إعداد الأجيال

اشارة

المؤلف:

المرجع الديني الراحل

الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي

أعلي الله درجاته

الناشر:

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

كربلاء المقدسة

الطبعة الأولي 1427ه

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الظروف العصيبة التي تمر بالعالم.. والمشكلات الكبيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية.. والمعاناة السياسية والاجتماعية التي تقاسيها بمضض.. وفوق ذلك كله، الأزمات الروحية والأخلاقية التي يئنّ من وطأتها العالم أجمع.. والحاجة الماسة إلي نشر وبيان مفاهيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العميقة التي تلازم الإنسان في كل شؤونه وجزئيات حياته وتتدخل مباشرةً في حلّ جميع أزماته ومشاكله في الحرية والأمن والسلام وفي كل جوانب الحياة.. والتعطش الشديد إلي إعادة الروح الإسلامية الأصيلة، وبلورة الثقافة الدينية الحيّة، وبثّ الوعي الفكري والسياسي في أبناء الإسلام كي يتمكنوا من رسم خريطة المستقبل المشرق.. كل ذلك دفع المؤسسة لأن تقوم بنشر مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها المرجع الديني الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلي الله مقامه) في ظروف وأزمنة مختلفة، حول مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، وقد قام سماحته رحمة الله عليه بتهذيبها والإضافة عليها، فقمنا بطباعتها مساهمةً منا في نشر الوعي الإسلامي، وسدّاً لبعض الفراغ العقائدي والأخلاقي لأبناء المسلمين من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مجيد.. وذلك انطلاقاً من الوحي الإلهي القائل:

لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (). الذي هو أصل عقلائي عام يرشدنا إلي وجوب التفقه في الدين وإنذار الأمة، ووجوب رجوع الجاهل إلي العالم في معرفة أحكامه في مواقفه وشؤونه.. كما هو تطبيق عملي وسلوكي للآية الكريمة:

فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُوا الأَلْبَابِ ().

إن مؤلفات الإمام الشيرازي (أعلي الله مقامه) تتسم ب:

أولاً: التنوّع والشمولية لأهم أبعاد الإنسان والحياة لكونها انعكاساً لشمولية الإسلام.. فقد أفاض قلمه المبارك

الكتب والموسوعات الضخمة في شتي علوم الإسلام المختلفة، بدءً من موسوعة (الفقه) التي بلغت المائة والستين مجلداً، حيث تُعدّ أكبر موسوعة علمية استدلالية فقهية في العالم الإسلامي، مروراً بعلوم الحديث والتفسير والكلام والأصول والسياسة والاقتصاد والاجتماع والحقوق وسائر العلوم الحديثة الأخري.. وانتهاءً بالكتب المتوسطة والصغيرة التي تتناول مختلف المواضيع والتي تتجاوز بمجموعها ال (1300) كتاب وكراس.

ثانياً: الأصالة حيث إنها تتمحور حول القرآن الكريم والسنة المطهرة وتستلهم منهما الرؤي والأفكار.

ثالثاً: المعالجة الجذرية والعملية المستبصرة بمشاكل الأمة الإسلامية ومشاكل العالم المعاصر. رابعاً: التحدث بلغة علمية رصينة في كتاباته لذوي الاختصاص ك(الأصول) و(القانون) و(البيع) وغيرها، وبلغة واضحة سهلة يفهمها الجميع في كتاباته الجماهيرية، مدعومة بشواهد من واقع الحياة.

نرجو من المولي العلي القدير أن يتقبل منا ذلك، إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

التربية وأدواتها

قال تعالي: وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ().

يعدد الباري تبارك وتعالي في هذه الآية الشريفة جملة من نعمه عزوجل علي الإنسان، فإن قوله تعالي: وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ يعني: أيها البشر مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فمن يا تري يقدر علي هذا الإخراج بالأجهزة واللوازم الطبيعية التي جعلها في داخل الرحم إلي فم المخرج لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً فإن الانسان جاهل محض عند الولادة وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصارَ وَالأَفْئِدَةَ (السمع) يراد به الجنس، والاختلاف بين الألفاظ بالجمع والمفرد للتفنن، و(الأفئدة) جمع فؤاد وهو القلب، أي: إنه تفضل عليكم بالحواس لتستقوا بها المعلومات وبالقلب لتعوا به الأشياء، لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون أي: لكي تشكروا نعمه سبحانه().

وهذه الآية تبين للإنسان ما أنعم

الله عليه من آلات تحصيل العلم بعد أن لم يكن يعلم شيئا، فرزقه الله السمع والبصر والفؤاد ولولاها لما تمكن الإنسان من تحصيل العلم أبدا، كما هو واضح.

التربية والتعليم في الإسلام

إن الأمم إذا أرادت أن تتقدم وتزدهر وتبلغ أهدافها في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، فلابدّ لها أن تهتم بالأجيال القادمة، فتقوم بتربية وتنشئة جيل صحيح قوي، مهيأ لتحمل مسؤلية قيادة الأمة وتسلمها من الآباء، فعلي الوالدين وغيرهم من المسؤولين، من العلماء والحكام أن يوفروا لأبنائهم مناهج التربية الصحيحة، ويهيّؤوا لهم وسائل تقدمهم وبناء شخصيتهم ومستقبلهم، أما الأمم التي لا تهتم بتربية وتنشئة أجيالها فلا توفر لأبنائها مثل هذه الأجواء الصحيحة والهادفة، فليس لها إلا أن تتخلف عن مواكبة الأمم المتقدمة.

الآية الكريمة تشير إلي أن العلم والأدب من الأمور الكسبية التي يمكن أن يحصل عليها الإنسان في حياته عن طريق السمع والبصر والفؤاد.

فإن ما يحصل عليه الإنسان من أدب وحكمة، وعلم وحلم، إنما هو عبر ما يتعلمه ويتلقاه عن طريق سمعه وبصره وفؤاده؛ وعبر التعليم والتجربة وما أشبه، فتكوين الشخصية الاجتماعية والنفسية في الغالب ليس إرثاً ينتقل من الآباء إلي الأبناء، وإنما هو ناشيء عن طريق التعليم والتربية، وإن كان لعامل الوراثة التأثير المهم أيضاً.

ومن هنا يعلم ضرورة التربية للفرد، كما هي ضرورية للمجتمع، إذ أن تربية الأبناء تبدأ من خلال الأسرة، وتستمر في أجواء المجمتع.. في المدرسة والسوق والتجمعات الاجتماعية وما أشبه. مما يعلم أن لكل من الأسرة والمجتمع الأثر العميق علي المدي القريب والبعيد في تحديد ملامح شخصية الإنسان، لأن الإنسان يستند إليها في سنه المبكر ويعتمد عليها في شبابه وكبره، مضافاً إلي ما قد تلقاه من تعليم في صغره، وما سوف يحصل عليه من

تجارب وعلوم في مستقبله.

الاهتمام بالتربية

إن من أبرز المسائل التي حازت علي أهمية خاصة في الدين الإسلامي هي التربية الصحيحة في كل جوانبها والاهتمام بها؛ وذلك لما لها من أثر عميق في صقل النفس الإنسانية ورفع مستواها المعنوي، وانقاذها من مزالق الشيطان ومرديات الهوي، وكذلك في إصلاح المجتمع وسوقها نحو الخير والفضيلة والمحبة والإنسانية. فالنفس متي ما تقدمت ونمت بالإتجاه الصحيح، فلن يجد الشيطان سبيلاً للتسلل إليها؛ وإذا قال الإنسان المسلم: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) فإن كلامه هذا إنما يفيده فائدة تامة إذا كان قد ربي نفسه من جهة علي مقاومة إغواء الشيطان ومجانبة تسويل النفس ومخالفة وساوس الهوي، ومن جهة ثانية علي إطاعة الله وإطاعة رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل بيته المعصومين عليهم السلام.

يقول تعالي في القرآن الكريم: إِنَّهُ لَيْسَ له سُلْطانٌ عَلَي الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلي رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَي الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ()، فالله تبارك وتعالي أمر عباده بتهذيب أنفسهم، والتوكل علي ربهم، وأن يتحصنوا من كيد الشيطان بصدق النية، والتوجه الصحيح إلي الله تعالي، وإلي رسوله الكريم صلي الله عليه و اله، وإلي الأئمة المعصومين عليهم السلام، حتي لا يجعلوا مدخلاً للشيطان إلي أنفسهم.

ولا يكون هذا إلا بالتربية الصحيحة، من هنا إذا أردنا مجتمعا صالحا علينا أن نقوم بإعداد الأجيال وتربيتها تربية شرعية

صحيحة.

هذا ولا يخفي، أن تأثير التربية علي سلوك الإنسان يشبه إلي حد كبير توفير التربة الصالحة والظروف الملائمة لنمو النبات ورشده، وثمره وينعه. وعليه: فالاهتمام بالتربية، يعني: توفير مستلزمات التوجه الصحيح، وتهيئة البيئة الصالحة لنشوء الأفراد الصادقين والصالحين.

التربية وأبعادها الثلاثة

التربية وأبعادها الثلاثة

لقد رسم القرآن الحكيم للتربية ثلاثة أبعاد:

1. البعد الفردي. 2. البعد الأُسري. 3. البعد الاجتماعي.

يعني: إنه لم يحصر وجوب

التربية علي تربية الفرد لنفسه وتهذيبها فقط، وإنما أوجب عليه أن يقوم أيضا بتربية أسرته، وبتربية مجتمعه بل سائر المجتمعات بحسب الإمكان، علي ما ذكره الفقهاء في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويمكن أن نلمس ذلك بوضوح من خلال الآيات الكريمة التالية:

البعد الأول

بالنسبة إلي البعد الأول فقد قال الله تبارك وتعالي: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ () وهذه الآية الكريمة توجب علي الإنسان تربية نفسه، فإن (عليك) اسم فعل بمعني: الزم واحفظ، أي: احفظوا أَنْفُسَكُمْ عن الضلال والانحراف.

قال الإمام الصادق عليه السلام: روي أن ثعلبة الخشني سأل رسول الله صلي الله عليه و اله عن هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَيَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ () فقال: وأمر بالمعروف وانهَ عن المنكر، واصبر علي ما أصابك، حتي إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوي متبعاً، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع أمر العامة ().

البعد الثاني

أما بالنسبة إلي البعد الثاني (تربية الأسرة) فقد قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ () حيث توجب هذه الآية الكريمة علي الإنسان بَعد تربية نفسه أن يربي أسرته.

فإن قوله تعالي: قُوا أمر للجمع المذكر، من وقي بمعني: حفظ، أي احفظوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ وهم عائلة الإنسان من أولاده وزوجته وإخوته ومن شابههم نَاراً عن نار جهنم التي هي بهذه الصفة: وَقُودُهَا أي حطبها الموجب لإيقادها وإشعالها النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ وهما يزيدان في قوة النار لدسومة الأول وصلابة الثاني عَلَيْهَا أي: المأمورون علي تلك النار مَلائِكَةٌ جمع ملك، وأصله من الألوكة، بمعني الرسالة؛ لأن الملائكة رسل من قبله سبحانه إلي الأنبياء عليهم السلام غِلاظٌ جمع غليظ، وكأن المراد غليظ القلب فلا يرحم أحداً شِدَادٌ جمع شديد، وكأن المراد شديد البنية والقوة، فما أراد تمكن منه

لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ من عذاب أهل النار، فلا يرتشون ولايميلون نحو الكفار مخالفة لله سبحانه وَيَفْعَلُونَ

مَا يُؤْمَرُونَ من قبل الله سبحانه، وهذا تأكيد لما سبق بأنهم لا يعصون().

من أحكام البُعد الثاني

ثم إن تربية الأسرة لا يعني جبرهم علي شيء، بل أن يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، ويهيأ لهم مقدمات ومقومات الهداية والتربية الصالحة.

قال الإمام أبو عبد الله الصادق عليه السلام: لما نزلت هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً جلس رجل من المسلمين يبكي، وقال: أنا قد عجزت عن نفسي؛ كُلّفت أهلي! فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك، وتنهاهم عما تنهي عنه نفسك ().

