خدمة الناس والتقوي

اشارة

اسم الكتاب: خدمة الناس والتقوي

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت لبنان

تاريخ الطبع: 1422 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا

مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا

حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآَخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ

دَارُ الْمُتَّقِينَ

صدق الله العلي العظيم

سورة النحل: 30

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الظروف العصيبة التي تمر بالعالم …

والمشكلات الكبيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية..

والمعاناة السياسية والاجتماعية التي نقاسيها بمضض …

وفوق ذلك كله الأزمات الروحية والأخلاقية التي يئن من وطأتها العالم أجمع …

والحاجة الماسة إلي نشر وبيان مفاهيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العميقة التي تلازم الإنسان في كل شؤونه وجزئيات حياته وتتدخل مباشرة في حل جميع أزماته ومشكلاته في الحرية والأمن والسلام وفي كل جوانب الحياة..

والتعطش الشديد إلي إعادة الروح الإسلامية الأصيلة إلي الحياة، وبلورة الثقافة الدينية الحيّة، وبث الوعي الفكري والسياسي في أبناء الإسلام كي يتمكنوا من رسم خريطة المستقبل المشرق بأهداب الجفون وذرف العيون ومسلات الأنامل..

كل ذلك دفع المؤسسة لأن تقوم بإعداد مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها سماحة المرجع الديني الأعلي آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) في ظروف وأزمنة مختلفة، حول مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، وقمنا بطباعتها مساهمة منا في نشر الوعي الإسلامي، وسدّاً لبعض الفراغ العقائدي والأخلاقي لأبناء المسلمين من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مجيد..

وذلك انطلاقاً من الوحي الإلهي القائل:

?لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ?().

الذي هو أصل عقلائي عام يرشدنا إلي وجوب التفقه في الدين وانذار الأمة، ووجوب رجوع الجاهل إلي العالم في معرفة أحكامه في كل مواقفه وشؤونه..

كما هو تطبيق عملي وسلوكي للآية الكريمة:

?فَبَشِّرْ عِبَادِ ? الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ

اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُوا الأَلْبَابِ?().

ان مؤلفات سماحة آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) تتسم ب:

أولاً: التنوّع والشمولية لأهم أبعاد الإنسان والحياة لكونها إنعكاساً لشمولية الإسلام..

فقد أفاض قلمه المبارك الكتب والموسوعات الضخمة في شتي علوم الإسلام المختلفة، آخذاً من موسوعة الفقه التي تجاوزت حتي الآن المائة والخمسين مجلداً، حيث تعد إلي اليوم أكبر موسوعة علمية استدلالية فقهية مروراً بعلوم الحديث والتفسير والكلام والأصول والسياسة والاقتصاد والاجتماع والحقوق وسائر العلوم الحديثة الأخري.. وانتهاءً بالكتب المتوسطة والصغيرة التي تتناول مختلف المواضيع والتي قد تتجاوز بمجموعها ال(1500) مؤلفاً.

ثانياً: الأصالة حيث إنها تتمحور حول القرآن والسنة وتستلهم منهما الرؤي والأفكار.

ثالثاً: المعالجة الجذرية والعملية لمشاكل الأمة الإسلامية ومشاكل العالم المعاصر.

رابعاً: التحدث بلغة علمية رصينة في كتاباته لذوي الاختصاص ك(الأصول) و(القانون) و(البيع) وغيرها، وبلغة واضحة يفهمها الجميع في كتاباته الجماهيرية وبشواهد من مواقع الحياة.

هذا ونظراً لما نشعر به من مسؤولية كبيرة في نشر مفاهيم الإسلام الأصيلة قمنا بطبع ونشر هذه السلسلة القيمة من المحاضرات الإسلامية لسماحة المرجع (دام ظله) والتي تقارب التسعة آلاف محاضرة ألقاها سماحته في فترة زمنية قد تتجاوز الأربعة عقود من الزمن في العراق والكويت وإيران..

نرجو من المولي العلي القدير أن يوفقنا لإعداد ونشر ما يتواجد منها، وأملاً بالسعي من أجل تحصيل المفقود منها وإخراجه إلي النور، لنتمكن من إكمال سلسلة إسلامية كاملة ومختصرة تنقل إلي الأمة وجهة نظر الإسلام تجاه مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية الحيوية بأسلوب واضح وبسيط.. إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان /ص.ب: 6080/13 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@alshirazi.com

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

قال الإمام الحسين

عليه السلام: «اعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم فلا تملّوا النعم فتحور نقماً واعلموا أن المعروف مكسب حمداً ومعقب أجراً، فلو رأيتم المعروف رجلاً رأيتموه حسناً جميلاً يسر الناظرين، ولو رأيتم اللؤم رأيتموه سمجاً مشوهاً تنفر منه القلوب وتغض دونه الأبصار» ().

إذا قال الإنسان: إني نذرت أن أعطيك عشرة آلاف تومان فهذه نعمة أنعمها الله عليك، أو قال آخر: إني نذرت أن أعطيك هذه السيارة فهذه أيضاً نعمة أنعمها الله عليك، ولكن هل تصورت يوماً ما إذا طلب منك أحد مالاً لأجل ترميم داره أو شفاء مريضه أن هذه نعمة أيضاً؟

في نظر الإمام الحسين عليه السلام إن هذه ليست نعمة فقط بل هي من أفضل وأهم النعم فان ما يحصله الإنسان من متاع الحياة الدنيا كالسيارة أو المال الكثير سينفد بعد فترة زمنية أو يتلف ولا يبقي منه شيء.

أما إذا جاءك شخص بحاجة ولبيتها له أو أعطيته سؤله فهذا لا يعدم أبداً فقد قال تعالي: ?وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً?().

