خطط الغرب في بلاد الإسلام

اشارة

اسم الكتاب: خطط الغرب في بلاد الإسلام

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت لبنان

تاريخ الطبع: 1423 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً

وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَي ?

قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَي وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً?

قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَي?

صدق الله العلي العظيم

سورة طه: الآية 124-126

كلمة الناشر

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي الهادي البشير، والسراج المنير، محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

أمّا بعد، فمنذ أن تخلّي المسلمون عن قوانينهم الإسلامية واتّبعوا الغرب اتّباع الفصيل إثر اُمّه فتحت عليهم أبواب الأزمات الواسعة، وراحوا يتخبّطون في متاهات الحياة الطويلة ومشاكلها الكثيرة التي لا أوّل لها ولا آخر.

لقد تأخّر المسلمون عن الركب الحضاري وفقدوا عزّتهم الاُولي التي ألبسها إيّاهم الإسلام، وأصبحوا اليوم كلقمة سائغة تتكالب عليها الذئاب المفترسة.

والغريب أنّ الكثير منهم لا يحرّك ساكناً من أجل الخروج من هذه الحالة التي يرثي لها، بل لا يسألون حتي أنفسهم قائلين: لماذا أصبحنا هكذا؟

وما الذي أدّي بنا إلي ذلك؟

وما هو العلاج لمشكلتنا هذه؟

ومن جرّاء ذلك بقي المسلمون يتراجعون من سيئ إلي أسوأ حتّي آل بهم الأمر إلي ما هم عليه اليوم من التشتت والضياع، فضلا عن فقدهم للكثير من بلادهم الإسلامية، بعد أن كانوا خير أمة، حيث مدحهم القرآن فقال عزّ من قائل: ?كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ?().

لذلك وحتّي تعود عزّتنا الإسلامية فلابدّ من الرجوع إلي قوانين الإسلام الأصيلة ومناهله العذبة وترك القوانين الوضعية التي جاءتنا من الغرب.

بالطبع وكما يقولون إنّ تشخيص المرض هو قبل البدء بالعلاج، فلابد من معرفة خطط الغرب في البلاد الإسلامية ثم الحيلولة دونها، كما يلزم معرفة القوانين

الإسلامية أوّلا ومدي تأثيرها في تقدّم المسلمين الأوائل الذين تحدّوا الشرق والغرب بحضارتهم ثم تطبيقها.

ومن هذا المنطلق كان هذا الكتاب القيّم الذي خطّته يد المرجعية المباركة التي طالما شُهد لها بالعلم والورع والرؤية الثاقبة للأحداث التي تطرأ علي الساحة.

نعم، فقد كان الإمام الشيرازي (أعلي الله درجاته) نافذ البصيرة، عميق الفكر، لا تنطلي عليه الظواهر، وكان يدعو المسلمين للرجوع إلي القوانين الإلهية والأحكام الأصيلة التي أخرجت اُمّة كاملة كانت غارقة في ظلمات الضلالة والجاهلية وساقتها إلي أعلي مراتب الكمال والعلو.

وهذا الكتاب الذي بين يديك يبين باختصار بعض ألاعيب الغرب في بلادنا الإسلامية.

مركز الجواد للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص.ب: 5951 / 13

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام علي محمّد وآله الطاهرين.

أمّا بعد، فإنّ الخطّة الغربية في بلاد الإسلام واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار لكل من يتدبّر أوضاع بلاد الإسلام في النصف الثاني من القرن الأخير.

إنّ الغرب راح يطبّق خططه في بلاد المسلمين تحت شعارات مختلفة وأسماء متعددة قد تكون بعضها جذّابة، منها ما طرحوه باسم الديمقراطية وحتي الإسلامية، كما طرحوا الشيوعية والقومية والبعثية وغيرها.

وحيث إنّني عادة كنت اُلاحظ مثل هذه الخطط في البلاد الإسلامية التي عشت فيها، فقد رأيت من الجدير أن اُدرجها في كتاب ولو إجمالاً، وأشير إلي بعض مصاديقها في بحث مستقل يوضّح للأجيال عبر العصور المختلفة خطورة مثل هذه الخطط التي جاء بها الغرب لتحطيم بلاد المسلمين.

راجياً من الله سبحانه أن يوفق المسلمين للتوعية والعمل الصالح لما يحبّه ويرضاه، إنه ولي ذلك.

قم المقدسة

محمد الشيرازي

فصل من قوانين الغرب في بلادنا الإسلامية

الأسلوب الاستعماري الجديد

علي الرغم من أنّ الاستعمار الغربي قد خرج ظاهراً من البلاد الإسلامية حينما سحب أساطيله ومعدّاته العسكرية التي كان قد استولي بها علي المسلمين في السنين السابقة إلاّ أنّه لم يدع الاُمور هكذا جزافاً، وإنّما خرج من الباب ليعود إلينا من النافذة ولكن باُسلوب جديد.

فقد خرج الغرب من بلاد المسلمين ولكن ترك عملاءه من الحكّام الذين يطبّقون قوانينه بدقّة ويسيرون علي نهجه خطوة بعد اُخري.

فإذا كان الغرب في السابق يحتاج إلي أن يأتي بأساطيله ومعدّاته العسكرية ليستولي علي بلاد المسلمين قهراً، فاليوم أصبح مستغنياً عن ذلك، إذ أنّ الحكّام قد وفّروا عليه تحمّل هذه المعاناة وأوصلوه إلي غايته المنشودة بكل سهولة وذلك عبر تطبيق مخطّطاته وقوانينه التي ساقت المسلمين إلي ما هم عليه اليوم من التأخّر والتخلّف الحضاري.

فالذي يلاحظ أوضاع البلاد الإسلامية في النصف الثاني

من القرن الأخير يتجلّي له واضحاً أنّ مخطّطات الغرب الهادفة إلي الاستيلاء علي خيرات المسلمين قد طبّقت بأجمعها، الأمر الذي جعلهم يقعون في قعر المشاكل والأزمات المريرة التي يقاسونها في العصر الراهن.

فمن القوانين التي خطط الغرب وطبّقها الحكّام في بلاد المسلمين هو:

1: حصر المهن

من خطط الغرب: حصر المهن، فقد أجراه عبد المحسن السعدون() في العراق أيّام الديمقراطيين() في العهد الملكي.

وقد كان هذا القانون ينصّ علي: أنّ العمل مختص بذوي الجنسية العراقية فقط دون غيرهم، ممّا جعل الكثير من الشعب العراقي آنذاك يعاني من مشاكل البطالة والفقر والمرض والفساد وكثرة الجنايات كالسرقة والزنا واللواط وما أشبه.

فإنّ العاطل عن العمل شيئاً فشيئاً يصبح فقيراً، والفقير عادة ما يمرض حيث إنّه لا يجد القوت الكافي الذي يتقوّي به، وإذا مرض لايجد العلاج الناجع، مضافاً إلي أن الفقر من أهم أسباب الإجرام. وقد التجأ الكثير من الناس آنذاك إلي الفساد والسرقة اللذين يعتبران من حيلة العاطلين.

ناهيك إنّ العديد منهم أصبح من روّاد الجنس إذ أنّ الأولاد والبنات والنساء أخذوا يبيعون عفّتهم من أجل تحصيل المال، ولذا ورد عن رسول الله صلي الله عليه و اله أنّه قال: «كاد الفقر أن يكون كفراً وكاد الحسد أن يغلب القدر» ().

وروي عن لقمان أنه قال لابنه: «يا بني ذقت الصبر وأكلت لحاء الشجر فلم أجد شيئاً هو أمرّ من الفقر، فإن بليت به يوماً فلا تظهر الناس عليه فيستهينوك ولا ينفعوك بشيء، ارجع إلي الذي ابتلاك به فهو أقدر علي فرجك وسله فمن ذا الذي سأله فلم يعطه أو وثق به فلم ينجه» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «إنّ الأشياء لمّا ازدوجت ازدوج الكسل والعجز فنتج منهما الفقر» ().

ولا يخفي أنّ الامتداد الشيوعي

الذي كان يغزو العالم جاءوا به من أجل تحقيق مثل هذه الأغراض، إلاّ أنّه والحمد لله لم يستمر طويلا وسقطت دولته وذهبت أدراج الرياح().

واليوم وبعد مرور نصف قرن تقريباً من إصدار (عبد المحسن السعدون) لقانون حصر المهن في العراق، طبّق نفس القانون في إحدي الدول الإسلامية الاُخري ضدّ الأفغانيين والعراقيين، فمنعوهم من العمل، وأخذوا بتغريم من يشغّلهم في مصنع أو معمل أو ما أشبه.

علماً أنّ المسؤولين في هذه الدولة يدعون أنّ بلادهم هي اُمّ القري الإسلامية، وأنّهم اُخوة مع سائر المسلمين كما نصّ القرآن الكريم حيث قال تعالي: ?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ?().

أجل، فقد أصبح المسلمون في كثير من الدول الإسلامية كبني إسرائيل، حيث قال تعالي عنهم: ?ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاَء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَتَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَي تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْض فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَي أَشَدِّ الْعَذَابِ?().

وكما جاء في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول: «لتركبن اُمّتي سنّة بني اسرائيل حذو النعل بالنعل وحدو القذّة بالقذّة، شبراً بشبر وذراعاً بذراع وباعاً بباع، حتّي لو دخلوا جحراً لدخلوا فيه معهم، إنّ التوراة والقرآن كتبته يد واحدة في رقّ واحد بقلم واحد وجرت الأمثال والسنن سواء» ().

وبالفعل فإنّ المسلمين أخذوا يخرجون بعضهم البعض من ديارهم ويتظاهرون عليهم بالإثم والعدوان، فحصل لهم بذلك الخزي في الدنيا، ولم يبق سوي أشد العذاب في يوم القيامة والعياذ بالله كما في الآية الشريفة().

2: تحديد النسل

من خطط الغرب: قانون تحديد النسل، وقد شاهدته في العراق وغيرها من الدول الإسلامية التي

عشت فيها.

ففي العراق مثلا كانت الحكومة تدعو إلي تحديد النسل متحدّية نصّ حديث رسول الله صلي الله عليه و اله حيث قال: «تناكحوا تكثروا فإنّي اُباهي بكم الاُمم يوم القيامة ولو بالسقط» ().

وفي حديث آخر عنه صلي الله عليه و اله: «أما علمتم أنّي اُباهي بكم الاُمم يوم القيامة حتّي بالسقط يظل محبنطئاً أي ممتلياً غيظاً وغضباً علي باب الجنّة فيقول الله عزوجل: ادخل الجنّة، فيقول: لا حتّي يدخل أبواي قبلي، فيقول الله تبارك وتعالي لملك من الملائكة: ائتني بأبويه فيأمر بهما إلي الجنّة فيقول: هذا بفضل رحمتي» ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «شوهاء ولود خير من حسناء عقيم» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «ذروا الحسناء العقيم وعليكم بالسوداء الولود فإنّي مكاثر بكم الاُمم حتّي بالسقط» ().

وعنه صلي الله عليه و اله قال: «تزوّجوا سوداء ولوداً ولا تتزوّجوا حسناء جميلا عاقراً، فإنّي اُباهي بكم الاُمم يوم القيامة» ().

وعنه صلي الله عليه و اله قال: «حصير ملفوف في زاوية البيت خير من امرأة عقيم» ().

ولا يخفي أنّ العراق تبعاً لخطط الغرب قام بتحديد النسل وذلك:

1: تشبّهاً بالغرب.

2: تقليلاً لعدد المسلمين، فأخذ عدد من الأطباء بمساندة الدولة يروّجون بين الناس حبوب إسقاط الجنين، وعمليات الإجهاض وما أشبه، فضلا عن دعوة الناس إلي الاستفادة من موانع الحمل كالّلولب والأقراص وغيرها.

