اسم الكتاب: الامامة و التبصرة من الحيرة
المؤلف : (ابي الحسن علي بن الحسين بن موسي ابن بابويه القمي) والد الشيخ الصدوق
(وفات: 329 ق)
لسان: العربية
موضوع: الأئمة الإثني عشر عليهم السلام
التحقيق والنشر في مدرسة الإمام المهديّ (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) بالحوزة العلمية - قم
مكان النشر: قم
سنة النشر: 1363 - 1404=ق
سنة الطباعة: 1404 ق
نشرت: اوّل
موضوع: الإمامة
فئة الكونجرس: BP223/فلا2فلا81363
رقم ديوي: 297/45
مظهر: 199 ص
ص: 1
الكتاب: الإمامة والتبصرة من الحيرة
المؤلف : أبو الحسن عليّ بن الحسين بن بابويه القميّ «والد الشيخ الصدوق»
التحقيق والنشر في مدرسة الإمام المهديّ (عج) بالحوزة العلمية - قم
الطبعة: الأولى
تاريخ الطبع: 1404 ه- ق - 1363 ه- ش
العدد: 3000 نسخة .
حقوق الطبع كلّها محفوظة لمدرسة الإمام المهديّ عليه السلام
ص: 2
إلى محمّد رسول اللّه و خاتم النبيّين (ص).
و إلى عليّ أمير المؤمنين و سيّد الوصيّين.
و إلى بضعة المصطفى سيّدة نساء العالمين.
و إلى سيّدي شباب أهل الجنّة الحسن و الحسين.
و إلى التسعة المعصومين من ذرّيّة الحسين.
سيّما بقيّة اللّه في الأرضين.
و وارث علوم الأنبياء و المرسلين.
المعدّ لقطع دابر الظالمين.
و المدّخر لإحياء معالم الدين.
الحجّة ابن الحسن (عج)
فيا معزّ الأولياء، و يا مذلّ الأعداء، و السبب المتّصل بين الأرض و السماء، قد:
«مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ- في غيبتك وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ- بولايتك فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ- من فضلك وَ تَصَدَّقْ عَلَيْنا»- بدعائك إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.
ص: 3
تتقدّم (مدرسة الإمام المهديّ عليه السّلام- مركز التحقيق) في قم المقدّسة، بباقات من التبريكات أعطر من الرياحين، و من الشكر و الثناء آيات أسمى من أريج الياسمين.
مع أخلص الدعوات الزاكيات، و أجمل الأمنيات الخالصات، لجميع الإخوة الأفاضل، العاملين المؤمنين، الّذين ساهموا في إخراج هذا الكتاب الثمين، و الدّرة المصون، لعالم الوجود، بحلّته القشيبة، و بالحرص و العمل الدؤوب، و التحقيق الدقيق و البحث العلميّ الرصين العميق، فلهم من اللّه ثناء غير مجذوذ، و عطاء غير مردود، و آخر دعوانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، إنّه نِعْمَ الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ*.
ص: 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* و به نستعين الحمد للّه الذي فطر الخلائق و برأ النسمات، و أقام على وجوده البراهين و الدلالات، و من لطفه لم يترك الخلق عبثا حائرين، بل أرسل إليهم مبشّرين و منذرين، ليستأدوهم ميثاق فطرته و يذكّروهم منسيّ نعمته، و أيّدهم بالمعجزات و الآيات البيّنات.
و صلّى اللّه على خيرة خلقه محمد (ص)، الذي ختم اللّه به الرسالات و النبوّات، و على آله الأوصياء المصطفين، و الحجج المنتجبين، و اللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.
أمّا بعد: فممّا اتّفق عليه علماء الطائفة الحقّة أجمعون، و أيّده الوجدان بالأدلّة و البراهين أنّ الأرض لا تخلو من حجّة أو إمام، ظاهر معلوم أو باطن مستور، من باب لطفه على العباد و لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ (1)، و فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ، و الأعلام الواضحة على الخلق أجمعين، و لو خليت الأرض لساخت بأهلها، و لغارت غدرانها، و درست أعلامها، و لأصبح أعاليها أسافلها.
فصلاحها- من اللّه- بالإمام، و لو لم يبق في الأرض إلّا اثنان لكان أحدهما الحجّة كما في الأخبار.
و لذلك انتجب الجليل بحكمته أنبياءه و رسله، و اختارهم أمناء على وحيه، و قوّاما على خلقه، و شهداء يوم حشره لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ، وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً
ص: 5
(1).
فتعاهدهم من لدن آدم بالحجج و الآيات، حتى خاتمهم محمد (ص) سيد الكائنات، إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (2).
و لمّا كانت نبوّات الأنبياء السابقين مختصّة بأزمانهم و أجيالهم، اقتضت الحكمة أن تكون معاجزهم مقصورة الأمد، محدودة الأجل، لتكون حجّة على من رآها، و حجّة على من سمع بها بالتواتر، ولكن حيثما تبتعد المعجزة يصعب حصول العلم بصدقها، لانقطاع أخبارها، و يكون التكليف بالايمان بها عسيرا، و ربّما يكون ممتنعا على العباد، و حاش للّه أن يكلّف نفسا إلّا وسعها.
أمّا الرسالة الدائمة فلا بدّ لها من معجزة خالدة، كخلود القرآن الكريم، ليكون حجّة على الخلف كما كان حجّة على السلف، و ما زال يسمع الأجيال، و يحتجّ على القرون، الى أن يقوم النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ.
و لا بدّ للرسالة الخالدة أيضا من رسول خالد الى يوم يبعثون، ليسير الثقلان جنبا لجنب، ولكن كيف يتحقّق ذلك مع أنّ أمد الرسول (ص) منقض مهما طال، و أجله معلوم مهما امتدّ.
هذا، و النقطة الاخرى علمنا أنّ القرآن العظيم حمّال ذو وجوه، و به الغوامض و الدقائق، و فيه آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ، وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ (3)، فنشأت الخلافات، و كثرت الأشياع و الأتباع للفرق، و برزت قرون الشقاق، فأستغلّها أهل الفسوق و النفاق، و أبدت عن نواجذها شقائق الشياطين، في فتن داستهم بأخفافها، و وطأتهم بأظلافها، فهم فيها تائهون حائرون، و كلّهم يدّعون أنّهم بالقرآن يعملون، و به يستدلّون، و عليه يعوّلون.
فما يكون حال الامة المرحومة في هذا الوقت العصيب، الذي ادلهمّت به الفواجع و الخطوب، و بفقدها محمد (ص) سيد الكائنات، و أعزّ نجيب و حبيب، فيا لهول المصاب، الذي أورثهم الحيرة و الذهول، و أفقد ذوي الألباب منهم الصواب،7.
ص: 6
فقد أصبحوا بعد ارتحال الرسول الكريم، و ما زالوا ... كقطيع من الأغنام و الشياه، في ليلة مطيرة شاتية، غاب عنها رعاتها، فعاث فيها عسلانها و ذؤبانها، أو كفرخ صغير تقاذفته الرياح العاتية، و الأعاصير الهوجاء، ذات اليمين و ذات الشمال، و هو لا يزال غضّا طريّا، لم يقوله عود، و لمّا ينبت له ريش فينتصب كعمود.
فيا أيتها الأمّة المتحيّرة، التي ما زالت تتخبّط تخبّط الغريق، و تتعثّر تعثّر من يعشو عن الطريق.
و يا أيتها الأمّة الخائضة في بحر المتاهات، و تسربلت بجلابيب الشبهات.
و يا أيتها الامّة المرحومة التي أوجفت بها مطايا الأهواء و الآمال، فبضّعت أوصالها، و ابتعدت عن دار الوصال.
و يا أيتها الامّة التي نأت و تنكّبت عن قصد السبيل، فأصبحت تئنّ بالجراح، تحت حراب الجلادين و الرماح.
إليكم جميعا يا من ترغبون في الحق و إحقاقه، و تجانبون الباطل لإزهاقه، ألا فمن المفزع إذا من شفا جرف الهلكات؟
ألا من المنقذ من الضلالات إلى جميع الخيرات؟
ألا من المفرّق بعد وفاة الرسول بين المحكمات و المتشابهات؟
ألا من الذين اصطفاهم اللّه من العباد؟
غير (آل محمد (ص)) الذين خصّهم اللّه سبحانه بقوله ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ (1)، ألا من يعلم الكتاب بالإصطفاء و الإيراث الإلهيّ؟
غير (آل البيت (ع)) الذين خصّهم الجليل في محكم التأويل، بقوله: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ... (2) الذين عندهم علم الكتاب (3)، و فصل الخطاب، و الذين ينفون عنه تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين، الى قيام يوم الدين.
و هم الذين قرنهم الرسول (ص) بالكتاب، في قوله المتواتر المشهور: (إني تارك3.
ص: 7
فيكم الثقلين كتاب اللّه عزّ و جلّ، حبل ممدود من السماء الى الأرض، و عترتي أهل بيتي و إنّ اللطيف أخبرني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروني بم تخلفوني فيهما) (1) فأهل البيت هم القرآن الناطق، و الثقل الصادق، لأنّ القرآن لا ينطق بلسان، و لا بد له من ترجمان.
فمن غير عليّ (ع)- سيّد أهل البيت- كان من النبيّ (ص) بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبيّ من بعده، فاستجاب له ربّه سبحانه بقوله: قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى (2).
و من غير عليّ- أمير المؤمنين- بعثه الرسول (ص) في فتح حصن خيبر فلم يخزه اللّه أبدا، و فتح على يديه الحصون الأوابيا، و قلّده الرسول (ص) وساما إلهيّا خالدا بقوله: يحبّ اللّه و رسوله، و يحبّه اللّه و رسوله، فاستشرف لها من استشرف (3)؟
و من غيره بعث في سورة التوبة فأخذها من الأول لقول الرسول (ص):
لا يذهب بها إلّا رجل هو منّي و أنا منه (4)؟
و من غيره نزلت فيه و أهل البيت: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (5).
و من غيره شرى نفسه فدى للرسول، فنام في فراشه يقيه حدّ السيوف (6)؟
و من غيره اسكن في المسجد يوم سدّ النبيّ جميع الأبواب إلّا بابه، و قد قام الرسول خطيبا فقال: و اللّه ما أخرجتهم و أسكنته، بل اللّه أخرجهم و أسكنه (7)؟
و من غيره كان باب مدينة علم الرسول (ص)، و من قصد غير الباب عدّ سارقا (8)؟6.
ص: 8
و من غيره قال فيه الرسول (ص): هذا إمام البررة، قاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله (1)؟
و هل في غيره قد أتت «هل أتى» (2)؟
و من غيره- بعد رسول اللّه (ص)- أول المؤمنين باللّه، و أوفاهم بعهد اللّه، و أقومهم بأمر اللّه، و أرأفهم بالرّعيّة، و أعلمهم بالقضيّة، و أعظمهم مزيّة (3)؟ الى مئات و مئات من الأحاديث و الروايات.
و من غير أهل البيت الذين ذكرهم الرسول (ص) في حديثه كما ورد في كتب الفريقين: (لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة، أو يكون عليكم إثنا عشر خليفة كلهم من قريش) (4)؟
و في أخبار أخرى كثيرة جاءت في الحجج الأئمّة الإثني عشر و ورد فيها:
(... آخرهم المهدي) (5). أو (... آخرهم القائم المهدي) (6)، كما في مصادر أهل السنّة.
فباللّه عليك أيها المنصف الحصيف: هل تجد غير مصابيح الهدى و سفن النجاة، الأئمة الإثني عشر الهداة، تنطبق عليهم الاحاديث و الاخبار، و تطبّق عليهم السنن و الآثار، و تجتمع بهم الصفات و الخصال؟ فهل يوافق العدد الإثنا عشر غيرهم من الخلفاء، و لو قلبت الخافقين؟
ثم أين الطلقاء و أبناء الطلقاء من عترة الأنبياء النجباء، الذين هم حبل اللّه المتين و صراطه المستقيم، و نور اللّه في السموات و الأرضين؟ و هل عصوا اللّه رمشة عين، في علن أو خفاء؟ فحاش للّه أن يجعل الحجّة ناقصا و هناك من هو أفضل منه في5.
ص: 9
العالمين، أو يكون عاصيا فيأمر الناس باتّباعه الرحمن الرحيم، و قد نصّ البارئ:
«لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» و حينئذ يجب أن يكون عليه إمام، يقيه المزالق و المرديات، فينتج تسلسل و هذا محال.
أمّا الطلقاء، فهل فارقت شفاههم الطلا كل صباح و مساء، و خلت دورهم من مزامير و أوتار، و رنّة خلخال؟
فأين الثريّا و أين الثرى؟
و أين الحصا من نجوم السما؟
فأين هؤلاء في بديعة أبي فراس الحمداني حيث أجاد:
ليس الرشيد كموسى في القياس و لامأمونكم كالرضا إن أنصف الحكم
يا باعة الخمر كفّوا عن مفاخركم لمشعر بيعهم يوم الهياج دم
تنشى التلاوة في أبياتهم سحراو في بيوتكم الأوتار و النغم
منكم عليّة أم منهم؟ و كان لكم شيخ المغنّين إبراهيم (1) أم لهم
إذا تلوا سورة غنّى إمامكم قف بالطلول التي لم يعفها القدم
ما في بيوتهم للخمر معتصرو لا بيوتكم للسوء معتصم
و لا تبيت لهم خنثى (2) تنادمهم و لا يرى لهم قرد و لا حشم
الركن و البيت و الأستار منزلهم و زمزم و الصفا و الحجر و الحرم (3) ثم أين مهديهم و قائمهم- كما مرّ في الحديثين الشريفين- من هؤلاء الخلفاء؟
و أين الإمام- من هؤلاء- الذي يشعب به اللّه الصدع، و يرتق الفتق، و به يموت الجور، و يظهر العدل، الذي تجب معرفته و طاعته، و يحرم جهله و عصيانه، و كانت ميتة الجاهل به ميتة جاهلية، كما ورد في الحديث الشريف: (من مات و لم يعرف إمام زمانه، مات ميتة جاهلية) (4).م.
ص: 10
فالإمام المهديّ يجب أن يكون موجودا، ليكون الحجّة و لئلّا تخلو الأرض منه، بينما جميع الخلفاء السابقين، و الملوك الحاكمين، قد أخنى عليهم الموت الذي لا مفرّ منه، و لم تقم الساعة التي واعدنا ربنا، في الحديث السالف: (لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش).
ثم أين النهضة العملاقة للإسلام من جديد، و تأسيس الدولة العالمية، و الحكومة المهدية، و تطبيق قوانين السماء على الأرض، و إخراج الارض خيراتها، و إنزال السماء بركاتها؟
أين من يملأ المعمورة كلّها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا؟ كما
فِي الْحَدِيثِ الْمُتَوَاتِرِ الْمَشْهُورِ: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، حَتَّى يَبْعَثَ رَجُلًا مِنْ وُلْدِي اسْمُهُ اسْمِي)
(1)، (و يَمْلَأَهَا قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً) (2).
و أين وعد اللّه- و اللّه لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ*- في قوله سبحانه: «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»*؟
و هل بقي من الإثني عشر غير الحجة ابن الحسن و هو قائمهم و مهديّهم؟
فأنّى يزحزحوها عن موضعها، موطن الرسالة، و شجرة النبوة، و مختلف الملائكة، و مهبط الروح الأمين، و كيف بغيره يعدلون، و عن مقامه السامي يصرفون، و هل تنطبق جميع الروايات على غيره؟ الذي يرضى به سكان السموات و الارضين، و لولا وجوده الشريف، لما بقيت الأرض رمشة عين، لأنّه الحجّة على الخلائق من الإنس و الجن أجمعين.
و هذا كتاب الإمامة و التبصرة من الحيرة الذي بين يديك، لشيخ القميّين، و ثقة المحدّثين، والد الشيخ الصدوق- رضوان اللّه عليهما- قد تكفّل إماطة اللثام عن هذا الموضوع الخطير، لأنّه يتوقف عليه قبول الأعمال، و انحطاط الأوزار الثقال، و به تجمع الكلمة للعباد، و تعمر البلاد، و تصان الحرمات، و تقضى الحاجات.
فكشف- أعلى اللّه مقامه- الغطاء، بأجلى بيان، عن الحجج الذين لولاهم لما خلق اللّه الأكوان، و أحسن اختيار الأخبار، عن الهداة الأطهار، و أبان الحجّة، و أوضح المحجة، و جعل إمامة آل بيت الرسول (ص) أوضح من الشمس في رائعة النهار، و وجود الحجّة الدائمة حق مثلما أنّكم تنطقون، بالأدلة الناصعات، و البراهين الساطعات، بطرقه و أسانيده عن المعصومين (ع)، و لم يدع عذرا لذوي الأهواء، و3.
ص: 11
شنشنات الآراء، بل يذعن كل منصف بما فيه، و يعترف كلّ ذي لبّ بما حواه، و يقرّ كلّ طالب حق بأدلّته و معانيه.
فما أحرى الجميع أن يتلقفوه، و يمعنوا النظر في حقائقه، و يقتنصوا درره و لآليه، فيزيد المؤمن إيمانا و اطمئنانا، و يهدي الى الحقّ من كان حيرانا، فنرجع كما كنّا بالإسلام إخوانا، و نعمر الارض بالإيمان، و نزرعها بالإحسان و الإسلام، و نرد مناهل (آل محمد) الرويّة، بقلوب راضية مرضيّة، و نفوس صافية نديّة، عسى أن يكون الفرج قريبا، و ينخذل من كان مريبا.
فيا إله العالمين:
يا من قرب من خواطر الظنون، و بعد عن ملاحظة العيون، و علم بما كان قبل أن يكون:
أرنا الطلعة الرشيدة، و الغرّة الحميدة، و اكحل نواظرنا بنظرة منّا إليه، و عجّل فرجه، و سهّل مخرجه.
و اجعله اللهمّ مفزعا لمظلوم عبادك، و ناصرا لمن لا يجد له ناصرا غيرك، و مجددا لما عطّل من أحكام كتابك، و مشيّدا لما ورد من أعلام دينك و سنن نبيك (ص).
و كن اللّهمّ لوليك الحجة بن الحسن- صلواتك عليه و على آبائه- في هذه الساعة، و في كل ساعة، وليا و حافظا، و قائدا و ناصرا، و دليلا و عينا، حتى تسكنه أرضك طوعا، و تمتعه فيها طويلا، (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً، وَ نَراهُ قَرِيباً).
و آخر دعوانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
ص: 12
1- النجاشي في رجاله ص 198: علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القميّ ... له كتب منها ... كتاب الإمامة و التبصرة من الحيرة.
2- الطوسيّ في فهرسته ص 93: علي بن الحسين ... له كتب كثيرة، منها كتاب الامامة و التبصرة من الحيرة.
3- ابن شهراشوب في معالمه ص 65: علي بن الحسين ... من كتبه الامامة و التبصرة.
4- المجلسي في مقدمة بحاره ج 1 ص 7: كتاب الإمامة و التبصرة من الحيرة للشيخ الأجلّ أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، والد الصدوق، (طيّب اللّه تربتهما).
«و أصل آخر» منه أو من غيره من القدماء المعاصرين له، و يظهر من بعض القرائن أنّه تأليف الثقة الجليل هارون بن موسى التلعكبري رحمه اللّه.
و قال أيضا في ج 1 ص 26: و كتاب الإمامة، مؤلفه من أعاظم المحدّثين و الفقهاء، و علماؤنا يعدّون فتاواه من جملة الأخبار، و وصل إلينا منه نسخة قديمة مصححة، و الأصل الآخر مشتمل على أخبار شريفة متينة، معتبرة الأسانيد، و يظهر منه جلالة مؤلفه.
ص: 13
5- البحراني الاصفهاني- صاحب موسوعة العوالم- في هامش كتابه رياض العلماء ج 4 ص 5: ثم في كون كتاب التبصرة و الإمامة من مؤلفاته تأمل و إن صرّح به ابن شهراشوب في معالم العلماء- كما سيأتي- لأن مؤلفه على ما يظهر من مطاويه يروي عن هارون بن موسى، عن محمد بن علي، و الظاهر أن هارون بن موسى هو التلعكبري، فكيف يروى عنه مع أنّ التلعكبري ممن يروي المفيد و نظراؤه عنه، فتأمل. ثم إنّه يروي عن الحسن بن حمزة العلوي، و هو متأخر الطبقة عن علي بن بابويه، فإنّ الحسن ابن حمزة المذكور من مشايخ المفيد، و أيضا الظاهر أن الحسن بن حمزة هذا هو ابن حمزة العلوي، الذي يروي عنه الصدوق في كتبه، فكيف يروي والده عن ولده، فتأمل.
6- النوري في مستدركه على الوسائل ج 3 ص 529 س 5: نعم قال في أول البحار في جملة ما كان عنده من المؤلفات: «كتاب الإمامة و التبصرة ...» ثم أورد نصّ البحار و عقّب عليه بقوله: و نحن لم نعثر على هذا الكتاب، و نقلنا منه جملة الأخبار بتوسط البحار و نسبناه الى أبي الحسن علي، تبعا للعلّامة المجلسي، ولكن في النفس منه شي ء.
فإنّه و إن عدّ النجاشي و الشيخ و ابن شهراشوب من مؤلفاته، كتاب الإمامة و التبصرة من الحيرة، إلّا أنّ في كون ما كان عنده هو الذي عدّ من مؤلفاته نظرا، فإنّه يروي في هذا الكتاب عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري الذي هو من مشايخ المفيد و السيّدين، و عن الحسن بن حمزة العلوي الذي هو أيضا من مشايخ المفيد و الغضائري و ابن عبدون، و عن أحمد بن علي، عن محمد بن الحسن، و الظاهر أنّه ابن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، و عن سهل بن أحمد الديباجي عن محمد بن محمد الأشعث الى غير ذلك مما ينافي طبقته و إن أمكن التكلّف في بعضها إلّا أنّ ملاحظة الجميع تورث الظن القوي بعدم كونه منه، و اللّه أعلم.
7- الطهراني في ذريعته ج 2، ص 341: الإمامة و التبصرة من الحيرة للصدوق الأول ... و أمّا الإمامة فلم نعثر عليه، و هو غير ما ينقل عنه في البحار كما يأتي، «الإمامة و التبصرة من الحيرة» لبعض قدماء الأصحاب المعاصرين للشيخ الصدوق، كانت نسخة منه عند العلّامة المجلسي، و هو من مآخذ البحار، ينقل عنه فيه، و لم يكن عند شيخنا العلّامة النوري، و لذا صرح في أول خاتمة المستدرك (1) بأنّه9.
ص: 14
مما ينقل عنه بالواسطة.
و أكثر العلّامة المجلسي من النقل عنه في مجلّدي السادس عشر- السابع عشر (ج 74- 78 الطبعة الحديثة) من البحار، ناسبا له إلى أبي الحسن علي بن الحسين والد الصدوق، الذي مرّ أنّه نسب النجاشي كتاب الإمامة و التبصرة إليه.
و لكن بالرجوع الى سند روايات هذا الكتاب التي نقلها العلّامة المجلسي عنه في البحار يحصل الجزم بأنه ليس هذا الكتاب لوالد الصدوق، لأنه يروي مؤلفه فيه:
عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري المتوفى سنة 385.
و عن أبي الفضل محمد بن عبد اللّه الشيباني المتوفى سنة 387.
و عن الحسن بن حمزة العلوي.
و عن سهل بن أحمد الديباجي المتوفى سنة 370.
و عن أحمد بن علي الراوي عن محمد بن الحسن بن الوليد الذي توفي سنة 243 (343).
فكيف يكون من يروي عن هؤلاء المشايخ المتأخرين هو والد الصدوق الذي توفي سنة 329، فإنّ رواية المتقدّم عصرا عن المتأخّر و إن وقعت في أحاديثنا، لكنّ المقام ليس منها، بشهادة أنّ الشيخ الصدوق مع إكثاره في الرواية عن أبيه في جميع تصانيفه بل جلّ رواياته في تلك التصانيف الكثيرة عن والده، لم يذكر و لا رواية واحدة لأبيه عن أحد من هؤلاء المشايخ الذين مرّ ذكرهم ممن يروي مؤلف الإمامة و التبصرة عنهم غالبا فيه.
8- مقالات الحنفاء ص 405- 415 ط 2، ضمن مقالة فيما افيد باسم الفقيه المحقّق آية اللّه الحجّة الكوهكمره اي جوابا لسؤال عن حياة المجلسيّين و عن كتاب بحار الأنوار و منها هذا: (و أعجب من ذلك أن كتاب الإمامة و التبصرة قد نسب فيه الى والد الصدوق، مع أنه لا يساعد سند الكتاب- و لعلّه يشير الى ما ذكره في الذريعة-، ثم قال: بل هو كتاب جامع الأحاديث لمؤلف كتاب العروس.)
و نقول:
إنّ من نعم اللّه على (مدرسة الإمام المهديّ- عج- بقم المشرّفة) أن حصلت على نسختين مصوّرتين من كتاب الإمامة و التبصرة و إليك بعض صورتيهما (ص 33-).
الاولى: نسخة العلّامة شيخ الإسلام المجلسي (ره) و هي أول ما اطّلعنا عليها و الموجودة في مكتبة العلّامة المحقّق ثقة الإسلام و المسلمين السيد محمد علي الروضاتي
ص: 15
دامت بركاته، و يسّر اللّه نشر مخطوطاته النفيسة النادرة.
الثانية: ما وجدناه في كتاب عوالم العلوم- مخطوط- للمتبحّر العلّامة، المعاصر للمولى المجلسي، و تلميذه، الشيخ عبد اللّه بن نور اللّه البحراني، باسم كتاب الإمامة و التبصرة لعلي بن الحسين بن بابويه.
و النسخة الاولى تشتمل على قسمين:
1- كتاب الإمامة و التبصرة: و قد كتب في أول الكتاب ما نصّه: «كتاب الإمامة و التبصرة من الحيرة تأليف الفقيه أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه».
و في ذيل هذا العنوان على هذه الصفحة مكتوب: «للحقير محمد باقر بن محمد تقي» أي المجلسيّ، و في آخره: «تمّ كتاب الإمامة بحمد اللّه و حسن توفيقه».
2- بعض كتاب «جامع الأحاديث»: تأليف الشيخ الأقدم جعفر بن أحمد بن علي القمي- قدّس سرّه- الذي ألّفه على ترتيب: ألف، باء، ... الى الياء، و قد طبع بطهران سنة 1369 ه ق في المطبعة الإسلامية بتحقيق العلّامة المتتبّع أبي الحسن الشعراني.
1- كانت هذه النسخة المخطوطة ناقصة من حرف الألف حتى أوائل حرف الراء، و أول ما يشاهد فيها: «الأشعث عن موسى بن اسماعيل» و تجد هذا في ص 11 من الكتاب المطبوع، فلاحظ النسخة أو صورتها في الكتاب.
2- إنّ الأخبار المودعة فيها لا تناسب عنوان «الإمامة و التبصرة» بل هي تشتمل على معارف و معان مختلفة: أخلاقية، و فقهية، و غيرهما.
3- إنّا قد استقصينا جميع الأخبار التي رواها المجلسي في كتابه «بحار الأنوار» و ما رواها المحقق النوري في المستدرك نقلا عن البحار باسم «الإمامة و التبصرة» فكانت جميعها موجودة في القسمين الأول و الثاني من النسخة الاولى
ص: 16
المباركة، المودعة في مجلّد واحد، و لم يصرّح في أخبار البحار باسم «جامع الأحاديث» أبدا.
4- إنّ أسانيد الروايات التي استخرجت في البحار باسم الإمامة و التبصرة على نوعين، فقسم منها يمكن أن يصدر عن والد الصدوق و قسم لا يمكن أن يصدر عنه قدّس سرّه.
و لهذا لاحظنا ما يلي:
أ- إنّ سبب تسمية المجلسي طائفة من الأخبار التي استخرجها من نسخة الكتاب الناقص باسم (الإمامة و التبصرة) و سبب الترديد منه قدّس سرّه، هو أنّ كتاب «جامع الأحاديث» قد الحق بكتاب (الإمامة و التبصرة) و اودعا في مجلّد واحد و ضياع الصفحات الاولى من نسخة جامع الأحاديث و عدم اطّلاعه على هذا الكتاب.
و كان الأولى للمجلسي في باب الروايات أن لا يسند الرواية إلى كتاب إلّا بما جزم بأنّها منه دون ظنّه، فلا يدرج جميع أحاديثه باسم الإمامة و التبصرة، بل يقول:
(في أصل من أصول القدماء) حتى لا يوقع الآخرين في اللبس و الحيرة، فيحكم جهابذة التحقيق المنقّبون و الباحثون بعدم مساعدة الرواة في الأسانيد في نسبة الكتاب لوالد الصدوق، أمثال خاتمة المحدّثين الشيخ النوري في مستدركه، و الشيخ المتبحّر النحرير الكبير الطهراني في ذريعته، و العلّامة المحقّق- آية اللّه الحجة- في مقالات الحنفاء كما مرّ.
ب- ثم إنّ السبب في اشتباه الآخرين هو عدم وقوفهم على كيفية النسخة التي كانت عند العلّامة المجلسي أولا، و اسناده- قدّس سرّه- جميع روايات النسخة إلى الإمامة و التبصرة- كما أسلفنا- ثانيا، و عدم تطبيقهم روايات النسخة مع روايات جامع الأحاديث ثالثا.
فكان السبب الوحيد في نفي نسبة كتاب الإمامة و التبصرة لوالد الصدوق، النظر للقسم الثاني (جامع الأحاديث) مع اعتقادهم أن الكتاب كتاب واحد لظاهر نسبة المجلسي الكتابين إلى الإمامة و التبصرة عند ذكر رواياتهما.
ج- و العجب من شيخ الإسلام المجلسي- رضوان اللّه عليه- كيف ذهب عنه النظر في خاتمة القسم الأول من كتاب الإمامة و التبصرة و قد سجّل عليه (تمّ كتاب الإمامة بحمد اللّه و حسن توفيقه)، و أعجب من ذلك أنه قال في مقدمة كتابه- قدّس سرّه- عنه: و أصل آخر، إمّا منه، أو من غيره.
ص: 17
فهو جازم في نسبة الكتاب لوالد الصدوق و متردّد في الأصل الآخر في أنه كان منه أو من غيره.
د- فالكتاب لوالد الصدوق دون أدنى شبهة، علما بأن التخريجات التي أوردناها و أثبتناها في كتابنا تحت كل حديث من أحاديث الإمامة و التبصرة، و اتحادها مع إكمال الدين و غيره من كتب ابنه الصدوق عن أبيه، أو مع كتاب جامع الأحاديث يوجب اليقين بصحة النسبة للكتاب، و إنّ الأخبار الاخرى المرويّة باسمه في البحار هي من جامع الأحاديث لأننا فصلنا و ميّزنا أخبار الإمامة عن أخبار جامع الأحاديث.
