السيد محمد الحسيني الشيرازي
مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الظروف العصيبة التي تمر بالعالم.. والمشكلات الكبيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية.. والمعاناة السياسية والاجتماعية التي تقاسيها بمضض.. وفوق ذلك كله، الأزمات الروحية والأخلاقية التي يئنّ من وطأتها العالم أجمع.. والحاجة الماسة إلي نشر وبيان مفاهيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العميقة التي تلازم الإنسان في كل شؤونه وجزئيات حياته وتتدخل مباشرةً في حلّ جميع أزماته ومشاكله في الحرية والأمن والسلام وفي كل جوانب الحياة.. والتعطش الشديد إلي إعادة الروح الإسلامية الأصيلة، وبلورة الثقافة الدينية الحيّة، وبثّ الوعي الفكري والسياسي في أبناء الإسلام كي يتمكنوا من رسم خريطة المستقبل المشرق.. كل ذلك دفع المؤسسة لأن تقوم بنشر مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها المرجع الديني الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلي الله مقامه) في ظروف وأزمنة مختلفة، حول مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، وقد قام سماحته رحمة الله عليه بتهذيبها والإضافة عليها، فقمنا بطباعتها مساهمةً منا في نشر الوعي الإسلامي، وسدّاً لبعض الفراغ العقائدي والأخلاقي لأبناء المسلمين من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مجيد.. وذلك انطلاقاً من الوحي الإلهي القائل:
لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (). الذي هو أصل عقلائي عام يرشدنا إلي وجوب التفقه في الدين وإنذار الأمة، ووجوب رجوع الجاهل إلي العالم في معرفة أحكامه في مواقفه وشؤونه.. كما هو تطبيق عملي وسلوكي للآية الكريمة:
فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُوا الأَلْبَابِ ().
إن مؤلفات الإمام الشيرازي (أعلي الله مقامه) تتسم ب:
أولاً: التنوّع والشمولية لأهم أبعاد الإنسان والحياة، لكونها انعكاساً لشمولية الإسلام.. فقد أفاض قلمه المبارك الكتب والموسوعات الضخمة في شتي علوم الإسلام
المختلفة، بدءً من موسوعة (الفقه) التي بلغت المائة والستين مجلداً، حيث تُعدّ أكبر موسوعة علمية استدلالية فقهية في العالم الإسلامي، مروراً بعلم الحديث والتفسير والكلام والأصول والسياسة والاقتصاد والاجتماع والحقوق وسائر العلوم الحديثة الأخري.. وانتهاءً بالكتب المتوسطة والصغيرة التي تتناول مختلف المواضيع والتي تتجاوز بمجموعها ال (1300) كتاب وكراس.
ثانياً: الأصالة حيث إنها تتمحور حول القرآن الكريم والسنة المطهرة وتستلهم منهما الرؤي والأفكار.
ثالثاً: المعالجة الجذرية والعملية المستبصرة بمشاكل الأمة الإسلامية ومشاكل العالم المعاصر. رابعاً: التحدث بلغة علمية رصينة في كتاباته لذوي الاختصاص ك(الأصول) و(البيع) وغيرها، وبلغة واضحة سهلة يفهمها الجميع في كتاباته الجماهيرية، مدعومة بشواهد من واقع الحياة.
نرجو من المولي العلي القدير أن ينفع بذلك، إنه سميع مجيب.
مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.
قال الله تعالي: إِنّ اللّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتّيَ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ().
وقال سبحانه: ذَلِكَ بِأَنّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَيَ قَوْمٍ حَتّيَ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ().
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أبي كان يقول: إن الله قضي قضاءً حتماً لا ينعم علي عبده بنعمة فيسلبها إياه قبل أن يحدث العبد ما يستوجب بذلك الذنب سلب تلك النعمة، وذلك قول الله إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّي يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ () ().
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: ما من سلطان آتاه الله قوةً ونعمةً فاستعان بها علي ظلم عباده إلاّ كان حقاً علي الله أن ينزعها منه، ألم تر إلي قول الله تعالي إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّي يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ
() ().
المجتمع وما فيه عادةً نحو التغيير، فربما كان من حسن إلي أحسن، وربما من سيء إلي حسن، وربما من حسن إلي سيء، وربما من سيء إلي أسوء، وربما غير ذلك، كما لو تغير من أسوء إلي حسن أو أحسن، والعكس أيضا. فالحالات الأربعة: الحسن والأحسن والسيء والأسوء تنتج اثنتي عشرة صورة.
ومن أهم أسس التغيير: هو التغيير في النفس، فإذا تغير الإنسان أو تغيرت الأمة، غيّر الله ما بهم.
والتغيير قد يكون فرديا، وقد يكون جمعيا، أي علي مستوي الأمة. وربما كان تغيير الفرد سببا أو مؤثراً في تغيير المجتمع، وربما كان العكس. علي تفصيل مذكور في علم الاجتماع.
والأنبياء عليهم السلام بعثهم الله لتغيير الفرد والمجتمع نحو الخير والفضيلة والتقوي، ولإنقاذه من الشر والرذيلة والعصيان.
ورد في كتاب (المجازات النبوية)() وفي كتب الأمثال أيضاً () عن رسول الله صلي الله عليه و اله أنّه قال: أنا النذير العريان ().
وروي العلامة المجلسي رحمة الله عليه قوله صلي الله عليه و اله: أنا النذير العريان، فالنجا النجا، أي انجوا بأنفسكم ().
فما معني هذا الحديث؟ وما معني (العريان) هنا؟
للجواب علي هذا السؤال لابُدّ مِنَ الرجوع والاطلاع علي تاريخ ما قبل الإسلام، لكي نستوعب جوانب الحديث..
فقبل مجيء الإسلام، كانت الحرب بين القبائل أمراً عاديّاً ومألوفاً، حتي أنها كانت القبائل ولأتفه الأسباب تقف ضد بعضها، ويحتدم بينها النزاع ويطول، وربما يمتد عشرات السنين، كما حصل في حرب البسوس()..
وحرب داحس والغبراء()..
وما أشبه.
وكانت القبائل تُغير إحداها علي الأخري، فتقتل الرجال بكل قساوة، وتأسر النساء والأطفال، وتسلب الأموال..
وكان هناك شخص نذير، يخرج عرياناً لإنذار قومه، علي ما سيأتي تفصيله.
فقوله صلي الله عليه و اله كناية عن أهمية إنذاره.
قالوا: إن الرجل إذا أراد إنذار قومه
وإعلامهم بما يحدق بهم من الخطر، نزع ثوبه وأشار به إليهم إذا كان بعيداً منهم ليخبرهم بوقوع الخطر وليحذرهم بما دهمهم، وأكثر من يفعل هذا هو رئيس القوم ورقيبهم، وقالوا: وإنما يفعل ذلك لأنه أبين للناظر وأغرب وأشنع منظراً فهو أبلغ في استحثاثهم في التأهب للعدو.
وقيل: معناه أنا النذير الذي أدركني العدو فأخذ ثيابي فإنذركم عرياناً ().
وقيل: إن العريان بمعني فصيح اللسان، فهو مأخوذ من أعرب الرجل عن حاجته إذا أفصح عنها.
كما أن هناك أسبابا للتغيير، هناك موانع عن التغيير أيضا، فالعديد من أفراد المجتمع الجاهلي لم يقبلوا التغيير نحو الحسن لوجود التعصبات فيهم، فالتعصب مانع من التغيير.
وقد كانت الروحية السائدة آنذاك تندفع وراء النزاعات المادية، وتقف مدافعة عن الاعتقادات الباطلة والعادات الساذجة، وكان الجهل والعصبية المحرك الرئيسي لها. وإنَّ الاختلافات كانت في أغلب الأحيان تصل إلي الإبادة والتدمير، دون أن تقيم وزناً للأخلاق والقيم الإنسانية..
وما نراه اليوم من حروب بين الناس، فإنه يرجع في كثير من الأحيان، إلي تلك النعرات القبلية الجاهلية، أو إلي النزعات القومية التي توارثها الناس، جيلاً عن جيل. وبدأوا يحكمونها علي المنطق والعقل والقيم الصحيحة، فكانت مانعة عن التغيير نحو الحسن.
ولذا فإنّ العصبية المذمومة المتوارثة من العصر الجاهلي، هي التي توجب الإعانة علي الظلم، وإثبات الباطل، والتفاخر بالأمور التافهة، التي توجب المنقصة، وبث الخلاف بين الناس.
قال رسول الله صلي الله عليه و اله: من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من عصبية، بعثه الله عزّ وجل يوم القيامة مع أعراب الجاهلية ().
وسُئل الإمام علي بن الحسين عليه السلام عن العصبية فقال:
العصبية التي يأثم عليها صاحبها: أنْ يري الرجل شرار قومه خير من خيار قوم آخرين، وليس من العصبية
أنْ يحب الرجل قومه، ولكن من العصبية أنْ يُعين الرجل قومه علي الظلم ().
وقال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): وأما الأغنياء من مترفة الأمم فتعصبوا لآثار مواقع النعم ف: َقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ().. فإن كان لابد من العصبية، فليكن تعصبكم لمكارم الخصال ومحامد الأفعال ومحاسن الأمور، التي تفاضلت فيها المجداء() والنجداء() من بيوتات العرب ويعاسيب القبائل()، بالأخلاق الرغيبة والأحلام العظيمة والأخطار الجليلة والآثار المحمودة، فتعصبوا لخلال الحمد: من الحفظ للجوار، والوفاء بالذمام، والطاعة للبر، والمعصية للكبر، والأخذ بالفضل، والكف عن البغي، والإعظام للقتل، والإنصاف للخلق، والكظم للغيظ، واجتناب الفساد في الأرض.
واحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الأفعال وذميم الأعمال. فتذكروا في الخير والشر أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم، فإذا تفكرتم في تفاوت حاليهم، فالزموا كل أمرٍ لزمت العزة به شأنهم، وزاحت الأعداء له عنهم، ومدت العافية به عليهم، وانقادت النعمة له معهم، ووصلت الكرامة عليه حبلهم، من الاجتناب للفرقة، واللزوم للألفة، والتحاض عليها، والتواصي بها، واجتنبوا كل أمرٍ كسر فقرتهم، وأوهن منتهم، من تضاغن القلوب، وتشاحن الصدور، وتدابر النفوس، وتخاذل الأيدي.
وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم، كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء؛ ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباءً وأجهد العباد بلاءً، وأضيق أهل الدنيا حالاً، اتخذتهم الفراعنة عبيداً، فساموهم سوء العذاب وجرعوهم المرار، فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة وقهر الغلبة، لا يجدون حيلةً في امتناعٍ، ولا سبيلا إلي دفاعٍ، حتي إذا رأي الله سبحانه جدّ الصبر منهم علي الأذي في محبته، والاحتمال للمكروه من خوفه، جعل لهم من مضايق البلاء فرجاً، فأبدلهم العز مكان الذل، والأمن مكان الخوف، فصاروا ملوكاً حكاماً وأئمةً أعلاماً، وقد بلغت الكرامة من
الله لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم.
فانظروا كيف كانوا، حيث كانت الأملاء مجتمعةً، والأهواء مؤتلفةً، والقلوب معتدلةً، والأيدي مترادفةً، والسيوف متناصرةً، والبصائر نافذةً، والعزائم واحدةً، ألم يكونوا أرباباً في أقطار الأرضين، وملوكاً علي رقاب العالمين، فانظروا إلي ما صاروا إليه في آخر أمورهم، حين وقعت الفرقة وتشتتت الألفة واختلفت الكلمة والأفئدة، وتشعبوا مختلفين وتفرقوا متحاربين، وقد خلع الله عنهم لباس كرامته، وسلبهم غضارة نعمته، وبقي قصص أخبارهم فيكم عبراً للمعتبرين.