والملفت للانتباه أنّ إحدي الدول الإسلامية التي عشت فيها اتخذوا نفس السياسة، فأخذ الإعلام يكذّب والعياذ بالله أحاديث الرسول صلي الله عليه و اله المنادية إلي التكاثر، مدّعين أنّ قلّة النسل توجب حسن المعيشة وغيرها من التوجيهات غير المقبولة.

ومن جانب آخر أخذت الدولة تعاقب الوالدين بعدم إعطاء الجنسية للولد الرابع فضلا عن حرمانه من بعض

الحقوق ككارت التغذية وما أشبه وهو بعد لا حول له ولا قوة.

علاوة علي ذلك أخذ أطباؤهم وقوابلهم يشجعون النساء علي منع الحمل أو الإجهاض والإسقاط عند حصول الحمل()، وأخذوا بتوزيع موانع الحمل من الحبوب وغيرها مجاناً علي العوائل.

هذا بالإضافة إلي بث فكرة تحديد النسل بكل إصرار عبر وسائل الإعلام: المقروءة والمسموعة والمرئية وحتي بواسطة لوحة الإعلانات في الطرق والشوارع، ممّا لو كان رسول الله صلي الله عليه و اله أمر به لم يكونوا يزيدون الأمر، كما قال الإمام السجّاد عليه السلام حول أهل الكوفة عندما آذوا أهل البيت وعترة الرسول صلي الله عليه و اله.

وبهذه الكيفية خضع العراق خلال نصف القرن الأخير لمثل هذه القوانين التي ما أنزل الله بها من سلطان، وكذلك الدولة المجاورة له، علماً أنّ نفوس الدولتين لا تتجاوز التسعين مليون والحال أنّ في الهند وحدها يوجد مليار ومائة مليون إنسان دون أن تجد لمثل هذه القوانين أي أثر، وفي الصين مليار وثلاثمائة مليون وهكذا.

3: زواج البنت

من خطط الغرب: التأكيد علي تأخر بلوغ البنت وزواجها، علي خلاف ما قرره العلماء الأعلام تبعاً للروايات الشريفة من أنّ بلوغ البنت يكون إذا أكملت التاسعة من عمرها().

وحينئذ تستعد للزواج، فهي في هذا العمر تقريباً تنضج جسدياً وتنمو قواها الداخلية.

ناهيك أنّ البنت إذا بلغت الثانية عشرة من العمر عادةً ترغب في الزوج، والشواهد علي ذلك كثيرة، ومن هنا فإن في كثير من بلاد الغرب لا تكاد تجد بنتاً لم تفتض وهي في الثانية عشرة من العمر!، وذلك رغبة في الفساد().

وقد أكد الإسلام علي زواج البنت في سن مبكر، وفي التاريخ الصحيح أنّ الرسول صلي الله عليه و اله زوّج إبنته فاطمة الزهراء عليها السلام وعمرها تسع سنوات().

وفي

الحديث عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: «إنّ الجارية ليست مثل الغلام إنّ الجارية إذا تزوّجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم، ودفع إليها مالها وجاز أمرها في الشراء والبيع واُقيمت عليها الحدود التامّة واُخذت لها وبها» ().

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: «لا يدخل بالجارية حتّي يأتي لها تسع سنين أو عشر سنين» ().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: «إذا بلغت الجارية تسع سنين دفع إليها مالها، وجاز أمرها في مالها، واُقيمت الحدود التامّة لها وعليها» ().

عبد الكريم قاسم وقانون الزواج

وقد شاهدت بنفسي في العراق أنّ عبد الكريم قاسم() المرتبط بالغرب كيف ألغي هذا القانون الإسلامي، حيث أصدر قانوناً قَبْل خمسة وأربعين سنة تقريباً ينصّ علي: أنّ بلوغ البنت وتأهّلها للزواج يكون إذا بلغت سن الخامس عشر من العمر، ويمنع الزواج قبلها.

لذلك فقد أصبح الكثير من الناس يعانون من مشاكل هذا القانون غير الشرعي، إذ أنّهم آنذاك كانوا يزوّجون البنات في صغرهن عادة ومع وجود هذا القانون أصبح من الصعب عليهم التوفيق بين أوامر الشرع وما اعتادوا عليه وبين القانون الوضعي الذي جاء به عبد الكريم قاسم.

ففي أحد الأيّام التقيت بأحد القضاة في كربلاء المقدّسة وقال لي: لقد ابتليت ما بين الشرع والقانون! فقد جاءني أب مع إبنته وزوجها والأب يريد إبطال العقد لاختلاف ما كان قد حصل مع صهره.

وبعد الإطّلاع علي المشكلة عرفت أنّ ابنته قد تزوّجت قبل ثلاث سنين وقد كان عمرها آنذاك اثنتي عشرة سنة، وكانت حاملاً ولديها طفلان أحدهما كانت تحمله علي يدها والآخر تسوقه بيدها الاُخري، فكان الأب يريد إبطال العقد حسب القانون، فماذا أصنع؟ إن أبطلت العقد كما ينصّ عليه القانون الوضعي أكون قد خالفت الشرع لأنّ الزوجين

غير راغبين في الانفصال، وإن لم أبطله فالدولة تعاقبني علي مخالفة القانون؟!

وقد طبّق نفس هذا القانون في إحدي الدول الإسلامية الاُخري التي عشت فيها، حيث قرّر المجلس أنّ تأهّل البنت للزواج قانوناً هو في سنّ الخامس عشر، الأمر الذي يدلّ بوضوح علي أنّ بلادنا الإسلامية تابعة للغرب وإن ادّعت الإسلام ظاهراً واختلفت مع الغرب في الأسماء واللغات.

وأتذكّر عندما كنا في العراق أنّني قرأت في كتاب من كتب الثانوية التي تدرّس للطلاّب في المدارس الحكومية بعد أن جعل علامة استفهام قائلا () …

لأنّ الغرب جعل هذه العلامة فإنّ كلّ ما جعله يكون واقعاً والحال أنّه لا الدين ولا العقل يرشد إلي ذلك.

4: إباحة الأرض

من خطط الغرب: منع قانون إباحة الأرض وعدم حرية عمرانها، علي خلاف سيرة رسول الله صلي الله عليه و اله، فعندما جاء الرسول صلي الله عليه و اله إلي المجتمع الجاهلي وجد أنّ المباحات كالأرض وغيرها يستولي عليها الأعيان والوجهاء دون غيرهم، فكانوا يمنعون الناس من إحيائها والاستفادة منها.

آنذاك قال الرسول صلي الله عليه و اله حديثه المعروف: «الأرض لله عزوجل ولمن عمرها» ().

فأصبحت الأراضي وغيرها من المباحات، لكافّة المسلمين.

وكما ينقل المؤرخّون فإنّ المسلمين فرحوا بمثل هذا القانون وراحوا يعمّرون الأرض ويزرعونها بحيث إنّ المدينة المنوّرة توسّعت وعمّرت عمّا كانت عليه سابقاً بكثير.

من جانب آخر فإنّ أوضاع المسلمين المعيشية تطوّرت وتحسّنت فأصبح الجميع يمتلك عملا ومنزلا ممّا قلّل من عدد الفقراء والمحتاجين في أوساطهم.

ولكن وللأسف الشديد فإنّ حكّام البلاد الإسلامية تبعاً للغرب أخذوا يحاربون هذا القانون ويخالفونه علناً، حيث إنّه يخالف مصالحهم ويضرّ منافعهم، وإذا بهم يجعلون هذه المباحات التي أحلّها الله لجميع المسلمين في قوله تعالي: ?لَكُمْ?() ملكاً خاصاً لهم، وأنّه لا يجوز

التصرّف فيها إلا بإذن وإجازة منهم، علماً أنّهم لا يمنحون الإجازة إلاّ بصعوبة بالغة.

ففي بلادنا الإسلامية الاستفادة من المباحات مقيّدة بدفع الضرائب المالية الضخمة، وإذا بالأراضي والمعادن وخيرات البحار تحتاج إلي إذن خاص لا يحصل عليه إلاّ بشقّ الأنفس وبذل الأموال. بل بلغ الأمر بهم كما حصل في العراق وإيران وغيرهما أن جعلوا ضرائب ضخمة من الأموال لكل من يريد الاستفادة من هذه المباحات فحتّي القبر جعلوا عليه ضريبة حيث لا يحقّ للناس دفن موتاهم إلاّ بعد إعطاء مبلغاً من المال، علماً أنّ دول الخليج حتّي الآن يدفن الموتي فيها مجاناً كما كان في العهود السابقة.

وقد سعيت عندما كنت في الكويت برفقة بعض الأصدقاء أن نشتري أرضاً خاصّة لدفن الموتي لكن الحكومة رفضت.

وهكذا فإنّ الحكومات الإسلامية أخذت تقيّد الاستفادة من المباحات حتّي آل الأمر إلي ما نحن عليه اليوم، ولعلّه يأتي ذلك الزمن الذي يصبح فيه التنفّس مقابل ضريبة مالية فلا يحق للإنسان التنفّس إلاّ بعد أن يعطي الحكومة مبلغاً من المال.

ولكن يبقي القول إنّ مثل هذه الحكومات التي تضيّق علي الناس حتي في معيشتهم عادة ما تنال سخط الناس في الدنيا فضلا عن الخزي والعقاب الأليم في الآخرة.

ولعمري أين مثل هذه الحكومات عن الإسلام الحقيقي الذي جاء به رسول الله صلي الله عليه و اله والأئمّة الأطهار عليهم السلام لإسعاد البشرية وإخراجها من ظلمات الجاهلية إلي نور الهداية والسعادة.

توسعة المدينة المنورة

ففي تاريخ رسول الله صلي الله عليه و اله أنه كان يؤكّد علي الاستفادة من المباحات من الأراضي وغيرها، وكان هذا عاملاً مهماً في رفع المستوي الاقتصادي والمعيشي للمسلمين آنذاك، كما أنه صلي الله عليه و اله نصّ علي قانون إباحة الأرض فتوسّعت المدن الإسلامية،

والمدينة المنورة التي كانت قرية آنذاك، بشكل هائل.

وقد كان النبي صلي الله عليه و اله يتكفّل شخصياً بعض الفقراء والمحتاجين ويحث المسلمين علي رعايتهم، وهناك نصوص كثيرة وردت في الحث علي الصدقة ورعاية المساكين سنشير إلي بعضها.

قال الإمام الرضا عليه السلام: «صعد النبي صلي الله عليه و اله المنبر، فقال: من ترك دَيناً أو ضياعاً () فعليّ وإليّ، ومن ترك مالا فلورثته، فصار بذلك أولي بهم من آبائهم واُمّهاتهم، وصار أولي بهم منهم بأنفسهم، وكذلك أمير المؤمنين عليه السلام بعده، جري ذلك له مثل ما جري لرسول الله صلي الله عليه و اله» ().

وعن عطاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك إنّ عليّ دَيناً إذا ذكرته فسد عليّ ما أنا فيه، فقال: «سبحان الله! أما بلغك أنّ رسول الله صلي الله عليه و اله كان يقول في خطبته: من ترك ضياعاً فعليّ ضياعه ومن ترك دَيناً فعليّ دَينه ومن ترك مالا فأكِله، فكفالة رسول الله صلي الله عليه و اله ميتاً ككفالته حيّاً، وكفالته حيّاً ككفالته ميّتاً» فقال الرجل: نفّست عنّي جعلني الله فداك().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إنّ النبي صلي الله عليه و اله قال: أنا أولي بكل مؤمن من نفسه، وعلي عليه السلام أولي به من بعدي» فقيل له: ما معني ذلك؟ فقال: «قول النبي صلي الله عليه و اله: من ترك دَيناً أو ضياعاً فعليّ، ومن ترك مالا فلورثته، فالرجل ليست له علي نفسه ولاية إذا لم يكن له مال، وليس له علي عياله أمر ولا نهي إذا لم يجر عليهم النفقة، والنبي وأمير المؤمنين ومن بعدهما عليهم السلام لزمهم هذا، فمن هنا صار أولي بهم

من أنفسهم» ().

