محاسن الازهار في مناقب امام الابرار و والد الائمه الاطهار الامام اميرالمومنين علي‌بن ابي‌طالب عليه‌السلام‌

اشارة

‏سرشناسه: محلي‏، حميدبن احمد، - ق‏۶۵۲
‏عنوان و نام پديدآور: محاسن الازهار في مناقب امام الابرار و والد الائمه الاطهار الامام اميرالمومنين علي‏بن ابي‏طالب عليه‏السلام‏/ تاليف ابي‏عبدالله حميدبن احمد المحلي‏؛ تحقيق محمدباقر المحمودي‏
‏مشخصات نشر: قم‏مجمع احياآ الثقافه الاسلاميه‏.
تهران‏: ستاد بزرگداشت سال امام علي‏(ع‏)، ۱۴۲۲ق‏. = ۱۳۸۰.
‏مشخصات ظاهري: ص ۸۱۳
‏فروست: (مجمع احياآ الثقافه الاسلاميه‏۲۲)
‏شابك: 964-92538-1-5۵۰۰۰۰ريال؛ 964-92538-1-5۵۰۰۰۰ريال‏
‏وضعيت فهرست نويسي: فهرستنويسي قبلي‏
‏يادداشت: عربي‏
‏يادداشت: كتابنامه به‏صورت زيرنويس‏
‏موضوع: علي‏بن ابي‏طالب‏(ع‏)، امام اول‏، ۲۳ قبل از هجرت - ۴۰ق‏. -- فضايل‏
‏موضوع: علي‏بن ابي‏طالب‏(ع‏)، امام اول‏، ۲۳ قبل از هجرت - ۴۰ق‏. -- احاديث‏
‏موضوع: علي‏بن ابي‏طالب‏(ع‏)، امام اول‏، ۲۳ قبل از هجرت - ۴۰ق‏. -- جنبه‏هاي قرآني‏
‏موضوع: علي‏بن ابي‏طالب‏(ع‏)، امام اول‏، ۲۳ قبل از هجرت - ۴۰ق‏. -- مدايح و مناقب‏
‏شناسه افزوده: محمودي‏، محمدباقر
‏شناسه افزوده: ستاد بزرگداشت سال اميرالمومنين امام علي‏(ع‏)
‏رده بندي كنگره: BP۳۷/۴/م‏۲۵۶م‏۳
‏رده بندي ديويي: ۲۹۷/۹۵۱
‏شماره كتابشناسي ملي: م‏۸۱-۱۷۸۹۱

مقدمة المحقق‌

اشاره

بسم الله الرحمن الرحيم
أمّا بعد فيقول أضعف عباد اللَّه الشيخ محمّد باقر المحمودي: إنّه لمّا منّ اللَّه علينا ووفّقنا لتحقيق كتاب مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام لجامعه العظيم الشأن محمّد بن سليمان الكوفي المتوفّي سنة (323) وفرغنا من نشر ذلك السفر الكريم في سنة: (1408) الهجريّة- علي مهاجرها آلاف التحيّة والسلام- أهدينا مجلّدات من الكتاب إلي الأنجبين من أكابر السادات الحسنيين القاطنين باليمن المحميّة، منهم السيّد الأجلّ والعالم الفذّ السيّد محمّد بن الحسن بن محمّد بن يحيي العجري المؤيّدي الحسني سدّده اللَّه تعالي [1] فأجابنا دام عزّه بتقدير عملنا وتحبيذ قيامنا لتحقيق الكتاب، وسعينا حول نشر معالي أهل البيت عليهم‌السلام وجاد علينا بتصحيح مطبوعتنا بعرض مطبوعتنا علي ما كان عنده من مخطوطة المناقب ثم بإرسال نسخته المخطوطة من كتاب مناقب أميرالمؤمنين عليه السّلام و مخطوطات أخر مما كانت في حوزته دام مجده، فوجدنا في المخطوطات الّتي أهداها إلينا كتاب محاسن الأزهار من تأليفات حميد بن أحمد المحلّي المستشهد سنة (652) فسرّحت النظر فيه فوجدته فريداً في‌بابه من حيث ذكر مزايا مناقب أهل البيت عليهم‌السلام وشرح
[صفحه 6]
لطائف المناقب الثاقبة للعترة الطاهرة، فرأيت من الحسبة عليّ تحقيقه ثم نشره وجعله بمتناول الطالبين كي يستضيئوا بنوره ويقتبسوا من حججه الشافية لدحض شبهات أتباع الفئة الباغية، وتفنيد نسائجهم العنكبوتيه الّتي لايزالون يضلّون بها النّاس أو يوسوسونهم بها وسواس الخنّاس.
وأملي الأكيد ممّن له عناية بتحقيق تراثنا الإسلامي ثمّ نشره أن يساعدنا بما عنده من الإمكانياّت والنظرة الإرشاديّة، فإنّها من أظهر أنحاء التعاون علي‌البرّ والتقوي واللَّه يحبّ المحسنين.
ثمّ إنّه ينبغي لنا في هذه المقدمة ذكرالإجازة الروائيّة الّتي منحنا بها السيّد الأجلّ مولانا السيّد بدرالدين الحوثي حفظه اللَّه تعالي ثمّ ذكر ترجمة موجزة للسيّد العظيم المنصور باللَّه عبداللَّه بن حمزة صاحب القصيدة الغرّاء الّتي كان كتاب محاسن الأزهار شرح لها، ثمّ سرد ترجمة المؤلّف حُمَيد بن أحمد المحلّي طاب ثراه، فنقول:

الاجازة الروائية للسيد بدرالدين دام توفيقه

فأمّا إجازة السيّد بدر الدين الحوثي- أطال اللَّه أيّام توفيقاته- فهذه نصّها:
بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسّلام علي عبده ورسوله سيّدنا محمّد الأمين وعلي آله الطّاهرين.
وبعد فإنه سألني من أرغب في تلبية طلبه سماحة العلامة الشيخ محمّد باقر المحمودي حفظه اللَّه أن أروي له ما صحّ لي من كتب الزيدية وقد حصلت لي بحمداللَّه [منها] طرق، فأقول وباللَّه التّوفيق:
اعلم أنّ معظم أسانيد كتب الزيديّة وغيرها قد اشتملت عليها كتب مخصّصة لهذا الشأن، منها كتاب سبيل الرشاد في علم الإسناد، وكتاب الجامعة المهمّة، وكتاب العقد النضيد، وكتاب الإحازة- بالحاء المهملة- في علم الإجازة وكتاب بلوغ الأماني وكتاب اجازات أحمد بن سعدالدّين المسوري وغير هذه الكتب ككتب الشيخ عبدالواسع بن يحيي الواسعي وكتاب الشوكاني المسمّي إتحاف الأكابر.
فأمّا كتاب سبيل الرّشاد في إسناد الكتب فأنا أرويه عن سيدي العلامة الولي
[صفحه 7]
علي بن محمّد العجري عن سيدي عبداللَّه بن الهادي عن والده المؤلف.
أمّا سيدي علي بن محمّد العجري و شيخه سيدي عبداللَّه بن الهادي فقد عاصرتهما وهما مشهوران بالعلم والفضل و الكمال لا يحتاج مثلهما إلي توثيق، وأمّا الهادي فكذلك مشهور بالعلم والفضل والكمال والزهد، وله ترجمة في‌كتاب ابنه عبداللَّه كاملة، والكتاب اسمه الجواهر المضيئة وأنا أرويه عن سيّدي عليّ بن محمد العجري عن سيّدي عبداللَّه بن الهادي المؤّلف.
[وأنا] أروي [كتاب] سبيل الرّشاد أيضاً عن سيدي‌العلامة الزاهد الفاضل عبدالعظيم بن الهادي عن والده الهادي المؤلف وروايته عن أبيه بالإجازة، ورواه سيدي عبدالعظيم عن أخيه عبداللَّه بن الهادي بطريقة السماع عن والده الهادي المؤلف.
وأروي سبيل الرّشاد أيضاً عن‌الأخ العلامة الفاضل حسن بن عبداللَّه بن الهادي، عن أبيه عبداللَّه بن الهادي، عن أبيه المؤلف، وكتب اليّ سيدي عبداللَّه بن الإمام الهادي رحمه اللَّه، قال: قد أجزت الولد الضياء أن يروي عني ما اشتمل عليه سبيل الرّشاد من الكتب، وأنا أرويها عن الوالد رضي الله عنه سماعاً لأكثرها وإجازة لكلّها، وهو يروي كل كتاب فيها بطرقه المعروفة فيها وفي غيرها.
وأروي سبيل الرشاد بالسند العالي عن سيدي‌أحمد بن محمّد القاسمي عن شيخه الامام الهادي‌المؤلف، و كان سيدي أحمد بن محمّد القاسمي من أهل العلم والدّين وقد ترجم له سيدي عبداللَّه بن الهادي في كتابه الجواهر المضيئة وسيدي أحمد بن محمّد القاسمي ممن عاصرته وأعطاني نسخته [من كتاب] سبيل الرّشاد لأصحّح عليها نسختي وأجاز لي أن أروي عنه هذا الكتاب: سبيل الرّشاد عن المؤلّف الإمام الهادي وأول كتاب سبيل الرّشاد:
بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم يقول الإمام الهادي لدين اللَّه الحسن بن يحيي بن علي القاسمي المؤيدي اليحيوي الضيحاني لطف اللَّه به بلطفه الخفيّ الخ.
وأما كتاب الجامعة المهمّة فأرويه عن سيدي مجد الدين بن محمّد بن منصور المؤيدي المؤلف وهو من أكابر علماء العصر من الزيدية، وقد سمعت منه كثيراً من المسائل والمباحث وخالطته كثيراً وهو اليوم موجود مشهور للخاص والعام
[صفحه 8]
بالعلم والفضل ولي منه كتاب إجازة جامعة أسند فيها كتاب إجازة المسوري وبلوغ الأماني والإحازة- بالحاء المهملة- والعقد النضيد والشّافي للإمام عبداللَّه بن حمزة و غيرها.
وأما كتاب العقد النضيد فأرويه عن سيدي العلامة مجد الدّين بن محمّد عن عمّي العلامة الولي الكامل في علمه وفضله وحلمه الحسن بن الحسين الحوثي المتوفي سنة ثمانية وثمانين وثلاث مائة وألف هجرية وقد عرفته وجالسته وأخذت عنه، ولي منه إجازة فأروي العقد النضيد عنه من هذه الطّريق بطرقه المتّصلة بوالده العلامة الولي الزاهد الورع الحسين بن محمّد الحوثي‌رحمه الله، عن المؤلف السّيد عبدالكريم بن عبداللَّه أبي‌طالب المؤلف، وهذا السيّد عبدالكريم أبوطالب قد أخبرني سيدي العلامة الولي الزاهد العابد حمود بن عبّاس المؤيّد أن السيّد عبدالكريم أباطالب هذا من المشهورين بالعلم و الفضل، وقد ترجم له سيدي عبداللَّه بن الإمام الهادي في الجواهر المضيئة، وقال في ضمن ترجمته له: (هو شيخ مشايخ الإسلام- الي أن قال- مع زهد وورع وتواضع وتقشف) الخ.
وأروي كتاب العقد النضيد أيضاً عن السيد العلامة أحمد بن محمّد بن زبارة عن السيّد عبداللَّه بن عبدالكريم أبوطالب وقاسم العزّي ومحمّد دلال ثلاثتهم عن المؤلف السيّد عبدالكريم بن عبداللَّه أبي‌طالب، وقد ترجم محمّد بن محمّد زبارة لمحمّد دلال وهو محمّد بن حسن دلال في نزهة النظر: ص 520 وأثني عليه، وترجم لقاسم العزي في ص 476 وبسط في‌ترجمته و مدحه وهو قاسم بن حسين العزي وذكر عبداللَّه بن عبدالكريم في ترجمة والده.
وأمّا بلوغ الأماني فأرويها عن الأخ العدل الثقة ابراهيم بن عبداللَّه بن الامام الهادي عن والده عبداللَّه بن الامام عن والده الإمام الهادي الحسن بن يحيي القاسمي عن جدي الحسين بن محمّد الحوثي رحمه الله عن الامام المهدي محمّد بن القاسم الحوثي و كان من خيار أئمّة الزيدية مشهوراً بالكمال والفضل، عن الامام المنصور باللَّه محمّد بن عبداللَّه الوزير، وكان من خيار أئمّة الزيدية مشهوراً بالكمال والفضل عن السيّد العلاّمة يحيي بن عبداللَّه عثمان وقد ترجم له العلاّمة عبداللَّه بن الإمام الهادي في الجواهر المضيئة وأثني عليه عن السيّد العلاّمة محمّد بن يحيي
[صفحه 9]
الكبسي وقد ترجم له كذلك العلاّمة عبداللَّه بن الهادي في الجواهر المضيئة وأثني عليه عن القاضي يحيي بن صالح السحولي وقد ترجم له سيّدي عبداللَّه في الجواهر المضيئة؛ وأثني عليه؛ و قال في خلال ترجمته: ويروي بلوغ الأماني عن مؤلّفها محمّد بن أحمد مشحم؛ وعنه شيخ العترة محّمد بن يحيي الكبسي انتهي.
عن المؤلّف؟ محمّد بن أحمد مشحم رحمه اللَّه قال فيه سيّدي عبداللَّه بن الهادي في الجواهر المضيئة: كان عالماً راسخاً(وهو) شيخ الشيوخ واُستاذ أهل الرسوخ. وأعيد الإسناد مجرّداً عن التراجم لئلاّ يلتبس بعضه (ببعض) فأقول:
أروي بلوغ الامانيّ عن الأخ إبراهيم بن عبداللَّه بن الهادي عن أبيه عن جدّه الهادي الحسن بن يحيي عن جدّي الحسين بن محمّد الحوثي عن الإمام المهدي محمّد بن القاسم الحوثي عن الإمام المنصور باللَّه محمّد بن عبداللَّه الوزير، عن السيّد يحيي بن عبداللَّه عثمان، عن السيّد محمّد بن يحيي الكبسي، عن القاضي يحيي بن صالح السحولي، عن القاضي محمّد بن أحمد مشحم المؤلّف.
وأروي بلوغ الأماني أيضاً عن سيّدي العلاّمة الوليّ حمّود بن عبّاس المؤيّد وهو من ذريّة الإمام المؤيّد باللَّه محمّد بن المتوكل علي اللَّه إسماعيل بن الإمام القاسم بن محمّد؛ وقد سمعت منه بعض المسائل العلمية في أمالي أحمد بن عيسي وغيرها.
عن شيخه العلاّمة علّي بن محمّد إبراهيم؟ عن القاضي العلاّمة علّي بن حسين المغربي رحمه الله عن شيخه السيّد عبدالكريم بن عبداللَّه أبي‌طالب، عن القاضي العلّامة الشهيد إسماعيل بن حسين جغمان؛ عن شيخه السيّد الورع إسماعيل بن أحمد بن عبداللَّه الكبسي، عن شيخه السيّد إسماعيل بن أحمد بن محسن الكبسي،عن شيخه العلاّمة عليّ بن حسن جميل، عن المؤلّف القاضي محمّد بن أحمد مشحم رحمه الله.
قال سيّدي حمّود بن عباس المؤّيد حفظه اللَّه: هؤلاء رجال السند العلماء مشاهير في الزهادة والفضل رحمهم اللَّه مترجم لهم، وكذا سيّدي‌العلاّمة عبدالكريم بن أبي‌طالب صاحب الثبت العقد النضيد؛ والعلاّمة محمّد بن أحمد مشحم صاحب الثبت بلوغ الأماني؟ كلّهم رجال مشاهير بالفضل انتهي.
[صفحه 10]
وقال سيّدي حمّود أيضاً: وشيخي هو السيّد العلاّمة العابد علّي بن محمّد الخ.
وأروي إجازات القاضي العلاّمة أحمد بن سعد الدين المسوري بهذا السند إلي القاضي محمّد بن أحمد مشحم وهو عن شيخه السيّد العلاّمة إبراهيم بن‌القاسم بن المؤّيد مؤلّف الطبقات؛ عن القاضي العلاّمة أحمد بن محمّد الأكوع؛ عن القاضي أحمد بن سعد الدين المسوري انتهي.
قلت: قد ترجم سيّدي عبداللَّه بن الإمام الهادي في كتاب الجواهر المضيئة للسيّد إبراهيم بن القاسم مؤلّف الطبقات وأثني عليه جدّاً حتّي قال فيه: الجامع لخصال الكمال و كمال الخصال.
و ترجم في الجواهر لأحمد بن محمّد الأكوع وقال فيه: «وكان عالماً فاضلاً» الخ. وترجم في الجواهر لأحمد بن سعد الدّين المسوري فأثني عليه وقال فيه: «كان حجة محدثاً حافظاً علوم آل محمّد شديد المحبّة لهم أثني عليه العلماء ودرسوا عليه» الخ.
وأمّا كتاب الإحازة الّذي هو إجازات وأسانيد سيدنا العلامة عبداللَّه بن علّي الغالبي رحمه الله، فأرويها عن سيّدي العلامة الزاهد الورع المؤيّد بن عبدالكريم العنثري- بالنون بعدها ثاء مثلثة- في اجازته لي عن حيّ سيّدي عبداللَّه بن عبداللَّه بن أحمد العنثري الملقّب مشكاع المشهور بالعلم و الفضل في إجازته الّتي يقول فيها: فأوّل ما أروي عن والدي شيخ علماء آل الرسول وسيّد زهّاد أولاد الوصي والبتول زين عابدي وقته الخ. عن والده المذكور عبداللَّه بن أحمد العنثري عن سيّدنا العلامة عبداللَّه بن عليّ الغالبي المؤلّف الّذي يقول فيه سيّدي عبداللَّه بن أحمد العنثري حواري أهل بيت النبي؟.
أعيد السند مجرّداً عن التراجم [فأقول:] أروي إجازات سيدنا عبداللَّه بن علي الغالبي عن سيدي المؤيّدي بن عبدالكريم، عن سيدي عبداللَّه بن عبداللَّه العنثري عن والده عبداللَّه بن أحمد العنثري عن القاضي‌العلامة عبداللَّه بن علي الغالبي المؤلف.
وأروي الإحازة في طرق الإجازة أيضاً، عن سيّدي العلامة مجدالدّين بن محمّد بن منصور المؤيدي عن والده محمّد بن منصور الّذي يقول فيه سيدي
[صفحه 11]
مجدالدّين: عن والدي العلامة العامل الولي محمّد بن منصور المؤيدي عن الإمام المهدي محمّد بن القاسم عليه‌السلام، وقد مرّ ذكرُه عن القاضي العلامة صفيّ الإسلام أحمد بن اسماعيل العلفي وقد ترجم له سيدي عبداللَّه بن الهادي في الجواهر وقال: وكان عالماً فقيهاً، عن القاضي عبداللَّه بن علي الغالبي المؤلف، قال سيدي مجد الدّين في إجازته لي: ويرويها- يعني‌الاحازة في طرق الإجازة- والدي رضي الله عنه عن شيخه العلامة حافظ آل محمّد عبداللَّه بن أحمد العنثري البصير رضي الله عنه، و عن شيخه العلامة وليّ آل محمّد محمّد بن عبداللَّه الغالبي رضي الله عنه عن شيخهما العلامة شيخ الشيوخ، واُستاذ أهل الرّسوخ عبداللَّه بن علي الغالبي المؤلف رضي الله عنه، بطرقه المذكورة في كتابه المذكور.
وأروي هذه الكتب بطرق أخري ترجع الي هذه الطرق أو تبتدئ من مبتداها. وأروي إتحاف الأكابر للشوكاني عن سيدي مجدالدّين بن محمّد، عن أبيه، عن الإمام المهدي محمّد بن القاسم الحوثي الحسيني المارّ ذكره، عن السيّد محمّد بن محمّد الكبسي، عن الشوكاني محمّد بن عليّ المؤلف.
وأروي إتحاف الأكابر أيضاً بالأسانيد السابقه لكتاب سبيل الرشاد عن الإمام الهادي الحسن بن يحيي القاسمي رواه عن القاضي العلامة أحمد بن رزق السيّاتي، عن السيّد العلامة اسماعيل بن محسن بن إسحاق، عن المؤلف محمّد بن علّي الشوكاني.
وأروي إتحاف الأكابر أيضاً عن سيدي حمّود بن عبّاس المؤيد، عن شيخه علي بن محمّد (بن) إبراهيم، عن العلاّمة الحسين بن علّي العمري رحمه اللَّه تعالي، عن شيخه السيّد العلاّمة إسماعيل بن محسن بن عبدالكريم بن إسحاق بن المهدي، عن شيخه محمّد بن علّي الشوكاني المؤلّف.
وإسماعيل بن محسن الراوي عن الشوكاني هو من جملة الرواة الذّين قال فيهم سيّدي حمّود بن عبّاس: مشاهير في الزهادة والفضل رحمهم اللَّه انتهي.
وقد ترجم له سيّدي عبداللَّه في الجواهر، إلاّ أنّ هناك غلطاً في اسمه حيث قال: «إسماعيل بن محمّد بن إسحاق»، ولعلّه تصحّف علي الناسخ واللَّه أعلم.
وأروي إتحاف الأكابر أيضاً عن سيّدي حمّود بن عبّاس المؤّيد عن علّي بن
[صفحه 12]
محمّد بن إبراهيم؛ عن القاضي العلاّمة علّي بن حسين المغربي رضي الله عنه؛ عن شيخه العلاّمة القاسم بن حسين بن المنصور رضي الله عنه؛ عن سيّدي العلاّمة علّي بن أحمد الظفري عن المؤلّف محمّد بن علّي‌الشوكاني.
وأروي إتحاف الاكابر أيضاً عن سيّدي حمّود بن عبّاس المؤيّد عن شيخه عليّ بن محمّد (بن) إبراهيم؛ عن القاضي العلاّمة إسحاق بن عبداللَّه بن أحمد المجاهد؛ عن جدّه أحمد بن عبدالرحمان المجاهد؛ عن والده عن الشوكاني المؤّلف. وكلّ هؤلاء الرواة لإتحاف الأكابر عن الشوكاني قال فيهم سيّدي حمّود بن عبّاس: «هؤلاء رجال السند العلماء مشاهير في الزهادة والفضل رحمهم اللَّه» انتهي المراد.
وأمّا كتاب عبدالواسع بن يحيي الواسعي- واسمه العقد الفريد في أسانيد الكتب- فأرويه عن السيّد العلاّمة أحمد بن محمّد بن محمّد زبارة؛ عن شيخه عبدالواسع بن يحيي الواسعي المؤلّف.
وقد روي لي السيّد أحمد بن محمّد بن محمّد زبارة عدداً من كتب الأسانيد المارّ ذكرها وغيرها ولكن فيما ذكرت كفاية؛ وباللَّه التوفيق.
فهذه جملة في التوصّل إلي معرفة كتب الزيديّة وأسانيدها.
فأمّا معرفة رجالهم فتطلب بالبحث في مظانّ تراجمهم مثل كتاب طبقات الزيديّة؛ ويقال لها: نسمات الأسحار؛ وهي تأليف السيّد إبراهيم بن القاسم بن المؤيّد باللَّه محمّد بن الامام القاسم بن محمّد؛ وقد رواها السيّد عبدالكريم بن عبداللَّه أبوطالب في كتابه العقد النضيد؛ فقال في حرف الطاء:
طبقات الزيديّة تأليف السيّد الإمام العلاّمة صارم الدين الّذي انتهت إليه أسانيد أهل البيت عليهم‌السلام وغيرهم.
فهو الغاية والنهاية في هذا الشأن؛ (وكتاب) إبراهيم بن القاسم بن المؤيّد- عليهم‌السلام- (هذا) أرويه عن شيخي العلاّمة إسماعيل بن حسين جغمان رحمه اللَّه تعالي عن شيخه نجم الآل الأكرمين إمام أئمّة هذا الديّن الورع المتقشّف السيّد إسماعيل بن أحمد بن عبداللَّه بن حسين الكبسي المعروف بمغلس عن السيّد العلاّمة تاج العلماء ومنهاج السادة الكرماء إسماعيل بن أحمد بن محمّد بن الحسين الكبسي
[صفحه 13]
رحمه اللَّه تعالي عن شيخه العلاّمة عليّ بن حسن جميل المعروف بالداعي رحمه اللَّه تعالي عن شيخه العلاّمة القاضي محمّد بن أحمد مشحم رحمه اللَّه تعالي عن بحر الروايات والدرايات صارم الدين إبراهيم بن القاسم بن محمّد المويّد باللَّه بن الإمام القاسم بن محمّد سلام اللَّه عليهم أجمعين، المؤلّف.
وأرويها أيضاً وجادةً عن نسخة بخطّ المؤّلف انتهي.
ومن كتب رجال الزيديّة (كتاب) مطلع البدور تأليف القاضي أحمد بن صالح بن أبي‌الرجال (و) قد روي مؤلّفاته الهادي الحسن بن يحيي في كتاب سبيل الرشاد السابق ذكره بالسند المذكور فيه إلي السيّد حسين بن أحمد زبارة؛ عن القاضي أحمد بن صالح بن أبي‌الرجال المؤّلف.
ومن كتب رجال الزيديّة طبقات السيد يحيي بن الحسين بن الامام القاسم بن محمّد؛ وقد ترجم له إبراهيم بن القاسم في الطبقات؛ وذكر له مؤلّفات منها الطبقات والزهر في أعيان العصر؛ وهو قريب ليحيي بن الحسين بن المؤيّد باللَّه محمّد بن القاسم لأنّه ابن عمّ أبيه؛ وقد ترجم لهما في الطبقات.
ومن المؤلفات في رجال الزيدية الجداول والجواهر المضيئة وهما تأليف سيدي عبداللَّه بن الإمام الهادي وأرويهما عن سيدي‌العلامة علّي بن محمّد العجري عن سيدي عبداللَّه بن الامام المؤلف.
وأرويهما [أيضاً] عن السيد العلامة الحسن بن عبداللَّه بن الامام عن أبيه المؤلف.
و من كتب رجال الزيدية مؤلفات السيد محمد بن محمّد زبارة، تاريخ اليمن، ونيل الوطر في رجال القرن الثالث عشر.
ونشر العرف لنبلاء اليمن بعد الألف، و نزهة النظر في رجال القرن الرابع عشر.
وهذا السيد محمّد بن محمّد زبارة قال فيه السيد العلامة الثقة محمّد بن محمّد بن المنصور وقد سألته عن بعض رجال سند من أسانيد الكتب فقال ما لفظه:
جميع المسؤل عنهم في نزهة النظر للوالد العلامة محمّد بن محمد بن يحيي زبارة رحمه اللَّه الّذي عرف منذ شبّ بالتقوي والنشأة في طاعة اللَّه، والتزم الأمانة والصدق والنصح في مؤلفاته ومحادثته؟ وكان كريم الأخلاق لجلسائه انتهي.
قلت: وقد ترجم له ابنه أحمد بن محمد بن زبارة فيما ألحقه بكتاب أبيه نزهة
[صفحه 14]
النظر، وقال في‌ترجمته: مولده بصنعاء سنة: (1301) هجري. وقال فيها [أيضاً]: «وتوفّي في ذي الحجّة سنة: (1380) هجري» انتهي.
وتوفّي سيّدي عبداللَّه بن الإمام الهادي في شهر رجب سنة: (1370) هجري في بلده المسمّي «باقم» في لواء صعدة.
وأما سيّدي علّي بن محمّد العجري فتوفّي في هذا القرن الرابع عشر سنة: (1407) هجري؟.
نعم ومن كتب الزيدية المؤلفة في الرجال سير الأئّمة مثل سيرة الهادي إلي الحق يحيي بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علّي بن أبي‌طالب.
و مثل سيرة المؤيد باللَّه وسيرة الامام أحمد بن سليمان وسيرة الامام القاسم بن محمّد وغيرهم، ومثل ما في كتاب الشافي للمنصور باللَّه عبداللَّه بن حمزة في الجزء الأول منه، و هو مطبوع و غيره من كتبهم.
وأمّا مذاهب الزيدية فهي تعرف بمراجعهم في العلم؟ وهي كتب الهادي الي الحق يحيي بن الحسين بن القاسم، وكتب جده، وشرح التجريد للمؤيد باللَّه أحمد بن الحسين الهاروني، والشافي للمنصور باللَّه عبداللَّه بن حمزة، وحقائق المعرفة للإمام أحمد بن سليمان، والأساس للامام القاسم بن محمّد عليه‌السلام، وأنوار اليقين للإمام الحسن بن بدر الدّين، ومجموع زيد بن علي الّذي قد صار يسمّي الآن مسند الإمام زيد بن علّي، وأمالي أحمد بن عيسي، وأمالي‌أبي طالب يحيي بن الحسين بن هارون، وأمالي المرشد باللَّه يحيي بن الحسين بن إسماعيل، وغيرها في الحديث.
ولهم كتاب الإعتصام تأليف الامام القاسم بن محمّد، وهو من أحسن كتب الزيدية و هو مطبوع، ولهم كتاب فرائد اللآل في [البحث عن مدلول الأهل والآل، في] الردّ علي المقبلي.
أمّا كتب الشوكاني فلا تعتبر من كتب الزيديّة، فلا يستدلّ بها علي مذهبهم لمن أراد معرفته لا هي ولا كتب المقبلي ولا كتب ابن الأمير، ولا كتب محمّد بن إبراهيم الوزير.
[صفحه 15]
أمّا شرح الأزهار وحواشيه فهو من كتب الزيدية لكن خلط بمذاهب غيرهم وقد يترجح للمتأخّرين من أهل المذهب أو بعضهم كلام بعض المخالفين فيراه هو المطابق للمذهب فيكتب عليه علامة المطابقة للمذهب وليس المراد أن الزيدية يتبعون ذلك الّذي وضعت العلامة علي قوله وانما اتّفق أنّ كلامه مطابق للمذهب عندهم في تلك المسألة، فجعلوا عليه علامة المذهب أي مذهب الهادي والقاسم وأسباطهما.
ومعظم زيدية اليمن في الفقه علي هذا المذهب، وكثير منهم مجتهدون أو مقلّدون لبعض أئمّة الزيدية؛ أو بعض علمائهم.
وقد حقّق مذهب الزيديّة- أعني عرّف به- الإمام المنصور باللَّه في (كتابه) الشافي.
ومذهبهم في‌الأصول: العدل والتوحيد وإثبات الوعد والوعيد؛ والخلود في‌النار للفسّاق؛ ونفي الرؤية ونفي الجبر؛ وإثبات إمامة أميرالمؤمنين بعد رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم بلا فصل؛ ثمّ [إمامة] الحسن ثمّ الحسين ثمّ من قام ودعا من ذرّيتهما جامعاً لشروط الإمامة المعتبرة عندهم.
ومن مذهبهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الظلمة وغير ذلك.
وقد كتبت مؤلّفات في التعريف بمذهب الزيديّة وبعضها فيه خطأ، والعمدة (من) كتبهم كما ذكرت؛ وباللَّه التوفيق.
وكتب الفقير إلي‌اللَّه تعالي بدر الدين بن أميرالدين الحوثي وفّقه اللَّه؛ وكتب علي الخطّية محمّد بن جار اللَّه اليوسفي وفّقه اللَّه؛ وحرّر بتاريخه (في شهر) ذي‌الحجّة 22/ 12/ 1412 (ال) هجريّة وتمّت للحقير بدر الدين قصاصه وإصلاح الخطأ، والحمد للَّه ربّ العالمين وصلي‌اللَّه علي محمّد وآله وسّلم.
تمّت قصاصة هذه النسخة فتعتمد؛ وكتب بدر الدين الحوثي وفقّه اللَّه.
[صفحه 16]

ترجمة الناظم المنصور لدين الله

وأمّا صاحب القصيدة- المشروحة بمحاسن الأزهار- أعني عبد اللَّه بن حمزة المعروف بالمنصور باللَّه- المولود سنة: (561) المتوفّي عام: (616)- فله تراجم كثيرة جدّاً؛ وإن كان مثله هو صاحب التأليفات الراقية والخدمات المبرورة المشكورة غنيّاً عن الترجمة إذ أعماله العلمية والعملية البارزة منه؛ أنطق بشرح حاله ومعرفته ممّا كتبه غيره؛ ولكن من باب أنّ أكثر الناس لا خبرة لهم بما صدر منه علماً وعملاً؛ فنحن نذكر بعض ما كتبه غيره في حقّه مردفاً بذكر بعض ما اطّلعنا عليه من تأليفاته بأمل أن يبعث اللَّه بعض أهل الخير لإحياء ما بقي من تأليفاته؛ فنقول: إنّ للإمام المنصور باللَّه تراجم.
منها الحدائق الوردية: ج 2 ص 197 -133؛ طبع 2؛ ومنها الطبقات الزيديّة المخطوطة: ج 4 ص 95؛ ومنها ما كتبه مطوّلاً مجد الدين المؤيّدي وفقه اللَّه تعالي في مقدمّة كتاب الشافي للإمام المنصور باللَّه.
وأيضاً عقد له ابن أبي‌الرجال ترجمةً في حرف العين من كتاب مطلع البدور. وله أيضاً ترجمة حسنة في حرف العين برقم:» 96 «من كتاب نسمة السحر: ج 2 ص 332 - 322 ط دار المؤرّخ العربي.
وأيضاً عقد العلاّمة الأميني قدّس اللَّه نفسه ترجمةً طويلةً له في شعراء الغدير في القرن السابع من كتابه القيّم الغدير: ج 7 ص 339 ط 1؛ إلي غير ذلك مما كتبوه في ترجمته رحمه الله.
ونحن نذكر هاهنا ترجمته- بتصرّف طفيف منّا- ممّا أورده الفاضل عبدالسلام عبّاس الوجيه تحت الرقم: (602) من كتاب أعلام المؤلفّين الزيديّة: ج 1 ص 365 قال:
الإمام المنصور با للَّه المولود سنة: (561) المتوفّي عام: (614) هو عبد اللَّه بن حمزة [بن سليمان بن حمزة بن عليّ بن حمزة بن هاشم بن الحسن بن عبد الرحمان بن يحيي بن أبي‌محمّد عبد اللَّه بن الحسين بن ترجمان الدين القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم طباطبا بن الحسن بن الحسن بن الإمام علي بن أبي
[صفحه 17]
طالب عليه‌السلام[اليمني أحد عظماء الإسلام؛ ونجوم آل الكرام؛ إمام مجتهد، مجاهد مجّدد؛ اكتملت فيه جوانب العظمة في شخصية الإنسان الرسالي، وفاق مجتهدي عصره علماً و أدباً و جهاداً، قام بالإمامة بتكليف من علماء عصره و أهل الحلّ والعقد في زمنه سنة: (583) فأقام في كفاح و جهاد، من أجل رفعة الدين وإقامة العدل، و تصحيح الخلل و الإعوجاج، و خاض معارك عديدة مع المطرفية، ومع سلاطين بني حاتم؛ وضدّ الغازي طغتكين القادم من مصر؛ وأخباره كثيرة ومناقبه غزيرة ومؤلّفاته شهيرة.
الأوّل من مؤلّفاته الأجوبة الرافعة للإشكال الفاتحة للأقفال- خ- ضمن مجموعي (35 و45) في المكتبة الغربيّة جامع.
والثاني منها الأجوبة الكافية بالأدلّة الوافية أجاب بها عن مسائل وردت من الشريف نور الدين الحسن بن يحيي الهادي- خ- ضمن مجموعي (39 و45) بالمكتبة الغربيّة وهو ضمن مجموع (العقد الثمين) في مكتبة السيّد المرتضي الوزير. والثالث منها الأجوبة المذهبة للمسائل المهذبة (فتاوي).
والرابع منها أجوبة مسائل علي‌بن أحمد بن دريب؛ قال الحبشي: منه نسخة ضمن مجموعة (54) (في) مكتبة الجامع (كتب مصادرة).
والخامس منها أجوبة مسائل الجحلم.
والسادس منها أجوبة مسائل نور الدين يحيي بن يحيي- خ- ضمن مجموع العقد الثمين (في) مكتبة السيّد المرتضي الوزير (و) أخري ضمن مجموع: (54) (من) مكتبة الجامع.
والسابع منها أجوبة مسائل الحاشدي و(له) نسخ كثيرة في مكتبات صعدة بمكتبة آل الهاشمي وآل العجري ومحمّد عبد العظيم الهادي.
والثامن منها أجوبة مسائل الرصاص، ذكره الحبشي ضمن المجموعة السابقة وهو- خ- ضمن مجموع العقد الثمين: ج 2 مكتبة السيّد المرتضي الوزير.
والتاسع منها أجوبة الرعدي
والعاشر منها أجوبة مسائل شتّي- خ- ضمن مجموع بمكتبة السيّد عبد اللَّه المرتضي هجرة السر.
[صفحه 18]
والحادي عشر منها أجوبة مسائل قتادة- خ- ضمن مجموع العقد الثمين السالف الذكر.
والثاني عشر منها أجوبة مسائل الطبري.
والثالث عشر منها أجوبة مسائل عمرو بن عليّ العنسي- خ- ضمن مجموع العقد الثمين.
والرابع عشر منها أجوبة مسائل مجد الدين- خ- ضمن مجموع العقد الثمين: ج 2. والخامس عشر منها أجوبة مسائل اليمني.
والسادس عشر منها أجوبة مسائل تتضمّن ذكر المطرفية وأحكامهم- خ- ضمن مجموع (122) مكتبة الأوقاف.
ونسخة أخري ضمن كتابه العقد الثمين: ج 1/بمكتبة السيد المرتضي الوزير [في] 30 صفحة.
والسابع عشر منها الإختيارات المنصورية في المسائل الفقهية- خ- منه نسخة ضمن مجموعة رقم: (81) [في] مكتبة الأمبروزيانا. وهنالك الأجوبة المرضية علي المسائل الفقهية ضمن مجموع العقد الثمين.
والثامن عشر منها أرجوزة في صفات الخيل وألوانها ونعوتها وأصولها، عليها شرح لابنه أحمد بن حمزة، قال الحبشي: منها نسخة- خ- سنة (1053) الهجرية في 84 ورقة برقم: (52) مكتبة الجامع (كتب مصادرة).
[لها نسخة] أخري مخطوطة سنة: (1113) الهجريّة في (99) ورقة بمكتبة المتحف البريطاني برقم: (3860) [قال عباس الوجيه]: قلت: [وهي] طبعت مع شرحهاتحت عنوان: «تاريخ الخيول العربيّة» وهي طبعة مليئة بالأخطاء.
و(19) منها الإيضاح بعجمة الإفصاح- خ- ضمن مجموع العقد الثمين بمكتبة المرتضي الوزير (جواباً علي مطاعن القاضي محمد بن نشوان).
و(20) منها جواب مسائل بازل بن عبد اللَّه- خ- ضمن مجموع العقد الثمين هجرة السر؟
و(21) منها جواب مسائل علي بن احمد الأكوع- خ- ضمن مجموع العقد الثمين هجرة السر.
[صفحه 19]
و (22) منها جواب مسائل محيي الدين النجراني- خ- ضمن مجموع العقد الثمين هجرة السر.
و(23) منها جواب مسائل متفرقه.
و(24) منها جواب الإمام بجواز تولّي القضاء من المقلّد- خ- ضمن مجموع العقد الثمين.
و(25) منها جواب مسائل تاج الدين- خ- ضمن مجموع العقد الثمين.
و(26) منها الإيجاز لأسرار الطراز- خ- بقلم حفيده سنة: (763) الهجرية.
والجزء الثاني منه في 170، صفحة مصورة بمكتبة السيد محمد عبد العظيم‌الهادي وقد حقّقه الدكتور رياض عبد الحبيب القرشي ونال به الدكتوراة من القاهرة.
و(27) منها الجوهرة الشفّافة الي العلماء كافّة [كما في] التحف.
و(28) منها جواب العثمانية- مخطوط- في 678 صفحة بخطّ قديم ضمن مكتبة آل الغالبي.
و(29) منها البيان والثبات الي كافّة البنين والبنات من الكتب القيّمة في علم التربية- خ- سنة: (1058) الهجرية في 75 ورقة برقم: (1489) في مكتبة الأوقاف.
و[نسخة] أخري في المكتبة الغربية رقم 73 تفسير. و[نسخة]ثالثة بمكتبة العلامة محمد بن محمد المنصور.
و(30) منها تحقيق النبوّة- خ- سنة (1046) الهجرية ضمن الجزء الأول من كتابه العقد الثمين بمكتبة السيد المرتضي بن عبد اللَّه الوزير.
و(31) منها تحفة الإخوان- خ- منها نسختان ضمن مجموعي (39 و45) في المكتبة الغربية.
و(32) منها تخميس مقصورة ابن دريد، قال الحبشي: منه نسخة- خ- سنة: (1057) الهجرية بمكتبة الجامع (الكتب المصادرة). و
(33) منها تخميس قصيدة البردة وهي في ديوانه. و
(34) منها تفسير القرآن الكريم ذكره في التحف، وذكره [أيضاً] المؤرّخ أبوعلامة في العنبرية وقال: «شرع فيه ولم يكمله»، وهو مخطوط في مكتبة آل
[صفحه 20]
العمراني صنعاء حارة مستشفي الكويت.
و(35) منها تلقيح الألباب في أحكام السابقين وأهل الإحتساب، ضمّنه شروط السابقين وأهل الإحتساب، وهما درجتان بعد درجة الإمامة- خ- ضمن مجلد برقم: (1306) مكتبة الأوقاف في الجامع الكبير.
و[نسخة] أخري مصورة بمكتبة السيد العلاّمة عبدالرحمان شايم هجرة فلله، وأخري مصوّرة بمكتبة آل الضوء.
و(36) منها جواب سؤال القاضي محمد بن عبد اللَّه بن حمزة، قال الحبشي: - خ- ضمن مجموعة: (54) (الكتب المصادرة جامع).
و(37) منها الجوهرة الشفّافة الرادعة للرسالة الطوّافة- في الردّ علي عالم أشعري متفلسف يقول بالحلول- منه نسخة- خ- ضمن مجموعة رقم: (1976) بمكتبة المتحف البريطاني و[نسخة] أخري ضمن كتابه العقد الثمين: ج 1، بمكتبة السيد المرتضي بن عبد اللَّه الوزير.
و(38) منها حديقة الحكمة النبوية في شرح الأربعين السيلقية (حديث) منه خمس نسخ خطية بأرقام: (67 -64) حديث، وبرقم: (210) مجاميع المكتبة الغربية، و[نسخة] سادسة بمكتبة الأمبروزيانا برقم: (74) وفي عشرات المكتبات الخاصة، طبع مصوّراً عن طريق مكتبة اليمن الكبري ثم طبع ثانية وصدرت الطبعة الأولي سنة: (1413) الهجرية عن دار الحكمة اليمانية غير محققة في أوراق ضعيفة.
و(39) منها الدرّ المنثور في فقه مولانا المنصور- ربما أنّ أحد تلاميذه قد جمعه- منه نسخة- خ- في (180) ورقة بمكتبة الأمبروزيانا برقم: (81) مسلسل وباسم الدرّ المنثور في فتاوي الإمام المنصور بذيل كتاب المقصد الحسن مخطوط بمكتبة جامع المدان.
و(40) منها الدرّة اليتيمة في تبيين أحكام السبي والغنيمة (رسالة) منها نسختان برقم: (122) مجاميع غربية، وبرقم: (176) بمكتبة الأوقاف الجامع، و[نسخة] ثالثة بالمتحف البريطاني برقم: (3976) و[نسخة] أخري- خ- ضمن كتابه العقد الثمين [في] ج 1، مكتبة السيّد المرتضي الوزير.
[صفحه 21]
و(41) منها دعواته (الي سنقر والي أمير حاج العراق والي ورد سار) قال الحبشي: - خ- ضمن رقم: (54) جامع (كتب مصادرة) ثلاث رسائل. قلت: [ولها نسخة] أخري- خ- ضمن مجموع رسائله بمكتبة السيد محمد محمد الكبسي.
و(42) منها الدعوة العامّة ضمن مجموع رسائله.
و(43) منها ديوان الإمام عبد اللَّه بن حمزة (جمعه أحد أبنائه، وهو مقسم علي ثمانية أبواب) منه نسخ بأرقام: (1057،و1058،و1958،و1972) بمكتبة الأوقاف، وهو في أربعة مجلّدات خطّية في المكتبة الغربيّة بأرقام: (54-51) أدب، نسختان [منه] في المتحف البريطاني برقم: (3815) ونسخة منه بمكتبة ورثة السيد محمد بن محمد الكبسي ونسخة أخري [منه] بمكتبة السيد محمّد العزي ونسخة أخري في دار التراث اليمني ونسخة أخري خطّت سنة: (1352) الهجرية في مكتبة السيّد العلاّمة يحيي راوية.
و(44) منها ردّ اعتراض الشيعة- خ- ضمن مجموع: (24) كتب مصادرة (مصادر الحبشي).
و(45) منها الردّ علي المطرفية- خ- ضمن مجموع رسائله مخطوط بمكتبة السيد محمّد الكبسي [و] مصور [منه] بمكتبة السيد محمد عبد العظيم الهادي.
و(46) منها الرسالة الإمامية في الردّ علي المسائل التهامية أجاب فيها علي أسئلة وردت عن الفقيه محمد بن سعد الواقدي الصيلمي قال الحبشي- خ- سنة: (625) الهجرية بمكتبة المتحف البريطاني برقم: (3828) ونسخة أخري ضمن مجموع: (144) غربية جامع.
قلت: وذكر أبوعلامة في التحفة العنبرية كتاباً بعنوان: (الرسالة التهامية) لعله هذا.
و(47) منها الرسالة الهادية (التحف).
و(48) منها الرسالة العالمة بالأدلّة الحاكمة- خ- قال الحبشي [هي] ضمن مجموع رقم: (60) (كتب مصادرة) جامع [ونسخة] أخري في 17، ورقة بمكتبة الأمبروزيانا 26 g.
و(49) منها الرسالة الفارقة بين الزيدية والمارقة (ذكره أبوعلامة في التحفة
[صفحه 22]
العنبرية).
و(50) منهاالرسالة القاهرة بالأدلة الباهرة.
و(51) منها الرسالة الكاشفة للإشكال في بيان الفرق بين التشيّع والإعتزال قال الحبشي: - خ- جامع بآخر أمالي الإمام أحمد بن عيسي.
و(52) منها الرسالة الكافية (الوافية) لأهل العقول الصافية- خ- ضمن مجموع (145) غربية جامع.
و(53) منها الرسالة المثيرة في ترك الإعتراض علي السيرة- خ- ذكر[ها] الحبشي ضمن مجموع (54) (كتب مصادرة) جامع.
و(54) منها الرسالة المرتضاة في العهد الي القضاة- خ- ضمن مجموعي: (39 و45)غربية جامع.
و(55) منها الرسالة الناصحة بالدلائل الواضحة في معرفة ربّ العالمين كانت تدرس للطلبة، وقد شرحها العلاّمة أحمد بن عبداللَّه الجنداري في كتاب «سمط الجمان» انظره في مؤلّفاته، منها نسختان بمكتبة الجامع الغربية برقم: (90) تاريخ، و(118)، علم الكلام، و[نسخة] ثالثة بالمتحف البريطاني برقم: (3828) و[نسخة] أخري بمكتبة زيد بن عليّ الديلمي في «ذمار» و[نسخة] أخري ضمن مجموع مكتبة السيد المرتضي الوزير (العقد الثمين).
و(56) منها الرسالة الناصحة لأهل الإيمان ببلاد الجبل والديلمان والعراقين وخراسان- خ- سنة (1348) الهجرية برقم: (651) بمكتبة الأوقاف جامع صنعاء.
و(57) منها الرسالة النافعة بالأدلّة القاطعة في تبيين الزيدية ومذاهبهم وذكر فضائل أميرالمؤمنين والإجابة علي الإمامية والباطنية والمطرفية.
و(58) منها الرسالة الهادية بالأدلة البادية في أحكام أهل الردّة- خ- بمكتبة المتحف البريطاني برقم: (3976) [ونسخة] أخري- خ- ضمن كتابه العقد الثمين: ج 1، بمكتبة السيد المرتضي بن عبداللَّه.
و(59) منها زبدة الأدلّة في معرفة اللَّه- خ- سنة: (931) الهجرية برقم: (389) بمكتبة الأوقاف،[ونسخة] ذكرها الحبشي بمكتبة جامعة الرياض برقم:
[صفحه 23]
(2613)، [ونسخة] أخري بمكتبة السيّد محمد بن حسن الحوثي- خ- سنة:
(1081) الهجرية. [ونسخة] أخري بمكتبة السيّد محمد بن عبد العظيم الهادي، [ونسخة] أخري مصورة بمكتبة آل الضوء.
و(60) منها زيادة الأدلّة العقلية (أئمّة اليمن 109/1)؟.
و(61) منها الزيارات- خ- سنة: (1198) الهجرية (ق) 134 -124 برقم: (659) بمكتبة جامع صنعاء، [ونسخة] أخري بمكتبة السيد محمد محمد الكبسي وطبعت مؤخّراً في كتيب لطيف علي نفقة السيد الكحلاني.
و(62) منها كتاب الشافي في‌الجواب علي الرسالة الخارقة للفقيه عبد الرحيم بن أبي‌القبائل، نسخه الخطيّة كثيرة وهو في أربعة مجلدات طبع بتحقيق السيد العلامة الكبير مجد الدين المؤيدي في مجلدين كبيرين وصدر عن مكتبة اليمن الكبري سنة: (1406) الهجرية، ومخطوطاته كثيرة انظرها في كتابنا مصادر التراث في المكتبات الخاصّة.
و(63) منها شرح الرسالة الناصحة بالأدلّة الواضحة- خ- منه نسخ بأرقام: (98 -96) علم الكلام 256 مجاميع بالمكتبة الغربية، [ونسخة] أخري مصوّرة بمكتبة السيد عبد الرحمان شايم- خ- سنة: (1018) الهجرية.
[ونسخة] أخري بمكتبة آل الهاشمي: (ج 1، ج 2) ضمن مجموع- خ- سنة (1078) الهجرية. و(64) منها صفوة الإختيارات في أصول الفقه، منه نسخة- خ- (1034) وهي في 146 صفحة بمكتبة أحمد بن اسماعيل الدولة؟ ونسخة مصوّرة بمركز بدر صنعاء وبمكتبة محمد بن عبد العظيم الهادي تحت التحقيق، يقوم بتحقيقه الدكتور أحمد بن عليّ الماخذي.
و(65) منها العقد الثمين في تبيين أحكام الائّمة الهادين وردّ شبه الروافض الغالين- خ- برقم: (662) بمكتبة الأوقاف جامع صنعاء، [ونسخة] أخري بالمتحف البريطاني‌برقم: (3976) ونقول منه ضمن مجموع (24) بمكتبة الكبسي [ونسخة] أخري مصوّرة بمكتبة محمد بن عبد العظيم الهادي و[نسخة] أخري بمكتبة السيد المرتضي هجرة السرّ (تحت الطبع).
و(66) عقد الفواطم ذكره العلامة مجدالدين المؤيّدي (التحف ص 106).
[صفحه 24]
و(67) منها العقيدة النبوية في الأصول الدينية ذكر فيه مذهبه- خ- بمكتبة المتحف البريطاني برقم: (3828).
و(68) منها عهد الإمام المنصور الي الأمير حسام الدين عليّ بن محسن الهمداني- خ- بمكتبة الجامع مجموع 54 كتب مصادرة (مصدر الحبشي).
و(69) منها القاطعة للأوراد من لجاج التعنّت في الإيراد.
و(70) منها كتاب الي النساء، وقد ظهر فيهنّ مذهب الباطنيّة- خ- قال الحبشي: [منه نسخة] بمكتبة الجامع ضمن مجموع برقم: (97).
و(71) منها كتاب الي الأمير شهاب الدين الحريري- خ- ضمن مجموع: (97) ومجموع (54) حسب مصادر الحبشي.
و(72) منها كتاب الي الملك العادل أبي‌بكر ابن أيّوب، قال الحبشي: - خ- ضمن مجموعي: (97 و54) جامع.
و(73) منها كتاب الي أهل الظاهر، قال الحبشي: - خ- [هو في] ضمن مجموعي: (97 و54) [من] جامع.
و(74) منها كتاب الي الأمير ابراهيم الحمزي- خ- ضمن مجموعة (54) حسب مصادر الحبشي.
و(75) منها المجموع من آيات القرآن الشريف المبطل لمذهب أهل التطريف.
و(76) منها مسائل مجموعة من كلام الإمام المنصور مما سئل عنه في حقّ الصحابة الذّين تقدموا علي أميرالمؤمنين عليه‌السلام- خ- بمكتبة المتحف البريطاني برقم: (4007)
و(77) منها مسائل المدقق في الكفر البري‌ء من الإيمان الّتي سأل عنها سليمان بن محمد العليان- خ- ضمن كتابه العقد الثمين: ج 2 بمكتبة السيد المرتضي الوزير.
و(78) منها مصباح المشكاة في تثبيت الولاة (ذكرها الحبشي ضمن المجموعين السالفين) وهو ضمن مجموع بمكتبة السيد عبد الرحمان شايم [و]كان بمكتبة الإمام عزّ الدين ابن الحسن.
و(79) منها المهذّب من فتاوي الإمام المنصور، جمعه ورتبه محمد بن أسعد المرادي- خ- بمكتبة الجامع برقم: (291)، [ونسخة] أخري- خ- بمكتبة قبّة
[صفحه 25]
المهدي بصنعاء (مصادر الحبشي).
و(80) منها نبذة من إملائه عليه‌السلام، (قال الحبشي: - خ- ضمن مجموع:» 54 «(.
و(81) منها الهاشمة لأنف الضلاّل من مذاهب المطرفية الجهلة- خ- بمكتبة المتحف البريطاني برقم: (3828) ضمن مجموعة من ورقة 156 -151.
و(82) منها الياقوت المعظم نسبه الشوكاني الي الإمام عبد اللَّه بن حمزة في‌كتاب إتحاف الأكابر ص 117.
و(83) منها مجموعة رسائله ومكاتباته فيه الكثير من الرسائل السابقة ورسائل غيرها [وهي في] مكتبة السيد محمد محمد الكبسي؟ انظر محتوياته في كتابنا مصادر التراث في المكتبات الخاصة.
و (84) منسك الحجّ، أنشأ سنة 609 ه نسخة بمكتبة السيد عز الدين أحمد المؤيدي.
و(85) منها وصية البنات؟- خ- ضمن مجموع مصوّر بمكتبة عبد الرحمان شايم ومكتبة آل الضوء.
[صفحه 26]

ترجمة الشارح حميد بن أحمد المحلي‌

وأمّا حميد بن أحمد المحلّي مؤلّف كتاب محاسن الأزهار هذا- المولود سنة: (582) المستشهد عام: (652)- فهو أيضاً مترجم في مصادر؛ منها ما أورده عمر رضا كحّالة في حرف الحاء من كتابه معجم المؤلّفين: ج 4 ص 83 قال: حُمَيد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن عبد الواحد المحلّي النهمي الوادعي [19] الهمداني متكلّم من شيوخ الزيديّة تُوُفّي سنة: (652).
من تصانيفه (كتاب) العمدة في مجلّدين (و) العقد الفريد (و) الحسام الوسيط (و)عقيدة الآل (و)الحدائق الورديّة في مناقب الأئمّة الزيديّة ط الجنداري تراجم الرجال.
أقول: وقد عقد ابن أبي‌الرجال أيضاً له ترجمةً في حرف الحاء من كتاب مطلع البدور: ج 1، ص 523 قال:
العلاّمة الإمام الفقيه المحدّث شيخ الإسلام حُسام الدين؛ لسان المتكلّمين ولّي أميرالمؤمنين حُمَيد الشهيد ابن أحمد بن محمّد أحمد بن عبد الواحد بن عبد الرزّاق بن إبراهيم بن أبي‌القاسم ابن عليّ بن الحسن بن إبراهيم بن محمّد بن يزيد المحلّي- بفتح الميم فيما ضبطه السيّد العلاّمة محمّد بن عزّ الدين المنبي؟وبذلك بدأت اللطيفة؟ لسيّدنا العلاّمة محمّد بن إبراهيم السحولي أدام اللَّه عافيته في تقريضه لكتاب محاسن الأزهار في قوله:
مَحَلّ دونه أوج الثريّا
ثراه المِسك بورك من مَحَلّ
به لمحاسن الأزهار نورٌ
وللنور الجليّ به يجلّي
إذا طالعته يوماً فسلّم
علي من حلّه وعلي المحلّي
فإنّ قوله «وعلي المحلّي» فيه معنيان: أحدهما (أنّ المراد من قوله: «المحلّي») العلاّمة المذكور؛ (وثانيهما) المحل الّذي (كان) يسكن فيه؟ وقد أرصد له؟ بقوله:
[صفحه 27]
«علي من حلّه».
ولسيّدنا بدر الدين في هذا الكتاب أيضاً بعد أن وجد(ه) بخطّي:
بمحاسن الأزهار طاب مقيلي
وذهلت عن غنج أغنّ كحيل
ثمّ غفلت عن [إ]تمام الشعر، فكتب سّيد نا أجزل اللَّه مثوبته:
لم لا و قد أيقنت أنّ وروده
شرحُ الصدور وبردُ كلّ غليل
لم‌اعترض في ذكر كامل وصفه
لبسيطه ولوافر و طويل
والشمس لاتحتاج في راد الضحي
إيراد برهان و نصب دليل
لولا محبة أهل بيت محمّد
لقليت قالي في القريض و قيلي
بحديث حبّهم الصحيح تعلّلي
حسن لأنّ به شفاء غليلي
لولا محاسن آل أحمد لم يكن
بمحاسن الأزهار طاب مقيلي
و[المحلي] ضبطه بعض أولاد «حميد» بضّم الميم، [و]يعرف بالهمداني الوادعي الصنعاني رحمه الله [و] كان [رحمه الله] من كبار العلماء وأعيان اهل الطريقة والزهد، مع كمال الرئاسة والصدارة والرجوع اليه في مهمّات الإسلام.
وكان ممّن حضر مقام المنصور باللَّه، و(كان) يعدّ من عيون الحضرة؛ ثم استمرّ علي حال الكمال و تولّي تهذيب الإمام أحمد بن الحسين أيّام قراءته و للإمام إليه مكاتبات تدّل علي علوّ قدر [المترجم] حميد رحمه الله، يسمّيه بالوالد ويراجعه مراجعة المؤدّب!! وهو كذلك، وألفاظ الامام في‌المراسلات من أعذب الألفاظ.
ولمّا قام الإمام بأعباء الإمامة عضده حميد [رحمه الله] باللسان والسنان وقام معه قيام أمثاله، فكان عليه فلك الإمامة يدور؛ يتولّي مهمّاتها من وزارة و كتابة فُتيا وفصل؟ و هو علي [كلّ] حال لم يتحوّل في الزهد؟ حتيّ أن الإمام لمّا ملك صنعاء أنحل الجند (ظ) دار أمره- دون أصحاب السلطان- بآلاف من الدراهم كثيرة؟ ولم يعط الفقيه حميد شيئاً من ذلك لعلمه بحال الرجلين؟ و كان يقول: أنا أخاف علّي دعوة الإمام إن حدث بي حدث. وكان كذلك فإنها انهارت بعدة أمور، و امتدت أعناق وقد هوجم [ظ] الفقيه حميد من ذلك أشدّ المهاجمة؛ واستشهد
[صفحه 28]
بالحصبات بقرب هجر بني قطيل كما سيأتي [19].
ورأي الإمام في الليلة الّتي أسفر عنها صباح الشهادة أنّه سمع قائلاً يقول: «يقتل هذا اليوم شبيه الحسين بن عليّ السبط أو كما قال؟» فظنّ الإمام عليه‌السلام أنّه نفسه تستشهد؟ فاستشهد الفقيه رحمه الله.
وله كرامات: منها ما اشتهر من تأذين رأسه بألفاظ الأذان بعد قطعه!! وحرف الأذان معروف إلي الآن؟
ومنها ما كان في هذه الأعصار المتأخّرة من نزول طير يشبه النسر ينزل في كلّ سنة فيما مضي يزور القبر؟ وروي الثقاة أنّه غسل رجليه في‌بركة الطهور وتعمّد الطريق الطاهرة حتي دخل إلي عند القبر؟ وفعل ما يشبه فعل الزائر!! ولبث أيّاماً يتمسّح به النّاس فأطعموه فأكل وأذن المؤيد باللَّه عليه‌السلام بإطعامه من النذر فإن لقبّته رحمه الله نذوراً واسعة و أموالاً للتدريس.
ومقامه عظيم وله في الإسلام عناية، وكان يتشابه فضله وفضل القاضي العلامة عبداللَّه بن زيد العنسي‌رحمه الله [19].
قال بعض العلماء إلاّ أنّي أحسب حميداً أعلم بالمنقول (منه) والقاضي عبداللَّه (أعلم) بالمعقول؛ ولهما جملة مصنفات، ولكن اختص اللَّه حميداً بالشهادة وذلك في يوم الجمعة من شهر رمضان؛ سنة اثنتين وخمسين وستّ مائة في المعركة الّتي كانت بين أصحاب الإمام أحمد بن الحسين وبين الأمراء الحمزييّن؛ ورأس جماعة الإمام السيّد الأمير الكبير أحمد بن يحيي بن حمزة بن سليمان ابن أخي المنصور باللَّه؛ وكان من فضلاء وقته، ولمّا حّقت الهزيمة وقته؛ ولمّا حقّت الهزيمة أركب حميداً معه علي الفرس فلم يخف مكانه فقتله غلام تركي؛ و كان رأس البغي أحمد بن الإمام المنصور باللَّه و محمد بن حسن بن علي بن رسول [19] المكنّي أسد الدين،
[صفحه 29]
ومن كلام أولاد الإمام المنصور بعد قتله: لو أطاعنا حميد ما قتل ولا كان الّذي كان!
ومن كلام الامير شمس الدين أحمد بن الإمام: [19] انه لم يرض بقتل حميد ولم يرض بهذه الميتة؟ و انه كان من طلبة الدنيا، دلاّه هذا الرجل بغرور، وأوقعه في المحذور!!
فقال الإمام المهدي في‌جوابه لهذا الكلام: قوله: «لم يرض قتله» كلام غير مستقيم لأنه قاتله الّذي أجلب عليه بخيله و رجله و قتل بقوة سلطانه، والأمة مجمعة [علي] أن يزيد بن معاويه- لعنه اللَّه- قتل الحسين بن علي، و هو كان بالشام؛ و الحسين قتل بالعراق.
و(أيضاً) قال عليه‌السلام في جوابه عليه بعد كلام حذفناه: «زدت فينا المحنة وركبت سحاب الظلمة [19] قتلت ربّاني هذه الأمة، رجلاً أفني عمره في‌الذبّ عن الدين، ونشر علوم أهل بيت محمد الأمين، وأبيك أميرالمؤمنين؛ من مقاماته غررها؟ ومن مقالاته شذرها ودررها».
قلت: و قد ترجم له غير واحد [من العلماء] قال شيخنا الحافظ أحمد بن سعد الدين رضي الله عنه [19] ما لفظه: هو الفقيه العلامة، بحر العلوم الزاخر؛ و بدر الفضائل السافر حميد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الرزّاق بن إبراهيم بن‌أبي‌القاسم بن علي بن الحسن بن ابراهيم بن محمد بن يزيد بن يعيش المحلّي الوادعي الصنعاني الهمداني.
كذاكتب لي نسيه الفقيه العلامه بدر بن محمد من ذرّيته [19] وقال:
إنّ الموجود بخط حميد رحمه الله ضمّ ميم «المحلي» في مواضع؛ وأّما المحفوظ والمسموع من ألسن العلماء رضي اللَّه عنهم فبفتحها؛ ولعله من التغيير الطارئ
[صفحه 30]
علي النسب، واللَّه اعلم.
كان رضي الله عنه وحيداً في عصره فريداً في دهره شِحاكاً للملحدين [19] وغيظاً للجاحدين وسيفاً صارماً لا ينبو في‌الذّب عن الدين؛ أنفق عمره في العلم والعمل؛والردّ علي المخالفين لأهل بيت رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم، والنشر لفضائل آل محمد.
وله (رحمه الله) المصنّفات الرائقة والمعلّقات الفائقة؛ والرسائل الّتي هي بالحقّ ناطقة؛ (و) كان من أعيان شيعة الإمام المنصور باللَّه عبد اللَّه بن حمزة- سلام اللَّه عليه- علي صغر سنّه؛ ثمّ جدّ في نصرة الإمام الشهيد المهديّ لدين اللَّه أحمد بن الحسين سلام اللَّه عليه؛ حتّي أكرمه اللَّه بالشهادة بين يديه في سنة اثنتين وخمسين وستّ مائة.
وأمره رحمه الله عند أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم رضي‌اللَّه عنهم أوضح من أن يحتاج إلي الذكر (ظ).
ومن أجلّ مصنّفاته الحدائق الورديّة في ذكر أئّمة الزيدية في مجلّدين؛ وكتاب العمدة في نحو أربعة مجلّدات في أصول الدين؛ ومحاسن الأزهار في فضائل إمام الأطهار؛ وغير ذلك ممّا لاينحصر؟
أخذ (العلم) من أئمّة كبار؛ ومشايخ نحار؟ أحدهم الإمام المنصور باللَّه؛ وناهيك به!
و(عن) شيخه محمّد بن أحمد بن الوليد القرشي والشيخ أحمد بن الحسن الرصّاص؛ والفقيه عليّ بن أحمد الأكوع [19] والشيخ الحافظ عمران بن الحسن [19] والفقيه عمرو بن جميل النهدي [19] والشيخ تاج الدين زيد بن أحمد البيهقي الوارد إلي اليمن عام
[صفحه 31]
عشر وستّمائة [19] والفقيه محمّد بن إسماعيل الحضرمي الشافعي [19] وغيرهم.
وأخذ عنه علماء كبار؛ منهم ولده أحمد بن حُمَيد؛ والسيّد الجليل يحيي بن القاسم الحمزي.
وقد ذكره المؤرّخ أبومحمّد الطيّب بن عبد اللَّه بن أحمد بن عليّ أبومحرمة الحضرميّ الشافعي [19] في‌تاريخه: قلادة النحر في وفيات أهل العصر؛ فقال فيه: أبوعبداللَّه حُمَيد بن أحمد المحلّي- الزيدي مذهباً الملقّب حُسام الدين- كان من علماء الزيديّة وأفاضلهم؛ وله التصانيف الحسنة والرسائل الدقيقة؛ قتله الأشراف بنو حمزة في حرب الإمام أحمد بن الحسين ب «البون» [19].
في سنة اثنتين وخمسين وستّمائة.
وفي الليلة الّتي قتل بصبيحتها رآي الإمام (في منامه أنّ) قائلاً يقول: «يقتل اليوم نظير الحسين بن عليّ أو عليّ بن الحسين» فقتل الفقيه حُمَيد في ذلك اليوم قبل الإمام أحمد بن الحسين رحمهم اللَّه. انتهي كلامه بلفظه.
وتحقيق تاريخ قتله رحمه الله (أنّه كان) لليلتين خلتا من شهر رمضان (المبارك) سنة اثنتين وخمسين وستّمائة وعمره نحو من سبعين سنة.
[صفحه 32]
وكان مصرعه قريباً من قرية (الهجر) أعلي وادي غفار، قتله مملوك تركيّ- أو روميّ يسمّي قيصر الأبهر- للأمير أسد الدين محمّد بن الحسن بن رسول صاحب الجيش الّذي استدعاه الأشراف بنو حمزة!!
والوقعة (كانت) غربّي قرية الخصبات إلي الهضب المطلّ علي بني شاور.
واستشهد (أيضاً) في ذلك اليوم الفقيهان الفاضلان أحمد بن موسي النجار [19] وعيسي بن جابر الصعديان من أعيان شيعة الإمام المهدي عليه‌السلام في جماعة من قبائل جهات الظرف؟ وغيرهاإلي نحو من العشرين واللَّه أعلم.
هذا تمام ترجمة حُمَيد الشهيد سقناها حرفيةً عن كتاب مطلع البدور: 527: 1. أقول: وعقد له أيضاً عبدالسلام عباس الوجيه ترجمةً مختصرةً تحت الرقم: 409 من كتابه أعلام المؤلّفين الزيدية: ج 1 ص 264 وساق الكلام إلي أن قال:
ومن مؤلّفاته الحدائق الوردية في مناقب أئّمة الزيدية- تاريخ- ويحتوي علي سيرة الأئمة الزيدية إلي عصر الإمام عبداللَّه بن حمزة طبع مصوراً علي نسخة خطية، ومنه نسخ في كل من مكتبتي الأوقاف والغربية، والجامع الكبير بصنعاء، وفي مكتبة المتحف البريطاني ونسخة مصورة بدار الكتب المصرية برقم 867 وهو مشهور متوفر في المكتبات الخاصة والعامة [19].
ومحاسن الأزهار في فضل مناقب العترة الأطهار، (في مناقب أميرالمؤمنين وآل البيت عليهم‌السلام)، وهو شرح مبسط لعقيدة الإمام عبدا للَّه بن حمزة في فضائل الآل (مخطوط)، منه ثلاث نسخ في مكتبة الأوقاف بالجامع الكبير برقم (684 و
[صفحه 33]
2025/685) ونسختان في المكتبة الغربية بنفس الجامع برقم: (174/173) (تاريخ)، وأخري بالمتحف البريطاني برقم: (3820) ونسخة (أخري) بمكتبة السيد أحمد الشامي ونسخة مصورة بمكتبة السيد محمّد بن عبدالعظيم الهادي، و(نسخة) أخري مخطوطة ضمن مكتبة السيد عبدالرّحمان شايم.
عمدة المسترشدين في‌أصول الدين، (شرح عقيدة المنصور باللَّه عبداللَّه بن حمزة) أربعة أجزاء (مخطوط) الجزء الأول والثاني في مجلد برقم: (568) خطّ في القرن السابع، والجزء الثاني في مجلد برقم (569) خطّ في القرن السادس؛ و الجزء الثاني والثالث في مجلد خط سنة: (639) الهجرية برقم: (570) مكتبة الأوقاف بالجامع الكبير، (ونسخة) أخري مصورة بمكتبة السيد محمّد بن عبد العظيم الهادي (ونسخة) أخري في مجلدين بمكتبة جامع الإمام الهادي صعدة.
الثعبان النفّاث بهلاك أهل المسائل الثلاث، في الردّ علي القدرية والأشعرية (مخطوط) خط في القرن السادس في مجلد برقم: (755) بمكتبة الأوقاف الجامع الكبير من ورقة 76 -74 مصورة بدار الكتب 171.
الوسيط المفيد الجامع بين الإيضاح والعقد الفريد (مخطوط) في مجلد كبير وهو شرح لكتاب (الإيضاح لفوائد المصباح).
وكتاب (العقد الفريد في أصول العدل و التوحيد) ضمن مجموع مصور في مكتبة السيد محمّد بن عبدالعظيم الهادي، والسيد عبدالرحمان شايم.
النصيحة القاضية لقائلها بالعيشة الراضية (مخطوط) منه نسخة في مجلد برقم: (776) أوقاف من ورقة 39 إلي 109.
نصيحة الولاة الهادية إلي سبل النجاة (خ) في المكتبة التيمورية 386 مجاميع (مصادر الحبشي).
ونسخة (أخري) منها مصورة بمكتبة السيد محمّد بن عبدالعظيم الهادي خطت سنة (1321) الهجرية في 117 صفحة.
الرسالة الكاشفة عن لوازم الإمامة لطالب الأمن يوم القيامة (مخطوط) في تسع ورقات ضمن مجموع رقم (12) بالمكتبة الغربية الجامع الكبير وهو في موضوع
[صفحه 34]
الدعوة إلي إمامة الإمام المهدي أحمد بن الحسين.
عقيد الآل؟ ذكره الحسيني في مؤلفات الزيدية برقم: (2267) عن رجال الأزهار 13، ولعله عمدة المسترشدين.
الرّد علي الباطنية ذكره الحسيني في مؤلفات الزيدية برقم: (1516) عن رجال الأزهار 13، (و)لعلّه التالي.
الحسام البتّار في الردّ علي القرامطة الكفار (المستطاب- خ- مؤلفات الزيدية).أجوبة فقهية كتبها عنه ابنه عليّ بن حميد ضمن مجموع رقم 3926 مكتبة المتحف البريطاني.
مناهج الأنظار العاصمة من الأخطار في‌العقائد فرغ منه سنة (620)الهجرية- خ- في 121 ورقة بمكتبة السيد محمّد بن إسماعيل المطهر بصنعاء مصورة بدار الكتب 294 (مصادر الحبشي).
الرد علي المجبرة (رجال الأزهار 13).
العقد الفريد (رجال الأزهار 13).
رسالة إلي أحد الأشراف يحثّه علي طلب العلم- خ- مصورة ضمن مكتبة محمّد عبدالعظيم الهادي.
الرسالة الزاجرة لذوي الحجي عن الغلوّ في أئمة الهدي- خطت سنة 1049 الهجرية [ظ] ضمن مجموع 301 مكتبة آل هاشمي (ردّ فيها علي من يعتقد أن الحسين بن القاسم العياني حيّ).
وفي ختام هذه المقدّمة نذكّر القرّاء الكرام بأنّا لم نتصرّف في ألفاظ كتاب محاسن الأزهار هذا إلاّ في موارد كانت مصادر المصنّف موجودة عندي فإنّا بدّلنا في سلسلة السند لفظ المصنّف وقوله- أوقول كاتب نسخة المصنّف-: (اه) فبدّلناه بما في مصدر المصنّف الموجود عندي من قول: «حدّثنا» أو «أخبرنا» أو «أنبأنا». وأيضاً في موارد العلم بسقوط شي‌ء من لفظ الكتاب، أو عند ما احتاج لفظ الكتاب إلي ما يوضحه أو يجمّله، فعند ما طرأ شي من ذلك أكملنا ماسقط من الأصل أو احتاج السياق إليه، وأثبتنا ما إليه الحاجة ووضعناه بين المعقوفين
[صفحه 35]
أوالقوسين دلالةً علي زيادتها وعلي أنّها- أي الزيادة الموضوعة ما بين المعقوفين أو القوسين- لم تكن موجودةً في نسختي وأصلي‌المخطوط.
قال المحمودي: هذا آخر ما أحببنا ذكره في ترجمة الناظم المنصور باللَّه، والشارح حميد المحلي رحمهما اللَّه وإيّانا بفضله العميم، وإليك الآن نصّ نسخة محاسن الأزهار التي بعث بها إلينا سيّدنا الأجلّ محمد بن الحسن بن محمد بن يحيي العجري الحسني المؤيّدي أيّده اللَّه تعالي وأطال أيّام بركاته، وهي مكتوبة في سنة ستّين بعد الألف من الهجرة.
[صفحه 37]

متن الكتاب: منظومة الإمام منصور بالله

بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم، وبه نستعين /2/
نشدتك اللَّه بآلائه
وبالنّبي المصطفي والوصيّ(1)
أبوك أولي يابن عمّي بها
فيما تراه منصفاً أو أبي؟(2)
أيّهما نصّ بها أحمد
له علي المكّي واليثربي؟(3)
و كم له من موقف ظاهر
أظهر فيه أنّ هذا أخي(4)
و من غداة الطير بيّن لنا
خصّ بأكل الطائر المشتوي؟(5)
و من عدا هارون بالنّص ما
استثني سوي أن ليس بعدي نبّي؟(6)
و في حنين من فتي جمعها؟
وحسّ بالصّارم جيش الغويّ؟(7)
و يوم بدر من حمي سربه؟
بالسيف والنّاس حياري جثييّ؟(8)
و خيبر من نال من مرحب؟
مالم يكن يطمع فيه الكميّ(9)
و من دحي بالباب من خيبر؟
فعزّ من يرجعه إذ دحي (10)
وصبحة الخندق من ضرّح ال
ضرغام عَمراً ذلك
القسوري؟(11)
و من له الزّلفة يوم الكسا
والشّرف الأعظم لمّا كُسِي؟(12)
و من بساط جاء من خندف
زار به الكهف وصبحاً ثني؟(13)
و من أتي جبريل بالماء حتي
قام بالفرض و منه سقي؟(13)
و من هوي الكوكب من أجله؟
وفاز بالوحي الّذي قد وحي؟(14)
وآكل القطف الّذي جاء من
جنّات عدن زفّ زفّ الهدي؟(15)
و من رقي جنب أبي‌القاسم ال
طهر لكسر الندّ لا ينثني؟(16)
و من فدا أحمد بدر الدجا؟
نفسي فداء للفدا والفدي؟(17)
و من قسيم النّار بيّن لنا
تقول: هذا لي و هذا لذي؟(18)
و زلفة الكوثر من ربّها؟
يسقي و يقصي بعضهم بالعصيّ(19)
و من لواء الحمد في كفّة؟
[صفحه 38]
أخفّ من معضدة المختلي؟(20)
و من شبيه النّاقة الحجّة
العظمي علي حيّ ثمود العصيّ؟(21)
و من زكا خاتمه راكعاً؟
فقال فيه اللَّه هذا وليّ (22)
و من سمّاه اللَّه في ذكره المؤ
من والزّاري عليه الشّقي؟(23)
و من به يعرف حزب الهدي
و حزب إبليس اللعين الرّدي؟(24)
و قاتل الناكث و القاسط
الظالم والمارق رّب الثدي؟(25)
من زوّج الزهرا الحصان الّتي
لم يعلم الناس لها من سمّي؟(26)
من نجّل السّبطين بيّن لنا
عمّي (أ)و محمود السّجايا أبي؟(27)
قد أنجبا نيران حرب و في
السّلم فرات السلسبيل الرّوي(28)
بدور تمّ وبحار العطا
وأسد خفّان و جنّ البديّ(29)
علومهم تخبر عن حالهم
فاسأل بها الطبّ الخبير الحفّي(30)
في كل فنٍّ لهم مذهب
في العلم يهديك بأمرٍ جلّي(31)
لم يشربوا الخمر و لا شاقهم
ترجيع ألحان حروف الّرويّ(32)
و لا دعوا ساقيهم سحرة
قم هات مشمولة قطّر بليّ(33)
أورادهم بالليل معروفة
بأفضل المتلوّ لمّا تلي (34)
وإن بدت حرب فهم أسدها
حين يصير الليث مثل الطلّي(35)
و قد دعونا فاقض ما بيننا
فأيّنا أولي بها يا أخي (36)
من لم ير المنكر ولم يشرب ال
خمر ولم ينطق بقولٍ بذيّ(37)
نشأته طاهرة مذ نشا
يقفو علي نهج أبيه عليّ (38)
يحمي علي الخيل إذا أدبرت
و يبذل المال ويهدي العمّي(39)
و ينظر الدنيا وإن زخرفت
يابن أبيه نظر المزدري؟(40)
وإن بدت حرب تجلّي لها
بعزمة تهزأ بالمشرفّي (41)
ردّوا علينا يا بني عمّنا
تراثنا ما الأمر فيه غبّي؟(42)
و سلّموا الأمر لأربابه
فأصلكم أصل شريف زكيّ(43)
[صفحه 39]
وصلي اللَّه علي سيّدنا محمد وآله [20].
[صفحه 41]

مقدمة المؤلف

بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم، وبه نستعين، وصلي اللَّه علي محمّد وآله/4/
قال الفقيه الأجلّ العالم حسام الدين؛ عمدة الموحّدين حُميد بن أحمد المحلّي- أجزل اللَّه ثوابه-:
الحمد للَّه الّذي ذلّل لأوليائه سبل المعارف تذليلا؛ و سقاهم من شراب الحكمة عذباً سمهجا سلسبيلا [41] وقذف في قلوبهم نوراً أضحي ينسخ شبهات الزيغ كفيلا، و شرح صدورهم بلطفه تشريفا لهم و تفضيلا، و شفا بهدايتهم من أفئدتهم عليلا [42] ونقع بمعين اليقين منهم غليلا [43] الّذي ولهت ألباب ذوي الألباب في عظمته وكبريائه، ورجعت أبصار ذوي البصائر خاسئة حسيرة عن الإحاطة بكنه علائه، المتعالي عن الظهير في ابتداء خلقه وإنشائه، القادر علي إعادته بعد إفنائه، الحكيم في تدبير عباده ببلائه وابتلائه، العدل فلا جور في قدره وقضائه.
وأشهد أن لا إله إلاّ اللَّه وحده لا شريك له، القاهر بعزّته كافة البرايا، المفيض علي عباده سجال الجود والعطايا [24] المقدّس عن الأشباه، المتعالي عن الأعوان والكفاة.
و أشهد أن محمّدا عبده و نبيّه و حبيبه و نجيّه، طامس معالم الجهالة [و] ماحي رسوم الضلالة [25] المصطفي علي كافة الأنام، و المعتام علي خاصّ البريّة و العام [26] الّذي أكرمه بالأسري لمناجاته، و أراه عجائب ملكوته في عرشه و سماواته، وحباه بالعالي من درجاته، و قضي له بالحظُّ الأسني من كراماته، و جعل له
[صفحه 42]
لسان صدقٍ لايبلي، و رفع له ذكراً يتجدد و لا ينسي صلي اللَّه عليه صلاةً تقضي له بالكرامة و الفوز بعوالي الغرف في ذري دار المقامة [27].
و علي أخيه و وصيّه و خليفته ووليّه أولي الخلق بمقامه، وأعرفهم بغوامض أحكامه وأسبقهم الي التصديق و أعلمهم علي التحقيق، ذي المواقف الظاهرة، والمناقب الباهرة، خير الإنس والجِنّة، المكرم بأكل قطوف الجَنّة، رب الفضائل والجدي [28] ومن به يعرف حزب الهدي، قسيم الرسول في جواهره، و شريكه في شرف عنصره، مقلّد المتن أبي‌الحسين والحسن، جمّ المناقب علّي بن أبي‌طالب، وعلي زوجته سيّدة نساء الأنام، والمعصومة من مقارفة الأثام، الإنسية الحورية بنصُّ الصادق المختار، ومن يغضب لغضبها العزيز الجبّار، وعلي ولديها الزكيّين الكاملين الوليّين أبوي العترة الأطهار، وسيّدي شباب أهل دار القرار، و علي ذريّتهما الذّين سادوا الخلائق في الأقطار، و ظهر شرفهم عند البادين و الحضّار، الهدي إليهم ينسب، والفضل بهم يعضب؟ [29] قادة الخلق الي دارالسلام و أئمّة العلم و الأحكام.
اما بعد: فإنّي تدبّرت القصيدة الّتي أنشأها مولانا الإمام- مجد الإسلام /5/ و تاج العترة المكلل في زمانه، والناظم لشذور العلم و ترجمانه [ظ] حامي حمي الإسلام و المعفي لربوع الكفر و الإجرام صفوة العترة النبوية، شرف الأسرة العلوية، ذو السعي المشكور، والفضل المشهور، والمجد الموفور، الإمام المنصور باللَّه أميرالمؤمنين الخليفة الصادع بالحق المبين- أبومحمّد عبد اللَّه بن حمزة بن سليمان الحسني- [30] رفع اللَّه درجته في دار السّلام، و حباه بالعالي من مننه الجسام- و [أرسلها] إلي صاحب بغداد في وقته و هو الملقب بالناصر أبوالعباس أحمد بن الحسن بن يوسف بن أحمد بن المسترشد أبي‌الفضل بن أحمد بن المستظهر بن القائم
[صفحه 43]
بن القادر بن أحمد- [31]
فوجدته عليه‌السلام قد ضمّنها نكتاً شافيةً في فضائل أميرالمؤمنين علي عليه‌السلام وفضائل العترة عليه‌السلام، فرأيت أن أفصّل تلك الآثار و أنقلها بالإسناد إلي النّبي المختار صلي اللَّه عليه و علي آله الأطهار، و أذكر فوائدها وكيفية دلالتها علي فضل أميرالمؤمنين عليه‌السلام علي ضرب من التّفصيل فإنّ ذلك يزيد المفضل له علي سائر الصحابة بصيرةً و يكبت أعداءه الذّين غمضوا فضله وجهدوا نبله، وإن كان فضله ظاهراً ونور مجده باهراً يغشي أبصار الحسّاد، ويفتت في‌أعضاد ذوي‌النصب والعناد، وللَّه [درّ] القائل:
وفي تعبٍ من يحسد الشمس ضوءها
ويعجز أن يأتي لها بضريبٍ
وربما نذكر مع ما يعرض من الألفاظ اللغوية ما يعم [ظ] من الفوايد الّتي يعود إليها ألفاظ البيت، و لا يتم الكشف عن تفصيل معناه إلاّ بها، من غزوة مذكورة أو مسألة شرعية أو عقلية، ليكون ذلك أقرب إلي تفصيل ما تضمّنته القصيدة، وجعلت ذلك لوجهين: أحدهما البرّ للإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام في إيضاح ما أجمله وتفصيل ما نظمه.
[صفحه 44]
وثانيهما الرّعاية لحق أميرالمؤمنين عليه‌السلام الّذي ألزمه اللَّه تعالي الخلق فنبذ كثير منهم حقّه و غمط سبقه وقدّموا عليه سواه!! و أخّروه عن أمرٍ هو أولي به ممّن عداه، و ليت أنه لم يتعدّ ذلك الجهّال إلي الموالاة لعدوّه و عدوّ اللَّه تعالي و رسوله، معاوية بن أبي‌سفيان فإن الجبرية و الحشوية [32]. وغيرهم من الطغام يرون أنه من أولياء اللَّه تعالي الذّين يسكنهم غرف جنانه و يقضي لهم بالفوز من [الخلاص من] نيرانه و يزعم من يدّعي التّحقيق منهم أن الخطأ الواقع منه إنّما هو في مسألة اجتهادية لا توجب التفسيق والخروج عن الدّين.
وهذا قول ينادي علي صاحبه (قائله «خ») بالخزي عند المنصفين، وكيف يكون كذلك وقد قتل بسببه خلق كثير من المسلمين وعيون الصّحابة رضي اللَّه عنهم.
ولمّا كان مذهب الجبرية قد طبّق الآفاق، و عظمت بهم البليّة في‌الدين، رأيت أن أوضح /6/ من ذلك ما لعلّه يردع الواقف منهم عليه، و يلفت ليته عما أخلد من‌الغواية إليه [33] وإن كان الحال في فسق معاوية عند ارباب المعرفة يحكي فلق الصباح الأنور، بل شعاع الشمس عند الظهر بل أظهر [34] وإنما غلبت عليهم هذه البدعة وأشربوا في قلوبهم حبّ هذه الشنعة، فحقّ حينئذ أن يكشف عن عوارها و يقشع عن ديجورها من الأدلة المتلألي‌ء أنوارها لاسيما مع اتّصال كثير من نوّابهم بنا، و رجوعهم إلي عقيدتنا- فحدانا هذا الغرض إلي ذلك مع ما:
اخبرنا به الفقيه الأجلّ الزاهد،العالم المجاهد بهاء الدين أبوالحسن علّي بن أحمد بن‌الحسين الأكوع رضي الله عنه [35] مناولة وإجازة قال: حدّثنا عفيف الدّين علي بن محمّد
[صفحه 45]
بن حامد اليمني الصنعاني قال حدّثنا ابوالحسن علي بن أبي‌الفوارس بن أبي‌براز بن الشرفية قال: حدثنا القاضي الأجلّ العدل عزّ الدين (ظ) هبة الكريم بن الحسن بن الفرح بن حبانش رحمه الله، في شهر اللَّه الأصمّ رجب في سنة إحدي و سبعين و خمسمائة، قال: أنبأني جدّي القاضي أبوعبداللَّه محمد بن علي بن محمد بن الطيبّ الجلاّبي‌رحمه الله قال: أخبرني أبي‌العدل أبوالحسن علي بن محمد الجلاّبي الخطيب [36] قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطّار الفقيه الشافعي رضي الله عنه بقراءتي عليه فأقرّ به، قلت: أخبركم أبومحمد عبدالللَّه بن محمد بن عثمان المزني الملقب بابن السفّاء الحافظ الواسطي رحمه اللَّه تعالي قال: حدثني محمد بن علي بن معمر الكوفي قال: حدثنا حمدان بن المعافي قال: حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عايشه (رض) قالت:
قال رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله و سلم: «ذكر عليّ عبادة» [37].
وأخبرنا الفقيه الأجل العالم الحافظ جمال الدين عمران بن الحسن بن ناصر أسعده اللَّه قراءة قال: أخبرنا الشيخ الأجلّ العالم عفيف الدين حنظلة بن الحسن بن شعبان رحمه اللَّه قرأةً عليه [38]. قال: أخبرنا القاضي الأجلّ الإمام شمس الدين جمال الإسلام أبوالفضل جعفر بن أحمد بن عبدالسلام بن أبي‌يحيي رضوان اللَّه عليه قال: أخبرنا الفقيه الإمام سيف العرب محمد بن مفرح المسهدي المضري
[صفحه 46]
حرس اللَّه مهجته بقراءتي عليه [39] قال: أخبرنا الشيخ صدر الأئمّة موفق بن أحمد المكي الخوارزمي قراءة عليه و أنا أسمع [40] قال: أنبأني الإمام الحافظ صدر الحفّاظ أبوالعلاء الحسن بن أحمد العطّار الهَمَداني و قاضي القضاة الإمام الأجلّ نجم الدين أبومنصور محمد بن حسين بن محمد البغدادي قالا: [41] أنبأنا الشريف الإمام الأجل نورالهدي أبوطالب الحسين بن محمد بن علي الزينبي رحمه اللَّه تعالي عن‌الامام محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان [42] قال: حدّثني أبومحمد
[صفحه 47]
الحسن بن /7/ أحمد بن مخلّد المخلدي من كتابه عن الحسين بن إسحاق، عن محمّد بن زكريا، عن جعفر بن محمّد بن عماّر، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه:
عن أميرالمؤمنين عليهم‌السلام قال: قال رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّ اللَّه تعالي جعل لأخي علي عليه‌السلام فضائل لا تحصي كثرةً فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرّاً بها غفر اللَّه له ما تقدّم من ذنبه [وماتأخّر] و من كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر [له] ما بقي‌لتلك الكتابة رسم، و من استمع الي فضيلة من فضائله غفراللَّه له الذنوب الّتي اكتسبها بالإستماع، ومن نظر إلي كتاب من فضائله غفراللَّه له الذنوب الّتي اكتسبها بالنظر».
ثم قال: «النظر إلي علي بن أبي‌طالب عبادة و ذكره عبادة، و لا يقبل اللَّه إيمان عبد إلاّ بولايته و البراءة من أعدائه».
وكفي بهذا الخبر الشريف حاثّاً علي تفصيل مناقبه عليه‌السلام، والإشادة بذكرها والتشاغل بها، ونحن نرجو اللَّه تعالي أن يضاعف أجرنا، ويجزل برّنا علي رعاية حقّه وحقّ نبيّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم في عترته عليهم‌السلام والذّب عنهم وأن يمنحنا علي ذلك توبةً نصوحاً تكون قريبةً لآجالنا وخاتمةً لأعمالنا وهديً في‌كافّة الأحوال، وتسديداً في‌جميع الأعمال حتّي تخلص أعمالنا لوجهه، وتطابق رضاه ومحبوبه.
وإذا كان المقصود من هذا الكتاب هو التفضيل لأميرالمؤمنين علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام لم يكن لأحد أن ينسبنا- إذا كشفنا عن فوائد الأخبار، وبالغنا فيها- إلي أنّا نعتقد تفسيق المشايخ، أو أنّا قصدنا النقص لهم وإنّ بالغنا في تفصيل مناقبه الّتي خصّ بها دونهم!! وحقّقنا مزاياه الّتي تفرّد بها عنهم، ونحن مع ذلك نعوذ باللَّه تعالي من العصبيّة الّتي تقود إلي الضلال، وتَؤُل بصاحبها شرّ مآل، ونسأله أن
[صفحه 48]
يهدينا لسلوك الطريقة المثلي والسبيل الواضحة الوسطي الّتي هي بين الغلوّ والتقصير، والإفراط والتفريط، إنّه ولّي كلّ فضل، وكاشف كلّ عظيمةٍ وأزل [43].

شرح الابيات: منظومة الامام منصور بالله‌

وفيه معني لفظ الجلالة والمناشدة

[هذا أوان الإبتداء لشرح ما أفاده الإمام المنصور باللَّه في قصيدته فنقول:]
قال الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام:
نشدتك اللَّه بآلائه
وبالنبّي المصطفي والوصّي
نشدتك اللَّه /8/ فأنشدك باللَّه؟ بمعنيً واحد، وهو يريد سألتك باللَّه. ونشد الضالّة [علي زنة ضرب ونصر وبابهما] أي سأل عنها، وأنشد بها أي عرّفها [44].
ومن الأّول حديث المناشدة، وهو حديث مشهور أورد به أميرالمؤمنين علّي بن أبي‌طالب عليه‌السلام يوم الشوري [45] لمّا اجتمع الذّين أوصي إليهم عمر بالإمامة، وهم علّي عليه‌السلام وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمان بن عوف، وسعد بن أبي‌وقّاص، فدخل معهم علّي عليه‌السلام ليتوصّل إلي إقامة الحجّة عليهم، فذكر [علّي عليه‌السلام لنفسه] مناقب كثيرة، وصدّر كلّ منقبة منها بقوله: «أنشدكم اللَّه هل فيكم من قال فيه اللَّه كذا وكذا؟ ومن قال فيه رسول اللَّه كذا وكذا؟».
وفي كلّ واحدة منها يقولون: «اللهمّ لا، نعلمه» اعترافاً بصحّة ما قاله عليه‌السلام من الإنفراد بمناقبه الّتي رواها.
ثمّ لم يغن عنه ما ذكره شيئاً فيما قصده وأراده مع وضوحه وجلائه وظهور مراد اللَّه تعالي ومراد نبيّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بل صمّموا علي تقديم غيره عليه، لغير فضيلة انفرد بها عنه، ولا منقبة امتاز بها منه!!.
وليس ذلك بأعجب من إيصاء عمر إليهم بالإمامة و مساواته بينهم فيها وجعلهم علي سواء في استحقاقها ولا نعلم أحداً ينصف من الأمة يلتبس عليه الحال في أن عليّاً عليه‌السلام له الفضل علي عبد الرّحمان بن عوف فكيف يساوي بينه و
[صفحه 49]
بين علّي عليه‌السلام في استحقاق الإمامة، فلمّا طرق لهم عمر بن الخطّاب هذا الباب، جاءُوا فيه بشي‌ء عجاب، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، «وربّك أعلم بما تكنّ صدورهم وما يعلنون» [46].
فدع عنك نهباً صيح في‌حجراته[فهات حديثاً ما حديث الرواحل] والشأن في معاوية بن أبي‌سفيان، و ماصار عليه الطبق الأدهم، و السواد الأعظم الذّين هم كالأنعام بل هم أضلّ سبيلاً من تحسين الظنّ به و موالاته! بل تعدّي الحال الي أن يعض المارقين جعله أميرالمؤمنين!! رأيت ذلك في تصنيف لبعض الأشاعرة [47].
وصرّح بعضهم بأنّه إذا تصدّي واحد للإمامة و هو فاسق جاهل، و غلب علي‌الأمر و عارضه مستجمع لشرائط الإمامة لم يكن له ذلك، ولاتبطل إمامة الأول ولا تجوز معاضدة الثاني عليه!! قال: وإلا كنّا بمنزلة من يبني قصراً ويهدم مصراً [48].
وهذا عناد لكتاب [اللَّه تعالي] حيث يقول ربّ الأرباب في قصة إبراهبم الخليل صلي‌اللَّه عليه وآله و سلم: «إنّي /9/ جاعلك للناس إ ماماً قال ومن ذرّيتي قال لاينال عهدي الظالمين» [124/البقرة: 2].
والمراد بالعهد الإمامة لأنّه الّذي سبق ذكره في الكتاب فكان مقصوداً بالذكر. وهذا عارض في الكلام و المقصود بيان المناشدة، فسمّي هذا[الحديث] حديث المناشدة لما ذكرناه، و هو ظاهر معروف، و سنذكره في‌آخر هذا الكتاب إن شاء اللَّه تعالي [49].
وأّما [اللَّه] فقد اختلفوا في هذه اللفظة هل هي مشتقّة أم لا؟ فذهب الأكثر من
[صفحه 50]
العلماء إلي أنّها مشتقّة واختلفوا في وجه اشتقاقها فمنهم من قال: إنها مشتقّة من الوله وهو التحيّر في الشي‌ء، قال الشاعر:
وبيداء تيهٍ تأله العين وَسْطها
فلمّا كانت العقول تتحيّر في كنه صفته تعالي سمّي إلهاً.
وقيل: هو مشتّق من قولهم: ألهت إلي فلان أي سكنت إليه، فلمّا كان الخلق يسكنون إليه وتطمئنّ القلوب بذكره سمّي إلهاً.
وقيل: اشتقّ من «لاه[يلوه]» أي احتجب، تقول العرب: لاهت العروس تلوه لوهاً أي احتجبت. فلمّاكان [اللَّه] تعالي محتجباً عن الأبصار بمعني أنّها لاتراه سمّي إلهاً.
وقيل: هو مأخوذ من قول العرب: ألهت بالمكان أي‌أقمت به، قال الشاعر:
ألهنا بدارٍ ما تبيد رسومها
كأنّ بقاياها يسام علي اليد!
فلمّا كان اللَّه تعالي يبقي علي الدوام ولا يعتريه الفناء سمّي إلهاً.
وقيل: إنّه مشتقّ من التألّه وهو التعبّد والتنسّك، قال رؤبة:
لله درٌّ الغانيات المدّه
سبّحن واسترجعن عن تألّه
أي من تعبّدٍ وتنسّك، فلمّا كان الخلق يتعبّدون للَّه تعالي سمّي‌إلهاً.
وهذا هو الأشبه بوضع هذه اللفظة عند أهل اللغة، وبهذا سمّوا الأصنام آلهةً لاعتقادهم أنّ العبادة تحقّ لها، وهم وإن كانوا قد أخطأوا في‌التسمية غير أنّ ذلك لايخرج الإشتقاق عن كونه صواباً حيث يصحّ معناه.
وقد وجدنا هذه الفائدة مقصورةً علي القديم تعالي فإنّ العبادة هي‌نهاية الخضوع والتذلّل للمعبود، ولهذا قيل: طريق معبّد أي مذلّل بكثرة السلوك فيه، ومنه سمّي‌العبد عبداً لأنّه قد ذلّل نفسه بالخدمة لسيّده.
ولمّا كان اللَّه تعالي مالك الخلق كافّةً وآثارالذلّ عليهم بادية، وعلامة الخضوع فيهم ظاهرة، سمّوا عبيداً فإنّ حالتهم في‌عبوديّته تعالي آكد من العبد شاهداً مع سيّده فإنّه إنّما ملكه شرعاً بتمليك ربّ العالمين، ولا مجال للعقل في‌ملك عاقل لعاقلٍ آخر، وإنّما /10/ حكم تعالي بذلك وقضاه وهو لايقضي‌إلاّ بالحق واللَّه تعالي مالك لخلقه عقلاً و شرعاً.
[صفحه 51]
ثم قد صارت هذه اللفظة مفيدة للمدح علي وجه؟ و لهذا يقال في الرسول صلي اللَّه عليه وآله و سلم إنّه رسول اللَّه و عبده و خيرته من خلقه، فيجعل هذه اللفظة مفيدة للمدح حيث صارت متوسطة بين أوصاف المدح، ولايجوز عند أرباب اللسان أن يتوسّط بين أوصاف المدح ما ليس بمدح، وإنّما كانت مدحاً في حقه صلي اللَّه عليه وآله و سلم لأنّه ذلّل نفسه طوعاً للَّه تعالي و عبّد‌ها حيث كان دؤباً في‌العبادة ليلاًً و نهاراً.
ولهذا روي أنّه صلّي حتّي تورّمت قدماه أوساقاه، فقيل: يا رسول اللَّه أليس قد غفراللَّه لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخّر؟ فقال: «أفلا أكون عبدًا شكوراً»؟ وإنّما حقّت له سبحانه العبادة لأنّه منعم بأصول النعم من خلق الحّي وخلق حياته وشهوته، و تمكينه من المشتهي وإكمال العقل الّذي هو أساس الخيرات في الدنيا والدين.
فلما أنعم [اللَّه] تعالي بهذه النعم الّتي يتعذّر علي غيره الإنعام بها- بل بواحدة منها- كان إلهاً حيث حقّت له العبادة، و كانت لفظة الإله مجراةً عليه علي الخصوص، ولم يجز إجراؤ‌ها علي غيره، ولا خلاف بين المسلمين في‌ذلك.
وأّما قوله تعالي: «وانظر إلي إلهك الّذي ظلت عليه عاكفاً» [97/طه: 20] فإنه أراد علي زعمك وفي رأيك وإّلا فهوجماد، وأراد أن يعطف عليه بما يبطل ما يصوّره السامري؟ من كونه إلهاً بقوله: «لنحّرقنّه ثم لننسفنّه في اليمّ نسفاً» [97/طه: 20] ولو كان إلهاً علي الحقيقة لما اعتراه الذهاب والهلاك لأن الإله في الحقيقة يدفع عن غيره فكيف لا يدفع عن نفسه؟ وقال تعالي بعد ذلك: «إنّما إلهكم اللَّه الذي لا إله إلا هو و سع كل شي‌ء علماً» [98: طه: 20] محققاً تفرّده يالإلهية حيث قال: (إنّما) و هي تدلّ علي نفي ما عدا ما دخلت عليه، ألا تري أنه إذا جري الكلام في علماء ذكروا بالفضل والتفدم فقلت: إنّما العالم زيد. فهم أرباب اللسان أنّك جعلت له مزيداً علي سواه و رتبةً علي من عداه!!
ثم [إنه تعالي] و صف نفسه بصفة الكمال حيث قال: «وسع كلّ شي‌ء علماً» [98/طه: 20] يعني أحاط بكلّ شي‌ء علماً، ومن كان كذالك كان جديراً بالإلهية، فهذا معني الإله.
[صفحه 52]
وأما الآلاء فهي النعم، و علي هذا قال تعالي: «فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان» [13/الرحمان: 55].
وفيل: إن (إلي) واحد الآلاء نحو معاء و أمعاء.
وتأوّل بعضهم قوله [تعالي]: «وجوه يومنذ ناضرة - إلي ربها ناظرة» [23 -22/القيامة: 75] علي أنّ (إلي) واحد الآ لاء و هي النعم فيصير تقدير الآية/11/[أنّها إلي] نعمة ربّها ناظرة، و لكن (إلي) لايكون حرف تعدية علي هذا.
وأّما النبّي فاعلم أن هذه اللفظة قد تهمز وقد لا تهمز، فإذا همزت أفادت الإنباء وهو الإخبار تقول: أنبأني‌فلان أي أخبرني قال اللَّه تعالي: «من أنبأك هذا» [3/التحريم: 66] أي من أخبرك به.
وقال تعالي: «عمّ يتسائلون عن النبأ العظيم» [2-1/النبأ: 78].
ومعني هذه‌اللّفظة عند الهمز أنّه مخبر [عن ا]للَّه تعالي أي إنّ اللَّه تعالي أخبره فهو نبي‌ء بمعني منبئ وقد يجي‌ء فعيل بمعني مفعل كحكيم بمعني محكم قال الشاعر:
وقصيدة تأتي الملوك حكيمة؟
قد قلتها ليقال من ذا قالها
أي محكمة وهو منبي عن اللَّه تعالي ومخبر عنه أي إنه أخبر عباده عنه بما حمله إليهم [فهو] مخبر و مخبّر، هذا إذا همزت هذه اللفظة.
وأما إذا لم تهمز، فإنّها تفيد الرفعة والجلالة، قال الشاعر:
لأصبح رثما؟ دقاق الحصي
مكان النبّي من الكاثب
قال الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام: وأحسب أنّ معني هذا البيت صفة بشدّة الإيجاف؟ وأنّه يريد بالنبيّ هاهنا الراكب علي ظهر الفرس أوالراحلة فأدمي خفّها أو حافرها ذلك النبيّ:
وقوله: «مكان» أي بمكان، فحذف اللام، فأمّا (الكاثب) فهو منسح الفرس؟ ويجوز أن يستعار لكاهل البعير ونحوه.
والنباوة؟: هي‌الرفعة، فإذا قيل: نبّي‌اللَّه- بالتشديد- فالمراد بذلك أنّه رفيع المنزلة لديه، وهو صلي‌اللَّه عليه وآله كذلك، ولهذا أعلن اللَّه بشرفه ورفع قدره حيث قرن ذكره بذكره، وهو معني قوله تعالي: «ورفعنا لك ذكرك» [14/الانشراح: 94].
[صفحه 53]
وأمّا المصطفي فهو المختار، قال اللَّه تعالي: «إنّ اللَّه اصطفي آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران علي العالمين» [33/آل عمران: 3] يريد [اللَّه تعالي من قوله: «اصطفي»] اختار.
وقال تعالي: «يا مريم إنّ اللَّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك» [42/آل عمران: 3] أي اختارك.
والصفوة: الخلاصة من الشي‌ء والخيار منه، والإصطفاء والاختيار والاجتباء كلّه بمعنيً واحد.
والمصطفي هاهنا هو سيدّ الأوّلين والآخرين وخاتم الأنبياء والمرسلين- صلي اللَّه عليه وعلي آله الأكرمين- محمد بن عبد اللَّه بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار.
هكذا روينا عنه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم، وفي خبر آخر عنه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن الهميشع بن ثابت بن إسماعيل بن إبراهيم بن خليل الرحمان بن آزر».
وأمّا الوصيّ فهو المأمور بتنفيذ أمرٍ عن غيره، وعلي هذا قال تعالي: «ووصّي بها إبراهيم بنيه ويعقوب/12/يا بنيّ إنّ اللَّه اصطفي لكم الدين فلا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون» [132/البقرة: 2].
وأوصيووصيّ بمعنيً واحد، والمراد به الأمر.
وقد صار الوصّي في الشرع الشريف عبارة عمّن يلي‌التصرّفات عن غيره بتولية ذلك الغير له بعد موته في ماله وولده وما إليه [يؤل أمره].
و[إنّما] قلت: «بتولية ذلك الغير» لنحترز من الجدّ فإنّه يلي‌التصرّفات علي أولاد ابنه الصغار ومالهم بعد موت أبيهم إذالم يوص أبوهم إلي أحد، ولا يكون الجدّ وصيّاً في هذه الحالة لما لم يسند إليه التصّرف من ابنه المتوفّي ولهذا لايكون له ولاية مع الوصّي في مال ولد ابنه، فلو لم يعتبر ما ذكرناه لوجب فيه أن يكون وصيّا، ولا شبهة أنّه لا يوصف بأنّه وصّي لمجرّد هذه الولاية.
وكذلك حال الإمام [فإنّ] له الولاية علي الصغار في أنفسهم وأموالهم عند عدم وصّي أبيهم والجدّ ووصيّ الجدّ ولا يكون وصيّاً بذلك.
[صفحه 54]
والوجه في ذلك كلّه أنّ كلّ واحد منهما لم يستفد الولاية من والد الأيتام قبل موته فلم يكن واحد منهما وصيّاً لأنّ هذه اللفظة من الألفاظ المتعدّية فهي يقتضي موصياً وموصيً إليه وموصيً به وفيه.
وقلنا: في‌الجدّ: «بعد موته» احترزنا به من الوكيل فإنّه وإن كان له التصرّف عن غيره بأمره إلاّ أنّه لايكون وصيّاً لأنّه لا يتصرّف في ذلك بعد موته، لأنّ الوكالة تبطل بموت الموكّل بلا خلاف.
وأمّا ولاية والي الإمام فقد اختلف العلماء في أنّها هل تبطل بموته أم لا؟ فذهب السيّد المؤيّد باللَّه قدّس روحه إلي أنّها لاتبطل بموت الإمام، وهو اختيار الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام في جماعة من أهل العلم.
وذكر السيّد أبوطالب عليه‌السلام أنّها تبطل وهو قول جماعة من العلماء، فإن ثبتت؟ فإنّه لايكون وصيّاً لأنّه لايملك التصرّف علي مال الإمام وأولاده الصغار،وإنّما يملكه في غير ذلك، فلم يكن وصيّاً بإعتبار هذه الولاية.
وقلنا في الجدّ: «وما إليه» أردنا بذلك أن يكون الموصي وصيّاً لغيره قبيل وصيّه ممّا وليه أوّلاً؟
والوصّي المقصود بالذكر هو أميرالؤمنين علّي بن أبي‌طالب عليه‌السلام وعلي أبنائه الكرام، وقد انعقد الإجماع من‌الأمّة علي إطلاق هذه اللفظة عليه دون غيره من المشايخ الثلاثة وسائرالصحابة، وقد صارت حقيقةً فيه، فإذا قيل: قال وصّي رسول اللَّه، أو فعل وصّي الرسول، لم يسبق إلي الأفهام إلاّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام دون سائرالصحابة [50] ولم يدّع أحد من الأمّة ذلك لهم، وفي هذا عبرة لمن اعتبر،
[صفحه 56]
وتبصرة لمن تدبّر!!
وليت شعري كيف يكون وصيّاً علي الأمّة عموماً والثلاثة أئمّة قبله؟ وولايتهم عند من قال بإمامتهم ثابتة!! وهل في ذلك إلاّ المناقضة الّتي لاتخفي علي منصف.
وقد وردت آثار كثيرة في هذا المعني عن النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم بطرق جمّة، ونحن نذكر منها خبراً في هذا المعني فنقول:
أخبرنا الشيخ الفاضل العالم الصالح محي الدين عمدة الموحّدين أبومحمد؟ عبد اللَّه [بن] محمد بن أحمد بن الوليد القرشي [51] رضوان اللَّه عليه /13/ قراءةً عليه، قال: أخبرنا القاضي الأجلّ الإمام شمس الدين جمال الإسلام جعفر بن أحمد بن أبي‌يحيي رضوان اللَّه عليه، قال: أخبرنا القاضي الإمام أحمد بن أبي‌الحسن الكني أسعده اللَّه، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد فخرالدين أبوالحسين زيد بن الحسن بن عليّ البيهقي بقراءتي عليه- قدم علينا الرّي- والشيخ الإمام الأفضل مجد الدين عبد المجيد بن عبد الغفّار بن أبي‌سعد الإستراباذي‌الزيدي رحمه اللَّه، قال: أخبرنا السيّد الإمام أبوالحسن علّي بن محمد بن جعفر الحسيني النقيب باستراباذ في شهر اللَّه الأصمّ رجب سنة ثماني عشر وخمس مائة، قال: أخبرنا والدي‌السيّد أبوجعفر محمد بن جعفر بن علي خليفة الحسني والسيّد أبوالحسن عليّ بن أبي‌طالب أحمد بن القاسم الحسني الآملي الملقّب بالمستعين باللَّه، قال: أخبرنا السيّد الإمام أبوطالب يحيي بن الحسين الحسني رحمه اللَّه [52] قال: أخبرنا
[صفحه 57]
السيّد أبوالعبّاس أحمد بن إبراهيم الحسني إملاءاً، قال: أخبرنا محمد بن بلال الروياني قال: أخبرنا محمد بن عبدالعزيز، قال: أخبرنا إسماعيل بن صبيح، عن سفيان بن إبراهيم الحريري عن عبدالمؤمن بن القاسم الأنصاري عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علّي، عن أبيه، عن آبائه:
عن عليّ عليهم‌السلام قال: «كان لي عشر من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وعلي آله وسلم ما أحبّ أنّ لي بإحداهنّ ما طلعت عليه الشمس!! قال لي: يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة، و[أنت] أقرب الخلائق منّي في الموقف يوم القيامة [و] منزلي يواجه منزلك في‌الجنّة كما يتواجه منزل الأخوين في اللَّه، وأنت الولّي والوزير والوصّي والخليفة في‌الأهل والمال وفي المسلمين في‌كلّ غيبة، وأنت صاحب لوائي في‌الدنيا والآخرة، وليّك وليّي ووليّي ولّي‌اللَّه، و عدوّك عدوّي وعدوّي عدوّ اللَّه».
قال أيّده اللَّه: وفي هذا الخبر فوائد شريفة ننبّه عليها:
فمنها إثبات المواخات، وسنذكر ذلك مفصّلاً في موضعه فيما بعد إن شاء اللَّه تعالي. ومنها إثباته المواخات [له] في دار الآخرة مع الدنيا، وهذا يقتضي أنّ عليّاً عليه‌السلام يموت علي ما كان عليه في وقت النبيّ صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم وأنّه لا يغيّر ولا يبدّل لتتمّ المواخات في الآخرة كما تمّت في‌الدنيا، ولو جاز أن يموت علي كبيرة لم يكن أخاً له في‌الآخرة، لأنّ صاحب الكبيرة من أهل النار لا يكون أخاً لمن هو في‌دار المصطفين الأخيار.
ومنها تصريحه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم بأنّه أقرب الخلائق منه في الموقف، فلو كان أحد من الصحابة في منزلته أو يفضل عليه، لم يكن ليسند [إليه] عليه‌السلام بهذه المنزلة، لأنّ القرب إلي الرسول عليه‌السلام هو علي قدر المنزلة [ظ] فإذا كان
[صفحه 58]
أقرب الخلق منه موقفاً في الآخرة كان أشرف الأمّة عموماً.
ومنها قوله عليه‌السلام: «منزلي يواجه منزلك في‌الجنّة» وهذا يشهد بأنّه يكون في الجنّة خلافاً لما يذهب إليه غواة [هذه] الأمّة الخوارج المارقة [من] أنّه من أهل الكبائر!!
وزاد فضلاً وشرفاً بقوله [صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم]: «كما يتواجه منزل الأخوين في اللَّه» وهذا يشهد بمزيّته علي سائر الصحابة وفضله عليهم.
ومنها قوله عليه‌السلام: «وأنت /14/ الولّي» وإنّما أراد بذلك ملك التصرّف علي الأمّة، لأنّ الولّي إذا أطلق أفاد ملك التصرّف، ولهذا إذا قيل: زيد ولّي هذه الدار أو الضيعة أو العبد. أفاد ذلك ملك التصرّف في هذه الأمور، وإذا ثبت ملك التصرّف لعلي عليه‌السلام كان إماماً، وتفصيل ذلك سيأتي في موضع أخصّ من هذا إن شاء اللَّه تعالي.
ومنها قوله عليه‌السلام- عطفاً علي قوله: «وأنت الولّي-: (والوزير) والوزير: الظهير والعون، ومنه قوله تعالي: «واجعل لي وزيراً من أهلي» [29/طه: 20] ومنه سمّي وزير الملك وزيراً.
وقيل: إنّ الأصل في ذلك هو الثقل. فكأنّه يحمل الثقل عن نفسه إلي وزيره.
وقد كان علّي عليه‌السلام يتحمّل كلّ شديدة عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فكان المعني حاصلاً فيه علي وجه لايقوم غيره مقامه في هذا الباب، ولهذا قال جبريل صلي اللَّه عليه في يوم أحد- وقد رأي شدّة عنائه وعظم بلائه بين يدي النبّي صلي اللَّه عليه وآله وسلم-: «هذه المواسات» فقال [النبّي صلي اللَّه عليه وآله وسلم]: «ومن أحقّ بها منه وهو منّي وأنا منه» [53].
وبات [علّي عليه‌السلام] علي فراشه فادياً له بحشاشته، وواقياً له بمهجته علي ما نوضحه إن شاء اللَّه تعالي في أثناء [هذا] الكتاب، حتّي يظهر أنّ[-ه] الوزير [وأنّه] قد انفرد بمعناه عن الصحابة.
[صفحه 59]
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «والوصّي» وهذا يقتضي أنّ له تصرّفاً بعد وفاته علي الخصوص، لأنّه لم يجعل غيره كذلك بالإتّفاق، فلابدّ من وجه يسند إليه التصرّف، ويعقل كونه وصيّاً فيه، فهذا رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم ليس له لصلبه ولد صغير حتي يتصرّف عليه؟ علّي عليه‌السلام بعد وفاته، ولا خلّف لنفسه مالاً عند جميع مخالفي الشيعة فيكون تصرّفه فيه، لأنّهم يصحّحون الخبر [المختلق]: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة؟» ولا إليه التصرّف في الأمور الّتي خلّفها رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم لبيت مال المسلمين، لأنّ ذلك إلي الإمام بعد الرسول، وعند مخالفينا أنّ ذلك هو أبوبكر دونه، ولا هو الإمام بعده من غير فصل فيكون وصيّاً في أمّته وليّاً للتصرّف عليهم عند المخالف، فليت شعري ففيماذا يكون وصيّاً وقد صرّح بذلك الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم في مقام بعد مقام، فكأنّ هذه اللفظة علي مذهب مخالفينا من جملة الهذ[يانا]ت والعبث الّذي لا يفيد!! وحاشا له صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم وكلامه في‌الحكم مأخوذ عن‌العلّي‌الأعلي كما قال تعالي: «وما ينطق عن الهوي - إن هو إلاّ وحي يوحي» [4/النجم: 53].
وإنّما يتمّ معني كونه وصيّاً علي مذهبنا حيث قضينا بأنّه يلي‌التصرّفات علي الأمّة في‌النفس والمال علي الحدّ الّذي كان يليه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فأمّا علي مذهب المخالف فلا يتمّ كونه وصيّاً لا علي العموم ولا علي الخصوص، لأنّه لم يثبت له أمراً يلي التصرّف فيه بعد وفات النبّي صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقيام /15/ أبي‌بكر بالإمامة.
ومنها قوله عليه‌السلام: «والخليفة» وفائدة هذه اللفظة عند أهل اللغة أنّه المدبّر للأمر من قبل غيره بدلاً عن تدبيره، ومنه قوله تعالي حاكياً عن موسي يخاطب هارون صلي اللَّه عليهما: «اخلفني في قومي» [142/الأعراف: 7] يريد بذلك تدبيره في قومه في حال مغيبه لمناجات ربّه، وقال تعالي: «إنّي جاعل في الأرض خليفةً» [30/البقرة: 2] يريد آدم صلي اللَّه عليه، وسمّاه خليفةً قيل: لأنّه وذرّيته صاروا خلفاً من الجنّ الذّين كانوا يسكنون في الأرض.
وقيل: أراد أنّه خليفة اللَّه تعالي في‌الأرض يحكم فيها بالحقّ، وسمّي الإمام
[صفحه 60]
خليفة اللَّه سبحانه لأنّه جعله سبحانه لتدبير عباده.
وأمّا في الشرع فالخليفة والإمام بمعنيً واحد، فإذا صرّح عليه‌السلام بالخلافة لعلي بن أبي‌طالب أفاد ذلك إمامته ليتمّ معني كونه خليفةً له علي وجه يقوم مقامه في‌تصرّفاته الّتي‌كانت إليه، لا سيّما وقد قرن إلي ذلك قرينة زادت المعني إفصاحاً وأوضحت المقصود منه إيضاحاً بقوله: «في الأهل والمال والمسلمين» وهذا تصريح بالإمامة لأنّ من كانت له الخلافة في هذه الأمور كان إماماً، فدخل في ذلك أبوبكر وعمر وعثمان، لأنّهم من جملة المسلمين، وإذا كان خليفةً فيهم ووصيّاً عليهم لم يجز لهم التقدّم عليه، ولفظ الخلافة كما لايليق به إلاّ بعد موته صلي اللَّه عليه وآله وسلم فكذلك لفظ الوصّي لا يليق به إلاّ بعد وفاته فكان خليفةً ووصيّاً علي الأهل والمال والمسلمين، ومن كان كذلك كان إماماً لأنّ هذا التصرف العام لا يجوز لمن ليس بإمام بإجماع الأمّة، وزاد صلي اللَّه عليه وآله المعني الّذي ذكرنا [ه] تأكيداً بقوله: «في كل غيبة» فدخل في ذلك ما بعد موته، وهذا يؤيّد أنّه قصد بذلك الإمامة والخلافة علي الأمّة والرعاية والزعامة [54] فليس لأحد أن يحمل ذلك علي حيات النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم وذلك لأنّه عليه‌السلام قد جاء في كلامه بما يقتضي العموم بقوله: «في كلّ غيبة» وكلّ من ألفاظ العموم، وهذا يقتضي الإستغراق لأنّه كان يصحّ أن يستثني بقوله: (إلاّ الغيبة الفلانية) ولمّا لم يستثن دخلت أحوال الغيبة كلها تحت هذه اللفظة وثبت له الولاية علي المسلمين في كل حالة غاب فيها رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم عنهم، ومن كان كذلك لم يجز لأحد أن يتقدّم عليه.
ومنها قوله: «وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة» وهذا شرف ظاهر ومجد باهر، إذ كان اللواء لا يتركه ربّ الجند المعقود؟ إلاّ مع من ارتضاه واختاره واجتباه علي سائرهم وسيأتي /16/ حديث اللواء بإسناده وفوائده إن شاء اللَّه تعالي وإنّما نريد التنبيه علي كلّ حديث في موضعه إمّا مجملاً أو مفصلاً فإنّ ذلك يزيد العاقل بصيرةً في شرف علّي عليه‌السلام علي سائر الصحابة، فإنّ الكثير من الأمّة- إلاّ من عصم [-ه] اللَّه تعالي- قد نبذ مناقبه ظهريّاً وجاء في حقّه شيئاً فريّاً، وقد
[صفحه 61]
شرّع معاوية سبّه علي فروق المنابر، وتطاولت به الأيّام، وعبرت عليه الدهور والأعوام، وفضائله عليه‌السلام تزداد ظهوراً وإشراقاً وتضرم قلوب ذوي‌النصب إحراقاً، ومن رفعه اللَّه تعالي فلا واضع له، وكم عسي أن يطمس العدوّ؟!! وهل ينفذ النار في‌البحر الزخّار؟ أو تغطّي الراحة وجه القمر النوّار؟ ما أنصف الرسول من وضع وصيّه ولا أرضاه من نقص وليّه.
ومنها قوله عليه‌السلام: «وليّك وليّي ووليّي ولّي اللَّه» والمراد بالولّي هاهنا المحبّ والمودّ؟ والمحبة الصادقة تقضي الطاعة للمحبوب، وعلي هذا قال تعالي لنبيه عليه‌السلام في مخاطبته بعض الكفّار: «قل إن كنتم تحبّون اللَّه فاتّبعوني يحببكم اللَّه ويغفر لكم ذنوبكم» [31/آل عمران: 3] يريد إن كانت محبّتكم صادقةً في دعواكم للَّه تعالي فاتّبعوني وتمسكوا بما جئت به فإنّه دين اللَّه الّذي رضيه لكم وأحبّه فاعملوا به يحببكم اللَّه، ومحبّة اللَّه هي‌المحبّة لطاعته والإيثار لمرضاته، إذ كانت المحبة لا تتعلّق بذاته في الحقيقة، وكذلك محبّة الرسول صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم هي إرادة طاعته والائتمار بأمره والإنزجار عن زجره، وهكذا محبة أميرالمؤمنين عليه‌السلام هي‌الاقتداء به في طريقته والإهتداء بهديه والإعتراف بحقه والرعاية لسبقه.
ومن كان محبّاً له من الغلاة فإنّ محبته في‌الحقيقة غير صادقة، ولهذا لا يصدق محبة النصاري لعيسي صلي اللَّه عليه وسلم لاعتقادهم فيه ما ليس له بأهل ولا يرتضيه من ربوبيّته وإلهيّته، وعلي هذا قال الشاعر:
تعصي الإله وأنت تزعم حبّه
هذا محال في‌المقال بديع
لوكان حبّك صادقاً لأطعته
إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع
ولو أظهر واحد محبّة غيره الأكيدة؟ وهو يعصيه في كلّ أمر من الأمور الّتي تحسن ويزيدها منه؟ لكان التناقض علي محبته ظاهراً عند ذوي النُهي والآداب، وقد صرّح النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم بأنّ ولّي علّي عليه‌السلام وليّه ووليّه ولّي اللَّه، فاقتضي ذلك القطع علي أنه عليه‌السلام لا يقارف كبيرةً ولا يواقع عظيمةً، لأنه لو قارف ذلك- وحاشاه له عنه- لم يكن وليّه وليّاً للرسول ولا وليّاً للَّه تعالي لأنّ من قارف عظيمةً كان عدوّاً للَّه تعالي عند المسلمين، فدلّ ما ذكرناه علي عصمة علّي /17/ عليه‌السلام عن الكبائر، ولقد أحسن القائل- ويروي أنّها للشافعي-:
[صفحه 62]
إذا جاش طوفان المعاد فنوحه [55].
علّي وإخلاص الولاء له فلك
إمام إذا لم يعرف المرء فضله
علي الناس لم ينفعه زهد ولا نسك
فلو لامني فيه أبي‌لم أقل أبي
وحاشا أبي‌أن يعتريه به شكّ!!
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «وعدوّك عدوّي وعدوّي عدوّ اللَّه» وعدوّاللَّه هوالّذي يرتكب ما يسخطه ويترك ما أراده منه حتماً، وعدوّ رسوله أيضاً كذلك، وعدوّ علّي عليه‌السلام نظير ذلك أيضاً.
وهذايشهد بأنّ من عادي عليّاً عليه‌السلام كان عدوّاً للَّه ولرسوله عليه‌السلام، وفيه دلالة واضحة علي عصمته من الكبائر، لأنّه لو واقعها لوجبت معاداته، فلا يكون معاوية والحال هذه عدوّاً للَّه تعالي ولرسوله لأنّ‌معادات العاصين من‌الدين كما قال تعالي: «لا تجد قوماً يؤمنون باللَّه واليوم الآخر يوادّون من حادّ اللَّه و رسوله» [22/المجادلة: 58] فنفي [اللَّه تعالي] الإيمان عمّن أحبّ من ارتكب كبيرةً لأنّ المراد بمحادّ اللَّه تعالي من ارتكب كبيرة ما حظره أو ترك ما افترضه.
ومعني عداوة العبد للَّه تعالي أحد وجهين: إمّا تركه لفرائضه و [إقدامه علي] مواقعة محارمه، وإمّا أن يكون متناولاً لمعادات أولياء اللَّه، فَذَكَر اللَّه تعالي وأراد أولياءه كما قال تعالي: «والذّين يؤذون اللَّه» [57/الأحزاب: 33] والأذي ضرر فلا يلحقه سبحانه وإنّما أراد أولياءه، قال تعالي: «فلمّا آسفونا انتقمنا منهم» [55/الزخرف: 43] والأسف هو الحزن الشديد، قال: تعالي حاكياً عن يعقوب صلي‌اللَّه عليه وعلي سائر أنبيائه: «يا أسفا علي يوسف» [84/يوسف: 12] والمراد به شدّة الحزن وهو ضرر ولا يجوز علي اللَّه تعالي فإذاً المراد آسفوا رسلنا وأحزنوهم بتكذيبهم وإعراضهم عمّا جاءُوا به.
وإن كان قد قيل: إنّ المراد بالأسف الغضب وهو جائز في صفة اللَّه تعالي [56].
[صفحه 63]
فمعناه: [فلمّا] أغضبونا، والغضب والسخط بمعنيً واحد. غير أنّ الّذي ذكرناه أوّلاً- مما قاله بعضهم- شائع، فهذا معني كون العبد عدوّاً للَّه تعالي وإذا قيل في اللَّه تعالي إنّه عدوّ للكافر والفاسق فإنّ معني ذلك أنّه يريد ذمّهما وعقابهما وانزال ما شرّعه من العقوبات في الدنيا بهما.
فإذا تقرّر ذلك وكان من عادي عليّاً عليه‌السلام قد عادي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وعاد اللَّه عزّ وعلا كان معاوية من العاطيين باليقين؟ فما يري أرباب الزيغ العمين؟ هل كان معاوية في أيام صفين وتلك الوقائع العظام- الّتي هلك فيها جيل من الأنام، واستشهد من هو معدود من صفوة أهل الإسلام- وليّاً لأمير المؤمنين أم كان عدوّاً له؟ فإن قالوا: كان وليّاً له لقد باهتوا عند الخلق؟ من أهل الإسلام بل /18/ عند غيرهم [أيضاً] فإنّه لا يلتبس الحال علي لبيب فإنّ من جهد في نكاية غيره في نفسه وولده وماله وأصحابه- وبلغ الغاية القصوي في ذلك- إنّه لا يكون وليّاً له، ولو جاز أن يكون وليّاً له والحال هذه لجاز في الكفّار يوم أحد أن يكونوا أولياء الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم مع قتلهم لعمّه حمزة عليه‌السلام وبقر [هم] بطنه وسائر ما فعلوه من المثلة به وكذلك [مافعلوه ب] سائر أصحابه.
وهذا قول يفضح من ارتكبه عند الأمّة عوامّها والأئمة، فبطل أن يكون معاوية وليّاً لعلّي عليه‌السلام، ولم يبق إلّا القسم الثاني وهو أنّه عدوّ له، وإذا كان عدوّاً له كان عدوّاً للرسول وللربّ عزّ وعلا ومن كان كذلك فهو من العاطبين؟ بأوضح سلطان مبين.
و في هذا عبرة للمعتبرين وكفاية للمتدبّرين في أنّ معاوية من أعداء رّب العالمين وأنّ عليّاً عليه‌السلام قد كان [فاز «خ»] بإدراك قصب السبق- في ميدان السابقين، وتقدّم أمامهم أجمعين.
وقد تمّ تفصيل ما قصدناه من فوائد الخبر الشريف، وبه يتمّ معني البيت الأوّل من القصيدة [ولنذكر البيت الثاني منها ونشرحها]، قال الإمام [المنصور
باللَّه[عليه‌السلام:
[صفحه 64]

وفيه مطالبة الإمام المنصور بالله عن معاصرة الخليفة العباسي الحكم بالانصاف في أولوية جده للخلافة أو جدّه؟

أبوك أولي يابن عمّي بها
فيما تراه منصفاً أو أبي؟
الأبُ مَن خُلِق الولد من مائه. وقيل: [الأب] من خلق [الولد] من مائه وولد علي فراشه.
وهذا الثاني هو الأولي علي طريقة الشرع، لأنّه لو خلق الولد من ماء الرجل إلاّ أنّه لغير رشدة لم يكن أباً له شرعاً، وعلي هذا قال [رسول اللَّه] صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» [57] وهذا يقتضي أن لاينسب [الولد إلي من زنا به [أي إلي الزاني والمزنيّ بها] وإنّ ما ينسب إلي من ولد علي فراشه، ولهذا كفّر كثير من أهل التحقيق معاوية بن أبي‌سفيان لأنّه ادّعي أخوّة زياد، وكان مشهوراً بأنّه لغير رشدة، فلمّا ألحقه [معاوية] بأبيه [أبي‌سفيان] كفر لأنّه ردّ ما علم ضرورةً من دين النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم وهو معني الخبر الذي ذكرناه آنفاً لأنّه معلوم علي القطع، ولا خلاف في كفر من ردّ أمراً يعلم باضطرار من الدين لأنّه يكون مكذّباً للرسول صلّي اللَّه عليه وسلم في حكمه، ولا خلاف في كفر من هذا حاله.
واعلم أنّ المراد بالفراش المذكور في الخبر هو الوطئ الذي معه يحصل الولد علي حدّ يلحق بصاحبه، والفراش ضربان: فراش حرّة وفراش أمة.
أمّا فراش الحرّة فله شروط ثلاثة: أحدها أن يقع في نكاح صحيح، أو نكاح فاسد؟ أو في شبهة نكاح.
وثانيها إمكان الوطي، وهذا ظاهر إذا كان العقد صحيحاً، فإن لم يكن صحيحاً نحو نكاح المعتدّة والمزفوفة غلطاً فقد ذكر القاضي شمس الدين [58] قدّس اللَّه روحه في الجنة أنّه لا بدّ من حصول الوطي ولا يكفي إمكانه.
وثالثها حصول الولد لستة أشهر، فما فوقها /19/.
وأمّا فراش الأمة فله شرطان: أحدهما أن يقع في ملك صحيح أو فاسد أو
[صفحه 65]
شبهة ملك كما في الجارية المشتركة.
وثانيهما أن يدّعي الولد، ومتي أتت بولد بعد ذلك لحق به نسبه لموضع الفراش وضعف الرقّ.
وهل ينتفي إذا نفاه في هذه الصورة؟ اختلفوا فذكر القاضي زيد بن محمد أنّه لا ينتفي. وذكر الامام المنصور باللَّه أنّه ينتفي إذا نفاه، وهو المحكّي عن أبي‌الحسن الكرخي.
وقول النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم في آخر الخبر: «وللعاهر الحجر» قال بعض العلماء: لم يرد بقوله: «وللعاهر الحجر» أنّه يرجم بالحجارة إذ ليس كلّ زان يرجم بالحجارة، و إنّ ما معناه أنّه لا حظّ له في نسب الولد، وهو كقولك: له التراب. يريد أنّه لا شي‌ء له.
وهذا صحيح فإن الرجم لايكون إلاّ للمحصن دون الزاني البكر ولابدّ من حمله علي ما ذكره.
والأب الذي ذكره عليه‌السلام في البيت أوّلاً هو العبّاس بن عبدالمطّلب، وسمّاه أباً وإن كان جدّاً لجوازه في اللغة، قال اللَّه تعالي: «يا بني آدم خذوا زينتكم عند كلّ مسجد» [31/الاعراف: 7].
وأمّا قوله: «أولي» فالمرد به هو الأحقّ والأملك يقول القائل: (زيد أولي بهذه الدار والضيعة) يريد أنّه أحقّ بها وأملك للتصرّف فيها [59] و [يقال]: هذا أولي العصبات بإنكاح المرأة أي إنّه أملك عليها للعقد من غيره.
والعمّ معروف وهو أخ الأب، وقد يسمّي أباً، قال اللَّه تعالي: «أم كنتم شهدأ إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون» [133/البقرة: 2] واسماعيل عمّ يعقوب وقد سمّاه أباً، وقال النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلم في العباس: «هذا بقيّة آبائي».
[صفحه 66]
وقوله عليه‌السلام: «بها» فالضمير يرجع إلي الامامة وإن لم يجر لها ذكر إلاّ أنّ في‌الكلام ما يقتضيها، وقد جرت عادة العرب بالحذف والاختصار إذا كان فيما بقي دليل علي ما حذف، وعلي هذا قال اللَّه تعالي «حتّي توارت بالحجاب» [32/ص: 38] يعني الشمس ولم يجر لها ذكر، قال الشاعر:
فإن المنيّة من يخشها
فسوف تصادفه أينما
يريد أينما توجّه وأينما كان.
وقوله: «فيما تراه منصفاً» أراد بالرؤية هاهنا العلم، ولذلك نظائر قال اللَّه تعالي «أولم ير الانسان أنّا خلقناه من نطفة» [77/يس: 36] معناه أولم يعلم؟ لأنّ الانسان لم يشاهد كون نفسه نطفة، وقال اللَّه تعالي: «ألم تر إلي المَلإ من بني إسرائيل من بعد موسي إذ قالوا لنبيّ لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل»] 246/البقرة: 2] أي ألم تعلم. والرؤية في غير هذا بمعني الإدراك بحاسّة البصر، وهو المراد بقوله [تعالي] «لن تراني» [143/الاعراف: 7] معناه لن تدركني بحاسّة بصرك.
(والمنصف) هو من يعطي الحقّ من نفسه وينقاد للصواب، والإنصاف من الامور المقرّر وجوبها عقلاً وشرعاً، وهو قاعدة الخير وأساسه في الدين وسبب هداية المهتدين، وخلافه هو الذي أورث هلاك الخلق وصدّهم عن اتّباع الحق، ومعني البيت وفائدته /هو أنّه /20/ عليه‌السلام سأل صاحب بغداد- في البيت الاوّل بمن له الحقّ العظيم علي جميع الخلق وهو اللَّه ربّ العالمين، ثمّ بآلائه وهي‌النعم التي أسداها ثمّ برسوله لظهور الحال في وجوب رعاية حقّه، ثم بالوصيّ وهو أميرالمؤمنين عليه‌السلام لفضله علي جميع الأمّة- عن المعني المودع في هذا البيت الثاني وهو أنّ الأولي والأحقّ بالامامة العبّاس أو عليّ عليه‌السلام؟ وذلك انّ مذهب الراوندية أنّ الامام بعد النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم هو العبّاس وأنّه استحقّ الامامة بطريقة الميراث!!
وهذا المذهب ينسب إلي ابن‌الراوندي، [60] وكان من الموّحدين أوّلاً ثم ارتدّ عن الإسلام ونصّ الالحاد؟ وصنّف فيه كتباً وبالغ في إيراد الشبهات بكلّ وجه،
[صفحه 67]
فنقض العلماء رضي اللَّه عنهم جميع ما وضعه أحسن نقض، ومن جملة محدثاته وبدعه أنّ الإمامة طريقها الإرث وتصنّع بهذا إلي بني العبّاس!!
وهذا ساقط فإنّه لاخلاف بين الامة أن العباس رضي الله عنه لم يكن إماماً في‌حال من الأحوال.
وبعد فلو استحقّت الإمامة بطريقة الإرث لوجب ثبوتها لفاطمة عليهاالسلام لأنّها وارثة أيضاً، وكذلك أزواج النبي عليه‌السلام، وهذا ساقط بالاجماع فإن الإمامة لاتصحّ في النساء.
و [أيضاًلو كانت الامامة بطريقة الإرث] كان يجب أن يجري‌الإمامة مجري المواريث في انقسامها إلي نصف وربع وثمن وثلثين وثلث وسدس؟ وهذا باطل بالإجماع.
ويلزم من قال بذلك المنع من إمامة أبي‌بكر و عمر، وعثمان لأنّ العباس أولي بها منهم و عند المخالف أن إمامتهم صحيحة فبطل أن يكون الطريق إلي الإمامة الإرث، وبه يبطل أن يكون العباس اماماً.
و أما امامة علي عليه‌السلام فهي صحيحة بعد الرسول بغير فصل علي ما نوضحه إنشاء اللَّه تعالي.
[صفحه 68]

و إقامة النصوص النبوية علي خلافة أميرالمؤمنين بلافصل علي كافة المسلمين

[ولنرجع إلي شرح البيت الثالث من القصيدة] قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
أيّهما نصّ بها أحمد
له علي المّكي و اليثربي
هذا سؤال بأيّ وهي من أدوات الإستفهام و يجوز السؤال بها عمن يعقل وعمّن لايعقل،بل عن الجمادات تقول أيّ رجل أكرمني أكرمته و أيّ مركوب اتفق ركبته وأيّ كتاب وجدته فخذه؟ و هي تفارق «من» فإنّها مقصورة علي من يعقل لأنّك لو قلت: من في الدار؟ لم يصلح أن يجيب المسؤل بالبهائم وإنما تجيب بالعقلاء وجنسهم؟ و الضمير في «أيّهما» راجع إلي العباس و إلي علي عليهماالسلام وقوله «نصّ» فالنصّ هوالرفع والاظهار ومنه قيل منصّة العروش لظهورها مقليها؟ ومنه قولهم: «نصّ الحديث» أي رفعه و بلغ به غايته، و نصّ الراكب الدابة: أي أستخرج ما عندها من السبر، و منه قول علي عليه‌السلام «إذا أبلغ النساء نصّ الحقاق فالعصبة أولي» [61] يريد إذا بلغت الصبية حالة الكبر و جاوزت لحدّ الصغرالذي تحتاج فيه إلي أمّها فالعصبة أولي بها من أمّها /21/.
واختلف العلماء في القدر الّذي تخرج به إلي حدّ الكبر وتفارق الصغر، بحيث تنتقل الولاية إلي العصبة، وهل تستوي حالة الذكر والانثي في ذلك أم لا؟ فذكر علي مذهب الشافعي أنّهما علي سواء.
والمؤيّد باللَّه- قدس اللَّه روحه- خرّج علي مذهب الهادي عليه‌السلام التسوية بينهما وهو الذي ذكره السيّد ايوع؟ [62] وفرّق ايوح؟ بين الصبيّ والصبيّة فقال: إن الامّ أولي بابنتها إلي أن تبلغ لأنّها تحتاج إليها لتعلّمها أعمال النساء فكانت أولي بها الي
[صفحه 69]
بلوغها، ثمّ العصبة أولي بها بعد ذلك، بخلاف الصبيّ فإنّه يحتاج إلي التأدّب والتعلّم فانتقلت ولايته إلي العصبة قبل بلوغه.
وذكر مثل ذلك السيّد أبوطالب [ظ] للهادي عليه‌السلام، واختاره المؤيّد باللَّه لمذهب نفسه في الافادة.
وقال مالك: الامّ أولي بالابن أيضاً إلي أن يبلغ.
واختلف العلماء في حدّ استقلال الصبيّ بنفسه وانقطاع حظانة الامّ عنه فقال (ع) هو أن يأكل بنفسه ويشرب بنفسه ويلبس بنفسه، وهو قول (خ)، و(س) راعي في البلوغ سبع سنين أو ثمان سنين، وهو الذي ذكره المهدي لدين اللَّه [ظ] في الشرح، واختار السيّد أبوطالب [ظ] ما ذكره السيد أبوالعباس لأنّه ينضبط، وليس كذلك ما ذكره (س) فإن أحوالهم تختلف فيه بحسب اختلافهم في الفطنة والذكاء.
وذكر الامام المنصور باللَّه عليه‌السلام أنّه من خالع امرأته علي نفقة أولادها وتربيتهم صحّ ذلك وإن لم يذكر المدّة لأنّ مدّة تربية البنت سبع سنين، والابن خمس سنين وخلافه نادر.
وقول عليّ عليه‌السلام: «[نصّ الحقاق]» فالحقاق: المخاصمة، وهو أن يقول الخصم: أنا أحقّ، ويقول [الخصم]الاخر: بل أنا أحقّ.
ويروي «بلغن الحقائق» [وهي] جمع الحقيقة والحقيقة ما يصير إليه حقّ الامر ووجوبه، يقال: فلان حامي الحقيقة إذا حمي ما يحقّ عليه أن يحميه.
والعصبة: قرابة الرجل لأبيه، وهو مأخوذ من قولهم: «عصب القوم بفلان» أي أحاطوا به. وفي الشرع العصبة كلّ ذكر يدلي إلي الميّت بذكر. هذا معني النصّ وما يتعلّق به من لغة؟
وأمّا في أصول الفقه فالنصّ هو الخطاب الدال علي المراد بصريحه علي وجه لا احتمال فيه، ولهذا الحدّ شبه بوضع أهل اللغة؟ فإن النصّ عندهم إذا كان هو الرفع والاظهار وكان الخطاب الذي ذكرناه قد ظهر فيه مراد المتكلّم وارتفع عن حدّ الخفاء والغموض وصار إلي حدّ التجلّي صحّ أنّه يشبه الوضع اللغوي وذلك مثل قوله تعالي: «ولا تقتلوا النفس التي حرّم اللَّه الا بالحقّ» [151/الانعام: 6]
[صفحه 70]
وقوله: «ولا تقربوا الزني» [32/الإسراء: 17] وما أشبه ذلك ممّا يفيد المعي بصريحه من دون اعتبار قرينة أخري.
وإذا أفاد الخطاب أمرين أحدهما بصريحه وثانيهما بقرينة كان نصّاً باعتبار الاوّل دون الثاني ولهذا فإن قوله تعالي: «فأقيموا الصلاة» نصّ في وجوب الصلاة وهو يفيد جميع أركانها من الركوع والسجود وشبههما ولا يكون نصّاً في ذلك.
وقوله عليه‌السلام: «بها» /22/ يريد [منها] الإمامة وإنّما حذف لدلالة الكلام [عليها] وسمّي ما أفادها نصّاً بطريقة التوسع والمجاز، لأنّه ليس في الآثار المنقولة بالتواتر ما يفيد الإمامة بصريحه علي وجه لا احتمال فيه [لغيرها] [63] ولهذا لم يكفر من لم يقل بإمامة عليّ عليه‌السلام فلو كان النصّ معلوم المراد من دون غموض عارض فيه لكفر من خالف كما يكفّر من جحد وجوب الصلاة والزكاة وغيرهما [مما علم وجوبها بضرورة من الدين] [64].
[صفحه 71]
وقد ذكر السيد الإمام المهدي لدين اللَّه الحقيني عليه‌السلام [65] لمّا تكلّم بإمامة أميرالمؤمنين عليه‌السلام والطريق إليها ما هذا لفظه:
بمنصوص التنزيل المعرض للتأويل لتقابل الأشباه والأمثال، وتعارض المعاني والاشكال سمّيناه نصّاً خفيّاً وإن كان معناه عند الرساخ واضحاً قويّاً.
ثم قال عليه‌السلام عقيب هذا: وأمّا كبار الصحابة الذين تصدروا [تصدّوا «خ»] للإمامة ونهضوا للخلافة فلا أغضّ نفوسهم وأعراضهم ولا أقابل بالشتم أعراضهم بل أجد موجدة الزاري عليهم والمستزيد عنهم لتمسّكهم بالمحتملات، وتعلّقهم بالمتأوّلات، وأكل أمرهم إلي اللَّه تعالي كما قال القاسم عليه‌السلام: «تلك أمّة قد خلت» الاية: [141/البقرة: 2].
وقوله عليه‌السلام: «أحمد» يريد [به] رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم، وهو اسمه في التوراة قال اللَّه تعالي حاكياً عن عيسي صلّي اللَّه عليه وأمّه: «ومبشّراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد» [6/الصفّ: 61] قال الشاعر:
صلّي الإله ومن يحفّ بعرشه
والطيّبون علي المبارك أحمد
[صفحه 72]
وله [صلّي اللَّه عليه وآله وسلم] أسماء كثيرة لشرفه وعلوّ منزلته، منها ما ذكرناه، ومنها محمد، وقد نطق به الكتاب الكريم، قال اللَّه تعالي: «محمد رسول اللَّه» [21/الفتح: 48] قال الشاعر: [66].
وشقّ له من اسمه ليجلّه
فذو العرش محمود وهذا محمّد
قال آخر: [67].
[صفحه 74]
فما حملت من ناقة فوق رحلها
أبرّ وأوفي ذمّةً من محمد
[وأكسي لبُرد الخال قبل ابتذاله
وأعطي لرأس السابق المتجرّد[
ومنها الماحي لأنّه محا الكفر. و[منها] الحاشر لأن الناس يحشرون علي قدميه؟ يعني يحشرون وهو يتقدّمهم.
و[منها] العاقب لأنّه آخر الأنبياء وبعدهم وكلّ شي‌ء خلف شيئاً فهو عاقب له، ومنه العقوبة لأنّها بعد الذنب.
ومنها المقفّي لأنّه تبع للأنبياء وكلّ من تبع شيئاً فهو قفّاه، ومنه قول علّي عليه‌السلام في صفته صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «أرسله علي حين فترة من الرسل، وتنازع من الألسن، فقفّي به الرسل وختم به الوحي» [68] يريد بقوله: «فقفّي» أنّه جعله تابعاً لهم، ومنه قوله تعالي «وقفّينا بعيسي بن مريم» [27/الحديد: 57].
ومنها نبّي الملحمة، والملحمة: الحرب، وسمّي بذلك لأنّه بعث بالحرب.
و[منها] نبي الرحمة والبشير والنذير والداعي إلي اللَّه والسراج المنير، وغير ذلك مما هو معروف.
والمكّي منسوب إلي مكة، وسمّيت مكّة قيل: لقلّة مائها يقال: متّك الفصيل ما في ضرع أمّه: أي شربه كلّه. والتمّكك: الاستقصاء. وقيل: سمّيت مكة لأنّها كانت تمكّ من ظلم فيها أي تهلكه.
واليثربي /23/ منسوب إلي (يثرب) وهي أرض مدينة الرسول صلّي اللَّه
[صفحه 75]
عليه وآله وسلم في ناحية منها، وقد غلب ذلك علي المدينة نفسها وعرفت به [69] قال الكميت:
فبوركت مولوداً وبوركت ناشئاً
وبوركت عند الشيب إذ أنت أشيب
وبورك قبر أنت فيه وبوركت
به وله أهل لذلك يثرب
و[أيضاً] تسمّي [مدينة الرسول- صلّي اللَّه عليه وآله وسلم-]طيّبةً قال الشاعر:
بطيبة رسم الرسول ومعهد
منير وقد تعفو الرسوم وتهمد؟
والمقصود من النصّ الذي أشار إليه الامام [المنصور باللَّه] عليه‌السلام [هو] خبر الغدير، وقد رواه خلق كثير عن النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلم، وطرقه جمّة كثيرة، وقد رواه [من الصحابة] مائة نفس [أو] يزيد علي ذلك، منهم العشرة [المبّشرة- بزعم حفّاظ آل أميّة-] عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم [70] ونحن نذكر طرفاً من ذلك فنقول:
أخبرنا الفقيه الاجلّ الفاضل الزاهد العابد العالم المجاهد بهاء الدين أبوالحسن علي بن أحمد بن الحسين الاكوع رضي‌اللَّه عنه، قال: أخبرنا الشيخ الاجلّ عفيف الدين علي بن محمد بن حامد الصنعاني قال: أخبرنا أبوالحسن علي بن أبي‌الفوارس ابن‌أبي‌نزار ابن‌الشرفية قال أخبرنا القاضي الاجل عزّالدين هبة
[صفحه 76]
الكريم بن الحسن بن الفرح بن حبانس رحمه اللَّه في شهر اللَّه الأصم رجب في سنة إحدي و سبعين و خمسمئة قال أنبأني جدي القاضي الاجل أبوعبدللَّه محمّد بن علي بن محمّد بن الطيب الجلاّبي الخطيب رحمه اللَّه تعالي [71] قال: أخبرنا أبويعلي علي بن عبيداللَّه بن العلاف البزار إذناً قال أخبرنا عبدالسلام بن عبدالملك بن حبيب البزار قال: أخبرنا عبداللَّه بن محمّد بن عثمان قال: حدّثنا محمّد بن بكر بن عبدالرزاق حدّثنا أبوحاتم مغيرة بن محمّد المهلبي قال: حدثني مسلم بن إبراهيم قال حدّثنا نوح بن قيس الحداني حدّثنا الوليد بن صالح عن إبن امراة زيد بن أرقم.
قال: أقبل نبي اللَّه صلّي اللَّه عليه و اله وسلم من مكة في حجة الوداع حتي نزل [صلّي اللَّه عليه اله و سلم] بغدير الجحفة بين مكة و مدينة فأمر بالدوحات فقمّ ما تحتهنّ من شوك ثم نادي: الصلاة جامعة! فخرجنا إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه واله وسلم في يوم شديد الحرّ إن منّا لمن يضع بعض رداءه علي رأسه وبعضه علي قدميه من شدّة الرمضاء حتي انتهينا إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم فصلّي بنا الظهر ثم انصرف إلينا فقال:
«الحمد للَّه نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكّل عليه، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضلّ، ولا مضلّ لمن هدي وأشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّ محمداً عبده ورسوله.
أمّا بعد أيّها الناس فإنّه لم يكن لنبي من العمر إلّا نصف ما عمّر مَن قبله [72] وإنّ عيسي بن مريم لبث في قومه أربعين سنة وإنّي قد أشرعت في العشرين، ألا وإنيّ
[صفحه 77]
يوشك أن أفارقكم، ألا وإنّي مسؤل وأنتم مسؤلون، هل بلغتكم [73] فما ذا أنتم قائلون؟ فقام من كلّ ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنّك عبداللَّه ورسوله قدبلّغت رسالته /24/ وجاهدت في سبيله وصدعت بأمره وعبدته حتّي أتاك اليقين، جزاك اللَّه عنّا خير ما جازي نبيّاً عن أمّته [74] فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلّا اللَّه لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله،وأنّ الجنّة حقّ و [أنّ] النار حقّ، وتؤمنون بالكتاب كلّه؟ قالوا: بلي. قال: فإنّي أشهد أن قد صدقتكم وصدقتموني ألا وإنّي فرطكم وانّكم تبعي توشكون أن تردوا علّي الحوض فأسألكم حين تلقوني؟ عن ثقلّي كيف خلّفتموني فيهما؟».
قال: فأعيل علينا [75] ما ندري ما الثقلان حتي قام رجل من المهاجرين فقال: بأبي وأمّي أنت يا نبي اللَّه ما الثقلان؟
قال: «الأكبر منهما كتاب [اللَّه تعالي] سبب طرف [منه] بيد اللَّه تعالي وطرف بأيديكم فتمسكوابه ولا تولّوا ولا تضلّوا [76] والأصغر منهما عترتي من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصّروا عنهم فإنّي قد سألت لهم اللطيف الخبير فأعطاني ناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليّهما لي ولّي وعدوّهما لي عدوّ ألا فإنّها لم تهلك أمّة قبلكم حتي تدين بأهوائها وتظاهر علي نبوّتها [77] وتقتل من قام بالقسط».
[صفحه 78]
ثم أخذ بيد علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام فرفعها وقال: «من كنت مولاه فهذا مولاه، [و] من كنت وليّه فهذا وليه، اللّهم وال من والاه و عاد من عاداه»، قالها ثلاثاً [78].
هذا آخر الخطبة.
قال شيخ الإسلام أيده اللَّه عزّ وعلا: والخبر يتضمّن فوائد جمّة ننبّه علي جمل منها:
فمنها أن المستحبّ لمن يريد الكلام في أمر أن يبتدأ بحمداللَّه والثناء عليه لأن ذلك يكون أقرب إلي المعونة ونيل المراد وعلي هذا قال صلي‌اللَّه عليه و آله وسلم: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمداللَّه فهو أقطع» [79] والمراد لذلك أنه ينقطع عنه الخير ولا يوثق بإدراكه ونيله، بخلاف ما إذا حمد اللَّه تعالي فإن ذلك يقتضي الخير ويشتمل الفضل؟ قال تعالي: «لئن شكرتم لأزيدنّكم ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديد» [7/إبراهيم: 14] فالشكر يستجلب المزيد، ويدّخر في مقابلته الثواب الجليل؟ وهو تعالي جدير بالحمد لأن كلّ نعمة في الدين والدنيا فهو من قبله، وغيره [تعالي] وإن أضيف إليه بعض ذلك فإن نسبته إليه [تعالي] آكد وإضافته إليه أشدّ، وعلي هذا قال تعالي: «وما بكم من نعمة فمن اللَّه» [53/النحل: 16].
وثنّي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم بعد حمده [تعالي] بقوله: «ونستعينه» يعني نطلب المعونة منه علي أمر ديننا ودنيانا فإن ذلك لا ينال الا بمعونته وتيسيره وقد قال صلّي اللَّه عليه وآله وسلم منبّهاً بالأدني علي الأعلي: «سلوا اللَّه في حوائجكم حتّي في شسع النعل فإن اللَّه إذا لم ييسّره لكم لم يتيسّر» [80].
وقد نبّه سبحانه علي مثل ذلك عباده في سورة الفاتحة حيث بدأ بالحمد لربوبيّته الّتي هي متضمّنة لنعمه علي عباده، ثمّ ثنّي بصفاته المقتضية لحمده مرغّباً فيما عنده
[صفحه 79]
بقوله: «الرّحمن الرحيم» ثمّ خوّف عباده لئلاّ ينسوه ويعرضوا عن طاعته أو يتقحّموا في معصيته بقوله: [مالك يوم الدين] يريد يوم الجزاء موضحاً أنّه المجازي في ذلك اليوم لعباده /25/ علي ما أسلفوه من خير وشرّ، وخصّ ذلك اليوم لإيقاعه الجزاء فيه، وإلّا فهو مالك الدنيا والاخرة، ولذلك اليوم مزيّة أيضاً لأنّ الإملاك إليه [81] والخلائق خاضعه ولا حكم الا للَّه الواحد القهّار.
ثمّ حثّهم علي العبادة وطلب المعونة من قبله بقوله: (إيّاك نعبد وإيّاك نستعين» ثمّ علّمهم طلب الهداية إلي سبيل نجاته بقوله: «اهدنا الصراط المستقيم» فسبحانه من رفيق بعباده وكريم علي خلقه وجواد برزقه.
وعقّب صلّي اللَّه عليه وآله وسلم ما تقدّم بالإيمان باللَّه وهو التصديق به والتوكّل عليه بتفويض الامور إليه والاستعاذة- وهي‌الالتجاء إليه تعالي- من شرّ النفس وسوء العمل لأنّ ذلك كلّه يورث البعد من رحمته، ولمّا كانت النفس تتوق بطبعها إلي خلاف ما يريد تعالي صلحت الاستعاذة باللَّه منها إذ هي كما قال تعالي حاكياً عن يوسف صلّي اللَّه عليه وعلي سائر أنبيائه: «إن النفس لأمّارة بالسوء إلّا ما رحم ربّي» [53/يوسف: 12] وأخبر أنّه لاهادي لمن أضلّ، ولا مضلّ لمن هدي يريد [منه] التوفيق والخذلان بسلبه!!
ويحتمل أن يريد الثواب والعقاب، فهذه نكت مما يفيد التحميد وما يليه من الدعاء.
وفيه من الفوائد أنّه يجوز للخطيب أن يعدل عن[ … ] [82] إلي لفظ آخر لأن هذا من التحميد والدعاء هو معني الفاتحة واللَّه أعلم [83].
ومنها قوله: «ألا وإنّي‌و مسؤل وأنتم مسؤلون» يريد عن البلاغ والقبول؟ قال اللَّه تعالي: «فلنسألنّ الذين أرسلوا إليهم ولنسألنّ المرسلين، فلنقصنّ عليهم
[صفحه 80]
بعلم» [7/الاعراف: 7] معناه- [أي معني قوله عزّ وجلّ «فلنقصّن عليهم بعلم»] -: التتبع لما فعلوا و ما تركوا [يقال:] اقتص فلان أثر فلان اذا تبعه. و هذا يثمر الخوف الشديد من يوم الوعيد.
ومنها أنّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم لم يكتم شيئاً من الدين لأنّ قوله: «ألا هل بلّغت» استفهام والمراد به التقرير، ولو جازت عليه التقيّة- كما تذهب إليه الإمامية- [84] لم يحصل الثقة بتبليغه، ولأنّ ما قالوه يقتضي نقض الغرض ببعثته،
[صفحه 81]
لأنّه لا غرض بها الا تعريف مصالح العباد، فإذا جاز أن لا يبلّغها تقيّةً يبطل الغرض ببعثته!
ولا يقال: «إن الخوف من شرّ العدوّ يقتضي جواز ذلك، كما في الشاهد إذ خاف علي نفسه من أداء الشهادة وكما في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» وذلك لأنّ الفرق بين الأمرين ظاهر، فإن [ما] نستفيد من جهة الرسول عليه‌السلام شرعاً لا نعرفه إلا من جهته، فإذا كتمه عنّا زالت مصلحتنا علي وجه لا يخلّفها غيرها وليس كذلك حال ترك الشهادة للضرورة ولا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنّ ذلك لايحصل بتركه جهل بحكم قطّ بل نحن نعلم من وجوب ذلك المعروف وقبح ذلك المنكر مع فقدهما ما نعلمه مع وجودهما، مع أنّ اللَّه تعالي يجب عليه [85] أن يعصم رسوله عليه‌السلام من كيد أعدائه حتّي يبلّغ الدين، وقد قال تعالي: «واللَّه يعصمك من الناس» [67/المائدة: 5] حتّي روي أنّ حفظ أصحابه له هان بعد ذلك للآية الشريفة ثقةً بوعد اللَّه الصادق من عصمته
[صفحه 82]
وهو منعه من الأعداء، لأنّ العصمة في اللغة هي المنع ولهذا سمّي رباط القربة عصاماً لمنعه /26/ الماء من الخروج.
ومنها وجوب الرجوع إلي كتاب اللَّه تعالي فلو جازت فيه الزيادة والنقصان كما تذهب إليه الإمامية [86] لما وجب الرجوع إليه علي الإطلاق، لأنّه يجوز فيما شرع فيه وجوبه أن يكون مزيداً، وفيما شرع تحريمه أن يكون مزيداً فلا يجب الرجوع إليه بحال من الاحوال وإلي مثله ذهب الملاحدة الباطنية إلا أنّ خلافهم في إثبات الصانع تعالي والنبوّات أصل لذلك، وإنّما العجب من جهلة الإمامية [87].
ومنها فضل العترة عليهم‌السلام ووجوب رعاية حقّهم حيث جعلهم أحد الثقلين الذين يسأل عنهما وأخبر بأنّه سأل لهم اللطيف الخبير، وقال: «فأعطاني» يعني استجاب له دعاءه فيهم [وهو قوله:] «ناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليّهما لي وليّ وعدوّهما لي عدوّ» وهذا يقتضي أنّهم قائمون بالصدق ودائنون بالحقّ لأنّه قد جعل ناصرهما- يعني [ناصر] الكتاب والعترة عليهم‌السلام- ناصراً له وخاذلهما خاذلاً له، ونصرته صلّي اللَّه عليه [وآله وسلم] واجبة وخذلانه حرام عند جميع أهل الإسلام، وكذلك يكون حال العترة الكرام عليهم أفضل السلام، وهذا يوجب أنّهم لايتّفقون علي ضلال ولا يدينون بخطأ، إذ لو جاز ذلك عليهم
[صفحه 83]
حتّي يعمّهم كان نصرتهم حراماً وخذلانهم فرضاً، وهذالايجوز لأنّ خبره فيهم عامّ يتناول جميع أحوالهم ولم يرد دليل علي التخصيص، وزاد بياناً وأردف برهاناً بقوله: «ووليّهما لي ولّي وعدوّهما لي عدوّ» وهذا يقتضي كونهم علي الصواب، وأنّهم يلازمون الكتاب [بعلم] حتّي لا يحكمون بخلافه، وفيه أجلي دلالة علي أنّ إجماعهم حجّة يجب الرجوع إليها حيث جمع الرسول بينهم وبين الكتاب في أنّ عدوّهما عدوّ له ووليّهما ولّي له، وهذا يقتضي أنّهم لا يفارقون الكتاب.
وفيه أوفي عبرة لمعتبر في عطب معاوية ويزيد وأتباعهم وأشياعهم من سائر النواصب الذين جهدوا في عداوة العترة النبوية والسلالة العلويّة.
ومنها قوله في علي عليه‌السلام- بعد أخذه بيده ورفعها-: «من كنت مولاه فهذا مولاه» والمولي إذا أطلق من غير قرينة فُهِم منه أنّه المالك للتصرّف وإن كان في‌الأصل يستعمل في معان عد [يد] ة: منها المالك للتصرّف ولهذا إذا قيل: هذا مولي القوم سبق إلي الافهام أنّه المالك للتصرف في أمورهم.
ومنها المودّ والناصر، قال اللَّه تعالي: «ذلك بأنّ اللَّه مولي الذين آمنوا وأنّ الكافرين لا مولي لهم» [11/محمد: 47].
ومنها بمعني ابن‌العمّ قال تعالي: «وإّني خفت الموالي من ورائي» [5/مريم: 19] أراد بني العمّ بعدي. [و] قيل: [معناه أخافهم] في تغيير ديني [88] وما شرعه اللَّه تعالي له، فأراد ولداً يقوم بأمور دينه ويكون خلفاً [له] من بعده.
ومنها بمعني المعتَق والمعتِق يقال: العبد مولي فلان أي معتَقُه، وزيد مولي العبد أي معتِقه.
ومنها الحليف والجار؟ قال الشاعر:
موالي‌خلف /27/ لا موالي قرابة
ولكن قطيناً يدفعون الأتاويا؟
[صفحه 84]
ومنها بمعني الأولي، قال تعالي: «مأواكم النار هي مولاكم» [15/الحديد: 57]،أي أولاكم.
وبعد فلو لم يكن السابق إلي الأفهام من لفظة «مولي» المالك للتصرّف وكانت منسوبةً إلي المعاني كلّها علي سواء حملناها عليها أجمع إلاّ ما يتعذّر في حقّ عليّ عليه‌السلام من المعتق والمعتق فيدخل في ذلك ملك التصرف والأولي المفيد ملك التصرف، فيفيد الامامة لأنّه عليه‌السلام إذا ملك التصرف علي الامّة أوكان أولي بالمؤمنين من أنفسهم كان إماماً، وتفصيل ذلك مودع في مواضعه، وإنّما ذكرنا نكتة بقدر ما يحتمله ما نحن بصدده [89].
ومنها قوله صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «من كنت وليّه فهذا وليّه» والولّي: المالك للتصرّف بالسبق إلي الافهام [من هذا التعبير، وسبق معنيً من لفظ إلي الذهن وتبادره منه علامة الحقيقة] وإن استعمل في غيره [علي سبيل المجاز] وعلي هذا قال صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «السلطان وليّ من لا وليّ له» يريد به ملك التصرّف في عقد النكاح، يعني أنّ الإمام له الولاية فيه حيث لا عصبة.
ثمّ لو سلّمنا احتمال الولّي لغير ما ذكرناه علي حِدَةٍ فهو كذلك فيه فنحمله علي الجمع بناءاً علي أنّ كل لفظة احتملت معنيين بطريقة الحقيقة فإنّه يجب حملها عليهما أجمع إذا لم يدلّ دليل علي التخصيص ولا علي تعذّر حملها علي الجمع كما في القروء، فإنّه وان استعمل في الطهر والحيض، فإنّه لا يجوز في قوله تعالي: «والمطلّقات يتربّصن بأنفسهنّ ثلاثة قروء» [90] أن يكون محمولاً علي الأطهار والحيض؟ وقد انعقد الاجماع من الامة علي أنّ المطلّقة من ذوات الحيض لا تعتدّ بهما علي الجمع، وإنّما اخلتفوا في أنّها بما ذا تعتدّ، فعند أئمّتنا عليهم السلام تعتدّ بالحيض، وحملوا الأقراء علي ذلك، وهو مذهب أبي‌حنيفة.
وعند الشافعي أنّها تعتدّ بثلاثة أطهار.
[صفحه 85]
وقال الاوّلون: الباري تعالي نقل الآيسة إلي الأشهر؟ وهذا يقتضي أنّ المراد بالأقراء الحيض لأنّها لا تكون آيسة الا من الحيض دون الأطهار؟ فإنّها حاصلة مع الشهور.
وقال صلّي اللَّه عليه وآله: «دعي الصلاة أيّام أقرائك» يعني أيّام الحيض فصار الأظهر أنّ الأقراء في الحيض.
ومنها قوله: صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه» وهذا يشهد بفضل علّي عليه‌السلام وبراءته من الكبائر حيث دعا النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم إلي اللَّه تعالي بأن يوالي من والاه ويعادي من عاداه، ولو جاز أن يرتكب كبيرةً لوجبت معاداته، ومتي وجبت معاداته لم يكن اللَّه ليعادي من عاداه كما لا يعادي من عادي مرتكبي الكبائر بل هو من أوليائه في‌ا لحقيقة، فلما قضي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم بأنّه يعادي من عاداه مطلقاً من غير تخصّص دلّ علي أنّه لا حالة له /28/ يقارف فيها كبيرةً.
وبهذا يظهر أنّ معاوية قد عاداه اللَّه علي الحقيقة لأنّ المعلوم بلا مرية أنّه كان معادياً لعلي عليه‌السلام، ومن عاداه اللَّه تعالي أنزله دار أعدائه وهي دار البوار جهنّم يصلونها فبئس القرار، ومن كان عدوّاً للَّه كيف يجوز الترحيم عليه أوالتوالي له لولا عمي البصائر وخبث الظواهر والسرائر، والانحراف عن العترة الأطهار وأبيهم إمام الأبرار والمخصوص بأخوّة النبي المختار صلّي اللَّه عليه و علي آله الاطهار.
ولو لم يرد في مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام إّلا خبر الغدير الذي ذكرناه لكفي في‌رفع منزلته وعلوّ درجته وقضي له بالفضل علي سائر الصحابة.
ولهذا روينا بالاسناد المتقدّم إلي ابن‌المغازلي [91] [أنّه لمّا أخذ النبي صلّي اللَّه
[صفحه 86]
عليه وآله وسلم بيد عليّ بن أبي‌طالب وقال: «ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم»؟ قالوا: بلي يا رسول اللَّه. فقال: [«من كنت مولاه فعليّ مولاه». قال عمر بن الخطّاب: بخ بخ لك يا ابن‌أبي‌طالب أصبحت مولاي ومولي كلّ مؤمن. فأنزل اللَّه تعالي: «اليوم أكملت لكم دينكم»]4/المائدة: 5].
والعجب أنّ عمر عقل ذلك اليوم أنّ عليّاً مولاه ومولي كلّ مؤمن ثمّ قدّم عليه أبابكر، وتقدّم عليه بنفسه وجعل الأمر بعده شوري في ستة أحدهم علّي عليه‌السلام!! وأعجب من ذلك كلّه قوله: «لو كان سالم مولي أبي‌حذيفة حيّاً ما خالجتني فيه الشكوك»!!!
[صفحه 87]
وأين حالة سالم من منزلة أميرالمؤمنين عليه‌السلام في علمه وجهاده وزهده وعبادته وورعه وقربه من الرسول صلّي اللَّه عليه وآله وسلم، فلا يساوي بينهما أحد له في النصفة نصيب.
وتنبّه أيّها المنصف علي وجه وهو أن مخالفي الزيدية يدّعون صحّة الخبر وهو قوله صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «الائمّة من قريش» فإن كان صحيحاً بالإجماع فقد خالفه عمر وردّه حيث جوّز إمامة مولي أبي‌حذيفة وهذا يوجب نسبة الخطأ إليه، وإن لم يكن صحيحاً بطل استدلالهم به علي جواز الإمامة في قريش لأنّه العمدة عند المخالف في هذا الباب، وفيه حصول غرضنا من المنع من صحته.
وروينا بالإسناد المتقدّم إلي ابن‌المغازلي [92] رواه بإسناده إلي رياح بن الحارث قال: كنّا مع علّي عليه‌السلام في الرحبة إذ جاء ركب من الأنصار فقالوا: السلام عليك يا مولانا. قال: كيف ذا وأنتم قوم من العرب؟ قالوا: سمعنا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم يوم غدير خمّ يقول: «من كنت مولاه فعلّي مولاه».
ثم انصرفوا فقلت: مَنِ القوم؟ قالوا: قوم من الانصار وفينا أبوأيّوب
[صفحه 88]
الأنصاري.
و [أيضاً] روينا بالإسناد المتقدم إلي ابن‌المغازلي [93] قال: حدّثني أبوالقاسم الفضل بن محمد بن عبداللَّه الاصفهاني- [94] قدم علينا واسطاً- إملاءاً من كتابه لعشر بقين من شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وأربع مائة، قال: حدثنا محمد بن علي بن عمر بن مهدي قال: قال: حدثنا سليمان بن أحمد بن أيّوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن كيسان /29/ الثقفي الاصفهاني قال: حدثنا اسماعيل بن عمر البلخي [95] قال: حدثنا مِسعر بن كِدام، عن طلحة بن مصرف:
[صفحه 89]
عن عَمِيرة بن سعد قال: شهدت عليّاً عليه‌السلام علي المنبر ناشداً أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم «من سمع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم يوم غدير خمّ يقول ما قال فليشهد»، فقام اثنا عشر رجلاً منهم أبوسعيد الخدري وأبوهريرة وأنس بن مالك، فشهدوا أنّهم سمعوا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله
[صفحه 90]
وسلم يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه؟».
قال أبوالقاسم الفضل بن محمد: هذا حديث حسن صحيح عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم [ثم قال:] وقد روي حديث غدير خمّ عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم نحو من مائة نفس منهم العشرة [96] [ثمّ] قال: وهو حديث ثابت لا أعرف له علّة، تفرّد علّي عليه‌السلام بهذه الفضيلة ليس يشركه فيها أحد.
[قال حميد الشهيد:] وقد ذكر غير أبي‌القاسم زيادةً علي مائة الذين رووا حديث الغدير وهو ظاهر مشهور [97].
وأخبرنا الشيخ الأجلّ محيي الدين شيخ المسلمين أبوعبداللَّه محمد بن أحمد بن الوليد القرشي رضوان اللَّه عليه مناولة وإجازةً قال: أخبرنا الشريف الأمين
[صفحه 91]
الاجلّ الفاضل بدر الدين فخر المسلمين الداعي إلي الحقّ المبين أبوعبداللَّه محمد بن أحمد بن يحيي بن يحيي بن الناصر الهادي إلي الحقّ عليهم‌السلام مناولةً من يده الشريفة إلي يدي في شهر رمضان من سنة سبع وتسعين وخمس مائة بمدينة صعدة المحروسة بالمشاهد المقدّسة علي ساكنيها السلام قال: وأنا أرويه مناولةً وإجازةً عن السيّد الشريف الأجّل عماد الدين الحسن بن عبداللَّه رحمه اللَّه تعالي قال: أخبرنا القاضي الإمام الأوحد الزاهد قطب الدين شرف الإسلام عماد الشريعة أحمد بن أبي‌الحسن بن علي القاضي الكني أدام اللَّه تأييده بقرأته علينا في ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة قال: أخبرنا القاضي الإمام المرشد أبومنصور عبدالرحيم بن المظّفر بن عبدالرحيم الحمدوني رحمه اللَّه في‌رمضان سنة ستّ وثلاثين وخمس مائة قراءةً عليه، قال: أخبرني والدي الشيخ أبوسعيد المظفر بن عبدالرحيم بن علي الحمدوني قال: حدثنا السيّد الامام الاجل المرشد باللَّه أبوالحسين يحيي [98] بن الموفّق باللَّه أبي‌عبداللَّه الحسين بن اسماعيل بن زيد بن الحسن بن جعفر بن الحسن [99] [بن] محمد بن جعفر بن عبدالرحمان الشجري ابن‌القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهم‌السلام في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين وأربع مائة، قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي البزاز بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبوعمرو عثمان بن محمد بن أحمد المخزومي قال: أخبرنا أبوالحسن علي بن عبدالرحمان بن عيسي بن ماتي الكاتب /30/ [100].
[صفحه 92]
قال: حدّثني الحسين بن الحكم الحِبَري [101] قال: حدثنا الحسن بن الحسين، عن حبّان، عن الكلبي، عن أبي‌صالح:
عن ابن‌عباس‌رضي الله عنه في قوله عزّ وجلّ: «يا أيّها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك، وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته [102] واللَّه يعصمك من الناس، إن اللَّه لا يهدي القوم الكافرين» [67/المائدة: 5 قال:] نزلت في عليّ عليه‌السلام، أمر رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم أن يبلغ فيه، فأخذ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم بيد علّي عليه‌السلام فقال: «من كنت مولاه فعلّي مولاه الّلهم وال من والاه وعاد من عاداه».
وبه إلي السيّد رضي الله عنه [103] قال: حدّثنا القاضي أبوالقاسم علّي بن المحسن
[صفحه 93]
التنوخي إملاءاً قال: حدّثنا أبوحفص عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ، قال: حدّثنا أحمد بن عبداللَّه بن سالم، قال: حدثنا علّي بن سعيد الرقّي.
حيلولة: قال السيد: وحدّثناه القاضي أبوالقاسم قال: وحدثنا أبوالحسن علّي بن عبداللَّه [104] بن محمد بن عبيدالزجّاج الشاهد النبيل، قال: حدثنا أبونصر حبشون بن أيّوب الخلال قال: حدثنا علّي بن سعيد الشامي قال، حدثنا ضمرة بن ربيعة عن ابن‌شوذب، عن مطر، عن شهر- يعني ابن‌حوشب-:
عن أبي‌هريرة قال: من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة كتب له صيام ستّين شهراً، وهو يوم غدير خمّ لمّا أخذ النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم بيد علّي‌بن أبي‌طالب عليه‌السلام فقال: «ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم؟»، قالوا: بلي يا رسول اللَّه. قال: «من كنت مولاه فعلّي مولاه».
وقال عمر: «بخ بخ لك يا ابن‌أبي‌طالب أصبحت مولاي ومولي كلّ مؤمن»، فأنزل اللَّه تعالي «اليوم أكملت لكم دينكم [وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً» 3/المائدة: 5].
ومن صام يوم سبعة وعشرين من [شهر] رجب كتب اللَّه له صيام ستّين شهراً وهو أوّل يوم هبط فيه جبريل عليه‌السلام علي النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم بالرسالة [105].
[صفحه 94]
[قال السيد المرشد باللَّه: هذا] لفظ حديث ابن‌عبيد، وهو أتمّ [من حديث التنوخي].
وبالإسناد [المتقدم آنفاً] إلي السيّد [المرشد باللَّه] رضي الله عنه [106] قال: أخبرنا إبراهيم
[صفحه 96]
بن طلحة بن إبراهيم بن غسان بقراءتي عليه في منزله بالبصرة قال: حدثنا أبوالقاسم علي بن محمد بن أبي‌سعيد العامري الكوفي قال: حدثنا اسحاق بن محمد بن مروان قال: حدثنا أبي‌قال: حدثنا علي بن خلف، عن عبدالنور:
عن داود بن يزيد الأودي عن أبيه قال: جاء رجل إلي ابي هريرة وهو جالس عند أبواب كندة في مسجد الكوفة، فقال: أنشدك باللَّه هل سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟» قال: اللهم نعم ولولا أنك ناشدتني ما ذكرته، فقال: اللهم لا أعلم إلا قد عاديت من والاه وواليت من عاداه. فقال له الناس: اسكت اسكت.
وأخبرناالفقيه الفاضل بهاء الدين أبوالحسن علي بن أحمد بن الحسين رضي‌اللَّه عنه إجازةً ومناولةً قال: أخبرنا عفيف الدين علي بن محمد بن حامد اليمني الصنعاني مناولةً في سابع عشر من ذي الحجّة من سنة ثمان وتسعين وخمس مائة، قال: أخبرنا يحيي بن الحسن /31/ بن الحسين بن علي بن محمد البطريق
[صفحه 97]
الأسدي الحلبي بمحروسة حلب [107] في غرّة جمادي الأولي من سنة ستّ وتسعين وخمس مائة قراءة عليه، قال: أخبرنا الشيخ السيّد الاجلّ محمد بن يحيي بن محمد بن أبي‌السبط ابن‌الواعظ البغدادي في صفر سنة خمس وثمانين وخمس مائة عن الفقيه أبي‌الخير أحمد بن اسماعيل بن يوسف القزويني‌الشافعي‌المدرّس بمدينة النظامية؟ ببغداد في شعبان من سنة سبعين وخمس مائة بروايته عن محمد بن أحمد الارغياني [108] عن الفقيه القاضي الحافظ حاكم «بلخ» أحمد بن أحمد بن محمد البلخي عن يحيي بن محمد الاصفهاني عن الاستاذ أبي‌إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي [109] في تفسير قوله تعالي: «سأل سائل بعذاب واقع» [1/المعارج: 70] قال: وسئل سفيان بن عيينة عن قوله تعالي: «سأل سائل بعذاب واقع» فيمن نزلت؟ فقال [للسائل]: لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك [وقد] حدثني جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام قال:
لمّا كان رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وعلي آله وسلم بغدير خمّ نادي الناس فاجتمعوا فأخذ بيد علّي صلّي اللَّه عليهما فقال: «من كنت مولاه فعلي مولاه» فشاع ذلك وطار في البلاد فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري فأتي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم علي ناقته حتي أتي الأبطح فنزل عن ناقته فأناخها
[صفحه 98]
وعقلها ثم أتي النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم وهو في ملأ من أصحابه فقال: يا محمد أمرتنا عن اللَّه «نشهد أن لا إله الا اللَّه، وأنّك رسول اللَّه» فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصلي خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصوم شهراً فقبلناه منك، وأمرتنا أن نحجّ البيت فقبلناه ثم لم ترض بهذا حتّي رفعت بضبعي ابن‌عمّك ففضلته علينا وقلت: «من كنت مولاه فعلي مولاه» وهذا شي‌ء منك أم من اللَّه؟ فقال [رسول اللَّه]: «والذي لا إله الا هو إنّه من أمر اللَّه».
فولّي الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقّاً فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم!! فما وصل اليها حتّي رماه اللَّه بحجر فسقط علي هامته وخرج من دبره فقتله فأنزل اللَّه تعالي «سأل سائل بعذاب واقع، للكافرين ليس له دافع».
وقال حسّان بن ثابت في شأن حديث يوم الغدير أبياتاً [110] واستأذن رسول اللَّه
[صفحه 99]
صلّي اللَّه عليه في‌إنشادها فأذن له فأنشأ يقول:
يناديهم يوم الغدير نبيّهم
بخمّ وأسمع بالرسول المناديا
وقال فمن مولاكم ونبيّكم
وقالوا- ولم يبدوا هناك تعاميا
إلهك مولانا وأنت نبّينا
ومالك منّا في الولاية عاصيا
فقال له قم يا علي فإنّني
رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
هناك دعا اللهم وال وليّه
وكن للذي عادي علّياً معاديا
قال شيخ الاسلام أيّده اللَّه: وما ذكره حسّان رحمه اللَّه من قوله: «رضيتك من بعدي /32/ إماماً وهادياً» فإنّه دليل علي انه عقل من كلام النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم «من كنت مولا فعلي مولاه» المالك للتصرّف لأنه عقل منه الإمامة التي هي مفيدة لملك التصرف، فدلّ علي أن لفظة «المولي» تفيد ماذكرناه، وقول حسّان حجّة في ذلك لأنّه لا يشكل حاله في معرفه اللغة.
وأخبرنا الشيخ الاجّل العالم الورع الصالح محيي الدين عمدة المحدثين شيخ المتكلمين أبوعبداللَّه محمد بن أحمد بن الوليد القرشي رضوان اللَّه عليه قراءة عليه قال: أخبرنا القاضي‌الأجل الإمام شمس الدين جمال الاسلام والمسلمين جعفر بن أحمد بن أبي‌يحيي رضوان اللَّه عليه قراءة عليه، قال: أخبرنا القاضي الإمام قطب الدين أحمد بن أبي‌الحسن بن أحمد الكني أسعده اللَّه، قال: أخبرني الشيخ الفقيه الإمام أبوعلي‌الحسن بن علي بن أبي‌طالب الفرزادي رحمه الله إجازةً و الشيخ أبورشيد بن عبدالحميد بن قاشوزي الرازي؟ رحمه الله قراءة عليه، والشيخ عبدالوهاب بن أبي‌العلاء بن بعدويه السمان؟ قراءة عليه أيضاً في مدرسة شجاع الدين في ربيع الاول سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، قالوا: أخبرنا الاستاذ الرئيس علي بن الحسين بن محمد بن الحسين بن مدرك في الجامع العتيق بالريّ في ذي القعدة سنة ست وتسعين وأربع مائة بقراءته علينا، قال: حدثنا والدي الحسين بن محمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن مدرك في شواّل سنة خمس وأربعين وأربع مائة، قال: أخبرنا أبوداود سليمان بن حاوك؟ قال: أخبرنا السيد الإمام أبوالحسين
[صفحه 100]
أحمد بن الحسين بن هارون الهاروني رحمه اللَّه [111] قال: أخبرنا محمد بن عثمان النقّاش قال: أخبرنا الناصر للحقّ الحسن بن علي قال: حدثنا محمد بن منصور ملل؟ [قال:] حدثنا علي بن الحسن بن علي الحسيني والد الناصر:
عن إبراهيم بن رجاء الشيباني قال: قيل لجعفر بن محمد: ما أراد رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه واله وسلم يقول يوم الغدير «من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه»، قال: فاستوي جعفر بن محمد قاعداً ثمّ قال: سئل عنها واللَّه رسول اللَّه فقال: «اللَّه مولاي أولي بي من نفسي لا أمر لي معه وأنا مولي المؤمنين أولي بهم من أنفسهم لا أمر لهم معي ومن كنت مولاه أولي به من نفسه لا أمرله معي فعليّ مولاه أولي به من نفسه لا أمرله معه» [112].
قال شيخ الاسلام أيده اللَّه: وهذا يوضح صحة المعني الذي قدّمناه أن المراد بالمولي المالك للتصرف لأنه عليه‌السلام بيّن المراد بقوله: «اللَّه مولاي أولي بي من نفسي لا امر لي معه» وانّما أراد ملك التصرف عليه؟ قال: وأنا مولي المؤمنين أولي بهم من أنفسهم لا أمر لهم معي.
وهذا يبتدر إلي الفهم منه ملك التصرف عليهم وقد زاده إيضاحاً بقوله: «لا أمر لهم معي» يريد تمام التصرف عليهم والو لاية فيهم كما يقال: فيمن لم يبلغ الحلم أنه لا امرله مع ابيه ولا امر لليتيم مع الوصّي ووليه ولا وجه لذلك الا أن الأب يملك التصرف علي ولده وكذلك حال الوصّي مع اليتيم.
ومتي ثبت لعليّ عليه‌السلام ملك التصرف علي المؤمنين كان إماماً لأنه لا يلي التصرف علي هذا الحدّ إلّا الإمام، فصحّ ما قلناه /33/ من أنّ خبر الغدير يفيد الإمامة، وقد انطوي أيضاً علي فضائل عدّة سوي الإمامة، ومتي اقتضت فضله علي غيره كان أولي بالإمامة أيضاً لكونه أفضل إذ الأفضل أولي بالإمامة من المفضول عند من أمعن النظر، وفيه إجماع الصحابة أيضاً [113] ألا تري أنّ الأنصار لمّا
[صفحه 102]
رامت أن يكون الأمر فيهم فزعوا إلي ذكر مناقبهم وما كان لهم من الإيواء والنصرة وقالوا: الدار دارنا والإسلام عزّبنا.
فقال لهم أبوبكر: ما أنتم من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها؟ فذكر كلّ واحد منهم أمراً يقضي بفضله، فلولا أنّ الأفضل يراعي في الإمامة؟ وأنّ الأفضل لأولي بها لم يكن لذكر هذه المناقب وجه، بل كان لقائل أن يقول: [114] وأّي فائدة في ذكر الفضل في هذا الباب ومعلوم خلافه.
[صفحه 103]

و الاستدلال علي أفضلية أميرالمؤمنين باخوته للنبي

ونعود بعد ذلك إلي [ذكر بقيّة] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
وكم له من موقف ظاهر
أظهر فيه أنّ هذا أخي
الضمير في قوله: «له» يرجع إلي النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم، والموقف: موضع الوقوف كالمقام موضع الإقامة. والظاهر: نقيض الخفّي وهو ما تجلّي وفي‌أسماء اللَّه تعالي: «الظاهر الباطن» فالظاهر أجري عليه [تعالي] لأنّ الأدلّة الدالّة علي إثباته تعالي في نهاية الوضوح والجلاء فصار ظاهراً بهذا المعني وإلاّ فالظهور بمعني البروز من الحجاب لايجوز عليه سبحانه لأنّ هذه الصفة لاتليق إّلا بالجسم وهو تعالي ليس بجسم.
ويستعمل الظاهر في حقّه [عزّ وجلّ] بمعني القاهر الغالب علي كلّ شي‌ء وذلك يفيد كونه قادراً، ومنه قوله تعالي: «فأصبحوا ظاهرين» [14/الصفّ: 61] أي غالبين عالين بالقهر.
والباطن في حقّه تعالي بمعني أنّه لا يظهر للحواس فتدركه من البصر وغيره فسمّي باطناً، ولو كان [اللَّه تعالي] مرئيّاً كما تقوله الجهلة لم يكن باطناً بكلّ حال، وإنّما يكون باطناً في حال دون حال.
وقيل: الباطن في حقّه [تعالي] بمعني أنّه عالم بكلّ شي‌ء [وعلي هذا فهو] مأخوذ من قولهم: (فلان بطانة فلان) اذا كان من خواصّه الذين يعلمون باطن أموره، ولا يجوز وصفه بأنّه باطن بطريقة الاحتجاب لأنّ ذلك من صفات المتحيزّات وهي محدثة واللَّه تعالي قديم.
والظاهر في أصول الفقه هو كلام لا يفتقر في‌إفادة ما هو ظاهر فيه إلي غيره. وقيل: [هو] ما احتمل أمرين هو في أحدهما أظهر من الآخر.
والاخ معروف، وقد يطلق علي الاخوة في‌الدين كما يطلق علي الإخوة في‌النسب، قال اللَّه تعالي: «إنّما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم» [10/الحجرات: 49] وقال صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «الاخوة في الدين فوق الاخوة في النسب.
وقيل: إنّ الأصل في الإخوة أنّ كلّ واحد يتآخا ما يتآخاه الآخر أي يتحرّي. وقد تضمّن هذا البيت [من القصيدة] منقبةً لأمير المؤمنين عليه‌السلام شريفة،
[صفحه 104]
وفضيلة غرّاء منيفة، حيث جعله رسول اللَّه /34/ صلّي اللَّه عليه وآله وسلم أخاً له في مقام بعد مقام، وظهر ذلك ظهوراً شائعاً لكثير من‌الخاص والعام [115] وفيه طرق عدّة:
منها ما أخبرنا به الشيخ العالم محيي الدين [116] رضوان اللَّه عليه بقراءتي عليه بإسناده المتقدم إلي السيّد أبي‌طالب عليه‌السلام، قال: حدّثنا القاضي عبداللَّه بن محمد بن إبراهيم ببغداد، قال: حدثنا أبوالحسين عمر بن الحسن القاضي إملاءاً سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة، قال: أخبرنا محمد بن غالب بن حرب، قال: حدثنا
[صفحه 105]
عبداللَّه بن صالح بن مسلم، عن أبي‌الجحّاف، عن ابن‌عمير:
عن ابن‌عمر قال: آخا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم بين المؤمنين فقام عليّ عليه‌السلام فقال: يا رسول اللَّه كلّهم يرجع إلي أخ غيري؟ [ف]-قال [رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم]: «أما ترضي أن تكون أخي؟»، قال: بلي. قال: «فأنا أخوك في الدنيا والآخرة».
قال: فقال- يعني أباالجحّاف-: قلت: اللَّه الذي لا إله إلا هو يا عبيدبن عمير لقد سمعته من ابن‌عمر؟ قال: اللَّه الذي لا إله إلاّ هو لقد سمعته من ابن‌عمر. قال: فاستحلفه ثلاث مرات فحلف.
وأخبرنا الشيخ الفاضل محيي الدين رضوان اللَّه عليه، قال: أخبرنا القاضي الأجلّ الامام شمس الدين جعفر بن أحمد رضوان اللَّه عليه، قال: أخبرنا القاضي الامام قطب الدين علم الاسلام أحمد بن أبي‌الحسن الكني بقراءتي عليه، قال: أخبرنا الشيخ الامام محمد بن أحمد بن علّي الفرزادي رحمه اللَّه بقراءتي عليه، قال: أخبرنا الشيخ الامام أبوطاهر محمد بن عبدالعزيز بن إبراهيم الزعفراني قال: أخبرنا القاضي الزكي أبوعلي الحسن بن علي بن الحسن الصفار، قال: أخبرنا محمد بن علي بن محمد بن عمار قراءةً عليه، قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال: أخبرنا نصر بن علي قال: أخبرنا عبدالمؤمن بن عباد، قال: أخبرنا يزيد بن معن، قال: أخبرنا عبداللَّه بن شرحبيل، عن رجل من قريش:
عن زيد بن أبي‌أوفي [117] قال: دخلت علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه واله وسلم فذكر المواخات بين أصحابه [وساق الحديث إلي أن] قال:
فقال علّي- يعني للنبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم-: لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت ما فعلت بغيري فإن كان هذا من سخطة علّي فلك
[صفحه 106]
العتبي والكرامة!! قال [النبي]: «والذي بعثني بالحقّ نبيّاً ما اخترتك الا لنفسي وأنت منّي بمنزلة هارون من موسي الا أنه لا نبي بعدي وأنت وارثي».
قال: وما أرث منك يا نبي‌اللَّه؟ قال: «ما ورث الأنبياء من قبلي».
قال: وما ورث الأنبيأ من قبلك؟ قال: «كتاب اللَّه وسنة نبيّهم صلّي اللَّه عليهم وأنت معي في قصري في الجنّة مع فاطمة ابنتي وأنت أخي ورفيقي».
ثم قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «إخواناً علي سرر متقابلين المتحابّين في اللَّه ينظر بعضهم إلي بعض».
وأخبرنا الفقيه الفاضل بهاء الدين رضوان اللَّه عليه بإسناده المتقدم إلي القاضي‌العدل أبي‌الحسن علي بن محمد الجلاّبي المعروف بابن المغازلي [118] قال: أخبرنا أبوغالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد /35/ حدثنا محمد بن عبداللَّه بن محمد بن المطّلب الشيباني [119] قال: حدثنا ابراهيم بن بشر قال: أخبرنا منصور بن أبي‌نويرة الاسدي قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن إبراهيم بن عبدالاعلي:
عن سعد بن حذيفة عن أبيه حذيفة بن اليمان قال: آخا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم بين الانصار والمهاجرين فكان يواخي بين الرجل ونظيره ثم أخذ بيد عليّ بن أبي‌طالب فقال: هذا أخي.
قال حذيفة: رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم سيد المسلمين وإمام المتقين ورسول رب العالمين الذي‌ليس له في الأنام شبيه ولا نظير وعلّي بن أبي‌طالب أخوه.
[صفحه 107]
قال شيخ الاسلام أيدّه اللَّه: وفي هذه الآثار أوفي دلالة علي فضل علّي عليه‌السلام علي سائر الصحابة، وقد بيّن حذيفة في هذا الخبر أنّه كان يواخي بين الرجل ونظيره وانّما أراد نظيره في‌الفضل عند اللَّه تعالي ولمّا لم يواخ بين علّي وبين أحد منهم علمنا أن عليّاً عليه‌السلام لا نظير له في‌الصحابة فكان أفضلهم، وتخصيص النبي عليه‌السلام له بأخوّته دليل علي أنّه أقرب الصحابة اليه في الفضل وأنّه تاليه دون غيره وإن كان لرسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم الفضل والحقّ علي جميع الخلق.
وفي الخبر الذي قبل هذا فوائد جمّة: منها قسم النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم بأنّه اختار عليّاً لنفسه وآثره بإخائه دون الصحابة.
ومنها قوله: «وأنت منّي بمنزلة هارون من موسي» وسيأتي تفصيله [120].
ومنهاتصريحه بأنّه وارثه وأنّه يرث منه كتابه وسنّته كما ورث من قبله من الأنبياء عليهم‌السلام وإنّما أراد العلم بذلك والعمل به.
وهذا يقتضي تميّزه علي سائر الصحابة، ولا شبهة أنّ له عليه‌السلام في‌العلم المزيّة عليهم أجمعين ولهذا كانوا يفزعون إليه اذا دهمتهم المشكلات ويلتجؤن نحوه عند ورود المعضلات فيجلّيها بنور علمه ويقشع دجنتها بشعاع فهمه، وقد قال [رسول اللَّه] صلّي اللَّه عليه وآله وسلم- مخبراً عن ارتفاع منزلته ومميّزاً له علي سائر الصحابة-: «أنا مدينة العلم وعلّي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب» [121].
و [الحديث] ورد بصيغة أخري [وهي]: «أنا مدينة الحكمة وعلّي بابها» [122].
[صفحه 108]
وهذا يشهد له بالتبرّز وأن علم رسول ا للَّه صلّي اللَّه عليه واله وسلم لاينال إلّا منه، وقد قال عمر: «لا أبقاني اللَّه لمعضلة لا أري فيها ابن‌ابي طالب» [123] وسلمه
[صفحه 109]
من العطب، والبلاء والنصب، بعد ان أشفا عليه وجنح اليه، وذلك ثابت فيما رويناه بالإسناد الموثوق به إلي أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال:
لمّا كان في ولاية عمر أتي بامرأة حامل فسألها عمر فاعترفت بالفجور فأمربها عمر أن ترجم، فلقيها علّي بن أبي‌طالب عليه‌السلام فقال: مابال هذه؟ قالوا: أمر بها أميرالمؤمنين أن ترجم!! فردّها علّي فقال [لعمر]: أمرت بها أن ترجم؟ قال: نعم اعترفت عندي بالفجور. فقال علّي هذا سلطانك عليها فما سلطانك علي ما في بطنها؟ ثم قال /36/ فلعلّك انتهرتها أو أخفتها؟ قال: قد كان ذاك. قال: أو ما سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: «لا حدّ علي معترف بعد بلاء، إنّه من قيّدت أو حبست أو تهدّدت فلا اقرار له». قال: فخلّي عمر سبيلها ثم قال: عجزت النساء أن يلدن مثل علّي بن أبي‌طالب عليه‌السلام؟ لولا علّي لهلك عمر [124].
[صفحه 113]
فهذا كلام من هو في رتبة الإمامة عند مخالفينا، وفيه ما قد علمت أيّها المتدبّر من الاعتراف بحقّ علّي عليه‌السلام وأنّه لولاه لهلك عمر.
وكم له [عليه‌السلام] من عجيبة غرّاء وقضية زهراء أوضح سبيلها وأنار دليلها، وبالجملة فالحال ظاهر في أنّه لم يكن يرجع إلي غيره في تعرّف حكم وكانوا يرجعون اليه في تعرّف الاحكام وتمييز الحلال من الحرام، ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء واللَّه ذو الفضل العظيم.
ومنها [أي ومن جملة حديث ابن‌أبي‌أوفي المتقدم قريباً] قوله صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «أنت معي في قصري في الجنّة» وهذا يشهد بأنّ عاقبته إلي الجنّة وأنّه لايواقع كبيرةً ويقضي أيضاً بشرف منزلته.
ومنها قوله: «مع ابنتي فاطمة» وهذا أيضاً ينطق بفضلها وأنّها تموت علي الحق والصواب، وتصير إلي طوبي وحسن مآب، وتفوز بالأجزل من الثواب. ومنها قوله: «وأنت أخي ورفيقي» وقد بيّنا ذلك، ثم زاده إيضاحاً بتلاوة الآية الشريفة: «إخواناً علي سرر متقابلين» [47/الحجر: 15].
[صفحه 114]

و الاستدلال بحديث الطير علي أفضلية علي وأحقيته بخلافة النبي من جميع الأمة

رجعنا إلي [ذكر البيت 5 من] القصيدة [وشرحها] قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ومن غداة الطير بيّن لنا
خُصَّ بأكل الطائر المشتوي؟
[لفظة] «من» من أدوات الاستفهام والمراد بها التقرير لما يريد عليه‌السلام ذكره من فضل عليّ عليه‌السلام.
وترد [من] للشرط والمجازات كما تقول: من أكرمني أكرمته.
والطير معروف وسمّي طيراً لطيرانه، ويقع علي الجمع ومنه قوله تعالي- حاكياً عن سليمان بن داود صلي‌اللَّه عليهما وسلم-: «وتفقّد الطير فقال: ما لي لا أري الهدهد» [20/النمل: 27]، وقال تعالي: «طيراً أبابيل» [3/الفيل: 105].
وتقع [الطير] علي الواحد [أيضاً] قال تعالي: «فتنفخ فيها فتكون طيراً [125] بإذني» [110/المائدة: 5] وطائر الإنسان: عمله [كما] في قوله [تعالي]: «وكلّ إنسان ألزمناه طائره في عنقه» [13/الإسراء/17].
والسانح من الطير- عند العرب-: ما ولاّك ميامنه ومن الظباء أيضاً، والعرب تتيمّن بذلك، والبارح: ماولاّك مياسره، والعرب تتشأّم به [126] والناطح: ما استقبلك، والقعيد: ما استدبرك، والتطيّر: التشأّم في قوله تعالي: «إنّا تطيّرنا بكم» [18/يس: 36] وفي قوله تعالي: «يطّيروا بموسي ومن معه» [131/الأعراف: 7] أي يتشأّموا به، وقال صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «لا عدوي ولا طيرة» ومن أعدي الاول المراد به التشّأم؟.
وقوله- [أي قول الإمام المنصور باللَّه في‌البيت الخامس هذا]-: (بيّن) من البيان وهو الإيضاح عن الشي‌ء بما يزول معه اللبس العارض فيه، وأصل البيان: القطع والانفصال، ومنه قوله صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «ما أبين من الحّي فهو ميّت» يريد ما انفصل منه فهو ميتة يحرم الانتفاع به كما يحرم الانتفاع بالميتة
[صفحه 115]
/37/ فكأنّ الشي‌ء عند وضوحه قد بان أي انفصل عن اللبس والخفاء وصار في جنبة الوضوح والجلاء؟.
وأمّا في أصول الفقه فإن البيان في مقابلة المجمل، والمجمل مالايمكن معرفة المراد به بلغطه نحو قوله تعالي: «وآتوا حقّه يوم حصاده» [141/الانعام: 6] فإنّ ذلك مجمل لأنه لا ينبئ عن مقدار الحقّ الّذي يجب أداؤه فهو مجمل بهذا الاعتبار وإن كان غير مجمل في إفادة الوجوب علي الجملة.
وأمّا البيان فيستعمل في معنيين: عام وخاص، فأمّا العام فإنّه بمعني الدلالة، ولهذا يقول القائل: بيّن لي فلان كذا وكذا أي دلّني عليه، وبيّن فلان لفلان الطريق أي دلّه عليها وبيّن اللَّه‌تعالي للعباد الفرايض التي افترضها عليهم أي تصب لهم الادلة الدالّة عليها.
وأمّا المعني الخاص فهو مادل علي المراد بخطاب لايستقلّ بنفسه في‌الدلالة عليه، وقد يكون قولاً وقد يكون فعلاً فأمّا القول فنحو مانقل عن النبي عليه‌السلام من بيان القدر الذي تجب فيه الزكوة وهي‌الحق المجمل الذي ذكره تعالي بقوله: «وآتوا حقه يوم حصاده» [141/الأنعام: 6]، فقال صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» [127].
وأمّا الفعل فنحو إحالته لنا علي صلاته بقوله: «صلّوا كما رأيتموني أصلّي» ونحو قوله: «خذوا عنّي مناسككم» [128] فصارت أفعاله في‌الحج كاشفة لنا عن المراد بقوله تعالي: «وللَّه علي الناس حجّ البيت» [97/آل عمران: 3] وأفعاله في‌الصلوة موضحة لناالمراد بقوله: «وأقيموالصلاة» إذ هومجمل.
وقوله عليه‌السلام: «خصّ» فالمراد به التميّز والانفراد يقول أهل اللغة: خصّ فلان بكذا أي انفرد به وتميّز عن غيره فهو نقيض قولنا: عمّ فإنّه يفيد الشمول.
والعام هو كل كلام مستغرق لجميع مايصلح له، والعموم في الأصل هو الشمول. فأمّا الخاص فهو ما وضع لشي‌ء واحد نحو قولنا: مكة وبغداد، وأما اذا
[صفحه 116]
استعمل في الكلام فقيل في‌الخطاب انه مخصوص فالمراد بذلك أن المتكلم استعمله في بعض ما وضع له كما نقوله في قوله تعالي: «وأوتيت من كل شي ء» [23/النمل: 27] فإنّه مخصوص، وقد يطلق علي المخصوص من عمومه انه خاص، وقد يوصف الدليل المخرج لبعض عموم الخطاب بأنه خاص ويطلق ذلك علي ما يفيد العموم أصلاً نحو قوله تعالي: «قل هواللَّه أحد» فإنه خاص وكذلك ما أشبهه. والأكل معروف]وهو] بفتح الهمزة وبضمّها: المأكول نفسه قال تعالي: «تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها» [25/إبراهيم: 14].
والطائر معروف والألف واللام دخلا هاهنا لتعريف العهد لا لتعريف الجنس لأنّه أراد طيراً بعينه فلذلك كانا للعهد.
والمشتوي معروف وهو الحنيذ قال تعالي: «فما لبث أن جاءبعجل حنيذ» [69/هود: 11] أي محنوذ وهو المشتوي وفعيل بمعني مفعول كقتيل بمعني مقتول وسليب بمعني مسلوب.
وقد تضمّن البيت منقبة من مناقب علي أميرالمؤمنين عليه‌السلام /38/ واضحة، ومزيّة له علي ذوي الفضائل راجحة، وذلك ثابت فيما:
أخبرنا به الفقيه العابد الزاهد العالم المجاهد بهاء الدين أبوالحسن علّي بن أحمد بن الحسين الأكوع رضي الله عنه، بإسناده المتقدم [129] إلي القاضي الخطيب علّي بن محمد الجلاّبي الشافعي المعروف بابن المغازلي [130] قال: اخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان قال: أخبرنا أبوعمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز وأبوبكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزار البغداديان إذناً أنّ الحسين بن إبراهيم حدثهم [131] قال: حدثنا الحجاج بن يوسف بن قتيبة الاصفهاني قال اخبرنا بشر بن الحسين: قال حدثني الزبير بن عدي:
عن أنس قال: أهدي إلي رسول اللَّه صلي عليه واله وسلم طير مشوي فلمّا
[صفحه 117]
وضع بين يد يه قال: «أللهم ائتني بأحبّ خلقك اليك يأكل معي من هذا الطائر». قال: فقلت في نفسي: اللهم اجعله رجلاً من الأنصار. قال: فجاء علّي عليه‌السلام فقرع الباب قرعاً خفيفاً فقلت: من هذا؟ فقال علّي فقلت: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه واله وسلم علي حاجة، فانصرف قال: فرجعت إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه واله وسلم فسمعته يقول الثانية: «اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر». فقلت في نفسي: اللهم اجعله رجلاًً من الأنصار. قال: فجاء علّي عليه‌السلام فقرع الباب فقلت: ألم أخبرك أن الرسول اللَّه صلّي اللَّه عليه واله وسلم علي حاجه؟!! فانصرف ورجعت إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه واله وسلم فسمعته يقول الثالثة: «اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر». قال: فجاء علّي فضرب الياب ضرباً شديداً فقال رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه واله وسلم: «افتح افتح افتح». قال [ففتحت الباب] فلما نظر اليه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «أللهم وإليّ [أللهمّ] وإليّ [اللهمّ واليّ] قال: فجلس مع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه واله وسلم فأكل معه الطير [132].
[صفحه 126]
قال [المؤلف] أيده اللَّه: وهذا الخبر أحد الوجوه المعتمدة في تفضيل أميرالمؤمنين عليه‌السلام علي سائر الصحابة لا سيّما وقد أورده أميرالمؤمنين عليه‌السلام يوم الشوري وناشدهم صحته فاعترفوا بصحته، ومن نقل قصّة الشوري نقل حديث المناشدة [133] وهذا من جملته.
وإنّماكان [حديث الطير] دالة علي فضيلة عليّ عليه‌السلام لأنّ الأحبّ عند اللَّه تعالي هو الاكثر ثواباً لأنه إذا قيل في‌اللَّه تعالي إنّه يحبّ المؤمنين فإن المراد بذلك أنّه يريد تعظيمهم والثناء عليهم وإيصال الثواب إليهم فالأحبّ علي هذا هو الأكثر ثواباً، فإذا ثبت أنّه عليه‌السلام أكثر الصحابة ثواباً ثبت أنّه أفضلهم، وإذا صحّ أنّه أفضلهم كان أولي بالإمامة ممن تقدّم عليه، لأنّه لا يجوز أن يتقدّم المفضول علي الفاضل كما أشرنا إليه وكما هو مفصّل في مواضعه من كتب الأصول.
[صفحه 127]

و الاستدلال بحديث المنزلة علي أفضلية علي علي جميع المسلمين وأحقيّته بالخلافة عن النبي

و [ل] نرجع إلي [ذكر بقية] القصيدة [وشرحها] قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ومن غدي /39/ هارون بالنصّ
ما استثني سوي أن ليس بعدي نبّي
«هارون» هاهنا هو هارون بن عمران أخو موسي بن عمران صلّي اللَّه عليهما و سلم وكانت ولادته عليه‌السلام في السنة التي تستحيي فيها النساء، وولادة أخيه موسي عليه‌السلام في السنة التي تذبح فيها الأبناء فحاطه اللَّه تعالي من كيد أعدائه ليري عباده قد رته ويبلغ من تدبيرهم مشيئته.
وقيل: انه ولد قبل ولادة موسي بسنة وتنبّأ اللَّه موسي وأشرك هارون في أمره بدعائه حيث يقول تعالي حاكياً عنه: «واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي‌اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً إنّك كنت بنا بصيراً» [35 -29/طه: 20] فاستجاب اللَّه تعالي دعاءه فقال: «قد أوتيت سؤلك يا موسي» [36/طه: 20].
وأقاما في النبوة وقد بعثهما اللَّه إلي فرعون وقومه وبني إسرائيل مدة حتي توفي هارون صلّي اللَّه عليهما في زمن التيه.
و «النص» قد تقدم الكلام في معناه لغة وغيرها. و «ما» هاهنا نافية استثناء جاء بالا ستثناء ومعناه إخراج بعض من كلّ ب «إلاّ» أو بما في معناها من الكلام، وهو أحد الوجوه المعتمدة في‌اثبات العموم في اللغة، لأنه لولا صحة الاستثناء في الكلام لم يكن مستغرقاً، ألا تري أنك تقول: من دخل داري أكرمته إلّا اللصوص فيكون إخراج اللصوص بالاستثناء قاضياً بعموم أول الكلام لأن ما ليس بعام لايصح الاستثناء منه، لأنّه لاكلّ له فيخرج بعضه.
وفي قوله: «ومن غدي هارون» حذف تقديره ومن غدي شبه هارون أو كهارون، ومثل هذا شائع في اللغة العربية، وقد نزل بها القرآن قال اللَّه تعالي: «وجنّة عرضها السماوات والارض» [133/آل عمران: 3] أي كعرض فحذف ذلك لدلالة الكلام عليه.
والمقصود بالنصّ الذي ذكره الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام خبر المنزلة الّذي قضي لعلي عليه‌السلام بالفضل الأكبر والشرف الأظهر وذلك ثابت فيما:
[صفحه 128]
اخبرنابه الشيح العالم الصالح العابد الزاهد محيي الدين قدس اللَّه روحه بقراءتي عليه يرفعه بالإسناد المتقدم إلي السيد ابي‌طالب عليه‌السلام [134] قال: اخبرنا ابوعبداللَّه أحمد بن محمد البغدادي قال: اخبرنا أبوالقاسم عبدالعزيز بن إسحاق بن جعفر الزيدي قال: حدثنا محمد بن عيسي النحوي عن محمد بن زكريّا، عن الصباح بن راشد، عن أبان بن أبي‌عيّاش:
عن أنس بن مالك قال: لمّا خرج رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم إلي غزوة تبوك استخلف عليّاً عليه‌السلام علي المدينة وما هناك، فقال المنافقون عند ذلك: إن محمداً قد شني‌ء ابن‌عمّه وملّه. فبلغ ذلك عليّاً عليه‌السلام فشدّ رحله وخرج من ساعته فهبط جبريل عليه‌السلام علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم يخبره بقول المنافقين في عليّ عليه‌السلام وخروج عليّ عليه‌السلام للّحاق به، فأمر رسول اللَّه /40/ صلّي اللَّه عليه وآله وسلم منادياً فنادي بالتعريس في مكانهم قال: ففعلوا ثمّ جاءُوا إليه يسألونه عن نزوله في غير وقت التعريس فأخبرهم بما أتاه جبريل عليه‌السلام عن اللَّه عزّ وجلّ وأخبرهم بأنّ اللَّه عزّ وجلّ أمره بأن يستخلف عليّاً بالمدينة. قال: فركب قوم من أصحاب النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله ليتلقّوه فما راموا مواضعهم الا وقد طلع علّي عليه‌السلام مقبلاً قال: فتلقّاه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم ماشياً وتبعه الناس فعانقه رجل رجل ثمّ جلس رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم وحوله الناس، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم لعلّي: ما أقبل بك إلينا يا ابن‌أبي‌طالب؟ قال: فقصّ عليه القصة من قول المنافقين فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «يا عليّ ما خلّفتك إلاّ بأمر اللَّه، وما كان يصلح لما هناك غيري وغيرك، أما ترضي يا ابن‌أبي‌طالب أن أكون استخلفتك كما استخلف موسي هارون؟ أما واللَّه إنّك مني بمنزلة هارون من موسي غير أنّه لا نبّي بعدي» [135].
[صفحه 136]
فلمّا قفل [136] رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم قسم للناس فدفع إلي عليّ
[صفحه 137]
سهمين، فأنكر ذلك قوم فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: [137] «أيّها الناس هل أحد أصدق منّي؟». قالوا: لا يا رسول اللَّه. قال: «أيّها الناس أما رأيتم صاحب الفرس الابلق أمام عسكرنا في الميمنة مرّة و الميسرة مرّة؟». قالوا: رأيناه يا رسول اللَّه فماذا؟ قال: «ذاك جبريل عليه‌السلام قال لي: يا محمد إن لي سهماً بما فتح اللَّه عليك وقد جعلته لابن عمّك علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام فسلّمه إليه».
قال أنس: فكنت فيمن بشّر عليّاً عليه‌السلام بقول رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم [138].
قال [المؤلف] أيّده اللَّه: وقد تضمّمن [هذا] الخبر فوائد يجلّ قدرها ويعظم خطرها تقضي لعليّ عليه‌السلام بالسبق في ميدان الفضل والإحراز لقصبات الخضل [139].
[صفحه 138]
فمنها استقبال الرسول صلّي اللَّه عليه وآله له ماشياً، وهذا يشهد بأنّ هذه طاعة شريفة حيث أوقعها صلّي اللَّه عليه وآله وسلم علي هذا الحدّ إذ قد علم العقلاء أنّ ذاالرياسة العظيمة لا يترجّل من مركوبه لمن يتلقّاه، ويمشي علي قدميه له الا وقد بلغ الغاية في إعظامه ورفعه وإكرامه.
ومنها تصريحه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم بأنّه ما خلّفه إّلا بأمر اللَّه، واذا كان اللَّه تعالي قد اختاره لذلك فهو لا يختار إلّا الخيار فلا يكون لأحد حينئذ أن يقدّم علي مختار اللَّه تعالي غيره [كما] قال اللَّه: «وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة»] 68/القصص: 28] فإذا اختار اللَّه تعالي ما هو الخيرة فلا يعارض ذلك عند لبيب اختيار خمسة من الناس وإن كانوا ذوي فضل، فإن اختيار الربّ رضيً صادر عن اختيار من علم الغيوب، واختيار غيره يستند إلي وهم وظنون قد يدخلها الخطأ.
ومنها قوله عليه‌السلام: «وما كان يصلح لما هناك غيري وغيرك» وهذا يقتضي ظهور الفائدة المتقدّمة من اختيار اللَّه تعالي والتصريح بأنّه لا يصلح أن يقف في المدينة لحفظها وحفظ أهلها اّلا النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم أو /41/أميرالمؤمنين عليه‌السلام وأنّ سائر الصحابة لايصلحون لهذا الشأن وفيه إشارة عند المنصف المتأمّل إلي أنّهم لا يصلحون للإمامة، وذلك إنهم اذا لم يصلحوا للإستخلاف علي المدينة [في مدة قصيرة] فأحقّ وأولي أن لايصلحوا للإستخلاف علي الأمة.
وفيه أنّه جعله كنفسه في صلاح الاستخلاف، واذا كان بمنزلته في ذلك كان قائماً مقامه في أمته فيكون أجدر بالأمر من الصحابة.
ومنها قوله صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «أما ترضي أن أكون استخلفتك كما استخلف موسي بن عمران هارون؟» واستخلاف موسي لهارون قد نطق به القرآن الكريم قال اللَّه تعالي: «اخلفني في قومي وأصلح ولا تتّبع سبيل المفسدين» [142/الأعراف: 7].
[صفحه 139]
وهذا يقتضي أنّ استخلاف الرسول صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم لعليّ عليه‌السلام يجري هذاالمجري ثمّ أكّد صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم بقسمه البارّ فقال: «أما واللَّه إنّك مني بمنزلة هارون من موسي إّلا النبوّة»، [140] ولولا أنّ الخطاب عامّ لم يكن استثني النبوّة [141] لانّ الاستثناء إخراج بعض مادخل تحت العموم ب «إلّا» أو ب «-غير» وشبههما فاقتضي ذلك عموم المنازل وهي أمور تندرج في ضمن قوله تعالي- حاكياً عن موسي صلّي اللَّه عليه وسلم-: «واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري» [31 -26/طه: 20] والشركة في الأمر تقتضي‌أنّ إليه في ملك التصرّف ما إلي موسي وأنّه ليس لأحد أن يلي له عليه سوي الرسول صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم كمالم يكن لأحد أن يلي علي هارون من سائر أمة موسي وهذا يقتضي بثبوت ذلك في الأحوال كلّها فيدخل فيها ما بعد موت النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم لأنّه لا مخصّص.
[و] يزيده وضوحاً أنّ الإجماع قدانعقد علي‌أنّ هارون لو بقي‌بعد موسي صلّي اللَّه عليه وسلم لكان أولي‌الخلق بالتصرّف علي أمّته، وكذلك عليّ عليه‌السلام يكون أولي الناس بالتصرّف علي أمّة الرسول صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم بعد وفاته.
ألا تري أنّ الشركة إذا ثبت في الأمر بين هارون وموسي فلابدّ أن تثبت بين محمد وعليّ صلوات اللَّه عليهما [وعلي هذا] فلا يخلو [الأمر] إمّا أن تثبت في حال حيات الرسول أو بعد وفاته أو فيهما جميعاً، ولا مخصّص يقتضي قصرها علي حال دون حال إلاّ ما دلّ عليه الإجماع من أنّه ليس لغير النبيّ صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم أمر في حال حياته علي أمّته إلاّ عن أمره، فأخرجنا زمانه بهذا الوجه وبقيت سائر الأزمنة بعده داخلة في معني الشركة في الأمر، وهذا يقتضي ثبوت إمامته عليه‌السلام، وإذا شركه أيضاً في أمر- كما في موسي وهارون- وجب الرجوع إلي قوله والإقتداء به في فعله كمايجب مثله لهارون، ولا يجب ذلك لعليّ عليه‌السلام إلاّ ويكون معصوماً، وهذا يقتضي فضله علي سائرالصحابة، لأنّ من يجب الرجوع
[صفحه 140]
إليه علي القطع والإقتداء به ويكون معصوماً في ذلك كلّه من‌الخطأ لايجوز أن يكون غيره ممن لم يحصل فيه هذا المعني بمنزلته.
وقد تضمّنت الشركة في الأمر سائر الخصال الشريفة من الفضل /42/ الذي لا يشركه فيه أحد، وغيره من العلم وشبهه من سائر خصال الشرف، لأنّه لم يستثن إلاّ النبوّة، فدخلت خصال الفضل ومنازل الشرف في ذلك كلّه، وهذا غير موجود في أحد من الصحابة عند كلّ منصف!
ومتي ثبت أنّه أفضل بالعصمة وغيرها كان أولي بالإمامة لأنّ إمامته ثابتة باليقين وعدالته معلومة علي القطع ظاهراً وباطناً، ولا سبيل إلي حصول ذلك في غيره من الصحابة فكان أولي منهم بالإمامة، لأنّه لا يجوز أن يطرح المعلوم إلي المظنون، ولهذا لايجوز فيمن أمكنته مشاهدة الكعبة- بأن يكون في بعض بيوت مكة- أن يصلّي علي غالب ظنّه في توجّهه إليها لأنّه يمكنه القطع واليقين.
وكذلك لا يجوز لأحد أن يجتهد بين يدي الرسول صلّي اللَّه عليه وآله وسلم في حكم حادثة لأنّه يمكنه أن يصل إلي القطع باستفادته من‌الرسول صلّي اللَّه عليه وآله وسلم اللهمّ إلاّ أن يأذن له في ذلك كما روي‌أنّه أذن لبعضهم.
ومن فوائد [هذا] الخبر المعجزة المذكورة بحضور جبريل عليه‌السلام مع النبيّ صلّي اللَّه عليهما.
ومنها ما كان من جبريل عليه‌السلام من حباء عليّ عليه‌السلام بسهمه في الغنيمة وإنكار قوم لذلك حتّي أخبر به رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم، وهذا شرف شامخ ومجد باذخ، وهو يوضح شدّة محبّة جبريل صلي‌اللَّه عليه لأميرالمؤمنين عليه‌السلام من حيث ميّزه بذلك علي الصحابة أجمعين.
[صفحه 141]

و الاستدلال علي أحقية علي بزعامة المسلمين بشدة جهاده مع المشركين

ونرجع إلي [شرح البيت السابع من] القصيدة، قال [المنصورباللَّه] عليه‌السلام:
وفي حُنَين من فثأ حميها
وحسّ بالصارم جيش الغويّ
«حُنَين» وادِ معروف بين مّكة والطائف. و «فثأ حميها» يعني سكّن حميها [أي حرّها] تقول العرب: فثأت القدر: اذا سكنت من غليانها. وعدا فلان حتي أفثأ أي أعيا كأنّه سكن نشاطه الذي‌كان منه. والحسّ: القتل، قال تعالي: «إذ تحسّونهم بإذنه» [152/آل عمران 3] أراد القتل.
والصارم من أسماء السيف، وسمّي بذلك لقطعه، والصرم: القطع، قال الشاعر:
صرمت جديد حباله أسماء
ولقد يكون تواصل وإخاء
والجيش: العسكر، وهو جمع لا واحد له من لفظه مثل الأنام وشبهه. والغويّ: الضالّ عن الصواب، قال تعالي: «إنّك لغويّ مبين» [18/القصص: 28] والغواية: نقيض الهداية. والغاوي: محروم الخير والخائب بغيته، قال [الشاعر]:
فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره
ومن يغو لا يعدم علي الغيّ لائماً
أراد بالخير: المال كما قال تعالي: «إن ترك خيراً» [180/البقرة: 2]يعني مالاً.
وقوله تعالي حاكياً عن ابليس: «ربّ بما أغويتني» [142] أي خيبّتني وأخرجتني من الجنّة. والغّي: الهلاك، قال تعالي: «فسوف يلقون غيّاً» [59/مريم: 19] وهو يرجع معناه إلي الخيبة وحرمان الخير، ومنه قوله تعالي: «إن كان اللَّه يريد أن يغويكم» [34/هود: 11] يعني‌إن كان اللَّه قد علم أنّه يعاقبكم لأعمالكم القبيحة فإنّ نصحي لاينفع لأنّكم لا تقبلونه.
والمقصود بالبيت /43/ الإشارة إلي ماكان لأميرالمؤمنين عليه‌السلام من العناء العظيم في يوم «حُنَين» فإنّه فاز فيه بالشرف الطائل وحاز الفضل الكامل لأنّه كان يوماً شديداً علي المسلمين وذلك:
إنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم نهض إلي حنين في اثني عشر ألفاً
[صفحه 142]
عشرة آلاف من‌المهاجرين والأنصار، وألفين من غيرهم [143] بعد فتح مكة، فاجتمع الكفّار وقائدهم مالك بن عوف النصري في أربعة آلاف، وقيل: في ستة [آلاف] وصاحب تدبيرهم دريد بن‌الصمّة شيخ كبير ليس فيه لقتال [شأن [144] قال تعالي: «ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثمّ ولّيتم مدبرين» [25/التوبة: 9].
ولمّا التقوا بحنين انهزم الكفّار أوّلاً ثم كانت الهزيمة في المسلمين بعد ذلك، وبقي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم في نفر يسير منهم العباس بن عبدالمطلب، وأبوسفيان بن الحارث بن عبدالمطلب وجماعة قليل؟ وأمير المؤمنين عليه‌السلام يجاهد بين يدي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لم يعرف له فرار قطّ في ذلك المقام [بل في جميع مقاماته في الحروب كان ثابتاً كالجبل الراسخ] ولا اعتراه جبن كما اعتري غيره من الأنام.
وصارالعباس رضي الله عنه ينادي بأعلي صوته: يا معشر المهاجرين والأنصار، يا معشر أصحاب الشجرة يا معشر أصحاب سورة البقرة، ورسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يركض بغلته علي العدوّ، وهي بغلة شهباء أهداها له فروة الجذامي.
فلما سمع المسلمون صوت العباس تراجعوا وقاتلوا حتي قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «الآن حمي الوطيس» ثمّ أخذ كفّين من الحصي فرماهم به وقال: «شاهت الوجوه» فامتلأت أعينهم من التراب وولّوا منهزمين، وأمدّ اللَّه تعالي نبيّه بالملائكة عليهم‌السلام كماقال تعالي: «ثمّ أنزل اللَّه سكينته علي رسوله وعلي المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذّب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين».
قيل: كانت الملائكة عليهم‌السلام خمسة آلاف، وقيل: أكثر من ذلك. وقيل: إنّهالم تقاتل يوم حنين وإنّما كانوا مدداً للمسلمين تشجيعاً لهم ورعباً في قلوب الكفّار، وكانت عمائمهم حمراً في ذلك اليوم.
[صفحه 143]
وروي سعيد بن المسيّب قال: حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين قال: لمّا التقينا يوم حنين لم يقفوا لنا حلب شاة وجعلنانسوقهم، فلمّا انتهينا إلي صاحب البغلة الشهباء يعني رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم تلقّانا رجال بيض الوجوه يقولون: شاهت الوجوه ارجعوا.فرجعنا.
وعن شيبة بن عثمان- وكان قد بقي مع النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم- [قال:]استدبرت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يوم حنين أريد قتله بطلحة بن عثمان وعثمان بن طلحة - [وهما] قتلا يوم أحد- فأطلع اللَّه رسوله علي ما في نفسي فالتفت إليّ وضرب في صدري وقال: «أعيذك باللَّه يا شيبة». فارتعدت فرائصي فنظرت إليه وإذاً هو أحبّ من سمعي وبصري وقلت: أشهد أنّك رسول اللَّه.
ولمّا انهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف وعسكر بعضهم بأوطاس وتوجّه بعضهم /44/ نحو نخلة، فبعث رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم الناس إلي أوطاس فاقتتلوا بها ثمّ هزم المشركون وسبيت ذراريهم واستلبت أموالهم.
ثم أتي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم الطائف فحاصرهم بضعاً وعشرين ليلة، وقيل: سبع عشرة ليلة. ثم انصرف في ذي القعدة عنهم فأتي «الجعرّانة» وأحرم فيها بعمرة وقسم السبي والأموال.
ثم قدم وفد هوازن وقد أسلموا فطلبوا منه أن يمنّ عليهم [بردّ أساراهم وأموالهم] فخيّرهم بين النساء والذراري والأموال فاختاروا النساء والذراري فردّ عليهم وردّ المسلمون كلّهم إلا عيينة بن حصن فإنّه أخذ عجوزاً من عجائزهم وقال حين أخذها: إنّي أري عجوزاً لأحسب لأهلها في الحيّ نسباً عسي أن يعظم فداؤها.
فلمّا ردّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم السبايا بستّ فرائض [145] لتوقّف بعض المسلمين عن الردّ- أبي [عيينة] أن يردّها!! فقال له أبوصرد زهير: خلّها
[صفحه 144]
عنك؟ فواللَّه ما فوها ببارد، ولا ثديها بناهد ولا بطنها بوالد ولا زوجها بواجد ولا درّها بماكد [146] فردّها بعد ذلك بستّ فرائض.
وهذا عارض من‌الكلام وانّما أحببنا الإشارة إلي نكتة من أخبار يوم حنين، والمقصود الإفصاح بما كان لأميرالمؤمنين عليه‌السلام في ذلك المقام وثباته في سبيل اللَّه بين يدي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
وأخبرنا شيخنا محيي الدين أبوعبداللَّه محمد بن أحمد رضي الله عنه بقراءتي عليه، بإسناده المتقدّم إلي السيّد الإمام أبي‌طالب عليه‌السلام [147] قال: أخبرنا أبوالحسين علي بن اسماعيل الفقيه رحمه اللَّه تعالي قال: أخبرني الناصر للحقّ الحسن بن عليّ رضي اللَّه عنه، قال: حدثنا عبداللَّه بن محمد المديني قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثنا عبيداللَّه بن المعلّي:
عن المنتجع بن قارظ النهدي أنّ أباه حدثه - وكان جاهليّاً- قال: شهدت هوازن يوم هوازن- وكنت امرءاً ندباً يسوّدني قومي- ولقينا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فرأيت في عسكره رجلاً لا يلقاه قرن إلاّ دهداه؟ ولا يبرز له شجاع إلّا أرداه، فصمد له وبرز اليه الحلموز بن قريع؟- وكان واللَّه ما علمته حوشي القلب؟ شديد الضرب- فأهوي له الرجل بسيفه فاحتلي قحف رأسه علي أمّ دماغه، فحدت عنه وجعلت أرمقه وهو لا يقصد ركاكة [148] ولا يؤمّ إلاّ صناديد الرجال، لا يدنو من رجل إلّا قتله ولا جمع إلّا فرقه، وكانت الدائرة لمحمد صلي اللَّه عليه وآله وسلم علينا، فأسلمت بعد ذلك فتعرّفت الرجل فإذاً هو علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام، وتاللَّه لقد رأيت زنده فخلته أربع أصابع وإنّ أول خنصره كآخر مفصل من مرفقه.
[صفحه 145]
قال [المؤّلف] أيّده اللَّه: وفي هذا الخبر ما يشهد بحسن عناء عليّ عليه‌السلام وثباته في ذلك المقام الذي‌زلّت فيه الأقدام، واعتصم بالفرار أكثر الأنام [من جيش الإسلام] وهو واقف بين يدي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بحمي عن حوزته ويجود أمامه /45/ بحشاشته ويفديه بمهجته، قال الشاعر:
يجود بالنفس إذ ظنّ الجواد بها
والجود بالنفس أقصي غاية الجود
[صفحه 146]

