المؤلف: أبي بكر محمّد بن جعفر النرشخي
المحقق: الدكتور أمين عبد المجيد بدوي ونصر اللّه مبشر الطرازي
الناشر: دار المعارف
الطبعة: 3
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
تاريخ النشر : 0 ه.ق
الصفحات: 194
المكتبة الإسلامية
تاريخ بخاري
المحرّر الرّقمي: محمّد علي ملك محمّد
ص: 1
ص: 2
ذخائر العرب
40
تاريخ بخاري
تأليف: أبي بكر محمد بن جعفر النرشخي
(286 - 348 ه)
(899 - 959 م)
عربه عن الفارسية
وقدم له وحققه وعلق عليه
الدكتور أمين عبد المجيد بدوي
نصراللّه مبشتر الطرازي
الطبعة الثالثة
دارالمعارف
ص: 3
ص: 4
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
هذه أثارة من كتاب عربى قديم لم يصلنا بعد ، وعّها لنا الفارسية فيما وعت من تراث عربى ، رأينا أن ننقلها عن النص الفارسى إلى العربية كما نقلها المستشرقون من قبل إلى الفرنسية والروسية.
والأصل العربى كان يعرف بتاريخ بخارى ، أو أخبار بخارى ، ألفه أبو بكر محمد بن جعفر النرشخى (1) وانتهى من تأليفه عام 322 ه (943 م) وقدمه إلى الأمير الحميد أبى محمد نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى (2). ثم قام أبو نصر أحمد بن نصر القباوى من بلدة قبا إحدى حواضر فرغانة بترجمته إلى الفارسية ، وانتهى من هذه الترجمة سنة 522 ه (1128 م) بعد أن حذف منه ما رآه فضولا مملّا وزاد عليه ما ارتآه نافعا مفيدا من كتب أخرى ، مثل كتاب خزائن العلوم لأبى الحسن عبد الرحمن بن محمد النيسابورى ، وتاريخ بخارى لأبى عبد اللّه محمد بن أحمد البخارى الغنجارى ، ولم تصلنا هذه الترجمة بعد. ثم لخص هذه الترجمة بالفارسية محمد بن زفر بن عمر ، وأتم تلخيصها عام 574 ه (1178 م) وقدمه لحاكم بخارى برهان الدين عبد العزيز بن مازة. وقد زيد على هذا التلخيص أشياء بعد محمد بن زفر هذا ، إذ نرى فيه ذكر أحداث وقعت بعد ذلك فى فترة امتدت إلى ظهور المغول ، وفتح بخارى على يد چنكيز خان ، كما نرى فيه ذكرا لمحمد
ص: 5
خوارزمشاه وهذا الفاتح المغولى (1).
والترجمة التى نقدمها اليوم لقراء العربية هى ترجمة التلخيص الفارسى لكتاب تاريخ بخارى أو أخبار بخارى على هذه الصورة التى انتهت إلينا. وقد لقيت هذه الخلاصة التى وصلتنا تحت عنوان «تاريخ بخارى» اهتماما فى دوائر الاستشراق ، فقام المستشرق شارل شيفر (Ch.Schefer) سنة 1892 م. (1310 ه) بطبعها مع مجموعة من النصوص التاريخية الفارسية عن آل سامان تخيرها من مصادر فارسية أخرى لارتباط تاريخ بخارى بتاريخ السامانيين ، كما ترجم بعضها وعلق عليها ونشرها بالفرنسية مع نصوص فارسية أخرى تحت عنوان Chrestomathie Persane ,Paris I 388 ' ' وفى عام 1897 م (1315 ه) ترجمها المستشرق الروسى ليكسهن (N.S.Lykoshin) إلى الروسية وطبعها فى طشقند تحت إشراف المستشرق المعروف بارتولد (W.Bartold) واستقى منها كثيرا من معلوماته فى كتابه «تركستان».
واعتمدنا فى هذه الترجمة على نسخة شيفر مع مقابلتها بنسخة مدرس رضوى الأستاذ بجامعة طهران وقد رأينا بعد الفراغ من الترجمة أن نضيف إليها تعريب فصل من كتاب «تاريخ كزيده» الفارسى عن تاريخ السامانيين الذين اتخذوا من بخارى حاضرة لهم ، إتماما للفائدة وليلم القارئ بتاريخ موجز جامع لهذه الأسرة دون تشتيت لذهنه فى تتبع فصول هذا التاريخ مفرقة مع غيرها من الأحداث فى ثنايا الكتاب. وقمنا كذلك بتحقيق الأسماء وإضافة بعض الحواشى والتعليقات المناسبة.
وترجع أهمية الكتاب إلى أنه يلقى ضوءا كاشفا على ماضى بلد كان قديما جزءا من أراضى تركستان وغدا بعد الفتح الإسلامى من أهم الحواضر الإسلامية ، وخرج الكثير من العلماء والمحدثين والفقهاء. وهو يقدم لنا معارف عن حاضرة
ص: 6
السامانيين قل أن نظفر بها فى مرجع آخر ، فيتحدث عن بخارى قبل الإسلام وبعد الفتح من النواحى الجغرافية والاقتصادية والتاريخية والاجتماعية والسياسية والثقافية ، ويذكر من ولى قضاءها وحكامها وآثارها ومنشآتها وأخبار فتحها وانتشار الإسلام فيها ، وأمراء الأسرة السامانية الذين اتخذوها حاضرة لهم إلى آخر أيامهم.
والكتاب مثل كثير من الكتب القديمة يخلط الحقائق التاريخية بالروايات الأسطورية ويروى أحاديث موضوعة عن بخارى وفضائلها.
فهو مثلا يذكر أن أول من بنى بخارى هو البطل الإيرانى سياوش بن الملك الأسطورى كيكاوس ، حين ترك أباه مغاضبا ولجأ إلى أفراسياب ملك الترك. فأكرم وفادنه وزوجه من ابنته وأقطعه هذه الأرض التى تعرف اليوم ببخارى ، فبنى بها مدينة ، ثم انقلب أفراسياب عليه وقتله بسعى الوشاة ، فألفت فى مقتله مراث ما يزال أهل بخارى إلى اليوم يرددونها.
وبخارى إقليم من خراسان يشمل عدة مدن أهمها بخارى العاصمة ، ويذكر المؤلف أن الأرض التى أقيمت عليها بخارى كانت مناقع وغياضا ومروجا عامرة بحيوان الصيد ، وقد تكونت من فيضانات نهر «ما صف» الذى عرف فيما بعد باسم نهر السّغد. فكان هذا النهر يفيض بذوبان الثلوج فى أعالى الجبال ، ويجرف جريانه الطمى يملأ به الوهاد كما يتخلف عنه الماء الذى يكون المناقع ، وبعد استواء هذه الأرض قصدها الناس من كل صوب لطيب هوائها وخصبها ، وعمروها وأمرّوا عليهم أميرا.
ويحدثنا المؤلف عن بعض تقاليد بخارى قبل الإسلام ، فيذكر مثلا أنه كانت تقام بها سوق لبيع الأصنام يقال لها «سوق ماخ» مرتين فى كل عام ولا تبقى قائمة فى كل مرة غير يوم واحد. ثم يحدثنا عن امرأة كانت تحكمهم استبدت بالملك دون ابنها الصغير «طغشادة» خمسة عشر عاما ، وكان من عادتها أن تخرج كل يوم من الحصن راكبة جوادا ثم تتربع على تختها وبين يديها الغلمان والخصيان ، وقد فرضت على أهل الرساتيق أن يبعثوا إليها كل يوم بمائتى شاب من الدهاقين
ص: 7
والأمراء ، يتمنطقون بمناطق الذهب ويتقلدون السيوف ، فإذا ما خرجت الخاتون قاموا صفين فى خدمتها وهى تنظر فى شئون الملك تأمر وتنهى وتخلع على من تشاء وتعاقب من تشاء ، وتظل كذلك من الفجر حتى الضحى ، ثم تركب عائدة إلى الحصن ، وتأمر بمد الخوانات للحشم والأتباع. فإذا ما أظل المساء خرجت ثانية وجلست على هذا النحو حتى الغروب ، فتعود إلى حصنها ويعود هؤلاء إلى رساتيقهم ليحل غيرهم فى اليوم التالى مكانهم فى خدمتها.
وفى أيام هذه المرأة فتحت بخارى على يد عبد اللّه بن زياد من قبل معاوية ، وقد دارت بينها وبينه حروب انتهت بالصلح على مال تؤديه ، وكان ذلك فى آخر عام 53 ه وأول عام 54 ه (672 - 673 م).
ولكن بخارى مع ذلك لم تسلس القياد للفاتحين ، إذ كانت ممعنة فى الوثنية تظهر الإسلام وتسر البقاء على وثنيتها. وبعد حروب طويلة قاسى فيها المسلمون أهوالا تمكن قتيبة بن مسلم بعد غزوه لها للمرة الرابعة من إقرار الإسلام وبناء المسجد الجامع بها عام 64 ه (712 م).
وكانت بخارى تتمتع بثراء طائل وتقوم بها صناعات وتجارة زاهرة ، ويتجلى لنا هذا فى مغانم المسلمين منها عند الفتح وما كانوا يصالحون عليه أهلها من مال وخراج كان يؤدى فيما بعد على صورة منسوجات فاخرة تقدم لدار الخلافة. ويستخلص مما جاء فى دائرة المعارف الإسلامية (1) أن بخارى العاصمة مدينة كبيرة فى التركستان على المجرى الأدنى لنهر «زرافشان» وأن المدينة أنشئت قبل الإسلام بعدة قرون فى الموضع الذى توجد فيه بخارى الحالية.
وقد سمى الصينيون هذه المدينة منذ القرن الخامس الميلادى «نومى» وهو الاسم الذى يقابل الاسم القديم «نومجكات» (2) الذى كان معروفا أيضا فى العهد الإسلامى.
واسم بخارى بالصينية «پوهو» ويقال إن كلمة بخارى تحوير لكلمة «بخر» وهى
ص: 8
بدورها تحوير تركى مغولى للكلمة السنسكريتية «قهارة» ومعناها صومعة أو دير. ويقال إنه كان للبوذيين معبد فى بخارى أو على مقربة منها فى بلخ أو سمرقند.
وكان أمراء بخارى قبل الإسلام يحملون لقب «بخار خدا» (1) ومعناه أمير بخارى (2). ولما فتحها العرب أقيم إلى جانب «بخار خدا» فى السنوات الأولى عامل عربى تابع لأمير خراسان الذى كان يقيم فى «مرو» ، وإلى سنة 260 ه. (874 م.) لم تكن بخارى تابعة للسامانيين ، بل كان يحكمها عامل لبنى طاهر ، وبعد سقوط دولة الطاهريين سنة 259 ه. (873 م) صار يعقوب بن الليث الصفار مدة أميرا على خراسان ومن جملتها بخارى ، فتوجه جماعة من العلماء والأهالى إلى نصر بن أحمد السامانى الذى كان يحكم سمرقند ، فولى أخاه الأصغر إسماعيل على بخارى ، وبقيت بخارى منذ ذلك الوقت فى حوزة بنى سامان إلى أن دالت دولتهم سنة 389 ه. (998 م) على ما هو مفصل فى هذا الكتاب.
وقد تعرضت مدينة بخارى للغزو والتخريب مرات ، ولكنها مع هذا كان يعاد بناؤها دائما فى مكانها الأول ، وعلى تخطيطها السابق الذى أنشئت عليه فى القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) ، وقد أعان هذا على إمكان تحديد تخطيطها وما جرى عليه من تطورات فى عصورها التاريخية. وقد ميز الجغرافيون العرب فى مدينة بخارى بين معالم ثلاثة :
1 - القلعة وتسمى بالفارسية «كهندژ» أى الحصن القديم ، وتكتب بالعربية «قهندز».
2 - المدينة وتسمى بالفارسية «شهرستان» أو «شارستان».
3 - الربض أو الضاحية القائمة بين المدينة القديمة والسور الذى بنى فى عهد المسلمين.
ص: 9
وكانت القلعة منذ أقدم عصورها قائمة فى المكان نفسه الذى توجد فيه الآن شرقى الموضع الذى يسمى - كما كان فى عهد السامانيين - «ريكستان» (Rigstan) ، ويبلغ محيط القلعة اليوم نحو كيلومتر ونصف ، وتبلغ مساحتها ثلاثة وعشرين فدانا (1). وكان قصر «بخار خدا» يوجد داخل القلعة ، وكان قائما على سبعة أعمدة من الحجارة تمثل الصورة الفلكية لبنات نعش ، وعند مدخله لوحة من الحجر كتب عليها اسم بانيه. وكان شائعا بين الناس أنه ما من أمير فر من ذلك القصر أمام خصمه أو مات فيه قط ، وإنما نزلت المنية بالأمراء جميعا خارج هذا القصر. وكانت القلعة خارج المدينة ويفصلها عنها فضاء مكشوف شرقى القلعة أقيم فيه المسجد الجامع منذ القرن الثانى للهجرة (الثامن الميلادى) وظل به إلى القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) ، أما المدينة أو الشهرستان فقد أمدنا النرشخى (فى هذا الكتاب) بمعلومات دقيقة عنها جعلت من الممكن دون شك أن يعين ما يقابل الشوارع التى ذكرها من شوارع المدينة الحالية.
وقد حدث فى العصر الإسلامى أن أصبحت المدينة أو الشهرستان وضواحيها يحيط بها سور عام ، ويقول النرشخى إن هذا حدث ابتداء من سنة 235 ه. (849 - 850 م). وفى القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى) كان يوجد إلى جانب السور القديم سور جديد أوسع منه دائرة وكان لكل من السورين أحد عشر بابا ، وضع العرب لكل منها اسما مثل باب سمرقند الذى ما يزال محتفظا باسمه إلى اليوم فى الجانب الشمالى ، وقد أحصى الإصطخرى أبواب السورين حسب الترتيب الدقيق الذى كانت عليه مثل :
باب الميدان فى الجنوب الغربى ويسمى اليوم «قره كول» (Karakul) ودرب إبرهيم أو باب إبرهيم ويسمى حاليّا باب الشيخ جدال ، وهو شرقى الباب الأول مباشرة وهما فى السور الخارجى ، ثم عاد فذكر الأبواب الداخلية فبدأ بباب سمرقند
ص: 10
فى الشمال إلى آخر تلك الأبواب الداخلية التى حدثنا عنها النرشخى (فى هذا الكتاب) وهو يتكلم عن الحريق الذى شب فى بخارى سنة 325 ه. (937 م).
وقد خربت بخارى على يد چنكيز خان عام 616 ه. (1220 م) ، ثم أعيد بناؤها فى عهد خليفته أوكيدى خان (1) ، وفى سنة 636 ه. (1238 م) ثار الشعب ضد المغول وطبقة الملاك ، ولكن هذه الثورة أخمدت. وفى اليوم السابع من رجب سنة 671 ه. (28؟؟؟ سنة 1273 م.) فتح مغول فارس بخارى وظلوا يعملون فيها السلب والنهب سبعة أيام متواصلة ، فدب فيها الخراب وتم تخريبها بعد ذلك بثلاثة أعوام على يدى الأميرين «چوبة» و «قان» وهما من الأتراك ال «چغتاى» وظلت سبعة أعوام لا تدب فيها نسمة. وفى عام 682 ه. (1283 م) أعاد تعميرها الأمير «قيد ومسعود بك» وجلب إليها السكان. وفى رجب سنة 716 ه. (19 سبتمبر - 18 أكتوبر سنة 1316 م) أغار عليها مغول فارس مرة أخرى وأخرجوا أكثر أهلها وأسكنوهم إقليم جيحون مرغمين. وفى أواخر عام 905 ه. (صيف عام 1500 م.) فتح الأزابكة مدينة بخارى ، ولكنهم احتفظوا بسمرقند عاصمة لهم. وقد أقام فى بخارى اثنان من أشهر أمراء بنى شيبان هما عبيد اللّه ابن محمود (918 - 946 ه ؛ 1512 - 1539 م.) وعبد اللّه بن إسكندر (918 - 964 ه. / 1512 - 1557 م.) وأصبحت بخارى فى عهدهما مركزا للحياة السياسية والروحية ، وظلت كذلك عاصمة فى عهد الأسرتين التاليتين «الجانية» (Djanides) والإسترخانية (Ashitarkhanides) ، وفقدت سمرقند حاضرة الأوزبك كل ما كان لها من شأن تقريبا.
ومنذ القرن العاشر الهجرى (السادس عشر الميلادى) توثقت الصلات بين
ص: 11
دولة الأزابكة وقياصرة موسكو ، فأصبحت بخارى بذلك معروفة فى روسيا وأوربا الغربية. وكان الروس فى القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين يطلقون اسم بخارى على جميع التجار والمهاجرين من آسيا الوسطى ، وأطلقت هذه التسمية كذلك على سكان التركستان الصينية الحالية التى كانوا يميزونها باسم بخارى الصغرى.
وكان عهد الخان عبد العزيز (1055 - 1091 ه. / 1645 - 1680 م.) آخر عهودها السعيدة فى نظر مؤرخى تلك البلاد الذين جاءوا بعد ، وقد عجز خلفاؤه عن الاحتفاظ بوحدة الدولة ، فاستقل أمراء الأزابكة بالحكم فى كثير من البقاع ، وأصبح الخان المقيم فى بخارى لا يحكم إلا حيزا صغيرا من الدولة القديمة.
وفى سنة 1153 ه. (1740 م.) خضعت بخارى لحكم نادر شاه (1) ولم تستعد استقلالها إلا بعد وفاته. وفى هذا العهد نفسه ظهرت فى بخارى أسرة «بنى منغيت» (2) إذ نادى الأتاليق محمد رحيم من أسرة منغيت بنفسه خانا سنة 1170 ه. (1756 م.) وأخذت بخارى بعد ذلك تسترد شيئا فشيئا شهرتها كمدينة الإسلام والشريعة. وعند ما اعتلى الأمير مظفر الدين شاه العرش (1277 - 1303 ه. (1860 - 1885 م) تغلغل نفوذ الروس فى بلاد ما وراء النهر القديمة. وبعد أن هزم ذلك الأمير عدة مرات اضطر
ص: 12
إلى التخلى عن مطالبه فى وادى نهر سيحون الذى استولى عليه الروس ، كما تخلى لهم عن جزء كبير من أراضيه الشمالية سنة 1304 ه. (1886 م). أما العاصمة بخارى فلم يتعرض لها الروس إلى ذلك الوقت ، ولكن بخارى اتسعت غربا عام 1290 ه. (1873 م). على حساب خيوة (1) التى فتحها الروس. وظل هذا الأمير يحكم تحت نفوذ الروس.
وقد أقيمت الحدود لأول مرة بين بخارى وأفغانستان فى عهد الأمير عبد الأحد خان (1303 - 1328 ه. - 1885 - 1910 م.) وأصبحت مدينة «پنج» بمقتضى الأتفاق الذى عقد بين الروس والإنجليز سنة 1303 ه. (1885 م.) الحد الفاصل بين بخارى وأفغانستان وتخلى الأمير بعد ذلك عن جزء من إقليم «درواز» للأفغان مقابل ضم إقليمى «روشن» و «شغنان» إليه. وفى هذا العهد نفسه نظمت العلاقات بين بخارى وروسيا وأصبحت إمارة بخارى منذ سنة 1305 ه. (1887 م) يخترقها خط حديدى روسى لا يمر بالبلدان الهامة بالإمارة ومن بينها العاصمة بخارى.
وعلى بعد خمسة عشر كيلومترا من بخارى القديمة عاصمة الإمارة أقيم على الخط الحديدى بعض المنشآت الروسية وسميت بخارى الجديدة ، وتعرف محطة السكة الحديد بها اليوم باسم «كاكان» (Kagan) ، وأصبحت بخارى الجديدة مقر المبعوث الروسى وربطت بالعاصمة بخارى القديمة بخط حديدى أنشئ على نفقة أمير بخارى ، ودخلت إمارة بخارى بأجمعها ضمن منطقة النفوذ الجمركى الروسى. ولم تتأثر حضارة بخارى على رغم ذلك بالحضارة الروسية إلا قليلا.
وقد ولى الأمير عالم خان بن الأمير السابق عبد الأحد خان الذى تلقى تعليمه فى روسيا فى مدرسة سانت بطرسبورغ الحربية إمارة بخارى منذ سنة 1328 ه.
(1910 م) وظل أميرا لبخارى حتى عام 1340 ه. (1920 م) ثم استولى الروس بصفة نهائية على إمارة بخارى بما فى ذلك بخارى القديمة العاصمة ، وأعلنت
ص: 13
جمهورية بخارى. وفى عام 1343 ه. (1924 م) قسمت هذه الجمهورية بين جمهورية تاجيكستان وعاصمتها «دوشنبة» وجمهورية أوزبيكستان وعاصمتها «طشقند» وجمهورية تركمانستان وعاصمتها «عشقاباد» وهذه الجمهوريات الثلاث الآن من جمهوريات آسيا الوسطى السوفييتية ، ومدينة بخارى إحدى المدن الهامة فى جمهورية أوزبيكستان.
ولكن بخارى على رغم هذه التقلبات وما انتهت إليه اليوم ما تزال تحتفظ بكثير من المعالم الأثرية الإسلامية وما يزال العالم شرقيه وغربيه يلهج باسمى علمين من أئمة علمائها هما :
أبو عبد اللّه محمد بن إسماعيل الجعفى المعروف بالإمام البخارى (1) صاحب الجامع الصحيح المشهور بصحيح البخارى ؛ والشيخ الرئيس أبو على الحسين ابن عبد اللّه بن الحسين بن على بن سينا البخارى الفيلسوف الطبيب (2).
* * *
المترجمان
دكتور أمين عبد المجيد بدوى
نصر اللّه مبشر الطرازى
القاهرة 1 جمادى الأولى 1385 ه / 28 أغسطس 1965 م.
ص: 14
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
حمدا وثناء لله تعالى جل جلاله ، خالق العالم وعالم السر ورازق الأحياء ومالك الأرض والسماء ؛ والصلاة والسلام على صفوة الآدميين وخاتم النبيين محمد المصطفى صلى اللّه عليه وآله وصحبه وأتباعه وأشياعه رضوان اللّه عليهم أجمعين.
أما بعد - فيقول أبو نصر أحمد بن محمد بن نصر القباوى (1) : إن أبا بكر محمد بن جعفر النرشخى قد ألف كتابا باسم الأمير الحميد أبى محمد نوح بن نصر ابن أحمد بن إسماعيل السامانى رحمه اللّه تعالى فى ذكر بخارى ومناقبها وفضائلها وما فيها وفى رساتيقها من مرافق ومنافع وما ينسب إليها ، وفى ذكر الأحاديث التى رويت فى فضائل بخارى عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والصحابة والتابعين وعلماء الدين رضوان اللّه عليهم أجمعين.
وكان تأليف هذا الكتاب باللغة العربية وبعبارات بليغة فى شهور سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة (943 م).
ولما كان أكثر الناس لا يرغب فى قراءة الكتب العربية ، طلب منى الأصدقاء أن أقوم بترجمة الكتاب إلى الفارسية ، فأجاب الفقير طلبهم وترجمه فى جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة (1128 م). وبما أن النسخة العربية قد احتوت أشياء غير جديرة بالذكر يزداد الطبع مللا بقراءتها ، فقد حذفت تلك الأشياء ، واختصره أضعف العباد محمد بن زفر بن عمر فى شهور سنة أربع وسبعين وخمسمائة (1178 م) لمجلس صدر صدور الزمان العالى السيد الإمام الأجل الأعز
ص: 15
برهان الملة والدين ، سيف الإسلام والمسلمين ، حسام الأئمة فى العالمين ، سلطان الشريعة ظهر الخلافة إمام الحرمين مفتى الخافقين ، كريم الطرفين ذى المناقب والمفاخر عبد العزيز بن الصدر الإمام الحميد برهان الدين عبد العزيز قدس اللّه أرواح السلف وبارك فى الخلف فى العز والعلى.
ص: 16
كان منهم : سيبويه بن عبد العزيز البخارى النحوى. قال محمد بن أعين : سمعت من عبد اللّه بن مبارك أن سيبويه تولى قضاء بخارى ولم يظلم مقدار درهمين ، ثم استطرد قائلا : مقدار درهمين كثير ، لم يظلم مثقال ذرة. ثم تولى القضاء مخلد ابن عمر سنين طويلة إلى أن استشهد آخر الأمر ، وكذا أبو ديم حازم السدوسى الذى وصله فرمان القضاء من الخليفة ، وعيسى بن موسى التيمى المعروف بغنجار رحمه اللّه ولى القضاء فلم يقبل ، فقال له السلطان إن لم تل القضاء فاختر شخصا نوله ، فلم يقبل هذا أيضا ، فأمر السلطان ، أن اذكروا أسماء أهل القضاء أمامه ، ففعلوا كذلك ، وحينما كانوا يذكرون اسم شخص أمامه كان يقول : ليس بأهل : فلما ذكروا حسن بن عثمان الهمدانى سكت ، فقالوا إن السكوت منه علامة الرضا ، فولوا حسن بن عثمان القضاء ولم يكن فى عهده فى مدن خراسان (1) أى شخص فى علمه وزهده.
ثم عامر بن عمر بن عمران ، ثم إسحق بن إبرهيم بن الخيطى وتوفى بطوس بعد عزله فى ثمان ومائتين (823 م). ثم سعيد بن خلف البلخى الذى ولى القضاء فى سلخ جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة ومائتين (828 م) وقد مارس القضاء على وجه كان يضرب به المثل فى العدل والإنصاف والشفقة على خلق اللّه تعالى ، وسنّ سننا حسنة منها : أنه وضع نظام عسس المياه ، وتقسيم الماء فى بخارى بالعدل والإنصاف حتى لا يجوز القوى على الضعيف.
ص: 17
وكذا عبد المجيد بن إبرهيم النرشخى رحمه اللّه الذى كان يعد من عباد اللّه الصالحين ، وأحمد بن إبرهيم البركدى رحمه اللّه كان قاضيا فى عهد السلطان أحمد ابن إسماعيل السامانى وفقيها وزاهدا.
ثم أبو ذر محمد بن يوسف البخارى وكان من جملة أصحاب الإمام الشافعى رحمه اللّه ، وكان ذا علم وزهد كما كان مقدما على علماء بخارى ، وقد امتحنوه كثيرا عن طريق تقديم الرشوة له خفية وبكل الوسائل ولكنه لم ياوث نفسه بأى شىء بل كان العدل والإنصاف يزدادان كل يوم منه ظهورا ، وعند ما بلغ الشيخوخة طلب إعفاءه من القضاء وذهب إلى الحج وأدى الفريضة ، ثم أقام فى العراق مدة يطلب علم حديث النبى صلى اللّه عليه وسلم ، وتتلمذ ثم عاد إلى بخارى فاختار العزلة إلى نهاية حياته رحمة اللّه عليه.
وكذا أبو الفضل بن محمد بن أحمد المروزى السلمى الفقيه رحمه اللّه ، وهو صاحب «المختصر الكافى» تولى القضاء فى بخارى سنوات طوالا فلم تؤخذ عليه ذرة عيب ، وكان يعمم العدل والإنصاف ، فلم يكن له مثيل فى الدنيا فى العلم والزهد فى زمانه وصار بعد ذلك وزيرا للسلطان ومات شهيدا رحمة اللّه عليه.
يقول مصنف هذا الكتاب : ولو ذكرنا جميع علماء بخارى لاحتجنا إلى دفاتر عديدة نملؤها ، وهذه الفئة التى ذكرناها من العلماء هم هؤلاء الذين قال النبى صلى اللّه عليه وسلم فى حقهم «علماء أمتى كأنبياء بنى إسرائيل».
فصل : لم يورد محمد بن جعفر النرشخى هذا الفصل فى كتابه ، وذكر الإمام أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد النيسابورى فى كتاب خزائن العلوم أن هذا الموضع المعروف اليوم ببخارى كان يتكون من بركة ومقصبة وغيضة ومرج وفى بعض أجزائه كان لا يجد أى حيوان مخاضة ، لأن الثلوج كانت تذوب على الجبال بالولايات التى بناحية سمرقند (1) فيجتمع الماء هنالك. وبناحية سمرقند نهر عظيم يقال له نهر
ص: 18
«ماصف» يتجمع فيه ماء كثير ، وهذا الماء الكثير يخد الأرض ويلفظ وحلا كثيرا يطم الحفر ، وكان الماء يأتى بكثرة ويحمل الطمى إلى ناحيتى «بتك» و «فرب» ثم توقف ذلك الماء وقد طمر هذا الموضع الذى يقال له «بخارى» وتمهدت الأرض وأصبح ذلك النهر العظيم السغد (1) وهذا الموضع المطمور بخارى. واجتمع الناس من كل صوب ، وازدهر ذلك المكان وأقبل الناس من ناحية التركستان (2) ، وكان بهذه الولاية كثير من الماء والشجر والصيد ، فأعجب هؤلاء الناس بها وأقاموا فيها ، وكانوا أول الأمر يعيشون ويقيمون فى الخيام والسرادقات ، فتجمعوا وتكاثروا على
ص: 19
مر العصور وبنوا العمائر واختاروا من بينهم واحدا اسمه «أبروى» نصبوه أميرا عليهم. ولم تكن قامت بعد هذه المدينة ، بل كانت هنالك بعض الرساتيق من جملتها «نور» و «خرقان رود» و «وردانة» و «تراوجه» و «سفنه» و «إيسوانه».
وكانت القرية الكبيرة التى يقيم فيها الأمير هى «بيكند» والمدينة «قلعة دبوسى» (1) وكانت تسمى المدينة. وبعد مدة كبر «أبروى» وسلك طريق الظلم فى هذه الولاية ، فلم يستطع الناس الصبر طويلا وفر الدهاقين والأغنياء منها إلى التركستان ، حيث بنوا شبه مدينة سموها «حموكت» (2) ، لأن فلاحا (دهقانا) عظيما اسمه «حموك» كان رئيس تلك الطائفة التى ذهبت إلى هنالك.
و «حموك» فى اللغة البخارية معناها جوهر ، و «كت» معناها المدينة ، أى «مدينة حموك». وفى اللغة البخارية يقال للشخص العظيم «حموك» (3). ثم أرسل الناس الذين بقوا فى بخارى رسولا إلى عظمائهم طالبين النجدة من جور «أبروى» ، فتوجه هؤلاء العظماء والفلاحون إلى ملك الترك وكان اسمه «قراجورين ترك» ويلقبونه «بياغو» لعظمته ، وقد استنجدوا به ، فأرسل «بياغو» ابنه «شير كشور» (4) مع جيش عظيم ، فلما وصل إلى بخارى قبض على «أبروى» فى «بيكند» وقيده ، ثم أمر فملأوا جوالا بالزنابير (5) وأدخلوا فيه «أبروى» حتى مات. وقد أعجب «شير كشور» بهذه الولاية فأرسل إلى أبيه كتابا يطلبها منه مستأذنا فى البقاء ببخارى ، فجاء الرد (من بياغو) : «قد منحتك تلك الولاية» ، وأوفد «شير كشور» رسولا إلى حموكت لإعادة هؤلاء الذين هربوا من بخارى مع نسائهم وأطفالهم ، ثم صدر مرسوم باعتبار كل عائد من «حموكت» من جملة الخواص ، لأن كل من كان
ص: 20
غنيّا ودهقانا كبيرا كان قد فر ، وبقى المعدمون والفقراء ، وعندما عاد هؤلاء القوم إلى بخارى دخل فى خدمتهم أولئك الفقراء ، وكان بينهم دهقان عظيم يسمى «بخار خداة» لكونه ابن دهقان كان يملك أكثر الضياع ، وكان أغلب هؤلاء الناس عبيده وخدامه.
وقد بنى «شير كشور» مدينة «بخارى» وقرى «مماستين» و «سقمتين» و «سمتين» و «فرب» (1) وحكم مدة عشرين سنة ، وعند ما تولى بعده ملك آخر بنى «اسكجكت» (2) و «شرغ» و «رامتين» ثم قرية «فرخشى» (3) ، وعند ما جىء بابنة ملك الصين عروسا إلى بخارى ، جاءوا فى جهازها بمعبد للأصنام من الصين ووضعوه برامتين.
وفى أيام خلافة أمير المؤمنين أبى بكر الصديق رضى اللّه عنه ، سك النقد فى بخارى من الفضة الخالصة ، ولم يكن بها من قبل نقود فضية وقد فتحت بخارى أيام معاوية على يد قتيبة بن مسلم ؛ فولى «طغشادة» بخارى اثنين وثلاثين عاما من قبل قتيبة بن مسلم ، ولما قتله أبو مسلم فى سمرقند فى عهد نصر بن سيار أمير خراسان كان «طغشادة» قد حكم بعد قتيبة بن مسلم عشر سنوات (وقتله أبو مسلم رحمه اللّه) (4) ثم ملك بعده أخوه «سكان بن طغشادة» سبع سنوات وقتل فى قصر
ص: 21
«فرخشى» على أثر ثورة بأمر الخليفة وذلك فى شهر رمضان حينما كان مشغولا بقراءة القرآن ، ودفن أيضا فى ذلك القصر وتولى بعده أخوه «بنيات بن طغشادة» الملك سبع سنوات وقتل بأمر الخليفة فى قصر «فرخشى» وسنذكر سبب ذلك بعد هذا ، وظلت بخاى بعده فى قبضة أبناء «طغشادة» وخدامه وأحفاده إلى عهد الأمير إسماعيل السامانى حيث خرج الملك من يد أبناء «بخار خداة» وسيأتى ذكره فيما بعد.
ص: 22
يقول محمد بن جعفر : عند ما مات «بيدون بخار خداة (1)» ترك طفلا رضيعا اسمه «طغشادة» ، فجلست على العرش هذه الخاتون (السيدة) التى كانت أم الطفل ومكثت فى الحكم خمس عشرة سنة. وأخذ العرب يقصدون بخارى فى عهدها ، فكانت الخاتون فى كل مرة تعقد الصلح معهم وتعطيهم المال.
ويقال إنه لم يكن فى عصر من العصور من هو أصوب رأيا منها ، فكانت تحكم بصائب الرأى وينقاد لها الناس. وكان من عادتها أن تخرج كل يوم من حصن بخارى على ظهر جوادها وتقف على باب «ريكستان» وقد سمى هذا الباب بباب العلافين (دروازه علف فروشان) حيث كانت تجلس على تخت وأمامها الغلمان والخصيان والأشراف والحشم.
وكانت قد فرضت على أهل الرستاق أن يجىء لخدمتها مائتا شاب من الدهاقين والأمراء متمنطقين بمناطق ذهبية ويحملون السيوف ويقفون من بعيد ، وعند خروج الخاتون كانوا يحيونها ويقفون فى صفين وهى تنظر فى أمور المملكة وتأمر وتنهى وتخلع على من تريد وتعاقب من تريد وتظل هكذا من الصباح إلى الضحى ثم تعود إلى الحصن وترسل الموائد وتطعم جميع الخدم والحشم.
وعند ما يأتى المساء كانت تخرج على هذه الصورة وتجلس على التخت وقد اصطف أمامها الدهاقين والأمراء فى صفين للتحية ، وذلك إلى غروب الشمس وحينئذ تقوم وتركب وتذهب إلى القصر ، ويذهب هؤلاء إلى موطنهم فى الرستاق.
وفى اليوم التالى يأتى قوم آخرون للخدمة بنفس الطريقة وهكذا دواليك حتى تأتى
ص: 23
النوبة على هؤلاء القوم (ثانية) ، وكان يتحتم على كل منهم أن يجىء فى العام أربعة أيام على هذا المنوال.
فلما توفيت هذه الخاتون كان ابنها «طغشادة» قد كبر واستأهل الملك بينما كان الكل يطمع فى هذا الملك.
وقد كان ثمة وزير أصله من التركستان يسمى «وردان خداة» وكانت له إمرة «وردانة» وقد خاض معه قتيبة (1) حروبا كثيرة إلى أن مات «وردان خداة» هذا ، واستولى قتيبة على بخارى بعد أن أخرج «وردان خداة» مرارا من هذه الولاية حتى هرب إلى التركستان. فأعطى قتيبة بخارى لطغشادة ثانية وأجلسه على العرش وصفا له الملك وكف عنه أيدى جميع أعدائه.
وكان «طغشادة» قد أسلم على يد قتيبة وظل يحكم بخارى طيلة حياة قتيبة ، كما بقى ملك بخارى فى يده بعد قتيبة فى عهد نصر بن سيار. فملك بخارى اثنين وثلاثين عاما ، وأنجب طغشادة وهو فى الإسلام ولدا أسماه قتيبة محبة فى قتيبة بن مسلم ، فأجلس قتيبة هذا على عرش والده وبقى على الإسلام مدة إلى أن ارتد فى زمان أبى مسلم رحمه اللّه ، فعلم أبو مسلم بذلك وقتله وأهلك أخاه كذلك مع أهله ، وبعد ذلك صار «بنيات بن طغشادة» ملكا على بخارى وكان قد ولد فى الإسلام وظل عليه مدة. فلما ظهر «المقنع» وظهرت فتنة المبيّضة أى ذوى الأردية البيضاء (سپيدجا مكان) فى رستاق بخارى مال إليهم «بنيات» وأعامهم حتى طالت أيديهم وتغلبوا ، فأخبر صاحب البريد الخليفة ، وكان الخليفة إذ ذاك «المهدى». ولما فرغ المهدى من أمر المقنع والمبيضة أرسل الفرسان ، وكان بنيات جالسا فى قصر «فرخشى» يحتسى الشراب فى المجلس وينظر من الشرفة ، فرأى الفرسان قادمين من بعيد ، فأدرك بالفراسة على الفور أنهم من قبل الخليفة ، وبينا كان يتدبر الأمر إذ بهم وصلوا وسلوا السيوف دون أن يتكلموا وضربوا رأسه وذلك
ص: 24
فى عام مائة وستة وستين من الهجرة 782 م وفر قومه كلهم وعاد هؤلاء الفرسان أجمعين.
