القصص و الحكايات

اشارة

تاليف: آية اللّه العظمي الحاج السيّد محمّد الحسيني الشيرازي

مشخصات كتاب

نام كتاب … الحكايات و القصص

مؤلف: …

شمارگان … 5000

نوبت چاپ … اوّل - محرم الحرام 1421 ه ق

چاپ … …

قيمت … …

صفحه آرايي …

ناشر …

ISNB 964 - 6789 - 56- 9

شابك: 9 - 56 - 6789 - 964

(160) ترك القرآن

عن يعقوب الاحمر قال: قلت لابي عبداللّهعَليهِ السَّلام جلعت فداك اني كنت قرأت القرآن فغلت مبني فادع اللّه عزوجل ان يعلمنيه قال: فكانه فزع لذلك فقال: علمك اللّه هو و ايانا جميعاً قال: و نحن نحو من عشرة ثم قال: السورد تكون مع الرجل قد قرأها ثم تركها فتأتيه يوم القيامة في احسن صورة و تسلم عيه فيقول: من أنت، فتقول: أنا سورة كذا و كذا.

فلو انك تمسكت بي و أخذت بي لا نزلتك هذه الدرجة فعليكم بالقرآن ثم قال: ان من الناس من يقرأ القرآن ليقال: فلان قاري و منهم من يقرأ القرآن ليطلب به الدنيا و لا خير في ذلك و منهم من يقرأ القرآن لينتفع به في صلاته و ليله و نهاره.

(161) الطب في القرآن

قال الاصبغ بن نباته سمعت أميرالمؤمنينعَليهِ السَّلام يقول لابنه الحسنعَليهِ السَّلام يا بني ألا أعلّمك اربع كلمات تستغني بها عن الطب؟ فقال: بلي، قالعَليهِ السَّلام: لا تجلس علي الطعام الاّ و انت جائع، و لا تقم عن الطعام الاّ و أنت تشتهيد، و جوّد المضغ، و اذا نمت فاعرض نفسك علي الخلاء، فاذا استعملت هذا استغنيت عن الطب، و قال: انّ في القرآن لآية تجمع الطب كله (كلوا و اشربوا و لا تسرفوا).

(162) تكلّم النار ثلاثة

قال رسول اللّهصلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم تكلّم النار يوم القيامة ثلاثة: اميراً و قارياً و ذاثروة من المال فتقول للامير: يا من وهب اللّه له سلطاناً فلم يعدل، فتزدرده كما يزدرد الطير حبّ السمسم، و تقول للقاري: يا من تزيّن للناس، و بارز اللّه بالمعاصي، فتزدرده، و تقول للغني: يا من وهب اللّه له دنيا كثيرة واسعة، فيضاً، و سأله الحقير اليسير قرضاً، فأبي الاّ بخلا فتزدرده.

(163) القرآن نور

قالصلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم لابن مسعود: اقرء فقال: يا رسول اللّه أقرء و عليك أنزل؟ فقال: انّي احب ان اسمعه من غيري، فكان يقرء و رسول اللّهصلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم عيناه تفيضان، و قالصلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم: من اسمتع الي آية من كتاب اللّه عزوجل كانت له نوراً يوم القيامة.

(164) تكرار الآيه

عن ابي ذر قال قام رسول اللّهصلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم فقام ليلة بآية يردّدها.

(ان تعذّبهم فانّهم عبادك)

و قام سعيد بن جبير ليلة يردد هذه الاية.

(و امتازوا اليوم ايها المجرمون)

(165) لا يمكن مبارزة القرآن

عن هشام بن الحكم قال: اجتمع ابن ابي العوجاء و ابو شاكر الديصاني الزنديق و عبدالملك البصري و ابن المقفع عند بيت اللّه الحرام، يستهزؤن بالحاج و يطعنون بالقرآن.

فقال ابن ابي العوجاء: تعالوا ننقض كل واحد منّا ربع القرآن و ميعادنا من قابل في هذا الموضع، نجتمع فيه و قد نقضنا القرآن كله، فانّ في نقض القرآن ابطال نبوة محمّد، و في ابطال نبوته ابطال الاسلام و اثبات ما نحن فيه، فاتفقوا علي ذلك و افترقوا، فلمّا كان من قابل اجتمعوا عند بيت اللّه الحرام فقال ابن ابي العوجاء:

أما أنا فمفكر منذ افترقنا في هذه الاية: (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيّاً).

فلمّا أقدر ان اضم اليها في فصاحتها و جميع معانيها شيئاً، فشغلتني هذه الاية عن التفكر فيما سواها.

فقال عبدالملك: و أنا منذ فارقتكم مفكر في هذه الاية:

(يا ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ان الذين تدعون من دون اللّه لن يخلقوا ذباباً)

و لم أقدر علي الاتيان بمثلها.

فقال ابوشاك ر: و أنا منذ فارقتكم مفكر في هذه الاية: (لو كان فيهما آلهة الا اللّه لفسدتا) لم أقدر علي الاتيان بمثلها.

فقال ابن المقفع: يا قوم انّ هذا القرآن ليس من جنس كلام البشر، و أنا منذ فارقتكم مفكر في هذه الاية:

(و قيل يا أرض ابلعي مائك و يا سماء اقعلي و غيض الماء و قضي الامر و استوت علي الجودي و قيل بعداً للقوم الظالمين).

لم ابلغ غاية المعرفة بها و لم أقدر علي الاتيان بمثلها.

قال

هشام بن الحكم: فبينما هم في ذلك: اذ مربهم جعفر بن محمّد الصادقعَليهِ السَّلام فقال: (قل لئن اجتمعت الانس و الجن علي ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيراً).

فنظر القوم بعضهم الي بعض و قالوا: لئن كان الاسلام حقيقة لما انتهت امر وصية محمد الا الي جعفر بن محمّد، و اللّه ما رأيناه قط الاّ هبناه و اقضعرت جلودنا لهيبة، ثم تفرقوا مقرين بالعجز.

(166) لا يمكن مخالفة القرآن

ان السحاق الكندي كان فيلسوف العراق في زمانه أخذ في تأليف تناقض القرآن و شغل نفسه بذلك و تفرد به في منزله و ان بعض تلامذته دخل يوماً علي الامام الحسن العسكري فقال له ابو محمدصلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم: امّا فيكم رجل رشيد يردع استاذكم الكندي عما أخذ فيه من تشاغله بالقرآن؟ فقال التلميذ: نحن من تلامذته كيف يجوز منا الاعتراض عليه في هذا اوفي غيره، فقال له ابو محمّد: اتؤدي اليه ما القيه اليك؟ قال نعم قال: فصر اليه و تلطّف في مؤانسته و معونته علي ما هو بسبيله فاذا وقعت الانسد في ذلك فقل قد حضرتني مسألة اسألك عنها فانّه يستدعي ذلك منك فقل له ان أتاك هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز ان يكون مراده بما تكلم منه غير المعاني التي قد ظننتها انّك ذهبت اليها؟ فانّه سيقول لك انّه من الجائز لانّه رجل يفهم اذا سمع، فاذا اوجب ذلك فقل له: فما يدريك لعله قد اراد غير الذي ذهبت أنت اليه فيكون واضعاً لغير معانيه، فصار الرجل الي الكندي و تلطف الي ان القي عليه هذه المسألة فقال له: أعد عليّ فاعاد عليه فتفكر في نفسه و

رأي ذلك محتملا في اللغة و سائغاً في النظر فقال: اقسمت اليك الا اخبرتني من أين لك؟ فقال انه شيء عرض بقلبي فاوردته عليك، فقال: كلا ما مثلك من اهتدي الي هذا و لا من بلغ هذه المنزلة فعرفني من أين لك هذا؟ فقال: امري به ابومحمّد فقال: الان جئت به و ما كان ليخرج مثل هذا الا من ذلك البيت، ثم انّه دعا بالنار و احرق جميع ما كان ألّفه.

(167) لا يسكت أمام القرآن

عن جابر بن عبداللّه قال: لما قرء رسول اللّهصلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم الرحمن علي الناس سكتوا فلم يقولوا شيئاً فقال رسول اللّهصلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم: الجن كانوا أحسن جواباً منكم لما قرأت عليهم (فبأي آلاء ربكما تكذّبان) قالوا: لا و لا بشيء من آلاء ربنا نكذب.

عن حماد بن عثمان قال سمعت اباعبداللّهعَليهِ السَّلام يقول: تقول كلّما قلت: (فبأي آلاء ربكما تكذّبان) لا بشيء من آلائك رب الكذب.

(168) اذا قرء الامام الرضاعَليهِ السَّلام القران

عن رجاء بن الضحاك قال: كان الرضاعَليهِ السَّلام في طريق خراسان يكثر بالليل في فراشه من تلاوة القرآن فاذا مرّ بآية فيها ذكر جنّة أو نار بكي و سأل اللّه الجنة، و تعوّذ به من النار، و كانعَليهِ السَّلام يجهر بسم اللّه الرحمن الرحيم في جميع صلاته بالليل و النهار، و كان اذا قرأ «قل هو اللّه احد» قال سرّاً: اللّه أحد، فاذا فرغ منها قال: كذلك اللّه ربنا ثلاثاً و كان اذا قرء سورة الجحد قال في نفسه سرّاً يا أيها الكافرون فاذا فرغ منها قال ربي اللّه و ديني الاسلام ثلاثاً و كان اذا قرأ و التين و الزيتون قال عند الفراغ منها: بلي و أنا علي ذلك من الشاهدين و كان اذا قرأ لا أقسم بيوم القيمة قال عند الفراغ منهاسبحانك اللهم و بلي و كان يقرأ في سورة الجمعة قل ما عند اللّه خير من الّلهو و من التجارة للذين اتقوا و اللّه خير الرازقين و كان فرغ من الفاتحة قالالحمد لله رب العالمين و اذا قرء سبح اسم ربك الاعلي قال سرّاًسبحان ربي الاعلي و اذا قرأيا أيها الذين آمنوا قال لبيك اللهم لبيك سرّاً.

(169) عدم معرفة الامامعَليهِ السَّلام

عن ميسر بياع الزطي قال دخلت علي ابي عبداللّهعَليهِ السَّلام فقلت له جعلت فداك ان لي جاراً لست انتبه الاّ بصوته امّا تالياً كتابه يكرره و يبكي و يتضرع و أما داعياً فسألت عنه في السرّ و العلانية فقيل لي انّه مجتنب لجميع المحارم قال فقال يا ميسر يعرف شيئاً مما أنت عليه؟ قال قلت اللّه أعلم. قال فحججت من قابل فسألت عن الرجل فوجدته لا يعرف شيئاً من هذا الامر فدخلت علي ابي عبداللّهعَليهِ

السَّلام فاخبرته بخبر الرجل فقال لي مثل ما قال في العام الماضي: يعرف شيئاً ممّا أنت عليه؟ قلت لا. قال يا ميسر ايّ البقاع أعظم حرمة؟ قال قلت اللّه و رسوله و ابن رسوله أعلم.

قال يا ميسر ما بين الركن و المقام روضة من رياض الجنة و ما بين القبر و المنبر روضة من رياض الجنة. و لو أنّ عبداً عمره اللّه فيما بين الركن و المقام و فيما بين القبر و المنبر يعبده الف عام ثم ذبح علي فراشه مظلوماً كما يذبح الكبش الاملح ثم لقي اللّه عزوجل بغير ولايتنا لكان حقيقتاً علي اللّه عزوجل ان يكبّه علي منخريه في نار جهنّم.

(170) ختم القرآن للائمة كم

علي بن المغيرة عن ابي الحسنعَليهِ السَّلام قال قلت له انّ ابي سأل جدك عن ختم القرآن في كل ليلة فقال له جدك في كل ليلة فقال له في شهر رمضان فقال له أبي نعم ما استطعت فكان ابي يختمه اربعين ختمة في شهر رمضان ثم ختمته بعد ابي فربّما زدت و ربما نقصت علي قدر فراغي و شغلي و نشاطي و كسلي فاذا كان في يوم الفطر جعلت لرسول اللّهصلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم ختمة و لعليعَليهِ السَّلام أخري و لفاطمة أخري ثم للائمة(عليهم السلام) حتي انتهيت اليك فصيّرت لك وحدة منذ صرت في هذه الحال، فانّي شيء لي بذلك؟ قال لك بذلك ان تكون معهم يوم القيامة قلت اللّه اكبر فعلي بذلك؟ قال نعم ثلاث مرّات.

(171) الشيطان يئس

قال علي عَليهِ السَّلام: و لقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه و لا يراه غيري، أري نور الوحي و الرسالة و أشم ريح النبوة. و لقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم فقلت يا رسول اللّه ما هذه الرنة؟ فقال هذا الشيطان قد أيس من عبادته، انّك تسمع ما أسمع وتري ما أري الاّ انّك لست بنبي.

(172) ادب النبي كان باقرآن

قال سعيد بن هشام دخلت علي عايشه فسألتها عن اخلاق رسول اللّه صلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم فقالت أمّا تقرأ القرآن قلت بلي قالت كان خلق رسول اللّه صلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّمالقرآن: و ادّبه اللّه تعالي بالقرآن بمثل قوله خذ العفوا و امر بالمعروف و أعرض عن الجاهلين و قوله تعالي ان اللّه يأمر بالعدل و الاحسان و قوله تعالي و اصبر و ما صرك الاّ باللّه.

(173) دعاء ختم القرآن

عن زرّبن حبيش قال قرأت من اوله الي آخره في المسجد الجامع بالكوفه علي اميرالمؤمنينعَليهِ السَّلام قال فلمّا بلغت الحواميم قال لي أميرالمؤمنينعَليهِ السَّلام قد بلغت عرائس القرآن فلمّا بلغت رأس العشرين من حمعسق «و الذين آمنوا و عملوا الصالحات في روضات الجنات» الاية بكي أميرالمؤمنينعَليهِ السَّلام حتّي علاء نحيبه، ثم رفع رأسه الي السماء و قال يا زرّ امّن علي دعايي؛ ثم قال: الّلهم اني اسألك اخبات المخبتين و اخلاص الموقفين و مرافقة الابرار و استحقاق حقائق الايمان و الغنيمة من كل بر و السلامة من كل اثم و وجوب رحمتك و عزائم مغفرتك و الفوز بالجنة و النجاة من النار ثم

قال اذا ختمت فادع بهذه فان حبيبي رسول اللّهصلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم أمرني بهن عند ختم القرآن.

(174) الذين اوتوا العلم في القرآن

عن ابي جعفر قال، قال ابو جعفرعَليهِ السَّلام في هذه الاية:

(بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم …) ثم قال: امّا و اللّه يا ابا محمّد ما قال: بين دفّتي المصحف قلت من هم جعلت فداك؟ قال: من عسي أن يكونوا غيرنا؟

(175) تكرار القرآن

عن الزهري قال، قال علي بن الحسينعَليهِ السَّلام: لو مات من بين المشرق و المغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي و كانعَليهِ السَّلام اذا قرأ مالك يوم الدين يكررها حتّي كاد أن يموت.

(176) تعليم القرآن

عن رجاء بن حياة قال كنّا يوماً أنا و أبي عند معاذ بن جبل فقال من هذا يا حياة فقال هذا ابني رجاء فقال معاذ هل علمته القرآن قال لا قال فعلمه القرآن فانّي سمعت رسول اللّهصلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم يقول ما من رجل علم ولده القرآن الاّ توجه ابواه يوم القيامة بتاج الملك و كسياحلتين لم ير الناس مثلهما ثم ضرب بيده علي كتفي فقال يا بني اذا استطعت ان تكسو ابويك يوم القيامة حلتين فافعل.

قال رسول اللّهصلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم من دعا ظالماً بالبقاء فقد احبّ أن يعصي اللّه في أرضه.

عن المضل بن عمر قال، قال لي ابوعبداللّهعَليهِ السَّلام:

اكتب و بث علمك في اخوانك فان متّ فأورث كتبك بنيك فانّه يأتي علي الناس زمان هرج لا يأنسون فيه الاّ بكتبهم.

(177)

قال حكيم ان رجلا كان له بستان يعمره و يحسن القيام عليه اذ رأي في بستانه ذات يوم عصفوراً واقعاً علي شجرة من شجرة يصيب من ثمرها فغاضه ذلك فنصب فخاً فصاده، فلمّا هم بذبحه أنطقه اللّه عزوجل بقدرته، فقال لصاحب البستان: انّك تهتم بذبحي و ليس فيّ ما يشبعك من جوع ولا يقويك من ضعف فهل لك في خير عمّا هممت به؟ قال الرجل: ما هو؟ قال العصفور: تخلي سبيلي و اعلمك ثلاث كلمات ان أنت خفظتهن كن خيراً لك من أهل و مال هو لك، قال: قد فعلت فأخبرني بهن، قال العصفور: احفظ عني ما أقول لك لا تأس علي ما فاتك و لا تصدقن بما لا يكون، و لا تطلبن ما لا تطيق، فلمّا قضي الكلمات خلي سبيله، فطار فوقع علي بعض الاشجار، ثم

قال للرجل: لو تعلم ما فاتك مني لعلمت أنك قد فاتك مني عظيم جسيم من الامر، فقال الرجل و ما ذاك؟ قال العصفور: لو كنت قضيت علي ما هممت به من ذبحي لاستخرجت من حوصلتي درة كبيضة الاوزة فكان لك في ذلك غني الدهر، فلمّا سمع الرجل منه ذلك أسر في نفسه ندماً علي ما فاته، و قال: دع عنك ما مضي، و هلم انطلق بك الي منزلي فأحسن صحبتك و أكرم مثواك، فقال له العصفور: أيها الجاهل ما أراك حفظتني اذا ظفرت بي، و لا أنتفعت بالكلمات التي أفتديت بها منك نفسي، ألم أعهد اليك ألا تأس علي ما فاتك و لا تصدّق ما لا يكون و لا تطلب ما لا يدرك؟ أما أنت متفجع علي ما فاتك و تلتمس مني رجعتي اليك و تطلب ما لا تدرك و تصدق أن في حوصلتي درة كبيضة الاوزة، و جميعي أصغر من بيضها و قد كنت عهدك اليك أن لا تصدق بما لا يكون.

(178)

كان أبو جعفر المنصور، الحاكم العباسي الظالم، بخيلا الي درجة كبيرة حتّي بات يضرب به المثل في بخله و مما ينقل في ذلك، ما ذكره أحد مقربيه، و هو بشر المنجم، يقول: دعاني أبو جعفر يوماً عند المغرب فبعثني في بعض الامر، فلمّا رجعت رفع ناحية مصلاّة، فاذا دينار، فقال: خذ هذا و احتفظ به.

فأخذته فهو عندي الي الساعة مخافة أن يطالبني لانّه لم يقل خذه لك.

المنصور طلب نجاراً فقاله له: أريدك قبل أن أتوجّه الي المسجد و أصلي، أن تصنع لي باباً سرياً أري من خلاله الحاضرين في المسجد لاداء الصلاة و أطلع عليهم!

يقول النجار: لقد طلب مني الحاكم هذا الامر،

و الوقت ينذر بحلول الصلاة فصنعت له الباب قبل أن يرتاد الاذان مسامع المصلين. و جاء و أبدي اعجاباً كبيراً بالباب، و قال لي: أحسنت بارك اللّه فيك، ثم ناوله در همين!!

و ذات مرة مرض المنصور، فاستدعي طبيباً له، و عالجه فتماثل للشفاء، و دم له رغيفاً من الخبز في مقابل انقاذه من المرض، الاّ أن الطبيب علق الرغيف في رقية، و أخذ يتجوّل في السوق! و انهايت أسئلة الناس عليه دهشة قائلين: ما السبب في تعليقك الرغيف علي رقبتك؟ فأجاب في سخرية:

جائزة الامير علي طبابتي له، و علي شفائه و انقاذ حياته.

(179)

يحكي أن رجلا يضرب به المثل في الجود و الكرم و الايثار و هو «كعب الايادي» خرج مع قافلة تريد احدي المدن البعيدة عن بلدهم و كان ذلك في حر الصيف فضلّوا الطريق فلقيهم في أثناء الطريق رجل من بني النمر بن قاسط فصبحبهم، فشحّ ماؤهم فكانوا يقتسمون الماء بينهم بحصص معينة و ذلك أن يطرح حصاة ثم يصب فيه من الماء بقدر ما يغمر الحصاة فيشرب كل واحد منهم قدر ما يشرب الاخر.

و لمّا نزلوا للشرب و دار القدح بينهم حتي أنتهي الي كعب، رأي أن الذي صحبهم أثناء الطريق قد أخذ يحد النظر اليه، فآثره علي نفسه و قال للساقي: اسق أخاك النمري.

فشرب نصيب كعب من الماء ذلك اليوم! ثم نزلوا من الغد منزلهم الاخر فاقتسموا ماءهم كما فعلوا بالمرات الاولي، فنظر اليه النمري كنظرة أمس، و قال كعب كقوله بالامس اسق أخاك النمري، ثم ارتحل القوم و أما كعب فقد وقع الي الارض من شدة العطش و الضعف، فالتفت اليه أقرانه و قالوا: يا كعب، أرتحل، فلم يكن له

قوة للنهوض، و كانوا قد قربوا من الماء فقالوا له: رد يا كعب، انّك وارد، فعجز عن الجواب.

و لما أيسوا منه خيّموا عليه بثوب يمنعه من السبع أن يأكله و تركوه مكانه و ذهبوا الي الماء و شربوا و ارتووا ثم أخذوا الماء الي كعب فلمّا وصلوا اليه وجدوه ميتاً.

(180)

روي الثعلبي و غيره من المفسرين أن الحسن و الحسين عليهم السّلام مرضا فعادهما جدهما رسول اللّه داخرون، فقالوا: يا ابا الحسن لو نذرت لولديك نذراً، فقال عَليهِ السَّلام ان برء ولداي مما بهما صمت ثلاثة أيّام شكراً للّه تعالي، و قالت فاطمة: مثل ذلك، و قالت جاريتها فضة ان بريء سيداي مما بهما صمت ثلاثة أيّام شكراً لله تعالي عزّوجلّ فالبسا العافية، و ليس عند آل محمّد صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم لا قيل و لا كثير فآجر علي عَليهِ السَّلام نفسه ليلة الي الصبح يسقي نخلا بشيء من شعير و أتي به الي المنزل، فقسمت فاطمة سَلام اللّه عَلَيها الي ثلاثة و خبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص، وصلي اميرالمؤمنين عَليهِ السَّلام صلاة المغرب مع رسول اللّه، ثم أتي المنزل فوضع الطعام بين يديه فجاء مسكين فوقف بالباب و قال: السلام عليك يا أهل بيت محمّد مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم اللّه من موائد الجنة فسمعه علي و فاطمة سَلام اللّه عَلَيها و الباقون فأطعموه و مكثوا يومين و ليلتين لم يذوقوا الا الماء القراح.

فلمّا كان اليوم الثالث قامت فاطمة سَلام اللّه عَلَيها الي الثلث الباقي و طحنته و خبزته و صلي علي عَليهِ السَّلام مع النبي صلاة المغرب ثم أتي المنزل فوضع الطعام بين يديه فجاء أسير

فوقف بالباب و قال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد الا تطعمونا أطعمكم اللّه من موائد الجنة أسير محمّد صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم فسمعه علي عَليهِ السَّلام فآثره و آثروه معه و مكثوا ثلاثة أيام بلياليها لم يذوقوا الا الماء القراح.

فلمّا كان اليوم الرابع و قد وفوا بنذرهم أخد علي عَليهِ السَّلام الحسن بيده اليمني و الحسين بيده اليسري و أقبل نحو رسول اللّه صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم و هم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، فلمّا بصر بهم النبي صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم قال: يا أبا الحسن ما أشد ما يسوؤني ما أري بكم انطلق بنا الي ابنتي فاطمة فانطلقوا اليها و هي في محرابها تصلّي، و قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع، فلمّا رآها النبي صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم قال: واغوثاه أهل بيت محمّد يموتون جوعاً! فهبط جبرائيل عَليهِ السَّلام و قال: خذ يا محمّد هنّأك اللّه في أهل بيتك قال: و ما آخذ يا جبرائيل، قال: هل أتي علي الانسان الي آخر السورة.

(181)

روي بو سعيد الخدري قال: لمّا خرج رسول اللّه صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم الي الغار أوحي اللّه عزوجل الي جبرائيل و ميكائيل أني قد آخيت بينكما و جعلت عمر أحدكما أطول من عمر الاخر فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة فكلاهما اختارا حب الحياة، فأوحي اللّه عزوجل اليهما أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه و بين محمّد صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم فبات علي فراشه يقيه بنفسه أهبطا الي الارض فاحفظاه من عدوه، فكان جبرائيل عند رأسه و ميكائيل عند رجليه

و جبرائيل ينادي من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي اللّه بك الملائكة، و أنزل اللّه عزوجل في حقّه (و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة اللّه و اللّه رؤوف بالعباد).

(182)

في غزوة (احد) صرع نفر من أصحاب رسول اللّه صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم و كانت الحياة باقية في أبدان بعض منهم، فأتي الي واحد من المصروعين بما يشربه، كي لا يفارق هذه الدنيا عطشاناً فأبي أن يشرب.

و قال: ناولوا الماء لهذا المصروع بجنبي، فلعلّه أشد عطشاً مني!

أتوا بالماء الي الثاني فأبي أن يشرب في حين أن بقية المصروعين عطاشي و أشار اليهم أن يعطوا الماء لمصروع آخر يعاني سكرات الموت قائلا: لعل عطشي يكون أقل من فذهبوا بالماء الي الرابع.

والي الخامس.

و الي السادس..

و الي السابع …

و كلّهم يمتنعون عن شرب الماء قبل أخيهم المصروع بجنبهم خوفاً من أن يكون أظمأ منهم و يحولون بالماء الي الاخر.

فلمّا وصل الماء الي الصريع السابع.. حوله الي ذلك الصريع الاوّل..

فجاؤا به الي الاوّل فلقوه ميتاً..