فاعتبروا بحال ولد إسماعيل وبني إسحاق وبني إسرائيل فما أشد اعتدال الأحوال وأقرب اشتباه الأمثال، تأملوا أمرهم في حال تشتتهم وتفرقهم، ليالي كانت الأكاسرة والقياصرة أرباباً لهم، يحتازونهم عن ريف الآفاق، وبحر العراق، وخضرة الدنيا إلي منابت الشيح()، ومهافي() الريح، ونكد المعاش، فتركوهم عالةً مساكين، إخوان دبرٍ() ووبرٍ()، أذل الأمم داراً، وأجدبهم قراراً، لا يأوون إلي جناح دعوةٍ يعتصمون بها، ولا إلي ظل ألفةٍ يعتمدون علي عزها، فالأحوال مضطربةٌ والأيدي مختلفةٌ والكثرة متفرقةٌ، في بلاء أزلٍ وأطباق جهلٍ، من بناتٍ موؤودةٍ() وأصنامٍ معبودةٍ وأرحامٍ مقطوعةٍ وغاراتٍ مشنونةٍ.
فانظروا إلي مواقع نعم الله عليهم حين بعث إليهم رسولاً () فعقد بملته طاعتهم، وجمع علي دعوته ألفتهم، كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها، وأسالت لهم جداول نعيمها، والتفت الملة بهم في عوائد بركتها، فأصبحوا في نعمتها غرقين، وفي خضرة عيشها فكهين، قد تربعت الأمور بهم في ظل سلطانٍ قاهرٍ، وآوتهم الحال إلي كنف عز غالبٍ، وتعطفت الأمور عليهم في ذري ملكٍ ثابتٍ، فهم حكامٌ علي العالمين، وملوكٌ في أطراف الأرضين، يملكون الأمور علي من كان يملكها عليهم، ويمضون الأحكام فيمن كان يمضيها فيهم، لا تغمز لهم قناةٌ ولا تقرع لهم صفاةٌ.
ألا وإنكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة،
وثلمتم حصن الله المضروب عليكم بأحكام الجاهلية، فإن الله سبحانه قد امتن علي جماعة هذه الأمة، فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة، التي ينتقلون في ظلها ويأوون إلي كنفها، بنعمةٍ لا يعرف أحدٌ من المخلوقين لها قيمةً؛ لأنها أرجح من كل ثمنٍ،وأجل من كل خطرٍ.
واعلموا أنكم صرتم بعد الهجرة أعراباً ()، وبعد الموالاة أحزاباً، ما تتعلقون من الإسلام إلاّ باسمه، ولا تعرفون من الإيمان إلاّ رسمه، تقولون: النار ولا العار، كأنكم تريدون أن تكفئوا الإسلام علي وجهه، انتهاكاً لحريمه، ونقضاً لميثاقه، الذي وضعه الله لكم حرماً في أرضه، وأمناً بين خلقه، وإنكم إن لجأتم إلي غيره حاربكم أهل الكفر، ثم لا جبرائيل ولا ميكائيل ولا مهاجرون ولا أنصارٌ ينصرونكم، إلا المقارعة بالسيف، حتي يحكم الله بينكم.
وإن عندكم الأمثال من بأس الله وقوارعه وأيامه ووقائعه، فلا تستبطئوا وعيده جهلاً بأخذه، وتهاوناً ببطشه، ويأساً من بأسه، فإن الله سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم إلاّ لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلعن الله السفهاء لركوب المعاصي، والحلماء لترك التناهي. ألا وقد قطعتم قيد الإسلام وعطلتم حدوده وأمتم أحكامه ().
وهذه الخطبة الشريفة تبين العديد من أسباب وموانع التغيير، سواء كان التغيير من السيء إلي الحسن، أو العكس.
لقد كانت حروب العرب في الجاهلية غالباً تتخذ طابعين وأسلوبين في القتال: الأول منهما: وهي الحروب القصيرة الأمد، التي لا تكاد تستمر ساعات أو أياماً قلائل علي الأكثر، وتكون بشكل غارة تشنها قبيلة علي أخري، وتنتهي بعد أن يكون الطرفان، أو أحدهما قد تشتت شمله، وانتهب رحله، ولعبت السيوف في رقاب أهله، ثم اقتيد الباقون، أساري وسبايا.
وأمّا النوع الثاني من الحروب، فهي: الحرب الطويلة الأمد، والتي كانت تظل أحياناً
مستعرة إلي عشرات السنين، من قبيل حرب الأوس والخزرج، التي بقيت مائة عام كما في بعض التواريخ().
روي علي بن إبراهيم القمي رحمة الله عليه فقال: قدم أسعد بن زرارة، وذكوان بن عبد قيس في موسم من مواسم العرب، وهما من الخزرج، وكان بين الأوس والخزرج حرب قد بغوا فيها دهوراً طويلة، وكانوا لا يضعون السلاح لا بالليل ولا بالنهار، وكان آخر حرب بينهم يوم بغاث()، وكانت الأوس علي الخزرج، فخرج أسعد بن زرارة وذكوان إلي مكة في عمرة رجب يسألون الحلف علي الأوس، وكان أسعد بن زرارة صديقا لعتبة بن ربيعة، فنزل عليه فقال له: إنه كان بيننا وبين قومنا حرب وقد جئناكم نطلب الحلف عليهم. فقال عتبة: بعدت دارنا من داركم ولنا شغل لانتفرغ لشيء. قال: وما شغلتكم وأنتم في حرمكم وأمنكم؟
قال له عتبة: خرج فينا رجل يدعي أنه رسول الله، سفه أحلامنا، وسب آلهتنا، وأفسد شباننا، وفرق جماعتنا!.
فقال له أسعد: من هو منكم؟
قال: ابن عبد الله بن عبد المطلب، من أوسطنا شرفاً، وأعظمنا بيتاً.
وكان أسعد وذكوان وجميع الأوس والخزرج يسمعون من اليهود الذين كانوا بينهم النظير وقريظة وقينقاع أن هذا أوان نبي يخرج بمكة يكون مهاجره بالمدينة، لنقتلنكم به يا معشر العرب.
فلما سمع ذلك أسعد وقع في قلبه ما كان سمعه من اليهود، قال: فأين هو؟
قال: جالس في الحِجر، وإنهم لا يخرجون من شعبهم إلاّ في الموسم، فلا تسمع منه ولاتكلّمه؛ فإنه ساحر يسحرك بكلامه. وكان هذا في وقت محاصرة بني هاشم في الشعب.
فقال له أسعد: فكيف أصنع وأنا معتمر، لابد لي أن أطوف بالبيت؟
فقال: ضع في أذنيك القطن.
فدخل أسعد المسجد وقد حشا أذنيه من القطن، فطاف بالبيت ورسول الله صلي الله عليه
و اله جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم، فنظر إليه نظرة فجازه، فلما كان في الشوط الثاني قال في نفسه: ما أجد أجهل مني، أيكون مثل هذا الحديث بمكة فلا نعرفه حتي أرجع إلي قومي فأخبرهم؟ ثم أخذ القطن من أذنيه ورمي به وقال لرسول الله صلي الله عليه و اله: أنعم صباحا.
فرفع رسول الله ? رأسه إليه، وقال: «قد أبدلنا الله به ما هو أحسن من هذا، تحية أهل الجنة: السلام عليكم».
فقال له أسعد: إن عهدك بهذا لقريب، إلي ما تدعو يا محمد؟
قال: إلي شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وأدعوكم أَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّي يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَي وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ().
فلما سمع أسعد هذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك رسول الله، يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أنا من أهل يثرب من الخزرج، وبيننا وبين إخواننا من الأوس حبال مقطوعة، فإن وصلها الله بك فلا أجد أعزّ منك، ومعي رجل من قومي، فإن دخل في هذا الأمر رجوت أن يتمم الله لنا أمرنا فيك، والله يا رسول الله، لقد كنا نسمع من اليهود خبرك، وكانوا يبشروننا بمخرجك، ويخبروننا بصفتك، وأرجو أن تكون دارنا دار هجرتك، وعندنا مقامك، فقد أعلمنا اليهود ذلك،
فالحمد لله الذي ساقني إليك، والله ما جئت إلا لنطلب الحلف علي قومنا، وقد أتانا الله بأفضل مما أتيت له.
ثم أقبل ذكوان فقال له أسعد: هذا رسول الله الذي كانت اليهود تبشرنا به وتخبرنا بصفته، فهلم وأسلم، فأسلم ذكوان، ثم قالا: يارسول الله، ابعث معنا رجلا يعلمنا القرآن ويدعو الناس إلي أمرك.
فقال رسول الله صلي الله عليه و اله لمصعب بن عمير، وكان فتي حدثاً مترفاً بين أبويه يكرمانه ويفضلانه علي أولادهم ولم يخرج من مكة، فلما أسلم جفاه أبواه، وكان مع رسول الله صلي الله عليه و اله في الشعب حتي تغير وأصابه الجهد، فأمره رسول الله صلي الله عليه و اله بالخروج مع أسعد، وقد كان تعلم من القرآن كثيراً..
فخرج هو مع أسعد إلي المدينة ومعهما مصعب بن عمير، وقدموا علي قومهم وأخبروهم بأمر رسول الله ? وخبره، فأجاب من كل بطن الرجل والرجلان، وكان مصعب نازلاً علي أسعد بن زرارة، وكان يخرج في كل يوم ويطوف علي مجالس الخزرج يدعوهم إلي الإسلام فيجيبه الأحداث..
وكان عبد الله بن أُبيّ شريفاً في الخزرج، وقد كان الأوس والخزرج اجتمعت علي أن يملكوه عليهم لشرفه وسخائه، وقد كانوا اتخذوا له إكليلاً احتاجوا في تمامه إلي واسطة كانوا يطلبونها، وذلك أنه لم يدخل مع قومه الخزرج في حرب بغاث ولم يعن علي الأوس، وقال: هذا ظلم منكم للأوس ولا أعين علي الظلم، فرضيت به الأوس والخزرج، فلما قدم أسعد كره عبد الله ما جاء به أسعد وذكوان وفتر أمره.
فقال أسعد لمصعب: إن خالي سعد بن معاذ من رؤساء الأوس، وهو رجل عاقل شريف مطاع في بني عمرو بن عوف، فإن دخل في هذا الأمر تم لنا أمرنا،
فهلم نأتي محلتهم.
فجاء مصعب مع أسعد إلي محلة سعد بن معاذ فقعد علي بئر من آبارهم واجتمع إليه قوم من أحداثهم وهو يقرأ عليهم القرآن، فبلغ ذلك سعد بن معاذ، فقال لأسيد بن حضير وكان من أشرافهم: بلغني أن أبا أمامة أسعد ابن زرارة قد جاء إلي محلتنا مع هذا القرشي يفسد شباننا، فأته وانهه عن ذلك.
فجاء أسيد بن حضير، فنظر إليه أسعد فقال لمصعب بن عمير: إن هذا الرجل شريف، فإن دخل في هذا الأمر رجوت أن يتم أمرنا، فأصدق الله فيه. فلما قرب أسيد منهم قال: يا أبا أمامة، يقول لك خالك: لا تأتنا في نادينا، ولا تفسد شباننا، واحذر الأوس علي نفسك.
فقال مصعب: أو تجلس فنعرض عليك أمراً، فإن أحببته دخلت فيه، وإن كرهته نحينا عنك ما تكرهه.
فجلس، فقرأ عليه سورة من القرآن.
فقال: كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الأمر؟
قال: نغتسل ونلبس ثوبين طاهرين ونشهد الشهادتين ونصلي ركعتين. فرمي بنفسه مع ثيابه في البئر، ثم خرج وعصر ثوبه، ثم قال: أعرض عليّ، فعرض عليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فقالها، ثم صلي ركعتين، ثم قال لأسعد: يا أبا أمامة، أنا أبعث إليك الآن خالك وأحتال عليه في أن يجيئك.
فرجع أسيد إلي سعد بن معاذ، فلما نظر إليه سعد قال: اقسم أن أسيداً قد رجع إلينا بغير الوجه الذي ذهب من عندنا، فأتاهم سعد بن معاذ فقرأ عليه مصعب: حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ () فلما سمعها، قال مصعب: والله، لقد رأينا الإسلام في وجهه قبل أن يتكلم، فبعث إلي منزله وأتي بثوبين طاهرين واغتسل وشهد الشهادتين وصلي ركعتين، ثم قام وأخذ بيد مصعب وحوله إليه وقال: أظهر
أمرك ولا تهابن أحدا.