ه- أضف الى ذلك أن المؤلف لم يكمل كتابه للإمام الثاني عشر بل ينتهي الكتاب عند الامام الرضا- سلام اللّه عليه- ثم أكمل الكتاب- بأيدي رجال الفضل و التحقيق في هذه المدرسة- بمستدرك الحق فيه، و بروايات عن كتب الصدوق عن أبيه.
فشكرا للّه على إلهامنا الصواب و وصولنا للحق و اللباب، و ذلك لأن الأساس الوحيد في اسلوب تحقيقنا في المدرسة (الاتحاد بين الروايات في كل موضوع من جميع المصادر) فأورثنا القطع بنسبة الكتاب لمؤلفه والد الصدوق، و أنّ الروايات الاخرى المستخرجة في البحار باسم الإمامة و التبصرة هي لجامع الأحاديث للقميّ.
و لو أنّ النسختين كانتا حاضرتين عند المحققين الأعاظم الأجلّاء و نظروا فيها لما صدر منهم ما لا يناسب من دونهم.
و ختاما أرجو من اللّه أن يوفقنا لما يحب و يرضى في نشر سائر تراث آل محمد (عليهم السلام) و علومهم، و إحياء أمرهم، و التمسك بهديهم، إنه نِعْمَ الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ*.
ص: 18
بنو بابويه: من كبار البيوتات العلمية- في قم المشرّفة- التي أنجبت فطاحل المحدّثين، و نوابغ العلماء و المحققين، و عباقرة العلم و الدين، حيث زهت ارجاء مدينة قم بهم بأفذاذ مصلحين و مرشدين، خدموا الإسلام و المسلمين بأمانة و إخلاص، و روّجوا علوم آل محمد (ص) بعزم و ثبات نادرين، طيلة عشرات السنين، فاستحقّوا بذلك كل تعظيم و تبجيل، و ثناء عاطر جميل، ما كرّ الجديدان، و تطاولت الأيام و الأعوام.
فقد اتفقت كتب الرجال و مصادر التحقيق أنّ آل بابويه كانوا من كبار سدنة العلم، و حملة الحديث للطائفة، و قد ساهموا في نشر آثار بيت الرسول (ص) بكتبهم و أحاديثهم، و مؤلفاتهم و مرويّاتهم، بكل بنان و لسان.
و قال العلّامة المامقاني في تنقيح المقال: و أولاد بابويه كثيرون جدا و أكثرهم علماء أجلّة (1).
و قد كتب المحقق البحراني في تعدادهم رسالة (2).
و قد ذكر صاحب العوالم في رياض العلماء عنهم قائلا: كلهم كانوا من أكابر العلماء (3).
و من أبرز هذه العائلة المباركة الصدوقان الاول و الثاني، فأما الأول فهو مؤلف كتابنا الإمامة و التبصرة-: أبو الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الذي
ص: 19
قال عنه النجاشي: كان شيخ القميّين في عصره، و متقدّمهم و فقيههم و ثقتهم (1)، انتهى.
و قد أطراه الشهيد الأول- في معرض حديثه عن الصدوق الثاني- في إجازته لزين الدين علي بن الخازن: بالإمام ابن الإمام (2)، أو كما قال المحقق الداماد:
بالصدوق ابن الصدوق (3).
و قال ابن النديم: ابن بابويه القمي ... من فقهاء الشيعة و ثقاتهم (4)، و له ترجمة في رجال الشيخ و فهرسته، و الخلاصة، و سائر التراجم و لا نحتاج الى الإيعاز إليها بعد ما ورد من الإمام الحسن العسكري (ع) في حقه و بتوقيعه الشريف: يا شيخي و معتمدي و فقيهي.
و قال الخوانساري يمدح ابن بابويه: كان من أجلاء فقهاء الأصحاب، و الأدلّاء على صراط آل محمد الأنجاب الأطياب، غيورا في أمر الدين، مدمّرا أساس الملحدين، معظّما من مشايخ الشيعة، مفخّما من أركان الشريعة، صاحب كرامات و مقامات، و مساع و انتظامات (5).
أما الشيخ النوري فقال في مستدرك: الشيخ الأقدم، و الطود الأشم أبو الحسن ... ابن بابويه القمي العالم الفقيه، المحدّث الجليل، صاحب المقامات الباهرة، و الدرجات العالية التي تنبئ عنها مكاتبة الإمام العسكري و توقيعه الشريف إليه (6).
عاصر الإمام الحادي عشر الحسن العسكري- سلام اللّه عليه- لخروج توقيعه الشريف إليه، و كفاه فخرا و عزا و شرفا أن يخاطبه المعصوم بهذه الكلمات القدسية الناصعة، التي تنبئ عن عظمة الصدوق الأول، و علوّ مقامه، و سموّ منزلته، و إِلَيْكَ
14، 11 نَصَّ التَّوْقِيعِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ*، وَ الْجَنَّةُ لِلْمُوَحِّدِينَ، وَ النَّارُ لِلْمُلْحِدِينَ، وَ فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ7.
ص: 20
أَحْسَنُ الْخالِقِينَ، وَ الصَّلَاةُ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَ عِتْرَتِهِ الطَّاهِرِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: أُوصِيكَ يَا شَيْخِي وَ مُعْتَمَدِي أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ الْقُمِّيَّ وَفَّقَكَ اللَّهُ لِمَرْضَاتِهِ، وَ جَعَلَ مِنْ صُلْبِكَ أَوْلَاداً صَالِحِينَ بِرَحْمَتِهِ- بِتَقْوَى اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ، وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ، فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ الصَّلَاةُ مِنْ مَانِعِي الزَّكَاةِ.
وَ أُوصِيكَ بِمَغْفِرَةِ الذَّنْبِ، وَ كَظْمِ الْغَيْظِ، وَ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَ مُوَاسَاةِ الْإِخْوَانِ، وَ السَّعْيِ فِي حَوَائِجِهِمْ فِي الْعُسْرِ وَ الْيُسْرِ، وَ الْحِلْمِ عِنْدَ الْجَهْلِ، وَ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ، وَ التَّثَبُّتِ فِي الْأُمُورِ، وَ التَّعَهُّدِ لِلْقُرْآنِ، وَ حُسْنِ الْخُلُقِ، وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: «لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ» (1).
وَ اجْتِنَابِ الْفَوَاحِشِ كُلِّهَا، وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ- أَوْصَى عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: يَا عَلِيُّ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) وَ مَنِ اسْتَخَفَّ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ فَلَيْسَ مِنَّا، فَاعْمَلْ بِوَصِيَّتِي، وَ أْمُرْ جَمِيعَ شِيعَتِي حَتَّى يَعْمَلُوا عَلَيْهِ، وَ عَلَيْكَ بِالصَّبْرِ وَ انْتِظَارِ الْفَرَجِ فَإِنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَالَ: أَفْضَلُ أَعْمَالِ أُمَّتِي انْتِظَارُ الْفَرَجِ، وَ لَا يَزَالُ شِيعَتُنَا فِي حُزْنٍ حَتَّى يَظْهَرَ وَلَدِيَ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ- أَنَّهُ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَ قِسْطاً، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً.
فَاصْبِرْ يَا شَيْخِي وَ أْمُرْ جَمِيعَ شِيعَتِي بِالصَّبْرِ، فَ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى جَمِيعِ شِيعَتِنَا وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، وَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ، نِعْمَ الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ* (2).ج.
ص: 21
فهذا التوقيع لوحده يعكس شخصية الصدوق الأول بما تضمّنه من الدعاء و السلام، و طلب التوفيق له لمرضاة اللّه، و رزقه أولادا صالحين من ذرّيّته، فهو في غنى عن مدح العلماء و الفضلاء، و ثناء الباحثين و المحققين، و لهذا سنرى الذرّيّة المباركة لهذه الدعوة المباركة.
لم تذكر كتب التراجم سنة ميلاده، إلّا أنّه ولد بقم، و قد افترض الشيخ النوري خروج التوقيع الشريف- آنف الذكر- سنة وفاة الإمام العسكري عليه السلام و هي 260 ه و قال: كانت مدة بقاء أبي الحسن علي بعد ذلك قريبة من سبعين سنة- من سنة 260 و حتى وفاته سنة 329- فلو كان عند صدور التوقيع من الشيوخ سنّا فهو من المعمّرين، و إلّا فخطاب الشيخ و الفقيه و المعتمد منه عليه السلام الى من هو في السنّ من الأحداث يدلّ على مقام عظيم (1).
و هذه التفاتة دقيقة من الشيخ النوري- قدس سره-.
قَدِمَ- قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ- الْعِرَاقَ وَ اجْتَمَعَ مَعَ أَبِي الْقَاسِمِ الْحُسَيْنِ بْنِ رَوْحٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَ سَأَلَهُ مَسَائِلَ ثُمَّ كَاتَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى يَدِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْأَسْوَدِ (2) يَسْأَلُهُ أَنْ يُوصِلَ لَهُ رُقْعَةً إِلَى الصَّاحِبِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ يَسْأَلَهُ فِيهَا الْوَلَدَ، فَكَتَبَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَيْهِ: قَدْ دَعَوْنَا (3) اللَّهَ لَكَ بِذَلِكَ، وَ سَتُرْزَقُ وَلَدَيْنِ ذَكَرَيْنِ خَيِّرَيْنِ، فَوُلِدَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أُمِّ وَلَدٍ، وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُولُ: أَنَا وُلِدْتُ بِدَعْوَةِ صَاحِبِ الْأَمْرِ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَ يَفْتَخِرُ بِذَلِكَ (4).
وَ يُضِيفُ الصَّدُوقُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَسْوَدَ بِقَوْلِهِ: وَ سَأَلْتُهُ فِي أَمْرِ
ص: 22
نَفْسِي أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لِي أَنْ يَرْزُقَنِي وَلَداً ذَكَراً، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَيْهِ، وَ قَالَ: لَيْسَ إِلَى هَذَا سَبِيلٌ فَوُلِدَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ بَعْدَهُ أَوْلَادٌ وَ لَمْ يُولَدْ لِي شَيْ ءٌ.
قال مصنّف هذا الكتاب: كان ابو جعفر محمد بن علي الأسود كثيرا ما يقول لي- إذا رآني أختلف الى مجلس شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رض) و أرغب في كتب العلم و حفظه-: ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم و أنت ولدت بدعاء الامام (ع) (1).
أما
الشَّيْخُ الطُّوسِيُّ، فَيَرْوِي عَنْ مَشَايِخِهِ عَنِ ابْنِ نُوحٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَشَايِخِ أَهْلِ قُمَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ، فَلَمْ يُرْزَقْ مِنْهَا وَلَداً، فَكَتَبَ إِلَى الشَّيْخِ أَبِي الْقَاسِمِ الْحُسَيْنِ بْنِ رُوحٍ (رض) أَنْ يَسْأَلَ الْحَضْرَةَ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهُ أَوْلَاداً فُقَهَاءَ، فَجَاءَ الْجَوَابُ: (إِنَّكَ لَا تُرْزَقُ مِنْ هَذِهِ وَ سَتَمْلِكُ جَارِيَةً دَيْلَمِيَّةً وَ تُرْزَقُ مِنْهَا وَلَدَيْنِ فَقِيهَيْنِ).
و قَالَ ابن نوح: و قال لي أبو عبد اللّه بن سورة القمي حفظه اللّه: و لأبي الحسن بن بابويه ثلاثة أولاد: محمد و الحسين فقيهان ماهران في الحفظ و يحفظان ما لا يحفظ غيرهما من أهل قم، و لهما أخ اسمه الحسن و هو الأوسط مشتغل بالعبادة و الزهد لا يختلط بالناس و لا فقه له.
قال ابن سورة: كلّما روى أبو جعفر و أبو عبد اللّه ابنا علي بن الحسين شيئا يتعجب الناس من حفظهما، و يقولون لهما: هذا الشأن خصوصية لكما بدعوة الإمام (عج) لكما، و هذا أمر مستفيض في أهل قم (2).
و لهذا كان الصدوق الثاني رحمه اللّه يقول: (أنا ولدت بدعوة صاحب الامر (عج)، و يفتخر بذلك (3) كما مر.
و حقّ لهذا الطود العظيم الشامخ أن يفتخر، فهو البحر الطامي، و مفخرة كلّ شيعيّ إمامي، و هو الموج المتلاطم الزخار، و الصدوق فيما يرويه عن الأئمة الأطهار (ع)، شيخ المحدّثين القميين، و رئيس المستحفظين المهديين، و حافظ علوم الملّة و الدين، الذي ولد- كما مرّ- بدعاء الإمام صاحب الزمان (عج) فعمّت بركته9.
ص: 23
الأنام، و نطقت بفضله الركبان، و لا زالت أنوار مداده تشع في قلوب المؤمنين، و تنير الطريق للسالكين، سيما كتابه الجليل (من لا يحضره الفقيه) أحد الكتب الأربعة عند الطائفة الحقّة، و المعوّل عليها عند كل عالم و فقيه.
و للصدوق الأول كتب كثيرة قاربت المائتين في مختلف فنون العلم و الفقه و الدين، قال ابن النديم: قرأت بخط ابنه أبي جعفر محمد بن علي (الصدوق) على ظهر جزء: (قد أجزت لفلان بن فلان كتب أبي علي بن الحسين و هي مائتا كتاب) (1).
مع أن ابن النديم لم يعطنا اسم أي كتاب بينما ذكر النجاشي و الشيخ الطوسي ما يقارب عشرين كتابا فقط، و إليك أسماؤها:
1- كتاب التوحيد.
2- كتاب الوضوء.
3- كتاب الصلاة.
4- كتاب الجنائز.
5- كتاب الإمامة و التبصرة من الحيرة.
6- كتاب الإملاء.
7- كتاب نوادر كتاب المنطق (2).
8- كتاب الإخوان.
9- كتاب النساء و الولدان.
10- كتاب الشرائع- و هو الرسالة الى ابنه (3).
11- كتاب تفسير.
12- كتاب النكاح.
13- كتاب مناسك الحج.
14- كتاب قرب الإسناد (4).
15- كتاب التسليم (5).
16- كتاب الطب.
17- كتاب المواريث.
18- كتاب المعراج (6).
19- كتاب الحج، لم يتمه (7).
20- رسالة الكر و الفر.
ص: 24
و الرسالة الأخيرة مناظرة مع محمد بن مقاتل الرازي (1) في إثبات إمامة أمير المؤمنين في الريّ الى أن صار محمد بن مقاتل شيعيا (2).
و كانت للصدوق منزلة عظيمة عند الأصحاب لوثاقته و عدالته و كان العلماء يعدّون فتاويه من الأخبار، قال الشهيد في ذكراه: و قد كان الأصحاب يتمسكون بما يجدونه من شرائع الشيخ أبي الحسن بن بابويه رحمه اللّه عند إعواز النصوص لحسن ظنهم به، و إنّ فتواه كروايته (3).
و ذكر المجلسي في الصدوقين، و لذا ينزل أكثر أصحابنا كلامه و كلام أبيه (رض) منزلة النصّ المنقول و الخبر المأثور (4).
لأنه أول من ابتكر طرح الأسانيد و جمع بين النظائر و أتى بالخبر مع قرينه علي بن بابويه في رسالته إلى ابنه، و جميع من تأخّر عنه يحمد طريقه فيها، و يعوّل عليه في مسائل لا يجد النص فيها لثقته و أمانته و موضعه من الدين و العلم (5). (6)
تتلمذ شيخنا الصدوق على كثير من المشايخ العظام، و أساتذة علوم الفقه و الحديث فجال في طلبهم البلدان، و ترك في سبيل ملاقاة حملة العلم و أئمة الدين الأوطان، إلّا أنّنا لا نستطيع حصر أسمائهم، لضياع أغلب كتبه و مؤلفاته، و قد جمعنا أسماء بعض مشايخه من خلال كتبه الموجودة بين أيدينا و هم:
1- إبراهيم بن عبدوس الهمداني.
2- أحمد بن ادريس (7)
ص: 25
3- أحمد بن علي التفليسي (1)
4- حبيب بن الحسين الكوفي التغلبي (2)
5- الحسن بن احمد القمي الأسكيف (3)
6- الحسن (الحسين خ. ل) بن احمد المالكي (4)
7- حسن بن علي العاقولي (القاقولي) (5)
8- الحسن بن علي بن الحسن (الحسين خ. ل) الدينوري العلوي (6)
9- الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن عيسى (7)
10- الحسين بن محمد بن عامر (8)
11- الحسين بن موسى (9)
12- سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف الأشعري القمي أبو القاسم المتوفى سنة 301 و قيل سنة 299 (10).
13- عبد اللّه بن جعفر أبو العباس الحميري «صاحب كتاب قرب الاسناد» (11).
14- عبد اللّه بن الحسن المؤدب. (12)
15- علي بن إبراهيم بن هاشم أبو الحسن القمي (13).5.
ص: 26
16- علي بن الحسين بن علي الكوفي (1).
17- عليّ بن الحسين السعد آبادي (2).
18- علي بن سليمان الرازي (3).
19- علي بن محمد بن قتيبة (4).
20- علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميداني (5).
21- القاسم بن محمد بن علي بن ابراهيم النهاوندي، وكيل الناحية (6).
22- محمد بن أبي عبد اللّه (7).
23- محمد بن أبي القاسم ماجيلويه (8).
24- محمد بن أحمد الأسدي (9).
25- محمد بن أحمد بن علي بن الصلت (10).
26- محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري (11).
27- محمد بن الحسن الصفار المتوفى سنة 290 بقم (12).
28- أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر (13).
29- محمد بن معقل القرميسيني (14).
30- محمد بن يحيى العطار (15).9.
ص: 27
31- محمد بن أحمد بن هشام (1).
32- زيد بن محمد بن جعفر المعروف بابن أبي الياس الكوفي (2).
يروي عنه جماعة من المشايخ منهم:
1- أحمد بن داود بن علي القمي (3).
2- ابو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي (4).
3- الحسين بن الحسن بن محمد بن موسى بن بابويه (5).
4- الحسين بن علي بن الحسين (ولده) (6).
5- سلامة بن محمد بن إسماعيل بن عبد اللّه بن موسى بن أبي الاكرم ابو الحسن الارزني، خال ابي الحسن بن داود (7).
6- عباس بن عمر بن عباس بن محمد بن عبد الملك بن ابي مروان الكلوذاني (8).
7- ولده الصدوق محمد بن علي بن الحسين (9).
8- هارون بن موسى التلعكبري (10).
رَوَى الشَّيْخُ فِي الْغَيْبَةِ بِإِسْنَادِهِ أَنَّهُ: كَانَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُرِيُّ (قده) يَسْأَلُنَا كُلُّ قَرِيبٍ عَنْ خَبَرِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَنَقُولُ: قَدْ وَرَدَ الْكِتَابُ بِاسْتِقْلَالِهِ، حَتَّى كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ فَسَأَلَنَا عَنْهُ فَذَكَرْنَا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: آجَرَكُمُ
ص: 28
اللَّهُ فِي عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَقَدْ قُبِضَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، قَالُوا: فَأَثْبَتْنَا تَارِيخَ السَّاعَةِ وَ الْيَوْمِ وَ الشَّهْرِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْماً أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً، وَرَدَ الْخَبَرُ أَنَّهُ قُبِضَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ- قُدِّسَ سِرُّهُ- (1).
وَ مَا يُقَارِبُ هَذَا الْخَبَرَ
مَا نَقَلَهُ النَّجَاشِيُّ قَالَ: قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا:
سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّمُرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَالَ:
رَحِمَ اللَّهُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (ابْنَ) بَابَوَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ حَيٌّ، فَقَالَ: إِنَّهُ مَاتَ فِي يَوْمِنَا هَذَا، فَكَتَبَ الْيَوْمَ فَجَاءَ الْخَبَرُ بِأَنَّهُ مَاتَ فِيهِ (2).
و قد اتفقت كتب الرجال على أن وفاته: سنة 329 سنة تناثر النجوم (3).
إلّا أنّ الشيخ الطريحي ينقل عن الشيخ البهائي أن سنة وفاته هي 310 و ذلك عند ما دخل القرامطة- لعنهم اللّه- مكة أيام الموسم، و أخذوا الحجر الأسود و بقي عندهم عشرين سنة، و قتلوا خلقا كثيرا، و ممن قتلوا علي بن بابويه، و كان يطوف فما قطع طوافه فضربوه بالسيف فوقع الى الأرض و أنشد:
ترى المحبّين صرعى في ديارهم كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا (4) و الظاهر أن الشيخ البهائي قد أخذ هذا المعنى من كتاب «الإعلام بأعلام بيت اللّه الحرام» للقطب الحنفي الذي ألفه في سنة 985 في شرح دخول القرامطة، و قد ذكر فيه مقتل الحاجّ على أيديهم و منهم ابن بابويه و استشهاده ببيت الشعر (5).
و هذا القول مما يخالف المشهور بتاريخ الوفاة، و محله، فالمتفق عليه أنّ قبره الشريف في قم و له مزار معروف، يزوره المؤمنون، و يتبارك به الوافدون.
و لعلّ سبب الاشتباه في محل و تاريخ وفاته الخلط بينه و بين رجل آخر اشتهر بالتصوف يسمى علي بن بابويه ايضا، من الذين انكر عليهم ابن الجوزي في كتابه «تلبيس ابليس»، و مما يرجّح كونه هو المقتول في الحرم الشريف وجود طابع التصوف فيما أنشده عند قتله، راجع ما نقله المحقق القمي في الكنى (6).3.
ص: 29
إضافة إلى أنّ خروج القرامطة كان في سنة تناثر النجوم التي توفّي بها الصدوق الأول، لا في سنة 310.
فَقَدْ رَوَى الشَّيْخُ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا الْمُقِيمِينَ (الْقُمِّيِّينَ- ظ) كَانُوا بِبَغْدَادَ فِي السَّنَةِ الَّتِي خَرَجَتِ الْقَرَامِطَةُ عَلَى الْحَاجِّ وَ هِيَ سَنَةُ تَنَاثُرِ الْكَوَاكِبِ أَنَّ وَالِدِي (رض) كَتَبَ إِلَى الشَّيْخِ أَبِي الْقَاسِمِ الْحُسَيْنِ بْنِ رُوحٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَسْتَأْذِنُ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ، فَخَرَجَ فِي الْجَوَابِ: «لَا تَخْرُجْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ» فَأَعَادَ وَ قَالَ: هُوَ نَذْرٌ وَاجِبٌ أَ فَيَجُوزُ لِي الْقُعُودُ عَنْهُ؟ فَخَرَجَ فِي الْجَوَابِ: «إِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَكُنْ فِي الْقَافِلَةِ الْأَخِيرَةِ» فَكَانَ فِي الْقَافِلَةِ الْأَخِيرَةِ فَسَلِمَ بِنَفْسِهِ وَ قُتِلَ مَنْ تَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَافِلِ (1).
و قد نقل الشيخ يوسف البحراني تعليلا لتسمية تناثر النجوم و الكواكب بقوله: و ذكر بعض أصحابنا في علة تسمية تلك السنة بسنة تناثر النجوم، هو أنه رأى الناس فيها تساقط شهب كثيرة من السماء، و فسّر ذلك بموت العلماء، و قد كان ذلك فإنه مات في تلك السنة جملة من العلماء، منهم الشيخ المذكور (الصدوق الأول)، و منهم الشيخ الكليني ...، و علي بن محمد السمري- آخر السفراء- و غيرهم (2).
كما ورد خبر تناثر النجوم في كتاب (تاريخ أخبار البشر) الذي هو من مصنّفات اخواننا الجمهور، و قد ذكر وفاة جملة من العلماء و منهم السمري و الكليني (3).
و أخيرا:
فسنة الوفاة 329 ه. ق، و قد دفن بجوار الحضرة الفاطمية و لا زالت مهبطا للفيوضات السبحانية في بقعة كبيرة عليها قبة عالية يزار و يتبرّك به (4).
فسلام عليه يوم ولد و يوم مات و يوم يبعث حيّا، و آخر دعوانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.3.
ص: 30
منذ أمد بعيد كنت أدرس الفقه و الحديث على الأستاذ الأكبر آية اللّه العظمى البروجردي «ره»، فخضت لجج الجوامع الكبيرة لامّهات الكتب، فأرّقني عدم وجود كتاب جامع مانع يغني عن جميع الأصول، فيكون المرجع لكل علم و فنّ، و شاملا لكل باب و موضوع، و أن يكون شافيا كافيا، يستقصي جميع الروايات و الأخبار، بجميع أسانيدها التي وردت عن المعصومين الأطهار، سلام اللّه عليهم أجمعين.
و مرّ عليّ زمن، و أنا اعلّل النفس بالآمال الطوال، و أتساءل هل يتحقّق مثل هذا الحلم المنشود، فيأتي ذلك اليوم على الإسلام- وَ ما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ* فيكون هذا الكتاب جامعا لجميع المسلمين، و ذخرا لي عند عرضي على رب العالمين، يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.
فأصبحت ضالّتي البحث و التنقيب في المراجع و المصادر و الأصول، و الجوامع الأخيرة، أمثال الوافي و الوسائل و البحار، حتى اشتغلت برهة مع رجال الفضل و العلم، بأمر الاستاذ الأكبر «ره»، بجامع أحاديث الشيعة، في كتب الزكاة و الخمس و الصوم، و بعدها بجمع أخبار تفسير القرآن، ثم نظرت لأغلب الأصول، ناقدا ممحّصا، و باحثا فاحصا، حتى انتهيت بعوالم العلوم، الذي لم أطّلع- لحدّ اليوم- على نسخة كاملة له في مكتبة واحدة، بل وجدت المكتبات العظيمة خالية منه، فوفّقني اللّه لجمعها، حتى تجاوز مائة جزء، و بقي منه ما يناهز العشرين، فاللّه أسأل أن يسهّل اكتشاف الأجزاء الباقيات، فصرفت الأوقات العزيزة- مع تشتّت البال، و تقلبات الأحوال- في تحقيقها و اتحاد اخبارها، مع المصادر و الجوامع، و إفراد كامل أسانيدها، مع ثلّة من الأفاضل، عسى أن ينجز اللّه المشروع، فيصبح قريب المنال،
ص: 31
بعد أن كان أقرب لخواطر الخيال.
ثم شمّرت عن جدّي ساعدا، للبحث عن الاصول المفقودة للوسائل و مستدركه و البحار، و التي اعتمد عليها العاملي و النوري و المجلسي- رضوان اللّه عليهم في كتبهم، أمثال: الإمامة و التبصرة، و أعلام الدين للديلمي و غيرهما، و التي لم تصل لكبار العلماء المتتبّعين، و لم يرها المحدّثون المتأخرون، كالشيخ النوري و الطهراني و أضرابهم.
فخطرت لي بارقة أمل و رجاء بأن أطرق أبواب السماء، بالتوسّل الى اللّه سبحانه- عند مشهد المجلسي «ره»- بالدعاء، و هل يلتجئ العبد في الضرّاء و السرّاء إلّا لمولاه، فعزمت الرحيل، من قم الى إصبهان، لزيارة مرقد شيخ الإسلام الجليل، عسى أن ييسّر اللّه كل عسير، و يفيض عليّ خيره الجزيل، و ما إن بلغت مشهده و دخلته، و توسّلت الى اللّه المتعال في تسهيل ما أمّلته، و لم يمض عليّ ساعات بل سويعات حتى وجدت كتاب الإمامة و التبصرة، بآية ناصعة مبصرة، و ذلك بألطاف و هداية منام، رؤي فيه المجلسي الثاني شيخ الإسلام، فاستيقنت لهذا الطود السامق عظيم المنزلة، و الدرجة الرفيعة، و المقام المحمود عند اللّه سبحانه و تعالى، و ما له من قوّة روحية خفيّة، تتوجّه لزوار مشهده، الوافدين إليه، بل الحافّين به، المتوسّلين إلى اللّه بفنائه.
و ختاما أقول: و الحقّ عندي أنّ اكتشاف نسخة الكتاب و معرفة مالكها في نفس ذلك اليوم- بعد الوفود لمشهده الشريف، و قولي له: (اريد تحقيق كتبك، فاسأل اللّه بحقّ مواليك العظام، النجباء الأصفياء الكرام، تحقيق طلبتي، و تسهيل بغيتي، و إني لك ضيف و زائر)- لا تخلو من كرامة لذوي البصائر، و للدلائل المختلفة أحسست سرعة استجابة الدعاء، عند مراقد الصلحاء و الأولياء، ولكني صرفت وجهي- عن تفصيل المنام- كشحا، و أغضيت طرفي الحاجة فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها، استجابة لصاحب المكتبة الثمنية، و نزولا عند رغبته، فاستغنيت عن التصريح بالتلميح، وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ.
السيّد محمّد باقر الموحّد الأبطحيّ «الإصفهانيّ».
ص: 32
تأليف الشيخ الاجل الامجد ابى محمد جعفر بن احمد بن على القمى نزيل الرى (قدس سره) و كان الطبع فى شعبان المعظم من شهور سنة 1369 من الهجرة النبوية (چاپخانه اسلاميه) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* و صلى اللّه على محمد و آله اجمعين و بعد فقد سئلت ادام اللّه عزك ان اجمع لك طرفا عما سمعت منى في مجلس المذاكرة من الفاظ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على حروف المعجم؛ فاجبتك الى ملتمسك تقربا الى اللّه تعالى و الى نبيه ص و جعلته مختصرا و حذفت اسانيدها الا اسنادا لاول كل باب منه ليكون اقرب الى الفهم و باللّه أستعين و عليه أتوكل وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ*:
(الالف)-
قَالَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْقُمِّيُّ نَزِيلُ الرَّىِّ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: اطْلُبُوا الْعِلْمَ فِي يَوْمِ خَمِيسٍ فَإِنَّهُ مُيَسَّرٌ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أُفٍّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ لَا يَجْعَلُ فى كُلِّ جُمْعَةٍ يَوْماً يَتَفَقَّهُ فِيهِ امْرَ اللَّهِ وَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ
صورة الصفحتين (1، 3) من جامع الأحاديث المطبوع
ص: 33
هذه آخر صفحات كتاب جامع الأحاديث المطبوع.
وَ كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَمَّا اللَّبَنُ فَيَرْغَبُ طَوَائِفُ أُمَّتِى فِي الْغَنَمِ وَ فِي اللَّبَنِ فَيَضُرُّونَ بِهِمَا غَداً وَ أَمَّا الْكُتُبُ فَيَقْرَئُونَهَا ثُمَّ يَتَأَوَّلُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَعَانِيهَا.
وَ قَالَ ص يُوَافِقُ الدِّينُ إِذَا وَافَقَ الْقَلْبَ.