ثم أتوا به الي الثاني فاذا هو ميّت..

و الي الثالث..

و الي الرابع.

و هكذا.. الي السابع.

فما وجدوا واحداً منهم حياً!

فارقت روحهم الدنيا عطشاً من دون أن يذوقوا الماء.

(183)

عن الامام الصادق عَليهِ السَّلام انّه كان عليّ بن الحسين عَليهِ السَّلام يعجب بالعنب فدخل منه الي المدينة شيء حسن، فاشترت منه أم ولده شيئاً و أتته به عند افطاره فأعجبه، فقبل أن يمدّ يده وقف بالباب سائل، فقال لها: احمليه اليه، قالت: يا مولاي بعضه يكفيه، قال: لا واللّه، و أرسله اليه كلّه، فاشترت له من غد و أتت به فوقف السائل، ففعل مثل ذلك فأرسلت فاشترت له و أتت به في اللّيلة الثالثة و لم يأت سائل، فأكل و قال: ما فاتنا منه شيء و الحمد للّه.

(184) هل جزاء الاحسان الاّ الاحسان

بينما امرأة من بني اسرائيل علي ساحل البحر تغسل ثيابها و صبي لها يلعب بين يديها اذ جاء سائل فأعطته لقمة من رغيف كان معها فما كان بأسرع من أن جاء ذئب فالتقم الصبي فجعلت تركض خلفه و هي تقول يا ذئب ابني يا ذئب ابني!!

فبعث اللّه ملكاً انتزع الصبي من فم الذئب و رمي به اليها و قال لقمة بلقمة.

(185) تأثير الصدقة في حفظ الاموال

ورد عن الامام الصادق عَليهِ السَّلام أنّه كان في سفر، و كان معه في القافلة تجّار و معهم بضائع، و عملوا أنّ أمامهم في الطريق لصوص، فخافوا و أخذوا يتداولون مع الامام عَليهِ السَّلام في كيفية النجاة من المأزق.

فرأي أحدهم أن يدفن البضائع.

فقال عَليهِ السَّلام: ربما لا تهتدون اليها بعد ذلك.

و قال آخر: ندّعي أنّها لك يا أباعبداللّه!!

قال لا ينفع.

قالوا: أجل ما نصنع بها؟

فأشار عليهم الامام عَليهِ السَّلام أن يودعوها عند اللّه جل جلاله علي أن يتصدّقوا بنسية منها، ففعلوا ذلك، و مرّوا باللصوص فلم يتعرضوا لهم.

(186) «انفاق اميرالمؤمنين عَليهِ السَّلام»

روي أن اميرالمؤمنين عَليهِ السَّلام دخل مكة و هو في بعض حوائجه فوجد أعرابياً متعلقاً بأستار الكبعة و هو يقول: يا من لا يحويه مكان و لا يخلو منه مكان و لا يكفه مكان، أرزق الاعرابي أربعة آلاف درهم قال: فتقدّم اليه أمير المؤمنين عَليهِ السَّلام قال: ما تقول يا اعرابي، فقال الاعرابي: من أنت، فقال: أنا علي بن ابي طالب، قال: أنت و اللّه حاجتي، قال عَليهِ السَّلام: سل يا أعرابي، قال: أريد ألف درهم أتعيّش بها، قال له عَليهِ السَّلام: أنصفت يا أعرابي، اذا خرجت من مكة فسل عن داري بمدينة الرّسول صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم فأقام الاعرابي أسبوعاً بمكة، و خرج في طلب أميرالمؤمنين عَليهِ السَّلام الي المدينة، و نادي من يدلني علي دار أمير المؤمنين عَليهِ السَّلام، فلقيه الحسن عَليهِ السَّلام فقال: «أنا أدلك علي دار أميرالمؤمنين، فقال الاعرابي: من أبوك؟ قال: أميرالمؤمنين عَليهِ السَّلام قال من أمكّه معظّمه قال: «فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، قال: من جدك؟ قال: رسول اللّه صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم محمّد بن عبداللّه

بن عبدالمطلب، قال: من جدّتك؟ قال: خديجة بنت خويلد قال: من أخوك؟ قال: الحسين بن علي بن ابي طالب عَليهِ السَّلام، قال: لقد أخذت الدنيا بطرفيها أمش الي أميرالمؤمنين عَليهِ السَّلام و قل له: أن الاعرابي صاحب الضمان بمكة علي الباب، فدخل الحسن عَليهِ السَّلام، و قال: يا أبه الاعرابي بالباب يزعم أنّه صاحب ضمان بمكة، قال: فخرج اليه عَليهِ السَّلام و طلب سلمان الفارسي رضي اللّه عنه و قال له: يا سلمان الي السوق و عرض الحديقة التي غرسها لي رسول اللّه علي التجار، فدخل سلمان الي السوق و عرض الحديقة فباعها باثني عشر ألف درهماً و أحضر المال و أحضر الاعرابي، فأعطاه أربعة آلاف درهم و أربعين درهماً لنفقته، فرفع الخبر الي فقراء المدينة فاجتمعوا اليه و الدارهم مصبوبة بين يديه فجعل عَليهِ السَّلام يقبض قبضة و يعطي رجلا رجلا حتّي لم يبق له درهم واحد منها و دخل منزله، فقالت فاطمة سَلام اللّه عَلَيها يابن عم بعت الحديقة التي غرسها رسول اللّه والدي، فقال: نعم بخير منها عاجلا و آجلا، قالت له: جزاك اللّه في ممشاك، ثم قالت: أنا جائعة و ابناي جائعان و لا شك أنّك مثلنا فخرج عَليهِ السَّلام ليقترض شيئاً ليصرفه علي عياله، فجاء رسول اللّه صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم و قال: يا فاطمة أين ابن عمي، فقالت له: خرج يا رسول اللّه، فقال عَليهِ السَّلام: هاك هذه الدارهم فاذا جاء ابن عمي فقولي له يبتاع لكم بها طعاماً و خرج رسول اللّه صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم فجاء علي عَليهِ السَّلام و قال: جاء ابن عمي فانّي أجد رائحة طيبة قالت: نعم، و

ناولته الداراهم و كانت سبعة دراهم سوداء هجرية، و ذكرت له ما قال صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم فقال: يا حسن قم معي فأتيا السوق، و اذا هما برجل و اقف و هو يقول: من يقرض اللّه الوفي الملي فقال: يا بني نعطيه الدارهم، قال أغزو عليها أول غزوة يغزوها ابن عمك صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم، قال عَليهِ السَّلام: ان قبلتها فهي لك بلا ثمن، قال معي ثمنها فبكم أشتريتها، قال: بمائة درهم، فقال الاعرابي: فلك سبعون و مائة درهم، فقال عَليهِ السَّلام: خذها يا حسن و سلّم الناقة اليه و المائة للاعرابي الذي باعنا الناقة تو السبعون لنا نأخد بها شيئاً فأخذ الحسن عَليهِ السَّلام الدارهم و سلّم الناقة، قال عَليهِ السَّلام: فمضيت أطلب الاعرابي الذي لابتعت منه الناقة لاعطيه الثمن فرأيت رسول اللّه صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم في مكان لم أره فيه قبل ذلك علي قارعة الطريق، فلمّا نظر اليّ رسول اللّه تبسّم و قال: با أبا الحسن أتطلب الاعرابي الذي باعك الناقة لتوفيه ثمنها، فقلت: أيّ و اللّه فداك أبي و أمي، فقال: يا أبا الحسن الذي باعك الناقة جبرائيل و الذي اشتراها ميكائيل و الناقة من نوق الجنة و الدراهم من عند رب العالمين الملي الوفي.

(187) قيمة الخطار

كان في زمن رسول اللّه صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم رجل يحبّ الضيّف حباً كثيراً و كانت له زوجة بخيلة كارهة للضيف كراهة شديدة و تنازع الرّجل اذا جاء باضيف و كان الرّجل لاجل ذلك لم يجيء بالضيف، و جاء يوماً الي رسول اللّه صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم، و قال. لي حالة

عجيبة قال صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم له: بيّن، فحكي له قصته فقال صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم: اذهب و قل لها انّ رسول صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم يقول: انّي اليوم ضيفكم اذا دخل الضيّف فانظري ماذاترين فاذا خرج فانظري ماذاترين حتّي تري كم جعل اللّه الخير و البركة في قدوم الضيف فجاء الرجل اليها و قال: انّ رسول اللّه صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم مع جمع يكونون اليوم أضيافنا، و أتوقّع منك أن لا تبخلي، و لا تحسدي، و قال رسول اللّه صَلَّي اللّه عليهِ وَ آله وَ سَلَّم أنظري الي الضيف حين دخوله كم جعل اللّه الخير و البركة في قدومه، و لمّا خرجوا نظرت اليهم فرأت الحيّات و العقارب لذعت بأذيالهم و يتعلّقن بها، فجاءت متعجبة الي زوجها، و قصّت عليه القصّة و قالت: أريد أن أجيء الي رسول اللّه و أحكي له القصّة فقال لها الرجل أنا أذهب و أحكي له فجاء الرّجل اليه يوماً آخر و قال يا رسول اللّه: انّ زوجتي رأت كذا و كذا فقال له: ما جاء معهم من النّعم كان رزقهم و رزق صاحب البيت، و الحيّات و العقارب التي ذهبوا بها بلاء كانت في البيت لصاحبها، فصارت الزّوجة راغبة بالضيف.

(188) انفاق الحسين عَليهِ السَّلام

جاء الي الامام الحسين عَليهِ السَّلام: رجل من الانصار يريد أن يسأله حاجة، فقال عَليهِ السَّلام: يا أخا الانصار، صن وجهك عن بذلة المسألة و ارفع حاجتك في رقعة، فانّي آت فيها ما سارّك ان شاء اللّه. فكتب: يا أبا عبداللّه! انّ لفلان عليّ خمسمائة دينار، و قد ألحّ بي، فكلّمه ينظرني الي ميسرة.

فلمّا قرأ الحسين

عَليهِ السَّلام الرقعة دخل الي منزله فأخرج صرّة فيها ألف دينار، و قال عَليهِ السَّلام له: أمّا خمسمائة فاقض بها دينك، و أمّا خمسمائة فاستعن بها علي دهرك، و لا ترفع حاجتك الاّ الي أحد ثلاثة: الي ذي ذين، أو مروّة، أو حسب … فأمّا ذو الدّين فيصون دينه، و أمّا ذو المروّة فانّه يستحيي لمروّته، و أمّا ذو الحسب فيعلم أنّك لم تكرم وجهك أن تبذله له في حاجتك، فهو يصون وجهك أن يردّك يغير قضاء حاجتك.

(189) رواية اخري

خرج الامام الحسن عَليهِ السَّلام الي سفر فمرّ براعي غنم، فنزل عنده فأطعمه و بات عنده فلمّا أصبح دلّه علي الطريق، فقال له الحسن: انّي ماض الي ضيعتي، ثم أعود الي المدينة، و وقت له وقتاً و قال له: تأتيني به، فلمّا جاء الوقت شغل الحسن بشيء من أموره عن قدوم المدينة، فجاء الراعي و كان عبداً لرجل من أهل المدينة، فصار الي الحسين و هو يظنّه الحسن، فقال: أنا العبد الذي بتّ عندي ليلة كذا و وعدتني أن أصير اليك في هذا الوقت. و أراه علامات عرف الحسين أنّه الحسن، فقال الحسين له: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لفلان. فقال كم غنمك؟ قال: ثلاثمائة. فأرسل الي الرجل فرغّبه حتّي باعه الغنم و العبد فأعتقه، و وهب له الغنم مكافأة لما صنع مع أخيه، و قال: انّ الذي بات عندك أخي، و قد كافأتك بفعلك معه.

(190) سخاء وجود الحسين عَليهِ السَّلام

و قد أعرابي الي المدينة فسأل عن أكرم الناس بها، فدلّ علي الامام الحسين عَليهِ السَّلام، فدخل فوجده مصلّياً، فوقف بازائه و أنشأ:

لم يخل اليوم من رجال و من حرّك من دون بابك الحلقة

أنت جواد و أنت معتمد أبوك قد كان قاتل الفسقة

لو لا الذي كان من أوائلكم كانت علينا الجحيم منطبقة

فسلّم الامام الحسين و قال: يا قنبر! هل بقي من مال الحجاز شيء؟ قال: نعم، أربعة آلاف دينار، قال: هاتها فقد جاء من هو أحقّ بها منّا. ثم نزع عَليهِ السَّلام برديه و لفّ الدنانير فيها و أخرج يده من شقّ الباب حياء من الاعرابيّ و أنشأ:

خذها فانّي اليك معتذر و اعلم بأنّي عليك ذو شفقة

لو كان في سيرنا الغداة عصاً أمست سمانا عليك مندفقة

لكنّ ريب الزمان ذو

غير و الكف منّي قليلة النفقة

فأخذها الاعرابي و بكي. فقال له الامام الحسين عَليهِ السَّلام: لعلّك استقللت ما أعطيناك، قال: لا و لكن كيف يأكل التراب جودك؟

(191) أجود الناس

عن الهيثم بن عدي قال: تنازع ثلاثة في أجود الناس، فقال رجل: أسخي الناس في عصرنا هو عبداللّه بن جعفر.

و قال الاخر: عرابة الاوسي.

و قال الثالث: قيس بن سعد بن عبادة.

فقال لهم الرجل: ليمض كل واحد منكم الي صاحبه يسأله، ثم يرجع حتّي ننظر ما يعطيه و نحكم بذلك.

فقام صاحب عبداللّه بن جعفر فرآه واضعاً رجله في الركاب يريد ضيعة له فقال صاحبه: يا بن عم النبي ابن سبيل منقطع. قال فأخرج رجله من الركاب، و قال: ضع رجلك و استو علي الناقة و خذ ما في الحقيبة، و كان فيها مطارف خز و أربعة آلاف دينار.

و مضي صاحب قيس فوجده نائماً، فقالت له جاريته: ما حاجتك؟

فقال: ابن سبيل منقطع.

فقالت له الجارية: حاجتك أهون من ايقاضه هذا كيس فيه سبعمائة دينار، و ما في دار قيس اليوم غيره، و امض الي معاطن الابل بعلامة كذا الي من فيها، فخذ راحلة من رواحله و ما يصلحها، و عبداً و امض لشأنك.

و مضي صاحب عرابة فوجده كفي بصره و قد خرج من منزله يريد الصلاة و معه عبدان يقودانه.

فقال: يا عرابة ابن سبيل منقطع.

فصفق بيده اليمني علي اليسري، و قال: آه آه، فقال: و اللّه ما تركت لي الحقوق مالا و لكن خذ هذين العبدين.

فقال الرجل: و اللّه ما كنت الذي أقص جناحيك، فقال: ان أخذتهما و الا فهما حران. فان شئت فخذ و ان شئت فاعتق، ثم ولي يخبط الحائط، فأخذ الرجل العبدين و مضي.

فلمّا رجعوا و ذكروا القصة

حكموا لابن جعفر لانّه أعطي أكثر من كلهم.

(192) الإنفاق و أثره للاموات

نقل المرحوم النهاوندي قصة صالح المري، و هو أحد زهاد و عباد البصرة يقول: كنت أذهب في ليالي الجمعة إلي جامع البصرة، فتوجهت نحو المقبرة، و عندما وصلت إلي منتصفها جلست و غفت عيني، فرأيت القبور قد انشقت و خرج من كل قبر شخص و رأيت قد نزل علي كل واحد منهم طبق، فأخذ كل واحد طبقه و عاد إلي قبره و بقي شاب مرتدياً ثوباً خلقاً لم ينزل عليه طبق، فأراد أن يرجع إلي قبره يائساً. فقلت له: يا شاب ما هذه الأطباق؟ و لماذا لم تحصل علي واحد منها؟

فقال: إنها الخيرات التي يعملها الاحياء للاموات، و ان اللّه تعالي يوصلها لهم في ليالي الجمع، و لم يؤد لي احد عملا صالحاً و لذا لم ينزل علي طبق.

فقل له: ألك احد؟ فقال: نعم. قصدت الحج أن ا و امي و عندما وصلنا في هذا المكان أدركني الموت. و قد تزوجت امي، فهي لا تذكرني.

فقلت: أين اك؟

فقال: في المحلة الفلانية.

يقول صالح: فذهبت في الصباح إلي تلك المحلة، و سألت عن والدة ذلك الشاب. فقلت لها ما رأيته، فبكت العجوز و دخلت الدار و جائت بصرة ذهبية. و قالت: خذ هذه الذهب و تصدق به عن ولدي و سوف لن أنساه بعده أبداً.

و يقول صالح: فتصدقت بالذهب عنه، و ذهبت في ليلة الجمعة إلي المسجد، و عندما وصلت إلي منتصف المقبرة جلست و غفوت ثانية، فانشقت القبور و خرج الاموات. فرأيت الاطباق تنزل من السماء، و يأخذ كل واحد منهم طبقه، و رأيت ذلك الشاب مرتدياً ثياباً بيضاء، و قد أخذ بطبق، فالتفت إلي و قال: رضي اللّه

عنك كما رضيت أنا عنك، قال هذا و دخل قبره.

(193) ذكري عالية من الشيخ الانصاري رحمة اللّه عليه

قدم الشيخ مرتضي الانصاري رداءاً من الصوف كهدية للشيخ زين العابدين المازندراني (و هو من فقهاء عصره، اشتهر أمره في التقليد و لا سيما في بلاد الهند) فقبل الاخير الهدية، و اعتز بها أيما اعتزاز، بل لم يكن شيء آثر عنده منها. فصار يشتملها في الاعياد و المناسبات.

لكن السنوات طبعت اثرها علي الرداء، فذهب بريقه و انكسرت نضارته.

و اتفق أن زار معير الممالك (و هو صهر ناصر الدين شاه أحد ملوك ايران في العهد القاجاري) الشيح زين العابدين في عيد من الاعياد، فوقع بصره علي ردائه البالي.

فأخذه ثم استأذن من الشيخ في الخروج بعد ساعة من الزمن ثم عاد ويده رداء فاخر و ثمين. و طلب من الشيخ أن يقبله كهدية متواضعة منه. لكن الشيخ اعتذر من القبول و علل ذالك بأن الرداء الّذي يرتديه انما هو ذكري غالية عليه من الشيخ الاعظم النصاري «قدس سره» و انه يرتديه من باب التيمن و التبرك و لذا ردّ الزائر ردائه و قد تسامع الناس فيما بينهم بأمر الرداء و قصته، فصاروا يتواقدون علي الشيخ زين العابدين بنية الاستشفاء و التبرك و كذلك كان، حيث أنهم كانوا يرتدونه لحظات فيبرأون من مرضهم بإذن اللّه سبحانه.

(194) عناية الاستاذ إلي تلميذه

لما كان الشيخ آخوند الخراساني، صاحب «الكفاية» طالباً يدرس عند الشيخ مرتضي الانصاري رحمه اللّه، و هو من أفضل طلبته المجدين، كان عنده ثوب واحد فقط. غسله ذات مرة و انتظر حتي ينشف الثوب، و لكن اقترب وقت الدرس و الثوب لا زال رطباً.

فلبس الجبّة رابطاً أكمامها، و لفّ علي نفسه عباءته و أسرع إلي الدرس. جلس ركن و استمع إلي درس استاذه، ثم خرج مسرعاً عند الختام إلي محل سكناه (و

يبدو أن سكنه كان حجرة في إحدي المدارس الدينية) و ذلك لكيلا يطلع أحد علي ما هو عليه!

و لكنه فوجيء بعد قليل بمن يطرق باب حجرته، فتح الباب و اذا باُستاذه الشيخ مرتضي الانصاري يسلم عليه و يقدم له رزمة أخرجها من تحت عباءته و هو يقول بأدب و محبّة: أعتذر من مزاحمتي لك في هذه الساعة، و كنت أستزع أن احضر لك ثوباً جديداً و لكن أحببت أن أعطيك ثوبي، أرجو أن تفرحني بقبولك لهذه الهدية».

قال كلامه هذا و ودّع التلميذ فوراً، حتي ما استطاعه تلميذه أن يشكره.

و لما فتح الرزمة وجد فيها ثوبين من ثياب استاذه، إنّها لهدية ذات قيمة معنوية اكبر من قيمتها المادية.

و الرائع في القصّة هو لفتة الاُستاذإلي وضع التلميذ من خلال جلوسه الركن و سرعة خروجه بعد الدرس.

(195) لولا الأمل لما أمكن العيش

فيل: بينما عيسي بن مريم عَلَيهِ السَّلام جالس و شيخ يعمل بمسحاة و يثير الأرض. فقال عيسي عَلَيهِ السَّلام اَللّهمَّ انزع من الأمل، فوضع الشيخ المسحاة و اضطجع فلبث ساعة.

فقال عيسي: اَللّهمَّ اردد اليه الامل. فقام فجعل يعمل. فسأله عيسي عَلَيهِ السَّلام عن ذلك.

فقال: بينما أنا أعمل، إذ قالت لي نفسي: إلي متي تعمل و أنت شيخ كبير؟

فألقيت المسحاة و اضطجعت.

ثم قالت لي نفسي: و اللّه لا بد من عيش ما بقيت، فقمت إلي مسحاتي.

(196) سكرات الموت

إن جماعة قالوا لعيسي عليه السّلام قد أحييت من كان حديث العهد ن الموت. فأحي لنا من كان بعيد العهد.

فقال عليه السّلام اختاروا من شئتم.

فاختاروا سام بن نوح عليه السّلام

فصلي ركعتين فدعا اللّه تعالي، فأحياه فإذا قد ابيض رأسه و لحيته.

فقال عليه السّلام: ما هذا الشيب؟

قال: سمعت النداء فظننت أنها يوم القيامة فشاب رأسي و لحيتي من الهيبة.

فقال: منذ كم ميّت؟

فقال: منذ أربعة آلاف سنة فما ذهبت عني سكرات الموت.

(197) مرارة الموت

و قال ابوعبداللّه الصادق عليه السّلام: إن عيسي بن مريم جاء إلي قبر يحيي بن كريا و كان سئل ربه أن يحيه له. فدعاه فأجابه و خرج اليه من القبر فقاال: له ما تريد مني فقل له أريد أن تؤنسني كنا كنت في الدنيا.

فقال له: يا عيسي، ما سكنت عني مرارة الموت و أنت تريد أن تعيدني الدنيا و تعود عليّ مرارة الموت؟

فتركه و عاد علي قبره.

(198) العابد و بقية العمر

في الروايات أن نبيّاً من الإنبياء مرّ علي عابد يعبد اللّه علي رأس جبلوهج الشمس.

فقال: يا عبداللّه لم لا تصنع لك ظلا يقيك من الشمس؟

فقال العابد: نعم قد مرّ علي قبلك نبي، فطلبت منه أن يسئل ربّه عن قدر بقية عمري.

فأخبرني أنه قد بقي منه سبعمأة عام.

فقلت: لهذا العمر القليل أصنع ظلالا؟

فقال النبي: يا عابد كيف لوتري أناساً في آخر الزمان أعمارهم لا تزيد علي المأة و مع هذا يبنون البيوت من الجص و الصخر.

فقال العابد: لو أتيت في زمانهم لقطعت هذا العمر بسجدة واحدة!

(199)

ورد في تاريخ النبي يوسف عليه السّلام أنه عندما كان ملكاً في مصر و كانت كل الخزائن تحت تصرّفه و قد أنقذ شعب مصر من قحط سبع سنوات. كان عليه السلام في فترة سلطانه ضعيفاً.

فجاء الاطباء عنده و سألوه عن سبب ذلك.

فقال: عندي ألم خفي.

قالوا: أخبرنا عنه لعلنا نستطيع علاجه.

قال عليه السّلام: إنّ نفسي تأمرني كل يوم أن أشبعها و أنا أبقيها جائعة دائماً.

قال: فكم سنة أنت تأكل دون الشبع؟

قال عليه السّلام: سبع سنوات.

قال: لماذا لا تأكل حتي الشبع؟

قال عليه السّلام: إنّي أخاف يوم القيامة أن يقول لي اللّه تعلاي: يا يوسف، لماذا نمت و أنت شعبان و رعاياك من الناس ينامون جياعاً؟

فماذا يكون جوابي؟

(200) سخاء الحسين عليه السّلام

كان الإمام الحسين بن علي عليه السّلام ناصحاً حسن الخلق، فذهب ذات يوم مع أصحاحبه إلي بستانه، و كان في ذلك البستان غلام إسمه «صافي» فلما قرب من البستان، رأي الغلام قائاً يأكل خبزاً، فنظر الحسين عليه السّلام إليه و جلس عند نخلة مستتراً لا يراه و كان يرفع الرغيف فيرمي بنصفه إلي الكلب و يأكل نصفه الآخر، فتعجّب الحسين عليه السّلام من فعل الغلام، فلما فرغ الغلام من أكله قال: الحمد للّه رب العالمين، اللّهم اغفر لي و لسيّدي، و بارك له كما باركت علي أبويه برحتمك يا أرحم الراحمين. فقام الحسين عليه السّلام و قال: يا صافي! فقام الغلام فزعاً و قال يا سيدي و سيّد المؤمنين! إنّي ما رأيتك. فاعف عنّي.

فقال الحسين عليه السّلام: اجعلني في حل يا صافي لأنّي دخلت بستانك بغير إذنك.

فقال صافي: بفضلك يا سيّدي و كرمك و بسؤددك تقول هذا.

فقال الحسين عليه السّلام: رأيتك بنصف الرغيف للكلب، و تأكل النصف الآخر، فما معني

ذلك؟

فقال الغلام: إنّ هذا الكلب ينظر إلي حين آكل، فأستحيي منه يا سيّدي لنظره إليّ.

فبكي الحسين و قال: أنت عتيق للّه. وقد وهبت لك ألفي دينار بطيبة من قلبي.

فقال: إن أعتقتني فأنا أريد القيام ببستانك.