والمراد بالباقيات الصالحات الأعمال الصالحة، فإن أعمال الإنسان محفوظة له عند الله بنص القرآن فهي باقية وإذا كانت صالحة فهي باقيات صالحات وهي عند الله خير ثواباً لأن الله سبحانه يجازي فاعلها خير الجزاء.. وخير أملاً لأن ما يؤمل بها من رحمة الله وكرامته ميسور للإنسان فهي أصدق أملاً من زينة الدنيا وزخارفها التي لا تفي للإنسان في أكثر ما تعد والآمال المتعلقة بها كاذبة علي الأغلب وما صدق منها غار خدوع..

?مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ?().

النبي صلي الله عليه و اله وذبح الشاة

ذات يوم ذبح النبي صلي الله عليه و اله شاة في بيته ووزعها علي الفقراء إلا الرقبة فرأت عائشة أن النبي صلي

الله عليه و اله أعطي كل الشاة فلم يبق إلا أن يعطي الرقبة أيضاً ولذا قالت يا رسول الله لقد ذهبت كل الشاة ولم يبق منها إلا الرقبة! فقال النبي صلي الله عليه و اله بل لم يذهب من الشاة إلا الرقبة لأننا سنأكلها، أما الشاة فستبقي إلي يوم القيامة حسنة مكتوبة لنا.

ان قضاء حوائج المؤمنين بل الناس جميعاً من النعم الإلهية الكبيرة التي يوفق لها بعض الناس خصوصاً في هذا العصر حيث ازدادت حوائج الناس واتسعت مشاكلهم وأزماتهم التي تستدعي التعاون والاهتمام من أجل رفعها وقضائها من قبل الجميع.

الإمام الصادق عليه السلام والأمر بالانفاق

عن أبان بن تغلب قال: قلت للصادق عليه السلام: ما حق المؤمن علي أخيه؟ فقال عليه السلام: «لا ترده».

فقلت: بلي، فقال: «أن تقاسمه مالك شطرين» قال: فعظم ذلك عليّ، فلما رأي عليه السلام شدته عليّ قال: «أما علمت أن الله تعالي ذكر المؤثرين علي أنفسهم ومدحهم في قوله تعالي: ?وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ?()» فقلت: بلي، فقال: «فإذا قاسمته وواسيته وأعطيته النصف من مالك لم تؤثره، إنما تؤثره إذا أعطيته أكثر مما تأخذه» ().

فمن الضروري علي المؤمن أن يغتنم الفرصة ليخدم الناس ويساعدهم ويقضي حوائجهم، ولا يخفي أن قضاء حوائج الناس لا يعني فقط حوائجهم المادية بل أعم من ذلك فيشمل حتي الجوانب الروحية والأخلاقية والخدمات الأخري..

مثلاً: إن زيداً من الناس له بنات كثيرات فبإمكاننا مساعدته في أمر تزويج بناته، وذلك بأن نرشد المؤمنين الراغبين في الزواج إليه، أو أن فلاناً يريد الزواج فأعنه حتي يعثر علي فتاة صالحة، أو أن فلاناً لا يعرف القراءة والكتابة فساعده حتي يتعلمها، أو فلاناً أصابته كربة أو نائبة فأنت تسعي في أن تنفس عنه كربته.. الخ.

وقد

جاءت في ذلك روايات عديدة ومفصّلة منها:

سئل رسول الله صلي الله عليه و اله أي الأعمال أحب إلي الله؟ قال صلي الله عليه و اله: «اتباع سرور المسلم»، قيل: يا رسول الله وما اتباع سرور المسلم؟ قال صلي الله عليه و اله: «شبع جوعته وتنفيس كربته وقضاء دينه» ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «من كان في حاجة أخيه المسلم كان الله في حاجته ما كان في حاجة أخيه» ().

وعن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله من سرّ مؤمناً فقد سرني ومن سرني فقد سر الله» ().

وطبعاً إن سرور الله تعالي يراد منه ما يترتب علي السرور من اللطف والرحمة، وسرور المؤمن يتحقق بفعل أسبابه وموجباته كأداء دينه أو تكفل مؤونته أو ستر عيوبه أو دفع جوعته أو تنفيس كربته أو قضاء حاجته أو إجابة مسألته وغيرها من دواعي إدخال السرور والفرح في قلوب الناس..

الإمام الصادق عليه السلام والنجاشي

عن محمد بن جمهور قال: كان النجاشي() وهو رجل من الدهاقين()عاملاً علي الأهواز وفارس فقال بعض أهل عمله لأبي عبد الله عليه السلام: إن في ديوان النجاشي عليّ خراجاً() وهو ممن يدين بطاعتك فان رأيت أن تكتب إليه كتاباً، قال: فكتب إليه أبو عبد الله عليه السلام: «بسم الله الرحمن الرحيم سر أخاك يسّرك الله».

قال: فلما ورد عليه الكتاب دخل عليه وهو في مجلسه فلمّا خلا ناوله الكتاب وقال: هذا كتاب أبي عبد الله عليه السلام، فقبّله ووضعه علي عينيه وقال له: ما حاجتك؟ فقال: خراج عليّ في ديوانك.. فقال له: كم هو؟ فقال: عشرة آلاف درهم،قال: فدعا كاتبه فأمره بادائها عنه ثم أخرج منها فأمره أن يثبتها له

لقابل ثم قال له: هل سررتك؟

فقال له: نعم فأمر له بعشرة آلاف درهم أخري، فقال له: هل سررتك؟ فقال: نعم جعلت فداك، قال: ثم أمر له بمركب وجارية وغلام ثم أمر له بتخت ثياب، في كلّ ذلك يقول له هل سررتك؟ فكلّما قال له: نعم زاده حتي فرغ، ثم قال له: احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالساً فيه حين دفعت إليّ كتاب مولاي الذي ناولتني فيه وارفع إليّ جميع حوائجك قال: ففعل، وخرج الرجل فصار إلي أبي عبد الله عليه السلام بعد ذلك فحدّثه بالحديث علي جهته وجعل يسرّه بما فعل فقال له الرجل: يا ابن رسول الله كأنه قد سرك ما فعل بي؟ فقال: «أي والله لقد سرّ الله ورسوله» ().