وقد قال الإمام الصادق عليه السلام: «وكان إسلام عامّة اليهود بهذا السبب لأنهم آمنوا علي أنفسهم وعيالاتهم» ().

أمّا اليوم فإنّ الناس يخرجون من دين الله أفواجاً، لعدم تطبيق قوانين الإسلام التي تضمن سعادة الدنيا والآخرة، ولذا فإنّ بعضهم لجئوا إلي الأحزاب الشيوعية والبعثية والقومية وما أشبه، فظنّوا أنّ الملجأ في هذه الأحزاب.

وبذلك ضاقت بلاد الإسلام وضاعت إسبانيا والهند ولبنان وفلسطين وغيرها من أيدي المسلمين، بعد أن كان الناس ?يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً?()، وكان كما قال تعالي: ?وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ? () وكان قانون «الإسلام يعلو ولا يعلي عليه» () هو السائد.

هذا بالنسبة إلي الخسائر الدنيوية، أمّا الآخرة فكما قال عزوجل: ?وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَي? ().

ولذا فإنّ قوانين الإسلام الواقعية إذا طبّقت فإنّ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً، ولا يمرنّ قرن علي الغرب إلاّ ويدخل أهله في الإسلام أفواجاً، أمّا إذا بقي الحال علي ما نحن عليه من ضياع القوانين الإسلامية وسيادة القوانين الغربية فإنّ نفس المسلمين سيخرجون من الدين أفواجاً.

الحث علي الصدقة

قال تعالي: ?وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين?().

وقال سبحانه: ?يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون?().

وقال جل جلاله: ?الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لايتبعون ما أنفقوا منا ولا أذي لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون?().

وقال سبحانه: ?والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبي الدار?().

وقال عز اسمه: ?إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور?().

وعن

أبي جعفر عليه السلام قال: «البر والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان تسعين ميتة السوء» ().

وعن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: «لأن أعول أهل بيت من المسلمين أشبع جوعتهم وأكسو عورتهم وأكف وجوههم عن الناس أحب إليّ من أن أحج حجة وحجة حتي انتهي إلي عشر وعشر مثلها حتي انتهي إلي سبعين» ().

وعن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «داووا مرضاكم بالصدقة وادفعوا البلاء بالدعاء واستنزلوا الرزق بالصدقة فإنها تفك من بين لحي سبعمائة شيطان، وليس شي ء أثقل علي الشيطان من الصدقة علي المؤمن وهي تقع في يد الرب تبارك وتعالي قبل أن تقع في يد العبد» ().

وعن عبد الرحمن بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله» ().

وعن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «الصدقة باليد تدفع ميتة السوء وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء وتفك عن لحي سبعين شيطانا كلهم يأمره أن لا تفعل» ().

وعن أبي ولاد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «بكروا بالصدقة وارغبوا فيها، فما من مؤمن يتصدق بصدقة يريد بها ما عند الله ليدفع الله بها عنه شر ما ينزل من السماء إلي الأرض في ذلك اليوم إلا وقاه الله شر ما ينزل من السماء إلي الأرض في ذلك اليوم» ().

وعن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن الصدقة تقضي الدين وتخلف بالبركة» ().

وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و

اله: تصدقوا فإن الصدقة تزيد في المال كثرة وتصدقوا رحمكم الله» ().

وعن علي بن وهبان عن عمه هارون بن عيسي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لمحمد ابنه: «كم فضل معك من تلك النفقة» قال: أربعون دينارا، قال: «اخرج وتصدق بها» قال: إنه لم يبق معي غيرها، قال: «تصدق بها فإن الله عز جل يخلفها أما علمت أن لكل شي ء مفتاحا ومفتاح الرزق الصدقة فتصدق بها» ففعل فما لبث أبو عبد الله عليه السلام عشر أيام حتي جاءه من موضع أربعة آلاف دينار، فقال: «يا بني أعطينا لله أربعين دينارا فأعطانا الله أربعة آلاف دينار» ().

وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «سئل رسول الله صلي الله عليه و اله: أي الصدقة أفضل، قال: علي ذي الرحم الكاشح» ().

وعن معلي بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: «إن صدقة الليل تطفئ غضب الرب وتمح الذنب العظيم وتهون الحساب، وصدقة النهار تنمي المال وتزيد في العمر» ().

وعن هشام بن سالم قال: (كان أبو عبد الله عليه السلام إذا أعتم وذهب من الليل شطره أخذ جرابا فيه خبز ولحم والدراهم فحمله علي عنقه ثم ذهب به إلي أهل الحاجة من أهل المدينة فيقسمه فيهم وهم لايعرفونه، فلما مضي أبو عبد الله عليه السلام فقدوا ذلك فعلموا أنه كان أبا عبد الله عليه السلام)().

وعن أبي حمزة الثمالي في حديث قال: (كان علي بن الحسين عليه السلام ليخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب فيه الصرر من الدنانير والدراهم حتي يأتي باباً باباً فيقرعه ثم يناول من يخرج إليه فلما مات علي بن الحسين عليه السلام فقدوا ذلك فعلموا أن علي بن الحسين

عليه السلام الذي كان يفعل ذلك)().

توسعة المدن العراقية

وعندما كنا في العراق منحت الحكومة قطعة أرض مساحتها خمسمائة أو ألف متر لكل مواطن علي أن يدفعوا قيمتها بالتقسيط شهرياً بمبلغ بسيط وقدره عشرة أو عشرين ديناراً، وإن كان أخذ هذه الضريبة غير صحيح أيضاً، إلا أنه توسّعت مدينة كربلاء المقدّسة عدة فراسخ من الشمال، ومقدار فرسخين من الغرب، ومن الشرق ثلاثة فراسخ، ومن الجنوب ما يقارب ذلك.

كل ذلك في أقل من ثلاث سنوات.

وكذلك توسّعت سائر المدن العراقية من بغداد والبصرة والناصرية والنجف الأشرف وغيرها، ممّا يحتاج بيان التفاصيل إلي تأليف كتاب مستقل.

نصيحة لعبد الكريم قاسم

وأتذكّر أنّني آنذاك قلت لعبد الكريم قاسم عندما زرناه لكي ننصحه بالعمل وفق الإسلام، وكانت الزيارة مع السيّد سعيد الزيني()، وصهرنا السيّد عبد الحسين القزويني(): لماذا أخذتم المال من الذين أرادوا بناء دور لسكناهم؟

وذكرت له قانون الإسلام «الأرض لمن عمرها»..

وأشكلنا عليه عدّة اشكالات..

فلم يكن له جواب مقنع، وقد ذكرت تفاصيل هذا الحوار في كتاب آخر().

علماً بأنه سيأتي هو وأمثاله ممّن خالفوا قوانين الإسلام في يوم ليروا عاقبة أمرهم وما ترتب علي أخذهم الأموال ظلماً وجوراً من الناس الذين يريدون الاستفادة من المباحات في بلاد الإسلام.

قال تعالي: ?وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ?().

وقال سبحانه: ?فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ? وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ?().

وكان أخذ الأموال علي دفن الأموات مستهجناً جدّاً، ثم أصبح من اللازم دفع الضرائب وما أشبه!

وأتذكر عند ما دفنّا ميّتاً في مقبرة كربلاء المقدسة، من دون أن ندفع درهماً واحداً أصلا، حتّي أنّ الدفّان المسمّي ب (الحاج محسن) لمّا عرضنا عليه المال رفض وقال: إنّه واجب شرعي، فأصررت عليه بأن

يأخذ ربع دينار تبرّعاً منّا له وليس من باب الاُجرة وإنّما كمساعدة له، فقبل عند ذلك وتشكّر كثيراً.

إلي غيرها من الأمور التي أشرنا إلي بعضها في كتاب (حياتنا قبل نصف قرن) () و(بقايا حضارة الإسلام كما رأيت) ()..

ولعلّ الله يحدث بعد ذلك أمراً.

5: إلغاء قانون السبق

من خطط الغرب: إلغاء قانون السبق، وقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من سبق إلي ما لا يسبقه إليه المسلم فهو أحق به» ().

نعم، هذا القانون مقيّد بقوله تعالي: ?لكم? () التي نصّت عليه الآية المباركة علي ما هو مذكور في الفقه.

فكل المعادن، والغابات، وآجام القصب، والجبال، والأنهار، والبحار، وما فيها من الحيوانات والأسماك وطير السماء، وغيرها هي لمن سبق إليها بقصد التملّك، الأمر الذي يفتح للناس باب رزق واسع.

وقد شاهدت ذلك شخصياً في العراق قبل نصف قرن تقريباً، إذ أنّ بعض الناس كانوا يخرجون الملح من الرزّازة، والأسماك من المياه، والجص من الأرض، والأحجار من الجبال، ويصطادون الطيور في الهواء، والحيوانات البرية في الصحراء، ويأتون بها إلي السوق ويبيعونها.

ولمّا جاء عبد الكريم قاسم منع كل ذلك وفرض عليه ضريبة مالية وأصدر قانوناً ينصّ علي: أنّ الاستفادة من هذه المباحات تحتاج إلي إذن وإجازة من الحكومة، فارتفعت بذلك قيمة هذه الاُمور حتي أصبحت قيمة الملح الذي كنّا نشتريه لقوت سنتنا بعشرة أفلس أضعافاً مضاعفة، بل حتي القِدْر الحجري الذي كانوا يصنعونه من أحجار الجبال فرضوا عليه ضريبة مالية.

تبذير الأموال

من جانب آخر فإنّ الحكومات التابعة للغرب أنهكت كاهل البلاد من خلال زيادة الموظفين()، وجلب العمالات الغربية.

فضلا عن صرفهم للكثير من واردات البلاد وأموال الشعب علي مظاهر البذخ()، وشراء الأسلحة الفتّاكة بأثمان باهضة()، واستيراد البضائع غير المحتاج إليها.

وقد ذكروا: أن صدام التكريتي() قطع نحو ثلاثين مليون نخلة من 33 مليون الأمر الذي ساهم بقوّة في شلّ الاقتصاد العراقي، إذ أنّ اعتماد العراق علي النخيل يأتي مباشرة بعد الوارد النفطي الذي يصدّره العراق().

وشيئاً فشيئاً تحوّل العراق بلد الخيرات إلي دولة فقيرة تعاني من الديون الثقيلة

التي أنهكت كاهلها().

نهب ثروات المسلمين

بالطبع هذا غير مقتصر علي العراق فحسب، بل يشمل سائر دول الإسلام إذ أنّ الاستعمار أخذ ينهب ثروات المسلمين بشكل عجيب، ففي إفريقيا مثلاً راحوا ينهبون «الماس» إلي غيرها من المصاديق المختلفة في العديد من البلاد الإسلامية.

وقد حرّضوا عملاءهم في العراق علي فرض قانون منع الاستفادة من المباحات، وإذا بخيرات العراق أصبحت خاصّة بالحكومة فقط.

ناهيك أنّ بعض خيرات العراق كانت تذهب هدراً دون أن يسمحوا للناس الاستفادة منها، فمثلا منعوا اصطياد الأسماك من نهري (دجلة) و(الفرات) وتركوها تذهب مع المياه التي تصبّ في (شط العرب) فضلا عن قطعهم للنخيل وما أشبه.