ثم جاء فوقف في بني عمرو بن عوف وصاح: يا بني عمرو بن عوف لايبقين رجل ولا امرأة ولا بكر ولا ذات بعل ولا شيخ ولا صبي إلاّ أن يخرج، فليس هذا يوم ستر ولا حجاب. فلما اجتمعوا قال: كيف حالي عندكم؟
قالوا: أنت سيدنا والمطاع فينا، ولا نرد لك أمراً، فمرنا بما شئت.
فقال: كلام رجالكم ونسائكم وصبيانكم علي حرام حتي تشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والحمد لله الذي أكرمنا بذلك، وهو الذي كانت اليهود تخبرنا به. فما بقي دار من دور بني عمرو بن عوف في ذلك اليوم إلاّ وفيها مسلم أو مسلمة، وحول مصعب بن عمير إليه وقال له: أظهر أمرك وادع الناس علانية. وشاع الإسلام بالمدينة وكثر، ودخل فيه من البطنين جميعا أشرافهم، وذلك لما كان عندهم من أخبار اليهود.
وبلغ رسول الله صلي الله عليه و اله أن الأوس والخزرج قد دخلوا في الإسلام، وكتب إليه مصعب بذلك، وكان كل من دخل في الإسلام من قريش ضربه قومه وعذبوه، فكان رسول الله صلي الله عليه و اله يأمرهم بالخروج إلي المدينة، وكانوا يتسللون رجلاً فرجلاً فيصيرون إلي المدينة فينزلهم الأوس والخزرج عليهم ويواسونهم..().
ويُذكر أنّه قبل اندلاع هذه الحرب، وقبل إعداد الجيوش لها، وقف شخص يعود إلي إحدي القبيلتين، وصعد إلي مكان عال، وصاح بأعلي صوته: لا تبقوا لهم عامِرَ دار، ولا نافخ نار، ولا طالب ثأر!!
وهذا يعني تدمير بيت الخصم وعياله بالكامل، حتي الطفل الرضيع، فعمّار الدور هم الرجال، ونافخ النار هنَّ النساء، وطالب الثأر هو الطفل الرضيع، الذي يكبر فيقوم للطلب بثأر أبيه..
وكان من العرف الجاري حينذاك قبل شروع بعض الحروب، هو استكشاف رغبة
الخصم فيها، لذا جرت العادة أنْ يرسلوا إليهم شخصاً عرياناً، يركب أحسن الجياد وينذرهم، فإمّا أنْ يظعنوا عن الديار إلي مكان آخر ويكون نائياً بالطبع أو يرضوا بالحرب حلاً. وكان هذا الشخص الذي يأتي بالإنذار عرياناً. ولذلك سُمّي بين العرب بالنذير العريان أي: إنّ إنذاره هو الإنذار الأخير. والرسول الأعظم ? قد خاطب الناس في بداية الدعوة إلي الإسلام، بقدر عقولهم، والأعراف الخاصّة بهم. وفي الحديث الشريف عنه: ¬ إنا معاشر الأنبياء أُمرنا أنْ نُكَلِّمْ الناس علي قَدرِ عقولهم ().
وعلي هذا فإطلاقه صلي الله عليه و اله لفظة (العريان) علي شخصِه الكريم، لكون القبائل كلها يومئذٍ، ستفهم المراد من كلامه صلي الله عليه و اله.. لأنه يريد أنْ يوصل لهم هذا المعني، وهو: يا أيها الناس، إني آخر نذير إليكم، فإن لم تستجيبوا لأمر الله فإن حياتكم وأموالكم سوف تكون هدفاً للمشاكل، ومحلاً لنزول العذاب من بعد ما صدر الإنذار والتهديد، وتكون الخسارة ما بعدها خسارة، وهو معني ما جاء في الآية الكريمة: إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ () أي أنّ الخاسرين خسراناً حقيقياً هم الذين خسروا أنفسهم بحرمانها من النجاة، وخسروا أهليهم بعدم الانتفاع بهم يوم القيامة.
وبعبارة أخري: خسران النفس هو إيرادها مورد الهلكة والشقاء، بحيث يبطل منها استعداد الكمال، ولا تحصل علي السعادة، وخسران الأهل كذلك يكون بحملهم علي الكفر والشرك. وذلك هو الخسران المبين.
لذا ولأجل أن نفوز بالآخرة بعد العزم والتوجّه علينا أنْ نهيأ الأسباب بالابتعاد عن الجاهلية، والنزعات الطائفية، والحروب القبلية، وأنْ نعرف الواجبات الملقاة علي عاتقنا، بعد الإنذار الأخير، الذي وُجّه من قبل الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله بترك التعصب، والتخلي عن العصبيات الجاهلية، والدخول
تحت لواء المباديء الحقة، مباديء الإسلام الحنيف.
وبعبارة أخري علينا أن نخطو نحو التغيير إلي الخير والفضيلة والتقوي.
ولا يكون التغيير إلاّ بعد توفر أسبابه ورفع موانعه.
نعم قد تغير المجتمع الجاهلي ببركة رسول الله صلي الله عليه و اله وبعد أن غيرّوا أنفسهم، فأصبح مجتمعاً مثالياً متطوراً، ولكن اليوم رجعت الأمة إلي الجاهلية، حيث غيّرت تلك الأسس الأخلاقية والقيم الإلهية التي أمر بها رسول الله صلي الله عليه و اله.
وإذا أردنا التغيير مرة ثانية علينا بالبدء بأنفسنا، ف إِنّ اللّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتّيَ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ().
ويلزم علي المسلمين فرداً فرداً في عصرنا هذا، أن يضعوا هذه الرواية (أنا النذير العريان) نصب أعينهم، لماذا؟
لأن الأئمة عليهم السلام كل واحد منهم هو نذير، وإنّ الأرض لا تخلو منهم أبداً، ولو أراد أحد أنْ يتخلي عن الأئمة المعصومين عليهم السلام فستشمله هذه الآية المباركة: إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ (). ولأن الشرق والغرب هم دائماً في حالة رقابة تامة علي كل تحركات المسلمين. ولو أنّ المسلمين ضعفوا مرة واحدة وتقاعسوا فجأةً، فسيأتي الشرق والغرب ليسلبوا منهم المال والجاه، وحتي الأرواح، كما نري الآن في أكثر البلاد الإسلامية، كأفغانستان والعراق ولبنان وإندونيسيا، وغيرها..
فإذا أردنا النجاة والتحرر والوقوف بوجه الشرق والغرب، فعلينا أنْ نعتبر بكلام الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله وعترته الطاهرة عليهم السلام، ولأن الأئمة الأطهار عليهم السلام من بعده صلي الله عليه و اله هم أيضاً النذر، والإمام الحجة صاحب العصر والزمان عليه السلام هو النذير في وقتنا هذا،وقد أُشير إلي ذلك في الاحاديث الشريفة الواردة عنهم عليهم السلام.
فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: دعا رسول الله صلي الله عليه و اله بطهور،
فلما فرغ أخذ بيد علي عليه السلام فألزمها يده ثم قال: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ () ثم ضم يده إلي صدره، وقال: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ () ثم قال: يا علي أنت أصل الدين، ومنار الإيمان، وغاية الهدي، وقائد الغر المحجلين، أشهد بذلك ().
وفي رواية عن أبي بردة الأسلمي قال: دعا رسول الله صلي الله عليه و اله بالطهور وعنده علي بن أبي طالب عليه السلام فأخذ رسول الله صلي الله عليه و اله بيد علي عليه السلام بعد ما تطهر وهو الطاهر فألزقها بصدره، ثم قال:
إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ()..
ثم ردها إلي صدر علي عليه السلام، ثم قال:
وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ () ثم قال: إنك منارة الأنام، ورواية الهدي، وأمير القري، أشهد علي ذلك، إنك كذلك.()
وعن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالي: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ () قال عليه السلام: رسول الله صلي الله عليه و اله المنذر، وعلي عليه السلام الهادي، والله ما ذهبت منا وما زالت فينا إلي
الساعة ().
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ؟ فقال عليه السلام: رسول الله صلي الله عليه و اله المنذر وعلي عليه السلام الهادي. يا أبا محمد، فهل منا هاد اليوم؟ قلت: بلي جعلت فداك، ما زال فيكم هاد من بعد هاد، حتي رفعت إليك. فقال عليه السلام: رحمك الله يا أبا محمد، ولو كانت إذا نزلت آية علي رجل، ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية مات الكتاب، ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جري فيمن مضي ().
وعن سليمان بن مهران الأعمش، عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام عن أبيه عليه السلام عن
علي بن الحسين عليه السلام قال: نحن أئمة المسلمين، وحجج الله علي العالمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغر المحجلين، وموالي المؤمنين، ونحن أمان أهل الأرض، كما أن النجوم أمان لأهل السماء، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع علي الأرض إلاّ بإذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها، وبنا ينزل الغيث، وبنا يُنشر الرحمة، ويخرج بركات الأرض، ولولا ما في الأرض منا لساخت بأهلها ثم قال عليه السلام: ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها ظاهر مشهور، أو غائب مستور، ولا تخلو إلي أن تقوم الساعة من حجة الله فيها، ولولا ذلك لم يعبد الله. قال سليمان: فقلت للصادق عليه السلام: فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟
قال عليه السلام: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب ().
وباتخاذنا الإمام الحجة (عجل الله تعالي فرجه) نذيراً وهادياً، عندها ستكون ظلمتنا نوراً، وضعفنا قوة، وتفرقنا اتحاداً، ونفوز برضا الله تعالي، ويتحقق نصرنا الأكيد. ونكون قد أدّينا الواجب الملقي علي عاتقنا، تجاه الدين والأمّة، وأصبحنا من القوة بحيث لا يرعبنا اسم الشرق أو الغرب، بل سنكون في الموقع الأمامي، الذي أراده الله تعالي للأمة الإسلامية، حيث قال رسول الله صلي الله عليه و اله: الإسلام يعلو ولا يعلي عليه ().
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: إنّ هذا الإسلام دين الله الذي اصطفاه لنفسه، واصطنعه علي عينه، وأصفاه خيرة خلقه، وأقام دعائمه علي محبته، أذلّ الأديان بعزته، ووضع الملل برفعه، وأهان أعداءه بكرامته، وخذل محادّيه بنصره.. ().
يذكر أن رئيس فيتنام قال، في زمن الحرب التي شنتها أمريكا ضدهم: قد قُتل خمسمائة ألف إنسان واختلطت دماؤهم بالتراب(). علما بأن هذه الإحصائية لم تكن النهائية. فإنه لما انتهت الحرب
تجاوز القتلي المليونين.
وقال زعماء السوفيت: إنهم لا يحتاجون من شعب أفغانستان إلاّ مليونين فقط من مجموع السكان! وهذا يعني أنهم لا يحسبون للباقي وهم (18) مليوناً أي حساب، ولو أرادوا لشردوهم أو قتلوهم.
وفي إحدي البلاد الإسلامية، قال رئيسها: إنّ من يفكر في استلام السلطة مكاني، فعليه أنْ يستلم أرضاً جرداء بلا شعب، بمعني أنه مستعد لإبادة كل الشعب في سبيل البقاء علي سلطته ().
وكذلك فرنسا، فقد قامت بقتل أكثر من مليون جزائري وقيل مليونين، حينما أرادت الجزائر أنْ تحصل علي استقلالها، علماً بأنّ نفوس الجزائر كانت آنذاك تسعة ملايين نسمة ().
وأيضاً كَتَبَ نِهرو() في بعض كتبه: إنّ الإنكليز افتعلوا حرباً في الصين، راح ضحيتها عشرون مليوناً تحت اسم حرب الافيون().
ومن هنا يعلم مدي وحشية أعداءالإسلام، وأعداء الإنسانية، ولكن يمكن الوقوف أمامهم بقوة الإيمان، والاعتقاد الراسخ، وبتغيير واقعنا اليوم إلي ما أمر به رسول الله صلي الله عليه و اله والعترة الطاهرة عليهم السلام.
وبذلك يكون الوقوف بوجه الكفار، والتحصن من مخططاتهم، المضادة للإنسان والإسلام، والكفر ملّة واحدة.
ومن أجل تحقيق التغيير نحو الأفضل، يلزم أن نبدأ بنشر العقيدة الإسلامية في قلوب الناس، ابتداءً من التوحيد والنبوة، وانتهاءً ببقية أصول ومعتقدات الإسلام، وبعد ذلك نعمل علي ترويج الأعمال الصالحة التي ترضي الله ورسوله صلي الله عليه و اله، حتي يحصل النصر والفلاح إن شاء الله تعالي.