و الاستدلال بجميع مساعي أميرالمؤمنين علي أحقيته بالزعامة

ونعود إلي [شرح البيت الثامن من] القصيدة، قال الإمام [المنصورباللَّه]عليه‌السلام:
ويوم بدر من حمي سربه
بالسيف والناس حياري جُثِيّ
«بدر» معروف واختلفوا فيه فقيل: سمّي باسم رجل كان يقال له: بدر.
وقيل: الصحيح أنه اسم للبئر التي فيها الماء.
و(حمي): منع، ومنه: حمي الطبيب العليل كذا أي منعه. وفي الحديث: «إنّ لكلّ ملك حميً وحمي‌اللَّه محارمه» [149] أراد المحظورات‌التي حرّمها اللَّه وحظرها وهو في مقابلة المباح.
و(سربه)- هذه اللفظة اذا فتحت فتذكّر و يراد بهاالطريق، كما يقال: خلّ سَربه أي طريقه، ويراد بها [أيضاً] الإبل وما رعي من المال.
وبالكسر: القطيع من البقر والظباء والقبطي وغير ذلك، ويقال: فلان آمن في سربه أي في نفسه، ومنه الحديث عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من أصبح آمناً في سربه معافاً في بدنه عنده قوت يومه فكأنّما حيزت له الدنيا بحذافيرها» [150] ويقال: فلان واسع السرب أي رخيّ البال في سعة من العيش. ويقال أيضاً: بطي‌ء الغضب.
والسيف معروف، ورجل سائف: معه سيف، علي نحو رامح، وسفته بالسيف- بكسر السين- اذا ضربته بالسيف. والناس: جمع لا واحد له من لفظه، وواحده انسان، قيل: سميّ بذلك لأنّه ينسي قال [الشاعر]: «وسمّيت انساناً لأنّك ناسياً». وقيل: [إنّما سمّي إنساناً] لأنه يظهر للحواس كما قال تعالي «آنس من جانب الطور ناراً» [29/القصص: 28] وقيل: لأنّه يؤنس به وإليه. و(الحياري) جمع
[صفحه 147]
حيران وهو من الحيرة وهو التردد في الأمر لعدم الثقة واليقين به، قال تعالي: «حيران له أصحاب يدعونه إلي الهدَي ائتنا» [71/الأنعام: 6].
و(جثيّ) جمع جاث وهو الذي يبرك علي ركبتيه، قال تعالي: «وتري كلّ أمّة جاثية» [28/الجاثية: 45].
واعلم أنّ يوم بدر من الأيّام المعروفة لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي الكفّار، أفرغ اللَّه فيه النصر علي نبيّه فأعزّ فيه دينه، قال سبحانه: «ولقد نصركم اللَّه ببدر وأنتم أذلّة» [123/آل عمران: 3].
والسبب فيه أن جبريل عليه‌السلام أتي‌النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم يخبره بعِير أبي‌سفيان وقد أقبلت من‌الشام بتجارة عظيمة لقريش، قال تعالي «وإذ يعدكم اللَّه إحدي الطائفتين أنّها لكم» [7/الأنفال: 8] يعني عِير أبي‌سفيان أو كفّار قريش، وذلك انّ أباسفيان لمّا خشي علي العير أمر علي قريش؟ فخرجوا من مكة فهم احدي الطائفتين المذكورتين قال تعالي: «وتودّون أن غير ذات الشوكة تكون لكم» [7/الأنفال: 8] وهي العير لأنهم كانوا يرجون أخذها بغير قتال، فخرج رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم في حفّ من‌الصحابة؟ فبلغ ذلك أباسفيان فغيّر الطريق.
ولمّا وصل كفّار قريش إلي بدر، رآي بعضهم الحرب، وبعضهم الإنصراف ثم اتّفقوا علي القتال وكانوا في تسع مائة وخمسين رجلاً ورسول اللَّه /46/ صلي اللَّه عليه وآله وسلم في ثلاث مائة وأربعة عشر رجلاً فيهم من المهاجرين ثلاثة وثمانون رجلاً، ومن‌الأوس أحد وستّون رجلاً: ومن‌الخزرج مائة وسبعون رجلاً [علي ما] رواه‌ابن‌إسحاق [151].
وكان صاحب راية رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أميرالمؤمنين عليه‌السلام وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة رضي‌اللَّه عنه.
ويقال: لم يكن وقعة كوقعة بدر، حضر المهاجرون والأنصار وهم خيارالخلق، وتسعون من مؤمني الجنّ و عليهم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ومَدَدُهم
[صفحه 148]
ألف من الملائكة عليهم السلام وكانت عمائمهم بيضاء في ذلك اليوم أرسلوها بين أكتافهم وقاتلوا يومئذ، وحضر إبليس بنفسه لعنه اللَّه، وحضرت الشياطين وكفّار الجنّ مع قريش وهم تسع مائة وخمسون رجلاً.
وكان الحسن البصري رحمه الله إذا قرأ سورة الأنفال قال: طوبي لجيش قائدهم رسول اللَّه ومبارزهم أسد اللَّه، وجهادهم في سبيل اللَّه ومددهم ملائكة اللَّه وثوابهم رضوان اللَّه.
ولمّا التقي العسكران ووقع القتال أخذ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم كفّاً من الحصي فاستقبل بها قريشاً وقال: شاهت الوجوه ثم نفخهم بها وقال لأصحابه: شدّوا [فشدّوا] فكانت الهزيمة، فقتل من صناديد قريش من قتل، وأسر من أسر، وطرحت قتلاهم في القليب، ثم أتاهم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقال: «يا أهل القليب هل وجدتم ما وعد ربّكم حقّاً؟ فإنّي قد وجدت ما وعدني ربّي حقّاً» فقال المسلمون: يا نبي اللَّه أتنادي قوماً قد جيّفوا؟ فقال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنّهم لا يستطيعون أن يجيبوني.
ثم جمع ما أصيب من أموالهم والأسري وأقبل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قافلاً إلي المدينة والأسري أربع وأربعون، فقتل منهم عقبة بن أبي‌مُعَيط قتله عليّ عليه‌السلام [بأمر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقتل أيضاً]والنضر بن الحارث.
وكانت وقعة بدر يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان سنة اثنتين من الهجرة.
وهذا نكتة من قصّة يوم بدر اقتضي ذكر الإمام عليه‌السلام له، والغرض هو الكشف عن منقبة أمير المؤمنين عليه‌السلام، وقد كان له في ذلك اليوم من الجهاد ما بذّ به الأقران، وفاق الشجعان، وذلك ثابت فيما:
أخبرنا به الشيخ العالم الصالح محيي الدين رضوان اللَّه عليه بقراءتي عليه يرفعه بالإسناد المتقدم إلي السيّد الإمام أبي‌طالب عليه‌السلام قال: حدثنا محمد بن عمر
[صفحه 149]
بن محمد الدينوري [152] قال: حدثنا أبوبكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني قال: حدثنا حامد بن شعيب، قال: حدثنا شريح بن يونس، قال: حدثنا هشام، عن أبي‌مجلز: [153].
عن قيس بن عباد قال: سمعت أباذرّ يقسم قسماً [أنّ هذه الآية:] «هذان خصمان اختصموا في ربّهم» [19 /الحجّ: 22] نزلت في الذين برزوا يوم بدر [154] [وهم] عليّ وحمزة وعبيدة بن الحارث، وفي عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد، لما برزوا يوم بدر [155] وطلبوا البراز [ف] خرج اليهم عوذ ومعاذ وعائذ بنو عفراء فقالوا: من أنتم؟ فأخبروهم، فقالوا: [أنتم] قوم كرام ولكنّا نريد أكفاءنا من قريش، ثم قالوا: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش. فخرج اليهم عليّ وحمزة وعبيدة بن الحارث، فما لبث أن قتل عليّ الوليد /47/ وحمزة عتبة، واختلفت الطعنة بين عبيدة وشيبة، فأعانوه عليه فقتلوه ورجع عبيدة مجروحاً [وكان] قطع رجله شيبة، فقال: لو عاش أبوطالب لعلم أنّا أولي بهذا البيت [منه]: [156].
ونسلمه حتّي نصرّع حوله
ونذهل عن أبنائنا والحلائل [157].
وروي أن أباجهل قال لابن مسعود رضي‌اللَّه عنه- في مخاطبة جرت بينهم-:
[صفحه 150]
من الغلام النقيّ العارضين الذي كان يحذر وراءه كما يحذر أمامه؟ قال: أولا تعرفه؟ هو عليّ بن أبي‌طالب. فقال: قطع الرحم وسفك الدماء وقتل الصناديد وما ودع ولا وزر للصلح موضعاً [158].
وقتل أمير المؤمنين في ذلك اليوم جماعة منهم الوليد بن عتبة والعاص بن سعيد بن العاص وهما- من عبدشمس- وعامر بن عبداللَّه حليف لهم، ومن بني نوفل طعيمة بن عديّ بن نوفل، ومن بني‌أسد نوفل بن خويلد بن راشد- وهو ابن‌العدوية- وكان من شياطين قريش، وكان قرن بين أبي‌چبكر وطلحة في حبل حين أسلما، وبذلك سمّيا القرينين.
وقتل زمعة بن الأسود، ومن بني عبدالدار ابن‌قصيّ بن النضر بن الحارث بن كلدة وغيرهم، ذكره الحاكم رضي الله عنه عن ابن‌اسحاق.
وفي ذلك اليوم نادي المنادي:
لا سيف إلّا ذو الفقار
ولا فتي إلاّ عليّ [159].
وقد أخبرنا الفقيه الفاضل بهاء الدين عليّ بن أحمد بن الحسين الأكوع رضي الله عنه باسناده إلي القاضي العدل الخطيب الجلاّبي الشافعي [160] قال: أخبرنا أبوموسي
[صفحه 151]
عيسي بن خلف بن محمد بن الربيع الأندلسي رحمه الله- قدم علينا واسطاً سنة: أربع وثلاثين وأربع مائة- قال: أخبرنا أبوالحسن علي بن محمد بن عبداللَّه بن بشران المعدّل، قال: قري‌ء علي أبي‌علي اسماعيل بن محمد بن اسماعيل الصفار النحوي قال: حدثني الحسن بن عرفة، قال: حدثني عمار بن محمد [عن سعد بن طريف الحنظلي عن أبي‌جعفر محمد] بن علي [161] قال: نادي ملك من السماء يوم بدر يقال له رضوان:
لا سيف إلاّ ذو الفقار
ولا فتي إلاّعليّ
وقيل: إنّ النداء كان يوم «أحد».
وقد رويناه أيضاً بالإسناد إلي ابن‌المغازلي [162] قال: حدثنا أبوالقاسم الفضل بن محمد بن عبداللَّه الإصبهاني- قدم علينا واسطاً في شهر رمضان من سنة أربع وثلاثين وأربع مائة- إملاءاً في جامع واسط، قال: أخبرنا محمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن عبداللَّه، قال: حدّثنا الهيثم بن محمد بن خلف [163] قال: حدثنا عليّ بن المنذر، قال: حدثنا ابن‌فضيل، قال: حدثنا عمر بن ثابت، عن محمد بن عبيداللَّه بن أبي‌رافع:
[عن أبيه، عن جدّه] قال: نادي المنادي يوم أحد:
لا سيف إلاّ ذوالفقار
ولا فتي إلاّ عليّ
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: وهذا يشهد بمزيّته [عليه‌السلام] علي من حضر في ذلك الموقف من الصحابة أجمعين حيث حباه تعالي بهذه الكرامة التي أنطق بها رضوان، وذلك بحميد عنائه وحسن بلائه، وجاء الخطاب بلفظ النفي ليدلّ علي
[صفحه 152]
كمال الشرف، لأنّك اذا قلت: لا عالم إلّا زيد ولا حليم إلاّ عمرو ولا جواد إلاّ بكر اقتضي ذلك تمييز المذكورين /48/ عن غيرهم، واذا قلت: لا إله إلاّ اللَّه اقتضي ذلك إقراره [للَّه] تعالي بالوحدانيّة؟ فأيّ شرف أعلي من هذا.
واختلفوا في ذي الفقار فقال بعضهم: إنه سعف نخل نفث فيه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فصار سيفاً.
وقال بعضهم: إنه من صنم كان باليمن.
وقيل: إنّه أهدي إلي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
وقال بعضهم: إنه نزل من السماء أتي به جبريل عليه‌السلام.
وقيل: فيه نزل قوله تعالي: «وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد» [25/الحديد: 57].
وقيل: إنه من غنائم يوم بدر.
وقيل: [إنه] كان للعاص بن أمية بن الحجاج. وقيل: إنّه الصحيح؟ وأعطاه النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم عليّاً فكان معه إلي أن توفي ثم صار إلي الحسن ثم إلي الحسين ثم إلي زيد بن علي.
وروي أنه صار بعد ذلك إلي الهادي إلي الحقّ يحيي بن الحسين عليه‌السلام [164] وفيه يقول:
الخيل تشهد لي وكلّ مثّقف
بالصبر والإبلاء والإقدام
حقّاً ويشهد ذوالفقار بأنّني
أرويت حدّيه نجيع طغام
نهلاً وعّلاً في المواقف كلّها
طلباً بثار الدين والإسلام
حتي تذكّر ذوالفقار مواقفاً
من ذي الأياد السيّد القمقام
جدّي عليّ ذي الفضائل والنهي
سيف الإله وكاسر الأصنام
صنو النبيّ وخير من واري الثري
بعد النبيّ إمام كلّ امام
[صفحه 153]

في الاستدلال بحديث الراية علي أحقية علي بزعامة المسلمين قاطبة

ونرجع إلي [شرح البيت التاسع من] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
وخيبر من نال من مرحب
ما لم يكن يطمع فيه الكمّي
ومن دَحي بالباب من خيبر
فعزّ من يرجعه إذ دُحِي
الطمع معروف وهو تعلّق النفس بما تظنّه من النفع وهو بمعني الرجاء للشي‌ء والأمل له [165] قال تعالي: «أفتطمعون أن يؤمنوا لكم» [75/البقرة: 2 معناه: أترجون؟ والكميّ هو الشجاع المتكمّي في سلاحه أي المتغطي به، وتكمّت الفتنة الناس: اذا غشيتهم.
وقيل: انه أخذ الكميّ من قولهم: «قد كمي فلان الشهادة» اذا كتمها وسترها، وجَمعُه كُماة، كما قال عنترة:
ومدجّج كره الكماة نِزاله
لا ممعن هرباً ولا مستسلم
ودحي: رمي، والدحو: الرمي بالحجارة، والدحو أيضاً: البسط، قال تعالي: «والأرض بعد ذلك دحاها» [30 /النازعات: 79] أي بسطها بعد أن كانت ربوة مجتمعة، ويقال للفرس اذا رمي بيديه رمياً لا يرفع سنبكه من الأرض كثيراً: دحي من [قولهم: دحاه] يدحوه دحواً، ويقال: دحي المطر الحصي عن وجه الأرض [أي أزالها]، ومنه سمّيت المداحي وهي حجارة لطاف يلعب بها الصبيان وقد حفروا حفيرة بقدرها ثم يتنّحون قليلاً ثم يرمون بها إلي تلك الحفيرة، فإن وقع الحجر فيها فقد قَمَرَ، وإلاّ قُمِر، والحفيرة: الأدحيّة؟ وتسمّي هذه الحجارة /49/ المنادي والمراضيع؟
وفي الحديث عن أبي‌رافع [166] قال: كنت ألاعب الحسين عليه‌السلام وهو صبّي
[صفحه 154]
بالمداحي فإذا أصابت مدحاتي مدحاته قلت: احملني فيقول: ويحك أتركب ظهراً حمله رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم؟ فأتركه، فإذا أصابت مدحاته مدحاتي قلت: لا أحملك كما لا تحملني فيقول: أما ترضي أن تحمل بدناً حمله رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم؟ فأحمله.
وأبورافع هذا من موالي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم و اسمه أسلم وكان له بنون أشراف منهم عبداللَّه يروي عن علي عليه‌السلام ومنهم عبيداللَّه كتب لعلي ثم للحسن بن علي عليهما السلام بعد أبيه.
و قوله عليه‌السلام: «فعزّ به من يرجعه» يعني‌الباب يقال: عزّ الشي‌ء: اذا لم يقدر عليه، و عززت فلاناً علي أمره اذا غلبته عليه، و منه قولهم: «من عزّ بزّ» يعني من غلب سلب، و قال تعالي: «وعزّني في الخطاب» [23/ص: 38] معناه غلبني وفي صفته تعالي: «العزيز» و ذلك يفيد انه قادر لا يناوي، قاهر لا يضام، و أصل العزة: الشدة، و لهذا يقال للأرض الصلبة: العزاز، و كذلك السنة الشديدة يقال
[صفحه 155]
لها: العزا؟ ويقول القائل: عزّ عليّ ما أصابك يا فلان اذا اشتدّ عليك و عظم. والعُزّي صنم معروف.
ومعني [قوله] «يرجعه» أي يردّه ويعيده قال تعالي: «إنّ إلي ربّك الرجعي» [8/العلق: 96] وقال [تعالي]: «لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذلّ» [8/المنافقون: 63].
و يوم خيبر من الأيّام المعلومة لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله وسلم خرج إلي أهله في المحرم سنة سبع من الهجرة و نزل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله وسلم بخيبر ليلاً فلمّا أصبح [و] خرج الناس و رأو رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله و سلم والجيش أدبروا هراّباً و قالوا: محمدٌ والخميس. فقال عليه‌السلام: «اللَّه أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين.
قال: و دنا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم فجعل يأخذ مالاً مالاً و يفتح حصناً حصناً فكان أوّل ما فتح حصن ناعم، و قتل هناك محمود بن مسلمة رحمه اللَّه، ثم فتح حصن ابن‌أبي‌الحقيق ويعرف بالقموص، و فيه أصيبت صفية ابنة حُيَيّ و كانت عند كنانة بن الربيع.
ثم فتح حصن الصعب بن معاذ و ليس بخيبر حصن أعظم منه و بقي حصناهم الوظيح و السلالم فحاصرهم بضع عشر ليلة و فيها كان مرحب اليهودي. وتفصيل ذلك يطول و إنما أردنا الإشارة إلي نكتة مجملة من شأن خيبر وفيه كانت الفضيلة السامية والدرجة العالية لأميرالمؤمنين عليه‌السلام.
أخبرنا الشيخ العالم الزاهد الصالح العابد محيي الدين أبوعبداللَّه محمد بن أحمد بن الوليد القرشي رضوان اللَّه عليه، بقراءتي عليه يرفعه بالإسناد المتقدم إلي السيد الإمام أبي‌طالب عليه‌السلام، [167] قال: أخبرنا أبوعبداللَّه محمد بن بندار [168] قال:
[صفحه 156]
حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا عبدالعزيز بن سلام، قال: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، قال: حدثنا أبوحمزة، عن ليث قال:
حدثني /.5/ أبوجعفر محمد بن عليّ عليهماالسلام قال: حدثنا جابر بن عبداللَّه قال: شقّ علي النبيّ- صلي اللَّه عليه وعلي آله وسلم- وعلي أصحابه ما يلقون من أهل خيبر، فقال نبيّ‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله: «لأبعثنّ بالراية- أو باللواء- مع رجل يحبّه اللَّه ورسوله ويحبّ اللَّه ورسوله».- [قال الراوي:] لا أدري بأيّهما بدأ-، قال: فدعا عليّاً عليه‌السلام وإنه يومئذ لأرمد، فتفل في عينه وأعطاه اللواء والراية؟
قال: [ف] مرّ [عليّ عليه‌السلام] ففتح اللَّه عليه قبل أن يتام آخرنا حتي ألجأهم إلي قصر؟- قال: - فجعل المسلمون لا يدرون كيف يأتونهم- قال: - فنزع عليّ الباب فوضعه علي عاتقه ثم أسنده لهم وصعدوا عليه حتي مرّوا وفتحها اللَّه [عليهم]- قال: - ونظروا بعد ذلك إلي الباب فما حمله دون أربعين رجلاً [169].
[صفحه 157]
وأخبرنا الفقيه الزاهد بهاء الدين أبوالحسن عليّ بن أحمد الأكوع رضي الله عنه بإسناده المتقدم إلي القاضي العدل الخطيب المعروف بابن المغازلي الشافعي [170] قال: أخبرني أبوالقاسم عمر بن علي الميموني وأحمد بن محمد بن عبدالوهاب بن طاوان الواسطيان بقراءتي عليهما فأقرّا به، أنّ أباإسحاق ابراهيم بن محمد بن أحمد بن محمد الطبري أجاز لهما قال: حدثنا عبداللَّه بن ابراهيم قال: حدثنا الحسن بن عليل، قال: حدثني محمد بن عبدالرحمان الأعرج الذارع؟ قال: حدثنا قيس بن حفص الدارمي قال: حدثنا عليّ بن الحسن العبدي عن أبي‌هارون:
عن أبي‌سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم- حيث كان أرسل عمر بن الخطّاب إلي خيبر هو ومن معه فرجعوا إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فبات تلك الليلة وبه من الغمّ غير قليل، فلمّا أصبح خرج إلي الناس ومعه الراية فقال-: «لأعطينّ الراية اليوم رجلاً يحبّ اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله غير فرّار». فعرض لها جميع المهاجرين والأنصار فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: أين عليّ؟- حيث فقده- فقالوا: يا رسول اللَّه هو أرمد. فأرسل اليه أباذرّ وسلمان، فجاء وهو يقاد لا يقدر علي أن يفتح عينيه، ثم قال: «اللهمّ أذهب عنه الرمد والحرّ والبرد وانصره علي عدوّه وافتح عليه فإنه
[صفحه 158]
عبدك ويحبّك ويحبّ رسولك غير فرّار» ثم دفع الراية اليه، فاستأذنه حسّان بن ثابت في أن يقول فيه شعراً، فقال [له]: قل. فأنشأ [حسّان] يقول:
وكان عليّ أرمد العين يبتغي
دواءاً فلمّا لم يحسّ مداوياً
شفاه رسول اللَّه منه بتفلة
فبورك مرقيّاً وبورك راقياً
وقال سأعطي الرأية اليوم صارماً
كميّاً محبّاً [171] للرسول موالياً
يحبّ إلهي والإله يحبّه
به يفتح اللَّه الحصون الأوابيا
فأصفي بها دون البرية كلّها
عليّاً وسمّاه الوزير المواخياً [172].
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: وفي دفع الراية إلي عليّ عليه‌السلام طرق عدّة سوي ما ذكرناه وهي معروفة عند المحدّثين [173] والخبر يفيد فوائد جمّة:
منها /51/ شدّة غمّه صلي اللَّه عليه وآله [وسلم] فلم يفرّج هذه الغمّة و [لم]يجلو هذه الكربة بعد اللَّه إلاّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام بعد رجوع عمر بن الخطّاب، وفي رواية: إنّه [رجع] يجبن أصحابه ويجبنونه!! [174].
[صفحه 159]
وكذلك أبوبكر في رواية أيضاً، وان كان الأكثر من الأخبار فيها ذكر عمر علي انفراده [175].
وقد كان من الجائز- لو لم يتقدّم عمر للقتال ويرجع بغير فتح ثم تقدم عليّ عليه‌السلام وافتتحها- أن يتصوّر الناس أن عمر كان يفتتحها أن لو تقدم [اليها]فلمّا تقدم ولم يحصل علي يديه فتح كان الحال أظهر وأجلي في شرف عليّ عليه‌السلام وتمييزه علي عمر. ومنها قوله عليه‌السلام: «يحبّ اللَّه ورسوله» وهذا يشهد بأن باطنه وظاهره علي سواء في طاعة اللَّه وطاعة رسوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم لأن محبة اللَّه هي ايثار طاعته والكفّ عن معصيته، وكذلك محبّة رسوله عليه‌السلام.
ومنها قوله [صلي اللَّه عليه وآله وسلم]: «ويحبّه اللَّه ورسوله» وهذا يقتضي عصمته والقطع علي مغيّبه لأنه أخبر بأن اللَّه يحبه علي‌القطع، فلو كان علي كبيرة لم يجز ذلك، لأن صاحب الكبيرة يكون مسخوطاً عليه، دون أن يكون محبوباً للَّه أو لرسوله، ولم يخصّ حالة دون حالة فيجب عموم المحبّة في جميع الأحوال، وهذا يدلّ علي أنه لا يقارف الكبائر بحال وهي العصمة التي نريدها [وندّعيها للإمام] فيكون أجدر بالإمامة وأحقّ بالزعامة وأقمن بالرجوع إلي فتواه وأولي أن يتّبع هداه من سائر الصحابة، لأنه لم يحصل قطع علي عصمتهم وهذه رتبة علياء وكان أحقّ [176] بها وأهلها.
ومنها قوله: «غير فرّار» وهذا دليل علي أنّه لا يقع منه فرار فيكون معصوماً من هذه الكبيرة التي توّعد اللَّه عليها بالنار فقال تعالي: «ومن يوّلهم يومئذ دبره إلاّ متحرّفاً لقتال أو متحيّزاً إلي فئة فقد باء بغضب من اللَّه ومأواه جهنّم وبئس
[صفحه 160]
المصير» [16/الأنفال: 8] وهذا فيه عليه‌السلام أظهر من النهار عند العارفين بالآثار.
وغيره من كبار الصحابة قد فرّ كلّما عظم عليهم الأمر، ففرّ عثمان يوم (أحد) مسيرة ثلاثة أيّام [كما] ذكره ابن‌قتيبة في كتاب المعارف- علي انحرافه عن العترة عليهم السلام- وقد ذكره أيضاً غيره [177].
وفرّ عمر يرقي في الجبل كأنّه أروّية- وهي ذكر الأوعال- [178] فإنّا للَّه وإنّا إليه راجعون، كيف يساوي بعليّ عليه‌السلام واحداً من الرجلين أو كيف يرجّحان عليه؟ هذا هو الضلال المبين وما يعقلها إلاّ العالمون.
وذنبهما وإن كان قد غفر، وحُوبها وإن كُفِّر فلا يكونان بمنزلة من لم يذنب قطّ، لأنّ الكفّ عن المحارم وتوقّي المآثم يكسب من كان كذلك قدراً ويرفع له خطراً ويعلي له ذكراً ويضاعف له في الآخرة أجراً، بخلاف من يخلط صلاحه بالفسوق، وبرّه بالعقوق، وإن أصلح ما فرّط، وأرضي بعد أن أسخط، العقل والسمع متطابقان علي التفرقة، ومستويان في القضاء بعدم التوقفة؟.
ولقد كسر زند عليّ عليه‌السلام يوم أحد وفي يده لواء رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فتحاماه المسلمون /52/ أن يأخذوه فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ضعوه في يده الشمال فإنّه صاحب لوائي في الدنيا والآخرة» [179].
وروينا أنّه قيل له: يا أميرالمؤمنين إنّك رجل مطلوب فلو ركبت الخيل في الحرب؟فقال: أنا لاأفرّ عمّن كرّ، ولا أكرّ علي من فرّ والبغلة تزجيني [180].
[صفحه 161]
والإزجاء: السَوق، قال تعالي: «ألم تر أنّ اللَّه يزجي سحاباً» [66/الإسراء: 17] معناه يسوقه، فأراد عليه‌السلام أن البغلة تكفيه وتبلغه إلي ما يريد، وهذه مزيّة له [عليه‌السلام] علي الصحابة أجمعين.
وروي بعض علمائنا أن درعه كانت وجهاً بلا ظهر، لأنّه [كان] لا يفرّ فلم يحتج إلي ظهر [181] ويكفيك قصيرة من طويلة نداء المنادي:
لا سيف إلاّ ذوالفقار
ولا فتي إلاّ عليّ
ومنها ما في متن الرواية من قوله: «فعرض لها جميع المهاجرين والأنصار» لأنّ أنفسهم تاقت إلي نيل هذه الدرجة الكريمة والفوز بالمنقبة الجسيمة فأبي اللَّه إلا أن يخصّ بها أشرف الصحابة لديه قدراً وأزكاهم خبراً الوصيّ المؤتمن أباالحسين والحسن، فهل بعد هذا من مقال لقائل يعارض قول الحقّ بالهذيان.
ومنها المعجزة الجليلة لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وعلي عترته الرضيّة، لأنّه جي‌ء بعليّ عليه‌السلام لا يقدر علي أن يفتح عينيه فزال ما به في الحال بدعاء النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
[صفحه 162]
ومنها دعاؤه عليه‌السلام له بأن يذهب اللَّه عنه الحرّ والبرد فكان [عليّ عليه‌السلام] بعد ذلك علي الدوام لا يتأذّي بحرّ ولا برد، حتي روي أنّه [عليه‌السلام] كان يلبس ثياب الصيف في الشتاء، وثياب الشتاء في الصيف [182].
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «وانصره علي عدوّه وافتح عليه» فكان الأمر كما دعا، وهذه معجزة للرسول عليه‌السلام وفيها أوفي فضل لأمير المؤمنين.
ومنها قوله: «فإنّه عبدك» وإنّما أراد بهذه اللفظة طريقة المدح لعليّ عليه‌السلام، ولهذا عقّبها لما يقتضي المدح، ولا يجوز أن يتوسّط بين أوصاف المدح ما ليس بمدح، وإنما أفادت المدح في حقّه عليه‌السلام لأنه ذلّل نفسه بطاعة اللَّه تعالي وعبادته، وقد نقل أنّه [عليه‌السلام] كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة [183].
ومنها قوله: «يحبّك ويحبّ رسولك» وفيه تأكيد لما تقدم و [هو] إن كان كافياً غير أن التأكيد يحسن في لغة العرب التي ورد بها القرآن، ورسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم [كان] أفصح العرب كما قال: «أنا أفصح العرب بيد أنّي من قريش ورضعت في بني سعد».
وقد بيّنا معني المحبة للَّه ولرسوله.
ومنها قوله: «غير فرّار» عبّر به ثانياً وفصّل ما أجمله أوّلاً.
ومنها ما في الخبر المتقدم من التعجيل بالفتح قبل بلوغ آخر المسلمين ولحاقهم به عليه‌السلام بعد رجوع عمر وسائر المسلمين أوّلاً.
ومنها ما في الباب من العجائب فأوّلها اقتلاعه له- بعد أن أعيت المسلمين الحيلة لمّا التجأ اليهود إلي القصر- علي عظمه؟.
وثانيها وضعه عليه‌السلام علي عاتقه ثم اسناده حتي صعد عليه المسلمون ومرّوا. وثالثها انّه لم يحمله بعد ذلك دون أربعين رجلاً [184] وهذه عجائب انفرد بها عليه‌السلام
[صفحه 163]
عن الصحابة أجمعين /53/ وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء.
ثمّ كانت في خيبر مبارزته لمرحب علي ما كان معروفاً من البسالة والإقدام فكان هو الفائز بقتله، وان نقل غير ذلك فهذا أظهر ورواته أكثر وطرقه أشهر، ولنذكر طريقاً [منها] فنقول:
أخبرنا الفقيه الفاضل بهاء الدين أبوالحسن رضوان اللَّه عليه يرفعه بالاسناد المتقدم إلي القاضي‌العدل المعروف بابن المغازلي الشافعي [185] قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن المظفّر بن أحمد العطّار الفقيه الشافعي رحمه اللَّه تعالي سنة أربع وثلاثين وأربع مائة قال: أخبرنا أبومحمد عبداللَّه بن محمد بن عثمان المزني الملقّب بابن السقّاء الحافظ رحمه الله، قال: أخبرنا أبوخليفة الفضل بن‌الحباب، قال: حدثنا أبوالوليد قال: حدثنا عِكرمة بن عمّار قال: حدثنا اياس بن سلمة، عن أبيه قال: خرجنا إلي خيبر فكان عامر يرتجز ويقول:
واللَّه لولا اللَّه ما اهتدينا
ولا تصدّقنا ولا صلّينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا
فثبّت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينةً علينا
فقال النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم: من هذا؟ فقالوا: عامر. فقال: «غفرلك ربّك يا عامر». وما استغفر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لرجل فصبر إلاّ استشهد، فقال عمر: يا رسول اللَّه لو متّعتنا بعامر؟ فلما قدم [النبيّ] خيبر خرج مرحب يخطر بسيفه- وهو ملكهم؟- وهو يقول:
قد علمت خيبرأنّي مرحب
شاكي السلاح بطل مجرّب
اذ الحروب أقبلت تلهّب
[أطعن أحياناً وحيناً أضرب]
[صفحه 164]
فنزل عامر فقال:
قد علمت خيبر أنّي عامر
شاكي السلاح بطل مغاور
فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر، فذهب بسيفه له [186] فرجع سيفه علي نفسه فقطع أكحله فكانت فيها نفسه، فإذاً نفر من أصحاب رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقولون: بطل عمل عامر [حيث] قتل نفسه فأتيت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وأنا أبكي فقلت: يا رسول اللَّه بطل عمل عامر؟ فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم من قال هذا؟ فقلت: ناس من أصحابك. فقال: كذب من قال ذلك بل [له] أجره مرتين، ثمّ أرسلني رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم إلي عليّ بن أبي‌طالب- وهو أرمد- فقال: «لأعطينّ الراية اليوم رجلاً يحبّ اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه ورسوله». فجئت به أقوده وهو أرمد حتي أتيت به إلي‌النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فبصق في عينيه فبرأ ثم أعطاه الراية فخرج مرحب فقال:
قد علمت خيبر أنّي مرحب
شاكي السلاح بطل مجرّب
إذا الحروب أقبلت تلهّب
فقال عليّ عليه‌السلام:
أنا الذي سمّتني أمّي حيدره
كليث غابات /54/ كريه المنظرة
أوفيكمو بالصاع كيل السندرة
قال: فضربه [عليّ] ففلّق رأس مرحب فقتله، فكان الفتح علي يد عليّ عليه‌السلام.
قال السيّد الإمام الموفّق باللَّه أبوعبداللَّه الحسين بن اسماعيل الحسني الجرجاني عليه‌السلام- [187] بعد رواية نكتة من هذه القضيّة في كتابه الموسوم: «سلوة العارفين»: فناوشه عليّ عليه‌السلام بضربة قدّ مغفره ورأسه وحنكه وأضراسه وفتح
[صفحه 165]
خيبر. [و] الحيدرة: الأسد.
[ثم] قال عليه‌السلام: وروي أنّ أمّ أميرالمؤمنين- عليه‌السلام- فاطمة بنت أسد لمّا ولدت أميرالمؤمنين عليه‌السلام- [و] كان أبوطالب غائباً- سمّته أسداً باسم أبيها، فلمّا قدم أبوطالب تكرّه هذا الإسم وسمّاه عليّاً، فلمّا رجز أميرالمؤمنين عليه‌السلام يوم خيبر ذكر الإسم الذي سمّته أمّه به.
والسندرة قيل: انه اسم رجل كان يكيل كيلاً وافياً.
وقيل: هي الكزبرة. وقيل: نشارة من شجرة يعمل منها القسيّ والنبل يقال لها سندرة.
وروي قول مرحب: «إذ الحروب أقبلت تحرّب»، أي تتحرّب، يقال: حربته فتحرّب أي هيجته فتهيّج، ويقال: أخذ فلان حربة فلان إذا أخذ ما يغضب له ويشتدّ عليه؟
ولمّا مات حرب بن أميّة وبكي عليه ونيح فقيل: «واحرباه» فصار ذلك عند كلّ مكروه ونازلة مستعملاً مستمرّاً في كلّ زمانه؟.
وقال الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام يذكر عليّاً عليه‌السلام وفتحه خيبر وتقديمه علي سائر الصحابة شعراً:
قد عرّفوا طرق التقديم لو عرفو
الكنّهم جهلوا والجهل ضرّار
ساروا برايته فاسترجعوا هرباً
والخيل تعثر والأبطال فرّار
حتّي اذا اشتدّ وجه الفتح واختلجت
خواطر من بني الدنيا وأفكار
نادي أباحسن موفي مواعده
صبحاً وقد شخصت في ذاك أبصار
فجاء كالليث يمشي خلف قائده
اذ كان في عينه ضرّ وعوّار
فمجّ فيها بريق طعمه عسل
وريحه المسك لم يفضضه عطّار
وقال خذها وصمّم يا أباحسن
فكان فتح وباقي الجيش صُدّار
ولمّا قفل أميرالمؤمنين عليه‌السلام من خيبر بعد الفتح المبين الذي أجراه علي يده ربّ العالمين حباه الرسول- صلي اللَّه عليه وآله وسلم- ثانياً بالمناقب الشريفة والرتب العالية المنيفة، وذلك ثابت فيما رويناه بالإسناد المتقدم إلي القاضي العدل الخطيب
[صفحه 166]
المعروف بابن المغازلي الشافعي [188] قال:
أخبرنا أبوالحسن عليّ بن عبيداللَّه بن القصّاب البيّع رحمه الله قال: حدثنا أبوبكر محمد بن أحمد بن يعقوب المفيد الجرجرائي قال: حدثنا أبوالحسن عليّ بن سليمان بن يحيي قال: حدثنا عبدالكريم بن عليّ قال: حدثنا جعفر بن محمد بن ربيعة البجلي، /55/ قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني قال: حدّثنا كادح بن جعفر، [عن عبداللَّه بن لهيعة، عن عبدالرحمان بن زياد] [189] عن مسلم بن يسار: عن جابر بن عبداللَّه قال: لمّا قدم عليّ عليه‌السلام بفتح خيبر قال له النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «يا عليّ، لولا أن تقول طائفة من أمّتي فيك ما قالت النصاري في عيسي بن مريم لقلت فيك مقالاً لا تمرّ بملإ من المسلمين إلاّ أخذوا التراب من تحت رجليك وفضل طهورك [190] يستشفون بهما، ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي غير أنّه لا نبيّ بعدي وأنت تبري‌ء ذمّتي وتستر عورتي وتقاتل علي سنّتي وأنت غداً في الآخرة أقرب الخلق مني وأنت علي الحوض خليفتي وإنّ شيعتك علي منابر من نور مبيضّة وجوههم حولي أشفع لهم ويكونون في الجنّة جيراني لأنّ حربك حربي وسلمك سلمي وسريرتك سريرتي وإن ولدك ولدي وأنت تقضي ديني وأنت تنجز وعدي وإن الحقّ علي لسانك وفي قلبك ومعك وبين يديك ونصب عينيك [و] الإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي لا يرد علي الحوض مبغض لك ولا يغيب عنه محبّ لك».
[صفحه 167]
فخرّ عليّ عليه‌السلام ساجداً وقال: الحمد للَّه الذي منّ عليّ بالإسلام وعلّمني القرآن وحبّبني إلي خير البريّة وأعزّ الخليقة وأكرم أهل السماوات والأرض علي ربّه خاتم النبيين وسيّد المرسلين وصفوة اللَّه في جميع العالمين احساناً من اللَّه تعالي وتفضّلاً منه عليّ.
فقال النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لولا أنت يا علي ما عرف المؤمنون بعدي، لقد جعل اللَّه عزّ وجلّ نسل كلّ نبيّ من صلبه وجعل نسلي من صلبك يا عليّ، فأنت أعزّ الخلق وأكرمهم عليّ وأعزّهم عندي ومحبّك أكرم من يرد عليّ من أمتي».
قال [المؤلّف] أيّده اللَّه: وهذا الخبر قد اقتضي ثبوت مناقب لأمير المؤمنين عليه‌السلام تشهد بفضله علي البشر أجمعين وينطق بمزيّة له علي جميع الماضين والغابرين: فمنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لولا أن يقول طائفة من أمتي فيك ما قالت النصاري في عيسي بن مريم لقلت فيك مقالاً لا تمرّ بملإ من‌المسلمين إلاّ أخذوا التراب من تحت رجليك وفضل طهرك؟ يستشفون بهما».
وهذا فيه أنّ لعليّ عليه‌السلام مناقب عظاماً يزيد علي ما وردت به الآثار الواسعة علي كثرتها لأنّ النبيّ صلي اللَّه عليه وآله [وسلم] أخبرنا بالوجه الذي اقتضي تركها وهو أنّ اظهارها يقود إلي الغلوّ فيه عليه‌السلام كما غلت النصاري في عيسي عليه‌السلام. ومنها أن تلك المناقب لو ظهرت لكان المسلمون يأخذون التراب من تحت رجليه عليه‌السلام وهذا يوجب أنّ في أخذه بركةً وشفاءاً، وكذلك في فضل طهوره، وكيف لا وهو سيّد العرب وأفضل الصدّيقين /56/ وأخو رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وعلي آله الأكرمين، فما تري حال من ناصبه وناواه وحاربه وعاداه؟!!
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ولكن حسبك- يعني يكفيك- أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي غير أنّه لا نبي بعدي».
وقد بيّنا دلالته علي فضله عليه‌السلام ولم يشركه في ذلك أحد من الصحابة أجمعين بل هي منقبة امتاز بها عليه‌السلام عليهم أجمعين.
ومنها قوله [صلي اللَّه عليه وآله وسلم]: «وأنت تبرئ ذمتي» وإنّما كان كذلك لما قد بيّناه فيما سبق من نصّه عليه بأنّه وصيّه، وقد بيّنا آنّ الوصيّ يقوم مقام
[صفحه 168]
الموصي في قضاء ديونه وما يتوّجه عليه.
ومنها قوله: «وتستر عورتي» وسيأتي بيان ذلك إن شاء اللَّه عزّوجلّ.
ومنها قوله: «وتقاتل علي سنّتي» وهذا يقتضي أنه مصيب في جميع حروبه عليه‌السلام في يوم الجمل وصفين والنهروان وأنه في ذلك كلّه علي سنّة الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم ومتي كان علي سنّته فيها وجب ممن ناصبه أن يكون قد نبذ سنّة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ولا يتصوّر أن يكون الكلّ من الفريقين في قتالهم علي سنّة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وإذا لم يكونوا علي سنّة الرسول صلي اللَّه عليه وآله كانوا مبتدعة فلا يجوز التوقف في حكمهم بل يجب القطع علي فسقهم بالمناصبة التي كانت منهم لعليّ عليه‌السلام.
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «وأنت غداً في الآخرة أقرب الخلق منّي» وهذا يقتضي أنّه أفضل الخلق قاطبةً لأنّه جعله أقربهم منه موقفاً، وتخرج الملائكة والأنبياء عليهم‌السلام بالأدلة التي دلّت علي أنّهم أفضل من سائر المؤمنين [191].
[صفحه 170]
ويكون الخبر متناولاً لمن بقي من سائر المومنين فيكون أفضل الخلق بعد الأنبياء والملائكة صلوات اللَّه عليهم أجمعين.
ومنها قوله: «وأنت علي الحوض خليفتي»، وهذا يشهد بشرفه، لأنه إذا كان لا يشرب منه إلاّ من سقاه أوأمر بذلك له فلا شبهة أنه لا يسقي‌إلّا أولياءه ومن لم يشرب من حوض النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم يشرب من الحميم في دار الجحيم.
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «وإنّ شيعتك علي منابر من نور مبيضّة وجوههم حولي أشفع لهم ويكونون في الآخرة جيراني» وهذا يدلّ علي فضل أتباعه عليهم السلام؟ حيث خصّهم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بهذه الفضائل الشريفة التي لم يخصّ بها غيرهم، فبيّن أنهم علي منابر من نور رفعاً لقدرهم وأن وجوههم مبيضّة، قال تعالي: «وأمّا الذين ابيضّت وجوههم ففي رحمة اللَّه هم فيها خالدون» [107/آل عمران: 3] وأنّه يشفع لهم وإنّما يشفع
[صفحه 171]
لمن أحبّه وارتضاه، لا لمن ناصبه وعاداه /57/ وعادي عترته الهداة وأنّهم جيرانه، ومن جاور النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقد فاز بالملك المؤبّد والنعيم السرمد، ولم يرد مثل ذلك في أتباع سواه.
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم في مثل ذلك: «يدخل الجنّة سبعون ألفاً لا حساب عليهم»، ثم التفت إلي عليّ عليه‌السلام فقال: «هم من شيعتك وأنت إمامهم» [192].
وروينا بالإسناد إلي ابن‌المغازلي رواه بإسناده عن عليّ عليه‌السلام عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنه قال: [193] «يا عليّ إنّ شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة علي ما بهم من العيوب والذنوب وجوههم كالقمر في ليلة البدر وقد فرّجت عنهم الشدائد، وسهّلت لهم الموارد وأعطوا الأمن والأمان وارتفعت عنهم الأحزان، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون شُرُك نعالهم تتلألأ نوراً، علي نوق بيض لها أجنحة قد ذلّلت من غير مهانة ونجبت من غير رياضة، أعناقها من ذهب أحمر، ألين من‌الحرير لكرامتهم علي‌اللَّه عزوجلّ».
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لأنّ حربك حربي» وهذا يقتضي أن محارب عليّ عليه‌السلام في الحكم محارب للرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم- فيدلّ علي ضلالته- وأن عصيانه [أي عصيان عليّ عليه‌السلام] في ذلك من الكبائر العظام، والجرائم الموبقات، فيدلّ علي أن معاوية ومن نحا نحوه من العاطبين؟ وفيه دلالة
[صفحه 172]
واضحة علي أنه عليه‌السلام لا يحارب إلاّ علي حقّ وصواب، ولو جاز أن تكون حربه لمن حاربه خطاً وضلالاً- كما تزعمه الخوارج ومن وافقهم من مردة النواصب- لم يكن حربه حرباً للنبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم وهذا فاسد، لأن العموم قد ورد في لفظه عليه‌السلام ولا دليل علي التخصيص فأجريناه علي العموم.
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «وسلمك سلمي» وهذا يدلّ علي أن كلّ سلم وقع من عليّ عليه‌السلام فهو جائز، فيبطل ما تهذي به الخوارج [من]أنّه «أخطأ في صلح معاوية»، والسلم: الصلح، قال [اللَّه] تعالي: «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها» [61/الأنفال: 8].
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «وإن سريرتك [من] سريرتي» وهذا يشهد بحسن سريرة عليّ عليه‌السلام وأنّها موافقة لسريرة النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم حتي لايجوز أن يسرّ قبيحاً ولا غدراً ولا مكراً بل هي صادقة [194] متنزّهة عن‌القبائح، ومعلوم أنّ حسن السريرة من أشرف خطّة في الدين، وعلي الجملة فإن ذلك يفيد عصمته عليه‌السلام في سريرته، ومثل ذلك لم يرد في أحد من الصحابة أجمعين.
ومنها قوله [صلي اللَّه عليه وآله وسلم]: «وإنّ ولدك ولدي» وهذا يرغم النواصب الكفرة الفجرة حيث أنكروا نسبة أولاد فاطمة إلي/58/رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «كلّ بني أنثي ينتمون إلي أبيهم إلّا ابنيّ الحسن والحسين فأنا أبوهما وعَصبَتهما». [195] وكان المسلمون يقولون: إنّهما ابنا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقد قال صلي اللَّه
[صفحه 173]
عليه وآله وسلم في الحسن: «إنّ ابني هذا سيّد وسيصلح اللَّه به بين فئتين من المسلمين» [196].
وروي أنّهما لم يقولا لعليّ: «يا أبه» في حيات رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم، بل كانا يخصّان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بالدعاء بالأبوّة، ويقول الحسن لعليّ: يا با الحسين، ويقول الحسين: يا با الحسن، حتّي توفّي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فكانا يقولان [لعليّ عليه‌السلام]: «يا أبه» بعد ذلك [197].
وفي الحديث: إن الحسن [عليه‌السلام] ارتحل ظهر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وهو ساجد فأراد بعضهم انزاله فأشار النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم بتركه ثمّ لمّا قضي صلاته قال: «إنّ ابني ارتحلني فكرهت أن أعجلّه» [198].
فصحّ أنّهما ولدا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وكذلك أولادهما عليهما السلام من بعدهما.
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «وأنت تقضي ديني وتنجز وعدي» وهذا يتضّمن كونه وصيّاً لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم حيث كان قد أهّله
[صفحه 174]
لقضاء ديونه إن مات وعليه دين، ولإنجاز مواعيده الّتي تنتظر ويموت قبل تنجيزها وقد بيّنا تفصيل ذلك.
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «وأنّ الحقّ علي لسانك وفي قلبك ومعك ونصب عينيك، الإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي» وكلّ ذلك يدلّ علي عصمته في جميع أفعاله من نطقه وكلامه وما ينطلق عليه قلبه من النيّات والإعتقادات والظنون وغيرها وأنّ جميع مايأتيه من ذلك حقّ ومايقوله صدق. ووصف الإيمان لمخالطة لحمه ودمه إنما أراد به صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنه استحكم فيه فلا يفارقه قطّ ولا يشان بشي‌ء من المعاصي؟ وذلك يفيد العصمة الكاملة، ومثل ذلك لم ينقل لأحد، ومتي كان مقطوعاً علي إصابته فيما يعتقده ويعزم عليه ويريده ويظنّه ويقوله ويفعله بسائر جوارحه كان أحقّ بالإمامة من غيره لأنّ عدالته علي القطع تعلم، بخلاف غيره، فكيف يجوز أن يطرح المعلوم بمظنون موهوم.
والخبر يفيد أنه يجب الرجوع إلي أفعاله وأقواله وأنّها حجّة كما في قول رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم، لأنّا اذا قطعنا أنّها حقّ وجب علينا الرجوع إليها وحرمت مخالفتها، وهذا هو الظاهر من مذاهب أئمّتنا عليهم‌السلام وأتباعهم.
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لا يرد عليّ الحوض /59/ مبغض لك، ولا يغيب عنه محبّ لك» وقد علمنا [و علم كلّ ذي لبّ] قطعاً أن معاوية وأشياعه من‌القاسطين، و سائر المارقين والناكثين كانوا له من المبغضين، فلم يردوا حوض خاتم المرسلين صلي اللَّه عليه و علي آله الأكرمين، ومن لم يرد حوضه و لا يشرب بكأسه خلد في الجحيم و العذاب الأليم، و كما يحرّم من أبغضه الشرب من حوض الرّسول صلي اللَّه عليه و اله و سلم، كذلك لا يغيب عنه محبّه فيدلّ ذلك علي شرف أشياع أميرالمؤمنين عليه‌السلام وفضلهم علي غيرهم من النّاس.
ومنها ما قابل عليّ عليه‌السلام هذه المناقب التي سمعها فوجهين: أحدهما السجود للَّه تعالي و هذه سجدة الشكر عند النّعمة الحادثة و هي مستحبة لأنّها يفيد تعظيم اللَّه تعالي وأحقّ الأوقات بأن يبادر بها الوقت الذي يتضمّن زيادة نعمة مستجدّة. وثانيها التحميد منه عليه‌السلام للَّه، حيث قال: «الحمد للَّه» والحمد هو الثناء الشريف
[صفحه 175]
علي الغير ثمّ قد يكون علي صفاته المحمودة التي تفيد له المزية علي سواه علي نعمه المبتداة، واللَّه تعالي جدير بالحمد من الوجهين جميعاً لأنّ له الصفات العُلي و منه النعم العظمي
وقوله عليه‌السلام: «الذي منّ عليّ بالإسلام» تصريح [منه عليه‌السلام] بسبب الشكر و هو الإسلام لأنّه الدين الذي اصطفاه اللَّه تعالي وإنما نسبه إلي اللَّه تعالي لأنه حصل بمعونته و تمكينه و هدايته و كذلك تعليم القرآن حاصل فيه بهذه الطريقة أيضاً وليس ذلك يفيد أنّه تعالي خلق هذه الأشياء، لأنّه لو خلقها لما استحقّ العبد عليها ثواباً و لا مدحاً كما لا يستحّق ذلك علي تمام صورته و اعتدال قامته، و قد علمنا أن من حصلت له نعمة بتسبيب غيره لها و دلالته عليها فإنه يجب شكره عليها و تكون في الحكم كأنّها من قبله، ولهذا لا فرق في قضايا العقول بين أن يهب الواحد منّا لغيره مالاً وبين أن يقول له: احفر بإزائك فإنّك تجد كنزاً عظيما. فحفر فوجده فإنه يوصف من دلّه عليه بأنّه محسن إليه و منعم عليه، و كذلك الحال في شكره تعالي علي الإسلام.
وكذلك قوله عليه‌السلام: «وحبّبني إلي خير البريّة» فإنّه من جملة النعم التي يجب عليها الشكر لأنّ حبّ الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم يكشف عن علوّ قدره لديه و عظيم منزلته عنده.
و قوله عليه‌السلام فيه صلي اللَّه عليه و اله و سلم: «وأعزّ الخليقة و أكرم أهل السموات والأرض علي ربه خاتم النّبيّن و سيّد المرسلين وصفوة اللَّه في جميع العالمين إحساناً من اللَّه تعالي إليّ و تفضّلاً منه عليّ» و كلّ ذلك يشهد بشرف الرّسول صلي اللَّه عليه و آله وسلم و هو صلي اللَّه عليه وآله عند ربّه ولهذا /60/ رفع ذكره فيما مضي من الأعصار و جعله في سماواته و أرضه حتي لم يحصل لأحد مثل ذلك.
ولهذا ورد في الآثار عنه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنّه قال: «سلوا اللَّه لي الدرجة الوسيلة». قيل: وما الدرجة الوسيلة؟ قال: «هي أعلي درجة في الجنّة لا
[صفحه 176]
ينالها إلاّ نبيّ أرجو أن أكون أنا هو» [199] فإذا خصّ [صلي اللَّه علبه وآله وسلم بأرفع الجنّة درجةً كان أفضل الخلق صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لولا أنت يا عليّ ما عُرِف المؤمنون بعدي» [200] وهذا يشهد بأنّ من اعتصم به عليه‌السلام كان مؤمناً ومن عَنَدَ عنه كان غير مؤمن.
وقد نصّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم بأنّه قسيم الجنّة والنار [201] يريد أنّ أتباعه في الجنّة وأنّ أعداءه في النار.
وقد روينا عن عبداللَّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ عليهم‌السلام [أنّه] قال: «العلم بيننا وبين هذه الأمة عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام، والعلم بيننا وبين غيرنا من‌الشيعة زيد بن عليّ عليه‌السلام» [202].
يريد بقوله عليه‌السلام: «العلم بيننا وبين هذه الأمة عليّ بن أبي‌طالب» أنّ من اقتدي بهداه وصوّبه في أفعاله وضلّل معاديه كان علي حقّ وهداية، ومن خالف هذه الطريقة كان علي عميً وغواية.
وكذلك ما ذكره في حقّ زيد بن عليّ عليه‌السلام، لأن الشيعة وإن اتّفقت علي تقديم عليّ عليه‌السلام وعلي وجوب الإعتصام به فإنّهم اختلفوابعد ذلك، فبين من هو متابع
[صفحه 177]
لزيد بن عليّ عليه‌السلام فهو من الناجين [203] للآثار التي وردت بفضله وكشفت عن فضل أتباعه، وبين معاند وخاذل له، فهو من العاطبين كما في الإمامية وهم الروافض الذين لحقهم هذا النبز، بسبب تخلّفهم عنه عليه‌السلام وقد وردت بذمّهم الآثار [204].
[صفحه 178]
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لقد جعل اللَّه عزّ وجلّ نسل كلّ نبيّ من صلبه وجعل نسلي من صلبك يا علي»، وهذا شايع لما تقدّم من صحّة النسبة الشريفة لأولاد فاطمة عليها وعليهم السلام إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلّم.
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: فأنت أعزّ الخلق و أكرمهم عندي فكل واحدة من هذه الألفاظ تدلّ علي علوّ علّي عليه‌السلام و فضله و تفصح بشرفه و نبله لأنّه أطلق القول بأنه أعزّ الخلق و أكرمهم عليه وإذا كان أعزّهم عنده وأكرمهم عليه كان أعزّهم عند اللَّه تعالي و أكرمهم عليه [205].
وهذا يدلّ علي أنّه أعلي الخلق قدراً و أرفعهم منزلة، وذلك وإن كان عامّاً إلّا أنّا نخرج الأنبياء والملائكة صلوات اللَّه عليهم بالأدلّة التي قضت بأنّهم أفضل من سائر المؤمنين [206] وأمّا غيرهم فلا يخرج من العموم لأنّه لا دليل علي ذلك، فوجب أن يكون الخبر مفيداً بفضله علي سائر الخلق /61/ عامّة بعدما ذكرناه وللَّه [درّ] القائل:
أشهد باللَّه و آلائه
شهادة بالحق لا بالمرا
أنّ علي بن أبي‌طالب
خير الوري من بعد خير الوري
[صفحه 179]
وبعده؟:
من لم يقل هذا الذي قلته
فقد تعدّي ظالماً وافتري
ومنها قوله: «ومحبّك أكرم من يرد عليّ من أمّتي» و هذا يدلّ علي كرامة من أولع لمحبّته واعتصم بطريقته و اهتدي بنوره وأنّه الأشرف والأكرم عند رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله و سلّم وكلّ هذه مناقب لاتسامي وفضائل لا تجاري خصّ بها الأنزع البطين دون الصحابة أجمعين، فكان أولاهم بالإمامة وأقمنهم بالزعامة [207].
[صفحه 180]

في الاستدلال علي أفضلية علي وإمامته علي الكل بحميد مساعيه يوم الخندق

ونعود إلي [شرح البيت الحادي عشر من] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
وصبحة الخندق من ضرّح الضر
غام عمراً ذلك القسوريّ
الصبحة: أوّل اليوم، ومنه قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «الصبحة تمنع الرزق» يعني النوم في الغداة بعد صلاة الفجر إلي طلوع الشمس، فأفاد الخبر كراهة النوم في هذه الحالة.
و(ضرّجه): لطخه بالدم. و(الضرغام) من أسماء الأسد. و(القسوريّ) منسوب إلي القسورة وهو من أسماء الأسد [أيضاً] وأصل القسورة: الأخذ بشدّة من [قولهم:] قسره- [علي زنة ضربه وبابه]- قسراً نحو قولهم: قهره قهراً، وأخذه قسراً أي قهراً، قال تعالي: «كأنّهم حُمُر مستنفرة فرّت من قسورة» [51/المدّثر: 74] يعني إنّ الكفّار نفروا من سماع القرآن وأعرضوا عنه كنفور الحمر من القسورة وهو الأسد، هذا هو اختيار جماعة من المفسّرين وإن كان قد ذكر غيره [أيضاً].
وأمّا قصّة الخندق فإنّه كان في شهر شوال سنة خمس [من‌الهجرة] وكان الذي هاجسه؟ أنّ جماعةً من اليهود منهم حُيَي بن أخطب وغيره قدموا علي قريش فدعوهم إلي حرب رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقالوا: نكون معكم حتّي نستأصله. فأجابوهم إلي ذلك واتّعدوا، ثم أتي أولئك النفر [من اليهود] غطفان فأجابوهم أيضاً.
وخرجت قريش [إلي حرب رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم] وقائدهم أبوسفيان، وخرجت غطفان وقائدهم عُيَينة بن حصن، فلمّا سمع بهم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ضرب الخندق علي المدينة وعمل فيه بنفسه وعمل المسلمون [فيه أيضاً] وأبطأ فيه المنافقون، وكانت فيه أحاديث عجيبة وآثار لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم:
منها أنّ ابنة بشير بن سعد قالت: دعتني أمّي عمرة بنت رواحة الأنصارية فأعطتني حفنة من تمر وقالت: اذهبي بها إلي أبيك بشير وخالك عبداللَّه بن رواحة [قالت:] فانطلقت بها ألتمسهما فمررت برسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله
[صفحه 181]
وسلم فقال: يا بنيّة ما هذا الذيي معك؟ قلت: تمر بعثتني به أمّي إلي أبي‌وخالي. قال: هاتيه. فصببته في كفّيه فأمر بثوب فصبّ عليه التمر، وأمر إنساناً بأن ينادي هلمّ /62/ إلي الطعام؟ فاجتمع أهل الخندق فأكلوا وهو يزداد، حتي شبعوا وقاموا وإنّه يسقط من أطراف؟ وهم ثلاثة آلاف [208].
ومنها ما رواه سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: غلظت عليّ صخرة في الخندق فأخذ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم المعول من يدي فضرب به ضربةً لمعت تحت المعول برقة ثمّ ضرب ضربة [أخري] فلمعت برقة ثمّ ضرب الثالث فلمعت برقة أخري فقلت: بأبي‌أنت وأمّي يا رسول اللَّه ما هذا الذي رأيت؟ قال: «قد رأيت يا سلمان؟». قلت: نعم. قال: «أمّا الأولي فإنّ اللَّه فتح عليّ بها اليمن، وأمّا الثانية فإنّ اللَّه فتح عليّ بها الشام والمغرب، وأمّا الثالثة فإنّ اللَّه فتح عليّ بها المشرق». إلي غير ذلك من الأحاديث.
ولمّا تمّ الخندق نزل الكفّار في عشرة آلاف، وخرج المسلمون في ثلاثة آلاف والخندق بينهم وبين القوم، ونقض بنو قريضة العهد بإشارة حُيَي بن أخطب، فأقام المشركون بضعاً وعشرين ليلة ولم يكن قتال، فلمّا اشتدّ البلاء صالح رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قائدي غطفان عُيينة بن حصن والحارث بن عوف علي ثلث ثمار المدينة لينصرفا بغطفان وكتب كتاب الصلح بينهم علي ذلك، ثم استشار سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فقالا: شي‌ء تصنعه بوحي أم شي‌ء تصنعه لنا؟ قال: «لا بل شي‌ء نصنعه لكم، لأنّ العرب قد رمتكم عن قوس واحدة». فقال سعد بن معاذ: كنّا أهل شرك ولا يطمع فينا أحد إلاّ بشريً أوقِريً؟ فالآن فقد منّ اللَّه علينا بالإسلام وبك نعطيهم أموالنا؟ لا نعطيهم إلاّ السيف، وتناولا الصحيفة ومحيا ما كان فيها [209].
[صفحه 182]
ثمّ إنّ نعيم بن مسعود أتي إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقال: إنّي أسلمت ولم يعلم قومي فمرني بما شئت- وهو [كان] من غطفان- فقال [رسول اللَّه]: خذّل عنّا إذا استطعت، فإ [نّ‌ا] لحرب خدعة.
فخرج [نعيم بن مسعود] وأتي قريظة وقال: قد علمتم يا بني قريظة أنّ ديني دين آبائكم وإنّ قريشاً وغطفان جاءُوا لحرب محمد والبلد بلدكم فإن رأوا نهزة أصابوها؟ وإلاّ انصرفوا إلي بلادهم وحينيذ لا طاقة لكم بمحمد؟ فلا تقاتلوا حتي تأخذوا رهائن من قريش وغطفان إن حاربكم محمد نصروكم عليه. قالوا: نعم الّرأي.
ثم أتي أباسفيان وقريشاً وقال: انّ هؤلاء اليهود ندموا علي ما فعلوا وقد صالحوا مع محمد ووعدوه أن يأخذوا منكم رهائن من أشرافكم ويدفعوا بهم إليه فيضرب أعناقهم ثم يكونون يداً عليكم!! وقال لغطفان مثل ما قال لقريش.
فلمّا كانت ليلة السبت في شوّال أرسل أبوسفيان وغطفان إلي بني قريظة وقالوا: إنّا بدار مضيعة ولا بدّ من المناجزة. فقالوا: غداً يوم السبت ولا نحارب ولا نقاتل معكم حتّي تعطونا رهائن من رجالكم فإنّا نخشي محمداً إن كان الظفر له أن ترجعوا إلي بلادكم.
فلمّا رجعت الرسل قالت قريش وغطفان: صدق نعيم وأبوا أن يرهنوهم، وقالت قريظة: صدق نعيم!!
وبعث اللَّه عليهم ريحاً شديدةً في ليلة شاتية فجعلت تطرح أبنيتهم وأمر أبوسفيان بالرجوع إلي بلادهم وانصرفت بنو قريضة ولم يكن في الخندق قتال /63/ إلاّ [أنّ] فوارس نزلوا منهم عمرو بن عبدودّ، ومنبه من بني عبدالدار أصابه سهم، ونوفل من بني مخزوم وضرار بن الخطّاب، وهبيرة بن أبي‌وهب بن عبدودّ.
وكان عمرو بن عبدودّ لم يحضر «أُحُداً» لجراحة [كانت] به من يوم بدر
[صفحه 183]
[فحضر يوم الخندق وخرج] فطلب البراز، فكاع الناس عنه [210] وهو ينشد:
ولقد بححت من النداء
لجمعكم هل من مبارز
ووقفت إذ جبن المشجّ
ع موقف القرن المناجز
إنّي كذلك لم أزل
متسرّعاً نحو الهزاهز
إنّ الشجاعة في الفتي
والجود من خير الغرائز
فأتي جبريل عليه‌السلام إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقال: مُر عليّاً يبرز إليه [211] فبرز إليه عليّ عليه‌السلام وهو يرتجز ويقول:
لا تعجلنّ فقد أتاك
مجيب صوتك غير عاجز
ذو نيّة وبصيرة
والحقّ منجي كلّ فائز
إنّي لأرجو أن تقوم
عليك نائحة الجنائز
من طعنة نجلاء يبقي
ذكرها عند الهزاهز
فضرب عمراً وكبّر وقتله، وقتل أيضاً نوفل بن عبداللَّه المخزومي؟ وقال عليه‌السلام لمّا قتل عمراً:
أعلّي تقتحم الفوارس هكذا
عنّي وعنهم أخبروا أصحابي
اليوم يمنعني الفرار حفيظتي
ومصمّم في الهام ليس بنابي
آلا ابن‌عبدحين شدّ أليّة
وحلفت فاستمعوا من الكذّاب
أن لا يصدّ ولايهلّل فالتقي
رجلان يضطربان أيّ ضراب [212].
[صفحه 184]
فصددت حين رأيته متقطّراً
كالجذع بين دكادك وروابي
وعففت عن أثوابه ولو أنّني
كنت المقطّر بزّني أثوابي
وقالت أمّ كلثوم أخت عمرو بن عبدودّ ترثيه وتذكر قتل عليّ عليه‌السلام له:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله
بكيته ما أقام الروح في جسدي
لكنّ قاتله من لا يعاب به
وكان يدعي أبوه قديماً بيضة البلد
يا أمّ كلثوم بكّيه ولا تسمي
بكاء معولة حرّا علي ولد
مشي إليه عليّ يوم قاتله
مشي العجول بصلّ غير متّئد؟
فحلّل الرأس منه يوم بارزه
صافي الحديدة عضباً غير ذي‌أود
وكان بعد قتل عليّ عليه‌السلام له، التحفة العظمي- والمنحة الكبري والهدية من ربّ السماء بدعاء خاتم الأنبياء صلي اللَّه عليه وعلي آله النجباء- التي لم ينقل مثلها لبشر ولا كانت لمن مضي ومن غبر، فقضت برفعه إلي منازل القمر،وألبسته من الثناء الشريف /64/ أعلي من ملائه والحبر؟.
وذلك ثابت فيما أخبرنا به الشيخ الأجلّ العالم محيي الدين أبوعبداللَّه محمد بن أحمد بن الوليد القرشي قدّس روحه، قال: أخبرنا [213] القاضي الأجلّ الإمام شمس الدين جمال الإسلام جعفر بن أحمد بن أبي‌يحيي رضوان اللَّه عليه بقراءتي عليه، قال: أخبرنا القاضي‌الإمام الأجلّ العالم قطب الدين علم الإسلام أحمد بن أبي‌الحسن الكني بقراءتي عليه، قال: أخبرناالشيخ الإمام محمد بن أحمد بن عليّ الفرزادي رحمه الله بقراءتي عليه، قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبوطاهر محمد بن عبد
[صفحه 185]
العزيز بن إبراهيم الزعفراني قال: أخبرنا القاضي الزكي أبوعلي الحسن بن عليّ بن الحسن الصفّار قال: أخبرنا قاضي القضاة أبوالحسن عبدالجبّار بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن ابراهيم بن أحمد بن يونس قال: أخبرنا الحسن بن عليّ العدوي قال: أخبرنا زكريّا الخزّاز المقرئ قال: أخبرنا اسماعيل بن عباد قال: حدثنا شريك، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة:
عن عبداللَّه قال: دخل عليّ بن أبي‌طالب يوم قتل عمرو بن عبدودّ علي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وسيفه يقطر دماً فقال [رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم]: «اللهمّ أتحف عليّاً بتحفة لم يتحف بها أحد قبله ولا يتحف بها أحد بعده».
قال: فهبط جبريل عليه‌السلام علي‌النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم ب «أترنجة» فإذاً فيها سطرين مكتوبين: «هديّة من الطالب الغالب إلي علّي بن أبي‌طالب» [214].
قال [المؤلف] أيّده اللَّه: وهذا [الحديث] يتضمّن فوائد:
منها معجزة لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم حيث دعا إلي اللَّه تعالي بتحفة لعليّ عليه‌السلام واقترح أن لا تكون لأحد قبله ولا لأحد بعده فكان الأمر كما سأل، ولا معني للمعجز إلاّ الفعل الناقض للعادة المطابق لدعوي المدّعي ودعوي النبيّ مستمرّة في جميع أحوال البعثة إمّا قولاً وإمّا ما في حكمه وهوالفعل.
ومنها كون هذه التحفة الشريفة علي يد جبريل عليه‌السلام وقد علمنا أنّه المقرّب المكين وذو القوّة الأمين عند اللَّه تعالي ولا شبهة أنّ التحفة يعظم قدرها ويجلّ خطرها إذا كانت علي يد من له منزلة شريفة عند المهدي بالمُهدي إليه [215] شاهداً وهكذا في الغائب يكشف كون الهدية علي يد جبريل صلي اللَّه عليه وسلم علي أنّ عليّاً عليه‌السلام [216] عند اللَّه ذو حظّ عظيم وفضل جسيم.
ومنها الكتابة بأنّها هدية من الطالب الغالب إلي عليّ‌بن أبي‌طالب، وهذا زيادة فضل وشرف علي إيصالها إلي عليّ عليه‌السلام؟.
[صفحه 186]
ومنها أنّ ذلك يدلّ علي أنّ قتل عليّ عليه‌السلام لعمرو بن عبدودّ قد عظم أثره في الإسلام حين؟ جعل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم الدعاء بهذه الدعوة الشريفة التي انفرد بها عليّ عن الخلق أجمعين في مقابلته.
ومنها تسمية اللَّه تعالي لعليّ عليه‌السلام باسمه وقد كان سمّاه اللَّه تعالي [به] قبل ولادته ورفع ذكره قبل خلقته /65/ لأنّا روينا أنّ النبي‌صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «لمّا أسري بي رأيت علي باب الجنّة مكتوباً بالذهب- لا بماء الذهب- لا إله إلاّ اللَّه، محمد رسول اللَّه، عليّ وليّ اللَّه، فاطمة أمة اللَّه، الحسن والحسين صفوة اللَّه، علي باغضيهم لعنة اللَّه» [217].
[صفحه 188]
وروينا عنه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنّه قال: «لمّا أسري بي إلي السماء دخلت الجنّة- أو قال: أطلعت في الجنّة- فرأيت عن يمين العرش مكتوباً: «لا إله إلاّ اللَّه، محمد رسول اللَّه أيّدته بعلّي ونصرته به» [218].
وروينا بالإسناد إلي الحاكم الإمام رضي الله عنه قال: روي السيّد أبوطالب [219] بإسناده عن جويبر، عن الضحّاك، عن ابن‌عبّاس:
عن النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «لمّا أمراللَّه تعالي آدم بالخروج من الجنّة رفع طرفه نحو السماء فرأي خمسة أشباح عن يمين العرش فقال: إلهي خلقت خلقاً قبلي؟ فأوحي اللَّه تعالي اليه: أما تنظر إلي هذه الأشباح؟ قال: بلي. قال: هؤلاء الصفوة من نوري اشتققت أسماءهم من اسمي فأنا اللَّه المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا علّي وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا المحسن وهذا الحسن، و لي الأسماء الحسني وهذا الحسين.
فقال آدم: فبحقّهم اغفر لي. فأوحي اللَّه اليه أن قد غفرت لك».
[قال الراوي:] وهي الأسماء التي قال اللَّه تعالي: «فتلقّي آدم من ربّه كلمات فتاب عليه» [37/البقرة: 2].
وروينا بالإسناد إلي جابر بن عبداللَّه رضي الله عنه [أنّه] قال: مكتوب علي باب الجنّة:
[صفحه 189]
«محمد رسول اللَّه، علّي أخو رسول اللَّه» قبل أن تخلق السماوات بألفي عام؟! [قال المؤلّف:] ومن سمّاه اللَّه تعالي قبل وجوده كان جديراً بالإصطفاء خليقاً بالإجتباء، وفي ذلك غنيً وكفاية عن مدحة المادحين وتقريظ المقرظين، وقد نظم الشعراء اسمه وجعلوه مفيداً للمدح بذلك، قال بعضهم:
وقالوا علّي علا قلت لا
[ف] إنّ العُلي بعلّي علا
وما قلت فيه كقول الغلاة
وما كنت أحسبه من سلا؟
ولكن أقول بقول النبّي
وقد جمع الخلق كلّ الملا؟
ألا إنّ من كنت موليً له
فمولاه علّي وإلاّ فلا؟
وقال آخر:
علّي لنا علم في الهدي
وغير علّي لقوم علم
ألا لعنة اللَّه واللاعنين
بيوم الحساب علي من ظلم
وقال آخر:
فاز بالحقّ من تولّي عليّاً
ورد الحوض هادياً مهدياً
يا عليّ العُلي علوت علي الخلق
فسمّاك ذو الجلال علّياً
[قال المؤلّف:] ومواقف شرفه [عليه‌السلام] في الجهاد ظاهرة، وبدور معاليه باهرة، ولا يعلم موقف حضر فيه بين يدي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم إلاّ وقدحه القدح القامر، وطائره أيمن الطائر.
ولقد روينا بالإسناد الموثوق به إلي عبداللَّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهم‌السلام /66/ أنّه قال: بارز علي عليه‌السلام بين يدي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم اثنين وسبعين مبرزاً، ولَكَم [من] لُهام صمد له ففلّل شباه، وردّ أولاه علي أخراه، لم يرد قطّ معركة إلّا خاض لظاها، واغتسل بجداها، [220] وقطّر فرسانها وأباد شجعانها حتّي أنّ بعض المعتزلة ممن رآي أنّه أفضل من أبي‌بكر وأنّه لا يجوز تقدّم المفضول إلاّ لعذر جعل العذر في تقدّم أبي‌بكر عليه، أنّ الناس
[صفحه 190]
كانوا أميل اليه من علّي عليه‌السلام لأنّه كان كثير من عيون المسلمين قد أباد أهاليهم من والد أوولد أوأخ أو غيره ممن تدنوا منه لحمته وتحتضن به عشيرته!!
[قال المؤلّف:] قلنا: وهذه درجات شريفة استحقّ بها التقدّم وكيف يكون سبباً لتأخّره؟ وهل هذا إلّا قول بأنّ خصال الفضل كلما كثرت ازداد صاحبها بُعداً من المنازل الشريفة والدرج العالية المنيفة! وهذا عكس ما يقتضيه العقل والشرع.
ثمّ إنّ هذه العلّة قائمة بعد الثلاثة [أيضاً] فكان [علي قياس قول هذاالقائل ينبغي‌أن] يكون غيره أولي منه بالإمامة وهذا محال؟ [والإجماع قائم علي خلافه].
وبعد ففيه سوء ظنّ بعيون المسلمين وهو أنّهم نفروا عن علّي عليه‌السلام لقتله لأقاربهم من الكفّار وهذا لا يليق بهم [ولا يلائم نزعتهم في تعديل الصحابة].
ولما عظم تأثيره [عليه‌السلام] في الكفّار وكثرة نكايته فيهم قال بعضهم- يحرّض كفّار قريش علي قتله عليه‌السلام ويغريهم به-:
وهو أسيد بن أبي‌اياس بن زنيم بن [عمرو بن عبداللَّه بن جابر بن محمية بن عبدبن عدي بن الدئل بن بكر بن عبدمناة بن كنانة الكناني] الدئلي: [221].
[صفحه 191]
في كلّ مجمع غاية أخزاكم‌جذع أبرّ علي المذاكي القرح للَّه درّكم ألمّا تنكرواقد ينكر الحرّ الكريم ويستحي هذاابن فاطمة الذي أخزاكم ذبحاً وقتلة قصعة لم تذبح اعطوه خرجاً واتّقوا بضريبه؟ فعل الذليل وبيعة لم تربح أين الكهول وأين كلّ دعامةفي المعضلات وأين زين الأبطح أفناهم طعناً وضرباً يفتلي؟ بالسيف يعمل حدّه لم يصفح وفي هذا أوفي كفاية في أنّه عليه‌السلام بلغ في الكفّار الغاية وأدرك النهاية، وهو كلام الضدّ في ضدّه؟ ومثل ذلك لم ينقل لأحد من الصحابة أجمعين، و [إن كان] لكلّ منهم غناء غير أنّ عليّاً عليه‌السلام السابق الذي لا يباري والمبارز الذي لا يجاري وما ظنّك بمن شهد له الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم بأنّه الكرّار غير الفرّار كما نقله أرباب الآثار إنّ في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار!!
وله [عليه‌السلام] يوم «أحد» الغناء الكبير الذي فاز معه بالشرف الشهير وعجبت له الملائكة عليهم‌السلام حتّي قال جبريل صلي اللَّه عليه وسلم: يا محمد،هذه هي المواسات!! فقال: «يا جبريل من أحقّ بها منه وهو منّي وأنا منه». فقال جبريل عليه‌السلام: وأنا منكما يا رسول اللَّه [222].
[صفحه 192]
وفي الرواية؟ /67/ أنّه ضرب عليه‌السلام يومئذ أربعة عشر ضربة ما منها واحدة إلاّ توصله الأرض؟ وجبريل صلي اللَّه عليه وسلم يحمله علي الفرس [223].
فانظر في الحامل تزدد عرفاناً بقدر المحمول، ومثل هذا لم يرد في [حقّ] أحد من الخلق أجمعين.
وروي أبورافع [ابراهيم- وقيل: أسلم- مولي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم] قال: لمّا كان يوم «أحد» نظر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم إلي نفر من [كفّار] قريش فقال لعليّ: احمل عليهم. فحمل عليهم وقتل هاشم بن أميّة المخزومي وفرّق جماعتهم، ثم نظر إلي نفر آخر من قريش فقال لعليّ: احمل عليهم.فحمل عليهم ففرّق جماعتهم وقتل فلاناً الجمحي ثم نظر إلي نفر من قريش فقال لعلي: احمل عليهم. فحمل عليهم ففرّق جماعتهم وقتل أحد بني عامر بن لؤيّ فعند ذلك قال جبريل صلي اللَّه عليه وسلم ما قدّمنا[ه] [224] وعن عليّ عليه‌السلام قال: كان عثمان بن أبي‌طلحة يحمل لواء المشركين يوم «أحد»
[صفحه 193]
وهو يقول:
إنّ علي أهل اللواء حقّاً
أن يخضب الصعدة أو تندقّا
[قال:] فضربته علي هامته بالسيف فسقط فكان أوّل ما لقيني منه بسوأته! وفي قتله يقول [عليّ عليه‌السلام] قصيدة أوّلها:
الحمد للَّه ربّي الخالق الأبد
وليس يشركه في خلقه أحد [225].
وروي أنّ صاحب اللواء كان يومئذ طلحة بن أبي‌طلحة فقتله عليّ وفي ذلك يقول الحجّاج بن علاط السلمي:
للَّه أيّ مذبّب عن حرمة
أعني ابن‌فاطمة المعمّ المخولا
جادت يداك له بعاجل طعنة
تركت طليحة للجبين مجدّلاً
وعللت سيفك بالدماء ولم تكن
لتردّه حرّان حتّي ينهلا [226].
وحمل الراية في ذلك المقام- بعد قتل طلحة- عثمان بن أبي‌طلحة فقتله حمزة، ثمّ حملها مسافع بن أبي‌طلحة فقتله عليّ ثم حملها مخالس بن أبي‌طلحة فقتله عليّ ثم حملها أرطاة بن شرحبيل فقتله عليّ ثم حملها موليً لهم فقتله عليّ وانهزم المشركون.
قال ابن‌إسحاق: وهاجت في ذلك اليوم ريح فسمع مناد يقول:
لا سيف إلاّ ذو الفقار
ولا فتي إلاّ عليّ في الوغي
فإذا ندبتم هالكاً
فابكوا الوفا وأخا الوفا
[صفحه 194]
وقتل عليّ عليه‌السلام في ذلك اليوم أيضاً عبداللَّه بن حميد من بني أسد وعبدالعزّي من بني عبدالدار، ومن بني زهرة أباالحكم ومن بني مخزوم أباأميّة بن أبي‌حذيفة. وروي عبداللَّه بن أبي‌أنيس قال: برز يوم الصبوح؟ أسد بن عويلم فاتك العرب يجيل فرسه ويدير رمحه ويقول:
وحرد سعال وزغف مدال
وسمر عوال بأيدي رجال
كآساد ديس وأشبال خيس
غداة الخميس ببيض صقال
تجيد الضراب وجزّ الرقاب؟
أمام العقاب غداة النزال
تكيد الكذوب وتجري الهبوب؟
وتروي الكعوب دماً غير آل
ثم /68/ سأل البراز، فأحجم الناس جميعاً عنه، [227] فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من خرج إلي هذا المشرك فقتله فله علي اللَّه الجنّة والإمامة بعدي». فأحجم الناس، وقام عليّ تهزّه العرواء [228] فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «يا ذا القبقب ما لك»؟ قال: ظمآن إلي البراز سغب إلي القتال. فقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «نحن بنو هاشم جود مجد لا نحين ولا نغدر؟ أنا وعليّ من شجرة أنا وعليّ من شجرة واحدة لا تختلف ورقها؟ اخرج إليه ولك الإمامة من بعدي».
فخرج [إليه عليّ عليه‌السلام] وضربه في مفرق رأسه والناس ينظرون إليه فبلغ سيفه إلي السرج وخرّ بنصفين وانهزم المشركون، وأنشأ عليّ- يهذّ سيفه و- يقول:
ضربته بالسيف وسط الهامة
بشفرة صارمة هدّامة
فبتكت من جسمه عظامه
وبينت؟ من أنفه أرغامه
أنا عليّ صاحب الصمصامة
وصاحب الحوض لدي القيامة
أخو نبيّ اللَّه ذي العلامة [229].
قد قال إذ عمّمني العمامة
أنت الذي بعدي‌لك الإمامة
[صفحه 195]
رواه الحاكم الإمام عليه‌السلام من كتاب الناصر للحقّ عليه‌السلام، ورواه بإسناده عن عبيداللَّه بن أبي‌أنيس، وروي الحاكم رحمه الله أيضاً ما ذكرناه [قبيل هذا آنفاً] عن أبي‌رافع.
ومن نظر في غزوات الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم ومحاربته للكفّار علم أنّ لعليّ عليه‌السلام من المواقف ما لا يوجد مثله بل ولا ما يدنو منه لأحد من الصحابة [230] وإن كان لكلّ منهم عناء لكنّه السابق في هذا الباب، المبرّز علي كافّة الأصحاب، فليس لأحد أن يقدم عليه سواه، ويقرن به من عداه كما قال عليه‌السلام يوم الشوري- وقد جعله عمر سادس القوم الذين ذكرناهم في كلام ذكر فيه تقدّم من تقدّم عليه، وعتب في ذلك-:
فصبرت علي طول المدّة، وشدّة المحنة، حتّي إذا مضي لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم [231] فيا للَّه وللشوري متي اعترض الريب فيّ مع الأوّل منهم حتّي
[صفحه 196]
صرت أقرن إلي هذه النظائر!! لكني أسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا، فصغي منهم رجل لضغنه ومال الآخر لصهره مع هنٍ وهنٍ؟.
إلي أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه!! وقام معه بنو أميّة [232] يخضمون مال اللَّه خضم الإبل نبتة الربيع إلي أن انتكث عليه فتله وأجهز عليه عمله وكبت به مطيّته [233].
إلي آخر كلامه [عليه‌السلام] في هذا المعني الذي يشهد لتوجّعه وينطق بتظلّمه حيث أخّر عن مقامه مع فضله علي سائرالصحابة.
وذكر في أعلام نهج البلاغة عند ذكر غريب هذه الخطبة في قوله: «فصغي رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره مع هن وهن». [قال:] (صغا) أي مال سعد لحقده، ومال عبدالرحمان بن عوف إلي عثمان لمصاهرة [كانت] بينهما وهي أنّ عبدالرحمان كان زوج أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي‌معيط وأمّها أروي بنت كريز كانت أمّ عثمان [234].
[صفحه 197]

في الاستدلال بآية التطيهير علي أفضلية علي وأولويته التعيينية للإمامة علي قاطبة المسلمين

رجعنا إلي القصيدة [وشرح البيت التاني عشر منها] قال الإمام [المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ومن /69/ له الزلفة يوم الكسا
والشرف الأعظم لمّا كُسِي
الزلفة: الدرجة والمنزلة الشريفة، و [يقال:] أزلفت الرجل أي أدنيته وقرّبته، قال تعالي: «وأزلفنا ثمّ الآخرين» [64/الشعراء: 26] أي قرّبناهم يعني فرعون وقومه إلي البحر حتّي أغرقناهم. وقال سبحانه: «وأزلفت الجنّة للمتّقين» [90/الشعراء: 26] أي قرّبت لهم وأدنيت. والزلف: الساعات، قال تعالي: «وزلفاً من الليل» [114/هود: 11] أي [وساعات من الليل وهي ساعته القريبة من آخر النهار] قريباً من طرفي النهار؟ قيل: العشاء الآخرة. وقيل: المغرب والعشاء.
واليوم معروف وهو من ابتداء طلوع الفجر إلي غروب الشمس، وما بين الفجر إلي طلوع الشمس من اليوم [شرعاً]، وقد حكي الخلاف فيه عن بعض المتقدّمين ثمّ انقرض؟ فعلي هذا لو أكل الصائم في هذا الوقت بطل صومه كما يبطل اذا أكل بعد طلوع الشمس.
والكساء معروف وسمّي بذلك لأنّه يتغطّي به، ومنه قولهم: «اكتست الأرض بالنبات»، اذا تغّطت به. وكذلك الكسوة- وهي اللباس- [معروفة]. والكساء في قول الشاعر:
فبات له دون الصبا وهي قرّة
لحاف ومصقول الكساء رقيق
فإنّه أراد [به] اللبن الذي تعلوه الدواية وهي ما يكون علي وجهه كالجلد.
والشرف: العلوّ والرفعة، والشريف: العالي ورجل شريف: من قوم أشراف؟ كحبيب وأحباب ويتيم وأيتام، والمشروف: الذي غلبه غيره بالشرف حتي علا عليه.
ووصف الشرف [في البيت] بأنه «الأعظم» للمبالغة في علوّ قدره وسموّه.
و «كسي» من الكسوة وهي دفع الملبوس إلي الغير؟ وقد يكون بإعطاء الثمن للثوب الملبوس؟ لأنّ من دفع إلي عارٍ قيمة ثوب فشراه [فلبسه] قيل: [قد] كساه وعلي هذا جاز إخراج قيمة الكسوة في كفّارة اليمين إلي الفقير.
[صفحه 198]
وقد تضمّن البيت منقبةً من مناقب أميرالمؤمنين سامية، ومنزلةً من منازله الزليفة غالية، وذلك ثابت فيما:
أخبرنا به الشيخ العالم الصالح محيي الدين أبوعبداللَّه محمد بن أحمد القرشي رضوان اللَّه عليه، قال: أخبرنا الشريف الأمير الأجلّ الفاضل بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيي بن يحيي بن الهادي عليهم‌السلام مناولة في شهر رمضان من سنة تسع وتسعين وخمس مائة [235] بمحروسة صعدة بالمشاهد المقدسة علي ساكنيها السلام، قال: وأنا أرويه مناولةً وإجازةً عن الشريف الأجلّ عماد الدين الحسن بن عبداللَّه رحمه اللَّه، قال: أخبرنا الشيخ الإمام القاضي العالم الزاهد الأوحد قطب الدين شرف الإسلام أحمد بن أبي‌الحسن الكني أدام اللَّه تأييده، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد أبوالعباس أحمد بن أبي‌الحسين بن أبي‌القاسم بابا الآذوني رحمه اللَّه قراءةً عليه سنة ستّ وثلاثين وخمس مائة، قال: أخبرنا السيّد الإمام المرشد باللَّه أبوالحسين يحيي بن الموفق باللَّه [236] أبي‌عبداللَّه الحسين بن اسماعيل بن زيد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن محمد بن جعفر بن عبدالرحمان الشجري ابن‌القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي‌طالب عليهم السلام في شهر ذي‌الحجّة سنة ثلاث وسبعين وأربع مائة [237] قال: أخبرنا أبوطاهر محمد بن علي بن محمد بن العلاف بقراءتي عليه قال: حدّثنا أبوبكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي [238] قال: حدثنا إبراهيم بن عبداللَّه البصري /70/ قال: حدّثنا
[صفحه 200]
سليمان بن أحمد، قال: حدثني الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثني [شدّاد] أبوعمّار:
عن واثلة بن الأسقع أنّه حدّثه قال: طلبت عليّاً عليه‌السلام في منزله فقالت فاطمة عليها السلام: ذهب يأتي برسول اللَّه صلي اللَّه عليه واله وسلم [فاجلس حتي يأتيان] قال: فجاءا جميعاً فدخلا ودخلت معهما، فأجلس [رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم] عليّاً عليه‌السلام عن يساره وفاطمة عن يمينه والحسن والحسين عليهما السلام بين يديه ثم التفع عليهم بثوبه فقال: «إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً» الّلهمّ هؤلاء أهلي‌الّلهمّ أهلي أحقّ.
قال واثلة: فقلت من ناحية البيت: وأنا من أهلك يا رسول اللَّه؟
قال: «وأنت من أهلي». قال واثلة: فذلك أرجا ما أرجو من عملي [239].
[صفحه 201]
وأخبرنا الشيخ الأجلّ محيي الدين رضوان اللَّه عليه، قال: أخبرنا القاضي الأجلّ الإمام شمس الدين جمال الإسلام جعفر بن أحمد بن أبي‌يحيي- تولّي اللَّه مكافاته- بقراءتي عليه في داره بصنعاء اليمن، قال: أخبرنا القاضي الإمام الأجلّ العالم قطب الدين علم الإسلام أحمد بن أبي‌الحسن الكني أدام اللَّه علوّه بقراءتي عليه، قال: أخبرنا الشيخ الإمام محمد بن أحمد بن عليّ الفرزادي رحمه الله بقراءتي عليه، قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبوطاهر محمد بن عبدالعزيز بن ابراهيم الزعفراني قال: أخبرنا القاضي الزكي أبوعلي‌الحسن بن علي‌بن الحسن الصفّار، قال: أخبرنا أبوعمر ابن‌المهدي البغدادي قال: أخبرنا أبوالعباس ابن‌عقدة الحافظ قال: أخبرنا يعقوب بن يوسف بن زياد، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق بن عمّار قال: أخبرنا هلال أبوأيّوب الصيرفي قال:
سمعت عطية العوفي يذكر أنّه سأل أباسعيد الخدري عن قوله تعالي: «إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً» فأخبره أنّها نزلت في رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين [240].
[صفحه 202]
وبهذا الإسناد إلي القاضي أبي‌عليّ الحسن بن عليّ‌الصفّار رحمه الله قال: أخبرنا أبوالعباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبدالرحمان ابن‌عقدةالحافظ قال: أخبرناالحسين بن عبدالرحمان بن محمد الأزدي قال: أخبرنا أبي‌قال: أخبرنا عبدالنور بن عبداللَّه بن سنان قال: حدثني سليمان بن قرم قال: حدثني أبوالجحّاف، وسالم بن أبي‌حفصة، عن نفيع أبي‌داود:
عن أبي‌الحمراء قال: شهدت النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أربعين صباحاً يجي‌ء إلي باب عليّ وفاطمة فيأخذ بعضادتي الباب ويقول: السلام عليكم أهل البيت ورحمة اللَّه، الصلاة يرحمكم اللَّه «أنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل
[صفحه 203]
البيت ويطهّركم تطهيراً» [241].
قال [المؤلف] أيّده‌اللَّه: وقد روي خبرالكساء بطرق عدّة سوي ما ذكرناه [242] وإنّما ملنا إلي الإختصار [243] وفيه أوفي دلالة علي فضل أهل البيت عليهم‌السلام وعلي عصمتهم لأنّ اللَّه تعالي طهّرهم وأذهب عنهم الرجس، فلو جاز اتّفاقهم علي الخطأ لما كان الرجس ذاهباً عنهم ولا كانت الطهارة عامّةً لهم، وفيما رويناه /71/ تصريح بأنّ أهل البيت ليس هنّ أزواج النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم لأنّه لم يدخل أحداً منهنّ تحت الكساء في جميع الروايات المنقولة، وفي بعض الأسانيد المنقولة إلي أمّ سلمة؟ أنّها جاءت لتدخل معهم فقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لست منهم وإنّك لعلي خير، أو إلي خير» فسمّيت بعد ذلك أمّ سلمة الخير [244].
وبعد فإنّ خطاب المؤنّنث يرد بصيغة تخالف خطاب المذكّر، فلو أراد [اللَّه] تعالي [من الآية الكريمة] النساء لقال: «إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكنّ الرجس أهل البيت ويطهّركنّ تطهيراً» لأنّه لا خلاف أنّ خطاب المؤنّث علي الخصوص لا يرد بصيغة خطاب المذكّر، وإن قيل: إنّ الخطاب اذا عمّ الذكور والإناث جاز أن يرد بلفظ التذكير، فأمّا إذا كان مقصوراً علي المؤنّث [خاصّةً] فلا يجوز [ذلك] في لغة العرب.
ثمّ في مجيئه صلي اللَّه عليه وآله وسلم إلي باب عليّ وفاطمة أربعين صباحاً أوفي دلالة علي تعظيمهم وبلوغ الغاية في ذلك حيث قصدهم إلي باب منزلهم، ومثل هذا إذا وقع ممن له خطر أفاد تعظيم المقصود اليهم فكيف بخيرة اللَّه تعالي من
[صفحه 204]
الخلق ثمّ حبيبه وصفوته [245] ثمّ السلام عليهم بكماله نوع تعظيم.
ثم [في] قوله: «يرحمكم اللَّه» علي تكراره دلالة واضحة علي أنهم من أهل الجنّة لأنّ دعاءه صلي اللَّه عليه وآله وسلم مجاب.
ثمّ فيه أدلّ دليل علي أنّ أهل بيته عليهم السلام هم من ذكرنا من عترته دون أزواجه، وأنّه أراد بيان من تناولته الآية لأمّته ليعترفوا بحقّ عترته، وهذا يشهد بشرفهم علي الأنام، وفضلهم علي الخاصّ والعامّ وأنّهم الصفوة من أهل الإسلام والأئمّة الهادون إلي دار السلام.
فالعجب ممن تنكّب عن ادراجهم؟ ويسلك غير فجاجهم؟ وانحاز إلي أضدادهم وكثّر سواد حسّادهم يا ويله في المعاد ويا خزيه يوم التناد [وقد] قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «حرمت الجنّة علي من ظلم أهل بيتي وقاتلهم، وعلي المعين عليهم، أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمّهم اللَّه عزّ وجلّ يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم» [246] وفي أهل الكساء يقول الشاعر:
[صفحه 205]
بأبي خمسة هم جنّبواالرجس
كرام وطهّروا تطهيراً
أحمدالمصطفي و فاطم أعني
وعليّاً وشبّراً وشبيراً
من تولاّهم تولاّه ذوالعرش
ولقّاه نضرةً وسروراً
وعلي مبغضيهم لعنة اللَّه واص
لاً ولقّاهم المليك سعيراً
وقال آخر:
أعاذل إنّ كساء التُقي
كساني حبّي لأهل الكسا
سفينة نوح ومن يعتصم
بحبلهم يعتلق بالنجا
وقال آخر:
إن‌كان قد عظمت ذنوبي كثرةً
لا يأس لي إنّي لجدّ طامع
فاللَّه جلّ جلاله لي راحم
ورسوله صلّي عليه شافع
أهل الكساء /72/ محبتي إيّاهم
والعدل والتوحيد دين جامع
وإذا تكاملت الديانة لامرئ
لا شكّ في جنّات عدن راتع
[صفحه 206]

و الاستدلال بحديث البساط علي أفضلية علي وتعينه لزعامة المسلمين، وفيه قصة أصحاب الكهف، وفي ذيله بعض فضائل علي بن موسي الرضا

رجعنا إلي [شرح البيت (13) من] القصيدة، قال [المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
وَمن بساط جاء من خندف
زار به الكهف وصبحاً ثني
«مَن» هاهنا من أدوات الاستفهام والمراد بها التقرير كما قال تعالي: «وما تلك بيمينك يا موسي؟» [17/طه: 20] أراد التقرير علي أنّها عصيً لما تصير إليه من الآية الكبري.
والبساط- بكسر الباء- معروف و سمّي بذلك لانبساطه و سعته، مأخوذ من البسط وهو نقيض القبض، والمراد به السعة ومنه سمّيت الأرضن بسيطة لسعتها يقال: فلان اعلم من علي البسيطة أي علي الأرض.
والبسطة: الطول قال تعالي: «وزاده بسطة في العلم والجسم» [247/البقرة: 2] أي فضلاً وطولا، والبسطة أن يمدّ الرجل باعه يقال: هذا الحائط قامة وبسطة يريد الباع وسمّيت الأرض بساطاً لسعتها، قال اللَّه تعالي: «واللَّه جعل لكم الأرض بساطا» [19/نوح: 71].
والبساط- بفتح الباء-: الصحراء الواسعه قال الشاعر:
ودون يد الحجّاج من‌أن تنالني
بساط لأيدي الناعحان عريض؟
وجاء نقيض ذهب، وحقيقة المجي‌ء: الانفصال من جهة إلي أخري، ويستعمل المجي‌ء في غير هذا المعني بطريقه المجاز كما قال تعالي: «وجاء ربّك» [22/الفجر: 89]واللَّه تعالي لايجوز عليه المجي‌ء وانما أراد حصول أمره ومجيئه؟ وقال تعالي: «اذا جاء نصراللَّه والفتح» [1/النصر: 110] ويقال: جاءت العافية وجاء الموت، والمراد بذلك حصول ذلك أو مجي‌ء حاصله وموصله كما يقال: جاءتنا أخبار فلان وأشعاره وخطبه، والمراد بذلك مجي‌ء متحمله به الينا؟
وخندف: اسم امراة وقد يجري علي القبيلة الذين هم منها؟ قال الشاعر: وخندف هامة هذا العالم؟
وفي قوله: «ومن بساط جاء من خندف» حذف وتقديره: جاء من أرض خندف، ومثل هذا شائع في اللغة العربية قال اللَّه تعالي: «واسأل القرية التي كنّا فيها والعير التي أقبلنا فيها» [82/يوسف: 12] أراد أهل القرية وأرباب العير وقوله عليه‌السلام: «زار به» يعني قصد به من نذكره؟ ووصل به اليهم؟
[صفحه 207]
والزائر هو الواصل المحبوب لأن الذي يصل إلي غيره بما يكرهه لا يسمّي زائراً علي التحقيق.
والضمير في «به» يرجع إلي البساط. و «الكهف»: الغار في الجبل وجمعه كهوف، وفي الكلام مضمر ومعناه زاربه أهل الكهف.
والصبح: أوّل النهار وسمّي صبحاً لحمرته، ومنه سمّي‌المصباح مصباحاً لحمرته أيضاً، وكذلك يقال: (وجه صبيح) لتوّقده، والصبوح: شرب الغذاة، والغبوق: شرب العشّي، والجاشرية: الشرب مع الصبح، من قولهم: جشر الصبح اذا أنار. وقوله: «ثني» أي عاد ورجع.
والكهف الذي أراده الامام عليه‌السلام هو الكهف /73/ الذي ذكره اللَّه سبحانه وتعالي بقوله: «أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً» [9/الكهف: 18].
وكانت قصّتهم من العجائب الواقعة في العالم وفيها طول ونحن نذكر منها نكتةً علي قدر احتمال ما نحن فيه [فنقول]:
قيل إنّهم كانوا فتية علي دين عيسي عليه‌السلام و بعده؟
و قيل: بل كانوا قبله. و قيل [كانوا] قبل موسي صلي اللَّه عليه، لأنّ قصّتهم مذكورة في التوراة، و كان لهم ملك يقال له: دقيانوس يعبد الأصنام ويدعو إليها و يقتل من خالفه فأخبر بمكانهم فأوعدهم ودعاهم وقال: إمّا أن تعبدوا آلهتنا أو أقتلكم. فقال كبيرهم: إن لنا إلهاً ملأت السّماوات والأرض عظمته لن ندعو من دونه إلهاً ولن نقرّ بما تدعونا إليه، ولكن نعبداللَّه، وإيّاه نسأل النجاة والخير، فقال كلّهم كما قال (مثل ما قال «خ») [كبيركم هذا؟ قالوا: نعم.]، فأمر بنزع ثيابهم وأن يؤجّلوا فإن أطاعوا وإلاّ قتلوا.
وانطلق دقيانوس إلي مدينة أخري فلما غاب ائتمروا بينهم وعلموا أنّه إن رجع قتلهم فأخذوا نفقة وخرجوا وتبعهم كلب حتي أتوا الكهف وآووا إليه يصلّون ويعبدون اللَّه، ودفعوا نفقاتهم إلي فتي منهم يسمّي تمليخا فكان يدخل البلد علي زيّ مسكين يشتري [لهم] طعاماً ويخرجه إليهم فعاد يوماً فأخبرهم أنّ دقيانوس رجع [إلي] البلد وأخذ الناس بدينه فخافوا وجلسوايتحادثون
[صفحه 208]
ويتذاكرون أمرهم وذاك عند غروب الشمس، فضرب اللَّه علي آذانهم في الكهف وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف.
وتفقّدهم دقيانوس فلم يجدهم وطالب آباءهم بهم ثمّ أخبر بمكانهم، فأمر بالكهف أن يسدّ ليكون قبراً لهم ليموتون جوعاً وعطشاً، وأراد اللَّه أن يجعلهم آية للنّاس.
وكان مع دقيانوس رجلان صالحان فكتبا أسماءهم وقصصهم في لوح من رصاص وجعلاها في تابوت، وجعل في البنيان.
ومات دقيانوس وانقرض قرنه وقرون بعده كثيرة، وخلفت‌الملوك بعد الملوك.
وأقاموا كذلك علي ما حكاه اللَّه تعالي ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً ينامون وينقلبون علي أيمانهم وشمائلهم كما قال تعالي: «ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشمال» [18/الكهف: 18].
هذا طرف ما ذكره بعضهم؟ في أحوالهم إلي أن انتبهوا علي خلاف أيضاً. وأمّا حالهم بعد الانتباه فقد روي أنّ راعياً أدركه المطر ففتح الباب ليدخل هو وغنمه وانتبهوا في غير ذلك اليوم عن وهب [247].
وقيل: لمّا استيقظوا سلّم بعضهم علي بعض وكانوا كأنّما استيقظوا من ساعتهم ثمّ قاموا إلي الصلاة وهم يرون أنّ الملك دقيانوس في طلبهم فلمّا قضوا صلاتهم وخيّل اليهم أنّ نومهم كان أطول.
وقيل: اشتبه عليهم [الأمر] لأنّهم لمّا انتبهوا لم [يك] يتغيّر شي‌ء في أحوالهم فظنّوا أنّهم رقدوا كما كانوا يرقدون فقال بعضهم لبعض: كم لبثتم؟ قالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم، ثمّ أرسلوا تمليخا /74/ ليأتي بالخبر ويأتيهم بالطعام، فلمّا مرّ بباب الكهف رآي الحجارة منزوعة فتعجّب من ذلك، ومضي حتّي أتي باب المدينة فرأي علي الباب علامة أهل الايمان!! فتحوّل إلي باب آخر فرأي عليه مثل ذلك حتّي دار بالابواب [كلّها فرأي علي الجميع علامة الايمان] فظنّ أنّه
[صفحه 209]
حيران فقال في نفسه ليت شعري أما عشيّة أمس كانوا يخفون هذه العلامة؟ وانّها اليوم ظاهرة لعلّي نائم!! فرأي ناساً يحلفون باسم عيسي فقال: هذه [المدينة]ليست بأقسوس؟ فسأل عنها فأخبر أنّها أقسوس؟ فتعجّب وإذاً الناس غير ما شاهد [هم قبل ذلك] وإذاً الأحوال قد تغيّرت، وأخرج الورق؟ ودفعه إلي خبّاز فنظر [الخبّاز] فيه دفعة وطرحه إلي غيره؟ ثمّ نظروا [فيه] فقال بعضهم لبعض: إنّ هذا وجد كنزاً فطالبوه بالكنز فتحيّر؟ ثمّ أخذوه وجرّوه [إلي والي المدينة] واجتمع الناس وقالوا: ما نعرفه وليس [الرجل] من البلد. وهو حيران ساكت لعلّه يري أباه أو أخاه أو بعض أقاربه، وذهبوا به إلي مدبّري البلد وهما رجلان صالحان أحدهما يقال له: ريوس؟ والآخر يقال له اسطبوس؟ وهو يظنّ أنّه يذهب به إلي دقيانوس، فجعل يلتفت يميناً وشمالاً والناس يسخرون منه كأنّه مجنون، وهو في خلال ذلك يدعواللَّه تعالي ويذكر أصحابه، فلمّا انتهي إلي الرجلين، وعلم أنّه لم يذهب به إلي دقيانوس، سكن روعه، فسألوه عن حاله فأخبرهم باسمه واسم أبيه وأحوال البلد، فلم يعرفوه ولم يصدّقوه أنّه لم يجد كنزاً.
فلمّا كثر الكلام [بينهم وبينه] قال: اصدقوني عن شيئين: أين الملك دقيانوس؟ قالوا: هلك منذ ثلاث مائة سنة. فلمّا أخبروه بذلك تعجّب وحكي لهم قصّة الفتية وأنّهم خرجوا إلي الكهف، ثمّ قال لهم: انطلقوا معي أريكم أصحابي.
فلمّا سمعوا [منه] ذلك قال أريوس: لعلّ هذه آية من آيات اللَّه، فانطلق هو وأهل البلد نحو الكهف، ولمّا رآي أصحاب تمليخا أنّه قد احتبس عنهم ظنّوا أنّه أخذ وذهب به إلي دقيانوس وخافوا، فبيناهم كذلك إذ سمعوا الجلبة والناس متوجّهين إليهم فظنّوا أنّهم رسل دقيانوس فقامواإلي الصلاة وأوصي بعضهم إلي بعض وقالوا: انطلقوا إلي أخينا تمليخا فإنّه الآن بين يدي الجبّار دقيانوس، فبيناهم كذلك إذ أقبل أريوس والناس، وسبقهم تمليخا ودخل عليهم- فسألوه عن شأنه فأخبرهم بخبره، فعند ذلك عرفوا أنّهم كانوا نياماً منذ زمان وإنّما بعثوا آيةً للناس- ودخل علي أثره أريوس فإذاً تابوت من نحاس ففتح فإذاً [فيه]لوح فيه أسماؤهم وقصصهم، فلمّا قرأوا [اللوح] حمدوا اللَّه ورفعوا أصواتهم بالتهليل والتسبيح والتحميد، وخرّ أريوس وأصحابه سجوداً للَّه تعالي لما رأوا من آية
[صفحه 210]
البعث، ثمّ كلّم بعضهم بعضاً وكلّم الفتية بما لقوا من دقيانوس، وكتب أريوس إلي ملكهم الصالح بيدوبيس؟ بخبرهم فلمّا بلغه الخبر قام وحمد اللَّه وأثني عليه وركب ومعه أصحابه حتي أتي باب الكهف وفرح به أصحاب الكهف وسجدوا [للَّه تعالي] واعتنق بعضهم بعضاً فبكوا وجلسوابين يديه /75/ يسبّحون اللَّه، ثمّ ودّعوه ورجعوا إلي مضاجعهم فناموا وحجبهم اللَّه بالرعب!!!
وأمر الملك فجعل علي باب الكهف مسجداً وجعل ذلك اليوم عيداً وأمر أن يؤتي [الكهف] كلّ سنة.
وقيل: لمّا قربوا من باب الكهف قال تمليخا: دعوني [أن] أدخل علي أصحابي وأبشّرهم فإنّهم إن رأوكم خافوا. فتقدّم وأخبرهم وقبض‌اللَّه أرواحهم فسدّ باب الكهف وبني عليه مسجداً.
وقيل: كانوا ثمانية أنفس وهم: مكتلمينا- وهو أكبرهم- ومجسلمينا وتمليخا ومرطوقس وكشبوطوقس ونيورس وتكرتوس وبطياوس [علي ما روي] عن محمد بن اسحاق [248].
وقيل: كانوا سبعة: مكسلمينا وتمليخا ومكتلمينا وأوطاليس وقالبوس وبالبوس ومرطوطوقس، واسم كلبهم قطمير.
[صفحه 211]
[قال المؤلّف:] فهذه نكتة مّما تضمّن البيت من ذكر أهل الكهف، والمقصود فيه هو أمير المؤمنين، والكشف عن منقبته التي فاز بها علي النظراء وتميّز علي‌الفضلاء؟ وذلك ثابت فيما رويناه بالإسناد المتقدّم إلي القاضي العدل المعروف بابن المغازلي الشافعي [في الحديث: (280) من مناقبه ص 232] قال:
أخبرنا أبوطاهر محمد بن عليّ بن محمد البيّع البغدادي [249] قدم علينا واسطاً، قال: أخبرنا أبوعبداللَّه أحمد بن محمد بن عبداللَّه بن خالد الكاتب، قال: أخبرنا أبوبكر أحمد بن جعفر بن محمد بن سلام الجيلي [250] قال: حدثني عمر بن أحمد قال: حدّثنا الحسن بن إدريس بن أبي‌الربيع الجرجاني؟ [251] قال: حدّثنا عبدالرزّاق بن همّام الصنعاني قال: حدثنا معمر [بن راشد]، عن أبان: [252].
عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بساط من خندف [253] فقال لي: «يا أنس ابسطه». فبسطته ثمّ قال لي: «ادع عشرة من أصحابي». [254] [قال أنس:] فدعوتهم، فلمّا دخلوا أمرهم بالجلوس علي البساط، ثمّ دعا عليّاً فناجاه طويلاً ثمّ رجع عليّ فجلس علي البساط ثمّ قال: «يا ريح احملينا». فحملتنا الريح قال: فإذاً البساط يدفّ بنا دفّاً، ثمّ قال [عليّ]: «يا ريح ضعينا». ثمّ قال: «أتدرون في أيّ مكان أنتم»؟ قلنا: لا. قال: «هذا موضع أهل
[صفحه 212]
الكهف والرقيم، قوموا فسّلموا علي إخوانكم».
قال: فقمنا رجل رجل فسّلمنا عليهم [255] فلم يردّوا علينا، فقام عليّ بن أبي‌طالب فقال: «السلام عليكم معاشر الصدّيقين والشهداء». قال [أنس]: فقالوا: «وعليك السلام ورحمة اللَّه وبركاته». قال: فقلت [لعليّ]: ما بالهم ردّوا عليك ولم يردّوا علينا؟ فقال لهم عليّ: «ما بالكم لم تردّوا علي اخواني»؟ فقالوا: انّا معاشر الصديقين والشهداء لا نكلّم بعد الموت إلّا نبيّاً أو وصيّاً.
ثمّ قال [عليّ]: «يا ريح احملينا». فحملتنا تدفّ بنا دفّاً ثم قال: «يا ريح ضعينا». فوضعتهم فإذاً نحن بالحرّة، قال: فقال عليّ: «ندرك النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم في آخر ركعة [من صلاته]». فطوينا وأتينا وإذاً النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقرأ في آخر ركعة [من صلاته]: «أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً» [9/الكهف: 18] [256].
قال [المؤلف] أيّده اللَّه: وفي الخبر فوائد: منها معجزات الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم في الريح، وهي ثلاث: إحداها حمل الريح لهم أوّلاً، وثانيها وضعها لهم ثانياً، وثالثها حملها لهم ثالثاً، كلّ ذلك عند قول عليّ /76/ عليه‌السلام.
وهذه أمور خارقة للعادات فكانت معجزةً لأنّ الدعوي للنبوّة مستمرّة؟ في كلّ حال من ابتداء مبعثه صلي اللَّه عليه وآله، فلا فرق بين أن يجدّد الدعوي لفظاً أو لا يجدّدها.
وهذه من طرائف المعجزات وعجائب الآيات، ولم تكن هذه لأحد من
[صفحه 213]
الأنبياء قبله صلوات اللَّه عليه وآله وسلّم [257] إلّا للنبيّ ابن‌النبيّ سليمان بن داوود صلي اللَّه عليهما فكانت كما قال تعالي «غدوّها شهر ورواحها شهر» [12/السبأ: 34/فكان] يصبح من الشام فينتصف النهار عليهم لمسيرة شهر للسائر، ويقيلون ساعة ويقضون مآربهم وينقلبون إلي الشام.
فخصّ اللَّه تعالي نبيّه محمداً صلي اللَّه عليه وآله وسلم بهذه المعجزة العجيبة والآية العظيمة.
وكان من عجائب ريح سليمان صلي اللَّه عليه أنّها تحمل جنوده الجمّة الضخمة من‌الجنّ والانس والبهائم والوحوش وهي تمرّ بالزرع فلا تحرّكه.
وسمع صلي اللَّه عليه ذات يوم رجلاً- وقد مرّ في مملكته وجنوده- يقول: «لقد أوتي آل داوود ملكاً عظيماً»، فنزل صلي اللَّه عليه وقال له: لتسبيحة يسبّحها الرجل أفضل مما أوتي آل داوود.
وكان صلي اللَّه عليه- مع المملكة التي لم تكن لأحد من بعده- في نهاية الرفق واللين والزهد في الدنيا، ويحقّ له صلي اللَّه عليه وسلم أن يكون كذلك وهو خيرة اللَّه من خلقه وصفوته.
ومنها الخبر بأنّهم يدركون النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم في آخر ركعة وكان الأمر كذلك، وهذا علم غيب لا يعلمه إلّا اللَّه تعالي أو من اطلعه عليه من خيرته من بريّته ورسله إلي خليقته فيعلمه من أعلموه؟ ولولا إعلام رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لعليّ عليه‌السلام بذلك وإلّا لما علمه ولا أخبر به و [لما] كان الأمر كذلك كما أخبر [258].
ومنها إحياء أهل الكهف بعد موتهم واكمال عقولهم واقدارهم حتّي تكلّموا بما تكلّموا به، ولا يكون ما قالوه إلّا مع كمال العقل.
[صفحه 214]
ومنها دلالة الخبر علي فضل عليّ عليه‌السلام من وجوه: أحدها المناجاة الطويلة التي كانت لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم معه علي الخصوص من دون سائرالصحابة الذين دعاهم، ولولا فضله عنده عليهم ومزيّته الظاهرة لم يكن ليختاره لذلك [259].
ومثله ما رويناه بالإسناد إلي جابر بن عبداللَّه قال: ناجي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم عليّ بن أبي‌طالب يوم الطائف فأطال مناجاته فرأي الكراهة في وجوه رجال فقالوا: قد أطال مناجاته منذ اليوم!! فقال [صلي اللَّه عليه وآله وسلم]: «ما [أنا] انتجيته ولكنّ اللَّه عزّ وجلّ انتجاه» [260].
[صفحه 215]
وثانيها؟ جعله أميراً عليهم حيث ناجاه وجرت الأمور علي يديه وسارت الريح بأمره ووقفت عند أمره وكذلك سائر الأمور الحادثة، واذا صلح للإمرة عليهم- وهم الخيرة عند مخالفينا من الصحابة- ولم يصلحوا للإمرة عليه، كان الأمر كذلك بعد وفاته صلي اللَّه عليه وآله، فيكون أولي بالإمرة عليهم وعلي سائر الأمة، ولم يعلم أنّ النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم أمّر [أحداً] علي عليّ عليه‌السلام قطّ، وقد نظم ذلك بعضهم فقال:
ما كان وَلّي أحمد والياً
علي عليّ فيولّوا عليه
هل /77/ في رسول اللَّه من أسوة
لو يقتدي القوم بما سنّ فيه
وثالثها تسليم أهل الكهف- قدّس اللَّه أرواحهم- عليه عليه‌السلام بأشرف التسليم وهو السلام الكامل الذي لايليق إلاّ بالمتّقين دون غيرهم وفيه زيادة شرف وفضل له عليه‌السلام حيث خصّوه بالسلام دون سائر الصحابة، وظاهر الحال أنّ ذلك لفضل يختصّ به، فلو كانوا بمنزلته أو أفضل منه- [كما يزعمه حفاظ بني أميّة]- لما خصّوه بذلك، و [لما] أعرضوا عن‌السلام علي الصحابة [الذين كانوا معه]!!
ورابعها تصريح أهل الكهف عليهم‌السلام بقولهم: «انّا معاشر الصدّيقين والشهداء لا نكلّم بعد الموت إلّا نبيّاً أو وصيّاً»، وقد ثبت أنّ عليّاً عليه‌السلام ليس بنبيّ فوجب أن
[صفحه 216]
يكون وصيّاً وهذا يقتضي أنّه أولي بالتصرّف في الأمّة- بعد الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم- من أبي‌بكر وغيره من المتقدّمين عليه، لأنّه إذا صحّ أنّه وصيّ للرسول عليه‌السلام كان وصيّاً له علي العموم فيكون أولي بالإمامة ممن سواه، لأنّ الوصيّ له ولاية فيما هو وصيّ فيه، فإذا كان وصيّاً علي الأمة عموماً كانت له الولاية عليهم وإذا ولي التصرّف عليهم كان إماماً، وقد بيّنا تفصيل ذلك في حديث الوصيّة.
[صفحه 217]

في بيان خصيصة علي من جهة مجي‌ء جبرئيل بماء الجنة لاغتساله به، وفي ذيله بعض فضائل الإمام علي بن موسي الرضا

ولنرجع إلي [شرح البيت 14 من] القصيدة [فنقول:] قال الامام [المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ومن أتي جبريل بالماء حتّي
قام بالفرض ومنه سُقِي
جبريل الذي ذكره[المنصور باللَّه] هاهنا هو أمين اللَّه علي وحيه وروحه المختار لتبليغ رسالته وكتبه إلي أنبيائه صلوات اللَّه عليه وعليهم أجمعين.
وروي في تسمية جبريل صلي اللَّه عليه، عن ابن‌عباس رضي الله عنه أنّ «جبر» [بمعني] عبد، و «إيل» [بمعني] اللَّه، فمعناه عبداللَّه، وكذلك ميكائيل معناه عبيداللَّه. هذا [بناء] علي أنّ هذه التسمية مفيدة؟ وإذا قيل بأنّها اسم علم فهي بمنزلة سائر الأسماء الأعلام نحو زيد وعمرو وبكر في أنّها لا يفيد في المسمّي فائدةً وإنّما تفيد التميّز بين الأشخاص فهي نائبة عن الإشارة عند حضور الشي‌ء في حال غيبته ولهذا كانت غير مفيدة!!
وقد سمّاه اللَّه تعالي بذلك في قوله تعالي: «قل من كان عدوّاً لجبريل فإنّه نزّله علي قلبك» [97/البقرة: 2] لأنّ اليهود زعموا أنه عدوّلهم.
وسمّاه اللَّه روحاً في قوله تعالي: «نزل به الروح الأمين» [193/الشعراء: 26] وإنّما سمّي روحاً لوجهين:
أحدهما: أنّ الخلق يحيون به في أمر دينهم كما يحيي الناس بهذه الأرواح التي جعلها اللَّه تعالي قواماً للأجساد، ولهذا تذهب الحياة عند فقدها.
وثانيهما: إنه روحانيّ بمعني أنّ خلقته مفارقة لخلقة بني آدم فهو لايأكل ولايشرب.
وليس المراد بذلك ما تزعمه الملاحدة الباطنيّة في الروحاني لأنّه عندهم جوهر لطيف غير كثيف أي إنّه غير متحيّز لأنهم يذهبون في [ذلك علي خلاف نصوص]القرآن الكريم /78/ التي أفصحت بأنّهم أجسام، قال تعالي: «الحمد للَّه فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثني وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء» [1/فاطر: 35] وقال تعالي: «نزل به الروح الأمين» [193/الشعراء: 26].
[صفحه 218]
ولا عجب من جهلهم في ذلك فهم جاهلون بالصانع، رافضون للشرائع، وليس يشتبه علي عاقل أنّهم معطّلة في الحقيقة وإن تظاهروا في بعض النواحي بإثبات الصانع والنبوّات، إلاّ أنّه لغرض وهو تقريب العامّة وتأنيسهم، ألا تري أنّهم معلنون القول بأّنه تعالي لايوصف بأنّه شي‌ء ولا معلوم ولا مذكور، وإذا لم يكن كذلك فهو عدم محض لا ثبوت له، فاعرف معني قول العلماء في جبريل عليه‌السلام:
إنّه روحانيّ وكذلك سائر الملائكة عليهم‌السلام. وليس في تخصيص اللَّه تعالي له بذلك ما يدلّ علي أنّ غيره لا يسمّي به، ولا يثبت معناه في حقّه- لأنّ تخصيص الشي‌بالذكر لايدلّ علي أنّ ماعداه بخلافه، لأنّك [إذا] تقول رأيت زيداً لايدلّ ذلك علي نفي الرؤية لعمرو- وإنّما خصّه اللَّه تعالي بذلك تشريفاً له و تكريماً كما خصّ موسي عليه‌السلام بأنّه كلّمه و قد كلّم محمّداً صلي‌اللَّه عليهما وسلم، و كما قال تعالي «وإذ أخذنا من النبيّن ميثاقهم و منك ومن نوح» [7/الأحزاب: 33] فخصّهما تعظيماً لهما و رفعاً لمنزلتهما.
و قوله: (قام بالفرض) معناه: أدّاه كما تقول: قام فلان بوفاء ما يجب عليه من الدين والحقّ أي أدّاه.
و هذا أحد معاني القيام.
و ثانيهما الحلول كما يقال: قام اللون بالمتحيّز أي حلّ فيه.
و ثالثها بمعني الظهور كما يقال: قام الحقّ أي ظهر.
ورابعهما بمعني الإنتصاب كما يقال: قام فلان أي انتصب.
وخامسهما بمعني الحفظ كما قال تعالي: «أفمن هو قائم علي كلّ نفس بما كسبت» [33/الأنعام/6] معناه حفيظ علي أعمالها تخويفاً بالمحاسبة، و تحذيراً من المناقشة علي الأعمال الّتي يسلفها الإنسان ليكون مزجوراً عن مقارفة الجرائم وموافقة المآثم، لأنّه إذا تحقق أن كلّ ماقدّمه وجده مسطوراً كما قال تعالي: «يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلاّ أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً و لا يظلم ربّك أحداً» [49/الكهف/ 18].
وفي هذا أو في تحقيق؟ لذوي‌النّهي عن اقتراف الكبائر والصّغائر، ولم يزجر من ذلك إلا الحياء من اللَّه تعالي عند الإطلال عليها مسطورة في الصّحائف لكان
[صفحه 219]
في ذلك كفاية، فكيف إذا حاسبه اللَّه تعالي عليها فلقد ورد أنّ اللَّه تعالي يحاسب بعض عبيده وإنّه ليتفجّر مما تحت كلّ شعرة [منه] دم حياءً من اللَّه، فيقول: يا ربّ لإرسالك بي إلي النّار أهون عليّ من الوقوف في هذه المواقف.
فانظر أيّها اللبيب العاقل الأديب في حالة يودّ المرء أن ينقل منها إلي النّار حياءاً من مناقشة العزيز الجبّار، هذا وللنار لهب علي لهب، و غضب مع غضب، لهم من فوقهم ظلل من النّار، و من تحتهم ظلل، طعامهم النّار وشرابهم النّار ولباسهم النّار، فهل يذهل عاقل عن الإستعداد لهذه الأهوال العظام /79/ والخطوب الجسام، اللهمّ قنا عذابك وأوجب لنا رضوانك وأمانك، وجنّاتك وغفرانك، يا ذاالجلال والإكرام، وصلّ علي محمد وآله الكرام.
وأمّا الفرض فإنّه في الأصل: القطع والحزّ في العود وشبهه،يقال: فرضت الخشبة [أي قطعتها] والفرض: الحزّ في سية القوس وهو حيث يعقد الوتر. والفرض الثقب في الزند حيث يقدح منه النار.
والفرض ما أوجبه اللَّه تعالي، وسمّي بذلك لأنّه تعالي جعل له حدوداً ومعالم، ولا فرق عندنا بين الفرض والواجب.
وزعمت الحنفيّة أنّ الفرض ما ثبت وجوبه بطريق مقطوع به، والواجب: يكون واجباً وإن ثبت وجوبه بطريق مظنون، ولهذا قالوا في الوتر: إنّه واجب ولم يقولوا: إنّه فرض، لما لم يثبت وجوبه بطريق مقطوع، وإنّما ثبت بطريق تؤدّي إلي غالب الظنّ.
وعندنا إنّه غير واجب، وإليه ذهبت الشافعية وسائر أهل العلم، واستدلّوا بقوله تعالي: «حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي» [238/البقرة: 2] ولا يتمّ إثبات صلاة وسطي إلاّ اذا كانت الصلاة وتراً، فأمّا اذا كانت شفعاً فلا وسط لها، اذ لا وسط للستّة وما أشبهها من الأشفاع، وإنّما الوسط للخمسة وما شابهها في الافراد نحو الثلاثة والتسعة، ولا خلاف بين الأمة أنّ السبع ليست بواجبة، وأنّ الواجب منها- أعني‌الصلوات- تزيد علي ثلاث، فلم يكن بدّ من الإقتصار علي الخمس ليتمّ الأمر علي المحافظة علي الصلاة الوسطي، وهذا يقتضي أنّ الوتر غير واجب وإلاّ كانت سادسةً وبطلت الوسطي وليس في الآية نسخ؟
[صفحه 220]
فيبطل الاستدلال بها.
والمراد بالفرض المذكور في البيت صلاة الفجر علي ما نذكره ان شاء اللَّه تعالي. وقوله: «ومنه سقي» الضمير في «منه» يرجع إلي الماء الذي أتي به جبريل صلي اللَّه عليه لعليّ عليه‌السلام، وسقي معروف قال اللَّه تعالي: «يسقي بماء واحد» [4/الرعد: 13] وقال تعالي: «وسقوا ماءاً حميماً فقطّع أمعأهم» [15/محمّد: 47] أراد [أنّهم] شربوه كارهين فقطّع أمعاءهم لشدّة حرارته تقطيعاً، وأورث أبدانهم ألماً جميعاً؟ ذلك بما عصوا وكانوا معتدين.
فهذه فوائد ألفاظ البيت والمقصود منه الإيضاح لمنقبة سامية كانت لأمير المؤمنين عليه‌السلام، وهو ما رويناه بالإسناد المتقدّم إلي القاضي العدل الخطيب المعروف بابن المغازلي‌الشافعي قال:
أخبرنا أبوالحسن أحمد بن المظفّر بن أحمد العطّار الفقيه الشافعي رحمه الله [261] بقراءتي عليه فأقرّ به، قلت: أخبركم أبومحمد عبداللَّه بن محمد بن عثمان الملقّب بابن السقّاء الحافظ الواسطي قال: حدّثنا أبوالحسن أحمد بن عيسي الرازي بالبصرة، قال: حدثنا محمد بن مندة الإصفهاني قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا جرير بن عبدالحميد، عن الأعمش، عن أبي‌سفيان:
عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لأبي بكر وعمر (رض): «امضيا إلي عليّ حتي يحدّثكما ما كان في ليلته وأنا علي أثركما». قال أنس: /80/ فمضيا ومضيت معهما، فاستأذن أبوبكر وعمر علي عليّ فخرج إليهما فقال: يا [أ] بابكر حدث شي‌ء؟ قال: لا وما حدث إلاّ خير، قال لي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم ولعمر: امضيا إلي عليّ يحدّثكما ما كان منه في ليلته.
وجاء النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقال: «يا عليّ حدّثهما ما كان منك في
[صفحه 221]
ليلتك». فقال: استحي يا رسول اللَّه.
فقال: «حدّثهما إنّ اللَّه لا يستحيي من الحقّ».
فقال عليّ: أردت الماء للطهارة و أصبحت و خفت أن تفوتني الصلاة فوّجهت الحسن في طريق والحسين في طريق في‌طلب الماء، فأبطيا عليّ فأحزنني ذلك، فرأيت السقف قد انشقّ ونزل عليّ منه سطل مغطّيً بمنديل فلمّا صار في الأرض نحّيت المنديل عنه، وإذاً فيه ماء فتطهّرت للصلاة واغتسلت و صلّيت، ثم ارتفع السطل والمنديل والتأم السقف.
فقال النبّي صلي‌اللَّه عليه وآله و سلّم: «أما السطل فمن الجنّة، و أماالماء فمن نهر الكوثر، و أماالمنديل فمن استبرق الجنّة، من مثلك يا عليّ في ليلته و جبريل يخدمه» [262].
قال [المؤلّف]: أيّده اللَّه بعونه: و في هذا الخبر ما يشهد لعلي عليه‌السلام بالشزف العالي والفضل المسوّد لوجه النّاصب القالي و فيه فوائد:
منها إنه يجوز للأب استخدام ولده وإن كان صغيراً فيما يعود اليه نفعه وفائدته وإن كان بغير عوض وذلك لأنّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم لمّا حكي له علي عليه‌السلام أنه وجّه الحسنين عليهماالسلام أقرّه علي ذلك، و لم ينكره فلوكان خطأ لأنكره و عيّره لأنّه لا يجوز أن يقرّ [ه] علي الخطأ، لأنّ اقراره حجة كقوله وفعله وإنّما ذلك لا يطّرد في الخدم القادحة المتعبة؟.
ومنها شدّة حبّه عليه‌السلام لطاعة اللَّه تعالي حيث أحزنه ذلك لمّا أبطيا بالماء خوفاً من فوت الصلاة بغير وضوء و ذلك يدلّ علي تقوي شديد ورأي في الهدي سديد، ويحقّ له أن يكون كذلك و فوق ذلك، و قد تأدّب بآداب الرّسول صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم من صغره إلي كبره و تخلّق بأخلاقه لأنه صلي اللَّه عليه و آله وسلم أخذه من أبيه أبي‌طالب لمّا وقعت أزمة شديدة تخفيفاً عنه، فكان ذلك قاعدة
[صفحه 222]
الهداية التي أرادها اللَّه تعالي له فيما بعد.
و منها الأمور الخارقة للعوائد من انشقاق السّقف و نزول السّطل فيه الماء وتغطيته بالمنديل، و خرق العادة علي هذاالوجه فيه أوفي كرامة لعلي عليه‌السلام.
و منها انه توضّأ من الماء و اغتسل مع انه من الجنّة، و هذا فيه الكرامة العالية والّدرجة السامية، و مثل ذلك لم ينقل فيما نعلمه لأحد من ولد آدم صلي اللَّه عليه وسلم، و قد فصّل النّبي صلي اللَّه عليه واله و سلم التي كانت زيادة في الايضاح لأنّه أخبر أن السطل من الجنّة و الماء من نهر الكوثر، والمنديل من استبرق الجنّة، وهذا شرف /81/ لايسامي و فضل لا يباري وأيّ خبر يعدل ما رويناه برواية من يذهب إلي إمامه المشايخ الثلاثة [وما] ورد في واحد منهم [مثله]!!
و منها قوله صلي اللَّه عليه و آله و سلم «من مثلك يا علي‌في ليلته يخدمه جبريل» و قوله «من مثلك» استفهام في‌صورته، والمراد به الإنكار لأنه لم ينقل مثل ذلك لأحد من البشر، و زاد فضلاً حيث أخبر بخدمة جبريل لعلي عليهما السلام و هي‌خدمة تشريف و تعظيم، ولن يكون ذلك إلّا وهو عليه‌السلام في المنزلة العليا من الفضل عنداللَّه تعالي و لا شبهة أن الخدمة إذا كانت من ذي فضل و شرف فإنّها تزيد المخدوم جلالة و رفعة و حالة؟ و قد علمنا أنّ لجبريل صلي اللَّه عليه الفضل العظيم عند اللَّه تعالي فيجب أن يكشف خدمته لعليّ عليه‌السلام عن فضله وعلوّ قدره.
ولظهور هذا الحديث وصحّته روي أنّ أبانؤاس قيل له: لم لا تمدح عليّ بن موسي الرضا عليه‌السلام فأنشأ يقول: [263].
قيل لي أنت أوحد الناس في النثر
وفي النظم والمقال البديه
فلما ذا تركت مدح ابن‌موسي
للخصال الّتي تجمّعن فيه
قلت لا أهتدي لمدح إمام
كان جبريل خادماً لأبيه
وأراد [أبونؤاس] بما ذكر [ه] أخيراً ما ذكرناه.
[صفحه 223]
وعليّ بن موسي الرضا هو أبوالحسن علي بن موسي العبد الصالح بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن‌الحسين الشهيد سيّد شباب اهل الجنة ابن‌علي بن أبي‌طالب أميرالمومنين وامام المسلمين وخليفه رسول رب العالمين سلام الله عليهم أجمعين.
وكان [عليّ بن موسي عليهماالسلام] من سادات العترة وأقمارها، واستدعاه المأمون إليه ووصله وجعله وليّ العهد بعد وفاته، وبايع له وأشاد بذكره وكتب اسمه علي الدرهم والدينار والطراز، وكانت الخطباء يذكرونه في الخطبة ويقول قائلهم بعد نسبته إلي علي عليه‌السلام:
ستّة آباءهم ما هم
هم خير من يشرب صوب الغمام
وأقام علي ذلك مدّةً ثمّ سمّه المأمون قيل: في عنب. وقيل: في رمّان، ومات عليه‌السلام ودفنه [المأمون] في‌طوس إلي جنب أبيه هارون العنيد لا الرشيد، فنسب المشهد إلي الرضا عليه‌السلام، وذهب عنه اسم هارون، فلا يكاد أكثر الناس يعرفه.
وقد ورد عن النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم [أنّه قال]: «ستلقي بضعة منيّ بأرض خراسان لا يزورها مؤمن إلاّ حرّم اللَّه جسده علي النار» [264].
[صفحه 224]
وكان [الإمام الرضا] عليه‌السلام هو الذي ناوله هذا الأثر الشريف.
ومن العجائب أنّ المأمون لمّا خرج في جنازته أخبر عنه عليه‌السلام أنّه يحفر له فيه؟ فيوجد في قبره سمكة وماء، فلمّا حفروا وجدوا ذلك كما أخبر به.
روي هذه القصّة الشيخ أبوالفرج الإصبهاني [265].
فأعجب من طغام الأمّة وجفاتها الذين يعتقدون إمامته- أعني المأمون، وأمثاله من أهله- ويرفضون إمامة العترة النبويّة والسلالة الزكيّة علي أنّ فضلهم شهير، وعلمهم غزير، سلام اللَّه عليهم أجمعين.
وفي عليّ بن موسي الرضا عليه‌السلام يقول القائل:
إذا كنت تأمل أو ترتجي
من اللَّه في حالتيك الرضا
فلازم /82/ مودّة آل الرسول
وجاور عليّ بن موسي الرضا
[صفحه 225]

في نزول الكوكب في بيت علي والاستدلال به علي إمامته

ونعود إلي [شرح البيت: (15) من] القصيدة، قال الإمام [المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ومن هوي الكوكب من أجله؟
ففاز بالوحي‌الذي‌قد وُحِي
هوي: سقط من أعلي إلي أسفل، قال تعالي: «والنجم إذا هوي» [1/النجم: 53] أي سقط وانحدر. وهوي النفس: ميلها إلي الشي‌ء ونزاعها نحوه. وهوت الطعنة: فتحت فاها، [266] ويقال في السبّ: هوت أمّه وأمّه هاوية.
والكوكب: واحد الكواكب وهو النجم، ويقال: ذهب القوم تحت كّل كوكب إذا تفرّقوا، وكوكب الروضة فوها؟ والكوكب: توقّد الحديد. وكوكب الكتيبة: بريقها. وكوكب الماء: معظمه، وكذلك كوكب كل شي‌ء: معظمه، ومنه قوله صلي اللَّه عليه واله وسلم: «إذا كان ليلة القدر نزل جبريل في كوكب من الملائكة عليهم‌السلام يسلّمون علي كلّ قائم وقاعد يدعون اللَّه إلاّ لمدمن خمر أوقاطع رحم».
وفي‌بعض الأخبار أيضاً «[في] كبكبة»، والكبكبة: الجماعة من الخيل أي في ملائكة علي خيل.
وأمّا [علي رواية] «الكوكبة» فالمراد [منه] في جماعة منهم كثيرة.
وقوله: «من أجله» أي لأجله، قال سبحانه: «من أجل ذلك كتبنا علي بني إسرائيل» [32/المائدة: 5] وهو في معني التعليل، تقول فعل زيد كذا لأجل كذا. وقوله: «ففاز» من الفوز وهو النجاة والظفر بالخير، ومنه سمّيت المفازة مفازة تفّؤلاً بالسلامة والفوز، كما سمّوا اللديغ سليماً تفّؤلاً له بالسلامة.
والوحي: كلّ شي‌ء دللت به من كلام أو كتاب أو إشارة، قال اللَّه تعالي: «إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلي نوح» [163/النساء: 4] يريد بالوحي‌ها هنا إرسال جبريل صلي اللَّه عليه بالقرآن الذي أنزله علي محمد صلي اللَّه عليه وآله وسلم، وقوله: «كما أوحينا إلي نوح والنبيين» [163/النساء: 4] يريد مانزل به جبريل عليهم من الكلام المتضمّن للأحكام، وقال تعالي في الإشارة «فأوحي إليهم أن سّبحوا بكرة وعشيّاً» [11/مريم: 19] أي أشار إليهم وأومي وقال تعالي في الوحي بمعني الإلهام: «وأوحي ربّك إلي النحل» [68/النحل: 16]
[صفحه 226]
أي ألهمها وعرّفها، وقوله تعالي «وإنّ الشياطين ليوحون إلي أوليائهم» [121/الأنعام: 6] أراد به إلقاء الوسوسة إليهم وقوله: «شياطين الانس والجنّ يوحي بعضهم إلي بعض» [12/الانعام/: 6] يريد إلقاء الكلام الخفي إليهم وهو الوسوسة.
والوحي: الأمر في قوله: «بأنّ ربّك أوحي لها» [5/الزلزلة: 99] يعني أمرها وهو تجوّز، ونظيره قوله تعالي: «فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أوكرهاً قالتا أتينا طائعين» [10 فصلت 41] ولاقول علي الحقيقة عند المخلصين علي الحقيقة؟ لأنّها جماد وخطاب الجماد عبث لاقائدة فيه، وإنّما [معناه] انقادتا كما أراد اللَّه تعالي [حتّي] صار كأنّه أمرهما فأطاعته؟ وكذلك «أوحي لها» أي أراد إنطاقها بما عمل العباد [فيهما] من خير وشرّ في الدنيا فنطقت، ومثل هذا ظاهر في لغة العرب، قال [شاعرهم]:
شكي إليّ جملي طول السري
وازورّ من وقع القناء لسانه
وشكي إليّ بعبرة وتحمحم [267].
ولا شكوي من جهة القول وإنّما أراد لسان الحال.
وقال آخر:
وقالت له العينان سمعاً وطاعةً
وحدّرتا كالدرّ لمّا يثقّب
والمراد /83/ بالوحي المذكور في البيت [المذكور من قصيدة المنصور باللَّه هاهنا هو] الكلام والكتابة لما كان من فضيلة أمير المومنين عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام. ووحي: كتب وسطر. والمراد بذلك ما رويناه بالإسناد المقدم إلي القاضي العدل الخطيب المعروف بابن المغازلي الشافعي رحمه الله [268] تعالي قال:
[صفحه 227]
أخبرنا أبوالبركات إبراهيم بن محمد بن خلف الجمّاري السقطي قال: أخبرنا أبوعبداللَّه الحسين بن أحمد، قال حدثنا أبوالفتح أحمد بن الحسن بن سهل المالكي المصري الواعظ بواسط في القراطيسين [269] قال حدثنا سليمان بن أحمد المالكي قال: حدثنا أبوقضاعة ربيعة بن محمد الطائي قال: حدثنا ثوبان، عن ديون مالك بن غسّان النهشلي [270] قال: حدثنا ثابت:
عن‌أنس قال: انقضّ كوكب علي عهد رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «انظروا إلي هذا الكوكب فمن انقضّ في‌داره فهو الخليفة من بعدي». فنظروا فإذاً هو قد انقضّ في منزل علي عليه‌السلام فأنزل اللَّه تعالي: «والنّجم إذا هوي - ما ضلّ صاحبكم وما غوي - وما ينطق عن الهوي- إن هو إلاّ وحي يوحي».
قال [المؤلّف] أيّده اللَّه: ففي هذا الخبر ما يفصح بخلافة عليّ عليه‌السلام بعد رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ولايكون ذلك إلاّ علي أمته، واذا كان خليفة علي أمّته من بعده لم يجز لأحد من الصحابة أن يتقدم عليه، بل يكون مقطوعاً باثمه ظالماً في حكمه، ونزول الآية عقيب ذلك مؤكدة لصحّة ما قاله صلي‌اللَّه عليه واله وسلم لأنّ اللَّه تعالي أقسم بالنجم.
والمراد [بالنجم] ربّ النجم، حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، وكان
[صفحه 228]
القسم وارداً علي نفي الضلالة والغواية عن الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم فيما أخبر به، وزاد تعالي تأكيداً بقوله: «وما ينطق عن الهوي - إن هو الاّ وحي يوحي» [2 تا 4/النجم: 52].
وهذا يقتضي أنّ هذا الذي قاله وصرّح به من خلافة عليّ عليه‌السلام هو بوحي‌اللَّه تعالي وتنزيله، فلا يجوز لأحد مخالفته.
وقد بيّنا أيضاً فيما تقدم تصريح النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم بالخلافة لعليّ عليه‌السلام علي الأهل والمال والمسلمين في كلّ غيبة، وهذا يقتضي المنع من إمامة الذين تقدّموا عليه، وللَّه درّ القائل:
جعلوك رابعهم أباحسن
ظلموك حقّ الدين والفضل
قد كنت في الإسلام أوّلهم
وأحقّهم بوراثة الرسل
آل النبيّ لقيتم مضضاً
ظلم الحبوة وذلّة القتل [271].
[صفحه 229]

و بيان أنه تعالي أنزل علي نبيه رمانة من الجنة وأمره أن يشرك عليا في الأكل منه

رجعنا إلي [شرح البيت 16 من] القصيدة، قال الإمام [المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
وآكل القطف الذي جاء من
جنّات عدن زفّ زفّ الهدي؟
الآكل: فاعل الأكل، وهو مضغ المأكول بالفم، وهو من أسماء الإشتقاق نحو قولنا: صادق وكاذب /84/، والقطف: واحد القطوف وهي الثمار قال تعالي: «قطوفها دانية» [23/الحاقّة: 69] يصف تعالي ثمار الجنّة بالدنوّ ممن يريد تناولها وانّه لايلحقه مشقّة في أخذها واجتنائها متي أراد، و قد قال صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم في خبر: «وإن الرجل من اهل الجنّة ليكون في جنّة من جنّاته من أنواع الشجر إذا اشتهي ثمرة من تلك الثمار، فتدلّي إليه فيأكل منها ما أراد» الخبر بتمامه.
والجنّات واحدتها: جنّة، سميّت جنّة لأن أشجارها تغطّي قرارها، وسواء كان؟ ذلك من النخل أو غيره قال تعالي: «وجنّات من أعناب و زرع و نخيل» [4/الرعد: 13/[ويسمّي الجنون جنوناً بطريقة التشبيه كأنّه يستر العقل؟
والجنين: الولد في بطن أمّه. والجنين: المقبور. والمجنّ: الترس لأنّه يستر صاحبه. والجنّة- بضّم الجيم-: مااستتر به الإنسان من السلاح. والجنّة- بكسرالجيم-: الجنّ، قال تعالي: «من الجنّة والناس» [6/الناس: 114].
والعدن: الإقامة، يقال: عدن فلان بالمكان إذا أقام به، فوصف الجنّات بأنّها عدن لأنّها دار إقامة ومثوي قرار يدوم، وقد وصف اللَّه تعالي أهلها بالخلود فيها ترغيباً في اكتساب الطاعات التي هي وصلة إليها لأنّ من علم أن المنفعة دائمة كان دواعيه التي يحصل أسبابها أكيدة؟
والعجب كل العجب ممن يجهد في تحصيل منافع الدنيا بتكّلف أسبابها ثم يعرض عن القيام بأسباب خيرات الآخرة؟ علي جلالة قدرها وعظم خطرها ودوام خيراتها وخلوص مسرّاتها نسأل اللَّه تعالي فوزاً برضوانه ونعيماً دائماً في جنانه. و [أمّا] قوله عليه‌السلام: «زفّاً» فأصله الإسراع يقال: زفّ البعير في سيره زفيفاً إذا أسرع، وزفّ الطائر إذا أسرع حتّي يسمع لجناحيه زفيف، وزفّت الريح تزّف: [هبّت] وهو هبوب ليس بالشديد و لكنّه ماض، ويسمّي الريح التي ذكرناها الزفزافة، وزفّ القوم في مشيهم إذا أسرعوا، قال تعالي: «فأقبلوا إليه يزفّون» [94/الصافات: 37]، ويقال: زّفت العروس إلي بيت زوجها [أهديت إليه]
[صفحه 230]
والهدي: العروس تهدي إلي بعلها. والهدي: مايهدي من النعم إلي الحرم الشريف، وأصله من الهدية وهي التحفة الشريفة التي يتحف بها المُهدِي غيره، ومنه قوله صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم: «هدية اللَّه إلي المؤمن السائل علي بابه». وإنّما سمّي ذلك هدية اللَّه لأنّ اللَّه تعالي يعوّض المؤمن بوصوله اليه لاكتساب الأجر، وادّخار البرّ بإعطائه الإحسان فكان هدية؟ لأنّه يؤدّي إلي خير من اللَّه جسيم ومنّ عظيم.
وقد حثّ صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم علي الهدية فقال: «تهادوا تحابوّا». وقال: «الهدية تذهب بالسخيمة». يريد ما ينطوي عليه القلوب من‌الأحقاد وشبهها فأراد أنّ الهدية تزيل ذلك، لأنه تكسبه مودّة وجلالة للمهدي ومتي [وقع] نظره بهذه العين [272] زالت عن قلبه الأحقاد وغيرها مما تبعث علي العداوة والبغضاء. وقد تضمنّ البيت منقبة من سامية المناقب لأميرالمؤمنين عليّ بن أبي‌طالب وذلك ما رويناه بالإسناد المتقدم إلي السيّد الإمام الناطق بالحق أبي‌طالب يحيي بن الحسين الحسني عليه‌السلام [273] قال:
أخبرنا أبوعبداللَّه محمد بن زيد /85/ الحسني قال: حدثنا الناصر للحق الحسن بن علي رضوان اللَّه عليه، قال: حدثنا [أخي] الحسين بن علي، عن محمد بن الوليد [274] عن سفيان، عن ابن‌جريج، عن مجاهد:
عن ابن‌عبّاس قال: بينا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يطوف بالكعبة إذبدت رمّانة من الكعبة فاخضرّ المسجد لحسن خضرتها فمدّ رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم يده فتناولها ومضي رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم في
[صفحه 231]
طوافه، فلما انقضي طوافه صّلي في المقام ركعتين ثم فّلق الرمانة قسمين كأنّها قدّت فأكل النصف وأطعم عليّاً عليه‌السلام النصف [الآخر] فزنخت أشداقهما لعذوبتها [275] ثم التفت رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم إلي أصحابه فقال: «إنّ هذا قطف من قطوف الجنّة ولايأكله إلاّ نبّي أو وصيّ نبيّ ولولا ذلك لأطعمناكم».
قال [المؤلّف] أيّده اللَّه: وهذا الخبر يتضمّن فوائد:
منها المعجزة التي كانت لرسو اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم بوضع الرمّانة في الكعبة علي وجه لم يضعها أحد من البشر، لأنه لو وضعها أحد[من‌البشر]لوقف عليه، ولو وقف عليه لنقل فظهر، ومعلوم خلافه، وهذا يتضمّن (يقتضي) [276] أنّه لاواضع له من البشر وضعها؟ وذلك يتضمّن نقض العادة، وما انتقضت العادة فيه لنبي كان معجزاً له.
ومنها الخضرة العجيبة التي كانت فيها حتيّ اخضرّ المسجد لخضرتها [277] ولاتخضرّ المسجد إلاّ بخضرة عظيمة جدّاً فيها؟ وهذا شي‌ء لم تجر به العادة، فيكون زيادة اللون فيها معجزاً آخر.
ومنها مراعاة حال العبادة وترك التشاغل بالمباح إلي بعد الفراغ من الطواف، ثم الفراغ من ركعتي الطواف.
ولايعارض ذلك قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إذا حضرالعشاء والعشاء فابدأوا بالعشاء»، فيقال: إنّه أمر هاهنا بتقديم العشاء وهو مباح، علي صلاة العشاء وهي فرض، وذلك لأنّه محمول علي أن يكون مع الصائم من الجوع ما يشغله عن الإقبال إلي الصلاة، والتدبرّ لمعاني مايقرؤه والمحافظة علي أركانها وسننها، ومتي شغله الجوع عن هذه الأمور، كان تقديم الإفطار أولي لأنه لايستقبد بتعجيله الإتيان بصلاته بعده علي وجه الكمال، ويستفيد بتقديم الصلاة الإتيان بها علي وجه النقص لاشتغال قلبه بالجوع.
[صفحه 232]
فهذه فائدة تقديم العشاء علي العشاء، فأمّا إذا فرضنا أن نفسه لاتتوق إلي نيل الطعام ولاتنزغ إليه نزاعاً شديداً فإنّ تقديم الصلاة أولي وعلي هذا قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لايزال أمتي بخير مالم يؤخّروا صلاة المغرب حتّي نشتبك النجوم في السمآء».
ومنها قسمه الرّمانه كأنّها نصفين قدّت، وهذا خلاف المعتاد، فإنّ أحداً من الناس لا يتمكّن من قسمتها علي هذا الحدّ، فيدلّ هذا علي فضل عظيم في القوة حتي صارت آلته التي قسم بها بمنزلة الحديد المرهف، فيكون ذلك معجزاً له صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
ومنها تصريحه صلي الله عليه و آله بأنّ الرمّانة من الجنة، ولن يصل إليه من الجنة إلاّ و وصولها معجزة له /86/ صلي اللَّه عليه وآله وسلم عظمي و دلالة علي نبوته كبري.
ومنها أكله نصفاً وأكل عليّ عليه‌السلام نصفاً آخر وهذا كر امة لهما حيث أطعمهما اللَّه تعالي في الدنيا من ثمار جنّته ومثل ذلك لم يحصل لأحد من الصحابة أجمين فيكون ذالك دلالة علي فضل أميرالمؤمنين سلام اللَّه عليه وعلي آله الأكرمين.
ومنها قوله صلي عليه وآله وسلم لايأكله- يعني القطف- إلاّ نبي أو وصي نبي فقصر أكله علي النبي والوصي فهوالنبي وأميرالمؤمنين هو الوصي ومتي كان وصياً في أمته كان أولي بالإمامة وأجدر بالزعامة من الذين تقدّموا عليه
ومنها تصريحه بالوجه الذي منع أصحابه من الأكل معهما وهو أنه لايأكله إلاّ نبي أو وصي نبيّ فقال «ولولا ذلك لأطعمناكم» وقد ثبت أنّ الصحابة لم يأكلوا فلم يكونو أوصياء وهذا يقتضي نفي الإمامة عن الصحابة لأنّه لوصح كونهم أئّمة بطل كونه عليه‌السلام وصيّاً لأن الوصيّ لايد فوق يده بعد موت موصيه فلايكون لأحد حينئذ علي هذا ولاية علي الأمّة مادام عليه‌السلام فيهم وفي هذا إثبات الإمامة له ونفيها عن الصحابة وهذا هو الفضل الذي لاينال والشرف الذي لايرام.
[صفحه 233]

في بيان شرف صعود علي علي كتف رسول الله وصعوده علي سطح الكعبة المكرمة وإلقائه عن سطحها الصنم الكبير

ونرجع إلي [شرح البيت 17 من] القصيدة، قال الإمام [المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ومن رقي جنب أبي‌القاسم الط
هر لكسر الضدّ لا ينثني
رقي: صعد في العلّو، ومنه قوله تعالي: «أو ترقي في السماء، ولن نؤمن لرقيّك» [93/الإسراء: 17] أراد الصعود في السماء. والمرقاة: الدرجة؟- وجمعها مراقي- لصعود الإنسان عليها.
والجنب معروف [ومنه] جنب الإنسان وغيره. والجنب: الطاعة، قال تعالي حاكياً: «يا حسرتا علي ما فرطّت في جنب اللَّه» [56/الزمر: 39] يريد في طاعة اللَّه، كما يقول القائل: (ما نالني من التعب فهو في جنب فلان) أي في طاعته وطلب مرضاته.
وأمّا الجنب بمعني الجارحة فلا يجوز علي اللَّه تعالي لأنّه ليس بجسم ولأنّه تعالي قديم والأجسام محدثة.
وفي معني الآية وسياقها ما يشهد بأنّ المراد بالجنب الطاعة، ألا تري أنّ هذا القائل تحسّر علي تفريطه؟ ومعلوم أنّ الحسرة إنّما لحقته لأنّه صار إلي دار الإنتقام فكثرت حسرته علي تفريطه في طاعة اللَّه تعالي التي لو واظب عليها أضحي من الآمنين وفاز مع الفائزين، واذا كان الأمر كما يزعمه الكفرة المجسّمة [278] من [أنّ]
[صفحه 234]
المراد بالجنب الجسم فأيّ حسرة وندامة تعقل؟ أم أيّ تفريط يصحّ في هذه الصورة؟ومعلوم أنّ أحدنا لا يصحّ تفريطه في الذي ليس بمقدور له، وإنّما كان كذلك لأنّ التفريط هو التقصير في الشي‌ء وترك المحافظة عليه، وهذا لايصحّ إلاّ فيمايكون مقدوراً للعبد، ولو كان للَّه جنب علي الحقيقة لما صحّ فيه التفريط حتّي تلحق الحسرة يوم القيامة بالتقصير فيه!!
وأبوالقاسم [المذكور في البيت] هو النبيّ صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم وهو كنيته المشهورة التي كان يكنّي بها نفسه فيقول /87/ في قسمه: «والذي نفس أبي‌القاسم بيده»، وهي في ألسنة الأمّة مشهورة ولله [درّ] القائل:
للَّه مما قد برا صفوة
وصفوة الخلق بنو هاشم
وصفوة الصفوة من هاشم
محمد النور أبوالقاسم
وقد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «سمّوا باسمي ولا تكنوابكنيتي» [279].
وقيل: إنّه قال ذلك لأنّه مرّ ذات يوم فسمع رجلاً ينادي آخر: يا [أ] با القاسم فالتفت صلي اللَّه عليه وآله وسلم إلي الرجل [و] ظنّ أنه دعاه، حتيّ أخبر[ه الرجل] أنه أراد سواه.
واختلف العلماء في أنّ [نهيه صلي اللَّه عليه وآله وسلم عن] ذلك علي الحظر
[صفحه 235]
أوعلي الكراهة؟.
ولما ولدت لأميرالمؤمنين عليه‌السلام خولة ابنة يزيد من [280] سبايا بني حنيفة ولداً سمّاه
[صفحه 237]
محمداً وكنّاه أباالقاسم، فوقع بينه عليه‌السلام وبين طلحة بن عبيداللَّه كلام فقال: إنك لتسمّي باسمه وتكنّي بكنيته وقد نهي صلي عليه وآله وسلم عن ذلك أن يجمعهما لأحد من أمته» فقال عليه‌السلام: إنّ الجري‌ء من اجترأ علي اللَّه ورسوله يا فلان ادع لي فلاناً وفلاناً. فجاء نفر في أصحاب النبي [رسول اللَّه] صلي عليه وآله وسلم ومن قريش فشهدوا أن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم رخّص لعلي عليه‌السلام أن يجمعهما وحّرمهما علي أمّته من بعده.
وروي علي عليه‌السلام عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم [أنّه قال له]: «يا علي يولد لك غلام نحلته اسمي وكنّيته بكنيتي»، فولد له محمد [فسمّاه محمداً وكنّاه بأبي القاسم].
وكان عليه‌السلام من نجباء أولاده وعيونهم بعد الحسنين عليهماالسلام، والكيسانية تزعم أنه المهدي المنتظر، وفيه يقول كثير عزّة: [281].
ألا إنّ الأئمّة من قريش
وُلاتُ الحقّ أربعة سواء
عليّ والثلاثة من بنيه
هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط إيمان و بّر
و سبط غيّبته كربلاء
وسبط لايذوق الموت حتّي
يقود الجيش يقدمه اللواء
تغيّب لايري عنهم زماناً
برضوي عنده عسل وماء
وروي أنّ جبريل صلي‌اللَّه عليه كنّي رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم بأبي
[صفحه 238]
إبراهيم، وإبراهيم صلي اللَّه عليه هو أحد أولاده وأمّه مارية القبطيّة أهداها له المقوقس، وهي الّتي قال صلي‌اللَّه عليه وآله فيها: «أعتقها ولدها وإن كان سقطاً»، [282] معناه: ولو كان سقطاً، فاستدلّ به أكثر العلماء علي أنّ الأمة تحرّر بعد ولادتها من سيّدها، لأنّ النبيّ صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم قال: «أعتقها ولدها» وهذا يقتضي الحرّية، وقالوا: إنّها تكون في حكم الحرّة في حكم واحد في تحريم بيعها؟ وباقي أحكامها أحكام الأمة المملوكة في جواز النظر اليها لغير شهوة وجواز صلاتها مكشوفة الرأس والجسد سوي ما تجب علي الرجل ستره فإنّها بمنزلته في ذلك، وهكذا أحكام جنايتها والجناية عليها مادام مولاها [حيّ] ولم يثبت عتقها [283].
[قال المؤلّف:] وهذا مذهب أكثر أئمّتنا عليهم‌السلام وهو مذهب ح وس؟ /88/ وأكثر علماء الأمّة.
وذهب الناصر للحق أنّه يجوز بيعها.
وقوله: «الطهر» يريد به النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم وأراد أنّه منزّه عن المعاصي.
و «الكسر» معروف وهو تفريق [الشي‌ء] الصليب؟ و «الضد» أراد به الصنم المعبود من دون اللَّه. والندّ: المثل قال تعالي: «فلاتجعلوا للَّه أنداداً وأنتم تعلمون» [21/البقرة: 2] أي‌أمثالاً ونظراء. و قيل أضداداً، والمراد به الضدّ وهو في اللغة وهو [من كان] مضادّ [اً] لغيره في التدبير. وقوله: «لاينثني» أي لايرجع عن غرضه الذي قصده.
وفي البيت فضيلة من فضائل أميرالمؤمنين سلام اللَّه عليه باهرة الضياء، قاهرة الأعداء، و ذلك هو ما:
أخبرنا به الشيخ الفاضل الورع الصالح محيي الدين أبوعبداللَّه محمد بن أحمد بن الوليد القريشي رضوان اللَّه عليه، قال: حدثنا القاضي الأجلّ الإمام شمس
[صفحه 239]
الدين جمال الإسلام جعفر بن أحمد بن أبي‌يحيي رضوان اللَّه عليه، قال: أخبرنا القاضي الأجلّ الإمام قطب الدين أحمد بن أبي‌الحسن الكني أسعده اللَّه، قال: حدثناالشيخ الإمام الحسن بن علي بن أبي‌طالب الفرزادي المعروف بخاموش إجازة قال: حدثنا الشيخ الرئيس أبونصر قصتلي [284] أحمد بن محمد بن صاعد قراءة عليه في الرابع عشر من شهر صفر سنة ثمانين وأربعمائة، قال: حدثنا السيد أبوطالب حمزة بن محمد بن عبداللَّه بن محمد بن‌الحسن الجعفر ي رضي‌اللَّه عنه قراءة عليه [285] قال: حدثنا أبوالحسين عبدالوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي [286] بدمشق قراءة عليه، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن ملانس؟ قال: حدثنا محمد بن عمرو السوسي؟ قال: حدثني‌أسباط بن محمد، عن نعيم بن حكيم عن أبي‌مريم: [287].
عن علي عليه‌السلام قال: انطلقت أنا ورسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم حتّي أتينا
[صفحه 240]
الكعبة فقال لي رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم: «اجلس لي». [فجلست له]فصعد علي منكبي فذهبت أنهض به فرأي [بي] من ضعفي فنزل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وعلي آله وسلم وجلس لي وقال: «اصعد علي منكبي». قال: فنهض بي فإنّه يخيّل إليّ [أن] لو شئت لنلت أفق السماء حتّي صعدت علي البيت وعليه تمثال صفر أونحاس فجعلت أزيله عن يمينه وعن شمائله ومن بين يديه ومن خلفه حتّي إذا استمكنت منه قال لي رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم: «اقذف به». فقذفته فتكسّر كما تنكسر القوارير، فنزلت فانطلقت أنا ورسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم نستبق حتّي توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد منهم [288].
[صفحه 244]
وروينا بالإسناد المتقدم إلي القاضي العدل المعروف بابن المغازلي الشافعي [289] قال: حدثنا أبونصر أحمد بن موسي الطحان إجازة عن القاضي أبي‌الفرج أحمد بن علي بن جعفر بن محمد بن المعلّي الخيوطي قال: حدثنا محمد بن الحسن الحسّاني قال: حدثنا محمد بن غياث، قال: حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا حماد بن زيد، عن عليّ بن زيد بن جذعان، عن سعيد بن المسيّب عن أبي‌هريرة قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لعليّ بن أبي‌طالب يوم فتح مكّة: «أما تري هذا الصنم بأعلي الكعبة»؟ قال: بلي يا رسول اللَّه. قال: «فأحملك فتناوله»؟ قال: بل أنا أحملك يا رسول اللَّه. فقال: صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم: «لوأنّ ربيعة ومضر جهدوا أن يحملوا مّني بضعة وأنا حيّ ماقدروا!! ولكن قف يا علي». فضرب رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم /89/ يديه إلي ساقي علي عليه‌السلام فوق القربوس ثم اقتلعه من‌الأرض بيده فرفعه حتّي تبيّن بياض ايطيه ثمّ قال له: «ما تري يا علي»؟ قال: أري أنّ اللَّه عز و جلّ قد شرّفني بك حتّي أنّي لو أردت أن أمسّ السماء لمستها [لمسستها «خ»]. فقال له: «تناول الصنم يا عليّ». فتناوله [عليّ] فرمي به، ثم خرج رسول اللَّه صلي عليه وآله وسلم من تحت علي وترك رجليه، فسقط علي الأرض فضحك فقال: «ما أضحكك ياعلي»؟ فقال: سقطت من أعلي الكعبة فما أصابني شي‌ء!! فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «فكيف يصيبك شي‌ء وإنّما حملك محمّد وأنزلك جبريل» عليهماالسلام؟!
قال [المولّف] أيّده اللَّه: وفي هذين الخبرين فوائد شريفة:
[صفحه 245]
منها تعذّر إقلال النبي صلي اللَّه عليه و آله وسلم علي أحد من الناس أجمعين من عليّ عليه‌السلام- علي قوّته التي خصّ بها كذلك- [و] من دونه لأنّه لم يقدر علي إقلاله، وأخبر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بأنّه لايطبق حمله ربيعة ومضر وهو حيّ.
ومنها اختصاص ذلك به صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم وهو حيّ وإمكان ذلك وهو ميّت!! ولهذا حمل إلي قبره، والتفرقة بين الحالتين من الأعاجيب التي لاتخفي.
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم حتّي قال عليّ عليه‌السلام: «إنّي لو أردت أنّ أمسّ السماء لمسستها» وهذه معجزة ثالثة لأنّها ناقضة للعادات، إذ لم تجر[العادة]بأنّ أحداً من الأقوياء بحمل غيره فيكون علي حاله [و] يمكنه لمس السماء!! ومنها فضل علي عليه‌السلام حيث حمله رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي عاتقه وهذا شرف يزيد، وذكر يتجدّد ولاببيد.
ومنها إنه عليه‌السلام لم يصبه أذي عند نزوله ولم يحمله بشر وهذا خلاف العادة. ومنها إنزال جبريل عليه‌السلام له بأن حمله، وهذا فضل يتميّز به علي الأنام، وانفرد به علي الخاص والعام، وإن كان الرسول قد حمل الحسنين عليهماالسلام علي ما نوضحه إن شاء اللَّه تعالي، وفضل الولد وشرفه يزيد في شرف والده وفضله وكذلك العكس.
[صفحه 246]

و بيان مبيت علي في فراش النبي تفدية له في ليلة الغار

رجعنا إلي [شرح البيت: (18) من] القصيدة قال الإمام [المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ومن فدا أحمد بدر الدجي
نفسي فداء للفِدا والفدي
فدا يفدي [فَديً وفِديً وفِداءً- علي زنة «رمي يرمي» - وبابه] معروف وهو أن يجعل [شخص] نفسه في معرض التلف وقاية لغيره، قال اللَّه تعالي: «وفديناه بذبح عظيم» [107/الصافات 307] أراد ما كان من فداء إسماعيل صلي اللَّه عليه بالكبش الذي أنزل من الجنة بعد أن رعا فيها- علي ما قبل- أربعين خريفاً وذلك إنّ اللَّه تعالي لما أمر إبراهيم صلي اللَّه عليه وسلم في ولده بما أمر، و بادر إلي مابادر علي ماقصّ [اللَّه] تعالي خبره حيث يقول: «فلمّا أسلما وتلّه للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدّقت الرؤيا إنّا كذلك نجزي المحسنين» [105 -102/الصافات 37] فلما علم اللَّه تعالي أنّهما قد بادرا لأمره واستسلما لحكمه صابرين علي ما تصوّراه من الأمر بالذبح، فداه اللَّه تعالي بالذبح العظيم.
وقد اختلف الناس هل أمر بالذبح علي الحقيقة، أوأمر بمقدمات الذبح؟ فذهب أكثر الفقهاء إلي أنّه أمر بالذبح، وذهب المحققون من أهل العدل والتوحيد من أئمتنا عليهم‌السلام وأتباعهم رضي‌اللَّه عنهم /90/ إلي أنّه لم يؤمر بالذبح وإنّما أمر بمقدماته، وقالوا: لأنّه تعالي يقول: «وناديناه أن ياإبراهيم قد صدّقت الرّؤيا» [105/الصافات: 26] فلوكان مأموراً بالذبح لم يكن قد صدّق الرّؤيا في الحقيقة وقد صدّقه اللَّه تعالي.
ولايقال: قد وقع الذبح وإنما أحياه اللَّه تعالي. وذلك لأنه لادليل علي هذا، وما لا دليل عليه فإنه لايجوز القطع علي صحته.
وبعد فلو وقع الذبح لاستغني عن الفداء، فإنّه لامعني له بعد الذبح وإنّما يتصوّر أن يستقيم معني قوله: «وفديناه بذبح عظيم» [107/االصافات 37] إذاكان لم يذبح، وذبح ماهو فداء عنه، فصحّ أنّه لم يؤمر بالذبح في الحقيقة.
وبعد فلو [كان] أمر بالذبح لوجب أن يفعله وإلاّ [كان] استحق التوبيخ علي تركه ومعلوم أنّ اللَّه تعالي ما عنّت عليه في هذه القصة شيئاً.
فإن قيل: إنّه نهاه عن الذبح بعد أن أمره به، والنسخ جائز فيما هذاحاله. قلنا: إن النسخ في هذه الصورة باطل لأنّه لايكون نسخاً في التحقيق وإنّما يكون بداءاً
[صفحه 247]
لأن الأمر حينئذ والنهي يكونان قد تناولا فعلاً واحداً علي وجه واحدٍ من مكلّفٍ واحدٍ، وهذا هو البداء، لأنّه نظير أن يأمر زيد عبده بفعل في وقت ٍ ثم ينهاه عنه علي وجه واحد، و ذلك يكون بداءاً، والبداء لا يجوز علي اللَّه تعالي لأنّه يقتضي تجدّد علمه و هو محال.
يزيده وضوحاً أنّه تعالي إذا أمر بفعل فإنّه لا يأمر به إلاّ لصلاح يكون قد علمه فيه لذلك المأمور به، فمتي نهي عنه بعد الأمر فلا يخلو إمّا أن ينهي عنه مع كونه مصلحةً [فعلي هذا] كان النهي قبيحاً لأنّ النهي عن المصلحة قبيح عند العقلاء.
وإمّا أن ينهي عنه- [بعد ما أمر به]- لأنّه [ذو] مفسدة، وهذا محال لأنّه قد علم أوّلاً أنّه [ذو] مصلحة، فمتي علم أنّه مصلحة؟ فمتي علم أنّه مفسدة لم يكن بدّ من أن يكون في إحدي الحالتين جاهلاً لأنّه إن كان مفسدة مع أنّه قد علم كونه مصلحة لم يكن هذا علماً في الحقيقة، فيلزم إضافة الجهل إلي اللَّه تعالي وهذا محال، لأنّه عالم بذاته، فيجب القضاء بأنّه لا يحسن الأمر بالفعل ثمّ يرد النهي عنه قبل فعله أو مضيّ وقت فعله.
فلهذا قضينا بأنّ إبراهيم صلي اللَّه عليه وسلم لم يكن مأموراً بالذبح، وإنّما أمره بمقدمات الذبح من الإضجاع وأخذ المدية ووضعها علي الحلق.
ومتي قيل: فأين البلاء المبين الذي أخبر به ربّ العالمين؟ قلنا ظنّ صلي‌اللَّه عليه وآله أنّه لم يؤمر بهذه المقدمات الاّ للذبح المتعقّب لها، فتصوّر البلاء الذي حكاه اللَّه تعالي دون أن يكون مأموراً بالذبح علي الحقيقة.
و «أحمد» المذكور في البيت هو رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم، وذلك من أسمائه كما قدّمناه.
و «البدر» معروف وسمّي بدراً لتمامه. وقيل: لأنّه يبادر الشمس بالغروب.
و «الدجي» هو الظلام الشديد، والمداجات: [المدارات مع] المساترة، ومنه داجيت فلاناً أي [داريته و] ساترته بالعداوة.
وقوله: «نفسي» أراد ذاته وجسمه وذلك أحد معاني النفس، قال تعالي: «يا أيّها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة» [24/البقرة: 2].
[صفحه 248]
وثانيها بمعني الروح، كما قال تعالي: «والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم» [93/الأنعام: 6] يريد الأرواح.
وثالثها بمعني القلب، قال تعالي حاكياً /91/ [عن عيسي بن مريم]: «تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك» [116/المائدة: 5] قيل: [أراد]بقوله: «نفسي» القلب، لأنّ القلب محلّ لكثير من‌الأفعال التي يتناولها التكليف.
ورابعها الدم كما قال الفقهاء: «مالانفس له سائلة فإنّه لا ينجس الماء القليل بموته فيه وما له نفس سائلة فإنّه ينجس الماء القليل بموته فيه» وأرادوابالنفس هاهناالدم، وقد ورد ذلك في لغة العرب قال الشاعر:
تسيل علي حدّ السيوف نفوسنا
وليست علي غير السيوف تسيل
وما تقوله الباطنية الملحدة- من النفس الكليّه التي هي أحد صانعي العالم والحريّة وهي‌التي يختص بها كلّ حيّ وهي الّتي هي الروح الذي هو الإنسان في الحقيقة أوغيره من الحيوانات- فإنّه قول باطل ولأنّه لا دليل عليه ولايعلم صحته باضطرار، وكلّ مالايعلم ضرورة ولا دليل علي ثبوته فلا وجه للقطع عليه.
وبعد فإن أحدنا حيّ قادر عالم فاعل فلا معني لطلب فاعل سواه، وكيف وقد علمنا وقوف أفعاله نحوقيامه وقعوده علي داعيته ومشيئته، فلولم يكن فاعلا لها في التحقيق لم تفف عليه ولاتكثّر بكثرة قدرة ولايقلّ بقلتها، ولايوثر علمه الكثير في أحكامها، بل لا فرق حينئذ بين جهله وعلمه، وهذا ظاهر السقوط.
وقوله عليه‌السلام: «نفسي فداء للفدا والفدي» فأراد ب «الفدا» علياً عليه‌السلام وب «الفدي» رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول [المنصور باللَّه]: إنه يفديهمابنفسه لشرفهما وفضلهما وهذا غاية ما يبذله الواحد [منّا] لمن يعزّ عليه ويعظم خطره لديه، وقد كان النبي صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم للين جانبه - وشرف أخلاقه ووطأة أكنافه وخفض جناحه- يخاطب بمثل ذلك أصحابه فقال لسعد بن أبي‌وقاص في يوم «أحد»: إرم فداك أبي‌وأمي [290].
ورأيت في بعض الكتب التي ذكرت فيها أخلاقه- وإن كنت لا أتحقق كونه
[صفحه 249]
مسموعاً- أنّه كان ربما يقول لأصحابه: «فداكم أبي‌وأمي وخالي» [291].
وهذا لا يزيد علي ما حكاه اللَّه تعالي في الجملة حيث يقول مقسماً علي شريف خلقه «ن والقلم وما يسطرون - ما أنت بنعمة ربك بمجنون - وانّ لك لأجراً غير ممنون - وانّك لعلي خلق عظيم» [1 تا 4/القلم: 68] فما عظم اللَّه تعالي إلاّ عظيماً وقال تعالي: «ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك» [85/آل عمران: 3] وقال تعالي: «لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رءُوف رحيم» [128/التوبة: 9].
وقد انطوي البيت علي فضيلة لعلي عليه‌السلام غرّاء، ومنقبة في الكرم ساطعة الضياء، وذلك ثابت فيما رويناه بالإسناد المتقدم إلي السيد الإمام أبي‌طالب يحيي بن الحسين عليهم‌السلام [292] قال:
أخبرنا محمد بن عمر الدينوري قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان: قال: حدثنا أحمد بن سليمان بن داود الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: أخبرني عمّي مصعب بن عبداللَّه، قال: أخبرني موسي بن عبداللَّه بن الحسن بن الحسن عليهم‌السلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم‌السلام قال:
كان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم إذا أخذ مضجعه وعرف /92/مكانه تركه أبوطالب فإذا نامت العيون جاء إليه فأنهضه من فراشه وأضجع علياً مكانه فقال عليّ ذات ليلة: [293] يا أبتاه إنّي مقتول؟ فقال أبوطالب:
اصطبر يا عليّ فالصبر أحجي
كلّ حيّ مصيره لشعوب
قد بلوناك و البلاء يسير
لفداء النبي وابن‌النجيب
لفداء الأغرّ ذي النسب الثا
قب ذي‌الباع والرضي الحبيب؟
إن تصبك المنون عنه فأحري
فمصيب منها وغير مصيب
كل حيّ وإن تملّأ عيشاً
آخذ من سهامه بنصيب [294].
[صفحه 250]
وروينا من طريق أخري أنّ ذلك كان في حصار الشعب.
وروينا بالإسناد المتقدم إلي السيد الإمام أبي‌طالب يحيي بن الحسين عليه‌السلام [295] قال: أخبرنا أبوالعباس أحمد بن إبراهيم الحسيني رحمه الله تعالي قال: حدثنا محمد بن بلال، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سلام، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا علي بن هاشم، عن محمد بن عبداللَّه بن أبي‌رافع، عن أبيه، عن جدّه أبي‌رافع قال:
كان علي عليه‌السلام يجهّر [296] لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم حين كان في الغار، يأتيه بالطعام والشراب واستاجر ثلاث رواحل للنبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم ولأبي بكر ولدليليهما.
وخلّفه النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم ليخرج إليه أهله فأخرجهم إليه وأمره أن يؤّدي عنه أماناته ووصاياه من كان يوصي إليه وماكان يؤتمن عليه، فأدّي عنه أمانته كلّها.
وأمره أن يضطجع علي فراشه ليلة خرج [و] قال: إن قريشاً لن يفقدوني ما داموا يرونك. فاضطجع علي فراش النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم وجعلت قريش تطلع عليه، فإذا رأوه قالوا: هو [ذا] نائم فلمّا أصبحوا ورأوا عليّاً عليه‌السلام قالوا: لو خرج محمد لخرج بعلي.
[فامتثل عليّ جميع ما أمر به النبي‌صلي اللَّه عليه وآله وسلم ثمّ أخذ أهله ومن أمرالنبيّ بحمله وتوجّه نحو المدينة].
فلمّا بلغ النبي صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم خبر قدومه قال: ادعوا لي عليّاً. قالوا: بانبيّ‌اللَّه لايقدر أن يمشي علي قدميه فأتاه النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فلمّا رآه اعتنقه وبكي رحمةً له لمارأي بقدميه من الورم وانّهما يقطران دماً، وتفل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم في يده فمسحهما به ودعاله بالعافية فما اشتكاهما حتيّ
[صفحه 251]
استشهد عليه‌السلام [297].
وبالإسناد المتقدم إلي القاضي الزكي أبي‌عليّ الحسن بن علي الصفّار [298] قال: حدثنا عمر بن مهدي البغدادي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عقدة، قال: حدثنا الحسين بن عبدالرحمان بن محمد الآذوني قال: حدثنا أبي‌قال: حدثنا عبدالنور بن عبداللَّه بن محمد بن المغيرة القرشي، عن إبراهيم بن عبداللَّه بن معبد:
عن ابن‌عباس قال: بات علي ليلة خرج رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم إلي المشركين؟ علي فراشه ليعمي علي قريش، وفيه نزلت هذه الآية: «ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات اللَّه» [207/البقرة: 2].
وبالإسناد المتقدم إليه رضي اللَّه عنه قال: حدثنا قاضي القضاة أبوالحسن عبدالجبّار بن أحمد قراءةً عليه، قال: حدثنا القاسم بن أبي‌صالح، قال: حدثنا عقبة بن مكرم قال: /93/ حدّثنا يونس، عن قيس بن الربيع، عن حكيم بن جبير:
عن علي بن حسين قال: أوّل من شري نفسه للَّه عزّوجلّ عليّ بن أبي‌طالب كان المشركون يطلبون رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقام [النبيّ] عن فراشه فانطلق هو وأبوبكر [299] فاضطجع عليّ علي فراش رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فجاء المشركون فوجدوا عليّاً ولم يجدوا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم [300].
[صفحه 252]
قال [المؤّلف] أيّده اللَّه: وفي هذه الآثار فوائد:
منها شدّة حنوّ أبي‌طالب علي رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم حتّي وقاه بولده وثمرة فؤاده علي بن أبي‌طالب علي عظم محبّته له فعرّضه للتلف إبقاءاً علي الرسول صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم.
ثّم فيه الاعتراف بنبوّته أيضاً وقد نقلت له أبيات رويناها بالإسناد إلي السيّد الموفّق بالله أبي‌عبداللَّه الحسين بن إسماعيل الجرجاني الحسني عليه‌السلام [301] منها: قوله:
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمدًا
نبيّاً كموسي خطّ في أوّل الكتب
أليس أبونا هاشم شدّ أزره
وأوصي بنيه بالطعان و بالضرب
و [أيضاً] كتب [أبوطالب] في أمر النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم إلي‌النجاشيّ:
تعلّم أبيتَ اللعن أنّ محمّداً
رسول كموسي والمسيح بن مريم
أتي بالهدي مثل الّذي أتيا به
فكلّ بأمر اللَّه يهدي ويعصم
وقال أيضاً:
وقد حلّ مجد بني هاشم
مكان النعائم والزهرة [302].
[صفحه 253]
ومحض بني هاشم أحمد
رسول المليك علي فترة
وقال أيضاً:
منعنا الرسول رسول المليك
ببيض تلألأ كلمع البروق [303].
أذبّ وأحمي رسول المليك
حماية حام عليه شفيق
وهذا [هو] التصريح بنبوّة النبيّ صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم وهو دليل علي إسلامه.
وقد روي أنّه عند موته والعباس رضي الله عنه [كان] عنده فسمعه ينطق بالشهادة وقال: يخاطب النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: يا ابن‌أخي قالها، يعني الشهادة. فإذانقل [عنه] ما يقتضي الإسلام وجب قبوله وتقديمه علي رواية الكفر، لاسيّما وهو طارئ علي الأصل الذي هو الكفر فجري مجري الخبر عن طهارة الماء والخبر بنجاسته، فإنّ الخبر بطهارته أولي [304] لأن الأصل الطهارة، والنجاسة طارئة ونظائر ذلك واضحة.
وقد انعقد إجماع المتأخّرين من العترة عليهم‌السلام علي إسلامه [305] وإجماعهم حجّة
[صفحه 254]
واجبة الإتّباع فوجب القضاء بذلك، وقد ذكره الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام في أبيات أجاب بها ابن‌المعتزّ، عن قصيدة له فقال فيها: [306].
[صفحه 260]
ونحن بنو بنته دونكم
ونحن بنو عمّه المسلم
حماه أبونا أبوطالب
وأسلم والناس لم يسلم
وقد كان يكتم إيمانه
فأمّا الولاء فلم يكتم
ومنها- [أي من فوائد الحديث المتقدّم حول اضطجاع عليّ في فراش النبيّ ليلة هرب النبيّ من المشركين]- الصبر العظيم لأمير المؤمنين /94/ عليه‌السلام في تعريضه نفسه للقتل في اللَّه والفداء لرسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم.
ومنها ما كان منه صلي اللَّه عليه وآله وسلم من الأفعال الكاشفة عن شدّة محبّته لعلي عليه‌السلام حيث أتي إليه ثم اعتنقه وبكي رحمهً له لمّا رأي ما بقدميه، وكيف تري حال معاديه ومناصبيه ومناوئيه كمعاوية اللعين وأشياعه الأئمة الفاجرين؟!
ومنها المعجزة العجيبة وهي زوال ما بقدميه بعد تقطرهما بالدم عقيب نفثه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ومسحهما بيده الكريمة.
[صفحه 261]
ومنها نزول الآية بعد ذلك مفصحة بأنّه شري نفسه للَّه و «شري» هاهنا بمعني باع وذلك شائع في اللغة قال الشاعر:
وشريت برداً ليتني
من بعد بردٍ كنت هامة
يعني بعت وصرّح [اللَّه] تعالي فيها بما يشهد بإخلاص علي عليه‌السلام فقال: «ابتغاء مرضات اللَّه» وهذا شرف شامخ ومجد باذخ، ومن أثني عليه المليك الكريم في الذكر الحكيم أضحي قدحه قامرًا وبدره باهرًا وما عسي ثناء البشر وإن أطنبوا وتبّروا وحبّروا واستطروا وأكثروا؟!
وقال أميرالمؤمنين [عليه‌السلام] يذكر مبيته علي فراش رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم:
وقيت بنفسي‌خير من وطي‌ء الحصي
ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر
رسول إله خاف أن يمكروا به
فنجّاه ذوالطول الإله من‌المكر
وبات رسول اللَّه في الغار آمناً
موقّيً [307] وفي‌حفظ الإله وفي ستر
وبتّ أراعيهم ولما يشوشني؟
وقد وّطنت نفسي علي‌القتل والأسر [308].
[صفحه 262]

و بيان أن عليا قسيم الجنة والنار

رجعنا إلي [شرح البيت (19) من] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ومن قسيم النار بيّن لنا
هذا إلي هذي وهذا لذي
القسيم هوالمقاسم يقال: زيد قسيم عمرو في هذه الضيعة والدار أي مقاسمه. والنار معروفة وجمعها نيران، وقوله: «بيّن» من البيان وهو إيضاح المعني بحيث يزول عنه اللبس، وقد تقدم تفصيل فائدة هذه اللفظة.
والنون في قوله: «لنا» لفظها الجمع والمراد به الواحد إلاّ أنه جري علي خطاب العرب إذا صدر عن ذي رياسة ورد بما يقتضي التعظيم كما يقول الملك: «قتلنا بني فلان واستولينا علي أرضهم» وقد ورد القرآن الكريم بذلك قال تعالي «إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون» [9/الحجر: 15] فذكر لفظ الجمع في خمسة مواضع والمراد به نفسه تعالي لأنّ شأنه فوق كلّ شأن، وسلطانه قاهر لكل سلطان، فحسن في حقّه تعالي ذلك [وهو الجدير به لا غير].
وقوله: «هذا إلي هذي وهذا لذي» فيه حذف وتقديره: هذا الذي يصير إلي هذي؟ وهي النار، «وهذا لذي» يعني الجنة.
والمراد بالبيت ما انفرد به أميرالمؤمنين عليه‌السلام من المنقبة العجيبة والفضيلة الشريفة الغريبة وذلك هو ما:
أخبرنا به الشيخ الأجلّ /95/ العالم الورع محيي الدين أبوعبداللَّه محمد بن أحمد بن الوليد رضوان اللَّه عليه، عن أميرالمؤمنين السيد العالم بدر الدين داعي أميرالمؤمنين أبي‌عبداللَّه محمد بن أحمد بن يحيي بن يحيي بن الهادي إلي الحق عليهم السلام عن الشريف الفاضل العالم عماد الدين الحسن بن عبداللَّه رضي الله عنه، عن القاضي الأجلّ قطب الدين أحمدبن أبي‌الحسن الكني رضي الله عنه، قال: حدثنا القاضي أبونصر [309] عبدالرحيم بن المظفر بن عبدالرحيم الحمدوني قراءةً عليه، قال: حدثنا والدي قراءةً قال: حدثنا السيد الإمام المرشد باللَّه أبوالحسين يحيي بن الإمام الموفق بالله أبي‌عبداللَّه الحسين بن إسماعيل الجرجاني الحسني رضي الله عنه، قال: حدثنا أبوالفضل عبيداللَّه بن أحمد بن علي‌المقرئ الكوفي بقراءتي عليه، قال:
[صفحه 263]
حدثنا أبوحفص عمرو بن إبراهيم بن أحمد الكتابي المقرئ؟ قال: حدثنا أبوالحسين عمر بن الحسن القاضي الاشناني قال: حدثني إسحاق بن الحسن الحزن؟ قال: حدثني محمد بن منصور الطوسي يقول:
كنّا عند أحمد بن حنبل فقال له رجل: يا[أ]با عبداللَّه ما تقول في هذا الحديث الذي يروي أنّ علياً عليه‌السلام قال: «أنا قسيم النار»، [310] فقال: وما تنكر من ذا أليس روينا أن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال لعليّ: «لايحبّك إلاّ مؤمن ولايبغضك إلاّ منافق»؟ [311] قلنا: بلي. قال: فأين المؤمن؟ قلنا: في الجنّة. قال: فأين المنافق؟ قلنا: في النار. قال: فعليّ قسيم النار [312].
[صفحه 265]
[قال المؤلّف:] وفي ذلك يقول الصاحب [اسماعيل بن عبّاد؛] شعراً:
عليّ حبّه جنّة
قسيم النار والجنّة
وصي المصطفي حقّاً
وخير الإنس والجنّة
وبهذا الإسناد [المتقدّم آنفاً] بعينه إلي محمد بن منصور الطوسي قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: «ما روي لأحدٍ من الفضائل أكثر مما روي لعلي عليه‌السلام» [313].
[صفحه 266]
قال [المؤلّف] أيده اللَّه: وقد فّسر أحمد بن حنبل الخبر بأن عليّاً قسيم الجنّة والنار بما ذكره و روي عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي معرفته بالأخبار وسعة روايته للآثار.
ثّم ما ذكرناه عنه ثانياً من: «انه لم يرو لأحدٍ من الفضائل مثل ما روي لعليّ عليه‌السلام» [لا يوجب] علي انّه لايظنّ به الميل و الانحرف إلي العترة عليهم‌السلام [314] لمباينته لطريقتهم في عقيدته التي كان عليها فإنّه يروي عنه القول بالتجسيم، والقول بقدم القرآن [عنه] بيّن وذلك ظاهر [315].
وقد نقلت مناظرةالقاضي أحمد بن أبي‌دؤاد في قدم القرآن بين يدي المعتصم العباسي وهي مشهورة، وذلك إنّه لمّا صرّح بقدم الكلام قال له: أخبرني هل يقدراللَّه علي أن يكلّم غير من كلّم من أنبيائه أم لا؟ فقال: «لايقدر» لأنّه عنده قديم فلا تتعلق القدرة به والحال هذه فارتكب القول بأنّه تعالي لايقدر علي ذلك ثمّ جلد جلدًا مبرحاً بسبب التصريح بما حكيناه عنه.
وفي الخبر دلالة واضحة علي عصمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام وذلك لأنّ الكبيرة لوجاز أن تقع منه لم يكن مبغضه مقطوعاً بإثمه بل‌يكون قد فعل مايجب عليه، فكان يبطل قوله عليه‌السلام: «ولايبغضك إلاّ منافق».
فإن قيل كيف يستقيم قوله: «لايحبّك الاّ مؤمن» والغلاة/96/محبّون له وهم غير مؤمنين.
قلنا: إنهم لايعدّون في محبّيه علي الحقيقه كما لاتعدّ النصاري- الذين قالوا: «إنّ
[صفحه 267]
المسيح ابن‌اللَّه» - ممن يحبّه علي الحقيقة، وذلك لأنّ المحبّة لاتصحّ إلاّ بالإتّباع، ومن قال: «إنّ عيسي ابن‌اللَّه»؛ لم يكن متّبعاً له عليه‌السلام بل يكون معانداً له مكذباً لما جاء به، لأنّه صلي اللَّه عليه وسلم دعا إلي خلاف ذلك، كما حكاه اللَّه تعالي عنه قال: «إنّي عبداللَّه آتاني الكتاب وجعلني نبيّاً - وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكوة ما دمت حيّاً» [31-30 مريم: 19] والمعلوم ضرورة أنّه من البشر، فكيف يكون إلهاً؟! فإذا كانت النصاري لاتعدّ في من يحبّه عليه‌السلام علي الحقيقة، فكذلك حال الغلاة الذين يعتقدون أنّ علياً إله [أ] و أنّه نبيّ إلي غير ذلك من إختلاقهم وإفكهم عليه سلام اللَّه عليه، فبقي الخبر متناولاً للمؤمنين الذّين صحّ إيمانهم وانتفعوا بمحبته عليه‌السلام وكانت من خصال الإيمان التي لايكمل [الإيمان] إلاّ بها.
[صفحه 268]

في أن عليا يسقي علي حوض الكوثر أحبائه ويطرد عنه الكافرين والمنافقين

ونرجع إلي [شرح البيت: (20) من] القصيدة، قال الإمام [المنصور باللَّه]عليه‌السلام:
وزلفة الكوثر من ربّها
يسقي ويُقصي بعضهم بالعصيّ
قد تقدّم الكلام في معني الزلفة وأنّها الدرجة الشريفة، والكوثر مأخوذ من الكثرة- كنوفل مأخوذ من النفل الذي هو الإعطاء- ومعناه الكثير النوافل وهي العطايا، قال الشاعر:
إنّ تقوي ربنا خيرنفلٍ
وباذن اللَّه ريثي وعجل؟
يريد أن التقوي خير عطية لأنّه يفضي بصاحبه إلي الفوز بالجنّة والنجاة من النار، ولافوز أعلي منه عند كلّ متأمّل، والكوثرالذي من شأنه الكثرة في إعطائه قال الشاعر:
وأنت كثير يا بن مروان طيّب
وكأن أبوك ابن‌العقايل كوثراً؟
والكوثر: الغبار أيضاً.
والربّ هوالسيّد المالك. والربّ: الصاحب. والربّ: المصلح للشي‌ء يقال: ربّ الأديم أي‌أصلحه، وأديم مربوب أي مصلح. والربّ: المربي لغيره بطريقة التشبيه،واللَّه تعالي ربّ العالمين لأنّه سيّد هم والمالك للتصرّف عليهم.
ويسقي معروف [يقال:] سقي يسقي سقياً [الرجل: أعطاه ماءاً ليشرب. والفعل علي زنة «رمي» وبابه. ويقال:] سقاه يسقيه سقيا؟ إذا أوصل إليه الشراب، وأسقاه إذا جعله له سقياً. والسقي: الحظّ من الشرب. واستسقي: طلب السقيا من غيره، ومنه قيل صلاة الاستسقاء لأن الناس يطلبون السقيا من اللَّه تعالي، ومنه الحديث: إنّ عمر [لمّا] استسقي بالعباس عليه‌السلام قال: «اللهم إنّا نستسقيك بعّم نبيّك صلي اللَّه عليه وآله وسلم» فسقاهم اللَّه، تعالي فقال عتبه بن أبي‌لهب:
بعمّي سقي اللَّه الحجاز وأهله
عشية يستسقي بشيبته عمر
توجّه بالعباس في الجدب راغباً
فماكرّ حتّي جاء بالديمة المطر
ومنّا رسول اللَّه فينا تراثه
فهل فوق هذا للمفاخير مفتخر
وقوله: /97/ «ويقصي» مأخوذ من الإقصاء وهوالطرد [يقال:]. أقصاه يقصيه إقصاءاً إذا أبعده، ومنه قوله تعالي: «فحملته فانتبذت به مكاناً قصيّاً» [22/مريم: 19] أي بعيداً. و «بعضهم» نقيض «كلهم» وهذا أحد الوجوه الّتي
[صفحه 269]
يصلح الاستدلال بها علي إثبات العموم في لغة العرب، وذلك المعلوم من عادتهم؟ أنّهم يستعملون البعض في مقابلة الكلّ فيقول القائل لغيره: أكرمت كل القوم أوبعضهم؟ فلوكانت لفظة كلّ غير مستغرقة بل هي موضوعة للخصوص لصار تقدير كلامه أكرمت بعض القوم أوبعضهم وهذا غير مقصود عند أهل اللغة؟ بل لو قاله قائل عدّ كلامه في نهاية الركاكة دون الفصاحة؟ وكان يجب إذا أفاد الكلّ البعض أن لايحسن أن يجيبه بذكرالكلّ، فإذا سئل أكرمت كلّ القوم وكان قد أكرم جميعهم لم يحسن منه أن يقول في الجواب: أكرمت كلّهم لأنّه لم يسأل هل أكرم الكلّ وإنّما سئل هل أكرم البعض فلايحسن أن يجيب بذكر الكلّ لأنّه يكون قد أجاب عمّا لم يسأل فيجري قبح الجواب في هذه الصورة مجري قبحه لو قيل له: أكرمت القوم؟ فيقول: أكرمت البهائم!! ومعلوم ثبوت التفرقة بين الجوابين في الحسن، وفي ذلك أوفي دليل علي أن في اللغة لفظاً يفيد الاستغراق وهو كلّ.
«والعصيّ» جمع العصا «والكوثر» المذكور في البيت هو الذي أراده اللَّه تعالي بقوله: «إنّا أعطيناك الكوثر» [1/الكوثر: 108] وقد سئل النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم عن الكوثر، فقال: «نهر أعطاني اللَّه تعالي أشدّ بياضاً من اللبن وأحلي من العسل، فيه طير أعناقها كأعناق الجزر». فقال عمر: إنّ تلك الطير ناعمة!! فقال [النبيّ]: «أكلها أنعم منها يا عمر».
وروي عنه صلي اللَّه عليه وآله أنّه قال: «أعطيت الكوثر فصيرت يدي إلي تربته فإذاً مسك أذفر، وإذاً حصباؤه اللؤلؤ، وإذاً نهر يجري علي الأرض جرياً ليس بمشقوق».
والمقصود من البيت التنبيه علي الفضيلة الجليلة والدرجة النبيلة لعليّ عليه‌السلام وذلك ثابت فيما: رويناه بالإسناد المتقدم إلي القاضي العدل المعروف بابن المغازلي الشافعي قال: حدثنا أبومحمد الحسن بن أحمد بن موسي الغندجاني [316] قال:
[صفحه 270]
أخبرنا أبوالفتح هلال بن محمد الحفّار، قال: حدثنا أبوالقاسم إسماعيل بن علي بن [علي بن] رزين بن عثمان بن عبدالرحمان بن عبداللَّه بن بديل [317] بن ورقاء الخزاعي قال: حدثنا علي بن الحسين السعدي قال: حدثنا إسماعيل بن موسي السدي قال: حدثنا ابن‌فضيل، قال حدثنا يزيد بن أبي‌زياد، عن مجاهد:
عن ابن‌عباس قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «عليّ يوم القيامة علي الحوض، لايدخل الجنّة إلاّ من جاء بجواز من علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام». وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إذا كان يوم القيامة أقف علي الحوض، وأنت يا علي والحسن والحسين تسقون شيعتنا وتطردون أعداءنا».
قال [المؤلّف] أيّده اللَّه: وسيرد ذلك في أخبار أخر إن شاء اللَّه تعالي.
[صفحه 271]
وهذا يشهد بشرف علي عليه‌السلام وولديه الحسن والحسين عليهم‌السلام، وقد صرّح صلي اللَّه عليه وآله وسلم بأنّهما يسقيان شيعتهم ويطردان أعداءهم فإذا علمنا أن معاوية وأتباعه ويزيد وأشياعه من أعداء أميرالمؤمنين وأولاده /98/ علمنا علي القطع أنّهم يطردون عن حوض الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم الذي من شرب منه لم يظمأ أبداً، ووجب أن يكونوا ممن يسقي من الحميم و شراب الصديد في الجحيم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، و قد نظم ذلك بعض الشعراء- ويروي انّها لزين العابدين عليه‌السلام- فقال: [318].
لنحن عليّ الحوض روّاده
نذود ونسعد وُرّاده
و ما فاز من فاز إلاّ بنا
و ما خاب من حبّنا زاده
و من سرّنا نال منا السرور
و من ساءنا ساء ميلاده
و من كان ظالمنا حقّنا
فإنّ القيامة ميعاده
وقال الآخر:
ربّ هب لي من المعيشة سؤلي
واعف عنّي بحقّ آل الرسول؟
واسقني شربةً بكفّ عليّ
سيّدالأوصياء زوج البتول؟
[صفحه 272]

في أن عليا حامل لواء الحمد

ونعود إلي [شرح البيت: (21) من] القصيدة، قال الإمام [المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ومن لواء الحمد في كفّه
أخفّ من معضدة المختلي
اللواء معروف، وقيل: كانت ألوية النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم بيضاء، ورايته سوداء.
والحمد: نقيض الذمّ و هو بمعني المدح ويفارق الشكر في أنّ الشكر لايكون شكراً إلاّ علي نعمة، بخلاف الحمد فإنّه يكون حمداً علي غير نعمة، ألا تري أنّا نحمد الصالحين علي صلاحهم وإن لم تصل إلينا نعمة منهم، ولانشكر أحداً إلاّ علي نعمة تصل منه [إلينا] فافترقا في هذا الوجه، وإن اشتركا في أنّ كلّ واحد منهما يتضمّن تعظيم الغير بالقول.
ونسبت اللواء إلي الحمد فقيل لواء الحمد لأنّ الحمد العظيم يحصل للَّه تعالي عنده إذا استظل المؤمنون في ظلّ اللواء لأن النعمة في ذلك المقام لما عظمت باستظلالهم بظلّه والكون تحت برده عظم الحمد للَّه تعالي علي ذلك فسمي لواء الحمد ويكون المراد به لواء أهل الحمد وهم المومنون، ويكون قد حذف المضاف وأقام المضاف اليه مقامه.
والكفّ معروف و هوالجارحة المخصوصة، والكفّ: المنع [يقال:] كفّه عن كذا أي منعه.
وأخفّ نقيض أثقل،و قد يستعمل فيمايخفّ علي النفوس و يثقل عليها فيقال: فلان يخفّ عليه كلام فلان ورؤيته أي سهولته عليه لشهوته له، وفلان يثقل عليه كلام فلان ورؤيته، والمراد بذلك أنّه ينفر عنه ولا يشتهيه.
والمعضدة: الآلة التي يعضد بها الشجر أي يقطع، ومنه الحديث عن رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم في مكّة: «حرام إلي يوم القيامة لايعضد شجرها ولاينفر صيدها ولا تحلّ لقطتها»، وفي بعض الأخبار: «لايختلي خلاها»، فقال العباس: يا رسول اللَّه إلاّ الإذخر فإنه لقبورنا وبيوتنا. فقال صلي اللَّه عليه: «إلاّ الإذخر»، فقوله: «لايعضد شجرها» يريد لايقطع بالمعضد.
وقوله: /99/ «لاينفر صيدها ولايحلّ لقطتها» فالصيد وإن كان فعل الصائد إلاّ أنّه قد سمّي‌المصيد في الحقيقة صيداً، و علي هذا قال تعالي: «لاتقتلوا الصّيد
[صفحه 273]
وأنتم حرم» [95/المائدة: 5] والذي يمكن فيه القتل علي الحقيقة هو المصيد بنفسه لا الصيد الذي هو فعل الصائد.
وقوله: «لاتحلّ لقطتها» فقد اختلف العلماء [فيها] فذهب (ح) إلي أن حكم لقطة مكة حكم غيرها في أنّه يجوز تملكها بعد مدّة انقضاء التعريف.
ومنهم من حمل الخبر علي أنّه لايجوز للملتقط أن يتملّكها علي كلّ حال وجعلوا الفرق بينها وبين غيرها من البلاد هو أنّها بلد صغير وهي مجمع للناس في كلّ عام فإذا ضاع المال للإنسان فإنّه يمكنه أن يعود أويعود بعض من يختصّ به ممن يعرفها ويشيع التعريف بها فيكون ذلك سبب الظفر بها، قالوا: وليس كذلك حكم غيرها من البلاد ففيها السعة، ويجوز أن يصل المرء اليها ثم يضيع منه المال ولايعود، فحينئذ لايمكن الرجوع إلي صاحبها ولا كذلك حال مكة، و هذا مذهب الجمهور من الشافعية.
وقوله عليه‌السلام: «ولايختلي خلاها» فالخلا هو الحشيش واختلفوا [فيه]فقيل: هو الرطب.
وقيل بل اليابس [يقال:] اختلي الخلا أي جزّه والمختلي هو القاطع، ويقال: اختلي الصريمة أي قطعها.
والمعني [المقصود من البيت هو] أنّ لواء الحمد علي عظمه- وكون جميع أهل الجنّة تحته- في يد علي عليه‌السلام شبه المعضد الّذي يقطع به الخلي في يد المختلي وهو القاطع.
وتفصيل ذلك ما روينا بالإسناد المتقدم إلي القاضي العدل الخطيب المعروف بابن المغازلي الشافعي‌رحمه الله تعالي قال: حدّثنا أبوالحسن بن محمد بن محمد بن مخلد البزار قال: حدّثنا محمد بن محمد بن زرتجه [319] قال: حدّثنا أحمد بن جعفر، حدّثنا الحسن بن علي البصري، حدّثنا أبوعبداللَّه‌الحسن بن راشد [320] والصباح بن
[صفحه 274]
عبداللَّه أبوبشر- يتقاربان في اللفظ ويزيد أحدهما علي صاحبه- قالا: حدّثنا قيس بن الربيع، قال: حدّثنا سعيد بن الجفاف؟ عن عطية، عن زيد الباهلي [321] أن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم آخا بين المسلمين وقال:
«يا علي أنت أخي [و] أنت منّي بمنزلة هارون من موسي غير أنّه لانبيّ بعدي أما علمت يا عليّ أنّه أوّل من يدعي به يوم القيامة يدعي بي فأقوم عن يمين العرش في ظلّه فأكسي حلّة خضراء من حلل الجنّة ثمّ يدعي بالنبيبين بعضهم علي بعض؟ فيكونون سماطين عن يمين العرش ثمّ يكسون حللاً خضراً من حلل الجنّة وإنّي أخبرك يا علي أنّ أمّتي أوّل الأمم يحاسبون.
ثمّ إنّه أوّل من يدعي [به بعدي يدعي] بك لقرابتك مني ومنزلتك عندي ويدفع إليك لوائي وهو لواء الحمد وتسير به بين السماطين آدم عليه‌السلام وجميع خلق اللَّه يستظلّون بظلّ لوائي يوم القيامة، وطوله مسيرة ألف سنة سنانه ياقوتة حمراء، قضيبه من فصّة بيضاء [و] زجّه درّة خضراء، له ثلاث ذوائب من نور، ذوابة في الشرق، وذوابة في الغرب والثالثة وسط الدنيا مكتوب عليه ثلاثة أسطر، [السطر] الأول بسم اللَّه الرحمن الرحيم والثاني /100/ الحمد للَّه ربّ العالمين، والثالث لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه طول كل سطر مسيرة ألف سنة، وعرضه مسيرة ألف سنة، فتسير باللواء والحسن عن يمينك والحسين عن يسارك حتّي تقف بين يدي إبراهيم في ظلّ العرش ثمّ تكسي حلّة خضراء من الجنّة ثمّ ينادي منادٍ من تحت العرش: نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك علي، أبشر يا علي إنّك تكسي إذا كسيت، وتدعي إذا دعيت، وتحيي إذا حييت» [322].
[صفحه 276]
قال [المولّف] أيّده اللَّه: وهذا الخبر يتضمن فوائد شريفة:
منها التصريح بأخوة علي عليه‌السلام وقد بيّنا دلالة ذلك علي الفضل العظيم لأنّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم آخا بين المسلمين علي قدر مراتبهم في الفضل وكان صلي اللَّه عليه وآله وسلم خير الأوّلين والأخرين فلا نظير له من أمته غير أنّه خصّ عليّاً عليه‌السلام بالأخوّة، وهذا يقتضي أنّه أفضل الأمّة وأشرفهم عنداللَّه تعالي منزلة. ومنها قوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسي» وهذا يقتضي أنّه أفضل أمته وأنّه خليفته وأنّه معصوم وغير ذلك، لأن كلّ ذلك كان لهارون مع موسي صلي اللَّه عليهما كما قال تعالي حاكياً: «واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري» إلي أن قال «قد أوتيت سؤلك يا موسي» [29 تا 36/طه: 20].
[صفحه 277]
ومنها أنّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «إلاّ انّه لانبي بعدي»، وهذا يقتضي أنّه قد جمع [له جميع] المنازل إلّا أنّه استثني [منها] النبوة، فلولا أنّها داخلة تحت الخطاب وإلاّ لم يكن يستثنيها بخطابه، لأن الاستثناء الحقيقي إخراج بعض من كلٍّ وفيه دلالة ظاهرة علي أنّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لانبّي بعده وقد قال تعالي: «ولكن رسول اللَّه وخاتم النبيين» [40/الأحزاب: 33]ولاخلاف في ذلك إلاّ أنّ المطرفية الكفرة لعنهم اللَّه يعتقد كثير منهم «أن النبوّة من فعل النبي وأن من شاء كان نبيّا!!»، فلاتكون النبوّة علي هذا المذهب الخبيث مختومة بالنبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم لأن أفعال المكلّفين مستمرّة إلي انقطاع التكليف فهي جزء من الإيمان أو جملته فكما لايعقل أن يكون الإيمان مختوماً به صلي اللَّه عليه وآله وسلم فكذلك لاتكون النبوّة مختومة علي هذا المذهب الفاحش!!
ومنها فضل النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي الأنبياء عليهم‌السلام حيث كان أوّل من يدعي به يوم القيامة وقد قال عليه‌السلام: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولافخر، وأنا أوّل من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة ولافخر، وأنا أوّل شافع يوم القيامة ولافخر». وهذا يقتضي أنّه أفضل ولد آدم ونعلم أنّه أفضل من آدم صلي اللَّه عليهما بإجماع الأمّه علي ذلك، فإنها لم تختلف في أنّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أفضل البشر إلا مايحكي عن بعض جهلة الحسينيّة أن الحسين بن القاسم عليه‌السلام [323] أفضل من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
وهذا ساقط بالإجماع عند جميع الأمّة وقد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «سلوا اللَّه لي الدرجة الوسيلة». قيل: وما /101/ الدرجة الوسيلة؟ قال: «هي أعلا درجة في الجنّة لاينالها إلاّ نبيّ أرجو أن أكون أنا هو» [324].ومن كانت درجته في الجنّة أرفع الدرجات كان أفضل أهلها عند المنصفين ولم يختلف الأمّة في أنّ الأنبياء أفضل من سائر المؤمنين فضلاً عن نبيّنا صلي اللَّه عليه وآله الأكرمين.
[صفحه 278]
ومنها كسوته صلي اللَّه عليه وآله وسلم قبل الأنبياء صلوات اللَّه عليهم لأنّه ذكر: «أنّه يكسي حلّة خضراء ثمّ يدعي بالنبيّين ثمّ يكسون حللاً خضراء» وثمّ للترتيب فاقتضي ذلك أنّ كسوتهم متأخرّة عن كسوته، وهذا يقضي بشرفه عليهم حيث قدّمه اللَّه تعالي في الكرامة عليهم.
ومنها أنّه يدلّ علي فضل هذة الأمّة علي سائر الأمم لأنّه ذكر أنّهم يحاسبون أوّلاً وبعد فراغهم من الحساب لابدّ من دخولهم الجنّة، وقد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «الجنّة محرّمة علي الأنبياء و الرسل حتّي ادخلها أنا، ومحّرمة علي الأمم حتّي تدخلها أمتي». وقد قال تعالي: «كنتم خير أمّة أخرجت للناس» [110/آل عمران: 3] قيل: معناه كنتم في الكتب المتقدمة- التي أنزلها اللَّه تعالي علي الأنبياء صلوات اللَّه عليهم- خير أمّةٍ لأنّ اللَّه تعالي حباهم بالذكر الشريف فحمل الخطاب علي ظاهره من أنّه خبر عن الماضي.
وقيل: معناه «أنتم خير أمّةٍ؟» وكلاهما جائز. ثمّ بيّن الوجه المقتضي‌لخيريتهم فقال: «تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر» [110/آل عمران: 3].
وهذا يدلّ علي شرف الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وقد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أفضل الجهاد كلمة حقّ عند سلطان جائر» [325].
ومنها قوله مخاطباً لعليّ: «ثمّ إنّه أوّل من يدعي [به بعدي يدعي] بك لقرابتك مني ومنزلتك عندي» فقدّمه علي أمته عليه‌السلام وهذا يقتضي فضله علي الصحابة وسائرالأمّة لأنّه جعل دعاءه في ذلك المقام قبل غيره من الخاص والعام.
ومنها قوله: «يدفع إليك لوائي وهو لواء الحمد» وذلك يفيد فضل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي سائر الأنبياء حيث خصّ باللواء ونسب إليه دونهم ويفيد فضل علي عليه‌السلام حيث انفرد بذلك عن سائرالصحابة رضي‌اللَّه عنهم فلو كانوا- أوبعضهم- أفضل منه كما يقوله المخالف،لما خصّ دونهم بهذه المنقبة العظيمة.
ومنها ما فيه أعني اللواء من الأعاجيب من عظم خلقته حتّي تستظلّ به جميع
[صفحه 279]
خلق اللَّه تعالي من أهل الجنّة وما فيها من الطول والعرض، وذلك كاشف عن سعة قدرة اللَّه عرّ وجلّ وهو هيّن عند من إذا أراد أمراً كان، ولم يحل بينه وبين [ماأراد] عوائق الأزمان [326] ولايعرض في حقه تعالي السهو والنسيان.
ومنها دلالتة علي قوة علي عليه‌السلام حيث حمله علي ما هو عليه من الخلقة العظيمة، وقد سئل النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: من يحمل لواءك يوم القيامة؟ قال: «ومن عسي أن يحمله في الآخرة إلاّ من حمله في الدنيا» [327].
ومنها دلالته علي فضل الحسن والحسين عليهما السلام حيث كان أحدهما وهو الحسن عن يمين علي عليه‌السلام والثاني و هو الحسين /102/ عن يساره عليهم‌السلام.
ومنها كسوة علي عليه‌السلام حلّة خضراء كما كسي‌الأنبيإعليهم‌السلام، فيدلّ ذلك علي فضله وشرف منزلته في ذلك المقام
ومنها نداء المنادي بقوله للرسول عليه‌السلام: «نعم الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك علي» وهذا كاشف عن مزيّة لأميرالمؤمنين علي سائر البشر أجمعين بعد الأنبيإوالمرسلين، و فيه التصريح بالأخوة.
ومنها قوله عليه‌السلام: «أبشر يا علي إنّك تكسي إذا كسيت، وتدعي إذا دعيت، وتحيي إذا حييت» وهذا يشهد بأنّه علي القطع من أهل الجنّة، وأن الكرامات التي تواتر إلي الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم يتواتر مثلها إلي عليّ عليه‌السلام.
وقد روينا حديث اللواء بطرق سوي ما ذكرناه منها ما:
أخبرنا به الشيخ العالم العابد محيي الدين- قدّس اللَّه روحه في الجنّة قراءةً عليه- قال: حدّثنا القاضي الأجلّ الإمام شمس الدين جعفر بن أحمد بن أبي‌يحيي رضوان اللَّه عليه قراءة؟ قال: حدّثنا القاضي الإمام أبوالعباس أحمد بن الحسن بن أحمد الكني أسعده اللَّه بقراءته علينا قال: أخبرني؟ الفقيه الإمام الحسن بن علي بن أبي‌طالب الفرزادي إجازهً- و هو المعروف بخاموش- قال: حدّثنا
[صفحه 280]
الشيخ الرئيس الأجلّ قاضي القضاة الإمام رئيس الرؤساء شيخ الإسلام أبونصر أحمد بن محمد بن صاعد رحمه الله بالري في‌دار قاضي القضاة أبي‌العلاء صاعد بن يحيي في السابع عشر من شهر صفر سنة ثمان و أربعمائة، أخبرنا الشيخ الزاهد أبونصر عبدالواحد بن هبيرة العجلي القزويني رحمه الله بهمدان، قال: حدّثنا القاضي أبوالحسن علي بن سعيد، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن محمد بن مهرويه البراز؟ قال: حدّثنا داود بن سليمان الغازي عن علي بن موسي الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، [عن أبيه محمد بن علي]، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي أبي‌طالب رضوان اللَّه عليهم قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ليس في القيامة راكب غيرنا و نحن أربعة». قال: فقام إليه رجل من الأنصار فقال: فداك أبي‌وأمي أنت ومن؟ قال صلي اللَّه عليه وعلي آله: «أنا علي دابة اللَّه البراق، وأخي صالح علي ناقة اللَّه التي عقرت وعمي حمزة علي ناقتي العضباء و أخي علي بن أبي‌طالب علي ناقة من نوق الجنّة، بيده لواء الحمد واقف بين يدي العرش ينادي: لا إله الاّ اللَّه محمد رسول اللَّه».
قال: «فيقول الآدميّون: ما هذا إلاّ ملك مقرّب أونبيّ مرسل أوحامل عرش ربّ العالمين. قال: فيجيبهم ملك من تحت بطنان العرش: معاشر الأدميّين ما هذا ملكاً مقرباً ولانبياً مرسلاً ولا حامل العرش، هذا الصدّيق الأكبر، هذا عليّ بن أبي‌طالب» رضي‌الله عنه [328].
[صفحه 281]
قال [المؤلّف] أيّده اللَّه: فانظر إلي هذا الشرف الذي انفرد به [عليّ عليه‌السلام]عن الصحابة أجمعين، فأيّ فضل لأحد من الأمّة يعدل فضله؟ أم/103/أيّ نبل يشبه نبله؟ نسأل اللَّه تعالي أن ينفعنا بحبّه في الدارين وأن يجعل حظّنا في ذلك فيهما أوفر الحظّين ويصلّي علي محمد وآله الأكرمين.
[صفحه 282]

في أن عليا حجة علي أمة النبي كما أن ناقة صالح حجة علي قومه

ونرجع إلي [شرح البيت: (22) من] القصيدة، قال الإمام [المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ومن شبيه الناقة الحجّة ال
عظمي علي حيّ ثمود العصيّ
الشبيه والشبه بمعني واحدٍ والمراد به المثل، وذلك نحو مثل ومثيل و عدل وعديل.
والناقة: معروفة وجمعها: نوق.
والحجّة: الدلالة؟ قال اللَّه تعالي «لئلاّ يكون للناس علي اللَّه حجّة بعد الرسل» [165/النساء: 4] واحتجّ فلان بكذا علي فلان أي استدلّ به عليه. والعظمي: مبالغة في وصف الحجّة بالقوّة والوضوح.
والعظيم في صفه اللَّه تعالي راجع إلي عظم السلطان دون العظم الذي يرجع إلي زيادة أجزاء الجسم، كما يقال: هذا جسيم عظيم وهو أعظم من غيره لزيادة أجزائه عليه، وهذا لايجوز في صفته تعالي لأنّه لامثل له ولا نظير، ولأنّه قديم وما سواه من الأجسام محدثة، فإذاً المراد به انّه عظيم الشأن ظاهر السلطان.
والحيّ نقيض الميّت وهو المختصّ بصفة لأجلها يصحّ أن يقدر، وتلك الصفة هي التي تميّز بها علي الميت والجماد؟ وهي كونه حيّاً.
والحيّ من أحياء العرب و هو دون القبيلة قال الشاعر:
لحيّ حلالٍ يعصم الناس أمرهم
إذا طرقت إحدي‌الليالي بمعظم
وحيّ من أسماء الأعلام؟ وحيّ علي كذا و كذا دعا إليه أي هلّم إليه، و منه في الأذان «حيّ علي خير العمل» معناه هلّم إلي خير الأعمال و هي الصلاة.
و قد روي أن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «اعلموا أن خير أعمالكم الصلاة». [329] ثمّ أمر بلالاً أن يؤذّن بحيّ علي خير العمل.
[صفحه 283]
وقد روي أن عمر بن الخطاب [بجهله المطبق وظنّه أنّه أعلم بمصالح العباد من صاحب الشريعة] خاف أن يتّكل الناس علي الصلاة و يرفضوا الجهاد مع الحاجة إليه، فأمر بإسقاط هذه الكلمة من الأذان [330] و إلاّ فهو أذان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم الذي نقله عنه أهل البيت عليهم‌السلام.
وثمود: قبيلة معروفة و قيل: إنها سمّيت بذلك لقلّة مائها والثمد: الماء القليل الذي لا مادة له، قال الشاعر:
واحكم كحكم فتاة الحيّ إذ نظرت
إلي حمام سراع وارد الثمد
أراد الماء القليل. ويقال: ثمدت فلاناً النساء إذا قطعن ماءه. و فلان مثمود إذا كرّرت عليه السؤال حتّي ينفد ما عنده؟.
والعصيّ بمعني العاصي قال تعالي: «ولم يكن جبّاراً عصيّاً» [14/ مريم: 19] إلاّ أنّه يفيد المبالغة ونحو [ه]عليم و عالم و قدير و قادر.
[صفحه 284]
ونشير هاهنا إلي نكتة من قصة ثمود والناقة، ثمّ نعطف بما أشار إليه الإمام من فضل علي عليه‌السلام.
قالت علماء الآثار: إنّ ثمود سكنت الأرض بعد عاد وكثروا و نزلوا ب (الحجر) ما بين الحجاز والشام وطالت أعمارهم وعصوا اللَّه تعالي وعبدوا الأصنام فبعث اللَّه /104/ إليهم صالحاً صلي‌اللَّه عليه وسلم وكان من أوسطهم نسباً وأشرفهم موضعاً و أكرمهم أخلاقاً و كان شابّاً فدعاهم حتّي شمط فما تبعه إلاّ قليل منهم. ثمّ ان رجلاً منهم يقال له: جندع بن عمرو طلب من صالح عليه‌السلام معجزةً لهم و خرجوا إلي عنده؟ و أشاروا إلي صخرة و قالوا: أخرج لنا منها ناقةً.
فصلّي صالح صلي اللَّه عليه وسلم ركعتين و دعااللَّه تعالي و هم ينظرون إلي الصخرة فتزلزلت و تحرّكت و خرجت منها ناقة سوداء جوفاء وبراء ذات عرف وناصية و شعر عظيم، ما بين جنبيها مائة واثنان وعشرون ذراعاً ثمّ أقبلت تمشي حتّي توّسطهم ثمّ بركت للنتاج فما قامت حتّي وضعت سَقَباً قريباً [331] منها ثمّ انبعثت تطلب الكلاء والماء فشاركتهم في الماء والمرعي ورعت السهل والجبل، وكان لهم ماء في جبّ فكان لهم يوماً وللناقة يوماً، وكان يوم وردها يرتفع الماء حتّي تشرب وتصدر رواءً وأخلافها تشخب لبناً فتعطيهم من اللبن مثل الذي تشرب من الماء!!
فآمن [به] جندع بن عمرو ورهطه، و أراد أشراف ثمود أن يؤمنوا فنهاهم دوات بن عمرو والحباب صاحب أوثانهم [332] ورباب كاهنهم فردّوا ثموداً عن الإسلام و بقيت الناقة ترعي وقال لهم صالح ما حكاه‌اللَّه تعالي: «لاتمسّوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب» [64/ هود: 11].
وجعلوا الماء قسمة بينهم لها يوم ولهم يوم، وكانت الناقة في يومها تشرب جميع مياههم حتّي لاتبقي منها قطرة، فشقّ ذلك علي ثمود، و كان فيهم امراتان موسرتان ذاتا جمال يقال لإحداهنّ صدوف وللأخري عنيزة وكانتا من أشدّ
[صفحه 285]
قومهما عداوهً لصالح عليه‌السلام، وشقّ عليهما أمر الناقة لكثرة مواشيهما وكان لهما خطّاب كثير منهم قدار بن سالف- وقيل: إنّه ليس لسالف وإنما نسب إليه وإلاّ فهو لغير رشدة- و منهم مصدع بن مهرح [333].
ثم إنّ قداراً كان عندهمايوماً إذ قالت له صدوف: لو كان لنا مزاح لأوسعناك خمراً؟ ولكن هذا يوم ورد الناقة فلا سبيل إلي الماء. فقالت عنيزة: بلي واللَّه إليه السبيل لو كان رجالنا رجالاً وهل هي إلاّ ناقة تضرب وتطرد كالغريبة ولكن رجالنا ليسوا برجال. فقال قدار: فما لي عليك يا صدوف إن أنا فعلت ما قالت عنيزة و كفيتك أمر الناقة وحلي لك الشرب فأصبت حاجتك من الماء؟ قالت: أجبتك إلي ما تريد.
وانضمّ إليهما جماعة حتّي بلغت عدّتهم تسعة نفر [كما]قال تعالي: «وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولايصلحون» [48/ النمل: 27].
وأوحي اللَّه تعالي إلي صالح صلي اللَّه عليه وسلم أنّهم يعقرون الناقة و أنّه يهلكهم و كان لايبيت معهم في قريتهم ولكن يبيت في مسجده صلي‌اللَّه عليه.
و عمد جماعة [منهم] لقتل صالح، فأتوا إلي غار فسقط عليهم الغار، ثمّ همّ قوم آخرون [لقتله] فرضختهم الملائكة بالحجارة فعزموا علي قتلها.
ثمّ إنّهم اجتمعوا وشربوا الخمر وأخذوا النبال والسيوف فنادوا صاحبهم: يعني قداراً/105/ فقعدوا علي طريقها فلمّا رأتهم حملت عليهم فردّتهم فهربوا [منها]فأتي قدار لعنه اللَّه من خلفها فعقرها بالسيف ثمّ نحرها!! فلمّا رأي السقب ما فعل بأمّه ولّي هارباً حتي صعدالجبل ورغا رغاءاً شديدًا.
وتبادرالناس واقتسموا لحمها فيقال: إنّه أكل منها أهل القرية وهم ألف وخمس مائة دار، وبلغ الخبر إلي صالح عليه‌السلام فخرج إلي نحوها مغضباً فقال: التمسواالفصيل إن وجدتموه وإلاّ فالعذاب نازل بكم. فطلبوه فلم يوجد، وقال لهم صالح: (تمتّعوا في داركم ثلثة أيام ذلك وعد غير مكذوب) [334] وذلك عند المساء
[صفحه 286]
يوم الأربعاء فقالوا: ما آية عذابنا؟ فقال: تصبحون بوم الخميس ووجوهكم مصفرّة [335] ويوم الجمعة و هي محمرّة و يوم السبت ووجوهكم مسودّة، ويصبحكم العذاب يوم الأحد.
فقالت التسعة: هلمّ لنقتل صالحاً فإن كان صادقاً عجّلناه، وإن كان كاذباً ألحقناه بناقته [و] لنبيّتنه وأهله، فأتوه ليلاً فدمغتهم الملائكة بالحجارة و منعهم اللَّه تعالي من ذلك.
فلمّا أصبحوا وجدوا قتلاء قد رضخوا بالحجارة، فخرجوا في جمع عظيم يريدون صالحاً فقال قوم صالح: ماتريدون؟ قالوا: [نريد] نقتل صالحاً و ثمانية من قومه برجالنا. فقالوا: لاتعجلوا وانتظرواالوعد الموعود، فإن كان حقاً فلاتزيدوا ظلماً و عتوّاً، وان كان غير حقّ فشأنكم وإيّاه. فانصرفوا وأصبحوا يوم الخميس ويوم الجمعة و يوم السبت و وجوههم علي ماقال صالح فأيقنوا بالعذاب، فدخلوا ليلة الأحد بيوتهم و سدّوا الأبواب و خرج صالح بمن معه من المؤمنين إلي الشام فنزلوا رملة فلسطين فلمّا كان اليوم الرابع و هو يوم الأحد أخذتهم الصيحة فماتوا جميعاً فأصبحوا في ديارهم جاثمين، فلم يبق منهم أحد الا امراة كافرة كانت شديدة العداوة لصالح مقعدة فكانت تنظر إلي مهلك ثمود ثمّ إنّه تعالي أطلقها لتحدّث الناس بحديث ثمود، فجاءت إلي وادي الغري القري [336] وأخبرتهم واستسقتهم فلمّا سقيت ماتت [337].
وروي انّ صالحاً ومن آمن معه لمّا خرجوا من ديارثمود قال لهم صالح: إنّ هذه دار قد غضب اللَّه علي أهليها فاظعنوا عنها [فظعنوا منها] فوردوا مكّة وبها قبور هم في غربي الكعبة بين دار الندوة والحجر.
وعن جابر رضي الله عنه قال: لمّا مرّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم بالحجر في غزوة تبوك قال لأصحابه: «لايدخلنّ أحد منكم القرية ولاتشربوا من مائهم
[صفحه 287]
ولاتدخلوا علي هؤلإ المعذّبين إلاّ باكين [حذار] أن يصيبكم مثل ما أصابهم». ثمّ قال: «لاتسألوا الآيات فقوم صالح سألوا رسولهم فبعث اللَّه ناقة فعقروها فأهلكهم اللَّه فلم يبق أحد [منهم] إلاّ رجل يقال له: «أبورغال» وكان في‌الحرم، فلمّا خرج أصابه ماأصاب قومه». وأراهم قبره وقال: «دفن ودفن معه غصن من ذهب». فابتدروا إليه فأخرجوه، ثمّ أسرع في السير حتّي جاوز الوادي.
وقيل: توفّي صالح صلي اللَّه عليه و هو ابن‌ثمان وخمسين و أقام في قومه عشرين سنة. وقيل /106/ أربعين.
و نعود إلي المقصود من بيان ما تضمّنه البيت من فضل علي عليه‌السلام، فاعلم أنّ فيه حذفاً يدلّ عليه اللفظ و ما عرف من القصّة، و ذلك لأنّه عليه‌السلام قال: «ومن شبيه الناقة» والمراد و مَن قاتله شبيه عاقر الناقة في ارتكاب الحوب العظيم، والإثم الكبير؟ والمعني أن قاتل عليّ عليه‌السلام في استحقاق العذاب بما قارفه من الكبيرة بمنزلة عاقر الناقة.
و قد روينا بالإسناد المتقدّم إلي السيد الإمام أبي‌طالب [338] يحيي بن
[صفحه 289]
الحسين عليه‌السلام قال: أخبرنا أبوعبداللَّه محمّد بن بندار، قال حدّثنا الحسن بن سفيان قال: حدّثنا الحسن بن سهل، قال: حدّثنا محمد بن بشر، قال: حدّثنا ابن‌أبي‌الزناد [339] قال حدّثنا زيد بن أسلم عن أبي‌سنان يزيد بن أميّة قال:
مرض علي عليه‌السلام مرضاً خفنا عليه، ثم انّه نقه فقلنا: الحمد للَّه الذي عافاك يا أمير المؤمنين قد كنا خفنا عليك من مرضك هذا. قال: لكنّي لم أخف علي نفسي حدثني‌الصادق المصدوق قال: «لا تموت حتي يضرب هذا منك- يعني رأسه- ويخضب هذه دماً- يعني لحيته- ويقتلك أشقاها كما عقرناقه اللَّه أشقي بني فلان».- نسبه إلي فخذه الدنيا دون ثمود-.
قال [المؤلّف] أيّده اللَّه: و الخبر يتضمّن فوائد:
منها معجزات للرسول؟ صلي اللَّه عليه و آله و سلم منها الخبر بضرب رأس علي عليه‌السلام.
و منها أنّ لحيته تخضب من دم رأسه.
و منها أنّ علياً عليه‌السلام يقتل.
وكلّ هذه غيوب لا هداية للعقول إليها فإذا أخبر صلي الله عليه و آله بها و كان الأمر كما أخبر، كانت معجزات دالة علي نبوّته، لأنّها تكون مستندة إلي من يعلم الغيوب وليس إلّا اللَّه.
[صفحه 290]
ومنها أنّ قاتل عليه‌السلام مقطوع علي هلاكه لأنّه جعله صلي اللَّه عليه وآله وسلم أشقاها يعني الأمّة وإن لم يجر لها ذكر كما في نظائره وهذا يفصح ببطلان ما تذهب إليه المارقة الفاسقة و هم الخوارج: فإنّهم لحماقتهم يعتقدون تكفيره عليه‌السلام وإصابة قاتله في قتله!! ولهذا قال عمران بن حطّان وكان منهم يمدح ابن‌ملجم لعنه اللَّه فيما فعل:
يا ضربةً من تقيّ ما أراد بها
الاّ ليبلغ من ذي العرش رضواناً
إنّي لأذكره حيناً فأحسبه
أوفي البريّة عند اللَّه ميزاناً
أخلق بقوم بطون الطير أقبرهم؟
لم يخلطوا دينهم إثماً وعدواناً
فأجابه القاضي أبوالطيّب طاهر بن عبداللَّه الشافعي الطبري [بقوله]:
يا ضربةً من شقيّ ما أراد بها
إلاّ ليهدم للإسلام أركاناً
إنّي لأبرؤ ممّا أنت قائله
عن ابن‌ملجم الملعون بهتاناً؟
إنّي لأذكره يوماً فألعنه
ديناً وألعن عمراناً وحطّاناً
عليه ثمّ عليه الدهر متّصلاً
لعائن اللَّه إسراراً وإعلاناً
فأنتما /107/ من كلاب‌النار جاءبه
نصّ الشريعة تبياناً وبرهاناً
[قال المؤلف:] أراد بقوله: (فأنتما من كلاب النار) ما رويناه بالإسناد الي النبيّ صلي اللَّه عليه و آله و سلم أنه قال: «كلاب أهل النارالخوارج». [340] و قال صلي اللَّه عليه و اله و سلم: «تمرق مارقة من المسلمين [عن الدين] يقتلها أولي الطائفتين بالحقّ».
وهذا في الخوارج بالإجماع، وفي الخبر ما يقتضي ذلك، لأنّه قال: «يقتلها أولي الطائفتين بالحق»، فقتلهم أمير المؤمنين عليه‌السلام و كانوا أربعة آلاف أعني الذين ثبتوا علي الخارجية، و قد كانوا ثمانية آلاف حتي احتجّ عليهم أمير المؤمنين وأجاب عمّا قالوه، فرجع منهم أربعة آلاف وبقي أربعة آلاف فقتلوا سوي ما دون العشرة، وقد كان أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لأصحابه: «لايقتل منكم عشرة ولا يبقي منهم
[صفحه 291]
عشرة» [341] وكان الأمر علي ما قال.
و هذا من عجائب العلم الّتي خصّه بها رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم فكان قتلهم [بيده وبأمره] دليلاً علي أنّه المحقّ [342] لقول النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «يقتلها أولي الطائفتين بالحق».
و كان عبدالرّحمان بن ملجم لعنه اللَّه تعالي من الخوارج، فاجتمع في مكة هو والبرك بن عبداللَّه و عمرو بن البكر التميمي فذكروا أمر النّاس و عابوا ولاتهم وترحموا علي أهل النّهروان و قالوا: ما نصنع بالبقاء بعدهم فلو شرينا أنفسنا وأتينا أئّمة الضلالة فالتمسنا قتلهم و أرحنا منهم البلاد؟! فقال عبدالرّحمان بن ملجم لعنه اللَّه: أنا أكفيكم عليّ بن أبي‌طالب. و قال البرك: وأنا أكفيكم معاوية. و قال عمرو بن بكر: أنا أكفيكم عمرو بن العاص. فتعاهدوا علي ذلك و اتّعدوا ليلة تسع عشرة من رمضان و هي اللّيلة التي ضرب فيها علي عليه‌السلام.
فأقبل كلّ واحد منهم الي المصر الذي فيه صاحبه، فأمّا ابن‌ملجم فلقي أصحابه بالكوفة فكاتمهم أمره حتي أتي ذات يوم تيم الرباب وكان عليّ [عليه‌السلام]قد قتل فيهم عدّة يوم النهروان فلقي من قومه امرأة يقال لها: قطام و كان- عليّ قد قتل أباها وأخاها يوم النهروان- و كانت جميلة فالتبست بقلبه فخطبها فقالت: لا أتزوجك حتي تشتفي لي. قال: و ما تشائين؟ قالت: ثلاثة آلاف و عبدوقينة وقتل علي بن أبي‌طالب.
فقال: واللَّه ما جائني إلاّ قتل علي بن أبي‌طالب.
ثمّ إن ابن‌ملجم لعنه اللَّه تقدم تلك الّليلة فوقف مقابل السّدة التي يخرج منها علي، فخرج صلوات اللَّه عليه لصلاة الغداة فضربه ابن‌ملجم علي رأسه فقال علي عليه‌السلام: لايفوتنكم الرّجل. فأخذ ابن‌ملجم لعنه اللَّه.
وفي قطام وما كان منها يقول ابن[أبي] ميّاس الفزاري: [343].
ولم أر مهراً ساقه ذو سماحة
كمهر قطام من فصيح وأعجم
[صفحه 292]
ثلاثة آلاف و عبدوقينة
وضرب عليّ بالحسام المصّمم
فلا مهر أغلا من عليّ وإن غلا
ولا فتك إلاّ دون فتك ابن‌ملجم
وأما البرك بن عبداللَّه فانطلق تلك الليلة إلي معاوية فوافقه يصلّي بالناس؟ فشدّ عليه /108/ فطعنه بالخنجر في إليته، فأخذه فقتل. وقيل:
بل قطع يديه و رجليه و خليّ عنه ثمّ اتخذ معاوية المقاصير والحرس وهو أوّل من‌اتّخذها في الإسلام.
وأمّا عمرو بن بكر فانطلق إلي عمرو بن العاص وكان عمرو اشتكي بطنه في تلك الليلة فلم يخرج فأمر خارجة قاضي مصر ليصلي بالناس فخرج يصلي بهم فوافقه ابن‌بكر [فضربه بالسيف] وقبض فأتي به عمرو بن العاص وقال له: واللَّه يا عدوّ اللَّه ما أردت غيرك. قال [عمرو]: لكن اللَّه أبي إلاّ خارجة ثمّ أمر به فقتل وصلب.
وتوفيّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام ليلة إحدي وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين، وولي غسله ابنه الحسن بن علي عليهماالسلام وعبداللَّه بن العباس [344].
وكفن في ثلاثه أثواب ليس فيها قميس وصلّي عليه الحسن بن علي وكبّر خمس تكبيرات، ودفن عند صلاة الصبح أولاً في الرحبة [345] مما يلي باب كندة ثم نقل ليلاً إلي الغري و توفي عليه‌السلام و هو ابن‌أربع وستين سنة.
قال الإمام الناصر للحق- أبومحمد الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي‌طالب عليهم‌السلام ورحمه اللَّه تعالي-: [346].
[صفحه 293]
قف إذا جئت الغريّاً
فابك مولاك عليّاً
وقال الصاحب:
كلّ يا قوت ودرّ
دون أحجار الغريّ
وكذا الأمّة بعد ال
مصطفي دون عليّ
ولمّا دفن علي عليه‌السلام دعي الحسن بن عليّ بعد دفنه بابن ملجم فأتي به فأمر بضرب عنقه، فقال له: إن رأيت أن تأخذ عليّ العهود أني أرجع إليك حتي أضع يدي في يدك بعد أن أفضي إلي الشام فأنظر ما فعل صاحبي بمعاوية فإن كان قتله وإلاّ قتلته ثمّ عدت إليك فتحكم عليّ بحكمك، [347] فقال عليه‌السلام: هيهات واللَّه لاتشرب الماء البارد أوتلحق روحك بالنار، ثمّ ضرب عنفه.
فاستوهبت أمّ الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته منه فوهبها لها فأحرقتها بالنار [348].
واختلف العلماء في مسأله تليق بما نحن فيه و هي أنّ ورثة المقتول عمداً إذا كان فيهم صغار وكبار هل يجوز للكبار الاقتصاص والحال هذه أم لا؟ فالذي ذكره الأخوان الإمامان السيّدان المؤيّد وأبوطالب عليهماالسلام علي مذهب الهادي الي
[صفحه 294]
الحقّ عليه‌السلام أنّه لايجوز للكبار القصاص في هذه الصورة وهو مذهب ح و ش. وقال ك: يجوز للكبار القصاص.
واستدلّ الأوّلون بأنّ القود موروث فوجب أن لاينفرد يعضهم باستيفائه دون بعض كما إذا كانوا كباراً، و قد ثبت أنهم إذا كانوا كباراً لم يكن لبعضهم أن ينفرد به دون البعض ولا علة لذلك إلّا أن حقهم شائع علي سواء فلم يكن للبعض أن يستيدّ به فكذلك حال الصغار مع الكبار.
واحتج من قال بالثاني بأن الحسن عليه‌السلام قتل ابن‌ملجم لعنه اللَّه ولعليّ أولاد صغار ولم يظهر عليه نكير من العلماء، فكأنّ ذلك إجماعاً علي جوازه
ولأنّه [عليه‌السلام] علي أصلنا معصوم ففعله حجّة.
وأجاب /109/ علماؤنا رضي اللَّه عنهم بأن الحسن عليه‌السلام لم يقتله قوداً بل إنّما قتله لأنّه سعي في الأرض فساداً و من كان كذلك فإنه يكون حكمه حكم من شهّر سيفه في البلد هذا وجه.
الوجه الثاني أنّه قتله علي الكفر الّذي هو الردّة وهو قتل عليّ عليه‌السلام لأنّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أخبر أن قاتله أشقي الآخرين وفيهم من هو كافر، ومن كان أشقي من الكافر فلن يكون إلاّ كافراً لأنّ الفاسق الذي لم يبلغ فسقه الكفر لايكون أشقي ممن هو كافر، وشبّهه النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم بعاقر الناقة ولاخلاف في كفر عاقر الناقة فكذلك يجب أن يكون حال قاتل عليّ عليه‌السلام. فإن قيل فما باله انتظر بقتله موت علي عليه‌السلام؟
قلنا: من كفّر بالقتل فلايتحقق [كفره إلاّ بالقتل، ولا يتحقّق] القتل إلاّ بالموت دون الجرح الذي يجوز برؤه واندماله.
ومتي قيل: فلم لم يستتيبه و عندكم أنّ المرتدّ يجب أن يستتاب ثلاثاً؟
قلنا: علم [الإمام الحسن عليه‌السلام] أنّه لايتوب لأنّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم جعله أشقي الآخرين مطلقاً ولم يفصل بين حالة و حالة؟ وهذا يقتضي أنّه لايتوب فلايكون لانتظار ما علم انّه لايقع وجه والحال هذه.
وبعد فهو معصوم ففعله عليه‌السلام حجّة لأنه معصوم من الخطأ، فلا اعتراض عليه في ترك الاستتابة لو لم يعلم الوجه في بقائه هذا القدر.
[صفحه 295]
وبعد فإنّ من العلماء من قضي أن توبة المتمرد لاتقبل؟ فإذا علم الحسن بن علي عليه‌السلام من حاله ما ذكرناه بطلت فائدة التأنّي به.
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلي أنّها لاتقبل توبة المتمرّد، و هو إختيار الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام، و رواه عن أبي‌بكر الصديق؟ ولعل الحسن عليه‌السلام اختار ذلك كما اختاره غيره من عيون العلماء.
فثبت أن قتل ابن‌ملجم لعنه اللَّه كان للردّة، وهذا يدلّ علي شرف أميرالمؤمنين عليه‌السلام ومزيّته حيث كان قتله في باب الكفر؟ يجري مجري قتل الأنبياء صلوات اللَّه عليهم ولم يجرمجري قتل آحاد المؤمنين.
وقد ذكر أيضاً بعض مشايخنا رضي‌اللَّه عنهم و هو الشيخ العالم أبوالقاسم البستي و كان من المحققين في العلم رضي‌الله عنه [349] أنّ قتل الإمام من ذريّة النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم الجامع لخصال الإمامة يكون كفراً و ذلك لأنّه يتضمنّ ضرباً من الإستخفاف بالنبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم، و ما هذا حاله يكون كفراً إذ قد تقرّر أنّ من كشف عورته بحضرة الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم استخفافاً به وتهاوناً بأمره فإنّه يكون كافراً، و قتل ولده آكد مما ذكرناه، وللإمام السابق النائب عن الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم والقائم مقامه مزية- لاتخفي- علي سائر ولده.
وقد ورد عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنّ لقاتل النفس الزكيّة ثلث
[صفحه 296]
عذاب أهل جهنّم!!
و [النفس الزكيّة] هو المهدي لدين اللَّه أبوعبداللَّه محمد بن عبداللَّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهم‌السلام.
و هذا يؤكّد ما قاله الشيخ أبوالقاسم [البستي] رضي /110/ اللَّه عنه إلاّ أنّ التكفير بأخبار الآحاد لايثبت وإنّما يثبت بالأدلة المعلومة الشرعيّة، ومن جملتها القياس المعلوم [350] وفيه ما قرّرناه واللَّه أعلم.
وروينا بالإسناد إلي الحاكم شيخ الإسلام رضي‌الله عنه [351] قال: و عن منصور بن عمّار قال: بعثني الرشيد إلي الروم فلقيت راهباً فقلت أخبرني بأعجب شي‌ء رأيت، قال: رأيت طيراً أعظم من البختي جاء من البحر ورفرف علي صومعتي ثمّ سقط علي الأرض ورمي من منقاره رأس إنسان و نفسه؟ و رجله ويده ثمّ ابتلعه ودخل البحر فعل ذلك ثلاث مرات، وكنت أهابه؟ فسألته في اليوم الثالث: باللَّه أن تخبرني من أنت؟ قال: أنا عبدالرحمان بن ملجم قاتل علي بن أبي‌طالب، وكّل اللَّه بي هذا الطير يعذّبني هكذا إلي يوم القيامة، [352] فذلك قوله تعالي «ويضلّ اللَّه
[صفحه 297]
الظالمين» [27/إبراهيم: 14].
[قال المؤلّف: و] الإضلال هاهنا بمعني العذاب.
وقالت أروي بنت الحارث بن عبدالمطلب ترثي أميرالمؤمنين عليه‌السلام: [353].
[صفحه 298]
ألا ياعين ويحك اسعدينا
ألا تبكي أمير المؤمنينا
رزئنا خيرمن ركب‌المطايا
وفارسها ومن ركب السفينا
ومن لبس النعال ومن حذاها
ومن قرأ المثاني والمئينا
إذا استقبلت وجه أبي‌حسين
رأيت البدر راع الناظرينا
فلا و اللَّه ما أنسي عليّاً
و حسن صلاته في الراكعينا
يقيم الحدّ لا يرتاب فيه
ويقضي بالفرائض مستبينا
أفي شهر الصّيام فجعتمونا
بخير النّاس طرّاً أجمعينا
وكنّا قبل مهلكه بخير
نري فينا وصيّ‌المسلمينا؟
كأنّ الناس إذ فقدوا عليّاً
نعام حلّ في بلد سنيناً [354].
أشاب ذوابتي‌وأطال جهدي؟
أمامة حين فارقت الفرينا؟
وعبرة أم كلثوم بحزنٍ
تجرّعها وقد رأت اليقينا؟
فلا تشمت معاوية ابن‌صخر
فإنّ بقيّة الخلفاء فينا
ورثته الجنّ يقول بعضهم فيه عليه‌السلام:
لقد مات خيرالنّاس بعد محمّد
وأكرمهم فعلاً و أوفاهم عهداً
وأضربهم بالسّيف في منهج الهدي
وأصلفهم قتلاً؟ وأنجزهم وعداً
وروي صاحب كتاب الاستيعاب الفقيه أبوعمر يوسف بن عبداللَّه النميري [355] لبكر بن حماد التاهرتي يرثي أميرالمؤمنين عليه‌السلام و يذكر قتل ابن‌ملجم- لعنه اللَّه- له عليه‌السلام:
وهزّ عليّ بالعراقين لحية
مصيبتها جلّت علي كلّ مسلم
فقال: سيأتيها من اللَّه حادث
ويخضبها أشقي البرية بالدم
فباكره بالسيف شلّت يمينه
لشوم دعاه عند ذاك ابن‌ملجم
فيا ضربة من خاسرٍ ضّل سعيه
تبوّأ منها مقعداً في جهنّم
[صفحه 299]
ففاز أمير المؤمنين /111/ بحظّه
وإن طرّقت فيه الليالي بمعظم
ألا إنّما الدنيا بلاء وفتنة
حلاوتها شيبت بصاب و علقم [356].

