الحزب في النظرية الإسلامية

اشارة

اسم الكتاب: الحزب في النظرية الإسلامية

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت لبنان

تاريخ الطبع: 1425 ق

الطبعة: دوم

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

لم تكن شرائع السماء خالية عن القوانين وأسس تنظيم معايش العباد والبلاد؛ فإن حاجة الإنسان إلي مثل هذه القوانين والنُظُم هي حاجة فطرية يميل إليها الإنسان في ظل المجتمع لكي يرتقي ويتكامل علي شكل تجمعات تمتلك عناصر القوة والاتحاد، ولأجل ذلك ظهرت كيانات أخذت تتشكل بنماذج متعددة من حيث الطرق والأساليب، ثم أخذت بالتطور شيئاً فشيئاً من كيانات صغيرة إلي كيانات كبيرة.

ولقد شارك الإسلام هذه القوانين والنظم في ارتقائها وتكاملها، لأن الإسلام دين الفطرة وهو يتناغم معها في أحوالها كلها، ولهذا فقد أسس الرسول الأكرم محمد صلي الله عليه و اله بذور تكوين النظم والقوانين، وعمل علي تهيئة الأرضية الصالحة لبناء مجتمع نظيف، عن طريق تهذيب مناهج المجتمع وطرحها بأسلوبها الجديد وبثوبها النظيف مع تأطيرها بالأطر الصحيحة الشرعية علي شكل تجمع يحتوي أبناء الأمة وجعله البديل الأمثل لكافة الأنظمة السائدة آنذاك وإلي يومنا هذا.

ولأجل تنظيم حركة المجتمع ظهرت بذور التحزب بمعناه الإيجابي في ظل حكومة الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله في المجتمع المدني، لأجل خدمة الأمة ثقافياً وسياسياً واقتصادياً، إن التحزب بهذا المعني هو ظاهرة إيجابية للارتقاء من أجل بناء مجتمع متكامل يعيش حياته الهانئة مع احترام الرأي الآخر والتنافس الصحيح الإيجابي ?خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ?() في إطار الإيمان والطاعة لله ولرسوله صلي الله عليه و اله، وإن هذا التنافس لا يمكن أن يأخذ دوره إلا مع وجود الحرية الكافية التي لا تتعارض مع فطرة الإنسان ومسلمات الشريعة ونظام المجتمع، عندها يتحقق تعدد

القوي الصالحة وبناء المستقبل الأمثل سياسياً واقتصادياً وتربوياً. بخلاف النظم الاستبدادية القائمة علي وجود الحزب الواحد فإن التنافس وضمان المستقبل الأفضل والأمثل أشبه ما يكون معدوماً لعدم الانفتاح علي الطرف الآخر، بل القضاء عليه وربما قتله.

والحث علي التعددية وعدم الاستبداد هو ما نجده في آراء الأئمة? كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام: ?من استبد برأيه هلك?()

وقد وفر الإسلام للإنسان حرية العمل وحرية المعتقد فقال تعالي: ?لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ?()، ثم وجه طبيعة التعامل مع المعتقدات الأخري فقال تعالي:

?لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ?().

ثم انفتح الإسلام علي الأديان والمعتقدات الأخري بشكل واضح وجلي، وهذا ما نجده ظاهراً من سيرة الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله مع مجتمع المدينة، وسيرة الأئمة المعصومين عليهم السلام وعلي رأسهم أمير المؤمنين عليه السلام مع مجتمع الكوفة، حيث عاشت الأديان في ظل المجتمع الإسلامي حياة طيبة وافرين بكامل حقوقهم.

فالإسلام نظام كفل حريات المجتمع، وساهم في خلق المؤسسات الاجتماعية والثقافية للفرد والمجتمع.

من أجل هذا أخذ سماحة المرجع الديني الإمام الشيرازي رحمة الله عليه ببحث نظرية الإسلام ضمن الأطر السياسية الحديثة، ثم أعطي النموذج الأفضل في بناء المجتمع سياسياً وثقافياً، وعالج أسباب تخلف المجتمعات الاستبدادية، ثم شرح كيفية ارتقاء بعض المجتمعات حضارياً، لأنها وجدت ضالتها في النظام الإسلامي، فأخذت منه كل ما يخدم مصالحها العامة، وبعدما كانت تعيش الحكم الاستبدادي بالقهر والاستطالة.

ويذهب السيد الشيرازي رحمة الله عليه في هذا المختصر إلي أن ارتقاء الأمة وتكاملها يأتي من جانب انفتاحها واحترامها للرأي الآخر مضافاً إلي بناء المؤسسات الثقافية، والتكتلات السياسية القائمة علي نظام التعددية المشروعة، ثم يختم هذا السِفر بجملة من الآيات

الكريمة التي تبين النموذج الأمثل للحكم في المجتمع، ثم سرد جملة من الروايات الشريفة التي تشير إلي حرية الإنسان وأن الله قد خلقه حراً كريماً ليس للآخرين سلطان عليه سوي سلطنة شريعة السماء.

الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين.

الإسلام والتطور السياسي

قال تعالي: ?وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ? وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِين? ().

في التفسير: أن ?وَتِلْكَ الأَيَّامُ? أي: أيام النصر والهزيمة وأيام القرح ?نُداوِلُها? أي: نصرّفها ?بَيْنَ النَّاسِ? فيوم لهؤلاء علي أولئك، ويوم لأولئك علي هؤلاء، فإذا نصرنا المؤمنين كان ذلك لإيمانهم، وإذا هُزموا كان امتحاناً لهم.

?وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا? أي: أن صرف الأيام ليتميز المؤمن الحقيقي من غيره، فإنه ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله: ? في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال?() وقال عليه السلام: ?عند الامتحان يكرم الرجل أو يهان?().

ومعني ?ليعلم?: أن معلومه سبحانه يقع في الخارج، لا أنه كان جاهلاً سبحانه ثم علم، فإن العلم لما كان أمراً إضافياً بين العالم والمعلوم، يقال: (علم) باعتبارين: إما باعتبار العالم فيما كان جاهلاً ثم علم، وإما باعتبار المعلوم فيما كان المعلوم غير خارجي ثم صار خارجياً ?و? ل?يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ?أي: أن مداولة الأيام لفوائد، ومن جملة تلك الفوائد أن يتخذ الله سبحانه منكم مقتولين يستشهدون في سبيل الله، ويبلغون الدرجات الراقية بالشهادة، أو ليكون جماعة شهداء علي آخرين بالصبر أو الجزع، بالثبات أو الهزيمة، فإن إيصال جماعة قابلة إلي مرتبة أن يكونوا شهداء نعمة وغرض رفيع، لكن المعني الأول أقرب ?وَاللهُ لايُحِبُّ الظَّالِمِينَ? الذين يظلمون أنفسهم بالكفر، أو بالهزيمة.

?و? من فوائد تداول الأيام بين الناس

أنه ? لِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا? أي: يخلّصهم من المنافقين فيتبين المؤمن من المنافق، أو يخلصهم من الذنوب، فإن بالأهوال تذاب الذنوب، وبالشدائد تكفّر الخطايا ?و? ل?وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ? يهلكهم، فإن الكفار ينقصون شيئاً فشيئاً حتي يهلكوا جميعاً ().

وذكروا في تفسير الآية المباركة أيضاً: أن ?وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ? أي: نصرفها مرة لفرقة، ومرة عليها، وإنما يصرف الله الأيام بين المسلمين وبين الكفار، بتخفيف المحنة عن المسلمين أحيانا، وتشديدها عليهم أحيانا، لا بنصرة الكفار عليهم؛ لأن الله لا ينصر الكفار علي المسلمين، لأن النصرة تدل علي المحبة، والله تعالي لا يحب الكافرين، وإنما جعل الله الدنيا متقلبة، لكيلا يطمئن المسلم إليها، ولتقل رغبته فيها، أو حرصه عليها، إذ تفني لذاتها، ويظعن مقيمها، ويسعي للآخرة التي يدوم نعيمها. وإنما جعل الدولة مرة للمؤمنين، ومرة عليهم، ليدخل الناس في الإيمان علي الوجه الذي يجب الدخول فيه كذلك، وهو قيام الحجة، فإنه لو كانت الدولة أبدا للمؤمنين، لكان الناس يدخلون في الإيمان علي سبيل اليمن والفال().

إن من المعلوم أن أنماط الحياة تختلف من زمن إلي زمن، وبذلك تختلف متطلباتها واحتياجاتها، فكل مرحلة من المراحل تمتاز بنمط معين من الحياة، وأسلوب خاص من العيش. وباختلاف مراحل المجتمعات وتطورها، يوماً بعد يوم، يختلف أيضاً هيكل الحكومة وشكلها العام.

فنحن يمكننا أن نتعرف علي هذا الاختلاف الحكومي في الهيكل والشكل العام من خلال استقرائنا في الجملة للحكومات السابقة، منذ القرن الأخير المنصرم، وإلي حكومات اليوم. فنلاحظ بروز ظاهرة الأحزاب بشكل واضح جداً، علي شكل كيانات مستقلة، يهتم بها المجتمع، باعتبار أن الأحزاب عبارة عن مؤسسات تربوية وسياسية في آن واحد، وبما أن الإسلام بدوره هو الدين الذي يمتد مع البشرية إلي آخر

يوم علي هذا الكوكب، فهو يواكب ويستوعب هذه التطورات، بل يضع لها مناهج شرعية خاصة، لكي تصب في مصلحة المسلمين.

ظاهرة الأحزاب

ومن جملة تلك التطورات السياسية: الأحزاب()، فقد أصبح اليوم وجود الأحزاب ظاهرة واقعية في كل المجتمعات، إذ لايكاد يخلو حكم أو مجتمع في العالم من الأحزاب السياسية. وقد تكون ظاهرة ضرورية في بعض المجتمعات، والإسلام بما أنه هو البديل الأفضل عن كافة الأنظمة العالمية اليوم لابد أن تكون لديه وجهة نظر، أو طريقة خاصة، في استيعاب الأحزاب، وصهرها ضمن نظامه العالمي.

فالإسلام لا يرفض بشكل مبدئي ظاهرة الأحزاب بل هو يهذب مناهجها، ويؤطرها بأطر صحيحة، كي تعمل لصالح النظام العالمي الإسلامي ولصالح الإنسان و سعادته في الدنيا والآخرة.

ولعل ظاهرة الأحزاب ليست ظاهرة جديدة في الإسلام؛ بل نحن نري مثل هذه الظاهرة في زمن الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله وما بعده أيضاً، نعم إنها كانت تختلف في البناء والشكل والهدف؛ ففي التاريخ: إنه كان الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله يعتمد علي جهتين وكتلتين، هما: الأنصار والمهاجرون، نعم إن الأنصار والمهاجرين كانا يعملان من أجل هدف واحد، حيث لا يوجد لدينا في الإسلام تصادم في الأهداف والإرادات، بل كل الأحزاب تعمل علي توعية المجتمع، ونشر مفاهيم الدين المبين، وقيادة الأمة نحو مستقبل أفضل.