قال سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ () والفلاح هو الظفر بالسعادة، أي فازوا بخير الدنيا وسعادة الآخرة، فقد شاركوا اهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الآخرة في آخرتهم، والمؤمن هو المصدق برسالات الله، واطلاقه في الشريعة منصرف الي المصدق بوحدانية الله، وبالرسالة، وبالمعاد، وبلوازمها. والظفر علي شقين: دنيوي وأُخروي. فالدنيوي هو الظفر بالسعادات
التي تطيب بها الحياة الدنيا وتلبي حاجات الجسم علي الأغلب، وهو الغني والعز، والظفر الأخروي هو الفوز بالجنة وبما وعدنا به الله تعالي في الآخرة.
وإذا كنّا من المؤمنين بالله تعالي ورسوله صلي الله عليه و اله والأئمة الأطهار (عليهم الصلاة والسلام)، وعملنا بقولهم، فلن نكون من الخاسرين، إن شاء الله، لا في الدنيا ولا في الآخرة.
قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: كان قد زالت عنكم الدنيا كما زالت عمن كان قبلكم، فأكثروا عباد الله اجتهادكم فيها، بالتزود من يومها القصير ليوم الآخرة الطويل؛ فإنها دار العمل والدار الآخرة دار القرار والجزاء، فتجافوا عنها، فإن المغتر من اغتر بها، لن تعد الدنيا إذا تناهت إليها أمنية أهل الرغبة فيها، المطمئنين إليها المغترين بها، أن تكون كما قال الله تعالي: كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ
وَالأَنْعَامُ (). ألا إنه لم يصب امرؤ منكم من هذه الدنيا حبرة إلاّ أعقبتها عبرة، ولا يصبح امرؤ في حياة إلاّ وهو خائف منها أن تئول جائحة، أو تغير نعمه، أو زوال عافيته، والموت من وراء ذلكم وهول المطلع والوقوف بين يدي الحكم العدل، لِتُجْزَي كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ () ويجزي الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَي () ().
كانت (القسطنطينية) عاصمة الدولة الرومانية ()، ففي الزمن الذي قام فيه المسلمون بالهجوم علي إيران، وذلك لأن طغاة الفرس قد استعدوا لغزو المسلمين، فبادرهم المسلمون ودخلوا إيران دون مقاومة تذكر، وكانت السلطة قبل ذلك لرؤساء تعاقبوا علي الحكم منهم: قباذ وماني()، وكانوا قد جرّوا البلاد إلي الفساد..
وكان الشعب الإيراني آنذاك، متعباً من كثرة ظلم حكامه، وهو ينتظر دخول المسلمين، للخلاص من الجور والاستبداد وأوضاع التحلل والفساد،
وجرائم الحكام بحق أبنائه.
فالناس آنذاك، عملوا كل ما في وسعهم لتذليل العقبات أمام انتصار المسلمين، ليتم إنقاذهم من عبث هذين الطاغيتين وفسادهما.
ومن هنا يمكن أن يقال: إن إيران لم تؤخذ بالحرب بالمعني المصطلح لها، لأن التحكم السيء برقاب الناس والسلطة الظالمة والعنف الحاكم، قد مهّد الطريق لأنْ يتخلي الناس عن حكومتهم، ويرضوا بأيّ حكومة بديلة تخلّصهم من الاستبداد والقمع والجور، وخاصة إذا كان البديل هو الإسلام العادل، وكان الشعب قد سمع بقيم الإسلام واحترامه وتقديره للإنسان، ولهذه الأسباب دخل المسلمون إلي إيران بكل سهولة.
أما من جهة الشمال، أي الرومان، فالمسألة كانت أصعب بكثير، فحينما وصل المسلمون إلي حدود القسطنطينية خرج بعض الناس وقاوموهم مقاومة شديدة، وكانوا يصرون علي عدم فسح المجال أمام تقدم المسلمين؛ إذ أنّ السلطة والكنيسة في الدولة الرومانية كانتا تشعران بخطر الإسلام عليهما وعلي مصالحهما، فاتجهتا إلي الناس وعملتا علي كسب تأييدهم من ناحية، ومن ناحية أخري عملتا علي رفع القدرات العسكرية لبلادهم من توفير السلاح وتجنيد الناس؛ فكانت للروم أساليب عسكرية، تعتبر في وقتها، منيعة ومتطورة، مثل الأسوار والمنجنيق() وأمثالهما.
وقد دامت مقاومة العاصمة بالذات زمناً طويلاً، وبعد ذلك قام بنو أمية بهجوم آخر لاحتلال القسطنطينية، إلاّ أنهم خسروا المعركة آنذاك. وكذلك قام بنو العباس بمحاولة احتلالها بمعركة مشابهة ولم يفلحوا أيضاً.
أمّا المرة الثالثة فكانت علي يد السلطان محمد الفاتح() وذلك في أيام العثمانيين، وكان محمد الفاتح من علمائهم وبعد أن صار حاكما، فكّر بفتح القسطنطينية علي أيدي المسلمين، وحدّد مقومات النصر وقام بإعدادها من قوة الجيش وتقوية معنوياته، فوضع لذلك برنامجاً خاصاً، وما إنْ رتب وضع الجيش عسكريا، حتي أمر العلماء أنْ يرفعوا من معنويات الناس إلي أعلي درجة ممكنة، وأن
يذكّروا الناس بثواب الجهاد في سبيل الله، وثواب قتال الكفار الذين يخططون ضد المسلمين.
ثم أمر في يوم جمعة إلي الصلاة جماعة، ودعا إلي البكاء أثناء الصلاة، إيماناً منه بأنّ للبكاء تأثيراً علي القلوب أكثر من تأثير أي عمل عاطفي آخر.
ومن جهة أخري، فإن السلطان محمد الفاتح أمر عدداً من رجاله أن يتغلغلوا في بلاد الروم لتقصي أخبارهم، وبعد مدة قصيرة عادوا، وجاءوا بخبر مفادُه أنّ علماءهم منشغلون بالبحث حول أنّه لما أصيب عيسي عليه السلام هل أصيب في ناسوتيته أم لاهوتيته؟!
وأما البقية فمنشغلون بالتجارة والبيع والشراء، وملذاتهم، ولم يوجد هناك أي مؤشر يدل علي أنّ الروم متأهبون للقتال.
كما أن الظلم قد تفشي في حكامهم، والشعب قد تعب من جور طغاتهم.
عند ما عرف محمد الفاتح ذلك، أمر الجيش بشنّ هجوم مفاجئ علي دولة الروم، ومع أنّ جيش الروم كان يملك عدداً كافياً من المنجنيقات والأسلحة القوية، وكان قادراً في أية لحظة علي أنْ يصب النار علي رؤوس أفراد جيش محمد الفاتح ويفتك بهم، ولكن المفاجأة التي استعملها محمد الفاتح، حالت دون ذلك. مضافا إلي أن الشعب لم يساند الحكومة لتصدي المسلمين.
وبالنتيجة وصل المسلمون إلي أبواب المدينة، ودخلوها وسقطت عاصمة الروم القسطنطينية علي يد محمد الفاتح، الذي ما أن سجل نصره علي الروم، حتي صلّي هناك ركعتين شكراً لله.
وبالرغم من أنّ محمد الفاتح كأغلب الحكام لم يكن ملتزماً بمباديء الإسلام، ولم يتبّع أصول الدين بحذافيرها، ولكنّ عزمه الراسخ علي تحقيق الهدف، ورفع معنويات المسلمين آنذاك، كان له الدور الفاعل في فتح القسطنطينية.
لأنّ المعنوية العالية عادة تأتي بالنصر، من دون فرق في هذه القاعدة بين المسلمين وغيرهم، أي وإنْ كانت أهداف المحاربين من وراء الحرب غير نبيلة أو
غير مخلصة لكنهم إذا تمتعوا بمعنويات عالية، فإنها تعد من مقومات النصر.
إذاً، الشيء الذي حاز علي أهمية عظيمة وكان مؤثراً في هذه المعركة هو الإيمان القوي الذي يحل في القلوب.
ومن هنا نري التأكيد الكبير في الروايات الشريفة علي ضرورة التحلي بالإيمان القوي الذي لا يزعزه شيء.
قال الإمام الرضا عليه السلام: الإيمان عقد بالقلب ولفظ باللسان وعمل بالجوارح ().
وقال الإمام الباقر عليه السلام: المؤمن أصلب من الجبل، الجبل يُستقل منه، والمؤمن لا يستقلّ من دينه شيء ().
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «إن المؤمن أشد من زبر الحديد، إن زبر الحديد إذا دخل النار تغير، وإن المؤمن لو قُتل، ثم نُشر ثم قُتل، لم يتغير قلبه» ().
والإيمان هو عزم راسخ، وتصديق بالشيء، والتزام به، وتهيئة أسبابه. والإيمان بالله هو التصديق بوحدانيته، وبرسله، واليوم الآخر، وبما جاء به الأئمة الأطهار عليهم السلام.
لذا ذكرنا فيما سبق: إنّ قوة الإيمان ترتكز علي قوة المعرفة والعقيدة من توحيد الله والعدل والنبوة والإمامة والمعاد، ويتبعه باقي الأعمال الصالحة.
قال الله تعالي: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَي وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ()، إلي غير ذلك من الآيات التي تشير إلي العمل الصالح، فإنه السبب إلي الفوز الأخروي والنصر الدنيوي.
والعمل الصالح هو شرط في التغيير نحو الأفضل كما لا يخفي.
كان المسلمون قد وصلوا إلي القسم الجنوبي من صقلية()، ولم يبدأ إخضاع الجزيرة بصورة نظامية تامة، إلا في عهد المأمون العباسي بقيادة الأمير زيادة الله الأغلبي() ففي سنة (212ه) أرسل إلي صقلية جيشاً كبيراً بقيادة «أسد بن الفرات» قاضي القيروان، وكان سبب إرسال الجيش، هو أنّ ملك الروم بالقسطنطينية، استعمل علي جزيرة صقلية، بطريركاً اسمه «قسطنطين» عام (211ه). فلما وصل إليها
عُيِّّن رومياً اسمه «فيمي» قائداً علي الأسطول، وقد كان حازماً فغزا أفريقيا، وأعمل فيها يد النهب والتخريب، وشقّ عصا الطاعة عن أمير الجزيرة «قسطنطين» فالتقي الطرفان في معركة كبيرة حتي حلت الهزيمة بقسطنطين، وفرّ إلي مدينة قطانية، فزحف «فيمي» بجيشه علي الجزيرة، وأمسك به فقتل «قسطنطين»، ثم أعلن نفسه ملكاً علي تلك الجزيرة. وحدث أيضاً نفس الأمر، بأنْ شق عصا الطاعة اثنان من حكام مدنه، فتقاتلا مع «فيمي» وألحقا به هزيمة منكرة، فهنا طلب «فيمي» المساعدة والنجدة من «زيادة الله» ووعده بملك جزيرة صقلية، فسير معه جيشاً في ربيع الأول عام (212ه)، فوصلا إلي مدينة مازر، حيث تقابلا مع جيش حاشد من الروم، ودارت بين الفريقين معركة رهيبة، أسفرت عن هزيمة الروم، واستيلاء المسلمين علي أموالهم ودوابّهم، وتمكّن المسلمون من أنْ يخضعوا سريعاً لسلطانهم عدداً كبيراً من قلاع الجزيرة، وحاصروا سرقوسة، واستمر زحف المسلمين، حتي تم فتح جزيرة صقلية بأكملها. وكان أول حاكم لها هو «أبو الأغلب إبراهيم بن عبد الله» ومنها أيضاً انتشر الإسلام إلي المدن المجاورة، حتي وصل إلي ساحل كلابريا في جنوبي إيطاليا().
وقد تم هذا النصر الإسلامي بفضل المعنويات العالية التي كان يتمتع بها المسلمون آنذاك.
ومن الواضح تأثير المعنويات العالية في تحقق الانتصارات في الحروب والمعارك وسائر شؤون الحياة.