في تصدق علي خاتمه في الركوع ونزول آية الولاية فيه

ونعود [إلي شرح البيت: (23) من] القصيدة، قال الإمام [المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ومن زكا خاتمه راكعاً
فقال فيه اللَّه هذا ولي
زكا [في كلام المصنف] أصله زكّي، والزكاة في‌أصل اللّغة: النماء والزيادة يقال: زكا الزرع إذا نما. والزكاة: التطهير، قال اللَّه تعالي: «أقتلت نفساً زاكية» [357] [74/الكهف/18] وقال: «خير منه زكاةً» [81/الكهف: 18].
والزكاة في الشرع عبارة عن إخراج جزء من النصاب معلوم في وقت معلوم علي وجه مخصوص، و سمّيت زكاة لوجهين: أحدهما لأنّ المال يزكو معها وينمو بأن يبارك اللَّه تعالي فيه، ومنه قوله صلي‌اللَّه عليه و آله و سلم: «ما نقص مال من صدقة»، [358] يريد به البركة من اللَّه تعالي حتي يصير كأنّه لم يخرج منه شي‌ء.
و ثانيهما قيل: لأنّها تطهّر المال، و علي هذا قال تعالي: «قد أفلح من زكّاها» [9/الشّمس/91] أي طهّرها فلما كانت الزكاة تطهّر المال سمّيت زكاةً.
والخاتم معروف بفتح التاء- وقد يجوز كسرها أيضاً- و هو: ما يستحبّ لبسه، و قد قال صلي‌اللَّه عليه و آله و سلم: «تختموا بالعقيق فإنّه أول حجر شهد للَّه بالوحدانية، و لي بالنبوة، ولعليّ بالوصية، ولولده بالإمامة، ولشيعته بالجنّة» [359].
[صفحه 300]
وليس بممتنع أن يحمل الخبر علي ظاهره و أن يكون اللَّه أنطقه بما حكاه الرّسول عنه عليه‌السلام فاللَّه تعالي قادر علي أن يخلق الكلام.
وقد روينا ما يشبه هذا بالإسناد إلي جابر بن عبداللَّه الأنصاري رضي الله عنه قال: كنت يوماً مع النّبي صلي‌اللَّه عليه و آله وسلم في بعض حيطان المدينة ويد علي في يده، فمررنا بنخل فصاح النخل: هذا محمّد رسول اللَّه سيد الأنبياء و هذا علي سيّد الأوصياء وأبوالأئمة الطاهرين. ثم مررنا بنخل فصاح النخل: هذا المهدي و هذا الهادي. ثم مررنا بنخل فصاح النخل هذا محمّد رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه و آله و سلم و هذا علي سيف اللَّه.
فالتفت النّبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم الي علي رضي الله عنه فقال: «يا علي سمّه الصيحاني». فسمّي من ذلك اليوم الصيحاني [360].
[و] فيما يجوز التختّم به و ما لا يجوز، ما رويناه عن أبي‌هريرة أنّ رجلاً أتي إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله و سلم بخاتم من ذهب فأعرض عنه، فانطلق الرجل فقال: لا أدري شرّاً من حلية النساء فلبس خاتماً من حديد ثم جاء فأعرض عنه، فانطلق فنزعه فلبس خاتماً من ورق فأقرّه النّبي صلي اللَّه عليه و آله و سلم وأقبل عليه.
والمستحبّ لباس الخاتم في اليمين، لأنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم
[صفحه 301]
كان يتختّم كذلك.
ولا يحظر في لبسها في اليسار، لأنّه قد روي أنّ الحسن والحسين [عليه‌السلام]فعلا ذلك [361].
قال السيّد المؤيّد باللَّه قدّس اللَّه روحه: ولعلّهما فعلا ذلك لعذر وإن كانت كراهة لبسها في اليسار ليست كراهة التحريم وإنّما هي ضدّ الاستحباب. وكان خاتم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فضّةً ونقشه /112/ ثلاثة أسطر محمد رسول اللَّه.
وروينا عنه صلي اللَّه عليه وآله و سلم أنه قال: «اتّخذت خاتماً من ورق ونقشت فيه محمّد رسول اللَّه فلا ينقش أحدكم علي نقشه».
والوجه في منعه صلي اللَّه عليه وآله وسلم من النقش علي نقشه إنّه كان يختم به فقد روينا أنّه أراد أن يكتب إلي رهط- أو ناس- من العجم [362] فقيل إنهم لايقبلون كتاباً الاّ عليه خاتم. فاتّخذ صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم خاتماً من فضة و نقشه بما تقدم فمنع من النقش علي نقشه لهذا الغرض وصار الخاتم إلي أبي‌بكر [363] ثمّ عمر ثمّ عثمان و كان يعبث به في بعض الايّام علي بئر فسقط [فيها فاختلفوا إليها ثلاثه أيّام و نزحوا الماء فما وجدوه.
وكانت لعليّ عليه‌السلام خواتيم فصوصها منقوشة، فعلي فصّ العقيق- وهو خاتم الصلاة- «لااله الااللَّه عدّة للقاءاللَّه» و علي فصّ الفيروزج- و هو للحرب-: «نصر من‌اللَّه وفتح قريب»، وعلي فصّ الياقوت- وهو لقضائه- «اللَّه الملك و عليّ عبده» و علي فصّ الحديد الصيني- و هو لختمه- «لا إله إلّا اللَّه، محمد رسول اللَّه».
وكان نقش الخاتم الذي تصدّق به في حال ركوعه: «سبحان من فخري بأنّي عبده».
هذا في الخاتم وما يتعلق به، فالراكع فاعل الركوع والركوع هيئة معلومة من الصلاة.
[صفحه 302]
والمقصود من البيت الكشف عن منقبة لأميرالمؤمنين عليه‌السلام راجحة علي المناقب، ورتبة في الشرف نافت علي المراتب.
روينا بالإسناد المتقدم إلي القاضي قطب الدين أحمد بن أبي‌الحسن الكني رضي الله عنه يرفعه كما تقدم إلي السيد الامام المرشد باللَّه قدّس اللَّه روحه قال: حدّثنا أبوأحمد محمد بن علي بن محمد المكفوف المؤدب بقراءتي عليه بإصفهان، قال: حدّثنا أبومحمد عبداللَّه بن محمد بن جعفر بن حيّان قال: حدّثنا أحمد بن يحيي بن يحيي بن زهير التستري وعبدالرحمان بن أحمد الزهري قالا: حدّثنا أحمد بن منصور قال: حدّثنا عبدالرزاق، عن عبدالوهاب بن مجاهد، عن أبيه:
عن ابن‌عباس [أنّه سئل عن قوله تعالي]: «إنّما وليّكم اللَّه ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون» [55/المائدة: 5] قال: نزلت في علي أبي‌طالب عليه‌السلام.
و بالإسناد المتقدم إلي السيد المرشد باللَّه عليه‌السلام قال: حدّثنا محمد بن علي بن محمد المكفوف بقراءتي عليه قال: حدّثنا أبومحمد عبداللَّه بن محمد بن جعفر بن حيّان، قال: حدّثنا الحسن بن محمد بن أبي‌هريرة؟ قال: حدّثنا عبداللَّه بن عبدالوهاب، قال: حدّثنا محمد بن الأسود، عن محمد بن مروان، عن محمد بن السائب، عن أبي‌صالح:
عن‌ابن‌عباس قال: أقبل عبداللَّه بن سلام ومعه نفر من قومه ممن قد آمن بالنبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول اللَّه إن منازلنا بعيدة و ليس لنا مجلس ولا متحدّث دون هذا المجلس، وإن قومنا لمّا رأونا آمنّا باللَّه و رسوله وصدّقناه رفضونا وآلوا علي أنفسهم أن لايجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلمونا فشقّ ذلك علينا فقال لهم النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم «إنّما وليّكم اللَّه ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون»، ثمّ إنّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم خرج والناس بين قائم وراكع، وبصر بسائل فقال له النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «هل أعطاك أحد شيئاً»؟ قال: نعم خاتم من ذهبٍ. فقال له /113/ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من أعطاكه»؟ قال: ذلك القائم، وأومي بيده إلي عليّ عليه‌السلام، فقال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «علي أيّ حال أعطاك»؟ قال: أعطاني و هو راكع. فكبّر النبي صلي اللَّه عليه وآله
[صفحه 303]
وسلم ثمّ قرأ «ومن يتولّي اللَّه ورسوله والذين آمنو فإنّ حزب اللَّه هم الغالبون» [56/المائدة: 5] فأنشأ حسّان بن ثابت يقول في ذلك:
أباحسن تفديك نفسي ومهجتي
وكلّ بطي‌ء في الهدي ومسارع
أيذهب مدحي والمحبّر ضائعاً
وما المدح في جنب الإله بضائع
فأنت الّذي أعطيت إذ كنت راكعاً
فدتك نفوس الناس يا خير راكع
فأنزل فيك اللَّه خير ولاية
وبيّنها في محكمات الشرائع
وقيل في ذلك أيضاً:
أوفي الزكاة مع الصلاة [364] مقامها
فاللَّه يرحم عبده الصبّارا
من ذا بخاتمه تصدّق راكعاً
وأسرّه في نفسه إسرارا
من كان بات علي فراش محمد
ومحمد أسري يؤمّ الغارا
من كان جبريل يقوم يمينه
فيها وميكال يقوم يسارا
من كان في القرآن سمّي مؤمناً
في تسع آيات جعلن كبارا
وبالإسناد المتقدم الي القاضي ابن‌المغازلي قال: أخبرنا أبونصر أحمد بن موسي بن الطحّان إجازة، عن القاضي أبي‌الفرج الخيوطي، حدثنا عبدالحميد بن موسي العبّاد، حدّثنا محمّد بن إسحاق الخزّاز، حدثنا عبداللَّه بن بكّار، حدثنا عبيدة بن أبي‌العتيك، [365] عن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن جدّه، عن علي عليه‌السلام في قوله عزّ
[صفحه 304]
وجلّ: «إنّما وليّكم اللَّه و رسوله و الذين آمنوا» [55/المائده: 5]قال: اللَّه ورسوله، «والذين آمنوا» علي بن أبي‌طالب.
وبالإسناد إليه قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن طاوان [366] إذناً أنّ أباأحمد عمر بن عبداللَّه بن شوذب أخبرهم قال: حدّثنا محمّد بن جعفر بن محمّد العسكري قال: حدّثنا محمّد بن عثمان، قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد بن ميمون قال: حدثنا عليّ بن عابس قال:
دخلت أنا وأبومريم علي عبداللَّه بن عطاء، قال: [فقال] أبومريم [لعبد اللَّه بن عطاء]: حدّث عليّاً بالحديث الذي حدّثتني عن أبي‌جعفر. قال: [فقال عبداللَّه بن عطاء]: كنت عند أبي‌جعفر جالساً إذ مرّ عليه ابن‌عبداللَّه بن سلام [ف] قلت [لأبي جعفر]: جعلني اللَّه فداك هذا [ابن] الذي عنده علم من الكتاب؟ قال: لا، ولكنه صاحبكم علي بن أبي‌طالب الذي نزلت فيه آيات من كتاب اللَّه عزّ وجلّ الذي عنده علم من الكتاب، [ونزلت فيه]: «أفمن كان علي بيّنة من ربّه ويتلوه شاهد منه» [17/هود/11] و «إنّما وليّكم‌اللَّه ورسوله و الذين آمنوا» الآية.
[صفحه 305]
و أخبرنا الفقيه الأجل الصالح الزاهد بهاء الدين علي بن أحمد بن الحسين الأكوع رضوان اللَّه عليه مناولة وإجازة قال: أخبرنا الشيخ الأجلّ عفيف الدين علي بن محمّد بن حامد الصنعاني مناولة في سابع عشر من /114/ ذي‌الحجة من سنة ثمان و تسعين و خمسمائة، قال: حدثنا يحيي بن الحسن بن الحسين بن علي بن محمّد بن البطريق الأسدي الحلبي بمحروسة حلب في غرّة جمادي الأولي من سنة ست و تسعين و خمسمائة قراءة عليه، قال: أخبرنا الشيخ السيّد الأجل يحيي بن محمّد بن أبي‌السطلين العلوي الواعظ البغدادي في صفر سنة خمس و ثمانين وخمسمائة، عن الفقيه أبي‌الخير أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني الشافعي المدرّس بمدينة النظامية ببغداد في شعبان من سنة سبعين و خمسمائة، بروايته عن محمّد بن أحمد الأرغياني، عن الفقيه القاضي الحافظ حاكم بلخ أحمد بن محمّد البلخي، عن يحيي بن محمّد الإصفهاني، عن الأستاذ أبي‌إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي [367] قال: أخبرنا أبوالحسن محمّد بن القاسم الفقيه، قال: أخبرنا أبو
[صفحه 306]
[محمد] عبداللَّه بن أحمد الشعراني قال: أخبرنا أبوعلي أحمد بن علي بن رزين، قال: أخبرنا المظفر بن الحسن الأنصاري قال: أخبرنا السّري بن عليّ الأزرق، أخبرنا يحيي بن عبدالحميد الحمّاني عن قيس بن الرّبيع، عن الأعمش، عن عباية بن الربعي قال:
بينا عبداللَّه بن عباس رضي الله عنه جالس علي شفير زمزم يقول: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم إذ أقبل رجل معتّم بعمامة فجعل ابن‌عبّاس رضي الله عنه لايقول قال رسول اللَّه إلاّ و قال الرجل: قال رسول اللَّه. فقال ابن‌عباس: سألتك باللَّه من أنت؟ فأزال العمامة من وجهه و قال:
يا أيّها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري أبوذرّ الغفاري سمعت رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه و آله و سلم بهاتين وإلاّ فصمّتا- ورأيته بهاتين وإلاّ فعميتا- يقول: «عليّ قائد البررة و قاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله».
[ثمّ قال:] أما إنّي صلّيت مع رسول صلي اللَّه عليه و آله و سلم يوماً من الأيام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السّائل يده الي السماء وقال: اللهّم اشهد أني سألت في مسجد رسول اللَّه فلم يعطني أحد شيئاً، [قال:] وكان عليّ راكعاً فأومي بخنصره اليمني وكان يتختّم فيها فأقبل السائل حتي أخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فلمّا فرغ [صلي اللَّه عليه وآله وسلم] من صلاته رفع رأسه الي السماء وقال: «[اللّهمّ إنّ] موسي سألك فقال: «ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري» [25 تا 32/طه: 20] فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: «سنشدّ عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً فلا يصلون إليكما بآياتنا» [35/
[صفحه 307]
القصص: 28[، اللهم وأنا محمد نبيّك وصفيّك، اللهم فاشح لي صدري ويسّرلي‌أمري واجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً اشدد به ظهري».
قال أبوذر: فما استتمّ رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم الكلمة حتي نزل عليه جبرئيل عليه‌السلام من عند اللَّه تعالي فقال: يا محمد اقرأ. فقال: وما أقرء؟ قال: اقرأ «إنّما وليّكم اللَّه ورسوله والذين آمنواالذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكاة وهم راكعون» [55/المائدة: 5].
قال [المؤلّف] /115/ أيّده اللَّه: وفي هذه الألفاظ النبويّة مايشهد بالمزايا العظيمة لأمير المؤمنين عليه‌السلام:
فمنها تصريحه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: بأنّه (قائد البررة) و هذا يقتضي في المعني إمامته عليه‌السلام لأنّه إذا كان قائداً لهم علي العموم يضمن ذلك الإمارة العامة علي المؤمنين فيدخل في ذلك أبوبكر وعمر وعثمان لأنّهم عند مخالفينا من البررة، ومتي كان قائداً لهم لم يصحّ كونهم أئمّة قبله لأنّه يقتضي أن لا يكون قائداً لهم علي العموم وليس في الخبر تخصيص فيحمل علي عمومه.
ومنها قوله صلي اللَّه عليه و آله و سلم: «قاتل الكفرة» وقد كان كذلك عليه‌السلام فإنه ليس لأحد مثل نكايته لأعداء اللَّه، وهذا من القرب العظام إلي ذي الجلال والإكرام.
ومنها قوله صلي اللَّه عليه و آله وسلم: «منصور من نصره مخذول من خذله» وهذا يقتضي القطع [368] [علي] أنّه لا يحارب إلاّ علي حق حتي يكون ناصره منصوراً علي الإطلاق، ولو جاز أن يكون علي باطل في محاربته لم يكن اللَّه لينصر من نصره، وكذلك قوله: «مخذول من خذله» وهذا يوجب الإثم علي من تخلّف عنه في حروبه وانّه لا عذر لهم عند اللَّه تعالي يقبل، فإن كان هذا حال الخاذل، فكيف يري حال المناصب والمقاتل؟.
قال [المؤلّف] أيدّه اللَّه: ثمّ اعلم [369] أنّ هذه الآية أحد العُمَد في الدلالة علي
[صفحه 308]
إمامة أميرالمومنين عليه‌السلام، ودلالتها علي إمامته تترتب علي أنها وردت فيه، وقد تظاهرت الآثار بأنّها نزلت فيه، ووجدنا اللَّه تعالي قيّد المؤمنين فيها بصفة لم توجد إلاّ في علي عليه‌السلام و هو إيتاء الزكاة في حال الركوع، ولم ينقل ذلك في أحدٍ من الأمّة سوي عليّ عليه‌السلام.
وأخبرنا الشيخ العالم الحافظ أبوعبداللَّه محيي الدين محمد بن أحمد بن الوليد القرشي رحمه اللَّه تعالي ورضوانه عليه، قال: أخبرنا القاضي الأجلّ الإمام شمس الدين جعفر بن أحمد بن أبي‌يحيي رضوان اللَّه عليه قراءة عليه، قال: أخبرنا الشيخ الأديب محمد بن الحسين [آذو] نك الآذوني قراءة عليه [370] قال: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد الحسن بن علي بن إسحاق الفرزادي قال: أخبرنا السيّد الإمام الموفق باللَّه أبوعبداللَّه الحسين بن اسماعيل بن زيد الحسني‌الشجري [371] الجرجاني رحمه اللَّه تعالي قال: أخبرنا يحيي بن الحسن، أخبرنا أبوبريد أحمد بن بريد، [372] أخبرنا عبدالوهاب بن دارم، عن حمّاد، عن مخلد، عن الحسين، عن المبارك، عن الحسن قال:
قال عمر بن الخطاب: أخرجت مالي صدقة يتصدّق بها عنّي وأنا راكع؟ أربع وعشرين مرّة علي أن ينزل فيّ مثل مانزل في علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام فما نزل!! فانفرد [عليّ] عليه‌السلام بهذه المنقبة الشريفة، وفاز بهذه الدرجة الرفيعة الغالية المنيفة.
وأيضاً فإنّ العترة أجمعت علي أنّها [أي الآية الكريمة] واردة فيه عليه‌السلام وإجماعها حجّة واجبة الإتّباع.
وأيضاً فإنّ اللَّه تعالي أثبت لنفسه ولايةً علي المؤمنين بقوله: «إنّما وليّكم اللَّه» ثمّ عطف برسوله فاقتضي ذلك ثبوت الولاية [لرسول اللَّه] أيضاً، ثمّ عطف ب «الذين آمنوا» وهذا يقتضي ثبوت الولاية «للذين آمنوا» والولاية تقتضي
[صفحه 309]
مولّي عليه، والوليّ والمولّي عليه لا يجوز أن يكون واحداً إذ لا يدخل في قضايا العقول للبشر في /116/ أنّ المؤمنين لايجوز أن يكونوا أولياء علي أنفسهم ومولّي عليها فلا بدّ من مغايرة بين الوليّ والمولي، وهذا يقتضي ثبوت أن يكون غير المؤمنين و وليّاً عليهم ولا غير يشار إليه سوي واحد منهم وكّل من قال: بأنّها واردة في واحد قال: إنّ ذلك الواحد أميرالمؤمنين عليه‌السلام فيصح أنّها واردة فيه، و إذا ثبت أنها واردة فيه كانت مفيدة لإمامته لأنّ الوليّ إذا أطلق سبق إلي الأفهام أنّه المالك للتصرّف، وإذا كان عليّ يملك التصرف كان إماماً.
وبعد فلو سلمنا أن لفظة الوليّ لايسبق إلي الفهم منها ملك التصرف لكان لنا أن نقول: أن محتمل ملك التصرف والمودّ والناصر؟ فتكون لفظة الوليّ محمولة علي ذلك كله لأنّه لا تنافي بينها وإلاّ يجري مجري التنافي [373] فيكون محمولهً عليها أجمع وذلك يفيد ملك التصرف، ومن ملك التصرف علي الأمة فهو إمام.
وموضع تفصيل ذلك الكتب المودعه [فيها] هذه المسألة من أصول الدين [374] وإنّما ذكرنا نكتة من تفصيل الإستدلال جرياً علي الكشف علي قواعد الآيات والأثار المقصودة بالذكر، و متي قيل كيف يصحّ ما في الخبر من أنّ الخاتم [كان]من ذهب والنبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول فيه وفي الحرير: «هذان حرام علي ذكور أمتي حلّ لإناثها؟» قلنا: لايبعد أن يكون هذا التحريم وارداً بعد الإباحة فتكون منسوخة كما في تحريم الخمر وإيجاب الحجاب و ما أشبه ذلك، وإذا ثبت الولاية المفيدة لملك التصرف علي المؤمنين لم يجز لأحد التقدم علي أميرالمؤمنين، بل يكون المتقدم عليه مقطوعاً بإثمه غير مصيب في حكمه، فما حال من ناوي وحارب وعادي وناصب، ولاشبهة تعتري العارف في مروقه وظلمه وفسوقه.
والعجب من الجهلة الأغتام الذين لايرون في الدين معاداة معاوية اللعين علي شدّة اجتهاده في حرب أمير المؤمنين عليه‌السلام، ثمّ هو- مع ذلك- الذي شرّع سبّه علي
[صفحه 310]
فرق المنابر، فقاتله و قتله؟ ما أعتاه و أجهله و أقام بسبّه لعنه اللَّه [أن]يسّب في نوبة بني‌أمية ما سقط منها؟ إلاّ في مدّة معاوية بن يزيد بن معاوية و هي أربعين يوماً و في مدّة يزيد بن الوليد و هي سبعه أشهر و في مدّة عمر بن عبدالعزيز فإنّه [لمّا] وصل إلي موضع السبّ فقرأ مكانه؟: «إنّ اللَّه يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلّكم تذكّرون» [90/ النحل: 16] فقال له عمرو بن شعيب بن محمد بن عبداللَّه بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي: «السنة السنة يا أمير المؤمنين». فقال له عمر: قبّحك اللَّه، تلك البدعة، تلك البدعة.
وقد كان معاوية قال: «واللَّه لأجرينّ سبّ علي بن أبي‌طالب حتّي إذا أقيم قيل: أقيمت السنة، وإذا قطع قيل قطعت السنة».
وهذا هو السبب في تلقّب هؤلاء الجهلة- المعاندين لأهل بيت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم- بأنّهم أهل السنة! ولهذا تجدهم يتحنّون عليه و يترحمون!!! وكانت هذه الحطة؟ من مناقب عمر بن عبدالعزيز في الإسلام و آثاره الجميلة في أهل البيت عليهم‌السلام حتّي قال كثيّر:
وليت فلم تشتم علياً ولم تخف
بريئاً ولم تتبع سجيّة مجرم
وقلت فصدّقت الذي قلت بالذي
فعلت فأضحي راضياً كلّ مسلم
وقد روينا بالإسناد المتقدم إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه [375] أبي‌الحسين يحيي
[صفحه 312]
بن الإمام الموفّق باللَّه أبي‌عبداللَّه /117/ الحسين بن إسماعيل الجرجاني رحمة اللَّه عليه ورضوانه قال: أخبرنا أبوأحمد محمد بن علي بن أحمد المؤدّب المعروف بالمكفوف بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبومحمد عبداللَّه بن محمد بن جعفر بن حيّان، قال: حدّثنا أبوسعيد الثقفي، عن جندل بن والق، عن حمّاد، عن عليّ بن زيد:
عن سعيد بن جببر قال: بلغ ابن‌عباس رضي الله عنه أنّ قوماً يقعون في علي عليه‌السلام فقال لإبنه علي بن عبداللَّه: خذ بيدي فاذهب بي‌إليهم. فأخذ بيده حتّي انتهي إليهم فقال [لهم]: أيّكم السابّ للَّه؟ قالوا: سبحان اللَّه من سبّ اللَّه فقد أشرك. قال: فأيّكم السابّ لرسول اللَّه؟ قالوا: من سبّ رسول اللَّه فقد كفر. قال أيّكم السابّ لعليّ قالوا: قد كان ذلك!! قال: فأشهد لسمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: «من سبّ علياً فقد سبّني ومن سبّني فقد سب اللَّه، ومن سبّ اللَّه أكبّه اللَّه علي وجهه في‌النار». ثمّ ولّي عنهم وقال لإبنه عليّ: كيف رأيتهم؟ فأنشأ يقول:
نظروا إليك بأعينٍ محمرّة
نظر التيوس إلي شفار الجازر
فقال: زدني فداك أبوك. فقال:
خزر الحواجب ناكسوا أذقانهم
نظر الذليل إلي العزيز القاهر
قال زدني فداك أبوك. قال: لاأجد مزيداً. قال: لكنّي أجد:
أحياؤهم خزي علي أمواتهم
والميّتون فضيحة للغابر
و قد روينا في الذي سبّ عترة الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم ما يقضي له بالفضوح في الدنيا، والخزي في الآخرة، وذلك ثابت فيما نقلناه بالإسناد المتقدم إلي
[صفحه 313]
الإمام المرشد باللَّه عليه‌السلام [376] قال:
أخبرنا أبوطاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبدالرحيم و أبوالقاسم عبدالرحمان بن محمد بن أحمد الذكواني- و لفظ الحديث له- قالا: أخبرنا عبداللَّه بن محمد بن جعفر بن حيّان [377] قال: حدّثنا أبوالعباس الخزاعي قال: حدثنا محمد بن كثير العبدي قال: حدّثنا إسماعيل بن عياش قال: حدّثنا زيد بن جبيرة بن محمود، عن أبي‌جبيرة الأنصاري، عن داود بن الحصين، عن أبي‌رافع مولي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم:
عن عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام قال: سمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: «من لم يعرف حقّ عترتي والأنصار والعرب فهو لإحدي ثلاث: إمّا منافق وإمّا لزنية وإمّا امرئ حملت به أمّه في غير طهر».
قال [المؤلّف] أيّده اللَّه: وهذا مما ظهر عند من عرف الآثار حتّي سمرت به السمّار ونظمت فيه الأشعار، قال الصاحب [اسماعيل بن عبّاد رحمه الله]:
فأين رأيت محبّاً لهم
فثمّ الحياء وثمّ الوقار
وأين رأيت بغيضاً لهم
ففي أصله نسب مستعار
فلا تعذلوه علي فعله
فحيطان دار أبيه قصار
وقال آخر:
مالقوم إذا يقال عليّ
صار في ورد خدّهم ياسمين
كلّ هذا لمولد فيه خبث
وعلي الحقّ شاهد مستبين
وقد /118/ نقل المسعودي في كتاب مروج الذهب [378] في هذا المعني القصّة العجيبة والحادثة الغريبة عن عيسي بن أبي‌دلف [قال:] أن أخاه دلف كان
[صفحه 314]
ينقص [379] عليّاً عليه‌السلام وشيعته و ينسبهم إلي الجهل؟! فقيل [له] لاينقص عليّاً أحد إلاّ كان من غير رشدة؟! فقال: فأنتم تعلمون غيرة الأمير- يعني أبادلف و [أنّه] لايتهيّأ الطعن علي حرمته و أنا أبعض عليّاً!! قال: فما كان بأوشك من أن خرج أبودلف فلمّا رأيناه قمنا له فقال: قد سمعت ما قاله دلف، والحديث لايكّذب والخبر الوارد في هذا المعني لايختلف، هو واللَّه لزنية وحيضة! وذلك إني كنت مريضاً عليلاً فبعثت إلّي أختي جاريهً لها كنت معجباً بها، فلم أتّما لك أن وقعت عليها وكانت حائضاً فعلقت به، فلمّا ظهر حملها وهبتها لي؟!!
فكان [دلف] معادياً لأبيه لكونه شيعياً محبّاً لعلي عليه‌السلام [380].
وبالإسناد المتقدم الي السيّد الإمام المرشد باللَّه عليه‌السلام قال: أخبرنا أبوطاهر محمّد بن علي [بن محمّد] الواعظ بقراءتي عليه ببغداد في الرصافة، قال: أخبرنا أبوجعفر محمّد بن أحمد بن محمد بن حمّاد المعروف بابن ميثم قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو[محمد] القاسم بن جعفر بن محمد بن عبداللَّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي‌طالب قال: حدّثني أبي‌جعفر عن أبيه محمد قال: حدّثني جعفر بن محمد الصادق قال: حدّثني‌أبي‌محمّد بن علي‌الباقر قال: حدّثني أبي‌علي بن الحسين عن أبيه الحسين الشهيد عن أبيه علي بن أبي‌طالب عليهم‌السلام قال: سمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: لو أنّ عابداً عبداللَّه عزّ و جلّ سبعة آلاف سنة- و هو
[صفحه 315]
عمرالدنيا- ثمّ أتي‌اللَّه عزّ وجلّ ببغض عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام جاحداً لحقّه ناكثاً لولايته لأتعس اللَّه جدّه وجدّع أنفه.
قال [المؤلف] أيّده اللَّه: و قد جمع معاوية بن أبي‌سفيان و من شايعه من أتباعه بين قبائح الخصال التي أوعد عليها رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فإنّه كما بيّنا شرع سبّ علي عليه‌السلام علي فروق المنابر فكان في المعني سابّاً لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بل اللَّه ربّ العالمين كما نصّ عليه النبي الأمين و ذلك هو الضلال المبين عند جميع المنصفين.
وكذلك فقد جحد حقه لمحاربته و مناصبته و نكث ولايته الّتي فرضها اللَّه تعالي فيبعث يوم القيامة ناعس الخدّ مجذوع الأنف زيادة في تنكيله، و هو جدير بذلك لتعدّيه والشروع فيما ليس له بأهل، والاستيلاء علي مقامات أولي الفضل.
ولاعجب منه فقد طلب الدنيا بكل حيلة، وإنّما العجب ممن يجعل له من وداده نصيباً مفروضاً ويروم عمارة هدي- بزعمه- قد صيّره منقوضاً، و هو يزعم أنّه قد سلك السبيل الواضح واستنهج الطريق اللائحة [و] تلك في الحقيقة أمانيّ خائبة، وظنون كاذبة لم يرتو صاحبها من السلسل المعين ولا انتقع من برد اليقين ولا وافق المتقين ولا كان مع الصادقين، قال تعالي: «يا أيّها الذين آمنوا اتقوا اللَّه وكونوا مع الصادقين» [119/التوبة: 9] قال الباقر محمد بن علي عليهماالسلام: /119/ الصادقون هم أهل البيت عليهم‌السلام.
فكيف يكون منهم من يجعلهم أو أباهم- البرّ الصادق العدل السابق- غرضاً [لسبابه] أليس قد نبذ آي الكتاب [381] حيث يقول ربّ الأرباب: «قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في‌القربي» [23/الشوري: 42]: لمّا نزلت هذه الآية قيل: يا رسول اللَّه من قرابتك [هؤلاء الّذين سألنا اللَّه مودّتهم؟] [382] قال: «عليّ و فاطمة
[صفحه 317]
وأولادهما».
من ظلم أجيراً أجرته [383] فهو من العاطبين فما حال من ظلم الرسول الأمين أجره في وداد عترته الأكرمين؟ انّه لأقمن بأن يكون من حطب الجحيم وأجدر بأن يصير إلي العذاب الأليم الدائم المقيم في دارشرّها عتيد و مقامع أهلها حديد، و شرابهم صديد وعقابهم يدوم ولايبيد سرورهم مفقود وحبورهم غير موجود قدانقطع عنهم الرجاء و تواتر إليهم البلاء فإيّاك أيّها السامع أن تصير إلي هذه الدار برفض عترة النبي المختار، عوّل عليهم كلّ المعوّل وانظر في قول الأوّل:
شيئان من يعذلني فيهما
يبوء بالإثم و بالعدل
حبّ علي بن أبي‌طالب
والقول بالتوحيد والعدل
طوبي لمن أسلس لهم قياده وجعل حبّهم عتاده والاعتصام بهم لمعاد زاده، لقد فاز فوزاً عظيماً وادّخر غنماً جسيماً [فقد] قال النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ما أحبّنا أهل البيت أحد فزلّت به قدم إلاّ ثبّته قدم حتي ينجيه اللَّه تعالي يوم القيامة».
ماأحوج من استحكمت في خلقه أناشيط التكليف، وقرع سمعه النبأ العظيم بالتخويف- أن يّتخذ ولاءهم جنّة من أهوال الخطوب وزادهم عصمة من مفظعات الكروب، نسأل اللَّه تعالي الثبات علي منهاجهم والاستضاءة بنور سراجهم والصلاة علي محمد وآله.
[صفحه 318]

في أن الله تعالي مدح عليا بأنه مؤمن ووسم مخالفه بأنه فاسق

رجعنا الي [شرح البيت: (24) من] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ومن سماه اللَّه في ذكره المؤ
من والزّاري عليه الشّقيّ
سماه بمعني سمّاه وإنّما حذف التضعيف للضرورة وذلك مأخوذ من الاسم [يقال: فلان] سمّي تسميّهً فهم مسمّ؟ و سمّاه إسماً وتسمية كلّه بمعني واحد.
والأسماء علي ضربين مفيدة وغير مفيدة، فالتي ليست مفيدة هي الألقاب الّتي هي أسماء الأعلام وهي ما لايفيد في‌المسميّ صفة ولاحكماً وذلك نحو قولنا: زيد وعمرو وغيرهما من أسماء الأعلام، و هذا لا وجود له في‌أسماءاللَّه تعالي وذلك لأنّه إنمّا وضع علي المسميّ ليكون عند غيبته قائماً مقام الاشارة إليه عند حضوره ألاتري أنك إذا رأيت كتابة فقلت: من كتبها؟ وكان حاضراً اكتفي المسؤل بأن يشير لك إليه بأنّه هذا، فلمّا كان يغيب احتيح إلي اسم ينبئ‌عنه [384] في حال مغيبه فكنت إذا قلت: من كتبها؟ [و] قيل لك: زيد. قامت هذه العبارة عند غيبته مقام الإشاره إليه عند حضوره فإذا كان بدلاً عنها، و [إذا] كان الحضور والمغيب لايجوز في‌الحقيقة [385] إلاّ علي الأجسام- واللَّه تعالي ليس بجسمٍ- فلم يجز عليه الاشارة فلا يجوز /120/ عليه ما هو بدل عنها وقائم مقامها.
وأمّا الأسماء المفيدة فهي ما يفيد صفة أوحكماً في‌المسّمي بها نحو قولنا: قادر وعالم وحيّ وأسود وأبيض.
وحكم الأوّل أنّه يجوز تغييره و تبديله، واللغة بحالها لأنّ من سمّي ولده زيداً جاز أن يسمّيه عمرواً ولايكون خارجاً عن لغة العرب.
وحكم الثاني انّه لايجوز تغييره و تبديله واللغة بحالها، لأنّ القادر لايجوز تسمّيه بأنّه عاجز، ولا الحيّ بأنّه ميّت، وهذا وجه ثان في‌التفرقة بين المفيد وغيرالمفيد.
وقد بيّنا معني قولنا: اللَّه وانّه الذي يميل القلوب إليه، وتصفوا إلي مودّته وذكرنا وجهاً سوي هذا [386].
[صفحه 319]
والذكر هاهنا القرآن قال اللَّه تعالي: «مايأيتيهم من ذكر من ربّهم محدث الا استمعوه وهم يلعبون» [2/الأنبياء: 21] أراد القرآن الكريم و قال تعالي «إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون» [9/الحجر: 15]. والذكر أيضاً الشرف قال تعالي: «وأنّه لذكرلك ولقومك» [44/الزخرف: 43] قيل معناه لشرف لك ولهم. والذكر أيضاً الوعظ. والذكر أيضاً خلاف النسيان و هو حضور الشي‌ء في النفس و هو راجع إلي العلم و قوله تعالي: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون» [43/النحل: 16]. قيل: [هم] أهل العلم.
وقيل: [هم] أهل البيت عليهم‌السلام [387] لأنّ اللَّه تعالي قد سمّي الرسول ذكراً فقال سبحانه وتعالي: «قد أنزل اللَّه إليكم ذكراً رسولاً» [10/الطلاق: 65] فسمّاه اللَّه ذكراً.
والمؤمن يستعمل في أصل اللغة في معنيين: أحدهما المصدّق قال تعالي حاكياً عن إخوة يوسف: «وما أنت بمؤمن لنا ولو كنّا صادقين» [17/يوسف: 12] أي بمصدّق يخاطبون أباهم يعقوب صلي اللَّه عليه حيث زعموا أن الذئب أكل يوسف.
وثانيهما من يؤمّن غيره من المخاوف، و هواسم اشتقاقي من قبله الأمان أمنه فهو مؤمن [388].
واللَّه تعالي يوصف بأنّه المؤمن علي الوجهين جميعاً: أحدهما أنّه صدق أنبياءه صلوات اللَّه عليهم في دعوي النبوة بالمعجزات الّتي أظهرها علي أيديهم لأنّها تجري مجري القول.
وثانيهما أنّه يؤمّن أولياءه من عقابه الذي جعله لأعدائه كما قال تعالي: «يا
[صفحه 320]
عباد لاخوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون» [68/الزخرف: 43].
فأمّاالمؤمن في الشرع فإنّه قد نقل إلي من يفعل الطاعات ويعفّ عن المحرمات ولهذا يحسن توسّطه بين أوصاف المدح فيقال: فلان صالح مؤمن تقيّ فلو كان يبقي علي أصل الوضع ويجري بطريقة الإشتقاق لم يتوسط بين أوصاف المدح ومعلوم خلافه، وقد قال تعالي: «إنّما المؤمنون الذين آمنواباللَّه ورسوله و إذا كانو معه علي أمر جامع لم يذ هبوا حتي يستأذنوه» [62/النور: 24] فذكر وقوفهم علي أمره في صفاتهم و قد قال تعالي: «قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون» الآيات الي آخرها [1 تا 4/المؤمنون: 23].
و في هذا ما يقتضي أنّ الإيمان منقول من اللغة إلي لشرع وكذلك قوله صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم: «الإيمان بضع وسبعون باباً أعلاها: «لا إله إلاّ اللَّه» وأدناها إماطة الأذي عن الطريق» [389].
و هذا تصريح بأنّه يفيد الأفعال كما يفيد الأقوال.
وأمّا الزاري فهو فاعل الإزراء، والإزراء التهاون /121/ بالشي‌ء يقال: أزري به أي صغر به و منه الحديث: «أزري بنفسه من استشعر الطمع» [390] يعني انّه صغر نفسه و وضع منها. والشقيّ ذوالشقوة، و هي خلاف السعادة قال تعالي حاكياً عن أهل النار «ربّنا غلبت علينا شقوتنا» [106/المؤمنون: 23] قري‌ء «شقاوتنا» وقرئ «شقوتنا» و هما بمعني واحد [391] والشقاوة أسباب البلاء يقال: رجل شقيّ بيّن الشقاء والشقوة والشقاوة. والمشاقاة: المعاناة والممارسة لأنّه شقي بالشي‌ء؟ والسعادة: قوة أسباب النعمة. والشقوة التي حكاها اللَّه عن أهل
[صفحه 321]
النار المراد بها ما اكتسبوه بأعمالهم و هي معاصيهم التي بها وصلوا إلي الشقاوة، فلمّا كان ذلك سبب شقاوتهم سمّاه شقاوة توسّعاً باسم ما يؤّدي‌إليها كما قال تعالي: «إنّ الذين يأكلون أموال اليتامي ظلماً إنّما يأكلون في بطونهم ناراً» [10/النساء: 4] فسمّي أكلهم ناراً لأنّه يؤدّي إلي النار، وتستحقّ به.
والمقصود من البيت هو الإشارة إلي تقريض ربّ العالمين لأميرالمؤمنين وذلك هو ما رويناه بالإسناد المتقدم إلي القاضي العدل الخطيب المعروف بابن المغازلي الشافعي رحمه الله [392] قال:
أخبرنا أبونصر أحمد بن محمد بن الطحان الواسطي إجازة عن القاضي أبي‌الفرج الخيّوطي قال: حدّثنا إسحاق بن ميمون، حدثنا عفان، عن حمّاد بن سلمة، عن الكلبي، عن أبي‌صالح:
[صفحه 322]
عن ابن‌عباس أنّ الوليد بن عقبة قال لعليّ بن أبي‌طالب: «أنا أبسط منك لساناً وأحدّ منك سناناً و أملأ للكتيبة منك». فقال عليّ: «اسكت يا فاسق»، فنزل القرآن: «أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لايستوون» [18/السجدة: 22].
قال [المؤلّف] أّده اللَّه: وهذا هو الشرف الأكبر والحظّ الصالح الأوفر، إذ فيه ما يقتضي القطع بإيمان عليّ عليه‌السلام و أنّ ظاهره كباطنه لأنّ اللَّه تعالي حكم بإيمانه مطلقاً ولم يفصل؟ وهذا لايحصل في غيره ممن ليس بمعصوم فإنّه لابمكن القطع علي أنّ باطنه كظاهره لفقد العصمة، فإذا كان إيمان علي عليه‌السلام ظاهراً وباطناً علي سواء كان أفضل ممن ليس كذلك، وأحقّ بالإمامة ممن تقدم عليه، ثمّ زاده تعالي فضلا و عزّاً و نبلاً فقال: «أمّا الذين آمنوا و عملوا الصالحات فلهم جنّات المأوي نزلاً بما كانو يعملون» [19/السجدة: 22] ولا شبهة في أنّ ذلك يتناول أميرالمؤمنين، وإن تناول غيره ممن اختص بهذه الصفة التي هي الإيمان، لأنّه وإن وقع إختلاف بين أهل العلم في أنّ الخطاب هل يقتصر علي سببه أم لا؟ فلم يختلفوا في أنّ الخطاب يتناول السبب الوارد عليه فيجب القضاء بأنّ أميرالمؤمنين من أهل الجنّة قطعاً فيكون فضله مقطوعاً عليه، وكما زاده اللَّه تعالي شرفاً ونبلاً فقد زاد الوليد [فضاحة وخزياً]- بعد تفسيقه أوّلاً- بما عقبّه من قوله: «وأمّا الذين فسقوا فمأواهم النار» [20/السجدة: 22]فصرّح بأنّ مأواه النار.
وروينا في بعض مقامات الحسن بن علي عليهماالسلام عند معاوية و قد جمع له الغوغاء فقلّد هم عليه‌السلام عاراً يبقي و خزياً في الدنيا /22/ ولعذاب الآخرة أخزي وهم لاينصرون، [فإنّ الإمام الحسن لمّا اجتمع معهم فنّد جميع ما تعلّقوا به وردّ كيدهم في نحورهم إلي أن] قال للوليد:
وأما أنت يا وليد فلا ألومك أن تسبّ عليّاً و قد جلدك في الخمر وقد قتل أباك بيده صبراً عن أمر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم؟
وكيف تسبّه و قد سمّاه اللَّه تعالي في عشر آيات مؤمناً و سمّاك فاسقاً؟!
وكيف تسبه و أنت علج صفورية؟!
وأمّا زعمك أنا قتلنا عثمان فو اللَّه ما استطاع طلحة والزبير أن يقولا ذلك لعلي ولواستطاعا لقالا، وكأنّك قد نسيت قول شاعرك حيث يقول:
[صفحه 323]
أنزل اللَّه في كتاب عزيزٍ
في عليّ وفي وليدٍ قرآناً
القصيدة والقصة طويلة و قد ذكرناها تامّة في كتاب الحدائق الوردية في مناقب أئمّة الزيدية في مناقب الحسن بن علي عليهماالسلام [393].
والوليد هو الوليد بن عقبة بن أبي‌معيط وكان فاسقاً متهتّكاً، قال: صاحب المحيط بالإمامة- و هو الشيخ العالم أبوالحسن علي بن الحسن بن محمد رضي الله عنه- [394] [قال]:
وروي الواقدي‌أن الوليد بن عقبة لمّا دخل الكوفة وكان الوالي بها سعد بن أبي
[صفحه 324]
وقاص قال للوليد بن عقبة: [أجئت] أميراً أوزائراً. قال: «بل [أنا] أمير». قال سعد: ما أدري أحمقت بعدك أوكيسست بعدي؟ قال: ما حمقت بعدي ولا كيسست بعدك، ولكن القوم ملكوا فاستاًثروا؟ فقال: ما أراك إلاّ صادقاً.
قال: وروي أبومخنف لوط بن يحيي أن الوليد لمّا دخل الكوفة مرّ علي مجلس عمرو بن زرارة النخعي فوقف فقال عمرو: يا معشر بني أسد، [395] ما استقبلنا أخوكم ابن‌عفان من عدله أنّه عزل عنّاابن‌أبي وقاص الهيّن‌السهل القريب، وبعث علينا أخاه الوليد الأحمق الماجن الفاجر قديماً و حديثاً!!!
فاستعظم الناس مقدمه وعزل ابن‌أبي وقاص به و قالوا: أراد عثمان كرامة أخيه بهوان أمة محمد صلي اللَّه عليه وآله وسلم!!
وروي بعد ذلك شربه الخمر في الكوفه حتّي دخل عليه من دخل و أخذ خاتمه و هو لايعلم و شرع في الصلاة فقال: أزيدكم؟ فقالوا: «لا قد قضينا صلاتنا»، حتّي قال الحطيئة في ذلك:
تكلّم في الصلاة وزاد فيها
علانيةً وجاهر بالنفاق [396].
[ومجّ الخمر في سنن المصلّي
ونادي والجميع إلي افتراق[
أزيدكم علي أن تحمدوني
فما لكم وما لي من خلاق
ثمّ روي بعد ذلك إقامة الحدّ عليه باجتهاد أميرالمؤمنين عليه‌السلام بعد مدافعة عثمان بن عفان عنه حتّي روي أن عثمان لمّا جاء الشهود يشهدون عليه بشرب الخمر أوعدهم و تهدّدهم
وأمّا أبوه عقبة فإنّه أسر يوم بدر ثمّ قتله علي عليه‌السلام بعد ذلك صبراً [بأمر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم].
وأمّا الآيات التي ذكر [الإمام] الحسن بن عليّ عليهماالسلام أنّ اللَّه تبارك وتعالي سمّي أمير المؤمنين فيها مؤمناً ف [الأولي منها] هي ما ذكرناه آنفاً من قوله تعالي: «أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً» الآية.
[صفحه 325]
[و] الآية الثانية قوله تعالي: «إنّما وليّكم اللَّه و رسوله والذين آمنوا» [55/ المائدة: 5] وقد بيّنا أنها واردة في علي عليه‌السلام [397].
والثالثة قوله تعالي: «أجعلتم سقاية الحاجّ و عمارة المسجد الحرام كمن آمن‌باللَّه واليوم الآخر و جاهد في سبيل اللَّه لايستوون عنداللَّه، واللَّه لايهدي القوم الظالمين» [19/ التوبة: 9].
وقد روينا بالإسناد المتقدم إلي القاضي المعروف بابن المغازلي [398].321/ قال: أخبرنا أبوطالب محمد بن أحمد بن عثمان، قال: أخبرنا أبوعمر محمد بن العباس بن حيّويه الخزّاز إذناً، قال: حدّثنا محمد بن حمدويه المروزيّ قال: حدّثنا أبوالمرخ، قال: حدّثنا عبدان بن حمزة [399] عن إسماعيل عن عامر [الشعبي] قال: نزلت هذه الآية: «أجعلتم سقاية الحاجّ و عمارة المسجدالحرام» [19/ التوبة: 9] في عليّ والعباس.
وبه إليه رضي‌الله عنه [400] قال: أخبرنا أبوغالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي رحمه‌الله قال: أخبرنا أبوعبداللَّه محمد بن عليّ السّقطيّ قال: حدّثنا أبومحمد يوسف بن سهل بن الحسين القاضي [قال: حدثنا الحضرمي] [401] قال: حدّثنا هنّاد بن أبي‌زياد قال: أخبرنا أبوموسي بن عبيدة الربذي، عن عبداللَّه بن عبيدة الّربذي [402] قال:
قال عليّ للعباس: ياعمّ لو هاجرت إلي المدينة؟ قال: أولست في أفضل من
[صفحه 326]
الهجرة؟ ألست أسقي حاجّ بيت اللَّه وأعمر المسجد الحرام؟ فأنزل اللَّه تعالي هذه الآية: «أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجدالحرام» الآية.
والآية الرابعة قوله تعالي: «وعداللَّه الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات منهم مغفرةً وأجراً عظيماً» [29/ الفتح: 48].
روينا بالإسناد إلي القاضي ابن‌المغازلي قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسي قال: حدّثنا هلال بن محمد، قال: حدّثنا إسماعيل [بن علي بن عليّ] بن رزين بن عثمان، قال: حدّثنا أبي‌علي قال: حدّثنا أخي دعبل بن علي قال: حدّثنا مجاشع، عن عمرو بن ميسرة، عن عبدالكريم الجزريّ، عن سعيد بن جبير:
عن ابن‌عباس أنّه سئل عن قول اللَّه عزّ وجلّ: «وعداللَّه الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات منهم مغفرة و أجراً عظيماً» قال: سأل قوم النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقالوا: فيمن نزلت هذه الآية يا رسول اللَّه؟ [403] قال: «إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أبيض فإذاً مناد [ينادي] ليقم سيّد المؤمنين ومعه الّذين آمنوا بعد بعث محمد صلي اللَّه عليه وآله وسلم. فيقوم علي بن أبي‌طالب فيعطي اللّواء من النّور الأبيض بيده تحته جميع السّابقين [الأوّلين] من المهاجرين والأنصار لايخالطهم غيرهم حتّي يجلس علي منبر من نور ربّ العزّة، [و] يعرض الجميع عليه رجلاً رجلاً فيعطي أجره ونوره فإذا أتي علي آخرهم قيل لهم: قد عرفتم موضعكم [404] ومنازلكم من الجنّة إنّ ربّكم يقول: لكم عندي مغفرة وأجر عظيم يعني الجنّة فيقوم عليّ والقوم تحت لوائه معهم حتّي يدخل بهم الجنّة، ثمّ يرجع إلي منبره فلا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ نصيبه منهم إلي الجنّة، و ينزل أقواماً إلي النّار، فذلك قوله تعالي: «والّذين آمنوا[باللَّه ورسله أولئك هم الصدّيقون والشهداء عند ربّهم] لهم [405] أجرهم ونورهم»».[19/ الحديد: 57] يعني
[صفحه 327]
السّابقين الأوّلين وأهل الولاية له [406] «والّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم» [19/الحديد: 57] يعني [كفروا وكذّبوا] بالولاية بحقّ علي، وحقّ عليّ الواجب علي العالمين.
والآية الخامسة قوله تعالي: «إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً» [96/ مريم: 19].
روينا بالإسناد المتقدم الي ابن‌المغازلي قال: أخبرنا إسحاق بن أبي‌طلحة بن غسّان بن النعمان الكازروني إجازة [407] أنّ عمر بن محمد بن يوسف حدّثهم قال: حدّثنا أبوإسحاق المديني قال: حدثنا أحمد بن موسي الحرامي؟ قال: حدثنا الحسين بن ثابت المديني خادم موسي بن جعفر [408] قال: حدثني أبي، عن شعبة، عن الحكم، عن عكرمة:
عن ابن‌عباس قال: أخذ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بيدي وأخذ بيد عليّ فصلّي أربع ركعات ثمّ رفع يده الي السماء فقال: «اللهمّ سألك موسي بن عمران، وأنا محمد أسألك /124/ أن تشرح لي صدري [409] وتيّسر لي أمري وتحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً اشدد به أزري وأشركه في أمري». [410].
قال ابن‌عباس: فسمعت منادياً ينادي: يا أحمد قد أوتيت ما سألت. فقال النبي: «يا بالحسن ارفع يديك إلي السماء وادع ربّك واسأله أن يعطيك». [411] فرفع
[صفحه 328]
علي يده إلي السماء وهو يقول: اللهمّ اجعل لي عندك عهداً واجعل لي عندك ودّاً. فأنزل اللَّه تعالي علي نبيّه «إنّ الّذين آمنوا و عملواالصّالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً»، فتلاها النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي أصحابه فتعجّبوا من ذلك عجباً شديداً، فقال النبي صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم: «ممّ تعجبو [ن]؟ إن القرآن أربعة أرباع فربع فينا أهل البيت خاصة، وربع حلال وحرام، وربع فرائض وأحكام، واللَّه أنزل في عليّ كرائم القرآن».
و الآية السادسه قوله تعالي: «يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة» [12/ المجادلة] روينا بالإسناد المتقدم إلي ابن‌المغازلي قال:
ص أخبرنا أبوطالب محمد بن أحمد بن عثمان، قال: أخبرنا أبوعمر محمد بن العباس ابن‌حيّويه الخزّار إذناً، قال: حدّثنا أبوعبيدبن حرتوبه [412] قال: حدّثنا الحسين بن محمد الزعّفراني قال: حدّثنا عليّ بن عبيداللَّه [413] قال: أخبرنا يحيي بن آدم قال: حدّثنا عبداللَّه بن عبدالرحمان الأشجعي، عن سفيان بن سعيد، عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن سالم بن أبي‌الجعد، عن عليّ بن علقمة:
عن عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام، قال: لمّا نزلت «يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة» قال لي رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم: «كم تري ديناراً»؟ قلت: لايطيقونه؟ قال: «فكم [تري]»؟ قلت:
[صفحه 329]
شعيرة. قال: «إنّك لزهيد». قال: فنزلت: «ءأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقات» الآية، قال: فبي خفّف اللَّه عن هذه الأمّة.
وأيضاً رواه ابن‌المغازلي بإسناده عن مجاهد، [414] قال:
[أخبرنا أحمد بن محمد إذناً، أخبرنا عمر بن عبداللَّه بن شوذب، حدّثنا أحمد بن إسحاق الطّيبيّ حدّثنا محمد بن أبي‌العوام، حدّثنا سعيد بن سليمان، حدّثنا أبوشهاب، عن ليث، عن مجاهد قال]:
قال عليّ بن أبي‌طالب: آية في كتاب اللَّه ما عمل بها أحد من النّاس غيري [وهي آية]: النجوي، كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكلّما أردت أن أناجي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم تصدّقت بدرهم [منه] ما عمل بها أحد قبلي ولابعدي.
والآية السّابعة قوله تعالي: «هذان خصمان اختصموا في ربّهم» [19/الحج: 22] قد بيّنا في قصّة بدر [415] بالإسناد إلي أبي‌ذرّ رحمه اللَّه تعالي أنّها نزلت في علي وحمزة و عبيدة بن الحارث عليهم‌السلام، و في عتبة و شيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة وذلك انه تعالي بدأ بالصف من الكفار؟ فقال: «فالذين كفروا قطّعت لهم ثياب من نار يصبّ من فوق رؤسهم الحميم - يصهر به ما في بطونهم والجلود - ولهم مقامع من حديد - كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمّ أعيدوا فيها و ذوقوا عذاب الحريق» [19 تا 22 الحجّ: 22].
فهذا هوالصف الأوّل ثمّ لمّا فرغ تعالي ذكره [ممّا أعدّه للفريق الأول]عاد إلي الخصم الثاني؟ فقال: «إنّ اللَّه يدخل الذين آمنوا و عملوا الصالحات جنّات تجري من تحتها الأنهار» الآية [23/14/الحجّ: 22]، وصرّح‌بإيمانهم ووعدهم- ووعده الصدق- بأنّه يدخلهم الجنّة، وفي ذلك ما أردناه من التصريح بإيمان
[صفحه 330]
علي عليه‌السلام وزيادة.
والآية- /125/- الثامنة قوله تعالي: «وإن تظاهرا عليه فإنّ اللَّه هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين» [4/التحريم: 66] روي عليّ عليه‌السلام عن النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنّه المراد بها.
ومثله روت أسماء بنت عميس رحمة اللَّه عليها عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم [416].
[صفحه 331]
والآيه التاسعة قوله تعالي: «وبشّر الذين آمنوا وعملوا الصالحات» [الآية]25/البقرة: 2]، باللَّه عليه‌السلام [417] قال: أخبرنا القاضي أبوالحسن أحمد بن علي بن الحسين الثوري [418] والحسن بن علي بن محمد الجوهري بقراءتي علي كل واحد منهما قالا: أخبرنا أبوعبيداللَّه محمد بن عمران بن موسي المرزباني- قال الجوهري: قراءة عليه، وقال [ابن] الثوري: إجازة قال: حدّثنا أبوالحسين علي بن محمد بن عبيد [419] قال: حدّثني الحسين بن الحكم الحبري الكوفي قال: حدّثنا حسن بن حسين [420] قال: حدّثنا حبّان [بن عليّ] عن الكلبي عن أبي‌صالح:
عن ابن‌عباس، قال: فيما نزل من القرآن في خاصّة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وعلي و أهل بيته عليهم‌السلام دون النّاس من سوره البقرة: «وبشّرالذين آمنوا وعملوا الصالحات» الآية انّها نزلت في علي وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث بن المطلب.
والآية العاشره قوله: تعالي: «إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية» [6/البيّنة 98]، روينا بالإسناد المتقدم إلي القاضي العالم أبي [عليّ]
[صفحه 332]
الحسن [بن] عليّ بن الحسن بن عليّ الصفّار [421] قال: حدّثنا أبوعمر بن مهدي قال: حدّثنا أبوالعباس بن عقدة بن عليّ [422] قال: حدّثنا محمد بن أحمد بن الحسن القطواني قال: حدّثنا إبراهيم بن أنس الأنصاري قال: حدّثنا إبراهيم بن جعفر بن عبداللَّه بن محمد بن مسلم، عن أبي‌الزبير:
عن جابر بن عبداللَّه [423] قال: كنّا عند النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فأقبل
[صفحه 333]
عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام، فقال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «قد أتاكم أخي». ثمّ التفت إلي الكعبة فضربها بيده فقال: «والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة». [ثمّ] قال: «إنّه أولكم إيماناً معي وأوفاكم بعهد اللَّه وأقومكم بأمر اللَّه وأعدلكم في‌الرعية وأقسمكم بالسويّة وأعظمكم عنداللَّه مزيّة».
قال [جابر]: فنزلت «إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البريّة».
قال [المؤلّف] أيّده اللَّه: ومن تأمّل هذه الآية الشريفة والخبر الشريف لم يعدل بعليّ عليه‌السلام أحداً من الأمة أمّة الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
و فيه فوائد، منها: إنّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم، قضي بالفوز لعليّ عليه‌السلام ولشيعته، وشيعته هم أتباعه، وبالضروره أن أكثر الأمّة ليسوا من أتباعه، و هذه اللفظه التي هي‌الشيعة لاتلحق الأمّة علي العموم وإنّما هي مختصّة بفرفة مخصوصة فكان الخبر ناطقاً لهم بالشرف و الفضل علي من غبر وسلف، والحال ظاهر في أنّ شبعة علي عليه‌السلام هم أتباع أولاده دون غيرهم [424].
ومنها تصريحه عليه‌السلام بأنّه أوّل الصحابة إيماناً وهذا يشهد بفضله علي سائر الصحابة لسبقه إيّاهم في الإيمان.
ومنها نصّه بأنّه أوفي الصحابة بعهداللَّه. وهو /126/ أمره بالطاعة قال تعالي: «وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم» [40/البقرة: 2] قيل: [معناه أوفوا] بما أمرتكم به من الطاعة، أوف بما وعدتكم به من الفوز بالكرامة.
[صفحه 324]
و هذا يشهد بأنّه عليه‌السلام أوفرهم طاعةً و أنّه لايقارف معصية لأنّه لو خالف أمراللَّه تعالي لم يكن أوفاهم بعهداللَّه.
ومنها قوله: «وأقومكم بأمراللَّه» و هذا يقتضي ثبوت مزية له عليهم أجمعين في القيام بما أمراللَّه ربّ العالمين.
ومنها قوله: «وأعدلكم في الرعية» و هذا يفيد الإمامة لأنّ العدل في الرعية لايكون الاّ من صفات الأئمّة السابقين وهذا يقتضي أنّه أولاهم بالإمامة لأنّه جعله أعدلهم في أمر الرعية والحاجة إلي الإمام في أمر ذلك؟.
ومنها قوله: «وأقسمكم بالسويّة» وهذا أيضاً من صفات الأئمّة، لأن قسمة الغنائم إلي الإمام دون سائرالأّمة إلاّ من قسم عن أمره فإن ذلك في‌الحكم من قبل الإمام.
ومنها التصريح بالفضل عليهم حيث جعله أعظمهم عنداللَّه مزيّة، و هذا يقتضي بأنّه أفضلهم ومتي كان أفضل كان أولي بالإمامة لأنّ الإجماع قد انعقد من الصحابة علي طلب الأفضل في الإمامة، ولهذا لمّا اختلفت الصحابة بعد الرسول عليه‌السلام في طلب الإمامة و طلبت الأنصار أن يكون الأمر فيهم قالوا: الدار دارنا والإسلام عزّنا. فقال أبوبكر: نحن عترة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم و البيضة التي تفقّأت عنها.
فقال العباس: احتجّوا بالشجرة و أضاعوا الثمرة [425] وطلب عمر أن يبابع لأبي عبيدة فقال له: يا ابن‌الخطاب ما لك في الإسلام فهّة مثل هذه؟ تقول لي هذا وأبوبكر حاضر؟- أو ما هذا معناه- فأنكر عليه هذا الإعتقاد [و] أنّ أبابكر أفضل منه.
[صفحه 335]
والأخبار في هذا المعني كثيرة [426] وهذا يقتضي أنّهم رجعوا إلي طلب الأفضل في الإمامة فكان إجماعاً.
وإذا ثبت بما قدّمناه أن عليّاً أفضل الصحابة بهذا الخبر وبما قدّمناه و بما سيأتي كان أولي بالإمامة وأحقّ بالزعامة.
ثمّ نزول الآية عقيب ذلك فيها أوفي شهادةٍ بفضله لأنّها قضت بأنّه خير البرية و من كان خير البرّية بنصّ ربّ العالمين فهو أقمن بالخلافة علي أمّة الرسول ممن سواه وأجدره بالإمامة ممن عداه، فكيف تري يا طالب السلامة حكم من ناصبه وحاربه وشرّع سبّه علي فرق المنابر، [فلايشكّ] أنّه لمقطوع بمروقه و فسوقه.
والعجب كلّ العجب من الجهلة الطغام الّذين يعلمون ضرورة شدّة حيف معاوية علي أمير المؤمنين [عليه‌السلام] و أصحابه باليد والقلب واللسان ثمّ يحكمون بسلامته و يقول: بعض علمائهم: إنّ الخطأ الواقع في حرب أمير المؤمنين وقتل من قتل من أصحابه- و هم خمسة و عشرون ألفاً من عيون المسلمين فيهم أربعة و عشرون بدريّاً- [427] هو خطأ في مسألة إجتهادية، ثمّ إذا رأوا من لايعتقد إمامة المشائخ الثلاثة حكموا عليه بالخروج عن الدين؟!!
وهذا حيف عظيم و تحامل علي الإمام الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم وإنّما اشربوا حبّ معاوية فأضحت أمّهم الهاوية وأيّ منصف يرتاب /127/ في أنّ من أعان علي قتل رجل من آحاد المسلمين فقد خرج من الدين، فكيف من حارب صفوة الأمّة وقتل الألوف من المسلمين؟.
بل أجلي من ذلك وأظهر- وأوضح عند ذوي البصائر وأشهر- أنّ من حارب ذميّاً ظلماً وعدواناً فقد باء بإحدي الكبر، وفارق شرع النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم، فقاتل اللَّه هؤلاء الضلاّل الكفرة الجهّال الذين يحكمون بهلاك من حارب ذميّاً ظلماً وعدواناً، ولايحكمون بعطب من حارب الإمام الوصّي ولهم الويل
[صفحه 336]
مما يصفون، لقد تلعّبوا بالدين ورفضوا حقّ العترة الهادين، جعلوا الفجّار لهم قدوة ولم يرتضوا بأئمّة الآل أسوة!!
وإذ قد ذكرنا الآيات التي صرّح اللَّه تعالي فيها بإيمان علي عليه‌السلام فيها، فلنختم ذلك بما يشبه ما تقدم لتكون زيادة في البيان وجلاءً للبرهان و تصفية للجنان فنقول: روينا بالإسناد المتقدم إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه عليه‌السلام [428] قال:
[صفحه 337]
أخبرنا أبوالقاسم عبدالرحمان بن محمد بن أحمد بن المعدل بقراءتي عليه بإصفهان، قال: أخبرنا أبومحمد الحسن بن إسحاق بن إبراهيم المعدل، قال: أخبرنا أبوبكر محمد بن عبداللَّه بن ماهان، قال: حدّثنا عمران بن عبدالرحيم، قال: حدّثنا سهل بن عثمان قال: حدّثنا عيسي بن راشد قال: سمعت علي بن بذيمة يحدّث عن عكرمة:
[صفحه 338]
عن ابن‌عباس رضي الله عنه قال: ما أنزل اللَّه آيةً في القرآن [فيها] «يا أيّها الّذين آمنوا» إلاّ كان عليّ أميرها وشريفها، ولقد عاتب اللَّه تعالي أصحاب محمد صلي اللَّه عليه وآله وسلم في غير آية فما ذكر عليّاً إلاّ بخير.
قال شيخ الإسلام والمسلمين أيدّه اللَّه: وهذا يشهد لمزيته علي الصحابة من الأباعد والقرابة؟ و فيه أن كلّ آية خاطب اللَّه المؤمنين [بها] وأثني عليهم [فيها] أنّ لعليّ الصفو من مديحها الذي لم يكدّر، والثناء الشريف المحّبر، و فيه أنّ اللَّه تعالي ما عتب علي عليّ عليه‌السلام، وأنّه قد عتب علي سائر الصحابة، وهذا يقضي بأنّ إيمان عليّ عليه‌السلام [429] لم يدخله شائبة منذ شرع فيه إلي أن مضي لحال سبيله بخلاف غيره، فانظر إلي شرفه ما أوفاه ونور فضله ما أصفاه، ولم لايكون كذلك وقد تخلّق بأخلاق رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم من صغره إلي كبره، وأضحي قسيمه في المعالي من جوهره.
إنّ عليّ بن أبي‌طالب
جدّا رسول اللَّه جدّاه
أبوعليّ وأبوالمصطفي
من طينة طهّرها اللَّه
حسبك يا طالب الفوز بعليّ إماماً فقد أضحي في أفق الحقّ بدراً تماماً، فتنورّ بنوره الوقّاد، واجعل حبّه أفضل الذخر ليوم التناد، والجنّة من أهوال يوم المعاد، وتدبّر ما في الذكر المكنون: «يوم ندعوا كلّ أناس بإمامهم» [70/الإسراء: 17] وإيّاك أن تبعث تحت لواء معاوية فتساق إلي الهاوية، فإنّه بلاريب من أئمة الفجّار، والقادة إلي النار، ولم لا وقد حارب الصفوة المكرّم، والسابق المعظّم، [و] لو حارب أبابكر محارب لم يبق عند المخالف له حظّ في المناقب، و لايتورّع من ثليه بقادحات المثالب، بل لو توّقف في إمامته واقف أوتخوّف من الإقدام عليها خائف لقطع عليه مخالفونا من الجبرية وأحزابهم بالهلاك، واعتقدوا أنّ هذا هو الحقّ عند المليك والأملاك، فأمّا محارب عليّ عليه‌السلام /128/ فلا يقذف بكبير ولا يعدّ حربه له يوازي بنقير ولا قطمير!!!
وأي شي‌ء أعجب ممّا ذكرناه؟ فتدبّر يا طالب الرشد والهدي ونحّ عن بصرك الغشاوة والعمي وارفع عن قلبك ظلمات الريب والردي تنج برحمة اللَّه غداً.
[صفحه 339]

في أن عليا ميزان معرفة الحق والباطل وأن من تبعه من حزب الهدي والرشاد، ومن خالفه وأو تقاعد عنه من من حزب الغواية والردي

رجعنا إلي [شرح البيت: (25) من] القصيدة، قال الإمام [المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ومن به يعرف حزب الهدي
وحزب إبليس اللعين الّردي
الحزب: الطائفة والجماعة من الناس، قال اللَّه تعالي: «كلّ حزب بمالديهم فرحون» [32/الروم: 30] وجمعه أحزاب، قال اللَّه تعالي: «يحسبون الأحزاب لم يذهبوا» [20/الأحزاب: 33] ومنه قيل ليوم الخندق: يوم الأحزاب، لاجتماع الكفّار فيه، وتعاضد هم علي حرب رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم من قريش وغطفان واليهود فردّهم اللَّه تعالي خائبين وقد تقدمت إشارة إليه [430].
والهدي: نقيض الضلال [يقال] هديت الرجل أهديه إذا أرشدته وأصله التقديم، ومنه إذا وصف الدليل في الفلاه بأنّه هاد لتقدمه السيّارة، ويقال أقبلت هوادي الخيل إذا أقبلت أعناقها وسمّيت العصي هادية لأنّها تتقدم ممسكها، والهدي: الدلالة والبيان قال تعالي: «شهررمضان الذي أنزل فيه القرآن هديً للناس وبيّنات من‌الهدي والفرقان» [85/ البقرة: 2] والهدي: التوفيق والتأييد قال اللَّه تعالي: «إنّهم فتية آمنوابربّهم وزدناهم هدي» [13/ الكهف 18] وقال تعالي: «والّذين اهتدوا زادهم هديً وآتهم تقوهم» [17/ محمّد 47] والهدي بمعني الثواب قال تعالي: «يهديهم ربّهم بإيمانهم تجري‌من تحتهم الأنهار» [9/ يونس: 10] أراد يثيبهم.
وإبليس معروف و هو أبوالجنّ، قال تعالي: «أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني» [50/ الكهف: 18] وقال: «إلاّ إبليس كان من الجنّ» [75/ الكهف: 18]، وهو أوّل متكبّر في‌العالم والحاسد لآدم فأعقبه ذلك الكفر والخلود في النار واللعين: الطريد، قال: [الشاعر]
ذعرت به القطا ونفيت عنه
مكان الذيب كالرحل اللعين؟
يريد الطريد، ويقال: فلان لعين بني فلان: أي طريدهم.
و [اللعين] في الشرع: المطرود من رحمة اللَّه، ولهذا لاتجري هذه اللفظة إلاّ علي من يستحقّ العقاب بفعله الكبائر، واللعنة هي العقاب، فإذا قيل [فلان] في لعنة
[صفحه 340]
اللَّه فالمراد به النار، وهذه اللفظه قمينة بابليس لأنّه لاخلاف بين الأمة في أنّه من أهل النار بل هو قائدهم وإمامهم نعوذ باللَّه منه.
والردّي هو الفاسد الهالك [يقال:] ردِي [فلان] يردي [رَديً علي زنة رضي يرضي رِضيً]: إذا هلك، قال اللَّه تعالي: «وما يغني عنه ماله إذا تردّي» [11/الليل: 92] أراد: هلك.
والمقصود بالبيت الإشاره إلي منقبة لعلي عليه‌السلام سنيّة، ودرجة من درجات الفضل عليّة، انفرد بها عن الأصحاب، وتميّز بها علي الأتراب.
روينا بالإسناد المتقدم إلي السيّد الإمام أبي‌طالب يحيي بن الحسين الحسني عليه السلام [431] قال: أخبرنا عبداللَّه بن عدّي الحافظ، قال: حدّثنا محمد بن أبي‌صالح بن ذريح، قال: حدّثنا أحمد بن إسحاق الوزّان قال: حدّثنا عمرو بن الحصين قال: حدّثنا يحيي بن العلاء، عن الحسن بن سعيد، [432] عن أبيه، عن /129/ أبي‌عبداللَّه الجدلي:
عن أمّ سلمة قالت: سمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: «لا يحبّ عليّاً إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلاّ منافق» [433].
[صفحه 342]
وبالإسناد إلي السيد أبي‌طالب عليه‌السلام [434] قال: أخبرنا أبوأحمد عبداللَّه بن عديّ
[صفحه 343]
قال: حدثنا محمود بن محمد الواسطي قال: حدثنا عثمان بن أبي‌شيبة، قال: حدثنا مالك بن اسماعيل، قال: حدثنا اسرائيل عن الأعمش عن أبي‌صالح، عن أبي‌سعيد قال: إنّما كنّا تعرف منافقي الأنصار ببعضهم عليّاً عليه‌السلام.
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: والخبر دالّ علي أنّ حبّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام من الفرائض المؤكدة التي لأتتمّ إيمان عبدٍ إلاّبها وأنّ بغضه من‌الجرائم الموبقات والكبائرالمحبطات حيث قضي أنّه لايبغضه الاّ منافق.
فما ذا تري يا ذا النظر الصائب والفكر الثاقب في معاوية بن أبي‌سفيان؟ أيكون من‌المحبّين؟ فهذا من المين المبين عند جميع العالمين من أهل الدنيا والّدين، أم يكون من المبغضين [ف] كان من جملة المنافقين بنصّ الرسول الأمين صلي‌اللَّه عليه وعلي آله الأكرمين فكيف يكون جديراً بالرضوان أو قميناً بالجنان؟ كلاّبل هو من أهل النيران بواضح البيان وجليّ البرهان عند ذوي الأذهان، فأمّا من غلب عليه النصب والعناد فاللَّه له بالمرصاد وحسبه جهنّم وساءت مصيراً.
وفي الخبر دلالة علي أنّه عليه‌السلام لا يقارف كبيرة لأنّه لو واقعها لم يجز حبّه بل يجب بغضه فكان لايكون مبغضه منافقاً ولامقطوعاً بهلاكه، وهذا خلاف النص الشريف.
[صفحه 344]
فما للخوارج [إلاّ] الويل والتبار [435] والخزي والدمار حيث حكموابأنّه من‌الكفّار!! وهو الفارق بين الضلال والهدي والمجلوّ به غربيب الغواية والردي ومن شهد له المصطفي لم يضع من شأنه مايقذفه الجاهل به من الوصمة، شهادة الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم كافية، وأمّ معاندها هاوية في‌نارالهاوية؟
ومما يطابق ما رويناه أوّلاً ما نقلناه بالإسناد المتقدم إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه عليه‌السلام [436] قال: أخبرنا أبوالقاسم الحكم بن محمد بن إسماعيل بن الحكم
[صفحه 345]
المخرومي [437] بقراءتي عليه في جامع الكوفة قال: أخبرنا أبوطالب محمد بن الحسين النحاس التيملي البزار [438] قال: حدّثنا أبوالحسن علي بن العباس بن الوليد البجلي قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب قال: أخبرنا علي بن هاشم، عن محمد بن عبداللَّه، عن أبي‌عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر، عن أبيه، عن جدّه عمّار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أوصي من آمن بي وصدّقني بولاية علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام فمن تولاّه فقد تولاّني ومن /130/ تولاّني فقد تولي اللَّه، ومن أحبّه فقد أحبّني ومن أحبني فقد أحبّ اللَّه، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض اللَّه».
وبالإسناد المتقدّم إليه رضي الله عنه قال: أخبرنا عبيداللَّه بن عمر بن أحمد بن شاهين الواعظ، قال: أخبرنا أبوبحر محمد بن الحسين بن علي بن البربهاري [439] قال: حدّثنا محمد بن يونس قال: حدّثنا سعيد بن أوس أبوزيد الأنصاري قال: حدّثنا عوف:
عن أبي‌عثمان النهدي قال: قلت لسلمان رضي الله عنه: ما أشدّ حبّك لعليّ عليه‌السلام قال: إني سمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: «من أحبّ عليّاً فقد أحبّني ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني» [440].
[صفحه 346]
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: وهذا يقتضي عصمة علي عليه‌السلام وأنّ مبغضه من العاطبين كما أن مبغض الرسول من العاطبين ولوجاز أن يقارف كبيرة لم يصحّ ذلك لأنها يجب حنيذ بغضته وتحرم مودّته كما: في سائرمن يرتكب الكبائر، ولهذا قال تعالي: «لاتجد قوماً يؤمنون باللَّه واليوم الآخر يوادّون من حاد اللَّه ورسوله ولو كانوا آباءهم أوأبناءهم أوإخوانهم أوعشيرتهم» [33/المجادلة] وهذا
[صفحه 347]
يقتضي القطع علي هلاكة من حارب عليّاً عليه‌السلام لأنّه من المبغضين بأيقن اليقين عند جميع العالمين، وبهذا ينكشف صحّة ماقاله الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام انّه يعرف حزب الهدي بإتباع علي عليه‌السلام وحزب إبليس ببغضه ورفض طاعته، وحينئذ يظهر ويتجّلي لذوي العقل والنهي أنّ معاوية من حزب إبليس وأنّ المترحمين عليه كذلك، ولولا شدّة عموم البلوي بأمر معاوية لما طوّلنا ذلك،إلاّ أنّه غلب حبّه وودّه علي قلب أكثر الخلق [441] «وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين» «وأكثرهم للحقّ كارهون» [442].
وروينا بالإسناد المتقدم إلي القاضي الزكيّ أبي‌عليّ الحسن بن علي الصفّار رحمة اللَّه عليه [443] قال: وأخبرنا أبوالحسين علي بن عبدان الأهزادي قراة عليه [444] قال: حدّثنا أحمد بن عبيدبن إسماعيل الصفّار، قال: حدّثنا موسي بن هارون الطوسي قال: حدّثنا فضيل بن عبدالوهّاب، قال: حدّثنا شريك، عن أبي‌ربيعة عن يزيد بن بريدة، عن أبيه [445] قال:
قال رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّ اللَّه أمرني بحبّ أربعة وأخبرني أنّه يحبّهم». قيل: يا رسول اللَّه من هم؟ قال: «إنّ عليّاً منهم». قيل: يا رسول اللَّه من هم؟ قال: «إنّ عليّاً منهم». قيل يا رسول اللَّه من هم؟ قال: «إنّ عليّاً منهم». قيل: ثمّ من؟ قال: «سلمان وأبوذرّ والمقداد».
[صفحه 348]

في أن عليا كان مأمورا من عند الله ورسوله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين

رجعنا إلي [شرح البيت: (26) من] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
وقاتل /131/ النّاكث والقاسط ال
ظّالم والمارق ربّ الثّديّ
القاتل: فاعل القتل عند أهل اللغة، والقتل: تخريب بنية الحيّ حيث تزول عنه الحياة، هذا عند أرباب اللسان، ولهذا يسبق الي أفهامهم اذا قيل: «قتل زيد عمراً» أنّه فعل أفعالاً من تخريب بنيته أبطلت [به] حياته، وما لما يهذي به الكفرة المطرفية [446] من أن القتل حركات يد القاتل فإنّه ممايعلم فساده أهل اللغة بالإضطرار فإنّ المعلوم من حالهم إنّهم لايسمّون هذه الحركات قتلاً لاحقيقة ولامجازاً، و زعموا- أعني المطرفيه لحمقهم- أن تخريب بنية الحيّ علي وجه تبطل حيوته لايسمّي قتلاً وإنّما يوصف أنّه انقتال وقالوا: (هذا الانقتال فعل اللَّه تعالي والقتل فعل العبد) ففرّقوا حيث لافرق وكلّ عاقل يعلم من أهل اللغة جواز وصف ماقام ببدن المقتول بأنّه قتل ولايوصف القاتل بأنّه قاتل إلاّ لفعله ما ذكرناه، ولايخطر ببال أحد منهم أن القتل يقوم بالقاتل وإنّما يقوم بالمقتول [447].
والناكث: فاعل النكث، والنكث: نقض العهد، وهو نقيض الوفاء به، قال تعالي: «فمن نكث فإنّما ينكث علي نفسه ومن أوفي بما عاهد عليه اللَّه فسيؤتيه أجراً عظيماً» [10/الفتح 48] يريد و من ينقض العه الذي عاهد عليه رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله فإنّما ينكث علي نفسه لأن وبال ذلك و عاقبته عليه وقال: «ولاتكونوا كال 8 تي نقضت غزلها من بعد قوّةٍ أنكاثاً» [92/النحل 16] الأنكاث:
الانقاض واحدتها نكث، فشبّه من لم يف بالعهد الناقض به؟
[صفحه 349]
والقاسط: الجائر، قال تعالي: «وأمّا القاسطون فكانوا لجهنّم حطباً» [15/الجنّ: 48] يعني‌العادلين عن الحق قال الشاعر:
قومي هم قتلوا ابن‌هند عمراً [448].
وهم قسطوا علي النعمان
يريد جاروا عليه وظلموه.
والقسط هوالعدل، قال تعالي: «قائماً بالقسط» [18/آل عمران: 3] أي بالعدل، والقسط- بفتح القاف-: الجور. والقسوط العدول عن الحقّ [يقال:] قسط [فلان] يقسط قسطاً- [علي زنة ضرب وبابه]-: [جار وحاد عن الحقّ] فإن عدل [العامل وقام بين الإفراط والتفريط] قيل: أقسط يقسط [من باب أفعل] فهو مقسط،قال تعالي: «إنّ اللَّه يحبّ المقسطين» [42/المائدة: 5]. [449].
وأمّا الظالم فهو فاعل الظلم، والظلم هو الضرر القبيح.
والربّ: المالك للتصرف. والسيّد. والربّ: المصلح. والربّ: الصاحب.
و [قوله:] «الثدي» أراد [به] ذا الثدية وكان من رؤساء الخوارج و عبّادهم إلاّ أنّها عبادة يعقبهاالخسران، والقطون في النيران والبعد من زخارف الجنان، بعناده لإمام عصره و محاربته لخليفة دهره، فخسر الدّنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين، وكان من المقتولين في حرب النهروان مع الخوارج وقد كان النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أخبر بذلك قبل أوانه فكان من جملة معجزاته.
وذلك /132/ ثابت فيما رويناه بالإسناد المتقدم إلي السيّد الإمام أبي‌طالب عليه‌السلام [450] قال:
حدّثنا أبوالحسين علي بن إسماعيل الفقيه رحمه الله قال: حدّثنا الناصر للحق الحسين بن علي رضي الله عنه قال: حدّثنا محمّد بن منصور قال: حدّثنا إسماعيل بن موسي، عن عمرو بن القاسم، عن مسلم الملائي، عن حبّة العرني أنّ عليّاً عليه‌السلام سار [إلي النهروان] حين فارقته الخوارج فاعترضوا النّاس وأخذوا الأموال والذواب
[صفحه 350]
والكراع والسلاح ودخلوا القري وقتلوا وساروا حتّي انتهوا إلي النهروان.
[فأتاهم أمير المؤمنين عليه‌السلام] فأقام بها أيّاماً يدعوهم ويحتجّ عليهم فأبوا أن يجيبوه وتعبّؤا لقتاله، فعبّأ [أمير المؤمنين عليه‌السلام] الناس ثمّ خرج [إليهم]فدعاهم فأبوا أن يدخلوا [في السلم] وبدأوه بالقتال فقاتلهم وظهر عليهم فقال لأصحابه: فيهم رجل له علامة. قالوا: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: رجل أسود منتن الريح إحدي يديه مثل ثدي المرأة إذا مدّت كانت بطول الأخري وإذا تركت كانت كثدي المرأة عليها شعرات مثل شعرات الهرّة.
فذهبوا ثلاث مرّات يطلبونه وكلّ ذلك لايجدونه فرجعوا وقالوا: يا أميرالمؤمنين ما وجدناه. فقال: واللَّه ما كذبت ولا كذبت وإنّي لعلي بيّنةٍ من‌اللَّه إنّه لفي‌القوم، ايتوني بالبغلة. فاًتوه بها فركب وتبعه الناس حتّي انتهي إلي وهدةٍ من الأرض فيها قتلي بعضهم علي بعض فقال: إقلبوا قتيلاً علي قتيل [فقلّبوها كما أمر عليه‌السلام] فاستخرج الرجل وعليه قميص جديد، فقال: شقّوا عنه فشقّوا عنه، فقال: مدّوا يده. [فمدّوها]، فإذا هي بطول الأخري فقال: دعوها. [فدعوها]، فإذا هي مثل ثدي المرأة!!
[ثمّ] قال [عليه‌السلام]: إنّ به علامة أخري: شامة حمراء علي كتفه الأيمن، [فقلّبوه فوجدوها فيه] فقال علي عليه‌السلام: اللَّه أكبر. وكبّر المسلمون فقال: صدق اللَّه وصدق رسوله، أمرني رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بقتالهم وأخبرني أن فيهم هذا الرجل المخدج.
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: وذو الثدية هو هذا المخدج وسمّي مخدجاً لنقصان خلقته لأن الإخداج هو النقصان، ومنه قوله صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم: «كلّ صلاة لايقرأ فيها بفاتحة الكتاب و سورة معها أوثلاث آيات فهي خداج» [451] ويقال: أخدجت الناقة إذا ولدت لغير تمام.
وسمّي [الرجل] ذا الثدية لأنّ يده كانت مثل ثدي المزأة كما تقدم، وهو [كان]
[صفحه 351]
من زعماء الخوارج.
وذو الثدية وأصحابه هم المارقون، وسمّوا بذلك لمروقهم عن الدين وشقّهم عصا المسلمين وهم الّذين قال فيهم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «يمرق مارقة من المسلمين يقتلها أولي الطائفتين بالحق» [452].
وروينا بالإسناد إلي ابن‌المغازلي [453] قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبدالوهّاب بن طاوان، قال: أخبرنا أبوعبداللَّه الحسين بن محمد العلوي العدل، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الجواربي قال: حدّثنا أحمد بن حازم [454] قال: حدّثنا سهل بن عامر البجلي قال: حدّثنا أبوخالد الأحمر، عن /133/ مجالد،عن الشعبي:
عن مسروق قال: قالت عائشة: يا مسروق إنّك من ولدي وإنّك من أحبّهم إليّ، فهل عندك علم من المخدج؟ قال: قلت: نعم، قتله علي بن أبي‌طالب علي نهرٍ يقال لأعلاه تامَرا ولأسفله النهروان بين اخافيق و طرفاء [455] قالت: ائتني علي ذلك ببيّنة. [قال:] فأتيتها بخمسين رجلاً من كلّ خمسين بعشرة- و كانت الناس اذ ذاك أخماساً- يشهدون أنّ عليّاً عليه‌السلام قتله علي نهر يقال لأعلاه تامَرا ولأسفله النهروان بين اخافيق وطرفاء؟ فقلت: يا أمّه أسألك باللَّه وبحق رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وبحقّي- فإنّي من ولدك- أيّ شي‌ء سمعت من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه [وآله] وسلم يقول فيه؟ قالت: سمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم يقول: «هم شرّ الخلق والخليفة بقتلهم خير الخلق والخليقة وأقربهم عنداللَّه وسيلة».
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: وفي هذا [الكلام] أوفي تصريح بفضل علي عليه‌السلام وأنّه أفضل الخلق والخليقة، فدخل في ذلك أبوبكر وعمر وعثمان ومن عداهم، وكما دلّ علي فضله فقد دلّ علي أنّ الخوارج من أرباب العقاب العظيم وذلك لأنهم
[صفحه 352]
شرعوا بدعة عظيمة فأثرت عنهم قال: اللَّه تعالي في نظرائهم: «وليحملنّ أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم» [13/العنكبوت: 29] وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلي يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شي‌ء، ومن سنّ سنّةً سيّئةً فله وزرها ووزر من عمل بها إلي يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شي‌ء» [456] فعظم عقاب الخوارج لما شرعوه من هذه البدع التي صارت موروثة إلي غير ذلك من الوجوه الّتي تضاعف عقابهم بسببها فلذلك كانوا من شرّ الخليقة بنصّ النبي الأمين صلي اللَّه عليه و علي آله الأكرمين.
وأمّا الناكثون الّذين عناهم الإمام عليه‌السلام فهم طلحة والزبير و من انضاف إليهم وذلك إنّهم بايعوا عليّاً عليه‌السلام في المدينة ثمّ فارقوه منها فاتفقوا بعائشة؟ وأجمع رأيهم علي المسير إلي البصرة فوصلوها واستولوا علي بيت مال المسلمين وقتلوا خمسين رجلاً من عمّال أمير المؤمنين عليه‌السلام، [457] علي بيت المال فقصدهم بعد ذلك أمير المؤمنين وحاربهم وجدّت عائشة في تحريض الناس علي عليّ عليه‌السلام حتّي نصره اللَّه تعالي عليهم وأعلي يده علي أيديهم واستولي علي البصرة وأمر بردّ عائشة إلي المدينة.
وقد روي أنّها تابت من صنيعتها وكانت تبكي بكاءً شديداً علي ما كان منها. وكذلك أيضاً فقد نقل عن طلحة والزبير التوبة واللَّه أعلم [458].
فأمّا الإثم فعظيم والحوب فجسيم بمحاربة إمام الأمّة وأبي‌الأئمّة والخيرة من أشرف المعتام علي من مضي ومن غبر سوي الملائكة الكرام والأنبياء عليهم
[صفحه 353]
جميعاً أفضل الصلوة والسلام [459].
وامّا /134/ القاسطون فهم معاوية بن أبي‌سفيان وأصحابه فإنّهم قسطوا عن الحقّ أي جاروا وظلموا وقد كان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أمر عليّاً عليه‌السلام بمحاربة الناكثين والقاسطين والمارقين و [جاء] ذلك في آثار جمّة بطرق كثيرة.
منها ما أنبأبه [460] الشيخ العالم الورع الصالح محيي‌الدين عمدة الموحّدين أبوعبداللَّه محمّد بن أحمد بن الوليد القرشي رضي‌اللَّه عنه، قال: حدّثنا القاضي الأجلّ الإمام شمس الدين جمال الإسلام جعفربن أحمدبن يحيي رضوان اللَّه عليه [461] قال: حدّثنا القاضي الإمام الأجلّ قطب الدين مجد الإسلام أحمدبن أبي‌الحسن الكني بقرائته [علينا] قال: أخبرني الشيخ الأديب أبوطاهر الحسن بن أبي‌سعد المظفر بن عبدالرحيم الحمدوني قراءة عليه سنة ستّ وثلاثين و خمسمائة قال: حدّثنا السيّد أبوالفضل ظفر بن داعي بن مهدي العلوي الاستراباذي [462] قال: حدّثني السيّد الزاهد والدي والشيخ الحافظ أبوحازم عمر بن أحمد العبدوي [463] قالا: أخبرنا أبوجعفر محمد بن عبيداللَّه العلوي بالكوفة قال: حدّثنا أحمد بن موسي الحفار، حدثنا ضرار بن صرد، قال: حدّثنا يحيي بن عيسي الرملي قال: حدّثنا الأعمش، عن عباية الأسدي:
[صفحه 354]
عن ابن‌عباس [464] قال: كان ابن‌عباس يحدّث الناس علي شفير زمزم فلمّا انقضي حديثه نهض إليه رجل من القوم فقال: ياابن‌عباس إني رجل من أهل الشام. قال [ابن‌عباس: هم] أعوان لكل ظالم إلاّ من عصم‌اللَّه منكم سل ما بدا لك؟ قال: يا ابن‌عباس إني جئت أسالك عن عليّ بن أبي‌طالب وقتله أهل لا إله إلاّ اللَّه لم يكفروا بقبلة ولابحجّ ولابصيام رمضان. فقال له: ثكلثك أمّك سل عمّا يعنيك. فقال: يا عبداللَّه ما جئت أضرب إليك من حمص لحجّ ولا لعمرة ولكن أتيتك لتخرج إليّ أمر عليّ عليه‌السلام وفعاله. فقال له: ويحك إنّ علم العالم صعب لايحتمل ولايقرّ به القلوب [ثم قال]:
أخبرك أنّ عليّاً عليه‌السلام مثله في هذه الأمّة كمثل موسي عليه‌السلام والعالم،وذلك انّ اللَّه تعالي ذكره قال: في كتابه: «إنّي اصطفيتك علي الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما أتيتك وكن من الشاكرين - وكتبنا له في الألواح من كلّ شي‌ء موعظة» [144 تا 145/الأعراف: 7] فكان موسي عليه‌السلام يري أن جميع الأشياء قد أثبتت له كما ترون أنتم أن علماءكم أثبتواجميع الأشياء فلمّا انتهي موسي صلي اللَّه عليه إلي شاطي‌ء البحر فلقي العالم فاستنطقه فأقرّله موسي بفضل علمه ولم يحسده كما حسدتم أنتم عليّاً عليه‌السلام فقال له موسي- ورغب إليه-: «هل أتّبعك علي أن تعلّمني مما علّمت رشداً» [465] فعلم العالم أن موسي لا يطيق صحبته ولايطيق علي علمه فقال له: «إنّك لن تستطيع معي صبراً وكيف تصبر علي ما لم تحط به خبراً» فقال: موسي و هو يعتذر إليه: «ستجدني إن شاء اللَّه صابراً ولا أعصي لك أمراً -
[صفحه 355]
قال فإن اتّبعتني فلا تسألن عن شي‌ء حتّي أحدث لك منه ذكرا» وركبا /135/ في السفينة فخرقها فكان خرقها للَّه رضيً وسخط ذلك موسي ولقي الغلام فقتله وسخط ذلك موسي وكان قتله للَّه رضي.
وأمّا الجدار فكان إقامته للَّه رضيً وكان عند الجهّال من الناس خطاً؟ فاجلس حتّي أخبرك بالّذي سمعته من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وعاينته:
إن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم تزوّج زينب بنت جحش فأولم وكانت وليمته الحيس وكان يدعوا عشرة عشرة من المؤمنين وكانوا إذا أصابوا من طعام رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم استأنسوا إلي حديثه واشتهواالنظر في وجه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله و كان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يشتهي أن يخفّفوا عنه ويخلواله المنزل لأنّه كان قريب عهد بعرس زينب بنت جحش، وكان يكره أذي المؤمنين فأنزل اللَّه تعالي: «يا أيّها الّذين آمنوا لاتدخلوا بيوت النّبيّ إلاّ أن يؤذن لكم إلي طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولامستأنسين لحديثٍ إنّ ذلك‌م كان يؤذي النّبيّ فيستحيي منكم واللَّه لايستحيي من الحقّ» [53/ الأحزاب: 33].
فلمّا نزلت هذه الآية كان الناس إذا أصابوا من طعام نبيّهم صلي اللَّه عليه وآله وسلم لم يلبثوا أن يخرجوا فمكث رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم سبعة أيّام ولياليها.
ثمّ تحوّل إلي [بيت] أمّ سلمة بنت أبي‌أميّة وكانت ليلتها وصبيحتها ويومها من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه، فلمّا تعالي النهار، انتهي عليّ عليه‌السلام إلي الباب فدقّها دقّاً خفيفاً فعرف رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم دقّه وأنكرته أمّ سلمة فقال [رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم]: «يا أمّ سلمة قومي فافتحي له الباب». فقالت: يا رسول اللَّه من هذا الّذي بلغ من خطره أن ينظر إلي محاسني؟ فقال لها رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم كهيئة المغضب: «من يطع الرسول فقد أطاع اللَّه، قومي وافتحي له الباب، فإنّ بالباب رجل ليس بالخرق ولا بالنزق ولابالعجل يحبّ اللَّه و رسوله ويحبّه اللَّه ورسوله، يا أمّ سلمة إنّه آخذ بعضادتي الباب ولا يدخل الدار حتّي يغيب عنه الوطئ».
[صفحه 356]
فقامت أمّ سلمة و هي لا تدري من بالباب غير أنّها حفظت النعت والمدح فمشت نحو الباب وهي تقول: بخ بخ لرجل يحبّ اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه ورسوله ففتحت [الباب] وأمسك عليّ عليه‌السلام بعضادتي‌الباب فلم يزل قائماً حتّي خفي عليه الوطئ، فدخلت أمّ سلمة خدرها وفتح عليّ الباب فدخل فسلّم علي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم، فقال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم لأمّ سلمة: «هل تعرفينه»؟ قالت: نعم وهنيئاً له، هذا عليّ. قال: «صدقت يا أمّ سلمة، هذا علي بن أبي‌طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي و هو منّي بمنزلة هارون من موسي إلاّ أنّه لانبيّ بعدي.
يا أمّ سلمة اسمعي وافهمي هذا عليّ أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وعيبة علمي ويابي الّذي أوتي /136/ منه، والوصيّ علي الأموات من أهل بيتي والخليفة علي الأحياء من أمّتي أخي في الدنيا وقريني في الآخرة ومعي في السنام الأعلي، فاشهدي يا أمّ سلمة أنّه يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين».
فقال الشامي: فرّجت عنّي يا ابن‌عبّاس أشهد أنّ عليّاً مولاي ومولي كلّ مسلم. قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: وفي هذا الخبر الشريف مع مقدمته فوائد كثيرة مبنيّة عليها:
فمنها ما استنكره الرجل الشامي من قتل عليّ عليه‌السلام أهل لا إله إلاّ اللَّه من أهل النهروان مع أنّهم لم يكفروا بصلاة ولا بحجّ ولا بصيام.
وهذه شبهة قد ذكرها كثير من المطرفية أقماهم اللَّه [466] ويسلكون به طريقة التشنيع علي الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام في قتله لهم ولأتباعهم و هو قدح فاسد، وذلك لأنّ القتل قد يستباح علي غير الكفر كما في قطّاع الطريق و من جري مجراهم ممن يجوز قتله، وقد ذكر جماعة من العلماء أنّه يجوز قتل قاطع الصلاة والصيام متي صمّم علي ذلك، وان كان معترفاً بصحّة الملة في الجملة والتفصيل وهو مذهب الهادي عليه‌السلام في آخرين.
[صفحه 357]
وقد يكون الكفر أيضاً بنوع سوي ما ذكره السائل؟ وتصوّره كثير من الجهّال، لأنّ الكفر بوجوه كثيرة؟ ولو قال قائل: بأن الخمر مباح كان مباح الدم مرتّداً بالإجماع في الجملة، وإن بقي متمسّكاً بسائر أمور الدين، فإذا ثبت أنّ المطرفية قد كفرت بالوجوه المعروفة جاز قتلهم وإن استمرّوا علي النطق بالشهادتين ألا تري أن عندهم أنّ اللَّه تعالي لا يرزق الكفّار ولايرسل الصواعق ولا ينزل البرق علي المؤمنين وغير ذلك، وهذا كلّه كفر بالإجماع ومن اعتمده جاز قتله، فكما فسد تصوّر الخوارج وأشباههم فكذلك يفسد ما تزعمه المطرفية.
ومنها أنّ العاقل يجب عليه إذا عرضت له الشبهة [و] لم يتمكّن من حلّها بنفسه أن يفزع إلي أهل العلم ويقطع المسافات البعيدة لطلب حلّها [منهم] ألا تري أن هذا السائل وصل من حمص إلي ابن‌العباس رضي الله عنه- لالحجّ ولا لعمرة كما قال- للشبهه التي عرضت له في قتل أهل النهروان، و قد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «فإذا لاحت لكم شبهة فاجلوها باليقين». فأمر بحلّها، [467] وهذا يقتضي أنّ ذلك من الدين ومما يتضيّق علي المتعبّدين [468] وقد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «اطلبوا العلم ولو بالصين» [469] فإنّ طلب العلم فريضة علي كلّ مسلم، فإذا وحب تحصيل العلم بأصول الديانة ولم يتمّ استمراره عند الشبهة العارضة كان حلّها فرضاً مؤكّداً مضيقّاً مشدّداً، ولاينبغي‌للعاقل أن يتهاون بها عند ورودها فإنه إن تركها ازدادت قوّة ودعت إلي غيرها مما يعظم فساده.
وقد روي أنّ السيّد المؤيّد باللَّه قدّس اللَّه روحه- و هو قدوة إذ حقّه لايخفي ونور مجده لايطفي- كان ذات ليلة يطالع مسألة مع الملاحدة الدهرية فاشتبه عليه جوابها، فأمر باتّخاذ مشعله وقصد باب /137/ قاضي القضاه بعد قطيع من الليل فأخبر قاضي القضاه بحضوره فأشغل خاطره، وهيّأ مكاناً وجلس فيه حتّي إذا دخل عليه و جاراه في تلك المسألة وانفتح له جوابها واتّضح لديه ما كان منها
[صفحه 358]
كامناً؟ قال له القاضي: هّلا أخّرت إلي الغد؟ فقال المؤيد مغضباً من كلامه متعجّباً: ما هذا بكلام مثلك، أيجوز لي أن أبيت وقد أشكلت عليّ مسألة يمكنني أن أجتهد في حلّها؟! فاعتذر إليه قاضي القضاة وقال: إنما ذكرت هذا علي الرسم الجاري بين الناس وعاد إلي منزله.
فهذه طريقة الأخيار الأبرار الّذين تحقّقوا حرمة الّدين وعرفوا أنّه لايجوز الإغضاء علي شبهة عارضة ساعه واحدة.
ومنها قوله: «إن علم العالم صعب لايحتمل ولايقرّ به القلوب»، وإنّما يريد بذلك أنّ القلوب إذا كانت لا يعترف بصحته لبعد غوره و عزوب معرفته لم يصلح التسرّع إلي الطعن علي صاحبه، لأنّ اعتراض الجاهل علي العالم فيما علمه لايخفي فساده.
وقد ابتلي الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام بمثل ذلك من أهل عصره فإنّ فيهم من حمله الجهل علي كلّ ضلال وخطاء في‌المقال من المطرفيه وغيرهم حتّي كنّا نري أنّ من لايبلغ درجته إلي منزلة أهل العلم يطلب الدليل علي صحّة ما يجاب به، ومعلوم أنّ المفتي لايجب عليه إظهار وجه المسألة للعامي وأيّ فائدة في ذلك، ولو أظهر له كثيراً من وجوه المسائل والفتاوي لما اهتدي الي عرفانه ولا ميّز بين صوابه وخطائه، ويكفيه العمل علي تحسين الظنّ بالمفتي بعد معرفته علي الجملة بديانته ومعرفته بإطباق الكافة من أهل العلم علي توفّر حظّه من الفهم.
ومنها الكشف عن حال عليّ عليه‌السلام والرفع عن منزلته لأنّه شبه بالخضر مع موسي صلي اللَّه عليهما وأنّه لا يحسن الإعتراض علي عليّ عليه‌السلام كما لم يحسن الإعتراض علي الخضر عليه‌السلام فيما فعله لمعرفته بما لم يعرفه موسي علي أنّه كليم اللَّه وخيرته من أهل عصره صلي اللَّه عليه وسلم.
ومنها الإحتمال العظيم وحسن الخلق لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم حتّي كفّ صلي اللَّه عليه عن الكلام مع أصحابه علي مشقّة ذلك؟ لقرب عهده بالعرس فغلب عليه الحياء وحسن الأدب، وما ظنّك بنبيّ [470] أقسم اللَّه عليه وقال
[صفحه 359]
[له تبارك و] تعالي: «خذ العفو وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين» [199/الأعراف: 7]، فكان صلي اللَّه عليه وآله وسلم متخلّقاً بهذه الأخلاق الشريفة ومكارم هذه الشمائل العالية المنيفة وقد قال تعالي: «ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك» [159/آل عمران: 3] ولقد تنحّي صلي اللَّه عليه وآله وسلم عن مخدّته لبعضهم وبسط ثوبه الذي يلبسه لبعضهم وكان يقول لبعض من يعزّ عليه: «بأبي أنت وأمّي» /138/ وخلقه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أكثر من أن ينظّم هاهنا و إنّما أشرنا إلي نكتة هي في الحقيقة قطرة من مطر، ومجّة من لجّة من شريف شمائله ودمث خلائقه [471] صلي اللَّه عليه واله، ثمّ كان اللَّه عزّ و علا هو المؤدّب للمؤمنين لما غلب عليه الحياء من نهيهم فقال تعالي: «يا أيّها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلاّ أن يؤذن لكم إلي طعام غير ناظرين إناه» [53/الأحزاب: 33] يريد وقوفهم في منزله إلي حضور وقت الطعام قال تعالي: «و لكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إنّ ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم و اللَّه لا يستحيي من الحقّ» [53/الأحزاب: 33].
ومنها حسن أدب أميرالمومنين عليه‌السلام حيث دقّ الباب دقّاً خفيفاً لئلاّ يتأذّي به رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و اله و سلم سالكاً في ذلك طريقة التوقير لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وكون ذلك عادة له حتي عرف رسول اللَّه دقّه، وتلك سجّية من سجاياه معروفة، وشنشنة [كان عليه‌السلام بها] موصوفة، وكيف لاو قد تخلّق بأخلاق الرسول من صغره إلي كبره حتي صار إلي مثله طبعاً راسخاً [472] فأحلّه من‌الفضل طوداً شامخاً.
ومنها أن أمر النبي صلي اللَّه عليه و اله و سلم علي الوجوب لأنّه لمّا أمر أمّ سلمة بفتح الباب لعلي عليه‌السلام وتريّثت قال لها كهيئة المغضب: «من يطع الرسول فقد أطاع اللَّه»، ولا يبلغ أن يكون بهذه الحالة إلاّ وقد رأي خطأ فدّل أنّ اتّباع أمره واجب في الدنيا والدين.
[صفحه 360]
ومنها ما ألبسه علياً عليه‌السلام من شذور الثناء الفائقة، ويواقيت التعظيم الثاقبة الرائقة [473] لأنه أخبر أن علياً ليس بالخرق و لابالنزق و لابالعجل، و هذا مبالغة في وصفه عليه‌السلام بالعقل والحلم وترك الطيش و الخفة التي تعتري كثيراً من الناس.
و منها قوله: «يحبّ اللَّه و رسوله و يحبّه اللَّه و رسوله»، وهذا يشهد بإخلاصه واستواء ظاهره وباطنه، لأنّ اللَّه تعالي لا يحبّ أحداً علي الإطلاق [474] إلاّ إذا صفت سريرته و حسنت علانيته، وإذا أحبّه اللَّه فلابدّ أن يبغض من عاداه، وكذلك رسوله صلي اللَّه عليه و آله؟ فأين يتاه بالجبرية الجفاة والنواصب الطغاة الذين والوا معاوية و أتباعه و قضوا بأن لهم الزلفي والشفاعة!!.
ومنها إخباره صلي اللَّه عليه وآله بأن عليّاً عليه‌السلام آخذ بعضادتي الباب وأنه لا يفتحه ولايدخل الباب حتي يتغيّب عنه الوطي‌ء، فكان كما قاله من غير زيادة و لا نقصان.
ومنها اضطرار أم سلمة رضي اللَّه عنها إلي ما قصده حتي قالت: «بخّ بخّ لرجل يحبّ اللَّه و رسوله، و يحبّه اللَّه و رسوله»، وقد عملت بمقتضي ما علمت، ووعت ماسمعت لأنّ عائشة استنفرتها في حرب عليّ عليه‌السلام فامتنعت من ذلك /139/.
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم في عليّ: «لحمه من لحمي ودمه من دمي» وفي هذا أوفي تشريف.
وقد روينا بالإسناد المتقدم إلي ابن‌المغازلي [475] رواه بإسناده إلي سلمان قال:
[صفحه 361]
سمعت حبيبي محمّداً صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: «كنت أنا وعليّ نوراً بين يدي اللَّه عزّ وجلّ يسبّح اللَّه ذلك النور و يقدّسه قبل أن يخلق اللَّه آدم بألف عام، فلمّا خلق آدم ركب ذلك النور في صلبه فلم نزل في شي‌ء واحد حتّي افترقنا في صلب عبدالمطلب ففيّ النبوّة وفي عليّ الخلافة».
ومنها قوله [صلي اللَّه عليه وآله وسلم]: «وهو منّي بمنزلة هارون من موسي إلاّ أنّه لانبي بعدي» و قد بيّنا فوائد هذا الخبر فيما مضي [476] فلا معني لإعادتها.
و منها قوله: «يا أمّ سلمة اسمعي وافهمي- أمرها بذلك ليعظم إقبالها علي ما قاله فتعيه و تبلغه إلي غيرها- هذا عليّ أمير المؤمنين» و هذانصّ صريح بإمامته لأن هذه اللفظة لا تطلق إلاّ علي إمام الأمّة ولا تطلق علي من دونه- بإجماع الأمّة- إطلاقاً [477] وإن جاز إطلاقها علي تخصيص فيقال: أمير المصر، وأمير الجند.
وقد روينا بالإسناد إلي بريدة قال: أمرنا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أن نسلم علي علي ب «يا أمير المؤمنين» [478].
[صفحه 363]
و هذا يشعر اللبيب المنصف؟ أن رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قد كان يؤهّله للإمامة ويقرّر عندالصحابة له الزعامة، فأعرض كثير منهم عن هذا الشأن و نبذوا واضح البرهان، واختاروا لأنفسهم بزعمهم إماماً و تركوا اختيارالحكيم الخبير العليم!! قال تعالي: «وربّك يخلق مايشاء ويختار، ماكان لهم الخيرة من أمرهم» [68/القصص: 28] فاللَّه تعالي يخبرنا أنه يختار لعباده الخيرة من أمور دينهم و دنياهم؟ ولم يخبرنا أنه وكّل ذلك إلي خمسةٍ من المسلمين من‌أهل العلم والدّين، فمن قنع باختيار اللَّه فقد فاز وأصاب، ومن قدّم اختيار غيره فقد أتي‌البيت من غير الباب، و نبذ آي الكتاب.
وتدبّر أيّها السامع أمراً جليّاً [و] لاترفض الفكر فتقارف شيئاً فريّاً، و هي أنّ هذه اللفظة التي هي أمير المؤمنين قد صارت حقيقةً في أمير المؤمنين [عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام] حتّي لا يسبق إلي فهم أحدٍ من الأمّة إذا قيل: قال أميرالمؤمنين- أوفعل أميرالمؤمنين أو أولاد أميرالمؤمنين- إلاّ عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام دون سائر من تصدّي للإمامة منذ قبض رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله إلي هذه الغاية وإلي انقضاء التكليف، و هذا فيه أوفي عبرة للعاقل و ردع للجاهل، وقد أقبل أكثر أهل الإسلام إلي أبي‌بكر و عمر و عثمان بوجوههم واعتقدوا إمامتهم وطالت دولة عمر وعثمان خاصّة ورسخت قواعد أمرهم ودوّخا كثيراً من البلاد وجنّدوا الأجناد، وكذلك أبوبكر في أيّام الردّة و ماكان علي يديه من القتل الذريع والسبي /140/ ومع ذلك فما علق بواحد منهم أنّه أميرالمؤمنين علي نحو ما هو معروف في حق عليّ عليه‌السلام، بل لايعرفون إلاّ بالمشائخ الثلاثة ولايجري عليهم ذلك، وإن كان فالشاذ الذي لا يؤبه له والنادر الذي يذهب عن أكثر الخلق وانه ليحقّ لكلّ منصف أن يكثر تعجبه مما ذكرناه، ويتحقق أنّه أمر سماوي قهر الخلق وأسّسه الصفوة المختار صلي اللَّه عليه وعلي آله الأخيار عند الصحابة في عصره حتّي اتّضلت بنقله القرون.
[صفحه 364]
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله فيه عليه‌السلام: «وسيّد المسلمين»، والسيّد: المالك للتصرف، قال اللَّه تعالي: «وألفيا سيّدها لدي الباب» [25/يوسف: 12]يريد مالك أمرها و هو زوجها، قا الشاعر:
فإن كنت سيّدنا سدتنا
وإن كنت للخال فاذهب فحل؟
و هذا يقتضي أنّه المالك للتصرف علي الأمّة، و من ملك التصرف علي الأمّة عموماً كان بلا شكّ إماماً.
وروينا بالإسناد إلي أنس قال: قال رجل للنبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: يا سيّد العرب. قال: «أنا سيّد ولد آدم وعليّ سيّد العرب» [479].
ومنها قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «وعيبة علمي» وهذا يقضي أنّه مستودع أسراره وعجائب علومه الغامضة، لأنّه جعله بمنزلة العيبة التي لايدّخر فيها إلاّ شريف المتاع و قد كان صلي اللَّه عليه وآله وسلم كذلك، فإنّه الذي ذلّل سبل العلم، ووطّأ مهاد الفهم، وله في أصول الدين ما لايوجد قبله لأحد من الخلق أجمعين [480] وكذلك [في إخباره بالمغيبات] فإنّ الأخبار الغريبة والآثار العجيبة من علم الغيب التي خصّه بها رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم جمّة كثيرة، وهي ظاهرة عنه بحيث لا ينقل عن أحد من‌الصحابة مثلها بل ولايدنو منها [481].
ومنها قوله: «وبابي الذي أوتي منه»، وإنّما أراد في علمه ودينه، وعلي هذا قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أنا مدينة الحكمة و عليّ بابها فمن أراد الحكمة فليأت الباب» [482].
[صفحه 365]
وهذا يشهد بشرف عليّ عليه‌السلام علي سائر الصحابة و قد كانوا إذا دهمتهم المعضلات- وحزنتهم المشكلات وتخّبطوا في ظلماتها وارتطموا في مبهماتها- التجأوا إلي عليّ عليه‌السلام فيكشف عنهم الغمّة و يذهب بنظره الثاقب الكربة المهمّة حتّي قال عمر: «لا أبقاني اللَّه لمعضلة لا أري فيها ابن‌أبي‌طالب» [483] وقال: «لولا عليّ لهلك عمر» وقال: «لولاك لافتضحنا». وقد أراد [أن يتصرّف في] حليّ الكعبة فمنعه عليّ عليه‌السلام [484] وكم يعدّ العادّ؟ و ربّك البصير بعباده النقّاد.
والعجب أنّ معظم الحاجة إلي الإمام في العلم، و قد عرفوا أنّه أغزرهم علماً وأقرهم فهماً؟ ثمّ أخرّوه عن منزلته وأنزلوة عن درجته!!
فيا للعجب كيف لم ينفعه عندهم فهمه و يرفعه لديهم علمه؟ /141/.
ومنها قوله: «والوصيّ علي الأموات من أهل بيتي والخليفة علي الأحياء من أمتي» وهذا يشهد له بالخلافة علي الأمّة في جميع الأحوال لأنّه لم يفصل بين حال وحال، فيدخل فيه ما بعدالموت.
ومنها قوله: «أخي في الدنيا والأخرة»، وهذا يشهد بأنّه يبعث يوم القيامة علي ما فارق عليه الرسول صلي اللَّه عليه وآله من الإيمان، وأنّه يموت عليه لايغيّر ولا يبدّل، و قد بيّنا نفصيل ذلك.
ومنها قوله: «و قريني في الجنّة ومعي في السنام الأعلي»، وهذا يقتضي بأنّه
[صفحه 366]
أقرب الخلق من أمّته منه منزلةً، و فيه دلالة ظاهرة علي أنّه أفضل الصحابة، وإذا كان أفضلهم كان أولاهم بالإمامة.
ومنها قوله: «فاشهدي ياأمّ سلمة أنّه يقاتل الناكثين والقاسطين و المارقين»،فالناكثون طلحة والزبير وأصحابهم والقاسطون معاوية وأصحابه، والمارقون الخوارج.
وما ذكره صلي اللَّه عليه وآله يقتضي إصابة أميرالمؤمنين عليه‌السلام في قتال هؤلاء القوم لأنّه ذكره في معرض الثناء علي عليّ [485] و لن يكون كذلك إلاّ و هو مصيب فيه، و هذا يشهد بإباحة دمائهم و إذا كانت دماؤهم مباحة علي وجه العقوبة وجب القضاء بفسقهم.
وبعد فقد انعقد الإجماع من الأمّة علي فسق من حارب الإمام الرضيّ، وإجماع الأمّة حجّة واجبة الإتّباع.
و بعد فقد ثبت أنّهم جميعاً بغاة واللَّه تعالي قد أمر بقتال الباغي بقوله تعالي: «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما علي الأخري فقاتلوا التي تبغي حتّي تفي‌ء إلي أمر اللَّه» [9/الحجرات: 49]فأباح اللَّه تعالي قتال الطائفة الباغية بعد أن لايجدي الإصلاح، و من أبح اللَّه تعالي قتاله فلابدّ أن يكون فاسقاً لأن المؤمن دمه محقون بالإجماع، وقد قال تعالي متوعّداً علي قتل المؤمن: «ومن يقتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم خالداً فيها وغضب اللَّه عليه
[صفحه 367]
ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً» [93/النساء: 4] فإذا كان اللَّه تعالي قد توعّد علي قتل المؤمن بالنار، وأباح قتال البغاة بالإجماع تحقّقنا أنّهم غير مؤمنين ولا محقونة دماؤهم فصحّ أنّهم فسّاق.
وبعد فقد انعقد الإجماع من الأمّة علي فسق من حاول قتل رجل من آحاد المؤمنين ظلماً وعدواناً فكيف من حاول قتل أميرالمؤمنين وقتل‌الكثير من‌الصحابة فهو أولي بأن يقطع علي فسقه، وإنّما عمي كثير من عوام الأمّة وغمصوا حقّ أبي‌الأئمّة حين حسّنوا الظنّ بمحاربيه [486] ومالوا بالودّ إلي مناوئيه!! وقد ظهر بما قلناه القطع بالفسق علي من حارب أميرالمؤمنين عموماً، فأمّا معاوية فإنّه كافر [بعلل وأسباب شتّي] وذلك لأنه ادّعي أخوّة زياد، و ألحقه بأبي سفيان، و كان لغير رشدةٍ، وقد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «الولد /142/ للفراش وللعاهر الحجر» [487] فألحق الولد بالعاهر و هو الزاني فردّ ما علم من ضرورة الدين. و من ردّ ما علم من ضرورة الدين من دين الرسول عليه‌السلام فهو كافر بإجماع الأمّة، لأنّه يكون مكذباً بالرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم في حكمه، و هذا من أجلي [أنحاء] الكفر.
و بعد فإن المنقول عنه أنّه أوّل من وضع الجبر ودسّه في الإسلام و قد ثبت أن الجبر كفر بل هو من أقبح أنواع الكفر، ولم لا وعندهم أنّ كلّ كفر في العالم فاللَّه
[صفحه 368]
فاعله ومنشيه، فهو الّذي خلق اليهودية والنصرانيّة والمجوسية وعبادة الأوثان وتكذيب الرحمان من ذوي الإفك والعدوان وتكذيب الرسول صلي اللَّه عليه وآله وتصديق مسيلمة في أتباعه و خلق فيه دعوي النبوة وأراد ذلك كلّه، بل كل مخزية وقاذورة و فضيحة في الدنيا من ابتدائها إلي انتهائها.
ونقل عنه أيضاً القول بالإرادة لأنّه قال لوكره اللَّه مانحن فيه لغيّره [488] يعني [ما كان يعمله] من الجور والظلم و سائر الأمور القبيحة.
ولو أضاف واحد إرادة الجور والفساد و الكفر والعناد إلي الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم كان من الكافرين لأنه بخس من حقه عظيم [489] فكيف بمن أضاف ذلك إلي ربّ العالمين وحقه فوق كلّ حق ولامثل له ولانظير، فمن أضاف إليه ذلك كان أجدر بالكفر، فصحّ أنّ معاوية كافر فامّا بمحاربته لعليّ عليه‌السلام فلايبلغ إلي حدّ الكفر [490] لأنّ المشهور أن عليّاً عليه‌السلام لمّا سئل عن أهل نهروان- وهم الخوارج-:
[صفحه 371]
أَكُفّار هم؟ فقال: «من الكفر هربوا» ظ فقيل: أمؤمنون؟ فقال: «لو كانوا مؤمنين لما حاربناهم». قيل: فما هم؟ قال: «إخواننا بالأمس بغوا علينا فقاتلناهم حتّي يفيؤُا إلي أمراللَّه» [491].
وإذا ثبت أنهم ليسوا بكفّار مع محاربتهم لعليّ عليه‌السلام فكذلك حال معاوية و أصحابه و طلحة والزبير وأصحابهما، و هذا هو الصحيح المشهور عند أهل العلم من العترة عليهم‌السلام وأتباعهم وإن كان قد حكي عن جماعة من الشيعة تكفير من حاربه عليه‌السلام.
وبعد فإنّ عليّاً عليه‌السلام لم يحكم عليهم جميعاً بأحكام الكفّار، ولهذا فرّق بين أهل صفّين وسائرالبغاة فكان يجيز علي جريحهم و يتبع مدبرهم، وماسلك في‌الناكثين والمارقين هذه الطريقة لأنّه لافئة لهم ينحازون اليها، و لوكانوا كفّاراً لجاز قتلهم مقبلين و مدبرين، لأنّ هذه القضية جائزة في الكفار بالإجماع، فلما ثبت أنّه لم يجز فيهم أحكام الكفّار علمنا أنهم ليسوا بكفّار.
وهذا آخر الكلام في فوائد الخبر [المتقدم].
[صفحه 372]

في اختصاص علي بزواج بضعة المصطفي وسيدة النساء فاطمة بنت رسول الله

ونرجع إلي [شرح البيت 27 من] القصيدة قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
من زوّج الزهرا الحصان التي
لم يعلم النّاس لها من سميّ
زوّج /143/ من التزويج [يقال:] زوّج الرجل فهو مزوّج إذا عقد له النكاح [علي امرأة] والزوج يقع علي الرجل و علي امرأته قال تعالي: «يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة» [19/الأعراف] فهي زوج وزوجة أيضاً، والزوج أيضاً: الصنف واللون، قال اللَّه تعالي «وأنبتت من كلّ زوج بهيج» [7/ق: 50] أومن كل لون حسن؟ و هوالصنف دون اللون المقصود في‌اصطلاح المتكلمين وهوالعرض القائم المتحيّز الذي يدرك [به] هيئة محلّه.
والزوج أيضاً النمط يطرح علي الهودج قال لبيد:
من كّل محفوق يطل عصيه؟
زوج عليه كلّه و قرامها
والزوج- وجمعه: أزواج- [492] هو الشبه في قوله تعالي «احشرواالذين ظلموا وأزواجهم» [22/الصافات: 37] قيل: أشباههم: السارق مع السارق والزاني مع الزاني. و قيل أعوانهم حتّي من برا لهم قلماً و لاق لهم دواةً.
والزهراء هي المتلألئة من شدّة إنارتها وإضاءتها، و منه سمّي القمر الأزهر لإنارته.
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّ عليّاً يزهر في‌الجنّة ككوكب الصبح لأهل الدنيا» [493] أراد إنارته وإشراقه.
[صفحه 373]
والزهر نور النبات من ذلك أيضاً. والزهر في الأصل: البياض. والليالي الزهر هي البيض لدوام القمر فيها من المغرب إلي طلوع الفجر.
والحصان المتعفّفة من النساء قال حسّان [بن ثابت] في عائشة:.
حصان رزان ما تزنّ بريبة
وتصبح غرثي من لحوم الغوافل [494].
و سمّيت المرأة حصاناً لامتناعها من الريبة والإحصان هو المنع، و منه قوله تعالي: «لتحصنكم من بأسكم» [80/الأنبياء] جعل الدروع محصّنة لأنّها مانعة من النبل و غيرها، والإحصان يقع علي وجوه:
[صفحه 374]
منها بمعني التزويج وعلي هذا قال تعالي: «والمحصنات من النساء إلاّ ماملكت أيمانكم» [24/النساء: 4] أراد ذوات الأزواج يحرم نكاحهنّ؟ لبقاء عقد الزوجية بينهنّ و بين أزواجهنّ، و سميّت محصنة لأنّ زوجها أحصنها، وعلي هذا قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لايحلّ دم امرءٍ مسلم إلاّ بعد ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنيً بعد إحصان، أوقتل نفس بغير حقّ» [495] وأراد بالإحصان النكاح الصحيح الذي يحصل معه الوطي لأنّه الذي يبيح الرجم دون النكاح الفاسد والوطي علي وجه التسرّي.
واختلفوا في‌الخلوة التي توجب المهر هل يثبت بها الإحصان أم لا، فالّذي صحّحه القاضي العالم زيد بن محمّد رضي‌الله عنه [496] أنه لايثبت بها الإحصان.
ومنها بمعني الإسلام والعفاف، وعلي هذا قال تعالي: «والذين يرمون المحصنات» [24/النور: 24] يعني المسلمات العفائف عن الزنا، وعلي هذا لاحدّ علي قاذف كافر، وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من أشرك باللَّه فليس بمحصن». ومنها بمعني الحرائر، قال تعالي: «فعليهنّ نصف ما علي المحصنات من العذاب» [25/النساء: 4]، يعني إنّ علي الإماء نصف ما علي الحرائر من العذاب وهو الحدّ، و هو فيما يتنصّف من الضرب دون ما لايتنصّف و هوالرجم.
و قوله- /144/- [أي الإمام المنصور باللَّه]: «التي لم يعلم الناس لها من سمّي»، يعني المثل، قال تعالي: «هل تعلم له سميّا» [7/مريم: 19] هذا في صورة الاستفهام والمراد به الإنكار، أي إنّه تعالي لا مثل له ولا نظير، والمراد بالسميّ هاهنا المثل.
والزهر الحصان التي قصدها الإمام عليه‌السلام بالذكر هي سيّدة نساء العالمين، وابنة خاتم المرسلين صلي اللَّه عليه وعلي آله الأكرمين جوهرة النبوة الثمينة وأمّ العترة الزكيّة الأمينة، فاطمة عليهاالسلام ولابدّ من الإشارة إلي نكتة من فضلها ثمّ نعطف بفضل
[صفحه 375]
عليّ عليه‌السلام بتزويجه لها فنقول: روينا بالإسناد المتقدم إلي القاضي العدل ابن‌المغازلي الشافعي رحمه الله (1) قال: حدّثنا أبوطالب محمّد بن أحمد بن عثمان، قال: حدّثنا أبوبكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان إذناً قال: أخبرني ابن‌أبي‌العلاء المكي قال: حدّثنا أبوعبيداللَّه سعيد بن عبدالرحمان المخزومي بمكّة في دار الندوة، قال: حدّثنا حسين بن زيد العلوي قال: حدّثنا جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه:
عن عليّ أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «يا فاطمة، إنّ اللَّه يغضب لغضبك و يرضي لرضاك» [497].
[صفحه 378]
قال حسين بن زيد: حدّثني عليّ بن عمر بن عليّ بن جعفر [498] انّه [لمّا حدّث بهذا الحديث بمكّة فجاءه سندل [499] فقال: يرحمك اللَّه إنّك تحدّث أحاديث وإنه يجلس اليك الصبيان فإذا قمت من مجلسك أتوا بها. قال: وما ذاك؟ قال: يزعمون أنك تحدّث: «إن اللَّه عزّ وجلّ يغضب لغضب فاطمة و يرضي لرضاها». قال: ماينكرون من ذلك؟ هل ورد عليكم أنّ اللَّه يغضب لعبده المؤمن؟ قال: نعم. قال: تنكرون ان تكون فاطمة من المؤمنين؟ واللَّه رسول اللَّه يغضب لها [500] قال: صدقت اللَّه أعلم حيث يجعل رسالاته.
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: والخبر يفيد عصمة فاطمة عليهاالسلام، لأنّ النبي صلي اللَّه عليه وسلم أخبر: «أنّ اللَّه يغضب لغضبها و يرضي لرضاها»، ولم يفصل بين حال و حال فاقتضي ذلك عموم الأحوال، و هذا يقتضي أن القبيح لايقع منها لأنه لو وقع منها لرضيت به؟ واللَّه تعالي لايرضي بالقبيح بحال، فلم يجز أن يقع منها والاّ كانت قد رضيت بمالم يرض به تعالي والنبي عليه‌السلام قد قضي بأنّ اللَّه يرضي لرضاها.
[صفحه 379]
وكذلك ما يقع من غيرها وتغضبه فلابدّ أن يغضب اللَّه تعالي منه، لأنّه يغضب لغضبها و هذايقتضي أن اللَّه تعالي لم يرض بما فعله أبوبكر و عمر في فدك والعوالي لأنّها لم ترض بذلك، و [تقتضي] أن يكون اللَّه تعالي غاضباً[عليهما] لأنّ المعلوم قطعاً أنها غضبت لذلك، و هذا مما لاخفاء به عند من عرف الآثار ونقب عن الأخبار، فإن المشهور أنّها ادّعت فدكاً نحلةً من النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم وادّعت أيضاً ميراثها منه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ولم تُجَب إلي واحد من الأمرين ونحن نشير إلي طرف من ذلك كلّه لما قد عرض في أثناء الكلام فنقول:
أخبرنا الفقيه الأجلّ سديد الدين عمرو بن حنبل النهدي رحمة اللَّه عليه [501] /145/ في سنة ستّ وسّتمائة إجازهً قال: أخبرنا العالم العامل الزاهد عماد الملّة والدين شيخ الإسلام والمسلمين أبوبكر بن عليّ بن أبي‌بكر بن عبدالجليل الفرغاني قال: أبوبكر هذا قرأته بسمرقند علي والدي شيخ الإسلام برهان الأئمة عماد الدين سيّد الخطباء أبي‌الحسن عليّ بن أبي‌بكر بن عبدالجليل تغمدّه اللَّه برحمته، قال: أخبرنا به الإمام الزاهد أبوالفتح محمّد بن عبدالرحمان بن أبي‌بكر بن عبداللَّه بن محمّد بن أبي‌توبة الخطيب الكشميهني الصوفي [502] في خانقائه بمرو في رجب سنة خمس وأربعين و خمسمائة قال: أخبرناالشيخ الصالح أبوالحسن محمّد بن أبي‌عمران بن موسي بن عبداللَّه الصفار المروزي قال: أخبرنا أبوالهيثم محمّد بن المكّي بن محمّد بن أبي‌زراع الكشميهني قال: أخبرنا أبوعبداللَّه محمّد بن
[صفحه 380]
إسماعيل بن إبراهيم الجعفي‌البخاري [503] قال: حدّثنا يحيي بن بكير: قال: حدّثنا
[صفحه 381]
الليث عن عقيل بن شهاب، عن عروة:
عن عائشة أن فاطمة بنت النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أرسلت إلي أبي‌بكر تسأله ميراثها من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم مما أفاء اللَّه بالمدينة و فدك فيما بقي من خمس خيبر، فقال أبوبكر: إن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «لانورث ما تركناه صدقة»، إنّما يأكل آل محمّد في هذا المال وإني واللَّه لا أغيّر شيئاً من صدقة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم عن حالها الّتي كان عليها في عهد رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ولأعملنّ فيها بما عمل به رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فأبي أبوبكر أن يدفع إلي فاطمة منها شيئاً.
فوجدت فاطمة علي أبي‌بكر وهجرته فلم تكلّمه حتي توفّيت، وعاشت بعد النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم ستة أشهر فلما توفّيت دفنها زوجها عليّ ليلاً ولم يؤذن بها أبابكر وصلي عليها.
و كان لعليّ من الناس وجه حياة فاطمة، فلمّا توفّيت استنكر عليّ وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي‌بكر و مبايعته ولم يكن بايع تلك الأشهر فأرسل إلي أبي‌بكر أن ائتنا ولاياتنا معك أحد غيرك. كراهية ليحضر عمر؟ فقال عمر: لا واللَّه لاتدخل عليهم وحدك. فقال أبوبكر: و ما عسيتهم أن يفعلوا فيّ؟ واللَّه لآتينّهم فدخل عليهم أبوبكر فتشهّد عليّ فقال: إنا قد عرفنا فضلك و ماأعطاك اللَّه و لم ننفس عليك خيراً ساقه اللَّه إليك و لكنك استبددت علينا بالأمر فكنّا
[صفحه 382]
تري لقرابتنا من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم نصيباً؟ حتي فاضت عينا أبي‌بكر، فلمّا تكلم أبوبكر قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله أحبّ إليّ أن أصل من قرابتي.
وأّما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الخير ولم أترك أمراً رأيت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يصنعه فيها إلاّ صنعته. فقال عليّ: موعدك العشية للبيعة فلمّا صلّي أبوبكر الظهر رقي علي المنبر /146/ فتشهّد و ذكر شأن عليّ و تخلّفه عن البيعه و عذره بالذي اعتذر إليه ثمّ استغفر. وتشهّد عليّ فعظّم حق أبي‌بكر وحدّث أنّه لم يحمله علي الّذي صنع نفاسة علي أبي‌بكر ولا إنكاراً للذي فضّله اللَّه به، ولكنّا كنّا نري [أنّ] لنا في هذا الأمر نصيباً فاستيّد علينا؟ فوجدنا في أنفسنا.
فسرّ بذلك المسلمون و قالوا: أصبت، و كان المسلمون إلي عليّ قريباً حين راجع الأمر المعروف.
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: و هذا الخبر يتضمّن فوائد:
منها ما كان من فاطمة عليهاالسلام في دعوي فدك و غيرها من الذي؟ خلّفه أبوها رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وامتناع أبي‌بكر من إجابتها إلي ذلك مع أن الحال ظاهر جليّ في أنّها صادقة لأنّها معصومة من الكذب، وإذا كانت معصومة كان كلامها مقطوعاً علي صحته.
وعند العترة عليهم‌السلام أنّ فدكاً كان في يدها بطريقة النحلة من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وأنّ أبابكر أخطأ في نزعه منها، لانّ من كان في يده شي‌ء فلايجوز نزعه منه إلاّ بطريق شرعي ولا طريق هاهنا، فلم يجز نزعه منها ثمّ ادّعت بعد ذلك النحلة و هي صادقة في دعواها مبراة عن الكذب.
قال الحاكم الإمام رضي الله عنه: و قد اختلف الرواية في دعوي فاطمة عليهاالسلام فدكاً وقضية أبي‌بكر مع اتفاقهم أنّها صادقة مبراة عن الكذب والخطأ معصومة من الزلل، وأنّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «إنّ اللَّه يغضب لغضب فاطمة
[صفحه 383]
ويرضي لرضاها»، فقال بعضهم: انّها ادّعت النحلة وكلّفها أبوبكر البيّنة فشهد عليّ وأمّ أيمن ولم يكن معهما غير هما فلم يقض أبوبكر بذلك.
[ثمّ] قال [الحاكم] رحمه الله: فإذا قيل لهم: أو لم يعلم عليّ وفاطمة عليهماالسلام أنّ القضاء بشهادة رجل وامرأة لايصحّ؟ أجابوا بأنّهم قد علموا ذلك إلاّ أنّهم ظنّوا أن غيرهما سمع ذلك كما سمع فيشهد بذلك لها.
وقال بعضهم: إنّ شهادة الزوج لزوجته مختلف فيها فلعلّ كان مذهب عليّ قبولها كما هو مذهب أهل بيته، و مذهب أبي‌بكر ان لا يقبل كما هو مذهب بعض الفقهاء فلذلك لم يقض.
قال‌الحاكم الإمام رضي الله عنه: والذي أختاره في ذلك أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم كان وهبها منها ولم يكن سلّمها ليظهر تصرفها؟ ولمّا احتاجت إلي الدعوي وكان مذهبها ومذهب أميرالمؤمنين عليهماالسلام ما ذهب اليه الهادي وسادات الزيدية أنّ الهبة تصحّ من غير قبض، و قضي أبوبكر بما كان يذهب إليه أن صحة الهبة بالتسليم والقبض.
قال رضي الله عنه: وقال بعضهم: إنّها ادّعت الإرث فروي أبوبكر بحضرة الصحابة قول النبي‌صلي اللَّه عليه وآله: «إنا معاشرالأنبياء لانورث، ما تركناه صدقة»، ومتي قالوا لهم؟: ألم يعلم عليّ ذلك؟ أجابوا بأنه يجوز أن يكون مذهبه أنّ الأنبياء يورثون كما هو مذهب أهل بيته وتأوّل الخبر علي أن /147/ ماتركوه؟ من الصدقات لايورث كما تأوّله بعض الفقهاء، هذا جملة ما ذكره الحاكم رضي‌الله عنه.
وفيه: إنّ الإجماع [قائم] علي صدق فاطمة عليهاالسلام وأنّها مبرّاة عن الكذب والخطل، و مع الإجماع علي ذلك لابدّ أن يكون صادقة في دعوي النحلة مع القطع علي صدقها لا معني لتكليفها البيّنة علي صحّة ما تدّعيه لأنّ مع العلم اليقين لاوجه لطلب غالب الظن علي الذي يحصل بشهادة الشاهدين.
ثمّ [إنّ] في‌الرواية أن عليّاً عليه‌السلام شهد لهابما ادّعت وخبره يوجب العلم اليقين لأنّ الأدلّة قد دلّت علي عصمته [504] فلاوجه لتكليفها البيّنة مع ذلك.
[صفحه 384]
ولهذا نقل علماء الأخبار أنّ أعرابياً نازع النبي صلي اللَّه عليه وآله في ناقة فقال النبي صلي اللَّه عليه وآله: «هذه لي وقد أخرجت إليك من ثمنها». فقال الأعرابي: من يشهد لك بذلك؟ فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد. فقال له النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من أين علمت؟ أحضرت ابتياعي لها»؟ فقال: لا ولكني علمت ذلك من حيث علمت أنّك رسول اللَّه. فقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «شهادتك [هذه] جعلتها شهادتين». فسمّي لذلك ذا الشهادتين، فإذا جاز لخزيمة أن يشهد علي ذلك لما ثبت عنده من صدقه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لمكان عصمته وجب مثله علي أبي‌بكر في دعوي فاطمة و شهادة عليّ عليهماالسلام لمكان عصمتهما.
وهذا يوضح صحّة ما ذكره الحاكم رضي الله عنه في كلامه من الاتّفاق علي صدق فاطمة و براءتها من الكذب عليهاالسلام.
وفيه: أنّ الاتّفاق واقع علي قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّ اللَّه يغضب لغضب فاطمة و يرضي لرضاها» و متي كان الخبر مقطوعاً علي صحّته كان الحال في عصمتها ظاهراً جليّاً لأن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أخبر مطلقا من غير تقييد أنّ اللَّه يغضب لغضبها ويرضي لرضاها ولم يخصّ حالة من حالةٍ ولا وقتاً دون وقت، فيجب القطع علي عصمتها في كل فعل وأنّها لاتواقع قبيحاً لأنّها لو واقعته لم يكن اللَّه ليرضي لرضاها علي كلّ حال و يجب فيما له غضبت أن يكون قبيحاً ليكون اللَّه قد غضب لغضبها و متي جاز أن يغضب فيما ليس بقبيح لم يكن اللَّه ليغضب لغضبها و هذا يقتضي أن يكون غضبها من قضية أبي‌بكر لأنّها خطأ؟ وأن يكون اللَّه تعالي قد غضب لغضبها في ذلك وهذا يقتضي أن يكون قضاؤه باطلاً علي القطع فلاينفّذ بحال لأنّ الإجماع منعقد من الأمّة علي أنّ حكم الحاكم إذا خالف الدليل المقطوع به لم ينفّذ، وأنّه يكون منتقضاً، ولافرق بين أن يفرض الكلام في أنّها ادّعت الإرث أو النحلة، في أنّه يجب القطع علي صدقها لمكان عصمتها.
وفيه: إنّ إجماع العترة عليهم‌السلام منعقد علي أن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم يورث وهذا ظاهر من مذهبهم واستدلّوا بآيات من القرآن الكريم، من ذلك قوله تعالي: «وورث سليمان داود» [16/النمل: 27] ومن /148/ ذلك قوله تعالي
[صفحه 385]
في قصّه زكريّا صلي اللَّه عليه: «فهب لي‌من لّدنك وليّاً يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله ربّ رضيّاً» [6/مريم: 19] والميراث إذا أطلق لم يسبق الي الفهم منه إلاّ ميراث المال، و إن كان قد يستعمل في ميراث العلم وشبهه لكن علي طريقة التوّسع والمجاز، فأمّا الحقيقة فهو ما ذكرناه أوّلاً ولهذا لايسبق إلي الأفهام من قول القائل: «ورث فلان فلاناً» إلّا ميراث المال دون العلم، وسبق معنيً [من] الكلام إلي الفهم عند إطلاقه مجرّداً عن القرينة دلالة علي أنّه حقيقة فيه؟ وإذا ثبت الميراث بين داود وسليمان صلي اللَّه عليهما وبين زكريّا و ولده يحيي صلي اللَّه عليهما فكذلك يجب أن يكون حكم نبيّنا صلي اللَّه عليه وآله مع الّذين خلفهم لأنّ أحداً من الأمّة لايفرق بين الأنبياء عليهم‌السلام في‌ذلك، بل هم بين قائلين: قائل يقول بثبوت الميراث، وقائل يقول بنفيه ولم يقل أحد منهم بثبوت الميراث في حق من تقدم دون النبي صلي اللَّه عليه.
وبهذا يظهر أن فاطمة عليهاالسلام صادقة و مصيبة في دعوي الميراث لوفرضنا أنّها لم تدّعي النحلة كيف و فيه ما تقدم.
وقد ذكرالحاكم رضي الله عنه ان الذي يختاره أن النبي‌صلي اللَّه عليه وآله كان قد وهب لها فدكاً وإنّما ذكر أنّها لم تقبض، و معلوم أن ذلك لوصحّ لم يجز لأبي‌بكر أن ينزعه من يدها لأنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله إذا عقد عقداً لم يحلّ لأحدٍ نقضه لانّ عمله شرع يجب اتّباعه فكيف يجب أن يحكم بفساد هذا العقد؟ والحال هذه حتّي يتعرّض أبوبكر لإبطاله؟!
وأمّا الخبر الذي تمّسك به أبوبكر فإنه [لوفرض صدوره منه صلي اللَّه عليه وآله فهو] متأوّل عندالعترة عليهم‌السلام علي ما ذكره الحاكم رضي الله عنه ولاخلاف بينهم أنه لايجوز حمله علي ظاهره، ولهذا اّتفقوا علي أنّ الأنبياء عليهم‌السلام يورثون وهو المروي عن الحسن بن أبي‌الحسن البصري رحمة اللَّه عليه، فلو لم يحمل علي ذلك لتناقضت الأدلة، لأنّه قد ثبت انّ إجماعهم حجة مقطوع بها، و إذا دلّ الدليل المقطوع به علي حكم و ورد ماينافيه من الأخبار فلابدّ من تأويله علي وجه يصحّ، وبهذه الجملة يظهر لنا صحّة ما أردناه [من] أنّ فاطمة عليهاالسلام مصيبة في دعوي الميراث، و صادقة في دعوي النحلة، وفي مثل ذلك يقول الكميت بن زيد:
[صفحه 386]
أهوي عليّاً أميرالمؤمنين ولا
أرضي بشتم أبي‌بكر ولا عمر
ولا أقول وإن لم يعطيا فدكاً
بنت الرسول ولا ميراثها
كفرا أللَّه أعلم ما ذايأتيان به
يوم القيامة من عذر إذا حضرا
إنّ الرسول رسول اللَّه قال لنا
إن الوصيّ عليّ غير ما هجرا [505].
في موقف أوقف اللَّه النبي به
لم يعطه قبله من خلقه بشرا
من كان يرغمه قولي فدام له
حتّي يري أنفه بالترب معتفرا
هو /149/ الإمام إمام الحقّ تعرفه
لا كالذين استزّلانا بما ائتمرا
ونعود إلي فوائد الخبر:
ومنها ما في متن الحديث من أن فاطمة عليهاالسلام وجدت علي أبي‌بكر ولا شبهة أنّه لايجوز أن يكون واجدة عليه إلاّ وقد فعل الخطأ لأنّ الحال في عصمتها ظاهر وقد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «فاطمة بضعه مني‌فمن أغضبها فقد أغضبني» [506].
[صفحه 387]
ومعلوم أنّه صلي اللَّه عليه وآله لا يغضب من صواب وإنّما يغضب من خطاء، وكذلك فاطمة عليهاالسلام، و في مثل ذلك يقول الشاعر:
وما ضرّهم لو صادقوها بما ادّعت؟
و ماذا عليهم لو أطابوا جنانها؟
وقد علموهابضعة من نبيّهم
فلم طلبوا فيما ادّعته بيانها؟
[صفحه 388]
ومنها قوله: «فهجرته فلم تكلّمه حتّي توفّيت»، [507] وهذا نظير ما تقدّم.
[صفحه 389]
وهجر من فضّل الصواب علي فعله [و] له حزام عند جميع أهل الإسلام [508] وقد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ولا يحلّ للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» [509] وهاهنا [قد امتدّت هجرتها صلوات اللَّه عليها] ستّة أشهر [علي ما هو المشهور عند حفّاظ آل أميّة من أنّ فاطمة صلوات اللَّه عليها توفّيت علي رأس ستّة أشهر من وفات أبيها رسول اللَّه صلي اللَّه عليهما] ومع عصمتها [المستفادة من الآيات والروايات] يجب القطع علي أنّها إنّما هجرته لخطاً [عظيم أصرّ عليه أبوبكر، و] وقع من جهته!!!
ومنها ما في الخبر من أنّ عليّاً عليه‌السلام دفنها ليلاً ولم يؤذن بها أبابكر [510] فإن كانت قد أوصت بذلك كما نقله بعض العلماء [511] فهو [دالّ علي امتلائها غيظاً، وعلي] زيادة في غضبها؟
وإن كان عليّ عليه‌السلام [هو] الذي كره ذلك فهو لايكرهه لغير سبب، فكذلك
[صفحه 390]
لايجوز أن يكرهه بسبب حسن، وإنّما يكرهه بسبب قبيح.
ومنها قوله: «وكان لعليّ من الناس وجه حياة فاطمة» وإنّما أراد [الراوي]بذلك الجاه والجلالة والاحترام عند الخاصّ والعامّ لمكان فاطمة عليها السلام وكونها من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بالمكان المكين وكونها سيّدة نساء العالمين، فاكتسب عليّ عليه‌السلام بها وجهاً في حياتها [و] زيادة احترام في مدّتها.
ومنها قوله: «فلمّا توفّيت استنكر عليّ وجوه الناس»، وهذا يفصح بأنّ الناس ظهر منهم الحيف علي عليّ عليه‌السلام بعد موتها حتّي استنكر وجوههم ولن يكون كذلك إلاّ و قد كثر ما في قلوبهم من الوجد عليه حتّي ظهر في وجوههم، هذا، علي أنّه عليه‌السلام الصفوة من الأمة والخيرة من الخلق بعد الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم. وأين يتاه بصاحب ذلك عن قول النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم في عليّ عليه‌السلام: «لايحبّك إلاّ مؤمن ولايبغضك إلاّ منافق» [512].
ومنها قوله: «فالتمس مصالحة أبي‌بكر و مبايعته»، وهذا يشهد بأنّ هناك ضرباً من الإكراه علي البيعة لو كانت قد وقعت، لأنه ذكر التماسه لها بعداستنكاره عليه‌السلام لوجوه الناس.
ومنها قوله: «ولم يكن بايع في تلك الأشهر»، واعلم أنّه لاخلاف بين الأمّة في أنّ عليّاً عليه‌السلام امتنع أوّلاً من بيعة أبي‌بكر، واختلف من قال بأنه بايع في قدر المدّة الّتي لم يبايع فيها فقدّرها الراوي /150/ ستّة أشهر [513] ولم ينقل سوي ذلك ولو وثق بطريق فيها ما دون ذلك لقد كان ربّما ينقلها؟.
و منهم من ذكر دون ذلك و علي كلا القولين فالحال ظاهر جلّي في بطلان إمامة
[صفحه 391]
أبي‌بكر، وذلك لأنّ مستندها إذا كان هو الإجماع و قد فقد الإجماع بتأخير عليّ عليه‌السلام عن‌البيعة [في] هذه‌المدّة [التي] كانت إمامة أبي‌بكر فيها باطلة وتصرفاته التي تستند إلي الإمامة فاسدة من إقامة الجمع و أخذ الحقوق الواجبة بطريقة القهر وغير ذلك مما هو مترتّب علي الإمامة، و متي بطلت إمامته في هذه المدة كانت باطلة في سائر الأحوال، لأنّ أحداً لم يقل بأنّها باطلة في أوّل الأمر وصحيحة بعد ذلك، وكذلك الأحكام المستندة إليها، لأنّ بطلان الأصل يقتضي بطلان الفرع الذي يبتني عليه.
ومنها ما في الخبر من كراهية عليّ عليه‌السلام لحضور عمر، ومحبته لمجي‌ء أبي‌بكر [وحده]، وهذا يقتضي أنّه كان آنس بأبي‌بكر من عمر [514] فيدلّ علي أن أبابكر كان ألين عريكة و أسلس أخلاقاً لعليّ عليه‌السلام من عمر، و لهذا أقسم علي أبي‌بكر أن لايأتيهم وحده [515] فلم يبّر أبوبكر قسمه بل‌حلف علي خلاف يمينه، وقد قال بعض الصحابة [516] مخاطباً لأبي‌بكر لمّا أراد استخلاف عمر عليهم: «ماذا تقول لربك وقد ولّيت علينا فظّاً غليظاً»؟ قال [أبوبكر:] أقول: اللهم إنّي ولّيت عليهم خيرهم في نفسي، و في رواية: خير أهلك.
وقال قائلهم: وقد علمت وعلم الناس أنّ إسلامنا قبل إسلام عمر، وفي عمر بقيّة تسليط اللسان [517].
ومنها ما صرح به عليّ عليه السلام من قوله لأبي‌بكر: «ولكنك استبددت علينا بالأمر و كنّا نري لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله نصيباً»، وهذا تصريح ظاهر
[صفحه 392]
بالعتب عليه في التقدم، وأنّه أولي منه بالأمر لقرابته من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم، و لهذا نقل عنه عليه‌السلام [أنّه]- لما بلغة تحاور المهاجرين والانصار وما قاله أبوبكر- قال: «واعجباً أيكون الخلافة بالصحابة، ولاتكون بالصحابة والقرابة»؟! [518].
و [أيضاً] قال عليه‌السلام في ذلك:
فإن كنت بالشوري ملكت أمورهم [519].
فكيف بهذا والمشيرون غيّب
وإن كنت بالقربي حججت خصيمهم
فغيرك أولي بالنبي وأقرب
و في هذه النكت ما يشهد لمذهب العترة عليهم‌السلام بالصحّة فيما اختاروه والإصابة فيما قالوه، ثمّ لم ينقل في الخبر أنّ البيعة وقعت من أميرالمؤمنين عليه‌السلام أصلاً و ذلك زيادة للبيان وتأكيد للبرهان.
وروي الشيخ الجليل العالم أبوالحسن عليّ بن الحسين بن محمّد الزيدي [520] رضوان اللَّه عليه في كتاب المحيط بالإمامة، قال: أخبرنا السيّد الإمام أبوطالب يحيي بن الحسين بن هارون الحسني رضي الله عنه، قال: أخبرنا السيّد أبوالعبّاس الحسني رضي‌الله عنه [521] قال: أخبرنا عليّ بن الحسين، قال: أخبرنا محمّد بن عبدالعزيز
[صفحه 393]
قال: حدّثناالحسن بن الحسين بن عليّ بن عبداللَّه بن الحسن أنه [قال]:
أخرج [أبوبكر] وكيل فاطمة في فدك وطالبها بالبيّنة بعد شهر من موت الرسول، صلي اللَّه عليه وآله وسلم فلمّا /151/ ورد وكيل فاطمة [إليها] وقال: أخرجني صاحب أبي‌بكر صارت فاطمة عليهاالسلام إلي أبي‌بكر و مها أمّ أيمن ونسوة من قومها فقالت: فدك [كانت] بيدي أعطاني رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وتعرّض صاحبك لوكيلي فقال: يابنت محمّد أنت عندنا مصدّقة إلاّ أنّ عليك البيّنة. فقالت: يشهدلي عليّ بن أبي‌طالب وأمّ أيمن فقال: هاتي [بيّنتك]. فشهد أميرالمؤمنين وأمّ أيمن، فكتب لها [أبوبكر] صحيفة وختمها فأخذتها فاطمة واستقبلها عمر وقال: يا بنت محمّد، هاتي الصحيفة. [فدفعتها إليه] فأخذها ونظر فيها و تفل فيها وخرقها!! [522].
قال الشيخ الجليل أبوالحسن رضي‌الله عنه: وأخبرنا السيّد الإمام المستعين باللَّه أبوالحسن عليّ بن أبي‌طالب الحسني قال: حدّثنا محمّد بن عليّ الحسني الكوفي قال: حدّثنا أبي‌قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن عمر الأحسمي قال: حدّثنا عبيدبن كثير، قال: حدّثنا عباد، قال: أخبرنا موسي بن عثمان، عن جابر:
عن أبي‌جعفر قال: دخلت فاطمة علي أبي‌بكر فسألته فدكاً فقال إنّ رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله قال: «لانورث» فقالت: قد قال‌اللَّه تعالي «وورث سليمان داود» [16/النمل: 27] فلمّا خصمته أمر من يكتب لها وشهد عليّ عليه‌السلام وأمّ أيمن، قال: فخرجت فلقيها عمر فقال: من أين جئت يا بنت رسول‌اللَّه؟ قالت: من عند أبي‌بكر فكتب لي بفدك. قال: هاتي‌الكتاب فأعطته إياّه، فبزق فيه و محاه!! قال: فاستقبلها عليّ فقال: ما لك يا بنت رسول اللَّه غضبي؟ فذكرت له ما صنع عمر، فقال: ماركبوا من أبيك و منّي أعظم من هذا.
قال: فمرضت فجاءا يعودانها فلم تأذن لهما، فجاءا من الغد فأقسم عليّ عليها فأذنت لهما فدخلا وسلّما فردت عليهما سلاماً ضعيفاً و قالت لهما: أسألكما باللَّه الذي لا إله إلاّ هو أسمعتما رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله يقول: «من آذي فاطمة فقد آذاني»؟ فقالا: اللهم نعم. قالت: فأشهد [باللَّه] أنكما قد آذيتماتي [523].
[صفحه 396]
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: و في هذا ما يقتضي بأن أبابكر قد حكم لها وحكمه عند مخالفينا ماض لأنّ حكم قاضيه ينفذ فكيف بحكمه، و متي حكم بذلك [أبوبكر] فقد أخطأ عمر في نقضه و محوه، فإنّه لا خلاف أنه لايجوز نقض حكم الحاكم إلّا إذا خالف الدليل المقطوع به، من الكتاب أو السنة أو الإجماع وما أشبه ذلك، والخلاف وإن وقع في أنّه هل يجوز شهادة الزوج [لزوجته] أم لا، فذهبت العترة عليهم‌السلام إلي جوازها، و منع منه جماعة من الفقهاء، إلاّ أنه إذا حكم به حاكم نفذ علي كلّ حال ولم يجز لغيره أن ينقضه لأنّ الإجتهاد لاينقض باجتهاد مثله، إذ لا مزيّة لأحدهما علي الآخر في كونهما اجتهادين وقد انضاف إلي أحدهما حكم الحاكم، فمن أين جاز لعمر نقضه والحال هذه؟.
وإذا تقرّر أنّها كانت غاضبةً مما صنع أبوبكر وعمر فلابدّ أن يغضب اللَّه من ذلك، و هو تعالي لا يغضب إلّا من فعل قبيح أو ترك واجب، والحال ظاهر عند العترة عليهم‌السلام في أنّها ماتت وهي غضبي.
وقد سئل /152/ الإمام العلامة ترجمان الدين أبومحمد القاسم بن إبراهيم- [524] سلام اللَّه عليه و علي آبائه الأكرمين- عنهما فقال: كانت لنا أمّ صدّيقة ماتت وهي غضبانة عليهما ونحن نغضب لغضبها.
وفي مثل ذلك يقول السيّد الإمام إمام الحرمين مفتي الفريقين عليّ بن عيسي [525].
[صفحه 398]
بن حمزة بن غانم بن وهاس ابن‌أبي‌الطيب بن عبداللَّه بن عبدالرحمان بن أبي‌الفاتك بن داود بن سليمان بن عبداللَّه بن موسي بن عبداللَّه بن الحسن بن عبداللَّه بن الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهم‌السلام.
أتموت البتول غضباً ونرضي
ما كذا يفعل البنون الكرام
يا أباحفص الهوينا فما كنت
مليّاً بذاك لولا الحمام
وروينا بالإسناد المتقدم إلي السيّد ظفر بن داعي رضوان اللَّه عليه [526] قال: حدّثتنا الفقيهة فاطمة ابنة محمّد بن إسماعيل رحمها اللَّه، قالت: حدّثنا الشيخ الحافظ أبوأحمد عبداللَّه بن عدي الجرجاني قال: حدّثنا الحسن بن صالح بن زفر قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن راشد، حدثنا خالد بن عبداللَّه عن بيان [بن بشر]، [527] عن الشعبي عن أبي‌جحيفة:
عن عليّ عليه‌السلام قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «تبعث ابنتي فاطمة عليهاالسلام علي ناقة عضبا منسوج من ذنبها إلي عنقها ديباج مرصّع بالياقوت عليها رحاله من الجنّة؟ و مريم ابنة عمران عن يمينها وآسية بنت مزاحم عن
[صفحه 399]
شمالها، و كلثوم أخت موسي أمامها معها سبعون ألف حوريّ، وجبريل ينادي: أيّها الناس غضّوا أبصاركم هذه فاطمة بنت محمّد رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم تريد أن تجوز علي الصراط.
وبالإسناد المتقدم إلي السيّد أبي‌طالب عليه‌السلام [528] قال: أخبرنا أبي‌رحمه الله قال: أخبرني عمي أبوعيسي عليّ بن الحسين الحسني رحمه الله بالكوفة، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد الحسني قال: حدّثنا محمّد بن نهار بن عمّار قال: حدّثنا أحمد بن محمّد، قال: حدّثنا محمّد بن زكريّا، قال: حدّثني أبوزيد الحنفي قال: حدّثنا عمرو بن فائد، عن الكلبي، عن أبي‌صالح:
عن عبداللَّه بن عباس قال: ينادي منادٍ يوم القيمه: يا أهل الجمع غضّوا أبصاركم حتّي تمرّ فاطمة بنت محمّد صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
قال: فتخرج من قصرها ومعها ثياب تشخب بالدم حتّي تنتهي إلي العرش وتقول: ياربّ انتصف لولدي من قتلتهم [529].
قال ابن‌عباس فواللَّه لينصفنّ اللَّه ممّن قتلهم.
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه تعالي: وإذا تقرّر فضلها عليهاالسلام وخصّ بها رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم عليّاً عليه‌السلام كان ذلك زيادةً في نبله وكاشفاً عن عظيم فضله.
وقد روينا بالإسناد المتقدم إلي القاضي ابن‌المغازلي [530] قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبدالوهاب إجازة قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن جعفر الخيوطي قال: حدّثنا أبوعبداللَّه محمّد بن الحسين الزعفراني /153/ قال: حدّثنا أحمد بن أبي‌خيثمة قال: حدّثنا الحسن بن حمّاد، قال: حدّثنا يحيي بن يعلي الأسلمي عن سعيد بن أبي عروية، عن قتادة:
[صفحه 400]
عن أنس بن مالك قال: جاء أبوبكر إلي النبي صلي اللَّه [عليه] وآله وسلم فقعد بين يديه فقال: يارسول اللَّه قد علمت مناصحتي [وقدمي في الإسلام وإنّي وإنّي؟ قال: وما ذاك؟ قال:] تزوّجني من فاطمة [531] قال: فسكت عنه، أوقال: فأعرض عنه.
قال: فرجع أبوبكر إلي عمر فقال: هلكت وأهلكت؟ قال: وماذا؟ قال: خطبت فاطمة إلي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فأعرض عنّي قال [عمر]: مكانك حتّي آتي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فأطلب منه مثل الذي طلبت.
فأتي عمر النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقعد بين يديه فقال: يا رسول اللَّه قد علمت مناصحتي وقدمي في الإسلام وإنّي وإنّي، قال: و ماذاك؟ قال: تزوّجني فاطمة. قال: فأعرض عنه فرجع عمر إلي أبي‌بكر فقال: إنّه ينتظر أمر اللَّه فيها، فانطلق بنا إلي عليّ حتّي نأمره يطلب الذي طلبناه.
قال عليّ: فأتياني وأنا أعالج فسيلاً فقالا: ألا أتيت ابن‌عمّك تخطب ابنته؟ قال: فنبّهاني لأمر، فقمت أجرّ ردائي طرفاً علي عاتقي وطرفاً علي الأرض حتّي أتيت النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقعدت بين يديه فقلت: يا رسول اللَّه قد علمت قدمي في الإسلام ومناصحتي وإنّي وإنّي. قال: «وما ذاك يا عليّ»؟ قلت: تزوّجني فاطمة. قال: و ما عندك؟ قلت: فرسي ودرعي. قال: «أمّا فرسك فلا بدّ لك منها، وأمّا درعك فبعها». [قال:] فبعتها بأربع مائة و ثمانين درهماً فأتيته بها فوضعتها في حجره فقبض منها قبضة [و] قال: «يا بلال ابغنا بها طيباً». قال: وأمرهم أن يجهّزوها فجعل لها سريراً مشرّطاً بالشرط؟ ووسادة من أدم حشوها ليف، و ملأ البيت كثيباً- يعني رملاً- وقال لي: «إذا جاؤ [ها] بك فلا تحدّث شيئاً حتّي آتيك» [532] قال: فجاءت مع أمّ أيمن حتّي قعدت في ناحية البيت وأنا في جانب البيت. قال: وجاء النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقال: «هاهنا أخي»؟ [قالت أمّ أيمن:] فقلت له: أخوك و قد زوّجته [ابنتك؟ قال: «نعم»]. فدخل.
[صفحه 401]
قال: فقال لفاطمة: «ايتيني بماء». فقامت إلي قعب في البيت فجعلت فيه ماءً فأتته به، فنضح فيه ثمّ قال لها: «قومي» [533] فنضح علي رأسها وبين ثدييها وقال: «اللهم إنّي أعيذهابك وذرّيتها من الشيطان الرّجيم».
ثمّ قال لها: «أدبري». فأدبرت فنضح بين كتفيها وقال: «اللهم إنّي أعيذهابك وذرّيتها من‌الشيطان الرّجيم». ثمّ قال: «ائتني بماء». فعرفت الذي يريد، فقمت فملأت القعب ماءً ثمّ أتيته به فأخذ منه نفثةً ثمّ مجّه في فيه [534] ثمّ صبّ علي رأسي وبين يدي ثمّ قال: «اللهم إنّي أعيذه بك وذرّيته من الشيطان». ثمّ قال: «أدبر». فأدبرت فصبّ بين كتفي ثمّ قال: «اللهم إنّي أعيذه بك وذرّيته من الشيطان الرّجيم». ثمّ قال: «ادخل بأهلك بسم‌اللَّه والبركة».
قال شيخ الإسلام أيّده‌اللَّه: ومن تأمّل هذا الخبر الشريف عرف أنّ لعليّ الفضل العظيم والشرف الجسيم بزواج فاطمة لعليّ عليهماالسلام لأنّها /154/ سيّدة نساء العالمين كما نصّ علي ذلك الرسول صلي اللَّه عليه وآله، و خصّ بها دون أبي‌بكر و عمر بعد طلبهما لها فامتنع الرسول صلي اللَّه عليه وآله من تزويجها منهما ضنّاً بها للكفؤ الكريم، عليه أفضل الصلاة والسلام.
وروينا بالإسناد المتقدم إلي القاضي الجليل أبي عليّ الحسن بن عليّ الصفار رحمةاللَّه عليه [535] قال: أخبرنا أبوعمر عبدالواحد بن محمّد الفارسي التاجر قراءة
[صفحه 402]
عليه في سنة ثلاث و تسعين [وثلاث مائة] ثمّ في سنة ثمان وتسعين وثلثمائة قال: أخبرنا أبوالعباس أحمد بن محمّد ابن‌عقدة الحافظ قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن قال: حدّثنا موسي بن إبراهيم المروزي قال: حدّثنا موسي بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه:
عن جابر بن عبداللَّه قال: لمّا زوّج رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فاطمة من عليّ أتاه أناس من قريش فقالوا: إنّك زوّجت عليّاً بمهر خسيس. قال: «ما أنا زوّجت عليّاً ولكن‌اللَّه زوّجه ليلة أسري بي عند سدرة المنتهي [ف] أوحي اللَّه عزّ وجلّ إلي السدرة المنتهي: أن انثري ما عليك، فنثرت الدرّ والجوهر والمرجان، فابتدر الحورالعين فالتقطن فهنّ يتهادين ويتفاخرن ويقلن هذا نثار فاطمة بنت محمّد عليهاالسلام».
فلمّا كانت ليلة الزفاف أتي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم ببغلته الشهباء وثني عليها قطيفة وقال لفاطمة: «اركبي». وأمر سلمان أن يقودها والنبي صلي اللَّه عليه يسوقها، فبينا هو في بعض الطريق إذ سمع النبي صلي اللَّه عليه وآله وجبة فإذاً هو بجبريل صلي اللَّه عليه في سبعين ألفاً وميكائيل صلي اللَّه عليه في سبعين ألفاً، فقال النبي صلي اللَّه عليه: «ما أهبطكم إلي الأرض»؟ قالوا: جئنا نزفّ فاطمة إلي زوجها عليّ بن أبي‌طالب. فكبّر جبريل وكبّر ميكائل؟ وكبّرت الملائكة وكبّر محمّد صلي اللَّه عليه وآله وسلم، فوقع التكبير علي العرائس من تلك الليلة.
وبالإسناد المتقدّم إلي ابن‌المغازلي [536] قال: حدّثنا القاضي أبوالحسن محمّد بن عليّ المعروف بابن الراسبي‌الشافعي إملاءاً في جامع واسط، قال: حدّثنا أبوالقاسم عبيداللَّه بن تميم القاضي [537] قال: حدّثنا أبوأحمد محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا عمر بن الربيع، قال: حدّثني شيخ صالح من أهل مكّة، قال: حدّثنا دينار بن عبداللَّه الأنصاري قال: حدّثنا محمّد بن جنيد، عن الأعمش عن ثابت:
عن أنس قال: قال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «كنت ذات يوم في
[صفحه 403]
المسجد أصلّي إذ هبط عليّ ملك له عشرون رأساً فوثبت لأقبّل رأسه فقال: مه يا محمّد أنت أكرم علي‌اللَّه من أهل السماوات و أهل‌الأرضين أجمعين و قبّل رأسي ويدي فقلت: حبيبي جبريل ما هذه الصورة التي لم تهبط عليّ لمثلها قطّ؟ فقال: ما أنا بجبريل ولكن أنا ملك يقال لي: محمود بين كتفيّ مكتوب لاإله إلاّ اللَّه محمّد رسول‌اللَّه بعثني‌اللَّه [أن] أزوّج النور بالنور. قلت: /155/ مَن النور؟ قال: فاطمة من عليّ و هذا جبريل وإسرافيل وإسماعيل صاحب سماء الدنيا وسبعون ألف ملك من الملائكة قد حضروا.
فقال [النبيّ] صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «يا عليّ قد زوّجتك علي ما زوّجك اللَّه من فوق سبع سماواته». ثمّ التفت النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم إلي محمود فقال: «منذ كم كتب هذا بين كتفيك»؟ فقال: من قبل أن يخلق اللَّه آدم بألفي عام!! وناوله جبريل قدحاً فيه خلوق من الجنّة و قال: حبيبي مر فاطمة تلطخ رأسها وبدنها من هذا الخلوق.
فكانت فاطمة عليهاالسلام إذا حكّت رأسها شمّ أهل المدينة رائحة الخلوق.
وبالإسناد إليه أيضاً [538] قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار الفقيه الشافعي قال: أخبرنا أبومحمّد عبداللَّه بن محمّد بن عثمان المزني الملّقب بابن السقاء الحافظ الواسطي قال: حدّثنا عليّ بن العباس البجلي قال: حدّثنا عليّ بن المثنّي الطهوي قال: حدّثنا زيد بن الحباب قال: حدّثنا ابن‌لهيعة- و هو عبداللَّه بن لهيعة بن عقبة- قال: حدّثنا أبوالزبير:
عن جابر بن عبداللَّه، قال: دخلت أمّ أيمن علي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم وهي‌تبكي، فقال لها النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «مايبكيك لا أبكي اللَّه
[صفحه 404]
عينك» [539] قالت: بكيت يا رسول اللَّه لأنّي دخلت منزل رجل من الأنصار وقد زوّج ابنته رجلاً من الأنصار فنثر علي رؤسهم لوزاً وسكّراً فذكرت تزويجك فاطمة من علي ولم تنثر عليها شيئاً. فقال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لاتبكي يا أمّ أيمن، فو الّذي بعثني بالكرامة واستخصّني بالرسالة ما أنا زوّجته ولكن اللَّه تبارك و تعالي زوّجه من فوق عرشه، و مارضيت حتّي رضي عليّ وما رضي عليّ حتّي رضيتُ ومارضيتُ حتّي رضيت فاطمة، و ما رضيت فاطمة حتّي رضي اللَّه ربّ العالمين.
يا أمّ أيمن لمّا زوّج اللَّه تبارك و تعالي فاطمة من عليّ أمر الملائكة المقربين أن يحدقوا بالعرش وفيهم جبريل وميكائيل وإسرافيل فأحدقوا بالعرش، وأمر الحورالعين أن يتزينّ و أمرالجنان أن يزخرف، فكان الخاطب اللَّه تبارك وتعالي والشهود الملائكة، ثمّ أمر اللَّه شجرة طوبي أن تنثر عليهم، فنثرت اللؤلؤ الرطب مع الدرّ الأخضر مع الياقوت الأحمر مع الدرّ الأبيض، فتبادرن الحور العين يلتقطن من الحليّ والحلل و يقلن هذا [من] نثار فاطمة بنت محمّد» [540].
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: وفي هذه الآثار ما يقضي لعليّ عليه‌السلام بالفضل والزلف وأنه قد خيّم من الشرف في ساميات الغرف، وفي هذا العقد من أنواع الجلالة ما ظهوره يغني عن بيانه إذ هو يتردّد من المليك إلي الأملاك، الذين لهم شرف إلي رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم، و هذا فضل لايباري و فخر لايجاري وما أن يقول قائل بعد هذا /156/ في عليّ عليه‌السلام وإن استفرغ وسعه نثراً و نظماً، وللَّه [درّ] القائل:
لن يبلغوا مدح النبي وآله
قوم إذا ما بالمدائح فاهوا
[صفحه 405]
رجل بقول إذاتحدّث: قال لي
جبريل أرسلني إليك اللَّه
وقال آخر:
إن شئت تمدح قوماً للَّه لا لتعلّه@
فاقصد بمدحك قوماً هم‌الهداة الأدلّة
أخبارهم عن أبيهم عن جبرائيل عن اللَّه
ويكفيك في‌فضل عليّ عليه‌السلام بما ذكرناه أنّه شي‌ء لم يتّفق لأحد من ولد آدم صلي اللَّه عليه وسلم لأنّ اللَّه تعالي هو الخاطب، والملائكة شهود، [و] الموضع الّذي عقد فيه ذلك أشرف الأمكنة و هو عند سدرة المنتهي، والنثار من أشرف شي‌ء في العالم ما بين الدرّ الأزهر، والياقوت الأحمر، هذا ما فوق السماوات العلي.
وعلي ظهر الأرض العاقد محمّد سيّد البشر والشفيع يوم المحشر، وكان هو الذي يسوق البغلة بها صلي اللَّه عليه و عليها ليلة زفافها، ثمّ جاء جبريل في سبعين ألفاً وميكائيل في مثل ذلك ردفاً للنبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم [و]صلوات اللَّه عليهم عند الزفاف، و أخبرا أنهم هبطوا لهذا الغرض.
فهل علمت أيّها السامع بمثل هذا لأحد من الخليقة؟ كلاّ ما كان ولا يكون، فدع عنك فاسدات الظنون، واعرف حقّ تراجمة الكتاب المكنون وقدّمهم في أمورالدين علي الأنام فهم الصفوة من أهل الإسلام والدعاة إلي دارالسلام، فالزم حبّهم قلبك واجعله ممازجاً لبّك؟ [وللَّه دَرُ القائل]:
لو شقّ عن قلبي تري وسطه
سطران قد خطّا بلا كاتب
العدل والتوحيد في جانب
وحبّ أهل البيت في جانب
ولرسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه و آله وسلم الفضل علي البشر من مضي منهم و من غبر، و فضل عترته نعمة عليه من اللَّه زاده بها فضلاً.
روينا عن الحاكم رضي الله عنه رواه عن النّبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنه قال لعليّ عليه‌السلام: «أوتيت ثلاثاً لم يؤتهنّ أحد و لا أنا! أوتيت صهراً مثلي ولم أوت أنا مثلي، وأوتيت صدّيقة مثل ابنتي [و] لم أوت مثلها زوجة، وأوتيت الحسن والحسين من صلبك ولم أوت من صلبي مثلهما ولكنّكم منّي وأنا منكم» [541].
[صفحه 406]
يا عجباً كلّ العجب ممن ينحاز إلي أضدادهم ولايخلص للَّه في ودادهم، ومناقبهم قد أشرقت إشراق الشموس والأقمار، و غضّ من شعاعها شعاع النهار، وكم من آية شريفة ألبستهم من الثناء رداءً قشيباً، وسقت روض فضلهم فأضحي غصنه غصناً رطيباً، جهدت بنو أميّة في دفن مناقبهم فازدادت إشراقاً، وأكثروا علي أوليائهم إرعاداً وإبراقاً و هي أبداً تعلو السهي ويرويها ذووالنهي.
روينا بالإسناد المتقدّم إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه عليه‌السلام [542] قال: حدثنا
[صفحه 407]
الشريف أبومحمد عبداللَّه بن محمد بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن الحسين بن عبدالرحمان الحسني /157/ البطحاني بالكوفة بقراءتي عليه قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا عبدالعزيز- يعني ابن‌يحيي- قال: حدّثنا محمّد بن زكريّا قال: حدّثنا عبداللَّه- يعني ابن‌الضحّاك- عن هشام بن محمّد، عن أبيه ولوط بن يحيي قالا: وّجه هشام بن عبدالملك برأس زيد بن عليّ إلي المدينة إلي إبراهيم بن هشام المخزومي فنصب رأسه فتكلّم أناس من أهل المدينة و قالوا لإبراهيم: لاتنصب
[صفحه 408]
رأسه. فأبي [إبراهيم فنصبه] وضجّت المدينة بالبكاء من دور بني هاشم كيوم حسين عليه‌السلام، فلمّا نظر كثير بن عبدالمطلب السهمي إلي رأس زيد عليه‌السلام بكي وقال نضّر اللَّه وجهك أباالحسين وفعل بقاتلك. فبلغ ذلك إبراهيم بن هشام وكانت أمّ المطلب أروي بنت الحارث بن عبدالمطلب فكان كثير الميل إلي بني هاشم، فقال له إبراهيم: بلغني عنك كذا وكذا؟ فقال: هو ما بلغك. فحبسه و كتب إلي هشام، فقال وهو محبوس:
إنّ امرءً كانت مساويه
حبّ النبي لغير ذي ذنب
وبني حسين وولدهم [543].
من طاب في الأرحام و الصلب
ويرون ذنباً أن أحبّكم
بل حبّكم كفّارة الذنب
فكتب فيه إبراهيم إلي هشام فكتب إليه هشام أن أقمه علي المنبر حتّي يلعن عليّاً وزيداً فإن فعل وإلاّ فاضربه مائة سوط علي مائة، فأمره أن يلعن عليّاً فصعد المنبر فقال:
لعن اللَّه من يسبّ عليّاً
و بنيه من سوقة وإمام
يأمن الطير والحمام ولايأ
من آل النبي عند المقام
طبت بيتاً وطاب أهلك أهلاً
أهل بيت النبي والإسلام
مرحباً بالمطيّبين من الناس [544].
وأهل الإحلال والإحرام
رحمة اللَّه والسلام عليكم
كلّما قام قائم بسلام
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: انظر إلي أمير المؤمنين بزعم الجهلة العمين هشام بن عبدالملك اللعين و أمره بسبّ صفوة الأنام بعد الأنبياء عليهم‌السلام وأبي‌العترة الكرام، وأين هذا- قاتله اللَّه و قتله- مما افترضه اللَّه علي عباده علي لسان نبيه صلي اللَّه عليه وآله حيث يقول: «لاتصلّوا عليّ الصلاة البتراء». قالوا: وما
[صفحه 409]
الصلاة البتراء؟ قال: «أن تصلّوا عليّ ولاتصلّوا علي آلي» [545] فكيف يرتضي ذو نظر من يأمر بسبّ أميرالمؤمنين و ذرّيته الميامين الّذين قضوا بالحقّ وبه يعدلون؟ و هل يجوز أن يجتمع فرض الصلاة عليهم و سبّهم؟ هذا مالا يقبله عقل سليم ولا يرتضيه ذو فكر مستقيم، وإنّما غلب الجهل علي كثير من الأمّة و [الذين] لم يرقبوا في عترة نبيّهم إلّاً ولاذمّة.
[صفحه 410]

في اختصاص علي بأنه أبوسبطي النبي وأن ذرية رسول الله من صلبه، وفيه كثير من فضائل السبطين