فقال الحسين عليه السّلام إنّ الرجل اذا تكلّم بكلام فينبغي أن يصدّقه بالفعل. فأنا قد قلت دخلت بستانك بغير إذنك، فتصدّقت قولي و وهبت البستان و ما فيه لك. غير أن أصحابي هؤلاء جاءوا لإكل الثمار و الرطب، فاجعلهم أضيافاً لك، و أكرمهم من أجلي أكرمك اللّه يوم القيامة، و بارك لك في حسن خلقك و أدبك. فقال الغلام: إن وهبت لي بستانك فأنا قد سبّلته لأصحابك و شيعتك.

(201) الحسين عليه السّلام و اصحابه

ليلة العاشر من المحرم جمع الحسين اصحابه فقال: اثني علي اللّه احسن الثناء و احمده علي السراء و الضراء، اللّهم اني احمدك علي ان اكرمتنا بالنبوه و علمتنا القرآن و فقهتنا في الدين و جعلت لنا اسماعا و ابصارا و افئده و لم تجعلنا من المشركين، اما بعد فاني لا اعلم اصحابا اوفي و لا خيرا من اصحابي، و لا اهل بيت ابر و لا اوصل من اهل بيتي فجزاكم اللّه عني جميعاً

و قد أخبرني جدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بأني ساساق العراق فانزل ارضاً يقال لها عموراً و كربلا، و فيها استشهد، و قد قرب الموعد.

الا و اني اظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء عذاً و اني قد اذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حل ليس عليكم مني ذمام هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا، و ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي فجزاكم اللّه جميعاً خيراً، و تفرقواسوادكم و مدائنكم. فان القوم انما يطلبونني، و

لو اصابوني لذهلوا عن طلب غيري.

فقال له اخوته و ابناؤه و بنو اخيه و ابناء عبد اللّه بن جعفر: لِمَ نفعل ذلك؟ لنبقي بعدك! لا ارانا اللّه ذلك ابدا. بدأهم بهذا القول العباس بن علي و تابعه الهاشميون.

و التفت الحسين عليه السّلام إلي بني عقيق و قال حسبكم من القتل بمسلم، اذهبوا قد اذنت لكم.

فقالوا: إذاً ما يقول الناس؟ و ما نقول لهم؟ انّا تركنا شيخنا و سيدنا و بني عمومتنا خير الاعمام، و لم نرم معهم بسهم و لم نطعن معهم برمح و لم نضرب بسيف، و لا ندري ما صنعوا! لا و اللّه لا نفعل، و لكن نفديك بانفسنا و اموالنا و اهلينا، نقاتل معك حتي نرد موردك، فقبح اللّه العيش بعدك

و قال مسلم بن عوسجه: فقال ا نحن نخلي عنك؟ و بما نعتذر إلي اللّه في اداء حقك؟ أما لا و اللّه لا افارقك حتي اطعن في صدورهم برمحي و اضرب بسيفي ما ثبت قائمه بيدي، و لو لم يكن معي سلاح اقاتلهم به لقذفتهم بالحجاره حتي اموت معك.

و قال سعيد بن عبد اللّه الحنفي: و اللّه لا نخليك حتي يعلم اللّه انا قد حفظنا غيبة رسوله فيك. أما و اللّه لو علمت اني اقتل ثم احيا، ثم احرق حياً، ثم اذري. يفعل ذلك بي سبعين مره لما فارقتك حتّي القي حِمامي دونك، فكيف لا افعل ذلك و انما هي قتلة واحده ثم هي الكرامه التي لا انقضاء لها ابدا؟

و قال زهير بن القين: و اللّه وددت اني قتلت ثم نشرت، ثم قتلت حتي اقتل كذا الف مره و ان اللّه يدفع بذلك القتل عن نفسك و عن انفس هؤلاء الفتيان من

اهل بيتك.

و تكلم باقي الاصحاب بما يشبه بعضه بعضا، فجزاهم الحسين خيرا

و في الحال قيل لمحمد بن بشير الحضرمي: قد اسر ابنك بثغر الري. فقال: ما احب ان يؤسر و انا ابقي بعده فقال له الحسين عليه السّلام أنت في حل من بيعتي، فاعمل في فكاك ولدك

فقال اكلتني السباع حيا ان فارقتك

فقال: اذاً اعط ابنك هذه الاثواب الخمسة ليعمل في فكاك أخيه. و كان قيمتها الف دينار كما في مقتل العوالم للشيخ البحراني

(202)

عن الصادق عليه السّلام قال: لما ماتت فاطمه بنت اسد ام امير المؤمنين جاء علي إلي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: يا ابا الحسن ما لك؟

قال امي ماتت

قال: فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: و امي و اللّه. ثم بكي و قال وا امّاه ثم قال لعلي عليه السّلام: هذا قميصي فكفنها فيه، و هذا ردائي فكفنها فيه، فلما اخرجت صلي عليها النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم صلاة لم يصل قبلها و لا بعدها علي احد مثلها.

ثم نزل إلي قبرها فاضطجع فيه. ثم قال لها: يا فاطمه! قالت لبيك يا رسول اللّه، فقال: فهل وجدت ما وعد ربك حقّاً؟ قالت: نعم فجزاك اللّه خير جزاء، و طالت مناجاته في القبر فلما خرج قيل يا رسول اللّه لقد صنعت بها شيئاتكفينك اياها ثيابك و دخولك في قبرها و طول مناجاتك و طول صلاتك ما رايناك صنعته باحد قبلها.

قال اما تكفيني اياها فاني لما قلت لها يعري الناس يوم يحشرون من قبورهم فصاحت و قالت وا سوأتاه، فلبستها ثيابي و سالت اللّه في صلاتي

عليها ان لا يبلي اكفانها حتي تدخل الجنة فاجابني إلي ذلك و اما دخولي في قبرها فاني لما قلت لها يوما: ان الميت اذا ادخل قبره و انصرف الناس عنه دخل عليه ملكان منكر و نكير فيسالانه فقالت وا غوثاه باللّه، فما زلت اسال ربي قبرها حتي فتح لها باب من قبرها إلي الجنه فصار روضه من رياض الجنه.

(203) اُصلّي في أوّل الوقت

نقل أحد المؤمنين، أنه سمع أحد الخطباء يقول: كنت جالساً في حافلة لاُسافرإلي مدينة نائية من مدن ايران.

لم يكن علي المقعد بجانب أحد، و كنت أخشي أن يجلس من لا أرغب جواره.

فيضايقني في هذ الطريق البعيد. فسألت اللّه تعالي في قلبي: «الهي إن كان مقدراً أن يجلس عندي أحد، فاجعله انساناً متديناً طيباً!

و هكذا جلس المسافرون علي مقاعدهم، و لم ار من يشغل المقهد الّذي بجانبي. فشكرت اللّه أني وحيداً!

و لكني فوجئت في الدقيقة الأخيرة قبل الحركة!

بشاب يبدو عليه مظهر الهيبيز (جماعة من الناس لا تهتم بمظهرها) و بيده حقيبة صغيرة من صنع بلد أجنبي، و كأنّه من غير ديننا. فقتدم حتي جلس عند، و أنا اقول في قلبي: يا رب أهكذا تستجيب الدعاء؟

تحركت السيارة و لم يتفوه احد منا للثاني بكلمة، لا الإنطباع مأخوذأذهان هؤلاء الأشخاص عن المعمّمين كان انطباعاً سيئاً. بفعل الدعايات المغرضة التي كانت تبثها الجهزة ضد علماء الدين. لذلك آثرت الصبر و السكوت و أنا جالس علي أعصابي، حتي حان وقت الصلاة (أول وقت الفضيلة) و إذا بالشاب وقف ينادي سائق الباص: فق هنا، لقد حان وقت الصلاة! فرد عليه السائق مستهزئاً و هو ينظر اليه من مرآته:

إجلس، أين الصلاة و أين أنت منها؟ و هل يمكننا الوقوف في هذه الصحراء؟

قال الشاب:

قلت لك قف و الا رميت بنفسي، و صنعت لك مشكلة بجنازتي!

ما كنت استوعب ما اري من هذا الشاب. أنه شيء في غاية العجب، فأنا كعالم دين اؤلي بهذا الموقف من هذا الشاب الهيبيز!

فعدم مبادرتي إلي ذلك كان احترازاً عن الموقف العدائي الّذي يكنه البعض لعلماء الدين.

لذلك كنت انتظر لاصلي في المطعم الّذي تقف عنده الحافلة في الطريق.

و هكذات كنت انظرإلي صاحبي باستغراب شديد، و قد اضطر السائق أن يقف علي الفور. لما رأي اصرار الشاب و تهديده.

فقام الشاب و نزل من الحافلة و قمت أنا خلفه و نزلت، رأيته فتح حقيبته و أخرج قنينة ماء فتوضأ منها ثم عين اتجاه القبلة بالبوصلة و فرش سجادته، و وضع عليها تربة الحسين الطاهرة و أخذ يصلي بخشوع، و قدم لي الماء فتوضأت أنا كذلك و صليت (صلاة العجب)! ثم صعدنا الحافلة، و سلمت عليه بحرارة معتذراً من البرودة التي استقبلته بها اولا. ثم سألته: من أنت؟

قال: إن لي قصة لا بأس أن تسمعها، فقد كنت لا اعرف الدين و لا الصلاة يوم كنت اردس الطب في فرنسا، و أنا الولد الوحيد لعائلتي التي دفعت كل ما تملك لاجل دراستي هذه.

كانت المسافة بين سكني و الجامعة التي أدرس فيها مسافة قرية إلي مدينة.

و كان الوقت بارداً جداً عندما ركبت السيارة التي كنت استقلّها يومياًالمدينة مع ركاب آخرين. و كنت علي موعد مع الامتحان الاخيرر الّذي تترتب عليه نتيجة جهودي كلها.

فلما وصلنا إلي منتصف الطريق عطبت السيارة، و كان الذهاب إلي أقرب مصلح (ميكانيك) يستغرق من الوقت ما يفوت علي الحضور في الامتحانات النهائية للجامعة.

لقد أرسل السائق من يأتي بما يحرك سيارته و أصبحت أنا في تلك الدقائق

كالضائع الحيران، لا أدري اتجه يميناً أو يساراً، أم يأتيني من السماء من ينقذني، كنت في تلك الدقائق أتمنّي لو لم تلدني اُمي و أن تشق الأرض لأخفي فيها نفسي، انّها كانت اصعب دقائق تمر عليّ و كان الدقيقة منها سهم يرمي نحو آمالي، و كأني اشاهد اشلاء آمالي مقطعة أمامي و لا يمكنني إنقاذها أبداً.

فكما أنظرإلي ساعتي كانت اللحظات تعتصر قلبي، فكدت أخرّ إلي الارض، و فجأة تذكرت أن جدّتي في ايران، عندما تصاب بمشكلة أو تسمع بمصيبة، تقول بكل أحاسيسها: «يا صاحب الزمان».

هنا و من دون سابق معرفة لي بهذه الكلمة و صاحبها و معناها الإعتقادي، قلت بكل ما في قلبي: و فكري من حب و ذكريات عائلية: يا صاحب زمان جدتي!

ذلك لأني لم أعرف من هو «صاحب الزمان»، فنسبته إلي جدتي علي البساطة، قلت: فإن أدركتني، أعدلك أن اصلي دائماً و في أوّل الوقت، و بينما أنا كذلك، و إذا برجل حضر هناك فقال للسائق بلغة فرنسية: شغل السيارة!

فاشتغلت في المحاولة الاولي، ثم قال للسيائق: أسرع بهؤلاء إلي وضائفهم و لا تتأخر، و حين نزوله: التفت إلي و خاطبني بالفارسية: «لقد وفينا بوعدنا، يبقي أن تفي بوعدك أيضاً. فاقشعرّ له جلدي و بينما لم استوعب الّذي حصل ذهب الرجل فلم ار له أثراً.

من هناك قررت أن اُصلّي وفاءً بالوعد، بل و اُصلّي في أوّل الوقت.

(204) ضرب الكافر لأجل الاقرار بالكفر

جيء بشخص إلي هارون العباسي لاتهامه بالزندقة و الكفر، فاستفسسر منه هارون عن ذالك و قال له: لماذا صرت كافراً؟ فقال الرجل: يا امير! اُقسم باللّه بأنّي مؤمن و لست كافراً أو زنديقاً.

فقال له: هارون: سأضربك ضرباً حتي تقرّ بكفرك.

فقال الرجل: يا أمير! إنّ اللّه أمرك أن

تضرب الكافر حتّي يقر بإسلامه و أنت تضربني لاُقرّ لك بالكفر.

فضحك هارون و عفا عنه.

(205)

نقل لي أحد الأصدقاء، قال: كان لي صديق من أعراب البادية و سمعت أنّه اتهم بقتل انسان و ادخل السجن، و قد حكمت عليه المحكمة بالسجن مدي الحياة.

قال: فتعجبت من ذلك و قد كنت أعلم أن الرجل بريء من القتل الّذي اتهم به.

قال: فزرته في السجن و قلت له: أنا أعلم أنّك بريء لكن كيف أثبتوا عليك ما أنت بريء منه؟

قال الرجل: نعم.. هو كما ذكرت إني بريء من قتل هذا المقتول، و كلما دافعت و أتيت با الشواهد لم ينفع دفاعي، و حكمت المحكمة عليّ كما تعلم.. ثم أردف الرجل قائلا: لكن هذا بذنب سابق، فاني قد قتلت بريئاً قبل سنوات و لم يعلم بذلك أحد و لكن اللّه سبحانه جازاني عن ذلك بهذا السجن.

(206)

قيل: إنّه ذات مرّة أقبل سارق يريد سرقة ملابس عالم وجده مسافراًالصحراء وحيداً. لكن السارق خشي أن يأخذ وبال سرقته عالا، حيث أن الرجل عالم.

فسأله هل أنّ اللّه تعالي يأخذا الإنسان بذنبه عاجلا أم آجلا؟

قال العالم و هو لا يعلم نية السارق: قد يمهل اللّه فاعل الحرام مدة طيلة تصل أحياناً إلي مدّة اربعين سنة.

و إذا بالسارق ينتقض علي العالم و ينزعه ملابسه و يسرق كل ما عنده و كلما الحّ اليه و خوّفه من عاقبة عمله لم ينفعه ذلك. بل قال الرساق: سوف أتوب قبل بلوغي بأربعين سنة من هذا التاريخ.

و لمّا أخذ السارق ما عنده أخذ يعدو فراراً و اذا به يقع في حفيرة و تنكسر رجله، فلحقه العالم و أخذ ملابسه. قال السارق له: ألم تقل أن اللّه سبحانه قد يؤخر العقاب

قال: نعم.

قال: فكيف أخذني اللّه بالسرقة. و لم تمر ساعة؟

قال العالم: إنّ أخذه هذا هو

بذنب قديم. و هكذا قد يؤخذ الانسان بذنب قديم، لكن الاخذ يقيني. فإنه سبحانه (لا يمكن الفرار من حكومته). سواء اعتقد الانسان بحكومته أم لم يعتقد بها؟

(207)

كان أحد رؤساء بعض بلاد الاسلام، دهر الپهلوي رجلا ظالماً قتل الأبرياء و يستحلّ الحرمات و يهتك الأعراض حتي أهلك الحرث و النسل و الزرع و الضرع، و أكثر من الظلم و العسف … و كان اللّه سبحانه له بالمرصاد فأقصي من بلده و مات شرمتوته.

نقل لي أحد الثقاة، أنّه بعد موته ذهب إلي قبره أحد الأخيار، فرأي بعينه البرزخيّة: أن قبر الرجل ممتليء ناراً، و إنّه يتصاعد مع شررر النار إلي فوق، و يقول: الويل الويل الويل) ثم يسقط في القبر الّذي كان أشبه شيء في نظره بحفرة من نار.

قال ذلك الخير: و رأيت معه في نس وضعه شخصاً آخر قصير القامة لكني لم أعرفه من هو.. و هكذا كان حال الأثنين.

قال تعالي: (لا تدعوا لايوم ثبوراً واحداً و ادعوا ثبوراً كبيراً)

قلت للّذي نقل لي هذه القصة، إنا نؤمن بذلك قبل أن نسمع أمثال هذه القصص، ألم يرد في الأحاديث الصحيحة: (القبر روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النيران)؟

(208)

و قد حكي أن رئيس وزراء بلد إسلامي و هو تيموتاش في ايران، كان ظالماً عاتياً، و كان فاسة العقيدة، فكان يقول: لي ألف دليل علي أن اللّه ليس بموجود …

و اتّفق أن دارت به الدائرة و فسد قلب الملك عليه، فأمر بسجنه و محاكمته، و أحضر الطاغوت أمام القاضي و كان القاضي رجلا مؤمناً باللّه.

فقال له القاضي: كنت قد سمعت إنّك تقول: أنّ لك ألف دليل علي عدم وجود اللّه؟

قال الرجل: نعم، كنت أقول ذلك.

قال القاضي: لكن لي دليل واحد أقوي من كل تلك الأدلّة تدلّ علي وجود اللّه سبحانه.

قال الرجل: و ما هو ذلك الدليل؟

قال القاضي: الدليل هو أن أحضر مثلك

الطاغوت العنيد، في محكمتي - أنا القاضي المتواضع العادي - ثم حكم القاضي عليه بالإعدام.

و نفذ فيه الحكم و قد خسر الدنيا و الآخرة و لم يبق له إلاّ لاذكر السيّءالدنيا و العذاب الأبدي في الآخرة.

(209)

قيل لملك: كيف صرت عادلا؟

قال: كنت ذات مرّة اُطارد صيداً، فأرسلت الكلب لقبضه، و إذا بالكلب يكسر رجل الغزال، و لم يكن ذلك من عادته، و إنّما فعل الكلب ذلك عدواناً.

فلم يمض زمان إلا و رفس الفرس رجل الكلب، فكسرت.

و لم يمض زمان إلاّ و سقطت رجل الفرس في حفرة، فكسرت.

فعلمت أنّ الدنيا دار مجازاة، و من عمل سوءً لا يجزي إلاّ بمثلها.

و في المثل: (لا يجني الجاني من الشوك العنب).

و ورد في حديث: أنّ موسي عليه السّلام سئل اللّه سبحانه أن يريه عدله.

فقال له اللّه سبحانه: إذهب إلي العين) الفلانية، لتري مظهر عدلي.

فجاء موسي عليه السّلام إلي العين، فرأي فارساً جاء إلي العين يريد الماء و لما رجع سقط منه كيس نقوده هناك.

فلما مضي الفارس، جاء شاب يريد الماء فأخذ كيس النقود و ذهب.

ثمّ إنّ رجلااً أعمي جاء يريد الماء، و في هذه الأثناء جاء الفارس يطلب كيس نقوده و ظن أن الأعمي هو الّذي أخذه و أخفاه. فطلب الكيس من الأعمي. لكن الأعمي أنكر و قال: الكيس ليس عندي. لكن الفارس لم يقنع بمقالة الأعمي فجرد السيف و قتل الأعمي و ذهب.

فأوحي اللّه سبحانه إلي موسي عليه السّلام: أرأيت عدلي؟

قال موسي عليه السّلام: و كيف يا ربّ؟ إني لم أر الاّ سرقة الشاب كيس الرجل و قتل الفارس الأعمي بدون ذنب.

فأوحي اللّه سبحانه إلي موسي عليه السّلام: إن الفرس كان استولي علي هذا الكيس الّذي كان لوالد

الشاب ظلماً. و حيث مات والد الشاب أصبح الكيس للشاب. فأرجعنا المال إلي صاحبه الشرعي.

و إنّ الأعمي كان قد قتل والد الفارس ظلماً. فاقتصصنا من الأعمي علي يد ولد المقتول.

(210)

في أحد البلاد الإسلامية و هو تركيا وجد قتيل لم يعرف قاتله. و حيث أنّ القتل كان فضيعاً ضغط وزير الداخلية علي المدير العام للتحريّات الجنائية أن يجد القاتل بكلّ صورة، و أعمل المدير كلّ أجهزته الأمنية لمعرفة القاتل. و لكن القاتل ظلّ مجهولا، و مضت مدة طويلة بدون الحصول علي أي شيء.

حتّي ظنّ الوزيرن المدير العام شريك في الجريمة. فأصدر إليه أمره أنّه لابدّ من تشخيص و معرفة القائل خلال ثمانية و أربعين ساعة. و إلاّ يتهم الوزير نفس المدير بأنّه شريك في الجنازة.

فارتبك المدير و ضغط علي الأجهزة للعثور علي القائل، و مضت سبع و أربعون ساعة بدون جدوي.

و إذا بذهنية المدير تنفق عن حيلة، فأصدر أمره إلي معاونه أن يخرج من الدائرة و يلقي علي أوّل إنسان يراه.

مهما كان و يأخذ منه الأعتراف بكلّ وسيلة، بأنه هو القاتل.

و خرج المعاون و ألقي القبض علي صياد طاعن في السين و أحضره عند المديرذ.

قال له المدير: أنت قتلت فلان؟

قال الصياد: لا أعرف فلاناً حتي أكون قاتله.

قال المدير: نعم، هناك ادلّة و شواهد تدل علي أنّك القائل.

قال الصياد: أنا رجل فقير مسكين أصطاد السمك لقوت عائلتي، و عندما ألقيتم القبض علي كنت متوجّها إلي البحر لصيد السمك.

فأمر الميدر معاونه بأن يضربه حتّي يعترف.

و تحت وطأة التعذيب إعترف الصياد بالجريمة.

فخبر المدير الوزير بأنّه وجد القاتل.

فأسرع الوزير و أصدر الحكم عليه بالإعدام فوراً و تجمهر الناس ليروا كيف يلقي الصياد المجرم مصيره بعد أن هزّ البلاد بذلك

القتل البشع.

و لمّا اُحضر الصياد عند المشنقة. قيل له: أوص وصيّتك الأخيرة.

فقال: ليعلم هؤلاء الجمع، إنّي لست قاتل هذا المقتول، و إنّي اجبرت علي الأعترفا تحت وطأة التعذيب، لكن أنا قاتل إنسان آخر قبل سنوات. و قد ابتلاني اللّه بهذه العقوبة جزاءً علي ذلك القتل، لا هذا القتل الّذي اُعدم لأجله.

و أنصت الجميع إلي كلام الشيخ الصياد، ليقول:

كنت أنا في زمان شبابي ملاحاً أعبر النسا من طرف البحر إلي طرفة الآخر.

و في ظهيرة يوم شديد الحر و قد توقف المرور كليّاً، جائني إمرأة و معها طفلان رضيع و الآخر يزحف و ركبوا في السفينة ليعبروا البحر.. و كانت المرأة بارعة الجمال.

فوسوسني الشيطان. و في وسط البحر، حيث لا يراني أحد ممن في البحر غلبتني الشهوة و طلب منها الفاحشة. لكن المرأة كانت شريفة فأبت. و كلّما أغريتها، لم ترضخ.

و أخيراً هددتها ب.نها إن لم ترضخ ألقيت ولدها في البحر. لكنها أصرت علي الإمتناع. فأخذت ولدها الصغير و ألقيته في البحر و هي تبكي و تولول، لكن الشيطان كان قد أصمّني عن نداء العقل و العاطفة.

غرق الولد.. لكن الشهوة أخذت تشتعل فهددتها مرة ثانية بأنها إن لم تستجب، ألقيت ولدها الثاني في البحر. لكنها لم تستجب. فأجتذبت ولدها الرضيع عن حضنها و ألقيته في البحر و هي تبكي و تستغيث و لكن بدون جدوي.

ثم غلبني الشيطان، و علوت المرأة بكل شراسة و فعلت معها الفاحشة، و بعد أن أتممت الأمر فكرت أن لو أوصلتها إلي اليابسة، فانها سوف تخبر أقربائها، و أخيراً ستطاردني العدالة، وو لذا فكرت في التخلص منها. فأخذتها و ألقيتها في البحر حتي غرقت.

و سمعت بعد ذلك - من الناس - إنّ امرأة

و طفيلها قد فقدوا، و لم يعثر لهم علي أثر و كنت أعلم في نفسي إنّي صاحب الجريمة.

قال الصياد: و الإن يمرّ علي القصة المذكورة ثلاثون سنة..

و إني أعلم أن هذا الإتهام انتقام لتلك القصة.

و يكمل الصياد كلامه و هو يقول: و قد نقلت قصّتي لأمرين:

الأوّل: إن ضميري كان يؤنبني هذه طيلة هذه المدّة و حين أنقل الآن القصة فقد أدّيت أمانة الضمير.

و الثاني أن من يظن أنّه يتمكّن أن يرتكب جريمة ثم يهرب من وجه العدالد، فليعلم أن ظنّه خطأ و أن اللّه له لبالمرصاد.

و لما نقل الصيّاد قصته، أخبرت الشرطة الموكّلون بشنقة المدير، و أخبر المدير بدوره - الوزير. فأمر الوزير بتأخير الشنق حتّي يحقّق عن القصّة، فراجعوا ملفات الوزارة لما قبل ثلاثين سنة و إذا بهم يجدون ملف المرأة و طفيلها الضائعين الّذين لم يعثر لهم علي أثر و تبيّ صدق القضيّة التي نقلها الصياد.

ثمّ ألقي جبل المشنقة علي عنق الصياد المجرم بين تصنفات الجماهير و لقي بعض جزائه في الدينا..

و هكذا ينتقم اللّه سبحانه من المتعدّي و لو بعد حين. فلا يظن الظالم أنّه يتمكّن أن يفلت من يد العقاب و الفضيحة.

(211)

كان من شريعة النّبي عيسي عليه السّلام أن يسيح في البلاد، فخرج بعض سيحه و معه رجل من أصحابه قصير و كان كثير اللزوم لعيسي. فلما انتهي عيسي إلي البحر قال «بسم اللّه» بصحّة يقين منه فمشي علي ظهر الماء فقال الرجل القصير (حين نظرإلي عيسي عليه السّلام و قد جازه): بسم اللّه بصحة يقين منه فمشي علي الماء و لحق بعيسي عليه السّلام فدخله العجب بنفسه. فقال: هذا عيسي روح اللّه يمشي علي الماء و أنا أمشي علي

الماء. فما فضله عليّ قال فرسّ في الماء فاستغاث بعيسي فتناوله من الماء فأخرجه، ثم قال له ما قلت يا قصير؟ قال: قلت: هذا روح اللّه يمشي علي الماء و أنا أمشي، فدخلني من ذلك عجب.