أما اليوم وبعد أن تغير واقع المسلمين وضعفت معنوياتهم، وتخلوا عن الإسلام وأحكامه العظيمة في الأعم الأغلب واتجهوا إلي القوانين الوضعية الشرقية والغربية، وأصبحوا في دويلات ومناطق متفرقة وصغيرة، يطلق عليها اسم العالم الثالث، حسب تصنيفهم. في حين أنّ الإسلام كان أساس الحضارات والتطور والتقدم لشعوب العالم أجمع، وما نراه في الوقت الحاضر من تكنولوجيا متطورة، فأصولها كانت بيد المسلمين ولكن استفاد منها
الغرب، ونحن تركنا مقومات التقدم واتجهنا إلي مشاكل جانبية، ونزاعات طائفية وجاهلية، قد نهي عنها رسول الله صلي الله عليه و اله بقوله: «أنا النذير العريان» لإخراج الناس من الظلمات إلي النور، ومن الجهل إلي العلم. لذا يلزم السعي والجد والاجتهاد، في تغيير المجتمع الإسلامي وتحويله من الجهل والظلم الحاصل في وقتنا الحاضر إلي العلم والنور، لننال رضي الله تعالي ورسوله والأئمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين ونفوز بسعادة الدنيا والآخرة وما ذلك علي الله بعزيز.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلّغنا به من رضوانك، ومن اليقين ما يهون علينا به مصيبات الدنيا. اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثارنا علي من ظلمنا، وانصرنا علي من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا، برحمتك يا أرحم الراحمين» ().
العزم والصبر
قال تبارك وتعالي: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَي آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ().
وقال سبحانه: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ().
وقال عزوجل: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لانَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَي ().
وقال سبحانه: قَالَ مُوسَي لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ().
وقال عزوجل: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ
الرُّسُلِ ().
وقال سبحانه: فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَي اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ().
وقال جل وعلا: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَي مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ().
العصبية والجاهلية
قال جل اسمه: هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ
وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَي رَسُولِهِ وَعَلَي الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَي وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيماً ().
وقال تبارك وتعالي: وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ
نَفَراً ().
وقال عز ذكره: إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَي رَبِّ الْعَالَمِينَ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ ().
وقال سبحانه: وَنَادَي فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ ().
وقال تعالي: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ ().
الإمام خليفة الله
قال عزوجل: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ().
وقال سبحانه: إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ().
وقال تبارك وتعالي: إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ().
وقال جل وعلا: أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ().
وقال تعالي: يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَي فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ
اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ
الْحِسَابِ ().
وقال تعالي: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ().
العزم والحزم
قال رسول الله صلي الله عليه و اله: أولي الناس بالعفو أقدرهم علي العقوبة، وأحزم الناس أكظمهم للغيظ ().
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا اقترن العزم بالحزم كملت السعادة (). وقال عليه السلام: أصل العزم الحزم، وثمرته الظفر ().
وقال عليه السلام: ثمرة الحزم السلامة ().
وقال عليه السلام: كذب السفير يولد الفساد ويفوت المراد ويبطل الحزم وينقض العزم ().
وقال عليه السلام: الحزم حفظ ما كلفت وترك ما كفيت ().
وقال عليه السلام: الحزم النظر في العواقب ومشاورة ذوي
العقول ().
العصبية والجاهلية
قال رسول الله ?: من كان في قبله حبة من خردل من عصبية، بعثه الله تعالي يوم القيامة مع أعراب الجاهلية ().
وقال الإمام الصادق عليه السلام: من تعصب أو تُعصب له، فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه ().
وقال عليه السلام: إن الملائكة كانوا يحسبون أن إبليس منهم، وكان في علم الله أنه ليس منهم، فاستخرج ما في نفسه بالحمية والغضب وقال: خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِين () ().
وقال عليه السلام: من تعصب عصّبه الله بعصابة من نار ().
وقال الإمام زين العابدين عليه السلام: العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يري الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين …» ().
أهمية التخطيط والحكمة
قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: أيها الناس، لا خير في دين لا تفقه فيه، ولا خير في دنيا لا تدبير فيها، ولا خير في نسك لا ورع فيه ().
وقال عليه السلام: قدّر ثم اقطع، وفكر ثم انطق، وتبين ثم
اعمل ().
وقال النبي عيسي بن مريم (علي نبينا وآله وعليه
السلام): بحق أقول لكم: إن النفس نور كل شيء، وإن الحكمة نور كل قلب، والتقوي رأس كل حكمة، والحق باب كل خير، ورحمة الله باب كل حق، ومفاتيح ذلك الدعاء والتضرع والعمل، وكيف يفتح باب بغير مفتاح؟! ().
وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «الهيبة خيبة، والفرصة خلسة، والحكمة ضالة المؤمن، فاطلبوها ولو عند المشرك، تكونوا أحَقَّ بها وأهْلَها ().
الإمامة خلافة الله
قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنما الأئمة قوام الله علي خلقه، وعرفاؤه علي عباده، ولا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وأنكروه ().
وقال الإمام الرضا عليه السلام: الأئمة خلفاء الله عزوجل في
أرضه ().
وقال عليه السلام: الإمامة خلافة الله، وخلافة الرسول، ومقام أمير المؤمنين، وميراث الحسن والحسين صلوات الله عليهم ().
وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: اسمعوا وأطيعوا لمن ولاه الله الأمر، فإنه نظام الإسلام ().
() سورة التوبة: 122.
() سورة الزمر: 17-18.
() سورة الرعد: 11.
() سورة الأنفال: 53.
() سورة الرعد 11.
() بحار الأنوار: ج6 ص56 ب22 ح4.
() سورة الرعد: 11.
() إرشاد القلوب: ج1 ص68 ب16.
() كتاب المجازات النبوية لمؤلفه الشريف الرضي رحمة الله عليه محمد بن الحسين بن موسي، أبو الحسن الرضي العلوي الحسيني الموسوي، أشعر الطالبيين علي كثرة المجيدية فيهم، مولده (359ه) في بغداد، ووفاته فيها عام (406ه)، انتهت إليه نقابة الأشراف في حياة والده، وخلع عليه بالسواد. جاء في كلمة الناشر لكتاب المجازات: وهو كتاب جمع من بلاغة الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله وبديع قوله وخالص نصحه وحلو ألفاظه، جملة يشتاق كل مسلم إلي الاطلاع عليها، ويحرص كل متذوق لحلاوة اللغة العربية علي اقتنائها، ويتفاني كل مسلم في إقامة صرح البلاغة العربية في قراءتها
واستخراج فنون القول وبدائع الحديث النبوي الشريف منها..
أما الحديث فقد وجدناه بهذا النص: قال عليه الصلاة والسلام: أنا النذير والموت المغير، فكأنه عليه الصلاة والسلام شبه الموت الذي يطلع الثنايا، ويطلب البرايا بالجيش المغير الذي يهجم هجوم السيل، ويطرق طروق الليل، وشبه نفسه عليه الصلاة والسلام بالنذير المتقدم أمامه، يحذر الناس من فجئه ليعدوا العتاد، ويتزود الأزواد. وهذا القول منه عليه الصلاة والسلام تصديق لقول الله سبحانه فيه: إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ سورة سبأ: 46. المجازات النبوية: ص184 ح144.
() روي أن النبي صلي الله عليه و اله قال: مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتي قوماً فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاء النجاء، فأطاعته طائفة من قوم فادلجوا وانطلقوا علي مهلهم فنجوا، وكذبته طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق.
وقيل: خص العُرْيان لأَنه أَبْيَنُ للعين وأَغرب وأَشنع عند المُبْصِر، وذلك أَن رَبيئة القوم وعَيْنَهم يكون علي مكان عالٍ، فإذا رأي العَدُوَّ وقد أَقبل نَزَع ثوبه وأَلاحَ به ليُنْذِرَ قومَه ويَبْقي عُرْياناً. انظر لسان العرب: ج15 ص48 مادة عرو.
() قال البعض: إن قوله (أنا النذير العريان) مثل قديم في العرب.
() بحار الأنوار: ج81 ص129 ب13 بيان.
() حرب البسوس: البسوس هي بنت منقذ التميمية، زارت أختها أم جساس ابن مرة، ومع البسوس جار لها من جرم يقال له: سعد بن شمس ومعه ناقة له، فرماها كليب وائل لما رآها في مرعي قد حماه، فأقبلت الناقة إلي صاحبها وهي ترغو وضرعها يشخب لبناً ودماً، فلما رأي ما
بها انطلق إلي البسوس فأخبرها بالقصة، فقالت: واذلاه واغربتاه، وأنشأت تقول أبياتا تسميها العرب أبيات الفناء وهي:
لعمري لو أصبحت في دار منقذ
لما ضيم يعد وهو جار لأبياتي
ولكنني أصبحت في دار غربة
متي يعد فيها الذئب يعد علي شاتي
فيا سعد لا تغرر بنفسك وارتحل فإنك في قوم عن الجار أمواتي
ودونك أذوادي فخذها وآتني
بها حلة لا يغدرون ببنياتي
فسمعها ابن أختها جساس فقال لها: أيتها الحرة اهدئي فوالله لأقتلن بلقحة جارك كليبا، ثم ركب فخرج إلي كليب فطعنه طعنة أثقلته فمات منها، ووقعت الحرب بين بكر وتغلب، فدامت أربعين سنة وجرت خطوب وصار شؤم البسوس مثلا، ونسبت الحرب إليها، وهي من أشهر حروب العرب.
() إن داحسا فرس كان لقيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، أجراه مع فرس لحذيفة بن بدر بن عمرو بن زيد بن جؤية بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة بن ذبيان، يقال لها: الغبراء. فدس حذيفة قوما وأمرهم أن يضربوا وجه داحس إن رأوه قد جاء سابقا، فجاء داحس سابقا فضربوا وجهه، وجاءت الغبراء. فلما جاء فارس داحس أخبر قيسا الخبر، فوثب أخوه مالك بن زهير فلطم وجه الغبراء، فقام حمل بن بدر فلطم مالكا. ثم إن أبا الجنيدب العبسي لقي عوف بن حذيفة فقتله، ثم لقي رجل من بني فزارة مالكا فقتله، فقال حمل بن بدر أخو حذيفة بن بدر:
قتلنا بعوف مالكا وهو ثأرنا
فإن تطلبوا منا سوي الحق تندموا
وقال الربيع بن زياد العبسي:
أفبعد مقتل مالك بن زهير
ترجو النساء عواقب الاطهار
فوقعت الحرب بين عبس وفزارة، فقتل حذيفة بن بدر وأخوه حمل بن بدر، فقال قيس بن زهير
بن جذيمة يرثي حذيفة، وجزع عليه:
كم فارس يدعي وليس بفارس
وعلي الهباءة فارس ذو مصدق
فابكوا حذيفة لن ترثوا مثله
حتي تبيد قبائل لم تخلق
وقال الجوهري: الداحس اسم فرس مشهور لقيس بن زهير بن جذيمة العبسي، ومنه حرب داحس، وذلك أن قيسا وحذيفة بن بدر تراهنا علي خطر عشرين بعيرا وجعلا الغاية مائة غلوة والمضمار أربعين ليلة والمجري من ذات الإصاد، فأجري قيس داحسا والغبراء وأجري حذيفة الخطار والحنفاء، فوضعت بنو فزارة رهط حذيفة كميناً علي الطريق فردوا الغبراء ولطموها وكانت سابقة، فهاجت الحرب بين عبس وذبيان أربعين سنة.
() وقيل: إن زنبر بن عمرو الخثعمي كان ناكحاً في آل زبيد، فأرادوا أن يغزوا قومه وخشوا أن ينذر بهم، فحرسه أربعة نفر، فصادف منهم غرة فقذف ثيابه وعدا، وكان من أشد الناس عدواً أي ركضا فأنذر قومه.
وقيل: الأصل فيه أن رجلاً لقي جيشاً فسلبوه وأسروه فانفلت إلي قومه فقال: إني رأيت الجيش فسلبوني، فرأوه عريانا فتحققوا صدقه.
() بحار الأنوار: ج70 ص 289 ب133 ح7.
() وسائل الشيعة: ج15 ص373 ب57 ح20778.
() سورة سبأ: 35.
() المجداء: الشرفاء والكرماء من القوم.
() النجداء: أهل الإعانة والاستغاثة.