وَ قَالَ ص يَبْعَثُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُقْنِطِينَ مُغَلَّسَةً وُجُوهُهُمْ يَعْنِي قَدْ عَلَا السَّوَادُ عَلَى الْبَيَاضِ فَيُقَالُ لَهُمْ هَؤُلَاءِ الْمُقْنِطُونَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ.
وَ قَالَ ص يُعَذِّبُ اللَّهُ اللِّسَانَ بِعَذَابٍ لَا يُعَذِّبُ بِهِ شَيْئاً مِنَ الْجَوَارِحِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ عَذَّبْتَنِي بِعَذَابٍ لَمْ تُعَذِّبْ بِهِ شَيْئاً مِنَ الْجَوَارِحِ فَيُقَالُ لَهُ خَرَجَتْ مِنْكَ كَلِمَةٌ بَلَغَتْ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبَهَا فَسُفِكَ بِهَا الدَّمُ الْحَرَامُ وَ أُخِذَ بِهَا الْمَالُ الْحَرَامُ وَ انْتُهِكَ بِهَا الْمَحَارِمُ فَوَ عِزَّتِي لَأُعَذِّبَنَّكَ بِعَذَابٍ لَا أُعَذِّبُ بِهِ شَيْئاً مِنْ جَوَارِحِكَ. وَ قَالَ ص يَرُدُّ مَذَمَّةَ السَّائِلِ عَنْكُمْ إِذَا وَقَفَ عَلَيْكُمْ مِثْلُ رَأْسِ الطَّائِرِ مِنَ الطَّعَامِ
. وَ قَالَ ص يُوجَرُ الرَّجُلُ فِي كُلِّ نَفَقَةٍ يُنْفِقُهَا إِلَّا النَّفَقَةَ فِي التُّرَابِ وَ الْبُنْيَانِ
. وَ قَالَ ص يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِي الْمُشْتَرِكِينَ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَ أَحَدُهُمَا رَفَعَ اللَّهُ يَدَهُ عَنْ أَيْدِيهِمَا وَ ذَهَبَتِ الْبَرَكَةُ مِنْهُمَا.
وَ قَالَ ص يُحْشَرُ أَبُو طَالِبٍ ع يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي زِيِّ الْمُلُوكِ وَ سِيمَا الْأَنْبِيَاءِ ع
وَ قَالَ ص يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيهِ وَ يَدَعُ الْجِذْعَ فِي عَيْنِهِ.
وَ قَالَ ص يُحَنَّكُ الْمَوْلُودُ بِالْمَاءِ السُّخْنِ.
وَ قَالَ ص يُمْنُ الْخَيْلِ فِي شُقْرِهَا.
وَ قَالَ ص الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى وَ ابْدَءْ بِمَنْ تَعُولُ.
وَ قَالَ ص الْيَدُ الْعُلْيَا الْمُعْطِيَةُ وَ الْيَدُ السُّفْلَى السَّائِلَةُ.
الحمد للّه رب العالمين و صلى اللّه على محمد و آله اجمعين و سلم تسليما كثيرا فرغ من استنساخه لنفسه اقل الطلبة محمد الطهرانى عصر يوم الاربعاء الثالث و العشرين من محرم الحرام 1329 فى سامراء
ص: 34
صورة
وَ قَالَ ص وَيْلٌ لِمَنْ عَلِمَ وَ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَ وَيْلٌ لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَ لَوْ شَاءَ لَعَلِمَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وَ قَالَ ص وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ.
وَ قَالَ ص وَيْلٌ لِلرِّجَالِ.
وَ قَالَ ص الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَ لَا يُوهَبُ.
الهاء-
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا إَبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: هَاجِرُوا تُورِثُوا أَبْنَائَكُمْ مَجْداً.
وَ قَالَ ص هَلَكَ الْمُقْتَدِرُونَ.
وَ قَالَ ص الْهَدِيَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ هَدِيَّةُ مُكَافَاةٍ وَ هَدِيَّةُ مُصَانَعَةٍ وَ هَدِيَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
وَ قَالَ ص هَجْرُ الرَّجُلِ أَخَاهُ سَنَةً كَسَفْكِ دَمِهِ.
صورة الصفحة (28) من كتاب جامع الأحاديث المطبوع.
ص: 35
صورة
ص: 36
صورة الصفحة (11) من جامع الأحاديث المطبوع
وَ قَالَ ص الدُّعَاءُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ وَ عَمُودُ الدِّينِ وَ زَيْنُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ.
وَ قَالَ ص الدَّاعِي وَ الْمُؤْمِنُ فِي الْأَجْرِ شَرِيكَانِ الدَّاعِي بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِي بِلَا وَتَرٍ.
الذال-
قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى بْنِ إِسْمَعِيلَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: الذَّرْعُ أَمَانَةٌ.
وَ قَالَ ص ذَاكِرُ اللَّهِ فِي الْغَافِلِينَ كَالْمُقَاتِلِ عَنِ الْفَارِّينَ فِي الْجَنَّةِ.
وَ قَالَ ص الذَّاكِرُ بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِي بِلَا وَتَرٍ.
وَ قَالَ ص ذِكْرُ اللَّهِ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَبْلَغُ فِى طَلَبِ الرِّزْقِ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ.
وَ قَالَ ص ذَمُّ الرَّجُلِ نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ تَزْكِيَةٌ.
الراء-
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: رَاحَةُ الثَّوْبِ طَيُّهُ وَ رَاحَةُ الْبَيْتِ كَنْسُهُ.
وَ قَالَ ص الرِّفْقُ كَرَمٌ وَ الْحِلْمُ زَيْنٌ وَ الصَّبْرُ خَيْرُ مَرْكَبٍ
وَ قَالَ ص الرَّهْنُ يُرْكَبُ إِذَا كَانَ مَرْهُوناً وَ عَلَى الَّذِي يَرْكَبُ الظَّهْرَ نَفَقَتُهُ
وَ قَالَ ص رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ.
وَ قَالَ ص الرَّجُلُ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَارِهِ وَ بِصَدْرِ فَرَسِهِ وَ أَنْ يَؤُمَّ فِي بَيْتِهِ وَ أَنْ يَبْدَأَ فِي صَحْفَتِهِ.
وَ قَالَ ص الرِّفْقُ يُمْنٌ وَ الْخُرْقُ شُؤْمٌ.
وَ قَالَ ص الرَّاشِي وَ الْمُرْتَشِي وَ الرَّائِشُ بَيْنَهُمَا مَلْعُونُونَ.
وَ قَالَ ص رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الدِّينِ التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ وَ اصْطِنَاعُ الْخَيْرِ إِلَى كُلِّ بَرٍّ وَ فَاجِرٍ.
وَ قَالَ ص رَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَعَانَ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ.
وَ قَالَ ص رُخِّصَ لِأَهْلِ الْقَاصِيَةِ فِي جَمَلٍ يَحْدُو بِهِ.
وَ قَالَ ص رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً قَالَ خَيْراً فَغَنِمَ أَوْ سَكَتَ عَنْ سُوءٍ فَسَلِمَ.
وَ قَالَ ص الرَّجُلُ الصَّالِحُ يَجِي ءُ بِخَبَرٍ صَالِحٍ وَ الرَّجُلُ السَّوْءُ يَجِي ءُ بِخَبَرٍ سَوْءٍ
ص: 37
صورة
ص: 38
صورة
ص: 39
ص: 1
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ، أَوَّلُهُمْ أَنْتَ يَا عَلِيُّ، وَ آخِرُهُمُ الْقَائِمُ الَّذِي يَفْتَحُ اللَّهُ- تَعَالَى ذِكْرُهُ- عَلَى يَدَيْهِ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبَهَا (1).
وَ قَالَتْ سَيِّدَةُ النِّسَاءِ عَلَيْهَا السَّلَامُ: دَخَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ (ص) عِنْدَ وِلَادَتِيَ الْحُسَيْنَ ... ثُمَّ قَالَ: يَا فَاطِمَةُ، خُذِيهِ [أَيِ الْحُسَيْنَ «ع»] فَإِنَّهُ إِمَامٌ، ابْنُ إِمَامٍ، وَ أَبُو الْأَئِمَّةِ، تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِهِ، أَئِمَّةٌ أَبْرَارٌ، وَ التَّاسِعُ قَائِمُهُمْ (2).
وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِابْنِهِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِكَ يَا حُسَيْنُ هُوَ الْقَائِمُ بِالْحَقِ (3).
وَ قَالَتِ الزَّهْرَاءُ عَلَيْهَا السَّلَامُ: أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ تَرَكُوا الْحَقَّ عَلَى أَهْلِهِ، وَ اتَّبَعُوا عِتْرَةَ نَبِيِّهِ، لَمَا اخْتَلَفَ فِي اللَّهِ اثْنَانِ، وَ لَوَرِثَهَا سَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ، وَ خَلَفٌ بَعْدَ خَلَفٍ، حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا، التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ (4).
وَ قَالَ الْإِمَامُ الْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ذَاكَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ أَخِيَ الْحُسَيْنِ، ابْنُ
ص: 2
سَيِّدَةِ الْإِمَاءِ، يُطِيلُ اللَّهُ عُمُرَهُ فِي غَيْبَتِهِ، ثُمَّ يُظْهِرُهُ بِقُدْرَتِهِ (1).
وَ قَالَ الْإِمَامُ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مِنَّا اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً، أَوَّلُهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ آخِرُهُمُ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِي، وَ هُوَ الْإِمَامُ الْقَائِمُ بِالْحَقِ (2).
وَ قَالَ الْإِمَامُ السَّجَّادُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ «وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ» وَ الْإِمَامَةُ فِي عَقِبِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (ع) إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ إِنَّ لِلْقَائِمِ مِنَّا غَيْبَتَيْنِ (3).
وَ قَالَ الْإِمَامُ الْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مِنَّا اثْنَا عَشَرَ مُحَدِّثاً، السَّابِعُ مِنْ وُلْدِي الْقَائِمُ (4).
وَ قَالَ الْإِمَامُ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْإِمَامُ مِنْ بَعْدِي مُوسَى، وَ الْخَلَفُ الْمَأْمُولُ الْمُنْتَظَرُ م ح م د ابْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى. (5)
وَ قَالَ الْإِمَامُ الْكَاظِمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْقَائِمُ الَّذِي يُطَهِّرُ الْأَرْضَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ، وَ يَمْلَأُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً، هُوَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِي (6).
وَ قَالَ الْإِمَامُ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْقَائِمُ ... ذَاكَ الرَّابِعُ مِنْ وُلْدِي (7).
وَ قَالَ الْإِمَامُ الْجَوَادُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْقَائِمُ ... هُوَ الثَّالِثُ مِنْ وُلْدِي (8).
وَ قَالَ الْإِمَامُ الْهَادِي عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ الْإِمَامَ بَعْدِي الْحَسَنُ ابْنِي، وَ بَعْدَ الْحَسَنِ ابْنُهُ الْقَائِمُ (9).
وَ قَالَ الْإِمَامُ الْعَسْكَرِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ابْنِي م ح م د هُوَ الْإِمَامُ وَ الْحُجَّةُ بَعْدِي، مَنْ مَاتَ وَ لَمْ يَعْرِفْهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً (10).7.
ص: 3
وَ قَالَ الْإِمَامُ الْغَائِبُ الْمُنْتَظَرُ عَجَّلَ اللَّهُ فَرْجَهُ الشَّرِيفَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنَّ جَدِّي مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَ أَنَّ أَبِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ عَدَّ إِمَاماً إِمَاماً إِلَى أَنْ بَلَغَ إِلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ:
اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، وَ أَتْمِمْ لِي أَمْرِي، وَ ثَبِّتْ وَطْأَتِي، وَ امْلَأِ الْأَرْضَ بِي عَدْلًا وَ قِسْطاً (1).3.
ص: 4
قال اللّه تعالى:
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ
وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ...
(النور/ 55)
وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ
وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ *
وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ...
(القصص/ 5، 6)
وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ
أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ *
إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ * وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ
(الأنبياء 105- 107)
ص: 5
للفقيه المحدّث
ابى الحسن علىّ بن الحسين بن بابويه القميّ
والد الشّيخ الصّدوق (ره)
المتوفّى سنة تناثر النّجوم 329 ه ق
تحقيق و نشر مدرسة الامام المهدي عليه السّلام قم المقدّسة
ص: 6
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* الحمد للّه الذي أوجب الحمد على عباده بنعمه عندهم آنفا و استوجب منهم- بما وفّقهم لذلك الحمد على تلك النعم- شكرا مستأنفا.
و سبحان من ليس معه لأحد في الآنف من النعمة، و المستأنف من الشكر صنع في إحداث موهبة، و لا في إلهام شكر، بل برأفته أولى النعم، و بتحنّنه ألهم الشكر، و بتفضّله بسط في ذلك كلّه التوفيق، و بحكمته أرشد إلى الهدى، و بعدل قضائه لم يجعل فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، و لم يدع إليه بسبيل غامض (و لو بان الدالّ) (1) عليه عن الكلام المتداول على الألسنة، بينونته- جلّ ثناؤه- عن عباده، لحارت الأسماع عن إصغائه، و تاهت الأفئدة عن بلوغه، و غربت الأفهام عن حمله غروبها عن كيفيّة اللّه- جلّت أسماؤه-.
و الحمد للّه الذي كان من لطيف صنعه و انفاذ حكمته أن لم يحمل علينا في ذلك إصرا، و جعل سفيره- فيما دعا إليه- خيرته من خلقه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله، و بيّن منه- في أيام الدعوة، و قبل حدوث النبوّة و إظهار الرسالة- عناصر طيبة و أعراقا طاهرة و شيما مرضيّة (2).
ص: 7
و جعله المقتدى به في مكارم الأخلاق، و المشار إليه بمجانبة الأعراض التي تمنع التقديم و التأخير، و تحجزت بالتقديس و التفضيل، حتى دعانا إلى اللّه جلّ جلاله بكلام مفهوم، و كتاب عزيز لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (1).
فجعل الداعي منزّها عن دنيّة تحجزه عن قول معروف، و مصونا بالعصمة عن أن ينهى عن خلق و يأتي بمثله، و الرسالة مباينة عن أن يأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها.
و منّ على خلقه أن جعل الداعي معهودا بالمجاورة، و الدعوة مشهورة بالمجاورة، و أوكد في ذلك على عباده الحجة أن دعا إلى حق لا يجمع مختلفين و لا يضمّ إلّا متفقين.
و جعل عباده- على اختلاف هممهم و اتّساع خلائقهم- بمعزل عن السبيل التي لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ، لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَ (2) و مباينة من الحالة التي يملكون فيها لأنفسهم نفعا أو ضرّا، و أوكل عجزهم (3)، و ضعف آرائهم إلى أئمة أصفياء، و حفظة أتقياء، عن اللّه يبلّغون، و اليه يدعون، و بما يأمرون به من الخيرات يعملون، و عمّا ينهون عنه ينتهون وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى، وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (4).
فالحمد للّه على جميع هذه النعم الحسنة، حمدا يؤدّى به الحق، و يستجلب به المزيد.
و صلّى اللّه على محمّد و آله صلاة ترفع إليه و تزكو عنده، و تدلّ على اشتمال الثبات، و استقرار الطويّات على أنهم للّه علينا حجّة، و إليه لنا قادة و عليه- تبارك اسمه- أدلّة، و في دينه القيّم شريعة و سالفة، و أنّ كلمتهم لا تبطل و حجتهم لا تدحض، و عددهم لا يختلف، و نسبهم لا ينقطع، حتى يرث اللّه- جلّ جلاله1.
ص: 8
الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَيْها و هو خَيْرُ الْوارِثِينَ، و يظهرهم عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ*.
«قال الشيخ ابو الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه رحمه اللّه» (1).
انّي لمّا بذلت فيما أخلدت من الكتب وسعي، و أخرجت فيما لزمنى من ذلك جهدي، وجدت الصلاة تجمع حدودا كثيرة، و الصوم يشمل امورا وافرة و الزكاة تضمّ معاني مختلفة، و الحجّ يحوي مناسك جمّة.
و وجدت حمل هذه الأشياء الجليلة، و ملابسة هذا الدين القيّم، و تبصرة ما ذكرت من هذه الأحوال، لا تنال إلّا بسابقة إليه و إمام يدلّ عليه، و أنّ من هداه اللّه لذلك ارتشد سبيله و انتفع بعلمه و عمله، و من أضله أضلّ سبيله و حبط عمله، و خَسِرَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ.
و علمت أنّ الامامة حال بها يدرك حدود الصلاة، و شرائع الصوم، و معاني الزكاة، و مناسك الحجّ.
و رأيتها أجلّ عروة محكمة، و أوثق سبيل منهجة.
و رأيت كثيرا ممن صحّ عقده، و ثبتت على دين اللّه وطأته، و ظهرت في اللّه خشيته، قد أحادته الغيبة، و طال عليه الأمد حتى دخلته الوحشة، و أفكرته (2) الأخبار المختلفة، و الآثار الواردة، فجمعت أخبارا تكشف الحيرة و تجسم النعمة (3) و تنبئ عن العدد، و تؤنس من وحشة طول الأمد.
و باللّه للصواب أرتشد، و على صالح القول أستعين، و ايّاه أسأل أن يحرس الحق و يحفظه على أهله، و يصون مستقرّه و مستودعه.
«أسباب اختلاف الروايات و موجبات الحيرة و الاشتباه» فلأجل الحاجة إلى الغيبة اتّسعت الأخبار، و لمعاني التقيّة و المدافعة عن.
الأنفس اختلفت الروايات وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ
ص: 9
ما يَتَّقُونَ. (1).
الإمامة و التبصرة، علي بن بابويه النص 10 المقدمة ..... ص : 7
و لولا التقية و الخوف، لما حار أحد، و لا اختلف اثنان، و لا خرج شي ء من معالم دين اللّه- تعالى- إلّا على كلمة لا تختلف و حرف لا يشتبه.
ولكنّ اللّه- عظمت أسماؤه- عهد إلى أئمة الهدى في حفظ الأمة، و جعلهم في زمن مأذون لهم باذاعة العلم، و في آخر حلماء يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (2).
عظم هذا من أمر و جلّ! و لأمر ما وقع و حلّ!.
و غير عجب أن يحدث في مثله من الأوقات خبر يحمي خيط الرقبة (3).
و يحرس بفضل المداراة جمهور البيضة.
و في مثل هذا الزمن خولف الأمر في العدد، حتى أوقع في الظاهر أمر ما لا خلاف في استبطانه، و كشف عن سبب لا شك في كتمانه.
و ليست إشارة مشهورة و اذاعة بيّنة أن يقول وليّ من أولياء اللّه و ثقة من خزّان أسرار اللّه أنّ صاحب هذا الأمر أثبت (4) منّي، و أخفّ ركابا.
هذا، مع الروايات المشهورة و الأحاديث الكثيرة: أنّ الوقت غير معلوم، و الزمن غير معروف،
و لولا كتمان الوقت و المساترة به، لما استدلّ عليه بالصحيحة (5)، و الآيات و خروج رايات أهل الضلالات،
و لقيل: إنّه فلان بن فلان، و إنّ يومه يوم معلوم بين الأيام،
و لكنّ اللّه- جلّ اسمه- جعله أمرا منتظرا في كل حين، و حالا مرجوّة عند كل أهل عصر،ة.
ص: 10
لئلّا تقسو- بطول أجل يضربه اللّه- قلوب، و يستبطأ (1) في استعمال سيّئة و فاحشة، و موعدة عقاب، و ليكون كل عامل على أهبّة، و يكون من وراء أعمال الخيرات أمنيّة، و من وراء أهل الخطايا و السيئات خشية و ردعة، و ليدفع اللّه بعضا ببعض، و السنّة القديمة على هذا
قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي أَمْرِ السَّاعَةِ حِينَ أَنْذَرَ قَوْمَهُ: صَبَّحَتْكُمُ السَّاعَةُ، مَسَّتْكُمُ السَّاعَةُ، بُعِثْتُ أَنَا وَ السَّاعَةَ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ
(2).
فلولا ما أراد من المدافعة و تقريب المدّة على عامل الخير و الشرّ و الثواب و العقاب، لعلم (صلّى اللّه عليه و آله) أنّ ما جرت إليه الامّة الضالّة دون وقوع الساعة، و أنّ ما وعده اللّه في أهل بيته من اظهارهم على الدين كله قبل حدوثها يكون.
و على هذا مضت الرسل، و درج الأخيار، كل يقرّب القيامة، و يدني الساعة، و يبشّر بسرعة المجازاة على العقاب و الثواب.
و لو كان الخبر عن كل شي ء بحقيقته مقدّما، و الأجل في كل مدّة مضروبا ممهدا، لكان حقّ الرسالة و فرض البلاغة على عيسى عليه السلام أن يأمر من يعلم أنّه يبلغ زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يقتصر على ما يعهده في أيّامه، ثقة بأنّ شريعته تنسخ الشرايع، و علما بأنّه خير النّبيّين و سيد المرسلين.
و لاقترف أهل كل فترة ذنوبا عظيمة و جرايح كثيرة، و لكنّهم كانوا على اقتراب من انتظار عقاب أو ثواب و بذلك دفع اللّه الناس بعضهم ببعض.
و هذه السنّة في الأئمة عليهم السلام مستعملة، و على أيّامهم جارية، و فيهم قائمة.
و لو كان أمرهم مهملا عن العدد و غفلا، لما وردت الأخبار الوافرة بأخذ اللّه3.
ص: 11
ميثاقهم على الأنبياء و سالف الصالحين من الأمة.
و يدلك على ذلك
قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ سُئِلَ عَنْ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا ذُكِرَ «اسْتَوَتْ سَفِينَتُهُ عَلَى الْجُودِيِّ بِهِمْ»:
هَلْ عَرَفَ نُوحٌ عَدَدَهُمْ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، وَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1).
و كيف يختلف عدد، يعرفه أبو البشر و من درج من عترته و الأنبياء من عقبه، على شرذمة من ذريّته و بقيّة يسيرة من ولده؟! و أيّ تأويل يدخل على حديث اللوح (2).
و حديث الصحيفة المختومة (3)؟
و الخبر الوارد عن جابر في صحيفة فاطمة عليها السلام (4)؟
و كيف لا يعلم: أنّ الذي قال [ه] العالم عليه السلام: ستّة أيّام، أو ستّة أشهر أو ستّ سنين، غير معلوم؟! (5)8.
ص: 12
و من غير شك: يجوز أنّ أمرا لا يمتنع أن يجوز وقته من ستّة أيام إلى ستّة أشهر، و من ستّة أشهر إلى ستّ سنين، غير ممتنع أن يجوز إلى سنين.
و هل هذا مفهوم؟
فان كان عليه السلام أراد تسمية الوقت، فقد علم أنّه لم يسمّ.
و إن أراد الإغماض منه (1) فغير عجب أن يغمضه بأشدّ ما يقدر عليه، و يستر عنه بأجهد ما يمكنه، لأنّ أمرا يخبر عنه من يوثق بعلمه بالشك بين ستّة أيام أو ستّ سنين، لا يراد به غير المغامضة و السّتر.ه.
ص: 13
و لو لا إقحام السؤال عليهم في أوقات غير مسهّلة للجواب، لما خرج حكم إلّا على حقيقته، و لا كلام إلّا على جهته.
فأمّا قوله عليه السلام: إنّ صاحب هذا الأمر ابن ثلاثين سنة، أو إحدى و ثلاثين سنة، أو أربعين سنة، فان جاز الأربعين فليس بصاحب هذا الأمر.
فانّه لمعنى المدافعة عن الأنفس، و ليتيقّن (1) من لا يشكّ في إمامة من يحدّث بهذا الحديث من أعدائه: أنّه ليس بصاحب السيف فيلهو عنه و يشتغل عن طلبه.
و يدلّك على هذا قوله: يملك السابع من ولد الخامس، حتى يملأها عدلا كما ملئت جورا (2).
و لو كان صاحب هذا الأمر لا يجوز أن يجوز أربعين سنة، لما جاز لأحد من الأئمة عليهم السلام أن تصلح له الإمامة فوق الأربعين، لأن الإمامة شأن واحد في القيام بالعلم و السيف، و ما كان اللّه ليجعل هذا الأمر العظيم في رجل يختاره، ثم ينزعه عنه لمعنى السنّ.
و لو طويت ما نطقت به من هذا التأويل على هذا الخبر، لكان فيما يتأوّله من يتعلق به للردّ أقنع حجّة و أبلغ دفعا، لأنّ الذي يروي هذا الحديث يتأوّل: أنّ امتناع القيام بعد الأربعين سنة من طريق النكير في العقول.
و أعوذ باللّه أن أقول: إنّهم صلوات اللّه عليهم بمنزلة سائر الناس، و إنّ عقولهم ممّا يدخلها الفساد في الأربعين و ما فوقها.9.
ص: 14
و الأسوة برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حسنة، و هو سيّد النبيّين و الأئمة الراشدين، و حين أناف على الأربعين نبيّ، و بعدها بسنين أظهر الدعوة.
فأمّا
أَمْرُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ قَوْلُهُ: إِنَّهُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَمْلَأَهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً،
فانّ ذلك قاله عند شدّة الطلب و قسوة القلوب، ليقرّب المدّة، و يردع الظلمة.
و الحجّة، فيمن قال بالوقف عليه، قد استقصيت بصحيح الأخبار في باب إمامته.
و إنّما أردت بذكر هذا الحديث ايراد قوله: «بدا للّه فيما قلت» لأنّه خرج في أيّام فلان حين اشتدّ الطلب و الخوف، حتى وقع بعد هذا الحديث من الغيبة و الاختفاء ما اتّصل بهذا العهد و بلغ هذه المدّة، و ما كان اللّه ليبدو له في إمام تسمية و لا خروجا.
و ما أفرّق- بعد قولي: إن الإمامة أحد الشرائع الخمسة- بين من يقول بالبداء فيها بالعدد و التسمية، و بين من يقول بالبداء في الصلاة و الصوم و سائر الشرائع الأربعة.
لأنّ مخرج الأربعة من الواحدة، و هي الإمامة، فإن جاز أن ينسخ اللّه أصل الشرائع، جاز أن ينسخ فرعها.
و أعوذ باللّه أن أقول بنسخ شريعة و تبديل ملّة، بعد أن جعل اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله خاتم النبيّين، و شريعته خاتمة الشرائع، و واصل القيام على دينه و شريعته بقيام الساعة، و الانتقال منها إلى محشر القيامة فأمّا الوقت:
فالسنّة (1) فيه الكتمان، و الشريعة فيه الإمساك عن الإعلان.
و ممّا يدلّ على التقيّة و يرشد إلى (2) أنّ الأخبار الكثيرة وردت لعلّة ما:
قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «بَدَا لِلَّهِ فِي إِسْمَاعِيلَ»
(3).).
ص: 15
فكيف الحجّة الآن في آدم عليه السلام أنّه حفظ أسماءهم؟
و ما القول في أمر نوح أنّه علم عددهم؟ (1) و كيف يثبت أنّ اللّه- عزّ و جلّ- أخذ على الامّة كلّها عهدهم، و هو ينسخ أمرهم، و يبدو له في أسمائهم؟.
و بأيّ دليل يدفع أمر اللوح؟
فأخبار الأظلّة، و الآثار الواردة أنّ اللّه خلقهم قبل الأمم، و ما كان اللّه ليأخذ مولى من أوليائه على قوم، ثم يبدو له في ذلك و قد قبض إليه منهم العدد الكثير، إذ هو الحق أن لا يحاسب إلّا بحجّة، و لا يعذّب إلّا بحقيقة بلاغ.
و حاش للّه أن يجعل خلفاء في عباده من ينقض أمرهم و يبدّل سنّتهم و تكون حكمته- سبحانه- بمحل يرشّح رجلا لحفظ بيضة المسلمين فيكون بمنزلة ينحّى عنها قبل انقضاء أجله و بلوغ مدّته، أو يجعله بمحل من يحدث في عقله الفساد لبلوغه أقصى العمر و أبعد السنّ، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا.
و الحجّة على هذا القول، مثل الحجّة على تسميته:
فسمّى إماما، و لما هو، و أظهر القول فيه بالبداء لمثله، أو جعل البداء لمعنى معارضة في موت أو غم أو رزق أو أجل.
و الإمامة لا تغيّر، و النسب لا ينقطع، و العدد لا يزيد و لا ينقص.
فان قال قائل: إنّ الذي انتهى إليه الوقت في الغيبة غاية عمر أهل الدهر، و نهاية سنّ خلق هذا العصر، و انّ الآيات قبله لم تظهر، و الدلالات المذكورة بين يديه لم تحدث؟! فهلّا يقول بالبداء في هذه الدلالات، و يحتجّ بنسخها، ذا هو جائز عندهم.
ص: 16
أن يبدو للّه في إمام، فانّ ذلك أولى و أحق.
و ستجده (1) أكثر من يمتنع من هذا، و يحتجّ بأنها من المحتوم! فكيف يجعل هذه الدلالات ممّا (لا) (2) يبدو للّه فيها، لانّها من المحتوم، و يقول بالبداء في الإمامة و لا يشكّ أنّها من المحتوم؟! و كيف لا يتّخذ الحجّة في ذلك: أن اللّه- جلّ اسمه- يعفو عن عباده فيما يتوعّدهم به من عقاب و عذاب محتوما كان ذلك منه أو موقوفا.
فلا يبدو له في وعد خير صغيرا كان أو كبيرا، حتى تسلم له المدّة و يقرّب اللّه عليه الوقت، و يكفيه أمر الوحشة لطول الغيبة.
و إن (3) ترك هذه العلّة في الوقت، و قال بالعمر: أنّه لا يجوز عمر متأخر على عمر متقدم؟! فالخبر شائع أنّ عمر أبي عبد اللّه عليه السلام أوفى على عمر من تقدّمه.
و كلّما جاز أن يكون في واحد، هو جائز أن يكون في آخر، لا سيّما إذا لم يكن ذلك مما يفسد شريعة أو يبطل سنّة.
و عسى أن يعتصم بعد هذه الأحوال مقصّر بالتسليم، فيقول:
إنّه واجب استعماله في الأخبار كلّها، و يكره التفقّه، و يرفض القصد فيقول: وردت الأخبار، و لزم القبول و وجب التسليم.
و يجعل الوليّ في ذلك بمنزلة العدوّ، فيوجب على أولياء اللّه استعمال خبر خرج من العلماء عن تقيّة لأعداء اللّه.
و لا يعلم أنّ المجتهد في العمل أفضل من المتّكل على الأماني.
و يجهل
قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ مَا وَرَدَ عَلَيَّ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا لَكَ رِضًا، وَ الْآخَرُ لِي هَوًى، إِلَّا آثَرْتُ رِضَاكَ عَلَى هَوَايَ.ا.
