الفئات الاجتماعية بين الحق والباطل

اشارة

اسم الكتاب: الفئات الاجتماعية بين الحق والباطل

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: مؤسسه المجتبي للتحقيق

مكان الطبع: كربلاء

تاريخ الطبع: 1427 ه

الطبعة: اول

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الظروف العصيبة التي تمر بالعالم.. والمشكلات الكبيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية.. والمعاناة السياسية والاجتماعية التي تقاسيها بمضض.. وفوق ذلك كله، الأزمات الروحية والأخلاقية التي يئن من وطأتها العالم أجمع.. والحاجة الماسة إلي نشر وبيان مفاهيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العميقة التي تلازم الإنسان في كل شؤونه وجزئيات حياته وتتدخل مباشرةً في حل جميع أزماته ومشاكله في الحرية والأمن والسلام وفي كل جوانب الحياة.. والتعطش الشديد إلي إعادة الروح الإسلامية الأصيلة إلي الحياة، وبلورة الثقافة الدينية الحيّة، وبث الوعي الفكري والسياسي في أبناء الإسلام كي يتمكنوا من رسم خريطة المستقبل المشرق.. كل ذلك دفع المؤسسة لأن تقوم بنشر مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها المرجع الديني الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلي الله مقامه) في ظروف وأزمنة مختلفة، حول مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، وقد قام سماحته ? بتهذيبها والإضافة عليها،فقمنا بطباعتها مساهمة منا في نشر الوعي الإسلامي، وسدّاً لبعض الفراغ العقائدي والأخلاقي لأبناء المسلمين من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مجيد.. وذلك انطلاقاً من الوحي الإلهي القائل:

?لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ?(

). الذي هو أصل عقلائي عام يرشدنا إلي وجوب التفقه في الدين وإنذار الأمة، ووجوب رجوع الجاهل إلي العالم في معرفة أحكامه في مواقفه وشؤونه.. كما هو تطبيق عملي وسلوكي للآية الكريمة:

?فَبَشِّرْ عِبَادِ ? الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُوا الأَلْبَابِ?().

إن مؤلفات الإمام الشيرازي (أعلي الله مقامه) تتسم ب:

أولاً: التنوّع والشمولية لأهم أبعاد الإنسان والحياة

لكونها انعكاساً لشمولية الإسلام.. فقد أفاض قلمه المبارك الكتب والموسوعات الضخمة في شتي علوم الإسلام المختلفة، بدءً من موسوعة (الفقه) التي بلغت المائة والستين مجلداً، حيث تعد أكبر موسوعة علمية استدلالية فقهية، مروراً بعلوم الحديث والتفسير والكلام والأصول والسياسة والاقتصاد والاجتماع والحقوق وسائر العلوم الحديثة الأخري.. وانتهاءً بالكتب المتوسطة والصغيرة التي تتناول مختلف المواضيع والتي تتجاوز بمجموعها ال (1300) كتاب وكراس. ثانياً: الأصالة حيث إنها تتمحور حول القرآن الكريم والسنة المطهرة وتستلهم منهما الرؤي والأفكار. ثالثاً: المعالجة الجذرية والعملية المستبصرة بمشاكل الأمة الإسلامية ومشاكل العالم المعاصر.

رابعاً: التحدث بلغة علمية رصينة في كتاباته لذوي الاختصاص ك(الأصول) و(القانون) و(البيع) وغيرها، وبلغة واضحة سهلة يفهمها الجميع في كتاباته الجماهيرية مدعومة بشواهد من واقع الحياة.

نرجو من المولي العلي القدير أن يتقبل منا ذلك، إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

الحق والباطل

قال الله تبارك وتعالي: ?بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَي الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ? ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?ليس من باطل يقوم بإزاء حق إلا غلب الحقُ الباطلَ، وذلك قول الله: ?بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَي الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ? ?().

وجاء في تفسير الآية الكريمة (): إنا نلقي الحق علي الباطل فيهلكه، والمراد به: إن حجج الله تعالي الدالة علي الحق تبطل شبهات الباطل.

يقال: دَمَغَ الرجل إذا شجّ شجّة تبلغ أمّ الدماغ، فلا يحيا صاحبها بعدها.

وفي مجمع البحرين: فيدمغه أي يكسره، وأصله أن يصيب الدماغ بالضرب، والدامغ: المهلك، من دمغه دمغاً أي شجه بحيث يبلغ الدماغ فيهلكه ().