وعند ما قتل أبو مسلم (1) قتيبة بن طغشادة بسبب ارتداده عن الإسلام وقتل كذلك أخاه وأهل بيته ، أعطى ضياعه ومستغلاته لبنيات بن طغشادة الذى ظلت معه حتى عصر الأمير إسماعيل السامانى.
فلما ارتد بنيات وقتل ، ظلت تلك الضياع فى يد أولاد بخار خداة. وكان آخر من خرجت من يده هذه الأملاك (2) هو أبو إسحق إبرهيم بن خالد بن بنيات.
وكان إبرهيم يقيم فى بخارى والأملاك فى يده ويرسل كل عام بالخراج والغلات من ناحية ما وراء النهر (3) إلى أخيه نصر ليبعث بها إلى أمير المؤمنين المقتدر (4).
ص: 25
وقد انتزع الأمير إسماعيل السامانى هذه الضياع والمستغلات من يده لأن أحمد بن محمد الليث الذى كان صاحب الشرطة قال ذات يوم للأمير :
أيها الأمير - ممن آلت هذه الضياع بهذا الحسن وكثرة الغلات إلى أبى إسحق؟ فقال الأمير إسماعيل السامانى : إن هذه الضياع ليست ملكه بل هى أملاك سلطانية. فقال أحمد بن محمد الليث : إنها أملاكهم ولكن الخليفة انتزعها من أيديهم بسبب ردة أبيهم وصيرها ملك بيت المال ، ثم عاد فأعطاها له على سبيل الأجر والجامكية وهو لا يقوم بالخدمة كما يجب ويرى هذه الضياع ملكا له.
وبينما كانوا فى هذا الحديث إذ دخل أبو إسحق بن إبرهيم ، فقال له الأمير إسماعيل السامانى : يا أبا إسحق - ما مقدار ما يعود عليك كل عام من الغلة من هذه الضياع؟. فقال أبو إسحق : تغل كل عام عشرين ألف درهم بعد كثير من التعب والتكلف. فأمر الأمير إسماعيل أحمد بن محمد الليث قائلا : خذ هذا الموضع وقل لأبى الحسن العارض أن يعطيه كل عام عشرين ألف درهم. وبهذا خرجت هذه الضياع من يده ولم تعد إليه.
وقد توفى أبو إسحق سنة إحدى وثلثمائة (923 م) وبقى أولاده فى قريتى «سفنة» و «سيونج».
ص: 26
ذكر أبو الحسن النيسابورى فى كتابه «خزائن العلوم» أن مدينة بخارى من جملة مدن خراسان (1) ، ولو أن نهر جيحون (2) يقع بينهما. و «كرمينة» (3) من رساتيق بخارى وماؤها من ماء بخارى وخراجها من خراج بخارى ولها رستاق على حدة ، وبها مسجد جامع ، وقد كان فيها أدباء وشعراء كثيرون ، وقد سميت «كرمينة» قديما ب «بادية خردك» ومن بخارى إلى كرمينة أربعة عشر فرسخا.
و «نور» مكان عظيم وفيها مسجد جامع وأربطة كثيرة ، ويذهب إليها كل عام أهل بخارى والأماكن الأخرى للزيارة.
ويغالى أهل بخارى فى هذا الأمر فيرون أن من يذهب لزيارة «نور» تكون له فضيلة الحج ، وحينما يعود يزينون له المدينة بالأقواس لعودته من ذلك المكان المبارك. وتسمى «نور» هذه فى الولايات الأخرى بنور بخارى وقد دفن فيها كثير من التابعين ، رضى اللّه عنهم أجمعين إلى يوم الدين.
ثم «طوايسة» (4) واسمها «أرقود» وكان بها قوم منعمون مترفون ، وفى بيت كل منهم طاووس أو طاووسان من باب الترف ، ولم يكن العرب قد رأوا الطاووس
ص: 27
قبل ذلك ، فلما رأوا هنالك طواويس كثيرة ، سموا تلك القرية بذات الطوايس (الطواويس) ، وقد زال اسمها الأصلى وتركوا بعد ذلك كلمة «ذات» أيضا وقالوا «طوايس». وفيها مسجد جامع ولها سور عظيم ، وفى قديم الأيام كانت هناك سوق من تقاليدها أن تباع بها سنويّا لمدة عشرة أيام من فصل الخريف بقايا السلع المعيبة من رقيق ودواب وغير ذلك من متخلفات معيبة أخرى ، ولم يكن فى الإمكان ردها ثانية أو قبول أى شرط للبائع والمشترى. وكان يحضر هذه السوق أكثر من عشرة آلاف من التجار وأصحاب الحوائج من «فرغانة» (1) و «الشاش» (2) وأماكن أخرى ، ويعودون بأرباح طائلة. ولهذا كان أهل هذه القرية أغنياء ، ولم تكن الزراعة سبب غناهم. وهى تقع على الطريق الرئيسى إلى سمرقند وتبعد عن بخارى سبعة فراسخ.
«اسكجكت» (3) : لها خندق عظيم وكان بها قوم أغنياء ، ولم تكن الزراعة مصدر ثرائهم ، لأن ضياع تلك القرية من خربة ومعمورة تبلغ ألف «جفت» (4)
ص: 28
وكان كل أهلها تجارا ويكثر بها «الكرباس» (1).
وكانت تقام بها السوق كل يوم خميس ، وتلك القرية من جملة الأملاك السلطانية الخاصة (2) وكان أبو أحمد الموفق باللّه قد أقطع تلك القرية محمد ابن طاهر أمير خراسان ثم باعها إلى سهل بن أحمد الداغونى البخارى وأخذ الثمن ، وبنى (الداغونى) فيها حماما وقصرا عظيما فى زاوية على ضفاف النهر وظلت بقية ذلك القصر إلى زماننا ، ويسمى بقصر الداغونى ، وقد هدمت مياه النهر ذلك القصر.
وكان لسهل بن أحمد الداغونى هذا أتاوة عل أهل «أسكجكت» مقدارها عشرة آلاف درهم سنويّا مقسمة على بيوتها ، وقد منعت الأتاوة من هذه القرية لمدة سنتين أو ثلاث ، فرجعوا إلى السلطان وطلبوا منه العون ، وأخرج ورثة سهل ابن أحمد قبالة (3) فى أيام (الأمير) إسماعيل السامانى ، فرأى القبالة صحيحة ، ولكن الخصومة كانت قد طال بها العهد ، فتوسط سادة المدينة وصالحوا أهل القرية وورثة الداغونى على مائة وسبعين ألف درهم. وقد اشترى أهل هذه القرية قريتهم هذه ، فرفعت عنهم تلك الإتاوة ، ودفعوا ذلك المال. ولم يكن بهذه القرية مسجد جامع قط حتى كان فى أيام الملك شمس الملك نصر بن إبرهيم بن طمغاج خان ، سيد من أهل هذه القرية يقال له «خوان سالار» (4) وكان رجلا محتشما كثير العشيرة ومن جملة عمال السلطان ، فبنى مسجدا جامعا فى غاية الرواء من خالص ماله ، وأنفق عليه مالا طائلا وأقام به صلاة الجمعة.
يقول أحمد بن محمد بن نصر : أخبرنى خطيب «شرغ» أنهم لم يقيموا فى ذلك المسجد الجامع غير صلاة جمعة واحدة ، ولم يسمح أئمة بخارى بعد ذلك ولم يجيزوا
ص: 29
أن تقام هنالك صلاة جمعة ، وقد تعطل هذا المسجد الجامع إلى أن صار «قدر خان جبرئيل بن عمر بن طغرل خان» أميرا على بخارى وكان اسمه طغرل بيك ولقبه كولارتكين ، فاشترى أخشاب ذلك المسجد من ورثة «خوان سالار» وهدمه وجاء بالأخشاب إلى مدينة بخارى ، وبنى مدرسة بقرب سويقة البقالين (چوبه بقالان) استخدم فيها تلك الأخشاب وأنفق مالا لا حد له ، وتسمى تلك المدرسة بمدرسة كولارتكين وبها تربة الأمير.
و «شرغ» (1) تقع مقابل «اسكجكت» ولا يوجد بينهما أى بستان أو أرض خالية سوى نهر عظيم يقال له نهر «سامجن» ويسمى اليوم نهر «شرغ» ويسميه بعض الناس «حرام كام». وكان على هذا النهر جسر عظيم بين كلا القريتين.
ولم يكن فى «شرغ» هذه فى أى وقت مسجد جامع ، وقد بنى ذلك الجسر بغاية الإحكام من الآجر فى أيام أرسلان خان محمد بن سليمان بناء على أمره وبنوا مسجدا جامعا من ماله الخاص ، وقد أمر ببناء رباط للغرباء بجانب «اسكجكت». ولهذه القرية قلعة كبيرة يمكن أن تقارن بمدينة لعظمتها. وقد ذكر محمد بن جعفر أنه كان لهم قديما سوق وكانوا يجيئون كل سنة من الولايات البعيدة ويتاجرون ويبيعون عشرة أيام وسط الشتاء ، وكان أكثر ما ينتج هناك الحلوى المحشوة المصنوعة من الدوشاب (2) والقنطارى (3) والأخشاب والسمك المملح والطازج وفراء الخراف والحملان. وكانت التجارة رائجة وأما اليوم فى زماننا فتقام السوق كل يوم جمعة ويقصدها التجار من المدينة ونواحيها. ومن حاصلات تلك القرية التى يحملها التجار اليوم إلى الولايات الروى (4) والكرباس (5).
ص: 30
وروى محمد بن جعفر ، أن الأمير إسماعيل السامانى رحمه اللّه اشترى هذه القرية وجميع ضياعها وعقاراتها وأوقفها كلها على رباط كان قد بناه بباب سمرقند داخل مدينة بخارى ، وذلك الرباط وتلك الأوقاف أيضا غير موجودة اليوم. وكانت شرغ واسكجكت هاتان أجمل قرى بخارى حماها اللّه تعالى.
«زندنه (1)» : بها حصن كبير وأسواق كثيرة ومسجد جامع ، وهناك تؤدى الصلاة وتقام السوق كل يوم جمعة وما ينتج بها يقال له ال «زندنيجى» وهو الكرباس أى من قرية زندنة ، وهو جيد وموفور أيضا وينسج ذلك الكرباس فى كثير من قرى بخارى ويسمى الزندنيجى أيضا لأنه ظهر أول الأمر فى تلك القرية. ويحمل من ذلك الكرباس إلى جميع الولايات مثل العراق وفارس وكرمان (2) والهند وغيرها ويتخذ منه جميع العظماء والملوك ثيابا ويشترونه بثمن الديباج ، عمرها اللّه.
«وردانه» (3) : قرية كبيرة ذات قلعة وسور عظيم ومتين ، وكانت منذ القدم مقر الملوك وليس فيها الآن مقر الملك ، وهى أقدم من مدينة بخارى ، بناها الملك شاهپور ، وهى حد التركستان. وكانت تقام هناك سوق يوما فى كل أسبوع وكانت التجارة فيها رائجة ، ومن حاصلانها الزندنيجى الجيد.
«أفشنه» (4) لها قلعة كبيرة وسور محكم وتتبعها عدة نواح ، ويقام بها السوق
ص: 31
يوما فى كل أسبوع ، وضياع وفلوات هذه القرية وقف على طلاب العلم ، وقد بنى قتيبة بن مسلم هنالك مسجدا جامعا ، كما بنى محمد بن واسع أيضا مسجدا ، والدعاء فيه مستجاب ويقصده الناس من المدينة ويتبركون به.
«بركد» (1) : قرية قديمة وكبيرة ولها حصن عظيم وتسمى هذه القرية «بركد علويان» لأن الأمير إسماعيل السامانى اشتراها وأوقف عشر حصص (2) منها على العلويين وحصتين على دراويش بخارى وحصتين على ورثته.
«راميتن» (3) : ذات حصن كبير وهى قرية محكمة أقدم من مدينة بخارى ، وقد سميت هذه القرية فى بعض الكتب بخارى ، وهى مقام الملوك من قديم الزمان ، وبعد أن أصبحت بخارى مدينة كان الملوك يشتون فى هذه القرية وظلت كذلك فى الإسلام. وحين وصل أبو مسلم رحمه اللّه إلى بخارى أقام بهذه القرية ، وقد بناها أفراسياب (4) ، وكان أفراسياب لا يقيم بمكان آخر غير هذه القرية حين كان يأتى إلى هذه الولاية. وقد ذكر فى كتب الفرس أنه عاش ألفى سنة ، وكان رجلا ساحرا من أبناء الملك نوح ، وقد قتل صهره سياوش (5) ، وكان لسياوش ابن يسمى
ص: 32
الصورة
ص: 33
ص: 34
كيخسرو وقد قدم هذه الولاية فى عسكر عظيم طلبا لثأر والده ، وقد أحاط أفراسياب قرية راميتن هذه بسور ورابط كيخسرو بعسكره حول هذا السور سنتين وبنى إزاءها قرية وسمى تلك القرية «رامش» (1) وسميت رامش لطيبها. وما تزال هذه القرية حتى الآن معمورة. وبنى فى قرية رامش بيت نار يقول المجوس إنه أقدم من بيت نار بخارى. وقد قبض كيخسرو بعد عامين على أفراسياب وقتله. وقبر أفراسياب فى مدخل مدينة بخارى بباب المعبد فوق ذلك التل الكبير المتصل بتل السيد الإمام أبى حفص الكبير رحمه اللّه. ولأهل بخارى فى مقتل سياوش أغان عجيبة ويسميها المطربون ثأرسياوش (2). ويقول محمد بن جعفر إنه مضت ثلاثة آلاف سنة من هذا التاريخ. واللّه أعلم.
«ورخشه» (3) : من جملة القرى الكبيرة ، وكانت مثل بخارى وأقدم منها وقد كتب فى بعض النسخ «رجفندون» بدل «ورخشه» وكانت مقر الملوك وذات سور محكم ، وقد حاصرها الملوك مرات ، وكان لها ربض مثل ربض مدينة بخارى ، ولرجفندون أو ورخشة اثنا عشر جدولا هى فى داخل سور بخارى وكان بها قصر عامر يضرب به المثل فى حسنه وقد بناه بخار خداة (4) ، وقد مضى على بناء ذلك القصر أكثر من ألف سنة وكان قد تخرب وتعطل سنين طويلة ثم عمره «خنك خداة» ثم تخرب ، ثم عمره بنيات بن طغشادة بخار خداة فى الإسلام وجعله مقرّا له حتى قتل فيه.
وقد دعى الأمير إسماعيل السامانى رحمه اللّه تعالى أهالى تلك القرية وقال لهم :
ص: 35
إنى أعطيكم عشرين ألف درهم وأخشابا وأهدمه ، وبعض العمارة قائم فاجعلوا أنتم هذا القصر مسجدا جامعا ، فلم يقبل أهالى تلك القرية وقالوا : لا يستقيم بناء مسجد جامع فى قريتنا ولا يجوز ، وكان هذا القصر قائما حتى عصر الأمير أحمد بن نوح ابن نصر السامانى. فأتى بأخشاب هذا القصر إلى المدينة واشتغل بتعمير بيته الذى كان على باب سور بخارى. ولهذه القرية سوق كل خمسة عشر يوما وحين يكون السوق آخر العام يجعلونه عشرين يوما ، وفى اليوم الحادى رالعشرين يحتفلون ب «النوروز» (1) ويسمونه نوروز الفلاحين ولذلك يحافظ فلاحو بخارى على حسبانه ويعتمدون عليه ، ويقع نوروز المجوس بعده بخمسة أيام.
واعتبرت «بيكند» (2) من جملة المدن ولم يرض أهل بيكند بأن يسمى أحد بيكند قرية ، وإذا ذهب أحد أهل بيكند إلى بغداد وسئل من أين أنت؟ قال من بيكند. ولا يقول بخارى. وهى ذات مسجد جامع كبير وأبنية عالية. وكان على بابها أربطة كثيرة حتى سنة أربعين ومائتين (854 م). وقد روى محمد ابن جعفر فى كتابه أنه كان لبيكند أكثر من ألف رباط بتعداد قرى بخارى ، وكان سبب ذلك أن بيكند مكان عظيم جميل ، وقد بنى أهل كل قرية هناك رباطا وأقاموا به جماعة وبعثوا بنفقاتهم من القرية.
وفى فصل الشتاء وهو وقت غلبة الكفار ، كان يتجمع هنالك من كل قرية جمع غفير للغزو ، وينزل كل قوم برباطهم ، وكان أهل بيكند جميعا تجارا يتجرون مع الصين ويركبون البحر وكانوا أغنياء جدّا وقد لقى قتيبة بن مسلم عنتا
ص: 36
شديدا فى الاستيلاء عليها لأنها كانت فى غاية الحصانة ، وكانت تسمى «المدينة الصفرية» (1). وهى أقدم من مدينة بخارى ، وقد اتخذها كل ملك فى هذه الولاية مقاما له. وبين فرب (2) وبيكند بيداء رملية تمتد اثنى عشر فرسخا ، وقد عمر أرسلان خان محمد بن سليمان فى أيامه بيكند وجمع فيها الناس ، وبنوا عمارات جميلة. وبنى الخاقان لنفسه دارا بالغة التكاليف يمر بها نهر «حرام كام» ويتصل ببيكند مقاصب (3) ومستنقعات عظيمة يقال لها «باركين فراخ» (4) وتسمى أيضا «قراكول» (5) وقد سمعت من رجال موثقين أن مساحتها عشرون فرسخا.
وروى فى كتاب المسالك والممالك أنها تسمى «بحيرة سامجن» ويتجمع هنالك فائض نهر بخارى (6) ويوجد بها حيوانات مائية ولا يحصل من خراسان على كل هذا القدر من الطيور والسمك الذى يحصل عليه هنالك. وأمر أرسلان خان بحفر ترعة على حدة لبيكند بحيث يصل ماؤها إلى عين عماراتها ، لأن ماء «حرام كام» كان يصل حينا وحينا لا يصل.
وتقع بيكند على جبل ولكنه قليل الارتفاع ، وأمر الخاقان بحفر ترعة فى الجبل ، وقد بدا الصخر فى غاية الاندماج بحيث لم توجد فيه ثغرة وحاروا فى هذا الأمر وبذلوا مقادير عظيمة من الزيت والخل ليلين الصخر ، فلم يستطيعوا حفر أكثر من فرسخ واحد وهلك خلق كثيرون ، فانصرفوا عن ذلك بعد بذل الكثير من الجهد والمال ، وستذكر قصة فتح بيكند فى مكانها.
ص: 37
«فرب» (1) من جملة المدن ولها نواح على حدة ، وبينها وبين شاطئ جيحون فرسخ واحد يصير نصف فرسخ حين يفيض الماء ، ويحدث أحيانا أن يصل ماء جيحون إلى فرب. ولقرب مسجد جامع كبير بنيت جدرانه وسقفه من الآجر ، بحيث لا يوجد فيه خشب قط ، وكان بها أمير لا يضطر لأية حادثة إلى الذهاب إلى بخارى ، وقاض يجرى الأحكام بظلم شدّاد (2).
وقرى بخارى كثيرة وهذه التى ذكرناها كانت أشهرها وأقدمها.
ص: 38
ذكر بيت الطراز (1) الذى كان فى بخارى
وما يزال قائما
وكان ببخارى دار صناعة تقع بين السور والمدينة قرب المسجد الجامع ، كانت تنسج بها البسط والسرادقات واليزديات (2) والوسائد وسجاجيد الصلاة والبرود الفندقية من أجل الخليفة ، وكان خراج بخارى ينفق على سرادق واحد ، وفى كل عام كان يأتى من بغداد عامل خاص ويأخذ من هذه الثياب ما يقابل خراج بخارى. ثم حدث أن تعطلت هذه الدار وتفرق من كانوا يعملون بهذه الصناعة. وكان ببخارى صناع مهرة (أساتذة) مخصصين لهذا العمل ، وكان التجار يأتون من الولايات ويحمل الناس من تلك الثياب ، كما كانوا يحملون الزندنيجى إلى الشام ومصر والروم ، ولم تكن تنسج (3) فى أية مدينة بخراسان. والعجيب أن بعض أهل تلك الصناعة ذهبوا إلى خراسان وأعدوا الآلات اللازمة لها ونسجوا تلك الثياب ؛ فلم يكن لها ذلك الرواء. ولم يكن هناك ملك أو أمير أو رئيس أو صاحب منصب لا يوجد عنده شىء منها ، وكان منها الأحمر والأبيض والأخضر ، والزندنيجى اليوم أشهر تلك الثياب فى جميع الولايات.
ص: 39
كان فى بخارى سوق تسمى «بازار ماخ روز» أى سوق ماخ روز وكانت تقام مرتين فى العام لمدة يوم واحد فى كل مرة ، وفى كل مرة كان يباع بها من الأصنام ما تربو قيمته على خمسين ألف درهم فى اليوم الواحد. وروى محمد ابن جعفر فى كتابه «أن هذه السوق كانت موجودة فى أيامنا وكنت أعجب غاية العجب لأى شىء أقاموها ، فسألت المعمرين ومشايخ بخارى ما سبب هذا؟ فقالوا : إن أهل بخارى كانوا قديما عبدة أوثان ، فصارت هذه السوق تقليدا ومنذ ذلك التاريخ تباع فيها الأصنام وهى ما تزال باقية للآن.
وذكر أبو الحسن النيسابورى فى كتاب خزائن العلوم أنه كان فى قديم الزمان ملك فى بخارى اسمه «ماخ» وهو الذى أمر بإقامة هذه السوق ، وأمر النجارين والنقاشين فكانوا ينحتون الأصنام من العام إلى العام ويحضرونها إلى هذه السوق فى اليوم المعين ويبيعونها ويشتريها الناس ، وعند ما كان يضيع الصّنم أو يتحطم أو يتقادم كانوا يشترون غيره عند ما تقام السوق ويرمون ذلك القديم.
وحيث يوجد مسجد ماخ اليوم كانت توجد صحراء ، على حافة النهر ، وأشجار كثيرة كانت تقام فى ظلالها سوق يحضرها ذلك الملك ويجلس على التخت فى هذا الموضع الذى هو اليوم مسجد ماخ ليرغب الناس فى شراء الأصنام ، وكان كل شخص يشترى لنفسه صنما ويحمله إلى بيته ، ثم صار ذلك الموضع بيت نار.
وحين كان الناس يتجمعون يوم السوق كانوا يدخلون ذلك البيت ويعبدون النار ، وكان بيت النار ذاك موجودا حتى الإسلام. فلما تقوى المسلمون بنوا ذلك المسجد مكانه وهو اليوم من مساجد بخارى الهامة.
ص: 40
يقول أحمد بن محمد بن نصر إن أسماء بخارى كثيرة ، وقد ذكرها فى كتابه باسم «نيمجكت» ثم رأيته عاد فذكرها فى موضع آخر باسم «بومسكت» (1) وقد كتب فى مكان آخر بالعربية المدينة الصفرية (شارستان رويين) وفى موضع آخر مدينة التجار (شهر بازركانان).
واسم «بخارى» أشهر من كل ذلك ولا يوجد لأية مدينة بخراسان أسماء عديدة.
وورد اسم بخارى فى حديث «الفاخرة». وقد روى الإمام الزاهد الواعظ محمد ابن على النوجاباذى (2) حديثا عن سلمان الفارسى رضى اللّه عنه أنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن جبريل صلوات اللّه عليه قال : بالمشرق بقعة يقال لها «خراسان» وثلاث مدن خراسان هذه تزين يوم القيامة بالياقوت والمرجان ويصعد منها نور ويكون حول هذه المدن ملائكة كثيرة تسبح وتحمد وتكبر ، ويؤتى بهذه المدن إلى العرصات بالعز والدلال كالعروس التى تزف إلى بيت زوجها ، ويكون لكل مدينة من هذه المدن سبعون ألف علم وتحت كل علم سبعون ألف شهيد ، وبشفاعة كل شهيد ينجو سبعون ألف موحد من المتكلمين بالفارسية ، وبكل ناحية من هذه المدن عن اليمين واليسار ومن الأمام والخلف طريق طولها عشرة أيام كلها يوم القيامة شهداء.
وقال حضرة الرسول صلى اللّه عليه وسلم : يا جبريل : اذكر اسم هذه المدن.
فقال جبريل عليه السلام : واحدة من هذه المدن تسمى بالعربية «القاسمية» وبالفارسية «يشكرد» وتسمى الثانية بالعربية «سمران» وبالفارسية «سمرقند» ويقال
ص: 41
للثالثة بالعربية «فاخرة» وبالفارسية «بخارى». فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يا جبريل لم يسمونها فاخرة؟ فقال : لأن بخارى يوم القيامة تفخر على كل المدن بكثرة الشهداء. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : «اللّهم بارك فى فاخرة وطهر قلوبهم بالتقوى وزك أعمالهم واجعلهم رحماء فى أمتى» (1). ومن أجل هذا يشهد أهل المشرق والمغرب برحمة قلوب البخاريين وحسن اعتقادهم وطهرهم.
ص: 42
يقول أحمد بن محمد بن نصر عن عجائبها إن أبا الحسن النيسابورى ذكر فى خزائن العلوم أن سبب بناء قهندز بخارى (أى قلعة أرك بخارى) أن سياوش بن كيكاوس فر من أبيه وعبر جيحون وجاء إلى أفراسياب فلاطفه أفراسياب وزوجه ابنته. وقيل إنه أعطاه جميع ملكه ، فأراد سياوش أن يبقى منه أثر فى هذه الولاية ، لأنها كانت عارية له ، فبنى قلعة بخارى هذه. وكان يقيم بها فى أكثر الأوقات.
وقد وشى بينه وبين أفراسياب فقتله أفراسياب ودفن فى هذا الحصن أيضا بذلك الموضع الذى تدخل إليه من الباب الشرقى داخل باب باعة التبن ويسمى باب الغورية (دروازه غوريان). ولهذا السبب يجل مجوس بخارى هذا الموضع ، وفى كل سنة ينحر كل رجل هنالك ديكا نذرا له قبل طلوع شمس النوروز. ولأهل بخارى فى مقتل سياوش نياحات معروفة فى جميع الولايات جعلها المطربون أناشيد ينشدونها ، ويسميها القوالون نواح المجوس ، وقد مضى على هذا الحديث أكثر من ثلاثة آلاف سنة. فهو الذى بنى هذه القلعة بناء على هذه الرواية.
وقد ذكر البعض أن أفراسياب هو الذى بناها وأنها تخربت وبقيت سنوات مخربة. فلما جلس بيدون بخار خداة على العرش ، وكان زوج تلك الخاتون التى ذكرناها وأبا طغشادة أرسل شخصا عمر هذه القلعة.
وكان هو الذى عمر القصر وكتب اسمه على الحديد وثبته على بابه. وبقيت هذه الكتابة الحديدية على باب القصر حتى أيام المترجم. ولكن أحمد بن محمد ابن نصر يقول : إنه لما دمرت هذه القلعة دمر ذلك الباب أيضا (1).
وقد روى أحمد بن محمد بن نصر وذكر محمد بن جعفر وأبو الحسن النيسابورى أنه لما بنى بيدون بخار خداة هذا القصر ، انهدم ، فأعاد بناءه ثم انهدم ، وكان
ص: 43
يبنيه مرارا ثم ينهدم ، فجمعوا الحكماء وطلبوا تدبر الأمر ، فصار الانفاق على أن يبنى هذا القصر على سبعة عمد حجرية على شكل بنات نعش (1) التى فى السماء ، فلم يهدم على تلك الصورة. والعجب الآخر هو أنه منذ بنى هذا القصر لم ينهزم فيه ملك ، بل كان النصر حليفه. والعجيب أيضا هو أنه منذ بنى لم يمت فيه ملك قط لا فى الجاهلية ولا فى الإسلام ، وحين كان يدنو أجل ملك من الملوك كان يعرض سبب ، فيخرج منه ويتوفى فى مكان آخر. وظل الحال على ذلك منذ بنائه حتى خرابه. ولهذه القلعة بابان شرقى وغربى. ويسمى الباب الشرقى بباب الغورية «دروازه غوريان) والغربى باب الصحراء (در ريكستان) وقد سمى فى زمن المترجم باب العلافين (در علف فررشان). وكان فى وسط القلعة طريق يمتد من هذا الباب إلى ذاك. وكانت هذه القلعة مقر الملوك والأمراء والقادة ، كما كان يوجد بها السجن والدواوين الملكية والقصر الملكى وبيت الحريم والخزانة من قديم الزمان.
وقد تخربت هذه القلعة فى زمن المترجم ومضى على ذلك عدة سنوات. فأمر أرسلان خان بعمارتها وجعل مقره هنالك ، وجعل أحد الأمراء الكبار مستحفظا لها ليحافظ عليها كما ينبغى. وكان لهذه القلعة حرمة عظيمة فى نظر الخلق. وعند ما بلغ خوارزمشاه بخارى فى شهور سنة أربع وثلاثين وخمسمائة (1139 م) كان الأمير زنكى على ، خليفة (2) وواليا على بخارى من قبل السلطان سنجر (3) ، فقبض عليه وقتله وخرب القلعة ، وبقيت خرابا أكثر من سنتين. ولما صار ألبتكين واليا على بخارى من قبل كورخان فى شهور سنة ست وثلاثين وخمسمائة (1141 م) أمر فى هذه السنة بتعمير هذه القلعة وجعلها مقرّا له وصارت القلعة أحسن مما كانت. وفى شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة (1143 م) جاء حشم الغزّ إلى بخارى وحوصر عين الدولة
ص: 44
وقراچه بيك والوزير شهاب ، فكانت واقعة ومحنة عظيمتين ، واستولى حشم الغزّ على القلعة وقتلوا الوزير شهابا وخربوها وظلت خرابا وحينما أرادوا فى شهور سنة ستين وخمسمائة (1164 م) إقامة ربض بخارى وكان من اللازم أن يكون أساس الربض من الآجر فككوا أساس القلعة وأبراجها التى كانت من الآجر واستخدموها فى بناء ربض بخارى فتخربت تلك القلعة كلية ، ولم يبق من ذلك القصر أى بناء آخر أو أثر.
وفى شهور سنة أربع وستمائة (1207 م) استولى خوارزمشاه محمد بن السلطان تكش على بخارى وعمر القلعة ثانيا وقهر الختا (1) ثم جاء عسكر التتار فى شهور سنة ست عشرة وستمائة (1219 م) وكان أميرهم چنكيز خان (2) ، وحاربوا على باب القلعة اثنى عشر يوما واستولوا عليها وخربوها.
ص: 45
المسافة من الباب الغربى لقلعة بخارى حتى باب المعبد وتسمى «ريكستان» أى الصحراء كانت توجد بها دور الملوك من قديم الزمان فى الجاهلية.
وفى زمان آل سامان أمر الأمير السعيد نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى ، ببناء قصر فى ريكستان ، فبنوا قصرا فى غاية الجمال وأنفق عليه مالا كثيرا وأمر بأن يبنى على باب قصره دار للعمال بحيث كان لكل عامل على حدة ديوان فى داره على باب قصر السلطان مثل ديوان الوزير وديوان المستوفى وديوان عميد السلطان وديوان صاحب الشرطة وديوان الصاحب المؤيد وديوان الشرف وديوان المملكة الخاص وديوان المحتسب وديوان الأوقاف وديوان القضاء. فبنيت الدواوين بأمره على هذا الترتيب.
وفى زمان الأمير الرشيد (1) عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل بنى وزيره أحمد بن الحسن العتبى رحمه اللّه مؤلف كتاب يمينى (تاريخ يمينى) والذى قبره بمحلة باب منصور بجوار حمام الخان أمام المدرسة مسجدا فى غاية الجمال ، فاكتسب ذلك الموضع كماله من المسجد. ولما سقط الأمير الموفق (2) عن دابته ومات جاء الغلمان ليلا إلى السراى وأخذوا فى نهبها فقاومهم الخاصة والجوارى وأضرموا النار فى السراى حتى احترقت كلها ، وباد كل ما فيها من طرائف ذهبية وفضية بحيث لم يبق أثر من تلك الأبنية. ولما تربع الأمير السديد منصور بن نوح على العرش فى شهر شوال سنة ثلاثمائة وخمسين (961 م) بجوى موليان ، أمر أن تعمر هذه القصور مرة أخرى وكل ما سبق أن تلف أو ضاع حصلوا على خير منه ، وعندئذ أقام الأمير السديد بالقصر ولم يكد يحول الحول حتى
ص: 46
وافت ليلة «سورى» (1) فأوقدوا نارا عظيمة جريا على العادة القديمة فطارت شرارة واشتعل سقف السراى واحترقت كلها مرة أخرى ، وذهب الأمير السديد أيضا فى الليل إلى جوى موليان ، وأمر الوزير كذلك فأخرج الخزائن والدفائن كلها فى تلك الليلة وأرسلها إلى جوى موليان على يد الثقات. فلما طلع النهار تبينوا أنه لم يغب شىء سوى فنجان (2) من الذهب ، فأمر وزيره بفنجان من خالص ماله كان وزنه سبعمائة مثقال وأرسله إلى الخزانة ، ومنذ ذلك الحين بقى ذلك الموضع صحراء وتخرب ، ومن ثم صارت سراى الملوك فى جوى موليان. ولم يكن فى بخارى موضع أو منزل أفضل من مقام جوى موليان النفيس الشبيه بالجنة ، لأن كل أماكنه قصور وحدائق وخمائل وبساتين وأمواه جارية على الدوام تتلوى فى مروجه ، وكانت تتخللها كذلك أنهار تجرى فى ألف اتجاه نحو المروج والرياض وكان كل من يشاهد هذه الأمواه الجارية يحار من أين تأتى وإلى أين تمضى. وقد خططها نوادر أساتذة العصر والمعماريون على صورة قال فيها أحد السراة : بيت :
جاء ماء الحيوان (3) إلى الخميلة ومضى باكيا
وأكثر الأنين لاضطراره إلى مغادرة هذا الروض (4)
ثم إن ما بين باب ريكستان إلى «دشتك» (5) بأجمعه كان دورا منسقة منقوشة ممتازة مشيدة بالأحجار ومضايف مزدانة بالصور ، وحدائق كبيرة غناء .
ص: 47
وأحواض نزهة جميلة وأشجار «كجم» (1) كأنها السرادقات بحيث لم تكن ذرة شمس من المشرق أو المغرب تقع على مجالس الحوض.
وفى هذه الحدائق الكبيرة كثير من ألوان الفاكهة من كمثرى ولوز وبندق وكريز وعناب. وكل فاكهة فى الجنة العنبرية (2) كانت توجد هنالك فى غاية الحسن واللطف.
ص: 48
كانت ضياع جوى موليان قديما ملكا للملك طغشاده ، وقد أعطى كلا من أولاده وأصهاره حصة منها. وقد اشترى الأمير إسماعيل السامانى هذه الضياع من حسن بن محمد بن طالوت قائد المستعين (1) بن المعتصم.
وقد أنشأ الأمير إسماعيل فى جوى موليان دورا وبساتين ، وأوقف أكثر الحصص على مواليه وما تزال موقوفة. وكان دائما مشغول البال من جهة مواليه. وذات يوم كان الأمير إسماعيل يشاهد جوى موليان من قلعة بخارى و «سيما الكبير» مولى والده ماثل أمامه ، وكان يحبه ويعزه كثيرا ، فقال الأمير إسماعيل : ألا يهيئ اللّه الأسباب يوما فأشترى لكم هذه الضياع ، ويطيل بقائى حتى أراها وقد صارت ملكا لكم ، لأنها أثمن ضياع بخارى كلها وأجملها وأطيبها هواء ، فرزقه اللّه شراءها جميعا ووهبها لمواليه ، فسميت «جوى مواليان» - جمع موال - ويسميها عامة الناس «جوى موليان» - بحذف الألف - ويتصل بقلعة بخارى صحراء يقال لها «دشتك» (2) وكانت جميعها قصباء (3) فاشترى الأمير إسماعيل رحمه اللّه ذلك الموضع أيضا من حسن بن طالوت بعشرة آلاف درهم. وقد حصل على عشرة آلاف درهم من ثمن القصب فى العام الأول ، وأوقف الأمير إسماعيل ذلك الموضع على المسجد الجامع.
وكل من ولى الإمارة بعد الأمير إسماعيل من أولاده أنشأ له فى جوى موليان بساتين وقصورا لحسنها ونضارتها ونقاء جوها ، وبالباب الجديد «دروازه نو» موضع
ص: 49
يقال له «كارك علويان» على باب المدينة ، وقد بنى الأمير (1) هنالك قصرا فى غاية البهاء ، كان يضرب به المثل فى الجمال وكان ذلك فى سنة ثلثمائة وست وخمسين (966 م). وكانت تلك الضياع الموسومة «بكارك علويان» أملاكا سلطانية حتى زمان نصر خان بن طمغاج خان ، فوهبها لأهل العلم لأنها كانت قريبة من المدينة لتكون الفلاحة أيسر على الفقهاء ، وأخذ بدلا منها ضياعا أبعد.
وكانت جوى موليان وكارك علويان معمورتين حتى آخر عهد السامانيين ، ولما ذهب الملك من السامانيين تخربت تلك الديار ولم يكن فى بخارى دار ملك معينة غير القلعة ، وذلك إلى زمان الملك شمس الملك نصر بن إبرهيم طمغاج خان الذى بنى «شمس آباد» (2).