ان وظيفة المسلم أن يتفقد حاجات الناس ويسعي في سبيل قضائها ولا ينتظر أن يستغيثه أحد لقضاء حاجته وأنّما يلتزم هو بالمبادرة في قضاء الحوائج، وفي القرآن الكريم: ?أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ?().

وفي الرواية: «ان الصدقة لا تقع في يد السائل حتي تقع في يد الرّب جل جلاله» ().

الله يتقبل الأعمال

في رواية مفصلة عن النبي صلي الله عليه و اله يقول لأبي ذر الغفاري: «يا أبا ذر لو تصفحت أعمال الجن والإنس منذ خلق آدم عليه السلام والي آخر الزمان فستجد انك جئت بالقليل القليل فعليك أن تهتم في أن يكون العمل لله تعالي لأنه سبحانه هو طرف المعاملة» ().

وفي كتاب التحصين عن النبي صلي الله عليه و اله يخاطب أبا ذر الغفاري: «يا أبا ذر قلوبهم إلي الله وعملهم لله» ().

ولذلك يخاطب لقمان ولده: «يا بني أخلص العمل فان الناقد بصير» ().

اذن ففي مقابلك الذي يقبل الأعمال

أو يردها هو الله تعالي العالم بجميع الموجودات والكائنات وخصوصياتها وما يدور في خلدها. فاسع لأن يكون سعيك خالصاً لوجهه الكريم بلا أن يداخلك الوسواس أو العجب، فقد ورد عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: «قال إبليس (لعنة الله عليه) لجنوده إذا استمكنت من ابن آدم في ثلاث لم أبال ما عمل فإنه غير مقبول منه: إذا استكثر عمله ونسي ذنبه ودخله العجب» ()؛ لأنه بصير بكل حالاتك وأوضاعك ومشاعرك وما ينتابك من احساس فان ?رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ?().

إنفاق أهل البيت عليهم السلام

الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وفاطمة الزهراء ? والحسن والحسين? وفضة أعطوا خمسة عشر() قرصاً من الخبز في سبيل الله في قصة مفصلة وكان ذلك خالصاً لوجه الله فأنزل الله تعالي في ذلك آية يقرأها المسلمون منذ أربعة عشر قرناً والي الآن وهي درس عملي لجميع المسلمين في الانفاق والعطاء في سبيل الله ?وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ? إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً?()، إن العمل الصالح الذي يؤتي به لأجل السمعة والرياء لا ينفع بان نقول نحن فعلنا ذلك، ونحن قمنا بذلك، ونحن هيئنا ذلك، وهكذا بل يجب أن يكون العمل خالصاً لله.

الإخلاص في خدمة الناس

الإمام زين العابدين عليه السلام عندما ودّع هذه الدنيا تبين أنه كان هناك أربعمائة عائلة فقيرة تحت تكفله ولم تكن هذه الأربعمائة عائلة تعرف أن الذي يوصل الغذاء والمعونة إليهم هو الإمام السجاد عليه السلام وعندما كانوا يغسّلون الإمام عليه السلام رأوا علي كتفه ثفنات() وكان ذلك أثر حمل الغذاء الكثير والثقيل الذي كان يوصله في جوف الليل إلي الفقراء والمساكين بعيداً عن أعين الناس وفي الرواية عن الصادق عليه السلام: «يا بن جندب لا تتصدق علي أعين الناس ليزكوك، فإنك إن فعلت ذلك فقد استوفيت أجرك، ولكن إذا أعطيت بيمينك فلا تطلع عليها شمالك» ().

أهمية خدمة المسلمين

سافر صديقان لزيارة المشاهد المشرفة في المدينة المنورة وعندما وصلا مرض أحدهما فأصبح طريح الفراش فقال الثاني: لأستفيد من بقائي في المدينة وأزور قبر النبي صلي الله عليه و اله وأصلي فيه وهو المكان الذي تعدل الركعة فيه ألف ركعة صلاة في غيره، أما صديقه المريض فطلب منه أن يترك الزيارة ولا يدعه وحيداً في هذه الديار وهو بأمس الحاجة إليه في هذا الظرف العصيب الذي ألم به، فقال له صديقه: ما هذا الكلام الذي تقول نحن قطعنا هذه المسافات الطويلة وبهذه المشقة التي تحملناها() وتريدني الآن أن لا أذهب لزيارة حرم النبي صلي الله عليه و اله؟! فتركه وخرج لزيارة النبي صلي الله عليه و اله، وبعد ذلك دخل علي الإمام الصادق عليه السلام ونقل له قصته مع صاحبه المريض وسفرهما وذهابه إلي الحرم الشريف، فقال له الإمام الصادق عليه السلام: لو كنت بقيت عند صاحبك المريض لكان ثوابك أكثر من ثواب ذهابك إلي حرم النبي صلي الله عليه و اله فأن خدمة الناس وتقديم يد العون إليهم

في مذهب أهل البيت من أفضل الأعمال وأحبها إلي الله سبحانه.