وبكلمة واحدة نقول: إن الأحزاب تعبير عن التعددية التي دعا إليها الإسلام للتنافس في البناء والتقدم، وعدم حكر الساحة لجهة واحدة أو شخص واحد، المولد للاستبداد والدكتاتورية، فالإسلام يؤكد علي ثقافة التعددية والحرية قبل كل شيء، ثم يجيز لهم التحزب والتنافس، وقاية من سقوط الأحزاب في بؤرة التنافس الأعمي، مثل تكفير كل منهم الآخر، والعمل علي هدم بعضهم البعض، والصراع السلبي علي

كرسي الحكم، كما نجده اليوم في الظاهرة الحزبية المنتشرة في البلاد الإسلامية.

وإن مما يؤخذ علي هذه الأحزاب وخاصة غير الإسلامية منها كالبعثية()..

والشيوعية()، هو خروجها عن الحدود الشرعية فهي تصنع جملة من القوانين الوضعية، كدستور للحكم، يفرض تحكيمها علي الشعوب، فكل حزب لديه جملة من التشريعات التي تخالف الإسلام وقوانينه السمحة،و يحكم بها عند تسلطه علي رقاب الشعب، بينما لدينا في الإسلام عامل الثبات الدائم، وهو أن الله عزوجل خالق الإنسان وهو العالم بمصالحه فهو المشرّع الوحيد، ولا تشريع مقابل تشريع الله سبحانه، قال تعالي: ? وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ?()، بل إن كل التشريعات الإنسانية تكون ناقصة دوماً، وهذا ما تشهد به التجربة، وأوضح من ذلك هو تصريح القرآن: ?أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ? ().

فالحقيقة التي صرح بها القرآن الحكيم وبكل تأكيد: أن كل حكم غير حكم الله هو حكم جاهلي ناقص لا يوصل الشعوب إلي عزّ وسعادة، ولا إلي استقرار واطمئنان، بل بالعكس يذيقهم الويل والدمار، والشقاء والحرمان، كما جربناه علي مدي قرابة قرن من الزمان المعاصر.

الحزب مجال للتنافس الشرعي

الحزب هو المؤسسة التربوية السياسية التي تقوم بخدمة الناس، فوظيفته الأولية ومهمته الرئيسية: تقديم الخدمات الإنسانية، والثقافية، والاقتصادية، والعمرانية، لكافة أبناء الشعب، وليس الحزب لمجرد الوصول إلي الحكم والارتقاء إلي المناصب الحكومية، وإن كان لا يتنافي معه لو انتخبهم الشعب للتصدي للحكم وتشكيل الحكومة.

فالحزب إذن مؤسسة سياسية تخدم الناس في طول الحكم وليس في عرضه، والمراد هنا بالتعريف: الأحزاب الإسلامية والوطنية، دون الإلحادية والإرهابية.

ثم إن من مهمات هذه الأحزاب هو: أن تتنافس فيما بينها انطلاقاً من الإيمان بالله واليوم الآخر، وتنافسها يكون في طاعة الله عزوجل، كما عمل

الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله عام الأحزاب عند حفر الخندق، حيث قسّم أصحابه إلي فرقتين تتنافس فيما بينها لحفر الخندق من أجل نصرة الإسلام. وعندما اختلف المسلمون علي سلمان الفارسي رضوان الله عليه حيث كان رجلاً قوياً ذا بصيرة ورأي فقال الأنصار: سلمان منا، وقال المهاجرون: سلمان منا، قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?سلمان منا أهل البيت?.

فقد روي: إن النبي صلي الله عليه و اله خط الخندق عام الأحزاب، وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا، فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان، وكان رجلا قويا، فقال المهاجرون: سلمان منا. وقالت الأنصار: سلمان منا. فقال النبي صلي الله عليه و اله: ?سلمان منا أهل البيت?.

قال عمرو بن عوف: كنت أنا وسلمان وحذيفة والنعمان بن مقرن المزني، وستة من الأنصار، في أربعين ذراعا، فحفرنا حتي إذا كنا بجب ذي ناب، أخرج الله من باطن الخندق صخرة مروة كسرت حديدنا، وشقت علينا. فقلنا: يا سلمان، إرق إلي رسول الله صلي الله عليه و اله، وأخبره خبر هذه الصخرة، فإما أن نعدل عنها، فإن المعدل قريب، وإما أن يأمرنا فيه بأمره؛ فإنا لا نحب أن نتجاوز خطه.

قال: فرقي سلمان إلي رسول الله صلي الله عليه و اله وهو ضارب عليه قبة تركية، فقال: يا رسول الله، خرجت صخرة بيضاء مروة من بطن الخندق، فكسرت حديدنا، وشقت علينا حتي ما يحيك فيها قليل ولا كثير، فمرنا فيها بأمرك، فإنا لا نحب أن نتجاوز خطك.

قال: فهبط رسول الله صلي الله عليه و اله مع سلمان الخندق والتسعة علي شفة الخندق، فأخذ رسول الله صلي الله عليه و اله المعول من يد سلمان، فضربها به ضربة صدعها، وبرق منها برق

أضاء ما بين لابتيها، حتي لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلي الله عليه و اله تكبيرة فتح، وكبّر المسلمون، ثم ضربها رسول الله صلي الله عليه و اله ثانية فبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها، حتي لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلي الله عليه و اله تكبيرة فتح، وكبّر المسلمون. ثم ضربها رسول الله صلي الله عليه و اله ثالثة فكسرها، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها، حتي لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله تكبيرة فتح وكبر المسلمون. وأخذ بيد سلمان، ورقي. فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد رأيت منك شيئا ما رأيته منك قط؟!

فالتفت رسول الله صلي الله عليه و اله إلي القوم وقال: ?رأيتم ما يقول سلمان؟?.

فقالوا: نعم.

قال: ?ضربت ضربتي الأولي، فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة، ومدائن كسري، كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها. ثم ضربت ضربتي الثانية، فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم، كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها. ثم ضربت ضربتي الثالثة، فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور صنعاء، كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا?.

فاستبشر المسلمون وقالوا: الحمد لله موعد صدق، وعدنا النصر بعد الحصر.

فقال المنافقون: ألا تعجبون يمنّيكم ويعدكم الباطل؛ ويعلمكم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة، ومدائن كسري، وأنها تفتح لكم، وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق، ولا تستطيعون أن تبرزوا؟!

فنزل القرآن: ?وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورا?()،().

وفي يوم عاشوراء

وكما عمل الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء

عندما ابتدأ جيش ابن زياد بشن الحرب عليه،حيث قام الإمام عليه السلام بتوزيع أفراده إلي مجموعتين متنافستين علي الابتداء بالتضحية في سبيل الله، هم (بنو هاشم) و(الأصحاب) بحيث أعطي راية لكل منهما ثم أعطي راية بني هاشم بيد العباس (سلام الله عليه) ().

فالأحزاب الإسلامية لابد أن يكون هدفها العمل في طاعة الله، أما آلية العمل وشكله، فهذا ما يختلف من زمان إلي آخر، ومن عصر إلي عصر.

ثم لابد أن تمتاز الأحزاب الإسلامية بضمان حرية الرأي، والتعددية السياسية.

بينما نلاحظ كيف عمل الأمويون والعباسيون علي اختلاق أحزاب وتيارات غير شرعية داخل الأمة الإسلامية هدفها تهميش الإسلام ومبادئه، كالمرجئة ()، ثم كان الهدف من إنشاء وتأسيس هكذا أحزاب هو المادة والدنيا والرئاسة والتسلط علي رقاب الناس، ومحاولة إبعاد الناس عن الاتصال بأهل البيت عليهم السلام، فقد ابتدعت الدولة الأموية وكذلك العباسية أحزاباً دخيلة، وقررت أن تكون بمثابة كيانات، تقابل كيان أهل البيت عليهم السلام، وتعارض وجودهم وتواجدهم.

ثم عملت السلطات الأموية والعباسية علي الاستبداد بالحكم وانتهاج سياسة الحزب الواحد الحاكم، وهو الحزب الأموي أو العباسي، وضرب كافة المعارضين الذين ينادون بالإصلاح، ويدعون إلي تقوي الله عزوجل، وإن كان رجل الإصلاح هو ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و اله، كما حصل لهم ذلك مع كل واحد واحد من الأئمة الأطهار عليهم السلام وبالأخص مع سيد الشهداء الإمام الحسين (سلام الله عليه).

فإن الأئمة عليهم السلام كانوا يريدون للناس حياة طيبة هادئة، خالية من مظاهر الظلم والاستبداد والجور والعنف والإرهاب.

وهذه الحياة لا تتحقق في ظل حكم بني أمية، أو حكم بني العباس المستبدين بالحكم، والمتسلطين بالظلم؛ ولذلك كانوا عليهم السلام يحاربون ظلمهم بصورة مباشرة، كما هو الحال في الإمام الحسين

عليه السلام، أو بصورة غير مباشرة كما هو حال بقية الأئمة عليهم السلام، لأنهم كانوا يعلمون أن التسلط الفردي علي جهاز الحكم، يلغي كل الفرص التي تدعو أفراد الأمة إلي أن تتنافس فيها نحو الخير والفضيلة.

نعم أن ثمار التعددية والأحزاب السياسية المتثقفة بالثقافة التنظيمية الصحيحة تعود للأمة ذاتها. ومن هنا نري ضرورة التعددية الحزبية مع رعاية الموازين الشرعية.

من فوائد التعددية الحزبية

من الواضح أن للتعددية فوائد عديدة، منها ما يلي:

أولاً: الحيلولة دون إقامة أحزاب سرية، فإن الأحزاب السرية كثيراً ما تشكل خطراً علي الأمة؛ ذلك لأن إقامة الأحزاب تحت الأرض وبشكل سري تكون عادة في الدول التي تتسم بالدكتاتورية أو في دول الحزب الواحد، والتي تُكره الناس علي الانتماء إلي الحزب الحاكم فقط والقبول به، ولا تسمح لأحد بالانتماء إلي حزب آخر، أو تأسيس حزب غيره.

ففي الدولة التي لا تسمح فيها الحكومة بتعدد الأحزاب، بل تجبر الناس علي القبول بالحزب الواحد وهو الحزب الحاكم، فإنه مضافاً إلي أن إجبار الناس علي هذا الأمر بحد ذاته لاشرعية له ويمثل صفة طاغوتية لهذه الحكومة، تبدأ بعض المجاميع الشعبية بالتحرك لإنشاء حزب أو تكتل سري لمواجهة الحزب القائم الحاكم المتسلط علي رقاب الناس. وبالمقابل تبدأ الحكومات بمنع هذه المجاميع وزجّها في السجون. بالإضافة إلي مصادرة الحريات، وكبت الأنفاس، وسحق كرامة الإنسان، وهذا يوجب الكثير من المآسي والويلات.