فقال له عيسي: لقد وضعت نفسك في غير الموضع الّذي وضعك اللّه فيه فمقّتك اللّه علي ما قلت.

قال: فتاب الرجل و عاد و عاد إلي المرتبه التي وضعه اللّه فيها

(212)

بينما جبار من الجبابرة من بني اسرائيل كان جالساً في منزله، إذ نظر إلي شخص قد دخل إلي باب بيته، فثار إليه فزعاً مغضباً. فقال: من أنت و من أدخلك داري؟

قال: أمّا الّذي أدخلني الدار فربّها و أمّا أنا فالّذي لا يمنعني حجاب و لا أستأذن علي الملوك و لا أخاف سطوة السلاطين و لا يمتنع عنّي كلّ جبّار عنيد و لا شيطان مريد.

قال: فسقط في يدي الجبّار و أرعد حتّي سقط منكباً لوجهه، ثمّ رفع إليه رأسه مستعطف" متذلّلا فقال له: أنت إذا ملك الموت. قال: أنا هو.

قال: فهل أنت ممهّلي حتّي أحدث عهداً؟

قال: هيهات، انقطعت مدّتك و انقضت أنفاسك و نفدت ساعاتك فليس إلي تأخيرك سبيل.

قال: فإلي أين تذهب بي؟

قال: إلي عملك الّذي قدّمته و إلي بيتك الّذي مهدته.

قال: فإنّي لم أقدم عملا صالحاً و لم أمهد بيتاً حسناً.

قال: فإلي لظي، نزاعة للشوي.

ثمّ قبض روحه فسقط بين أهله فمن صارخ و باك.

(213)

إنّ والي خراسان، المهلب بن أبي صفرد و كان والياً من قبل عبد الملك بن مروان. لبس ذاب يوم ثوباً من الخز. و كان يسير في الطرقات متبختراً متعالياً، يكاد أن يطأ رؤوس الناس.

و بينما هو كذلك، قابله رجل من عامة الناس، فقال له:

يا عبد اللّه، هذه مشية يبغضها اللّه و رسوله.

فرد عليه المهلب قائلا: ويلك! أتعرفني؟

فقال له: بلي، أعرفك، و أضاف: أنت أولك نطفة نذرة، و آخرك جيفة قذرة، و ما بينهما تحمل العذرة. فعلي تتكبّر؟

(214) الأمام الحسين عليه السّلام يأكل مع المساكين

مرّ الإمام الحسين بن عليّ علي مساكين قد بسطوا كساء لهم و ألقو عليه كِسراً.

فقالو: هلمّ يا بن رسول اللّه! فثني وركه و أكل معهم و قال: إنّ اللّه لا يحب المستكبرين، ثمّ قال: أجبتكم فأجيبوني.

قالوا: نعم يابن رسول اللّه. فقاموا معه، حتي أتوا منزله، فقال للجارية: أخرجي ما كنت تدّخرين. و هكذا أكل معهم ثانياً.

(215)

لما جعل سلمان الفارسي والياً علي المدائن، ركب حماره و عزم علي السفر إليها لوحده. و لما وصل الخبر لأهل المدائن، هرعوا لاستقباله خارج المدينة، و بعد أن طوي المساففة و هو شيخ كبير و كان يمتطي حماراً له، صار وجها لوجه مع مستقبليه من أهل المدائن.

فسألوه: أيّها الشيخ! أين وجدت أميرنا؟

قال: من هو أميركم؟

قالوا: سلمان الفارسي من أصحاب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

قال: أنا سلمان و لست بأمير. فارتجل الناس إكراماً و جلالا له، و قدموا له من الخيول الأصيلة لركوبه.

فقال: ركوب هذا الحمار أف ضل عندي و مناسب لشأني.

و لما وصل المدينة أرادو أن يأخدوه إلي دار الإمارة، فاستأجردكاناًالسوق، يدير اُمور الدين و الدنيا مهنه، و كمان ما يملكه من الأثاب: وسادة و إناء ماء و عصاء

(216)

ينقل أن الخواجة نصير الدين الطوسي قد حلّ ضيفاً علي طحان الصحراء، فقال الخواجة: ضع فراش النوم في الخارج علي السطح.

فقال الطحان: هواء الليلة ينذر بالمطر، و من غير المناسب أن تنام الخارج.

و استرجع الطوسي قواعده الفلكية فلم يجد علائم تشيرإلي سقوط المطر، فلم يلتفط إلي كلام الطحان و أمره أن يأخذ فراش نومه و يضعه علي السطح.

ثم ذهب إلي السطح فنام.

و حدث أنّه بعد ساعة أمطرت السماء، فلما تبلّل الخواجة اضطرّ أن يغيّر مكانه و يتحول و يلجأإلي الداخل، و فهم من ذلك أن علمه و حسابه كان علي خطأ، و أنّ ما قاله الطحان هو الصواب. و لشدّة تعجبه سأل الخواجة الطحان: من أين لك هذا العلم بأن المطر سيسقط هذه اليلة، مع أنّه ليس هناك من علامة تشيرإلي ذلك؟

فقال الطحان: عندي كلب، كلما أراه في أوّل الليل إذ دخل

إلي مكان الطحن و ينام فيه، علمت منه أن المطر سيهطل الليلة، و بما أني رأيته هذه الليلة عند الغروب قد دخل مكان الطحن، علمت أن المطر سينزل فسبحان من علم الحيوان ما لم يعلمه الإنسان.

(217)

ينقل أن الحاج ملا هادي السبزواري ذهب إلي كرمان دون أن يعرفه أحد، فدخل المدرسة، و طلب من المتولّي للمدرسة غرفة.

فقال المتولي، بأن الغرف مخصوصة للطلبة.

و أخيراً أقنع المتولّي بأن يستريح في زواية الغرفة شريطة أن يقوم بمساعدة الخادم في أعمال المدرسة.

و في بعض الأحيان كان يقوم السبزواري بمشاركة الطلبة في البحث، و لم يمض ذلك وقت طويل حتّي تزوّج بابنة خادم المدرسة، ثمّ عادإلي سبزوار بصحبة زوجته، و مضت سنون و شهرة الحاج تزداد يوماً بعد يوم، و أخذ الطلبة يتوافدون من الإطراف إلي سبزوار لتلقّي الحكمة و الفلسفة، و قد وفد بعض طلبة كرمان إلي درس الحكيم فجاء الحكيم و صعد المنبر و أخذ يدرس، فما أن رآه طلبة كرمان حتي فهموا بأنّه صهر خادم المدرسة في كگرمان، و لم يتعرّفوا عليه طيلة هذه المدّة، و أسفوا علي ذلك لعدم إستفادتهم خلال تلك المدة من مقامه العلمي، و أخذوا يتحدثون بصوت عال بشكل ألفت بقية الطلاب، و بعد انتهاء الدرس و خروج الاُستاذ من المدرسة، اعترض طلاب سبزوار علي طلاب كرمان، فنقل طلاب كرمان القصة من أوّلها و كيف أنّ الحكيم الكبير كمان لا يظهر نفسه و مقامه العلمي، طيلة هذه الفترة.

كان الملاّ محمّد صالح المازندراني فقيراً جحداً و خالي اليد، و كان يرتدي الملابس العتيقة الممزّقة، فكان لا يشارك في مجلس الدرس خجلا و حياءً، بل كان يجلس خارج المدرسة و يستمع إلي درس الاُستاذ، و

كان يكتب تحقيقاته علي أوراق الأشجار، و قد ظنّ سائر الطلاب أن هذا الرجل شحاذ فقير جاء ليستجدي.

و قد أشكلت علي الاُستاذ الملاّ محمّد تقي المجلسي رحمه اللّه مسألة أحد الأيّام، و أحال حلّهاإلي اليوم الثاني، و في اليوم الثاني لم يتوصّل إلي حلّ المسألة، فأحيلت إلي اليوم الثالث، و في هذه الأثناء دخل أحد طلاب المدرسة علي الملاّ صالح فوجد أمامه اأوراق الصفصاف، فأخذ إثنين أو ثلاثة من أوراق الصفصاف فوجد فيها حلّ المشكلة المعضلة، فذهب إلي مجلس الدرس و طرحت المسألة و لم يتمكّن أحد من ايجاد الحل لها. ثم ّ بدأ ذلك الطالب ببيان حل المسألة، فتعجّب الملاّ محمّد تقي المجلسي و أصرّ علي القول: ب.ن هذا الجواب ليس من عندك بل هو من شخص آخر تعلّمته منه، فمن هو؟

و أخيراً نقل ذلك الطالب قضية الملاّ محمّد صالح، و لمّا أطلع الآخوند المجلسي علي كيفية حال الملا محمّد صالح و رآه جالس" خارج معهد الدرس أرسل علي الفور أن يحضروا له الملابس، و طلب منه أن يدخل معهم الدرس، و استمع منه حل هذا الإشكال شفاهاً.

(218)

كان زيد بن ثابت - من صحابة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قد صلّي علي جنازة. و بعد ذلك جيء إليه بركابه ليركب و يرجع إلي مكانه، فأخذ ابن عباس بركابه حتي يركب زيد.

فقال زيد: يا بن عمّ رسول اللّه هل يمكن ذلك؟

قال ابن عباس: اُمرنا بأن نتواضع للعلماء و الكبار.

فأخذ زيد بيد ابن عباس و قبّلها، و قال: ئو كذلك نحن أمرنا أن نتواضع لأهل بيت النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم

(219)

اكمال الدين) مسنداًإلي أبي وائل، قال: ان رجلا يقال له عبد اللّه ابن قلابه خرج في طلب ابل له قد شردت فبينا هو في صحاري عدن في تلك الفلوات اذ هو قد وقع علي مدينه عليها حصن حول ذلك الحصن قصور كثيره و اعلام طوال فلما دنا منها ظن ان فيها من يساله عن ابله فلم ير داخلا و لا خارجا فنزل عن ناقته و عقلها و سل سيفه و دخل من باب الحصن فاذا هو ببابين عظيمين لم ير في الدنيا اعظم منهما و لا اطول و اذا خشبها من اطيب عود و عليها نجوم من ياقوت اصفر و ياقوت احمر ضوؤها قد ملا المكان فلما راي ذلك اعجبه ففتح احد البابين و دخل فاذا هو بمدينه لم ير الراؤون مثلها قط و اذا هو بقصور كل قصر منها معلق تحته اعمده من زبرجد و ياقوت و فوق كل قصر منها غرف و فوق الغرف غرف مبنيه بالذهب و الفضه و اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد و علي كل باب من ابواب تلك القصور مصاريع مثل مصاريع باب المدينه من عود طيب قد نضدت عليه

اليواقيت و قد فرشت تلك القصور باللؤلؤ و بنادق المسك و الزعفران فلما راي ذلك و لم ير هناك احدا افزعه ذلك و نظرإلي الازقه و اذاكل زقاق منها اشجار قد اثمرت تحتها انهار تجري فقال هذه الجنه التي وصف اللّه عز و جل لعباده في الدنيا فالحمد للّه الّذي ادخلني الجنه فحمل من لؤلوئها و بنادقها بنادق المسك و الزعفران و لم يستطع ان يقلع من زبرجدها و لا من ياقوتها لانه كان مثبتا في ابوابها و جدرانها و كان اللؤلؤ و بنادق المسك و الزعفران بمنزله الرمل في تلك القصور و الغرف كلها فاخذ منها ما اراد و خرج حتي اتي ناقته و ركبها ثم سار يقفو اثره حتي رجع إلي اليمن و اظهر ما كان معه و اعلم الناس امره و باع بعض ذلك اللؤلؤ و كان قد اصفار و تغير من طول ما مر عليه من الليالي و الايام فشاع خبره و بلغ معاويه بن ابي سفيان فارسل رسولاإلي صاحب صنعاء و كتب باشخاصه فشخص حتي قدم علي معاويه فخلا به و ساله عما عاين فقص عليه امر المدينه و ما راي فيها و عرض عليه ما حمله منها من اللؤلؤ و بنادق المسك و الزعفران فقال و اللّه ما اعطي سليمان بن داود مثل هذه المدينه فبعث معاويه إلي كعب الاحبار فدعاه فقال له يا ابا اسحاق هل بلغك ان في الدنيا مدينه مبنيه بالذهب و الفضه و عمدها زبرجد و ياقوت و حصي قصورها و غرفها اللؤلؤ و انهارها في الازقه تجري تحت الاشجار قال كعب اما هذه المدينه صاحبها شداد المدينه فهي ارم ذات العماد و هي التي

وصفها اللّه عز و جل في كتابه المنزل علي نبيه محمد ص و ذكر انه لم يخلق مثلها في البلاد قال معاويه حدثنا بحديثها فقال ان عاد الاولي و ليس بعاد قوم هود كان له ابنان سمي احدهما شديدا و الاخر شدادا فهلك عاد و بقيا و ملكا و تجبرا و اطاعهما الناس في الشرق و الغرب فمات شديد و بقي شداد فملك وحده لم ينازعه احد و كان مولعا بقراءه الكتب و كان كلما سمع يذكر الجنه و ما فيها من البنيان و الياقوت و الزبرجد و اللؤلؤ رغب ان يفعل مثل ذلك في الدنيا عتوا علي اللّه عز و جل فجعل علي صنعتها مائه رجل تحت كل واحد منهم الف من الاعوان فقال انطلقواإلي اطيب فلاه في الارض و اوسعها فاعملوا لي فيها مدينه من ذهب و فضه و ياقوت و زبرجد و لؤلؤ و اصنعوا تحت تلك المدينه اعمده من زبرجد و علي المدينه قصورا و علي القصور غرقا و فوق الغرف غرفا و اغرسوا تحت القصور في ازقتها اصناف الثمار كلها و اجروا فيها الانهار حتي تكون تحت اشجارها فاني اري في الكتاب صفه الجنه و انا احب ان اجعل مثلها في الدنيا قالوا له كيف نقدر علي ما وصفت لنا من الجواهر و الذهب و الفضه حتي يمكننا ان نبني مدينه كما وصفت قال شداد ا لا تعلمون ان ملك الدنيا بيدي قالوا بلي قال فانطلقواإلي كل معدن من معادن الجواهر و الذهب و الفضه فوكلوا بها حتي تجمعوا ما تحتاجون اليه و خذوا جميع ما تجدونه في ايدي الناس من الذهب و الفضه فكتبواإلي كل ملك في الشرق و

الغرب فجعلوا يجمعون انواع الجواهر عشر سنين فبنوا له هذه المدينه في مده ثلاث مائه سنه و عمر شداد تسعمائه سنه فلما اتوه و اخبروه بفراغهم منها قال فانطلقوا فاجعلوا عليها حصنا و اجعلوا حول الحصن الف قصر عند كل قصر الف علم يكون في كل قصر من تلك القصور وزير من وزرائي فرجعوا و عملوا ذلك كله ثم اتوه فاخبروه بالفراغ منها كما امرهم فامر الناس بالتجهيزإلي ارم ذات العماد فاقاموا في جهازهم اليها عشر سنين ثم سار الملك يريد ارم فلما كان من المدينه علي مسيره يوم و ليله بعث اللّه عز و جل عليه و علي جميع من كان معه صيحه من السماء فاهلكتهم و لا دخل ارم و لا احد ممن كان معه فهذه صفه ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد و اني لاجد في الكتب ان رجلا يدخلها و يري ما فيها ثم يخرج فيحدث الناس بما يري فلا يصدق و سيدخلها اهل الدين في آخر الزمان.

(220)

جلس رجل أعمي البصيرة في مجلس الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و جاء آخر لكنّه أعمي البصر، ليجلس في ذلك المجلس الي جنب أعمي البصيرة، فابتعد بعض الشيء - و كان رجلا متمولا ثرياً 0 فامتعض الرسول الأكرم صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من ذلك الفعل و قال لأعمي البصيرة: لم فعل ذلك؟ أتخاف أن يسري إليك فقر هذا الأعمي؟ أم تخاف أن يسري شيء من ثروتك إليه؟

فقال: أنا مستعدّ للتنازل عن نصف ثروتي لهذا الفقيرر كيما ترضي عنيّ!

فالتفت الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي ذلك القير الأعمي البصر، و قال له:

هل تريد نصف ثروة هذا الرجل؟

فقال: لا.

فقال صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: و لم؟

فأجاب: أخاف علي نفسي الإغترار بثروتي، فاُصبح مثل صاحبنا و بذلك أكون أعمي البصيرة، إضافة إلي عمي بصري.

(221)

قال معاوية بن أبي سفيان يوماً لولده يزيد: هل بقيت لذّة من الدنيا لم تنلها؟

قال: نعم. اُمّ أبيها هند بنت سهيل بن عمرو خطبتها. و خطبها عبد اللّه بن عامر بن كريز، فتزوّجته و تركني. فأرسل معاوية إلي عبد اللّه بن عامر و هو عامله علي البصرة، فلمّا قدم عليه، قال: أنزل عن اُمّ أبيها لوليّ عهد المسلمين يزيد.

قال: ما كنت لأفعل.

قال: أقطعك البصرة، فإن لم تفعل عزلتك عنها.

قال: و إن.

فلمّا خرج من عنده قال له مولاه: إمرأة بأمرأة أتترك البصرة بطلاق أمرأة.

فرجع إلي معاوية، فقال: هي طلاق. فردّه إلي البصرة. فلمّا دخل تلقّته اُم أبيها. فقال: استتري، فقالت: فعلها اللعين، و استترت. قال: فعدّ معاويد الأيام حتي إذا انقضت العدة وجّه أباهريرة يخطبها ليزيد. و قال له: أمهرها بألف ألف.

فخرج أبوهريرة فقدم المدينة. فمرّ بالحسين بن علي عليه السّلام، فقال: ما أقدمك المدينة يا أباهريرة؟

قال: اُريد البصرة أخطب أمّ أبيها لوليّ عهد المسلمين يزيد.

قال: فتري أن تذكرني لها؟

قال: إن شئت.

قال: قد شئت.

فقدم أبوهريرة البصرة فقال لها: يا أمّ أب يها إنّ أميرالمؤمنين يخطبك لوليّ عهد المسلمين يزيد، و قد بذل لك في الصداق ألف ألف. و مررت بالحسين بن عليّ فذكرك، قالت: فماتري يا أباهريرة؟

قال: ذلك إليك، قالت: فشفة قبّلها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أحبّ إليّ، قال: فتزوّجت الحسين بن علي عليه السّلام و رجع أبوهريرة فأخبر معاوية قال: فقال له: يا حما، ليس لهذا وجّهناك،

قال: فلمّا كان بعد ذلك حجّ عبداللّه بن عامر فمرّ بالمدينة فلقي الحسين بن علي. فقال له: يابن رسول اللّه! تأذن لي كلام اُمّ أبيها؟

فقال: إذا شئت.

فدخل معه البيت و استأذن علي اُمّ أبيها. فأذنت له. و دخل معه الحسين عليه السّلام. فقال لها: عبد اللّه بن عامر: يا اُمّ أبيها! ما فعلت بالوديعة الّتي استودعتك؟

قالت: عندي. يا جارية! هاتي سفط كذا. فجائت به ففتحته و إذا هو مملوّ لألي جوهنر يتلإلأ.

فبكي ابن عامر، فقال الامام الحسين عليه السّلام: ما يبكيك؟

فقال: يا بن رسول اللّه! أتلومني علي أن أبكي علي مثلها في ورعها، و كمالها و وفائها؟ قال: يا بن عامر! نعم المحللّ كنت لكما. هي طلاق. فحج فلما رجع تزوّج بها.

(222)

عن الامام جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام قال: كان علي بن الحسين عليه السّلام لا يسافر الا مع رفقة لا يعرفونه و يشترط عليهم ان يكون من خدم الرفقه فيما يحتاجون اليه، فسافر مره مع قوم فرآه رجل فعرفه فقال لهم أتدرون من هذا فقالوا لا قال هذا علي بن الحسين عليه السّلام.

فوثبوا اليه فقبلوا يده و رجله و قالوا يا ابن رسول اللّه اردت ان تصلينا نار جهنم لو بدرت منا اليك يد او لسان ا ما كنا قد هلكناإلي آخر الدهر فما الّذي يحملك علي هذا فقال اني كنت سافرت مره مع قوم يعرفونني فاعطوني برسول اللّه ص ما لا استحق فاني اخاف ان تعطوني مثل ذلك فصار كتمان امري احب إلي

(223)

في تفسير النيشابوري كان بعض العارفين يرعي غنماً فحضرت في غنمه الذئب و لا يضر أغنامه.

فمرّ عليه رجل، و ناداه: متي اصطلح الغنم و الذئب؟

قال الراعي: من حين اصطلح الراعي مع اللّه.

(224)

روي أنّ رجلا من الشيعة أتي الإمام موسي بن جعفر عليه السّلام و هوبغداد. فقال: يابن رسول اللّه رأيت في هذا اليوم في ميدان بغداد رجلا كافراً و الناس مجتمعون حوله و هو يخبر كل إنسان بما أضمره، فهو يعلم الأسرار.

قال عليه السّلام: نغدوا عليه فأتي إلي الميدان و رآي الناس حوله و هو يخبرهم عمّا في ضمائرهم فطلبه الإمام عليه السّلام، فقال له: يا فلان أنت رجل كافر و الإطلاع علي ما في الضمائر مرتبة جليلة فما السبب في أن رزقك اللّه هذه المرتبة؟

فقال: يا عبد اللّه ما اوتيت هذا إلاّ بأنّي أعمل خلاف ما تشتهيه نفسي و خلاف مطلوبها.

فقال عليه السّلام: يا فلان، أعرض الإيمان علي نفسك و أنظر هل تقبله أم لا.

فتغشي في منديل و تفكّر. فلمّا رفع المنديل قال: إنّي عرضت الإسلام عليها، فأبت. فقال: عليه السّلام له: إعمل علي خلاف إرادتها كما هو عادتك.

فأسلم و حسن إسلامه فعلّمه عليه السّلام شرايع الأحكام فكان من جملة أصحاب الإمام عليه السّلام.

فقال له يوماً: يا فلان، أضمرت أنا شيئاً فقل ما هو؟

فلمّا رجع و تفكّر لم يدر ما يقول، فتعجّب و قال: يابن رسول اللّه كنت أعرف الضماير و أنا كافر، فكيف لا أعرفها اليوم و أنا مسلم؟

فقال عليه السّلام له: إنّ ذلك كان جزاء لأعمالك و اليوم ادّخر اللّه لك أعمالك ليوم القيامة فجزاؤها ذلك اليوم.

(225)

كان السيد باقر الشفتي - المتوفي سنة 1260 ه - رحمه اللّه واحداً من البكائين. حتي قيل: إنّ القاريء الحسيني كان يمتنع من صعود المنبر إذا كان السيد الشفتي جالساً، و ذلك خوفاً من بكائه الشديد الّذي كان يضعفه فيمرض بعده. سيما أنّ الأطبّاء كانوا قد

منعوه من البكاء.

هذا و ليهبته في قلوب الناس و حبّهم الشديد له، حسده الحاكم فأعدّ أربعاً من المرتزقة لقتله ليلا.

يقال إنّهم نزلوا من فوق الجدار إلي ساحة المنزل بهدوء. و اختفوا وراء الأشجار مع أسلحتهم فرأوا السيد جالساً علي سجادة الصلاة تحت ضوء بسيط و أمامه كتاب يقرأ فيه دعاءً و دموعه علي خديه جارية.

حاول أحد المرتزقة أن ينفذ الجريمة، فرفع بندقيته صوب صدره الشريف و هو من وراء الأشجار فارتعشت يداه من هيبة السيد، فكادت تسقط البندقية من يده، فتلقفها زميله، و كلما حاول هذا الثاني أن ينفذ العملية، لم يستطع النظر إلي تلك الهيبة الربانيّة للسيد و هكذا أدت الإنعاكاسات الروحية للسيد إلي هداية المرتزقة و توبتهم إلي اللّه تعالي. فعادوا و هم مهتدون.

(226)

لما كان الامام الكاظم عليه السّلام في سجن السندي بن شاهك في بغداد، أرسال هارون الرشيد جاريه حسناء، لها جمال و وضاءه لتخدمه في السجن.

فرفض الامام عليه السّلام في الوهلة الاولي و قال للرسول: قل لهارون الرشيد: بل أنتم بهديتكم تفرحون، لا حاجه لي في هذه و لا في امثالها

فرجع العامري و حكي قول الامام عليه السّلام لهارون. فاستطار هارون غضبا و قال: ارجع اليه في السجن و قل لموسي بن جعفر عليه السّلام ليس برضاك حبسناك و لا برضاك خدمناك و اترك الجاريه عنده و انصرف

و بهذه الصورة أقامت الجارية مع الامام موسي الكاظم عليه السّلامالسجن و أنقذ هارون جواسيسه يتفحصوا عن أخبار الجارية، و لكن الجارية عندما لمست عظمة الامام الكاظم عليه السّلام المعنوية، تأثرت به فأخذت تقضي أوقاتها في الصلاة، و لمّا رآها جاسوس هارون أنّها ساجدة لربها لا ترفع راسها، تقول: «قدوس، سبحانك، سبحانك»

رفع حكايتهاإلي

هارون، فقال هارون: سحرها و اللّه موسي بن جعفر بسحره، عليّ بها، فاُتي بها و هي ترعد شاخصه ببصرها نحو السماء.

فقال لها هارون: ما شأنك؟

قالت شأني الشان البديع، اني كنت عنده واقفه و هو قائم يصلي ليله و نهاره، فلما انصرف عن صلاته بوجهه و هو يسبّح اللّه و يقدّسه. قلت يا سيّدي هل لك حاجة اُعطيكها؟

قال: ما حاجتي إليك؟

قلت إني اُدخلت عليك لحوائجك.