ص: 17
و هذا بعيد من هذا النمط؛ و عميق من القول في هذا الموضع، لكنّ لطيف النظر يذهب إليه، و دقيق الفكر يوجب أنّه إذا لزم الإيثار في امرين كلاهما حق، لفضّل رضا اللّه على هوى وليّ من أوليائه.
إنّ استعمال الإيثار في خبر ورد لمكان حجّة، و استعبار واجب على خبر وقع لمعنى تقيّة و مكان مدافعة.
جعلنا اللّه ممّن يبصر رشده، و يهتدي سننه، و يجتهد في الدين بلغته و يبذل فيه طاقته، و يخشاه حق خشيته، و يراقبه مراقبة أهل طاعته، و يرغب في ثوابه و يخاف معاده، و ختم أعمالنا بالسعادة و الزلفى الحسنة.
و قد بيّنت الأخبار التي ذكرتها من طريق العدد، و كل ما وقع في عصر إمام من اشارة إلى رجل، أو دعاية (1) منه بغير حق، و استحالة مجاوزة العدد و تبديل الأسماء، بصحيح الأخبار عن الأئمّة الهادين عليهم السلام.
متوكلا على اللّه تعالى، و مستغفرا من التقصير، و مستعيذا به سبحانه أن أريد- بما تكلّفته- إلّا الاصلاح وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ.ه.
ص: 18
ص: 19
ص: 20
1 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَ الْهَيْثَمِ بْنِ أَبِي مَسْرُوقٍ النَّهْدِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ السَّرَّادِ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: أَنَا سَيِّدُ النَّبِيِّينَ، وَ وَصِيِّي سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ وَ أَوْصِيَاؤُهُ سَادَةُ الْأَوْصِيَاءِ.
إِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ وَصِيّاً صَالِحاً، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ: إِنِّي أَكْرَمْتُ الْأَنْبِيَاءَ بِالنُّبُوَّةِ، ثُمَّ اخْتَرْتُ خَلْقِي وَ جَعَلْتُ خِيَارَهُمُ الْأَوْصِيَاءَ.
فَقَالَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ اجْعَلْ وَصِيِّي خَيْرَ الْأَوْصِيَاءِ.
فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا آدَمُ، أَوْصِ إِلَى شَيْثٍ فَأَوْصَى آدَمُ إِلَى شَيْثٍ، وَ هُوَ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ آدَمَ.
وَ أَوْصَى شَيْثٌ إِلَى ابْنِهِ شَبَانَ، وَ هُوَ ابْنُ نَزْلَةَ الْحَوْرَاءِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ، فَزَوَّجَهَا ابْنَهُ شَيْثاً (1).
ص: 21
وَ أَوْصَى شَبَانُ إِلَى مخلث (1).
وَ أَوْصَى مخلث إِلَى محوق.
وَ أَوْصَى محوق الى عثميثا (2).
وَ أَوْصَى عثميثا إِلَى أُخْنُوخَ، وَ هُوَ إِدْرِيسُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَ أَوْصَى إِدْرِيسُ إِلَى نَاحُورَ.
وَ دَفَعَهَا نَاحُورُ (3) إِلَى نُوحٍ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَ أَوْصَى نُوحٌ إِلَى سَامٍ.
وَ أَوْصَى سَامٌ إِلَى عَثَامِرَ.
وَ أَوْصَى عَثَامِرُ إِلَى برعثباشا (4).
وَ أَوْصَى برعثباشا إِلَى يَافِثَ.
وَ أَوْصَى يَافِثُ إِلَى بَرَّةَ.
وَ أَوْصَى بَرَّةُ إِلَى حفسه (5).
وَ أَوْصَى حفسه إِلَى عِمْرَانَ.
وَ دَفَعَهَا عِمْرَانُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَ أَوْصَى إِبْرَاهِيمُ إِلَى ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ.
وَ أَوْصَى إِسْمَاعِيلُ إِلَى إِسْحَاقَ.
وَ أَوْصَى إِسْحَاقُ إِلَى يَعْقُوبَ.
وَ أَوْصَى يَعْقُوبُ إِلَى يُوسُفَ.
وَ أَوْصَى يُوسُفُ إِلَى بثريا (6).َ.
ص: 22
وَ أَوْصَى بثريا إِلَى شُعَيْبٍ.
وَ دَفَعَهَا شُعَيْبٌ إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَ أَوْصَى مُوسَى إِلَى يُوشَعَ بْنِ النُّونِ (1).
وَ أَوْصَى يُوشَعُ إِلَى دَاوُدَ النَّبِيِّ.
وَ أَوْصَى دَاوُدُ إِلَى سُلَيْمَانَ.
وَ أَوْصَى سُلَيْمَانُ إِلَى آصَفَ بْنِ بَرْخِيَا.
وَ أَوْصَى آصَفُ إِلَى زَكَرِيَّا.
وَ دَفَعَهَا زَكَرِيَّا إِلَى عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَ أَوْصَى عِيسَى إِلَى شَمْعُونَ بْنِ حَمُّونَ الصَّفَا.
وَ أَوْصَى شَمْعُونُ إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا.
وَ أَوْصَى يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا إِلَى مُنْذِرٍ.
وَ أَوْصَى مُنْذِرٌ إِلَى سُلَيْمَةَ.
وَ أَوْصَى سُلَيْمَةُ إِلَى بُرْدَةَ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: وَ دَفَعَهَا إِلَيَّ بُرْدَةُ.
وَ أَنَا أَدْفَعُهَا إِلَيْكَ يَا عَلِيُّ.
وَ أَنْتَ تَدْفَعُهَا إِلَى وَصِيِّكَ، وَ يَدْفَعُهَا وَصِيُّكَ إِلَى أَوْصِيَائِكَ مِنْ وُلْدِكَ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، حَتَّى تُدْفَعَ إِلَى خَيْرِ أَهْلِ الْأَرْضِ بَعْدَكَ.
وَ لَتَكْفُرَنَّ بِكَ الْأُمَّةُ، وَ لَتَخْتَلِفَنَّ عَلَيْكَ اخْتِلَافاً كَثِيراً شَدِيداً.
الثَّابِتُ عَلَيْكَ كَالْمُقِيمِ مَعِي، وَ الشَّاذُّ عَنْكَ فِي النَّارِ «وَ النَّارُ مَثْوَى الْكَافِرِينَ» (2).ا.
ص: 23
.................
ص: 24
2 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْعُلَا، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ:
قَالَ الْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا خَلَتِ الدُّنْيَا- مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ- مِنْ إِمَامٍ عَدْلٍ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ حُجَّةً لِلَّهِ فِيهَا عَلَى خَلْقِهِ (1).
3 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ نُعْمَانَ الرَّازِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ أَنَا وَ بَشِيرٌ الدَّهَّانُ، عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ:
لَمَّا انْقَضَتْ نُبُوَّةُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ انْقَطَعَ أَجَلُهُ، أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ أَنْ يَا
ص: 25
آدَمُ، قَدِ انْقَضَتْ نُبُوَّتُكَ، وَ انْقَطَعَ أَجَلُكَ، فَانْظُرْ إِلَى مَا عِنْدَكَ مِنَ الْعِلْمِ وَ الْإِيمَانِ وَ مِيرَاثِ النُّبُوَّةِ وَ أَثَرَةِ (1) الْعِلْمِ وَ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ، فَاجْعَلْهُ فِي الْعَقِبِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، عِنْدَ هِبَةِ اللَّهِ، فَإِنِّي لَنْ أَدَعَ الْأَرْضَ بِغَيْرِ عَالِمٍ يُعْرَفُ بِهِ طَاعَتِي وَ دِينِي، وَ يَكُونُ نَجَاةً لِمَنْ أَطَاعَهُ (2).
4 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ سَمِعَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ، لَا تُخْلِ الْأَرْضَ مِنْ حُجَّةٍ لَكَ عَلَى خَلْقِكَ، ظَاهِرٍ أَوْ خَافٍ مَغْمُورٍ، لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَّتُكَ (3) وَ بَيِّنَاتُكَ (4).).
ص: 26
5 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: تَبْقَى الْأَرْضُ بِلَا عَالِمٍ حَيٍّ ظَاهِرٍ (1) يَفْزَعُ إِلَيْهِ النَّاسُ فِي حَلَالِهِمْ وَ حَرَامِهِمْ؟ فَقَالَ لِي: إِذًا، لَا يُعْبَدُ اللَّهُ، يَا أَبَا يُوسُفَ (2).
6 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَا:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَالَ: قُلْتُ لَهُ: تَبْقَى الْأَرْضُ- يَوْماً- بِغَيْرِ إِمَامٍ؟ (3) فَقَالَ: لَا. (4)
7 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ بَعْضِ الثِّقَاتِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ:).
ص: 27
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: الْأَرْضُ لَا تَكُونُ إِلَّا وَ فِيهَا عَالِمٌ يُصْلِحُهُمْ، وَ لَا يُصْلِحُ النَّاسَ إِلَّا ذَلِكَ (1).
8 - سَعْدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لَا يَصْلُحُ النَّاسُ إِلَّا بِإِمَامٍ، وَ لَا تَصْلُحُ الْأَرْضُ إِلَّا بِذَلِكَ (2).
9 - سَعْدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عُمَارَةَ بْنِ الطَّيَّارِ (3) قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقُولُ: لَوْ لَمْ يَبْقَ فِي الْأَرْضِ إِلَّا اثْنَانِ، لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْحُجَّةَ (4).).
ص: 28
10 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: وَ اللَّهِ، مَا تَرَكَ اللَّهُ الْأَرْضَ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ آدَمَ، إِلَّا وَ فِيهَا إِمَامٌ يُهْتَدَى بِهِ إِلَى اللَّهِ، وَ هُوَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَ لَا تَبْقَى (1) الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ، حُجَّةً لِلَّهِ عَلَى عِبَادِهِ (2).
11 - سَعْدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ وَ صَفْوَانَ بْنِ0.
ص: 29
يَحْيَى وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَ (1) عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، كُلِّهِمْ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَدَعِ الْأَرْضَ إِلَّا وَ فِيهَا عَالِمٌ يَعْلَمُ الزِّيَادَةَ وَ النُّقْصَانَ فَإِذَا زَادَ الْمُؤْمِنُونَ رَدَّهُمْ، وَ إِنْ نَقَصُوا أَكْمَلَهُ لَهُمْ، فَقَالَ: خُذُوهُ كَامِلًا، وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَالْتَبَسَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَمْرُهُمْ، وَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ (2).
12 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ:
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ؟
قَالَ: لَوْ بَقِيَتِ الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ، لَسَاخَتْ (3).
13 - أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْخَشَّابِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ كَرَّامٍ، قَالَ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
لَوْ كَانَ النَّاسُ رَجُلَيْنِ، لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْإِمَامَ.
وَ قَالَ: إِنَّ آخِرَ مَنْ يَمُوتُ الْإِمَامُ، لِئَلَّا يَحْتَجَّ أَحَدٌ عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ تَرَكَهُ بِغَيْرِ9)
ص: 30
حُجَّةٍ (1)
14 - الْحِمْيَرِيُّ، عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لَا تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ ظَاهِرٍ أَوْ بَاطِنٍ (2).
15 - وَ عَنْهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ عَيْثَمِ (3) بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ ذَرِيحٍ الْمُحَارِبِيِّ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَ اللَّهِ، مَا تَرَكَ اللَّهُ الْأَرْضَ- مُنْذُ قَبَضَ آدَمَ- إِلَّا وَ فِيهَا إِمَامٌ يُهْتَدَى بِهِ إِلَى اللَّهِ، وَ هُوَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ، مَنْ تَرَكَهُ هَلَكَ وَ مَنْ لَزِمَهُ نَجَا، حَقّاً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (4).
16 - سَعْدٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، وَ غَيْرِهِ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:).
ص: 31
إِنَّ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يُخْبِرُ عَنْ رَبِّهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي لَمْ أَتْرُكِ الْأَرْضَ إِلَّا وَ فِيهَا عَالِمٌ يَعْرِفُ طَاعَتِي وَ هُدَايَ، وَ يَكُونُ نَجَاةً فِيمَا بَيْنَ قَبْضِ النَّبِيِّ إِلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ الْآخَرِ، وَ لَمْ أَكُنْ أَتْرُكُ إِبْلِيسَ يُضِلُّ النَّاسَ وَ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ حُجَّةٌ لِي، وَ دَاعٍ إِلَيَّ، وَ هَادٍ إِلَى سَبِيلِي، وَ عَارِفٌ بِأَمْرِي، وَ إِنِّي قَدْ قَيَّضْتُ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادِياً أَهْدِي بِهِ السُّعَدَاءَ وَ يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْأَشْقِيَاءِ (1). [1]).
ص: 32
. . . . . . . . . . . . . . .
________________
و قد روى المؤلف حديثا مسندا الى النبي (ص) جاءت فيه جملة «من مات ...» نوردها، قال:
أ - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، جَمِيعاً: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، وَ يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ، جَمِيعاً: عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ سَلْمَانَ، وَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ، وَ مِنَ الْمِقْدَادِ حَدِيثاً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ:
مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ لَهُ إمَامٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.
ثُمَّ عَرَضَهُ عَلَى جَابِرٍ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالا: صَدَقُوا وَ بَرُّوا، وَ قَدْ شَهِدْنَا ذَلِكَ وَ سَمِعْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ إِنَّ سَلْمَانَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قُلْتَ: مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ لَهُ إِمَامٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، مَنْ هَذَا الْإِمَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مِنْ أَوْصِيَائِي، يَا سَلْمَانُ، فَمَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي وَ لَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مِنْهُمْ يَعْرِفُهُ فَهِيَ مَيْتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، فَإِنْ جَهِلَهُ وَ عَادَاهُ، فَهُوَ مُشْرِكٌ، وَ إِنْ جَهِلَهُ وَ لَمْ يُعَادِهِ وَ لَمْ يُوَالِ لَهُ عَدُوّاً فَهُوَ جَاهِلٌ وَ لَيْسَ بِمُشْرِكٍ (1).
ب - سَعْدٌ وَ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقُولُ: إِنَّ الْأَرْضَ لَا تُتْرَكُ إِلَّا بِعَالِمٍ يَعْلَمُ الْحَلَالَ وَ الْحَرَامَ، وَ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى النَّاسِ.
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، عَلِمَ بِمَاذَا؟
قَالَ: وِرَاثَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (2).
ج - سَعْدٌ، عَنِ ابْنِ عِيسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنِ الْبَرْقِيِّ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَنْ تَبْقَى الْأَرْضُ إِلَّا وَ فِيهَا مَنْ يَعْرِفُ الْحَقَّ، فَإِذَا زَادَ النَّاسُ فِيهِ قَالَ: قَدْ زَادُوا وَ إِذَا نَقَصُوا مِنْهُ قَالَ: قَدْ نَقَصُوا وَ إِذَا جَاءُوا بِهِ صَدَّقَهُمْ، وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يُعْرَفِ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ (3).
د - سَعْدٌ وَ الْحِمْيَرِيُّ جَمِيعاً قَالا: حَدَّثَنَا الْيَقْطِينِيُّ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَمْ يَتْرُكِ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ الْأَرْضَ بِغَيْرِ عَالِمٍ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِمْ، يَعْلَمُ الْحَلَالَ وَ الْحَرَامَ.
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، بِمَاذَا يَعْلَمُ؟ه.
ص: 33
................................
_____________________
قَالَ: بِوِرَاثَةٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1).
ه - سَعْدٌ، وَ الْحِمْيَرِيُّ، عَنِ الْيَقْطِينِيِّ وَ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِ وَ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي هَرَاسَةَ.
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لَوْ أَنَّ الْإِمَامَ رُفِعَ عَنِ الْأَرْضِ سَاعَةً، لَمَاجَتْ بِأَهْلِهَا كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ بِأَهْلِهِ (2).
و - الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْعُصْفُرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَوْ بَقِيَتِ الْأَرْضُ يَوْماً بِلَا إِمَامٍ مِنَّا لَسَاخَتْ بِأَهْلِهَا، وَ لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِأَشَدِّ عَذَابِهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَنَا حُجَّةً فِي أَرْضِهِ وَ أَمَاناً فِي الْأَرْضِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ، لَمْ يَزَالُوا فِي أَمَانٍ مِنْ أَنْ تَسِيخَ الْأَرْضُ بِهِمْ مَا دُمْنَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُهْلِكَهُمْ، ثُمَّ لَا يُمْهِلَهُمْ، وَ لَا يُنْظِرَهُمْ ذَهَبَ بِنَا مِنْ بَيْنِهِمْ وَ رَفَعَنَا إِلَيْهِ، ثُمَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ وَ أَحَبَ (3).
ز - سَعْدٌ، عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ مِهْرَانَ، عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي الْمَغْرَا، عَنْ ذَرِيحٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: مِنَّا الْإِمَامُ الْمَفْرُوضُ طَاعَتُهُ، مَنْ جَحَدَهُ مَاتَ يَهُودِيّاً أَوْ نَصْرَانِيّاً.
وَ اللَّهِ، مَا تَرَكَ اللَّهُ الْأَرْضَ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ إِلَا وَ فِيهَا إِمَامٌ يُهْتَدَى بِهِ إِلَى اللَّهِ، حُجَّةً عَلَى الْعِبَادِ، وَ مَنْ تَرَكَهُ هَلَكَ وَ مَنْ لَزِمَهُ نَجَا، حَقّاً عَلَى اللَّهِ (4).
ح - سَعْدٌ عَنِ ابْنِ عِيسَى وَ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ:
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ:
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: تَكُونُ الْأَرْضُ، وَ لَا إِمَامَ فِيهَا؟
فَقَالَ: إِذًا لَسَاخَتْ بِأَهْلِهَا (5).
ط - سَعْدٌ وَ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَزَّازِ، عَنْ).
ص: 34
. . . . . . . . . . . . . .
________________
أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَ تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ؟ قَالَ: فَقَالَ: لَا.
قُلْتُ: فَإِنَّا نُرْوَى أَنَّهَا لَا تَبْقَى إِلَّا أَنْ يَسْخَطَ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ؟
قَالَ: لَا تَبْقَى، إِذًا لَسَاخَتْ (1).
ي - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقُلْتُ: أَ تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ حُجَّةٍ؟
فَقَالَ: لَوْ خَلَتْ مِنْ حُجَّةٍ طَرْفَةَ عَيْنٍ لَسَاخَتْ بِأَهْلِهَا (2).
ك - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْزِيَارَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْبَجَلِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فِي حَدِيثٍ لَهُ فِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ:
وَ لَوْ لَا مَنْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ لَنَفَضَتِ الْأَرْضُ بِمَا فِيهَا، وَ أَلْقَتْ مَا عَلَيْهَا، إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو سَاعَةً مِنَ الْحُجَّةِ (3).
ل - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ [مَوْلَى آلِ سَامٍ- بِحَارُ]:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا يَتْرُكُ اللَّهُ الْأَرْضَ بِغَيْرِ عَالِمٍ، يَنْقُصُ مَا زَادُوا، وَ يَزِيدُ مَا نَقَصُوا، وَ لَوْلَا ذَلِكَ لَاخْتَلَطَتْ عَلَى النَّاسِ أُمُورُهُمْ (4).
م - الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَالِكِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَحْمُودٍ، قَالَ:
قَالَ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ: نَحْنُ حُجَجُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَ خُلَفَاؤُهُ فِي عِبَادِهِ وَ أُمَنَاؤُهُ عَلَى سِرِّهِ، وَ نَحْنُ كَلِمَةُ2.
ص: 35
. . . . . . . . . . . . . . .
________________
التَّقْوَى، وَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، وَ نَحْنُ شُهَدَاءُ اللَّهِ، وَ أَعْلَامُهُ فِي بَرِيَّتِهِ، بِنَا يُمْسِكُ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا، وَ بِنَا يُنَزِّلُ الْغَيْثَ*، وَ يَنْشُرُ الرَّحْمَةَ.
لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ مِنَّا ظَاهِرٍ أَوْ خَافٍ، وَ لَوْ خَلَتْ يَوْماً، بِغَيْرِ حُجَّةٍ، لَمَاجَتْ بِأَهْلِهَا كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ بِأَهْلِهِ (1).).
ص: 36
17 سَعْدٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، قَالَ: سَأَلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمَّارٍ أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ:
فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُوصِيَ- قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا- وَ يَعْهَدَ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ: فَرِيضَةٌ مِنَ اللَّهِ؟
قَالَ: نَعَمْ (1).
18 وَ عَنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ وَ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَشْعَثِ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ- وَ نَحْنُ فِي الْبَيْتِ مَعَهُ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ إِنْسَاناً-:
لَعَلَّكُمْ تَرَوْنَ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ إِلَى رَجُلٍ مِنَّا يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ؟! لَا، وَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَعَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مُسَمًّى رَجُلٌ فَرَجُلٌ،
ص: 37
حَتَّى يَنْتَهِيَ الْأَمْرُ إِلَى صَاحِبِهِ (1).
19 وَ عَنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَالِكٍ:
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها (2).
فَقَالَ: الْإِمَامُ يُؤَدِّي إِلَى الْإِمَامِ.
ثُمَّ قَالَ: يَا يَحْيَى إِنَّهُ، وَ اللَّهِ، لَيْسَ مِنْهُ، إِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ (3).
20 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَمَاعَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سَمَاعَةَ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: نَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِصَحِيفَةٍ مِنَ السَّمَاءِ، لَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ كِتَاباً مِثْلَهَا (4) قَطُّ قَبْلَهُ وَ لَا بَعْدَهُ، فِيهِ خَوَاتِيمُ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهُ:
يَا مُحَمَّدُ، هَذِهِ وَصِيَّتُكَ إِلَى النَّجِيبِ مِنْ أَهْلِكَ، قَالَ لَهُ: يَا جَبْرَئِيلُ، مَنِ النَّجِيبُ مِنْ أَهْلِي؟ِ.
ص: 38
قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، مُرْهُ إِذَا تُوُفِّيتَ: أَنْ يَفُكَّ خَاتَماً ثُمَّ يَعْمَلَ بِمَا فِيهِ.
فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَكَّ عَلِيٌّ خَاتَماً ثُمَّ عَمِلَ بِمَا فِيهِ مَا تَعَدَّاهُ ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَفَكَّ خَاتَماً وَ عَمِلَ بِمَا فِيهِ مَا تَعَدَّاهُ ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَفَكَّ خَاتَماً، فَوَجَدَ فِيهِ: اخْرُجْ بِقَوْمٍ إِلَى الشَّهَادَةِ لَهُمْ مَعَكَ، وَ اشْرِ (1) نَفْسَكَ لِلَّهِ، فَعَمِلَ بِمَا فِيهَا (2) مَا تَعَدَّاهُ ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى رَجُلٍ بَعْدَهُ، فَفَكَّ خَاتَماً، فَوَجَدَ فِيهِ: أَطْرِقْ، وَ اصْمُتْ وَ الْزَمْ مَنْزِلَكَ، وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ.
ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى رَجُلٍ بَعْدَهُ، فَفَكَّ خَاتَماً، فَوَجَدَ فِيهِ: أَنْ حَدِّثِ النَّاسَ وَ أَفْتِهِمْ، وَ انْشُرْ عِلْمَ آبَائِكَ، فَفَعَلَ بِمَا فِيهِ مَا تَعَدَّاهُ.
ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى رَجُلٍ بَعْدَهُ، فَفَكَّ خَاتَماً، فَوَجَدَ فِيهِ: أَنْ حَدِّثِ النَّاسَ وَ أَفْتِهِمْ، وَ صَدِّقْ أَبَاكَ (3) وَ لَا تَخَافَنَّ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ، فَإِنَّكَ فِي حِرْزٍ مِنَ اللَّهِ وَ ضَمَانٍ.
وَ هُوَ يَدْفَعُهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ بَعْدِهِ.
وَ يَدْفَعُهَا مَنْ بَعْدَهُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (4).).
ص: 39
21 - سَعْدٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدُ (1) بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيُّ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ (2).
قَالَ: فَنَحْنُ الْمَحْسُودُونَ عَلَى مَا آتَانَا اللَّهُ مِنَ الْإِمَامَةِ، دُونَ خَلْقِهِ جَمِيعاً، فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (3):
فَجَعَلْنَا مِنْهُمُ الرُّسُلَ وَ الْأَنْبِيَاءَ وَ الْأَئِمَّةَ، فَكَيْفَ يُقِرُّونَ بِهِ فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَ يُنْكِرُونَهُ فِي آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؟
فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً، كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً. وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ نُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (4) وَ (5).
ص: 40
22 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (1).
مَا الْمُلْكُ الْعَظِيمُ؟
قَالَ: فِينَا.
قَالَ: قُلْتُ: أَيُّ شَيْ ءٍ؟
قَالَ: افْتِرَاضٌ (2).
وَ لْيَتَوَلَّ وَلِيَّهُ، وَ يُعَادِ عَدُوَّهُ، وَ لْيَأْتَمَّ بِالْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ، فَإِنَّهُمْ عِتْرَتِي مِنْ لَحْمِي وَ دَمِي، أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فَهْمِي وَ عِلْمِي، إِلَى اللَّهِ أَشْكُو الْمُنْكِرِينَ لِفَضْلِهِمْ، الْقَاطِعِينَ فِيهِمْ صِلَتِي، وَ أَيْمُ اللَّهِ لَيَقْتُلُنَّ ابْنِي، لَا أَنَالَهُمُ اللَّهُ شَفَاعَتِي (3).م.
ص: 41
23 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ حَمْزَةَ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَذَّاءِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ (1) عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَحْيَى حَيَاتِي، وَ يَمُوتَ مِيتَتِي وَ يَدْخُلَ جَنَّةَ رَبِّيَ الَّتِي وَعَدَنِي، جَنَّةَ عَدْنٍ مَنْزِلِي، قَضِيبٌ مِنْ قُضْبَانِهِ، غَرَسَهُ رَبِّي بِيَدِهِ، فَقَالَ لَهُ: كُنْ جَنَّةَ عَدْنٍ فَكَانَ، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ الْأَوْصِيَاءَ مِنْ ذُرِّيَّتِي، إِنَّهُمُ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِي، وَ هُمْ عِتْرَتِي وَ دَمِي وَ لَحْمِي، رَزَقَهُمُ اللَّهُ عِلْمِي وَ فَهْمِي، وَيْلٌ لِلْمُنْكِرِينَ فَضْلَهُمْ مِنْ أُمَّتِي، الْقَاطِعِينَ صِلَتِي، وَ اللَّهِ لَيَقْتُلُنَّ ابْنِي، لَا أَنَالَهُمُ اللَّهُ شَفَاعَتِي (2).ه.
ص: 42
24 - وَ عَنْهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ (1) الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْيَى حَيَاتِي، وَ يَمُوتَ مِيتَتِي، وَ يَدْخُلَ جَنَّةَ عَدْنٍ غَرَسَهَا رَبِّي بِيَدِهِ، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ لْيُعَادِ عَدُوَّهُ، وَ لْيَأْتَمَّ بِالْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ، أَعْطَاهُمُ اللَّهُ عِلْمِي وَ فَهْمِي، وَ هُمْ عِتْرَتِي، مِنْ لَحْمِي وَ دَمِي، إِلَى اللَّهِ أَشْكُو مِنْ أُمَّتِي؛ الْمُنْكِرِينَ لِفَضْلِهِمْ، الْقَاطِعِينَ فِيهِمْ صِلَتِي، وَ أَيْمُ اللَّهِ لَيَقْتُلُنَّ ابْنِي بَعْدِي الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا أَنَالَهُمُ اللَّهُ شَفَاعَتِي (2).
25 - وَ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْحَضْرَمِيِ (3) عَنْ عَبْدِ الْقَاهِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَحْيَى حَيَاتِي، وَ يَمُوتَ مِيتَتِي وَ يَدْخُلَ جَنَّةً وَعَدَنِيهَا رَبِّي قَضِيباً (4) غَرَسَهُ رَبِّي بِيَدِهِ، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍا.
ص: 43
عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ أَوْصِيَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَإِنَّهُمْ لَا يُدْخِلُونَكُمْ فِي بَابِ ضَلَالٍ وَ لَا يُخْرِجُونَكُمْ مِنْ بَابِ هُدًى، وَ لَا تُعَلِّمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ، فَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَلَّا يُفَرِّقَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْكِتَابِ، حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ هَكَذَا- وَ ضَمَّ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ- وَ عَرْضُ حَوْضِي مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ إِلَى أَيْلَةَ (1) فِيهِ قِدْحَانُ فِضَّةٍ وَ ذَهَبٍ عَدَدَ النُّجُومِ (2).
26 وَ عَنْهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْأَسَدِيُ (3) عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ (4) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زِيَادِ (5) بْنِ مِطْرَفٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْيَى حَيَاتِي، وَ يَمُوتَ مِيتَتِي وَ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ الَّتِي وَعَدَنِي رَبِّي، وَ هُوَ قَضِيبٌ مِنْ قُضْبَانِهِ، غَرَسَهُ بِيَدِهِ وَ هِيَ جَنَّةُ الْخُلْدِ، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَإِنَّهُمْ لَا يُخْرِجُونَكُمْ مِنْ بَابِ هُدًى وَ لَا يُدْخِلُونَكُمْ فِي بَابِ ضَلَالٍ (6)...
ص: 44
27 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْعَطَّارِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَحْيَى حَيَاةً تُشْبِهُ حَيَاةَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَ يَمُوتَ مِيتَةً تُشْبِهُ مِيتَةَ الشُّهَدَاءِ، وَ يَسْكُنَ الْجِنَانَ الَّتِي غَرَسَهَا الرَّحْمَانُ، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ لْيُوَالِ وَلِيَّهُ، وَ لْيَقْتَدِ بِالْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ، فَإِنَّهُمْ عِتْرَتِي، خُلِقُوا مِنْ طِينَتِي، اللَّهُمَّ ارْزُقْهُمْ مِنْ فَهْمِي وَ عِلْمِي، وَيْلٌ لِلْمُخَالِفِينَ لَهُمْ مِنْ أُمَّتِي، اللَّهُمَّ لَا تُنِلْهُمْ شَفَاعَتِي (1).
28 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: أَقْعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ دَعَا بِجِلْدِ شَاةٍ، فَكَتَبَ فِيهِ حَتَّى أَكَارِعِهِ (2) ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيَّ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ أَحَدٌ فَقَالَ: مَنْ جَاءَكِ بَعْدِي بِآيَةِ كَذَا وَ كَذَا، فَادْفَعِيهِ إِلَيْهِ.
قَالَتْ: فَأَقَمْتُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ وُلِّيَ أَبُو بَكْرٍ أَمْرَ النَّاسِ.ُ.