السيد البروجردي() (قده) وبكاؤه خوفاً من الله

يقول أحد علماء قم وكان من زملاء السيد البروجردي في المباحثة وله الآن تسعون سنة من العمر:

إن السيد البروجردي كان في أواخر حياته متأثراً ومتألماً جداً فذات يوم قلنا للسيد لماذا نراك متأثراً ومتألماً؟ فقال: انني في أواخر أيام حياتي وعلي وشك الموت وأنا متأثر لأنني سأموت ولم أقدم أية خدمة في سبيل الإسلام! والحال إننا نجد أن خدمات السيد البروجردي تفوق الذكر وهي لم تخف علي أحد من الناس سواء في العراق أو في لبنان أو في إيران أو غيرها من البلاد فقلنا له: لماذا تقول هذا الكلام وأنت لك في طهران فقط أربعمائة مسجد أسستها، فعندما سمع هذا الكلام منّا أغرورقت عيناه بالدموع واستعبر باكياً وقال: «أنتم تحسنون الظن بي كثيرا! ولكن يجب أن نري أيها وقع مورداً لقبول الله ورضايته» هكذا يفكر مثل السيد البروجردي (قده) فكيف بنا نحن؟؟

وعندما مات لم يكن يملك من حطام الدنيا شيئاً، نعم، كان لديه ثلاثمائة ألف تومان من الحقوق الشرعية، وقد أوصي بها أن تعطي شهرية لطلاب العلوم الدينية.

زهد وورع السيد البروجردي (قده)

نقل أحد الأصدقاء قصة عن السيد البروجردي رحمة الله عليه قال:

بأن السيد أصابته وعكة صحية فقال طبيبه الخاص بعد فحصه: بأن سبب مرضه الضعف الجسمي وعليه أن يقوي نفسه ليستعيد صحته وذلك بأن يعطي اللحم المشوي، فيقول خادمه (الحاج أحمد):

فاتبعت وصية الطبيب وشويت له لحماً وقدمته له في وقت الغداء، وعندما رأي السيد ذلك قال لي: يا حاج أحمد ما هذا الذي جئت به إلي؟ ارفعه من بين يدي!

فقلت له: ان هذه وصية الطبيب من أجل صحتك وسلامتك، فقال إذا لم ترفع هذا من أمامي فإني لن آكل هذا اليوم أي شيء، يقول الحاج أحمد: فرفعت اللحم

المشوي من بين يديه وعند ذلك تناول طعامه اليومي.

فعل الخيرات

يقول الله تعالي في القرآن الكريم أن بعض الناس يلقون في جهنم ويلاقون أشد الحساب وذلك لأنهم لا يفعلون الخير ولا يدلون عليه قال: ?أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ? فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ? وَلاَ يَحُضُّ عَلَي طَعَامِ الْمِسْكِينِ?().

أي يا محمد صلي الله عليه و اله أرأيت هذا الكافر الذي يكذب بالجزاء والحساب وينكر البعث مع وضوح الأمر في ذلك وقيام الحجج علي صحته.. ثم يبدأ بنقل أهم صفاته بعد التكذيب بالدين وهي: أنه يدفع اليتيم الفقير المحتاج عن حقه بجفوة وقسوة وقهر لأنه لا يؤمن بالجزاء في مقابله ولذلك ليس له رادع عنه. ولا يحض علي طعام المسكين أي لا هو يطعمه ويشبعه رحمة وشفقة به ولا يأمر طعامه فهو لا يطعمه إذا قدر عليه ولا يحض عليه إذا عجز هو عن اطعامه كلّ ذلك لأنه يكذب بالجزاء().. وقد ورد أن بعض كفار قريش كان كذلك إذا جاء يتيم يطلب رفده طرده بقساوة.

وإذا كان ذلك موجباً للذم والتوبيخ بالنسبة للكافر، فمن يعمل باسم الإسلام وهو بعيد عنه كان أولي بالذم والتوبيخ إذ المنافق أسوأ حالاً من الكافر. وفي آية أخري يقول تعالي: ?أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ? وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ?().

لينطق بهما فيبين باللسان ويستعين بالشفتين علي البيان أي نحن أعطيناه عينين يري بهما عمل الخير فيفعل مثله، وأعطيناه لساناً ليحركه في فعل الخير أو الحض والتشجيع عليه، ويري العمل السيئ فيجتنب عنه ويحرك لسانه في ترك ذلك والاجتناب عنه.

ثم يقول ? وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ? يعني قد بينا له الطريقين طريق الخير وطريق الشر والله تعالي سمّي الطريقين بالنجدين لأنهما يوجبان الرفعة والشرف للإنسان.

أما العامل بالخير فواضح وأما

الشر سمي نجداً من حيث ان اجتنابه يوجب الرفق أيضاً، وقد يكون من باب التغليب.

وعلي أي حال فاذا حاسبنا الله سبحانه يوم القيامة بهذه الآية الشريفة فماذا سيكون حينئذ جوابنا؟!

إذن علي الإنسان أن يشغل نفسه دائماً بفعل الخيرات ولا يدع للمدح أو للذم تأثيراً في نفسه سلباً أو إيجاباً، قال الإمام موسي بن جعفر عليه السلام لهشام: «يا هشام، لو كان في يدك جوزة وقال الناس في يدك لؤلؤة ما كان ينفعك وأنت تعلم أنها جوزة، ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس أنها جوزة ما ضرّك وأنت تعلم أنها لؤلؤة» ().