أما البلاد التي تتوفر فيها نسبة لا بأس بها من الحرية والتعددية، فكل حزب يطرح برامجه وخططه في العلن، والناس مخيرون في الانضمام إلي أي حزب شاؤوا، وبما يرونه من المصلحة، ولم يحصل عادة ما في بلادنا من سحق حقوق الإنسان و كرامته.

إذن، فالتعددية الحزبية توفر جواً مستقراً مريحاً للمجتمع، بخلاف حكومة الحزب الواحد، فإنها

تخلق جواً قلقاً مضطرباً يسوده الإرهاب والعنف.

ثانياً: يجب أن نعرف أن السياسة مثل العلوم الأخري، تحتاج إلي ثقافة وتربية، فكما أن الجامعة والمدرسة يهتم كل منهما بالجانب العملي والعلمي للطالب، فالسياسة كذلك. فمن أراد أن يصل إلي رئاسة الدولة، لابد له من ممارسة بعض الأدوار السياسية، التي تخدمه غداً، وخير تطبيق لهذا المعني هو عندما ينضم الفرد إلي الحزب، فإنه سينمو فكرياً وسياسياً، ويكون قادراً علي تسلّم المراكز القيادية، لما مرّ به من تجربة داخل الحزب، حيث سيتعلم ما معني الشخصية السياسية، وما هي مواصفاتها ومؤهلاتها، كما ويري نواقصه، وما يحتاج إليه، ويدرك سياسة الدول، واختلاف الآراء، وتعدد الحكومات، وأساليب سياستها، وغيرها من الأمور.

أما إذا كانت سياسة الدولة سياسة الحزب الواحد، فإنها سوف تسير علي سياسة واحدة، جامدة غير مرنة، لأنها تمثّل فكرة الحزب الواحد نفسه الذي لا يلبي تطلعات وآمال كل طبقات الشعب كما هو الحال بالنسبة للعراق وسوف ينشغل أفراد الأمة بمعارضة هذا الحزب ومقارعته، مما يفوت عليهم الفرصة في اكتساب الثقافة السياسية المطلوبة ونموها التي تؤهلهم لقيادة المجتمع وبناء البلد بالشكل المطلوب.

حرية الرأي والتعددية في ظل الإسلام

قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: ?من استبد برأيه هلك?().

لقد جاء في الأخبار والأحاديث الشريفة: أن رسول الله صلي الله عليه و اله كان أحياناً يخبر عن شخص بأنه سيخلق فتنة بين المسلمين، أو سيحدث ديناً باطلاً، ثم لا يعمد إلي قتله، ولا يجيز للمسلمين أن يمسوه بأذي.

وهذا يدخل في سياسية العفو العظيمة، وحرية إبداء الرأي، وتحمل المعارضة السياسية. وهو مما أتاح للرسول صلي الله عليه و اله تأسيس الدولة الإسلامية في وسط عظيم من عواطف الناس واختلاف آرائهم، فلو كان النبي صلي الله عليه و اله يقتل هذا ويقتل

ذاك، لسبب أو لآخر، لما تأسست دولة الإسلام، ولا استحكمت أصولها.

روي الشيخ المفيد رحمة الله عليه()..

في الإرشاد() قال: لما قسّم رسول الله صلي الله عليه و اله غنائم حنين، أقبل رجل طويل آدم أجنأ () بين عينيه أثر السجود، فسلّم ولم يخصّ النبي صلي الله عليه و اله، ثم قال: قد رأيتك وما صنعت في هذه الغنائم.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?وكيف رأيت?؟.

قال: لم أرك عدلت!

فغضب رسول الله صلي الله عليه و اله، وقال: ?ويلك، إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون?؟!

فقال المسلمون: ألا نقتله؟

قال: ?دعوه، فإنه سيكون له أتباع يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، يقتلهم الله علي يد أحب الخلق إليه من بعدي?.

فقتله أمير المؤمنين عليه السلام، فيمن قتل يوم النهروان من الخوارج().

أما سياسة حكومات اليوم فإنها ما إن تسمع بأن فلاناً ينوي أو يفكر بأمور لعلها تعارض سياسة الدولة، حتي تباكره السلطات بالقبض عليه والزج به في مطامير السجون.

الإسلام وسياسة الانفتاح

لقد كانت دولة أمير المؤمنين عليه السلام كدولة الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله، سياسة وانفتاحاً، فقد فسح الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله باب الحرية الإنسانية لأهل المدينة علي مصراعيها، فكما كان يعيش في المدينة في زمن الرسول صلي الله عليه و اله المسلمون وغيرهم من اليهود والنصاري والمنافقين، مختلطين في دورهم وأسواقهم، يتعاملون ويمارسون حرياتهم المتبادلة في ظل الإسلام، كذلك كان المسلمون واليهود والنصاري والمجوس وغيرهم من سائر الملل والنحل يعيشون في ظل الإسلام عيشة سعيدة هانئة في عزة ورفاه في عصر أمير المؤمنين عليه السلام، ولقد كانت سياسته تستوعب الخصوم والأعداء، وتستقطب المناوئين والمعارضين، وتحاول التوصّل معهم سلمياً إلي حلول مرضية.

ومما يُذكر

أن(ابن الكوّاء) كان رجلاً منافقاً، خارجياً، مشاكساً لأمير المؤمنين عليه السلام، وذلك في قمّة قدرة الإمام عليه السلام الشاملة، وفي أوج دولته الواسعة، التي كانت ذلك اليوم أوسع دولة علي وجه الأرض، فكان ابن الكواء يلقي اعتراضاته علي أمير المؤمنين عليه السلام في الأوساط العامة، وبصورة شديدة وحاقدة وبكل حرية..

فقد روي أن أمير المؤمنين عليه السلام كان في صلاة الصبح فاعترضه ابن الكواء رافعاً صوته من خلفه بالقرآن: ?وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَي الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ?().

فأنصت أمير المؤمنين عليه السلام تعظيماً للقرآن، حتي إذا فرغ ابن الكواء من الآية عاد الإمام عليه السلام إلي قراءته..

فاعترضه ابن الكواء ثانية وأعاد نفس الآية.

فأنصت الإمام عليه السلام للقرآن مرة ثانية حتي إذا أتم ابن الكواء الآية عاد الإمام لمواصلة صلاتة.

فأعاد ابن الكواء الآية ثالثة.

فأنصت الإمام تعظيماً للقرآن.

فلما أتم ابن الكواء قراءة الآية للمرة الثالثة، قرأ الإمام عليه السلام وكأنه يجيب علي اعتراضه: ?فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُون?().

ثم أتم السورة وركع().

فهل هناك انفتاح كهذا الانفتاح؟

وهل هناك حرية كهذه الحرية؟

بحيث تسمح لرجل منافق أن يرد علي الرئيس الأعلي للدولة، ويتعرض له بنسبة الشرك وحبط الأعمال! ولمن لعلي بن أبي طالب عليه السلام الذي هو عين الإيمان ولولاه لم يُعرف المؤمنون، ثم ينصت له الإمام عليه السلام ويتم صلاته، وكأن لم يكن شيئاً مذكوراً؟!.

عفو عن ذنب

ويروي: أن امرأة ذات مسحة من الجمال مرت علي جماعة فرمقها القوم بأبصارهم، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?إن أبصار هذه الفحول طوامح وإن ذلك سبب هبابها، فإذا نظر أحدكم إلي امرأة تعجبه فليلامس أهله، فإنما هي امرأة كامرأته?.

فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافراً ما

أفقهه!

فوثب القوم ليقتلوه. فقال عليه السلام: ?رويداً، إنما هو سب بسب، أو عفو عن ذنب?().

مع عائشة

وقالت عائشة يوم الجمل: ملكت فأسجح، فجهزها أحسن الجهاز وبعث معها تسعين امرأة أو سبعين، واستأمنت لعبد الله بن الزبير علي لسان محمد بن أبي بكر، فآمنه وآمن معه سائر الناس.

وجيء بموسي بن طلحة بن عبيد الله فقال له: ?قل أستغفر الله وأتوب إليه? ثلاث مرات وخلي سبيله، وقال: ?اذهب حيث شئت، وما وجدت لك في عسكرنا من سلاح أو كراع فخذه، واتق الله فيما تستقبله من أمرك، واجلس في بيتك?().

وله عليه السلام مواقف مشابهة كثيرة، حتي كان منه أن قال عليه السلام:

?إلي كم أغضي الجفون علي القذي، وأسحب ذيل علي الأذي، وأقول لعل وعسي?().

وهناك مواقف كثيرة من رسول الله صلي الله عليه و اله والأئمة المعصومين عليهم السلام تبين الحرية في الإسلام، وعدم إكراه فرد أو جماعة علي أمر هم لا يرضون به، فلم يُكره النبي صلي الله عليه و اله النصاري أو اليهود علي الدخول في الإسلام، وكذا الإمام علي عليه السلام، فهذه المواقف الكريمة تكشف عن الحرية الإسلامية الواسعة بجلاء، وتبيّن كفاءة الإسلام وقدرته علي الحكم فإن: ?آلة الرئاسة سعة الصدر?().

الدولة الإسلامية دولة المؤسسات والتكتلات

لكي تكون الدولة الإسلامية دولة عصرية، آمنة من التزعزع والانهيار، ومن التقهقر والانهزام، ومسرعة في التطور والتقدم، فعلي المجتمع الإسلامي أن ينقلب إلي مئات الآلاف من المؤسسات بل الملايين منها، و التي من جملتها الأحزاب الإسلامية، وهذه الكتل تعمل لأجل البناء والمنافسة في الخير، وتحقيق أهداف الإسلام.

وقد كان التكتل منذ زمان الرسول صلي الله عليه و اله بين القبائل من ناحية، وبين الأوس والخزرج من ناحية ثانية، وبين المهاجرين والأنصار من جهة ثالثة. وكانت كلها تعمل لصالح الإسلام والمسلمين. وقد كان الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله قد أقرّها علي

ذلك حينها. فكان يجعل لكل قبيلة رئيساً ولواءً.

نعم، يجب أن تكون التكتلات والأحزاب للتعارف لا للتناكر.

وحيث إن الزمان الحاضر لا يمكن فيه الاكتفاء بالتكتل القبلي وما أشبه؛ لأن الثقافة والآلة الحديثة ونوعية الحياة لا تنحصر في قبيلة دون قبيلة، بل حسب المهن والثقافات وما أشبه، فكل تكتل أصبح له نقابة خاصة به، كنقابة الأطباء، ونقابة الصحفيين، ونقابة المعلمين، وهكذا وهلم جراً.