ص: 45
قَالَ عُمَرُ: فَبَعَثَتْنِي أُمِّي، فَقَالَتْ: اذْهَبْ، فَانْظُرْ مَا يَصْنَعُ هَذَا الرَّجُلُ؟ فَجِئْتُ فَجَلَسْتُ مَعَ النَّاسِ، حَتَّى خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ نَزَلَ فَدَخَلَ بَيْتَهُ فَجِئْتُ، فَأَخْبَرْتُهَا، فَأَقَامَتْ حَتَّى وُلِّيَ عُمَرُ، فَبَعَثَتْنِي، فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ، وَ صَنَعَ عُمَرُ مِثْلَ مَا صَنَعَ صَاحِبُهُ فَجِئْتُ، فَأَخْبَرْتُهَا، فَأَقَامَتْ حَتَّى وُلِّيَ عُثْمَانُ فَبَعَثَتْنِي، فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ، وَ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعَ صَاحِبَاهُ، فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُهَا فَأَقَامَتْ حَتَّى وُلِّيَ عَلِيٌّ فَأَرْسَلَتْنِي، فَقَالَتِ: انْظُرْ مَا يَصْنَعُ هَذَا الرَّجُلُ؟
فَجِئْتُ، فَجَلَسْتُ فِي الْمَسْجِدِ، فَجَاءَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَ، فَلَمَّا خَطَبَ نَزَلَ، فَرَآنِي فِي النَّاسِ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَى أُمِّكَ فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُهَا، فَأَخْبَرْتُهَا وَ قُلْتُ: قَالَ لِي: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى أُمِّكَ وَ هُوَ [ذَا هُوَ] (1) خَلْفِي يُرِيدُكِ.
قَالَتْ: أَنَا- وَ اللَّهِ- أَدْرِي (2).
فَاسْتَأْذَنَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَدَخَلَ، فَقَالَ: أَعْطِينِيَ الْكِتَابَ الَّذِي دَفَعَهُ إِلَيْكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، بِآيَةِ كَذَا وَ كَذَا.
قَالَ عُمَرُ: كَأَنِّي- وَ اللَّهِ- أَنْظُرُ إِلَى أُمِّي، حِينَ قَامَتْ إِلَى تَابُوتٍ لَهَا كَبِيرٍ، فِي جَوْفِهِ تَابُوتٌ لَهَا صَغِيرٌ، فَاسْتَخْرَجَتْ مِنْ جَوْفِهِ كِتَاباً، فَدَفَعَتْهُ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
ثُمَّ قَالَتْ لِي أُمِّي: يَا بُنَيَّ، الْزَمْهُ، فَوَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ بَعْدَ نَبِيِّكَ إِمَاماً غَيْرَهُ (3).).
ص: 46
29 سَعْدٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ عَمِّهِ: عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا عَنَى اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ:
إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)؟
قَالَ: نَزَلَتْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ الْحَسَنِ، وَ الْحُسَيْنِ، (وَ فَاطِمَةَ) (2) عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.
فَلَمَّا قَبَضَ (اللَّهُ) (3) نَبِيَّهُ، كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ الْحَسَنُ، ثُمَّ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.
ثُمَّ وَقَعَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ:
وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ* (4) فَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ جَرَتْ فِي الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ الْأَوْصِيَاءِ، فَطَاعَتُهُمْ طَاعَةُ اللَّهِ
ص: 47
وَ مَعْصِيَتُهُمْ مَعْصِيَةُ اللَّهِ (1).
30 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ وَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ، وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ (2)، فِي مَنْ نَزَلَتْ؟
[قَالَ: نَزَلَتْ] (3) فِي الْإِمْرَةِ، إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ جَرَتْ فِي وُلْدِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بَعْدِهِ، فَنَحْنُ أَوْلَى بِالْأَمْرِ وَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ.
فَقُلْتُ: أَ لِوُلْدِ جَعْفَرٍ فِيهَا نَصِيبٌ؟ فَقَالَ: لَا.
فَقُلْتُ: لِوُلْدِ الْعَبَّاسِ فِيهَا نَصِيبٌ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: فَعَدَدْتُ عَلَيْهِ بُطُونَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا.
وَ نَسِيتُ وُلْدَ الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: هَلْ لِوُلْدِ الْحَسَنِ فِيهَا نَصِيبٌ؟
فَقَالَ: لَا، يَا عَبْدَ الرَّحِيمِ (4) مَا لِمُحَمَّدِيٍّ فِيهَا نَصِيبٌ غَيْرَنَا (5).
31 - سَعْدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقُولُ:).
ص: 48
إِنْ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَصَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَا نَصَبَهُ لَهُ (1) فَأَقَرَّ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ لَهُ بِذَلِكَ.
ثُمَّ وَصِيَّتِهِ لِلْحَسَنِ، وَ سَلَّمَ (2) الْحُسَيْنُ إِلَى الْحَسَنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ذَلِكَ حَتَّى أُفْضِيَ الْأَمْرُ إِلَى الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُنَازِعُهُ فِيهَا أَحَدٌ، لَهُ مِنَ السَّابِقَةِ مِثْلُ مَا لَهُ (3).
فَاسْتَحَقَّهَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ* (4).
فَلَا يَكُونُ بَعْدَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا فِي الْأَعْقَابِ وَ أَعْقَابِ الْأَعْقَابِ (5).
32 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ أَخِيهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ سَوْرَةَ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ (6).
قَالَ: فِي عَقِبِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمْ يَزَلْ هَذَا الْأَمْرُ- مُنْذُ أُفْضِيَ إِلَى الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ- يَنْتَقِلُ مِنْ وَالِدٍ إِلَى وَلَدٍ، لَا يَرْجِعُ إِلَى أَخٍ، وَ لَا إِلَى عَمٍّ وَ لَا يُعْلَمُ أَنَّ أَحَداً مِنْهُمْ إِلَّا وَ لَهُ وَلَدٌ.
وَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا وَ لَا وَلَدَ لَهُ، وَ لَمْ يَمْكُثْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ إِلَّا شَهْراً (7).).
ص: 49
33 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ سَعْدَانَ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لَمَّا عَلِقَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: يَا فَاطِمَةُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ وَهَبَ لَكِ غُلَاماً اسْمُهُ الْحُسَيْنُ، تَقْتُلُهُ أُمَّتِي.
قَالَتْ: فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ.
قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ وَعَدَنِي فِيهِ أَنْ يَجْعَلَ الْأَئِمَّةَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنْ وُلْدِهِ.
قَالَتْ: قَدْ رَضِيتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (1).
34 - سَعْدٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ فُضَيْلٍ سُكَّرَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: يَا فُضَيْلُ، أَ تَدْرِي فِي أَيِّ شَيْ ءٍ كُنْتُ أَنْظُرُ قَبْلُ؟
قُلْتُ: لَا.
قَالَ: كُنْتُ أَنْظُرُ فِي كِتَابِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، فَلَيْسَ مَلِكٌ يَمْلِكُ إِلَّا وَ هُوَ مَكْتُوبٌ بِاسْمِهِ وَ اسْمِ أَبِيهِ، فَمَا وَجَدْتُ لِوُلْدِ الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ شَيْئاً (2).ر.
ص: 50
35 - وَ عَنْهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِيسَى، وَ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْعِيصِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
مَا مِنْ نَبِيٍّ وَ لَا وَصِيٍّ، وَ لَا مَلِكٍ، إِلَّا وَ هُوَ فِي كِتَابٍ عِنْدِي، لَا وَ اللَّهِ مَا لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ فِيهِ اسْمٌ (1).
36 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ وَ بُرَيْدِ (2) بْنِ مُعَاوِيَةَ وَ زُرَارَةَ: أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ (3) قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ الزَّيْدِيَّةَ وَ الْمُعْتَزِلَةَ قَدْ أَطَافَتْ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، فَهَلْ لَهُ سُلْطَانٌ؟
فَقَالَ: وَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِي لَكِتَاباً فِيهِ (4) تَسْمِيَةُ كُلِّ نَبِيٍّ، وَ كُلِّ مَلِكٍ يَمْلِكُ، وَ لَا وَ اللَّهِ، مَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا (5).
37 - حَمْزَةُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ كَثِيرٍ الْهَاشِمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
جُعِلْتُ فِدَاكَ، مِنْ أَيْنَ جَاءَ لِوُلْدِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْفَضْلُ عَلَى وُلْدِ الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ هُمَا يَجْرِيَانِ فِي شَرَعٍ وَاحِدٍ؟
فَقَالَ: لَا أَرَاكُمْ تَأْخُذُونَ بِهِ، إِنَّ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ- وَ مَا وُلِدَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدُ (6)- فَقَالَ: يُولَدُ لَكَ غُلَامٌ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَُ.
ص: 51
مِنْ بَعْدِكَ! فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ.
فَخَاطَبَهُ ثَلَاثاً، ثُمَّ دَعَا عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ:
إِنَّ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُخْبِرُنِي عَنِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يُولَدُ لَكَ غُلَامٌ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ، (فَقُلْتُ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ) (1).
فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَخَاطَبَ عَلِيّاً ثَلَاثاً، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ يَكُونُ فِيهِ وَ فِي وُلْدِهِ الْإِمَامَةُ (2) وَ الْوِرَاثَةُ وَ الْخِزَانَةُ.
فَأَرْسَلَ إِلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِغُلَامٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي! قَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. فَخَاطَبَهَا فِيهِ ثَلَاثاً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا: لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ، وَ يَكُونُ فِيهِ الْإِمَامَةُ (3) وَ الْوِرَاثَةُ وَ الْخِزَانَةُ.
فَقَالَتْ لَهُ: رَضِيْتُ عَنِ اللَّهِ.
فَعَلِقَتْ وَ حَمَلَتْ بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَحَمَلَتْهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ وَضَعَتْهُ، وَ لَمْ يَعِشْ مَوْلُودٌ- قَطُّ- لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ غَيْرُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، فَكَفَلَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ.
وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَأْتِيهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَيَضَعُ لِسَانَهُ فِي فَمِ الْحُسَيْنِ، فَيَمَصُّهُ حَتَّى يَرْوَى، فَأَنْبَتَ اللَّهُ لَحْمَهُ مِنْ لَحْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ لَمْ يَرْضَعْ مِنْ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ وَ لَا مِنْ غَيْرِهَا لَبَناً قَطُّ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ:
حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى والِدَيَّ، وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي (4).6.
ص: 52
فَلَوْ قَالَ: أَصْلِحْ لِي ذُرِّيَّتِي (1) لَكَانُوا كُلُّهُمْ أَئِمَّةً، وَ لَكِنْ خَصَّ هَكَذَا (2).ة.
ص: 53
38 - سَعْدٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، (عَنْ آبَائِهِ) (1) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اكْتُبْ مَا أُمْلِي عَلَيْكَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَ تَخَافُ عَلَيَّ النِّسْيَانَ؟
فَقَالَ: لَسْتُ أَخَافُ عَلَيْكَ النِّسْيَانَ، وَ قَدْ دَعَوْتُ اللَّهَ لَكَ أَنْ يُحَفِّظَكَ وَ لَا يُنْسِيَكَ، وَ لَكِنِ اكْتُبْ لِشُرَكَائِكَ، قَالَ: قُلْتُ: وَ مَنْ شُرَكَائِي يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟! قَالَ: الْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِكَ، بِهِمْ تُسْقَى أُمَّتِي الْغَيْثَ، وَ بِهِمْ يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُمْ، وَ بِهِمْ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنْهُمُ الْبَلَاءَ، وَ بِهِمْ يُنْزِلُ الرَّحْمَةَ مِنَ السَّمَاءِ.
وَ هَذَا أَوَّلُهُمْ، وَ أَوْمَى إِلَى الْحَسَنِ، ثُمَّ أَوْمَى إِلَى الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، ثُمَّ قَالَ: الْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ (2).
ص: 54
39 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ مَرْوَانَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ الْحُرِّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: نَزَلَ أَمْرُ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ مَعاً، فَتَقَدَّمَهُ الْحَسَنُ بِالْكِبَرِ (1).
ص: 55
40 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ:
(وَ) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ (1) الْحُسَيْنِ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ، عَنِ (الْحُسَيْنِ بْنِ ثُوَيْرِ بْنِ) (2) أَبِي فَاخِتَةَ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لَا تَكُونُ (3) الْإِمَامَةُ فِي أَخَوَيْنِ (4) بَعْدَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَ هِيَ جَارِيَةٌ
ص: 56
فِي الْأَعْقَابِ، فِي عَقِبِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (1)
41 - سَعْدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: أَبَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي أَخَوَيْنِ بَعْدَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ (2).
42 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى الْجُهَنِيِّ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَجْتَمِعُ الْإِمَامَةُ فِي أَخَوَيْنِ بَعْدَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، إِنَّمَا هِيَ فِي الْأَعْقَابِ، وَ أَعْقَابِ الْأَعْقَابِ (3).ي.
ص: 57
43 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْبَغْدَادِيِّ، عَنْ عَمِّهِ: مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ رَجُلٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَبَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي أَخَوَيْنِ بَعْدَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ (1).
44 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَعْفَرِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ رَجُلٍ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لَا تَكُونُ الْإِمَامَةُ فِي أَخَوَيْنِ بَعْدَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَ إِنَّهَا فِي الْأَعْقَابِ وَ أَعْقَابِ الْأَعْقَابِ (2).
45 - وَ عَنْهُ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لَا تَكُونُ الْإِمَامَةُ فِي أَخَوَيْنِ بَعْدَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ (3).ج.
ص: 58
46 - سَعْدٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ (1) مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ:
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ:
أَنَّهُ سُئِلَ أَوْ قِيلَ لَهُ: أَ تَكُونُ الْإِمَامَةُ فِي عَمٍّ أَوْ خَالٍ؟
فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: فَفِي أَخٍ؟
قَالَ: لَا، قَالَ: فَفِي مَنْ؟
قَالَ: فِي وُلْدِي، وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ لَا وَلَدَ لَهُ (2).
ص: 59
47 - أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: هَلْ كَانَ إِمَاماً؟
قَالَ: لَا، وَ لَكِنَّهُ كَانَ مَهْدِيّاً (1).
48 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: مَا مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ حَتَّى آمَنَ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (2).
49 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَ زُرَارَةَ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَرْسَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ
ص: 60
الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَخَلَا بِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي، قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ جَعَلَ الْوَصِيَّةَ وَ الْإِمَامَةَ مِنْ بَعْدِهِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ إِلَى الْحَسَنِ، ثُمَّ إِلَى الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.
وَ قَدْ قُتِلَ أَبُوكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ لَمْ يُوصِ، وَ أَنَا عَمُّكَ، وَ صِنْوُ أَبِيكَ وَ وِلَادَتِي مِنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي سِنِّي وَ قِدَمِي أَحَقُّ بِهَا مِنْكَ فِي حَدَاثَتِكَ، فَلَا تُنَازِعْنِي الْوَصِيَّةَ وَ الْإِمَامَةَ وَ لَا تُخَالِفْنِي، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
يَا عَمِّ اتَّقِ اللَّهَ، وَ لَا تَدَّعِ مَا لَيْسَ لَكَ بِحَقٍّ، إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ.
يَا عَمِّ، إِنَّ أَبِي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَوْصَى إِلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى الْعِرَاقِ، وَ عَهِدَ إِلَيَّ مِنْ (فِي/ خ) ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ بِسَاعَةٍ، وَ هَذَا سِلَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عِنْدِي، فَلَا تَعَرَّضْ لِهَذَا، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ نَقْصَ الْعُمُرِ، وَ تَشَتُّتَ الْحَالِ.
إِنَّ اللَّهَ- تَعَالَى- لَمَّا صَنَعَ مَعَ مُعَاوِيَةَ مَا صَنَعَ، بَدَا لِلَّهِ فَآلَى أَنْ لَا يَجْعَلَ الْوَصِيَّةَ وَ الْإِمَامَةَ إِلَّا فِي عَقِبِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1).
فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ ذَلِكَ، فَانْطَلِقْ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى نَتَحَاكَمَ إِلَيْهِ، وَ نَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَ كَانَ الْكَلَامُ بَيْنَهُمَا وَ هُمَا يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا الْحَجَرَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمُحَمَّدٍ: ابْدَأْ- فَابْتَهِلْ إِلَى اللَّهِ، وَ سَلْهُ أَنْ يُنْطِقَ (الْحَجَرَ) لَكَ، ثُمَّ سَلْهُ.
فَابْتَهَلَ مُحَمَّدٌ فِي الدُّعَاءِ، وَ سَأَلَ اللَّهَ، ثُمَّ دَعَا الْحَجَرَ، فَلَمْ يُجِبْهُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَمَا إِنَّكَ- يَا عَمِّ- لَوْ كُنْتَ وَصِيّاً وَ إِمَاماً لَأَجَابَكَ.ِ.
ص: 61
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: فَادْعُ أَنْتَ، يَا ابْنَ [أَخِي] (1) وَ سَلْهُ.
فَدَعَا اللَّهَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَا أَرَادَ، ثُمَّ قَالَ:
أَسْأَلُكَ بِالَّذِي جَعَلَ فِيكَ مِيثَاقَ الْعِبَادِ، وَ مِيثَاقَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأَوْصِيَاءِ، لَمَّا أَخْبَرْتَنَا بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ: مَنِ الْوَصِيُّ وَ الْإِمَامُ بَعْدَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟! فَتَحَرَّكَ الْحَجَرُ حَتَّى كَادَ أَنْ يَزُولَ مِنْ مَوْضِعِهِ، ثُمَّ أَنْطَقَهُ اللَّهُ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنَّ الْوَصِيَّةَ وَ الْإِمَامَةَ بَعْدَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، ابْنِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ.
فَانْصَرَفَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ- ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَ هُوَ يَتَوَلَّى عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (2).ا.
ص: 62
50 - سَعْدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فَسَمَّاهُمْ حَتَّى انْتَهَى إِلَى ابْنِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَ الْأَمْرُ هَكَذَا يَكُونُ، وَ الْأَرْضُ لَا تَصْلُحُ إِلَّا بِإِمَامٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ:
(مَنْ مَاتَ لَا يَعْرِفُ إِمَامَهُ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (1).
51 - أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: إِنَّ حُسَيْناً عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا حَضَرَهُ (الَّذِي حَضَرَهُ) (2) دَعَا ابْنَتَهُ الْكُبْرَى فَاطِمَةَ
ص: 63
ابْنَةَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَدَفَعَ إِلَيْهَا كِتَاباً مَلْفُوفاً، وَ وَصِيَّةً ظَاهِرَةً، وَ وَصِيَّةً بَاطِنَةً.
وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَبْطُوناً مَعَهُمْ، لَا يَرَوْنَ إِلَّا أَنَّهُ لِمَا بِهِ.
فَدَفَعَتْ فَاطِمَةُ الْكِتَابَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
ثُمَّ صَارَ ذَلِكَ الْكِتَابُ- وَ اللَّهِ- إِلَيْنَا.
فَقُلْتُ: مَا فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ؟ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ.
فَقَالَ: فِيهِ- وَ اللَّهِ- جَمِيعُ مَا احْتَاجَ إِلَيْهِ وُلْدُ آدَمَ إِلَى أَنْ تَفْنَى الدُّنْيَا (1).
52 - الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَالِكِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمِّلِ:
عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: اسْمُ جَدِّي أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي التَّوْرَاةِ: بَاقِرٌ (2).
53 - حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ- يَرْفَعُ الْحَدِيثَ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: إِذَا مَضَى الْغُلَامَانِ مِنْ وُلْدِي، جَعْفَرٌ وَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ طُوِيَتْ طِنْفِسَةُ الْعِلْمِ (3).ج.
ص: 64
54 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: مَا مَضَى أَبُو جَعْفَرٍ حَتَّى صَارَتِ الْكُتُبُ إِلَيَ (1).
55 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ طَاهِرٍ، قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (2) عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَقْبَلَ جَعْفَرٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ:
هَذَا خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (3).
ص: 65
56 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الضَّرِيرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ عِنْدَهُ إِسْمَاعِيلُ ابْنُهُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ قَبَالَةِ الْأَرْضِ، فَأَجَابَنِي فِيهَا (1).
فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: يَا أَبَتِ، إِنَّكَ لَمْ تَفْهَمْ مَا قَالَ لَكَ! قَالَ: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ، لِأَنَّا كُنَّا يَوْمَئِذٍ نَأْتَمُّ بِهِ بَعْدَ أَبِيهِ، فَقَالَ: إِنِّي كَثِيراً مَا أَقُولُ لَكَ: (الْزَمْنِي، وَ خُذْ مِنِّي) فَلَا تَفْعَلُ.
قَالَ: فَطَفِقَ إِسْمَاعِيلُ وَ خَرَجَ، وَ دَارَتْ بِيَ الْأَرْضُ، فَقُلْتُ: إِمَامٌ يَقُولُ لِأَبِيهِ: (إِنَّكَ لَمْ تَفْهَمْ) وَ يَقُولُ لَهُ أَبُوهُ: (إِنِّي كَثِيراً مَا أَقُولُ لَكَ أَنْ تَقْعُدَ عِنْدِي، وَ تَأْخُذَ مِنِّي، فَلَا تَفْعَلُ!) قَالَ: فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، وَ مَا عَلَى إِسْمَاعِيلَ أَنْ لَا يَلْزَمَكَ وَ لَا يَأْخُذَ عَنْكَ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ وَ أَفْضَتِ الْأُمُورُ إِلَيْهِ، عَلِمَ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي عَلِمْتَهُ مِنْ أَبِيكَ حِينَ كُنْتَ مِثْلَهُ؟! قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ إِسْمَاعِيلَ لَيْسَ مِنِّي كَأَنَا مِنْ أَبِي.
قَالَ: قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، ثُمَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، فَمَنْ
ص: 66
بَعْدَكَ؟- بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي- فَقَدْ كَانَتْ فِي يَدِي بَقِيَّةٌ مِنْ نَفْسِي، وَ قَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وَ دَقَّ عَظْمِي، وَ جَاءَ أَجَلِي، وَ أَنَا أَخَافُ أَنْ أَبْقَى بَعْدَكَ.
قَالَ: فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَ هُوَ سَاكِتٌ لَا يُجِيبُنِي، ثُمَّ نَهَضَ فِي الثَّالِثَةِ، وَ قَالَ: لَا تَبْرَحْ.
فَدَخَلَ بَيْتاً كَانَ يَخْلُو فِيهِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، يُطِيلُ فِيهِمَا، وَ دَعَا فَأَطَالَ الدُّعَاءَ.
ثُمَّ دَعَانِي، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الصَّالِحُ، وَ هُوَ غُلَامٌ حَدَثٌ، وَ بِيَدِهِ دِرَّةٌ، وَ هُوَ يَبْتَسِمُ ضَاحِكاً.
فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، مَا هَذِهِ الْمِخْفَقَةُ الَّتِي أَرَاهَا بِيَدِكَ؟
فَقَالَ: كَانَتْ مَعَ إِسْحَاقَ يَضْرِبُ بِهَا بَهِيمَةً لَهُ، فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ.
فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي.
فَالْتَزَمَهُ، وَ قَبَّلَهُ، وَ أَقْعَدَهُ إِلَى جَانِبِهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لَأَجِدُ بِابْنِي هَذَا مَا كَانَ يَعْقُوبُ يَجِدُ بِيُوسُفَ.
قَالَ: فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، زِدْنِي.
فَقَالَ: مَا نَشَأَ فِينَا- أَهْلَ الْبَيْتِ- نَاشِئٌ مِثْلُهُ.
قَالَ: فَقُلْتُ: زِدْنِي.
قَالَ: فَقَالَ: تَرَى ابْنِي هَذَا؟ إِنِّي لَأَجِدُ بِهِ كَمَا كَانَ أَبِي يَجِدُ بِي.
قَالَ: قُلْتُ: يَا سَيِّدِي زِدْنِي.
قَالَ: إِنَّ أَبِي كَانَ إِذَا دَعَا، فَأَحَبَّ أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ، وَقَّفَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ دَعَا وَ أَمَّنْتُ، وَ إِنِّي لَأَفْعَلُ ذَلِكَ بِابْنِي هَذَا، وَ لَقَدْ ذَكَرْتُكَ أَمْسِ فِي الْمَوْقِفِ فَدَعَوْتُ لَكَ كَمَا كَانَ أَبِي يَدْعُو لِي- وَ ابْنِي هَذَا يُؤَمِّنُ، وَ إِنِّي لَا أَحْتَشِمُ مِنْهُ كَمَا كَانَ أَبِي لَا يَحْتَشِمُ مِنِّي.
قَالَ: فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي زِدْنِي.
قَالَ: أَ تَرَى ابْنِي هَذَا؟ إِنِّي لَأَئْتَمِنُهُ عَلَى مَا كَانَ أَبِي يَأْتَمِنُنِي عَلَيْهِ.
فَقُلْتُ: يَا مَوْلَايَ، زِدْنِي.
فَقَالَ: إِنَّ أَبِي كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى بَعْضِ أَرْضِهِ، أَخْرَجَنِي مَعَهُ فَرَآنِي أَنْعُسُ فِي
ص: 67
الطَّرِيقِ (1)، أَمَرَنِي فَأَدْنَيْتُ رَاحِلَتِي مِنْ رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ وَسَّدَنِي ذِرَاعِي (2)، وَ نَاقَتَانَا (3) مُقْتَرِنَانِ مَا يَفْتَرِقَانِ، فَنَكُونُ كَذَلِكَ اللَّيْلَتَيْنِ وَ الثَّلَاثَ، وَ إِنَّ ابْنِي يَصْنَعُ هَذَا، عَلَى مَا تَرَى مِنْ حَدَاثَةِ سِنِّهِ، كَمَا كُنْتُ أَصْنَعُ.
قَالَ: قُلْتُ: يَا مَوْلَايَ، زِدْنِي.
قَالَ: إِنَّ أَبِي كَانَ يَأْتَمِنُنِي عَلَى كُتُبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ إِنِّي لَأَئْتَمِنُ ابْنِي هَذَا عَلَيْهِ، فَهِيَ عِنْدَهُ الْيَوْمَ.
قَالَ: قُلْتُ: يَا مَوْلَايَ، زِدْنِي.
قَالَ: قُمْ، فَخُذْ بِيَدِهِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَهُوَ مَوْلَاكَ وَ إِمَامُكَ مِنْ بَعْدِي، لَا يَدَّعِيهَا فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَهُ- أَحَدٌ إِلَّا كَانَ مُفْتَرِياً.
يَا فُلَانُ، إِنْ أَخَذَ النَّاسُ يَمِيناً وَ شِمَالًا، فَخُذْ مَعَهُ، فَإِنَّهُ مَوْلَاكَ وَ صَاحِبُكَ، أَمَا إِنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لِي فِي أَوَّلِ مَا كَانَ مِنْكَ.
قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَقَبَّلْتُهَا وَ قَبَّلْتُ رَأْسَهُ، وَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَ قُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ مَوْلَايَ وَ إِمَامِي.
قَالَ: فَقَالَ لِي: أَجَلْ، صَدَقْتَ، وَ أَصَبْتَ، وَ قَدْ وُفِّقْتَ، أَمَا إِنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لِي فِي أَوَّلِ مَا كَانَ مِنْكَ.
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، أُخْبِرُ بِهَذَا؟
قَالَ: نَعَمْ، فَأَخْبِرْ بِهِ مَنْ تَثِقُ بِهِ، وَ أَخْبِرْ بِهِ فُلَاناً وَ فُلَاناً- رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ- وَ ارْفُقْ بِالنَّاسِ، وَ لَا تُلْقِيَنَ (4) بَيْنَهُمْ أَذًى.
قَالَ: فَقُمْتُ فَأَتَيْتُ فُلَاناً وَ فُلَاناً، وَ هُمَا فِي الرَّحْلِ، فَأَخْبَرْتُهُمَا الْخَبَرَ.
وَ أَمَّا فُلَانٌ: فَسَلَّمَ وَ قَالَ: سَلَّمْتُ وَ رَضِيتُ، وَ أَمَّا فُلَانٌ: فَشَقَّ جَيْبَهُ وَ قَالَ: لَا وَ اللَّهِ، لَا أَسْمَعُ وَ لَا أُطِيعُ وَ لَا أُقِرُّ حَتَّى أَسْمَعَ مِنْهُ.َ.
ص: 68
ثُمَّ نَهَضَ مُسْرِعاً مِنْ فَوْرِهِ- وَ كَانَتْ فِيهِ أَعْرَابِيَّةٌ- وَ تَبِعْتُهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
قَالَ: فَاسْتَأْذَنَّا، فَأَذِنَ لِي قَبْلَهُ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا فُلَانُ (أَ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) (1)؟ إِنَّ الَّذِي أَتَاكَ بِهِ فُلَانٌ الْحَقُّ، فَخُذْ بِهِ.
قَالَ: فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، أَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ فِيكَ.
فَقَالَ: ابْنِي مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِمَامُكَ وَ مَوْلَاكَ (مِنْ- خ) بَعْدِي، لَا يَدَّعِيهَا أَحَدٌ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَهُ إِلَّا كَاذِبٌ وَ مُفْتَرٍ.
قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيَّ- وَ كَانَ رَجُلًا (2) لَهُ قَبَالاتٌ يَتَقَبَّلُ بِهَا، وَ كَانَ يُحْسِنُ كَلَامَ النَّبْطِيَّةِ- فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: (رزقه) (3).
قَالَ: فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ (رزقه) بِالنَّبْطِيَّةِ: خُذْ هَذَا، أَجَلْ خُذْهَا (4).ة.
ص: 69
57 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ (1)، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْماً، وَ نَحْنُ عِنْدَهُ، لِعَبْدِ اللَّهِ:
اذْهَبْ فِي حَاجَةِ كَذَا وَ كَذَا، فَقَالَ لَهُ: وَجِّهْ فُلَاناً، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُنِي، وَ نَحْوَ ذَلِكَ، قَالَ: فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ هُوَ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، أَبَى اللَّهُ أَنْ لَا يُعْبَدَ، وَ إِنْ رَغِمَ أَنْفُكَ، يَا فَاجِرُ.
ثُمَّ دَعَا أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَنَا:
عَلَيْكُمْ بِهَذَا بَعْدِي، فَهُوَ- وَ اللَّهِ- صَاحِبُكُمْ (2).
58 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ الْقُمِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلَادِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ عَبْدَ اللَّهِ، فَلَقَدْ كَذَبَ عَلَى أَبِي عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَادَّعَى أَمْراً كَانَ لِلَّهِ سَخَطاً فِي السَّمَاءِ (3).ج.
ص: 70
59 - أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى:
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ، قَالَ: جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: تَعَالَ، حَتَّى أُرِيَكَ ابْنَ الرَّجُلِ، قَالَ: فَذَهَبْتُ مَعَهُ.