6: تقسيم البلاد

من خطط الغرب: قانون تقسيم البلاد.

فإن من أخطر خطط الغرب في بلاد الإسلام هو تقسيمها إلي دول أو دويلات صغيرة وذلك بجعل الحدود الوهمية والمفتعلة والتي تخالف الفطرة والعقل والشرع.

مضافاً إلي اتخاذ سياسة إفقار البلاد ولو في بعض الجوانب حتي تكون بحاجة إليهم دائماً، ففرقوا بين الثروات الموجودة في العالم الإسلامي وجعلوا عدم التنسيق بينها، حتي لا يكون لبلد ما ثروتان، فإذا كان بلد ما غنياً في الزراعة فإنّهم يمنعونه من الصناعة، وإذا كان بلداً آخراً متقدّماً في الصناعة فإنّهم يمنعونه من الزراعة وهكذا.

ففي العراق عندما كنّا جاء عبد الكريم قاسم بقانون الإصلاح الزراعي() وإذا بالزراعة تتأخّر بشكل ملحوظ حتي أنّ أحد المهندسين الغربيين الذين جاءوا للبحث عن المشكلة في هذا القانون، قال: إنّ هذه خطّة لإفقار العراق من الزراعة، إذ أنّ الفلاحين تركوا عملهم وسكنوا المدن لما رأوا من أنّ الربح في المدن أكثر من الزراعة.

وهنا يتجلّي واضحاً فلسفة محاربة حكّام العراق للزراعة، إذ أنّهم تبعاً لأوامر الغرب يعلمون أنّ العراق لديه وارد نفطي ضخم وطبق قانونهم لا ينبغي أن تكون لبلد ثروتان

في نفس الوقت.

ولعلّه لهذا السبب قام صدام بقطع النخيل حتي تراجعت مرتبة العراق كدولة أولي في إنتاج التمور إلي سادس دولة في العالم كما في الإحصائيات.

والجدير بالذكر أنّه في السابق لم يكن لقانون تقسيم البلاد وهذه الحدود المصطنعة أثر ولا خبر، والشواهد الدالّة علي ذلك كثيرة.

فقد سافرت جدّتي من الاُمّ السيّدة آمنة (رحمها الله) قبل ثمانين عاماً تقريباً إلي الحج بواسطة الأباعر والسفن من طريق سورية ولبنان، حيث زارت السيّدة خولة عليها السلام والسيّدة زينب عليها السلام ثم إلي الأردن لتزور جعفر بن أبي طالب عليه السلام وفلسطين لزيارة البيت المقدس، ثم إلي مصر وفيها السيدة أم كلثوم عليها السلام ومقام رأس الإمام الحسين عليه السلام ومنها إلي الحجاز.

وقد سألتها آنذاك قائلا: هل احتاج سفركم إلي إجازة أو جواز؟

فقالت (رحمها الله): لم يكن في تلك الأيّام أثر من هذه الاُمور، وإنّما كانت الزيارة كما تذهب اليوم من كربلاء المقدسة إلي النجف الأشرف للزيارة.

وقد استغرق سفرها سنة كاملة رواحاً ومجيئاً.

نعم، لم تكن بين بلاد الإسلام حدود جغرافية، ولا قيود كالجوازات والضرائب التي تفرضها السلطات في عصرنا الراهن.

ولذا فإنّنا نقرأ في الدعاء في كل يوم من أيّام شهر رمضان: «اللهم ارزقني حجّ بيتك الحرام في عامي هذا وفي كل عام» ().

وقد ورد: أنّ الإمام السجّاد عليه السلام حجّ في إحدي السنين فكان عدد الحجّاج في ذلك العام أربعة ملايين ونصف حاج.

واليوم رغم وفرة الوسائل المتطوّرة وتقدّم الزمان علي ذلك الزمان نجد أنّ عدد الحجّاج لا يتجاوز المليونين.

وقد كتبت كتاباً تحت عنوان (ليحجّ خمسون مليوناً كل عام)() ذكرت فيه كيف يمكننا أن نجعل الحج يستوعب كل عام خمسين مليوناً ليتمكّن جميع المسلمين وهم ملياران، من أداء فريضة الحج

خلال أربعين عاماً.

خلاصة القول: إنه ينبغي للمسلمين اليوم أن يلتفتوا إلي خطط الغرب في بلادهم ويعملوا ليل نهار من أجل إعادة القوانين الإسلامية التي جاء بها رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل البيت عليهم السلام ليسعد الناس في دنياهم وآخرتهم، والله الموفّق المستعان.

فصل: عندما كان الإسلام حاكماً

معرفة التاريخ الإسلامي

من الاُمور المهمّة التي يلزم علي المسلمين معرفتها اليوم هو تاريخ المجتمع الإسلامي وسعادته في ظل القوانين الإسلامية، وكيف كان تعايش المسلمين بخير وتقدم مع هذه القوانين التي جاء بها الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله وأكّد عليها الأئمّة الأطهار عليهم السلام.

أجل، فإذا اطّلع المسلمون في عصرنا الراهن علي تاريخهم في العصور السابقة فإنّهم بلا شكّ وريب سيدركون مدي تأثير القوانين الإسلامية علي سعادتهم وتقدّمهم فضلا عن ذلك فإنّهم سيعملون من أجل إعادة تلك القوانين التي ضيّعها حكّام المسلمين تبعاً لخطط الغرب، ومن هنا كان من المناسب ذكر بعض الشواهد الدالّة علي أهمية مثل هذه القوانين الإسلامية في هذا الكتاب.

قداسة العمل

إنّ الذي يلاحظ الروايات الشريفة الصادرة عن رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل البيت عليهم السلام يجد أنّها تؤكّد بشكل حثيث علي قداسة العمل وضرورته للإنسان في الحياة، وأنها قد ذمت البطالة أشد ذم.

ففي الحديث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إنّ محمد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أري أنّ علي بن الحسين عليه السلام يدع خلفاً أفضل منه حتّي رأيت ابنه محمد بن علي عليه السلام فأردت أن أعظه فوعظني فقال له أصحابه: بأي شيء وعظك؟

قال: خرجت إلي بعض نواحي المدينة في ساعة حارّة فلقيني أبو جعفر محمد بن علي عليه السلام وكان رجلا بادناً ثقيلا وهو متّكئ علي غلامين أسودين أو موليين، فقلت في نفسي: سبحان الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة علي هذه الحال في طلب الدنيا؟! أما لأعظنّه، فدنوت منه فسلّمت عليه، فردّ عليّ السلام بنهر وهو يتصاب عرقاً.

فقلت: أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة علي هذه الحال في طلب الدنيا؟

أرأيت لو جاء أجلك وأنت علي هذه الحال ما كنت تصنع؟

فقال: لو جاءني الموت وأنا علي هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعة الله عزوجل أكفّ بها نفسي وعيالي عنك وعن الناس وإنّما كنت أخاف أن لو جاءني الموت وأنا علي معصية من معاصي الله.

فقلت: صدقت يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني» ().

وعن محمد بن عذافر، عن أبيه قال: دفع إليّ أبو عبد الله عليه السلام سبعمائة دينار وقال: «يا عذافر اصرفها في شيء أمّا علي ذلك ما بي شره ولكني أحببت أن يراني الله عزوجل متعرّضاً لفوائده» قال عذافر: فربحت فيها مائة دينار، فقلت له في الطواف: جعلت فداك قد رزق الله عزوجل فيها مائة دينار، فقال: «أثبتها في رأس مالي» ().

وعن داود بن سرحان قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام يكيل تمراً بيده، فقلت: جعلت فداك لو أمرت بعض ولدك أو بعض مواليك فيكفيك، فقال: «يا داود إنّه لا يصلح المرء المسلم إلاّ ثلاثة التفقّه في الدين والصبر علي النائبة وحسن التقدير في المعيشة» ().

وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: «الذي يطلب من فضل الله ما يكفّ به عياله أعظم أجراً من المجاهد في سبيل الله عزوجل» ().

ولا يخفي أنّ الإسلام عندما يدعو الناس إلي العمل فإنّه بالمقابل هيّأ لهم أسبابه مثل إباحة الأراضي والمياه وحرّية السفر والتجارة والبناء وما أشبه، الأمر الذي كان يؤدّي إلي وفرة الأعمال وكثرتها.

من هنا فإنّ مجتمع الرسول صلي الله عليه و اله لم يكن يعاني من أزمة اسمها البطالة وتأزّم فرص العمل إذ أن الجميع آنذاك كان بوسعه أن يعمل ويكدّ لعياله واُسرته بكل حرية دون أن يحتاج إلي إجازة أو دفع ضريبة أو

ما أشبه.

وإلاّ ماذا يعني حث الرسول صلي الله عليه و اله والأئمّة الأطهار عليهم السلام علي العمل، فإذا لم تكن فرص العمل متاحة آنذاك فكيف يدعون الناس إلي العمل؟ ولماذا يبدون مذمّتهم للعاطلين؟

وحيث إنّ الإسلام وفّر الأسباب الرئيسية للعمل كان أهل البيت عليهم السلام يؤكّدون علي أهميته كما هو واضح في الروايات التالية:

عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إنّ رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «إذا أعسر أحدكم فليضرب الأرض ويبتغي من فضل الله، ولا يغمّ نفسه» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام: أنّ رجلا سأله أن يدعو الله أن يرزقه، فقال: «أدعو لك، ولكن اطلب كما اُمرت» ().

بل إنّ أهل البيت عليهم السلام أنفسهم كانوا يعملون ويقدّسون العمل، ففي الحديث أنّ رسول الله صلي الله عليه و اله مرّ في غزوة تبوك بشاب جلد يسوق أبعرة سماناً، فقال له أصحابه: يا رسول الله! لو كانت قوّة هذا وجلده وسمن أبعرته في سبيل الله لكان أحسن.

فدعاه رسول الله صلي الله عليه و اله فقال: «أرأيت أبعرتك هذه أي شيء تعالج عليها؟»

فقال: يا رسول الله! لي زوجة وعيال، فأنا أكسب عليها ما أنفقه علي عيالي وأكفّهم عن مسألة الناس وأقضي دَيناً عليّ.

قال: «لعلّ غير ذلك».

قال: لا.

فلمّا انصرف قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «لئن كان صادقاً إنّ له لأجراً مثل أجر الغازي وأجر الحاج وأجر المعتمر» ().

وعن عبد الأعلي مولي آل سام قال: استقبلت أبا عبد الله عليه السلام في بعض طرق المدينة في يوم صائف شديد الحرّ فقلت: جعلت فداك حالك عند الله عزوجل وقرابتك من رسول الله صلي الله عليه و اله وأنت تجهد لنفسك في مثل هذا اليوم؟ فقال:

«يا عبد الأعلي خرجت في طلب الرزق لأستغني عن مثلك» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يخرج ومعه أحمال النوي فيقال له: يا أبا الحسن ما هذا معك؟ فيقول: نخل إن شاء الله فيغرسه فما يغادر منه واحدة» ().

وعن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام يعمل في أرض له قد استنقعت قدماه في العرق فقلت له: جعلت فداك أين الرجال؟

فقال: «يا علي عمل باليد من هو خير منّي ومن أبي في أرضه».

فقلت له: من هو؟

فقال: «رسول الله صلي الله عليه و اله وأمير المؤمنين وآبائي عليهم السلام كلّهم قد عملوا بأيديهم وهو من عمل النبيين والمرسلين والصالحين» ().

الوحدة الإسلامية

بعد أن كان المجتمع الجاهلي متفرّقاً تحكمه نعرات التكبّر ونزعات العنصرية جاء رسول الإنسانية محمد صلي الله عليه و اله ودعا الناس إلي الوحدة والاُخوّة والانضواء تحت راية الإسلام المباركة.