() اليعاسيب جمع يعسوب: وهو أمير النحل، ويستعمل مجازاً في رئيس القوم.
() الشيح: نبات معروف ينبت في البادية.
() المهافي: المواضع التي تهفو الرياح أي تهب.
() الدَبَر بالتحريك القرحة في ظهر الدابة.
() شعر الجمال والمراد أنهم رعاة.
() من (وأد بنته) أي: دفنها وهي حية.
() وهو سيد الكائنات المبعوث رحمة للعالمين الرسول الأعظم محمد صلي الله عليه و اله.
() الأَعْرابيُّ: البَدَوِيُّ، وهم الأَعْرابُ، والأَعارِيبُ: جمع الأَعْرابِ. ورجل أَعْرَابيٌّ، بالأَلف، إِذا كان بَدَوِياً، صاحبَ نَجْعَةٍ وانْتواءٍ وارْتيادٍ للكلأ، وتَتَبُّعٍ لمَساقِطِ الغَيْث، وسواء كان من العَرَب أَو من مَواليهم. والأَعْرابيُّ إِذا
قيل له: يا عَرَبيُّ فَرِحَ بذلك وهَشَّ له. والعَرَبيُّ إِذا قيل له: يا أَعْرابيُّ غَضِبَ له. فَمَن نَزَل البادية، أَو جاوَرَ البَادِينَ وظعَنَ بظَعْنِهم، وانْتَوَي بانْتِوائهِم: فهم أَعْرابٌ، ومَن نَزَلَ بلادَ الرِّيفِ واسْتَوْطَنَ المُدُنَ والقُري العَربيةَ وغيرها ممن يَنْتمِي إِلي العَرَب: فهم عَرَب، وإِن لم يكونوا فُصَحاءَ. وقول الله عز وجل: قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا سورة الحجرات: 14. فَهؤُلاء قوم من بَوادي العَرَب قَدِمُوا علي النبي صلي الله عليه و اله المدينةَ طَمَعاً في الصَّدَقات، لا رَغْبَةً في الإسلام، فسماهم الله تعالي: الأَعْرابَ، ومثلهم الذين ذكرهم الله في سورة التوبة، فقال: الأَعْرابُ أَشدّ كفراً ونِفاقاً سورة التوبة: 97.
قال الأَزهري: والذي لا يَفْرِقُ بين العَرَبِ والأَعْراب والعَرَبيِّ والأَعْرابيِّ، ربما تَحامَلَ علي العَرَب بما يتأَوّله في هذه الآية، وهو لا يميز بين العَرَبِ والأَعْراب، ولايجوز أَن يقال للمهاجرين والأَنصار أَعرابٌ، إِنما هم عَرَبٌ لأَنهم اسْتَوطَنُوا القُرَي العَرَبية، وسَكَنُوا المُدُنَ، وسواء منهم الناشي ء بالبَدْوِ ثم اسْتَوْطَنَ القُرَي، والنَّاشِي ءُ بمكة ثم هاجر إِلي المدينة، فإِن لَحِقَتْ طائفةٌ منهم بأَهل البَدْوِ بعد هجرتهم، واقْتَنَوْا نَعَماً، ورَعَوْا مَسَاقِطَ الغَيْث بعد ما كانوا حاضِرَةً أَو مُهاجِرَةً، قيل: قد تَعَرَّبوا أَي صاروا أَعْراباً، بعد ما كانوا عَرَباً. وفي الحديث: تَمَثَّل في خُطْبتِه مُهاجِرٌ ليس بِأَعْرابيّ، جعل المُهاجِرَ ضِدَّ الأَعْرابيِّ. وتَعَرَّبَ أَي تَشَبَّه بالعَرب، و تَعَرَّبَ بعد هجرته أَي صار أَعرابياً. قال: والأَعْراب ساكنو البادية من العَرَب الذين لا يقيمون في الأَمصارِ، ولا يدخلونها إِلا لحاجة. راجع لسان العرب: ج1 ص586 مادة عرب.
() نهج البلاغة، الخطب: 192 من خطبة له ? تسمي القاصعة.
() الأوس والخزرج قبيلتان عربيتان من الأزد، وهم أبناء حارثة بن ثعلبة، ارتحلتا من اليمن إثر تصدع
سد مأرب، فاستوطنوا المدينة المنورة، ونصروا رسول الله صلي الله عليه و اله وآمنوا به، فسموا بالأنصار في قبال المهاجرين الذين هاجروا من مكة إلي المدينة. وقد اشتهرت تلك الحروب بين الأوس والخزرج حتي كانت لها أيام مشهورة عند العرب، منها: يوم الصفينة، وهو أول يوم جرت الحرب فيه، ويوم السرارة، ويوم وفاق بني خطمة، ويوم حاطب بن قيس، ويوم حضير الكتائب، ويوم أطم بني سالم، ويوم أبتروة، ويوم البقيع، ويوم مضرس ومعبس، ويوم الدار، ويوم بعاث الاخر، ويوم فجار الأنصار. وكانوا ينتقلون في هذه المواضع التي تعرف أيامهم بها ويقتتلون قتالاً شديداً.
() يوم بغاث أو بعاث، بضم الباء: يوم معروف، كان فيه حرب بين الأوس والخزرج في الجاهلية، هو من مشاهير أيام العرب، وبعاث: اسم حصن للأوس، انظر لسان العرب: ج2 ص117 مادة «بعث».
() سورة الأنعام: 151 152.
() سورة فصلت: 1 2.
() إعلام الوري بأعلام الهدي: ص55 الركن الأول ب3 ف7.
() تحف العقول: ص37 ما روي عنه صلي الله عليه و اله في قصار هذه المعاني.
() سورة الشوري: 45.
() سورة الرعد: 11.
() سورة الشوري: 45.
() سورة الرعد: 7.
() سورة الرعد: 7.
() بحار الأنوار: ج23 ص3 ب1 ح2.
() سورة الرعد: 7.
() سورة الرعد: 7.
() بحار الأنوار: ج32 ص2 ب1.
() سورة الرعد: 7.
() بصائر الدرجات: ج23 ص30 ب13 ح7.
() بحار الأنوار: ج23 ص4 ب1 ح6.
() أمالي الشيخ الصدوق: ص186 المجلس34 ح15.
() وسائل الشيعة: ج26 ص14 ب1 ح32383.
() نهج البلاغة، الخطب: 198 من خطبة له ? ينبه علي إحاطة علم الله بالجزئيات ثم يحث علي التقوي..
() لقد ذكروا أن اجمالي الخسائر البشرية من الفيتناميين خلال سنوات الحرب الثمانية، بلغت مليونا قتيل، و3 ملايين جريح، وما يزيد علي
12 مليون لاجئ. أما خسائر الأميركيين فقدرت ب: 57 ألف قتيل، وما يزيد علي مائة ألف جريح.
() يشير الإمام الشيرازي الراحل (أعلي الله مقامه) في هذا المقطع من الكتاب إلي صدام طاغوت العراق في العصر الحديث، وهو أتعس نموذج للدكتاتوريين، صاغه الغرب وفق متطلبات المنطقة وظروفها السياسية، وحافظ علي أمنه الشخصي في أدق الظروف وأحلك اللحظات. ولد عام (1939م) في قرية العوجة جنوب تكريت، نشأ نشأة غير سوية بشهادة كل من عرفه، انتمي إلي حزب البعث واشترك مع بعض عناصر الحزب في محاولة فاشلة لاغتيال عبد الكريم قاسم عام (1959م) هرب إلي سوريا ومنها إلي مصر. وخلال فترة بقائه في القاهرة كان يكثر التردد علي السفارة الأمريكية، فقد ذكر في صحيفة الشرق الأوسط عن أحد كبار المسؤولين العرب بأن عبد الناصر أبلغ المسؤول العربي أن صدام هو رجل أمريكا الأول في المنطقة في المستقبل، وقد كان دائم التردد علي السفارة الأمريكية بالقاهرة، وأن المخابرات المصرية قد صورت ورصدت كل تحركاته واتصالاته بالسفارة الأمريكية.
اشترك في انقلاب (17 تموز 1968م)، وبعد نجاح الانقلاب كان صدام المنفذ الأول لتصفية مجموعة عبد الرزاق النايف المشتركة في الانقلاب، وذلك بعد ثلاثة عشر يوما من انقلابهم، أي في يوم 30 تموز. أصبح صدام نائباً لمجلس قيادة الثورة في عام
(1970م) ورئيساً للجمهورية حال غياب البكر عن البلاد.
وفي عام (1979م) أصبح رئيساً للجمهورية بعد إقصاء البكر عن الحكم، ألغي اتفاقية الجزائر التي وقعها مع شاه إيران عام (1975) فهاجم إيران عام (1980م) فاندلعت حرب استمرت ثمان سنوات أحرقت الأخضر واليابس، راح ضحيتها من الشعبين ما يزيد علي مليوني قتيل، وبعدما توقفت الحرب عاد صدام واعترف باتفاقية الجزائر التي ألغاها!!
هاجم الكويت واحتلها عام (1990م)
فاندلعت حرب الخليج الثانية، فقامت قوات الحلفاء بقيادة أمريكا بمهاجمة الجيش العراقي بغية اخراجه من الكويت وتم ذلك، فلم تضع تلك الحرب أوزارها حتي كان العراق يعاني من دمار شامل في جميع مرافق الحياة وفي كل بناه التحتية، وضحايا لم تضبط أعدادها، ووضع العراق تحت حصار طويل الأمد بقرار من مجلس الأمن بحجة تدمير أسلحة الدمار الشامل التي طالما تبجح الطاغية صدام بها متوعدا اميركا وإسرائيل بحرقهم بها، والتي لم يستخدمها إلا مع شعبه في حلبجة وباقي مدن العراق قبل وبعد انتفاضة عام (1991م)، التي قمعها صدام بوحشية لا مثيل لها، حتي قدر عدد من قتل وأعدم واختفي بما يزيد علي
(500 ألف) وقيل مليون عراقي.
انهار نظام صدام واحتل العراق بحرب شنتها أميركا عام (2003م) بالتحالف مع بريطانيا وبعض الدول الأخري، فهرب صدام وأعوانه من المعركة، ألقي القبض عليه مختبئا في جحرٍ تحت الارض كالجرذ بعد كل ذلك الجبروت والكبرياء والفرعنة التي اتسم بها طيلة حياته، وهذا حال الكثير من أركان نظامه الذين تم إلقاء القبض عليهم تباعاً، فاستراح الشعب منه ومن جرائمه، ثم شكلت محكمة لمحاكمة صدام وأعوانه، فأصبح ذليلاً حقيراً مذموماً مدحوراً، ثم حُكم عليه بالإعدام شنقاً ونفذ الحكم والحمد لله قاصم الجبارين.
() تعرف الثورة الجزائرية باسم: ثورة المليون شهيد، وهي حرب تحرير وطنية ثورية ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي قام بها الشعب الجزائري، وكانت نتيجتها انتزاع الجزائر لاستقلالها بعد استعمار شرس وطويل استمرّ أكثر من 130 عاماً. وقد انطلقت الرصاصة الأولي للثورة في تشرين الثاني عام (1954م).
وقد بدأت هذه الثورة بقيام مجموعات صغيرة من الثوار المزوّدين بأسلحة قديمة وبنادق صيد وبعض الألغام باستهداف مراكز الجيش الفرنسي ومواقعه في أنحاء مختلفة من البلاد وفي وقت
واحد.
أما ردة فعل المستعمر الفرنسي فكانت القيام بحملات قمع واسعة للمدنيين وملاحقة الثوار، حيث قام بعمليات عسكرية ضخمة ضد الثوار. وبلغ قمع البوليس الفرنسي حده الأقصي في المدن والأرياف، وفرضت علي الأهالي معسكرات الاعتقال الجماعي في مختلف المناطق.
وقد تمكّن جيش التحرير الجزائري من إقامة بعض السلطات المدنية في بعض مناطق الجنوب الجزائري. وخوض معارض عنيفة ضد الجيش الفرنسي واعتمد خطة توزيع القوات علي جميع المناطق من أجل إضعاف قوات العدو المهاجمة، وتخفيف الضغط علي بعض الجبهات، بالإضافة إلي فتح معارك مع العدو من أجل إنهاكه واستنزاف قواته وتحطيمه.