قَالَ: فَجَاءَ بِي (1) إِلَى قَوْمٍ يَشْرَبُونَ، فِيهِمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ مَغْمُوماً، فَجِئْتُ إِلَى الْحَجَرِ، فَإِذَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْبَيْتِ، يَبْكِي، قَدْ بَلَّ أَسْتَارَ الْكَعْبَةِ بِدُمُوعِهِ.
قَالَ: فَرَجَعْتُ، وَ أَسْنَدْتُ (2) فَإِذَا إِسْمَاعِيلُ جَالِسٌ مَعَ الْقَوْمِ، فَرَجَعْتُ، فَإِذَا هُوَ آخِذٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ قَدْ بَلَّهَا بِدُمُوعِهِ.
قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ:
لَقَدِ ابْتُلِيَ ابْنِي بِشَيْطَانٍ يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِهِ (3).
ص: 71
60 - عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ أَوْ غَيْرِهِ:
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِمَاماً؟
فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَ لَا أَهْلٌ لِذَلِكَ، وَ لَا مَوْضِعُ ذَاكَ (1).
61 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: لَمَّا مَضَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ارْتَحَلْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: أَنْتَ الْإِمَامُ بَعْدَ أَبِيكَ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ كَتَبُوا عَنْ أَبِيكَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً، وَ يَسْأَلُونَكَ؟
فَقَالَ لِي: سَلْ.
فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي كَمْ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ زَكَاةٍ؟ قَالَ: خَمْسَةُ دَرَاهِمَ.
فَقُلْتُ: فَفِي مِائَةٍ؟ فَقَالَ: دِرْهَمَيْنِ (2) وَ نِصْفٌ.
فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، وَ دَخَلْتُ مَسْجِدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ جَالِسٌ، فَجَلَسْتُ مُقَابِلَهُ، وَ أَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: إِلَى أَيْنَ؟ إِلَى أَيْنَ؟
إِلَى الْمُرْجِئَةِ؟ إِلَى الْقَدَرِيَّةِ؟ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ؟
ص: 72
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِلَيَّ لَا إِلَى الْمُرْجِئَةِ، وَ لَا إِلَى الْقَدَرِيَّةِ، وَ لَا إِلَى الْحَرُورِيَّةِ.
فَقُمْتُ، وَ قَبَّلْتُ رَأْسَهُ (1).
62 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: أَنْتَ إِمَامٌ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
فَقُلْتُ: إِنَّ الشِّيعَةَ تَرْوِي: أَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ يَكُونُ عِنْدَهُ سِلَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَمَا عِنْدَكَ مِنْهُ؟
فَقَالَ: عِنْدِي رُمْحُهُ.
وَ لَمْ يُعْرَفْ لِرَسُولِ اللَّهِ رُمْحٌ (2).
63 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ طَاهِرٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: كَانَ يَلُومُ عَبْدَ اللَّهِ، وَ يُعَاتِبُهُ، وَ يَعِظُهُ (3) وَ يَقُولُ:
مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ أَخِيكَ؟ فَوَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَعْرِفُ النُّورَ فِي وَجْهِهِ.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَ لَيْسَ أَبِي وَ أَبُوهُ وَاحِداً، وَ أُمِّي وَ أُمُّهُ وَاحِدَةً؟ (4) فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّهُ (5) مِنْ نَفْسِي، وَ أَنْتَ ابْنِي (6).).
ص: 73
64 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، جَالِساً بِمِنًى، فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، وَ عَبْدُ اللَّهِ جَالِسٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
يَا أَبَا بَصِيرٍ، هِيهِ الْآنَ.
فَلَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: تَسْأَلُنِي، وَ عَبْدُ اللَّهِ جَالِسٌ؟! فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: وَ مَا لِعَبْدِ اللَّهِ؟
قَالَ: مُرْجِئٌ صَغِيرٌ. (1)
65 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ (2)، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: كُفُّوا عَمَّا تَسْأَلُونَ (3).
فَأَمَرَنَا بِالسُّكُوتِ، حَتَّى قَامَ عَبْدُ اللَّهِ وَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَقَالَ لَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَيْ ءٍ مِمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ، وَ إِنِّي لَبَرِي ءٌ مِنْهُ، بَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ (4)!ج.
ص: 74
66 - أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ، قَالَ: مَاتَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ لَيْسَ مِنْ قُوَّامِهِ أَحَدٌ إِلَّا وَ عِنْدَهُ الْمَالُ الْكَثِيرُ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ وُقُوفِهِمْ وَ جُحُودِهِمْ مَوْتَهُ، وَ كَانَ عِنْدَ زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ سَبْعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَ كَانَ أَحَدُ الْقُوَّامِ عُثْمَانَ بْنَ عِيسَى وَ كَانَ يَكُونُ بِمِصْرَ، وَ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، وَ سِتٌّ مِنَ الْجَوَارِي.
قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِنَّ وَ فِي الْمَالِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ أَبَاكَ لَمْ يَمُتْ.
فَكَتَبَ اليه: «إِنَّ أَبِي قَدْ مَاتَ، وَ قَدِ اقْتَسَمْنَا مِيرَاثَهُ، وَ قَدْ صَحَّتِ الْأَخْبَارُ بِمَوْتِهِ» وَ احْتَجَّ عَلَيْهِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنْ لَمْ يَكُنْ أَبُوكَ مَاتَ فَلَيْسَ لَكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْ ءٌ، وَ إِنْ كَانَ مَاتَ فَلَمْ يَأْمُرْنِي بِدَفْعِ شَيْ ءٍ إِلَيْكَ، وَ قَدْ أَعْتَقْتُ الْجَوَارِيَ وَ تَزَوَّجْتُهُنَ (1).
ص: 75
..........
ص: 76
67 - أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ النَّجَاشِيِّ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ؟
قَالَ: إِي- وَ اللَّهِ- عَلَى الْإِنْسِ وَ الْجِنِ (1).
68 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّامِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنِ الْحَسَنِ مَوْلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجَعْفَرِيِ (2) عَنْ يَزِيدَ بْنِ سَلِيطٍ الزَّيْدِيِّ، قَالَ (3): لَقِينَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَ نَحْنُ جَمَاعَةٌ، فَقُلْتُ لَهُ:
بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، أَنْتُمُ الْأَئِمَّةُ الْمُطَهَّرُونَ، وَ الْمَوْتُ لَا يَعْرَى مِنْهُ أَحَدٌ فَأَحْدِثْ إِلَيَ
ص: 77
شَيْئاً أُلْقِيهِ إِلَى مَنْ يَخْلُفُنِي.
فَقَالَ لِي: نَعَمْ هَؤُلَاءِ وُلْدِي، وَ هَذَا سَيِّدُهُمْ- وَ أَشَارَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْنِهِ-، وَ فِيهِ عِلْمُ الْحُكْمِ، وَ الْفَهْمُ، وَ السَّخَاءُ، وَ الْمَعْرِفَةُ بِمَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيمَا اخْتَلَفُوا- مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ-، وَ فِيهِ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَ حُسْنُ الْجِوَارِ، وَ هُوَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ اللَّهِ، وَ فِيهِ أُخْرَى هِيَ خَيْرٌ مِنْ هَذَا كُلِّهِ.
فَقَالَ أَبِي: مَا هِيَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي؟
قَالَ: يُخْرِجُ اللَّهُ مِنْهُ غَوْثَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ غِيَاثَهَا، وَ عَلَمَهَا، وَ نُورَهَا، وَ فَهْمَهَا، وَ حِكْمَتَهَا، خَيْرَ مَوْلُودٍ، خَيْرَ نَاشِئٍ، يَحْقُنُ اللَّهُ بِهِ الدِّمَاءَ، وَ يُصْلِحُ بِهِ ذَاتَ الْبَيْنِ، وَ يَلُمُّ بِهِ الشَّعْثَ، وَ يَشْعَبُ بِهِ الصَّدْعَ، وَ يَكْسُو بِهِ الْعَارِيَ، وَ يُشْبِعُ بِهِ الْجَائِعَ، وَ يُؤْمِنُ بِهِ الْخَائِفَ، وَ يُنْزِلُ بِهِ الْقَطْرَ، وَ يُؤْمِنُ بِهِ الْعِبَادَ (1).
خَيْرَ كَهْلٍ، وَ خَيْرَ نَاشِئٍ، تُسَرُّ (2) بِهِ عَشِيرَتُهُ قَبْلَ أَوَانِ حُلُمِهِ، قَوْلُهُ حُكْمٌ، وَ صَمْتُهُ عِلْمٌ، يُبَيِّنُ لِلنَّاسِ مَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ.
قَالَ: فَقَالَ أَبِي: بِأَبِي أَنْتَ وُلِدَ بَعْدُ؟ (3) قَالَ: نَعَمْ.
ثُمَّ قَطَعَ الْكَلَامَ (4).
قَالَ يَزِيدُ: ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدُ، فَقُلْتُ لَهُ:
بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُخْبِرَنِي بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَنِي بِهِ أَبُوكَ.
قَالَ: فَقَالَ: كَانَ أَبِي فِي زَمَنٍ لَيْسَ هَذَا زَمَانَهُ.
قَالَ يَزِيدُ: فَقُلْتُ: مَنْ يَرْضَ (5) مِنْكَ بِهَذَا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ! قَالَ: فَضَحِكَ، ثُمَّ قَالَ: أُخْبِرُكَ يَا بَا عُمَارَةَ: أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِي،ى.
ص: 78
فَأَوْصَيْتُ بِالظَّاهِرِ إِلَى بَنِيَّ، وَ أَشْرَكْتُهُمْ مَعَ عَلِيٍّ ابْنِي، وَ أَفْرَدْتُهُ بِوَصِيَّتِي فِي الْبَاطِنِ.
وَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي الْمَنَامِ، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَهُ، وَ مَعَهُ خَاتَمٌ وَ سَيْفٌ وَ عَصًا وَ كِتَابٌ وَ عِمَامَةٌ.
قُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟
فَقَالَ: أَمَّا الْعِمَامَةُ: فَسُلْطَانُ اللَّهِ.
وَ أَمَّا السَّيْفُ: فَعِزَّةُ اللَّهِ.
وَ أَمَّا الْكِتَابُ: فَنُورُ اللَّهِ.
وَ أَمَّا الْعَصَا: فَقُوَّةُ اللَّهِ.
وَ أَمَّا الْخَاتَمُ: فَجَامِعُ هَذِهِ الْأُمُورِ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: وَ الْأَمْرُ يَخْرُجُ إِلَى عَلِيٍّ- عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْنِكَ.
قَالَ: ثُمَّ قَالَ: يَا يَزِيدُ، إِنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَكَ، فَلَا تُخْبِرْهَا (1) إِلَّا عَاقِلًا، أَوْ عَبْداً امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ، أَوْ صَادِقاً، وَ لَا تَكْفُرْ (2) نِعَمَ اللَّهِ.
وَ إِنْ سُئِلْتَ عَنِ الشَّهَادَةِ، فَأَدِّهَا، فَإِنَّ اللَّهَ- تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها (3) وَ قَالَ: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ. (4)
فَقُلْتُ: وَ اللَّهِ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ أَبَداً.
قَالَ: ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ثُمَّ وَصَفَهُ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَقَالَ: عَلِيٌّ ابْنُكَ الَّذِي يَنْظُرُ (5) بِنُورِ اللَّهِ، وَ يَسْمَعُ بِفَهْمِهِ (6) وَ يَنْطِقُ بِحِكْمَتِهِ،ِ.
ص: 79
يُصِيبُ فَلَا يُخْطِئُ، وَ يَعْلَمُ فَلَا يَجْهَلُ، يَعْلَمُ (1) حُكْماً وَ عِلْماً.
وَ مَا أَقَلَّ مُقَامَكَ مَعَهُ، إِنَّمَا هُوَ شَيْ ءٌ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ (2)، فَإِذَا رَجَعْتَ مِنْ سَفَرِكَ، فَأَوْصِ وَ أَصْلِحْ أَمْرَكَ، وَ افْرُغْ مِمَّا أَرَدْتَ، فَإِنَّكَ مُنْتَقِلٌ عَنْهُ وَ مُجَاوِرٌ غَيْرَهُ (3) فَاجْمَعْ وُلْدَكَ، وَ أَشْهِدِ اللَّهَ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً، وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً*.
ثُمَّ قَالَ: يَا يَزِيدُ، إِنِّي أُؤْخَذُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَ الْأَمْرُ إِلَى ابْنِي عَلِيٍّ، سَمِيِّ عَلِيٍّ وَ عَلِيٍّ:
أَمَّا عَلِيٌّ الْأَوَّلُ: فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
وَ أَمَّا عَلِيٌّ الْآخَرُ: فَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ.
أُعْطِيَ فَهْمَ الْأَوَّلِ، وَ حِكْمَتَهُ، وَ بَصَرَهُ وَ وُدَّهُ، وَ دِينَهُ وَ مِحْنَةَ الْآخَرِ، وَ صَبْرَهُ عَلَى مَا يَكْرَهُ.
وَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ إِلَّا بَعْدَ هَارُونَ بِأَرْبَعِ سِنِينَ، فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعُ سِنِينَ، فَاسْأَلْهُ عَمَّا شِئْتَ يُجِبْكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (4)
ثُمَّ قَالَ: يَا يَزِيدُ، فَإِذَا مَرَرْتَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ، وَ لَقِيتَهُ، وَ سَتَلْقَاهُ، فَبَشِّرْهُ، أَنَّهُ سَيُولَدُ لَهُ غُلَامٌ أَمْرُهُ مَيْمُونٌ (5) مُبَارَكٌ.
وَ سَيُعْلِمُكَ: أَنَّكَ لَقِيتَنِي، فَأَخْبِرْهُ عِنْدَ ذَلِكَ: أَنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا هَذَا الْغُلَامُ جَارِيَةٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ، جَارِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُبْلِغَهَا عَنِّي السَّلَامَ فَافْعَلْ ذَلِكَ.
قَالَ يَزِيدُ: فَلَقِيتُ بَعْدَ مُضِيِّ أَبِي إِبْرَاهِيمَ- عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ-، فَبَدَأَنِي، فَقَالَ لِي: يَا يَزِيدُ، مَا تَقُولُ فِي الْعُمْرَةِ؟ٌ.
ص: 80
فَقُلْتُ: فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي، ذَلِكَ إِلَيْكَ، وَ مَا عِنْدِي نَفَقَةٌ.
فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا كُنَّا نُكَلِّفُكَ وَ لَا نَكْفِيكَ.
فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا انْتَهَيْنَا إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، ابْتَدَأَنِي فَقَالَ: يَا يَزِيدُ، إِنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ لَكَثِيراً مَا لَقِيتَ فِيهِ خَيْراً، فَقُلْتُ: نَعَمْ، ثُمَّ قَصَصْتُ عَلَيْهِ الْخَبَرَ.
فَقَالَ لِي: أَمَّا الْجَارِيَةُ فَلَمْ تَجِئْ بَعْدُ، فَإِذَا دَخَلَتْ أَبْلَغْتُهَا مِنْكَ السَّلَامَ.
فَانْطَلَقْتُ (1) إِلَى مَكَّةَ وَ اشْتَرَاهَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ، فَلَمْ تَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى حَمَلَتْ، فَوَلَدَتْ ذَلِكَ الْغُلَامَ.
قَالَ يَزِيدُ: وَ إِنْ كَانَ إِخْوَةُ عَلِيٍّ يَرْجُونَ أَنْ يَرِثُوهُ (2) فَعَادُونِي مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ.
فَقَالَ لَهُمْ إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ: وَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ (3) وَ إِنَّهُ لَيَقْعُدُ مِنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَجْلِسَ الَّذِي لَا أَجْلِسُ فِيهِ أَنَا (4).ه.
ص: 81
69 - ... الْحَذَّاءُ (2) قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقُولُ: مَنْ مَاتَ لَا يَعْرِفُ إِمَامَهُ، مَاتَ مِيتَةَ جَاهِلِيَّةِ كُفْرٍ وَ نِفَاقٍ وَ ضَلَالٍ.
70 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ:
ص: 82
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ لَهُ إِمَامٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً (1).
71 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمُكَارِي، عَنْ عَمَّارٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ لَهُ إِمَامٌ، مَاتَ مِيتَةَ جَاهِلِيَّةِ كُفْرٍ وَ شِرْكٍ وَ ضَلَالٍ (2).).
ص: 83
72 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ:
عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ (2) أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ قُلْتُ: الْإِمَامُ مَتَى (3) يَعْرِفُ إِمَامَتَهُ، وَ يَنْتَهِي الْأَمْرُ إِلَيْهِ؟
قَالَ: آخِرَ دَقِيقَةٍ مِنْ حَيَاةِ الْأَوَّلِ (4).
73 - عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
ص: 84
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِذَا مَضَى الْإِمَامُ، يَعْلَمُ الَّذِي يَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ، أَنَّهُ قَدْ مَضَى؟
فَقَالَ: نَعَمْ (1).
74 - مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ، عَنْ مُؤَدِّبٍ كَانَ لِأَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ بَيْنَ يَدَيَّ يَوْماً يَقْرَأُ فِي اللَّوْحِ، إِذْ رَمَى اللَّوْحَ مِنْ يَدِهِ، وَ قَامَ فَزِعاً، وَ هُوَ يَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، مَضَى- وَ اللَّهِ- أَبِي عَلَيْهِ السَّلَامُ.
فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ؟
قَالَ: دَخَلَنِي مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ وَ (2) عَظَمَتِهِ شَيْ ءٌ لَمْ أَعْهَدْهُ.
فَقُلْتُ: وَ قَدْ مَضَى؟! فَقَالَ: دَعْ عَنْكَ ذَا، ائْذَنْ لِي أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتَ وَ أَخْرُجَ إِلَيْكَ، وَ اسْتَعْرِضْنِي أَيَّ الْقُرْآنِ شِئْتَ، أَفِ لَكَ بِحِفْظِهِ.
فَدَخَلَ الْبَيْتَ، فَقُمْتُ، وَ دَخَلْتُ فِي طَلَبِهِ، إِشْفَاقاً مِنِّي عَلَيْهِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقِيلَ: دَخَلَ هَذَا الْبَيْتَ وَ رَدَّ الْبَابَ دُونَهُ، وَ قَالَ: لَا تُؤْذِنُوا عَلَيَّ أَحَداً حَتَّى (3) أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ.
فَخَرَجَ مُغْبَرّاً، وَ هُوَ يَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، مَضَى- وَ اللَّهِ- أَبِي.
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ قَدْ مَضَى؟
فَقَالَ: نَعَمْ وَ وُلِّيتُ غُسْلَهُ وَ تَكْفِينَهُ، وَ مَا كَانَ ذَلِكَ لِيَلِيَ مِنْهُ غَيْرِي.
ثُمَّ قَالَ لِي: دَعْ عَنْكَ هَذَا، اسْتَعْرِضْنِي أَيَّ الْقُرْآنِ شِئْتَ، أَفِ لَكَ بِحِفْظِهِ.
فَقُلْتُ: الْأَعْرَافَ.
فَاسْتَعَاذَ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، ثُمَّ قَرَأَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*:
وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ (4).7.
ص: 85
فَقُلْتُ: المص (1) فَقَالَ: هَذَا أَوَّلُ السُّورَةِ، وَ هَذَا نَاسِخٌ، وَ هَذَا مَنْسُوخٌ، وَ هَذَا مُحْكَمٌ، وَ هَذَا مُتَشَابِهٌ، وَ هَذَا خَاصٌّ، وَ هَذَا عَامٌّ، وَ هَذَا مَا غَلِطَ بِهِ الْكُتَّابُ، وَ هَذَا مَا اشْتَبَهَ عَلَى النَّاسِ (2).).
ص: 86
75 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْبَرْقِيِّ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ جَمِيعاً:
عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، بَلَغَنَا شَكْوَاكَ، فَأَشْفَقْنَا، فَلَوْ أَعْلَمْتَنَا: مَنْ بَعْدَكَ؟
فَقَالَ: إِنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ عَالِماً، وَ الْعِلْمُ يُتَوَارَثُ، وَ لَا يَهْلِكُ عَالِمٌ إِلَّا بَقِيَ مِنْ بَعْدِهِ مَنْ يَعْلَمُ مِثْلَ عِلْمِهِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ.
قُلْتُ: أَ فَيَسَعُ النَّاسَ (1)- إِذَا مَاتَ الْعَالِمُ- أَنْ لَا يَعْرِفُوا الَّذِي بَعْدَهُ؟! فَقَالَ: أَمَّا أَهْلُ الْبَلْدَةِ (2) فَلَا،- يَعْنِي الْمَدِينَةَ- وَ أَمَّا غَيْرُهُمْ مِنَ الْبُلْدَانِ فَقَدْرَ مَسِيرِهِمْ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:
فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ، لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (3).
قَالَ: قُلْتُ: أَ رَأَيْتَ مَنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ؟ (4).
ص: 87
فَقَالَ: هُوَ (1) بِمَنْزِلَةِ: مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ، فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (2).
قَالَ: قُلْتُ: فَإِذَا قَدِمُوا، بِأَيِّ شَيْ ءٍ يَعْرِفُونَ صَاحِبَهُمْ؟
قَالَ: يُعْطَى السَّكِينَةَ وَ الْوَقَارَ وَ الْهَيْبَةَ (3).
76 وَ عَنْهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِذَا هَلَكَ الْإِمَامُ، فَبَلَغَ قَوْماً بِحَضْرَتِهِمْ؟ (4).
قَالَ: يَخْرُجُونَ فِي الطَّلَبِ، (فَإِنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ فِي عُذْرٍ مَا دَامُوا فِي الطَّلَبِ) (5).
قُلْتُ: يَخْرُجُونَ كُلُّهُمْ، أَوْ يَكْفِيهِمْ أَنْ يَخْرُجَ بَعْضُهُمْ؟
(قَالَ) (6): إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ:
فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ، لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (7).
قَالَ: فَهَؤُلَاءِ الْمُقِيمُونَ فِي سَعَةٍ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ أَصْحَابُهُمْ (8).ْ.
ص: 88
77- وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
إِنْ بَلَغَنَا وَفَاةُ الْإِمَامِ، كَيْفَ نَصْنَعُ؟
قَالَ: عَلَيْكُمُ النَّفِيرُ، قُلْتُ: النَّفِيرُ جَمِيعاً؟
قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:
فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ الْآيَةَ (1).
قُلْتُ: نَفَرْنَا، فَمَاتَ بَعْضُهُمْ فِي الطَّرِيقِ؟
قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:
وَ مَنْ يَخْرُجْ (2) مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً (3) إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (4).ل.
ص: 89
78 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ عَرَفَ الْأَئِمَّةَ وَ لَمْ يَعْرِفِ الْإِمَامَ الَّذِي فِي زَمَانِهِ، أَ مُؤْمِنٌ هُوَ؟
قَالَ: لَا، قُلْتُ: أَ مُسْلِمٌ؟
قَالَ: مُسْلِمٌ (2).
79 وَ عَنْهُ (3) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: مَنْ أَنْكَرَ وَاحِداً مِنَ الْأَحْيَاءِ، فَقَدْ أَنْكَرَ الْأَمْوَاتَ (4).
ص: 90
80 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ: عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ: مَنْ أَشْرَكَ مَعَ إِمَامٍ- إِمَامَتُهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ- مَنْ لَيْسَ إِمَامَتُهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَانَ مُشْرِكاً بِاللَّهِ (1).
ص: 91
81 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
عَنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ:
قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ (1): يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ مِنَّا الْهُدَاةُ؟ أَوْ مِنْ غَيْرِنَا؟
قَالَ: بَلْ مِنَّا الْهُدَاةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، بِنَا اسْتَنْقَذَهُمُ اللَّهُ مِنْ ضَلَالَةِ الشِّرْكِ، وَ بِنَا اسْتَنْقَذَهُمُ اللَّهُ مِنْ ضَلَالَةِ الْفِتْنَةِ، وَ بِنَا يُصْبِحُونَ إِخْوَاناً بَعْدَ ضَلَالَةِ الْفِتْنَةِ، كَمَا أَصْبَحُوا إِخْوَاناً بَعْدَ ضَلَالَةِ الشِّرْكِ، وَ بِنَا يَخْتِمُ اللَّهُ، كَمَا بِنَا فَتَحَ اللَّهُ (2).
82 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ جَلِيسٍ لَهُ (3)، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:
كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ (4)؟
قَالَ: يَا فُلَانُ، فَيَهْلِكُ كُلُّ شَيْ ءٍ، وَ يَبْقَى الْوَجْهُ؟ اللَّهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُوصَفَ (5)
ص: 92
وَ لَكِنْ مَعْنَاهَا: كُلُّ شَيْ ءٍ هَالِكٌ إِلَّا دِينَهُ، وَ نَحْنُ (1) الْوَجْهُ الَّذِي يُؤْتَى اللَّهُ مِنْهُ (2) لَنْ يَزَالَ فِي عِبَادِ اللَّهِ مَا كَانَتْ لَهُ فِيهِمْ رَوِيَّةٌ (3) فَإِذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِمْ رَوِيَّةٌ، رَفَعَنَا، فَصَنَعَ مَا أَحَبَ (4).
83 - وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ (5) عَمْرٍو الْكَاتِبِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّيْمُرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ: قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ (صَاحِبِ الْعَسْكَرِ) (6) عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَسْأَلُهُ عَنِ الْفَرَجِ؟
فَكَتَبَ (7):
إِذَا غَابَ صَاحِبُكُمْ عَنْ دَارِ الظَّالِمِينَ، فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ (8).
84 وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ:).
ص: 93
فِي صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ أَرْبَعَةُ سُنَنٍ مِنْ أَرْبَعَةِ أَنْبِيَاءَ:
سُنَّةٌ مِنْ مُوسَى، وَ سُنَّةٌ مِنْ عِيسَى، وَ سُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ، وَ سُنَّةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ:
فَأَمَّا مِنْ مُوسَى: فَخَائِفٌ يَتَرَقَّبُ، وَ أَمَّا مِنْ يُوسُفَ: فَالسِّجْنُ (1)، وَ أَمَّا مِنْ عِيسَى: فَقِيلَ: إِنَّهُ مَاتَ، وَ لَمْ يَمُتْ، وَ أَمَّا مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: فَالسَّيْفُ (2).
85 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ، مَتَى يَكُونُ؟
قَالَ: إِنْ كُنْتُمْ تُؤَمِّلُونَ أَنْ يَجِيئَكُمُ مِنْ وَجْهٍ، ثُمَّ جَاءَكُمْ مِنْ وَجْهٍ فَلَا تُنْكِرُونَهُ (3).
86 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَ أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ نَبِيٌّ وَعَدَهُ اللَّهُ أَنْ يَنْصُرَهُ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ قَوْمَهُ.
فَقَالُوا: وَ اللَّهِ إِذَا كَانَ، لَيَفْعَلَنَّ وَ لَيَفْعَلَنَّ.
فَأَخَّرَهُ اللَّهُ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.ا.
ص: 94
وَ كَانَ فِيهِمْ مَنْ وَعَدَهُ اللَّهُ النُّصْرَةَ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْمَهُ.
فَقَالُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ.
فَعَجَّلَهُ اللَّهُ لَهُمْ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً (1).
87 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ مِهْزَمٌ، فَقَالَ لَهُ:
جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي نَنْتَظِرُهُ، مَتَى هُوَ؟
قَالَ: يَا مِهْزَمُ، كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، وَ هَلَكَ الْمُسْتَعْجِلُونَ، وَ نَجَا الْمُسَلِّمُونَ، وَ إِلَيْنَا يَصِيرُونَ (2).
تمّ كتاب الإمامة، بحمد اللّه، و حسن توفيقه، و معونته و صلّى اللّه على خير خلقه محمّد و عترته الطاهرين.).
ص: 95
ص: 96
في ما رواه الصدوق عن والده (المؤلف ره) في تمام هذا الموضوع.
ص: 97
ص: 98
لاحظ ح 46 من كتابنا في نصّ أبي الحسن الرضا عليه السلام في ولده.
و ح 94 «حديث اللوح» و
فِيهِ: «وَ عَلِيٌّ وَلِيِّي وَ نَاصِرِي ... لَأُقِرَّنَّ عَيْنَهُ بِمُحَمَّدٍ ابْنِهِ وَ خَلِيفَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَهُوَ وَارِثُ عِلْمِي وَ مَعْدِنُ حِكْمَتِي وَ مَوْضِعُ سِرِّي وَ حُجَّتِي عَلَى خَلْقِي جَعَلْتُ الْجَنَّةَ مَثْوَاهُ وَ شَفَّعْتُهُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ كُلُّهُمْ قَدِ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ.
وَ أَخْتِمُ بِالسَّعَادَةِ لِابْنِهِ عَلِيٍّ وَلِيِّي وَ نَاصِرِي وَ الشَّاهِدِ فِي خَلْقِي وَ أَمِينِي عَلَى وَحْيِي، أُخْرِجُ مِنْهُ الدَّاعِيَ إِلَى سَبِيلِي وَ الْخَازِنَ لِعِلْمِي الْحَسَنَ ثُمَّ أُكْمِلُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِينَ ... الخ».
وَ لاحظ ح 93 «حَدِيثَ الْخَضِرِ» وَ فِيهِ: «وَ أَشْهَدُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى وَ أَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ أَشْهَدُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ... الخ».
وَ ح 103 وَ فِيهِ: «بَعْدَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ فِي الْأَعْقَابِ بَعْدَ الْأَعْقَابِ».
ص: 99
88 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مَوْلَانَا أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ:
يَا أَحْمَدُ، مَا كَانَ حَالُكُمْ فِيمَا كَانَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الشَّكِّ وَ الِارْتِيَابِ؟
فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، لَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ لَمْ يَبْقَ مِنَّا رَجُلٌ وَ لَا امْرَأَةٌ وَ لَا غُلَامٌ بَلَغَ الْفَهْمَ، إِلَّا قَالَ بِالْحَقِّ، فَقَالَ:- احْمَدِ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ- يَا أَحْمَدُ، أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ، وَ أَنَا ذَلِكَ الْحُجَّةُ، أَوْ قَالَ: أَنَا الْحُجَّةُ (1).
89 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْ حَضَرَ مَوْتَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَ دَفْنَهُ مِمَّنْ لَا يُوقَفُ عَلَى إِحْصَاءِ عَدَدِهِمْ وَ لَا يَجُوزُ عَلَى مِثْلِهِمُ التَّوَاطُؤُ بِالْكَذِبِ (2).
ص: 100
90 - سَعْدٌ وَ الْحِمْيَرِيُّ مَعاً، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: تَكُونُ الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ؟ قَالَ: لَا (1).