ص: 50
اشترى الملك شمس الملك ضياعا كثيرة بباب إبرهيم وأنشأ بساتين فى غاية الجمال وأنفق الأموال الطائلة والخزائن فى تلك العمارات وسماها «شمس آباد» ، وأنشأ مرعى متصلا بها لدوابه الخاصة وأسماه «الغورق» وجعل له أسوارا محكمة طولها ميل ، وبنى بداخله قصرا وبرجا للحمام. وكان يقتنى فى ذلك الغورق الحيوانات الوحشية مثل الوعول والغزلان والخنازير والثعالب ، وكانت كلها مروضة ومحاطة بأسوار عالية حتى لا تستطيع الفرار. ولما رحل الملك شمس الملك عن الدنيا ، تولى الملك أخوه خضر خان وزاد عمارات فى شمس آباد كانت نزهة للغاية. ولما ارتحل هو أيضا عن الدنيا ، صار ابنه أحمد خان ملكا فلم يعن بشمس آباد هذه حتى تخربت ؛ فلما جاء ملكشاه من خراسان إلى بخارى أكثر التخريب ، ولما ذهب إلى سمرقند قبض على أحمد خان وحمله إلى خراسان ثم عاد فأرسله إلى ماوراء النهر ، وكانت شمس آباد قد تخربت تماما ، وأمر فبنيت له دار بجويبار (1) وأنشأ بها بستانا ونهرا جاريا وجمع فيها كل أسباب الترف ، وظلت هذه السراى دار الملك ببخارى مدة ثلاثين عاما.
فلما تربع أرسلان خان على العرش كان يقيم بتلك الدار كلما جاء إلى بخارى ، وبعد ذلك رأى من الصواب أن يهدموها وأمر فأزالوا تلك الدار ونقلوها إلى القلعة وبقى ذلك الموضع خرابا.
وبعد عدة سنوات أمر أرسلان خان ببناء دار فى محلة «دروازه چه» (2) أى الباب الصغير فى حى بوليث ، وأمر ببناء حمام خاص بها وحمام آخر بباب السراى لم يكن له مثيل. وظلت هذه السراى دار الملك ببخارى سنوات طوالا ، وأمر بعد ذلك فجعلوها مدرسة للفقهاء وأوقفوا الحمام الذى كان على باب السراى والقرى الأخرى على تلك المدرسة ، وأمر فبنوا سرايه الخاصة بباب سعد آباد.
ص: 51
ذكر آل كثكثة (1)
ذكر محمد بن جعفر النرشخى فى كتابه أن قتيبة بن مسلم جاء إلى بخارى ، واستولى عليها وأمر أهلها فأعطوا نصف بيوتهم وضياعهم للعرب ، وكان ببخارى قوم يقال لهم آل كثكثة (كثكثان) ذوو حرمة وقدر ومنزلة وكان لهم بين أهل بخارى شرف كبير ، ولم يكونوا من الدهاقين بل كانوا غرباء أصلا وتجارا أغنياء.
فألح قتيبة فى قسمة بيوتهم ومتاعهم ، فتركوا بيوتهم ومناعهم. جملة للعرب ، وبنوا خارج المدينة سبعمائة قصر. وكانت المدينة فى تلك الأيام على ما هى عليه الآن.
وكان كل شخص يبنى حول قصره بيوت خدمه وأتباعه ، وأنشأ البعض على باب قصره بستانا وصحراء (2) وخرجوا إلى تلك القصور. وقد تخربت تلك القصور اليوم وصار أكثرها مدينة. وقد بقى فى ذلك الموضع قصران أو ثلاثة كانت تسمى قصر المجوس. وقد أقام هنالك المجوس ، وكانت بيوت نار المجوس فى هذه الولاية كثيرة.
وكان على أبواب قصور المجوس هذه بساتين جميلة ناضرة ، وكانت ضياعهم عزيزة للغاية.
وقد ذكر محمد بن جعفر : أننا سمعنا فى أيام الأمير الحميد (3) ، أن ضياع قصر المجوس كانت قيمة ، لأن ملوك بخارى أقاموا هنالك ورغب غلمان الشاه ومقربوه فى شراء تلك الضياع ، حتى صارت قيمة كل (جفت) (4) من هذه
ص: 52
الضياع أربعة آلاف درهم.
فلما بلغ هذا الكلام الأمير قال : الأمر كما علم ، وقبل أن يقيم الملوك ببخارى كانت قيمة هذه الضياع أكثر. وكان الشخص إذا أراد أن يشترى قطعة أرض يحرثها زوج من البقر لم يكن يستطيع الحصول عليها فى عام ، وإذا وجدها كان ينبغى شراء كل «جفت» باثنى عشر ألف درهم فضة. وقد رخص السعر الآن بحيث يمكن شراء كل (جفت) بأربعة آلاف درهم فضة. لأن الفضة قلت لدى الناس. ويقول أحمد بن محمد بن نصر : إن ضياع قصر المجوس هذه فى زماننا تعطى مجانا ولا يرغب فيها أحد ، وما يشترى يشبه أن يكون مجانا بسبب الظلم وعدم الرفق بالرعية.
ص: 53
أولها «نهر كرمينه» (1) وهو نهر عظيم ، وثانيها «نهر شاپور كام (2)» ويسميه عامة بخارى «شافر كام» وقد ذكر فى حكاية أن أحد أبناء كسرى من آل ساسان غضب من أبيه وجاء إلى هذه الولاية ، وكان اسمه «شاپور» و «پور» باللغة الفارسية الابن - فلما وصل بخارى أكرمه بخار خداة ، وكان شاپور هذا محبّا للصيد.
فذهب يوما للصيد ونزل بذلك المكان ولم يكن هنالك فى ذلك التاريخ أى قرية أو عمران ، بل كان مرجا ، وأعجبه المصطاد ، فاستقطع ذلك المكان من بخار خداة ليعمره ، فأعطاه له ، فحفر شاپور هذا نهرا عظيما وأسماه باسمه «شاپور كام» وأقام على ذلك النهر رساتيق وبنى قصرا. وتسمى تلك النواحى «رساتيق آبوى» ، وبنى قرية «وردانه» (3) وقصرا جعله مقرّا له. وصار هنالك ملك عظيم. وبقيت تلك الرساتيق من بعده ميراثا لأولاده. وحين جاء قتيبة بن مسلم إلى بخارى كان من أبناء شاپور وردان خداة ، وكان ملكا عظيما يقيم فى «وردانه» وينازع طغشاده بخار خداة.
وقد وقعت بينه وبين قتيبة حروب كثيرة ومات وردان خداة أخيرا وأعطى قتيبة ملك بخارى لطغشاده. وستذكر هذه القصة فى فتح بيكند وبخارى.
ويسمى النهر الثالث «خرقانة العليا» (4) والرابع «خرقان (5) رود» والخامس
ص: 54
«عاوختفر» وهو نهر عظيم للغاية ، ويسمى السادس «سامجن» (1) والسابع «بيكان رود» (2) والثامن «فراواز العليا» وهذا النهر ذو رساتيق كثيرة ، والتاسع «فراواز السفلى» ويسمى كذلك «كام ديمون» ، ويسمى العاشر «أروان» والحادى عشر «كيفر» والثانى عشر «رودزر» وهذا النهر يوجد فى رود شهر.
ولكل نهر ذكرناه رساتيق كثيرة وماء غزير ، ويروى أن كل هذه الأنهار حفرها الناس ما عدا نهر «عاوختفر» فإنه نهر طبيعى حفره ماؤه دون جهد من الأهالى هنالك. [ويسميه البخاريون الآن «رود نفر» (3)].
ص: 55
بلغ خراج بخارى ذات مرة فى أيام آل سامان وأمراء آل سامان مليونا ومائة وثمانية وستين ألفا وخمسمائة وستة وستين (566 ، 168 ، 1) درهما وخمسة دوانق ونصف دانق مع خراج «كرمينة».
وقد قل الخراج بعد ذلك فى كل ناحية (1) وغرقت بعض الضياع ، فرفع السلطان الخراج عنها وعن الأماكن المغرقة أيضا. وقد آل بعضها إلى العلويين والفقهاء فحط السلطان عنها الخراج كذلك وصار بعضها ضياعا سلطانية. وانمحى الخراج من الديوان ، وذلك كما حدث فى بيكند وكثير من الرساتيق الأخرى. وقد خرج خراج كرمينة عن عمل بخارى.
ص: 56
ذكر السور المسمى بسور كنپرك (1)
يقول أحمد بن محمد بن نصر : إن محمد بن جعفر النرشخى لم يذكر هذا الفصل بهذا الترتيب ، ولكنه ساق بعضه فى أثناء الكلام. وروى أبو الحسين النيسابورى فى خزائن العلوم أنه لما انتهت الخلافة إلى أمير المؤمنين المهدى (2) أى أبى هارون الرشيد (3) ولم يكن أحد قط من خلفاء بنى العباس أورع منه ، قلد إمارة خراسان كلها أبا العباس بن الفضل بن سليمان الطوسى سنة مائة وست وستين هجرية (782 م) وجاء هو إلى «مرو» (4) وأقام هنالك ، فذهب إليه الوجوه والأكابر والعظماء (5) وذهب كبراء السغد (6) أيضا جملة إلى مرو للسلام على أمير
ص: 57
خراسان ، وسألهم عن حال ولاياتهم ، فقال أهل بخارى :
نحن فى نصب من كفرة الترك إذ أنهم يجيئون كل وقت فجأة ويغيرون على القرى ، وقد جاءوا الآن من جديد وأغاروا على قرية «سامدون» وحملوا المسلمين أسارى.
فقال أبو العباس الطوسى : هل لكم من تدبير فأجريه؟
وكان هناك يزيد بن غورك ملك السغد فقال : أطال اللّه بقاء أمير خراسان ، كان الترك فى سالف الأزمان فى الجاهلية يغيرون على ولاية السغد وكان بالسغد ملكة ، فسورت السغد وأمنت ولاية السغد الأتراك. فأمر أبو العباس الطوسى المهتدى بن حماد بن عمرو الذهلى أمير بخارى من قبله أن يسور بخارى بحيث تكون جميع رساتيق بخارى داخل السور مثل سمرقند حتى لا تصل أيدى الأتراك إلى ولاية بخارى. فأمر المهتدى بن حماد هذا بأن يضرب هذا السور وتوضع البوابات (1) وأن يقام فى كل نصف ميل برج محكم.
وقد قام سعد بن خلف البخارى قاضى بخارى بهذا العمل حتى تم فى أيام محمد بن منصور بن هلجد بن ورق (2) فى سنة 215 ه (830 م) ، وكان كل أمير بعد ذلك يعمره ويحافظ عليه. وتحمل أهل بخارى مؤنة ونفقات طائلة ، إذ كان يلزم فى كل عام كثير من الأموال والمسخرين حتى كان عصر الأمير إسماعيل السامانى رحمه اللّه ، فأطلق سراح الخلق إلى أن تخرب ذلك السور وقال : مادمت حيّا فأنا سور لبخارى ، وقام بما تعهد به وكان يحارب دائما بشخصه ولم يدع الأعداء يظفرون ببخارى.
ص: 58
تقدم أهل بخارى إلى أمير خراسان محمد بن عبد اللّه بن طلحة الطاهرين (1) بواسطة أحمد بن خالد أمير بخارى قائلين : إنه يلزم لبلدنا ربض لنغلق الأبواب ليلا ونأمن اللصوص وقطاع الطريق. فأمر فبنوا ربضا فى غاية الجودة والإحكام وأقاموا الأبراج ووضعوا الأبواب. وتم ذلك عام مائتين وخمسة وثلاثين هجرية (849 م). وكان هذا الربض يعمّر من جديد كلما قصد عسكر بخارى.
وقد أمر أرسلان خان فى عهده بأن يبنى أمام ذلك الربض القديم ربض آخر بحيث أصبح كلاهما متصلا ومحكما. وقد تخرب ذلك أيضا. وفى شهور سنة ستين وخمسمائة (1164 م) أمر الخاقان العادل العالم ركن الدنيا والدين مسعود قلج طمغاج خان (2) نور اللّه مضجعه فضربوا ربضا خارج الربض القديم وتخرب أيضا. وفى شهور سنة ستين وأربعمائة (3) (1067 م) استولى خوارزمشاه محمد بن السلطان تكش (4)
ص: 59
على بخارى وأمر ببناء ربض وفصيل (1) وجدد كلاهما. [وفى سنة ست عشرة وستمائة (1219 م) جاء عسكر التتار واستولى على المدينة وتخرب ثانيا](2).
ص: 60
أول من ضرب الفضة ببخارى ملك كان اسمه «كانا بخار خداة» وكان ملكا على بخارى ثلاثين عاما ، وكان يتاجر فى بخارى بالكرباس والقمح ، فأخبروه بأنهم ضربوا الفضة بالولايات الأخرى ، فأمر أيضا بأن تضرب النقود الفضية ببخاى من خالص الفضة وأن تنقش عليها صورته بالتاج وكان هذا فى زمان خلافة أمير المؤمنين أبى بكر الصديق (1) رضى اللّه تعالى عنه. إلى أن كان عصر هارون الرشيد (2) فصار غطريف بن عطا أمير خراسان فى شهر رمضان سنة مائة وخمس وثمانين (801 م). وكان غطريف هذا أخا لأم هارون الرشيد المسماة بالخيزران (3) وهى ابنة عطا ملك اليمن من بلد يقال لها جرش (4) وكانت قد أسرت فى طبرستان (5) وأتوا بها من هنالك إلى المهدى (6). فرزق المهدى منها بولدين أحدهما موسى الهادى والآخر هارون الرشيد. ولما عظم أمر الخيزران جاء غطريف هذا إليها من اليمن وأقام معها فأعطاه هارون الرشيد خراسان. وفى ذلك التاريخ كانت
ص: 61
فضة خوارزم (1) قد راجت بأيدى الناس. وكان الناس يأخذون هذه الفضة عن غير رضا ، وكانت فضة بخارى تلك قد خرجت من أيدى الناس فلما جاء غطريف ابن عطا إلى خراسان ذهب إليه أشراف وأعيان بخارى وقالوا له (2) :
لم تبق لنا فضة بالمدينة فليأمر أمير خراسان بأن تضرب لنا نفس السكة على نحو ما كانت فضة بخارى قديما ، وينبغى أن تكون الفضة بحيث لا يخرجها أحد من أيدينا ولا تخرج من بلدنا حتى نتعامل بها فيما بيننا ، وكانت الفضة عزيزة فى ذلك التاريخ ، فجمعوا أهل المدينة وطلبوا رأيهم فى هذا الأمر فاتفقوا على أن تضرب العملة الفضية من ستة أشياء هى الذهب والفضة والمسك (3) والقصدير والحديد والنحاس ، ففعلوا هكذا ، وضربوا تلك السكة القديمة باسم غطريف ، أى الفضة الغطريفية.
وكان عامة الناس يسمونها غدريفى. وكانت النقود الفضية القديمة من خالص الفضة. وهذه الفضة التى ضربوها أخلاطا ، جاءت سوداء فلم يأخذها أهل بخارى ، فغضب عليهم السلطان ، فكانوا يأخذونها مكرهين. وقوموا الستة دراهم الغدريفية بدرهم واحد من الفضة الخالصة وأخذ السلطان بهذه القيمة حتى راجت ، ولهذا السبب ارتفع خراج بخارى لأن خراج بخارى قديما كان مائتى ألف درهم من الفضة إلا قليلا.
ص: 62
فلما ضربوا الغدريفى وراج الدرهم الفضى المقوم بستة دراهم غدريفية ، ألزمهم السلطان أداء الخراج بهذا الغدريفى ، فلما عز الغدريفى حتى صار كل درهم منه يعادل درهما من الفضة ولم يطلب (1) السلطان الفضة ، وطلب الغدريفى ارتفع خراج بخارى دفعة من مائتى ألف درهم إلا قليلا إلى مليون وثمانية وستين ألفا وخمسمائة وسبعة وستين (567 و 068 ، 1) درهما غدريفيّا. وقد روى محمد بن جعفر أنه فى سنة كان المائتان والعشرون درهما من الفضة الخالصة تعادل خمسة وثمانين درهما غدريفيّا. ويقول أحمد بن نصر إنه فى سنة اثنتين وعشرين (أى 522 ه - 1128 م) حيث ترجمنا هذا الكتاب ، كان المائة درهم من الفضة الخالصة بسبعين درهما غدريفيّا ، والذهب الأحمر (2) كان المثقال منه بسبعة دراهم ونصف درهم غدريفية.
وقد حكى محمد بن جعفر أن هذا الغدريفى ضرب بقصر ماخك (3) فى مدينة بخارى وكانت الفضة فى الدرهم الغدريفى أكثر من الأخلاط الأخرى ، وقيل إنه كان فى كل درهم قدر (4) من الذهب ، ويوجد فى كل عشرة دراهم من نصف درهم إلى أربعة دوانق ونصف دانق (5) ذهب. وقد ضرب كل من آل سامان والملوك الآخرين بعدهم فى بخارى كثيرا من الپشيزات العدلية (6) ، ولم يذكر ذلك لأنه لم يكن فيه غرابة.
ص: 63
روى محمد بن جعفر : أنه حين أرسل معاوية عبيد اللّه بن زياد إلى خراسان عبر نهر جيحون وجاء إلى بخارى. وكانت ملكة بخارى سيدة [خاتون] لأن ابنها «طغشاده» كان صغيرا. ففتح عبيد اللّه بن زياد «بيكند» و «رامتين» واسترق كثيرين وأخذ أربعة آلاف من رقيق بخارى لنفسه ، وكان هذا فى آخر سنة ثلاث وخمسين وأول سنة أربع وخمسين (672 / 673 م). فلما وصل إلى مدينة بخارى صف الصفوف وأقام المنجنيقات. فأرسلت الخاتون شخصا إلى الترك وطلبت منهم العون. وأوفدت شخصا إلى عبيد اللّه بن زياد وطلبت سبعة أيام مهلة وقالت إنى فى طاعتك وأرسلت إليه هدايا كثيرة. فلما لم يصل المدد فى هذه الأيام السبعة ، أرسلت إليه الهدايا مرة ثانية وطلبت مدة سبعة أيام أخرى. فوصل عسكر الترك وتجمع آخرون وصار جيش عظيم ، وخاضوا معارك كثيرة وهزم الكفار أخيرا وتعقبهم المسلمون وقتلوا كثيرين ، ودخلت الخاتون القلعة وعاد أولئك العسكر (أى عسكر الترك) إلى ولاياتهم ، وآخذوا (آى عسكر المسلمين) سلاحا وثيابا وأدوات ذهبية وفضية ورقيقا وواحدة من خفى الخاتون مع جورب. وكان الجورب والخف من الذهب المرصع بالجواهر. فلما قوموهما بلغا مائتى ألف درهم. وأمر عبيد اللّه ابن زياد بقطع الأشجار وتخريب الديار وتعرضت المدينة للخطر أيضا. فأرسلت الخاتون شخصا وطلبت الأمان ، وتم الصلح على مليون درهم وأرسلت المال وأخذ (أى عبيد اللّه بن زياد) المال وعاد ومعه تلك الأربعة آلاف من الرقيق. فلما عزل من إمارة خراسان فى سنة ست وخمسين (675 م) وصار سعيد بن عثمان (1) أمير خراسان ، عبر جيحون وجاء إلى بخارى. فأرسلت الخاتون شخصا وقالت : أنا على ذلك الصلح الذى عقدته مع عبيد اللّه بن زياد ، وأرسلت بعض ذلك المال.
ص: 64
فإذا بعسكر السغد (1) وكش (2) وتخشب (3) قد وصلوا ، وكان عددهم مائة وعشرين ألف رجل ؛ فندمت الخاتون على الصلح وما كانت أرسلته. فقال سعيد : أنا عند قولى ، ورد المال وقال : لا صلح لنا. وعندئذ تجمع العسكر ووقفوا وجها لوجه واصطفوا ، فألقى اللّه تعالى الرعب فى قلوب الكافرين حتى عاد كل عسكر الكفار هؤلاء دون حرب ، وبقيت الخاتون وحدها ؛ فأرسلت مرة أخرى شخصا وطلبت الصلح وزادت المال وأرسلته جميعا. فقال سعيد : أنا الآن ذاهب إلى السغد وسمرقند وأنت على طريقى فيجب أخذ رهن منك حتى لا تأخذى على الطريق ولا تضايقينى ، فأعطت الخاتون ثمانين شخصا من أمراء ودهاقين بخارى رهائن لسعيد. فرجع سعيد عن باب بخارى ومضى لطيته. وقد حكى أن هذه الخاتون كانت تعشق أحد غلمان زوجها وكان الناس يقولون إن طغشاده ابنها من ذلك الرجل ، وأنها ألحقت نسب هذا الولد بزوجها وأن هذا الولد ليس من صلب بخار خداة. وقال جماعة من عسكرها نعطى ملكها هذا لابن آخر لخداة ، يكون بلا شك ابن الملك. وعلمت الخاتون بقصدهم هذا وأخذت تدبر لدفعهم عنها ، فلما تم هذا الصلح مع سعيد وطلب منها رهنا احتالت الخاتون وأعطته هؤلاء القوم الذين كانوا قد دبروا هذه الفكرة رهائن ، فتخلصت منهم ومن سعيد كذلك. ويحكى أنه لما عقد سعيد الصلح مع الخاتون قال لها : يجب أن تخرجى للسلام علىّ ، ففعلت الخاتون كذلك وخرجت للسلام عليه ، فقال يجب أن تخرجى للسلام على كبرائى أيضا ، فخرجت الخاتون للسلام على كل واحد من وجوه عسكره ، وكان عبد اللّه بن حازم (4) أحد
ص: 65
وجوه عسكره ، فأمر بإيقاد نار عظيمة فى خيمته ، وكان واقفا والجو فى غاية الحرارة ، وكان عبد اللّه هذا رجلا أحمر ، وقد احمرت عيناه من وهج النار أيضا ، وكان رأسه من الكبر بحيث كانوا يشبهونه باليغارية (1) ، وكان رجلا مهيبا فحمل السلاح وسلّ السيف وجلس ، فلما دنت منه الخاتون فزعت منه ، وفرت مسرعة وهى تقول : بيت -
لقد أحسن اللّه زينتك أيها الغلام ... جنبت عين السوء حتى لا تخالطك (2)
حكاية : ويقول سليمان الليثى أيضا : إنه لما صالح سعيد الخاتون مرض ببخارى : فجاءت الخاتون أيضا لعيادته وكان معها كيس مملوء بالذهب فأدخلت يدها فى الكيس وأخرجت منه شيئين وقالت : إننى أحتفظ لنفسى بواحدة لآكلها إذا مرضت ، وأعطيك هذه الأخرى لتأكلها وتطيب ، فتعجب سعيد قائلا : ما هذا الذى تقدمه الخاتون بهذا الإعزاز والإعظام؟ فلما خرجت الخاتون نظر سعيد ، فكانت تمرة تقادم عهدها ، فأمر قومه فحملوا خمسة جمال بالتمر الطازج وحملوه إلى الخاتون ، ففتحت الجوالات ورأت تمرا كثيرا ، ففتحت الكيس وأخرجت تمرتها تلك وقابلتها بذلك التمر ، فكان كالتى معها ، فجاءت معتذرة وقالت ليس لدينا كثير من هذا الجنس وقد احتفظت بهاتين التمرتين سنوات طويلة من أجل المرض.
وحكى أن هذه الخاتون كانت امرأة حسناء وجميلة فعشقها سعيد ، ولأهل بخارى فى هذا المعنى أغان كثيرة باللغة البخارية.
رواية : حكى أنه حين جاء سعيد إلى بخارى أتى قثم بن العباس رضى اللّه عنه (3)
ص: 66
الصورة
ص: 67
ص: 68
إلى بخارى ، فأكرمه سعيد ، وقال : إننى أعطى كل شخص من هذه الغنيمة سهما ولك ألف سهم. فقال قثم رضى اللّه عنه : لا أريد غير سهم كحكم الشريعة ، وبعد ذلك ذهب قثم رضى اللّه عنه إلى مرو وتوفى هنالك ، وقال بعضهم إنه توفى بسمرقند. واللّه أعلم.
ولما فرغ سعيد من أمر بخارى ، ذهب إلى سمرقند والسغد وقام بحروب كثيرة ، وكان النصر حليفه ، ولم يكن بسمرقند يومذاك ملك ، وأخذ من سمرقند ثلاثين ألفا من الرقيق وأموالا طائلة. فلما وصل إلى بخارى أرسلت الخاتون شخصا وقالت : ما دمت قد عدت بالسلامة فاعطنا تلك الرهائن. فقال إننى لم آمنك بعد ؛ فلتبق الرهائن حتى أعبر جيحون ، فلما عبر جيحون أرسلت إليه ثانيا شخصا فقال : انتظرى حتى أصل إلى مرو ، فلما وصل إلى مرو قال : انتظرى حتى أصل إلى نيسابور (1) فلما وصل نيسابور قال حتى أصل إلى الكوفة ومن هنالك إلى المدينة. فلما وصل المدينة أمر الغلمان فحلوا السيوف والمناطق عنهم وأخذوا كل ما كان معهم من ثياب ديباج وذهب وفضة جميعا ، وأعطوهم الأكلمة (2) عوضا عنها وشغلوهم بالفلاحة. فضاقوا غاية الضيق وقالوا : أى هوان بقى لدى هذا الرجل لم يعاملنا به ، لقد أخذنا أرقاء ، ويكلفنا بالأعمال الشاقة ، وما دمنا سنهلك فى الهوان فلا أقل من أن نهلك بفائدة ، فدخلوا بيت سعيد (3) وغلقوا الأبواب وقتلوه وأسلموا أنفسهم للقتل كذلك. وكان ذلك فى خلافة يزيد بن معاوية. وصار مسلم بن زياد بن أبيه (4) أمير خراسان. وجاء إلى خراسان ومن هناك كوّن جيشا ووصل إلى بخارى ،
ص: 69
فرأت الخاتون ذلك الجيش والمعدات وعرفت أن بخارى لا تستطيع مقاومته ، فأرسلت إلى طرخون ملك السغد وقالت : إننى أكون زوجة لك وتكون بخارى بلدك ، ويجب أن تأتى وتكف يد العرب عن هذا الملك ، فجاء طرخون فى مائة وعشرين ألف رجل ، وجاء بيدون أيضا من التركستان مع عسكر كثير (1) وكانت الخاتون قد عقدت صلحا مع مسلم وفتحت الأبواب وأبواب القصر الخارجى أيضا. فوصل بيدون ونزل على الضفة الأخرى لنهر خرقان (خرقان رود) ، فأخبروا مسلم بأن بيدون وصل ، وأن الخاتون بايعته وأغلقوا أبواب المدينة. فبعث مسلم بن زياد بشخص إلى المهلب وقال : قل له يذهب ويرى هذا العسكر ما مقداره ، وأن يعد ما يلزم للاستطلاع.
فأجاب المهلب (2) : لا يوفد مثلى فى هذه المهمة ، أنا رجل مشهور ، فأرسل شخصا إذا عاد سالما يخبرك الخبر اليقين وإذا هلك لا تظهر الهزيمة فى جيشك.
فقال مسلم لا بد وأن تذهب. فقال المهلب إذا كان ولا بد من ذهابى فأرسل معى رجلا من كل لواء ولا تخبر أحدا بذهابى ، ففعل كذلك وأرسل معه ابن عمه ؛ وذهبوا معه ليلا ، فاستطلعوا دون أن يعرف جيش العدو ، فلما طلع النهار أدى مسلم بن زياد صلاة الفجر والتفت إلى الناس وقال : لقد أرسلت المهلب ليلة أمس للاستطلاع ، ففشا الخبر فى العسكر وسمع العرب وقالوا : إنه أرسل المهلب ليصيب من الغنيمة أكثر منا ولو كانت الحرب قائمة لأرسلنا معه ، فأسرع جمع بالركوب ، وذهبوا إثر المهلب حتى ضفة النهر ، فلما أبصرهم المهلب قال : أخطأتم إذ قدمتم ، كنت مستخفيا وها هم يأتون علانية والآن يأخذ الكفار الجميع.
وأحصى المهلب المسلمين فكانوا تسعمائة ، فقال : واللّه لتندمنّ على ما فعلتم
ص: 70
وعندئذ اصطفوا ورآهم طلائع عسكر بيدون فأسرع المسلمون بنفخ البوق وركبوا جميعا فى آن واحد واصطفوا ، وحمل عليهم ملك الترك وعجز العرب. فقال المهلب : لقد علمت أن هذا سيحدث ، فقالوا وما التدبير؟ قال : أسرعوا ، فعادوا وأدركهم بيدون وقتل أربعمائة من المسلمين وفر الباقون حتى المعسكر ، وطلع فجر اليوم التالى وعبر بيدون النهر وجاء إلى أمير ختن (1) حيث كان بينهما نصف فرسخ ، ونشبت المعركة ، فتقدم المهلب واشتدت الحرب وحمل الكفار وأحاطوا به ، فصاح المهلب : أدركونى! فذهل مسلم وقال : هذه صيحة المهلب. وكان عبد اللّه ابن خودان آنذاك ماثلا أمام مسلم صامتا ، فقال مسلم : ماذا حدث حتى لا تتكلم؟ فقال : واللّه لو لم يخش المهلب الهلاك لما صاح ، فلأركب وأعمل ما علىّ فإذا هلكت فإنى راض ، وكان المهلب يصيح عند كل هزيمة. فقال مسلم : اصبروا ساعة. وفى أثناء هذا طلب مسلم الخوان وأكل ، فقال عبد اللّه خودان : أى وقت طعام هذا؟ أشبعك اللّه! .. لقد هلكت دون أن تدرى ولم تكن رجل حرب. فقال مسلم وما التدبير الآن؟ قال : مر الفرسان أن يترجلوا ويذهبوا إلى ساحة الوغا ، ففعلوا كذلك. وأسرع عبد اللّه بن خودان إلى المهلب ، فكان المهلب فى ورطة شديدة ، فقال انظروا خلفكم ، فلما نظروا رأوا الرجال يأتون لنجدتهم فتشجعوا وأخذوا فى الوثوب واشتدوا فى الحرب. وقتل بيدون فى أثناء ذلك فكبر المسلمون وانهزم الكفار كلية. وكان المسلمون يتعقبونهم ويقتلونهم حتى قضوا عليهم وأخذوا غنائم كثيرة وقسموها فى ذلك اليوم. فأصاب كل فارس ألفين وأربعمائة درهم. فأرسلت الخاتون شخصا وطلبت الصلح فصالحها مسلم وأخذ أموالا عظيمة. فقالت
ص: 71
الخاتون : إنى أطلب إليك أن ترينى عبد اللّه بن حازم (1) كما هو ، فإنى ، رأيته مرة وأغمى علىّ ، ويبدو لى أنه ليس بآدمى. فاستدعى مسلم عبد اللّه بن حازم إلى مضيفته وأراه للخاتون. وكان يرتدى جبة خز زرقاء وعمامة حمراء ، فلما رأته الخاتون سجدت وأرسلت إليه الهدايا إعجابا. وعاد مسلم مظفرا بغنائم كثيرة وذهب إلى خراسان.
ص: 72
لما صار قتيبة بن مسلم (1) أمير خراسان من قبل الحجاج (2) جاء إليها وأخضع خراسان كلها ، وتم على يديه فتح طخارستان (3) وعبر جيحون سنة ثمان وثمانين (706 م) وعلم أهل بيكند (4) بذلك فحصنوا المدينة وكانت فى غاية المنعة. وكانوا يسمون بيكند قديما شارستان (أى المدينة الكبيرة) وسموها «شارستان روئين» أى المدينة الصفرية لاستحكامها. وخاض قتيبة حروبا عنيفة جدّا ، وقد عانى المسلمون العجز مدة خمسين يوما وعاينوا المشاق وأعملوا الحيلة ، وحفر قوم أسفل الجدار والبرج ونفذوا إلى حظيرة للدواب داخل السور وحفروا الجدار وأحدثوا ثغرة ، ولم يكن المسلمون قد وصلوا إلى السور ونفذوا من الثغرة ، فصاح قتيبة بأن كل من ينفذ من الثغرة أعطيه ديته وإذا قتل أعطيها لأولاده ، حتى رغب كل واحد منهم فى الدخول واستولوا على الحصن.
ص: 73
وطلب أهل بيكند الأمان ، فصالحهم قتيبة على مال أخذه (1) وأمّر عليهم ورقاء بن نصر الباهلى وتوجه إلى بخارى.
فلما بلغ خنبون (2) أخبروه بأن أهل الحصن تمردوا وقتلوا الأمير. فأمر قتيبة العسكر قائلا : اذهبوا وانهبوا بيكند فقد أبحت دماءهم وأموالهم. وسبب ذلك أنه كان فى بيكند رجل له بنتان جميلتان ، فانتزعهما ورقاء بن نصر ، فقال هذا الرجل :
إن بيكند مدينة كبيرة فلم تأخذ ابنتى من بين كل أهل المدينة؟ فلم يجبه ورقاء. فوثب الرجل وطعن ورقاء بسكين فى سرّته ولكنها لم تكن قاضية ولم يقتل. فلما بلغ قتيبة الخبر عاد وقتل من كان فى بيكند من أهل الحرب جميعا واسترق من بقى ، بحيث لم يبق فى بيكند أحد وخربت. وكان أهل بيكند تجارا وقد ذهب أكثرهم إلى بلاد الصين والجهات الأخرى للتجارة ، ، فلما عادوا بحثوا عن أولادهم ونسائهم وأقربائهم وابتاعوهم من العرب ، وعمروا بيكند كذلك مرة ثانية. وقد قيل بأنه لم تكن مدينة تخرّبت كلها وبقيت خاوية ثم عمرت سريعا على يد أهلها أنفسهم إلا بيكند.
حكاية : يحكى أنه لما فتح قتيبة بيكند وجد فى معبد الأصنام صنما من الفضة يزن أربعة آلاف درهم ، ووجد أوانى (3) من الفضة ، فجمعها كلها ووزنها فكانت مائة وخمسين ألف مثقال ، ووجد حبتين من اللؤلؤ كل منهما كبيضة الحمام ، فقال قتيبة : من أين أتيتم بهاتين اللؤلؤتين بهذا الحجم الكبير؟ قالوا : أتى بهما طائران فى منقاريهما ، وألقيا بهما فى بيت الأوثان هذا ، فجمع قتيبة الطرائف وبعث
ص: 74
بها مع هاتين الحبتين إلى الحجاج ، وكتب رسالة بفتح بيكند وذكر قصة هاتين الحبتين من اللؤلؤ فى الكتاب ، فكتب الحجاج الجواب قائلا : علم ما ذكرت وساورنى العجب من هاتين اللؤلؤتين الكبيرتين وذينك الطائرين اللذين أتيا بهما ، وأعجب من هذا سخاؤك إذ حصلت على مثل هذين الشيئين الفاخرين وبعثت بهما إلينا ، بارك اللّه عليك (1) ، ثم بقيت بيكند خرابا سنوات طوالا (2) ، فلما فرغ قتيبة من أمر بيكند ذهب إلى خنبون وشن حروبا واستولى على خنبون وتاراب (3) وكثير من القرى الصغيرة ، وذهب إلى وردانة وكان هناك ملك اسمه وردان خداة خاض معه حروبا كثيرة. ومات وردان خداة أخيرا واستولى (أى قتيبة) على قرى كثيرة. وفى وسط قرى بخارى فيما بين تاراب وخنبون ورامتين تجمع عسكر كثير وأحاطوا بقتيبة ، وأقبل طرخون ملك السغد بعسكر كثير وخنك خداة بجيش عظيم ، ووردان خداة بجيشه ، وقد استأجروا الملك كورمغانون ابن أخت فغفور الصين (4) وكان قد جاء بأربعين ألف رجل ليناصروه (5) فى حرب قتيبة وتجمعت الجيوش واشتد الأمر على قتيبة وكان قتيبة وأصحابه فى حاجة إلى سلاح (6) ، ونادى قتيبة بأن لا يبعدوا الطليعة عنهم وأن لا يسرحوا العسكر ، وقد ارتفعت لهذا قيمة السلاح بحيث صار ثمن الرمح خمسين درهما والمجن خمسين أو ستين درهما والدرع سبعمائة درهم. وقال حيان النبطى لقتيبة : أنا أبحث ذلك بنفسى فأمهلنى إلى غد ، فلما أصبح الصباح بعث حيان النبطى بشخص إلى ملك السغد وقال : عندى نصيحة ويتحتم عليك أن نجتمع كلانا فى مكان واحد. فقال طرخون : فليكن ، متى نجتمع؟
ص: 75
فقال حيان : حين ينشغل العسكر بالحرب وتشتد المعركة. ففعلا كذلك ، فلما حمى الوطيس قابل حيان النبطى طرخون وقال : لقد ذهب عنك الملك وأنت لا تدرى! قال : وكيف؟ فقال : نحن نستطيع أن نبقى هنا ما دام الجو حارّا ، والجو الآن بارد وقد آن لنا أن نرحل ، وما دمنا هنا فإن هؤلاء الأتراك يحاربوننا ، فإذا ما ذهبنا من هنا يحاربونك لأن ولاية السغد مكان جميل ولا مثيل له فى الدنيا جمالا ، فكيف يتركون لك السغد ليرحلوا إلى التركستان؟ وتبقى فى عناء ويأخذون ملكك. فقال طرخون : وما حيلتى؟ قال : تعقد صلحا مع قتيبة وتعطيه شيئا وتظهر للترك بأنه قد وصل لنا جيش عظيم عن طريق كش ونخشب مددا من الحجاج ، وتقول لهم إنى عائد ليعودوا هم أيضا ؛ فإذا ما عقدت معنا الصلح وأخذت منا العهد لن نريد بك سوءا ولن نؤذيك وتخرج أنت من هذا العناء. فقال طرخون : لقد أحسنت نصحى ، فلأفعل هكذا ، سأعود الليلة. فلما أقبل الليل بعث طرخون بشخص إلى قتيبة واصطلح وأرسل مالا قدره ألفا درهم ونفخوا فى البوق وذهبوا ، فقال الدهاقين والأمراء ماذا حدث؟ فقال : حذار تنبهوا - فقد بعث الحجاج بعسكر عظيم من ناحية كش ونخشب ليأتوا من خلفنا ويحيطوا بنا ، وإنى عائد إلى ولايتى. فبعت كورمغانون التركى بشخص وسأل الخبر فأخبروه بهذه الحالة ، فنفخ هو أيضا فى البوق وعاد ، وكانوا ينهبون الولاية ويمضون ، فصرف اللّه تعالى هذا البلاء عن المسلمين. وقد بقى قتيبة فى شدة أربعة شهور لم تصل فيها أخباره هو وأصحابه إلى الحجاج ، وكان قلب الحجاج مشغولا من هذه الناحية وكانوا فى المساجد يتلون القرآن ويقيمون الختمات (1) ويدعون الدعوات ، وعاد قتيبة وأصحابه إلى بخارى. وكانت هذه المرة الرابعة التى جاء فيها إلى بخارى وحارب وأخذ الأموال ونهب جانبا من الولايات وقتل بعضا وأسر بعضا واسترقهم. فكان يذهب إلى مرو ويعود إلى ولاية بخارى حماها اللّه تعالى من جميع الآفات والبليات.