وفي مجمع البيان: بل نورد الأدلة القاهرة علي الباطل، وقيل:

نرمي بالحجة علي الشبهة، وقيل: بالإيمان علي الكفر ?فَيَدْمَغُهُ? أي يعلوه ويبطله، وقيل: ويهلكه. ?فَإِذا هُوَ زاهِقٌ? أي: هالك مضمحل().

فئات المجتمع

من المعلوم أنه في أي مجتمع من المجتمعات توجد فئات مختلفة، فهناك طبقة مستكبرة، وهناك طبقة مستضعفة، وثالثة: روحانية، وهي المتمثلة بالأنبياء والرسل عليهم السلام والأئمة الطاهرين عليهم السلام ورجال الدين وطلبة العلم الأتقياء الورعين، وطبقات أخري وتقسيمات أُخَر.

فالطبقة المستكبرة عادةً تقوم بعملين:

أحدهما: سلب حقوق الآخرين وكبت حرياتهم.

وثانيهما: استثمار واستغلال طاقاتهم لصالحها بغير حق؛ وذلك لأجل إشباع شهواتهم وغرائزهم البهيمية، والعيش في رفاه وترف، حتي لو أدي ذلك إلي موت الآخرين من الجوع والمرض.

أما الطبقة الأخري، وهي الطبقة الروحانية التي تتكون من الأنبياء عليهم السلام والعلماء الاتقياء الذين يسعون لإيجاد ونشر العدل والعدالة في المجتمع، وهؤلاء دائماً ضد الطبقة الأولي المستكبرة أو الظالمة، فالطبقة الروحانية تبذل الجهود الكبيرة، لأجل دفع المستكبرين عن استكبارهم وطغيانهم والدفاع عن المظلومين.

وأما الطبقة الثالثة: وهي الطبقة المحرومة والمستضعفة، والمغلوب علي أمرها، والمسلوب حقها في الحياة الكريمة، فهي تنشد استرجاع حقوقها، وردع الظالمين والمستكبرين والمفسدين عنها، إلا أنها في كثير من الأحيان تصاب بالخيبة لضعفها وعدم وجود من ينصرها ويدافع عنها بالقدر المطلوب، أو لوجود موانع في البين.

وهذه الطبقات الثلاث عادةً موجودة في مختلف المجتمعات.

فالطبقة المستضعفة غالباً ما تكون علي إرتباط وثيق بالطبقة الروحانية التي تنادي بحقوقها وتناضل ضد استضعافها، وأحياناً يكون في بعض المجتمعات إندماج كلي بين الطبقة الثانية والثالثة، فيتكون المجتمع من طبقتين فقط هما: الظلمة الطغاة، والمستضعفون. ولكن بشكل عام يمكن تقسيم الفئات الاجتماعية إلي ثلاثة أقسام، بل وأكثر بحسب الاعتبارات المختلفة.

وهنا لابد من القول بخطأ ما ادّعاه ماركس() من أن المجتمع لابد أن يكون طبقة واحدة، وليست

هناك إلا طبقتان: طبقة غنية وأخري مستضعفة، فلابد أن يُقضي نهائياً علي الطبقة الغنية، وأن لا يبقي في المجتمع إلا طبقة واحدة. فهو لا يعترف بوجود فئة ثالثة التي مهمتها تغذية الجانب الروحي للإنسان، وهذه الطبقة (رجال الدين الروحانيين) التي كانت موجودة تمارس دورها الفعال منذ أن خلق الله البشر علي هذه الأرض، أي: منذ زمن نبي الله آدم عليه السلام وإلي يومنا هذا وحتي قيام الساعة. وقد ورد أن الله عزوجل بدأ بالخليفة قبل الخليقة ().

والأنبياء المعصومون والائمة الطاهرون عليهم السلام والعلماء الصالحون كانوا دائماً من هذه الطبقة؛ فكانوا يسعون في استرداد الحق لأهله والدفاع عن المظلومين والمستضعفين والأخذ بأيدي جميع الناس إلي سعادة الدنيا والآخرة، ومن هنا كان الظالمون يحاربونهم بكل حقد.

إن الأنبياء والأئمة عليهم السلام ضحوا بأنفسهم في سبيل الله وإنقاذ المستضعفين، وقد أمرهم الله بذلك، وهذا واجب شرعي حتي إذا كان الإنسان بنفسه في مأمن من ظلم الظلمة ولم تسلب أمواله وحقوقه، فإنه مأمور بالدفاع عن الآخرين والمظلومين والمستضعفين.