والحزب المحظور في الإسلام هو الحزب الذي يعمل الحرام أو ينتهي إلي برلمان يكون بيده التشريع في قبال تشريع الله عزوجل.

وفي الحقيقة إن التكتلات والأحزاب والمؤسسات ليست إلا مدارس للتجربة الحيوية في سبيل صقل المواهب، وظهور الكفاءات، والكشف عن مؤهلات الإنسان.

ثم إن الحريات الإسلامية توفر لكل فرد ولكل كتلة وحزب، كل أسباب حاجتها، وجميع وسائل تقدمها.

ومما يمكن القول به: إن الحزب مؤسسة يستطيع الفرد من خلالها أن يكشف نفسه، ويطوّر إمكانياته؛ وذلك لأن من مهمات الحزب بالمعني الصحيح هو القيام بتربية رجال سياسيين علي سبيل المثال حيث إنه يتوفر في الأحزاب عادة أفضل فرصة للإعداد والنمو الذاتي ناهيك عن المجالات الأخري التي تقوم بها الأحزاب كالتسهيلات الاقتصادية للمواطنين، أو المحافظة علي المفاهيم الإسلامية، والدفاع عنها، ورد الشبهات، وإعمار البلدان، وما إلي ذلك.

فالحزب يقوم مقام المبلّغ الإسلامي، فبدل أن يكون المبلّغ شخصاً واحداً، فليكن علي شكل مؤسسة، مع عدم الاستغناء علي التأكيد من مختلف أنواع المبلّغ وأساليب التبليغ المشروعة.

ولقد كان الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام يرسل ولاته إلي مختلف المناطق، ومعلوم أن ولاة أمير المؤمنين عليه السلام كانوا من العلماء والفقهاء والمبلغين، فكان يرسلهم إلي المناطق الإسلامية والأمصار، ويأمرهم بالرفق في الرعية، والنصح لهم ومداراتهم، مع اتباع الحق فيهم. فإذا رغب الناس فيه أبقاه، وإذا

زهدوا فيه بعث آخر بدلاً عنه.

وهذا من النماذج الحية في الحرية الإسلامية السياسية والتي يمكن للأحزاب الحرة أن تكون ضماناً لتطبيقها.

نماذج من توصيات أمير المؤمنين عليه السلام

فمن كتاب له عليه السلام إلي بعض عماله قال فيه:

?أما بعد، فإن دهاقين أهل بلدك شكوا منك غلظة وقسوة واحتقارا وجفوة، ونظرت فلم أرهم أهلا لأن يدنوا لشركهم ولا أن يقصوا ويجفوا لعهدهم، فالبس لهم جلبابا من اللين تشوبه بطرف من الشدة، وداول لهم بين القسوة والرأفة، وامزج لهم بين التقريب والإدناء والإبعاد والإقصاء، إن شاء الله?(). وهذا ما يسمي بالحزم.

وفي كتاب آخر له عليه السلام بعثه إلي زياد ابن أبيه، وهو خليفة عامله عبد الله بن عباس علي البصرة، وعبد الله عامل أمير المؤمنين عليه السلام يومئذ عليها وعلي كور الأهواز وفارس وكرمان وغيرها: ?وإني أقسم بالله قسما صادقاً، لئن بلغني أنك خنت من في ء المسلمين شيئا صغيراًَ أو كبيراًَ، لأشدن عليك شدة تدعك قليل الوفر ثقيل الظهر ضئيل الأمر، والسلام?().

ومن كتاب له عليه السلام إلي زياد أيضا:

?فدع الإسراف مقتصداً، واذكر في اليوم غداً، وأمسك من المال بقدر ضرورتك، وقدم الفضل ليوم حاجتك، أترجو أن يعطيك الله أجر المتواضعين وأنت عنده من المتكبرين، وتطمع وأنت متمرغ في النعيم تمنعه الضعيف والأرملة أن يوجب لك ثواب المتصدقين، وإنما المرء مجزي بما أسلف وقادم علي ما قدم، والسلام?().

وكان (صلوا ت الله عليه) يوصي لمن يستعمله علي الصدقات بهذه الوصايا:

?انطلق علي تقوي الله وحده لا شريك له، ولا تروعن مسلماً ولا تجتازن عليه كارهاً ولا تأخذن منه أكثر من حق الله في ماله، فإذا قدمت علي الحي فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثم امض إليهم بالسكينة والوقار حتي تقوم بينهم فتسلم عليهم، ولاتخدج بالتحية

لهم()، ثم تقول: عباد الله، أرسلني إليكم ولي الله وخليفته، لآخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدوه إلي وليه؟ فإن قال قائل: لا، فلا تراجعه، وإن أنعم لك منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه، أو توعده، أو تعسفه، أو ترهقه، فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضة، فإن كان له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلا بإذنه؛ فإن أكثرها له، فإذا أتيتها فلاتدخل عليها دخول متسلط عليه ولا عنيف به، ولا تنفرن بهيمة ولا تفزعنها ولا تسوأن صاحبها فيها، واصدع المال صدعين، ثم خيره، فإذا اختار فلا تعرضن لما اختاره، ثم اصدع الباقي صدعين ثم خيره، فإذا اختار فلا تعرضن لما اختاره، فلا تزال كذلك حتي يبقي ما فيه وفاء لحق الله في ماله، فاقبض حق الله منه، فإن استقالك فأقله، ثم اخلطهما، ثم اصنع مثل الذي صنعت أولاً، حتي تأخذ حق الله في ماله، ولا تأخذن عودا ولا هرمة ولامكسورة ولا مهلوسة ولا ذات عوار، ولا تأمنن عليها إلا من تثق بدينه، رافقا بمال المسلمين حتي يوصله إلي وليهم فيقسمه بينهم، ولاتوكل بها إلا ناصحا شفيقا وأمينا حفيظا، غير معنف ولا مجحف ولا ملغب() ولا متعب، ثم احدر إلينا ما اجتمع عندك نصيره حيث أمر الله به، فإذا أخذها أمينك فأوعز إليه: ألا يحول بين ناقة وبين فصيلها ولا يمصر() لبنها فيضر ذلك بولدها، ولا يجهدنها ركوبا، وليعدل بين صواحباتها في ذلك وبينها، وليرفه علي اللاغب وليستأن بالنقب والظالع()، وليوردها ما تمر به من الغدر ولا يعدل بها عن نبت الأرض إلي جواد الطرق، وليروحها في الساعات وليمهلها عند النطاف والأعشاب، حتي تأتينا بإذن الله، بدنا منقيات

غير متعبات ولا مجهودات، لنقسمها علي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه و اله، فإن ذلك أعظم لأجرك وأقرب لرشدك، إن شاء الله?().

التعددية الغربية من بركات الإسلام

إن أوروبا والدول الغربية بصورة عامة بالرغم من عدم امتلاكها لمنهج الإسلام والعقيدة الصالحة، إلا أن بعض بركات الإسلام شملها، فأصبح إدارة أمورها السياسية بشكل أو بآخر أفضل من بلادنا الاستبدادية، ولعلها من أفضل السياسات في العالم المعاصر وإن كانت السياسة الإسلامية هي السياسية الصحيحة التي تضمن للإنسان جميع حقوقه.

ففي كل دولة من دول الغرب توجد هناك عدة أحزاب حرة نسبياً، وفي كل أربع سنوات تجري انتخابات حرة بين المرشحين، من الأحزاب ورئيس الدولة الحاكم.

ففي كل أربع سنوات تتبدل نوعاً ما سياسة الدولة، بفعل سياسة الحزب الذي يفوز بالانتخابات، وهذا يشبه ما دعا إليه القرآن الحكيم بقوله تعالي: ?وَأَمْرُهُمْ شُوري بَيْنَهُم?().

ولعل سر تقدمهم هو التطبيق النسبي لمعني هذه الآية عملياً في مجال النظام السياسي الذي أمر به الإسلام.

أما الحزب الواحد، فهو يسير علي وتيرة واحدة في الحكم. ويجر الويلات والمصائب علي البلاد؛ لأن الجماعة التي تفكر في أن تغير صورة هذا الحكم لا سبيل لها سوي الانقلاب العسكري، أو القيام بانتفاضة شعبية عارمة، وذلك لأن سياسة الحزب الواحد لاتسمح للآخرين بأن ينتقدوا أسلوب هذا الحزب، أو يستقبلوا دعوات التغيير من الآخرين.

بل إن حكومة الحزب الواحد لا تتحمل أي تجمع شعبي ولو كان محايداً، فهي تصطدم مع أي مجموعة حتي ولو كانت هيئة خيرية، وتقمع كل تجمع سياسي وإن كان مسالماً؛ لأنها تعتقد أن هذا التجمع يسعي لإسقاطها، بينما الأمر عكس ذلك لو سمحت الحكومة للشعب في تكوين أحزاب حرة، وكيانات حرة، ظاهرة لا خفية، والكل يعمل في حل الأزمات، ورفع المستوي

الثقافي والتربوي لأفراد الشعب، لكان في صالح الحكومة، وفي طريق تثبيت الحكام وتقوية سلطانهم.

فالعراق مثلاً: بلد امتازت حكوماته بسياسة الحزب الواحد وسياسة القمع والاستبداد، وعليه نري خلال نصف قرن الأخيرة عدداً من الانقلابات الدموية وظهور الحكومات المتعددة، إلا أنها لاتختلف عن سابقتها …

إلي أن حكم حزب البعث الظالم في العراق، وقد ظهرت فيه صفة الحزب الواحد الدكتاتوري بوضوح وجلاء، فاصطدم بكل الأحزاب والتجمعات التي كانت في العراق، بل إنه حارب حتي الهيئات الحسينية والتجمعات الصغيرة، فأبعد الأمة عن نهوضها الحضاري، كما عمل علي هدم الوعي السياسي، ومنع انتشار مثل هذه الثقافة العصرية المهمة … فعاشت الأمة تحت سياط هذا الحكم العميل وراح ضحيتها الملايين والملايين من الأبرياء.

وكما أسلفنا في البدء، حيث قلنا: إن مثل هذا الحكم سوف يزج الشباب والمنادين بالحرية إلي السجون و المعتقلات وثم إلي خشبة الإعدام،وهذا ما رأيناه في سجون البعث الرهيبة وأساليب تعذيبهم الوحشية والقاسية لمن يدخل سجونهم، وهي معروفة لدي الجميع، حيث أصبحت واضحة لكل فرد.

وبعد كل هذا، لابد للمسلمين إذا أرادوا التقدم والتحرر والخروج من مأزق الدكتاتورية الحاكمة علي البلدان الإسلامية أن يسعوا في إيجاد أحزاب حرة متنافسة تعمل تحت راية الإسلام العزيز.

?اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، و تجعلنا فيها من الدعاة إلي طاعتك، والقادة إلي سبيلك و ترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة?. ()

وصلي الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين.

من هدي القرآن الحكيم

الحكم ذو الطابع الشرعي:

قال الله عزوجل: ?قُلْ إِنِّي عَلي بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِين? ().

وقال تعالي: ?ثُمَّ رُدُّوا إِلَي اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ

وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِين? ().

وقال سبحانه: ?وَهُوَ اللهُ لا إلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولي وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ?().

وقال جل وعلا: ?كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ?().

وقال عزوجل: ? وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ?().

الحرية الإسلامية:

قال الله عزوجل: ?لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقي لاَ انْفِصامَ لَها وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيم?().

وقال تعالي: ?الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ? ().

وقال سبحانه: ? فذكر إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ ? لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِر?().

الحسنات لا السيئات:

قال الله عزوجل: ?وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْري لِلذَّاكِرِين? ().

وقال تعالي: ?وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُن بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَي الدَّار? ().

وقال سبحانه: ?وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلي حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ? إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُورا? ().

أهل البيت عليهم السلام هم القادة الشرعيون

قال الله عزوجل: ?يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَي اللهِ وَالرَّسُول إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً? ().

وقال تعالي: ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينا? ().

وقال سبحانه: ?يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ?

().

وقال جل وعلا: ?إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلي نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفي بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً? ().

من هدي السنة المطهرة

الحرية في الإسلام:

قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: ?خمس خصال من لم تكن فيه خصلة منها فليس فيه كثير مستمتع، أولها: الوفاء، والثانية: التدبير، والثالثة: الحياء، والرابعة: حسن الخلق، والخامسة وهي تجمع هذه الخصال: الحرية?().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ?لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?الناس مسلطون علي أموالهم?().

وقال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: ?كل شيء مطلق حتي يرد فيه نهي?().

الحكم لله وحده:

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ?نعم، إنه لا حكم إلا لله?().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: ?إن الأئمة في كتاب الله عزوجل إمامان قال الله تبارك وتعالي: ?وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا?() لابأمر الناس، يقدمون أمر الله قبل أمرهم، وحكم الله قبل حكمهم?().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ? والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله في وصيته لمعاذ بن جبل لما بعثه إلي اليمن: ?يا معاذ علّمهم كتاب الله وأحسن أدبهم علي الأخلاق الصالحة، وأنزل الناس منازلهم خيرهم وشرهم، وأنفذ فيهم أمر الله، ولاتحاش في أمره ولا ماله أحدا، فإنها ليست بولايتك ولا مالك، وأد إليهم الأمانة في كل قليل وكثير، وعليك بالرفق والعفو في غير ترك للحق؛ يقول الجاهل قد تركت من حق الله، واعتذر إلي أهل عملك من كل أمر خشيت أن يقع إليك منه عيب حتي يعذروك، وأمت أمر الجاهلية إلا ما سنه الإسلام..?().

الإسلام والعمل الصالح

قال رسول الله صلي الله عليه و

اله في موعظته لابن مسعود: ?إذا عملت عملاً فأعمل لله خالصاً، لأنه لا يقبل من عباده الأعمال إلا ما كان خالصاً?().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?قال تعالي: أنا خير شريك، من أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله إلا ما كان لي خالصاً?().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ? من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، من عمل لدينه كفاه الله أمر دنياه، ومن أحسن فيما بينه وبين الله أحسن الله ما بينه وبين الناس?().

أهل البيت عليهم السلام هم الخلفاء الشرعيون

عن عمار الساباطي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما منزلة الأئمة؟ قال: ?كمنزلة ذي القرنين وكمنزلة يوشع وكمنزلة آصف صاحب سليمان?. قال: فبما تحكون؟ قال: ?بحكم الله وحكم آل دواد وحكم محمد عليهم السلام ويتلقانا به روح القدس?().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ?أنشدكم الله! أتعلمون أن رسول الله صلي الله عليه و اله قام خطيباً لم يخطب بعد ذلك، فقال: أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لئلا تضلوا؛ فإن اللطيف الخبير أخبرني وعهد إلي أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض?().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?ولايتنا ولاية الله، التي لم يبعث نبياً قط إلا بها?().

() سورة المطففين: 26.

() نهج البلاغة: الحكمة 161.

() سورة البقرة: 256.

() سورة الممتحنة: 8.

() سورة آل عمران: 140-141.

() بحار الأنوار: ج71 ص163 ب10 ح28.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص100 ق1ب3 ف2 ح1746.

() راجع تفسير (تقريب القرآن إلي الأذهان): ج4 ص42 سورة آل عمران.

() انظر تفسير (مجمع البيان): ج2 ص399 سورة آل عمران.

() حزب: الحِزْبُ: جماعة الناس، والجمع أحزاب؛ والأحزاب: جنود الكفار، تأَلبوا وتظاهروا علي حزب النبي صلي الله عليه و اله،

وهم: قريش وغطفان وبنو قريظة. وحزب الرجل: أَصْحابُه وجنده الذين علي رأْيه، والجمع كالجمع. والمُنافِقُونَ والكافِرُونَ حِزْبُ الشّيطانِ، وكل قوم تَشاكَلَتْ قُلُوبهُم وأَعْمالُهم فهم أَحْزابٌ، وإن لم يَلْقَ بعضُهم بَعْضاً بمنزلة عادٍ وثمود وفرعون أولئك الأحزاب. وقيل الحِزْبُ: الصِّنْفُ من الناس. وقيل: الحِزْب، الجَماعةُ. وحازَبَ القومُ وتَحَزَّبُوا: تَجَمَّعوا، وصاروا أَحْزاباً. راجع لسان العرب: ج1 ص308 مادة?حزب?.

وقيل: الحزب بالكسر فالسكون: الطائفة وجماعة الناس، والأحزاب جمعه. وحزب الشيطان: جنوده. ويوم الأحزاب: يوم اجتماع قبائل العرب علي قتال رسول الله صلي الله عليه و اله وهو يوم الخندق، فالأحزاب عبارة عن القبائل المجتمعة لحرب رسول الله صلي الله عليه و اله وكانت قريش قد أقبلت في عشرة آلاف من الأحابيش ومن كنانة وأهل تهامة وقائدهم أبو سفيان وغطفان في ألف وهوازن وبني قريضة والنضير. انظر مجمع البحرين: ج2 ص39 مادة ?حزب?.

() تسلط حزب البعث علي رقاب العراقيين منذ 17/ تموز/ 1968م حتي 7/ آذار/ 2003 وهو الحزب الوحيد الحاكم، وهو حزب قومي علماني يدعو إلي الانقلاب الشامل في المفاهيم والقيم العربية لصهرها وتحويلها إلي التوجه الاشتراكي، شعاره المعلن أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة.

ففي سنة 1932م عاد من باريس قادماً إلي دمشق كل من ميشيل عفلق وهو نصراني ينتمي إلي الكنيسة الشرقية، وصلاح الدين البيطار، وذلك بعد الدراسة العالية في فرنسا علي يد كبار المستشرقين، ومن أشهر هؤلاء المستشرقين لويس ماسنيون الذي قال عن عفلق: هو أخلص تلميذ تتلمذ علي يدي. فعادا عفلق والبيطار محملين بأفكار قومية وثقافة غربية، فعملا في مجال التدريس، ومن خلاله أخذا ينشران أفكارهما بين الزملاء والطلاب والشباب. وأصدر تجمع أنشأه عفلق والبيطار مجلة الطليعة بالاشتراك مع الماركسيين سنة 1934م وكانوا يطلقون علي أنفسهم

جماعة الإحياء العربي.

وفي نيسان 1947م تم تأسيس حزب تحت اسم حزب البعث العربي، وكان من المؤسسين: ميشيل عفلق، صلاح البيطار، جلال السيد، زكي الأرسوزي، كما أصدروا مجلة باسم البعث.

وفي سنة 1953م اندمج كل من حزب البعث العربي و حزب العربي الاشتراكي الذي كان يقوده أكرم الحوراني في حزب واحد سمي حزب البعث العربي الاشتراكي.

استولي أحد أجنحة الحزب المنشقة علي السلطة في العراق بعد أحداث دامية سارت علي النحو التالي:

في الرابع عشر من شهر تموز عام 1958م حدث انقلاب علي النظام الملكي بقيادة عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف، فقتل الملك فيصل الثاني وولي عهده عبد الإله ومن عثر عليه من أفراد العائلة المالكة، ونوري السعيد وأعوانه، فاسقط النظام الملكي، وبذلك انتهت الملوكية في العراق، ودخل العراق في دوامة الانقلابات العسكرية.

وبعد عشرة أيام من نشوب الثورة وصل ميشيل عفلق إلي بغداد وحاول إقناع أركان النظام الجديد بالانضمام إلي الجمهورية العربية المتحدة سوريا ومصر ولكن الحزب الشيوعي العراقي أحبط مساعيه ونادي بعبد الكريم قاسم زعيما أوحد للعراق. وفي اليوم الثامن من شهر شباط لعام 1963م قام حزب البعث بانقلاب علي نظام عبد الكريم قاسم، وقد شهد هذا الانقلاب قتالاً شرسا وأحداثاً دموية رهيبة في بغداد وأغلب مدن العراق، وبعد نجاح هذا الانقلاب تشكلت أول حكومة بعثية، وسرعان ما نشب خلاف بين الجناح المعتدل والجناح المتطرف من حزب البعث في العراق فاغتنم عبد السلام عارف هذه الفرصة وأسقط أول حكومة بعثية في تاريخ العراق في 18/ تشرين الثاني /1963م وعين عبد السلام عارف أحمد حسن البكر أحد الضباط البعثيين نائباً لرئيس الجمهورية، وأوصي ميشيل عفلق بتعيين صدام التكريتي عضوا في القيادة القطرية لفرع حزب البعث العراقي. وبعد مقتل عبد السلام

عارف في حادث الطائرة المدبر في عام 1966م استلم أخوه عبد الرحمن عارف رئاسة الجمهورية في العراق الذي اتّسم حكمه بالتدهور الاقتصادي والمعاشي وبالتمييز الطائفي والعنصرية والقبلية، وكان يتأثر بالمحيطين به ويثق بهم، ويتبني عادة رأي آخر من يقابله.

نحي عن السلطة بعدما أوعزت المخابرات الأمريكية والبريطانية إلي عبد الرزاق النايف وإبراهيم الداود وأحمد حسن البكر بتغيير السلطة في العراق، حيث نفي إلي تركيا.