التقوي

المسألة المهمة والضرورية التي يجب أن يلتفت إليها كلّ الأخيار والمحبين للهدي والصلاح هي مسألة التقوي والورع عن محارم الله، والقرآن يقول في سورة التغابن: ?فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ?()، والتي نزلت لغرض دعوة السامعين إلي الإيمان بالله تعالي ورسوله صلي الله عليه و اله واليوم الآخر، وترغيبهم إلي طاعة الله (جل وعلا) وطاعة رسوله صلي الله عليه و اله والي صالح الأعمال وفضائل الأخلاق بذكر مآلها من الجنة ونعيمها.. وتحذيرهم من الكفر والطغيان وذميم الصفات وموجباتها من حب الدنيا واعراضها بذكر وبالها من النار وعذابها وتنبيههم بنكال الله تعالي في الكافرين السابقين.. وجاءت هذه الآية تفريعاً علي ما تقدمها من آيات تحث المؤمنين علي التقوي في اتباع أوامر الله تعالي واجتناب نواهيه جهد استطاعتهم إذ لكل نفس طاقة من التحمل وقدر من القوة وان الله لا يكلف نفساً إلا وسعها فلا تدعوا من الإتقاء شيئاً تسعه طاقاتكم وجهدكم().

محكمة القيامة

بناءً علي رأي بعض المفسرين إن آخر آية نزلت علي النبي صلي الله عليه و اله هي آية: ?وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَي اللهِ?() أي اتقوا ذلك اليوم الذي تقفون فيه أمام المحكمة الإلهية العادلة التي لا تضاهيها أية محكمة أخري، ولا يمكن التخلص منها أبداً؛ لأن الحاكم فيها هو الله العالم بكل شيء ولا تخفي عليه خافية في الأرض وفي السماء «ولا يمكن الفرار من حكومتك» () وهي المكان الذي تعرض فيه علينا جميع أعمالنا مكتوبة في صحيفة لا يدخلها الكذب والزور ويقولون لنا: ?كَفَي بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً?().

ففي ذلك اليوم بعض الناس ينكرون بأنهم قد فعلوا المنكر فيأمر الله تعالي أعضاءهم وأيديهم وأرجلهم ويقول لها تكلمي بإذني فتتكلم اليد والرجل بل وحتي الأعضاء التناسلية تشهد

بالمنكرات التي فعلها صاحبها بها.

?وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ?().

فاذا يجب الخوف من الله تعالي وطاعته في كل حال والقرآن يقول: ?فاتَّقُوا اللهَ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ?().

كي تكونوا من المفلحين الفائزين يوم القيامة …

حتي النيات يعلم بها الله تعالي

علي الإنسان ان لا يرتكب الحرام بل عليه أن لا يفكر بالمنكر والحرام! لأن الله عالم ومحيط به، إذا كنت علي علم بأن صديقك يضمر لك السوء في نفسك أو مالك أو عرضك فهل تسافر معه أو تأمنه علي شيء من ذلك؟

طبعاً ستقول في الجواب: كلا وألف كلا، إذن علي الإنسان أن لا يفكر بالحرام؛ لأن الله تعالي يعلم بالأسرار وبكل شيء وفي القرآن قال تبارك وتعالي: ? فإنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَي?() أي انه يعلم حتي بنيات البشر ومطلع عليها مهما بالغ الإنسان في إضمارها واخفائها، ويقول سبحانه في القرآن الكريم ?يَوْمَ تُبْلَي السَّرَائِرُ?() أي الحقائق التي يسرها الإنسان ويخفيها ولا يطلع أحداً عليها.. وبُين ذلك في الرواية بانه يؤتي بإنسان يوم القيامة ويعطونه صحيفة بيده فيقرأ فيجد فيها إنه قد بني مسجداً، فيقول يا رب لم تكن لي أموال لأبني مسجداً ولابد بأنه حصل هناك اشتباه في هذه الصحيفة؟! فيأتيه الخطاب: بأن الملائكة لا تشتبه أبداً ولكنك في حياتك تمنيت يوماً وأنت تعبر علي مسجد بأنه إذا كانت لي أموال لبنيت مسجداً ونحن قد جزيناك علي نيتك هذه بثواب من بني مسجداً واقعاً وكتبنا ذلك في صحيفة أعمالك، ويؤتي بإنسان آخر مكتوب في صحيفة أعماله: أنت زان! فيقول يا ربّ لم أزنِ؟! فيأتيه الخطاب بانك تمنيت في الدنيا أن تفعل ذلك عندما رأيت المرأة الفلانية فكتبنا عملك السيء في صحيفة أعمالك().

وورد عن أبي

عبد الله عليه السلام في حديث طويل وفيه يقول السائل فما علة الملائكة الموكلين بعباده يكتبون عليهم ولهم، والله عالم السر وما هو أخفي؟

قال: استعبدهم بذلك وجعلهم شهوداً علي خلقه ليكون العباد لملازمتهم إياهم أشد علي طاعة الله مواظبة وعن معصيته أشد إنقباضاً، وكم من عبد يهم بمعصية فذكر مكانهما فارعوي وكف، فيقول: ربي يراني وحفظتي علي بذلك تشهد، وان الله برأفته ولطفه وكلهم بعباده يذبون عنهم مردة الشياطين وهوام الأرض وآفات كثيرة من حيث لا يرون باذن الله إلي أن يجيء أمر الله عزوجل().

والقرآن الكريم يقول: ?يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ?().

والقيامة هي المكان الذي لا يمكن لأحد التجاوز عنها وليس للإنسان فيها أي مخلّص أو مفر، لذلك علي الإنسان أن يحفظ نفسه ويصونها من السقوط في مهاوي الرذيلة والحرام والمنكر ما استطاع إلي ذلك سبيلاً؛ لأنه سوف يواجه يوماً لا ناصر ولا معين له فيه إلا عمله الصالح ?فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ?().

التنبيه من الغفلة

من الأعمال المستحبة في الإسلام الحضور عند المحتضر، وكذلك زيارة القبور؛ وذلك لأن هذه الأمور تنبه الإنسان من غفلته وتوجهه إلي نفسه وأعماله، وتجعله يبتعد ويمتنع عن فعل المنكرات، ويسعي في الاتيان بالخيرات والأعمال الصالحة.