قال تعالي: ?وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرّجَالِ وَالنّسَآءِ وَالْوِلْدَانِ الّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هََذِهِ الْقَرْيَةِ الظّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لّنَا مِن لّدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لّنَا مِن لّدُنْكَ نَصِيراً?().

صراع الحق والباطل

وهكذا هناك صراع دائم بين الطواغيت والمؤمنين، بين جبهة الباطل وجبهة الحق، إنه صراع فئوي قديم، بين فئتين اجتماعيتين:

الأولي: تريد تفعيل الباطل بكل ألوانه وأشكاله، وتحارب الحق والعدل والمفاهيم السماوية.

والثانية: ترفض كل مظاهر الباطل، وتتمرد علي كل أهداف الطغاة، مضحية بأغلي الدماء وأشرف النفوس وأطهر الأرواح وأثمن الرجال؛ من أجل إحقاق الحق وإزهاق الباطل، فهو صراع تاريخي لم تخلُ منه بقعة في عالم الإنسان علي هذه البسيطة.

وقد أشار المولي عزوجل

في كتابه الكريم إلي نتيجة الصراع الدائر بين هذه الطبقات، وخاطب أولئك الذين يزعمون بأن للباطل دولة مستمرة، وأن الحق سيُغلب، فقال عزّ من قائل: ?بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَي الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ? ()؛ ذلك لأن للحق صفعات قوية ضد الباطل، وأن الحق غير قابل للإنكسار والاندثار.

وقد قالوا: إن القذف هو رمي الشي من جانب إلي آخر(). والدمغ في اللغة: هو ضرب دماغ الشخص الآخر، ورأسه بالحجارة أو باليد ()..

وربنا سبحانه يصوّر غلبة الحق وانتصاره علي الباطل بهذه الصورة الجميلة والمتحركة التي تجعل القارئ يتصور الحق كأن له يداً قوية يضرب بها علي رأس الباطل فيزيله من الوجود.

كيف يتكون الباطل؟

قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: ?قال رسول الله صلي الله عليه و اله: يا أيها الناس، إنما هو الله والشيطان، والحق والباطل، والهدي والضلالة، والرشد والغيّ، والعاجلة والآجلة والعاقبة، والحسنات والسيئات، فما كان من حسناتٍ فللّه، وما كان من سيئات فللشيطان لعنه الله?().

وهنا قد يتبادر إلي الذهن سؤال مهم:

كيف يتكون الباطل؟ ولماذا وجد الباطل في هذه الدنيا؟

وفي الجواب علي ذلك نقول:

إن الإنسان بطبعه المختار حيث خلقه الله عزوجل مختاراً يحمل ميولاً مختلفة، ورغبات عارمة، وأماني لا حدود لها، بل وأطماعاً ربما تصل حد الخيال. لذا نري بعض الناس لا يشبع ولايقنع ولا يكتفي أبداً، وهذه الميول والرغبات والشهوات إذا انفلتت من سيطرة العقل انطلقت في عالم الباطل، وكلما سخف عقل الإنسان سخفت أفعاله وأعماله وأقواله؛ لأن العقل عقال من الجهل، ومانع من الخطأ، وعاصم من النتائج السيئة، فإذا عطّل الإنسان عقله أو أهمله أو أعطاه إجازة، فإن ذلك يعني بداية الباطل، وشروع حياة غير منتظمة، وسلوك لا متزن، وتصرفات غير واعية، وانطلاق للهوي بكل تفاصيله،

فيخضع العقل للشهوات، لتبدأ الحياة الحيوانية جولتها، لأن ما يميز الإنسان عن الحيوان هو العقل، فإذا انعدم الأخير أو انعدم تأثيره علي سلوك الإنسان تحوّل إلي حيوان، فيبدأ يتحرك لإشباع شهواته وأهوائه، دونما حد أو حساب، وهذا هو الباطل.

قال الإمام الباقر عليه السلام: ?لما خلق الله العقل استنطقه، ثم قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ منك، ولا أكملتك إلا فيمن أحب، أما إني إياك آمر وإياك أنهي، وإياك أعاقب وإياك أثيب?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?العقل غطاء ستير، والفضل جمال ظاهر، فاستر خلل خلقك بفضلك، وقاتل هواك بعقلك، تسلم لك المودة وتظهر لك المحبة?().

وقال عليه السلام: ?لا عقل مع هوي?().