وفي (19 أيلول عام 1958م) تمّ إعلان الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة فرحات عباس، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هذه الحكومة هي الممثل والناطق باسم الشعب الجزائري والمسؤولة عن قيادة الثورة سياسياً وعسكرياً ومادياً، وقامت بإجراء المفاوضات مع الفرنسيين بشرط الاعتراف المسبق بالشخصية الوطنية الجزائرية. وطرحت قضية الجزائر في الأمم المتحدة وفي مؤتمر الشعوب الأفريقية ولاقت التضامن والدعم والتأييد لها.
وفي (16 أيلول 1959م)، أعلن الجنرال ديغول اعتراف فرنسا بحق الجزائر في تقرير مصيرها. وكان جواب الحكومة الجزائرية المؤقتة قبولها لمبدأ تقرير المصير واستعدادها للتفاوض المباشر في الشروط السياسية والعسكرية لوقف القتال وتوفير الضمانات الضرورية لممارسة تقرير المصير.
وفي الأعوام (1960 1962م): حاول الفرنسيون حسم القضية الجزائرية عسكرياً ولكنهم لم يفلحوا في ذلك؛ لأن جذور الثورة كانت قد تعمقت وأصبحت موجودة في كل مكان. وشن الفرنسيون عدة حملات عسكرية ضخمة علي مختلف المناطق الجزائرية، ولكنها جميعاً باءت بالفشل وتكبّد الجيش الفرنسي خلالها خسائر فادحة، وفي (1960م) تم تشكيل أول هيئة أركان للجيش الجزائري وتعيين العقيد هواري بومدين أول رئيس للأركان لهذا الجيش.
وفي آذار عام (1962م) توقف القتال بين الطرفين وتحدد يوم الأول
من تموز لإجراء استفتاء شعبي، فصوّت الجزائريون جماعياً لصالح الاستقلال، وتحقق الهدف السياسي والأساسي الأول لحرب التحرير، بعد أن دفع الشعب الجزائري ضريبة الدم غالية في سبيل الحرية والاستقلال.. وبعد أن استمرت الحرب قرابة ثماني سنوات سقط خلالها ما يقرب من مليون ونصف مليون شهيد.
وصادف بدء انسحاب القوات الفرنسية في (5 تموز 1962م) نفس يوم دخولها (5 تموز 1830م) أي بعد (132 عاماً) من الاستعمار، كما انسحبت هذه القوات من نفس المكان الذي دخلت منه إلي الجزائر في منطقة (سيدي فرج) القريبة من الجزائر العاصمة. وتمّ تعيين أحمد بن بيلا كأول رئيس لجمهورية الجزائر المستقلة بعد خروجه من السجون الفرنسية مع عدد من قادة الثورة وكوادرها.
() ولد جواهر لال نهرو في (1889م)، وكان الابن البكر للمحامي موتيلال نهرو وزوجته سواروب. انتقلت عائلته عام (1900م) إلي مدينة الله آباد، التحق نهرو بمدرسة هارو، أشهر مدرسة ثانوية بريطانية في ذلك الحين. ثم تابع دروسه فحصل علي إجازة في العلوم الطبيعية وإجازة في الحقوق من جامعة كامبردج. عاد إلي الهند بعد إنهاء دراسته سنة (1912م) وكان مفعما بالأفكار الوطنية وشديد الإعجاب بغاندي، الذي كانت الصحف تنشر أخباره وأفكاره. شكلت العلاقة الحميمة بين نهرو ووالده وغاندي أهمية كبري لحزب (المؤتمر) الهندي، مما دعا بعض الصحفيين إلي إطلاق لقب (الثالوث المقدس) عليهم.
بحلول العام (1920م) كان موتيلال، الذي تبع خطي ولده جواهرلال في الإعجاب بغاندي، يتخلي عن معظم ممتلكاته من سيارات وأحصنة وعربات مفضلا ارتداء زي مماثل لما كان يرتديه غاندي والعيش ببساطة وتقشف، وكان ابنه جواهرلال قد سبقه إلي ذلك.
عام (1919م) انتسب نهرو إلي حزب المؤتمر وشارك في إطلاق الحركة التي عرفت باسم (حركة اللاتعاون) مع البريطانيين، وكان من المتحمسين
لها.
انخرط نهرو بأعمال المعارضة الهندية اللاعنفية، ولكن قوات الشرطة اعتقلته حيث تعرض للضرب المبرح.
في عام (1929م) انتخب نهرو رئيسا لحزب المؤتمر في عموم الهند. ومع بدء حركة العصيان المدني السلمي التي دعا إليها حزب المؤتمر تعرض إلي الاعتقال أكثر من مرة.
اختير ليكون كبير المفاوضين عن حزب المؤتمر في مفاوضات (انتقال السلطة) من الإنكليز. وعند نجاح المفاوضات صار نهرو رئيسا للحكومة الانتقالية، وفي (آب 1947م) صار أول رئيس وزراء لدولة الهند المستقلة.
توفي نهرو عام (1964م) مما سبب حزن كبير للهنود. وخلفته ابنته (أنديرا) في منصب رئاسة الحكومة الهندية.
قال فيه شاعر الهند طاغور ما معناه: لقد مثل نهرو موسم الشباب والفرح الظافر بروح عديمة الفساد قوامها النضال والإخلاص المتفاني في خدمة قضية الحرية.
() اهتمت بريطانيا في نهاية القرن (18 الميلادي)، بفتح أبواب الصين أمام تجارتها العالمية، فطلب الملك جورج الثالث من الإمبراطور الصيني شيان لونج توسيع العلاقات التجارية بين البلدين..إلا أن الإمبراطور رفض ذلك، وفي المقابل كان علي التجار البريطانيين دفع قيمة مشترياتهم من الصين من الشاي والحرير والبورسلين نقدا بالفضة ، مما تسبب في استنزاف مواردهم منها؛ لذلك لجأت بريطانيا إلي دفع إحدي شركاتها..وهي شركة الهند الشرقية البريطانية (East India Company) التي كانت تحتكر التجارة مع الصين إلي زرع الأفيون في المناطق الوسطي والشمالية من الهند وتصديره إلي الصين، كوسيلة لدفع قيمة وارداتها للصين .
تم تصدير أول شحنة كبيرة من الأفيون إلي الصين في عام ( 1781م) وقد لاقت تجارة الأفيون رواجاً كبيراً في الصين، وازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين، وبدأت بشائر نجاح الخطة البريطانية في الظهور؛ إذ بدأ الشعب الصيني في إدمان الأفيون، وبدأ نزوح الفضة من الصين لدفع قيمة ذلك الافيون . وبدأت مشاكل الادمان تظهر علي
الشعب الصيني مما دفع بالإمبراطور يونغ تيكينج في عام (1729م) بإصدار أول مرسوم بتحريم استيراد المخدرات. غير أن شركة الهند الشرقية البريطانية لم تلتفت لهذا المنع واستمرت في تهريب الأفيون إلي الصين.
وتصاعدت حركة التهريب للأفيون إلي الصين بصورة تدريجية، حيث لم يُهرَّب إليها في عام (1729م) سوي (608 كغم) من الأفيون قدرت تكلفتها بخمسة عشر مليون دولار. ثم في عام (1792م) وصلت المهربات الي (272 طناً).
انزعجت الصين لهذه الظاهرة، وللخطر الذي يمثله تعاطي الأفيون الواسع علي صحة المواطنين، والذي يسبب تدمير المجتمع الصيني، لذلك أصدر الإمبراطور الصيني قرارا آخر، عندما أجبر التجار البريطانيين والأمريكيين علي تسليم مخدراتهم من الأفيون الذي بلغ ألف طن، وقام بإحراقه في احتفالية كبيرة شهدها المناوئون لهذا المخدر. عندها قررت بريطانيا وكانت في أوج قوتها في ذلك الوقت إعلان الحرب علي الصين لفتح الأبواب من جديد أمام تجارة الأفيون للعودة من جديد، وبحث البريطانيون عن ذريعة بحجة (تطبيق مبدأ حرية التجارة) وكان النظام العالمي في ذلك الوقت يقوم علي مبدأين هما حرية التجارة ودبلوماسية السفن المسلحة . فأرسلت بريطانيا في عام
( 1840 م) سفنها وجنودها إلي الصين لإجبارها علي فتح أبوابها للتجارة بالقوة. استمرت حرب الأفيون الأولي إلي عام ( 1842 م) واستطاعت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين، احتلال مدينة دينج هاي في مقاطعة شين جيانج .. واقترب الأسطول البريطاني من البوابة البحرية لبكين، دفع ذلك الإمبراطور الصيني للتفاوض مع بريطانيا وتوقيع اتفاقية نان جنج في ( 1842م).
لم تحقق هذه المعاهدة ماكانت تصبوا إليه بريطانيا والقوي الغربية، فلم يرتفع حجم التجارة مع الصين كما كانوا يتوقعون؛ لذلك قررت بريطانيا وفرنسا استخدام القوة مرة أخري ضد الصين، واتخذوا ذريعة جديدة هذه المرة.
فاستطاعت فيها القوات البريطانية والفرنسية احتلال بعض
الأراضي والموانيء الصينية مما جعل الإمبراطور يقبل مراجعة الاتفاقات وتوقيع اتفاقية (تيان جين) في عام
( 1858 م) بين الصين وكل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والتي تعطي لهم مزيداً من الامتيازات. نصت اتفاقية (بتان جن)، علي التصديق عليها خلال عام من توقيعها. وحين تأخرت الصين في التصديق استخدمت بريطانيا وفرنسا القوة مرة أخري لتحقيق ذلك واستطاعت قواتهما دخول (تيان جن) في ربيع عام
( 1860 م) ثم تقدمت نحو (بكين) ودخلوها في اكتوبر ( 1860 م) وتوجهوا إلي القصر الصيفي للإمبراطور الذي يبعد بضعة أميال عن بكين، وهذا القصر يعتبر أعظم وأفخم قصور العالم، ويحتوي علي آثار تاريخية وتحف وذهب لايقدر بثمن. وقام الضباط البريطانيون والفرنسيون بنهب محتوياته لمدة أربعة أيام، وأضرموا فيه النار بعد ذلك.
رضخ الإمبراطور لمطالبهم ووقع الاتفاقيات مع كل من فرنسا وبريطانيا، وكذلك روسيا والولايات المتحدة التي منحت امتيازات أكثر.
وارتفع عدد المدمنين في الصين من مليوني مدمن عام (1850م) ليصل إلي (120 مليوناً سنة 1878م)، ولكن حروب الأفيون لم تنته نهائياً إلا باتفاقية (8 أيار 1911م). وتضل حربي الأفيون الشهيرتين بمثابة فضيحة لا مثيل لها في الحياة السياسية والاقتصادية في التاريخ، فضيحة تدل علي استبداد القوي الغربية الاستعمارية وتقديمها لمصالحها المالية علي حساب كل القيم والمبادئ والاخلاقيات.
() سورة المؤمنون: 1.
() سورة يونس: 24.
() سورة الجاثية: 22.
() سورة النجم: 31.
() بحار الأنوار: ج75 ص19 ب15 ح77.
() تعد القسطنطينية من أهم المدن العالمية، أسست في عام (330م) علي يد الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الأول، وقد كان لها موقع عالمي فريد حتي قيل: لو كانت الدنيا مملكة واحدة لكانت القسطنطينية أصلح المدن لتكون عاصمة لها، ومنذ تأسيسها اتخذها البيزنطيون عاصمة لهم، وهي من أكبر المدن في العالم وأهمها. قيل: إن سبب أهمية
فتح هذه المدينة عند المسلمين هو حديث رووه عن رسول الله صلي الله عليه و اله ولهذا فقد تنافس حكام المسلمين وقادتهم علي فتحها عبر العصور المختلفة طمعاً في أن يتحقق فيهم الحديث المسند إلي رسول الله صلي الله عليه و اله حيث رووا عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه أنه سمع النبي صلي الله عليه و اله يقول: لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش قال فدعاني مسلمة بن عبد الملك، فسألني فحدثته فغزا القسطينية.