ص: 76
روى محمد بن جعفر : أن زوج الخاتون أم طغشادة قد مات ، وكان ابنها الأمير بخار خداة صغيرا ، وكانت هذه الخاتون تتولى الملك ، وقد مر ذكرها مع عبيد اللّه بن زياد وسعيد بن عثمان بن عفان رضى اللّه عنهما ، وفى كل مرة كان عسكر الإسلام يأتى إلى بخارى ويغزو فى الصيف ويعود فى الشتاء ، وكانت هذه الخاتون تحارب كل من يأتى مدة ثم تصالحه.
ولما كان ابنها صغيرا فإن كل واحد من الأهل كان يطمع فى هذا الملك ، وكان بخار خداة قد استولى على بخارى بالحرب ، وكان أهل بخارى فى كل مرة يسلمون ثم يرتدون حين يعود العرب ، وكان قتيبة قد حملهم على الإسلام ثلاث مرات ثم عادوا فارتدوا وكفروا. وقد حارب قتيبة هذه المرة الرابعة واستولى على المدينة وأظهر الإسلام بعد عناء كبير وغرسه فى قلوبهم وشدد عليهم بكافة الطرق. وكانوا يقبلون الإسلام فى الظاهر ويعبدون الأصنام فى الباطن. فرأى قتيبة من الصواب أن يأمر أهل بخارى بأن يعطوا نصف بيوتهم للعرب ليقيموا معهم ويطلعوا على أحوالهم فيظلوا مسلمين بالضرورة ، فأظهر الإسلام بهذه الطريقة وألزمهم بأحكام الشريعة وبنى المساجد وأزال آثار الكفر ورسم المجوسية ، وكان يبذل فى ذلك جهدا عظيما ، ويعاقب كل من قصر فى أحكام الشريعة ، وبنى المسجد الجامع وأمر الناس بأداء صلاة الجمعة بما فى ذلك أهل بخارى فليجعل اللّه تعالى ثواب هذا الخير ذخيرة آخرته.
ص: 77
بنى قتيبة المسجد الجامع داخل حصار (حصن) بخارى فى سنة أربع وتسعين (712 م) ، وكان ذلك الموضع بيت أصنام. فأمر أهل بخارى بأن يجتمعوا هنالك كل يوم جمعة ، فكان يأمر بمناد كل يوم جمعة يقول : بأن كل من يأتى لصلاة الجمعة أعطيه درهمين. وكان أهل بخارى فى أول الإسلام يقرأون القرآن فى الصلاة بالفارسية ، ولم يكونوا يستطيعون تعلم العربية. وحينما كان يحين وقت الركوع كان يقف وراءهم رجل يصيح فيهم «بكنيتا نكينت» (1) وحينما كانوا يريدون السجود. كان يصيح فيهم «نكونيا نكونى» (2).
وقد ذكر محمد بن جعفر فى كتابه : أنه رأى مسجد بخارى الجامع وعليه أبواب ذات صور مكشوطة الوجه وقد ترك باقيها على حاله ، وقال : إنى سألت أستاذى من وضع هذه الأبواب أولا؟ وكان هناك رجل معمر فقال : سبب ذلك أنه كان يقال قديما بأنه كان خارج المدينة سبعمائة قصر كان يقيم بها الأغنياء وكانوا أكثر تمردا وأكثر الناس تخلفا عن الحضور إلى المسجد الجامع ، وكان الفقراء يرغبون فى الحصول على هذين الدرهمين ، ولكن الأغنياء لم يكونوا راغبين. وفى يوم جمعة ذهب المسلمون إلى أبواب تلك القصور ودعوهم إلى صلاة الجمعة وألحوا ، فكانوا (أى الأغنياء) يضربونهم بالحجارة من أسطح القصور ، فدارت الحرب وتغلب المسلمون ، واقتلعوا أبواب قصورهم وجاءوا بها ، وكان كل شخص قد نقش على تلك الأبواب صورة صنمه ، فلما اتسع المسجد الجامع استخدموا تلك الأبواب فيه ، وكشطوا وجوه الصور وتركوا بقيتها وأقاموها. ويقول أحمد بن محمد ابن نصر : قد بقى واحد من تلك الأبواب إلى اليوم فى ذلك الموضع الذى تنزل منه من السطح إلى باب المسجد الجامع حين تريد الذهاب إلى سراى أمير خراسان ، فتترك الباب الأول والباب الثانى من بقية تلك الأبواب ، وأثر الكشط ما يزال ظاهرا عليه. وذلك المسجد الذى فى داخل الحصار بناه قتيبة ، وكان الناس يصلون فيه ،
ص: 78
فلما ازداد الإسلام ، وكانت رغبة الناس فى الإسلام تزداد كل يوم ، لم يتسع لهم ذلك المسجد إلى أن كان زمن الفضل بن يحيى بن خالد البرمكى (1) حين صار أمير خراسان فى زمن هارون الرشيد ، فتجمع أهل بخارى واتفقوا فيما بينهم وأنشأوا مصرف (2) الحصار وبنوا بين الحصار والمدينة المسجد الجامع سنة مائة وأربع وخمسين (770 م) وصلوا الجمعة فى مسجد الحصار الجامع. وحين بلى المسجد الجامع تعطل مسجد الحصار الجامع كذلك ، وصار ديوانا للخراج ، ولم يكن لأحد فى عمارة المسجد الكبير ما كان للفضل بن يحيى البرمكى من الأثر ، وقد أنفق عليه مالا كثيرا وكان كلّ بعد ذلك يزيد فيه ، حتى كان زمن الأمير إسماعيل السامانى رحمه اللّه ، فاشترى دورا كثيرة ، وزاد فى المسجد مقدار الثلث. وكان أول من أمر بقناديل فى المساجد فى شهر رمضان هو الفضل بن يحيى البرمكى هذا.
حكاية : روى أنه فى أيام الأمير السعيد نصر بن أحمد بن إسماعيل ، حين دخل الناس المسجد الجامع فى يوم جمعة من شهر رمضان انهار عليهم المسجد دفعة وهلك فيه خلق كثير وأقيم العزاء فى جميع المدينة وأخرج بعضهم وما يزال فيهم رمق ، وكانوا يموتون بعد فترة. وكان بعض آخر مكسور الأطراف ، وهلك خلق كثير فى عامة المدينة بحيث بقيت مدينة بخارى بعد ذلك خالية ثم صمد أهل المدينة وعاونهم كل من أتباع السلطان وقام بهذا العمل أبو ... (3) القاضى رحمه اللّه ، حتى تم فى سنة واحدة ، ثم تهدم مرة أخرى فى العام التالى وانهار كل من جانبى القبلة ولكن لم يكن أناس هنالك ، فأعادوا عمارته. وقد أقام أبو عبيد اللّه بن
ص: 79
الجيهانى (1) المنارة من خالص ماله فى مدة خمس سنوات سنة ست وثلثمائة (918 م) وكان وزير السلطان فى ذلك التاريخ.
وكان هذا المسجد الجامع متصلا بالحصار حتى آخر عهد إبرهيم بن طمغاج خان الذى تولى الملك وكان لطمغاج خان ابن آخر هو شمس الملك نصر بن إبرهيم (2) ، فقصد بخارى ثم دعم حصارها. وحارب شمس الملك على باب حصار بخارى ، فكانوا يرمون الحصار بالسهام من فوق منارة المسجد الجامع ، وقاسى أهل الحصار من ذلك. فأمر شمس الملك بقذف النار من الحصار وكان رأس المنارة من الخشب فاحترق وامتدت الحرائق إلى المسجد الجامع فاحترق أيضا ، فلما استولى الملك شمس الملك على الحصار واستتب له ملك بخارى أمر ببناء المسجد الجامع ثانيا وبحفر خندق بين الحصار وبين المسجد ، وبنوا رأس المنارة من الآجر ، وأمر بإبعاد المقصورة والدار التى بها المقصورة عن الحصار. وقد قدم كل من الأشراف (3) والأثرياء المعونة حتى تمت هذه العمارة ، وكان حريق المسجد الجامع فى سنة أربعمائة وستين (1067 م) وتم بناؤه سنة أربعمائة وواحدة وستين (1068 م). ويقول محمد بن أبى بكر سمعت من الثقات أن هذه المقصورة والمنبر والمحراب التى فى بخارى أمر الملك شمس الملك بنحتها فى سمرقند وقد نقشت وأحضرت إلى بخارى. وكان المسجد قائما على هذه الصفة حتى أيام أرسلان خان محمد ابن سليمان فأمر بإبعاد المسجد الجامع عن الحصار حتى لا يحدث خلل كما حدث فى زمان شمس الملك.
وقد اشترى أرسلان خان بيوتا كثيرة فى المدينة وأمر بأن يهدم من المسجد الجامع ما كان قريبا من الحصار ، وبهدم تلك المنارة التى كانت على مقربة من الحصار
ص: 80
وإقامتها بالمدينة ، فكانت فى غاية الفخامة والجمال بحيث لم يكن مثلها فى أى مكان. ولما تمت وركبوا رأسها وبقى قليل على تمامها أصابتها عين وانهارت المنارة على المسجد الجامع فانهدم ثلثه وتحطمت جميع الأخشاب المنقوشة والمخروطة ، فأمر أرسلان خان مرة أخرى بإقامة المنارة ، وبالغوا فى إحكامها وجعلوا رأسها من الآجر وبناها كلها من خالص ماله. والمسجد الجامع الذى أمر به أرسلان خان كان فى سنة خمسمائة وخمس عشرة (1121 م). وبالمسجد كله خمسة أروقة داخلية ، والرواقان المطلان على المدينة مع المنارة من بناء أرسلان خان وهذا الرواق الأكبر والمقصورة من بناء شمس الملك ، وبين هذه رواقان داخليان منذ القدم ، والذى بقرب الحصار من آثار الأمير إسماعيل السامانى رحمه اللّه. وقد بناه سنة مائتين وتسعين (902 م) والآخر الذى فى ناحية بيت أمير خراسان من بناء الأمير الحميد نوح بن نصر بن إسماعيل السامانى فى سنة ثلثمائة وأربعين من هجرة النبى صلى اللّه عليه وسلم (951 م) (1).
ص: 81
لما بنى قتيبة بن مسلم المسجد الجامع كان داخل الحصار ، ومن داخل المدينة إلى تلك الأطراف يسمى ريكستان (أى الصحراء) فجعل ذلك الموضع مصلى العيد ، وأخرج المسلمين فصلوا العيد (1) وأمر الناس بإخراج السلاح معهم لأن الإسلام كان ما يزال جديدا ولم يكن المسلمون فى مأمن من الكفار ، وقد بقى لليوم سنة بأن كل صاحب سلاح يخرجه معه ، ويسمون ذلك الباب باب سراى المعبد (2) ، وقد كان هذا معبد خيل أمير بخارى (3) ، وقد أدوا صلاة العيد فى هذا المصلى سنوات طوالا ، ولم يكن يتسع لهم فاشترى الأمير السديد منصور بن نوح بن نصر على طريق «سمتين» بساتين وحدائق نزهة بثمن كبير وأنفق فى ذلك أموالا طائلة وجعلها مصلى العيد وأمر بمنبر ومحراب جميلين وبإقامة مبلغات (4) يكبر عليها المكبرون ليسمع الناس. وكان من مصلى العيد إلى باب حصار بخارى مقدار نصف فرسخ ، كان يمتلئ كله بالناس ، وصلوا العيد هنالك سنوات طوالا وكان ذلك فى سنة ثلاثمائة وستين (970 م) وكان ذلك المصلى موجودا إلى زمن أرسلان خان ، فأمر أرسلان خان ببناء مصلى قرب المدينة حتى لا يتعب الناس ، وإذا قصد المدينة عدو فى وقت ما لا يكون الناس غائبين عنها. وكان للملوك حديقة بباب إبرهيم تسمى شمس آباد ، وكانت قد تخربت فاستعملت للفلاحة وقد أمر خاقان الترك
ص: 82
بمنع ذلك كله وضرب عليها أسوارا عالية وأقيم منبر ومحراب من الآجر (1) ومبلغات للمكبرين وذلك سنة خمسمائة وثلاث عشرة من هجرة النبى صلى اللّه عليه وسلم (1119 م).
ص: 83
يروى محمد بن جعفر عن حاتم الفقيه أنه لما جاء قتيبة إلى بخارى للمرة الرابعة واستولى عليها اصطلح على أن يدفع (أهل بخارى) للخليفة كل سنة مائتى ألف درهم ولأمير خراسان عشرة آلاف درهم ، وأن يعطى للمسلمين نصف الدور والضياع وعلف دواب العرب والحطب وما ينفق. وأن يدفع ذلك من خارج المدينة أيضا. وكان بالمدينة قصور وبعض الأحياء المتفرقة البعيدة عن بعضها البعض. ولما كان للرستاق والمدينة سبعة أبواب كان يسمى الباب الأول باب السوق ؛ لأنه فى تلك الأيام لم يكن فى أى باب سوق قريبة من المدينة إلا بهذا الباب ، ونحن نسميه باب العطارين ، ثم قسم قتيبة المدينة ، فمن حيث تدخل من باب العطارين (1) إلى باب نون أعطاه لربيعة ومضر والباقى لأهل اليمن ، وحين تدخل المدينة ، فأول محلة على يدك اليسرى يقال لها كوى رندان (أى محلة الفتّاك) وقد كان خلفها كنيسة المسيحيين ، وهنالك مسجد يقال له مسجد بنى حنظلة وحين تدخل من باب المدينة يكون على يدك اليمنى محلة يقال لها محلة الوزير ابن أيوب بن حسان ، وتسمى تلك المحلة أيضا كوى كاخ (أى محلة القصر) ، وهذا الوزير بن أيوب كان قائدا من قواد قتيبة ، وكان أبوه أيوب أميرا لبخارى ، وهو أول من صار فى الإسلام أميرا لبخارى من قبل قتيبة بن مسلم. وكان أمراء بخارى دائما يقيمون فى محلة القصر هذه ، وكانت هنالك سراى على حدة لأجل أمراء بخارى. وكان هناك دهقان يقال له «خينة» (2) ولما أسلم صار اسمه أحمد. وكانت محلة القصر كلها ملكا له وكان
ص: 84
فى هذه المحلة قصر لهذا الدهقان يقيم فيه أمراء بخارى دائما ، وقد خرج هذا القصر من بعده من يد صاحبه.
وفى سنة مائة وخمسين (767 م) أقام ورثة هذا الدهقان المسمى «كدره خينه» دعوى أمام أبى جعفر الدوانقى الذى كان خليفة (1) وأخرجوا القبالة ، وكان حده الأول سور المدينة المتصل بسقيفة البقالين (چوبه بقالان) ، وحده الثانى سور المدينة المتصل بسوق الفستقيين (2) ، والحد الثالث طريق مستقيم يؤدى من باب نون إلى وسط المدينة ، ومن باب العطارين إلى باب نون جملة محلة واحدة وهى ربع المدينة وقد ذكروها فى هذه القبالة ، والألف دكان التى فى سوق بخارى (3) والخمس والسبعون قرية الخاصة بنهر بخارى وفراويز العليا التى أحدثت فى زمن الإسلام هذه كلها أقاموا بها دعوى أمام الخليفة وعرضوا القبالات وشهد الشهود ، وأمر الخليفة بقيدها بالدفاتر وإحضارها إلى بخارى وقد استردوها جميعا. ثم إن أبناءهم بعد ذلك باعوها قطعة قطعة لكل شخص حتى تفرقت بأيدى الناس. وحين تعبر باب العطارين يأتى باب بنى سعد ومسجد بنى سعد ، وكان حسن بن علاء السغدى رجلا عظيما ، وكان له قصر فى المدينة فى غاية العظمة لم يكن مثله لأى ملك. وقد بنى محلة علاء بباب علاء وهو الذى بنى هذه الحظيرة. وقد غلت له هذه الحظيرة فى كل شهر ألفا ومائتى دينار ، وكان له فى المدينة مستغلات.
حكاية : فى زمن حسن بن طاهر الذى كان أمير خراسان كان له وزير اسمه حفص بن هاشم ، طمع فى أن يشترى هذه الأملاك منهم ، ولم يبيعوها له فحبسهم لهذا السبب وأنزل بهم عقوبات كثيرة. وكان يستدعيهم إليه كل أسبوع مرة ويساومهم وعندما يأبون البيع يعيدهم إلى السجن ويأمر بالمزيد فى عقوبتهم حتى مضى على ذلك خمس عشرة سنة ، قاسوا فيها العقوبة والعناء ولم يبيعوا أملاكهم ، وذات يوم استدعاهم حفص بن هاشم وقال : لقد انقضى عهد طويل وأنتم فى
ص: 85
العقوبة ، فماذا تلقون فى النهاية؟
فقال حسن بن علاء : نلقى واحدة من ثلاث : إما أن تموت أنت أو يموت سيدك أو نموت نحن! فأمر حفص يوم ذاك بالتشديد فى السجن والعقوبة ، ولم يمض على هذا الكلام شهر حتى مات أمير خراسان وقامت فتنة وحطموا السجن وفر حفص بن هاشم ونهبوا داره وبقى حفص متواريا حتى مات وعاد حسن بن علاء مع إخوته إلى بخارى.
فإذا عبرت باب بنى سعد فهناك باب بنى أسد وكان هذا الباب يسمى فى الجاهلية (در مهره) أى باب الخرزة ، وإذا خرجت من ذلك الباب ونزلت إلى النهاية فهناك سراى أمير خراسان وباب آخر يسمى (در كبريه) أى باب المجوس لأنه إذا خرجت من الباب يكون الحصار أمامك (1) وقد تخربت هذه المحلة اليوم ويسمون تلك المحلة «فغسادره» وقد صارت الآن مدافن. وكانت بيوت العرب فى الأغلب بذلك الباب وهو أقوى الأبواب وله حزام كبير طوله ستون قدما ، وتحت ذلك الحزام بيوت كثيرة ، وقد بنى هذه العمارة أمير اسمه «سوناس تكين (2)» وقبره فى هذا الموضع أيضا. ويوجد باب آخر يسمى «باب حقره» وكان السيد الإمام أبو حفص الكبير البخارى (3) رحمة اللّه عليه يقيم بتلك المحلة ، وقد رحل من بخارى إلى بغداد وتلمذ للإمام محمد بن حسين الشيبانى (4) رحمه اللّه ، ولم يكن
ص: 86
أحد مثله فى الولاية وهو من جملة متأخرى بخارى وكان زاهدا وعالما أيضا وقد صارت بخارى بسببه قبة الإسلام (1). والسبب هو أن أهل بخارى تعلموا وفشا فيها العلم وصاروا أئمة وعلماء محترمين وكان هو السبب. وقد بلغ ابنه أبو عبد اللّه من العلم بحيث إنه حين كانت القافلة تعود من الحج ، كان علماؤها يجيئون إلى الإمام أبى حفص ويسألونه فكان يقول لهم : إنكم آتون من العراق فلم لم تسألوا علماء العراق؟ فكان أحدهم يقول : لقد ناظرت علماء العراق فى هذه المسألة فلم يستطيعوا الجواب وقالوا لى : حين تصل إلى بخارى سل السيد الإمام أبا حفص البخارى أو أحد أبنائه عنها ، وعندئذ كان (أى الإمام أبو حفص) يجيب عن هذه المسألة بالجواب الصائب. وكان السيد أبو حفص يختم القرآن مرتين كل يوم وليلة مع أنه كان يعلم الناس العلم. ولما ضعف وهرم كان يختم القرآن مرة ، ولما ازداد ضعفا كان يقرأ نصف القرآن حتى رحل عن الدنيا - تغمده اللّه بالرحمة والرضوان.
حكاية : حكى أن يحيى بن نصر قال : كنت عند السيد أبى حفص وكان قد صلى الفجر وجلس ووجهه إلى القبلة وهو يقرأ شيئا ، فلما طلعت الشمس فنظر ، لم يكن القوم قد حضروا ليعلمهم ، فنهض وصلى أربع ركعات قرأ فيها سورة البقرة وآل عمران وسورة النساء وسورة المائدة ولما سلم لم يكن القوم قد حضروا بعد ، فنهض وصلى اثنتى عشرة ركعة وقرأ حتى سورة الرعد.
وقد روى محمد بن طالوت الهمدانى عن الفضل الخطاب أنه كان فى بخارى أمير اسمه محمد بن طالوت ، قال يوما لوزيره «خشويه» يجب أن نذهب لزيارة السيد أبى حفص وندركه ، وكان خشويه هذا من عظماء بخارى ومحتشما (2) فقال خشويه : لا ينبغى لك أن تذهب إليه ، إذ حينما تذهب إليه لا تستطيع الكلام أمامه لهيبته ، فقال لا بد أن أذهب. فذهب مع الوزير إلى السيد أبى حفص وكان يصلى فى المسجد ، فلما سلم بعد صلاة الظهر دخل الوزير وقال لقد جاء الأمير فهل تأذن له بالدخول؟ فقال : نعم. وكان جالسا ووجهه إلى القبلة ، ودخل الأمير وسلم
ص: 87
وجلس ، ولم يستطع أن يتكلم قط. فقال السيد رحمة اللّه عليه : ما حاجتك؟ فلم يستطع الكلام برغم ما بذل من جهد ليتكلم. فلما رأى خشويه الأمير (1) قال له : كيف وجدت السيد أبا حفص؟ قال : كما قلت ، بقيت متحيرا ، ذهبت إلى الخليفة مرارا وتحدثت إليه ولم تمنعنى مهابة الخليفة من الكلام وهنا لم أستطع الكلام لهيبته (2).
روى عن محمد بن سلام البيكندى ، وكان زاهدا عالما ، أنه قال : رأيت فى المنام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ببخارى فى سوق خرقان - ومن أول كوى مغان (محلة المجوس) إلى كوى دهقانان (محلة الدهاقين) كان يسمى قديما سوق خرقان. قال : رأيت الرسول مقتعدا نفس الناقة التى جاء ذكرها فى الحديث ، وعلى رأسه عمرة بيضاء وقد وقف أمامه جمع غفير يهللون بمجىء الرسول عليه السلام ، ويقولون أين ننزل الرسول صلوات اللّه عليه ، وعندئذ أنزلوه بمنزل السيد الإمام أبى حفص رحمة اللّه عليه ، ورأيت السيد أبا حفص جالسا أمام الرسول صلى اللّه عليه وسلم يقرأ كتابا. وأقام الرسول عليه السلام مدة ثلاثة أيام بمنزل السيد أبى حفص وهو يقرأ الكتاب والرسول عليه السلام يسمع ، ولم يرده قط فى هذه الأيام الثلاثة واستصوب كل ما قرأه.
ولم تبق دار السيد أبى حفص رحمة اللّه عليه اليوم ، لأن الناس بنوا هنالك ، ولكن بقيت آثارها والصومعة أيضا باقية فى تلك الدار وهى مستجاب الدعوة (3) وكانت وفاته سنة سبع عشرة ومائتين (822 م) ، وتربته فى الباب الجديد (دروازه نو) معروفة وهى مكان الدعاء المستجاب. ويسمى ذلك التل تل السيد الإمام أبى حفص ، وهنالك مساجد وصوامع وبها مجاورون على الدوام والناس يتبركون بتلك التربة ،
ص: 88
ويسمون ذلك الموضع باب حقره (1) (أى باب طريق الحق) لأن الناس كانوا يحملون الفتاوى هنالك إلى السيد أبى حفص رحمة اللّه عليه ، وقد سموا الفتوى الحق ولهذا سموه «حقره» أى طريق الحق. ويسمون الباب السابع «در نو» أى الباب الجديد ، بمعنى أنه آخر أبواب المدينة. وحين تدخل هذا الباب يكون مسجد القرشيين ، على يدك اليمنى ، وهو بقرب دار السيد أبى حفص. ويسمونه مسجد القرشيين ، لأن مقاتل بن سليمان القرشى أقام هنالك ، ومقاتل هذا هو مولى حيان وكان حيان مولى طلحة بن هبيرة الشيبانى. وكان حيان هذا رجلا عظيما وذا قدر ، وقد ذهب إلى خراسان وعقد صلحا بين قتيبة وطرخون ملك السغد فى وقت كان الكفار قد أحاطوا بقتيبة على باب بخارى ، ثم إن حيان هذا نفسه بعث بعسكر إلى فرغانة فقتلوا قتيبة ، ويسمون حوض حيان باسمه. وتربة قتيبة معروفة فى فرغانة فى ناحية رباط سرهنگ (2) (أى رباط القائد) حيث يرقد فى قرية تسمى كاخ (أى القصر) ويذهبون إلى هنالك دائما من الولايات للزيارة. وكان عمره خمسا وخمسين سنة حين استشهد ، رضى اللّه عنه (3).
ص: 89
لما صار أسد بن عبد اللّه القشيرى (1) أمير خراسان جاء إلى خراسان وبقى هنالك حتى رحل عن الدنيا فى سنة مائة وست وستين (782 م).
وحكوا أنه كان رجلا صالحا كريما ، وكان يتطلع إلى مواساة الأسرات الكبيرة القديمة ويحسن رعاية الأصلاء سواء من العرب أو من العجم.
ولما فرّ سامان خداة جدهم (أى جد آل سامان) من بلخ (2) وجاء إليه (أى إلى أسد القشيرى) فى مرو ، أكرمه وحماه وقهر أعداءه وأعاد إليه بلخ وآمن سامان خداة على يديه.
ويسمى سامان خداة لأنه بنى قرية وأسماها سامان (3) فدعوه بذلك الاسم ،
ص: 90
كما يدعى أمير بخارى بخار خداة. ولما رزق سامان خداة بغلام أسماه أسدا لمحبته إياه ، وأسد هذا هو جد الأمير الماضى (1) إسماعيل السامانى رحمة اللّه عليه. وإسماعيل بن أسد بن سامان خداة. وكان سامان خداة من أبناء الملك بهرام چوبين (تشوبين) (2) ومن ثم أخذ بلاط السامانيين يزداد رفعة كل يوم حتى بلغ ما بلغ. ويقول أحمد بن محمد بن نصر إن محمدا بن جعفر قد روى فى كتابه عن محمد ابن صالح الليثى وأبى الحسن الميدانى أنه فى أيام أسد بن عبد اللّه القشيرى خرج رجل ودعا أهل بخارى إلى الإيمان ، وكان أهل بخارى فى الأغلب أهل ذمة ويدفعون الجزية ، فأجابه قوم وأسلموا ، وكان طغشادة ملك بخارى ، فغضب لأنه كان فى السر كافرا فكتب إلى أمير خراسان أسد بن عبد اللّه كتابا يقول فيه إنه ظهر ببخارى رجل يثير علينا الولاية وجعل قوما يخرجون علينا ، ويقولون إننا أسلمنا وهم كاذبون ، أسلموا بلسانهم وهم مشغولون بأمرهم ذاك (أى الكفر) فى سرهم ، ويثيرون الولاية والملك بهذه الحجة ولا يؤدون الخراج (3) ، ولهذا كتب أسد بن عبد اللّه إلى عامله شريك بن حريث وأمره بأن يقبض على هؤلاء القوم ويسلمهم لملك بخارى ليفعل بهم ما يشاء ، وروى أن هؤلاء القوم كانوا فى المسجد يقولون جميعا بصوت عال : أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، ويصيحون : وا محمدا ووا أحمدا ، وكان بخار خداة (طغشادة) يضرب أعناقهم ولم يكن أحد -
ص: 91
يجرؤ على الكلام فيشفع لهم ، حتى ضرب أعناق أربعمائة شخص وصلبهم واسترق الباقين باسم أسد بن عبد اللّه وأرسلهم إليه بخراسان. ولم يرتد أحد قط من هؤلاء القوم عن الإسلام ، وبقى من بقى منهم على الإسلام ، ولم يثن أسد بن عبد اللّه هؤلاء القوم عن الإسلام. ولما مات طغشادة بخار خداة عاد هؤلاء القوم إلى بخارى. «واللّه أعلم».
ص: 92
مات أسد بن عبد اللّه فى نفس سنة مائة وست وستين (782 م.) (1) وجعل هشام بن عبد الملك بن مروان (2) نصرا بن سيار (3) أميرا لخراسان وأرسل إليه منشورا فلما جاء إلى ماوراء النهر وحارب الأتراك وفتح فرغانة وشتّتهم عاد إلى سمرقند ، فلما بلغها ذهب إليه طغشادة بخار خداة ، وأكرمه نصر واحترمه لأنه كان خطب إليه ابنته. وكان طغشادة قد أعطاه ضياع خنبون العليا (4) التى تسمى «كاريك علويان» ولما جاء طغشادة إلى نصر بن سيار كان نصر بن سيار جالسا على باب داره وذلك فى شهر رمضان وقت غروب الشمس ، وبينما كان نصر بن سيار يتحدث مع بخار خداة جاء دهقانان من بخارى كلاهما من أقارب بخار خداة ، وقد أسلما على يد نصر بن سيار ، وكانا من أبناء العظماء فتظلما كلاهما لدى نصر بن سيار من بخار خداة وقالا لقد غصبنا بخار خداة قرانا ، وكان واصل بن عمرو أمير بخارى حاضرا هناك فطلبا الانتصاف منه أيضا وقالا بأن كلا هذين قد اتحدا ويأخذان أملاك الناس ، وكان طغشادة يتحدث همسا فظنا أن طغشادة يطلب من نصر بن سيار أن يقتلهما ، فعزما (على أمر) وقالا لبعضهما البعض : ما دام بخار خداة سيقتلنا فلا أقل من أن نشفى أنفسنا (5) وقال طغشادة لنصر بن سيار
ص: 93
بأن هذين اللذين آمنا على يديك أيها الأمير ، لم يضعان الخناجر فى وسطيهما؟ فقال لهما نصر بن سيار : لم تضعان هذه الخناجر فى وسطيكما؟ فقالا بيننا وبين بخار خداة عداوة ولا نأمن على أنفسنا منه. فأمر نصر بن سيار هارون بن سياوش بحل الخناجر عن وسطيهما وتجهم لهما الأمير ، فابتعد ذانك الدهقانان ودبرا قتلهما. ونهض نصر بن سيار للصلاة وأقامها وأم (المصلين) وأدى الصلاة. وكان بخار خداة جالسا على كرسى ولم يصل لأنه كان ما يزال كافرا فى سريرته. فلما فرغ نصر بن سيار من الصلاة دخل البيت ودعا طغشادة فزلقت قدم طغشادة على باب الدار ووقع فجرى أحد ذينك الدهقانين وطعن بخار خداة بسكين فى بطنه ومزقها ، ولحق الآخر بواصل وكان ما يزال فى الصلاة فضربه فى بطنه بحربة ، فلما بصر به واصل أسرع بضربه بالسيف ورمى رأس ذلك الدهقان ومات كلاهما فى آن واحد ، وأمر نصر بن سيار بقتل ذلك الذى طعن بخار خداة بالسكين وحملوا بخار خداة فى الحال إلى داخل البيت ، وأجلسه نصر بن سيار على وسادته واستدعى «قريحة» الطبيب وأمره بمعالجته - وكان بخار خداة يوصى ومات بعد ساعة ، فدخل غلمانه ونزعوا عنه لحمه وحملوا عظامه إلى بخارى. وكان ملكا مدة اثنتين وثلاثين سنة. وصلى نصر بن سيار على واصل بن عمرو ودفنه فى بيته ، وأقام ابن (1) طغشادة بخار خداة لبخارى ونصب خالد بن جنيد أميرا على بخارى. واللّه أعلم.
ص: 94
كان رجل من العرب قد أقام ببخارى وكان رجلا مبارزا شيعيّا ، يدعو الناس إلى خلافة أبناء أمير المؤمنين على رضى اللّه عنه ويقول : لقد تخلصنا الآن من عناء المروانيين ، فلا حاجة بنا إلى عناء آل العباس ، ويجب أن يكون أبناء النبى خلفاءه ، فاجتمع عليه خلق كثيرون ، وكان أمير بخارى عبد الجبار بن شعيب ، وقد بايعه وبايعه كذلك أمير خوارزم (1) عبد الملك بن هرثمة ، وأمير برزم (2) مخلد بن الحسين ، واتفقوا وقبلوا نشر هذه الدعوة وحرب كل من يواجههم. فبلغ هذا الخبر أبا مسلم (3) ، فبعث زيادا بن صالح إلى بخارى فى عشرة آلاف رجل وأمره قائلا إذا وصلت إلى نهر آموى (جيحون) فتلبث وابعث الجواسيس ليخبروك بأحوال شريك (4) الخارجى ، ولتذهب بحيطة إلى بخارى. وخرج أبو مسلم رحمه اللّه من مرو وعسكر على مرحلة من طريق آموى (جيحون) وجمع عسكره من كل جانب ، وقال لزياد بن صالح أنا هنالك فإذا احتجت إلى عسكر فاخبرنى لأبعثه إليك ، فجاء زياد إلى بخارى وعسكر ، وعسكر شريك بن الشيخ بعسكر عظيم على باب بخارى وحالفه جميع أهل بخارى على حرب أبى مسلم (5) وقاتلوا مدة سبعة وثلاثين يوما ، ولم يكن يوم قط إلا وكان الظفر لهذا الشيخ ، وكان يقتل فى كل يوم ويؤسر كثير من عسكر زياد وابن صالح حتى ذهب سليمان القرشى مولى حيان النبطى إلى
ص: 95
باب المدينة فى خمسمائة رجل ، فخرج حمزة الهمدانى من مدينة بخارى فى مواجهته ، وكان سليمان قد وضع أربعمائة رجل فى كمين وتقدم هو فى مائة رجل لحرب حمزة الهمدانى ، فظن حمزة أن رجاله هذا القدر لا أكثر ، فتقدم وحارب وخرج هؤلاء الأربعمائة رجل من الكمين وأهلكوا خلقا كثيرا وفر الباقون إلى داخل المدينة ، وجاء قتيبة بن طغشادة بخار خداة فى عشرة آلاف رجل وأظهر علامة الجيش والتحم مع زياد بن صالح فى الحرب وأمر بفتح أبواب القصور ، وكان على باب مدينة بخارى سبعمائة قصر ، فأمر أهل القصور بإظهار علامة الجيش ، وكان الناس فى هذه القصور أكثر من هؤلاء الذين فى المدينة ، ولكن كان (العرب) فى المدينة مع أهلها ولم يكن فى القصور أحد من (العرب) ، وأمر بخار خداة أهل الرستاق وأهل القصور بغلق الأبواب أمام عسكر شريك وعدم تقديم الطعام والعلف وأمر بحمل الطعام والعلف إلى معسكر زياد ، وصعبوا الأمر على عسكر شريك بكل الطرق ، حتى بقى العسكر فى ضيق وجاعوا ، فلم تجد دوابهم العلف وعجزوا عن العمل ، وتدبروا فصار الاتفاق على أن يزدادوا اقترابا من باب المدينة ليأتوا بالطعام والعلف منها ، ويجعلوا المدينة خلفهم ووجومهم صوب الخصم ، ويعاونهم من المدينة أيضا عسكر آخر. ولكنهم لم يستطيعوا الذهاب نهارا ، لأن معسكر زياد وبخار خداة كان على الطريق فذهبوا ليلا حتى صاروا على فرسخ من المدينة ، وعلم زياد فخرج ، وأخذ الطريق عليهم ، وتقاتلوا قتالا شديدا ووقعت الهزيمة على عسكر زياد وبخار خداة فقال بخار خداة الصواب أن نحمل على ساقة الجيش (1) لأننا إذا خرجنا قدامهم يهجمون على الموقع ويشتد الأمر علينا ، فإذا ما حملنا على الساقة تكون مقدمتهم قد ألقت بنفسها فى المدينة ، فيعودون على عجل ويقفون للحرب وتتحقق مصلحتنا. ففعلوا كذلك وبقيوا حتى ذهب بعضهم ومن ثم حملوا على الساقة وأخذوا فى الحرب ، وكانوا يحاربون ويذهبون ، حتى وصلوا إلى «نوكندة» (2) فقال بخار خداة لزياد بن صالح : إن هؤلاء القوم جياع ، ولم يروا العنب والشمام
ص: 96
ولم يأكلوهما هذا العام ، فحينما يصلون إلى «نوكنده» نتركهم حتى يشغلوا أنفسهم بالعنب والشمام وتكون مقدمتهم بلغت المدينة وعندئذ ننقض عليهم. فلما وصلوا إلى نوكنده تفرقوا فى طلب العنب والشمام والفاكهة ، وكانت مقدمتهم وصلت المدينة ، وعندئذ هاجمهم بخار خداة وزياد وحملا عليهم وقتلا خلقا عظيما وانهزم الباقون ، وفى أثناء ذلك سقط شريك بن الشيخ الذى كان صاحب دعوة هؤلاء القوم عن حصانه وقتل (1). ونزل زياد بن صالح على باب «ماخ» (2) الذى يسمى الآن مسجد مغاك (أى مسجد الكهف) على ضفة النهر ، وأمر بإضرام النار فى المدينة ، وظلت المدينة تحترق مدة ثلائة أيام بلياليها وأمر بأن ينادى بأن كل من يخرج يعطى الأمان. وكان زياد قد ترك العسكر بعيدا عن المدينة حتى يخرجوا ، وفى هذه الليلة وصل ابن شريك وأحد كبار عسكره إلى باب المدينة ، فقبض على كليهما وحملا إلى زياد فأمر بصلبهما. وجبن أهل المدينة ولم يخرجوا بهذا النداء.