وعن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: أيما رجل رأي في منزله شيئاً من الفجور فلم يغيّر، بعث الله تعالي بطير أبيض، فيظل ببابه أربعين صباحاً، فيقول له كلما دخل وخرج: غيّر غيّر، فإن غيّر، وإلاّ مسح بجناحه علي عينيه، وإن رأي حسناً لم يره حسناً، وإن رأي قبيحاً لم ينكره ().

وعن أبي بصير في قول الله عزوجل: قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً قال: قلت للإمام الصادق عليه السلام: كيف أقيهم؟

قال: تأمرهم بما أمر الله، وتنهاهم عما نهاهم الله، فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم، وإن عصوك كنت قد قضيت ما

عليك ().

وسُئل الإمام الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل: قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً كيف نقيهن؟ قال: تأمرونهن وتنهونهن قيل له: إنا نأمرهن وننهاهن، فلا يقبلن؟ قال: إذا أمرتموهن ونهيتموهن فقد قضيتم ما عليكم ().

وعنه عليه السلام قال: لا يزال المؤمن يورث أهل بيته العلم والأدب الصالح، حتي يدخلهم الجنة جميعاً، حتي لا يفقد فيها منهم صغيراً ولا كبيراً ولا خادماً ولا جاراً،

ولا يزال العبد العاصي يورث أهل بيته الأدب السيء حتي يدخلهم النار جميعاً،

حتي لايفقد فيها من أهل بيته صغيراً ولا كبيراً، ولا خادماً ولا جاراً ().

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: لما نزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً قال الناس: كيف نقي أنفسنا وأهلينا؟ قال: اعملوا الخير، وذكّروا به أهليكم، وأدّبوهم علي طاعة الله. ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله تعالي يقول لنبيه صلي الله عليه و اله: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا () وقال: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّا (().

البُعد الثالث

قال الله عز وجل بالنسبة إلي البعد الثالث وهو تربية المجتمع:

وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَي الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ().

حيث توجب هذه الآية الكريمة علي الإنسان مسؤولية هداية الآخرين وتربية المجتمع تربية صالحة.

فإن الله تبارك وتعالي بما أنعم علي المسلمين من نعمة الهداية إلي الإسلام وشرّفهم بالإيمان به، والنعمة يجب شكرها، ومن شكر هذه النعمة هو الاهتمام بهداية سائر الناس إلي الإسلام والإيمان، فإن قوله تبارك وتعالي: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ أي: يجب أن يكون منكم جماعة يَدْعُونَ إِلَي الْخَيْرِ كل خير: من الإسلام والدين والأحكام وغيرها وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ والمعروف كل فعل استحسنه الشرع أو العقل سواء وصل إلي حد الوجوب أم إلي حد الندب، وإنما سمي معروفاً لأن الناس يعرفونه وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وهو بعكس المعروف، كل ما استقبحه الشرع أو العقل، وسمي منكراً لأن الناس ينكرونه وَأُوْلَئِكَ الذين يتصفون بهذه الصفات الثلاث هُمُ الْمُفْلِحُونَ أي: الفائزون الناجون().

فإذا أراد الفرد النجاح، وكذلك إذا أرادت الأمة الفوز، فعليه وعليها

بإعداد الأجيال وتربيتها تربية صالحة.

واجبات في التربية

تحصل مما سبق أنه تتعلق بالإنسان في مجال التربية ثلاثة واجبات وهي عبارة عما يلي:

أولاً: تربيته لنفسه وتهذيبها من رذائل الأخلاق وتحليتها بالفضائل والمحاسن.

ثانياً: تربيته لأسرته وتوفير الأجواء الصالحة والمناخ المناسب داخل العائلة، ليكون نشاط أفرادها وفق الموازين الإسلامية.

ثالثاً: مسؤوليته التربوية تجاه مجتمعه، وما يصاحب ذلك من إشاعة الفضائل وتهيئة الأجواء الإسلامية، حتي يمكن للجميع الارتقاء بأنفسهم إلي سماء المكارم، ويتسنّي لهم الوصول إلي مستوي السعادة المنشودة والكمال المطلوب، ويتجنبوا من الرذائل والموبقات.

هذا ولا يخفي، أن حدوث أي خلل أو نقص في أيٍ من هذه الأبعاد التربوية الثلاثة، موجب لتعثر المسيرة الأخلاقية في المجتمع، وهبوط المستوي الأخلاقي فيه، وعندئذ علينا أن نتوقع عواقب سيئة ونتائج وخيمة، ونشوء جيل غير متماسك بالقيم والأخلاق، وذلك حسب الموازين الطبيعية. حيث إن من سنن الله في الكون أن يحصد الإنسان ما زرعه.

قال أبو عبد الله عليه السلام: من زرع العداوة حصد ما بذر ().

وفي غرر الحكم عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام قال: من زرع شيئاً حصده ().

وقال عليه السلام: من زرع خيراً حصد أجرا ().

وقال عليه السلام: من زرع الإحن حصد المحن ().

وقال عليه السلام: من زرع العدوان حصد الخسران ().

وقال عليه السلام: كما تزرع تحصد ().

القرآن الحكيم ومراتب التربية

ثم إن فريضة التربية والبلاغ من النفس إلي عموم الناس حسب الإمكان وحسب شرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتدرج في خمس مراحل، كما ورد ذلك في آيات القرآن الحكيم، وهي:

1: النفس أولاً، بقوله تبارك وتعالي: عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَيَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ().

2: والأهل ثانياً، بقوله عز وجل: قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ().

3: والعشيرة ثالثاً بقوله تبارك اسمه: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ().

4: وأهل البلدة رابعاً، بقوله جل وعلا: وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ

إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ ().

5: وأهل العالم أجمع خامساً بقوله الكريم: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِّلنَّاسِ ().. والرسول صلي الله عليه و اله أسوة، وبقوله سبحانه وتعالي: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَي الْخَيْرِ ().

التربية وعوامل التأثير

التربية وعوامل التأثير

ثم إن هناك ثلاثة عوامل رئيسية لها تاثير مباشر وكبير علي تربية الإنسان، وقد أشار إلي ذلك القرآن الحكيم والروايات الشريفة. والعوامل الثلاثة هي عبارة عما يلي:

1: الوراثة

1: الوراثة

العامل الأول في التربية: الوراثة، قال الله سبحانه وتعالي في كتابه الحكيم علي لسان نبيه نوح عليه السلام: وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَي الأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلايَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً ().

أي: وَقالَ نُوحٌ في دعائه علي قومه قبل أن يغرقوا، يا

رَبِّ لا تَذَرْ أي: لا تدع ولا تبق سالماً عَلَي الأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً أي: أحداً يعمر الديار، أو ينزل الدار، بل عمم عقابك علي جميعهم. ثم بيّن عليه السلام علة هذا الدعاء بقوله: إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ من نسل المؤمنين وَلا يَلِدُوا هم بأنفسهم إِلاَّ فاجِراً يفجر ويعصي كَفَّاراً كثير الكفر، يعني: أن أولادهم فاسدو العقيدة والعمل، فلا خير فيهم، وقد علم نوح عليه السلام ذلك من طريق الوحي().

فالآية الكريمة تكشف عن انتقال خصال الكفار الرذيلة، وصفاتهم الذميمة إلي أبنائهم، وذلك بحسب عامل التربية، والقرآن الكريم أشار في هذه الآية إلي العامل الوراثي قبل أن يصل إليه (مندل)() وغيره من علماء النفس والاجتماع، وأكدّ علي أن لعامل الوراثة دوراً في انتقال التربية والأخلاق من الآباء إلي الأبناء، وأنه أول العوامل الرئيسية الثلاثة في حقل التربية، وهذا العامل أشير إليه في الكثير من أحاديث الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله وأهل بيته المعصومين عليهم السلام أيضاً.

عامل الوراثة في الروايات

ومن هذا المنطلق، نري أن الإسلام يوصي الشابّ الذي يريد الزواج بالتعرّف علي أسرة البنت التي يريد الزواج منها، والتحقيق عن أصالتها وعراقتها، ومكانتها وأخلاقها، لئلا تكون مصابة ببعض العاهات الروحية والأمراض النفسية، فتنتقل منها إلي الأبناء، ففي الخبر: أن الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله قام خطيباً بين أصحابه وقال: إياكم وخضراء الدمن ()، قيل: يا رسول الله،

وما خضراء الدمن؟ قال صلي الله عليه و اله: «المرأة الحسناء في منبت السوء ().

وعن النبي صلي الله عليه و اله قال: توقوا علي أولادكم لبن البغية والمجنونة؛ فإن اللبن يُعدي ().

ويقول صلي الله عليه و اله أيضاً: تخيروا لنطفكم.. فإن العرق دسّاس ().

وقال عليه السلام: تزوجوا في الحجز الصالح، فإن العرق

دساس ().

وقد أهتم الأئمة المعصومون عليهم السلام من أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و اله كجدّهم الرسول صلي الله عليه و اله اهتماماً كبيراً في بيان ما لعامل الوراثة من أثر كبير علي تنشئة الأبناء وتربيتهم، حتي روي عن الإمام الصادق عليه السلام عن جده أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: إياكم وتزويج الحمقاء؛ فإن صحبتها بلاء، وولدها ضياع ().

والإمام الصادق عليه السلام حينما استشاره أحد أصحابه في الزواج فقال عليه السلام له: انظر أين تضع نفسك، ومن تُشركه في مالك، وتطلعه علي دينك وسرّك، فإن كنت لابد فاعلاً، فبكراً تُنسب إلي الخير، وإلي حسن الخلق ().

من شواهد تأثير الوراثة

اشارة

كما روي أن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال لأخيه عقيل عليه السلام

وكان نسابة عالماً بأنساب العرب وأخبارهم: أنظر إلي امرأة قد ولّدتها الفحولة من العرب؛ لأتزوّجها فتلد لي غلاما فارسا.

فقال له: تزوج أم البنين الكلابية، فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها. فتزوجها عليه السلام ().

وهكذا نري الإسلام يولي اهتماماً كبيراً بعامل الوراثة، ويؤكّد علي تأثيره في تربية الأبناء وتنشئتهم، وذلك من أجل حماية الأسرة والمجتمع من عوامل الانحطاط الخلقي والنزعات النفسية الشريرة.

قال النبي الأعظم صلي الله عليه و اله: من نعمة الله علي الرجل أن يشبهه ولده ().

وقال بعض أصحاب رسول الله صلي الله عليه و اله: يا رسول الله ما بالنا نجد

بأولادنا ما لا يجدون بنا؟!. قال: لأنهم منكم ولستم منهم ().

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالي إذا أراد أن يخلق خلقاً جمع كل صورة بينه وبين آدم، ثم خلقه علي صورة إحداهن، فلا يقولن أحد لولده: هذا لا يشبهني، ولا يشبه شيئاً من آبائي ().

وقال عليه السلام أيضاً: من سعادة الرجل أن يكون الولد يعرف بشبهه وخلقه وخلقه وشمائله ().

وعن أبي إبراهيم الكاظم عليه السلام قال: كان أبي (الصادق) يقول: سعد امرؤ لم يمت حتي يري خلفه من نفسه..

ثم قال عليه السلام: ها وقد أراني الله خلفي من نفسي، وأشار إلي أبي الحسن (الرضا) ().

2: الأسرة

2: الأسرة

العامل الثاني من عوامل التربية: الأسرة، قال الله تبارك وتعالي في كتابه الحكيم وخطابه العظيم: إِنَّ اللهَ اصْطَفَي آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَي الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ().

وقال عز وجل: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ().

وقال جلّ وعلا: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ().