قال عليه السّلام: فما بال هؤلاء؟

قالت: فالتفت فإذا روضة مزهرة لا ابلغ آخرها عن أوّلها بنظري و لا أوّلها من آخرها، فيها مجالس مغروسة بالوشي و الديباج و عليها وصايف لم أر مثل وجوههم حسناً، و لا مثل لباسهم لباساً، عليهم الحرير الأخضر و الأكاليل و الدرّ و الياقوت، و في أيديهم الاباريق و المناديل و من كل طعم، فخررت ساجدة حتي أقامني هذا الخادم.

فقال لها هارون: يا خبيثة لعلك سجدت فنمت فرأيت هذا في مناك؟

قالت: لا و اللّه يا سيدي، إلاّ قبل سجودي رأيت فسجدت.

فأمر بها هارون الرشيد أن يدعوها تحت مراقبة شديدة فلا يسمع هذا منها أحد. فأقبلت إلي العبادة و الصلاة حتي ماتت.. و لعلّ هارون سمّته.

(227)

عن جميل، قال: قال لي ابو عبد اللّه عليه السّلام: ما ردّ اللّه العذاب إلاّ عن قوم يونس، و كان يونس يدعوهم إلي الاسلام فيأبون ذلك، فهمّ أن يدعو عليهم و كان فيهم رجلان: عابد و عالم، و كان إسم أحدهما تمليخا، و الآخر اسمه روبيل.

فكان العابد يشير علي يونس بالدعاء عليهم، و كان العالم ينهاه و يقول: لا تدع عليهم فإنّ اللّه يستجيب لك و لا يحب هلاك عباده. فقبل قول العابد و لم يقبل من العالم فدعا عليهم.

فأوحي اللّه إليه:

يأتيهم العذاب في شهر كذا و كذا، في يوم كذا و كذا، فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد، و بقي العالم فيها، فلما كان في ذلك اليوم نزل العذاب.

فقال العالم لهم: يا قوم افزعواإلي اللّه فلعله يرحمكم و يردّ العذاب عنكم.

فقالوا: كيف نصنع؟

قال: اجتمعوا و اخرجواإلي المفازة، و فرّقوا بين النساء و الأولاد، و بين الإبل و أولادها، و بين البقر و أولادها و بين الغنم و أولادها، ثم أبكوا و ادعوا، فذهبوا و فعلوا ذلك و ضجّوا و بكوا، فرحمهم اللّه و صرف عنهم العذاب و فرق العذاب علي الجبال و قد كان نزل و قرب منهم.

فاقبل يونس ينظر كيف أهلكهم اللّه فرأي الزارعون يزرعون في أرضهم.

قال لهم: ما فعل قوم يونس؟

فقالوا له و لم يعرفوه: إنّ يونس دعا عليهم فاستجاب اللّه له و نزل العذاب عليهم فاجتمعوا و بكوا فدعوا فرحمهم اللّه و صرف ذلك عنهم و فرق العذاب علي الجبال

فهم اذا يطلبون يونس ليؤمنوا به.

فغضب يونس و مر علي وجهه مغاضبا به كما حكي اللّه حتي انتهي ساحل البحر فاذا سفينه قد شحنت و ارادوا ان يدفعوها فسالهم يونس ان يحملوه فحملوه فلما توسطوا البحر بعث اللّه حوتا عظيما فحبس عليهم السفينه من قدامها فنظر اليه يونس ففزع منه و صارإلي مؤخر السفينه فدار اليه الحوت و فتح فاه فخرج اهل السفينه فقالوا فينا عاص فتساهموا فخرج سهم يونس و هو قول اللّه عز و جل فساهم فكان من المدحضين فاخرجوه فالقوه في البحر فالتقمه الحوت و مر به في الماء و قد سال بعض اليهود امير المؤمنين ع عن سجن طاف اقطار الارض بصاحبه فقال يا يهودي اما

السجن الّذي طاف الارض بصاحبه فانه الحوت الّذي حبس يونس في بطنه فدخل في بحر القلزم ثم خرج الي بحر مصر ثم دخل إلي بحر طبرستان ثم خرج في دجله الغوراء قال ثم مرت به تحت الارض حتي لحقت بقارون و كان قارون هلك في ايام موسي ع و وكل اللّه به ملكا يدخل في الارض كل يوم قامه رجل و كان يونس في بطن الحوت يسبح اللّه و يستغفره فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به انظرني فاني اسمع كلام آدمي فاوحي اللّه إلي الملك الموكل به انظره فانظره ثم قال قارون من أنت قال يونس انا المذنب الخاطيء يونس بن متي قال فما فعل الشديد الغضب للّه.

(228)

في سنة (845 ه) توفي صاحب كتاب «تفسير مجمع البيان» أمين الإسلام، أبوعلي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي في سبزوار، و نقلت جنازهته إلي المشهد الرضوي المقدّس، و دفن في المقبرة المعروفة ب «قتلگاه».

و قد نقل صاحب «روضات الجنات» عن صاحب «رياض العلماء» قال: و من عجيب أمر هذا العالم بل من غريب كراماته، ما اشتهر بين الخاص و العام، أنّه قد أصابته السكتة، فظنّوا به الوفاة، فغسلوه و كفنوه و دفنوه. ثمّ رجعوا. فلما أفاق وجد نفسه في القبر، و قد سدّ عليه سبيل الخروج عنه من كلّ جهة، فنذر في تلك الحالة أنّه اذا نجي من تلك الداهية، ألّف كتاباً في تفسير القرآن. فاتّفق أن بعض النباشين قصده لأخذ كفنه، فلما كشف عن القبر أخذ الشيخ بيده، فذهل النبّاش ممّا رآه ثمّ تكلّم معه.

فازداد ذهولا، فقال: لا تخف، أنا حيّ، وقد أصابتني السكتة فدفنوني، و لما لم يقدر علي النهوض و المشي من

غاية ضعفة حمله النبّاش علي عاتقه، و جاء به إلي بيته الشريف، فأعطاه خلعة و أولاه مالا جيزيلا و تاب علي يده النبّاش، ثمّ إنّه وفي بنذره و شرع في تأليف «مجمع البيان»

و قد تنسب هذه القضية إلي المولي فتح اللّه الكاشي، و يقال: إنّه الّف بعد نجاته من تلك الواقعة تفسير الكبير، المسمّي ب منهج الصادقين.

(229)

كان أحد الملاكين لارض كبيرة لا يبالي بالحلال و الحرام و يوماً من الأيام أدركته رحمة اللّه الواسعة فاغتنم فرصة رجوع نفسه إليه و تاب.

قال تعالي: (و الّذين اهتدوا زادهم هديً)

استيقظ يوماً من غفلته و قال: ما هو جوابي في قبري و كيف اُجيب ربي يوم الحساب؟ و اتخذ قراراً أن يتخلّي عن جميع أمواله.

فترك كلّ أملاكه و أمواله و أراضيه و ذهب إلي أحد الفلاحين الّذي كان يعمل في قطعة أرض و عمل عاملا بأجر بعد أن ذهل ذلك الفلاح من طلب الرجل التائب.

و قد كتب في أحوال ذلك التائب أن أحد كبار العلماء كان من ذريّة هذا الرجل و الأهم من ذلك أنّه ربح آخرته.

(230)

دخل علي ع المسجد فاستقبله شاب و هو يبكي و حوله قوم يسكتونه فقال علي ع ما ابكاك فقال يا امير المؤمنين ان شريحا قضي علي بقضيه ما ادري ما هي ان هؤلاء النفر خرجوا بابي معهم في سفرهم فرجعوا و لم يرجع ابي فسالتهم عنه فقالوا مات فسالتهم عن ماله فقالوا ما ترك مالا فقدمتهم إلي شريح فاستحلفهم و قد علمت يا امير المؤمنين ان ابي خرج و معه مال كثير فقال لهم امير المؤمنين ع ارجعوا فردهم جميعا و الفتي معهم إلي شريح فقال له يا شريح كيف قضيت بين هؤلاء قال يا امير المؤمنين ادعي هذا الفتي علي هؤلاء النفر انهم خرجواآيه بيان سندروايت في سفر و ابوه معهم فرجعوا و لم يرجع ابوه فسالتهم عنه فقالوا مات و سالتهم عن ماله فقالوا ما خلف شيئا فقلت للفتي هل لك بينه علي ما تدعي قال لا فاستحلفتهم فقال ع لشريح يا شريح هيهات هكذا تحكم

في مثل هذا فقال كيف هذا يا امير المؤمنين فقال علي ع يا شريح و اللّه لاحكمن فيه بحكم ما حكم به خلق قبلي الا داود النبي ع يا قنبر ادع لي شرطه الخميس فدعاهم فوكل بهم بكل واحد منهم رجلا من الشرطه ثم نظر امير المؤمنين ع إلي وجوههم فقال ما ذا تقولون ا تقولون اني لا اعلم ما صنعتم باب هذا الفتي اني اذا لجاهل ثم قال فرقوهم و غطوا رؤوسهم ففرق بينهم و اقيم كل واحد منهم إلي اسطوانه من اساطين المسجد و رؤوسهم مغطاه بثيابهم ثم دعا بعبيد اللّه بن ابي رافع كاتبه فقال هات صحيفه و دواتا و جلس علي ع في مجلس القضاء و اجتمع الناس اليه فقال اذا انا كبرت فكبروا ثم قال للناس افرجوا ثم دعا بواحد منهم فاجلسه بين يديه فكشف عن وجهه ثم قال لعبيد اللّه اكتب اقراره و ما يقول ثم اقبل عليه بالسؤال ثم قال له في اي يوم خرجتم من منازلكم و ابو هذا الفتي معكم فقال الرجل في يوم كذا و كذا فقال و في اي شهر قال شهر كذا و كذا قال وإلي اين بلغتم من سفركم حين مات ابو هذا الفتي قال موضع كذا و كذا قال و في اي منزل مات قال في منزل فلان ابن فلان قال و ما كان من مرضه قال كذا و كذا قال كم يوما مرض قال كذا و كذا يوما قال فمن كان يمرضه و في اي يوم مات و من غسله و اين غسله و من كفنه و بما كفنتموه و من صلي عليه و من نزل قبره فلما ساله عن

جميع ما يريد كبر علي ع و كبر الناس معه فارتاب اولئك الباقون و لم يشكوا ان صاحبهم قد اقر عليهم و علي نفسه فامر ان يغطي راسه و ان ينطلقوا به إلي الحبس ثم دعا باخر فاجلسه بين يديه و كشف عن وجهه ثم قال كلا زعمت اني لا اعلم ما صنعتم فقال يا امير المؤمنين ما انا الا واحد من القوم و لقد كنت كارها لقتله فاقر ثم دعا بواحد بعد واحد و كلهم يقر بالقتل و اخذ المال ثم رد الّذي كان امر به إلي السجن فاقر ايضا فالزمهم المال و الدم و قال شريح يا امير المؤمنين و كيف كان حكم داود ع فقال ان داود النبي ع مر بغلمه يلعبون و ينادون بعضهم مات الدين فدعا منهم غلاما فقال له يا غلام ما اسمك فقال اسمي مات الدين فقال له داود من سماك بهذا الاسم قال امي فانطلق إلي امه فقال يا الدين فقال لها و من سماه بهذا الاسم قالت ابوه قال و كيف كان ذلك قالت ان اباه خرج في سفر له و معه قوم و هذا الصبي حمل في بطني فانصرف القوم و لم ينصرف زوجي فسالتهم عنه فقالوا مات قلت اين ما ترك قالوا لم يخلف مالا فقلت ا وصاكم بوصيه فقالوا نعم زعم انك حبلي فما ولدت من ولد ذكر او انثي فسميه مات الدين فسميته فقال ا تعرفين القوم الّذين كانوا خرجوا مع زوجك قالت نعم قال فاحياء هم ام اموات قالت بل احياء قال فانطلقي بنا اليهم ثم مضي معها فاستخرجهم من منازلهم فحكم بينهم بهذا الحكم فثبت عليهم المال و الدم ثم

قال للمراه سمي ابنك عاش الدين

(231)

كان في ايام موسي الهادي ببغداد رجل من اهل النعمه، و كان له جاردون حاله و كان يحسده و يسعي بكل مكروه يمكنه و لا يقدر عليه قال فلما طال عليه امره و جعلت الايام لا تزيده فيه الا غيظا اشتري غلاما صغيرا فرباه و احسن اليه فلما شب الغلام و اشتدت و قوي غضبه قال له مولاه يا بني اني اريدك لامر من الامور جسيم فليت شعري كيف لي أنت عند ذلك قال كيف يكون العبد لمولاه و المنعم عليه المحسن اليه و اللّه يا مولاي لو علمت ان رضاك في ان اتقحم النار لرميت بنفسي فيها و لو علمت ان رضاك في ان اغرق نفسي في لجه البحر لفعلت ذاك و عدد عليه اشياء فسر بذلك من قوله و ضمه الي صدره و اكب عليه يترشفه و يقبله و قال ارجو ان تكون ممن يصلح لما اريد قال يا مولاي ان رايت ان تمن علي عبدك فتخبره بعزك هذا ليعرفه و يضم عليه جوانحه قال لم يان لذلك بعد و اذا كان ذلك فانت موضع سري و مستودع امانتي فتركه سنه فدعاه فقال اي بني قد اردتك للامر الّذي كنت ارشحك له قال له يا مولاي مرني بما شئت فو اللّه لا تزيدني الايام الا طاعه لك قال ان جاري فلانا قد بلغ مني مبلغا احب قتله قال فانا افتك به الساعه قال لا اريد هذا و اخاف الا يمكنك و ان امكنك احالوا ذلك علي و لكني دبرت ان تقتلني أنت و تطرحني علي سطحه فيؤخذ و يقتل بي فقال له الغلام ا تطيب نفسك بنفسك

و ما في ذلك تشف من عدوك و ايضا فهل تطيب نفسي بقتلك و أنت ابر من الوالد الحدب و الام الرفيقه قال دع عنك هذا فانما كنت اربيك لهذا فلا تنقض علي امري فانه لا راحه لي الا في هذا قال اللّه اللّه في نفسك يا مولاي و ان تتلفها للامر الّذي لا يدري ا يكون ام لا يكون فان كان لم تر منه ما املت و أنت ميت قال اراك لي عاصيا و ما ارضي حتي تفعل ما اهوي قال اما اذا صح عزك علي ذلك فشانك و ما هويت لاصير اليه بالكره لا بالرضي فشكره علي ذلك و عمدإلي سكين فشحذها و دفعها اليه و اشهد علي نفسه انه دبره و دفع اليه من صلب ماله ثلاثه آلاف درهم و قال اذا فعلت ذلك فخذ في اي بلاد اللّه شئت فعزم الغلام علي طاعه المولي بعد التمنع و الالتواء فلما كان في آخر ليله من عمره قال له تاهب لما امرتك به فاني موقظك في آخر الليل فلما كان في وجه السحر قام و ايقظ الغلام فقام مذعورا و اعطاه المديه فجاء حتي تسور حائط جاره برفق فاضطجع علي سطحه فاستقبل القبله ببدنه و قال للغلام ها و عجل فترك السكين علي حلقه و فري اوداجه و رجع إلي مضجعه و خلاه يتشحط في دمه فلما اصبح اهله خفي عليهم خبره فلما كان آخر النهار اصابوه علي سطح جاره مقتولا فاخذ جاره و احضروا وجوه المحله لينظرواإلي الصوره و رفعوه و حبسوه و كتبوا بخبره إلي الهادي فاحضره فانكر ان يكون له علم بذلك و كان الرجل من اهل الصلاح فامر بحبسه و

مضي الغلام إلي اصبهان و كان هناك رجل من اولياء المحبوس و قرابته و كان يتولي العطاء للجند باصفهان فراي الغلام و كان عارفا به فساله عن امر مولاه و قد كان وقع الخبر اليه فاخبره الغلام حرفا حرفا فاشهد علي مقالته جماعه و حمله إلي مدينه السلام و بلغ الخبر الهادي فاحضر الغلام فقص امره كله عليه فتعجب الهادي من ذلك و امر باطلاق الرجل المحبوس و اطلاق الغلام

(232)

وصل أياز بتواضعه إلي ما لم يصل إيله الأحرار من المرتبة الرفيعة الدولة، حتّي صار مستشاراً للملك رغم كونه عبداً أسود، لا يؤبه به في ذلك المجتمع الطبقي القديم.

فقد كان يستشيره في كل شؤونه، و كان أياز يمحضه النصح فحسده الورزاء و الضباط علي تلك المرتبة لارفيعة، و لما لم يجدوا له مغمزاً فتشوا عن دخلية أمره تفتيشاً دقيقاً لعلهم يجدون ما يسقطه عن عين الملك.

و أخيراً وجدوا أن له غرفة ظنوا أنها ممتلئة بالمجوهرات الثمينة، فذهبوا إلي الملك و وشوا به و قالوا إنّ أياز يستولي علي أموال الدولة و قد خبأهاغرفة في القصر، و أنّه كلّ يوم عند وروده إلي القصر قبل وصوله إلي الملك يذهب إلي تلك الغرفة و يفتحها و يدخلها وحده. ثم يخرج منها و يغلق البال و لا يدع أحداً يشاركه الدخول في الغرفة.

و كذلك يفعل عند المغرب حين يريد الإنصراف من القصر، فإنّه يذهب إلي الغرفة مرّة ثانية و هكذا ألحّوا علي الملك بهذه الوشاية، حتّي أوغروا صدر الملك ضدّه و ظنّ الملك أنّ الأمر كما ذكروا، و في ذات يوم كان أياز عند الملك، فقال له: يا أياز أريد أن أذهب معك إلي تلك الغرفة لنري ما

فيها فرحب أياز بالأمر و صحب الملك و الورزاء و الضباط و الوشاة الحاسدون معه إلي الغرفة ففتحها و دخلوا فلم يجدوا فيها إلاّ جلد كبش و عصاء عوجاء و زوج نعال من جلد بعير.

فقال الملك: ما هذا يا أياز؟

قال أياز: كانت هذه امتعتي قبل أن أصل إلي خدمة الملك، ثمّ منّ اللّه عليّ فوصلت بخدمة الملك، و صرت مستشاراً له، و حيث أنّ الإنسان يسرع إليه التكبّر جئت بهذه الأثاث التي كانت أثاثي في الزمان السابق، و وضعتها في هذه الغرفة و كلّ يوم أمرّ عليها حتّي أتذكّر سابق عهدي و لا أكن مستعلياً و متكبّراً في نفسي علي الحق أو علي الخلق.

و رأي الملك كتابة هذين البيتين علي جدار الغرفة:

أتذكر إذ لحافك جلد شاة و في رجليك نعلا من بعير

فسبحان الّذي سوّاك شخصاً و علّمك الجلوس علي السرير

فأعجب به الملك و ازدادت مكانته عنده.

(233)

ينقل التاريخ أنّ الحجّاج استدعي رجلين أحدهما أناني حسود و الآخر بخيل و قال لهما: ليطلب كل طلبه، فإنّي أعطيه ما طلب و اعطي صاحبه ضعف طلبته. فلو أنّ أحدكم طلب «1000» دينار أعطي صاحب «2000 دينار، فليبدأ أحدكما بالطلب فدبّ التردّد في نفسيهما، إلي أن تقدّم الأناني و قال: أطلب أن تفقأ عيني اليسري.

فقال الحجاج لماذا؟ فردّ الأناني الحسود: لكي تعطي صاحبي ضعف ما تعطيني فتفقأ عينيه.

فقال الحجّاج: ما رأيت طلبه إلاّ هذه الطلبة، لمادا لم تطلب مالا أو منصباً حتّي تستفيد منه؟

فقال الأناني: و اللّه أن تفقأ عيني أهون عليّ من أن أري صاحبي يأخذ ضعفين و أنا آخذ نصف ما أخذ.

(234)

أراد لقمان الحكيم - يوماً - أن يوضح لابنه أن الناس ينتقدون كل فعل، فلا يحق للانسان أن يكون نظره علي مدح الناس او قدحهم، ففعل قمان العملية التالية ليظهر لابنه صدق كلامه:

خرج لمان بصحبة ولده، و معهما حمارة، فركبها لقمان، و ترك ولده يمشي ورائه، فاجتازوا علي قوم.

فقالوا هذا شيخ قاسي القلب قليل الرحمه. يركب هو الدابه - و هو أقوي من هذا الصبي - و يترك هذا الصبي يمشي وراءه، و إنّ هذا بئس التدبير.

لقمان: سمعت قولهم و انكارهم لركوبي و مشيك؟

الولد: نعم

لقمان: إركب أنت يا ولدي حتي أمشي أنا.

ركب الولد و مشي لقمان، فاجتازوا علي جماعه اخري.

الجماعة: هذا بئس الوالد، و هذا بئس الولد. أمّا أبوه فإنّه ما أدّب هذا الصبي حتي يركب الدابه و يترك والده يمشي ورائه، و الوالد أحق بالإحترام و الركوب. و أمّا الولد فإنّه عق والده بهذه الحال، فكلاهما أساءا في الفعال!!

لقمان: سمعت؟

الولد: نعم.

لقمان: لنركب معاً الدابه.

ركبا معاًا فاجتازوا علي آخرين.

فقالوا ما في

قلب هذين الراكبين رحمة، و لا عندهم من اللّه خير. يركبان معاً الدابه يقطعان ظهرها، و يحملانها ما لا تطيق، لو كان قد ركب واحد و مشي آخر كان أصلح و أجود.

لقمان: سمعت؟

الولد: نعم.

لقمان: هات حتّي نترك الدابة تمشي خالية من ركوبنا، فساقا الدّابّة بين أيديهما و هما يمشيان فمرا علي جماعة اُخري.

فقالوا: هذا عجيب من هذين الشخصين. يتركان دابة فارغة تمشي بغير راكب، و يمشيان و ذموهما علي ذلك كما ذموهما علي كل ما كان.

عندئذ التفت لقمان إلي ولده قائلا: تري في تحصيل رضاهم حيلة لمحتال؟

فلا تلتفت إلي الناس في شيء!!

و رأيت في كتاب أنّها حملا الدابة علي متنها. فاستنتج الناس فعلهما ايضاً.

(235)

كان هناك ملك في بني اسرائيل و كان له قاض و للقاضي أخ و كان رجل صدق و له امرأه قد ولدتها الانبياء فاراد الملك ان يبعث رجلا في حاجه فقال للقاضي ابغني رجلا ثقه فقال ما اعلم احدا اوثق من اخي فدعاه ليبعثه فكره ذلك الرجل و قال لاخيه اني اكره ان اضيع امراتي فعزم عليه فلم يجد بدا من الخروج فقال لاخيه يا اخي اني لست اخلف شيئا اهم علي من امراتي فاخلفني فيها و تول قضاء حاجتها قال نعم فخرج الرجل و قد كانت المراه كارهه لخروجه فكان القاضي ياتيها و يسالها عن حوائجها و يقوم لها فاعجبته فدعاهاإلي نفسه فابت عليه فحلف عليها لئن لم تفعل لنخبرن الملك انك قد فجرت فقالت اصنع ما بدا لك لست اجيبك إلي شيء مما طلبت فاتي الملك فقال ان امراه اخي قد فجرت و قد حق ذلك عندي فقال له الملك طهرها فجاء اليها فقال ان الملك قد امرني برجمك

فما تقولين تجيبني و الا رجمتك فقالت لست اجيبك فاصنع ما بدا لك فاخرجها فحفر لها فرجمها و معه الناس فلما ظن انها قد ماتت تركها و انصرف و جن بها الليل و كان بها رمق فتحركت فخرجت من الحفيره ثم مشت علي وجهها حتي خرجت من المدينه فانتهت إلي دير فيها ديراني فنامت علي باب الدير فلما اصبح الديراني فتح الباب و رآها فسالها عن قصتها فخبرته فرحمها و ادخلها الدير و كان له ابن صغير لم يكن له غيره و كان حسن الحال فداواها حتي برئت من علتها و اندملت ثم دفع اليها ابنه فكانت تربيه و كان للديراني قهرمان يقوم بامره فاعجبته فدعاهاإلي نفسه فابت فجهد بها فابت فقال لئن لم تفعلي لاجتهدن في قتلك فقالت اصنع ما بدا لك فعمدإلي الصبي فدق عنقه و اتي الديراني فقال له عمدت إلي فاجره قد فجرت فدفعت اليها ابنك فقتلته فجاء الديراني فلما رآها قال لها ما هذا فقد تعلمين صنيعي بك فاخبرته بالقصه فقال لها ليس تطيب نفسي ان تكون عندي فاخرجي فاخرجها ليلا و دفع اليها عشرين درهما و قال لها تزودي هذه اللّه حسبك فخرجت ليلا فاصبحت قريه فاذا فيها مصلوب علي خشبه و هو حي فسالت عن قصته فقالوا عليه دين عشرون درهما و من كان عليه دين عندنا لصاحبه صلب حتي يؤدي صاحبه فاخرجت عشرين درهما و دفعتهاإلي غريمه و قالت لا تقتلوه فانزلوه عن الخشبه فقال لها ما احد اعظم علي منه منك نجيتني من الصلب و من الموت فانا معك حيث ما ذهبت فمضي معها و مضت حتي انتهياإلي ساحل البحر فراي جماعه و سفنا فقال لها

اجلسي حتي اذهب انا اعمل لهم و استطعم و آتيك به فاتاهم فقال لهم ما في سفينتكم هذه قالوا في هذه تجارات و جوهر و عنبر و اشياء من التجاره و اما هذه فنحن فيها قال و كم يبلغ ما في سفينتكم قالوا كثير لا نحصيه قال فان معي شيئا هو خير مما في سفينتكم قالوا و ما معك قال جاريه لم تروا مثلها قط فقالوا بعناها قال نعم علي شرط ان يذهب بعضكم فينظر اليها ثم يجيئني فيشتريها و لا يعلمها و يدفع إلي الثمن و لا يعلمها حتي امضي انا فقالوا ذلك لك فبعثوا من نظر اليها فقال ما رايت مثلها قط فاشتروها منه بعشره آلاف درهم و دفعوا اليه الدراهم فمضي بها فلما امعن اتوها فقالوا لها قومي و ادخلي السفينه قالت و لم قالوا قد اشتريناك من مولاك قالت ما هو بمولاي قالوا لتقومين او لنحملنك فقامت و مضت معهم فلما انتهواإلي الساحل لم يؤمن بعضهم بعضا عليها فجعلوها في السفينه التي فيها الجوهر و التجاره و ركبوا هم في السفينه الاخري فدفعوها فبعث اللّه عز و جل عليهم رياحا فغرقتهم و سفينتهم و نجت السفينه التي كانت فيها حتي انتهت إلي جزيره من جزائر البحر و ربطت السفينه ثم دارت في الجزيره فاذا فيه ماء و شجر فيه ثمر فقالت هذا ماء اشرب منه و ثمر آكل منه اعبد اللّه في هذا الموضع فاوحي اللّه عز و جل إلي نبي من انبياء بني اسرائيل ان ياتي ذلك الملك فيقول ان في جزيره من جزائر البحر خلقا من خلقي فاخرج أنت و من في مملكتك حتي اتوا خلقي هذا فتقروا له

بذنوبكم ثم تسالوا ذلك الخلق ان يغفر لكم فان غفر لكم غفرت لكم فخرج الملك باهل مملكته إلي تلك الجزيره فراوا امراه فتقدم اليها الملك فقال لها ان قاضي هذا اتاني فخبرني ان امراه اخيه فجرت فامرته برجمها و لم يقم عندي البينه فاخاف ان اكون قد تقدمت علي ما لا يحل لي فاحب ان تستغفري لي فقالت غفر اللّه لك اجلس ثم اتي زوجها و لا يعرفها فقال انه كان لي امراه و كان من فضلها و صلاحها و اني خرجت عنها و هي كارهه لذلك فاستخلفت اخي عليها فلما رجعت سالت عنها فاخبرني اخي انها فجرت فرجمها و انا اخاف ان اكون قد ضيعتها فاستغفري لي غفر اللّه لك فقالت غفر اللّه لك اجلس فاجلسته جنب الملك ثم اتي القاضي فقال إلي الفجور فابت فاعلمت الملك انها قد فجرت و امرني برجمها فرجمتها و انا كاذب عليها فاستغفري لي قالت غفر اللّه لك ثم اقبلت علي زوجها فقالت اسمع ثم تقدم الديراني فقص قصته و قال اخرجتها بالليل و انا اخاف ان تكون قد لقيها سبع فقتلها فقالت غفر اللّه لك اجلس ثم تقدم القهرمان فقص قصته فقالت للديراني اسمع غفر اللّه لك ثم تقدم المصلوب فقص قصته فقالت لا غفر اللّه لك (لانه رد االإحسان بالاسائة)

قال ثم اقبلت علي زوجها فقالت انا امراتك و كل ما سمعت فانما هو قصتي و ليست لي حاجه في الرجال و انا احب ان تاخذ هذه السفينه و ما فيها و تخلي سبيلي فاعبد اللّه عز و جل في هذه الجزيره فقد تري ما لقيت من الرجال ففعل و اخذ السفينه و ما فيها و خلي

سبيلها و انصرف الملك و اهل مملكته

(236)

روا سبط بن الجوزي بسنده إلي عبد اللّه بن المبارك كان يحجّ سنة و يقف سنة فلما كانت السنة التي حجّ فيها، قال: خرجت من مرو الشاهجان و خرجت بخسمائة دينار إلي سوق الجمال بالكوفة لأشتري جمالا فرأيت امرأة علي بعض المزابل تنتف ريش بطة ميتة فقلت لها: ما تفعلين بها؟ قالت: لا تسألني عنها فالححت عليها.