تعددت علي فتحها حملات المسلمين منذ أيام معاوية بن أبي سفيان في سنة (44ه) ولم تنجح هذه الحملة، وقد تكررت حملات أخري في عهده آلت إلي نفس النتيجة. كما قامت الدولة الأموية بمحاولة أخري لفتح القسطنطينية، وتعد هذه الحملة أقوي الحملات الأموية عليها، وهي تلك الحملة التي تمت في أيام سليمان بن عبد الملك سنة (98ه).
واستمرت المحاولة لفتح القسطنطينية إلي العصر العباسي حيث شهد حملات عسكرية مكثفة ضد الدولة البيزنطية، ولكنها لم تتمكن من الوصول إلي القسطنطينية نفسها وتهديدها مع أنها هزتها وأثرت علي الأحداث داخلها، أهم تلك الحملات تلك التي تمت في أيام هارون العباسي سنة (190ه).
وفي مطلع القرن الثامن الهجري تجددت المحاولات لفتح القسطنطينية من قبل العثمانيين وكانت البداية في أيام بايزيد الملقب بالصاعقة، وتمكنت قواته من محاصرتها بقوة سنة (796ه 1393م)، ولكن السلطان بايزيد اضطر لسحب قواته وفك الحصار عن القسطنطينية لمواجهة المغول الذين هاجموا العثمانيين، وقد دارت معركة أنقرة الشهيرة، والتي أسر فيها السلطان بايزيد ثم مات بعد ذلك في الأسر سنة
(1402م) وكان نتيجة ذلك أن تفككت الدولة العثمانية مؤقتا، وتوقف التفكير في فتح القسطنطينية إلي حين.
وبعد استقرار الدولة العثمانية أيام السلطان
مراد الثاني (824ه 863ه) جرت عدة محاولات لفتح القسطنطينية وتمكنت جيوش العثمانيين في أيامه من محاصرتها أكثر من مرة، وكان الإمبراطور البيزنطي في أثناء تلك المحاولات يعمل علي إيقاع الفتنة في صفوف العثمانيين، وبهذه الطريقة نجح في إشغاله في هدفه الذي حرص عليه، فلم يتمكن العثمانيون من تحقيق ما كانوا يطمحون إليه إلا في زمن ابنه محمد الفاتح فيما بعد.
() قباذ بن فيروز بن يزدجرد ملك الفرس سنة (488م) ملك وهو ابن خمس عشرة سنة. أما ماني: فهو المولود حوالي (240 م) وادعي أنه النبي الموعود الذي جاء اسمه في الانجيل: ياراقليت، ودعا الناس إلي مذهب جديد بين المسيحية والزردشت، قتله الملك بهرام سنة (274م) ويطلق عليه اسم ماني النقاش.
() المَنْجَنِيقُ والمِنْجَنِيقُ، بفتح الميم و كسرها، و المَنْجَنُوق: القَذَّاف، التي ترمي بها الحجارة، دخيل أَعجمي معرب، وأصلها بالفارسية: مَنْ جِي نِيكْ، أَي ما أَجْوَدَني، وهي مؤنثة، وتقديرها مَنْفَعِيل لقولهم: كنا نُجْنَقُ مَرَّةً و نُرْشَقُ أُخري.
قال الفراء: و الجمع منْجَنِيقات، وقال سيبويه: هي فَنْعَليل الميم من نفس الكلمة أَصلية لقولهم في الجمع مَجانِيق، وفي التصغير مُجَيْنِيق، ولأَنها لو كانت زائدة والنون زائدة لاجتمعت زائدتان في أَول الاسم، و هذا لا يكون في الأَسماء ولا الصفات التي ليست علي الأَفعال المزيدة، ولو جعلت النون من نفس الحرف صار الاسم رباعيّاً والزيادات لا تلحق ببنات الأَربعة أوّلا إلا الأسماء الجارية علي أفعالها نحو مُدَحْرِج، ومنهم من قال: إن الميم والنون زائدتان لقولهم جَنَقَ يَجْنِق إذا رمي.
التهذيب في الرباعي: أَبو تراب مِنْجَلِيق و يقال جَنّقوا المجانيق ومَجْنقوها؛ وفي حديث الحجاج: أَنه نصب علي البيت مَنْجَنِيقاً وَكَّل بها جانِقَين، فقال أَحد الجانِقين عند رميه: خَطَّارة كالجمل الفَنِيق أَعْدَدْتُها للمسجد العَتيقِ
الجانِقُ:
الذي يدير المَنْجنيق و يرمي عليها.
انظر لسان العرب: ج10 ص338 مادة (مجنق).
() هو السلطان محمد الثاني (431ه 1481م)، هو السابع في سلسلة الحكام العثمانيين لقب بالفاتح وأبي الخيرات. حكم ما يقرب من ثلاثين عاماً. تولي حكم الدولة العثمانية بعد وفاة والده في (855ه 1451م) وكان عمره آنذاك (22 سنة) امتاز محمد الفاتح بشخصية فاقت من سبقه من السلاطين العثمانيين فاق أقرانه منذ حداثته في كثير من العلوم التي كان يتلقاها في مدرسة الأمراء وخاصة معرفته لكثير من لغات عصره وميله الشديد لدراسة كتب التاريخ، مما ساعده فيما بعد علي إبراز شخصيته في الإدارة وميادين القتال، حتي أنه اشتهر أخيراً في التاريخ بلقب محمد الفاتح، لفتحه القسطنطينية.
قام بإعادة تنظيم إدارات الدولة المختلفة، واهتم كثيراً بالأمور المالية، فعمل علي تحديد موارد الدولة وطرق الصرف منها بشكل يمنع الإسراف والبذخ أو الترف. وكذلك ركز علي تطوير كتائب الجيش وأعاد تنظيمها ووضع سجلات خاصة بالجند، وزاد من مرتباتهم وأمدهم بأحدث الأسلحة المتوفرة في ذلك العصر. وعمل علي تطوير إدارة الأقاليم، وأقر بعض الولاة السابقين في أقاليمهم، وعزل من ظهر منه تقصيراً أو إهمالا، وطور البلاط السلطاني وأمدهم بالخبرات الإدارية والعسكرية الجيدة، مما ساهم في استقرار الدولة والتقدم إلي الأمام، وبعد أن قطع أشواطاً في الإصلاح الداخلي تطلع إلي المناطق المسيحية في أوروبا لفتحها ونشر الإسلام فيها، ولقد ساعدته عوامل عدة في تحقيق أهدافه، منها الضعف الذي وصلت إليه الإمبراطورية البيزنطية بسبب المنازعات مع الدول الأوروبية الأخري، وكذلك بسبب الخلافات الداخلية التي عمت جميع مناطقها ومدنها، ولم يكتف السلطان محمد بذلك، بل إنه عمل بجد من أجل أن يتوج انتصاراته بفتح القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، والمعقل الاستراتيجي الهام للتحركات الصليبية
ضد العالم الإسلامي لفترة طويلة من الزمن، والتي طالما اعتزت بها الإمبراطورية البيزنطية بصورة خاصة والمسيحية بصورة عامة، وجعلها عاصمة للدولة العثمانية.
() معاني الأخبار: ص 186 باب معني الإسلام والإيمان ح2.
() الكافي: ج2 ص 241 باب المؤمن وعلاماته وصفاته ح37.
() بحار الأنوار: ج64 ص 303 باب 14 ضمن ح34.
() سورة النحل: 97.
() صقلية: جزيرة وأقليم متمتع بالحكم الذاتي تتبع إيطاليا حالياً مساحتها، (25815 كم2) وعدد سكانها (5.100000 نسمة) يفصلها عن إيطاليا مضيق مسينا عن شبه الجزيرة، وعاصمتها بالمرمو، وهي أكبر جزر البحر المتوسط وأكثرها سكاناً، تقع بين بحر أيجا والبحر التريني، وهي في الشكل مثلثة الأضلاع، ومعظم سطحها جبلي فيما عدا سهل كاتانيا الخصيب. تعتمد في مواردها علي الزراعة، وهي لا تزال تتبع في الزراعة الطرق البدائية، وتمتاز الجزيرة بمناخها اللطيف ومناظرها الطبيعية الفاتنة، وأهم صادراتها العنب والزيتون والبرتقال والكبريت والأسماك. أسس المدن الكبيرة لجزيرة صقلية الفينيقيون والقرطاجيون والأغريق، ثم صارت صقلية مستعمرة رومانية، ثم انتقلت إلي البيزنطيين، ثم سيطر عليها المسلمون حيث بدأوا سنة (727ه) وصاروا يفتحون معاقلها الواحد بعد الآخر حتي عام (878ه) صارت الجزيرة كلها في أيدي المسلمين، وبسبب الحروب الأهلية المستمرة بين القبائل العربية سقطت في يد النورمان وفتحها، ثم اكمل احتلالها الملك روجر سنة (1090ه).
() هو زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب بن سالم، كنيته: أبو محمد. رابع أمراء الأغالبة صاحب أفريقيا، وقد ولي الإمارة بعد أخيه عبد الله سنة (201ه) في زمن المأمون العباسي، وكان يدعو للمأمون في خطبه أيام وثوب إبراهيم بن المهدي علي الحكومة، فلما خلصت للمأمون شكر له ذلك. وقد اضطربت البلاد علي الأمير التغلبي، فكثرت الفتن وضعف أمره حتي لم يبق علي طاعته سنة (209ه)
من أفريقيا إلا فاس والساحل وطرابلس وقبائل نفزاوه، ثم قوي أمره وانجدته نفزاوه. فجهز أسطولاً عظيماً سنة (212 ه) وسيّره إلي جزيرة صقلية، فاستولي علي معظم حصونها. توفي في القيروان، وكان فصيحاً أديباً يعرب من كلامه من غير تقعر، بني سور سوسة، وهو أول من سمي زيادة الله من ولاة بني الأغلب.
() للتفصيل ينظر كتاب (موجز تاريخ الإسلام) للإمام الشيرازي الراحل رحمة الله عليه وهو تلخيص لكتاب (حضارة العرب) للدكتور غوستاف لوبون.
() الإقبال: ص699 فصل فيما نذكره من فضل ليلة النصف من شعبان.
() سورة طه: 115.
() سورة مريم: 65.
() سورة طه: 132.
() سورة الأعراف: 128.
() سورة الأحقاف: 35.
() سورة آل عمران: 159.
() سورة لقمان: 17.
() سورة الفتح: 25 26.
() سورة الكهف: 32 34.
() سورة الشعراء: 106 111.
() سورة الزخرف: 51 52.
() سورة البقرة: 170.
() سورة السجدة: 24.
() سورة البقرة: 247.
() سورة الرعد: 7.
() سورة النساء: 59.
() سورة ص: 26.
() سورة النمل: 62.
() بحار الأنوار: ج68 ص421 ب93 ح55.
() غرر الحكم ودرر الكلم: ص474 ق6 ب6 ف3 ح10865.
() غرر الحكم ودرر الكلم: ص476 ق6 ب6 ف3 ح10904.
() غرر الحكم ودرر الكلم: ص474 ق6 ب6 ف3 ح10866.
() غرر الحكم ودرر الكلم: ص345 ق4 ب2 ف6 ح7928.
() غرر الحكم ودرر الكلم: ص475 ق6 ب6 ف3 ح10877.
() غرر الحكم ودرر الكلم: ص475 ق6 ب6 ف3 ح10881.
() بحار الأنوار: ج70 ص284 ب133 ح2.
() الكافي: ج2 ص307 باب العصبية ح1.
() سورة ص: 76.
() وسائل الشيعة: ج15 ص372 ب57 ح20776.
() وسائل الشيعة: ج15 ص371 ب57 ح20774.
() وسائل الشيعة: ج15 ص373 ب57 ح20778.
() بحار الأنوار: ج67 ص307 ب57 ح34.
() غرر الحكم ودرر الكلم: ص61 ق1 ب1 ف9 ح696.
() بحار الأنوار: ج14 ص316 ب21
ضمن ح16.
() أمالي الشيخ الطوسي رحمة الله عليه: ص625 المجلس30 ح1290.
() غرر الحكم ودرر الكلم: ص115 ق1 ب5 ف1 ح1996.
() الكافي: ج1 ص193 باب أن الأئمة ? خلفاء الله عزوجل في أرضه وأبوابه ح1
() الكافي: ج1 ص200 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته ح1.
() أمالي الشيخ المفيد: ص14 المجلس2 ح2.