الأسرة وآية الاصطفاء

قال الله سبحانه: إِنَّ اللهَ اصْطَفَي أي اختار لرسالته ووحيه، وجعلهم أنبياء مرشدين آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وهم الأنبياء الذين من نسله: إسماعيل واسحاق ويعقوب ويوسف وعيسي ومحمد (صلوات الله عليهم أجمعين) وَآلَ عِمْرَانَ موسي وهارون عليهما السلام عَلَي الْعَالَمِينَ وإنما خصّص بذلك هؤلاء الأنبياء، لكون آدم عليه السلام أبو البشر، ونوح وآل إبراهيم بما فيهم إبراهيم عليهم السلام فإنه يقال آل فلان للأعم منه ومن آله وآل عمران الذين فيهم الأنبياء عليهم السلام، هم مدار الرسالات العالمية، حال كون نوح وآل إبراهيم وآل عمران عليهم السلام ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ في أداء الرسالة ومناصرة الدين وإرشاد الناس، فإن من خرج عن دين آبائه فهو ليس منهم، كما قال سبحانه: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ () بخلاف من اتبع آباءه وَاللهُ سَمِيعٌ لما تقوله الذرية عَلِيمٌ بضمائرهم وأعمالهم؛ ولذا فضّلهم علي من سواهم، إن هؤلاء الأنبياء كلهم، ذووا خصائص واحدة موروثة من جدهم آدم عليه السلام مما تؤهلهم لحمل الرسالة الواحدة التي هي الإسلام().

وعليه: فآية الاصطفاء الكريمة، وآيات أخري في هذا المجال، تؤكد علي أن للأسرة التأثير المباشر والكبير علي تربية الإنسان، وأنه ثاني العوامل الرئيسية في حقل التربية، كما يقوله علماء النفس والاجتماع.

دعائم الأسرة

ثم إن دعائم الأسرة ثلاث: الأب، والأم، والأولاد، ولكل واحد من الأب والأم والأولاد حقوق وواجبات، ينبغي ذكر كل منها علي حدة.

الأسرة وواجبات الوالدين

لا شك أن للأسرة وخاصة الوالدين الأثر البالغ في بناء شخصية الأبناء، وحملهم علي العادات الطيبة، والتقاليد الجميلة، والقيم الرفيعة، والاتجاهات الحسنة، التي ينبغي لهم ملازمتها طوال حياتهم، وتطبيقها في سلوكهم الفردي والاجتماعي، كما أن لها بالنتيجة الدور الكبير في بناء المجتمع، وتشييد الحضارة الإنسانية، وإقامة العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع، فالأسرة هي التي تربّي الأبناء وتعدهم للمشاركة في الحياة؛ لذا فهي مسؤولة عن تنشئة أطفالها تنشئة سليمة متسمة بالاتزان والاستقامة، والبعد عن الإنحراف والتطرف، وهذا بحاجة إلي تمهيد ممهدّات وتقديم مقدمات، منها:

أن تهيّئ جواً من الإستقرار والود والطمأنينة، والرفق والمحبة داخل البيت، وأن تبعد عنهم مظاهر العنف والخرُق، والكراهية والبغض، وأن تدرّبهم علي تحمل المشاق والصعوبات؛ لأن ذلك له دور كبير في تكوينهم تكويناً سليماً بعيداً عن الأمراض الروحية، والعُقد النفسية، التي قد تسبب لهم الكثير من المشاكل في حياتهم المستقبلية، فمتي ما قام الأبوان بواجبهما تجاه أبنائهم، وأدّت الأسرة وظيفتها أمام أبنائها، وذلك من خلال التعامل معهم بحسن ولين، ورفق ومحبة، واحترام وإكرام، وتوقير وتبجيل، كان الجيل الناشيء جيلاً صالحاً وسعيداً، ويكون فخراً للآباء والأسلاف وشرفاً لهم.. بينما لو لم تؤدّ الأسرة وظيفتها وانشغل الآباء عن أبنائهم، ولم يهتموا بهم وبتنشئتهم، ولا بتربيتهم وتأديبهم، فسوف يكون الجيل الصاعد جيلاً لا يحمل علي الأقل سمات الصالحين، ولايكون مفخرة للأسلاف، وتكون النتائج سلبية وتنعكس علي مستقبل الأبناء ومصيرهم.

اليتيم: يتيم الأدب والعلم

يقول أحد الشعراء:

وإذا النساء نشأن في أمِّية

رضع الرجال جهالة وخمولا

ليس اليتيم من انتهي أبواه من هم الحياة وخلفاه ذليلا

فأصاب بالدنيا الحكيمة منهما

وبحسن تربية

الزمان بديلا

إن اليتيم هو الذي تلقي له

أماً تخلت أو أباً مشغولا()

الجمال: جمال العلم والأدب

ونقل عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قوله:

ليس البلية في أيامنا عجبا

بل السلامة فيها أعجب العجب

ليس الجمال بأثواب تزينها

إن الجمال جمال العلم والأدب

ليس اليتيم الذي قد مات والده

إن اليتيم يتيم العقل والحسب()

إيجاز عامل الأسرة

والخلاصة: إنه ينبغي للأسرة المؤمنة وخاصة الوالدين جميعاً، أن يخصصوا جزءً من وقتهم لأبنائهم، وأن يتفقوا علي برنامج معين للتربية الصالحة، وأن تكون معايير السلوك لكل من الأم والأب بالنسبة للأطفال منسقة، فلا يصح أن يري الأب مثلاً أسلوباً خاصاً من التعامل مع ابنه، أو تصرفاً معيناً لابنه غير مقبول، وتري الأم بأن هذا السلوك والأسلوب هو عين الصحة..

كما أنه ينبغي للوالدين جميعاً أن يعلموا، أن الأبناء بحاجة إلي رعاية مستمرة من الوالدين لهم، وأن تكون تصرّفاتهم أمام أبنائهم منتظمة ومتوازنة، لتكون نموذجاً للإقتداء بها، فالأب مثلا عندما يكون في تعامله متصلباً وفي أسلوبه خشناً مع ولده ولا يُظهر حبّه له وشفقته عليه، فإنه يدفع ابنه بطريق غير مباشر للارتماء في أحضان أمه والنفور من الأب، وبالتالي إلي التأثر بها وتقليد أساليبها النسائية. فالولد يحتاج إلي أب ذي رجولة وقوة، علي أن يكون في ذات الوقت عطوفاً يحيطه بالحنان والرعاية. أما البنت الصغيرة فتحتاج إلي أن تحس بأنها أنثي، وتشعر بأن من الأفضل لها أن تكون امرأة تتمتع بالعفاف والاستقامة، لا أن تعامل معاملة الولد لتكتسب صفات الرجولة في مستقبلها، وتبتعد عن وظائفها الأنثوية.

إذن: فإن حقوق الأولاد والأبناء علي الآباء والأمهات ليست محصورة في تهيئة الخبز، وتوفير الطعام، وإعداد الغداء والعشاء، وتقديم الإحتياجات المادية لهم فحسب، بل هناك لهم حقوق كبري في ذمة الوالدين تتعلق بتربيتهم وتنشئتهم، وتهذيبهم وتأديبهم، وتوجيههم

الوجهة الصالحة، وتعويدهم علي الخير والإحسان، والمحبة والإكرام، وعلي كل العادات الطيبة، وتحذيرهم من الشر والعدوان، والبغض والاستهزاء، ومن كل العادات السيئة.

الأسرة في الحديث الشريف

لقد جاء في رسالة الحقوق للإمام السجاد علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام في حقوق الأولاد علي الوالدين ما هو في منتهي الدقة والروعة، حيث قال عليه السلام:

وأما حق ولدك، فتعلم أنه منك، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب، والدلالة علي ربّه، والمعونة له علي طاعته فيك وفي نفسه، فمثاب علي ذلك ومعاقب، فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا، المعذر إلي ربه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه، والأخذ له منه ولا قوة إلا بالله ().

وعن الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: في وصية النبي صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام قال: يا علي، حق الولد علي والده، أن يحسّن اسمه وأدبه، ويضعه موضعاً صالحاً. وحق الوالد علي ولده، أن لا يسميه باسمه، ولا يمشي بين يديه، ولا يجلس أمامه، ولا يدخل معه الحمام. يا علي، لعن الله والدين حملا ولدهما علي عقوقهما. يا علي، يلزم الوالدين من عقوق ولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما. يا علي، رحم الله والدين حملا ولدهما علي برّهما. يا علي من أحزن والديه فقد عقّهما ().

وعن يونس بن رباط عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: رحم الله من أعان ولده علي برّه، قال: قلت: كيف يعينه علي برّه؟ قال: يقبل ميسوره، ويتجاوز عن معسوره، ولا يرهقه ولا يخرق به، فليس بينه وبين أن يصير في حد

من حدود الكفر إلا أن يدخل في عقوق، أو قطيعة رحم، ثم قال عليه السلام: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: الجنّة طيّبة، طيّبها الله وطيّب ريحها، يوجد ريحها من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريح الجنة عاق، ولا قاطع رحم، ولا مرخي إزاره خيلاء ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: من حق الولد علي والده ثلاثة: يحسّن اسمه، ويعلّمه الكتابة، ويزوّجه إذا بلغ ().

وعليه: فعلي الأسرة المؤمنة وخاصة الأب أن يعتني بأبنائه أشد العناية، ويحيطهم بالعطف والحنان، ويقتدي بسيرة الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله والأئمة المعصومين عليهم السلام في ذلك.

الأسرة في سيرة الرسول صلي الله عليه و اله

لقد كان الرسول الكريم صلي الله عليه و اله كثير التعلق بسبطيه الحسن والحسين عليهما السلام وكان يقول لفاطمة الزهراء عليها السلام: ادعي إلي أبنيّ، فتأتي بهما إليه، فيشمهما ويضمها إليه().

وروي في هذا المجال: أن الأقرع بن حابس لما رأي شدة إقبال النبي صلي الله عليه و اله علي الحسنين عليهما السلام قال له: إن لي عشرة من الأولاد، ما قبّلت واحداً منهم، فقال صلي الله عليه و اله: ما علي إن نزع الله الرحمة منك! ().

وجاء رجل إلي النبي صلي الله عليه و اله فقال له: ما قبّلت صبياً قط، فلما ولّي قال النبي صلي الله عليه و اله: هذا رجل عندنا أنه من أهل النار ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: أحبوا الصبيان وارحموهم،

وإذا وعدتموهم شيئاً ففوا لهم، فإنهم لا يرون إلا إنكم

ترزقونهم ().

ونظر رسول الله صلي الله عليه و اله إلي رجل له ابنان، فقبَّل أحدهما وترك الآخر، فقال النبي صلي الله عليه و اله: فهلا واسيت بينهما ().

وقال صلي الله عليه و

اله أيضاً: اعدلوا بين أولادكم كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف ().

وعن النبي صلي الله عليه و اله قال: سموا أولادكم أسماء الأنبياء، وأحسن الأسماء: عبد الله، وعبد الرحمن ().

وقال النبي صلي الله عليه و اله أيضاً: من عال ثلاث بنات، ومثلهن من الأخوات، وصبر علي إيوائهن، حتي يبن() إلي أزواجهن، أو يمتن فيصرن إلي القبور، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطي. فقيل: يا رسول الله، واثنتين؟ قال: واثنتين قيل: وواحدة؟ قال: وواحدة ().

وقال صلي الله عليه و اله: قبلوا أولادكم، فإن لكم بكل قبلة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين خمسمائة عام ().

وعن ابن عباس قال: قال النبي صلي الله عليه و اله: من دخل السوق فاشتري تحفة فحملها إلي عياله كان كحامل صدقة إلي قوم محاويج، وليبدأ بالإناث قبل الذكور، فإنه من فرّح ابنة فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل عليه السلام، ومن أقرّ بعين ابن فكأنما بكي من خشية الله، ومن بكي من خشية الله أدخله جنات النعيم ().

عامل الأسرة وكيفية تطبيقه

روي عبد الله بن فضالة عن أبي عبد الله عليه السلام أو أبي جعفر عليه السلام فقال: سمعته يقول: إذا بلغ الغلام ثلاث سنين فقل له سبع مرات: قل: "لا إله إلا الله"، ثم يُترك حتي تتم له ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرون يوماً، ثم يقال له: فقل: "محمدٌ رسول الله صلي الله عليه و اله" سبع مرات، ويترك حتي تتم له أربع سنين، ثم يقال له: قل: سبع مرات "صلي الله علي محمد وآل محمد"، ثم يترك حتي تتم له خمس سنين، ثم يقال له: "أيهما يمينك وأيهما شمالك؟" فإذا عرف ذلك حوّل وجهه إلي القبلة،

ويقال له: اسجد، ثم يترك حتي تتم له ست سنين، فإذا تمت له ست سنين قيل له: صلّ، وعُلّم الركوع والسجود، حتي تتم له سبع سنين، فإذا تمت له سبع سنين قيل له: اغسل وجهك وكفيك، فإذا غسلهما قيل له: صلّ، ثم يترك حتي تتم له تسع سنين، فإذا تمت له عُلّم الوضوء وضرب عليه، وأُمر بالصلاة وضرب عليها، فإذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله لوالديه، إن شاء الله تعالي ().