فقالت: أنا امرأة علوية ولي أربع بنات يتامي و هذا اليوم الرابع ما أكلنا شيئاً و قد حلّت لنا الميتة.

قال: فقلت في نفسي أين أنت عن هذه فصببت الدنانير في طرف ثوبها و هي مطرقة لا تلتفت ا ليّ و مضيت ا لي المنزل ثمّ جئت إلي بلدي مرو و أقمت فيها حتّي حجّ النسا و عادوا فخرجت أتلقي جيراني و أصحابي.

فقلت لكل من لقيني قبل اللّه حجّك و شكر سعيك، يقول لي و أنت قبل اللّه حجّك و شكر سعيك. قد اجتمعنا في مكان كذا و كذا.

فبتُّ متفكّراً في ذلك فرأيت النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في المنام يقول لي يا عبد اللّه إنّك أغثت ملهوفة من ولدي، سألت اللّه أن يخلق علي صورتك ملكاً يحجّ عنك كلّ عام إلي يوم القيامة.

(237)

نقل الميرزا ابوالقاسم» أنّه قال: في أحد الأعوام كان يصعب الحصول علي الخبز في طهران. فمرّ «الميرغضب باشي» علي طاق مخزن الماء. فسمع صوت استغاثة كلاب. فتحقق من الأمر فرأي كلبة وضعت حملها و التصق أولادها بها و هي خاوية من الجوع لا تسطيع إرضاعهم و هم حولها يستغيثون.

فتأثر من ذلك، فاشتري من الخباز مقداراً من الخبز وقدّمه للكلبة. و وقف هناك حتّي أكلت الكلبة الخبز و در حليبها و شرع أولادها بالرضاعة.

عاد

إلي الخباز و دفع له ثمن خبز شهر كامل يكفي لإطعام الكلبة و طلب منه إرسال عامله كلّ يوم لإيصال الخبز إلي الكلبة. هدّده بالإنتقام منه إذا انقطع حتّي ليوم واحد.

آنذاك كان هو و رفاقة يقيمون حفلات ضيافة متناوبة بينهم و في كل يوم يذهبون للنزهة و اللهو. ثم يتناولون العشاء سوياً في منزل أحدهم.

إلي أن وصله دور استضافة رفاقه و كان عنده أمرأة و كمان بيتها في وسط مدينة طهران و كان مجهزاً بمستلزمات الضيافة، و كان قد تزوج زوجة اُخري حديثاً و أسكنها في بيت عند مدخل المدينة.

أعط زوجده القديمة مقداراً من المال و قال لها: هذه الليلة يأتي كذا عدد من الضيوف لتناول العشاء و عليك تأمين كل مستلزمات ذلك. فقبلت زوجته بذلك و خرج الزوج مع رفاقه إلي خارج المدينة للنزهة و اللهو.

و صدفة طالت نزهة ذلك اليوم و استمرت إلي بعض الليل و عندما عائو من نزهتهم قالوا له: لقد تأخر الوقت و تعبنا كثيراً فلنسترح في بيتك عند مدخل المدينة.

فقال لهم: لا يوجد في هذا البيت شيء لتناوله و أمّا في البيت الآخر فكلّ شيء جاهز لاستضافتكم و علينا الذهاب إلي هناك. لم يواقفه رفاقه علي ذلك و أصرّوا علي المبيت في بيته الجديد و القناعة بأقل الطعام الموجود.

اضطر للقبول بما أرادوا و اشتري شيئاً من الخبز و اللحم المشوي و تناولوا عشاءهم هناك و باتوا ليلتهم.

و في سحر تلك الليلة استفاق الجميع علي صوت استغاثته و بكائه اللاإرادي.

فسألوه عن سبب ذلك، فقال: رأيت في منامي الإمام السجاد عليه السّلام و قال لي إحسانك لتلك الكلاب كان محلا لرضي اللّه سبحانه و لذلك حفظك اللّه و رفاقك من الموت،

هذه الليلة مقابل إحسانك ذلك، حيث أنّ زوجتك القديمة غاضبة منك و قد أعدّت لك سمّاً و وضعته في المكان الفلاني من المطبخ لتدسه في طعامك، اذهب غداً و خذ السم و إياك أن تؤذيها، و إن شءت خلّ سبيلها بخير.

ثم إن اله سيوفقك للتوبة، و ستتشرّف بزيارة قبر والدي الحسين عليه السّلام بعد أربعين يوماً.

و في الصباح قال لرفاقه: لنذهب سوياً" إلي بيتي وسط المدينة للتحقيق من صدق رؤياي فذهبوا سوياً إلي البيت و عندما دخلوا إعترضت عليه زوجته و سألته: لم لم تأت في الليل؟

فلم يعتن بها و دخل مع رفاقه إلي المطبح و حيثما قال لاه لالإمام السجاد عليه السّلام وجد السم فأخذه و قال لزوجته: ماذا كنت تنوين فعله بنا؟

لولا أمر الإمام لانتقمت منك. لكني ساُحسن إليك بأمر مولاي فإذا كنت ترغبين البقاء في نفس البيت فابق فيه و ساُبقي معك كأنّك لم تفعلي شيئاً. و إذا كنت ترغبين في الفراق اُطلقك. و أي شيء تريدين أعطيك.

رأت المرأة أن أمرها قد فضح و لا يمكنها العيش معه مجدّداً، فطلبت منه الطلاق، فطلقها بأحسان و سرّها و تركها.

ثم استقال من عمله وقلبت استقالة، فانشغل بالتوبة و أداء الحقوق و المظالم التي عليه، و بعد أربعين يوماً تشرف بزيارة كربلاء و بقي حتّي وافاه الأجل و التحق برحمة الحق تعالي.

(238)

روا ابوالفرج ابن الجوزي في كتاب الملتقط قال: كان ببلخ رجل من العلويين و له زوجه و بنات فتوفي ابوهن قالت المراه فخرجت بالبنات إلي سمرقند خوفا من شماته الاعداء و اتفق وصولي في شده البرد فادخلت البنات مسجدا و مضيت لاحتال في القوت فرايت الناس مجتمعين علي شيخ فسالت عنه فقالوا هذا

شيخ البلد فشرحت له حالي فقال اقيمي عندي البينه عندك انك علويه و لم يلتفت إلي فيئست منه و عدت إلي المسجد فرايت في طريقي شيخا جالسا علي دكه و حوله جماعه فقلت من هذا قالوا ضامن البلد و هو مجوسي فقلت عسي ان يكون علي يده فرجي فحدثته بحديثي و ما جري لي مع شيخ البلد فصاح بخادم له فخرج فقال له قل لسيدتك تلبس ثيابها فدخل و خرجت امراته و معها جواري فقال لها اذهبي مع هذه المراه إلي المسجد الفلاني و احملي بناتهاإلي الدار فجاءت معي و حملت البنات و قد افرد لنا بيتا في داره و ادخلنا الحمام و كسانا ثيابا فاخره و جاءنا بالوان الاطعمه و بتنا باطيب ليله فلما كان نصف الليله راي شيخ البلد المسلم في منامه كان القيامه قد قامت و اللواء علي راس محمد ص و اذا بقصر من الزمرد الاخضر فقال لمن هذا القصر فقيل لرجل مسلم موحد فتقدم إلي رسول اللّه ص فاعرض عنه فقال يا رسول اللّه تعرض عني و انا رجل مسلم فقال له رسول اللّه ص اقم البينه عندي انك مسلم فتحير الرجل فقال له رسول اللّه ص نسيت ما قلت للعلويه و هذا القصر للشيخ الّذي هي في داره فانتبه الرجل و هو يلطم و يبكي و بث غلمانه في البلد و خرج بنفسه يدور علي العلويه فاخبر انها في دار المجوسي فجاء اليه فقال اين العلويه فقال عندي فقال اريدها فقال ما لك إلي هذا سبيل قال هذه الف دينار خذها و سلمهن إلي قال لا و اللّه و لا مائه الف دينار فلما الح عليه قال له المنام

الّذي رايته أنت رايته ايضا انا و القصر الّذي رايته لي خلق و أنت تدل علي باسلاك و اللّه ما نمت و لا احدداري الا و اسلمنا كلنا علي يد العلويه و عادت بركاتها علينا و رايت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قال لي القصر لك و لاهلك بما فعلت مع العلويه من الاحترام

كان بالكوفة رجل قاض يكني أباجعفر و كان إذا أتا انسان من العلويين يطلب ما عنده أعطاه و أخذ منه ثمنه و إن لم يكن معه ثمن أعطاه و قال لغلامه أكتب ما آخده علي علي بن أبي طالب فعاش كذلك زماناً؛ ثم افتقر فبينما هو جالس علي باب داره ينظر في ذلك الدفتر إد مرّ به رجل فقال له كالمستهزيء ما حال غريمك الكبير علي عليه السّلام؟

فاغتمّ القاضي، فلما كان الليل رأي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و الحسن و الحسين بين يديه. فقال لهما: ما فعل أبوكما بها الرجل فأجابه علي عليه السّلام فقال: يا رسول اللّه هذا حقّه، قد جئته به قال فأعطه.

قال الرجل: فناولني كيساً من الصوف و قال هذا حقّك.

فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لي: خذه و لا متنع من جاءك من ولد علي يطلب ما عندك فامض لا فقر عليك بعد اليوم. قال: فانتبهت و الكيس بيدي فناديت إمرأتي أن أسرجي. فأسرجت فناولتها الكيس فإذا فيه ألف دينار: فقالت: لي: إتّق اللّه إن سرقت مال هؤلاء التجار.

فقلت: لا و اللّه القصة كيت و كيت.

قالت: فإن كنت صادقاً ننظر في الدفتر فإن كان الّذي فيه مساوياً لألف دينار، فأنت صادق.

فنظرت فيه فإذا فيه ألف دينار

من غير زيادة أو نقصان.

(239)

كان النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يتكفل يتيماً، و كان كلّما يجلس علي طعامه يحضره، و يأكل معه، فلما مضي زمان مات اليتيم، فلم يأكل النبي اليلة طعاماً، و كان يتأسّف علي فوته.

فقال له أصحابه: كم تحزن قلبك بفوته و حرمانك منه؟ نحن نجيئك بيتيم آخر فتكفّله.

قال صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: هذا اليتيم كان سيء الخلق، و أنا كنت تحملت سوء أخلاقه فلا يحصل لي من غيره ما يحصل منه من الفيض.

إنّ أحد اُمراء اصفهان السابقين حكي القصة التالية: فرّت إحدي الجواري من القصر و التجأت إلي بيت العالم الرباني السيد محمّد باقر الشفتي، و بعد أيام ارسلها السيد الينا و بيده رسالة يقول السيد: «لاجلي تجاوز عن هذه الجارية إن كانت مذنبة، و أرجو، أن تنصحوا حراسكم و خدّامكم أن لا يؤذوها».

يقول الأمير: سئلت الجارية، ماذا في بيت السيد هذه المدّة؟

فقالت: إنّه مجنون في الليل، عاقل في النهار.

سألناها: كيف ذلك.

قالت: في منتصف الليل يقوم في ساحة المنزل باكياً و مصلياً و أحياناً كان يضرب رأسه حين البكاء و المناجاة و في الصباح يلبس عمامته و يضع عباءته علي كتفه فتراه إنساناً سوياً.

(240)

قال حفص: بعث أبوعبداللّه الصادق عليه السّلام غلاماً له في حاجة فأبطأ فخرج أبوعبداللّه في أثره لمّا أبطاه فوجده نائما فجلس عند رأسه يروّحه حتي انتبه. فلما انتبه، فقال له أبوعبداللّه عليه السّلام: يا فلان واللّه ما ذلك لك تنام الليل و النهار، لك الليل و لنا منك النهار.

(241)

عن الامام الصادق عليه السّلام.. كان (الامام علي بن الحسين عليه السّلام اذا اذنب العبد و الامه يكتب عنده: أذنب فلان اذنبت فلانه يوم كذا و كذا و لم يعاقبه فيجتمع عليهم الادب حتي اذا كان آخر ليله من شهر رمضان دعاهم و جمعهم حوله ثم اظهر الكتاب ثم قال يا فلان فعلت كذا و كذا و لم اؤدبك ا تذكر ذلك فيقول بلي يا ابن رسول اللّه حتي ياتي علي آخرهم و يقررهم جميعا ثم يقوم وسطهم و يقول لهم ارفعوا اصواتكم و قولوا يا علي بن الحسين ان ربك قد احصي عليك كلما عملت كما احصيت علينا كلما عملنا و لديه كتاب ينطق عليك بالحق لا يغادر صغيره و لا كبيره مما اتيت الا احصاها و تجد كلما عملت لديه حاضرا كما وجدنا كلما عملنا لديك حاضرا فاعف و اصفح كما ترجو من المليك العفو و كما تحب ان يعفو المليك عنك فاعف عنا تجده عفوا و بك رحيما و لك غفورا و لا يظلم ربك احدا كما لديك كتاب ينطق بالحق علينا لا يغادر صغيره و و لا كبيره مما اتيناها الا احصاها فاذكر يا علي بن الحسين ذل مقاك بين يدي ربك الحكم العدل الّذي لا يظلم مثقال حبه من خردل و ياتي بها يوم القيامه و كفي باللّه حسيبا و شهيدا

فاعف و اصفح يعف عنك المليك و يصفح فانه يقول و ليعفوا و ليصفحوا ا لا تحبون ان يغفر اللّه لكم و هو ينادي بذلك علي نفسك و يلقنهم و هم ينادون معه و هو واقف بينهم يبكي و ينوح و يقول رب انك امرتنا ان نعفو عمن ظلمنا و قد عفونا عمن ظلمنا كما امرت فاعف عنا فانك اولي بذلك منا و من المامورين و امرتنا ان لا نرد سائلا عن ابوابنا و قد اتيناك سؤالا و مساكين و قد انخنا بفنائك و ببابك نطلب نائلك و معروفك و عطاءك فامنن بذلك علينا و لا تخيبنا فانك اولي بذلك منا و من المامورين الهي كرمت فاكرمني اذ كنت من سؤالك وجدت بالمعروف فاخلطني باهل نوالك يا كريم ثم يقبل عليهم فيقول قد عفوت عنكم فهل عفوتم عني و مما كان مني اليكم من سوء ملكه فاني مليك سوء لئيم ظالم مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضل فيقولون قد عفونا عنك يا سيدنا و ما اسات فيقول لهم قولوا اللّهم اعف عن علي بن الحسين كما عفا عنا فاعتقه من النار كما اعتق رقابنا من الرق فيقولون ذلك فيقول اللّه آمين رب العالمين اذهبوا فقد عفوت عنكم و اعتقت رقابكم رجاء للعفو عني و عتق رقبتي فيعتقهم فاذا كان يوم الفطر اجازهم بجوائز تصونهم و تغنيهم عما في ايدي الناس و ما من سنه الا و كان يعتق فيها في آخر ليله من شهر رمضان ما بين العشرين راساإلي اقل او اكثر و كان يقول ان للّه تعالي كل ليله من شهر رمضان عند الافطار سبعين الف الف عتيق من النار كلا قد استوجب

النار فاذا كان آخر ليله من شهر رمضان اعتق فيها مثل ما اعتق جميعه و اني لاحب ان يراني اللّه و قد اعتقت رقابا في ملكي في دار الدنيا رجاء ان يعتق رقبتي من النار و ما استخدم خادما فوق حول كان اذا ملك عبدا في اول السنه او في وسط السنه اذا كان ليله الفطر اعتق و استبدل سواهم الحول الثاني ثم اعتق كذلك كان يفعل حتي لحق باللّه تعالي و لقد كان يشتري السودان و ما به اليهم من حاجه ياتي بهم عرفات فيسد بهم تلك الفرج و الخلال فاذا افاض امر بعتق رقابهم و جوائز لهم من المال

(242)

قال أحد المؤمنين: رأيت المرحوم السيد محسن أمين العاملي المتوفي سنة (1371 ه) رحمه اللّه يمشي خلف جنازة أحد كبار علماء السنة في سوق الحميدية بالشام. فدنوت منه مسلماً و مقبلا يده الشريفة، و مشيت بجنبه حتي وصلنا المسجد الأموي، و كان المسجد مليئاً بالناس، فصلّي السيد العاملي صلاة الميّت علي الجنازة، و بعد إتمام الصلاة أقبل الناس يقبلون يد السيد.

أخذت أتأمّل المشهد و أقول في نفسي: هؤلاء الناس من سنة كيف صاروا يقبلون يد عالم شيعي و بلهفة و محبّة؟

سئلت السيد نفسه بعد ذلك، فقال لي:

هذه ثمرة حسن معاشرتي مع الناس لمدة عشرة أعوام.

ثم أضاف: إنّني لما قدمت إلي اشلام حرّض بعض الجهلة أشدّ الأعداء عليّ، فكان أطفالهم يرمونني بالحجارة، و أحياناً يجروا عمامتي من الخلف، و لكني صبرت علي الأذي و عاملتهم بحسن و طيب، و شاركت في تشييع جنائزهم، و عدت مرضاهم، و تفقّدت أحوالهم، كنت أبتسم معهم دائماً أظهر لهم عطفي و حناني، إلي أن استبدلوا العداء معي بالمحبّة.

(243)

تزوج أحد العلماء فتاة صالحة عفيفة، و لم تمض مدة حتي اُصيبت زوجته بمرض جلدي شوّه جمالها فأزري بها!

فادعي هذا العالم الزاهد أنّه فقد بصره، و بات لا يري شيئاً! فعاشا سعيدين مدّة عشرين عاماً، حتّي توفّت المرأة فأظهر العالم أنّه يري، و كان سبب ادّعاءه بذهاب نور بصره أوّل الأمر لئلاّ زوجته بسبب تشوّه جمالها.

(244)

كان مالك الأشتر رحمه اللّه مارّاً في سوق الكوفة و عليه قميص خام و عمامة من خام أيضاً. فرآه شخص يغلب عليه الطيش فاحتقره لثيابه العادية هذه.. و رماه ببندقة طين فلم يلتفت إليه الأشتر و مضي.

فقيل له: هل تعرف من رميت؟

قال: لا.

قيل: هذا مالك الأشتر صاحب أمير المؤمنين عليه السّلام.

و قد كان حديث مالك بين الناس علي كل شفة و لسان.

فارتعد الرجل.. و تبع الأشتر ليعتذر إليه.. فوجده قد دخل مسجداً. و هو قائم يصلي.

فلما فرغ من صلاته وقع الرجل علي قدميه يقبلهما فقال الأشتر: ما هذا؟

قال: أعتذر إليك مما صنعت.

قال الأشتر: لا بأس عليك فواللّه ما دخلت المسجد الاّ لأستغفر لك.

عن ابي عبداللّه الصادق عليه السّلام قال: نزل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في غزوه ذات الرقاع تحت شجره علي شفير واد، فاقبل سيل فحال بينه و بين اصحابه فرآه رجل من المشركين و المسلمون قيام علي شفير الوادي ينتظرون متي ينقطع السيل فقال رجل من المشركين لقومه انا اقتل محمدا فجاء و شد علي رسول اللّه ص بالسيف ثم قال من ينجيك مني يا محمد فقال ربي و ربك.

فنفسه جبرئيل عن فرسه فسقط علي ظهره فقام رسول اللّه فاخذ السيف و جلس علي صدره و قال من ينجيك مني يا غورث فقال

جودك و كرك يا محمّد، فعفي عنه النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

(245)

حكي أن بهرام الملك خرج يوماً للصيد فرأي صيداً فتبعه و انفرد عن عسكره فمر براع تحت شجرة فنزل لجاجة و قال للراعي: حافظ علي فرسي، فعمد الراعي إلي عنانه الذهب و قطع أطرافه.

فوقع نظر بهرام عليه، فأطرق رأسه و أطال الجلوس حتّي أخذ الرجل حاجته فقام بهرام واضعاً يديه علي عينيه يقول للراعي: قدّم إليّ فرسي فقد دخل في عيني من سافي الريح فما أستطيع فتحها. فركب و سار حتي بلغ عسكره.

فقال لصاحب مراكبه: إنّ أطراف اللجام قد وهبتها فلا تتهمّنّ بها أحداً.

(246)

عن عصام بن المصطلق، قال: دخلت المدينة فرأيت الحسين بن علي عليه السّلام فأعجبني سمته و رواؤه، و.ثار من الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البغض، قلت له: أنت ابن أبي تراب؟

فقال: نعم.

قال عصام: فبالغت في شتمه و شتم أبيه (نعوذ باللّه.

فنظر إليّ نظرة عاطف رؤوف، ثمّ قال: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ (خذ العفو و أمر بالمعروف و أعرض عن الجاهلين و إما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ باللّه إنّه سميع عليم إنّ الذين اتقوا إذا مسهم طاتق من الشيطان تذكّروا فإذا هم مبصرون و إخوانهم يمدونهم في الغيّ ثمّ لا يقصرون).

قال عصام: فتوسّم منّي الندم علي ما فرط منّي.

فقال: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم و هو أرحم الراحمين)

أمن أهل الشام أنت؟

قلت: نعم.

فقال: شنشنة أعرفها من أخزم (يشير إلي أصل الفتنة)، حيّانا اللّه و إيّاك. انبسط إلينا في حوائجكو ما يعرض لك تجدين عند أفضل ظنّك ا نشاء اللّه تعلاي.

قال عصام: فضاقت عليّ الأرض بما رحبت، و وددت لو ساخت بي، ثم سللت منه لواذاً و ما علي الأرض أحبّ اليّ منه و

من أبيه.

(247)

قبل أن يبدأ الشيخ الكبير الفقهاء صلاة الجماع، وزع مبلغاً من المال علي الفقراء. ثم افتتح الصلاة و بعد انتهائه من الصلاة الاولي..

بين الصلاتين جاء سيد فقير لم يكن حاضراً عند تقسيم المال و عرف بذلك.

فقال للشيخ: أعطني من مال جدّي.

قال الشيخ: لقد جئت متأخّراً و لم يبق لديّ شيء اُعطيك إياه.

فغضب السيد و بصق في وجه الشيخ.

فقام الشيخ في المحراب و أخذ طرف ردائه بيده و دار بين صفوف المصلين و هو يقول: من كان يحب لحية الشيخ فيساعد السيد.