ففي 17/ تموز/1968م قام حزب البعث العراقي بالتحالف مع ضباط غير بعثيين بانقلاب أسقط نظام عبد الرحمن عارف، وفي اليوم الثلاثين من الشهر نفسه طرد حزب البعث كافة من تعاونوا معه في انقلابه، وعين أحمد حسن البكر رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيسا للجمهورية وقائدا عاما للجيش، وأصبح صدام التكريتي نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة، ومسؤولاً عن الأمن الداخلي.

وتمت تصفيات عديدة في صفوف قادة الحزب كان مخططها صدام التكريتي، حيث تم اغتيال حردان التكريتي في الكويت، الذي كان من أبرز أعضاء حزب البعث العراقي وعضواً في مجلس قيادة الثورة، ونائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للدفاع. واغتيل فؤاد الركابي، الذي كان المنظر الأول للحزب، وأحد أبرز قادته في العراق وقد تم اغتياله داخل السجن. وأعدم ناظم كزار رئيس جهاز الأمن الداخلي وخمسة وثلاثين شخصا من أنصاره، وذلك في أعقاب محاولة انقلاب فاشلة قام بها.

وفي عام 1979م نجح صدام التكريتي في تسلم رئاسة العراق ونصب نفسه القائد العام للجيش العراقي بعد مؤامرة غدر فيها بزميله البكر وأعفاه من جميع مناصبه وفرض الإقامة الجبرية عليه في منزله، وقتل كبير أبنائه ثم قتله بحقنة ترفع نسبة السكر لديه بواسطة الدكتور صادق علوش وذلك عام 1982م. وفي العام نفسه 1979م قام صدام بحملة إعدامات واسعة طالت أكثر من ثلث

كبار أعضاء حزب البعث من ما يسمي بمجلس قيادة الثورة وأكثر من خمسمائة عضو من كبار البعثيين. وكان منهم من يشغل منصب وزير في الدولة منهم: غانم عبد الجليل، ومحمد محجوب، ومحمد عايش، وصديقه الحميم عدنان الحمداني، والدكتور ناصر الحاني، ثم قتل مرتضي سعيد الباقي تحت التعذيب، وقد سبق لكل من الأخيرين أن شغلا منصب وزير الخارجية، ولم يبق علي قيد الحياة من الذين شاركوا في انقلاب تموز 1968م سوي عزت الدوري وطه الجزراوي وطارق حنا أو يوحنا عزيز.

وفي يوم 22/ أيلول/ 1980م أعلن صدام عن حربه علي إيران بعد إلغائه اتفاقية الجزائر التي وقعها بنفسه مع شاه إيران واستمرت هذه الحرب سجالا بين الدولتين لثماني سنين، وقد أسفرت عن سقوط ما يزيد علي النصف مليون من شباب العراق وأكثر من سبعمائة ألف من المعاقين والمشوهين، هذا غير جيش الأرامل والأيتام الذين خلفتهم الحرب، وغير من أعدموا بسبب رفضهم المشاركة بهذه الحرب الغبية كما سماها أحد المحللين السياسيين إضافة إلي نفقات الحرب التي بلغت عشرات المليار من الدولارات، وكذلك تجميد كل تنمية طوال مدة زمنية تجاوزت الثماني سنوات، بعد ذلك خرج صدام بعد كل هذه الخسائر ليعلن للعالم أن حربه مع إيران كانت خطأ، وأن الحق كل الحق في العودة إلي الاتفاقية المبرمة بينهما اتفاقية الجزائر.

وفي أثناء حربه مع إيران أنزل بمن كان يعارض نظامه من العراقيين عامة والأكراد خاصة منهم أبشع أنواع القتل والبطش والتنكيل والإبادة باستخدام الغازات السامة والكيماوية وقنابل النابالم الحارقة بصورة همجية لم تعرف حرمة لشرع ولا لدين ولا لمروءة ولا لشرف.

ولم تنته معاناة الشعب العراقي حتي بعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية حيث ذاق الأمرّين علي يد هذا النظام وجلاوزته وذلك

عقب الهزيمة المنكرة في حرب الخليج الثاني، عندما قام صدام بحماقة أخري من حماقاتها الكثيرة هي اجتياح دولة الكويت واستباح أرضها وطرد شعبها وخرب منشآتها ونهب متاجرها وقتل أبناءها وفجّر آبار النفط فيها، فقادت الولايات المتحدة تحالفاً من ثلاثة وثلاثين دولة اشتركت في إخراج الجيش العراقي وطرده من الكويت، الأمر الذي ألحق به هزيمة كاسحة راح ضحيتها مئات الآلاف من جنود الجيش العراقي، وجعله يستسلم في ذلة وخنوع ويوافق علي كل شروط قوات الحلفاء، بعد أن دمر الجزء الكبير من البني التحتية في العراق وتركها خرابا.

وثار الشعب العراقي في انتفاضة كبيرة عرفت بالانتفاضة الشعبانية، حيث حررت خمس عشرة مدينة من محافظات العراق الثمانية عشر، وبعد مساندة من أسياده المستعمرين ومؤامرات بعض دول الجوار وانقطاع الإمدادات عن الثوار بدأت الكفة تميل لصالح قوات النظام فقام بالبطش الشديد بالشعب المغلوب علي أمره، وأمر هذا الطاغية جنده أن يدكوا بمدافعهم مدنا بأكملها علي رؤوس من فيها من النساء والأطفال والشيوخ والرجال، وانتهكوا حرمة العتبات المقدسة في كربلاء والنجف. فقام هذا الطاغية بقمع الانتفاضة الشعبانية، ونكّل بالثوار أشد تنكيل، حتي قدرت أعداد الضحايا بما يزيد علي خمسمائة ألف قتيل وقيل مليون بالإضافة إلي آلاف المفقودين والمحتجزين في السجون لا يعرف لهم خبر.

هذا بعض ما جناه العراق من الطغاة الذين تسلطوا علي رقاب شعبه وتمكنوا من التصرف بثرواته وخيراته.

أما عن سلوكيات ومبادئ حزب البعث في العراق، فقد نادي مؤسس الحزب بضرورة الأخذ بنظام الحزب الواحد؛ لأنه وكما يقول مؤسسه عفلق: إن القدر هو الذي حملنا هذه الرسالة، وخولنا أيضا حق الأمر والكلام بقوة والعمل بقسوة لفرض تعليمات الحزب.

لا يوجد أي مواطن عراقي يتمكن أن يعارض أو يتكاسل في تنفيذ أوامر

حزب البعث، فشعارهم نفذ ثم ناقش وأصبح الشعب ينفذ ولايسمح له بالنقاش فلايتمتع بأبسط قدر من الحرية الشخصية أو السياسية؛ فكل شيء في دولة العراق يخضع لرقابة بوليسية صارمة، وتشكل دوائر الشرطة والمخابرات والأمن قنوات الاتصال الوحيدة بين المواطنين والنظام.

وتركز سياسة الحزب علي قطع كافة الروابط بين العروبة والإسلام، وتنادي بفصل الدين عن السياسة، والمساواة بين شريعة حمورابي وشعر الجاهلية وبين الدين الإسلامي.

وجلب من وسائل التعذيب في سجون ومعتقلات بلاده ما تقشعر لهوله الأبدان، وعرف عن جلاوزته أنهم يلجئون إلي أبشع وسائل التعذيب شناعة وقساوة في سبيل انتزاع الاعترافات من المساجين أو ثنيهم عن معتقداتهم، حتي فاق طغاة التأريخ في الإرهاب من أمثال الحجاج وزياد بن أبيه وابنه وهارون ومن شاكلهم في الجرم والإجرام.

وبشخص صدام التكريتي ونظامه انكشف زيف وكذب ادعاءات وشعارات الحزب الحاكم في العراق، وأصبح مرفوضا علي المستوي المحلي والعربي والإسلامي، بسبب أسلوبه الهمجي في التعامل مع جيرانه وأشقائه ومواطنيه، كما أصبح صدام ممقوتا من حيث جبلته الشريرة وغريزته العدوانية المسعورة، وجنون العظمة المسيطر علي تصرفاته، ولجوئه إلي المخادعة بعد أن انكشفت نواياه الخبيثة في التعامل مع شعبه وفي حربه مع إيران، ثم في انقلابه علي الكويت الداعمة له في حربه السابقة.

ورغم تظاهر الحزب بالمطالبة بإتاحة أكبر قدر من الحرية للمواطنين فإن ممارساته القمعية فاقت كل تصور وانتهكت كل الحرمات ووأدت كل الحريات وألجأت الكثيرين إلي الهجرة والفرار بعقيدتهم من الظلم والاضطهاد.

والنظام الحاكم في العراق يتطلع إلي استلام السلطة في جميع أرجاء الوطن العربي؛ باعتبار ذلك جزءا لا يتجزأ من طموحاته البعيدة، وقد أدت بهم هذه الرغبة العارمة إلي السقوط في حمأة الإنذار المقنع والتهديد السافر والعدوان الصريح، وربما يكون حزب صدام وزمرته

أسوأ ما شهده التاريخ في هذا البلد.

() مذهب سياسي يهدف إلي القضاء علي الرأسمالية والملكية الخاصة. وتعد الشيوعية من أشد المذاهب الاشتراكية تطرفاً، وتتميز بأنها حركة ثورية تري أن تحقق إنشاء مجتمع يتساوي أفراده في الحقوق لا يكون إلا باستعمال القوة المسلحة؛ فهي لذلك تحارب الديمقراطيات وخاصة التي تشجع الرأسمالية.

يرجع ظهور الحركة الشيوعية في روسيا إلي عام 1903م عندما انشق أتباع كارل ماركس إلي معسكرين: إصلاحي وراديكالي بزعامة لينين. فلما حاز هذا الأخير الأغلبية عرف بحزب الأغلبية التي يعبر عنها في الروسية بكلمة: بولشفيك، ومن هذا قامت العلاقة اللفظية بين البولشفية والشيوعية التي هي مذهب سياسي.

تميزت سياسة لينين ومن بعده تروتسكي بمحاولة نشر المبادئ الشيوعية في العالم باستخدام القوة، وذلك بتشجيع الثورة بين الطبقات العاملة في المجتمعات الرأسمالية كما وضحه ماركس في الإعلان الشيوعي لهذا تناهض الشيوعية القوميات والديانات، وتطلب من الشيوعي الولاء التام لعقيدته ولزعمائه.

كما أصبحت سياسة الدول الرأسمالية لاسيما الولايات المتحدة تهدف إلي حصر الشيوعية، والعمل علي وقف تسللها وغل يديها عن اكتساب مناطق نفوذ جديدة، فأقامت الأحلاف والقواعد العسكرية علي حدود الدول الشيوعية، كما منحت الدول التي يخشي وقوعها في نطاق نفوذ الشيوعية قروضاً وإعانات لرفع مستواها الاجتماعي أو لتقوية دفاعاتها، وقد كانت الحرب الكورية والفيتنامية أمثلة لهذا الصراع العقائدي بين الرأسمالية والشيوعية.