قُلْتُ: أَ فَيَكُونُ إِمَامَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا وَ أَحَدُهُمَا صَامِتٌ.
قُلْتُ: فَالْإِمَامُ يَعْرِفُ الْإِمَامَ الَّذِي مِنْ بَعْدِهِ؟ قَالَ نَعَمْ.
قَالَ: قُلْتُ الْقَائِمُ إِمَامٌ؟
قَالَ: نَعَمْ، إِمَامٌ ابْنُ إِمَامٍ، قَدِ اؤْتُمَّ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ (2).
91 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ (3).
ص: 101
فَقَالَ: الْآيَاتُ هُمُ الْأَئِمَّةُ، وَ الْآيَةُ الْمُنْتَظَرَةُ هُوَ الْقَائِمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلِ قِيَامِهِ بِالسَّيْفِ، وَ إِنْ آمَنَتْ بِمَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ (1).).
ص: 102
92 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ جَمِيعاً، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ، وَ الْحَسَنِ بْنِ طَرِيفٍ جَمِيعاً: عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ (1)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قَالَ أَبِي عَلَيْهِ السَّلَامُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَمَتَى يَخِفُّ عَلَيْكَ أَنْ أَخْلُوَ بِكَ فَأَسْأَلَكَ عَنْهَا؟
فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ: فِي أَيِّ الْأَوْقَاتِ شِئْتَ،
فَخَلَّى بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ لَهُ: يَا جَابِرُ، أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّوْحِ الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي يَدَ (يْ) أُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَا أَخْبَرَتْكَ بِهِ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ اللَّوْحِ مَكْتُوباً، فَقَالَ جَابِرٌ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ، أَنِّي دَخَلْتُ عَلَى أُمِّكَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أُهَنِّئُهَا بِوِلَادَةِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَرَأَيْتُ فِي يَدِهَا لَوْحاً أَخْضَرَ، ظَنَنْتُ أَنَّهُ مِنْ زُمُرُّدٍ، وَ رَأَيْتُ فِيهِ كِتَابَةً بَيْضَاءَ شَبِيهَةً بِنُورِ الشَّمْسِ، فَقُلْتُ لَهَا: بِأَبِي أَنْتِ وَ أُمِّي، يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ مَا هَذَا اللَّوْحُ؟
ص: 103
فَقَالَتْ: هَذَا اللَّوْحُ أَهْدَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِيهِ اسْمُ أَبِي، وَ اسْمُ بَعْلِي، وَ اسْمُ ابْنَيَّ، وَ أَسْمَاءُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِي، فَأَعْطَانِيهِ أَبِي لِيَسُرَّنِي بِذَلِكَ.
قَالَ جَابِرٌ: فَأَعْطَتْنِيهِ أُمُّكَ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ، فَقَرَأْتُهُ وَ انْتَسَخْتُهُ،
فَقَالَ لَهُ أَبِي عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَهَلْ لَكَ- يَا جَابِرُ- أَنْ تَعْرِضَهُ عَلَيَّ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، فَمَشَى مَعَهُ أَبِي عَلَيْهِ السَّلَامُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَنْزِلِ جَابِرٍ فَأَخْرَجَ إِلَى أَبِي صَحِيفَةً مِنْ رَقٍّ، فَقَالَ: يَا جَابِرُ، انْظُرْ أَنْتَ فِي كِتَابِكَ، لِأَقْرَأَهُ أَنَا عَلَيْكَ.
فَنَظَرَ جَابِرٌ فِي نُسْخَتِهِ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ أَبِي عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَوَ اللَّهِ مَا خَالَفَ حَرْفٌ حَرْفاً قَالَ جَابِرٌ: فَإِنِّي أَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنِّي هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي اللَّوْحِ مَكْتُوباً:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*؛ هَذَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِمُحَمَّدٍ نُورِهِ وَ سَفِيرِهِ وَ حِجَابِهِ وَ دَلِيلِهِ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَظِّمْ يَا مُحَمَّدُ أَسْمَائِي، وَ اشْكُرْ نَعْمَائِي، وَ لَا تَجْحَدْ آلَائِي.
إِنِّي أَنَا اللَّهُ، لا إِلهَ إِلَّا أَنَا، قَاصِمُ الْجَبَّارِينَ (وَ مُبِيرُ الْمُتَكَبِّرِينَ) وَ مُذِلُّ الظَّالِمِينَ، وَ دَيَّانُ يَوْمِ الدِّينِ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ، لا إِلهَ إِلَّا أَنَا، فَمَنْ رَجَا غَيْرَ فَضْلِي أَوْ خَافَ غَيْرَ عَدْلِي، عَذَّبْتُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ فَإِيَّايَ فَاعْبُدْ، وَ عَلَيَّ فَتَوَكَّلْ،
إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ نَبِيّاً، فَأُكْمِلَتْ أَيَّامُهُ وَ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ، إِلَّا جَعَلْتُ لَهُ وَصِيّاً، وَ إِنِّي فَضَّلْتُكَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَ فَضَّلْتُ وَصِيَّكَ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ وَ أَكْرَمْتُكَ بِشِبْلَيْكَ بَعْدَهُ وَ بِسِبْطَيْكَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ،
وَ جَعَلْتُ حَسَناً مَعْدِنَ عِلْمِي بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ أَبِيهِ، وَ جَعَلْتُ حُسَيْناً خَازِنَ وَحْيِي، وَ أَكْرَمْتُهُ بِالشَّهَادَةِ، وَ خَتَمْتُ لَهُ بِالسَّعَادَةِ فَهُوَ أَفْضَلُ مَنِ اسْتُشْهِدَ، وَ أَرْفَعُ الشُّهَدَاءِ دَرَجَةً، جَعَلْتُ كَلِمَتِيَ التَّامَّةَ مَعَهُ، وَ الْحُجَّةَ الْبَالِغَةَ عِنْدَهُ، بِعِتْرَتِهِ أُثِيبُ وَ أُعَاقِبُ،
أَوَّلُهُمْ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ، وَ زَيْنُ أَوْلِيَائِيَ الْمَاضِينَ، وَ ابْنُهُ سَمِيُ (1) جَدِّهِ الْمَحْمُودِ،ٌ.
ص: 104
مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ لِعِلْمِي وَ الْمَعْدِنُ لِحِكْمَتِي،
سَيَهْلِكُ الْمُرْتَابُونَ فِي جَعْفَرٍ، الرَّادُّ عَلَيْهِ كَالرَّادِّ عَلَيَّ،
حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأُكْرِمَنَّ مَثْوَى جَعْفَرٍ، وَ لَأَسُرَّنَّهُ فِي أَوْلِيَائِهِ وَ أَشْيَاعِهِ وَ أَنْصَارِهِ، وَ انْتُجِبَتْ «بَعْدَ» (1) مُوسَى «فِتْنَةٌ» (2) عَمْيَاءُ حِنْدِسٌ، لِأَنَّ خَيْطَ فَرْضِي لَا يَنْقَطِعُ، وَ حُجَّتِي لَا تَخْفَى، وَ أَنَّ أَوْلِيَائِي لَا يَشْقَوْنَ أَبَداً،
أَلَا وَ مَنْ جَحَدَ وَاحِداً مِنْهُمْ فَقَدْ جَحَدَ نِعْمَتِي، وَ مَنْ غَيَّرَ آيَةً مِنْ كِتَابِي فَقَدِ افْتَرَى عَلَيَّ، وَ وَيْلٌ لِلْمُفْتَرِينَ الْجَاحِدِينَ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ عَبْدِي مُوسَى وَ حَبِيبِي وَ خِيَرَتِي،
أَلَا إِنَّ الْمُكَذِّبَ بِالثَّامِنِ مُكَذِّبٌ بِكُلِّ أَوْلِيَائِي،
وَ عَلِيٌّ وَلِيِّي وَ نَاصِرِي، وَ مَنْ أَضَعُ عَلَيْهِ أَعْبَاءَ النُّبُوَّةِ، وَ أَمْتَحِنُهُ بِالاضْطِلَاعِ،
يَقْتُلُهُ عِفْرِيتٌ مُسْتَكْبِرٌ، يُدْفَنُ بِالْمَدِينَةِ الَّتِي بَنَاهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ ذُو الْقَرْنَيْنِ، إِلَى جَنْبِ شَرِّ خَلْقِي،
حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأُقِرَّنَّ عَيْنَهُ بِمُحَمَّدٍ ابْنِهِ وَ خَلِيفَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَهُوَ وَارِثُ عِلْمِي وَ مَعْدِنُ حِكْمَتِي وَ مَوْضِعُ سِرِّي وَ حُجَّتِي عَلَى خَلْقِي، جَعَلْتُ الْجَنَّةَ مَثْوَاهُ وَ شَفَّعْتُهُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ كُلُّهُمْ قَدِ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ،
وَ أَخْتِمُ بِالسَّعَادَةِ لِابْنِهِ عَلِيٍّ وَلِيِّي وَ نَاصِرِي، وَ الشَّاهِدِ فِي خَلْقِي، وَ أَمِينِي عَلَى وَحْيِي،
أُخْرِجُ مِنْهُ الدَّاعِيَ إِلَى سَبِيلِي، وَ الْخَازِنَ لِعِلْمِي الْحَسَنَ،
ثُمَّ أُكْمِلُ ذَلِكَ بِابْنِهِ، رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، عَلَيْهِ كَمَالُ مُوسَى، وَ بَهَاءُ عِيسَى وَ صَبْرُ أَيُّوبَ، سَتَذِلُّ أَوْلِيَائِي فِي زَمَانِهِ، وَ يَتَهَادَوْنَ رُؤُوسَهُمْ كَمَا تَهَادَى رُؤُوسُ التُّرْكِ وَ الدَّيْلَمِ، فَيُقْتَلُونَ وَ يُحْرَقُونَ، وَ يَكُونُونَ خَائِفِينَ مَرْعُوبِينَ وَجِلِينَ، تُصْبَغُ الْأَرْضُ مِنْ دِمَائِهِمْ، وَ يَفْشُو الْوَيْلُ وَ الرَّنِينُ فِي نِسَائِهِمْ، أُولَئِكَ أَوْلِيَائِي حَقّاً، بِهِمْ أَدْفَعُ كُلَّ فِتْنَةٍ عَمْيَاءَ حِنْدِسٍ، وَ بِهِمْ أَكْشِفُ الزَّلَازِلَ، وَ أَرْفَعُ عَنْهُمُ الْآصَارَ وَ الْأَغْلَالَ (أُولئِكَ ٌ.
ص: 105
عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (1).
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَالِمٍ: قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: لَوْ لَمْ تَسْمَعْ فِي دَهْرِكَ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ لَكَفَاكَ، فَصُنْهُ إِلَّا عَنْ أَهْلِهِ (2).
93 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، وَ أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، جَمِيعاً قَالُوا:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ دَاوُدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَالَ:
أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَاتَ يَوْمٍ وَ مَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مُتَّكِئٌ، عَلَى يَدِ سَلْمَانَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَجَلَسَ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وَ اللِّبَاسِ، فَسَلَّمَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ فَجَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثِ مَسَائِلَ إِنْ أَخْبَرْتَنِي بِهِنَّ عَلِمْتُ أَنَّ الْقَوْمَ رَكِبُوا مِنْ أَمْرِكَ مَا أَقْضِي عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَأْمُونِينَ فِي دُنْيَاهُمْ وَ لَا فِي آخِرَتِهِمْ، وَ إِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى عَلِمْتُ أَنَّكَ وَ هُمْ شَرَعٌ سَوَاءٌ.
فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ؟ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الرَّجُلِ إِذَا نَامَ أَيْنَ تَذْهَبُ رُوحُهُ؟ وَ عَنِ الرَّجُلِ كَيْفَ يَذْكُرُ وَ يَنْسَى؟ وَ عَنِ الرَّجُلِ كَيْفَ يُشْبِهُ وَلَدُهُ الْأَعْمَامَ وَ الْأَخْوَالَ؟
فَالْتَفَتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ فَقَالَ: يَا بَا مُحَمَّدٍ أَجِبْهُ.
فَقَالَ: أَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الْإِنْسَانِ إِذَا نَامَ أَيْنَ تَذْهَبُ رُوحُهُ، فَإِنَّ رُوحَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالرِّيحِ وَ الرِّيحُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْهَوَاءِ إِلَى وَقْتِ مَا يَتَحَرَّكُ صَاحِبُهَا لِلْيَقَظَةِ، فَإِنْ أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِرَدِّ تِلْكَ الرُّوحِ إِلَى صَاحِبِهَا جَذَبَتْ تِلْكَ الرُّوحُ الرِّيحَ، وَ جَذَبَتْ تِلْكَِ.
ص: 106
الرِّيحُ الْهَوَاءَ، فَرَجَعَتِ الرُّوحُ فَأُسْكِنَتْ فِي بَدَنِ صَاحِبِهَا، وَ إِنْ لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِرَدِّ تِلْكَ الرُّوحِ إِلَى صَاحِبِهَا جَذَبَ الْهَوَاءُ الرِّيحَ، وَ جَذَبَتِ الرِّيحُ الرُّوحَ، فَلَمْ تُرَدَّ إِلَى صَاحِبِهَا إِلَى وَقْتِ مَا يُبْعَثُ،
وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ الذُّكْرِ وَ النِّسْيَانِ: فَإِنَّ قَلْبَ الرَّجُلِ فِي حُقٍّ، عَلَى الْحُقِّ طَبَقٌ فَإِنْ صَلَّى الرَّجُلُ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَاةً تَامَّةً انْكَشَفَ ذَلِكَ الطَّبَقُ عَنْ ذَلِكَ الْحُقِّ فَأَضَاءَ الْقَلْبُ وَ ذَكَرَ الرَّجُلُ مَا كَانَ نَسِيَهُ، وَ إِنْ هُوَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَوْ نَقَصَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ انْطَبَقَ ذَلِكَ الطَّبَقُ عَلَى ذَلِكَ الْحُقِّ فَأَظْلَمَ الْقَلْبُ وَ نَسِيَ الرَّجُلُ مَا كَانَ ذَكَرَ.
وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ الْمَوْلُودِ الَّذِي يُشْبِهُ أَعْمَامَهُ وَ أَخْوَالَهُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ فَجَامَعَهَا بِقَلْبٍ سَاكِنٍ وَ عُرُوقٍ هَادِئَةٍ وَ بَدَنٍ غَيْرِ مُضْطَرِبٍ فَأَسْكَنَتْ تِلْكَ النُّطْفَةُ فِي جَوْفِ الرَّحِمِ خَرَجَ الْوَلَدُ يُشْبِهُ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ،
وَ إِنْ هُوَ أَتَاهَا بِقَلْبٍ غَيْرِ سَاكِنٍ وَ عُرُوقٍ غَيْرِ هَادِئَةٍ وَ بَدَنٍ مُضْطَرِبٍ، اضْطَرَبَتْ تِلْكَ النُّطْفَةُ فَوَقَعَتْ فِي حَالِ اضْطِرَابِهَا عَلَى بَعْضِ الْعُرُوقِ فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى عِرْقٍ مِنْ عُرُوقُ الْأَخْوَالِ أَشْبَهَ الرَّجُلُ أَخْوَالَهُ،
فَقَالَ الرَّجُلُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ لَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَ لَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّهُ وَ الْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ بَعْدَهُ- وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَ لَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّهُ وَ الْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ- وَ أَشَارَ إِلَى الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَ أَشْهَدُ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَصِيُّ أَبِيكَ وَ الْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ بَعْدَكَ، وَ أَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ الْحُسَيْنِ بَعْدَهُ، وَ أَشْهَدُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَ أَشْهَدُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ أَشْهَدُ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ أَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَ أَشْهَدُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، وَ أَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ أَشْهَدُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ أَشْهَدُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ لَا يُكَنَّى وَ لَا يُسَمَّى حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُهُ فَيَمْلَأَ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً،
ص: 107
وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، ثُمَّ قَامَ فَمَضَى.
فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ اتَّبِعْهُ فَانْظُرْ أَيْنَ يَقْصِدُ؟ فَخَرَجَ الْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَثَرِهِ، قَالَ: فَمَا كَانَ إِلَّا أَنْ وَضَعَ رِجْلَهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَمَا دَرَيْتُ أَيْنَ أَخَذَ مِنْ أَرْضِ اللَّهِ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَعْلَمْتُهُ.
فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَ تَعْرِفُهُ؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ، فَقَالَ: هُوَ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1).8.
ص: 108
94 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْخَشَّابُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ مَنْ يَقُولُ النَّاسُ: لَمْ يُولَدْ بَعْدُ (1).
95 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ وَ غَيْرِهِ (عَنْ «مُحَمَّدِ» بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ) (2) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ:
فِي الْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُنَّةٌ مِنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
فَقُلْتُ: وَ مَا سُنَّتُهُ مِنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ؟
قَالَ: خَفَاءُ مَوْلِدِهِ، وَ غَيْبَتُهُ عَنْ قَوْمِهِ.
فَقُلْتُ: وَ كَمْ غَابَ مُوسَى عَنْ أَهْلِهِ وَ قَوْمِهِ؟
فَقَالَ: ثَمَانِيَ وَ عِشْرِينَ سَنَةً (3).
ص: 109
96 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَإِذَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى فَخِذِهِ، وَ هُوَ يُقَبِّلُ عَيْنَيْهِ وَ يَلْثِمُ فَاهُ، وَ يَقُولُ:
أَنْتَ سَيِّدٌ، ابْنُ سَيِّدٍ، أَنْتَ إِمَامٌ ابْنُ إِمَامٍ أَبُو أَئِمَّةٍ، أَنْتَ حُجَّةُ اللَّهِ ابْنُ حُجَّتِهِ، وَ أَبُو حُجَجٍ تِسْعَةٍ مِنْ صُلْبِكَ، تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ (1).
97 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ، قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ- فَذَكَرَ حَدِيثاً جَرَى بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ، أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ-:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، يَقُولُ:
إِنِّي أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
ص: 110
ثُمَّ أَخِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ،
فَإِذَا اسْتُشْهِدَ، فَابْنِيَ الْحَسَنُ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ،
ثُمَّ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَإِذَا اسْتُشْهِدَ، فَابْنُهُ عَلِيٌ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَ سَتُدْرِكُهُ يَا عَلِيُّ، ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَ سَتُدْرِكُهُ يَا حُسَيْنُ، ثُمَّ تُكَمِّلُهُ اثْنَى عَشَرَ إِمَاماً، تِسْعَةً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ثُمَّ اسْتَشْهَدْتُ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا، وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ وَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَشَهِدُوا لِي عِنْدَ مُعَاوِيَةَ.
قَالَ سُلَيْمُ بْنُ قَيْسٍ: وَ قَدْ كُنْتُ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ سَلْمَانَ وَ أَبِي ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادِ وَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَحَدَّثُونِي أَنَّهُمْ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ (1).
98 - سَعْدٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
يَا عَلِيُّ أَنَا وَ أَنْتَ وَ ابْنَاكَ: الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، وَ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ أَرْكَانُ الدِّينِ وَ دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، مَنْ تَبِعَنَا نَجَا، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنَّا فَإِلَى النَّارِ (2).
99 - سَعْدٌ، عَنِ ابْنِ عِيسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الصَّلْتِ،
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: خُذُوا بِحُجْزَةِ هَذَا الْأَنْزَعِ يَعْنِي عَلِيّاً- فَإِنَّهُ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، وَ هُوَ الْفَارُوقُ، يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، مَنْ أَحَبَّهُ هَدَاهُ اللَّهُ،).
ص: 111
وَ مَنْ أَبْغَضَهُ أَبْغَضَهُ اللَّهُ، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ مَحَقَهُ اللَّهُ، وَ مِنْهُ سِبْطَا أُمَّتِي: الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، هُمَا ابْنَايَ،
وَ مِنَ الْحُسَيْنِ أَئِمَّةُ هُدَاةٍ، أَعْطَاهُمُ اللَّهُ عِلْمِي وَ فَهْمِي.
فَتَوَلَّوْهُمْ وَ لَا تَتَّخِذُوا وَلِيجَةً مِنْ دُونِهِمْ، فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ مَنْ يَحْلُلْ عَلَيْهِ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِ فَقَدْ هَوى، وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ* (1) وَ (2).6.
ص: 112
100 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ،
عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ:
إِذَا فُقِدَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِعِ، فَاللَّهَ اللَّهَ فِي أَدْيَانِكُمْ لَا يُزِيلَنَّكُمْ أَحَدٌ عَنْهَا يَا بُنَيَّ: إِنَّهُ لَا بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ غَيْبَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ مَنْ كَانَ يَقُولُ بِهِ، إِنَّمَا هِيَ مِحْنَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ امْتَحَنَ بِهَا خَلْقَهُ، وَ لَوْ عَلِمَ آبَاؤُكُمْ وَ أَجْدَادُكُمْ دِيناً أَصَحَّ مِنْ هَذَا لَاتَّبَعُوهُ.
فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، وَ مَا الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِعِ؟
فَقَالَ: يَا بُنَيَّ عُقُولُكُمْ تَضْعُفُ عَنْ ذَلِكَ وَ أَحْلَامُكُمْ تَضِيقُ عَنْ حَمْلِهِ وَ لَكِنْ إِنْ تَعِيشُوا فَسَوْفَ تُدْرِكُونَهُ (1).
101 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّيْتُونِيِّ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ أَبِي حَيَّةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ:
ص: 113
إِذَا اجْتَمَعَتْ ثَلَاثَةُ أَسْمَاءَ مُتَوَالِيَةً: مُحَمَّدٌ، وَ عَلِيٌّ، وَ الْحَسَنُ فَالرَّابِعُ الْقَائِمُ (1).
102 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ الْعَبَرْتَائِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.
قَالَ: قَالَ لِي: لَا بُدَّ مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ صَيْلَمٍ يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ بِطَانَةٍ وَ وَلِيجَةٍ وَ ذَلِكَ عِنْدَ فِقْدَانِ الشِّيعَةِ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي، يَبْكِي عَلَيْهِ أَهْلُ السَّمَاءِ وَ أَهْلُ الْأَرْضِ، وَ كُلُّ حَرَّى وَ حَرَّانَ، وَ كُلُّ حَزِينٍ وَ لَهْفَانَ،
ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: بِأَبِي وَ أُمِّي سَمِيُّ جَدِّي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ شَبِيهُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَيْهِ جُيُوبُ النُّورِ، يَتَوَقَّدُ مِنْ شُعَاعِ ضِيَاءِ الْقُدُسِ،
كَمْ مِنْ حَرَّى مُؤْمِنَةٍ، وَ كَمْ مِنْ مُؤْمِنٍ مُتَأَسِّفٍ حَيْرَانُ حَزِينٌ عِنْدَ فِقْدَانِ الْمَاءِ الْمَعِينِ (2).5.
ص: 114
103 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي حَمْدَانُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِيسَى الْخَشَّابِ قَالَ: قُلْتُ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ؟
قَالَ: لَا، وَ لَكِنْ صَاحِبُ الْأَمْرِ الطَّرِيدُ الشَّرِيدُ، الْمَوْتُورُ بِأَبِيهِ، الْمُكَنَّى بِعَمِّهِ، يَضَعُ سَيْفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ (1).
104 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْغِفَارِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ جَمِيعاً، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَالَ:
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: لَا يَزَالُ فِي وُلْدِي مَأْمُونٌ مَأْمُولٌ (2).
105 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ الصَّيْقَلِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (3).
فَقَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الْقَائِمِ، يَقُولُ: إِنْ أَصْبَحَ إِمَامُكُمْ غَائِباً عَنْكُمْ
ص: 115
لَا تَدْرُونَ أَيْنَ هُوَ، فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِإِمَامٍ ظَاهِرٍ، يَأْتِيكُمْ بِأَخْبَارِ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ حَلَالِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ حَرَامِهِ.
ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَ اللَّهِ مَا جَاءَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ، وَ لَا بُدَّ أَنْ يَجِي ءَ تَأْوِيلُهَا (1).
106 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: يُبْعَثُ الْقَائِمُ وَ لَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِأَحَدٍ (2).
107 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ وَ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: يَقُومُ الْقَائِمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ (3).
108 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَنِيعِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ مُجَاشِعٍ، عَنْ مُعَلًّى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَيْضِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ:
كَانَتْ عَصَا مُوسَى لِآدَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَصَارَتْ إِلَى شُعَيْبٍ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، وَ إِنَّهَا لَعِنْدَنَا، وَ إِنَّ عَهْدِي بِهَا آنِفاً، وَ هِيَ خَضْرَاءُ كَهَيْئَتِهَا حِينَ انْتُزِعَتْ مِنْ شَجَرَتِهَا وَ انَّهَا لَتَنْطِقُ إِذَا اسْتُنْطِقَتْ أُعِدَّتْ لِقَائِمِنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ يَصْنَعُ بِهَا مَا كَانَ يَصْنَعُ بِهَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ إِنَّهَا تَصْنَعُ مَا تُؤْمَرُ، وَ إِنَّهَا حَيْثُ أُلْقِيَتْ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ* بِلِسَانِهَا (4).3.
ص: 116
109 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ رَجُلٌ لَا يُسَمِّيهِ بِاسْمِهِ إِلَّا كَافِرٌ (1).
110 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ، قَالَ: سُئِلَ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: لَا يُرَى جِسْمُهُ وَ لَا يُسَمَّى بِاسْمِهِ (2).
111 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: سَأَلَ عُمَرُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْمَهْدِيِّ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبِرْنِي عَنِ الْمَهْدِيِّ مَا اسْمُهُ؟
قَالَ: أَمَّا اسْمُهُ فَلَا، إِنَّ حَبِيبِي وَ خَلِيلِي عَهِدَ إِلَيَّ أَنْ لَا أُحَدِّثَ بِاسْمِهِ حَتَّى
ص: 117
يَبْعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ مِمَّا اسْتَوْدَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَسُولَهُ فِي عِلْمِهِ (1).
112 سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَلَوِيِّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقُولُ: الْخَلَفُ (مِنْ بَعْدِي ابْنِيَ الْحَسَنُ) (2) فَكَيْفَ لَكُمْ بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِ الْخَلَفِ؟
قُلْتُ: وَ لِمَ؟ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ.
قَالَ: لِأَنَّكُمْ لَا تَرَوْنَ شَخْصَهُ، وَ لَا يَحِلُّ لَكُمْ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ.
قُلْتُ: فَكَيْفَ نَذْكُرُهُ؟
فَقَالَ: قُولُوا الْحُجَّةُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ سَلَامُهُ (3).ل.
ص: 118
113 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالا:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ الْمَدَائِنِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، الْجَوارِ الْكُنَّسِ (1).
فَقَالَ: إِمَامٌ يَخْنِسُ فِي زَمَانِهِ، عِنْدَ انْقِضَاءٍ مِنْ عِلْمِهِ سَنَةَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ، ثُمَّ يَبْدُو كَالشِّهَابِ الْوَقَّادِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَإِنْ أَدْرَكْتَ ذَلِكَ قَرَّتْ عَيْنَاكَ (2).
114 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ جَمِيعاً، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ وَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ جَمِيعاً قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ السَّرَّادُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ:
ص: 119
الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي، اسْمُهُ اسْمِي، وَ كُنْيَتُهُ كُنْيَتِي، أَشْبَهُ النَّاسِ بِي خَلْقاً وَ خُلْقاً،
تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَ حَيْرَةٌ حَتَّى تَضِلَّ الْخَلْقُ عَنْ أَدْيَانِهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُقْبِلُ كَالشِّهَابِ الثَّاقِبِ، فَيَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً (1).
115 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ وَ أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ جَمِيعاً،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، وَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ جَمِيعاً،
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ، وَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ وَ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ مُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قَابُوسٍ، عَنِ النَّصْرِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنِ سُفْيَانَ الْمُسْتَرِقِّ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ النَّصْرِيِّ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ:
أَتَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَوَجَدْتُهُ مُتَفَكِّراً يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ، فَقُلْتُ:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا لِي أَرَاكَ مُتَفَكِّراً تَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ، أَ رَغِبْتَ فِيهَا؟!
فَقَالَ: لَا وَ اللَّهِ، مَا رَغِبْتُ فِيهَا، وَ لَا فِي الدُّنْيَا يَوْماً قَطُّ، وَ لَكِنْ فَكَّرْتُ فِي مَوْلُودٍ يَكُونُ مِنْ ظَهْرِي، الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي، هُوَ الْمَهْدِيُّ، يَمْلَؤُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً، تَكُونُ لَهُ حَيْرَةٌ وَ غَيْبَةٌ يَضِلُّ فِيهَا أَقْوَامٌ، وَ يَهْتَدِي فِيهَا آخَرُونَ.
فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، كَمَا إِنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَ أَنَّى لَكَ بِالْعِلْمِ بِهَذَا الْأَمْرِ، يَا أَصْبَغُ، أُولَئِكَِ.
ص: 120
خِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَعَ أَبْرَارِ هَذِهِ الْعِتْرَةِ.
قُلْتُ: وَ مَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ؟
قَالَ: ثُمَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ، فَإِنَّ لَهُ إِرَادَاتٍ وَ غَايَاتٍ وَ نِهَايَاتٍ (1).
116 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ،
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ لَمْ يَكُنْ نَبِيّاً، وَ لَكِنَّهُ كَانَ عَبْداً صَالِحاً أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ اللَّهُ، وَ نَاصَحَ لِلَّهِ فَنَاصَحَهُ اللَّهُ، أَمَرَ قَوْمَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ، فَغَابَ عَنْهُمْ زَمَاناً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ، فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ الْآخَرِ،
وَ فِيكُمْ مَنْ هُوَ عَلَى سُنَّتِهِ (2).
117 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ سَدِيرٍ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: إِنَّ فِي الْقَائِمِ سُنَّةً مِنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
قُلْتُ: كَأَنَّكَ تَذْكُرُ خَبَرَهُ أَوْ غَيْبَتَهُ؟
فَقَالَ لِي: وَ مَا تُنْكِرُ مِنْ ذَلِكَ هَذِهِ الْأُمَّةُ، أَشْبَاهُ الْخَنَازِيرِ، إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ كَانُوا أَسْبَاطاً أَوْلَادَ أَنْبِيَاءَ، تَاجَرُوا يُوسُفَ وَ بَايَعُوهُ، وَ هُمْ إِخْوَتُهُ وَ هُوَ أَخُوهُمْ فَلَمْ يَعْرِفُوهُ حَتَّى قَالَ لَهُمْ: «أَنَا يُوسُفُ».2.
ص: 121
فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ- يُرِيدُ أَنْ يَسْتُرَ حُجَّتَهُ؟!