من تطبيقات عامل الأسرة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعاً، واضربوهم عليها إذا بلغوا تسعاً، وفرقوا بينهم في المضاجع، إذا بلغوا عشراً ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم.. يُغفر لكم ().

وقال صلي الله عليه و اله أيضاً: الولد سيد سبع سنين، وعبد سبع سنين، ووزير سبع سنين، فإن رضيت خلائقه لإحدي وعشرين سنة، وإلا ضرب علي جنبيه، فقد أعذرت إلي الله ().

وعنه صلي الله عليه و اله أنه قال: لأن يؤدب أحدكم ولداً خير له من أن يتصدق بنصف صاع كل يوم ().

وعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: يرخي الصبي سبعاً، ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، وينتهي طوله في ثلاث وعشرين وعقله في خمسة وثلاثين، وما كان بعد ذلك فبالتجارب ().

وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: يفرق بين الغلمان والنساء في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: دع ابنك يلعب سبع سنين، ويؤدَّب سبع سنين، وألزمه نفسك سبع سنين، فإن أفلح وإلا فإنه ممن لا خير فيه ().

وعنه عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: الصبي والصبي، والصبية والصبية، والصبي والصبية، يفرق

بينهم في المضاجع لعشر سنين ().

وعنه عليه السلام أيضاً: إذا بلغت الجارية ست سنين فلا تقبلها، والغلام لا تقبله المرأة إذا جاوز سبع سنين ().

وعنه عليه السلام قال: احمل صبيك تأتي عليه ست سنين، ثم أدّبه في الكتاب ست سنين، ثم ضمّه إليك سبع سنين فأدّبه بأدبك، فإن قبل وصلح، وإلاّ فخّل عنه ().

وعن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال: قال النبي صلي الله عليه و اله: اغسلوا صبيانكم من الغَمَر()، فإن الشيطان يشم الغمر فيفزع الصبي في رقاده، ويتأذي بها الكاتبان ().

الأسرة وبعض آدابها

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: أولادنا أكبادنا، صغراؤهم أمراؤنا، وكبراؤهم أعداؤنا، فإن عاشوا فتنونا، وإن ماتوا أحزنونا ().

وقال النبي الكريم صلي الله عليه و اله أيضاً: خمسة في قبورهم وثوابهم يجري إلي ديوانهم: من غرس نخلاً، ومن حفر بئراً، ومن بني لله مسجداً، ومن كتب مصحفاً، ومن خلف ابناً صالحاً ().

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ما سألت ربي أولاداً نضر الوجه، ولا سألته ولداً حسن القامة؛ ولكن سألت ربي أولاداً مطيعين لله وجلين منه، حتي إذا نظرت إليه وهو مطيع لله قرت عيني ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: قال موسي عليه السلام: يا رب، أي الأعمال أفضل عندك؟ فقال: حب الأطفال، فإني فطرتهم علي توحيدي، فإن أمتهم أدخلتهم برحمتي جنتي ().

الأسرة وسيرة أهل البيت عليهم السلام

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: الولد للوالد ريحانة من الله قسما، وإن ريحانتي الحسن والحسين عليهما السلام سميتهما باسم سبطي بني إسرائيل: شبراً وشبيراً ().

وقال صلي الله عليه و اله أيضاً: رحم الله من أعان ولده علي برّه؛ وهو أن يعفو عن سيئته، ويدعو له فيما بينه وبين الله ().

وقال الإمام أمير الؤمنين عليه السلام: من قبّل ولده كان له حسنة، ومن فرّحه فرّحه الله يوم القيامة، ومن علّمه القرآن دُعي بالأبوين فيُكسيان حُلتين، يضي ء من نورهما وجوه أهل الجنة ().

وقال رجل من الأنصار لأبي عبد الله الصادق عليه السلام: من أبر؟ قال: والديك قال: قد مضيا. قال: برّ ولدك ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته، فهي تجري بعد موته، وسنة هدي سنها فهي تعمل بها بعد موته، وولد صالح يستغفر له ().

الأسرة والتعليمات التربوية

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: لا تضربوا أطفالكم علي بكائهم؛ فإن بكاءهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلا الله، وأربعة أشهر الصلاة علي النبي صلي الله عليه و اله، وأربعة أشهر الدعاء لوالديه ().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: اسقوا صبيانكم السويق في صغرهم، فإن ذلك ينبت اللحم ويشد العظم، وقال عليه السلام: من شرب السويق أربعين صباحا امتلأ كتفاه قوة ().

وقال بعضهم: شكوت إلي أبي الحسن موسي عليه السلام ابنا لي فقال: لا تضربه؛ واهجره ولا تطل ().

الأسرة ومنزلة الأم

لقد اهتم الإسلام بالأسرة اهتماماً كبيراً، وخاصة فيما يتعلق بالروابط بين أعضاء الأسرة وعلي الخصوص الأم من بينها، ولذلك شرّع آداباً مشتركة بين أعضاء الأسرة الواحدة، وجعل لكل فرد من أفرادها واجبات متعلقة به، تهدف إلي زيادة تماسك الروابط الأسرية، فقد اهتم بالبيت بوصفه المنبع الطبيعي للحياة الهادئة المطمئنة، وأوصي مؤكداً بأن تكون أجواء المحبة والتعاون هي السائدة فيه، وأمر مشدداً باجتناب كل ما يعكّر صفو الأجواء الداخلية ويهم سكونها وقرارها، وذلك لما فيها من عظيم الأثر علي حياة الطفل وتكوينه النفسي. وتقع المسؤولية في توفير الأجواء الهادئة والمناسبة داخل البيت علي الأم بالدرجة الأولي.

الأم مدرسة الأجيال

وإلي هذا المعني أشار الشاعر وهو يقول:

الأم مدرسة إذا أعددتها

أعددت شعباً طيب الأعراق

الأم روض إن تعهَّده الحيا

بالري أورق أيما إيراق

الأم أستاذ الأساتذة الألي

شغلت مآثرهم مدي الآفاق()

أحضان الأمّهات مدارس

وأشار الشاعر الآخر إلي (الأم) أيضاً وهو يقول:

ولم أر للخلائق من محل

يهذبها كحضن الأمهات

فحضن الأم مدرسة تسامت

بتربية البنين أو البنات

وأخلاق الوليد تقاس حسناً

بأخلاق النساء الوالدات

وليس ربيب عالية المزايا

كمثل ربيب سافلة الصفات()

الزوجة الصالحة: أم صالحة

روي عن الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله: أن شخصاً جاءه قائلاً له: إن لي

زوجة إذا دخلت تلقتني، وإذا خرجت شيعتني، وإذا رأتني مهموماً قالت: ما يهمك؛ إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك، وإن كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله هماً!.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: بشرها بالجنة وقل لها: إنك عاملة من عمال الله، ولكِ في كل يوم أجر سبعين شهيداً ().

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري() قال: كنا جلوساً مع رسول الله صلي الله عليه و اله قال: فتذاكرنا النساء وفضل بعضهن علي بعض، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ألا أخبركم بخير نسائكم؟.

قالوا: بلي يا رسول الله فأخبرنا؟

قال: إن من خير نسائكم: الولود الودود، الستيرة العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها، الحصان مع غيره، التي تسمع قوله وتطيع أمره، وإذا خلا بها بذلت له ما أراد منها، ولم تبذل له تبذل الرجل ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة، تسرّه إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله ().

وقال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: خير نساءكم الطيبة الريح، الطيبة الطبيخ، التي إن انفقت أنفقت بمعروف، وإن أمسكت أمسكت بمعروف، فتلك عامل من عمال الله، وعامل الله لايخيب، ولا يندم ().

من حقوق الأم

قال الإمام زين العابدين عليه السلام: أما حق امك، فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لايعطي أحد أحدا، ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعري وتكسوك، وتضحي وتظلك، وتهجر النوم لأجلك، ووقتك الحر والبرد، لتكون لها، فإنك لاتطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه ().

وقال الإمام

الصادق عليه السلام: جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه و اله فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أباك ().

الأم: الحجر الأساس في التربية

إذن: فأحضان الأم هي المدرسة الأولي في التربية، وتُعرف بأنها الحجر الأساس الأول في بناء شخصية الطفل وتحديد اتجاهاته وميوله، فالأم أكثر صبراً وتحمّلاً علي تربية أبنائها، وأكبر دراية وبراعة في تنشئتهم، وذلك لما أودعه الله تعالي فيها من دافع فطري نحو أطفالها، ولأنها بسبب تواجدها الدائم بالقرب منهم، تكون أعرف بطبيعتهم وصفاتهم، وميولهم ونفسياتهم، وأبصر بالوسائل التي تنفع في توجيههم وإرشادهم وهدايتهم وإصلاحهم.

ومن هذا المنطلق تكون مسؤولية الأم كبيرة، ووظيفتها ثقيلة؛ تستدعيها الاهتمام الدائم بكل الأمور التي تخص أبناءها وتتطلب منها الاعتناء المستمر بجميع ما يرتط بهم من معاملتهم بصورة متساوية، وبالشكل المناسب، وتوجيههم الوجهة الصحيحة، وبالصورة اللائقة، ومن تربيتهم علي احترام الكبار وإكرامهم، وإيقافهم علي معرفة مقام أبيهم ولزوم احترامه.

كما أنه ينبغي لها أن تربي بناتها علي العفة والطهارة، وعلي ارتداء الحجاب والستر، وعلي الالتزام بأوامر الإسلام وأحكامه.

والأم التي تقوم بتأدية هذه الوظائف والواجبات بالصورة الصحيحة، وبالشكل اللائق، هي التي يكرمها الإسلام ويعزّها، ويرفعها إلي أعلي الدرجات، وأرقي المستويات، ولذا ورد في الحديث الشريف عن النبي الكريم صلي الله عليه و اله: «الجنة تحت أقدام الأمهات» (). فالجنة قريبة من الأمهات اللاتي يؤدين دورهن بالشكل الأحسن، ويقمن بواجبهن علي الوجه الأتم، تجاه البيت والأبناء، لنيل رضا الله سبحانه وتعالي.

التأدّب مع الأم

ومن أجل ذلك نري أن الله سبحانه وتعالي جعل للأمهات علي الأبناء حقوقاً أكثر.. في مقابل ما جعله علي الأبناء تجاه الآباء؛ وذلك لما

تعانيه الأمهات في طريق ما تقدمه من خدمات للأبناء.

يقول إبراهيم بن مهزم: خرجت من عند أبي عبد الله عليه السلام ليلة ممسياً فأتيت منزلي بالمدينة، وكانت أمي معي، فوقع بيني وبينها كلام، فأغلظت لها، فلما أن كان من الغد صليت الغداة، وأتيت أبا عبد الله عليه السلام فلما دخلت عليه فقال لي مبتدئاً:

«يا أبا مهزم! مالك والوالدة: أغلظت في كلامها البارحة، أما علمت أن بطنها منزل قد سكنته، وأن حجرها مهد قد غمزته، وثديها وعاء قد شربته!.

قال: قلت: بلي.

قال: فلا تغلظ لها ().

الأسرة وواجبات الأولاد

سبق أن أشرنا بصورة مختصرة إلي بعض ما يتعلق بالآباء والأمهات من واجبات ووظائف تجاه أبنائهم وأولادهم، وينبغي لنا الآن أن نقف وقفة سريعة أيضاً عند وظائف وواجبات الأبناء تجاه الوالدين.

توصية القرآن بالوالدين

قال الله سبحانه وتعالي في كتابه الحكيم وخطابه العظيم:

وَقَضي رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ().