وفي نهج البلاغة أن الإمام أمير المؤمنين ذهب يوماً إلي زيارة القبور وقال ان هؤلاء جيش ولكنهم ساكتون وساكنون «فهم من عساكر الموتي..» ().

كان الإمام عليه السلام يستعمل هذا الاسلوب كطريق ناجح وعظيم لتذكير الناس ووعظهم وارشادهم وتنبيههم من غفلتهم، كما كان الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله مهتم كثيراً بوعظ الناس وتذكيرهم بالنهاية المحتومة للحياة الدنيا، حتي انه صلي الله عليه و اله ذات يوم أخذ بيد أبي ذر وجاء به إلي خربة()

كانت في أطرافها عظام لميت وبقايا أثواب متهرئة ووسخة، فقال النبي صلي الله عليه و اله لأبي ذر: أأخبرك عن حقيقة الدنيا؟

هذه النجاسات هي غذاء أهل الدنيا أما الأثواب العفنة والمتهرئة فهي كانت لباس أهل الدنيا يلبسونها بتجمل وتكبر، وأما هذه العظام فهي عظام أهل الدنيا().

ونقرأ هذا المعني في نهج البلاغة في قوله عليه السلام وقد مرّ بقذر علي مزبلة قال: «هذا ما بخل به الباخلون» ().

فعلي الإنسان أن يعتبر عند رؤية هذه الدنيا الفانية وما تؤول إليه، وعليه أن يتخذ طريق التقوي والرشاد لأن ?خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَي?().

وهي الوسيلة الكبيرة التي تنجي الإنسان في الآخرة وتكتب له حسن العاقبة.

يا رب يا رب يا رب، اسألك بحقك وقدسك، وأعظم صفاتك وأسمائك، أن تجعل أوقاتي من الليل والنهار بذكرك معمورة وبخدمتك موصولة وأعمالي عندك مقبولة، حتي تكون أعمالي وأورادي كلها ورداً واحداً، وحالي في خدمتك سرمداً، يا سيدي يا من عليه معولي، يا من إليه شكوت أحوالي» ().

من هدي القرآن الحكيم

الإيثار

قال تعالي: ?وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ?().

التقوي مفتاح الأعمال

قال سبحانه: ?وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَي آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ?().

وقال عزوجل: ?وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ?().

وقال تعالي: ?إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ?().

وقال سبحانه: ?وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً?().

وقال تعالي: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً?().

وقال عزوجل: ?إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ?().

مميزات المتقين

قال سبحانه: ?وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ?().

وقال تعالي: ?وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَي?().

وقال عزوجل: ?اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَي?().

وقال تعالي: ?وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ?().

من هدي السنة المطهرة

خدمة الناس

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «أيما مسلم خدم قوماً من المسلمين إلا أعطاه الله مثل عددهم خداماً في الجنة» ().

وروي أنه تعالي أوحي إلي داود عليه السلام: «مالي أراك منتبذاً؟ قال: أعيتني الخليقة فيك قال: فماذا تريد؟ قال محبتك، قال: فانّ محبتي التجاوز عن عبادي فإذا رأيت لي مريداً فكن له خادماً» ().

وعن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: «المؤمنون خدم بعضهم لبعض، قلت له: وكيف يكونون خدماً بعضهم لبعض؟ قال: يفيد بعضهم بعضاً» ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «أخدم أخاك فان استخدمك فلا ولا كرامة» ().

الإيثار

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «الايثار أعلي المكارم» ().

وقال عليه السلام: «الإيثار أحسن الإحسان وأعلي مراتب الإيمان» ().

وقال موسي عليه السلام: «يا رب أرني درجات محمد وأمته؟

قال: يا موسي إنك لن تطيق ذلك ولكن أريك منزلة من منازله جليلة عظيمة فضلته بها عليك وعلي جميع خلقي قال فكشف له عن ملكوت السماء فنظر إلي منزلة كادت تتلف نفسه من أنوارها وقربها من الله عزوجل.

قال: يا رب بماذا بلغته إلي هذه الكرامة؟

قال: بخُلق اختصصته به من بينهم وهو الإيثار يا موسي لا يأتيني أحد منهم قد عمل به وقتاً من عمر إلا استحييت من محاسبته وبوأته من جنتي حيث يشاء» ().

التقوي في المؤمن

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «التقي رئيس الأخلاق» ().

وسئل أمير المؤمنين عليه السلام أي عمل أفضل؟ قال: «التقوي» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «أوصيكم عباد الله بتقوي الله فانها خير ما تواصي العباد به وخير عواقب الأمور عند الله» ().

وقال عليه السلام: «التقوي حصن حصين لمن لجأ إليه» ().

وقال عليه السلام: «فاعتصموا بتقوي الله فإن لها حبلاً وثيقاً عروته ومعقلاً منيعاً ذروته» ().

التقوي مصباح الهدي

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «فإن تقوي الله مفتاح سداد وذخيرة معاد وعتق من كل ملكة ونجاة من كل هلكة بها ينجح الطالب وينجو الهارب وتنال الرغائب» ().

عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته في قول الله: ?إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تذكروا فاذا هم مبصرون? ما ذلك الطائف؟ فقال: «هو السيء يهم العبد به ثم يذكر الله فيبصر ويقصّر» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «أين العقول المستصبحة بمصابيح الهدي والأبصار اللامحة إلي منار التقوي أين القلوب التي وهبت لله وعوقدت علي طاعة الله» ().