لَقَدْ كَانَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَيْهِ مُلْكُ مِصْرَ، وَ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ وَالِدِهِ مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً، فَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُعَرِّفَهُ مَكَانَهُ لَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَ اللَّهِ لَقَدْ سَارَ يَعْقُوبُ وَ وُلْدُهُ عِنْدَ الْبِشَارَةِ مَسِيرَةَ تِسْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ بَدْوِهِمْ إِلَى مِصْرَ.
فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَفْعَلُ بِحُجَّتِهِ مَا فَعَلَ بِيُوسُفَ أَنْ يَكُونَ يَسِيرُ فِي أَسْوَاقِهِمْ، وَ يَطَأُ بُسُطَهُمْ، وَ هُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ؟ حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ بِنَفْسِهِ كَمَا أَذِنَ لِيُوسُفَ حَتَّى قَالَ لَهُمْ: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ، قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي (1) وَ (2).
118 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ جَمِيعاً، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ:
سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَقُولُ: مَنْ مَاتَ مُنْتَظِراً لِهَذَا الْأَمْرِ كَانَ كَمَنْ كَانَ مَعَ الْقَائِمِ فِي فُسْطَاطِهِ، لَا، بَلْ كَانَ كَالضَّارِبِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالسَّيْفِ (3).
119 - عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ زِيَادٍ الْمَكْفُوفِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُقْبَةَ (4) الشَّاعِرِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ:
كَأَنِّي بِكُمْ تَجُولُونَ جَوَلَانَ الْإِبِلِ تَبْتَغُونَ الْمَرْعَى، فَلَا تَجِدُونَهُ يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ.
و رواه عن سعد بن عبد اللّه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمدخ.
ص: 122
سنان، عن أبي الجارود، زياد بن المنذر، عن عبد اللّه الشاعر مثله (1).
120 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ جَمِيعاً، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ:
أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعِبَادُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَرْضَى مَا يَكُونُ عَنْهُمْ إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ، وَ لَمْ يَعْلَمُوا بِمَكَانِهِ، وَ هُمْ فِي ذَلِكَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَمْ تَبْطُلْ حُجَجُ اللَّهِ عَنْهُمْ وَ بَيِّنَاتُهُ، فَعِنْدَهَا فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ صَبَاحاً وَ مَسَاءً، وَ إِنَّ أَشَدَّ مَا يَكُونُ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَعْدَائِهِ إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّةَ اللَّهِ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ لَا يَرْتَابُونَ، وَ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَرْتَابُونَ لَمَا غَيَّبَ حُجَّتَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى رَأْسِ شِرَارِ النَّاسِ (2).
121 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ تَفْسِيرِ جَابِرٍ؟
فَقَالَ: لَا تُحَدِّثْ بِهِ السُّفَّلَ، فَيُذِيعُوهُ، أَمَا تَقْرَأُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (3).
إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُسْتَتِراً، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِظْهَارَ أَمْرِهِ نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً، فَظَهَرَ وَ أَمَرَ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (4) وَ (5).0.
ص: 123
122 - مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ الْيَقْطِينِيُّ، جَمِيعاً، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ خَالِهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنْ كَانَ كَوْنٌ- لَا أَرَانِيَ اللَّهُ يَوْمَكَ- فَبِمَنْ أَئْتَمُّ؟
فَأَوْمَأَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقُلْتُ: فَإِنْ مَضَى مُوسَى فَإِلَى مَنْ؟ قَالَ: إِلَى وَلَدِهِ، قُلْتُ: فَإِنْ مَضَى وَلَدُهُ، وَ تَرَكَ أَخاً كَبِيراً وَ ابْناً صَغِيراً، فَبِمَنْ أَئْتَمُّ؟ قَالَ:
بِوَلَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا أَبَداً، قُلْتُ: فَإِنْ أَنَا لَمْ أَعْرِفْهُ وَ لَمْ أَعْرِفْ مَوْضِعَهُ، فَمَا أَصْنَعُ؟
قَالَ: تَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَلَّى مَنْ بَقِيَ مِنْ حُجَجِكَ مِنْ وُلْدِ الْإِمَامِ الْمَاضِي) فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِيكَ.
و رواه عن سعد و الحميري عن ابن أبي الخطاب و ابن عبيد (1).
ص: 124
123 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغِيبُ عَنْهُمْ إِمَامُهُمْ.
فَقُلْتُ لَهُ: مَا يَصْنَعُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ؟
قَالَ: يَتَمَسَّكُونَ بِالْأَمْرِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ (1).
124 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ الْبَجَلِيِّ، وَ أَبِي قَتَادَةَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ: قُلْتُ: مَا تَأْوِيلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (2).
فَقَالَ: إِذَا فَقَدْتُمْ إِمَامَكُمْ فَلَمْ تَرَوْهُ، فَمَا ذَا تَصْنَعُونَ؟ (3).
125 - سَعْدٌ وَ الْحِمْيَرِيُّ وَ ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ ابْنِ سَعْدٍ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسَاوِرِ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَ التَّنْوِيهَ، أَمَا وَ اللَّهِ لَيَغِيبَنَّ إِمَامُكُمْ سِنِيناً مِنْ دَهْرِكُمْ، وَ لَتُمَحَّصُنَّ حَتَّى يُقَالَ: «مَاتَ أَوْ هَلَكَ، بِأَيِّ وَادٍ سَلَكَ»، وَ لَتَدْمَعَنَّ عَلَيْهِ عُيُونُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ لَتُكْفَأُنَّ كَمَا تُكْفَأُ السُّفُنُ فِي أَمْوَاجِ الْبَحْرِ، وَ لَا يَنْجُو إِلَّا مَنْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهُ، وَ كَتَبَ فِي قَلْبِهِ الْإِيمَانَ وَ أَيَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ.).
ص: 125
وَ لَتُرْفَعَنَّ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لَا يُدْرَى أَيٌّ مِنْ أَيٍّ.
قَالَ: فَبَكَيْتُ،
فَقَالَ لِي: مَا يُبْكِيكَ، يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟
فَقُلْتُ: وَ كَيْفَ لَا أَبْكِي، وَ أَنْتَ تَقُولُ: اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لَا يُدْرَى أَيٌّ مِنْ أَيٍّ، فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟
قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى شَمْسٍ دَاخِلَةٍ فِي الصُّفَّةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تَرَى هَذِهِ الشَّمْسَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: وَ اللَّهِ لَأَمْرُنَا أَبْيَنُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْسِ (1).
126 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُثَنَّى الْعَطَّارِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: يَفْقِدُ النَّاسُ إِمَامَهُمْ فَيَشْهَدُ الْمَوْسِمَ فَيَرَاهُمْ وَ لَا يَرَوْنَهُ (2).
127 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ هَانِئٍ التَّمَّارِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَةً، الْمُتَمَسِّكُ فِيهَا بِدِينِهِ كَالْخَارِطِ لِلْقَتَادِ،
ثُمَّ قَالَ- هَكَذَا بِيَدِهِ- ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَةً، فَلْيَتَّقِ اللَّهَُ.
ص: 126
عَبْدٌ، وَ لْيَتَمَسَّكْ بِدِينِهِ (1).
128 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ رَجُلٍ- وَ اسْمُهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ- عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قَالَ: إِذَا أَصْبَحْتَ وَ أَمْسَيْتَ، لَا تَرَى إِمَاماً تَأْتَمُّ بِهِ، فَأَحْبِبْ مَنْ كُنْتَ تُحِبُّ، وَ أَبْغِضْ مَنْ كُنْتَ تُبْغِضُ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ (2).
129 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَ أَبِي عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: فَكَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا صِرْتُمْ فِي حَالٍ لَا تَرَوْنَ فِيهَا إِمَامَ هُدًى؟ وَ لَا عَلَماً يُرَى؟ وَ لَا يَنْجُو مِنْهَا إِلَّا مَنْ دَعَا دُعَاءَ الْغَرِيقِ؟
فَقَالَ لَهُ أَبِي: إِذَا وَقَعَ هَذَا لَيْلًا (3) فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟
فَقَالَ: أَمَّا أَنْتَ فَلَا تُدْرِكُهُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ، فَتَمَسَّكُوا بِمَا فِي أَيْدِيكُمْ، حَتَّى يَتَّضِحَ لَكُمُ الْأَمْرُ (4).ن.
ص: 127
130 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ (1).
فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْآيَاتُ هُمُ الْأَئِمَّةُ، وَ الْآيَةُ الْمُنْتَظَرَةُ هُوَ الْقَائِمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلِ قِيَامِهِ بِالسَّيْفِ، وَ إِنْ آمَنَتْ بِمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ (2).
131 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَخِيهِ عَلِيٍّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ مَيْمُونٍ الْبَانِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: خَمْسٌ قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ: (خُرُوجُ) (3) الْيَمَانِيِّ، وَ السُّفْيَانِيِّ، وَ الْمُنَادِي يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ، وَ خَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَ قَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ (4).
ص: 128
132 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، وَ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَقُولُ: إِنَّ قُدَّامَ الْقَائِمِ عَلَامَاتٍ تَكُونُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْمُؤْمِنِينَ.
قُلْتُ: وَ مَا هِيَ؟ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ.
قَالَ: ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ*» يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ خُرُوجِ الْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ (1).
قَالَ: يَبْلُوهُمْ (2) بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ، مِنْ مُلُوكِ بَنِي فُلَانٍ فِي آخِرِ سُلْطَانِهِمْ وَ الْجُوعِ بِغَلَاءِ أَسْعَارِهِمْ.
«وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ» قَالَ: كَسَادِ التِّجَارَاتِ وَ قِلَّةِ الْفَضْلِ.
وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَنْفُسِ، قَالَ: مَوْتُ ذَرِيعٍ.
وَ نَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ، قَالَ: قِلَّةُ رَيْعِ مَا يُزْرَعُ.
«وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ» عِنْدَ ذَلِكَ بِتَعْجِيلِ خُرُوجِ الْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
ثُمَّ قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا تَأْوِيلُهُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: «وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ (3) وَ (4).
133 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ زُرَارَةَ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ بِاسْمِ الْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قُلْتُ: خَاصٌّ أَوْ عَامٌّ؟ قَالَ: عَامٌّ، كُلُّ قَوْمٍ بِلِسَانِهِمْ.2.
ص: 129
قُلْتُ: فَمَنْ يُخَالِفُ الْقَائِمَ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَ قَدْ نُودِيَ بِاسْمِهِ؟
قَالَ: لَا يَدَعُهُمْ إِبْلِيسُ حَتَّى يُنَادِيَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ (1) وَ يُشَكِّكَ النَّاسَ (2).
134 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ الْبَجَلِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ اسْمِ السُّفْيَانِيِّ؟
فَقَالَ: وَ مَا تَصْنَعُ بِاسْمِهِ؟ إِذَا مَلَكَ كُوَرَ (3) الشَّامِ الْخَمْسَ؛ دِمَشْقَ، وَ حِمْصَ، وَ فِلَسْطِينَ، وَ الْأُرْدُنَّ، وَ قِنَّسْرِينَ، فَتَوَقَّعُوا عِنْدَ ذَلِكَ الْفَرَجَ.
قُلْتُ: يَمْلِكُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ؟
قَالَ: لَا، وَ لَكِنْ يَمْلِكُ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ لَا يَزِيدُ يَوْماً (4).
135 - عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ (5)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا مَنْصُورُ، إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَأْتِيكُمْ إِلَّا بَعْدَ [إ] يَأْسٍ، لَا وَ اللَّهِ، لَا يَأْتِيكُمْ حَتَّى تُمَيَّزُوا، لَا وَ اللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ حَتَّى تُمَحَّصُوا، وَ لَا وَ اللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ حَتَّى يَشْقَى مَنْ شَقِيَ، وَ يَسْعَدَ مَنْ سَعِدَ (6).
136 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ الْقَلَانِسِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَيَابَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا بَقِيتُمْ بِلَا إِمَامٍ هُدًى وَ لَا عَلَمٍ؟ يَتَبَرَّأُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ تُمَيَّزُونَ وَ تُمَحَّصُونَ وَ تُغَرْبَلُونَ، وَ عِنْدَ ذَلِكَ اخْتِلَافُ السَّيْفَيْنِ، وَ إِمَارَةٌ أَوَّلَ مِنَ النَّهَارِ،0.
ص: 130
وَ قَتْلٌ وَ خَلْعٌ (1) مِنْ آخِرِ النَّهَارِ (2).
137 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي غَانِمٍ الْقَزْوِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا [وَ نُوحٌ] وَ أَيُّوبُ بْنُ نُوحٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَنَزَلْنَا عَلَى وَادِي زُبَالَةَ، فَجَلَسْنَا نَتَحَدَّثُ فَجَرَى ذِكْرُ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَ بَعْدَ الْأَمْرِ عَلَيْنَا، فَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ نُوحٍ: (3) كَتَبْتُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَذْكُرُ شَيْئاً مِنْ هَذَا، فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِذَا رُفِعَ عَلَمُكُمْ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِكُمْ (4).
138 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي هَرَاسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: كَأَنِّي بِأَصْحَابِ الْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَدْ أَحَاطُوا بِمَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ، فَلَيْسَ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا وَ هُوَ مُطِيعٌ لَهُمْ حَتَّى سِبَاعُ الْأَرْضِ وَ سِبَاعُ الطَّيْرِ، يَطْلُبُ رِضَاهُمْ فِي كُلِّ شَيْ ءٍ، حَتَّى تَفْخَرَ الْأَرْضُ عَلَى الْأَرْضِ وَ تَقُولَ: مَرَّ بِيَ الْيَوْمَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (5).
139 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَ يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ جَمِيعاً، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ1.
ص: 131
مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (1) فَقَالَ: كُلُّ إِمَامٍ هَادٍ لِكُلِّ قَوْمٍ فِي زَمَانِهِمْ (2).
140 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا مَعْنَى إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (3) فَقَالَ: الْمُنْذِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ عَلِيٌّ الْهَادِي، وَ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَ زَمَانٍ إِمَامٌ مِنَّا يَهْدِيهِمْ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (4).
141 - عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ كَرِبٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ: إِنَّ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ رَايَةً، مَنْ تَقَدَّمَهَا مَرَقَ، وَ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا مَحَقَ، وَ مَنْ تَبِعَهَا لَحِقَ (5).
142 - سَعْدٌ، عَنِ ابْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقُولُ: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقاً خَلَقَهُمْ مِنْ نُورِهِ وَ رَحْمَتِهِ، فَهُمْ عَيْنُ اللَّهِ النَّاظِرَةُ، وَ أُذُنُهُ السَّامِعَةُ، وَ لِسَانُهُ النَّاطِقُ فِي خَلْقِهِ بِإِذْنِهِ وَ أُمَنَاؤُهُ عَلَى مَا أَنْزَلَ مِنْ عُذْرٍ أَوْ نُذْرٍ أَوْ حُجَّةٍ.
فَبِهِمْ يَمْحُو اللَّهُ السَّيِّئَاتِ، وَ بِهِمْ يَدْفَعُ الضَّيْمَ، وَ بِهِمْ يُنْزِلُ الرَّحْمَةَ، وَ بِهِمْ يُحْيِي مَيِّتاً، وَ يُمِيتُ حَيّاً، وَ بِهِمْ يَبْتَلِي خَلْقَهُ، وَ بِهِمْ يَقْضِي فِي خَلْقِهِ قَضِيَّةً.
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: الْأَوْصِيَاءُ (25).ه.
ص: 132
143 - سَعْدٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ، عَنِ الْبَطَائِنِيِّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ، نَحْنُ شَجَرَةُ الْعِلْمِ، وَ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ فِي دَارِنَا مَهْبِطُ جَبْرَئِيلَ، وَ نَحْنُ خُزَّانُ عِلْمِ اللَّهِ، وَ نَحْنُ مَعَادِنُ وَحْيِ اللَّهِ، مَنْ تَبِعَنَا نَجَا، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنَّا هَلَكَ، حَقّاً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (1).
144 - مُحَمَّدُ بْنُ مَعْقِلٍ الْقِرْمِيسِينِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
قَالَ: قُلْتُ: لِمَ سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ، زَهْرَاءَ؟
فَقَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَهَا مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَقَتْ أَضَاءَتِ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرْضَ بِنُورِهَا، وَ غَشِيَتْ أَبْصَارَ الْمَلَائِكَةِ، وَ خَرَّتِ الْمَلَائِكَةُ لِلَّهِ سَاجِدِينَ، وَ قَالُوا: إِلَهَنَا وَ سَيِّدَنَا، مَا هَذَا النُّورُ؟
فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمْ: هَذَا نُورٌ مِنْ نُورِي، وَ أَسْكَنْتُهُ فِي سَمَائِي، خَلَقْتُهُ مِنْ عَظَمَتِي أُخْرِجُهُ مِنْ صُلْبِ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِي، أُفَضِّلُهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَ أُخْرِجُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ أَئِمَّةً يَقُومُونَ بِأَمْرِي، يَهْدُونَ إِلَى حَقِّي، وَ أَجْعَلُهُمْ خُلَفَائِي فِي أَرْضِي بَعْدَ انْقِضَاءِ وَحْيِي (2).
145 - الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَجَّالِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (3).4.
ص: 133
قَالَ: الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ (1).
146 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَرْسَلَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِلَى الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ جَعَلَ مِنْ بَعْدِهِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَصِيّاً مِنْهُمْ مَنْ مَضَى وَ مِنْهُمْ مَنْ بَقِيَ، وَ كُلُّ وَصِيٍّ جَرَتْ فِيهِ سُنَّةٌ مِنَ الْأَوْصِيَاءِ الَّذِينَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلَى سُنَّةِ أَوْصِيَاءِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ.
وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى سُنَّةِ الْمَسِيحِ (2)،
147 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ- فِي حَالِ اسْتِقَامَتِهِ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَمْضِي الْإِمَامُ وَ لَيْسَ لَهُ عَقِبٌ؟
قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ، قُلْتُ: فَيَكُونُ مَاذَا؟
قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى خَلْقِهِ، فَيُعَاجِلَهُمْ (3).
148 - الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْمَدِينِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: جَاءَ يَهُودِيٌّ إِلَى عُمَرَ، يَسْأَلُهُ عَنْ مَسَائِلَ فَأَرْشَدَهُ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِيَسْأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَلْ.0.
ص: 134
قَالَ: أَخْبِرْنِي، كَمْ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ مِنْ إِمَامٍ عَادِلٍ؟ وَ فِي أَيِّ جَنَّةٍ هُوَ؟ وَ مَنْ يَسْكُنُ مَعَهُ فِي جَنَّتِهِ؟
فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا هَارُونِيُّ! لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بَعْدَهُ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً عَدْلًا، لَا يَضُرُّهُمْ خِذْلَانُ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَ لَا يَسْتَوْحِشُونَ بِخِلَافِ مَنْ خَالَفَهُمْ، أَثْبَتُ فِي دِينِ اللَّهِ مِنَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي.
وَ مَنْزِلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ مَعَهُ هَؤُلَاءِ الِاثْنَا عَشَرَ.
فَأَسْلَمَ الرَّجُلُ وَ قَالَ: أَنْتَ أَوْلَى بِهَذَا الْمَجْلِسِ مِنْ هَذَا، أَنْتَ الَّذِي تَفُوقُ وَ لَا تُفَاقُ، وَ تَعْلُو وَ لَا تُعْلَى (1).
149 - سَعْدٌ، عَنِ النَّهْدِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْحُجَّةُ قَبْلَ الْخَلْقِ وَ مَعَ الْخَلْقِ وَ بَعْدَ الْخَلْقِ (2).
150 - عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، قَالَ: إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ كِتَابَ اللَّهِ، وَ أَهْلَ بَيْتِي، فَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ (3).
151 - سَعْدٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ دَاوُدَْ.
ص: 135
بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَنِ ادَّعَى الْإِمَامَةَ وَ لَيْسَ بِإِمَامٍ فَقَدِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى رَسُولِهِ وَ عَلَيْنَا. (1)
152 - سَعْدٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ يَحْيَى أَخِي أُدَيْمٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَدَّعِيهِ غَيْرُ صَاحِبِهِ، إِلَّا بَتَرَ اللَّهُ عُمُرَهُ. (2)).
ص: 136
153 - مُحَمَّدٌ الْعَطَّارُ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْبَزَنْطِيِّ قَالَ: سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْإِمَامُ بِأَيِّ شَيْ ءٍ يُعْرَفُ بَعْدَ الْإِمَامِ؟
قَالَ: إِنَّ لِلْإِمَامِ عَلَامَاتٍ؛ أَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ وُلْدِ أَبِيهِ بَعْدَهُ، وَ يَكُونَ فِيهِ الْفَضْلُ، وَ إِذَا قَدِمَ الرَّاكِبُ الْمَدِينَةَ، قَالَ: إِلَى مَنْ أَوْصَى؟ قَالُوا: إِلَى فُلَانٍ، وَ السِّلَاحُ فِينَا بِمَنْزِلَةِ التَّابُوتِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَدُورُ مَعَ السِّلَاحِ حَيْثُ كَانَ (1).
154 - أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِذَا مَضَى عَالِمُكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، فَبِأَيِّ شَيْ ءٍ يَعْرِفُونَ مَنْ يَجِي ءُ بَعْدَهُ؟
قَالَ: بِالْهُدَى، وَ الْإِطْرَاقِ، وَ إِقْرَارِ آلِ مُحَمَّدٍ لَهُ بِالْفَضْلِ، وَ لَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْ ءٍ مِمَّا بَيْنَ صَدَفَيْهَا، إِلَّا أَجَابَ فِيهِ (2).
155 - سَعْدٌ، عَنِ ابْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ السَّكَنِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ:
ص: 137
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اعْرِفُوا اللَّهَ بِاللَّهِ، وَ الرَّسُولَ بِالرِّسَالَةِ وَ أُولِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ الْعَدْلِ وَ الْإِحْسَانِ (1).
156 - مُحَمَّدٌ الْعَطَّارُ، عَنِ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: إِنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِرَجُلٍ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ: وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَ حِلْمٌ يَمْلِكُ بِهِ غَضَبَهُ، وَ حُسْنُ الْخِلَافَةِ عَلَى مَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ كَالْوَالِدِ الرَّحِيمِ (2).
157 - مُحَمَّدٌ الْعَطَّارُ، عَنِ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ النَّضْرِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: بِمَا يُعْرَفُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ؟
قَالَ: بِالسَّكِينَةِ وَ الْوَقَارِ، وَ الْعِلْمِ، وَ الْوَصِيَّةِ (3).
158 - مُحَمَّدٌ الْعَطَّارُ، عَنِ الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ الْخَشَّابِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِسْحَاقَ شَعِرٍ، عَنِ الْغَنَوِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
مَا الْحُجَّةُ عَلَى الْمُدَّعِي لِهَذَا الْأَمْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ؟
قَالَ: ثَلَاثَةٌ مِنَ الْحُجَّةِ لَمْ يَجْتَمِعْنَ فِي رَجُلٍ إِلَّا كَانَ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ.
أَنْ يَكُونَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَنْ قَبْلَهُ.
وَ يَكُونَ عِنْدَهُ سِلَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ.
وَ يَكُونَ صَاحِبَ الْوَصِيَّةِ الظَّاهِرَةِ، الَّذِي إِذَا قَدِمْتَ الْمَدِينَةَ سَأَلْتَ الْعَامَّةَ وَ الصِّبْيَانَ: إِلَى مَنْ أَوْصَى فُلَانٌ؟ فَيَقُولُونَ: إِلَى فُلَانٍ (4).ر.
ص: 138
159 - أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، وَ مُحَمَّدٌ الْعَطَّارُ مَعاً: عَنِ الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ- فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ- قَالَ: جَاءَ (بُرَيْهَةُ) جَاثَلِيقُ النَّصَارَى، فَقَالَ لِأَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَنَّى لَكُمُ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِيلُ وَ كُتُبُ الْأَنْبِيَاءِ؟
قَالَ: هِيَ عِنْدَنَا وِرَاثَةٌ مِنْ عِنْدِهِمْ، نَقْرَؤُهَا كَمَا قَرَؤُوهَا، وَ نَقُولُهَا كَمَا قَالُوهَا، إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْعَلُ حُجَّةً فِي أَرْضِهِ يُسْأَلُ عَنْ شَيْ ءٍ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، الْخَبَرَ (1).
160 - سَعْدٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْيَمَانِيِّ، عَنْ مَنِيعِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ بِالْعِلْمِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ.
وَ وَرَّثَنَا عِلْمَهُمْ، وَ فَضَّلَنَا عَلَيْهِمْ فِي فَضْلِهِمْ، وَ عَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ، وَ عَلَّمَنَا عِلْمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَرَوَيْنَا لِشِيعَتِنَا.
فَمَنْ قَبِلَ مِنْهُمْ فَهُوَ أَفْضَلُهُمْ، وَ أَيْنَمَا نَكُونُ فَشِيعَتُنَا مَعَنَا (2).
ص: 139
161 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَانِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ أَهْلَ بَيْتِي يُؤْذُونَنِي وَ يُقَرِّعُونَنِي بِالْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ آبَائِكَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَنَّهُمْ قَالُوا: «قُوَّامُنَا وَ خُدَّامُنَا شِرَارُ خَلْقِ اللَّهِ».
فَكَتَبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَيْحَكُمْ أَ مَا تَقْرَؤُونَ مَا قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً (1).
وَ نَحْنُ- وَ اللَّهِ- الْقُرَى الَّتِي بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا، وَ أَنْتُمُ الْقُرَى الظَّاهِرَةُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ صَاحِبِ الزَّمَانِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (2).
162 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ الْعَمْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: صَحِبْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ وَ مَعَهُ مَالٌ لِلْغَرِيمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَنْفَذَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، وَ قِيلَ لَهُ:
أَخْرِجْ حَقَّ وُلْدِ عَمِّكَ مِنْهُ، وَ هُوَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ.
ص: 140
فَبَقِيَ الرَّجُلُ مُتَحَيِّراً بَاهِتاً مُتَعَجِّباً، وَ نَظَرَ فِي حِسَابِ الْمَالِ، وَ كَانَتْ فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ لِوُلْدِ عَمِّهِ، قَدْ كَانَ رَدَّ عَلَيْهِمْ بَعْضَهَا وَ زَوَى عَنْهُمْ بَعْضَهَا، فَإِذَا الَّذِي نَصَّ [نَضَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ: أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَخْرَجَهُ وَ أَنْفَذَ الْبَاقِيَ فَقَبِلَ (1).
163 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّازِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ بَعَثَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ- وَ هُوَ بِوَاسِطٍ- غُلَاماً وَ أَمَرَ بِبَيْعِهِ، فَبَاعَهُ، وَ قَبَضَ ثَمَنَهُ، فَلَمَّا عَيَّرَ الدَّنَانِيرَ نَقَصَتْ مِنَ التَّعْيِيرِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قِيرَاطاً وَ حَبَّةً، فَوَزَنَ مِنْ عِنْدِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قِيرَاطاً وَ حَبَّةً وَ أَنْفَذَهَا.
فَرَدَّ عَلَيْهِ دِينَاراً وَزْنُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قِيرَاطاً وَ حَبَّةٌ (2).
164 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّازِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ: أَنْفَذَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ إِلَى حَاجِزٍ، وَ كَتَبَ رُقْعَةً، وَ غَيَّرَ فِيهَا اسْمَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْوُصُولُ بِاسْمِهِ وَ نَسَبِهِ وَ الدُّعَاءِ لَهُ (3).
165 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْمَرَاغِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ بْنِ نُعَيْمٍ، قَالَ: بَعَثَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ بِمَالٍ وَ رُقْعَةٍ لَيْسَ فِيهَا كِتَابَةٌ، قَدْ خَطَّ فِيهَا بِإِصْبَعِهِ كَمَا تَدُورُ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ، وَ قَالَ لِلرَّسُولِ: احْمِلْ هَذَا الْمَالَ، فَمَنْ أَخْبَرَكَ بِقِصَّتِهِ، وَ أَجَابَ عَنِ الرُّقْعَةِ، فَأَوْصِلْ إِلَيْهِ الْمَالَ.
فَصَارَ الرَّجُلُ إِلَى الْعَسْكَرِ، وَ قَدْ قَصَدَ جَعْفَراً، وَ أَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: تُقِرُّ بِالْبَدَاءِ؟
قَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ.
قَالَ لَهُ: فَإِنَّ صَاحِبَكَ قَدْ بَدَا لَهُ وَ أَمَرَكَ أَنْ تُعْطِيَنِيَ الْمَالَ، فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ: لَا يُقْنِعُنِي هَذَا الْجَوَابُ.9.
ص: 141
فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، وَ جَعَلَ يَدُورُ عَلَى أَصْحَابِنَا، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ رُقْعَةٌ قَالَ: «هَذَا مَالٌ قَدْ كَانَ غُرِّرَ بِهِ».
وَ كَانَ فَوْقَ صُنْدُوقٍ فَدَخَلَ اللُّصُوصُ الْبَيْتَ وَ أَخَذُوا مَا فِي الصُّنْدُوقِ وَ سَلِمَ الْمَالُ وَ رُدَّتْ عَلَيْهِ الرُّقْعَةُ، وَ قَدْ كُتِبَ فِيهَا كَمَا تَدُورُ، «وَ سَأَلْتَ الدُّعَاءَ فَعَلَ اللَّهُ بِكَ وَ فَعَلَ» (1).
166 - سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّالِحِ قَالَ: كَتَبْتُ أَسْأَلُهُ الدُّعَاءَ لباداشاله (2) وَ قَدْ حَبَسَهُ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَ أَسْتَأْذِنُ فِي جَارِيَةٍ لِي أَسْتَوْلِدُهَا، فَخَرَجَ:
«اسْتَوْلِدْهَا، وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ، وَ الْمَحْبُوسُ يُخَلِّصُهُ اللَّهُ».
فَاسْتَوْلَدْتُ الْجَارِيَةَ فَوَلَدَتْ فَمَاتَتْ، وَ خُلِّيَ عَنِ الْمَحْبُوسِ يَوْمَ خَرَجَ إِلَيَّ التَّوْقِيعُ (3)..
ص: 142
صورة
ص: 143
صورة
ص: 144
صورة
ص: 145
صورة
ص: 146
صورة
ص: 147
صورة
ص: 148
صورة
ص: 149
صورة
ص: 150
صورة
ص: 151
صورة
ص: 152
صورة
ص: 153
صورة
ص: 154
صورة
ص: 155
صورة
ص: 156
صورة
ص: 157
صورة
ص: 158
صورة
ص: 159
صورة
ص: 160