ونعود إلي [شرح البيت: (28) من] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
مَن /158/ نجّل السبطين بيّن لنا
عمّي ومحمود السجايا أبي
نجّل: أولد. والنجل: النسل والولد. ونجل ناجل: كريم النجل. ويقال: قبّح اللَّه تعالي ناجليه أي أبويه وأصله الاستخراج.
والإنجيل هو كتاب عيسي بن مريم صلوات اللَّه عليه، قيل هو من نجلت أي استخرجت، ونجلت الإهاب إذا شققته من عرقوبيه كما يسلخ الجلد؟ والنجل: الرمي بالشي‌ء [يقال:] نجلت الناقة الحصي بمناسمها نجلاً [أي رمتها] والنجل: سعة العين في حسن، وطعنة نجلاء أي متّسعة.
والسبط: الرهط والقبيلة قال اللَّه تعالي: «وقطّعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أمماً» [160/الأعراف: 7] مأخوذ من السبوط كأنّهم يجرون الأمور بسهولة لاتّفاقهم في الكلمة. وقيل: [هو] مأخوذ من السبط وهو ضرب من الشجر فجعل الأب الّذي يجمعهم كالشجرة الّتي تتفّرع منها الأغصان الكثيرة.
والسبطان- هاهنا-: الحسن والحسين ابنا عليّ عليه‌السلام.
و(بيّن) من البيان وهو إظهار الشي‌ء بحيث يتّضح للغير، وذلك يكون بالدليل الكاشف عنه علي التفصيل، وقد يكون بالقرائن الّتي إذا ترادفت اضطرّ السامع إلي معرفة المراد بالخطاب، وهذا إنّما يتأتّي في من يعلم مراده بالإضطرار، وذاته أيضاً كما في الشاهد دون الغائب؟.
وأصل البيان: القطع والانفصال، ومنه قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ما أبين من الحيّ فهو ميّت» [546] يريد ما انفصل منه فهو ميتة يحرم الانتفاع به كما يحرم الانتفاع بالميتة، فكأنّ الشي‌ء عند وضوحه قد نئا أي انفصل عن اللبس والخفاء وصار في جنبه للوضوح والجلاء؟.
وأمّا في أصول الفقه فإن البيان في مقابلة المجمل، والمجمل ما لايمكن معرفة المراد بلفظه نحو قوله تعالي: «وآتوا حّقه يوم حصاده» [141/الأنعام: 6] فإنّ ذلك مجمل لانه لاينبئ عن مقدار الحقّ الّذي يحب أداؤه فهو مجمل بهذا الإعتبار،
[صفحه 411]
وإن كان غير مجمل في إفادة الوجوب علي الجملة.
وأمّا البيان فيستعمل في معنيين: خاصّ وعام، فأمّا العام فإنّه بمعني الدلالة ولهذا يقول القائل: بيّن لي فلان كذا وكذا أي دلّني عليه، وبيّن فلان الطريق لفلان أي دلّه عليها، وبيّن اللَّه تعالي للعباد الفرائض الّتي افترضها عليهم أي نصب لهم الأدّلة الدالّة عليها.
وأمّا المعني الخاصّ فهو ما دلّ علي المراد بخطاب لايستقلّ بنفسه في الدلالة عليه، وقد يكون قولاً وقد يكون فعلاً فأمّا القول فنحو ما نقل عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم من بيان القدر الّذي يجب فيه الزكاة وهو الحقّ المجمل الّذي ذكره اللَّه تعالي بقوله: «وآتوا حقّه يوم حصاده» فقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» [547].
وأمّا الفعل فنحو إحالته لنا علي صلاته نحو قوله: «صلّوا كما رأيتموني أصلي». ونحو [قوله]: «خذوا عنّي مناسككم» [548].
فصارت أفعاله في الحج كاشفة لنا علي المراد بقوله [تعالي]: «وللَّه علي الناس حجّ البيت /159/ من استطاع إليه سبيلا» [97/آل عمران: 3]، وأفعاله في الصلاة موضحة لنا المراد بقوله تعالي: «وأقيموا الصلوة» إذ هو مجمل.
والعمّ معروف وهو صنو الأب، والمراد به العباس بن عبدالمطلب رضي‌الله عنه.
وفي الخطاب حذف وهو همزة الاستفهام، تقديره: أعمّي هذا [نجّل السبطين أومحمود السجايا أبي؟] وهو شائع قال الشاعر:
فواللَّه ما أدري وإن كنت دارياً
بسبع رمين الجمر أم بثمان
معناه أبسبع؟ والحذف جائز في كلامهم إذا كان فيما بقي دلالة علي ما حذف.
والمحمود من يكثر الثناء عليه لشرف خصاله وكرم خلاله وهو بمعني الممدوح؟. والسجايا واحدتها: سجيّة وهي خلائق الإنسان؟ الشريفة الّتي يعتادها حتيَّ تصير بمنزلة الطبع. والأب معروف.
[صفحه 412]
والمقصود من البيت التنبيه علي فضيلة أميرالمؤمنين عليه‌السلام بما خصّه اللَّه تعالي من ولادة السبطين الحسن والحسين عليهماالسلام إذهما طراز ثوب الشرف الرفيع وظود الحلم العالي المنيع؟ وبحر الجود القاذف بالدرر؟ وغمام العلم الهاطل بالدرر؟ وما ظنّك لمن والده الرسول وحيدر والبتول [وما] أحسن فيه القائل حيث يقول:
إليكم كلّ مكرمة تؤول
إذا ما قيل جدّكم الرسول
أليس أبوكم الهادي عليّ
وأمّكم المطهّرة البتول
وفضلهما الفضل الظاهر وقدحهما في المجد القدح القامر، وبدر شرفهما البدر الباهر، ومناقبهما أكثر من أن يحصي في مثل هذا الكتاب وإنّما نذكر اليسير رعايهً لحقهما وكشفاً عن فضلهما وفضل أبيهما فضلهما عليهم‌السلام.
روينا بالإسناد المتقدّم إلي القاضي العدل المعروف بابن المغازلي الشافعي رحمه‌الله [549] ما يذكره بطرق ثلاث نذكر طريقاً منها قال:
حدّثنا أبوطالب محمّد بن أحمد بن عثمان بن الفرح بن الأزهر بن الصيرفي البغدادي رحمه الله قدم علينا واسطاً قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن الحسين بن سليمان، قال: حدّثنا عبداللَّه بن محمّد بن عبداللَّه العكبري قال: حدّثنا أبوالقاسم عبداللَّه بن عتاب الهروي قال: حدّثنا عمر بن شبّة بن عبيدة النميري قال: حدّثنا المدائني:
[صفحه 413]
عن الأعمش قال: وجّه إليّ المنصور فقلت للرسول: فما يريدني أمير المؤمنين؟ فقال: لا أعلم. فقلت أبلغه أنّي آتيه ثمّ تفكّرت في‌نفسي فقلت ما دعاني في هذا الوقت لخير، ولكن عسي أن يسألني عن فضائل أميرالمؤمنين عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام فإن أخبرته قتلني. قال: فتطهرت ولبست أكفاني وتحنّطت ثمّ كتبت وصيتي ثمّ صرت إليه فوجدت عنده عمروبن عبيد فحمدت اللَّه تعالي علي ذلك وقلت [في نفسي]: وجدت عنده عون صدق من أهل البصرة. فقال لي: ادن يا سليمان. فدنوت فلما قربت منه أقبلت علي عمروبن عبيد أسأله وفاح مني ريح الحنوط، فقال: يا سليمان ما هذه الرائحة؟ واللَّه /160/ لتصدقني وإلّا قتلتك!! فقلت: يا أمير المؤمنين أتاني رسولك في جوف الليل فقلت في نفسي مابعث إليّ أمير المؤمنين في هذه الساعة إلّا ليسألني عن فضائل عليّ فإن أخبرته قتلني فكتبت وصيّتي ولبست كفني وتحنطت!!!
فاستوي [المنصور] جالساً وهو يقول: لا حول ولا قوة إلّا باللَّه العلي العظيم، فقال: أ تدري يا سليمان ما اسمي؟ قلت: نعم يا أميرالمؤمنين. قال: ما اسمي؟
قلت: عبداللَّه الطويل بن محمّد بن عليّ بن عبداللَّه بن عباس بن عبدالمطلب. قال: صدقت فأخبرني باللَّه وبقرابتي من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم كم رويت في عليّ من فضيله من جميع الفقهاء؟ وكم يكون؟ قلت: يسير يا أميرالمؤمنين. قال: علي ذلك؟ قلت: عشرة آلاف حديث وما زاد.
فقال: يا سليمان لأحدّثنّك في فضائل عليّ عليه‌السلام حديثين يأكلان كلّ حديث رويته عن جميع الفقهاء فإن حلفت أن لاترويهما لأحد من الشيعة حدّثتك بهما. فقلت: لا أحلف ولا أخبر بهما أحداً منهم، فقال:
كنت هارباً من بني مروان وكنت أدور البلدان أتقرب إلي الناس بحبّ عليّ و [بذكر]فضائله وكانوا يأووني ويطعموني ويزوروني ويكرموني ويجمّلوني حتّي وردت بلاد الشام، وأهل الشام كلّها إذا أصبحوا لعنوا عليّاً عليه‌السلام في مساجدهم لأنّ كلّهم خوارج وأصحاب معاوية، فدخلت مسجداً وفي نفسي منهم ما فيها، فأقيمت الصلاة فصلّيت الظهر وعليّ كساء خلق فلمّا سلم الإمام اتّكأ علي الحائط وأهل المسجد حضور فجلست فلم أر أحداً منهم يتكلّم توقيراً لإمامهم فإذاً
[صفحه 414]
بصبيّين قد دخلا المسجد فلمّا نظر إليهما الإمام. قال: ادخلا مرحباً بكما ومرحباً بمن سمّيتكما بأسمائهما واللَّه ما سمّيتكما بأسمائهما إلّا لحبّ محمّد وآل محمّد فإذا أحدهما يقال له الحسن والآخر حسين فقلت فيما بيني وبين نفسي: قد أصبت اليوم حاجتي ولاقوة إلّا باللَّه وكان شاباً إلي جنبي فسألته: من هذا الشيخ ومن هذان الغلامان؟ فقال: الشيخ جدّهما وليس في هذه المدينة أحد يحبّ عليّاً عليه‌السلام غير هذا الشيخ، ولذلك سمّاهما الحسن والحسين فقمت فرحاً وإنّي يومئذٍ لصارم لا أخاف الرجال، فدنوت من الشيخ. فقلت: هل لك في حديث أقرّ به عينك؟ قال ما أحوجني إلي ذلك، وإن أقررت عيني أقررت عينك. فقلت: حدّثني، أبي، عن جدّي، عن أبيه، عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم. فقال لي: [من أنت و] من والدك ومن جدّك؟ فلمّا عرفت أنّه يريد أسماء الرجال فقلت: [أنا] محمّد بن عليّ بن عبداللَّه بن العباس، [عن أبيه] قال:
إنّا كنّا [550] مع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فإذاً فاطمة عليهماالسلام قد أقبلت
[صفحه 415]
تبكي فقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ما يبكيك يا فاطمة»؟ قالت: يا أبتاه إن الحسن والحسين قد عبرا- أوقد ذهبا- منذ اليوم ولا أدري أين هما/161/وإنّ عليّاً يمشي علي الدالية [منذ] خمسة أيّام يسقي البستان وإنّي قد طلبتهما في منازلك فما حسست لهما أثراً، وإذاً أبوبكر عن يمينه فقال: «يا [أ] بابكر قم فاطلب قرّة عيني». ثمّ قال: «يا عمر قم فاطلبهما، يا سلمان، يا أباذر، يا فلان، يا فلان». قال: فأحصينا علي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم سبعين رجلاً بعثهم في طلبهما وحثّهم [علي طلبهما فطلبوهما فلم يجدوهما] فرجعوا ولم يصيبوهما.
فاغتّم النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم لذلك غمّاً شديداً ووقف علي باب المسجد وهو يقول: «بحقّ إبراهيم خليلك وبحقّ آدم صفيّك إن كانا قرّتي عيني وثمرتي فؤادي أخذا برّاً أوبحراً فاحفظهما وسلّمهما». فإذا جبريل عليه‌السلام قد هبط فقال: يا رسول‌اللَّه إن اللَّه يقرؤك السلام ويقول لك: «لا تحزن ولاتغتم الصبيان فاضلان في الدنيا فاضلان في‌الأخرة، وهما في الجنّة، وقد وكلت بهما ملكاً بحفظهما إذا ناما وإذا قاما». ففرح رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فرحاً شديداً ومضي وجبريل عن يمينه والمسلمون حوله حتّي دخل حظيرة بني النجار فسلّم علي ذلك الملك الموكل بهما ثمّ جثا النبي صلي اللَّه عليه وآله علي ركبتيه وإذاً الحسن معانقاً للحسين؟ وهما نائمان وذلك الملك قد جعل احدي جناحيه تحتهما والآخر فوقهما وعلي كلّ واحد منهما درّاعة من شعر- أوصوف- والمداد علي شفتيهما فما زال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم يلثمهما حتّي استيقظا، فحمل النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم الحسن وحمل جبريل الحسين وخرج النبي صلي اللَّه عليه وآله من الحظيرة.
قال ابن‌عباس: وجدنا الحسن عن يمين النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم والحسين عن يساره وهو يقبّلهما ويقول: «من أحبّكما فقد أحبّ رسول اللَّه ومن أبغضكما فقد أبغض رسول‌اللَّه» صلي عليه وآله وسلم.
[صفحه 416]
فقال أبوبكر: يا رسول‌اللَّه أعطني أحدهما أحمله. فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله: «نعم المحمولة [هما] ونعم المطيّة تحتهما».
فلمّا أن صار إلي باب الحظيرة لقيه عمر فقال له مثل مقالة أبي‌بكر فردّ عليه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم كما ردّ علي أبي‌بكر، فرأينا الحسن متشبّثاً بثوب رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم متّكئاً باليمين علي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ووجدنا يد النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي رأسه.
فدخل النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم المسجد فقال: «لأشرّفنّ ابنيّ اليوم كما شرّفهما اللَّه تعالي، يا بلال عليّ بالناس». فنادي [بلال] بهم واجتمع الناس.
فقال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «معاشر أصحابي بلّغوا عن نبيّكم محمّد صلي اللَّه عليه وآله وسلم [أنّا] سمعنا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: يقول ألا أدلّكم اليوم علي خير الناس جدّاً وجدّةً؟ قالوا: بلي يا رسول اللَّه. قال: «عليكم بالحسن والحسين فإن جدّهما محمّد رسول اللَّه وجدّتهما /162/ خديجة بنت خويلد سيّدة نساء أهل الجنّة.
هل أدلّكم علي خير الناس أباً وأمّاً»؟ قالوا: بلي يا رسول‌اللَّه. قال: «عليكم بالحسن والحسين فإن أباهما عليّ بن أبي‌طالب وهو خير منهما شابّ يحبّ اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه ورسوله ذوالمنفعة والمنقبة في الإسلام وأمّهما فاطمة بنت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وعليهما سيّدة نساء أهل الجنّة.
معشر المسلمين ألا أدلّكم علي خير الناس عمّاً وعمّة»؟ قالوا: بلي يا رسول اللَّه. قال: «عليكم بالحسن والحسين فإن عمّهما جعفر ذوالجناحين يطير بهما في الجنان مع الملائكة وعمّتهما أم هانئ بنت أبي‌طالب.
معشر الناس ألا أدلّكم علي خير الناس خالاً وخالة»؟ قالوا: بلي يا رسول اللَّه.قال: «عليكم بالحسن والحسين فإنّ خالهما القاسم [بن رسول اللَّه] وخالتهما زينب بنت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
ألا يا معاشر الناس أعلمكم أنّ جدّهما في الجنّة وجدّتهما في الجنة وأبوهما في الجنّة وأمّهما في الجنّة وعمّهما في الجنّة وعمّتهما في الجنّة وخالهما في الجنّة وخالتهما في الجنّة وهما في الجنّة ومن أحبّ ابنيّ فهو معنا غداً في الجنّة، ومن أبغضهما فهو في النار
[صفحه 417]
وإنّ من كرامتهما علي‌اللَّه أن سمّاهما في‌التوراة شبراً وشبيراً».
[قال المنصور:] فلمّا سمع الشيخ الإمام هذامنّي قدّمني وقال: هذه حالك وأنت تروي في عليّ هذا؟ فكساني خلعهً وحملني علي بغلة بعتها بمائة دينار ثمّ قال لي: ألا أدلّك علي من يفعل لك خيراً؟ هاهنا أخوان لي في هذه المدينة أحدهما كان إمام قوم وكان إذا أصبح لعن عليّاً ألف مرّة كلّ غداة وأنّه لعنه يوم الجمعة أربعة آلاف مرّة فغيّر اللَّه مابه من نعمه فصار آية للسائلين فهو اليوم يحبّه.
وأخ لي يحبّ عليّاً منذ خرج من بطن أمه فقم إليه ولا تحتبس عنده.
واللَّه يا سليمان لقد ركبت البغلة وإنّي يومئذ لجائع فقام معي الشيخ وأهل المسجد حتّي صرنا إلي الدار؟ فقال الشيخ، انظر لاتحتبس؟ فدققت الباب وقد ذهب من كان معي فإذاً شاب آدم قد خرج إليّ فلمّا رآني والبغلة قال: مرحباً بك، واللَّه ما كساك أبوفلان خلعته ولا حملك علي بغلته إلّا إنّك رجل تحبّ اللَّه ورسوله، إن أقررت عيني لأقرنّ عينك [فحدّثني بحديث في فضائل عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام]- واللَّه يا سليمان إنيّ لأنفس بهذا الحديث الّذي سمعته وتسمعه- [قال: فقلت]: [551].
أخبرني أبي عن جدّي عن أبيه قال: كنّا مع رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم جلوساً بباب داره فإذاً [ب] فاطمة قد أقبلت- وهي حاملة للحسين- [552]. وهي تبكي بكاءً شديداً، فاستقبلها رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فتناول الحسين منها وقال لها: «ما يبكيك يا فاطمة»؟ قالت: فإنّه عيّرتني نساء قريش وقلن: زوّجك أبوك معدماً لا شي‌ء له!! فقال النبيّ صلي اللَّه عليه وآله: مهلاً
[صفحه 418]
/163/ وإيّاك أن أسمع هذا منك، فإنّي‌لم أزوّجك حتّي زوّجك اللَّه من فوق عرشه وشهد علي ذلك جبريل وإسرافيل وإن اللَّه تعالي أطلع علي أهل الدنيا فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيّاً ثمّ أطلع الثانية فاختار من الخلائق عليّاً فأوحي إليّ فزوّجتك إيّاه واتّخذته وصيّاً ووزيراً، فعليّ أشجع الناس قلباً وأعلم الناس علماً وأحلم الناس حلماً وأقدم الناس إسلاماً وأسمحهم كفّاً وأحسن الناس خلقاً. يافاطمة [إنّي غداً] أخذ لواء الحمد ومفاتيح الجنّة بيدي فأدفعها إلي عليّ فيكون آدم ومن ولد تحت لوائه.
يا فاطمة إنّي [غداً] مقيم عليّاً علي حوضي ليسقي من عرف من أمّتي.
يا فاطمة وابنيك الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة وكان قد سبق اسمهما في توراة موسي وكان اسمهما في الجنّة شبّراً وشبيراً [553] وسمّاهما الحسن والحسين لكرامة محمّد صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي اللَّه تعالي ولكرامتهما عليه.
يا فاطمة يُكسي أبوك حلّتين من حلل الجنّة ويكسي عليّ حلّتين من حلل الجنّة ولواء الحمد في يدي وأمّتي تحت لوائي فأناوله عليّاً لكرامته علي اللَّه تعالي وينادي مناد: يامحمّد نعم الجدّ جدّك إبراهيم ونعم الأخ أخوك علي. وإذا دعاني ربّ العالمين دعا عليّاً معي وإذا جثوت جثي عليّ معي وإذا شفّعني شفع عليّ معي [554] وإذا أجبت أجيب عليّ معي وإنه في المقام عوني علي مفاتيح الجنّة، قومي يا فاطمة إنّ عليّاً وشيعته هم الفائزون غداً».
وقال: بينما فاطمة جالسة إذ أقبل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم حتّي جلس إليها فقال: «يا فاطمة مالي أراك باكيهً حزينهً»؟ قالت: بأبي وأمّي كيف لا أبكي وتريد أن تفارقني. فقال لها: «يا فاطمة لاتبكين ولا تحزنين فلابدّ من مفارقتك». قال: فاشتدّ بكاء فاطمة عليهاالسلام ثمّ قالت: يا أبة أين ألقاك؟قال: «تلقيني علي تلّ الحمد أشفع لأمّتي». قالت: يا أبة فإن لم ألقك [هناك]؟ قال: «تلقيني علي الصراط وجبريل عن يميني وميكائيل عن يساري وإسرافيل آخذ بحجزتي
[صفحه 419]
والملائكة من خلفي وأنا أنادي ياربّ أمّتي أمّتي هوّن عليهم الحساب ثمّ أنظر يميناً وشمالا إلي أمّتي وكلّ نبيّ يومئذ مشتغل بنفسه يقول: يا ربّ نفسي نفسي وأنا أقول: ياربّ أمّتي أمّتي، فأوّل من يلحق بي من أمّتي يوم القيامة أنت وعليّ والحسن والحسين، فيقول الربّ: يا محمّد إنّ أمّتك لو أتوني بذنوب كأمثال الجبال لعفوت عنهم مالم يشركوا بي شيئاً ولم يوالوا لي عدوّاً».
قال: فلمّا سمع الشابّ هذا منّي أمر لي بعشرة آلاف درهم وكساني ثلاثين ثوباً ثمّ قال لي: من أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة. قال: عربي أنت أم مولي؟ قلت: بل عربي قال: فكما أقررت عيني أقررت عينك، ثمّ قال: ائتني غداً في مسجد بني فلان، وإّياك أن تخطئ الطريق.
[قال المنصور:] فذهبت إلي الشيخ وهو جالس ينتظرني في المسجد، فلمّا رآني استقبلني وقال: ما فعل أبوفلان؟ قلت: /164/ كذا وكذا. قال: جزاه اللَّه خيراً جمع اللَّه بيننا وبينهم في الجنّة في دارالقرار [555].
فلمّا أصبحت يا سليمان ركبت البغلة وأخذت في‌الطريق الّذي وصف لي فلمّا سرت غير بعيد تشابه عليّ الطريق وسمعت إقامة الصلاة في مسجد فقلت واللَّه لأصلّينّ مع هؤلاء القوم فنزلت عن البغلة ودخلت المسجد فوجدت رجلاً قامته مثل قامة صاحبي فصرت عن يمينه فلمّا صرنا في ركوع وسجود إذاً عمامته قد رمي بها من خلفه [556] فتفرّست في وجهه فإذاً وجهه وجه خنزير ورأسه ويداه وخلقه ورجلاه؟ فلم أعلم ما صليت وما قلت في صلاتي متفكّراً في أمره وسلم الإمام وتفرّس في وجهي وقال: أنت أتيت أخي بالأمس فأمر لك بكذا وكذا؟ قلت: نعم فأخذ بيدي وأقامني فلمّا رآنا أهل المسجد تبعونا فقال للغلام أغلق الباب ولاتدع أحداً يدخل علينا ثمّ ضرب بيده إلي قميصه فنزعه فإذا جسده جسد خنزير فقلت: يا أخي ما هذا الّذي أري بك؟ قال: كنت مؤذّن القوم وكنت
[صفحه 420]
كلّ يوم إذا أصبحت ألعن عليّاً ألف مرّة بين الأذان والإقامة!! قال: فخرجت من المسجد ودخلت داري هذه يوم الجمعة وقد لعنته أربعه آلاف مرّة ولعنت أولاده فاتّكيت علي الدكان فذهب بي‌النوم، فرأيت في منامي كأنّما أنا بالجنّة قد أقبلت فإذاً عليّ فيها متّكئ والحسن والحسين معه متكئين بعضهم علي بعض مسرورين تحتهم مصلّيات من نور، وإذاً أنا برسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم جالس والحسن والحسين قدامه وبيد الحسن كأس، فقال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم للحسن: اسقني [فناوله الكأس] فشرب، ثمّ قال للحسين: اسق أباك عليّاً فشرب، ثمّ قال للحسن: اسق الجماعة فشربوا، ثمّ قال: اسق المتكئ علي الدكان. فولّي الحسن بوجهه عني وقال: يا [أ] به كيف أسقه وهو يلعن أبي في كلّ يوم ألف مرّة وقد لعنه اليوم أربعة آلاف مرّة!! فقال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: ما لك لعنك اللَّه تلعن عليّاً وتشتم أخي، لعنك اللَّه تشتم أولادي الحسن والحسين؟ ثمّ بصق النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فملأ وجهي وجسدي، فانتبهت من منامي فوجدت موضع البصاق الّذي أصابني من بصاق النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قد مسخ كما تري وصرت آيةً للسائلين.
ثمّ قال: يا سليمان سمعت في فضائل عليّ عليه‌السلام أعجب من هذين الخبرين، [557] يا سليمان حبّ عليّ إيمان وبعضه نفاق، لا يحبّ عليّاً إلّا مؤمن ولا يبغضه إلّا كافر. فقلت: يا أمير المؤمنين الأمان.
قال: لك الأمان. قال: قلت: فما تقول يا أمير المؤمنين فيمن قتل هؤلاء؟ قال: في النار لا أشكّ. قال: قلت: فما تقول فيمن قتل أولادهم وأولاد أولادهم؟ قال: فنكس رأسه ثمّ قال: يا سليمان الملك عقيم، ولكن حدّث عن فضائل عليّ بما شئت. قال: قلت: فمن قتل ولده فهو في النار. /165/.
قال عمرو بن عبيد: صدقت يا سليمان الويل لمن قتل ولده.
فقال المنصور: يا عمرو أشهد عليه أنّه في النار.
فقال عمرو: فأخبرني الشيخ الصدق- يعني الحسن البصري- عن أنس أنّ
[صفحه 421]
من قتل أولاد عليّ لايشمّ رائحة الجنّة.
قال [الأعمش]: فوجدت أباجعفر وقد حمض وجهه. قال: وخرجنا فقال أبوجعفر: لولا مكان عمرو ما خرج سليمان إلّا مقتولا [558].
[صفحه 422]
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: وفيما رويناه فوائد جمّة ننّبه عليها علي ضرب من التفصيل ففي ذلك شفاء للعليل وإيضاح للسبيل فإن أكثرالناس قد نبذوا حقّ العترة وراء ظهورهم وأعرضوا عنه بجمهورهم إلّا من عصم‌اللَّه وقليل ماهم؟!! فإحدي الفوائد: شدّة المحنة فيما مضي علي شيعة أميرالمؤمنين وأهل بيته عليهم‌السلام وما كان يلحقهم من القتل والخوف الشديد، ولا سبب لذلك إلّا حبّ أهل‌البيت عليهم‌السلام ولهذا خشي الأعمش رحمه الله القتل خوفاً [من] أن يسأل عن فضائل أمير المؤمنين فيقتل إن أخبر بها - حتّي تحنّط ولبس أكفانه وكتب وصيته- لأنه كان مشهوراً بالتشيّع والرواية الواسعة في فضل عليّ عليه‌السلام.
وأصل ذلك من معاوية وبني أميّة ثمّ قفا بنو العباس مناهجهم في ذلك لأنّه كان غرضهم الملك وتوطيد قواعده بكلّ وجه فأرادوا التقرب إلي الجمهور لما كانوا قد
[صفحه 423]
آنسوا به قبل ظهور دولتهم وجهدوا في إبادة فضل العترة عليهم‌السلام وعيونهم خوفاً من ظهورهم عليهم؟ لأحوالهم القبيحة الّتي توجب جهادهم وغلب عليهم ذلك حتّي روي أنّ المتوكل كرب قبر الحسين بن عليّ بن أبي‌طالب عليهم‌السلام ووكّل به اليهود لقتل من زاره وكرب حوله من مائتي جريب ليعمي مواضع القبر وكان ذلك بسبب [غيبة] مغنّية [الّتي] افتقدها وعرف أنها مضت لزيارته.
وهارون المسمّي بالرشيد لمّا سمع أبيات منصور بن الزبرقان الّنمري [أمر بقتله وحرقه] وهي:
شاء من الناس راتع هامل
يعللّون النفوس بالباطل
تقتل ذريّة النبي وير
جون خلود الجنان للقاتل [559].
ماالشك عندي في‌كفرقاتله
لكنّني قد أشكّ في الخاذل
نفسي‌فديً للحسين يوم غدا
إلي المنايا غدوّ لا قافل
ذلك يوم أحني بشفرته [560].
علي سنام الإسلام والكاهل
وعاذل أنّني أحبّ بني أح
مد فالترب في فم العاذل
قد ذقت ما أنتم عليه
فما وصلت من دينكم إلي طائل
دينكم جفوة النبي
وما الجافي لآل النبي كالواصل [561].
ومنها في ذكر فاطمة عليهاالسلام:
مظلومة /166/ والنبي والدها
تدير أرجاء مقلة حافل
الا مصاليت يغضبون لها
بسلّة البيض والقنا الزائل
ولمّا سمع هارون هذا البيت قال: قد حرّض الناس علي الخروج [عليّ]، لقد
[صفحه 424]
هممت أن أنبشه وأحرقه! هذا رواية.
وروي الشيخ أبوبكر الخوارزمي أنّه نبشه وأحرقه ذكره في رسالته. ومنها:
كم ميّت منهم بغصّتة
مغترب الدار بالعزا ثاكل
يالهف نفسي ماتت نفوسهم
وما شفاهنّ دولة الذائل؟
عدل من اللَّه غير ساخطة
نفسي علي حكم ربّها العادل
ديار آل النبي موحشة
ما في عراص الديار من آهل
وقال أيضاً:
آل النبي ومن يحبّهم
يتطامنون مخافة القتل
أمن النصاري واليهود وهم
من أمّة التوحيد في أزل
وقال يري أنّه يمدح هارون وهو يريد عليّاً عليه‌السلام:
آل الرسول خيارالناس كلهم
وخير آل رسول‌اللَّه هارون
رضيت حكمك لا أبغي‌به بدلاً
لأنّ حكمك بالتوفيق مقرون
أخذه من قول النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم لعليّ عليه‌السلام: «أنت مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنّه لانبي بعدي» [562].
وقال إبراهيم بن العباس الصولي- [563] شاعر بني‌العباس وكاتبهم- في الرضا
[صفحه 425]
عليّ بن موسي بن جعفر عليهم‌السلام:
يمنّ عليكم بأموالكم
ويعطون من مائة واحداً
فلا حمد اللَّه مستنصراً
يكون لأعدائكم حامداً
وكم من مدّاح لأهل البيت عليهم‌السلام أنزلوا به النكال وليس ذلك بأعجب من سفكهم لدماء العترة عليهم‌السلام وانتهاكهم منهم ما حرم اللَّه تعالي وكان الّذي يميل إليهم لايتظاهر بمودته ولايقدر علي الإعلان بمحبته والحكايات في هذا المعني جمّة وإنّما أشرنا إلي نكتة وقد ذكرنا طرفاً من ذلك في كتابنا الموسوم بالحدائق الورديّة.
الفايدة الثانية: التصريح من الأعمش رحمة اللَّه عليه بالذي يحفظه في فضائل عليّ عليه‌السلام وأنّه عشرة آلاف وأنّه يسير، وهذا شي‌ء لايمكن أحد من مخالفينا أن يجد عشراً لعشيره في أحد ممن قدّموه علي عليّ عليه‌السلام [564] وذكر الأعمش[مع ذلك أنه يسير هذا علي أن حقّ الأعمش لايجهل في سعة روايته للآثار وتوثقه في الأخبار.
و [الأعمش] مع هذا الحفظ الواسع لم يحفظ ما رواه له أبوالدوانيق فيوضح [عدم حفظه لما رواه له أبوالدوانيق] صحة ما قال [من] أنّ ما يحفظه يسير.
ومن كانت عشرة آلاف حديث في فضائله يسيراً تميّز علي الأكابر فكان أولي بالأمر منهم، فإن مبني الإمامة علي طلب الأفضل فإذا /167/ صحّ أنّ عليّاً أفضل ثبت أنه أولي بالإمامة ممن تقدّم عليه.
الفائدة الثالثة: ما كان عليه أبوالدوانيق من كراهة انتشار فضائل عليّ عليه‌السلام فإنّه طلب تحليف الأعمش رحمه الله أن لا يرويهما لأحدٍ من الشيعة وإنّما أراد اللَّه تعالي نشرهما فأنطقه بهما وللَّه [درّ] القائل:
وإذا أراد اللَّه نشر فضيلة
طويت أتاح لها لسان حسود
الفائدة الرابعة: ما انطوي عليه أوّل الحديث من اغتمام النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم لمّا جاءت فاطمة عليهاالسلام وأخبرته بفقد الحسن والحسين عليهماالسلام حتّي أمر
[صفحه 426]
أبابكر وعمر في طلبهما وسواهما حتّي أحصوا سبعين رجلاً الّذين بعثهم عليه‌السلام في طلبهما وهذا فيه أوفي شاهد علي محبّته لهما.
فما تري أيّها المنصف في معاوية وقد سمّ الحسن بن عليّ عليهماالسلام علي يدي امرأته جعدة بنت الأشعث علي مائة ألف درهم وعدها إيّاها [565] فانظر إلي جرأته علي‌اللَّه وعلي رسوله يخرج أموال المسلمين في قتل أولاد النبيّين وهو مع ذلك أميرالمؤمنين عند الجهلة العمين.
وفي‌أخباره عليه‌السلام أنه قال: «لقد سقيت السم ثلاث مرات فأمّا مثل هذه المرّة
[صفحه 427]
قلا ولقد أخرجت قطعة من كبدي أقلّبها بهذا العود» [566].
فمات سلام‌اللَّه عليه مغموماً مهموماً فقيداً حميداً هذا وقد قال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّ ابني هذا سيّد سيصلح اللَّه به بين فئتين من المسلمين» [567] فوقعت الهدنة بينه وبين معاوية لمّا خذله أصحابه وأصبح أمير عسكره عبيداللَّه بن العباس قدانحاز إلي معاوية علي مائة ألف درهم بذلها له.
ووثب عليه صلوات اللَّه عليه رجل من الخوارج فضربه بمعول يكاد يهلك، فألجأته الضرورة إلي الصلح بينه وبين معاوية.
وسمي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم الفئتين بالمعني العام وإلّا فمعاوية باغ فاسق ضالّ مارق، وإنّما سمّاه وأصحابه مسلمين لانقياده وأصحابه لأمور الشرع وإعترافهم بصحته في الجملة ظاهراً وإن كانوا قد نقضوا بناه وحلّوا عراه فهذه حالة معاوية في الحسن.
وأمّا الحسين عليه‌السلام فقد ارتكب يزيد وأتباعه لعنهم اللَّه [بتخطيط من معاوية]فيه العظيم وباءُوا بالإثم الجسيم فإنّهم قتلوه أشنع قتلة واحتزّوا رأسه وأجروا الخيل علي جثّته الكريمة حتّي تقطّعت [568] فبعداً لقوم لايؤمنون فأين تري أيّها الناظر هذه الأفعال من شدة حبّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم لهما بلا نظر في أمر جليّ يظهر لكل ذي عقل سويّ وهو أنّ من آذي رجلاً في‌بهائمه بالقتل وغيره عمداً وبالغ في ذلك؟ أيكون وليّاً له أم يكون عدوّاً؟ فإن قلت يكون وليّاً له، فقد قلت زوراً كان الأولي أن تكون مهجوراً، فإنّ أحداً لايرتاب في أنه لايكون وليّاً علي حال وهذا مما يعلم بأوائل العقول.
فإن قلت: بل يكون عدوّاً، فما حال من عادي الرسول عند ذوي العقول
[صفحه 428]
وحينبذٍ يتّضح الحال /168/ عند العلماء والجهّال أن معاوية ويزيد [وأنصارهما] من أعداء النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم ومن كان عدوّاً له فهو عدوّ لربّ العالمين ومن عادي ربّ العالمين أصلاه العذاب المهين وخلّده في النار أبدا الآبدين وكفي بها انتقاماً من أعداء اللَّه تعالي.
والعجب أنّ من الجهلة الحمقاء الّذين يمقتهم ذوو الحجي من يصرّح بأن الحسين بن عليّ خارجي يجوز قتله شرعاً لأنّه بزعمهم قد قام علي إمام قبله وهو يزيد الشقي العنيد.
وهذا تكذيب للخبرالمشهور والحديث المأثور الّذي قاله الصادق صلي اللَّه عليه وآله وسلم «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة» [569] والنبي صلي اللَّه عليه وآله يقضي بأنّ الحسين سيّد شباب أهل الجنّة، وهولاء الفجّار يصرّحون بأنّه يجوز قتله شرعاً؟!! فقاتلهم اللَّه وقتلهم ما أعماهم وأضلّهم.
وقد علم نقلة الآثار أنّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أخبر بقتله وحزن لمصابه وبكي بكاءً شديداً فيما رويناه:
بالإسناد المتقدّم إلي القاضي الأجّل عماد الدين أحمد بن أبي‌الحسن الكني رضي الله عنه يرفعه إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه عليه‌السلام قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عبداللَّه بن ريذة قراءة عليه بإصفهان، قال: أخبرنا أبوالقاسم سليمان بن أحمد بن أيّوب الطبراني قراءة عليه [570] قال حدّثنا عبداللَّه بن أحمد بن حنبل قال: حدّثني عبادة
[صفحه 429]
بن زياد الأسدي [571] قال حدّثنا عمروبن ثابت، عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن أمّ سلمة رضي اللَّه عنها قالت: كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم في بيتي فنزل جبريل عليه‌السلام فقال: يا محمد إن أمّتك تقتل ابنك هذا من بعدك وأومي بيده إلي الحسين عليه‌السلام [وهذه تربة الأرض الّتي يقتل فيها] [572] فبكي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وضمّه إلي صدره، ثمّ قال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «[يا أم سلمة] وديعة عندك هذه التربة». فشمّها رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «ريح كرب وبلاء». قالت [أمّ سلمة]: وقال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «يا أمّ سلمة إذا تحوّلت هذه التربه دماً فاعلمي أنّ ابني قد قتل».
قال: فجعلتها [أم سلمة] [573] في قاروة ثمّ جعلت تنظر إليها كلّ يوم وتقول: إنّ يوماً تحوّلين فيه دماً ليوم عظيم.
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: فانظر إلي حزن رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وبكائه أفيظنّ منصف مع ذلك أن قاتله يكون مرضيّاً عنه أومحقّاً فإن كان كذلك فقد حزن النبي صلي اللَّه عليه وسلم وبكي لقتل مباح الدم وهذا لايجوز عليه مع قوله تعالي مخاطباً له في‌الكفّار: «واغلظ عليهم ومأواهم جهنّم» [73/التوبة: 9] وهذا يوضح ضلال هؤلاء القوم وإنكار ذلك من الأمور الجليّة الّتي لايفتقر إلي طائل كشف وإنّما غلب الجهل علي الأكثرين وكثر الرفض للعترة الأكرمين.
[صفحه 430]
الفائده الخامسة إنّه ينبغي للعاقل إذا أحزنه أمر واعجل عليه حال أن يفزع إلي‌اللَّه تعالي في الدعاء والتضرّع وبثّ الشكوي [574] وأن يتوجّه إليه سبحانه /169/ بمن يعظم عنده قدره ويزكو لديه برّه وأجره، وذلك لأنّه صلي اللَّه عليه وآله لمّا رجع أصحابه ولم يجدوا الحسنين عليهماالسلام وقف علي باب المسجد وهو يدعو ويقول: «بحق إبراهيم خليلك وبحق آدم صفيك»، ففزع إلي الدعاء ثقة باللَّه تعالي وعلماً بأنّه القادر الّذي لايرام، العزيز الّذي لايضام، وقد أمر النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أمّته بالرجوع إلي‌اللَّه تعالي في الأمور العظيمة واليسيرة فقال: «سلوااللَّه في حوائجكم حتّي في شسع النعل» [575] فإنّ اللَّه إذا لم ييسّره لكم لم يتيّسر، والداعي لايدعو في الجملة إلّا لنعمة تصل إليه أومضرّة تدفع عنه، فهي جارية مجري النعمة بل هي آكد النعمتين قدراً وأجلّهما خطراً، ألا تري أنّ سلامة الروح لا تعدلها نعمة عند العقلاء، وقد قال تعالي: «ومابكم من نعمة فمن اللَّه» [53/النمل 16] فإذا كانت النعم كلّها منه تعالي كان الفزع إليه في طلبها فعلي هذا ينبغي للعاقل أن يفزع إلي اللَّه تعالي في جميع أموره في الدين والدنيا راجياً فضله العميم ومنّه الجسيم وقد وعد تعالي بالإجابة داعيه، وهوالصادق في خبره فقال جلّ وعلا: «ادعوني أستجب لكم» [60/غافر: 40]، فأمر تعالي بالدعاء ووعد بالإجابة ونفع ذلك كلّه عائد إلي العبد، فتعالي المليك الواحد ما أكثر أياديه وأوفر نعمه علي مواليه ومعاديه، وكذلك ينبغي للعاقل أن يتوسّل إليه تعالي بمن يجلّ قدره لديه ويعظم حقه عليه، لأنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم توسّل بإبراهيم الخليل وآدم الصفي صلي اللَّه عليهما وقد علمنا عياناً أن ذلك في الشاهد يكون سبباً لدنوّ المآرب، ونيل المطالب، فإنّ من طلب حاجة من ذي قدرٍ وجلالة وتشفّع إليه ببعض من يعزّ عليه كان أدني لمطلوبه وأقرب إلي نيل محبوبه، فكيف بمن جوده لانساجل، وإحسانه لايشاكل، ومن العسير عليه يسير والعظيم من الآمال لديه حقير، كما ورد في بعض الأخبار عن النبي صلي اللَّه عليه وآله
[صفحه 431]
وسلم يقول اللَّه تبارك وتعالي: «كلّكم مذنب إلّا من عافيت، فاستغفروني أغفر لكم ومن علم منكم أني ذوقدرة علي المغفرة فيسألني بقدرتي غفرت له ولا أبالي، وكلّكم ضالّ إلّا من هديت فادعوني أهدكم، وكلّكم فقير إلّا من أغنيت فاسألوني أرزقكم ولو أن حيّكم وميّتكم وأولّكم وآخركم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا علي أشقي قلب من عبادي؟ لم ينقص ذلك من ملكي جناح بعوضة ولواجتمعوا علي أتقي عبدٍ من عبادي لم يزد ذلك في ملكي جناح بعوضة ولو أن حيّكم وميّتكم وأوّلكم وآخركم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا فسألوني؟ كلّ سائل ما بلغت أمنيته فأعطيت كل سائل ما سألني ما نقص ذلك إلّا كما لو أنّ أحدكم مرّ علي شفة البحر فغمس فيه إبرةً ثمّ انتزعها وذلك إني جواد ماجد واحد؟ أفعل ما أشاء عطائي كلام وعذابي كُلام [576] وأمري للشي‌ء إذا /170/ أردته أن أقول له كن فيكون».
فتأمّل أيّها الناظر سعة جوداللَّه عزّ وعلا تعلم أنّ من عصاه قد خلع ربقة الحياء وقد علمت أن من الناس من يكون الحياء له مانعاً من الاقتحام علي‌المعاصي من المخلوقين، فكيف لا يكون الحياء من ربّ العالمين مانعاً من الانتهاك والإقدام علي معاصيه؟ هذا لوتجرّد ذلك عن عقوبة عظمي فكيف وفي مقابلة العاصي؟ العذاب الموبّد، والعقاب السرمد الّذي لاتقوم له الأطواد العظام، فكيف بهذه الأجسام المسكينة الّتي لاصبرلها علي حرّ الشمس فكيف بالنار؟ كما قال بعض الحكماء:
جسم علي البرد ليس يقوي
ولا علي أيسر الحرارة
فكيف يقوي علي جحيم
وقودها الناس والحجارة
وكان دعاء داود صلي اللَّه عليه وسلم: إلهي تعالي؟ لاصبر لي علي حرّ شمسك فكيف صبري علي حرّ نارك؟ إلهي لا صبر لي علي صوت رحمتك فكيف صبري علي صوت عذابك.
يعني بصوت الرحمة: الرعد الّذي جعله اللَّه تعالي آيةً دالّةً علي ربوبيّته وحجّهً ناطقة بوحدانيته قال تعالي: «ويسبّح الرعد بحمده» [13/الرعد 13] معناه
[صفحه 432]
ويسبّح من أجل الرعد؟ لأنّه يتضمّن التخويف، ومن خاف ذكر مولاه وإن كان كافراً كما حكي تعالي عن الكفّار: «وإذا مسّكم الضرّ في البحر ضلّ من تدعون إلّا إيّاه فلمّا نجّاكم إلي البرّ أعرضتم وكان الإنسان كفوراً» [67/الإسراء 17]. وقيل: الرعد ملك يسبّح اللَّه تعالي وهذا الّذي يسمع صوته.
وهذا قد روي عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وإلّا فلا مساغ لهذا في العقل واللغة وإنّما المعروف من الرعد هذا الصوت المعروف دون غيره إلّا أنّه إذا ورد أثر [موثوق الصدور من المعصوم] في معني آية صرنا إليه وعوّلنا عليه.
الفائدة السادسة قوله: «إن كانا قرّتي عيني وثمرتي فؤادي ذهباً برّاً أوبحراً فاحفظهما» وهذا أوضح كلام في محبّته لهما صلي اللَّه عليه وعليهما لأنّ قرة عين الإنسان أعزّ شي‌ء عليه، فكيف يؤذي عليه‌السلام في قرّتي عينه وثمرتي فؤاده أم كيف ترجي السلامة لمناصبهما ومحاربهما وهو صلي اللَّه عليه يدعوا لهما بالحفظ، وأعداء اللَّه تعالي وأعداء رسوله عليه‌السلام إجتهدوا في هلاكهما، شتّان بين الأمرين ويا بعد ما بين الحالين.
فيا بعد الأصابع من سهيل
ويا بعد الصلاح من الفساد
الفائدة السابعة: نزول جبريل صلي اللَّه عليه وسلّم بالبشارة له صلي اللَّه عليه وآله وسلم بحفظهما وأنهما فاضلان في الدنيا والآخرة، وهذا يقتضي بأنّهما في الجنّة ولن يكونا كذلك إلّا وهما غير مقارفين للكبائر لأنّ فاعلها في النار ولايكون من فيها أهلاً للفضل في دار الآخرة بل هو من أهل الشقاء والهلاك، وفيه القطع علي أنّهما فاضلان في الدنيا فلايجوز تقدم غيرهما عليهما في باب الإمامة، لأنّ فضلهما مقطوع به، وليس كذلك غيرهما من أهل الفضل، هذا من له فضل /171/ فأمّا من لا فضل له كمعاوية ويزيد فالحال في بعدهما عن هذا الشأن ظاهر لأنّه لم يكمل [بل لم يحصل] لهما الإيمان فضلاً عن أن يكون لهما الرئاسة علي أهله.
الفائدة الثامنة: تشريف اللَّه تعالي الحسنين عليهماالسلام بأمر الملك بحفظهما ثمّ ببسطه لأحد جناحيه لهما وإضلالهما بالآخر، فما ظنّك بمن خدمه الملك بأمر المليك؟ إنّ قدره لعظيم وإنّ خطره لجسيم ولو تنحّي رجل من ذوي القدر لغيره عن مرتبته
[صفحه 433]
وأقعده عليها كان بلغ الغاية من تعظيمه فكيف بجناح الملك إذا صارلهما فراشاً وجناحه الآخر ظلالاً؟ هذا أولي بأن يكشف عن فضلهما ويدلّ علي عظيم نبلهما ويحقّ لهما ذلك، وقد تفيّئا في ظلال دوحات النبوة، وفازا منها بشرف البنوّة.
الفائدة التاسعة: مسير رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم- وجبريل صلي اللَّه عليه عن يمينه- إليهما وهذا نهاية الإكرام والإعظام لهما لأن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم تولّي الإفتقاد لهما والاطلاع علي أحوالهما بنفسه ولم يكل ذلك إلي غيره من الصحابة، ثمّ مسير جبريل عليه‌السلام شرف لهما ثان [577] أسني حظوظهما علي الحظوظ وأرغم أنف العدوّ لهما والرفوض.
الفائدة العاشرة: ما في الخبر من أنّ «عليهما مدرعة شعر أوصوف»، فيتنبّه العاقل أنّ الدنيا عند اللَّه حقيرة القدر خفيفة الوزن، لأنّهما سيّدا شباب أهل الجنّة وولدا خير الأوّلين والآخرين والماضين والغابرين رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله الطاهرين فزوي اللَّه تعالي عنهما الدنيا لما أعدّ لهما من الكرامة في الدار الأخري وقد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر» [578] وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لو كانت الدنيا تزن عنداللَّه جناح بعوضة ما سقا كافراً منها شربة ماء» وما ظنّك بدار لاتعدو إذا تناهت أمنيّتها وأنقت بهجتها- ما قال اللَّه تعالي: «إنّما مثل الحيوة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض ممّا يأكل الناس والأنعام حتّي إذ أخذت الأرض زخرفها وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أونهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصّل الآيات لقوم يتفكرون» [24/يونس: 10] فإذا كانت صفتها ما ذكره الواحد المليك المتعالي عن الشريك، فكيف يكترث عاقل لقلّها أويرتاح لكثرها؟ وهي دار بالفناء موصوفة وبالغير معروفة، بينا المرء مسرور بشبابه؟ مشغولاً بسعة اكتسابه، معرضاً عمّا خلق له لما يغري به؟ إذ حوّمت عليه [579] طيور
[صفحه 434]
البلايا وسقته بكؤوس المنايا فأضحي بين أهله صريعاً لايستطيعون له نفعاً ثمّ نقل إلي حفرة ضنكة خشنة القرار نازحة /172/ عن الزوار فأسلموه فيها وحيداً وخلّوه فريداً لايغني عنه إلّا صالح عملٍ اكتسبه أومذخور خير احتقبه، فإذا كانت هذه حالة الإنسان في دنياه علم أنّ خيرها وإن اتّسع زهيد، وأنّ نفعها وإن عظم يبيد فلا يخلد إليها ولايطمئنّ و [لا] يركن عليها، فهي غرّارة غرور مايتمّ فيها لذي لبّ سرور، لا خير فيها إلّا لمن اكتسب التقوي وآثر رضي العليّ الأعلي فأحرز فيها ذكراً جميلاً وفي‌الآخرة ثواباً جزيلاً وخيراً بجيلاً؟
وتامّل أيّها المتدبّر المميز الفكر؟ أحوال قوم ملكوا الأقطاروعظمت لهم في الدنيا الأخطار، لم يعفّوا عن الحرام ولاتوقّوا عن الآثام، فلماً ماتوا ذهب ذكرهم عن كثير من الألسنة، فاندرست أخبارهم علي مرور الأزمنة، وباراهم قوم في عصرهم- [580] أوبعده- عزفوا أنفسهم عن الدنيا وأقبلوا علي أعمال الأخري فلمّا وافاهم الحمام وتصرمت أيامهم والأعوام بقي لهم الذكر الجميل الذائع، والثناء الحسن الشائع، بأعمالهم يقتدي وبهديهم يهتدي وعليهم يترحّم ولهم يدعي.
وانظر في‌ملك بني‌أميّة الطغام الّذي طبّق بلاد الإسلام وظهر علي الخاص والعام ثمّ أصبحت آثارهم بالية ومعالمهم خالية، ومن قتلوا من الأئمة الهادين ومثّلوا به من سلالة النبي‌الأمين صلوات اللَّه عليه وعليهم أجمعين، يتجدّد ذكرهم في الألسنة ولايندرس علي طول الأزمنة.
انظر إلي زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي‌طالب سلام اللَّه عليهم أجمعين كيف يزكوا فخره وينمو ذكره فإن ذكر العلماء فهو فيهم مذكور، وإن نسب الزهاد فهو فيهم مشهور، وله الحظّ الأوفر والنصيب الأكبر [ل] ما تحمّله من أعباء الجهاد، ودعا إليه من إصلاح العباد فلم يلبث قائماً بالأمر إلّا يوم الأربعاء والخميس والجمعة، وقتل في آخر يوم الجمعة قبقي له هذا الذكر الشريف.
وهشام بن عبدالملك الّذي قام عليه زيد مجهول غير معروف، ومنكر غير موصوف إلّا بالعتوّ والجبرية والحيف علي البرية وله الخطيئة العظمي الّتي أورثته
[صفحه 435]
لظي، وهي قتله الإمام الشهيد زيد بن عليّ عليهماالسلام لمّا قام عليه.
فقد روينا بإسناد أنّ زيد بن عليّ عليهماالسلام كان عند هشام فسمع يهوديّاً يسبّ رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقال: أما واللَّه لوتمكّنت منك لا ختطفت روحك وعجلت به إلي النار. فقال هشام لعنه اللَّه غاضباً لغضب اليهودي: مه يا زيد لا تؤذي جليسنا.
فهذا بزعمه [أنّه] أميرالمؤمنين والخليفة علي المسلمين يسبّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم الكافر في مجلسه فلاينكر ثمّ ينكر علي من ينكر عليه!! وهذا هو الكفر الصراح عند ذوي الهداية والصلاح.
ثمّ خرج زيد بن عليّ عليهماالسلام مغضباً وهو يقول: من استشعر حبّ البقاء استدثر الذلّ إلي الفناء؟ /173/ ثمّ بثّ دعاته في الآفاق، فأجابه أهل البصائر والدين، ولم يتخلّف عنه أحد يرجع إلي صلاح، وواعدهم لأولي ليلة من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة، فأحوج إلي الخروج؟ قبل ذلك لوقوف يوسف بن عمر علي مكانه، فخرج من فوره وقاتل حتّي قتل سلام اللَّه عليه.
وقد روينا في خبر عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام [أنّه] قال له النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: كيف أنت يا عليّ إذا وليها الأحول الذميم الكافر اللئيم فيخرج عليه خير أهل الأرض من طولها والعرض؟ قلت: من هو يارسول اللَّه؟ قال: رجل أيّده اللَّه بالإيمان وألبسه قميص البرّ والإحسان فيخرج في عصابة يدعون إلي الرحمان، أعوانه من خير أعوان ثمّ يقتله الأحول ذو الشنآن ثمّ يصلبه علي جذع رمّان ثمّ يحرقه بالنيران، ويضربه بالعسبان [581] ثمّ يصيرإلي اللَّه عزّوجلّ وأرواح شيعته إلي الجنان.
قال شيخ الإسلام: والأحول الّذي ذكره رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم [هو] هشام بن عبدالملك، فقتل زيد بن عليّ عليه‌السلام علي يد عامله يوسف بن عمر ثمّ صلبوه بعد قتله، وأقام مدّة سنتين ونصف سنة [مصلوباً] ثمّ أنزلوه وأحرقوه
[صفحه 436]
بالنيران وضربوه بالعسبان وذرّوه في الفرات!!
فروي أنه اجتمع رماده حتّي صار مثل دائرة القمر، وقد ذكرنا طرفاً من مناقبه وأحواله عليه‌السلام في‌الحدائق الوردية [582] وإنّما هذا عارض في هذا الموضع والكلام ذوشجون.
الفائدة الحادية عشر: ما صنع النبي صلي اللَّه عليه واله وسلم بهما من شدة لثمهما حتّي استيقظا وهذا شافع لما تقدم؟ من شدّة حنوّ النبي- صلي اللَّه عليه وعليهما- ومحبّته لهما فكيف يكون حال من جرّد لأبدانهم الصفاح والعواسل والسهام والقواصل [583].
ولمّا جي‌ء برأس الشهيد سيّد شباب أهل الجنّة الحسين بن عليّ بن أبي‌طالب سلام اللَّه عليهما إلي يزيد أخذ لعنه‌اللَّه مخصرة في يده وهو ينكت ثنايا الحسين الّتي كان يقبّلها رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم [584] ويقول:
ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا
جزع الخزرج من وقع الأسل
فأهلّوا واستهلّوا فرحاً
ثمّ قالوا يا يزيد لاتشل [585].
لست من عتبة إن لم انتقم [586].
من بني أحمد ما كان فعل
[صفحه 437]
قد قتلنا القرم من ساداتهم [587].
وعدلناه ببدر فاعتدل
فجعل لعنه‌اللَّه ما فعله بالحسين عليه‌السلام انتقاماً ممّا فعله رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بكفّار أهله يوم بدر، ولاخلاف بين الأمّة في أنّ ذلك كفر بل هو من أقبح أنواعه.
[وقد] روينا بالإسنادالمتقدم إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه عليه‌السلام [588] يرفعه إلي أبي‌جعفر عليه‌السلام بإسناده في حديث فيه بعض الطول ذكر فيه تفصيل قتل الحسين /174/ عليه‌السلام وفي آخره:
أنّه لمّا وضع الرأس بين يدي يزيد لعنه اللَّه- وعنده أبوبرزة الأسلمي- فجعل يزيد ينكت بالقضيب علي فيه ويقول:
نفلّق هاماً من رجال أعزّة
علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما
[صفحه 438]
فقال له أبوبرزة: ارفع قضيبك فواللَّه لرّبما رأيت فاه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي فيه يلثمه [589].
فرسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يلثم [فم] الحسين إكراماً ويزيد لعنه اللَّه ينكته بقضيبه انتقاماً، ولم يرع لرسول‌اللَّه فيه ذماماً ولا احتراماً، وعلي اللَّه تعالي الانتقام لأوليآئه من أعدائه.
فقد روينا بالإسناد المتقدّم إلي الإمام السيّد أبي‌طالب عليه‌السلام ما تقدم في قصّة فاطمة عليهاالسلام [590] عند البعث، معها ثياب [مخضّبة] بالدم وهي تقول: «يا ربّ انتضف لولذي من قتلهم» فالويل ليزيد في ذلك المقام وهو به جدير، لتعدّيه الحدود في سفك دماء ذرّيّة محمّد صلي اللَّه عليه وآله وسلم ونجوم الأرض وبدور الإسلام. الفائدة الثانية عشرة ما كان من حمل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم الحسن سلام اللَّه عليهما وحمل جبريل صلي اللَّه عليه وسلم الحسين، وهذه كرامة لم ينلها سواهما ولا حُبِي بها إلّا هما وإذا كان الحمل كرامة، فالقتل ينافي تعظيمهما عند كل لبيب، فمن ناله منهما فقد احتمل إثماً واحتقب ظلماً.
ونظير ذلك ما روي أن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم كان جالساً مع أصحابه إذ أقبل الحسن والحسين فلمّا رآهما قام لهما واستبطأ بلوغهما فاستقبلهما وحملهما علي كتفه وقال: «نعم المطّي مطيّتكما ونعم الراكبان انتما وأبوكما خير منكما» [591].
[صفحه 440]
وفي ذلك يقول الشاعر [السيّد الحميري]:
أتي حسناً والحسين الرسول
وقد برزا ضحوهً يلعبان
فضمّهما وتفدّا هما
وكانا لديه بذاك المكان
و مرّ و تحتهما منكباه
فنعم المطية والراكبان
الفائده الثالثة عشرة: ما كان من طلب أبي‌بكر بحمل أحدهما وكذلك عمر فلم يساعد [هما] إلي ذلك رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقال: نعم المحمول ونعم المطيّة.
[صفحه 441]
وهذا يقتضي الرفع العظيم لمنزلتهما وإنه عليه‌السلام قصد بذلك- مع محبّتهما- إيضاح الحال عند الأمّة في إظهار فضلهما وشرفهما لتقويم الحجة عليهم؟ بما يلزمهم وإن كان الأكثر منهم قد نبذها ظهرياً، وجاء في حقهم شيئاً فريّاً حسداً وبغياً، وقد قال تعالي في أشباههم في الضلاّل والغواية؟ من مردة أهل الكتاب: «أم يحسدون الناس علي ما آتاهم اللَّه من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً فمنهم من آمن به ومنهم من صدّ عنه وكفي بجهنّم سعيرا» [54/ النساء: 4].
الفائدة الرابعة عشرة: ما /175/ كان منه صلي اللَّه عليه وآله وسلم من الأمر بجمع الناس وأمره صلي اللَّه عليه وآله وسلم لهم بالتبليغ لما سمعوا من تشريفه لولديه وهذا يوضح أنّه أراد شياع فضلهما في الخاصة والعامّة حيث حثّ علي جمعهم لسماع ذلك وأمرهم ينقله إلي غير هم من الناس ليقوم الحجّة عليهم.
الفائدة الخامسة عشرة: تصريحه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بأنّ الحسنين خير الناس جدّاً وجدّهً وأن جدّهما محمّد رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وجدّتهما خديجة بنت خويلد سيّدة نساء أهل الجنّة.
فأمّا رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فإنّه خير الأوّلين والآخرين والماضين والغابرين وذلك مما علم باضطرار من دينه حتّي يكفر جاحده ويخرج عن الدين باجماع المسلمين.
وأما خديجة بنت خويلد فإنّها أوّل امراة تزوّجها رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وتزوّجها قبل بعثته وكانت قبله تحت أبي هالة بن مالك احد بني اسد بن عمر وبن تميم حليف بني عبدالدار، وبعده تزوّجها عتيق بن عابد بن عبداللَّه بن عمر بن مخزوم ثمّ تزوّجها رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بعدهما.
وكان [رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم] قد أقام مدّةً يسافر بمالها إلي الشام تاجراً مع عمّه أبي‌طالب فأقبل في بعض أيّامه فرأت [خديجة] سحابة تظلّه وسألت عن ذلك فعرفت أنها كذلك فرغبت في تزويجه فتزوّج بها صلي اللَّه عليه وآله وسلم فولدت له القاسم وبه يكنّي، والطيب والطاهر وزينب ورقية وأمّ كلثوم وفاطمة.
[صفحه 442]
فأمّا الذكور فماتوا صغاراً، وأما النساء فبقين كلّهن وأدركن يوم بدر.
وكانت خديجة رضي اللَّه عنها أوّل من أسلم من الرجال والنساء؟ بعث صلي اللَّه عليه وآله وسلم يوم الاثنين فأسلمت من ذلك اليوم وتوفيت قبل هجرته صلي اللَّه عليه وآله وسلم إلي المدينة بسنتين أوقريب من ذلك.
وروينا بالإسناد إلي أبي هريرة قال: أتي جبريل إلي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقال: يا رسول اللَّه هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه إدام أوطعام أوشراب، فإذا هي أتتك فاقرأها مني السلام من ربّها عزّ وجلّ وبشرّها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولانصب [592].
وروينا عن عائشة أنّها قالت: كان النبي صلي اللَّه عليه واله وسلم يكثر ذكر خديجة فقالت له عائشة: لِمَ تكثر ذكر عجوز حمراء الشذقين لقد أعقبك اللَّه خيراً منها! قالت: فتمعّر وجه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم تمعّراً [593] لم أكن أره فيه إلّا عند علّة أونزول الوحي حتّي يعلم أ رحمة هو أوعذاب، قالت: [فقلت:] لا
[صفحه 443]
أعود إلي مثلها.
وروينا بالإسناد إلي عائشة قالت: جاءت عجوز إلي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقال لها: «من أنت»؟ قالت: أنا حتامة المزنية [594] قال: «بل أنت حطانة». [ثمّ] قال: «كيف أنتم وكيف أحوالكم بعدنا»؟ قالت: بخير بأبي وأمّي أنت يا رسول اللَّه.
قالت عائشة: فلمّا خرجت قلت: يا رسول اللَّه تقبل علي هذه العجوز هذا الإقبال؟قال: «إنّها كانت تأتينا زمن خديجة، وإنّ حسن العهد من الإيمان». الفائدة /176/ السادسة عشرة قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «هل أدلّكم علي خير الناس أباً وأماً»؟ قالوا: بلي يا رسول اللَّه. قال: «عليكم بالحسن والحسين فإنّ أباهما عليّ بن أبي‌طالب وهو خير منهما يحبّ اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه ورسوله ذو المنفعة والمنقبة في الإسلام، وأمّهما فاطمة بنت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وعليهما سيّدة نساء أهل الجنّة».
وفي هذا تصريح ظاهر بأن عليّاً خير الناس ولايلزم أن يكون خيراً من النبي صلي اللَّه عليه وآله حيث أوردالخطاب بما يقتضي العموم، وذلك لأنّ الإجماع منعقد علي أنّه أفضل البشر وكذلك الإجماع منعقد علي أن الأنبياء صلوات اللَّه عليهم أفضل من البشر من الأئمة ومن دونهم [595] هذا لودخل تحت الخطاب صلي اللَّه عليه وآله.
فوجب القضاء بفضل عليّ عليه‌السلام علي الصحابة وغيرهم، وفي الخبر «إنّه يحبّ اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه ورسوله»، وقد بيّنا دلالة ذلك علي عصمته.
وفيه [أيضاً]: «إنّه ذوالمنفعة والمنقبة في الإسلام»، وذلك زيادة في درجاته ورفعة له في منزلته. ثمّ في الخبر: «أنّ فاطمة خير النساء» وهذا تشريف لها علي سائر نساء عصرها. وفيه: «إنّها سيّدة نساء أهل الجنّة» وفي بعض الأخبار «إلّا ما جعل اللَّه
[صفحه 444]
لمريم ابنة عمران»، وقد بيّنا طرفاً من مناقب فاطمة عليهاالسلام.
الفائدة السابعة عشرة: قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ألا أدلّكم علي خير الناس عمّاً وعمّةً؟ قالوا: بلي يا رسول اللَّه. قال: عليكم بالحسن والحسين فإن عمّهما جعفر ذوالجناحين يطير بهما في الجنان مع الملائكة، وعمّتهما أمّ هانئ بنت أبي‌طالب».
جعفرها هنا هو جعفر بن أبي‌طالب عليه‌السلام، وكان قد هاجر الهجرتين وأقام مدة في الحبشة عند النجاشي معه جماعة من المسلمين لمّا أذاهم الكفّار بمكّة، فانتقلوا إلي الحبشة وأسلم النجاشي وحسن اسلامه، ومات فصلي عليه رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم، ورجع جعفر بن أبي‌طالب من الحبشة يوم خيبر فتلقّاه النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقبّل بين عينيه وقال: «ما أدري بأيّهما أنا أسرّ بقدوم جعفر أمّ بفتح خيبر».
وروينا عنه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أنّ آل عبدالمطلب من شجرة واحدة [و] أنا وجعفر من غصن من أغصانها فأشبه خَلقه خَلقي وخُلُقُه خُلُقي».
وقتل [جعفر] رضوان اللَّه عليه وسلامه، في غزاة مؤته.
وفي رواية [596] بالإسناد إلي أميرالمؤمنين عليه‌السلام أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم كان جالساً في المسجد وقد خفض له كلّ رفيع وهو ينظر إليهم يقتتلون والناس عنده وكأنّ علي رؤسهم الطير، وهو يقول صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «تهيّأ الناس وتعبّوا والتقوا». ثمّ قال: «قتل جعفر إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون»، وأخذ رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله التقطيع /177/ في بطنه.
وكان في يد جعفر عرق من لحم ينهشه يتقوّي منه إذ سمع الحطمة في المسلمين فطرح العرق من يده وما فيه ثمّ أخذ السيف وتقدم وهو يقول:
يا حبّذا الجنّة واقترابها
طيّبة وبارد شرابها
والروم روم قد دني عذابها
عليّ إن لاقيتها ضرابها
وقاتل حتّي قتل.
[صفحه 445]
قال السيّد أبوطالب رضي الله عنه: ما في الخبر من ذكر البيتين يجب أن يكون من انشاد أميرالمؤمنين عليه‌السلام من حيث نقل إليه بعد ذلك من بعد، فذكرهما في جملة القصة لأنّ الظاهر من النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم [انّه] لم يكن ينشد الشعر.
وفي رواية انه وجد في القتلي وبه بضع وتسعون ضربة وطعنة ورمية وذلك فيما أقبل من جسده. وكان جعفر بن أبي‌طالب عليه‌السلام لمّا وصل عمروبن العاص إلي النجاشي ليفتك بالمسلمين، انتدب وذبّ عنهم، فتلا سورة مريم وصدّقه النجاشي.
وهو أوّل من صلّي مع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم صلاة جمعة، [597] وانتهي حاله في غزاة مؤتة إلي إنّه قطعت يداه فأبدله اللَّه تعالي بهما جناحين يطير بهما في الجنّة مع الملائكة عليهم‌السلام.
وفي بعض الأخبار عنه صلي اللَّه عليه وعلي آله أنّه قال: «مرّبي جعفر الليلة في ملأٍ من الملائكة مخضّب الجناحين بالدم بيض القوادم».
وروي انه عليه‌السلام قتل وهو ابن‌ثلاثين سنة.
وأمّا أمّ هانئ بنت أبي‌طالب فإنّها كانت قد أسلمت وحسن اسلامها، وفي هذا الخبر ما يقضي بفضلها وشرفها، وفي الرواية أنّها يوم فتح مكّة أجارت رجلين آويا [إليها من] أحمائها [598] من بني مخزوم فدخل إليها أخوها عليّ عليه‌السلام فأراد قتلهما
[صفحه 446]
فجاءت إلي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فعرفته بذلك فقال صلي اللَّه عليه وآله: «أجرنا من أجرت وأمنّا من أمّنت». فكان ذلك أصلاً في أنّ عقد الذمة من المرأة المسلمة للكفّار جائز.
الفائدة الثامنة عشرة: قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ألا أدلّكم علي خير الناس خالاً وخالةً»؟ قالوا: بلي يا رسول‌اللَّه. قال: «عليكم بالحسن والحسين فإنّ خالهما القاسم وخالتهما زينب بنت رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم». أما القاسم فإنّه ولد رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم الّذي به كان يكنّي وأمّه خديجة بنت خويلد، وكان قد ولد قبل البعثة ثمّ توفّي وهو صغير.
وأما زينب فإنّها أخته من أبيه وأمّه وكانت ولدت قبل البعثة أيضاً وهي أكبر بنات رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وكان قد زوّجها قبل النبوة العاص بن الربيع وأمّه هالة بنت خويلد أخت خديجة بنت خويلد فولدت زينب عليّ بن أبي‌العاص وأمامة بنت أبي‌العاص، فتوفّي عليّ بن أبي‌العاص وهو غلام وكان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه واله وسلم قد أردفه ناقته عام الفتح؟ وأبوالعاص الّذي يدا فيه الجوار في ركب من قريش الّذين أخذهم أبوجندل بن سهيل /178/ وأبوبصير وهو عتبة بن أسيد وأصحابه فأتي بهم رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فخرج ورسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله [وسلم] عليهم فقال: «إنّ زينب بنت رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قد أجارت زوجها أباالعاص بن الربيع في ماله ومتاعه». فأدّي إليهم كلّ شي‌ء كان لهم حتّي أنّ الرجل ليأتي بالعقائل من متاعهم [599].
وكانت زينب بنت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم استأذنت من أبي‌العاص وهو بمكّة أن تخرج إلي المدينة فأذن لها ثمّ خرج إلي الشام فخرجت بعده إلي
[صفحه 447]
المدينة، فانفر بها هبّار بن الأسود [600] فكسر ضلعاً من أضلاعها وأدركها أبوسفيان في أصحابه فردّها إلي بيتها، فلقيتها هند بنت عتبة فقالت لها: هذا عمل أبيك. فقالت: عمل أبي خير من عملك وعمل زوجك. ثمّ بعث لها رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أسامة بن زيد ورجلين من المهاجرين فواعدوها وخرجت إليهم تحت الليل، فخرجوا [بها] فأقدموها علي رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ومعها ابنها عليّ وابنتها أمامة، ثمّ قدم أبوالعاص مكّة من سفره فأراد أن يخرج إلي أمراته في ولده فأخذته قريش فقالت: هلمّ إلينا ننكحك بنت سعيد بن العاص، فتزوّجها أبوالعاص فولدت أمراة يقال لها آمنة، فتزوّجت محمّد بن عبدالرحمان بن عوف، فهي أمّ القاسم بن محمّد بن عبدالرحمن بن عوف، قال: فما مكث أبوالعاص بن الربيع مع بنت سعيد بن العاص الّتي تزوّج [بها] حتّي لحق بزينب بنت رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وولده المدينة قبل الفتح بيسير فلمّا قدم علي رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وكان خرج مع عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام؟ إلي اليمن فاستخلفه عليّ عليه‌السلام علي اليمن عام حجّة الوداع فحجّ عامه.
وكان أبوالعاص مع عليّ في‌البيت يوم بويع أبوبكر.
وتوّفيت زينب بنت رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وهي عند أبي‌العاص وتزوّج عليّ عليه‌السلام أمامة بنت أبي‌العاص بعد فاطمة عليهاالسلام بإيصاء لها إليه بذلك.
ومات [عليّ عليه‌السلام] عنها ثمّ خلّف عليها بعده المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب.
الفائدة التاسعة عشرة: ما صرّح به صلي اللَّه عليه وآله وسلم من أنّ جدّهما في الجنّة وجدّتهما وأباهما وأمّهما وخالهما وخالتهما وعمّهما وعمّتهما [كلّهم في الجنّة]. وهذا شرف أعلي وحظّ أسني وفخر لا يعدله فخر، وذكر لايساويه ذكر، وعُليً يعلو الكواكب [601] وينتعل بأخمصه الشهب الثواقب.
ومن أحاطت به هذه الأنساب الشريفة والأحساب الزاكية المنيفة فله الفضل
[صفحه 448]
علي الأنام، والشرف علي الخاص والعام.
ومن جهل حقّ الحسنين عليهماالسلام بعد هذا فقد جهل ظاهراً جليّاً وجاء من الضلالة شيئاً فريّاً وللَّه [درّ] القائل:
والشمس إن خفيت علي ذي مقلة
نصف النهار فذاك محصول العمي
قاتل اللَّه النواصب الفجرة والحشويّة الكفرة لقد ضلّوا ضلالا بعيداً.
الفائدة /179/ العشرون: قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ومن أحبّ ابنيّ فهو معنا في الجنّة، ومن أبغضهما فهو في النار». وهذايوجب القطع علي الحكم بالفوز لمن أحبّهم واتّبع سبيلهم، وبالهلاك لمن صدّ عن منهاجهم وسلك غير فجاجهم ولاشبهة أنّ معاوية ويزيد- وأتباعهم وأشياعهم- لهم من المبغضين فوجب القطع بأنّهم من الهالكين.
الفائدة الحادية والعشرون: [قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم:] «وإنّ من كرامتهما علي‌اللَّه تسميتهما في التوراة»، [602] وهذا يقضي بأنّهما في المنزلة العالية والرتبة السامية فما حال من ناصبهما وحاربهما وسبّهما وأجراه في المنابر وأذاعه في البادي والحاضر؟.
وشبّر هوالحسن، وشبير هوالحسين سلام اللَّه عليهما.
هذه فوائد الخبرالأوّل مع مقدمته، وتليها فوائد الخبر الثاني وما يتّصل به. الفائدة الثانية والعشرون: إنكار النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي فاطمة عليهاالسلام حيث شكت ما عيّرتها به نساء قريش من أنّ أباها زوّجها معدماً لاشي‌ء معه فقال: «مهلاً وإيّاي أن أسمع هذامنك» فنهاها صلي اللَّه عليه وآله وسلم عن ذلك لمالم يكن المقصود هو الدنيا فإنّ خطرها يسير، وشأنها حقير، مع أنّ اللَّه تعالي قد جعل لهم ذكراً قد طبّق جميع الآفاق، وانتشر في الخلق انتشار الشمس عند الإشراق، وقضي بذلك في السماوات والأرضين ولهم في الآخرة المنازل العالية والدرجات السامية.
الثالثة والعشرون: قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «فإنّي لم أزوّجك حتّي
[صفحه 449]
زوّجك اللَّه من فوق عرشه وشهد علي ذلك جبريل وإسرافيل»، وهذا هو الشرف الأكبر والحظّ الزاكي الأوفر لوجوه:
أحدها: أنّ اللَّه تعالي هو العاقد للنكاح وهو الّذي لا مثل له ولا نظير إله الخلق وباسط الرزق، وقد علمنا أنّ العقد في الشاهد تسوق النفوس إلي أنّه يتولّاه كبير ويعقده خطير، [603] فما ظنّك بعقد توّلاه ربّ العالمين وهذا لم يكن لأحد من بني آدم أجمعين، وإن رغمت أنوف النواصب العمين.
وثانيها: [قوله:] «فوق العرش» [يدلّ] علي جلالته فإنّ اللَّه تعالي خصّه بالذكر فقال: «ربّ العرش العظيم» ولولا جلالته وعظمته لماخصّه بالذكر [604] وإنّما قصد بذلك التنبيه علي ما دونه لأنه إذا كان ربّاً للأعلي فأولي أن يكون ربّاً للأدني وهذا أيضاً لم يكن لأحد فيما علمناه من البرية وإنّما انفرد به أبوالعترة النبوية، وتميّز به علي جميع الخليقة البشرية الإنسية والجنيّة؟.
وثالثها: إشهاد جبريل وإسرافيل صلي اللَّه عليهما وسلم علي فضلهما عنداللَّه وكرامتهما لديه وكلّ هذا يزيد العقد شرفاً وجلالة ومزيّة وحالة؟ فما ذا تقول النواصب في هذه المناقب الّتي لم ترد مثلها لإمام من أئمتهم بل لمن هو من ساداتهم وأهل الفضل قبلهم وبعدهم من ذوي الفضل الباهر والزهد الظاهر.
الرابعة والعشرون: قوله /180/ صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّ اللَّه تعالي أطلع علي أهل الدنيا فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيّاً، ثمّ أطلع الثانية فاختار من الخلائق عليّاً فأوحي إليّ فزوّجتك إيّاه».
وهذا يشهد بفضل الرسول صلي اللَّه عليه وآله علي جميع الخلائق، وكذلك حال عليّ عليه‌السلام، ويدلّ علي انه في الرتبة الثانية بعد الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم في عصره فيقتضي ذلك أنّه أفضل الصحابة ومتي كان أفضلهم كان أولي بالإمامة منهم.
و يدلّ [أيضاً] علي أنّ تزويج عليّ بأمراللَّه تعالي ووحيه ولم ينقل أنّ عقداً في
[صفحه 450]
ولد آدم عليه‌السلام ثبت بوحي اللَّه تعالي قبل هذا ولا بعده.
الخامسه والعشرون: قوله: «واتّخذته وصيّاً» وهذا يقتضي‌أنّه يقوم مقام الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم فيما كان إليه، [و] هذا هو المعقول من معني الوصي ومتي قام مقامه؟ وقد ثبت أن التصرّف علي الأمة كان إلي الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم- وأنّ أمر غيره ونهيه بغير إذنه في الأمور العامّة لايعتدّ يه-وجب أن يكون مثل ذلك ثابتاً لعلي عليه‌السلام وهذا يمنع من تقدّم غيره عليه من المشايخ الثلاثة.
السادسة والعشرون: قوله: «ووزيراً» وقد بيّنا معني الوزير وأنّه إنما سمّي [به]لاحتماله الأثقال عمّن وزر له، وقد كان عليه‌السلام مع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم كذلك حتّي عجب له أهل السماء كما عجب له أهل الأرض، وكم من كربة جلاّها وغمرة خاض لظاها وكتيبة فلّل شباها وردّ أولاها علي أخراها حتّي انجلي القتام، وقد فاز لمحاسن الثناء وتميّز علي جميع الأتراب والنظراء وليس لأحدٍ من‌الصحابة مثل مقامه وإن كان لكلّ منهم فضل، ولكن لايستوي الطبل والوبل [605].
روينا عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنّه قال: «يا معاشر قريش لتنتهنّ أولأبعثنّ رجلاً منّي أوكنفسي يقتل مقاتلكم ويسبي ذراريكم» [606] وبالجملة فلم
[صفحه 451]
ينقل لأحد من العناء ما يقرب مما نقل له فضلا عن أن يساويه أويزيد عليه فكيف
[صفحه 452]
قدم عليه سواه ممن لايبلغ فضله إلي عالي ذراه.
ما انصف المتقدم ولا المقدّم في حكمهما ولا سلما من الإثم في ظلمهما وإن كنّا لا نقضي بالتفسيق بل يردعنا عن ذلك امامنا المعصوم- الّذي ظلم حقه وجُحِدَ سبقه- فإنّه ادعي الظلم من القوم ولم يصح لنا منه لهم تفسيق فاقتدينا بهديه واللَّه الحكم بينهم وبينه فإن نعف عنهم فلسوابقهم الحميدة وآثارهم الرشيدة وإن نؤاخذهم فما ربّك بظلام للعبيد، وهو العدل في الوعد والوعيد.
السابعة والعشرون: قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم في صفته عليه‌السلام «فعليّ أشجع الناس قلباً»، وهذا نصّ صريح في‌أن له المزية علي الخلق أجمعين من الناس في الشجاعة وقد شهدت لذلك مواقفه الظاهره ومقاماته السائرة الّتي كان لا يتزعزع معها العفاريت الكفار ولايقهقر فيها من مناطحه الشفار، [607] ولاينكص /181/ عن الأبطال، ولا يحيد عن اللقاء إذا دعيت نزال.
روينا عن المنتجع بن قارط النهدي [608] أن أباه حدّثه- وكان جاهلياً- قال: شهدت هوازن يوم هوازن وكنت أمرءاً ندباً يسودني قومي ولقينا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله، فرأيت في عسكره رجلاً لا يلقاه قرن إلّا دهداه- ولا يبرز إليه شجاع إلّا أرداه فصمد له وبرز اليه الجلموز بن قريع وكان واللَّه ما علمته حوشي القلب شديد الضرب فأهوي له الرجل بسيفه فاجتلي قحف رأسه علي أمّ دماغه فحدت عنه وجعلت أرمقه وهو لايقصد رُكاكةً [609] ولايؤمّ إلّا صناديد الرجال لايؤمّن رجلاً إلّا قتله، وكان الدائرة لمحمّد صلي اللَّه عليه وآله وسلم علينا فأسلمت بعد ذلك فتعرّفت الرجل فإذاً هو عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام وباللَّه لقد
[صفحه 453]
رأيت زنده فخلته أربع أصابع، وإنّ أوّل خنصره كآخر مفصل من مرفقه.
وروينا بالإسناد إلي ابن‌عباس رضي‌الله عنه أن رجلاً قال له: أ كان عليّ بن أبي‌طالب يباشر القتال بنفسه؟ قال: إي واللَّه ما رأيت رجلاً أطرح لنفسه في متلف من عليّ، ولربّما رأيته يخرج حاسراً بيده السيف إلي الرجل الدارع فيقتله [610].
وكم له عليه‌السلام من موقف هائل فاز فيه بالشرف الطائل وانقلب عنه بحظّ من العلا موفور، وعدوّه خزيان موتور، ولقد أغري الكفّار بعضهم بعضاً بقتله لما عظمت عليهم صولته وطمّت لديهم نكبته [611] فقال- فيما روينا بالإسناد إلي- أسد بن أبي أياس بن زنيم بن عبدبن عدي [612] يحرّض قريشاً
في كل مجمع غاية أخزاكم
جذع أبرّ علي المزاكي القرّح
للَّه درّكم ألمّا تنكروا
قد ينكر الحرّ الكريم ويستحي
هذا ابن‌فاطمة الّذي أخزاكم
ذبحاً وقتلة قصعة لم تذبح
أعطوه خرجاً واتّقوا بضريبة
فعل الذليل وبيعة لم تربح
أين الكهول وأين كلّ دعامة
في المعضلات وأين زين الأبطح
أفناهم طعناً وضرباً يفتلي
بالسيف يعمل حّده لم يصفح
[صفحه 454]
وروينا بالإسناد عن معمر بن المثني [613] قال: كان لواء المشركون يوم أحد مع
[صفحه 455]
طلحة بن أبي‌طلحة بن عبدالعزّي بن عبدالدار بن قصّي فقتله علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام وفي ذلك يقول الحجّاج بن علاط السلمي:
للَّه أي مذبّب عن حرمة
أعني ابن‌فاطمة المعمّ المخولا
جادت يداك له بعاجل طعنة
تركت طليحة للجبين مجدّلا
وشددت شدّة باسل فكشفتهم
بالجرّ إذ يهوون أخول أخولا [614].
وعللت /182/ سيفك بالذماء ولم تكن
لتردّه حرّان حتّي ينهلا [615].
والحكايات في هذا المعني جمّه وقد بيّنا طرفاً من مواقفه عليه‌السلام، وبالجملة فإنّه عليه‌السلام في هذه الخطة منقطع القرين، ومعدوم النظير عند كلّ من عرف الآثار ومارس الأخبار.
ولقد روينا أنّه عليه‌السلام قال: «واللَّه ما أُبالي أَوَقَعتُ علي الموت أم وقع الموت عليّ» [616].
[صفحه 456]
وكان درعه وجهاً بلا ظهر فقيل له: لو احترزت؟ فقال: إن العدوّ إذا أمكنته من ظهري لا والت، أي لانجوت [617].
وكان إذا علا قدّ وإذا اعترض قطّ [618].
وأجمع الناس علي أنّه ما ولّي [عن الحرب] قطّ. ومن كان علي هذه الطريقة أمن النظير في الحقيقة.
الفائدة الثامنة والعشرون: قوله صلي اللَّه عليه وآله في صفته عليه‌السلام: «وأعلم الناس علماً»، وهذا يكشف عن علوّ منزلته في‌العلم وأنه ليس فوقه [بل ولا مثله أحد] من الصحابة [619] وقد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن أراد العلم فليأت الباب» [620].
[صفحه 457]
وروينا بالإسناد إلي أبي‌الدرداء رضي الله عنه [أنّه] قال: العلماء ثلاثة: رجل بالشام- يعني نفسه- ورجل بالكوفة- يعني ابن‌مسعود- ورجل بالمدينة- يعني عليّاً عليه‌السلام- فالذي بالشام يسأل الّذي بالكوفة والّذي بالكوفة يسأل الّذي بالمدينة والّذي بالمدينة لايسأل أحداً [621].
وصدق رضي‌الله عنه فإنّ عليّاً عليه‌السلام لم يرجع إلي أحد منهم في مشكلة وهم كانوا يفزعون إليه فيما أشكل، ويرجعون [إليه] فيما أعضل، وكم من موقف ثبّتهم عند الالتباس وأذهب عنهم ما اعتري [لهم] من الوسواس.
وروينا بالإسناد عنه عليه‌السلام أنّه قال: ما دخل عيني نوم ولاغمض حتّي علمت في ذلك اليوم مانزل به جبريل عليه‌السلام من حلال أوحرام أوسنّة أوكتاب أو أمر أو نهي وفيمن نزل أوفيم أنزل [622].
[صفحه 458]
وعن بريدة الأسلمي أن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال لعلي: «إن اللَّه تعالي أمرني بأن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلّمك وتعي، وحق علي اللَّه أن تعي». ونزل «وتعيها أذن واعية» [12/الحاقّة: 69] [623].
[صفحه 459]
وروينا بالإسناد أنّه لما نزل قول اللَّه تعالي: «وتعيها أذن واعية» قال النبي- صلي اللَّه عليه وآله وسلم-: «سألت اللَّه أن يجعلها أذنك يا عليّ» [624].
وفي بعض الطرق قال عليّ عليه‌السلام: فما نسيت شيئاً بعد وما كان لي أن أنساه [625] وروينا عن أبي‌الطفيل عامر بن واثلة قال: شهدت أميرالمؤمنين يخطب وسمعته يقول: «سلوني فو اللَّه لاتسألوني عن شي‌ء إلي يوم القيامة إلّا حدّثتكم عمّا تسألوني [ظ] سلوني عن كتاب اللَّه سبحانه فو اللَّه ما من آية إلّا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار، أوفي سهل أم في جبل».
فقام إليه عبداللَّه بن الكواء [626] فقال: «ما الذاريات ذرواً»؟ فقال له: «ويلك سل تفقّهاً ولا تسأل تعنّتاً، «الذاريات ذرواً»: الرياح و «الحاملات وقراً» السحاب و «الجاريات يسراً»: السفن و «المقسّمات أمراً»: الملائكة».
قال: فما السّواد الّذي في القمر؟ /183/ قال: «أعمي يسأل عن عمياء!! قال اللَّه تعالي: «وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة» [12/الإسراء: 17] فمحونا آية الليل بالظلمة الّتي جعلها في القمر؟ ليميز النهار من الليل، ولولا ذلك ما فصل بينهما إذا كانا نورين انفصلا من عند
[صفحه 460]
اللَّه» [627].
قال: فما كان ذوالقرنين أ نبيّاً أوملكاً؟ قال: «لم يكن نبيّاً ولاملكاً ولكن كان عبداللَّه تعالي أحبّ اللَّه فأحبّه، وناصح اللَّه فنصحه، بعثه [اللَّه] إلي قوم يدعوهم الي الهدي فضربوه علي قرنه الأيمن ثمّ مكث ما شاء اللَّه، ثمّ بعثه يدعوهم إلي الهدي فضربوه علي قرنه الأيسر ولم يكن له قرنان كقرني الثور».
قال: فما هذه القوس الّتي تظهر في السماء؟ قال: «هي علامة كانت بين نوح عليه‌السلام وبين ربّه تعالي، وهي أمان من الغرق».
قال: فما البيت المعمور؟ قال: «بيت فوق سبع سماوات تحت العرش يقال: له الصراح يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك ثمّ لايعودون إليه إلي يوم القيامة».
قال: فمن «الّذين بدّلوا نعمة اللَّه كفراً» [28/إبراهيم: 14]؟ قال: «هم الأفجران من قريش قد كفيتموهم يوم بدر» [628].
قال: فما [أراد اللَّه تعالي في قوله: «قل هل ننبّئكم بالأخسرين أعمالاً -]الّذين ضلّ سعيهم في‌الحياة الدنيا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً» [103 تا 104/الكهف: 18] قال: «قد كان أهل حروراء منهم» [629].
[صفحه 461]
وروينا بالإسناد عن زادان قال: قال: أميرالمؤمنين عليه‌السلام: «واللَّه لوكسرت لي الوسادة ثمّ جلست عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم حتّي رجعوا إلي‌اللَّه تعالي.
واللَّه ما من آية نزلت في برّ ولا بحر ولا سماء ولا أرض ولا ليل ولا نهار إلّا وأنا أعلم متي نزلت وفي أيّ شي‌ء نزلت.
وما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلّا وأنا أعلم أيّ آية نزلت فيه، أتسوقه إلي جنّة أو إلي نار» [630].
وروي أنّه لمّا أراد النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أن يوجّه عليّاً عليه‌السلام إلي اليمن قال: يا رسول اللَّه تبعثني إلي قوم لأقضي بينهم ولا علم لي بالقضاء؟ فضرب بيده علي صدره وقال: «اللهم اهد قلبه وثبّت لسانه». قال عليه‌السلام: «فما شككت في‌قضاء بين اثنين» [631].
[صفحه 462]
وعن ابن‌عباس رضي‌الله عنه [قال:] قسم العلم ستة أسداس لعليّ منها خمسة وشارك الناس في الباقي. [632].
ولمّا أتي عمر بن‌الخطاب بأمرأة ولدت لستة أشهر همّ بها، فقال له عليّ: وقد يكون هذا قال‌اللَّه سبحانه: «وحمله وفصاله ثلاثون شهراً» [15/الأحقاف 46]، وقال: «والوالدات يرضعن أولادهنّ حولين كاملين» [233/البقرة: 2] فترك عمر جلدها [633].
والحكايات في هذا المعني يخرجنا عن الغرض المقصود من الاختصار.
الفائدة التاسعة والعشرون: قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم فيه عليه‌السلام: «وأحلمهم حلماً»، وهذا نصّ صريح بأن عليّاً أكثر الناس حلماً، ولا أثر بعد عين، وهل بعد شهادة الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم شهادة عند ذوي الهدي؟! ومعلوم أن الحلم من شرائف الخصال ومحاسن الخلال ولهذا يمدح به تعالي إبراهيم الخليل صلي اللَّه عليه وآله /184/ فقال تعالي: «إنّ إبراهيم لأوّاه حليم» [114/التوبة: 9]، وقد قضي له عليهماالسلام بالمزيّة علي سواه، والتقدّم فيه علي من عداه.
وقد نقلت له عليه‌السلام في هذا المعني القصّة الطريفة، والمنقبة الشريفة المنيفة الّتي أمن فيها الاشتراك، وأقعدته فوق السماك، وذلك أنّه روي انّه لحق العدوّ؟ فلم يضربه بعد أن طعنه، فسأله الرسول صلي اللَّه عليه وآله عن ذلك؟ فقال: لمّا لحقته خشيت أن أضربه لحظّ نفسي [634] فتركته حتّي سكن ما بي، ثمّ قتلته في اللَّه تعالي.
[صفحه 463]
ذكره الشيخ أبوالقاسم البستي رحمةاللَّه عليه [635] وهذه درجة عليا، ومزيّة عظمي حيث ملك نفسه بعد أن وقع فيه من عدوّه ما وقع، ومثل هذا لم ينقل عن أحد من الخلق أجمعين.
وروي أيضاً أنه عليه‌السلام لمّا تمكّن من قتل عمروبن عبدود العامري لم يقتله علي الفور فقيل له: لم لم تقتله عند أن تمكّنت منه؟ فقال: إنه في تلك الحال سبّني وخشيت أن أقتله لأجل غضبي، فتركته حتّي سكن غضبي وقتلته غضباً للَّه تعالي. فقال النبي عليه‌السلام: «والّذي نفسي بيده لو وزن بهذه ايمان العالم؟لرحج» [636].
الفائدة الثلاثون: قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم في صفته عليه‌السلام: «وأقدم الناس إسلاماً»، وهذا نصّ واضح في أنّ إسلام عليّ عليه‌السلام قبل الصحابة عموماً، ولمّا لم يجد كثير من نقدة الأخبار والعارفين بالآثار [من أتباع أعداء أهل البيت]دفعاً لما قلناه من تقدّم إسلامه [عليه‌السلام] علي إسلام أبي‌بكر سلك بعضهم طريقة يروم بها في التحقيق إسقاط فضل عليّ عليه‌السلام، فقالوا: إن إسلامه كان في حال صغره وفقد تمييزه.
وهذا قول ساقط وكلام فاسد، وذلك لأنّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم جعل ذلك من صفات المدح والشرف لعليّ عليه‌السلام فلوكان أسلم عن غير كمال عقل لم يكن ليعتدّ بما فعله لأنّه [بحسب اعتقاد هؤلاء كان عليّ عليه‌السلام] غير مكلّف فلا يستحقّ ثواباً ولا تعظيماً بما يقع منه!! وحاشا لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أن يمدح غير ممدوح أويعظّم من ليس بأهل للتعظيم.
وبعد فالمعلوم ان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: دعاه فيمن دعا من بني هاشم إلي الإسلام لمّا نزل قوله تعالي: «وأنذر عشيرتك الأقربين» [214/الشعراء 26] وذلك ثابت فيما رويناه بالإسناد إلي الحاكم الإمام شيخ الإسلام
[صفحه 464]
رضوان اللَّه عليه، رواه عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال: لمّا نزل قوله تعالي: «وأنذر عشيرتك الأقربين» جمع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله بني‌هاشم أطعمهم وسقاهم ثمّ قال: «يابني عبدالمطلب إنّي واللَّه ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به [إنّي قد جئتكم] بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني‌اللَّه أن أدعوكم إليه، فأيّكم يوازرني علي أمري هذا علي أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم»؟ فأحجم القوم عنها جميعاً قال: فقلت- وأنا أحدثهم سنّاً وأرمضهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً-: أنا يانبي‌اللَّه أكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي ثمّ قال: /185/ «هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا». قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي‌طالب: قد أمرك أن تسمع لعليّ وتطيع [637].
[صفحه 465]
قال الحاكم رضي الله عنه: [الحديث] ذكره محمّد بن إسحاق في المغازي [638].
[صفحه 467]
وفي هذا الخبر ما يقضي بسبقه إلي الإسلام ومعلوم أن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم لم يدعه فيمن دعا من بني هاشم إلّا وإسلامه صحيح وأنّه قد فارق الأحداث- الّذين لايعتبر بإسلامهم- لوفور عقله، ولهذا لم ينقل انّه دعا صبيان بني هاشم.
وقد كان أميرالمؤمنين عليه‌السلام يذكر سبقه إلي الإسلام في مقامات عدّة نظماً ونثراً، وقد عدّ منها [639] هذا الأبيات الّتي رويت عنه عليه‌السلام ومنها:
سبقتكم إلي الإسلام طرّاً
غلاماً ما بلغت أوان حلمي [640].
و إنّما أراد أنّه لم يبلغ إلي حدّ الحلم الّذي بلغ إليه سواه، ويكون إكمال عقله في هذه الحالة فضيلة خصّه اللَّه بها كما في غيره ممن اصطفاه اللَّه تعالي وقد قال عليه‌السلام علي رؤس الأشهاد فوق منبر البصرة: «أنا الصدّيق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبوبكر وأسلمت قبل أن يسلم» [641] وأقّره المسلمون علي ذلك ولم ينكره أحد فكان دلالة واضحة علي ما قاله عليه‌السلام.
[صفحه 468]
[و] روينا بالإسناد إليه عليه‌السلام أنه قال: «أنا الصديق الأكبر لايقولها بعدي إلّا مفتر كذّاب» [642] فقالها رجل فأصابه جنون فكان يضرب برأسه الجدران حتّي هلك.
وقد سمّاه اللَّه تعالي الصديق الأكبر في خبر نحن نذكره بتمامه فيما بعد إن شاء اللَّه تعالي يقول فيه: «يا محمّد إنّي انتجبتك برسالتي واصطفيتك لنفسي وأنت نبيّي وخيرتي من خلقي، ثمّ الصديق الأكبر الطاهر المطهر».
فقال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «يا ربّ ومن الصدّيق الأكبر»؟ قال: «أخوك عليّ بن أبي‌طالب». وسيأتي [الحديث] بتمامه إن شاء اللَّه تعالي.
وقد اختلف الناس في سنّه عليه‌السلام حين أسلم فقيل أسلم وهو ابن‌خمس عشرة سنة [روي ذلك] عن معمر، عن قتادة، عن الحسن.
وقيل [أسلم وهو ابن] عشر سنين عن مجاهد.
وقيل [أسلم وهو ابن] إحدي عشرة سنة عن شريك.
وقيل [اسلم وهو ابن] اثنتي عشرة سنة عن أبي‌الأسود الدئلي، قال السيّد الإمام أبوطالب عليه‌السلام وهو الأصّح وإذا كان هذا هو الصحيح فلا شبهة أن من بلغ هذا القدر لم يبعد أن يكمل عقله بل ذلك معلوم.
الفائدة الحادية والثلاثون: قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم في صفته عليه‌السلام «وأسمحهم كفّاً» وهذا يشهد بجوده وتبريزه علي جميع الصحابة وفيه نزل قول اللَّه عزّ وجلّ: «الّذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرّاً وعلاينة فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون» [274/البقرة: 2].
روينا بالإسناد عن ابن‌عباس رضي‌الله عنه أنّها نزلت في عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام كانت عنده أربعة /186/ دراهم فأنفق منها درهماً ليلاً ودرهماً نهاراً ودرهماً سرّاً ودرهماً جهراً [643].
[صفحه 469]
فأنظر كيف سمّاها اللَّه تعالي أموالاً وكثّرها وعظّمها لأنّها وقعت علي ظهر حاجة وصادفت صلاحاً تامّاً فكثّرهااللَّه تعالي ووعد تعالي عليها بالأجر وقضي بنفي الخوف عنه عليه‌السلام والحزن في يوم القيامة فكان ذلك أمناً له عليه‌السلام مما لم يأمن منه أكثر الخلق، وهذا هو الفضل الأكبر والشرف الأشهر وإن نظرت في «هل أتي» وقفت أيضاً له فيها علي فضل أعلي وشرف أسني ومجد رفيع وذكر وسيع لم يرد مثله في بشر ولا نقل جنسه لذي خطر، وللَّه [درّ] القائل:
أنا موليً لفتي
أنزل فيه هل أتي
وروينا بالإسناد إلي الشيخ الحاكم الإمام شيخ الإسلام أبي‌سعد المحسن بن كرامة الجشمي البيهقي الزيدي رضوان‌اللَّه عليه [644] قال:
[صفحه 470]
روي الشيخ أبوحامد [أحمد بن محمّد بن إسحاق النجار] عن أبي‌القاسم حبيب؟ عن أبي‌أحمد الحافظ، بإسناده عن مجاهد عن ابن‌عباس في قوله تعالي «يوفون بالنذر» [7/الدهر: 76] قال: مرض الحسن والحسين فعادهما جدّهما رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وعمومة العرب؟ فقالوا [لعليّ:] يا أباالحسن لو نذرت علي ولديك نذراً؟ فقال عليّ إن برءا من مرضهما صمت ثلاثة أيّام شكراً. وقالت فاطمة كذلك، وقالت جارية لهم نوبية يقال لها فضّة كذلك، فعافاهما اللَّه تعالي وليس عند آل محمّد قليل ولاكثير، فانطلق عليّ إلي شمعون اليهودي فاستقرض منه ثلاثة أصوع من شعير فجاء به فوضعه في ناحية البيت فقامت فاطمة إلي صاع منها فطحنته وأختبزته وصلّي عليّ مع النّبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم ثمّ أتي المنزل فوضع الطعام بين يديه، فأتاهم مسكين فوقف بالباب وقال: السّلام عليكم يا أهل بيت محمّد، مسكين من أولاد المساكين؟ أطعموني أطعمكم اللَّه من موائد الحنّة. وسمعه عليّ فأنشأ يقول:
فاطم ذات الخير واليقين
يابنت خير الناس أجمعين
أما ترين البائس المسكين
قد قام بالباب له حنين
يشكوا إلي اللَّه ويستكين
يشكوا إلينا جائع حزين
كلّ امرئٍ بكسبه رهين
فأنشأت فاطمة عليهاالسلام تقول:
أمرك سمع لي نعم وطاعة
ما بي من لؤم ولا ضراعة
أرجو لأن أشبع من مجاعة
أوألحق الأخيار والجماعة؟
وأدخل الجنّة بالشفاعة
[صفحه 471]
قال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم لم يذوقوا إلا الماء.
فلمّا كان اليوم الثاني قامت [فاطمة] إلي صاع فطحنته واختبزته وصلّي عليّ مع النبي صلي اللَّه عليه وآله ثمّ أتي المنزل فوضع الطعام بين يديه، فأتاهم يتيم فقال: يا أهل بيت الرحمة يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة أطعموني أطعمكم اللَّه. فسمعه عليّ عليه‌السلام فأنشأ /187/ يقول:
فاطم بنت السيّد الكريم
بنت نبيّ ليس بالذميم
قد جاءنا اللَّه بذا اليتيم
من يرحم اليوم فهو رحيم
قد حرّم الخلد علي اللئيم
يزل في‌النار إلي‌الجحيم
شرابه الصديد والحميم
فأنشأت فاطمة تقول:
أطعمه الآن ولا أبالي
وأوثراللَّه علي عيالي
أمسوا جياعاً وهم أشبالي
يكفيني‌الرحمان ذوالجلالي
قال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا إلّا الماء.
فلمّا كان اليوم الثالث قامت فاطمة إلي الصاع الباقي فطحنته وأختبزته وصلّي عليّ عليه‌السلام مع النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم ثّم أتي المنزل ووضع الطعام بين يديه فأتاهم أسير فوقف علي الباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة، تأسروننا وتشدّوننا ولا تطعموننا؟! أطعموني أطعمكم اللَّه فأنشأ علي عليه‌السلام يقول:
فاطم يا بنت النبي أحمد
بنت نبي سيّد مسوّد
هذا أسير للنبي المهتد
مثقّل في غلّه مقيّد
يشكوا إلينا الجوع قد تمرّد [645].
من يطعم اليوم يجده في غد
عند العليّ الواحد الموحّد
ما يزرع الزرّاع سوف يحصد
فقالت [فاطمة عليهاالسلام]:
لم يبق مما جئت غير صاع
قد دميت كفّي مع الذراع
ابناي واللَّه هما جياع
يا ربّ لاتتركهما ضياع
[صفحه 472]
أبوهما في المكرمات ساع
يصطنع المعروف بانتزاع
عبل الذراعين شديد الباع
قال: فأعطوه الطعام ومكثوا ثلاثة أيّام ولياليهنّ لم يذوقوا شيئاً فلمّا كان اليوم الرابع أخذ عليّ الحسن بيمينه والحسين بشماله وأقبل نحو رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع فلمّا بصر به النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «يا أباالحسن ما أشدّ ما يسوؤني ممّا أري بكم، انطلق [بنا] إلي فاطمة». فانطلقوا وهي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع وغارت عيناها فلمّا رأي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «واغوثاه باللَّه أهل بيت محمّد يموتون جوعاً»؟!
فهبط جبريل فقال: يا محمّد خذ ما هنّاك اللَّه في أهل بيتك يا محمّد، فقرأ عليه «هل أتي» السورة إلي آخرها [646].
[صفحه 474]
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: ولا مزيد علي تفصيل ما ذكره اللَّه تعالي حيث يقول «يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شرّه مستطيراً - ويطعمون الطعام علي حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً» وصرّح بإخلاصهم فقال: «إنّما نطعمكم لوجه اللَّه لانريد منكم جزاءاً ولا شكوراً» وحكي شدّة خوفهم فقال: «إنّا نخاف من ربّنا يوماً عبوساً قمطريراً» وحقّق وعدهم وما يصير إليه حالهم وينتهي إليه مآلهم فقال: «فوقاهم اللَّه شر ذلك اليوم ولقّاهم نضرةً /188/ وسرورا - وجزاهم بما صبروا جنّةً وحريرا - متّكئين فيها علي الأرائك لايرون فيها شمساً ولا زمهريرا - ودانية عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلاً» إلي آخر الآيات، والسورة فيهم وقد أكسبتهم ثناء صفت عليهم بروده؟ وهفت عليهم أعلامه وبنوده، ولم يرد مثل ذلك لأحد من الأنام ولاشاركهم فيه الخاص فضلاً عن العام، فقاتل اللَّه من جحد حقهم وغمض سبقهم لقد جحد معلوماً ظاهراً ورام أن يغطّي بدراً زاهراً ويكسف قمراً باهراً وذلك لايضع من عالي شأنهم ولايهدم من سامي بنيانهم ولايرنق من معينهم الشافي ولايكدّر من بحرهم العذب الصافي وللَّه [درّ] القائل:
ما إن يضرّ البحر أمسي زاخراً
إن رمي فيه سفيه بحجر
الفائدة الثانية والثلاثون: قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم في صفته عليه‌السلام: «وأحسنهم خلقاً» ولاشبه أن حسن الخلق من الخلال الزاكية، والمحاسن العالية وهي‌الخطة المحبّبة صاحبها إلي الأنام [ظ] والخلّة الحميدة عند الخاص والعام، وفيها يقول صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «عنوان صحيفة المؤمن حسن الخلق».
وعنه صلي اللَّه عليه وآله وسلم في خبرٍ: «ألا أنبّؤكم بأمرين خفيفين مؤنتهما
[صفحه 475]
عظيم أجرهما لم يلق اللَّه بمثلهما: الصمت وحسن الخلق».
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّ أقربكم منّي غداً وأوجبكم عليّ شفاعة أحسنكم خلقاً، وأدّاكم لأمانته، وأقربكم من الناس».
والآثار في شرفه كثيرة، والمراد بحسن الخلق الأفعال الجميلة الّتي يعتادها العاقل مما يستحسن عقلاً وشرعاً ولهذا [لمّا] سئلت عائشة عن خلق رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقالت: كان خلقه القرآن: «خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين» [199/الأعراف 7] جمع اللَّه تعالي له في هذه الكلمات اليسيرة آداب الدنيا وآداب الدين، وذلك من عجائب الكتاب المبين.
وقد حكم صلي اللَّه عليه وآله لأميرالمؤمنين عليه‌السلام بالسبق في‌هذه المنقبة وأنّه منها في أعلي مرتبة وكان ذلك زيادة في كراماته وقاضياً بعلوّ درجاته.
وروي صاحب كتاب الاستيعاب [647] لإسماعيل بن محمّد الحميري [648] يذكر أميرالمؤمنين عليه‌السلام وما خصّ به من الفوائد الّتي ذكرناها من السبق إلي الإسلام والعلم والسماحة وغير ذلك من محاسن خصاله وشرائف خلاله فقال:
سائل قريشاً بها إن كنت ذاعمه
من كان أثبتها في الدين أوتادا
[صفحه 476]
من كان أقدمها سلماً وأكثرها
علماً وأطهرها أهلاً وأولادا
من وحّد اللَّه إذ كانت مكذّبة
تدعو مع اللَّه أوثاناً وأندادا
من كان يقدم في الهيجاء إن نكلوا
عنها وإن بخلوا عن أزمة جادا
من كان أعدلها حلماً وأبسطها
علماً وأصدقها وعداً وايعادا
إن يصدقوك فلن يعدوا أباحسن
إن أنت لم تلق للأبرار حسّادا
إن /189/ أنت لم تلق أقواماً ذوي صلف
وذا عناد لحقّ اللَّه جحاّدا
الفائدة الثالثة والثلاثون: ما انطوي عليه الحديث من ذكر اللواء ومفاتيح الجنّة وأنّها يكون مع النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم ثمّ يدفعها إلي عليّ عليه‌السلام، وأنّ آدم ومن ولده تحت اللواء، وقد قدّمنا حديث اللواء مفصلاً وفوائده.
وتحقّق أيّها الناظر بعين النصفة، المنقاد لأزمّة العلم والمعرفة أنّها إذا كانت مفاتيح الخلد بيد عليّ عليه‌السلام لم يدفعها إلي عدوّه، وإنّما يدفعها إلي وليّه، فمن أيّ الحزبين يكون اللعين بن اللعينين معاوية بن أبي‌سفيان؟ [أ يكون] من الأولياء؟ فهذا يكذّبه العيان للمشاهد، والخبر المتواتر للغائب، أم من الأعداء؟ فلا نصيب له في دار القرار، وإذا لم يكن فيها كان في منزل الأشرار مع إخوانه الفجّار، وسلفه الكفّار، إنّ في ذلك لعبرة لأولي الأبصار.
الفائدة الرابعة والثلاثون: قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم في عليّ عليه‌السلام: «إنّي مقيم غداً عليّاً علي حوضي يسقي من عرف من أمّتي وابنيك الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة».
وقد بيّنا أيضاً خبرالحوض، وقد صرّح صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنّ علياً علي‌الحوض وابنيه عليهم‌السلام، وأنّ عليّاً يسقي من عرف، ولايراد بذلك إلّا من كان
[صفحه 477]
منعوتاً بالطاعات معروفاً بالأعمال الصالحات كافّاً عن الكبائر الموبقات والجرائم المحبطات، ومعاوية بالضدّ من هذه الحالة عند ذوي العلم والجهالة، فلم يكن له نصيب في الشرب من الحوض إلّا من شرب منه لم يظمأ أبداً، بل إنّما يسقي من مآء الحميم، ويأتيه الموت من كلّ مكان وما هو بميّت، ومن ورائه عذاب غليظ.
الفائدة الخامسة والثلاثون: ما حكاه صلي اللَّه عليه وآله وسلم من تسمية الحسن والحسين في التوراة شبراً وشبيراً، لكرامة محمّد صلي اللَّه عليه وآله وسلم ولكرامتهما، وقد بيّنا ذلك.
وإذا صدرالاسم من ذي قدر كان دلالة علي المنزلة العظيمة لديه، لأنه يكشف عن اهتمامه، ومن اهتمّ بشأن غيره كان شرفه عظيماً وحظّه جسيماً فكيف تري الحال إذا كان المسمّي هو العليّ الأعلي سبحانه وتعالي.
الفائدة السادسة والثلاثون: ما أخبربه من أنّه يكسي حلّتين من حلل الجنّة ويكسي عليّ عليه‌السلام كذلك أيضاً، وهذه كرامات جمّة ومناقب ضخمة، وما ذكره من حديث اللواء ومناولته عليّاً لكرامته علي اللَّه تعالي، ومن كان مقطوعاً بكرامته علي اللَّه سبحانه فهو أهل لمقامات الفضل، والشرف، وأجدر بالخلافة لمن سلف.
الفائدة السابعة والثلاثون: نداء المنادي في ذلك المقام بإذن الملك العلام-لأنّه لا حكم في ذلك الموقف لأحدٍ من‌الأنام-: «يا محمّد نعم /190/ الجدّ جدّك إبراهيم ونعم الأخ أخوك عليّ»، وهذا لايفتقر إلي كشف لجلائه وانارة لا لائه وسطوع ضيائه، وللَّه [درّ] القائل:
وكيف يصحّ في الأفهام شي‌ء
إذا احتاح النهار إلي دليل
الثامنة والثلاثون: قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «وإذا دعاني ربّ العالمين دعا عليّاً معي». ومن كان ثاني الرسول صلي اللَّه عليه وآله في الدعاء من ربّ العالمين فحسبه بذلك شرفاً ومجداً وسؤدداً وعُلاً وفخراً وتقيً.
التاسعة والثلاثون: قوله: «وإذا جثوت جثي عليّ معيّ» والمراد انه يجثو للخصومة، وإذا علمنا باضطرار ظلم معاوية لعليّ عليه‌السلام فلابدّ أن يجثو بين يدي اللَّه تعالي لخصومته، وحينئذ يودّ أنّ الأرض تسوّي به لشدّة أخذ اللَّه وانتقامه وما
[صفحه 478]
يشاهد من بأسه واصطلامه، وذلك يقتضي أن يجثو رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم للشكا إلي اللَّه، لأنّهما يجثوان جميعاً، وويل [ل] من كان خصمه الرسول، والحاكم عليه ربّ العالمين، والشهود علي جنايته الملائكة المقرّبون.
الأربعون: قوله عليه‌السلام: «وإذا شفّعني شفع عليّ معي؟» وهذا يقتضي أن حظّ عليّ عليه‌السلام في‌الشفاعة وافر، وأنّ قدحه هناك قامر، لأنه يشفّعه اللَّه كما يشفّع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم مع تقيد المصاحبة في الوجود؟ فيدلّ علي تقارب شفاعتهما أوتقاربهما وذلك زيادة فضلٍ وعُلي،ً ولا شبه أن شفاعة عليّ عليه‌السلام لاتكون إلّا لأوليائه كما في شفاعة النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقد علمنا أن معاوية من الأعداء الأضداد، دون الأولياء الأوداد؟ فلم يكن له حظّ في الشفاعة، وإذا لم يحرز منها نصيباً فهو من حطب جهنّم الهاوية وأمّه فيها الهاوية؟. الحادية وألأربعون قوله عليه‌السلام: «وإذا أجبت أجيب عليّ معي» وذلك يقتضي‌أنه يجاب دعاؤه ويلبّي نداؤه وليس إلّا لعلوّ درجته وكريم منزلته.
الثانية والأربعون قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «وإنّه في المقام عوني‌علي مفاتيح الجنّة» وقد بيّنا ما ينطوي عليه ذلك من الكرامة، وأن معاوية مدحور مطرود وباب رجائه موضود.
الثالثة والأربعون قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إن عليّاً وشيعته هم الفائزون غداً» وهذا يشهد بأن أتباع عليّ عليه‌السلام علي الحقّ وهم الّذين تمسّكوا به قولاً وإعتقاداً وعملاً، لأنّ الشيعة هم‌الأتباع، قال تعالي في نوح صلي اللَّه عليه وسلم: «وإنّ من شيعته لإبراهيم» [83/الصافات: 37] فلمّا كان إبراهيم صلي اللَّه عليه وآله من أتباع نوح صلي اللَّه عليهما سمّي من أشياعه ولم يرد في‌أشياع أبي‌بكر ولا عمر ولاعثمان أثر واحد في أنّهم الفائزون يوم القيامة وإنّما ذلك في أشياع عليّ عليه‌السلام وأولاده عليهم‌السلام دون غيرهم ممن يدّعي الإمامة من سائر الأمّة، ونظير ذلك قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «يدخل الجنّة سبعون ألفاً لاحساب عليهم»، ثمّ التفت إلي عليّ عليه‌السلام ثمّ قال: «هم من شيعتك وأنت إمامهم».
وروينا /191/ بالإسناد إليه صلي اللَّه عليه وآله وسلم انه قال: «يا عليّ إنّ شيعتنا يخرجون من قبورهم علي ما بهم من العيوب والذنوب وجوههم كالقمر في
[صفحه 479]
ليلة البدر، وقد فرّجت عنهم الشدائد، وسهلت عليهم الموارد وأعطوا الأمن والأمان، وارتفعت عنهم الأحزان، يخاف الناس ولايخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون، شرك نعالهم تلألأ نوراً، علي نوق من الجنّة قد ذلّلت من غير مهانة ونجبت من غير رياضة أعناقها من ذهب أحمر، ألين من الحرير، لكرامتهم علي اللَّه عزّ وجلّ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون».
هذا تمام فوائد الخبرالثاني مع الأوّل، ويليها ما يتعلق بالخبر الثالث.
الفائدة الرابعة والأربعون: ما في قصّة فاطمة ومخاطبتها لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وما حكاه اللَّه عزّ وجلّ من مفارقته لها فكان كما أخبر، وذلك غيب، فيكون معجزاً دالاً علي نبوّته.
ثمّ ما أخبرها به وقد سألته أين تلقاه فقال: علي تلّ الحمد يشفع لأمته، وإنّما يريد الصالحين دون الظالمين لقوله تعالي: «ما للظالمين من حميم ولاشفيع يطاع» [18/غافر: 40] وأخبرها أنّها إن لم تلقه علي تلّ الحمد فعلي الصراط وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره وإسرافيل آخذ بحجزته والملائكة خلفه، وهذه أحوال شريفة له صلي اللَّه عليه وآله وسلم ويحقّ له ذلك وقد اصطفاه اللَّه واجتباه واختاره وارتضاه.
ثمّ نداؤه إلي ربه مستغيثاً لأمّته بقوله: «هوّن عليهم الحساب» وكلّ نبيّ مشغول بنفسه وهو صلي اللَّه عليه مشغول بأمّته يقول: «يا ربّ أمّتي أمّتي». وهذا يدلّ علي وجهين:
أحدهما ظهور الحال في سروره وبلوغه قرّة عينه حيث لم يشتغل في نفسه لنفسه بتلك الأمور العظام والخطوب الجسام الّتي لاأعظم منها في الحقيقه، ولن يكون كذلك إلّا وكرامته الكرامة العظمي ودرجته الدرجة العليا صلي اللَّه عليه وعلي آله الأتقياء.
وثانيهما شدّة وجله علي أمّته وعظم شفقته حتّي شغل بهم باله فصلي اللَّه عليه وآله من نبيّ ما أرحمه ورسول ما أكرمه، وقد قال تعالي في صفته وشدّة رحمته: «لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رءُوف رحيم» [128/التوبة: 9].
[صفحه 480]
الفائدة الخامسة والأربعون: خبره صلي اللَّه عليه وآله وسلم بأن أوّل من يلحقه من أمّته فاطمة وعليّ والحسن والحسين عليهم‌السلام، وهذا يقتضي فضل هؤلاء علي من عداهم من أمّته حتّي كانوا أوّلهم لحوفاً به ولو كان غيرهم أفضل منهم أومساوياً لهم في الفضل لكان قبلهم لحوقا أومعهم وهذا خلاف ما قضي به وأخبر، وهو لا يقول إلّا الحق، وما ينطق عن الهوي إن هو إلّا وحي يوحي.
السادسة والأربعون: ما حكاه عن اللَّه تعالي من مغفرته لأمته ما لم يشركوا به تعالي ولم يوالوا له عدوّاً، وهذا يقتضي أنّه لايغفر /192/ لصاحب الكبائر لأنّه إذا فعلها ووالي فاعلها وفاعلها عدوّ اللَّه تعالي فلا يغفر له، وإذا صحّ ذلك فلا شبهة أنّ معاوية من أعداء اللَّه لأنّه حارب أميرالمؤمنين وشرّع لعنه علي منابر المسلمين، وقتل من امتنع من لعنه كما فعل في حجر بن عديّ رحمةاللَّه عليه وغيره، ومتي كان عدواً للَّه لم يكن مغفوراً له، وفي هذا التحذير الشديد من موالاة أعداء اللَّه تعالي، ولا شبهة أنّ ذلك من قواعد الإسلام وأركانه العظام وقد قال تعالي: «لاتجد قوماً يؤمنون باللَّه واليوم الآخر يوادّون من حادّ اللَّه ورسوله ولو كانوا آباءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم» [22/المجادلة: 58] الآية، فنفي تعالي الإيمان عمّن وادّ من حادّ اللَّه أي تعدّي حدوده الّتي حدّها وحرّم الإقدام عليها أو حرّم تركها.
الفائدة السابعة والأربعون: ما حكاه [المنصور] بعد الأخبار الثلاثة من القصة العجيبة والحادثة الغريبة الّتي نزلت علي وجه الانتقام بالذي سبّ أمير المؤمنين عليه‌السلام وأنّ الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم بصق عليه في المنام فانتبه وهو في صورة الخنزير، وفي هذا أوفي عبرة وأتمّ عظة لمن كان له قلب رشيد، أو ألقي السمع وهو شهيد حتّي صار آية للسائلين.
والعجب أنّ الجهلة العمين من الجبرية الضالين وسائر النواصب المفترين يرون لمعاوية حقّاً مع سبّه لأميرالمؤمنين عليه‌السلام مع أنّ الإجماع قد انعقد من الأمّة علي تحريم سبّ عوام المؤمنين وأنّه يسقط العدالة بيقين، فأمّا من سبّ الصفوة المكرم والإمام المعظّم وصيّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فلا يحكم عليه بضلالة ولايجرح في العدالة عند ذوي الجهالة، وهذا هو الحيف العظيم علي الإمام الكريم
[صفحه 481]
وليس ذلك بضائر له عليه‌السلام، وهل يضرّ البدر النباج؟ أويستر بالكفّ نور الصباح؟ وللَّه [درّ] القائل:
ما ضرّ اقلت وابلٍ أهجوتها [649].
أم بلت حيث مباطح البحران؟
وما أشبه حال أميرالمؤمنين ومعاوية وأتباعه العمين بقول القائل:
تعاطوا مكاني وقد فتّهم
فما أدركوا غير لمح البصر
وقد نبحوني فما هجتهم
كما ينبح الكلب ضوء القمر
وأين يقع ذمّ الذامّ مع ثناء المليك العلاّم؟ وماأنزل في «هل أتي» مما قضي له علي الأنام بالفضل؟ وآية الخاتم الّتي ميّزته علي‌الخاص والعام؟ قضت له بالولاية علي أهل الإسلام، وغير ذلك من الآي الكريمة؟ الّتي عرفها أولياء العترة الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام، وللَّه درّ القائل حيث يقول فيه:
من كان خالق هذا الخلق مادحه
فإنّ ذلك شي‌ء منه مفروغ
فإن أطل أو أقصّر في مدائحه
فليس بعد بلاغ اللَّه تبليغ
فما /193/ لمن جعله عرضاً وللنقص عرضاً؟ أما إنّ ذلك لايحطّ من شرفه الباسق ولا يذبل من رياض فضله الناضرة الحدائق، إخسأ أيّها الذامّ لمولاك فما الترب يعلق بالسماك، أين الدياجير المدلهمّة من البدور؟ وهل يستوي الظلّ البارد والجرور.
أي خطّة في أميرالمؤمنين تذمّ؟ أم أيّ خطّة في معاوية تحمد؟ هذا يدعوا إلي الجنّة، وذا [يدعو] إلي النار! فأنّي يستويان عند النّظار؟ هذا يقفوا سيرة النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم ولذلك جعله وصيّاً، وهذا يهدم منارها ولذلك جعله شقيّاً فقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «يموت معاوية علي غير ملّتي» [650] فبعث
[صفحه 483]
بالأصنام تباع له في‌أرض الهند قبل موته [651] بل [كان] يعلّق صليياً لمّا طال عليه المرض وأراد أن يستشفي به من المرض!! وكان يعالجه طبيب نصراني فما نفع الدواء وما أغني عن الداء، فعلّق عليه الصليب راجياً للشفاء، فخاب رجاؤه وكذب تمنّيه، ومات علي شرّ أعماله وأقبح أفعاله.
وكيف يفلح من لعنه رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم؟ فإنّ في الرواية أنّ أباسفيان مرّ وهو راكب علي بعير وولده عتبة يسوقه ومعاوية يقوده فقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لعن اللَّه الراكب والقائد والسائق» [652].
[صفحه 485]
وقال صلي اللَّه وآله وسلم: «إذا رأيتم معاوية يخطب علي منبري فاضربوا عنقه» [653].
رواه جماعه منهم الخدري وجابر وحذيفه وابن‌مسعود رحمهم اللَّه تعالي [654].
[صفحه 489]
قال الحسن: فلم يفعلوا فأذلّهم اللَّه.
[صفحه 490]
وعن محمود بن لبيد [655] قال: [قال رسول اللَّه] صلي اللَّه عليه وآله: «إنّ هذا- وأشار إلي معاوية- ليريد الأمر بعدي فمن أدركه منكم وهو يريده فليبقر بطنه» [656].
وعن عبداللَّه بن عمر؟ [657] قال: إن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «يطلع عليكم رجل من أهل النار». فأطلع معاوية.
ومثالب معاوية بن أبي‌سفيان أكثر من أن تحصي في مثل هذا المقام وفيه كفاية لمرتاد الهدي ورافض الغواية والردي [658].
وأيّ لبس يرد علي عاقل في رجل سنّ سبّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام حتّي أقام سبّه إلي مايدنوا من ثمانين سنة، والنبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلي يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شي‌ء، ومن سنّ سنة سيّة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلي يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شي‌ء» [659].
وهذا يقتضي أنّ وزر السبّ- في جميع هذه الثمانين سنة سوي اليسير منها- لعليّ ولأهل بيته عليهم‌السلام علي معاوية، فيكون فيمن يندرج في معني قوله تعالي: «وليحملنّ أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم» [13/العنكبوت 29].
الفائدة الثامنة والأربعون: ما يصلح من تقرير الحجّة علي المخالف وحسن /194/ التلطّف في إيرادها ليكون أدعي إلي القبول، ويكون فيه الخروج عمّا أوجب اللَّه تعالي من نشر العلم، وذلك لأنّ الأعمش رحمة اللَّه عليه لمّا روي له
[صفحه 491]
أبوالدوانيق ما هو في الحقيقة حجة عليه، أراد تقرير حجة اللَّه عليه وطلب الأمان من أبي‌الدوانيق، فلمّا أمنه قال: ما تقول فيمن قتل هؤلاء- يعني أميرالمؤمنين والحسن والحسين عليهم‌السلام- فأجابه بأنّه في النار لا شكّ في ذلك ثمّ سأله بعد هذا عمّن قتل أولادهم وأولاد أولادهم فلم يحر جواباً بل نكس إلي الأرض فعل الحيران الواله، وأجاب عن غير ما سئل، فقال: يا سليمان الملك عقيم. يريد إنه لاينتقل إلي الغير من صاحبه باختيار منه، فصار كأنّه عقيم كما يقال: أمرأة عقيم للتي لاتلد، ورجل عقيم للذي لايولد له.
ثمّ جاهر الأعمش بعد ذلك أباالدوانيق بقوله: «قلت: فمن قتل ولده فهو في النار»، وصدّقه عمرو بن عبيد، ثمّ لم يجد المنصور بدّاً من النطق بالحقّ فأنطقه اللَّه بقوله بعد ذلك: «يا عمرو اشهد عليه أنّه في النار»، وقد شهد علي نفسه بذلك لأنه قتل خلقاً كثيراً من ذرية رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وهم عبداللَّه بن الحسن، وإخوته وأولادهم أقمار الهدي وبدور الدجي ومنهم الإمام المهدي لدين اللَّه النفس الزكيّة محمّد بن عبداللَّه، ومنهم الإمام الزاكي إبراهيم بن عبداللَّه عليهم‌السلام فويله غداً من عذاب اللَّه وانتقامه، وقد فصّلنا طرفاً من أخبارهم عليهم‌السلام في كتاب الحدائق فأغني عن ذكره هاهنا.
الفائدة التاسعة والأربعون: ما في آخر الخبر والمحاورة بينهم من قول عمرو بن عبيد: أخبرني الشيخ الصدق- يعني الحسن- عن أنس: أنّ من قتل أولاد عليّ لايشمّ رائحة الجنّة [660].
ومثل هذا لايكون إلّا توقيفاً وسماعاً عن الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقد ورد نصّاً عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم حيث يقول فيما رواه أميرالمؤمنين عليه‌السلام: «ويل لأعداء أهل بيتي المستأثرين عليهم لاتنالهم شفاعتي ولا رأوا جنّة ربّي» [661].
وروينا بالإسناد عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال: قال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إذا كان يوم القيامة نادي منادٍ من قبل العرش: يا معشر الخلائق إنّ
[صفحه 492]
اللَّه عزّوجلّ يقول: أنصتوا فطال ما انصتّ لكم أما وعزّتي وجلالي وارتفاعي علي عرشي لايجاوز أحد منكم الاّ يجواز منّي وجواز منّي محبّة أهل البيت المستضعفين فيكم المقهورين علي حقهم المظلومين والّذين صبروا علي الأذي واستخفّوا بحقّ رسولي فيهم، فمن أتاني بحبّهم أسكنته جنّتي ومن أتاني ببغضهم أنزلته مع أهل النفاق» [662].
وبالإسناد إليه عليه‌السلام قال: قال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: لانالت شفاعتي من لم يخلفني في عترتي أهل بيتي.
وبالإسناد إلي أبي‌ذرّ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «مثل أهل بيتي /195/ كسفينة نوح من ركب فيها نجا، ومن تخلّف [عنها] غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكانّما قاتل مع الدجّال» [663].
[صفحه 493]
وروينا بالإسناد إلي جرير بن عبداللَّه البجلي قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «[ألا] من مات علي حبّ آل محمّد مات شهيداً.
ألا ومن مات علي حبّ آل محمّد مات مغفوراً.
ألا ومن مات علي حبّ آل محمّد مات تائباً.
ألا ومن مات علي حبّ آل محمّد مات مومناً مستكمل الإيمان.
ألا ومن مات علي حبّ آل محمّد بشرّه ملك الموت بالجنّة ثمّ منكر ونكير. ألا ومن مات علي حبّ آل محمّد يزفّ إلي الجنّة كما تزفّ العروس إلي بيت
[صفحه 494]
زوجها.
ألا ومن مات علي حبّ آل محمّد جعل للَّه زوّار قبره بالمرحمة الملاكة؟.
ألا ومن مات علي حبّ آل محمّد مات علي السنة والجماعة.
ألا ومن مات علي بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة.
ألا ومن مات علي بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمةاللَّه [664].
[صفحه 495]
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: وكلّ ما ذكرناه من الآثار يقتضي أنّ قاتل أولاد أمير المؤمنين عليه‌السلام في النار، فيتّضح مصداق ما رواه عمرو [بن عبيد]، عن الحسن، عن أنس.
الفائدة الخمسون: ما في آخر القصّة من قول الأعمش: «فوجدت أباجعفر قد حمض وجهه» يعني عبسه كراهية لما سمع، لعلمه بما كان من قتله لذرّية رسول ا للَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم واجتهاده في إبادة فضلائهم قتلاً وغيره من ضروب المثلة فإنّ في الرواية أنّه أسقط علي عبداللَّه بن الحسن الّذي كان يقال له الكامل- لكماله وشرفه في خصاله- جداراً كبسه به. وفي رواية أنّه خنقه!!
و [قتل أيضاً] إسماعيل بن إبراهيم [665] بن الحسن [بعد ما] قال له: أنت الديباح الأصفر- وقد كان قد سمّي بذلك لجماله الرائع- قال: نعم. قال: واللَّه لأقتلنّك قتلة ما قتلتها أحد [اً] من أهل بيتك. فبني عليه أسطوانةً وهو حيّ!!
إلي غير ذلك من مساويه ومصائبه الّتي أنزلها بآل محمّد صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
[صفحه 496]
فلمّا سمع [الدوانيقي من الأعمش] ما رواه نكس وعبّس وجهه وقال آخراً: لولا مكان عمروبن عبيد ما خرج سليمان إلّا مقتولاً!!.
وكان عمرو بن عبيد من عيون المعتزلة وذوي الرياسة فيهم، [وجاء] في الرواية أنّه خلع نعله فخلع خلفه ثلاثون ألفاً نعالهم وكان معروفاً بالعلم والزهد والعبادة وكان قد قدم علي المنصور في جماعة من أهل العلم فأمر لهم بصلات فأخذوا، وامتنع عمرو بن عبيد رحمة اللَّه عليه من ذلك، فأنشأ المنصور يقول:
كلّكم يمشي رويد
كلّكم يطلب صيد
غير عمرو بن عبيد
وروي أنّه مرّ علي قبره بمرّان وهو علي ثلاثة أميال من مكّة فأنشأ يقول فيه:
صلّي الإله عليك من متوسّد
قبراً مررت به علي مرّان
قبراً تضمّن مؤمناً متخشّعاً
عبد الإله ودان بالفرقان
ولو أنّ هذا الدهر أبقي صالحاً [666].
أبقي لنا عمرواً أباعثمان
[وأيضاً قيل في شأن عمرو]:
وإذا /196/ الرجال تنازعوا في شبهة
فصل الحديث بحكمة و بيان
وتأمّل كلام أبي‌الدوانيق: «لولا مكان عمروما خرج سليمان إلّا مقتولاً» لأنّه جاهره بما لا يستطيع إنكاره ولايري بدّاً من الاعتراف به، مع روايته لما روي فاغتنم الفرصة في إقامة حجة اللَّه تعالي [عليه] راجياً ثواب اللَّه تعالي فيما روي عن النّبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أفضل الجهاد كلمة الحقّ عند سلطان جائر». وقال تعالي: «وإذ أخذ اللَّه ميثاق الّذين أوتوا الكتاب لتبيننّه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس مايشترون» [187/آل عمران: 3] وقال تعالي: «إن الّذين يكتمون ماأنزلنا من البيّنات والهدي من بعد ما بيّناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم اللَّه ويلعنهم اللاعنون- إلّا الّذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرّحيم» [159 تا 160/
[صفحه 497]
البقرة: 2] وكلّ هذا يقتضي وجوب نشر الحقّ والدّعاء إليه، وقال تعالي: «ومن أحسن قولاً ممن دعا إلي اللَّه وعمل صالحاً وقال إنّني من المسلمين» [33/فصّلت: 41].
فينبغي للعاقل أن يعتصم بكتاب اللَّه تعالي وسنة نبيّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ويقتدي بآثار الصالحين فإنّ الأعمش رحمه الله لم يمنعه الخوف علي نفسه من أبي‌الدوانيق- ولا ما كان له من الجلالة والحرمة والرياسة الضخمة- فقد ملك [علمه وعمله قلوب من في] بلاد الإسلام- من النطق بالحق والتعريف بالدين القيّم الصدق [667] وهذه طريقة المحققين من أهل العلم وقد نقلت مقاماتهم بين يدي أكابر الظلمة وهي أكثر من أن تحصي في هذا المقام.
[صفحه 498]

في بيان معالي السبطين في جميع الحالات وفي أوقات الحرب والصلح معا

ونرجع بعد هذا إلي [شرح البيت: (29) من] القصيدة، قال الإمام[المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
قد أنجبا نيران حرب وفي السلم
الفرات السلسبيل الرويّ
[يقال:] أنجب الرجل اذا أولد نجيباً. والنجيب: الرجل السخيّ الكريم، والنيران: جمع نار وهي معروفة، وسمّيت ناراً لإضاءتها، [يقال:] أنار الشي‌ء إذا أضاء ونوّر أيضاً، وتنوّرتُ النار أي تبصّرتُها، قال الشاعر:
فتنورت نارها من بعيد
نجزازاً هيهاك منك الصلا [668].
والحرب معروفة، وقيل: إنّ اشتقاق الحرب من الحرب؟ والحرب مأخوذ من قولهم حرب ماله أي سلب.
والسلم- بالكسر والفتح-: الصلح قال تعالي: «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها» [61/الأنفال 8] يريد إن مالوا إلي الصلح فمل إليه والجنوح: الميل، وسمّي [به]جناحا الطائر لميلهما في‌شقّيه. والسلم: الإسلام لقوله تعالي: «أدخلوا في السلم كافة» [208/البقرة: 2].
والفرات: الماء العذب، قال اللَّه تعالي: «هذا عذب فرات» [3/الفرقان: 25]. والسلسبيل: الشراب السهل اللذيذ، ويقال: شراب سلسبيل وسلسال وسلسل بمعني واحد وذلك لسلسه في الحلق وهو جريه مع اتصاله، والسلسلة: اتّصال الشي‌ء بالشي‌ء، ومنه سلسلة الحديد، وسلسلة البرق: مااستطال منه /197/ في عرض السحاب. والرويّ من صفة المآء، وإنّما أراد انّه من رويت من الماء أروي رياً، والمعني في البيت انه عليه‌السلام ذكر أولاد الحسنين عليهم‌السلام بما هم عليه من حربهم وسلمهم فهم في‌حربهم بمنزلة النيران الّتي قد تسعّرت فهي تأكل ما دنا منها وتهلكه، وفي حال الصلح بينهم وبين عدوّهم بمنزلة الفرات وهو الماء العذب يستربح إليه الظمآن، وينقع عليه الصديان، وكذلك حال أهل البيت عليهم‌السلام إن حاربوا أعداء الدين جهدوا في هلاكهم طلباً لثار الإسلام ومحبّهً لطمس آثار ذوي الإجرام، ومتي صالحوا أعداءهم قاموا علي تمام الذمم، وبسطوا لعدوّهم أخلاقاً
[صفحه 499]
شريفة أعذب من الماء الزلال، لاستدنائه إلي الّدين القويم، وتقريبه إلي الصراط المستقيم كما كان أبوهم صلي اللَّه عليه وآله وسلم حتّي أدني إليه الشارد، وأقام المائد، وأصلح الفاسد وهدي الجاحد وقرب المارد وأعذب الموارد، فورثه أولاده عليهم‌السلام أخلاقه الكريمة، وشمائله الشريفة العظيمة، وللَّه [درّ] القائل:
وما كان من خير أبوه فإنّما
توارثه آباء آبائهم قبل
وهل ينبت الخطي إلّا وشيحة
وتغرس إلّا في منابتها النحل
وقد روينا بالإسناد إلي النبّي صلي اللَّه عليه وآله وسلم رواه [عنه] ابن‌عباس‌رضي الله عنه، قال: «من سرّه أن يحيي حياتي ويموت ميتتي ويدخل جنّة عدن الّتي غرسها ربّي عزّ وجلّ بيده فليتولّ عليّ بن أبي‌طالب وأوصياءه فهم الأولياء والأئمّة من بعدي أعطاهم اللَّه علمي وفهمي وهم عترتي من لحمي ودمي إلي اللَّه عزّ وجلّ أشكوا من ظالمهم من أمتي واللَّه لتقتلنّهم أمتي لا أنالهم اللَّه عزّ وجلّ شفاعتي» [669].
[صفحه 500]
وبالإسناد إلي الحسين بن عليّ عليهماالسلام قال: سمعت جدّي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: «من أحبّ أن يحيي حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنّة الّتي وعدني ربّي فليتولّ عليّ بن أبي‌طالب وذرّيته الطاهرين من أئمة الهدي ومصابيح الدجي من بعده، فإنّهم لن يخرجوكم من باب الهدي إلي باب الضلالة» [670].
[صفحه 501]

في ذكر بقية أوصاف السبطين

رجعنا إلي [شرح البيت: (30) من] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
بدور تمّ و بحار العطا
وأسد خفّان وجنّ البدي؟
والبدور: جمع بدر والبدر معروف وسمّي بدراً قيل لوجهين:
أحدهما لتمامه وامتلائه، وكلّ شي‌ء تمّ فهو بدر، ولهذا قيل لعشرة آلاف درهم: (بدرة) لأنّها تمام العدد ومنتهاه، ويقال: عين بدرة إذا كانت ممتلئة عظيمة، فلمّا تمّ القمر ليلة أربع عشرة سمّي بدراً.
وثانيهما إنه سمّي بدراً لأنّه مبادر الشمس بالطلوع كأنّه يعجّلها المغيب، من المبادرة الّتي هي الإسراع في الأمر.
وأوّل ليلة من الشهر هو فيها هلال و كذلك الليلة الثانية /198/ والثالثة ثمّ هو قمر بعد ذلك إلي آخر الشهر.
والعرب تسمّي ليالي الشهر كلّها كلّ ثلاث منها باسم [671] ثلاث: غرر، وغرّة كلّ شي: أوّله، وثلاث: نفل، وثلاث: تسع، لأنّ آخر يوم منها اليوم التاسع، وثلاث: عُشَر، لأنّ أوّل يوم منها اليوم العاشر، و ثلاث: بيض لأنها يبيض بطلوع القمر من أوّلها إلي آخرها، وثلاث: درع لاسوداد أوائلها، وابيضاض سائرها، و منه قيل: شاة درعاء إذا اسودّ رأسها و عنقها وابيضّ سائرها.
وثلاث: ظلم لإظلامها. و ثلاث: دآدي لأنّهابقايا؟ وثلاث: حنادس لاسودادها، وثلاث محاق لامحاق القمر أوّل الشهر فيها.
و قوله: «بدور تمّ» لتمامها، ويقال: بدر تمام- بكسر التاء وفتحها- وليل تمام بالكسر؟.
والبحار واحدها: بحر وهو معروف وسمّي بحراً لسعته، [وأيضاً] يقال للفرات- إذا كان واسع الجري-: إنّه البحر [672] والبحر: الشقّ، ومنه البحيرة في قوله تعالي: «ما جعل اللَّه من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة» [103/ المائدة: 5]
[صفحه 502]
فالبحيرة هي الناقة الّتي تشقّ أذنها؟ وكانوا إذا نتجت الناقة خمسة أبطن نظر في الخامس إن كان ذكراً نحروه وأكله الرجال و النساء، و إذا كانت أنثي شقّوا أذنها وتركوها.
و قيل: كانت الناقة إذا نتجت خمسة أبطن و كان آخرها ذكراً نحروا أذنها ولم تركب ولم ينخ ولم تطرد عن ماء؟!!
وقيل: بل البحيرة من الغنم خاصّة إذا ولدت عشرة أبطن بحروا أذنها [أي شقّوها] فإن كان العاشر حيّاً أكله الرجال دون النساء، و إن كان ميّتاً اشتركوا فيه. وأمّا السائبة فهي في الأصل: المخلاّة [يقال:] سيّبت الدابّة إذا تركتها ترعي حيث تشاء.
والمراد من السائبة في الآية قيل: إذا [كان أحدهم] نذر لحاجة تسيبّ ناقة فكان إذا ظفر بحاجته تخلّي تلك الناقة ولاتركب.
و قيل: [السائبة] هو ما يجعل للّسدنة و هم القائمون علي أوثانهم.
و قيل: هو العبد يعتق علي أن لا [له] و لا عليه.
وأمّاالوصيلة فهي شاة تواصل بين بطون تلد الإناث فالسابع إن كان ذكراً ذبحوه لأهلهم و إن كان أنثي لم يذبحوها، و إن كان ذكراً و أنثي لم يذبحوهما وقيل: وصلت أخاها.
وأمّا الحامي فهو [الفحل] إذا ركب ولد ولده قيل: حمي ظهره فلا يركب ولايحمل عليه ولايمنع من ماءٍ ومرعي.
وقيل: هو الفحل يضرب عشر سنين فيخلّي
وهذه [الأمور كلّها من] بدع الجاهلية الّتي نفاها اللَّه تعالي بقوله: «ما جعل اللَّه من بحيرة» [103/ المائدة: 5] ويريد تعالي إنّه لم يحم بذلك لعباده ولاشرّعه لهم. وقد قيل: إنّ أوّل من سنّ هذه الجهالات عمرو بن لحيّ فقال فيه النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «رأيت عمرو بن لحيّ يجرّ قصبه في النار» [673] القصب: واحد
[صفحه 503]
الأقصاب و هي الأمعاء. و روي أنّه [أي عمرو بن لحيّ] أوّل من نقل الأصنام من الشام إلي مكّة و دعا إلي عبادتها.
وقيل: أوّل من شقّ هذه الأشياء عمرو بن عامر الخزاعي.
وهذا عارض في‌الكلام و إنّما يجب نظم الفوائد تعرّضاً للنفع، والّذي قاد /199/ إلي ما قلنا [ه] ذكر البحر.
والعطاء والعطيّة واحد و هي‌الصلة الّتي تسديها الواحد إلي غيره.
[قوله:] «وأسد خفّان» الأسد معروفة واحدها: أسد. [و] «خفّان» [اسم]موضع وأسوده أكثر الأسود ضرراً فيقال: أسد خفّان كما يقال: أسد بيشه وأسد عثر [674] كلّ ذلك نسبة إلي المواضع الّتي فيها هذه الأسود.
و قوله: «جنّ البدي» قد بينّا معني الجنّ وأنّهم سمّوا بذلك لاستجنانهم أي لاستتارهم.
و «البدي»: يحتمل أن يريد [منه] البادية و يحتمل النسبة إلي موضع معيّن وهو في شعر لبيد.
غلب تشذّر بالدخول كأنّها
جنّ البديّ رواسياً أقدامها
قيل: [وشعر لبيد أيضاً] يحتمل كلّ واحد من المعنين.
ونسب الإمام [المنصور باللَّه] عليه‌السلام الجنّ إلي البدي و هو الموضع المعيّن والبادية؟ كما نسب الأسد إلي خفّان.
والمقصود في‌البيت التنبيه علي منقبة من مناقب العترة عليهم‌السلام لأنّه شبّههم في باب العلم والاهتداء بهم لطالب الهداية بمنزلة البدور الّتي هي سبب لهداية الحيران، وشبّههم في جودهم بالبحار الزاخرة، وبالأسد في الشجاعة،وبالجنّ أيضاً عند القتال لأنّ العرب تمدح بذلك فقال الفرزدق:
انّا لتوزن بالجبال حلومها
وتخالنا جنّاً إذا ما نجهل
و هذه تشبيهات أربعة وقد شهد لها العيان و تجلّت صحّتها لكلّ إنسان وهل
[صفحه 504]
يفتقر الغواله إلي برهان [675].
ونذكر [هاهنا] طرفاً من الآثار النبوية ليكون زيادة في البيان و إيقاظاً للوسنان و تصفية للأذهان، فنقول:
روينا بالإسناد إلي القاضي ابن‌المغازلي [676] رواه عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه علي بن الحسين عن أبيه عن عليّ بن أبي‌طالب عليهم‌السلام قال: قال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه و آله وسلم: «أعطينا أهل البيت سبعه لم يعطها أحد قبلنا ولايعطاها أحد بعدنا الصباحة والفصاحة والسماحة والشجاعة والحلم والعلم والمحبّة من النساء».
وأخبرنا الشيخ العالم الصالح محيي الدين أبوعبداللَّه محمّد بن أحمد بن الوليد القرشي رضوان اللَّه عليه بإسناده المتقدّم إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه عليه‌السلام [677] قال: حدّثنا أبوالقاسم عبدالعزيز بن عليّ بن أحمد الأزجي بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبوالقاسم عمر بن محمّد بن إبراهيم بن سنبك البلخي [678] قال: أخبرنا أبوالحسين عمر بن الحسن بن مالك الأشناني قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن زكريّا المروروذي قال: حدّثنا موسي بن إبراهيم المروزي الأعور، قال: حدّثني موسي بن جعفر بن محمّد قال: حدّثني جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين،
[صفحه 505]
عن أبيه، عن عليّ عليهم‌السلام قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و علي آله وسلم: «أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، فويل لمن خذلهم وعاندهم».
قال /200/ شيخ الإسلام والمسلمين أيّده اللَّه: وهذا النصّ النبوي موافق لتشبيه الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام، وإذا كان النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قد شبّههم بالنجوم في نجاة المهتدي بهم [679] و كان المعتصم بهم علي ثقة [من كونه علي منجاة] من‌الضلال كما تكون المهتدي بالنجوم علي ثقة من‌الضلال في طريقه؟.
وهذا يشهد بأنّهم علي صواب و كذلك أتباعهم، و فيه فائدة ظاهرة و هي أنّه جعلهم أماناً لأهل الأرض من الهلاك، كما جعل النجوم في السماء أماناً لأهلها فما دام الصالحون من العترة عليهم‌السلام في الأرض فأهلها علي أمان من عموم الأسقام لهم [680].
ثمّ قضي صلي اللَّه عليه وآله بالويل لمن خذلهم وعاندهم. و(الويل) واد في جهنّم كما ورد في الأثر عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم لو سيرت فيه الجبال لسارت، [681] وقد قال تعالي: «ويل لكلّ همزة لمزة» [9/ الهمزة: 104]، فإذا كان العقاب العظيم في نار الجحيم يلحق الخاذل لهم والمعاند، كان ذلك زاجراً لكلّ عاقل عن التعرّض لمشاقّتهم والتصدّي لمكيدتهم، فما تري ياطالب السلامة حال معاوية وأتباعه و أشباههم في كلّ عصر ممن يجنّد للعترة المطهرة الجنود، ويقود إليهم العسكرالمحشود لإبادة خضرائهم وتعفية آثارهم و خراب ديارهم؟! أيكون محكوماً بسلامته [من الضلال]؟ فهذا خلاف النصّ النبوي أم يكون محكوماً بعطبه؟
فليحذر كلّ ذي عقل سويّ من الانحياز الي أضدادهم والكون في زمرة
[صفحه 506]
حسّادهم وإلّا باء بالويل الطويل والخزي والتنكيل والغلّ الثقيل و غضب الرب الجليل في دار لايموت صاحبها ولايحيي ولايبيد، ولايبلي إنّما هي نقم يتلوها نقم لاتنفد ومصائب بعد مصائب تتجدّد، وقد دلّ لما قلناه وغيره [كثير] من الآثار النبوية علي أن اتّباع العترة: عليهم‌السلام من الفروض المؤكدة، والواجبات المشددّة، وأنّهم حجّة علي الخلق واجبة الإتّباع.
وفي ذلك ما روينا بالإسناد المتقدّم إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه عليه‌السلام [682] قال: أخبرنا أبوطاهر محمّد بن أحمد بن محمد بن عبدالرحيم بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبومحمّد عبداللَّه بن محمّد بن جعفر بن حيّان قال: حدّثنا عبيد بن [محمد بن] صبيح الزيات، قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، قال: حدّثنا علي بن هاشم بن عبدالملك، عن عبدالملك بن أبي‌سليمان، عن عطيّة:
عن أبي‌سعيد عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم انه قال: «يا أيها الناس إنّي قد تركت فيكم- ما إن تمسكتم به لن تضلّوا من بعدي- الثقلين وأحدهما أكبر من الآخر كتاب اللَّه حبل ممدود من السماء إلي الأرض، و عترتي أهل بيتي،وإنّهما لن يفترقا حتّي يردا عليّ الحوض».
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: و قد روي هذا الحديث بطرق عدّة وهو /201/ ظاهر الصحة لانعلم أنّ أحداً قابله بالردّ والتكذيب، والأمّة بين مستدلّ به علي تفضيلهم علي من عداهم و بين مستدلّ به علي أن إجماعهم حجّة.
ووجه دلالته علي ذلك هو أنّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم امّننا من الضلال إذا تمسّكنابهم فلوجاز أن يتّفقوا علي ضلال لما آمننا من الضلال إذا تمسّكنابهم، وكيف نأمن من شي‌ء ونحن واقعون فيه، و هذا لايجوز عليه صلي اللَّه عليه وآله وهو معلّم الخير والهادي إلي طريق الحقّ.
وبعد فإنّه قرن بين العترة عليهم‌السلام و بين الكتاب، فلولا أن الرجوع إليهم فرض كالكتاب وإلّا لما جمع بينهما لأنّه لايحسن في الحكمة أن يجمع بين الحجّة وماليس
[صفحه 507]
بحجّة ثمّ يعلّق نفي الضلال عليهما جميعاً
وبعد فإنّه قد أخبر أنّهما لن يفترقا إلي غاية و هي ورود الحوض، وقد علمنا أنّ الكتاب حقّ، فما لم يفارق الحقّ كان حقّاً، و هذا يوجب علي الأمّة الرجوع إليهم، ومن وجب الرجوع إليه علي كلّ حال حرمت مخالفته.
وبهذا يظهر صحّة ما قلناه [من] أنّ إجماع العترة عليهم‌السلام حجّة واجبة الاتّباع، وموضع تفصيل هذه المسألة كتب أصول الدين وأصول الفقه.
و قد بلغ السيّد الإمام الموفق باللَّه أبوعبداللَّه الحسين بن إسماعيل الحسني الجرجاني رحمه‌اللَّه [683] الغاية في‌مسألة أملاها في هذا الكتاب، و هي دالة علي غزارة علمه ووفور فهمه وحسن غوصه علي لطيف المعاني واستحراجها، و قد ذكر فيها كلّ شبهة تورد و حلّها، و كان من علماء العترة المنوّرين، وله كتاب الإحاطة في علم الكلام مجلّدان جمع فيهما كلّ حسن.
و من كتبه الحسان الإعتبار وسلوة العارفين [684] في‌فنون الأخبار و ملح الآثار و فيه له كلام كأنّه الشذورالذهبيّة واليواقيت الشفافة المضيئة، و من وقف عليه علم أنّه خرج من قلب خاشع وحل خاضع؟ و هو من أنفس الكتب في هذا الباب، إنّما هو غرر ودرر، وكلّ علم أهل البيت عليهم‌السلام عجيب، وقد دعالهم الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم حيث يقول فيما رويناه بالإسناد: «اللهمّ اجعل العلم والفقه في عقبي و عقب عقبي، وفي زرعي وزرع زرعي».
تأمّلوا ياذوي الألباب، فدعاء النبي مستجاب، فكونوا مع العلماء البررة السادة الحكماء فمن تمسّك بهم فقد فاز فوزاً عظيماً ولقي في‌الآخرة ثواباً جسيماً.
[صفحه 508]
ولما ذكرناه كانت العترة عليهم‌السلام [هم] الفرقة الهادية والأمة الناجية. و قد روينا عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم انّه قال: «افترقت أمّة أخي موسي علي إحدي وسبعين فرقة كلّها هالكة إلّا فرقة واحدة، وافترقت أمّة أخي عيسي علي إحدي و سبعين فرقة كلّها هالكة إلّا فرقة واحدة، و ستفترق أمتي علي ثلاث و سبعين فرقة كلّها هالكة إلّا فرقة واحدة» [685].
فقضي /202/ صلي اللَّه عليه وآله وسلم بهلاك الفرق أجمع إلّا واحدة [وتركيزاً علي هذا الحديث القطعي الصدور من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم نقول:] قلاتخلو حال العترة عليهم‌السلام إمّا أن يكونوا من الناجين؟ أو من‌الهالكين؟ فإن كانوا من الهالكين فهذا لاقائل به من [ذوي العقول من المسلمين] المنصفين، وكيف يكون ذلك والنبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قد [حثّ‌الأمّة علي التمسّك بهم وقد] امننا من الضلال إذا تمّسكنابهم فلو كانوا من‌الهالكين لكان في ذلك أوفي تغرير علينا وتلبيس، وهذا لايجوز عليه صلي اللَّه عليه وآله وسلم [686].
وبعد فكيف يكون ذلك و قد فرض علينا الصلاة عليهم في الصلوات الّتي هي من شرائف العبادات؟ ولا خلاف بين الأمّة في أنّ الصلاة عليهم بتبع الصلاة علي أبيهم مشروعة [687] فلو كانوا من الهالكين لما جاز أن يتعبّدنا اللَّه بالصلاة عليهم كما
[صفحه 509]
لايجوز أن يتعبّدنا بالصلاة علي اليهود و النصاري و غيرهم من الضلال في الدين والحياري؟ فبطل أن يكونوا هالكين وبقي أنّهم من الناجين؟ و قد نظم ذلك بعض الشعراء [688] فقال:
إذا كان في الإسلام سبعون فرقة
ونيف علي ما جاء في سالف النقل
ولم يكن الناجي بها غير فرقة
فما ذا تري يا ذا الرجاحة والعقل
أفي الفرقة الهلاّك آل محمّدٍ
أم الفرقة اللاّتي نجت منهم قل لي
فإن قلت في الناجين فالقول واحد
وإن قلت في الهلاّك حفت عن العدل
[إذا كان مولي القوم منهم فإنّني
رضيتهم لازال في ظلّهم ظليّ[
فخلّ عليّاً لي إماماً و رهطه
وأنت من الباقين في أوسع الحلّ
حكم النبي صلي اللَّه عليه وآله الحكم الصائب، وقضاؤه الحقّ الواجب، و قد حكم بأنّهم لايفارقون الكتاب، وفي هذا كفاية لذوي الألباب.
ومن تأمل علومهم رأي بحاراً زاخرة، و غماماً جوناً ماطرة، ولهم فيها الفضل علي الأنام والتبرير علي أهل الإسلام.
وأماالجود فهو بهم معصوب و إليهم منسوب، وعطاؤهم يهجّن بالبحر إذا زخر، والفرات إذا قذف بالدرر، والحكايات في‌هذاالمعني جمّه للأوّل والآخر والماضي والغابر، وانظر في‌القصّة الّتي نقلت والحادثة الّتي‌دوّنت و ذلك انه تفاخر هاشمي و أموي و كلّ واحد منهما يقول قومي‌أسخي ثمّ قالا: ليسأل كلّ واحد منّا عشرة من قومه ليظهر الأمر فانطلق الأموي فسأل عشرة من قومه فأعطوه مائة ألف.
[صفحه 510]
وانطلق الهاشمي إلي ابن‌عباس فأعطاه مائة ألف، ثمّ جاء إلي‌الحسن فقال[له]: هل لقيت أحداً قبلي؟ قال: نعم أتيت ابن‌عباس فأعطاني مائة ألف. قال: لو كنت بدأت بي لأعطيتك شيئاً لاتسأل غيري فأعطاه ثلاثين ومائة ألف.
ثمّ أتي الحسين فقال: هل أتيت أحداً قبلي؟ قال: أتيت ابن‌عباس والحسن بن عليّ فأعطياني كذا. فقال: ما كنت لأزيد علي سيّدي وأعطاه ثلاثين و مائة ألف.
ثمّ التقيا فقال الأموي إني أتيت عشرة من قومي فأعطوني مائة ألف، وقال الهاشمي: و [أنا] لقيت ثلاثة من قومي فأعطوني ثلاث مائة ألف و ستّين ألفاً. فقال [الأموي]: قومك أسخي من قومي ثمّ رجع الأموي إلي قومه وقصّ عليهم /203/ القصص؟ فردّ المال فقبلوا!! ورجع الهاشمي إلي أصحابه وقصّ القصة وردّ المال؟ فقالوا: ألقها إن شئت في الطريق، فما كنّا لنقبل شيئاً أعطيناكه [689].
هذه أصول دوحات جودهم الكريمة فكيف تري أغصانها؟ وشجرة سخائهم الطيّبة فكيف تجد أفنانها؟ علي الأصول تنبت الشجر عند من بدا ومن حضر.
وما العود إلّا نابت في أرومة
أبي‌صالب العيدان أن تتقطّرا
بنوالطيّبين الطيّبون و من يكن
لآباء صدق يلقهم حيث سيّرا
و في قصص الإمام التقي المهذّب الوليّ الحسين بن عليّ بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي‌طالب عليهم‌السلام [690] مايقضي له بالسبق في‌هذا الباب، وما ظنّك بمن تساوي عنده الذهب والتراب؟! يكفيك في هذا الشأن ماروينا عنه انه كان يعطي ما يجد ويستدين إذا لم يجد، ويقول: واللَّه ما أظنّ [أنّ] لي عليه أجراً لأنّ
[صفحه 511]
اللَّه يقول: «لن تنالوا البرّ حتّي تنفقوا مماتحبّون» [92/آل عمران: 3] واللَّه ما هو عندي وهذه الحصاة إلّا بمنزلة واحدة يعني المال.
وكان الحسن بن زيد الحسني الملقب بالداعي رضي‌الله عنه [691] يبعث كلّ سنة إلي الحجاز بألف ألف تفرّق في فقراء أهل البيت عليهم‌السلام و شيعتهم و دخل عليه شاعره أبوالغمر والحجّام يحجم له فأنشأ يقول:
إذاكتبت يد الحجّام سطراً
أتاك به الأمان من السقام
فحسمك داء جسمك باحتجام
كحسمك داء خصمك بالحسام
فأمر له بعشرة آلاف، وتعداد هذا الجنس يطول، وله من العجائب غرر وحجول، وللَّه درّ الكميت حيث يقول في كلمة له فيهم طويلة: [692].
مصفّون في الأحساب محضون نجرهم
هم المحض منّا والصريح المهذّب
خضّمون أشراف بها ليل سادة
مطاعيم ايسار إذا الناس أجدبوا
إذا ما المراضيع الخماض تأوّهت
من البرد إذ مثلان سعد و عقرب؟
و حاردت النكب الجلاد ولم يكن
لعقبة قدر المستغزين معقب؟
ومات وليدا لحيّ ظمآن ساغباً
وداعيهم ذات العفاوة أسغب؟
إذا نشأت منهم بأرض سحابة
فلا النيت‌محظور ولا البرق خلب؟
إذا ادلمست ظلماء أمرين حندس
فبدر لهم فيها مضي‌ء وكوكب
وإن هاج بيت العلم في الناس لم‌يزل
لهم تلعة خضراء منه و مذنب
مساميح منهم قائلون وفاعل
وسبّاق غايات إلي الخير مسهب
وأما الشجاعة فلأهل البيت عليهم‌السلام فيها السبق والتقدّم علي كافة الأمم وللَّه درّ القائل حيث يقول:
أليس /204/ أبونا هاشم شدّ أزره
فأوصي بنيه بالطعان و بالضرب
إذا اشتجرت شمس العوالي وبرقت بيض المواضي فطاح الوشيح، وثلمت
[صفحه 512]
الصفائح فنفوسهم مبذولة للظبا، ونحورهم دريئة للقنا لايعتصمون بالفرار ولايولّون الأدبار، و قد وصف ذلك الخابر، ونظمه الشاعر فقال:
اصبر نفساً علي الدنا
يامن صاحبي علي القراع؟
[أ] مّا إمامهم عليّ عليه‌السلام فهو السابق في هذا الباب، والمنقطع القرين علي الأصحاب والأتراب، كان درعه وجهاً بلا قفا، وكان يركب البغلة للقتال ومنازلة الأبطال، فقيل له في ذلك فقال: «أنا لا أكرّ علي من فرّ، ولا أفرّ عمّن كرّ، والبغلة تزجيني» [693].
وقتل ليلة الهرير خمسمائة ونيّفاً و ثلاثين، ولو رام واحد أن يذبح غنماً علي هذا العدد لتعذّر عليه ذلك، فما ظنّك بأبطال الحرب ومعاودي الطعن والضرب، لأنّ الأكثر- إن لم يكن الكلّ- ممن قتله مبارزةً و من يتصدّي للبراز فلابدّ أن يكون معدوداً من مساعير الوغي وحماة الأدبار ونقمة الأوتار.
وإن نظرت في آثار الحسن والحسين عرفت أنّهما قد بعدا في هذا عن الشين، وكذلك صنوهما محمّد بن الحنفية كم له من صدمة علي الأعداء وبليّة؟.
ثمّ زيد بن عليّ كان في خمسمائة وبإزائه ألوف مؤلّفة فأعمل فيهم الحسام وصبّ عليهم أنواع الأسقام و أكثر فيهم القتلي وأنزل فيهم فنون البلوي [694].
ثمّ النفس الزكية قمقامه مشهور وقد كشرت أمّ الهيثم عن أنيابها وتداعت بأصحابها، قتل يوم قتله أربعة عشر رجلاً من عفاريت الجنود العباسية الظالمة، وكان إذا حمل فيهم فكأنّما النار تأجّج في القصب، وإخوته سلام اللَّه عليهم ليوث الوغا وأسود اللقاء، وقد بيّنا تفصيل كثير من أحوالهم في كتاب الحدائق [الوردية].
وروينا أنّ الداعي الي الحقّ الحسن بن زيد عليه‌السلام انهزم أكثر عسكره في بعض
[صفحه 513]
أيّامه من بني العباس؟ فثبت في عدّة يسيرة من خواص أصحابه يقاتل عشرين ألفاً من أبطال خراسان وهو يقول:
أمن الوحدة يستوحش من أدرك ثاره
أم بغير السيف والنجدة ينفي المرء عاره
قد محي بالسيف والإسلام ما قال ابن‌دارة [695].
والهادي إلي الحق عليه‌السلام كان يعدّ نفسه لألف رجل، و مقامه أشهر من النهار، وكم حومة صلاها علقماً ونجيعاً، وجنود لأعدائه قطّعها تقطيعاً حتّي غريت أنامل راحته بحسامه، فقال عليه‌السلام في‌قصيدة يذكرفيها بعض مواقفه:
غريت أنامل راحتي بصفيحتي
للَّه درّ خبعثين أغراها [696].
وكان معه ذوالفقار يقاتل به فقال عليه‌السلام:
الخيل تشهد لي وكلّ مثقّفٍ
بالصبر والإبلاء والإقدام
حقّاً /205/ ويشهد ذو الفقار بأنني
أرويت حدّيه نجيع طغام
علاًّ ونهلاً في المواقفا
كلّهاطلباً بثار الدين والإسلام
حتّي تذكّر ذوالفقار مواقفاً
من ذي المعالي السيّد القمقام
جدّي عليّ ذي الفضائل والنُهي
سيف الإله وكاسر الأصنام
صنو النبي وخير من وطئ الثري
بعد النبيّ إمام كلّ إمام
وكان الإمام المتوكل علي اللَّه أحمد بن سليمان عليه‌السلام [697] الراكد عند الجولة والواثب عند الصولة، وله المقامات الهائلة والمواقف السائرة.
و [هكذا] الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام، فله في هذا الباب الوقائع الأبكار والمقامات الظاهرة عند البادين والحضّار، ولقد كان يوم ذمار و فيها جنود
[صفحه 514]
الأعاجم موفورة، وقد برزوا إلي ساحتها للحرب والقتال وهم من نخب جند العجم [698] فلما تواقفت الصفوف وبدأت الزخوف كان أمام عسكره معلّماً يكرّ علي أعدائه قدماً ويجرّعهم صاباً وعلقماً، حتّي لم يعرف معه أحد في حملته ولاتشهد معاضداً له عند كربته [699] ففاز بهذه المنقبة- الي غير ذلك- الّتي هي أظهر من الشمس، و أشهر من الصلوات الخمس و قد فصّلنا طرفاً [منها] في الحدائق الوردية في هذا المعني عند ذكر كلّ إمام.
[صفحه 515]

في بيان علم أئمة أهل البيت عن حالهم

ونرجع إلي [شرح البيت: (31) من] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
علومهم تخبر عن حالهم
فاسأل بها الطّبّ الخبير الحفيّ
العلوم جمع علم، و قولنا: «علم» يفع علي فوائد ثلاث؟:
أحدها العلم الّذي هوالمعلوم كما يقال علوم آل محمّد صلي اللَّه عليه و عليهم أي معلوماتهم و هي تصانيفهم الّتي و ضعوها، و يقال علم أبي‌حنيفة وس رحمة اللَّه عليهما و علي هذا المعني قال تعالي: «ولايحيطون بشي‌ء من علمه إلّا بما شاء» [255/البقرة: 2] أي من معلوماته، ولهذا استثني بقوله: «إلّا بما شاء» وهو ما خلق فينا علماً ضرورياً به، أونصب عليه دليلاً، وهذا الإستثناء يحقق أنه أراد بالعلم المعلوم، خلافاً للصفاتية [700] فإنهم يعتمدون علي ذ لك في إثبات علم القديم تعالي وعندهم أنّه قديم مع اللَّه تعالي وهذا بلاشبهة يبطل الوحدانية الّتي أجمعت عليها الأمّة للقديم، لأنه لايسعهم القول بأنه تعالي واحداً لا ثاني له يشاركه في القدم إذا كان العلم قديماً وكذلك الكلام في سائر القدماء فقد عدوّا ثمانية أشياء قديمة وجعلوها ذواتاً موجودة سوي ذات الباري تعالي فلهذا قلنا: بأنهم أبطلواالوحدانية لفظاً و معني، و ما أشبه حالهم بقول عبّاد الأوثان فإنّهم كانوايقولون في تلبيتهم: لبيّك /206/ لا شريك لك إلّا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك.
فكأنّ الباري تعالي لاشريك له في القدم عند هؤلاء الأشعرية إلّا ثمانية قدماء فزادوا علي عبّاد الأوثان!! لأنّهم جعلوها شركاء للباري تعالي و قضوا بأنه يملكها وهذا لايملكها علي مذهب الأشعرية، فإنّ هذه الأشياء قديمة فلا يصح كونها مملوكة للقديم سبحانه، كما لايصح كونها أن تكون مملوكاً لأنّ المملوك هو من يمكن فيه التصرف، و هذا مفقود في القدماء عند كلّ متدبر.
وثانيها: العلم المفيد بحال العالم كما يقول القائل: جري كذا بعلمي‌أي وأنا عالم به، وعلي هذا قال تعالي: «أنزله بعلمه» [166/النساء: 4] معناه وهو عالم به.
وثالثها: العلم الّذي يقصده المتكلّمون بالذكر و حده، و هو المعني الّذي يوجب
[صفحه 516]
سكون النفس، و هو من نوع الإعتقاد، و هذا لايجوز أن يحمل عليه شي‌ء من الآيات الّتي أضاف الباري تعالي العلم إلي نفسه، ألا تري أنّه لو كان عالماً بعلم موجود لم يخل حاله [من ثلاث]:
إمّا أن يكون قديماً فلا قديم إلا اللَّه تعالي و لوكان قديماً لكان مثلاً له- تعالي عن الأمثال- و قد قال: ذوالعزة والجلال: «هو الأوّل والآخر والظاهر» [3/الحديد 57] فامتدح بأنّه الأوّل وإنّما يتمّ هذا التمدح بأن يكون منفرداً بالوجود فيما لا أوّل له، فإذا كان العلم لا أولّ لوجوده بطلت فائدة الإمتداح.
وإمّا أن يكون محدثاً فلايصحّ منه إحداثه [701] لأنّه لايمكنه أن يحدثه ما لم يكن بها عالماً، لأنّ من ليس بعالم فإنه يكون جاهلاً، و من كان من كلّ وجه جاهلاً فلايمكنه إحداث العلم إذ قد علمنا أن من لم تكمل له علوم العقل لايمكنه إكتساب العلوم النظرية، ولا وجه لذلك الاّ انه غير كامل العقل وان كان قد يعلم كثيراً من المعلومات، فمن كان غير عالم أولي أن لايمكنه إحداث العلم، فاتّضح [702] أنّه تعالي لايجوز أن يكون عالماً بعلم و إنما هو تعالي عالم لذاته علي معني أنه لايفتقر في‌ثبوت هذه الصفة إلي مؤثر و لهذا علم جميع المعلومات، فلو كان عالماً بعلم لما وجب ذلك، ولهذا يتعذّر علينا أن نعلم جميع المعلومات ولاعلّة لذلك إلّا أنّا عالمون بعلم فيجب مثله في القديم تعالي لو كان عالماً بعلم، فهذا في معني العلم لغةً واصطلاحاً.
وقوله: «يخبر» مأخوذ من‌الخبر، والخبر هو ما يصحّ فيه التصديق والتكذيب، وهو قسمان- لاثالث لهما-: صدق و كذب، لأنّه إمّا أن يكون يخبره- أوما يجري مجراه- علي ما هو به فهو الصدق؟ أو لا [يكون] علي ما هو به فهو الكذب، ولا واسطة بين أن يكون مخبره علي ما [هو] به أولا؟.
خلافاً لما يحكي عن الجاحظ فإنّه زعم أنّه لابدّ أن يكون المخبر عالماً وإلّا
[صفحه 517]
لم يوصف خبره بأنّه صدق ولا كذب.
وهذا باطل فإنّ اليهود كاذبون في قولهم: إنّ محمّداً صلي اللَّه عليه وآله وسلم ليس بنبي. وهم لايعلمون كذبهم وإن جاز في بعض مردتهم ذلك وهم العارفون /207/به علي النعوت التامّة في التوراة، ولهذا قال تعالي: «يعرفونه كما يعرفون أبناءهم» [146/البقرة: 2] ولكن ذلك لايعمّ الكافّة منهم وإنّما يوجد في العارفين منهم بالتوراة علي ضرب من التّفصيل.
والمخبر فاعل الخبر، و قد يتجوّز في المخبر بمن لايفعل الخبر إذا كان في منزلة الناطق وهو المعبّر به عن نطق الحال لا نطق المقال، ولهذا قال بعضهم: «اسأل الأرض من شقّ أنهارك و غرس أشجارك و أطلع ثمارك؟ فإن لم تجبك حواراً أجابتك اعتباراً»، يريد أنّها إن لم تجبك محاورة [تجيبك اعتباراً] و [المحاورة]هي المراجعة بالكلام من التحاور، قال تعالي: «واللَّه يسمع تحاوركما» [1/المجادلة: 58] أي تراجعكما بالكلام. فالأرض إن لم تجب محاورةً- وهو بالكلام- فإنّها تجيب اعتباراً!! يريد أنّ فيها من الآيات والأعاجيب الّتي اذا نظر فيها الناظر أفضت به إلي برد اليقين في إثبات صانع عالم مدبّر مقدّر، وذلك لأنّ الأعاجيب المركّبة والبدائع المدبّرة لايجوز في قضايا العقول أن تكون مستغنيةً عن مدبّر يدبّرها، فإن كلّ عاقل يعلم بضرورة عقله أنّها لاتكون كتابة من غير كاتب، ولا بناء من غير بان، فكيف تنموا الأشجار أو تفتق الأزهار أو يختلف الليل والنهار؟ أوتكون الأرض علي ما هي عليه من القرار، أو الشمس المشرقة الأنوار، أو القمر النوّار، بغير مدبّر مختار عزيز جبّار؟!! لايكون ذلك عند منصف لبيب، ومنصف أريب؟.
و قوله: «عن حالهم» الحال عند أهل اللغة هوالوصف الّذي عليه الإنسان وكأنّه عندهم في الأكثر لما يتغيّر ويتبدّل من الصفات الّتي هي الأعراض القائمة بالمحلّ، ولهذا يقول القائل مخاطباً لغيره: كيف حالك يافلان. يريد بذلك السؤال عن الأمور الّتي هي قارة فيه؟.
و أمّا [الحال] في اصطلاح المتكلمين فهي المزيّة الّتي يعلم بها الذات عليها من دون اعتبار الغير، و ما يجري مجراه، وذلك نحو وجود الموجود وتحيّز الجوهر،
[صفحه 518]
وكونه كائناً وكونه جوهراً وما أشبه ذلك.
و قوله: «فاسأل» مأخوذ من السئوال [مصدر] سأل يسأل فهو سائل، والسؤال كلام مخصوص يطلب به الواحد ممن خاطبه أمراً من الأمور نحو قول القائل: أعندك زيد؟ ألقيت عمرواً؟ هل العالم قديم أوحادث؟ و ما أشبه ذلك من أنواع السؤال، ومنه ما يرد في أمور الدين، ومنه ما يرد في أمور الدنيا، ومنه ما يقبح ومنه ما يحسن، ومنه ما يجب عنه الجواب ومنه ما لايجب، ومنه ما يرد في مورد السؤال وليس بسؤال أيضاً؟ نحو قوله تعالي: «ءَأنت قلت للناس اتخذوني [وأمّي إلهَين]» [116/المائدة: 5] هذا في صور السؤال والمراد به الإنكار، فهو استفهام في صورة الإنكار لما نسب إلي روح اللَّه عيسي صلي اللَّه عليه وسلم.
و قوله عليه‌السلام: «بها» فالضمير يرجع إلي العلوم الّتي سبق ذكرها.
والطبّ: العالم. والطبّ: السحر أيضاً و فلان مطبوب أي مسحور، هذا في لسانهم.
والخبير: /208/ العليم وهو في صفته تعالي بهذا المعني قال تعالي: «وهو اللطيف الخبير» وقال: «و لاينبّئك مثل خبير» والخبير: الزراع؟ والخبير: زبد لغام البعير وغيره، والخبير: النبات. والخبر: الوبر ومن امثالهم: الخبير من الخبير أي الوبر من النبات.
والحفيّ: المستقصي في السؤال، قال الأعشي:
فإن تسألي عنّي فياربّ سائل
حفيّ عن الأعشي به حيث أصعدا
وأصل الباب المبالغة في الشي‌ء والاستقصاء، و منه: حفيت بفلان إذا بالغت في إكرامه. وأحفي شاربه إذا بالغ في أخذه حتّي استأصله، وقد حفي الرجل يحفي إذا أثر في رجله السير لعدم النعل والخفّ، وقوله تعالي حاكياً عن إبراهيم صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إنه كان بي حفيّاً» [47/مريم: 19] قيل: لطيفاً رحيماً. و قيل: باراً. و قيل: عودني الاجابة، [703] هذه ألفاظ البيت.
والمعني في ذلك أن علوم أهل البيت عليهم‌السلام الّتي وضعوها في تصانيفهم تكشف
[صفحه 519]
عن كنه ما تنطوي عليه قلوبهم من غزارة العلم ووفور الفهم، وأنّ العارف بها إذا سئل عنها- وكان كثير الخبرة والاحتفاء بالسؤال لهم والبحث عن موضوعاتهم- وُجد عنده من دلائل ذلك و شواهده ما يقضي لهم بعلو الدرجات والفوز بالكرامات.
وقد روينا عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم ما يؤيّد ما قلناه، ويشهد بصحة ما ذكرناه، وذلك ثابت فيما روينا بالإسناد المتقدم إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه عليه‌السلام [704] قال:
حدّثنا أبوأحمد قال: حدّثنا أبومحمّد قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن مصعب البجلي قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب قال: حدّثنا أبوحفص الصائغ، عن أبي‌سلمة الصائغ، عن عطية:
عن أبي‌سعيد قال: قال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لاتعلّموا أهل بيتي فهم أعلم منكم، ولا تشتموهم فتضلّوا».
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه: وهذا يقضي بأنّ العترة عليهم‌السلام لهم في العلم المزية العظمي واليد الطولي والبسطة الواسعة والرتبة النافعة، وعلومهم أظهر من أن يحتاح إلي كشف و إيضاح، و إن شئت أيّها السامع فابحث عن تصانيفهم الرائقة وكتبهم الفائقة فإنّك تجد بحراً زخّارًا وخضماً تيّاراً وعلماً يسطع سناه في الآفاق، وعرفاناً يحكي إنارة الشمس عند الإشراق، وليس بين الأمّة مراء في أنّ لهم الدرجة العليا، غير أنّ من الأمّة من يري ما ذكرناه ولايعمل به، فيكون اعترافه حجّة عليه، والرواية في هذا المعني جمّة كثيرة.
روينا أنّ زيد بن عليّ سلام اللَّه عليه وعلي آبائه الأكرمين أقام في حبس هشام بن عبدالملك [705] خمسة أشهر يفسّر لهم سورة الفاتحة والبقرة، قال الراوي: [وكان] يهذّ ذلك هذّاً.
[صفحه 520]
وقال عليه‌السلام في كلام له: [706] واللَّه ما وقفت هذا الموقف حتّي علمت علم أبي‌علي بن الحسين وعلم جدّي الحسين بن عليّ وعلم عليّ بن أبي‌طالب وصيّ رسول اللَّه- صلي اللَّه عليه وآله وسلم /209/- و عيبة علمه وإنّي لأعلم أهل بيتي؟ واللَّه ما كذبت كذبة منذ عرفت يميني من شمالي ولا انتهكت محرّماً منذ عرفت أنّ اللَّه يؤاخذني.
وأشباه ذلك كثير مما نقلنا في أحواله بالإسناد، و هكذا حال العترة من أئمّة الدين والعترة الهادين، وقد فصّلنا كثيراً من ذلك في الحدائق [الوردية]وإنّما نذكر هاهنا اليسير.
[صفحه 521]

في بيان شرح علم الأئمة

ونرجع إلي [شرح البيت: (32) من] القصيدة، قال [الإمام‌المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
في كلّ فنّ لهم مذهب
في العلم يهديك بأمر جليّ
[لفظة] (كلّ) من الألفاظ العامّة و لهذا يصحّ تاكيد العموم بها فنقول جاء القوم كلهم ولولا أنّها عامّة لما صحّ ذلك [707].
والفنّ واحد الفنون وهي فنون العلم المعروفه، والفنّ في اللغة: النوع والصنف وعليه حمل بعضهم الآية- وهي قوله تعالي-: «ذواتا أفنان» [48/الرحمن: 55] واحدها: فنّ وهو النوع والصنف من الثمار والفواكه.
وفيهم [أي وفي العلماء] من قال: الأفنان: الأغضان وواحدها- علي هذا-: فنن.
والمذهب: سيرة الرجل وطريقته الّتي يختارها. والمذهب: الخلاء الّذي يذهب إليه أيضاً للحاجة.
وفي الإصطلاح: المذهب؛ الّذي لا يعلم صحته ولافساده إلّا بدليل، غير أنّ هذا لايطّرد، لأنّه لايتناول إلّا ما هو معلوم، وقد علمنا ان المذهب يكون مظنوناً كما أن يكون معلوماً، لأنّ الاجتهاديات يدخلها ما ذكرناه، فلابدّ في الحدّ أن يجمع الأمرين، فيكون المذهب علي هذا [هو] ما لا يعلم أو لايظنّ صحّته ولافساده إلّا بدليل أو أمارة فالأمارة يتعلّق بالظنّ والدليل يتعلق بالعلم، والعلم يفيد معناه؟
والهداية أصلها: الدلالة والبيان قال تعالي: «وامّا ثمود فهديناهم» [17/فصّلت: 41] وقال تعالي: «وإنك لتهدي إلي صراط مستقيم» [52/الشوري: 42] أي تدلّ وتبيّن؟
والأمر يستعمل في‌وجوه: أحدها القول المخصوص وهو قول القائل لغيره: افعل أو لتفعل علي وجه الاستعلاء دون الخضوع، مع كون المورد للصيغة مريداً لما تناولته.
وثانيها بمعني الشأن كما يقول القائل: ما أمرك أي ما شأنك؟.
وثالثها بمعني الغرض [مثل قولهم:] «لأمر ما جذّع قصير أنفه» أي لغرض.
[صفحه 522]
ورابعها الأمر الّذي لمكانه يثبت الحكم كما يقال: لابدّ من أمر لأجله وجدت هذه الحوادث أي مؤثّر؟ ولابدّ من أمر لأجله تحرّك الجسم و هو الحركة، ولابدّ من أمر لأجله يحيّز الجوهر و هو الجوهرية إلي غير ذلك.
والجليّ هو الظاهر، قال تعالي: «فلمّا تجلَّي ربّه للجبل جعله دكّاً» [143/الأعراف: 7] أي ظهر أمر ربّه، و جليّ فلان خطابه أي أظهره حتّي زال اللبس.
والمعني في ذلك أنّ كلّ فنّ من فنون العلم إذا تأمّل المنصف مذاهب أهل البيت عليهم‌السلام فيه وجد دلائله ظاهرة وبراهينه باهرة وعرف أنّها أقرب إلي الصواب وأحري علي العقل ومحكم /210/ الكتاب، وإن تدبّرت أيّها الناظر العلوم الفقهيّة وجدت لترجيحاتهم المزيّة، ورأيت [لهم] التعليلات القويّة، ومتي أردت أن يزول عنك صداء الإشكال، وترتفع دجنة الضلال، فتأمّل ما وضعه الإمام العالم النحرير الناطق بالحقّ، الظافر بتأييد اللَّه عزّ وجلّ أبوطالب يحيي بن الحسين بن هارون الحسني [708] سلام‌اللَّه عليه في شرح التحرير، فإنّك تري فيه من العجائب ما لا تراه في كتاب من كتب أهل العلم، وإن شئت الوقوف علي الغرائب والفتاوي العجائب ويواقيت العلم الثمينة وجواهره المكنونة وجدتها لأخيه زاهد الزهّاد، وعابد العبّاد- المحلّي في حلبة السباق، المؤّيد باللَّه- أبي‌الحسين أحمد بن الحسين [709] سلام اللَّه عليه، وغيرهما ممّن يطول بذكره الكتاب، ويخرجنا عن الغرض، وقد أوردنا كثيراً من أحوالهم- وإن كان في الحقيقة قليلاً- في الحدائق الوردية.
[صفحه 523]

في تنزه أهل البيت من شرب الخمر والاستماع إلي الغناء والمزامير

ونعود إلي [شرح البيت: (33) من] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
لم يشربوا الخمر ولا شاقهم
ترجيع ألحان حروف الرويّ
الشرب معروف [وهو مصدر] شرب يشرب شرباً [علي زنة منع وبابه]. والشرب- بكسر الشين النصيب- قال اللَّه تعالي: «لها شرب ولكم شرب يوم معلوم» [155/الشعراء: 26] أراد أن نصيب الناقة من الماء يوم و نصيبهم يوم آخر.
والخمر معروفة، و سمّيت خمراً قيل: لأنها تخامر العقل أي تخلطه. و قيل: لأنها تستره أي تغطّيه، و منه سمّي الشجر خمراً لأنّه يغطّي الأرض، وعلي هذا سمّي خمار المرأة خماراً لأنّه يغطّي رأسها، وليس يمتنع أن يكون الأصل في اشتقاق اللفظة ما ذكرناه ثمّ نفر في هذا المائع المخصوص حتّي لايجب [710] كلّ ما أزال العقل خمراً، كما أنّ الأبلق عبارة عمّا اجتمع فيه السواد والبياض و مع ذلك راعوا أن يكون في الخيل دون غيرها من الأجسام.
وشاقهم- أي حرّك شوقهم- مأخوذ من الشوق وهي شدّة نزاع النفس إلي الشي‌ء لشهوة مفرطة إليه بعد أن يكون غائباً عن الإنسان.
والترجيع: تردّد الصوت في الخلق كما يفعله أهل الغنا.
والألحان: جمع لحن و هو فحوي الكلام و معناه [و] قال اللَّه: «ولتعرفنّهم في لحن القول» [3/محمّد 47] أي في معناه قال الشاعر:
ولقد لحنت لكم لكي ما تفقهوا
ووحيت وحياً ليس بالمرتاب
واللحن: الفطنة، و منه قوله صلي اللَّه عليه وآله: «إنّكم لتختصمون إليّ ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فمن قضيت له بشي‌ء من مال أخيه فإنّما أقطع له قطعة من النار» [711] يريد أن بعضكم أفطن بإيراد وجه الحجّة من الآخر، فلحسن إيراد حجّته- لفطنته- يظفر بغير حقه فلا يحلّ له أخذه إذا كان عالماً أنّه لاحقّ له في الحقيقة بل يكون حراماً.
[صفحه 524]
وهذا يدلّ علي مسألة فقهية و هي‌أنّ حكم الحاكم لاينفّذ في‌الباطن إن نفّذ في الظاهر/211/ لأنّه لونفّذ حكمه في الحقيقة لجاز له تناول المال فكان لايكون متوعّداً عليه بالعقاب الشديد، وقد ذهب أبوحنيفه إلي أن حكم الحاكم ينفّذ ظاهراً وباطناً.
وذهب أئمّتنا عليهم‌السلام إلي أنه لاينفّذ ظاهراً وباطنا إلّا فيما كان إيقاعاً مبتدءاً كإيقاع البيع علي مال المفلّس، ولو كان الباطن بخلافه، وكإيقاع الفسخ بين المتلاعنين وإن كان الباطن بخلافه، ويستوي فيه إيقاع العقد و الفسخ وايقاع التمليك، كالحكم بتمليك الشفعة وبإيجاب المال علي العواقل [712] وما يحكم بالوقوع مستنداً إلي ثبوت عقد متقدم أوثبوت فسخ قد حصل من قبله فإنّه لاينفّذ في الباطن هكذا ذكره الإخوان عليهماالسلام [713].
واللحن: الخطأ في الإعراب وهو تحويله عن وجه الصواب إلي وجه آخر. والحروف معروفة وهو جمع حرف وهو ثمانية وعشرون حرفاً يتركّب منها جميع الكلام و سائر اللغات العربية والعجمية.
والرويّ حروف القافية الّذي يلزم الشاعر إعادته من أوّل القصيده إلي آخرها يقال: هاتان قصيدتان علي رويّ واحد.
والمقصود من البيت التنبيه علي منقبة لأهل البيت عليهم‌السلام وهي إنّهم لايعرفون بشرب الخمر ولاتتوق أنفسهم إلي تردّد ألحان الغنا؟ الّذي فطرت إليه أبناء الدنيا الّذين رفضوا الدين، لأنّه من الجرائم الموبقات والكبائر المحبطات وقد قال تعالي: «إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون» [90/المائدة: 5] فدلّت الآية علي تحريم الخمر من وجوه:
أحدها أنّ اللَّه تعالي قرنها بالمحرّمات و هي‌الأنصاب الّتي تعبد من دون اللَّه والميسر: الأزلام الّتي هي‌القداح لأهل الجاهلية، فلولا أنّها جارية مجراها وإلّا لما
[صفحه 525]
قرنها بها؟ و قد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «شارب الخمر كعابد الوثن» [714].
وثانيها إنّه جعلها رجساً والرجس هو النجس الّذي يجب اجتنابه قال تعالي: «والرجز فاهجر» [5/المدّثر: 74]. وهذا يتضمّن التحريم و زيادة، وهي التنجيس خلافاً لما يحكي عن الحسن البصري أنها طاهرة و إن كانت حراماً.
وثالثها قوله: «من عمل الشيطان» و أعمال الشيطان قبيحة و إنما نسبها إلي الشيطان لأنّه يغوي إلي شربها ويدعو إلي عملها فنسبت إليه كما قال تعالي حاكياً عن موسي صلي اللَّه عليه وسلم: «هذا من عمل الشيطان» [15/القصص: 28] يعني قتل القبطي لأنّه قتله بغير أمر من اللَّه تعالي [715].
ورابعها قوله: «لعلكم تفلحون» فعلّق الفلاح الّذي هو الفوز بالنجاة من النار باجتنابها فلولا وجوب تجنّبها وإلّا لما صحّ ذلك؟ [716].
وتحريمها علي الجملة يعلم باضطرار من الدين حتّي يكفّر من استحلّ شربها، وقد وردت الآثار الجمّة بالوعيد الشديد عليها، من ذلك قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لعن اللَّه في الخمر عشرة أشياء: بايعها و مشتربها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وغارسها لايغرسها إلّا للخمر وآكل ثمنها ومؤدّيه /212/ وساقيها و شاربها.
وأمّا الغناء فهو من الأمور القادحة في العدالة، والطريقة القبيحة لأهل الضلالة قال اللَّه تعالي «ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللَّه» [6/لقمان: 31] قيل: نزلت في شراء الجوار المغنيّات، و سمّي ذلك لهواً لأنّه يلهي عن
[صفحه 526]
ذكره اللَّه، و يصدّ عن النظر للتزوّد للدار الآخرة.
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «يمسخ قوم من هذه الأمّه قردة وخنازير». قيل: يا رسول اللَّه أليس يشهدون أن لا اله إلا اللَّه و أنّ محمّداً رسول اللَّه؟ قال: «بلي ويصومون ويصلّون ويحجّون». قال: فما بالهم؟ قال: «اتّخذوا المعازف والقينات والدفوف وباتوا علي شرابهم ولهوهم فأصبحوا قردة و خنازير» [717].
وكما لايعرف أهل البيت عليهم‌السلام بهذه الجرائم فكذلك لايقرّون فاعلها عليها بل يقيمون عليه الحدّ الّذي شرعه اللَّه تعالي ولايأخذهم في اللَّه لومة لائم بخلاف طريقة بني العباس فإنّهم علي هذه الملاهي عاكفون، و إلي أهلها مائلون وكلّهم [كانوا] يشربون الخمر و يقارف النكر؟ إلّا جماعة منهم السفاح، وأبوالدوانيق، والمهدي والملقّب بالراضي.
وسائرهم إلي وقت الملقّب بالناصر يتظاهرون بشربها وتقريب أربابها والحنوّ علي أصحابها مع أنّهم بزعمهم أئمة، و كذلك يعتقد فيهم الطبق الأدهم والسواد الأعظم فقاتلهم اللَّه أنّي يؤفكون؟ أفليس اللَّه تعالي يقول في قصّه إبراهيم صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّي جاعلك للناس إماماً قال ومن ذرّيتي قال لاينال عهدي الظالمين» [124/البقرة: 2] فأيّ ظلم أفحش من‌القبائح الّتي سميّناها؟ أم كيف يكون صاحبها أهلاً للإمامة؟ هذا وقد انعقد الإجماع من الأمة علي أنّ قاضي الإمام يجب أن يكون عدلاً مرضيّاً وإلّا لم تنفذ أحكامه بين المسلمين فكيف تراعي العدالة في قاضي الإمام وليس يعتبر فيه؟ و أقلّ أحواله وأدني درجاته أن يكون بمنزلة قاضيه!! أم كيف يكون إماماً علي المسلمين من لايجوز قبول شهادته في قيراط؟ هذا هو الحيف علي الدين والتحامل علي شرع الرسول الأمين؟
ومن العجائب أن الإمام يراد لإقامة الحدّ فكيف يقيمها من يجب عليه؟ كما قال الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام في كلمة له [كتبها] إلي أهل بغداد:
إنّ الخلافة أمر هائل خطر
صعب مسالكها صعب مراقيها
[صفحه 527]
لو كان ما أنتم فيه علي سنن
قام المريض إلي المرضي يداويها
أيلزم الحدّ محدود بحكم إله
الناس أم يرشد الضلاّل مغويها
ومنها:
لا نعرف الخمر إلّا حين نهرقها
ولا الفواحش إلّا حين ننفيها
إنّ الخلافة حكم اللَّه فانتظروا
حكم المهيمن فيها فهو معطيها
أيستقلّ بها من لايقوم له
شهادة في حقير إذ يؤدّيها
فمن تحقّق مساوئ بني العباس كيف يعتقد إمامتهم ولا يعتقد إمامة الذرية النبوية سلام اللَّه عليهم علي علمهم الغزير وفضلهم الشهير؟!
فلقد نقل أرباب التاريخ لأئمّة بني العباس /213/ مايقضي بالفضوح في الدنيا والخزي في الأخري، من ذلك ما روي ابن‌جرير الطبري [718]
أنّ الأمين لمّا نزلت به الجنود من عقبة حلوان، جاء إليه الخبير؟ فقال له: يا مولاي هذا طاهر بن الحسين قد نزل من عقبة حلوان في الجيوش. فلم يلتفت [الأمين إليه]، فلمّا الحّ عليه انتهره وقال: كوثر قد صاد سمكتين وأناما صدت شيئاً!!
ثمّ لمّا حوصر في بغداد وضويق [باللجوء] إلي مدينة المهدي وصارت أحجار المجانيق تقع في شقّ بساطه و هو يختار الجواري للغناء، فغنّته جارية فأخطات في الغناء فشتمها بالقذف وقال: تغنّيني الخطاء؟ خذوها فكان آخر العهد بها!! وما أفاق من الخمر حتّي الليلة الّتي قتل فيها!!
و كان أخوه المأمون يشرب الخمر شرباً ظاهراً في الخاصة والعامة، وروي أنّه دخل عليه طاهر بن الحسين فسلّم فردّ المأمون عليه، وقال: اسقوه رطلاً فأخذه بيده اليمني ثمّ قال له: اجلس، فخرج فشربه ثمّ عاد وقد شرب المأمون رطلاً فقال: اسقوه الثاني ففعل كفعله الأول ثمّ دخل فقال له المأمون: اجلس فقال: يا أميرالمؤمنين ليس لصاحب الشرط أن يجلس بين يدي سيّده. فقال ذلك في مجلس العامة.
[صفحه 528]
ولمّا توفّي [محمّد بن] [719] سليمان اصطفي الرشيد جميع ما خلّفه ممايصلح للخلافة وما بذل إلّا الخرثي، [720] وأصابوا من العين ستّين ألف ألف، ثمّ أدخل جميع الذخائر العين فإنّه أمر بصكاك كتبت للندماء وكتب للمغنّين ولم يترك في الديوان منها درهم، فأرسلوا وكلاءهم فقبضوا المال!! روي هذه القصة الطبري [721].
و روي في أخبار الواثق أنّ إسحاق الموصلي أنشده قول يزيد بن معاوية:
أقول لصحب ضمّت الكأس شملهم
وداعي صبابات الهوي يترنّم [722].
فخرق ثلاث دراريع كانت عليه من الثياب [723] و كان له جارية يصدر عن أمرها فقال فيها:
أنا مملوك لمملوك عليه الرقباء؟
كنت حرّاً هاشميّاً فاسترقّتني الإماء
والمعتضد أصدق قطر النّدي ألف ألف درهم من مال اللَّه تعالي.
والمعتمد وصل شاربه المغنيّة؟ بمائة ألف دينار، وألف ثوب حباءاً لأهله.
وكلّهم علي هذه الطريقة الخبيثة والأديان النكيثة، [724] أفهولاء أئمة الدين؟ والخلفاء علي المسلمين والقائمون بشرع الرسول الأمين؟ كلاّ وأيم اللَّه بل أولئك [أي أئمّة الدين هم] السادة المقرّبون والخيرة المهذّبون الّذين عزفوا أنفسهم عن الدنايا والفضائح ونأوا عن الفواحش والقبائح، من عترة المصطفي الأوّاه، القادة الهداة [و] سفن النجاة و ماء الحياة [و] عصمة الخلق والقائمون بالحق سلام اللَّه عليهم و علي أبويهم محمّد و علي خيرتي الملك العليّ.
[صفحه 529]

ايضا في بيان تنزيه ساحتهم عن شرب الخمر

ونرجع إلي [شرح البيت (34) من] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
ولا دعوا /214/ ساقيهم سحرةً
قم هات مشمولة قطّربلي
والدعاء قول مخصوص. و[المراد من] الساقي هنا ساقي الخمر. والسحرة: السحر و هو آخر الليل قبيل طلوع الفجر، والجمع أسحار قال تعالي: «إلّا آل لوط نجّيناهم بسحر، نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر» [34/القمر: 54] و قال تعالي: «والمستغفرين بالأسحار» [17/آل عمران: 3] والسحر: الرئة أيضاً و منه حديث عائشة: «توفّي رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم بين سحري و نحري» هذا ما نقل عنها.
والمروي عن أميرالمؤمنين أنّه قال في كلام له: «ولقد قبض رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وإنّ رأسه لعلي صدري وقد سالت نفسه في كفّي فأمررتها علي وجهي» [725].
و «قم» أمر من القيام و هو الانتصاب. والمشمولة: الخمر الّتي هي باردة الطعم، و غير مشمول [هوالّذي] ضربه الريح الشمالية [726] حتّي برد فسمّيت الخمر مشمولة لهذا. «وقطربل» بلد نسبت إليها الخمر كما يقال: (بابليّة) فغلب عليها اسم النسبة.
والمعني في البيت أنّ أهل البيت عليهم‌السلام لايعتادون الدعاء إلي الخمر ولايعرفونها بالمشاهدة إلّا عند إراقتها، بخلاف بني العباس فإنّ شربها لهم عادة قائمة مقام العبادة لأهل بيت النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فكان هذا وجهاً في بعد بني العباس عن‌الصلاح للإمامة، لأنّ العدالة مراعاة في الإمام بإجماع أهل الإسلام، فإذا عري عنها [من رشّح نفسه لها لا يصحّ نصبه إماماً، كما أنّه إذا تبيّن خلوّ القائم بالإمامة عنها] بطلت إمامته، و قد بيّنا فيما سبق إجماع الصحابة علي
[صفحه 530]
طلب الأفضل في الإمامة وإن كانوا قد اختلفوا في‌غيرالمفضول ولولا أن الفضل من الأوصاف الّتي تراعي في‌باب الإمامة وإلّا لم يكن لإجماعهم عليه معنيً.
وإذا تقرر ذلك فلا فضل عند الأمّة لمن يشرب الخمور بل هو ساقط العدالة فاسق بالإجماع، فلايكون أهلاً للإمامة في هذه الحالة و هذا يحقّق أنّ إمامة بني‌العباس ساقطة، و إذا كانت العترة عليهم‌السلام لايقوم قائمهم إلّا بعد أن أحرز خصال الكمال واحتوي علي محاسن الخلال و عرض نفسه في ميدان الامتحان الّذي يكرم فيه الرجل أويهان، فيجده وليّه وعدوّه بحراً لايفنيه النازح وعدلاً لاينفذه الماتح، أفكاره تقذف بالإبكار، وبراهين علمه تحكي إشراق النهار فما العذر عنداللَّه تعالي لذوي النهي في رفض أئمّة الهدي وإيثار غيرهم عليهم من ذوي الغواية والردي، فبعداً وسحقاً لمن آثر علي سلالة الأنبياء وفروع سيّد الأوصياء والشجرة الطيّبة الّتي أصلها ثابت و فرعها في السماء.
أئمّة أوجب الرحمان طاعتهم
والإقتداء بهم في الفرض والدين
[صفحه 531]

في أن تلاوة القرآن الكريم من أوراد أهل البيت بالليالي

ونعود إلي [شرح البيت: (35) من] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه]عليه‌السلام:
أورادهم بالليل معروفة
بأفضل المتلوّ لمّا تُلي
الأوراد /215/: واحدها: ورد وهي وظائف العبادات الّتي وظّفوها لأنفسهم. والورد خلاف الصدر، وقوله تعالي: «ونسوق المجرمين إلي جهنم وردا» [86/مريم: 19] قيل: عطاشاً مشاةً علي أرجلهم كالإبل العطاش.
وقيل: الورد النصيب، يريد إنّهم نصيب جهنّم من الفريقين؟ والمؤمنون نصيب الجنّة.
والليل معروف وحدّه: ما بين مغيب الشمس إلي طلوع الفجر، و هذا أحد قسمي الزمان إذ الزمان: ليل ونهار.
والأفضل المتقدّم علي غيره لمزيد شرف «والمتلوّ لمّا تلي» يعني القرآن، والتلاوة هي القراءة، و أصلها من الإتباع [يقال:] تلي فلان فلاناً اذاتبعه، فلمّا كان القارئ يتلو حروف قراءته بعضها بعضاً سمّيت قراءته تلاوة.
و سمّي [الناظم] القرآن أفضل لأنه لاخلاف بين الأمّة أنه أشرف المسموعات و قد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «خيرالناس من تعلّم القرآن و علّمه، وفضل القرآن علي سائر الكلام كفضل اللَّه علي خلقه» [727].
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ما من قوم يجتمعون فيتلون كتاب اللَّه عزّ وجلّ ويتعاطونه بينهم إلّا كانوا أضيافاً للَّه عزّوجلّ و إلّا حفّت بهم الملائكة حتّي يقوموا أويخوضوا في حديث غيره».
والمعني في البيت أنّ أهل البيت عليهم‌السلام وظائف عباداتهم معروفة بالليل بكتاب اللَّه عزّوجلّ؟ وهي طريقة عرفوابها وورثها عن الأوّل منهم الآخر وأخذها عن الماضي الغابر.
روينا عن سعيد بن كلثوم قال: كنت عند جعفر بن محمّد فذكر عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام فأطراه ثمّ قال: «واللَّه ما أكل عليّ من الدنيا حراماً قطّ حتّي مضي
[صفحه 532]
لسبيله، وما عرض عليه أمران قطّ هما للَّه رضاً إلّا أخذ باشدّهما عليه في‌دينه، وما نزلت برسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم نازلة إلّا دعاه فقدّمه أمامه ثقة به، و ما أطاق عمل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم من هذه الأمّة غيره، وإن كان ليعمل عمل رجل كأنّ وجهه بين الجنّة والنار؛ يرجو ثواب هذه ويخاف عقاب هذه، ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه اللَّه والنجاة من النار، ممّا كدّ بيده ورشح منه جبينه، وإن كان ليقوت أهله بالزيت والخلّ، وما كان لباسه إلّا الكرابيس إذا فضل شي‌ء عن يده دعا بالجلم فقصّه [728] وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد، وإن كان أقرب القوم به شبهاً في لباسه وفقهه عليّ بن الحسين عليهم‌السلام» [729].
[صفحه 533]
و روينا بالإسناد إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه عليه‌السلام [730] قال: حدّثنا أبوأحمد محمّد بن عليّ بن محمّد المكفوف بقراءتي عليه بإصفهان قال: أخبرنا أبومحمّد عبداللَّه بن محمّد بن جعفر بن حيّان قال حدّثنا أحمد بن عليّ بن عيسي بن ماهان الرازي قال حدّثنا محمّد بن عبدالملك بن زنجويه، قال: حدّثنا العباس بن بكار عن عبدالواحد بن أبي‌عمرو الأسدي، عن محمّد بن السائب /216/:
عن‌أبي‌صالح قال: دخل ضرار بن [ض]مرة الكناني علي معاوية فقال له: صف لي عليّاً. فقال: أو تعفيني يا أمير المؤمنين؟ قال: لا أعفيك. قال: إذا لابدّ فإنّه كان واللَّه بعيد المدي شديد القوي يقول فصلاً، ويحكم عدلاً يتفجّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواجذه، [731] يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته.
وكان واللَّه غريز الدمعة، طويل الفكرة، يقلّب كفّه ويحاسب نفسه، يعجبه من
[صفحه 534]
اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن [732].
كان واللَّه كأحدنا يدنينا إذا آذنّاه [733] ويجيبنا إذا سألناه، وكان مع قربه منّا لانكلّمه هيبة له، فإن تبسّم فمن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظّم أهل الدين و يحبّ المساكين لايطمع القوّي في باطله ولاييئس الضعيف من عدله، فأشهد باللَّه لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخي الليل سدوله وغارت نجومه، يميل في محرابه قابض علي لحيته [734] يتململ تململ السليم و يبكي بكاء الحزين وكأنّي أسمعه الآن وهو يقول: يا ربّنا يا ربّنا [735] يتضرّع إليه ثمّ يقول للدنيا: «إليّ تعرّضت أم إليّ تشوّقت؟ هيهات هيهات غرّي غيري لاحان حينك فقد بتتك ثلاثاً، [736] فعمرك قصير و عيشك حقير و خطرك كثير [737] آهٍ من قلة الزاد و بعدالسفر و وحشة الطريق»؟!!
قال: فوكف دموع معاوية علي لحيته ما يملكها وجعل ينشفها بكّمه- وقد اختنق القوم بالبكاء- فقال: كذا كان أبوالحسن، فكيف وجدك عليه يا ضرار؟ قال: وجد من ذبح واحدها في حجرها لاترقأ دمعتها ولاتسكن حرّتها، ثمّ قام [ضرار] فخرج.
قال شيخ الإسلام والمسلمين أيده اللَّه: انظر إلي معاوية ومعرفته بحق أميرالمؤمنين عليه‌السلام وإقراره بالفضل؟ ثمّ معارضته له ومحاربته، وقد قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من ناصب عليّاً الخلافة بعدي فهو كافر و قد حارب اللَّه
[صفحه 535]
ورسوله، ومن شكّ في عليّ فهو كافر» [738].
وروينا أن الحسن بن علي عليهماالسلام كان إذا حضر وقت الصلاة امتقع لونه وارتعدت فرائصه [739].
وكان عليّ بن الحسين سيّد العابدين علي حالةٍ ظاهرة لأهل الإسلام من الخاص والعام روي أنّه دخل عليه ولده الباقر أبوجعفر محمّد بن عليّ عليهماالسلام [قال:] فإذاً هو قد بلغ من العبادة مالم أر أحداً قطّ بلغه وإذاً به قد اصفرّ لونه وارمضت عيناه من البكاء ودبرت جبهته وانخرم أنفه من السجود، وورمت ساقاه وقدماه من [طول قيامه في] الصلاة فرأيته بحال [مفجعة] فلم أملك أن بكيت عن رحمته؟ فإذاً به يفكّر ثمّ قال: يا بني أعطني تلك الصحف الّتي فيها عبادة أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام. فاعطيته بعضها فما قرأ منها إلّا يسيراً حتّي رمي بها تضجّراً وقال: و من يقوي علي عبادة عليّ عليه‌السلام [740].
وروي الباقر عليه‌السلام قال: كان عليّ بن الحسين عليه‌السلام يصلّي /217/ في كلّ يوم وليلة ألف ركعة تميله الركعة بمنزلة السنبلة.
و فيه ورد الأثر عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إذا كان يوم القيامة
[صفحه 536]
نادي مناد ليقم سيّد العابدين، فيقوم عليّ بن الحسين» [741].
وروينا بالإسناد إلي الزهري قال: ما رأيت قرشياً أفضل من عليّ بن الحسين واللَّه ما قال هاشمي [742].
قال: فكان يبخّل فلمّا مات وجد له مائة أهل بيت يقوتهم.
وكان يعمد إلي الخبز فيجعله في جراب ثمّ يحمله بالليل فيتصدّق به و يقول: بلغني أنّ صدقة السرّ تطفئ غضب الرب.
قال: فلمّا مات وجد في ظهره محل، [743] قال: فبلغني أنّه كان يستقي لضعفة جيرانه بالليل.
وروي أنه عليه‌السلام كان يقول: لأن أقوت أهل بيت فقيرٍ بالمدينة شهراً كلّ يوم صاعاً أحبّ إليّ من حجّة في أثر حجّة.
وكان ولده الإمام الوليّ زيد بن عليّ عليهماالسلام يعرف في المدينة بحليف القرآن وكان يسمع الشي‌ء من ذكر اللَّه فيغشي عليه!!
وفيه من الآثار الناطقة بفضله عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم مايكثر، وقد ذكرنا فيما مضي منها خبراً [744].
وكان عليّ بن الحسن بن الحسن بن الحسن عليهم‌السلام [745] كثير العبادة والتلاوة
[صفحه 537]
لكتاب اللَّه عزّ و جلّ فكان يحكي أنّه عليه‌السلام تزوّج ابنة عمّه زينب ابنة عبداللَّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ عليهم‌السلام، فلمّا زفّت إليه قال: هل لك أن نصليّ هذه الليلة شكراً للَّه تعالي حيث جمع بيننا؟ قالت: افعل. فباتا كذلك، فلمّا دني طلوع الفجر قالت له: هل لك أن نصوم هذا اليوم شكراً للَّه إذ جمع بيننا؟ قال: افعلي. فصاما يومهما، ثمّ أقبلت الليلة الثانية فباتا يصليان ثمّ صاما ثانياً حتّي أقاما سنة كاملة كذلك!! فقال له عمّه عبداللَّه بن‌الحسن: لم رغبت عن سنة جدّك؟ أقسمت عليك إلّا ما تركت هذا الأمر أو ما هذا معناه.
رواه صاحب كتاب الأنساب و هو السيّد [يحيي بن الحسن بن جعفر بن عبيداللَّه] العقيقي رحمة اللَّه عليه [746].
ولمّا حبسهم أبوالدوانيق كانوا في مطبق لا يعرفون الليل من النهار فكانوا لايهتدون إلي أوقات الصلاة إلّا بقراءة عليّ بن الحسن عليهماالسلام لما كان قد اعتاده.
ولمّا اشتدّ عليهم البلا ء وعظم الأمر قال عبداللَّه بن الحسن لعلي بن الحسن عليهم‌السلام: يا بنيّ قدتري ما نحن فيه فادع إلي اللَّه تعالي. فتفكّر ثمّ قال: يا عمّ إنّ لأبي الدوانيق في النار منزلة لم يكن ليبلغها إلّا بما فعل فينا، و إنّ لنا منزلة في الجنّة لم نكن لنبلغها إلّا بما نحن فيه؟ فإن شئت أن ندعوا اللَّه أن يقصر بنا عن منزلتنا في الجنّة ويقصر به عن منزلته في النار فعلت؟ قال: لا يا بنيّ.
وكان يعرّف هو وامرأته بالزوج الصالح؟ وكان يسمّي علّي الخير وعليّ الأغرّ و هو والد الإمام الحسين بن علي الفخّي سلام اللَّه عليه.
[صفحه 538]
والإمام السابق يحيي [747] بن عبداللَّه كان يصلّي ليلته يسجد في آخر الليل سجدة يقف فيها إلي طلوع الفجر.
والقاسم /218/ بن إبراهيم [748] المعروف بترجمان الدين سلام اللَّه عليه مشهور بالزهادة موصوف بالعبادة قال بعض أصحابه: حججنا مع القاسم بن إبراهيم عليه‌السلام فاستيقظت في بعض الليل فافتقدته و خرجت وأتيت المسجد الحرام فإذاً أنا به لاطئاً بالأرض ساجداً وقد بلّ الثري بدموعه و هو يقول: الهي من أنا فتعذّبني فواللَّه ما يشين ملكك معصيتي ولاتزين ملكك طاعتي.
وإن نظرت إلي سيرة الهادي إلي الحق يحيي بن الحسين عليه‌السلام [749] عرفت له فضلاً و سؤدداً ونبلاً، ليث بالنهار إذا تلاقت الأبطال، وراهب بالليل إذا نامت عيون الرجال، قال بعض أصحابه: كنت أتبعه حين يأخذ الناس فرشهم [وينامون، كان] في أكثر لياليه [يأمرني] بالمصباح إلي بيت صغير في الدار كان يأوي إليه فإذا دخله صرفني فأنصرف فهجس ليلة بقلبي أن أحتبس وأبيت علي الباب أنظر ما يصنع؟! قال: فسهر عليه‌السلام الليل أجمع ركوعاً وسجوداً وكنت أسمع وقع دموعه صلي اللَّه عليه وتسبيحه في حلقه؟ فلمّا كان الصبح قمت فسمع حسّي فقال: من هذا؟ فقلت: أنا. فقال: سليم ما عجّل بك في غير حينك؟ قلت: مابرحت البارحة جعلت فداك. قال: فرأيته اشتدّ عليه ذلك وحرّج عليّ أن لا أحدّث به في حياته أحداً.
قال الراوي عن سليم: فما حدّثنا به سليم إلّا بعد وفاة الهادي عليه‌السلام أيّام المرتضي عليه‌السلام [750] وكم يعدّ العادّ وهل يحصي رمل عالح وإنّما القليل يدلّ علي الكثير وضوء البارق يشير بالنوّالمطير.
[صفحه 539]
والإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام أخبرني بعض أصحابنا أنّه صام صوماً كثيراً يزيد علي خمس عشرة سنة حتّي ضعف عن تقليب الرمح بيده فتركه بعد ذلك رغبة في الجهاد في سبيل اللَّه، وكان كثير العبادة علي ماكان عليه السلف ونعم السلف ونعم الخلف.
فهؤلاء [و] أشباههم من الذريّة النبويّة والسلالة الزكيّة هم الّذين يؤهّلون للإمامة ويصلحون للزعامة دون أئمة بني‌العباس الّذين قطعوا ليلهم في الشراب وجاؤا في هذا الباب بنكر عجاب، فأضحوا للضلاّل أئمّهً وللباطل قادةً، قال تعالي «وجعلناهم أئمة يدعون إلي النار ويوم القيامة لاينصرون» [41/القصص: 28] حكم اللَّه تعالي وما جبر عبده؟ و إنّما حكم عليهم بأنّهم إلي النار لأنّهم دعوا إلي ما يغضب اللَّه تعالي وانتعش بهم العصيان وأطيع الشيطان وأسخط الرحمان، وما أحسن قول الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام في هذا المعني وأليقه بما نحن فيه:
أمن غير أبناء النبي محمّد
إمام لقد حاولت نقل شمام
وهل يستحقّ الأمر من جلّ همّه
لجمع حطام أولشرب مدام
تمسّك بأبناء النبي فإنّهم
زمام لدين اللَّه أيّ زمام
لتنجوا مع الناجين من كلّ موبق
إذا قيل للوفد ادخلوا بسلام
ستدعا /219/ الوري يوم‌اللقا بإمامهم
فأعدد للُقيا اللَّه خير إمام
[وهذا المعني] أخذه [المنصور باللَّه] من قول اللَّه تعالي «يوم ندعو كلّ أناس بإمامهم» [71/الإسراء: 17].
قيل: إنّ المراد بالإمام هاهنا من يؤتمّ به ويقتدي، فإن كان من أهل الجنّة قادهم إلي الجنّة، و إن كان من أهل النار قادهم إلي النار.
[صفحه 540]

في بيان صولة أهل البيت عند الحرب

ونعود إلي [شرح البيت: (36) من] القصيدة. قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
فإن بدت حرب فهم أسدها
حين يصير الليث مثل الطلي
بدت: ظهرت، وبدي الشي‌ء إذا ظهر، قال اللَّه تعالي: «وبدا لهم من اللَّه ما لم يكونوا يحتسبون» [47/الزمر: 39] يريد أنّه ظهر لهم من عظيم أخذه وشديد انتقامه ما لم يكونوا يظنّون.
والبداء لا يجوز علي اللَّه تعالي لأنّه يعلم العواقب فلايجوز عليه [ذلك]ولا خلاف في ذلك بين الأمة إلّا ما يحكي عن بعض جهلة الإمامية [751] فإنّهم جوّزوه علي اللَّه تعالي وهو كفر بلا مرية لأنّه يوجب أن يكون تعالي غير عالم ثمّ يصير عالماً وهذا في حقه تعالي محال، لأنّه تعالي عالم لذاته وإنّما جاز علينا لأنّا نعلم بعلم فيجوز أن يظهر لنا من حال الفعل ثانياً مالم يكن ظهر لنا أوّلاً فينثني عزمنا عن فعله لعلمنا أنه غير مصلحة لنا.
وقد بيّنا معني الحرب.
والأسد [علي زنة القفل]: جمع أسد [علي زنة فرس] وهو معروف وكذلك الليث من أسمائه أيضاً.
والمقصود في البيت تشيبه العترة عليهم‌السلام بالليوث الضارية والأسود العادية في الحرب إذا توقدت نيرانها وحمي وطؤها، كما قال الكميت بن زيد في كلمة له فيهم:
وإذا الحرب أومضت بسنا البرق
وسار اللّهام نحو اللهام [752].
ورأيت السريح يجبن والنبع
يمكسوه الظهار اللوام [753].
[صفحه 541]
فهم الأسد في‌الوغي لا اللواتي
بين حيس العرين ذي الآجام
أسد حرب غيوث جدب بهاليل
مقاويل غير ما أفدام
لامهاذير في التنديّ مكاثير
ولا مصمّتين بالافحام
سادة ذادة عن الخرّد البيض
إذا اليوم كان كالأيام
و معابير عندهم مغاوير [754].
مساعير ليلة الإلحام
لامغازيل في الحروب تنابيل
ولا رائمين بوّ اهتظام
ولكم لهم عليهم‌السلام من مواقف شهدت بالثبات وفئة مجموعة صمدوا لها فصارت إلي شتات، و جند حديد فلّلوا شباه، و عسكرمحشود ردّوا أولاه علي أخراه، والحكايات في هذا المعني أكثر من أن تحصي وقد أشرنا إلي نكتة فيما مضي.
وقد كان القائم من العترة عليهم‌السلام [755] يقوم في وقت وفور بني العباس وقوّتهم فما هو إلّا أن يسمع خليفتهم بقيامه فيكثر اهتمامه و يضطرب حاله ويتكدّر باله /220/ ويتضاعف أوجاله؟ لعلمه بماعليه العترة من التصميم قدماً والتجريع لأعداء اللَّه صاباً وعلقماً حتّي كأن الواحد منهم يفارق طريقته الطالحة، ويتزيّا بسيرة سواها صالحة كما فعل هارون- العبيد في الحقيقة لا الرشيد- لمّا ظهر يحيي بن عبداللَّه عليه‌السلام [756] بالديلم فإنّه لبس الصوف وافترش اللبود و تزيّا بزيّ الركع السجود وإلّا فهو المشهور تهتكه وضلاله والمعروف فسقه و محاله مع دناءة النفس وسقوط الهمّة الّتي لايرتضيها ملوك الدنيا الّذين هم أهل الرجاحة، و ذلك ان المرويّ انه كان شديد الحبّ لجعفر بن يحيي بن خالد البرمكي فكان يلبس هو و إيّاه قميصاً واحداً بجيبين يفضي جسد أحدهما إلي الآخر و كان لايصبر عن جعفر وعن أخته عباسة إبنة المهدي ساعة و كان يحضرها إذا جلس للشرب، وزوّجه إيّاها قال: ليحلّ له النظر إليها و عهد إليه أن لايمسّها فكانوا يحضرون للشرب ثمّ
[صفحه 542]
يقوم عن مجلسه و يتركهما وهما شابان قد غلب عليهما السكر [فكان يقوم إليها جعفر] و يواقعها فحملت منه و ولدت وخافت علي نفسها الرشيد فأمرت بالولد إلي مكة و أقام مدهً حتّي وشابها بعض جواريها إلي الرشيد فكان ذلك أحد أسباب نكبة البرامكة [كما] ذكره الطبري في‌تاريخه [757].
فأين تري يا طالب الرشد والهدي هذه الأنفس الخسيسة من أنفس العترة عليهم‌السلام الشريفة الّذين همّم في علم ينشر أوعلم في وجوه الأعداء يشهر، أو استنباط غامضة من الفنون أومعني من خفيّات الذكرالمكنون، كما قال أبوفراس في ميميته [758] وقد ذكر فيها طرفاً من أحوال الفريقين:
خلّوا الفخار لعلاّمين إن سئلوا
يوم السّوال وعمّالين إن علموا؟
لا يغضبون لغيراللَّه إن غضبوا
ولايضيعون حقّ اللَّه إن حكموا
ولايبيت لهم خنثي تنادمهم
ولايري لهم قرد له حشم؟
ما في بيوتهم للخمر معتصر
ولا ديارهم للسوء معتصم
البيت والركن والأستار منزلهم
وزمزم والصفا والجمع والحرم
تنشوا التلاوة من أبياتهم أبداً
ومن بيوتكم الأوتار والنغم
منكم عليّة أم منهم؟ و كان
لهم شيخ المغنين إبراهيم أولكم؟
إذا تلوا آية غنيّ إمامكم
قف بالطلول الّتي لم يقفهاالقدم
و أراد بقوله «شيخ المغنين» إبراهيم بن المهدي عمّ المأمون، و كان قد دعا إلي نفسه بالخلافة علي أنّه إمام هذه الصناعة الّذي لايجحد حقه، و سابقها الّذي لا ينكر سبقه، و في أخباره أنّه استتر لمّا دخل المأمون بغداد حتّي لزمه بعض الحرس بين امرأتين وقد تزيّا بزيّ النساء!! فأمر المأمون بإحضاره علي هيئته فعفا عنه وقال:
اخلع نفسك. /221/ قال: يكون يوم الجمعة فارتقي المنبر والعود في يده، والناس ينتظرون الخطبة فأخرج العود وضرب علي المنبر!!!
[صفحه 543]
والخالع والمخلوع في الحقيقه يتشاكلان وهما في هذا المعني فرسا رهان أسلسا جميعاً قيادهما للشيطان وخلعا بغير حشمة طاعة الرحمان.
فأخبرونا يا ذوي النهي بالجدّ لا المجون أيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون، واقضوا بما تعقب ذلك في الذكر المكنون: «الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون» [82/الأنعام: 6]، وكلّ منصف يعلم باليقين ممن نظر في‌أخبار الماضين أنّ بني‌العباس قد لبسوا إيمانهم الّذي هو التصديق بالظلم، وقارفوا عظائم الإثم، ولم يكونوا ممن أتي باب الأمن والهداية وكيف وقد أوضعوا في أودية الغواية، واغتبقوا في طرق الجهالة [759] وشربوا من إحن الضلالة، أولئك لاخلاق لهم في الآخرة ولايكلمهم اللَّه يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم.
[صفحه 544]

دعوة السيد المنصور بالله الخليفة العباسي الناصر لدين الله إلي الإنصاف في أحقهما بزعامة المسلمين

ونعود إلي [شرح البيت: (37) من] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام:
وقد دعونا فاقض ما بيننا
فأيّنا أولي بها يا أخي
[قوله عليه‌السلام:] «دعونا» يريد الدعوة إلي الإمامة. و قوله: «فاقض» أي فاحكم والقضاء بمعني الحكم يقال: قضي الحاكم لعمرو بما يدّعيه علي زيد أي حكم. قال تعالي: «وقضي ربّك ألاّ تعبدوا إلّا إيّاه» [23/الإسراء: 17]والمراد انّه حكم بذلك وألزمه، ويستعمل بمعني الخلق [أيضاً كما في قوله تعالي]: «فقضاهن سبع سماوات في يومين» [12/فصّلت: 41] معناه أتمّ خلقهنّ ويستعمل بمعني الإعلام [كما] قال تعالي: «وقضينا إلي بني إسرائيل في الكتاب لتفسدنّ في الأرض مرّتين» [4/الإسراء: 17] أي أعلمنا وأخبرنا بذلك عن حالهم.
والأولي: الأحقّ بالشي‌ء يقال: زيد أولي بهذه الدار أي أحقّ وأملك بالتصرف فيها وفي الخبر عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أيّما امراة نكحت بغير إذن وليّها فنكاحها باطل ثمّ هو باطل ثمّ هو باطل» [760] أراد بالوليّ هاهنا العصبة الّذي هو أولي بها في عقد النكاح عليها فكان ذلك دلالة لأهل العلم علي أنّ المرأة لا تلي عقد النكاح علي نفسها لأنّ النّبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم صرّح ببطلانه وأكّد ذلك مرّة بعد أخري.
وزعم أبوحنيفة أنّ لها أن تعقد علي نفسها، وما ذكرناه أوّلاً مذهب العترة عليهم‌السلام وهو قول الشافعي رحمه الله في آخرين.
وقوله: «بها» يعني الإمامة و «الأخ» معروف و قد سمّي العباسي أخا لأنّ ابن‌العمّ يجوز وصفه بذلك، قال تعالي: «وإلي عاد أخاهم هوداً» [65/الأعراف: 50/7 هود] أراد بذلك انّه منهم في النسب وإن لم يكن أخاً لهم في الدين لاهتدائه صلي اللَّه عليه وسلم وضلالهم وإن كانت الإخوة /222/ قد تكون في غير النسب كما قال تعالي: «إنّما المؤمنون إخوة» [10/الحجرات: 49] وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «الإخوة في الدين فوق الإخوة في‌النسب». وإنّما سميّ تعالي المؤمنين إخوة لأنهم صاروا علي طريقة واحدة وديانة متفقة يتعاضدون
[صفحه 545]
ويتعاشرون، فالإخوة في أصل اللغة قد ترد بمعني المشاكلة بين الشيئين كما يقال: هذا الثوب أخو هذا فلمّا اشتبهت أحوال المؤمنين في أحوالهم الّتي كانوا بها مؤمنين سمّوا إخوة.
والمعني بما أورده عليه‌السلام أنّه يسأل أباالعباس- و هو أحمد الملقب بالناصر-: هل هو عليه‌السلام أولي بالإمامة أم هو؟ لأنّهما قد ادّعياها جميعاً ولايجوز ثبوت الإمامة في العصر الواحد لأكثر من واحد، والإجماع منعقد علي مراعاة الأفضل في طلب الإمامة، وقد كان هذا القائم معروفاً يشرب الخمر والإدمان عليه وأعمال قوم لوط!!
وكان هذا أيضاً قد قتل أباه في الحمام أغلق عليه بابه حتّي مات إلي غير ذلك من فضائحه ومخازيه الّتي شهرتها مغنية عن ذكرها.
وقد ذكر الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام طرفاً منها في الشافي عند ذكره والمعلوم قطعاً أنّ من واقع هذه الجرائم لايكون في موضع فضل فضلاً عن أن يكون هو الأفضل، فعند الإنصاف من نفسه لايري نفسه أهلاً للإمامة لأن من لا تقيل شهادته في أدني الأشياء عند حاكم المسلمين لايصلح أن يكون أميرالمؤمنين إذ من المحال أن لا يوثق به في يسير، ويوثق به في التصرف علي أهل الإسلام عموماً في أنفسهم وأموالهم وبلادهم وهذا لايرتاب فيه منصف ولايتوقف في صحته ذو معرفة، فحينئذ يظهر له أنّ الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام هو الأولي بالإمامة والأجدر بالزعامة، وقد أظهر المعني فقال عليه‌السلام بعد ما تقدّم:

دعوة السيد المنصور بالله الخليفة العباسي الناصر لدين الله إلي الإنصاف في أحقهما بزعامة المسلمين

من لم يرالمنكر ولم يشرب
الخمر ولم ينطق بقول بذي
الرؤية بمعني المشاهدة و يكون بمعني العلم أيضاً كما سبق، والمنكر هو الفعل القبيح الّذي تستنكره العقول، قال تعالي حاكياً: «لقد جئت شيئاً نكراً» [74/الكهف: 18] أي أمراً منكراً فظيعاً.
والشرب معروف. والخمر: مائع مخصوص ورد الشرع بتحريمه، وقد بيّنا معناها في أصل اللغة.
والنطق هو البيان، ويقال: الكتاب الناطق أي البيّن قال تعالي: «هذا كتابنا ينطق عليكم بالحقّ» [29/الجاثية 45] والبذاء هو افحش الكلام، و معني البيت
[صفحه 546]
أنّه يقول عليه‌السلام: هل الأولي بالإمامة من لم يشاهد نكراً ولا شرب خمراً ولا قال هجراً؟! أم من هو موضع في أودية هذه المعاصي غير خائف للجمع بين الأقدام والنواصي؟!!
ثمّ زاد تاكيداً في صفات القائم فقال: عليه‌السلام بعد ما تقدّم:

دعوة السيد المنصور بالله الخليفة العباسي الناصر لدين الله إلي الإنصاف في أحقهما بزعامة المسلمين

نشأته /223/ طاهرة إذ نشأ
يقفو علي نهج أبيه عليّ
النشأة معروفة و هي مبتدأ وجود الإنسان، والإنشاء: الإحداث قال تعالي: «ومنشئ السحاب الثقال» [12/الرعد: 13] ويقال: أنشأ اللَّه الخلق أي أوجدهم.
والطهارة هاهنا هي البعد عن المعاصي والتنزيه منها، و في غير هذا [المقام]هي زوال النجاسة و هي رفع الحدث بما يستباح به الصلاة وتلاوة القرآن، وإذا قيل في صفة اللَّه: «يا طاهر»، فالمراد به تنزيهه عن الصاحبة والولد والقبائح،ويقال: «فلان عفيف المئزر وطاهر الجيب» ويراد به بعده من الفواحش والمعاصي.
ويقفو: يتبع قال اللَّه تعالي: «ولاتقف ما ليس لك به علم» [36/الإسراء: 17] يريد لا تتّبع، ويقال: «قف فلان أثر فلان» إذا اتّبعه واقتدي به في أحواله ومن أسماء النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «المقفي»، وقد بيّنا أنّ معناه اتّباعه للأنبياء صلوات اللَّه عليهم.
والنهج: الطريق. والأب معروف. وعليّ يريد [به] أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه و علي أبنائه الأكرمين، والمعني الّذي أراده عليه‌السلام أنّ هذا القائم بأعباء الإمامة إذا كانت صفته ما ذكره علي طهارة منشأه، [761] وعفّته وتقاه واقتفائه آثار أبيه أميرالمؤمنين عليه‌السلام، فهو بخلاف من نشأ علي القبائح وعمّرت به أندية الفضائح كما غلبت هذه الخطّة الذميمة والخلّة اللئيمة علي أئمة بني العباس.
ثمّ زاد عليه‌السلام [بأنّه لابدّ] للّذي تصدّي للإمامة [من] صفات فضل وشرف فقال: عقيب ذلك:
[صفحه 547]

في بيان أرجحية الناظم المنصور بالله للزعامة من معاصره الخليفة العباسي الناصر لدين الله

يحمي علي الخيل إذا أدبرت
ويبذل المال و يهدي العمي
يحمي أي يمنع [يقال]: حمي فلان فلاناً عن كذا أي‌منعه، و منه قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّ لكلّ ملك حميً وإنّ حمي اللَّه في الأرض محارمه» [762] يريد أنّ لكلّ ملك [حميً] فله [أن] يمنع منه، والّذي منع اللَّه تعالي وهو ملك الملوك في الأرض محارمه الّتي حرّمها علي عباده.
والخيل معروفة، وأدبر: نقيض أقبل قال تعالي: «ومن يولّهم يومئذ دبره» [16/الأنفال: 8] والبذل: العطاء، [يقال:] بذل فلان لفلان كذا وكذا أي أعطاه. والمال معروف وسمّي مالاً لأنّ النفس تميل أي تصغي إلي محبّته؟
والهداية قد بيّنا معناها وهي الدلالة علي الخير والإرشاد إليه، هذا في الأكثر وقد يستعمل في‌الدلالة علي الشرّ قال تعالي: «فاهدوهم إلي صراط الجحيم» [13/الصافات 37] أي دلّوهم عليه واسلكوهم إيّاه.
والمعني أنّ هذا الّذي تعرض للإمامة وقام بأعيائها إذا كان من صفته [أن] يحمي علي جنود المسلمين إذا انصرفت بفضل شجاعته وشدّة شكيمته حتّي يمنع عنهم عدوّهم من نيل غرضه فيهم وظهوره عليهم /224/ ومن صفته أنّه يبذل المال للطالبين و يمنحه للراغبين عن سهولة نفس وانشراح خاطرٍ وقلب يتوق إلي اكتساب المعالي والمكارم، ويرتاح لإفادة الندي في المعينين؟.
ومن صفته أنّه يهدي الغاوي من الضلالة ويعلمه من الجهالة ويرشده إلي أحمد المذاهب ويدلّه علي أفضل المكاسب الّتي هي الجنّة في الدار الأخري [والخلاص]من عظائم الأهوال، والقاضية بالفوز بذري الغرف في دار النعم العوال؟ فمن كان علي هذه الصفات الشريفة فهو عند ذوي الألباب يفارق [مردة يقولون له: هلمّ] [763] إلي دار الحجيم واغري بطاعة الشيطان الرجيم وصدّ عن عبادة الرحمن الرحيم كما سلك أئمّة بني العباس هذه الطريقة الذميمة لعوام الناس فضلّوا وأضلّوا وزلّوا وأزلّوا فهم في التحقيق حزب ابليس [764] في دعائه إلي الضلال والردي والناكثون عن سبيل الرشد والهدي، ثمّ زاد عليه‌السلام في صفته القائم فقال:
[صفحه 548]

في بيان أرجحية الناظم المنصور بالله للزعامة من معاصره الخليفة العباسي الناصر لدين الله

وينظر الدنيا وإن زخرفت
ياابن‌أبيه نظر المزدري
النظر من الألفاظ المشتركة- ونعني من اللفظ المشترك: مايفيد معنيين فصاعداً علي حدّ واحد- و من حكمه إذا أطلق أن يبقي الفهم متردّداً عند سماعه لايري ترجيحاً لبعض معانيه علي بعض، ألا تري أنّك إذا قلت: رأيت لوناً بقي‌الفهم متردّداً لأنّ اللون يفيد السواد والبياض والخضرة والصفرة، وهذا بخلاف اللفظ المنفرد فإنّه يفيد المعني الواحد فعند إطلاقه لايتردّد الفهم بل يبتدر إليه المعني الواحد، كما تقول: رأيت سواداً. والنظر حكمه ما ذكرناه أولاً لأنّه لايسبق إلي الفهم عند إطلاقه معني واحد فكان مشتركاً، والمعاني الّتي هو مشترك بينها خمسة:
أحدها نظر العين و هو تقليب الحدقة الصحيحة نحوالمرئيّ طلباً لرؤيته فالرؤية مطلوبة و هو أمر سواها، خلافاً للأشعرية فإنّ النظر بمعني الرؤية عندهم.
وثانيها نظر الإنتظار وهو التوقّع لحصول أمر في المستقبل، والإنتظار والترقّب والتوقّع بمعني واحد، قال تعالي: «فنظرة إلي ميسرة» [128/البقرة: 2] أراد انتظارالغريم إلي وقت جدته وهي ايساره؟.
وثالثها بمعني المقابلة يقول العرب: دار فلان تناظرإلي دار فلان أي تقابلها،والجبلان يتناظران أي يتقابلان، قال [الشاعر]:
إذا نظرت اليّ جبال أحدٍ
أفادتني بنظرتها سرورا
ورابعها نظر الرحمة و هو إرادة حصول منفعة للغير أودفع ضرر عنه، و علي هذا قال سبحانه في صفة أهل النار: «ولا ينظر إليهم يوم القيامة» [77/آل عمران: 3] يريد لايرحمهم لأنّهم قد صاروا إلي محلّ الإنتقام.
وخامسها نظر الفكر وهوالمعني الّذي يوجب كون المختص به متفكّراً، وهو المراد بقوله تعالي «أفلاينظرون إلي الإبل كيف خلقت» الآيات [17 تا 20/الغاشية: 88] أي يتفكّرون في خلقها، والدنيا هي هذه الدار الّتي فيها الخلائق، وسمّيت دنيا قيل: لدنائتها /225/ وحقارتها لأنّها دار فانية يتقلّب فيها الأحباب، وتتابع علي أهلها الرزايا و تتوالي عليهم البلايا فهم فيها أغراض للمحن وأهداف الفتن فلذلك كانت حقيرة دنيّة، و أدني منها من كالب عليها وأقبل بنظره إليها حتّي وافاه حمامه وتصرّمت أيّامه، فندم حين لايغني عنه ندمه،
[صفحه 549]
وكيف وقد زلّت قدمه.
وقيل: سمّيت دنياً لدنّوها وهو قربها والدنّو: القرب قال تعالي في صفة جبريل صلي اللَّه عليه وسلم: «ثمّ دني فتدلّي» [8/النجم: 53] أي قرب، و قال سبحانه في ثمار أهل الجنّة «قطوفها دانية» [23/الحاقة: 69] أي قريبة ممن يريد تناولها فمتي أراد ثمرة تدلّت إليه فإذا تناولها عادت علي حالتها الأولي و هذا هوالنعيم المصفّي الّذي ينبغي أن يكدح له العاقل ويسعي، ونسأل اللَّه توفيقاً يعمّر قلوبنا بذكره وتلهح ألسنتنا بشكره، لنسلم من الأهوال، وننجو من الضلالة ونصلّي علي محمّد وآله خير آل.
وقوله: «وإن زخرفت» فهو من الزخرف و هو في الأصل: الذهب، قال تعالي: «ولبيوتهم أبواباً وسرراً عليها يتّكؤن - وزخرفاً» [35/الزخرف: 34 تا 35] يريد الذهب، ثمّ استعمل بعد ذلك في‌كلّ ما راق منظره وأنق مرآه من الممّوه وغيره ممّا حسن وزيّن.
وقوله: «يابن أبيه» نسبة إلي الأب الأعلي الّذي يجتمعان فيه و هو عبدالمطلب بن هاشم.
وقوله: «نظر المزدري» في الكلام حذف تقديره: قبل نظر المزدري؟ والمزدري هو المحتقر بالشي‌ء المتهاون به، [يقال:] ازدري فلان بكذا أي احتقره لأنّه هان عنده وضعف قدره ولم يكترث به، والمعني في‌ذلك أنّ هذا القائم ينظر إلي الدنيا- وإن أنقت وأبهجت وحسنت في عيون أهلها- نظر المحتقر لها والمتهاون بها، لعلمه بأنّها تصير إلي نفاد، وتنقلب إلي عدم، وأنّه لو حازها المرء برمّتها واحتوي عليها بكليتها نقل منها أسكن ماكان إليها، وغدرت به لمّا اعتمد عليها.
وكم من ذي جند موفور و عسكر منصور دانت له البلاد، وتمكّنت وطأته علي العباد وذللّ الأضداد، وكبت الحسّاد وعمّر طويلاً وعدّ ملكاً جليلاً وجمع مالاً بجيلاً وقاد رعيلاً وألقي في أرض أعاديه عويلاًوترك عندهم حرياً طويلاً غمرت الأقطار بذكره ونطقت الألسن بفخره، ما ناواه أحد إلّا قهره بعزّة سلطانه، ولا باراه أحد إلّا هدم عليه ما شاد من بنيانه، حتّي عنت له الملوك الأكابر، وخضعت لصولته الليوث القساور، ثمّ تخلّي له ملك الموت من حجبته [ظ] وبادر فيه إلي ما
[صفحه 550]
أمر به، فأصبح ملكه مسلوباً وأضحي بعد الغلبة مغلوباً وبقي في داره لايجيب داعياً ولا يرحم باكياً؟! ولايحنّ إلي شفيق ولا يرثي لشقيق؟!! وكيف وقد سلب الذهن والحياة فأصبح خشبة ملقاة، لم تغن عنه جنوده الّتي عقدها ولادفعت عنه عساكره الّتي حشرها ولا أجدت عنه أمواله المجموعة، ولاصرفت عنه معاقله الممنوعة!!! كيف و إنّما وافاه أمر من يقول للشي‌ء: «كن فيكون» ولايخترمه ريب المنون، ولايحيط بعظمته المتفكّرون، ولايقف علي كنه جبروته العارفون، فأصبحت منازله خاوية وأيّامه خالية؟!!
و ما كان /226/ إلّا الدفن حتّي تفرّقت
إلي غيره حرّاسه و كتائبه
فتصبح مسروراً به كلّ شامت
وأسلمه أصحابه و مراكبه
ومن يك ذا باب سديد وحاجب
فعمّا قليل يهجر الباب حاجبه
فمن تحقق هذه الأحوال في هذه الدار فجدير به أن ينظر إليها بعين الاحتقار، وهذه صفة أئمّتنا الأطهار، و سادتنا الأبرار، دون أئمّة بني العباس الّذين عكفوا علي الخمور، وأقاموا علي سوق الفجور، وأحيوا ميّت الشرور!!!
ثم زاد عليه‌السلام في صفة القائم [بأمور الناس] مايقضي له بالمزيّة الواضحة عند ذوي العقول الراجحة، فقال:

في بيان أرجحية الناظم المنصور بالله للزعامة من معاصره الخليفة العباسي الناصر لدين الله

وإن بدت حرب تجلّي لها
بعزمة تهزأ بالمشرفّي
بدت: ظهرت، و قد بيّناه و تجلّي أيضاً صفته كذلك، والعزمة معروفة وهي التصميم علي القيام بالشي‌ء والإعراض عن التّأني فيه، والعزمة الشديدة، ومنه قوله صلي اللَّه عليه و اله و سلم: «ان اللَّه يحبّ أن يؤتي رخصه كما تؤتي عزائمه» [765] أراد بالعزائم الأمور الشديدة، و بالرخص ما سهّله تعالي و ذلك نحو صلاة المتيمّم و صلاة القاصر، واللَّه تعالي مريد لكلّ واحدة منهما.
[صفحه 551]
و «يهزأ» من الهزء وهو السخرية، وهو أن يظهر لغيره من التعظيم ما لا حقيقة له، [ومنه] قوله تعالي: «اللَّه يستهزئ بهم» [15/البقرة: 2]، قال العلماء: هذا لا يجوز في‌حقه تعالي وإنّما المراد أنه يجازيهم علي استهزائهم فقابل اللفظ باللفظ كما قال تعالي: «نسوا اللَّه فنسيهم» [67/التوبة: 9] و كما تقول العرب: «كما تدين تدان» والعرب لها عادة في تسمية الشي‌ء بما هو منه بسبب، قال الشاعر:
ألا لا يجهلن أحد علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وانما المراد إنا نجازيه علي جهله علينا الّذي جهل به علينا، ولهذا جعل ذلك مدحاً والجهل مذموم عند العقلاء.
والمشرفّي هو السيف، وهو واحد المشرفية وهو منسوبة إلي قري للعرب بالقرب من ريف السواد تسمّي مشارف.
والمعني‌الّذي قصده عليه‌السلام أنّ هذاالّذي جعله أهلاً للإمامة- و موضعاً للزعامة من صفته و سجيّته أنّه مع ماتقدّم من الصفات الشريفة- إذا وقعت حرب ظهر فيها أمره و حمد خبره، وكانت عزمته في نفوذها وفضلها تزيد علي حدّ السيف الصارم يحطم اليراع في النحور والكلي، ويثلم الهندي في المعاصم و الطلا؟ تتقي به الأبطال؟ و تتحاماه الرجال، فهو كما قال القائل:
أسد أضبط يمشي
بين طرفاء و غيل
لبسه من نسج داو
ود كضحضاح السبيل
لأنّ الأسود أشدّ ما يكون صولة في اخباشها من عند محاماتها فيها عن اشبالها [766] وكم من ملحمة عرف الأعداء فيها لأئمتنا عليهم‌السلام الثبات، وقطعوا فيها الكماة وعند هذا تظهر فائدة القدح الّتي أوراها الزناد؟ ويتضّح الحقّ اتّضاح النور الوقّاد.
و ذلك لأنّا نقول إذا كان الأمر علي ما حققه الإمام عليه‌السلام فهو ممن جمع الأوصاف الّتي ذكرها وقام وادّعي الإمامة، وبإزائه من بني العباس من قد فقدت عنه بأسرها أيكون هذا الداعي أولي /227/ بالإمامة؟- علي مروقه وأحقّ
[صفحه 552]
بالزعامة علي فسوقه- من البرّ الصادق العارف بالحقائق؟ كلاّ لايكون بها أولي عند ذوي الحجي ومن أنصف من أرباب النهي، ومعلوم أن جميع أئمتنا عليهم‌السلام من لدن أميرالمؤمنين عليّ عليه‌السلام إلي الإمام المنصور باللَّه- عليهم جميعاً السلام- ما فيهم أحد إلّا وقد زاد علي الخصال المعتبرة في الإمامة علماً وعملاً، و من عاصرهم من بني أميّة وبني العباس علي نقائص صفاتهم؟.
والمعاصر للإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام الملقب بالناصر كان معدوداً من أهل الفسوق، وأئمّة الضلال والمروق لايعف عن الحرام [767] ولايتوقّي شيئاً من الآثام ولا يراقب المليك الواحد ولايرتاع لمشهود وشاهد ولا ينطوي علي الإنتقام للَّه من مارد، ولايستحيي من اللَّه من توقير معاند مستهتر بالشراب والغناء مفتون بالفساد والخنا، يميل به الخمّار، وتحفه في مجلسه الأوتار، [768] ويعلّل نفسه بنغمات العيدان، ويبرز للصلوات صاحياً و سكران؟!! هذه صفات الناصر وهو في الحقيقة الخاذل لدين اللَّه!!
فأين هذا من الإمام المنصور باللَّه الّذي قام وقد هدرت شقاشق الضلال وخطب بالكفر الجهّال، وزخرف بحار الكفر، وقام سوق النكر، فلمّا انبري إلي الإمامة داعياً وأسمع بالدعاء واعياً قوّض بنيان الكفر العالية شرفاته؟ ومزّق علمه الهافية عذباته؟ وأغاض بحره بعد تلاطمه، وأقشع غيمه بعد تراكمه، ونصب في أفق العزّ للعلم بنوداً، وأبان له معالم وحدوداً، وأنهج سبل الطلب للهداية، وأوصح بفائق نظمه ونثره طرق الغواية [769] وهكذا ماضي آبائه الأبرار وسلفه الأخيار، كلّ منهم يتخيّر علي العباد، و يوضح لهم سبل الرّشاد فإليهم المرجع فيما يشكل، والفزع فيما يعضل دون غيرهم من الأموّيين والعباسيين كما قال الكميت بن زيد في كلمة له: [770].
[صفحه 553]
ألا يفزع الأقوام مما أظلّهم
ولمّا يجبهم ذات ودقين ضئبل [771].
من المهملات الداليل قد بدا
لذي اللبّ منها برقها المتخيل [772].
ألا مفزع لن ينجي الناس من عمي
ولافتنة إلّا إليها التحوّل [773].
إلي الهاشميين البهاليل إنّهم
لخائفنا الراجي ملاذ وموئل
إلي أيّ عدل أم إلي أيّ رأفة
سواهم يؤّم الظاعن المتحمّل
ومنهم نجوم الناس والمهتدي بهم
إذا الليل أمسي وهو بالناس أليل [774].
إذا استحككت ظلماء أمر نجومها
غوامض لاتسري به الناس أفّل [775].
وإن نزلت بالناس عمياء لم يكن
ليبصر إلّا بهم حين يشكل
فيا ربّ عجّل ما نؤمّل فيهم
ليدفأ مقرور ويشبع أرمل [776].
وينفذ في راض مقرّ لحكمه
وفي ساخط حكم الكتاب المعطّل [777].
وإنّهم للناس فيما ينوبهم
عري ثقه حيث استقّروا وارحلوا [778].
وإنّهم للناس فيما ينوبهم
مصابيح يهدي من ضلال ومسال؟
وإنهم /228/ للناس فيماينوبهم
أكفّ الندي تجري عليهم وتفضل
لأهل العمي فيهم شفاء من العمي
مع النصح لو أنّ النصيحة تقبل
وهذه هي الصفات الشريفة الّتي يؤهّل ربّها للقيام بأعباء الإسلام وتصلح للإمامة علي الخاص والعام، و معلوم أنّها قد حصلت علي أبلغ الوجوه في الإمام المنصور باللَّه ومن تقدّمه من الأئمة السابقين الأبرار الصادقين الّذين بذلوا في رضي‌اللَّه تعالي الطارف والتلاد، وجهدوا في صلاح العباد، فوضحت معالم الهدي
[صفحه 554]
للسالك وتميزت طرق السلامة من المهالك، وأضحي الصبح لكلّ مبصر، وتجلّت أنوار الرشد لكل متدبّر، فهم المعشر الكرام والصفوة من الأنام والخيرة من أهل الإسلام.
روي أن هشام بن عبدالملك حجّ في سنة حجّ فيها سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليهماالسلام، وأراد هشام استلام الركن فغلب عليه الناس وكثرت الزحمة عليه منهم وما أفرج له علي جلالة قدره في الدنيا ورياسته العظمي، وجاء عليّ بن‌الحسين بن عليّ عليهم‌السلام فأفرج له الناس حتّي استلمه في كلّ طواف و ذلك بمرئي من هشام بن عبدالملك وقد وقف في جانب وأحدق به أصحابه، فأغضبه ذلك فقال: من هذا؟ فقال الفرزدق: [779].
هذا الّذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحلّ والحرم
هذا ابن خير عباد اللَّه كلّهم
هذا التقي النقي الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلها
إلي مكارم هذا ينتهي الكرم
يكاد يمسكه عرفان راحته
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
لو يعلم الركن من قدجاء يلثمه
لخرّ يلثم ما قد مسّه القدم
في كفّه خيزران ريحه عبق
من كفّ أروع في عرنينه شمم
يغضي حياءاً ويغضي من مهابته
فلا يكلّم إلّا حين يبتسم
هذا عليّ بن من أضحي وليس له
ندّ يعدّ إذا ما عدّت النعم
مشتقّة من رسول اللَّه نبعته
طابت عناصرها والخيم والشيم
تنمي إلي ذروة العزّ الّتي قصرت
عن نيلها عرب الإسلام والعجم
سهل الخلائق لايخشي بوادره
يزينه خصلتان الخلق والكرم
كلتا يديه غياث عمّ نفعهما
تستوكفان ولا يعروهما العدم
ما قال لا قطّ إلّا في تشهّده
لولا التشهد لم ينطق بذاك
فم هذا عليّ وهذا السبط قد كملت
فيه المكارم والعلياء والهمم
[صفحه 555]
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله
بجدّه أنبياء اللَّه قد ختموا
اللَّه شرّفه قدماً وفضّله
جري بذاك له في لوحه القلم
من /229/ جدّه دان فضل الأنبياء له
و فضل أمتّه دانت له الأمم
حمّال أثقال أقوام إذا فرحوا
حلو الشمائل تحلو عنده النعم
عمّ البريّة بالإحسان فانقشعت
عنها الغباية والإملاق والظلم؟
لايخلف الوعد ميمون نقيبته
رحب الفناء أريب حين يعتزم
من معشر حبّهم دين و بغضهم
كفر وقربهم منجا و معتصم
يستدفع السوء والبلوا بحبّهم
ويستدام به الإحسان والنعم
مقدّم بعد ذكر اللَّه ذكرهم
في كلّ حين [780] ومختوم به الكلم
إن عدّ أهل التقي كانوا أئمتهم
أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم
ولايدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت
والأسد أسد الشري والبأس محتدم
يابي لهم أن يحلّ البخل ساحتهم
خيم كريم وأيدٍ بالندي تهم [781].
إن تنكروه فإن اللَّه يعرفه
والبيت يعرفه والحجر والحرم
أيّ الخليقة ليست في رقابهم
لأوّليّة هذا أو له نعم
من يعرف اللَّه يعرف أوّلية ذا [782] فبلغ ذلك زين‌العابدين عليه‌السلام فأمر له ببدرة فحملت إليه فردّها وقال: إنّما تكلّمت و قلت ما قلت في اللَّه عزّ
[صفحه 556]
وجلّ، ولا أقبل عليه عوضاً وأجراً. وردّ البدرة، فردّها عليه زين العابدين وقال: «نحن أهل البيت إذا خرجت منّا صلة لم ترجع [إلينا] أبداً».
وحبس هشام الفرزدق بعسفان علي مرحلتين من مكّة، فقال يهجو هشاماً:
أتحبسني بين المدينة والّتي
إليها جميع الناس تهوي منيبها
يقلّب راساً لم يكن رأس سيّد
وعيناً له حولاء باد عيوبها
والأبيات الّتي قدّمناها كثير، منها مشهور ومسموع، وقد كتبناها تامّة من نسخة أنفقت بخطّ القاضي العلامة شمس الدين جمال الإسلام أبي‌الفضل جعفر بن أحمد بن أبي‌يحيي رضوان‌اللَّه عليه.
[صفحه 557]
ونعود إلي [شرح البيت: (43) من] القصيدة، قال [الإمام المنصور باللَّه]عليه‌السلام:

في بيان أرجحية الناظم المنصور بالله للزعامة من معاصره الخليفة العباسي الناصر لدين الله

ردّوا علينا يا بني عمّنا
تراثنا ما الأمر فيه غبيّ
الردّ /230/ نقيض الأخذ وهو في معني الرجوع، قال: تعالي «ثمّ ردّوا إلي اللَّه مولاهم الحقّ» [62 الأنعام: 6] أي رجعوا إلي موضع حكمه الّذي لم يجعل لأحد فيه حكماً بخلاف الدنيا فإنّه قد جعل الحكم فيها لبعض عباده في بعض الأشياء لأنّها دار تخلية.
وبنوا العمّ [المقصود هاهنا] هم أولاد العباس بن عبدالمطلب الّذين توجّه إليهم الخطاب من أول القصيدة.
والتراث والميراث بمعني واحد، قال الكميت:
يقولون لم يورث ولولا تراثه
لقد شركت فيه بكيل وأرحب [783].
ويستعمل فيما ورثه الإنسان من غيره مالاً وعلماً يقول القائل: ورث فلان علماًومالاً، وورث فلان من أبيه وأهله علماً ومالاً. قال تعالي في ميراث العلم: «ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا» [32 فاطر: 35] قيل: أراد علم الكتاب.
والغبيّ من الغباوة وهي قلّة الفطنة والذهاب عن معرفة الشي‌ء يقول القائل: غبيت عن هذا إذا جهله، والمعني فيي ذلك أنّه عليه‌السلام خاطب بني العباس بردّ التراث الّذي هو مقام النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم في أمّته وتصرّفه عليهم لأنّهم استولوا علي الأمر غصباً فصار في أيديهم بمنزلة سائر المغصوبات في أيدي المغتصبين لها، لأنّ عترة النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أولي الخلق بوراثة مقامه لأنّ اللَّه تعالي جعل لهم المزية العظمي علي الأمة بولادة النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم، وما منحهم من خصال الفضل والكمال وشرائف الأعمال، فهم قران الشرف والعلي و مواضع العلم والهدي، فكانوا أولي من بني‌العباس بوراثة مقام النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم لأنّهم أشبه الأمّة به في هديه والدعاء إلي دينه
[صفحه 558]
والقيام بشرعه والمنابذة لحرب الباطل وشياطينه.
وليس هذا من قولنا: إنّ الإمامة لاتستحقّ بطريقة الإرث، لأنّا نعني بذلك أنّها لاتجري مجري المواريث، وإنّما نريد بذلك طريقة اللغة، يقول قائلهم: «ورث فلان فلاناً في مقامه» إذا سدّ مسدّه، و علي هذا وردالأثر: «العلماء ورثة الأنبياء»، وإنّما أراد بذلك أنّهم يقومون مقامهم في الدعاء إلي الحقّ وتعريف العباد طرق الرشاد وتحذيرهم من سبل الغواية والفساد، فأمّا الإمامه فلا تستحق بطريقة الإرث وإلّا وجب إذا خلف الإمام السابق ولداً عامياً لا ديانة فيه أن يكون إماماً، و هذا ظاهر الفساد، ولأنّه كان يحب أن يجوز في النساء لأنّ لهنّ نصيباً من الإرث وهذا باطل.
[صفحه 559]

في بيان أرجحية الناظم المنصور بالله للزعامة من معاصره الخليفة العباسي الناصر لدين الله

[ولنرجع إلي شرح البيت: (44) من القصيدة فنقول:] قال [الإمام المنصور باللَّه] عليه‌السلام- وهو آخر بيت من القصيدة-:
وسلّموا الأمر لأربابها
فأصلكم أصل شريف زكيّ
يقول عليه‌السلام: تخلّوا من [هذا] الأمر إلي أربابه من عترة النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فإنّهم أولي به لما خصّوا به من مزيد الفضل إذ كانت الإمامة لايستحقها إلّا الأفضل، لأنّ الإمام /231/ نظام الأمّة فلابدّ أن يكون علي غاية من الكمال، فأمّا إذا كان يغلب عليه الجهل والعصيان فأنّي يصلح لذلك؟ وأقلّ أحواله أن يكون بمنزلة قاضيه الّذي نصبه، فمتي قصر عن هذه المنزلة لم يصلح للإمامة.
ومن سير أحوال أئمة بني العباس من ابتداء أمرهم إلي الآن عرف أنّه لايوجد فيهم عدل قطّ فضلاً عن أن يزيد علي العدالة في العلم وغيره من خصال الفضل والشرف.
ومن أراد أن يعلم صحّة ما قلناه فلينظر في كتاب الأغاني فإنّه يجد فيه من فضائحهم ومساوئهم و قبائحهم ما متحقق به أضعاف ما حكيناه عنهم، وكذلك تاريخ الطبري وسواه.
ومتي كان كذلك لم يكن الأمر في أيديهم إلّا غصباً، وقد كان أوائلهم لهم الفضل والشرف فلم يطمعوا بنيل هذه الدرجة، هذاالعباس عليه‌السلام قال لعليّ عليه‌السلام بعد موت النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: امدد يدك لي أبايعك؟ فيقول الناس: عمّ رسول اللَّه بايع ابن‌أخيه فلايختلف عليك اثنان. فقال علّي عليه‌السلام: «لو كان عمّي حمزة وأخي جعفر حيّين لفعلت» [784].
وهذا يشهد بأنّه لم يرض بإمامة أبي‌بكر ولا اعتقدها، وكذلك العباس ولو كان قد اعتقدها لم يطلب أن يبايع علّياً عليه‌السلام.
و [هكذا] لو اعتقدها عليّ عليه‌السلام لما اعتذر في ترك البيعة بأن عمّه وأخاه لوكانا حيّين لفعل، فإنّما في هذا أوفي ظهور في أنّه ترك الدعاء إلي نفسه لعدم الأنصار لأنّه انحاز إلي أبي‌بكر الأكثر والمعظم من المهاجرين والأنصار، فلم يجد عليه‌السلام بعد هذا ناصراً كما قال عليه‌السلام في خطبتة المعروفة بالشقشقيّة-:
[صفحه 560]
«واللَّه لقد تقمّصها ابن‌أبي‌قحافة و هو يعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحي ينحدر عّني السيل ولايرقي إليّ الطير، فسدلت دونها ثوباً وطويت عنها كشحاً وأغضيت وفي العين قذيً وفي الحلق شجي، أري تراثي نهباً حتّي مضي الأوّل لسبيله ثمّ أدلي بها إلي آخر بعد وفاته، فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ أدلي بها إلي آخر بعد وفاته».
إلي آخر كلامه [عليه‌السلام] في هذه الخطبة، وهو متضمن للتصريح بما نقوله [من] أنّه كان يظهر الإنكار لإمامتهم ويعلن بظلمهم له في الخلافة وأنّه أحقّ بها منهم وأنّ سكوته لم يكن عن رضي في الأحوال الّتي كان يسكت فيها بل سكت اضطراراً لاسيّما مع الحديث الّذي اشتهر عند أهل النقل من تشدّد عمر في إمامة أبي‌بكر وابرة الناس عليها حتّي طفت [785] بسببها أمور كثيرة يطول ذكرها وهي مودعة في كتب الإمامة إلي غير ذلك من كلامه عليه‌السلام الّذي يفصح بأنّهم ظلموه.
وكما سلّم العباس الأمر لعلي عليه‌السلام وكذلك [سلّم] ولده عبداللَّه بن العباس بعده فإنّه لم ينازع الأمر أميرالمؤمنين ولا أحداً من أولاده عليهم‌السلام علي فضله و شرفه وعلمه، فإنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال داعياً له: «اللهم فقّهه في الّدين وعلّمه التأويل» [786] فإذا سلّم الأمر لأهله علي فضله فأولادهم علي بعدهم /232/ عن طريقة الصلاح أولي بالتسليم.
و قد ذكر الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام ذلك في كلمة طويلة [له] فقال:
لم يطمع الحبر في‌حياة أبي
بها فكيف الغلمان من عقبه
وإنما ساقت المقادر ما
يعجب صرف الزمان من عجبه
ملكاً عقيماً كما سمعت به
في آل كسري و آل ذي كريه؟
ليس من الدين والنبوّة في
شي‌ءٍ فلا يلتفت إلي عتبه
هم غصبوها فهل سمعت بذي
علم يهنّي‌ء مالاً لمغتصبه
شايعهم في إثباتها أمم
كالوحش من عجمه و من عربه
وجهلونا و كم رأيت فتيً
إن ذكر اللَّه قام يكفر به
[صفحه 561]
فانظر إلي فعلهم فقد يعرف
السابق قبل الإرسال في خيبه
وقد رأينا الفتي يبثّك ما
يخفيه في جدّه و في لعبه
نحن ليوث الطعان قد علم النا
س اذا السمر ماش في عذبه
والقصيدة طويلة و هي من محاسن قصائده عليه‌السلام و قد كان عليه‌السلام أنشأ قصيدة إلي أهل بغداد، فرأينا إثباتها عقيب الشرح للقصيدة [الّتي ذكرناها هاهنا]، لأنّها متضمنة لكثير من الإلزامات والأدلّة القاضية ببعد بني العباس عن الإمامة، وأنّ العترة عليهم‌السلام أولي بها، و هي هذه، قال عليه‌السلام:
يا أهل بغداد إن اللَّه سائلكم
عن ملّة الدين إذا ألحدتم فيها
أنتم عيون بني الإمام قاطبة؟
للنائبات و لكن القذي فيها
قد اشتملتم علي عمياء مظلمة
لا يهتدي بنجوم الحق هاديها
ان الخلافة أمر هائل خطر
صعب مسالكها صعب مراقيها
لو كان ما أنتم فيه علي سنن
قام المريض الي المرضي يداويها
أيلزم الحدّ محدود بحكم إل
ه الناس أم يرشد الضلّال مغويها
جعلتم وجهة الدعوي مطهّمهً
جرداً ومطرورة تصمي نواهيها
إنّ الخليفة من يهدي بسنّته
حتي تضي‌ء بها الظلما لساريها
ويقتفي سنّة المختار معتمداً
حتي يضمّ إلي أدني قواصيها
ولا يميل إلي لهو ولالعب
إلّا بسمر العوالي في مجاريها
يجري الشريعة مجراها الّتي وضعت
عليه حتّي يحلّ الدار بانيها
خليفة اللَّه ترضي اللَّه سيرته
ويظهر الأرض طراً من مخازيها
كم قد سمعتم خلافاً في الوصيّ وفي
الصديق أعظم في النحوي تلاحيها
وكيف تأخذها من علم جملتكم
يحلله عن طلاب العلم يغنيها؟
القوم منّا ولكن ابن فاطمة
و زوجها و سليلاها و واليها
وأمر سيرتنا المشهور طهرتها
باسم المهيمن مجريها ومرسيها
نقفو /233/ بها جدّنا المختار لاعوج
فيها ولا أمت يلقي في‌معانيها
لانعرف الخمر إلّا حين نهر قها
ولا الفواحش إلّا حين ننفيها
إنّ الخلافة حكم اللَّه فانتظروا
حكم المهيمن فيها فهو معطيها
أيستقلّ بها من لا تقوم له
شهادة في حقير إذيؤدّيها
[صفحه 562]
و كم فتي سملت عيناه قام بها
و بتّكت أذن ثان في تعاطيها
أيّ الإمامين أولي بالقيام بها
يا قوم أوّلها أم ذاك ثانيها
نعوذ باللَّه من قول تقوم له
سوق من الخزي لاتخبي بواديها
أنا ابن أحمد إن فتّشت عن نسبي
القائد الخيل منكوباً حواميها
أنا ابن من نسجت آي الكتاب له
ملاءة غمرت جمي [787] حواشيها
المانع النفس ما تهواه من صغرٍ
عمد لتسمو وتعلو [788] من يساميها
وغارة مثل لمع البرق مشعلة
كنّا الذوائب فيها لا تواليها
وهزمة مثل قصف الرمح محجفة
ظلّت سيوف بني المختار تحميها
وسائل عن فنون العلم ملتهف
همي عليه بماء العلم هاميها
وطالب جاء والآفاق قاتمة
غبرانا لاموراً [789] فهو راجيها
من ذا يكون كآل الطهر فاطمة
من ذا يقاربها أم من يساويها؟
خلافة اللَّه دين اللَّه فانتقدوا
ربّ السرير لتعطوا القوس باريها
يا أهل بغداد خافوا اللَّه إنّ له
بطشاً يحسّ القري جمعاً ومن فيها
فارعوا حقوق رسول اللَّه والتزموا
بعروة لايخاف الفصم راعيها
وراقبوا اللَّه في سرّ و في علن
فنحن مهديّها منّا و هاديها
ونحن في غمرات الشكّ فلك دجيً
تنجي و يهلك عند الموج قاليها
نحمي حما الدين بالجرد العتاق
وبالبيض الرقاق رؤس الضد نغشيها
وكم فتيً يلتقي الأبطال مبتسماً
منّا ويطعنها شزراً ويرديها
يحميه منصبه الزاكي الفرار إذا
دقّت من السمر في الأحشا عواليها
وقحمة مثل سيل الليل عاتية
ردّت عواصيها العظمي مواصيها؟
إنّ الحجاب لربّات الحجال فلا
تقبل لنفسك تلبيساً فتصميها
إنّ الأمام الّذي يبدو لطالبه
كالشمس لايستطيع الغيم يخفيها
إذا دجت ظلمات الخطب قام لها
مشمّراً وتجليّ أويجلّيها
ضخم الدسيعة محمود الشريعة لا
يرضي لنحلته كبراً يدانيها
[صفحه 563]
وذكر الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام كلاماً في دعوته الّتي /234/ أنشأها إلي أهل اليمن خاصّة في‌سنة اثني عشرة وستّمائة في شأن بني العباس ذكرنا قوله في هذه القصيدة «وكم فتي سملت عيناه» البيت، فرأينا إيراده هاهنا و هو قوله عليه‌السلام:
يا مدّعي الإمامة للعباسي أناس أنت أم متناسي؟ أليس من شرطها عند الكافة من علماء الأمّة الفضل والعدالة والعلم والشجاعة [790] كيف يقيم الحد المحدود فعلاً وحكماً؟ أم كيف يقود الأعمي الأعمي؟ أما كان المأمون قتل [أخاه] الأمين؟! وكان المنتصر قتل أباه المتوكّل، و كان المعتزّ قتل المستعين، و كان المهدي قتل المعتزّ وكان الموفّق حبس المعتمد و ولّي‌الأمر دونه و عقدالخلافة له؟ وكان المعتمد ردّ ولاية العهد الي‌ابن‌الموفق الملّقب بالمعتضد، و خلع ابنه بعد العقد له وخلع ابن‌المقتدر وولّي ابن‌المعتزّ يوماً واحداً وخلع المقتدر وولي‌القاهر و عقدت له البيعة يومين!! والمستكفي سمل عين المتقي والمطيع سمل عين المستكقي وخلع المطيع نفسه وسلم الخلافة لولده الطائع و قطعت إحدي أذنيه [كما] ذكره القضاعي صاحب الشهاب في تاريخه و غيره.
[ثمّ] قال عليه السلام بعد هذه‌الجملة المذكورة: وهذه نكتة تدلّ علي ماوراءها، فيامن يقول بإمامتهم من‌الإمام عندك؟ القاتل أم المقتول؟ السامل أم المسمول؟ الخالع أم المخلوع؟ الحابس أم المحبوس؟ تفكّر إن كنت من المتفكّرين وما يعقلها الاّ العالمون إنّ للدين حدوداً ورسوماً لايعدوها إلّا العادون، أفي دين الإسلام إمامة الأطفال؟ فقد عقدها لهم علماء الضلال، [و] ما قصّرأبوفراس ومن الناس ناس؟ في قوله:
دعوا الفخار لعلّامين إن سئلوا
يوم السؤال و عمّالين إن علموا
لايغضبون لغير اللَّه إن غضبوا
ولا يضيعون حقّ اللَّه إن حكموا
تنشا التلاوه في أبياتهم أبداً؟
وفي بيوتكم الأوتار والنغم
وهي كثيرة مشهورة، [791] فيها ذكر بعض أحوال الفريقين فاسلك [أيّها السالك إلي
[صفحه 564]
اللَّه[أسلم الطريقين، هلمّوا رحمكم اللَّه الي نور مصباح الزجاجة، ودهن زيت الزيتونة؟ وراية ما خفقت علي رأس مسلم فدخل النار]و] لايشرب تحتها الخمر ولا يسمع العرف والزمر؟ ولايظهر من المعاصي ما ظهر، إلّا أنزل بصاحبه حكمه من الرحم فما دونه، فأمّا من غبي أمره فحسابه علي اللَّه؟! كم بين من يؤمّن أهل المعاصي ويخيفهم؟ ومن يعافهم ومن يشوّقهم ومن يسلبهم ومن يسيفهم؟ ومن يطردهم ومن يضيفهم؟ ما سمعنا رحمكم اللَّه الملاهي ولا درينا قبل كسرها بالعيان ما هي كما قلنا في بعض الأشعار:
لانعرف الخمر إلّا حين نهرقها
ولا الفواحش إلّا حين ننفيها
أنا ابن /235/ من نسجت آي الكتاب له
ملاه [قد] غمرت جسمي؟ حواشيها
إلي غير ذلك من كلامه عليه‌السلام فيها وهي من شرائف الدعوات وفيها كلام يوازن الياقوت الأحمر والدرّ الثمين الأزهر.
وقوله عليه‌السلام: «أ في دين الإسلام إمامة الأطفال فقد عقدها لهم علماء الضلال» يريد هارون المسمّي بالرشيد، الضال في الحقيقة العنيد، و ذلك أنّه عقد الخلافة لولده محمّد الأمين و هو ابن‌خمس سنين، و معلوم بإجماع المسلمين أن من كان بهذه الصفة لا ولاية له علي نفسه وماله فكيف يكون وليّاً علي أهل الإسلام في‌الأنفس والأموال لولا اتّباع الهوي و مجانية سبل الهدي و في‌ذلك يقول بعض
[صفحه 565]
شعرائهم:
قد وفّق اللَّه الخليفة إذ بني
بيت الخلافة للهجان الأزهر
فهو الخليفة عن أبيه وجدّه
شهدا عليه بمنظر وبمخبر
قد بايع الثقلان في مهد الهدي
لمحمّد بن زبيدة ابنة جعفر
وهذا من المضحكات وإنّما بني القوم أمورهم علي طلب الملك و أرادوا التلبيس بالدين؟!!
ومن العجائب أنّه جاز أمرهم علي كثير ممن ينتمي إلي الدين و هم الّذين بنوا أمور الحقّ علي السهولة والهون، فساووا بين الجدّ والمجون ورفضوا ما في الذكر المكنون، وهذا الشاعر المسمّي بسلم [الحاشر] يزعم أنّه في مهد الهدي وإنّما هو في مهد الأذي، وهو في الحقيقة [حينما كان في المهد كان في] أشرف أيّامه وما يليه إلي وقت بلوغه، وأمّا بعد ذلك فإنّما كرع في نهر العصيان، وأسلس قياده للشيطان وخلع في محارم اللَّه العنان، واستعمل في المحظورات السمع والعيان؟ وسائر الجوارح والحبان؟ حتّي سلّط اللَّه عليه أخاه فقتله شرّ قتلة طلباً للدنيا واستبداداً بالرياسة الّتي‌تفني فبعداً لقوم لايؤمنون، فقد استبدلوا بالذين الدون.
ومن عجائب المعتصم أنّه كان أميّاً لايقرء ولايكتب!! و كان السبب في تخلّفه عن العلم فيما روي‌أنّها مرّت به جنازة؟ و هو مع أبيه فقال: ليتني[كنت]جنازة. فقال أبوه: لم يابنيّ؟ فقال: [كي] أتخلّص من [تعلّم] العلم؟!! قال أبوه: لاتعد إليه بعدها فأضحي عند الجهلة العمين أميرالمؤمنين [792].
فأين هذا مما رواه الإمام المرتضي لدين اللَّه محمّد بن يحيي الهادي إلي الحق عليه‌السلام [793] قال: بلغ أبي‌مبلغاً يختار ويصنّف و هو ابن‌سبع عشرة سنة!!.
فتفكّر إن كنت من المتفكّرين أيّ الرجلين أولي بالإمامة؟ وكم يعدّ العاد من
[صفحه 566]
مثالب بني‌العباس ومواقعتهم للجرائم وارتكابهم للعظائم وقتلهم لأئمة الدّين وسادة الموحّدين، قتل أبوالدوانيق منهم من قتل من النفس الزكية وأخيه ذي الديانة المرضية وأبيهما وعمومتهما سلام‌اللَّه عليهم أجمعين.
وقد روي الشيخ أبوالفرج الإصبهاني [794] بإسناده إلي عبداللَّه /236/ بن الحسن، عن فاطمة الصغري، عن أبيها:
عن جدّتها فاطمة بنت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قالت: قال لي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «يدفن من ولدي سبعة بشاطي‌ء الفرات لم يسبقهم الأوّلون ولايدركهم الآخرون». وكانوا عبداللَّه بن الحسن واخوته وأولادهم الّذين هلكوا في حبس أبي‌الدوانيق، سلام اللَّه عليهم ورحمته و رضوانه.
وجهد [أبوالدوانيق أخزاه اللَّه] في هلاك جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام لولا حياطة اللَّه تعالي [له] بصالح أدعيته المستجابة، فإنّ المرويّ بالإسناد إلي الفضل بن‌الربيع، [عن أبيه أنّه قال]: [795].
لما قدم أبوجعفر المنصور المدينة قال لي: «ابعث إلي جعفر بن محمّد العلوي-يعني الصادق [عليه‌السلام]- من يأتني به تعباً». قال: فأمسكت عنه لكي ينساه [ف] قال [بعد قليل]: «ألم آمرك أن تبعث إلي جعفر بن محمّد العلوي و أن تأتني به تعباً قتلني‌اللَّه إن لم أقتله». فأمسكت عنه لكي ينساه، فقال لي الثالثة و أغلظ إليّ: «ألم آمرك أن تبعث الي جعفر بن محمّد العلوي من يأتني به تعباً قتلني اللَّه إن لم أقتله». فبعثت إليه فجاء [ظ] فدخلت [علي أبي‌الدوانيق] فقلت: يا أميرالمؤمنين جعفر بن محمّد في الباب؟ قال: فأذن له. فأذنت له فلمّا دخل قال جعفر: «السلام عليك يا أميرالمؤمنين ورحمه اللَّه و بركاته». فقال أبوجعفر: لا سلّم اللَّه عليك يا عدوّ اللَّه تلحد في سلطاني و تبغي الغوائل في ملكي؟ قتلني اللَّه إن لم أقتلك! فقال له جعفر:
[صفحه 567]
«يا أميرالمؤمنين إنّ سليمان بن داود أعطي فشكر، و إنّ أيوب ابتلي فصبر، وإنّ يوسف ظلم فغفر. وأنت الصالح [بأن تقتدي بهم]».
فأطرق [المنصور] طويلاً ثمّ مدّ يده فصافحه فمدّ يده حتّي أجلسه علي مفرشه ثمّ قال: يا غلام عليّ بالمتحفة- و هو مدهن كبير فيه غالية- [فجاء الغلام بها] فغلّف لحيته بيده حتّي خلتها قاطرة، ثمّ قال له: لعلّنا قد حبسناك، اذهب في حفظ اللَّه و كلائته، ياربيع الحق أباعبداللَّه جائزته وكسوته.
[قال الربيع:] فخرج [جعفر بن محمد] وتبعته وقلت: يا[أ]با عبداللَّه قد رأيت من غضب أميرالمؤمنين مالم تره، ورأيت من رضاه بعد [غضبه] ما قد رأيت، ورأيتك تحرّك شفتيك حين دخلت بشي‌ء؟ فما هو فعلّمنيه. فقال: نعم أما إنّ لك مودّة، أما إنّك رجل منّا أهل البيت، [796] [وإليك ما قلت حين دخلت عليه] قلت:
«اللهمّ احرسني بعينك الّتي لاتنام، واكنفني بركنك الّذي لايرام، واغفر لي بقدرتك عليّ ولا أهلك وأنت رجائي [ف] كم من نعمة أنعمت بها عليّ قلّ لك عندها شكري وكم من بليّة ابتليتني بها قلّ لك عندها صبري فيا من قلّ عند [نعمته] شكري فلم يحرمني، ويا من قلّ عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني علي الخطأ فلم يفضحني، يا ذا المعروف الّذي لاينقضي أبداً، ويا ذا النعم الّتي لا تحصي عدداً، أسألك أن تصلّي علي محمّد و علي آل محمّد وبك أدرأ في نحره وأستعيذ بك من شرّه.
اللهم أعنّي علي ديني بدنياي و علي آخرتي بتقواي.
اللهم احفظني مما غيّبت عنه [797] ولاتكلني إلي نفسي فيما حضرته وأعطني ما لاينقصك، إنّك وهاّب؟ أسألك فرجاً قريباً وصبراً جميلاً /237/ ورزقاً واسعاً والعافية من جميع البلاء وشكر العافية» [798].
[صفحه 570]
روينا بالإسناد إلي عليّ بن موسي بن جعفر عن أبيه عليهم‌السلام قال: أرسل أبوجعفر إلي جعفر بن محمّد عليهماالسلام ليقتله وطرح بسيف ونطع وقال: يا ربيع إذا أنا كلمته ثمّ ضربت بإحدي يدي علي الأخري فاضرب عنقه فلمّا دخل جعفر بن محمّد عليهماالسلام ونظر إليه من بعيد نزق أبوجعفر علي فراشه يعني تحرّك [799] وقال: مرحباً بك وأهلاً يا با عبداللَّه؟ ما أرسلنا إليك الاّرجاء أن نقضي ذمامك ونقضي دينك. ثمّ سأله مسألة لطيقة عن أهل بيته وقال: قد قضي اللَّه دينك وأخرج جائزتك، يا ربيع لاتمض ثالثة ما قلته؟ حتّي يرجع جعفر بن محمّد إلي أهله.
فلمّا خرج هو والربيع قال له [الربيع]: يا با عبداللَّه؟ رأيت السيف والنطع؟ إنّما كان وضع لك فأيّ شي رأيتك تحرّك به شفتيك؟ قال: نعم يا ربيع لما رأيت الشرّ في وجهه قلت: حسبي الربّ من المربوبين، وحسبي الخالق من المخلوقين، وحسبي الرازق من المرزوقين، وحسبي‌اللَّه ربّ العالمين، حسبي من هو حسبي، حسبي من لم يزل حسبي، حسبي اللَّه الّذي لا إله إلّا هو عليه توكلت وهو ربّ العرش العظيم [800].
[صفحه 571]

ما أضافه المؤلف علي المنظومة من افاداته‌

في ذكر مناشدات أميرالمؤمنين في يوم الشوري

اشاره

اعلم أنّا قد ذكرنا في أول الكتاب بيان معني المناشدة، وذكرنا سبب تسمية الحديث بحديث المناشدة، وقد كنّا وعدنا بيانه في آخر الكتاب لأنّه يجمع كثيراً من مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام ونحن نرويه بطريقين في كلّ واحدة منهما ما ليس في الأخري فرأينا ذكرهما علي الجمع، فنقول:
روينا بالإسناد المتقدّم إلي ابن‌المغازلي [801] قال: حدّثنا أبوطاهر محمّد بن عليّ بن محمّد البيع البغدادي قال: حدّثنا أبوأحمد عبداللَّه بن محمّد بن أحمد بن أبي‌مسلم القرضي قال: حدّثنا أبوالعبّاس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة الحافظ، [قال:] حدثنا جعفر بن محمد بن سعيد الأحمسي قال: حدّثنا نصر- و هو ابن‌مزاحم- قال: حدّثنا الحكم بن مسكين قال: حدّثنا أبوالجارود بن طارق عن عامر بن واثلة.
و [أيضاً حدّثنا] أبوساسان وأبوحمزة عن أبي‌إسحاق السبيعي:
عن عامر بن واثلة قال: كنت مع عليّ عليه‌السلام في البيت يوم الشوري فسمعت عليّاً يقول: لأحتجّنّ عليكم بما لايستطيع عربيّكم ولا عجميّكم يغيّر ذلك.
ثمّ قال: أنشد كم اللَّه أيّها النفر جميعاً أفيكم أحد وحّد اللَّه قبلي؟ فقالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم باللَّه هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر الطيار في الجنّة مع الملائكة غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدكم باللَّه هل فيكم أحد له عمّ مثل عميّ حمزة أسداللَّه وأسد رسوله سيّد الشهداء غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدكم باللَّه هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت محمّد سيّدة نساء /238/ أهل الجنّة غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدكم باللَّه [هل] فيكم أحد له سبطان مثل سبطيّ الحسن والحسين
[صفحه 572]
سيّدا شباب أهل الجنّة غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه [802] هل فيكم أحد ناجي رسول اللَّه عشر مرّات تقدّم بين يدي نجواه صدقة قبلي؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من كنت مولاه فعلي مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ليبلغ الشاهد منكم الغائب» غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «اللهمّ ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ وأشدّهم حبّاً لك وحبّاً لي يأكل معي من هذا الطير»، فأتاه وأكل معه غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لأعطين الراية رجلاً يحبّ اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه و رسوله لايرجع حتّي يفتح اللَّه علي يديه» إذ رجع غيري منهزماً؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأشدتكم باللَّه هل فيكم أحد قال فيه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لبني لهيعة: [803] «لتنتهنّ أو لأبعثنّ عليكم رجلاً كنفسي طاعته كطاعتي
[صفحه 573]
ومعصيته كمعصيتي يعصاكم بالسيف» [804] غيري قالوا اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله: «كذب من زعم أنّه يحبّني و يبغض هذا» غيري؟ قالوا: اللهمّ لا. قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد سلّم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف من الملائكة فيهم جبريل و ميكائيل وإسرافيل حيث جئت بالماء إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم من القليب [805] غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد قال له جبريل: «هذه هي المواساة» فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّه منّي و أنا منه»، فقال جبريل: «وأنا منكم»، غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد نودي له من السماء: (لاسيف إلا ذوالفقار ولا فتي إلّا عليّ) غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد يقاتل الناكثين والمارقين علي لسان النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم غيري؟ قالوا اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إني قاتلت علي تنزيل القرآن وتقاتل أنت ياعليّ علي تأويل القرآن» غيري؟ قالوا: اللهمّ لا. قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد ردّت عليه الشمس حتّي صلّي العصر في وقتها غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد أمره رسول اللَّه عليه وآله وسلم أن يأخذ براءة من أبي‌بكر، فقال له أبوبكر: أنزل فيّ شي‌ء؟ فقال له [النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم]: «إنّه لايؤدّي عنّي إلّا عليّ»، غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسي /239/ إلّا أنه لا نبيّ بعدي»؟ قالوا:
[صفحه 574]
اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لايحبّك إلّا مؤمن ولايبغضك إلّا كافر» غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه أتعلمون أنّ اللَّه أمر بسدّ أبوابكم وفتح بابي فقلتم في ذلك فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ما أنا سددت أبوابكم ولا أنا فتحت بانه بل اللَّه سدّ أبوابكم وفتح بابه» غيري؟ قالوا: اللهمّ نعم. قال: فأنشدتكم باللَّه هل تعلمون أن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ناجاني يوم الطائف دون الناس فأطال، وقلتم: ناجاه دوننا!! فقال: «ما أنا انتجيته بل اللَّه انتجاه» غيري؟ فقالوا: اللهمّ نعم.
قال: فأنشدتكم باللَّه أتعلمون أن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «الحق مع عليّ و عليّ مع الحق، يزول الحق مع عليّ حيث زال»؟ فقالوا: اللهمّ نعم. قال: فأنشدتكم باللَّه أتعلمون أن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللَّه و عترتي لن تضلوا ما استمسكتم بهما؟ ولن يفترقا حتّي يردا عليّ الحوض»؟ قالوا: اللهمّ نعم.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد وقي رسول اللَّه بنفسه من المشركين فاضطجع مضجعه غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبدودّ حيث دعاكم إلي البراز غيري؟ قالوا: اللهمّ لا. قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد أنزل اللَّه فيه آية التطهير حيث يقول: «إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً» غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه: «أنت سيّد العرب» غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ما سألت اللَّه شيّاً إلّا سالت لك مثله» غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
هذه رواية القاضي العدل المعروف بابن المغازلي بألفاظها.
[صفحه 575]
وأمّا الطريق الأخري في حديث المناشدة فهي ما:
ما أخبرنا به الشيخ الفاضل العابد العالم الصالح محيي الدين عمدة الموحدين أبوعبداللَّه محمّد بن أحمد بن الوليد القرشي رضوان اللَّه عليه [806] قراءة عليه، قال: حدّثنا القاضي الإمام شمس الدين جمال الإسلام جعفر بن أحمد بن أبي يحيي رضوان اللَّه عليه قراءة عليه، قال: أخبرنا القاضي الإمام قطب الدين أحمد بن أبي الحسن الكني أسعده اللَّه، قراءة عليه، قال: أخبرني الشيخ الفقيه الإمام أبوالحسن عليّ [بن] الحسن بن عليّ بن أبي طالب الفرزادي رحمه الله إجازة والشيخ أبورشيد بن عبدالحميد بن قاسوري الرازي قراءة عليه، والشيخ عبدالوهّاب بن أبي‌العلا بن بعدويه السمان [807] قراءة عليه في مدرسة شجاع الدين في ربيع الأول سنه /240/ ثلاث وأربعين وخمسمائة، قال: حدّثنا الاستاذ الرئيس عليّ بن الحسين بن محمّد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن مردك في الجامع العتيق في الريّ في ذي القعدة سنة ستّ وتسعين وأربعمائة بقرائته علينا؟ قال: حدّثنا والدي الحسين بن محمّد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن مردك في سنة خمس وأربعين وأربعمائة، قال: أخبرنا أبوداود سليمان بن حاوك؟ قال: أخبرنا السيّد الإمام أبوالحسين أحمد بن الحسين بن هارون الهاروني رحمه الله قال: حدّثنا القاضي أبوالفضل زيد بن علي الزيديّ أبوالفضل النجار قراءة عليه، قال: حدّثنا أبومحمّد عبداللَّه بن بشر بن مجالد بن نصر البجلي قال: أخبرنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد ابن‌عقدة الكوفي قال: حدّثنا مرثد بن الحسن بن مرثد بن باكر أبوالحسين الكاهلي الطبيب [808] قال: حدّثنا خالد بن فريد الطبيب قال: حدّثنا كامل بن العلاء قال: حدّثنا جابر بن يزيد:
عن عامر بن واثلة قال: كنت علي الباب يوم الشوري إذ دخل عليّ عليه‌السلام وأهل الشوري وحضرهم عبداللَّه بن عمر فسمعت عليّاً يقول:
بايع الناس أبابكر فسمعت وأطعت، ثمّ بايع الناس عمر فسمعت وأطعت،
[صفحه 576]
وتريدون [الآن] أن تبايعوا عثمان إذاً أسمع وأطيع؟ [809] ولكنّي أحتجّ عليكم أنشدكم اللَّه هل تعلمون فيكم من أحد احقّ برسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله منّي؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: أنشدتكم باللَّه؟ هل فيكم من أحد له عمّ مثل عمي أسداللَّه وعم رسوله وسيّد الشهداء؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم من أحد له أخ مثل أخي جعفر له جناحان أخضران يطير بهما مع الملائكة في الجنّة؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم من أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة سيّدة نساء [أهل] الجنّة؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدكم باللَّه؟ وبحقّ نبيّكم صلي اللَّه عليه وآله هل فيكم من أحد له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين سيّديّ شباب أهل الجنّة إلا ابني الخالة عيسي بن مريم ويحيي بن زكريّا [810] قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه، وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد وحّد اللَّه قبلي؟ قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
قال: فأنشدكم باللَّه؟ وبحق نبيّكم أيّها النفر جميعاً هل فيكم من أحد صلّي القبلتين غيري؟ قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
قال فأنشدتكم باللَّه؟ و بحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد نصر أبوه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله و هومشرك غيري؟! [811] قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
[صفحه 577]
قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد أذهب اللَّه عنه الرجس وطهّره تطهيراً غيري؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم أحد أقتل لمشركي قريش في حرب رسول اللَّه وإخراجه ماحراً [812] عند كل شديدة تنزل مني؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم من أحد مسح رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم عينيه وأعطاه الراية يوم خيبر؟ وقال: /241/ «لأعطين الراية غداً رجلاً يحبّ اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه ورسوله يفتح اللَّه عليه ليس بر عديد
[صفحه 578]
ولاجبان»، غيري؟ قالوا: اللهمّ لا نعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد نصبه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم للناس ولكم يوم غدير خمّ فقال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهمّ وال من والاه و عاد من عاداه» غيري؟ قالوا: اللهمّ لا.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم من أحد آخاه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يوم آخابين المسلمين و قال له: «أنت أخي و أنا أخوك ترثني وأرثك، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لانبي بعدي»؟ قالوا: اللهمّ لا نعلمه. قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم من‌أحد بارز عمرو بن عبدود يوم الخندق وقتله غيري؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه و بحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد وقف مع الملائكة يوم حنين غيري حين ذهب الناس؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد اشتاقت الجنّة إلي رؤيته بقول نبيّكم غيري؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد هو وصيّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم في أهله غيري؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد له سبق مثل سبقي في الإسلام؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم من أحد ورث سلاح رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله و دوابّه عند موته غيري؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد له شقيق مثل شقيقي ووزير مثل وزيري؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد هو أغني عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم حين اضطجع في مضجعه واهطجع في مضجعه؟ و أبذل له مهجة دمي وأقيه بنفسي؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
[صفحه 579]
قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد له سهمان كسهمي سهم في الخاصّة وسهم في العامة؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد هو أحدث عهداً برسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم منّي؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه؟ هل فيكم من أحد غسل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله بالرّوح والريحان مع الملائكة المقرّبين غيري؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه؟ وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «اغسلني أنت فإنّه لايري أحد شيئاً من عورتي إلّا عَمي غيرك يا عليّ»؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد وضع رسول‌اللَّه صلي اللَّه /242/ عليه وآله وسلم في حفرته ولفّه في أكفانه غيري؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد أمر اللَّه بمودّته من السماء حيث يقول: «قل لا أسألكم عليه أجراً إلّا المودّة في القربي» [23/الشوري: 42] غيري؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه وبحقّ نبيّكم هل فيكم من أحد جاور رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله في مسجده يحلّ له فيه ما يحلّ لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ويحرم عليه ما يحرم علي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وأمراللَّه بسدّ ابواب المهاجرين وأخرجهم غيري؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال: فأنشدتكم باللَّه هل فيكم من أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم حين قال ذوو قرابته: «سددت أبوابنا وأخرجتنا من مسجدك وتركت عليّاً»؟ فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ما أنا أخرجتكم ولاسددت أبوابكم ولا تركت عليّاً، لكنّ اللَّه أمرني بإخراجكم وترك عليّ ولم يخرجه»؟ قالوا: اللهمّ لانعلمه.
قال عليّ: اللهمّ اشهد وكفي باللَّه شهيداً بيني وبينكم اسمع وأطيع وأتبع وأصبر حتّي يأتي اللَّه بالفتح من عنده، شأنكم فاصنعوا ما بدا لكم. ثمّ قال هذه الأبيات: [813].
[صفحه 580]
محمّد النبيّ أخي وصهري
وحمزة سيّد الشهداء عمّي
وجعفر الّذي يضحي ويمسي
يطير مع الملائكه ابن أمّي
وبنت محمّد سكني وعرسي
مسوط لحمها بدمي ولحمي
وسبطا أحمد ابناي منها
فمن هذا له منهم كسهمي
سبقتكم إلي الإسلام طرّاً
غلاماً ما بلغت أوان حلمي
قال شيخ الإسلام أيّده اللَّه تعالي: اعلم [814] أولاً أنّ يوم الشوري إنّما سمّي بذلك من اجتماعهم علي الصورة الّتي جعل عمر الأمر شوري بينهم وهم ستة عليّ عليه‌السلام وعثمان وطلحة والزبير وعبدالرحمان بن عوف وسعد بن أبي وقّاص ثمّ قال في جملة الوجه؟ بلا خلاف بين أهل النقل ذكره صاحب المحيط في الإمامة رضي‌الله عنه فقال:
[قال] المقداد بن الأسود: [إنّ عمر قال:] إن أجمع خمسة ورضوا برجل وأبي‌واحد فاشدخ رأسه واضربه بالسيف؟ وان اتّفق أربعة ورضوا رجلاً منهم وأبي‌اثنان فاضرب رؤسهما، وإن رضي ثلاثة رجلاً و ثلاثة رجلاً فحكّموا عبداللَّه بن عمر، وأيّ الفريقين حكم له فاختاروا رجلاً؟ فإن لم يرضوا بحكم عبداللَّه بن عمر فكونوا مع الّذين فيهم عبدالرحمان بن عوف، واقتل الباقين إن رغبوا عما اجمع عليه الناس؟!!
وفي الحكاية أنّ عمر لمّا توفّي واجتمعوا للشوري قال عبدالرحمان بن عوف لعليّ عليه‌السلام: أبايعك علي كتاب اللَّه وسنة نبيّه /243/ صلي اللَّه عليه وآله وسلم وسيرة الشيخين؟ فقال علي عليه‌السلام: أبايعك علي كتاب اللَّه وسنّة نبيّه وأجتهد رأيي. فتقدم [عبدالرحمان] إلي عثمان فقال: أبايعك علي كتاب اللَّه و سنة نبيّه و سيرة الشيخين. فقال نعم. فبايعه علي ذلك.
ومن كلام عليّ عليه‌السلام في بيعة عثمان: «لقد علمتم أنّي أحقّ بها من غيري واللَّه لأسلمنّ ما سلمت أمورالمسلمين ولم يكن فيها جور إلّا عليّ خاصّة التماساً لأجر ذلك وفضله، وزهداً فيما تناقستموه من زخرفه وزبرجه».
[صفحه 581]
وقد قال من يدّعي صحة إمامة عثمان: أن دخول عليّ عليه‌السلام معهم في‌الشوري دلالة علي رضاه بما صنع القوم.
[قال المؤلّف:] وهذا بعيد، وذلك لأنّه عليه‌السلام إنّما أراد بدخوله تقرير الحجّة عليهم والكشف عن استحقاقه للأمر دونهم، ومعلوم أنّ هذا غرض صحيح وقد فعل من ذلك عليه‌السلام ماكان بعضه يكفي في أنّه أحقّ بالأمر من عثمان إلّا أنهم أعرضوا [عنه] وإلّا أنّهم فقد اعترفوا بصحّة جميع ما ذكره اختياراً؟ ثمّ صرفوها عنه إلي من لا يدانيه فضلا أن يساويه!!.
والعجب أنّ عبدالرحمان طلب منه العمل بسيرة الشيخين مع أنهما لايبلغان إلي درجته في العلم، وكم من مرّة ثبّت عمر من الزلل وردّه عن الخطل وشال بضبعه فلا شلل، وقد كان عمر يعترف بذلك علي رؤس الأشهاد حتّي قال: لا أبقاني اللَّه لمعضلة لا أري فيها عليّ بن أبي‌طالب [815].
ومع ارتفاع درجته كيف يطلب منه عبدالرحمان الرجوع إلي من هو دونه؟! وهذا لاخلاف في بطلانه بين الأمّة وقد شفّعه الكتاب فقال تعالي: «أفمن يهدي إلي الحقّ أحقّ أن يّتبع أمن لايهدّي إلّا أن يهدي فمالكم كيف تحكمون» [35/يونس: 10].
وهذا عارض في معني الشوري وما يتعلق به، ونعود إلي فوائد الخبر الأوّل ونذكر مما في [الطريق] الثاني مما ليس فيه، ونحيل بتفصيل ما قد مضي عليه، ونكشف عن تفصيل ما لم يمرّ إن شاء اللَّه تعالي علي الوجه المعهود فنقول وباللَّه الإعانة:

الفائدة 01 ما أورده المؤلف من شكايات أميرالمؤمنين من معاصريه

انّه عليه‌السلام سلّم الأمر اضطراراً ولولا ذلك لم يكن لاحتجاجه عليهم معني لأنّه لايشتبه الحال علي منصف أنّه لم يقصد بالاحتجاح إلّا إظهار أنه أولي بالأمر ممن تقدّم عليه أوّلاً وثانياً و [ممنّ] يريد أن يتقدّم عليه ثالثاً، وكلامه كلام الساخط الكاره في قوله: «بايع الناس أبابكر فسمعت وأطعت ثمّ بايعوا عمر
[صفحه 582]
فسمعت وأطعت، وتريدون أن تبايعوا عثمان إذاً أسمع وأطيع ولكني محتجّ عليكم»، وقد قال عليه‌السلام في خطبته المعروفة بالشقشقيّة ما يشهد بأنّه لم يرض بتقدّمهم عليه [حيث قال:]
«واللَّه لقد تقمّصها فلان- يعني أبابكر- وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحي ينحدر عنّي السبيل ولايرقي إلّي الطير! فسدلت دونها ثوباً وطويت عنها كشحاً، وطفقت أرتاي بين أنّ أصول بيدٍ جذّاء أوأصبر علي طخية عمياء /244/ يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير، وتكدح فيها مؤمن حتّي يلقي ربّه فريت أن الصبر علي هاتا أحجي فصبرت و في‌العين قذي وفي الحلق شجي أري تراثي نهباً!! حتّي مضي الأوّل لسبيله فأدلي بها إلي فلان بعده»، ثمّ تمثل بهذا البيت:
شتّان ما يومي علي كورها
ويوم حيّان أخي جابر
«فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته!! لشدّ ما شطّرا ضرعيها [816] فصيّرها في‌حوزة خشناء يغلظ كلمها ويخشن مسّها ويكثر العثار [فيها] والاعتذار منها فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لهاخرم، و إن أسلس لها تقحّم، فمني الناس لعمر اللَّه بخبط وشماس و تلوّن واعتراض!!
فصبرت علي طول المدّة وشدّة المحنة حتّي إذا مضي لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم!!.
فيا للَّه و للشوري متي اعترض الريب فيّ مع الأوّل منهم حتّي صرت أقرن إلي هذه النظائر؟! لكنّي أسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا، فصغي رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره معه؟ مع هن وهن إلي أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه! وقام معه بنو أميّه يخضمون مال اللَّه تعالي خضم الإبل نبتة الربيع! إلي أن انتكث عليه فتله وأجهز عليه عمله وكنت به مطيته؟ فما راعني إلّا والناس إليّ كعرف الضبع ينثالون عليّ من كلّ جانب حتّي لقد وطئ الحسنان وشقّ عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم!!!
[صفحه 583]
فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخري وفسق آخرون كأنّهم لم يسمعوا اللَّه تعالي سبحانه [حيث] [817] يقول: «تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علوّاً في‌الأرض ولافساداً والعاقبة للمتّقين» [83/القصص: 28] بلي واللَّه لقد سمعوها ووعوها ولكنّها حليت الدنيا ي أعينهم وراقهم زبرجها.
أما والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر، وقيام الحجّة بوجود الناصر وما أخذ اللَّه علي العلماء أن لايقارّوا علي كظّة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها علي غاربها ولسقيت آخرها بكأس أوّلها، ولألفيتم دنياكم هذه عندي أزهد من عفطة عنز»!!!
قالوا: وقام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه عليه‌السلام الي هذا الموضع من خطبته فناوله كتاباً، فأقبل ينظر فيه فلمّا فرغ من قراءته قال له ابن‌عباس رحمه الله: يا أمير المؤمنين لو اطّردت مقالتك من حيث أفضيت. فقال له عليه‌السلام: «هيهات يا ابن‌عباس تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت».
قال ابن‌عباس: فواللَّه ما أسفت علي كلام قط كأسفي علي ذلك الكلام أن لايكون أميرالمؤمنين بلغ منه حيث أراد [818].
واعلم رحمك اللَّه أنّ في هذا الكلام ما يشهد بأنّه عليه‌السلام لم يرض بإمامة الثلاثة فإنّهم ظلموه حقه الّذي هو أولي به منهم وقوله /245/ عليه السلام: «فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته» يريد ما كان من أبي‌بكر فإنّه قال علي رؤس الأشهاد: «أقيلوني فلست بخيركم»، وطلب الإقالة من البيعة وصرّح بالعلّة و هو أنّه ليس بخيرهم بنآء علي أن الأفضل أولي بالإمامة وعلي ذلك انعقد الإجماع من الصحابة في الجملة، ولهذا لمّا تنازعوا في الأمر وطلبت الأنصار أن تكون فيهم ذكروا ما كان لهم من الإيواء والنصرة، وقالت قريش: هم شجرة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه
[صفحه 584]
وآله وسلم.
وروينا عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام‌انه لمّا انتهت إليه أنباء السقيفة قال عليه‌السلام: ما قالت الأنصار؟ قالوا: قالت: «منّا أمير و منكم أمير»، قال: «فهلّا احتججتهم عليهم بأنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وصيّ بأن يحسن إلي محسنهم و يتجاوز عن مسيئهم»؟
قالوا: و ما في هذا من الحجّة عليهم؟ قال: لوكانت الإمارة فيهم لم يكن الوصيّة بهم.
ثمّ قال: و ماذا قالت قريش؟ قالوا: احتجّت بأنها شجرة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم. فقال عليه‌السلام: «احتجّوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة».
وهذا يوضح أنّهم رجحوا بذكر وجه من وجوه الفضل، فلأجل ما ذكرناه طلب أبوبكر أن يستقيل في الإمامة وذكر أنه ليس بخيرهم، وأقرّته الصحابة علي ذلك، وهذا يغضي أن يكون فيهم من هو أفضل منه حتي يكون إقرارهم علي ما قاله حقّاً لأنه لوكان أفضلهم لكان قد قال باطلاً ورضوا كلّهم بالباطل، و هذا لايصحّ مع أن إجماعهم حجّة واجبة الإتّباع.
ولايصحّ الإعتذار عن ذلك بأنه قاله تواضعاً وذلك لأن التواضع بالكذب حرام بالإجماع، لأنّه لاخلاف أن رجلاً ممن هو من أهل العلم والّذين بمكان عظيم لايجوز أن يقول تواضعاً: إنّه جاهل قليل الخير، وكذلك هذا فلمّا قال أبوبكر ما رويناه [عنه] قال عمر: لانقيلك ولانستقيلك.
فهذا معني كلام عليّ عليه‌السلام في قوله: «بينا هو يستقيلها في حياته» تعجّب عليه‌السلام من أبي‌بكر حيث استقال في الإمامة ثمّ أوصي بها إلي عمر عند وفاته و قد كان حقّ التحرّج والتدين يقتضي أن يكفّ [ظ] عن الإيصاء بها كما تحرج من التصميم عليها لاسيّما مع كراهة كثير من الصحابة لوصيته إلي عمر حيث قالوا له: وما تقول لربّك وقد ولّيت علينا فظّاً غليظاً!! فقال: أقول: اللهمّ إني ولّيت عليهم خيرهم في نفسي.
وفي رواية أخري «خيرأهلك» إلي غير ذلك مما قدّمناه ثمّ كلام عليّ عليه‌السلام: حيث قال: «فيا للَّه وللشوري متي اعترض الريب فيّ مع الأوّل منهم حتّي صرت
[صفحه 585]
أقرن إلي هذه النظائر» ففيه أوفي دلالة علي سخطه وكراهته لإمامتهم جميعاً وأنه لاشبهة تعتري مع الإنصاف في أنّه أفضل من أبي‌بكر فكيف يقرنه عمر بعثمان وطلحة والزبير؟.
وقد روينا بالإسناد المتقدّم إلي القاضي‌الفاضل أبي عليّ الحسن بن عليّ الصفار رضي‌الله عنه [819] قال: أخبرني بعض /246/ أصحابنا عن إسماعيل بن عليّ بن الحسن الحافظ قال وذكره وكتبه بخطّه قال: حدّثنا أبوالقاسم عليّ بن محمّد بن عيسي البزار الحصيري بقراءتي عليه، قال: حدّثنا عبدالباقي بن قانع بن مرزوق القاضي قال: حدّثنا ابن‌أبي‌شيبة، قال: حدّثنا جندل بن والق قال: حدّثنا محمّد بن عمر المازني، عن عباد الكلبي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه:
عن جابر قال: قال عمر: كان لأصحاب رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ورضي عنهم ثمانية سابقة فخصّ عليّ منها بثلاثة عشرة وشرّكنا في الخمس [820].
قال القاضي أبوعليّ الحسن بن عليّ الصفار رضي الله عنه: وهذا- أكرمكم اللَّه- حديث لو كان مفسّراً مفصّلاً لكان أحد العجائب، وهذا يقتضي صحّة ما قاله عليه‌السلام: «متي اعترض الريب فيّ مع الأول» لأنّ هذا كلام من عقد الإمامة لأبي‌بكر أوّلاً واستبدّ بها ثانياً فإذا كان يصرّح بفضل عليّ عليه‌السلام علي سائر الصحابة كان ذلك قاضياً بكونه أولي منهم بالإمامة ويتّضح به صحّة ما قاله عليه‌السلام: «لاحتجّنّ عليكم بما لايستطيع عربيكم وعجميكم يغيّر ذلك؟ وقد كان كما قاله، فإنّهم اعترفوا بصحّته. فهذه الفائدة الأولي.