فبين الفترة والاُخري كان رسول الله صلي الله عليه و اله يؤكّد علي الاُخوّة الإسلامية وعدم التفاخر بمفاخر الجاهلية البائدة، فعن أبي جعفر عليه السلام قال: «لمّا كان يوم فتح مكّة قام رسول الله صلي الله عليه و اله في الناس خطيباً فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: أيّها الناس ليبلّغ الشاهد الغائب! أنّ الله تبارك وتعالي قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية، والتفاخر بآبائها وعشائرها، أيّها الناس إنّكم آدم وآدم من طين، ألا وإنّ خيركم عند الله وأكرمكم عليه أتقاكم وأطوعكم له، ألا وإنّ العربية ليست بأب والد، ولكنّها لسان ناطق، فمن طعن بينكم وعلم أنه يبلّغه رضوان الله حسبه، ألا وإنّ كلّ دم مظلمة أو إحنة كانت في الجاهلية فهي تظلّ تحت

قدمي إلي يوم القيامة» ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من تعصّب أو تعصّب له فقد خلع ربق الإيمان من عنقه» ().

وبالفعل فقد اتّحد المسلمون وتآلفوا بشكل عجيب بحيث إنّهم أخذوا يبغضون التفاخر الجاهلي ويذمّون أهله وأتباعه، فعن أبي عبدالله عليه السلام قال: «جاء رجل موسر إلي رسول الله صلي الله عليه و اله نقي الثوب فجلس إلي رسول الله صلي الله عليه و اله فجاء رجل معسر درن الثوب فجلس إلي جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له رسول الله صلي الله عليه و اله: أخفت أن يمسّك من فقره شيء؟

قال: لا.

قال: فخفت أن يصيبه من غناك شيء؟

قال: لا.

قال: فخفت أن يوسخ ثيابك؟

قال: لا.

قال: فما حملك علي ما صنعت؟

فقال: يا رسول الله إنّ لي قريناً يزيّن لي كل قبيح، ويقبّح لي كل حسن، وقد جعلت له نصف مالي.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله للمعسر: أتقبل؟

قال: لا.

فقال له الرجل: لِمَ؟

قال: أخاف أن يدخلني ما دخلك» ().

وعن الأصبغ بن نباتة قال: سألت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن سلمان الفارسي (رحمة الله عليه) وقلت: ما تقول فيه؟

فقال: «ما أقول في رجل خلق من طينتنا وروحه مقرونة بروحنا خصّه الله تبارك وتعالي من العلوم بأوّلها وآخرها وظاهرها وباطنها وسرّها وعلانيتها، ولقد حضرت رسول الله صلي الله عليه و اله وسلمان بين يديه فدخل أعرابي فنحّاه عن مكانه وجلس فيه فغضب رسول الله صلي الله عليه و اله حتّي درّ العرق بين عينيه واحمرّتا عيناه، ثمّ قال: يا أعرابي أتنحّي رجلا يحبّه الله تبارك وتعالي في السماء ويحبّه رسوله في الأرض؟

يا أعرابي أتنحّي رجلا ما حضرني جبرئيل إلاّ

أمرني عن ربّي عزوجل أن أقرئه السلام؟

يا أعرابي إنّ سلمان منّي، من جفاه فقد جفاني، ومن آذاه فقد آذاني، ومن باعده فقد باعدني، ومن قرّبه فقد قرّبني.

يا أعرابي لا تغلطن في سلمان، فإنّ الله تبارك وتعالي قد أمرني أن اُطلعه علي علم المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب.

قال: فقال الأعرابي: يا رسول الله ما ظننت أن يبلغ من فعل سلمان ما ذكرت؟ أليس كان مجوسياً ثم أسلم؟

فقال النبي صلي الله عليه و اله: يا أعرابي اُخاطبك عن ربّي وتقاولني، إنّ سلمان ما كان مجوسياً ولكنّه كان مظهراً للشرك مضمراً للإيمان؟

يا أعرابي أما سمعت الله عزوجل يقول: ?فَلاَ وَرَبِّكَ لاَيُؤْمِنُونَ حَتَّي يُحَكِّمُوكَ فِيَما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً?().

أما سمعت الله عزوجل يقول: ?مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا?().

يا أعرابي خذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ولا تجحد فتكون من المعذّبين وسلّم لرسول الله قوله تكن من الآمنين» ().

ونقل: أنّ سلمان الفارسي (رضوان الله عليه) دخل مجلس رسول الله صلي الله عليه و اله ذات يوم فعظّموه وقدّموه وصدّروه إجلالا لحقّه وإعظاماً لشيبته واختصاصه بالمصطفي وآله، فدخل عمر فنظر إليه فقال: من هذا العجمي المتصدّر فيما بين العرب؟

فصعد رسول الله صلي الله عليه و اله المنبر فخطب فقال: إنّ الناس من آدم إلي يومنا هذا مثل أسنان المشط لا فضل للعربي علي العجمي ولا للأحمر علي الأسود إلاّ بالتقوي، سلمان بحر لا ينزف وكنز لاينفد، سلمان منّا أهل البيت، سلسل() يمنح الحكمة ويؤتي البرهان» ().

نعم، هكذا كان الإسلام يذمّ التفاخر الجاهلي ويجعل المؤمنين إخوة.

ولذلك تقدّم المسلمون الذين عملوا بقانون الأخوة، وحقّقوا شبه المعجزات بوحدتهم هذه، الأمر الذي جعل الغرب

يسلّط أتباعه علي البلاد الإسلامية ليعيدوا نعرات الجاهلية الاُولي وعصبياتها من جديد.

ومع الأسف الشديد فقد وفّقوا في ذلك وأحيوا الطائفية من جديد، حيث أصبح المسلمون اليوم طوائف وفئات تكفّر إحداهما الاُخري، فحتي نعيد عزّتنا الاُولي لابدّ من الرجوع إلي الوحدة الإسلامية التي نادي بها الإسلام.

الحرّيات

منذ اليوم الأول الذي صدع فيه رسول الله صلي الله عليه و اله برسالة الإسلام الحقّة، دعا الناس إلي الالتزام بوحدانية الله عزوجل ورفض كل القيود والأغلال التي تكبّل حرّية الإنسان.

وكما ينقل المؤرخّون: أنّ أوباش الجاهلية الاُولي أخذوا يحاربون رسول الله صلي الله عليه و اله من أجل هذه القضية حيث إنّهم أحسّوا أنّ الإسلام سيذهب بسيادتهم الظالمة وغطرستهم علي المستضعفين من الناس.

وبالرغم من محاربتهم للرسول صلي الله عليه و اله وأتباعه وتربّصهم به الدواهي إلاّ أنّه صلي الله عليه و اله ظلّ يؤكّد علي الحرّية في شتّي المجالات، الأمر الذي جعل الكثير من الناس يرغب في الإسلام.

فمن أبرز مصاديق الحرّية التي طرحها رسول الله صلي الله عليه و اله وظلّ الأئمّة الأطهار عليهم السلام يؤكّدون عليها هي:

1: حرّية الفكر والعقيدة

كان رسول الله صلي الله عليه و اله يؤكّد بقوله وفعله وتقريره علي حرّية الفكر والعقيدة، فكان يكرم حتي وفود المشركين علي تفصيل ذكرناه في كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم) () ويسعي في دعوتهم إلي الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وكان يجادلهم بالتي هي أحسن كما ورد في القرآن الكريم.

فلم ينقل التاريخ: أنّه صلي الله عليه و اله تعرّض إلي غيره بالاستهزاء وما أشبه، وإنّما كان يدعوهم إلي الإسلام ويبيّن لهم محاسنه وإيجابياته.

وكذلك الأئمّة الأطهار عليهم السلام لم ينقل عنهم أنّهم أساءوا إلي شخص أو تعرّضوا له بسوء، رغم التجاسرات العديدة التي كان يقوم بها الأعداء ومن يعتقد بالعقائد الاُخري.

فعن عمرو بن نعمان الجعفي قال: كان لأبي عبدالله عليه السلام صديق لا يكاد يفارقه إذا ذهب مكاناً فبينما هو يمشي معه في الحذّاءين ومعه غلام له سندي يمشي خلفهما إذا التفت الرجل يريد غلامه ثلاث مرّات، فلم

يره فلمّا نظر في الرابعة قال: يا ابن الفاعلة أين كنت؟

قال: فرفع أبو عبد الله عليه السلام يده فصكّ بها جبهة نفسه، ثم قال: «سبحان الله تقذف اُمّه قد كنت أري أنّ لك ورعاً فإذا ليس لك ورع؟»

فقال: جعلت فداك إنّ اُمّه سندية مشركة!.

فقال: «أما علمت أنّ لكل اُمّة نكاحاً، تنحّ عنّي».

قال: فما رأيته يمشي معه حتّي فرّق الموت بينهما.

وفي رواية اُخري «إنّ لكل اُمّة نكاحاً يحتجزون به من الزنا» ().

وكان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في صلاة الصبح فقال ابن الكوّاء من خلفه - تعريضاً بالإمام عليه السلام -: ?وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَي الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ?()!.

فأنصت الإمام علي عليه السلام تعظيماً للقرآن حتّي فرغ من الآية، ثم عاد عليه السلام في قراءته.

ثمّ أعاد ابن الكواء الآية.

فأنصت الإمام علي عليه السلام أيضاً، ثمّ قرأ.

فأعاد ابن الكواء، فأنصت الإمام علي عليه السلام ثم قال: ?فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ?()، ثم أتمّ السورة وركع» ()، ولم يتعرض له.

وينقل: أنّه مرّت امرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «إنّ أبصار هذه الفحول طوامع وإنّ ذلك سبب هناتها، فإذا نظر أحدكم إلي امرأة تعجبه فليلمس أهله فإنّما هي امرأة كامرأته»

فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافراً ما أفقهه

فوثب القوم ليقتلوه، فقال عليه السلام: «رويداً إنّما هو سب بسب أو عفو عن ذنب» ().

2: حرية السفر

كذلك من مصاديق الحرّية التي أكّد عليها الإسلام في مآثره هي حرّية التنقّل والسفر، فقد قال تعالي: ?وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الاَْرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً?().

وقد دعا الله تبارك وتعالي الناس إلي السير في الأرض أكثر من مرّة في

القرآن الكريم، بحيث بلغ عدد الآيات الداعية إلي السير والتأمّل في أحوال الاُمم السابقة 14 آية أو أكثر.

بل إنّ الملائكة يوم القيامة تلوم المستضعفين في الأرض وتوبّخهم لعدم سفرهم وهجرتهم إلي بلد آخر، حيث قال تعالي: ?إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرض قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً?().

فلم يكن في عهد المسلمين الأوائل شيء اسمه الجواز أو التذكرة أو التأشيرة (الفيزا) أو غيرها من مقيّدات السفر في يومنا هذا، بل كان بوسع الإنسان أن يذهب إلي أي بلد شاء، ويسكن أي مدينة أراد، ويتزوّج من أي قرية اختارها، ولو كانت بينها وبين بلده مئات الفراسخ.

أمّا اليوم فقد قيّدوا الناس باُمور اختلقها الغرب، علماً أنّ الغرب نفسه أخذ لا يلتزم بها.

فأصبح السفر في بلادنا بحاجة إلي جواز وتأشيرة ودفع ضريبة وغيرها من الاُمور التي ما أنزل الله بها من سلطان.