قبس من الآيتين الكريمتين

في الآيتين الكريمتين نهي الله عزوجل عن الشرك في العبادة كما نهي الله سبحانه وتعالي عن الشرك في العقيدة حيث قال: وَقَضي رَبُّكَ أي: أَمَرَ أَمْرَ إلزام وفرض أَلاَّ تَعْبُدُوا أيها البشر أصله (أن لا) أدغمت النون في اللام، لقاعدة (يرملون) () إِلاَّ إِيَّاهُ فالعبادة خاصة برب العالمين، وهي مشتقة من (عَبَد) أي الإتيان برسوم العبودية فإن عز الإنسان أن يكون لله عبداً () وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً أي: قضي ربك أن تحسنوا إلي الوالدين، وهما الأب والأم، والإحسان فوق العدل، ثم بيّن سبحانه لزوم الإحسان في حال كبرهما، لأن الإنسان عادة اذا كبر يسيئُ خلقه، ويكثر طلبه، ومن طرف ثان: إن الولد كما هو عادة كل إنسان إذا كبر ورشد، رأي نفسه في غني عنهما، فكان مقتضي عدم الإحسان إليهما موجودا عنده من جهتين؛ ولذا يخص سبحانه هذه الحال بالذكر، وقد قال بعض العارفين: إن أباك وأمك أحسنا إليك، وهما يريدان بقاءك ويهفو قلبهما إليك، وأنت تحسن إليهما إن تحسن وأنت تري استغناك عنهما، فلا يبلغ إحسانك إحسانهما مهما أحسنت. وليعلم الولد، أن الدار دار مكافات، فمن أحسن إلي أبويه أحسن أولاده إليه، ومن أساء إليهما اساؤوا

إليه، إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ أيها الولد، و(إمّا) أصله (إن ما) دخلت ما الزائدة علي إن الشرطية للتزيين الْكِبَرَ الشيخوخة والكثرة في السن

أَحَدُهُما أي: أحد الأبوين، وهو فاعل (يَبْلُغَنَّ) والكبر مفعوله، أي: إن عاش أحدهما أَوْ كِلاهُما عندك حتي كبرا، وبلغا مبلغا كبيراً من العمر فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وهي كلمة تستعمل عند الضجر، فقول مثل هذه اللفظة البسيطة، منهي عنه في الشريعة، وقد قال الإمام الصادق عليه السلام: لو علم الله لفظة أوْجَز في ترك عقوق الوالدين من أف لأتي بها (). وَلا تَنْهَرْهُما النهر هو الزجر بإغلاظ وصياح، أي: لاتزجرهما، وإن أرادا منك شيئا لا تطردهما، كما قال سبحانه: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ () وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً أي: خاطبهما، وتكلم معهما بكلام لطيف حسن جميل. وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ فكما أن فرخ الطائر يخفض جناحه لأبويه، تذللا وخضوعا، فافعل أنت ذلك بأبويك من الرَّحْمَةِ أي: اعمل هذا العمل من جهة الرحمة، والعطف بهما، لا كالطائر الذي يفعل ذلك من جهة طلب الغذاء؛ فإن الإنسان قد يتواضع رحمة، وقد يتواضع طمعاً أو طلباً أو ما أشبه وَقُلْ داعيا لهما رَبِّ ارْحَمْهُما تفضّل عليهما باللطف والكرامة كَما رَبَّيانِي أي: جزاءً تربيتهما لي في حال كوني

صَغِيراً فإنك يا رب أجزهما علي أتعابهما، فإني لا أقدر علي جزائهما، وفي الآثار الواردة عن النبي صلي الله عليه و اله والأئمة الطاهرين عليهم السلام كثرة مدهشة من التأكيدات العجيبة حول الوالدين وخصوصا الأم().

عامل الأسرة ملخصاً

إن الله تبارك وتعالي، قد قرن وجوب طاعة الوالدين بطاعته جل وعلا، وأوصي الأبناء بالوالدين إحساناً، وأمرهم بالعمل بما يُرضي الوالدين، ويُرسخ الرضا في نفوسهم، وأن يقوموا بخدمتهم وإكرامهم، وشكرهم واحترامهم، وذلك بكل ألوان التكريم والخدمة،

والاحترام والرعاية، مما يدل علي أن رعاية احترام الوالدين وطاعتهم، والقيام بخدمتهم وإكرامهم، وخاصة بالنسبة إلي الأم، تمثل العناصر الأساسية في التربية الإسلامية والتنشئة الإيمانية، تلك التربية الهادفة إلي تماسك المجتمع وشدّ أواصره، وذلك علي أساس من المودة والرحمة المتقابلة، والصفاء والاحترام المتبادل، فالأولاد إذن مسؤولون شرعاً وأخلاقاً عن رعاية حقوق الوالدين وخاصة الأم جزاءً لأتعابها الكبيرة، وعنائها العظيم، الذي تحملته في سبيل تربية الأولاد وتنشئتهم.

الحديث الشريف والبر المتقابل

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: إنما سمي الأبرار أبراراً لأنهم برّوا الآباء والأبناء والإخوان ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: كان أبي عليه السلام يقول: خمس دعوات لا يحجبن عن الرب تبارك وتعالي: دعوة الإمام المقسط، ودعوة المظلوم، يقول الله عزوجل: لأنتقمن لك ولو بعد حين، ودعوة الولد الصالح لوالديه، ودعوة الوالد الصالح لولده، ودعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب فيقول: ولك مثله ().

وعن جابر قال: سمعت رجلاً يقول لأبي عبد الله الإمام الصادق عليه السلام: إن لي أبوين مخالفين. فقال: برهما كما تبر المسلمين ممن يتولانا ().

وقال عليه السلام أيضاً: بروا آباءكم يبركم أبناؤكم، وعفّوا عن نساء الناس تعفّ نساؤكم ().

وعن معمر بن خلاد قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: أدعو لوالدي إذا كانا لا يعرفان الحق()؟ قال: ادع لهما، وتصدق عنهما، وإن كانا حيّين لا يعرفان الحق فدارهما؛ فإن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: إن الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق ().

الأم في الحديث الشريف

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: تحت أقدام الأمهات روضة من رياض الجنة ().

وقال صلي الله عليه و اله أيضاً: إذا كنت في صلاة التطوع فإن دعاك والدك فلا تقطعها، وإن دعتك والدتك فاقطعها ().

وروي

أن رجلاً قال للنبي صلي الله عليه و اله: يا رسول الله، أيّ الوالدين أعظم؟ قال: التي حملته بين الجنبين، وأرضعته بين الثديين، وحضنته علي الفخذين، وفدته بالوالدين ().

وقيل: يا رسول الله، ما حق الوالد؟ قال: أن تطيعه ما عاش قيل: وما حق الوالدة؟ فقال صلي الله عليه و اله: هيهات هيهات، لو أنه عدد رمل عالج وقطر المطر أيام الدنيا، قام بين يديها، ما عدل ذلك يوم حملته في بطنها ().

وقال رجل لرسول الله صلي الله عليه و اله: إن والدتي بلغها الكبر، وهي عندي الآن، أحملها علي ظهري، وأطعمها من كسبي، وأميط عنها الأذي بيدي، وأصرف عنها مع ذلك وجهي، استحياءً منها، وإعظاماً لها، فهل كافأتها؟ قال: لا؛ لأن بطنها كان لك وعاءً، وثديها كان لك سقاءً، وقدمها لك حذاءً، ويدها لك وقاءً، وحِجرها لك حواءً، وكانت تصنع ذلك لك وهي تمني حياتك، وأنت تصنع هذا بها وتحب مماتها ().

وقيل للإمام زين العابدين عليه السلام: أنت أبر الناس، ولا نراك تؤاكل أمك! قال: أخاف أن أمد يدي إلي شي ءٍ وقد سبقت عينها عليه، فأكون قد عققتها ().

وقال الإمام الرضا عليه السلام: واعلم، أن حق الأم ألزم الحقوق وأوجبها؛ لأنها حملت حيث لا يحمل أحد أحداً، ووقت بالسمع والبصر وجميع الجوارح، مسرورةً مستبشرةً بذلك، فحملته بما فيه من المكروه والذي لا يصبر عليه أحد، ورضيت بأن تجوع ويشبع ولدها، وتظمأ ويروي، وتعري ويكتسي، وتظله وتضحي، فليكن الشكر لها، والبر والرفق بها علي قدر ذلك، وإن كنتم لا تطيقون بأدني حقها إلا بعون الله، وقد قرن الله عزوجل حقها بحقه، فقال: اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ()،().

3: البيئة الاجتماعية

3: البيئة الاجتماعية

العامل الثالث من عوامل التربية: البيئة الاجتماعية، قال

الله تعالي في كتابه الكريم عن لسان خليله إبراهيم عليه السلام: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً ().

وقال عز وجل: الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ

الأُمُورِ ().

وقال سبحانه: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ().

البيئة وآية الأمان

قوله تعالي: وَ أي اذكر يا رسول الله إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ في دعائه لله تعالي: رَبِّ اجْعَلْ هََذَا البلد وهو مكة التي بني فيها البيت بَلَداً آمِناً عن الأخطار، أو محكوماً بحكم الأمن حكماً شرعياً ().

البيئة وآية المُكنة

في هذه الآية الكريمة يمدح الله تعالي الذين إن كانت لهم سُلطة في الأرض مهدّوها لإصلاح الناس وإسعادهم، فجعلوا فيها البيئة الصالحة، وذلك بإقامة ما أمر الله به عليها.

قال الله سبحانه: الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ بأن كانت لهم المكنة والسلطة أَقَامُوا الصَّلاةَ أي: أدّوها بحقوقها وآدابها وشرائطها وَآتَوُا الزَّكَاةَ أعطوها إلي من يستحق حسب موازينها الشرعية وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وهو كل شيء أمر به الشرع أو العقل إيجاباً أو ندباً وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وهو كل شيء نهي عنه الشرع أو العقل تحريماً أو تنزيهاً … وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ أي: إن الله يرث الأشياء، فالعاقبة والخاتمة له، وهذا وعد للمؤمنين وإيجاد أمل فيهم().

البيئة وآية المصلحين

قال في (مجمع البيان) عند تفسير الآية الكريمة: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ … روي زاذان عن أمير المؤمنين عليه السلام: أنه كان يمشي في الأسواق وحده وهو دال، يرشد الضال، ويعين الضعيف، ويمرّ بالبياع والبقال فيفتح عليه القرآن ويقرأ تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ويقول: نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع من الولاة وأهل القدرة من سائر الناس().

إذن: فالآيات الكريمات في هذا المجال تؤكد علي أن للبيئة التأثير المباشر والكبير علي تربية الإنسان، وأنه بحسب ما قاله علماء النفس والاجتماع ثالث العوامل الرئيسية في حقل التربية.

إن الأنبياء عليهم السلام والسائرين علي نهجهم يحاولون خلق الأجواء المناسبة والمناخ الصالح في البيئة، لحمل الذين يعيشون في تلك البيئة علي الصلاح والفلاح، وعلي الفوز والنجاح. كما هو واضح لمن راجع سيرتهم الطاهرة.

المراد من عامل البيئة

ونعني بالبيئة هنا الأجواء الاجتماعية، والمناخ السائد من حيث علاقة أفراد المجتمع وجماعاته بعضهم مع بعض، في شتي المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية وما إلي ذلك.

إن استقرار البيئة الاجتماعية علي الخير والبرّ، وعلي الأخلاق والآداب الإسلامية، لها دخل كبير في استقامة سلوك الأبناء؛ فالبيئة الاجتماعية والمناخ الاجتماعي، تتحمل في الدرجة الثالثة بعد عامل الوراثة وعامل الأسرة، مسؤولية أيّ انحطاط أو تأخر تربوي يصيب أبناءها، فاستقرارها علي البرّ والخير، وعلي الاحترام والإكرام من أهم الأسباب والعوامل المؤثرة في تماسك وبناء شخصية الأجيال، وإبعادها عن جميع أشكال الشقاء والدمار، ومن كل أنواع البؤس والحرمان، ممّا تجعل الجيل يشعر أنه يعيش في عالم مرتبك ومتناقض، مليء بالغش والخداع، وبالتوتر والشقاء، وهو يري نفسه أنه مخلوق ضعيف، لا حول له ولا قوة تجاه وضعه الاجتماعي المتوتر والمضطرب.