الفائدة 02

قوله عليه‌السلام: «أفيكم أحد وحّد اللَّه قبلي؟» وقد بيّنا تفصيل ذلك فلاوجه لإعادته.

الفائدة 03 في غزوة مؤتة وشهادة جعفر الطيار ومناقبه ومراثيه

قوله: «هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر الطيّار في الجنّة مع الملائكة»، ولاشبهة أنّ ذلك يزيده شرفاً وعلاً وفضلاً ونبلاً، و قد بيّنا طرفاً من مناقب جعفر بن أبي‌طالب عليه‌السلام، و قال [له] النبي صلي اللَّه عليه وسلم: «أشبهت
[صفحه 586]
خلقي وخلقي» [821].
وروينا عن أبي‌هريرة أنّه قال: إنّ الناس كانوا يقولون: أكثر أبوهريرة، وإنّي كنت الزم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لشبع بطني حتّي لا آكل الخميز ولا ألبس الحبير ولايخدمني فلان ولا فلانة، وكنت ألصق بطني بالحصباء من الجوع وإن كنت لأستقرئ الرجل الآية هي معي كي ينقلب بي فيطعمني، وكان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي‌طالب كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته حتّي أن كان ليخرج إلينا العكّة الّتي فيها شي‌ء فنشقّها فنلعق ما فيها [822].
وقاتل في مؤتة فلمّا ألحمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثمّ قاتل القوم فكان أوّل من عقر من المسلمين في الاسلام.
[صفحه 587]
وروي أنّه أخذ اللواء بيمينه فقطعت فأخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتّي قتل، فأبدله اللَّه بذلك جناحين يطير بهما في الجنّة حيث شاء.
وروي أن رجلاً من الروم ضربه في ذلك اليوم فقطعه نصفين.
وفي الآثار أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال في ذلك اليوم لأصحابه: «أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتّي قتل شهيداً، ثمّ أخذها جعفر فقاتل حتّي قتل شهيداً». قال: ثمّ صمت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم حتّي تغيّرت وجوه الأنصار وظنّوا أنّه قد كان في عبداللَّه بن رواحة بعض ما يكرهون ثمّ قال: «ثمّ أخذها عبداللَّه بن رواحة فقاتل بها حتّي قتل شهيداً».
وروينا أن أسماء بنت عميس قالت: لمّا أصيب جعفر وأصحابه دخل علَيّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه /247/ وآله وسلم وقد دبغت أربعين ميناً؟ و يروي أربعين مينه، [823] وعجنت عجيني وغسلت بنيّ ودهنتهم ونظّفتهم قالت: فقال لي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله سلم: «ايتيني ببني جعفر». فأتيته بهم فشمّهم وذرقت عيناه فقلت: يا رسول اللَّه بأبي انت وأمّي ما يبكيك؟ أَبَلغك عن جعفر وأصحابه شي‌ء؟ قال: «نعم، أصيبوا هذا اليوم». قالت: فقمت أصيح فاجتمع إليّ النساء وخرج رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم إلي أهله فقال: «لاتغفلوا عن آل جعفر من أن تصنعوا لهم طعاماً فإنّهم قد شغلوا بأمر صاحبهم» [824].
وقال حسّان بن ثابت [825] يرثي جعفر بن أبي‌طالب وأصحابه رضي‌اللَّه عنهم:
تأوّبني ليل بيثرب اعسروهمّ
اذا ما نوم الناس مسهر
[صفحه 588]
بذكري حبيب هيّجت لي عبرة
سفوحاً و أسباب البكاالتذكّر
بلي إنّ فقدان الحبيب بليّة
وكم من كريم يبتلي ثمّ يصبر
رأيت خيار المؤمنين تواردوا
شعوباً و خلقاً بعدهم يتأخّر
فلا يبعدنّ اللَّه قتلي تتابعوا
بمؤتة منهم ذوالجناحين جعفر
وزيد وعبداللَّه حين تتابعوا
جميعاً وأسباب المنيّة يخطر
غداة مضوا بالمؤمنين يقودهم
إلي‌الموت ميمون النقيبة أزهر
أغرّ كضوء البدر من آل هاشم
أبّي إذا سيم الضلامة محسر؟
فطاعن حتّي مال غير موّسد
بمعترك فيه قناً متكسّر
فسار مع المستشهدين ثوابه
جنان وملتفّ الحدائق أخضر
وكنّا نري في جعفر من محمّد
وفاءاً وأمراً حازماً حين يأمر
ومازال في الإسلام من آل هاشم
دعائم عزّ لايزلن ومفخر؟
هم جبل‌الإسلام والناس حولهم
رضام إلي طود يروق و يقهر
بهاليل منهم جعفر وابن أمّه
عليّ ومنهم أحمد المتخّير
وحمزة والعباس منهم و منهم
عقيل وماء العود من حيث يعصر
بهم تفرج اللأواء في كل مارق
غماس إذاما ضاق بالناس مصدر
هم أولياء اللَّه أنزل حكمه
عليهم وفيهم ذاالكتاب المطّهر
وقال كعب بن مالك: [826].
نام العيون ودمع عينك تهمل
سحّاً كما وكف الصباب المخضل
في‌ليلة وردت عليّ همومها
طوراً اجنّ وتارة أتملمك
واعتادني حزن بقيت كأنني
ببنات نعش والسماك مو كّل
وكأنما بين الجوانح والحشا
مما تأوّبني شهاب مدخل
وجداً علي النفر الّذين تتابعوا
يوماً بمؤتة أسندوا لم ينقلوا
صلّي الإله عليهم من فتية
وسقا عظامهم الغمام المسبل
[صفحه 589]
صبروا /248/ بمؤتة للإله نفوسهم
حذر الردي ومخافة أن ينكلوا
فمضوا أمام المسلمين كأنّهم
فنق عليهنّ الحديد المرفل
إذ يهتدون بجعفر و لوائه
قدّام أولهم فنعم الأوّل
حتّي تفرّجت الصفوف و جعفر
حيث التقي وعث الصفوف مجدّل
فتغيّر القمر المنير لفقده
والشمس قد كسفت وكانت تأفل
قرم علا بنيانه من هاشم
فرعاً أشمّ وسؤدد ماينقل
قوم بهم عصم الإله عباده
وعليهم نزل الكتاب‌المنزل
فضلواالمعاشر عزة وتكرماً
وتغمّدت أحلامهم من يجهل
لايطلقون إلي السفاه جباههم
وتري خطيبهم بحقّ يفصل
بيض الوجوه تري بطون أكفّهم
تندي اذا اعتذر الزمان الممحل
وبهديهم رضي الإله لخلقه
وبجدّهم نصر النبي المرسل
و [أيضاً] قال حسّان بن ثابت: [827].
ولقد بكيت و عزّ مهلك جعفر
حِبّ النبي علي البريّة كلّها
ولقد جزعت وقلت حين نعيت لي
من للجلاد لذي العقاب وظلّها
بالبيض حين تسلّ من اغمادها
ضرباً وانهال الرماح وعلّها
بعد ابن فاطمة المبارك جعفر
خير البرية كلها وأجلّها
رُزءاً وأكرمها جميعاً محتدي
وأعزّها متظلّماً وأذلّها
للحقّ حين يكون غير منحل
كذباً وأنداها يداً وأقلّها
فحشا وأكثرها إذا مايجتدي
فضلاً وأنذاها نداً وأبلّها
بالعرف غير محمّد لامثله
حيّ من أحياء البريّة كلّها
وهذا آخرما أردناه ذكره من تفصيل أخبار جعفر بن أبي‌طالب عليه‌السلام وهو الفائدة الثالثة.
[صفحه 590]

الفائدة 04 في مناقب حمزة سيد الشهداء ومناقبه ومراثية

اشاره

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم من أحد له عمّ مثل عمّي أسد اللَّه وأسد رسول اللَّه سيّد الشهداء غيري» وهو يريد عليه‌السلام حمزة بن عبدالمطّلب و قد اشهر بأنّه أسد اللَّه وأسد رسوله واشهر أنّه سيّد الشهداء، وهو أحد الّذين أعزّ اللَّه بإسلامه الدين وعضّد الرسول الأمين صلي اللَّه عليه وعلي آله الأكرمين، ولابدّ من الإشارة إلي طرف من فضله عليه‌السلام رعاية لحقّه واعترافاً لمزيّة سبقه، وتذكر أوّلاً صفة إسلامه ففيه له شرف أسني وفضل أعلي فنقول:
روينا بالإسناد إلي ابن‌إسحاق قال: حدّثني رجل من أسلم كان واعية أنّ أباجهل مرّ برسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم /249/ عند الصفا وأذاه و شتمه ونال منه بعض مايكره من العيب لدينه والتضعيف لأمره فلم يكلمّه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم، و مولاة لعبداللَّه بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة في مسكن لها تسمع ذلك ثمّ انصرف [أبوجهل] إلي نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم، فلم يلبث حمزة بن عبدالمطلب أن أقبل متوشّحاً قوسه راجعاً من قنص له، وكان صاحب قنص يرميه و يخرج له؟ وكان إذا رجع من قنصه لم يرجع إلي أهله حتّي يطوف بالكعبة، وكان إذا فعل ذلك لم يمرّ علي نادٍ من قريش إلّا وقف وسلّم وتحدّث معهم وكان أعزّ فتي في قريش وأشدّه شكيمة، فلمّا مرّ بالمولاة وقد رجع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم إلي بيته فقالت له: يا [أ] با عمارة لو رأيت ما لقي ابن‌أخيك محمّد آنفاً من أبي‌الحكم بن هشام؟ وجده هاهنا جالساً فآذاه وسبّه فبلغ منه ما يكره، ثمّ انصرف عنه ولم يكلمه محمّد، فاحتمل حمزة الغضب لما أراد اللَّه به من كرامته فخرج يسعي لم يقف علي أحد معه لأبي جهل؟ إذا لقيه أن يقع به، فلمّا دخل المسجد نظر إليه جالساً في القوم فأقبل نحوه حتّي إذا قام علي رأسه رفع القوس فضربه بها فشجّه شجّةً منكرةً ثمّ قال: أتشتمه فأنا علي دينه أقول مايقول فردّ ذلك عليّ إن استطعت؟ فقامت رجال بني مخزوم إلي حمزة لينصروا أباجهل، فقال أبوجهل: دعوا أباعمارة فإني واللَّه قد سببت ابن‌أخيه سبّاً قبيحا [828].
[صفحه 591]
وتمّ حمزة علي إسلامه وعلي مابايع عليه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فلمّا أسلم حمزة عرفت قريش أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قد عزّ وامتنع، وأنّ حمزة سيمنعه فكفّوا عن بعض ماكانوا ينالون عنه، وقال حمزة عليه‌السلام في ذلك من أرجوزة:
ذقت أباجهل بما عشيتا
تؤذي رسول اللَّه إذ نهيتا
لوكنت ترجوا اللَّه ماشقيتا
ولاتركت الجور؟ اذ دعيتا
ومن قصيدة له عليه‌السلام يذكر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم في شأن الصحيفة الّتي تعاقدت فيها قريش علي بني هاشم:
يظنّون أنا سوف نسلم أحمداً
لقول سفيه أوإشارة عائب
وقد جاء بالحق الجلي وبينت
رسائل صدق وحيها غيركاذب
فإن تقبلوا ما جاء من عند ربّكم
إليكم وقول المرسلين الأطائب
يكن ذلكم خير لكم من خزايكم
وشرّ خلال الحرب حرب الأقارب
فلا تحسنونا مسلمين محمّداً
لكم ما حدت عيس دموك براكب
له رحم فينا بعز جوازه؟
ومن دونه ضرب الطلا والحواجب
وجرثومة من هاشم عرفت له
كرام مساعيها لويّ بن غالب
وقد /250/ روينا بالإسناد المتقدّم إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه يحيي بن الحسين الجرجاني الحسني عليه‌السلام [829] قال: حدّثنا أبوالقاسم عبدالرحمان بن محمّد بن أحمد الذكواني قال: حدّثنا أبومحمّد الحسن بن إسحاق بن زيد المعدّل قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن ماهان قال: حدّثنا عمر بن عبدالرحيم، قال: حدّثنا الحمّاني قال: حدّثنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عبادة:
عن ابن‌عباس: عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم في قول اللَّه عزّ وجلّ «إنّما
[صفحه 592]
يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيراً» [33/الأحزاب: 33] «فأنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب، وإنّ اللَّه تبارك و تعالي اختارني وثلاثة من أهل بيتي علي جميع أمتي، وأنا سيّدالثلاثة وسيّد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر».
قال أهل السّدة؟: يا رسول اللَّه سمّ لنا الثلاثة [كي] نعرفهم. فبسط رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و علي آله كفّه الطيّبة المباركة ثمّ حلّق بيده فقال: «اختارني و عليّ وحمزة و جعفر عليهم‌السلام، كنّا رقوداً بالأبطح ليس منّا إلّا مسجيً بثوبه، عليّ عن يميني وجعفر عن يساري وحمزة عند رجليّ، فما نبّهني من رقدتي غير حفيف اجنحة الملائكة وبرد ذراع عليّ عليه‌السلام تحت خدّي فانتبهت عن رقدتي وجبريل عليه‌السلام وثلاثة أملاك، فقال له بعض أملاك الثلاثة: ياجبريل إلي أيّ هؤلاء أرسلت؟ فحرّكني برجله فقال: إلي هذا و هو سيّد ولد آدم عليه‌السلام، فقال له أحد الثلاثة: ومن هو سمّه لنا؟ فقال: هذا محمّد صلي اللَّه عليه سيّد المرسلين، و هذا عليّ خير الوصيّين و هذا حمزة سيّد الشهداء، وهذا جعر له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء» [830].
ولحمزة عليه‌السلام المقام المشهور، روي أنّه خرج يوم بدر عتبة و شيبة والوليد ودعوا إلي المبارزة، فخرج إليهم عوف و مسعود ومعاذ بنو عفراء، فقالوا من أنتم؟ قالوا: من الأنصار. قالوا: قوم كرام لكنّا نريد أكفاءنا من قريش حمزة وعليّ وعبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب، [فبرزوا إليهم] فقتل حمزة شيبة وقتل عليّ الوليد، واختلف عبيدة و عتبة بينهما ضربتان كلاهما أثبت صاحبه فكرّ حمزة وعليّ علي عتبة فقتلاه واحتملا عبيدة إلي أصحابه؟ وقد قطعت رجله فقال: لو عاش أبوطالب لعلم أنا أحقّ بما قال فيه:
ونسلمه حتّي نصرّع حوله
ونذهل عن أبنائنا والحلائل [831].
[صفحه 593]
وكان أبوذر رحمه الله [832] يقسم قسماً أن [قوله تعالي:] «هذان خصمان اختصموا في ربّهم» [19/الحجّ: 22] نزلت في الّذين برزوا يوم بدر وهم عتبة وشيبة والوليد بن عتبة، و هؤلاء الكفّار، والمؤمنون حمزة وعليّ و عبيدة بن الحارث، قال تعالي في الخصم الأوّل «فالّذين كفروا قطّعت لهم ثياب من نار يصبّ من فوق رءُوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها و ذوقوا عذاب الحريق» [19 تا 22/ الحجّ: 22] وتمّت صفة الخصم الأوّل عند هذا ثمّ ابتدأ صفة الخصم الثاني وهم المؤمنون فقال جلّ جلاله: «إن اللَّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّلحات جنّات تجري من تحتها الأنهار يحلون /251/ فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير» [23/الحجّ: 22]، وفي هذا أظهر دليل علي فضل حمزة عليه‌السلام حيث صرّح تعالي بايمانه ثمّ حكي ما يصير إليه بعد ذلك من دخول الجنّة.
وفي حمزة عليه‌السلام روينا بالإسناد إلي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقال: «والّذي نفسي بيده إنّه لمكتوب في السماء السابعة: حمزة بن عبدالمطلب أسد اللَّه وأسد رسوله» [833].
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أحبّ إخواني إليّ عليّ بن أبي‌طالب وأحبّ أعمامي إليّ حمزة بن عبدالمطلب» [834].
وله عليه‌السلام في يوم أحد الموقف المشهور وقتل أرطاة بن عبدشرحبيل ثمّ هاشم بن عبدمناف بن عبدالدار، وكان أحد النفر الّذين يحملون اللواء.
قال وحشيّ غلام جبير بن مطعم: واللَّه إني لأنظر إلي حمزة يهذّ الناس بسيفه مايليق شيئاً مثل الجمل الأورق إذ تقدّمني إليه سباع؟ فقال حمزة: هلمّ يا ابن
[صفحه 594]
مقطعة البظور [835] فضربه ضربهً فكأنّما أخطا رأسه؟ وهززت حربتي حتّي إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت في ثنّته حتّي خرجت من بين رجليه [836] فأقبل نحوي فغلب فوقع وأمهلته حتّي إذامات جئت فأخذت حربتي ثمّ تنّجيت إلي العسكر ولم يكن لي بشي‌ء حاجة غيره.
وكان جبير بن مطعم مولي وحشي قد قال له: إن قتلت حمزة عمّ محمّد بعمّي فأنت عتيق. وكان عمّه طعيمة بن عدّي قد أصيب يوم بدر.
وسباع [المذكور] هذا هو سباع بن عبدالعزّي الغبشاني وكان يكنّي بأبي نيار وكانت أمه أم أنمار مولي شريق بن وهب الثقفي وكانت ختّانة بمكّة.
ولمّا انقضت الوقعة خرج رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يلتمس حمزة بن عبدالمطلب فوجده ببطن الوادي وقد بقر بطنه عن كبده ومثّل به فجذع أنفه وأذناه!! فقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لولا أن تحزن صفيّة وتكون سنّة من بعدي‌لتركته حتّي يكون في بطون السباع وحواصل الطير؟! ولئن أظفرني اللَّه علي قريش في موطن من المواطن لأمثّلنّ بثلاثين رجلاً منهم».
فلمّا رأي المسلمون حزن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وغيظه علي ما فعل بعمّه ما فعل قالوا: واللَّه لئن أظفرنا اللَّه بهم يوماً من الدهر لنمثّلنّ بهم مثلة لم يمثّلها أحد من العرب.
ولمّا وقف رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي حمزة عليه‌السلام قال: «لن أصاب بمثلك أبداً، ما وقفت موقفاً أغيظ إليّ من هذا الموقف». ثمّ قال: «جاءني جبريل وأخبرني أنّ حمزة مكتوب في ملكوت السماوات السبع: حمزة بن عبد
[صفحه 595]
المطلب أسداللَّه وأسد رسوله».
ثمّ نزلت بعد ذلك في شأن ماقاله رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وأصحابه: «وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين» [126/النحل: 16]، فعفا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وصبر ونهي عن المثل؟.
وفي بعض الآثار ماقام [رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم] في مقام بعد إلّا ونهي عن المثلة وأمر بالصدقة.
وروي أن هند ابنة عتبة بقرت عن كبد حمزة وأخذت /252/ منها فلاكتها فلم تستطع أن تصيغها فلفظتها، وجعلت هي والنساء اللاّتي معها يمثّلن بالقتلي من المسلمين يجدّعن الآذان والأنوف حتّي اتّخذن من ذلك خدماً وقلائد!!
ثمّ أمر النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم بحمزة فسجّي ببردة وكانوا إذا غطّوا رأسه بدت قدماه، وإذا خمروا قدميه بدا رأسه؟! فخمروا رأسه وتركوا علي قدميه شيئاً من الشجر، ثمّ صليّ النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم فكبّر سبع تكبيرات، ثمّ أتي بالقتلي يوضعون إلي [جنب نعش] حمزة فصلّي عليهم وعليه معهم حتّي صليّ عليه اثنتين وسبعين صلاةً. هذا ما رويناه من سيرة ابن‌هشام.
والمنقول عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم كبّر عليه سبعين تكبيرة.
وروي أنّها أقبلت أخته صفيّة بنت عبدالمطلب تنظر إليه، وكان أخاها لأبيها وأمّها فقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم لابنها الزبير بن العوام: القها فارجعها لاتري مابأخيها. فقال لها [الزبير]: يا أمّه، إنّ رسول اللَّه يأمرك أن ترجعي فقالت: ولم وقد بلغني أن قد مثّل بأخي و ذلك في اللَّه، وما أرضانا بما كان من ذلك، لأحتسبنّ ولأصبرنّ إن شاءاللَّه!!
فلمّا جاء الزبير رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وأخبره بذلك، قال: خلّ سبيلها. فأتته فنظرت إليه وصلّت عليه واسترجعت واستغفرت له!! ثمّ أمر به رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فدفن.
ولمّا رجع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم المدينة ومرّ بدار من دور الأنصار فسمع البكاء والنوائح علي قتلاهم فذرفت عينا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه
[صفحه 596]
وآله وسلم فبكي ثمّ قال: «لكن حمزة لابواكي‌له»! فلمّا رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلي دار بني عبدالأشهل أمرا نساءهم أن يتخرّجن ثمّ يذهبن يبكين علي عمّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
وروي أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لمّا سمع بكاهنّ علي حمزة خرج عليهنّ وهنّ علي باب مسجده يبكين عليه، فقال: «ارجعن يرحمكن اللَّه فقد أليتنّ بأنفسكنّ»؟ ونهي يومئذ عن النوح.
وروي انه صلي اللَّه عليه وآله لمّا سمع بكاهنّ قال: «رحم اللَّه الأنصار فإنّ المواساة منهم ما علمت لقديمة».
وقال حسان بن ثابت من قصيدة يذكر فيها حمزة عليه‌السلام:
أتعرف الدار عفار سمها
بعد كصوب المسبل الهاطل
بين السراريح فادمانه
فمدفع الروحاء في حائل
سألتهامن ذاك فاستعجمت
لم تدر ما مرجوعة السائل
دع عنك داراً قد عفارسمها
وابك علي حمزة ذي النائل
المالئ الشيزا إذا اعصفت
غبراء في ذي الشيم الماحل
والتارك القرن لدي لبده
بعثر في ذوي الحرص الذابل
واللانس الخيل إذا أحجمت
كالليث في غابته الباسل
أبيض في الذروة من هاشم
لم يمز دون الحقّ؟ بالباطل
مال /253/ شهيداً بين أسيافكم
شلّت يدا وحشّي من قاتل
أيّ امرء غادر في الّة
مطروزة مارنة العامل
أظلمت الأرض لفقدانه
واسودّ نور القمرالناصل
صلي عليه اللَّه في جنّة
عالية مكرمة الداخل
كنّا نري حمزة حرزاً لنا
من كلّ أمن نابياً نازل
وكان في الإسلام ذا تدرء
يكفيك فقد القاعد الخاذل
لاتفرحي يا هند واستجلبي
دمعاً وأذري دمعة [837] الثاكل
[صفحه 597]
وابكي علي عتبة إذ قطّه
بالسيف تحت الرهج الحائل
إذ خرّ في مشيخة منكم
من كلّ عاقٍ قلبه جاهل
أرداهم حمزة في أسرة
يمشون تحت الخلق الفاضل
غداة جبريل وزير له
نعم وزير الفارس الحامل
وقال كعب بن مالك من قصيدة يذكرفيها حمزة عليه‌السلام:
ولقد هددت لفقد حمزة هدّة
ظلّت بنات الجوف منها ترعد
ولو أنّه فجعت حراء بمثله
لرأيت رأسي صخرها يتبدّد
قرم تمكّن في ذؤابة هاشم
حيث النبوة والندي والسؤدد
والعافر الكوم الجلاد اذاعدت
ريح يكاد الماء منها يجمده
والتارك القرن الكميّ مجدّلاً
يوم الكريهة والقنا يتقصّد
وتراه يرفل في الحديد كأنّه
ذو لبدة شنز البواتر أريد
عمّ النبي محمّد وصفيّه
ورد الحمام وطاب ذاك المورد
وأتي المنيّة معلماً في‌أسرة
نصر النبي ومنهم المستشهد
ولقد أخال بذاك هندا أبشرت
لتميت؟ داخل غصة لاتبرد
مما صبحنا بالعقنقل قومها؟
يوماً تغيّب فيه عنها الأسعد
وبيوم بدرٍ اذ يردّ وجوههم
جبريل تحت لواءنا ومحمّد
حتّي رأيت لدي النبي سراتهم
قسمين نقتل من نشاء وناسد
فأقام بالعطن المعطن منهم
سبعون عتبة منهم والأسود
وابن‌المغيرة قد ضربنا ضربة
فوق الوريد لها رشاش مزيد
وله في [قصيدة] أخري:
بكت عيني وحقّ لها بكاها
وما يغني البكاء ولا العويل
علي أسد الإله غداة قالوا
أ حمزة ذاكم الرجل القتيل
أصيب المسلمون به جميعاً
هناك وقد أصيب به الرسول
أبايعلي لك الأركان هدّت
فأنت الماجد البرّ الوصول
عليك سلام ربّك في جنان
مخالطها نعيم لا يزول
ألا /254/ يا هاشم الأخيار صبراً
فكلّ فعالكم حسن جميل
[صفحه 598]
رسول اللَّه مصطبر كريم
بأمر اللَّه ينطق إذ يقول
ألا من مبلغ عنّي لؤيّاً
فبعد اليوم ذائله تدول
وقيل اليوم ماعرفوا وذاقوا
وقائعنا بها يشفي الغليل
نسيتم ضربنا بقليب بدر
غداه أتاكم الموت العجيل
غداة ثوي أبوجهل صريعاً
عليه الطير حائمة تجول
و متركنا أميّة مجلعباً
وفي حيزومه لدن نبيل
و عتبة وابنه خرا جميعاً
وشيبة غصه السيف الصقيل
و هام بني ربيعة سائلوها
ففي أسيافنا منهم فلول

في شرح حال أعمام النبي و عماته

قال [المؤلف] أيّده اللَّه: ونذكر هاهنا أعمام رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وعمّاته لأنّه قد عرض ذكر بعضهم في هذا الموضع و فيما قبل ذلك:
وأعمامه تسعة وبنو عبدالمطلب عشرة: فمنهم الحارث وكان قد مات قبل أبيه. ومنهم أبوطالب وعبداللَّه والزبير أمهّم فاطمة بنت عمرو بن عابد.
وحمزة وحجل والمقوّم لهالة بنت أهيب بن عبدمناف بن زهرة.
وعباس وضرار لقيلة بنت كليب [838].
وأبولهب واسمه عبدالعزي للبني بنت مهاجر الخزاعي.
والغيداق لامرأة من بني خزاعة وقتل يوم الفجار، والغيداق: الرجل الكريم الخلق، والغيداق الناعم، وقد نظم بعضهم أسماءهم فقال:
اعدد ضراراً إن عددت فتي نداً
والليث حمزة واعدد العباسا
واعدد زبيراً والمقوّم بعده
والشهم حجلاً والفتي الرآسا
وأباعيينة فاعددنه ثامناً
والقرم عبدمنافناالجسّاسا
والقرم غيداقاً تعدّ جحاجحاً
سادوا علي رغم العدوّ الناسا
مافي الأنام عمومة كعمومتي
حقّاً ولاكأناسنا النآسا
وعمّات النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم سّتة: عاتكة وأميمة والبيضاء وبرّة
[صفحه 599]
وصفيّة وأروي بنات عبدالمطلب.
أسلم من أعمام النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم حمزة والعباس وأبوطالب.
أمّا حمزة فقد فرغنا من ذكره، والعباس قد مضي ذكر طرف من حاله، وقد سمّاه النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أباً فقال: «هذا بقية آبائي». وكان عليه‌السلام من أجود قريش: وكان إذا مرّ بعمر وعثمان وهما راكبان وقت خلافتهما ترجّلا له إجلالاً، ومات في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين وله ثمان /255/ وثمانون سنة، وكان أسنّ من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بثلاث سنين، وقيل له أنت أكبر أم رسول اللَّه؟ فقال: هو أكبر منّي وأنا ولدت قبله [839].
و قال يوماً: يا رسول اللَّه إنّي أريد أن أمتدحك [840] فقال: «قل لا يفضّض اللَّه فاك». فقال العباس رضي‌الله عنه: [841]
[صفحه 600]
من قبلها طبت في الظلال وفي
مستودع حيث يخصف الورق
ثمّ هبطت البلاد لا بشر
أنت و لا مضغة ولا علق
بل نطفة تركب السفين وقد
ألجم نسراً وأهله الغرق
تنقل من صالب الي رحم
إذا مضي عالم بدا طبق
حتّي احتوي بيتك المهيمن
من خندف علياء تحتها النطق
وأنت لما ولدت أشرقت الأر
ض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي النو
ر وسبل الرشاد نخترق
وأسر العباس يوم بدر وكان من المطعمين في بدر، ففدي نفسه وأسلم، وكفّ بصره في آخر عمره، وفيه نزلت هذه الآية: «يا أيّها النبي قل لمن في أيديكم من الأسري إن يعلم اللَّه في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً ممّا أخذ منكم ويغفر لكم واللَّه غفورٌ رحيم» [70/الأنفال: 8].
وذلك إنّه أسر يوم بدر فكان من المطعمين وبلغته التوبة يوم القتال؟ فأخرج عشرين أوقية ليطعم الناس فاقتتلوا وذهب بها؟ فكلّم النبّي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أن يحسبها في فدائه فأبي [النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم]وطالبه بفدائه وفداء ابني أخيه عقيل بن أبي‌طالب، ونوفل بن الحارث، فقال: يا محمّد تركتني أتكفّف قريشاً ما بقيت. فقال صلي اللَّه عليه: «فأين الذهب الّذي دفعته إلي أم الفضل وقت خروجك من مكّة، وقلت: إن حدث بي حدث فهذا لك ولعبداللَّه وعبيداللَّه والفضل وقثم». فقال العباس: وما يدريك؟ قال: «أخبرني ربّي».فقال العباس: فأنا أشهد أنّك صادق. وأسلم فنزلت الآية.
قال العباس: [غرمت] عشرون أوقية ذهباً فأعقبني اللَّه عشرين عبداً كلّ عبديتّجر بعشرين ألفاً، وأعطاني زمزم ولا أحبّ أنّ لي بها جميع أموال أهل مكّة وأنا أرجو المغفرة من ربّي.
وامّا أبوطالب فالحال في نصرته ودفعه عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم
[صفحه 601]
ظاهر، ولم يقم غيره مقامه في ذلك، وقد بيّنا ما نقل عنه مما يدلّ علي إسلامه [842].
وأمّا الحارث والزبير وضرار والمقوّم والغيداق، فلم يدركوا الإسلام.
والحارث أكبر أولاد عبدالمطلب، و ولده أبوسفيان كان شديد العداوة لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ثمّ أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه.
وأبولهب أدرك الإسلام [ولم يسلم]- وكان شديد العداوة لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وفارق /256/ جميع بني عبدالمطلب وفيه وفي امرأته نزلت سورة «تبّت [يدا أبي‌لهب وتبّ]»، واسمه عبدالعزّي ويكنّي بأبي لهب قيل: لجمال وجهه. وقيل: لأنّ مرجعه الي‌النار واللهب، ومات بعد بدر بأيّام.
وأسلم من عمّاته صلي اللَّه عليه وآله وسلم صفيّة و أروي وعاتكة وبما قلناه يظهر تميّز عليّ عليه‌السلام علي الصحابة بعميّه حمزة والعباس عليهماالسلام، وهي الفائدة الرابعة.

الفائدة 05

قوله: «فأنشدتكم باللَّه هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت محمّد سيّدة نساء أهل الجنّة غيري»؟
وقد بيّنا شرف عليّ عليه‌السلام بزواجها وانفراده بذلك عن أبي‌بكر وعمر بعد أن طلباها من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقد ذكرنا طرفاً من فضلها عليهاالسلام [843].

الفائدة 06 في فضائل السبطين

اشاره

قوله: «هل فيكم أحد له سبط مثل سبطيّ الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة غيري.
وقد روينا عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنّه قال: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة» [844].
[صفحه 602]
وما في الخبر الآخر من قوله: «إلّا ما جعل اللَّه لابني الخالة» [845] يريد عيسي بن مريم و يحيي بن زكريا صلوات اللَّه عليهم أجمعين، وذلك إنّ زكرّيا و عمران تزوّجا أختين يقال أحداهما ايشياع وهي عند زكريا، والأخري حنّة وهي عند عمران، فولدت ايشياع يحيي وولدت حنّة مريم، وولدت مريم عيسي فهما ابنا الخالة، وإنما استثناهما لأنّ الحال ظاهر في أنّ الأنبياء صلوات اللَّه عليهم أفضل البشر من الأئمة الهادين وسائر الصالحين و علي ذلك انعقد الإجماع [846].
وقد روينا طرفاً فيما مضي من فضائل الحسن والحسين عليهماالسلام ونذكر هاهنا خبراً جامعاً فنقول:
أخبرنا الشيخ العالم العامل الصالح العابد محيي الدين عمدة المسلمين أبوعبداللَّه محمّد بن أحمد بن الوليد القرشي رضوان اللَّه عليه قراءة عليه، قال: حدّثنا القاضي الأجلّ الإمام شمس الدين جمال الإسلام جعفر بن أحمد بن أبي‌يحيي رضوان اللَّه عليه بقراءتي عليه، قال: أخبرنا الشيخ الإمام شرف الفقهاء قطب الدين أحمد بن أبي‌الحسن الكني طّول اللَّه عمره، قال: حدّثنا الشيخ الإمام فخر الدين زيد بن الحسن البيهقي البروقني رحمه الله [847] ببلد الريّ قدمها حاجاً في شعبان سنة أربعين وخمسمائة، قال: حدّثنا الحاكم أبوالفضل وهب اللَّه [848] بن
[صفحه 603]
أبي‌القاسم [عبيداللَّه الحسكاني] قال: حدّثنا [أبي] عبيداللَّه بن عبداللَّه بن أحمد الحسكاني قال: أخبرنا أبي قال: حدّثنا أبوسعد عبدالرحمان بن الحسن بن علي النيسابوري بقراءتي عليه من أصله و هو يسمع، أنّ أباالمفضل محمّد بن عبداللَّه بن محمّد بن عبدالمطلب الشيباني أخبره بالكوفة، قال: أخبرنا أبوالقاسم عليّ بن محمّد بن الحسن بن كاس النخعي‌والقاضي‌بالرملة؟ قراءةً عليه في‌كتابه سنة ثماني عشرة وثلاث مائة قال: حدّثنا سليمان بن إبراهيم بن /257/ عبيدالمحاربي، حدّثني أبو أمّي سنة خمس وستّين ومأتين قال: حدّثني نصر بن مزاحم المنقري العطار قال: حدّثني إبراهيم بن الزبرقان التيمي قال: حدّثني أبوخالد عمر بن خالد الواسطي قال: حدّثني زيد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن‌الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ:
عن أبيه عليّ بن أبي‌طالب عليهم‌السلام قال: قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «قال لي ربّي عزّ وجلّ ليلة أسري بي: من خلّفت علي أمّتك يا محمّد؟ قال: قلت: أنت يا ربّ أعلم. قال: يا محمّد إنّي انتخبتك برسالتي واصطفيتك لنفسي وأنت نبيّي وخيرتي من خلقي، ثمّ الصديق الأكبر الطاهر المطهر الّذي خلقته من طينتك وجعلته وزيرك وأباسبطيك السيّدين الشهيدين الطاهرين المطهّرين سيّدي شباب أهل الجنّة، وزوجته خير نساء العالمين، [و]أنت شجرة وعليّ أغصانها وفاطمة ورقها والحسن والحسين ثمارها خلقتهما من طينة علّيين، وخلقت شيعتكم منكم إنّهم لوضربوا علي أعناقهم بالسيوف لم يزدادوا لكم إلّا حبّاً. قلت: يا ربّ ومن الصديق الأكبر؟ قال: أخوك عليّ بن أبي‌طالب».
قال [عليّ]: بشرني رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بها والحسن والحسين منها؟ وذلك قبل الهجرة بثلاثة أحوال!!
[صفحه 604]
[قال المؤلّف:] وقد نظم بعض الشعراء الأثر المذكور فقال:
يا حبّذا دوحة في الخلد نابتة
ما مثلها نبتت في الأرض من شجر
المصطفي أصلها والفرع فاطمة
ثمّ اللقاح عليّ سيّد البشر
والهاشميّان سبطاه لها ثمر
والشيعة الورق الملتفّ بالشجر
هذا مقال رسول اللَّه جاء به
أهل الرواية في العالي من الخبر
إنّي بحبّهم أرجو النجاة غداً
والفوز في زمرة من أفضل الزمر [849].
وبالإسناد المذكور آنفاً إلي أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال: لمّا ثقل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم في مرضه والبيت غاصّ بمن فيه قال: «ادعوا لي الحسن والحسين». [قال عليّ عليه‌السلام:] فدعوتهما فجعل يلثمهما حتّي أغمي عليه؟ قال: وجعل عليّ يرفعهما عن وجه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ففتح عينيه وقال: «دعهما يتمتّعان بي وأتمتّع بهما فإنّه سيصيبهما بعدي أثرة».
ثمّ قال [صلي اللَّه عليه وآله وسلم]: «يا أيّها الناس إنّي خلّفت قبلكم كتاب اللَّه وسنتي [850] وعترتي فالمضيّع لكتاب اللَّه كالمضيّع لسنّتي والمضيّع لسنتي كالمضيع لعترتي أما إنّ ذلك لن يفترق حتّي القاه علي الحوض».
قال شيخ الإسلام: وبما ذكرناه يتّضح الحال في شرف عليّ عليه‌السلام بولادة الحسنين عليهماالسلام علي سائر الصحابة، فإن أحداً لم يخصّ من الأولاد بمثلهما وقد حصلت النجابة في ذريّتهما أيضاً فإنّهم أطواد الدين وأعلام الحقّ المبين وأئمّة الهدي /258/ وسادة الوري والخيرة من الأمّة فكان ذلك زيادة في شرف أمير المؤمنين سلام اللَّه عليه وعليهم أجمعين وتفصيل مناقبهم يخرجنا عن الغرض قد ذكرنا طرفاً من ذلك فيما مضي و هو في الحقيقة قليل من‌كثير وقطرة من وابل مطير.
يفني الكلام ولا يحيط بمدحكم
أيحيط ما يفني بما لا ينفد
[صفحه 605]

رسالة أميرالمؤمنين إلي معاوية جوابا عن كتابه

ومن محاسن ما يليق بما نحن بصدده كلام لأميرالمؤمنين عليه‌السلام في جواب له إلي معاوية، وقد رأينا إثباته بكماله لما فيه من الفوائد والفضل لمن ذكرنا [هم] من حمزة وجعفر وفاطمة والحسنين عليهم‌السلام، قال عليه‌السلام:
«أمّا بعد فقد أتاني كتابك تذكر اصطفاءاللَّه تعالي محمّداً صلي اللَّه عليه وآله وسلم لدينه وتأييده إيّاه بمن أيّده من أصحابه، فلقد خبأ لنا الدهر منك عجباً إذ طفقت تخيرنا ببلاءاللَّه عندنا و نعمته علينا في نبيّنا، فكنت في ذلك كناقل التمر إلي هجر وداعي مسدّده إلي النضال!!
وزعمت أنّ أفضل الناس في الإسلام فلان وفلان، فذكرت أمراً إن تمّ اعتزلك كلّه، وإن نقص لم يلحقك ثلمه، وما أنت والفاضل والمفضول والسائس والمسوس؟ وما للطلقاء وأبناء الطلقاء والتمييز بين المهاجرين الأوّلين وترتيب درجاتهم وتعريف طبقاتهم؟ هيهات لقد حنّ فدح ليس منها! وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها!!
ألا تربع أيّها الإنسان علي طلعك وتعرف قصور ذرعك؟ و تتأخّر حيث أخّرك القدر!! فما عليك غلبة المغلوب، ولا لك ظفر الظافر!!
وإنّك لذهّاب في التيه، روّاغ عن القصد، ألا تري- غير مخبر لك لكن بنعمة اللَّه أحدّث- أنّ قوماً استشهدوا في سبيل اللَّه من المهاجرين [والأنصار]- ولكلّ فضل- حتّي إذا استشهد شهيدنا قيل: سيّد الشهداء، وخصّه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه.
أولا تري أنّ قوماً قطعت أيديهم في سبيل اللَّه- ولكلّ فضل- حتّي إذا فعل بواحدنا- كما فعل بواحدهم- قيل: الطيار في الجنّة وذو الجناحين.
ولولا ما نهي اللَّه عنه من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمّة تعرفها قلوب المؤمنين ولاتمجّها آذان السامعين!!
فدع عنك من مالت به الرميّة فإنّا صنائع ربّنا والناس بعد صنائع لنا، لم تمنعنا قديم عزّنا وعاديّ طولنا علي قومك أن خلطناكم بأنفسنا فنكحنا وأنكحنا فعل الأكفاء ولستم هنا لك؟ وأنّي يكون ذلك كذلك؟ ومنّا النبيّ ومنكم المكذّب، ومنّا أسد اللَّه ومنكم أسد الأحلاف، ومنّا سيّدا شباب أهل الجنّة ومنكم صبية النار
[صفحه 606]
/259/ ومنّا خير نساء العالمين ومنكم حمّالة الحطب؟!! في كثير مما لنا وعليكم.
فإسلامنا ما قد سمع، وجاهليّتكم لاتدفع، وكتاب اللَّه يجمع لنا ماشذّ عنّا وهو قوله تعالي: «وأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب اللَّه» [75/الأنفال: 8] وقوله تعالي: «إنّ أولي الناس بإبراهيم للذين اتّبعوه وهذا النبيّ والّذين آمنوا واللَّه وليّ المؤمنين» [68/آل عمران: 3] فنحن مرّةً أولي بالقرابة وتارة أولي بالطاعة.
ولمّا احتجّ المهاجرون علي الأنصار يوم السقيفة برسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فلجوا عليهم فإن يكن الفلج به فالحقّ لنادونكم وإن يكن بغيره فالأنصار علي دعواهم.
وزعمت أنّي لكلّ الخلفاء حسدت وعلي كلّهم بغيت، فإن يكن ذلك كذلك فليس الجناية عليك فيكون العذر إليك»؟!! [ثمّ تمثّل عليه‌السلام بقول الشاعر]:
[وعيّرها الواشون أنّي أحبّها]
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
وقلت: «إنّي كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتّي أبايع»، ولعمر اللَّه لقد أردت أن تذمّ فمدحت، وأن تفضح فافتضحت، وما علي المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوماً مالم يكن شاكّاً في دينه ولا مرتاباً بيقينه، وهذه حجّتي إلي غيرك قصدها!! ولكني أطلقت لك بقدر ماسنح من ذكرها؟!
ثمّ ذكرت ماكان من أمري وأمر عثمان، فلك أن تجاب في هذه لرحمك منه، فأينّا كان أعدي له وأهدي إلي مقاتله؟ أمن بذل له نصرته فاستقعده واستكفّه أمّن استنصره فتراخي عنه وبثّ المنون إليه، حتّي أتي قدره عليه؟! كلاّ واللَّه ل «قد علم اللَّه المعوّقين منكم والقائلين لإخوانهم هلمّ إلينا ولايأتون البأس إلّا قليلاً» [18/الأحزاب: 33].
وما كنت أعتذر من أنيّ كنت أنقم عليه أحداثاً، فإن كان الذنب إليه إرشادي وهدايتي‌له فربّ ملوم لاذنب له [ثمّ تمثّل عليه‌السلام بقول الشاعر]:
[وكم سقت في آثاركم من نصيحة]
وقد يستفيد الظنّة المتنصّحوا
وما أردت إلّا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلّا باللَّه عليه توكّلت وإليه أنيب.
[صفحه 607]
و ذكرت أنّه ليس لي ولا لأصحابي عندك إلّا السيف، فلقد أضحكت بعد استعبار متي ألفيت بني عبدالمطّلب عن الأعداء ناكلين وبالسيوف مخوّفين؟ [ثمّ تمثّل عليه‌السلام بقول الشاعر:]
لبّث قليلاً يلحق الهيجا حمل
لا بأس بالموت إذا الموت نزل
فسيطلبك من تطلب، و يقرب منك ماتستبعد، وأنا مرقل نحوك بحجفل من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان، شديد زحامهم ساطع قتامهم متسربلين سرابيل الموت،أحبّ اللقاء إليهم لقاء ربّهم قد صحبتهم ذريّة بدريّة وسيوف هاشميّة قد عرفت مواقع نصالها في أخيك وخالك وجدّك وأهلك وماهي من الظالمين ببعيد».
هذا تمام كلامه عليه‌السلام [851] وبه تتمّ الفائدة السادسة.
وقد نظم بعض‌الشعراء معني ماذكره عليه‌السلام وتميّزه بذلك علي غيره فقال:
أ أبوه ربّي المصطفي وحماه
عن كيد العدا مذ كان أم أبواهما
أو أمّه ألقي النبي رداءه
حبّاً لها باللَّه أم أمّاهما
أبناه /260/ سادات أهل جنّات‌العلي
سبطا رسول اللَّه أم أبناهما
أمحمّد من فوق عاتقة إلي
أصنامهم رقّاه أم رقّاهما
قل لي أ أعطاه الإله براءة
ليذيعها في الناس أم أعطاهما
وغداة خيبر حين عنها وليّا
هلعين قد زهقت لها نفساهما
قال النبي غداً سأعطيهافتيً
أعناه أم في ذاك كان عناهما
أبغسله و بدفنه و ديونه
وعداته وصّاه أم وصّاهما

الفائدة 07 في آية المناجاة وتصدق علي قبلها، ونسخ الآية قبل أن يعمل بها غيره

قوله [عليه‌السلام]: «هل فيكم أحد ناجي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم عشر مرّات يقدّم بين يدي نجواه صدقة قبلي؟ [852].
[صفحه 609]
قال شيخ الإسلام أيده اللَّه: وقد تقدم ذلك بطريق أخري إلي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم و فيه أيضاً ما:
أخبرنا به الشيخ العالم الصالح محيي الدين أبوعبداللَّه محمّد بن أحمد القرشي رضي‌الله عنه رفعه بإسناده المتقدّم إلي السيّد الإمام أبي‌طالب عليه‌السلام [853] قال: أخبرنا أبوعبداللَّه محمّد بن بندار، قال: حدّثنا الحسن بن سفيان، قال: حدّثنا أبوبكر بن أبي‌شيبة وعليّ بن الحسين بن سليمان، قالا: حدّثنا يحيي بن آدم قال: حدّثنا عبيداللَّه الأشجعي، عن سفيان بن سعيد، عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن سالم بن أبي‌الجعد، عن أبي‌علقمة [عليّ بن علقمة] الأنماري:
عن عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام قال: لمّا نزلت «إذا ناجيتم الرسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة» [12/المجادلة 58] قال لي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ما تري ديناراً»؟ قلت: لايطيقونه. قال: «فكم»؟ قلت: شعيرة. قال: «إنّك لزهيد». قال: فنزلت «ءأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقات» [13/المجادلة: 58]، قال عليّ عليه‌السلام: فبي خفّف اللَّه عن هذه الأمّة.
وقد ذكرنا فيما تقدّم طريقاً أخري فيها قال: عليّ عليه‌السلام: كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فتصدّقت بدرهم عند كلّ سؤالي.
فهذا معني قوله: «إنّه ناجي عشر مرّات» ولم يعمل بهذه الآية أحد قبله ولا بعده بل نسخت بعد عمله عليه‌السلام بها فكان ذلك فضلا عالياً وشرفاً سامياً.
[صفحه 610]

خصائص كثيرة لعلي مستفادة من حديث المناشدة

الفائدة 08

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» و قد تقدّم تفصيل ذلك [854] وذكرنا طرفاً من طرقه.

الفائدة 09

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك و إليّ» وقد بيّنا تفصيله فيما مضي [855] وزاد هاهنا [علي ما تقدّم] قوله عليه‌السلام: «وأشدّهم حبّاً لك ولي» وهذا يقتضي تميّزه [عليه‌السلام] علي سائر الصحابة أجمعين /261/ و [علي] غيرهم من المسلمين لأن اللَّه تعالي يقول: «والّذين آمنوا أشدّ حبّا للَّه» [165 البقرة: 2] فإذا كان عليّ أشدّم حبّا للَّه كان ذلك كاشفاً عن فضله لأنّ محبّة اللَّه تعالي هي الايثار لطاعته وأشدّهم حبّاًله أكثرهم ايثاراً لطاعته، وهذا يشهد بمزيّته عليهم أجمعين.

الفائدة 10

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ‌اللَّه ورسوله» و قد بيّنا تفصيل ذلك ببعض طرقه وفوائده [856].
وقوله: «إذ رجع غيري منهزماً» فقد بيّنا رجوع عمر يجبّن أصحابه ويجبنونه وذلك مما لاخلاف فيه بين نقلة الحديث، [857] وإنّما الخلاف في أبي‌بكر وفي بعض الطرق أيضاً أنه تقدّم أوّلاً ثمّ رجع منهزماً يجبّن أصحابه ويجبنونه.
وفي لفظ الحديث الآخر بالطريق الأخري عند هذه القصّة في صفة عليّ عليه‌السلام «ليس برعديد ولاجبان».
وهذه شهادة من لايجوز عليه الكذب في خبره، وقد شهد لذلك الخلق وانعقد
[صفحه 611]
عليه الإجماع، فإنّه لا خلاف بين الأمّة أنّه لم ينكل عن عدوّ ولاعرف فراراً قطّ علي كثرة انغماسه في الحروب بخلاف غيره من الصحابة، فإنّه قد اعتصم بالفرار وولّي الأدبار، ولم يقف عليه‌السلام موقفاً إلّا وانقلب فائزاً بالشرف الأعلي والحظّ الأسني.

الفائدة 11

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لبني لهيعة:
[858] لتنتهينّ [بنو لهيعة] أو لأبعثنّ إليكم رجلاً كنفسي طاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي بعصاكم بالسيف غيري».
[صفحه 612]
وهذا يشهد بمزيّة له علي سائر الصحابة لأنّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم جعله كنفسه وإنّما أراد طريقة الفضل في‌الجملة والرئاسة علي الأمّة ولهذا عقّبه بقوله: «طاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي»، وقد علمنا أن طاعة الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم فيما حتمه حتم و أن معصيته حرام فإذا كان ذلك ثابتاً لعلي عليه‌السلام كان إماماً علي الأمّة حتّي يعقل وجوب طاعته عليهم وتحريم معصيته وإذا جعله الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم كنفسه وقد علمنا أنّه لايجوز أن يعتدّ بأمر أحد ولابنهيه في حياة الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم فكذلك لايعتدّ بأمر أحد ولابنهيه في حياة عليّ عليه‌السلام وهذا يوضح أنّه أحقّ بالخلافة من المتقدّمين عليه.
ونظير ما رواه عليه‌السلام ماروينا [ه] بالإسناد المتقدّم إلي أبي‌الحسين عبدالوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي بدمشق قراءة عليه [859] قال حدّثنا عثمان بن محمّد، قال: حدّثنا محمّد بن يوسف بن بشر قال: حدّثنا عبداللَّه بن بركة، قال: حدّثنا عبدالرزّاق، قال: حدّثنا معمر، عن سهيل عن ابن‌طاووس:
عن المطلب بن عبداللَّه بن حنطب قال: لمّا قدم وفد /262/ ثقيف علي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «لتسلمنّ أو لأبعثنّ إليكم رجلاً منّي أو كنفسي فليضربنّ أعناقكم وليأخذنّ أموالكم و ليسبينّ ذراريكم».
قال عمر: فجعلت أنصب صدري وأقوم علي أطراف أصابعي رجاء أن يقول هو هذا! قال: فوضع يده علي علي عليه‌السلام [و] رضي الله عنه وقال: هو هذا، هو هذا.

الفائدة 12

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم من أحد قال [له] رسول اللَّه
[صفحه 613]
صلي اللَّه عليه و آله وسلم: «كذب من زعم أنّه يحبّني ويبغض هذا» غيري»؟ وهذا يقتضي انه لا يقارف عظيمة ولا يواقع كبيرة وإلّا وجبت بغضته ولا يكون حينئذ من أبغضه مذموماً ولا كاذباً في دعوي محبّة الرسول صلي اللَّه عليه و آله سلم. وإذا كان المعلوم ضرورة من حال معاوية أنّه [كان] يبغض علياً عليه‌السلام كان كاذباً في دعوي محبّة الرسول صلي اللَّه عليه و آله وسلم.
وقد بيّنا نظائر ذلك من قوله صلي اللَّه عليه و آله وسلم: «لايحبّك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق» وغيره.

الفائدة 13

قوله: «هل فيكم أحد سلّم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف من الملائكة فيهم جبريل وميكائيل وإسرافيل حيث جئت بالماء إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله وسلم من القليب غيري»؟ وهذا هو الشرف العالي والفضل السامي فلم ينقل مثل ذلك لأحد من ولد آدم صلي اللَّه عليه وسلم و ذلك ثابت فيما رويناه بالإسناد إلي ابن‌حنبل في مسنده [860] قال:
[صفحه 614]
حدثنا عبداللَّه بن سليمان بن الأشعث، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي قال: حدثنا سعد بن الصلت، قال: حدثنا أبوالجارود الرحبي عن أبي‌إسحاق الهمداني، عن الحارث:
عن علي عليه‌السلام قال: لماكانت ليلة بدر قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله وسلم:
[صفحه 615]
«من يستقي لنا من الماء»؟ فأحجم الناس!! فقام علي عليه‌السلام فاختضن قربة ثم أتي بئراً بعيدة القعر مظلمة فانحدر فيها، فأوحي اللَّه عزّوجلّ إلي جبريل وميكائل وإسرافيل: تأهّبوا لنصر محمّد عليه‌السلام. فهبطوا من السماء لهم لغط يذعر من سمعه فلمّا حاذوا البئر سلّموا علي علي عليه‌السلام من عندربّهم عن آخرهم إكراماً وتبجيلاً.
فانظر إلي هذا الفصل المبين الّذي إنفرد به أميرالمؤمنين سلام اللَّه عليه وعلي ذرّيته الميامين.

الفائدة 14

قوله عليه‌السلام: (هل فيكم أحد قال له جبريل: «هذه هي المواساة»، فقال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّه منّي وأنا منه».فقال جبريل: وأنا منكما؟) [861].
وهذا علاً ينتعل الكواكب؟ وتعثوا له الشهب الثواقب؟ و قد بيّنا الحديث مفصّلاً في قصّة (أحد) و كلّ واحد من هذه الألفاظ يفيد نوع شرف لأنّ قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّه منّي» يفيد فضلاً عظيماً، وقوله: «وأنا منه أعظم في إفادة الفضل والشرف، ثمّ قول جبريل صلي اللَّه عليه: «و أنا منكما» من أظهر كلام في فضل عليّ عليه‌السلام وفيه صحّة ما روي أنّ /263/ قوله تعالي: «ويتلوه شاهد منه» [17/هود: 11] أنّ المراد بقوله: «منه» عليّ عليه‌السلام، [862] ومتي كان تالياً له وجب أن يتلوه في كلّ فضل وشرف وحكم- إلّا ما خصّه الدليل- فيتلوه في أنّه أفضل أهل عصره وأعلمهم و أزهدهم وأعبدهم وغير ذلك من خصال الفضل، ويتلوه في إقاله الولاية علي الأمّة [863] والرئاسة عليهم فيكون إماماً بذلك، لأنّ اللَّه أطلق أنّه قال له ولم يذكر حكماً معيّناً فدخل تحت ذلك كلّ حكم- إلّا ما خصّه الدليل- و من جملته ملك التصرف علي الصحابة فكان إماماً.
[صفحه 616]
وهذه الآية أحد العمد الّتي استدلّ بها علماؤنا رضي اللَّه عنهم علي إمامته عليه‌السلام، والأخبار الّتي وردت بقوله في عليّ عليه‌السلام إنّه منه، كثيرة نحو قوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسي»، و قوله: «عليّ منّي كرأسي من جسدي»، وأشباه ذلك [864].

الفائدة 15

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم أحد نودي من السماء: «لاسيف إلّا ذوالفقار ولافتي إلّا عليّ غيري؟» وقد بيّنا رواية ذلك بإسناده، وفيه أوفي دلالة علي أنّ له السبق في ذلك المقام علي الخاص والعام من أهل الإسلام وهذا ظاهر عند المحدّثين وكل واحد من اللفظين يفيد الشرف و مثله لم ينقل لأحد من الأوّلين والآخرين والماضين والغابرين.

الفائدة 16

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم أحد يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين علي لسان النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم غيري؟» و قد بيّنا تفصيل ذلك [865].

الفائدة 17

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه وآله وسلم إنّي قاتلت علي تنزيل القرآن وتقاتل أنت يا عليّ علي تأويل القرآن غيري»؟ [866].
[صفحه 617]
قال شيخ الإسلام أيده اللَّه: ولاشبهة أنّ أحداً من الصحابة ما قاتل علي تأويل القرآن سوي عليّ عليه‌السلام.
و فيه أيضاً؟ ما رويناه بالإسناد إلي القاضي الزّكي أبي‌عليّ الحسن بن عليّ الصفار رحمه‌الله [867] قال: حدّثنا أبوعمر بن مهدي البغدادي قال: حدّثنا أحمد بن عقدة الحافظ، قال: حدّثنا يعقوب بن يوسف بن زياد، قال: حدّثنا أحمد بن حمّاد الهمداني قال: حدّثنا فطر بن خليفة ويزيد بن معاوية العجلي، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه:
عن أبي‌سعيد الخدري قال: خرج إلينا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقد انقطع شسع نعله فد فعها إلي عليّ ليصلحها ثمّ جلس وجلسنا حوله كأنّما علي رؤسنا الطير، فقال: «إنّ منكم من يقاتل علي تأويل القرآن كما قاتلت الناس علي تنزيله». فقال أبوبكر: أنا هو يا رسول اللَّه؟ قال: «لا». فقال عمر: أنا هو يا رسول اللَّه؟ قال: «لا، ولكنّه خاصف النعل». قال: فأتينا عليّاً نبشّره بذلك فكأنّه
[صفحه 618]
لم يرفع به راساً؟ كأنّه قد سمعه قبل.
قال إسماعيل بن رجاء: فحدّثني أبي، عن جدّي أبي‌أمّي حزام بن زهير أنّه كان عند عليّ في الرحبة، فقام إليه /264/ رجل فقال: يا أميرالمؤمنين هل كان في النعل حديث؟ فقال: «اللهمّ إنّك تعلم أنه كان مما يسرّه إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم» وأشار بيديه ورفعهما [868].
قال شيخ الإسلام أيدّه اللَّه: وأراد [صلي اللَّه عليه وآله وسلم] بالقتال علي تأويل القرآن قتال عليّ للناكثين والقاسطين والمارقين، لأنّهم تعلّقوا بالتأويلات الفاسدة والوهوم الباطلة [869] ولهذا سمّوا فسّاقاً من جهة التأويل لأنهم لم يركبوا
[صفحه 619]
فسقاً يعلم ضروة من دين النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فكان فسقهم فسق تأويل بخلاف الفسق الصريح فإنّه ما يعلم ضرورة من دين النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنّه فسق نحو تحريم الخمر والزنا والربا وغير ذلك [ممّا كان معاوية الخنا غريقاً فيها] ولكلّ واحد منها حكم يخصّه و قد يجوز في الفسق من جهة التأويل أن يكون عقاب صاحبه أعظم من فسق الصريح إذا تضمن مفاسد عظيمة وضرراً عظيماً في الدّين، ولهذا فإن ضرر معاوية في الّدين بقتال عليّ عليه‌السلام أكبر من الضرر بشرب الخمر ممّن يشربها، فكان عقابه أعظم لأنّه شرع باب البغي علي الأئمة [870] وقتل صفوة الأمّة كما قال علماؤنا رضي‌اللَّه عنهم: «إن كفر الجبرية وإن كان طريقة التأويل أكبر من كفر اليهود والنصاري» وكان هذا ألتأويل صريحاً لأنّ عند الجبريّة أنّ كلّ كفر فاللَّه خلقه ورضي به وحال بين العبد وبين نقيضه من الإيمان فكان كفرهم أعظم وضلالهم أشنع.

الفائدة 18

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم أحد ردّت عليه الشمس حتّي صلّي العصر في وقتها غيري؟».
قال شيخ الإسلام أيدّه اللَّه: وهذه فضيلة انفرد بها عليّ عليه‌السلام عن ولد آدم أجمعين سوي يوشع بن نون [871] صلي اللَّه عليه وسلم وهي قاضية لعليّ عليه‌السلام بالزلفة العظمي والفضيلة الكبري وفيها طرق سوي ذلك.
منها ما روينا بالإسناد المتقدّم إلي القاضي أبي‌عليّ الحسن بن عليّ الصفار رحمه الله قال: حدّثنا أبوعمر بن مهدي قال: حدّثنا أبوالعباس ابن‌عقدة [872] قال: حدّثنا
[صفحه 620]
أحمد بن يحيي بن زكريّا وفضل بن الحسن بن زيد قالا: حدّثنا عبدالرحمان بن شريك، قال: حدّثنا أبي: [عن]
عروة بن عبداللَّه بن قشير قال: دخلت علي فاطمة ابنة عليّ بن أبي‌طالب فرأيت في عنقها خرزة ورأيت في يدها مسكتين و هي عجوز كبير فقلت لها: ما هذه؟ فقالت: إنّه يكره للمرأة أن تشبه بالرجال، ثمّ حدّثتني أنّ أسماء بنت عميس حدّثتها أن عليّ بن أبي‌طالب دفع [إلي] النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم و قد أوحي إليه فجلّله بثوبه ولم يزل كذلك حتّي أدبرت الشمس تقول غابت فلمّا سري عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم رفع رأسه فقال: صلّيت يا عليّ العصر؟ فقال: لا. فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «اللهمّ ارددها علي عليّ». قالت أسماء: فواللَّه لنظرت إليها بيضاء علي هذا الجبل حتّي صلّي [عليّ] فرأيتها طلعت حتّي صارت وسط المسجد [873].
[صفحه 621]

الفائدة 19

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم /265/ أحد أمره رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أن يأخذ براءة من أبي‌بكر فقال له أبوبكر: يا رسول اللَّه أ نزل فيّ شي‌ء؟ فقال له: إنّه لايؤدّي عنّي إلّا عليّ غيري؟».
وقد روي هذا الحديث بطرق كثيرة مختلفة من ذلك:
ما روي عن ابن‌عباس أنّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم بعث أبابكر للحج ودفع إليه براءة وأمره أن ينادي بكلمات ثمّ أتبعه عليّاً فبينا أبوبكر في بعض الطريق إذ سمع رغاء ناقة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم القصوي فخرج أبوبكر فزعاً فإذاً عليّ فدفع إليه كتاب رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وأمّره علي الموسم [874] وأمر عليّاً أن ينادي بالكلمات فلمّا قدم أبوبكر قال: يارسول‌اللَّه أحدث فيّ شي‌ء؟ قال: لا إلّا خير ولكني أمرت أن لايبلغها إلّا أنا أورجل منّي.

الفائدة 20

هل فيكم من قال له رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أنت منّي بمنزلة هاون من موسي إلّا أنّه لانبيّ بعدي؟».
وقد قدّمنا ذلك ببعض طرقه و ذكر فوائده.
ورواه جماعة منهم عليّ عليه‌السلام والخدري وسعيد؟ وابن‌عباس و جابر بن عبداللَّه وجابر بن سمرة وأسماء بنت عميس و أبورافع و عقيل و غيرهم [875] وهو في
[صفحه 622]
الصحيحين جميعاً [876] وتلقّته الأمّة بالقبول فكان ذلك دلالة علي صحتّه [877].

الفائدة 21

قوله عليه‌السلام: «لايحبّك إلّا مؤمن ولايبغضك إلّا كافر»، وقد بيّنا طرفاً من طرق ذلك فوائده، وأنّه أظهر دليل في تعطّب معاوية وأتباعه وكذلك جميع من حارب أميرالمؤمنين وعاضبه؟.

الفائدة 22

قصّة سدّه [صلي اللَّه عليه وآله وسلم] الأبواب إلّا باب عليّ عليه‌السلام وإنكار من أنكر ذلك حتّي قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ما أنا سددت أبوابكم ولا أنا فتحت بابه بل اللَّه سدّ أبوابكم وفتح بابه»، وفي ذلك طرق:
منها ما رويناه بالإسناد المتقدّم إلي ابن‌المغازلي [878] قال: أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان قال: حدّثنا أبوالحسين محمّد بن‌المظفر بن موسي بن عيسي الحافظ قال:
[صفحه 623]
حدّثنا محمّد بن الحسين بن حميد بن الربيع، قال: حدّثنا جعفر بن عبداللَّه بن محمّد قال: حدّثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدّثنا سلام بن عمر[ة]، عن معروف بن الخرّبوذ، [879] عن أبي‌الطفيل:
عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال لمّا قدم أصحاب النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم المدينة لم يكن لهم بيوت يبيتون فيها فكانوا يبيتون في المسجد، فقال لهم النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لاتبيتوا في المسجد فتحتلموا».
ثمّ إنّ القوم بنوا بيوتاً حول المسجد وجعلوا أبوابها إلي المسجد و أنّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم بعث إليهم معاذ بن جبل فنادي أبابكر فقال: إنّ [رسول] اللَّه يأمرك أن تخرج من المسجد. فقال: سمعاً وطاعة. فسدّ بابه و خرج من المسجد. ثمّ أرسل إلي عمر فقال: إنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يأمرك أن تسدّ بابك الّذي في المسجد و تخرج. فقال: سمع وطاعة للَّه ولرسوله [880] غير أنّي /266/ أرغب إلي اللَّه في خوخة في المسجد!! فأبلغه معاذ ما قال عمر.
ثمّ أرسل إلي عثمان و عنده رقيّة، فقال: سمع وطاعة فسدّ بابه [وخرج من المسجد 882)[. [881].
ثمّ أرسل إلي حمزة فسدّ بابه و قال: سمعاً وطاعة للَّه ولرسوله.
وعليّ علي ذلك يتردّد لايدري أهو فيمن يقيم أم فيمن يخرج، و كان النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قد بني له بيتاً في المسجد بين أبياته فقال له النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أسكن طاهراً مطهّراً». فبلغ حمزة قول النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم لعليّ، فقال: يا محمّد تخرجنا وتمسك غلمان بني عبدالمطلب؟ فقال له نبي اللَّه: «لا، لو كان الأمر إليّ ما جعلت الأمر من دونكم من أحد، واللَّه ما أعطاه إيّاه إلّا اللَّه وإنك لعلي خير من اللَّه ورسوله أبشر».
[صفحه 624]
فبشّره النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقتل يوم أحد شهيداً.
ونفس ذلك رجال علي عليّ فوجدوا في أنفسهم وتبيّن فضله عليهم و علي غيرهم من أصحاب النبي صلي اللَّه عليه وآله فبلغ ذلك النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقام خطيباً فقال:
«إنّ رجالاً يجدون في أنفسهم في أنّي أسكنت عليّاً في‌المسجد [وأخرجتهم] [882] واللَّه ما أخرجتهم ولا أسكنته إنّ اللَّه عزّ وجلّ أوحي إلي موسي و أخيه «أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلة و أقيموا الصلاة» [87/يونس: 10] وأمر موسي أن لا يسكن مسجده ولاينكح فيه ولايدخله إلّا هارون وذرّيّته، وإنّ عليّاً منّي بمنزلة هارون من موسي وهو أخي دون أهلي ولايحلّ مسجدي لأحد [أن] ينكح فيه النساء إلّا عليّ وذرّيّته، فمن ساءه فهاهنا». وأومئ بيده نحوالشام!!.
وقد ذكر القاضي ابن‌المغازلي [للحديث] طرقاً سوي ذلك [883].
وروينا بالإسناد المتقدّم إلي القاضي الفاضل أبي‌علي الحسن بن عليّ الصفار رحمه‌الله [884] قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عليّ بن عمارة قراءةً عليه، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن عليّ بن الحسن بن عليّ الفلاس قال: حدّثنا محمّد بن عبداللَّه بن سليمان الحضرمي قال: حدّثنا يحيي بن حمزة التمّار قال: سمعت عطاء بن مسلم يذكر عن إسماعيل بن أميّة، عن جسرة:
عن أم سلمة قالت: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ألا إنّ مسجدي حرام علي كلّ حائض من النساء و علي كلّ جنب من الرّجال إلّا علي
[صفحه 625]
محمّد وأهل بيته: عليّ و فاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام» [885].
[صفحه 626]

الفائدة 23

تخصيصه بالمناجاة يوم الطائف و قول الناس ناجاه فأخبرنا صلي اللَّه عليه وآله بأن اللَّه انتجاه و قد بيّنا ذلك بطرق أخري، [886] وهو زيادة في شرفه عليه‌السلام.

الفائدة 24

قوله عليه‌السلام: «أتعلمون أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: الحقّ مع عليّ و عليّ مع الحقّ يزول الحقّ مع عليّ حيث زال» [887].
[صفحه 627]
وهذا يشهد بعصمة عليّ عليه‌السلام و أنّه مع الحقّ لايفارقه بحال، ومتي كان كذلك كان قوله حجّة واجبة الإتّباع لأنّ أقواله و أفعاله إذا علم علي القطع صحّتها فلابدّ أن يلزم الانقياد لها كما يلزم الانقياد لما قطع علي أنّه حقّ /267/ وهذا يدلّ علي أن قوله يقطع الإجتهاد [888] وهو الظاهر من مذهب أئمّتنا عليهم‌السلام و إن كان قدمرّ للإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام في بعض كلامه ما يخالف ذلك و [لكن] له قول آخر يطابق ما قاله الجمهور من أئمّتنا عليهم‌السلام ولسنا نعلم أحداً من عيون العترة عليهم‌السلام يذهب الي تجويز مخالفته فيما يصحّ عنه [889] والخبر المذكور دليل علي أنّ قوله حقّ وكذلك غيره من الآثار، وبالجملة فلا خلاف بين العترة في عصمته فلم يجز مخالفته لأنه لايجوز العدول من المعلوم إلي المظنون كما في القبلة إذا أمكن إصابة عينها بأن يكون المصلّي في بعض بيوت مكة، فإنّه لايجوز له أن يطرح ذلك و يعدل إلي غالب ظنّه.
فإذا ثبت أنّ اجتهاده حقّ علي القطع [890] واجتهاد غيره ليس كذلك لم يجز الرجوع إلي اجتهاد غيره و ترك اجتهاده لأنّ ذلك هوإطراح المعلوم إلي المظنون. وقد روينا بالإسناد وإلي أمّ سلمة رضي‌اللَّه عنها عن النبي صلي اللَّه عليه وآله
[صفحه 628]
وسلم أنّه قال: «عليّ مع الحقّ والقرآ ن، والحقّ و القرآن مع عليّ ولن يفترقا حتّي يردا عليّ الحوض» [891].
[صفحه 629]
وكذلك خبر المنزلة فإنّه دليل علي أن قوله حقّ لأنّه يدخل في جملة منازل هارون من موسي و قد مرّ تفصيله.

الفائدة 25

اشاره

قوله صلي اللَّه عليه: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللَّه وعترتي لن تضلّوا ما استمسكتم بهما ولن يفترقا حتّي يردا علي الحوض»، [892] وقد بيّنا طرقاً من طرق ذلك [893] وهو من الآثار الظاهرة و فيه دلالة علي أن إجماع العترة عليهم‌السلام حجّة من وجوه:

احدها

إنّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم جمع بين العترة والكتاب ولاخلاف أن الكتاب حجّة ولايجوز أن يقرن في الحكمة بين الحجّة وبين ماليس بحجّة لأنّ ما ليس بحجّة لايلزم الرجوع إليه بخلاف الحجّة فإنّه يجب الرجوع إليها فوجب أن تكون العترة حجّة كالكتاب حتّي يحسن الجمع بينهما.

ثانيها

انّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم علق نفي الضلال بهما بقوله لن تضلوا ما استمسكتم بهما وهذا يوجب ان يكون تابع العترة عليهم‌السلام غير ضال ولولا أنّ قولهم حجّة وأنّه لايجوز عليهم الضلال وإلّا لم يجز ذلك، وكيف يعلّق صلي اللَّه عليه وآله
[صفحه 630]
وسلم نفي الضلال بالتمسك بهم وهم ضالون ولو جاز عليهم الضلال والحال هذه لجاز في الكتاب ان يكون ضلالا حتّي لايجوز الرجوع إليه بحال و هذا باطل عند الأمّة.

ثالثها

قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ولن يفترقا حتّي يردا عَلَيّ الحوض»، وإذا لم تفارق العترة الكتاب وجب في قولها أن يكون حقاً وصواباً لأنه لوجاز عليها الضلال كانت قد فارقت الكتاب لأنّه لايجوز فيه ذلك إذ هو حجّة واجبة إلإتّباع لأنه كلام من لايجوز عليه القبيح لعلمه بقبحه وعلمه بغناه عن فعله.

الفائدة 26

اضطجاعه علي فراش رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم واقياً له بنفسه وقد بيّنا تفصيل ذلك وورود الآية وهي قوله تعالي: «ومن الناس مَن يَشري نفسه ابتغاء مرضات اللَّه» [207/البقرة: 3] في شأنه عليه‌السلام [894].

الفائدة 27

مبارزته لعمرو بن عبدودّ و قد بيّنا ذلك [895] وما كان له في مقابلته من الكرامة العجيبة والتحفة الّتي وصلت إليه من الجنّة.
وقد روينا عن حذيفة أنّه قال: لو وضعت أعمال الأوّلين والآخرين في الميزان وقتل عليّ عليه‌السلام عمرو بن عبدودّ حين حاد عنه المسلمون- وتضيّق عليهم الخطب- لرجح [علي أعمالهم] [896] وفي هذا أوفي شرف.
[صفحه 631]

الفائدة 28

آية التطهير وقد بيّنا الآثار الواردة في ذلك ودلالتها علي فضله [897] وفضل العترة عليهم‌السلام وأنها قاضية بأنّ إجماعهم حجّة واجبة الإتّباع.

الفائدة 29

قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم فيه: «أنت سيّد العرب»، [898] وإنّما أراد بذلك ملك التصرف لأنّ سيّد القوم هو المالك للتصرف
[صفحه 632]
فيهم. وقيل أيضاً: السيّد الكريم. وقيل: حسن الخلق. وقيل: الحليم. وكلّ ذلك قدحصل في حقّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام علي أبلغ الوجوه، وقد بيّنا قول النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «وأحلمهم حلماً وأحسنهم خلقاً».

الفائدة 30

قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ما سألت اللَّه شيئاً إلّا سألت لك مثله» [899].
وإذا دعا له النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم بذلك فدعاؤه مجاب لأنّ اللَّه تعالي وعد الإجابة سائر المؤمنين، فكيف بخاتم النبيّن صلي اللَّه عليه وآله الأكرمين.
وقد روينا بالإسناد إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه يحيي بن الحسين قدس اللَّه روحه [900] قال: أخبرنا الحكم بن محمّد بن إسماعيل بن الحكم المخزومي بقراءتي
[صفحه 633]
عليه [في جامع الكوفة] قال: أخبرنا أبوالطيب محمّد بن الحسن بن النحاس السلمي [901] قال: حدّثنا أبوالحسين عليّ بن العباس بن الوليد البلخي [902] قال حدّثنا عباد بن يعقوب [الرواجني] قال: أخبرنا عليّ‌بن هاشم، عن أبي‌الجحاف:
أنّ رجلاً جاء إلي أمير المؤمنين عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام فقال: حدّثنا بأعجب سابقة كانت لك علي لسان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم؟! فقال [عليه‌السلام]: قدكانت لي سوابق كثيرة علي لسان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم [ومرضت مرّةً فعادني النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم فدخل عليّ وأنا مضطجع فأتي إلي جنبي فسجّاني بثوبه، فلمّا رأي أنّي قد ضعفت قام إلي المسجد يصلي فلمّا قضي صلاته جاء فرفع الثوب عنّي] فقال: «يا عليّ ما سألت ربّي الليلة لنفسي شيئاً إلّا أعطيته، ولا سألت لنفسي شيئاً إلّا سألت لك مثله فأعطاني» [903].
[صفحه 634]
وهذا فيه أوفي تصريح بما قلناه، و هو أظهر دليل علي شرف عليّ عليه‌السلام وفضله وارتفاع درجته وعلوّ منزلته عنداللَّه تعالي.

ذكر معالي أبي‌طالب، وبعض غرر أبياته، وفي ذيله كلام شريف لمحمد ابن‌الحنفية في تقريض أبيه

اشاره

ونعود إلي فوائد خبر المناشدة بالطريق الثانية الّتي قدّمناها عطفاً علي ما في الطريقة الأولي ونترك منها ما قد ذكرناه:

الفائدة 31

قوله: «هل فيكم من أحد صليّ القبلتين غيري؟».

الفائدة 32

قوله: «هل فيكم من أحد /269/ نصر أبوه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وهو مشرك غيري؟» [904].
[قال المؤلّف:] وقد بيّنا ما كان من أبي‌طالب في حقّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه
[صفحه 635]
وآله وسلم من معاضدته ومناصرته والدفع عنه بكلّ وجه من‌الوجوه [905] وعظم ذلك علي كفار قريش فلم يجدوا معه سبيلاً إلي ما يريدونه في حقّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بل حدب دونه وقام بنصرته، فلمّا رأوا ذلك اجتمعوا جماعة من أشرافهم؟ و قصدوه وقالوا: يا [أ] باطالب إنّ ابن‌أخيك قد سبّ آلهتنا وعاب ديننا وسفّه أحلامنا وضلّل آباءنا فإمّا أن تكفّه عنّا وإمّا أن تخلّي بيننا وبينه فإنّك علي مثل ما نحن عليه من خلافه فنكفيكه؟!! فقال لهم أبوطالب قولاً رفيقا وردّهم ردّاً جميلاً فانصرفوا عنه، و مضي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي ما هو عليه يظهر دين اللَّه و يدعوا إليه.
ثمّ سري الأمر بينهم و بينه حتّي تباعد الرجال وتضاغنوا وأكثرت قريش ذكر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فتذامروا فيه وحضّ بعضهم عليه.
ثمّ إنهم مشوا إلي أبي‌طالب مرّة أخري فقالوا له: يا [أ] باطالب إنّ لك نسباً وشرفاً ومنزلةً منّا وإنّا قد استنهيناك من ابن‌أخيك فلم ينته عنّا، وإنّا واللَّه لانصبر علي هذا من شتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا حتّي تكفّه عنّا أو ننازله وإيّاك في ذلك حتّي يهلك أحد الفريقين،- أو كما قالوا- ثمّ انصرفوا عنه فعظم علي أبي‌طالب فراق قومه وعداوتهم ولم يطب نفساً بإسلام رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ولا خذلانه، ولمّا قالوا له ذلك بعث إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقال: يا ابن‌أخي، إنّ قومك قد جاؤني فقالوا لي كذا وكذا- [فذكر] الّذي كانوا قالوا له- فأبق عليّ وعلي نفسك ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق.
قال فظنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنّه قد كان بدا لعمّه فيه بدوّ وأنّه خاذله ومسلّمه، وأنّه قد ضعف عن نصرته والقيام معه، قال: فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «يا عمّ واللَّه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري علي أن أترك هذا الأمر حتّي يظهره اللَّه أو أهلك فيه ما تركته». قال: ثمّ استعبر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فبكي، ثمّ قام فولّي.
[صفحه 636]
فلمّا وليّ ناداه أبوطالب فقال: اذهب يا ابن‌أخي فقل ما أحببت، فواللَّه ما أسلّمك لشي‌ء أبداً.
ثمّ إنّ قريشاً حين عرفوا أن أباطالب قد أبي‌خذلان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وإسلامه وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم، مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة فقالواله: يا [أ] باطالب هذا عمارة بن الوليد أنهد فتي في قريش وأجمله فخذه فلك عقله وبصره واتخذه ولداً فهو لك، وأسلم إلينا ابن‌أخيك هذا الّذي قد خالف دينك ودين آبائك /270/ وفرّق جماعة قومك وسفّه أحلامهم فنقتله فإنّما هو رجل كرجل!
فقال: واللَّه لبئسما تسومونني، أتعطونني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه؟! هذا واللَّه لا يكون أبداً.
قال: فقال المطعم بن عدي بن نوفل بن عبدمناف بن قصيّ: واللَّه يا [أ] باطالب لقد أنصفك قومك وجهدوا علي التخلّص ممّا تكره فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئاً. فقال أبوطالب للمطعم: واللَّه ماأنصفوني ولكنّك قد أجمعت علي خذلاني ومظاهرة القوم فاصنع ما بدا لك أو كما قال.
فحقب الأمر وحميت الحرب وتنابذ القوم ونادي بعضهم بعضاً و قام أبوطالب لمّا رأي قريشاً يصنعون بالمسلمين مايصنعونه من التعذيب في بني هاشم وبني المطّلب فدعاهم إلي ما هو عليه من منع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم والقيام دونه، فاجتمعوا إليه وقاموا معه فأجابوه إلي ما دعاهم إليه، إلّا ما كان من أبي‌لهب عدوّاللَّه.
فلمّا رأي أبوطالب من قومه ما سرّه من جدّهم معه وحدبهم جعل يمدحهم ويذكر قديمهم ويذكر فضل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فيهم ومكانه منهم ليشيد بهم رأيهم وليحدبوا معه علي أمره فقال:
اذا اجتمعت يوماً قريش لمفخر
فعبد مناف سرّها وصميمها
وإن حصّلت أشراف عبدمنافها
ففي هاشم أشرافها وقديمها
وإن فخرت يوماً فإنّ محمّداً
هو المصطفي من سرّها وكريمها
تداعت قريش غثّها وسمينها
علينا فلم تظفر وطاشت حلومها
[صفحه 637]
وكنّا قديماً لا نقرّ ظلامة
إذا ما ثنوا صعر الخدود نقيمها
ونحمي حماها كلّ يوم كريهة
ونضرب عن أحجارها من يرومها
بنا انتعش العود الذوي وإنّما
بأكنافنا تندي وتنمي أرومها [906].
وأقام [أبوطالب] كذلك جادّاً مجدّاً في المحاماة عن رسول اللَّه صلي اللَّه وآله سلم.
ومن قصيدته اللاّميّة [907] وهي طويلة- يذكر فيها قومه ويذكر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وأنّه غير مسلّم له إليهم- وهي مشهورة قال فيها وذكر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم:
كذبتم و بيت اللَّه نبزي محمّداً
ولمّا نطاعن حوله ونناضل
ونسلمه حتّي نصرّع حوله
ونذهل عن أبنائنا والحلائل
منها:
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه
ثمال اليتامي عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاّك من آل هاشم
فهم عنده في نعمة و فواضل
ومنها /271/:
لعمري لقد كلّفت وجداً بأحمد
وإخوته دأب المحبّ المواصل [908].
فمن مثله في‌الناس أيّ مؤمّل
إذا قاسه الحكام عندالتفاضل
عليم رشيد عادل غير طائش
يوالي إلهاً ليس عنه بغافل
فو اللَّه لولا أن أجي‌ء بسبّه
تجرّ علي أشياخنا في‌المحافل
لكنّا اتّبعناه علي كلّ حالة
من‌الدهر جدّاً غير قول‌التهازل
لقد علموا أن ابننا لامكذّب
لدينا ولايعنا بقول الأباطل؟
فأصبح فينا أحمد في أرومة
يقصّر عنها سورة المتطاول
جديت بنفسي دونه وحميته
ودافعت عنه بالذري والكلاكل
[صفحه 638]
وأقام أبوطالب كذلك حتّي اشتكي شكوة موته وبلغ ذلك قريشاً، فقالت بعضها بعضاً: إنّ حمزة وعمر قد أسلما وقد فشا أمر محمّد في قبائل قريش كلّها فانطلقوا [بنا] إلي أبي‌طالب فليأخذ لنا علي ابن‌أخيه ولنعطيه منّا [909] فإنّا واللَّه ما نأمن أن يبتزّونا أمرنا، فمضوا إلي أبي‌طالب فكلّموه وهم أشراف قومه؟ عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبوجهل بن هشام، وأميّة بن خلف وأبوسفيان بن حرب في رجال من أشرافهم، فقالوا: يا [أ] باطالب إنك منّا حيث قد علمت، وقد حضرك ماتري وتخوّفنا عليك، وقد علمت الّذي بيننا وبين ابن‌أخيك، فادعه فخذ له منّا وخذ لنا منه ليكفّ عنّا ونكفّ عنه، وليدعنا وديننا وندعه ودينه.
فبعث إليه أبوطالب فجاءه فقال: يا ابن‌أخي هؤلاء أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليعطوك وليأخذوا منك. قال: فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «نعم كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب و يدين لكم بها العجم».
قال: فقال أبوجهل: نعم و أبيك وعشر كلمات. قال: تقولون: «لا إله إلّا اللَّه وتخلعون ما تعبدون من دونه». قال: فصفقوا بأيديهم وقالوا: أتريد يا محمّد أن تجعل الآلهة إلهاً واحداً؟ إنّ أمرك لعجب. قال: ثمّ قال بعضهم لبعض: إنّه واللَّه ما هذا الرجل يعطيكم شيئاً مما تريدون، فانطلقوا وامضوا علي دين آبائكم حتّي يحكم اللَّه بينكم وبينه، قال: ثمّ تفرّقوا. قال: فقال أبوطالب لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: يا ابن‌أخي ما رأيتك سألتهم شحطاً؟ قال: فلمّا قالها أبوطالب طمع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فيه، فجعل يقول: «أي عمّ فأنت فقلها أستحلّ بها لك الشفاعة يوم القيامة». قال: فلمّا رأي حرص رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: يا ابن أخي واللَّه لولا مخافة السبّة عليك وعلي بني أبيك من بعدي وأن تظنّ قريش انمّا قلتها جزعاً من الموت لقلتها لا أقولها إلّا لأسرّك بها.
فلمّا تقارب من أبي‌طالب الموت قال نظر /272/ العباس إليه [فرآه] يحرّك
[صفحه 639]
شفتيه قال: فأصغي إليه أذنيه، قال: فقال: يا ابن‌أخي واللَّه لقد قال أخي الكلمة، واللَّه لقد قال أخي الكلمة الّتي أمرته أن يقولها؟ قال: فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لم أسمع» [910].
ثمّ توفّي أبوطالب وكانت وفاته قبل هجرة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم إلي المدينة بثلاث سنين، و هلكت خديجة في العام الّذي هلك فيه أبوطالب، ونالت قريش من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم من الأذي بعد وفاته ما لم تكن تطمع في حياته حتّي روي أنّه اعترضه سفيه من سفهائهم فنثر علي رأسه تراباً فدخل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم والتراب علي رأسه فقامت إليه إحدي بناته فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي ورسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول لها: «لا تبكي يا بنيّة فإن اللَّه مانع أباك». قال: وبين ذلك يقول: «ما نالت منّي قريش [911] شيئاً أكرهه حتّي مات أبوطالب».
[قال المؤلّف:] وقد بيّنا ما ذهب إليه متأخّروا العترة [912] من تصحيح توبته وموته علي الاسلام، وقد أكدّه ما رويناه عن العباس آنفاً وقد ذكرنا من شعره أيضاً مايدلّ علي إسلامه وإقراره بنبوّة النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم وما ذكره بعضهم من الدلالة علي إسلامه مانقل عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم من قوله في حديث الإستسقاء: «للَّه درّ أبي‌طالب لوكان حيّاً لقرّت عيناه بي من ينشدنا قوله». فقام أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال: لعلّك يارسول اللَّه تعني قوله: [913].
[صفحه 641]
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه
ثمال اليتامي عصمة للأرامل
فقال أجل:
قالوا: فقوله: «للَّه درّه» لايكون إلّا و هو من أهل الخير لأنّ من كان من أهل النار لايقال فيه ذلك.
وقد ذكرالإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام في قصيدته الميميه الّتي عارض فيها ابن‌المعتزّ علي قصيدته الّتي يقول فيها:
بني عمّنا راجعوا ودّنا
وسيروا علي السنن الأقوم
لنا مفخر ولكم مفخر
ومن يؤثر الحقّ لم يندم
فأنتم بنو بنته دوننا
ونحن بنو عمّه المسلم
قال الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام [في جوابه]:
بني عمّنا إنّ يوم الغدير
يشهد للفارس المعلم
أبونا عليّ وصيّ الرسول
ومن خصّه باللوا الأعظم
لكم حرمة بانتساب إليه
وها نحن من لحمه والدم
لئن كان يجمعنا هاشم
فأين السنام من المنسم
وإن كنتم كنجوم السما
فنحن الأهلّة للأنجم
[صفحه 642]
ونحن بنو بنته دونكم
ونحن بنو عمّه المسلم
حماه أبونا أبو طالب
وأسلم والناس لم تسلم
وقد كان /273/ يكتم إيمانه
فأمّا الولاء فلم يكتم
وأيّ الفضائل لم يحوها
ببذل النوال وضرب الكميّ
قفونا محمّد في فعله
وأنتم قفوتم أبامجرم [914].
هدي لكم الملك هدي العروس
وكافأتموه بسفك الدم
ورثنا الكتاب وأحكامه
علي مفصح الناس والأعجم
فإن تفزعوا نحو أوتاركم
فزعنا إلي آية المحكم
أبشرب الخمور وفعل الفجور
من شيم النفر الأكرم
قتلنم هذاة الوري الطاهرين
كفعل يزيد الشقي العمي
فخرتم بملك لكم زائل
يقصر عن ملكنا الأدوم
ولابدّ للملك من رجعة
إلي سالك المنهج الأقوم
إلي النفر الشم أهل الكسا
ومن طلب الحقّ لم يظلم
تغشون بالنور اقطارها
وتنسل عن ثوبها الاسجم
ومتي تقرر إسلام أبي‌طالب وحميد غنائه وذبّه عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بحيث لم يقم مقامه في ذلك سواه استقام افتخار أميرالمؤمنين عليه‌السلام فإنّه تميز علي سائر الصحابة أجمعين بذلك فكان ذلك زياده في شرفه عليه‌السلام.
قال الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام: خير في حكمه خير الابات من يطول عنق ولده بذكره و يجري السنة الأكثر بشكره.

الفائدة 33

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم أحد أقتل لمشركي قريش في حرب رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم- واخراجه ناحرا عنه [915] عند كل شديده تنزل متّي؟».
وقد بيّنا طرفاً من مواقفه عليه‌السلام بين يدي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم
[صفحه 643]
ولا شبهه أنّ له في هذا الشأن المزيّة الظاهرة علي كافة الصحابة، ويكفيك شهادة رضوان [له بقوله]:
لاسيف إلّا ذو الفقار
ولافتي إلّا عليّ
فهذا شي‌ء تنقطع عنده الأمانّي إذ لم ينقل مثله لأحد من ولد آدم علي كثرة المجاهدين، وذبّ الذّابين عن دين اللَّه تعالي وذلك زيادة في فضل عليّ عليه‌السلام، لأنّه أشرف الطاعات، قال اللَّه تعالي: «وفضلّ اللَّه المجاهدين علي القاعدين أجراً عظيماً - درجات منه ومغفرة ورحمة وكان اللَّه غفوراً رحيماً» [95 تا 96/النساء: 4].
ومتي تقرّر فضل المجاهدين علي القاعدين فلاشبهة أنّ أفضل المجاهدين أكثرهم عناءاً في الدفع عن الموحّدين، وأثراً في الكافرين المعتدين، وعليّ عليه‌السلام في هذا الباب السابق الّذي لايباري والمجلي الّذي لايجاري!!
وقد ذكره محمّد بن الحنفية عليه‌السلام في كلام له في بعض موافقه بصفّين وقد سمع قولهم: «هذا ابن‌أبي‌تراب»، فقال عليه‌السلام: إخسؤا ذرّية النار- واخسؤا ذرّية النفاق؟ وحصب جهنّم أنتم لها واردون- [916] عن الأسل النافد؟ والنجم الثاقب والقمر المنير ويعسوب المؤمنين من قبل أن نطمس وجوهاً فنردّها علي أدبارها أونلعنهم كمالعنّا أصحاب السبت /274/ وكان أمراللَّه مفعولاً [917].
أولا تدرون أيّ عقبة تتسنّمون [918] [وأنّي تؤفكون] بل ينظرون إليك وهم لايبصرون [919].
أصنو رسول اللَّه تستهدفون ضلة بكم؟ هيهات برزو اللَّه بسبق وفاز بخصل، محرزاً لقصبات سبقه فانحسرت عنه الأبصار، و تقطّعت دونه الرقاب، واحتقرت
[صفحه 644]
دونه رجال فكرثهم السعي وفاتهم الطلب، وأنّي لهم التناوش من مكان بعيد [920] فخفضاً [خفضاً].
اقلوا [عليكم] لا أباً لأبيكم
من اللؤم أو سدّوا المكان الّذي سدّوا
وأنّي تسدّون مسدّ أخي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله إذا شفعوا وشبيه هارون إذ منحوا؟ والبادي نبذر إذ بدروا؟ والمدعوّ إلي الخيبر اذ نكلوا؟ والصابر مع هاشم يوم هاشم إذ خضلوا، والخليفة علي المهاد ومستودع الأسرار.
تلك المكارم لاقعبان من لبن
شيسا بماء فعادا بعد أبوالا
وأنّي يبعد عن كلّ مكرمة وعلاء وقد يمتّه ورسول اللَّه أبوّة؟ وتفيّئا في ظلّ ودرجا في سكن، وربّيا في حجر منتحبان مطهّران من الدنس؟ فرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم للنبوّة و أميرالمؤمنين للخلافة، لخلافة قد رفع اللَّه عنها سنّة الاستبداد، و طمس عنها وسم الذلّة، فقد حلاها عن شربها آخذاً بأكظامها يرحضها عن مال اللَّه حتّي غضّها فرض الكتاب، فجرجرت جرجرة العود فلفظته أفواهها ومجّته شفافها؟ ولم يزل علي ذلك وكذلك؟ حتّي أقشع عنكم ريب الذلّة، واستنشقتم روح النصفة، وتطعّمتم قسمة السواء بسياسة مأمون الخرفة، مكتهل الحنكة، طبّ بأدوائكم قمن بداوئكم [921] ثبت بالربوة كالياً لحوزتكم جامعاً لقاصيتكم يقتات الخشن ويلبس الهدم ويشرب الخمس؟ وأنتم تريدون أن تطفؤا نوراللَّه بأفواهكم ويأبي‌اللَّه إلّا أن يتمّ نوره ولوكره المشركون.
ثمّ إذا تكافح السيفان، وتنادت الأقران، وطاح الوشيح واستسلم الوسيط؟ وغمغمت الأبطال ودعيت نزال وعرّدت الكماة وقلصت الشفاه، وقامت الحرب علي ساقٍ وسالت عن إبراق، ألفيت أميرالمؤمنين مثبتاً لقطبها مديراً لرحاها دلّافاً إلي البهم، ضرّاباً للمقل سلّاباً للمهج، تراكاً للمولّية؟ مثكل أمّهات ومؤيّم أزواج، و مؤتم أطفال، طامحاً في‌الغمرة، راكداً في الجولة يهتف أولاها فتنكف علي أخراها فآونة يكفاها وفيئة يطويها طيّ الصحيفة، وتارة يفرّقها فرق الوفرة،
[صفحه 645]
فبأيّ مناقب أميرالمؤمنين تكذّبون؟ و عن أيّ مثل حديثه تروون؟ وربّنا الرحمان المستعان علي ما تصفون.
[قال المؤلف:] هذا آخر كلامه عليه‌السلام وقد نقلناه بتمامه لأنه يتعلق بما نحن بصدده وما أصدق وصفه وأحسن رصفها، [922] وللَّه [درّ] القائل.
[صفحه 648]
وقد وجدت مكان القول ذاسعة
فإن وجدت لساناً قائلاً فقل
وقد /275/ اتّسع ميدان الكلام و وجد من يحسن النظام وقد قال بعضهم في بعض من مدح أميرالمؤمنين وقرّطه وأحسن، فقال: وجد آجرّاً وجصّاً فبني.
وكيف يروم أحد الإحصاء لمناقبه عليه‌السلام مع ما:
أخبرنا به الفقيه العالم جمال الدين عمران بن الحسن بن ناصر أسعده اللَّه [923] قال: أخبرنا الشيخ العالم عفيف الدين حنظلة بن الحسن بن شيبعان؟ رضي‌الله عنه قراءةً عليه بإسناده المتقدّم في أول الكتاب إلي الإمام محمّد بن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان [924] قال: حدّثنا المعافي بن زكريّا أبوالفرج،عن محمّد بن أحمد بن أبي
[صفحه 649]
الثلج، عن الحسن بن محمّد بن بهرام، عن يوسف بن موسي القطان، عن جرير، عن ليث، عن مجاهد:

رواية ابن‌عباس عن النبي: «لو أن الفياض أقلام والبحر مداد والجن حساب والإنس كتاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي‌طالب»

عن ابن‌عباس قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لو أنّ الغياض أقلام والبحر مداد والجنّ حسّاب والإنس كتّاب ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام».

ذكر الفائدة 34

في احتجاج أميرالمؤمنين بثباته في حرب الكفار في يوم حين فر الآخرون، و فيه ذكره الجمل صاحب راية هوازن ثم قتله بيد رجل من الأنصار
قوله عليه‌السلام: «هل فيكم من أحد وقف مع الملائكة يوم حنين غيري حين ذهب الناس؟» وقد بيّنا ماكان لأميرالمؤمنين عليه‌السلام في يوم حنين من العناء العظيم الّذي فاز فيه بالثناء العميم والخير الجسيم بعد انهزام المهاجرين والأنصار، إلّا نفر قليل من أهل بيت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وأصحابه فيهم العباس بن عبدالمطلب وابن‌أخيه أبوسفيان بن الحارث وابنه جعفر، والفضل بن العباس وأبوبكر وعمر [925] وربيعة بن الحارث وأسامة بن زيد وأيمن بن أم أيمن بن عبيد [و] قتل يومئذ.
قال العباس: إنّي لمَعَ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم آخذ بحكمة بغلته البيضاء قد شجرتها بها؟ قال: وكنت امرءاً جسيماً شديد الصوت، قال: ورسول اللَّه يقول حين رآي ما رآي من الناس: أين الناس؟ فلم أري الناس يلوون علي شي‌ء فقال: ياعباس اصرخ: يا معشر الأنصار، يا معشر أصحاب السمرة؟ قال: [فصرخت بهم] فأجابوا: لبّيك لبّيك. قال: فيذهب الرجل لينثني بعيره فلايقدر علي ذلك؟ فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ويأخذ سيفه وترسه ويقتحم عن بعيره ويخلّي سبيله فيؤمّ الصوت حتّي ينتهي إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم حتّي إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس فاقتتلوا فكانت الدعوي أوّل ما كان للأنصار ثمّ خلصت أخيراً بالخزرج؟ وكانوا صبّراً عند الحرب، فأشرف رسول اللَّه صلي اللَّه عليه‌وآله وسلم في ركابته؟ فنظر إلي مجتلد القوم وهم يجتلدون فقال: «الآن حمي‌الوطيس»، وأميرالمؤمنين عليه‌السلام يكرّ علي أعداء اللَّه تعالي
[صفحه 650]
لم يعرف قراراً؟ بل هو أمام الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم يخوض لظاها ويغتسل بحذاها؟ وله الفضل في ذلك المقام علي الجميع.
وروي أنه كان في المشركين رجل علي جمل له أحمر بيده راية سوداء /276/ علي رأس رمح طويل أمام هوازن- وهوازن خلفه- إذا أدرك طعن برمحه وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتّبعوه، فأتي أميرالمؤمنين عليه‌السلام من خلفه فضرب عرقوبي الجمل فوقع علي عجزه، ووثب رجل من الأنصار علي الرجل فضربه ضربةً أطنّ قدميه بنصف ساقه فانجعف الرجل عن رجله [926].
وأراد عليّ ابن‌أبي‌طالب عليه‌السلام بوقوفه مع الملائكة يوم حنين عند انهزام الناس [أن يكون من] [927] المدد الّذين أمدّ اللَّه بهم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال تعالي: «ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثمّ ولّيتم مدبرين - ثمّ أنزل اللَّه سكينته علي رسوله وعلي المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذّب الّذين كفروا و ذلك جزاءُ الكافرين» [25 تا 26/التوبة: 9].
وروي عن جبير بن مطعم قال: لقد رأيت- قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون- مثل السحاب الأسود أقبل من السماء حتّي سقط بيننا وبين القوم فنظرت فإذاً نمل
[صفحه 651]
اسود مبثوث قد ملأ الوادي لم أشكّ أنّها الملائكة ولم يكن إلّا هزيمة القوم، فهذه منقبة شريفة انفرد بها عليّ عليه‌السلام من أهل الشوري فكان أولي منهم بالإمامة عند كلّ من أنصف ولم يركب متن العناد.

ذكر الفائدة 35

قوله في إخبار جبرئيل بأنّ الجنّة أشوق إلي علي من شوقه إلي الجنّة، وحديث اشتياق الجنّة إلي علي وعمار وسلمان
قوله عليه‌السلام: «هل فيكم من أحد اشتاقث الجنّة إلي رؤيته بقول نبيّكم غيري؟» وإنّما يريد عليه‌السلام اشتياق أهل الجنّة إلي رؤيته ومن فيها من الحور وذلك ثابت فيما رويناه أن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال لعليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام: «والّذي بعثني‌بالحقّ نبيّاً لقد أخبرني جبريل عليه‌السلام أنّ الجنّة أشوق إليك منك إلي الجنّة».
وروينا عن أنس أن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «الجنّة تشتاق إلي عليّ و عمّار و سلمان». [928].
[صفحه 652]
وفي رواية بلال عوض … عن سلمان. [929].
[صفحه 654]
ثمّ كيف لاتشتاق إليه عليه‌السلام من خلق له [930] وذلك ثابت فيما رويناه بالإسناد المتقدّم إلي القاضي أبي عليّ الحسن بن عليّ الصفار رحمه اللَّه تعالي [931] قال: حدّثنا قاضي القضاة عبدالجبّار بن أحمد قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس قال: حدّثنا أبوالعباس بن جعفر بن نصر، قال: حدّثنا محمّد بن عيسي الدامغاني قال: حدّثنا يحيي بن مغيرة، قال: حدّثنا جرير عن الأعمش عن عطيّة:
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لمّا أسري بي إلي سبع سموات أخذ بيدي حبيبي جبريل صلي اللَّه عليه وسلم فأجلسني علي درنوك من درانيك الجنّة، ثمّ ناولني سفرجلة فانفلقت بنصفين فخرجت منها حوراء فقالت: السلام عليك يا محمّد السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا رسول اللَّه. قلت وعليك يرحمك اللَّه من أنت؟ قالت: أنا الراضية المرضية خلقني الجبّار من ثلاثة أنواع: أسفلي من المسك، ووسطي من العنبر، وأعلاي من الكافور عجنت بماء الحياة؟ قال الجبّار: كوني فكنت، خلقت لأخيك وابن عمّك ووصيك عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام». [932].

في أنه لا وصي لرسول الله غير علي، و أنه وارث رسول الله، و حديث الطير، و أن له سهمان من الغنيمة..

الفائدة 36

قوله: «هل فيكم من أحد هو وصيّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم في أهله غيري»، وقد بيّنا فيما تقدّم مادلّ علي
[صفحه 655]
أنّ عليّاً عليه‌السلام [كان] هو الوصيّ علي العموم.
وروينا بالإسناد المتقدّم إلي السيّد الإمام الموفق باللَّه أبي عبداللَّه الحسين بن عليّ بن إسماعيل الحسني الجرجاني عليه‌السلام [933] قال: حدّثنا يحيي بن الحسن، حدّثني ابن روح أبوحفص العجلي حدّثنا مالك بن إسماعيل، حدّثنا عمرو بن حريث الأشجعي حدّثنا برذعة بن عبدالرحمان البناني، حدّثنا أنس بن مالك قال:
كنت خادم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم، سمعته [يوماً وهو]يقول: «ليدخلنّ عَلَيَّ اليوم البيت رجل هو خير الاوصياء وسيّد الشهداء وأقرب الناس إلي النبيّين يوم القيامة مجلساً».
قال أنس: فقلت: اللهمّ اجعله رجلاً من الأنصار، فدخل عليه عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام في ذلك اليوم، فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ما لي لا أقول هذا فيك يا عليّ أنت تبرئ ذمّتي وتحفظ وصيتي وتقضي ديني».

الفائدة 37

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم أحد ورث سلاح رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم و دوابّه عند موته غيري؟».
وقد بيّنّا اختلاف الناس في مخلّف النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم [934] وأنّه هل يورث أم لا؟ وبيّنا أنّ اجماع العترة عليهم‌السلام منعقد علي أن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم يورث، و مصير هذه الأشياء إلي عليّ عليه‌السلام يقضي بأن له في ذلك فصلا.
قال الإمام المنصور باللَّه عليه‌السلام: وعليّ عليه‌السلام وارث رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بأخبار كثيرة نحن نرويها و هذا خبر بخلاف قياس الأصول [935] ولم ينازع عليّاً عليه‌السلام في أفراس النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم وادراعه أحد من الناس لاالعباس ولا غيره، فكان عليّ عليه‌السلام عصبة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله ووارثه.

الفائدة 38

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم من أحد له شقيق مثل شقيقي
[صفحه 656]
ووزير مثل وزيري»؟ الشقيق يحتمل أن يكون أراد به رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لما تقدّم من الآثار الواردة بأخوته [له].
ويحتمل أن يكون أراد جعفر بن أبي‌طالب عليه‌السلام، وكلّ ذلك شرف انفرد به عليهم وتميّز به دونهم وكذلك الوزير.

الفائدة 39

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم من أحد له سهمان كسهمي سهم في‌الخاصّة وسهم في‌العامّة؟».
ومراده عليه‌السلام بالسهمين ما يؤخذ من الغنائم فأمّا سهم العامة فيريد به ما يأخذه علي حدّ ما يأخذه سواه من المجاهدين من الغنيمة عند قسمتها بينهم.
وأمّا سهم الخاصة فهو ما يصرف إليه من الخمس لأن اللَّه تعالي يقول: «واعلموا أنّما غنمتم من شي‌ء فأنّ للَّه خمسه وللرسول ولذي القربي» [41/ الأنفال: 8] الآية، وهو من ذوي‌القربي بل هو الصفوه/ 278/ منهم فكان ذلك زيادة في فضله علي أهل الشوري، وقد كان الأصل في جعل الخمس لهم هو لنصرتهم لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم [936] وله المزيّة في ذلك علي الناس أجمعين.

الفائدة 40

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم من أحد هو أحدث عهداً برسول اللَّه منّي»؟. [937].
[صفحه 657]

الفائدة 41

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم من أحد ولي غسل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بالروح والريحان مع الملائكة المقرّبين غيري»؟

الفائدة 42

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم أحد قال له رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إغسلني أنت فإنّه لايري أحد شيئاً من عورتي إلّا عمي غيرك يا عليّ».

الفائدة 43

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم أحد وضع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم في حفرته ولفّه في أكفانه غيري؟».
وهذه أمور ظاهرة انفرد بها عليه‌السلام عليّ عن أهل الشوري وهي كاشفة عن فضله وزيادة في درجته.
وقد روينا أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم توفّي يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة إحدي عشرة من الهجرة وجهّزه صلي اللَّه عليه وآله وسلم عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام والعباس بن عبدالمطلب والفضل وقثم ابنا العباس وأسامة بن زيد وشقران مولي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
وروي: أنّ أوس بن خُوَلّي أحد بني عوف بن الخزرج قال لعلي‌بن أبي‌طالب: أنشدك اللَّه يا عليّ وحظّنا من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم. وكان أوس
[صفحه 658]
من أصحاب رسول اللَّه وأهل بدر.
قال: [فقال له علي عليه‌السلام:] فادخل فدخل وجلس، وحضر هو [938] غسل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، فأسنده علي بن أبي‌طالب إلي صدره وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه معه، و كان أسامة بن زيد وشقران مولياه اللذان يصبان الماء عليه، و عليّ يغسله وقد أسنده إلي صدره وعليه قميصه يدلكه به من ورائه، لايفضي بيده إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وهو يقول: «بأبي وأمي [أنت يا رسول اللَّه] ما أطيبك حيّاً وميّتاً». ولم يري من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه آله وسلم شي‌ء مما يري من الميّت [939].
وروينا عن عائشة أنّهم لمّا أرادوا غسله صلي اللَّه عليه وآله وسلم اختلفوا فيه فقالوا: واللَّه ما ندري أ نجرّد رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم عن ثيابه كما نجرّد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه؟ قالت: فلمّا اختلفوا ألقي اللَّه عليهم النوم حتّي ما منهم رجل إلّا ذقنه في صدره ثمّ كلّمهم مكلّم من ناحية البيت لا يدرون من هو: «أن اغسلوا رسول اللَّه و عليه ثيابه». قالت: فقاموا إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فغسلوه و عليه قميصه يصبّون الماء فوق القميص ويدلكونه والقميص دون أيديهم.
وروي أنّه لمّا فرغ من غسله صلي اللَّه عليه وآله وسلم كفّن في‌ثلاثة أثواب: ثوبين صحارييّن وبرد محبرة أدرج /279/ فيه إدراجاً.
واختلفوا أين يدفن ثمّ حفروا له تحت فراشه الّذي توفّي عليه، وحفر لرسول اللَّه عليه وآله وسلم أبوطلحه زيد بن سهل.
ولمّا فرغ [عليّ عليه‌السلام] من غسله وتكفينه وضع علي سريره في بيته صلي اللَّه
[صفحه 659]
عليه وآله وسلم ثمّ دخل المسلمون يصلّون عليه إرسالاً حتّي [إذا] فرغ الرجال، ثمّ دخل النساء حتّي إذا فرغوا دخل الصبيان [940].
ولم يؤمّ علي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أحد، ثمّ دفن صلي اللَّه عليه وآله وسلم في وسط الليل ليلة الأربعاء.
وكان الّذين نزلوا قبر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أميرالمؤمنين عليه‌السلام، والفضل وقثم ابنا العباس، وشقران مولي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
فقال أوس بن خَولي لعلي: أنشدك اللَّه وحظّنا من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقال [له عليّ عليه‌السلام]: إنزل. فنزل مع القوم.
وروينا عن ابن إسحاق عن أبيه إسحاق بن يسار عن مقسم بن أبي‌القاسم مولي عبداللَّه بن الحارث بن نوفل، عن مولاه عبداللَّه بن الحارث قال: إعتمرت مع عليّ بن أبي‌طالب في زمن عمر- أو زمن عثمان- فنزل علي أخته أمّ هاني‌ء بنت أبي‌طالب، فلمّا فرغ من عمرته رجع فسكبت [أخته] له غسل فاغتسل فلمّا فرغ من غسله دخل عليه نفر من أهل العراق، فقالوا: يا[أ] باالحسن جئنا نسألك عن أمر نحبّ أن تخبرنا عنه؟ قال: أظن المغيرة بن شعبة يحدّثكم أنّه أحدث الناس عهداً برسول اللَّه؟ قالوا: أجل عن ذلك جئنا نسألك. قال: كذب أحدث الناس عهداً برسول اللَّه قثم بن العباس [941].

الفائدة 44

قوله عليه‌السلام: «هل فيكم من أحد أمر اللَّه بمودّته من السماء حيث يقول: «لا أسألكم عليه أجراً إلّا المودّة في القربي» [23/الشوري: 42] غيري؟».
وقد روينا بالإسناد المتقدّم إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه يحيي بن الحسين بن إسماعيل الجرجاني قدّس اللَّه روحه [942] قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عبداللَّه بن
[صفحه 660]
أحمد بن ريذة قراءة عليه بإصفهان وأنا أسمع، قال: حدّثنا أبوالقاسم سليمان بن أحمد بن أيّوب الطبراني قال: حدّثنا الحضرمي قال: حدّثنا حرب بن الحسن الطحان، قال: حدّثنا حسين بن [الحسن] الأشقر، عن قيس بن ربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير:
عن‌ابن عباس رضي الله عنه قال: لمّا نزلت «قل لا أسألكم عليه أجراً إلّا المودّة في‌القربي» قالوا: يا رسول اللَّه و من قرابتك الّذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: «عليّ و فاطمة وابناهماعليهم‌السلام».
قال [المؤلّف] أيدّه‌اللَّه: ولمّا قرّر أميرالمؤمنين عليه‌السلام هذه الآثار المتقدّمة في حديث الشوري ممّا دلّ علي إمامته و كشف عن فضيلته، عقّبه بقوله عليه‌السلام:
[صفحه 661]
اللهمّ اشهد، وكفي به شهيداً بيني وبينكم أسمع وأطيع وأتّبع وأصبر؟! حتّي يأتي وعد اللَّه بالفتح من عنده، شأنكم فاصنعوا ما بدا لكم.
وهذا كلام الساخط لأعمالهم المقبّح لأفعالهم /280/ فكيف يدّعي ذو نصفة أنّه عليه‌السلام قد اعتقد إمامة عثمان أو من مضي [قبله] مع هذا الكلام وليت شعري هل انتظر فتح اللَّه تعالي علي حقّ يصير إليه أو باطل؟! فحاشا له عن هذا الأخير.
[صفحه 662]

في ذكر طرف من الآيات الكريمة التي وردت في شأن أهل البيت‌

وروينا بالإسناد إلي السدّي أنّ قوله تعالي: «والسابقون السابقون أولئك المقرّبون» [10/الواقعة: 56] نزلت في عليّ عليه‌السلام [943].
[صفحه 663]
وروينا بالإسناد إلي ابن عباس رضي‌الله عنه في قوله تعالي «سلام علي آل ياسين» [130/الصافات: 37] قال: علي آل محمّد [944].
وبالإسنادإلي أبي‌جعفر عليه‌السلام في قوله عزّ و جلّ: «[وإنّي لغفّار لمن تاب وآمن و] عمل صالحاً ثمّ اهتدي» [82/طاها: 20] قال: «إلي ولايتنا أهل البيت».
وبالإسناد إلي ثابت البناني في قوله تعالي: «وإنّي لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثمّ اهتدي»، قال: إلي ولاية أهل بيته [945].
[صفحه 664]
وبالإسناد إلي علي عليه‌السلام [في قوله تعالي في الآية (208) من سورة البقرة: «يا أيّها الّذين آمنوا] ادخلوا في السلم كافّة»، قال: [«في] ولايتنا أهل البيت» [946].
وبالإسناد إلي ابن العباس في قوله تعالي «ومن يقترف حسنة نزد له فيها حُسناً» [23/الشوري: 42] قال: «الموالاة لآل محمّد صلي اللَّه عليه وآله
[صفحه 665]
وسلم» [947] وبالإسناد إلي ابن عباس رضي الله عنه قال: لمّا نزلت «قل لا أسألكم عليه أجراً إلّات‌المودة في القربي» [23/الشوري: 42] قالوا: يا رسول اللَّه و من قرابتك الّذين وجبت علينا مودتهم قال: «عليّ و فاطمة وابناهما عليهم‌السلام» [948].
وعن قوله: «أمّن هو قانت آناء الّيل ساجداً و قائماً يحذر الآخرة و يرجوا رحمةاًربّه» [9/الزمر: 39] «نزلت في عليّ بن أبي‌طالب».
وذكر ابن جرير في تفسيره [949] عن ابن عباس في قوله: «ولكلّ قوم هاد» [7/الرعد: 13]، قال: وضع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يده علي صدره فقال «أنا المنذر» «ولكلّ قوم هاد» فأومئ بيده إلي عليّ بن أبي‌طالب فقال: «أنت الهادي يا عليّ بك يهتدي المهتدون من بعدي».
[و] قال مجاهد في قوله «وصدّق به» [33/الزمر: 39] قال: «عليّ بن أبي‌طالب» [950].
[صفحه 666]
أبوالأحوص، عن أبي‌إسحاق في قوله تعالي «وقِفوهم إِنَّهُم مَسئُولون» [24/الصافات: 37] يعني عن ولاية عليّ [951].
[وروي] أبوخالد، عن زيد بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال في قوله تعالي: «وجعلنا لهم لسان صدق عليّاً» [50/مريم: 19] قال: «أنت اللسان يا عليّ بولايتك يهتدي المهتدون» [952].
وروي الناصر بإسناده عن عليّ عليه‌السلام انه قال في قوله تعالي: «أفمن كان علي بيّنة من ربّه ويتلوه شاهد منه» [17/هود: 11] قال: ««علي بيّنةٍ من ربّه» رسول اللَّه «ويتلوه شاهد» أنا الشاهد وفيّ نزلت هذه الآية» [953].
وروي أنّ قوله تعالي «إن الّذين يؤذون اللَّه ورسوله» [57/الأحزاب: 33]يعني أولياء اللَّه، نزلت في عليّ [954].
[قال المؤلّف:] وتصديقه؟: ما حدّث زيد بن عليّ و هو آخذ بشعره [955] قال: حدّثني عليّ بن الحسين و هو آخذ بشعره قال: حدّثني [أبي‌الحسين بن] عليّ وهو آخذ بشعره [قال: حدّثني أبي‌عليّ و هو آخذ بشعره] قال: حدّثني رسول اللَّه
[صفحه 667]
صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقال: «من آذي شعرة منك /281/ فقد آذاني ومن آذاني فقد آذي اللَّه عزّ وجلّ ومن آذي اللَّه تعالي فعليه لعنة اللَّه» [956].
[صفحه 668]
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من آذي عليّاً فقد آذاني و من سبّ عليّاً فقد سبّني» [957].
روينا ذلك كلّه من قوله: «أمّن هو قانت» [39/الزمر: 29. إلي هنا] من طريق الحاكم الإمام رضي‌الله عنه [958] وذكر رضوان اللَّه عليه في تفسيره في معني قوله تعالي: «واعتصموا بحبل اللَّه» [103/آل عمران: 3 قال:] اختلف العلماء فيه،وحكي عن جعفر بن محمّد أنّه قال: «نحن حبل اللَّه الّذي قال: «واعتصموا بحبل اللَّه»» [959].
[صفحه 669]
قال الحاكم رحمه‌الله: والّذي يؤيّد هذا ما روي أبوسعيد الخدري أن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «يا أيّها الناس إنّي تركت فيكم ثقلين إن أخذتم بهما لن تضلّوا من بعدي أحدهما أكبر من الآخر: كتاب اللَّه حبل ممدود من السماء إلي الأرض وعترتي أهل بيتي، ألا وإنّهما لن يفترقا حتّي يردا علَيَّ الحوض» [960].
وقال تعالي: «فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعل لعنة اللَّه علي الكاذبين» [61/آل عمران: 3].
[قال] ولأهل البيت عليهم‌السلام في هذه الآية المدح الّذي لم يرنّق والملأ الّذي لم يشقق؟ لأنّها فيهم علي الخصوص، وقد روي و رودها فيهم الطبق الأدهم، والسواد الأعظم ولم يتمكّن أحد من الأعداء أن يطوي فيها فضلهم المشهور أوينقص من سامي فخرهم الموفور.
ونذكر طريقاً في ورودها فيهم وإن كان في لفظها مايغني ويوجب قصرها عليهم نقول:
روينا بالإسناد المتقدّم إلي القاضي الفاضل العدل الخطيب المعروف بابن المغازلي الشافعي رضي‌الله عنه [961] قال:
حدّثنا محمّد بن أحمد بن عثمان، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل الورّاق إذناً قال: حدّثنا أبوبكر بن أبي‌داود، قال: حدّثنا يحيي بن حاتم العسكري قال: حدّثنا بشر بن مهران، قال: حدّثنا محمّدبن دينار، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي:
[صفحه 670]
عن جابر بن عبداللَّه، قال: قدم وفد نجران علي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم العاقب والطيّب فدعاهما [رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم] إلي الإسلام فقالا: أسلمنا يا محمّد قبلك. فقال: «كذبتما إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما عن الإسلام». قالا: فهات أنبئنا. قال: «حبّ الصليب وشرب الخمر وأكل [لحم]الخنزير». فدعاهما إلي الملاعنة، فوعداه أن يغادياه بالغداة، فغدا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وأخذ بيد عليّ و فاطمة والحسن والحسين ثمّ أرسل إليهما فأبيا أن يجيبا [ه] وأقرّا له بالخراج، فقال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «والّذي بعثني بالحق نبيّاً لو فعلا لأمطر عليهم الوادي ناراً».
قال جابر: [و] فيهم نزلت هذه الآية: «قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم» [إلي آخر] الآية: [61/آل عمران: 3].
قال الشعبي: «أبناءنا» الحسن والحسين، «ونساءنا» فاطمة، «وأنفسنا وأنفسكم» عليّ بن أبي‌طالب.
وفي رواية أخري: أنّ أحبار اليهود والنصاري كانوا قد اجتمعوا في /282/ ذلك اليوم فقالوا: إن أخرج قوماً من أصحابه فالرجل ليس بنبيّ، و إن أخرج قوماً من أهل بيته فهو نبيّ.
فأخرج [رسول اللَّه صلي الله عليه و آله] عليّاً والحسن والحسين وفاطمة، فلمّا رأوا ذلك قالوا: يا محمّد المصالحة. فصالحهم.
وروي أنّ النصاري إستشاروا العاقب- وكان ذا رأيهم- فقال: إنّه نبيّ مرسل وما لاعن قطّ قوم نبيّاً فعاش كبيرهم ولاثبت صغيرهم فإن أبيتم إلّا إلف دينكم فوادعوه.
وروي أنّ أسقف نجران قال لهم [حينما رأي النبيّ صلي الله عليه و آله جاء بأهل بيته لمباهلة]: إنّي أري وجوهاً لو سألوا اللَّه أن يزيل جبلاً عن مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا ولايبقي علي وجه الأرض نصرانيّ إلي يوم القيامة [962].
[صفحه 671]
وقال بعضهم: إن باهلتموه اضطرم عليكم ناراً ولايبقي نصراني ولانصرانية إلي يوم القيامة، وسألوا الصلح فصالحهم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقال: «والّذي نفسي بيده لوتلاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي ناراً ولما حال الحول علي النصاري كلّهم حتّي يهلكوا».
قال [المؤلّف] أيدّه اللَّه: وفي‌الآية أوفي دلالة و أظهر برهان علي فضل عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ألاتري أنّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لمّا أراد المباهلة جاء بهم دون سائر [بناته و] أصحابه وزوجاته فلولا أن لهم مزيّهً عليهم أجمعين وإلّا لم يكن ليقصد إليهم علي وجه الخصوص؟.
والعجب ممن يطيب نفسه أن يقدّم عليهم غيرهم من الصحابة مع تقديم النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم إيّاهم وإختياره لهم علي من عداهم وظهور الحال أنّه إنّما اختارهم لأنّهم أفضل لأنّه لايتصوّر أن يباهل بالأدني وإنّما يباهل بالأعلي.
ثمّ انظر كيف قال: «وأنفسنا وأنفسكم» وهو يريد نفس عليّ عليه‌السلام والمعلوم ضرورة أنّه ليس نفسه إذهما غيران فلا بدّ أن يكون أراد أنّه كنفسه و هذا يقتضي أنّه يقوم مقامه في ولايته علي الأمّة ورياسته علي الصحابة أجمعين ويوجب أن يكون أفضل منهم باليقين عند المنصفين و إلّا فأيّ معني لجعله كنفسه؟ فإنّه أراد له فضلاً في الجملة بجعله كنفسه، فما هذا الفضل إذا كان غيره أحقّ بالولاية علي الأمّة و أفضل منه، كمايزعمه من يقول بتفضيل أبي‌بكر عليه.
وتدلّ الآية بصريحها من دون استنباط [963] أنّ الحسن والحسين عليهماالسلام ابنا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم، وهذا يقتضي بفضوح النواصب الفجرة الّذين يمنعون من نسبتهما إلي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم وهل بعد بيان اللَّه تعالي بيان؟ أو أنور من برهانه برهان.
ولم تختلف الصحابة في زمنهما في وصفهما بأنّهما ابنا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه
[صفحه 672]
وآله وسلم، وقد وردت في‌ذلك آثار كثيرة قد قدمنا طرفاً منها [964].
وقد روينا عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام [أنّه] قال عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «كلّ بني أنثي ينتمون إلي أبيهم إلّا ابني فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما» [965] وعن ابن‌بريدة عن /283/ أبيه [966] قال: كان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يخطب فرأي الحسن والحسين [ظ] وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثمّ قال: «صدق اللَّه: «انّما أموالكم و أولادكم فتنة» [28/الأنفال: 15/8/التغابن: 64]
[صفحه 673]
نظرت إلي هذين الصبيّين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتّي قطعت خطبتي ورفعتهما».
وروي أنّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم رأي الحسن والحسين يمشيان فتهلّل لهما ثمّ التفت إلي أصحابه فقال: «أولادنا أكبادنا تمشي علي الأرض».
وهذه آثار شريفة ينطق بمثل ما ينطق به الكتاب الكريم. وأمّا ماتعلّق به النواصب من قوله تعالي: «ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم» [40/الأحزاب: 33] فإنّه لا دلالة فيه علي ما راموه [967] وذلك لأنّ سبب نزول الآية ظاهر عند المفسرين ونقلة الآثار و هو أنّ مولي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم زيد بن حارثة كان ينتسب إليه علي ماجرت به عادة أهل الجاهلية فيقال زيد بن محمّد ولم يكن أباً له شرعاً، فوردت الآية الشريفة بالمنع من نسبته إليه.
وقال علماؤنا: وأيضاً فإنّه تعالي قال «ما كان محمّد أباأحد من رجالكم» ولم يكن الحسن والحسين من الرجال حالة نزول الآية بل هما صبيان صغيران في ذلك الوقت، فلم تكن الآية متناولة لما يرومه المخالف.
وبعد فإن الإجماع منعقد من الأمّة علي أن عيسي صلي اللَّه عليه وسلم من ولد آدم ولاشبهة أنّه إنما نسب إليه من قبل أمه وهي مريم عليهاالسلام فيجوز نسبة الحسنين إلي الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم لولادة ابنته فاطمة عليهاالسلام.
وقد وردالكتاب الكريم بنظير ذلك، قال تعالي: «وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم علي قومه نرفع درجات من نشاء إنّ ربّك حكيم عليم - ووهبنا له إسحاق ويعقوب كّلاً هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذرّيّته داود وسليمان وأيّوب ويوسف و موسي و هارون وكذلك نجزي المحسنين - وزكريّا ويحيي وعيسي وإلياس كلّ من الصالحين - وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكّلاً فضّلنا علي
[صفحه 674]
العالمين» [83 تا 86/الأنعام: 6].
فانظر كيف نسب تعالي عيسي صلي اللَّه عليه و علي سائر أنبيائه إلي نوح صلي اللَّه عليه [و] جعله من ذرّيته لأنّه قال تعالي: «ونوحاً هدينا من قبل ومن ذرّيته داود» فذكر من ذكر من الأنبياء عليهم‌السلام وذكر عيسي عليه‌السلام عطفاً علي ذرّية نوح صلي اللَّه عليه وسلم و علي سائر أنبيائه فوجب أن يكون من ذرّيته، وإنّما نسبه إليه لمكان أمّه مريم عليهاالسلام فهكذا يجب مثله في الحسن والحسين عليهماالسلام أن تكون نسبتهما صحيحة إلي الرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
[صفحه 675]

في ذكر أدعية مأثورة عن رسول الله

اشاره

وعن أميرالمؤمنين عليه‌السلام وغيره أحببنا أن نختم بها الكتاب إن شاء اللَّه تعالي، قال اللَّه تعالي: «فإذا فرغت فانصب - وإلي ربّك فارغب» [7 تا 8/الانشراح: 94].
قيل: إذا فرغت من فرضك فانصب إلي ربّك في الدعاء ومألة الحوائج وراغب إليه. عن قتاده والضحاك.
ونحن نحتسب كتابنا هذا من شرائف الطاعات [968] فرجونا استجابة الدعاء- بعد تمامه- من اللَّه عزّوعلا لاسيّما مع وعده الصادق حيث يقول: «ادعوني استجب لكم» [60/غافر: 40].
ومن أقرب الأوقات إلي الإجابة وقت فراغ العبادة و تمام الطاعة الّتي يقصد بها العبد وجه‌اللَّه تعالي و علي هذا قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «لكلّ من أدّي فريضة عنداللَّه دعوة مستجابة» [969].
وبالإسناد إلي أميرالمؤمنين عليه‌السلام عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: يقول اللَّه عزّوجلّ: «ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلّا قطعت به أسباب السماوات وأسباب الأرض من دونه، فإن سألني لم أعطه وإن دعاني لم أجبه، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلّا ضمّنت السماوات والأرض رزقه فإن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته وإن استغفرني غفرت له» [970].
[صفحه 676]
وبالإسناد إلي أبي‌هريرة عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «ليس شي‌ء أكرم علي اللَّه عزّوجلّ من الدعاء» [971].
وروينا عن أبي‌أمامة عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم [أنّه] قال: «تفتح أبواب السماء ويستجاب دعاء المسلم عند إقامة الصلاة، و عند نزول الغيث، وعند زحف الصفوف في سبيل اللَّه، و عند رؤية الكعبة» [972].
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أعبدالناس أكثرهم تلاوةً للقرآن، وإنّ أفضل العبادة الدعاء» [973].
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّ الدعاء هو العبادة». ثمّ قرأ «ادعوني استجب لكم» [60/غافر: 40].
و عنه صلي الله عليه و آله: «إن ربّكم حييّ كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه يدعو أن يردّهما صفراً» [974].
وكان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله باخرة؟ يقول إذا أراد أن يقوم من مجلسه: «سبحانك اللهمّ وبحمدك، وأشهد أنّ لا إله إلّا أنت، أستغفرك ثمّ أتوب إليك». فقالوا: يارسول اللَّه إنّك لتقول الآن كلاماً ما كنت تقوله فيما خلا؟ [975] فقال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «هذا كفّارة ما يكون في المجلس».
وسئل أنس بن مالك: أيّ دعوة كان أكثر ما يدعو بها النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم؟ يعني قال: يقول: «اللهمّ آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار».
[صفحه 677]
وكان أنس إذا أراد أن يدعوا بدعاء دعا بها فيه [976].240/223/.
وكان صلي اللَّه عليه وآله وسلم كثيراً ما يقول: «اللهمّ إنّي أعوذبك من الهمّ والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال» [977].
وكان صلي اللَّه عليه وآله وسلم يدعو عند الكرب: «لا إله إلّا اللَّه الحليم الكريم، لا إله إلّا اللَّه ربّ العرش العظيم، لا إله إلّا اللَّه ربّ السماوات و ربّ العرش العظيم».
وعن عليّ عليه‌السلام قال: [قال] لي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ألا أعلّمك كلمات تقولهنّ يغفر لك ذنوبك ولو كانت مثل زبد البحر أومثل عدد الذرّ- مع أنّه مغفورلك- [هي] لا إله إلّا اللَّه الحليم الكريم، لا إله إلّا اللَّه العليّ العظيم، سبحان اللَّه ربّ السماوات السبع وربّ العرش العظيم، والحمد للَّه ربّ العالمين» [978].
[صفحه 679]
وعنه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ما قال عبدقطّ إذا أصابه همّ أو حزن: «اللهمّ إني عبدك وابن‌عبدك وابن‌أمتك، ماضٍ فيّ حكمك عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكلّ اسم هو لك سمّيت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علّمته أحداً من خلقك أو إستأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همّي» إلّا أذهب اللَّه همّه وأبدله مكان حزنه فرجاً» [979].
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «ينبغي لمن سمعهنّ أن يتعلمهنّ».
وكان صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: «اللهمّ عافني في جسدي و عافني في بصري واجعلهما الوارث منّي؟ لا إله إلا اللَّه الحليم الكريم، سبحان اللَّه ربّ العرش العظيم، والحمد للَّه ربّ العالمين».
وكان صلي اللَّه عليه وآله وسلم يعلّم هذه الكلمات- كما يعلّم المكتب الكتابة-: «اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أردّ إلي أرذل العمر، اللهمّ إنّي أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، و أعوذ بك ان اردّ إلي ارذل العمر؟ وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر» [980].
وعن أبي‌بكر الصدّيق قال: يا رسول اللَّه مرني بكلمات أقولهنّ إذا أنا أصبحت وإذا أنا امسيت. قال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: قل: «اللهمّ فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة ربّ كلّ شي‌ء ومليكه، أشهد أن لا إله إلّا أنت،
[صفحه 680]
أعوذ بك من شرّ نفسي و شرّ الشيطان و شركه».
[ثمّ قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم:] «قلها إذا أصبحت وإذا امسيت، وإذا أخذت مضجعك» [981].
وروينا أنّه قدم علي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قبيصة بن المخارق [982] فقال: يا رسول اللَّه أفدني فإنّي شيخ سيّئ- يعني [سيّئ] الحفظ أوالفهم- ولاتكثر عليّ. قال: «ألا أعلّمك دعاءاً تدعو به كلّما صلّيت الغداة ثلاث مرّات فيدفع اللَّه عنك أربعه أنواع من البلاء: البرض والجذام والفالج و العمي، ويفتح اللَّه لك ثمانية أبواب من أبواب الجنّة تدخل من أيّ أبوابها شئت، تقول: سبحان اللَّه العظيم وبحمده /286/ ولاحول ولا قوّة إلّا باللَّه يفتح اللَّه لك ثمانية أبواب من أبواب الجنّه تدخل من أيّ أبوابها شئت.
وتقول: اللهمّ اهدني من عندك، وأفض عليّ من فضلك، وأسبغ عليّ رحمتك وأنزل عليّ بركاتك، فيدفع اللَّه عنك البرص والجذام والفالج والعمي في الدنيا».
وروينا انه صلي اللَّه عليه وآله وسلم جاء إليه أعرابي فقال: يا رسول اللَّه إنّ لي أخاً به وجع. فقال: «وما وجعه»؟ قال: به لمم. قال: «فأتني به». [فأتاه به] فوضعه بين يديه فعوّذه النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم بفاتحة الكتاب وأربع آيات من أول سورة البقرة وآية من آل عمران: «شهد اللَّه أنّه لا إله إلّا هو» وآية من الأعراف: «إنّ ربّكم اللَّه» وآخر سورة المؤمنين: «فتعالي اللَّه الملك الحقّ» وآية من سورة الجنّ: «وأنّه تعالي جدّ ربّنا» وعشر آيات من أول سورة الصافات، وثلاث آيات من آخر ورة الحشر، و «قل هو اللَّه أحد» والمعوّذتين.
فقام الرجل كأنّه لم يشك شيئاً قطّ.
[صفحه 681]
وروينا عن عثمان بن أبي‌العاص أنّه أتي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وأنّه قال: بي وجع قد كاد يهلكني، فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله [وسلم]: «امسحه بيمينك سبع مرات وقل: أعوذ بعزّة اللَّه وقدرته من شرّ ما أجد». [قال:] ففعلت ذلك فأذهب اللَّه ما كان بي فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم [983].
وروينا [عن خالد بن أبي‌عمران،] عن ابن‌عمر أنّ النبّي [984] صلي اللَّه عليه وآله وسلم قلّ ماكان يقوم من مجلس حتّي يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه:
«اللهمّ اقسم لنا من خشيتك مايحول بيننا و بين معاصيك، و من طاعتك ما تبلغنا به جنّتك، و من‌اليقين مايهوّن علينا مصائب الدنيا، و متّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ماأحييتنا؟ واجعله الوارث منّا؟ واجعل ثارنا علي من عادانا، وانصرنا علي من ظلمنا، ولاتجعل مصيبتنا في ديننا ولاتجعل الدنيا أكبر همّنا ولامبلغ علمنا ولاتسلّط علينا من لايرحمنا».
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم لمعاذ: «أوصيك يا معاذ لا تدعنّ في دبر كلّ صلاة أن تقول: اللهمّ أعنّي علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».
ومما علّم صلي اللَّه علي وآله وسلم فاطمة عليهاالسلام‌أن تقول [هذا الدعاء]:
«استغفر اللَّه العظيم الّذي لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم، واستعصمه وأستنصره وأتوب إليه و هو التواب الرحيم».
وقال لها: «بنيّة من قالها مرّة غفراللَّه له، ومن قالها مرّتين غفر اللَّه له ولوالديه، ومن قالها ثلاثاً غفراللَّه له ولوالديه ولقرابته، ومن قالها أربعاً غفراللَّه له ولوالديه ولقرابته ولأمة محمّد صلي اللَّه عليه وآله وسلم».
[صفحه 682]
وعن عبداللَّه بن مسعود قال: علّمنا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله وسلم ستّ دعوات [و] قال: علّموهنّ أنفسكم وأزواجكم وأولادكم:
أعوذ باللَّه من صاحب يغوي و هويً يردي وعمل يخزي وفقر ينسي وغني يطغي وجار يؤذي» [985].
وكان صلي اللَّه عليه وآله /287/ وسلم يقول:
«اللهمّ إنّي أعوذ بك من قول لايسمع، وعلم لاينفع، وقلب لايخشع، وعمل لايرفع» [986].
وكان صلي اللَّه عليه وآله وسلم إذا أراد سفراً قال حين ينهض من جلوسه:
«اللهمّ بك انتشرت وإليك توجّهت و بك اعتصمت.
اللهمّ أنت ثقتي وأنت رجائي.
اللهمّ اكفني ما [أ] همّني وما لم أهمّ به وما أنت أعلم به مني.
اللهمّ زوّدني التقوي واغفرلي ذنوبي و وجّهني الخير أينما توجهت».
روينا عن البراء بن عازب [987] قال: قال لي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضّأ وضوءك للصلاة ثمّ اضطجع علي شقّك الأيمن وقل: اللهمّ أسلمت وجهي إليك، وفوّضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رهبةً منك ورغبةً إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك، آمنت بكتابك الّذي أنزلت، ونبيّك الّذي أرسلت».
[ثمّ قال صلي اللَّه عليه وآله وسلم:] «فإن متّ [بعد ما قلت ذلك] متّ علي الفطرة، واجعله آخر ما تقول».
[صفحه 683]
قال البراء: فقلت- وأنا أستذكرهنّ [988] قلت-: «وبرسولك الّذي أرسلت»، قال: «لا [تقل هكذا بل قل:] ونبيك الّذي أرسلت».
قال [المؤلّف] أيّده اللَّه: والنبي والرسول وإن كانا بمعني واحد في الشرع، غير أنّ المطلوب في الدعاء المعاني لا الألفاظ [989] لأنّه يجوز أن يتعلّق صلاح المكلّف بتلاوة ألفاظ معينّة علي جهة لايقوم غيرها مقامها وإن ساوتها في‌المعني، وعلي هذا لايجوز تلاوة القرآن بالمعني بالإجماع ولهذا نهاه صلي اللَّه عليه وآله وسلم عن تغيير لفظ النبي بالرسول؛ لأنّه كان الصلاح في إيراده بعبارته.
واختلف العلماء في الألفاظ النبويّة الّتي تتعلق بالأحكام الشرعية هل يجوز نقلها بالمعني أم لا؟ فمنهم من منع من ذلك، و منهم من قضي بجوازه وعليه الأكثر. وراعي بعض المحقّقين أن ينقل اللفظ بما يساويه في الغموض والجلاء والحقيقة والمجاز، وذلك لأنّه إذا ورد علي حاله من الخفاء فإنّما ورد كذلك لأنّه تعالي علم أنّ صلاح المكلّف في تعرّف الحكم من وجه خفيّ و كذلك إذا ورد بلفظ جليّ فإنّما ذلك لأنّه تعلّق صلاح المكلّف بمعرفة المراد من وجه جلّي [990] فإذا جوّزنا نقل الخفّي بلفظ جليّ كنّا قد قضينا بمصلحة المكلّف الّتي علمها القديم تعالي حتّي أمر نبيّه عليه‌السلام بالخطاب بها علي وجه مخصوص وفارقت الألفاظ الّتي يتعلّق بالأحكام الشرعية ألفاظ الدعاء، وذلك لأنّ المطلوب من الأحكام الشرعيّة تعرّف ماتفيده الأثار
[صفحه 684]
فسواء نقل بذلك اللفظ أوبغيره بعد مساواته [له] في الخفاء والجلاء، بخلاف الدعاء فإنّ المطلوب [فيه] الألفاظ فأشبه تلاوة القرآن الكريم الّذي شرّفه اللَّه تعالي وعظّمه.
وهذا عارض في الكلام وإن تعلّق بما ذكرناه آنفاً، والكلام ذوشجون والتعرض لإيضاح الفائدة غرض مطلوب.
وكان /288/ صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول إذا تبوّأ مضجعه:
«الحمد للَّه الّذي كفاني وآواني وشفاني والحمد للَّه الّذي منّ عليّ وأفضل والحمد للَّه الّذي أعطاني وأجزل، الحمد للَّه علي كلّ حال.
اللهمّ ربّ كلّ شي‌ء، و مالك كلّ شي‌ء، أعوذ بك من النّار».
وكان صلي اللَّه عليه وآله وسلم يعلّم أصحابه الإستخارة كما يعلّمهم السورة من القرآن [991] كان يقول: «إذا أراد أحدكم أمراً فليسمّه وليقل:
اللهمّ إنّي أستخيرك فيه بعلمك، وأستقدرك فيه بقدرتك، وأسألك فيه من فضلك، فإنّك تعلم ولاأعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علّام الغيوب.
اللهمّ ما كان خيراً لي في أمري هذا فارزقنيه ويسّره لي و أعنّي عليه وحبّبه لي وارضني به، وبارك لي فيه، وما كان شّراً لي فاصرفه عنّي ويسّر لي الخير حيث كان».
وكان صلي اللَّه عليه وآله وسلم يدعو فيقول: «ربّ أعنّي ولا تعن عليّ وانصرني ولاتنصر عليّ و مكّن لي ولاتمكّن عليّ [992] واهدني ويسّر الهدي‌لي وانصرني علي من بغاعلي.
اللهمّ اجعلني لك شاكراً ولك ذاكراً ولك مطواعاً ولك راهباً [و] إليك مخبتاً
[صفحه 685]
ولك أوّاهاً منيباً [993].
اللهمّ تقبّل توبتي واغسل حوبتي وثبّت حجتي وأجب دعوتي وسدّد لساني».
ومن دعائه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «اللهمّ إنّي أعوذبك من علم لاينفع وقلب لايخشع ودعاء لايسمع ونفس لاتشبع».
ثمّ يقول: «اللهمّ إنّي أعوذبك من هؤلاء الأربع» [994].
وكان صلي اللَّه عليه آله وسلم إذا رأي الهلال قال: «اللهمّ أهلّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما تحبّ ربّنا وترضي، ربّنا وربّك اللَّه».
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من قال حين يسمع النداء: «اللهمّ ربّ هذه الدعوة التامّة والصلاة القائمة آت محمّداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الّذي وعدته» إلّا حلّت له الشفاعة يوم القيامة» [995].
وكان صلي اللَّه عليه وآله وسلم إذا صلي الغداة قال: «اللهمّ إنّي أسألك رزقاً طيّباً وعلماً نافعاً وعملاً متقبّلاً».
وكان صلي اللَّه عليه وآله وسلم يدعو في دبر الصلاة: «اللهمّ ربّنا وربّ كلّ شي‌ء، وأنا أشهد أنّك أنت الرب وحدك لا شريك لك.
اللهمّ ربّنا وربّ كلّ شي‌ء، إجعلني مخلصاً لك وأهلي؟ في كلّ ساعة في الدّنيا والآخرة، [يا] ذا الجلال والإكرام اسمع واستجب، اللَّه الأكبر؟ اللَّه نور السماوات والأرض، الأكبر الأكبر؟ حسبي اللَّه ونعم الوكيل».
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من قال حين يصبح ثلاث مرات: «اللهمّ
[صفحه 686]
لك الحمد لا إله إلّا أنت، أنت ربّي وأنا عبدك، آمنت بك مخلصاً لك ديني أصبحت علي عهدك و وعدك ما استطعت، أتوب إليك من سيّئ عملي واستغفرك لذنوبي الّتي لايغفرها إلّا أنت»، فإن مات في ذلك اليوم دخل‌الجنّة.
وإن قال حين يمسي ثلاث مرّات: اللهمّ لك الحمد لا إله إلّا أنت، أنت ربّي وأنا عبدك، آمنت بك مخلصاً لك ديني أمسيت علي عهدك و وعدك مااستطعت، أتوب إليك من سوء عملي وأستغفرك لذنوبي الّتي لايغفرها إلّا أنت. فمات في /289/ تلك الليلة دخل الجنّة».
قال؟: ثمّ كان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يحلف مالا يحلف علي غيره يقول: «واللَّه ما قالها عبد حين يصبح ثلاث مرات فيموت في ذلك اليوم إلّا دخل‌الجنّة، وإن قالها حين يمسي ثلاث مراّت فمات من تلك الليلة إلّا دخل الجنّة».
وكان صلي اللَّه عليه وآله إذا قام من الليل يتهجّد قال: «اللهمّ لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهنّ ولك الحمد، أنت قيام السماوات والأرض ومن فيهنّ ولك الحمد، أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهنّ ولك الحمد، أنت الحقّ، وقولك الحقّ، ولقاؤك حقّ، والجنّة حقّ والنار حقّ، والساعة حقّ، ومحمّد عليه‌السلام حقّ والقرآن حقّ.
اللهمّ لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكّلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفرلي ما قدّمت وما أخّرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدّم وأنت المؤخر، لا إله إلّا أنت».
ومن دعائه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أضلّ أو اُضلّ، أو أذلّ أو اُذلّ، أوأظلم أو اُظلم، أو أجهل أو يُجهل عليّ.
اللهمّ إنّي أسألك تعجيل عافيتك، وصبراً علي بليّتك، وخروجاً من الدنيا إلي رحمتك.
اللهمّ خر لي واختر لي اللهمّ حسّنت خَلقي فحسّن خُلقي.
اللهمّ إنك عفوّ تحبّ العفو فاعف عنّي.
اللهمّ اغفرلي ما أخطأت وما تعمّدت، وما أسررت وما أعلنت، وما جهلت
[صفحه 687]
وما تعمدّت؟.
اللهمّ آت نفسي تقواها، وزكّها أنت خير من زكّاها، أنت وليّها وأنت مولاها. اللهمّ إنّي أعوذبك من شرورهم وأدرءُ بك في نحورهم، بك أحاول، وبك أقاتل وبك أصول.
اللهمّ واقية كواقية الوليد [996].
اللهمّ إنّي أسألك عيشةً سويّة وميتة نقيّة ومردّاً غير مخزٍ ولا فاضح» [997].

في أدعية أميرالمؤمنين، منها دعاء العشرات، ودعاؤه تعليم الناس الصلاة علي النبي

ومن دعاء أميرالمؤمنين عليه السلام عند عزمه علي المسير إلي الشام:
«الّلهمّ إنّي أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في النفس والأهل والمال.
الّلهمّ أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، ولايجمعهما غيرك، لأنّ المستخلف لايكون مستصحباً والمستصحب لايكون مستخلفاً» [998].
قال السيّد الرضي رضوان اللَّه عليه: وابتداء هذا الكلام مروّي عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه واله وسلم [999] وقد قفّاه [أمير المؤمنين] عليه‌السلام بأبلغ كلام وتمّمه بأحسن تمام من قوله: «ولايجمعهما غيرك» إلي آخرالفصل.
ومن دعائه عليه‌السلام: «اللهمّ اغفر لي ما أنت أعلم به منّي فإن عددت فعد لي
[صفحه 688]
بالمغفرة.
الّلهمّ اغفر لي ما وأيت من نفسي ولم تجد له وفاءاً عندي.
الّلهمّ اغفر لي ما تقرّيت به إليك ثمّ خالفه قلبي.
الّلهمّ اغفرلي رمزات الألحاظ، وسقطات الألفاظ، وشهوات الجَنان، وهفوات اللسان» [1000].
ومن دعائه عليه‌السلام: «الحمد /290/ للَّه الّذي لم يصبح لي ميّتاً ولاسقيماً ولا مضروباً علي عروقي بسوء، و لا مأخوذاً بأسوء عملي [1001] ولا مقطوعاً دابري ولامرتدّاً عن ديني ولا منكراً لربّي ولامستوحشاً من ايماني ولاملتبساً عقلي ولامعذّباً بعذاب الأمم [من] قبلي أصبحت عبداً مملوكاً ظالماً لنفسي لك الحجّة عليّ ولا حجّة لي لا أستطيع أن آخذ إلّا ما أعطيتتي ولاأتّقي إلّا ما وقيتني.
الّلهمّ إنّي أعوذبك أن أفتقر في غناك، أو أضلّ في هداك، أو أذلّ في عزّك، أو أضام في سلطانك، أوأضطهد والأمرلك.
الّلهمّ اجعل نفسي أوّل كريمة تنتزعها من كرائمي وأوّل وديعة ترتجعها من ودائع نعمتك عندي.
الّلهمّ إنّا نعوذ بك أن نذهب عن قولك، أو [أن] نفتن عن دينك، أو تتابع بنا أهواؤنا دون الهدي الّذي جاء من عندك» [1002].
ومن دعائه عليه‌السلام: «اللهمّ صُن وجهي باليسار، ولاتبدل جاهي بالإقتار فاسترزق طالبي رزقك، واستعطف شرار خلقك، وابتلي بحمد من أعطاني وأفتتن بذمّ من منعني وأنت من وراء ذلك كلّه وليّ الإعطاء والمنع، إنّك علي كلّ شي‌ء قدير».
[صفحه 689]
ومن دعائه عليه‌السلام [جاء] في آخر خطبه الأشباح [1003] بعد ثنائه علي اللَّه تعالي بصفاته العليا وأسمائه الحسني [قال]:
«الّلهمّ أنت أهل الوصف الجميل، والتعداد الكثير، إن تؤمّل فخير مأمول، وإن ترج فأكرم مرجوّ.
الّلهمّ وقد بسطت لي فيما لا أمدح به غيرك، ولا أثني به علي أحد سواك، ولا أوجّهه إلي معادن الخيبة، و مواضع الريبة، و عدلت بلساني عن مدائح الآدميّين والثناء علي المربوبين المخلوقين.
الّلهمّ ولكلّ مثن علي من أثني عليه مثوبة من جزاء، أو عارفة من عطاء، وقد رجوتك دليلاً علي ذخائر الرحمة، وكنوز المغفرة.
الّلهمّ وهذا مقام من أفردك بالتوحيد الّذي هو لك ولم ير مستحقّاً لهذه المحامد والممادح غيرك، وبي فاقة إليك لا يجبر مسكنتها إلّا فضلك، ولا ينعش من خلّتها إلّا منّك وجودك، فهب لنا في هذا المقام رضاك، وأغننا عن مدّ الأيدي الي سواك، إنّك علي كلّ شي‌ء قدير».
ومن مناجاته عليه‌السلام:
«إلهي كفي لي فخراً أن تكون لي ربّاً، إلهي كفي لي عزّاً أن أكون لك عبداً، إلهي أنت كما أحبّ فاجعلني كما تحبّ».
وهذه من الكلمات الّتي‌تكلّم بها عليه‌السلام [ارتجالاً] ولم توجد لها نظائر، وذلك لأنّ الجاحظ عمرو بن بحر علي أنّه في اللغة الإمام السابق حتّي قال بعضهم: الدليل علي إعجاز القرآن إيمان الجاحظ به لتبحرّه في الأدب.
وروي عنه أنه قال: صنّفت ألف كتاب ماسمعت كلمة إلّا أتيت بنظائرها [1004] إلّا
[صفحه 690]
تسع كلمات لأميرالمؤمنين ثلاث في المناجات وثلاث في الحكمة وثلاث في الأدب أمّا الّتي في المناجاة فهي ما ذكرناه.
وأمّا الّتي في‌الحكمة فقوله: «استغن عمّن شئت تكون نظيره، وارغب إلي من شئت تكون أسيره، وتفضّل /291/ علي من شئت تكون أميره».
وأمّا الّتي في‌الأدب فقوله: «قيمة كلّ أمرء ما يحسنه. والمرء مخبوء تحت لسانه. وما هلك أمرء عرف قدره».
وكان [عليه‌السلام] إذاانفجر الفجر قال:
«الحمد للَّه فالق الإصباح، سبحان اللَّه ربّ الصباح، وفالق الإصباح.
الّلهمّ اغفرلي وارحمني وأنت أرحم الراحمين».
ومن دعائه عليه‌السلام بعد الركعتين اللتين قبل الفجر قوله:
«أستمسك بالعروة الوثقي الّتي لاانفصام لها، واعتصمت بحبل اللَّه المتين، أعوذ باللَّه من شرّ شياطين الإنس والجنّ، أعوذ باللَّه من شرّ فسقة العرب والعجم، حسبي‌اللَّه، توكّلت علي اللَّه، ألجأت ظهري إلي اللَّه، طلبت حاجتي من اللَّه، لا حول ولا قوة إلّا باللَّه، اللهمّ اغفر لي فإنّه لا يغفرالذنوب إلّا أنت».
وكان عليه‌السلام إذا انصرف من الفريضة في الفجر يقول بعد ما يدعو:
[صفحه 691]
«اللهمّ اجعل في قلبي نوراً وفي بصري نوراً وفي سمعي نوراً وعلي لساني نوراً ومن بين يديّ نوراً ومن خلفي نوراً ومن تحتي نوراً وعن يميني نوراً وعن شمالي نوراً.
اللهمّ أعظم لي النور يوم القيامة، واجعل لي نوراً أمشي به في الناس، ولاتحرمني نوري يوم ألقاك، لا إله إلّا أنت».
وكان عليه‌السلام يقول بعد تسليمه في الوتر:
«سبحان ربّي الملك القدّوس، ربّ الملائكة والروح، العزيز الحكيم»، ثلاث مرّات يرفع بها صوته.
ومن دعائه عليه‌السلام:
«اللهمّ إنّك آنس الآنسين لأوليائك، وأحضرهم بالكفاية للمتوكلين عليك، تشاهدهم في‌سرائرهم وتطلّع عليهم في ضمائرهم، وتعلم مبلغ بصائرهم، فأسرارهم لك مكشوفة، وقلوبهم إليك ملهوفة، إن أوحشتهم الغربة، آنسهم ذكرك، وإن صبّت عليهم المصائب لجاؤا إلي الاستجارة بك، علماً بأنّ أزمّة الأمور بيدك، ومصادرها عن قضائك.
الّلهمّ إن فههت عن مسألتي أو عميت عن طلبتي فدلّني علي مصالحي، وخذ بقلبي إلي مراشدي فليس ذاك بنكر من هداياتك، ولايبدع من كفاياتك.
اللهمّ احملني علي عفوك ولاتحملني علي عدلك» [1005].
وروينا بالإسناد إلي عليّ بن الحسين عليهماالسلام قال: قال عليّ بن أبي‌طالب للحسين بن عليّ: [1006].
[صفحه 693]
«يا بنيّ إنّه لابدّ أن تمضي مقادير اللَّه جلّ وعزّ وأحكامه، وسينفذ قضاء اللَّه وقدره فيك وفيّ علي ما أحبّ، فعاهدني علي أن لاتلفظ بكلمة مما ألقي إليك وأسرّه إليك- حتّي أموت، ولا بعد ما أموت باثني عشر شهراً- أخبرك بخبر أصله من اللَّه جلّ وعزّ تقوله غدوة وعشية، فتشغل ألف ألف ملك، يعطي كلّ ملك قوّة ألف ألف كاتب في سرعة الكتّاب يكتبون كلّ الحسنات، ويوكّل بالإستغفار لك ألف ألف ملك يعطي /292/ كلّ ملك قوّة ألف ألف متكلّم في سرعة الكلام ويبني لك بيت في دار السلام بيت تكون فيه جارك جدّك، ويبني في الفردوس بيت [فيه] مائة ألف قصر، يكون فيه من جيران أهلك، ويبني لك في جنّات عدن ألف مدينة، ويجي‌ء معك من قبرك كتاب ناطق أنّ هذا لاسبيل عليه للفزع، ولا للخوف ولا لمزاولة الصراط؟ ولا لعذاب النار، ولاتموت إلّا وأنت شهيد ويكون
[صفحه 694]
حياتك وما حييت وأنت سعيد؟ ولاتصيبك بلوي أبداً ولاجنون ولا تدعو إلي اللَّه بدعوة فتحبّ أن لاتمسي من يومك حتّي تأتيك كائنة ماكانت بالغة مابلغت في أيّ نحو كان؟ ولا تطلب إلي اللَّه حاجة إلّا قضاها لك، ويكتب لك في كلّ يوم ألف حسنة، ويمحي عنك ألف سيّئة، وترفع لك ألف درجة، ويوكّل بالإستغفار لك العرش والكرسيّ حتّي تقف بين يدي اللَّه جلّ وعزّ ولاتطلب إلي اللَّه جلّ ثناؤه حاجة لك أو لغيرك في أمر دنياك آو آخرتك إلّا قضاهالك، أو سبّب لك قضاها فعاهدني كيما أذكر لك».
فقال الحسين عليه‌السلام: «فعاهدني، يا أبه علي ما أحببت».
قال: «أعاهدك علي أن تكتم عليّ فإذا كان محل يمينك [1007] لم تعلمه أحداً سوانا أهل البيت و أولياءنا أو شيعتنا، فإنّك إن تفعل طلب الناس حوائجهم إلي اللَّه في كلّ نحو فقضاها لهم؟ وإنّي أحبّ أن يتمّ اللَّه لكم هذه أهل البيت بما علّمني مما أعلّمك فتحشرون يوم القيامة لاخوف عليكم ولا أنتم تحزنون [وإذا عرفت ذلك فعليك بالدعاء] فقل:
سبحان اللَّه والحمد للَّه ولاإله إلّا اللَّه واللَّه أكبر، ولاحول ولاقوة إلّا باللَّه، سبحان اللَّه آناء الليل وأطراف النهار، سبحان اللَّه بالغدوّ والآصال، فسبحان اللَّه حين تمسون وحين تصبحون، وله الحمد في السماوات والأرض وعشيّاً وحين تظهرون، يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ، ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون.
سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون، وسلام علي المرسلين والحمد للَّه ربّ العالمين.
سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي العزّة والعظمة والجبروت، سبحان الحيّ الّذي لايموت، سبحان الملك الحيّ الّذي لايموت، سبحان الملك القدّوس سبحان القديم الدائم، سبحان العليّ العظيم، سبحان العليّ الأعلي، سبحانه وتعالي سبّوح قدّوس، ربّ الملائكة والروح، سبحان اللَّه سبّوح قدّوس ربّناالأعلي
[صفحه 695]
سبحان اللَّه وتعالي.
الّلهمّ إنّي أصبحت في نعمة منك وعافية دائمة، فأتمّ عليّ نعمتك وعافيتك وارزقني أن أشكرك.
اللهمّ بنورك اهتديت، وبغضلك استغنيت، وفي نعمتك أصبحت وأمسيت فلك الحمد.
اللهمّ إنّي أشهدك وكفي بك شهيداً، وأشهد ملائكتك وحملة عرشك وجميع خلقك [1008] بأنّك أنت اللَّه لا إله إلّا أنت وحدك لاشريك لك وأنّ محمّداً عبدك ورسولك.
الّلهمّ اكتب هذه الشهادة عندك حتّي تلقنّيها يوم القيامة وقد رضيت عني إنّك علي كلّ شي‌ء قدير.
الّلهمّ لك الحمد حمداً يصعد أوّله ولاينفد آخره.
الّلهمّ لك الحمد حمداً تضع لك السماء كنفيها، وتسبّح لك الأرض و من عليها.
اللهمّ /293/ لك الحمد حمداً سرمداً لا انقطاع له ولا نفاد، ولك الحمد عليّ وفيّ ومعي.
الّلهمّ لك الحمد بجميع محامدك، وقبلي وبعدي وأمامي وخلفي وإذامت وفنيت وبقيت يامولاي.
الّلهمّ لك الحمد بجميع محامدك كلّها، علي جميع خلقك كلّهم.
الّلهمّ لك الحمد علي كلّ عرق ساكن، ولك الحمد علي كلّ أكلة وشربة وحلم وبطشة و علي موضع كلّ شعرة.
الّلهمّ لك الحمد كلّه، ولك الملك كلّه، وبيدك الخير كلّه، وإليك يرجع الأمر كلّه علانيته وسرّه، وأنت منتهي الشأن كلّه.
الّلهمّ لك الحمد علي حلمك بعد علمك، ولك الحمد علي عفوك بعد قدرتك، ولك الحمد باعث الحمد، ولك الحمد وارث الحمد، ولك الحمد بديع الحمد، ولك الحمد مبتدئ الحمد، ولك الحمد و فيّ العهد، صادق الوعد، عزيز الجدّ، قديم المجد،
[صفحه 696]
ولك الحمد رفيع الدرجات، مجيب الدعوات، منزل الآيات من فوق سبع سماوات، مخرج [المؤمنين] من الظلمات إلي النور، ومبدّل السيّئات حسنات، وجاعل الحسنات درجات.
الّلهمّ لك الحمد غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلّا هو إليه المصير.
اللّهمّ لك الحمد في‌الليل إذا يغشي، ولك الحمد في النهار إذا تجلّي، ولك الحمد في الآخرة والأولي.
الّلهمّ لك الحمد عدد كلّ نجم في السماء، ولك الحمد عدد كلّ قطرة في السماء، ولك الحمد عدد كلّ قطرة تنزل من السماء، ولك الحمد عدد كلّ ملك في السماء، ولك الحمد عدد كلّ قطرة في البحار، ولك الحمد عدد الحصي والنوي والثري، والجنّ والإنس، والطير والبهائم، والسباع والأنعام، ولك الحمد عدد ما في جوف الأرض، ولك الحمد عدد ما علي وجه الأرض، ولك الحمد عدد ما أحصي كتابك، ولك الحمد عدد ما أحاط به علمك، حمداً كثيراً طيّباً مباركاً فيه»؟.
ثمّ تقول: «لا إله إلّا اللَّه وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت و هو علي كلّ شي‌ء قدير» عشر مرات.
ثمّ تقول: «استغفر اللَّه الّذي لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم، وأتوب إليه» عشرمرات.
ثمّ تقول: «يا اللَّه يا اللَّه يا رحمان يا رحيم» [1009] عشر مراّت.
ثمّ تقول: «ياحنّان يامنان يالطيف ياحليم» [1010] عشر مرات.
ثمّ تقول: «يابديع السماوات والأرض، ياذا الجلال والإكرام» عشر مراّت.
ثمّ تقول: «يا حيّ يا قيّوم» عشر مراّت.
ثمّ تقول: «يا حيّ لا إله إلّا أنت» عشر مراّت.
ثمّ تقول عشر مرّات: «يا لا إله إلّا أنت، أهل العفو وأهل المغفرة، وأنا أهل
[صفحه 697]
الذنوب وأهل الخطأ، فارحمني يا مولاي وأنت أرحم الراحمين» [1011].
ثمّ تقول: «بسم اللَّه الرحمن الرحيم» عشر مرّات.
ثمّ تقول: «آمين آمين آمين» عشرات.
ثمّ تقول عشر مرّات: «قل هو اللَّه أحد - اللَّه الصّمد - لم يلد ولم يولد - ولم يكن له كفواً أحد».
ثمّ تقول: عشر مراّت: «الّلهمّ صل علي محمد وآل محمد وسلم تسليماً».
ثمّ تقول عشر مرّات: «لا حول ولا قوة إلّا باللَّه العليّ العظيم».
ثمّ تقول: «اصنع بي ما أنت أهله، ولا تصنع بي ما أنا أهله» [1012].
ثمّ تصلّي علي النبي وآله ثمّ تسأل حاجتك فتقضي انشاءاللَّه.
ومما روينا عن الجنيد رحمه اللَّه تعالي إنه كان يدعو ويقول:
الّلهمّ أحيني حياة من تحبّ حياته وبقاءه، وتوفّني وفاة من تحبّ وفاته ولقاءه.
الّلهمّ احفظ عليّ الرأس وما حوي، اللهمّ احفظ علينا البطن وما وعي.
الّلهمّ احفظ علينا ماأمرتنا به، واحفظنا عمّا نهيتنا عنه.
الّلهمّ لا تحرمنا ونحن نسألك، ولا تعذّبنا ونحن نستغفرك، اختم آجالنا بخير أعمالنا.
الّلهمّ إنّا نسألك بجودك و بذلك ومنّك وطولك وعظمتك وبهائك مغفرة ما أحاط به علمك، يا من إليه الإياب، وعليه الحساب حاسبنا حساباً يسيراً لاتقريع فيه ولا تأتيب، ولا مجازاة ولا مكافاة.
اللهمّ /294/ أجزنا علي الصراط مع الّذين أنعمت عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً يا أرحم الرحمين، آمين يا ربّ العالمين.
[صفحه 698]

في فضل الصلاة علي النبي

قال اللَّه تعالي: «إنّ اللَّه و ملائكته يصلّون علي النبي يا أيّها الّذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً» [56/الأحزاب: 33] فأمر تعالي بالصلاة عليه صلي اللَّه عليه وآله والأمر يقتضي الوجوب.
وذهب بعض العلماء إلي أنّها تجب الصلاة عليه في كلّ وقت يذكر فيه، استدلالاً بقوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «البخيل من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ». [1013].
والبخل لا يجري إلّا علي من منع واجباً في الشرع فكان ذلك وجهاً في وجوب الصلاة عليه حيث يذكر.
وروينا عن عليّ عليه‌السلام عنه صلي اللَّه عليه وآله وسلم [أنّه قال:] «ما من دعاء إلّا بينه وبين السماء حجاب حتّي يصلّي علي محمّد النبي صلي اللَّه عليه وعلي آل محمّد فإذا فعل ذلك انخرق الحجاب ودخل الدعاء وإذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء» [1014].
[صفحه 699]
وروينا عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «صلواتكم عليّ جواز دعائكم و مرضاة لربّكم و زكاة لأعمالكم» [1015].
وروينا عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من صليّ عليّ صلاة صلي اللَّه عليه بها عشر صلوات ومحي عنه عشر سيّئات، وأثبت له بها عشر حسنات، واستبق ملكاه الموكّلان به أيّهما يبلغ روحي منه السلام».
و [أيضاً] قال [أميرالمؤمنين عليه‌السلام]: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعه فإنّه يوم تضاعف فيه الأعمال وسلوا اللَّه لي الدرجة الوسيلة من الجنّة».
قيل: يا رسول اللَّه وما الدرجة الوسيلة من الجنّة؟ قال: «هي أعلي درجة لاينالها إلّا نبيّ أرجو أن أكون أنا هو» [1016].
وقال صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ خطئ طريق الجنّة» [1017].
وروينا عن عبدالرحمان بن عوف قال: دخلت المسجد فرأيت رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم جائياً من المسجد؟ فاتبعته أمشي وراءه وهو لايشعر بي حتّي دخل نخيلاً واستقبل القبلة فسجد فأطال السجود وأنا وراءه حتّي ظننت أنّ اللَّه قد
[صفحه 700]
توفّاه، فأقبلت أمشي حتّي جئته فطأطأت رأسي أنظر في وجهه، فرفع رأسه فقال: «ما لك يا عبدالرحمان»؟ فقلت: لمّا أطلت يا رسول اللَّه خشيت أنّ اللَّه قد توفي نفسك فجئت أنظر؟ فقال: «إنّي لمّا رأيتني دخلت النخيل لقيت جبريل فقال: إنّي أبشّرك أنّ اللَّه تعالي يقول: من سلّم عليك سلّمت عليه، و من صلّي عليك صلّيت عليه» [1018].
وروينا عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إليّ في حياتي فإن لم يستطيعوا فابعثوا لي بالسلام فإنّه يبلغني» [1019].
وعنه عليه‌السلام أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «ارفعوا أصواتكم بالصلاة علَيَّ وعلي أهل بيتي فإنّها يذهب بالنفاق» [1020].
وعنه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من يصلّي عليّ في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب».
وعنه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إنّ اللَّه /295/ تعالي أعطي ملكاً أسماع الخلائق فهو قائم علي قبري إذا متّ إلي يوم القيامة، فليس أحد من أمّتي يصلّي عليّ صلاة إلّا سمّاه لي باسمه واسم أبيه وقال: يا محمّد صلّي عليك فلان بن فلان».
وعن عليّ رضي الله عنه، عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنّه قال: «أكثروا من الصلاة عليّ». قلت: وهل تبلغك الصلاة بعد أن تفارقنا؟ قال: «نعم يا عليّ إنّ اللَّه تعالي وكّل بقبري ملكاً يقال له صلصائيل في صورة الديك ثاني عنقه تحت
[صفحه 701]
العرش، و مخالبه في‌تخوم الأرض السابعة، له ثلاثة أجنحة: جناح إذا نشره بالمشرق، والآخر بالمغرب، والثالث منتشر علي قبري فإذا قال العبد: اللهمّ صلّ علي محمّد وعلي آل محمّد. لقطها من فيه كما تلقط الطير الحبّ يرفرف علي قبري ويقول: يا محمّد يا محمّد إنّ فلان بن فلان صلّي عليك وأقرؤك السلام، فيكتب له في ذلك اليوم في رقّ من نور بالمسك الأذفر، فيرفع له عشرون ألف درجة ويكتب له عشرون ألف حسنة ويعرش له عشرون ألف شجرة علي شاطئ الكوثر فهو مختوم بالمسك الأذفر في قبري عند رأسي فأوّل من تنشقّ عنه الأرض أنا فيأتيني جبريل بدابّة بين عينيها «لاإله إلّا اللَّه محمّد رسول اللَّه» لها سبعون ألف جناح، تحت كلّ جناح خلخال من ذهب محشوّ بالمسك الأذفر يسبّح الخلخال بلسان لايعلم الخلخال الّذي تحته ما يقول، إلّا أنّه يسبّح ويهلّل ويحمد ربّ العالمين فأدفع إلي رضوان خازن الجنّة لوائي و هو لواء الحمد، مكتوب في‌وسطه: «لا إله إلّا اللَّه محمّد رسول اللَّه» لونشرته علي جميع ولد آدم لغطّاهم عن آخرهم جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري يهلّلان و يحمدان اللَّه مع جلاجل البراق حتّي أغرز لوائي عند الميزان، وقد نصب وقد دعي العباد إلي الحساب، فإذا دعي العبد الّذي أكثر الصلاة عليّ ثمّ وضع في كفّة الميزان فيخفّ الميزان فأقول للوزّان: ارفق فإن له عندي و ديعة وصنيعة!! فيقول: يامحمّد أنت اليوم مطاع ثمّ أمره فيفكّ كتاب باسمه واسم أبيه وجدّه فأضعه في كفّة الميزان فأدع اللَّه أن يرجّح ميزانه» [1021].
قال [المؤلّف] أيدّه اللَّه: ولاينافي ما في‌الخبر من تسليم اللواء إلي رضوان عليه‌السلام ما قدّمناه من تسليم اللواء إلي أميرالمؤمنين عليه‌السلام لأنّه لايمتنع أن تختلف الوقت فيدفعه الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم أوّلاً إلي رضوان، ثمّ بعد ذلك إلي عليّ عليه‌السلام، ومع تغاير الوقت يكون الجمع بين الخبرين ممكناً كما في قوله تعالي: «وأقبل بعضهم علي بعض يتساءلون» [25/الطور: 52] وقال في موضع آخر: «فلا أنساب بينهم يومئذ ولايتساءلون» [101/المؤمنون: 23] فإنّ ذلك يخرج
[صفحه 702]
عن التناقص اذا تغاير الوقت فيمنعهم تعالي عن التساؤل في حال ثمّ يطلقهم في حال.
وروينا عن أنس بن مالك قال: ارتقي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم المنبر فقال: «آمين». ثمّ ارتقي ثانية فقال: «آمين». ثمّ استوي فقال: «آمين».فقال أصحابه: علي ما أمّنت يا رسول اللَّه؟ فقال: «أتاني جبريل عليه‌السلام فقال: يا محمّد رغم أنف إمرئ ذكرت عنده فلم /296/ يصلّ عليك. فقلت: آمين، ثمّ قال: يامحمّد رغم أنف امرئ أدرك والديه أو أحدهما فلم يغفرله. فقلت: آمين. ثمّ قال: رغم أنف امرئ أدرك شهر رمضان فلم يغفرله. فقلت: آمين» [1022].
وروينا عن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «إذا صلّيتم عليّ فصلّوا عليّ وعلي أهلي وعلي أنبياء اللَّه ورسله [الّذين] كانوا قبلي فإنّهم قد بعثوا كما بعثت» [1023].
وروينا عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله «إنّ اللَّه و ملائكته يصلّون علي النبي» [56/الأحزاب: 33] الآية [أنّه قال:] فصلاة اللَّه الرحمة والبركة وصلاة الملائكة الإستغفار.
قال ابن عباس: قال المؤمنون للنبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: كيف تصلي عليك؟ فقال: «قولوا: اللهمّ صلّ علي محمّد وعلي آل محمّد وبارك علي محمّد وعلي آل محمّد، كما صلّيت وباركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم إنّك حميد مجيد» [1024].
[صفحه 703]
وكان ابن عباس يقول: لايكتفي بالصلاة عليهم حتّي يسلّم عليهم تسليماً كما قال اللَّه جلّ وتعالي.
وروينا بالإسناد المتقدّم إلي السيّد الإمام أبي طالب يحيي بن الحسين الحسني عليه‌السلام، [1025] قال: حدّثنا أبوعبداللَّه أحمد بن محمّد البغدادي قال: أخبرنا أبوالقاسم عبدالعزيز بن إسحاق بن جعفر الزيدي قال: حدّثني عليّ بن محمّد بن كاس النخعي الكوفي وعدّهن في يدي قال: حدّثني سليمان بن إبراهيم المحاربي جدّي أبوأمّي قال: عدّهن في يدي نصر بن مزاحم، قال نصر بن مزاحم: عدّهن في يدي إبراهيم بن الزبرقان التيمي، قال إبراهيم بن الزبرقان: عدّهن في يدي أبوخالد الواسطي، قال أبوخالد: عدّهن في يدي زيد بن عليّ، قال زيد بن عليّ: عدّهن في يدي علي بن الحسين، قال عليّ بن الحسين: عدّهن في يدي الحسين بن عليّ، قال الحسين بن عليّ: عدّهن في يدي أميرالمؤمنين عليّ عليه‌السلام، وقال عليّ: عدّهن في يدي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم، وقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: عدّهن في يدي جبريل عليه‌السلام، وقال جبريل عليه‌السلام: هكذا نزلت بهنّ من عند ربّ العزة:
«اللهمّ صلّ علي محمّد وعلي آل محمّد كما صلّيت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، و بارك علي محمّد وعلي آل محمّد كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد، و ترحّم علي محمّد وعلي آل محمّد كما ترحّمت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، وتحنّن علي محمّد وعلي آل محمّد كما تحنّنت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، وسلّم علي محمّد وعلي آل محمّد كما سلّمت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد».
قال أبوخالد: عدّهنّ زيد بن علي عليه‌السلام بأصابع الكفّ مضمومة واحدة واحدة مع الإبهام.
[صفحه 704]
وروينا بالإسناد عن عبداللَّه قال: إذا صلّيتم علي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فأحسنوا الصلاة فإنّكم لاتدرون لعلّ ذلك يعرض عليه. قالوا: فعلّمنا يا با عبدالرحمان؟ قال: قولوا:
«اللهمّ اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك علي سيّد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيّين محمّد عبدك ورسولك إمام الخير، وقائد الخير ورسول الرحمة.
اللهمّ ابعثه /297/ مقاماً محموداً يغبطه الأوّلون والآخرون.
اللهمّ صل علي محمّد وعلي آل محمّد كما صلّيت علي إبراهيم، إنّك حميد مجيد وبارك علي محمّد وعلي آل محمّد، كما باركت علي إبراهيم إنّك حميد مجيد».
وروينا بالإسناد المتقدّم إلي السيّد الإمام المرشد باللَّه أبي الحسين يحيي بن الحسين الحسني الجرجاني عليهماالسلام [1026] قال: أخبرنا أبومحمّد الحسن بن عليّ بن محمّد
[صفحه 705]
الجوهري بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبوعمر محمّد بن العباس محمّد بن زكريّا بن
[صفحه 706]
حيويه الخراز قال: حدّثنا محمّد بن القاسم قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا القاسم بن الحسن بن زيد الهمداني قال: حدّثنا يزيد بن هارون: قال حدّثنا نوح بن قيس قال: حدّثنا سلامة الكندي قال:
كان عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام يعلّم الناس الصلاة علي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم و هو علي المنبر فيقول: قولوا:
«اللهمّ داحي المدحوّات- و بارئ المسموكات، وجبّار القلوب علي فطرتها شقيّها وسعيدها- اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك ورأفة محبّتك علي محمّد عبدك ورسولك، [1027] الخاتم لمن سبق، والفاتح لما اغلق [1028] والمعلن الحق بالحق، والدامغ جيشات الأباطيل كما اضطلع بأمرك لطاعتك [1029] واعياً لوحيك، حافظاً لعهدك، ماضياً علي نفاذ أمرك، في غير نكل في قدم ولا وهن في عزم، حتّي أري قابساً لقابس، آلاء اللَّه تصل بأهله أسبابه، هديت القلوب بعد خوضات [الأباطيل] [1030] وأنهج موضحات الأعلام منيرات الإسلام وسائرات الأحكام [1031] فهو أمينك المأمون، وصاحب علمك المخزون، و شهيدك يوم الدين، وبعيثك نعمة ورسولك بالحق رحمة [1032].
اللهمّ أعل علي بنا البانين بناءه، وأكرم مثواه لديك ونُزلَه [1033] وأتمم له نوراً
[صفحه 707]
واجعله بانبعاثك إيّاه مقبول الشهادة، مرضيّ المقالة، ذا منطق عدل، وخطّة فصل وحجة وبرهان عظيم».
[قال المؤلّف:] وبه [أي وبالسند المتقدّم آنفاً] قال لنا السيّد: قال لنا الجوهري: قال لنا ابن‌حيويه: قال لنا محمّد بن القاسم الأنباري: قوله [عليه‌السلام]: «داحي المدحوّات» معناه: يا باسط الأرضين المبسوطات. و «باري المسموكات» معناه: يا خالق السماوات المرفوعات، يقال: قد سمك الشي‌ء إذا رفعه، قال الفرزدق:
إنّ الّذي سمك السماء بنا لنا
بيتاً دعائمه أعزّ وأطول
أراد رفع السماء. وقوله: «وجبّار القلوب علي فطرتها» فيه قولان: أحدهما جبرها بالإسلام [1034] والفطرة الاسلام.
والقول الآخر: أجبر القلوب علي الفطرة أي ألزم قلوب أهل الإسلام التوحيد حتّي ما يقدرون علي تركه.
والأوّل هو أجود لأنّ فعالاً يأتي من فعل وقلّ ما يبني من أفعل إلّا في قولهم دراك من «أدرك».
وقوله [عليه‌السلام]: «الدامغ جيشات الأباطيل» المهلك ما يرتفع من الباطل. والنكل: الضعيف. والقدم: التقدم. والوهن: الفتور. وأوري: أنار وأضاء. والتوراة سمّيت توراة لأنّها ضياء /298/ والقبس: النار في العود وما يشبهه. والقابس: المستضي‌ء. و «آلاء اللَّه» نعمه بأهله: معناه بأهل القبس و «اضطلع» معناه: نهض وقام.
ولحسان [بن ثابت الأنصاري] من قصيدة يرثي فيها رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم:
صليّ الإله و من يحفّ بعرشه
والطيبّون علي المبارك أحمد
صلّي الإ له علي ابن آمنة الّتي
جاءت به سبط البنان كريما
قل للذي يرجو شفاعة أحمد
صلّوا عليه و سلّمواتسليما
صلّي الإ له علي النبي محمّد
والطييبن الطاهرين الرشّد
[صفحه 708]
اغبر آفاق السماء و كوّرت
شمس النهار وأظلم العصران
والأرض من بعد النبي كئيبة
أسفاً عليه كثيرة الرجفان
فليبكه شرق البلاد و غربها
وليبكه مصر وكلّ يمان وليبكه
الطود المعظّم ذكره
والبيت والأستار والأركان
يا حامل الذكر المبارك وجهه
صلّي عليك منزّل الفرقان
وهذا آخر الكتاب، ونحن بحمد اللَّه- عزّ وعلا- علي فوائد نعمه و نستمري منه نوافل جوده وكرمه، ونسأله تعالي توفيقاً يحدونا علي ادّخار الصالحات، وتأييداً يقودنا إلي الطاعات، وعصمةً نذودنا عن الموبقات والجرائم المحبطات، وحسن قصد فيما نذره ونأتيه، وإخلاصاً فيما ندّخره من الخير ونقتنيه، وعموم [نفع] فيما ألّفناه من كتاب، أو أنشأناه من خطاب، [أ] و روينا من أثر أو نقلناه من خبر.
وأن تعظم لنا بذلك الثواب، و تجعلنا من الفائزين بطوبي وحسن مآبٍ.
وأن تجعل دعاءنا مسموعاً، و عملنا متقبلاً مرفوعاً، و حبلنا بحبله موصولاً لا مقطوعاً، وأن تميتنا علي حبّ العترة الكرام، وتمنحنا جواره في دارالسلام.
ونصلّي علي سيّد الأنام، الداعي إلي الإسلام، محمّد الأوّاه المنصب نفسه في رضاءاللَّه، وعلي عترته الزاكية المرضية [1035] صلاة تتري علي ممرّ الساعات وتكرر علي توالي الأوقات وحسبي اللَّه وكفي ونعم الوكيل ونعم المولي ونعم النصير ولا حول و [لا قوّة] إلّا باللَّه العليّ العظيم وصلّي اللَّه علي محمّد وآله وسلم تسليماً كبيراً مباركاً، آمين اللهمّ آمين، آمين.
[قال كاتب الأصل المخطوط:] كان الفراع من رقم هذا الكتاب المبارك، عصر يوم الثلثاء سابع و عشرين من شهر رجب الأصبّ سنة ستين بعد الألف والحمد للَّه علي كلّ حالٍ من الأحوال، و صلواته علي سيّدنا محمّد وآله خير آل.
قال المحمودي: وأنا أيضاً بمعونة أهلي فرغت من ترتيب هذا الكتاب بشروحها في خلال سنتين آخرهما ليلة الأربعاء (22) من شهر شوّال المكرّم من سنة: (1421) الهجرية علي مهاجرها وآله آلاف‌السلام والتحية، وآخر دعوانا أن الحمد للَّه ربّ العالمين.