وبعد ثلاثة أيام جاء زياد إلى باب المدينة ونزل بقصر بخار خداة الذى كان على باب الحصار بريكستان (3) ، وأمر بذهاب العسكر إلى باب المدينة وواصلوا الحرب ثانيا ، وكانوا يحاربون ويكبرون فتهتز الأرض ، واشتدت المعركة وخرج بضعة أشخاص من الأعيان ، ودار القتال بباب العطارين وقتل كثير من أهل المدينة ، وأمر زياد بصلب كل من يؤسر من المدينة على بابها ، واستولوا عليها آخر الأمر.
وحيما فرغ زياد من أمر بخارى ذهب إلى سمرقند وهنالك وقعت له حروب ثم ذهب إلى خراسان. واللّه أعلم.
ص: 97
ذكر خروج المقنع وأتباعه من المبيضة (1)
يقول أحمد بن نصر إن محمدا بن جعفر روى هذا الفصل فى كتابه ولكن رواه ناقصا وروى إبرهيم صاحب أخبار المقنع ومحمد بن جرير الطبرى (2) أن المقنع كان رجلا من أهل رستاق مرو (3) من قرية يقال لها «كازه» وكان اسمه هاشم ابن حكيم وكان يشتغل أول أمره بالقصارة (4) ثم اشتغل بتعليم العلم وحصل علوما من كل نوع وتعلم الشعبذة وعلم النيرنجات والطلسمات ، وحذق الشعبذة وكان يدعى النبوة أيضا ، وقضى عليه المهدى بن المنصور (5) فى سنة مائة وسبع وستين هجرية (783 م) (6). وقد تعلم النيرنجات وكان فى غاية الذكاء. قرأ كتبا كثيرة من علوم الأولين وصار بارعا للغاية فى السحر ، وكان اسم أبيه حكيما ، وكان قائدا من قواد أمير خراسان فى زمان أبى جعفر الدوانقى ومن أهل بلخ ، وسمى المقنع لأنه كان يغطى رأسه ووجهه إذ كان فى غاية القبح ، وكان رأسه أصلع وإحدى عينيه عوراء وكان دائما يضع على رأسه ووجهه قناعا أخضر (7). وكان هذا المقنع فى أيام
ص: 98
أبى مسلم صاحب الدعوة قائدا من قواد خراسان وصار وزيرا لعبد الجبار الأزدى (1) وادعى النبوة وظل هكذا مدة. وأرسل إليه أبو جعفر الدوانقى شخصا وحمله من مرو إلى بغداد ، وسجنه سنوات. ولما أطلق سراحه بعد ذلك عاد إلى مرو وجمع الناس وقال : أتعلمون من أنا؟ قالوا : أنت هاشم بن حكيم. فقال أخطأتم! أنا إلهكم وإله العالم أجمع [ترب فوه (2)] وقال أنا أدعو نفسى بأى اسم أريد ، ثم قال أنا الذى أظهرت نفسى للخلق بصورة آدم ثم بصورة نوح ثم بصورة إبرهيم ثم بصورة موسى ثم بصورة عيسى ثم بصورة محمد - صلى اللّه عليه وسلم - ، ثم بصورة أبى مسلم ثم بهذه الصورة التى ترون. وقال الناس : لقد ادعى الآخرون النبوة وأنت تدعى الألوهية. فقال : هم نفسانيون وأنا الروحانى الذى كنت فيهم ولى القدرة على إظهار نفسى بأى صورة أشاء. وكتب كتبا إلى كل ولاية وأعطاها لدعاته وكتب فيها : «بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من هاشم بن حكيم سيد السادات إلى فلان بن فلان ، الحمد لله الذى لا إله إلا هو إله آدم ونوح وإبرهيم وعيسى وموسى ومحمد وأبى مسلم. ثم إن للمقنع القدرة والسلطان والعزة والبرهان ، اتبعونى واعلموا أن الملك لى [عليه اللعنة] - ولى العزة والربوبية ولا إله غيرى [ترب فوه] وكل من يتبعنى له الجنة وكل من لا يتبعنى له النار» وأرسل دعاته إلى كل مكان وهو ما زال بمرو ، وأضل كثيرا من الناس. وكان بمرو رجل من العرب اسمه عبد اللّه بن عمرو اتبعه وزوجه ابنته وعبر عبد اللّه هذا جيحون وجاء إلى نخشب وكش ، وكان يدعو الخلق فى كل مكان إلى دين المقنع [عليه اللعنة] وأضل أناسى كثيرا وكان أكثرهم فى كش ورستاق كش ، وكانت أول قرية دخلت دين المقنع وأظهرت دينه قرية فى كش
ص: 99
اسمها قرية «سوبخ» (1) وكان كبيرهم عمرو السوبخى (2) فخرجوا وقتلوا أميرهم وكان رجلا ورعا من العرب ، وقد دخلت أغلب قرى السغد فى دين المقنع وكفر كثيرون من قرى بخارى وأعلنوا الكفر. وقد عظمت هذه الفتنة واشتد البلاء على المسلمين ، فكانوا (أى أتباع المقنع) يقطعون الطريق على القوافل وينهبون القرى ويكثرون التخريب (3). وفشا خبر المقنع بخراسان ، فأمر حميد بن قحطبة الذى كان أمير خراسان بالقبض عليه ، ففر من قريته وظل مختفيا حتى تبين له أن خلقا عظيما بولاية ماوراء النهر قد اعتنقوا دينه وأظهروه فأراد عبور جيحون ، وكان أمير خراسان قد أمر الحراس بتوقيفه على شاطئ جيحون وكان مائة فارس يصعدون شاطئ جيحون وينزلون باستمرار ليقبضوا عليه إذا عبر ، فجاء إلى شاطئ جيحون فى ست وثلاثين شخصا وصنع طوفا وعبر جيحون وذهب إلى ولاية كش وأصبحت تلك الولاية تبعا له ومال الخلق إليه. وكان على جبل سام حصن فى غاية الاستحكام وبه ماء جار وأشجار وزروع ، وحصن آخر أقوى من هذا ، فأمر بتعميره وجمع هنالك أموالا كثيرة ونعما لا تحصى ، وأقام الحراس وكثرت المبيضة وعجز المسلمون فى أمرهم وبلغ الخبر بغداد ، وكان الخليفة فى ذلك الوقت المهدى (4) ، فتضايق وبعث بعساكر كثيرة لحربه وأخيرا حضر هو نفسه إلى نيسابور (5) لدفع تلك الفتنة ،
ص: 100
الصورة
ص: 101
ص: 102
وكان يخشى فساد الإسلام وانتشار دين المقنع فى العالم أجمع. ودعى المقنع الأتراك وأباح لهم دماء وأموال المسلمين. وجاء من التركستان عساكر كثيرة طمعا فى النهب ونهبوا الولايات وكانوا يأسرون نساء وأبناء المسلمين ويقتلونهم. وقد ظهر فى بخارى لأول مرة جماعة المبيضة الذين كانوا من مبايعى المقنع وذهبوا إلى قرية يقال لها «نمجكت (1)» ودخلوا المسجد ليلا وقتلوا المؤذن مع خمسة عشر شخصا وقضوا على أهل القرية جميعا وكان ذلك فى سنة تسع وخمسين ومائة (775 م).
وكان أمير بخارى حسين بن معاذ ، وكان من أكابر طائفة المقنع رجل من أهل بخارى اسمه الحكيم أحمد ، ومعه ثلاثة قواد آخرون اسم الأول «حشرى» والثانى «باغى» وكان هذان من «كوشك فضيل» ، وكان اسم الثالث «كردك» من «غجدوان (2)» ، وكان كل هؤلاء الثلاثة مبارزين وعيارين وعدائين وشطارا (3).
فلما قتلوا أهل القرية. وبلغ الخبر المدينة ، اجتمع أهل بخارى وذهبوا إلى الأمير وقالوا : لا بد لنا من محاربة هؤلاء المبيضة. فخرج حسين بن معاذ فى عسكره وقاضى بخارى عامر بن عمران فى أهل بخارى فى شهر رجب سنة تسع وخمسين ومائة (775 م) وذهبوا حتى قرية «نرشخ» ويقال لها الآن «نراجق» وعسكروا أمامهم. وقال قاضى بخارى نحن ندعوهم إلى دين الحق وما ينبغى لنا أن نحاربهم ثم دخل القاضى القرية مع أهل الصلاح ليدعوهم إلى دين الحق ، فقالوا : نحن لا نفقه ما تقولون ، وازدادوا كل يوم كفرا ، ولم يقبلوا نصحا ، ومن ثم اشتبكوا فى الحرب. وكان أول من حمل عليهم رجل من العرب اسمه نعيم بن سهل ، حارب كثيرا وقتل عدة أشخاص وقتل آخر الأمر ، ونزلت الهزيمة بالمبيضة وقتل منهم سبعمائة رجل وفر الآخرون وانقضى اليوم. فلما أصبح الصباح بعثوا رسولا وطلبوا الأمان وقالوا أسلمنا ، فصالحوهم وكتبوا كتاب الصلح واشترط المسلمون عليهم أن
ص: 103
لا يقطعوا الطريق وأن لا يقتلوا المسلمين وأن ينصرفوا إلى قراهم ويطيعوا أميرهم. وأخذوا عليهم عهد اللّه ورسوله ، وقد وقع جميع أعيان المدينة على كتاب الصلح. ولما رجع المسلمون رجعوا هم أيضا عن ذلك العهد ، واشتغلوا ثانيا بقطع الطريق وأخذوا يقتلون المسلمين وينقلون المزروعات الخضراء النامية إلى حصن نرشخ ، واشتد الأمر على المسلمين.
فبعث الخليفة المهدى وزيره جبرائيل بن يحيى لحرب المقنع ، فجاء إلى بخارى وعسكر على باب سمرقند ليذهب لحرب المقنع ، فذهب إليه حسين بن معاذ وقال : أعنى على حرب المبيضة حتى إذا ما فرغنا من هذا الأمر نذهب معك لحرب المقنع ، فأجابه جبرائيل وأخذ العسكر وذهب حتى قرية نرشخ وأمر بحفر خندق حول القرية وعسكروا فى الخندق وأمر العسكر باليقظة حتى لا تخرج المبيضة وتغير عليهم ليلا ، وحدث ما قال فخرجوا (أى المبيضة) أول ليلة وأغاروا عليهم وأحدثوا كثيرا من التخريب. فلما رأى حسين بن معاذ أمير بخارى الأمر كذلك بالغ فى ملاطفة جبرائيل وطلب إليه أن يبقى ببخارى ولا يذهب إلى كش (1) حتى يتم هذا الأمر ، فاشتبك جبرائيل فى الحرب وتحاربوا أربعة شهور متصلة صباح مساء ولم يكن يوم إلا وكان الظفر فيه للمبيضة ، وحار المسلمون وتلمسوا الحيلة ، فقال مالك بن فارم : أنا أدبركم فأمر بحفر أخدود من المعسكر حتى جدار الحصار وأرسل الرجال هنالك بالسلاح وأمر بتقوية كل ما يحفرون بالخشب والقصب والتراب وتغطيته حتى وصلوا إلى أسفل جدار الحصار وجعلوا ثغرة بمقدار خمسين ذراعا وقووها بالأعمدة ، فلما حفر مقدار خمسين ذراعا ملأوه بالحطب وألقوا فيه النفط وأضرموا النار لتحترق تلك الأعمدة وينهار جدار الحصن ، فلم تشتعل النار لأن النار يلزمها الريح لتشتعل. ولم يكن هناك تحت الحصن طريق للريح ، فنصبوا المجانيق وصوبوها نحو ذلك البرج الذى ردم تحته وألقوا الحجارة فحدثت ثغرة وتطرق الريح واشتعلت النار واحترقت تلك الأعمدة وانهار مقدار خمسين ذراعا. ووضع المسلمون فيهم السيف وقتلوا أناسا كثيرين واستأمن الباقون ثم تعاهدوا على
ص: 104
ما كانوا تعاهدوا عليه أولا ، بأن لا يؤذوا المسلمين وأن يعودوا إلى قراهم ويبعثوا بكبرائهم إلى الخليفة ولا يحملوا معهم سلاحا. فتعهدوا بهذه الشروط ، وخرجوا وعبروا الخندق وحملوا معهم السلاح خفية. وأودع جبرائيل كبيرهم حكيم لدى ابنه العباس قائلا ؛ أنزله فى السرادق واقتله خفية.
وامتثلوا أمره فحملوه إلى السرادق ، وكانوا واقفين من بعيد ، وذهب جبرائيل إلى السرادق ، فأرسل المبيضة «خشوى» الذى كان صديق «حكيم» وقال لجبرائيل : نحن لا نذهب بدون «حكيم». وكان «خشوى» يلبس خفين جديدين ، وبينما كان يقول هذا الكلام ، جاء العباس بن جبرائيل وقال قتلت حكيما. فأمر جبرائيل بإنزال «خشوى» عن الحصان وقتلوه فى الحال. فصاح المبيضة وأخرجوا السلاح ودارت الحرب. وأمر جبرائيل بركوب العسكر جميعا واشتبكوا فى الحرب وخاضوا معارك عنيفة أشد مما جرت ، حتى هزموا مرة أخرى وقتل منهم (أى المبيضة) خلق كثير وفر من بقى. وكانت سيدة قرية نرشخ امرأة اسم زوجها شرف ، وكان قائد أبى مسلم ، وقد قتله أبو مسلم رحمه اللّه فأتوا بتلك المرأة إلى جبرائيل وكان معها ابن عم أعمى دنس وشرير للغاية ، فقال جبرائيل لتلك المرأة : أحلى أبا مسلم. فقالت : يعنون (1) بأبى مسلم أبا المسلمين وهو ليس أبا المسلمين إذ أنه قتل زوجى. فأمر جبرائيل بأن يشطروا هذه المرأة نصفين من وسطها ، وقتلوا ابن عمها أيضا. وذهب «كردك» إلى المقنع وقتل «باغى» الذى كان منهم ، فى الحرب أيضا. وحمل جبرائيل رءوسهم إلى السغد ليكسر قلوب المبيضة فيها. وكان قد ولّى على أهل السغد أمير من نقباء المقنع اسمه سغديان فحالفه أهل السغد ، ووقعت لجبرائيل حروب كثيرة مع أهل السغد. وأخيرا قتل رجل من أهل بخارى سغديان هذا ، وتفرق هؤلاء القوم. وذهب جبرائيل من هنالك إلى سمرقند ووقعت له مع الأتراك والمبيضة حروب كثيرة ، وسار مع أمير خراسان معاذ بن مسلم حيث جاء إلى مرو سنة مائة وإحدى وستين (777 م) وتجهز من هنالك وانحدر إلى صحارى آموى
ص: 105
(جيحون). فلما بلغ بخارى جمع الدهاقين من أهل بخارى رجال الحرب فاجتمع خمسمائة وسبعون ألف رجل ، فأمر معاذ بن مسلم بإعداد آلات حرب كثيرة ، وأعد ثلاثة آلاف عامل بالقواديم والمساحى والجرار والفئوس والصناع اللازمين فى الجيش من كل جنس وصنع المجانيق والعرادات ، ويمم شطر السغد بأحسن تعبئة.
وكان بالسغد كثير من المبيضة وقد جاء كثير من عسكر الترك ، وأتى أمير هرى (هراة) (1) بعشرة آلاف من الضأن من هراة وكان يحملها معه ، فقال له معاذ ابن مسلم : الترك هنا خصومنا وهم على مقربة منا وهم شديد والرغبة فى الخراف.
فاترك هذه الخراف ببخارى أو بعها لى لأقسمها بين العسكر ، فلم يرض ، فجاء قوم من الترك وأغاروا واستاقوا الخراف جميعا إلى مكان يقع بين «أربنجن (2)» و «زرمان (3)» فذهب العسكر فى إثرهم فقتل بعضهم وعاد بعضهم منهزمين ، وذهب معاذ بن مسلم إلى السغد وسمرقند وخاض حروبا كثيرة مع الترك والمبيضة
ص: 106
مدة عامين كان الظفر يواتيه تارة ويواتى خصمه تارة أخرى ، وبعد العامين طلب إعفاءه ، وصار المسيب بن زهير الضبى فى مرو أميرا لخراسان فى جمادى الأولى سنة مائة وثلاث وسنين (779 م) وجاء إلى بخارى فى شهر رجب وكان أمير بخارى جنيد بن خالد ، فأرسله أمير خراسان إلى خوارزم. وكان ببخارى قائد من قواد المقنع اسمه «كولارتكين» ذو عسكر وحشم خاض معه حروبا. وقد روى محمد بن جعفر أن خمسين ألفا من عسكر المقنع من أهل ماوراء النهر من الترك وغيرهم اجتمعوا بباب حصن المقنع. وسجدوا وتضرعوا وطلبوا منه المشاهدة فلم يتلقوا جوابا فألحوا وقالوا لن نعود حتى نرى طلعة مولانا. وكان له غلام اسمه «حاجب» فقال له المقنع قل لعبادى [ترب فوه] إن موسى طلب رؤيتى فلم أتجل إذ لم تكن له طاقة ، وكل من يرانى لا يطيق ويموت فى الحال ، فزادوا فى الضراعة والرجاء ، وقالوا : نريد الرؤية فإذا متنا فلا ضير. فوعدهم قائلا تعالوا فى اليوم الفلانى ، لأتجلى لكم. ثم أمر النساء اللواتى كن معه فى الحصن وكن مائة امرأة من بنات دهاقين السغد وكش ونخشب يحتفظ بهن معه ، وكانت عادته أنه حيثما كانت امرأة جميلة يرونها له فيأتى بها ويحتفظ بها معه ولم يكن معه فى الحصن غير هاتيك النساء وهذا الغلام الخاص. أما كل ما كانوا يحتاجونه من مأكول ، فكان باب الحصن يفتح كل يوم مرة ، وكان فى الخارج وكيل يعد كل ما يلزم فيطلبه الغلام ويدخله الحصن ، ثم يغلق باب الحصن ثانيا إلى اليوم التالى. ولم يكن أحد قط يرى وجهه القبيح لأنه كان يضع على وجهه قناعا أخضر. فأمر هاتيك النسوة بأن تمسك كل منهن مرآة وتصعد إلى سطح الحصن ويجعلن كل مرآة مقابل الأخرى حين يقع نور الشمس على الأرض ويمسكن جميع المرايا ويجعلنها متقابلة دون تفاوت وكان الخلق قد تجمعوا ، فلما سطعت الشمس على تلك المرايا امتلأ الفضاء نورا بانعكاسهما ، وعندئذ قال للغلام قل لعبادى ، بأن اللّه يتجلى بوجهه فانظروا ، فنظروا فرأوا كل الدنيا ممتلئة بالنور فخافوا وسجدوا جميعا مرة واحدة وقالوا : ربنا تكفى هذه القدرة والعظمة التى رأيناها وإذا نظرنا أكثر من هذا تنفطر مرائرنا. وظلوا هكذا ساجدين حتى أمر المقنع ذلك الغلام قائلا : قل لأمتى ، ارفعوا رؤوسكم
ص: 107
من السجود فإن إلهكم راض عنكم وغفر خطاياكم ، فرفع القوم رؤوسهم من السجود بخوف وفزع ، ثم قال : أبحت لكم جميع الولايات ومن لا يتبعنى فدمه وما له وأولاده حلال لكم [ترب فوه]. وتوجه هؤلاء القوم من هنالك للنهب وكانوا يفخرون على الآخرين ويقولون رأينا اللّه.
ص: 108
أقام سعيد الذى كان أمير هراة (1) بباب حصن المقنع مع عسكر كثير وبنى بيوتا وحمامات وأقام هنالك صيفا وشتاء. وكان بالحصن عين ماء وأشجار وزراعة وبه خواصه (أى خواص المقنع) وقادة وجيش قوى. وكان بداخل الحصن حصن آخر على رأس الجبل ولم يكن لأحد قط سبيل إلى ذلك الحصن ، وكان (المقنع) يقيم مع النسوة فى الحصن وكان من عادته أن يؤاكلهن كل يوم ويجلس للشراب ويشرب معهن. ومضى على حاله هذا أربع عشرة سنة ، فلما ضيق أمير هراة عليه الخناق وتفرق جنده ، فتح القائد الذى كان داخل الحصن بابه وخرج طائعا واعتنق الإسلام واستولى المسلمون على القلعة ، فعرف المقنع أنه لا يمكنه الاحتفاظ بالحصن الداخلى.
وروى محمد بن جعفر عن أبى على محمد بن هارون الذى كان من دهاقين كش أنه قال : كانت جدتى من جملة النسوة اللاتى استأثر بهن المقنع لنفسه وكان يحنفظ بهن فى الحصن. وكانت تقول : ذات يوم أجلس المقنع النساء للطعام والشراب على عادته ، ووضع فى الشراب سمّا وأمر لكل امرأة بقدح خاص وقال. إذا شربت قدحى فيجب أن تشربن جميعا أقداحكن ، فشربن جميعا ولم أشرب أنا وأرقته فى طوقى ولم يدر المقنع بذلك ، فهوى جميع النسوة ومتن وأنا أيضا ألقيت بنفسى بينهن وتماوتت ، ولم يعلم بحالى ، ثم نهض المقنع ونظر ورأى كل النسوة ميتات ، فذهب إلى غلامه وضربه بالسيف وأطاح برأسه وكان قد أمر بإحماء التنور ثلاثة أيام فذهب إلى ذلك التنور وخلع ثيابه وألقى بنفسه فيه وتصاعد الدخان ، فذهبت إلى ذلك التنور ولم أر له أى أثر ، ولم يكن أحد قط حيّا فى الحصن. وكان سبب
ص: 109
احتراقه أنه كان دائما يقول : إذا عصانى عبادى أذهب إلى السماء وآتى من هنالك بالملائكة وأقهرهم ، فحرق نفسه لهذا ليقول الناس إنه ذهب إلى السماء ليأتى بالملائكة وينصرنا من السماء ويبقى دينه فى العالم. ثم فتحت تلك المرأة باب الحصن ودخل سعيد الحرشى وحمل الخزانة.
ويقول أحمد بن محمد بن نصر : إنه ما زال هؤلاء القوم فى ولايتى كش ونخشب وبعض قرى بخارى مثل «كوشك عمر» (أى قصر عمر) و «كوشك خشتوان» (أى قصر خشتوان) وقرية زرمان ، وهم أنفسهم لا يعرفون شيئا عن المقنع ، وهم على دينه ومذهبهم هو ألا يؤدوا الصلاة ولا يصوموا ولا يغتسلوا من جنابة ولكنهم أمناء ، ويخفون كل هذه الأحوال عن المسلمين ويدعون الإسلام. ويقال بأنهم يبيحون نساءهم لبعضهم البعض ويقولون بأن المرأة كالوردة لا ينقص منها شىء قط إذا شمّت وحين يدخل رجل إلى امرأة للخلوة يترك علامة على باب البيت حتى إذا وصل زوج هذه المرأة يعلم أنها مع رجل فى البيت ، فيعود. وحين يفرغ الرجل يدخل (أى الزوج) بيته. وكان لهم رئيس فى القرية يأتمرون بأمره.
حكاية ...................
.......................
...................... (1)
ص: 110
سبق أن ذكر قبل هذا أنه كان لسامان خداة ولد أسماه أسدا لمحبته لأسد بن عبد اللّه القشيرى (1) ، وكان لأسد أربعة أولاد : نوح وأحمد ويحيى وإلياس. ولما خرج رافع بن الليث (2) على هارون الرشيد (3) وأخذ سمرقند ، بعث الرشيد هرثمة بن أعين (4) لحربه. وقد حصن رافع سمرقند وعجز هرثمة فى أمره. وكان المأمون قد جاء مع الرشيد إلى خراسان لسبب هذه الحادثة ، وكان قلب الرشيد مشغولا للغاية بهذا الأمر. فكتب المأمون إلى أبناء أسد وأمرهم بمعاونة هرثمة فى حرب رافع. وحمل أبناء أسد رافعا على عقد صلح مع هرثمة وصاهروا بينهما. وفرغ بال الرشيد من هذا الأمر ، وكان يخشى أن يستولى رافع على كل خراسان. وقد رأى المأمون أن هذا الأمر (أى الصلح) حدث فى وقته تماما. وقد توفى هارون بطوس (5) فى هذا السفر.
ص: 111
ولما صارت الخلافة للمأمون (1) صار غسان بن عباد (2) أمير خراسان فأمره المأمون بأن يولى أبناء أسد بن سامان خداة ، فأعطى كلا منهم مدينة هامة من مدن خراسان جزاء ما أسلف. وولى غسان بن عباد نوحا بن أسد أميرا على سمرقند ، وأحمد بن أسد أميرا بمرو ، وكان ذلك سنة اثنتين ومائتين (3) (817 م).
ولما عزل غسان من خراسان ، صار طاهر بن الحسين أميرا لها وأقر لهم هذه الولايات ، وخلع على نوح بن أسد الذى كان أكبرهم وكان يقيم بسمرقند حتى رحل عن الدنيا ، فأخلفه أخاه أحمد بن أسد. وكان أحمد بن أسد هذا رجلا عالما ورعا ، وكان يقيم بسمرقند إلى أن غادر الدنيا ، فأخلفه ابنه نصرا بن أحمد ابن أسد. فلما جلس مكان أبيه وصل من الخليفة الواثق باللّه منشور أعمال ماوراء النهر باسمه فى يوم السبت غرة شهر رمضان المبارك سنة واحدة وخمسين ومائتين (865 م).
ص: 112
أول السلاطين السامانيين ، وكان فى الحقيقة ملكا جديرا وقمينا بالملك ، ورجلا عاقلا عادلا رحيما صاحب رأى وتدبير ، يظهر الطاعة دائما للخلفاء ويرى متابعتهم واجبة ولازمة. وفى يوم السبت منتصف ربيع الآخر سنة سبع وثمانين ومائتين (900 م) أسر عمرا بن الليث فى بلخ واستولى على المملكة وتولى الملك مدة ثمانى سنوات ، وقد لحق بجوار رحمة الحق فى سنة خمس وتسعين ومائتين (907 م) ببخارى عليه الرحمة والغفران.
وقد ولد (1) بفرغانة فى شهر شوال سنة أربع وثلاثين ومائتين (848 م) ولما بلغ السادسة عشر توفى أبوه ، وقد رباه أخوه الأكبر الأمير نصر وكان يعمل فى خدمته. ولما جاء الحسين بن طاهر الطائى من خوارزم (2) إلى بخارى فى ربيع الآخر سنة مائتين وستين (873 م) وقعت بينه وبين أهل بخارى حروب واستولى على المدينة بعد خمسة أيام واقتص من أهل بخارى فى المدينة والرستاق (3) وقتل أشخاصا كثيرين وأطلق (الجند) الخوارزمية فأخذوا فى السرقة والمصادرة وكانوا يسطون ليلا على المنازل فى مكابرة ويرتكبون الجنايات الجسيمة ويأخذون الأموال ، فخرج أهل بخارى لحربه ، وقتل أشخاص كثيرون واحترق ثلث المدينة ، ولما تغلب أهل المدينة نادى بالأمان ، ولما سمع الناس الذين كانوا قد تجمعوا واستعدوا للحرب بخبر الأمان تفرقوا وذهب بعضهم إلى الرستاق. فلما علم الحسين بن طاهر أن الناس تفرقوا وضع فيهم السيف وقتل خلقا عظيما ، فشغب الناس ثانيا وهزم الحسين بن
ص: 113
طاهر وتحاربوا طوال اليوم. فلما جن الليل أحكم غلق باب القصر ، وكان الناس يحرسون باب القصر ليقبضوا عليه ، وكان قد أخذ خراج بخارى كله وجميع الدراهم الغدرفية وأفرغها فى وسط الدار وكان يريد استبدالها بالفضة فلم يجد وقتا. وقد أحدث ثغرة بالجدار فى تلك الليلة وفر بأهله عاريا جائعا وترك تلك الدراهم الغدر فية. وعلم الناس بذلك فدخلوا الدار ونهبوا ذلك المال واغتنى منه أشخاص كثيرون بحيث بقى أثر ذلك الغنى فى أعقابهم ، وكان يقال فى المدينة «فلان غنى دار الحسين ابن طاهر» (1) وفر بعد ذلك (2). وحدثت من بعده فتن أخرى وحروب كثيرة فيما بين أهل بخارى ، فاجتمع أهل العلم والصلاح من بخارى لدى أبى عبد اللّه الفقيه بن السيد أبى حفص الكبير (3) رحمة اللّه عليه وكان رجلا مبارزا فتدبروا معه أمر بخارى. ولم يكن بخراسان أمير ، وكان يعقوب بن الليث (4) قد استولى على خراسان قهرا. وكان رافع بن هرثمة (5) يحاربه (6) ، كما كانت بخراسان فتنة كذلك ، وأخذت بخارى فى الخراب من هذه الفتن. فكتب أبو عبد اللّه بن السيد أبى حفص كتابا وجه به إلى سمرقند إلى نصر بن أحمد بن أسد السامانى ، وكان أمير سمرقند وفرغانة وطلب منه أميرا لبخارى ، فبعث بأخيه إسماعيل بن أحمد إلى بخارى. فلما بلغ الأمير إسماعيل كرمينة أقام هنالك بضعة أيام وبعث برسول إلى بخارى لدى الحسين بن محمد الخوارجى الذى كان أمير بخارى.
ص: 114
وكان رسوله يتردد مرارا جيئة وذهابا إلى أن تم الاتفاق على أن يكون الأمير إسماعيل أمير بخارى والحسين بن محمد الخوارجى خليفة له (1). وقد خضع جنوده لهذا القرار ، وأرسل الأمير إسماعيل بمنشور خلافته إلى الخوارجى مع العلم والخلعة وطافوا بالخوارجى مع هذا العلم والخلعة فى مدينة بخارى. وقد أظهر أهل بخارى ابتهاجهم وكان هذا فى يوم الثلاثاء ، وفى يوم الجمعة تليت الخطبة باسم نصر ابن أحمد وأسقط اسم يعقوب بن الليث منها قبل مجىء الأمير إسماعيل ببخارى وكان يوم الجمعة ذاك أول رمضان المبارك سنة ستين ومائتين (874 م).
وقد خرج ابن السيد أبى حفص الكبير رحمهما اللّه لاستقباله ومعه أشراف بخارى من العرب والعجم حتى وصلوا إلى كرمينة ، وأمر أبو عبد اللّه بتزيين المدينة ، وقد ندم الأمير إسماعيل على مجيئه إلى بخارى لأنه لم يكن معه حشم كثير وكانت بخارى قد ثارت وقامت فتنة ، ولم يكن يعلم سريرة أهل بخارى نحوه ، فلما خرج أبو عبد اللّه بن أبى حفص وذهب إلى كرمينة قوى قلبه وعلم أن أهل المدينة لا ينقضون ما يعمله أبو عبد اللّه ، فقوى عزيمته. وقد مدحه أبو عبد اللّه بمدائح كثيرة وشجعه ، ولما أدخلوه المدينة عظموه وأكرموه ، وأمر بأن ينثر أهل المدينة عليه كثيرا من الذهب والفضة ، وقد قبض الأمير إسماعيل على الحسين الخوارجى وبعث به إلى السجن وتفرق الغوغاء بقدرة اللّه تعالى.
ص: 115
كان ذلك فى يوم الاثنين الثانى عشر من شهر رمضان المبارك سنة مائتين وستين (873 م) ، وبذلك هدأت المدينة ، وتخلص أهل بخارى من العناء واستراحوا ، وفى نفس هذه السنة جىء إلى الأمير نصر بن أحمد بمنشور ولاية جميع أعمال ماوراء النهر من جيحون إلى أقصى بلاد المشرق من الخليفة الموفق باللّه (1) ، وقد قرئت الخطبة فى بخارى باسم الأمير نصر بن أحمد والأمير إسماعيل وكان اسم يعقوب بن الليث الصفار قد سقط منها. وأقام الأمير إسماعيل ببخارى مدة ، ثم ذهب بعد ذلك إلى سمرقند دون إذن من الأمير نصر ، واستخلف على بخارى ابن أخيه أبا زكريا يحيى بن أحمد بن أسد. فلما بلغ «ريشخن (2)» علم الأمير نصر ، فامتعض لأن ذلك كان دون إذنه ، وأمر باستقباله ، ولكنه هو نفسه لم يخرج ولم يحتف به قط وأمر بإنزاله فى قلعة سمرقند حيث خصصوا له صاحب شرطة سمرقند ، وظل هكذا غاضبا عليه. وكان الأمير إسماعيل يذهب للسلام على غير ما كانت عليه العادة قبل ذهابه إلى بخارى ، وجعل محمد بن عمر خليفة له ، وكان الأمير إسماعيل يجىء للسلام ويقف ساعة وينصرف ، ولا يقول له الأمير نصر أى كلمة ، إلى أن انقضى على هذه الحالة ثلاثة عشر شهرا. فجاء بابن عمه محمد بن نوح وعبد الجبار بن حمزة للشفاعة ، حتى أعاده إلى بخارى وجعل عصمة ابن محمد المروزى وزيره والفضل بن أحمد المروزى كاتبا له. وخرج الأمير نصر مع جميع وجوه وثقات سمرقند لوداعه. وفى هذه الأثناء التفت الأمير نصر إلى
ص: 116
عبد الجبار بن حمزة وقال : يا أبا الفتح ، إن هذا الصبى الذى نبعت به ترى ما عسانا نرى منه؟ فقال عبد الجبار : لا تقل هذا فإنه عبدك [بشرط أن يعمل الأمير إسماعيل كل ما تأمر به ولا يخالفك أبدا. فقال إن ما أقوله هو الحقيقة. فقال عبد الجبار ، فبم حكمت إذن؟ فقال الأمير نصر : إننى أرى الخلاف والعصيان فى عينيه وشمائله](1) ، فلما وصل الأمير إسماعيل إلى بخارى ، استقبله أهلها وأدخلوه المدينة بكل إعزاز. وكان أحد اللصوص قد جمع حوله الخلق ، وتجمع من أوباش وفتّاك (2) الرستاق أربعة آلاف رجل ، وكانوا جميعا يقطعون الطريق بين رامتين وبركد ، وكادوا يقصدون المدينة. فبعث الأمير إسماعيل صاحب شرطته الحسين بن العلاء الذى بنى حظيرة بخارى وسمى حى علاء باسمه ، لحرب هؤلاء اللصوص ، وعاونه من أهل بخارى العظماء والكبراء وذهبوا وحاربوا وهزموا اللصوص ، وانتصر عليهم الحسين بن العلاء وقبض على كبير اللصوص وقتله وأتى برأسه وقبض على جماعة منهم كانوا يعاونونه ، فأوثقهم الأمير إسماعيل وبعث بهم إلى سمرقند. ولما فرغوا من هذه المهمة أخبر بأن الحسين بن طاهر عاد فجأة بألفى رجل إلى آموى (جيحون) وقصد بخارى فجمع الأمير إسماعيل من العسكر ما استطاع وذهب لحربه ، فأخبروه أن الحسين بن طاهر عبر جيحون بألفى رجل خوارزمى (3) ، فركب الأمير إسماعيل وخرج وتقاتلوا قتالا عنيفا وهزم الحسين ابن طاهر وقتل بعض عسكره وغرق بعض آخر فى النهر وأسر منهم سبعون رجلا. وكانت هذه أولى الحروب التى خاضها الأمير إسماعيل. فلما أصبح الصباح استدعى الأسرى وأعطى كل واحد منهم ثوبا من الكرباس وردهم. فذهب الحسين بن »
ص: 117
طاهر إلى مرو وعاد الأمير إسماعيل إلى بخارى ونظر فى أمر المملكة. وعلم أنه ليس له كبير شأن لدى كبراء بخارى وليست له هيبة فى أعينهم ولن يعود عليه نفع من جمعهم حوله ، فرأى الصواب أن يدعو جماعة من كبراء بخارى ، وقال لهم : يجب أن تذهبوا من أجلى إلى سمرقند وتتخدثوا إلى الأمير نصر وتعتذروا عنى. فقالوا : سمعا وطاعة ، واستمهلوه بضعة أيام وذهبوا بعد ذلك.
وكانت هذه الجماعة أمراء بخارى قبل الأمير إسماعيل ، وكان أبو محمد بخار خداة نفسه ملك بخارى ، كما كان أبو حاتم (1) اليسارى غنيّا للغاية ولم يكن يطيعه (أى يطيع الأمير إسماعيل) لكثرة ماله. فذهب عظماء بخارى مع هذين الرجلين (2) وكتب الأمير إسماعيل إلى الأمير نصر ليوثقهم ويبعث بهم إلى السجن ليستطيع إدارة ملك بخارى. وفعل الأمير نصر هكذا واحتجز هؤلاء القوم مدة هنالك ، حتى هدأت بخارى ، فكتب الأمير إسماعيل مرة ثانية إلى الأمير نصر وطلبهم ، وكان الأمير إسماعيل بعد ذلك يعاملهم معاملة طيبة وينجز حوائجهم ويرى رعاية حقوقهم واجبا عليه.