3: حرية التجارة

إلي جانب حث الإسلام المستمرّ علي العمل وترك البطالة، فإنّه راح يطلق العنان للمسلمين كي يتاجروا بحرّيتهم، فضمن لهم حرية التجارة وسائر الأعمال الاقتصادية ما عدا المحرم منها وهي قليلة جدا فلم يقيّدهم برسوم وضرائب كما هو اليوم، حيث تفرض الدول الإسلامية ضرائب ضخمة علي التجّار وغيرهم من الكسبة.

بل علي العكس تماماً إنّ الإسلام شدّد علي كل من يتعرّض لتجارة الغير ويزاحمه في رزقه، والروايات الذامّة لعمل العشّار هي خير شاهد علي ذلك.

فعن رسول الله صلي الله عليه و اله في آخر خطبة خطبها قال: «ومن شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرّم الله عليه الجنّة يوم يجزي المحسنين، ومن منع طالباً حاجته وهو يقدر علي قضائها فعليه مثل خطيئة عشّار».

فقام

إليه مالك بن عوف فقال: وما يبلغ من خطيئة عشّار يا رسول الله؟

فقال: «علي العشّار في كل يوم وليلة لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً» ().

وعن ابن عبّاس قال: لمّا كان في عهد خلافة عمر أتاه قوم من أحبار اليهود فسألوه عن مسائل كثيرة ومنها ما يقول الحمار؟

فنكّس عمر رأسه وقال: يا أبا الحسن ما أري جوابهم إلاّ عندك.

فقال لهم علي عليه السلام: «الحمار يلعن العشّار».

ثمّ أجابهم عليه السلام عن جميع المسائل().

وعن حذيفة بن اليمان قال: كنّا مع رسول الله صلي الله عليه و اله إذ قال: «إنّ الله تبارك وتعالي مسخ من بني إسرائيل إثني عشر جزءً إلي أن قال: وأمّا السهيل فمسخ لأنّه كان رجلا عشّاراً فمرّ به عابد من عبّاد ذلك الزمان فقال العشّار: دلّني علي اسم الله الذي يمشي به علي وجه الماء ويصعد به إلي السماء، فدلّه علي ذلك، فقال العشّار: قد ينبغي لمن عرف هذا الاسم أن لا يكون في الأرض بل يصعد به إلي السماء فمسخه الله وجعله آية للعالمين» ().

الزواج في الإسلام

علي رأس الاُمور الهامّة التي جاء بها الإسلام وأكّد عليها في قوانينه هي مسألة الزواج المبكر والحدّ من الفساد مهما أمكن.

فبعد أن كان المجتمع الجاهلي غارقاً في أوحال الفساد، منهكاً بأعبائه الثقيلة، جاء الإسلام ومدّ يد العون للناس من خلال تشجيعه المستمر علي الزواج.

فعن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «تزوّجوا فإنّي مكاثر بكم الاُمم غداً في القيامة حتّي إنّ السقط ليجيء محبنطئاً علي باب الجنّة فيقال له: ادخل الجنّة، فيقول: لا حتّي يدخل أبواي الجنّة قبلي» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «ما يمنع المؤمن أن يتّخذ أهلا

لعلّ الله يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلاّ الله» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «ما بني بناء في الإسلام أحبّ إلي الله من التزويج» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «اتّخذوا الأهل فإنّه أرزق لكم» ().

وعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: «تزوّجوا فإنّ التزويج سنّة رسول الله صلي الله عليه و اله فإنه كان يقول: من كان يحبّ أن يتّبع سنّتي فإنّ من سنّتي التزويج واطلبوا الولد» ().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: «ما تلذّذ الناس في الدنيا والآخرة بلذّة أكثر لهم من لذّة النساء وهو قول الله عزوجل: ?زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ?() إلي آخر الآية، ثم قال: «وإنّ أهل الجنّة ما يتلذّذون بشيء من الجنّة أشهي عندهم من النكاح لا طعام ولا شراب» ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من أحبّ فطرتي فليستنّ بسنّتي ومن سنّتي النكاح» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «ما من شاب تزوّج في حداثة سنّه إلاّ عجّ شيطانه: يا ويله عصم منّي ثلثي دينه، فليتّق الله العبد في الثلث الباقي» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «من أحبّ أن يلقي الله تعالي طاهراً مطهّراً فليلقاه بزوجته» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «إنّما الدنيا متاع وخير متاع الدنيا الزوجة الصالحة» ().

وعن أبي عبد الله قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «تزوّجوا وزوّجوا، ألا فمن حظّ امرئ مسلم إنفاق قيمة أيّمة، وما من شيء أحب إلي الله عزوجل من بيت يعمر في الإسلام بالنكاح، وما من شيء أبغض إلي الله عزوجل من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة يعني الطلاق» ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: «إنّ الله عزوجل

إنّما وكّد في الطلاق وكرّر فيه القول من بغضه الفرقة» ().

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «إنّ جماعة من الصحابة كانوا حرّموا علي أنفسهم النساء، والإفطار بالنهار، والنوم بالليل، فأخبرت اُمّ سلمة رسول الله صلي الله عليه و اله، فخرج إلي أصحابه فقال: أترغبون عن النساء، إنّي آتي النساء، وآكل بالنهار، وأنام بالليل، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي، وأنزل الله: ?لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ? وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللهُ حَلاَلا طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ?().

فقالوا: يا رسول الله إنّا قد حلفنا علي ذلك، فأنزل الله: ?لاَ يُؤَاخِذُكُمْ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ? إلي قوله: ?ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ?()» ().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: «ركعتان يصلّيهما المتزوّج أفضل من سبعين ركعة يصلّيها أعزب» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «جاء رجل إلي أبي عليه السلام فقال له: هل لك من زوجة؟

فقال: لا.

فقال: إنّي ما اُحبّ أنّ لي الدنيا وما فيها وإنّي بت ليلة ليست لي زوجة.

ثم قال: الركعتان يصلّيهما رجل متزوّج أفضل من رجل أعزب يقوم ليله ويصوم نهاره ثمّ أعطاه أبي سبعة دنانير قال له: تزوّج بهذه.

ثم قال أبي عليه السلام: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: اتّخذوا الأهل فإنّه أرزق لكم» ().

ذم العزوبة

من جانب آخر فقد ذمّ الإسلام العزوبة وأهلها بشدّة، ففي الحديث:

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «رذّال موتاكم العزّاب» ().

وعن إبراهيم بن عبد الحميد عن سكين النخعي وكان تعبّد وترك النساء والطيب والطعام فكتب إلي أبي عبد الله عليه السلام يسأله عن ذلك، فكتب إليه: «أمّا قولك في النساء فقد علمت

ما كان لرسول الله صلي الله عليه و اله من النساء، وأمّا قولك في الطعام فكان رسول الله صلي الله عليه و اله يأكل اللحم والعسل» ().

وقال النبي صلي الله عليه و اله: «ركعتان يصلّيهما متزوّج أفضل من رجل عزب يقوم ليله ويصوم نهاره» ().

سهولة الزواج

والجدير بالذكر إنّ الإسلام حينما دعا الناس إلي الزواج فإنّه بالمقابل أخذ يدعوهم إلي التساهل فيه ورفع كل الحواجز الحائلة دون تحقّقه.

فلم تكن المهور آنذاك تعدّ مشكلة تمنع من الزواج، بل علي العكس تماماً، إنّ الإسلام جعل قلّة المهر كوسام افتخار للمرأة وعلامة علي يمنها وبركتها، وليس كما في عصرنا الراهن حيث يتفاخر المسلمون بزيادة المهور.

فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «أفضل نساء اُمّتي أصبحهنّ وجهاً وأقلّهنّ مهراً» ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «خير نساء أمتي أصبحهنّ وجهاً وأقلّهنّ مهراً» ().

وروي سهل الساعدي: أنّ النبي صلي الله عليه و اله جاءت إليه امرأة فقالت: يا رسول الله إنّي قد وهبت نفسي لك، فقال صلي الله عليه و اله: «لا إربة لي في النساء».

فقالت: زوّجني بمن شئت من أصحابك.

فقام رجل فقال: يا رسول الله زوّجنيها.

فقال صلي الله عليه و اله: «هل معك شيء تصدقها؟».

فقال: والله ما معي إلاّ ردائي هذا.

فقال صلي الله عليه و اله: «إن أعطيتها إيّاه تبقي ولا رداء لك، هل معك شيء من القرآن؟».

فقال: نعم سورة كذا وكذا.

فقال صلي الله عليه و اله: «زوجتها علي ما معك من القرآن» ().

وعن سهل بن سعد: أنّ النبي صلي الله عليه و اله قال لرجل: «تزوّجها ولو بخاتم من حديد» ().

وعن أبي الحسن عليه السلام في حديث أنّه قال:

«وقد كان الرجل علي عهد رسول الله صلي الله عليه و اله يتزوّج المرأة علي السورة من القرآن وعلي الدرهم وعلي القبضة من الحنطة» ().

وعن جعفر بن محمد عليه السلام أنّه قال: «للرجل أن يتزوّج المرأة علي أن يعلّمها سورة من القرآن أو يعطيها شيئاً ما كان» ().

وعن أمير المؤمنين عليه السلام: «أنه أتي رجل إلي رسول الله صلي الله عليه و اله فقال: يا رسول الله أردت أن أتزوّج هذه المرأة.

قال: «وكم تصدقها؟».

قال: ما عندي شيء.

فنظر إلي خاتم في يده فقال: «هذا الخاتم لك؟».

قال: نعم.

قال: «فتزوّجها عليه» ().

قوانين الزواج الوضعية

من جانب آخر لم يكن في صدر الإسلام شيئاً إسمه مشكلة القانون الرسمي للزواج والتقيّد بعمر خاص للزواج بل كان الزواج المبكّر سائداً ورائجاً بين الناس.

فقد زوّج رسول الله صلي الله عليه و اله ابنته المفضّلة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين فاطمة الزهراء عليها السلام وهي في سن التاسعة، لكي يتأسي به المسلمون ويزوجوا بناتهم في مقتبل العمر.

ففي الحديث الشريف عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من سعادة المرئ أن لا تطمث ابنته في بيته» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إنّ الله عزوجل لم يترك شيئاً ممّا يحتاج إليه إلاّ علّمه نبيّه صلي الله عليه و اله فكان من تعليمه إيّاه أنّه صعد المنبر ذات يوم فحمد الله وأثني عليه ثم قال: أيّها الناس إنّ جبرئيل أتاني عن اللطيف الخبير، فقال: إنّ الأبكار بمنزلة الثمر علي الشجر إذا أدرك ثمره فلم يجتني أفسدته الشمس ونثرته الرياح، وكذلك الأبكار إذا أدركن ما يدرك النساء فليس لهنّ دواء إلاّ البعولة وإلاّ لم يؤمن عليهنّ الفساد لأنّهنّ بشر.

قال: فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله

فمن نزوّج؟

فقال: الأكفاء.

فقال: يا رسول الله ومن الأكفاء؟

فقال: المؤمنون بعضهم أكفاء بعض المؤمنون بعضهم أكفاء بعض» ().

وفي الختام نكرر القول بأنّ المسلمين إذا أرادوا الخلاص ممّا هم عليه من الضياع والتشتت، فلابدّ لهم من معرفة خطط الغرب في بلادهم لاجتنابها، كما يلزم عليهم الرجوع إلي أحكام الله وقوانينه في الأرض لتعود إليهم عزّتهم الاُولي التي ألبسهم إيّاها الإسلام الحنيف. والله المستعان.

???

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.

قم المقدسة

محمد الشيرازي

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

() سورة آل عمران: 110.