و ملأ الناس طرف رداء الشيخ بالمال فأعطاه الشيخ للسيد ثم وقف يصلي.

(248)

قال نصراني للإمام الباقر عليه السّلام مستهزءاً به: أنت بقر؟

الإمام عليه السّلام بكل برودة و بسط وجه: لا انا باقر!

النصراني نتقيصاً من كرامة الامام عليه السّلام: أنت ابن الطباخة.

الامام عليه السّلام بكل طلاقة وجه: ذاك حرفتها!

النصراني شتماً للامام و تهيجاً لغضبه: أنت ابن السوداء الزنجيه البذيه!؟

الامام صفحاً: إن كنت صدّقت غفر اللّه لها. و إن كنت كذبت غفر اللّه لك.

النصراني اسلم مما رآه من حلم الامام الباقر عليه السّلام.

(249)

ورد أن رجلا سبّ الإمام السجاد عليه السّلام. فأغضي الإمام عليه السّلام عنه حتّي يشعر بأنّه لم يسمع. فسبّه مرّة ثانية. و الإمام ساكت. مغض عنه. ثم سبّه مرة ثالثة. و الإمام عليه السّلام ساكت.

فلم يتحمّل الرجل سكوت الإمام عليه السّلام فقال للامام عليه السّلام: إيّاك أعني.

فأجابه الإمام عليه السّلام: و عنك أغضي.

(250)

كان النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يؤتي بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة أو يسمّيه فيأخذه، فيضعه في حجره تكرمة لأهله. و ربّما بال الصبي عليه فيصيح بعض من رآه حين بال.

فيقول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: لا تزرموا بالصبي، فيدعه يقضي بوله ثم يفرغ له من دعائه و تسميته و يبلغ سرور أهله و لا يرون أنّه يتأذّي ببول صبيّهم. فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعده.

(251)

روي أنّ موسي عليه السّلام كان يرعي أغنام شعيب. فانهزم من قطيعة تيس فصعد الجبال فبقي موسي تابعاً له عامة يومه في رؤوس الجبال.

فلمّا لزمه قبّل وجهه و مسح التراب من فوقه و قال معتذراً عنده: أيّها الحيوان أتعبتك هذا اليوم و لكن الخوف عليك من الذئب.

ثم حمله علي عاتقه حتّي أوصله إلي الحيوانات.

(252)

حكي أحد العلماء: كنت جالساً قرب تلّ الزينبيّة في مدينة كربلاء و بجانبي رجل واقف. و في الإثناء وقعت عيني علي المرحوم آية اللّه العظمي السيد ابي الحسن الإصفهاني أكبر مرجع زمانه للشيعة، قد خرجه مرافقيه من حرم الإمام أبي عبداللّه الحسين عليه السّلام، و التفت فجأة إلي رجل الذي كان واقفاً عندي فرأيته إنطلق منفعلا ننحو السيد الإصفهاني و هو يقول: بصوت عال: «سوف أشتمه بئس الشتيمة».

و بعد دقائق رأيته عاد باكياً عليه آثار الخجل و الندامة!

سألته عن السبب لهذه المفارقة العجيبة بين الموقف الأوّل و هذا الموقف؟

فقال: لقد شتمت السيد حتي باب منزله، و هناك عند الباب توقّف السيد و طلب منّي الإنتظار، دخل ثمّ رجع و بيده مبلغاً من المال، أعطاني ذلك و قال لي: راجعنا لدي كلّ مضيقة تعترضك، إذ أخشي أن تراجع غيرنا فلا يقضي حاجتك، و لي إليك حاجة! هي أنّني أت حمّل كل شتيمة موجهة إليّ شخصيّاً، و لكن أرجوك أن لا تشتمّ عرضي و أهل بيتي، فإنّي لا أتحمّل ذلك. و أضاف الرجل و هو يرتعش: «إنّ هذه الكلمات التي قالها لي السيد الإصفهاني تركت أثراً بالغاًأعماقي حتي كدت أخرّ علي الأرض، و هذه دموعي جرت بلا إرادة مني، و إنّي أشعر برعشه في أعماقي كما تراني.

(253)

قيل لهارون: إنّ رجلا من العرب طلّق خمس نسوة.

فقال الرشيد: إنما يجوز النكاح علي أربع نسوة فكيف طلق خسماً؟

فقيل له: كان لرجل أربع نسوة، فدخل عليهنّ يوماً فوجدهنّ متنازعات - و كان الرجل سييء الخلق - فقال: إلي متي هذا التنازع؟ما أخال هذا الأمر إلاّ من قبلك، يقول ذلك لإمرأة منهنّ إذهبي فأنت طالق!

فقالت له صاحبتها: عجلت عليها بالطلاق، و

لو أدّبتها بغير ذلك لكنت حقيقاً.

فقال لها: و أنت أيضاً طالق.

فقالت له الثالثة: قبّحك اللّه! فو اللّه لقد كانتا إليك محسنتين، و عليك مفضلتين!

فقال: و أنت أيتها المعددة أياديهما طالق أيضاً.

فقالت له الرابعة و كانت هلالية و فيها أناة شديدة: ضاق صدرك عن أن تؤدّب نسائك إلاّ بالطلاق!

فقال لها: و أنت طالق أيضاً.

و كان ذلك بمسمع جارة له، فأشرفت عليه و قد سمعت كلامه.

فقالت: و اللّه ما شهدت العرب عليك و علي قومك الاّ بالضعف إلا بلوه منكم و جدوة منكم، أبيت إلاّ طلاق نسائك في ساعة واحدة!

فقال لها: و أنت أيّتها المؤنبة المتكلّفة طالق، إن أجاز زوجك.

فأجابه الزوج من داخل بيته: قد أجزت! قد أجزت! و هكذا طلّق خمس نساء.

أقول: في صحة طلاق الخامسة كلام.

(254)

عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: «أثوار ثلاثة» كنّ في أجمة (شجر كثيف ملتف): أبيض، و أسود، و أحمر، و معهن فيها أسد. فكان لا يقدر منهنّ شيء لاجتماعهنّ عليه.

فقال للثور اللأسود و الثور الأحمر: لايدلّ علينا في اجمتنا إلاّ الثور الأبيض، فإنّ لونه مشهور و لوني علي لونكما. فلو تركتماني أكله صفت لنا الأجمة!

فقالا له: دونك فكله!

فأكله! فلما مضت أيّام.

قال للأحمر: لوني علي لونك. فدعني أكل الأسود لتصفو لنا الأجمة.

فقال: دونك فكله. ثم قال للاحمر: إني آكلك لا محالة.

فقال: دعني اُنادي ثلاثاً.

فقال: إفعل.

فنادي: ألا إنّي أكلت يوم أكل الثور الابيض.

فهل لنا في ذلك اُسوة و اتباع؟

(255)

عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: اذا كان يوم القيامة جمع اللّه الخلائق في صعيد واحد و نادي مناد من عند اللّه:.. أين أهل الصبر؟.. ثم ينادي مناد آخر:.. أين اهل الفضل؟ … ثم ينادي مناد من اللّه عز و جل يسمع آخهم كما يسمع اولهم فيقول: أين جيران اللّه جل جلاله في داره؟

فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمره من الملائكه فيقولون لهم ما كان عملكم في دار الدنيا فصرتم به اليوم جيران اللّه تعالي في داره فيقولون كنا نتحاب في اللّه عز و جل و نتباذل في اللّه و نتوازر في اللّه قال فينادي مناد من عند اللّه تعالي صدق عبادي خلوا سبيلهم لينطلقوا إلي جوار اللّه في الجنه بغير حساب.

قال فينطلقون إلي الجنه بغير حساب ثم قال ابو جعفر عَلَيهِ السَّلام فهؤلاء جيران اللّه داره يخاف الناس و لا يخافون و يحاسب النار و لا يحاسبون

(256)

روي عن أياس بن معاوية أنّه قال: ما غلبني أحد قطّ سوي رجل واحد، و ذلك أنّي كنت في مجلس القضاء بالبصرة، فدخل عليّ رجل شهد عندي أنّ البستان الفلاني - و ذكر حدوده هو ملك فلان.

فقلت له: كم عدد شجره؟

فسكت، ثمّ قال: منذ كم يكم سيدنا القاضي في هذا المجلس؟

فقلت: منذ كذا.

فقال: كم عدد خشب سقفه؟

فقلت له: الحقّ معك، و أجزت شهادته.

(257)

لقد كان ابن سينا جالساً عند أحد الحدادين فجاء طفل و سلّم علي الحداد و قال له: إنّ اُمّي تقرؤك السلام و تسألك جمرة توقد بها القدر.

فقال الحداد للطفل: إذهب و أحضر إناء أضع لك فيه الجمرة. لكن منزل الطفل ليس قريباً فتلفت الطفل حواليه و لم يجد شيئاً يضع فيه الجمرة فتناول حفنة من التراب في يده و قال للحداد: ضع الجمرة علي التراب و لن تحرق يدي.

فوضع الحداد الجمرة علي التراب و ذهب.

فناداه ابن سينا و سأله قائلا: كيف عرفت أنّ التراب يعزل حرارة الجمرة عن يدك؟

فقال الطفل: لا تستغرب، فلست أنا وحدي بهذا الذكاء بل إن في بلادنا آلاف الأطفال علي درجة من الذكاء و لكنّه قدّر لنا أن نصبح من الكادحين ذوي الحرف البسيطة ليبرز مثلك عالماً ليس له منازع، ثم أدار وجهه و ذهب. روي أنّه

(258)

كان رجل في بني إسرائيل سافر عن طريق البحر فهبّت ريح شديدة فضربت السفينة علي جبل فانكسرت و غرق أهلها، فتمسّك الرجل بخشبة و خرج إلي ساحل البحر، فذهب حتّي قرب مصراً في جزيرة فإذا رأي جماً غفيراً من الوزراء و الاُمراء راكبين في الصحراء، فلمّا رأوه نزلوا من المراكب، و دنوا منه و وضعوا علي رأسه تاج الملك و لباس السلطنة و قرّبوا اليه مركب السلطان، و جاؤوا معه بإعزاز و إكرام يليق بالسلطان، حتّي أجلسوه علي سرير السلطنة، و سلّموا إليه مفاتيح الخزائن و الملك، و انقادوا له، و تعاملوا معه معاملة السلطان.

فكان الرجل يتعجب من ذلك كله. و يقول في نفسه فيه سرّ. فتصدّي لاُمور السلطنة و مشي مشي مليك مقتدر. حتي مضي عليه زمان و أيام، فتفكّر ليلة في نفسه

و قال: إنّ اللّه نجّاني من الغرق و أعطاني سرير الملك و العزّة و الإقتدار، فينبغي أن لا أكون غافلا عن عاقبة أمري ما يفعل بي، فلعلّ هذا الملك و الإقتداراُخذ منّي. فلا بدّ من أن أاُدبّر تدبيراً ليوم يؤخذ منّي هذا الإقتدار و الملك، و نشر في الوزراء و الاُمراء، و أخذ منهم رجلا كان أعقلهم و أكيسهم و جلعه وزيراً و محلاّ لأسراره. فقل له ليلة في خلوة: يا أخي و صديقي! قل لي سرّ هذا العلم و أحوال هذا الملك، و ما عاقبته؟ فامتنع الوزير.

قال: أيّها الملك لا تسئلني عن سرّ ذلك فإنّه ينغض عيشك.

فقال له: أنت صديقي و محبي فلا بد لك أن تخبرني حتي اُمهّد له تمهيداً. و اُعالجه في حال اقتداري.

فلما رأي الوزير أن الملك رجل عاقل، يلاحظ عاقبة الأمر و مآله و لم يكن غافلا مغتنماً بما فيه.

قال: اعلم، أيّها الملك، إنّ طريقة أهل هذا المصر و عادتهم، أنّ لهم في كل سنة يوم يجتمع الناس كلّهم في هذا اليوم فيأخذون سلطانهم فيرمونه في هذا البحر الّذي كان في طرف المصر. ثمّ يخرجون في يوم بعده في البادية و يأخذون غيرباً لا يعلم بالحال و بعادتهم و يجعلونه سلطاناً كما فعلوا بك الي السنة الآتية، ثمّ يعامل معه هذه المعاملة في اليوم الموعود.

فقال الملك: يا أخي بيدنا الآن القدرة و الإختيار و الإقتدار التام. فيجب علينا أن نمهّذ لهذا اليوم تمهيداً أو علاجاً. فقل ما التدبير في ذلك؟

فقال الوزير: إنّ في طرف هذا البحر جزيرة جيدة خضراء في كلّ الفصول و الأوان. فالتدبير و العلاج أن نرسل إليها من البتائين و العاملين خلقاً كثيراً ليبنوا لنا مصراً و

قصوراً رفيعة و دوراً عالية و مساكن طيبة و غيرها مما نحتاج إليها، ثم نرسل و ننقل إليها نفايس أمتعتنا و أجناسنا و أموالنا من النقود و الخزائن و الجواهر و الغلمان و النسوان و الدواب و المآكل و المشارب و الملابس و غيرها مما نحتاج هناك، و نأمر أن يعملوا لنا زوارق و سفن و نرسل إليها الملاحين،ثم لما قرب اليوم الموعود فأذهب أنا و أرسل الملاحين مع السفينات علي البحر قرب هذا المصر منتشرين منتظرين. فلما أخذوك و ألقوك في البحر بادروا إليك في السفينات و جاؤوا بك في مصرنا الّذي بنيناه بأيدينا، و نتعيّش فيه بفراغ البال و حسن الأحوال ما دمنا كنا أحياء. فاشتغلا بذلك التدبير و لم يفترا في إتمامه حتي أتما هذه الاُمور كلّها في زمان قليل لشدة اقتدارهما.

فلمّا جائت ليلة اليوم الموعود أخبر الوزير الملك، و ذهب هو الي المصر في اليلة و أرسل الملاّحين و الغلمان أصحاب القوة مع السفن في البحر كما قال.

و ذهب هو معهم فانتشروا حول المصر حتي اجتمع الناس، و أخذوا الملك و ألقوه في البحر، فبادر الملاحون و الغلمان و أخذوه في السفينة و جاؤوا به إلي المصر فعاشا فيه بما ادّخرا لأنفسهما.

فاعتبر يا أخي من هذا الرجل و من الوزير الّذي هو بمنزلة العقل. و هيّيء لنفسك جميع ما تحتاج إليه حين يلقاك ملك الموت و أولادك و إخوانك و أعوانك في بحر التراب و النشأة الآخرة.

(259)

روي أنّ اللّه تعالي أرسل ملكين إلي الأرض في أمر فتلاقيا في الهواء فتساءلا، فقال أحدهما: إنّي كنت في أمر عجيب و هو أن سلطاناً كان يعبد الأصنام قد مرض و اشتدّ مرضه، فطلب

الأطباء فقال له: إنّ علاجكك في سمكة و في هذه الأيّام لا توجد إلاّ في البحر السابع.

فأنت ميّت علي كلّ حال.

فقال لبعض خدمعه: إذهبوا إلي هذا الأمر، لعلّكم تجدون هذه السّمكة. فأمرني اللّه أن أزجر تلك السمكة من ذلك البحر (البعيد) حتّي تأتي ذلك البحر الّذي هو قريب من ذلك السلطان فاصطادواها و أكلها فبرء من مرضه.

فقال له الآخر: و أنا كنت في أمر أعجب من هذا و هو أن رجلا صالحاً عابداً في البلد الفلاني كان صائماً و كان قد هييء شيئاً من بقول الأرض لأجل الإفطا و جعله في القدر.

فبعثني اللّه سبحانه إلي ذلك القدر، أن أكفيه حتي يبقي هذه الليلة بلا إفطار و يصوم اليوم الثاني علي ذلك الحال.

فلما عرجا إلي محلّهما قالا: يا ربّنا ما الحكمة في هذا؟

فقال تعال: إنّ ذلك الكافر لا يخلو من بعض العدل مع الرعية و أعمال الخير، فأردت أن أكمل جزاء أعماله في الدنيا، حتي إذا أتاني ليس له عندي حجّة يحتجّ بها عليّ و أمّا ذلك المؤمن فأردت أن اُكفّر ذنوبه حتي إذا أتاني نقيّاً من الذنوب فأسكنه في جواري.

(260)

كتب قيصر روم كتاباً الي خلفاء بني العباس جاء فيه: «جاء في كتاب الإنجيل أنّه من قرأ سورة خالية من سبعة أحرف، حرّم اللّه جسده من نار جهنّم، و هذه الأحرف السبعة عبارة عن «ث، ج، خ، ز، ش، ظ، ف» و فحصنا كثيراً فلم نعثر علي هكذا سورة في كتب التوراة و الزبور و الإنجيل. فهل يوجد في كتابكم السماوي تلك السورة؟

فجمع الخليفة العباسي جميع العلماء و عرض عليهم السؤال، فعجزوا عن الجواب، و أخيراً طرحوا هذا السؤال علي الإمام الهادي عليه السّلام، فأجاب

عليه السّلام قائلا: «هذه السورة هي سورة الحمد التي تكون خالية من الأحرف السبعة».

فسألوا: ما فلسفة خلو هذه السورة من الأحرف السبعة؟

فأجاب الإمام عليه السّلام: إنّ حرف «ث» إشارة إلي الثبور، و حرف «ج» إشارة إلي الجحيم، و حرف «خ» إشارة إلي الخبيث، و حرف «ز» إلي الزقوم، و حرف «ش» إشارة إلي الشقاوة، و حرف «ظ» إشارة إلي الظلمة، و حرف «ف» إشارة إلي الآفة.

فأرسل الخليفة هذا الجواب لقيصر الروم، و شعر القيصر بالفرح بعد حصوله علي الجواب، و اعتنق الإسلام و خرج من الدنيا مسلماً.

(261)

إنّ ملكاً من بني اسرائيل قال لأبنينّ مدينة لا يعيبها أحد فلمّا فرغ من بنائها إجتمع رأيهم علي أنّهم لم يروا مثلها قطّ.

فقال له رجل: لو آمنتني علي نفسي أخبرتك بعيبها.

فقال لك الأمان.

فقال: لها عيبان أحدهما أنّك تهلك عنها، و الثاني أنّها تخرب من بعدك.

فقال الملك: و أيّ عيب أعيب من هذا؟

ثمّ قال: فما نصنع؟

قال: تبني ما يبقي و لا يفني و تكون شابّاً لا تهرم أبداً.

فقال الملك لإبنته ذلك.

فقالت: ما صدقّك أحد غيره من أهل مملكتك.

(262)

عن سعد بن عبد اللّه قال: تبع حكيم حكيماً تسع مائة فرسخ.

فلمّا لحقه قال: يا هذا ما أرفع من السماء، و ما أوسع من الأرض و ما أغني من البحر، و ما أقسي من الحجر، و ما أشدّ حرارة من النار، و ما أشدّ برداً من الزمهرير، و ما أثقل من الجبال الراسيات؟

فقال: الحق أرفع من السماء، و العدل أوسع من الارض، و غني النفس أغني من البحر، و قلب الكافر أقسي من الحجر، و الحريص الجشع أشد حرارة من النار، و اليأس من قريب أشد برداً من الزمهرير، و البهتان علي البريء أثقل من الجبال الراسيات.

(263)

السيد محمّد رضا شبر رحمه اللّه، أراد أن يخلد، و أن لا ينقطع عمله من الدنيا، و أراد أيضاً أن يعيش في روضات جنان اللّه في الآخرة. غير أنّه لم يكن يملك مالا ليوقفه في عمل إسلامي أو خيري لقد كان يعيل أولاده بصعوبة.

إنّما كان يملك ولداً عليه ظواهر الذكاء فنذره للعلم. و ركز علي تربيته في هذا المجال فقد كان يحرمه من مصروفه اليومي و من طعامه إذا لم يدرس! فقد شوهد السيد عبد اللّه شبّر ذات يوم يبيع محبرته فسئل عن السبب. فقال: انّي شغلت اليوم بعارض صحي منعني من مواصلة دروسي فلم أجد ما يسوغ لي أن أتناول من بيت أبي شيئاً!

و لكن هذا الوالد الذي ربّي إبنه في عشق العلم، أنتج ذلك الولد الذي كتب خلال فترة وجيزة من الزمن حيث توفي عن عمر لا يزيد الرابعة و الخمسين كتب سبعين كتاباً بعضها بعدة مجلدات في مخلتف المواضيع الإسلامية سواء الحديث أو التفسير أو التاريخ أو الكلام أو غيرها.

سافر لطلب العلم و لم يكن

لديه مال، كان فقيراً و بدأ دراسته الدينية بجدّ و كان يطالع ويقرأ إلي ساعة متأخّرة من الليل مما كان يؤدي إلي انتهاء زيت السراج الذي كان يطالع علي ضوئه و لفترة لم يكن يستطيع توفير ثمن زيت السراج، رغم قلة السعر.

هل يترك مطالعته؟ هل يقلّلها؟ إنّه لا يستعطيع ذلك. هل يشتري زيتاً للسراج؟ إنه لا يملك الثمن و لم يعدم وسيلة و إجابة، فقد كان يري أحياناً يطالع علي سراج (المرحاض) حيث برد الشتاء و بعوض الصيف إضافة إلي الإحراج الذي يلقاه من زملائه الطلبة حينما يأتونه و يرونه علي هذه الحالة..

و رغم كل ذلك كان صابراً و مثابراً و لهذا وصل إلي هدفه.

العالم الجليل، ملا مهدي النراقي، صاحب كتاب «جامع السعادات» و غيره من الكحتب العظيمة، و لولا اهتمامه الكبير بدراسته و عمهل ما وصل إلي ما وصل إليه.

(264)

نقل أحد تلاميذ المقدس الأردبيلي رحمه اللّه قال: كنت ساكناً في إحدي غرف صحن أمير المؤمنين عليه السّلام في النجف، و كان الوقت منتصف الليل، و لم تكتحل عيني بالنوم تلك الليلة، فخرجت من الغرفة أنظر للسماء.

فرأيت فيها رجلا يسير وسط الحرم في الظلام الدامس.

فقلت في نفسي لعله سارق يريد أن يأخذ شيئاً من الحرم.

فذهبت إليه بشكل أراه و لا يراني. فدخل و كان الباب مقفّلا فرأيته انفتح، و وقف بجانب الضريح و سلّم علي الإمام عليه السّلام فعرفت من صوته أنّه اُستاذي المقدّس الأردبيلي، ثمّ بدأ يتكلّم بمسألته العلمية، ثمّ رأيته قد خرج قاصداً الكوفة و تبعته محاولا إخفاء شخصي عنه قدر الإمكان حتي وصل الكوفة، و دخل إلي محراب مسجد الكوفة و سمعته يتكلّم و لبعدي عنه لم أعرف عن ماذا كان

يتكلّم، ثمّ رجع للنجف و رجعت خلف حتي وصلنا النجف صباحاً، و حينها كشفت له عن نفسي سائلا إيّاه عن الموضوع.

فأخذ عليّ العهود و المواثيق أن لا أقول ذلك ما دام حيّاً، ثم قال لي: بعض الأحيان تشتبه عليّ المسائل و عندها أذهب إلي قبر أميرالمؤمنين عليه السّلام و ليلة البارحة سألته عن مسألة فحوّلني علي مسجد الكوفة حيث كان الإمام المنتظر عليه السّلام فذهبت إليه هناك و سألته..

(265)

ذكر عن أحوال السيد البروجردي أنّه بسبب كثرة اشتغاله في تصدّيه للمرجعية و إدارة شؤون الاُمّة كان أحياناً يتأخّر دقائق عن موعد الدرس حيث الطلبة العلماء ينتظرونه لإلقاء دروسه في الفقه الإسلامي الإستدلالي، المعروف في الحوزات العلمية ب «بحث الخارج».

فمرّة من المرّات زاد تأخره بدقائق أكثر مما كان يتأخّر عادة.

فلما وصل السيد اعترض علي أحد الطلبة من العلماء بلطف و قال: إنّ أوقات الطلبة تضيع هكذا!

فقال له السيد البروجردي لماذا تتلفون أوقاتكم؟ أنا حفظت اثني عشر جزء من القرآن الكريم في أوقات الإنتظار.

أنتم كذلك لا تجلسوا عاطلين، بل استفيدوا من دقائق الإنتظار لحفظ الآيات القرآنية.

(266)

عهد المجتهد الكبير الشيخ محمّد حسن النجفي رحمه اللّه علي نفسه أن يكتب كلّ ليلة قسطاً من كتابه الفقهي الإستدلالي الكبير المعروف ب «جواهر الكلام» الذي يعتبر عند الفقهاء من أهمّ مصادر البحث العلمي في الفقه الإسلامي.

ففي الليلة التي مات فيها ا بنه العزيز، حضر جنازته و بيده قلمه و أوراقه، يكتب أسطراً من الكتاب و دموعه منهمرة علي لحيته البيضاء، و الحزن يعصر قلبه علي ذلك المصاب الجلل.

يقول الشيخ عباس القمي (صاحب كتاب مفاتيح الجنان) «حدثني الشيخ الفقيه، الحاج ميرزا حسين أنّه كان لصاحب الجواهر ولد رشيد، إسمه الشيخ حمد، و كان متكفّلا بكلّ اُمور والده، و الشيخ صاحب الجواهر متفرغاً لتأليف كتابه الفقهي و لا يحمل هم الاُمور المعاشية، فتوفي ولده هذا دفعة. فحزن عليه الشيخ و قال: انقطعت بي الأسباب. و ضاق صدري و ضاقت الدنيا في عيني، صرت لا أستقر ليلا و لا نهاراً، دائم التفكّر مضطرب الفب حزيناً كئيباً، و بينما أنا كذلك و قد خرجت من مجلس كنت اوّل اللّيل فيه. و أنا متوجّه

إلي البيت، إذ نوديت من خلفي: «لا تفكّر، لك اللّه، فالتفتت من حولي فلم أر أحداً». فحمدت اللّه تعلي و توجهت إليه، ففتحت عليّ بعد تلك الليلة أبواب رحمته. و انتظمت اُموري و ترقت أحوالي.