وكان الأمير نصر بن أحمد قد فرض على الأمير إسماعيل كل سنة خمسماية ألف درهم من أموال بخارى ، ووقعت له (أى الأمير إسماعيل) (3) بعد ذلك حروب وأنفق ذلك المال ولم يستطع إرسال شىء. فبعث الأمير نصر بالرسل ثانيا يطلب المال ، ولم يرسل (الأمير إسماعيل شيئا) (4) فظهرت بينهما لهذا السبب جفوة فجمع الأمير نصر العسكر ، وبعث بكتاب إلى أخيه أبى الأشعث بفرغانة (5) وطلب إليه الحضور فى جيش كبير. وبعث بكتاب ثان إلى أخيه الآخر أبى يوسف
ص: 118
يعقوب بن أحمد بالشاش (1) ليجىء بعسكره ويأتى كذلك بأتراك «استجاب (2)» وجمع جيشا عظيما ومن ثم اتجه إلى بخارى.
وكان ذلك فى شهر رجب سنة مايتين واثنتين وسبعين (885 م). فلما علم الأمير إسماعيل أخلى بخارى وذهب إلى فرب (3) رعاية لحرمة أخيه. فجاء الأمير نصر إلى بخارى ، فلما لم يجد الأمير إسماعيل ذهب إلى بيكند (4) ونزل هنالك ، فاستقبله أهلها ونثروا عليه الذهب والفضة وأخرجوا عطايا كثيرة. وكان بين الأمير إسماعيل ورافع بن هرثمة الذى كان وقتئذ أمير خراسان صداقة. فكتب إليه الأمير إسماعيل وطلب منه العون ، فجاء رافع بعسكره. وكان نهر جيحون قد تجمد فعبر من فوق الجليد. فلما علم الأمير نصر بمجىء رافع عاد إلى بخارى. واتفق الأمير إسماعيل مع رافع على أن يذهبا وبأخذا سمرقند (5) ، فبلغ هذا الخبر الأمير نصر فذهب إلى طوايس (6) على عجل وأخذ عليهما الطريق. فسلك الأمير إسماعيل مع رافع طريق الصحراء ، وكانت جميع رساتيق بخارى فى حوزة الأمير نصر ولم يكونا يجدان الطعام والعلف فى البادية. وكانت تلك السنة قحطا واشتد عليهما الأمر حتى صار المنّ (7) من الخبز فى عسكرهما بثلاثة دراهم ، وهلك خلق عظيم
ص: 119
من عسكر رافع جوعا. وكتب الأمير نصر إلى ابنه أحمد فى سمرقند ليجمع الغزاة من سغد سمرقند ، ولم يعط أهل الولاية علفا للأمير إسماعيل وقالوا إن هؤلاء خوارج ولا يحل نصرتهم. وكان الأمير نصر قد ضاق ذرعا بمجىء رافع ، فذهب الأمير نصر إلى كرمينة (1) وكانوا يجرون فى إثره ، فنصح شخص «رافع» ا وقال له : لقد تركت ولايتك وجئت إلى هنا ، فإذا ما اتفق الأخوان وحصراك بينهما فماذا تستطيع أن تعمل؟ فخاف رافع من هذا الكلام وبعث برسول إلى الأمير نصر وقال : إنى لم أجىء للحرب بل جئت لأصلح بينكما. فاستحسن الأمير نصر هذا الكلام ، وتصالحا على أن يكون أمير بخارى شخص آخر ، والأمير إسماعيل عامل الخراج ، ولا تكون أموال الديوان والخطبة باسمه ، ويدفع كل سنة خمسمائة ألف درهم. (واستدعى نصر بن أحمد وإسحق بن أحمد أيضا) (2) وخلع عليه وأسند إليه إمارة بخارى ورضى الأمير إسماعيل بذلك.
وعاد الأمير نصر وذهب رافع أيضا إلى خراسان. وكان ذلك سنة ثلاث وسبعين ومايتين (886 م). فلما انقضى على هذه الحال خمسة عشر شهرا بعث الأمير نصر شخصا فى طلب المال ، فأمسك الأمير إسماعيل المال ولم يرسله ، وكتب الأمير نصر رسالة إلى رافع لأنه كان قد ضمنه ، وكتب رافع أيضا كتابا إلى الأمير إسماعيل بهذا المعنى فلم يهتم الأمير إسماعيل ، وجمع الأمير نصر العسكر مرة أخرى وكلهم من أهل ماوراء النهر وجاء أبو الأشعث من فرغانة وقصد بخارى مرة أخرى على النحو المتقدم واتجه (أى الأمير نصر) إلى بخارى ، فلما بلغ كرمينة جمع الأمير إسماعيل أيضا عسكره وذهب إلى طوايس ودارت الحرب واشتدت المعركة وانهزم إسحق بن أحمد إلى فرب فحمل الأمير إسماعيل حملة قوية على أهل فرغانة وانهزم أبو الأشعث إلى سمرقند ، وأراد أهل سمرقند القبض عليه لأنه كان قد ترك
ص: 120
أخاه وفر ، فعدل أبو الأشعث عن سمرقند وجاء إلى ربنجن (1) وأسر الأمير إسماعيل أحمد بن موسى بن مرزوق وبعث به إلى بخارى ، وانهزم عسكر بخارى مرة أخرى ، وكان الأمير إسماعيل ثابتا فى مكانه وقد بقى معه نفر قليل ، وكان معه من المعاريف سيماء الكبير ، فبعث الأمير إسماعيل بشخص وجمع كل من كانوا قد فروا من الغلمان والموالى ، وأعاد إسحق بن أحمد من فرب وخرج من مقاتلة بخارى أيضا ألف رجل وتجمع عسكر القرى (2) وأعطى الجميع علوفة ، وذهب الأمير نصر إلى ربنجن ودبر أمر الجيش وعاد ، وذهب إليه الأمير إسماعيل مرة ثانية فى قرية «واز بدين» (3) وتلاقيا هنالك وتقاتلا ، وفى يوم الثلاثاء الخامس عشر من شهر جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين ومائتين (888 م) انتصر الأمير إسماعيل على عسكر فرغانة وانهزم أبو الأشعث ، وكان الجيش كله قد انهزم ، وبقى الأمير نصر فى نفر قليل وانهزم هو أيضا وصاح الأمير إسماعيل فى جماعة من الخوارزمية وأبعدهم عن الأمير نصر وترجل عن جواده وقبل ركابه (أى ركاب الأمير نصر) (وكان سيماء الكبير غلام أبيهما وأخبر القائد الأمير إسماعيل ، وبعث سيماء الكبير بشخص وأخبر الأمير إسماعيل بهذه الحالة ، فترجل نصر بن أحمد عن الجواد وطرح نمرقة وجلس عليها ووصل الأمير إسماعيل وترجل عن الجواد وتقدم وقبل النمرقة) (4) وقال أيها الأمير لقد كان حكم اللّه أن أخرجنى عليك ونحن نرى اليوم بأعيننا هذا الأمر بهذه الجسامة ، فقال الأمير نصر : إننا لفى عجب من هذا الأمر الذى أتيت به ، فلم تطع أميرك ولم تقم بأمر اللّه تعالى الذى فرضه عليك. فقال الأمير إسماعيل : أيها الأمير أنا مقر بأنى أخطأت والذنب كله ذنبى ، وأنت أولى بفضل التجاوز عن هذا الجرم الكبير منى والعفو عنى. وبينما كانا فى هذا الكلام
ص: 121
إذ وصل أخوهما الآخر إسحق بن أحمد ولم يترجل عن الجواد. فقال الأمير إسماعيل : يا فلان! ألا تترجل لمولاك؟ وشتمه واحتد عليه ، فترجل إسحق مسرعا ووقع على قدمى نصر وقبل الأرض واعتذر قائلا : إن جوادى هذا جامح ولا يمكن الترجل عنه سريعا. فلما أتم هذا الكلام قال الأمير إسماعيل :
أيها الأمير - الصواب أن تعود إلى مقر عزك سريعا قبل أن يصل هنالك هذا الخبر وتثور الرعية فى ماوراء النهر. فقال الأمير نصر : يا أبا إبرهيم ، أأنت الذى تبعث بى إلى مكانى! .. فقال الأمير إسماعيل : إذا لم أفعل هذا فماذا أصنع ، ولا يليق بالعبد أن يعامل سيده غير هذه المعاملة والأمر لك. وكان الأمير نصر يتكلم والدموع تهطل من عينيه ويأسف على ما حدث والدماء التى أريقت ، ثم نهض وركب وقد أمسك الأمير إسماعيل وأخوه إسحق بالركاب وأعادوه. وبعث (أى الأمير إسماعيل) بسيماء الكبير وعبد اللّه بن مسلم (1) لتشييعه ، فساروا مرحلة وأعادهما الأمير نصر وذهب إلى سمرقند.
ويوم أن كان نصر بن أحمد أسيرا كان يتحدث إلى أولئك القوم كما كان يتحدث إليهم أيام أن كان أميرا جالسا على العرش ، وكانوا وقوفا لديه لخدمته. وقد توفى الأمير نصر بعد ذلك بأربع سنوات لسبع بقين من شهر جمادى الأولى سنة تسع وسبعين ومائتين (892 م) وأقيم الأمير إسماعيل خليفة له على جميع أعمال ماوراء النهر وأخوه الآخر وابنه تابعين له.
ولما رحل الأمير نصر عن الدنيا ذهب الأمير إسماعيل من بخارى إلى سمرقند وأقام أود الملك ، وأقام ابنه أحمد خليفة له وواصل الغزو من هنالك. وكان الأمير إسماعيل قد جاء إلى بخارى وبقى بها عشرين سنة حتى رحل أخوه عن الدنيا وفوّض إليه جميع ماوراء النهر. ولما بلغ أمير المؤمنين المعتضد باللّه (2) خبر وفاة الأمير
ص: 122
نصر أعطى منشور عمالة ماوراء النهر إلى الأمير إسماعيل فى شهر المحرم سنة مائتين وثمانين (893 م). وقد ذهب فى هذا التاريخ محاربا إلى «طراز» (1) ولقى عناء كبيرا ، وخرج أمير طراز آخر الأمر وأسلم مع كثير من الدهاقين ، وفتحت طراز وجعلوا كنيستها الكبرى (2) مسجدا جامعا ، وتليت الخطبة باسم أمير المؤمنين المعتضد باللّه ، وجاء الأمير إسماعيل بغنائم كثيرة ، وملك سبع سنوات وكان أمير ماوراء النهر إلى أن عظم أمر عمرو بن الليث (3) واستولى على بعض خراسان وأخذ فى الغزو. وقد طلب الأمير على بن الحسين من أحمد أمير الكوزكانية (4) المعونة ، فلم يلق منه جوابا طيبا ، فعبر جيحون ، وجاء إلى الأمير إسماعيل ببخارى ، فسر الأمير وخرج لاستقباله بالجيش ، وجاء به إلى بخارى معززا مكرما ، وأرسل إليه
ص: 123
نعما كثيرة ، وذهب على بن الحسين إلى فرب وبقى بها ثلاثة عشر شهرا ، وكان الأمير إسماعيل يرسل إليه على الدوام بالهدايا ويعزه. وكان على بن الحسين يقيم هنالك إلى أن قتله ابنه فى الحرب. وقد كتب عمرو بن الليث إلى أبى داود أمير بلخ وأحمد بن فريغون أمير الكوزكانية والأمير إسماعيل أمير ماوراء النهر ودعاهم إلى طاعته ووعدهم الوعود الحسنة ، وقد ذهبوا إليه نزولا على أمره وقدموا الطاعة ، فجاء رسول إلى الأمير إسماعيل وأعطاه رسالة وأخبره بطاعة أمير بلخ وأمير الكوزكانية (لعمرو بن الليث) ، وقال أنت أولى بهذه الطاعة وأجل وأعرف بقدر السلطنة لأنك أمير. فأجابه الأمير إسماعيل بأن مولاك من الجهل بحيث يسوينى بهما وهما عبدان لى وسيكون جوابى لك بالسيف وليس بينى وبينه غير الحرب ، فعد إليه وأخبره ليعد وسائل القتال. فتشاور عمرو بن الليث مع الأمراء والكبراء وطلب منهم العون فى أمر الأمير إسماعيل وقال : يجب أن نرسل إليه شخصا آخر ونحاسنه فى القول ونعده الوعود الطيبة ، فأرسل إليه (أى إلى الأمير إسماعيل) جماعة من مشايخ نيسابور ومن خواصه وكتب إليه رسالة قال فيها : ولو أن أمير المؤمنين (أى الخليفة) أعطانى هذه الولاية فإنى أشركتك فى الملك فيجب أن تكون عونى وتصفو لى حتى لا يجد أى واش سبيلا بيننا وتكون بيننا صداقة واتحاد ، وقد كان ما قلناه قبل هذا على سبيل رفع الكلفة وقد عدلنا عنه ، فيجب أن تحتفظ بولاية ماوراء النهر التى تتاخم العدو وتعنى بالرعية ، وقد منحناك هذه الولاية ولا نريد غير إسعادك وعمار بيتك وأسرتك. وبعث بنفر من معاريف نيسابور [وذهب إلى أبيه وعاهده وأشهدهم على نفسه](1) وقال : لا ثقة لنا بغيرك قط فيجب أن تثق أنت أيضا بنا وتعاهدنا لتستحكم بيننا الصداقة. ولما بلغ الأمير خبر عمرو بن الليث بعث (بجماعة) (2) إلى ضفة جيحون ولم يدعهم يعبرون ولم يأخذوا منهم ما كانوا جاءوا به ولم يحضروه (أى إلى الأمير) وأعادوهم صاغرين ، فغضب عمرو بن الليث وشمر للحرب وأمر عليّا بن سروش قائده بأن يذهب مع الجيش إلى نهر آموى (جيحون) ويعسكر
ص: 124
ولا يتسرع فى العبور حتى يأمره وأرسل فى إثره قائدا آخر اسمه محمد بن الليث فى خمسة آلاف رجل وقال له تشاور مع على بن سروش وأوقفوا الجيش ، وكل من يأتى من هنالك مستأمنا أمنوه وأحسنوا إليه ، واصنعوا السفن وأرسلوا الجواسيس.
وكان عمرو بن الليث يرسل العساكر تباعا. ولما علم الأمير إسماعيل هرع من بخارى ومعه عشرون ألف رجل وذهب إلى شاطئ جيحون وبيّتهم (1) فجأة وعبر جيحون ليلا ، وعلم على بن سروش فركب مسرعا وسلح الجيش وبعث بالمشاة فى المقدمة ودارت الحرب. وكان عسكر الأمير إسماعيل يقبلون من كل صوب وحمى الوطيس وتقهقر محمد بن (2) على بن سروش وأسر هو كذلك وأسر كثير من معاريف نيسابور ، وفى اليوم التالى أكرم الأمير إسماعيل جيش عمرو بن الليث وزودهم بالعلوفة وردهم جميعا إلى عمرو بن الليث. وقال كبار العسكر للأمير إسماعيل ، إن هؤلاء الذين حاربونا حين أسرتهم خلعت عليهم ورددتهم ، فقال الأمير إسماعيل : ماذا تريدون من هؤلاء المساكين ، اتركوهم ليذهبوا إلى بلدهم فإنهم لن يعودوا أبدا لحربكم ، ويثبطون الآخرين. وعاد الأمير إسماعيل إلى بخارى بكثير من الفضة والثياب والذهب والسلاح. وقد لبث عمرو بن الليث بعد ذلك عاما فى نيسابور محزونا ومحسورا ومهموما ونادما وكان يقول : سأثأر بعد لعلى بن سروش وولده. ولما علم الأمير إسماعيل بأن عمرا بن الليث يستعد للحرب جمع جيشه وزوده بالعلوفة وتفقدهم من كل جانب وأعطى العلوفة لمن يستحق (3) وللنساجين جميعا ، وكان هذا يشق على الناس ، وكان يقول : سأحارب عمرا بن الليث بهذا الجيش. وبلغ عمرا بن الليث هذا الخبر ، فسر (أى الأمير إسماعيل) وكان على شاطئ جيحون ، وجاء منصور بن قراتكين (4) وپارش البيكندى من خوارزم إلى نهر آمويه (جيحون) ، ووصل من ولاية التركستان وفرغانة ثلاثون ألفا ، وفى الخامس والعشرين
ص: 125
من ذى القعدة أرسل محمدا بن هارون مع مقدمة العسكر وخرج هو فى اليوم التالى وعبر جيحون ، وجمع الجيوش فى آمويه (جيحون) من كل مكان ، وساروا من بخارى إلى مدينة خوارزم ، وقد أخذوا أهبتهم حتى يوم الإثنين التالى ، واتجهوا من هناك إلى بلخ ، وحاصر عمرو بن الليث المدينة وعسكر هو أمامها وأخذ العسكر وأحاط بالخندق وبقى عدة أيام حتى جاء الجيش وأحكم الأسوار وتظاهر أمام الناس بأنه رحل عن مدينتهم وأدخل السرور على قلوبهم ، وأرسل الأمير إسماعيل عليّا بن أحمد إلى فرياب (1) وأمر فقتلوا عمال عمرو بن الليث ، وأتوا بكثير من المال ، وأرسل الرجال من كل مكان فكانوا يقتلون رجال عمرو بن الليث ويأتون بالأموال ونزل الأمير إسماعيل بعليا باد بلخ (2) وأقام هنالك ثلاثة أيام ، وأنهض الجيش من هنالك وأظهر بأنه سينزل بالمصلى ، وأمر فوسعوا ذلك الطريق. فلما رأى عمرو بن الليث الأمر كذلك حصن الأبواب فى ذلك الجانب وجعل العسكر يتقدمون إلى تلك الناحية وأقام المجانيق والعرادات هنالك ، ووضع كمينا فى طريق المصلى وشغل مكان الجيش ، فلما طلع الفجر غير الأمير الماضى (3) الطريق وقصد باب المدينة من طريق آخر ونزل بجسر عطا (پل عطا) ، فتعجب عمرو ابن الليث من هذا العمل وكان يتحتم حمل المجانيق أيضا إلى ذلك الجانب وبقى الأمير إسماعيل هنالك ثلاثة أيام وأمر فقطعوا المياه عن المدينة وأخذوا يهدمون السور ويقتلعون الأشجار وسدوا الطرق (4) حتى كان صباح يوم الثلاثاء ، فركب الأمير
ص: 126
إسماعيل فى خف من العسكر وقصد باب المدينة ، فخرج عمرو بن الليث ودارت الحرب وحمى الوطيس ، وانهزم عسكره (أى عسكر عمرو) وكان العسكر يطاردونهم يقتلون بعضا ويأسرون بعضا حتى وصلوا إلى بعد ثمانية فراسخ من بلخ ، فرأوا عمرا ابن الليث مع خادمين ، فر أحدهما وتعلق الآخر بعمرو بن الليث ، فقبضوا على عمرو بن الليث ، وكان كل واحد يقول أنا الذى أسرت عمرا بن الليث ، فقال عمرو بن الليث : إن خادمى هذا هو الذى قبض علىّ ؛ وقد أعطى عمرو ابن الليث ذلك الخادم خمس عشرة حبة من اللؤلؤ قيمة كل منها سبعون ألف درهم ، فأخذوا تلك اللآلئ من ذلك الغلام. وكان القبض على عمرو بن الليث يوم الأربعاء العاشر من جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين ومائتين (900 م) وأتوا بعمرو بن الليث إلى الأمير إسماعيل ، وأراد عمرو بن الليث أن يترجل فلم يأذن الأمير الماضى وقال : اليوم أفعل بك ما يعجب له الناس ، فأمر فأنزلوا عمرا بن الليث بالسرادق وأرسل أخاه (أى أخ الأمير إسماعيل) لحراسته. وبعد أربعة أيام رأى الأمير (إسماعيل) (1) فسألوا عمرا بن الليث كيف قبض عليك؟ فقال : كنت أعدو فعجز جوادى ، فترجلت ونمت ورأيت غلامين واقفين عند رأسى فجرد أحدهما السوط ووضعه على أنفى ، فقلت ماذا تريد من رجل هرم (2)؟ ، وأقسمت عليهما ألا يقتلانى فترجلا وقبلا قدمى وأمنانى ، وأركبنى أحدهما جوادا وتجمع الناس وقالوا ما معك؟ فقلت معى بضع لآلئ قيمة كل منها سبعون ألف درهم وأعطيتهم خاتمى وخلعوا خفى من قدمى فوجدوا بعض الجواهر الثمينة وأدركنى الجيش وكان محمد شاه يمنع الناس عنى ، وفى هذه الأثناء رأيت الأمير إسماعيل من بعد ، فأردت أن أترجل فأقسم بروحه ورأسه ألا تنزل ، فاطمأن قلبى ، وأنزلنى بالسرادق وجلس معى أبو يوسف واحتجزنى ، وحين طلبت الماء أعطونى ماء الورد وعاملونى بكل إعزاز وإكرام ، ثم دخل عندى الأمير إسماعيل ولا طفنى وتعهد بألا يقتلنى وأمر أن
ص: 127
يركبونى الهودج ويبلغونى المدينة مكرما ويدخلونى سمرقند ليلا بحيث لا يعلم أحد من أهلها ، واشترى الأمير إسماعيل خاتمى من الشخص الذى كان معه بثلاثة آلاف درهم (1) ودفع ثمنه وأرسله إلىّ ، وكان فص الخاتم من الياقوت الأحمر. وقال عمرو بن الليث : كان معى يوم المعركة أربعون ألف درهم نهبت فى الحرب ، وكنت على جواد يقطع خمسين فرسخا ، وقد سبق لى تجربته ، فكان اليوم يسير بضعف بحيث رغبت فى الترجل عنه ، وقد غاصت قوائم الحصان فى جدول فسقطت عنه ويئست من نفسى ، فلما قصدنى هذان قلت لمن كان معى : اركب حصانى ، فركبه ونظرت فكان يسير كالسحاب ، فعرفت أن ذلك كان لإدبارى وليس عيب الحصان.
وقال عمرو بن الليث للأمير إسماعيل : لقد أخفيت فى بلخ عشرة أحمال من الذهب ، فمر بأن يأتوا بها فأنت أولى بها اليوم. فبعث الأمير إسماعيل شخصا وأتوا بها وأرسلها جميعا إلى عمرو بن الليث ، وكلما ألحوا على الأمير إسماعيل رحمه اللّه لم يقبل (منها شيئا) ، ووصل كتاب أمير المؤمنين إلى سمرقند بطلب عمرو بن الليث ، وكان عنوان الكتاب مكتوبا هكذا : «من عبد اللّه بن الإمام أبى العباس المعتضد باللّه أمير المؤمنين إلى أبى إبرهيم إسماعيل بن أحمد مولى أمير المؤمنين» (2) فلما وصل الكتاب إلى الأمير إسماعيل حزن من أجل عمرو بن الليث ، إذ لا يمكن رفض أمر الخليفة فأمر فجىء بعمرو بن الليث إلى بخارى فى الهودج ولم يره الأمير إسماعيل وجهه خجلا وأرسل إليه شخصا قائلا : إذا كانت لك حاجة فاطلبها.
فقال عمرو بن الليث : يعنى بأولادى [وأوص من يحملونى بأن يحسنوا معاملتى](3) ففعل الأمير إسماعيل هكذا وأرسله إلى بغداد فى الهودج ، وحين بلغ بغداد سلمه الخليفة إلى صافى الخادم ، وظل فى القيد عند صافى الخادم حتى آخر عهد المعتضد ، وبقى فى السجن عامين حتى قتل سنة ثمانين ومائتين (893 م) ولما بعث الأمير
ص: 128
إسماعيل بعمرو بن الليث إلى الخليفة أرسل إليه الخليفة منشور خراسان وصارت كل البلاد من عقبة حلوان وولاية خراسان وماوراء النهر والتركستان والسند (1) والهند وكركان (2) تابعة له ، وقد نصب على كل بلد أميرا ، وأظهر آثار العدل وحسن السيرة ، وكان يعاقب كل من يظلم الرعية ، ولم يكن أحد قط من آل سامان أكثر منه سياسة ، ومع أنه كان زاهدا لم يكن يحابى قط فى أمر الملك ، وكان يطيع الخليفة دائما ولم يعص الخليفة ساعة طوال عمره ، وكان يجل أمره كل الإجلال.
وقد مرض الأمير إسماعيل وظل مريضا مدة وكان مرضه فى الأغلب من الرطوبة. وقال الأطباء بأن هواء جوى موليان رطب جدّا فنقلوه إلى قرية زرمان (3) التى كانت من أملاكه الخاصة ، وقالوا إن ذلك الجو أوفق له. وكان الأمير يحب تلك القرية ويذهب إليها كل وقت للصيد وكان قد أنشأ هنالك بستانا وظل هناك مريضا مدة حتى توفى [....](4) فى الخامس عشر من شهر صفر سنة خمس وتسعين ومائتين (907 م). وكان أميرا لخراسان عشرين سنة ، وكانت مدة حكمه ثلاثين عاما رحمه اللّه تعالى.
فقد صارت بخارى فى أيامه دار الملك (أى العاصمة) وجعلها كل أمراء
ص: 129
آل سامان حاضرتهم ، ولم يقم أى أمير من أمراء خراسان قبله فى بخارى ، وكان يتبرك بالمقام فيها ولم يكن يرتاح لأية ولاية سواها. وكان يقول حيثما وجد ، بلدنا كذا وكذا - أى بخارى - وخلفه ابنه بعد وفاته وقد لقب (أى الأمير إسماعيل) بالأمير الماضى.
ص: 130
صار أميرا لخراسان ولقب بالأمير الشهيد ، وكان يسير سيرة أبيه ويعدل وينصف الرعية غاية الإنصاف. وكان الرعايا فى راحة ودعة ، وذهب من هنالك إلى خراسان وكان يتفقد مملكته ، وقد فتح سيستان (1) وكانت سيستان فى أيام الأمير الماضى باسمه ومن هنالك جاء إلى بخارى .. وكان مولعا بالصيد ، وقد ذهب إلى شاطئ جيحون للقنص وضرب سرادقا ولما عاد من الصيد جاء رسول وأتى برسالة من أبى العباس أمير طبرستان وقرأ الرسالة : فكان مكتوبا بها أن حسينا بن العلاء خرج عليه واستولى على أكثر ولاية كركان (2) وطبرستان (3) ولا بد لى ضرورة من الفرار ، فضاق صدر الأمير واغتم غاية الغم ودعا وقال : يا إلهى إذا كان هذا الملك سيذهب عنى فأمتنى ، ودخل السرادق ، وكان المتبع أن يحتفظ كل ليلة بأسد على باب البيت الذى ينام فيه ويربط بسلسلة فكل من أراد دخول البيت يقضى عليه ذلك الأسد. ولما كان تلك الليلة ضيق الصدر شغل جميع خاصته فنسوا إحضار الأسد ونام ، فدخل جماعة من غلمان الأمير وقطعوا رأسه يوم الخميس فى الحادى عشر من جمادى
ص: 131
الآخرة سنة إحدى وثلاثمائة من الهجرة (913 م) وجاءوا به إلى بخارى ودفنوه فى قبر جديد ولقبوه بالأمير الشهيد ، واتهموا أبا الحسن بأنه بعث (هؤلاء الغلمان) وأتوا به إلى بخارى وصلبوه ، وقد وجدوا بعض هؤلاء الغلمان الذين قتلوه فقتلوهم وفر بعضهم إلى التركستان.
وكانت مدة ولايته ست سنوات وأربعة شهور وخمسة أيام.
ص: 132
لما فرغوا من دفن الأمير الشهيد ، لقبوا ابنه نصرا بالسعيد ، وكانت سنه ثمانى سنوات ، وولى وزارته أبو عبد اللّه محمد بن أحمد الجيهانى ، وصار قائده حمويه ابن على ، وكانوا يسمونه «صاحب وجود خراسان». وكان شأن الأمير السعيد ضعيفا أول الأمر ، وظهرت الفتن فى كل مكان ، وطلب عمّ أبيه إسحق بن أحمد البيعة فى سمرقند وبايعه أهلها ، وخرج ابنه أبو صالح منصور بن إسحق فى نيسابور واستولى على بعض مدن خراسان ، وقوى شأن إسحق بن أحمد فى سمرقند ، فبعث الأمير السعيد بقائده حمويه بن على لمحاربته ، فهزم (إسحق) ودخل الجيش سمرقند ، فاستعد إسحق مرة أخرى وخرج معه أهل سمرقند وحاربوا حمويه فهزم أهل سمرقند ، وخرج إسحق بن أحمد مرة ثالثة وأسر فى هذه المرة ، وكان ابنه منصور بن إسحق فى نيسابور فتوفى ، وصفت كل خراسان وماوراء النهر للأمير السعيد وخطبوا له فى فارس وكرمان وطبرستان وكركان والعراق.
حكاية : فى سنة ثلاث عشرة (وثلثمائة) (925 م) ذهب الأمير السعيد من بخارى إلى نيسابور وترك خليفة (نائبا) فى بخارى من أتباعه اسمه أبو العباس أحمد ابن يحيى بن أسد السامانى. وفى هذا التاريخ شب حريق فى محلة «كردون كشان» وكان الحريق من العظم بحيث رآه الناس فى سمرقند ، وقال أهل بخارى إن هذه النار نزلت من السماء ، وقد احترقت هذه المحلة جميعا بحيث تعذر الإطفاء. والخلاصة أن إخوته الآخرين خرجوا وأثاروا فتنا كثيرة ، وفى النهاية فر أبو زكريا الذى كان أصل الفتنة مع نفر قليل وذهب إلى خراسان صفر اليدين ، واستأمن إخوته الآخرون فأمنهم الأمير السعيد وأحضرهم إليه حتى هدأت الفتنة.
حكاية : وفى أيام الأمير السعيد نصر بن أحمد بن إسماعيل شب حريق أيضا
ص: 133
فى بخارى فى شهر رجب سنة خمس وعشرين وثلثمائة (936 م) واحترقت جميع الأسواق ، وكانت بدايته من دكان طابخ هريسة (1) فى باب سمرقند حمل الرماد من تحت القدر وصعد به إلى السطح ليملأ به حفرة كانت على السطح (2) ، وكان بين الرماد جمرة ولم يكن يعرف ، وحملها الريح وألقى بها على سياج من الشوك ، فاشتعل جميع السوق ، واحترقت محلة باب سمرقند بأجمعها. وكانت النار تسير فى الجو كالسحاب وقد احترقت محلة «بكار» وسقيفات (3) السوق ومدرسة «فارجك» وسقف سوق «كفشكران» (أى الإسكافية) وسوق الصيارفة والبزازين وكل ما كان فى بخارى بأجمعها حتى حافة النهر ، وطارت شرارة فاشتعل مسجد ماخ واحترق جميعه وظل مشتعلا ليلتين ويوما وحار أهل بخارى فى أمره ورأوا كثيرا من العنت إلى أن أطفأوه فى اليوم الثالث. وظلت الأخشاب تحترق شهرا تحت التراب وخسر أهل بخارى أكثر من مائة ألف درهم ولم يستطيعوا أبدا بناء عمارات بخارى كما كانت.
وكانت سلطنة الأمير السعيد إحدى وثلاثين سنة وكان ملكا عادلا أعدل من أبيه ، وكانت شمائله كثيرة يطول شرحها إذا ذكرت جميعا ، وحين رحل عن الدنيا تولى ابنه نوح بن نصر الملك.
ص: 134
الصورة
ص: 135
ص: 136
تولى الأمير الحميد الملك فى أول شعبان سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة (943 م) ووزر له أبو ذر ، وكان قاضى بخارى ، ولم يكن فى زمانه أفقه منه ، وكتاب «المختصر الكافى» من تصنيفه. ولما توفى الأمير السعيد استقل كل شخص بناحية ، فخرج الأمير الحميد من بخارى وذهب إلى نيسابور ، وكان أبو على الإصفهانى أمير نيسابور ، فأرسل فقبضوا عليه ، واستصفى الولايات وبدد شمل المخالفين وأعطى نيسابور لإبرهيم سيمجور. وقال أبو على الإصفهانى فى نفسه : أنا مهدت له الملك وأعطى الولاية لآخر ، وقال أبو على الإصفهانى لأبى إسحق إبرهيم ابن أحمد بن إسماعيل السامانى اذهب إلى بخارى وخذ الملك وحينما أكون معك لا يستطيع الأمير مقاومتك. فساق أبو إسحق العسكر وأظهر الخلاف ، فعاد الأمير الحميد من نيسابور وتوجه إليه أبو إسحق ووقعت بينهما الحرب وهزم الأمير وتقهقر إلى بخارى وتعقبه عمه أبو إسحق حتى بخارى ، وفى جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة (946 م) بايعه جميع أهل بخارى وقرئت الخطبة على جميع منابر بخارى باسم أبى إسحق. وتبين بعد مدة أن جنده أضمروا له الشر ، واتفقوا مع الأمير الحميد ، ويعتزمون قتله ، فنكص عن بخارى وذهب إلى «چغانيان» (1) وأعطى الأمير الحميد قيادة الجيش لمنصور قراتكين وأرسله إلى مرو وقبض على علىّ بن محمد (2) القزوينى وأوثقه وأرسله إلى بخارى ، وأخمد تلك الفتنة. ووقعت للأمير الحميد فى مدة ولايته حروب كثيرة مع كل طامع فى ملكه. وفى سنة إحدى وأربعين وثلثمائة (952 م) صفت الولايات للأمير الحميد. وقد فارق الأمير الحميد الدنيا فى شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وثلثمائة (954 م وكانت مدة ملكه اثنتى عشرة سنة.
ص: 137
ويقول أحمد بن محمد بن نصر إن محمدا بن جعفر النرشخى ألف هذا الكتاب باسمه وفى أول عهده سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة (942 م) ، ولم يذكر (النرشخى) فى كتابه كل ما كان فى عهد الأمير الحميد. وهذا هو ما تهيأ لنا كذلك بعد الأمير الحميد عن أحوال أمراء آل سامان بتوفيق اللّه تعالى.
ص: 138
ذكر ولاية [الأمير الرشيد أبى الفوارس](1)
عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى - رحمهم اللّه تعالى
لما رحل الأمير الحميد عن الدنيا بويع الأمير الرشيد ، وكان فى العاشرة من عمره حين تولى الملك. ولما وصل خبر وفاة الأمير الحميد إلى الولايات طمع كل شخص فى ولاية ، وكان قد بعث الأشعث بن محمد إلى خراسان ووقعت له فى هرى (هراة) وإصفهان (2) حروب كثيرة ، واستصفى الولايات. وبينما كان مشغولا بهذا الأمر ويحارب إذ سقط الأمير الرشيد عن جواده ، وتوفى فى نفس الليلة ، وكان ذلك ليلة الأربعاء لثمانية أيام خلت من شهر شوال سنة خمسين وثلثمائة (961 م) وكانت مدة ملكه سبع سنوات. ولما دفنوه ثار العسكر وتمردوا وطمع كل شخص فى الملك وظهرت الفتن.
ص: 139
تولى الأمير السديد الملك وبايعه الجند وظهر الوفاق بعد الخلاف الكثير وكانت بيعته يوم الجمعة [فى التاسع عشر من شهر شوال سنة خمسين وثلثمائة] (961 م) (1). وكان الاسفهسالار (أى القائد) البتكين فى نيسابور ، حين بلغه خبر وفاة الأمير الرشيد ، فقصد الحضرة للقبض على الأمير السديد ، وبعث إليه الأمير السديد بجيش (2) ، فلما بلغ (البتكين) جيحون أراد العبور فلم يستطع لأن جيشا كبيرا كان قد وصل ، وأراد العودة والذهاب إلى نيسابور ولايته ؛ وكتب الأمير السديد إلى محمد بن عبد الرزاق فى نيسابور بأن لا يسمح له بدخولها وعلم البتكين فعرف أنه لا يستطيع الذهاب إلى نيسابور ، فعبر جيجون واجتازه (3) وذهب إلى بلخ واستولى عليها وأظهر التمرد ، فبعث الأمير السديد بالأشعث بن محمد وخاض عدة حروب مع البتكين وأخيرا أخرج البتكين من بلخ فذهب البتكين إلى غزنه (4) فتعقبه الأشعث بن محمد إلى غزنه وتحاربا هنالك كذلك ، وانهزم البتكين أمامه مرة
ص: 140
ثانية ، وفر ثانيا إلى بلخ ، ثم أمّنه الأمير السديد ، فجاء إلى الحضرة بعد تمرد وحروب كثيرة.
وفى تلك الأيام بعث الأمير السديد بعساكر كثيرة إلى الولايات واستصفى المملكة ، ولم يعد فى الولاية منازع ، واستولى على ولاية الديلم (1) وتصالح معهم على أن يعطوه كل سنة مائة وخمسين ألف درهم نيسابورية.
ورحل الأمير السديد عن الدنيا يوم الأحد فى السادس عشر من شهر المحرم سنة خمس وستين وثلثمائة (975 م).
وكانت مدة ملكه خمس عشرة سنة وخمسة أشهر. واللّه أعلم.