پاورقي

[1] وله حفظه اللَّه ورضي هديه وشكر سعيه، ترجمة حسنة في‌حرف الميم تحت‌الرقم: (250) من كتاب أعلام المؤلّفين الزيديّة، ص 171، فمن أراد معرفة كاملة لسموّ مقامه فليراجع إليها.
[2] الظاهر أنّ حسام الدين هذا من قرية المحلّة باليمن؛ قال الحموي في حرف الميم من معجم البلدان: ج 5 ص 64 ط دار صادر ببيروت: المحلّة- بفتح الميم وكسر الحاء- قرية من قري ذمار بأرض اليمن.
[3] كذا في أصلي؛ وفي كتاب أعلام المؤلفّين: «في معركة بنقيل الحصبات من بلاد ثلا بقرية رحبة من بلاد السودة بجهات عمران … ».
[4] ما عقد له عبد السلام عباس ترجمة في كتابه اعلام المؤلفين الزيدية.
[5] كذا في أصلي؛ ولعلّ‌الصواب: «الرسولي» نسبة إلي المنصور الرسولي مؤسّس الدولة الرسولية في اليمن؛ كما في كتاب الفلك الدوّار: ص 80.
[6] انظر ترجمته في حرف الألف من مطلع البدور: ج 1؛ ص 276.
[7] هذا هو الظاهر من سياق الكلام؛ وفي أصلي: «زاد فينا المحنة وراكب سحاب … ».
[8] انظر ترجمته في حرف الألف من كتاب مطلع البدور المخطوط: ج 1؛ ص 157. وأيضاً عقد له ترجمةً عبدالسلام عبّاس- أحد أجلّة معاصرينا من أهل اليمن المحميّة- في كتابه أعلام المؤلّفين الزيديّة: ج 1؛ ص 69.
[9] كذا في أصلي؛ وما وجدت له ترجمة بمراجعة إجمالية إلي مظانّها.
[10] يقال: شحك زيدالجدي شحكاً- علي زنة منع وبابه-: جعل في فمه الشِحاك وهو عود يجعل في فم السخل ونحوه كي يمنعه من الرضاع.
[11] وهو مترجم في حرف العين من كتاب مطلع البدور: ج 2/الورق 92 /أ/.
[12] له ترجمة في حرف العين من كتاب مطلع البدور: ج 2/الورق 209 /ب/.
[13] له ترجمة في حرف العين من كتاب مطلع البدور: ج 2/الورق 199/ب/.
[14] وهو مترجم في حرف الزاء من كتاب مطلع البدور: ج 1 ص 552. وغفل عبدالسلام عبّاس الوجيه من عقد ترجمة له في كتاب أعلام المؤلّفين الزيديّة.
[15] لم يتيسّر لي الفحص عن ترجمة الرجل.
[16] ما وجدت لطيبّ بن عبد اللَّه بن أحمد هذا ترجمةً فيما عندي من كتب التراجم؛ كما أنّه لا عهد لي بتاريخه: «قلادة البحر» والحاج خليفة أيضاً لم يذكره في حرف القاف من كتاب كشف الظنون.
[17] ذكرها الياقوت في حرف الباء من كتاب معجم البلدان: ج 1؛ ص 511؟ ط دار صادر؛ قال: بَون مدينة باليمن زعموا أنّها «ذات البئر المعطّلة؛ والقصر المشيد» المذكورين في القرآن العظيم؛ قال معن بن أوس:
سرت من بوانات فيون فأصبحت
بقوران قوران الرصاف ثواكله
وحدّثني أبوالربيع سليمان المكّي والقاضي المفضّل‌بن‌أبي‌الحجّاج أنّهما «بونان» وهما كورتان ذواتا قريً: البون الأعلي والبون الأسفل؛ ولا يقوله أهل اليمن إلاّ بالفتح؛ قال اليمني يصف جبلاً:
حتيّ بدت بسواد البَون ساميةً
يتبعن للحرب بوّادً وروّاداً
.[18] ذكره ابن‌أبي‌الرجال في حرف الألف من كتاب مطلع البدور: ج 1؛ ص 265 قال: الفقيه المكين العالم الأفضل تقّي الدين أحمد بن موسي النجار الصعدي رحمه اللَّه؛ من أعلام المائة السابعة (و)كان عالماً صدراً رحمه اللَّه؛ من فقهاء صعدة المحروسة من المجاهدين في سبيل اللَّه مع الإمام أحمد بن الحسين عليه‌السلام؛ واستشهد في حرب الحصبات؛ يوم استشهد رأس الشيعة حُمَيد المحلّي رحمه اللَّه؛ وهو حرب بين أصحاب الإمام والبغاة أحمد بن المنصور؛ وأسد الدين التركماني ورأس المسلمين الأمير الكبير أحمد بن عيسي بن حمزة؛ وأسر الأمير رحمه اللَّه ذلك اليوم.
[19] أقول وأنا أيضاً رايت نسخةً منه في مكتبة كاشف الغطاء بالنجف الأشرف حماهااللَّه من كيد الخائنين.
[20] هذا تمام المنظومة المذكورة في أوّل الصفحة الثالثة من أصلي المخطوط من كتاب محاسن= الأزهار؛ وبعدها في ذيل الصفحة هامش غير مقروء.
أقول: وللأمير الفاطمي‌أبوعلي- أو أبومعد- تميم ابن المعزّ لدين اللَّه، المولود سنة (237) المتوفّي عام: (374) قصيدتان- ردّ بهما علي ابن المعتزّ الناصبي- في معني قصيدة المنصور باللَّه هذه، أحببنا أن نذكرهما هاهنا، وهذه نصّ أولاهما:
ألا قل لمن ضلّ من هاشم
ورام اللحوق بأربابها
أأوساطها مثل أطرافها
أأرؤسها مثل أذنابها
أعبّاسها كأبي حربها:
علّي وقاتل نصّابها وأوّلها
وأولها مؤمن بالإله
وأوّل هادم أنصابها
بني هاشم قد تعاميتموا
فخلّوا المعالي لأصحابها
أعبّاسكم كان سيف النّبي
إذا أبدت الحرب عن نابها
أعبّاسكم كان في بدره
يذود الكتائب عن غابها
أعبّاسكم قاتل المشركين
جهاراً ومالك أسلابها
أعبّاسكم كوصيّ النبي
ومعطي الرّغاب لطلّابها
أعبّاسكم شرح المشكلات
وفتّح مقفّل أبوابها
عجبت لمرتكب بغيه
غويّ المقالة كذّابها
يقول فينظم زور الكلام
ويحكم تنميق أذنابها
(لكم حرمة يا بني بنته
ولكن بنو العمّ أولي بها
وكيف يحوز سهام البنين
بنو العمّ أفّ لغصّابها
بذا أنزل اللَّه آي القرآن
أتعمون عن نصّ إسهابها)
لقد جار في القول عبد الإله
وقاس المطايا بركّابها
ونحن لبسنا ثياب النبي
وأنتم جذبتم بهدّابها
و نحن بنوه و ورّاثه
وأهل الوراثة أولي بها
وفينا الإمامة لا فيكم
ونحن أحقّ بجلبابها
ومن لكم يا بني عمّه
بمثل البتول وأنجابها
و مالكم كوصيّ النّبي
أب فتراموا بنشّابها
ألسنا لباب بني هاشم
وساداتكم عند نسّابها
ألسنا سبقنا لغاياتها
ألسنا ذهبنا بأحسابها
بنا صلتم وبنا طلتم
وليس الولاة ككتّابها
ولا تسفهوا أنفساً بالكذاب
فذاك أشدّ لإتعابها
فأنتم كلحن قوافي الفخار
ونحن غدونا كإعرابها
وإليك بعض القصيدة الثانية:
يا بني هاشم ولسنا سواء
في صغار من العلا أو كبار
إن نكن ننتمي‌لجدّ فإنا
قد سبقناكم لكلّ فخار
ليس عبّاسكم كمثل علّي
هل تقاس النجوم بالأقمار
من له قال: «أنت مني كهارون
وموسي أكرم به من نجار
ثم يوم الغدير ما قد علمتم
خصّه دون سائر الحضّار
من له قال: لا فتي كعلّي
لا ولا منصل سوي ذوالفقار
وبمن باهل النبي أأنتم
جهلاء بواضح الأخبار
يا بني عمّنا ظلمتم و طرتم
عن سبيل الإنصاف كلّ مطار
كيف تحوون بالأكفّ مكاناً
لم تنالوا رؤياه بالأبصار
من توطّأ الفراش يخلف فيه
أحمداً وهو نحو يثرب سار
واسألوا يوم خيبر واسألوا
مكّة عن كرّه علي الفجّار
واسألوا يوم بدر من فارس
الإسلام فيه وطالب الأوتار
اسألوا كلّ غزوة لرسول
اللَّه عمن أغار كلّ مغار
.[21] سَمهجاً: حُلواً. وسلسبيلاً: سلس الإنحدار في الحلق.
[22] كذا.
[23] نقع وأنقع: أروي. والمعين: الماء الذي يجري بسهوله. والغليل: العطش الشديد. حراره الحبُّ أوالحزن.
[24] السِجال والسُجول: جمع السجل- علي زنة فلس-: العطاء.
[25] الطامس: الماحي. المستأصل. والمعالم: جمع معلم: ما يستدلُّ به علي الطريق. ومعلم الشي‌ء: معهده.
[26] كذا.
[27] ذري الشي‌ء: أعلاه وأرفعه، وهي جمع الذروة- بضمّ الذال وكسرها، وهكذا في جمعها-.
[28] لعلّ الجدي بمعني الفواضل والعطايا، أخذا من الجدي: المطر العامُّ.
[29] أي يدور بهم ويلازمهم.
[30] قد تقدمت ترجمته في مقدمه الكتاب.
[31] ولد أبوالعباس هذا سنة: (553) وتوفي عام: (644) وعقد الذهبي له ترجمة طويلة في عنوان: (الناصر لدين اللَّه) من كتاب تاريخ الاءسلام: ج 000 ص 83 تا 93.
وقد عقد الإمام المنصور باللَّه عبد اللَّه بن حمزة ترجمةً لفجائعه في آخر المجلد الأول من كتاب الشافي ص 346 ط بيروت.
وأيضاً عقد له الذهبي ترجمة في سير أعلام النبلاء: ج 22 ص 192، وذكر محققا الكتابين في تعليقيهما عليهما مصادر كثيره لترجمته.
وأيضا عقد له ابن كثير ترجمةً في تاريخه البداية والنهاية: ج 6- أو 13- ص 106.
وعقد له المحدث القمي رحمه اللَّه ترجمةً جذابةً في عنوان: (الناصر لدين اللَّه)من كتاب الكني والألقاب: ج 2 ص 193، ط الغري.
ورأيت في ترجمة الرجل وتاريخ حياته من كتاب روضة الصفا: ج … ص … ط القديم أن الرجل هو الذي شجع چنگيز خان المغولي الملحد للهجوم علي بلاد إيران فكان ما كان مما لا ينساه تاريخ البشرية.
وأشار إليه أيضاً ابن كثير في ترجمة الرجل من كتاب البداية والنهاية: ج 6- أو 13- ص 106.
[32] الجبرية هم القائلون بأن جميع ما يصدر من الخلق إنما يصدر منهم قهراً وبلا اختيار منهم. والحشوية هم غوغاء الناس الذّين لايعقلون وأينما قادهم الساسة والولاة ينقادون لهم كإنقياد الدابة لراكبها أو سائقها.
[33] يلفت- علي زنة يضرب وبابه-: يصرف ويعطف. والليت- بكسر اللام وسكون الياء-: صفحة العنق.
[34] كما يتجلّي ذلك لكلّ من يراجع تاريخ معاوية أوكتاب الغدير: ج 10، ص 384 -138.
[35] لم يعقد له عبدالسلام عباس ترجمةً في كتابه أعلام المؤلّفين الزيدية، ولم يتيسّر لي المراجعة إلي غيره للإشارة إلي ترجمته.
[36] رواه في الحديث: (243) من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ص 206 ط 2.
ورواه عنه ابن البطريق في الحديث 711 من كتاب العمدة ص 191، وفي ط ص 365.
ورواه عنهما البحراني في الفصل … من غاية المرام: ص 626 ط القديم.
ورواه أيضاً الخوارزمي في الفصل: (23) من مناقبه ص 252.
ورواه أيضاً الديلمي في كتابه فردوس الأخبار، كما في‌أوائل فضائل علي عليه‌السلام من منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد: ج 5 ص 30 ط 1.
[37] وللحديث- أولما في‌حديث عائشة هذا- مصادر وأسانيد يجدها الطالب تحت الرقم: (911) وما حوله من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 405 وما حولها ط 2.
[38] لفظة «شعبان» رسم خطها غير واضح، وربما يساعد رسم‌الخط علي أن يقرأ سمعان، ولم يتيّسر لي المراجعة.
[39] لعلّ هذا هو الصواب، وفي أصلي المخطوط: (مهحته)؟.
[40] رواه الخوارزمي في الحديث الثاني من مقدمة مناقبه ص 2 وفي ط ص 32.
والحديث سيذكره المصنف في‌الفائدة الثالثة والثلاثون من شرح البيت الأخير من هذه القصيدة من منظومة الإمام المنصور باللَّه، من مخطوطة هذا الشرح ص 275.
ورواه الحموئي بسنده عن الخوارزمي في الحديث الأول من السمط الأوّل من كتاب فرائد السمطين: ج 1، ص 7.
وللحديث أسانيد ومصادر، ورواه أيضاً الشيخ الصدوق رحمه اللَّه في الحديث: (10) من المجلس (28) من أماليه ص 68.
ورواه الشيخ المفيد رفع اللَّه مقامه بسند آخر في الحديث الثالث من المجلس: (34) من أماليه ص 175.
[41] وليلاحظ المطبوع من كتاب المناقب.
[42] رواه ابن شاذان في الحديث الأخير من كتابه: مائة منقبة: ص 176.
ورواه بسنده عنه الحموئي قبيل السمط الأوّل من فرائد السمطين: ج 1، ص 19، ط بيروت.
وأيضاً رواه بسنده عن ابن شاذان، الكنجي الشافعي في الباب الثاني والستين- أو تاليه- من كتاب كفاية الطالب، ص 143.
ورواه أيضاً محمد بن علي بن الحسين رحمه اللَّه، في الحديث العاشر من المجلس: (28) من أماليه ص 68 قال:
حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه اللَّه، قال: حدثنا عبدالعزيز بن يحيي الجلودي البصري قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري عن محمد بن عمارة عن أبيه،عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي …
وقريباً منه معنيً رواه الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان في الحديث: (4)من المجلس:
(22) من أماليه ص 174، قال:
أخبرنا أبوالحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن علي الزعفراني قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثني عثمان بن أبي‌شيبة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جدّه …
[43] الأزل- علي زنة فلس-: الضيق والشدّة.
[44] الأوّل جاء علي باب نصر وضرب، والثاني جاء علي باب أفعل وعلي زنته.
[45] ولحديث المناشدة صور وأسانيد، ومصادر كثيرة جدّاً، ذكرنا بعض صوره في المختار: (30) وما بعده في الباب الأوّل من نهج السعادة: ج 1، ص 137، ط 3.
[46] ما وضع بين القوسين مقتبس من الآية:» 74 «من سورة النمل: 27.
[47] والي عصرنا هذا جلّ المسمّين بأهل السنة يعبرون عنه بأميرالمؤمنين!!.
[48] هذا هذيان من معتقد هذا الكلام، والصواب أنّ السعي لإسقاط المبطل بمنزلة إيقاد مشعل الهداية، وهدم مدينة الغواية وحصن الضلالة.
[49] سيذكر المصنف الحديث مشروحاً في الفصل الأوّل بعد ختام شرح القصيدة من هذا الكتاب ص 237 تا 280 من مخطوطتي.
[50] وقد خاطب كثير من الصحابة والأنصار والتابعين عليّاً عليه‌السلام بذلك ووصفوه بالوصيّ في أحاديثهم وأبياتهم، وقد أورد ابن أبي‌الحديد أبياتاً كثيرةً ناطقة بهذا المعني، منهم في‌آخر شرح المختار الثاني من نهج البلاغة: ج 1، ص 143.
وروي بعضها أيضاً محمد بن يزيد المعروف بالمبرّد- المولود سنة: (210) المتوفي عام: (285)- في أواخر كتاب الكامل: ج 3 ص 1125، ط مؤسسة الرسالة، قال: وقال أبوالأسود:
[يقول الأرذلون بنو قشير
طوال الدهر لا تنسي عليّاً
فقلت لهم: وكيف يكون
تركي
من الأعمال مفروضاً عليّا[
أحبّ محمّداًحبّاً شديداً
وعبّاساً وحمزة والوصيّا
أحبّهم لحبّ اللَّه حتّي
أجي‌ء إذا بعثت علي هَوَيّا
هَويً أُعطيته منذ استدارت
رَحي الإسلام لم يعدل سويّا
بنو عمّ النبيّ وأقربوه
أحبّ الناس كلّهم عليّا
وأشار محقق كتاب الكامل في هامشه أنّ الأبيات موجودة في ديوان أبي‌الأسود: ج 2 ص 309 ثمّ قال: انظر تخريجها في سمط اللآلي ص 643 والأغاني: ج 12 ص 321.
وقال الكميت:
والوصّي الّذي أمال التجوب
يّ به عرش أمّة الإنهدام
قتلوا يوم ذاك إذ قتلوه
حَكَماً لا كسائر الحكّام
الإمام الزكيّ والفارس المُع
لم تحت العَجاج غير الكَهام
راعياً كان مُسجحاً ففقدنا
ه وفقد المُسيم هُلك السَوام
أقول: ورواها أيضاً البلاذري في‌آخر مقتل أميرالمؤمنين عليه‌السلام من كتاب أنساب الأشراف: ج 2 ص 507 ط بيروت بتحقيق المحمودي.
وأشار محقق كتاب الكامل في هامشه أنّ الأبيات مذكورة في شرح هاشميّات الكميت ص 31 -29.
ثمّ قال المبرّد- بعد ذكر أبيات الكميت-: قوله: «الوصّي» فهذا شي‌ء كانوا يقولونه ويكثرون فيه، قال ابن قيس الرُقَيّات
نحن منّا النبيّ أحمد والص
ديق منّا والتقيّ والحكماء
وعليّ وجعفر ذو الجناح
ين هناك الوصيّ والشهداء
وقال كُثَيِّر [عزّة] لمّا حبس عبد اللَّه بن الزبير محمد بن الحنفية في خمسة عشر رجلاً من أهله في سجن عارم:
تُخَبِّر من لاقيت أنّك عائذ
بل العائذ المحبوس في سجن عارم
وصيّ النبيّ المصطفي وان عمّه
وفكّاك أعناق وقاضي مغارم
قال المبرد: أراد ابن وصيّ النبيّ، والعرب‌تقيم المضاف اليه في هذا الباب مقام المضاف … وأشار محقق كتاب الكامل في هامشه الي أنّ ماذكره المبرد عن ابن قيس الرقيّات موجود في ديوانه ق 21 -19/39 ص 90 -89، وما ذكره عن كثيّر أيضاً موجود في ديوانه ق 4 -2/23 ص 225 -224.
ورواها أبوالفرج مسندةً بتقديم وتأخير وزيادات في ترجمة أبي‌الأسود من كتاب الأغاني: ج 12، ص 372
ورواها أيضاً البيهقي في كتاب المحاسن والمساوي‌ء ص 91.
[51] له ترجمة حسنة في أوائل حرف الميم من كتاب مطلع البدور: ج 2 ص 290، وذكر أنّه توفّي ليلة الثلثاء: (22/أو 23) من شهر رمضان المبارك سنة: (323).
[52] رواه السيد أبوطالب في أماليه كما في الحديث: (35) من الباب الثالث من كتاب تيسير المطالب في ترتيب أمالي السيّد أبي‌طالب، ص 65 ط بيروت.
ورواه عنه السيّد المرشد باللَّه كما في عنوان: (الحديث السادس في فضل أمير المؤمنين عليه‌السلام) من النسخة المرسلة من أماليه ص 44 وفي ترتيبه: ج 1، ص 141،ط 1.
ورواه أيضاً الشيخ الصدوق رفع اللَّه مقامه بأسانيد في الحديث: (10 -6) من باب العشرة من كتاب الخصال: ج 1، ص 430 -428.
ورواه أيضاً الشيخ المفيد في الحديث الرابع من الجزء (22) من أماليه ص 111.
ورواه الشيخ الطوسي في الحديث: (35) من الجزء الخامس من أماليه ص 136، كما رواه في الحديث: (31) من الجزء السابع من الأمالي ص 197.
[53] وانظر الاحاديث الواردة من طريق حفّاظ بني أميّة في هذا المعني تحت الرقم: (214) وما بعده- وما علّقناه عليها من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 167 ط 2.
[54] هاتان الكلمتان: «الرعاية والزعامة» رسم خطّهما غير واضح في أصلي.
[55] كذا في أصلي المخطوط، ولكن كتب الكاتب بخطّ الأصل فوق قوله: «المعاد» (الضلال) ولعلّه أظهر.
[56] وهذا القول أيضاً لا يسمن ولا يغني من جوع، وإن كان في‌القرآن المقدس والسنّة المتواترة قد جاء بكثرةٍ وصف اللَّه تعالي بالغضب، ولكن المراد منه لوازم الغضب وهو تنكيله تعالي المغضوب عليهم ومجازاتهم علي ما عملوا من السيّآت، لأنّ اللَّه تعالي منزّه عن حقيقة الغضب- وهو التأثّر النفسي وهيجان النفس من عمل المجرمين- والتأّثر من لوازم طبيعة المخلوقات، واللَّه تعالي منزّه عنه.
[57] و صدور الحديث عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم متّفق عليه بين المسلمين، وبه تمسّك كثير من الصحابة والتابعين علي انحراف معاوية عن إلاّسلام لمّا ادّعي بنوّة زياد بن عبيدلأبي سفيان واستهزأ بإلاّسلام والمسلمين!!.
[58] لم يتيسّر لي الرجوع إلي ترجمته.
[59] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «وأمّا قوله (أولي) فالمراد به الاولي وهو الاحقّ والاملك … ويراد أنّه أحقّ بها وأملك للتصرف فيها.
[60] وليلاحظ عنوان: (ابن‌الراوندي) من كتاب الكني والالقاب: ج 2 ص 277.
[61] وللكلام مصدر، و رواه مسنداً أبوعبيدالقاسم بن سلام في الحديث: (17) من غريب كلام أمير المؤمنين من كتاب غريب الحديث: ج 2 ص 141 و رواه عنه السيوطي في مسند أميرالمؤمنين من كتاب جمع الجوامع: ج 2 ص 97 و رواه أيضاً مشروحاً ابن‌الأثير في مادة «حقق» من النهاية و الفيروز ابادي في القاموس.
[62] كذا في أصلي هاهنا وما بعده بل في كثير من مواضيع الكتاب، ذكر حميد الشهيد بالرمز أسماء كثير من العلماء بالرمز، ولم يشرحه في كتابه هذا، ولم يتيسّر لي الاتصال بأكابر اخوتنا من علماء اليمن دامت بركاتهم، ولعلّنا نوفق لتوضيح ذلك في الطبعة الثانية إن شاء اللَّه تعالي.
[63] هذا المعني إنّما يتصوّر بالنسبة إلي من تأخّر من عصر النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم ووقع في قلبه الشبهة فيما بلغه من النصوص من جهة اختلاف الصحابة أو رواة النصوص وتعارض الروايات الواردة عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم وعدم تجشّمه أعني‌السامع الشاكّ للتحقيق حول صحيح الروايات وسقيمها.
ولكن هذا المعني لايتصوّر بالنسبة إلي الذين صحبوا النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم وعاشروه مدّة وسمعوا من النبيّ، فالنصوص التي سمعوها من فم النبي مباشرةً كانت مفيدةً للقطع إمّا بصريح ألفاظها أو بوسيلة القرائن الحالية أوالمقالية الحافّة بالكلام، فإنّهم كانوا يعرفون الامام وخليفة النبي بصريح لفظه عليه‌السلام مرّات، وتارات يعرفونها بالقرائن التي كان صلوات اللَّه عليه ينصبها لهم، فلم يكونوا شاكين فيمن صرّح النبي بإمامته، بل كانوا يعرفون خليفة النبي كما كانوا يعرفون أنفسهم وإنّما حصل الخلاف ووقع كثير من الناس في الشبهة من أجل الجماعة الذين آثروا الحيات الدنيا علي الآخرة فأضلّوا الناس الذين كانوا علي نزعتهم والجهّال والغفلة بالتلبيس والتدليس وبئس ما صنعوا وساء ماعملوا وسيحملهم اللَّه تعالي أوزارهم وأوزار الذين اتبعوهم وساء لهم يوم القيامة حملاً.
وكلّ من يريد تحقيق ما ذكرناه فليترك العصبية الجاهلية وليراجع النصوص الواردة في هذا المعني علي كثرتها فإنّه يتجلّي له الأمر تجلي الشمس في وسط السماء.
[64] كلّ من يتأمل النصوص الحاكية عن نصب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم عليّاً لزعامة الامة بعده وأنّه هو الخليفة لا غيره يحصل له القطع بأنّ منكري النصّ كفروا، لأنّهم أنكروا ما علموا من الدين بالضرورة لسماعهم بأنفسهم ومشاهدتهم برأي العين أنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم جعل الخلافة لعليّ وأكّد في ذلك كل التأكيد، وحذّر عن مخالفته كلّ التحذير، فمن خالف رسول اللَّه وحاله علي ما ذكرناه، فقد عارض رسول اللَّه في حكمه البات، ومن عارضه هكذا فلا ريب في كفره، وإنّما لم يثبت تكفيرهم لأنّ زمام أمور المسلمين كان بيدهم وأعوانهم من المنافقين كانوا مستعدّين مستنفرين للقضاء علي صاحب الحق، كما قضوا يوم الطفّ علي ريحانة رسول اللَّه وسيّد شباب أهل الجنّة، وأهل بيته أهل بيت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم فليراجع المنصفون وقعة كربلا كي يتجلّي لهم أنّ الذين كانوا يدّعون الاسلام ارتكبوا في حقّ سبط رسول اللَّه وأهل بيته مالم يرتكبه كفّار الامم في مخالفيهم ومعارضيهم.
[65] ذكره السيّد المنصور باللَّه أبومحمد عبداللَّه بن حمزة في أواخر المجلّد الاول من كتاب الشافي ص 338 ط 1، قال: الامام الفاضل الملقّب بالهادي- عليه‌السلام- الحقيني أبوالحسن علي بن جعفر الحسيني [ابن‌الحسن بن عبداللَّه بن علي بن الحسن بن علي بن أحمد ابن‌علي بن الحسين الاصغر ابن‌عليّ سيّد العابدين ابن‌الحسين بن علي بن أبي‌طالب عليهم‌السلام]صاحب العلوم الغريبة والتصانيف العجيبة الذي فاق أهل عصره وبرز علي أهل زمانه.
[66] وهو أبوطالب رفع اللَّه مقامه، ورويناه عن طرق و مصادر عنه عليه‌السلام في حرف الدال من كتاب منية الطالب: ص 115.
[67] قيل: هو زهير بن أبي‌سلمي كما في أواخر ترجمة عمر في حوادث سنة: (23) من تاريخ الطبري ج 4 ص 222 ط دار المعارف بمصر، قال: حدّثني عمر، قال حدّثنا علّي، قال حدّثنا: أبوالوليد المكّي، عن رجل من ولد طلحة:
عن ابن‌عبّاس، قال: خرجت مع عمر في بعض أسفاره، فإنّا لنسير ليلة، و قد ذنوت منه، إذ ضرب مقدّم رحله بسوطه، و قال:
كذبتم وبيت اللَّه يقتل أحمد
و لمّا نطاعن دونه ونناضل
ونسلمه حتي نصرّع حوله
ونذهل عن أبنائنا والحلائل
ثم قال أستغفر اللَّه، ثم سار فلم يتكلم قليلاً ثم قال:
وما حملت من ناقة فوق رحلها
أبرّ وأوفي ذمّةً من محمد
وأكسي لبرد الخال قبل ابتذاله
وأعطي لرأس السابق المتجرّد
ثمّ قال: استغفر اللَّه، يا ابن‌عباس ما منع عليّاً من الخروج معنا؟ قلت: لا أدري. قال: يا ابن‌عباس أبوك عمّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم وانت ابن‌عمّه فما منع قومكم منكم؟ قلت: لا أدري. قال: لكنّي أدري يكرهون ولايتكم لهم!! قلت: لم؟ ونحن لهم كالخير! قال: اللّهمّ غُفراً يكرهون أن تجتمع فيكم النبوّة والخلافة فيكون بجحاً بجحاً!! لعلّكم تقولون إن أبابكر فعل ذلك؟ لا واللَّه ولكن أبابكر أتي أحزم ما حضره!! ولو جعلها لكم ما نفعكم مع قربكم!! أنشدني لشاعر الشعراء زهير قوله:
اذا ابتدرت قيس بن عيلان غايةً
من المجد مَن يسبق إليها يسوّد
[قال] فأنشدته وطلع الفجر فقال: اقرأ «الواقعة» فقرأتها ثم نزل فصلّي وقرأ ب «الواقعة».
[ثم قال الطبري: و] حدّثني ابن‌حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن رجل عن عِكرمة:
عن ابن‌عباس قال: بينما عمر بن الخطّاب (رض) وبعض أصحابه يتذاكرون الشعر، فقال بعضهم: فلان أشعر. وقال بعضهم: بل فلان أشعر. قال: فأقبلت فقال عمر: قد جاءكم أعلم الناس بها، فقال عمر: من شاعر الشعراء يا ابن‌عباس؟ قال: فقلت: زهير بن أبي‌سلمي فقال عمر هلمّ من شعره ما نستدلّ به علي ماذكرت؟ فقلت: امتدح قوماً من بني عبداللَّه بن غَطَفان، فقال:
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم
قوم بأوّلهم أو مجدهم قعدوا
قوم أبوهم سنان حين تنسبهم
طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا
إنس إذا أمنوا جنّ إذا فزعوا
مرزّؤن بَهالِيل إذا حشدوا
محسّدون علي ما كان من نعم
لا ينزع اللَّه منهم ما له حُسِدوا
فقال عمر: أحسن، وما أعلم أحداً أولي بهذا الشعر من هذا الحّي من بني هاشم! لفضل رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم وقرابتهم منه. فقلت: وُفِّقت يا أمير المؤمنين ولم تزل موفّقاً. فقال: يا ابن‌عباس أتدري ما منع قومكم منهم بعد محمد؟ [قال ابن‌عباس] فكرهت أن أجيبه فقلت: إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يدريني! فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوّة والخلافة! فتبجّحوا علي قومكم بَجَحاً بَجَحاً!! فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووُفِّقت؟! فقلت: يا أمير المؤمنين إن تأذن لي في الكلام وتُمِط عني الغضب تكلّمت؟ فقال: تكلّم يا ابن‌عباس. فقلت: أمّا قولك يا أمير المؤمنين: «اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووُفِّقت»، فلو أنّ قريشاً اختارت لأنفسها حيث اختار اللَّه عزّ وجلّ لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود.
وأمّا قولك: «إنّهم كرهوا أن تكون لنا النبوّة والخلافة» فإن اللَّه عزّ وجلّ وصف قوماً بالكراهيّة [لأمره] فقال: «ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل اللَّه فأحبط أعمالهم» [9/محمد: 47] فقال عمر: هيهات واللَّه يا ابن‌عباس قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت أكره أن أقرّك عنها [أن أقرّك عليها] فتزيل منزلتك منّي. فقلت: وما هي يا أمير المؤمنين؟ فإن كانت حقّاً فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك؟ وإن كانت باطلاً فمثلي أماط الباطل عن نفسه!
فقال عمر: بلغني أنّك تقول: «إنّما صرفوها عنّا حسداً وظلماً» فقلت: أمّا قولك: يا أمير المؤمنين «ظلماً» فقد تبيّن للجاهل والحليم!!
وأمّا قولك: «حسداً» فإن إبليس حسد آدم فنحن ولده المحسودون!!
فقال عمر: هيهات أبت قلوبكم يا بني هاشم إلاّ حسداً ما يحول، وضِغناً وغِشّاً ما يزول!! فقلت: مهلاً يا أمير المؤمنين لا تصف قلوب قوم أذهب اللَّه عنهم الرجس- وطهّرهم تطهيراً- بالحسد والغِشّ فإن قلب رسول اللَّه صلّي اللَّه علي وسلم من قلوب بني هاشم!
فقال عمر: إليك عنّي يا ابن‌عباس. فقلت: أفعل، فلمّا ذهبت لأقوم استحيا منّي فقال: يا ابن‌عباس مكانك فواللَّه إنّي لراعٍ لحقّك، محبّ لما سرّك. فقلت: يا أمير المؤمنين إن لي عليك حقّاً وعلي كلّ مسلم، فمن حفظه فحظّه أصاب، ومن أضاعه فحظّه أخطأ. ثمّ قام [ابن‌عباس] فمضي.
أقول: والحديث ذكره أيضاً ابن‌الأثير في آخر ترجمة عمر من تاريخ الكامل.
والحديث الأوّل رواه أيضاً البلاذري باختصار في أواخر ترجمة عمر من نسب بني عدّي من أنساب الاشراف المخطوطة: ج 4/الورق 308 /ب/ وفي طبع بيروت: ج 10 ص 378
قال:
[حدّثني] المدائني عن أبي‌الوليد المكّي قال: قال ابن‌عباس؟.
[68] كما في أوائل المختار (129/أو 131) من باب خطب نهج البلاغة.
[69] وهاهنا في هامش كتابي حاشية بخطّ الاصل وهذا نصّها: (وقد ورد في بعض الآثار النهي عن تسمية المدينة ب «يثرب» بل تسمّي طيّبة).
[70] ومن أراد تفصيل ذلك فعليه بمراجعة حديث الغدير من الموسوعتين النيّرتين: عبقات الانوار والغدير، وإليك ما أفاده العلاّمة الاميني قدّس اللَّه نفسه في هامش المجلّد الاوّل من كتاب الغدير ج 1 ص 514 ط 2 قال:
و [حديث الغدير هذا] رواه أحمد بن حنبل من أربعين طريقاً، وابن‌جرير الطبري من نيّف وسبعين طريقاً والجزري المقري‌ء من ثمانين طريقاً وابن‌عقدة من مائة وخمس طرق،وأبوسعيد السجستاني من مائة وعشرين طريقاً وأبوبكر الجعابي من مائة وخمس وعشرين طريقاً.
وفي تعليق كتاب هداية العقول ص 30 عن الامير محمد اليمني- أحد شعراء الغدير في القرن الثاني عشر- أنّ له مائة وخمسين طريقاً.
[71] وهو صاحب مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام المطبوع مراراً، والحديث المذكور هنا رواه برقم (23) في المناقب: ص 16.
[72] كذا في أصلي من مخطوطة محاسن الازهار، وفي هامشه بخطّ الاصل- ومثل ما في هامش الاصل في المطبوع من المناقب لابن المغازلي-: «إلا نصف من عمر من قبله … » وليراجع الحديث ( … ) من العمدة لابن البطريق ص 51 والحديث 69 من الباب 52- وهو باب حديث الغدير من بحار الانوار: ج 37 ص 184، ط الاخوندي.
[73] هذا هو الظاهر، وفي أصلي من مخطوطة محاسن الازهار- ومثله في مطبوعة المناقب لابن المغازلي-: «فهل بلغتكم».
[74] كذا في أصلي من مخطوطة محاسن الازهار، وفي المطبوع من مناقب ابن‌المغازلي ص 17: «جزاك اللَّه عنّا خير ما جزي نبيّاً عن أمّته».
[75] أي عجزنا عن جوابه ولم ندر ما نقول، يقال: عاله الشي‌ء يَعِيله عيلاً ومعيلاً- علي زنة باع يبيع ومن بابه-: أعجزه وأعوزه.
[76] هذا هو الظاهر المذكور في بحار الانوار: ج 37، وفي أصلي المخطوط من محاسن الازهار، والمطبوع من مناقب ابن‌المغازلي: «سبب طرف بيد اللَّه تعالي وطرف بأيديكم فتمسّكوا به ولا تولّوا؟ ولا تضلّوا … » ولكن كلمة: (ولا تولّوا) غير موجودة في مناقب المطبوع من ابن‌المغازلي.
[77] كذا في مناقب ابن‌المغازلي، والظاهر أن هذا هو الصواب، وفي أصلي: «حتي تدين بأهوائها وتظاهر علي بيوتها؟» ولكن كلمة «تدين» رسم خطّها في أصلي غير واضح.
[78] وهاهنا في أصلي هامش ولكنّه غير مقروء.
[79] والحديث معروف متداول ولكن لم يتيسّر لي المراجعة إلي مصادره.
[80] لم أتمّكن من مراجعة مصدر الحديث أو مصادره.
[81] هذا هو الظاهر، و في ظاهر رسم الخطّ من أصلي: «لأن الاءملاك ايله … ».
[82] بقدر ما وضعناه بين المعقوفين من النقط- أو بقدر كلمة كبيرة- لفظ أصلي غير مقروء.
[83] ومن قوله: «وفيه من الفوائد- إلي قوله: - واللَّه أعلم» كان في هامش أصلي بخطّ الاصل ولكن رسم خطّه لم يكن جليّاً وبعده أيضاً كلم غير مقروءة كما أنّ محلّ النقط أيضاً لم يكن مقروءاً.
[84] هذا افتراء علي الإمامية، أخذه الشارح رحمه اللَّه من أفواه أعداء أهل البيت أو مما كتبته أقلامهم بلا رجوع منه إلي علماء الامامية، فإن كانوا صادقين فيما رموهم به فليذكروا مصدراً من مصادر الامامية الذي يصرّح بنسبة هذا المعني إلي الامامية، فإن لم يفعلوا- ولم يفعلوا- فليتّقوا من وبال الفرية واثمها.
وكيف يمكن إفتاء علماء الامامية بذلك وهم قائلون بأن حكمة اللَّه تعالي توجب بعث نبيّ معصوم لا يعصي اللَّه فيما أمره به أو نهاه عنه، ولا يخاف في اللَّه لومة لائم.
وكيف يمكن أن يعتقدوا أويحكموا بجواز التقية علي النبّي مع أنّه بعث لتبيين أحكام اللَّه وتنفيذه بين عباد اللَّه، فإذا نجزّ اللَّه تعالي علي نبيّه أمراً بنحو التعيين والحتم فلا خيرة للنبي في تركه أو تقديمه أو تأخيره.
نعم اذا أمر اللَّه نبيّه بنحو الإطلاق أو العموم أو علي سبيل البدلية فلنبيّ أن يختار أيّ فرد أراد من أفراد العموم أو المطق أو أبدال المأمور به، وهذا ليس من التقية في شي‌ء بل هو عمل بأمر اللَّه تعالي كما لا يخفي علي أولي النهي.
وأيضاً يصحّ للنبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم أن يترك بعض المستحبّات، أو لا يوجبه علي أمته لمصالحهم الوقتية- بعد شرحه لهم شأنه وشأنهم- كما يوضح ذلك ما رواه عنه حفّاظ آل أميّة، أنّه قال لعائشة: «لولا حديث عهد قومك بالإسلام لهدمت الكعبة وجعلت لها بابين» قاله صلّي اللَّه عليه وآله وسلم بهذا اللفظ أو بما في معناه، وهو مستفيض من طريق القوم، وكذلك قوله صلّي اللَّه عليه وآله وسلم: «لولا أن أشقّ علي أمّتي لأمرتهم بالسواك» ولا أظنّ أنّ اخوتنا الزيدية علي خلافنا في ذلك.
والتقيّة التي تقول بها الامامية إنّما هي لأتباع الانبياء ممن يخاف- في أعماله الدينية وتنفيذها- من سطوة المنافقين والمتمرّدين أو الكفرة الملحدين، فمنّ اللَّه تعالي علي المؤمنين بجواز العمل علي نحو لا يوجب هجوم المعاندين المتمرّدين عليهم والتنكيل بهم كما في الآية (28) من سورة آل عمران، وإليك نصّ الاية الكريمة: «لايتخذ المؤمنون الكافرين أوليأ من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من اللَّه في شئ الا أن تتّقوا منهم تقاةً ويحذّركم اللَّه نفسه وإلي اللَّه المصير».
هذا حكم اللَّه تعالي للمؤمنين اذا خافوا من بأس الملحدين أو المنافقين في‌العمل بوظائفهم الإسلامية، والاية نزلت في شأن عمار بن ياسر، عند ما حمله المشركون علي سبّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم، ولمّا أطلقه المشركون بعد ما أجابهم بالكره إلي ما أرادوا منه- جاء إلي رسول اللَّه باكياً من أجل ما أكرهه المشركون- سلاّه رسول اللَّه وقال له: «إن عادوا عليك بما سلف منهم فعد إلي ما فعلت» هذا أو ما في معناه.
فليراجع المنقادون لحكم اللَّه ورسوله تفسير الآية الكريمة من تفسير الدر المنثور وغيره حتّي يتجلّي لهم أنّ الإمامية هم الّذين يطبّقون أحكام الدين بمعناه الصحيح دون أتباع بني‌أميّة وبني‌العباس وغيرهم ممن ترك أهل بيت النبيّ واتبع أعداءهم.
ثمّ لو فرض أنّ بعض الإمامية قال بما نسبه أعداؤهم إليهم فهل يصحّ بحسب الموازين الدينية والعلمية نسبة قول البعض إلي كلهم؟ وفيهم عباقرة العلم وروّاد الحقائق الثاقبة؟ أليس هذا افتراءاً وبهتاناً؟ وهل يصحّ لعاقل أن ينسب إلي اليمنيين أو المصريين- أوغيرهما من بلاد الدنيا- أنّهم أعمي أو أصمّ أو أبكم لوجود بعض العميان أو الأصمّين أو الأبكمين فيهم؟!! وما ذكرناه هو خلاصة آراء الإمامية في التقية، فبطل ما فرّعه عليها حميد الشهيد، وشنّع به علي الإمامية وصار كرماد اشتدّت به الريح.
[85] كذا في أصلي، وكتب كاتبه فوقه بخطّ الاصل: «علي [أنّ اللَّه تعالي يجب عليه … ]».
[86] هذا أيضاً سهو من الشارح رحمه اللَّه، إذ لا يصحّ نسبة هذا القول إلي جميع الإمامية من جهة قول بعضهم به، لأنّ المحقّقين من الامامية قاطبة قائلون بأنّ القرآن الذي نزل علي رسول اللَّه هو الموجود الآن بين المسلمين وبمتناولهم لم ينقص منه شي‌ء ولا زيد فيه شئ؟! فان استفاد المرجفون- والذين في قلوبهم مرض- من بعض الأخبار الواردة من طريق الإمامية بأنّه سقط من القرآن كذا وكذا. يجب عليهم أن ينسبوا القول بنقص القرآن إلي عُمَر أيضاً؛ لأنهم رووا عنه أحاديث متعدّدة بأنّه فُقِد من القرآن كذا وكذا آية، وأنّه كان في القرآن: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما» إلي غير ذلك مما رووه عن أبي‌حفص وغيره، ولئن لم ينته المرجفون من هذا العزو الباطل إلي كلّ الامامية وقام بعض الغياري من شباب الشيعة علي جمع رواياتهم في هذا المعني فعليهم تبعة هذا العمل!!.
[87] لا عجب في ذلك فإن في كلّ قوم جهلة لهم آراء في مقابل أهل الدراية منهم، وجهلة الزيدية وغيرهم أكثر من جهلة الامامية، ويأتي عن المصنف أنّ فلان الزيدي قال بأفضلية بعض أئمّة الزيدية علي النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم فاعتبروا يا أولي الابصار!!.
[88] لفظة (قيل) رسم خطها لم يكن واضحاً في أصلي، وما بين المعقوفين زيادة منّا لمسيس الحاجة إليها علي فرض صحة لفظة: (قيل) من أصلي.
[89] ومن أراد التفصيل فعليه بكتاب الشافي وعبقات الأنوار، والغدير وكفاية الموّحدين ودلائل الصدق، وغيرها من مطوّلات كتب الشيعة في الإمامة.
[90] هذا هو الصواب المذكور في الاية: (228) من سورة البقرة، وفي أصلي: «فعدّتهنّ ثلاثة قروء».
[91] تقدّم ذكر بداية سند المصنف إلي ابن‌المغازلي في ص 23 من أصلي المخطوط، والحديث رواه ابن‌المغازلي برقم: (24) من مناقبه ص 19، ط 2.
وللحديث مصادر وأسانيد، وقد رواه أبوبكر ابن‌أبي‌شيبة في فضائل علي عليه‌السلام برقم (12167) من كتاب المصنّف: ج 12، ص 78 ط الهند.
ورواه أيضاً كلّ من أحمد بن حنبل وابنه عبداللَّه في الحديث: (138 و164) من فضائل علي عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 93 و111، ط 1، وروياه أيضاً في الحديث (12) من مسند براء بن العازب الصحابي من كتاب المسند: ج 4 ص 281.
ورواه أيضاً محمد بن سليمان المتوفي سنة (322) في الحديث: (844) وتاليه من كتابه مناقب علي عليه‌السلام: ج 2 ص 368 ط 1.
ورواه أيضاً العاصمي في عنوان: (وأمّا المولي والولاية) في الفصل الخامس من كتاب زين الفتي المخطوط، ص 627، وفي تهذيبه العسل المصفّي: ج 2 ص 263.
وقد رواه الحافظ الحسكاني بسندين في تفسير الاية الرابعة من سورة المائدة من شواهد التنزيل: 1، ص 158، ط 1، وفي ط 2 ص 200 و203.
ورواه أيضاً الثعلبي في تفسير الاية الرابعة من سورة المائدة من تفسيره: ج 1/الورق 77 /ب/.
ورواه أيضاً الموفّق بن أحمد الخوارزمي الحنفي في الحديث: (5) من الفصل: (14) من مناقبه ص 80 ط الغري.
ورواه أيضاً الخطيب البغدادي في ترجمة الثقة (حبشون) برقم: (392) من تاريخ بغداد: ج 8 ص 209.
ورواه أيضاً الحافظ ابن‌عساكر في الحديث: (553 -548) والحديث: (580 -579) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 52 -47 وص 78 -76 ط 2.
وليراجع ما أورده ابن‌البطريق رحمه اللَّه في الفصل (14) من كتاب العمدة ص 49 وفي ط قم ص 100.
وليلاحظ أيضاً ما ذكره الامام المنصور باللَّه عبداللَّه بن حمزة في كتاب الشافي: ج 1، ص 114، ط 1.
[92] تقدّم سند المصنّف إلي ابن‌المغازلي في ص 23 من هذه المخطوطة.
والحديث رواه ابن‌المغازلي في أحاديث الولاية برقم: (30) من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ص 23، قال: أخبرنا أحمد بن محمد البزار، قال: حدثنا أبوعبداللَّه الحسين بن محمد العدل، قال: حدثنا علي بن عبداللَّه بن مبشّر، قال: حدّثنا الرمادي قال: حدثنا أبوأحمد الزبيري حدّثنا حنش بن الحارث، عن رياح بن الحارث …
ورواه أيضاً أبوبكر ابن‌أبي‌شيبة في فضائل علّي عليه‌السلام من كتاب الفضائل برقم: (12132) من المصنّف: ج 12، ص 60 ط الهند.
ورواه أيضاً أحمد بن حنبل في الحديث: (91) من فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 59 ط قم.
وأيضاً رواه أحمد بن حنبل في أواخر مسند أبي‌أيّوب الأنصاري من مسنده: ج 5 ص 207 ط 1.
وأيضاً رواه الطبراني في مسند أبي‌أيّوب من المعجم الكبير: ج 4 ص 207 ط 1.
ورواه الهيثمي عنه وعن أحمد وقال: ورجال أحمد ثقاة كما في مجمع الزوائد: ج 9 ص 104.
ورواه أيضاً محمد بن سليمان الكوفي المتوفي سنة: (323) تحت الرقم: (842 و851 و874 و906 و908 و917) من مناقب علّي عليه‌السلام: ج 2 ص 366 و378 و397 و424 و427).
[93] ذكره ابن‌المغازلي في آخر أحاديث الغدير برقم: 38) من مناقبه ص 26 ط 2.
ورواه أيضاً الحافظ أبونعيم في ترجمة ابرهيم بن كيسان من تاريخ اصبهان: ج1، ص 107
كما رواه أيضاً في ترجمة طلحة بن مصرف من كتاب حلية الاوليأ: ج 5 ص 26 ط 2.
وللحديث شواهد كثيرة جدّاً يجدها الطالب في الحديث: (503) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 5 وما بعدها.
ورواه الذهبي مختصراً من طرق ثم قال: وله طرق أخر ساقها الحافظ ابن‌عساكر في ترجمة علّي يصدّق بعضها بعضاً.
هكذا ذكره الذهبي في أواسط ترجمة عليّ عليه‌السلام من كتاب تاريخ الاسلام: ج 2 ص 246 ط بيروت، وفي طبع دار الكتاب العربي: ج 3 ص 632.
[94] له ذكر في آخر مادّة (تفه) من كتاب تاج العروس: ج 9 ص 383 ط 1، قال:
وتافه لقب أبي‌القاسم الفضل بن محمد الاصبهاني حدّث عن أبي‌بكر ابن‌أبي‌علي وطبقته وكان مكثراً.
وذكره أيضاً ابن‌حجر في مادة (تفه) من كتاب تبصير المنتبه: ج 1، ص 193.
وذكره أيضاً ابن‌ماكولا في عنوان (تافه) في أول حرف التاء من كتاب الاكمال: ج 1، ص 490 قال:
وأبوالقاسم الفضل بن محمد- يعرف ب(تافه)- الاصبهاني حدّث عن أبي‌عبداللَّه الجرجاني وأبي‌بكر ابن‌مردويه وأبي‌نعيم وأبي‌بكر ابن‌أبي‌علي وكان مكثراً من الحديث، لا بأس به.
وجاء في هامشه: أن ابن‌ناصر الدين محمد بن عبداللَّه بن محمد القيسي الدمشقي المتوفّي سنة (842) عقد له ترجمة في كتاب التوضيح قال:
الفضل بن محمد بن أحمد البقال- ويعرف ب(تافه)- توفّي في ذي الحجة سنة (478)
ثم قال: ذكر [ه] في زيادات المستخرج لابن مندة.
[95] كذا في أصلي من مخطوطة محاسن الازهار، وفي المطبوع من مناقب ابن‌المغازلي: (اسماعيل بن عمر البجلي … ) وهو الصواب المذكور في غير واحد من المصادر، منها ترجمة أحمد بن إبراهيم من المعجم الصغير: ج 1 ص 64.
ومنها ترجمة أحمد بن إبراهيم بن عبداللَّه بن كيسان الثقفي من تاريخ اصبهان: ج 1 ص 107
قال:
حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن عبداللَّه بن كيسان المديني سنة تسعين ومائتين، حدثنا اسماعيل بن عمرو البجلي؟ حدثنا مسعر عن طلحة بن مصرف:
عن عميرة بن سعد، قال: شهدت عليّاً علي المنبر يناشد أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم (من سمع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم يوم غدير خمّ يقول ما قال فيشهد؟) [قال:] فقام اثنا عشر رجلاً منهم أبوهريرة وأبوسعيد وأنس بن مالك، فشهدوا أنّهم سمعوا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم يقول: «من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه».
ورواه أبونعيم بأحسن مما مرّ الان في أواخر ترجمة طلحة بن مصرف من كتاب حلية الاولياء: ج 5 ص 26 قال: حدّثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن كيسان، حدثنا اسماعيل بن عمرو البجلي حدثنا مسعر بن كدام، عن طلحة بن مصرف:
عن عميرة بن سعد، قال: شهدت عليّاً علي المنبر ناشداً أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم وفيهم أبوسعيد وأبوهريرة وأنس بن مالك وهم حول المنبر وعليّ علي المنبر وحول المنبر اثنا عشر رجلاً [من الصحابة] هؤلاء منهم فقال عليّ: نشدتكم باللَّه هل سمعتم رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم يقول: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» فقاموا كلّهم فقالوا: اللهمّ نعم. وقعد رجل [منهم ولم يشهد] فقال له [عليّ] ما منعك أن تقوم؟ قال: يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت!!فقال [عليّ عليه‌السلام]: ان كان كاذباً فاضربه ببلاء حسن!!
قال [عميرة]: فما مات [الرجل] حتي رأينا بين عينيه نكتة بيضأ لا تواريها العمامة.
ثم قال أبونعيم: [هذا حديث] غريب من حديث طلحة تفرّد به مسعر عنه مطوّلاً ورواه ابن‌عائثة عن اسماعيل مثله، ورواه الاجلح وهاني‌ء بن أيوب عن طلحة مختصراً.
وأقول: وللحديث أسانيد ومصادر أخر يجدها الطالب في الحديث: (511) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام- وتعليقاته- من تاريخ دمشق: ج 2 ص 18 -13.
وأيضاً رواه العلامة الاميني رفع اللَّه مقامه عن مصادر في الغدير: 1، ص 182-180.
[96] وليراجع أحاديثهم في كتاب الغدير: ج 1، ص 15 تا 60.
وليلاحظ أيضاً كتاب الغدير للحافظ الذهبي الذي كان في قيد التحقيق لسيّدنا الراحل السيد عبدالعزيز الطباطبائي تغمده اللَّه برحمته، والرجاء الاكيد من أشباله حفظهم اللَّه تعالي أن يهتمّوا بنشره وجعله بمتناول الطالبين.
وأيضاً يجد الطالب لحديث الغدير طرقاً جمّةً في الحديث 491 -357 وتعليقاته من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1 ص 417 -395 ط 2.
وأيضاً لحديث الغدير طرق أخر وشواهد كثيرة أوردها الحافظ الحسكاني في تفسير الاية الخامسة والاية: (67) من سورة المائدة من شواهد التنزيل: ج 1،ص 259 -200 ط 2.
[97] والحديث رواه أحمد بن حنبل من أربعين طريقاً، ورواه ابن‌جرير من نيّف وسبعين طريقاً ورواه الجزري المقري‌ء من ثمانين طريقاً ورواه ابن‌عقدة الحافظ من مائة وخمس طرق، ورواه أبوسعيد السجستاني من مائة وعشرين طريقاً ورواه أبوبكر الجعابي من مائة وخمس وعشرين طريقاً!!
وجاء في تعليق هداية العقول ص 30 عن الامير محمد اليمني- أحد شعراء الغدير في القرن الثاني عشر- أن للحديث مائة وخمسين طريقاً.
هكذا أفاده العلاّمة الاميني رفع اللَّه مقامه في هامش كتاب الغدير: ج 1، ص 14.
وقال عزّ الدين محمد بن إبراهيم: طرق هذا الحديث مائة وخمسون طريقاً كما في ترجمة الحاكم برقم: (49) من كتاب علوم الحديث أو الفلك الدوّار، ص 153.
[98] رواد السيد المرشد باللَّه في الامالي الخميسية كما في الحديث: (64) من عنوان: «الحديث السادس في فضل أمير المؤمنين … » من ترتيب أماليه: ج 1، ص 145، ط 1.
[99] كلم «جعفر بن الحسن» كان مكتوباً بخطّ الاصل بين السطرين والظاهر أنّ محلّها الموضع الذي وضعناها فيه.
[100] هذا هو الصواب المذكور في أواخر عنوان: (الحديث السادس في فضل أمير المؤمنين عليّ … ) من ترتيب أمالي المرشد باللَّه: ج 1، ص 145 ط 1.
وهكذا ذكره أيضاً ابن‌حجر في كتاب تبصير المنتبه، وفي أصلي المخطوط من محاسن الاظهار تصحيف.
وعقد له الخطيب ترجمةً تحت الرقم (6400) من تاريخ بغداد: ج 12 ص 32 قال: عليّ بن عبدالرحمان بن عيسي بن زيد بن ماتي أبوالحسين الكاتب مولي زيد بن علي بن الحسين من أهل الكوفة، قدم بغداد وحدّث بها عن أحمد بن حازم بن أبي‌غرزة الغفاري وإبراهيم بن أبي‌العنبس القاضي وإبراهيم بن عبداللَّه القصار، والحسين بن الحكم الحبري ومحمد بن منصور المرادي وأبي‌جعفر مطيّن.
روي عنه الدارقطني [والحاكم] وحدثنا عنه ابن‌رزقويه وابن‌الفضل القطّان وأبوالحسن ابن‌الحمامي المقرئ وأبوالحسن ابن‌شاذان، وكان ثقة.
أخبرنا ابن‌الفضل قال: توفّي علّي بن عبدالرحمان الكوفي ببغداد للنصف من شهر ربيع الأول سنة سبع وأربعين وثلاث مائة، وحمل إلي الكوفة. وذكره أيضاً الذهبي في ذيل ترجمة أبي‌سعيد ابن‌يونس برقم: (865) من كتاب تذكرة الحفّاظ: ج 3 ص 898 قال:
و [توفي سنة سبع وأربعين وثلاث مائة] مسند الكوفة أبوالحسين علي بن عبدالرحمان بن عيسي بن ماتي الزبيدي مولاهم.
[101] والحديث رواه الحسين بن الحكم الحبري في الحديث 67 من تفسيره الورق: 11 /أ/. ورواه بسنده عنه أبوبكر محمد بن الحسين بن صال السبيعي في تفسيره كما في تفسير الأية: (67) من سورة المائدة من تفسير الثعلبي: ج 1/الورق 195 /ب/. وأيضاً الحديث رواه الحافظ الحسكاني بسنده عن الحبري في تفسير إلاّية المتقدم الذكر من سورة المائدة في الحديث: (245) من كتاب شواهد التنزيل: ج 1، ص 189، ط 1، وفي ط 2 ص 251.
[102] كذا في الأمالي الخميسية: ج 1 ص 145، وفي أصلي من محاسن الازهار «رسالاته».
[103] أي بالاسناد المتقدم آنفاً، والخبر مذكور- بعد الخبر السابق بحديث- في الحديث (66) في عنوان: (الحديث السادس 000) من ترتيب الامالي الخميسية: ج1، ص 146، ط 1.
[104] كذا في الامالي الخميسية، وفي أصلي المخطوط من محاسن الازهار «قال: وحدثنا الحسن بن علي 000 «.
[105] وللحديث مصادر وأسانيد، ورواه الخطيب في ترجمة الثقة حبشون بن موسي بن أيّوب أبي‌نصر الخلال، تحت الرقم: (4392) من تاريخ بغداد: ج 8 ص 290 قال: وكان [حبشون ثقة يسكن باب البصرة] ثم قال:
أنبأنا عبداللَّه بن علي بن محمد بن بشران، أنبأنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا أبونصر حبشون بن موسي بن أيّوب الخلال، حدثنا علي بن سعيد الرملي حدثنا ضمرة بن ربيعة القرشي عن ابن‌شوذب، عن مطر الورّاق، عن شهر بن حوشب:
عن أبي‌هريرة قال: من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجّة- كتب له صيام ستّن شهراً- وهو يوم غدير خمّ لمّا أخذ النبي صلّي اللَّه عليه وسلم بيد علي بن أبي‌طالب فقال: «ألست ولّي المؤمنين؟» قالوا: بلي يا رسول اللَّه [ف] قال: «من كنت مولاه فعلّي مولاه» فقال عمر بن الخطاب: بخّ بخّ لك يا ابن‌أبي‌طالب أصبحت مولاي ومولي كل مسلم؟ فأنزل اللَّه:
«اليوم أكملت لكم دينكم».
ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب كتب له صيام ستّين شهراً، وهو أول يوم نزل جبريل [عليه‌السلام] علي محمد صلّي اللَّه عليه وسلم بالرسالة.
ثم قال الخطيب: اشتهر هذا الحديث من رواية حبشون، وكان يقال: إنّه تفرّد به وقد تابعه عليه أحمد بن عبداللَّه ابن‌النيّري فرواه عن علي بن سعيد:
أخبرنيه الأزهري حدثنا محمد بن عبداللَّه ابن‌أخي ميمي حدثنا أحمد بن عبداللَّه بن أحمد بن العباس بن سالم بن مهران- المعروف بابن النيّري- إملاءاً، حدثنا علي بن سعيد الشامي حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن‌شوذب، عن مطر، عن شهر بن حوشب: عن أبي‌هريرة قال: (من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة) وذكر مثل ما تقدم أو نحوه.
أقول: وللحديث مصادر وأسانيد يجدها الطالب في تفسير الآية الثالثة من سورة المائدة في شواهد التنزيل: ج 1 ص 203 -200 ط 2.
ورواه أيضاً السيّد المرشد باللَّه في مواضع من الأمالي الخميسية كما في أوائل عنوان: (الحديث‌الثاني في العلم وفضله) من ترتيب أماليه: ج 1، ص 42 وفي عنوان: (الحديث السادس … ) في ج 1، ص 146، وكما في أواسط عنوان: (الحديث السادس عشر في ذكر أيام العشر) من ترتيب أماليه: ج 2 ص 73 ط 1.
وأيضاً يجد الطالب الحديث تحت الرقم: (577) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 75 وما بعدها.
وقد رواه أيضاً ابن‌كثير في آخر حديث الغدير مما رواه في فضائل علي عليه‌السلام في ترجمته من تاريخ البداية والنهاية: ج 7 ص 349.
[106] رواه السيد المرشد باللَّه في الامالي الخميسية كما في أواخر عنوان: (الحديث السادس) من ترتيب أماليه: ج 1، ص 146، ط 1.
وللحديث مصادر وأسانيد، وقد رواه أبوبكر ابن‌أبي‌شيبة في الحديث: (28) من فضائل علي عليه‌السلام من كتاب الفضائل برقم: (12141) من كتاب المصنف: ج 6/الورق 156 /أ/ وفي ط الهند: ج 12، ص 68 ط 1 قال: حدثنا شريك عن أبي‌يزيد الاودي عن أبيه قال: دخل أبوهريرة المسجد فاجتمعنا إليه فقام اليه شاب فقال: أنشدك باللَّه أسمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه، الّلهم وال من والاه وعاد من عاداه؟» فقال: نعم. فقال الشاب: أنا منك بري‌ء أشهد أنّك قد عاديت من والاه وواليت من عاداه!!!
ورواه عنه أبويعلي في الحديث: 583 من مسند أبي‌هريرة من مسنده: ج 11 ص 307 ط1.
ورواه عن أبي‌يعلي وغيره ابن‌عساكر في الحديث: (575) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 74 وما حولها طبع 2.
ورواه أيضاً أبوطاهر أحمد بن محمد السلفي- المولود سنة: (475) المتوفي: (576) المترجم في سير أعلام النبلاء ج 21 ص 5- في الجزء التاسع مما اختاره من أصول كتب أبي‌الحسين المبارك بن عبدالجبار الصيرفي الطيوري الورق 160/ب/الموجود برقم: (1120) في المكتبة الظاهرية- قال:
أخبرنا أحمد، أنبأنا محمد [بن العباس أبوعمرو ابن‌حيويه] أنبأنا ابن‌صاعد إملاءاً أنبأنا أحمد بن يحيي الصوفي وأفادنيه عن إبراهيم الاصفهاني وكتبه لي بخطّه [قال:] أنبأنا علي بن ثابت الدهان، أنبأنا منصور بن أبي‌الاسود:
عن أبي‌إدريس الأودي عن أخيه داود بن يزيد الاودي عن أبيهما قال: كنت جالساً مع أبي‌هريرة في مسجد الكوفة فجاء رجل فقال: يا [أ] با هريرة [أ] شهدت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم يوم غدير خمّ؟ قال: نعم. قال: فما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول لعلي: «من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.
ورواه الطبراني باختصار في الحديث: (1115) من المعجم الاوسط: ج 2 ص 68 ط 1، قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا أبوجعفر قال: حدثنا عكرمة بن إبراهيم الازدي قال: حدثني إدريس بن يزيد الاودي عن أبيه عن أبي‌هريرة أنّه سمع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم يقول: «من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.
ثم قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن إدريس الا عكرمة تفرّد به النفيلي؟.
أقول: ورواه أيضاً البزاّر - كما رواه عنه الهيثمي في (باب فضائل علي عليه‌السلام) برقم: (2531) من كشف الاستار، ص 187- قال:
حدّثنا علي بن شبرمة الباهلي حدثنا شريك، عن داود الاودي عن أبيه عن أبي‌هريرة أنّ رجلاً أتاه فقال [له]: أنشدك باللَّه إن سألتك عن حديث سمعته من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم تحدّثني به؟ أنشدك باللَّه أسمعت النبي صلّي اللَّه عليه وسلم يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه»؟ قال: نعم.
وحدّثنا أحمد بن يحيي الصوفي حدّثنا رجل- سماه ذهب عنّي اسمه في هذا الوقت- عن منصور بن أبي‌الاسود عن داود وإدريس عن أبيهما عن أبي‌هريرة.
حيلولة: ووجدت في كتابي عن محمد بن مسكين عن عبداللَّه بن يوسف حدثنا عكرمة بن إبراهيم، عن إدريس عن أبيه عن أبي‌هريرة قلت: فذكره باختصار.
قال البزّار: [وهذا] انّما يعرف من حديث داود الاودي وجمع منصور بين داود وإدريس.
أقول: ورواه أيضاً الهيثمي عنه في فضائل علي عليه‌السلام من مجمع الزوائد: ج 9 ص 106 وقال: رواه أبويعلي والبزّار بنحوه والطبراني في الاوسط، وفي أحد اسنادي البزّار رجل غير مسمي.
ورواه أيضاً ابن‌حجر في (باب فضل الحسن والحسين عليهماالسلام؟) من زوائد مسند البزّار الورق 265 /ب/ من نسخة المكتبة الاصفية في حيدر آباد، برقم: (7295).
ومن أراد المزيد فعليه بالحديث: (870) وما بعده من مناقب محمد بن سليمان: ج 2 ص 394 و403 ط 1.
والحديث: (572) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 79 -72 ط 2.
[107] كذا في أصلي المخطوط من محاسن الازهار، ولعلّ الصواب: (الاسدي الحلّي 000).
ويحيي بن الحسن هذا من أكابر علماء الاءمامية في القرن السادس، وكتبه الموجودة بأيدينا اليوم تكشف عن طول باعه في العلوم وقوّة يراعه في اءلزام الخصوم.
وهو رحمه اللَّه مترجم في كتاب رياض العلماء: ج 5 ص 354 ط 1، وأمل الامل: ج 2 ص 345 والمقابيس وثقاة العيون في سادس القرون ص 337 وغيرها.
[108] رسم الخطّ من لفظة (الارغياني) في أصلي غير جليّ.
[109] رواه الثعلبي في تفسير سورة المعارج: 7 0 من تفسيره: ج 4/الورق 234 /ب/.
ورواه عنه وعن النقاش العلاّمة ابن‌البطريق في الفصل الثاني من خصائص الوحي المبين، ص 31 ط 1، وفي ط 2 ص 55.
ورواه الحافظ الحسكاني في تفسير سورة المعارج تحت الرقم: (1030) وما بعده من شواهد التنزيل: ج 2 ص 286 ط 1، وفي ط 2: ج 2 ص 385 -381.
وليلاحظ عنوان: «العذاب الواقع» من كتاب الغدير: ج 1، ص 239 ط 2.
[110] ولأبيات حسّان بن ثابت الانصاري العثماني مصادر وأسانيد، ورووها مسندةً ومرسلةً في مصادر كثيرة، ورواها محمد بن سليمان في الحديث: (292/66) من مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام: ج 1، ص 362/118 ط 1.
ورواها أيضاً محمد بن علي بن الحسين في آخر المجلس: (84) من أماليه ص 514.
ورواها أيضاً المرزباني في كتاب مرقاة الشعر، كما رواها أيضاً ابن‌مردويه، علي ما رواها عنهما ابن‌طاووس في الحديث: (221) من كتاب الطرائف: ج 1، ص 146.
ورواها أيضاً أبونعيم الحافظ مسندةً كما رواها عنه ابن‌البطريق في الفصل الثالث من كتاب خصائص الوحي المبين ص 62 ط 2.
وأيضاًرواها عنه ابن‌البطريق في المستدرك كما في بحار الانوار: ج 37 ص 179.
ورواها أيضاً الخوارزمي في الفصل: (14) من مناقبه ص 80 كما رواها أيضاً في الفصل الرابع من مقتله: ج 1، ص 47 ط 1.
ورواها أيضاً الحموئي في الباب: (12) من كتاب فرائد السمطين: ج 1، ص 74.
ورواها أيضاً سبط ابن‌الجوزي في كتاب تذكرة الخواص ص 38 ط الغري.
ورواها أيضاً السيوطي في كتابه الازهار فيما عقده الشعرأ من الاشعار- كما في اءحقاق الحق: ج 6 ص 275-.
ومن أراد المزيد فعليه بما أورده العلاّمة الاميني قدّس اللَّه نفسه في كتابه القيّم الغدير: ج 2، ص 34.
[111] رواه أبوالحسين الهاروني في الحديث: (18) من أماليه الصغري ص 102.
[112] ورواه محمد بن سليمان في الحديث 850 من كتابه مناقب علّي عليه‌السلام: 377: 2.
[113] ولكن قالوا كلمة حقّ وأرادوا بها الباطل، وعند ما تمكّنوا من الأمر وغلبوا علي منافسيهم دفعوا الأمر إلي الأسفل الأرذل ومنعوه من الأعلي الأفضل، وأعلنوا بأعمالهم السيّئة بأنّهم أشدّ حياطة علي الإسلام وأعلم بمصلحة الإسلام ممن صدع بالإسلام، حيث قالوا: إن الصادع بالإسلام توفّي بلا تعيين مفزع وأمير للمسلمين، ولكن كلّ هؤلاء المدّعين للخلافة نصب عند هلاكه إمّا جروه أو شقيقه أو من علي نزعته للخلافة، وحالوا بين الأفضل والخلافة!!
ولهذا قال أمير المؤمنين عليه‌السلام- عندما كان مشغولاً بتجهيز رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم وبلغه أنبأ الحريصين علي الإمارة بالسقيفة وما قاله الأنصار-: فماذا قالت قريش؟ قالوا: احتجّت بأنّها من شجرة الرسول صلّي اللَّه عليه وآله وسلم. فقال عليه‌السلام: احتجّوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة!!!
وأيضاً قال عليه‌السلام: إن كانت الإمامة في قريش فأنا أحقّ قريش بها، وإن لا تكن في قريش فالأنصار علي دعواهم!!
وقد اعترف قولاً بحقيّة هذه الكلمة: «الأفضل أحقّ بالإمامة» جماعة منهم الطبري في شرح الحديث: 1314 في مسند عمر من السفر الثاني من كتاب تهذيب الآثار: ص 924 قال:
حدّثنا سلم بن جنادة، حدثنا سليمان بن عبدالعزيز بن أبي‌ثابت، حدثنا أبي‌عن عبداللَّه بن جعفر، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة - وكانت أمه عاتكة ابنة عوف-: أنّ عمر دعا عبدالرحمان بن عوف فقال [له]: إنّي أريد أن أعهد إليك؟! فقال: يا أمير المؤمنين نعم إن أشرت علّي قبلت. قال: وما تريد؟ قال: أنشدك باللَّه أتشير علّي بذلك؟ قال: اللهمّ لا. واللَّه لا أدخل فيه أبداً فهبني صمتاً حتّي أعهد إلي النفر الذين توفّي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم وهو عنهم راض، أدع لي عليّاً وعثمان والزبير وسعداً- قال- وانتظروا طلحة أخاكم فإن جاء والا فاقضوا أمركم.
ثمّ قال الطبري: والذي في هذا الخبر من الفقه الدلالة علي أنّ عمر كان من مذهبه أنّ أحقّ الناس بالإمامة وأولاهم بعقد الخلافة أفضلهم ديناً وأنّه لأحقّ للمفضول فيها مع الفاضل، ولذلك جعلها غير خارجة- من بعد مضيّه لسبيله- في النفر الستّة الذين سمّاهم [وهم] الذين توفّي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم وهو عنهم راض، إذ لم يكن فيمن ينسب إلي الإسلام يومئذ بعده؟! أحد له منزلتهم من‌الدين في الهجرة والسابقة والفضل والعلم والمعرفة بسياسة الامّة، وعلي ذلك من المنهاج مضي من كان قبله وخلفه الراشدون من الائمّة بعده!!
ثم قال الطبري: حدثنا ابن‌حميد، حدثنا سلمة عن ابن‌اءسحاق، عن الزهري عن القاسم بن محمد عن أسماء بنت عميس قالت: دخل‌طلحة بن عبيداللَّه علي أبي‌بكر فقال: استخلفت علي الناس عمر وقد رأيت ما يلقي الناس منه وأنت معه فكيف به إذا خلا بهم؟! وأنت لاق ربّك فسائلك عن رعيّتك؟ فقال أبوبكر- وكان مضطجعاً-: أجلسوني. فأجلسوه فقال لطلحة: أباللَّه تفرقني أم باللَّه تخوّفني؟ إذا لقيت اللَّه ربّي فسألني قلت: استخلفت علي أهلك خير أهلك!!
أقول: وفي بقية كلام الطبري أيضاً دلالة علي أنّ هؤلاء كانوا قائلين بكلمة الحق عندما تقتضي‌مصالحهم وبعدما نالوا أمنيّاتهم يعدلون عنها ويطبّقون الباطل!!!
والحديث الثاني‌الذي نقلناه عن الطبري ذكره أيضاً ابن‌الجوزي في ردّه علي عبدالمغيث اليزيدي في كتابه: الردّ علي المتعصّب العنيد، ص 70 ط 1، ثم قال:
وإذا ثبت أنّ الصحابة كانوا يطلبون الأفضل و[ما] يرونه الحقّ أفيشكّ أحد أنّ الحسين [بن عليّ عليهما السلام كان] أحقّ بالخلافة من يزيد؟ لا بل [كان أحقّ وأولي بها من يزيد من كان]دون الحسين في المنزلة كعبد الرحمان بن أبي‌بكر وعبداللَّه بن عمر وعبداللَّه بن الزبير وعبداللَّه بن عبّاس.
[114] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: (بل كان يقول قائل: وأيّ فائدة في ذكر الفضل … ).
[115] وأشار اليه أبوالحسن علي بن الحسين المسعودي- المتوفّي عام: (345)- في‌آخر سيرة أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتاب مروج الذهب: ج 2 ص 425 ط بيروت، قال:
والأشياء التي‌استحقّ بهاأصحاب رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم الفضل هي السبق إلي الإيمان والهجرة والنصرة لرسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم والقربيمنه، والقناعة وبذل النفس له والعلم بالكتاب والتنزيل، والحهاد في سبيل‌اللَّه والورع والزهد والقضاء والحكم والفقه والعلم، وكلّ ذلك لعلّي عليه‌السلام منه النصيب الأوفر والحظّ الأكبر إلي ما ينفرد به من قول رسواللَّه صلي‌اللَّه عليه و آله وسلم- حين آخي بين اصحابه-: «أنت أخي» و هو صلي‌اللَّه عليه و آله و سلم لا ضدّ له، و لا ندّله
وقوله صلوات اللَّه عليه: «أنت مني بمنزلة هرون من موسي،الا انه لا نبي بعدي».
وقوله عليه الصلاة والسلام: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم و ال من والاه،و عاد من عاداه».
ثمّ دعاؤه عليه‌السلام- وقد قدّم إليه أنس الطائر- «اللهمّ أدخل اليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر» فدخل عليه عليّ إلي آخر الحديث.
فهذا وغيره من فضائله وما اجتمع فيه من الخصال مما تفرّق في غيره.
[116] الظاهر أنّ مراد المصنف من قوله: «محيي الدين» هو أبوعبداللَّه محمد بن أحمد بن الوليد القرشي، وتقدم سند المصنف اليه في ص 32/29/12.
وهذا الخبر رواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في الحديث: (48) من الباب الثالث من تيسير المطالب ص 70 ط 1.
وقريباً منه رواه أيضاً محمد بن سليمان في الحديث: (225) وما بعده من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام: ج 1، ص 306 ط 1.
وقريباً منه جاء أيضاً في الحديث: (81) في الباب: (20) من السمط الاول من كتاب فرائد السمطين: ج 1، ص 116، ط بيروت.
[117] هذا هوالصواب المذكور في غير واحد من مصادرالحديث، ولفظ «أوفي» في أصلي غير واضح.
والحديث أورده الحمّوئي في الحديث: (80) في الباب: (20) من السمط الاول من كتاب فرائد السمطين: ج 1 ص 112 ط بيروت.
[118] والحديث رواه ابن‌المغازلي برقم: (60) من كتابه مناقب علّي عليه‌السلام: ص 38. وروي قبله أيضاً أحاديث حول هذا المعني. وأشار محققه في تعليقه إلي رواية الكرماني عن عمرو نقلاً عن ابن‌الأثير في كتاب أسد الغابة: ج 3 ص 72.
ورواه ابن‌كثير مرسلاً عن ابن‌اسحاق في عنوان: «مواخات النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلم بين أصحابه» في تاريخ البداية والنهاية: ج 3 ص 226.
وأخرجه أيضاً ابن‌حجر نقلاً عن ابن‌مندة كما في الإصابة: ج 2 ص 234.
[119] كذا في أصلي، وفي الحديث (60) من مناقب ابن‌المغازلي: «حدثنا إبراهيم بن محمد، حدثنا محمد بن عبداللَّه بن المطّلب الشيباني … ».
[120] يأتي تفصيله قريباً في شرح البيت السادس من القصيدة وهو قول الامام المنصور باللَّه: «ومن عدا هارون بالنصّ … ».
[121] والحديث قد أفرده بالتأليف جماعة منهم الحافظ السيوطي كما في قائمة تأليفاته. ومنهم أحمد بن محمد بن الصديق الغماري الحسني أفرد الحديث بالتأليف وسمّاه «فتح الملك العلّي بصحّة حديث باب مدينة العلم علّي».
[122] ولهذه الصيغة من‌الحديث أيضاً مصادر وأسانيد، ورواه ابن‌المغازلي في الحديث: (128) وتاليه من مناقبه ص 86 تا 87 قال:
أخبرنا أبوطالب محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي قدم علينا واسطاً [قال:] أخبرنا أبوالحسن علي بن محمد بن لؤلؤ إذناً، حدثنا عبدالرحمان بن محمد بن المغيرة حدثنا محمد بن يحيي حدثنا محمد بن جعفر الكوفي عن محمد بن الطفيل عن أبي‌معاوية عن الأعمش عن مجاهد:
عن‌ابن‌عباس قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: أنا مدينة الحكمة وعلّي بابها، فمن أراد الحكمة فليأت الباب.
[و] أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج، قال: أخبرنا محمد بن المظفّر بن موسي بن عيسي الحافظ إجازةً حدثنا الباغندي محمد بن محمد بن سليمان، حدثنا سُوَيد عن شريك، عن سلمة بن كُهَيل عن الصنابجي:
عن علّي عليه‌السلام عن النبي صلّي اللَّه عليه وسلم قال: أنا دار الحكمة وعلّي بابها فمن أراد الحكمة فليأتها.
ورواه ابن‌مردويه في‌المناقب من طريق الحسن بن محمد، عن جرير، عن محمد بن قيس عن الشعبي:
عن علّي [عليه‌السلام] قال: قال رسول اللَّه صلي عليه وآله وسلم: أنا دار الحكمة وعلّي بابها.
هكذا رواه عن ابن‌مردويه أحمد بن محمد بن الصديق الغماري الحسني في كتابه فتح الملك العلّي ص 23.
وللحديث مصادر أخر يجد الباحث بعضها فيما علقناه علي الحديث (990) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 463 ط 2.
[123] ومثله معنيً رواه محمد بن سعد كاتب الواقدي- المولود عام: (168) المتوفي سنة: (230)- في أوائل ترجمة الإمام علّي بن أبي‌طالب عليه‌السلام من كتاب الطبقات الكبري: ج 2 ص 339 ط دار صادر ببيروت قال:
أخبرنا عبيداللَّه بن عمر القواريري أخبرنا مؤمل بن اسماعيل، أخبرنا سفيان بن عيينة، أخبرنا يحيي بن سعيد:
عن سعيد بن المسيّب قال: كان عمر يتعوّذ من معضلة ليس فيها أبوحسن.
ورواه البلاذري بسندين في‌الحديث: (30 -29) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من أنساب الأشراف ج 2 ص 99 ط بيروت بتحقيق المحمودي قال:
حدّثني اسحاق بن الحسين، حدثنا عثمان بن أبي‌شيبة عن مؤمل بن اسماعيل، عن سفيان بن عيينة، عن يحيي بن سعيد:
عن سعيد بن المسيّب قال: قال عمر: لا أبقاني‌اللَّه لمعضلة ليس لها أبوحسن.
وحدّثني بعض أصحابنا عن ابن‌وكيع عن سفيان بن عيينة عن يحيي بن سعيد بنحوه.
ورواه أيضاً عبداللَّه بن أحمد كما في‌الحديث: (222) من فضائل علّي أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 155، ط قم قال: حدّثنا عبيداللَّه القواريري قال: حدثنا مؤّمل قال: حدثنا ابن‌عيينة عن يحيي بن سعيد:
عن سعيد بن المسيّب قال: كان عمر يتعوّذ باللَّه من معضلة ليس لها أبوحسن.
ورواه العلاّمة الطباطبائي طاب ثراه في تعليقه عن أحمد بن جعفرالختلي قال:
وقد أخرجه الحافظ أحمد بن جعفر الختلي‌المتوفّي سنة: (365) في جزء من حديثه قال:
حدّثني أبوالفضل يحيي بن عبداللَّه المقدمي حدثني عبيدبن عقيل أخبرنا قرة ابن‌خالد؟
عن عطيّة العوفي قال:
ما كانت معضلة في‌الإسلام إلاّ دعي لها علي بن أبي‌طالب.
ورواه أيضاً ابن‌قتيبة في‌آخر غريب كلام الشعبي من كتاب غريب الحديث: ج 2 ص 649 وهذا لفظه: أعوذ باللَّه من كل معضلة ليس لها أبوحسن.
ورواه ابن‌عساكر بسندين في الحديث: (1080) وتاليه من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 52 -50 ط بيروت بتحقيق المحمودي.
ورواه أيضاً الخوارزمي في الفصل 7 من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ص 5 8 كما رواه أيضاً في الحديث: 26 من كتابه مقتل الحسين عليه‌السلام: ج 1 ص 45.
[124] وللحديث- أو ما في معناه- مصادر كثيرة جدّاً، ورواه علّي بن الجعد المتوفّي سنة: (230) في الحديث: (763) من مسنده: ج 1، ص 448 قال: حدثنا شعبة عن الأعمش عن أبي‌ظبيان، عن ابن‌عباس أنّ عمر (رض) أتي بمجنونة قد زنت وهي حبلي فأراد [عمر]رجمها؟ فقال له علّي (بن أبي‌طالب عليه‌السلام): أما بلغك أنّ القلم قد وضع عن ثلاثة: عن المجنون حتّي يفيق، وعن الصبّي حتي يعقل، وعن النائم حتي يستيقظ.
ورواه أيضاً مكرراً أحمد بن حنبل- المتوفّي سنة (240) في مسند أمير المؤمنين عيله‌السلام برقم: (1183) من مسنده: ج 1، ص … وفي ط أحمد محمد شاكر: ج 2 ص 279 قال: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن أنّ عمر بن الخطّاب أراد أن يرجم مجنونة فقال له علّي: مالك ذلك، قال: سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم يقول: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتي يستيقظ، وعن الطفل حتي يحتلم، وعن المجنون حتي يبرأ أويعقل» فأدرأ عنها عمر؟.
وأيضاً رواه أحمد في الحديث: (327) من فضائل علّي عليه‌السلام من كتاب الفضائل قال:
حدّثنا عفّان، حدثنا حماد، عن عطاءبن السائب: عن أبي‌ظبيان الجنبي قال:
إنّ عمر بن الخطّاب أتي بامرأة قد زنت فأمر برجمها فذهبوا ليرجموه فرآهم علّي في‌الطريق فقال: ما شأن هذه؟ فأخبروه فخلّي سبيلها ثم جاء إلي عمر فقال له [عمر]: لم رددتها؟ فقال: لأنّها معتوهة آل فلان وقد قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتي يستيقظ، والصبي حتي يحتلم والمجنون حتي يفيق» فقال عمر: لولا علّي لهلك عمر.
ورواه أيضاً أبويعلي أحمد بن المثنّي الموصلي- المولود سنة (210) المتوفي عام: (307)- في الحديث: (327)- من مسند علّي عليه السلام من مسنده: ج 1، ص 440 ط 1: قال:
حدثنا زهير، حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن أبي‌ظبيان، قال: أتي عمر بامرأة قد فجرت فأمر بها أن ترجم، فمُرّ بها علي علّي فعرفها فخلّي سبيلها فأتي عمر فقيل له: إن عليّاً أخذها من أيدينا فأرسلها!! فقال: ادعوه لي. فأتاه فقال: لم أرسلتها؟ قال: واللَّه لقد علمت يا أمير المؤمنين أنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتي يستيقظ، وعن الصبي حتي يبلغ، وعن المجنون حتي يبرأ» وإن هذه مجنونة بني‌فلان، ولعلّ الذي فجر بها أتاها وهي في بلائها؟!!
قال حسين سليم في تعليقه: و[الحديث] أخرحه أبوداود في الحدود (4402) باب: «في‌المجنون يسرق أو يصيب شيئاً» من طريق هنّاد عن أبي‌الأحوص عن عطاء بن السائب بهذا الإسناد.
و [أيضاً] أخرحه أبوداود (4403) من طريق موسي بن إسماعيل حدثنا وهيب عن خالد عن أبي‌الضحي عن علّي مرفوعاً.
و [أيضاً] أخرجه أبوداود (4399) من طريق عثمان بن أبي‌شيبة [قال:] حدثنا جرير، عن أبي‌ظبيان عن ابن‌عباس عن علّي موقوفاً.
و [أيضاً] أخرجه أبوداود (4401) من طريق ابن‌السرح [قال:] أخبرنا ابن‌وهب، أخبرني جرير بن حازم، عن سليمان بن مهران، عن أبي‌ظبيان، عن ابن‌عباس عن علّي مرفوعاً.
وصحّحه الحاكم 258/1 و389 4 ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 118/1، و140. و[أخرجه] الترمذي في الحدود (1423) «باب ما جاء فيمن لايجب عليه الحدّ» من طرق عن قتادة عن الحسن البصري عن علّي مرفوعاً وقال الترمذي: حديث علّي‌حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي من غير وجه عن علّي عن النبي صلّي اللَّه عليه وسلم ولا نعرف للحسن سماعاً من علّي.
أقول: عدم عرفان الترمذي سماع الحسن من علّي لا يدلّ علي عدم سماع الحسن من علّي عليه‌السلام وقد عرفه غيره.
[ثم قال الترمذي:] وقد روي هذا الحديث عن عطاء بن السائب عن أبي‌ظبيان عن ابن‌عباس عن علّي عن النبي.
ورواه الأعمش عن أبي‌ظبيان عن ابن‌عباس عن علّي موقوفاً ولم يرفعه.
والعمل علي هذا عند أهل العلم وصحّحه الحاكم 389/4/وقال الذهبي: فيه إرسال [أي في‌السندالذي رواه به الحاكم لزعمه أن الحسن البصري لم يرو عن علّي عليه‌السلام!].
وأخرجه ابن‌ماجة في الطلاق (2042) «باب طلاق المعتوه والصغير والنائم» من طريق محمد بن بشّار، حدثنا روح بن عبادة حدثنا ابن‌جريج أنبأنا القاسم بن يزيد عن علّي عن النبي.
وعلّقه البخاري بصيغة الجزم في‌الطلاق «باب الطلاق في الاغلاق والكره» وفي الحدود «باب لا يرجم المجنون والمجنونة».
وقال الحافظ ابن‌حجر: أخرجه أبوداود وابن‌حبّان والنسائي مرفوعاً و [لكن] رجّح النسائي الموقوف، وهو مع ذلك مرفوع حكماً والمرفوع أولي بالصواب.
و [ورد] في الباب عن عائشة عند الترمذي في الحدود (1423) «باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحدّ»، وأبي‌داود في الحدود (4403) «باب في المجنون يسرق أو يصيب حدّاً»، والنسائي في‌الطلاق 156/6 «باب من لايقع طلاقه من الأزواج»، والدارمي في الحدود: 171: 2 «باب رفع القلم عن ثلاثة» وصحّحه الحاكم: 59/2/ووافقه الذهبي، وعن أبي‌قتادة عند الحاكم 389/4.
أقول: ورواه أيضاً الهيثم بن كليب الشاشي- المتوفي سنة: (335)- في مسند عليّ عليه‌السلام في الجزء (5) أو (7) من كتاب مسند الصحابة الورق 15 /ب/ وفي ط 1: ج 3 ص 417 قال:
حدثنا ابن‌المنادي حدثنا محمد بن عبيداللَّه الطنافسي حدثنا الاعمش عن أبي‌ظبيان: عن ابن‌عباس رضي‌اللَّه عنه قال: أتي عمر بمجنونة قد فجرت فأمر عمر برجمها فمرّ بها علي علّي فقال: ما هذه؟ قالوا: مجنونة آل أبي‌فلان فجرت. قال: ردّوها وأتي عمر بن الخطاب فقال: أما علمت أنّه رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتي يبرأ، وعن النائم حتي يستيقظ، وعن المولود حتي يكبر. فكبّر عمر ولم يرجمها.
[و] حدّثنا ابن‌المنادي حدّثنا وهب بن جرير، حدثنا شعبة، عن الاعمش، عن أبي‌ظبيان: عن ابن‌عباس قال: جي‌ء بامرأة مجنونة إلي عمر، فأراد أن يرجمها فقال له علّي: يا أمير المؤمنين أوما بلغك أن القلم رفع عن ثلاث: عن النائم حتي يستيقظ …
قال محققه في تعليقه: وأخرجه أبوداود في سننه في الحدود «باب في‌المجنون يسرق أو يصيب حدّاً» من طريق جرير بن عبدالحميد ووكيع عن الأعمش نحوه 244 -243/4.
و [أورده] البغوي- [المولود عام: (213) المتوفي سنة (317)[- في مسند علّي‌بن الجعد عن علي [قال:] أنبأنا شعبة عن الأعمش نحوه 449/1 و763.
وأورده الدارقطني- [المولود سنة: (306) المتوفي عام: (385)[- في‌العلل بلفظ «رفع القلم عن ثلاثة … » وقال: هو حديث يرويه أبوظبيان حصين بن جندب، واختلف عنه فرواه سليمان الأعمش؟ واختلف عنه فقال جرير بن حازم عن الأعمش عن أبي‌ظبيان عن ابن‌عباس عن علّي ورفعه إلي النبي صلّي اللَّه عليه وعلي آله عن علّي وعن عمر؟ تفرّد بذلك عبداللَّه بن وهب عن جرير بن حازم.
وخالفه ابن‌فضيل ووكيع فروياه عن الأعمش عن أبي‌ظبيان عن ابن‌عباس عن علّي وعمر موقوفاً.
ورواه عمار بن رزيق عن الأعمش عن أبي‌ظبيان عن علّي وعمر موقوفاً ولم يذكر فيه ابن‌عباس؟
ورواه أبوحصين عن أبي‌ظبيان عن ابن‌عباس عن علّي وعمر موقوفاً.
واختلف عنه فقيل عن أبي‌ظبيان عن علّي موقوفاً، قاله أبوبكرابن‌عيّاش وشريك عن أبي‌حصين.
ورواه عطاء بن السائب عن أبي‌ظبيان عن علّي وعمر مرفوعاً حدّث به عنه حماد بن سلمة وأبوالاحوص وجرير بن عبدالحميد، وعبدالعزيز بن عبدالصمد العمي وغيرهم، وقول وكيع وابن‌فضيل أشبه بالصواب واللَّه أعلم.
قيل [للدارقطني]: لقي أبوظبيان عليّاً؟ قال: نعم.
[هكذا ذكره الدارقطني في كتاب العلل: ج] 3 ص 291) 74 -72).
و [رواه أيضاً الضياء المقدسي في الحديث: (608-607) من كتابه] الأحاديث المختارة: ج 2 ص 607) 228).
ومن أراد المزيد فعليه بالكتاب القيّم الغدير: ج 6 ص 97 -93 ط 1.
وليلاحظ أيضاً تعليقنا علي الحديث: (1082) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 55 وما حولها.
[125] هذا هو الصحيح، وفي النسخة: «فتنفخ فيه فيكون طائراً».
[126] وذكره أيضاً ابن‌الأثير في مادة (برح) من النهاية قال: وفي الحديث: (برح ظبي) هو من البارح ضدّ السانح، فالسانح ما مرّ من الطير والوحش بين يديك من جهة يسارك إلي يمينك، والعرب تتيمّن به لأنّه أمكن للرمي والصيد؟ والبارح: ما مرّ من يمينك إلي يسارك، والعرب تتطيّر به لأنّه لا يمكنك أن ترميه حتي تنحرف؟.
[127] الحديث معروف.
[128] وهذا الحديث أيضاً معروف متداول.
[129] تقدم سند علي بن أحمد هذا إلي ابن‌المغازلي في أواخر مقدمة المصنف قبيل البيت الاول من قصيدة المنصور باللَّه متن محاسن الازهار هذا.
[130] وهذا رواه ابن‌المغازلي في الحديث: (193) من منافب أمير المؤمنين عليه‌السلام ص 163 ط 2.
[131] كذا في أصلي، وفي المطبوع من مناقب ابن‌المغازلي: (انّ الحسين بن محمد حدّثهم؟).
[132] وهذا الحديث رواه ابن‌المغازلي في عنوان: (حديث الطائر وطرقه) بمغائرة سندية ومتنية عن قريب من اثنين وعشرين طريقاً كما في الحديث: (189 تا 212) من مناقبه ص 156 تا 176 ط 2.
ولحديث أنس هذا مصادر، ورواه أيضاً البخاري- بنزعته التي‌أخذها من شيخه حريز الحمصي وأمثاله- في‌ترجمة اسماعيل بن سلمان الازرق برقم: (1132) من القسم الاول من التاريخ الكبير، ص 358 وقال:
وقال عبيداللَّه بن موسي: أخبرنا اسماعيل بن سلمان بن أبي‌المغيرة الأزرق، عن أنس [قال]: أهدي للنبيّ صلّي اللَّه عليه وسلم طائر فقال: اللهمّ ائتني‌بأحبّ خلقك. فجاء علّي.
ثمّ قال البخاري: وروي [محمد] ابن‌الفضيل [بن غزوان] عن أنس في‌الطير. وقال عبيداللَّه بن موسي، أخبرنا سكين بن عبدالعزيز، عن ميمون أبي‌خلف حدّثه عن أنس عن النبي صلّي اللَّه عليه وسلم في‌الطير.
أقول: والحديث رواه الحافظ ابن‌عساكر كاملاً- بلا تمجمج ناصبية- في الحديث: (626) وتاليه من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 119 -118 2، ط2.
ورواه أيضاً البزاّر أحمد بن عمر البصري- المتوفي سنة: (292) كما رواه عنه ابن‌حجر في زوائد مسند البزاّر: ج 1/الورق 269 /ب/- قال: حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيم، حدثنا عبيداللَّه بن موسي حدثنا اسماعيل بن سلمان الازرق:
عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم أطيار فقسمها بين نسائه كلّ امرأة منهم ثلاثة، فأصبح عند بعض نسائه صفيّة أو غيرها فأتت بهنّ، فقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك [كي يأكل] معي من هذا الطائر. [قال أنس:] فقلت: اللهم اجعله رجلاً من الأنصار، فجاء عليّ [فدقّ الباب] فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: انظر من علي الباب؟ [فنظرت] فإذاً علّي فقلت: إن رسول اللَّه علي حاجة؟! ثم جئت قمت بين يدي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم [فجاء علّي فدقّ الباب] فقال: انظر من علي الباب؟ [فنظرت] فإذاً عليّ فعل ذلك ثلاثاً؟ [ثم فتحت له الباب] فدخل يمشي وأنا وراءه فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: من حبسك؟ قال: هذا آخر ثلاث مرّات [آتي و] يردّني أنس يزعم أنّك علي حاجة!! فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: [يا أنس] ما حملك علي ما صنعت؟ قلت: يا رسول اللَّه سمعت دعاءك فأحببت أن يكون من قومي! فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: إن الرجل قد يحبّ قومه الرجل قد يحبّ قومه- قال ثلاثاً-. قال البزّار: [والحديث] روي عن أنس من وجوه وكلّ من رواه عن أنس فليس بالقوّي واسماعيل كوفي حدّث عن أنس بحديث؟!
ورواه أيضاً أبويعلي أحمد بن المثني الموصلي- المولود سنة: (210) المتوفي عام: (307) في الحديث: (1297) من مسند أنس بن مالك برقم: (4052) من مسنده: ج 7 ص 105، ط 1 قال:
ورواه أيضاً أبوالحسن علي بن الحسين المسعودي- المتوفّي سنة: (346)- فإنّه ذكر بعض فضائل عليّ عليه‌السلام- في آخر سيرة أمير المؤمنين عليه‌السلام كما في كتاب مروج الذهب: ج 2 ص 425 ثمّ قال:
ثمّ دعاؤه عليه‌السلام [له]- وقد قدّم إليه أنس الطائر [المشوي]-: «اللهمّ أدخل إليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر» فدخل عليّ إلي آخر الحديث.
وأيضاً رواه الطبراني في الحديث: (5882) من المعجم الأوسط: ج 6 ص 414 ط 1، قال: حدثنا محمد بن خليد العبدي الكوفي قال: حدثنا محمد بن طريف البجلي قال: حدثنا مفضل بن صالح، عن الحسن بن الحكم:
عن أنس بن مالك قال: أهدي للنبي صلّي اللَّه عليه وسلم طائر مشوي فقال: اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر.
فجاء علّي رضي الله عنه، فلما رآه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم قال: يا ربّ وإلّي؟.
وأيضاً رواه الطبراني- بسنده عن عطاء عن أنس- في الحديث: (7462) من المعجم الأوسط: ج 8 ص 225 ط1، قال:
حدثنا محمد بن شعيب قال: حدثنا حفص بن عمر المهرقاني قال: حدثنا النجم بن بشير، عن اسماعيل بن سليمان أخي اسحاق بن سليمان عن عبدالملك بن أبي‌سليمان:
عن عطاء عن أنس بن مالك قال: كنت مع النبي صلّي اللَّه عليه وسلم في حائط وقد أتي بطائر فقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليّ يأكل معي من هذا الطائر.
فجاء عليّ فدقّ الباب فقلت: من هذا؟ فقال: أنا علّي. فقلت: إن النبي صلّي اللَّه عليه وسلم علي حاجة! فذهب ثمّ جاء فدقّ الباب فقلت: من هذا؟ فلت: من ذا؟ فقال: أنا علّي. قلت: إن النبي صلّي اللَّه عليه وسلم علي حاجة!! [فذهب] ثمّ جاء فدقّ الباب فقال النبي صلّي اللَّه عليه وسلم: اذهب فافتح [له الباب فذهبت ففتحت له الباب فدخل] فقال له النبي صلّي اللَّه عليه وسلم: ما حبسك رحمك اللَّه فقال: هذه ثلاث عودات كلّ ذلك يقول لي أنس: إنّك علي حاجة! فقال [النبي]: يا أنس ما حملك علي ذلك؟ قلت: سمعت بدعوتك فأردت أن يكون رجلاً من قومي.
[قال الطبراني: بحسب ما علمت] لم يرو هذا الحديث عن عبدالملك بن أبي‌سليمان عن عطاء الا اسماعيل بن سليمان، ولا رواه عن اسماعيل الا النجم بن بشير، تفرّد به حفص بن عمر المهرقاني.
أقول: ما وضع في هذا الحديث بين المعقوفات زيادات منّا اقتضاها سياق الكلام.
ورواه أيضاً الطبراني في الحديث: (9368) من المعجم الأوسط: ج 10، ص 171، ط 1،قال:
حدثنا هارون بن محمد بن المنحّل الحارثي‌الواسطي قال: حدثنا العباس بن أبي‌طالب، قال: حدثنا حفص بن عمر العدني قال: حدثنا موسي بن سعد البصري عن الحسن [البصري]: عن أنس بن مالك قال: أهدي إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم طائر فقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إلي يأكل معي من هذا الطائر. فجاء علّي بن أبي‌طالب.
وممن روي الحديث عن أنس هو يحيي بن أبي‌كثير كما رواه بسنده عنه الطبراني في الحديث: (1765) من كتاب الأوسط: ج 2 ص 442 قال:
حدّثنا أحمد [بن الجعد أبوبكر الوشاء] قال: حدثنا سلمة بن شبيب، قال: حدثنا عبدالرزّاق، قال: أخبرنا الأوزاعي:
عن يحيي بن أبي‌كثير، عن أنس بن مالك، قال: أهدت أمّ أيمن إلي النبي صلّي اللَّه عليه وسلم طائراً بين رغيفين فجاء النبي صلّي اللَّه عليه وسلم؟ فقال: هل عندكم شي‌ء؟ فجاءته [أم أيمن] بالطائر فرفع [النبي صلّي اللَّه عليه وسلم] يده وقال: «اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر» فجاء علّي فقلت: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم مشغول! وإنّما دخل النبي- صلّي اللَّه عليه وسلم- آنفاً!! [فتناول] النبي صلّي اللَّه عليه وسلم من الطائر شيئاً ثم رفع يده فقال: «اللهمّ ائتني‌بأحبّ خلقك اليك يأكل معي من هذا الطائر» فجاء علي فارتفع الصوت بيني وبينه فقال النبي صلّي اللَّه عليه وسلم له: خلّه من كان يدخل؟ [ففتحت الباب فدخل علي] فقال النبي صلّي اللَّه عليه وسلم: «وإلّي يا ربّ» - ثلاث مرّات- فأكل [علّي] مع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم حتيّ فرغا؟.
ثم قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي [بحسب علمي] إّلا عبدالرزّاق، تفرّد به سلمة.
وأيضاً رواه يحيي بن سعيد عن أنس كما رواه بسنده عنه الطبراني في الحديث: (6557) من المعجم الأوسط: ج 7 ص 288 ط 1، قال:
حدّثنا محمد بن أبي‌غسّان الفرائضي قال: حدثني أبي‌أبوغسّان أحمد بن عياض بن أبي‌طيبة: قال: حدثنا يحيي بن حسّان عن سليمان بن بلال:
عن يحيي بن سعيد، عن أنس بن مالك قال: كنت أخدم رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم فقدّم [إليه]فرخاً مشويّاً فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: «اللهمّ ائتني‌بأحبّ الخلق إليك وإلّي يأكل معي من هذا الفرخ» فجاء عليّ فدقّ الباب، فقال أنس: من هذا؟ قال: علي. فقلت: النبي صلّي اللَّه عليه وسلم علي حاجة!! فانصرف [علي] ثم تنحّي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم وأكل [شيئاً منه] ثم قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: «اللهمّ ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ يأكل معي من هذا الفرخ» [فجاء علي فدقّ الباب فقلت: من هذا؟ قال: عليّ. فقلت: النبي صلّي اللَّه عليه وسلم علي حاجة!! فانصرف علّي فقال النبي صلّي اللَّه عليه وسلم: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الفرخ] فجاء علي فدقّ الباب دقّاً شديداً فسمع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم [الدقّ] فقال: أنس من هذا؟ فقلت: علي. قال: أدخله. [ففتحت له الباب] فدخل فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: لقد سألت اللَّه ثلاثاً بأن يأتيني‌بأحبّ الخلق إليه وإليّ يأكل معي من هذا الفرخ [فما أخّرك؟] فقال علي: وأنا يا رسول اللَّه لقد جئت ثلاثاً كلّ ذلك يردّني‌أنس. فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: يا أنس ماحملك علي ما صنعت؟ قلت: أحببت أن تدرك الدعوة رجلاً من قومي!! فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: لا يلام الرجل علي حبّ قومه!.
أقول: ما وضع بين المعقوفات بعضها مما كان السياق في حاجة إليه، وبعضها زدناها للتوضيح.
وممن روي حديث الطير عن أنس هو مسلم بن كيسان الضبي كما رواه بسنده عنه الخطيب في عنوان: (ذكر مسلم بن كيسان الضبي) من كتاب موضح أوهام الجمع والتفريق: ج 2 ص 398 قال:
أخبرنا أبوالحسن محمد بن أحمد بن رزقويه، قال: حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق إملاءاً حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري حدثنا عبيداللَّه بن عمر بن ميسرة أبوسعيد الجشمي حدثنا يونس بن أرقم [قال]:
حدثنا مسلم بن كيسان الضبي عن أنس بن مالك (رض) قال: أهدي إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم أطياراً فقال: «اللهمّ آتني بأحبّ خلقك إليك؟» قال أنس: فقلت: اللهمّ إن شئت جعلته رجلاً من الأنصار. فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: ما أنت بأوّل رجل أحبّ قومه؟ فجاء علي فلمّا رآه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم قال: اللهمّ وإلّي؟!
ورواه أيضاً أبوالشيخ عبداللَّه بن محمد بن جعفر الحياّني‌الثقة- المترجم في عنوان: «الحيّاني» من اللباب: 1 ص 404- في كتابه طبقات المحدّثين الموجود في المكتبة الظاهرية بدمشق الورق 117/ وفي نسخة الورق 223/ قال:
حدّثنا إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن الوليد، قال: حدثنا عبداللَّه بن ميمون عن جعفر بن محمد عن أبيه عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول اللَّه صلّي اللَّه عله وسلم طير فقال: «اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي [من] هذا الطير» فجاء علي فأكل معه.
هكذا رواه عنه آية اللَّه المرعشي طاب ثراه في ملحقات اءحقاق الحق: ج 21 ص 223. وأخرجه البلوشي عنه وعن ابن‌الجوزي في كتاب العلل: ج 1، ص 232 كما في تعليقه علي الخصائص ص 32 ط الكويت.
ورواه أيضاً عامر الشعبي عن أنس كما رواه بسنده عنه الدار قطني في عنوان: (زُمَيل ورَبيِل) من كتابه المؤتلف والمختلف: ج 2 ص 1125، قال:
حدثني أبوعبداللَّه حسين بن أحمد بن عتّاب، حدثنا أبوبدر أحمد بن خالد بن عبدالملك بن عبيداللَّه بن مسرح الحرّاني حدثني عمّي أبووهب الوليد بن عبدالملك حدثنا زميل بن المثنّي عن مخلد بن يزيد- قال أبووهب: ولا أظنّني إلا قد سمعته من مخلد- عن فطر بن خليفة:
عن [عامر] الشعبي عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم حباري فهيّئته له أمّ سلمة وقالت: يا أنس أمسك الباب حتي يصيب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم من هذا الطير. فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: «اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يصيب معي من هذا الطير» فجاء علي عليه‌السلام وذكر الحديث بطوله؟.
والحديث رووه عن جمع أخر من الصحابة منهم الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام.
ومنهم عبداللَّه بن العباس.
ومنهم سفينة مولي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم.
ومنهم جابرن عبداللَّه الأنصاري ومنهم أبوسعيد الخدري.
ومنهم حبشيّ بن جنادة.
ومنهم أبورافع مولي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه واله وسلم.
ومنهم سعد بن أبي‌وقّاص.
ومنهم عبداللَّه بن عبّاس كما ذكره عنهما القاضي عبدالجبّار المعتزلي المتوفيَّ سنة: (415)- في باب خلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام في القسم الثاني من كتاب المغني: ج 20 ص122، ط 1، بمصر.
وذكرالحاكم في ذيل الحديث: (80) من مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتاب مناقب الصحابة من المستدرك: ج 3 ص 131، قال
و[الحديث] قد رواه عن أنس جماعة من أصحابه زيادة علي ثلاثين نفساً …
وذكر الحافظ السروي في عنوان: «إجابة دعوات أمير المؤمنين عليه‌السلام» من كتابه مناقب آل أبي‌طالب: ج 2 ص 282 قال:
إنّ الحديث رواه خمسة وثلاثون رجلاً عن أنس؟ وعشرة [من الصحابة] عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلم.
وللحديث طرق كثيرة جدّاً، وقد رواه البغوي في الحسان من مناقب عليّ عليه‌السلام برقم: (4770) في كتاب المناقب من مصابيح السنّة: ج 4 ص 173.
ورواه ابن‌المغازلي عن (22) وعشرين طريقاً في عنوان: (حديث الطائر وطرقه) من مناقبه ص 175 -156.
ورواه الحافظ ابن‌عساكر عن ثلاثة وثلاثين طريقاً، ونحن أوردنا الحديث عن مصادر القوم في تعليقه عن أكثر ممن رواه ابن‌عساكر، فليلاحظ الحديث: (645-612) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام بتحقيقنا: ج 2 ص 135 -105، ط2.
ورواه أيضاً ابن‌الجوزي عن سبعة عشر طريقاً في فضائل عليّ عليه‌السلام برقم: (377 -360) من كتاب العلل المتناهية: ج 1، ص 237 -228 ط دار الكتب العلمية.
ورواه ابن‌كثير- من موالي أعداء أهل البيت- بأكثر من عشرين طريقاً في عنوان: (حديث الطير) من باب فضائل عليّ عليه‌السلام من تاريخ البداية والنهاية: ج 4- أو 7- ص 353.
والحديث قد أفرده بالتأليف جماعة من الحفّاظ، كما ذكره جمع منهم ابن‌كثير في العنوان المتقدم الذكر آنفاً من تاريخ البداية والنهاية: ج 535 7 قال:
وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنّفات مفردة منهم أبوبكر ابن‌مردويه، والحافظ أبوطاهر محمد بن أحمد بن حمدان- فيمارواه شيخنا أبوعبداللَّه الذهبي [كما في ترجمة أبي‌طاهر محمد بن احمد من تذكرة الحفاظ: ج 3 ص 1112 قال: رأيت له مسند بهز بن حكيم و طرق حديث الطير.] ثم قال ابن‌كثير: ورأيت فيه مجلّداً في جمع طرقه وألفاظه لأبي جعفر ابن‌جرير الطبري المفسر صاحب التاريخ.
الرابع ممن أفرد الحديث بالتأليف هو الحافظ الكبير أبوالعباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة كسانقله عنه‌السروي في مناقب آل أبي‌طالب: ج 2 ص282.
الخامس ممن أفرد الحديث بالتأليف هو الحافظ أبونعيم الاصبهاني كمانقله عنه ابن‌تيمية في منهاج السنة: ج 4 ص99 طالسنة 1333.
وذكره ايضاً الذهبي في ترجمة الحسن بن احمد بن الحسن بن محمد بن علي بن مهرة الاصبهاني الحداد- المولود سنة (419) المتوفي عام (515)- قال الذهبي:
قال السمعافي هو أجلّ شيخ أجاز لي … وكان خبيراً صالحاً ثقة وقد سمع من أبي‌نعيم تواليفه التوبة والاعتذار … [و] حديث الطير …
السادس ممن افرد الحديث بالتأليف الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك وتاريخ نيشابور والأربعين ومعرفة علوم الحديث وغيرها.
قال السبكي في ترجمة الحاكم من كتاب الطبقات الشافعية: ج 4 ص 165، ط 2:
ذكر اين طاهر انه رآي بخط الحاكم حديث الطير في جزء ضنحم جمعه.
السابع أبوالحسن علي بن الحسن بن منه من أعلام القرن الخامس كما في ترجمته من كتاب النابس من طبقات أعلام الشيعة ص 119.
الثامن الحافظ الذهبي فإنّه ذكر في ترجمة الحاكم من كتابه تذكرة الحفّاظ: ج 3 ص 1042 ط دار الكتاب العربي ببيروت قال:
وأمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جدّاً قد أفردتها بمصنف ومجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل، وأمّا حديث: «من كنت مولاه» فله طرق جيّدة وقد أفردت ذلك أيضاً [بالتأليف].
وأيضاً روي الذهبي حديث الطير في أواسط ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتابه: تاريخ الإسلام: ج 3 ص 633 ط دار الكتاب العربي وقال:
وله [أي لحديث الطير] طرق كثيرة عن أنس متكّلم فيها، وبعضها علي شرط السنن [و]من أجودها حديث قَطن بن نُسَير شيخ مسلم [قال:] حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا عبداللَّه بن المثنّي عن عبداللَّه بن أنس بن مالك، عن أنس قال: أهدي إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم حَجَل مشوي فقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي.وذكر الحديث. أقول: والحديث رواه أيضاً الذهبي حرفياً في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي من كتابه ميزان الاعتدال: ج 1، ص 411.
وأيضاً ذكر الذهبي في ترجمة الحاكم من سير أعلام النبلاء: ج 17، ص 169، ما لفظه: وقد جمعت طرق حديث الطير في جزء و[كذلك] طرق حديث: «من كنت مولاه» وهو أصحّ، وأصحّ منهما ما أخرجه مسلم- [في (باب الدليل علي أنّ حبّ الأنصار وعليّ من الإيمان) من مقدمة صحيحه: ج 1 ص 60]- عن عليّ قال: إنّه لعهد النبي الأميّ صلّي اللَّه عليه وسلم إلّي أنّه لا يحبّك الا مؤمن ولا يبغضك الاّ منافق!!
ثم قال الذهبي: وهذا أشكل الثلاثة، فقد أحبّه قوم لا خلاق لهم وأبغضه بجهل قوم من النواصب [وفي رأسهم معاوية وجلّ بني أميّة وبني مروان].
أقول: أمّا الحديث الأخير الذي عدّه الذهبي أشكل الأحاديث الثلاثة فالقسم الذي منه راجع إلي محبي عليّ ومبغضيه فهو من المتواترات لفظاً لا يختصّ مسلم بروايته بل له مصادر وأسانيد كثيرة جدّاً، قد أفردناه بالتأليف فليراجعه من أراد التحقيق.
وأمّا حديث «من كنت مولاه فعليّ مولاه» فقد كتب في تواتره رسائل قيّمة منها كتاب الغدير للعلامة الأميني قدس اللَّه نفسه وهو مبذول كثير الوجود.
ومنها كتاب عبقات الأنوار في إمامة أئمّة الاطهار للسيّد الأجل السيّد مير حامد الهندي قدّس اللَّه نفسه، وهو أيضاً كثير الوجود بحمد اللَّه تعالي.
وأمّا حديث الطير فقد رواه الذهبي بنفسه في رسالته فيه عن بضعة وتسعين نفساً عن أنس بن مالك، كما روي ابن‌كثير تلميذ الذهبي عن رسالته- في ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ البداية والنهاية: ج 7 ص 352- فالمشترك من رواياتهم عن أنس متواتر وفي‌المتواترات لا يلاحظ عدالة الراوي ولا وثاقته، بل المتواتر بنفسه يفيد العلم ولو ثبت عدم عدالة رواته أجمع فكيف إذا ثبت عدالة بعضهم كما هو الحال في حديث أنس كما صرّح به الذهبي في‌كلامه المتقدم آنفاً، فبتواتر الحديث عن أنس يثبت الحديث عنه، وهو صحابيّ وعندهم كلّ صحابيّ عادل وقوله حجّة، فكيف إذا تعاضدت رواية أنس بروايات بقية الصحابة الستة أوالعشرة التي ذكرناها قريباً، فتبيّن أنّ استشكال القوم في حديث الطير ليس من جهة قصور أسانيده لإثباته، بل من جهة أخري تلاحظها في‌الروايات التالية المروية عن ابن‌عدي وأبي‌يعلي والحافظ النسائي وغيرهم، وإليك ذكر بعضها:
روي أبوأحمد عبداللَّه بن عديّ الجرجاني-المولود سنة: (277) المتوفي عام: (365)- في ترجمة مسهر بن عبدالملك بن سلع الهمداني- المترجم في تهذيب التهذيب وتقريبه- من كتاب الكامل: ج 7 ص 457 ط 3 قال:
حدثنا الحسن بن الطيّب بن الشجاع، حدثنا الحسن بن حمّاد الضبي حدثنا مسهر بن عبدالملك بن سلع، عن عيسي بن عمر القارئ عن اسماعيل بن عبدالرحمان السدّي:
عن أنس بن مالك [قال:] إن النبي صلّي اللَّه عليه وسلم كان عنده طائر فقال: اللهمّ آتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي [من] هذا الطائر» فجاء رجل فردّه ثمّ جاء رجل [آخر]فردّه ثمّ جاء عليّ بن أبي‌طالب فأذن له فأكل معه!!
ورواه أيضاً أبويعلي أحمد بن المثنّي الموصلي- المولود سنة: (210) المتوفي عام: (307)- في أواخر مسند أنس برقم: (4051) من مسنده: ج 7 ص 105-وفي مخطوطة منه الورق 187- قال:
حدّثنا الحسن بن حمّاد الورّاق، حدثنا مسهر بن عبدالملك بن سلع- وهو ثقة- حدثنا عيسي بن عمر، عن إسماعيل السدي:
عن أنس بن مالك أنّ النبي صلّي اللَّه عليه وسلم كان عنده طائر فقال: «اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطير» فجاء أبوبكر فردّه ثمّ جاء عمر فردّه ثمّ جاء عثمان فردّه!! ثمّ جاء عليّ فأذن له.
ورواه عنه الحافظ ابن‌عساكر في الحديث: (634) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 126، ط 2.
ورواه أيضاً عن أبي‌يعلي ابن‌الأثير في ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من أسد الغابة: ج 4 ص 21 ط 1.
ورواه أيضاً عن أبي‌يعلي ابن‌كثير في ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ البداية والنهاية: ج 7 ص 350.
ورواه أيضاً الهيثمي نقلاً عن أبي‌يعلي في باب مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال:
(ورجال أبي‌يعلي ثقات وفي بعضهم ضعف) كما في مجمع الزوائد: ج 9 ص 125. ورواه أيضاً الحافظ النسائي في الحديث: (12) من كتاب خصائص الإمام علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام ص 50 ط بيروت بتحقيقنا، قال:
أخبرنا زكريّا بن يحيي قال: حدثنا الحسن بن حمّاد، قال: أخبرنا مسهر بن عبدالملك، عن عيسي بن عمر، عن السدّي [اسماعيل بن عبدالرحمان]:
عن أنس بن مالك أنّ النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلم كان عنده طائر فقال: «اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير» فجاء أبوبكر فردّه، ثم جاء عمر فردّه!! ثمّ جاء عليّ فأذن له.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه ابن‌المغازلي في الحديث: (205) وتاليه من مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ص 171 ط 2، وبما رواه ابن‌عساكر في الحديث: (636) وما حوله- وما علقناه عليه- من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 126 وما حولها.
[133] ومن جملتهم الدارقطني.
[134] هذاهو الظاهر، وفي أصلي: (بقرأته عليه يرفعه بالإسناد المتقدم إلي السيّد أبي‌طالب). والحديث رواه أبوطالب في أماليه كما في الحديث: (39) من الباب الثالث من تيسير المطالب ص 67 ط 1.
[135] وهذا الحديث هو حديث المنزلة المتواتر بين المسلمين، وقد رواه الحافظ أبوحازم العبدوي بخمسة آلاف اسناد كما رواه عنه تلميذه الحافظ الحسكاني في تفسير الاية: (59) من سورة النساء في شواهد التنزيل: ج 1، ص 152.
وقد أورده محمد مرتضي الحسيني الزبيدي مؤلف كتاب تاج العروس في الحديث (5) من لقط اللآلي المتناثرة في الأحاديث المتواترة ص 31، ط 1، وقال: رواه من الصحابة عشرة …
وجاء في تعليقه: أنّه أورده السيوطي في كتابه الأزهار المتناثرة عن عشرة أنفس [من الصحابة].
وأورده الكتاني في كتاب المناقب [من كتاب] النظم المتناصر وقال: وورد أيضاً من حديث مالك بن الحويرث وسعد بن أبي‌وقّاص و[عمر] بن الخطّاب.
وفي شرح الرسالة للشيخ جسّوس؟ قال: هذا حديث متواتر جاء عن نيّف وعشرين صحابيّاً واستوعبها ابن‌عساكر في نحو عشرين ورقة.
أقول: الحديث رواه ابن‌عساكر بأسانيد كثيرة تحت الرقم: (336 تا 457) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 206 تا 395 ط 2 ببيروت بتحقيقنا.
ولقد علقنا علي ما رواه ابن‌عساكر في الأحاديث المشار إليها بمثل ما رواه أو يزيد عليها أخذاً من مصادر حفّاظ آل أمية فمن أراد أن يبصر تواترها رأي‌العين فليرجع اليها.
ويعجبني أن أذكر هاهنا ما رواه ابن‌عبدربّه وغيره عن المأمون العبّاسي- الذي‌كان بعقيدة مخالفي أهل البيت واجب الإطاعة- كما في عنوان: «باب في فضائل علي بن أبي‌طالب … [و] احتجاج المأمون علي الفقهاء في فضل علّي» من كتاب اليتيمة الثانية- في أخبار زياد والحجّاج والطالبيين- من العقد الفريد: ج 3 ص 279 من الطبعة الثانية بالمطبعة الأزهرية بمصر، سنة (1346) وفي ط دار الكتاب العربي ببيروت: ج 5 ص 90- قال:
قال اسحاق بن إبراهيم بن اسماعيل بن حمّاد بن زيد: بعث إلّي يحيي بن أكثم وإلي عدّة من أصحابي- وهو يومئذ قاضي القضاة- فقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن أحضر معي غداً مع الفجر أربعين رجلاً كلهم فقيه يفقه ما يقال له ويحسن الجواب، فسمّوا [لي] من تظنّونه يصلح لما يطلب أمير المؤمنين. فسمّينا له عدّةً وذكر هو عدّة حتّي تمّ العدد الذي أراد وكتب تسمية القوم وأمر بالبكور في السحر، وبعث إلي من لم يحضر فأمره بذلك.
فغدونا عليه قبل طلوع الفجر فوجدناه قد لبس ثيابه وهو جالس ينتظرنا، فركب وركبنا معه حتي صرنا إلي الباب فإذاًبخادم واقف، فلمّانظر الينا قال: يا أبامحمد أمير المؤمنين ينتظرك. فأدخلنا فأمر بالصلاة فأخذنا فيها فلم نستتمّها حتي خرج الرسول فقال: ادخلوا فدخلنا فاذاً أمير المؤمنين جالس علي فراشه وعليه سواده وطيلسانه والطويلة وعمامته؟
فوقفنا وسلمّنا فردّالسلام وأمر نا بالجلوس [فجلسنا].
فلمّا استقرّ بنا المجلس تحدّر عن فراشه ونزع عمامته وطيلسانه ووضع قلنسوته ثمّ أقبل علينا فقال: إنّما فعلت ما رأيتم لتفعلوا مثل ذلك، وأمّا الخفّ فمنع من خلعه علّة من عرفها منكم فقد عرفها ومن لم يعرفها فسأعرّفها بها ومدّ رجله وقال: انزعوا قلانسكم وخفافكم وطيالستكم. قال: فأمسكنا فقال لنا يحيي: انتهوا إلي ما أمركم به أمير المؤمنين. فتنحّينا فنزعنا أخفافنا وطيالستنا وقلانسنا ورجعنا.
فلمّا استقرّ بنا المجلس قال [المأمون]: انّما بعثت اليكم معشر القوم في المناظرة فمن كان به شي‌ء من الخبثين لم ينتفع بنفسه؟ ولم يفقه ما يقول، فمن أراد منكم الخلاء فهناك- وأشار بيده [إلي مكان]، فدعونا له.
ثم ألقي مسألةً من الفقه فقال: يا أبامحمد قل وليقل القوم من بعدك. فأجابه يحيي ثم الذي يلي يحيي ثمّ الذي يليه حتّي أجاب آخرنا في العلّة وعلة العلّة وهو مطرق لايتكلم حتي اذا انقطع الكلام التفت إلي يحيي فقال: يا أبامحمد أصبت الجواب وتركت الصواب في العلّة. ثم لم يزل يردّ علي كل واحد منّا مقالته ويخطئ بعضنا ويصوّب بعضنا حتي أتي علي آخرنا. ثم قال: إيّي لم أبعث فيكم لهذا ولكنّني أحببت أن أبسطكم، إن أمير المؤمنين أراد مناظرتكم في مذهبه الذي هو عليه والذي يدين اللَّه به؟! قلنا: فليفعل أميرالمؤمنين وفّقه اللَّه.
فقال: إن أمير المؤمنين يدين اللَّه علي أنّ علّي بن أبي‌طالب خير خلفاء اللَّه بعد رسوله صلي اللَّه عليه وسلم وأولي الناس بالخلافة له.
قال إسحاق: فقلت: يا أمير المؤمنين إن فينا من لا يعرف ما ذكر [ه] أميرالمؤمنين في علّي؟ وقد دعانا أميرالمؤمنين للمناظرة.
فقال: يا إسحاق اختر إن شئت سألتك أسألك؟ وإن شئت أن تسأل فقل؟ قال إسحاق: فاغتنمتها منه، فقلت: بل أسألك يا أمير المؤمنين. قال: سل: قلت: من أين قال أمير المؤمنين إن علي بن أبي‌طالب أفضل الناس بعد رسول اللَّه وأحقّهم بالخلافة بعده؟
قال [المأمون]: يا إسحاق خبّرني عن الناس بم يتفاضلون حتي يقال: فلان أفضل من فلان؟ قلت: بالأعمال الصالحة. قال: صدقت، فأخبرني عمن أفضل صاحبه؟ علي عهد رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم ثمّ إن المفضول عمل بعد وفات رسول اللَّه بأفضل من عمل الفاضل علي عهد رسول اللَّه أيلحق به؟ قال [اسحاق]: فأطرقت، فقال لي: ياإسحاق لا تقل نعم فإنّك إن قلت نعم أوجدتك في دهرنا هذا من هو أكثر منه جهاداً وحجّاً وصياماً وصلاةً وصدقةً!! فقلت: أجل يا أمير المؤمنين لا يلحق المفضول علي عهد رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم الفاضل أبداً.
[ثمّ] قال: يا إسحاق فانظر ما رواه لك أصحابك- ومن أخذت عنهم دينك وجعلتهم قدوتك- من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي‌طالب فقس عليها ما أتوك به من فضائل أبي‌بكر، فإن رأيت فضائل‌أبي‌بكر تشاكل فضائل علي فقل إنّه أفضل منه، لا واللَّه ولكن فقس إلي فضائله ما روي لك من فضائل أبي‌بكر وعمر فإن وجدت لهما من الفضائل مالعلي وحده فقل: إنّهما أفضل منه، لا واللَّه ولكن قس إلي فضائله فضائل أبي‌بكر وعمر وعثمان فإن وجدتها مثل فضائل علي فقل إنّهم أفضل منه، لا واللَّه.
ولكن قس [فضائل عليّ] بفضائل العشرة الذين شهد لهم رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم بالجنّة [علي مايروونه] فإن وجدتها تشاكل فضائله فقل إنّهم أفضل منه!!
[ثمّ] قال: يا إسحاق أيّ الأعمال كانت أفضل يوم بعث اللَّه رسوله؟ [قال إسحاق] قلت: الإخلاص بالشهادة. قال: أليس السبق إلي الإسلام؟ قلت: نعم. قال: اقرأ ذلك في‌كتاب اللَّه تعالي [حيث] يقول: «والسابقون السابقون أولئك المقرّبون» [10/الواقعة: 56] إنّما عني من سبق إلي الإسلام فهل علمت أحداً سبق عليّاً إلي الإسلام؟ قلت: يا أمير المؤمنين إن عليّاً أسلم وهو حديث السنّ لا يجوز عليه الحكم، وأبوبكر أسلم وهو مستكمل يجوز عليه الحكم!!
قال [المأمون]: أخبرني أيّهما أسلم قبل ثمّ أناظرك من بعده في الحداثة والكمال؟ قلت: علّي أسلم قبل أبي‌بكر علي هذه الشريطة؟ فقال: نعم فأخبرني عن إسلام علي حين أسلم لايخلوا من أن يكون رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم دعاه إلي الإسلام أو يكون إلهاماً من اللَّه؟ قال [اسحاق] فأطرقت، فقال لي: يا اسحاق لا تقل [كان اسلامه] إلهاماً فتقدّمه علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم لأنّ رسول اللَّه لم يعرف الاسلام حتي أتاه [به] جبريل عن اللَّه تعالي قلت: أجل بل دعاه رسول اللَّه إلي الإسلام.
قال: يا اسحاق فهل يخلو رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم حين دعاه إلي الإسلام من أن يكون دعاه بأمر اللَّه؟ أو تكلّف ذلك من نفسه؟ قال [اسحاق]: فأطرقت، فقال: يا اسحاق لا تنسب رسول اللَّه إلي التكلّف فإنّ اللَّه يقول: «وما أنا من المتكلّفين» [86/ص: 38].
[قال اسحاق:] قلت: أجل يا أمير المؤمنين بل دعاه بأمر اللَّه.
قال: فهل من صفة الجبّار جلّ ذكره أن يكلّف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم؟ [قال اسحاق:] قلت: أعوذ باللَّه.
فقال: أفتراه في قياس قولك يا اسحاق أنّ عليّاً أسلم صبيّاً لا يجوز عليه الحكم قد تكلّف رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم من دعاء الصبيان مالا يطيقون؟فهل يدعوهم الساعة
ويرتدون بعد ساعة فلا يجب عليهم في ارتدادهم شي‌ء ولا يجوز عليهم حكم الرسول عليه‌السلام؟ أتري هذا جائزاً عندك أن تنسبه إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم؟ قلت: أعوذ باللَّه.
قال: يا اسحاق فأراك انّما قصدت لفضيلة فضّل بها رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم عليّاً علي هذا الخلق إبانةً بها منهم ليعرفوا فضله [تنكرها؟] ولو كان اللَّه أمره بدعاء الصبيان لدعاهم كما دعا عليّاً. [قال اسحاق] قلت: بلي.
قال: فهل بلغك أنّ الرسول صلّي اللَّه عليه وسلم دعا أحداً من الصبيان من أهله وقرابته لئلاّ تقول إن عليّاً ابن‌عمه؟ قلت: لا أعلم ولا أدري فعل أو لم يفعل؟
قال: يا اسحاق أرأيت مالم تدره ولم تعلمه هل تُسأل عنه؟ قلت: لا. قال: فدع ما قد وضعه اللَّه عنّا وعنك.
قال: ثمّ أيّ الأعمال كانت أفضل بعد السبق إلي الإسلام؟ قلت: الجهاد في سبيل اللَّه. قال: صدقت فهل تجد لأحد من أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم ما تجد [ه] لعليّ في الجهاد؟ [قال اسحاق:] قلت: في أي وقت؟ قال: في أيّ الأوقات شئت. قلت: بدر. قال: لا أريد غيرها فهل تجد لأحد إلاّ دون ما تجد لعليّ‌يوم بدر، أخبرني كم قتلي بدر؟ قلت: نيّف وستّون رجلاً من المشركين. قال: فكم قتل علي وحده؟ قلت: لا أدري؟ قال: ثلاثة وعشرين أو اثنين وعشرين والأربعون لسائر الناس.
[قال اسحاق:] قلت: يا أمير المؤمنين كان أبوبكر مع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم في عريشه. قال: يصنع ماذا؟ قلت: يدبّر! قال: ويحك يدبّر دون رسول اللَّه أو معه شريكاً؟ أم افتقاراً من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم إلي رأيه؟ أيّ الثلاث أحبّ اليك؟ قلت: أعوذ باللَّه أن يدبّر أبوبكر دون رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم أو يكون معه شريكاً أو أن يكون برسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم افتقاراً إلي رأيه؟.
قال [المأمون:]: فما الفضيلة بالعريش؟ اذا كان الأمر كذلك؟ أليس من ضرب بسيفه بين يدي رسول اللَّه أفضل ممن هو جالس؟ [قال اسحاق:] قلت: يا أمير المؤمنين كلّ الجيش كان مجاهداً. قال: صدقت كلّ مجاهد ولكنّ الضارب بالسيف المحامي عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم وعن الجالس أفضل من الجالس، أما قرأت كتاب اللَّه [يقول:] «لا يستوي القاعدون من المؤمنين- غير أولي الضرر- والمجاهدون في سبيل اللَّه بأموالهم وأنفسهم، فضّل اللَّه المجاهدين بأموالهم وأنفسهم علي القاعدين درجةً،وكّلاً وعد اللَّه الحسني وفضّل اللَّه المجاهدين علي القاعدين أجراً عظيماً» [95/النساء: 4].
[قال اسحاق:] قلت: وكان أبوبكر وعمر مجاهدين. قال: فهل كان لأبي بكر وعمر فضل علي من لم يشهد ذلك المشهد؟ قلت: نعم قال: فكذلك سبق الباذل نفسه فضل أبي‌بكر وعمر. قلت: أجل.
قال: يا اسحاق هل تقرأ القرآن؟ قلت: نعم. قال: اقرأ عليّ «هل أتي علي الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً» [الدهر: 76].
[قال اسحاق:] فقرأت منها حتي بلغت «يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً» إلي قوله: «ويطعمون الطعام علي حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً».
قال: علي رسلك فيمن أنزلت هذه الآيات؟ قلت: في عليّ قال: فهل بلغك أن عليّاً حين أطعم المسكين واليتيم والأسير قال: «انّما نطعمكم لوجه اللَّه»؟ وهل سمعت اللَّه وصف في كتابه أحداًبمثل ما وصف به عليّاً؟ قلت: لا. قال: صدقت لأنّ اللَّه جلّ ثناؤه عرف سيرته؟ يا إسحاق ألست تشهد أنّ العشرة في‌الجنّة؟ قلت: بلي يا أميرالمؤمنين. قال: أرأيت لو أنّ رجلاً قال: (واللَّه ما أدري هذا الحديث صحيح أم لا؟ ولا أدري ان كان رسول اللَّه قاله أم لم يقله؟) أكان عندك كافراً؟ قلت: أعوذ باللَّه. قال: أرأيت لو أنّه قال: (ما أدري هذه السورة من كتاب [اللَّه] أم لا) كان كافراً؟ قلت: نعم. قال: يا اسحاق أري بينهما فرقاً؟.
[ثمّ قال:] يا اسحاق أتروي الحديث؟ قلت: نعم. قال: فهل تعرف حديث الطير؟ قلت: نعم. قال: فحدّثني به. قال: فحدّثته الحديث. فقال: يا اسحاق إنّي كنت أكلّمك وأنا أظنّك غير معاند للحق، فأمّا الآن فقد بان لي عنادك!! إنّك توقن أنّ هذا الحديث صحيح؟ قلت: نعم رواه من لا يمكنني ردّه. قال: أفرأيت أنّ من أيقن أنّ هذاالحديث صحيح ثمّ زعم أنّ أحداً أفضل من علي لا يخلو من احدي ثلاث:
من أن يكون دعوة رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم عنده مردودةً عليه!
أو أن يقول: عرف [اللَّه] الفاضل من خلقه وكان المفضول أحبّ اليه!!
أو أن يقول: إنّ اللَّه عزّ وجلّ لم يعرف الفاضل من المفضول؟ فأيّ الثلاثة أحبّ اليك أن تقول؟ [قال ابن‌إسحاق:] فأطرقت.
ثم قال: يا اسحاق لا تقل منها شيئاً فإنّك ان قلت منها شيئاً استبتك، وان كان للحديث عندك تأويل غير هذه الثلاثة الأوجه فقله؟
[قال اسحاق:] قلت: لا أعلم و[لكن] إنّ لأبي بكر فضلاً. قال: أجل- لولا أنّ له فضلاً لما قيل إنّ عليّاً أفضل منه- فما فضله الذي قصدت له الساعة؟ قلت: قول اللَّه عزّوجلّ: «ثاني اثنين إذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه: لا تحزن إنّ اللَّه معنا» [40/التوبة: 9] فنسبه إلي صحبته.
قال: يا اسحاق أما إنّي لا أحملك علي الوعر من طريقك، إنّي وجدت اللَّه تعالي نسب إلي صحبة من رضيه ورضيي عنه كافراً وهو قوله: «قال له صاحبه وهو يحاوره: أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثمّ سوّاك رجلاً لكنّا هو اللَّه ربّي ولا أشرك بربّي أحداً» [34/الكهف: 18].
[قال اسحاق:] قلت: انّ ذلك صاحباً كان كافراً وأبوبكر مؤمن. قال [المأمون:] فإذا جاز أن ينسب إلي صحبة من رضيه كافراً جاز أن ينسب إلي صحبة نبيّه مؤمناً وليس بأفضل المؤمنين ولا الثاني ولا الثالث؟
[قال اسحاق:] قلت: يا أمير المؤمنين إنّ قدر الآية عظيم، إنّ اللَّه يقول: «ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه: لا تحزن إنّ اللَّه معنا» [40/التوبة: 9].
قال: يا اسحاق تأبي الآن إلاّ أن أخرجك إلي الإستقصاء عليك، أخبرني عن حزن أبي‌بكر أكان رضاً أم سخطاً؟ قلت: إنّ أبابكر إنّما حزن من أجل رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم خوفاً عليه وغمّاً أن يصل إلي رسول اللَّه شي‌ء من المكروه.
قال [المأمون]: ليس هذا جوابي إنّما گان جوابي أن تقول: (رضاً أم سخط). قلت: بل كان رضيً للَّه. قال: فكأنّ اللَّه جلّ ذكره بعث الينا رسولاً ينهي عن رضاء اللَّه عزّ وجلّ وعن طاعته. قلت: أعوذ باللَّه.
قال: أوليس قد زعمت أنّ حزن أبي‌بكر [كان] رضيً للَّه؟ قلت: بلي. قال: أولم تجد أنّ القرآن يشهد أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم قال «لا تحزن» [أليس هذا] نهياً له عن الحزن؟ قلت: أعوذ باللَّه. قال: يا اسحاق إنّ مذهبي الرفق بك لعلّ اللَّه يردّك إلي الحقّ ويعدل بك عن الباطل لكثرة ما تستعيذ به، فحدّثني عن قول اللَّه: «فأنزل اللَّه سكينته عليه» [40/التوبة: 9] من عني بذلك؟ رسول اللَّه أم أبوبكر؟ قلت: بل رسول اللَّه. قال: صدقت، فحدّثني عن قول اللَّه عزّ وجلّ: «ويوم حُنَين إذ أعجبتكم كثرتكم» إلي قوله: «ثمّ أنزل اللَّه سكينته سكينته علي رسوله وعلي المؤمنين» [25/التوبة: 9] أتعلم من المؤمنين الذين أراد اللَّه في هذا الموضع؟ قلت: لا أدري؟ يا أمير المومنين.
قال: الناس جميعاً انهزموا يوم حنين فلم يبق مع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم إلاّ سبعة نفر من بني هاشم عليّ يضرب بسيفه بين يدي رسول اللَّه والعبّاس آخذ بلجام بغلة رسول اللَّه و [بقيّة] الخمسة محدقون به خوفاً من أن يناله من جراح القوم شي‌ء حتّي أعطي اللَّه لرسوله الظفر، فالمؤمنون في هذا الموضع عليّ خاصةً ثم من حضره من بني هاشم. [ثمّ] قال [المأمون]: فمن أفضل؟ من كان مع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم في ذلك الوقت أم من انهزم عنه ولم يره اللَّه موضعاً لينزلها عليه؟ [قال اسحاق:] قلت: بل من أنزلت عليه السكينة.
قال: يا اسحاق من أفضل؟ من كان معه في‌الغار أم من نام علي فراشه ووقاه بنفسه حتي تمّ لرسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم ما أراد من الهجرة؟ إنّ اللَّه تبارك وتعالي أمر رسوله أن يأمر عليّاً بالنوم علي فراشه وأن يقي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم بنفسه، فأمره رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم بذلك، فبكي عليّ رضي الله عنه، فقال له رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: ما يبكيك يا عليّ أجزعاً من الموت؟ قال: لا والذي بعثك بالحقّ يارسول اللَّه ولكن خوفاً عليك أفتسلم يا رسول اللَّه؟ قال: نعم. قال: سمعاً وطاعةً وطيّبة نفسي بالفداء لك يارسول اللَّه.
ثمّ أتي [عليّ] مضجعه واضطجع وتسجّي بثوبه وجاء المشركون من قريش فحفّوا به لا يشكّون أنه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم وقد أجمعوا أن يضربه من كلّ بطن من بطون قريش رجل ضربةً بالسيف لئلاّ يطلب الهاشميون من البطون بطناًبدمه!! و [كان] علي يسمع ما القوم فيه من [إرادة] إتلاف نفسه ولم يدعه ذلك إلي الجزع كما جزع صاحبه في الغار، ولم يزل عليّ صابراً محتسباً، فبعث اللَّه ملائكته فمنعته من مشركي قريش حتي أصبح، فلمّا أصبح قام فنظر القوم اليه فقالوا: أين محمد؟ قال: وما علمي بمحمد أين هو؟ قالوا: فلا نراك إلاّ مغروراً بنفسك منذ ليلتنا. فلم يزل عليّ أفضل [ل]-ما بدأ به، يزيد ولا ينقص حتي قبضه اللَّه اليه.
[ثم قال المأمون:] يا اسحاق هل تروي حديث الولاية؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قال: اروه. ففعلت. قال: يا اسحاق أرأيت هذا الحديث هل أوجب علي أبي‌بكر وعمر مالم يوجب لهما عليه؟ قلت: إنّ الناس ذكروا أن الحديث انّما كان بسبب زيد بن حارثة لشي‌ء جري بينه وبين عليّ وأنكر ولاء عليّ فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم: «من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه» قال: في أيّ موضع قال [النبيّ] هذا؟ أليس بعد منصرفه من حجّة الوداع؟ قلت: أجل. قال: فإنّ قتل زيد بن حارثة [كآن] قبل الغدير، كيف رضيت لنفسك بهذا؟ أخبرني لو رأيت ابناً لك قد أتت عليه خمس عشرة سنة [وهو] يقول: مولاي مولي ابن‌عمّي أيّها الناس فاعلموا ذلك) أكنت منكراً ذلك عليه؟ تعريفه الناس ما لا ينكرون ولا يجهلون؟ فقلت: اللهمّ نعم. قال: يا اسحاق أفتنزّه ابنك عمّا لا تنزّه عنه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم؟ ويحكم لا تجعلوا فقهاءكم أربابكم، إنّ اللَّه جلّ ذكره قال في كتابه: «اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون اللَّه» و [هم] لم يصلّوا لهم ولا صاموا ولا زعموا أنّهم أرباب، ولكن أمروهم فأطاعوا أمرهم!!
يا اسحاق أتروي خديث: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسي»؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين قد سمعته وسمعت من صحّحه وجحده؟!. قال: فمن أوثق عندك؟ من سمعت منه فصحّحه، أو من جحده؟ قلت: من صحّحه. قال: فهل يمكن أن يكون الرسول صلّي اللَّه عليه وسلم مزح بهذا القول؟ قلت: أعوذ باللَّه. قال: فقال قولاً لا معني له فلا يوقف عليه؟ قلت: أعوذ باللَّه. قال: أفما تعلم أنّ هارون كان أخا موسي لأبيه وأمّه؟ قلت: بلي. قال: فعليّ أخو رسول اللَّه لأبيه وأمّه؟ قلت: لا. قال: أوليس هارون [كان] نبيّاً وعليّ غير نبيغ؟ قلت: بلي. قال: فهذان الحالان معدومان في عليّ وقد كانا في هارون فما معني قوله: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسي»؟ قلت له: إنّما أراد أن يطيّب بذلك نفس عليّ لما قال المنافقون: إنّه خلّفه استثقالاً له. قال: فأراد أن يطيّب نفسه بقول لا معني له؟ قال [اسحاق]: فأطرقت! قال: يا اسحاق له معنيً في كتاب اللَّه بيّن. قلت: وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: قوله عزّ وجلّ حكايةً عن موسي أنّه قال لأخيه هارون: «اخلفني في قومي وأصلح ولا تتّبع سبيل المفسدين» [142/الأعراف: 7] قلت: يا أمير المؤمنين إنّ موسي خلّف هارون في قومه وهو حيّ ومضي إلي ربّه، وانّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم خلّف عليّاً كذلك حين خرج إلي غزاته. قال: كلاّ ليس كما قلت، أخبرني عن موسي حين خلّف هارون هل كان معه حين ذهب إلي ربّه أحد من أصحابه أو أحد من بني اسرائيل؟ قلت: لا. قال: أوليس استخلفه علي جماعتهم؟ قلت: نعم. قال: فأخبرني عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم حين خرج إلي غزاته هل خلّف إلاّ الضعفاء والنساء والصبيان فأنّي يكون مثل ذلك؟ وله عندي تأويل آخر من كتاب اللَّه يدلّ علي استخلافه ايّاه ولا يقدر أحد أن يحتجّ فيه، ولا أعلم أحداً احتجّ به وأرجو أن يكون توفيقاً من اللَّه. قلت: وما هو يا أميرالمؤمنين؟ قال: قوله عزّ وجلّ- حين حكي عن موسي قوله-: «واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشددبه أزري وأشركه في أمري كي نسبّحك كثيراً ونذكرك كثيراً إنّك كنت بنا بصيراً» [35 -29/طه: 20] فأنت منّي يا عليّ بمنزلة هارون من موسي وزيري من أهلي وأخي شدّ اللَّه به أزري؟ وأشركه في أمري كي نسبّح اللَّه كثيراً ونذكره كثيراً، فهل يقدر أحد أن يدخل في هذا شيئاً غير هذا ولم يكن ليبطل قول النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلم وأن يكون لا معني له؟ قال: فطال المجلس وارتفع النهار فقال يحيي بن أكثم القاضي: يا أمير المؤمنين قد أوضحت الحقّ لمن أراد اللَّه به الخير، وأثبتّ ما لا يقدر أحد أن يدفعه.
قال اسحاق: فأقبل علينا وقال: ما تقولون؟ فقلنا: كلّنا نقول بقول أمير المؤمنين أعزّه اللَّه. فقال [المأمون:] واللَّه لولا أنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلم قال: «اقبلوا القول من الناس». ما كنت لأقبل منكم القول، اللهمّ قد نصحت لهم القول، اللهمّ إنّي قد أخرجت الأمر من عنقي اللهمّ إنّي أدينك بالتقرّب إليك بحبّ عليّ وولايته.
[136] قفل- علي زنة نصر وضرب وبابهما-: رجع، أي فلمّا رجع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله من سفرة تبوك.
[137] وهاهنا- وكذا فيما تقدم- في أصلي هوامش غير مقروءة.
[138] والحديث رواه أيضاً الشيخ الصدوق رفع اللَّه مقامه في الحديث: (136) من كتاب علل الشرائع: ج 1، ص 172، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال:
حدثنا عبدالرحمان بن محمد الحسني قال: حدثني فرات بن إبراهيم الكوفي قال ذ حدثنا علي بن الحسن …
وأيضاً رواه الشيخ الصدوق رحمه اللَّه في الحديث الثامن من المجلس: (58) من أماليه ص 326 قال:
حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي قال: حدثنا فرات بن ابراهم بن الفرات الكوفي قال: حدثنا علي بن محمد بن الحسن اللؤلئي قال: حدثنا علي بن نوح الحنّائي قال: حدثنا أبي‌عن محمد بن مروان، عن أبي‌داود، عن معاذ بن سالم، عن بشير بن إبراهيم الأنصاري‌عن خليفة بن سليمان الجهني عن أبي‌سلمة بن عبدالرحمان، عن أبي‌هريرة قال: غزا النبي صلّي اللَّه عليه غزاةً …
ورواه أيضاً الحلواني في الباب الثالث من كتاب المقصد الراغب …
ورواه أيضاً الحافظ السروي في عنوان: «محبة الملائكة إيّاه» من مناقب آل أبي‌طالب: ج 2 ص 238 ط بيروت.
ورواه أيضاً الباعوني في الباب: (12) من كتاب جواهر المطالب: ج 1، ص 48 ط 1.
ورواه أيضاً الخفاجي في الخصيصة الثالث عشر من خصائص أمير المؤمنين عليه‌السلام في خاتمة تفسير آية المودّة ص 216 ط 1.
[139] الخضل- علي زنة الفلس والفرس-: اللؤلؤ والدرّ الصافي. والقصبات: جمع قصبة وهي نبات يكون ساقه أنابيب.
وأصل هذا المثل أنّ الناس كانوا في ميدان المسابقة ينصبون قصباً كي يأخذه أوّل من ينتهي إليه ويحرز جائزة المسابقة.
[140] وكتب كاتب أصلي‌بخطّ الأصل فوق قوله: (إّلا النبوة): «غير أنّه لانبي بعدي»؟.
[141] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «ولولا أنّ الخطاب عام وإلّا لم يكن استثني النبوّة».
[142] كذا في أصلي، وفي الآية 16 من سورة الأعراف: «قال فبما أغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم».
[143] وجاء في أصلي فوق كلمة: «ألفين» لفظة غامض الخط يحتمل ضعيفاً أن يقرأ: «الباقي».
[144] لدريد هذا ترجمة تفصيلية في حرف الدال من تاريخ دمشق: ج 17، ص 231 ط دار الفكر، وفي المصورة الأردنية: ج 6 ص 62، وفي مختصر ابن‌منظور: ج 8 ص 167، ط 1.
[145] أي بستّ فرائض مما يغنمه المسلمون بعد ذلك، ويفرض لكلّ من حضر الحرب وجاهد نصيب وفريضة.
[146] الواجد: الحزين. والماكد: الغزير. وقصّة حنين رواها الطبري تفصيلاً في حوادث السنة: (8) الهجرية من تاريخه: ج 2 ص 70 تا 88 طبع الحديث بمصر.
[147] رواه السيد أبوطالب في أماليه كما في الحديث: (19) من الباب الثالث من تيسير المطالب، ص 56 ط 1.
[148] الركاكة- بضمّ الراء- الضعيف.
[149] الحديث معروف وله مصادر كثيرة ولكن لم يتيّسر لي المراجعة.
[150] هذا الحديث أيضاً معروف وله أسانيد ومصادر، ورواه اليعقوبي في أواخر سيرة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخه: ج 2 ص 198، ط 2. ورواه الطبري في أواخر شرح الحديث السادس من مسند علي عليه‌السلام من كتاب تهذيب الآثار: ج 3 ص 87. ورواه محققه في تعليقه عن مسند الحميدي: ج 1، ص 208 وعن الترمذي في كتاب الزهد. وليلاحظ ما ذكره الألباني في الحديث: (2318) من السلسلة الصحيحة: ج 5 ص 408.
[151] لم يتيسّر لي‌الرجوع إلي سيرة ابن‌اسحاق.
[152] الحديث رواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في الحديث 46 من الباب الخامس من تيسير المطالب: ص 69 ط 1. ورسم الخطّ من قوله: (محمد الدينوري) في أصلي غير واضح، ولكنّه جليّ في تيسير المطالب.
[153] كذا في الحديث المتقدم الذكر من كتاب تيسير المطالب، والظاهر أنّه هو الصواب، وفي أصلي من محاسن الازهار: «قال: حدثنا هشام، عن أبي‌هاشم، عن‌أبي‌مخلد … ».
[154] للحديث مصادر وأسانيد كثيرة جدّاً بقف الباحث علي كثير منها في‌الحديث: (545 -532) في‌تفسير الآية: (19) من سورة الحجّ في شواهد التنزيل: ج 1 ص 503 تا 512 ط 2.
[155] كلم: «لمّا برزوا يوم بدر» رسم خطّها غير واضح في أصلي، وهي غير موجودة في تيسير المطالب.
[156] وبعده في هامش أصلي بخطّ الأصل: «ثمّ توفّي بالصفراء رحمه اللَّه تعالي».
[157] هذا البيت قطعة من القصيدة اللاميّة لأبي طالب رفع اللَّه مقامه، ولها مصادر كثيرة، كما أنّ لخصوص هذا البيت أيضاً أسانيد ومصادر، فليلاحظ ديوان أبي‌طالب عليه‌السلام ص 47 بتحقيق المحمودي.
[158] كلمة: «ولا وزر» رسم خطّها من أصلي غير جليّ.
[159] وهذارواه الحسن بن عرفة في الحديث: (38) في جزء من حديثه طبع سنة: (146) في مكتبة دار الأقصي بالكويت. وذكره محققه في هامشه عن ابن‌الجوزي في موضوعاته: ج 1، ص 382 وعن ابن‌عديّ بسنده عن أبي‌رافع كما في كامل ابن‌عدي 1899، ثم ذكر ما هذاه ابن‌تيمية في الفتاوي 359/18. أقول: ورواه أيضاُ ابن‌عساكر بسنده عن الحسن بن عرفة، كما في الحديث: (197) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 158، ط 2 بتحقيق المحمودي. ورواه أيضاً السيوطي نقلاً عن ابن‌عديّ كما في فضائل عليّ عليه‌السلام من اللآلي المصنوعة: ج 1 ص 189، طبع بولاق، وفي ط دار المعرفة ببيروت: ج 1، ص 364- قال: [روي] عمّار ابن‌أخت سفيان، عن طريف الحنظلي عن أبي‌جعفر محمد بن عليّ قال: نادي مناد من السماء يوم بدر: لا سيف إلاّ ذوالفقارولا فتي إلّا عليّ.
[160] رواه ابن‌المغازلي بأسانيد في عنوان: «مناداة المنادي في يوم أحد» وما ذكر هاهنا هو الحديث الثاني من العنوان المذكور، وهو الحديث: (235) من مناقب ابن‌المغازلي ص 198 ط 2. وأخرجه محققه في تعليقه عن الطبري والواقدي والخوارزمي والذهبي وغيرهم فليراجع.
[161] كذا في مطبوعة مناقب ابن‌المغازلي، وما وضع بين المعقوفين غير موجود في مخطوطتي من محاسن الأزهار.
[162] ذكره ابن‌المغازلي في العنوان المتقدم الذكر برقم: (234) من كتاب المناقب ص 197 ط 2.
[163] كذا في أصلي، وفي مناقب ابن‌المغازلي: «حدثنا الهيثم بن خلف بن محمد … ».
[164] وليحيي بن الحسين هذا ترجمة حسنة في حرف الياء برقم (1192) من كتاب أعلام المؤلفين الزيدية: ص 713.
[165] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: (بمعني الرجوي للشي‌ء والأمل له … ).
[166] وللحديث مصادر، ورواه السيّد أبوطالب في أماليه- كما في الحديث الثالث من باب فضل الحسن والحسين عليهماالسلام من كتاب تيسير المطالب، ص.9 ط 1،- قال:
أخبرنا أبومنصور محمد بن عمر الدينوري، قال: أخبرني عليّ بن شاكر بن البحتري الأنصاري قال: حدثنا عبداللَّه بن محمد بن العباس الضبي قال: حدثنا يحيي بن سعيد العطار، عن سعد بن الريم؟ عن أبي‌رافع قال: كنت اُلاعب الحسين بن علي عليه‌السلام وهو صبيّ …
والظاهر أن قوله: «سعد بن الريم» محرف عن «عبيدبن وسيم» كما في الحديث التالي عن الطبراني.
وانظر أيضاً الحديث (196) من معجم الشيوخ- لابن الأعرابي: ج 1، ص 266 ط 1.
ورواه أيضاً الطبراني- كما في عنوان: «بقيّة أخبار الحسن عليّ» - في الحديث: (2565) من المعجم الكبير: ج 3 ص 28 قال: حدثنا ابراهيم بن نائلة، ومحمد بن نصير الإصبهانيان، قالا: حدثنا اسماعيل بن عمرو البجلي.
وحدثنا محمد بن عبداللَّه الحضرمي حدثنا يحيي الحمّاني قالا: حدثنا عبيدبن وسيم، حدثنا أبوشدّاد، قال: كنت ألاعب الحسن والحسين بالمداحي …
ورواه الهيثمي وقال: رواه الطبراني بإسنادين، وأبوشدّاد لم أعرفه، وفي أحد الإسنادين «اسماعيل بن عمرو البجلي» وثّقه غير واحد وضعّفه جماعة، وبقية رجاله ثقاة.
هكذا ذكره الهيثمي في آخر باب مناقب الإمام الحسن عليه‌السلام من مجمع الزوائد: ج 9 ص 185.
ورواه أيضاً ابن‌الأعرابي في الحديث: (196) من كتابه معجم الشيوخ: ج 1، ص 266. وقال محققه في تعليقه: اسناده ضعيف لجهالة كلّ من عبيدوسلمان أبي‌شدّاد.
[167] تقدم ذكر اسناد القرشي إلي السيد أبي‌طالب في أواسط شرح البيت الأول من القصيدة ص 13 من هذه المخطوطة.
[168] كذا في الحديث (38) من الباب الثالث من كتاب تيسير المطالب: ص 66 ط 1. ولفظ: (بندار) في أصلي المخطوط من محاسن الأزهار غير جليّ.
[169] وقريباً منه رواه محمد بن سليمان في الحديث: (1.74) في الجزء السابع من مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام: ج 2 ص 562 ط 1.
وأيضاً قريباً منه رواه أبوالخيرالحاكمي في الباب: (38) من كتابه الأربعون المنتقي قال: أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي أخبرنا أحمد بن الحسين البيهقي أخبرنا أبوعبداللَّه الحافظ، أنبأنا أبوالعباس محمد بن يعقوب، أنبأنا أحمد بن عبدالجبار، أنبأنا يونس بن بكير، عن ابن‌اسحاق، عن بعض أهله:
عن أبي‌رافع مولي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم قال: خرجنا مع عليّ حين بعثه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم برايته، فلما دنا من الحصن خرج اليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من يهود فطرح ترسه من يده، فتناول عليّ باب الحصن فتترّس به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتي فتح اللَّه عليه،ثم ألقاه من يده فلقد رأيتنيّ في نفر مع سبعة أنا ثامنهم نجهد علي أن نقلّب ذلك الباب فما استطعنا أن نقلّبه.
[قال الحاكميّ] وبه قال أبوعبداللَّه الحافظ: حدثني‌أبوعلي الحسين بن عليّ‌الحافظ، أنبأنا الهيثم بن خلف الدوري أنبأنا اسماعيل بن موسي السدّي أنبأنا مطّلب بن زياد، عن ليث بن أبي‌سليم:
عن أبي‌جعفر- وهو محمد بن عليّ- قال: فدخلت عليه [ف] حدثني عن جابر بن عبداللَّه أنّ عليّاً حمل الباب يوم خيبر حتي صعد المسلمون عليه فافتتحوها وإنه جرّب بعد ذلك فلم يحمله أربعون رجلاً.
وروي من وجه ضعيف عن جابر [أنه قال:] ثم اجتمع عليه سبعون رجلاً فكان جهدهم أن أعادوا الباب.
أقول: ورواه أيضاً أبوبكرابن‌أبي‌شيبة في الحديث: (76) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل برقم: (12188) من كتاب المصنف: ج 12، ص 85 ط الهند،وفي طبعة بيروت: ج 6 ص 377 برقم:» 32130 «قال:
حدثنا مطّلب بن زياد، عن ليث قال: دخلت علي أبي‌جعفر فذكر ذنوبه وما يخاف [منه؟]فبكي ثمّ قال: حدّتني جابر أنّ عليّاً حمل الباب يوم خيبر حّتي صعد المسلمون [عليه] ففتحوها وانّه جرّب [بعد ذلك] فلم يحمله إّلا أربعون رجلاً.
ورواه أيضاً الحمّوئي في الحديث: (2.1) من السمط الأوّل من كتاب فرائد السمطين: 1، ص 261، ط 1.
[170] تقدّم ذكر اسناد أبي‌الحسن علي بن أحمد بن الحسين الأكوع إلي ابن‌المغازلي في‌ص 44/38/30/23/6 من هذه المخطوطة.
[171] هذا هوالصواب المذكور في الحديث:).22) من المناقب لابن المغازلي، وفي أصلي تصحيف.
[172] وبعده في ذيل الحديث من كتاب المناقب قال ابن‌المغازلي:
قال أبوالحسن عليّ بن عمر بن مهدي‌الدارقطني‌الحافظ رحمه اللَّه: هذا حديث غريب من حديث أبي‌هارون العبدي عن أبي‌سعيد الخدري وهو حديث غريب من حديث عليّ بن الحسن العبدي عنه، ولم يروه عنه بهذه الألفاظ غير قيس بن حفص الدارمي.
وقال محققه في تعليقه: [والحديث] أخرجه بهذا السند العلامة العيني في كتاب عمدة القارئ: ج 16 ص 216 قال: «و في كتاب أبي‌القاسم البصري من حديث قيس بن‌الربيع، عن أبي‌هارون العبدي عن أبي‌سعيد..» وذكر الحديث.
[173] وكثيراً من طرقه رواه ابن‌المغازلي أيضاً في الحديث: (221 تا 225) من كتاب المناقب ص 188 تا 19.
ورواه أيضاً الحافظ ابن‌عساكر في الحديث:).27 تا 291) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 225 تا 247 ط 2 بتحقيق المحمودي.
[174] كما رواه الطبراني- أو البزّار- علي ما رواه عنه الهيثمي في عنوان: «باب في قوله صلي اللَّه عليه وسلم: لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه ورسوله» من فضائل عليّ عليه‌السلام من مجمع الزوائد: ج 9 ص 124.
ورواه أيضاً العقيلي في ترجمة عبداللَّه بن حكيم من ضعفائه: ج 6/الورق 1.3 /ب/ وفي ط دار الكتب العلمية: ج 2 ص 243.
ورواه أيضاً ابن‌عساكر في الحديث: (246) من ترجمة أميرالمومنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1 ص 2.1 ط 2.
[175] قال ابن‌أبي‌الحديد في قصيدته الرائيّة: وليس بنكر في حنين فراره‌وفي‌أحد قد فرّ قبل وخيبرا.
[176] هذا هو الصواب، وفي أصلي من مخطوطة محاسن الأزهار: «وكانوا أحقّ … ».
[177] المعارف: تحقيق ثروة عكاشة، في آخر عنوان «حلية عثمان وأخباره» ص 194.
[178] الأوعال: جمع الوَعل- بفتح الواو وسكون العين- والوَعِل- بفتح الواو وكسر العين- ووُعِل- بضمّ الواو وكسر العين-: تيس الجبلي ويعبّرون عنه أهل بلادنا ب (پازن).
[179] ولذيل الحديث مصادر كثيرة يجد الباحث كثيراً منها في الحديث: (212 -208) وماحوله من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 161 1، ط 2.
[180] وهذا رواه الزبير بن بكّار في الحديث: (194) من الجزء السادس عشر من كتاب الموفقيات المخطوط الورق /93 /ب/ وفي ط بغداد، ص 343/ قال:
وحدثني عمّي مصعب بن عبداللَّه قال: كان علي بن أبي‌طالب حذراً في بلادنا شديد الروغان من قرنه لا يكاد أحد يتمكّن منه، وكانت درعه صذراً لا ظهر لها!! فقيل له في ذلك: ألا تخاف أن تؤتي من قبل ظهرك؟ فيقول: إذا أمكنت عدوّي من ظهري فلا أبقي اللَّه عليه إن أبقي عليّ.
ورواه بسنده عنه ابن‌عساكر في الحديث: (870) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 363 ط 2 قال:
أخبرنا أبوالقاسم عليّ بن ابراهيم، أنبأنا أبوالحسن رشاء بن نظيف، أنبأنا الحسن بن اسماعيل، أنبأنا أحمد بن مروان، أنبأنا عامر بن عبداللَّه الزبيري أنبأنا مصعب بن عبداللَّه، عن أبيه عن جدّه قال: كان عليّ بن أبي‌طالب حذراً في الحرب …
ورواه أيضاً ابن‌قتيبة في كتاب عيون الاخبار: ج 2 ص 131.
ورواه أيضاً الوزير الآبي في الباب الثالث من كتاب نثر الدرّ: ج 1، ص 294 ط 1، ببغداد، قال:
وقيل له (عليه‌السلام): أنت محرّب مطلوب، فلو اتّخذت طِرقاً؟ فقال عليه‌السلام: أنا لاأفرّ عمّن كرّ، ولا أكرّ علي من فرّ.
وقيل له (عليه‌السلام) في بعض حروبه: إن جالت الخيل فأين نطلبك؟ قال (عليه‌السلام): حيث تركتموني.
[181] وقد تقدم شاهده من طريق المخالفين في التعليق السالف.
[182] ولهذا الذيل شواهد كثيرة يجد الطالب أكثرها في الحديث: (259) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 225 -216، ط 2.
[183] انظر ما ذكره ابن‌أبي‌الحديد في أواخر شرح المختار: (57) من نهج البلاغة: ج 4 ص 110 ط الحديث بمصر.
[184] ورواه أيضاً ابن‌عساكر في الحديث: (268) من ترجمة أميرالمؤمين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 224 ط 2. ويأتي أيضاً عن المؤلف في شرح البيت 35 من القصيدة من هذا الكتاب، فراجع الحديث هناك بسنده ومصادره.
[185] رواه ابن‌المغازلي في عنوان: «لأعطينّ الراية … » برقم: 213 تا 224 من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام: ص 176 تا 190.
[186] كذا في أصلي من مخطوطة محاسن الأزهار، وفي المطبوع من مناقب ابن‌المغازلي: «فذهب [عامر]يسفّل له فرجع سيفه علي نفسه فقطع أكحله … ».
[187] توفّي رحمه اللَّه سنة: (420) كما في ترجمته برقم: (361) من كتاب أعلام المؤلفين الزيدية ص 235.
[188] رواه ابن‌المغازلي في عنوان «لمّا قدم [عليّ] بفتح خيبر» في الحديث (285) من المناقب: ص 237.
[189] ما بين المعقوفين مأخوذ من كتاب علل الحديث لابن أبي‌حاتم: ج 1 ص 313 والحديث (167) في الجزء الثاني من مناقب محمد بن سليمان: ج 1 ص 249 ط 1.
و بسند آخر في آخر الجزء السابع في الحديث: 1112، ص 615 ط 1. وفي كنز الفوائد، ص 251 ط 1، و من الحديث الثاني من فضائل عليّ عليه‌السلام من ترتيب الأمالي‌الخميسية: ج 1، ص 133، ومن الحديث: (35) من الجزء الخامس من بشارة المصطفي ص 155، وانظر بحار الأنوار: ج 68 ص 137.
[190] كذا في مناقب ابن‌المغازلي هاهنا- وما يأتي قريباً- وهو المتداول في جلّ مصادر الحديث، وفي أصلي من محاسن الأزهار هذا في الموردين: «وفضل طهرك … ».
[191] ليس الأمر كما أفاده المؤلف بل المعصومون من عترة رسول اللَّه صلي اللَّه عليهم أجمعين أفضل الخلائق بعد جدّهم سيّد الأنبياء والمرسلين، نعم الملائكة والأنبياء والمرسلين أفضل من سائر البرايا، وإليك بعض ماأفاده بعض الأساطين لمذهب الإمامية:
قال الشيخ الصدوق محمد بن عليّ بن الحسين رفع اللَّه مقامه- المتوفي سنة (383)- في كتاب العقائد- ورواه عنه المجلسي طاب ثراه في الحديث: (63) من الباب: (6) من بحار الأنوار: 26 ص 297-:
يجب أن يعتقد أنّ اللَّه عزّ وجلّ لم يخلق خلقاً أفضل من محمد صلي اللَّه عليه وآله وسلم والأئمة عليهم‌السلام وأنّهم أحبّ الخلق إلي اللَّه عزّ وجلّ وأكرمهم وأوّلهم اقراراً به لما أخذ اللَّه ميثاق النبيّين في الذرّ وأنّ اللَّه تعالي أعطي كلّ نبيّ علي قدر معرفته بنبيّنا صلي اللَّه عليه وآله وسلم وسبقه إلي الإقرار به.
ويعتقد أنّ اللَّه تعالي خلق جميع ما خلق له ولأهل بيته عليهم‌السلام وأنه لولاهم ماخلق السماء والأرض ولا الجنة ولا النار، ولا آدم ولا حواء، ولا الملائكة ولا شيئاً مما خلق، صلواة اللَّه عليهم أجمعين.
قال العلاّمة المجلسي قدّس اللَّه نفسه- بعد ما نقل‌الكلام‌المتقدم عن‌الشيخ الصدوق رحمه‌اللَّه تعالي-:
اعلم أنّ ما ذكره رحمه اللَّه من فضل نبيّنا وأئمّتنا- عليهم‌السلام- وأنّهم أفضل من سائر الأنبياء، هو الذي‌لا يرتاب فيه من تتبّع أخبارهم عليهم‌السلام علي وجه الإذعان واليقين، والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصي وإنّما أوردنا في هذاالباب قليلاً منها وهي متفرّقة في الأبواب، لا سيّما باب صفات الأنبياء وأصنافهم عليهم‌السلام، وباب أنّهم عليهم‌السلام كلمة اللَّه، وباب بدو أنوارهم وباب أنّهم أعلم من‌الأنبياء، وأبواب فضائل أميرالمؤمنين وفاطمة صلوات اللَّه عليهما، وعليه عمدة الإمامية، ولا يأبي ذلك إلاّ جاهل بالأخبار.
وقال الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان التلّعكبري- المتوفّي عام: (413)- في كتاب المقالات:
قد قطع قوم من أهل الإمامة بفضل الأئمّة من آل محمد عليهم‌السلام علي سائر من تقدم من الرسل والأنبياء سوي نبيّنا محمد صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم.
وأوجب فريق منهم لهم الفضل علي جميع الأنبياء سوي أولي العزم منهم عليهم‌السلام. وأبي‌القولين فريق منهم آخر؟ وقطعوا بفضل الأنبياء كلهم علي سائر الأئمّة عليهم‌السلام. وهذا باب ليس للعقول في إيجابه والمنع منه مجال، ولا علي أحدالأقوال إجماع، وقد جاءت آثار عن النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم في أميرالمؤمنين عليه‌السلام وذرّيته من الأئّمة عليهم‌السلام، والأخبار عن‌الأئمة الصادقين عليهم‌السلام أيضاً من بعد، وفي القرآن مواضع تقّوي‌العزم علي ما قاله الفريق الأول في هذا المعني وأنا ناظر فيه، وباللَّه أعتصم من الضلال. وقال يحيي بن الحسن بن الحسين ابن‌البطريق رحمه اللَّه المتوفي سنة (600) الهجرية في تفسير الآية: (67) من سورة المائدة في الفصل الثاني من كتاب خصائص الوحي المبين ص 58 ط 2 قال:
اعلم أن اللَّه سبحانه وتعالي أبان في هذه الآية عن فضل مولانا أميرالمؤمنين صلي اللَّه عليه، إبانةً تؤذن بأنّ ولايته أفضل من كل فرض افترضه اللَّه تعالي وتؤذن أنّه أفضل من رَُتب المتقدمين والمتأخّرين من‌الأنبياء والصدّيقين بعدالنبي صلي‌اللَّه عليهم أجمعين.
فأمّا مايدلّ غلي‌أن ولايته صلي‌اللَّه عليه وآله أعظم من سائرالفروض وآكد من جميع الواجبات، بدليل قوله تعالي: «يا أيّها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته واللَّه يعصمك من الناس» [67/المائدة: 5] فولايته قامت مقام النبّوة، لأنّ بصحة تبليغها عن اللَّه ينفع شهادة «أن لا إله إلاّ اللَّه» وعدم تبليغها يبطل تبليغ الرسالة، فإذا حصلت صحّ تبليغ الرسالة، ومتي عدم التبليغ بهذاالأمر لا يجدي تبليغ الرسالة، وما كان شرطاً في صحة وجود أمر من الأمور ما صحّ وجوده إلاّ بوجوده ووجب كوجوبه، يوضح ذلك- ويزيده بياناً أنّ ولايته عليه‌السلام قامت مقام ولاية رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله-
قوله سبحانه وتعالي: «إنّما وليّكم اللَّه ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون» [55/المائدة: 5] وقد تقدم اختصاصها به عليه‌السلام.
وأمّا القسم الثاني وهو أنّه أفضل رتبةً من المتقدمين والمتأّخرين من الأنبياء والصديقين، هو أن النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم أفضل الأنبياء، ورسالته أفضل الرسالة، وقد أمر القديم سبحانه وتعالي سيّد رسله صلي اللَّه عليه وآله بإبلاغ فرض ولاية أميرالمؤمنين صلي‌اللَّه عليه وجعل في نفس وجوب أداء تبليغ ولايته سبَبَ صحّة تبليغ رسالته، وأنه لم يصحّ تبليغ هذه‌الرسالة التي هي أفضل الرسالات إلاّ بتبليغ ولايته صلي‌اللَّه عليه وآله، وعلي هذا حيث ثبتت الولاية كثبوت هذه‌الرسالة صارت شيئاً واحداً، وإذا كانت‌إمامته كرسالته صار نفس هذه كنفس هذه، وفضلها كفضلها إذ ليس يوجد من خلق اللَّه تعالي من نفسه كنفس رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله سواه، بدليل قوله تعالي في آية المباهلة: «وأنفسنا وأنفسكم» [61/آل عمران: 3] فجعله تعالي نفس رسوله صلي اللَّه عليه وآله، فإذا كان نفس الرسول وولايته نفس ولايته كما قدّمناه بطلت مماثلته من كافّة خلق اللَّه تعالي.
أقول: و ينبغي أن يراجع إلي ما قد حقّقه وألّفه الشيخ أحمد بن عبدالرضا- من تلاميذ الشيخ الحرّ العاملي رفع اللَّه مقامه- وسمّاه المنهج القويم في تفضيل أميرالمؤمنين عليه‌السلام علي كافّة البرايا بعد خاتم النبيّين صلي اللَّه عليه وعلي آله أجمعين، والرسالة علي وشك النشر.
[192] ورواه ابن‌المغازلي بزيادات في الحديث: (339) من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ص 296 ط2، ورواه عنه المصّنف في الحديث التالي.
وأشار محقق مناقب ابن‌المغازلي في هامشه أنّ صدر الحديث رواه ابن‌حجر الهيتمي في صواعقه ص 230.
[193] واليك سند الحديث برقم: (339) من مناقب ابن‌المغازلي ص 296 قال:
أخبرنا أبوالحسن أحمد بن المظفر العطار الفقيه الشافعي رحمه اللَّه، أخبرنا عبداللَّه بن محمد بن عثمان المزني‌الملقب بابن السقاء الحافظ، حدثنا عبداللَّه بن زيدان، حدثنا عليّ بن يونس بن عليّ بن يونس العطار، حدثنا محمد بن عليّ الكندي، حدثني محمد بن سالم، حدثني‌جعفر بن محمد قال: حدثني محمد بن عليّ حدثني عليّ بن الحسين، حدثني الحسين بن عليّ، حدثني عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام، عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: يا عليّ إن شيعتنا.
[194] كلمة «صادقة» رسم خطها في أصلي غير واضح.
[195] للحديث مصادر، ورواه الحاكم في الحديث الأول من باب مناقب الحسن والحسين عليهما السلام من المستدرك: ج 3 ص 164.
ورواه أيضاً الخطيب البغدادي بعدّة طرق في ترجمة عثمان بن محمد برقم: (6054) من تاريخ بغداد: ج 11، ص 285.
ورواه ابن‌عساكر في ترجمة عبدالعزيز بن عبدالملك من تاريخ دمشق: ج 10، ص 370 من النسخة الأردنية، وفي ط دار الفكر: ج ص … وفي مختصر ابن‌منظور: ج 15 ص 145. ورواه أيضاً الحمّوئي في الباب: (15 تا 16) من كتاب فرائد السمطين: ج 2 ص 77/69.
[196] للحديث مصادر، يجدها الطالب تحت الرقم: (200) وما بعده وتعليقاته من ترجمة الإمام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق ص 125، ط 1 بتحقيق المحمودي.
وليراجع أيضاًالحديث: (687) وما حوله من مناقب محمد بن سليمان: ج 2 ص 223 ط 1.
[197] والحديث رواه الحاكم بسنده عن الحسين بن الحكم الحبري في النوع: (17) من كتاب معرفة علوم الحديث، ص 63.
ورواه أيضاً أبونعيم الحافظ- كما في الفصل الأوّل من مناقب الخوارزمي ص 8 وفي ط ص 40 وكما في الباب الثامن من السمط الثاني من كتاب فرائد السمطين: ج 2 ص 81 ط بيروت بتحقيق المحمودي.
وذكره مرسلاً أبوالفرج الإصبهاني في أوّل ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتاب مقاتل الطالبيين ص 24.
ورواه أيضاً الحافظ السروي رحمه اللَّه عن ابن‌البيّع في أصول الحديث والخرگوشي في كتاب شرف النبي وابن‌شيرويه في كتاب الفردوس، كما ذكره قبل العنوان: (باب مختصر من مغازيه) من مناقب آل أبي‌طالب: ج 3 ص 113.
[198] وللحديث أسانيد ومصادر يجدها الباحث في الحديث: (142) وما حوله من ترجمة الامام الحسين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ص 143 -105، بتحقيق المحمودي.
[199] وانظر مارواه الشيخ الصدوق رفع اللَّه مقامه في الباب: (25)- وهو باب معني‌الوسيلة- في معاني الأخبار، ص 115.
وانظر أيضاً مارواه السيّد أبوطالب في أماليه- كما في الباب (40) من كتاب تيسيرالمطالب ص 353 ط 1.
وانظر أيضاً مارواه الحمّوئي في حديث طويل في الباب (19) من السمط الأوّل من فرائد السمطين: ج 1 ص 106، ط بيروت بتحقيق المحمودي.
[200] وللحديث أسانيد ومصادر، ورواه ابن‌المغازلي بسندين في الحديث: (101) والحديث: (285) من مناقبه ص 238/70 ط 2.
ورواه العلامة الأميني رفع اللَّه مقامه عنه وعن شمس الأخبار: ص 37 والرياض النضرة: ج 2 ص 202، وكنز العمال: ج 6 ص 402 ط الهند.
[201] وانظر ما يأتي في شرح البيت: (19) من هذا الشرح.
[202] لم أطّلع بعد علي مصدر لكلام عبداللَّه بن الحسن هذا.
[203] هذا هو الظاهر من السياق، وفي أصلي: «فمن متابع له لزيد بن علي … »، وجاء في هامشه: «فبين متابع له لزيد بن علي عليه‌السلام … ».
[204] وها هنا قد سهي قلم الشهيد حسام الدين هذا في موضعين:
الموضع الأول في قوله: «الإمامية هم الروافض الذين لحقتهم هذا النبز بسبب تخلّفهم عن زيد عليه‌السلام» فإن هذا النبز الشريف قد لحق أتباع أهل البيت عليهم عند ما ألصقوا أنفسهم بأهل البيت عليهم‌السلام، ورفضوا أمر أبي‌بكر وعمر ومن علي نزعتهما، كما قال ابن‌عبدربّه- في أواخر كتاب الياقوتة في العلم والأدب من كتاب العِقد الفريد: ج 1 ص350 ط القديم، وفي طبع دار الكتب العلمية: ج 2 ص 245- قال: «وإنّما قيل لهم الرافضة لأنّهم رفضوا أمر أبي‌بكر وعمر … ».
ويؤيد ما ذكره ابن‌عبدربّه أنّ ذكرالرافضة جاء في الآثار قبل ولادة زيدالشهيد، كماذكره أيضاً ابن‌عبدربّه في العقد الفريد: ج 3 ص 353 قال:
ذكرت الرافضة يوماً عند الشعبي فقال: لقد بغّضوا الينا حديث عليّ بن أبي‌طالب.
وما ألصق بالمقام ما ذكره السيّد المرتضي رفع اللَّه مقامه في الحديث 44 من كتاب الفصول المختارة: ج 1 ص 56 ط الغريّ قال: وأخبرني‌الشيخ [يعني‌المفيد] أدام اللَّه عزّه مرسلاً عن محمد بن أحمد بن أبان النخعي قال: حدثني معاذ بن اليسّد الحميري قال: شهد السيّد اسماعيل بن محمد الحميري رحمه اللَّه عند سوار القاضي بشهادة فقال له [سوار]: ألست اسماعيل بن محمد الذي يعرف بالسيّد؟ فقال له: نعم. فقال له: كيف أقدمت علي الشهادة عندي وأنا أعرف عداوتك للسلف؟ فقال السيّد: قد أعاذني‌اللَّه من عداوة أولياء اللَّه، وانّما هو شي‌ء لزمني ثمّ نهض؟ فقال له [سوار]: قم يا رافضيّ فواللَّه ما شهدت بحقّ. فخرج السيّد رحمه اللَّه وهو يقول:
أبوك ابن‌سارق عنز النبيّ
وأنت ابن‌بنت أبي‌جحدر
ونحن علي رغمك الرافضو
ن لأهل الضلالة والمنكر
وليلاحظ ما بعده فإنّه لطيف جدّاً.
السهو الثاني للشهيد حسام الدين قوله: «وقد وردت بذمّهم الآثار» فإنّ تلك الآثار الذامّة إن صحّت فإنّما تدلّ علي ذمّ الذين أحسّوا بمظلومية زيد وتمكّنوا من نصرته فلم ينصروه، أو في الذين بايعوه ثمّ تخلّفوا عنه، ولا دلالة لتلك الآثار علي ذمّ من لم يطّلع علي خروج زيد رحمه اللَّه حتّي قضوا عليه ولم يعلموا بشي‌ء من أمره أو علموا بأمره وأرادوا نصره ولكن لم يتمكنوا من الوصول إليه حتي استشهد قّدس اللَّه نفسه، فكيف يشملهم الذم و لم يكن تخلّفهم بسوء اختيارهم بل كان بفقد علمهم و قدرتهم؟!!.
[205] وانظر ما أورده الحافظ السروي رفع اللَّه مقامه في فصل: «انّه عليه‌السلام خير الخلق» وفصل «مساواته عليه‌السلام مع الأنبياء» من مناقب آل أبي‌طالب: ج 3 ص 279/82 ط دارالاضواء.
وليراجع أيضاً ما رواه المجلسي رفع اللَّه مقامه في الباب» 56 و73 «من بحار الانوار: ج 9 ص 355/265 ط الكمباني وفي ط طهران: ج 38 ص 20 وج 39 ص 340.
[206] أي سائر المؤمنين من أمّتهم لا مطلقاً، قال المجلسي قدّس اللَّه نفسه- في ذيل الحديث: (36) من الباب: (56) من فضائل أميرالمؤمنين عليه‌السلام من بحارالانوار: ج 38 ص 20 وفي ط الكمباني ج 9 ص 364-: قد تبيّن [من أخبار هذاالباب] أنّه عليه‌السلام خير البشر، وهو مخصّص بالرسول صلي اللَّه عليه [وآله وسلم] بالإجماع، فبقي‌غيره من سائر الخلق تحت [عموم قوله: إنّه] خير البشر.
[207] انظر الباب 56 والباب 73 من البحار: ج 9 ص 355/265 ط القديم وفي ط الحديث: ج 38 ص 1، وج 39 ص 34 و فصل انّه خير الخلق بعد النبي وفصل ما تمتع الأنبياء من مناقب السروي: ج 3 ص 279/82.
[208] وهذا رواه البيهقي في (باب ما أصاب النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم والمسلمين … ) من كتاب دلائل النبوّة: ج 3 ص 427 ط دار الكتب العلمية ببيروت.
وأشار محققه في هامشه إلي أنّ ابن‌هشام رواه في السيرة: ج 3 ص 172، وابن‌كثير في البداية والنهاية: ج 4 ص 96.
[209] هذا هو الظاهر، ولفظ أصلي غامض، وفيه: «ومحي». انظر تفصيل القصّة في حوادث السنة الخامسة من الهجرة من تاريخ الطبري: ج 2 ص 572 تا 579.
[210] يقال: كاع فلان عن فلان كيعاً وكيعوعة- علي زنة باع يبيع ومن بابه-: جبن عنه وهابه.
[211] لا عهد لي بمصدر يذكر قوله: «فأتي جبريل … مر عليّاً أن يبرز إليه … ».
[212] كذا في أصلي، والأبيات رواها الحاكم في كتاب المغازيي من المستدرك: ج 3 ص 33 وفيه:
إنّي لأصدق من يهلّل
رجلان يضطربان كلّ ضراب
فالتقي [ظ]
ولقصة الخندق وما جري فيه مصادر كثيرة ورواها أيضاً ابن‌أبي‌الدنيا في «باب صدق البأس» في الحديث: (195) من كتاب مكارم الاخلاق، ص 149، ط بيروت.
ورواها أيضاً البيهقي في عنوان: (ما أصاب النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم والمسلمين من محاصرة المشركين … ) في أواخر ج 3 من دلائل النبوّة ص 456 -432.
ورواها أيضاً ابن‌عساكر في الحديث: (365) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: 1، ص 169 تا 174 ط 2 بتحقيق المحمودي
ورواها أيضاً ابن‌كثير في تاريخه البداية والنهاية: ج 4 ص 106.
ورواها أيضاً المجلسي العظيم في بحار الانوار: ج 20 ص 257 ط الحديث.
وليلاحظ ما أورده القاضي القضاعي في الباب التاسع من دستور معلم الحكم ص.
[213] كان لفظ أصلي في جميع سلسلة هذا الحديث- بل في جميع أسانيد الكتاب-: «قال: اه … » ولفظة «اه» كناية عن «أخبرنا أو أنبأنا أو حدثنا» ونحن في هذا الحديث بدّلنا هذه الكناية بقول: «أخبرنا» في جميع فقرات الحديث، ولكن في الأحاديث التي كان مصدر المصنف موجوداً عندنا جرينا علي لفظ مصدر المصنف.
[214] لا عهد لي بمصدر للحديث غير ما ذكره المصنف هاهنا.
[215] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «علي اهتمام المهدي بالهدي إليه».
[216] هذا هو الظاهر، ولفظ أصلي في هذا الذيل مضطرب.
[217] وهذا الحديث مستفيض من طريق أبي‌الحمراء وجابر بن عبداللَّه الأنصاري رضي اللَّه تعالي عنهما، ورواه القطيعي بسندين عن جابر بن عبداللَّه كما في الحديث الأخير من مسند أبي‌الحمراء هلال بن الحارث من المعجم الكبير: ج 22 ص 200 قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي‌شيبة، حدثنا عبادة بن زيادالأسدي حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبي‌حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير:
عن أبي‌الحمراء خادم النبي صلي اللَّه عليه وسلم قال: سمعت رسول اللَّه صلي اللَّه وسلم يقول: لمّا أسري بي إلي السماء دخلت الجنة فرأيت في ساق العرش مكتوباً «لا إله إلاّ اللَّه، محمد رسول اللَّه، أيّدته بعليّ ونصرته [به]».
ورواه عنه الهيثمي في باب مناقب عليّ عليه‌السلام من مجمع الزوائد: ج 9 ص 121. ورواه أيضاً محمد بن سليمان الكوفي- المتوفّي سنة: (322)- في الحديث: (155) من مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام: ج 1 ص 240 قال:
حدثنا أبوأحمد، حدثنا أحمد بن موسي الكوفي قال: حدثنا عبدالعزيز بن الخطّاب، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن عمرو بن شمر، عن أبي‌حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير: عن أبي‌الحمراء صاحب رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: رأيت ليلة أسري بي علي العرش مكتوباً: لا إله إلا اللَّه، محمد رسول اللَّه أيّدته بعليّ ونصرته به.
وبمعناه رواه مرسلاً محمد بن النعمان القاضي المصري المتوفي عام: (365) في أوائل الجزء التاسع من كتابه المجالس والمسايرات، ص 210 ط دار المنتظر ببيروت، قال:
إنّ اللَّه تعالي لمّا خلق آدم عليه‌السلام فنظر فرأي في ساق العرش مكتوباً: لا إله إلاّ اللَّه، محمد رسول اللَّه أيّدته بعليّ وأورثته به؟.
ورواه بسندين محمد بن عليّ‌بن الحسين الفقيه في الحديث: (11، و13) من باب مابعد الألف من كتاب الخصال: ج 2 ص 538.
ورواه أيضاً أبونعيم الحافظ- في كتابه: (ما نزل في عليّ من القرآن) كما في الفصل: (14) من كتاب خصائص الوحي‌المبين ص 111، ط 1- قال:
حدثنا أبوبكر بن خلاّد، قال: حدثنا الحسين بن اسماعيل المهري قال: حدثنا عباس بن بكّار، قال: حدثنا خالد بن أبي‌عمرو الأسدي عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي‌صالح: عن أبي‌هريرة قال: مكتوب علي العرش: لا إله إلاّ اللَّه وحده لا شريك له، محمد عبدي ورسولي أيّدته بعليّ بن أبي‌طالب، وذلك قوله في كتابه: «هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين» [62/الأنفال: 8] يعني عليّ‌بن أبي‌طالب عليه‌السلام.
ورواه أيضاً ابن‌عساكر في الحديث: (926) من ترجمة أمير المؤمنين عليّ‌بن أبي‌طالب 7 من تاريخ دمشق: ج 2 ص 419 ط2.
ورواه الحافظ الحسكاني بأسانيد عن أبي‌هريرة وأنس بن مالك وأبي‌الحمراء وجابر بن عبداللَّه الأنصاري كما في تفسير الآية: (62) من سورة الأنفال، في شواهد التنزيل: ج 1، ص 292 تا 300 ط 2.
ورواه أيضاً ابن‌عساكر في ترجمة الخطّاب بن سعد الخير من تاريخ دمشق من المصورة الأردنيّة: ج 5 ص 662 وفي مختصر ابن‌منظور: ج 8 ص 7 9، وفي طبعة دار لفكر: ج 8 ص 79 قال:
أخبرنا أبوالحسن علي‌غّ بن مسلم، أنبأنا عبدالعزيز بن أحمد، أنبأنا عبدالرحمان بن عثمان بن القاسم بن أبي‌نصر، أنبأنا أبوعليّ محمد بن هارون بن شعيب، أنبأنا أبوالقاسم الخطّاب بن سعد الخير، أنبأنا محمد بن رجاء السختياني أنبأنا عمّار بن مطر، أنبأنا عمرو بن ثابت عن أبي‌حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير:
عن أبي‌الحمراء قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: «رأيت ليلة أسري بي مثبتاً علي ساق العرش: إنّي أنا اللَّه لا إله غيري خلقت جنّة عدن بيدي محمد صفوتي من خلقي أيّدته بعليّ نصرته بعليّ.
و قريباً منه رواه أيضاً القطيعي في الحديث: (254 و262) من مناقب عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 181 و186 قال:
حدثنا أبويعلي حمزة بن داود الإيلي‌بالإيلة، قال: حدثنا سليمان بن الربيع النهدي الكوفي قال: حدثنا كادح بن رحمة قال: حدثنا مسعر، عن عطيّة:
عن جابر قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: رأيت علي باب الجنّة مكتوباً: «لا إله إلاّ اللَّه محمد رسول اللَّه، عليّ أخو رسول اللَّه».
[و] حدّثني أحمد بن اسرائيل، قال: حدثنا محمد بن عثمان، قال: حدثنا زكريّا بن يحيي الكسائي قال: حدثنا يحيي بن سالم، قال: حدثنا أشعث ابن‌عمّ حسن بن صالح- وكان يفضّل عليه- قال: حدثنا مسعر عن عطيّة:
عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: مكتوب علي باب الجنّة: محمد رسول اللَّه، عليّ أخو رسول اللَّه قبل أن يخلق السماوات بألفي سنة.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه الحافظ الحسكاني في الحديث: (299) ومابعده وما علقناه عليها من كتاب شواهد التنزيل: ج 1،ص 300 -292 ط2.
وليراجع أيضاً مارواه ابن‌عساكر في الحديث: (864) وما بعده- وما أوردناه في تعليقه- من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 358 -353.
[218] انظر مصادر الحديث وشواهده فيما علّقناه علي‌الحديث: (116) في تفسيرالآية: (31) من سورة البقرة في شواهد التنزيل: ج 1، ص 101.
[219] ما اطّلعت بعد علي موطن ذكرالخبر عن السيّد أبي‌طالب رحمه‌اللَّه، غير ما ذكره المؤلّف هاهنا.
[220] كذا في أصلي، وفي هامشه: «أنّ الجدا هو المطر العام».
[221] كذا في ترجمة الرجل في حرف الألف من كتاب الاصابة: ج 1 ص 46.
وفي أصلي من مخطوطة محاسن الازهار: «وهو أسد بن أبي‌أياس بن زنيم بن حسير بن عدي بن الاديل؟». ولكن رسم الخط من أصلي في كلمتي (حسير) و (الاديل) غير واضح.
والقصّة رواها أيضاً السيد أبوطالب في‌أماليه- كما في الحديث الثامن من الباب الثالث من تيسير المطالب ص 50- وقال: قال أسد بن أبي‌أياس بن زنيم بن عبدبن عدي بن بديل؟
وهو يحرّض مشركي قريش علي قتل علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام ويغريهم بذلك.
[222] وقريب منه جاء في عدة مصادر، ورواه الطبري في حوادث سنة الثالثة من الهجرة في وقعة أحد من تاريخه: ج 2 ص 514 ط الحديث بمصر، قال:
وحدثنا أبوكريب قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا حبّان بن عليّ عن محمد بن عبيداللَّه بن أبي‌رافع عن أبيه عن جدّه قال:
لمّا قتل أصحاب الألوية يوم أحد- قتلهم علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام- أبصر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم جماعةً من مشركي قريش فقال لعليّ احمل عليهم. فحمل عليّ [عليهم] ففرّق جمعهم وقتل عمرو بن عبداللَّه الجمحي ثمّ أبصر جماعةً من مشركي قريش فقال لعليّ: احمل عليهم. فحمل عليّ [عليهم] ففرّق جمعهم وقتل شيبة بن مالك أحد بني عامر بن لويّ فقال جبريل: يا رسول اللَّه إنّ هذه للمواسات. فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم «هو مني وأنا منه». فقال جبريل عليه‌السلام: «وأنا منكم» قال: فسمعوا صوتاً [مجزوء الكامل]:
لا سيف إلاّ ذوالفقار
ولا فتي إلاّ عليّ ورواه
عنه أبوالفرج في نسب ابن‌الزبعري وأخباره من كتاب الأغاني- ولفظ الطبري أخذنا منه-: ج 15 ص 186 دارالفكر.
وقريباً منه رواه أيضاً النعمان بن محمد بن منصور- المولود سنة: (283) المتوفي عام ذ (363)- في كتاب الجهاد، من دعائم الإسلام: ج 1 ص 374 قال:
رُوينا عن أبي‌جعفر محمد بن عليّ عليه‌السلام أنه قال: لمّا كان يوم أحد وافترق الناس عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وثبت معه عليّ- صلوات اللَّه عليه وعلي الأئمّة من ولده- وكان من أمر الناس ما كان، فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لعليّ اذهب يا عليّ فقال: كيف أذهب يارسول اللَّه وأدعك؟ بل نفسي دون نفسك ودمي دون دمك. فأثني عليه خيراً، ثم نظر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم إلي كتيبة قد أقبلت فقال: احمل عليها ياعليّ. فحمل عليها ففرّقها وقتل هشام بن أميّة المخزومي، ثمّ جاءت كتيبة أخري فقال: احمل عليها يا عليّ فحمل عليها وفرّقها وقتل عمر بن عبداللَّه بن الجمحي ثم أقبلت كتيبة أخري فقال: احمل عليها يا عليّ. فحمل عليها ففرّقها وقتل شيبة بن مالك أخا بني عامر بن لؤيّ وجبرئيل مع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقال جبرئيل: يا محمد «إنّ هذه للمواسات». فقال: «يا جبرئيل‌إنّه منّي وأنا منه». فقال جبرئيل عليه‌السلام: «وأنا منكما يا محمد».
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه ابن‌عساكر- وما علقناه عليه- في الحديث 214 وما بعده من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 169 -167، ط 2. ثمّ إن في هذه الصفحة من أصلي كان هامشان لم أتمّكن من قراتها.
.[223] وقريباً منه رواه ابن‌الأثير في ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتاب أسد الغابة: ج 4 ص 20 ط 1.
[224] تقدم الحديث آنفاً في التعليقة المتقدمة علي التعليق السالف بسند الطبري عن أبي‌رافع مولي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
ورواه أيضاً الطبراني في مسند أبي‌رافع من المعجم الكبير: ج 1 ص 318.
[225] كلمة «الأبد» رسم خطّها غير واضح في أصلي كما أنّه كتب في أصلي فوق قوله: «في خلقه» كتب «[في] حكمه [أحد]».
وهذه القصيدة مطولة ذكرها الكيدري رحمه اللَّه في حرف الدال من الديوان الذي سمّاه أنوار العقول في أشعار وصيّ الرسول، ولكن هذا البيت غير موجودة فيه.
[226] والأبيات تأتي‌أيضاً في الفائدة: (27) في شرح البيت: (28) من هذا الكتاب، ص 181. ورواها أيضاً السيد أبوطالب في أماليه، كما في الحديث: (9) من الباب الثالث من كتاب تيسير المطالب، ص 51 ط 1.
ورواها أيضاً ابن‌عساكر في الحديث: (213) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 1 ص 166 ط 2.
وأيضاً رواهاابن‌عساكر في ترجمة الحجّاج بن علاط السلمي من تاريخ دمشق كما في المصورة الأردنية منه: ج 4 ص 207.
[227] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «فأحجم الناس معاً عنه … ».
[228] تهزّه- علي زنة تمدّه وبابه-: تحرّكه وتهيّجه. والعرواء- علي زنة كبراء-: مسّ الحمّي.
[229] هذا هو الصواب المذكور في كتاب الفصول المختارة وديوان أنوار العقول، وفي أصلي: «أخو نبي صاحب العلامة»، وجاء في الأصل فوق قوله: «صاحب العلامة»: أخو نبي اللَّه ذو العلامة.
والأبيات رواها الشيخ المفيد رفع اللَّه مقامه باختلاف وتقديم وتأخير في كتاب المحاسن كما في أواخر الجزء الثاني من كتاب الفصول المختارة ص 77ط الغريّ قال:
وممّا يشهد لإمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ويؤيّد القول بصحة وجود السلف للشيعة في الصدر الأول من النظم المتّفق علي نقله قول أمير المؤمنين عليه‌السلام بصفّين- وهو يرتجز للمبارز-:
أنا عليّ صاحب الصمصامة
وصاحب الحوض لدي القيامة
أخو نبيّ اللَّه ذي العلامة
قد قال إذ عمّمني العمامة
أنت أخي ومعدن الكرامة
ومن له من بعدي الإمامة
ورواها عنه الكيدري رحمه اللَّه في حرف الميم من ديوان أمير المؤمنين عليه‌السلام المسمّي بأنوار العقول في أشعار وصيّ الرسول صلي اللَّه عليهما وعلي آلهما.
ورواها أيضاً الشيخ أبوالفتوح الرازي طاب ثراه في تفسير روض الجنان، والحافظ السروي رحمه اللَّه تعالي في مناقب آل أبي‌طالب.
[230] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «بل ولا ما لا يدنو منه لأحد»، ولكن رسم الخطّ من قوله: «يدنو» غير واضح.
[231] هذا هو الظاهر المذكور في صف السطر، وجاء فوقه بخظ الأصل: «[جعلها] في ستّة».
[232] كتب في الهامش بخط الأصل: «أبيه».
[233] كذا في أصلي، والمتداول الوارد في جلّ المصادر: «وكبت به بطنته». وهذه قطعة من الخطبة الشقشقيّة المعروفة المرويّة بأسانيد في مصادر.
[234] وفي هامش هذه الصفحة من أصلي هوامش كثيرة لم يتيسّر لي قراءتها.
[235] وكتب كاتب أصلي بعد قوله: «تسع وتسعين» سبع [وتسعين].
[236] وهذا الحديث رواه السيد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (4) من الباب (7) من ترتيب الأمالي الخميسية: ج 1، ص 148، ط 1.
[237] لفظة: «سبعين» رسم خطّها في أصلي غير واضح.
[238] والقطيعي هذا تلميذ عبداللَّه بن أحمد بن حنبل، والحديث رواه في زيادات كتاب الفضائل- تأليف أحمد بن حنبل- برقم (199) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 135 ط 1.
وأيضاً روي القطيعي الحديث- ولكن بسند آخر- في الحديث: (57) من باب فضائل الحسن والحسين عليهماالسلام من كتاب الفضائل الورق 151/أ/وفي ط 2: ج 2 ص 786.
ورواه أيضاً عن القطيعي ابن‌حبّان في صحيحه كما في الحديث: (6937) من كتاب الإحسان في ترتيب صحيح ابن‌حبّان: ج 9 ص 61 ط 1.
ورواه أيضاً أبويعلي أحمد بن المثنّي الموصلي‌المتوفي سنة: (307) في الحديث الرابع من مسند واثلة بن الاسقع من مسنده: ج 13، ص 470 ط 1، قال:
حدثنا محمد بن اسماعيل بن أبي‌سمينة البصري قال: حدثنا محمد بن مصعب، حدثنا الأوزاعي عن أبي‌عمار شدّاد:
عن واثلة بن الأسقع قال: أقعد النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم عليّاً عن يمينه وفاطمة عن يساره وحسناً وحسيناً بين يديه وغطّي عليهم بثوب وقال: اللهمّ هؤلاء أهل‌بيتي، وأهل بيتي‌أتوا إليك، لا إلي النار؟
ورواه حسين سليم في تعليقه عن مصادر.
ورواه عنه ابن‌عساكر في الحديث: (111) من ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام من تاريخ دمشق ص 48، وفي ط 1، ص 78 بتحقيق‌المحمودي.
ورواه أيضاً الطبراني في عنوان: «أبوالأزهر عن واثلة» في ترجمة واثلة بن الأسقع في المعجم الكبير: ج 22 ص 59 ط 1، وفي ط 2 ص 95 قال:
حدّثنا أحمد بن خليد الحلبي حدثنا أبوتوبة الربيع بن نافع، حدثنا يزيد بن ربيعة عن يزيد بن أبي‌مالك، عن أبي‌الأزهر [المغيرة بن الفروة الثقفي الدمشقي]:
عن واثلة بن الأسقع قال: خرجت [و] أنا أريد عليّاً فقيل لي: هو عند رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم فأممت إليه فأجدهم في حظيرة من قصب؟ رسول اللَّه- صلي اللَّه عليه وسلم- وعليّ وفاطمة وحسن وحسين [و] قد جمعهم [رسول اللَّه] تحت ثوب فقال: اللهمّ إنّك جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليّ وعليهم؟.
ورواه ابن‌عساكر في‌ترجمة غقيل بن العباس بن الحسن من تاريخ دمشق: ج 11، ص 736 من المصورة الأردنية- وفي مختصر ابن‌منظور: ج 17 ص 123- قال:
أخبرنا أبوالقاسم العلوي قال: قرأت علي عمّي الشريف الأمير النقيب عماد الدولة أبي‌البركات عقيل بن العباس الحسيني رضي‌اللَّه عنه، قلت [له]: أخبركم أبوعبداللَّه الحسين بن أبي‌كامل الأطرابلسي قراءةً عليه بدمشق [قال]: أنبأنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة، أنبأنا عباس بن الوليد بن مزيد البيروتي أخبرني‌أبي‌قال: سمعت الأوزاعي مسند الشام قال: أخبرني‌أبوعمّار رجل منّا [قال:] حدثني واثلة بن الأسقع الليثي قال:
جئت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم أريد عليّاً فلم أجده فقالت فاطمة عليهاالسلام: انطلق إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم يدعوه فاجلس [فإنّهما يأتيان. قال:] فجاء [عليّ] مع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم فدخلا ودخلت معهما فدعا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم [حسناً] وحسيناً فأجلس كلّ واحد منهما علي فخذه وأدني فاطمة من حجره وزوجها؟ ثمّ لفّ عليهم ثوبه وأنا منتبذ فقال: «إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً» [33/الأحزاب: 33 ثمّ قال:] اللَّهمّ هؤلاء أهلي‌اللهمّ أهلي‌أحقّ.
قال واثلة: فقلت: يا رسول اللَّه وأنا من أهلك؟ فقال: وأنت من أهلي. فقال واثلة: إنّها لمن أرحا ما أرجو.
وأيضاً رواه الحافظ ابن‌عساكر بطرق في ترجمة أبي‌عامر الحمصي وترجمة واثلة من تاريخ دمشق، وفي مختصرتاريخ دمشق- لابن منظور-: ج 26 ص 241 و ج …
ورواه أيضاً الخوارزمي في آخر الفصل الخامس من مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام: ص 25 ط الغري.
وأشارالذهبي إلي‌الحديث في أوائل ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام من سير أعلام النبلاء: ج 3 ص 283.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه الحافظ الحسكاني- وما علقناه عليه- في الحديث: (774 -637) من شواهد التنزيل: ج 2 ص 141 -18، ط 2.
[239] والحديث رواه أحمد بن حنبل في مسند واثلة بن الأسقع من مسنده: ج 4 ص 107 ط 1. وأيضاً رواه أحمد في الحديث: (102) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 67 ط 1.
ورواه السمهودي المتوفّي عام: 911) نقلاً عن كتاب الفضائل في أوائل الذكر الأول من القسم الثاني من جواهر العقدين الورق 69 /أ/ وفي ط بغداد: ج 2 ص 11.
ورواه العلاّمة الطباطبائي طاب ثراه في تعليق الحديثين من كتاب الفضائل في الموردين عن مصادر كثيرة.
[240] وللحديث مصادر كثيرة، ورواه الحافظ ابن‌عساكر في ترجمة أبي‌المحاسن التنوخي المعرّي مفضّل بن محمد بن مسعر، من تاريخ دمشق: ج 17، ص 106، من المصورة الأردنية- وفي مختصر ابن‌منظور: ج 25 ص 192، ط 1- قال:
أخبرنا أبوالقاسم عليّ بن ابراهيم قراءةً عليه سنة سبع وخمس مائة؟ أنبأنا أبوالمحاسن المفضّل بن محمد بن مسعر بن محمد التنوخي قراءةً عليه في صفر سنة: ثمان وثلاثين وأربع مائة، حدثنا أبوعمر عبدالواحد بن مهدي ببغداد في ذي الحجّة سنة تسع وأربع مائة، أنبأنا أبوالعباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن‌عقدة، أنبأنا يعقوب بن يوسف بن زياد، أنبأنا محمد بن اسحاق بن عمّار، حدثنا هلال أبوأيّوب الصيرفي قال:
سمعت عطية العوفي يذكر أنّه سأل أباسعيد الخدري عن قوله تعالي «إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً» فأخبره أنّها نزلت في رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين رضوان اللَّه عليهم.
أقول: وهذا المتن رواه ابن‌عساكر حرفيّاً- بسند آخر عن ابن‌عقدة- في الحديث: (125) من ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام من تاريخ دمشق ص 69 ط 1 بتحقيق المحمودي قال: أخبرنا أبوالقاسم ابن‌السمرقندي أنبأنا عاصم بن الحسن أنبأنا أبوعمر ابن‌مهديّ أنبأنا أبوالعباس ابن‌عقدة، أنبأنا يعقوب بن يوسف بن زياد …
أقول: وراه أيضاً أبوجعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس اللَّه نفسه في أواسط الجزء التاسع من أماليه: ج 1، ص 254 ط بيروت، قال:
أخبرنا أبوعمر عبدالواحد بن محمد بن عبداللَّه بن محمد بن مهدي قال: أخبرنا أبوالعباس أحمد بن [محمد بن] سعيد ابن‌عقدة …
ورواه أيضاً أبوبكر البزّار- المتوفي سنة: (293)- بسند آخر عن عطية عن أبي‌سعيد الخدري- كما في عنوان: «أهل البيت والأزواج» من كتاب زوائد البزّار- تأليف ابن‌حجر- الورق 276 /أ/ برقم: (7295) من نسخة المكتبة الآصفية بحيدر آباد، علي ما رواه عنه العلاّمة الطباطبائي طاب ثراه- قال:
حدثنا محمد بن يخيي حدثنا بكر بن زياد العنزي؟ حدثنا مندل، عن الأعمش عن عطيّة عن أبي‌سعيد قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: نزلت هذه الآية- في خمسة-: «إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً» فيّ وفي عليّ وفاطمة والحسن والحسين.
ورواه أيضاً الهيثمي عن البزّار في (باب فضل أهل البيت) من مجمع الزوائد: ج 9 ص 167. ومن أراد المزيد فعليه بالحديث: (657) وما بعده وتعليقاتها من كتاب شواهد التنزيل: ج 2 ص 37 تا 48 ط 2.
[241] ولحديث أبي‌الحمراء هذا أيضاً مصادر وأسانيد، يجد الطالب كثيراً منها في الحديث: (694) وما بعده وتعليقاتها من شواهد التنزيل: ج 2 ص 74 تا 82 ط 2.
[242] والمشترك بين طرق الحديث وأسانيده متواتر كما يتجلّي ذلك لكلّ من يراجع تفسير آية التطهير من كتاب شواهد التنزيل: ج 2 ص 18 تا 141.
[243] والمشترك بين طرق الحديث متواتر رواه جماعة من الصحابة والصحابيات، فليلاحظ أهل الثقافة طرق الحديث برقم: (637 تا 775) من شواهد التنزيل: ج 2 ص 18 تا 141، ط 2.
[244] لا عهد لي بما يدلّ علي أنّها سلام اللَّه عليها سمّيت بذلك بعد نزول آية التطهير.
[245] لفظة: «حبيبه» رسم خطّها غير واضح في أصلي.
[246] وللحديث مصادر وأسانيد، ورواه السيّد أبوطالب في أماليه- كما في الحديث: (26) من الباب: (8) من تيسيرالمطالب، ص 121، ط 1، قال:
أخبرنا أبوالحسين يحيي بن الحسين بن محمد بن عبيداللَّه الحسني قال: حدثنا عليّ بن محمد بن مهرويه القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان العلاف؟ قال: حدثني عليّ بن موسي الرضا، عن أبيه موسي، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي‌طالب عليهم‌السلام قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: حرّمت الجنّة علي من ظلم أهل بيتي و [علي من] قاتلهم وعلي المعين عليهم أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلّمهم اللَّه يوم القيامة ولايزكّيهم ولهم عذاب عظيم.
ورواه أيضاً أبوجعفر محمد بن عليّ بن الحسين الفقيه- المتوفّي سنة: (382)- في الحديث: (65) من الباب: (31) من كتاب عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 33 قال:
حدّثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقّاق، ومحمد بن أحمد السناني والحسين بن ابراهيم بن أحمد المكّتب رحمهم‌اللَّه، قالوا: حدثنا أبوالحسين محمد بن أبي‌عبداللَّه الكوفي عن سهل بن زياد الآدمي عن عبدالعظيم بن عبداللَّه الحسني:
عن محمود بن أبي‌البلاد، قال: سمعت الرضا عليه‌السلام قال: [قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم:] حرّمت الجنة علي من ظلم أهل بيتي وعلي من قاتلهم وعلي المعين عليهم وعلي من سبّهم، أولئك لا خلاق لهم في الآخرة، ولا يكلمّهم اللَّه ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم.
وقريباً منه رواه الحمّوئي بسندين آخرين في الحديث: (542) وتاليه في الباب: (56) من السمط الثاني من فرائد السمطين: ج 2 ص 278 تا 279 ط 1، بتحقيق المحمودي.
[247] كلم: «غير ذلك اليوم عن وهب»، رسم خطّها غير جليّ في أصلي.
[248] كذا في أصلي من مخطوطة محاسن الأزهار، ولكن رسم خطّها غير جليّ.
ومن أجل احتمال الخطأ فيما استفدناه من ظاهر رسم الخطّ من أصلي المخطوط، نوصي القراّء بمراجعة مصدر وثيق مأمون عن الخطأ، ولأجل تقريب بعض المسافة علي القرّاء نذكر أسماء أصحاب الكهف برواية ابن‌إسحاق، عن مصدر آخر فنقول:
وقد ذكر قصّتهم تفصيلاً- نقلاً عن محمد بن اسحاق- حسين بن مسعود أبومحمد البغوي الشافعي- المتوفّي سنة 516- في تفسير الآية التاسعة من سورة الكهف، من تفسيره معالم التنزيل: ج 3 ص 145 تا 151 وساق الكلام إلي أن قال:
ففتحوا التابوت [الذي كان علي باب الكهف] فوجدوا فيه لوحين من رصاص مكتوباً فيهما: إنّ مكسلمينا ومخشلمينا وتمليخا ومرطونس وكشطونس ويبرونس وديموس وبيوس- والكلب واسمه قطمير؟- كانوا فتيةً هربوا من ملكهم دقيانوس الجبّار مخافة أن يفتنهم عن دينهم فدخلوا هذا الكهف، فلمّا أخبر [دقيانوس] بمكانهم أمر بالكهف فسدّ عليهم بالحجارة.
[249] هذا هو الظاهر الموافق لمناقب ابن‌المغازلي، وفي أصلي المخطوط من محاسن الأزهار: «أخبرنا ابن‌طاهر محمد بن عليّ بن البيّع … ».
[250] كذا في أصلي من محاسن الأزهار، وفي المطبوع من مناقب ابن‌المغازلي: «محمد بن سلم الختلي … ».
[251] كذا في أصلي من محاسن الأزهار، ولكن لفظة: «بن» من قوله: (ادريس بن أبي‌الربيع) غير واضحة، وتساعد أن تقرأ: (عن أبي‌الربيع … ).
وفي مناقب ابن‌المغازلي‌المطبوع: (حدّثنا الحسن بن يحيي أبي‌الربيع بن الجرجاني؟ … ).
[252] هذا هو الصواب المذكور في المناقب لابن المغازلي، وفي أصلي من محاسن الازهار: «معمر بن أبان … ».
[253] كذا في أصلي، وفي بعض المصادر: «من بِهَنْدَف» وليراجع ما جاء في‌تعليق الحديث من المناقب لابن المغازلي: ص 232.
[254] الظاهر أنّ هذا هو الصواب، وفي أصلي: (ثمّ قال لي‌ادع العشرة … ).
[255] كذا في أصلي من محاسن الأزهار، وفي مناقب ابن‌المغازلي: (قال: فقمنا رجلاً رجلاً فسلمنا عليهم … ).
[256] أقول: وللقصّة والحديث مصادر كثيرة، يجد الباحث بعضها في الحديث: (503) من‌المناقب لمحمد بن سليمان: ج 1، ص 552 ط 1.
وأيضاً يحد الطالب الحديث في تفسير الآية الكريمة من تفسيرالبرهان: ج 2 ص 457.
وأيضاً رواه العلّامة المجلسي قدس اللَّه نفسه في الباب: (80) من مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام من بحار الأنوار: ج 39 ص 136.
وليراجع البتة ما أورده الحافظ السروي في مناقب آل أبي‌طالب: ج 2 ص 337.
وليراجع أيضاً ما أفاده العلاّمة الأميني رفع اللَّه مقامه في الغدير.
[257] كذا جاء بخطّ الأصل في وسط السطر فوق جملة: (صلي اللَّه عليه وآله وسلم) التي جاءت بعد قوله: «قبله» وفي طوله لا في وسط السطر.
[258] هذا هو الظاهر من‌السياق، ولفظ أصلي‌ها هنا مضطرب، وهذا نصّه: «ولولا اعلام الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم لعليّ عليه بذلك وإلّا لما علمه ولا أخبر به وكان الأمر كذلك كما يخبر؟».
[259] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «ومزيّته الظاهرة، وإلّا لم يكن ليختاره لذلك».
[260] وللحديث أسانيد ومصادر كثيرة، ورواه الترمذي في الحديث: (16) من باب مناقب عليّ عليه‌السلام من كتاب المناقب تحت الرقم: (3726) من سننه: ج 5 ص 597 قال:
جدثنا عليّ بن المنذر الكوفي، حدثنا محمد بن فضيل، عن الأجلح، عن أبي‌الزبير:
عن جابر قال: دعا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم عليّاً يوم الطائف فانتجاه فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن‌عمّه. فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: ما [أنا] انتجيته ولكنّ اللَّه انتجاه.
قال أبوعيسي [الترمذي]: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث الأجلح. وقد رواه غير ابن‌فضيل أيضاً عن الأجلح، ومعني قوله: «ولكنّ اللَّه انتجاه» يقول: اللَّه أمرني أن أنتجي معه.
أقول: ورواه أيضاً أبويعلي أحمد بن عليّ بن المثنّي الموصلي- المولود سنة: (210) المتوفّي عام: (307)- في أواخر مسند جابر بن عبداللَّه الأنصاري برقم: (399) من سننه: ج 4 ص 118، ط 1، قال:
حدثنا أبوهشام، حدثنا ابن‌فضيل، حدثنا الأجلح، عن أبي‌الزبير:
عن جابر قال: لمّا كان يوم الطائف ناجي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم عليّاً فأطال نجواه، فقال بعض أصحابه: (لقد أطال نجوي ابن‌عمّه) فبلغه ذلك، فقال: ما أنا انتجيته بل اللَّه انتجاه.
ورواه أيضاً محمد بن سليمان الكوفي- المتوفّي سنة: (322)- في الحديث: (135) من كتابه مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام: ج 1، ص 215 ط 1، قال:
حدّثنا أبوأحمد عبدالرحمان بن أحمد الهمداني قال: حدّثنا عليّ وبشر عن عبداللَّه؟ قال: حدثنا الصباح بن يحيي المزني عن الأجلح بن عبداللَّه الكندي عن أبي‌الزبير:
عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري قال: ناجي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم عليّاً يوم الطائف فرُئي ذلك في وجه أناس من الناس!! فقال [رسول اللَّه صلي اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم]: لعلّكم ترون أنّي ناجيته؟ لا واللَّه ما أنا ناجيته ولكنّ اللَّه انتجاه لي.
ورواه أيضاً سليمان بن أحمد الطبراني- المولود سنة: (260) المتوفي عام: (360)- في مسند جابر بن عبداللَّه برقم: (1756) من المعجم الكبير: ج 2 ص 202 وفي ط ص 186، قال: حدّثنا محمد بن عثمان بن أبي‌شيبة، حدثنا يحيي بن الحسن بن فرات القزّاز، حدثنا محمد بن أبي‌حفص العطّار، عن سالم بن أبي‌حفص، عن أبي‌الزبير:
عن جابر، قال: لمّا كان يوم غزوة الطائف قام النبي صلي اللَّه عليه وسلم مع عليّ رضي اللَّه عنه مليّاً من النهار، فقال له أبوبكر (رض): يا رسول اللَّه لقد طالت مناجاتك عليّاً منذ اليوم؟ فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: ما أنا انتجيته ولكنّ اللَّه انتجاه.
ومن أراد المزيد فعليه بماه رواه الحافظ ابن‌عساكر- وما عّلقناه عليه- في الحديث: 816) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 307 تا 311 ط 2.
[261] رواه ابن‌المغازلي في الحديث: (139) من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام: ص 94 ط 2.
ورواه باختصار محمد بن سليمان الكوفي المتوفّي سنة: (322) في‌الحديث: (502) في أواخر الجزء الرابع من كتابه مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام: ج 1 ص 551 ط 1.
[262] والحديث جاء في هامش أصلي نقلاً عن [الباب: الثاني والسبعين] من كفاية الطالب للكنجي: [ص 156].
أقول: وقريباً منه رواه أيضاً الخوارزمي في الحديث: (22) من الفصل التاسع عشر من مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام: ص 305.
[263] وقريباً منه وما بعده رواه الشيخ الصدوق رفع اللَّه مقامه في الحديث التاسع وما بعده من الباب: (40) من كتاب عيون أخبار الرضا- عليه‌السلام-: ج 2 ص 141 تا 142.
[264] كذا في أصلي، وقريباً منه رواه الشيخ الصدوق قدّس اللَّه نفسه في الحديث الرابع من الباب (66) من كتاب عيون أخبار الرضا- عليه‌السلام-: ج 2 ص 259 قال: حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي اللَّه عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي اللَّه عنه، قال: حدثنا عبدالعزيز بن يحيي قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن ابيه، عن آبائه: عن أميرالمومنين عليّ عليه‌السلام قال: قال: رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم: سيدفن بضعه منّي بأرض خراسان، لايزورها مؤمن إلاّ أوجب اللَّه عزّ وجلّ له الجنّة وحرّم جسده علي النار.
وأيضاً رواه الشيخ الصدوق رحمه اللَّه في الحديث الثاني من المجلس 25 من أماليه.
ورواه بسنده عنه الحمّوئي في أوّل الباب: (40) من السمط الثاني من كتاب فرائد السمطين: ج 2 ص 190 ط 1.
وأيضاً رواه الحمّوئي بسند آخر في الحديث (465) في الباب: (39) من السمط الثاني من فرائد السمطين: ج 2 ص 188، ط 1.
وفي جميع هذه المصادر: «ستدفن بضعة منّي بأرض خراسان … ».
[265] رواه أبوالفرج في ترجمة الإمام الرضا عليه‌السلام من كتاب مقاتل الطالبيين ص 572 ط مصر.
ورواه أيضاً الشيخ الفقيه محمد بن عليّ بن الحسين- رفع اللَّه مقامهم جميعاً- في الباب: (63) وتاليه من كتاب عيون أخبار الرضا- عليه‌السلام-: ج 2 ص 252/245.
[266] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «وهوت الطعنة، أي فتحت فاها بهوي»؟.
[267] المصرعان الثاني والثالث كانا في هامش أصلي والظاهر أنّ محلّهما حيث وضعناهما فيه.
[268] والحديث رواه ابن‌المغازلي برقم: (313) من مناقبه ص 66. وأيضاً رواه ابن‌المغازلي بسند آخر عن ابن‌عبّاس في الحديث: (353) من كتاب المناقب ص 310.
ورواه الحافظ الحسكاني بأسانيد عن ابن‌عباس وأنس وغيرهما، في تفسير سورة النجم، فليراجع الحديث: (910 تا 916) وتعليقاتها من كتاب شواهد التنزيل: ج 2 ص 275 تا 282 ط 2.
ورواه أيضاً ابن‌عساكر في الحديث: (1032) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 11، ط 2.
ورواه بسنده عنه الكنجي الشافعي في الحديث: (30) من الباب: (62) من كتاب كفاية الطالب، ص 132.
وليعلم أنّ في هذا الورق من أصلي هامش طويل لم يتيسّر لي قراءته.
[269] كذا في المطبوع من مناقب ابن‌المغازلي، وفي أصلي من مخطوطة محاسن الأزهار: (في الفراطنين؟).
[270] كذا في أصلي، وفي مطبوعة مناقب ابن‌المغازلي: (حدّثنا ثوبان ذو النون؟ حدثنا مالك بن غسان النهشلي … ).
[271] كذا في أصلي ولكن رسم الخطّ من قوله: «الحبوة» غامض ويساعد علي أن يقرأ «الحيوة».
[272] كلمة: (نظره) من أصلي‌المخطوط رسم خطّها غير واضح.
[273] رواه السيّد أبوطالب رحمه اللَّه في أماليه كما في الحديث 36 من الباب الثالث من تيسير المطالب: ص 66 ط بيروت.
وللحديث شواهد يجدها الباحث في الباب: (78) من تاريخ أمير المؤمنين عليه‌السلام من بحار الأنوار: ج 39 ص 118 ط الآخوندي.
[274] الظاهر أنّ هذا هو الصواب، وهكذا جاء في تيسير المطالب المطبوع، وما وضعنا بين المعقوفين أيضاً أخذنا منه، وفي أصلي من مخطوطة محاسن الأزهار: (الحسين بن عليّ بن محمد بن الوليد، عن سفيان … ).
[275] كذا في أصلي المخطوط، وفي المطبوع من كتاب تيسير المطالب: «فسالت من أشداقهما لعذوبتها … ».
[276] كلمة: (يقتضي) كانت في أصلي بخطّ الأصل مكتوبة فوق قوله: (يتضمّن).
[277] وفي هامش أصلي بخط كاتب الأصل: (لحسن) [خضرتها].
[278] وجدير لأهل البصائر أن يلاحظوا ما رواه الطبراني في مسند قيس بن أبي‌حازم- في عنوان: «باب بيان كفر الجهمية الضلاّل برؤية الربّ عزّ وجلّ في القيامة» بعد الحديث: (2223) من المعجم الكبير: ج 2 ص 294 قال حدّثنا معاذ بن المثنّي حدثنا مسدّد.
حيلولة: وحدّثنا عبداللَّه بن أحمد بن حنبل [قال:] حدثنا أبي‌قالا: حدثنا يحيي بن سعيد، حدثنا اسماعيل بن أبي‌خالد، حدثنا قيس [بن أبي‌حازم] قال:
قال لي جرير [بن عبداللَّه البجلي]: كنّا جلوساً عند رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم ليلة البدر فقال: «إنّكم سترون ربّكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا علي صلاتين قبل طلوع الشمس وقبل غروبها» ثمّ تلا هذه الآية: «فسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها» [130/طه: 20].
ثمّ روي الطبراني خمسة عشر حديثاً آخر علي هذا السياق بسنده عن قيس بن أبي‌حازم. أقول: وبما أنّ رؤية الشي‌ء تستلزم جسمانيّته واللَّه تعالي منزّه عن التجسّم فالقائلون بالرؤية كالقائلين بالتجسّم كفّار ضلاّل، كما أفاده المصنّف هاهنا بقوله: (الكفرة المجسّمة … ).
والحديث رواه الخطيب بسنده عن أحمد بن حنبل- كما في ترجمة عليّ بن المديني من تاريخ بغداد: ج 11، ص 466 تا 467- وساق قصّة الي أن قال:
[قال عليّ بن المديني:] في هذا الإسناد من لا يعوّل عليه ولا علي مايرويه [ظ] وهو قيس بن أبي‌حازم إنّما كان أعرابيّاً بواّلاً علي عقبيه …
وساق الخطيب كلاماً طويلاً إلي أن قال: قيل له [يعني عليّ بن المديني]: أشهد [قيس بن أبي‌حازم حرب] الجمل؟ قال: لا وكان عثمانيّاً.
وقال ابن‌أبي‌الحديد في شرح المختار: (34) من خطب نهج البلاغة: ج 2 ص 194، قال: وهذا قيس بن أبي‌حازم وهو الذي روي حديث: «إنّكم لترون ربّكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته»، وقد طعن مشايخنا المتكلّمون فيه وقالوا: إنّه فاسق ولا تقبل روايته، لأنّه قال: (إنّي سمعت عليّاً يخطب علي منبر الكوفة ويقول: «انفروا إلي بقيّة الأحزاب» فأبغضته ودخل بغضه في قلبي!!) ومن يبغض عليّاً عليه‌السلام لا تقبل روايته.
[279] هذا العموم قد تخصّص، ويأتي قريباً ذكر مخصّصه.
[280] كذا في أصلي، وذكر البلاذري في الحديث: (245) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من أنساب الأشراف: ج 2 ص 200 ط بيروت بتحقيق المحمودي ما لفظه:
وولد لعليّ بن أبي‌طالب [عليه‌السلام] محمّد، وأمّه خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن عبيدبن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة من الدؤل بن حنيفة بلجيم.
[و] قال عليّ بن محمد المدائني: بعث رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم عليّاً إلي اليمن فأصاب خولة في بني زبيد- وقد ارتدّوا مع عمرو بن معديكرب- وصارت في‌سهمه وذلك في‌عهد رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم فقال له رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم: «إن ولدت منك غلاماً فسمّه باسمي وكنّه بكنيتي»، فولدت له بعد موت فاطمة عليهاالسلام غلاماً فسمّاه محمّداً وكنّاه أباالقاسم.
وحدّثني محمد بن اسماعيل الواسطي الضرير، حدثنا أبوأسامة أنبأنا فِطر بن خليفة، عن منذر الثوري عن محمد بن الحنفيّة:
عن عليّ عليه‌السلام أنّه قال لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: إن ولد لي غلام أسمّيه باسمك وأكنّيه بكنيتك؟ قال: نعم.
أقول: ورواه أيضاً محمد بن سعد في ترجمة محمد بن الحنفيّة من الطبقات الكبري: ج 5 ص 91 ط بيروت، قال: أخبرنا الفضل بن دكين، وإسحاق بن يوسف الأزرق، قالا: حدثنا فطر بن خليفة:
عن منذر الثوري قال: سمعت محمد بن الحنفيّة قال: كانت رخصة لعليّ [أنّه] قال: يارسول اللَّه إن ولد لي ولد بعدك أسمّيه باسمك وأكنّيه بكنيتك؟ قال: نعم.
[و]أخبرنا محمد بن الصلت وخالد بن مخلد قالا: حدثنا الربيع بن المنذر الثوري، عن أبيه قال: وقع بين عليّ وطلحة كلام فقال له طلحة: (لا كجرأتك علي‌رسول اللَّه سمّيت باسمه وكنّيت بكنيته وقد نهي رسول اللَّه أن يجمعهما أحد من أمّته بعده).
فقال له[عليّ: إن الجري‌ء من اجترأ علي‌اللَّه وعلي رسوله، اذهب يا فلان فادع لي فلاناً وفلاناً- لنفر من قريش- قال:]فذهب اليهم فدعاهم] فجاؤا فقال: بم تشهدون؟ قالوا: نشهد أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم قال: إنّه سيولد لك بعدي غلام فقد نحلته اسمي وكنيتي ولا تحلّ لأحد من أمّتي بعده.
ورواه أيضاً أحمد بن حنبل في مسند أمير المؤمنين عليه‌السلام- في الحديث: (730) من كتاب المسند: ج 1، ص 90 ط 1، وفي ط 2: ج 2 ص 101، بتحقيق أحمد محمد شاكر- قال:
حدّثنا وكيع، حدثنا فطر، عن المنذر، عن ابن‌الحنفيّة قال: قال عليّ: يا رسول اللَّه أرأيت إن ولد لي بعدك ولد أسمّيه باسمك وأكنّيه بكنيتك؟ قال: نعم.
[قال:] فكانت رخصة من رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم لعليّ.
قال أحمد محمد شاكر في تعليقه: إسناده صحيح وإن كان ظاهره إرسال لقوله: «عن ابن‌الحنفيّة قال: قال عليّ»، ولكن أوضحته رواية الترمذي قال:
عن محمد وهو ابن‌الحنفيّة- عن عليّ بن أبي‌طالب أنّه قال: يا رسول اللَّه [إن ولد لي ولد أسميه باسمك وأكنّيه بكنيتك؟ قال: نعم].
وفطر- بكسر الفاء وسكون الطاء- هو ابن‌خليفة، وهو ثقة صالح الحديث وثّقه أحمد وابن‌معين وغيرهما، والمنذر هو ابن‌يعلي الثوري.
والحديث رواه أبوداوود [في سننه: ج] 4 ص 448 والترمذي [في سننه: ج] 4 ص 31؟ وقال: حديث حسن صحيح.
أقول: والحديث رواه أيضاً عبداللَّه بن أحمد- أو تلميذه القطيعي- بسند آخر في الحديث: (277) من فضائل أميرالمؤمنين عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 199، ط 1، قال:
حدثنا عمر بن يوسف بن الضحّاك المخرمي- في سنة خمس وثمانين ومائتين- قال: حدثنا الحسن بن شدّاد المخرمي حدثنا الحسن بن بشر، أنبأنا قيس، عن ليث، عن محمد بن الأشعث، عن محمد بن الحنفيّة:
عن عليّ بن أبي‌طالب قال: قال رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم [لي]: يولد لك ابن‌قد نحلته اسمي وكنيتي.
ورواه‌العلامةالطباطبائي‌طاب ثراه في‌تعليقه عن مصادر منها الكني والأسماء- للدولابي-: ج 1، ص 5 ثمّ قال:
ورواه البزّار في مسنده: ج 1/الورقة 58 /أ/ وفيه (محمد بن بشر، عن ابن‌الحنفيّة). ورواه أيضاًالدولابي بسندين في عنوان: «الرخصة في‌الجمع بين اسم النبيّ وكنيته» من كتاب الكني والأسماء: ج 1، ص 5.
ورواه أيضاً عبداللَّه بن أبي‌الدنيا، في الحديث: (110 تا 111) من كتابه مقتل أمير المؤمنين عليه‌السلام: ص 117 ط 1، قال:
حدثنا إبراهيم بن عبداللَّه الهروي قال: أخبرنا الفضل بن موسي عن فطر، عن منذر: عن محمد بن عليّ:
عن عليّ عليه‌السلام قال: قال رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه [وسلم]: لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي. فقلت: يا رسول اللَّه: إن ولد لي بعدك ولد أسمّيه باسمك وأكنّيه بكنيتك؟ قال: نعم.
[قال:] فولد له [ابن‌الحنفيّة] فسّماه محمداً وكنّاه أباالقاسم.
[و] حدثنا إبراهيم بن عبداللَّه، قال: أخبرنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، قال: كان محمد بن الحنفيّة يكنّي أباالقاسم، وكان محمد بن الأشعث [بن قيس أيضاً] يكنّي أباالقاسم، وكان يدخل علي [خالته أمّ المؤمنين] عائشة قال: وأحسبها كانت تكنّيه!!
ومن أراد المزيد فعليه بترجمة محمد ابن‌الحنفية من تاريخ دمشق من المصورة الأردنيّة: ج 15، ص 727 تا 728، وفي ط دار الفكر: ج 54 ص 324 ومختصر ابن‌منظور: ج 23 ص 95.
[281] ولقول كثير هذا وأبياته مصادر كثيرة، ورواها أيضاً ابن‌عساكر في ترجمة محمد بن الحنفية من تاريخ دمشق: ج 54 ص 322 ط دار الفكر، وفي المصورة الأردنية: ج 15 ص 737 تا 738، وفي مختصره لابن منظور: ج 23 ص 95.
[282] كذا في أصلي ولم يتيسر لي الرجوع إلي مصدر الحديث.
[283] كذا في أصلي.
[284] كذا في متن أصلي، ولكن لفظة (نصر) كانت مكتوبةً بخط كاتب الأصل في هامشه، والرجل مترجم تحت الرقم: (246) من مختصرالسياق تاريخ نيسابور، وإليك صدر ترجمته منه، قال:
أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد أبونصر [الحنيفي] قاضي القضاة الرئيس شيخ الإسلام صدر المحافل المقدم، العزيز من وقت صباه في بيته وعشيرته الفائق أقرانه بوفور حشمته … وأحتمل قريباً أن تكون لفظة: «قصتلي» في أصلي محرفةً عن لفظة: «الحنيفي» المذكورة في ترجمة الصاعدي فليحقّق.
[285] ذكره الشيخ منتجب الدين في فهرسه وقال: فقيه ديّن. ونقله عنه حرفيّاً السيّد الخوئي طاب ثراه تحت الرقم: (4062) من معجم رجال الحديث: ج 6 ص 378 ط 1.
[286] والحديث موجود برقم (5) في المناقب المستخرجة من كتاب المسند لأبي الحسين الكلابي عبدالوهّاب بن الحسن- المولود سنة: (309) المتوفّي عام: (396)- المطبوع في آخر مناقب ابن‌المغازلي ص 425 و429 وفيه:
حدثنا أحمد بن جعفر، عن عمر السوسي قال: حدثني أسباط بن محمد، عن نعيم بن حكيم، عن أبي‌مريم؟ عن عليّ عليه‌السلام.
[287] هذا هو الصواب المذكور في المستخرج من مسند الكلابي وفي جلّ المصادر، وفي أصلي: «عن ابن‌مريم».
[288] وللحديث مصادر قيّمة وأسانيد جمّة، فرواه أبوبكر عبداللَّه بن محمد ابن‌أبي‌شيبة- المتوفيّ عام: (235)- في عنوان «حديث فتح مكّة» من كتاب المغازي برقم: (18753) من كتاب المصنّف: ج 4 ص 488 ط الهند، وفي ط دار الكتب العلمية ببيروت: ج 7 ص 404 قال:
حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا نعيم بن حكيم قال: حدثني أبومريم عن عليّ [عليه‌السلام]قال: انطلق بي رسول اللَّه عليه وسلم حتّي أتي بي الكعبة …
ورواه أيضاً أحمد بن حنبل-المتوفي‌عام (240)- في أوائل مسند عليّ عليه السلام تحت الرقم: (644) من كتاب المسند: ج 1، ص 84 ط 1،وفي ط 2: ج 2 ص 57 قال:
حّدثنا أسباط بن محمد، حدّثنا نعيم بن حكيم المدائني، عن أبي‌مريم، عن علي[عليه‌السلام]قال: انطلقت أنا والنبي صلي اللَّه عليه وسلم حتّي أتينا الكعبة …
قال أحمد محمد شاكر في تعلقيه إسناده صحيح،نعيم بن حكيم المدائني وثّقه ابن‌معين وغيره،وترجم له البخاري في التاريخ الكبير 99/2/4 فلم يذكر فيه جرحاً.
[و]أبومريم هو الثقفي المدائني وهو ثقة وترجم له البخاري في التاريخ الكبير: 4/أ/151 فلم يذكر فيه جرحاً.
أقول: ورواه أيضاً المقدسي بسنده عن أحمد - في عنوان: (قيس الثقفي وقيل: الحنفي أبومريم) في مسند عليّ عليه‌السلام برقم (708) من المختارة: ج..ص 330 قال:
أخبرنا المبارك بن أبي‌المعالي بن المعطوش- بقراءتي عليه ببغداد- قلت له: أخبركم هبة اللَّه بن محمد- قراءةً عليه وأنت تسمع- أنبأنا الحسن بن عليّ بن المذهب، أنبأنا أحمد بن جعفر القطيعي حدثنا عبداللَّه [بن أحمد]، حدثني أبي، حدثنا أسباط بن محمد …
ورواه أيضاً- بسنده عن أحمد- عبدالرحمان ابن‌الجوزي- المولود سنة: (510) والمتوفّي عام: (597)- في‌فضائل عليّ عليه‌السلام في المجلس: (31) من كتاب التبصرة: ص 442 ط دار احياء الكتب العربية ببيروت قال:
أخبرنا هبة اللَّه بن محمد: أنبأنا الحسن بن عليّ أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا عبداللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي‌قال: حدثنا أسباط …
ورواه أيضاً محمد بن يحيي الذ هلي النيسابوري المتوفي عام: (258) علي مارواه عنه العاصمي كما في تلخيص زين الفتي: ج 1، ص 158، ط 1، قال:
أخبرنا محمد بن أبي‌زكريّا الثقة، قال: أخبرنا أبوبكر الجوزقي قال: أخبرنا عبداللَّه[بن محمد بن الحسن أبومحمد] الشرقي قال: حدثنا محمد بن يحيي [الذهلي] قال: حدثنا عبيداللَّه بن موسي قال: أخبرنا نعيم بن حكيم، عن أبي‌مريم الحنفي قال: حدثنا عليّ قال …
ورواه مختصراً عبداللَّه بن أحمد بن حنبل- المتوفّي سنة: (290)- في مسند عليّ عليه‌السلام برقم: (1301) من كتاب المسند: ج 2 ص 325 قال:
حدثني نصر بن عليّ حدثنا عبداللَّه بن داود، عن نعيم بن حكيم، عن أبي‌مريم، عن عليّ قال: كان علي الكعبة أصنام فذهبت لأحمل النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم إليها فلم أستطع فحملني فجعلت أقطعها ولو شئت لنلت السماء.
ورواه أيضاً أبوبكر البزّار أحمد بن عمر البصري- المتوفّي عام: (292)- في عنوان: «ومما روي أبومريم الحنفي عن عليّ» في مسند عليّ عليه‌السلام من مسنده: ج 3 ص 21 ط 1، قال:
حدثنا يوسف بن موسي قال: أنبأنا عبيداللَّه بن موسي عن نُعَيم بن حكيم عن أبي‌مريم … ورواه أيضاً أبويعلي أحمد بن علي بن المثني الموصلي- المولود سنة: (210) المتوفي (307)- في الحديث: (32) من مسند علي عليه‌السلام من مسنده: ج 1 ص 251 ط 1، قال:
حدثنا زهير، حدثنا عبيداللَّه بن موسي حدثنا نعيم بن حكيم، عن أبي‌مريم قال … قال حسين سليم في تعليقه: أبومريم هو قيس الثقفي المدائني‌ترجمه ابن‌أ بي‌حاتم في الجرح والتعديل: ج 7 ص 601، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وترجمه البخاري في الكبير: 151/1/4، فلم يذكر فيه جرحاً، وذكره ابن‌حبّان في الثقات، وباقي رجاله ثقات. أقول: ورواه الحافظ الهيثمي علي وجهين فيي عنوان: (باب تكسيره الأصنام) من مجمع الزوائد: ج 6 ص 23 ثم قال: رواه أحمد وابنه وأبويعلي والبزّار، وزاد بعد قوله: «حتي استترنا بالبيوت»: «فلم يوضع عليها بعد». يعني شيئاً من تلك الأصنام، ورجال الجميع ثقات.