اهتمام الإسلام بالبيئة الاجتماعية

لقد اهتم الإسلام كثيراً في أمر البيئة الاجتماعية وإصلاحها، فكان يهدف لأن تسود فيها القيم الإنسانية الراقية من العدل والإنصاف، والحق والمساواة، وأن تنعدم منها مظاهر الفساد والعنف، والظلم والأنانية، وأن تكون مستقرة خالية من الفتن والإضطرابات، لأن لهذا الجانب تأثيراً مهماً مباشراً علي اكتساب الفرد العادات الطيبة، والأخلاق الحسنة من خلال العلاقات والصداقات، وهي من العوامل المؤثرة شديداً، والتي تنقل بسرعة فائقة عادات الأفراد واتجاهاتهم، وميولهم وطباعهم إلي الآخرين.

وبهذا الخصوص حثّ الإسلام علي ضرورة إصلاح البيئة ووعد عليه الأجر والثواب، وحذّر في المقابل من إفساد البيئة وتوعد عليه العذاب والنيران. قال الله تعالي: وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ().

كما وأكدّ الإسلام علي مجانبة الأشرار والمفسدين من جهة، وحرّض من جهة ثانية علي مصاحبة الأخيار والمتدينين ومرافقة ذوي الشرف والاستقامة؛ حتي يكسب الفرد منهم حسن السلوك ومكارم الأخلاق.

البيئة الاجتماعية في الروايات

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: من أحسن مصاحبة الإخوان استدام منهم الوصلة ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً: خير الإخوان أعونهم علي الخير، وأعملهم بالبر، وأرفقهم بالمصاحب ().

ويقول الإمام الحسن المجتبي عليه السلام في وصيته لجنادة:.. وإذا نازعتك إلي صحبة الرجال حاجة، فاصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك، وإذا أردت منه معونة أعانك. وإن قلت صدّق قولك، وإن صلت شدّ صولك، وإن مددت يدك بفضل مدّها، وإن بدت عنك ثلمة سدّها، وإن رأي منك حسنة عدّها، وإن سألته أعطاك، وإن سكت عنه ابتدأك ().

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: استرعوا دين الله بالرغبة في مصاحبة العلم وأهله قبل انتقاض عراه. قال عبد الرحمن بن الحجاج: كيف ينتقض عراه يا ابن رسول الله؟ قال: إذا مات العالم انتقض عراه، وبقي الناس كالغنم لا راعي

لها فضل مرعاها، ولا تهتدي مأواها ().

وروي أن لقمان الحكيم قال لابنه: يا بني، إياك ومصاحبة الفساق، فإنما هم كالكلاب، إن وجدوا عندك شيئا أكلوه، وإلاّ ذموك وفضحوك، وإنما حبهم بينهم ساعة. يا بني، معاداة المؤمن خير من مصادقة الفاسق(). يا بني، المؤمن تظلمه ولا يظلمك، وتطلب عليه ويرضي عنك، والفاسق لا يراقب الله فكيف يراقبك؟! ().

وقال نبي الله سليمان (علي نبينا وآله وعليه السلام): لا تحكموا علي رجل بشي ء حتي تنظروا إلي من يصاحب، فإنما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه، وينسب إلي أصحابه وأخدانه ().

تلخيص عامل البيئة

وعليه: فإنه ينبغي للمؤمنين أن يسعوا جميعاً لتوفير البيئة السالمة والمستقرة، وأن يختاروا أصدقاءهم وجلساءهم ممن يتسمون بالأخلاق الحسنة والصفات الحميدة، والذين تتوفر فيهم الصفات التي أشار إليها الإمام الحسن المجتبي عليه السلام، وينبغي لهم أن يكونوا حذرين من مصاحبة المنحرفين في أخلاقهم وسلوكهم؛ لأنهم سيشكلون عامل انحراف يدفع باتجاه الأثم والفساد، وعلي المؤمنين أن يراعوا هذه المواصفات في رسم وتحديد علاقات أبنائهم وأفراد أسرتهم في المجتمع؛ ليكسبوا الأخلاق الحميدة والعادات الحسنة، ويتجنبوا مزالق الانحراف ومهاوي الفساد.

التأكيد علي مصاحبة الأخيار

وفيما يخص صحبة الأخيار يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:

ليس شيء أدعي لخير وأنجي من شر، من صحبة الأخيار ().

ويقول عليه السلام أيضاً: صحبة الولي اللبيب حياة الروح ().

وفيما يخص صحبة الأشرار ينهي الإمام عليه السلام عنها، لما لها من عواقب وخيمة فيقول: صحبة الأشرار تكسب الشر، كالريح إذا مرت بالنتن حملت نتناً ().

ويقول (سلام الله عليه): مصاحب الأشرار كراكب البحر، إن سلم من الغرق لم يسلم من الفرق ().

وقال عليه السلام أيضاً: جُمع خير الدنيا والآخرة في: كتمان السر، ومصادقة الأخيار. وجُمع الشر في: الإذاعة، ومؤاخاة الأشرار ().

وقال الإمام الباقر عليه السلام: وأوحي الله عزوجل إلي شعيب النبي صلي الله عليه و اله: أني معذب من قومك مائة ألف: أربعين ألفاً من شرارهم، وستين ألفا من خيارهم. فقال عليه السلام: يا رب، هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟! فأوحي الله عز وجل إليه: داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي ().

وقال الإمام الهادي عليه السلام: مخالطة الأشرار تدل علي شرار من يخالطهم ().

التربية: مسؤولية الجميع

ظهر من هذه اللمحة المختصرة من الكلام، ما للتربية من أثر كبير في تنشئة الجيل الصالح، مضافاً إلي عامل البيئة الصالحة، مما يكشف أن مسؤولية تربية الأجيال أمانة في أعناق الجميع، بدءً من الأب والأم في محيط الأسرة الصغير، وانتهاءً بالمجتمع بصورة عامة، فجميعهم مسؤولون مسؤولية مشتركة عن رعاية الأجيال، وتوفير الأجواء المناسبة وإعداد مستلزمات التربية الصالحة لهم، وإبعادهم عن مزالق الرذيلة ومهاوي الجريمة.

يقول الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله: إن الله تعالي سائل كل راع

عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيّعه؟ حتي يسأل الرجل عن أهل بيته ().

ويقول صلي الله عليه و اله أيضاً: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، والأمير الذي

علي الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع علي أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية علي أهل بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع علي مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ().

ويقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: كل امرئ مسئول عما ملكت يمينه وعياله ().

ويقول الإمام زين العابدين عليه السلام في دعائه لبنيه ضمن أدعية الصحيفة السجادية: اللهم ومُنّ عليّ ببقاء ولدي، وبإصلاحهم لي وبإمتاعي بهم، إلهي امدد لي في أعمارهم، وزد لي في آجالهم، وربً لي صغيرهم،وقوّ لي ضعيفهم، وأصح لي أبدانهم وأديانهم وأخلاقهم، وعافهم في أنفسهم، وفي جوارحهم، وفي كل ما عنيت به من أمرهم، وأدرر لي وعلي يدي أرزاقهم، واجعلهم أبراراً أتقياء بصراء سامعين مطيعين لك ولأوليائك، محبين مناصحين، ولجميع أعدائك معاندين ومبغضين، آمين. اللهم اشدد بهم عضدي، وأقم بهم أودي، وكثر بهم عددي، وزين بهم محضري، وأحي بهم ذكري.. وأعني علي تربيتهم وتأديبهم وبرهم» ().

خلاصة البحث

والخلاصة: إن الآيات الكريمة وكذلك الروايات الشريفة، تثبت أن المسؤولية في إعداد الأجيال الصالحة تشمل الجميع، وفي عاتق الجميع، وذلك كلاً حسب اختصاصه وموقعه.

فينبغي لكل فرد منا أن يمارس دوره في العملية التربوية داخل أسرته ومجتمعه، وأن يجعل الآخرين يتحسسون بواجباتهم ومسئولياتهم تجاه أبنائهم ومجتمعهم؛ فإن فساد أسرة واحدة، بل شخص واحد، له تأثير سلبي ولو بنسبة معينة علي المجتمع كله الذي يضم الأسر الأخري والأفراد الآخرين، وله تأثير غير محمود علي معايير المجتمع السلوكية والأخلاقية التي تربط أفراده بعضهم ببعض، وقد أوضحنا أن لكل من الفرد والأسرة والمجتمع تأثيراً علي سلوك الأولاد والأبناء وتوجهاتهم المستقبلية، وهذا ما يحتّم علينا أن نسعي في أصلاح أنفسنا وإصلاح مجتمعنا

حتي نتمكن من إعداد جيل مؤمن ومن إسعاف الأمة الإسلامية بالأجيال الصالحة المستقيمة التي تضمن تقدمها وازدهارها، وتقضي علي عوامل التخلف والتأخر في كل المجالات المادية والمعنوية.

اللهم، ارزقنا توفيق الطاعة، وبُعد المعصية، وصدق النية، وعرفان الحرمة، وأكرمنا بالهدي والاستقامة، وسدّد ألسنتنا بالصواب والحكمة، واملأ قلوبنا بالعلم والمعرفة.. وتفضل علي علمائنا بالزهد والنصيحة، وعلي المتعلمين بالجهد والرغبة، وعلي المستمعين بالاتباع والموعظة، وعلي مرضي المسلمين بالشفاء والراحة، وعلي موتاهم بالرأفة والرحمة، وعلي مشايخنا بالوقار والسكينة، وعلي الشباب بالإنابة والتوبة، وعلي النساء بالحياء والعفة.. بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين ().

من هدي القرآن الحكيم

التربية الإيمانية

قال الله تعالي: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ().

وقال سبحانه: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَي اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ().

وقال عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ().

التربية والبيئة الصالحة

قال تبارك وتعالي: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلي يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يا وَيْلَتي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلإِنْسانِ خَذُولاً ().

وقال سبحانه: قالَ له مُوسي هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلي أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ().

وقال جل وعلا: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ ().

وقال عز وجل: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها

فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّي يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ().

تزكية النفس

قال تعالي: وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَي النَّفْسَ عَنِ

الْهَوي ().

وقال سبحانه: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ().

وقال عز وجل: فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ

الْمُفْلِحُونَ ().

وقال سبحانه: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً ().

المجتمع والمسؤولية التربوية

قال عز من قائل: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَي

الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ().

وقال سبحانه: وَعَلَي الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّي إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ().

وقال تعالي: وَتَعاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَالتَّقْوي وَلا تَعاوَنُوا عَلَي الإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ().

وقال عز وجل: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ().

من هدي السنة المطهرة

تزكية النفس

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: جاهدوا أهواءكم تملكوا أنفسكم ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: أيها الناس، تولوا من أنفسكم تأديبها، واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: صلاح النفس قلة الطمع ().

وقال عليه السلام أيضاً: إن أسلمت نفسك لله سَلِمَتْ نفسك ().

وقال عليه السلام: أرجي الناس صلاحاً من إذا وقف علي مساويه سارع إلي التحول عنها ().

وجاء في الدعاء عن الإمام زين العابدين عليه السلام: اللهم صل علي محمد وآل محمد، وادرأ عني بلطفك، واغذني بنعمتك، وأصلحني بكرمك ().

تأثير الوراثة في سلوك الفرد

قال

أمير المؤمنين عليه السلام: حسن الأخلاق برهان كرم

الأعراق ().

وقال أبو جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: لاتسترضعوا الحمقاء، فإن اللبن يعدي، وإن الغلام ينزع إلي اللبن، يعني إلي الظئر، في الرعونة والحمق ().

وقال أبو جعفر عليه السلام: استرضع لولدك بلبن الحسان، وإياك والقباح فإن اللبن قد يعدي ().

وقال الإمام أبو عبد الله الصادق عليه السلام: لا تسترضع للصبي المجوسية … ولا يشربن الخمر، يمُنعن من ذلك ().

تأثير البيئة علي الفرد

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: أولي الناس بالتهمة من جالس أهل التهمة ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فيما كتب إلي الحارث الهمداني: واحذر صحابة من يفيل رأيه وينكر عمله، فإن الصاحب معتبر بصاحبه ().