ص: 141
أبى القاسم نوح بن منصور بن نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى (1)
لما رحل الأمير السديد عن الدنيا يوم الأحد تولى ابنه الملك يوم الإثنين وبايعوه وصار أبو عبد اللّه محمد بن أحمد الجيهانى وزيرا (له) ثم اعتذر لشيخوخته. ومضت بعده مدة يومين أو ثلاثة أخرى وعندئذ صار الأمير محمد بن عبد اللّه ابن عزيز وزيرا ، وازدهرت شئون الملك. وكان أبو العباس تاش أسفهسالار الجيش ، فعزل ، وصار أبو الحسن محمد بن إبرهيم أسفهسالارا ، فتمرد أبو العباس تاش واستولى على نيسابور ، وذهب الإسفهسالار أبو الحسن وابنه على وأبو الحسن فائق الخاصة (2) إلى نيسابور وهزموه سنة سبع وسبعين وثلثمائة (987 م) ، وفر أبو العباس من نيسابور إلى كركان وناصره على بن الحسن وأدخله كركان ولما رحل الإسفهسالار أبو الحسن محمد بن إبرهيم عن الدنيا فى آخر ذى القعدة سنة ثمان وسبعين وثلثمائة (988 م) صار ابنه اسفهسالارا ، وكرهه الأمير الرشيد من بعده (أى بعد وفاة أبيه) وعزله ، وصار أبو الحسن فائق الخاصة اسفهسالارا ، وذهب إلى هراة وحاربه وفر منه فائق الخاصة وذهب إلى مرو فى ذى الحجة سنة ثمان وسبعين وثلثمائة من الهجرة (988 م) وقد ولى بعده أبو الحارث منصور بن نوح سنة وتسعة شهور ، فسجنه البكتوزيون فى سرخس (3) وخرج ملك آل سامان من أيديهم. «واللّه أعلم».
«انتهى تاريخ بخارى»
ص: 142
ص: 143
ص: 144
تذييل فى تاريخ السامانيين
الآن وقد انتهينا من ترجمة كتاب تاريخ بخارى للنرشخى رأينا إتماما للفائدة أن نذيله بفصل فى تاريخ السامانيين نقله شيفر من كتاب «تاريخ كزيده» (الفصل الثانى من الباب الرابع) فيما نقله من نصوص فارسية أخرى ذيل بها النص الفارسى للكتاب المترجم.
وكتاب تاريخ كزيده تأليف حمد اللّه بن أبى بكر بن أحمد بن نصر المستوفى القزوينى المتوفى سنة سبعمائة وخمسين هجرية / 1349 م. وقد ألفه للوزير غياث الدين محمد وأتم تأليفه فى حدود سنة سبعمائة وثلاثين هجرية ؛ 1329 م (1).
وفيما يلى ترجمة هذا الباب كما جاء فى نسخة شيفر :
ذكر حمد اللّه المستوفى القزوينى فى كتابه «تاريخ كزيده» أمراء السامانيين على النحو التالى :
تسعة أشخاص مدة ملكهم اثنتان ومائة سنة وستة أشهر وعشرون يوما. سامان من نسل بهرام چوبين (تشوبين) ونسبه : سامان خداة بن حسمان بن طغاث بن نوشرد بن بهرام چوبين (2) ، كان أجداده قبل الإسلام غالبا حكام ماوراء النهر ، وبعد الإسلام تنكر الزمان لوالد سامان صاحب الجند فعمل جمالا ، ولم يخضع علو جوهره لحرفة الجمالة ، وذات يوم سمع فى ضجة صاخبة هذين البيتين :
مهترى كربكام شير در است ... *** رو خطر كن بكام شير بجوى
ص: 145
يا بزركى بناز ونعمت وكام ... *** يا چو مردانت مرك روياروى (1)
ومعناهما : -
إذا كانت العظمة فى حلق الأسد ، *** فاذهب وخاطر والتمسها من حلق الأسد
فإما العظمة بالدلال والنعمة والتوفيق ، *** وإما ملاقاة الموت وجها لوجه كالرجال
* * *
فثارت رجولته بهذين البيتين واشتغل بالعيارية ، وبعد مدة استولى على مدينة أشناس ، وصارت لابنه أسد بن سامان فى عهد الخليفة المأمون منزلة ، فأسند إليه طاهر ذو اليمينين أعمالا ، وولى المأمون أبناءه من بعده إمارة الولايات ، فأعطى سمرقند لنوح بن أسد ، وفرغانة لأحمد بن أسد. والشاش لإلياس بن أسد ، وهراة ليحيى بن أسد ، وكانوا يباشرون أعمال تلك الولايات إلى أن أعطى الخليفة المعتمد جميع الولايات لنصر بن أحمد سنة إحدى وستين ومائتين ؛ 874 م. وكان أرشد هؤلاء القوم.
وقد صار أخوه إسماعيل حاكم بخارى من قبله وبعد مدة أوقع المفسدون بين الإخوة فذهب نصر لحرب إسماعيل ، وكان النصر لإسماعيل ، ولكنه قبل يد أخيه الأكبر وقال : إنك ما زلت الأكبر والمخدوم ، فإذا أمرت لى ببخارى أقوم بأعمالها وإلا فأنا مطيع لكل ما تأمر ، فخجل نصر واستقر أمر بخارى لإسماعيل ، وتولى نصر حكومة ماوراء النهر حتى مات سنة تسع وسبعين ومائتين (892 م) ، واستتب جميع الأمر لإسماعيل ، وجعل بخارى دار الملك (العاصمة) ، وكان رجلا حكيما مهيبا تسطع آثار الملك من جبينه ، فعمرت ولاية ماوراء النهر فى عهده ، فلما تطاول بنو الليث ، أمره الخليفة المعتضد فأطاح بهم ، وأسند إليه الخليفة ملك بنى الصفار ، وفى منتصف ربيع الآخر سنة سبع وثمانين ومائتين (900 م) ،
ص: 146
أطلق عليه فى بعض انحاء إيران اسم الملك ، وبذل مساعى جميلة فى الخيرات والمبرات ، واجتهد فى العدل والإنصاف. وقد سأل أحد العظماء فى عهده قائلا :
لقد كان الطاهريون أطهارا فى دينهم أخيارا فى عقيدتهم وعملوا كثيرا من الخيرات ، ولا يوجد منها أى أثر ظاهر ؛ وكان بنو الليث ظالمين جائرين ، ولم يعملوا كثيرا من الخيرات ، وهى كلها جارية. فما الموجب وما الحكمة فى هذا؟ فأجاب : لقد كان بنو الليث بعد الطاهريين ، ولفرط الخبث الطبعى والظلم الجبلىّ لم يجروا خيرات الطاهريين ، وأبطلوها حرصا وطمعا ، واستولوا على موقوفاتهم ، وكان السامانيون بعد بنى الليث ، فأقروا خيرات بنى الليث لحسن مروءتهم وطهر عقيدتهم ولم يطمعوا فيها ، فلا جرم أن تلاشت تلك وجرت هذه - والحكمة فى هذا هى أنه لا شك فى أن كلا من المحسن والمسىء سيلقى جزاءه فى المحشر ، وكل من عمل خيرا يجزى خيرا ، ثم إن إحسان الذى أساء وأبطل الخير لخبثه ، يكون إحسانا آخر للمسىء يقدمه للمحسن إزاء بطلان عمل المحسنين ، فإذا ما أجرى محسن آخر إحسان ذلك المحسن فإنهما يتساويان ، وفى ذلك ثواب للثانى ، فثواب المحسن الأول ثلاثة أمثال ، ولا يكون للمسىء أى ثواب ، فيحملون هذا إلى الجنة ويصلون ذلك النار.
وقد ملك إسماعيل السامانى فى إيران سبع سنوات وعشرة أشهر وتوفى فى الرابع عشر من صفر سنة خمس وتسعين ومائتين (907 م). ومن أقواله (كن عصاميّا ولا تكن عظاميّا) (1).
وقد صار أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان ملكا بعد أبيه بحكم الوراثة ، وكان راعيا للعلماء محبّا لهم ، وكانت أكثر مجالساته للعلماء ، ولهذا نفر منه الغلمان ، وقد نقل المنشورات والأحكام من اللغة الدرية (2) إلى العربية وحكم مدة خمس سنوات وأربعة أشهر ، وقد بلغه يوما أخبار مثيرة من أنحاء ملكه ، فقال
ص: 147
يا إلهى؟ إذا كنت قدرت أن تثور علىّ المملكة فابعث إلىّ بالموت قبل تلك الثورة ولا ترض مضايقة العباد. وكانوا يربطون كل ليلة على بابه أسدا حتى لا يدخل أحد داره خشية منه ، فنسوا ليلة ربط ذلك الأسد ، فدخل جماعة من الغلمان كانوا ينوون قتله وقتلوه فى الثالث من جمادى الآخرة سنة ثلاثمائة (912 م) ببخارى.
وكان الپتكين من جملة غلمانه ، ولكنه لم يكن قد اشتهر بعد ، فتولى نصر بن أحمد ابن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان الملك بعد أبيه. فقتل جميع الغلمان الذين كانوا قد قتلوا أباه قصاصا منهم ، واجتهد فى العدل والإنصاف ، وعمل كثيرا من الخيرات ، وبعد مدة ذهب لمشاهدة هراة ، فحسنت فى عينه فنزل بها ، واشتاق أمراؤه إلى المرأة والولد ، ولم يكن الأمير نصر ينوى الرحيل إلى بخارى أو يسمح للأمراء بالذهاب إلى بيوتهم أو إحضار نسائهم وأطفالهم ، فضاق الأمراء ذرعا وكان يخشى أن يخرجوا على الأمير ، وكلما توسلوا بالأمراء المقربين لم تكن هناك فائدة ، حتى أغدقوا على الرّودكى (1) وأنشد هذه الأبيات فى وصف حسن بخارى وتشويق الأمير نصر للسفر إليها :
1 - نسيم جوى موليان (2) يسرى *** وعطر الحبيب العطوف ينفح
2 - ورمال نهر آمو مع خشونتها *** تغدو حريرا تحت قدمى
3 - ويفيض ماء جيجون طربا بوجه الحبيب *** فيبلغ حقوى جوادنا
ص: 148
4 - اسعدى يا بخارى وعيشى طويلا *** فإن الملك مقبل ضيفا عليك
5 - الأمير سرو وبخارى بستان *** والسرو يمضى نحو البستان
6 - الأمير قمر وبخارى سماء *** والقمر يسرى إلى السماء (1)
* * *
فلم يكن للأمير نصر بعد هذا قرار حتى يتم قراءة الأبيات ، وانطلق ، بحيث ركب دون أن يلبس خفه ، وأثرى الرودكى بفضل هذه الأبيات بإنعام الأمراء. ووجد الأمير نصر ذات يوم شابّا وسيما يعمل فى الطين ، وكان نور العظمة يسطع من جبينه ، فسأل عن اسمه وأصله وأمنه - فقال : اسمى أحمد ومن نسل بنى الليث. فرق الأمير نصر لحاله ، ولاطفه ووهبه مالا ، وزوجه بامرأة من أقربائه وبعث به أميرا على سيستان ، وإمارة سيستان حتى الآن فى نسله (2). والأمير أبو إلياس الذى كان فى بداية أمره عيارا استولى على كرمان قسرا ، وملك فيها سبعا وثلاثين سنة ، وخرج عليه الأهلون لظلمه وقهروه وولوا الملك ابنه اليسع ، وفر ما كان الكاكى من بلاد الديلم وذهب إلى خراسان ، وأراد أن يستولى عليها .
ص: 149
بالقوة. فندب الأمير نصر إسفهسالاره (1) الأمير على فى عسكر لجب لحربه ، وكان الأمير نصر يوصيه عند رحيله بأن يعمل كذا وكذا وقت المعركة ، وكان وجه الأمير على يتجهم أثناء الحديث ، ولكنه تحمل حتى أتم الأمير نصر كلامه ، فخرج (اأى الأمير على) وكان داخل قميصه عقرب لدغه فى سبعة عشر موضعا ، فأبلغوا الأمير نصرا هذه الحالة فقال : لم لم تتكلم قبل هذا - فقال : إذا تأوه العبد فى حضرة الأمير من لدغة عقرب وترك الأمير فى أثناء الكلام ، فكيف يتحمل فى غيبة الأمير وطأة السيف القاطع من أجله؟ فلاطفه الأمير نصر لهذا الكلام ، فذهب الأمير على وقتل ما كان كاكى فى الحرب وهزم جيشه ، وقال للكاتب إعرض حال ما كان كاكى فى حضرة الأمير بلفظ قليل ومعنى غزير ، فكتب الكاتب : (أما ما كان صار كاسمه) (2) وكان ذلك سنة تسع وعشرين وثلاثمائة (940 م). وقد حكم الأمير نصر مدة ثلاث وثلاثين سنة وثلاثة شهور حتى قتل فى الثانى عشر من رمضان سنة ثلاثين وثلاثمائة (941 م).
وقد صار الأمير الحميد نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان ملكا بعد أبيه ، وجرت بينه وبين عمه إبرهيم بن أحمد محاربات من أجل التنازع على الملك. وانتصر الأمير نوح فى النهاية وملك إثنتى عشرة سنة وسبعة أشهر وسبعة أيام ، ورحل عن الدنيا فى التاسع عشر من ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وثلثمائة (954 م) ، وقد وصل الپتكين فى زمانه إلى الإمارة.
وتربع عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن سامان فى الملك بعد أبيه وملك سبع سنوات ونصف سنة ، وسقط فى الميدان أثناء عدو حصانه ، ومات بذلك فى منتصف شوال سنة خمسين وثلثمائة (961 م) وفى عهده تولى الپتكين إمارة خراسان واجتمعت له أملاك لا حصر لها.
الأمير السديد منصور بن عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل ابن أحمد بن أسد بن سامان : - تشاور الأمراء بعد أبيه فى أمر الملك ، واستأذنوا
ص: 150
الپتكين الذى كان أكبر الأمراء فيمن يختاره للملك ، ولما كان منصور شابّا حدثا فقد رد الپتكين واختار عمه ، وقبل أن يصل رد الپتكين إلى الأمراء ، ولوا منصورا الملك ، وصار الپتكين لديه متهما. وكان الپتكين يتودد إليه بالتحف والرسائل فلم يجد ، وبعد ست سنوات استدعى الپتكين إلى بلاطه فعلم الپتكين بأن استدعاءه لا يبشر بخير ، ولكنه ذهب مضطرّا ، وفى الطريق تحدث مع الأمراء على سبيل الامتحان فى الخروج على منصور ، فخالف الأمراء جميعا الپتكين ورعوا حق النعمة ، فدعا عليهم وودعهم وبعث بهم إلى الحضرة ومضى لطيته مع ثلاثة آلاف غلام وقصد غزنين (غزنه) فأحل الأمير منصور أبا الحسين سيمجور محله فى خراسان ، وبعث به فى عشرة آلاف فارس لحرب الپتكين ، وتقاتلوا معه على باب بلخ وانهزموا ، ومضى الپتكين إلى غزنين ، ولم يكن صاحب غزنين ليسمح له بدخولها ، فحاصر الپتكين غزنين حتى سلموا المدينة صاغرين ، وصار ملكا على غزنين. ثم عاد الأمير منصور فبعث بثلاثين ألف فارس لمحاربته فهجم عليهم الپتكين بثلاثة آلاف فارس وهزمهم وانصرف الأمير منصور عن قتاله. واشتاق خلف بن أحمد السيستانى إلى زيارة الحجاز وأقام صهره طاهرا بن الحسين مقامه وذهب إلى الحج وحين عودته لم يسمح له صهره بدخول المدينة ، فلجأ خلف إلى الأمير منصور فأمده الأمير منصور بالعسكر فذهب خلف إلى سيستان بعسكر بخارى ، فترك صهره المدينة واستولى خلف على سيستان وبعث بالجند إلى الأمير منصور فعاد طاهر بن الحسين وقاتل خلف وأخذ المدينة ، فلجأ خلف ثانيا إلى الأمير منصور وأخذ العسكر ، فلما وصل إلى سيستان كان طاهر قد مات وقام ابنه الحسين مقامه ، وقاتل خاله. ولما ضاق ذرعا بعث برسالة إلى الأمير منصور واستأمنه ليذهب إلى حضرته ويلازمه ، فأمنه الأمير منصور فترك سيستان لخلف. وقد حكم الأمير منصور خمس عشرة سنة وقد أثر عنه العدل والإنصاف والخيرات والمبرات الكثيرة وتوفى فى منتصف شوال سنة خمس وستين وثلاثمائة (975 م) وكان أبو على محمد بن البلعمى مترجم تاريخ ابن جرير الطبرى وزيره. الأمير الرضى نوح بن منصور بن عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد
ص: 151
ابن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان : تولى الملك بعد أبيه وأراد أن يولى الوزارة أبا الحسين العتبى ، فتشاور مع أبى الحسين سيمجور الذى كان أمير الأمراء ، فأجابه بأن العتبى متحل بجميع مزايا الوزارة ولكنه شاب ، ولا يحمد الشباب فى الوزارة ، فخالفه الأمير نوح وأسند الوزارة إلى أبى الحسين العتبى ، وانضبطت بكفايته شئون الملك على أتم وجه ، وفى الحقيقة لم يكن وزير مثله فى بلاط أى ملك ، وبهذا السبب اغبرت العلاقة بين العتبى وسيمجور ، فسعى الوزير غاية السعى حتى وجد حسام الدولة تاش الذى كان من مماليك أبيه السبيل إلى الإمارة فى خدمة الأمير نوح ، وأسند الحجابة إلى فائق. وتمرد خلف بن أحمد فى سيستان على الأمير نوح وامتنع عن أداء الخراج ، فبعث الأمير نوح أيضا بابن أخته الحسين ابن طاهر لقتاله ، وبعد المعركة لجأ خلف إلى قلعة أرك (1) وحاصره الحسين بن طاهر ، وظل محاصرا سبع سنوات ، ولم يلح النصر ، ولهذا السبب نقصت هيبة السامانيين فى القلوب. وكان أبو الحسين سيمجوز يبدى الشماتة ، فعزله الأمير نوح من إمارة خراسان ، وفوضها إلى تاش ، وبعث سيمجور لحرب خلف ، فاتفق أبو الحسين سرّا مع خلف وقررا فى الظاهر أن يجلو خلف عن تلك القلعة إلى مكان آخر ويسلمها له ، ففعلا هكذا ، وكان أبو الحسين (سيمجور) يرى أن السبب فى انتقاص حرمته هو أبو الحسين العتبى ، فاتفق مع فائق وبعثا بجماعة حتى قتلوه ليلا حين جاء لمدد الديلم من بخارى إلى خراسان ، وامتلأت خراسان بالفتنة ، وقامت الحرب والفتنة فى كل مكان وأخيرا استقروا على أن تكون نيسابور لتاش وبلخ لفائق وهرى (هراة) مع قهستان لأبى الحسين سيمجور. وذات يوم كان أبو الحسين سيمجور يباشر سرية فى بستان فمات وقت الإنزال ، فصار ابنه أبو على أميرا فى مكانه ، وولاه نوح بن منصور إمارة خراسان ، وجرت بينه وبين تاش حروب. وتحول تاش عن السامانيين بسبب عزله وقتل الوزير ابن العتبى ، ولجأ إلى فخر الدولة الديلمى ، فاحتفى به فخر الدولة وسلمه كركان (2) وذهب هو
ص: 152
إلى الرى وظل تاش حتى سنة تسع وسبعين وثلاثمائة (989 م) حاكم كركان. فلما توفى ثار الجرجانيون وانشغل الخراسانيون بالمقاومة وظهرت فتنة عظيمة وجرى قتل عام. فبعث فخر الدولة إلى أبى على العارض لمعاونته ، وقتل من الجرجانيين ثلاثة آلاف رجل كانوا رأس الفتنة ، ولما ذهب تاش عن خراسان استقرت الإمارة لأبى على سيمجور ، فخافه الأمير نوح وأعطى إمارة هرى (هراة) لفائق وجرت حرب بين أبى على وفائق ، وانهزم فائق وأسرع إلى الحضرة فى بخارى دون إذن ، فخشيه نوح وبعث يكتوزن وآبج الحاجب لحربه ، وذهب فائق بعد الحرب منهزما إلى بلخ وبقى هنالك مدة ، فبعث أبو على سيمجور إلى الحضرة ببخارى ، وذكر حقوق خدمته على الأسرة السامانية وطلب إمارة خراسان ، فقبل الأمير نوح ملتمسه ، وأعطاه إمارة خراسان وارتفع شأنه ، وأصبح له شأن عظيم. فطمع فى الملك وتحول عن السامانيين ولجأ إلىّ بغراخان من نسل أفراسياب ، وحرضه على طلب ملك السامانيين. وقرر أنه حين يستتب له الملك يعطى ملك خراسان لأبى على سيمجور ، فتوجه بغراخان إلى بخارى وأرسل نوح آبج الحاجب فى جيش عظيم لحرب بغراخان ، وقد وقع آبج أسيرا فى يد بغراخان وانهزم جيشه. فاضطر نوح بن منصور إلى استمالة فائق واستدعاه وأرسله لحربه ، فاتفق فائق سرّا مع بغراخان ، وعاد منهزما من سمرقند وتعقبه بغراخان إلى بخارى فلاذ نوح بن منصور بالفرار وذهب إلى جرجانية ، وكان المأمون بن محمد الفريغونى واليا عليها فاحتفى به وكذلك أو عبد اللّه الخوارزمى (1). ولما جاء بغراخان إلى بخارى استقبله فائق وتمكن بغراخان على سرير بخارى ، وبعث بفائق إلى بلخ ، أما أبو على سيمجور فلم تتحقق له منه رغبة ، ولم يظفر بأكثر من لقب إمارة الجيش. وقد طلب نوح بن منصور وهو فى خوارزم مددا من أبى على سيمجور ، وكان يرجوه فى غير جدوى ، إلى أن من اللّه عليه وأبلغه العرش دون مدد ، وكان سبب ذلك أن بغراخان مرض وعزم على الرحيل إلى التركستان فمات فى الطريق ، فجاء نوح بن منصور إلى دار الملك ، فأراد فائق أن يزعجه قهرا فذهب إلى حربه ، وانهزم فاتصل بأبى على سيمجور
ص: 153
واتفقا معا على حرب نوح بن منصور ، ولما عادى الأمراء القدامى نوحا بن منصور كان من اللازم أن يتصل بغيرهم ، فدعى الأمير سبكتكين فتوجه مع ابنه محمود إلى الحضرة ببخارى ، وسارا لحرب فائق وسيمجور. وكان لدى الجانبين حشد كبير ، وكان سيمجور وفائق من حيث الشوكة ورجال القتال أفضل ، ولكن التوفيق كان حليف نوح بن منصور ، وقد انصرف دارا بن قابوس عن سيمجور وتوجه إلى نوح ، فخافه أبو على سيمجور وانهزم ، ولجأ هو وفائق إلى فخر الدولة الديلمى ، فاحتفى بهما حفاوة الملوك ، وترك لهما جرجان ، فأراد سيمجور أن يخرج على الديلم فى جرجان ويستولى عليها ، وبهذه الطريقة يتحبب إلى نوح بن منصور ، فمانع فائق وقال إن هذا لا يكون ، ونذم عند الجميع. وأعطى الأمير نوح إمارة خراسان للأمير سبكتكين ولقبه بناصر الدين ، ولقب ابنه بسيف الدولة ، وكان ذلك فى سنة أربع وثمانين وثلاثة ثمائة (994 م). فذهب ناصر الدين سبكتكين إلى هرى (هراة) وسيف الدولة إلى نيسابور. فجاء أبو على سيمجور وفائق لحربه (أى لحرب سيف الدولة) وانهزم أمامهما وذهب إلى أبيه ، وذهب كل منهما لحربهما من طريق وحاصرا أبا على سيمجور وفائقا وهزماهما ، وفر سيمجور وفائق إلى قلعة كلاب (1) وبعثا بشفيع إلى نوح بن منصور ، فقال نوح بن منصور : ليذهب أبو على سيمجور إلى جرجانية (2) عند مأمون الفريغونى ويأت فائق إلى الحضرة ، فلم يشم فائق ريح السلامة من أبى على سيمجور (3) فى تلك المفارقة ، فقصد جرجانية فلما بلغ «هزار اسپ» قبض على أبى عبد اللّه خوارزمشاه (4) وقتله وآل ملك خوارزم (5) إلى مأمون ، فكتب إلى نوح بن منصور وطلب أن يهبه دم أبى على سيمجور ، فأجابه نوح إلى طلبه ، واستدعاه إليه (أى أبا على سيمجور) ثم نقض عهده وقتله. وحرض فائق إيلك خان على قتال نوح بن منصور ، فقصد
ص: 154
إيلك خان بخارى ، ولكن لم تحدث حرب ، واصطلحا على أن تكون إمارة سمرقند لفائق. ومات نوح بن منصور فى الثالث عشر من رجب سنة سبع وثمانين وثلاثمائة (997 م) فى بخارى.
وقد تولى أبو الحارث منصور بن نوح بن منصور بن عبد الملك بن نوح ابن نصر بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان الملك بعد أبيه وحكم سنة وسبعة أشهر ، وولى فائقا الإمارة وأبا المظفر العتبى الوزارة ، فاتصل جماعة من أركان دولته بأيلك خان ، فقصد بخارى ، ففر أبو الحارث ودخلت بخارى فى حوزة إيلك خان ، وأقام هنالك شحنة ، فذهب فائق إلى أبى الحارث وشجعه ، فذهبا وحاربا العسكر الإيلكية فى بخارى وهزماهم ، وعاد أبو الحارث إلى مملكته وملكه ، وأعطى بكتوزن إيالة خراسان فحارب أبو القاسم سيمجور بكتوزن طمعا فى إيالة خراسان وذهب (1) منهزما إلى الديلم (2) فى جرجان ، فلاطفه فخر الدولة وبقى هنالك حتى توفى فخر الدولة ، فأحسن رعايته مجد الدولة رستم وأمه سيدة. ولكنه كان يهوى خراسان ، وعزم مرة أخرى على حرب بكتوزن ، فانهزم أمامه وذهب إلى قهستان (3) ، وجاء سيف الدولة محمود إلى خراسان لمحاربة بكتوزن ، فترك له بكتوزن خراسان وذهب إلى أبى الحارث ، فجاء أبو الحارث لحرب سيف الدولة محمود. ومع ما كان يستظهر به سيف الدولة من القوة والجند ، لم يرتض حرب ولى نعمته ، فعاد وذهب إلى غزنين (غزنة) ، فلاطف أبو الحارث بكتوزن ولقبه بسنان الدولة وعاد. وخرج بكتوزن وفائق على أبى الحارث فى الطريق ، وقبضا عليه معا وسملا عينيه فى الثامن عشر (....) (4) سنة تسع وثمانين وثلاثمائة (998 م).
ص: 155
وانتقل الملك إلى عبد الملك (بن) نوح (1) بن منصور بن عبد الملك بن نوح ابن نصر بن أحمد بن إسماعيل بعد أخيه ، وقد تولى الملك ثمانية أشهر وسبعة عشر يوما إلى أن جاء سيف الدولة محمود محاربا لفائق وبكتوزن انتقاما لأبى الحارث وهزمهما واستولى على خراسان. وقد فرا إلى ماوراء النهر وتحالف فائق مع إيلك خان وجاء إيلك خان مع طاهر لحرب عبد الملك وقبض على أمرائه وأقاربه ، فاضطر عبد الملك إلى الفرار واستولى إيلك خان على ماوراء النهر فى الثانى والعشرين من ذى الحجة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة (998 م) ودالت دولة السامانيين.
ومن سلالتهم المستنصر إسماعيل بن نوح ، أخو عبد الملك ، وقد فر من حبس إيلك خان وذهب إلى خوارزم ، فاجتمع عليه جيش وأرسل فى المقدمة أرسلان يالو فى عسكر لجب ، وحارب فى سمرقند جعفر تكين أخا إيلك خان وقد أسر هو وجماعة من الأمراء على يد جيش السامانيين ، وقد حبسهم إسماعيل جزاء على حبس أقار به وقصد بخارى وحارب الشحنة الإيلكية ، واستولى على عرش بخارى ، فجاء إيلك خان لحربه وذهب إلى بخارى ولم يكن لإسماعيل طاقة بالقتال ، فذهب من بخارى إلى نيسابور ، فانضم إليه أبو القاسم السيمجورى (2) وحاربا الأمير نصرا بن سبكتكين ففر منهم نصر ، فجاء سيف الدولة محمود مددا لأخيه لمحاربة إسماعيل ، فلجأ إسماعيل إلى قابوس بن وشمكير ، فاحتفى به قابوس كثيرا وقال : إن مملكة الرى بلا ملك فيجب أن تذهب إلى هنالك. فذهب إسماعيل إلى هنالك فى صحبة منوچهر (منوتشهر) ودارا ابنى قابوس. وبخداع سيدة ملكة الرى عاد وقصد نيسابور. فترك له الأمير نصر المدينة وذهب ، وجاء بعسكر وتحاربا فانهزم إسماعيل ، ولهذا السبب قتل أرسلان يالو أمير الجيش ، فانفض من حوله العسكر ، فهدأهم أبو القاسم سيمجور وذهبوا مرة أخرى لحرب الأمير نصر ، فأسر أبو القاسم
ص: 156
سيمجور فى تلك الحرب وفر إسماعيل والتجأ إلى الغزّ ، فأمده الغزّ وحاربوا إيلك خان فى بخارى وانتصروا ، واستولى إسماعيل على بخارى ثم خشى الغز بعد ذلك ففر من بينهم ليلا ، وأطلع سيف الدولة محمودا على حاله وكتب له هذين البيتين :
أنت خير من العين التى أحللتها قلبى *** وأنت خير من القلب الذى تخلى عنى سريعا
وأحسن من الروح التى لم أفد منها قط *** وقد رأيت الجميع وجربتهم فأنت أفضل منهم (1).
* * *
فرق له سيف الدولة محمود وسار لنجدته إلى بخارى. وحارب حامية إيلك خان وأخضع بخارى لإسماعيل ، وذهب لحرب إيلك خان فانهزم أمامه إيلك خان واستتب له الملك واستهان بأمر العدو وبعث بالعسكر إلى بخارى. فاغتنم إيلك خان الفرصة وجاء لحربه ، ففر إسماعيل وعبر جيحون دون سفينة ، وفى ربيع الأول سنة خمس وسبعين وثلاثمائة (985 م) قتل فى ولاية مرغبار (مرغ وبار) (2) على يد أعراب بنى بهيج. .
ص: 157
ص: 158
ص: 159
ص: 160
آبج الحاجب : 145
إبرهيم (صاحب المقنع) : 94
إبرهيم بن أحمد بن إسماعيل السامانى - أبو إسحق : 129 ، 142
إبرهيم بن خالد بن بنيات - أبو إسحق : 25
إبرهيم سيمجور (أمير نيسابور) : 129
إبرهيم بن طمغاج خان (أبو شمس الملك) : 76
أبروى : 20
ابن الأثير : 94
ابن أيوب بن حسان (من قواد قتيبة وابن أمير بخارى) : 80
ابن جرير الطبرى : 143
ابن خلكان : 94
ابن سينا - (1) الحسين بن عبد اللّه بن الحسين بن على بن سينا - أبو على
أبو إسحق بن إبرهيم : 26
أبو الأشعث : 112 ، 114 ، 115
أبو إلياس - (الأمير) : 139
أبو بكر الصديق (أمير المؤمنين) : 21 ، 59
أبو جعفر الدوانقى (أمير بخارى) : 81 ، 94 ، 95
أبو حاتم (هاشم) اليسارى (من أغنياء بخارى) : 112
أبو الحارث - منصور بن نوح
أبو الحسن العارض : 26 ، 145
ص: 161
أبو الحسن فائق الخاص - فائق الخاص
أبو الحسن الميدانى : 87
أبو الحسن النيسابورى - عبد الرحمن بن محمد النيسابورى
أبو الحسين سيمجور : 143 ، 144
أبو الحسين العتبى : 144
أبو حفص الكبير البخارى - الإمام : 82 ، 83 ، 84 ، 85 ، 109
أبو داود (أمير بلخ) : 118
أبو ديم حازم السدوسى : 17
أبو ذر (قاضى بخارى ووزير الأمير الحميد) - محمد بن يوسف البخارى
أبو زكريا : 127
أبو العباس (أمير طبرستان) : 125
أبو العباس بن الفضل بن سليمان الطوسى (أمير خراسان) : 55 ، 56
أبو عبد اللّه بن أبى حفص الكبير البخارى - الفقيه : 83 ، 108
أبو عبد اللّه الخوارزمى : (خوارزمشاه) 145 ، 146
أبو عبيد اللّه بن الجيهانى (أبو عبد اللّه الحيانى) - الوزير : 75
أبو على بن أبى الحسين سيمجور : 144 ، 145 ، 146
أبو على الأصفهانى : 129
أبو الفضل بن محمد بن أحمد المروزى السلمى - الفقيه (صاحب المختصر الكافى) : 18
أبو القاسم سيمجور : 144 ، 147 ، 148 ، 149
أبو محمد بخار خداة : 12
أبو مسلم الخراسانى : 21 ، 24 ، 25 ، 32 ، 91 ، 95 ، 99
أبو المظفر العتبى : 147 (وانظر : أحمد بن الحسن العتبى)
أبو يوسف : 121
أحمد (الحكيم) : 97
أحمد (من بنى الليث) : 141
ص: 162
أحمد بن إبرهيم البركدى : 18
أحمد بن أسد بن سامان خداة : 105 ، 106 ، 138
أحمد بن إسماعيل السامانى - الأمير الشهيد : 18 ، 116 ، 125 ، 126 ، 139
أحمد بن الحسن العتبى - (الوزير) : 44
أحمد بن خالد (أمير بخارى) : 57
أحمد بن خضر بن إبرهيم طمغاج خان : 49
أحمد بن عبد اللّه الخجستانى : 138
أحمد بن فريغون (أمير الكوز كانية - الجوزجانية) : 118
أحمد كدرخينة (خينه) - (دهقان فى محلة كاخ ببخارى) : 80 ، 81
أحمد بن محمد الليث (صاحب الشرطة) : 26
أحمد بن محمد بن نصر القباوى - أبو نصر (مترجم الكتاب إلى الفارسية) : 5 ، 15 ، 29 ، 115 ، 39 ، 41 ، 51 ، 55 ، 74 ، 87 ، 104 ، 130
أحمد بن موسى بن مرزوق : 115
أحمد بن نصر : 61 ، 94
أحمد بن نوح بن نصر السامانى : 34
أحمد بن يحيى بن أسد السامانى - أبو العباس : 127
أرسلان خان بن محمد بن سليمان - الملك : 30 ، 35 ، 42 ، 49 ، 57 ، 76 ، 77 ، 78
أرسلان يالو : 148
إسحق بن إبرهيم بن الخيطى : 17
إسحق بن أحمد السامانى : 114 ، 115 ، 116 ، 127
أسد بن سامان خداة : 87 ، 105 ، 106 ، 138
أسد بن عبد اللّه القسرى (أمير خراسان) : 86 ، 87 ، 88 ، 89 ، 105
إسماعيل بن أسد بن سامان خداة : 87
إسماعيل بن أحمد السامانى - الأمير الماضى ، أبو إبرهيم : 9 ، 21 ، 25 ، 26 ، 29 ، 31 ، 32 ، 33 ، 47 ، 56 ، 75 ، 77 ، 87 ، 107 ، 108 ، 109 ،
ص: 163
110 ، 111 ، 112 ، 113 ، 114 ، 115 ، 116 ، 117 ، 118 ، 119 ، 120 ، 121 ، 122 ، 123 ، 124 ، 125 ، 138 ، 139.