وقال عليه السلام أيضاً: ?حرام علي كل عقل مغلول بالشهوة أن ينتفع بالحكمة?().

وكذلك يتحرك الهوي بصورة لا تعرف التوقف فيسعي إلي امتلاك كل شيء حتي ولو لم يكن مشروعاً، وأكل كل ما يشتهي، ولبس كل ما يتمني، ولا شك أن الطرق إلي تحقيق كل ذلك متعسرة غالباً، فيبدأ بطيّ المراحل عبر الباطل؛ فمثلاً: بدل أن يتزوّج الرجل وينعم بزوجة صالحة، رغم أنه قد يتكلف بعض التكاليف المادية كتقديم المهر والنفقة وما أشبه، تراه يجنح عن الطريق السوي عبر أقصر الطرق وأسهلها كما يتصور فيسقط في وحل الزنا والفاحشة.

وبدل أن يعمل لتكون عنده أموال محللة، يقضي بها احتياجاته ومستلزماته المعيشية، كأن يشتري الطعام والملابس، نراه يقوم بسرقة الأموال لأنه يزعم بأنها أيسر عليه.

وهكذا باقي الانحرافات التي تدل علي انحراف الشخص عن نور العقل والشرع، حتي يصل إلي قمة الباطل فيشرك بالله العظيم ويخالف الأنبياء والأئمة المعصومين عليهم السلام ويقتل الأبرياء ويسحق الكرامات من أجل

إشباع رغباته الشيطانية.

قمة الباطل

أما الطغاة الذين جلسوا علي عروش الحكم ظلماً واستبداداً، فهؤلاء أسوأ حالاً؛ وهم في قمة الباطل، إنهم يذبحون الناس من أجل لذائذ بسيطة، ويريقون دماء المئات والآلاف من أجل شهوات قصيرة وأفكار ضالة..

قال تعالي: ?وَإِذْ نَجّيْنَاكُم مّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلآءٌ مّن رّبّكُمْ عَظِيمٌ ?().

وهكذا تبدأ صورة الباطل تتحرك وتتفشي..

الظلم عنوان الباطل

إن من أبرز مظاهر الباطل هو الظلم والتعسف والتعدي علي حقوق الناس وأعراضهم. فيكون جلّ أهداف المبطلين هو الإفساد في كل شيء من أجل توفير كل ما يشتهونه.

يقول أمير المؤمنين عليه السلام: ?غرض المبطل الفساد?().

ولا يخفي أن الباطل يتشكل بألوان وأشكال مختلفة، ولعلها لكي تجذب المغفلين، ولذلك عندما يبدأ صراع الطبقة المستكبرة مع الطبقتين المحرومة والمؤمنة الروحانية، فإن قسماً كبيراً ممن يؤيدون صراع المستكبرين يتشكلون من المغفلين والهمج الرعاع.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?إن قلوب الجهال تستفزها الأطماع، وترهنها المني، وتستعلقها الخدائع?().

الحق هو المنتصر

ولكن دائماً وأبداً تكون الحقائق هي صاحبة الانتصار والخلود والعمر المديد، لأنها تحفر لنفسها بيتاً في كل فؤاد واعٍ، وتجذّر نفسها بعمق، ولذلك تكون قوية منتصرة.

إن الحق ينحت في قلوب الفئات المؤمنة والمحرومة موضعاً يسكن فيه ويخلد، فينطلق مع الروح إذا ما ماتوا، ويبقي خالداً رغم جولات الباطل.. لأن الباطل بكل أراجيفه إنما هو قشر وسطح لا يلبث أن يطير مع الريح، وينمحي في أول ضربة عليه من الحق. قال تعالي: ?وَقُلْ جَآءَ الْحَقّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ?(). وقال سبحانه: ?قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاّمُ الْغُيُوبِ?(). وقال تعالي: ?قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ?(). وقال سبحانه: ?وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ?().

وفي البحار عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ?لما ولد رسول الله صلي الله عليه و اله ألقيت الأصنام في الكعبة علي وجوهها، فلما أمسي سمع صيحة من السماء: ?جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً?() ?().

وعن ابن مسعود قال: دخل النبي صلي الله عليه و اله يوم الفتح وحول البيت ثلاثمائة وستون صنماً فجعل يطعنها بعود في يده ويقول:

?جاءَ الْحَقُّ

وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ?() ?جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً?() ?().