وقال الإمام أبو عبد الله الصادق عليه السلام: لا تصحبوا أهل البدع، ولا تجالسوهم؛ فتصيروا عند الناس كواحد منهم، قال رسول الله صلي الله عليه و اله: المرء علي دين خليله وقرينه ().

وعن الإمام موسي بن جعفر عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: سائلوا العلماء وخالطوا الحكماء، وجالسوا الفقراء ().

مسؤولية الآباء تجاه الأبناء

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: من حق الولد علي والده ثلاثة: يحُسّن اسمه، ويعلّمه الكتابة، ويزوّجه إذا بلغ ().

وقال رجل: يا رسول الله صلي الله عليه و اله ما حق ابني هذا؟ قال صلي الله عليه و اله:

تحسّن اسمه وأدبه، وتضعه موضعاً حسناً ().

وقال الإمام أبو عبد الله الصادق عليه السلام: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: أحبوا الصبيان وارحموهم، وإذا وعدتموهم شيئاً ففوا لهم؛ فإنهم لا يرون إلا إنكم ترزقونهم ().

وقال عليه السلام أيضاً: قال رسول

الله صلي الله عليه و اله: حق الولد علي والده إذا كان ذكراً أن يستفره أمه، ويستحسن اسمه، ويعلّمه كتاب الله، ويطهره، ويعلمه السباحة، وإذا كانت أنثي أن يستفره أمها ويستحسن اسمها، ويعلمها سورة النور، ولا يعلمها سورة يوسف، ولا ينزلها الغرف، ويعجل سراحها إلي بيت زوجها ().

پي نوشتها

() سورة التوبة: 122.

() سورة الزمر: 17-18.

() سورة النحل: 78.

() راجع تقريب القرآن إلي الأذهان: ج14 ص128 سورة النحل.

() سورة النحل: 99 100.

() سورة المائدة: 105.

() سورة المائدة: 105.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص189 ب2 ح13845.

() سورة التحريم: 6.

() راجع تقريب القرآن الي الأذهان: ج28 ص159 سورة التحريم.

() تهذيب الأحكام: ج6 ص178 ب 80 ح13.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص200 ب 8 ح13880.

() وسائل الشيعة: ج16 ص148 ب9 ح21206.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص442 باب حق المرأة علي الزوج ح4533.

() دعائم الإسلام: ج1 ص82 ذكر الرغائب في العلم والحض عليه وفضائل طالبيه.

() سورة طه: 132.

() سورة مريم: 54 55.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص201 ب 8 ح13882.

() سورة آل عمران: 104.

() تقريب القرآن الي الأذهان: ج4 ص19 سورة آل عمران.

() الكافي: ج2 ص302 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال ح12.

() غرر الحكم: ص147 إن تزرع تحصد ح2680.

() غرر الحكم: ص147 إن تزرع تحصد ح2681.

() غرر الحكم: ص147 إن تزرع تحصد ح2683.

() الصراط المستقيم: ج1 ص222 الفصل التاسع عشر.

() نهج البلاغة: الخطب 153.

() سورة المائدة: 105.

() سورة التحريم: 6.

() سورة الشعراء: 214.

() سورة التوبة: 122.

() سورة سبأ: 28.

() سورة آل عمران: 104.

() سورة نوح: 2627.

() راجع تقريب القرآن إلي الأذهان: ج29 ص95 سورة نوح.

() جريجور يوهان مندل (1822 1884م) أعتبر أبو علم الوراثة الحديث، عالم نبات وراهب نمساوي، نسب إليه اكتشاف

الكثير من التجارب والقوانين الأساسية للوراثة، وأدت تجاربه في تكاثر نبات البازلاء إلي تطور علم الوراثة، وكانت تجاربه هي الأساس لعلم الوراثة الذي يشهد تقدماً في عالم اليوم. كان والداه مزارعين فقيرين، وكان مندل طالباً مجداً، وقرر أن يصبح مدرساً. دخل مندل دير القديس توماس في برون بالنمسا وعمره (21 عاماً)، وأصبح قسيساً في سلك الدير عام (1847م). ثم درس العلوم والرياضيات في جامعة فيينا، وعاد إلي الدير ودرّس علم الأحياء والفيزياء في مدرسة محلية لمدة (14سنة).

جاءت شهرة مندل العالمية من بحوثه الصغيرة في حديقة الدير علي نباتات البازلاء وزهورها وبذورها. قام مندل بتهجين آلاف النباتات وملاحظة خاصيات كل جيل لاحق من النباتات، استنتج أن السمات المميزة تنتقل خلال عناصر وراثية في الأمشاج، وتسمي هذه العناصر اليوم الجينات، واستنتج نتيجة تجاربه، أنه إذا ورثت نبتة جينين مختلفين لسمة ما، فسيكون أحد الجينين سائداً، بينما يكون الثاني متنحِّياً. وتظهر سمة الجين السائد في النبتة. فمثلا، إذا كان جين البذور المستديرة سائداً وجين البذور المتجعدة متنحِّياً، فإن النبتة التي ترث كلا الجينين ستكون لها بذور مستديرة. كما اعتقد أن النبتة ترث كلاّ من سماتها مستقلة عن السمات الأخري. ويُعرف هذان الاستنتاجان بقانون الفصل وقانون الاتساق المستقل. نشرت نتائج بحوث مندل وخلاصة تجاربه في علوم الوراثة عام (1866م) إلا أن أحدا لم يتنبه إليها في حينها إلي أن عثر العلماء علي بحوثه عام (1900م) فعرفت واشتهرت في علم الوراثة.

() قال في مجمع البحرين: الدمنة، هي المنزل الذي ينزل فيه أخيار العرب، ويحصل فيه بسبب نزولهم تغير في الأرض بسبب الأحداث الواقعة منهم ومن مواشيهم، فإذا أمطرت أنبتت نبتا حسنا شديد الخضرة والطراوة، لكنه مرعي وبي ء للإبل مضر بها،

فشبه النبي صلي الله عليه و اله المرأة الجميلة إذا كانت من أصل ردي ء بنبت هذه الدمنة في الضر والفساد، والنهي للتنزيه. وفلان يدمن كذا أي يديمه.

والدمن كحمل: ما يتلبد من السرجين، والجمع دمن كسدرة و سدر. مجمع البحرين: ج6 ص247 مادة دمن.

ويقال: الماء متدمن إذا سقطت فيه أبعار الإبل والغنم. والدمنة، بهاء: آثار الدار والناس. وأيضا: ما سودوا وأثروا فيه بالدمن؛ ويقال: وقعوا علي دمنة الدار، وهي البقعة التي سودها أهلها وبالت فيه وبعرت ماشيتهم. ومن المجاز: الدمنة: الحقد القديم الثابت المدمن للصدر. وقيل: لا يكون الحقد دمنة حتي يأتي عليه الدهر؛ ولذا وصفوه بالقديم. وقد دمن عليه، كفرح؛ ودمنت قلوبهم: أي ضغنت. وفي الحديث: شبه رسول الله صلي الله عليه و اله المرأة بما ينبت في الدمن من الكلأ يري له غضارة وهو وبيء المرعي منتن الأصل؛ قال شاعر:

وقد ينبت المرعي علي دمن الثري وتبقي حزازات النفوس كما هيا

راجع تاج العروس: ج18 ص201 مادة دمن.

() وسائل الشيعة: ج20 ص35 ب7 ح24963.

() بحار الأنوار: ج101 ص96 ب2 ح48.

() السرائر: ج2 ص559 باب الكفاءة في النكاح. ويه: ويستحب للانسان إذا أراد التزويج أن يطلب ذوات الدين والأبواب والبيوتات، والأصول الكريمة علي الشياع والمتعارف بين الناس.

() مكارم الأخلاق: ص197 الفصل الأول في الرغبة في التزويج …

() وسائل الشيعة: ج20 ص84 ب33 ح25094.

() وسائل الشيعة: ج20 ص27 ب6 ح24941.

() عمدة الطالب لابن عنبة: ص357 المقصد السادس ف4 في عقب العباس بن أمير المؤمنين عليه السلام.

وورد في هامش مقتل أبي مخنف: إن أمير المؤمنين عليه السلام قال لأخيه عقيل وكان نسابة عالماً بأخبار العرب وأنسابها: ابغني أمرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها؛ فتلد لي غلاماً فارساً. فقال

له: أين أنت عن فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية عليها السلام، فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس، وفي آبائها يقول لبيد للنعمان بن المنذر ملك الحيرة:

نحن بنو أم البنين الأربعة ونحن خير عامر بن صعصعة

الضاربون الهام وسط المجمعة

فلا ينكر عليه أحد من العرب، ومن قومها ملاعب الأسنة أبو براء، الذي لم يعرف في العرب مثله في الشجاعة، والطفيل فارس قرزل، وابنه عمر فارس المزتوق، فتزوجها أمير المؤمنين عليه السلام، فولدت له وأنجبت. وأول ما ولدت العباس عليه السلام يلقب في زمنه: قمر بني هاشم، ويكني أبا الفضل، وبعده عبد الله، وبعده جعفراً، وبعده عثمان، وعاش العباس مع أبيه أربع عشرة سنة، حضر بعض الحروب فلم يأذن له أبوه بالنزال، ومع أخيه الحسن عليه السلام أربعاً وعشرين سنة، ومع أخيه الحسين عليه السلام أربعاً وثلاثين سنة، وذلك مدة عمره، وكان عليه السلام أيداً شجاعاً فارساً وسيماً جسيماً، يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان في الأرض. مقتل أبي مخنف: ص175.

() الكافي: ج6 ص4 باب شبه الولد ح1.

() روضة الواعظين: ج2 ص429 مجلس في ذكر المال والأولاد.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص484 باب فضل الأولاد ح4709.

() مكارم الأخلاق: ص222 ب 8 ف6 في فضل الأولاد.

() مستدرك الوسائل: ج15 ص112 ب1 ح17685.

() سورة آل عمران: 33 34.

() سورة الفرقان: 74.

() سورة الطور: 21.

() سورة هود: 46.

() راجع تقريب القرآن إلي الأذهان: ج3 ص73 سورة آل عمران.

() الأبيات للشاعر أحمد شوقي، (1868م 1936م) أحد أشهر شعراء القرن العشرين، لقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، عالج أكثر فنون الشعر مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي، أراد أن

يجمع بين الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً علي نمط المقامات، فلم يلق نجاجاً فعاد إلي الشعر.

() ديوان الإمام علي عليه السلام: ص66 مدح علم وأدب وحمد عقل وحسب.

() تحف العقول: ص263 ما روي عن الإمام زين العابدين عليه السلام في طوال هذه المعاني.

() وسائل الشيعة: ج21 ص389 ب22 ح27377.

() تهذيب الأحكام: ج8 ص113 ب5 ح39. والخيلاء بالضم والكسر بمعني التكبر أي من جر ثيابه علي الأرض تكبرا.

() روضة الواعظين: ج2 ص369 فصل في ذكر حق الولد علي الوالد.

() كشف الغمة في معرفة الأئمة: ج1 ص520 ذكر الإمام الثاني عليه السلام الخامس فيما ورد في حقه عن رسول الله صلي الله عليه و اله.

() مكارم الأخلاق: ص220 ب 8 ف6 في فضل الأولاد.

() تهذيب الأحكام: ج8 ص113 ب5 ح40.

() وسائل الشيعة: ج21 ص483 ب 88 ح27650.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص483 باب فضل الأولاد ح4704.

() بحار الأنوار: ج101 ص92 ب2 ح16.

() بحار الأنوار: ج101 ص92 ب2 ح18.