أقول: ورواه أيضاً المقدسي بسنده عن أبي‌يعلي في مسند عليّ عليه‌السلام في الحديث: (709) من المختارة: ج ص 331 ط 1 قال: وأخبرنا المؤّيد بن عبدالرحيم بن الإخوة بإصبهان، أنّ الحسين بن عبدالملك أخبرهم قراءةً عليه [قال:]أنبأنا محمد بن المقري‌ء أنبأنا أبويعلي حدثنا زهير …
ورواه أيضاً أحمد بن شعيب النسائي- المولود عام: (215) المتوفي سنة: (303)- في الحديث: (122) من كتاب الخصائص ص 225 بتحقيق المحمودي قال:
أخبرنا أحمد بن حرب، قال: حدثنا أسباط، عن نعيم بن حكيم المدائني قال: أخبرنا أبومريم قال …
ورواه- بثلاثة أسانيد عن أبي‌مريم- أبوجعفر محمد بن جرير الطبري المفسّر والمؤرّخ الشهير- المولود سنة (224) المتوفي عام: (310) في الحديث: (33 -31) من أخبار أبي‌مريم الثقفي في مسند علي عليه‌السلام من تهذيب الآثار: ج 1 ص 236 ط 1، قال:
حدثني عبيداللَّه بن يوسف الجبيري قال: حدثنا عبداللَّه بن داود، عن نعيم بن حكيم، عن أبي‌مريم عن علي قال: انطلقت مع النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم إلي الأصنام التي فوق الكعبة لنكسرها فلم أقو علي حمله فحملني فتناولتها فكسرتها ولو شئت- أو أردت- أن أتناول السماء لنلتها.
[و] حدثني محمد بن عبيدالمحاربي قال: حدثنا أسباط بن محمد، عن نعيم بن حكيم، عن أبي‌مريم عن عليّ … وساق الحديث مطولاً ثمّ قال:
[و] حدثني محمد بن عمارة الأسدي فال: حدثنا عبيداللَّه بن موسي قال: أخبرنا نعيم عن أبي‌مريم، حدثني علي بن أبي‌طالب [عليه‌السلام] قال: انطلقت مع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم ليلاً حتّي أتينا الكعبة …
ثم قال الطبري- بعد إنهاء متون الأحاديث الثلاثة-: «وهذا خبر عندنا صحيح سنده … ». ثم ذكر شواهد لصحة المتن فليلاحظ.
أقول: ورواه أيضاًمحمد بن سليمان الكوفي المتوفي عام (322) في أواخر الجزء السابع في الحديث: (1124) من مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام: ج 2 ص 606 ط 1، قال:
حدثني نعيم بن حكيم؟ قال: حدّثني أبومريم، عن [الإمام] علي بن أبي‌طالب [عليه‌السلام] قال: انطلق بي رسول اللَّه …
ورواه أيضاً الحاكم محمد بن عبداللَّه النيسابوري المولود (321) المتوفي (405) في أوائل كتاب الهجرة من المستدرك: ج 3 ص 5 قال:
حدّثنا أبوبكر محمد بن إسحاق، أنبأنا محمد بن موسي القريشي حدثنا عبداللَّه بن داود، حدثنا نعيم بن حكيم حدّثنا أبومريم الأسدي؟ عن علي رضي اللَّه عنه قال …
ورواه أيضاً أحمد بن حسين البيهقي- المتوفّي سنة: (458) كما رواه بسنده عنه أحمد بن محمد المكي الخوارزمي‌المتوفي سنة: (568) في الفصل الحادي عشر من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ص 123، ط الحديث.
ورواه أيضاً الخطيب البغدادي- المتوفي 462- في ترجمة نعيم بن حكيم المدائني برقم: (7282) من تاريخ بغداد: ج 13، ص 302 قال:
حدّثنا أبونعيم الحافظ إملاءاً، حدثنا أبوبكر أحمد بن يوسف بن خلاّد، حدثنا محمد بن يونس، حدثنا عبداللَّه بن داود الخريبي عن نعيم بن حكيم المدائني قال: حدثني أبومريم، عن عليّ بن أبي‌طالب قال انطلق بي رسول اللَّه …
وأيضاً رواه الخطيب في كتابه موضح أوهام الجمع والتفريق: ج 2 ص 432 فليراجع إليه فانّه لا يحضرني الآن.
ورواه ابن‌المغازلي الشافعي بسند آخر علي وجه آخر في الحديث: (240) من مناقبه ص 202 ط 2.
و قريباً منه سنداً ومتناً رواه أيضاً الحافظ الحسكاني من أعلام القرن الرابع والخامس في تفسير الآية: (81) من سورة الإسراء، في شواهد التنزيل: ج 1، ص 453 ط 2.
ورواه أيضاً أبوالخير أحمد بن اسماعيل الطالقاني‌المتوفّي سنة: (590) في الحديث: (40) من أربعينه، قال:
أخبرنا أبومحمد الموفق بن سعيد، أخبرنا أبوعليّ الصفّار، أخبرنا أبوسعد النصروي أخبرنا ابن‌زياد السمذي أخبرنا ابن‌شيرويه وأحمد بن ابزاهيم، قالا: أنبأنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا شبابة المدائني أنبأنا نعيم بن حكيم، أنبأنا أبومريم أنّه حدّثه:
عن عليّ بن أبي‌طالب قال: كنت أنطلق أنا وأسامة بن زيد؟ إلي أصنام قريش التي كانت حول الكعبة فنأتي العذرات [التي] حول الكعبة فنأخذ كلّ جزء برّاق بأيدينا فننطلق به إلي أصنام قريش فنلطّخها!! فيصبحون فيقولون: من فعل هذا بآلهتنا؟ فيظلّون عامّة النهار يغسلونها باللبن والماء!!
وبه قال شبابة: أنبأنا نعيم، أنبأنا أبومريم عن عليّ بن أبي‌طالب [عليه‌السلام] قال:
انطلق بي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم حتّي أتي بي الكعبة فقال: اجلس. فجلست إلي جنب الكعبة فصعد رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم منكبي‌ثمّ قال: انهض. فنهضت فلمّا رآي ضعفي تحته قال: اجلس. فجلست ونزل ثمّ جلس ثمّ قال لي: ياعليّ اصعد علي منكبي. فصعدت علي منكبه ثمّ نهض بي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم فلمّا نهض بي خيّل [إلّي أن] لو شئت نلت أفق السماء، فصعدت علي الكعبة وتنحّي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم فقال: ألق صنمهم الأكبر صنم قريش- وكان من نحاس موتّداً بأوتاد من حديد إلي الأرض- فقال لي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: عالجه. فجعلت أعالجه ورسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم يقول: (إيه إيه) فلم أزل أعالجه حتّي استمكنت منه فقال: اقذفه. فقذفته فتكسّر، ونزوت من فوق الكعبة وانطلقت أنا والنبيّ صلي للَّه عليه وسلم نسعي وخشينا أن يرانا أحد من قريش أو غيرهم قال عليّ: فما صعدته حتّي الساعة.
ومن أراد المزيد فعليه بما أورده العلاّمة المجلسي‌قدس اللَّه نفسه في الباب: (60) من فضائل أمير المؤمنين من بحار الأنوار: ج 38 ص 76 -38.
وليراجع أيضاً ما حقّقه العلامة الأميني طاب ثراه في غديرية ابن‌العرندس من كتاب الغدير: ج 7 ص 10، ط 1.
[289] رواه‌ابن‌المغازلي‌في‌الحديث: (240) من مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام، ص 202.
[290] هكذا جاء من طريق مخالفي أهل البيت عليهم‌السلام فليحقق.
[291] لا عهد لي بالحديث من طريق شيعة أهل البيت عليهم‌السلام.
[292] رواه السيد أبوطالب في أماليه كما في الحديث: (46) من تيسير المطالب، ص 49 ط 1.
[293] هذا هوالصواب، وفي أصلي: (فقال عليّ: ياأبتاه إنّي مقتول ذات ليلة؟ … ).
[294] وليلاحظ حرف الباء من كتابنا منية الطالب، ص 104، ط 1.
[295] رواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في الحديث: (63) في أواخر الباب الثالث من تيسير المطالب: ص 75 ط 1 ببيروت.
[296] كذا في أصلي من محاسن الأزهار، وهو أظهر مما في تيسير المطالب المطبوع ببيروت: «قال: كان عليّ عليه السلام يحمل لرسول اللَّه … ».
[297] وانظرالحديث: (187) وما بعده من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من‌تاريخ دمشق: ج 1، ص 154، ط 2.
[298] تقدّم ذكر إسناد المصنف إلي أبي‌عليّ الحسن بن عليّ الصفار في أواخر شرح البيت (12/11).
[299] كذا في هذا الحديث، وأكثر أخبار الباب خال عن ذكر انطلاق أبي‌بكر مع النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم في بداية الأمر، بل كثير منها صريح في أنّ رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم انطلق منفرداً وبعد فترة لحق به أبوبكر.
[300] وقريباً منه جدّاً رواه محمد بن سليمان في الحديث: (69) من مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام: 124: 1 ط 1. ورواه أيضاً الحاكم الحسكاني بأسانيد في الحديث: (140) وما بعده في تفسير الآية: (207) من سورة البقرة في شواهد التنزيل: ج 1، ص 130، ط 2.
[301] وهو السيّد الأجل الحسين بن إسماعيل الشجري والد السيّد المرشد باللَّه- المتوفّي عام: (420) المترجم تحت الرقم 261 من كتاب المؤلّفين الزيدية ص 235.
وأكثر أبيات أبي‌طالب المذكورة هاهنا رواه أمين الإسلام الطبرسي في تفسير الآية: (26) من سورة الأنعام في تفسير مجمع البيان: ج 4 ص 287.
وليلاحظ الحدائق الوردية ص 183، وأدب الطفّ: ج 4 ص 26.
[302] كذا في أصلي، وهذه القطعة من أبيات أبي‌طالب عليه‌السلام أوردتها عن مصادر في حرف التاء من كتاب منية الطالب ص 13، وفيه:
لقد حلّ مجد بني هاشم
مكان النعائم والنشرة
وللمقطع التالي أيضاً مصادر، وذكره أيضاً البلاذري في الحديث: (14) من ترجمة أبي‌طالب صلوات اللَّه عليه، من أنساب الأشراف: ج 2 ص 31 ط 1، بتحقيق المحمودي.
ورواه أيضاً أبوهفّان في المقطع: (16) مما جمعه من ديوان أبي‌طالب عليه‌السلام ص 69 بتحقيق المحمودي.
وأيضاً للأبيات المتقدمة مصادر يجدها الباحث في منية الطالب في مستدرك ديوان أبي‌طالب.
[303] وانظر ما يأتي عن المؤّلف في أواسط الفصل الأول بعد انقضاء شرح قصيدة الإمام المنصور باللَّه التي شرحها المؤلّف في مخطوطة محاسن الأزهار هذا: ص 240.
[304] هذا هو الصواب، وفي مخطوطتي: (فإن الخير بنجاسته أولي).
[305] بل كافّة المعصومين المنصوصين عليهم من العترة الطاهرة وشيعتهم أجمعوا علي ذلك، قال الشيخ المفيد رحمه اللَّه في كتابه: أوائل المقالات ص 45: اتّفقت الإمامية علي أن آباء رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم من لدن آدم إلي عبداللَّه [والد النبيّ كانوا] مؤمنين باللَّه عزّ وجلّ موحّدين …
وساق الكلام إلي أن قال: وأجمعوا علي أن عمّه أباطالب مات مؤمناً …
وروي شيخ الطائفة أبوجعفر الطوسي طاب ثراه- في تفسير الآية: (56) من سورة القصص» من تفسير التبيان: ج 8 ص 164 ط بيروت قال:
وعن أبي‌عبداللَّه وأبي‌جعفر عليهماالسلام: «أنّ أباطالب كان مسلماً» و عليه إجماع الإمامية لايختلفون فيه، ولها علي ذلك أدلّة قاطعة موجبة للعلم.
وقال أبوعليّ الطبرسي قدّس اللَّه نفسه في تفسيرالاية: (26) من سورة الأنعام من مجمع البيان: ج 4 ص 406 ط صيدا: قد ثبت إجماع أهل البيت عليهم‌السلام علي إيمان أبي‌طالب، وإجماعهم حجّة لأنّهم أحد الثقلين اللذين أمرالنبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم بالتمسّك بهما بقوله [المتواتر عنه]: «إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا».
وليلا حظ أيضاً ما ذكره رحمه اللَّه في تفسير الآية: (56)من سورة القصص في مجمع البيان: ج 7 ص 260.
وقال العلامة المجلسي رفع اللَّه مقامه في‌ذيل الحديث: (84) من الباب الثالث من فضائل أميرالمؤمنين عليه‌السلام من بحار الأنوار: ج 9 ص 29 ط الكمباني وفي ط طهران: ج 35 ص 138، قال:
وقد أجمعت الشيعة [الإماميّة] علي إسلامه وأنّه قد آمن بالنبي صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم في أوّل الأمر، ولم يعبد صنماً فطّ، بل كان من أوصياء إبراهيم عليه‌السلام، واشتهر إسلامه من مذهب الشيعة حتّي أن المخالفين كلّهم نسبوا ذلك إليهم،و تواترت الأخبار من طرق الخاصّة والعامّة في ذلك، وصنّف كثير من علمائنا ومحدّثينا كتاباً مفرداً في ذلك؟ كما لايخفي علي من تتبّع كتب الرجال.
وقال ابن‌الأثير في كتاب جامع الأصول: وما أسلم من أعمام النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم غير حمزة والعباس وأبي‌طالب عند أهل البيت عليهم‌السلام.
وليلاحظ وصية أبي‌طالب التي رواها محمد بن أحمد بن إسحاق الوشاء المتوفي عام: (325) كما في عنوان «باب البلاغة من وصايا المحتضرين ذوي الآراء والعقد الرصين» من كتاب الفاضل: ج 1، ص 143.
أقول: ومن أراد المزيد فعليه بمراجعة بحار الأنوار والغدير: ج 7 ص 386 والإمامة الكبري: ج 1، ص 169 -136 ط 1.
[306] وإليك تمام القصيدة علي ما أوردها المنصور باللَّه في‌كتابه الشافي: ج 2 ص71- ورواها أيضاً حميد الشهيد في‌ترجمة المنصور باللَّه، من‌الحدايق‌الوردية ص 183- قال:
بني عمنّا إن يوم الغدير
ليشهد للفارس المعلم
أبينا عليّ وصيّ الرسول
ومن خصّه باللوا الأعظم
لكم حرمة بانتساب إليه
وهانحن من لحمه والدم
لئن كان يجمعنا هاشم
فأين السنام من المنسم
وإن كنتمو كنجوم السماء
فنحن الأهلّة للأنجم
ونحن بنو بنته دونكم
ونحن بنو عمّه المسلم
حماه أبونا أبوطالب
وأسلم والناس لم تسلم
و قد كان يكتم إيمانه
فأمّا الولاء فلم يكتم
فأيّ الفضائل لم يحوها
ببذل النوال وضرب الكميّ
قفونا محمد في فعله
وأنتم قفوتم أبامجرم
هدي لكم الملك هدي العروس
فكافأتموه بسفك الدم
ورثنا الكتاب و أحكامه
علي مفصح الناس والأعجم
فإن تفزعوا نحو أوتاركم
فزعناإلي آية المحكم
أشرب الخمور وفعل الفجو
ر من شيم النفرالأكرم قتلتم
هداة الوري الطاهرين
كفعل يزيد الشقيّ العميّ
فخرتم بملك لكم زائل
يقصر عن ملكنا الأدوم
ولابدّ للملك من رجعة
إلي سالك المنهح الأقوم
إلي النفر الشمّ أهل الكسا
ومن طلب الحق لم يظلم
يغشّون بالنور أقطارها
وتنسلّ عن ثوبها الأسحم
أقول: ويعجبني‌أن أورد هاهنا مانظمه أبوالقاسم التنوخي عليّ بن محمد بن أبي‌الفهم الأنطاكي‌البغدادي- المولود (278) المتوفي 342 المترجم في‌كتاب الغدير: ج 3 ص 380- علي مارواه جمع منهم المؤلّف حميد بن أحمد المحلّي- المولود سنة: (582) المتوفي سنة: (652)- في أواخرالحدائق الوردية: ج 2 ص 211 قال:
قال: وكان عبداللَّه بن المعتزّ [العبّاسي] قد قال قصائد كثيرة علي قوافٍ وأوزان مختلفة يذكر فيها الطالبيين ويطعن عليهم ويصف ماكان من القرامطة [وينسب إليهم] وكان ابن‌المنجّم وغيره قد عارضوه علي أوزان قصائده إلاّ قصيدة له أولها:
أبي‌اللَّه إلاّ ما ترون فما لكم
غضاباً علي الأقدار يا آل غالب
فإنّه لم يعارض علي وزن قصيدته هذه، فاحتسب عليّ بن محمد التنوخي‌الردّ عليه بمثل قصيدته ناقضاً عليه فيما قاله ونصر الطالبيين وأقام لهم الحجح والبراهين في إبطال ما ذكره ابن‌المعتزّ، وجعلها علي لسان بعض الطالبيين فقال:
من ابن‌رسول اللَّه وابن‌وصيّه
إلي مدغل في عقدة الدين ناصب
نشا بين طنبور و دفّ ومزهر
وفي حجر شاد أوعلي صدر ضارب
ومن طهر سكران إلي بطن قينة
علي شبه في ملكها و شوائب
يعيب عليّاً خير من وطي‌ء الثري
وأكرم سار في الأنام و سارب
ويزري علي السبطين سبط محمد
فقل في حضيض رام نيل الكواكب
وينسب أفعال القرامط كاذباً
إلي‌عترة الهادي الكرام الأطائب
إلي‌معشر لايسرح الذّم‌بينهم
و لايدرأ؟ أعراضهم بالمعائب
اذاما انتدوا كانوا شموس نديّهم
وإن ركبوا كانوابدورالركائب
وإن سئلوا سحّت سماء أكفّهم
فأحيوا بميت المال ميت المطالب
وإن عبسوايوم‌الوغاضحك‌الردي
وإن ضحكوا أبكواعيون‌النوائب
نشوابين جبريل و بين محمّد
و بين عليّ خير ماش و راكب
وصي النبيّ المصطفي وصفيّه
و مشبهه في شيمة و ضرائب
ومن قال في يوم الغدير محمّد
وقد خاف من غدر العداة النواصب
أما أنا أولي منكم بنفوسكم
فقالوا بلي قول المريب الموارب
فقال لهم من كنت مولاه منكم
فهذا أخي مولاه بعدي و صاحب
أطيعوه طرّاً فهو مني بمنزل
كهارون من موسي الكليم المخاطب
وقولا له إن كنت من آل هاشم
فما كلّ نجم في السماء بثاقب
وإنّك إذ خوفّتنا منك كالذي
يخوفّ أسداً بالظباء الربائب
فقلت: بنو حرب‌كسوكم عمائماً
من‌الضرب في الهاماث حمر الذواتب
صدقت منايانا السيوف وإنّما
تموتون فوق الفرش مثل الكواعب
أبونا القنا والمشريفة أمّنا
واخوتنا جرد المذاكي الشوازب
وما للغواني والوغي فتعوّدوا
بقرع المثاني‌من قراع الكنائب
وقلتم قتلنا عبدشمس فملكهم
لنا سلب هل قاتل غير سالب
فيا عجباً من حارب ظلّ يدّعي
مواريث خيرالناس ملكاً لحارب
هوالسلب المغصوب لا يملكونه
و هل سالب للغصب إلاّ كغاصب
أأنفال جدّينا تحوزون دوننا
بزعمكم الأنقال يا للعجائب
وهل لطليق شركة مع مهاجر
فلاتثبوا في الدين وثب المواثب
أخو المرء دون العمّ يحوي تراثه
إذا قسم الميراث بين‌الأقارب
وأولاده في محكم الذكر فاقرأوا
أحقّ وأولي من أخيه المناسب
وجئتم مع الأولاد تبغون إرثه
فأبعد بمحجوب بحاجب حاجب؟
ويوم حنين قلت حُزنا فخاره
ولوكان يدري عدّها في المثالب
وهل واقف في حومة الحرب حائزاً
وإن كان وسط الصفّ إلاّكهارب
وما شهد الهيجاء من كان حاضراً
إذالم يطاعن قرنه ويضارب
فهلاّ كما كان الوصيّ‌مصمّماً
يعقب بالهندي كبش العصائب
وقلتم أبونا والد لمحمد
فأنتم بنوه دوننا في المراتب
فلا تنسيا العباس كان وجدّنا
أبوطالب مثلين عند التناسب
وأدناهما من كان بالسيف دونه
يفلّ شبا سيف العدوّالمناسب
وشتّان من آوي وواسابنفسه
و من دلف يغزوه بين المقانب
أبونا يقيه جاهداً و أبوكم
يجاهده بالمرهفات القواضب
فنحن بنو عمّ لنافوق مالكم
ونحن بنوه دونكم في التناسب
وعبت عليّاً في الحكومة بينه
وبين ابن‌حرب والطغام‌الأشائب
فقد حكم المبعوث يوم قريظة
ولا عيب في قول الرسول لعائب
ومثل علي في عقيل و طالب
أبولهب من جدّكم في التقارب
ونحن أسرنا عمّنا وأباكموا
فباتا بليل مكفهّر الجوانب
ونحن حقّنا بالفداء دماءكم
فلا تجحدونا حقّ تلك المواهب
وقلتم أضعتم ثار زيد وكنتم
كسالي فكادت لا تجب كل كاذب؟
أماثار فيه الطالبي‌ابن‌جعفر
فدكدك ركن الملك من كلّ جانب
وأمطر في جيّ وفي أرض فارس
سحائب موت ماطراً كالسحائب
إلي أن رمته غازيات دعاتكم
بسهم اغتيال نافذ السهم صائب
وقلت نهضنا ثائرين شعارنا
بثارات زيد الخير عندالتحارب
فما ذاك من حبّ لزيد و آله
ولكنّها تشعيبة من مشاعب؟
دعوتم إلينا عالمين بأنّكم
مكان الدنايا من دري و مناكب؟
فهلاّ بإبراهيم كان شعاركم
فيرجع داعيكم بحلّة خائب
بنا نلتم مانلتم من إمارة
فلا تظلموا فالظلم مرّ العواقب
وكم مثل زيد قدأبادت سيوفكم
بلا جرم غير الظنون الكواذب
أما حمل المنصور من أرض يثرب
نجوم هدي تجلو ظلام الغياهب
لهم عند ذكراللَّه في الليل رنّة
كرنّتكم عند اصطفاف المضارب
يتوجّهم ظلماً إذا أظلم الدجا
بكّل رقيق الحدّ أبيض فاضب
وقطّعتم بالبغي يوم محمّد
قرائن أرحام لنا وأقارب؟
وجّرعتم تحت التراب نبيّكم
بكاسات ثكل لا تطيب لشارب
قفوتم يزيداً في انتهاك حريمه
بكل محاد للإله محارب
تعدّونه فتحاً ولو كان أحمد
لعدّده من فادحات المصائب
وفي أرض باخمرا مصابيح قدثوت
مترّبة الهامات حمرا الترائب
يغسّلها هامي‌السحاب‌إذاهمي
و يكنفهاأيدي الظبا والحبائب
وغادر هاديكم بفخّ طوائفاً
تهاداهم بالقاع بعع النوائب؟
فيالسيوف فللت بمعاضد
ويا لأسود صرّعت بثعالب
و هارونكم أردي بغير جريرة
نجوم تقي مثل النجوم الثواقب
ومأمونكم سمّي‌الرضابعد بيعة
تود ذري شمّ الجبال الرواسب؟
فهل بعد هذا في البقيّة بيننا
بني‌عمّنا والصلح رعي لراغب
كذبتم وبيت اللَّه أوتصدرالظبا
سوارب من‌ها ماتكم و الشوارب
ولينا فولّينا أباكم فخاننا
و كان بمال اللَّه أوّل ذاهب
فكنّالكم في‌كل حال مناهلاً
عذاباً إذ يوردن حضرالجوانب؟
فلمّاملكتم كنتمو بعد ذلّة
أسوداً علينا داميات المخالب
فقل لبني العباس عمّ محمّد
و عمّ عليّ صنوه في المناسب
عزيز عليّ أن تدبّ عقاربي
إلي معشري الأدني دبيب العقارب
ولكن بدأتم وأنتصرتم فأقصروا
فليس جناة الذنب مثل المعاقب
و ليس سواء سبّ سيدة النساء
و سبّ رماد بالصفا و الأخاشب
و قد قال أصحاب النبي محمد
له: قد هجانا مشركو آل غالب
فقال لهم قولوا لهم مثل قولهم
فما مبتد للهجو مثل مجاوب
فهذا جواب للذي قال مالكم
غضاباً علي الأقدار يا آل طالب
هذا تمام قصيدة أبي‌القاسم عليّ بن محمد بن أبي‌الفهم التنوخي رحمه‌اللَّه المتوفّي سنة: (342) أخذناها من الحدائق الوردية: ج 2 ص 110.
ورواها أيضاً العلامة الأميني قدّس اللَّه نفسه إلي قوله:
أطيعوه طرّاً فهو منّي بمنزل
كهارون من موسي الكليم المخاطب(15)
كما في ترجمة القاضي التنوخي من أعلام القرن الرابع من كتاب الغدير: ج 3 ص 377.
ثمّ روي رحمه اللَّه قطعة منها عن الجزء العاشر من كتاب بشارة المصطفي: ص 268، وقطعة أخري منها عن بهاء الدين محمد بن حسن في تاريخ طبرستان، ص 100.
أقول: وللكلب الهراش العبّاسي ابن‌المعتزّ قصيدة أخري هائية أظهر فيها نصبه وعداءه لأهل البيت عليهم‌السلام، فردّ عليه علي رويّها صفيّ الدين عبدالعزيز بن سرايا الحلّي- المولود سنة (677) المتوفي عام: (752)- نشير إلي صدر قصيدة ابن‌المعتزّ وذيلها، ثم نتبعها بذكر قصيدة صفيّ الدين الحليّ حرفيةً تقريراً لعين أحبّة أهل البيت عليهم‌السلام فنقول:
قال ابن‌المعتزّ في بداية قصيدته الهائية:
ألا من لعين وتسكابها
تشكّي القذا وبكاها بها
وساق ما نبح به في قصيدته إلي أن قال في آخرها:
قتلنا الأميّة في دارها
ونحن أحقّ بأسلابها
إذا ما دنوتم تلقّيتمو
زبوناً أقرّت بجلاّبها
فأجابه الصفيّ الدين الحليّ رحمه اللَّه بقوله:
ألا قل لشرّ عبيدالإله
وطاغي قريش وكذّابها
وباغي العباد وباغي العناد
وهاجي الكرام ومغتابها
أأنت تفاخر آل النبيّ
وتجحدها فضل أحسابها
بكم باهل المصطفي أم بهم؟
فردّ العُداة بأوصابها
أعنكم نفي الرجس أم عنهمو؟
لطهر النفوس وألبابها
أما الرجس والخمر من‌دأبكم؟
وفرط العبادة من دأبها
وقلت: ورثنا ثياب‌النبيّ
فكم تجذبون بأهدابها؟
وعندك لا يورث الأنبياء
فكيف حظيتم بأثوابها؟
فكذّبت نفسك في الحالتين
ولم تعلم الشهد من صابها
أجَدُّك يرضي بما قلته؟
وما كان يوماً بمرتابها
وكان بصفّين من حزبهم
لحرب الطغاة وأحزابها
وقد شمّر الموت عن ساقه
وكشّرت الحرب عن نابها
فأقبل يدعو إلي حيدر
بأرغابها وبأرهابها
وآثر أن ترتضيه الأنام
من الحكمين لأسبابها
ليعطي الخلافة أهلاً لها
فلم يرتضوه لإيجابها
وصلّي مع الناس طول الحياة
وحيدر في صدر محرابها
فهلاّ تقمّصها جدّكم؟
إذاكان إذ ذاك أحري بها؟
إذا جُعِل الأمر شوري لهم
فهل كان من بعض أربابها؟
أخامسهم كان أم سادساً؟
و قد جليت بين خطّابها
وقولك: «أنتم بنو بنته
ولكن بنو العم أولي بها»
بنو البنت أيضاً بنو عمّه
وذلك أدني لأنسابها
فدع في الخلافة فصل الخلاف
فليست ذلولاً لركّابها
وما أنت والفحص عن شأنه؟
وما قمّصوك بأثوابها
وما ساورتك سوي ساعة
فما كنت أهلاً لأسبابها
وكيف يخصّوك يوماً بها
ولم تتأدّب بآدابها
وقلت: «بأنّكم القاتلون
أسود أميّة في غابها»
كذبت وأسرفت فيما ادّعيت
ولم تنه نفسك عن عابها
فكم حاولتها سراة لكم
فردّت علي نكص أعقابها
ولولا سيوف أبي‌مسلم
لعزّت علي جهد طلاّبها
وذلك عب‌د لهم لا لكم
رعي فيكمو قرب أنسابها
وكنتم أساري ببطن‌الحبوس
وقد شنّكم لثم أعتابها
فأخرجكم وحباكم بها
وقمّصكم فضل جلبابها
فجازيتموه بشرّ الجزاء
لطغوي النفوس وإعجابها
فدع ذكر قوم رضوابالكفاف
وجاؤا الخلافة من بابها
هم الزاهدون هم العابدون
هم الساجدون بمحرابها
هم الصائمون هم القائمون
هم العالمون بآدابها
هم قطب ملّة دين الإله
ودور الرحي حول أقطابهآ
عليك بلهوك بالغانيات
وخلّ المعالي لأصحابها
ووصف العذاري وذات الخمار
ونعت العقار بألقابها
وشعرك في مدح ترك الصلاة
وسعي السقاة بأكوابها
فذلك شأنك لا شأنهم
وجري‌الجياد بأحسابها
.[307] هذا هو الظاهرالمذكور في الحديث: (141) من شواهد التنزيل: ج 1، ص 131، ولفظ مخطوطتي من محاسن الأزهار غير واضح.
[308] كذا في أصلي، وفي‌شواهد التنزيل: وبتّ أراعيهم وما يثبتونني.
وللأبيات مصادر وأسانيد ذكرنا بعضها في حرف الراء من الباب السادس من نهج السعادة.
[309] لفظة: «نصر» رسم خطّها غير جليّ في أصلي.
[310] هذا الحديث مستفيض عن أمير المؤمنين عليه‌السلام، وشواهده أيضاً جمّة وسنذكر شزرةً منها.
[311] هذا الحديث متواتر عن النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم وله أسانيد ومصادر كثيرة جدّاً، وسنفردها بالذكر في رسالة مستقلة بعون اللَّه تبارك وتعالي.
[312] وهذا المعني وإن كان صحيحاً في حدّ ذاته، ويدلّ علي اعتراف ابن‌حنبل بصحّة قول أمير المؤمنين: «أنا قسيم الجنّة والنار»، ولكنّ المستفاد من كثير من الأخبار الواردة بهذا السياق إرادة معنيً آخر أقرّ لعيني محبّي أمير المؤمنين عليه‌السلام، وأقذي لعيون معاديه، منها ذيل الحديث الذي رواه الشيخ الصدوق رفع اللَّه مقامه في الحديث: (30) من الباب: (32) من كتاب عيون أخبار الرضا- عليه‌السلام-: ج 2 ص 84 قال:
حدّثنا تميم بن عبداللَّه بن تميم القرشي قال: حدثني أبي‌عن أحمد بن عليّ الأنصاري:
عن أبي‌الصلت الهروي قال: قال المأمون يوماً للرضا عليه‌السلام: يا أباالحسن أخبرني عن جدّك أمير المؤمنين بأيّ وجه هو قسيم الجنّة والنار؟ وبأيّ[معنيً هو؟] فقد كثر فكري في ذلك؟!!
فقال له الرضا عليه‌السلام: ياأميرالمؤمنين ألم ترو عن أبيك عن آبائه عن عبداللَّه بن عباس أنّه قال: سمعت رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم يقول: «حبّ عليّ إيمان وبغضه كفر»؟ فقال: بلي. فقال الرضا- عليه‌السلام-: فقسمة الجنّة والنار إذا كانت علي حبّه وبغضه فهو قسيم الجنّة والنار!! فقال المأمون: لا أبقانيي‌اللَّه بعدك يا أباالحسن أشهد أنّك وارث علم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
قال أبوالصلت الهروي: فلمّا انصرف الرضا عليه‌السلام إلي منزله أتيته فقلت له: يا ابن‌رسول اللَّه ما أحسن ما أجبت أمير المؤمنين؟.
فقال الرضا عليه‌السلام: يا أباالصلت إنّما كلّمته من حيث هو! ولقد سمعت أبي‌يحدّث عن آبائه عن عليّ عليه‌السلام أنّه قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: يا عليّ أنت قسيم الجنّة [والنار] يوم القيامة، تقول للنار: هذا لي وهذا لك.
ورواه عنه المجلسيّ العظيم رفع اللَّه مقامه في الباب: (84) من فضائل أميرالمؤمنين عليه‌السلام من بحار الأنوار: ج 39 ص 193.
ومنها ما رواه عبدالوهّاب الكلابي- المولود سنة: (305) المتوفّي عام: (396) المترجم في تاريخ دمشق: ج 37 ص 314 ط دار الفكر، وفي سير أعلام النبلاء ج 16 ص 557- قال: حدّثنا أبوالأغرّ أحمد بن جعفر الملطي- قدم علينا سنة: سبع وعشرين وثلاث مائة- قال: حدثنا محمد بن الليث الجوهري قال: حدثنا محمد بن الطفيل، قال: حدثنا شريك بن عبداللَّه قال:
كنت عند الأعمش وهو عليل فدخل عليه أبوحنيفة وابن‌شبرمة وابن‌أبي‌ليلي فقالوا [للأعمش]: يا [أ] با محمد إنّك في آخر [يوم من] أيّام الدنيا، وأوّل [يوم من] أيّام الآخرة، وقد كنت تحدّث في [مناقب] عليّ بن أبي‌طالب بأحاديث فتب إلي‌اللَّه منها!! [ف] قال [الأعمش]: أسندوني أسندوني. فأسند، فقال: حدثنا أبوالمتوكّل الناجي عن أبي‌سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه [وآله وسلم]: إذا كان يوم القيامة قال اللَّه تبارك وتعالي لي ولعليّ: ألقيا في النار من أبغضكما وأدخلا في الجنة من أحبّكما، فذلك قوله تعالي: «ألقيا في جهنّم كلّ كفّار عنيد» [23/ق: 50].
قال [شريك]: فقال أبوحنيفة للقوم: قوموا [بنا] لا يجي‌ء بشي‌ء أشدّ من هذا!!
هكذا جاء الحديث برقم: (3) في الأحاديث المختارة من مسند أبي‌الحسين الكلابي المطبوعة في آخر المناقب لابن المغازلي: ص 427.
وهكذا رواه الحافظ الحسكاني- بسنده عن أبي‌الحسين الكلابي وغيره- في تفسير الآية: (23) من سورة «ق» في شواهد التنزيل: ج 2 ص 265 -261 ط 2، وانظر ما أوردناه في تعليقه.
ورواه أيضاً الشيخ المفيد الحافظ عبدالرحمان الخزاعي في الحديث: (14) من أربعينه ص 54.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه المجلسي‌رفع اللَّه مقامه في الباب: (84) من فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام من بحار الأنوار: ج 39 ص 211 -193.
وأيضاً يراجع الباحث إلي ما رواه البحراني طاب ثراه في تفسير الآية: (23) من سور «ق» في تفسير البرهان: ج 4 ص 225 وما بعدها.
وأيضاً يراجع الطالب ما أورده السيّد البحراني رفع اللَّه مقامه في الباب: (102) من المقصد (1) من غاية المرام ص 390 ط القديم.
[313] ومثله رواه أيضاً- بسنده عن أحمد- الحافظ الحسكاني في الحديث: (8 -4) في الفصل الأول من مقدمة شواهد التنزيل: ج 1، ص 27 -26.
والظاهر أنّ بعض محبّي أعداء أهل البيت حرّف كلام أحمد عن مجراه الأصلي الصواب الذي ذكره أحمد، وإليك ذكر بعض من نقل كلام أحمد علي وجه الصواب:
منهم ابن‌حجر العسقلاني فإنّه قال- في‌آخر ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تهذيب التهذيب: ج 7 ص 376- ما لفظه:
وقد روي عن أحمد بن حنبل أنّه قال: «لم يرو لأحد من الصحابة من الفضائل ما روي لعليّ» وكذا قال النسائي وغير واحد.
وقريباً منه أفاده أيضاً ابن‌عبدالبرّ في أواسط ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من كتاب الإستيعاب المطبوع بهامش الإصابة: ج 3 ص 51 قال:
وقال أحمد بن حنبل واسماعيل بن إسحاق القاضي: «لم يرو في فضائل أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما روي في فضائل عليّ بن أبي‌طالب» وكذلك [قال] أحمد بن شعيب بن عليّ النسائي.
أقول: وقريباً منهما رواه أيضاً الحافظ الحسكاني في الحديث التاسع من الفصل الأول من مقدمة شواهد التنزيل: ج 1 ص 27 قال: أخبرنا أبوسعد السعدي بقراءتي عليه من أصله، قال: حدثنا أبوالحسين محمد بن المظفر الحافظ ببغداد، قال: حدثنا أبوالحسين العباس بن العباس الجوهري قال: سمعت حمدان بن الوراق يقول:
سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما روي لأحد من أصحاب رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم من الفضائل الصحاح ما روي لعليّ بن أبي‌طالب.
ورواه أيضاًالحاكم النيسابوري‌في‌أوّل مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام من‌المستدرك: ج 3 ص 107 قال:
سمعت القاضي أباالحسن عليّ بن الحسن الجراحي وأباالحسين محمد بن المظفر الحافظ يقولان: سمعنا أباحامد محمد بن هارون الحضرمي يقول: سمعت محمد بن منصور الطوسي يقول:
سمعت أحمد بن حنبل يقول: ماجاء لأحد من أصحاب رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم من الفضائل ما جاء لعليّ بن أبي‌طالب رضي اللَّه عنه.
ورواه بسنده عنه ابن‌عساكر في الحديث: (1117) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 83 ط 2 بتحقيق المحمودي.
[314] كذا في أصلي، ولعلّ الصواب: «عن العترة عليهم‌السلام».
[315] كذا في أصلي غير أنّ لفظة: (بيّن) كانت مكتوبة بخطّ الأصل بين السطرين، ولعلّ الصواب: (وقوله بقدم القرآن بيّن وذلك ظاهر).
[316] كذا في‌الحديث: (156) من مناقب ابن‌المغازلي: ص 119، ورسم الخطّ من أصلي في «الغندجاني» غير جليّ.
وأيضاً قريباً منه رواه ابن‌المغازلي في الحديث: (289/172) من كتاب المناقب: ص 232/131.
وأيضاً قريباً منه رواه الحافظ أبونعيم في ترجمة سوّار بن أحمد بن أبي‌سوّار من تاريخ إصبهان: ج 1 ص 341 قال:
حدثنا سوّار بن أحمد، حدثنا عليّ‌بن أحمد بن بشر الكسائي حدثنا أبوالعباس الهيثم بن أحمد الزيداني حدثنا ذوالنون بن إبراهيم المصري حدثنا مالك بن أنس:
عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جدّه [عن أبيه عن جدّه] قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: اذا كان يوم القيامة ونصب الصراط علي ظهراني جهنّم لايجوزها ولا يقطعها إلاّ من كان معه جواز بولاية عليّ بن أبي‌طالب.
وروي ابن‌السمان بسنده عن قيس بن أبي‌حازم قال: التقي أبوبكر وعليّ بن أبي‌طالب (رض) فتبسّم أبوبكر في وجه عليّ فقال له [عليّ]: مالك تبسّمت [في وجهي؟] قال: سمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم يقول: لا يجوز أحد الصراط الاّ من كتب له عليّ الجواز.
هكذا رواه المحبّ الطبري نقلاً- عن ابن‌السمان- في فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب ذخائر العقبي: ص 71.
ومن أراد المزيد فعليه بما جاء في تفسير آية المودّة ص 82 ط 1، وما في الباب: (54) من السمط الأول من فرائد السمطين: ج 1: ص 289 ط 1، وما في الباب: (33) من كتاب الأربعين المنتقي.
[317] هذا هو الصواب الموافق لمصادر ترجمته، وفي المناقب لابن المغازلي: «عبيداللَّه بن يزيد بن ورقاء … »، وفي أصلي المخطوط: «عبداللَّه بن يزيد … ».
[318] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «نظم ذلك بعض الشعراء فقال- ويروي أنّها لزين العابدين-». وللأبيات مصادر، وقد ورد في‌بعضها أنّها للإمام الباقر عليه‌السلام كما في تفسير آية المودّة الورق 47 /أ/ وفي ط 1: ص 162.
ورواه علي وجه آخر أبوالمعالي محمد بن محمد بن زيد العلوي- المتوفّي سنة: (478)- في المجلس: (13) من كتابه: عيون الأخبار الورق 41 /ب/ قال:
سمعت والدي رحمه اللَّه يقول: سمعت بعض شيوخنا يقول: كنت بمدينة الرسول عليه‌السلام فرأيت علي باب مسجد رسول اللَّه صبياناً يديمون اللعب ويكثرون الشغب فانتهرتهم ونفضتهم فقال أحدهم:
ألا نحن للحوض ذوّاده
نذود ونحرس روّاده
فمن سرّنا نال منّا المني
ومن ساءنا ساء ميلاده
ومن‌كان يسمعنا جفوةً [ظ]
فإنّ القيامة ميعاده
فما ساد من ساد إلاّ بنا
ولاخاب من حبّنا زاده
.[319] كذا في أصلي المخطوط من محاسن الأزهار، وهذا هوالحديث: (65) من مناقب ابن‌المغازلي ص 42 ط 2 وفيه:
أخبرنا أبوالحسن محمد بن محمد بن مخلّد البزّار، قال: حدثنا محمد بن محمد أبوزرعة.
[320] هذا هو الصحيح الموافق للمصدر ولترجمة الرجل، وفي أصلي: «الحسين» وهو تصحيف.
[321] كذا في أصلي، وفي مطبوعة مناقب ابن‌المغازلي: «حدّثنا سعد الخفاف، عن عطيّة عن أبي‌زيد الباهلي … ».
[322] وللحديث- أو ما يقربه أسانيد ومصادر- ورواه أيضاً أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي- كما رواه بسنده عنه الخوارزمي في الفصل: (22) من فضائل عليّ عليه‌السلام من مناقبه ص 359- قال:
أخبرنا أبوعبداللَّه الحافظ و أبوسعيد بن أبي‌عمرو، قالا: حدّثنا أبوعبداللَّه الصفار،حدّثنا أبويحيي عبدالرحمان بن محمد بن سلم الرازي بإصبهان، أخبرني يحيي بن ضريس، حدّثنا عيسي بن عبداللَّه بن عبيداللَّه بن عمر بن عليّ بن أبي‌طالب، حدّثني أبي، عن جدّه، عن علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام:
عن النبي صلي‌اللَّه عليه وآله وسلم قال: أنا أوّل من تنشقّ الأرض عنه يوم القيامة وأنت معي ومعنا لواء الحمد، هو بيدك تسير به أمامي تسبق به الأوّلين والأخرين.
ورواه أيضاً أبوبكر القطيعي تلميذ عبداللَّه بن أحمد بن حنبل كما في الحديث: (252) من فضائل علي من كتاب الفضائل: ص 179 قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا أبوالحسين بن راشد الطفاوي والصباح بن عبداللَّه أبوبشر- جار بدل بن المحبر- يتقاربان في اللفظ و يزيد أحدهما علي صاحبه [الآخر «خ»] قالا: حدّثنا قيس بن الربيع، قال: حدّثنا سعد الخفاف، عن عطية، عن محدوج بن زيد الذهلي؟ [قال]: إنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم آخي بين المسلمين ثمّ قال: يا عليّ أنت أخي وأنت مني بمنزلة هارون من موسي غير انّه لانبيّ بعدي. أما علمت يا عليّ أنّه أوّل من يدعي به يوم القيامة يدعي بي فأقوم عن يمين العرش في ظله فأكسي حلة خضراء من حلل الجنّة، ثمّ يدعي بأبيك إبراهيم ثمّ يدعي بالنبين بعضهم علي أثر بعض، فيقومون سماطين عن يمين العرش و يكسون حللاً خضراً من حلل الجنّة.
ألا وإني أخبرك يا علي أن أمتي أوّل الأمم يحاسبون يوم القيامة. ثمّ أنت أوّل من يدعي بك لقرابك مني و منزلتك عندي و يدفع إليك لوائي و هو لواء الحمد فتسير به بين السماطين آدم عليه‌السلام و جميع خلق اللَّه يستظلون بظل لوائي يوم القيامة، وطوله مسيرة ألف سنة، سنانه ياقوتة حمراء، قصبة فضة بيضاء، زجّه درة خضراء، له ثلاث ذوائب من نور، ذؤابة في المشرق، وذؤابة في المغرب، والثالتة وسط الدنيا مكتوب عليه ثلاثة أسطر [السطر] الأول: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، والثاني: الحمد للَّه ربّ العالمين، والثالث: لا إله إلاّ اللَّه، محمد رسول اللَّه. طول كلّ سطر ألف سنة، وعرضه مسيرة ألف سنة، قتسير باللواء والحسن عن يمينك والحسين عن يسارك حتي تقف بيني وبين ابراهيم في ظلّ العرش، ثمّ تكسي حلّةً خضراء من [حلل] الجنة ثم ينادي مناد من تحت الغرش: نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك عليّ.
أبشر يا عليّ إنّك تكسي اذا كسيت، وتدعي اذا دعيت، وتحيي اذا حييت.
ورواه العلامة الطباطبائي طاب ثراه في تعليقه عن مصادر قيّمة فليلاحظ.
أقول: وفي معني بعض محتويات هذا الحديث ما رواه عبدالكريم الرافعي- من أعلام القرن السادس- في ترجمة أبي‌الحسن الأديب علي بن محمد البياري من كتاب التدوين: ج 3 ص 419 ط 1 قال:
سمع [علي بن محمد البياري هذا] أباطلحة الخطيب يحدّث عن أبيه عن جدّه عن عليّ رضي‌اللَّه عنه؟ أنّ النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال:
أنا أوّل من تنشقّ الأرض عنه يوم القيامة و أنت معي ومعك لوإالحمد، و هو بيدك تسيربه أمامي؟ وتسق به الأوّلين والآخرين؟.
وروي الحاكم الكبير أبوأحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق- المتوفي عام (378)- في ترجمة أبي‌حذيفة إسحاق بن بشر الخراساني البخاري في كتابه الأسامي والكني: ج 4 ص 114 قال:
أخبرنا أبوعبيدمحمد بن أحمد بن المؤمّل الصدفي ببغداد، أنبأنا محمد بن عليّ بن خلف، أنبأنا إسحاق بن بشر أبوحذيفة الخراساني عن عبدالرحمان بن قبيصة بن ذويب، عن أبيه: عن ابن‌عباس أن النبي صلي‌اللَّه عليه وسلم قال لعلي: أنت أمامي يوم القيامة فيدفع إليّ لواءالحمد فأدفعه إليك، وأنت تذود الناس عن حوضي.
أقول: وهذا رواه أيضاً الحافظ بن عساكر في ترجمةعبدالرحمان بن قبيصة في الجزء: (41) من تاريخ دمشق ص 32 ط 1، و في ط دارالفكر: ج 35 ص 328 برقم: (3922 قال:
أنبأنا أبوغالب ابن‌البناء، أنبأنا، أبومحمد الجوهري أنبأنا أبوالحسن عليّ بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ، أنبأنا محمد بن أحمد بن المؤمل، أنبأنا محمد بن علي- هوا بن خلف- أنبأنا أبوحذيفة إسحاق بن بشر، أنبأنا عبدالرحمان بن قبيصة بن ذويب، عن أبيه عن ابن‌عباس …
و رواه أيضاً المتقي برقم: (36455) من كنز العّمال.
ثم أقول: ولذيل الحديث شواهد يحدها الباحث في الحديث: (329) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1 ص 291 -290.
[323] الظاهر أنّه هو الحسين بن القاسم بن عليّ بن عبداللَّه بن محمد بن الإمام القاسم الرسّي الحسني اليمني المعروف كوالده بالعياني المولود سنة: (356) المقتول عام: (404) المترجم بترجمة طويلة تحت الرقم: (386) من كتاب أعلام المؤلّفين الزيدية: ص 248.
[324] رواه ابن‌المغازلي في الحديث 295 من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام: ص 247.
[325] رأيت الحديث في مصادر ولكن كللت عن مراجعتها.
[326] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «ولم يحل بينه وبين عوائق الأزمان … ».
[327] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «إلاّ من يحمله في الدنيا».
وللحديث أسانيد ومصادر، يجد الباحث بعضها في الحديث: (208) وما بعدها من ترجمةأمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 165 -164، ط 2.
[328] وقريباً منه بسند آخر رواه أحمد بن الحسين البيهقي- كما رواه بسنده عنه الخوارزمي في: الفصل (22) من المناقب: ص 359.
ورواه بأطول مما هاهنا الخطيب البغدادي في ترجمة عبدالجبار بن أحمد السمسار، برقم: (5805) من تاريخ بغداد: ج 11، ص 122.
وأيضاً رواه الخطيب في ترجمة المفضل بن سلم برقم: (7106) من تاريخ بغداد: ج 13، ص 122.
ورواه ابن‌عساكر بأسانيد في الحديث: (843) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 233 ط 2.
ومن أراد المزيد فعليه بما في الباب: (85) من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام من بحارالأنوار: ج 39 ص 211.
[329] وللحديث مصادر وأسانيد يجد الباحث بعضها فيما أورده المنصور باللَّه القاسم بن محمد بن عليّ- من أئمّة الزيدية المتوفّي سنة (1029)- في عنوان (حيّ علي خير العمل جزء من الأذان) من كتاب الصلاة من كتاب الإعتصام بحبل اللَّه: ج 1 ص 312/281 وما حولهما ط 1.
ثمّ ساق شواهد علي جزئيّة «حيّ علي خير العمل» للأذان، من مائة طريق من ص 281 تا 313 ينبغي أن يراجعه كلّ من يهتمّ بحفظ آثار الشريعة، ولعلّنا أن نوفق بأن نلحق رسالة حيّ علي خير العمل حرفيّة بهذا الكتاب بعون اللَّه تعالي.
[330] ونهي عمر عنه مستفيض كما أنّ أمر رسول اللَّه به وجعله من أجزاء الأذان والإقامة مستفيض- بل متواتر- كما يتجلّي ذلك لكلّ منصف يراجع فقه الإمامية ورسالة: (الأذان بحيّ علي خير العمل) تأليف أبي‌عبداللَّه العلوي محمد بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن الحسين بن عبدالرحمان بن القاسم بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي‌طالب عليهم‌السلام- المولود سنة: (377) المتوفّي عام: (445)- فإنّه روي الحديث فيها عن مائة وثلاث وتسعين طريقاً!!!.
والرجل مترجم في مصادر منها كتاب أعلام المؤلّفين الزيدية ص 610.
ورسالة: (الأذان بحيّ علي خير العمل) طبعت مرّتين، وكلّ أحاديثها- أو جلّها- أوردها المنصور باللَّه القاسم بن محمد بن عليّ في كتابه الإعتصام بحبل اللَّه: ج 1، ص 313 -283. وممن روي من أتباع عمر نهيه عن ذكر جملة: (حيّ علي خير العمل) في الأذان والإقامة- هو عليّ بن محمد المعروف بالقوشجيّ المتوفي(879) فإنّه في شرحه علي بحث الإمامة من كتاب تجريد الإعتقاد، ص 374 قال:
فإنّه [أي عمر بن الخطّاب] صعد المنبر وقال: أيّها الناس ثلاث كنّ علي عهد رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وأنا أنهي عنهنّ وأحرّمهنّ وأعاقب عليهنّ: متعة النساء ومتعة الحجّ وحيّ علي خير العمل!!
ثمّ اعتذر القوشجي عن عمر بأنّه مجتهد!
فعلي الإسلام‌السلام إذا كان مجتهدوه كعمر وأشباهه يهتمّون لنقض نصوصه وتنكيل المؤمنين علي العمل به!!!.
[331] السقب- محركةً علي زنة الشغب-: ولد الناقة ساعة يولد.
[332] كلمتا: (دوات والحباب) رسم خطّهما من أصلي غير واضح.
[333] رسم خطّ هذه اللفظة في أصلي غير جليّ.
[334] ما بين القوسين مقتبس من الآية: (65) من سورة هود: 11.
[335] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: (تصبحوا … ).
[336] كذا في أصلي المخطوط.
[337] وليراجع قصّة ثمود ومهلكهم المذكورة في الحديث: (15) وما حوله من الباب السادس من كتاب النبوّة من بحارالأنوار: ج 11، ص 394 -388 ط الآخوندي.
[338] رواه السيّد أبوطالب يحيي بن الحسين في أماليه كما في‌ا لحديث: (64) من الباب الثالث من تيسير المطالب، ص 45 ط 1.
ورواه أيضاً أبويعلي أحمد بن المثنّي الموصلي في الحديث: (309) من مسند عليّ عليه السلام من مسنده: ج 1، ص 430 ط 1، قال:
حدثنا عبيداللَّه، حدثنا عبداللَّه بن جعفر [بن نجيح السعدي قال:] أخبرني زيد بن أسلم، عن أبي‌سنان يزيد بن أميّة الدئلي قال:
مرض عليّ بن أبي‌طالب مرضاً شديداً حتّي أدنف وخفنا عليه، ثمّ إنّه برأ ونقه، فقلنا: هنيئاً لك أباالحسن، الحمد للَّه الذي عافاك، قد كنّا نخاف عليك. قال: لكنّي لم أخف علي نفسي أخبرني الصادق المصدّق أنّي لا أموت حتّي أضرب علي هذه- وأشار الي مقدّم رأسه الأيسر- فتخضب هذه منها بدم- وأخذ بلحيته- وقال لي: يقتلك أشقي هذه الأمّة كما عقر ناقة اللَّه أشقي بني فلان من ثمود.
قال [الراوي]: فنسبه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم إلي فخذه الدنيا دون ثمود.
ورواه ابن‌عساكر بسنده عن أبي‌يعلي- وبأسانيد أخر- في الحديث: (1381) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 337 -335 بتحقيق المحمودي.
وللحديث مصادر وأسانيد أخر كثيرة، ورواه أيضاً أحمد بن عمر البصري المعروف بالبزّار- المتوفي سنة: (292)- في عنوان: «ومما رواه فضالة بن أبي‌فضالة عن عليّ» في أواخر مسند عليّ عليه السلام من مسنده: ج 3 ص 137،ط 1- قال:
حدثنا محمد بن عبدالرحيم، حدثنا الحسن بن موسي حدثنا محمد بن راشد، عن عبداللَّه بن محمد بن عقيل:
عن فضالة بن أبي‌فضالة الأنصاري قال: خرجت مع أبي‌عائداً لعليّ- وكان مريضاً- فقال له أبي: ما يقيمك بهذا المنزل، لو هلكت به لم يلك إلاّ أعراب جهينة، فلو دخلت المدينة كنت بين أصحابك، فإن أصابك ما تخاف أو نخافه عليك وليك أصحابك- وكان أبوفضالة من أهل بدر- فقال له عليّ: إنّي لست ميّتاً في مرضي هذا- أو من وجعي هذا- إنّه عهد إليّ النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم أنّي لا أموت حتّي- أحسبه قال: - أضرب وتخضب هذه من هذه- يعني [لحيته من دم] هامته.
[قال:] فقتل أبوفضالة معه بصفّين.
ورواه أيضاً أحمد بن حنبل- المتوفي عام: (240) في الحديث: (310) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل- كما رواه أيضاً في الحديث: (244) من مسند عليّ عليه‌السلام برقم: (802) من كتاب المسند: ج 1، ص 102 ط 1، وفي ط 2 ج 2 ص 133- قال:
حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا محمد- يعني ابن‌راشد- عن عبداللَّه بن محمد بن عقيل: عن فضالة بن أبي‌فضالة الأنصاري- وكان أبوفضالة من أهل بدر- قال: خرجت مع أبي‌عائداً لعليّ بن أبي‌طالب من مرض أصابه ثقل منه، قال: فقال له أبي: ما يقيمك في منزلك هذا؟ لو أصابك أجلك لم يلك إلاّ أعراب جهينة، تحمّل الي المدينة فإن أصابك أجلك وليك أصحابك وصلّوا عليك. فقال عليّ: إنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم عهد إليّ أنّي لا أموت حتّي أؤمّر ثم تخضب هذه- يعني لحيته- من دم هذه- يعني هامته- فقتل [عليّ عليه‌السلام] وقتل أبوفضالة مع عليّ يوم صفّين.
والحديث صحّحه أحمد محمد شاكر في تعليقه علي المسند، وأشار أيضاً الي مصادر كثيرة للحديث ينبغي‌أن يراجع اليه.
ورواه أيضاً الحاكم النيسابوري وصححه- وأقرّه الذهبي- كما في الحديث: (20) من فضائل عليّ عليه‌السلام من المستدرك: ج 3 ص 113، قال:
أخبرنا ابراهيم بن اسماعيل القاري‌ء حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا عبداللَّه بن صالح، حدثني الليث بن سعد، أخبرني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي‌هلال:
عن زيد بن أسلم أنّ أباسنان الدؤلي حدّثه أنه عاد عليّاً رضي اللَّه عنه في شكوي له أشكاها، قال: فقلت له: لقد تخوّفنا عليك يا أمير المؤمنين؟ في شكواك هذه‌فقال: لكنّي واللَّه ما تخوّفت علي نفسي منه، لأنّي سمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم الصادق المصدوق يقول [لي]: إنّك ستضرب ضربةً هاهنا- وأشار الي صدغيه- فيسيل دمها حتّي تختضب لحيتك ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقي ثمود.
ورواه عنه أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي- المولود سنة: (384) المتوفي عام: (458) في عنوان: «باب ما روي في إخباره [صلي‌اللَّه عليه وسلم] بتأمير عليّ رضي‌اللَّه عنه وقتله، وكان كما أخبر» - من كتاب دلائل النبوّة: ج 6 ص 438 ط دار الكتب العلمية ثم قال: ولهذا الحديث شواهد تقوّي بشواهد، ثمّ أورد بعض شواهده فليراجع.
[339] كذا في أصلي، وفي تيسيرالمطالب: «قال: أخبرنا عبداللَّه بن محمد بن دينار، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا الحسن بن اسماعيل، قال: حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا ابن‌أبي‌الزناد … ».
[340] هذا الوصف للخوارج- قبّحهم اللَّه قد جاء في روايات كثيرة.
[341] وهذا القول متواتر عن أميرالمؤمنين عليه السّلام يجد الباحث كثيراً من نصوصه في المختار: (271) وما بعده من نهج‌السّعادة: ج 2 ص 396 ط 1.
[342] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «فكان قتلهم دلالة علي أنّه المحقّ … ».
[343] ما بين المعقوفين أخذناه من كتاب مقاتل الطالبيين: ص 37 ط مصر.
[344] كذا في أصلي، وهذا سهو من المصنف أو خطأ من الكتّاب والناسخين، والصواب: «عبيداللَّه بن العباس» لأنّ عبداللَّه بن العباس لم يكن بالعراق حين استشهد أمير المؤمنين عليه‌السلام، بل كان هرب من أمير المؤمنين بسبب ما أخذه من بيت المال واستجار ببيت اللَّه الحرام زادها اللَّه عزّاً وشرفاً.
[345] كذا قال المصنف من دون ذكر شاهد ومصدر لما قاله، وهذا أيضاً سهو من المؤلّف، والصواب أنّه عليه‌السلام دفن أوّلاً وبداية بالغريّ وهو النجف الأشرف في البقعة المباركة التي يرفرف نورها الي الآن علي الآفاق.
[346] انظر تفصيل ترجمة الناصر للحقّ الحسن بن عليّ هذا بقلم المؤلّف في كتاب الحدائق الوردية: ج 2 ص 41 -28.
و أيضاً عقد له ترجمة حسنة عبدالسلام الوجيه- وذكر فيها أسماء كثير من تأليفاته- برقم: (317) من كتابه: أعلام المؤلّفين الزيديّة ص 213 -210 فقال:
الإمام الحسن الأطروش- المولود سنة: (230) المتوفّي عام: (304)- [هو] الإمام الناصر للحق الحسن بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ‌بن أبي‌طالب عليهم‌السلام الملقّب بالأطروش الناصر الكبير الناصر للحقّ …
وله أيضاً ترجمة مختصرة في حرف الحاء من رجال النجاشي والطوسي، وعنهما نقلها السيّد الخوئي رحمه اللَّه في معجم رجال الحديث: ج 5 ص 31 -30 ط 1.
وأشار ابن‌الأثير أيضاً الي بعض ما جري بين الناصر للحقّ وبين بعض معاصريه، كما في حوادث سنة: (304 -301) من تاريخ الكامل: ج 8 ص 105 -81.
[347] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «فتحكم لي بحكمك … ».
[348] وليلاحظ شواهد هذه القطعة ونواقضها في تعليق الحديث: (1411) وما بعده من ترجمة أمير المؤمين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 357 وص 367 -362 ط 2 بتحقيق المحمودي.
[349] هو أبوالقاسم إسماعيل بن أحمد البستي السجستاني، ترجمه الحاكم الجشمي في كتاب شرح العيون في عداد تلامذة القاضي عبدالجبار المعتزلي، بقوله:
«أبوالقاسم البستي، من هذه الطبقة، أبوالقاسم بن أحمد البستي، أخذ عن القاضي، وله كتب كثيرة، وكان جدلاً حاذقاً يميل إلي الزيدية، وصحب قاضي القضاة حتّي حجّ، وكان إذا سئل عن مسألة أحال عليه، وناظر الباقلاني فقطعه، لأنّ قاضي القضاة ترفّع عن مكالمته».
توفّي حدود سنة 420 ه. هكذا جاء في مقدّمة كتاب المراتب للبستي، ط 1.
وذكره ابن شهرآشوب في عنوان: «باب جامع» برقم: (951) من كتاب معالم العلماء ص 138 قال: أبوالقاسم محفوظ البستي زيديّ له كتاب المراتب.
وقال في الباب المتقدم الذكر آنفاً برقم: (990) ص 141: القاضي أبوالقاسم البستي زيديّ له كتاب الدرجات.
[350] كلاّ ثمّ كلاّ القياس ليس من جملة الأدلّة الشرعية، وما يستنتجه القائس ليس من حكم اللَّه في شي‌ء بل هو من حكم القائس بظنّه ووهمه، وقد أجمع المعصومون من عترة النبيّ صلوات اللَّه عليهم أجمعين علي بطلانه وعلي أنّ القائس مقتد بالشيطان فإنّه أوّل من أسّس القياس وقال- عند تمرّده عن امتثال أمر اللَّه بالسجود لآدم ما حكاه اللَّه تعالي عنه في الآية (12) من سورة الأعراف- وغيرها: «خلقتني من نار وخلقته من طين».
وقد بسط علماؤنا قدّس اللَّه أسرارهم في أصول الفقه أدلّة بطلان القياس، وأشار الي بعضها الميرزا حبيب اللَّه الخوئي طاب ثراه في شرحه- علي المختار الأول من نهج‌البلاغة- المسمّي بمنهاج البراعة: ج 2 ص 62 -58 ط 2 فليراجع.
[351] الظاهر أنّ مراد المصنّف من الحاكم هو الحاكم الجشمي مؤلّف كتاب تنبيه الغافلين.
[352] وقريباً منه رواه الخوارزمي في الفصل: (26) من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ص 281 ط الغريّ.
وأيضاً قريباً منه رواه الحمّوئيّ في آخر السمط الأوّل- قبل خاتمة الكتاب- من فرائد السمطين: ج 391 1 بتحقيق المحمودي.
وأيضاً قريباً منه رواه الباعوني في الياب: (59) من كتابه جواهر المطالب: ج 2 ص 106، ط 1، بتحقيق المحمودي.
[353] والأبيات رواها أبوالعرب محمد بن أحمد التميمي- المتوفي سنة (333)- في مقتل أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتاب المحن: ص 100 -99 ط 2 بمكتبة دار العرب ببيروت قال:
وحدثني محمّد بن بسطام قال: حدثنا أبوالزنباع قال: حدثني يحيي بن سليمان قال: حدثننا عمر بن عثمان- يعني الحمصي-، عن أبي‌إسماعيل الجعفي، قال: قالت أمّ الهيثم بنت عريان الخثعمية ترثي عليّاً رحمه اللَّه ورضي عنه:
ألا يا عين ويحك أسعدينا
ألا تبكي أمير المؤمنينا
رزئنا خير من ركب المطايا
وخيّسها وخير الناصرينا
ومن لبس النعال ومن حذاها
ومن يقرأ الثماني والمئينا
وكلّ مناقب الخيرات فيه
وحبّ رسول ربّ العالمينا
يقيم الخير لا يرتاب فيه
ويقضي بالفرائض مستبينا
وليس بكاتم علماً لديه
ولم يخلق من المتحزّبينا
ويدعو للجماعة من أتاه
ويهتك قطع أيدي السارقينا
وغرّونا بأنّهم عكوف
وليس كذاك فعل العاكفينا
أفي شهر الصيام فجعتمونا
بخير الناس طراً أجمعينا
ألم يأتوه إذ هربو جميعاً
وكان لقاؤه حصناً حصيناً
تبكّي أمّ كلثوم عليه
بعبرتها وقد رأت اليقينا
تطوف به لحاجتها إليه
فلما استيأست رفعت رنينا
فلا تشمت معاوية بن صخر
فإنّ بقيّة الخلفاء فينا
وقد أتت المقادة عن تراض
إلي ابن‌نبيّنا وإلي أخينا
وأن يعطي زمام الأمر قوماً
طوال الدهر غيرهم الأمينا
وأنّ الناس إذا فقدوا عليّاً
نعام في ظلام قد عشينا
وقال محقق الكتاب في تعليقه: الأبيات تنسب لأكثر من قائل، وهي ستّة أبيات في الكامل: ج 3 ص 157 [نسبها] لأبي الأسود الدؤلي، وهكذا [نقلها أبوالفرج] في الأغاني: ج 12 ص 329.
وانظر مقاتل الطالبيين: ص 43، وتاريخ الطبري: ج 1 ص 3467 ط القديم، وشذرات الذهب: ج 1 ص 51، وأسد الغابة: ج 4 ص 40، والاستيعاب: ج 3 ص 1132، ومروج الذهب: ج 4 ص 436.
[354] هذا البيت كان بخطّ الأصل في هامش أصلي ولكن رسم الخطّ في الشطر الثاني منه غير جليّ.
[355] الأبيات ذكرها أبوعمر في‌آخر ترجمة أميرالمؤمنين عليه السّلام من‌كتاب الاستيعاب المطبوع بهامش الإصابة: ج 3 ص 66.
[356] وبخطّ الأصل في هامش أصلي ما لفظه: (الصاب والعلقم بمعنيً واحد- ولكن اختلفت اللفظ ألا- وهو الحنظل.
[357] قال الطبرسي رفع اللَّه مقامه في تفسير الآية الكريمة من مجمع البيان ما محصّله: «قرأ الكوفيّون والشاميّون وسهل «زكيّةً» بغير ألف، وقرأ الباقون «زاكيةً» بالألف.
[358] الحديث معروف ولكن لم يتهيّأ لي الوقت للمراجعة الي مصادره.
[359] وإليك الحديث سنداً و متناً كما جاء تحت الرّقم: (326) من مناقب ابن‌المغازلي ص 281 قال:
أخبرنا القاضي أبوتمام علي بن محمّد بن الحسين، أخبرنا القاضي أبوالفرج أحمد بن علي بن جعفر بن المعلّي الخيوطي إذناً، حدثني أبوالطيب محمّد بن حبيش بن عبداللَّه بن هارون النيلي- في الطراز بواسط سنة إحدي و ثلاثين وثلاث مائة- قال: أخبرنا المشرّف بن سعيد الذارع، حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدّثنا سفيان بن حمزة الأسلمي عن كثير بن زيد، قال:
دخل الأعمش علي المنصور، و هو جالس للمظالم، فلما مرّ به قال له: يا سليمان تصدّر. فقال [الأعمش]: أنا صدر حيث جلست، ثم قال: حدثني الصادق، قال: حدثني الباقر، قال: حدثني السجّاد، قال: حدثني‌ا لشهيد، قال: حدثني التقي و هو الوصيّ أمير المؤمنين علي بن أبي‌طالب عليه السّلام، قال: حدثني النبي صلي اللَّه عليه وآله، قال: أتاني جبريل عليه السّلام فقال: «تختّموا بالعقيق فإنه أول حجر شهد للَّه بالوحدانية، ولي بالنبوة، ولعلي بالوصية، ولولده بالإمامة و لشيعته بالجنة … ».
[360] وهذا رواه الخوارزمي أيضاً في الحديث: (35) من الفصل: (19) من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام: ص (312).
ورواه أيضاً الكنجي‌الشافعي في كفاية الطالب ص 255 ط الغريّ.
ورواه أيضاً الحمّوئي في آخر الباب 23 من السمط الأول من فرائد السمطين: ج 1 ص 137.
[361] فليحقّق ذلك فإنّي لم يتهيّأ لي‌الوقت للمراجعة.
[362] هذا هوالظاهر، وفي أصلي: «أراد أن يكتب الي الرهط … ».
[363] ما اطّلعت بعد علي كيفية حيازة أبي‌بكر واخوته لخاتم النبيّ صلي الله عليه و آله، فليحقق.
[364] هذا هو الظاهر المذكور في ترتيب أمالي‌السيّد المرشد باللَّه: ج 1، ص 139، ط 1. وفي أصلي المخطوط من محاسن الأزهار- ومثله في الحديث (8) من كتاب النور المشتعل: ص 71، ط 1-:
أوفي الصلاة مع الزكاة مقامها
فاللَّه يرحم‌عبده الصبّارا
ومثلهما في ذيل الحديث: (237) من شواهدالتنزيل: ج 1، ص 237 ولكن في النور المشتعل: «فأقامها».
[365] كذا في أصلي، والحديث رواه ابن‌المغازلي برقم: (355) من كتابه مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام: ص 312 وقال: أخبرنا أبونصر أحمد بن موسي بن الطحّان إجازة، عن القاضي أبي‌الفرج الخيوطي قال: حدّثنا عبدالحميد بن موسي العباد، حدّثنا [محمّد بن إسحاق الخزّاز، حدّثنا عبداللَّه بن بكّار، حدثنا عبيدبن أبي‌الفضل؟ عن] محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن جدّه، عن علي عليه السّلام …
ومن أراد المزيد من روايات أميرالمؤمنين عليه السّلام حول نزول الآية المباركة فيه، فعليه بما رواها الحافظ الحسكاني في تفسير الآية الكريمة في الحديث 233 وتعليقه من شواهد التنزيل: ج 1 ص 226 تا 227 ط 2.
[366] هذا هوالحديث (358) من مناقب أميرالمؤمنين عليه السّلام لابن المغازلي ص 313 ط2. وقال القرطبي- ردّاً علي من قال: المراد من قوله تعالي: «ومن عنده علم الكتاب» هو عبداللَّه بن سلام-: وكيف يكون [المراد] عبداللَّه بن سلام و هذه السورة مكية وابن‌سلام أسلم بالمدينة [كما] ذكره الثعلبي.
وقال القشيري: قال ابن‌جبير: السورة مكية، و ابن‌سلام أسلم بالمدينة بعد[نزول] هذه السورة فلا يجوز أن تحمل هذه الآية علي ابن‌سلام.
وساق الكلام إلي أن قال: و قال عبداللَّه بن عطاء: قلت لأبي جعفر [محمّد] بن علي بن الحسين بن علي بن أبي‌طالب رضي‌اللَّه عنهم: زعموا «أنّ الذي عنده علم الكتاب» [هو]عبداللَّه بن سلام؟ فقال: إنّما ذلك علي بن أبي‌طالب رضي اللَّه عنه.و كذلك قال محمّد بن الحنفيّة.
وليلاحظ تفسير القرطبي: ج 9 ص 336، والعمدة لابن البطريق: ص 152 ط 1.
[367] رواه الثعلبي في تفسير آية الولاية في تفسيره الكشف و البيان: ج ا/الورق 74/أ/. ورواه عنه الحافظ ابن‌البطريق رحمه اللَّه في‌الفصل الخامس عشر من الجزء الأول من كتاب العمدة ص 59.
وأيضاً رواه عنه ابن‌البطريق في‌الفصل الأول في الحديث: (13) من كتابه خصائص الوحي المبين ص 44.
ورواه أيضاً الحافظ الحسكاني في تفسير الآية (55) من سورة المائدة في الحديث: (235) من شواهد التنزيل: ج 1، ص 229 قال:
حدثني‌أبوالحسن محمّد بن القاسم [الفقيه] الصيدلاني قال: أخبرنا أبومحمّد عبداللَّه بن أحمد الشعراني؟
قال: حدّثنا أبوعلي أحمد بن علي بن رزين الباشاني قال: حدّثني المظفر بن الحسن الأنصاري قال: حدّثني السندي بن علي الوراق؟ قال: حدّثنا يحيي بن عبدالحميد الحمّاني، عن قيس بن‌الربيع، عن‌الأعمش، عن عباية بن ربعي …
ورواه عنه وعن الثعلبي أمين الإسلام الطبرسي رفع اللَّه مقامه في تفسير الآية المتقدم الذكر في مجمع البيان.
وأيضاً رواه عن تفسير الثعلبي السيد المنصور باللَّه عبداللَّه بن حمزة في كتابه الشافي: ج 1، ص 122 ط 1.
ورواه أيضاً عن الثعلبي و غيره الحمّوئي في الحديث: (105) في الباب: (39) من السمط الأول من فرائد السمطين: ج 1 ص 191 ط 1.
[368] لفظة: «القطع» رسم خطّها من أصلي غير جليّ، وكانت مكتوبة بين السطرين في أصلي.
[369] لفظة: «ثمّ» رسم خطها لم يكن واضحاً في أصلي.
[370] كذا في أصلي غير أنّ مابين المعقوفين زيادة ظنّية منّا- والظاهر انّه «أخو أحمد بن الحسين بن بابا الآذوني» المذكور في الحديث: (61) من فضائل عليّ عليه‌السلام من ترتيب أمالي المرشد باللَّه: ج 1 ص 145.
[371] هو والد السيد المرشد باللَّه صاحب الأمالي الخميسية وغيرها.
[372] جملة: «أخبرنا أبوبريد أحمد بن بريد» رسم خطّها غير واضح.
[373] كذا في أصلي ولفظه غير واضح وكأنّ فيه: «والمودّ والناصر والإمام … »، وليراجع نسخة صحيحة.
[374] وليراجع ما أفاده السيّد المنصور باللَّه في كتاب الشافي: ج 1، ص 119، ط 1.
[375] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية- كما في الحديث: (14) من عنوان: (الحديث السادس في فضل أمير المؤمنين عليه‌السلام … ) من ترتيب أماليه: ج 1، ص 136، ط 1. ورواه بسنده عنه الخوارزمي في الحديث (7) من الفصل: (14) من مناقبه ص 81 وفي ط ص 137 قال:
وأخبرني الإمام الأجلّ شمس الأئمّة أخي أبوالفرج محمد بن أحمد المالكي [قال:]أخبرني الشيخ الإمام الزاهد أبومحمد اسماعيل بن علي بن اسماعيل، حدثنا السيّد الأجلّ الإمام المرشد باللَّه أبوالحسن يحيي بن الموفّق باللَّه …
ورواه الطبري في كتاب الولاية، والعكبري في‌الإبانة كما في‌عنوان: «فصل في ظالميه ومقاتليه» من مناقب آل أبي‌طالب: ج 3 ص 215.
ورواه أيضاً المسعودي- المتوفي سنة: (346)- في آخر سيرة أمير المؤمنين عليه‌السلام من مروج الذهب: ج 3 ص 423 ط بيروت.
ورواه أيضاً المرزباني في أخبار شعراء الشيعة كما في هامش كفاية الطالب ص 82.
ورواه أيضاً الشيخ الصدوق محمد بن عليّ بن الحسين- المتوفي سنة: (382)- في الحديث: (2) من المجلس: (21) من أماليه ص 86 قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطّان، قال: حدثنا العباس بن الفضل المقرئ، قال: حدثنا عليّ بن الفرات الإصبهاني قال: حدثنا أحمد بن محمد البصري قال: حدثنا جندل بن والق، قال: حدثنا عليّ بن حماد، عن سعيد [بن جبير]، عن ابن‌عباس …
ورواه عنه المجلسي رفع اللَّه مقامه في الباب: (88) من تاريخ أمير المؤمنين عليه‌السلام من بحارالأنوار: ج 39 ص 311.
ورواه أيضاً الفقيه الحافظ أبوالحسن عليّ بن محمد الجلاّبي الشافعي المعروف بابن المغازلي- المتوفي عام: (483)- في الحديث: (447) من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ص 394 ط 2 قال:
أخبرنا أبوالحسن محمد بن محمد بن مخلّد البزاّر، وأبوالفرج محمد بن هارون بن الحسين الفقيه المالكي رحمهما اللَّه قالا: أخبرنا القاضي أبوعمر القاسم بن جعفر بن عبدالواحد بن العباس بن عبدالواحد بن جعفر بن سليمان بن عليّ بن عبداللَّه بن العباس بن عبدالمطلب، حدثنا أبي‌وعمّاي أبوالقاسم وأبوالحسن وأبوعبداللَّه جعفر ومحمد ومحمد؟ قالوا: قري‌ء علي جدّنا العباس بن عبداللَّه بن جعفر- ونحن حضور نسمع- قال: حدثني عمّي يعقوب بن جعفر بن سليمان بن عليّ قال: حدثني أبي، عن أبيه، [عن أبيه] قال: كنت مع [أبي] عبداللَّه بن عباس وسعيد بن جبير يقوده فمرّ علي ضفّة زمزم فإذاً بقوم من أهل الشام يسبّون عليّاً عليه‌السلام فقال لسعيد: ردّني اليهم [فردّه اليهم] فوقف عليهم فقال: أيّكم السابّ للَّه عزّوجلّ …
ومثله رواه أيضاً أبوعبداللَّه محمدبن يوسف الكنجي الشافعي المستشهد عام: (658) في الباب العاشر من كفاية الطالب، ص 27 قال:
أخبرنا أبوالحسن ابن‌أبي‌عبداللَّه بن أبي‌الحسن البغدادي بدمشق عن الفضل بن سهل بن بشر الإسفرائني أخبرنا الحافظ أحمد بن عليّ البغدادي [قال:] القاسم بن جعفر بن عبدالواحد الهاشمي حدثنا أبي وعمّاي قالوا: قري‌ء علي جدّنا العباس بن عبدالواحد ونحن نسمع [قال:] حدثنا عمي‌يعقوب بن جعفر بن سليمان، حدثنا أبي حدثنا أبي عن أبيه؟ قال: كنت مع أبي‌عبداللَّه بن العباس وسعيد بن جبير يقوده …
ورواه أيضاً مسنداً صدر الدين أبوالمجامع ابراهيم بن محمد بن المؤيّد الحموئي- المولود سنة: (644) المتوفي عام (722)- في الباب 56 من السمط الاول من فرائد السمطين: ج 1، ص 157، ط 1.
وأقرب سند بما ذكره حميد الشهيد هاهنا هو ما أورده ابن‌عساكر في حرف الطاء برقم: (511) من معجم شيوخه قال: أخبرنا طلحة بن أحمد بن الحسين أبوالعزّ البصري المالكي القتاملي إجازةً كتب بها اليّ من البصرة قال: [قال:] أنبأنا أبوطاهر جعفر بن محمد بن الفضل العباداني أنبأنا أبوعمر القاسم بن جعفر بن عبدالواحد الهاشمي حدثنا أبوالعباس أحمد بن داود بن عليّ الهاشمي حدثنا أبوأسامة عبداللَّه بن أسامة المطلبي حدثنا جندل بن والق، حدثنا عليّ بن حمّاد، عن المنقري عمن حدثه عن ابن‌عباس.
[376] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي‌الخميسية- كما في الحديث: (43) في أواخر عنوان: «الحديث السابع … » من ترتيب أماليه: ج 1، ص 156 تا 157 ط 1.
[377] كذا في أصلي، و في ترتيب الأمالي الخميسية: ج 1 ص 156: «ولفظ الحديث له- قال: أخبرنا أبوعبداللَّه محمد بن جعفر بن حيّان … ». والحديث رواه الخفاجي مرسلاً في أواخر الفصل الأوّل من المقصد الرابع من تفسير آية المودّة: ص 154 ط 1.
[378] ذكره المسعودي بمغايرة لفظية طفيفة في تاريخ أيّام المعتصم العبّاسي قبيل خلافة الواثق باللَّه العباسي من كتاب مروج الذهب: ج 3 ص 475 ط دار الأندلس ببيروت.
[379] كذا في‌متن محاسن‌الأزهار، ومثله في مروج الذهب، وفي هامش محاسن الأزهار بخط كاتب المتن: (كان يبغض عليّاً عليه‌السلام). وانظر ترجمة الفضل بن أيّوب في كتاب القند: ص 654 برقم 1145.
[380] وبعده في مروج الذهب هكذا:
فبلغ من عداوة دلف هذا لأبيه ونصبه ومخالفته له- لأنّ الغالب علي أبيه التشيّع والميل الي عليّ- أن شنّع عليه بعد وفاته وهو ما حدّث به محمد بن عليّ القوهستاني قال: حدثنا دلف بن أبي‌دلف، قال: رأيت في المنام آتياً أتاني بعد موت أبي فقال لي أجب الأمير فقمت معه فأدخلني داراً وحشة وعرة وأصعدني علي درج منها ثمّ أدخلني غرفة في حيطانها أثر النار، وفي أرضها أثرالرماد، وإذاً به عريان واضع رأسه بين ركبتيه فقال كالمستفهم: دلف؟ قلت: [نعم] دلف، فأنشأ يقول:
فلو أنّا اذا متنا تُرِكنا
لكان الموت راحة كلّ حيّ
ولكنّا اذا متنا بعثنا
ونُسأل بعده عن كلّ شي‌ء
.[381] الظاهر أنّ هذا هو الصواب، ورسم الخطّ من أصلي في قوله: (غرضاً) غير واضح وربما يقرأ (عوضاً).
[382] هذا هو الظاهر، وما وضعناه بين المعقوفين زيادة منّا يقتضيها سياق الحديث، وما جاء مستفيضاً في تفسير الآية الكريمة، كما في الحديث: (822 تا 845) وتعليقاتها من شواهد التنزيل: ج 2 ص 189 تا 212 ط 2.
وفي أصلي المخطوط: (قيل يارسول اللَّه من قرابتك لمّا نزلت هذه الآية. قال عليّ وفاطمة وأولادهما).
والحديث رواه الواحدي أيضاً في تفسير الآية الكريمة في تفسيره الوسيط: ج 4 ص 51 ط دار الكتب العلمية ببيروت، قال:
أخبرنا أبوحسّان المزكّي [محمد بن أحمد بن جعفر- المتوفي عام: (432) المترجم في شذرات الذهب: ج 3 ص 250]- أنبأنا أبوالعبّاس محمد بن إسحاق- [المتوفي (354) المترجم في كتاب اللباب و ميزان الإعتدال: ج 3 ص 428]- أنبأنا الحسن بن عليّ بن زياد السدّي- المسري «خ» - أنبأنا يحيي بن عبدالحميد الحمّاني أنبأنا حسين الأشقر، أنبأنا قيس، أنبأنا الأعمش، عن سعيد بن جبير:
عن‌ابن‌عباس قال: لمّا نزلت «قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربي» قالوا: يا رسول اللَّه من هؤلاء الذين أمرنا [يأمرنا «خ»] اللَّه تعالي بمودّتهم؟ قال: عليّ وفاطمة وولديهما [وولدهما «خ»].
ورواه أيضاً شمس الدين محمد بن عبدالرحمان السخاوي- المتوفي سنة: (902) في كتابه: استجلاب ارتقاء الغرف الورق 18 /ب/، وفي ط 1: ص 67 قال:
وأخرج الطبراني في معجمه الكبير وابن‌أبي‌حاتم في تفسيره والحاكم في مناقب الشافعي والواحدي في الوسيط، وآخرون منهم أحمد في المناقب، كلّهم من رواية حسين الأشقر، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير:
عن ابن‌عباس رضي‌اللَّه عنهما قال: لمّا نزلت هذه الآية: «قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربي» قالوا: يارسول اللَّه من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: عليّ وفاطمة وابناهما.
أقول: وروايات جميع من أشار اليهم السخاوي- مع الزيادة- يجدها الباحث في تفسير الآية الكريمة في شواهد التنزيل فليراجع البتّة.
وروي ابن‌الجوزي المتوفي سنة: (597) في أواخر فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب التبصرة ص 453 قال:
وكان أحمد بن حنبل إذا سئل عن عليّ وأهل بيته قال: [هم] أهل بيت لا يقاس بهم أحد. [ثمّ قال ابن‌الجوزيّ]:
يا بني بنت النبيّ المصطفي
حبّكم ينفي عن المرء الظنن
إنّ للَّه علينا منناً
حبّكم شكر لهاتيك المنن
أنتم من لم يرد معطي‌الهدي
غير ودّ الناس إيّاكم ثمن
أنا عبدالحقّ لا عبدالهوي
لعن اللَّه الهوي فيمن لعن
وقال السمهوديّ في آخر القسم الثاني من جواهر العقدين الورق 191 /أ/ قال:
لا غرو في بثّي محاسن معشري
بالواضح التبيان والبرهان
نصحاً لهم ولأمّة فرضت مودّتها
لهم في منزل القرآن فالنصح
أوجبه علينا ربّنا
للكلّ في سرّ وفي إعلان
هذا ومااستقصيت منقبةً لهم
بالمنطق الأقصي من التبيان
إلاّ وعندي‌أنّ‌ماقد فاتني
أضعاف ما قد قلت في أزمان
فمحاسن الآل الكرام كثيرة
لا يحصها أحد سوي المنّان
من أجل أنّ نباعهامن أحمد
خير الخليقة سيّد الأكوان
صلّي عليه إلهناوعليهم
والصحب ما اخضرّت رُبي الأفنان
.[383] هذا هو الظاهر، وفي أصلي (من ظلم الأجير أجرته … ).
[384] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: (فلمّا كان يغيب احتيج الي الإسم ينبي‌ء عنه … ).
[385] هذا هو الظاهر، وفي أصلي‌المخطوط: (وكان الحضور والمغيب لا يجوز عليه في الحقيقة … ).
[386] تقدّم في شرح البيت الأوّل من هذه المخطوطة: ص 9.
[387] والأخبار الصحيحة الدالة علي ذلك مستفيضة، كما تتجلّي ذلك لكلّ من يراجع تفسير الآية الكريمة من شواهد التنزيل: ج 1 ص 432 تا 437 ط 2، وكذلك تفسير الآية الكريمة من تفسير البرهان: ج 2 ص 370 تا 372 ط 3.
[388] كذا في أصلي غير أنّ في هامشه بخطّ الأصل: «فعله»، ولعلّ الصواب أن يكون هكذا: «وهو اسم اشتقاقي فعله الأمان أمنه فهو مومن».
[389] للحديث- أو ما هو في معناه- أسانيد ومصادر يجدها الطالب في الحديث الأول وما بعده وتعليقاته من كتاب شعب الإيمان- تأليف البيهقي-: ج 1، ص 31 تا 34 ط 1.
[390] هذه جملة من المختار الثاني من الباب الثالث من نهج‌البلاغة.
[391] قال أمين الإسلام الطبرسي رفع اللَّه مقامه- في تفسير الآية الكريمة في مجمع البيان: ج 7 ص 118-: قرأ أهل الكوفة- غير عاصم-: «شقاوتنا» بالألف وفتح الشين، و[قرأ]الباقون: «شقوتنا» بكسر الشين من غير ألف …
قال أبوعليّ: (الشقوة) كالرقّة والفطنة. و (الشقاوة) [بفتح الشين وعلي زنة ضدّها السعادة] فالقراءة بهما جميعاً سائغة.
[392] الحديث رواه ابن‌المغازلي بما رواه عنه المصنف‌ها هنا في الحديث: (370) مناقبه ص 323 ثمّ قال:
أخبرنا أحمد بن محمد بن عبدالوهّاب إذناً، أخبرنا عمر بن عبداللَّه بن شوذب، حدثنا محمد بن جعفر العسكري حدثنا محمد بن عثمان، حدثنا عبادة بن زياد، حدثنا عمرو بن ثابت، عن محمد بن السائب، عن أبي‌صالح:
عن ابن‌عباس قال: وقع بين عليّ بن أبي‌طالب وبين الوليد بن عقبة كلام فقال له عليّ: [أسكت] يا فاسق! فردّ عليه؟ فأنزل اللَّه: «أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون» [18/السجدة: 32].
وللحديث مصادر وأسانيد، ورواه أيضاً أبوالفرج الإصبهاني في عنوان: «ذكر باقي خبر الوليد بن عقبة» من كتاب الأغاني: ج 5 ص 153، ط دار الفكر، قال:
حدّثني إسحاق بن بنان الأنماطي قال: حدثنا مبّشر، قال: حدثنا عبيداللَّه بن موسي قال: حدثنا ابن‌أبي‌ليلي، عن الحكم، عن سعيد بن جبير:
عن ابن‌عباس قال: قال الوليد بن عقبة لعليّ بن أبي‌طالب رضي‌اللَّه تعالي عنه: أنا أحدّ منك سناناً وأبسط منك لساناً وأملأ للكتيبة طعاناً. فقال له عليّ رضي اللَّه تعالي عنه: اسكت فإنّما أنت فاسق. فنزل القرآن: «أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لايستوون».
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه‌الحافظ الحسكاني في تفسير الآية الكريمة في الحديث: (610) وما بعده من شواهد التنزيل: ج 1، ص 572 تا 581 ط 2.
ورواه أيضاً عبدالكريم الرافعي- المتوفي سنة: (623)- في ترجمة عبدالرحمان بن محمد أبي‌نزار.
[393] ذكرها المؤلّف في سيرة الإمام الحسن عليه‌السلام من كتاب الحدائق الوردية: ج 1، ص 91 ط 2.
وبعض فقراتها ذكرها أيضاً الطبري.
وبعض فقراتها رواه ابن‌عساكر بسندين في ترجمة الشقي أبي‌الأعور السلمي عمرو بن سفيان من تاريخ دمشق: ج 46 ص 59 وفي ط دار الفكر: ج 46 ص 59.
ورواه أيضاً الباعوني في الباب: (71) من كتاب جواهر المطالب: ج 2 ص 317 ط 1.
وذكرها تفصيلاً ابن‌أبي‌الحديد- نقلاً عن كتاب المفاخرات للزبير بن بكّار، كما-في شرح المختار: (83) من نهج‌البلاغة: ج 6 ص 285 ط الحديث بمصر.
وعلقناه حرفيّاً علي الباب: (71) من جواهر المطالب: ج 2 ص 217 وما بعدها فليراجع.
[394] كذا في أصلي المخطوط من محاسن الأزهار، وعقد بعض معاصرينا- من إخوتنا الزيدية وهو عبدالسلام عباس الوجيه- ترجمة له في حرف العين تحت الرقم: (717) من كتابه أعلام المؤلّفين الزيدية: ج 1، ص 429 قال:
عليّ بن الحسين بن محمد الديلمي أبوالحسن الزيدي المعروف بشاة سريحان، من كبار علماء الزيدية في العراق. قال ابن‌أبي‌الرجال [في شأنه: هو] العلاّمة الكبير رئيس العراق حجّة الزيدية …
روي عن أبيه، عن أبي‌يعلي حمزة بن سليمان، عن شيخ الزيدية عبدالعزيز بن الإسحاق البقال. وعن أبيه، عن القاضي عبدالجبار بن أحمد، عن زيد بن اسماعيل بن محمد الحسني، عن السيد أبي العباس الحسني.
ومن مؤلّفاته كتاب المحيط بالإمامة كتاب حافل في مجلّدين ضخمين، وهو كالشرح لكتاب الدعامة للإمام أبي‌طالب الهاروني وإن كان في غير ترتيبه، يشتمل علي ذكر شبه المخالفين، وذكر بعض الفضائل في أدلّة اثبات إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام.
مصادر ترجمته طبقات الزيدية خ، الجواهر المضيئة ص 66 خ. لوامع الأنوار: ص 232، مؤلفات الزيدية: ج 2 ص 426، المستطاب (خ) مطلع البدور (خ).
[395] كلمة: «أسد» رسم خطّها غير جليّ في أصلي وكتبناها علي الظنّ.
[396] انظر تفصيل القصّة فيما أورده العلاّمة الأميني رفع اللَّه مقامه في كتابه القيّم الغدير: ج 8 ص 125 وما حولها من ط 1.
[397] تقدّم كلام المصنّف حول الآية الكريمة في شرح البيت: (23) من هذا المخطوط.
[398] رواه ابن‌المغازلي في الحديث: (367) من كتابه مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام ص 123/
[399] كذا في أصلي‌المخطوط، و في‌المطبوع من مناقب ابن‌المغازلي: «حدّثنا محمد بن حمدويه المروزي قال: حدّثنا أبوالموجّه، حدثنا عبدان، عن أبي‌حمزة … ».
[400] وهذا هو الحديث: (368) من مناقب ابن‌المغازلي ص 322 وللحديثان- أوما قاربهما- مصادر كثيرة جدّاً يجد الباحث شطراً كبيراً منها في الحديث (328) و ما يعده وتعليقاتها في تفسير الآية الكريمة في شواهد التنزيل: ج 1، ص 32 تا 330.
[401] جملة: «حدثنا الحضرمي» لم تكن موجودة في أصلي المخطوط من محاسن الأزهار، وأخذناها من‌الحديث: (368) من المناقب لابن المغازلي: ص 322.
[402] كذا في المطبوع من المناقب لابن المغازلي والظاهر أنّه الصواب، وفي أصلي المخطوط من محاسن الأزهار: «أبوموسي بن عبيدة الزيدي عن عبيداللَّه بن عبيدة الربذي … ».
[403] كذا في أصلي‌المخطوط، وفي المناقب لابن المغازلي: «فيمن نزلت هذه الآية يا نبيّ اللَّه … ».
[404] هذا هو الظاهر المذكور في المناقب لابن المغازلي، وفي أصلي: «قد عرفتكم صفتكم … ».
[405] هذا هو الصواب المذكور في‌الآية: (19) من سورة الحديد، و في أصلي: (والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لهم أجرهم ونورهم).
[406] كذا في أصلي، وفي المناقب لابن المغازلي: (يعني السابقين الأوّلين‌المؤمنين … ).
[407] كذا في أصلي المخطوط من محاسن الأزهار، وفي الحديث: (375) من مناقب ابن‌المغازلي ص 328: «أخبرنا أبوإسحاق إبراهيم بن طلحة بن غسّان … ».
[408] كذا في أصلي، وفي المناقب لابن المغازلي: «الحسين بن ثابت المدني … ».
[409] هذا هو الظاهر، وفي أصلي- و مثله في مطبوعة مناقب ابن‌المغازلي: «وإنّ محمّداً سألك أن تشرح لي … ».
[410] ومن قوله صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «أن تشرح لي صدري إلي قوله- وأشركه في أمري» مقتبس من الآية: (25 تا 32) من سورة «طه»: قال: ربّ اشرح لي صدري».
[411] كذا في أصلي، وفي‌مطبوعة مناقب ابن‌المغازلي: «وادع ربّك وسله يعطيك … ». والحديث رواه أيضاً فرات الكوفي‌باختلاف في‌بعض ألفاظه في تفسير سورة مريم من تفسيره. و رواه عنه الحافظ الحسكاني في الحديث: (57) في‌الفصل الخامس من مقدمات شواهدالتنزيل: ج 1،ص 56 ط 2. و رواه أيضاً أبونعيم الحافظ في كتابه: «مانزل من القرآن في عليّ» كما في الحديث: (11) من الباب (14) من تاريخ أميرالمؤمنين من بحارالأنوار: ج 35 ص 359 ط الآخوندي وكما في الحديث: (37) من النور المشتعل: 138.
[412] كذا في أصلي، وفي المناقب لابن المغازلي: «أبوعبيدبن حَربَويه».
[413] كذا في الحديث: (372) من المناقب لابن المغازلي، وفي أصلي: «الحسن بن محمد الزعفراني قال: حدثنا ابن‌عبيداللَّه … ».
[414] هذا أظهر مما في أصلي وفيه: «وروي أيضاً بإسناده عن مجاهد قال: قال عليّ‌بن أبي‌طالب: آية في كتاب اللَّه … ». وللحديث أسانيد كثيرة ومصادر جمّة يجد الباحث كثيراً منها في تفسير الآية الكريمة من شواهد التنزيل: ج 2 ص 311 تا 328 ط 2.
[415] قد بيّنه المصنّف في شرح البيت: (8) من هذا الشرح.
[416] وللحديثين أسانيد ومصادر سنشير إليها، ورواهما أيضاً الثعلبي في تفسير الآية الكريمة من تفسيره: ج 4/الورق 269 /أ/ قال:
أخبرنا ابن‌فنجويه، حدثنا أبوعليّ المقرئ [الحسين بن محمد]، حدثنا أبوالقاسم بن الفضل، حدثنا عليّ بن الحسين، حدثنا محمد بن يحيي بن أبي‌عمر، حدثنا محمد بن جعفر بن محمد بن عليّ بن حسين بن عليّ بن أبي‌طالب، حدثني رجل ثقة يرفعه الي عليّ بن أبي‌طالب قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم في قول اللَّه تعالي: «وصالح المؤمنين» هو عليّ بن أبي‌طالب.
[ثمّ قال الثعلبي:] أخبرنا عبداللَّه بن حامد الوزّان، أخبرنا عمر بن الحسن، حدثنا أحمد بن الحسن، حدثنا أبي‌حدثنا حصين، عن موسي بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه: عن أسماء بنت عميس قالت: سمعت رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه [وآله وسلم] يقول: «صالح المؤمنين» عليّ بن أبي‌طالب.
ورواه أيضاً ابن‌أبي‌حاتم بسنده عن عليّ عليه‌السلام- كما رواه عنه ابن‌كثير في تفسير الآية الكريمة من تفسيره: ج 4 ص 389-
قال: حدثنا عليّ بن الحسين، حدثنا محمد بن أبي‌عمر، حدثنا محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين قال:
أخبرني رجل ثقة يرفعه الي عليّ قال: قال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم في قوله تعالي: «وصالح المؤمنين» قال: هو عليّ بن أبي‌طالب.
ورواه عنه السيوطي مرسلاً في الحديث: (1150) من مسند عليّ عليه‌السلام من جمع‌الجوامع: ج 2 ص 121.
ورواه أيضاً المتقي في كنز العمّال: ج 6 ص 244 ط 1، كما رواه أيضاً في منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد: ج 2 ص 21.
وللحديث أسانيد أخر يجدها الطالب في تفسير الآية الكريمة في شواهد التنزيل: ج 2 ص 353 -341 ط 2.
وأيضاً يجد الباحث للحديث مصادر وأسانيد في تفسير الآية الكريمة في كتاب النور المشتعل ص 261 -257 ط 1.
[417] وهذا الحديث رواه السيّد المرشد باللَّه بسنده عن الحبري في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (8) من عنوان: «الحديث الأول في الإيمان وكلمة التوحيد … » من ترتيب أماليه: ج 1 ص 10 ط 1.
والحديث هو الحديث الرابع من تفسير الحبري الورق 3 /ب/ وفي ط 45 1.
ورواه الحافظ الحسكاني بسنده عن أبي‌بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي بسنده عن الحبري في الحديث (113) في تفسير الآية: (25) من سورة البقرة في‌كتاب شواهد التنزيل: ج 1 ص 96 ط 2.
[418] كذافي أصلي من مخطوطة محاسن الأزهار، وفي ترتيب أمالي‌المرشد باللَّه: «الحسين بن التوزي»، وفي الفقرة التالية: «وقال ابن‌التوزي إجازة … ».
[419] كذا في أصلي، وفي أمالي الشجري: «حدثنا أبوالحسن علي بن محمد … ».
[420] هذا هوالصواب الموافق لما في أمالي المرشد باللَّه، وفي أصلي: «حسين بن حسين … ».
[421] هذا هو الصواب الذي تقدّم بسند المصنف- الي القاضي الحسن بن عليّ بن الحسن الصفّار- في شرح البيت الرابع من هذا الكتاب: ص 34- وهاهنا قد سقط من أصلي من محاسن الأزهار، ما وضعناه بين المعقوفين.
والحديث رواه أيضاً الشيخ المفيد الحافظ أبومحمد عبدالرحمان بن أحمد بن الحسين الخزاعي- المتوفي بعد العام: (476)- في الحديث: (28) من كتابه الأربعين عن الأربعين قال:
أخبرنا القاضي أبوعلي الحسن بن عليّ الصفّار بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبوعمر ابن‌مهدي قال: أخبرنا أبوالعباس ابن‌عقدة، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسن القطواني قال: حدثنا ابراهيم بن الحسن الأنصاري قال: حدثنا إبراهيم بن جعفر بن عبداللَّه بن محمد بن مسلم، عن أبي‌الزبير.
[422] كذا في أصلي، والظاهر أنّ لفظتي: «بن عليّ» في أصلي من سهو قلم الكاتب، إذ لترجمة ابن‌عقدة مصادر كثيرة جدّاً، وكلّها خالية عن ذكر «عليّ» في سلسلة نسبه، وبظنّي أن لفظة «عليّ» محرفّة عن «عجلان» المذكور في سلسلة نسب أحمد بن محمد بن سعيد ابن‌عقدة علي ما في فهرس النجاشي ص 73 وتاريخ بغداد: ج 5 ص 14 وغيرهما فليراجع.
[423] ولحديث جابر هذا أسانيد ومصادر كثيرة، ورواه أيضاً ابن‌عساكر في الحديث: (958) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 442 ط 2 بتحقيق المحمودي قال:
أخبرنا أبوالقاسم ابن‌السمرقندي أنبأنا عاصم بن الحسن، أنبأنا أبوعمر بن مهدي أنبأنا أبوالعباس ابن‌عقدة …
ورواه أيضاً الشيخ الطوسي رفع اللَّه مقامه في الحديث (36) من الجزء التاسع من أماليه قال: أخبرنا أبوعمر عبدالواحد بن محمد بن عبداللَّه بن محمد بن مهدي قال: أخبرنا أبوالعباس أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد ابن‌عقدة …
وللحديث أسانيد ومصادر كثيرة يجد الطالب كثيراً منها فيما رواه الحافظ الحسكاني في تفسير سورة البيّنة في الحديث: (1139) وما بعده من شواهد التنزيل: ج 2 ص 467 ط 2.
وليراجع أيضاً ما رواه السيّد البحراني رحمه اللَّه في الباب: (30) من المقصد الثاني من غاية المرام ص 329 -327 ط القديم.
وليلاحظ أيضاً ما رواه المجلسي رفع اللَّه مقامه في الباب: (13) من أبواب الآيات النازلة في شأن أمير المؤمنين عليه‌السلام من بحارالأنوار: ج 35 ص 344 وما حولها.
ورواه أيضاً أبوالفوارس في الحديث: (28) من أربعينه قال:.
[424] وليلاحظ ماأورده السيّد شرف الدين العاملي قدّس اللَّه نفسه في كتابه القيّم الفصول المهمّة ص 41 ط 1.
[425] كذا قال المنصف، ولم أر من يروي هذا الكلام عن العباس، و المصنف أيضاً لم يذكر مصدراً لما ادّعاه وذكره.
والذي جاء في المصادر الموثوقة- منها المختار: (65) من نهج‌البلاغة- أنّه لما انتهت إلي أميرالمؤمنين عليه‌السلام أنباء السقيفة بعد وفات رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: ما قالت الأنصار؟ قالوا: قالت: منّا أمير ومنكم أمير …
ثمّ قال عليه‌السلام: فما ذا قالت قريش؟ قالوا: احتجّت بأنّها شجرة الرسول صلي اللَّه عليه وآله وسلم! فقال عليه‌السلام: «احتجّوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة».
[426] وذكره أيضاً المورّخ الشهير محمد بن جرير الطبري في شرح مسند عليّ عليه‌السلام من كتاب تهذيب الآثار.
[427] ومثله في الحديث: (1045، و 1110) من المناقب لمحمد بن سليمان الكوفي: ج 2 ص 580/531 ط 1. وانظر ما علقناه عليهما.
[428] رواه السيّد المرشد باللَّه في‌الأمالي الخميسية- كما في الحديث الأوّل من عنوان: «الحديث السادس في فضل أمير المؤمنين عليه‌السلام» من ترتيب الأمالي الخميسية: ج 1 ص 133 ط 1.
وللحديث أسانيد ومصادر، ورواه أيضاً الشيخ الأقدم محمد بن سليمان- المتوفي سنة: (323) في الحديث: (81/67) من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام: ج 1 ص 122 وص 146 ط 1.
ورواه أيضاً الطبراني في مسند عبداللَّه بن العباس برقم: (116871) من المعجم الكبير: ج 11 ص 310 قال:
حدثنا محمد بن عبداللَّه الحضرمي حدثنا منجاب بن الحارث، حدثنا عيسي بن راشد، عن عليّ بن بذيمة عن عكرمة:
عن ابن‌عباس- رضي‌اللَّه عنهما- قال: ما أنزل اللَّه «ياأيّها الذين آمنوا» إلاّ وعليّ أميرها [و] شريفها ولقد عاتب اللَّه أصحاب محمد صلي اللَّه عليه وسلم في غير مكان [من القرآن] وما ذكر عليّاً إلاّ بخير.
ورواه عنه الهيثمي في فضائل عليّ عليه‌السلام من مجمع الزوائد: ج 9 ص 112.
ورواه أيضاً أبوبكر أحمد بن جعفر القطيعي- كما في الحديث: (236) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 161، ط 1- قال: حدثنا ابراهيم بن شريك الكوفي قال: حدثنا زكريّا بن يحيي الكسائي قال: حدثنا عيسي عن عليّ بن بذيمة، عن عكرمة:
عن ابن‌عباس قال: سمعته يقول: ليس من آية في القرآن [فيها] «ياأيّها الذين آمنوا» إلاّ وعليّ رأسها وأميرها وشريفها، ولقد عاتب‌اللَّه أصحاب محمد عليه‌السلام، في القرآن وما ذكر عليّاً إلاّ بخير.
وأشار العلاّمة الطباطبائي طاب ثراه في تعليق الحديث إلي مصادر له.
ورواه أيضاً الباعوني- نقلاً عن مناقب أحمد- في آخر الباب: (35) من جواهر المطالب: ج 1، ص 221 ط 1.
ورواه أيضاً أبونعيم الحافظ في ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من كتاب معرفة الصحابة: ج 1 ص 298 ط1، قال: حدثنا الحسين بن أحمد المخارق التستري حدثنا محمد بن الحسن بن سماعة، حدثنا القاسم بن الضحّاك، حدثنا عيسي بن راشد، عن عليّ بن بذيمة عن عكرمة: عن ابن‌عباس قال: ما أنزل اللَّه تعالي سورة في القرآن [وفيها: «ياأيّها الذين آمنوا»] إلاّ كان عليّ أميرها وشريفها، ولقد عاتب اللَّه تعالي أصحاب محمد، وما قال لعليّ إلاّ خيراً.
وأيضاً رواه أبونعيم الحافظ في ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتاب حلية الأولياء: ج 1، ص 64 ط1، قال: حدثنا محمد بن عمر بن غالب، حدثنا محمد بن أحمد بن أبي‌خيثمة، قال: حدثنا عبّاد بن يعقوب، حدثنا موسي بن عثمان الحضرمي عن الأعمش عن مجاهد: عن ابن‌عباس قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: ماأنزل اللَّه آيةً فيها: «ياأيّها الذين آمنوا» إلاّ وعليّ رأسها وأميرها.
ثمّ قال أبونعيم: لم نكتبه مرفوعاً إلاّ من حديث ابن‌أبي‌خيثمة، والناس رووه موقوفاً.
ورواه الخوارزمي بسنده عن أبي‌نعيم في الحديث: (4) من الفصل السابع عشر من مناقبه ص 188، وفي ط ص 267.
وأيضاً رواه الخوارزمي في أواخر الفصل المتقدم الذكر من مناقبه ص 279 قال:
أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ زين الأئمّة أبوالحسن عليّ بن أحمد العاصمي الخوارزمي أخبرني القاضي الإمام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي شيخ السنّة أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي أخبرنا أبوالحسين بن الفضل القطّان، حدثنا عليّ بن عبدالرحمان بن ماني الكوفي أخبرنا أحمد بن حازم بن أبي‌غرزة أخبرنا عقبة بن مكرم، عن عيسي بن راشد، عن عليّ بن بذيمة، عن عكرمة:
عن ابن‌عباس قال: ما أنزل اللَّه عزّ وجلّ في القرآن آية يقول فيها: «يا أيّها الذين آمنوا» إلاّ كان عليّ بن أبي‌طالب شريفها وأميرها.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه الحافظ الحسكاني- وما علقناه عليه- فيي الفصل: (6) من مقدمة شواهد التنزيل: ج 1، ص 72 -63.
وليراجع أيضاً الحديث: (940 -935) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 428 تا 430 ط 2.
وليلاحظ أيضاً ما رواه المجلسي رحمه اللَّه عن أبي‌نعيم‌الحافظ في الباب 13 من تاريخ أمير المؤمنين عليه‌السلام من بحارالأنوار: ج 35 ص 352 ط الآخوندي.
[429] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «وهذا يقتضي بإيمان عليّ عليه‌السلام … ».
[430] تقدمت الإشارة إليه في شرح البيت: (11) من القصيدة ص 61 من هذا الكتاب.
[431] رواه السيّد أبوطالب في أماليه،كما في الحديث (67) من الباب (3) من تيسير المطالب: ص 74 ط 1.
[432] كذا في تيسير المطالب، ولفظ مخطوطتي من محاسن الأزهار الي (سعد) أقرب منه الي (سعيد).
[433] لحديث أمّ المؤمنين أمّ سلمة سلام اللَّه عليها مصادر و أسانيد، و رواه الطبراني بسنده عنها في الحديث: (885 تا 886) من مسندها من المعجم الكبير: ج 203 ص 374 قال:
حدّثنا عبيدبن غنّام، حدّثنا أبوبكر ابن‌أبي‌شيبة.
حيلولة: وحدّثنا علي بن عبدالعزيز، حدّثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني قالا: حدّثنا محمّد بن فضيل، عن أبي‌نصر عبداللَّه بن عبدالرحمان، عن مساور الحميري، عن أمّه:
عن أمّ سلمة قالت: كان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم يقول: لايبغض عليّاً مؤمن ولايحبّه منافق.
وحدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي‌شيبة، حدّثنا واصل، حدّثنا ابن‌فضيل، عن عبداللَّه بن عبدالرحمان أبي‌نصر [الوراق]: عن مساوري‌الحميري عن أمّه:
عن أمّ سلمة قالت: كان رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم يقول: لايحبّ عليّاً إلاّ مؤمن ولايبغضه إلاّ منافق.
ورواه أيضاً الحافظ أبونعيم في الحديث: (74) في الباب السابع من كتاب صفة النفاق الورق 30 /ب/ قال:
حدّثنا أبوبكر الطلحي قال: حدّثنا عبيدبن غنّام، قال: حدّثنا أبوبكر ابن‌أبي‌شيبة، قال: حدّثنا محمّد بن فضيل عن أبي‌نصر، عن عبداللَّه بن عبدالرحمان، عن مساور الحميري عن أمّه قالت: سمعت أمّ سلمة تقول:
سمعت رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم [يقول:] لايبغض عليّاً مؤمن ولايحبّه منافق.ورواه أيضاً الترمذي في الحديث السابع من باب مناقب علي عليه‌السلام من سننه: ج 13، ص 168 بشرح الأحوذي وفي ط دار الكفر: ج 5 ص 594 قال:
حدّثنا واصل بن عبدالأعلي حدّثنا محمّد بن فضيل،عن عبداللَّه بن عبدالرحمان أبي‌نصر [الوراّق]:
عن مساور الحميري عن أمّه قالت: دخلت علي أمّ سلمة فسمعتها تقول: كان رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم يقول: لايحبّ عليّاً منافق ولايبغضه مؤمن.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب: و [ورد] في الباب عن عليّ [عليه‌السلام أيضاً]. ورواه أيضاً أحمد بن جعفر القطيعي- كما في الحديث: (181) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 122 ط 1- قال:
حدّثنا أحمد بن عبدالجبار، قال: حدّثنا محمّد بن عبّاد، قال: حدّثنا محمّد بن فضيل، عن أبي‌نصر عبداللَّه بن عبدالرحمان:
عن مساور الحميري، عن أمّه قالت: دخلت علي أمّ سلمة فسمعتها تقول: قال رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم لعلي: لايبغضك مؤمن ولايحبّك منافق.
و رواه أيضاً عبداللَّه بن أحمد بن حنبل- كما في الحديث: (224) من فضائل أميرالمؤمنين عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 156، ط قم- قال:
حدّثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال: سمعت محمّد بن فضيل قال: حدّثنا أبونصر عبداللَّه بن عبدالرحمان الأنصاري عن مساور الحميري، عن أمّه:
عن أمّ سلمة قالت: سمعت رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم يقول لعليّ: لايحبّك إلاّ مؤمن، ولايبغضك إلاّ منافق.
و أيضاً رواه أحمد وابنه عبداللَّه- كما في الحديث: (39) من مسند أمّ‌سلمة من كتاب المسند: 6 ص 292 وكما في الحديث: (292) من كتاب الفضائل ص 214-:
قال عبداللَّه: حدّثنا أبي[قال:] حدّثنا عثمان بن محمّد بن أبي‌شيبة- وسمعته أنا من عثمان بن محمّد- قال: حدّثنا محمّد بن فضيل، عن عبداللَّه بن عبدالرحمان أبي‌نصر قال:
حدّثني مساور الحميري، عن أمه قالت: سمعت أمّ‌سلمة تقول: سمعت رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم يقول لعليّ: لايبغضك مؤمن، ولايحبّك منافق.
ورواه ابن‌كثير عن أحمد وعن مصادر أخر في أوائل مسند أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتاب جامع المسانيد: ج 19، ص 28 -26 ط 1.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه ابن‌عساكر في الحديث: (707) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ج 2 ص 208 ط2.
وأيضاً رواه الطبراني في الحديث: (2177) من المعجم الأوسط: ج 3 ص 89 ط 1، قال:
حدّثنا أحمد [بن زهير] قال: حدّثنا عثمان بن هشام بن الفضل بن دلهم البصري قال: حدّثنا محمّد بن كثير الكوفي قال: حدّثنا الحارث بن حصيرة، عن أبي‌داود السبيعي:
عن عمران بن الحصين: أن رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم قال لعليّ: لايحبّك إلاّ مؤمن ولايبغضك إلاّ منافق.
.[434] رواه السيد أبوطالب في أماليه كما في الحديث 61 من الباب الثالث من كتاب تيسير المطالب: ص 74 ط 1.
وبهذا اللفظ رواه أحمد بن حنبل في الحديث: (103) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 68 ط قم قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا إسرائيل، عن الأعمش، عن أبي‌صالح …
وأيضاً رواه السيد أبوطالب بسند آخر ولفظ أشمل- كما في الحديث: (47) من الباب الثالث من تيسير المطالب ص 49- قال: حدثنا أبوأحمد عبداللَّه بن عديّ الحافظ، قال: حدّثنا أحمد بن عمربن محمّد الزيبقي بالبصرة؟ قال: حدّثنا الحسن بن مدرك الطحان، قال: حدّثنا عبدالعزيز بن عبداللَّه القرشي قال: حدّثنا سفيان الثوري عن مهدي العبدي؟:
عن أبي‌سعيد الخدري قال: لم نزل نعرف المنافقين و نحن مع رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ببغضهم لعليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام.
ورواه أيضاً أحمد بن حنبل في الحديث: (103) من فضائل أميرالمؤمنين عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 68 ط قم، قال:
حدّثنا أسود بن عامر، قال: حدّثنا إسرائيل، عن الأعمش عن أبي‌صالح، عن أبي‌سعيد الخدري قال: إنّما كنّا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم عليّاً.
ورواه العلامة الطباطبائي طاب ثراه في تعليقه عن مصادر كثيرة.
ورواه أيضاً الترمذي في الحديث الخامس من فضائل عليّ عليه‌السلام في كتاب المناقب برقم: (3717) من سننه: ج 5 ص 553 قال:
حدّثنا قتيبة، حدّثنا جعفر بن سليمان، عن أبي‌هارون، عن أبي‌سعيد الخدري قال: إنّا كنّا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم عليّ‌بن أبي‌طالب.
[ثمّ قال الترمذي:] و قد روي هذا عن الأعمش عن أبي‌صالح، عن أبي‌سعيد.
ورواه أيضاً أبونعيم الحافظ في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي من حلية الأوليإ: ج 6 ص 294 ط 1 قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن يحيي وإبراهيم بن عبداللَّه قالا: حدّثنا محمّد بن إسحاق، حدّثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا جعفر بن سليمان، عن أبي‌هارون العبدي:
عن أبي‌سعيد الخدري قال: إن كنّا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي ابن‌أبي‌طالب.
ومن أراد المزيد فعليه بما أفاده الطباطبائي طاب ثراه في تعليق الحديث (103) من كتاب الفضائل ص 68 وبالحديث: (722) و ما بعده من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 219 ط 2.
[435] هذا هو الظاهر من السياق، وفي أصلي المخطوط: (فيا للخوارج الويل والتبار … ).
[436] رواه- مع الحديث التالي- السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسيّة- كما في الحديث الخامس والسادس من الأمالي الخميسيّة: ج 1 ص 134، ط 1، وفيه: أخبرنا أبوالقاسم الحكم بن محمد بن اسماعيل بن الحكم المحروقي …
ولحديث عمّار- رفع اللَّه مقامه- مصادر وأسانيد كثيرة جدّاً، وقد رواه الزبير بن بكّار بأسانيد في الحديث (171) وما بعده في الجزء: (16) من كتاب الموفقيات الورق /80/أ/ وفي‌ط بغداد: ص 312 تا 313.
وقد علّقنا أحاديث الزبير بن بكّار حرفيّة مع أحاديث أخر علي الحديث: (594) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 95 -91.
ورواه أيضاً محمد بن سليمان الكوفي- المتوفي سنة: (322)- في الحديث (333) في أواخر الجزء الثالث من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام: ج 1، ص 428 ط 1.
وأيضاً رواه محمد بن سليمان في الحديث: (883) في الجزء السابع من مناقبه: ج 2 ص 405. وأيضاً رواه الحافظ عبدالرحمان بن أحمد بن الحسين الخزاعي من أعلام القرن الخامس في الحديث: (39) من أربعينه.
ورواه أيضاً أبوالخير الطالقاني أحمد بن اسماعيل القزويني- المتوفي سنة: (590)- في الباب السابع من كتابه الأربعين المنتقي قال:
أخبرنا أبوالقاسم الشحامي أخبرنا أبوبكر البيهقي وغيره إذناً قالوا: أخبرنا الحاكم أبوعبداللَّه، أنبأنا علي بن حمشاد بن سختويه بن نصر المعدّل أبوالحسن، أنبأنا ابراهيم بن الحسين بن ديزيل الكسائي أنبأنا عبدالعزيز بن الخطّاب، أنبأنا عليّ بن هاشم، عن محمد بن [عبيداللَّه بن] أبي‌رافع، عن أبي‌عبيدة [بن محمد] بن عمّار بن ياسر، عن أبيه [محمد، عن أبيه] عمّار بن ياسر قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: [أوصي] من آمن بي وصدّقني بولاية عليّ بن أبي‌طالب، من تولاّه فقد تولاّني ومن تولاّني فقد تولّي اللَّه، ومن أحبّه فقد أحبّني ومن أحبّني فقد أحبّ اللَّه، ومن أبغضه فقد أبغضتي ومن أبغضني فقد أبغض اللَّه.
ورواه أيضاً ابن‌أبي‌حاتم الرازي في ترجمة … من كتاب الجرح والتعديل: ج 7 ص 204. ورواه ابن‌عساكر بسنده عن ابن‌أبي‌حاتم في ترجمة محمد بن ادريس بن المنذر، من تاريخ دمشق: 52 ص 7 ط دار الفكر، وفي المصوّرة الأردنيّة: ج 15 ص … وفي مختصر ابن‌منظور: ج 22 ص 10، ط 1.
وللحديث أسانيد ومصادر أخر، يجد الباحث كثيراً منها في الحديث: (594) وما بعده وتعليقاته من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 91.
[437] كذا في أصلي، وفي ترتيب الأمالي الخميسية: ج 1، ص 134: (المحروقي؟).
[438] كذا في أصلي، وفي ترتيب الأمالي: (أخبرنا أبوالطيّب محمد بن الحسين بن النحاس … ).
[439] كذا في أصلي، وفي الأمالي الخميسية: ج 1 ص 134: «عليّ البربهاري».
[440] وللحديث أسانيد و مصادر، و رواه أيضاً أبوالقاسم اللألكاني هبةاللَّه بن الحسن المتوفي عام: (418) في أواسط فضائل علي عليه‌السلام برقم: (2643) من كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة: ج 7 ص 1378، قال:
أنبأنا محمّد بن عبدالرحمان قال: أنبأنا يحيي بن محمّد بن صاعد، قال: أنبأنا هلال بن بشر، قال: أنبأنا عبدالملك بن موسي الطويل عن أبي‌هاشم [يحيي بن دينار] صاحب الرمّان، عن زاذان، عن سلمان قال: سمعت رسول‌اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم يقول لعلي: محبّك محبّي، ومبغضك مبغضي
ورواه أيضاً القاضي أبوبكر الأنصاري محمّد بن عبدالباقي قاضي المارستان- المولود(442) المتوفي (535)- في الجزء الثالث من مشيخته الموجود في مكتبه فيض اللَّه باستنبول برقم: (533) في الورق 70 منه /ب/ قال:
أخبرنا أبوالحسن بن قريش [علي‌بن الحسين] قال: أخبرنا أبوالحسن ابن‌الصلت الأهوازي قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن جعفر المطيري قال: حدّثنا علي بن الحسين بن علي بن الحسن الهاشمي قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا الفضل بن عطية:
عن أبي‌سعيد الخدري قال: قال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم لعليّ عليه‌السلام: من أحبّك فهو في الجنّة، ومن أبغضك فهو في النار.
و رواه أيضاً أبوطاهر أحمد بن محمّد بن أحمد السلفي الإصبهاني- المولود(475) المتوفي (576)- في‌الجزء الثالث من كتابه المشيخة البغدادية الورق 14 /ب/ قال:
أنبأنا الشيخ أبوغالب الحسن بن علي بن الحسن بن الشيخ البزار؟ أنبأنا أبوبكر محمّد بن عبدالملك بن محمّد بن عبداللَّه بن بشران السكري أنبأنا أبومحمّد عبيداللَّه بن أحمد بن معروف قاضي القضاة، حدّثنا أبوحامد محمّد بن هارون الحضرمي، حدّثني هلال بن بشر، حدّثنا عبدالملك بن موسي الطويل، عن أبي‌هاشم صاحب الرمّان، عن زاذان: عن سلمان الفارسي رضي اللَّه عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم يقول لعليّ رضي اللَّه عنه: محبّك محبّي و مبغضك مبغضي.
وأيضاً أورد ابن‌كثير أحاديث فيمن يحبّ عليّاً ومن يبغضه في أوائل مسند عليّ عليه‌السلام من جامع المسانيد: ج 19، ص 26 تا 28 ط 1.
و من أراد المزيد فعليه بما رواه الحافظ ابن‌عساكر في الحديث: (672) وما بعده و تعليقاته من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 185 تا 190، ط 2.
[441] لفظة: «قلب» رسم خطّها غير جليّ في أصلي.
[442] الأوّل مما وضعناه بين النجمتين مقتبس من الآية: (103) من سوره يوسف: 12، و الثاني منهما مقتبس من الاية: (70) من سورة «المؤمنون»: 23، وإليك تمام الأية: «أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحقّ و أكثرهم للحق كارهون».
[443] تقدم ذكر سند المصنّف الي القاضي أبي‌عليّ الحسن بن عليّ الصفّار في آخر شرح البيت: (11)، وكذلك في شرح البيت: (27/25).
[444] كذا في أصلي، ولعلّ الصواب: «عليّ بن عبدان الأهوازي».
[445] كذا في أصلي، و في جميع ما وجدناه من مصادر الحديث بكثرتها: «عن أبي‌ربيعة الأيادي عن ابن‌بريدة عن أبيه … ».
والحديث رواه ابن‌عساكر بأسانيد كثيرة في ترجمة عمّار و سلمان و المقداد و أبي‌ذرّ، في الحديث: (666) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 172، وجلّ ما أشرنا إليه رويناه في تعليق الحديث، فليلاحظ هناك.
[446] وها هنا ثلاثة أسطر من ألفاظ أصلي غير واضحة، وكتبناها علي الظنّ.
وما ذكره المصنف‌ها هنا حول المطرفية- ومثله يأتي أيضاً في ص 100 من هذه المخطوطة- لم يتيسّر لي العلم بمراد المصنف منهم وبهويّة الطائفة المطرفية التي ذكرها؟ وليلاحظ ما أفاده المصنف حولهم في كتابه الحدائق الوردية: ج 2 ص 179.
[447] وانظر ما أفاده أبوالفتح الكراجكي رفع اللَّه مقامه في الفصل السابع في أوائل كنز الفوائد: ج 1 ص 18، وفي ط ص 66، وكذلك ما أورده في الآجال في أواخر الجزء الثاني من كنز الفوائد: ص 267.
وليراجع أيضاً ما أفاده المحقق الطوسي طاب ثراه في بحث الآجال من كتاب تجريد الإعتقاد: ص 212.
[448] الشطر الأول من هذا البيت رسم خطّه من أصلي غير جليّ وكتبناه علي الظنّ.
[449] ومثلها في الآية: (9) من سورة الحجرات: 49، والآية: (8) من سورة الممتحنة: 60.
[450] لم اطلع بعد علي رواية اليسّد أبي‌طالب هذه.
[451] قريباً منه رواه الإمام القاسم بن محمد، عن مصادر في بحث القراءة في كتاب الصلاة من كتابه الإعتصام بحبل اللَّه: ج 1، ص 366 تا 368.
[452] وللحديث مصادر وأسانيد كثيرة جدّاً، والقول بتواتره قريب.
[453] رواه ابن‌المغازلي في الحديث 79 من المناقب: ص 55.
[454] هذا هو الصواب المذكور في المناقب لابن المغازلي، وفي أصلي المخطوط من محاسن الأزهار: «أحمد بن حازب».
[455] كذا فيه وما بعده في المطبوع من المناقب لابن المغازلي، ولكن فيه: «ابغني علي ذلك بيّنة». وفي الموردين من أصلي المخطوط من محاسن الأزهار: «بين احقايق وطرقا؟ … ».
[456] للحديث أسانيد ومصادر كثيرة جدّاً.
[457] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: (وقتلوا الي خمسين رجلاً … ).
[458] أنّي لهم التوبة وقد أضلّوا جمعاً كثيراً من المؤمنين كما قتلوا جماعة من الأبرياء بلا تدارك لما جنياه، لاسيّما طلحة فإنّه علي آخر رمق منه كان مصرّاً علي جنايته!!
وأمّا الزبير فإنّه وإن ندم علي ما أتي به، ولكن ندمه بنفسه لم يكن توبة بل كانت توبته أن يقف مع أميرالمؤمنين ويعلن لمن أضلّهم وحملهم علي نكث بيعة أميرالمؤمنين بأنّه كان باغياً ضالاً في نكثه بيعة أمير المؤمنين وأنّه كان مخطئا أثيماً وأنّه تاب من إثمه وجنايته!!.
[459] بل الثابت من طريق أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام أنّ عليّاً عليه‌السلام بعد رسول اللَّه أفضل الخليقة طرّاً.
[460] كلمتا: (أنبأ به) رسم خطّهما غير واضح في أصلي المخطوط من محاسن‌الأزهار.
[461] كأنّ في أصلي: (أحمد بن أبي‌يحيي) ولكن لفظة: «أبي» رسم خطّها غامض.
[462] له ترجمة مختصرة تحت الرقم: (883) في حرف الظاء من كتاب منتخب السّياق: ص 424 ط 1 قال: ظفر بن داعي بن مهدي بن محمّد بن جعفر بن محمّد بن جعفر الملك؟ العلوي الاسترابادي أبوالفضل.
[463] وهو مترجم في مصادر كثيرة، وأيضاً له ترجمة حسنة تحت الرقم: (6040) من تاريخ بغداد: ج 11 ص 272 قال فيها: وبقي أبوحازم حيّاً حتي لقيته بنيسابور وكتبت عنه الكثير وكان ثقةً صادقاً عارفاً حافظاً يسمع الناس بإفادته ويكتبون بانتخابه …
وساق كلاماً الي أن قال: إنّ أباحازم مات في يوم عيد الفطر من سنة سبع عشرة وأربع مائة.
[464] ورواه أيضاً بسنده عن ابن‌عباس، محمّد بن علي بن الحسين المتوفي سنة (383) قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن الأعمش عن عباية الأسدي قال: كان ابن‌عباس …
ولاحظ تمام الحديث في تعليق الحديث: (1215) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 210 ط 2.
[465] هذه هي الآية: (66) من سورة الكهف، وما وضعنا بعد ذلك بين النجمات مرتب علي هذه الآية (67 تا 70) من سورة الكهف.
ولاحظ تمام الحديث في تعليق الحديث: (121) من ترجمة علي من تاريخ دمشق.
[466] لعلّ هذا هو الصواب، وظاهر رسم الخطّ من أصلي: «وهذا هيبة قد ذكره كثير من المطرفية … »، ولكن رسم الخطّ من قوله: «هيبة» غير واضح من أصلي.
[467] رسم الخط في‌أصلي من قوله: (فأمر بحلّها) غير جليّ وكتبناه علي الظن،ولعله من تتمّة الحديث الذي لم يتيسّر لنا الرجوع الي مصدره.
[468] كلمة: «يتضيّق» رسم خطّها في‌أصلي غير واضح.
[469] الحديث مشهور معروف، ولعلّ شهرته تغني عن تجشّم الفحص عن مصادره.
[470] هذا هو الظاهر،وفي أصلي: «وما ظنك بشي‌ء … ».
[471] دَمُث الرجل: سَهُل خُلُقُه. (المعجم الوسيط).
[472] لفظتا: «إلاّ ومثله» رسم خطّهما في أصلي غير جليّ.
[473] كلمتا: (الثناء … والثاقبة) رسم خطّهما غير واضح في أصلي.
[474] الظاهر أنّ هذا هو الصواب،وفي أصلي: «لا يحبّ واحداً … ».
[475] وهذا هوالحديث: (130) من المناقب لابن المغازلي: ص 87 ط 2 وإليك سند الحديث:
أخبرنا أبوغالب محمّد بن أحمد بن سهل النحوي رحمه اللَّه،أخبرنا أبوالحسن علي بن منصور الحلبي الأخباري، أخبرنا عليّ بن محمّد العدوي الشمشاطي، حدّثنا الحسن بن عليّ‌بن زكريا، حدّثنا أحمد بن المقدم العجلي، حدّثنا الفضيل بن عياض،عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن زاذان، عن سلمان …
ثمّ روي ابن‌المغازلي‌الحديث- أوما في معناه- بسنده عن أبي‌ذر،ثمّ رواه بسند آخر عن جابربن عبداللَّه الأنصاري.
والحديث رواه أيضاً أحمد بن حنبل في فضائل عليّ عليه‌السلام برقم: (251) من كتاب الفضائل ص 178 ط 1.
وأشار العلامة الطباطبائي طاب ثراه في تعليقه إلي مصادر للحديث.
ورواه الديلمي مرسلاً في حرف الخاء برقم: (2776) من كتاب الفردوس: ج 2 ص 305 ط دار الكتاب العربي.
وأيضاً رواه الديلمي مرسلاً في حرف الكاف برقم: (4884) من كتاب الفردوس: ج 3 ص 332 طبعة دارالكتاب العربي.
ورواه بسنده عنه الخوارزمي في‌أواسط الفصل: (14) من مناقبه ص 145.
وأيضاً رواه الخوارزمي بسنده عنه في آخر الفصل الرابع من المقتل: ج 1 ص 50 ط 1.
ورواه أيضاً العاصمي في أوّل الفصل: (5) من زين الفتي كما في الحديث: (34) من تلخيصه المسمّي ب «العسل المصفّي»: ج 1 ص 131 ط 1.
و رواه أيضاً الحافظ ابن‌عساكر في الحديث: (186) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1 ص 151 ط 2 ونحن أيضاً علقناه عليه عن مصادر.
[476] انظر ما تقدم في‌شرح البيت السادس من هذه القصيدة من مخطوطتي من هذا الكتاب ص 39.
[477] أي بلا تقييد.
[478] وللحديث أسانيد ومصادر،و قد رواه بأسانيد جمّة قدوة الراسخين في‌العلم والعمل السيّد ابن‌طاووس رفع اللَّه مقامه في كتاب اليقين وهو منشور بحمد اللَّه.
و قد رواه بسندين السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية- كما في الحديث: (42) وتاليه في عنوان: «الحديث السادس … » من ترتيب أماليه: ج 1،ص 141، قال:
أخبرنا القاضي أبوالقاسم علي بن المحسن بن عليّ التنوخي بقراءتي عليه ببغداد،قال: حدّثنا أبوالحسين محمّد بن المظفر من لفظه،قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن حفص الخثعمي بالكوفة قال: حدّثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي قال: حدّثنا يحيي بن سالم قال: حدّثنا صباح المزني عن العلاء بن المسيّب، عن أبي‌داود السبيعي:
عن بريدة قال: أمرنا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أن نسلّم علي عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام ب «يا أمير المؤمنين».
[و] أخبرنا القاضي أبوالقاسم التنوخي قال: حدّثنا أبوالحسين عبيداللَّه بن أحمد بن يعقوب بن البواّب المقرئ قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن حفص الخثعمي- فذكر الإسناد- وقال في المتن: - أن نسلّم علي عليّ بن أبي‌طالب بأميرالمؤمنين.
وروي ابن‌عساكر في الحديث: (784) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1 ص 259 ط 2 قال:
أخبرنا أبوالمحاسن عبدالرزاق بن محمّد في كتابه، أنبأنا أبوبكر عبدالغفّار بن محمّد الشيروي قال: أنبأنا أبوبكر [أحمد بن الحسن] الحيري، أنبأنا أبوالعباس الأصمّ، أنبأنا عبداللَّه بن أحمد بن محمّد بن مستورد، أنبأنا يوسف بن كليب المسعودي، أنبأنا يحيي بن سلام، عن صباح، عن العلاء بن المسيّب، عن أبي‌داود:
عن بريدة الأسلمي قال: أمرنا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أن نسلّم علي عليّ بإمرةالمؤمنين ونحن سبعة وأنا أصغر القوم يومئذ.
وروي عبدالكريم الرافعي في ترجمة الشيخ الصالح أبي‌عبداللَّه الرازي من كتاب التدوين: ج 3 ص 490 ط بيروت قال:
قال ميسرة في المشيخة: حدّثنا أبوعبداللَّه الرازي‌الشيخ الصالح في الجامع بقزوين [قال:] حدّثنا محمّد بن أيّوب، حدّثنا عليّ بن عبدالمؤمن، حدّثنا إسماعيل بن أبان، عن ناصح أبي‌عبداللَّه، عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال:
كان عليّ رضي اللَّه عنه يقول: أرأيتم لو أنّ نبي‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قبض من كان أميرالمؤمنين إلاّ أنا؟!!.
قال: وربّما قال: قيل له: يا أميرالمؤمنين؟ والنبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم ينظر إليه و هو يتبسّم!!
ثمّ قال الرافعي: و يمكن أن يكون [أباعبداللَّه] هذا أباعبداللَّه الارنبوي؟ الّذي روي عنه أبوالحسن القطان وذكر حديثه عن يحيي بن درست و أبي‌مصعب وغيرهما.
[479] للحديث- أو ما في معناه- مصادر وأسانيد يجدالباحث كثيراً منها في الحديث: (787) تعليقانه من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 261 تا 262 ط 2.
[480] ويكفي في‌فهم ذلك والاعتراف به مراجعة نهج‌البلاغة و نهج‌السعادة.
[481] ويجد الباحث شطراً كبيراً من ذلك في باب معجزات أميرالمؤمنين عليه‌السلام من كتاب مدينة المعاجر، وفي الباب: (114) و مابعده من مناقب أمير المؤمنين من بحارالأنوار: ج 9 ص 577 وما بعدها ط الكمباني و في ط الآخوندي: ج 41 ص 283 وما بعدها.
[482] وللحديث أسانيد ومصادر،ورواه الخطيب في ترجمة عمر بن اسماعيل برقم: (5098) من تاريخ بغداد: ج 11،ص 104.
ورواه أيضاً العاصمي في عنوان: (وأمّا باب دار الحكمة) من الفصل السادس من كتاب زين الفتي المخطوط ص 687، وفي تلخيصه: ج 1،ص 402 ط 1.
ورواه أيضاً ابن‌المغازلي في الحديث: (128) من كتابه مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام ص 86.
وعلّقناهما وغيرهما علي الحديث:) 990) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 463 ط 2.
[483] ويجد الباحث للحديث وتاليه مصادر كثيرة في الغدير: ج 6، وفي تعليق الحديث: (1082) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 53 تا 57 ط 2.
[484] كما ذكره السيّد الرضي رفع اللَّه مقامه في‌المختار: (270) من قصار نهج‌البلاغة، و رواه عنه العلامة الأميني قدّس اللَّه نفسه مع شواهده برقم: (60) من نوادر الأثر من كتاب الغدير: ج 6 ص 124ط 1.
[485] بل أمره صلي اللَّه عليه وآله وسلم بقتالهم كما جاء عن أميرالمؤمنين بنحو الإستفاضة قوله: «أمرني‌رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين» فانظرالحديث (1206 تا 1214) وتعليقاتها من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 200 تا 215 ط 2.
وكما في الحديث: (1051/823/822/795) وما حولها من مناقب محمّد بن سليمان: 2 ص 544/338/323 ط 1.
بل استفاض من طريق القوم أن عليّاً عليه‌السلام قال: «ما وجدت إلاّ قتال القوم أوالكفر بما أنزل اللَّه علي محمّد صلي اللَّه عليه وآله وسلم» فليلاحظ مصادر كلامه عليه‌السلام عن مشاهير علماء القوم في ما ذكرناه في المختار: (82) و ما بعده و تعليقاتها من كتاب نهج‌السعادة: ج 1، ص 267 تا 271 ط 2.
[486] هذا هوالظاهر، وفي أصلي: (حتّي حسّنوا الظنّ … ).
[487] والحديث مقطوع الصدور عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقد اعترف معاوية نفسه بأنّه سمعه من رسول‌اللَّه، كما في‌ترجمة عبيداللَّه بن رباح من تاريخ دمشق ج 37 ص 48 دارالفكر.
ورواه جماعة من الصحابة عن‌النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم منهم أنيس بن مالك كما في ترجمة رزق اللَّه بن سلاّم من ضعفاءالعقيلي: ج 2 ص 68 و قال محققه:
أخرجه البخاري في 86- كتاب الحدود (23) باب للعاهر الحجر من طريق أبي‌هريرة و عائشة، و هو في مسلم في 17 كتاب الرضاع من طريق أبي‌هريرة حديث رقم: (37).
وأخرجه الترمذي في‌الرضاع 454: 3 وقال: [جاء] في الباب عن عمر و عثمان و عائشة وأبي‌أمامة وعمروبن خارجة وعبداللَّه عمرو والبراء بن عازب و زيد بن أرقم.
ورواه أبوداود في‌الطلاق، وابن‌ماجة في‌النكاح، و رواه أحمد بسندين في‌أوائل مسند عثمان من مسنده: ج 1، ص 59.
[488] وقريباً منه رواه حبّ معاوية ابن‌كثير، عن حبّ بني أمية قيس بن أبي‌حازم- كما في مسند معاوية من كتابه: جامع المسانيد: ج 11، ص 619 قال:
[قال] قيس بن أبي‌حازم: رأيت معاوية يخطب- وقد نقه من مرضه وقد حسر عن ذراعيه- فذكر الحديث موقوفاً وفيه-: لو كره اللَّه شيئاً لغيّره.
رواه النسائي من حديث هشيم عن اسماعيل عنه به.
وقال محققه في تعليقه: رواه النسائي في آخر النعوت من سننه الكبري علي ما في تحفة الأشراف: (447: 8).
[489] لفظ أصلي هاهنا غير جليّ وكتبناه علي الظنّ.
[490] لماذا لا يبلغ إلي حدّ الكفر- لو فرض لفاعلها إيمان واقعي- و قد استفاض عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم انّه قال: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر».
ولهذا الحديث أسانيد ومصادر في جوامع حفّاظ آل أميّة ولكن لم يتسيّر لي عاجلاً مراجعتها وتعيين محلّ ذكر الحديث منها، فليراجع مسند سعد بن أبي‌وقاص من مسند أحمد بن حنبل وغيره.
وكيف لا يكفر من حارب عليّاً والحسن والحسين وقد استفاض قول النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم في شأنهم: «أنا حرب لمن حاربكم سلم لمن سالمكم» وانظر طرق الحديث في الحديث: (97 تا 199) من ترجمة الإمام الحسن عليه‌السلام من المعجم الكبير: ج 3 ص 40 والحديث: (162) من ترجمة الإمام الحسن وتعليقاته من تاريخ دمشق ص 97 تا 100، ط بيروت بتحقيقنا.
ولاحظ أيضاً ما رواه الحافظ الحسكاني في تفسير آية التطهير في الحديث: (665) من شواهد التنزيل: ج 2 ص 44 ط 2.
ورواه أيضاً الخركوشي في عنوان: (فضيلة أهل البيت) من كتابه شرف المصطفي من نسخة قيّمة في المكتبة الظاهرية الورق 172 /ب/ قال:
وعن‌أمّ سلمة وعائشة (رض) قالتا: إنّ النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم [حين] اشتمل بالعباء سمعناه يقول- وقد ألصق ظهر عليّ الي صدره وظهر فاطمة؟ والحسن علي يمينه والحسين علي يساره ثمّ عمّهم ونفسه بالعباء حتّي غطّاهم- [و] قالت عائشة: ولقد لفّفهم فيه حتّي أنه جعل أعلي أطرافه تحت قدميه- ثمّ قال: ورفع طرفه الي السماء وأشار بسبّابته وما كاد يبين وجه؟: الّلهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي أنا سلم لمن سالمهم [و] حرب لمن حاربهم، اللهمّ وال من والاهم وعاد من عاداهم وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم.
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم وجبريل حاضر أمّن علي الدعاء وقال: وأنا معكم يا محمد؟ قال: نعم. وأخذاً بإطلاق الأدلّة المتقدمة- وما في معناها- الآبية عن التقييد، قال المحقق الطوسي في آخر المقصد الخامس من كتاب التجريد: «محاربو عليّ كفرة ومخالفوه فسقة».
لماذا لايكفر معاوية وقد سنّ سبّ عليّ عليه‌السلام و قد قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: «من سبّ عليّاً فقد سبّني». كما رواه النسائي في الحديث: (91) من خصائص أمير المؤمنين ط بيروت ص 196 بتحقيقنا.
ورواه أيضاً أبوبكر ابن‌أبي‌شيبة في الحديث: (50) من مناقب عليّ عليه‌السلام من كتاب المصنّف: ج 12، ص 77 ط الهند.
ورواه أيضاً أحمد بن حنبل في الحديث: (260) من مسند أمّ سلمة من مسنده: ج 6 ص 323 ط 1، ورواه عنه ابن‌كثير في سيرة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ البداية والنهاية: ج 7 ص 354.
وأيضاً رواه أحمد في الحديث: (133) من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الفضائل: ص 90 ط 1.
وقد سنّ معاوية سبّ أمير المؤمنين عليه‌السلام في جميع الأجواء الإسلامية حتّي في الحرم المّكي والروضة النبويّة، وامتدّت هذه السنّة الإلحادية في طول الدولة الأموية إلاّ في أيّام عمر بن عبدالعزيز أو في أواخر أيّامه.
وقد عدّد بعض المنصفين من أهل السنة بعض بدع معاوية وعلّقها علي أول مسند معاوية من جامع المسانيد: ج 11، ص 562 تا 567، وقال في ص 566 منه:
وثمّة بدعة أخري كريهة ظهرت في عهد معاوية وهي أنّ معاوية نفسه وسائر ولاته بأمره كانوا يكيلون السبّ والشتم لسيّدنا عليّ بن أبي‌طالب في خطبهم علي المنابر لدرجة أنّهم- لعنهم اللَّه- كانوا يلعنونه- وهو أحبّ أقرباء رسول اللَّه الي قلبه الشريف- من فوق منبر المسجد النبوي نفسه وأمام الروضة النبويّة ذاتها، وكان أولاد سيّدنا عليّ وأقرب أقربائه يسمعون هذا اللعن بآذانهم [ولا ناصر لهم لرفع هذه الزندقة الاموية].
وروي الحاكم بسنددين- وصحّحه هو والذهبي- في الحديث: (46 و47) من مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتاب معرفة الصحابة: ج 3 ص 131، وزاد في طريقه الثاني: «ومن سبّني فقد سبّ اللَّه».
لماذا لا يكفر معاوية- لو ثبت سبق ايمان له- وقد أبغض أشدّ أنحاء البغض من تواتر نصّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقوله فيه: «يا عليّ لا يحبّك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك الاّ منافق».
ورواه أيضاً الحاكم في الحديث: (46) من مناقب أميرالمؤمنين من كتاب مناقب الصحابة المستدرك: ج 3 ص 121.
ورواه أيضاً أحمد بن حنبل في الحديث: (133) من فضائل عليّ من كتاب الفضائل: ص 90، وفي الحديث: (260) من مسند أمّ سلمة من مسنده: ج 6 ص 323 ط 1، وعنه ابن‌كثير في البداية والنهاية: ج 7 ص 354.
وكيف لايكفّر معاوية وقد حارب عليّاً والحسن والحسين و قد استفاض عن رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنه قال لهم ولفاطمة صلوات اللَّه عليهم أجمعين: «أنا حرب لمن حاربكم و سلم لمن سالمكم».
وانظر مصادر الحديث وأسانيده في الحديث: (99 -97) من ترجمة الإمام الحسين من المعجم الكبير: ج 3 ص 400 والحديث: (162)و مابعده وتعليقاته من ترجمة الإمام الحسن من تاريخ دمشق ص 97 تا 100/ بتحقيقنا، والحديث: (665) من شواهد التنزيل: ج 2 ص 44 ط 2.
وكلّ ذلك من باب المدارات مع الذين يعتقدون إيمان معاوية وامّابحسب الواقع فإنّ معاوية لم يؤمن قطكما قاله النقيب أبوجعفر الحسني- علي ما رواه عنه ابن‌أبي‌الحديد في شرح المختار (139) من نهج‌البلاغة: ج 10، ص 226- قال: إن معاوية من أهل النار لا لمخالفته عليّاً ولا بمحاربته اياه [فقط] ولكن عقيدته لم تكن صحيحة ولا إيمانه حقاً و كان من رؤس المنافقين هو و أبوه ولم يسلم قلبه قط، و إنّما اسلم لسانه.
أقول: وأخذاً بإطلاق الأدلة المتقدمة الآبية عن التقييد- و ما في معناها- قال المحقق الطوسي في‌آخر المقصد الخامس من كتاب التجريد: «و محاربو عليّ كفرة ومخالفوه فسقة».
وما أبدع ما أناده العلامة الطباطبائي طاب ثراه في أواخر منظومة السهم الثاقب قال:
فعندنا يكفر من ناصب في
خلافة الطهر بلا توقف
إذجاء من ناصيه فيها كفر
و حارب‌اللَّه و سيّد البشر
ومن أراد المزيد فعليه بما أورده آية اللَّه السيّد الحسن القزويني طاب ثراه في ردّ مخاريق ابن‌تيميّة من كتاب الإمامة الكبري: ج 1، ص 129 تا 133، ط 1.
وليراجع أيضاً ما أفاده العلامة الأميني قدس اللَّه نفسه في‌الغدير: ج 2 ص 102و ج 10، ص 267 و ما حولها.
[491] والحديث غير ثابت، ولم نجد من أخرجه غير ابن‌كثير فإنّه ذكره في آخر أمر الخوارج في نهروان من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ البداية والنهاية: ج 7 ص 289 قال: وروي الهيثم بن عدي [الكذّاب الوضاع باتفاق أهل الجرح و التعديل كما في ترجمته من لسان الميزان: ج 6 ص 209 ط 1، قال:] حدّثنا إسماعيل، عن خالد، عن علقمة بن عامر..و مشايخ ابن‌عدي الواقع في سلسلة سند الحديث أيضاً مجاهيل.
[492] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: والزوج جمع أزواج.
[493] رواه ابن‌المغازلي من طريقين في الحديث: (184) وتاليه من كتابه مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام ص 140.
ورواه أيضاً أبوالخير أحمد بن اسماعيل الطالقاني في الباب العاشر من كتابه الأربعون المنتقي قال:
أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أبوبكر محمد بن عبدالعزيز الجبري وغيره إذناً قالوا: أخبرنا أبوعبداللَّه الحافظ، حدثني أبوسعيد عبدالرحمان بن أحمد المقرئ، أنبأنا أبوالقاسم عبدالرحمان بن محمد المزكيّ، أنبأنا محمد بن هشام السرخسي، أنبأنا رجاء بن عبداللَّه الصغاني، أنبأنا أسد بن موسي الذي يقال له: أسد السنّة، أنبأنا حمّاد بن سلمة، أخبرنا حميد الطويل:
عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: «عليّ يزهر بأهل الجنّة كما يزهر كوكب الصبح بأهل الدنيا».
و رواه بسنده عنه الحموئي في الباب: (55) من السمط الأول من كتاب فرائد السمطين: ج 1، ص 295 ط بيروت بتحقيق المحمودي وفيه: «عليّ يزهر لأهل الجنة كما يزهر كوكب الصبح لأهل الدنيا».
وأشرنا في تعليقه الي مصادر أخر للحديث فلاحظ.
[494] وهذارواه البخاري بأسانيد كما في عنوان: (باب حديث الإفك) من «باب غزوة أنمار» من كتاب المغازي برقم: (3880) بشرح الكرماني: ج 17، ص 63 قال: حدثني بشر بن خالد، أخبرنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي‌الضحي:
عن مسروق قال: دخلنا علي عائشة (رض) وعندها حسّان بن ثابت ينشدها شعراً يشبّب [أي يتغزّل] بأبيات له قال:
حَصان رَزان ما تُزَنُّ برِيبة
وتُصبِح غرثي من لحوم الغوافل
فقالت له عائشة: لكنّك لستَ كذلك. قال مسروق: فقلت لها: لم تأذني له أن يدخل عليك؟ وقد قال اللَّه نعالي: «والذي تولّي كبره منهم له عذاب عظيم» [11/النور: 24] فقالت: وأيّ عذاب أشدّ من العمي؟ [ثمّ] قالت: إنّه كان ينافح- أو يهاجي- عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم.
ومثله حرفيّاً سنداً ومتناً رواه مسلم في الباب: (34)- وهو باب فضائل حسّان بن ثابت- من كتاب فضائل الصحابة من صحيحه: ج 4 ص 1932، ط الحديث بمصر، قال: حدّثني بشر بن خالد، أخبرنا محمد- يعني ابن‌جعفر- عن شعبة، عن سليمان، عن أبي‌الضحي، عن مسروق …
وأيضاً رواه البخاري بسندين آخرين عن مسروق في تفسير الآية: (16) من سورة النور: (24) وهو قوله تعالي: «يعظكم اللَّه أن تعودوا لمثله أبداً» كما في كتاب التفسير برقم: (4440 تا 4441) بشرح الكرماني: ج 17 ص 20.
[495] الحديث معروف بين المسلمين.
[496] لم يتيسّر لي‌الفحص التامّ عن ترجمة زيد بن محمد هذا، وإن أظنّ أنّه هو زيد بن محمد بن الحسن الكلاري المترجم تحت الرقم: (438) من كتاب أعلام المؤلّفين‌الزيدية: ج 1،ص 278.
[497] 1- رواه ابن‌المغازلي بسندين في الحديث: (402/401) من مناقبه ص 351 تا 353. وما ذكره المصنف هو الحديث الأول منه، وإليك نصّ الحديث: (402) منه قال:
أخبرنا القاضي أبوجعفر محمّد بن إسماعيل العلوي الواسطي رحمه اللَّه، أخبرنا أبومحمّد عبداللَّه بن محمّد بن عثمان المزني الملقب بابن السقاء الحافظ الواسطي، حدّثنا أبوعبداللَّه حرمي بن محمّد بن إسحاق المكي، حدّثنا أبوعبيداللَّه سعيد بن عبدالرحمان، حدّثنا حسين بن زيد،عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه:
عن عليّ عليه‌السلام أن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم قال: «يا فاطمة إنّ اللَّه يغضب لغضبك و يرضي لرضاك».
ورواه أيضاً ابن‌أبي‌عاصم- المتوفي سنة (287)- في‌ترجمة فاطمة بنت النبيّ صلي اللَّه عليهما وعلي آلهما في أول تراجم النساء برقم: (2959) من كتاب الآحاد والمثاني: ج 1 ص 363 ط 1، قال:
حدّثنا عبداللَّه بن سالم المفلوج- وكان من خيار الناس- أنبأنا حسين بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي‌طالب، عن عمر بن عليّ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عن عليّ بن الحسين بن عليّ [عن أبيه]:
عن عليّ رضي اللَّه عنه، عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم أنه قال لفاطمة رضي‌اللَّه عنها: «إنّ اللَّه يغضب لغضبك ويرضي لرضاك».
ورواه أيضاً أبويعلي الموصلي أحمد بن المثني- المولود (210) المتوفي (307)- في حرف العين برقم: (220) من معجم شيوخه ص 258 قال:
حدّثنا عبداللَّه بن محمّد بن سالم،حدّثنا حسين بن زيد،عن عليّ بن عمر بن عليّ،عن جعفر بن محمّد،عن أبيه عن جدّه عن الحسين بن عليّ عليه‌السلام:
عن عليّ عليه‌السلام أن النبي صلي اللَّه عليه [وآله] وسلم قال لفاطمة عليها السلام: «يا فاطمة إن اللَّه عزّ و جلّ يغضب لغضبك و يرضي لرضاك».
ورواه عنه ابن‌عدي في ترجمة الحسين بن زيد بن عليّ برقم: (481/112/من كامله: ج 2 ص 351.
ورواه عنه الذهبي في‌ترجمة الحسين بن زيد من ميزانه ج 1 ص 535.
و رواه أيضاً الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني- المولود (260) المتوفي (360)- في‌مسند أميرالمؤمنين عليه‌السلام برقم: (182) من المعجم الكبير: ج 1، ص 108 قال:
حدّثنا محمد بن عبداللَّه الحضرمي حدّثنا عبداللَّه بن محمّد بن سالم القزاز، حدّثنا حسين بن زيد بن عليّ، عن عليّ بن عمر بن عليّ [بن الحسين]، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن عليّ رضي‌اللَّه عنه:
عن عليّ رضي‌اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم لفاطمة رضي اللَّه عنها: «إن اللَّه يغضب لغضبك و يرضي لرضاك».
قال عبدالمجيد السلفي في تعليقه علي الحديث: [و] في هامش الأصل [أي المعجم الكبير]: هذا حديث صحيح الإسناد.
وروي من طرق عن عليّ عليه‌السلام رواه الحارث عن عليّ وروي [أيضاً] مرسلاً، وهذا الحديث أحسن شي‌ء رأيته و أصحّ إسناد قرأته.
وأيضاً رواه الطبراني بأسانيد في عنوان: «ومن مناقب فاطمة … » في ترجمتها صلوات اللَّه عليها برقم: (1001) من المعجم الكبير: ج 22 ص 401 و ما بعدها قال:
حدّثنا بشر بن موسي و محمّد بن عبداللَّه الحضرمي قالا: حدّثنا عبداللَّه بن محمّد بن سالم القزاز، قال: حدّثنا حسين بن زيد بن عليّ …
ورواه الذهبي عن الطبراني و أربعين المؤذّن في ترجمة عبداللَّه بن محمّد بن سالم القزاز المفلوج من ميزانه: ج 2 ص 492 وقال:
[قال الطبراني:] حدّثنا بشر بن موسي و مطّين، قالا: حدّثنا القزاّز، حدّثنا حسين بن زيد بن عليّ و عليّ بن عمر بن عليّ؟ …
وساق الحديث إلي آخره كما تقدم، ثمّ قال: [و] رواه أبوصالح المؤذّن في مناقب فاطمة عن ابن‌فادشاه عنه.
ورواه الهيثمي في مناقب فاطمة صلوات اللَّه عليها من مجمع الزوائد: ج 9 ص 203 وقال: رواه الطبراني وإسناده حسن.
ورواه أيضاً أبونعيم الحافظ المتوفي سنة (430) في‌آخر ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من كتاب معرفة الصحابة: ج 1 ص 319 ط 1 قال.
حدّثنا أبوبكر الطلحي حدّثنا محمّد بن عبداللَّه الحضرمي حدّثنا عبداللَّه بن محمّد بن سالم، حدّثني حسين بن زيد بن عليّ بن الحسين، عن عليّ بن عمر بن عليّ؟ عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن عليّ …
و ساق الحديث إلي آخره ثمّ قال: تفرّد برواية هذا الحديث العترة الطيبة خلفهم عن سلفهم حتّي ينتهي إلي النبي صلي اللَّه عليه.
ورواه أيضاً الحافظ السلفي أبوطاهر أحمد بن محمّد- المولود عام (470) المتوفي (576) المترجم في سير أعلام النبلاء: ج 21 ص 5- في عنوان: «من حديث الشريف أبي‌عبداللَّه العلوي» من كتاب المشيخة البغدادية الورق 42 /ب/ قال:
أخبرنا ابن‌أبي السري، أنبأنا الحضرمي، حدّثنا عبداللَّه بن محمّد بن سالم القزاز، حدّثنا حسين بن زيد بن عليّ، عن عليّ بن عمر، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ:
عن أبيه عليّ بن أبي‌طالب رضي اللَّه عنهم، عن النبي صلي اللَّه عليه وسلم أنّه قال: يا فاطمة إنّ اللَّه عزّ و جلّ يغضب لغضبك و يرضي لرضاك».
ورواه أيضاً عبدالكريم بن محمّد الرافعي المتوفي عام: (580)- المترجم في أعلام النبلاء: ج 21 ص 97- في ترجمة أبي‌ذرّ بن رافع من التدوين ج 4 ص 11، قال:
يحدّث [أبوذرّ هذا] عن عبدالرحمان بن إدريس [انه قال:] حدّثنا عبيداللَّه بن عبدالكريم أبوزرعة الرازي [قال:] حدّثنا عبداللَّه بن سالم الكوفي حدّثنا حسين بن زيد، عن عليّ‌بن عمر بن عليّ عن جعفر بن محمّد؟ عن أبيه عن جدّه عن حسين بن عليّ:
عن عليّ بن أبي‌طالب رضي‌اللَّه عنه عن النبي صلي اللَّه عليه وسلم أنّه قال: يافاطمة إنّ اللَّه يغضب لغضبك و يرضي لرضاك.
ورواه أيضاً الحاكم النيسابوري المتوفي سنة: (405) في الحديث: (10) من مناقب فاطمة عليهاالسلام من كتاب معرفة الصحابة من المستدرك: ج 3 ص 153 قال:
حدّثنا أبوالعباس محمّد بن يعقوب، حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفان العامري. و أخبرنا محمّد بن عليّ بن دحيم بالكوفة، حدّثنا أحمد بن حاتم بن أبي‌غرزة، قالا: حدّثنا عبداللَّه بن محمّد بن سالم، حدّثنا حسين بن زيد بن عليّ عن عمر بن عليّ عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عن عليّ بن الحسين عن أبيه:
عن عليّ رضي‌اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لفاطمة: إنّ اللَّه يغضب لغضبك ويرضي لرضاك.
ثمّ قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
أقول: ورواه أيضاً الدولابي في ترجمة زينب الكبري برقم: (227) من كتاب الذرية الطاهرة الورق: 40 /أ/ قال: حدثنا أحمد بن يحيي الأودي أنبأنا عبداللَّه بن محمد بن سالم القزّاز، حدثني حسين بن زيد بن عليّ بن عمر بن عليّ بن حسين بن عليّ بن جعفر بن محمد، عن أبيه عن عليّ بن الحسين: عن أبيه عليّ بن الحسين …
ورواه أيضاً ابن‌النجار بسنده عن حسين بن زيد كما في ترجمة عثمان بن الحسين من ذيل تاريخ بغداد: ج 17 ص 203.
ومن أراد المزيد فعليه بما أورده العلامة الأميني رفع اللَّه مقامه، في كتاب الغدير: ج 7 ص 226 تا 238 ط 1.
[498] كذا في أصلي ومثله في المطبوعة من مناقب ابن‌المغازلي.
[499] سندل- علي زنة حنظل- هو أبوجعفر عمر بن قيس المكي من رجال أبي‌داود أوالقزويني وهو مترجم في تهذيب التهذيب: ج 7 ص 490. وبرقم: (498) من تقريب التهذيب: ج 2 ص 62.
[500] كذا في أصلي،ولكن يحتمل رسم الخطّ ضعيفاً أن يقرأ: (وابنة رسول اللَّه يغضب لها؟).
[501] كلمة (حنبل) رسم خطّها غير جليّ في أصلي ويمكن أن يقرأ: (جميل النهدي).
[502] هذا الصواب المذكور في كثير من موارد ذكر هذه الكلمة في‌هذا الكتاب وغيره،ولكن في أصلي هاهنا- وبعده بسطرين تقريباً-: (الكشمهيني) ولكن لفظة: (الخطيب) قبلها كانت مكتوبة بخطّ الأصل بين السطرين.
وقال الياقوت عند ذكره هذه الكلمة في معجم البلدان:
كشميهن- بالضمّ ثمّ السكون وفتح الميم وياء ساكنة وهاء مفتوحة ونون-: قرية كانت عظيمة من قري مرو علي طرف البرية آخر عمل مرو لمن يريد قصد آمل جيحون،خرج منها جماعة وافرة من أهل العلم‌خرّبها الرمل.
[503] رواه البخاري في الحديث الثاني من باب فرض الخمس من كتاب الجهاد والسير برقم: (2884) من جامعه بشرح الكرماني: ج 13، ص 75.
و قريباً منه رواه الطبري في‌عنوان: «حديث‌السقيفة» في‌حوادث سنة (11) من تاريخه: ج: 3 ص 207 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ابراهيم، قال:
حدّثنا أبوصالح الضراري قال: حدّثنا عبدالرزاق بن همّام، عن معمر، عن الزهري عن عروة: عن عائشة أن فاطمة والعباس أتيا أبابكر يطلبان ميراثهما من رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم …
وهذا رواه أيضاً أحمد بن حنبل- بحذف ذيله- عن عبدالرزّاق، عن معمر، عن الزهري … كما في الحديث: (10) من مسند أبي‌بكر من كتاب المسند: ج 1، ص 4 ط 1.
وروي الذهبي في عنوان: (شأن أبي‌بكر وفاطمة (رض) من كتاب تاريخ الإسلام عهد الخلفاء، ص 21 قال:
قال الزهري عن عروة عن عائشة أنّ فاطمة سألت أبابكر بعد وفاة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها مما ترك رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم مما أفاء اللَّه عليه، فقال لها: إنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة. فغضبت وهجرت أبابكر حتّي توفّيت.
قال عمر عبدالسلام تدمري في تعليقه علي هذا الموضع من تاريخ الإسلام:
أخرجه البخاري في الفرائض: 3/8 باب قول النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم: «لا نورث ما تركنا صدقة» وفي الوصايا 187/3 «باب نفقة القيّم للوقف» وفي فضائل الصحابة 4/ باب مناقب قرابة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم ومنقبة فاطمة عليهاالسلام، وفي المغازي 23/5 باب حديث بني النضير، ثمّ قال التدمري:
و [أخرجه أيضاً] مسلم في‌الجهاد والسير (1758) باب قول النبيّ «لانورث ماتركنا فهو صدقة»، ورقم: (1759) و (1761).
و[أخرجه أيضاً] أبوداود في‌الخراج والإمارة (2975) باب في صفايارسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم من الأموال.
و [أخرجه أيضاً] الترمذي في السير 81/3 باب ما جاء في تركة النبي صلي اللَّه عليه وسلم.
و [أخرجه أيضاً] النسائي في الفي‌ء 132/7/ في كتاب قسم الفي‌ء.
و [أخرجه أيضاً] مالك في الموطاً 702 رقم: (1723) باب ما جاء في تركة النبيّ.
و [أخرجه أيضاً] أحمد في المسند: 191/179/164/60/49/48/47/25/10/9/6/4/1، وفي ج 6 ص 145، وص 262.
ورواه ابن‌سعد [بطرق في عنوان: «ذكر ميراث رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم وماترك» في‌الطبقات الكبري: ج 2 ص 314 تا 315.
أقول: ورواه أيضاً الحاكم النيسابوري في أواخر مناقب فاطمة صلوات اللَّه عليها من كتاب معرفة الصحابة من المستدرك: ج 3 ص 162، قال:
أخبرنا أبواسحاق ابراهيم بن محمد بن يحيي وأبوالحسين ابن‌يعقوب‌الحافظ، قالا: حدثنا أبوالعباس محمد بن اسحاق، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث،عن عقيل، عن الزهري عن عروة:
عن عائشة قالت: دفنت فاطمة بنت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ليلاً،دفنها عليّ ولم يشعر بها أبوبكر (رض) حتّي دفنت وصلي عليها عليّ بن أبي‌طالب رضي‌اللَّه عنه.
[504] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: (لئن الدلالة … ).
[505] هذه الأبيات من أوّلها إلي هاهنا رواها ابن أبي‌الحديد بسنده عن أبي‌بكر الجوهري في شرح المختار: (45) من الباب الثاني من نهج البلاغة: ج 16 ص 23.
وليلاحظ أيضاً ما أورده ابن أبي‌الحديد في شرح المختار: (66) من الباب الأوّل من نهج البلاغة: ج 6 ص 46. ط مصر.
[506] وللحديث مصادر كثيرة و أسانيد، و رواه أبوبكر ابن أبي‌شيبة في أوّل فضائل فاطمة سلام اللَّه عليها من كتاب الفضائل برقم (12319) من كتاب المصنّف: ج 12 ص 126 ط 1 قال:
حدّثنا ابن عيينة، عن عمر و [بن دينار] عن محمّد بن [عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه] قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: إنّما فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني. و قريباً منه رواه أيضاً مسلم في الحديث الثاني من الباب: (15)- و هو باب فضائل فاطمة عليهاالسلام- من كتاب الفضائل برقم: (2449) من صحيحه: ج 4 ص 1903، قال:
حدّثني أبومعمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلي، حدّثنا سفيان، عن عمرو، عن ابن أبي‌مليكة، عن المسور بن مخرمة قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها.
و قريباً منه رواه أيضاً ابن أبي‌عاصم في فضائل فاطمة في‌أول تراجم النساء في الحديث: (2954) وما بعده من كتاب الآحاد و المثاني ص 361 قال:
وحدّثنا محمّد بن بكارالصيرفي و خلاد بن أسلم قالا: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي‌مليكة، عن المسور بن مخرمة قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: إنّما فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني. ورواه بعده أيضاً بإسناد آخر، كما أنّ محقّقه في هامش الكتاب أشار إلي مصادر أخر للأحاديث التي ذكرناها عنه.
[وأيضاً قال ابن أبي‌عاصم:] حدّثنا محمّد بن عوف، حدّثنا عبدالعزيز بن يحيي بن عبداللَّه العامري، أنبأنا عبداللَّه بن جعفر بن المسور الزهري:
عن أمّ‌بكر بنت المسور، عن أبيها أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم قال: فاطمة شجنة منّي يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها.
[و] حدّثنا مؤمّل بن هشام و أحمد بن منيع قالا: أنبأنا إسماعيل بن عليّة،عن أيوب، عن ابن أبي‌مليكة:
عن عبداللَّه بن الزبير أنّ عليّاً رضي‌اللَّه عنه ذكر ابنة أبي‌جهل فبلغ ذلك رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم فقال:
إنّ فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها ويغضبني ما أغضبها.
و رواه أيضاً الترمذي في‌باب مناقب فاطمة من كتاب المناقب برقم: (3869) من سننه: ج 5 ص 656 قال:
حدّثنا أحمد بن منيع، حدّثنا إسماعيل بن عليّة، عن ابن أبي‌مليكة، عن عبداللَّه بن الزبير [قال]:
إن عليّاً ذكر بنت أبي‌جهل فبلغ ذلك النبي‌صلي اللَّه عليه وسلم فقال: إن فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها و ينصبني ما أنصبها.
قال أبوعيسي [الترمذي]: هذا حديث حسن صحيح …
ورواه أيضاً الطبراني في الحديث: (1013) في ترجمة الصدّيقة فاطمة بنت النبي صلوات اللَّه عليهما من المعجم الكبير: ج 22 ص 405 قال:
حدّثنا عبداللَّه بن أحمد [قال:] حدّثني أحمد بن منيع.
حيلولة: وحدّثنا محمّد بن صالح بن الوليد النرسي حدّثنا مؤمّل بن هشام،قالا: حدّثنا إسماعيل بن علية، عن أيّوب، عن ابن أبي‌مليكة، عن عبداللَّه بن الزبير …
و من أراد المزيد فعليه بما أفاده العلامة الأميني قدّس اللَّه نفسه في كتاب الغدير: ج 7 ص 235 تا 237 ط 1.
[507] ولهذه الفقرة أيضاً شواهد كثيرة في مصادر المتمسكين بخطوات أعداء أهل البيت و إليك الإشارة إلي بعضها:
روي الطبراني في أواسط عنوان: (من اسمه عثمان) برقم: (3730) من‌المعجم الأوسط: ج 4 ص 435 ط 1، قال:
حدثنا عثمان بن خالد بن عمرو السلفي قال: حدثنا ابراهيم بن العلاء، قال: حدثنا اسماعيل بن عيّاش، عن جعفر بن الحارث، عن موسي بن إسحاق، عن صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة:
عن عائشة قالت: كلّمت فاطمة أبابكر في ميراثها عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم فقالت: أترث ابيك ولا أرث أبي؟ فقال [أبوبكر]: بأبي أنت وبأبي أبوك إنّه كان يقول «لا نورث، ما تركنا صدقة».
ثم قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن جعفر بن الحارث- وهو أبوالأشهب النخعي الكوفي- إلّا اسماعيل بن عيّاش.
وقال الحافظ الذهبي في عنوان: «شأن أبي‌بكر و فاطمة» في ترجمة أبي‌بكر من كتابه تاريخ الخلفاء: ج 3 ص 21 ط دارالكتاب العربي:
قال الزهري عن عروة، عن عائشة أن فاطمة سألت أبابكر بعد وفات رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها ممّا ترك رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم مما أفاء اللَّه عليه،فقال لها [أبوبكر]: إنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة» فغضبت [فاطمة] وهجرت أبابكر حتّي توفّيت.
قال عمر عبدالسلام تدمري في تعليقه علي الحديث: أخرجه البخاري في الفرائض: 3/8 باب قول النبي صلي اللَّه عليه وسلم: «لانورث ما تركنا صدقة».
و [أخرجه أيضاً] في‌الوصايا 197/3 «باب نفقة القيّم للوقف» و في فضائل الصحابة 209/4 تا 210 «باب مناقب قرابة رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم» ومنقبة فاطمة عليهاالسلام» و في المغازي 23/5 «باب حديث بني نضير». ثمّ قال التدمري:
و [أخرجه أيضاً] مسلم في‌الجهاد والسير (175) باب قول النبي صلي اللَّه عليه وسلم: «لانورث ما تركنا فهو صدقة» ورقم (1761/1759).
و [أخرجه أيضاً] أبوداود في‌الخراج والإمارة (2975) «باب في صفايا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم من الأموال».
و [أخرجه أيضاً] الترمذي في‌السير 1658) 81/3) «باب ما جاء في تركة النبي صلي اللَّه عليه وسلم».
و [أخرجه أيضاً] النسائي في كتاب قسم الفي‌ء: 132/7.
و [أخرجه أيضاً] مالك في باب «ما جاء في تركة النبي» من كتاب الموطّأ: ص 702.
و [أخرجه أيضاً أحمد] في المسند: ج 191/179/164/60/48/47/25/10/9/6/4: 1 وج 262/145: 6 ط 1.
و [أخرجه أيضاً] ابن سعد في الطبقات الكبري: ج 2 ص 315.
أقول: و ذكره ابن كثير- بضميمة نزعته الناصبية- في‌عنوان: «بيان أنه عليه‌السلام قال: لانورث» من تاريخ البداية والنهاية: ج 3 ص 285.
[508] كذا.
[509] وللحديث مصادر كثيرة وأسانيد جمّة، ورواه الحفاظ عن الرجس عمر بن سعد بن أبي‌وقاص، منهم تلميذ حريز الحمصي في الأدب (باب الهجرة وقول النبيّ صلي‌اللَّه عليه وسلم: «لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث»).
ورواه أحمد بن حنبل بسندين أو أكثر في مسند المسور بن مخرمة من مسنده: ج 4 ص 328/327 ط 1.
ورواه عنهما حبّ بني أميّة ابن كثير الدمشقي في مسند المسور بن مخرمة من كتاب جامع المسانيد: ج 11 ص 311/310 وما حولهما.
[510] وجاء التصريح بذلك في كثير من المصادر التي ذكرناها هاهنا في التعليق الثاني وليلاحظ أيضاً كتاب الغدير: ج 7 ص 227 ط 1.
[511] رواه الجاحظ في رسائله كما في الغدير: ج 7 ص 226 ط 1.
[512] هذا الحديث متواتر عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم، وله مصادر و أسانيد غير محصورة يجد الباحث كثيراً منها في الحديث: (682) و ما بعده من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 226/190 ط 2.
وليلاحظ ما أوردناه بطرق كثيرة و مصادر جمّة في تعليق الحديث: (5) من تلخيص زين الفتي المسمي بالعسل المصفّي: ج 1 ص 27/17 ط 1.
[513] و هذا القول مستفيض عن أمّ المؤمنين عائشة في جلّ مصادر القوم، ورواه الدولابي بأسانيد في عنوان: «وفاة فاطمة … » في الحديث: (97) و ما بعده من كتاب الذرية الطاهرة الورق 35 /ب/.
[514] بل يقتضي‌أنّه عليه‌السلام كان يري أن عمر كان من أشدّ المكابرين المصّرين علي هضم حقوق أهل البيت عليهم‌السلام.
[515] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «أقسم علي أبي‌بكر لا أتاهم وحده؟».
[516] وهو طلحة بن عبيداللَّه قائد الناكثين، كما رواه الطبري في آخر ترجمة أبي‌بكر من تاريخه ج 3 ص 433 قال:
حدّثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن القاسم بن محمّد، عن أسماء بنت عميس قالت: دخل طلحة بن عبيداللَّه علي أبي‌بكر فقال: إستخلفت علي الناس عمر وقد رأيت ما يلقي الناس منه وأنت معه فكيف إذا خلابهم؟.
[517] كذا في أصلي.
[518] ذكره السيّد الرضي رفع اللَّه مقامه في المختار: (190) من الباب الثالث من نهج البلاغة، وفي الحديث (2000) من كتابه خصائص أميرالمؤمنين عليه‌السلام: ص 86 ط قم.
و رواه أيضاً العلامة الكراجكي طاب ثراه في كتاب التعجب ص 13، ط 1.
و رواه أيضاً جمال المفسّرين ألشيخ أبوالفتوح الرازي رفع اللَّه مقامه في تفسير الآية: (248) من سورة البقرةفي تفسيره: روض الجنان: ج 2 ص 292 ط 3.
وانظر ما جاء في آخر حرف الضاد من ديوان أمير المؤمنين عليه‌السلام جمع الكيدري.
[519] هذا هو الظاهر الموافق لنهج البلاغة وكنز الفوائد وغيرهما،وفي أصلي‌من محاسن الأزهار: (لئن كنت … ).
[520] تقدمت ترجمته في تعليق شرح البيت (24) من قصيدة المنصور باللَّه من هذا الكتاب.
[521] توفّي سنة: (353) كما في ترجمته في عنوان: «أبوالعباس الحسني» تحت الرقم: (42) من كتاب المؤلّفين الزيدية ص 49 قال: أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي‌طالب أبوالعباس‌الحسني‌أحد الأعلام والأئمّة الكرام،إمام حافظ مسند حجّةربّاني آل‌الرسول وشيخ المعقول والمنقول،لم يبق شي‌ء من فنون العلم إلاّ طار في أرجائه!!
تلمّذ علي الإمام الناصر الحسن الأطروش. وتلمّذ عليه الإمامان الجليلان الأخوان‌المؤّيد باللَّه، وأبوطالب الهارونيّان، وله العلوم الواسعة والمؤلّفات‌الجامعة.
عاش في‌الجيل والديلم؟ وخرج الي فارس وبغداد،وعاصر القاهر والراضي والمتقي العباسي؟.
ومن شيوخه القاسم بن عبدالعزيز بن اسحاق بن جعفر البغدادي وعبدالرحمان بن أبي‌حاتم وغيرهماومات بجرجان.
[522] والحديث رواه أيضاً إبراهيم بن محمّد الثقفي‌رحمه اللَّه- المتوفي عام: (283) كما رواه عنه علم الهدي السيّد المرتضي طاب ثراه في كتاب الشافي: ج 4 ص 97 وفي تلخيصه: ج 3 ص 124- قال:
[حدّثنا] إبراهيم بن ميمون، قال: حدّثنا عيسي بن عبداللَّه بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي‌طالب عن أبيه عن جده عن جدّأبيه عليّ عليهم‌السلام قال:
جاءت فاطمة عليهاالسلام إلي أبي‌بكر وقالت: إن أبي‌أعطاني فدكاً و عليّ يشهدلي وأمّ أيمن. قال [أبوبكر]: ما كنت لتقولين علي أبيك إلاّ الحقّ، قد أعطيتك إيّاها،ودعا بصحيفة من آدم فكتب لها فيهافخرجت فلقيت عمر، فقال: من أبن جئت يافاطمة؟ قالت: من عند أبي‌بكر، أخبرته أن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله أعطاني فدك وعليّ يشهد و أمّ أيمن فأعطانيها و كتبهالي. فأخذ عمر منها الكتاب ثمّ رجع إلي أبي‌بكر فقال: أعطيت فاطمة فدك وكتبت بها لها؟ قال: نعم. قال عمر: عليّ يجرّ إلي نفسه و أمّ أيمن امرأة. وبصق في الصحيفة ومحاها.
ورواه عنه ابن أبي‌الحديد في أواخر شرح المختار: (45) من الباب الثاني من نهج البلاغة: ج 16 ص 275 ط مصر.
[523] ولهذا الذيل أيضاً مصادر،و رواه ابن‌قتيبة في‌عنوان: «كيف كانت بيعة عليّ … » من كتاب الإمامة و السياسة ص 13 قال.
فقال عمر لأبي‌بكر- [بعد أيام من يوم السقيفة لما بلغه أن فاطمة مريضة]-: انطلق بنا إلي فاطمة فإنا قد أغضبناها!! فانطلقا جميعا فاستأذنا علي فاطمة فلم تأذن لهما،فأتيا عليا فكلماه [في‌ذلك فأتاها فاستأذن منها فأذنت] فأدخلهما عليها،فلما قعدا عندها حولت وجهها إلي الحافظ، فسلما عليها فلم ترد عليهماالسلام!! فتكلم أبوبكر فقال:
يا حبيبة رسول الله والله إن قرابة رسول اللَّه أحبّ إلّي من قرابتي وإنّك لأحبّ إليّ من عائشة ابنتي ولوددت يوم مات أبوك أنّي متّ ولاأبقي بعده؟! أفتراني أعرفك وأعرف فضلك و شرفك و أمنعك حقّك وميراثك من رسول‌اللَّه؟ ألا إنّي‌سمعت أباك رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم‌يقول: «لانورث،ماتركنا [ه] فهو صدقة».
فقالت: أرأيتكماإنّ حدّثتكما حدّيثاً عن رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم تعرفانه تفعلان به؟ قالا: نعم. فقالت: نشدتكمااللَّه ألم تسمعا رسول اللَّه يقول: «رضا فاطمة من رضاي و سخط فاطمة من سخطي؟ فمن أحبّ فاطمة إبنتي فقد أحبّني ومن أرضي فاطمة فقد أرضاني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟» قالا: نعم سمعناه من رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم. قالت: فإنّي أشهد اللَّه و ملائكته أنّكما أسخطتماني و ماأرضيتماني ولئن لقيت النبي لأشكونكّما إليه. فقال أبوبكر: أنا عائذ باللَّه تعالي من سخطه و سخطك يافاطمة.
ورواه العلامة الأميني رفع اللَّه مقامه عنه و عن رسائل الجاحظ ص 300 و عن أعلام النساء: ج 3 ص 1214، كما في‌الغدير: ج 7 ص 229 ط 1.
و قريباً منه رواه أيضاً السيّد المرتضي رحمه اللَّه في‌كتاب الشافي: ج 4 ص 115،ط بيروت. و رواه عنه ابن‌أبي‌الحديد في أواخر شرح المختار: (45) من الباب الثاني من نهج البلاغة: ج 16، ص 281 ط الحديث بمصر.
و ليلا حظ بحارالأنوار: ج 29 ص 157، و ما حولها ط الحديث.
وبما تقدم هاهنا وما تقدمه من أقوال أولاد فاطمة و سادات أهل البيت عليهم‌السلام- من أن أمّهم الصديقة ماتت وهي ساخطة و غضبي علي قوم فنحن ساخطون لسخطها- تبيّن بطلان ما رواه حافظ بني أمية ابن‌كثير من أنّه لمّا مرضت [فاطمة] جاءها أبوبكر فدخل عليها فجعل يترضاها فرضيت رضي‌اللَّه عنها.
هذا موجز ما ذكره ابن‌كثير في عنوان: «من توفيّ في‌سنة إحدي عشرة» من تاريخ البداية والنهاية: ج 3- أو 6- ص 333 ثمّ قال:
[هكذ] رواه البيهقي من طريق إسماعيل بن أبي‌خالد،عن الشعبي ثمّ قال: و هذا مرسل حسن بإسناد صحيح.
أقول: و أنّي له بالصحة و راويه الشعبي هو أكيل طواغيت بني‌أمية و شريبهم الذين بنوا بنيان حكومتهم علي حكومة أبي‌بكر و عمر.
ثمّ إن الشعبي لم يدرك القصّة بنفسه ولم يذكر أيضاً عمّن أخذها،فحديثه- مع قطع النظر عن معارضته لأقوال أبناء فاطمة- غير حجّة فكيف و هو معارض لما ثبت عنهم و عن غيرهم و قد ذكرنا هاهنا بعضها، فتجلّي أن ما ذكره البيهقي و قال: «صحيح» سقيم و باطل عقيم. و ما رواه ابن‌كثير،رواه أيضاً الذهبي في‌عنوان: «وفاة فاطمة [في سنة (11) الهجرية] … » من كتابه تاريخ الإسلام: ج 3 ص 47 قال:
قال أبوحمزة السكري عن [إسماعيل] بن أبي‌خالد،عن الشعبي قال: لما مرضت فاطمة أتاها أبوبكر فأستأذن …
ومن أراد المزيد فعليه بمراجعة بحار الأنوار: ج 29 ص 157، وما حولها ط الحديث.
[524] له ترجمة حسنة تحت الرقم: (830) من كتاب أعلام المؤلفين الزيدية ص 458 قال: [هو] الإمام أبومحمد الرسيّ القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهم‌السلام المولود سنة (196) المتوفي عام: (246).
هذاموجز ما ذكره الأخ الكريم عبدالسلام عباس، في صدر ترجمته، وليلا حظ بقية ما أورده في الترجمة فإنّها مفيدة.
[525] وفي أصلي هاهنا هامش هذا نصّه: «هو بالتصغير كما ذكره في كتابه الطالب في أنساب آل أبي‌طالب، وهو الذي صنّف الزمخشري تفسير الكشّاف من أجله و ذكره في خطبة الكشاف».
وقد قرّضه الزمخشري وقال في شأنه في‌مقدمة تفسير الكشاف، ما لفظه:
فلمّا حططت الرحل بمكّة إذاً أنا بالشعبة السنية من الدوحة الحسنية الأمير الشريف الإمام شرف آل رسول اللَّه [صلي اللَّه عليه وآله وسلم] أبي‌الحسن علي بن حمزة بن وهاس أدام اللَّه مجده- و هو النكتة والشامة في بني‌الحسن مع كثرة محاسنهم وجموم مناقبهم- أعطش الناس كبداً و ألهبهم حشيً و أوفاهم رغبة [إلي تفسير القرآن المجيد] حتي ذكر أنّه كان يحدث نفسه في مدة غيبتي عن الحجاز- مع تزاجم ما هو فيه من المشاذة؟- بقطع الفيافي والوفادة علينا بخوارزم ليتوصل إلي إصابة هذا الغرض …
أقول: و قد عقد له ترجمة عبدالسلام عباس الوجيه- و فقه اللَّه- في كتابه أعلام المؤلّفين الزيدية: ج 1، ص 450 قال:
الأمير عليّ بن وهاس- المتوفي عام: (556)- [هو] علي بن عيسي بن حمزة بن حمزة بن وهاس السليماني ابن‌أبي‌الطيب أمير عالم أديب ناظم،أصله من المخلاف السليماني.
يروي عن محمود الزمحشري [صاحب تفسير الكشّاف] و كان محمود يثني عليه، [و] كان عالماً فصيحاً و هو أحد شيوخ القاضي جعفر بن أحمد عبدالسلام، و تولّي الردّ علي المطرفية. و توفّي بمكة المكرّمة في نيّف و خمس مائة؟ و كان في عشر الثمانين.
وقال القاسمي في الجوهر المضيئة: ذكره الإمام الحسن عليه السلام؟ و قال: توفّي سنة (556).
وقال في معجم المؤلّفين: له تصانيف.
و قال في معجم الأدباء: له تصانيف مفيدة و قريحة في النظم والنثر مجيدة.
أقول: والحديث المذكور في المتن الذي ذكره القاسم بن ابراهيم، رواه أيضاً أبوبكر الجوهري في كتاب السقيفة- ورواه عنه ابن‌أبي‌الحديد في شرح المختار: (66) من نهج البلاغة: ج 6 ص 49- قال:
و حدثني المؤمّل بن جعفر، قال: حدّثني محمّد بن ميمون،قال: حدّثني داود بن المبارك، قال:
أتينا عبداللَّه بن موسي بن عبداللَّه بن حسن بن حسن بن عليّ بن أبي‌طالب عليه السلام ونحن راجعون من الحجّ في جماعة- فسألناه عن مسائل و كنت أحد من سأله، فسألته عن أبي‌بكر و عمر؟ فقال: أجيبك بما أجاب به جدّي عبداللَّه بن الحسن،فإنّه سئل عنهما؟ فقال: كانت أمنّا صدّيقة ابنة نبيّ مرسل، و ماتت وهي غضبي علي قوم فنحن غضاب لغضبها.
قال ابن‌أبي‌الحديد: قلت: و قد أخذ المعني بعض شعراء الطالبيّين من أهل الحجاز، أنشدنيه النقيب جلال الدين عبدالحميد بن محمّد بن عبدالحميد العلوي وذهب عنّي أنا اسمه- قال:
يا أباحفص الهوينا
وماكنت مليّاً بذاك لولا
الحمام أتموت البتول غضبي ونرضي
ما كذا يصنع البنون الكرام
يخاطب عمر ويقول له: مهلاً و رويداً يا عمر أي ارفق واتّئد ولاتعنف بنا، و ما كنت مليّاً أي و ما كنت أهلاً لأن تخاطب بهذا و تستعطف، ولا كنت قادراً علي ولوج دار فاطمة علي ذلك الوجه الذي ولجتها عليه؟ لولا أنّ أباها الذي بيتها يحترم ويصان لأجله مات،فطمع فيها من لم يكن يطمع!!
ثمّ قال: أتموت أمنّا وهي غضبي ونرضي نحن؟ إذاً لسنا بكرام، فإن الولد الكريم يرضي لرضا أبيه وأمّه ويغضب لغضبهما.
وأيضاً القصّة رواها ابن‌أبي‌الحديد- ولكن من غير الأبيات- وشرحها في شرح المختار: (45) من الباب الثاني من نهج البلاغة: ج 16 ص 232.
وانظر كتاب الطرائف ص 252.
[526] تقدّم ذكر إسناد المؤلّف إلي السيّد ظفر بن داعي في شرح البيت: (26) من هذا الكتاب.
[527] كلمتا: «راشد وبيان» رسم خطّهما غير جليّ في أصلي المخطوط.
[528] رواه السيّد أبوطالب رحمه اللَّه في أماليه- كما في‌آخرالباب الخامس من كتاب تيسير المطالب: ص 88 ط 1، و فيه: «واللَّه لينتصفنّ اللَّه ممن قتلهم».
[529] كذا في أصلي المخطوط من محاسن الأزهار، وفي تيسير المطالب المطبوع: «يا ربّ انتصف لولدي ممّن قتلهم».
[530] رواه ابن‌المغازلي في الحديث: (399) من مناقبه ص 337 ط 2. وفي تعليقه عن مصادر.
[531] كذا في أصلي من مخطوطة محاسن الأزهار غير أنّ ما وضع بين المعقوفين مأخوذ من مطبوعة مناقب ابن‌المغازلي وفيه: ([قال: وما ذاك؟ قال:] تزوّجني فاطمة … ).
[532] كذا في أصلي، وفي مناقب ابن‌المغازلي: «إذا جائتك فلا تحدث شيئاً … ». وهو الظاهر.
[533] كذا في أصلي، وفي مناقب ابن‌المغازلي: «فمجّ فيه … » وهو الظاهر.
[534] كذا في أصلي، وفي مناقب ابن‌المغازلي: «فقمت فملأت القعب ماءاً فأتيته به فأخذ منه بفيه ثمّ مجّه فيه … ».
[535] تقدّم ذكر الإسناد إلي الحسن بن عليّ الصفّار في آخر شرح البيت: (11) من هذه المخطوطة. والحديث رواه أيضاً الحافظ ابن‌عساكر برقم: (298) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 254 ط 2 بتحقيق المحمودي.
ورواه الشيخ الصدوق في الفقيه: 401: 3 كتاب النكاح باب النثار والزفاف، و الطبري في مناقب فاطمة عليهاالسلام من دلائل الإمامة: ص 100 ح 30 مع زيادات في آخره، والطبرسي في مكارم الأخلاق: ص 208.
[536] رواه ابن‌المغازلي في الحديث: (396) من مناقبه ص 344 ط 3.
[537] كذا في‌أصلي‌المخطوط من محاسن الأزهار،وفي مطبوعة مناقب ابن‌المغازلي: (أبوالقاسم عبداللَّه بن تميم القاضي).
[538] رواه‌ابن‌المغازلي في الحديث: (393) في عنوان: «تزويج فاطمة بعليّ عليه السلام» من مناقبه ص 341 ثمّ قال:
أخبرنا أبوطالب محمّد بن أحمد بن عثمان، أخبرنا أبوعبداللَّه محمّد بن زيد بن مروان سنة اثنتين وسبعين و ثلاث مائة، حدّثنا محمّد بن عليّ بن شاذان، حدّثنا الحسن بن محمّد بن عبدالواحد، حدّثنا زيد بن الحباب قال: حدّثنا ابن‌لهيعة، حدّثنا أبوالزبير، عن جابر مثله.
[539] كذا في أصلي المخطوط من محاسن الأزهار، وفي مطبوعة مناقب ابن‌المغازلي: «لا أبكي اللَّه عينيك».
[540] ورواه أيضاً الحافظ محمّد بن سليمان الكوفي المتوفي سنة: (322) في الحديث: (675) من مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام: ج 2 ص 204 ط 1.
ورواه أيضاً ابن‌عساكر في الحديث: (298) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1ص 254 ط 2.
[541] للحديث مصادر، وجاء أيضاً في الحديث: (158) من كتاب صحيفة الرضا،ص 247.
و رواه أيضاً الشيخ الصدوق رحمه اللَّه في الحديث: (188) من الباب: (31) من كتابه: عيون أخبار الرضا- عليه‌السلام-: ج 2 ص 48 قال:
حدّثنا أبوالحسن محمّد بن عليّ بن الشاه الفقيه المروزي المعروف ب «المروزي» في داره قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عبداللَّه النيسابوري قال: حدّثنا أبوالقاسم عبداللَّه بن أحمدبن عامر بن سليمان الطائي بالبصره، قال: حدّثنا أبي في سنة ستين ومائتين قال: حدّثني عليّ بن موسي الرضا عليه‌السلام سنة (194).
[542] رواه السيّد المرشد باللَّه في‌الأمالي الخميسية- كما في أواخر عنوان: «الحديث السابع في فضل أهل البيت عليهم‌السلام كافة..» من ترتيب أماليه: ج 1 ص 155 ط 1، قال: وحدّثنا أبومنصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور، قال: حدّثنا أبواسحاق ابراهيم بن هارون بن محمد الخوري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور، قال: حدثنا أحمد بن عبداللَّه الهروي الشيباني، عن [الإمام] الرضا عليّ بن موسي عليه‌السلام.
وحدّثني أبوعبداللَّه الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني عن داود بن سليمان الفراء، عن عليّ بن موسي الرضا عليه‌السلام قال: حدثني أبي موسي بن جعفر قال: حدثني أبي‌جعفر بن محمد قال: حدثني محمد بن عليّ قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين قال: حدثني أبي‌الحسين بن علي قال: حدثني أبي عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام قال:
قال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: يا عليّ إنّك أعطيت ثلاثاً لم يعطها أحد قبلك [قال عليّ] قلت: فداك أبي وأمّي وما أعطيت؟ قال: أعطيت صهراً مثلي وأعطيت مثل زوجتك؟ وأعطيت مثل ولديك الحسن والحسين.
ورواه أيضاً الشيخ الطوسي رفع اللَّه مقامه في الحديث: (46) من الجزء: (12) من أماليه ص 354 قال:
أخبرنا ابن‌الصلت [أبوالحسن أحمد بن محمد بن هارون الأهوازي سماعاً منه في مسجده بشارع دار الرفيق ببغداد في سلخ شهر ربيع الأول من سنة تسع وأربع مائة] قال: أخبرنا ابن‌عقدة قال: حدثنا عليّ بن محمد القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي قال: حدثنا عليّ بن موسي، عن أبيه، عن محمد بن عليّ، عن أبيه، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه:
عن عليّ بن أبي‌طالب قال: فال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم لعليّ: يا عليّ إنّك أعطيت ثلاثة ما لم أعط أنا؟ قلت: يا رسول اللَّه ما أعطيت؟ فقال: أعطيت صهراً مثلي ولم أعط،وأعطيت زوجتك فاطمة ولم أعط [مثلها] وأعطيت مثل الحسن والحسين ولم أعط.
ورواه المجلسي‌أعلي اللَّه مقامه عنهما وعن غيرهما في الباب: (74) من فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام من بحار الأنوار: ج 9 ص 372 ط الكمباني وفي ط الآخوندي: ج 39 ص 89. ومن أجلي مكارم فاطمة ومعاليها صلوات اللَّه عليها ما رواه جماعة منهم البيهقي في أواخر الباب: (61) من كتاب شعب الإيمان: ج 6 ص 467 ط دار الكتب العلمية ببيروت، قال: وروينا في‌كتاب الفضائل عن عائشة عن النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم؟:
أنّ فاطمة كانت إذا دخلت عليه [أي علي النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم] قام إليها فأخذ بيدها فقبّلها وأجلسها في مجلسه،وكان إذا دخل [النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم] إليها قامت إليه فأخذت بيده فقبّلته وأجلسه في مجلسها.
ورواه أيضاً الترمذي بذيل طويل في مناقب فاطمة عليهاالسلام من كتاب المناقب برقم: (3872) من سننه: ج 5 ص 657 قال:
حدثّنا محمد بن بشّار، حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمروعن عائشة بنت طلحة،عن عائشة أمّ المؤمنين قالت:
ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاًّ وهدياً برسول اللَّه [صلي اللَّه عليه وسلم] في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه، [ثمّ] قالت:
وكانت اذا دخلت علي النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم قام إليها فقبّلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبيّ صلي اللَّه عليه وسلّم اذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبّلته وأجلسته في مجلسها. وساق الحديث الي آخره ثم قال: وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن عائشة!.
[543] كذا في أصلي، و في‌المطبوع من ترتيب أمالي الخميسية: «وبني أبي‌حسن وولدهم … ».
[544] كذا في أصلي، و في‌المطبوع من ترتيب أمالي‌السيّد المرشد باللَّه: مرحباً بالمطيبين من الرجس و أهل الإحلال والإحرام والأظهر: «مرحباً بالمطهرين من الرجس … ».
[545] رواه ابن‌حجر الهيتمي في كتابه الصواعق المحرقة: ص 89.
ورواه أيضاً السمهودي في أوائل الباب الثاني من المجلد الثاني من جواهر العقدين: ج 2 ص 49 ط بغداد.
[546] هذا الحديث معروف بين المسلمين، ولم يتيسّر لي الرجوع الي مظانّ مصادره.
[547] وليلاحظ الحديث في‌الجوامع الحديثية والفقهية.
[548] والحديثان قطعيّا الصدور عنه صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
[549] رواه ابن المغازلي في عنوان: «حديث الأعمش والمنصور» في‌الحديث: (188) من مناقبه ص 143.
والسند المذكور هاهنا هو السند الأول من كتاب المناقب، وإليك السند الثاني والثالث، قال: وحدّثنا محمّد بن الحسن، حدّثنا عبداللَّه بن محمّد بن عبداللَّه العكبري حدّثنا عبداللَّه بن عتاب بن محمّد، حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا أبومعاوية، قال: حدّثنا الأعمش قال: أرسل إلَيّ المنصور.
وحدّثنا محمد بن الحسن، حدّثنا عبداللَّه بن محمّد بن عبداللَّه [العكبري، حدّثنا عبداللَّه] بن عتاب بن محمّد العبدي، حدّثنا أحمد بن عليّ العمّي، حدّثنا إبراهيم بن الحكم قال: حدّثني سليمان بن سالم، حدّثني الأعمش قال: بعث إليّ أبوجعفر المنصور- [قال ابن المغازلي] وقد دخل حديث بعضهم في بعض واللفظ لعمر بن شبّة قال: وجّه إليّ المنصور فقلت للرسول: لما يريدني أميرالمؤمنين؟ …
أقول: وللحديث مصادر كثيرة وأسانيد أخر نذكر بعضها في تعليقنا علي ختام الحديث فليلاحظ.
[550] وهذه القطعة من الحديث رواها أيضاً- ولكن باختصار- سلمان الفارسي المحمدي رفع اللَّه مقامه، كما رواه بسنده عنه الحافظ الطبراني في الحديث: (150) من ترجمة الإمام الحسن برقم: (2677) من المعجم الكبير: ج 3 ص 65 ط 2 قال:
حدّثنا الحسين بن محمد الحنّاط الرامهرمزي حدثنا أحمد بن رشد بن خيثم الهلالي حدثنا عمّي سعيد بن خيثم، حدّثنا مسلم الملائي عن حبّة العرني وأبي‌البختري:
عن سلمان قال: كنّا حول النبي صلي اللَّه عليه وسلم فجاءت أمّ أيمن فقالت: يا رسول اللَّه لقد ضلّ الحسن والحسين. قال: ودلك راد النهار- يقول: ارتفاع النهار- فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: قوموا فاطلبوا ابنيّ. قال: فأخذ كل رجل [من الصحابة] تجاه وجهه؟ وأخذت نحو النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم فلم يزل [يسير النبيّ] حتّي أتي سفح الجبل وإذاً الحسن والحسين ملتزق كلّ واحد منهما صاحبه وإذاً شجاع قائم علي ذنبه يخرج من فيه شبه النار، فأسرع إليه رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم فالتفت محاطباً لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم ثمّ انساب فذخل بعض الأحجرة؟ ثمّ أتاهما [النبيّ] فأفرق بينهما ومسح وجههما وقال: بأبي وأمّي أنتما ما أكرمكما علي اللَّه.
ثمّ حمل أحدهما علي عاتقه الأيمن والآخر علي عاتقه الأيسر فقلت: طوباكما نعم المطيّة مطيتكما. فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: ونعم الراكبان هما وأبوهما خير منهما.
ورواه الهيثمي عنه في‌باب مناقب الحسن والحسين عليهماالسلام من مجمع الزوائد: ج 9 ص 182.
[551] ماوضع بين المعقوفات أخذناه من رواية الشيخ الصدوق رفع اللَّه مقامه في المجلس: (67) من أماليه، وسياق الكلام أيضاً يستدعيه.
[552] كذا في أصلي، وفي الحديث: (1100) من مناقب محمد بن سليمان: ج 2 ص 595 ط 1: «وهي حاملة الحسن والحسين علي كتفيها … ».
والصواب زيادة ما في هذين المصدرين وأنّها من سهو بعض الرواة، لأنّ تعيير بعض نساء قريش إيّاها كان في بداية زواجها سلام اللَّه عليها بعليّ عليه‌السلام لا بعد ولادة السبطين صلوات اللَّه عليهما.
[553] كذا.
[554] هذا هو الظاهرالمذكور في مناقب ابن‌المغازلي، وفي أصلي المخطوط من محاسن الأزهار: «وإذا أشفعني شفع عليّ معي».
[555] كذا في أصلي المخطوط، وكلم: «في دار القرار» كانت بخطّ أصلي في هامشه متّصلاً بما قبلها، وهي غير موجودة في المطبوع من مناقب ابن‌المغازلي.
[556] كذا في المناقب لابن المغازلي، ولفظ أصلي المخطوط من محاسن الأزهار في قوله: «إذ عمامته قد رمي» غامض.
[557] كذا في أصلي، وفي مناقب ابن‌المغازلي: «من هذين الحديثين … ».
[558] ذكرنا في تعليق أوّل الحديث أنّ للحديث أسانيد أخر كثيرة سنذكرها، فتقول:
والحديث رواه أيضاً محمّد بن سليمان المتوفي سنة (322) في أواخر مناقبه ج 2 ص 589 برقم: (1100) قال:
[حدّثنا أبو] أحمد قال: أخبرنا عبداللَّه بن عبدالصمد، عن عبداللَّه بن سوار، عن عباس بن خليفة عن سليمان الأعمش …
ورواه أيضاً بأسانيد محمّد بن علي بن الحسين الفقيه المتوفّي عام: (383) في المجلس: (67) من أماليه قال:
حدّثنا أحمد بن الحسن القطان وعليّ بن أحمد بن موسي الدقاق، ومحمّد بن أحمد السنائي وعبداللَّه بن محمّد الصائغ رضي‌اللَّه عنهم قالوا: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن يحيي بن زكريّا القطان، قال: حدثنا أبومحمّد بكر بن عبداللَّه بن حبيب، قال: حدّثني علي بن محمّد، قال: حدّثنا الفضل بن عباس، قال: حدّثنا عبدالقدّوس الورّاق، قال: حدّثنا محمّد بن كثير، عن الأعمش.
وأخبرنا سليمان بن أحمد بن أيّوب اللخمي فيما كتب إلينا من إصبهان، قال: حدّثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري سنة ستّ وثمانين قال: حدّثنا الوليد بن الفضل العنزي قال: حدّثنا مندل بن عليّ العنزي عن الأعمش.
وحدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال: حدّثنا أبوسعيد الحسن بن عليّ العدوي قال: حدّثنا عليّ بن عيسي الكوفي قال: حدّثنا جرير بن عبدالحميد عن الأعمش وزاد بعضهم علي بعض في اللفظ …
ورواه أيضاً- أوكثيراً من فقراته- أبوسعد أحمد بن محمد بن أحمد بن عبداللَّه بن حفص الماليني- المتوفّي سنة: (412) المترجم في مصادر كثيرة منها عنوان: (الماليني) من أنساب السمعاني ولبابه: ج 3 ص ص 155- كما رواه العلاّمة الأميني قدّس اللَّه نفسه في هامش النسخة الّتي كتبها بقلمه الشريف من مناقب ابن‌المغازلي ورواه أيضاً في كتابه المخطوط ثمرات الأسفار: ج 2 ص 32.
ورواه أيضاً عبدالرحمان الخزاعي في الحديث: (25) من أربعينه قال:
أخبرنا الحسن بن الحسين بن أحمد النيسابوري الشيخ العمّ أبوالفتح رضي‌اللَّه عنه بقراءتي عليه، قال: أخبرنا القاضي القصاة أبوالحسن عبدالجبّار بن أحمد قراءة عليه، قال: حدّثنا الزبير بن عبدالواحد، قال: حدّثنا راجح بن الحسين بن غياث أبوالحسن- ويعرف بالمدلل- قال: حدّثني محمّد بن خلف بن صالح التميمي بكناسة الكوفة، قال: حدّثني سليمان الأعمش …
وانظر ما ذكرنا في تعليقه من بعض المصادر الّتي لم نذكره هاهنا.
ورواه أيضاً أبوجعفر محمّد بن عليّ أبوالقاسم الطبري من أعلام القرن السادس-في الجزء الثالث من بشارة المصطفي قال:
وجدت مكتوباً بخطّ والدي أبي‌القاسم الفقيه رحمه اللَّه، قال: حدّثنا أبومحمّد عبداللَّه بن عدي بجرجان، عن أبي‌يعقوب الصوفي عن ابن‌عبدالرحمان الأنصاري عن الأعمش. وساق الحديث إلي آخره ثمّ قال: هذا الخبر قد سمعته ورويته بأسانيد مختلفة وألفاظ تزيد وتنقص، وقد أوردته هاهنا علي هذا الوجه، وفي آخره قد أدخل كلام بعض في بعض.
ورواه أيضاً في أواسط الجزء الخامس من الكتاب ص 171، ببعض الأسانيد المتقدّمة عن الشيخ الصدوق رحمه اللَّه.
ورواه أيضاً أبوالمؤيّد الموفّق بن أحمد الخوارزمي- المتوفي سنة: (568)- في أوّل الفصل التاسع عشر من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ص 285 ط الحديث. وكثيراً من فقراتها رواه أبوالشيخ ابن‌حبّان في كتاب السنة الكبير؟ كما رواه عنه السمهودي في أواخر الذكر: (12) من القسم الثاني من جواهر العقدين: الورق 138 /أ/ من نسخة أيا صوفيا، وفي طبعة بغداد: ج 2 ص 284.
والحديث- أوكثير من جملها- رواه أيضاً ابن‌عبّاس وأعتي الظالمين من ذراريه هارون الغويّ كما أوردناه في مقدمة عبرات المصطفين: 1، ص 17 تا 28 ط 1.
[559] هذا هو الصواب المذكور في ترتيب الأمالي الخميسية ج 1 ص 162 ط 1، وفي أصلي: «يرجون جنان الخلود؟».
[560] كذا في أصلي، وفي ترتيب الأمالي الخميسية: «ذلك يوم أنحي بشفرته … ». وفي مناقب الخوارزمي- علي ما رويته عنه في مراثي‌منصور بن الزبرقان من كتاب زفرات الثقلين: ج 1، ص 285 ط 1-:
ذلك أخني بكلكله
علي سنام الإسلام والكاهل
.[561] وأنظر اختلاف المصادر في بعض هذه الكلمات فيما أوردناه في ترجمة منصور النمري هذا من زفرات الثقلين ج 1، ص 281 تا 288.
[562] والحديث متواتر عن النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقد عدّه جمع ممن أشار الي الأحاديث المتواتره في المتواترات، ويجد الباحث الحديث مرويّاً عن أكثر من عشرين صحابياً فيما جاء في الحديث: (336) وما بعده وتعليقاتها- من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 307 تا 428 ط 2 بتحقيق المحمودي.
ورواه أبوحازم العبدوي بخمسة آلاف إسناد، كما في ذيل الحديث: (205) في تفسير الآية: (59) من سورة النساء في تفسير شواهد التنزيل: ج 1 ص 152، ط 1، وفي ط 2: ج 1 ص 195، بتحقيق المحمودي.
[563] هذا هو الصواب المذكور في ترجمة الرجل من كتاب الأغاني: ج 10، ص 52، وفي أصلي: «الصوفي».
وهذه الأبيات ذكرها المصنّف أيضاً في الحدائق الوردية: ج 2 ص 205.
وانظر ما أوردناه في‌ترجمة إبراهيم بن العباس في كتاب زفرات الثقلين: ج 1 ص 321.
[564] هذا هو الظاهر من السياق، وفي أصلي المخطوط: «في واحد ممن قدّمه علي عليّ عليه‌السلام … ».
[565] روي البلاذري في ذيل الحديث: (56) من ترجمة الإمام الحسن عليه‌السلام من كتاب أنساب الأشراف: ج 3 ص 47 ط 1، بتحقيق المحمودي قال:
فكان الحصين بن المنذرالرقاشي أبوساسان يقول: «ما وفي معاوية للحسن بشي‌ء مما جعل له، قتل حجراً وأصحابه، وبايع لابنه [يزيد] ولم يجعلها شوري وسمّ الحسن!! وأيضاً قال البلاذري في الحديث: (66) وتاليه من الترجمة ص 55 قال:
ويقال: إنّه [أي الحسن عليه‌السلام] سمّ أربع دفعات فمات في آخرهنّ، وأتاه الحسين وهو مريض فقال: [ياأخي] من سقاك السمّ؟ قال: لتقتله؟ قال: نعم. قال: ما أنا بمخبرك، إن كان صاحبي‌الّذي أظنّ فاللَّه أشدّ له نقمة، وإلّا فواللَّه لايقتل بي بري‌ء. ثمّ قال البلاذري: وقد قيل: إن معاوية دسّ إلي جعدة بنت الأشعث بن قيس امرأة الحسن وأرغبها حتّي سمّته وكانت شانئة له.
وروي الحاكم في الحديث: (35) من باب مناقب الإمام الحسن عليه‌السلام من المستدرك: ج 3 ص 176، قال:
أخبرني محمّد بن يعقوب الحافظ، حدّثنا محمّد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن المقدام، حدّثنا زهير بن العلاء حدّثنا سعيد بن أبي‌عروبة، عن قتادة بن دعامة السدوسي قال: سمّت [الجعدة] ابنة الأشعث بن قيس الحسن بن عليّ وكانت تحته ورشيت علي ذلك مالاً.
ورواه أيضاً البلاذري في الحديث: (68) من ترجمة الإمام‌الحسن من أنساب الأشراف: ج 3 ص 59 ط 1، قال:
وقال الهيثم بن عدي: دسّ معاوية إلي ابنة سهيل بن عمروامرأة الحسن مائة ألف دينار علي أن تسقيه شربة بعث بها إليها ففعلت.
أقول: ومن أراد المزيد فعليه بما علقناه علي الحديث، (66) من ترجمة الإمام الحسن من أنساب الأشراف: ج 3 ص 55.
[566] ومن أراد شواهد أخر- لما ذكره المصنّف هاهنا فليراجع الحديث: (334) وما بعده من ترجمة الإمام الحسن عليه السلام من تاريخ دمشق: ص 207 ط 1، بتحقيق المحمودي.
[567] للحديث طرق عن جابر وأبي‌بكرة يجد الباحث كثيراً منها في الحديث: (200) وما بعده من نرجمة الإمام عليه‌السلام من تاريخ دمشق ص 125، بتحقيق المحمودي.
[568] ومن أراد أن يطّلع علي بعض تلك الفجائع فليراجع حوادث سنة (61) الهجرية من تاريخ الطبري والكامل لابن الأثير وعبرات المصطفين من تأليفنا.
[569] والحديث متواتر عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم وقد رواه عنه صلوات اللَّه عليه وعلي آله خمسة عشر صحابي كما ذكره السيوطي في كتاب الأزهار المتناثرة.
ورواه أيضاً محمّد مرتضي الحسيني‌الزبيدي مؤلف كتاب تاج العروس كما في الحديث: (45) وتعليقه من كتاب لقط اللآلي المتناثرة في الأحاديث المتواترة ص 149، ط دارالكتب العلمية.
ويجد الباحث للحديث أسانيد جمّة في الحديث: (129): ومابعده وتعليقاتها من ترجمة الإمام الحسن عليه‌السلام ص 72 تا 84 ط 1، بتحقيق المحمودي.
[570] رواه الطبراني في الحديث: (51) من ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام من المعجم الكبير: ج 3 ص 114، وفي ط: ص 108.
ورواه عنه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في عنوان: «الحديث الثامن … » من ترتيب أماليه: ج 1، ص 163.
وللحديث مصادر وأسانيد يجد الباحث كثيراً منها في المقدمة الثانية من كتاب عبرات المصطفين: ج 1، ص 17 وما حولها ط 1.
[571] هذا هو الصواب المذكور في المعجم الكبير، غير أن فيه: «عباد بن زياد» وفي أصلي: «صيادة بن زياد الأسدي».
[572] ما بين المعقوفين مأخوذ من روايات كثيرة وردت في المقام، ويستدعيه أيضاً سياق الكلام.
[573] هذا هو الظاهر المذكور في المعجم الكبير، وفي أصلي: «قالت: فجعلتها في قارورة … ».
[574] هذا هو الظاهر، وفي‌أصلي: «واللبث والشكوي»، وكتب كاتب الأصل بين السطرين: «والبيت والشكوي».
[575] الحديث معروف ولكن لم يتيسّر لي مراجعة مصادره.
[576] الكلام- بفتح الكاف- معروف، والمراد منه هنا هو قوله تعالي: «كن» عند إرادته تعالي إيجاد شي‌ء، وهو كناية عن تنفيذ إرادته وقدرته عند إيجاد الشي‌ء أوإعدامه.
والكُلام بضمّ الكاف: العذاب الشديد الغليظ.
[577] لفظة: «ثان» رسم خطّها من أصلي غير جليّ.
[578] الحديث وتاليه معروفان، ولكن لم أتمّكن من مراجعة مصادرهما.
[579] يقال: حام فلان علي الشي‌ء وحوله- من باب (قال) وعلي زنته- حوماً وحوماناً: دار به وحوّم في الأمر: استدار.
[580] ويساعد رسم الخطّ من أصلي أن يقرأ: «وبإزائهم قوم … ».
[581] العسبان- علي زنة عثمان-: جمع العسيب وهو جريدة النخل المكشوط الخوص. ويعبرّ عنه أهل بلدنا ب «گُرز- أولَت-».
وهذا الحديث لا عهد لي بمصدر له في غير هذا الكتاب فليحقّق.
[582] رواه المصنّف في سيرة زيد الشهيد قبيل مراثيه من كتاب الحدائق الوردية: ج 1 ص 144، ط 2.
[583] الصّفاح- بضمّ الصاد-: الحجارة العريضة. والعواسل: جمع العاسل: الرمح الّذي يهتزّ ليناً. وقواصل: جمع قاصل: السيف، يقال: سيف قاصل وقصّال ومقصل: قطّاع.
[584] المخصرة- بكسر الميم وسكون الخاء-: السوط. مايتوكّأ عليه. وينكت- علي زنة ينصر وبابه-: يضرب. والثنايا: جمع ثنيّة: أسنان مقدم الفم ثنتان من فوق وثنتان من تحت.
[585] هذا هو الصواب الّذي في جلّ المصادر منها الحدائق الوردية، وفي أصلي من محاسن الأزهار: «لاتشلل».
[586] كذا في أصلي، وفي جلّ المصادر: «لست من خندف … » وهكذا رواه الخوارزمي في مقتل الإمام الحسين: ج 2 ص 58، ط 1، ثمّ قال:
وقال أبوعبداللَّه الحافظ: وقد روينا في رواية أخري: «لست من عتبة … ». وفي الحدائق الوردية: «لست من شيخي إن لم انتقم؟».
[587] هذا هو الصواب المذكور في جلّ المصادر، وفي أصلي تصحيف: «قد قتلنا القوم … ».
[588] رواه السيّد المرشد باللَّه في‌الأمالي الخميسية- كما في عنوان: «الحديث الثامن … » من ترتيب الأمالي: ج 1، ص 190- قال:
أخبرنا أبوطاهر أحمد بن عليّ بن محمّد بن عثمان السواق، والبندار ابن‌أخي شيخنا أبي‌منصور ابن‌السواق بقراءتي عليه قال: حدّثنا أبوعبداللَّه الحسين بن عمر بن برهان الغزال، قال: أخبرنا أبوعمروعثمان بن أحمد المعروف بابن السماك قال: حدّثنا أبوالفضل أحمد بن ملاعب بن جنان، قال: حدّثنا أحمد بن غياث، قال: أخبرنا خالد بن يزيد بن أسد بن عبيداللَّه القسري:
عن عمار الدهني قال: قلت لأبي جعفر عليه‌السلام: حدّثني بمقتل الحسين بن عليّ عليه‌السلام …
ورواه أيضاً الطبري في حوادث سنة: (60) من تاريخه: ج 5، ص 389، ط مصر، بتحقيق محمّد أبي‌الفضل إبراهيم، قال:
فحدّثني زكريّاء بن يحيي الضرير، قال: حدّثنا أحمد بن جناب المصيصي قال: حدّثنا خالد بن يزيد بن عبداللَّه القسري قال: حدّثنا عمّار الدهني قال: قلت لأبي جعفر: حدّثني عن مقتل الحسين [عليه‌السلام]حتّي كأنّي حضرته …
أقول: نكت يزيد بمخصرته علي شفتي ريحانة رسول اللَّه صلي اللَّه عّليه وآله وسلم وتمثّله بالأشعار الّتي أنشدها ابن‌الزبعري قد رواها جماعة من حفّاظ آل أميّة، وقد صحّح الحافظ الذهبي بعض طرفها، فليراجع الباحث ما أوردناه في‌كتاب عبرات المصطفين: ج 2 ص 305 وما حولها.
[589] أي فم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي فمه. وهذا هو الصواب المذكور في تاريخ الطبري، وفي أصلي المخطوط من محاسن الأزهار: «فواللَّه لربّما رأيت أنفا رسول اللَّه … ».
[590] تقدّم في أواسط شرح البيت (27) من أصلي المخطوط.
[591] وقربياً منه رواه أبوالفرج بزيادة أبيات عمّا هنا- في ترجمة السيّد الحميري في الأغاني: ج 7 ص 259 قال:
أخبرني أحمد بن عبدالعزيز الجوهري قال: حدّثنا عمر بن شبّة، قال: حدّثنا حاتم بن قبيصة قال:
سمع السيّد [الحميري] محدّثاً يحدّث أن النبي صلي اللَّه عليه وسلم كان ساجداً فركب الحسن والحسين علي ظهره، فقال عمر (رض): نعم المطيّ مطيّكما. فقال النبي صلي اللَّه عليه وسلم: ونعم الراكبان هما. فانصرف السيّد من فوره فقال في ذلك:
أتي حسن والحسين النبي
وقد جلسا حجرة يلعبان؟
ففدّاهما ثمّ حيّاهما
وكانا لديه بذاك المكان
فراحا وتحتهما عاتقاه
فنعم المطيّة والراكبان
وليدان أمّهما برّة
حصان مطهّرة للحسان
وشيخهما ابن‌أبي‌طالب
فنعم الوليدان والوالدان
خليليّ لا ترجيا واعلما
بأنّ الهدي غير ماتزعمان
وأنّ عمي الشك بعد اليقين
وضعف البصيرة بعد البيان
ضلال فلا تلجا فيهما
فبئست لعمر كما الخصلتان
أيرجي عليّ إمام الهدي
وعثمان ما أعند المرجيان
ويرجي ابن‌حرب وأشياعه
وهوج الخوارج بالنهروان
يكون إمامهم في المعاد
خبيث الهوي مؤمن الشيصبان
أقول: وأشطر من أوّل هذه الأبيات رواها عنه البيهقي في عنوان: «محاسن ما قيل فيهم من الأشعار» في‌أوائل كتابه: المحاسن والمساوئ: ص 91.
ولصدر الحديث- بلا ذكر أبيات السيّد الحميري- أسانيد ومصادر، ورواه أيضاً البزّار في مسنده قال:
حدّثنا الجراح بن مخلد، حدّثنا الحسن بن عنبسة، عن عليّ بن هاشم بن البريد، عن محمّد بن عبيداللَّه بن أبي رافع، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر، قال:
رأيت الحسن والحسين- رحمة اللَّه عليهما؟- علي عاتقي النبي صلي اللَّه عليه وسلم فقلت: نعم الفرس تحتكما!! [ف] فال [النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم]: ونعم الفارسان هما.
قال البزّار: لايروي عن عمر إلّا بهذا الإسناد.
هكذا رواه الهيثمي عنه في أوّل باب مناقب الحسن والحسين عليهما السلام من كشف الأستار: ج 3 ص 225.
ورواه أيضاً أبويعلي، ورجاله رجال الصحيح كما في مجمع الزوائد: ج 9 ص 182.
ورواه ابن‌كثير بسند البزاّر في الحديث: (39) من مسند عمر من جامع المسانيد: ج 18 ص 25 ط 1.
ورواه ابن‌عدي عن أبي‌يعلي في ترجمة حسين بن الحسن الأشقر من كامله: ج 2 ص 362.
والحديث مستفيض عن الصحابي العظيم جابر بن عبداللَّه الأنصاري وقد رواه جماعة بأسانيد هم عنه، منهم أبومحمّد الرامهرمزي الحسن بن عبدالرّحمان بن خلاد المتوفي عام: (260)- المترجم في سير أعلام النبلاء: ج 13 ص 73- قال:
حدّثنا عبدالرّحمان بن إسحاق بن يحيي المرسي حدّثنا أبوخالد يزيد بن خالد، عن عبداللَّه بن وهب المصري حدّثنا مسروح بن شهاب، عن سفيان الثوري عن أبي‌الزبير: عن جابر رضي‌اللَّه عنه، قال: دخلت علي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم والحسن والحسين علي ظهره وهو يقول: نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما.
قال أبومحمّد [الرامهرمزي] هذا [الكلام] مزاح [من] رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم وهي منقبة تفرّد بها الحسن والحسين، وتضمّن من الفقه إطلاق تشبيه الإنسان بالبهيمة إذا شاركها في بعض فعلها.
هكذا رواه عنه محمّد بن يوسف الصالحي الشامي المتوفي (942) في الباب: (22) وهو باب مزاح النبي ومداعبته- من كتاب سبل الهدي والرشاد: ج 7 ص 187 ط مصر، ثمّ قال: وقال ابن‌عدي: حدّثنا عمران بن موسي بن فضالة قال حدّثنا عيسي بن عبداللَّه بن سليمان قال: أخبرنا ابن‌شهاب، عن سفيان الثوري عن أبي‌الزبير به.
وقريباً منه ورد أيضاً عن جماعة أخر من الصحابة منهم ابن‌عبّاس ومنهم البراء بن عازب، ومنهم سلمان الفارسي المحمدي كما رواه عنه أبوالوفاء ريحان بن عبدالواحد- المتوفي حدود سنة: (430)- في كتابه المناقب والمثالب، ص 494 قال:
وقال سلمان الفارسي رضي اللَّه عنه: رأيت النبيّ صلي اللَّه عليه في السجود وجاء الحسن والحسين رضي اللَّه عنهما فركباه فأطال السجود حتّي نزلا عنه، ثمّ سلّم فقال: نعم الجمل جملكما ونعم الراكبان أنتما.
ومن أراد المزيد فعليه بالحديث (157) وما بعده وتعليقاته من ترجمة الإمام الحسن من تاريخ دمشق ص 93 ط 1 بتحقيق المحمودي.
[592] ورواه ابن‌أبي‌شيبة في فضائل أمّ المؤمنين خديجة صلوات اللَّه عليها في كتاب الفضائل برقم: (12337) من كتاب المصنف: ج 12 ص 133، ط الهند.
ورواه عنه ابن‌أبي‌عاصم في ترجمة خديجة برقم: (2989) من كتاب الآحاد والمثاني ص 382.
ورواه محققه في تعليقه عن مصادر منها فضائل الصحابة من صحيح مسلم برقم: (3432) في ج 4 ص 1887. ومنها ترجمة خديجة من المعجم الكبير: ج 22 ص 9.
ورواه أيضاً ابن‌حجر في ترجمة خديجة من كتاب الإصابة: ج 8 ص 61.
وروي الترمذي في‌آخر مناقب أمّ المؤمنين خديجة الكبري في كتاب المناقب برقم: (3878) من سننه: ج 5 ص 660 قال:
حدّثنا أبوبكر بن زنجويه، حدّثنا عبدالرزّاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس (رض) [قال:] إنّ النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم قال: «حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد، وآسية امرأة فرعون». قال أبوعيسي [الترمذي]: هذا حديث صحيح.
قال المحمودي: وللحديث مصادر كثيرة جدّاً.
[593] وقريباً منه رواه أحمد بن حنبل كما في ترجمة خديجة من مجمع الزوئدة: ج 9 ص 224 ورواه أيضاً ابن‌حجر في‌الاصابة: ج 8 ص 62.
[594] الظاهر أنّ هذا هو الصواب، ورسم الخط من أصلي غامض.
[595] تقدّم الكلام في هذا المعني فليلاحظ ما قدمناه.
[596] هذا هو الظاهر، وفي أصلي المخطوط: «وفي الرواية … ».
[597] كذا في أصلي.
[598] لعلّ هذا هو الصواب وهكذا جاء في غير واحد من روايات الباب، منها الحديث: (1020) في ترجمة أمّ هاني‌ء من المعجم الكبير: ج 24 ص 42. ورسم الخطّ من أصلي غير جليّ ويقرأ: «جمابها»؟
وأيضاً الحديث رواه الطبراني برقم: (9086) من المعجم الأوسط: ج 10 ص 37 ط 1 قال: حدثنا مسعدة بن سعد قال: حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا إسماعيل بن عيّاش، عن عبدالعزيز بن عبداللَّه بن سعد بن أبي‌هلال: أنّ أبامرّة مولي عقيل بن أبي‌طالب أخبره أنّ أم هانئ أخبرته أنّها أجارت رجلين من بني مخزوم يوم فتح رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وسلّم مكّة، فدخل عليها عليّ فقال: ما هذا يا أمّ هانئ؟ لأقتلنّهما. قالت: فأغلقت عليهما ثمّ ذهبت إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم فوجدته يغتسل وابنته فاطمة تستره بثوب، فاغتسل ثمّ أخذ الثوب فالتحف، ثمّ يصلي الضُحي ثمان ركعات، ثم قال: ما لكِ يا أم هانئ؟ قلت: إنّي قد أجرتُ رجلين من أحمائي، فجاء عليّ يريد أن يقتلهما. فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلّم: قد أمَّنّا من أمّنتِ، وأجرنا من أجرت».
[599] رسم‌الخطّ من أصلي في قوله: «العقائل» غير واضح.
[600] هذا هو الصواب، وفي أصلي المخطوط من محاسن الأزهار: «هناد بن الأسود».
[601] ويحتمل رسم الخطّ من أصلي أن يقرأ: «وعلاء يعلو الكواكب».
[602] وهذا معني الحديث المتقدّم وليس نصّه وصريح لفظه فلاحظ.
[603] كلم «تسوق النفوس إلي أنّه» رسم خطّها في أصلي غير جليّ.
[604] هذا هو الظاهر من‌السياق، وفي أصلي: (ولولا جلالته وعظمه وإلاّ لما خصّه بالذكر … ).
[605] الطبل- علي زنة الحبل- معروف وهو ما يضرب به في الأعراس والأعياد والفتوح وأوقات السرور.
والوبل- علي زنة الحمل-: مدقّة القصّار الّتي يدقّ بها الثياب بعد الغسل. القضيب الليّن. خشبة يضرب بها النصاري الناقوس.
[606] وللحديث أوما في معناه مصادر وأسانيد، ورواه الحافظ النسائي في الحديث: (72) من خصائص أمير المؤمنين عليه‌السلام: ص 140، ط بيروت بتحقيق المحمودي.
ورواه أيضاً علي بن الجعد- المولود: (136) المتوفيّ عام: (230)- في الحديث: (934) من مسنده: ج 1، ص 488.
ورواه أيضاً أبوبكر ابن‌أبي‌شيبة- المتوفّي سنة: (235)- في الحديث: (23)من فضائل علي عليه‌السلام برقم: (11352) في كتاب الفضائل من المصنف: ج 12، ص 66 طبع الهند، وفي عنوان: (ماذكروا في الطائف) من كتاب المغازي من المصنف: ج 14، ص 508 ط 1، وفي ط بيروت: ج 7 ص 496 وج …
ورواه عنه أبويعلي في الحديث: (25) من مسند عبدالرحمان بن عوف من مسنده: ج 2 ص 165، ط.
ورواه أيضاً أحمد بن حنبل المتوفي عام: (240) في الحديث: (90) من فضائل أميرالمؤمنين عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 59 ط قم.
ورواه أبوداود برقم: (2700) في كتاب الجهاد من سننه: ج 3 ص 65.
ورواه أيضاً البلاذري في الحديث: (85) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من أنساب الأشراف: ج 2 ص 123، ط بيروت.
ورواه أيضاً البزّار- المتوفي سنة: (290)- كما رواه عنه الهيثمي في الحديث: (2618) من كشف الأستار: 3 ص 224 وكما في مناقب عليّ عليه‌السلام من مجمع الزوائد: ج 9 ص 163.
ورواه ابن‌كثير عن البزّار وأبي‌يعلي في مسند عبدالرحمان بن عوف برقم: (6126) من كتاب جامع المسانيد: ج 8 ص 414 ط 1.
ورواه أيضاً محمد بن سليمان الكوفي- المتوفّي سنة: (322)- في الحديث: (365) من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام: ج 1، ص 463 ط 1.
ورواه أيضاً أبوعمر ابن‌عبدالبرّ في أواسط ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتاب الاستيعاب: ج 2 ص 464 وفي نسخة بهامش الإصابة: ج 3 ص 46.
ورواه أيضاً الفاكهي في الحديث: (2863) من أخبار مكّة: ج 5 ص 72.
ورواه أيضاً البيهقي- المتوفّي سنة: (458)- في «باب من جاء من عبيد أهل الحرب مسلماً» من كتاب الجزية من السنن الكبري: ج 9 ص 229.
ورواه المقدسي- نقلاً عن أبي‌داود والفاكهي والبيهقي- في‌أوائل مسند عليّ عليه‌السلام من كتاب المختارة: ج 2 ص 68.
ورواه أيضاً أبوجعفر محمد بن جرير الطبري- المتوفّي سنة 310)- وصحّح سنده في الحديث: (216) من مسند عبدالرحمان بن عوف من كتاب تهذيب الآثار: ص 159 ط 1.
ورواه أيضاً ابن‌أبي‌الحديد في أواخر شرح المختار: (18) من نهج‌البلاغة: ج 1،ص 294 ط الحديث بمصر، وفي ط الحديث ببيروت: ج 1، ص 238.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه الحافظ ابن‌عساكر في الحديث: (873) ومابعده وتعليقاته من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 366 تا 372 ط 2 بتحقيق المحمودي.
[607] رسم الخط من أصلي في هاتين الكلمتين غير واضح.
[608] والحديث رواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في الحديث: (19) من‌الباب: (3) من تيسير المطالب ص 56 قال:
أخبرنا أبوالحسن علي بن إسماعيل الفقيه رحمه اللَّه تعالي قال: أخبرني الناطق للحق الحسن بن عليّ رضي‌اللَّه تعالي عنه، قال: حدّثنا عبداللَّه بن محمّد المدني قال: حدّثنا عمّار بن زيد، قال: حدّثنا عبداللَّه بن المعلي؟ عن المنتجع بن قارط النهدي.
[609] الركاكة- بضّم الراء وتخفيف الكاف-: الضعيف، ومثله: الركاك بكسر الراء.
[610] لايحضرني مصدر لكلام ابن‌عبّاس هذا؛ غير ما ذكره المحبّ الطبري- نقلاً عن الواحدي- في عنوان «ذكر شجاعته» في أواسط الفصل 9 من فضائل علي عليه‌السلام من الرياض النضرة. ولكن كلّ من له إلمام بغزوات رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله‌وسلم أوحرب الجمل والصفّين والنهروان، يلمس ما ذكره ابن‌عبّاس في كلامه هذا.
وليلاحظ ما رواه جمع منهم ابن‌عساكر في الحديث: (1200) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 185، ط 2.
[611] أي عظمت وتفاقمت، يقال: طمّ الأمر- علي زنة (مدّ) وبابه- طمّاً: عظم وتفاقم.
[612] وهذا رواه أيضاً السيّد أبوطالب في أماليه- كما في الحديث: (8) من الباب الثالث من تيسير المطالب، ص 50 ط 1، ببيروت- قال:
أخبرنا أبي رحمه‌اللَّه تعالي، قال: أخبرنا أبومحمد الحسن بن محمد بن يحيي بن الحسين العقيقي صاحب كتاب الأنساب، قال: حدثّنا الزبير بن بكّار، قال:
قال أسد بن أبي أياس- بن زنيم بن عبدبن عديّ بن بديل- وهو يحرّض مشركي قريش علي قتل عليّ بن أبي‌طالب عليهماالسلام ويغريهم بذلك: «في كلّ مجمع غاية أخزاكم … ».
[613] ورواه السيّد أبوطالب بسنده عنه في أماليه- كما في الحديث: (9) من الباب: (3) من تيسير المطالب، ص 50 ط بيروت- قال:
أخبرنا أبي رحمه‌اللَّه قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يحييبن الحسن الحسني العقيقي قال: حدّثني جدّي قال: حدثنا الزبير بن بكّار، قال: حدثنا عليّ بن المغيرة عن معمر بن المثنّي قال:
كان لواء المشركين يوم أحد مع طليحة بن أبي‌طلحة بن عبدالعزّي بن عبدالدار بن قصيّ فقتله عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام، وفي ذلك يقول الحجّاج بن علاة السلمي …
ورواه أيضاً ابن‌عساكر في الحديث: (212) من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 165، ط 2 قال:
أخبرنا أبوالحسين ابن‌الفراء، وأبوغالب وأبوعبداللَّه ابنا البنّاء، قالوا: أنبأنا أبوجعفر ابن‌المسلمة، أنبأنا أبوطاهر المخلص، أنبأنا أحمد بن سليمان الطوسي أنبأنا الزبير بن بكّار قال:
وحدّثني عليّ بن المغيرة، عن معمر بن المثنّي قال: كان لواء المشركين يوم بدر مع طلحة بن أبي‌طلحة؟ فقتله عليّ بن أبي‌طالب، وفي ذلك يقول الحجّاج بن علاة السلمي: «للَّه أيّ مذبّب عن حرمة … ».
أقول: والأبيات تقدمت عن الشارح المصنّف في شرح البيت (11) من القصيدة من هذا الشرح، ص 66.
وروي الطبري في وقعة أحد، من تاريخه: ج 1، ص 1396 /ط القديم، وفي ط الحديث بمصر: ج 2 ص 509 قال:
حدّثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضّل قال: حدّثناأسباط،عن‌السدّي‌قال: لمّا برز رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم ألي المشركين بأحد أمر الرماة فقاموا بأصل الجبل في وجوه خيل المشركين وقال لهم: لا تبرحوا مكانكم إن رأيتم أنّنا قد هزمناهم فإنّا لا نزال غالبين ما ثبتّم مكانكم. وأمّر عليهم عبداللَّه بن جبير أخا خوّات بن جبير.
ثمّ إنّ طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين قام فقال: يامعشر أصخاب محمد إنّكم تزعمون أنّ اللَّه يعجّلنا يسيوفكم إلي النار، ويعجّلكم بسيوفنا إلي الجنّة، فهل منكم أحد يعجّله اللَّه بسيفي إلي الجنّة؟ أويعجّلني يسيفه إلي النار؟
فقام إليه عليّ بن أبي‌طالب رضي اللَّه عنه، فقال: والّذي نفسي بيده لا أفارقك حتي أعجّلك بسيفي إلي النار أوتعجّلني بسيفك إلي الجنّة. فضربه عليّ فقطع رجله فسقط فانكشفت عورته فقال [لعليّ]: أنشدك اللَّه والرحم يا ابن‌عمّ. فتركه!!
فكبّر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم وقال لعليّ: ما منعك أن تجهز عليه؟ قال: إنّ ابن‌عمّي ناشدني حين انكشفت عورته فاستحييت منه!!.
[614] المعمّ: كريم الأعمام. المخول: كريم الأخوال. مجدّلاً: لاصقاً بالأرض.الجرّ: أصل الجبل. وأخول أخولاً: واحداً بعد واحد. كذا بخطّ الأصل في هامشه.
[615] وتقدم الأبيات- بنقص شطرين منها- في شرح البيت (11) من هذا الكتاب ص 67.
[616] وهذا الكلام- أوما في معناه- رواه عنه عليه اليلام جماعة منهم الوزير الآبي في المختار: (41) من كلم أميرالمؤمنين في الباب: (3) من نثرالدرّ: ج 1 ص 280 قال: وقال مصعب الزبيري: كان عليّ بن أبي‌طالب حذراً في الحروب شديد الروغان من قرنه لايكاد أحد يتمكّن منه.
وكانت درعه صدراً لاظهر لها، فقيل له: ألا تخاف أن تؤتي من قبل ظهرك؟ فقال: إذا أمكنت عدوّي من ظهري فلا أبقي اللَّه عليه إن أبقي عليّ.
وذكره أيضاً ابن‌قتيبة في‌كتاب الحرب من عيون الأخبار ج: 2 ص 131.
ورواه أيضاً الزبير بن بكار في‌الجزء (16) في الحديث: (194) من الموفقيات، ص 343 ط بغداد.
ورواه أيضاً ابن‌عساكر في الحديث: (870) من ترجمة أميرالمؤمنين من تاريخ دمشق ج 2 ص 363 ط 2.
[617] كذا في‌أصلي وقريباً منه رواه الزبير بن بكّار في الحديث (194) في‌الجزء: (16) من كتاب الموفقيات الورق 93/ وفي ط بغداد، ص 343 قال:
حدّثني عمّي مصعب بن عبداللَّه، قال: كان عليّ بن أبي‌طالب في بلادنا؟ شديد الروغان من قرنه، لايكاد أحد يتمكّن منه.
وكانت درعه صدراً لاظهر لها!! فقيل له في‌ذلك: ألا تخاف أن تؤتي من قبل ظهرك؟ فيقول: إذا أمكنت عدوّي من ظهري فلاأبقي اللَّه عليه إن أبقي عليّ.
ورواه أيضاً ابن‌عساكر في الحديث: (870) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 363.
[618] كذا.
[619] هذا هو الصواب، وفي أصلي: (وأنّه ليس فوقه سواه من الصحابة).
[620] والحديث قد أفرده جماعة بالتأليف منهم السيّد العظيم الشأن مير حامد صاحب عبقات الأنوار فإنه أورد الحديث في مجلّدين ضخمين من كتاب العبقات، وبحث عنه سنداً ومتناً بما لا مزيد عليه.
ومنهم السيّد أحمد بن محمدبن الصدّيق الغماري الحسني فإنّه أفرده بالتأليف وسمّي كتابه بفتح الملك العليّ.
وللحديث مصادر وأسانيد كثيرة يجد الباحث كثيراً منها تحت الرقم: (991) ومابعده وتعليقاته من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 464 ط 2 بتحقيق المحمودي.
[621] ومثله رواه الخوارزمي مرسلاً في آخر الفصل (7) من كتابه مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام ص 102.
ورواه ابن‌عساكر بسندين عن عبداللَّه بن مسعود، في‌أواخر ترجمة أبي‌الدرداء عويمر بن زيد الأنصاري من تاريخ دمشق: ج … ص …
قال: أخبرتنا أمّ البهاء بنت البغدادي أنبأنا أبوالفضل الرازي أنبأنا جعفر بن عبداللَّه، أنبأنا محمّد بن هارون، أنبأنا أبوكريب، أنبأنا يحيي بن آدم، عن أبي‌بكر؟ عن الأعمش، عن أبي‌إسحاق،
قال: قال عبداللَّه [بن مسعود]: علماء الأرض ثلاثة: فرجل بالمدينة، ورجل بالشام، ورجل بالكوفة، فأمّا هذان فيسئلان الّذي بالمدينة، والّذي بالمدينة لايسألهما عن شي‌ء.
[و] أخبرنا أبوالقاسم بن الحسين، أنبأنا أبوطالب بن غيلان، أنبأنا أبوإسحاق المزكي أنبأنا محمّد بن المسيّب، أنبأنا الحسن بن محمّد بن إبراهيم الجرجاني أنبأنا إبراهيم- بعني ابن‌الحكم- أنبأنا أبي عن السدي عن مرة بن شراحيل قال: كان عبداللَّه بن مسعود يقول:
علماء الناس ثلاثة: واحد بالعراق، وآخر بالشام- يعني أباالدرداء- [وهو] يحتاج إلي الّذي بالعراق- يعني نفسه- وآخر بالمدينة، والّذي بالشام والعراق بحتاهمان إلي الّذي، بالمدينة يعني عليّ بن أبي‌طالب [وهو] لايحتاج إلي واحد منهما.
وببالي أنّ ابن‌عساكر روي الحديث في ترجمة سلمان الفارسي أيضاً، ولكن لم يتيسّر لي الرجوع إليها فلتراجع البتّة.