إسماعيل بن نوح - المستنصر السامانى : 146 ، 147
الأشعث بن محمد بن محمد (مبعوث الأمير الرشيد إلى خراسان) : 131 ، 132
الإصطخرى : 10 ، 33 ، 39
افراسياب : 7 ، 32 ، 33 ، 41 ، 145
الپتكين (القائد) : 42 ، 132 ، 140 ، 142 ، 143
إلياس بن أحمد بن سامان خداة : 105 ، 138
أليسع بن أبى الياس - أمير كرمان : 141
الإمام البخارى - محمد بن إسماعيل الجعفى - أبو عبد اللّه
الإمام الشافعى : 18
الأمير الحميد - نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى
الأمير الرشيد - نوح بن منصور بن عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى الأمير الرشيد أبو الفوارس - عبد الملك بن نوح بن منصور بن عبد الملك بن نوح ابن نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى
الأمير السديد - منصور بن عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى الأمير السعيد أبو الحسن - نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى الأمير الشهيد - أحمد بن إسماعيل السامانى
الأمير الماضى - إسماعيل بن أحمد السامانى
أوكيدى خان (أو قتاى خان) : 11
إيلك خان : 146 ، 147 ، 148 ، 149
* * *
بار تولد (المستشرق) : 6
باغى (من قواد الحكيم أحمد) : 97 ، 99
براون - إدوارد (المستشرق) : 135 ، 147 ، 148 ، 149
ص: 164
بغرا خان (الملك) : 145
بكتوزن (سنان الملك) : 134 ، 145 ، 147 ، 148
بنيات بن طغشادة : 22 ، 24 ، 25 ، 33
بهرام چوبين (تشوبين) : 87 ، 137
بياغو - قراجورين ترك
بيدون بخار خداة : 21 ، 41 ، 66 ، 67
پارس البيكندى : 119
* * *
تاش - أبو العباس ، حسام الدولة (القائد) : 134 ، 144 ، 145
تيمور لنك : 119
* * *
جبرائيل بن عمر بن طغرل خان : 30
جبرائيل بن يحيى : 98 ، 99
جبريل : 39 ، 40
جعفر تكين : 146
جعفر بن محمد الرودكى - أبو عبد اللّه الشاعر : 140 ، 141
جنيد بن خالد (أمير بخارى) : 101
* * *
چوبة (أمير مغولى) : 11
چنكيز خان : 5 ، 6 ، 11 ، 19 ، 43
* * *
حاجب (غلام المقنع) : 101
حاجى خليفة (صاحب كشف الظنون) : 137
الحجاج (وال أموى) : 69 ، 72
حسن بن طاهر (أمير خراسان) : 81
حسن بن عثمان الهمدانى : 17
ص: 165
حسن بن علاء السغدى : 81 ، 82
حسن بن محمد بن طالوت : 47
الحسين بن طاهر بن (الحسين) الطائى : 107 ، 108 ، 111 ، 143 ، 144 الحسين بن عبد اللّه بن الحسين بن على بن سينا البخارى - أبو على ، الشيخ الرئيس : 14 الحسين بن العلاء (صاحب شرطة الأمير إسماعيل) : 111 ، 125
الحسن بن محمد الخوارجى : 108 ، 109
حسين بن معاذ : 97 ، 98
حشرى (من قواد الحكيم أحمد) : 97
حفص بن هاشم (وزير حسن بن طاهر أمير خراسان) : 81 ، 82
حمد اللّه بن أبى بكر بن أحمد بن نصر المستوفى القزوينى : 137
حمزة الهمدانى : 92
حموك (رئيس طائفة) : 20
حميد بن على (قائد الأمير السعيد) : 127
حميد بن قحطبة (أمير خراسان) : 96
حنظلة البادغيسى - الشاعر : 136
حيان : 85
حيان النبطى (أحد رجال قتيبة) : 71 ، 72 ، 91
* * *
الخاتون (ملكة بخارى وأم طغشادة) : 62 ، 63 ، 64 ، 65 ، 66 ، 67 ، 18 خالد بن جنيد (أمير بخارى) : 90
خشوى (صديق الحكيم أحمد) : 99
خشويه (الوزير) : 83 ، 84
خضر (بن إبرهيم طمغاج خان) : 49
خلف بن أحمد السيستانى : 143 ، 144
خنك خداة : 33
ص: 166
خوارزمشاه - محمد بن تكش ، علاء الدين
خوان سالار : 29 ، 30
خير الدين الزركلى : 48 ، 59 ، 64 ، 65 ، 66 ، 69 ، 93 ، 94 ، 95 ، 105 ، 106 ، 108 ، 117
الخيزران (أم هارون الرشيد وأخت غطريف بن عطا أمير خراسان) : 59
خينه (كدر خينه المسمى فى الإسلام بأحمد) : 80 ، 81
* * *
دارابن قابوس : 144 ، 146
ديميزون (Desmaison) : 21 ، 33 ، 35 ، 52 ، 59 ، 61 ، 63 ، 91 ، 98 ، 100 ، 113 ، 147
* * *
رافع بن الليث : 105
رافع بن هرثمة : 108 ، 113 ، 114
رستم - مجد الدولة : 147
رضازاده شفق (الدكتور) : 138
الرودكى (الشاعر) - جعفر بن محمد الرودكى ، أبو عبد اللّه
* * *
زنكى على - الأمير 42
زياد بن صالح (قائد أبى مسلم) : 91 ، 92 ، 93
* * *
سامان : 135
سامان خداة : 86 ، 87 ، 105 ، 137
سبكتكين (الأمير) : 146
سعد بن خلف البخارى (قاضى بخارى) : 56
سعيد بن خلف البلخى : 17
ص: 167
سعيد الحرشى (أمير هراة) : 103 ، 104
سعيد بن عثمان (أمير خراسان) : 19 ، 62 ، 63 ، 64 ، 65 ، 73
سغديان (أمير السغد) : 99
سكان بن طغشادة : 21
سلمان الفارسى : 39
سليمان القرشى : 91 ، 92
سليمان الليثى : 64
السمعانى (صاحب كتاب الأنساب) : 21 ، 27 ، 28 ، 39 ، 52 ، 86 ، 110 ، 131
سنان الدولة - بكتوزن
سهل بن أحمد الداغونى البخارى : 29
سنجر (السلطان) : 42
سوناس تكين (أمير) : 82
سياوش بن كيكاوس : 7 ، 32 ، 33 ، 41
سيدة (أم مجد الدولة رستم) : 147 ، 148
سيبويه بن عبد العزيز البخارى النحوى : 17
سيف الدولة (محمود) : 146 ، 147 ، 148 ، 149
سيما الكبير (من موالى والد الأمير إسماعيل السامانى) : 47 ، 115 ، 116
* * *
شاپور (من أبناء كسرى) : 52
شاهپور (الملك) : 31
شداد الظالم (شداد بن عاد) : 36
شريك بن حريث (عامل بخارى) : 87
شريك بن الشيخ المهرى : 91 ، 92 ، 93
شمس الدين سامى : 11 ، 15 ، 19 ، 31 ، 34 ، 35 ، 42 ، 43 ، 47 ، 51 ، 52 ، 55 ، 57 ، 64 ، 96 ، 105 ، 123 ، 125
ص: 168
شمس الملك - نصر بن إبرهيم طمغاج خان
شهاب (الوزير) : 43
الشهرستانى : 94
شير كشور : 20 ، 21
شيفر ، شارل (Ch.Schefer) : 6 ، 21 ، 37 ، 53 ، 54 ، 57 ، 61 ، 66 ، 78 ، 79 ، 90 ، 107 ، 112 ، 114 ، 115 ، 116 ، 119 ، 120 ، 121 ، 122 ، 131 ، 132 ، 134 ، 137 ، 147 ، 148
طاهر بن الحسين : 106 ، 143 ، 148
طاهر ذو اليمينين : 138
طرخون (ملك السغد) : 66 ، 71 ، 72
طغرل بيك ، كالارتكين : 30 ، 101
طغشادة (بخار خداة) : 7 ، 21 ، 22 ، 23 ، 24 ، 41 ، 47 ، 52 ، 62 ، 63 ، 73 ، 87 ، 88 ، 89 ، 90
طلحة بن هبيرة الشيبانى : 85
طهماسپ الثانى الصفوى (الشاه) : 12
طهماسپ قلى خان : 12
* * *
عالم خان (أمير بخارى) : 12 ، 13
عامر بن عمر بن عمران (قاضى بخارى) : 17 ، 97
عباس الثالث (الشاه) : 12
العباس بن جبرائيل : 99
عبد الأحد خان (أمير بخارى) : 13
عبد اللّه بن إسكندر الشيبانى : 11
عبد اللّه بن حازم (أحد وجوه عسكر سعيد بن عثمان أمير خراسان) : 63 ، 64 ، 68 عبد اللّه بن خودان (أحد رجال مسلم بن زياد أمير خراسان) : 67
عبد اللّه بن زياد (القائد العربى) : 8
ص: 169
عبد اللّه بن طاهر : 138
عبد اللّه بن عمرو : 95
عبد اللّه بن مبارك : 17
عبد اللّه بن مسلم : 116
عبد الجبار بن حمزة : 110 ، 111
عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدى : 95
عبد الجبار بن شعيب (أمير بخارى) : 91
عبد الرحمن بن محمد النيسابورى - أبو الحسن (صاحب كتاب خزائن العلوم) : 5 ، 18 ، 27 ، 38 ، 41 ، 55
عبد العزيز خان : 12
عبد العزيز بن الصدر الإمام الحميد برهان الدين عبد العزيز : 16
عبد العزيز بن مازة - برهان الدين (حاكم بخارى) : 5
عبد المجيد بن إبرهيم النرشخى : 18
عبد الملك بن نوح بن منصور بن عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى - الأمير الرشيد ، أبو الفوارس : 44 ، 131 ، 132 ، 134 ، 142 ، 148
عبد الملك بن هرثمة (أمير خوارزم) : 91
عبيد اللّه بن زياد (أمير خراسان) : 62 ، 73
عبيد اللّه بن محمود الشيبانى : 11
عصمة بن محمد المروزى : 110
عطا - ملك اليمن : 59
على (أسفهسالار الأمير نصر) : 142
على بن أبى طالب (أمير المؤمنين) : 91
على بن أحمد : 120
على بن الحسين : 117 ، 118
على بن سروس (قائد عمرو بن الليث) : 118 ، 119
ص: 170
على بن محمد (أحمد) القزوينى : 129
عمرو بن الليث : 107 ، 117 ، 118 ، 119 ، 120 ، 121 ، 122 ، 123
عمرو السوبخى : 96
عيسى بن موسى التيمى المعروف بغنجار : 17
* * *
غسان بن عباد : 106
غطريف بن عطا (أمير خراسان) : 59 ، 60
غياث الدين محمد (الوزير) : 135
* * *
فائق الخاص - أبو الحسن : 136 ، 144 ، 145 ، 146 ، 147 ، 148 فخر الدولة الديلمى : 144 ، 145 ، 146 ، 147
الفضل بن أحمد المروزى : 110
الفضل الخطاب : 83
الفضل بن يحيى بن خالد البرمكى (أمير خراسان) : 75
* * *
قابوس بن وشمكير : 148
قان (أمير مغولى) : 11
قتيبة بن طغشادة (بخار خداة) : 24 ، 25 ، 92
قتيبة بن مسلم الباهلى (القائد العربى) : 8 ، 19 ، 21 ، 24 ، 32 ، 34 ، 50 52 ، 69 ، 70 ، 71 ، 72 ، 73 ، 74 ، 80 ، 85 ،
قثم بن عباس (شاه زنده) : 64 ، 65
قدر خان جبريل بن عمر بن طغرلخان - طغرل بيك الملقب بكولارتكين
قراجورين ترك (بياغو) : 20
قراچه بيك : 43
قريحة (طبيب فى بخارى) : 90
قيدو مسعود بك (الأمير) : 11
ص: 171
* * *
كانا بخار خداة (ملك بخارى) : 59
كدرخينة أحمد - خينه
كردك (من قواد الحكيم أحمد) : 97 ، 99
كسرى : 52
كورخان : 42
كورمغانون (الملك ، ابن أخت فغفور الصين) : 71 ، 72
كولارتكين (من قواد المقنع): - طغرل بيك
كيخسرو (الملك) : 32 ، 33
* * *
ليكهسن (المستشرق الروسى) : 6
* * *
ماخ (الملك الذى أقام سوق ماخ) : 38
ما كان الكاكى : 139 ، 140
المأمون (الخليفة) : 105 ، 106 ، 138 ، 146
المأمون بن محمد الفريغونى : 145
مجد الدولة رستم - رستم ، مجد الدولة
محمد (النبى عليه الصلاة والسلام) : 15 ، 39 ، 40 ، 79 ، 84 ، 91 ، 95 محمد بن إبرهيم - أبو الحسن (قائد نوح بن منصور) : 134
محمد بن أبى بكر : 76
محمد بن أحمد البخارى الغنجارى - أبو عبد اللّه : 5
محمد بن أحمد الجيهانى - أبو عبد اللّه (الوزير) : 127 ، 134
محمد بن إسماعيل الجعفى - أبو عبد اللّه المعروف بالإمام البخارى : 14
محمد بن البعلمى - أبو على : 141
محمد بن تكش - علاء الدين خوارزمشاه : 5 ، 6 ، 42 ، 43 ، 57
محمد بن جرير الطبرى : 94
ص: 172
محمد بن جعفر النرشخى - أبو بكر (مؤلف الكتاب) : 5 ، 10 ، 11 ، 18 ، 23 ، 30 ، 33 ، 34 ، 38 ، 48 ، 50 ، 55 ، 61 ، 62 ، 73 ، 74 80 ، 87 ، 94 ، 101 ، 103 ، 130 ، 137 ، 140
محمد بن الحسن بن فرقد الشيبانى - الفقيه الحنفى : 82
محمد خوارزمشاه - محمد بن تكش - علاء الدين خوارزمشاه
محمد رحيم أتالق (أول أمراء آل منغيت) : 12
محمد بن زفر بن عمر (ملخص الكتاب من ترجمته الفارسية) : 5 ، 15
محمد بن سلام البيكندى - الزاهد العالم : 84
محمد شاه : 121
محمد بن صالح الليثى : 87
محمد بن طالوت الهمدانى : 83
محمد بن طاهر : 29
محمد بن عبد اللّه بن طلحة الطاهرى (أمير خراسان) : 57
محمد بن عبد اللّه بن عزيز (وزير نوح بن منصور) : 134
محمد بن عبد الرزاق : 132
محمد بن على بن سروش : 119
محمد بن على النوجابادى - الإمام الواعظ : 39
محمد بن عمر : 110
محمد بن الليث (القائد) : 119
محمد بن منصور بن هلجد بن ورق : 56
محمد بن نوح بن أسد : 110
محمد بن هارون - أبو على : 103 ، 120
محمد بن واسع : 32
محمد بن يوسف البخارى - أبو ذر - الوزير : 18 ، 129
محمود بن سبكتين (سيف الدولة) : 146 ، 147 ، 148 ، 149
ص: 173
مخلد بن الحسين - (أمير برزم) : 91
مخلد بن عمر : 17
مدرس رضوى : 6 ، 20 ، 21 ، 27 ، 28 ، 29 ، 32 ، 37 ، 44 ، 53 ، 54 ، 55 ، 56 ، 57 ، 61 ، 66 ، 68 ، 70 ، 76 ، 79 ، 80 ، 81 82 ، 86 ، 87 ، 89 ، 90 ، 96 ، 103 ، 107 ، 108 ، 112 ، 113 114 ، 115 ، 116 ، 119 ، 120 ، 122 ، 123 ، 131 ، 132 ، 134
المستعين باللّه بن المعتصم (الخليفة) : 47
مسعود قلج طمغاج خان - ركن الدولة (الخاقان) : 57
مسلم بن زياد بن أبيه (أمير خراسان) : 65 ، 66 ، 67 ، 68
المسيب بن زهير الضبى (أمير خراسان) : 101
مظفر الدين شاه (أمير بخارى) : 12
معاذ بن مسلم : 99 ، 100
معاوية بن أبى سفيان (الخليفة) : 8 ، 21 ، 62
المعتضد باللّه (الخليفة) : 116 ، 117 ، 122 ، 138
المعتمد باللّه (الخليفة) : 138
مقاتل بن سليمان القرشى : 85
المقتدر (الخليفة) : 25
المقنع - هاشم بن حكيم
الملك المظفر (الأمير السديد) - منصور بن عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد ابن إسماعيل السامانى
ملكشاه : 49
منصور بن إسحق بن أحمد - أبو صالح : 127
منصور بن عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى - الملك المظفر ، أبو صالح ، الأمير السديد : 44 ، 45 ، 132 ، 133 ، 134 ، 142 ، 143
منصور بن نوح بن منصور بن عبد الملك بن نوح بن نصر - الأمير السديد : 78 ، 134 ، 147 ، 148
ص: 174
منصور قراتكين (قائد الأمير الحميد) : 119 ، 129
منوچهر بن قابوس : 146
المهتدى بن حماد بن عمرو الذهلى (أمير بخارى) : 56
المهدى (الخليفة) : 24 ، 55 ، 94 ، 96 ، 98
المهلب (أحد قواد مسلم بن زياد) : 66 ، 67
الموفق باللّه - أبو أحمد : 29 ، 110
* * *
نادر شاه أفشار : 12
ناصر الدين ، سبكتكين : 144
النرشخى - محمد بن جعفر النرشخى - أبو بكر
نصر بن إبرهيم بن طمغاج خان - الملك شمس الملك : 29 ، 48 ، 49 ، 76 ، 77 نصر بن أحمد بن أسد السامانى : 9 ، 25 ، 106 ، 107 ، 108 ، 109
110 ، 111 ، 112 ، 113 ، 114 ، 115 ، 116 ، 117 ، 138
نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى - الأمير السعيد ، أبو الحسن : 44 ، 75 ، 126 ، 127 ، 128 ، 140 ، 141 ، 142
نوح بن أسد بن سامان خداة : 136
نصر بن سيار (والى خراسان) : 21 ، 24 ، 89 ، 90
نصر بن سبكتكين - الأمير : 146
نصر بن طمغاج خان - (شمس الملك) - نصر بن إبرهيم بن طمغاج خان نعيم بن سهل : 97
نوح بن أسد بن سامان خداة : 105 ، 106
نوح بن منصور بن عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى - الأمير الرشيد ، الأمير الرضى أبو القاسم : 134 ، 143 ، 145 ، 147
نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى - الأمير الحميد ، أبو محمد : 5 ، 15 ، 50 ، 77 ، 129 ، 130 ، 131 ، 142 ، 145
ص: 175
النيسابورى أبو الحسن - عبد الرحمن بن محمد النيسابورى
* * *
هارون الرشيد (الخليفة) : 55 ، 59 ، 75 ، 105
هارون بن سياوش : 90
* * *
هاشم بن حكيم - المقنع : 24 ، 94 ، 95 ، 96 ، 97 ، 98 ، 99 ، 101 ، 103 هرثمة بن أعين : 105
هشام بن عبد الملك بن مروان (الخليفة) : 89
* * *
الواثق باللّه - الخليفة : 106
واصل بن عمرو (أمير بخارى) : 89
وردان خداة (ملك وردانة) : 24 ، 52 ، 71
ورقاء بن نصر الباهلى (أمير بيكند) : 70
* * *
ياقوت الحموى : 21 ، 25 ، 27 ، 30 ، 31 ، 32 ، 39 ، 52 ، 55 ، 69 ، 70 ، 87 ، 93 ، 113 ، 123 ، 132 ، 133 ، 146
يحيى بن أحمد بن أسد - أبو زكريا : 110
يحيى بن أسد بن سامان خداة : 105 ، 138
يحيى بن نصر : 83
يزيد بن غورك (ملك السعد) : 56
يزيد بن معاوية : 65
يعقوب بن أحمد : 113
يعقوب بن الليث الصفار : 9 ، 108 ، 109 ، 110
* * *
ص: 176
آسيا الوسطى : 12 ، 14 ، 18 ، 19
آموى : 99 (انظر أيضا جيحون)
أبيورد : 17
أربنجن : 100
أرقود : 27
أروان : 53
استيجاب : 113
اسكجكت : 21 ، 28 ، 29 ، 30 ، 31
أصفهان : 12 ، 131
أفشنة : 31
أفغانستان : 10 ، 12 ، 13 ، 43
أوربا : 12
إيران : 10 ، 11 ، 12 ، 31 ، 139
أيسوانة : 20
* * *
باب - در ، دروازه
باب إبرهيم (دروازه إبرهيم) : 10 ، 78
باب بنى أسد (در بنى أسد) من أبواب بخارى كان يسمى فى الجاهلية باب مهرة (در مهره) : 82
باب بنى سعد (در بنى سعد) - ببخارى : 81 ، 82
الباب الجديد (دروازه نو) ، ببخارى : 84
باب حقره (باب طريق الحق) ببخارى : 82 ، 85
ص: 177
باب سراى المعبد (دروازه سراى معبد) ببخارى : 78
باب سمرقند ، ببخارى : 10 ، 31
باب السوق (دروازه بازار) - يسمى أيضا باب العطارين : 80 ، 81 ، 93
باب الصحراء (دروازه ريكستان) أو باب العلافين (دروازه علف فروشان) : 23 ، 42
باب العطارين (باب السوق) من أبواب بخارى : 80 ، 81 ، 93
باب علاء (دروازه علاء) من أبواب بخارى : 81
باب العلافين (دروازه علف فروشان) ويسمى أيضا باب الصحراء (ريكستان) : 23 ، 42
باب الغورية (دروازه غوريان) من أبواب بخارى : 41 ، 42
باب المجوس (در كبريه) من أبواب بخارى : 42
باب منصور (دروازه منصور) من أبواب بخارى : 44
باب نون (دروازه نون) من أبواب بخارى : 80 ، 81
باب - دروازه
باركين «بارجين» فراخ أو قراكول - بحيرة : 35
بازار كفشكران (الإسكافية) ، ببخارى : 128
بتك : 19
بخارى : لا تخلو صحيفة من الكتاب من ذكر هذه المدينة
بخارى الجديدة (كاكان - كاجان) :
برزم : 91
بركد (بركد علويان) : 32 ، 111
بغداد : 28 ، 34 ، 82 ، 95 ، 122
بكار : 128
بلخ : 9 ، 17 ، 33 ، 86 ، 94 ، 107 ، 118 ، 120 ، 121 ، 122 ، 132 ، 133 ، 143 ، 144 ، 145
بلوچستان (بلوتشستان) : 12 ، 13
بومسكت (من أسامى بخارى) : 39 ، 97
ص: 178
بيكان رود - نهر : 53
بيكند : 20 ، 34 ، 35 ، 54 ، 62 ، 69 ، 70 ، 71 ، 113
بيهق : 17
* * *
پنج (مدينة) : 13
پوهر (اسم صينى لبخارى) : 8
* * *
تاراب : 71
تراوچة : 20
التركستان : 6 ، 8 ، 11 ، 12 ، 15 ، 18 ، 19 ، 20 ، 24 ، 28 ، 31 ، 42 ، 66 ، 72 ، 97 ، 119 ، 123 ، 126 ، 143
التركستان الصينية (بخارى الصغيرة - سينكبانج) : 12 ، 19
تل الإمام أبى حفص : 33 ، 84
* * *
جبل سام : 96
جرجان - كركان
جرش - (بلدة فى اليمن) : 59
جسر عطا (پل عطا) ببلخ : 12
جمهوريات آسيا الوسطى السوقييتية : 14
جمهورية أوزبيكستان : 14 ، 19 ، 25 ، 28
جمهورية بخارى : 14
جمهورية تاجيكستان : 14 ، 19 ، 25
جمهورية تركمانستان : 14
جمهورية قراقالپاق : 19
جويبار - (محلة فى بخارى) : 49
ص: 179
جوى موليان (جوى مواليان) ببخارى : 44 ، 45 ، 47 ، 48 ، 123
جيحون (آمو ، أوكسوس) - نهر : 17 ، 19 ، 25 ، 27 ، 34 ، 35 ، 62 ، 65 ، 69 ، 96 ، 100 ، 110 ، 111 ، 113 ، 117 ، 118 ، 119 ، 120 ، 125 ، 132 ، 149
* * *
چغانيان : 129
چوبه بقالان - سقيفة البقالين
* * *
حرامكام - نهر : 30 ، 35
حصار (حصن) بخارى : 93
حمام الخان : 44
حموكت : 20
حوض حيان : 85
* * *
ختن : 67
خراسان : 7 ، 9 ، 11 ، 12 ، 17 ، 19 ، 21 ، 25 ، 27 ، 29 ، 31 ، 37 ، 39 ، 49 ، 55 ، 66 ، 59 ، 60 ، 62 ، 65 ، 69 ، 74 ، 75 77 ، 80 ، 81 ، 82 ، 85 ، 86 ، 87 ، 88 ، 89 ، 93 ، 94 ، 95 96 ، 101 ، 105 ، 106 ، 108 ، 113 ، 117 ، 123 ، 124 ، 125 ، 127 ، 131 ، 141 ، 142 ، 143 ، 144 ، 145 ، 147 ، 148
خرقان رود - نهر : 20 ، 52 ، 66
خرقانة : 52
خرقانة العليا - نهر : 52
خنبون : 70 ، 71
خنبون عليا (كاريك علويان) : 89
ص: 180
خوارزم : 13 ، 19 ، 25 ، 33 ، 60 ، 101 ، 107 ، 119 ، 120 ، 146 ، 148 خيوة : 13
* * *
در كبريه (باب المجوس) - من أبواب بخارى : 82
درواز (إقليم) : 13
دروازچه (الباب الصغير) ببخارى : 49
دروازه (باب) - باب
درو (الباب الجديد) : 47 ، 84 ، 85
دشتك : 45 ، 47
دلهى : 12
دوشنبه : 14
* * *
رامتين (راميتن) : 21 ، 32 ، 63 ، 71 ، 111
رامش - قرية : 33
ربض بخارى : 43 ، 57
ربنجن : 115
رجفندون - ورخشة
رساتيق آبوى (ناحية من النواحى المحاورة لنهر شاپور كام ببخارى) : 52
رودزر - نهر : 53
رود شهر : 53
رود نفر : 53
رودك : 53
روسيا : 11 ، 12 ، 13
روشن (إقليم) : 13
الرى : 145 ، 148
ص: 181
ريشخن : 110
ريكستان (الصحراء) : 10 ، 23 ، 44 ، 45 ، 78 ، 93
* * *
زر افشان (نهر) : 8 ، 18 ، 35
زرمان (بليدة فى السغد) : 100 ، 104 ، 123
زندنة : 31
* * *
سامجن (نهر) (يسمى نهر شرغ ونهر حرامكام أيضا) : 30 ، 35 ، 53
سامجن - حيرة ، اسم آخر لبحيرة قراكول أو باركين «بارجين» فراخ : 30 ، 35 سامان - قرية : 86
سامدون - قرية : 56
سرخس : 17 ، 134
سعدآباد : 49
السغد (الصغد) : 19 ، 25 ، 27 ، 55 ، 56 ، 63 ، 65 ، 66 ، 71 ، 96 99 ، 100 ، 101 ، 114
سفنه : 20 ، 26
سقيفة البقالين (چوبه بقالان) ببخارى : 30 ، 81
سقمتين : 21
سمتين : 21 ، 78
سمران (سمرقند) : 18 ، 69
سمرقند : 9 ، 11 ، 18 ، 19 ، 20 ، 21 ، 27 ، 28 ، 39 ، 56 ، 63 ، 65 ، 89 ، 93 ، 99 ، 100 ، 105 ، 106 ، 108 ، 110 ، 112 ، 113 ، 114 ، 115 ، 116 ، 122 ، 127 ، 128 ، 138 ، 147 ، 148 السند : 123
سوبخ (من قرى كش) : 96
ص: 182
سور كنپرك ، ببخارى : 55
سوق - بازار
سوق البزازين ، ببخارى : 128
سوق خرقان : 84
سوق الصيارفة : 128
سوق الفستقيين (بازار بسته شكنان) ببخارى : 81
سوق ماخ ، ببخارى : 7 ، 37
سيحون (سير دريا) ، نهر : 13 ، 19 ، 28
سيستان (سجستان) : 17 ، 31 ، 125 ، 141 ، 143 ، 144
سيونج : 26
* * *
شاپور كام ، (شافر كام) نهر : 52
شارستان (شهرستان) : 10 ، 39
شارستان روئين (لقب بيكند) : 69
الشاش (طشقند) : 25 ، 28 ، 138
شرغ : 21 ، 30
شغنان (إقليم) : 13
شمساباد : 48 ، 49 ، 78
شهرستان (شارستان) : 10 ، 39
* * *
الصين : 11 ، 70 ، 71
* * *
طالقان : 17
طبرستان : 125 ، 127
طخارستان : 17 ، 69
طراز (أوليا اتا ، جمبول) : 20 ، 117
ص: 183
طشقند (الشاش) : 6 ، 14 ، 28
طوايس : 27 ، 28 ، 113 ، 114
طوايسة (أرقود) : 27
طوس : 17 ، 105
* * *
عاو حتفر - نهر : 53
العراق : 11 ، 17 ، 31 ، 83 ، 127
عشقاباد : 14
عليا باد بلخ : 120
* * *
غجدوان : 97
غزنين (غزنه) : 17 ، 132 ، 143 ، 147
الغورق (مرعى بشمساباد) : 49
* * *
الفاخرة (لقب بخارى) : 39 ، 40
فارس : 31 ، 127
فارياب (فرياب - فيرياب) : 120
فراواز سفلى (كام ديمون) - نهر : 53
فراواز عليا - نهر : 81
فرب : 19 ، 21 ، 35 ، 36 ، 113 ، 115 ، 118
فرخشى : 21 ، 22 ، 24
فرغانة : 5 ، 15 ، 19 ، 25 ، 28 ، 85 ، 89 ، 107 ، 112 ، 114 ، 115 119 ، 136
فغسادرة (محله ببخارى) : 82
* * *
القاسمية (يشكرد) : 39
ص: 184
قبا : 5 ، 15
قبة الإسلام (لقب بخارى) : 83
قره كول : 10 ، 35
قصر الداغونى : 29
قصر ماخك : 61
قصر المجوس : 50
قلعة بخارى (أرك بخارى - قهندز بخارى) : 41 ، 144
قلعة دبوسى : 20
قندهار : 12
قهستان : 144 ، 147
* * *
كاخ (قرية بفرغانة) : 85
كارك علويان (خنبون عليا) : 48 ، 89
كازه (قرية بمرو) : 94
كاكان «كا ان» (بخارى الجديدة) : 13
كام ديمون (فراواز سفلى) : 53
كرمان : 11 ، 17 ، 31 ، 127 ، 141
كرمينه : 27 ، 54 ، 108 ، 109 ، 114
كش : 63 ، 72 ، 95 ، 96 ، 98 ، 101 ، 103 ، 104
كوشك فضيل : 97
الكوفة : 25 ، 65
كوى رندان : 80
كوى كاخ (محلة الوزير ابن أيوب) ببخارى : 80
كيفر - نهر : 53
* * *
كركان (جرجان) : 123 ، 125 ، 127 ، 134 ، 142 ، 145 ، 146 ، 147
ص: 185
كركانية (جرجانية) : 145 ، 146
كردون كشان - (محلة ببخارى) : 127
* * *
ماخ (مسجد مغاك ، مسجد الكهف) : 38 ، 93
ماصف - (نهر السغد) : 7 ، 19
ماوراء النهر : 19 ، 20 ، 25 ، 34 ، 43 ، 69 ، 89 ، 96 ، 101 ، 110 114 ، 116 ، 118 ، 123 ، 127 ، 137 ، 138 ، 148
محلة الدهاقين (كوى دهقانان) : 84
محلة علاء ، ببخارى : 81 ، 111
محلة الفتاك (كوى رندان) : 80
محلة الوزير (كوى كاخ) ببخارى : 80
مدرسة سانت بطرسبرج الحربية : 13
مدرسة فارجك : 128
مدرسة كولارتكين : 30
مدينة التجار (شهر بازركانان) - من أسامى بخارى : 39
المدينة الصفرية (شارستان روئين) - من أسامى بخارى : 35 ، 69
مرغبار : 147
مرو : 9 ، 17 ، 25 ، 42 ، 55 ، 65 ، 72 ، 86 ، 91 ، 94 ، 95 ، 99 101 ، 106 ، 129
مسجد بنى حنظلة (ببخارى) : 80
مسجد نبى سعد (ببخارى) : 81
المسجد الجامع (ببخارى) : 8 ، 73 ، 74 ، 75 ، 76 ، 77
مسجد ماخ ببخارى (كان فى الأصل بيت نار) : 38 ، 128
مسجد مغاك ببخارى : 93
مصلى العيد (نمازكاه عيد) ببخارى : 78
ص: 186
مصر : 28
مماستين : 21
موسكو : 12
نخشب : 63 ، 72 ، 95 ، 101 ، 104
نرشخ : 97 ، 98
نسا : 17
نمجكت (نيمجكت ، يومسكت) : 97
نهر السغد (ماصف) : 7 ، 19
نهر كرمينة : 52
نور : 20 ، 27
نومجكات (بومجكت) ، اسم قديم لبخارى : 8
نوكندة : 92 ، 93
نومى (اسم صينى لبخارى) : 8
نيسابور (نيشابور) : 17 ، 25 ، 65 ، 96 ، 118 ، 119 ، 127 ، 129 ، 132 ، 134 ، 142 ، 144 ، 146
نيمجكت (نمجكت ، يومسكت) : 39 ، 97
هراة (هرى) : 17 ، 100 ، 103 ، 131 ، 134 ، 138 ، 144 ، 145 ، 146
هزار اسپ : 144
الهند : 12 ، 17 ، 31 ، 123
ورخشة (رجفندون) : 33
وردانة (قرية) : 20 ، 24 ، 31 ، 52
يشكرد : 29
اليمن : 59
ص: 187
آل سامان (السامانيون) : 5 ، 6 ، 7 ، 9 ، 10 ، 19 ، 44 ، 48 ، 52 ، 54 ، 61 ، 86 ، 105 ، 107 ، 123 ، 134 ، 137 ، 139 ، 144
آل العباس (العباسيون) : 25 ، 55 ، 91
آل كثكثة : 5
الاسترخانية : 11
الأوزبك (الأزابكة) : 11 ، 12 ، 19
بنو بهيج : 147
بنو سامان - آل سامان
بنو شيبان - الشيبانيون
بنو الصفار - الصفاريون
بنو طاهر - الطاهريون
بنو العباس - آل العباس (العباسيون)
بنو الليث - الصفاريون :
بنو منغيت (المنغيت) 12
الترك : 19 ، 56 ، 62 ، 67 ، 89 ، 99 ، 100 ، 101
التتار : 43 ، 58
الجانية : 11
الختا : 43
الروس : 12 ، 13 ، 19 ، 28
السامانيون - آل سامان
سپيدجامكان - المبيضة
الشيبانيون : 11
ص: 188
الصفاريون (بنو الليث) : 136 ، 137 ، 139
العباسيون - آل العباس
العجم : 69 ، 80
العرب : 50 ، 66 ، 67 ، 69 ، 80 ، 82 ، 95 ، 96 ، 97 ، 149
العلويون : 54
الغزّ : 43 ، 149
المبيضة (سپيدجامكان) : 24 ، 94 ، 96 ، 97 ، 99 ، 100
المجوس : 50
المروانيون : 91
المغول : 5 ، 6 ، 11 ، 15
المنغيت (بنو منغيت) :
الهياطلة : 25
يغارية : 64
ص: 189
أخبار بخارى : 5
الأعلام للزركلى : 48 ، 59 ، 64 ، 65 ، 69 ، 93 ، 94 ، 95 ، 105 ، 106 108 ، 117
الأنساب للسمعانى : 21 ، 27 ، 28 ، 39 ، 52 ، 86 ، 110 ، 131
برهان قاطع : 21 ، 30 ، 71 ، 91 ، 129
تاريخ أدبيات إيران : 138
تاريخ بخارى : 5 ، 137 ، 140
تاريخ الطبرى : 143
تاريخ كزيده : 6 ، 137
تاريخ يمينى : 44
تركستان : 6
الجامع الصحيح (صحيح البخارى) : 14
خزائن العلوم : 5 ، 18 ، 27 ، 38 ، 41 ، 55
دائرة المعارف الإسلامية : 8 ، 10 ، 146
دائرة المعارف للبستانى : 125 ، 146
صحيح البخارى - الجامع الصحيح
فرهنك انجمن آراى ناصرى : 134
قاموس الأعلام : 11 ، 12 ، 15 ، 19 ، 25 ، 28 ، 31 ، 34 ، 35 ، 42 43 ، 47 ، 52 ، 55 ، 57 ، 64 ، 75 ، 96 ، 105 ، 110 ، 117 ، 123 ، 125
قاموس فارسى - فرنساوى (لديميزون)
كشف الظنون : 137
ص: 190
لغات تاريخيه وجغرافيه : 75
المسالك والممالك : 35
معجم البلدان : 8 ، 19 ، 21 ، 25 ، 27 ، 28 ، 30 ، 31 ، 32 ، 33 ، 34 ، 52 ، 53 ، 55 ، 59 ، 60 ، 63 ، 69 ، 70 ، 87 ، 93 ، 97 ، 100 ، 113 ، 117 ، 120 ، 123 ، 131 ، 132 ، 133
معجم المطبوعات العربية والمعربة : 82
المعجم الوسيط : 58
المنجد : 30
Christbomathie Persane : 6.
Dictionnaire Persan - Francais : 33, 89, l 54.
Larousse de XXe siecle : 06.
ص: 191
صفحة
تقديم... 5
مقدمة الكتاب... 15
ذكر جماعة كانوا قضاة فى بخارى... 17
ذكر سيدة (خاتون) كانت ملكة بخارى وأولادها... 23
ذكر بخارى وملحقاتها... 27
كرمينه... 27
نور... 27
طوايسه... 27
اسكجكت... 28
شرغ... 30
زندنة... 31
وردانه... 31
أفشنه... 31
بركد... 32
راميتن... 32
ورخشه... 33
بيكند... 34
فرب... 36
ذكر بيت الطراز الذى كان فى بخارى ولا يزال قائما... 37
ذكر سوق ماخ... 38
ذكر أسامى بخارى... 39
ص: 192
صفحة
ذكر بناء قلعة (أرك) بخارى... 41
ذكر دور الملوك التى كانت ببخارى... 44
ذكر جوى موليا وصفتها... 47
ذكر بناء شمس آباد... 49
ذكر آل كثكثة... 50
ذكر أنهار بخارى ونواحيها... 52
ذكر خراج بخارى ونواحيها... 54
ذكر السور المسمى بسور كنبرك... 55
ذكر ربض بخارى... 57
ذكر ضرب الدرهم والفضة ببخارى... 59
ذكر ابتداء فتح بخارى... 62
ذكر ولاية قتيبة بن مسلم وفتح بخارى... 69
ذكر فتح بخارى وظهور الإسلام فيها... 73
ذكر بناء المسجد الجامع... 74
ذكر مصلى العيد... 78
ذكر تقسيم مدينة بخارى بين العرب والعجم... 80
ذكر آل سامان ونسبهم... 86
ذكر نصر بن سيار ومقتل طغشادة... 89
ذكر شريك بن الشيخ المهرى... 91
ذكر خروج المقنع وأتباعه من المبيضة... 94
سبب هلاك المقنع... 103
ذكر بداية ولاية آل سامان... 105
ذكر بداية ولاية الأمير الماضى إسماعيل السامانى... 107
ذكر دخول الأمير إسماعيل بخارى... 110
ص: 193
صفحة
ذكر ولاية الأمير الشهيد أحمد بن إسماعيل السامانى... 125
ذكر ولاية الأمير السعيد نصر بن أحمد السامانى... 127
ذكر ولاية الأمير الحميد نوح بن نصر السامانى... 129
ذكر ولاية (الأمير الرشيد أبى الفوارس) عبد الملك بن نوح السامانى... 131
ذكر ولاية الملك المظفر منصور بن نصر بن أحمد السامانى... 132
ذكر ولاية الأمير الرشيد نوح بن منصور السامانى... 134
تذييل فى تاريخ السامانيين... 135
كشاف بأسماء الأعلام... 153
كشاف بأسماء الأماكن... 169
كشاف بأسماء الأسر والقبائل والأقوام... 180
كشاف بأسماء الكتب... 182
ص: 194