() البَيْنُ علي وجْهَين: يكون البَينُ الفُرْقةَ، ويكون الوَصْلَ، بانَ يَبِينُ بَيْناً وبَيْنُونةً، وهو من الأَضداد، والمُبايَنة: المُفارَقَة. وتَبايَنَ القومُ: تَهاجَرُوا. وتقول: ضربَه فأَبانَ رأسَه من جسدِه وفَصَلَه، فهو مُبِينٌ. وفي حديث الشُّرْب: أَبِنِ القَدَحَ عن فيك أَي: افْصِلْه عنه عند التنفُّس لئلا يَسْقُط فيه شي ءٌ من الرِّيق، والبَينِ البُعْد والفِراق. وتبَايَنَ الرجُلانِ: بانَ كلُّ واحد منهما عن صاحبه، وكذلك في الشركة إذا انفصلا. وبانَت المرأةُ عن الرجل، وهي بائن: انفصلت عنه بطلاق. والطَّلاقُ البائِنُ: هو الذي لا يَمْلِك الزوجُ فيه استِرْجاعَ المرأَةِ إلا بعَقْدٍ جديدٍ، وقد تكرر ذكرها في الحديث. وبَيَّن فلانٌ بِنْتَه وأَبانَها إذا زوَّجَها وصارت إلي زوجها، وبانَت هي إذا تزوجت، وفي الحديث: مَنْ عالَ ثلاثَ

بناتٍ حتي يَبِنَّ أَو يَمُتْنَ ويَبِنَّ بفتح الياء: أَي يتزوَّجْنَ. لسان العرب: ج13 ص62 مادة بين.

() عدة الداعي: ص80 ب2 ق6.

() مكارم الأخلاق: ص220 ب 8 ف6 في فضل الأولاد.

() بحار الأنوار: ج101 ص94 ب2 ح35.

() بحار الأنوار: ج101 ص94 ب2 ح36.

() غوالي اللئالي: ج1 ص253 ف10 ح8.

() مكارم الأخلاق: ص222 ب 8 ف6 في فضل الأولاد.

() وسائل الشيعة: ج21 ص476 ب 83 ح27627.

() بحار الأنوار: ج101 ص95 ب2 ح43.

() بحار الأنوار: ج101 ص96 ب2 ح46.

() مكارم الأخلاق: ص223 ب 8 ف6 في فضل الأولاد.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص492 باب تأديب الولد وامتحانه ح4743.

() بحار الأنوار: ج101 ص96 ب2 ضمن ح50.

() مكارم الأخلاق: ص223 ب 8 ف6 في فضل الأولاد.

() بحار الأنوار: ج101 ص95 ب2 ح41.

() الغمر، بالتحريك: السهك وريح اللحم وما يعلق باليد من دسمه.

() عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج2 ص69 ب31 ح320.

() مستدرك الوسائل: ج15 ص170 ب64 ح17895.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص229 ب15 ح13959.

() بحار الأنوار: ج101 ص98 ب2 ح66.

() المحاسن: ج1 ص293 ب47 ح453.

() بحار الأنوار: ج101 ص98 ب2 ح68.

() بحار الأنوار: ج101 ص98 ب2 ح70.

() الكافي: ج6 ص49 باب بر الأولاد ح1.

() الكافي: ج6 ص49 باب بر الأولاد ح2.

() أمالي الشيخ الصدوق: ص35 المجلس9 ح7.

() وسائل الشيعة: ج21 ص447 ب63 ح27544.

() وسائل الشيعة: ج25 ص17 ب4 ح31016.

() عدة الداعي: ص89 ب2 ف6.

() الأبيات لشاعر النيل حافظ ابراهيم (1871 1932م) وهو محمد حافظ بن إبراهيم فهمي المهندس، شاعر مصر ومدون أحداثها لأكثر من ربع قرن، كان تحت رعاية الشيخ محمد عبده، اشتغل محرراً في جريدة الأهرام ولقب بشاعر النيل. طار صيته واشتهر شعره ونثره، فكان شاعر الوطنية والاجتماع والمناسبات

الخطيرة. وفي شعره إبداع في الصوغ امتاز به عن أقرانه.

() الأبيات للشاعر معروف الرصافي (1877 1945م) وهو معروف عبد الغني البغدادي الرصافي. شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق. ولد ببغداد وبها نشأ وتلقي دروسه. له كتب منها ديوان الرصافي، ودفع الهجنة، ومحاضرات في الأدب العربي، وغيرها.

() مكارم الأخلاق: ص200 ب 8 ف2 في أصناف النساء.

() هو الصحابي المشهور الكبير العظيم الشأن، جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام بن ثعلبة الأنصاري العقبي، شهد العقبة مع السبعين وكان أصغرهم، كنيته أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الرحمن، أما علو مرتبته في صحة العقيدة واستقامة الطريقة وخلوص الانقطاع عن الأقوام إلي أهل البيت عليهم السلام مما لا إمتراء فيه. قال الشيخ رحمة الله عليه في كتاب الرجال في باب الصحابة: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام نزل المدينة، شهد بدراً وثمانية عشر غزوة مع النبي صلي الله عليه و اله، مات سنة ثمان وسبعين. قال الشيخ في باب أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: جابر بن عبد الله الأنصاري العرني الخزرجي.. وقال في أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام: جابر بن عبد الله الأنصاري. وكذلك في أصحاب أبي عبد الله الحسين عليه السلام. وقال في أصحاب سيد الساجدين أبي محمد

علي بن الحسين عليه السلام: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري صاحب رسول اله صلي الله عليه و اله. وقال في أصحاب أبي جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام أبو عبد الله الأنصاري صحابي. وقال رحمة الله عليهفي (مصباح المتهجد) في زيارة الأربعين وهو العشرون من

صفر: وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله الانصاري صاحب رسول الله صلي الله عليه و اله من المدينة إلي كربلاء لزيارة قبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وكان أول من زاره من الناس، وتستحب زيارته عليه السلام وهي زيارة الأربعين. كان له من الولد: عبد الرحمن ومحمد وحميد وميمونة وأم حبيب. وقد كان قدم إلي معاوية بدمشق فلما أذن له قال: يا معاوية، أما سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول: من حجب ذا فاقة وحاجة حجبه الله، يوم فاقته وحاجته، فغضب معاوية وقال: وأنت قد سمعته يقول: إنكم ستلقون بعدي إثرة، فاصبروا حتي تردوا علي الحوض فهلا صبرت؟ قال: ذكرتني ما نسيت، وخرج فاستوي علي راحلته ومضي، فوجه إليه معاوية بستمائة دينار، فردها وقال لرسوله: قل له: يا بن آكلة الأكباد، والله لا وجدت في صحيفتك سُنة أنا سببها أبداً. اختيار معرفة الرجال: ج1 ص205 اشتراك جابر بن عبد الله بين اثنين.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص389 باب ما يستحب ويحمد من أخلاق النساء ح4367.

() الكافي: ج5 ص327 باب من وفق له الزوجة الصالحة ح1.

() الكافي: ج5 ص325 باب خير النساء ح6.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص621 باب الحقوق ح3214.

() الكافي: ج2 ص159 باب البر بالوالدين ح9.

() مستدرك الوسائل: ج15 ص180 ب70 ح17933.

() بحار الأنوار: ج47 ص72 ب5 ح32.

() سورة الإسراء: 23 24.

() قاعدة في علم التجويد: وهي كلما جاء النون والتنوين مع حروف الياء والراء والميم واللام والواو والنون (حروف يرملون) فإنهما يدغمان ويصيران حرف واحداً مشدداً.

() إشارة إلي قول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام المروي عن أبي جعفر عليه السلام حيث قال: كان من

دعاء أمير المؤمنين صلي الله عليه و اله: إلهي كفي بي عزاً أن أكون لك عبداً، وكفي بي فخراً أن تكون لي رباً، إلهي، أنت لي كما أحب وفقني لما تحب كنز الفوائد: ج1 ص385. وفي تنبيه الخواطر وتنزيه النواظر: ج2 ص111، قال: في بعض مناجاة أمير المؤمنين عليه السلام لربه: كفي بي عزا أن تكون لي ربا، وكفي بي فخرا أن أكون لك عبداً، أنت لي كما أحب فوفقني لما تحب.

() بحار الأنوار: ج71 ص42 ب2 ضمن ح3.

() سورة الضحي: 10.

() راجع تقريب القرآن إلي الأذهان: ج15 ص33 سورة الإسراء.

() وسائل الشيعة: ج16 ص296 ب3 ح21588.

() الكافي: ج2 ص509 من تستجاب دعوته ح2.

() الكافي: ج2 ص162 باب البر بالوالدين ح14.

() الكافي: ج5 ص554 باب أن من عف عن حرم الناس عف عن حرمه ح5.

() أي كانا مخالفين.

() الكافي: ج2 ص159 باب البر بالوالدين ح8.

() مستدرك الوسائل: ج15 ص181 ب70 ضمن ح17933.

() مستدرك الوسائل: ج15 ص181 ب70 ضمن ح17933.

() مستدرك الوسائل: ج15 ص182 ب70 ح17939.

() غوالي اللآلي: ج1 ص269 ف10 ح77.

() مستدرك الوسائل: ج15 ص180 ب70 ح17932.

() مستدرك الوسائل: ج15 ص182 ب70 ح17940.

() سورة لقمان: 14.

() فقه الرضا عليه السلام: ص334 ب 86 في حق الوالد علي ولده.

() سورة إبراهيم: 35.

() سورة الحج: 41.

() سورة القصص: 83.

() راجع تقريب القرآن إلي الأذهان: ج1 ص121 سورة البقرة.

() راجع تقريب القرآن إلي الأذهان: ج17 ص117 سورة الحج.

() مجمع البيان: ج7 ص464 سورة القصص.

() سورة الأعراف: 56.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص417 ق6 ب2 ف2 ح9540.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص417 ق6 ب2 ف2 ح9536.

() بحار الأنوار: ج44 ص139 ب22 ح6.

() الدعوات: ص220 ب3 ح601.

() يريد بيان تشديد

الحذر من مصادقة الفاسق، فإن معاداة المؤمن مع شدة حرمته هو أهون خطراً علي الإنسان من مصادقة الفاسق؛ إذ مصادقة الفاسق تذهب بدنيا الإنسان وآخرته معاً.

() بحار الأنوار: ج13 ص428 ب18 ح23.

() مستدرك الوسائل: ج8 ص327 ب10 ح9571.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص414 ق6 ب2 ف1 ح9435.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص429 ق6 ب3 ف1 ح9771.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص431 ق6 ب3 ف2 ح9826.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص431 ق6 ب3 ف2 ح9834.

() مستدرك الوسائل: ج8 ص328 ب10 ح9572.

() الكافي: ج5 ص56 باب الأمر بالمعروف ح1.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص308 ب35 ح14162.

() نهج الفصاحة: ص142 ح702.

() إرشاد القلوب: ج1 ص184 ب51.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص405 ق6 ب1 ف1 ح9275.

() الصحيفة السجادية، من دعائه عليه السلام لولده.

() مصباح الكفعمي: ص280 ف29 من دعاء مروي عن الإمام المهدي عليه السلام.

() سورة الطور: 21.

() سورة آل عمران: 159.

() سورة آل عمران: 200.

() سورة الفرقان: 27 29.

() سورة الكهف: 66.

() سورة الشعراء: 69 74.

() سورة النساء: 140.

() سورة النازعات: 40.

() سورة التوبة: 103.

() سورة التغابن: 16.

() سورة النساء: 110.

() سورة آل عمران: 104.

() سورة التوبة: 118.

() سورة المائدة: 2.

() سورة الحجرات: 10.

() تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص122.

() نهج البلاغة، قصار الحكم: 359.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص237 ق3 ب2 ف1 ح4775.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص237 ق3 ب2 ف1 ح4764.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص236 ق3 ب2 ف1 ح4762.

() الصحيفة السجادية: من دعائه عليه السلام في مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص254 ق3 ب2 ف2 ح5358.

() الكافي: ج1 ص43 باب من يكره لبنه ومن لا يكره ح8.

() الكافي: ج6 ص44 باب من يكره

لبنه ومن لا يكره 12.

() الكافي: ج1 ص43 باب من يكره لبنه ومن لا يكره ح14.

() أمالي الشيخ الصدوق: ص21 المجلس6 ح4.

() نهج البلاغة، الكتب: 69 من كتاب له عليه السلام إلي الحارث الهمذاني.

() الكافي: ج2 ص375 باب مجالسة أهل المعاصي ح3.

() بحار الأنوار: ج1 ص198 ب3 ح5.

() مكارم الأخلاق: ص220 ب 8 ف6 في فضل الأولاد.

() عدة الداعي: ص86 ب2 ق6

() وسائل الشيعة: ج21 ص483 ب 88 ح27650.

() وسائل الشيعة: ج21 ص481 ب 86 ح27644.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.