(267)

بعض المحقّقين قام بحساب أيام العلامة المجلسي من يوم ولادته (سنة 1037 ه إلي يوم وفاته (سنة 1111 ه) و قاسها بما يعدلها من تأليفاته الكثيرة، فوجد أنّه كان يكتب ما يعدل ألف سطر ذي خمسين حرفاً في اليوم الواحد، و هذا شيء عظيم يدلّ علي كفاءة العلاّمة المجلسي الذي كان مستظلا بتأييدات اللّه تعلي في نشاطه الدؤوب. فهذه مسوعته في الروايات و القصص و التاريخ المسماة ب بحار الأنوار» التي تتجاوز أكثر من مائة مجلد (طباعة لبنان) هي واحدة من مؤلفاته.

قيل إنّه اهتدي سبعون ألفاً من أهالي اشامات إلي مذهب أهل البيت عليهم السّلام بقرائتهم لكتابه الآخر «حق اليقين» أو اصغاهم لمطالبه الحقّة.

(268)

يعتبر كتاب «مفاتيح الجنان» أشهر الكتب في الأدعية و الزيارات، حتي لا تجد بيتاً من بيوت المؤمنين أو مسجداً من المساجد أو حرماً من العتبات المقدسة في البلاد الإسلامية خالياً من القرآن الكريم و هذا الكتاب القيم الجامع لحديث الإنسان مع اللّه عزّ و جلّ من لسان أهل البيت عليهم السّلام ادالين الي اللّه، و الهادين إلي صراطه المستقيم.

كان المرحوم الشيخ عباس القمي شديد الإهتمام بالمطالعة و الكتابة.

يقول ابن المرحوم: أنّه قال: «في أوّل طفولتي عندما كنت أخرج من المدينة برقفة والدي المرحوم «الشيخ عباس»، أراه منذ الصباح إلي الليل يكتب و يقرأ.

ذات مرّة سافر إلي الشام مع جمع من المؤمنين، و نقلوا أنّهم لما كانوا يخرجون للنزهة و الإستراحة، كان يعتذر إليهم و في الليل عندما كانوا يستريحون يجدون الشيخ يواصل قراءته و كتابته إلي منتصف الليل.

و كان رحمه اللّه أنيس الجالسين و كثير المطايبة، شديد التواضع لكلّ من يلتقيه في الطريق أو المدرسة، و خاصة العلماء المهتمين بدراسة أحاديث

أهل البيت عليهم السّلام و من أخلاقه أنّه يتجنّب الجلوس في صدر المجالس، و لم يتقدم علي غيره حين الدخول. ولا يتكلم عن نفسه و يمدحها، لئلا يأخذه العجب و الغرور.

و بالرغم من سعة علمه بالتاريخ و الأحاديث كان يقرأ علي المنبر الروايات للمستمعين و من الكتاب مباشرة، و كذلك القراءء الحسينية خوفاً من الخطأ و خشية من التحريف لأقوال الائمة الطاهرين.

و لأنّ كلامه كان يخرج من قلبه للناس، كان ينفذ في قلوبهم و يترك كلامه أثراً بليغاً فيهم، و كان يستمرّ هذا الأثر، يحجزهم عن السيئات فترة، و يجد بهم نحو عبادة اللّه و اكتساب الحسنات.

و كان المرحوم المحدّث القمّي متلتزماً بصلاة الليل و تلاوة القرآن العظيم و قراءة الأدعية و الأذكار عن أئمة أهل البيت عليهم السّلام، حتي يقول ابنه الاكبر: «انّني لا أتذكّر أن فاتته يوماً صلاة الليل، حتي في الأسفار.

و كان من صفاته الجميلة، إكرامه لذرية النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عملا بقول رسول اللّه: «أكرموا أولادي» فالسادة عنده كانوا محترمين أشدّ الإحترام.

(269)

لقد وجد علي بعض كتب السيد المرعشي، الآتي «بسمه تعالي: اشتريته بأجرة أربع سنوات صلاة إستيجارية، أستأجرني اُستاذي.. و

و في كتاب آخر: اشتريته بأجرة زيارة مولاي أميرالمؤمنين جدّي علي، روحي له الفداء، إلي سنة، كل يوم مرة و أنا العبد المضطهد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي».و في كتاب آخر: إشتريته باُجرة سنتين من الصلاة نيابة عن …

(270)

ذات مرّة سأل صانع كوز من فخار أحد الشباب مسألة دينية و لكنه سكت عن الجواب إذ لم يجد ردّاً لسؤاله. و هنا عاتب نفسه قائلا لها: ما النعف من وجودك أن تكوني من ذرية رسول اللّه و سلالة السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء و لا تعرفين شيئاً عن دين جدّك؟

فقرر عندئذ الإلتحاق بالحوزة و طلب العلم فيها و من بعد ذلك صار كلما تذكّر السائل الذي دفعه سؤلاه إلي هذا الإختراير يقوم بالدعاء له في صلاة الليل.

(271)

نقل ناقل مال: كنت أذهب من مدينة إلي اُخري في سيارتي و إذا بي أري الشيخ عباس القمي في الصحراء المقتفرة جالساً علي الإرض و هو يكتب. فتقدمت إليه و سلمت و قلت له: شيخنا، ماذا تفعل في هذه الصحراء المقفرة و كيف جئت إلي هنا و من جاء بك و ما هذا الذي تكتب؟ قال: كنت في سيارة قاصداً من أراك إلي قم و في أثناء الطريق تعطلت السيارة فجاء السائق و أمر بنزولي قائلا: إنّ توقف السيارة من شؤمك فأنزل و أرحنا. أنزلني قسراً، فنزلت و فكرت في أن لا يذهب وقتي هدراً، لذا أخذت في التأليف.

(272)

ينقل عن العلامة الحلي رحمه اللّه أنّه كان في أيام الخميس يقصد كربلاء المقدسة من الحلة و هو علي حماره و يرجع يوم الجمعة، لكنه كان إذا ذهب إلي كربلاء و رجع لا يترك الوقت يذهب سدي بل ينتهزه للكتابة و هو علي دابته مما سبب عدم تمكن أحد قراءة خطه إلا ولده فخر المحققين فأنه هو الذي يبض مسودات والده التي كتبها علي الدابة و لذا نجد اليوم بعد مضي ما يقابر من سبعة قرون قد بقي العلامة الحلي عملا من الأعلام و آخداً بزمام الحوزات العلمية.

(273)

يذكرون أنّ المرحوم الشيخ نصير الدين الطوسي رحمه اللّه كان شديد العلاقة بطلب العلم و التوغل في الحقائق العلمية، العقلية منها و النقلية.

فكان يفرش حوله الكتب المتنوعة، فيطالعها علي حساب ساعات نومه. و لما كان يتعب من كتبا، يتناول كتاباً آخر في موضوع آخر. و كان يجعل بجانبه إناء فيه ماء يرش به علي وجهه بين حين و آخر لكي يتغلب علي نعاسه عند منتصف الليل.

و كم حدث له أن اكتشف معلومة دقيقة في أثناء بحثه فقام من مكانه منبسطاً ينادي فرحاً: «أين الملوك، و أبناء الملوك من هذه اللذّة».

(274)

كان المرحوم الشيخ محسن الأراكي عالماً ذا منزلة رفيعة في مدينة أراك و ما كان يلقي دروسه في تفسير القرآن إلاّ بعد تححضيره بشكل جيد بالمطالعة في كتاب «مجمع البيان في تفسير القرآن».

فذات ليلة كان يطالع حول الآية الكريمة (يرفع اللّه الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات) فوقعت عينه علي الحديث النبوي التالي: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «من جائت منيّته و هو يطلب العلم، بينه و بين الأنبياء درجة».

يقول الشيخ محسن الأراكي رحمه اللّه: شق عليّ قبول هذا الحديث من حيث السند، إذ كيف يمكن أن تكون بين طالب العلم و مقام الأنبياء درجة واحدة؟!

ثمّ نظرت في سند الحديث و إذا به حديث مرسل (يعين بعض رواته محذوفين من السند) و هذا ساعدني علي ردّ الحديث، و عد الإعتماد عليه!

بهذا الإستنتاج أغلقت الكتاب و غلبني النوم، و في الغد عندما جئت إلي المدرسة لإلقاء البحث علي الطلبة، رأيت رجلا عادياً من الناس دخل بين الطلبة و أنا في بداية الدرس، فسلّم و قال: يا سماحة الشيخ معك

كلام!

و ظننته ذا حاجة يمكنني قضاءها له بعد انتهاء الدرس، فلا داعي لأن أقطع البحث لذلك قلت له: إسترح في تلك الحجرة، فسوف آتيك بعد الدرس.

قال الرجل: يا سماحة الشيخ، إنّني البارحة رأيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في النمام و قال لي: إذهب غداً إلي المدرسة و قل لفلان (الشيخ محسن) إن الحديث الذي قرأته البارحة و شككت في فحواه صادر عني فلا تشك في صحته!

(275)

يقول المرحوم الشيخ أسد اللّه صاحب كتاب (مقابس الأنوار): دخلت علي العلامة السيد عبداللّه شبر صاحب المؤلفات الكثيرة و سألته: كيف و فّقك اللّه لكتابة هذه المؤلّفات بينما لم أتوفّق إلاّ لقليل؟

فقال السيد: إنّ سبب كثرة تأليفاتي يعود إلي الإمام موسي بن جعفر عليه السّلام، إذ رأيته في المنام قد أعطاني قلماً و قال: اكتب.

فمن ذلك الوقت وفقني اللّه للتأليف، فكلّ ما كتبه قلمي هو من بركة قلم الإمام عليه السّلام.

يعلّق المحدّث الكبير المرحوم الشيخ عباس القمي ناقل هذه القصة قائلا:

نعم الحقيقة هي ما قاله السيد، فأنا أيضاً عندما أتوسل بأهل البيت أجد في نفسي توفيقاً عظيماً و قلمي يجري، و لكني أحياناً تمر عليّ أشهر و لا أستطيع كتابة كراس واحد. فالذي أكتبه من بركات أهل بيت العصمة و الطهارة عليهم السّلام.

(276)

يقول حماد بن عيسي: قال أبوعبداللّه (الإمام الصادق عليه السّلام) يوماً: اتحسن أن تصلي يا حماد؟

فقلت: يا سيدي أنا أحفظ كتاب «حريز» في الصلاة!

إلاّ أن الامام عليه السّلام لم يكتف منه بذلك و أخضعه للتجربة العملية. و حريز كان من أعاظم الرواة.

فقال: لا عليك، قم فصلّ! قال حماد: فقمت بين يديه متوجّها إلي القبله فاستفتحت الصلاة و ركعت و سجدت. فقال: يا حماد لا تحسن أن تصلي.. و أضاف: ما أقبح بالرجل أن يأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة، فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامّة.

قال حماد: فأصابني في نفسي الذّل فقلت: جعلت فداك فعلّمني الصلاة فقام ابو عبد اللّه عليه السّلام مستقبل القبلة.. (و أتي بالصلاة بحدودها تامّة..)

ثم قال: يا حماد! هكذا صلّ.

(277)

قال أحدهم: أعلنت صحف أمريكا، و مجلاتها قبل سنين: «من أتي بالفرق العام بين الحيوانات التي تبيض، و التي تفرخ بحيث لو نظر إلي حيوان جديد لم يعرف من قبل عرف من تلك العلامة أنها تبيض أو تفرخ فله جائزة كذا و كذا.

راح الناس باحثين و تفكر العلماء و صرف الأوقات المفكرون، و أخذوا يفصحون و ظالوا تائهين.

فكان كل من يكتب بعد فحص و تفكير طويلين يرفض لما يري في الواقع من الخلاف، لأنهم كانوا يجدون الفرق ليس ما ذكر!

إلي أن كتب طالب ما يلي:

إن للشيعة و هم من فرق المسلمين إمام يقتدون به و يتخذون التعاليم منه، يسمي جعفر بن محمّد الصادق، و لهم عالم كبير يدعي «المجلسي» و للعالم كتاب يسمي بحار الإنوار ذكر في ذلك الكتاب:

أتي الإمام جفر بن محمّد عليه السّلام إلي بستان فرأي امرأة تفحص في الحيوانات و تنظر فيها فسألها الإمام: عمّ تفحصين؟

قالت: أفحص عما

تبيض أو تفرخ هل أجد لهما علامة؟

قال الإمام عليه السّلام: إن الذي لصق اُذناه برأسه فهو يبيض، و الذي لم يلصق اُناه برأسه فهو يفرخ.

و أرسل الكتاب إلي أميركا و حصل علي الجائزة.

(278)

حكي أنّ أخوين كانا فيما مضي من الزمان أحدما عالم متقصد في علمه و الآخر متزهد جاهل فكانت بينهما مناقشات فيما هما في هفخرج المتزهّد و فارق أخاه مدّة من الزمان فملا رجع إلي أخيه و قد شدّ إحدي عينيه فقال له أخوه العالم: يا أخي ما أصاب عينك؟

قال: ما أصابها إلاّ خير. إلاّ أنّي شددتها لأري الدنيا بنصف العين لأستحق الثواب عليه.

فقال له أخوه: يا أخي أخطأت لأنّه لا كان الأمر علي ما ظننت لما خلق اللّه لنا عينين و لكن أخبرني عن وضوئك للصلاة، أتحل هذا من عينك أم لا؟

قال: لا بل أمسح يدي علي الخرقة.

قال: منذ كم؟

قال: منذ أربعين سنة أو أقلّ أو أكثر.

قال: أعد صالتك التي بتلك الطهارة فهي غير مقبولة و لا واقعة موقعها.

(279)

لما فرغ الحجاج بن يوسف من أمر عبداللّه بن الزبير و قضي عليه قدم إلي المدينة فلقي شخصاً خارجاً من أهل المدينة، فلما رآه الحجاج قال له: يا شيخ من أهل المدينة أنت؟

قال: نعم.

قال الحجاج: من أيّهم؟

قال: من بني فزارة.

قال: كيف حال أهل المدينة؟

قال: شرّ حال!

قال الحجاج: ممّ؟

قال: لما لحقهم البلاء بقتل ابن حواري رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

فقال الحجاج: و من قتله؟

قال: قتله الفاجر اللعين، الحجاج بن يوسف عليه لعائن اللّه و صلبه من قلة المراقبة للّه.

فقال الحجاج: و قد استشاط غضباً: و إنّك يا شيخ، ممن أحزنه ذلك و أسخطه؟

فقال الشيخ: إي واللّه، أسخطني ذلك سخط اللّه علي الحجاج و أخزاه.

فقال الحجاج: أو تعرف الحجاج إن رأيته؟

فقال: إي واللّه إني به لعارف، فلا عرفه اللّه خيراً و لا وقاه ضيراً.

فكشف الحجاج عن لثامه و قال: لتعلم أنّك أيها الشيخ يسيل

دمك الساعة.

فلما أيقن بالهلاك تحامق و قال: هذا و اللّه العجب، أما و اللّه يا حجاج لو كنت تعرفني ما قلت هذه المقالة، أنا العباس بن ثور المجنون ألّذي أصرع في كلّ شهر خمس مرات و هذا اول جنوني.

فقال الحجاج: انطلق فلا شفاك اللّه و لا عافاك!

(280)

جاء عند الإمام الصادق عليه السّلام رجل و قال: يا بن رسول اللّه هل تتذكر عندما جئت عندكم قبل فترة و استخرت و كانت سيّئة، كانت تلك الإستخارة للسفر، و ذهبت للتجارة و كانت سفرة مربحة قضيت خلالها أوقات طيبة.

فابتسم الإمام الصادق عليه السّلام و قال: هل تتذكر في ذلك البيت كنت متعباً فأقمت صلاة المغرب و العشاء و تعشيت و نمتن، ثم نهضت من النوم في وقت كانت الشمس قد أشرقت و أصبحت صلاتك قضاء؟ طبعاً لم يكن مذنباً لأنّه لم يشأ أن تصبح صلاته قضاء، ثم إنّه صلي قضاء).

قال: هل تتذكر؟

قال بلي يابن رسول اللّه.

قال: لو كان اللّه قد أعطاك الدنيا و ما فيها ما كنت لتعوض تلك الخسارة.

(281)

يقال: إنّه جاء رجل إلي شخص و قال له: إنّي ضربت زوجتي، فماتت من أثر الصدمة بدون اختيار منّي، فماذا أفعل لأبرأ عند الناس و عند أهلها من هذه المشكلة؟

قال له ذلك الشخص: إن الأمر سهل، فق علي باب دارك، فإذا رأيت شاباً جميل المنظر، أدعه إلي دارك بحجة، ثم اقتل الشاب فجأة و ضع الشاب ملاصقاً لزروجتك، ثم اذهب إلي أهل الزوجة و أنت بهم، و قل له م: إنّي دخلت الدار و إذا بي أري زوجتي و الشاب و لذا قتلتهما. و يكون ذلك عذراً مقبولا عند أهلها و عند الناس.

عمل الرجل بنصيحة الشخص المذكور و بعد أن قتل الشاب الذي دعاه إلي داره، ذهب و أخبر أهل الزوجة فجاءوا و أعذره في قتله لهما، و ازدحم الناس كلّ يأتي و يذهب إلي دار الرجل، ليسألوه عن القصة.

و إذا بالذي علّمه يمّر و يسئله عن ولده و لما جاء إلي الدار و

رأي القتيل ظهر أنه ولده.

(282)

جلس معاوية بن أبي سفيان للناس و أمر الخطيب أن يصعد و يلعن علياً ففعل، و كان في الحضور الأحنف.

فقال لمعاوية: إنّ هذا القائل ما قال آنفاً إلاّ ليرضيك و لو يعلم أن رضاك في لعن المرسلين لعنهم، فاتّق اللّه و دع عنك علياً، فقد لقي ربّه، و أفرد في قبره، و خلا بعمله، و كان و اللّه ما علمنا المبرّز بسبقه، الطاهر بخلقه، الميمون بنقيبته، العظيم بمصيبته.

فقال له معاوية يا أحنف، لقد أغضيت العين علي القذي، و قلت ماتري، و أيم اللّه لتصعدنّ المنبر فتلعنه طوعاً أو كرهاً.

فقال له الأحنف: إن تعفني فهو خير لك، و إن تجبرني علي ذلك فواللّه لا تجري فيه شفتاي أبداً.

قال معاوية: قم فاصعد المنبر.

قال الأحنف: أما و اللّه مع ذلك لانصفنّك في القول و الفعل.

قال معاوية: و ما أنت قائل يا أحنف إن أنصفتني؟

قال: أصعد المنبر فأحمد اللّه بما هو أهله، و اُصلّي علي النبي، ثمّ أقول: أيّها الناس، إنّ معاوية أمرني أن ألعن عليّاً، و إن علياً و معاوية اختلفا فاقتتلا. و ادّعي كل واحد منهما أن بُغي عليه و علي فئته. فإذا دعوت فأمّنوا رحمكم اللّه.

ثمّ أقول: اَللّهُمَّ أنت و ملائكتك و أنبياؤك و جميع خلقك الباغي منهما علي صاحبه. و الئن الفئة الباغية. اَللّهم العنهم لعناً كبيراً، أمّنوا رحمكم اللّه. و لا أزيد علي هذا و لا أنقص منه حرفاً و لو كان فيه ذهاب نفسي.

فقال معاوية: إذن نعفيك يا أبابحر.

(283)

و نقل أنّ جماعة من اللصوص دخلوا دار رجل بالليل ليسرقوه فلما دخلوا الدار، رأوا أن الرجل له ولد رضيع موضوع في المهد. فقالوا: نخاف أن يبكي و يستيقظ اُمّه و أبوه من بكائه.

فأخذوا

ذلك الولد مع المهد و أخرجوه من الدار و وضعوه خارج المنزل و شرعوا في نقل أثاث البيت و وضعوه في الحوش فلمّا فرغوا من نقل الأثاث رجعوا إلي داخل البيت لعلّه أن يكون قد بقي شيء فلمّا دخلوا استيقظت المرأة لولدها فلم تره. فقالت لزوجها: أين المهد؟

فخرجا إلي الحوش يطلبان الولد فلمّا خرجوا من البيت و إذا البيت قد وقع سقفه و جدرانه فرأوا الولد في المهد مع جميع أثاث البيت فلما أصبح الصباح حفروا التراب فإذا اللصوص أموات.

(284)

تقول زوجة أحد رجال العلم: كنت مريضة بمرض خبيث أقعدني في البيت، و عجز الاطباء عن مداواتي بعد أن نصحوني بأجراء عملية لاستئصال الجزء الخبيث، و كان يوم العملية يقترب من ساعته المحدّدة، فصعدت إلي سطح الدار بعد أن أخذ مني المرض م.خذه و علي سطح داري الذي في قم، توجّهت صوب ضريح السيدة معصومة بنت الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليه السّلام لأقول لها: يابنة الأحرار، يا بنة الأئمة ال طهار، أنتم أهل بيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لا تردّون من لجأ إليكم، و أنا زوجة أحد طلاب علمكم الذي تشرتم لواءه في مشارق الأرض و مغاربها، أتوسل اللّه بك لأن تكوني وسيلة عند الباري ليرفع عني ما أنا فيه من بلاء و أن نيجيني من هذا المرض الخبيث، و ما أن أكملت دعائي الذي شابه التبتّل و الخشوع حتيّ شعرت بتوقّف الألم، و انطمار الغدّة التي كانت أصل المرض الخبيث.

و راجعت الأطباء. فقالوا: لا مرض بك إطلاقاً.

(285)

يحكي أن أحد الأجلاء فقد ولديه في زمن حكم طاغية من الطغاة، فوصل حال زوجته من شدّة الجزع و الفزع إلي إصابتها بداء الفالج. و خبأ نور عينيها فلم تري شيئاً غيربصيص من نور و حينها قرر الأطباء معالجتها بعملية علي أن تنقل إلي المستشفي لتخلّف وراءها أطفالا صغاراً في البيت بدون من يرعاهم، و صار الزروج يجري هنا و هناك ليرتّب أوضاع زوجته ناهيك عن عن إصابته بالكآبة من جراء ما وصلت إليه زوجته من حال، و في ذلك الوقت العصيب توجّه الزوج إلي الباري بقلب صادق ليقول: إلهي أسألك بحقّ الإمام المهدي عليه السّلام إلاّ فرجت عن زوجتي و

رحمتها مما هي فيه.

و في المساء و عندما كان مضطجعاً سمع ضجّة في الدار، خرج علي أثرها من حجرته ليري باُمّ عينيه فرح الأطفال بشفاء اُمّهم من مرضها، و رجوع النور إلي عينيها حيث كانت تقول: إنّ شفائي كان بفضل التوسل بالإمام المهدي عليه السّلام.

(286)

و روي أنّ رسول اللّه كان يوماً مع جماعة من أصحابه مارّاً في بعض الطريق، و إذا هم بصبيان يلعبون في ذلك الطريق فجلس النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عند صبيّ منهم و جعل يقبل ما بين عينيه و يلاطفه ثم أقعده علي حجره و كان يكثر تقبيله.

فقال له بعض الأصحاب يا رسول اللّه ما نعرف هذا الصبي الذي قد شرفته بتقبيلك و جلوسك عنده و أجلسته في حجرك و لا نعلم ابن من هو؟

فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يا أصحابي لا تلوموني فإني رأيت هذا الصبيّ يوماً يلعب مع الحسين و رأيته يرفع التراب من تحت قدميه، و يمسح به وجهه و عينيه. فأنا اُحبّه لحبّه ولدي الحسين فأحببته لحب الحسين و في يوم القيامة أكون شفيعاً له و لأبيه و لاُمّه و كرامة له.

و لقد اخبرني جبرائيل أنّه يكون هذا الصبيّ من أهل الخير و الصّلاح و يكون من أنصار الحسين في وقعة كربلاء فلأجل هذا أحببته و أكرمته كرامة للحسين عليه السّلام.

مشخصات كتاب

نام كتاب: … رساله توضيح المسائل

مؤلّف: … حضرت آية اللّه العظمي سيّدمحمّد حسيني شيرازي

شمارگان: … 5000

نوبت چاپ: … اوّل ناشر

تاريخ چاپ: … صفر 1422 ه.ق

قيمت: … 1000 تومان

ناشر: … مؤسّسه فرهنگي دارالمهدي و القرآن الحكيم

حسينيّه كربلائيهاي اصفهان

پي نوشتها

- كافي ج 4 ص 410.

- بحار ج 62 ص 267.

- بحار ج 92 ص 179.

- محجة البيضاء ج 2 ص 232.

- محجة البيضاء ج 2 ص 327.

- سورة المائدة، الآية 118.

- محجة البيضاء ج 2 ص 238.

-- سورة الحج، الاية 73.

- الاحتياج طبرسي ص 377.

- مناقب ابن شهر آشوب ج 4، ص 424.

- سورة الرحمن.

-

سورة الرحمن.

- تفسير نور الثقلين ج 5 ص 187 و 188.

- بحار الانوار ج 27 ص 179.

- وسائل ج 4 ص 4صلَّي اللّه عليهِ و آلهِ و سَلَّم8.

- نهج البلاغة الخطبة 192.

- محجة البيضاء ج 2 ص 312 ط: طهران.

- مستدرك الوسائل ج 4 ص 377.

- كافي ج 1 ص 310.

- كافي ج 4 ص 403.

- مجمع البيان ج 1 ص 9.

- منهج الصادقين ج 4 ص 459.

- اصول كافي ج 1 ص 67.

. مقتل الحسين للخوارزمي

. تاريخ الطبري: ج 6، الكامل لابن الأثير: ج 4

. مقتل الحسين لأبوالمؤيّد موفق بن أحمر، ج 1 و العلامة الشيخ تقي الدين ابوبكر بن علي الحنفي في ثمراة الأوراق ج 7. أورد الواقعة لكنّه ذكر اسم المرأة اُرينب بن اسحاق و اسم زوجها عبد اللّه بن سلام.

. سورة محمّد، آية 17

. الاعراف: 199 - 202

. يوسف: 92

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.