[622] وهذا رواه أيضاً الحافظ الحسكاني في الحديث: (34 تا 35) في‌الفصل الرابع من مقدمة شواهد التنزيل: ج 1 ص 43 ط 2.
[623] ورواه النقاش أيضاً- كما رواه عنه عبدالرحمان بن أبي‌لحسن السهيلي النخعي الشافعي في كتاب الجواهر الفرد في مبهمات القرآن- من نسخة منه موجودة برقم: (124) في المكتبة الأحمدية بحلب قال: - قال النقاش:
إن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم حين نزلت عليه: «وتعيها أذن واعية» أخذ بأذن عليّ بن أبي‌طالب- كرّم اللَّه وجهه- وقال: هي هذه.
والحديث قد ورد عن جماعة من الصحابة والتابعين منهم أميرالمؤمنين عليه‌السلام ومنهم الإمام الحسين صلوات اللَّه عليه، ومنهم حبر الأمة عبداللَّه بن العباس، ومنهم جابر بن عبداللَّه الأنصاري، ومنهم أنس بن مالك، ومنهم بريدة الأسلمي.
والحدّ المشترك بين رواياتهم متواتر، كما أن رواية بريدة الأسلمي مستفيض عنه، كما يتجلّي الأمر لكلّ ذي لبّ يراجع تفسير قوله تعالي: «وتعيها أذن واعية» [12/الحاقة: 69] في شواهد التنزيل: ج 2 ص 361 تا 380.
وحديث أميرالمؤمنين عليه‌السلام أيضاً مستفيض كما في الحديث: (1007) وما بعده وتعليقاتها من شواهد التنزيل: ج 2 ص 361 تا 366.
وأحّب أن أذكر هاهنا ما فاتني ذكره في تعليق شواهد التنزيل، وهو ما رواه ابن‌عساكر في ترجمة أبي عمروالبلوي عثمان بن الخطّاب المعروف بأبي الدنيا الأشجّ، من تاريخ دمشق: (مختصره لابن منظور: ج 16 ص 88) قال:
أخبرنا أبوغالب وأبوعبداللَّه ابنا البنّاء قالا: أنبأنا أبوعليّ الحسن بن غالب بن عليّ المقرئ قراءة عليه- [و] قال يحيي: وأنا حاضر؟- أنبأنا أبوبكر محمّد بن أحمد بن محمّد المفيد ب «جرجرايا» إملاءاً، أنبأنا أبوعمروعثمان بن الخطاب- يعرف بأبي الدنيا الأشبحّ- قال: سمعت عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام قال: إنّه لعهد النبي الأمّي صلي اللَّه عليه وسلم إلي أنّه لايحبّك إلّا مؤمن ولايبغضك إلّا منافق.
قال: وسمعت عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام قال: لمّا نزلت: «وتعيها أذن واعية» قال النبي صلي اللَّه عليه وسلم: سألت اللَّه عزّوجلّ أن يجعلها أذنك يا عليّ.
[و] أنبأنا أبوالحسن عليّ بن عبداللَّه بن محمّد بن عبدالباقي بن محمّد بن عبداللَّه بن محمّد بن موسي بن عيسي بن عبداللَّه بن محمّد بن أبي‌جرادة العقيلي [قال:] حدّثني أبوالفتح أحمد بن علي الجزري في سنة (477) بحلب إملاءاً في داره قال:
سافرت إلي أرض إفريقية فلمّا وصلنا إلي «القيروان» وقف بنا رجل يسأل الناس فروي لنا خبراً من هذه الأخبار، فقلت له: من أين لك هذا؟! فقال: عندنا ب «القيروان» رجل مقعد يروي هذا الخبر مع أخبار جماعة؟ [قال أحمد بن عليّ] فمضيت إلي أبي‌عمران الفقية المالكي- وكان مقدّماً بالقيروان، فقصصت عليه الخبر فقلت له: أخبرني بها أكتبها عنك. فقال لي لايجوز أن أمليها أنا!! قلت: ولم ذلك؟ قال: فيها خبر لايجمع عليه العامة؟ قلت: وما هو؟ قال: قول النبي صلي اللَّه عليه وسلم: «سألت اللَّه أن يجعلها أذنك ففعل، فأنت الأذن الواعية» فكيف يجوز أن يكون [هو] الأذن الواعية ويتقدمه أحد من الناس!!! أقول: متن الحديث أخذناه من مختصر ابن‌منظور، لأن أصل الكتاب لم يكن بمتناولي. ومن أراد المزيد فعليه بالباب (11) من فضائل أميرالمؤمنين عليه‌السلام من بحارالأنوار: ج 9 ص 67 وفي ط الآخوندي ج 35 ص 326.
[624] كما في ذيل الحديث: (1007)- و1013 1011 تا 1018، من كتاب شواهد التنزيل: ج 2 ص 371/369/3688/365/361.
[625] كما في‌ذيل الحديث: (1015)- و1016، و1018، و1026- و1027، من شواهد التنزيل: ج 2 ص 368 تا 376/371/369 تا 377 ط 2.
[626] هذا هو الصحيح الموافق لترجمة الرجل ولساير المصادر، وفي أصلي: الكوي.
[627] لا عهد لي يجملة: «فمحونا آية الليل بالظلمة … انفصلا من عند اللَّه» في غير ما رواه المصنف هاهنا مع كثرة أسانيده ومصادره.
[628] لهذه القطعة من الحديث شواهد جمّة، ولكنّ الّذين سلب اللَّه الحياء منهم من شيعة آل أبي‌سفيان حرّفوها في بعض المصادر بقولهم: «الأفخران من قريش»؟.
[629] للحديث مصادر كثيرة جدّاً، وقد رويناه عن مصادر في المختار: (340) وما بعده من باب الخطب من نهج‌السعادة: ج 2 ص 626 تا 633 ط 1. ورواه الطبراني باختصار في الحديث: (780) من المعجم الأوسط: ج 1 ص 434 ط 1. وأيضاً رواه الطبراني في ترجمة سلمان من المعجم الكبير: ج 6 ص 260 وما بعدها. ورواه أيضاً الشيخ الصدوق في الباب: (37) من كتاب علل الشرائع: ج 1، ص 40. ورواه أبوعمر ابن‌عبدالبرّ في «باب ابتداء العالم جلساءه بالفائدة وقوله: سلوني» من كتاب جامع بيان العلم: ج 1 ص 138. ورواه أيضاً الدار قطني ولكن لم يذكره حرفيّاً بل ذكر سنده وفقرات من متنه في عنوان: «باب فرج … وقزح» من المؤتلف والمختلف: ج 4 ص 1826. وأيضاً أشار الدارقطني‌إلي أسانيد كثيرة للحديث في‌مسند عليّ عليه‌السلام برقم: (366) من كتاب العلل: ج 3 ص 208. ورواه أيضاً ابن‌الأنباري في كتاب الأضداد، ص 354 ط الكويت. ورواه أيضاً الحافظ ابن‌عساكر في ترجمة ذي القرنين من المصوّرة الأردنية من تاريخ دمشق: ج 6 ص 108. ورواه أيضاً الضياء المقدسي محمّد بن عبدالواحد المتوفي عام: (643) في الحديث: (494) من مسند عليّ عليه السلام من المختارة ج 2 ص 122. ورواه السيوطي عن ابن‌منيع والضياء المقدّسي في أواسط مسند عليّ عليه‌السلام من كتاب جمع الجوامع: ج 2 ص 74. وقد ذكرنا للحديث مصادر أخر في ذيل المختار: (342) وما حوله من نهج‌السعادة: ج 2 ص 630 ط 1.
[630] وقريباً منه رواه الخوارزمي بسنده عن أبي‌البختري في أواسط الفصل السابع من مناقبه: ص 91.
[631] وللحديث أسانيد كثيرة ومصادر جمّة يجد الباحث كثيراً منها تحت الرقم: (1020) وما بعده وتعليقاته من ترجمة أميرالمؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 490 تا 498 ط 2.
[632] ورواه أيضاً الخوارزمي في الفصل الرابع من مقتله: ج 1 ص 44 ط 1، وفي الفصل السابع من مناقبه: ص 55.
وروي ما في معناه ابن‌عساكر في الحديث: (1083) من ترجمة أميرالمؤمنين من تاريخ دمشق: ج 3 ص 58.
[633] ولهذا الحديث أيضاً مصادر يجد الباحث كثيراً منها تحت الرقم 3 من نوادر الأثر من الغدير: ج 6 ص 85 ط 1.
[634] هذا هو الظاهر من السياق، وفي أصلي: «فخشيت».
[635] تقدّم ترجمته في ص 295.
[636] كذا في أصلي، ولذيل الحديث شواهد يجدها الطالب في الحديث: (634) وتعليقه في تفسير الآية: (23) من سورة الأحزاب في شواهد التنزيل: ج 2 ص 16 -10، ط 2.
[637] أقول: وها هنا في أصلي هامش هذا نصّه: «وهذا الخبر قد رواه الحسين بن مسعود البغوي- [المتوفي عام: (510 أو516)[- المشهور عندهم بمحيي السنة في تفسيره المسمّي معالم التنزيل».
أقول: وأنا أيضاً وجدت الحديث مسنداً في تفسير الآية: (214) من سورة الشعراء،في تفسير معالم التنزيل: ج 3 ص 400، قال:
روي محمد بن إسحاق، عن عبدالغفّار بن القاسم، عن المنهال بن عمرو، عن عبداللَّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطّلب، عن عبداللَّه بن عبّاس:
عن عليّ بن أبي‌طالب قال: لمّا نزلت هذه الآية علي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه [وآله] وسلم: «وأنذر عشيرتك الأقربين» دعاني رسول اللَّه صلي اللَّه عليه [وآله] وسلم فقال: يا عليّ إنّ اللَّه يأمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعاً وعرفت أنّي متي أبادؤهم بهذاالأمر أري منهم ما أكره، فصمتّ عليها حتّي جاءني جبريل فقال لي: «يا محمد إن لا تفعل ما تؤمر [به] يعذّبك ربّك» فاصنع لنا صاعاً من طعام واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسّاً من لبن، ثمّ اجمع لي بني عبدالمطّلب حتّي أبلّغهم ما أمرت به.
[قال عليّ عليه‌السلام]: ففعلت ما أمرني به ثمّ دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلاً- يزيدون رجلاً أوينقصونه- فيهم أعمامه أبوطالب وحمزة والعبّاس رضي‌اللَّه عنهما؟ وأبولهب، فلمّا اجتمعوا اليه دعاني بالطعام الّذي صنعته فجئت به، فلمّا وضعته تناول رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه [وآله] وسلم حذيةً من اللحم فشقّها بأسنانه ثمّ ألقاها في نواحي الصحفة ثمّ قال: «خذوا باسم اللَّه؟» فأكل القوم حتّي ما لهم بشي‌ء حاجة وأيم اللَّه إن كان
الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدّمت لجميعهم!!ثمّ قال: «اسق القوم» فجئتهم بذلك العسّ فشربوا حتّي رووا جميعاً- وأيم اللَّه إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله!!- فلمّا أراد رسول اللَّه صلي اللَّه عليه [وآله] وسلم أن يكلّمهم بدره أبولهب فقال: سحركم صاحبكم!! فتفرّق القوم ولم يكلّمهم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه [وآله] وسلم.
فقال الغد: «يا عليّ إنّ هذا الرجل قد سبقني الي ما سمعت من القوم؟ فتفرّق القوم قبل أن أكلّهم، فعدّ لنا من الطعام مثل ما صنعت ثمّ اجمعهم» ففعلت ثمّ جمعت [هم] فدعاني بالطعام فقرّبته ففعل كما فعل بالأمس فأكلوا وشربوا ثم تكلّم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه [وآله] وسلم فقال: «يا بني عبدالمطّلب إنيّ قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة؟ وقد أمرني‌اللَّه تعالي أن أدعوكم اليه، فأيّكم يوازرني علي أمري هذا ويكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟» [قال: فأحجم القوم عنها جميعاً وقلت- وإنيّ لأحدثهم سنّاً وأرمصهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً]-: أنا يا نبيّ اللَّه أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثمّ قال: «إنّ هذا] أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا». [قال:]: فقام القوم يضحكون ويقولون: لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لعليّ وتطيع!!!
أقول: ما وضعناه بين المعقوفات من قوله: (قال: فأحجم القوم- الي قوله: «قال» - قد أسقطه المعاندون لأهل بيت رسول ا للَّه عليه وآله وسلم من نسخة معالم التنزيل، كما أسقطوه من بعض مطبوعات تاريخ الطبري وتفسيره!! ولكن‌الحديث جاء سالماً في أكثر مطبوعات كتب الطبري وقد رواه في تفسير الآية: (214) من سورة الشعراء من تفسيره: ج 19، ص 74، وفي عنوان: (أوّل من آمن برسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم) من سيرة رسول‌اللَّه من تاريخه: ج 2 ص 319 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ابراهيم.
ورواه أيضاً سالماً بلا تحريف وصحّحه في الحديث: (5) من مسند عليّ عليه‌السلام من كتاب تهذيب الآثار: ص 60 ط 1.
ورواه أيضاً سالماً عن التنقيص والتحريف الحافظ ابن‌عساكر في الحديث: (137) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 99 ط 2 بتحقيق المحمودي.
[638] أقول: ونحن أيضاً وجدنا الحديث في قطعة من سيرة ابن‌إسحاق موجودة في مخطوطات المكتبة الظاهرية بدمشق وقد حقّقها حديثاً سهيل زكار وطبعت في مطبعة دارالفكر ببيروت والحديث في ص 146 منها.
ورواه أيضاً أبوحاتم الرازي محمّد بن إدريس الحنظلي المتوفي عام: (277) ووصفه بالحديث المشهور في الفصل الخامس من: كتاب أعلام النبوة ص 212 ط 1.
ورواه عنه- أوعن ابنه- محرّف الكلم من مواضعه ابن‌كثير في‌تفسير آية الإنذار من سورة الشعراء في‌تفسيره: ج 3 ص 351.
والحديث رواه- خالياً عن التحريف والتبديل- محمّد بن جرير الطبري المتوفّي (310) بسنده عن محمّد بن إسحاق، في عنوان: «أوّل من آمن برسول اللَّه» من سيرة النبي صلي اللَّه وآله وسلم من تاريخه: ج 2 ص 319 ط الحديث بمصر بتحقيق محمّد أبوالفضل إبراهيم قال:
حدّثنا ابن‌حميد، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن عبدالغفار بن القاسم …
وأيضاً رواه الطبري بنفس السند في تفسير الآية: (214) من سورة الشعراء في تفسيره: ج 19 ص 74.
وأيضاً رواه الطبري وصحّحه في الحديث: (5) من مسند عليّ عليه‌السلام من تهذيب الآثار: ج 1 ص 60.
ورواه محمّد بن سليمان الكوفي المتوفّي عام: (322) بأسانيد في الحديث: (297 -294) في الجزء الثالث من كتابه: مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام: ج 1 ص 378-370 ط 1.
ورواه أيضاً جعفر بن محمد بن نصير الخلدي المتوفّي سنة: (348) في فوائده الموجودة في المجموعة: (42) في المكتبة الظاهرية- علي ما رواه عنها العلامة الطباطبائي طاب ثراه- قال:
أخبرنا أحمد بن‌الحسن بن إسماعيل بن صبيح اليشكري قال: وجدت في كتاب جدّي إسماعيل بن صبيح: حدّثنا عليّ بن محمّد بن زرارة، عن إدريس الأودي، عن المنهال … ورواه الشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن الحسين الفقيه المتوفّي (383) في الحديث الأوّل والثاني من الباب: (135) من علل الشرائع: ج 1 ص 170.
ورواه أيضاً أبوإسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي المتوفّي عام (427) في تفسير الآية: (214) من سورة الشعراء من تفسير الكشف والبيان: ج 2/الورق 92 ب/.
ورواه أيضاً أبوبكرابن‌مردوبه أحمد بن موسي‌المتوفي سنة: (410) كما في ترجمته من تذكرة الحفّاظ: ج 3 ص 1051.
ورواه بسندين أحمد بن الحسين البيهقي المتوفّي (458) في «باب مبتدأ الغرض علي النبي … » من دلائل النبوة: ج 2 ص 178، ط دارالكتاب العلمية ببيروت، وفي ط المكتبة السلفية بالمدينة: ج 1، ص 428.
رواه الحافظ الحسكاني المتوفّي بعد العام: (470 أو490)- في الحديث: (514) في تفسير الآية: (29) من سورة «طه» وفي الحديث: (580) في تفسير الآية: (214) من سورة الشعراء في شواهد التنزيل: ج 1، ص 543/485 ط 2.
ورواه أيضاً ابن‌كثير الدمشقي بتحريف في تفسير الآية المتقدّم الذكر في تفسيره: ج 3. ورواه أيضاً السيوطي عن مصادر في الحديث: (672) من مسند عليّ عليه السلام من جمع الجوامع: ج 2 ص 88.
ورواه أيضاً المتقي بتحريف في الحديث: (334) من مناقب عليّ عليه‌السلام من كنزالعمال: ج 15 ص 115، وكذلك في فضائل عليّ عليه‌السلام من منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد: ج 5 ص 41.
وليلاحظ ما أفاده الاسكافي المتوفّي سنة (240) في المعيار والموازنة: ص 66 وفي ردّه علي عثمانية الجاحظ: ص 282.
[639] لعلّ هذا هو الصواب، وفي أصلي المخطوط من محاسن الأزهار: «وقد قد هذا الأبيات الّتي رويت عنه عليه السلام وفيها … ».
[640] وللأبيات مصادر كثيرة ذكرناها في الباب السادس من نهج‌السعادة.
[641] للكلام مصادر وثيقة جمّة يجد الباحث أكثرها في ذيل المختار: (127) من باب الخطب من نهج‌السعادة: ج 1، ص 449.
[642] وانظر الحديث: (168) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 136، ط 2.
[643] ولرواية ابن‌عباس هذه مصادر وأسانيد جمّة يجد الباحث جلّها في الحديث: (100) وما بعده وتعليقها في‌تفسير الآية: (274) من سورة البقرة في شواهد التنزيل: ج 1 ص 140. ونزول الآية الكريمة في شأن عليّ عليه‌السلام ذكره ابن‌الجوزي علي سبيل إرسال المسلم في بداية فضائل عليّ عليه السلام من كتابه التبصرة ص 441 ط دار إحياء الكبت العربية قال:
وأصلّي علي رسوله محمّد … وعلي عليّ المنزل فيه: «الّذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار … ».
ورواه أيضاً الواحدي في تفسير الآية الكريمة من تفسير الوسيط: ج 1 ص 392 ط دار الكتب العلمية، قال:
أخبرنا أبوبكر التميمي أخبرنا أبومحمّد ابن‌حيّان، حدّثنا محمّد بن يحيي بن مالك الضبّي حدّثنا محمّد بن سهل الجرجاني، حدّثنا عبدالرزّاق، حدّثنا عبدالوهّاب بن مجاهد، عن أبيه:
عن ابن‌عباس في قوله تعالي: «الّذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرّاً وعلانية» قال: نزلت في عليّ بن أبي‌طالب رضي اللَّه عنه، كان عند ه أربعة دراهم فأنفق بالليل واحداً وبالنهار واحداً، وفي‌السرّ واحداً، وفي العلانية واحداً.
أقول: ورواه أيضاً بهذا السند- وبسندين- آخرين- في أسباب النزول ص 64 ط 1.
[644] المولود: (413) المتوفّي عام: (494) كما في ترجمتة من كتاب أعلام المؤلفين الزيدية ص 521 برقم (883)، وقد ذكر في ذيل ترجمته مصادر أخر لترجمته. وأيضاً له ترجمة مختصرة تحت الرقم: (1546) من منتخب السياق، ص 693 ط 1، وما وضعناه في المتن بين المعقوفين أخذناه منه.
وأيضاً له ترجمة برقم: (883) من كتاب أعلام المؤلفين الزيدية ص 521، وقد ذكر في ذيل ترجمته مصادر أخرلترجمة الرجل.
والحديث رواه الحاكم الجشمي- باختصار وبحذف الأبيات- عن مجاهد وابن‌عباس، كما في تفسير سورة الإنسان من تنبيه الغافلين: ص 232.
[645] كذا في أصلي، وفي كتاب المناقب والمثالب: (بالتلدّد).
[646] أقول وللحديث مصادر وأسانيد كثيرة يجدها الباحث فيما أورده الحافظ العاصمي- المولود سنة: (378)- في كتابه زين الفتي في شرح سورة: «هل أتي» وقد هذّبه المحمودي وسمّاه العسل المصفّي ونشره في مجلدّين وهو كثير الوجود فليراجع.
ورواه مع الأبيات، الحافظ محمد بن سليمان الصنعاني المتوفّي سنة (322) في الحديث: (103) في أوّل الجزء الثاني من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام: ج 1، ص 177، ط 1، بتحقيق المحمودي
ورواه أيضاً قبله ولكن خالياً عن الأبيات، فليراجع.
ورواه أيضاً الحافظ الحسكاني- المتوفّي سنة: (470) أو (490)- في الحديث: (1070) -(1042) من كتاب شواهد التنزيل: ج 2 ص 393 تا 416 ط2 بتحقيق المحمودي.
ورواه أيضاً محمد بن أبي‌المكارم الحنبلي في‌الحكاية: (25) من كتاب الفتوّة.
ورواه أيضاً عبدالحميد بن عبدالمجيد الحاكمي في تفسيره الّذي سمّاه تلخيص الدرر- الّذي فرغ من تأليفه في اليوم: (14) من ذي الحجّة سنة: (514) علي ما في نسخته الموجودة برقم: (248) في مكتبة نور عثمانية علي ما رواه عنه العلاّمة الطباطبائي طاب ثراه.
ورواه أيضاً ابن‌الجوزي في كتاب التبصرة ص 449 ط دار الإحياء الكتب العربيّة ببيروت.
ومن أراد المزيد فليراجع ما علّقناه علي تهذيب زين الفتي والحديث: (1042) ومابعده من شواهد التنزيل: ج 2 ص 393 تا 416.
ويعجبني‌أن أذكر ما رواه أبوالوفاء ريحان بن عبدالواحد- المتوفّي حدود سنة: (430)- في الحديث (238) في عنوان «إيثار المواسات وحسن المواتات» في الباب الثامن عشر، من كتاب المناقب والمثالب: ص 87 ط 1، قال:
وقال قنبر- مولي أميرالمؤمنين عليّ‌رضي‌اللَّه عنه-: أذكر سنةً قحطةً وقد أتي أمير المؤمنين جاراً يهوديّاً فقال [له]: أعطني جزّة صوف وأجرة غزلها. فأعطاه جزّة صوف وثلاثة أصوع من شعير، فحمل ذلك إلي فاطمة، فطحنت منها صاعاً، وأمرت الخادمة فخبزت منه أقراصاً؟ فلمّا صلّوا المغرب جلسوا للعشاء وكلّهم صيام، فجاء سائل فوقف بالباب فقال: (إنّي مسكين) واستطعم، فألقي عليّ عليه‌السلام اللقمة من يده وأنشأ يقول [من الرجز]:
فاطم ذات الفضل واليقين
قد جاءنا الرحمان بالمسكين
فأطعميه اليوم واستعيني
بالرازق المهيمن المعين
فأنشأت فاطمة تقول [من الرجز]:
أمرك عندي يابن عمّي طاعة
ما بي من لؤم ولا وضاعة
ولست بالباخلة المنّاعة
قد أيّد الرحمان بالقناعة
ثمّ أطعموا طعامهم السائل وباتوا علي صيامهم، فلمّا كان من الغد طحنت الجارية صاعاً آخر واختبزته، فلمّا جلسوا للإفطار جاء سائل يتيم فاستطعم، فوضع عليّ عليه‌السلام اللقمة من يده وأنشأ يقول [من الرجز]:
فاطم بنت المصطفي الكريم
قد جاءنا اللَّه بذا اليتيم
فأطعمي لا خير في اللئيم
بؤساً لعبد ليس بالرحيم
فأنشأت فاطمة تقول [من الرجز]:
إنّي سأعطيه ولا أبالي
وأوثر الضيف علي عيالي
وأغزل الصوف مع الغزّال
ولا أخاف الجوع في الأمحال
ثمّ أعطوا طعامهم اليتيم وبات كلّهم علي صيامهم، فلما كان من الغد، طحنت لهم الخادمة الصاع الباقي واختبزته فلمّا جلسوا للعشاء جاء أسير فاستطعم فوضع عليّ عليه‌السلام اللقمة من يده وأنشأء يقول [من الرجز]:
فاطم بنت المصطفي محمد
قد جاءنا اللَّه بذا المقيّد
يشكو إلينا الجوع بالتلّدد
من يطعم اليوم يجده في غد
فأنشأت فاطمة عليهاالسلام تقول [من الرجز]:
لم يبق في المنزل إلّا الصاع
وعندنا جماعة جياع
لكن بنا صبر واقتناع
فأعطه فإنّه مرتاع
ثمّ أعطوا طعامهم الأسير، وباتوا علي صيامهم لم يذوقوا إلّا الماء، فأنزل اللَّه تعالي:
«ويطعمون الطعام علي حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً - إنّما نطعمكم لوجه اللَّه لا نريد منكم جزاءاً ولا شكوراً» [8 تا 9 من سورة الإنسان].
[647] رواها ابن‌عبدالبر في آخر ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من كتاب الاستيعاب المطبوع بهامش الإصابة: ج 3 ص 67.
وصدر القصيدة رواه أبوالفرج في ترجمة السيّد الحميري من الأغاني ج 7 ص 266.
[648] وفي هامش أصلي المخطوط بخطّ الأصل- أوما يقربه- ما لفظه: هو المعروف بالسيّد الحميري الشاعر المجيد الشيعي المشهور، قد نظم أكثر فضائل عليّ عليه‌السلام بشعر فائق ونظم رائق، وهو اسماعيل بن محمد بن يزيد بن أبي‌ربيعة الحميري، ويكنّي أباهاشم، وكان يذهب إلي مذهب الكيسانية ويقول بإمامة محمد بن الحنفيّة بعد الحسن والحسين عليهماالسلام.
ونقل القاضي عياض أنّه لقي جعفر بن محمد الصادق فرجع عن مذهبه، وله في ذلك أشعار منها:
تجعفرت باسم اللَّه واللَّه أكبر
وأيقنت أنّ اللَّه يعفو ويغفر
ومات أيّام الرشيد ببغداد.
[649] رسم الخطّ من أصلي المخطوط في قوله «أفلت» غير جليّ.
[650] لهذا الحديث- أو ما في معناه- أسانيد، ومصادر، ورواه نصر بن مزاحم المتوفّي عام: (212) في أوائل الجزء الرابع من كتاب صفين: ص 217 تا 220 ط مصر، قال:
[حدّثونا] عن جعفر الأحمر، عن ليث، عن مجاهد، عن عبداللَّه بن عمر؟ قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: يموت معاوية علي غير الإسلام.
[و] عن جعفر الأحمر، عن ليث، عن محارب بن زياد، عن جابر بن عبداللَّه، قال: قال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: يموت معاوية علي غير ملّتي.
[وعن] شريك، عن ليث، عن طاووس، عن عبداللَّه بن عمر؟ قال: أتيت النبي صلي اللَّه عليه وسلم فسمعته يقول: يطلع عليكم من هذا الفجّ رجل يموت حين يموت وهو علي غير سنّتي.
[قال عبداللَّه:] فشقّ عليّ ذلك وتركت أبي‌يلبس ثيابه ويجي‌ء فطلع معاوية؟.
ورواه أيضاً البلاذري في الحديث: (363) وتاليه من ترجمة معاوية من أنساب الأشراف: الجزء (1) من القسم الرابع- [في‌حالات] بني عبدشمس معاوية [و] زياد- عثمان، ص 126، طبع بيروت تحقيق إحسان عباس- قال:
وحدّثني إسحاق وبكر بن الهشيم، قالا: حدّثنا عبدالرزاق بن همّام، أنبأنا معمر، عن ابن‌طاووس عن أبيه:
عن عبداللَّه بن عمروبن العاص، قال: كنت عند النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقال: يطلع عليكم من هذا الفجّ رجل يموت علي غير ملّتي.
قال [عبداللَّه]: وكنت تركت أبي قد وضع له وضوء فكنت كحابس البول مخافة أن يجي‌ء [أبي] قال: فطلع معاوية فقال النبي صلي اللَّه عليه وسلم: هو هذا.
وحدّثني عبداللَّه بن صالح، حدّثني يحيي بن آدم، عن شريك، عن ليث، عن طاوس: عن عبداللَّه بن عمرو، قال: كنت جالساً عند النبي صلي اللَّه عليه وسلم فقال: يطلع عليكم من هذا الفجّ رجل يموت علي غير ملّتي.
قال [عبداللَّه]: وكنت تركت أبي‌يلبس ثيابه فخشيت أن يطلع فطلع معاوية.
وقال إحسان عباس في‌تعليق الحديث: [وهذا رواه] الراغب في محاضراته: ج 1 ص 45.
ورواه أيضاً محمّد بن سليمان- المتوفي عام: (322)- في الحديث: (793) من مناقب أميرالمؤمنين: ج 2 ص 311 ط 1، قال:
حدّثنا إسحاق بن محمّد بن إسحاق القاضي قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، قال: أخبرنا نوح بن دراج، عن ليث عن طاوس:
عن عبداللَّه بن عمروبن العاص قال: سمعت رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: يطلع من هذا الفجّ رجل يموت علي غير ملّتي.
[قال عبداللَّه] فأشفقت أن يكون أبي فطلع معاوية.
وبمعناه رواه الطبراني بسندين كما في أواسط: «باب أئمة الظلم والجور وأئمة الظلالة» من مجمع الزوائد: ج 5 ص 243 قال:
ومن أراد المزيد فعليه بما حققه العلامة الأميني طاب ثراه في كتاب الغدير: ج 10 ص 141، وما حولها.
[651] رواه البلاذري المتوفي عام: (270) في الحديث: (377) من ترجمة معاوية من أنساب الأشراف: الجزء الأول من القسم الرابع ص 129، ط بيروت بتحقيق إحسان عباس قال. وحدّثنا يوسف وإسحاق، قالا: حدّثنا جرير، عن الأعمش عن أبي وائل قال: كنت مع مسروق بالسلسلة فمرّت به سفائن فبها أصنام من صفر تماثيل الرجال؟ فسألهم [مسروق] عنها فقالوا: بعث بها معاوية إلي أرض السند والهند تباع له!! فقال مسروق: لو أعلم أنّهم يقتلونني لغرقتها ولكنّي أخاف أن يعذّبوني ثمّ يفتنوني واللَّه ما أدري أيّ الرجلين معاوية؟ أرجل قد يئس من الآخرة فهو يتمتّع من الدنيا؟ أم رجل زيّن له سوء عمله؟!.
[652] ولهذا الحديث أيضاً مصادر وأسانيد، ورواه ابن‌سعد- المتوفّي سنة: (230)- في ترجمة عاصم بن أبي‌نصر الليثي من الطبقات الكبري: ج 7 ص 78 ط بيروت، قال:
أخبرت عن أبي‌مالك كثير بن يحيي البصري قال: حدّثنا غسّان بن مضر، قال: حدّثنا سعيد بن يزيد:
عن نصر بن عاصم الليثي عن أبيه قال: دخلت مسجد رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم وأصحاب النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم يقولون: نعوذ باللَّه من غضب اللَّه وغضب رسوله. قلت: ما هذا؟ قالوا: [إنّ] معاوية مرّ قبيل [هذا وهو] آخذ بيد أبيه- ورسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم علي المنبر- يخرجان من المسجد، فقال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم فيهما قولاً!!
ورواه أيضاً ابن‌أبي‌عاصم- المولود عام: (206) المتوفي سنة: (287)- في ترجمة أبي‌نصر عاصم بن عمروالليثي برقم: (938) من كتابه الآحاد والمثاني: ج 2 ص 192، ط 1،
قال:
قال قيس بن حفص: أنبأنا غسّان بن مضر، عن سعيد بن يزيد:
عن نصر بن عاصم الليثي عن أبيه قال: دخلت مسجد رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم وأصحابه يقولون: نعوذ باللَّه عزّ وجلّ من غضب اللَّه ورسوله. قلت: ما شأنكم؟ قالوا: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: لعن اللَّه القائد والمقود به.
وهكذا رواه الهيثمي أيضاً عن ابن‌أبي‌عاصم في مجمع الزوائد: ج 5 ص 242.
ورواه أيضاً الطبراني في الحديث: (465) في مسند أبي‌نصر عاصم الليثي من المعجم الكبير: ج 17، ص 176 قال: حدثنا العبّاس بن الفضل الاسفاطي حدثنا موسي بن اسماعيل.
حيلولة: وحدثنا عبدالرحمان بن الحسين الصابوني [ظ] التستري حدثنا عقبة بن سنان الدارع، قالا: حدثنا غسّان بن مضر، عن سعيد بن يزيد أبي‌مسلمة:
عن نصربن عاصم الليثي، عن أبيه قال: دخلت مسجد المدينة فإذاً الناس يقولون: نعوذ باللَّه من غضب اللَّه وغضب رسوله. قال: قلت: ما ذا؟ قالوا: كان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم يخطب علي منبره فقام رجل فأخذ بيد أبيه [ظ] فأخرجه من المسجد فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: لعن اللَّه القائد والمقود، ويل لهذه الأمّة من فلان ذي الأستاه.
ورواه عنه الهيثمي في باب أئمّة الظلم والجور … ) من مجمع الزوائد: ج 5 ص 242 وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقاة.
أقول: ورواه أيضاً بسنده عن الطبراني، المقدسي في الحديث 198 من الأحاديث المختارة: ج 8 ص 179 ط 1.
ورواه أيضاً ابن‌أبي‌الحديد، في شرح المختار: (57) من نهج‌البلاغة: ج 4 ص 79 ط الحديث بمصر، قال:
وروي شيخنا أبوعبداللَّه البصري المتكلّم رحمه اللَّه تعالي عن نصر بن عاصم الليثي، عن أبيه قال: أتيت مسجد رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله والناس يقولون: نعوذ با للَّه من غضب اللَّه وغضب رسوله. فقلت: ما هذا؟ قالوا: معاوية قام الساعة فأخذ بيد أبي‌سفيان فخرجا من المسجد فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله: لعن اللَّه التابع والمتبوع، ربّ يوم لأمّتي من معاوية ذي الأستاه. قالوا: يعني الكبير العجز.
ورواه أيضاً البلاذري- المتوفّي عام: (270)- في الحديث: (372) من ترجمة معاوية من أنساب الأشراف، ص 129، قال:
حدّثنا خلف، حدثنا عبدالوارث بن سعيد، عن سعيد بن جمهان:
عن سفينة مولي أمّ سلمة أنّ النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم كان جالساً فمرّ أبوسفيان علي بعير ومعه معاوية وأخ له، أحدهما يقود البعير والآخر يسوقه، فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: لعن اللَّه الحامل والمحمول، والقائد والسائق.
وأشار محققه في هامشه أنّ الحديث رواه أيضاً الطبري في تاريخه: ج 3 ص 2170.
ورواه أيضاً البغوي كما في ترجمة عاصم الليثي المتقدم الذكر من الإصابة: ج 4 ص 5 قال:
وروي البغوي من طريق نصر بن عاصم الليثي عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: ويل لهذه الأمة من فلان ذي الأستاه.
قال ابن‌حجر: قد أخرجه الطبراني [في الكبير 176/17] من الوجه الّذي أخرجه البغوي.
[653] وللحديث مصادر وأسانيد.
[654] أقول: أمّا روايات أبي‌سعيد الخدري فكثيرة جدّاً، وإليك أحاديث أبي‌سعيد وجابر بن عبداللَّه الأنصاري وابن‌مسعود برواية ابن‌عساكر في ترجمة سيّده معاوية من تاريخ دمشق: ج 16 من طبعة دار الفكر، وفي‌المصوّرة الأردنية، ص 722 قال:
أخبرتنا أمّ المجتبي بنت ناصر، وأمّ البهاء بنت محمد قالتا: أنبأنا أبوعثمان سعيد بن أحمد بن محمد، أنبأنا أبومحمّد المخلدي أنبأنا أبومحمّد زيجويه بن محمّد اللبّاد، أنبأنا محمّد بن رافع، أنبأنا محمّد بن بشر، أنبأنا مجالد، عن أبي‌الودّاك:
عن أبي‌سعيد قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: إذا رأيتم فلاناً يخطب علي منبري فاقتلوه.
[قال ابن‌عساكر: و] رواه جندل بن والق [ظ] عن محمّد بن بشر فسمّي معاوية.
أخبرنا [ه] أبوالقاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبوالقاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، أنبأنا أبوأحمد بن عدي، أنبأنا عليّ بن العباس- هو المقانعي-، أنبأنا عليّ بن المثني، أنبأنا الوليد بن القاسم، عن مجالد، عن أبي‌الودّاك:
عن أبي‌سعيد أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم قال: إذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه.
قال ابن‌عدي: وهذا رواه عن مجالد محمّد بن بشر وغيره.
قال [حمزة بن يوسف]: وأنبأنا ابن‌عدي أنبأنا محمّد بن إبراهيم الإصبهاني أنبأنا أحمد بن الفرات، أنبأنا عبدالرزّاق، أنبأنا جعفر بن سليمان، عن عليّ بن زيد، عن أبي‌نضرة:
عن [أبي] سعيد، عن النبي صلي اللَّه عليه وسلم قال: إذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه.
قال ابن‌عدي: وهذا الحديث إنما رواه عبدالرزّاق، عن ابن‌عيينة، عن عليّ بن زيد، وهو بجعفر [بن سليمان] أشبه.
قال [حمزة بن يوسف]: وأنبأنا ابن‌عدي أنبأنا محمّد بن سعيد بن معاوية؟ النصيبي أنبأنا سليمان بن أيّوب أبوعمر الصريفيني أنبأنا سفيان بن عبينة، عن عليّ بن زيد بن بن جدعان، عن أبي‌نضرة:
عن أبي‌سعيد أن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم قال: إذا رأيتم معاوية علي منبري فارجموه.
قال [حمزة بن يوسف]: وأنبأنا ابن‌عدي في كتابي بخطّ يدي عن الفضل بن الحباب، أنبأنا محمّد بن عبداللَّه الخزاعي، أنبأنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ ابن‌زيد، عن أبي‌نضرة: عن أبي‌سعيد أنّ رسول اللَّه صلي‌اللَّه عليه وسلم قال: إذا رأيتم معاوية علي هذه الأعواد فاقتلوه.
قال: فقام إليه رجل من الأنصار- وهو يخطب- بالسيف، فقال أبوسعيد: ما تصنع؟ قال: سمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم يقول: إذا رأيتم معاوية يخطب علي [هذه] الأعواد فاقتلوه. فقال له أبوسعيد: إنّا قد سمعنا ما سمعت، ولكنّا نكره أن يسلّ السيف علي عهد عمر حتّي نستأمره؟! فكتبوا إلي عمر في ذلك فجاء موته قبل أن يجي‌ء جوابه.
قال [حمزة]: وأنبأنا أبوأحمد، أنبأنا عليّ بن العباس- هوالمقانعي- أنبأنا عباد بن يعقوب، أنبأنا الحكم بن ظهير، عن عاصم، عن زرّ:
عن عبداللَّه [بن مسعود] أن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم قال: إذارأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه.
قال ابن‌عدي: أحاديثه غير محفوظة يعني الحكم بن ظهير.
أخبرنا أبوالقاسم، أيضاً أنبأنا أبوالقاسم؟ أنبأنا أبوعمروعبدالرحمان بن محمّد الفارسي أنبأنا أبوأحمد بن عدي أنبأنا ابن‌حمّاد، أنبأنا إبراهيم بن الجنيد. حيلولة: وأخبرنا أبوالبركات الأنماطي أنبأنا محمّد بن المظفر السامي أنبأنا أحمد بن محمّد العتيقي، أنبأنا يوسف بن أحمد بن الدخيل؟ أنبأنا أبوجعفر محمّد ابن‌عمرو العقبي؟ أنبأنا إبراهيم بن محمّد، قالا: أنبأنا سليمان بن حرب، أنبأنا حمّاد بن زيد قال: قيل- وفي رواية العتيقي قلت: لأيوّب إن عمروبن عبيد روي عن الحسن- زاد ابن‌الجنيد؟: ان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم- وقالا: إذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه. قال [أيّوب]: كذب [عمرو].
وفي رواية العقيلي: إذا رأيتم معاوية علي المنبر فاقتلوه. قال: كذب عمرو.
- قال المحمودي: وبعدما أحطت خبراً أيّها القاري‌ء الكريم بما ذكرناه، عرّج إلي ما صنعه نمرود طالح المسمّي بإبراهيم صالح في تلخيصه ترجمة معاوية في ج 24- من متممّات مختصر ابن‌منظور- وقوله كذباً وتزويراً: (اختصره علي نهج‌ابن‌منظور) وطبّق ما صنعه في هذه الترجمة وبقيّة ما اختصره علي مختصر ابن‌منظور في سائر التراجم، حتّي تعرف أنّ الرجل ابراهيم صالح غير مؤتمن في مروياته وتلخيصاته!!
ثمّ اعلم أنّ كثيراً مما رواه الحافظ ابن‌عساكر عن ابن‌عديّ رأيتها مذكورة في ترجمة عبدالرزّاق وعليّ بن زيد، من كامل ابن‌عديّ: ج 5 ص 1844، و1951، ط دارالفكر.
ولنعد الي ذكر بقيّة روايات ابن‌عساكر في ترجمة معاوية من تاريخ دمشق، قال: - وأخبرنا أبوالحسن بن قبيس أنبأنا وأبومنصور ابن‌زريق، أنبأنا أبوبكر الخطيب، أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي، أنبأنا محمّد بن عبداللَّه بن خلف الدقاق، أنبأنا عمر بن محمّد الجوهري، أنبأنا أبوبكر الأثرم، أنبأنا سليمان بن حرب، أنبأنا حمّاد بن زيد، قال: قيل لأيوّب: إنّ عمرو بن عبيد روي عن الحسن: أنّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم قال: «إذا رأيتم معاوية علي المنبر فاقتلوه» قال: كذب عمرو؟.
[قال العقيلي] وهذه الأسانيد كلّها فيها مقال.
حدّثنا الفقيه أبوالحسن لفظاً عن عبدالعزيز بن أحمد، أنبأنا القاضي أبوالحسن محمّد بن عليّ بن صخر إجازة قال: بلغني أن عبداللَّه بن أبي‌داود قال في الحديث المروي عن النبي صلي اللَّه عليه وسلم: «إذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه»، يعني معاوية بن تابرة؟ رأس المنافقين وكان حلف أن يبول ويتغوّط علي منبره.
قال المحمودي: عبداللَّه بن أبي‌داوود هذا هو عبداللَّه بن سليمان بن الأشعث، وهذا الرجل قال أبوه- وهو أعرف الناس به-: كذّاب، كما في ترجمته من كتاب لسان الميزان: ج 3 ص 294، وللرجيل زلاّت كبيرة أشرنا إلي بعضها في ذيل «حديث الطير» - قبيل ذكر أشعار الشعراء في ذلك- من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 154، ط 2 ببيروت بتحقيق المحمودي. ولنرجع إلي بقية أحاديث الحافظ ابن‌عساكر، فنقول:
[قال ابن‌عساكر] وهذا [الّذي ذكره عبداللَّه بن أبي‌داود] تأويل بعيد، وقد روي «فاقبلوه» بالباء وهو منكر.
أخبرناه أبوالقاسم عليّ بن إبراهيم، وأبوالحسن بن قبيس قالا: أنبأنا وأبومنصور ابن‌خيرون، أنبأنا [أبوبكر] الخطيب، حدّثني الحسن بن عليّ الخلال، أنبأنا يوسف بن أبي‌حفص الزاهد، أنبأنا محمّد بن إسحاق الفقيه إملاءاً حدّثني أبوالنضر الغازي أنبأنا الحسن بن كثير، أنبأنا بكر بن أيمن القيسي أنبأنا عامر بن يحيي الصريمي أنبأنا أبوالزبير: عن جابر قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: إذ رأيتم معاوية يخطب علي منبري فاقبلوه فإنّه أمين مأمون.
قال الخطيب: لم أكتب هذ الحديث إلاّ من هذ الوجه، ورجال إسناده، ما بين محمّد بن إسحاق يعني شاموخا- وأبي‌الزبير كلهم مجهولون، وحديثه- يعني شاموخاً- كثير المناكير.
قال المحمودي: وإليك ما ذكره ابن‌الجوزي في هذا المعني من كتابه الموضوعات: ج 1، ص 337 ط المكتبة العلمية ببيروت، قال:
وقد تحذلق قوم لينفوا عن معاوية ما قذف به في هذا الحديث، ثمّ انقسموا قسمين فمنهم من غيّر لفظ الحديث وزاد فيه، ومنهم من صرفه إلي غيره!!
[وإليك] ذكر ما صنع القسم الأوّل:
أنبأنا عبدالرحمان بن محمد القزّاز، أنبأنا أحمد بن عليّ الخطيب، حدثني الحسن بن عليّ الخلاّل، حدثنا يوسف بن أبي‌حفص الزاهد، حدثنا محمد بن إسحاق الفقيه إملا ءًا، قال: حدثني أبونصر الغازي حدثنا الحسن بن كثير، حدثنا بكر بن أيمن القسيي حدثنا عامر بن يحيي الصريمي حدّثنا أبوالزبير، عن جابر، قال قال رسول اللَّه: إذا رأيتم معاوية يخطب علي منبري فاقبلوه فإنّه أمين مأمون.
[وإليك] ذكر ما صنع القسم الثاني: أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ، أنبأنا عبدالقادر بن محمد، أنبأنا أبوإسحاق البرمكي
أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: قال لي أبوبكر ابن‌أبي‌داوود لمّا روي حديث: «إذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه»، قال: هذا معاوية بن التابوت؟ نذر أن يقذر علي منبر رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم، وليس هو معاوية بن أبي‌سفيان!!!
قال [ابن‌الجوزي] المصنف: وهذا يحتاج إلي نقل ومن نقل هذا؟ ومن معاوية بن التابوت؟ وقال العلاّمة الأميني قدّس اللَّه نفسه في عنوان: «المغالات في فضائل معاوية … » من كتاب الغدير: ج 1 ص 145: وللقوم ثجاه حديث: «إذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه» تصويب وتصعيد وجلية ولغط رواه ناس بالموحّدة مع زيادة أخرجه الخطيب [في ترجمة محمّد بن إسحاق أبي‌بكر شاموخ من تاريخ بغداد ج 1، ص 259] عن الحسن بن محمّد الخلال، عن يوسف بن أبي‌حفص الزاهد، عن محمّد بن إسحاق الفقيه، عن أبي‌نضر الغازي عن الحسن بن كثير، عن بكر بن أيمن القيسي عن عامر بن يحيي الصريمي عن أبي‌الزبير:
عن جابر مرفوعاً: إذا رأيتم معاوية يخطب علي منبري فاقبلوه فإنّه أمين مأمون!! قال الخطيب: لم أكتب هذا الحديث إلاّ من هذا الوجه، ورجال إسناده ما بين محمّد بن إسحاق وأبي‌الزبير كلهم مجهولون.
ونصّ الذهبي في‌الميزان، وابن‌حجر في لسانه في ترجمة الحسن بن كثير وبكر بن أيمن وعامر بن يحيي علي أنّهم مجاميل.
والأقوال في أبي‌الزبير محمّد بن مسلم المكي متضاربة من ناحية الجرح والتوثيق.
و [أيضاً] صرّح ابن‌كثير يجهالة الإسناد [في ترجمة معاوية] في‌تاريخه [البداية والنهاية] ج 8 ص 133.
وزيادة: «فإنّه أمين مأمون» أقوي شاهد علي بطلان الرواية واختلاقها، وقد فصّلنا القول في أمانة الرجل في ج 5 ص 264 وج 9 ص 292.
وجاء آخر [من القوم] وهو جاهل بتحريف من روي «فاقبلوه» بالموحّدة، أوأنّه لم يرقه ذلك التحريف فوضع رواية في أنّ معاوية [المذكور في حديث: «اقتلوا معاوية»] غير معاوية بن أبي‌سفيان [كما] أخرج الحافظ ابن‌عساكر، عن محمّد بن ناصر الحافظ، عن عبدالقادر بن محمّد، عن ابن‌إسحاق البرمكي، عن أحمد بن إبراهيم بن شاذان، قال: قال لي أبوبكر ابن‌أبي‌داود لمّا روي حديث: «إذ رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه»، هذا معاوية بن تابوت رأس المنافقين، وكان حلف أن يبول ويتغوّط علي منبره وليس هو معاوية بن أبي‌سفيان!!
قال السيوطي في اللآلي [المصنوعة]: ج 1، ص 425 [ط دارالممعرفة بيروت] بعد ذكر الرواية قال المؤلف [يعني ابن‌الجوزي]: وهذا يحتاج إلي نقل، ومن نقل هذ؟ ومن معاوية بن التابوت؟.
[ثمّ قال السيوطي:] قلت: قال ابن‌عساكر: هذا تأويل بعيد [واللَّه أعلم] وقد روي «فاقبلوه» بالباء وهو منكر.
قال الأميني: هل عندك خبر بتاريخ معاوية بن تابوت، وأنّه أيّ ابن‌بيّ هو؟ ومتي ولدته أمّ الدنيا وأنّي ولد؟ وأين ولد؟ ومن رآه؟ ومن سمع منه؟ ومن الذي أوحي خبره إلي أبي‌بكر ابن‌أبي‌داود؟ وهل هو أبرّ يمينه أو حنثها؟ وهل رآه أصحاب النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي منبره [وهو يتغوّط عليه] فقتلوه، أولم ير حتّي اليوم، ولن يري قطّ إلي آخر الأبد!!
[655] وهو من رجال صحاح آل أميّة مترجم في تهذيب التهذيب: ج 1 ص 65، والإصابة: ج 6 ص 66.
[656] فليبقر- علي زنة: فليمنع وبابه- فليشقّ.
[657] كذا في أصلي.
[658] ومن أراد المزيد فعليه بالكتاب القيّم الغدير: ج 10 ص 138 تا 384 ط 2.
[659] وللحديث مصادر وأسانيد كثيرة جدّاً، ورواه الطبراني بأسانيد كما في مسند جرير في الحديث: (2312) وما بعده من المعجم الكبير: ج 2 ص 315 وص 343 تا 346. ولاحظ أيضاً تعليقاته.
ورواه أيضاً أحمد بن حنبل في مسند جرير من مسنده: ج 4 ص 359 وما بعدها ط 1.
[660] لم يتيسر لي الفحص عن مصدر هذا الحديث.
[661] لم أعثر بعد علي مصدر للحديث فليتفحص.
[662] فليراجع مظّان ثبت الحديث من كتب الأخبار فإنّه قد وهن العظم والعزم منّي ولم أتمّكن من الفحص.
[663] وللحديث مصادر وأسانيد كثيرة، ورواه أيضاً بأسانيد أبوبكر البزاّر أحمد بن عمرو البصري- المولود نيّف عشرة ومائتين، المتوفّي عام: (292) المترجم في مصادر كثيرة منها سير أعلام النبلاء: ج 13، ص 554- قال:
حدّثنا يحيي بن معلي بن منصور، حدّثنا ابن‌أبي‌مريم، حدّثنا ابن‌لهيعة، عن أبي‌الأسود: عن عامر بن عبداللَّه بن الزبير، عن أبيه أن النبي صلي اللَّه عليه وسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها سلم، ومن تركها غرق.
[و] حدّثنا عمروبن عليّ وجراّح بن مخلد، ومحمّد بن معمر- واللفظ لعمرو قالوا: حدّثنا مسلم بن إبراهيم حدّثنا الحسن بن أبي‌جعفر، عن عليّ بن زيد، عن سعيد بن المسيّب: عن أبي‌ذرّ قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا، ومن تخلّف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان كان كمن قاتل مع الدّجال.
[و] حدّثنا معمر، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدّثناالحسن بن أبي‌جعفر، حدّثنا أبوالصهباء عن سعيد بن جبير:
عن ابن‌عباس قال: قال رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا، ومن تخلّف عنها غرق.
هكذارواه البزار في مسنده الموجود في المكتبة الظاهرية الورق 277 /ب/.
ورواه عنه الهيثمي في باب مناقب أهل البيت عليهم‌السلام في الحديث: (2613) من كشف الأستار: ج 3 ص 222.
وحديث أبي‌ذرّ هذا رواه أيضاً الطبراني برقم: (3502) من‌المعجم الأوسط: ج 4 ص 284 ط 1، قال: حدّثنا الحسين بن أحمد بن منصور ابن‌سجّادة، حدّثنا عبداللَّه بن داهر الرازي قال:
حدّثنا عبداللَّه بن عبدالقدّوس، عن الأعمش عن أبي‌إسحاق، عن حنش بن المعتمر قال: رأيت أباذرّ الغفاري آخذاً بعضادتي الكعبة، وهو يقول: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبوذرّ الغفاري سمعت رسول‌اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم [يقول]: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قوم نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك، وكمثل باب حطّة بني إسرائيل.
وأيضاً رواه الطبراني في الحديث: (5386) من المعجم الأوسط: ج 6 ص 186، ط 1،قال:
حدّثنا محمّد بن أحمد بن أبي‌خيثمة، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سوادة الكوفي قال: حدّثنا عمرو بن عبدالغفّار الفقيمي، عن الحسن بن عمر الفقيمي، عن أبي‌إسحاق، عن حنش بن المعتمر:
عن أبي‌ذرّ قال: سمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم [يقول: مثل] أهل بيتي فيكم كسفينة نوح عليه‌السلام في قومه من دخلها نجا، ومن تخلّف عنها هلك.
ورواه الهيثمي عنه وعن البزار في مجمع الزوائد: ج 9 ص 168.
ورواه أيضاً الصحابي العظيم أبوسعيد الخدري وسلمة بن الأكوع وأنس بن مالك كما في تفسير آية المودة ص 90 تا 94.
ومن أراد المزيد فعليه بما علقناه علي الحديث: (635) من مناقب محمّد بن سليمان: ج 2 ص 146، وتفسير آية المودة ص 92 تا 94. والباب (48) من السمط الثاني من فرائد السمطين: ج 2 ص 246 ط 1.
[664] ولهذا الحديث أيضاً مصادر وأسانيد، ورواه بأطول مما هنا الشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن الحسين في الحديث الأول من كتاب فضائل الشيعة قال: حدّثنا أبي‌رضي‌اللَّه عنه، قال:
حدّثنا عبداللَّه بن الحسين المؤدّب، عن أحمد بن عليّ الإصفهاني عن محمّد بن أسلم الطوسي قال: حدّثنا أبورجاء، عن نافع، عن ابن‌عمر … ورواه أيضاً أبومحمّد عبدالرحمان بن الحسين الخزاعي من أعلام القرن الخامس في الحديث الأول من أربعينه قال:
أخبرنا الشريف أبوالعباس عقيل بن الحسين بن محمّد بن عليّ بن إسحاق بن عبداللَّه بن جعفر بن عبداللَّه بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن أبي‌طالب عليهم السلام قراءة سنة ست وعشرين وأربع مائة، قال: حدّثنا أبوعليّ الحسن بن محمّد الكرماني الخطيب بشيراز- في شهر رمضان سنة ستّ وثمانين وثلاث مائة- قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن إسماعيل بن إبراهيم بن حية العبدي؟ قال: حدّثنا وجيه بن الحسن، قال: حدّثنا أبوبكر بن عبدبن خالد بن فرقد النخعي البلخي قال: حدّثنا قتيبة بن سعيد البغلاني قال: حدّثنا حمّاد بن زيد، عن عبدالرحمان السراج، عن نافع، عن ابن‌عمر قال …
ورواه أيضاً محمّد بن عليّ الطبري في الحديث الثاني‌من الجزء الثاني من كتاب بشارة المصطفي ص 36 قال:
أخبرنا الشيخ الفقيه أبوالنجم محمّد بن عبدالوهاب بن عيسي بالري- في درب «زامهران؟» بمسجد الغربي في صفر سنة عشر وخمس مائة قراءة عليه، قال: حدّثنا الشيخ أبوسعيد محمّد بن أحمد بن الحسين الخزاعي النيسابوري قال: أخبرنا أبوالعباس عقيل بن الحسين …
ورواه أيضاً ابن‌شاذان أبوالحسن محمّد بن أحمد بن عليّ بن الحسن في الحديث: (37) من كتاب المائة منقبة ص 64 قال:
حدّثنا أبوبكر محمّد بن أحمد بن الغطريف الجرجاني قال: حدّثني أبوخليفة الفضل بن صال الجمحي؟ قال: حدّثني عليّ بن عبداللَّه بن جعفر قال: حدّثني محمّد بن عبيد قال: حدّثني عبداللَّه، عن نافع، عن عبداللَّه بن عمر …
ورواه أيضاً جمع من مفسّري أهل السنة في تفسير آية المودّة منهم الثعلبي في تفسير الكشف والبيان: ج/الورق // قال:
أخبرنا عبداللَّه بن حامد الإصفهاني قال: أخبرنا أبوعبداللَّه محمّد بن عليّ بن الحسين البلخي حدّثنا يعقوب بن يوسف بن إسحاق، حدّثنا [محمّد بن أسلم الطوسي حدّثنا]يعلي بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي‌خالد، عن قيس بن أبي‌حازم، عن جرير بن عبداللَّه البجلي قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم …
ورواه عنه جماعة من المتأخّرين منهم الحموئي في الباب: (49) من السمط الثاني من فرائد السمطين: ج 2 ص 255 ط 1.
ومنهم شمس الدين محمّد بن عبدالرحمان السخاوي- المتوفّي عام: (902)- فإنّه رواه في أواخر الباب الثالث من كتاب استجلاب إرتقاء الغرف الورق: (29 /ب/،وفي ط 1 ص 184.
ومنهم أحمد بن محمّد شهاب الدين الخفاجي في تفسير آية المودّة ص 42 ط 1.
[665] والصواب محمّد بن إبراهيم، لاحظ مقاتل الطالبيّين: ص 181، والمجدي: ص 69 وغيرهما.
[666] هذا هو الظاهر، وفي أصلي المخطوط: «ولو أنّ هذا القبر … ».
[667] هذه الكلمة رسم خطّها غير واضح في أصلي المخطوط، وكتبناه علي الظنّ.
[668] كذا.
[669] وقريباً منه رواه عبدالكريم الرافعي- المتوفّي عام: (623)- برواية ربيعة بن علي العجلي كما في ترجمة أبي‌طاهر الحسن بن حمزة العلوي من كتاب التدوين من نسخة (لاله لي) برقم: (2010) ج 1، الورق/ … / وفي ط 1، ص … قال:
حدّثنا أبوطاهر الحسن بن حمزة العلوي- قدم علينا قزوين سنة: (344)- [قال:] حدّثنا سليمان بن أحمد، حدّثنا عمر بن حفص السّدوسي حدّثنا إسحاق بن بشر الكاهلي حدّثنا يعقوب بن المغيرة الهاشمي عن ابن‌أبي‌دواد عن إسماعيل بن أميّة: عن عكرمة:
عن ابن‌عباس رضي‌اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلّم: من سرّه أن يحيي حياتي ويموت مماتي ويدخل جنّة عدن فليوال عليّاً من يعدي وليقتد بأهل بيتي من بعدي فإنّهم عترتي خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي فويل للمكذّبين بغضلهم من أمّتي لا أنالهم اللَّه شفاعتي.
وحديث ابن‌عباس مستفيض- كحديث زيد بن أرقم وعمّار بن ياسر رفع اللَّه مقامهم- ورواه بأسانيد ابن‌المغازلي في الحديث: (260) وما بعده من مناقبه ص 215.
ورواه أيضاً ابن‌عساكر في الحديث 599 من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 95.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه محمّد بن سليمان في الحديث: (977/892) من مناقب محمّد بن سليمان: ج 2 ص 475/405، وما ذكره أبونعيم الحافظ في آخر ترجمة أميرالمؤمنين من حلية الأولياء: ج 1 ص 86، وما رواه ابن‌عساكر في الحديث: (594) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 102/91 ط 2.
وليراجع أيضاً الحديث: (17، و58) في عنوان: (الحديث السادس) من ترتيب أمالي السيّد المرشد باللَّه: ج 1 ص 144/136.
[670] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي‌الخميسيّة كما في‌عنوان: «الحديث السادس» من ترتيب أماليه: ج 1 ص 136.
ورواه بسنده عنه الخوارزمي في أواخر الفصل السادس من مناقبه ص 44 وفي ط 4 ص 75.
[671] كما نظمه شاعر خراسان فقال:
براي هر 3 شب از ماه نام مخصوصي است
باصطلاح عرب بشنو أي مه آفاق
غرر نُفَل تسع آنگه عشر دگر بيض است
دُرَع ظلم چه حنادس دآدي است ومحاق
.[672] قوله: «ويقال للفرات إذا كان واسع الجري إنه البحر» رسم خطّه غير جليّ.
[673] قال المحمودي: رأيت هذا الحديث في المعجم الكبير للطبراني ولكن حين تحقيقي هذا المقام من أصلي لم يتيسّر لي مراجعته.
[674] رسم الخطّ من أصلي في هذه الكلمة غامض.
[675] كذا.
[676] رواه ابن‌المغازلي في الحديث: (337) من مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام ص 295 قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن المظفر، أخبرنا أبومحمّد عبداللَّه بن محمّد بن عثمان المزلي الملقب بابن السقاء الحافظ، قال: أخبرنا محمّد بن محمّد بن‌الأشعث، قال: حدّثني موسي بن اسماعيل، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد …
وقال محققه في تعليقه: وأخرجه العلامة السيّد فضل اللَّه الرواندي بعين السند واللقط في نوادره: ص 15.
أقول: وقريباً منه رواه أيضاً الوزير الآبي في أوّل الباب الثالث من كتاب نثر الدرّ: ج 1 ص 269 ط 1.
[677] رواه السيّد المرشد باللَّه في‌الأمالي الخميسية كما في أواخر عنوان: «الحديث السادس» من ترتيب أمالي السيّد المرشد باللَّه: ج 1 ص 152 ط 1.
[678] كذا في ترتيب الأمالي‌الخميسية: ج 1 ص 152 ط 1، وفي أصلي من مخطوطة محاسن الأزهار: «إبراهيم بن شبينك البجلي … ».
[679] رسم الخطّ في قوله: «نجاة المهتدي بهم» غامض وكتبناه علي الظنّ فليحقق.
[680] وانظر ما أفاده الخفاجي في الفصل الثاني من المقصد الثاني من تفسير آية المودة: ص 95 ط 1.
[681] كلمتا: «سيرت … لسارت» رسم خطّهما غير جليّ في أصلي المخطوط.
[682] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسيّة كما في أواخر عنوان «الحديث السابع» من ترتيب أماليه: ج 1، ص 155، و قبله أيضاً في معناه.
[683] هو والد السيّد المرشد باللَّه- صاحب الأمالي الخميسيّة والاثنينية- المتوفّي سنة: (420) المترجم تحت الرقم: (361) من كتاب أعلام المؤلّفين الزيدية ص 235 قال:
الإمام الموفق باللَّه الحسين بن إسماعيل بن زيد بن الحسن بن جعفر بن محمّد بن جعفر بن عبدالرحمان الشجري ابن‌القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام [وهو] أبوعبداللَّه المعروف بالشريف الجرجاني الشجري أحد علماء الإسلام إمام مجتهد محدث حافظ أديب خطيب شاعر ورع زاهد.
[684] قال عبدالسلام عباس الوجيه: الكتاب تحت الطبع بتحقيقنا.
[685] و هذاالحديث متواتر رواه جمع كثير من الصحابة.
[686] وما أحسن ما أفاده السيّد محمّد باقر الحجة طاب ثراه- في ردّه علي بعض النواصب- في أوائل منظومة السهم الثاقب:
وبعد فالشريف أمّاً وأبا
الفاطميّ من بني طباطبا
يتلو عليك ما عن المختار
مضمون ما شاع من الأخبار
تفترق الأمّة بعد ما ضحي
ظلّ النبيّ فرقاً لن تبرحا
واحدة ناجية والباقية
هالكة وفي الجحيم هاوية
سمعاً لما أقول يا عمرو فما
تقول في آل النبيّ الكرما؟
.[687] بل الصلوات عليهم في‌الصلاة مفروضة، وصّحة الصلاة بها مشروطة، كما أفاده الشافعي في قوله المعروف:
يا آل بيت رسول اللَّه حبّكمو
فرض علي الناس في القرآن أنزله
كفاكمو من عظيم الفضل أنّكمو
من لم يصلّ عليكم لا صلاة له
وأيضاً قال الشافعيّ:
يصلّي علي المختار من آل هاشم
ويُغزي بنوه إنّ ذا لعجيب
وليراجع البتّة ما حقّقه السمهودي في الذكر الثاني من القسم الثاني من كتاب جواهر العقدين: ج 2 ص 46.
[688] الأبيات رواها صاحب رشفة الصادي فيه ص 24 عن الشافعي، وكذلك رواها العجيلي عن الشافعي في كتاب ذخيرة المآل، كما في حديث الثقلين من عبقات الأنوار.
[689] وللحديث مصادر كثيرة، و رواه البلاذري في الحديث: (38) من ترجمة الإمام الحسن عليه‌السلام من أنساب الأشراف: ج 3 ص 25 ط بيروت بتحقيق المحمودي.
[690] وهو شهيد الفخّ المترجم في مصادر كثيرة منها حوادث سنة: (169) من‌تاريخ الطبري: ج 8 ص 192، ط مصر، بتحقيق محمّد أبوالفضل إبراهيم.
وذكره أيضاً أبوالفرج في أول من استشهد من آل رسول اللَّه‌صلي اللَّه عليه وآله وسلم في أيّام موسي الهادي العباسي من مقاتل الطالبيين: ص 431 ط مصر.
وأشار محققه في تعليقه إلي مصادر كثيرة لترجمته.
و له أيضاً ترجمة ط 529 ويلة في أواخر المجلد الأول من الحدائق الوردية: ص 176 تا 181.
[691] له رحمه اللَّه ترجمة برقم (302) من كتاب أعلام المؤلّفين الزيدية: ص 202.
[692] هذه الأبيات من القصيدة البائية الّتي جاءت أبيات منها في الجليس الصالح: ج 3 ص 184، و في الأغاني: ج 3 ص 113، و مروج الذهب: ج 2 ص 194، والغدير: ج 2 ص 184، وزفرات الثقلين ج 1 ص 174.
[693] رواه السيد أبوطالب رحمه اللَّه في أماليه- كما في الحديث: (43) من الباب الثالث من كتاب تيسير المطالب: 69 ط 1.
[694] وانظر حول مواقف زيد الشهيد والنفس الزكية وأخيه إبراهيم سلام اللَّه عليهم ما رواه البلاذري في أنساب الأشراف: ج 3 ص 92 تا 136 و 233 تا 250 ط بيروت بتحقيقنا. وانظر أيضاً الباب (8) من تيسير المطالب ص 111.
[695] كذا في أصلي، والحديث رواه السيّد أبوطالب في أماليه علي ما حكي عنه، وفيه: «قد محي بالسيف والإسلام ما غادر داره» كما في أواسط الباب الثامن من كتاب تيسير المطالب: ص 123، ط 1 ببيروت.
[696] رسم الخطّ من أصلي في «خبعثين» لم يكن جليّاً، وكتبناه علي الظنّ.
[697] عقد له ترجمة عبدالسلام عباس برقم: (86) من كتاب أعلام المؤلّفين الزيدية: ص 73، وأرّخ ولادته بسنة: (500) و وفاته بسنة: (566).
[698] وهاهنا رسم الخطّ في أسطر من أصلي غامض وكتبناها علي الظنّ.
[699] كذا في أصلي مع غموض رسم الخطّ في كلمات منه.
[700] وهم الأشاعرة القائلون بزيادة الصفات الذاتية من الحياة والقدرة والعلم وغيرها علي ذاته تعالي وأنّها قديمة.
[701] الظاهر أنّ هذا هو الصواب، وفي أصلي: (الا يصحّ منه إحداثه … ).
[702] الظاهر أنّ هذا هو الصواب الّذي جاء هاهنا بين سطرين من أصلي‌المخطوط بخطّ يقرب من خطّ أصلي، فيه علي نسق الأسطر هكذا: «فمن هو عالم أولي أن لا يمكنه إحداث العلم له- أو به- نصح أنّه تعالي … ».
[703] كذا في أصلي المخطوط، ولعلّ الصواب: وعدني الإجابة.
[704] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (42) من باب فضل أهل البيت عليهم السلام من ترتيبه: ج 1 ص 156 ط 1.
[705] رسم الخطّ من أصلي غير جليّ ويساعد أن يقرأ: (في جيش هشام بن عبدالملك … ).
[706] رواه السيّد أبوطالب في أماليه في كلام طويل كما في الحديث: (10) من الباب السابع من تيسير المطالب: ص 103 ط 1.
[707] هذا هو الظاهر، وفي أصلي: «وإلّا لما صحّ ذلك».
[708] المولود سنة: (340) المتوفّي عام: (424) المترجم في حرف الياء برقم: (1197) من كتاب أعلام المؤلّفين الزيدية: ص 724.
[709] المولود عام: (333) المتوفّي سنة: (411) المترجم برقم: (72) من كتاب أعلام المؤّلفين الزيدية: ص 64.
[710] رسم الخطّ في أصلي من قوله: «نفر- أو تعرف؟- … لا يجب» غامض وكتبناه علي الظنّ.
[711] الحديث معروف ورأيته في مصادر كثيرة ولكن لم يتيسّر لي‌المراجعة.
[712] وهي جمع عاقلة وهي‌العصبة والأقارب من قبل الأب الّذين يعطون دية قتل الخطأ، وهي صفة جماعة عاقلة وأصلها اسم، فاعلة من العقل، وهي من الصفات الغالبة. كذا أفاده ابن‌الأثير في مادة عقل من النهاية.
[713] والظاهر أنّ مراد المنصنّف من قوله: «الأخوان» هما السيّد أبوطالب وأخوه.
[714] الحديث معروف ولكن لم يتيسّر لي الرجوع الي مصدر الحديث.
[715] وقيل: المشار إليه بقوله: (هذا) الأمر الّذي وقع بسببه القتل وهو النزاع والتشاجر الّذي حدث بين القبطي والإسرائيلي الّذي آل إلي قتل القبطي.
[716] وفي هذا المقام للعلاّمة الأميني- قدّس اللَّه نفسه- تحقيق رشيق ينبغي مراجعته تحت الرقم: (78) من نوادر الأثر من كتابه القيّم الغدير: ج 6 ص 234 ط 1.
وينبغي أيضاً الرجوع الي ما رواه الواحدي في تفسير الآية: (90) من سورة المائدة في تفسيره الوسيط: ج 2 ص 438/432/223 وتعليقاتها من ط 1.
وينبغي أيضاً أن يلاحظ ما رواه الضياء المقدسي في الحديث: (256)- وتعليقه- من مسند عمر من كتاب المختارة: ج 1 ص 367 ط 1.
[717] فليراجع سند الحديث ومصدره فإنّي كللت عن المراجعة.
[718] أنظر حوادث أوّل‌سنة: (198/196) من تاريخ الطبري: ج 8 ص 477/475/420/418.
[719] من تاريخ الطبري.
[720] الخرثي: أردأ المتاع.
[721] ذكره الطبري في حوادث سنة (173) من تاريخه: ج 3 ص 607، و في ط الحديث بمصر: ج 8 ص 237.
[722] ما وجدت هذه القصّة في ترجمة الواثق من تاريخ الطبري ولكنّ الباحث يجد في ترجمة الواثق من كتاب الأغاني فوق ما ينتظر، فليراجع الطالب ترجمته من الأغاني- فإنّ كلّ الصيد في جوف الفرا: ج 9 ص 315 تا 342 ط دارالفكر.
[723] الدراريع: جمع الدرّاعة: جبّة مشقوقة المقدّم.
[724] والمتكفّل لشرح ذلك هو كتاب الأغاني لاسيّما ترجمة الواثق منه.
[725] للكلام- أو مايقربه- مصادر كثيرة، و رواه نصر بن مزاحم المنقري المتوفّي (212) في أواسط الجزء الرابع من كتاب صفين ص 223 ط مصر.
و رواه أيضاً محمّد بن سليمان المتوفّي عام: (322) في أواخر الجزء السابع برقم: (1069) من مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام: ج 2 ص 556 ط 1.
و من أراد المزيد فعليه بما علقناه علي المختار (192/أو 195) من نهج‌البلاغة.
[726] كذا في أصلي ولكن لفظة (غير) رسم خطّها غير واضح فيه، وما بين المعقوفين زيادة منّا.
[727] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (4) في عنوان: «القرآن الكريم و فضله … » من ترتيبه: ج 1 ص 91/72 ط 1.
[728] الجلم- علي زنة القلم- والجلمان- بلفظ التثنية-: آلة كالمقصّ لجزّ الصوف وقطعه عن الحيوان.
[729] وقريباً منه رواه أيضاً ابن‌أبي‌الحديد في شرح المختار: (57) من نهج‌البلاغة: ج 4 ص 110.
ورواه أيضاً معلّم الأمّة الشيخ المفيد قدّس اللَّه نفسه في الحديث الرابع من ترجمة الإمام زين العابدين عليه‌السلام من كتاب الإرشاد: ج 2 ص ص 141، ط الحديث قال:
أخبرني أبومحمد الحسن بن محمد بن يحيي قال: حدّثني جدّي قال: حدّثني أبومحمد الأنصاري قال: حدّثني محمد بن ميمون البزّاز، قال: حدّثنا الحسين بن علوان، عن أبي علي زياد بن رستم:
عن سعيد بن كلثوم قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليهماالسلام فذكر أمير المؤمنين علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام فأطرأه ومدحه بما هو أهله ثمّ قال:
واللَّه ما أكل علّي بن أبي‌طالب عليه السلام من الدنيا حراماً قطّ حتّي مضي لسبيله، وما عرض له أمران قطّ هما للَّه رضاً إلّا أخذ بأشدّهما عليه في دينه!! وما نزلت برسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله نازلة إلّا دعاه فقدّمه ثقةً به، وما أطاق أحد عمل رسول اللَّه من هذه الأمّة غيره، وإن كان ليعمل عمل رجل كأن وجهه بين الجنّة والنار يرجو ثواب هذه ويخاف عقاب هذه!! ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه اللَّه والنجاة من النار، وإن كان ليقوّت أهله بالزيت والخلّ والعجوة، وما كان لباسه إلّا الكرابيس إذا فضل شي‌ء من يده من كمّه دعا بالجلم فقضّه؟!
وما أشبهه من ولده وأهل بيته أحد أقرب شبهاً به في لباسه وفقهه من عليّ بن الحسين عليهماالسلام، ولقد دخل أبوجعفر ابنه- عليهماالسلام- عليه فإذاً هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد فرآه قد اصفرّ لونه من السهر، ورمضت عيناه من البكاء ودبرت جبهته وانخرم أنفه من السجود، وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة!!
فقال أبوجعفر عليه‌السلام: فلم أملك حين رأيته بتلك الحال [نفسي من]البكاء فبكيت رحمةً له، وإذاً هو يفكّر، فالتفت إليّ بعد هنيهة من دخولي [عليه] فقال: يا بنيّ أعطني بعض تلك الصحف الّتي فيها عبادة عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام. فأعطيته فقرأ فيها شيئاً يسيراً ثمّ تركها من يده تضجّراً وقال: من يقوي علي عبادة عليّ عليه‌السلام!!
أقول: وأشار محقق الكتاب في هامشه أنّه رواه ابن‌شهرآشوب في مناقب آل أبي‌طالب: ج 4 ص 149، والطبرسي في اعلام الوري ص 254 والمجلسي في بحارالأنوار: ج 46 ص 74/65.
أقول: ورواه أيضاً الإربلي رحمه اللَّه بنحو الإرسال عن سعيد بن كلثوم في عنوان: (وأمّا أولاد الإمام زين العابدين عليه‌السلام) من كتاب كشف الغمّة: ج 2 ص 85.
[730] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (50) من عنوان: «الحديث السادس» من ترتيب الأمالي ج 1 ص 142.
و رواه أيضاً محمّد بن سليمان في الحديث: (540) في‌الجزء (5) من مناقبه: ج 2 ص 51 ط 1.
وللحديث مصادر جمّة يجد الباحث كثيراً منها في تعليق المختار: (77) من قصار نهج‌البلاغة.
[731] كذا في أصلي، وفي كثير من مصادر الحديث: «وتنطق الحكمة من نواحبه» وهو الظاهر.
[732] كذا في أصلي، وفي كثير من مصادر الحديث: «ومن الطعام ما جشب».
[733] كذا في أصلي، وفي الحديث: (557) من مناقب محمد بن سليمان: ج 2 ص 51: «كان واللَّه كأحدنا يجيبنا إذا سألناه، ويبتدؤنا إذا أتيناه، ويلبّينا إذا دعوناه».
[734] كذا في أصلي، و في المختار: (77) من قصار نهج‌البلاغة «و هو قائم في محرابه … » وفي مناقب محمد بن سليمان: «فأشهد باللَّه أن أتيته في بعض مواقفه وقد أرخي الليل سدوله وغارت نجومه وقد مثّل في محرابه قابضاً علي لحيته … ».
[735] ومثله في المختار المتقدّم الذكر من نهج‌البلاغة.
[736] كذا في أصلي غير أنّ رسم الخط من كلمة «بتتك» غامض، وفي نهج‌البلاغة: «قد طلقتك ثلاثا»، وفي المناقب لمحمد بن سليمان: «قد أبنتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك».
[737] ومثله في مناقب محمد بن سليمان.
[738] رواه ابن‌المغازلي في الحديث: (68) من كتابه مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام، ص 45 ط 2 قال:
أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسي الغند جاني قال: حدّثنا أبوالفتح هلال بن محمّد قال: حدّثنا إسماعيل بن عليّ قال: حدّثنا عليّ بن الحسين قال: حدّثنا عبدالغفار بن جعفر قال: حدّثنا جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم التميمي، عن أبيه، عن أبي‌ذرّ الغفاري قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله: من ناصب عليّاً الخلافة بعدي فهو كافر، و قد حارب اللَّه ورسوله، و من شكّ في عليّ فهو كافر.
وقريباً منه رواه محققه في تعليقه عن المناوي في كنوز الحقائق ص 156، و عن ينابيع المودة ص 181.
[739] وهذا المعني قد ورد للإمام السجاد عليه السلام عن مصادر كما في الحديث: (61) وما بعده من ترجمة الإمام عليّ بن الحسين عليهماالسلام من تاريخ دمشق ص 39 تا 40 بتحقيق المحمودي.
[740] تقدّم هذا في ذيل الحديث الّذي رويناه عن الشيخ المفيد.
[741] ورواه ابن‌عساكر في الحديث: (34) من ترجمة الإمام زين العابدين عليه‌السلام من تاريخ دمشق ص 25 ط 1. ورويناه في تعليقه عن مصادر أخر.
[742] وقريباً منه رواه أبوالفرج في أخبار الحزين من الأغاني: ج 15 ص 315 ط دار الفكر. و رواه ابن‌عساكر بأسانيد في الحديث: (36) وما بعده من ترجمة الإمام السجاد عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ص 27 تا 29 ط 1.
[743] وقريباً منه رواه أبوالفرج في أخبار الحزين من كتاب الأغاني: ج 15، ص 315 تا 316. و رواه أيضاً ابن‌عساكر بأسانيد في الحديث: (76) و ما بعده من ترجمة الإمام السجّاد عليه‌السلام من تاريخ دمشق ص 50 تا 53.
[744] رسم الخطّ من كلمة: «خبراً» غير جليّ في أصلي وكتبنها علي الظنّ.
[745] ذكره أبوالفرج في من استشهد في حبس استاذ الشياطين وقائد المتمرّدين منصور العباسي كما في مقاتل الطالبين ص 190 تا 195.
وذكره أيضاً الطبري في حوادث سنة (144) من تاريخه: ج 7 ص 538 تا 552، و في ط: ج 9 ص 199.
[746] ذكره عبدالسلام عباس الوجيه تحت الرقم: (1181) من كتاب أعلام المؤلّفين الزيدية ص 708 قال:
يحيي العقيقي [المولود سنة] (214) [المتوفّي عام] (277) [هو] يحيي بن الحسن بن جعفر بن عبداللَّه الأعرج بن الحسين الأصغر العبيدلي العقيقي النسّابة أبوالحسن مؤرّخ عالم نسّابة، مولده بالمدينة المنورة، وبها نشأ وترعرع، وكان من أصحاب الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي أخذ عنه وعن مشايخ آل الرسول …
وقد أورد آية اللَّه المرعشي طاب ثراه لترجمته مصادر، و ذكرله كتباً كثيراً في مقدمة كتابه: «أخبار الزينبات» وكذلك في خاتمته ص 160، ط 1.
وأيضاً له كتاب «المعقبين من أولاد أميرالمومنين» وجدنا مخطوطة منه كتبت سنة (555).
[747] كلمة «يحيي» رسم خطها غير جليّ في أصلي.
[748] وهو أبومحمد الرسي- المولود عام: (196) المتوفّي سنة: (246)- وله ترجمة تحت الرقم 830 في أوّل حرف القاف من كتاب أعلام المؤلّفين الزيدية: ص 485.
[749] هو أبوالحسين يحيي بن الحسين بن‌القاسم بن إبراهيم الرسي المولود سنة: (245) المتوفّي سنة: (298) المترجم في حرف الياء برقم: (1192) من أعلام المؤلّفين الزيدية: ص 713.
[750] لم يتيسّر لي الرجوع إلي ترجمته.
[751] عقائد جهّال قوم لاتكون وصمة علي قومهم بل تكون وصمة لهؤلاء الجهّال أنفسهم فقط.
[752] هذه الأبيات من القصيدة الميمية و هي أوّل الهاشميان للكميت، وذكرناها كاملة في‌مراثي الكميت رحمه اللَّه من كتاب زفراف الثقلين: ج 1، ص 208 ط 1 و فيه:
وإذا الحرب أومضت بسنا البر
ق وسارا الهمام نحوالهمام
وفي أصلي من محاسن الأزهار: «وسارا اللهام نحو اللهام» وفي هامشه بخط كاتب الأصل: «النهام نحو النهام».
[753] كذا في أصلي المخطوط من محاسن الأزهار، و في الزفرات نقلاً عن الهاشميات:
ورأيت الشريج يحننّ والنبع
بمكسورة الظهار اللواّم
.[754] رسم الخطّ من هذا البيت وما حوله غامض في أصلي وكتبناها علي الظنّ.
[755] المراد من «القائم» هاهنا معناه العام، ولم يرد شخصاً خاصّاً.
[756] انظر شرح حاله في أيّام غويّ العياسيين المسمّي برشيد،في مقاتل الطالبيين ص 463. وانظر أيضاً ما أورده الطبري من أخباره في حوادث سنة: (176) من تاريخه: ج 8 ص 242 تا 251.
[757] انظر القصّة في حوادث سنة (186) وما حولها من تاريخ الطبري: ج 8 ص 294 تا 297.
[758] وانظر تمام القصيدة في كتاب زفرات الثقلين: ج 2 ص 52 تا 53 ط 1.
[759] الغبوق: ما يشرب في العشي، واغتبقوا: شربوا الخمر في عشيّات أيّامهم.
[760] قد قرأت الحديث في مصادر ولكن قد كللت عن مراجعة مصادره.
[761] هذا هو الظاهر، وفي المخطوطة: «منشائته».
[762] الحديث معروف وله أسانيد و مصادر.
[763] ما وضعناه بين المعقوفين زيادة ظنّية منّا، وبقدر نصفه كان لفظ أصلي غير مقروء.
[764] لفظة «حزب» رسم خطّها من أصلي غامض وكتبناها علي الظنّ.
[765] رأيت الحديث في مصادر ولكن كللت عن المراجعة.
[766] كذا في أصلي ولكن رسم الخطّ في كلمات منها غامض.
[767] رسم الخطّ في لفظة (مروق) غير جليّ في أصلي المخطوط.
[768] ومن قوله: «ولا يرتاع لمشهود وشاهد- الي قوله: - وتحفّه في مجلسه» رسم الخطّ في كلم منه غير جليّ في أصلي.
[769] كذا.
[770] الأبيات مذكورة- باختلاف في بعض كلماتها- في‌أواسط الهاشميات الرابعة من هاشميات الكميت ص 158، ط دارالأضواء ببيروت.
[771] كذافي‌أصلي، و في‌هاشميات الكميت: «ممّا أظلّهم … و لمّا تجبهم … ».
[772] هذا البيت غير مذكور في رابعة الهاشميات ط دار الأضواء ببيروت.
[773] رسم الخط في قوله: «ألامفزع» من أصلي غير واضح.
[774] وفي الهاشميات: «وفيهم نجوم الناس … ».
[775] كذا في أصلي، و في الهاشميات: «لايسري به الناس … ».
[776] كذا في أصلي المخطوط و في مطبوعة الهاشميات: «ليدفع مغرور؟ ويشبع مرمل».
[777] رسم الحط من أصلي في قوله: «و في ساخط حكم الكتاب المعطل» غير جليّ.
[778] كذا
[779] ولأبيات الفرزدق هذه مصادر جمّة جدّاً، يقف الباحث علي كثير منها في تعليقنا علي الحديث: (131) وما بعده من ترجمة الإمام عليّ بن الحسين عليهماالسلام من تاريخ دمشق: ص 89 تا 98.
[780] وكتب كاتب أصلي‌بخطّ الأصل فوق كلمة: (حين) لفظة (يوم) [أي في كل يوم … ].
[781] كذا في أصلي، وفي ترجمة الإمام السجّاد عليه‌السلام من تاريخ دمشق ص 93: «وأيد بالندي هضم».
[782] هذا هوالصواب الموافق لما في تاريخ دمشق، وفي أصلي: «يعرف أولويّة ذا».
فالدين من جدّ هذا ناله الأمم
وليس قولك من هذا بضائره
العرب تعرف من أنكرت والعجم
فأمر هشام بإسقاط صلة الفرزدق من الديوان **زيرنويس=كذا في أصلي، وفي كثير من المصادر ومنها تاريخ دمشق: فغضب هشام وأمر بحبس الفرزذق، فحبس بعسفان بين مكّة والمدينة، فبلغ ذلك عليّ بن الحسين فبعث الي الفرزدق باثني عشر ألف درهم وقال: عذراً أبافراس لو كان عندنا أكثر منها لوصلناك بها.
[783] لأبيات كميت هذه مصادر، ورواها المؤلف مطوّلة في الحدائق الوردية: ج 2 ص 200. ورويناها بطولها عنه في ترجمة الكميت من كتابنا زفرات الثقلين: ج 1 ص 189، ط 1.
[784] لم يتيسّر لي الرجوع إلي مصدر الحديث، وإن كان ببالي أنّي رأيت له أو لما في معناه مصادر.
[785] كذا في ظاهر رسم الخطّ من مخطوطتي، ومن قوله: «لاسيّما مع الحديث- الي قوله- حتي طفت» رسم الخطّ في بعض كلماتها غير واضح وكتبناه علي الظنّ.
[786] علي ما رواه جماعة من علماء أهل السنة في كتبهم.
[787] رسم الخطّ من أصلي في هذا المصرع غامض جدّاً.
[788] هذا البيت أيضاً رسم خطّه من أصلي غامض وكتبناه علي الظنّ.
[789] رسم الخطّ من أصلي في هذا الشطر غامض.
[790] رسم الخطّ من أصلي في هذه الكلمة غامض جدّاً، ويحتمل ضعيفاً أن تقرأ «والتألّه».
[791] ويعجبني أن أذكر هاهنا ما رواه أبوأحمد الحسن بن عبداللَّه العسكري- المتوفي سنة: (382) في أوائل كتاب المصون ص 62 ط الكويت، قال:
أخبرنا أبوبكر ابن‌دريد، قال: أخبرنا عبدالأول بن مرثد- أحد بني أنف الناقة- عن ابن‌عائشة عن أبيه قال:
قال عبدالملك [بن مروان] يوماً وقد اجتمع الشعراء عنده: تشّهوننا بالأسد، والأسد أبخر، وبالبحر والبحر أجاج، وبالجبل مرّةً والجبل أوعر؟ ألا قلتم [فينا] كما قال أيمن بن خريم بن فاتك لبني هاشم- [كما في الشعر والشعراء ص 526-[:
نهاركم مكابدة وصوم
وليلكم صلاة واقتراء
ءَأجعلكم وأقواماً سواء
وبينكم وبينهم سماء
وهم أرض لأرجلكم وأنتم
لأعينهم وأرأسهم سماء؟
ورواه أيضاً أبوهلال العسكري في أوائل ديوان المعاني ص 128.
[792] وانظر بعض مخازي المأمون والمعتصم والمتوكّل فيما رواه محمّد بن أحمد بن إسحاق الوشاء المولود (246) المتوفي (325)- في عنوان: «باب سنن الطرفه» من كتاب الموشّي ص 81 تا 82.
[793] المكنّي بأبي القاسم المولود سنة: (278) المتوفي عام: (310) المترجم في حرف الميم برقم: (1092) من كتاب أعلام المؤلّفين الزيدية ص 656.
[794] رواه أبوالفرج في ترجمة علي بن الحسن بن الحسن عليه‌السلام من كتاب مقاتل الطالبين ص 193، ط مصر.
[795] وقريباً مما يذكره المصنّف هاهنا، رواه ابن‌عساكر بسندين في ترجمة الربيع حاجب المنصور من تاريخ دمشق: ج 6 من المصورة الأردنية ص 223 و في ط دارالفكر: ج 18، ص 86 و في مختصر ابن‌منظور: ج 8 ص 309.
[796] وهذا ممّايسلّي به كثير من الفسّاق أنفسهم، وهو من زياداة الربيع الّذي كان من أمناء أعظم طواغيت بني‌العباس، فقتلوه و جزوه جزاء السنّمار!!! وحاشا من‌الإمام الصادق أن يقول له: إنّك رجل منّا أهل البيت.
[797] كذا في تاريخ دمشق، ولفظة: «غبت» رسم خطّها غير واضع من أصلي.
[798] كذا في أصلي من مخطوطة محاسن الأزهار، وفي ترجمة الربيع من تاريخ دمشق:
وأسألك العافية من كلّ بليّة، وأسألك دوام العافية [دوام عافيتك «خ»] وأسألك الغني عن الناس، وأسألك السلامة من كلّ شي‌ء؟ ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم.
قال المحمودي: أظنّ أنّ الشهيد المحلّي رحمه اللَّه روي الدعاء عن أمالي الخميسيّة للسيّد المرشد باللَّه، ولكن بما أنّه لم يذكر سند الدعاء الشريف، أحببت أن أذكر الدعاء أخذاً من الحديث: (35) من عنوان: (الحديث الحادي عشر) من ترتيب الأمالي الخميسيّة: ج 1 ص 227 قال: أخبرنا أبومحمد عبداللَّه بن عمر بن رسته بن المهيار البغذادي بقراءتي عليه بإصفهان، قال: حدّثنا أبوالطيّب عبدالرحمان بن محمد بن عبداللَّه بن شيبة العطّار المقرئ المعروف بالحريري إملاءاً بالبصرة في سنة سبع وستّين وثلاث مائة، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن أحمد بن بسطام الزعفراني قال: حدّثني عمّي محمد بن عبيداللَّه بن بسطام، قال: حدثنا الحسين بن الفضل بن الربيع، قال: حدثني أخي عبيداللَّه بن الفضل بن الربيع، قال: حدثني أبي‌الفضل بن الربيع، قال: حدثنا أبوجعفر المنصور؟ أمير المؤمنين سنة سبع وأربعين ومائة، فلمّا قدم المدينة قال لي: ابعث الي جعفر بن محمد العلوي- يعني الصادق- من يأتيتي به …
أقول: والدعاء رواه أيضاً ابن‌عساكر بسندين في ترجمة الربيع من تاريخ دمشق من النسخة الأردنيّة: ج 6 ص 224، وفي مختصر ابن‌منظور: ج 8 ص 309 ط 1 قال:
أخبرنا أبوالحسن عليّ بن المسلم الفرضي، أنبأنا عبدالعزيز بن أحمد الصوفي، حدّثني أبوعصمة نوح بن نصر الفرغاني- من لفظه ببغداد-، أنبأنا أبوبكر محمدبن‌الفضل بن محمد بن المفسّر البلخي ببلخ، أنبأنا أبوالحسن عليّ بن الحسن القطّان البلخي، حدّثني عليّ بن محمد بن عبداللَّه المحتسب، حدّثني أمير المؤمنين محمد بن هارون الرشيد، حدّثني محمد بن أحمد القيسي، حدّثني موسي بن سهل:
عن الربيع حاجب المنصور، قال: لمّا استوت الخلافة لأبي جعفر المنصور قال لي: يا ربيع ابعث إلي جعفر بن محمد من يأتيني به. قال: فتنحّيت بين يديه وقلت: أيّ بليّة تريد أن تفعل؟ وأوهمته أن أفعل، ثمّ أتيته بعد ساعة فقال لي: ألم أقل لك أن تبعث الي جعفر بن محمّد من يأتيي به؟ واللَّه لأقتلنّه. [قال الربيع:] فلم أجد بدّاً من ذلك فدخلت إليه فقلت: يا أباعبداللَّه أجب أمير المؤمنين، فقام معي مسرعاً فلمّا دنونا الي الياب قام يحرّك شفتيه ثمّ دخل فسلّم فلم يردّ [المنصور] عليه، ووقف فلم يجلسه ثمّ رفع رأسه اليه فقال: يا جعفر أنت ألّبت علينا وكثّرت وغذرت؟ وحدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، أنّ النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم قال: «ينصب لكلّ غادر لواء يعرف به يوم القيامة».
فقال جعفر بن محمد: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم أنّه قال: «ينادي مناد يوم القيامة من بطنان العرش: ألا فليقم من كان أجره علي‌اللَّه. فلا يقوم الاّ من عفا عن أخيه»، فمازال [كان] يقول حتّي سكن ما به ولان له، فقال: اجلس أباعبداللَّه، ارتفع أباعبداللَّه.
ثمّ دعا بمدهن فيه غالية فغلّفه بيده؟- والغالية تقطر من بين أنامل أمير المؤمنين المنصور- ثمّ قال: انصرف أباعبداللَّه. وقال لي: يا ربيع أتبع أباعبداللَّه جائزته.
قال الربيع: فخرجت اليه؟ فقلت: أباعبداللَّه أنت تعلم محبّتي لك؟ قال: نعم يا ربيع أنت منّا، حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم [أنّه قال:] «مولي القوم منهم» وأنت منّا.
فقلت: أباعبداللَّه شهدت ما لم تشهد، وسمعت ما لم تسمع، وقد دخلت فرأيتك تحرّك شفتيك عند الدخول عليه بدعاء فهو شي‌ء تقوله أو تأثره عن آبائك الطيّبين؟ قال: لا بل حدّثني أبي‌عن أبيه عن جدّه أنّ النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم كان إذا حزبه أمر دعا بهذا الدعاء- وكان يقول [ظ] إنّه دعاء الفرح-:
اللهّم احرسني يعينك الّتي لا تنام، واكنفني بركنك الّذي لا يرام، وارحمني بقدرتك عليّ لا أهلك وأنت رجائي فكم من نعمة أنعمت بها عليّ قلّ لك عندها شكري وكم من بليّة ابتليتني قلّ لك بها صبري فيا من قلّ له عند نعمته شكري فلم يحرمني ويا من قلّ عند بلّيته صبري فلم يخذلني ويا من رآني علي الخطايا فلم يفضحني أسألك أن تصلّي علي محمد وعلي آل محمد، كما صلّيت وباركت ورحمت علي آل ابراهيم إنّك حميد مجيد.
اللّهمّ أعنّي علي ديني بدنيا؟ وعلي آخرتي بتقوي واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني الي نفسي فيما حضرت.
يا من لا تضرّه الذنوب، ولا ينقصه المعروف، هب لي ما لا يضرّك، واغفر لي ما لا ينقصك؟.
اللّهمّ إنّي أسألك فرجاً قريباً وصبراً جميلاً، وأسألك العافية من كلّ بليّة، وأسألك دوام العافية [وأسألك دوام عافيتك (خ)] وأسألك الغني عن الناس، وأسألك السلامة من كلّ شي‌ء ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم.
قال الربيع: كتبته عن جعفر بن محمد برقعة وها هو ذا في جيبي. وقال موسي بن سهل: كتبته عن الربيع حاجب المنصور وهو ذا في رقعة في جيبي. وقال محمد بن أحمد القيسي: كتبته عن موسي بن سهل وها هو ذا في رقعة في جيبي. وقال محمد بن هارون: وكتبته عن محمد بن أحمد وها هو ذا في رقعة في جيبي. وقال عليّ بن محمد بن عبداللَّه المحتسب: وكتبته عن محمد بن هارون وها هو ذا في رقعة في جيبي. وقال محمد بن الفضل المفسّر: وكتبته عن أبي‌الحسن عليّ بن الحسن البلخي وها هو ذا في رقعة في جيبي. وقال نوح بن نصر: وكتبته عن محمد بن الفضل المفسّر البلخي وها هو ذا في رقعة في جيبي. وقال الفقيه أبوالحسن: وكتبته عن عبدالعزيز بن أحمد وها هو ذا في رقعة في جيبي. قال المصّنف: وكتبته عن الفقيه أبي‌الحسن وهاهو ذا في رقعة في جيبي.
قال المحمودي وأنا أيضاً كتبت الدعاء وأدرجته في عدّة من كتبي وأرجو من اللَّه أن يقيني به من كلّ سوء ومكروه.
ثمّ أقول: إنّ ابن‌عساكر روي الدعاء من طريق آ خر، وقال بعد- ما ساق الدعاء كما ذكرناه عنه-:
وقد روي [الدعاء] من وجه آخر- بإسناد مثلي من هذا؟- عن الربيع ولم يرفعه:
أخبرنا أبومحمد ابن‌طاووس، أنبأنا سليمان بن إبراهيم بن محمد الحافظ، أنبأنا أبوعبداللَّه محمد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني إملاءاً، أنبأنا أبوعليّ الحسين بن عليّ أنبأنا محمد بن زكريّا بن دينار، أنبأنا عبيداللَّه بن محمد بن عائشة القرشي حدّثني أبي:
عن الربيع الحاجب قال: بعثني أمير المؤمنين المنصور الي جعفر بن محمد فقال: جئني به فواللَّه لأقتلنّه. [قال الربيع] فأتيت جعفر بن محمد فقلت: أجب أمير المؤمنين وأخبرته بما تكلّم به. فقال: قم فليس عليّ منه بأس. فجاء فرأيته يحرّك شفتيه.
[799] قال الجوهري في مادة (نزق) من الصحاح: النزق [علي زنة ورق]: الخفّة والطيش.
[800] وليراجع سيرة الإمام الصادق عليه‌السلام من بحارالأنوار: ج 47 ص 188، وما حولها.
[801] رواه ابن‌المغازلي في الحديث: (155) من مناقبه ص 112، ط 2.
[802] كذا في أصلي من هنا إلي آخر الكلام من هذا الطريق. وفي الطبعة الثانية من مناقب ابن‌المغازلي: «فأنشدكم باللَّه» من بداية الكلام إلي آخره.
[803] كذا في أصلي ولعلّه تصحيف من الكاتب، والصواب: (لبني وليعة) كما في المناشدة المذكورة من مناقب ابن‌المغازلي ص 115.
ومثله رواه أيضاً النسائي في الحديث: (72) من كتابه خصائص أمير المؤمنين عليه‌السلام ص 140، ط بيروت بتحقيقنا.
ورواه أيضاً أحمد بن حنبل في الحديث: (90) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 59.
وبنو وليعة حيّ من كندة يمانيّون من حضرموت وفدوا علي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم.
وذكرالعلاّمة الطباطيائي طاب ثراه- في هامشه علي كتاب الفضائل- عن الطبقات الكبري لابن سعد: في القسم الثاني من ج 1 ص 79/ أنّه قال:
وقدم وفد حضرموت مع وفد كندة علي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم وهم بنو وليعة ملوك حضرموت حمدة ومخوس ومشرح وأنصعة فأسلموا.
[804] كذا في مناقب ابن‌المغازلي، ورسم الخطّ من أصلي في لفظة: (يغشاكم) غير جليّ وجاء في هامشه بخطّ الأصل: (يقصاكم).
[805] لهذه القطعة أيضاً مصادر.
[806] له ترجمة حسنة في حرف الميم من كتاب مطلع البدور: ج 3 ص 92.
[807] كذا في أصلي.
[808] رسم الخطّ فيه وفي ألفاظ قبله غير جليّ من أصلي.
[809] كذا في أصلي، وفي رواية الحاكم المذكورة في المختار: (32) من نهج‌السعادة: «إذاً لا أسمع ولا أطيع … ».
[810] كلمة عيسي بن مريم و يحيي بن زكريّا» كانت بخط الأصل مكتوبة في هامش أصلي».
[811] هذه القطعة ممّا أقحمت في هذه الرواية وهي باطلة قطعاً، وكيف يمكن لأميرالمؤمنين عليه‌السلام أن يقول ذلك و أقوال أبيه بمسمع منه حيث يقول:
واللَّه لا أخذل النبي ولا
يخذله من بنيّ ذوحسب
نحن و هذاالنبي أسرته
نضرب عنه الأعداءكالشهب
وقوله في القصيدة البائيّة من جمع أبي هفّان ص 51 بتحقيق المحمودي:
وما ذنب من يدعو الي اللَّه وحده
ودين قويم 574
أهله غير خيّب
وقوله:
لقدأكرم اللَّه النبي محمّداً
فأكرم خلق اللَّه في الناس أحمد
وشقّ له من اسمه ليجلّه
فذوالعرش محمود و هذا محمّد
وقوله عليه‌السلام- كما تقدم في هذا الكتاب- في شرح البيت (14).
رواه أيضاً أبوهفّان في‌المقطع (16) من ديوان أبي‌طالب:
منعنا الرسول رسول المليك
ببيض تلألأمثل البروق
أذبّ وأحمي رسول الإله
حماية عمّ عليه شفيق
وقوله عليه‌السلام:
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّداً
نبيّاً كموسي خطّ في أوّل الكتب
وقوله عليه‌السلام:
ولقد علمت بأنّ دين محمّد
من خير أديان البريّة دينا
وقوله عليه‌السلام- كما رواه ابن‌عساكر في ترجمة جعفر بن أبي‌طالب كما في مختصر ابن‌منظور: ج 6 ص 67-:
إنّ عليّاً و جعفراً ثقتي
عند مهمّ الأمور والكرب
لا تخذلا وانصراابن عمكّما
وابن‌أمّي من بينهم وأبي
واللَّه لا أخذل النبي ولا
يخذله من بنيّ ذوحسب
إلي غير ذلك مما يجده الباحث في ديوان أبي‌طالب جمع أبي هفّان و غيره.
[812] رسم الخطّ من هذه الكلمة في أصلي غير واضح وكتبناها ظنّاً.
[813] وللأبيات مصادر كثيرة أشرنا إليها في ذيل المختار: (72) من باب كتب أميرالمؤمنين عليه‌السلام من نهج‌السعادة: ج 4 ص 168 ط 3.
[814] ومن هنا الي أوّل الصفحة 243 /التالية/ أكثر كلمات مصدري لم تك مقروءة بنحو القطع وكتبناها علي الظنّ.
[815] وليراجع الباحث ما حقّقه العلاّمة الأميني حول الحديث في المجلّد السادس من كتابه القيّم الغدير: ج 6.
[816] كذا في أصلي، وفي بعض نسخ المختار الثالث من نهج‌البلاغة: «لشدّ ما تشطّرا ضرعيها».
[817] كذا في ظاهر رسم الخطّ من أصلي ويحتمل بعيداً أنّ لفظة: (تعالي) مشطوبة في أصلي. وما بين المعقوفين من نهج‌البلاغة وسياق الكلام أيضاً يستدعيه.
وفي المختار الثالث من نهج‌البلاغة: «كأنّهم لم يسمعوا كلام اللَّه حيث يقول … ».
[818] هذا تمام المختار الثالث من نهج‌البلاغة وله مصادر كثيرة يجد الباحث كثيراً منها في ذيل المختار: (302) من نهج‌السعادة: ج 2 ص 511 وما حولها.
[819] تقدّم ذكر إسناد المصنّف إلي أبي عليّ الحسن الصفار في شرح البيت: (12).
[820] وهاهنا لفظ أصلي غامض في قوله: (بثلاثة عشرة) وكتبناه علي الظنّ.
[821] للحديث مصادر وأسانيد، و رواه أيضاً الحافظ النسائي في ذيل الحديث الأخير- و ما قبله- من كتابه خصائص عليّ عليه‌السلام، ص 338 تا 341 بتحقيق المحمودي.
و رواه أيضاً أحمد بن حنبل في مسند عليّ عليه‌السلام برقم: (770) من كتاب المسند: ج 2 ص 116، ط 2 و في ط 1: ج ص 98.
و رواه أيضاً البزار- باختلاف ما- في أواخر مسند عليّ عليه السلام من مسنده: ج 3 ص 105، ط 1.
و رواه محققه في هامشه عن أبي‌داود في باب: (من أحقّ بالولد) من كتاب الطلاق من سننه: ج 2 ص 251.
ورواه الطحاوي بأسانيد في الباب: (482) من كتاب مشكل الآثار: ج 4 ص 120.
و رواه ابن‌عساكر بأسانيد في ترجمة زيد بن حارثة من تاريخ دمشق: ج 6 ص 592.
و رواه أيضاً أبوالخير الطالقاني في الباب: (20) من كتاب الأربعين المنتقي.
و رواه أيضاً البخاري و مسلم من طريق البراء [بن عازب] كما في ترجمة جعفر من كتاب الإصابة ج 1، ص 248.
و رواه أيضاً ابن‌الأثير في ترجمة جعفر من كتاب أسدالغابة: ج 1.
و رواه مع جلّ ماذكرهنا- ابن‌عساكر في ترجمة جعفر من تاريخ دمشق كما في مختصر ابن‌منظور: ج 6، ص 68 ط.
[822] ورواه ابن‌الأثير مع جلّ ما هنا في ترجمة جعفر عليه‌السلام من كتاب أسد الغابة: ج 1 ص 288. وأيضاً أكثر ما هنا رواه الذهبي في عنوان: «غزوة مؤتة» من تاريخ الإسلام: ج 2 ص 479 تا 492.
[823] كذا في أصلي، وفي ترجمة جعفر بن أبي‌طالب عليهماالسلام من مختصر ابن‌منظور: ج 6 ص 73: قالت أسماء: لمّا أصيب جعفر وأصحابه أتاني رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم ولقد هيّأت أربعين منّاً من أدم وعجنت عجيني.
[824] وقريباً منه رواه البلاذري في ترجمة جعفر عليه السلام من أنساب الأشراف: ج 2 ص 43 ط 1. ورواه أيضاً ابن‌الأثير في ترجمة جعفر من كتاب أسد الغاية: ج 1، ص 288 ط 1.
[825] وبعض هذه الأبيات رواه ابن‌عساكر في ترجمة جعفر بن أبي‌طالب عليهماالسلام باختلاف في بعض الكلمات، كما في مختصر ابن‌منظور: ج 6 ص 70 ط 1، وليلاحظ ديوان حسّان بن ثابت: ص 235.
[826] ماوجدت مصدراً للأبيات المتقدّمة للحسّان وديوانه أيضاً لم يكن بمتناولي كما أنّه لم يتيسّر لي مراجعة ديوان كعب بن مالك.
[827] وليراجع البتة ديوان حسّان بن ثابت، فإن الأبيات بكاملها مذكوره فيه، ولكنّه لم يكن عندي حين ترتيب هذا الكتاب، ولا ميسور الحصول لي.
[828] وقريباً منه رواه الطبراني بسندين في الحديث: (2925) في ترجمة حمزة من المعجم الكبير: ج 3 ص 140.
[829] رواه السيّد المرشد باللَّه‌في الأمالي الخميسية كما في الحديث 14 من فضائل أهل البيت عليهم‌السلام في عنوان: «الحديث السابع» من ترتيب الأمالي الخميسية: ج 1 ص 151، ط 1. ورواه أيضاً الحافظ الأقدم محمّد بن سليمان الصنعاني في الحديث: (70) من مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام: ج 1 ص 127 ط 1.
[830] ورواه أيضاً محمد بن سليمان في الحديث: (70) من مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام: ج 1 ص 127، ط 1، وللحديث شواهد يجد البحث كثيراً منها فيما علقناه عليه فليراجع.
[831] وللحديث مصادركثيرة جدّاً يجد الباحث كثيراً منها في شرح القصيدة اللامية من ديوان أبي‌طالب بتحقيقنا.
[832] ولحديث أبي‌ذر هذا أيضاً مصادر و أسانيد، يجدها الطالب في تفسير الآية: (19) من سورة الحج في شواهد التنزيل: ج 1، ص 503.
[833] رواه الطبراني في ترجمة حمزة في الحديث: (2952) من المعجم الكبير: ج 3 ص 149.
[834] رواه ابن‌المغازلي المتوفّي عام: (483) من مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام ص 299.
ورواه أيضاً ابن‌عساكر المتوفّي سنة: (571) في الحديث: (173) من ترجمة أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه من تاريخ دمشق: ج 1، ص 138، ط 2 بتحقيق المحمودي.
[835] يهذّ- علي زنة (مدّ) وبابه-: يقطع. وما يليق- علي زنة يبيع وبابه-: مايبقي وما يترك. والأورق: الّذي لونه لون الرماد.
كذا في أصلي، والقصّة ذكرها الطبري في وقعة أحد من تاريخه: ج 2 ص 517 ط الحديث بمصر، وفيه: «فوقعت في لبّته حتّي خرجت من بين رجليه … ».
والبظور: جمع البظر، قال ابن‌منظور في‌حرف الراء من لسان العرب: [البظر] مابين الإسكتين من المرأة، وفي الصحاح: [هي] هنة بين الإسكتين لم تخفض والجمع بظور.
[836] وقريباً منه رواه الطبراني في ترجمة حمزة في الحديث (2337) من المعجم الكبير: ج 3 ص 143.
[837] وكتب في أصلي بخطّ الأصل فوق قوله: (دمعة الثاكل): «عبرة الثاكل».
[838] كذا في أصلي، وفي محاضرة الأبرار- لمحيي الدين العربي-: ج 1، ص 28: فمنهم العباس وضرار ابنا عبدالمطّلب، وهما شقيقان لأمّ واحدة وهي نبيلة بنت حباب بن كليب بن ربيعة بن نزار.
[839] رواه البلاذري في الحديث الثاني والرابع من ترجمة العباس بن عبدالمطلب من أنساب الأشراف.
[840] كذا في أصلي، والحديث رواه الطبراني وقال: قال العبّاس: «يا رسول اللَّه إنّي أريد أن أمدحك … »، وهو الظاهر، وإليك ما رواه الحافظ الطبراني في ترجمة خريم بن أوس بن حارثة بن لام الطائي برقم: (4167) من المعجم الكبير: ج 4 ص 213 ط 2 قال:
حدّثنا عبدان بن أحمد، وأحمد بن عمرو البزّار.
حيلولة: وحدّثنا محمد بن موسي بن حمّاد البربري قالوا: حدّثنا أبوالسكين زكريا بن يحيي حدّثنا عمّ أبي زحر بن حصن، عن جدّه حميد بن منهب، قال: قال خريم بن أوس بن حارثة بن لام: كنّا عند النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم فقال له العبّاس بن عبدالمطّلب رحمه اللَّه: يارسول اللَّه إنّي أريد أن أمدحك؟ فقال له النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم: هات لا يفضّض اللَّه فاك. فأنشأ العباس يقول: «قبلها طبت في الظلال وفي … ».
ورواه ابن‌كثير عن الطبراني في ترجمة خريم المتقدّم الذكر من كتابه جامع المسانيد: ج 4 ص 93 ط 1.
ورواه أيضاً الهيثمي عن الطبراني في أوائل كتاب علامات النبوّة من مجمع الزوائد: ج 8 ص 217، وقال: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
وقال محقّق المعجم الكبير في تعليقه: «وأبوالسكين صدوق [لكن] له أوهام ليّنه بسببها الدار قطني. وزحر بن حصن لا يعرف، و[الحديث] مضي مختصراً، ورواه ابن‌الأثير في أسد الغابة من طريق المصنّف [الطبراني] في ترجمة خريم هذا».
[841] رواه ابن‌شهر اشوب في أوائل المناقب قبل عنوان: «فصل في عنوان مولده [صلي اللَّه عليه وآله] من ج 1 ص 28.
[842] انظر ما علقناه علي أوائل الفصل الأوّل من خاتمة المؤلّف.
وانظر أيضاً ما يأتي عن المصنّف في‌شرح حال أبي‌طالب رفع اللَّه مقامه عند شرحه لحال أعمام النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلّم.
[843] تقدّم في شرح البيت: () من هذا الكتاب ص.
[844] وهذا القول متواتر بين المسلمين عن النبيّ صلي اللَّه عليه عليه وآله وسلم، ورواه الحافظ ابن‌عساكر بطرق كثيرة في ترجمة الإمام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق بتحقيق المحمودي.
[845] وهذا الذيل لم يثبت من طريق شيعة أهل البيت عليهم‌السلام وإنّما رواه بعض أتباع مخالفي أهل البيت!!!.
[846] لا إجماع في البين، وكثير من الشيعة الإمامية يعتقدون أفضليّة المعصومين من آل النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي الأنبياء غير جدّهم خاتم النبيّين صلي اللَّه عليه وآله وسلم فإنّه عندهم أفضل من جميع المخلوقين.
[847] وهو مترجم في معالم العلماء للحافظ السروي وفي فهرس الشيخ منتجب الدين ابن‌بابويه، وثقات العيون في سادس القرون- لشيخنا الرازي رفع اللَّه مقامه،- ص 112.
وذكره عنهم العبّاس الوجيه في أوّل حرف الزاء من كتابه أعلام المؤلّفين الزيدية: ج 1 ص 227.
[848] وهو أصغر أولاد الحاكم الحسكاني صاحب كتاب شواهد التنزيل، وهو يروي شواهد التنزيل عن أبيه عبيداللَّه الحسكاني، وهو مترجم في كتاب السياق ومنتخبه برقم: (1610) منه ص 722.
وأمّا أبوه عبيداللَّه بن عبداللَّه الحسكاني فهو شخصية مرموقة قد ترجمه كثير من الحفّاظ منهم الذهبي تحت الرقم: (163) من كتابه: سير أعلام النبلاء: ج 18، ص 268.
وأيضاً عقد له الذهبي ترجمةً في آخر الطبقة (14) برقم: (30) من ج 3 ص 1200، ط مصر، وفي ط الهند: ج 4 ص 390، ومن أراد المزيد فعليه بما ذكرناه في مقدّمة شواهد التنزيل: ج 1 ط 2.
[849] وذيل الحديث رواه كلّ من أبي‌القاسم الطبري والكنجي الشافعي بسندين آخرين في الحديث: (9) من كتاب بشارة المصطفي ص 41 والباب: (108) من كفاية الطالب ص 425.
[850] هذه القطعة لم يثبت صدورها من النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم، و إن ثبت من طريق موثوق فالمراد منها السنة الّتي ثبتت من طريق الصادقين عليهم‌السلام لا ما رواه معاوية بن أبي‌سفيان وعمرو بن العاص وأمثالهما من أعداء أهل البيت.
[851] وهو المختار: (30) من الباب الثاني من نهج‌البلاغة.
[852] والحديث رواه ابن‌أبي‌شيبة في الحديث: (63) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل من المصنف: ج 12، ص 81 و في ط: ج 7 ص 505.
ورواه السيّد أبوطالب في أماليه بسنده عن أبي‌بكر ابن‌أبي‌شيبة كما في الحديث: (45) من الباب الثالث من تيسير المطالب: ص 69 ط 1.
وأيضاً رواه عن ابن‌أبي‌شيبة عبدبن حميد الكشّي كما في الحديث: (17) من مسند عليّ عليه‌السلام من منتخب مسنده ص 59/ أو 90.
وأيضاً رواه عن أبي‌بكر ابن‌أبي‌شيبة أبويعلي الموصلي- المولود(210) المتوفّي عام: (307)- كما في الحديث: (140) من مسند عليّ عليه‌السلام من مسنده: ج 1 ص 322.
وأشار محقّقه في‌تعليقه إلي مصادر للحديث منها الناسخ والمنسوخ- لأبي‌جعفر النحاس- ص 231، والناسخ والمنسوخ- لابن الجوزي- ص 146، وعن العقيلي من طرق عن سفيان، وعن الدرّ المنثور: ج 6 ص 185.
ورواه- بسندين عن أبي‌يعلي- ضياء الدين المقدسي محمّد بن عبدالواحد الحنبلي برقم (680) من مسند عليّ عليه‌السلام من المختارة: ج 1، ص 301.
ورواه أيضاً محمّد بن حبّان المتوفّي عام: (354) في صحيحه: ج 2/الورق 180/ب/- وفي كتاب الإحسان: ج 9، ص 47 ط 1- قال: أخبرنا الحسن بن سفيان، أنبأنا أبوبكر ابن‌أبي‌شيبة، أنبأنا يحيي بن آدم …
ورواه أيضاً العقيلي في ترجمة عليّ بن علقمة الأنماري من ضعفائه: ج 3، ص 243 قال:
ثمّ قال ابن‌حبّان: [و] أخبرنا عبدالرحمان بن محمّد أبوصخرة ببغداد بين الصورين؟ قال: حدّثنا محمّد بن عبداللَّه بن عمّار، قال: حدّثنا قاسم بن يزيد الجرمي عن سفيان الثوري عن عثمان الثقفي عن سالم بن أبي‌الجعد الغطفاني عن عليّ بن علقمة الأنماري:
عن عليّ بن أبي‌طالب، قال: لمّا نزلت هذه الآية: «يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة» قال: قال النبي؟ صلي اللَّه عليه وسلم لعليّ: مرهم أن يتصدّقوا. قال: [قلت:] يارسول اللَّه بكم؟ قال: بدينار. قال: [قلت:] لايطيقونه. قال: فبنصف دينار. قال: [قلت:] لايطيقونه قال: فبكم؟ قال: [قلت:] بشعيرة. قال: فقال النبي صلي اللَّه عليه وسلم لعليّ: إنّك لزهيد؟ قال: فأنزل اللَّه: «ءأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقات؟ فإذلم تفعلوا وتاب اللَّه عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة» قال: فكان عليّ يقول: بي خفّف اللَّه عن هده الأمّة.
ورواه أيضاً الترمذي المتوفّي عام (279) في الحديث: (3300) في‌تفسير الآية الكريمة من كتاب تفسير من سننه: ج 5، ص 379 ط دارالفكر، قال:
حدّثنا سفيان بن وكيع، حدّثنا يحيي بن آدم، حدّثنا عبيداللَّه الأشجعي عن الثوري عن عثمان بن المغيرة الثقفي عن سالم بن أبي‌الجعد، عن عليّ بن علقمة الأنماري:
عن عليّ بن أبي‌طالب قال: لمّا نزلت «يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة» قال لي النبي صلي اللَّه عليه وسلم: ما تري ديناراً؟ قال: [قلت:] لايطيقونه قال: فنصف دينار؟ قلت: لايطيقونه. قال: فكم؟ قلت شعيرة؟ قال: إنّك لزهيد؟ قال: فنزلت «ءأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقات» الآية، قال [عليّ]: فبي خفّف اللَّه عن هذه الأمّة.
قال [الترمذي]. هذا حديث حسن غريب إنّما نعرفه من هذا الوجه، و معني قوله: «شعيرة» يعني وزن شعيرة من ذهب، وأبوالجعد اسمه رافع.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه الحافظ الحسكاني في تفسير الآية: (13 تا 14)من سورة المجادلة في شواهد التنزيل: ج 2، ص 311 تا 328.
[853] تقدّم اسناد المؤلف الي السيّد أبي‌طالب في شرح البيت: (24) من مخطوطة هذا الشرح، ص 124.
[854] تقدّم في شرح البيت الثالت من هذا الشرح.
[855] تقدّم في شرح البيت: (5).
[856] تقدّم في شرح البيت: (9) من هذا الشرح.
[857] ورواه جماعة كثيرة من حفاظ القوم منهم أبوبكر ابن‌أبي‌شيبة في عنوان: «غزوة خيبر» من كتاب المغازي تحت الرقم: (18725) من كتاب المصنف: ج 14، ص462 ط الهند.
ورواه ابن‌عساكر بطرق في الحديث: (241) و ما حوله من ترجمة أميرالمؤمنين من تاريخ دمشق: ج 1، ص 196، وما حوله.
[858] كذا في‌أصلي المخطوط، وفي غير واحد من مصادر القوم: «بني وليعة» كما في الحديث: (90) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل- لأحمد- ص 59 ط 1.
ومثله ذكره النسائي في الحديث: (72) من خصائص أميرالمؤمنين عليه‌السلام ص 140، بتحقيق المحمودي.
وفي الحديث: (365) في الجزء الرابع من مناقب محمّدبن سليمان- ص 463- أيضاً شاهد.
ورواه أيضاً الحافظ الطبراني في بداية أحاديث عليّ بن سعيد الرازي برقم: (3809) من الامعجم الأوسط: ج 4، ص 477 قال: حدّثنا عليّ بن سعيد الرازي قال: حدّثنا الحسن بن عيسي بن مسيرة الرازي قال: حدّثنا عبداللَّه بن عبدالقدوس قال: حدّثنا الأعمش، عن موسي بن المسيب، عن سالم بن أبي‌الجعد:
عن جابر بن عبداللَّه قال: بعث رسول اللَّه صلي اللَّه عليه‌السلام الوليد بن عقبة إلي بني وليعة- وكانت بينهم [وبينه] شحناء في‌الجاهلية- فلمّا بلغ [خبره] بني وليعة استقبلوه لينظروا ما في نفسه، فخشي [الوليد] القوم، فرجع إلي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقال: إن بني وليعة أرادوا قتلي ومنعوني‌الصدقة!!
فلمّا بلغ بني وليعة الّذي قال الوليد عند رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم أتوا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول اللَّه لقد كذب الوليد، ولكن بيننا وبينه شحناء فخشينا أن يعاقبنا بالّذي كان بيننا. فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: لينتهينّ بنو وليعة أو لأبعثنّ إليهم رجلاً عندي كنفسي يقتل مقاتلتهم ويسبي ذراريهم و هو هذا. ثمّ ضرب بيده علي كتف عليّ بن أبي‌طالب.
قال: وأنزل اللَّه في الوليد: «يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ» الآية: [6/الحجرات: 49].
وليلاحظ الحديث: (775) وتعليقه من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2، ص 373 بتحقيق المحمودي.
[859] وسند المصنف إلي أبي‌الحسين عبدالوهاب الكلابي تقدّم في شرح البيت ( … ) من مخطوطة هذا الشرح والحديث موجود برقم: (4) ممّا استخرج من مسند عبدالوهاب بن الحسن الكلابي المطبوع في آخر المناقب لابن المغازلي ص 428.
ورواه عبدالرزاق برقم: (20389) في كتاب المصنف: ج 11، ص 226.
ورواه عنه أحمد بن حنبل في الحديث: (130) من فضائل عليّ من كتاب الفضائل ص 87 ط 1.
ورواه البلاذري عن إسحاق، عن عبدالرزاق … كما في الحديث: (85) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من أنساب الأشراف: ج 2، ص 123، بتحقيق المحمودي.
[860] لم يتيسّرلي تخريج الحديث من مسند أحمد، ولكن بالسند المذكور هنا، ذكرالحديث برقم: (17) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 116، ط 1.
ورواه أيضاً أبونعيم الحافظ كما رواه الحموئي بسنده عنه في الباب (45) من فرائد السمطين: ج 1، ص 230.
ورواه أيضاً الحافظ ابن‌شاهين كمارواه بسنده عنه الخوارزمي في الحديث: (25) من الفصل (19) مناقبه ص 213، و في‌ط الغري ص 218 و في‌ط ص 308، قال:
وأخبرنا الإمام الزاهد صفي الدين ثقة الحفاّظ أبوداود محمّد بن سليمان بن محمّد الخيام الهمداني فيما كتب إليّ من همدان [قال:] أخبرنا أبوبكر محمّد بن عبدالباقي بن محمّد، ويحيي بن الحسن بن أحمد بن عبداللَّه بن البناء ببغداد، قالا: أخبرنا القاضي الشريف أبوالحسين محمّد بن عليّ بن محمّد بن عبيداللَّه بن عبدالصمد بن المهتدي باللَّه قراءة عليه فأقرّ به، حدّثنا أبوحفص عمر بن أحمد بن عثمان ابن‌شاهين الواعظ سنة (383).
ورواه أيضاً السيوطي- ولكن مرسلاً- عن ابن‌شاهين كما في أواسط مسند عليّ من جمع الجوامع: ج 2 ص 78.
ورواه ابن‌عساكر من غير طريق أحمد و ابن‌شاهين في الحديث: (868) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 358 ط 2 بتحقيق المحمودي.
و أيضاً رواه ابن‌عساكر في الحديث: (14) من فضائل أميرالمؤمنين عليه‌السلام في الجزء (221) من أماليه الموجود في المكتبة الظاهرية.
ورواه أيضاً النطنزي في كتاب الخصائص العلوية كما رواه عنه الحافظ السروي في عنوان: «محبّة الملائكة إيّاه» من مناقب آل أبي‌طالب: ج 2 ص 241 تا 242 ثمّ رواه عن محّمد بن ثابت بإسناد، عن ابن‌مسعود، والفلكي المفّسر بإسناده عن محمّد بن الحنفية.
والقصّة نظمها السيّد الحميري رحمه‌اللَّه كما في الحديث: (29) من الجزء الثاني من كتاب بشارة المصطفي: ص 53 قال:
ذاك الذي سلّم في ليلة
عليه ميكال وجبريل
ميكال في ألف وجبريل في
ألف تتلوهم سرافيل
ليلة بدر مدداً أنزلوا
كأنّهم طيرأبابيل فسلّموا
لمّا أتوا حذوه
وذاك إعظام وتبجيل
وقريباً منه رواه أيضاً أبويعلي بسند ضعيف في الحديث: (229) من مسند عليّ عليه‌السلام من مسنده: ج 1، ص 380 ط 1، ما لفظه:
حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن أبي‌سمينة البصري حدّثنا محمّد بن خالد الحنفي حدّثنا موسي بن يعقوب الزمعي عن أبي‌الحويرث، عن محمّد بن جبير بن مطعم:
عن عليّ بن أبي‌طالب، قال: كنت علي قليب يوم بدر أميح- أوأمتح منه- فجاءت ريح شديدة، ثمّ جاءت ريح شديدة لم أر أشدّ منها إلّا الّتي كانت قبلها، ثمّ جاءت ريح شديدة [أخري] فكانت الأولي ميكائيل في ألف من الملائكة عن يمين النبي صلي اللَّه عليه وسلم، و إسرافيل في ألف من الملائكة عن يسار النبي صلي اللَّه عليه وسلم، والثالثة جبريل في ألف من الملائكة …
قال حسين سليم في تعليقه: إسناده ضعيف، محمّد بن خالد الحنفي صدوق يخطئ، و موسي و أبوالحويرث عبدالرحمان بن معاوية وصف الحافظ كلاّ منهما بأنّه سيّي‌ء الحفظ، و جبير بن مطعم لم ينصّ الحفّاظ علي سماعه من عليّ، ولم يذكر عليّ فيمن روي عنهم محمّد من الصحابة؟ و قد ترجمه ابن‌سعد، ولم يذكره في فقهاء الطبقة الأولي من التابعين الّذين رووا عن عليّ، و مع هذا فقد قال الهيثمي: رواه أبويعلي و رجاله ثقاة كما في مجمع الزوائد ج 6، ص 76.
[861] وللحديث أسانيد و مصادر، يجد الباحث كثيراً منها في الحديث: (213) وما بعده وتعليقه من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 167، ط 2 بتحقيق المحمودي.
[862] والأخبار بذلك مستفيضة، كما في الحديث: (380) وما بعده وتعليقاتها في تفسير الآية الكريمة في شواهد التنزيل: ج 1، ص 365 تا 369 ط 2.
[863] كذا.
[864] الحديث الأوّل موسوم بحديث المنزلة وهو متواتر يجد الباحث له طرقاً جمّة عن مصادر وأسانيد في الحديث: (336) و تواليه و تعليفاته من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 307 تا 490 ط 2 بتحقيق المحمودي.
ورواه أبوحازم العبدوي بخمسة آلاف إسناد، كما في ذيل الحديث: (205) في‌تفسير الآية: (59) من سورة النساء في شواهد التنزيل: ج 1، ص 152 ط 1، و في ط 2، ص 195.
والحديث الثاني رواه ابن‌المغازلي بسندين تحت الرقم: (135 تا 136) من مناقب أميرالمؤمنين ص 92.
ورواه محققه في تعليقه عن مصادر.
[865] تقدّم ذلك في شرح البيت: (26) من هذا الشرح.
[866] وللحديث- أو ما في معناه- أسانيد ومصادر كثيرة جدّاً، ورواه ابن‌أبي‌شيبة في الحديث:
(19) من فضائل أميرالمؤمنين عليه‌السلام من كتاب الفضائل تحت الرقم: (12131) من‌المصنف: ج 12، ص 64 ط الهند، قال:
حدّثنا ابن‌أبي‌غنيّة عن أبيه عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه:
عن أبي‌سعيد الخذري قال: كنّا جلوساً في‌المسجد فخرج رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم فجلس إلينا- ولكأن علي رؤسنا الطير لايتكلّم أحد منّا- فقال: إنّ منكم رجلاً يقاتل‌الناس علي تأويل القرآن كما قاتلتم علي تنزيله [ظ].
فقام أبوبكر فقال: أنا هو يا رسول اللَّه؟ قال: لا، فقام عمر فقال: أنا هو يا رسول اللَّه؟ قال: لا، ولكنّه خاصف النعل في الحجرة.
قال: فخرج علينا عليّ و معه نعل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم يصلح منها.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه الحافظ ابن‌عساكر في الحديث: (1178 تا 1191)من ترجمة أميرالمؤمنين من تاريخ دمشق: ج 3، ص 163 تا 173، ط 2 بتحقيق المحمودي.
ورواه أيضاً ابن‌كثير بأسانيد في آخر فضائل أميرالمؤمنين عليه‌السلام من البداية والنهاية: ج 4- أو7- ص 360.
ورواه أيضاً المتقي في منتخب كنز العمّال المطبوع بهامش مسند أحمد: ج 5، ص 27.
[867] تقدّم اسناد المصنف إلي أبي‌عليّ‌الحسن بن علي الصفار في‌شرح البيت: (11) في ص 64.
وهذا الحديث رواه ابن‌عساكر حرفياً بسنده عن ابن‌عقدة في الحديث: (1186) من ترجمة أميرالمؤمنين من تاريخ دمشق ج 3، ص 169- بتحقيق المحمودي- قال:
أخبرنا أبوالقاسم ابن‌السمرقندي أنبأنا أبوالحسين عاصم بن الحسن، أنبأنا أبوعمر الفارسي أنبأنا أبوالعباس ابن‌عقدة، أنبأنا يعقوب بن يوسف بن زياد.
[868] وهذا الحديث حرفياً رواه أيضاً ابن‌عساكر في الحديث: (1186) من ترجمة أميرالمؤمنين من تاريخ دمشق: ج 3، ص 169، ط 2 بتحقيق المحمودي قال:
أخبرنا أبوالقاسم ابن‌السمرقندي، أنبأنا أبوالحسين عاصم بن الحسن، أنبأنا أبوعمر الفارسي، أنبأنا أبوالعباس ابن‌عقدة، أنبأنا يعقوب بن يوسف بن زياد.
[869] تلك التأويلات من الناكثين والقاسطين كان لإغواء سواد الناس وللستار علي بغيهم وعدوانهم، والشواهد القطعية حتّي من طريق أتباع الناكثين والقاسطين قائمة علي أنّهم كانوا قاطعين بضلالتهم وأنّ عليّاً علي الحقّ، ولم ينقادوا له لأنّه حال بينهم وبين أكل الدنيا، وحسدوه أيضاً لعلائه وتقدّمه عليهم.
وما ذكره المصنف في الذيل من أنّهم «لم يرتكبوا فسقاً يعلم ضرورةً من دين النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم» من عجائب الكلام عن شخص مثل المصنّف، أليس نكث بيعة إمام العدل بلا جهة من أعظم الفسوق، أليس اللَّه تعالي يقول في‌الآية: (191) من سورة البقرة: «والفتنة أشدّ من القتل»، والرجلان بمعونة أمّ المؤمنين أوقعوا الفتنة بين المسلمين وبسبب هذه الفتنة قتل قريباً من خمسين ألفاً من المسلمين؟.
أليسوا نهبوا بيت مال المسلمين بالبصرة؟
أليسوا شدوّا أيدي عثمان بن حنيف الأنصاري وهو من كبار الصحابة وأرادوا قتله ولمّا خوّفوا بالمعاقبة بالمثل في أهاليهم الّذين كانوا بالمدينة نتفوا جميع ما في وجهه من الشعر وأطلقوه؟
أليسوا قتلوا حجبة بيت المال من السبابجة وهم مسلمون موفون بعهدهم وببيعتهم لإمام زمانهم؟
أليسوا سهّلوا طريق التمرّد لمعاوية الغواية والضلالة ولولاهم ماكان معاوية يتمكّن من التمادي في ضلالته ونفاقه؟
وإن كانت الجبرية يقولون: كلّ ذلك كان من فعل اللَّه ولم يكن لطلحة والزبير وأمّ المؤمنين عائشة! وبقيّة الغواة صنع في ذلك غير عمل قتلة عمر وعثمان فإنّ صنعهم وعملهم غلب علي صنع اللَّه فأعجزوا اللَّه وقتلوا الخليفتين؟!! والمصنّف من أشهر الشخصيّات النافية للجبر، والمثبتة للإختيار، فما جاء هاهنا من سهو قلمه الشريف!!!.
[870] وسبقه في ذلك الشيخان طلحة والزبير وأمّ المؤمنين عائشة ومن كان علي نزعتهم!!.
[871] بل الخصيصة والمزيّة منحصرة في‌عليّ عليه‌السلام ومختصّة به لا يشركه فيها أحد علي الإطلاق وبلا استثناء، لأنّ في قصّة يوشع عليه‌السلام كان حبس الشمس لا ردّها.
[872] ولحديث الحافظ ابن‌عقدة هذا مصادر وأسانيد، ورواه بسنده عنه الحافظ ابن‌عساكر في الحديث: (815) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2، ص 292 ط 2 بتحقيق المحمودي.
وذكرنا نصّ الحديث عن مصادر أخر كثيرة في تعليقه فليراجعه الباحثون وما حوله فإنّه يغني عن غيره.
والحديث قد أفرده جماعة بالتأليف و من أحسنها رسالة ردّ الشمس الحافظ الحسكاني الّتي لعب بها ابن‌تيمية في منهاج سنّته: ج 4، ص 188، ط بولاق، وابن‌كثير في عنوان: «الدلائل الحسيّة» من البداية والنهاية: ج 7 ص 87.
ثمّ رسالة «مزيل اللبس» للحافظ محمّد بن يوسف الصالحي الدمشقي المتوفّي عام (942) ثمّ رسالة كشف الرمس عن حديث ردّ للمحمودي وقد أدرجنا فيها رسالة كشف اللبس للسيوطي و مزيل اللبس للصالحي وهي منشورة الوجود.
ومن أراد النصوص الواردة في قصة ردّالشمس وما قاله الشعراء فيها في طول القرون الماضية إلي عصرنا هذا، فعليه بما أوردناه في تعليق الحديث: (814) و ما بعده من ترجمة عليّ عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2، ص 283 تا 307 ط 2 بتحقيق المحمودي.
[873] وللحديث مصادر جمّة وأسانيد كثيرة، وألّف فيه رسائل عديدة يجد الباحث كثيراً منها فيما علّقناه علي الحديث: (814) وما بعده من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 283 تا 307 ط 2 بتحقيق المحمودي.
وأيضاً يجدالطالب رسائل كتبت حول صحّة الحديث فيما أوردناه في رسالتنا كشف الرمس في حديث ردّالشمس.
[874] كذا في هذه الرواية المرسلة، و في جلّ الروايات المنقولة عن أنس بن مالك وغيره أنّ أبابكر رجع إلي المدينة ولم يتمّ سفره إلي مكّة المكرّمة، كما في الحديث: (309) وما بعده من شواهد التنزيل: ج 1، ص 305 تا 310 ط 2.
ورواه أيضاً ابن‌عساكر في الحديث: (878) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2، ص 376، ط 2.
وانظر ما علقناه علي المزية: (24) من خصائص أميرالمؤمنين عليه‌السلام في الفصل السادس من الرياحين العطرة في تحقيق الرياض النضرة ص 102.
[875] والحديث متواتر، و قد أورده محمّد مرتضي الحسيني الزبيدي مؤلّف تاج العروس في الحديث الخامس من كتاب لقط اللتالي المتناثرة في‌الأحاديث المتواترة ص 31، ط 1، وقال: رواه من الصحابة عشرة …
وقال محققه في تعليقه: أنّه أورده السيوطي في الأزهار المتناثرة عن عشرة أنفس.
وأورده الكتاني في كتاب المناقب [من كتاب] نظم المتناثر، وقال: ورد أيضاً من حديث مالك بن الحويرث وسعد بن أبي وقاص وابن‌الخطاب.
وفي شرح الرسالة للشيخ جسوس قال: هذا حديث متواتر جاء عن نيّف وعشرين صحابياً واستوعبها ابن‌عساكر في نحو عشرين ورقة.
أقول: وقد حققنا أحاديث ابن‌عساكر، وزدنا في تعليقه بقدر ما رواه ابن‌عساكر، فلاحظ الحديث: (336 تا 457) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 307 تا 495، ط 1.
والحديث رواه ابن‌شاهين عن أكثر من (15) صحابي وصحابية في أماليه كما رواه عنه أبوالحسين ابن‌المهتدي محمّد بن عليّ المتوفّي عام: (465).
وقد رواه الخوارزمي عن (28) نفر من الصحابة كما في الفصل: (4) من مقتله: ج 1 ص 48، ط 1.
و من أراد المزيد فعليه بما علقناه علي الحديث: (336) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 307، ط 2.
[876] رواه البخاري في مواضع من سننه منها في الحديث الثاني من باب غزوة تبوك من صحيحه: ج 6، ص 3.
ورواه أيضاً في‌آخر مناقب عليّ عليه السلام من جامعه: ج 5، ص 25.
ورواه أيضاً تحت الرقم: (333) من التاريخ الكبير: ج 1، ص 115.
ورواه مسلم في الحديث الثاني من باب فضائل أميرالمؤمنين عليه‌السلام من صحيحه: ج 7 ص 120.
[877] وتحقيق المقام ذكرناه في كتاب الرياحين العطرة فليراجع إليه فإنّه يغني عن غيره.
[878] رواه ابن‌المغازلي في الحديث: (303) من كتابه مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام ص 253.
[879] كذا في الحديث (303) من مناقب ابن‌المغازلي وما وضعناه بين المعقوفين أيضاً أخذناه منه، وفي أصلي المخطوط من محاسن الأزهار: (سلام بن عمر، عن معروف بن الحسوذ؟).
[880] كذا في أصلي، وفي المناقب لابن المغازلي: (فقال: سمعاً وطاعة للَّه ولرسوله … ).
[881] ما بين المعقوفين أخذناه من المناقب لابن المغازلي وفيه: (فقال: سمعاً وطاعة فسدّ بابه وخرج من المسجد) وفي أصلي من مخطوطة محاسن الأزهار: (فقال: سمع وطاعة فسدّ بابه).
[882] كذا في مناقب ابن‌المغازلي غير أنّ مابين المعقوفين زدناه لاستدعاء السياق إيّاه.
وفي مخطوطتي من محاسن الأزهار: (إنّ رجالاً يجدون في أنفسهم في أن أسكن عليّاً في المسجد … ).
[883] روي ابن‌المغازلي الحديث عن تسعة طرق، في الحديث: (301 تا 310 من مناقبه ص 252 تا 263.
[884] تقدّم ذكر اسناد المصنف إلي القاضي أبي‌عليّ الحسن بن عليّ الصفار، في أواخر شرح البيت (11) ص 64 و ص 70، و في آخر شرح البيت: (27/25) من هذا الشرح ص 145/130.
[885] ولحديث جسرة عن أمّ المؤمنين أم سلمة سلام اللَّه عليها و عن عائشة مصادر وأسانيد، ورواه عنها إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه- المولودسنة: (161 أو 166) المتوفّي عام: (238)- في الحديث: (1241) من مسند عائشة من مسنده: ج 3، ص 103، ط 1، قال:
أخبرنا أبوهشام المخزومي أخبرنا عبدالواحد بن زياد، أخبرنا [فطر] بن خليفة [ظ] أبوحسان الذهلي قال: حدّثتني جسرة بنت دجاجة، قالت: سمعت أم المؤمنين [عائشة؟] تقول:
قام رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ووجوه بيت أصحابه إلي المسجد؟ فقال. وجّهوا [وجوه هذه البيوت] عن المسجد.
قالت: ثمّ مكث ما شاء اللَّه أن يمكث فلم يوجّهوها أصحابه؟ رجاء أن يقول لهم [في ذلك] رخصاً، قالت: ثمّ خرج رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فنادي بصوته؟: وجّهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحلّ المسجد لحائض ولا جنب إلّا لمحمّد وآل محمّد صلي اللَّه عليه وسلم.
ورواه أيضاً البخاري في ترجمة أفلت، برقم: (1710) من التاريخ الكبير: ج 1/قسم 2، ص 67 قال:
قال لنا موسي: حدّثنا عبدالواحد، عن أفلت بن خليفة أبو حسّان؟ عن جسرة بنت دجاجة قالت: سمعت عائشة [تقول:] قال النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم: لا أحلّ المسجد؟ لحائض ولا لجنب إلّا لمحمّد وآل محمّد.
[ثمّ قال:] وقال يحيي بن سعيد: عن سفيان، عن فليت العامري. وقال ابن‌مهدي: عن سفيان، عن فليت الذهلي سمع جسرة بنت دجاجة ودهشمة.
وأمّا أحاديث أم المؤمنين أم سلمة سلام اللَّه عليها فكثيرة جداً، ورواه عمر بن شبّة- المولود عام: (173) المتوفّي سنة: (272) في عنوان: «باب كراهية النوم في‌المسجد» من تاريخ المدينة المنوّرة: ج 1، ص 38، ط 1، قال.
حدّثنا موسي بن مروان، قال: حدّثنا عطاء بن مسلم، عن [حميد بن] أبي‌غنيّة:
عن جسرة- و كانت من خيار [النساء]- قالت: كنت مع أم سلمة رضي اللَّه عنها فقالت: خرج النبي صلي اللَّه عليه وسلم من عندي حتّي دخل المسجد فقال: يا أيّها الناس حرّم هذا المسجد علي كلّ جنب من الرجال وحائض من النساء إلّا [علي]النبي و أزواجه، وعليّ و فاطمة بنت رسول اللَّه ألا بينّت الأسماء [كراهة] أن تضلّوا.
ومن أراد المزيد فعليه بالحديث: (333) و ما بعده و تعليقاته من ترجمة أميرالمؤمنين من تاريخ دمشق: ج 1، ص 293.
[886] رواه محمّد بن سليمان المتوفّي عام: (322) في الحديث: (125 و 135) من مناقب أميرالمؤمنين: ج 1 ص 215/205.
ورواه ابن‌المغازلي بطرق في الحديث: (162) وما بعده من مناقب أميرالمؤمنين ص 124 تا 127.
ورواه أيضاً ابن‌عساكر بأسانيد في الحديث: (135) وما بعده من ترجمة أميرالمؤمنين من تاريخ دمشق: ج 2 ص 307.
[887] ولهذا الحديث أيضاً شواهد ومصادر، و رواه ابن‌مردويه بعدّة طرق في مناقبه، منها بإسناده عن محمّد بن أبي‌بكر، قال: حدّثتني عائشة أن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه‌السلام قال: الحقّ مع عليّ، و عليّ مع الحقّ يفترقاً حتّي يردا عليّ الحوض.
هكذارواه عن مناقب ابن‌مردويه صاحب الطرائف في الحديث: (150) منه ص 103. ورواه أيضاً العلامة الأميني قدّس اللَّه نفسه في الغدير: ج 3 ص 178.
وروي الطبراني كما في الحديث: (758، و 946) من مسند أم المؤمنين أم سلمة من المعجم الكبير: ج 23، ص 395/329، قال:
حدّثنا فضيل بن محمّد الملطي حدّثنا أبونعيم، حدّثنا موسي بن قيس عن سلمة بن كهيل، عن عياض بن عياض:
عن مالك بن جعونة قال: سمعت أم سلمة تقول: كان عليّ علي الحقّ من اتّبعه اتّبع الحقّ و من تركه ترك الحقّ عهداً معهوداً قبل يومه هذا.
[و] حدّثنا الأسفاطي حدّثنا عبدالعزيز بن الخطاب، حدّثنا عليّ بن غراب، عن موسي بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل عن عياض [بن عياض]: عن مالك بن جعونة [قال:] سمعت أم سلمة تقول: عليّ علي الحقّ فمن اتّبعه اتّبع الحقّ، و من تركه ترك الحقّ عهد معهود قبل موته.
ورواه عنه الهيثمي وقال: رواه الطبراني وفيه مالك بن جعونة ولم أعرفه و بقية [رجال] أحد الإسنادين ثقات كما في مجمع الزوائد: ج 9، ص 135.
ومن أراد المزيد فعليه بالحديث: (1170) وما بعده و تعليقاتها من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 3، ص 151 تا 158، ط 2 بتحقيق المحمودي.
[888] كان الأولي علي المصنّف أن يقول: «وهذا يدلّ علي أنّ قوله هو الحقّ، و أنّ ما خالفه هو اتّباع الهوي أوالاجتهاد الباطل المنهيّ عنه، فليحذر الّذين ينقادون لإجتهاد مخالفيه أن تصيبهم فتنة أو عذاب أليم».
[889] بل نعلم علماً يقينّاً أنّ المعصومين المنصوصين بالإمامة من عترته عليهم‌السلام علي منهاجه علماً وعملاً وأنّ ما خالف علمه وعمله باطل، و أنّ من خالفه علماً أوعملاً ضالّ ومضلّ اللهمّ الاّ أن يكون من خالفه لم يقصّر في تحرّي الحقّ ومجابهة الباطل، ولكن لم يصب في اجتهاده مع بذل وسعه فإنّه معذور، فإنّ اللَّه تعالي لم يكلّف عباده فوق ميسورهم.
[890] كان الأولي علي المؤلّف أن يقول: فبعد ما أثبتنا وحقّقنا أنّ كلّ ما يبديه عليّ عليه‌السلام هو الحقّ فلا يجوز العدول عنه، وأنّ كلّ ما يقوله غيره أو يعمله إن كان مخالفاً لقوله عليه‌السلام أو عمله، لا يجوز الاعتماد عليه لأنّه ضلالة.
وقريباً مما ذكرناه ورد عن حبر الأمّة عبداللَّه بن العبّاس كما رواه عنه ابن‌سعد في ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من الطبقات الكبري: ج 2 ص 338 ط دار صادر، قال: أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسي قال: أخبرنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال:
سمعت عكرمة يحدّث عن ابن‌عبّاس [أنّه] قال: إذا حدّثنا ثقة عن عليّ بفُتيا لا نعدوها.
[891] وهذا الحديث رواه السيّد أبوطالب يحيي بن الحسن الحسيني- المولود سنة: (340) المتوفّي سنة: (424) المترجم في الحدائق الوردية- في أماليه كما في الحديث: (15) من باب فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب تيسير المطالب ص 54، ط 1، ببيروت- قال:
أخبرنا محمّد بن عليّ العبدكي قال: أخبرنا محمّد بن يزداد، قال: حدّثني يعقوب بن إسحاق، و محمّد بن أبي‌سهل، قالا: حدّثنا محمّد بن عمرو، قال: حدّثنا الحارث قال: حدّثنا يحيي بن يعلي الأسلمي قال: حدّثنا عمرو بن يزيد، قال: حدّثنا عبداللَّه بن حنظلة:
عن شهر بن حوشب، قال: كنت عند أمّ سلمة رضي اللَّه عنها إذ استأذن رجل فقالت له: من أنت؟ قال: أنا أبوثابت مولي عليّ [عليه‌السلام]؟ فقالت أمّ سلمة: مرحباً يك يا أباثابت أدخل. فدخل فرحّبت به، ثمّ قالت له: يا أباثابت أين طار قلبك حين طارت القلوب مطائرها؟
فقال: [كنت] تبع عليّ أبي‌طالب عليه‌السلام. فقالت: وفّقت والّذي نفسي بيده لقد سمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: عليّ مع الحقّ والقرآن والحقّ والقرآن مع عليّ ولن يفترقا حتّي يردا عليّ الحوض.
ورواه الحموئي بسنده عن السيّد أبي‌طالب في الباب: (36) من السمط الأوّل من فرائد السمطين: ج 1، ص 177.
وقريباً منه رواه الحافظ الطبراني في عنوان: «من اسمه عبّاد» في الحديث: (4877) من المعجم الأوسط ج 5، ص 455 قال:
حدّثنا عبّاد بن سعيد الجعفي قال: حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي‌البهلول، قال: حدّثنا صالح بن أبي‌الأسود، عن هاشم بن البريد، عن أبي‌سعيد التميمي عن ثابت مولي أبي‌ذرّ:
عن أم سلمة قالت: سمعت النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: عليّ مع القرآن والقرآن معه لايفترقان حتّي يردا عليّ الحوض.
[قال‌الطبراني]: لايروي هذا الحديث عن ثابت مولي أبي‌ذرّ إلّا بهذا الإسناد، تفردّ به صالح بن أبي‌الأسود.
أقول: وأيضاً رواه الطبراني حرفياً في ترجمة شيخه عبّاد بن عيسي الجعفي الكوفي من المعجم الصغير: ج 1 ص 155، ط 2.
و رواه أيضاً الحاكم النيسابوري- المتوفّي سنة: (405)- في الحديث: (60) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب معرفة الصحابة من المستدرك: ج 3، ص 124.
ورواه أيضاً ابن‌مردويه كما في الحديث (4) في الفصل (2) من الفصل: (16) من مناقب الخوارزمي ص 107، و في ط 1، ص 116.
و من أراد المزيد فعليه بما أوردناه في ذيل تعليق الحديث: (1175) من ترجمة أميرالمؤمنين من تاريخ دمشق ج 3، ص 159، بتحقيق المحمودي.
و رواه أيضاً عنه صاحب الطرائف في الحديث: (151) من كتاب الطرائف ص 103.
[892] وهذه قطعة من حديث الثقلين المتواتر المنقول عن أكثر من عشرين صحابياً، ويعجبني أن أذكره من طريق محمّد بن جعفر الرزّاز- علي ما رواه عنه السمهودي في أواسط الذكر الثالث من جواهر العقدين: ج 2/ الورق 87 /ب/ و في ط بغداد: ج 1/ من القسم الثاني ص 88 قال:
و [حديث أمّ سلمة] أخرجه [أيضاً] محمّد بن جعفر الرزّاز [عنها] بلفظ: سمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم في مرضه الّذي قبض فيه يقول- وقد امتلأت الحجرة من أصحابه-: أيّها الناس يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي وقد قدّمت إليكم القول معذرة إليكم، ألا إني مخلّف فيكم كتاب ربّي عزّوجلّ و عترتي أهل بيتي. ثمّ أخذ بيد عليّ فرفعها فقال: هذا عليّ مع القرآن، والقرآن مع عليّ لايفترقان حتّي يردا عليّ الحوض فأسألهما: ما خلّفت فيهما.
[893] تقدّم ذلك في شرح البيت: (30) من مخطوطة هذا الشرح.
[894] تقدم بعض الكلام حول نزول الآية الكريمة في شأن عليّ عليه‌السلام في شرح البيت: (18) من هذا الشرح.
وأنظر تفصيل الروايات الوردة في الحديث: (133 تا 143)، في تفسير الآية الكريمة في شواهد التنزيل: ج 1، ص 123 تا 132 ط 2.
[895] تقدّم في شرح البيت: (11) من هذا الشرح.
[896] وقريباً منه رواه محمّد بن سليمان المتوفّي عام (322) في الحديث: (141) من مناقبة: ج 1، ص 222.
ورواه أيضاً الحافظ الحسكاني المتوفّي سنة (470 أو 490) في تفسير الآية: (25) من سورة الأحزاب في الحديث: (634) من شواهد التنزيل: ج 2 ص 10، ط 2.
ورواه أيضاً ابن‌أبي‌الحديد في شرح المختار: (230) من قصار نهج‌البلاغة: ج 19، ص 60، ط الحديث بمصر.
وقريباً منه رواه الحاكم النيسابوري بسنده عن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم في كتاب المغازي من المستدرك: ج 3، ص 32. وله أيضاً مصادر أخر.
[897] تقدّم بيانه في شرح البيت: (12) من مخطوطة هذا الكتاب ص 72 -69.
وانظر الأخيار المتواترة المذكورة في‌تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب في شواهد التنزيل ج 2، ص 18 تا 141، ط 2.
[898] للحديث- أو ما في معناه- أسانيد ومصادر، ورواه الحافظ محمّد بن سليمان بسندين في الحديث (128) وتاليه من كتابه مناقب أميرالمؤمنين عليه‌السلام: ج 1، ص 208 تا 209، ط 1.
ورواه أيضاً الحاكم النيسابوري في الحديث: (57) و تاليه من مناقب أميرالمؤمنين من المستدرك: ج 3، ص 124.
ورواه أيضاً الحافظ أبونعيم في ترجمة أسعد بن زراة من كتابه معرفة الصحابة: ج 2 ص 301 ط 1، قال:
حدّثنا نحلة بن جعفر، حدّثنا محمّد بن جرير، حدّثنا هارون بن حاتم، حدّثنا رباح بن خالد الأسدي عن جعفر الأحمر، عن هلال بن مقلاص، عن عبداللَّه بن مقلاص عن عبداللَّه بن أسعد بن زرارة عن أبيه قال:
سمعت النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: لما أسري بي إلي السماء أوحي إليّ في عليّ ثلال خصال: انه إمام المتقين و سيّد المسلمين وقائد الفرّ المحجّلين.
وأخرجه محققه في هامشه عن السيوطي [في جمع الجوامع: ج 1 ص 656] قال: وأخرجه الباوردي وابن‌قانع.
ورواه أيضاً ابن‌أبي‌شيبة والبزار والبغوي وابن‌السكن، والحاكم والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق: ج 1، ص 188.
وعنهم ابن‌حجر في ترجمة عبداللَّه بن أسعد بن زرارة من الإصابة: ج 4، ص 33.
ورواه أيضاً مؤلّف معجم السفر- المترجم في تاريخ دمشق ج 5، ص 208، و سير اعلام النبلاء ج 21، ص 5 و تذكره الحافظ 1298/4- أبوطاهر أحمد بن محمّد السلفي- المولود عام: (472) المتوفّي سنة: (576)- في‌الجزء الحادي عشر مما انتخبه من أصول كتب أبي‌الحسين المبارك بن عبدالجبّار الصيرفي الطيوري- الورق 188 /ب/ الموجود في‌المكتبة الظاهرية- قال:
أخبرنا أحمد، أنبأنا محمّد، أنبأنا أبي‌داود، أنبأنا إبراهيم بن عباد الكرماني أنبأنا يحيي بن أبي‌بكر، أنبأنا جعفر بن زياد، عن هلال الوراق، عن أبي‌كثير الأسدي:
عن عبداللَّه بن أسعد بن زرارة قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: انتهيت ليلة أسري بي إلي سدرة المنتهي فأوحي اللَّه إليّ في عليّ بثلاث: إنّه إمام المتقين وسيّد المسلمين، وقائد الغرّ المحجّلين إلي جنات النعيم.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه ابن‌عساكر في الحديث: (779) وما بعده وتعليقاته من ترجمة عليّ عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2، ص 256 بتحقيق المحمودي.
[899] انظر الحديث: (178) من مناقب ابن‌المغازلي ص 135. ولاحظ أيضاً ما نذكره قريباً عن ابن‌أبي‌عاصم.
[900] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (47) من باب فضائل عليّ عليه‌السلام من ترتيبه ج 1، ص 142.
ورواه أبوبكر ابن‌أبي‌عاصم في الحديث الأوّل من باب فضائل عليّ عليه‌السلام برقم: (1313) من كتاب السنة ص 582، قال:
حدّثنا محمّد بن عبدالرحيم أبويحيي وسليمان بن عبدالجبّار، قالا: حدّثنا عليّ بن قادم، حدّثنا جعفر بن زياد الأحمر، عن يزيد بن [أبي] زياد، عن عبداللَّه بن الحارث:
عن عليّ [عليه‌السلام] قال: وجعت [وجعاً شديداً] فأتيت النبي صلي اللَّه عليه وسلم فأنا منّي في مكانه وقام يصلّي فألقي عليّ طرف ثوبه فصلّي ما شاءاللَّه ثمّ قال: يا ابن‌أبي‌طالب قد برئت فلا بأس عليك، ما سألت اللَّه عزّوجلّ [لنفسي] شيّاً إلّا سألت لك مثله، ولا سألت اللَّه شيّاً إلّا أعطانيه إلّا أنّه قال لي: لا نبيّ بعدك.
قال القاضي [أبوبكر ابن‌أبي‌عاصم]: لا أعرف في فضيلة عليّ حديثاً أفضل منه.
ورواه الحافظ النسائي بسندين في الحديث 147 وما قبله من كتاب الخصائص: ص 242 بتحقيق المحمودي.
ورواه ابن‌عساكر بأسانيد في الحديث: (804) وما بعده من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2، ص 274 تا 279، ط 2 بتحقيق المحمودي.
[901] كذا في ظاهر رسم الخطّ من أصلي المخطوط، وفي ترتيب أمالي المرشد باللَّه: ج 1، ط 1، ص141: «أخبرنا أبوطالب محمد بن الحسن النحاس الفيلمي؟».
[902] كذا في ترتيب الأمالي الخميسية، وفي أصلي المخطوط من محاسن الأزهار: «حدثنا أبوالحسن بن عليّ بن العبّاس بن الوليد البجلي … ».
[903] ما وضعناه في المتن بين المعقوفين كان قدسقط عن أصلي المخطوط كما كان ساقطاً من ترتيب الأمالي الخميسية وأمالي المحاملي وغيرها من كثير من مصادر الحديث، ونحن أخذناه من الباب: (43) من السمط الأوّل من فرائد السمطين: ج ص 220 ط بيروت بتحقيق المحمودي.
وقريباً منه رواه أيضاً ابن‌عساكر بأسانيد في الحديث: (804) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 274 وما بعدها ط بيروت بتحقيق المحمودي.
[904] هذا الذيل مما أقحمه بعض معاندي أهل البيت لتشويه سمعة أبي‌طالب صلوات عليه، والثابت عن أميرالمؤمنين و عترته سلام اللَّه عليهم أجمعين هو ما جاء في المنقبة (99) من كتاب مائة منقبة- لأحمد بن محمّد بن شاذان ص 174 قال: حدّثني القاضي أبوالحسن محمّد بن عثمان بن عبداللَّه القاضي النصيبي في داره، قال: حدّثني جعفر بن محمّد العلوي عن عبداللَّه بن أحمد، قال: حدّثني محمّد بن زياد، عن المفضل بن عمر، عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن عليّ بن الحسين عن أبيه:
عن أميرالمؤمنين عليّ عليه‌السلام إنّه كان جالساً في‌الرحبة والناس حوله فقام إليه رجل فقال له: يا أميرالمؤمنين إنّك بالمكان الّذي أنزلك اللَّه فيه وأبوك معذب في‌النار؟!
فقال له [أميرالمؤمنين عليه‌السلام]: مه فضّ اللَّه فاك، والّذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً لو شفع أبي في كلّ مذنب علي وجه الأرض لشفّعه اللَّه تعالي فيهم!! أبي‌معذّب بالنار وابنه قسيم الجنّة والنار؟!
والّذي بعث محمّداً نبيّاً إنّ نور أبي‌طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلائق إلّا خمسة أنوار نور محمّد ونوري ونور فاطمة ونور الحسن والحسين ونور أولاده من الأئمة عليهم‌السلام.
ورواه الشيخ الطوسي في الحديث: (55) من الجزء (11) من أماليه: ج 1، ص 311.
و رواه أيضاً في المجلس: (22) من ج 2 منه ص 312.
وللحديث مصادر كثيرة كما في تعليق المناقب المائة ص 175.
ومن أراد المزيد فعليه بما أجاده العلامة الأميني رفع اللَّه مقامه في‌الغدير: ج 7 ص 330 تا 409، ط 1، وج 8 ص 3 تا 30، ط 1.
وليراجع أيضاً ما علقناه علي الفصل (1) من خاتمة المؤلف لهذا الكتاب، وما يأتي قريباً في الصفحة التالية.
[905] وتقدّم ذلك في شرح البيت (18) من هذه المخطوطة.
[906] القصيدة ذكرها أبوهفّان بزيادة واختلاف طفيف في بعض ألفاظها في المقطع (17) من ديوان أبي‌طالب: ص 71.
[907] وهي القصيدة الأولي من ديوان أبي‌طالب- جمع أبي‌هفّان- ولها مصادر كثيرة جدّاً.
[908] كذا في‌أصلي، و في الحديث: (386) من كتاب الطرائف: ج 1، ص 377، ط 2: وأحببته حبّ الحبيب المواهل.
[909] كان في أصلي بعد قوله: (ولنعطيه) بياض بمقدار كلمتين عاديتين، ولفظة: «منّا» رسم خطّها في أصلي لم يكن جليّاً.
وأنظر تفصيل القصّة في‌تاريخ الطبري ج 2 ص 323 تا 344، ط الحديث بمصر، بتحقيق محمّد أبوالفضل إبراهيم.
[910] وها هنا في أصلي المخطوط هامش غير مقروء.
[911] كلمتا: «نالت منّي» رسم خطّهما من أصلي المخطوط غير واضح.
[912] أي متأخّروا العترة من أئمّة الزيدية فإنّ متقدّميهم من أجل التشريد وإنزوائهم إلي جلّ من كان معتقداً باعتقاد خصوم أهل البيت ماكان يمكنهم أن يواجهوا خصومهم بذكر صميم اعتقادهم.
وأمّا بقيّة العترة من غير الزيدية فيعدّون أبي‌طالب أول مؤمن باللَّه ورسوله من أول يومه.
[913] وللأبيات مصادر وأسانيد- منفردة عن رواية أبي‌هفّان جامع ديوان أبي‌طالب عليه‌السلام- ورواه الحافظ الطبراني في «باب الدعاء في الاستسقاء» في أواخر الجزء العاشر في الحديث: (2180) من كتاب الدعاء: ج 3، ص 1775، وفي ط دارلكتب العلمية: ص 597 قال:
حدّثنا عليّ بن سعيد الرازي، حدّثنا أحمد بن رشد بن خثيم الهلالي، حدّثنا عمّي سعيد بن خثيم، حدّثنا مسلم الملائي، عن أنس بن مالك، قال:
جاء أعرابي إلي النبي صلي اللَّه عليه وسلم فقال: يارسول اللَّه لقد أتيناك ومالنا بعير يئطّ ولاصبي يصطبح وأنشده:
أتيناك والعذارء تدمي لبانها
وقد شفلت أم الصبيّ عن الطفل
وألقي بكفّيه الفتي استكانة
من الجوع ضعفاً مايمرّ وما يحلي
ولا شي‌ء مما يأكل الناس عندنا
سوي الحنظل العامي والعلهز الفسل
وليس لنا إلّا إليك فرارنا
وأين فرارالناس إلّا إلي الرسل
فقام رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يجرّ رداءه حتّي صعد المنبر ثمّ رفع يديه إلي السماء فقال: اللّهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريا مريعاً غدقاً طبقاً عاجلاً غير رائث نافعاً غير ضارٍّ تملأ به الضرع، وتنبت به الرزع وتحيي به الأرض بعد موتها.
[قال أنس:] فواللَّه ماردّ يديه إلي نحره حتّي ألقت السماء … وجاء أهل البطاح يعجّون: يا رسول‌اللَّه الغرق. فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: [اللهمّ] حوالينا ولا علينا [قال:] فانجاب السحاب عن السماء حتّي أحدق بالمدينة كالإكليل، فضحك رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم حتّي بدت نواجده ثمّ قال: للَّه [درّ] أبي‌طالب لوكان حيّاً قرّت عيناه، من ينشدنا قوله؟ فقام عليّ بن أبي‌طالب فقال: يارسول اللَّه كأنّك أردت قوله:
وأبيض يستسقي‌الغماع بوجهه
ثمال اليتامي عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاّك من آل هاشم
فهم عنده في نعمة و فواضل
كذبتم وبيت اللَّه يبزي محمّد
ولمّا نقاتل دونه و نناضل
ونسلمه حتّي نصرّع حوله
ونذهل عن أبنائناوالحلاحل
فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: أجل. فقام رجل من [بني] كنانة فقال:
لك الحمد والحمد ممن شكر
سقينا بوجه النبي المطر
دعا اللَّه خالقه دعوة
أجيبت وأشخص منه البصر
ولم يك إلّا كقلب الرداء
وأسرع حتّي رأينا المطر
دفاق العزالي وجمّ البعاق
أغاث به اللَّه عليا مضر
وكان كما قاله عمّه
أبو طالب ذورداء غرر؟
ويسقيبك اللَّه صوب الغمام؟
وهذاالعيان لذاك الخبر
فمن يشكر اللَّه يلقي المزيد
ومن يكفر اللَّه يلف الغير
فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: إن يك شاعر قد أحسن فقد أحسنت.
وللحديث مصادر كثيرة جدّاً، وقريباً منه سنداً ومتناً رواه الشيخ المفيد في الحديث الثالث من الجزء (36) من أماليه ص 302. وعنه المجلسي رحمه اللَّه في بحارالأنوار: ج 19 ص 332. ورواه أيضاً البيهقي في كتاب دلائل النبوة: ج 6، ص 141. ورواه عنه ابن‌حجر بنحو الإيجاز في كتاب الاستسقاء من فتح الباري: ج 2 ص 495.
وكذلك رواه ابن‌كثير في البداية والنهاية: ج 6، ص 90.
ورواه أيضاً الماوردي أبوالحسن عليّ بن محمّد بن حبيب البصري البغدادي المتوفّي عام: (450) في صلاة الاستسقاء في آخر كتاب الصلاة من الأحكام السلطانية ص 106.
ورواه أيضاً الديار بكري في تاريخ الخميس: ج 2، ص 14.
ورواه أيضاً ابن‌دريد في الجزء الخامس من أماليه المطبوع بعنوان تعليق الأمالي ص 99 ط 1، قال: أخبرنا أبو حاتم، عن الأصمعي عن يونس قال:
جاء أعرابيّ إلي النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم فقال: يارسول اللَّه واللَّه لقد أمسينا وما لنا بعير يئطّ ولا صبيّ يصطبح، ثمّ أنشده.
[914] وهاهنا في أصلي- بخطّ الأصل-: «يعني [من قوله: «أبامجرم»] أبامسلم عبدالرحمان الخراساني القائم بالدعوة العباسي سنة سبع و عشرين ومائة، وقتل سنة سبع و ثلاثين».
[915] جملة: «واخراجه ناحرً عنه» رسم خطّها من أصلي المخطوط غير جلّي.
[916] اقتباس من الآية: (98) من سورة الأنبياء: 21.
[917] اقتباس من الآية: (47) من سورة النساء: 4.
[918] أي تعلون وتركبون، وفي مناقب الخوارزمي: «أوما ترون أيّ عقبة تقتحمون؟ وأيّ متيهة تتسنّمون؟ وأنّي تؤفكون؟ بل ينظرون إليك وهم لايبصرون … ».
[919] اقتباس من الآية: (198) من سورة الأعراف: 7.
[920] اقتباس من الآية: (52) من سورة السبأ: 34.
[921] هذا هو الظاهر المطابق لسائر المصادر، وفي أصلي المخطوط: «يداويكم».
[922] أقول: والكلام رواه الموفّق بن أحمد الخوارزمي- المتوفّي سنة: (568)- مشروحاً باختلاف لفظيّ في بعض الكلمات، في‌الفصل الثالث من الفصل: (16) من مناقبه ص 210 ط الحديث، قال في أواسط ما ساقه في الحديث: (240):
وقال الأشتر لمحمّد بن الحنفيّة: تقدّم واخطب بين الصفّين- صفّ العراق وصفّ الشام- وامدح عليّاً أمير المؤمنين عليه‌السلام. فتقدّم محمد وقال لأهل الشام:
اخسؤا ذرّية النفاق وحشو النار، وحصب جهنّم، عن البدر الباهر، والنجم الثاقب، والسنان النافذ، والشهاب النيّر، والصراط المستقيم «قبل أن نطمس وجوهاً فنردّها علي أدبارها أو نلعنهم كما لعنّا أصحاب السبت وكان أمر اللَّه مفعولاً»
أوما ترون أيّ عقبة تقتحمون؟ وأيّ متيهة تتسنّمون؟ وأنّي تؤفكون؟ بل «ينظرون إليك وهم لا يبصرون».
أصنو رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله تستهدفون؟ ويعسوب الدين تلمزون؟ فأيّ سبيل رشاد بعد ذلك تسلكون؟ وأيّ خرق بعد ذلك ترقعون؟
هيهات واللَّه برز في السبق، وفاز بالخصل، واستولي علي الغاية، وأحرز الخطار فانحسرت عنه الأبصار، وانقطعت دونه الرقاب، وفرّع الذروة العليا، وبلغ الغاية القصوي فكرث من رام رتبته رتبته السعي وعنّاه الطلب، «وأنّي لهم التناوش من مكان بعيد» فخفضاً خفضاً!! أقلّوا عليكم لا أباً لأبيكم‌من اللؤم أو سدّوا المكان الّذي سدّوا وأنّي تسدوّن؟ أم أيّ أخ لرسول اللَّه تثلبون؟ وأيّ ذي قوي أمرها تسبّون؟ هو شقيق نسبه إذ حصّلوا ونديد هارون إذ مثلّوا وذو قربي منه إذا امتحنوا والمصلّي القبلتين إذا انحرفوا والمشهود له بالإيمان إذ كفروا والمدعوّ بخيبر إذ نكلوا والمندوب لنبذ عهد المشركين إذ نكثوا والخليفة علي المهاد ليلة الخطار، والمستودع للأسرار ساعة الوداع إذ حجبوا هذا المكارم لا قعبان من لبن‌شيبا بماء فعادا بعد أبوالا وأنّي يبعد من كلّ سناء وعلوّ، وثناء وسموّ،وقد نحلته ورسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله أبوّة، وأنجبت بينهما جدود، ورضعا بلبان، ودرجا في سكن، ومهدّا حجراً وتفيّئا بظلّ، فهما وشيجان نماهما فنن، [و]تفرّعا من أكرم جذم،فرسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله للرسالة، وأمير المؤمنين عليه‌السلام للخلافة، فتق اللَّه به رتق الأسلام حتّي انجابت به طخية الريب، وقمع نخوة النفاق حتّي ارفأنّ جيشانه؟ وطمس رسم العلّة، وخلع ربقة الصغار والذلّة، وكفت أيدي الخيانة، ورفّق شربها وحلأّها عن وردها واطئاً كواهلها آخذاً بأكظامها، يقرع هاماتها وينكت نقيها؟ ويجمل شحومها ويرحضها عن مال اللَّه؟ حتّي كلمها الخشاش، وعضّته الشفاف، ونالها فرض الكتاب، فجرجرت جرجرة العود الموقع فزادها وقراً فلفظته أفواهها وأزلقته بأبصارها، ونبت عن ذكره أسماعها، فكان لها كالسمّ الممقر؟ والذعاف المرعف، لا تأخذه في‌اللَّه لومة لائم، ولايزيله عن الحقّ نهيب متهدّد؟ ولايحيله عن الصدق ترهيب متوعّد، فلم يزل كذلك حتّي انقشعت غيابة الشرك، وخنع طيخ الإفك؟ وزالت قحم الإشراك، حتّي تنسّمتم روح النصفة وتطعّمتم قسم السواء بعد أن كنتم لوكة الآكل ومذقة الشارب وقبسة العجلان- بسياسة مأمون الخرقة؟ مكتهل الحنكة، طبّ بأدوائكم قمن بدوائكم، يبيت بالربوة كالئاً لحوزتكم، حامياً لقاصيكم ودانيكم مثقّفاً لأودكم، يقتات الجبنة ويردّ الخمس ويلبس الهدم؟
ثمّ إذا سبرت الرجال فطاح الوشيظ، واستسلم المشيح؟ وغمغمت الأصوات، وقلّصت الشفاه، وقامت الحرب علي ساق، وصرفت بأنياب وخطر فنيقها وهدرت شقاشقها وجمعت قطريها؟ فشالت بإبراق؟ ألفيت أمير المؤمنين عليه السلام هناك مثبتاً لقطبها مديراً لرحاها، قادحاً بزندها مؤرّباً لعقدتها مذكياً لجمرتها، دلاّفاً إلي البهم، ضرّاباً للقلل، غصّاباً للمهج، ترّاكاً للسلب، خوّاضاً لغمرات الموت، مثكّل أمهّات [مؤّيم أزواج] مؤتّم أطفال، مشتّت ألّاف، قطّاع أقران، طافياً عن الجولة، راكداً في الغمرة، يهتف بأولاها فتنكّفت أخراها؟ فتارةً يطويها طيّ الصحيفة، وآونةً يفرّقها فرق الوفرة، فبأيّ آلاء أمير المؤمنين تمترون؟ وعن أيّ أمر مثل حديثه تأثرون؟ وربّنا الرحمان المستعان علي ما تصفون.
قال [الخوارزمي] رضي‌اللَّه عنه [في شرح الكلام]: الحصب: كلّ ما حصب به في النار أي رمي به [فيها] وقال ابن‌عباس في [تفسير الآية: (98) من سورة الأنبياء وهو] قوله تعالي: «حصب جهنّم»: وقودها. وقال مجاهد: حطبها.
[و] يقال طمس الأثر [علي زنة ضرب ونصر وبابهما: درس وانمحي] وانطمس: [انمحي وذهب] وطمسته بالريح [: أذهبته وأزلته بها].
وقال الخليل: الخصل في النضال اذا وقع السهم بلزق القرطاس؟ [وقال الجوهري: الخصل في النضال: الخطر الّذي يخاطر عليه] ويقال: أحرز فلان خصله: إذا غلب علي الرهان في الرمي ذوغيره.
ويقال: تناوشوه: تناولوه. وناشه ينوشه نوشاً: طلبه. تناوله. وناوشوهم بالرماح وتناوشوهم: [تطاعنوا بها].
ويقال: نجلت الشي‌ء نجلاً [علي زنة ضرب وبابه]: رميت به، والناقة تنجل الحصي بمناسمها [إذا رمتها بها]، وقولهم: نجله أب كريم ونجل به [أي أنجبه أب كريم الطبع والأصل] وفحل ناجل: منجب، وهو نجل فلان مجاز ما ذكرناه.
[و] الطخية: شدّة الظلمة والسحابة الرقيقة.
[وقوله:] ارفأنّ: نفر ثمّ سكن. [و] جيشانه: غليانه.
[و] يقال: كفت المتاع: ضمّ بعضه الي بعض، [ومثله] كفت الفراش، وفي الحديث: «اكفتوا صبيانكم بالليل» وكفت الرعاة مواشيهم: [جمعهم وضمّهم]. والأرض تكفت أهلها أحياءاً وأمواتاً: [تضمّهم].
والأكظام: جمع كظم وهو مجري النفس يقال: جمل الشحم واجتمله: أذابه، ويقال: اجتمل وتجمّل: أكل الجميل وهو الورك، وقالت أعرابيّة لبنتها: تجمّلي وتعفّفي أي كلي الجميل واشربي العفافة أي بقيّة اللبن في الضرع، ويقال: خذ الجميل وأعطني الجمالة أي الصهارة. والسكن: الدار. وسكّانها أيضاً. والثفاف: ما يسوّي بها الرماح.
ويقال: إنّه لموقع الظهر ووقعت الدابة بكثرة الركوب: سجحت فتخلّص عنه الشعر فنبت أبيض؟
ويقال: مرّ ممقر، وهو أمرّ من المقر وهو الصبر، وقد أمقر [أي صار مرّاً أو حامضاً] قال لبيد:
ممقر مرّ علي أعدائه
وعلي الأدنين حلو كالعسل
يقال: سمّ ذعاف: قاتل سريعاً، وموت ذعاف: سريع مرعف- من أرعفه-: قتله مكانه قتلاً وحيّاً.
وخنع وخضع وخشع أخوات.
وطاخ طيخاً: تلطّخ بقبيح، وطاخه غيره [لطّخه بالقبيح] وطاخ: تكبّر.
وقال ابن‌دريد: الطيخ: الإنهماك في الباطل.
ويقال: قتّه [علي زنة وبابه] فاقتات، من القوت، كما يقال: رزقته فارتزق، واستقأته: سألته القوت.
والجبنّة: عامّة الشجر واللبن الحامض؟ ويقال: تهدّم الثوب: بلي [وتهدّم عليه]: هدم. خلق. وأهدام: أخلاق. وهو من تهدّم البناء واندهم.
وطاح يطوح ويطيح: سقط وتاه وهلك. والوشيظ: الخسيس. وقال يعقوب: الوشيظ: الرحيل.
وأشاح في الأمر: جدّ فيه، وعامل مشيح: جادّ مواظب علي عمله. وأشاح: حذر.
و خطر فنيقها: [رفع] فحلها[ذنبه للوثبة]- والجمع: فنق وأفناق أيضاً- وهو قليل- كيتيم وأيتام، وشريف وأشراف- أي رفع ذنبه مرّةً ووضعه أخري للصيال كأنّه يتهدّد، وتخاطرت الفحول بأذنابها: [رفعوها مرّةً ووضعوها أخري] للتصاول.
يقال: أربّ العقدة: وثّقها فتأرّبت: فتوثّقت. والجولة: الهزيمة يقال: كانت لهم جولة أي هزيمة.
وطفا السمك طفواً وطفا الوخشيّ: علا الأكمة. وفرس طاف: شامخ برأسه. أي كان عليّ عليه‌السلام مرتفعاً بعيداً من الهزيمة؟ راكداً ثابتاً مستقرّاً في الغمرة في شدّة الحرب وهولها، يقال: قد انجلت غمرات الحرب أي أحوالها وشدائدها، وفلان في غمرات الموت وسكراته [أي شدائده]، والغمرة في الأصل: واحدة الغمار من الماء وهي معظمه، وغمرة كلّ شي‌ء: معظمه.
ورواه أيضاً سبط ابن‌الجوزي في ترجمة محمّد ابن‌الحنفيّة من تذكرة الخواص.
[923] عقد له أحمد بن أبي‌الرجال الزيدي ترجمة حسنة في حرف العين من كتاب مطلع البدور: ج 4 ص 209/ المخطوط.
[924] رواه أبوالحسن ابن‌شاذان محمّد بن أحمد بن عليّ بن الحسن في المنقبة (99) من كتاب مائة منقبة: ص 175.
ورواه الخوارزمي بسنده عنه و عن غيره في الحديث الأوّل من مناقبه ص 32.
ورواه أيضاً الحموئي في الحديث الأوّل من السمط الأول من فرائد السمطين: ج 1، ص 16. ورواه عنه الذهبي في ترجمته برقم: (7190) من كتاب ميزان الإعتدال: ج 3 ص 466 قال: محمّد بن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان روي عن المعافي بن زكريّا، عن محمّد بن أحمد بن أبي‌الثلج عن الحسن بن محمّد بن بهرام، عن يوسف بن موسي القطان، عن جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن‌عباس.
[925] كذا أورد المصنف القصّة، وينافيه نظم المؤرخ الخبير ابن‌أبي‌الحديد في شأن عمر، حيث قال:
وليس بنكر في حنين فراره
وفي أحد قد فرّ قبل وخيبرا
.[926] انجعف عن رجله: سقط عنه صريعاً.
والحديث رواه الطبري في حوادث سنة 8 الهجرية من تاريخه: ج 3 ص 76 ط الحديث بمصر. ورأيت الحديث في تفسير روض الجنان- تأليف أبي‌الفتوح الرازي رحمه اللَّه ولكن لم يتيسر لي مراجعته كي أبيّن موضع ذكره.
وقريباً منه رواه الحافظالسروي رحمه اللَّه في غزوة «حنين» من مناقب آل أبي‌طالب: ج 2 ص 144 قال:
[و] كمن أبوجرول علي المسلمين وكان علي جمل أحمر، بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام هوازن إذا أدرك أحداً طعنه برمحه، وإذا فاته الناس رفع [رأيته] لمن وراءه وجعل يقتلهم و هو يرتجز:
أنا أبوجرول لا براح
حتّي يبيح القوم أويباح؟
فصمد له أميرالمؤمنين عليه‌السلام؟ فضرب عجز بعيره فصرعه ثمّ ضربه فقطره ثمّ قال:
قد علم القوم لدي الصباح
إنّي لدي الهيجاء ذو نصاح
.[927] ما وضع بين المعقوفين زيادة ظنّية يقتضيها السياق.
[928] للحديث مصادر وأسانيد، ورواه البزّار- كما رواه عنه الهيثمي في مناقب أبي‌ذرّ الغفاري رفع اللَّه مقامه- برقم: (2715) من كتاب كشف الأستار: ج 3 ص 264 قال:
حدثنا نصر بن عليّ، حدثنا أبوأحمد، حدثنا الحسن بن صالح، عن أبي‌ربيعة، عن الحسن، عن أنس قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: الجنّة تشتاق إلي ثلاثة: عليّ وعمّار- وأحسبه قال: - وأبوذرّ.
وأيضاً رواه الهيثمي عن البزّار وقال: وإسناده حسن كما في مجمع الزوائد: ج 9 ص 330.
ورواه أيضاً أبويعلي الموصلي- المولود سنة: (210) المتوفي عام: (307)- في مسند أنس من مسنده: 5 ص 164.
ورواه الحافظ ابن‌عساكر بطرق في ترجمة عمّار بن ياسر - رفع اللَّه مقامه- من تاريخ دمشق: ج 12، ص 618 من النسخة الأردنية، وفي مختصر ابن‌منظور: ج 18 ص 212 قال:
أخبرنا أبوالقاسم ابن‌السمرقندي، أنبأنا عليّ بن أحمد، وأبوطاهر الخوارزمي وأبومحمد وأبوالغنائم وأبوالحسين عاصم وأبوعبداللَّه، قالوا: أنبأنا أبوعمر، أنبأنا أبوبكر، أنبأنا جدّي، أنبأنا يحيي بن أبي‌بكير، [أنبأنا الحسن بن صالح] بن حيّ، عن أبي‌ربيعة، عن الحسن، عن أنس قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: الجنّة تشتاق إلي ثلاثة عليّ وعمّار وسلمان.
أخبرنا أبوعليّ الحسن بن أحمد الحدّاد في كتابه- وحدّثني أبومسعود عبدالرحيم بن عليّ بن أحمد عنه- أنبأنا أبونعيم الحافظ، أنبأنا سليمان بن أحمد، أنبأنا عليّ بن‌عبدالعزيز، أنبأنا أبونعيم، حدّثنا الحسن بن صالح، عن أبي‌ربيعة، عن الحسن، عن أنس:
عن النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم قال: ثلاثة تشتاق إليهم الجنّة: عليّ وسلمان وعمّار.
أخبرنا أبوالمظفّر القشيري أنبأنا أبوسعد الأديب، أنبأنا أبوعمرو بن حمدان، أنبأنا أبويعلي أنبأنا محمد بن عبداللَّه بن نمير، أنبأنا محمد بن بشر، أنبأنا الحسن بن صالح، عن أبي‌ربيعة، عن الحسن، عن أنس قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم: ثلاثة تشتاق إليهم الجنّة: عليّ وعمّار وسلمان.
[929] كان في أصلي بعد قوله: (عوض) كلمة عادية غير مقروءة ولذا تركنا محلها فارغاً.
و هذا الحديث الّذي أشار إليه المؤلّف، أورده ابن عساكر في ترجمة بلال من تاريخ دمشق: ج 10، ص 320، و في مختصر ابن منظور: ج 5، ص 259.
وعلقناه حرفيّاً علي ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 180 ط 2. والحديث الأول رواه الترمذي أيضاً في مناقب سلمان الفارسي في الباب (34) من كتاب المناقب من سننه: ج 5 ص 626 قال:
حدّثنا سفيان بن وكيع، حدّثنا أبي عن الحسن بن الصالح، عن أبي ربيعة الأيادي، عن الحسن، عن أنس بن مالك قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و وسلم: إنّ الجنّة لتشتاق إلي ثلاثة: عليّ و عمّار وسلمان.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لانعرفه إلّا من حديث الحسن بن الصالح.
أقول: وأخرجه أيضاً أبوالحسين الكلابي كما في الحديث: (21) المستخرج من مسنده المطبوع في آخر مناقب ابن المغازلي: ص 436.
ورواه أيضاً الطبراني في الحديث (7 -6) من مسند سلمان الفارسي من المعجم الكبير: ج 6 ص 215، قال:
حدّثنا عليّ بن عبدالعزيز، حدّثنا أبونعيم الحسن بن صالح، عن أبي ربيعة البصري عن الحسن عن أنس:
عن النبي صلي اللَّه عليه وسلم قال: ثلاثة تشتاق إليهم الحور العين: عليّ وعمّار وسلمان. ورواه عنه الهيثمي في مجمع الزوائد: ج 9 ص 215.
ورواه أيضاً البلاذزي في الحديث: (84) من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام، من أنساب الأشراف: ج 2 ص 122، ط بيروت بتحقيق المحمودي قال:
حدّثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدّثنا عليّ بن قادم، حدّثنا الحسن بن صالح، عن أبي ربيعة، عن الحسن البصري:
عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: الجنّة تشاق إلي ثلاثة عليّ وعمّار وسلمان.
ورواه الحاكم- وصحصه هو والذهبي- في الحديث: (97) من فضائل أميرالمؤمنين من المستدرك: ج 3، ص 137 قال:
حدّثنا أبوبكر ابن إسحاق، أنبأنا محمّد بن عيسي بن السكن الواسطي، حدّثنا شهاب بن عباد، حدّثنا محمّد بن بشر، حدّثنا الحسن بن حيّ عن أبي ربيعة الأيادي، عن الحسن، عن أنس قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: اشتاقت الجنّة إلي ثلاثة: عليّ و عمّار وسلمان. وأيضاً رواه الذهبي في ترجمة سلمان من كتاب تاريخ الإسلام: ج 1، ص 514.
وأيضاً روي ابن عساكر في ترجمة عمّار من تاريخ دمشق من النسخة الأردنية: ج 12، ص 618- وفي مختصرة: ج 18، ص 212- قال:
أخبرنا أبوالقاسم ابن السمرقندي أنبأنا عليّ بن أحمد، وأبوطاهر الخوارزمي وأبومحمّد، وأبوالغنائم وأبوالحسين عاصم وأبوعبداللَّه، قالوا: أنبأنا أبوعمر، أنبأنا أبوبكر، أنبأنا جدّي أنبأنا جدّي أنبأنا يحيي بن أبي بكير، أنبأنا [الحسن بن صالح] بن حيّ، عن أبي ربيعة، عن الحسن عن أنس قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: الجنّة تشتاق إلي ثلاثة عليّ و عمّار وسلمان.
أخبرنا أبوعليّ الحسن بن أحمد الحدّاد في كتابه- وحدّثني أبو مسعود عبدالرحيم بن عليّ بن أحمد عنه- أنبأنا أبونعيم الحافظ، أنبأنا سلمان بن أحمد؟ رواه في اوائل ترجمة سلمان برقم: (6044) من المعجم الكبير ج 6، ص 215 ولكن فيه و في مجمع الزوائد ج 9، ص 344: ثلاثة تشتاق إليهم الحور العين … ؟
ورواه المزي في ترجمة أبي ربيعة الأيادي من باب الكني من تهذيب الكمال: 12/ الورق 125/ ب/ قال أنبأنا عليّ بن عبدالعزيز، أنبأنا أبونعيم، حدّثنا الحسن بن صالح، عن أبي‌ربيعة، عن الحسن، عن أنس:
عن النبيّ صلي اللَّه عليه وسلم قال: ثلاثة تشتاق إليهم الجنّة: عليّ وسلمان وعمّار.
أخبرنا أبوالمظفر القشيري أنبأنا أبوسعد الأديب، أنبأنا أبوعمرو بن حمدان، أنبأنا أبو يعلي، أنبأنا محمّد بن عبداللَّه بن نمير، أنبأنا محمّد بن بشر، أنبأنا الحسن بن صالح، عن أبي ربيعة، عن الحسن، عن أنس قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: ثلاثة تشتاق إليهم الجنّة: عليّ و عمّار وسلمان. وانظر ترجمة المقداد من مختصر ابن منظور ج 25 ص 219 وحلية الأولياء ج 1 ص 190. وروي البزار- كما في مناقب أبي ذرّ برقم: (2715) من كشف الأستار: ج 3 ص 264- قال: حدّثنا نصر بن عليّ حدّثنا أبوأحمد، حدّثنا الحسن بن صالح، عن أبي ربيعة عن الحسن عن أنس قال:
قال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم: الجنّة تشتاق إلي ثلاثة: عليّ و عمّار- وأحسبه قال- وأبوذرّ.
ورواه عنه أيضاً في مناقب أبي‌ذرّ، وقال: وإسناده حسن. كما في مجمع الزوائد: ج 9 ص 330. وللبزار وأبي يعلي حدبثان آخران معجبان جدّاً ذكرناهما في ترجمة أميرالمؤمنين من تاريخ دمشق: ج 2، ص 181 178.
[930] لفظتا: (خلق له) رسم خطّهما لم يكن جليّاً من أصلي المخطوط.
[931] تقدّم إسناد المصنف إلي القاضي أبي علي الحسن بن علي الصفار في شرح البيت (11).
[932] والحديث رواه الحموئي بسنده عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام في آخر الباب: (16) من السمط الأول من فرائد السمطين: ج 1 ص 88.
ورواه أيضاً ابن المغازلي في الحديث (456) من المناقب: ص 401.
[933] وهو مترجم في كتاب أعلام المؤلّفين الزيدية: ج 1، ص 235.
وتقدّم ذكر اسناد المؤلّف إليه.
[934] وانظر ما تقدم في شرح البيت: ( … ) من مخطوطة أصلي ص …
[935] وانظر ما تقدم في شرح البيت: ( … ) من مخطوطة أصلي ص …
[936] وهذا محتمل ولكن غير قطعيّ، و ربّما تكون الحكمة شيئاً آخر لم ندركها.
[937] ولهذه القطعة من كلامه عليه‌السلام- أو ما في معناها- شواهد جمّة رواها عدّة من أكابر المحدّثين منهم أبوبكر عبداللَّه بن محمّد بن أبي شيبة في الحديث: (38) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل من المصنف: ج 6/ الورق 153/أ/ وفي ط الهند: ج 12 ص … ورواه أيضاً إسحاق بن راهويه- المولود سنة (161) المتوفّي عام (238) في الحديث: (82) من مسند أمّ سلمة من مسنده: ج 4، ص 129، ط 1.
ورواه أيضاً أحمد بن حنبل في الحديث: (294) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 216، ط قم.
وأيضاً رواه أحمد في‌مسند أمّ المؤمنين أمّ سلمة من كتاب المسند: ج 6، ص 300، ط 1.
وأيضاً رواه أحمد بن المثني أبويعلي الموصلي- المولود سنة (210) المتوفّي عام (307)- في الحديث: (90) من مسند أمّ سلمة من مسنده: ج 12، ص 404 /364/ ط 1.
ورواه أيضاً أحمد بن شعيب النسائي- المولود سنة (215) المتوفّي عام: (303) في الحديث: (154 -153) من الخصائص ص 283 بتحقيقنا.
ورواه أيضاً محمّد بن سليمان المتوفّي: (322) في الحديث: (360)- أوقبله- والحديث: (573) من مناقب عليّ: ج 1، ص 456 و ج 2، ص 87.
ورواه أيضاً الحاكم النيسابوري المتوفي عام: (405) في مناقب عليّ من كتاب معرفة الصحابة من المستدرك: ج 3، ص 139.
ورواه أيضاً الطبراني- المولود عام (260) المتوفي (360)- في عنوان: «أمّ موسي» من مسند أمّ سلمة من المعجم الكبير: ج 23، ص 375.
ورواه أبونعيم الإصبهاني- المولود سنة: (336) المتوفي عام: (430) في ترجمة جرير بن عبدالحميد من تاريخ إصبهان: ج 1، ص 250.
ورواه ابن عساكر- المولود سنة: (499) المتوفي عام: (571)- في الحديث: (1036) و ما بعده من ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام، من تاريخ دمشق: ج 3، ص 17.
[938] الظاهر أنّ هذا هو الصواب، وفي أصلي: «فدخل وجلس هو وحضر غسل رسول اللَّه … ».
[939] وهذا الحديث‌رواه الطبراني في ترجمة أوس بن خولي الأنصاري المكني بأبي ليلي تحت الرقم: (629) من المعجم الكبير: ج 1، ص 299.
وأيضاً رواه الطبراني في الحديث: (2949) من المعجم الأوسط: ج 3 ص 431 ط الرياض. وللحديث أسانيد و مصادر و شواهد أخر يجد الباحث كثيراً منها في المختار: (6) وتعليقاته من نهج‌السعادة: ج 1، ص 39 تا 43.
[940] وهذا المقام يحتاج إلي فحص تامّ لم يتيسّر لي عاجلاً، فليحقّق.
[941] لا يحضرني شاهد للحديث فليحقق.
[942] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في الحديث الأول في عنوان: «الحديث السابع في فضل أهل البيت» من ترتيبه: ج 1، ص 148.
ورواه الطبراني في الحديث: (113) من ترجمة الإمام الحسن من المعجم الكبير: ج 3، ص 39، ط 1، كما رواه أيضاً في أواسط مسند عبداللَّه بن العباس من المعجم الكبير: ج 11، ص 351، ط 1.
وانظر الحديث: 12384 من المعجم الكبير ج 12، ص 27.
ورواه عنه الهيثمي في باب فضل أهل البيت عليهم‌السلام من مجمع الزوائد: ج 9 ص 168. وأيضاً روي السيّد المرشد باللَّه- كما في الحديث الثاني من فضل أهل البيت من ترتيب الأمالي الخميسية- لمحمّد بن أحمد بن عليّ بن الوليد العبشمي-: ج 1 ص 148 ط 1، قال: أخبرنا أبوالحسين أحمد بن الحسين التوزي القاضي بقراءتي عليه ببغداد، قال: أخبرنا أبوعبداللَّه محمّد بن عمران المرزباني قال: حدّثنا أبوحفص عمر بن داود بن عنبسة المعروف بابن بيان العماني قال: حدّثنا محمّد بن عيسي الواسطي أبوبكر، قال: حدّثنا يحيي بن عبدالحميد الحماني قال: حدّثنا الحسين بن الحسن الأشقر، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير:
عن ابن عباس قال: لمانزلت: «قل لا أسألكم عليه أجراً إلّا المودّة في القربي» قالوا: يا رسول اللَّه من هؤلاء الّذين أمرنا اللَّه عزّ وجلّ بمودّتهم؟ قال: [عليّ] وفاطمة وولدها؟. قال السيّد [المرشد باللَّه]: كأنّما سمعته في الرواية الأولي عن المرزباني ومات سنة خمس وثمانين وثلاث مائة؟.
أقول: ومن أراد المزيد فعليه بما رواه الحافظ الحسكاني- و ما أوردناه في تعليقه- في تفسير آية المودة في شواهد التنزيل ج 2، ص 189 تا 212.
وليراجع أيضاً ما رواه محمّد بن عبدالرحمان السخاوي الشافعي في أوائل كتابه استجلاب ارتقاء الغرف: ص 61 تا 78 ط 1.
[943] وللحديث مصادر وأسانيد، ورواه الحافظ الحسكاني أيضاً بأسانيد في تفسير الآية: (10) من سورة الواقعة في شواهد التنزيل: ج 2، ص 295 تا 297، ط 2.
وفي معناه جاء أحاديث كثيرة في عدّة مصادر.
ورواه‌ابن أبي‌عاصم في‌آخر ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام برقم: (182) من كتاب الآحاد والمثاني: ج 1، ص 150، قال:
حدّثنا محمّد بن عبدالرحيم، أنبأنا ابن عائشة، أنبأنا حسن بن الحسين الأشقر، عن ابن عيينة، عن ابن أبي‌نجيح، عن مجاهد:
عن ابن عباس رضي‌الله عنه قال: السبّاق ثلاثة: سبق يوشع إلي موسي عليه‌السلام، وصاحب ياسين إلي عيسي عليه‌السلام وعليّ إلي النبي صلي اللَّه عليه وسلم.
ومثله سنداً و متناً رواه أبونعيم في فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب معرفة الصحابة الورق 15 /ب/.
ورواه أيضاً أبونعيم الحافظ في كتابه: مانزل من القرآن في عليّ عليه‌السلام كما في الحديث: (65) من كتاب النور المشتعل ص 240 ط 1.
ورواه أيضاً الطبراني في مسند عبداللَّه بن‌العباس برقم: (11153) من المعجم الكبير: ج 11، ص 77، ط 2 قال:
حدّثنا الحسين بن إسحاق التستري حدّثنا الحسين بن أبي‌السري العسقلاني حدّثنا حسين الأشقر، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:
عن ابن عباس قال: السبق ثلاثة: فالسابق إلي موسي يوشع بن نون، والسابق إلي عيسي صاحب ياسين، والسابق إلي محمّد عليّ بن أبي‌طالب.
ورواه عنه ابن كثير في‌آخر عنوان: «قصّة قوم ياسين» من البداية والنهاية: ج 1، ص 231.
وأيضاً رواه عن الطبراني الذهبي فيي ترجمة الحسين بن أبي‌السري برقم: (2003) من ميزان الاعتدال: ج 1، ص 536.
وللحديث مصادر أخر يجد الباحث كثيراً منها في تعليق الحديث: (65) من كتاب النور المشتعل ص 240 تا 243 ط 1.
[944] وللحديث مصادر و أسانيد، ورواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (3 و 15) من ترتيبه: ج 1، ص 151/148 قال:
أخبرنا [أبوأحمد] محمّد بن علي بن محمّد المؤدّب المعروف بالمكفوف بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبومحمّد عبداللَّه بن محمّد بن جعفر بن حيّان، قال: حدّثنا موسي بن هارون، قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب قال: حدّثنا موسي بن عثمان الحضرمي عن الأعمش، عن مجاهد: عن ابن عباس في قوله تعالي: «سلام علي آل ياسين» [130/الصافات: 37] قال: علي آل محمّد.
وقال السمهودي في أول الذكر الثالث من القسم الثاني من جواهر العقدين: ج 2/الورق 82 /ب/ وفي ط بغداد: ص 68 قال:
نقل جماعة من المفسرين عن ابن عباس رضي الله عنه أنّه قال في قوله تعالي: «سلام علي آل ياسين»: سلام علي آل محمّد صلي اللَّه وسلم عليه وعليهم.
ونقله النقاش عن الكلبي فقال: «علي آل ياسين» [معناه] علي آل محمّد صلي اللَّه عليه وآله وسلم، سماه اللَّه ياسين مثل يعقوب وإسرائيل و أحمد و محمّد.
[ثمّ قال:] وقال الكلبي: وإذا سلم علي آله من أجله كان سلاماً عليه صلي اللَّه عليه وآله وسلم أو هو صلي اللَّه عليه وآله وسلم داخل في جملتهم كما هو أحد الاستعمالات في مثله فيكون‌السلام عليه وعليهم كما في صلاته صلي اللَّه عليه وآله وسلم علي آل أبي أوفي.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه الحافظ الحسكاني في الحديث: (791) وما بعده وتعليقاتها في تفسير الآية الكريمة في شواهد التنزيل: ج 2 ص 165 تا 170، ط 2.
[945] وللحديث أسانيد ومصادر يجدها الطالب في الحديث: (591) في أوائل الجزء الخامس من مناقب محمد بن سليمان: ج 2 ص 103، ط 1.
ومن أراد المزيد فعليه بمارواه الحافظ الحسكاني في الحديث: (518) وما بعده وتعليقاتها في تفسير الآية الكريمة في شواهد التنزيل: ج 1، ص 491، ط 2.
ورواه أيضاً السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في الحديث (805) من باب فضل أهل البيت من ترتيبة: ج 1، ص 149، قال: أخبرنا [أبومحمّد]محمّد بن عليّ بن محمّد المكفوف بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبومحمّد عبداللَّه بن محمّد بن جعفر بن حيّان، قال: حدّثنا محمّد بن يحيي قال: حدّثنا إسحاق بن الفيض قال: حدّثنا سلمة بن الفضل قال: حدّثنا شملال بن إسحاق عن جابر الجعفي:
عن أبي‌جعفر عليه‌السلام في قوله عزّوجلّ: «[وإنّي لغفّار لمن آمن] و عمل صالحاً ثمّ اهتدي» قال: إلي ولايتنا أهل البيت.
و به قال: أخبر أبومحمّد قال: أخبرنا أبوعبداللَّه قال: حدّثنا موسي بن هارون، قال: حّدثنا إسماعيل بن موسي قال: حدّثنا عمر بن شاكر البصري عن ثابت البناني في قوله تعالي: «وإنّي لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثمّ اهتدي» قال: إلي ولاية أهل بيته.
ورواه أيضاً الشيخ الطوسي رفع اللَّه مقامه في الحديث: (6) من الجزء الأوّل من أماليه.
ورواه أيضاً السمهودي في أواسط الذكر الخامس من العقد الثاني من جواهر العقدين الورق 98 /أ/ وفي ط بغداد: ج 2 ص 127.
[946] رواه‌السيّد المرشد باللَّه بسندين في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (7 تا 8) من ترتيبه: ج 1 ص 149 ط 1 قال:
أخبرنا أبوبكر محمّد بن عليّ بن محمّد بن الحسين الجوزداني [ظ] المقري‌ء بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبومسلم عبدالرحمان بن محمّد بن إبراهيم شهدل المديني قال: أخبرنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن سعيد أبوعبداللَّه، قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا حصين بن مخارق السلولي أبوجنادة، عن سعد، عن الأصبغ:
عن عليّ عليه‌السلام في قوله تعالي: «ادخلوا في السلم كافة» [208/البقرة: 2] قال: [هو] ولايتنا أهل البيت.
[947] والحديث رواه الحافظ الحسكاني في تفسير الآية الكريمة من سورة شوري بأسانيد تحت الرقم: (845) وما بعده من شواهد التنزيل: ج 2، ص 216/212.
وقد علّقنا عليه أيضاً بأسانيد عن مصادر.
[948] والأخبار الواردة في هذا المعني فوق حدّ الإستفاضة كما يتجلّي ذلك لكلّ من ألّم علي ما رواه الحافظ الحسكاني في تفسير الآية الكريمة في الحديث: (822) وما بعده من شواهد التنزيل: ج 2، ص 189 تا 211.
وأيضاً رواه محمد بن عبدالرحمان السخاوي المتوفي سنة: (902) عن عدّة مصادر في أوّل الباب الأول من كتابه استجلاب ارتقاء الغرف: ص 61 تا 78 ط 1.
[949] رواه الطبري في تفسير الآية الكريمة من تفسيره: ج 13، ص 108.
والأخبار بذلك مستفيضة كما في الحديث: (398) وما بعده و تعليقاته من شواهد التنزيل: ج 1، ص 381.
وقد ألّف الحافظ بن عقدة رسالة في ذلك، كما في عنوان: «إنّه النور» من مناقب آل أبي‌طالب: ج 2، ص 280.
[950] والحديث مستفيض عن مجاهد وشيخه ابن عباس، وورد أيضاً عن أبي‌الطفيل وأبي‌هريرة كما في الحديث: (810) وما بعده وتعليقاته من كتاب شواهد التنزيل: ج 1 ص 178 تا 181 ط 2.
[951] للحديث أسانيد و مصادر يجدالطالب كثيراً منها في تفسير الآية الكريمة في الحديث: (785) وما بعده من شواهد التنزيل ج 2، ص 160 تا 165.
[952] انظر الحديث: (488) من شواهد التنزيل: ج 1، ص 462، ط 2.
[953] وللحديث أسانيد ومصادر كثيرة يجدالطالب أكثرها في تفسير الآية الكريمة في الحديث: (372) وما بعده و تعليقاتها من شواهد التنزيل: ج 1، ص 359 تا 369، ط 2.
وروي السيّد ابن طاوس رفع اللَّه مقامه في كتاب سعد السعود، ص 73، ط 2: أنّ محمّد بن العباس رواه في كتابه عن (66) طريقاً.
[954] وانظر مارواه الحافظ الحسكاني في تفسير الآية: (57) من سورة الأحزاب، في الحديث: (775) من شواهد التنزيل: ج 2، ص 141.
[955] هذا هو الصواب في جميع فقرات هذا الحديث، وفي أصلي في كثير من جمل هذا الحديث: «وهو آخذ بشعرة».
[956] للحديث مصادر و أسانيد، ورواه أيضاً مرسلاً- عن عمرو بن خالد، عن زيد الشهيد- الحاكم الجشمي المحسّن بن كرامة البيهقي المتوفّي سنة: (494) في تفسير الآية: (68) من سورة الأحزاب، في كتابه تنبيه الغافلين ص 197، ط اليمن.
ورواه أيضاً الحافظ ابن عساكر في ترجمة محمد بن عليّ بن الحسين الأسدي المعروف بابن الخابط من تاريخ دمشق من النسخة الأردنية: ج 15، ص 717- وفي مختصر ابن منظور: ج 23 ص 89 ط 1، قال:
أنبأنا أبومحمد ابن الأكفاني، أنبأنا أبوعبداللَّه محمد بن عليّ بن الحسين بن علي الأسدي المعروف بابن الخابط- قدم علينا دمشق- قراءة عليه وأنا أسمع في ربيع الأوّل سنة ستّين وأربع مائة [قال:] حدّثنا الشريف أبوعبداللَّه محمد بن عليّ بن عبدالرحمان العلوي الحسني، حدّثنا محمد بن الحسين التيملي [ظ]، حدثنا عليّ بن العبّاس البجلي، حدّثنا عبّاد بن يعقوب، حدّثنا أرطاة بن حبيب الأسدي، عن عبيدبن ذكوان، عن أبي‌خالد [الواسطي] قال:
حدّثني زيد بن عليّ وهو آخذ بشعره [قال:] حدثني عليّ بن الحسين وهو آخذ بشعره، حدّثني الحسين بن عليّ وهو آخذ بشعره، حدّثني عليّ بن أبي‌طالب وهو آخذ بشعره، قال: حدّثني رسول اللَّه صلي اللَّه عليه [وآله] وسلم قال: من آذي شعرةً [منك فقد آذاني] ومن آذاني فقد آذي اللَّه تبارك وتعالي.
أقول: مابين المعقوفين قد سقط عن أصلي من تاريخ دمشق أو أسقط منه، وأخذناه من رواية الحاكم المذكور في الحديث: (776) من كتاب شواهد التنزيل: ج 2 ص 147، ط 2.
ورواه أيضاً القاضي عياض اليحصبي- المولود سنة: (476) المتوفي عام: (544)- في عنوان: «كيفيّة الصلاة والتسليم علي النبي» في الباب الرابع من القسم الثاني من كتاب الشفا: ج 2 ص 642.
وللحديث مصادر كثيرة يجد الباحث كثيراً منها في ذيل الحديث (774) وما بعده من شواهد التنزيل: ج 2 ص 142 تا 148، ط 2.
ورواه أيضاً بطرق أبومحمد جعفر بن أحمد بن عليّ القمّي من أعلام القرن الرابع في مسلسلاته: ص 274.
وأيضاً يجد الباحث للحديث شواهد في الحديث (200)- وتعليقه- من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل- لأحمد- ص 136، ط 1.
وليلاحظ ما أورده الحافظ السيوطي في رسالة مسالك الحنفاء المطبوعة في ضمن كتاب الحاوي: ص 232.
[957] وللقسم الثاني من هذا الحديث أيضاً أسانيد و مصادر، وقد رواه أبوبكر ابن‌شيبة في الحديث: (50) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل تحت الرقم: (12162) من المصنف: ج 12 ص 77، ط 1 قال:
حدّثنا عبداللَّه بن نمير، عن فطر، عن أبي‌إسحاق، عن أبي‌عبداللَّه الجدلي قال: قالت أمّ سلمة: يا أباعبداللَّه أيسبّ رسول اللَّه فيكم ثمّ لا تغيّرون؟ قال: قلت: ومن يسبّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم؟
قالت: [أليس] يسبّ عليّ ومن يحبّه؟ وقد كان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يحبّه. ورواه أيضاً أحمد بن حنبل في الحديث: (133) من فضائل عليّ عليه‌السلام من كتاب الفضائل ص 90 ط 1.
و أيضاً رواه أحمد في الحديث: (260) من مسند أمّ سلمة من كتاب المسند: ج 6 ص 323. ورواه عنه ابن‌كثير في كتاب جامع المسانيد: ج 16، ص 372 ط 1.
ورواه النسائي في الحديث (91) من خصائص عليّ عليه‌السلام من كتاب الخصائص ص 169 قال: أخبرنا العباس بن محمّد الدوري قال: حدّثنا يحيي بن أبي‌بكير [نسر الأسدي أبو] زكريّا [الكرماني] قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي‌إسحاق، عن أبي‌عبداللَّه الجدلي قال: دخلت علي أمّ سلمة فقالت لي: أيسبّ رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم فيكم؟ فقلت: سبحان اللَّه أو معاذ اللَّه. قالت: سمعت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يقول: من سبّ عليّاً فقد سبّني.
وانظر ما علقناه عليه وعلي الحديث: (1667) من ترجمة أميرالمؤمنين من تاريخ دمشق: ج 2 ص 182.
وانظر أيضاً أواخر ترجمة عليّ‌عليه‌السلام من البداية والنهاية: ج 7 ص 354.
[958] وهو الشيخ أبوسعد المحسّن بن كرامة الجشمي المولود سنة: (413) المتوفي عام: (494) كما تقدّم في تعليق الفائدة (33) في شرح البيت (28).
[959] وانظر ما أورده الحافظ الحسكاني في تفسير الآية الكريمة في الحديث: (177) وما بعده من كتاب شواهد التنزيل: ج 1، ص 168 تا 171، ط 2.
[960] هذا المعني متواتر عن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم رواه أكثر من عشرين صحابياً، كما رواه عنهم السيّد مير حامد حسين قدس اللَّه نفسه، فيما ذكره من حديث الثقلين من كتاب عبقات الأنوار: ج 1 تا 2.
[961] رواه ابن‌المغازلي في الحديث: (310) من مناقبه ص 263.
ولحديث المباهلة أسانيد ومصادر كثيرة، و هو متّفق عليه بين المسلمين، ويجد الباحث كثيراً من نصوصه في تفسير الآية: (61) من سورة آل عمران في شواهد التنزيل: ج 1 ص 155 تا 161 ط 2.
[962] رواه الثعلبي عن الكلبي ومقاتل في تفسير الآية الكريمة من تفسيره.
وليلا حظ تفسير الآية الشريفة من تفسير الكشاف ومفاتيح الغيب، والتذكرة الحمدونية: ج 7 ص 180.
[963] أي بلا تكلّف استدلال و مؤنة شرح وبيان.
[964] تقدّم ذلك في شرح البيت: (28) في‌الفائدة الرابعة من حديث المنصور العباسي‌الطويل ص 167 تا 169، وص 256 تا 257.
[965] ورواه الطبراني بسند آخر في الحديث: (110 -109) من ترجمة الإمام الحسن برقم: (2631) و تاليه من المعجم الكبير: ج 3 ص 44.
ورواه عنه الهيثمي في مجمع الزوائد: ج 4 ص 224، وج 6 ص 301، وج 9 ص 173.
[966] ولحديث بردة الأسلمي هذا مصادر و أسانيد، و رواه ابن‌حبّان بسندين- كما رواه عنه الهيثمي في باب فضائل الحسن والحسين عليهماالسلام برقم: (2230) من كتاب موارد الظمآن ص 552- قال: أخبرنا محمّد بن أحمد بن عون، حدّثنا أبوعمّار، حدّثنا عليّ بن الحسين بن واقد، حدّثني أبي‌حدّثنا عبداللَّه بن بريدة، قال: سمعت أبي‌بريدة يقول:
كان رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم يخطب إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وسلم من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثمّ قال: صدق اللَّه: «إنّما أموالكم وأولادكم فتنة» نظرت إلي هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتّي قطعت حديثي فرفعتهما.
[و] أخبرنا الحسين بن عبداللَّه القطّان بالرّافقة، حدّثنا مؤمّل بن إهاب، حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثنا حسين بن واقد [ … ] فذكره نحوه.
وقريب منه جاء في فضائل الحسن والحسين عليهماالسلام في الحديث: (104) من المعجم الكبير: ج 3 ص 42 ط 2.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه ابن‌عساكر في الحديث (150 تا 151) من ترجمة الإمام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق ص 89 بتحقيق المحمودي.
وأيضاً رواه ابن‌عساكر في الحديث: (144) وما بعده من ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام من تاريخ دمشق ص 107 تا 109.
[967] لأنّهما سلام اللَّه عليهما من رجاله لامن رجالهم كما أنّه لو نزلت آية أوجاءت رواية بأنّه صلي اللَّه عليه وآله وسلم ما كان أبا أحد من نساء المؤمنات، لاتدلّ علي انّه ليس أباً لبناته، فكذلك منطوق الآية الكريمة المبحوث عنها.
[968] قال المحمودي: ونحن أيضاً علي نزعة المصنّف وقد صرفنا جلّ أوقاتنا حول المعارف الدينيّة والدفاع عن أهل البيت عليهم‌السلام ونرجو من اللَّه تعالي أن يستيجيب دعاءنا بفضله وكرمه وأن يحشرنا معهم ولا يخيّبنا في آمالنا إنّه جواد كريم.
[969] رواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في الحديث: (9) من باب الدعاء وهو الباب (19) من تيسير المطالب: 137.
[970] للحديث مصادر، ورواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (7) في عنوان: «الحديث الحادي عشر» من ترتيبه: ج 1 ص 223، ط 1.
[971] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في العنوان المتقدّم الذكر من ترتيب أماليه: ص 223.
[972] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في ترتيبه: ج 1، ص 234 تا 235.
[973] رواه السيّد الجليل السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسّة، كما في الحديث 9 من ترتيب الأمالي: ج 1 ص 223.
[974] رواه السيّد العظيم السيّد المرشد باللَّه في الأمالي‌الخميسيّة، كما في الحديث: (27) من باب الدعاء من ترتيب أماليه: ج 1، ص 226 و 239.
[975] الظاهر أنّ هذا هو الصواب، وفي أصلي المخطوط من محاسن الأزهار: «كنت تقوله فيما مضي خلا … » وربّما كانت كلمة «مضي» مشطويةً في أصلي ولكن غير واضح.
[976] رواه السيّد المرشد باللَّه مسنداً في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (12) في عنوان: «الحديث الحادي عشر» من ترتيب أماليه: ج 1 ص 285/.
[977] ورواه السيّد المرشد باللَّه مسنداً في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (24) من باب الدعاء من ترتيبه: ج 1، ص 227.
وأيضاً رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (91) في أواخر باب الدعاء من ترتيبه: ج 1، ص 236 أو ص 240.
[978] وهذا الدعاء وما قبله رواه السيّد المرشد باللَّه مسنداً في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (27 و30) من باب الدعاء من ترتيبه: ج 1 ص 245/229/228.
وللحديث- أوما يقربه مصادر و أسانيد كثيرة جدّاً، و رواه أبوبكر ابن أبي‌شيبة في باب الدعاء برقم: (29346) من كتاب المصنف: ج …، ص …
ورواه عنه ابن أبي‌عاصم في الحديث: (1316) في الباب: (201) من كتاب السنة ص 583.
ورواه أيضاً في آخر فضائل عليّ عليه‌السلام برقم 192 من كتاب الأحاد والمثاني: ص 155 ط 1.
ورواه أيضاً أحمد بن حنبل في الحديث: (712) في مسند عليّ عليه‌السلام من كتاب المسند: ج 2، ص 93 بتحقيق أحمد محمّد شاكر.
وأيضاًرواه كلّ من القطيعي وأحمد بن حنبل في الحديث (246 175) من كتاب الفضائل ص 119، وص 174.
وأشار العلاّمة الطباطبائي طاب ثراه في تعليق كلّ واحد من الحديثين إلي مصادر كثيرة للحديث.
ورواه أيضاً المقدسي بعدّة أسانيد عن عدّة مصادر في الحديث: (558 و561) من مسند عليّ عليه‌السلام في أوّل الجزء الثامن من كتابه الأحاديث المختارة: ج 2 ص 179 تا 182.
ورواه أيضاً ابن‌كثير في كتابه: جامع المسانيد: ج 7 ص 403 ط 1.
ورواه الترمذي بسندين في الباب: (84) من كتاب الدعوات برقم: (3571) من سننه: ج 5، ص 190.
ورواه النسائي بأسانيد في الحديث: (24) وما بعده من خصائص أميرالمؤمنين و عمل اليوم و الليله ص 404 تا 411، كما رواه أيضاً في كتاب النعوت من السنن الكبري: ج 4، ص 398 و في السنن الكبري ج 6، ص 164.
ورواه أيضاً عبدبن حميد في الحديث: (74) من مسند عليّ عليه‌السلام من مسنده الورق 12 // و في ط 1، من منتخبه ص 53.
ورواه أيضاً ابن‌حبان في صحيحه: ج 2 /الورق 178 /ب/ و مثله في ترتيبه من كتاب الإحسان: ج 9، ص 41.
ورواه الطبراني بأسانيد في عنوان: «باب الدعاء عندالكرب» في آخر المجلّد الثاني من كتاب الدعاء /ص 1289.
ورواه أيضاً في ترجمة قيس بن مسلم من المعجم الصغير: ج 1، ص 763/27، و في الحديث: (4995) من المعجم الأوسط: ج 5، ص 523.
وأيضاً رواه الطبراني في الحديث: (3445) من الأوسط: ج، ص 252.
ورواه الدار قطني في كتاب العلل: ج 10/4. ورواه البزار في مسند عليّ عليه‌السلام من مسنده: ج 3، ص 231، ط 1، و أشار في تعليقه إلي مصادر جمّه الحديث.
ورواه أيضاً أبونعيم الحافظ بسندين في أواخر ترجمة أميرالمؤمنين عليه‌السلام من معرفة الصحابة: ج 1، ص 316، ط 1، و حلية الألياء: ج 1، ص 71.
ورواه أيضاً ضياء المقدسي في مسند عليّ عليه‌السلام من المختارة: ج 2، ص 271/269/219 ومصادر في الحديث: (558) في مسند عليّ عليه‌السلام‌من المختارة: ج 2 ص 182/179.
و رواه أيضاً أبوطاهر أحمد بن محمّد السلفي المولود (475) المتوفّي (576) في معجم السفر: ص 420.
ورواه أيضاً ابن‌عساكر بأسانيد متعدّدة في مواضع من تاريخ دمشق، منها في ترجمة بديح (وفي مختصره: ج 5، ص 174)، وفي‌ترجمة أمّ أبيهابنت عبداللَّه بن جعفر الطيار في تراجم النساء من تاريخ دمشق ص 475 تا 477.
وليلاحظ تحفة الأشراف: ج 7، ص 396، و أواخر المجلس: (11) من أمالي الطوسي: ج 1، ص 396.
[979] رواه مع الدعاء الثاني السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسيّة، كما في أواخر باب الدعاء من ترتيبه: ج 1، ص 233.
ورواه أيضاً السيّد أبوطالب في أماليه، كما في الحديث: (34) من باب الدعاء من كتاب تيسير المطالب ص 245.
[980] ومثله رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسيّة كما في أواخر باب الدعاء من ترتيب أمالي السيّد المرشد باللَّه ج 1، ص 235.
[981] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في أواخر باب الدعاء من ترتيبه: ج 1 ص 236.
[982] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في أواخر باب الدعاء من ترتيبه: ج 1 ص 236 ط 1.
[983] وقريباً منه رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسيّة كما في الحديث: (109/87/74) من باب الدعاء من ترتيب أماليه: ج 1، ص 244/240/237.
[984] هذا هو الصواب الموافق للحديث: (77) من باب الدعاء من ترتيب الأمالي الخميسيّة: ج 1، ص 238 ط 1.
وفي مخطوطتي من محاسن الأزهار هكذا: «وروينا أنّ النبيّ عن ابن‌عمران النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم قلّ ما كان يقوم من مجلس … ».
[985] هذا هو الصواب المذكور في الحديث الأول من الباب: (19) من تيسير المطالب: ص 234 ط1، وفي أصلي من مخطوطة محاسن الأزهار: «أو هويً يردي … » وكذا في التوالي.
[986] رواه السيّد أبوطالب في أماليه- باختلاف في بعض ألفاظه- وزاد فيه: ثمّ [كان صلي اللَّه عليه وآله وسلم] يقول: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من هؤلاء الأربع»، كما في الحديث: (11) من الباب: (19) من كتاب تيسير المطالب: ص 238.
[987] رواه السيّد أبوطالب في أماليه بسنده عن البراء بن عازب، كما في الحديث: (24) من الباب: (19) من تيسير المطالب: ص 242 ط بيروت.
[988] كذا في أصلي مع غموض في كلمة: «أستذكرهنّ»، والدعاء رواه السيد أبوطالب في أماليه، ولفظه جليّ علي ما جاء في الحديث: (24) من الباب: (19) من تيسير المطالب: ص 242.
[989] كذا قال المؤلّف رحمه الله، والظاهر أنّ نهيه صلي اللَّه عليه وآله وسلم عن التبديل لسدّ باب تبديل ألفاظهم المباركة علي العامّة حتّي لا يؤل الأمر علي التبديل الخيالي بحسب نزعة الدعاة وتصوّراتهم الّتي أكثريّاً تكون علي خلاف الواقع.
وأمّا عدم جواز قراءة القرآن بالمعني إذا كان يجب علي القارئ أو يستحبّ عليه قراءة القرآن، فلأجل عدم صدق القرآن علي المعاني لأنّ القرآن اسم للألفاظ الخاصة الّتي أوجدها اللَّه تعالي لما أراده اللَّه عزّوجلّ منها.
[990] هذا هو الظاهر، وكان في أصلي مكتوباً بخط الأصل فوق قوله: «خفيّ»: أي كان المكتوب في طول الكلمات لفظ (خفيّ) ووضع فوقه لفظ: (جليّ).
[991] رواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في الحديث: (19) من الباب: (19) من تيسير المطالب: ص 240 ط بيروت.
[992] هذا هو الظاهر المذكور في أصلي المخطوط، ورواه السيّد أبوطالب في أماليه، وعنه بتصحيف جاء في الحديث: (17) من الباب: (19) من تيسير المطالب، ص 240.
[993] كذا في أصلي المخطوط، وفي مطبوعة تيسير المطالب: «إليك محبّباً ولك أوّاهاً منيباً».
[994] ورواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في الحديث: (11) من الباب: (19) من تيسير المطالب: ص 238.
[995] هذا هو الظاهر الّذي رواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في الحديث: (30) من الباب: (19) من كتاب تيسير المطالب، ص 244 ط 1.
وفي أصلي المخطوط من محاسن الأزهار: «إلّا حلّت له الشفاعة يوم القيامة».
[996] كذا.
[997] هذه القطعة من الدعاء رسم خطّها لم يكن واضحاً في أصلي‌وكتبناها علي الظنّ.
[998] ورواه الشريف الرضيّ رفع اللَّه مقامه في المختار: (45) من الباب الأول من نهج‌البلاغة.
[999] كما رواه أحمد بن حنبل في الحديث: (541)من مسند عبداللَّه بن العبّاس من كتاب المسند: ج 1 ص 256 ط 1، وفي طشاكر برقم: (2723/2311) ج 3 ص 255/86 وصحّح أحمد شاكر سند الحديث في الموردين جميعاً.
وللحديث مصادر كثيرة وقد رواه الهيثمي عن أحمد والبزّار وأبي‌يعلي والطبراني وغيرهم في عنوان: (ما يقول اذا خرج لسفر … ) من كتاب الأذكار من مجمع الزوائد: ج 10، ص 129 تا 130.
وللكلام مصادر أخر يجد الباحث كثيراً منها في ذيل المختار: (184) وتعليقاته من نهج‌السعادة: ج 2 ص 124، ط 1.
[1000] رواه السيّد الرضي رفع اللَّه مقامه في المختار: (78) من الباب الأول من نهج‌البلاغة.
[1001] هذا هو الظاهر المذكور في المختار: (215) من الباب الأوّل من نهج‌البلاغة.
[1002] رواه السيّد الرضي رفع اللَّه مقامه في المختار: (213) من نهج‌البلاغة.
[1003] وهو المختار: (88 أو 91) من الباب الأوّل من نهج‌البلاغة.
[1004] ما عثرت علي هذا الكلام عن الجاحظ، ولكن لما رواه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أسانيد ومصادر، ورواه أيضاً أبوعبيد في كتاب جامع الأمثال- علي ما نقله عنه مؤلّف رياض الألباب بمحاسن الآداب الورق 134 /ب/- قال:
ارتجل الإمام عليّ رضي‌اللَّه عنه تسع كلمات قطع الأطماع عن اللحاق بواحدة منهنّ: ثلاث [منها] في المناجات، وثلاث في العلم، وثلاث في الأدب:
فأمّا الّتي في المناجات فقوله: [إلهي] كفاني عزّاً أن تكون لي ربّاً، وكفاني فخراً أن أكون لك عبداً، أنت لي كما أحبّ، فوفّقني لما تحبّ.
وأمّا الّتي في العلم فقوله: المرء مخبوء تحت لسانه، تكلّموا تعرفوا، [و]ما ضاع امرؤ عرف قدره.
وأمّا الّتي في الأدب فقوله: أنعم علي من شئت تكن أميره، واستغن عمّن شئت تكن نظيره، واحتج إلي من شئت تكن أسيره.
[ثمّ قال أبوعبيد:] و أيضاً قال [عليّ] رضي‌اللَّه عنه: الإقدام يرفع الأقدام.
هكذا رواه صديقنا الراحل العلامة الطباطبائي طاب ثراه، نقلاً عن كتاب رياض الألباب بمحاسن الآداب، قال: وللكتاب نسخة قيّمة جميلة الخطّ من القرن الثامن في (166) ورقة، وهي مجموعة أدبيّة نثر ونظم، والنسخة في مكتبة نور عثمان برقم: (9327) في تركيا.
[1005] رواه السيّد الرضيّ أعلي اللَّه مقامه في المختار: (225 أو 227) من نهج‌البلاغة.
[1006] ولهذا الدعاء- المعروف بدعاء العثرات- أسانيد ومصادر، ورواه الشيخ الطوسي- المتوفّي عام: (460)- مرسلاً في أواسط كتاب الصلاة في أوائل مصباح المتهجّد، ص 60 وفي ط بيروت ص 84.
ورواه‌المجلسي عنه وعن غيره مشروحاً في الحديث: (40) في الباب: (67) من كتاب الصلاة من بحارالأنوار: ج 86، ص 271 تا 275.
وأيضاً رواه عن الشيخ الطوسي رفع اللَّه مقامه، السيّد ابن‌طاوس أعلي اللَّه مقامه في كتاب فلاح السائل ص 224 قال:
ويستحبّ أن يدعو [الداعي] بدعاء العشرات، فإنّه ممّا يدعي به عند الصباح والمساء … و أيضاً رواه السيّد طاب ثراه في كتاب مهج الدعوات ص 180، ط 1، قال:
اعلم أنّ هذا [الدعاء] دعاء عظيم من أسرار الدعوات، ووجدت به ستّ روايات مختلفات ذكرنا منها روايتين: واحدة في أدعية الغروب، و واحدة في تعقيب الصبح من كتاب عمل اليوم والليلة من المهمّات؟ و رواية في تعقيب العصر من يوم الجمعة في الجزء الرابع من المهمّات؟ و رواية في آخر كتاب إغاثة الداعي وإعانة الساعي، و نذكر في هذا الكتاب الخامسة والسادسة استظهاراً لهذا الدعاء العظيم عند العارفين به من ذوي الألباب: روينا بإسنادنا إلي سعد بن عبداللَّه قال: حدّثنا أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن الحسن بن الجهم، عمّن حدّثه عن الحسن بن محبوب- أو غيره؟- عن معاوية بن وهب، عن أبي‌عبداللَّه عليه‌السلام، قال: إنّ عندنا مانكتمه ولانعلّمه غيرنا؟ [ثمّ قال:]أشهد علي أبي أنّه حدّثني عن أبيه عن جدّه [الحسين عليه‌السلام]، قال: قال [لي أبي] عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام: يا بنّي إنّه لابدّ من أن تمضي مقاديراللَّه و أحكامه علي ما أحبّ وقضي و سينفذّاللَّه قضاءه و قدره و حكمه فيك، فعاهدني أن لا تلفظ بكلام أسرّه إليك حتّي أموت وبعد موتي باثني عشر شهراً؟ …
هكذا رواه المجلسي رحمه الله، إلي آخر الدعاء عنه، في الحديث: (41) من الباب: (129) من كتاب الذكر والدعاء من البحار: ج 95، ص 408 تا 415.
ثمّ رواه رحمه الله‌عن كتاب العتيق عن أبي‌الجارود، عن جابر الجعفي عن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي صلوات اللَّه عليهم أجمعين قال: قال مولانا أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه …
وأيضاً رواه السّيد ابن‌طاوس رحمه الله، في‌كتاب فلاح السائل: ص 224.
ورواه عنه المجلسي رفع اللَّه مقامه مشروحاً في الحديث: (40) من الباب: (67) من كتاب الصلاة من البحار: ج 86، ص 271 تا 274 ثمّ قال:
لهذا الدعاء أسانيد جمّة وفيه اختلاف كثير بحسب اختلاف الروايات، ولذا أوردناه في مواضع [من كتابنا هذا من بحارالأنوار] وقد أورده السيّد في جمال الأسبوع …
أقول ورواه قدّس سرّه عن السيّد ابن‌طاوس حرفياً في الحديث الأول من الباب الثامن من كتاب الصلاة من بحارالأنوار: ج 90، ص 73 قال: قال السيّد قدّس سرّه: إني وقفت علي خمس روايات بدعاء العشرات تختلف روايتها في النقصان والزيادات، وها أنا أذكر ما لعلّه أصلح في الروايات [وهو ما] روينا [ه] بإسنادنا إلي جدّي السعيد أبي‌جعفر الطوسي بإسناده إلي أبي‌العباس أحمد بن محمّد بن سعيد ابن‌عقدة الحافظ، عن عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن صالح بن الفيض، عن أبي‌مريم عن عبداللَّه بن عطاء قال: حدّثني أبوجعفر محمّد بن عليّ الباقر، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه وعليهم أجمعين أنّه قال …
ثمّ ساق بعض فضائل الدعاء إلي أن قال: وقال أبوالعباس ابن‌سعيد: وحدّثني يعقوب بن يوسف بن زياد الضرير، قال: حدّثني الفيض بن الفضل، عن أبي‌مريم عبدالغفّار بن القاسم، عن عبداللَّه بن عطاء، عن أبي‌جعفر عليه‌السلام [ … ].
[ثمّ] قال: أبوالعباس: وحدّثني الحسين بن الحكم الحبري [ظ] قال: حدّثني حسن بن الحسين العرني عن أبي‌مريم، عن عبداللَّه بن عطاء، عن أبي‌جعفر عليه‌السلام.
ثمّ ساق المجلسي‌رحمه الله الدعاء إلي آخره [بالإسناد المتقدّم عن كتاب جمال الأسبوع] ثمّ قال: أقول: وجدت في أصل قديم من أصول أصحابنا هذا الدعاء بهذا السند:
أخبرنا محمّد بن محمّد بن سعيد، عن جعفر بن محمّد بن مروان الغزال، عن أبيه عن إسماعيل بن إبراهيم التمّار، عن محمّد بن [عليّ بن] الحسين [عن أبيه عليّ‌بن الحسين]عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي‌طالب عليه‌السلام.
وساق الحديث والدعاء مثل [ماتقدّم، ثمّ قال:] وقد تقدّم في أدعية الصباح والمساء وإنّما كررنا للاختلاف سنداً ومتناً.
[1007] كلمة: «يمينك» رسم خطّها من أصلي المخطوط من محاسن الأزهار، وكتبناه علي الظنّ.
[1008] فوق قوله: «خلقك» في أصلي المخطوط ثلاث كلمات غير مقروءة.
[1009] لفظة الجلالة الثانية كانت في أصلي مكتوبة بين السطرين فوق قوله: «يا اللَّه» الأولي ولفظ: «يا رحمان» أيضاً كان في أصلي مصحّفاً، وبعده أيضاً بين السطرين لفظ غير مقروء. وأيضاً‌ها هنا في الهامش ثلاثة أسطر من الدعاء غير مقروء ومحلّه أيضاً غير معلوم.
[1010] كلمتا: «يالطيف ياخبير» كانتا مكتوبتين بين السطرين بعد قوله: «يامنّان».
[1011] من قوله: «تقول عشر مراّت: يا لا إله إلّا أنت، أنت أهل العفو وأهل المغفرة» الي قوله: «يا أرحم الراحمين» كان في هامش أصلي ورسم خطّها غير واضح فليحقّق.
[1012] من قوله: «ثم تقول عشر مرّات» الي قوله: «ولا تصنع بي ما أنا أهله» كان في هامش أصلي وكان خطّه غامضاً ومحله في المتن أيضاً غامضاً فليحقق لأنيّ لم يتيسّر لي الرجوع الي نسخة صحيحة.
[1013] رواه الطبراني في الحديث الأول من عنوان: «ما أسند الحسين بن عليّ [عليهماالسلام]» برقم: (2885) من المعجم الكبير: ج 3، ص 128.
ورواه أيضاً القاضي عياض في عنوان: «ذمّ من لم يصلّ علي النبي … » في أواسط الباب الثاني من القسم الثاني من كتاب الشفا: ج 2 ص 654 تا 655، ط دار الكتاب العربي.
[1014] رواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في الحديث الأول من الباب: (40) من تيسير المطالب ص 352، ط 2.
ورواه أيضاً الطبراني في الحديث: (725) من المعجم الأوسط: ج 1، ص 408.
ورواه السيّد المرشد باللَّه بسندين في أماليه الخميسيّة كما في الحديث: (41 و63) من الباب: (11) من ترتيبه: ج 1، ص 235/222 ط 1.
ومن أراد المزيد فعليه بما رواه القاسم بن محمد بن عليّ في باب التشهّد من كتاب الإعتصام بحبل اللَّه: ج 1، ص 399 تا 407 ط مكتبة اليمن.
وليراجع أيضاً ما حقّقه السمهودي في آخر الذكر الثاني من العقد الثاني من جواهر العقدين المخطوط: ج 1/الورق 81 /أ/ وفي ط بغداد: ج 2 ص 60 تا 62.
[1015] رواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في الحديث الرابع من الباب: (40) من تيسير المطالب: ص 353، ط 1.
[1016] رواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في الباب: (40) من تيسير المطالب: ص 353.
[1017] رواه الطبراني في مسند الإمام الحسين عليه‌السلام برقم: (2887) من المعجم الكبير: ج 3 ص 128، ط 2.
ورواه أيضاً السيّد أبوطالب في أماليه كما في الحديث: (6) من الباب: (40) من تيسير المطالب: ص 354 ط 1.
[1018] رواه مع الثاني السيّد أبوطالب في أماليه كما في الباب: (40) من تيسير المطالب: ص 355/353.
[1019] رواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في آخر باب 40 من تيسير المطالب: ص 355 ط 1.
[1020] رواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في الحديث الأخير من باب الأربعين من تيسير المطالب: ص 355.
وأيضاً رواه عن أمالي السيّد أبي‌طالب القاسم بن محمّد في باب التشهد من كتاب الاعتصام بحبل اللَّه: ج 1 ص 406.
[1021] كذا.
[1022] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية، كما في الحديث الأوّل من عنوان: «الحديث الخامس في فضل النبي … » من ترتيب أماليه: ج 1 ص 123، ط 1.
[1023] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في الحديث: (19) من عنوان: «الحديث الخامس في فضل النبي … » من ترتيب أماليه ج 1، ص 125، ط 1.
[1024] رواه السيّد أبوطالب في أماليه كما في الحديث: (5) من الباب: (40) من تيسير المطالب ص 35، ط 1.
ومضمون هذا الصدر متواتر قد رواه الجمّ الغفير من الصحابة كما في الروايات الواردة في تفسير الآية الكريمة المتقدم الذكر، وكما في الذكر الثاني من القسم الثاني من جواهر العقدين: ج 2 ص 46، ط بغداد.
[1025] لايحضرني مصدر لما ذكره ابن عباس في هذا الذيل، ولكن له شواهد في الذكر الثاني من القسم الثاني من جواهر العقدين: ج 2، ص 46، ط بغداد، وفي مشكل الآثار للطحاوي.
[1026] رواه السيّد المرشد باللَّه في الأمالي الخميسية كما في الحديت (14) في عنوان «الحديث الخامس في فضل النبي والصلاة عليه … » من ترتيب أماليه: ج 1، ص 128، ج 1، ط 1.
وللحديث مصادر كثيرة وأسانيد جمّة جدّاً، وقد رواه جماعة من قدامي الحفّاظ:
منهم الحافظ الأقدم أبوبكر عبداللَّه بن محمد بن أبي شيبة المتوفّي سنة: (235) فإنّه رواه في كتاب الدعاء في الحديث: (9569) من المصنّف: ج 10، ص 325 ط الهند، قال:
حدّثنا محمد بن فضيل، عن عبداللَّه الأسدي عن رجل عن عليّ[عليه‌السلام أنّه] كان يقول …
ومنهم أبوبكر أحمد بن عمرو بن الضحّاك المعروف بابن أبي‌عاصم المولود عام: (206) المتوفي سنة: (287) كما في هامش تهذيب الآثار، ص 222.
وأيضاً أشار محقق تهذيب الآثار في هذا المقام الي رواية الحديث عن جماعة أخر من القدماء فليلاحظ.
ومنهم محمدبن جرير الطبري‌المفسّر المؤرّخ الشهير- المولود سنة (224) المتوفّي عام: (310) فانّه رواه مشروحاً في الحديث: (352) في مسند طلحة بن عبيداللَّه من كتابه تهذيب الآثار: ج … ص 221 ط 1، قال:
حدثنا محمد بن وزير بن قيس الواسطي قال: حدثنا نوح بن قيس، عن سلامة الكندي قال: كان علي بن أبي‌طالب- رضوان اللَّه عليه- يعلّم الناس الصلاة علي النبيّ صلي اللَّه عليه [وآله] وسلم يقول: قولوا:
الّلهمّ داحيَ المحوّات، وباري‌ء المسموكات، وجبّار القلوب علي فطرتها؟ …
ومنهم الحافظ الطبراني- المولود عام: (260) المتوفيَّ سنة: (360) فإنّه رواه في الحديث: (9085) من المعجم الأوسط: ج 10، ص 36 ط 1، قال:
حدثنا مسعدة بن سعد، قال: حدثنا سعيد بن منصور، قال: حدّثنا نوح بن قيس، قال: حدثنا سلامة ابن‌الكندي؟ قال:
كان عليّ رضي الله عنه يعلّم الناس الصلاة علي نبيّ‌اللَّه، يقول: اللّهمّ داحيَ المدحوّات وباري‌ء المسموكات، وجبّار القلوب علي فطراتها شقيّها وسعيدها …
ورواه عنه الهيثمي ثم قال: «وسلامة الكندي روايته عن عليّ مرسلة؟ وبقية رجاله رجال الصحيح» كما في (باب كيفية الصلاة علي النبيّ صلي اللَّه عليه وآله وسلم) من كتاب الدعاء من مجمع الزوائد: چ 10، ص 164.
ورواه أيضاً ابراهيم بن محمد الثقفي المتوفي سنة (382) في كتاب الغارات، كما في الحديث: (85) من تلخيصه: ج 1 ص 158.
ورواه أيضاً الشريف الرضيّ رفع اللَّه مقامه المتوفي (406) في المختار: (69) من نهج‌البلاغة.
ورواه أيضاً القاضي القضاعي المتوفي سنة: (454) في أوّل الباب السادس من دستور معالم الحكم: ص 119.
ورواه أيضاً الحافظ العاصمي المولود سنة: (578)- في كتاب زين الفتي كما في الحديث (122) من تهذيبه العسل المصفّي: ج 1 ص 214 ط 1.
ورواه بنحو الإرسال القاضي عياض- المولود سنة: (476) المتوفي عام: (544)- في عنوان: (كيفية الصلاة والتسليم علي النبي … ) من كتاب الشفا: ج 2 ص 474.
ورواه أيضاً ابن‌كثير الدمشقي- المتوفي سنة: (774)- في تفسير الآية: (56) من سورة الأحزاب، في تفسيره: چ 3 ص 509، وفي ط: چ 6 ص 453 قال:
رويناه من طريق سعيد بن منصور، ويزيد بن هارون، وزيد بن الحباب ثلاثتهم عن نوح بن قيس [قال:] حدّثنا سلامة الكندي أنّ عليّاً رحمه الله كان يعلم الناس هذا الدعاء …
ثم قال ابن‌كثير: هذا [الدعاء] مشهور من كلام عليّ رضي الله عنه، وقد تكلّم عليه ابن‌قتيبة في[كتاب] مشكل الحديث، وكذا أبوالحسين أحمد بن فارس اللغوي في جزء جمعه في فضل الصلاة علي النبيّ صلي اللَّه عليه وسلّم.
ثمّ قال ابن‌كثير: وقد روي الحافظ أبوالقاسم الطبراني هذا الأثر عن محمد بن عليّ الصائغ، عن سعيد بن منصور؟ حدّثنا نوح بن قيس، عن سلامة الكندي قال: كان عليّ يعلّمنا الصلاة علي النبي …
ومن أراد المزيد فعليه بما ذكرناه في ذيل المختار: (65) من باب الدعاء من نهج‌السعادة: ج 6 ص 280.
[1027] في الطبعة الأولي من ترتيب الأمالي الخميسيّة للسيّد المرشد باللَّه: «ورأفة محبّتك علي الجلية المعروف نجيّك؟ علي محمّد عبدك ورسولك … ».
[1028] ومثله في ترتيب الأمالي، وكتب في أصلي بخطّ الأصل فوقه: «اغتلق». وفي كثير من المصادر: «والفاتح لما انغلق … ».
[1029] كذا في أصلي، وفي ترتيب الأمالي الخميسية: «والدامغ لجيشات الأباطيل … ».
[1030] مابين المعقوفين كان ساقطاً من أصلي وأخذناه من ترتيب الأمالي الخميسية، ومثله جاء في أكثر المصادر.
[1031] كذا في أصلي، وفي ترتيب الأمالي الخميسية: «وأبهج موضحات الأعلام منيرات الإسلام … ».
[1032] كذا في ترتيب الأمالي الخميسيّة، ورسم الخطّ في كلم من أصلي هاهنا غير واضح.
[1033] هذا هو الصواب المذكور في المعجم الأوسط، وهاهنا في أصلي مثل ترتيب الأمالي تصحيف: «وأنزله». والنزل- علي زنة القفل- ما يهيّأ لإكرام الضيف.
[1034] كذا في ترتيب الأمالي الخميسيّة والظاهر أنّه الصواب، وفي‌أصلي «أحدهما: جبرها أي بالإسلام … ».
[1035] الظاهر أنّ هذا هو الصواب، وفي أصلي: «المضية».

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.