() تسلّم (عبد المحسن السعدون) رئاسة الوزراء العراقية في عهد الملك فيصل الأول عام 1922م وذلك بعد استقالة حكومة عبد الرحمن النقيب. وكان السعدون متحمّساً لإجراء انتخابات المجلس التأسيسي والمعاهدة العراقية البريطانية التي كانت من صنيعة بريطانيا، فوقفت بريطانيا إلي جانبه ودعمته في سبيل ضرب المعارضة الدينية المتمثّلة بالمراجع العظام والعشائر العراقية، أمثال السيد أبي الحسن الأصفهاني، والميرزا النائيني، والشيخ مهدي الخالصي (قدس سرهم)، ومن أجل قمع المعارضة قام السعدون بتسفير الشيخ الخالصي وأولاده إلي (جدّة) والسيّد أبي الحسن والميرزا النائيني وجماعة من العلماء آنذاك إلي ايران، وكان يبلغ عددهم (26) عالماً.

() الديمقراطيون: هم من يعتقدون بالديمقراطية في الحكم وينادون إليها في شتّي المجالات، وللديمقراطية تعاريف عدّة منها أنّها حكومة الشعب علي الشعب.

() الكافي: ج2 ص307 باب الحسد ح4.

() وسائل الشيعة: ج9 ص445 ب34 ح12459.

() تحف العقول: ص220 باب ما روي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني.

() بقي الإمام الشيرازي (قدس سره) يحارب المد الشيوعي ويبين للناس مفاسده، ومن هذا المنطلق فقد ألّف سماحته (قدس سره) العديد من المؤلّفات في هذا المجال كان منها: (مباحثات مع الشيوعيين)،

(ماركس ينهزم)، (نقد نظريات فرويد)، (بين الإنسان ودارون)، (الإنسان والقرد)، (نقد المادية الديالكتيكية). وقد تنبّأ ? بسقوط الشيوعية والاتّحاد السوفيتي كما ذكر ذلك في كتابه (ماركس ينهزم).

() سورة الحجرات: 10.

() سورة البقرة: 85.

() بحار الأنوار: ج28 ص14 ب1 ح22.

() سورة البقرة: 85.

() بحار الأنوار: ج100 ص220 ب1 ح24.

() غوالي اللآلي: ج3 ص287 باب النكاح ح32.

() مكارم الأخلاق: ص202 ب8 في أخلاقهن المذمومة.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص176 ب14 ح16430.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص176 ب14 ح16429.

() غوالي اللآلي: ج1 ص258 باب النكاح ح29.

() تطرّق الإمام الشيرازي (قدس سره) إلي مسألة «تحديد النسل» في كتابه «تحديد النسل فكرة غربية» حيث أوضح فيه (قدس سره) بالأدلّة كيف أنّ هذه الفكرة تخالف قانون الإسلام فضلا عن خدمتها لأغراض الغرب وصبّها في مصالحه. وقد تطرّق سماحته (قدس سره) كذلك في كتابه «تسعون مليار نسمة» إلي أضرار هذه الفكرة علي البشرية ومدي خطورتها علي المجتمعات الإسلامية، كما بين جانباً من البحث في كتابه (العائلة).

() انظر وسائل الشيعة: ج18 ص410 ب2.

() ذكرت مجلة (العربي) تحت عنوان صناعة الجنس في تايلاند، العبارات التالية: (علي أبواب الفندق الذي كنّا نقيم فيه هناك دائماً حفنة من الرجال، يلاحقوننا بإلحاح وهم يلوّحون بمجموعة من صور النساء الملوّنة، وفي الحقيقة فإنّ مجموعة الصور هذه تجدها في كل مكان، في غرف الفنادق، ومع سائقي سيارات الاُجرة، وفي أي مكان ترويحي تذهب إليه، ولكن هذه الفئة المرابطة هي أشدّ إلحاحاً من الجميع، فهم لا يتركون لك الفرصة ولا يقبلون الاعتذار المهذّب، وهم علي استعداد للدخول في مناقشات مضنية من أجل ترويج بضاعتهم.. ويقال إنّ عدد البغايا من النساء حوالي 120ألف امرأة.

وتقول الإحصائيات إنّ حوالي 70% من التايلانديين يتردّدون علي محلاّت

الجنس، وعادةً ما يفقد الفتيان براءتهم الاُولي داخل قاعات التدليك.. وأنّ حوالي 10% من النساء اللواتي يعملن هنّ تحت سن الرابعة عشرة، بل إنّ بعضهنّ يبدأن هذا الطريق من سنّ العاشرة). العربي / العدد484 ص52 مارس 1999م.

() انظر الكافي: ج8 ص340 حديث إسلام علي عليه السلام ح536.

() وسائل الشيعة: ج18 ص410-411 ب2 ح23946.

() الكافي: ج5 ص398 باب الحد الذي يدخل بالمرأة فيه ح3.

() من لا يحضره الفقيه: ج4 ص221 باب انقطاع يتم اليتيم ح5522.

() عبد الكريم قاسم محمد بكر الزبيدي، ولد في بغداد عام 1914م. التحق بالكلّية العسكرية في 1932م وتدرّج في الرتب العسكرية، انتمي لتنظيم الضبّاط الأحرار عام 1956م. قام بانقلاب عسكري عام 1377ه (الرابع عشر من تموز عام 1958م) وأطاح بالحكم الملكي بعد أن قتل أغلب أفراد العائلة الملكية بما فيهم الملك فيصل الثاني، أعلن الحكم الجمهوري وشكّل مجلس السيادة وترأّس مجلس الوزراء إضافة إلي وزارة الدفاع بالوكالة لثلاث دورات، ألغي المظاهر الديمقراطية كالبرلمان والتعدّدية الحزبية ما عدا الحزب الشيوعي الذي أضحي الحزب المحبّب للسلطة، وألغي الحكم المدني وأضحت البلاد خالية من الدستور، تعرّض خلال حكمه إلي عدّة محاولات انقلابية، تعرّض لانقلاب عسكري دبّره عبد السلام عارف مع مجموعة من الضبّاط البعثيين أمثال أحمد حسن البكر وصالح مهدي عمّاش وغيرهم وذلك عام 1963م، اُعدم رمياً بالرصاص مع بعض رفاقه في دار الإذاعة.

() العبارة غير واضحة وذلك للغموض في النسخة التي وصلتنا.

() الاستبصار: ج3 ص108 ب72 ح3.

() سورة البقرة: 29.

() الضياع بتشديد الضاد وفتحها: العيال، (لسان العرب: ج8 ص231 مادة ضيع).

() مستدرك الوسائل: ج13 ص398 ب9 ح15718.

() وسائل الشيعة: ج18 ص337 338 ب9 ح23798.

() مستدرك الوسائل: ج13 ص398 399 ب9 ح15719.

() بحار الأنوار: ج36

ص7-8 ب26 ح7.

() سورة النصر: 2.

() سورة الأحزاب: 27.

() من لا يحضره الفقيه: ج4 ص334 باب ميراث أهل الملل ح5719.

() سورة طه: 124.

() سورة البقرة: 195.

() سورة البقرة: 254.

() سورة البقرة: 262.

() سورة الرعد: 22.

() سورة فاطر: 29.

() الكافي: ج4 ص2 باب فضل الصدقة ح2.

() وسائل الشيعة: ج9 ص373 ب2 ح12273.

() تهذيب الأحكام: ج4 ص112 ب29 ح65.

() بحار الأنوار: ج7 ص291 ب15 ح2.

() ثواب الأعمال: ص142 ثواب الصدقة.

() الكافي: ج4 ص5 باب أن الصدقة تدفع البلاء ح1.

() وسائل الشيعة: ج9 ص367 ب1 ح12252، والوسائل: ج9 ص435 436 ب30 ح12423.

() الكافي: ج4 ص9 باب في أن الصدقة تزيد في المال ح2.

() بحار الأنوار: ج47 ص38 ب4 ح41.

() تهذيب الأحكام: ج4 ص106 ب29 ح35.

() راجع مستدرك الوسائل: ج7 ص186 ب12 ح7991.

() وسائل الشيعة: ج9 ص399 ب14 ح12330.

() راجع علل الشرائع: ج1 ص232 ب165 ح8.

() السيد سعيد أحمد بن السيد جعفر السيد حسين زيني يعود نسبه إلي الإمام الحسن بن علي عليه السلام، وكان سياسياً واعياً وله علاقات مع بعض السياسيين وكان في نفس الوقت وكيلاً للسيد الحكيم ? ومن ثم وكيلاً للسيد الخوئي ? في مدينة كربلاء وكان من أنصار الإمام الشيرازي?، توفي سنة 1412ه.

() آية الله السيد عبد الحسين بن محمد رضا القزويني: عالم فاضل كان يقوم بتدريس بعض كتب الفقه والأصول بحوزة النجف الأشرف وله إلمام واسع بالتاريخ الإسلامي ويُعد من صحابة المرجع الديني الكبير السيد الخوئي?.

وكان عمدة تلمذه علي الآيات العظام السيد محسن الحكيم والسيد حسين الحمامي والسيد الميرزا مهدي الشيرازي والسيد أبو القاسم الخوئي (قدس سرهم).

له خمسة أبناء علماء هم: 1: السيد علي القزويني. 2: السيد محمد القزويني. 3: السيد حسن القزويني. 4:

السيد باقر القزويني. 5: السيد جعفر القزويني.

() راجع كتاب (تلك الأيّام): ص138 141، للإمام المؤلف ?.

() سور يونس: 61.

() سورة الزلزلة: 7-8.

() يقع الكتاب في 144 صفحة 20×14 ويشتمل علي 14 فصلا، ومن عناوينه: أوليات حياتنا، العمل والاكتساب، التبذير والإسراف، الدولة ودوائرها والقضاء، وسائل النقل والسفر، قانون من سبق، الرخص، الاكتفاء الذاتي، الصحة العامة، الإيمان والتدين، الأخلاقيات، وسائل الحرب، القوانين الإسلامية، الشعائر الإسلامية والحسينية، خاتمة: المقصود من هذا الكتاب، الرجوع إلي أحكام الله، أضرار الانفلات عن حكم الله، شوري الفقهاء المراجع، التعددية وثقافتها.

تاريخ التأليف: 1 رجب 1415ه قم المقدسة. ط: مركز الرسول الأعظم ? للتحقيق والنشر، بيروت لبنان 1419ه 1998م.

() يقع الكتاب في 72 صفحة 20×14 ويشتمل علي العناوين التالية: الحريات، الثقة بين الناس، الأخوة الإسلامية، الرخص، قلة المشاكل، قلة الأمراض، القضاء، الأمن، المجتمع، قلة الجرائم، الزواج، الوفاء والصفاء، الالتزام بالدين، الرضا والقناعة، الاكتفاء الذاتي، الدوائر الحكومية، الأحزاب، القدرة، البساطة، العمل، النظام، الثقافة، النظافة، المرأة.

تاريخ التأليف: محرم 1404ه قم المقدسة. ط: دار الإمام الصادق ? قم، عام 1405ه. وقد ترجم الكتاب إلي الفارسية، ترجمه مرتضي جوادي أبهري، تحت عنوان (باقيمانده از تمدن اسلامي همانطور كه ديدم).

() مستدرك الوسائل: ج17 ص111 112 ب1 ح20905.

() سورة البقرة: 29.

() وبالرغم من ذلك إلاّ أنّ الإحصاءات التي نشرتها منظمة العمل الدولية تشير بأنّ: عدد العاطلين عن العمل يبلغ 150 مليون نسمة، وعدد الموظفين الذين لا يعملون بطاقتهم الكاملة 750 مليون نسمة، وعدد الأشخاص الباحثين عن وظائف في سنّ 15 إلي 24 سمو 760 مليون نسمة. انظر المجلّة / العدد 991 ص12 تاريخ 7 / 2 / 1999.