ويروي أن رسول الله صلي الله عليه و اله دخل البيت عام الفتح ومعه الفضل بن عباس وأسامة بن زيد ثم خرج فأخذ بحلقة الباب ثم قال:

«الحمد لله الذي صدق عبده وأنجز وعده وغلب الأحزاب وحده إن الله أذهب نخوة العرب وتكبرها بآبائها وكلكم من آدم وآدم من تراب وأكرمكم عند الله أتقاكم» ().

معني التقوي

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «فإن تقوي الله دواء داء قلوبكم وبصر عمي أفئدتكم وشفاء مرض أجسادكم وصلاح فساد صدوركم وطهور دنس أنفسكم وجلاءٌ عشا بصاركم وأمن فزع جأشكم وضياءُ سواد ظلمتكم … فمن أخذ بالتقوي عزبت عنه الشدائد بعد دنوها وأحلولت له الأمور بعد مرارتها وانفرجت عنه الأمواج بعد تراكمها …» ().

وقال عليه السلام: «التقوي آكد سبب بينك وبين الله إن أخذت به وجنّة من عذاب أليم» ().

ومن وصايا النبي صلي الله عليه و اله لأبي ذر: «يا أبا ذر كن للعمل بالتقوي أشدّ اهتماماً منك بالعمل فإنه لا يقل عمل بالتقوي» ().

علامات التقوي

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إن لأهل التقوي علامات يعرفون بها: صدق الحديث، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد، وقلة الفخر والبخل وصلة الأرحام ورحمة الضعفاء وقلة المؤاتاة للنساء، وبذل المعروف، وحسن الخلق، وسعة العلم، فيما يقرب إلي الله عزوجل طوبي لهم وحسن مآب» ().

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

() سورة التوبة: 122.

() سورة الزمر: 17-18.

() كشف الغمة: ج2 ص30 في ذكر شيء من كلامه عليه السلام.

() سورة الكهف: 46.

() سورة النحل: 96.

() سورة الحشر: 9.

() أعلام الدين: ص126 باب صفة المؤمن.

() قرب الاسناد: ص68.

() بحار الأنوار: ج71 ص286 ب20 ح11.

() الكافي: ج2 ص188 باب ادخال السرور علي المؤمنين ح1.

() يظهر من كتب الرجال أن النجاشي المذكور في الخبر اسمه (عبد الله) وأنه ثامن آباء احمد بن علي النجاشي صاحب الرجال المشهور.

() الدهقان: التاجر فارسي معرب، أنظر لسان العرب: ج10 ص107 مادة (دهق).

() الخراج ما يأخذه السلطان من الأراضي وأجرة الأرض للأراضي المفتوحة عنوة.

() الاختصاص: ص260 حديث في زيارة المؤمن لله.

() سورة التوبة: 104.

() أنظر ثواب الأعمال: ص141، وغوالي اللئالي: ج2 ص70 ح179.

() النبي ? كان في بعض الليالي لا ينام إلي الصبح ويجلس مع أبي ذر وبعض الصحابة الآخرين يوجههم ويعظهم ويربيهم ولعل هذه الرواية المفصلة كانت في إحدي هذه الليالي والعلامة المجلسي (رض) كتب كتاباً حول هذه الرواية بيّن فيها معانيها، وأنظر التحصين لابن فهد: ص23 القطب الثالث.

() التحصين لابن فهد: ص23 القطب الثالث.

() الاختصاص: ص341 باب مواعظ لقمان.

() الخصال: ص112 ح86 ثلاث قاصمات للظهر.

() سورة الإسراء: 25.

() تفسير نور الثقلين: ج5 ص474 ح24، وأنظر الأمالي للشيخ الصدوق: ص256 المجلس 44 ح11.

() سورة الإنسان: 8/9.

() أنظر مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص153 الثفنات: لحم ميت شبيه بركبة

البعير التي يتصلب لحمها علي أثر الاصطكاك بالأرض.

() تحف العقول: ص305 وصيته عليه السلام لعبد الله بن جندب.

() كان السفر سابقاً صعباً جداً ويستغرق فترة طويلة ومليئاً بالأخطار حتي أن بعض الناس قال: بانني عندما سافرت إلي الحج خرجت من كربلاء أول شهر رجب فوصلت إلي كربلاء في أول رجب من العام القابل.

() هو السيد آغا حسين بن السيد علي بن السيد أحمد بن السيد علي تقي ابن السيد جواد الطباطبائي البروجردي، أكبر زعيم ديني للإمامية اليوم أيام تأليف الكتاب ومن أشهر مشاهير علماء الشيعة المعاصرين. ولد ? في عام (1292ه) هاجر إلي النجف الأشرف عام (1320ه).

وبعد وفاة السيد أبو الحسن الأصفهاني في عام (1365ه) اتجهت أنظار المسلمين إليه ? وفي عام (1373ه) بني في النجف الأشرف مدرسة علمية كبيرة وقد هيئ لها مكتبة كبيرة تحوي بعض الأسفار النفيسة والآثار النادرة توفي ? عام (1380ه). أنظر نقباء البشر في القرن الثالث عشر: ج2 ص65 تحت الرقم (1038).

() سورة الماعون: 1 / 3.

() أنظر تفسير تقريب القرآن إلي الأذهان: المجلد 10 ج30 ص259/261 تفسير سورة الماعون.

() سورة البلد: 8 9. انظر تفسير تقريب القرآن: ج30 ص126.

() تحف العقول: ص383 وصية الإمام موسي بن جعفر عليه السلام لهشام.

() سورة التغابن: 16.