تعرف الدول الشيوعية بدول الديمقراطيات الشعبية أو الدول الاشتراكية، في حين أطلق الغرب عليها اسم دول الستار الحديدي أو الدول البلشفية أو الدول الحمراء، ومع أن اتحاد الجمهوريات السوفيتية يعتبر قاعدة العالم الشيوعي إلا أن المبادئ الشيوعية كما صورها ماركس لم توضع موضع التطبيق الكامل فيها، بل أن الساسة السوفييت بعد وفاة لينين وفي مقدمتهم ستالين لم يروا ضيراً في

الانحراف عن المبادئ الماركسية بعض الشيء، وانتهاج سياسة مرنة في معالجة التطبيقات الاقتصادية كحقوق الملكية الخاصة، ومن ثم بدأ الانشقاق العقائدي في المعسكر الشيوعي فاعتبرت الصين الشعبية ومعها ألبانيا أن الاتحاد السوفيتي قد تنكر للمبادئ الماركسية الأصيلة، كما سبق أن كان الانشقاق في المعسكر الشرقي بسبب الخلاف حول مدي تبعية الدول الاشتراكية لموسكو، وعلي هذا الأساس نشبت الحرب الباردة في داخل المعسكر الشيوعي بين الاتحاد السوفييتي ويوغوسلافيا. ووصلت الشيوعية إلي البلاد الإسلامية ومنها العراق، حيث تغلغلت الأفكار الشيوعية بين أوساط البسطاء من الجماهير في العراق عبر عملاء الاستعمار، الذين طبّلوا وزمروا كثيراً لتلك الأفكار المزيفة والشعارات الفارغة، فأخذ كثير من السذج والبسطاء من الناس يطالبون بتحقيق العدالة الاجتماعية وفق مبدأ الشيوعية، وعلي اثر ذلك شعر الإمام الراحل رحمة الله عليه الذي كان عمره الشريف آنذاك لم يتجاوز الثلاثين بعد والكثير من العلماء بمسؤوليتهم تجاه تلك الأفكار الفاسدة والآراء المنحرفة، فتصدوا لها عبر وسائل عديدة، موضحين أن الإسلام وحده هو القادر علي تحقيق العدالة الاجتماعية. وقد ذكر الإمام الراحل بعض تلك الأساليب التي اتبعها في مواجهة الشيوعية، وذلك في كتاب (تلك الأيام) نشر مؤسسة الوعي الإسلامي، ووصف بعض ما مر علي المجتمع نتيجة ظهور تلك الأفكار فقال:

عندما قام قاسم بالانقلاب العسكري وأسقط الملكية سمح للحزب الشيوعي بالعمل والتحرك بحرية، فانتشر الشيوعيون في كل مكان وملؤوا البلاد ضجيجاً وصراخاً، وأخرجوا النساء من بيوتهن وطالبوهن بالتظاهر أمام الرجال، وكانوا يعتدون عليهن في العلن، أضف إلي ذلك أنّهم كانوا يرمون الأفاعي والعقارب الحية علي المخالفين لهم، وكانوا يقطّعون أجسام المعارضين في الشوارع قطعة قطعة، ويحرقون المعارض لهم وهو حي بعد أن يسكبوا عليه النفط أو البنزين، أو يعلّقوا المعارض

لهم حيّاً كان أو ميّتاً علي قنارة القصابين ثم يقطعوه بالساطور أو بعض أجزائه، وكذا يمدّون الضحية علي الأرض بعد أن يربطوه بالحبال ثم يُداس بالسيارة الثقيلة المعدّة لتسوية الأرض والتي تسمّي بالرولة المحدلة.

ومن أساليبهم أنّهم كانوا يضعون سيارتين في جهتين متخالفتين، ويربطون قدمي المعارض لهم أو الذي يشكّون أنه معارض إلي السيارتين، إحدي القدمين إلي هذه السيارة والأخري إلي السيارة الثانية، ثم تتحرك السيارتان في الاتجاهين المختلفين، فينشق الضحية وهو حيّ إلي نصفين. إلي أن قال ويفعلون المنكرات، وكان يحدث ذلك في بلد المقدسات، بلد الإمام الحسين? في كربلاء المقدسة.

عندما حدثت تلك الفجائع في مدينة كربلاء المقدسة علي يد الشيوعيين، قررنا تشكيل وفد لزيارة العلماء في مدينة النجف الأشرف، لأجل التنسيق مع علمائها الأعلام للوقوف حيال الهجمة الشيوعية الشرسة التي تجتاح البلاد، وكان يرافقني السيد محمد صادق القزويني والشيخ جعفر الرشتي والسيد مرتضي القزويني وعلماء آخرون في حدود العشرين شخصاً. وأول من التقينا به الشيخ محمد رضا المظفر ? وكان إنساناً معطاءً، طيّب النفس، جليل القدر، يحب خدمة الآخرين، وهو الذي أسس (كلية الفقه) التي لازالت قائمة، وكان من رأي الشيخ المظفر أن ندعو الآخرين إلي مجلس موسَّع، فأبدينا موافقتنا لاقتراحه.

وأسرع العلامة المظفر في تهيئة مكان الاجتماع الذي حضره علماء النجف من المرتبة الثانية والثالثة وكانوا قرابة الأربعين عالماً وفقيهاً بما فيهم من السادة آل بحر العلوم والسادة آل الصدر وآل راضي ومن أشبههم.

وجري حوار طويل في ذلك الاجتماع، حول ضرورة التصدي للهجمة الشيوعية، وأن السكوت عنهم سيترك آثاراً وخيمةً؛ لأن الشيوعيين قائلون باللاءات الخمسة لا للدين، لا للفضيلة، لا للملكية الفردية، لا للعائلة، لا للحرية وإذا لم نقف قبالهم فإنهم سيفعلون ما فعلوا

في موسكو؛ لأن شيوعية العراق فرع للشيوعية الأمميّة التي تنتمي إلي موسكو.

والشيوعيون في العراق لم يكن بيدهم زمام الأمور، وإنما كانوا ألعوبة تحرّكهم أصابع السفارة البريطانية في بغداد، وهذا ما أكده السفير البريطاني بعد فترة من انتهاء عهد عبد الكريم قاسم، حيث كتب السفير في صحيفة الحياة اللبنانية مقالاً جاء فيه:

إننا سمحنا لخروج الشيوعيين إلي الساحة، أما الحكم في الأصل كان بأيدينا. وهو العمل نفسه الذي يقوم به الإنجليز في بعض البلدان الإسلامية الأخري، فالذي حدث في أفغانستان كان علي غرار ما حدث في العراق.

وكان المطلوب من الشيوعيين أن يجنِّدوا جميع طاقاتهم للعبث بمقدرات العراق، وكانت العشائر العراقية وقتها ذات قوة لا يستهان بها، والحوزة العلمية وعلماؤها ومفكّروها أقوياء ولهم نفوذ علي العشائر، والمثقفون الإسلاميون أقوياء كذلك، وأثمرت تلك الاجتماعات التي عقدت في النجف الأشرف، فتمخضّت في النهاية عن تشكيل (جماعة العلماء) وكانوا جميعاً من علماء المرتبة الثانية والثالثة، وسارع علماء الدرجة الأولي إلي تأييدهم، أمثال: والدي ? والسيد الحكيم ? وبقية المراجع العظام. بدأت هذه الجماعة في نشاطها المعادي للشيوعية بإصدار المنشورات اليومية ونشرت عدة بيانات في عدة صحف.

وفي المقابل أبدت الحكومة ردود فعل سريعة، فأسس عبد الكريم قاسم ?جماعة العلماء الأحرار ? برئاسة الشيخ عبد الكريم الماشطة وكان ذا علاقة وطيدة مع الشيوعيين، وقد جمع حوله لفيفاً من أصحاب المظاهر لا المبادئ الذين ينقصهم العلم والتقوي.

وقد استطاع أن يجمعهم بالمال ويشتري مواقفهم بالإغراءات، وكانت هذه الجماعة تؤيد مواقف الحكومة الشيوعية، وقد وضعت الدولة إمكانياتها الإعلامية من صحف ومجلات وإذاعة وتلفزيون في خدمة هذه الجماعة، التي لم تكن تمتلك أي رصيد جماهيري، إذ لم يكن بمقدورهم إقامة مجالس شعبية كبيرة، حيث ليس هناك من

هو علي استعداد للمشاركة في نشاطاتهم، واستمر هذا الحال علي هذا المنوال حتي مقتل عبد الكريم قاسم، فاختفت هذه الجماعة من الوجود وهرب بعض أفرادها وانزوي الباقي.

واستمرت اتصالاتنا بالمراجع العظام، وكنّا نزورهم ونزوّدهم بأخبارنا ونشاطاتنا، ونستمدّ منهم العون، لوقف المدّ الشيوعي.

وفي إحدي السفرات كانت لنا زيارة إلي المراجع كالسيد محسن الحكيم والسيد الحمامي والميرزا عبد الهادي الشيرازي (قدّست أسرارهم) وآخرين، وكان هؤلاء المراجع العظام متفاوتين في التحمّس ضدّ الشيوعيين، بين مهتم بحماسة وغير مهتم، وكان البعض يقول: إن الشيوعيين هم صنيعة الغرب وإنهم سيضمحلون بسرعة.

وكان رأينا أنّ علينا أن نقوم بواجبنا الشرعي، ومسؤوليتنا الدينية في التصدّي للمنكر مهما كانت أسبابه ودوافعه.

للتفصيل راجع كتاب (تلك الأيام) للإمام الراحل: ص126. وأيضاً راجع في هذا الباب: كتاب مباحثات مع الشيوعيين، والقوميات في خمسين سنة، وماركس ينهزم، وغيرها.

پي نوشتها

() سورة المائدة: 44.

() سورة المائدة: 50.

() سورة الأحزاب: 12.

() بحار الأنوار: ج20 ص188 ب17 غزوة الأحزاب.

() انظر مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: ج2 ص4، ومقتل الحسين عليه السلام للسيد المقرم: ص225.

() المرجئة: هم الذين يبالغون في إثبات الوعد، وهم عكس المعتزلة المبالغين في إثبات الوعيد، فهم يرجون المغفرة والثواب لأهل المعاصي، ويرجئون حكم أصحاب الكبائر إلي الآخرة، فلا يحكمون عليهم بكفر ولا فسق ويقولون: إن الإيمان إنما هو التصديق بالقلب واللسان فحسب، وإنه لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فالإيمان عندهم منفصل عن العمل، ومنهم من زعم أن الإيمان اعتقاد بالقلب، وإن أعلن الكفر بلسانه وعبد الأوثان، أو لزم اليهودية والنصرانية، فهو مؤمن كامل الإيمان عند الله، وهو ولي الله، ومن أهل الجنة. وقيل إنهم سموا مرجئة لأنهم أخروا العمل عن الإيمان.