() قال مجلس الذهب العالمي في آخر تقرير إحصائي له: إنّ مبيعات الذهب

في دولة الإمارات العربية المتحدة زادت بنسبة 50%، وزاد استهلاكه 3% في السعودية في الربع الأول من العام 1998 ليسجّل 3/25 طن بينما سجّل الاستهلاك في السعودية رقماً قياسياً جديداً بلغ 1/70 طن بزيادة بلغت 3% عن الفترة ذاتها من العام الماضي أيضاً.

كذلك أوضح التقرير أنّ استهلاك الذهب في كل من قطر والبحرين والكويت وسلطنة عمان سجل نمواً متواضعاً بمعدل 1% فقط ليسجل بذلك 17 طنّاً في الربع الأول من هذا العام، وقد لوحظ نمو في مبيعات الذهب في أوروبا حيث ارتفع الاستهلاك في جملته إلي 15% نتيجة ارتفاعاً لطلب الاستثماري المسجّل في الربع الأخير من العام الماضي، ممّا أدّي إلي ارتفاع الاستهلاك الأوروبي الصافي بنسبة 11% والذي تصدّرته بريطانيا بنسبة 41%. (المجلة العدد 959 ص46 بتاريخ 4 / 7 / 1998)

() تشير الإحصائيات: أنّ 400 مليار دولار مجمل الإنفاق العسكري في العالم لعام 1997.

4/44 مليار دولار نفقات الدفاع في الشرق الأوسط لعام 1997 1998 باستثناء الكيان الصهيوني والذي يخصص معظم ميزانيته للإنفاق العسكري، علماً أنّ ميزانية الكيان الصهيوني العامّة لعام 1997 بلغت 60 مليار دولار.

9، 17 مليار دولار ميزانية النفقات العسكرية للسعودية لعام 1997 1998.

7، 4 مليار دولار إيران.

7، 3 مليار دولار الكويت.

7، 2 مليار دولار مصر.

2، 2 مليار دولار الإمارات.

8، 1 مليار دولار سلطنة عمان.

8، 1 مليار دولار الجزائر.

3، 1 مليار دولار العراق.

1، 1 مليار دولار قطر.

5، 0 مليار دولار لبنان.

4، 0 مليار دولار الأردن.

4، 0 مليار دولار اليمن.

4، 0 مليار دولار تونس.

3، 0 مليار دولار البحرين.

3، 0 مليار دولار موريتانيا.

3، 0 مليار دولار السودان.

انظر مجلة (النبأ) / العددان (30 31) السنة (5) (ذو القعدة ذو الحجّة) 1419ه

() صدام التكريتي، الذي صاغه الغرب

وفق متطلّبات المنطقة وظروفها السياسية، وحافظ علي أمنه الشخصي في أدقّ الظروف وأحلك اللحظات، ولد عام (1939م) في قرية العوجة جنوب تكريت التي تبعد مائة ميل شمال بغداد، والده كان يعمل فرّاشاً في السفارة البريطانية، كانت اُمّه صبيحة (صبحة) طلفاح تستلم مخصّصات تقاعد زوجها من السفارة، تزوّجت صبيحة من أربعة أزواج، وكان صدام ينتقل معها من بيت زوج إلي بيت زوج آخر هذا عدا علاقاتها المشبوهة المعروفة تنامت لديه روح الانتقام، ابتدأ عمليات القتل وهو في السابعة عشر، اشترك مع بعض عناصر البعث في مجادلة فاشلة لاغتيال عبد الكريم قاسم عام (1959م) هرب إلي سوريا ومنها إلي مصر، اشترك في انقلاب (17 تموز 1968م). وفي عام (1970م) أصبح صدام نائباً لمجلس قيادة الثورة ورئاسة الجمهورية في حال غياب البكر عن البلاد. وفي عام (1979م) أصبح رئيساً للجمهورية بعد أن أقصي البكر عن الحكم ومنح نفسه مهيب ركن، هاجم إيران (1980م) فاندلعت حرب الخليج الاُولي واستمرّت ثمان سنوات، احتل الكويت (1990م) فاندلعت حرب الخليج الثانية وأخرج الجيش العراقي منها، وقامت قوات الحلفاء بقيادة أمريكا بتدمير العراق ووضع العراق تحت حصار طويل الأمد، انتفض الشعب فقمع صدام انتفاضة الشعب العراقي بوحشية لا مثيل لها، فقد قدّرت أعداد من قتلوا وأعدموا واختفوا ما يزيد علي 300 ألف عراقي.

() تشير الإحصائيات أنّ 650 نوعاً من التمور كانت تزرع في العراق، وأنّ من 90 مليون نخلة الموجودة في العالم يوجد 64 مليون نخلة في الأقطار العربية أي بنسبة 71%، حصّة العراق منها مقدار 32،000،400 نخلة تقريباً وذلك في عام 1952م. وفي عام 1965م بلغ عدد النخيل في العراق: 29،953،351 نخلة كان حصّة مدينة البصرة منها: 10،558،566 نخلة. وفي عام 1971م

تراجع عدد النخيل في العراق إلي: 19،040،294 نخلة كان حصّة البصرة منها: 7،043،806 نخلة أمّا في عام 1989 تراجع عدد النخيل في البصرة إلي 2،697،600 نخلة حيث أبادها صدام في حروبه مع إيران والكويت. انظر (مجلّة ألف باء العدد 1364).

() تشير الإحصائيات: أنّ خسائر الحرب العراقية - الإيرانية بلغت 400 مليار دولار، وأنّ الخسائر في حرب العراق والكويت بلغت 676 مليار دولار، وأنّ خسائر العراق في حرب تحرير الكويت بلغ 160 مليار دولار، ناهيك عن خسائر العراق من جرّاء الحصار الاقتصادي التي بلغت مقدار 40 مليار دولار فضلا عن 150 مليار دولار المقرّر دفعها من أرصدة العراق للدول المتضرّرة في غزو الكويت. انظر (مجلة المجتمع: العدد 1082).

() أصدر عبد الكريم قاسم قانون الإصلاح الزراعي في 13 صفر 1378ه 30 / 8 / 1958م علي غرار قانون الإصلاح الزراعي المصري، بعد أن شكّل لجنة لدراسته برئاسة وزير الزراعة آنذاك هديب الحاج محمود، وكان لتطبيقه ردود فعل في الأوساط السياسية والدينية نتيجة لمخالفته للعقل والشرع والواقع الاقتصادي، ونتيجة لاهتمامه بالجانب البيروقراطي علي حساب الجانب الفنّي والعملي، ونتيجة لتركيزه علي الحدّ من نفوذ كبار الملاّكين وشيوخ العشائر أكثر من تركيزه علي زيادة الإنتاج.

وما أن طبّق قاسم بنود هذا القانون، حتّي أضحت الزراعة في العراق تتدهور رغم توفّر كل مقوّمات التقدّم والازدهار من وفرة المياه وخصوبة التربة وملائمة المناخ ووفرة الأيدي العاملة، وأصبح العراق يستورد الحنطة من الدول الأجنبية بدلا من تصديرها. وفي تلك الحقبة كتب المرجع الديني آية الله العظمي السيّد صادق الشيرازي (حفظه الله) كتاباً تحت عنوان «الإصلاح الزراعي في الإسلام» استعرض فيه الزراعة في النظام الإسلامي والإشكاليات التي يحتويها قانون الإصلاح الزراعي الذي دعا إليه قاسم.

()

الإقبال: ص24 دعاء بعد كل فريضة.

() يقع الكتاب في 156 صفحة طبع سنة 1419ه – 1998 م، مركز الرسول الأعظم? للتحقيق والنشر بيروت.

() الكافي: ج5 ص73 74 باب ما يجب من الاقتداء بالأئمة ? في التعرض للرزق ح1.

() وسائل الشيعة: ج17 ص43-44 ب11 ح21937.

() الكافي: ج5 ص87 باب إصلاح المال وتقدير المعيشة ح4.

() وسائل الشيعة: ج17 ص67 ب23 ح22002.

() مستدرك الوسائل: ج13 ص7 ب1 ح14566.

() مستدرك الوسائل: ج13 ص8 ب1 ح14567.

() دعائم الإسلام: ج2 ص14-15 ف1 ح7.

() الكافي: ج5 ص74 باب ما يجب الاقتداء بالأئمّة ? في التعرّض للرزق ح3.

() وسائل الشيعة: ج17 ص41 ب10 ح21932.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص162 باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح3593.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص88-89 ب75 ح13596.

() الكافي: ج2 ص308 باب العصبية ح2.

() بحار الأنوار: ج69 ص13 ب94 ح13.

() سورة النساء: 65.

() سورة الحشر: 7.

() الاختصاص: ص221.

() السلسل: الماء العذب الصافي بتسلسل في الحلق وفي صبب أو حدور إذا جري (كتاب العين: ج7 ص194 مادة سلل).

() بحار الأنوار: ج22 ص348 ب10 ح64.

() يقع الكتاب في مجلدين، المجلد الأول 335 صفحة 24×17، والمجلد الثاني 320 صفحة 24×17. من تأليفات سماحته ? في قم المقدسة. طبع في الكويت: مكتبة جنان الغدير الكويت، ومنشورات ديوانية الإمام الشيرازي ? عام 1418ه 1997م.

() الكافي: ج2 ص324 باب البذاء ح5.

() سورة الزمر: 65.

() سورة الروم: 60.

() بحار الأنوار: ج41 ص48 ب104 ضمن ح1.

() بحار الأنوار: ج41 ص48 49 ب104 ضمن ح1.

() سورة النساء: 100.

() سورة النساء: 97.

() وسائل الشيعة: ج16 ص390 ب39 ح21842.

() راجع بحار الأنوار: ج14 ص411 412 ب27 ح1.

() مستدرك الوسائل: ج16 ص167-168 ب2 ح19478.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص383 باب

فضل التزويج ح4344.

() وسائل الشيعة: ج20 ص14 ب1 ح24900.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص153-154 ب1 ضمن ح16350.

() الكافي: ج5 ص329 باب كراهة العزبة ح6.

() وسائل الشيعة: ج20 ص15 ب1 ح24903.

() سورة آل عمران: 14.

() الكافي: ج5 ص321 باب حبّ النساء ح10.

() مكارم الأخلاق: ص196 ب8 ف1.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص149 ب1 ح16331.

() الجعفريات: ص89 باب الترغيب في النكاح.

() دعائم الإسلام: ج2 ص195 ف2 ح709.

() وسائل الشيعة: ج20 ص16 ب1 ح24907.

() سورة المائدة: 87 88.

() سورة المائدة: 89.

() وسائل الشيعة: ج20 ص21 ب2 ح24921.

() الكافي: ج5 ص328 باب كراهة العزبة ح1.

() تهذيب الأحكام: ج7 ص239-240 ب22 ح3.

() روضة الواعظين: ج2 ص374 مجلس في ذكر الحث علي النكاح وفضله.

() وسائل الشيعة: ج20 ص15-16 ب1 ح24905.

() وسائل الشيعة: ج20 ص19 ب2 ح24914.

() الكافي: ج5 ص324 باب خير النساء ح4.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص160 ب5 ح16375.

() غوالي اللآلي: ج2 ص263 ب2 باب النكاح ح8.

() رسالة في المهر: ص23.

() الكافي: ج5 ص414 باب التزويج بالإجارة ح1.

() دعائم الإسلام: ج2 ص222 كتاب النكاح ف6 ح828.

() مستدرك الوسائل: ج15 ص60 ب1 ح17535.

() الكافي: ج5 ص336 باب ما يستحب من تزويج النساء عند بلوغهن وتحصينهن بالأزواج ح1.

() الكافي: ج5 ص337 باب ما يستحب من تزويج النساء عند بلوغهن وتحصينهن بالأزواج ح2.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.