() ربما يتوهم التنافي بين هذه الآية ?فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ? والآية (102) من سورة آل عمران: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ? وجاء في بعض التفاسير نقلاً عن بعض الروايات أن الآية الأولي ناسخة للآية الثانية ولكن التدبر في الآيتين يلهمنا بعدم التنافي بينهما وذلك لأن تقوي الله تعالي حق تقاته لا تتضمن تحميلاً للمسلم ما ليس له به طاقة فيما نري مع أن

الاختلاف بينهما من قبيل الاختلاف في الكمية والكيفية إذ قوله تعالي: ?اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ? أمر بالتلبس في كل مورد من موارد التقوي حق تقاته دون شبحها وصورتها.. وقوله تعالي: ?فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ? أمر باستيعاب جميع موارد التقوي التي تسعها الاستطاعة بالتقوي..

جاء في المناقب: عن ابن شهر آشوب عن وكيع حدثنا سفيان بن مرة الهمداني عن عبد خير قال: سألت علي بن أبي طالب عليه السلام عن قوله تعالي: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ? (سورة آل عمران: 102) قال: «والله ما عمل بهذا غير أهل بيت رسول الله نحن ذكرنا الله فلا ننساه ونحن شكرناه فلا نكفره ونحن أطعناه فلا نعصيه فلما نزلت هذه قالت الصحابة لا نطيق ذلك فأنزل الله تعالي: ?فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُم?.. الخ» (المناقب: ج2 ص177 فصل في الطهارة والرتبة).

وفي التوحيد: باسناده عن سهل بن أبي محمد المصيصي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: «لا يكون العبد فاعلاً ولا متحركاً إلا والاستطاعة معه من الله عزوجل وإنما وقع التكليف من الله تبارك وتعالي بعد الاستطاعة ولا يكون مكلفاً للفعل إلا مستطيعاً» (ص345 باب الاستطاعة ح2).

وفيه: باسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «ما كلف الله العباد كلفة فعل ولا نهاهم عن شيء حتي جعل لهم الاستطاعة ثم أمرهم ونهاهم فلا يكون العبد آخذاً ولا تاركاً الا باستطاعة متقدمة قبل الأمر والنهي وقبل الأخذ والترك وقبل القبض والبسط» (ص352 باب الاستطاعة ح19).

() سورة البقرة: 281.

() مفاتيح الجنان: دعاء كميل بن زياد، عن مصباح المتهجد: ص844.

() سورة الاسراء: 14.

() سورة فصلت: 21.

() سورة المائدة: 100.

() سورة طه: 7.

() سورة الطارق: 9.

() أنظر

تفسير نور الثقلين: ج5 ص552 ح14.

() الاحتجاج: ج348 احتجاج أبي عبد الله الصادق عليه السلام في أنواع شتي من العلوم الدينية …

() سورة المؤمن: 19.

() سورة الطارق: 10.

() انظر نهج البلاغة، الخطبة: 221، والخطبة: 226، ومن قصار الحكم: 130.

() في الجاهلية لم يدفن الناس موتاهم كما ندفنهم نحن الآن وإنما كانوا يلقون بأمواتهم الذين لم يكونوا يحبونهم في الصحراء أو في الخربات المهجورة.

() أنظر تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج1 ص130 باب ذم الدنيا. وفيه: قال رسول الله ?: «يا أبا هريرة، ألا أريك الدنيا جميعاً بما فيها؟» قلت: بلي يا رسول الله. فأخذ بيدي وأتي بي وادياً من أودية المدينة، فإذا مزبلة فيها رؤوس الناس وعذرات وخرق وعظام ثم قال لي: «يا أبا هريرة، هذه الرؤوس كانت تحرص علي الدنيا كحرصكم وتأمل آمالكم ثم هي عظام بلا جلد ثم هي صائرة رماداً، وهذه العذرات ألوان أطعمتكم اكتسبوها من حيث اكتسبوها ثم قذفوها من بطونهم فأصبحت والناس يتحامونها، وهذه الخرق البالية كانت رياشهم ولباسهم فأصبحت والرياح تصفقها وهذه العظام عظام دوابهم التي كانوا ينتجعون عليها أطراف البلاد. فمن كان راكناً إلي الدنيا فليبك …» الخ.

() نهج البلاغة، قصار الحكم: 195.

() سور البقرة: 197.

() مفاتيح الجنان: دعاء كميل بن زياد، عن مصباح المتهجد: ص844.

() سورة الحشر: 9.

() سورة الأعراف: 96.

() سورة البقرة: 194.

() سورة الأعراف: 201.

() سورة الطلاق: 5.

() سورة الأنفال: 29.

() سورة الحجرات: 13.

() سورة الزمر: 33.

() سورة البقرة: 237.

() سورة المائدة: 8.

() سورة القصص: 83.

() وسائل الشيعة: ج11 ص593 ب34 ح1.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص428 ب34 ح14520.

() الكافي: ج2 ص167 ح9.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص428 ب34 ح14522.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص395 ح9159 الفصل السادس

في الايثار.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص396 ح9162 الفصل السادس في الايثار.

() تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج1 ص173 بيان الايثار.

() نهج البلاغة، قصار الحكم: 410.

() الأمالي للشيخ الصدوق: ص393 الجلس 62 ح4.

() نهج البلاغة، الخطبة: 173.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص270 ح5885 الفصل الخامس في التقوي.

() نهج البلاغة، الخطبة: 190.

() نهج البلاغة، الخطبة: 230.

() تفسير العياشي: ج2 ص44 ح129 من سورة الاعراف.

() نهج البلاغة، الخطبة: 144.

() مشكاة الأنوار: ص59 الفصل الأول في ذكر صفات الشيعة.

() نهج البلاغة، الخطبة: 198.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص270 ح5886 الفصل الخامس في التقوي.

() مكارم الأخلاق: ص468.

() مشكاة الأنوار: ص45 الفصل الثاني في التقوي.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.