اضطربت الأقوال حول نشأة

هذه الفرقة وبدء تكوينها، فقيل: لما قتل علي عليه السلام اتفقت بقية الناكثين والقاسطين وتبعة الدنيا، فقد التقت هذه الفرق الفرقة التي كانت مع طلحة والزبير وعائشة، فصاروا فرقة واحدة مع معاوية بن أبي سفيان فسموا جميعا المرجئة لأنهم توالوا المختلفين جميعا، وزعموا أن أهل القبلة كلهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالإيمان، ورجوا لهم جميعا المغفرة. وافترقت المرجئة بعد ذلك فصارت إلي أربع فرق: فرقة منهم غلوا في القول وهم (الجهمية) أصحاب جهم بن صفوان وهم مرجئة أهل خراسان. وفرقة الغيلانية: وهم أصحاب غيلان بن مروان وهم مرجئة أهل الشام. وفرقة الماصرية: وهم أصحاب عمرو بن قيس الماصر، وهم مرجئة أهل العراق، منهم أبو حنيفة ونظراؤه. وفرقة منهم يسمون النساك و البترية أصحاب الحديث، منهم: سفيان بن سعيد الثوري وشريك بن عبد الله و ابن أبي ليلي و محمد بن إدريس الشافعي ومالك بن أنس ونظراؤهم من أهل الحشو وقد سموا الحشوية. وتعتبر هذه الفرقة سياسية، ولكنها أخذت تخلط الدين بالسياسة، فهم أعوان الأمراء والملوك والظلمة من الحكام منضوين تحت لوائهم، يؤيدونهم مع ارتكابهم الجرائم وركوبهم المحارم، وانغماسهم بالملذات، فأيدوا برأيهم ملوك الدولة الأموية تأييداً عملياً، حيث فتحوا باب الجرأة علي ارتكاب المحارم وآزروا الظلمة. وكل فرقة من المرجئة تظلل الفرقة الأخري، ولكل فرقة أقوال وآراء.

قال الإمام الصادق عليه السلام: ?لعن الله القدرية، لعن الله الحرورية، لعن الله المرجئة، لعن الله المرجئة?.

قلت: كيف لعنت هؤلاء مرةً، ولعنت هؤلاء مرتين؟!

فقال: ?إن هؤلاء زعموا أن الذين قتلونا كانوا مؤمنين، فثيابهم ملطخة بدمائنا إلي يوم القيامة، أما تسمع لقول الله: ? الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا إلي قوله تعالي فلم قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ? قال: وكان بين الذين

خوطبوا بهذا القول وبين القاتلين خمسمائة عام، فسماهم الله قاتلين، برضاهم بما صنع أولئك? وسائل الشيعة: ج16 ص268 ب39 ح21536. وانظر فرق الشيعة: ص7. والفرق بين الفرق للاسفرائيني: ص44 و211. والملل والنحل للشهرستاني: ج1 ص136.

() نهج البلاغة، قصار الحكم: 161.

() الشيخ المفيد، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي 413 336 ه من أبرز الوجوه بين علماء الشيعة وفقهائهم في القرن الرابع الهجري.

ذكره الشيخ الطوسي في كتاب الفهرست: ص238 باب الميم الرقم711/126 فقال: محمد بن محمد بن النعمان المفيد، يكني أبا عبد الله، المعروف بابن المعلم، من جملة متكلمي الإمامية، انتهت إليه رئاسة الإمامية في وقته، وكان مقدما في العلم وصناعة الكلام، وكان فقيها متقدما فيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة، حاضر الجواب. وله قريب من مائتي مصنف كبار وصغار، ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، وتوفي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وكان يوم وفاته يوما لم ير أعظم منه، من كثرة الناس للصلاة عليه وكثرة البكاء من المخالف والموافق. فمن كتبه كتاب المقنعة في الفقه، وكتاب الأركان في الفقه، ورسالة في الفقه إلي ولده لم يتمها، وكتاب الإرشاد، وكتاب الإيضاح في الإمامة، وكتاب الإفصاح، وكتاب النقض علي ابن عباد في الإمامة، وغير ذلك من كتبه مما هو مثبت في فهرست كتبه، وله المسألة الكافية في إبطال توبة الخاطئة، وكتاب النصرة لسيد العترة في أحكام البغاة عليه بالبصرة. سمعنا منه هذه الكتب كلها، بعضها قرأت عليه، وبعضها يقرأ عليه غير مرة وهو يسمع. انتهي.

ويذكر أبو يعلي الجعفري صهر الشيخ المفيد أن الشيخ كان لا ينام من الليل إلا قليلاً ويقضي بقية الليل بالصلاة أو المطالعة أو التدريس أو تلاوة القرآن

المجيد.

كان من أسرة عريقة في التشيع معروفة بالإحسان والطهارة. وقد كان جو هذه الأسرة مفعماً بحب أهل بيت الرسالة عليهم السلام. وقد سافر إلي بغداد واشتغل بتحصيل العلم عند الأساتذة والعلماء ليصبح بعد ذلك المقدم في علم الكلام و الفقه و الأصول.

توفي الشيخ المفيد سنة 413ه، في بغداد، يذكر الشيخ الطوسي الذي حضر تشييعه بأنه قد كان يوم وفاته لا نظير له من كثرة الصديق والعدو لأداء الصلاة علي جنازته والبكاء عليه. وشيعه ثمانون ألفاً وصلي عليه السيد المرتضي علم الهدي. وقد دفن في الحرم المطهر بجوار الإمام الجواد عليه السلام قريباً من قبر أستاذه ابن قولويه.

() ذكره الشيخ آغا بزرك الطهراني رحمة الله عليه في(الذريعة إلي تصانيف الشيعة): ج1 ص509 الرقم 2506. فقال: الإرشاد في معرفة حجج الله علي العباد، للشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي البغدادي المولود سنة 338ه والمتوفي سنة 413ه فيه تواريخ الأئمة الطاهرين الاثني عشر عليهم السلام والنصوص عليهم ومعجزاتهم، وطرف من أخبارهم من ولاداتهم ووفياتهم ومدة أعمارهم وعدة من خواص أصحابهم، وغير ذلك، أوله الحمد لله علي ما ألهم من معرفته، طبع بإيران مكررا سنة 1308ه، وقبلها وبعدها وطبعت ترجمته بالفارسية الموسومة بتحفة السليمانية..

() جنأ: جَنَأَ عليه يَجْنَأُ جُنُوءاً وجانَأَ عليه وتَجانَأَ عليه: أَكَبَّ. وجَنِئَ الرجل جَنَأً، وهو أَجْنأُ بَيِّنُ الجَنَإ: أَشْرَفَ كاهِلُه علي صدره؛ وفي الصحاح: رَجُل أَجْنَأُ بَيِّنُ الجَنَإ، أَي أَحْدَبُ الظهر. وقال ثعلب: جَنَأَ ظهرُهُ جُنُوءاً كذلك، والانثي جَنْواء. وجَنِئَ الرجُل يَجْنَأُ جَنَأً: اذا كانت فيه خِلْقةً. أَبو عمرو: رجلٌ أَجْنَأُ و أَدنَأُ مهموزان، بمعني الأَقْعَسِ، وهو الذي في صدره انكِباب الي ظهره. لسان العرب: ج1 ص50 مادة?جنأ?.

() الإرشاد: ج1 ص148

باب طرف من أخبار أمير المؤمنين عليه السلام.

() سورة الزمر: 65.

() سورة الروم: 60.

() انظر تفسير نور الثقلين: ج4 ص192 ح92.

() نهج البلاغة، الحكم: 420.

() المناقب: ج2 ص114 فصل في حلمه وشفقته عليه السلام.

() المناقب: ج2 ص114 فصل في حلمه وشفقته عليه السلام.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص342 ق4 ب2 ف4 ح7825.

() نهج البلاغة، الكتب: 19 من كتاب له عليه السلام إلي بعض عماله.

() نهج البلاغة، الكتب: 20 من كتاب له عليه السلام إلي زياد بن أبيه.

() نهج البلاغة، الكتب: 21 من كتاب له عليه السلام إلي زياد بن أبيه.

() أخدجت السحابة: قل مطرها، والمراد بقوله عليه السلام لا تخدج بالتحية عليهم: لا تبخل بها عليهم.

() الذي يعيي غيره ويتعبه، وهو من اللغوب: الاعياء.

() مصر اللبن: حلب ما في الضرع جميعه.

() ظلع البعير: غمز في مشيته.

() نهج البلاغة، الكتب: 25 من وصية له عليه السلام كان يكتبها لمن يستعمله علي الصدقات.

() سورة الشوري: 38.

() الكافي: ج 3 ص 424 ح 65.

() سورة الأنعام: 57.

() سورة الأنعام: 62.

() سورة القصص: 70.

() سورة القصص: 88.

() سورة المائدة: 44.

() سورة البقرة: 256.

() سورة الأعراف: 157.

() سورة الغاشية: 21-22.

() سورة هود: 114.

() سورة الرعد: 22.

() سورة الإنسان: 8-9.

() سورة النساء: 59.

() سورة المائدة: 3.

() سورة المائدة: 67.

() سورة الفتح: 10.

() الخصال: ج1 ص284 باب الخمسة ح33.

() نهج البلاغة، الكتب: 31 من وصية له عليه السلام للإمام الحسن عليه السلام كتبها إليه بحاضرين عند انصرافه من صفين.

() غوالي اللئالي: ج1 ص222 ف9 ح99.

() من لايحضره الفقيه: ج1 ص317 أبواب الصلاة ح937.

() نهج البلاغة، الخطب: 40 من كلام له عليه السلام في الخوارج لما سمع قولهم: لا حكم إلا لله.

() سورة

الأنبياء: 73.

() الكافي: ج1 ص216 كتاب الحجة ح2.

() نهج البلاغة، الكتب: 53 من كتاب له عليه السلام كتبه للأشتر النخعي لما ولاه علي مصر.

() تحف العقول: ص25 ما روي عن النبي صلي الله عليه و اله وصيته لمعاذ بن جبل.

() مكارم الأخلاق: ص453 ب12 ضمن ف4 في موعظة رسول الله صلي الله عليه و اله لابن مسعود.

() الكافي: ج2 ص295 باب الرياء ضمن ح9.

() نهج البلاغة، الحكم: 423.

() الكافي: ج1 ص398 كتاب الحجة ح5.

() كمال الدين: ج1 ص279 ب24 ح25.

() الكافي: ج1 ص437 كتاب الحجة ح3.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.