وقد ورد أنه دخل عبد المطلب عليه السلام بيت الله الحرام مع حفيده النبي صلي الله عليه و اله، فلما وضع رجله في البيت سمع النبي صلي الله عليه و اله يقول:

?بسم الله وبالله? و إذا البيت يقول: السلام عليك يا محمد ورحمة الله وبركاته، وإذا بهاتف يهتف ويقول: ?جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً?() ?().

وفي قصة ولادة الإمام المهدي عليه السلام قال الإمام العسكري عليه السلام لعمته حكيمة عليهم السلام: ?هاتي ابني إليّ? تقول: ?فكشفت عن سيدي فإذا هو ساجد متلقياً الأرض بمساجده وعلي ذراعه الأيمن مكتوب: ?جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً?() الحديث?().

جولة ودولة

دخل شيخ كبير علي الإمام الصادق عليه السلام فقال: يا أبا

عبد الله، أشكو إليك ولدي وعقوقهم، وإخواني وجفاهم لي عند كبر سني!.

فقال أبو عبد الله: ?يا هذا إن للحق دولة، وللباطل دولة، وكل واحد منهما في دولة صاحبه ذليل، وإن أدني ما يصيب المؤمن في دولة الباطل العقوق من ولده والجفاء من إخوانه، وما من مؤمن يصيبه شيء من الرفاهية في دولة الباطل إلا ابتلي قبل موته إما في بدنه وإما في ولده وإما في ماله، حتي يخلصه الله مما اكتسب في دولة الباطل، ويوفر له حظه في دولة الحق، فاصبر وأبشر?().

قال الحق تعالي: ?كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقّ وَالْبَاطِلَ فَأَمّا الزّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمّا مَا يَنفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأمْثَال? ().

وقيل: للباطل جولة وللحق دولة ().

ولا شك أن أهل الحق هم الأنبياء والأئمة الطاهرون عليهم السلام والعلماء الصالحون والشرفاء وبغاة الحرية، بينما أهل الباطل هم الذي تخلوا

عن إنسانيتهم، وتحركوا بالحيوانية التي تكمن في داخلهم. يقول أمير المؤمنين عليه السلام: ?حق وباطل ولكل أهل?().

وقال تبارك وتعالي: ?بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ ? أي: ننصر الفئة المحقة علي المستكبرين المبطلين ?عَلَي الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ?() حتي كأن ذلك يتم بسرعة المباغتة والمفاجأة.

ثم يقول سبحانه في نفس الآية: ?وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا

تَصِفُونَ?() فالويل للكثير من الناس ممن لا يفهمون بأن الباطل زاهق، وأنه ليس إلا كالطبل الفارغ، الذي وإن علا صوته وكبر حجمه، إلا أنه إذا ثقب ينتهي مفعوله، فعلي الإنسان المؤمن أن لايخشي أراجيف المبطلين وأبواقهم، لأن سياسة المبطلين زائلة لامحالة، وما علي المؤمن إلا أن يقف بوجه مكائدهم الشيطانية.

الباطل والتعبئة ضد الإسلام

كما يلزم أن نعرف أن هناك الكثير من قوي الباطل في العالم وهي متعددة، قد حشدت قواها وطاقاتها ضد الإسلام والمسلمين، واستضعاف الشعوب وسلب حقوقهم، بأفكارهم الضالة، وأبواقهم الدعائية الماكرة، ووسائل إرهابهم وإرعابهم الجهنمية، وعبر عملائهم في بلادنا من الحكومات الاستعمارية.

نعم، تلك هي الحقيقة التي لا يجوز إغفالها، بل لايمكن تجاوزها والقفز عليها، فالعالم مليء بالتكتلات والقوي المنحرفة، وقد اتفقت علي رفع حرابها في صدور ونحور المسلمين.. فالإعلام لهم وهم المسيطرون عليه، فيظهرون أنفسهم من خلاله علي أنهم مدافعون عن حقوق البشر.. وهم يقتلون الآلاف من المسلمين المستضعفين في مختلف بقاع العالم، ثم يبررون ذلك بالضرورة ومقتضي الأمن. لكن إلقاء القبض علي جواسيس الغرب والقتلة والسفاكين والإرهابيين جريمة عظمي بحق العالم والإنسانية!، لايمكن السكوت عليها وتستوجب إنزال أشد أنواع العقوبات علي المسلمين، إنها جولة المستكبرين وأتباعهم.

الإسلام العزيز يقول: إذا كان للباطل جولة فإن للحق دولة، ويقول تبارك وتعالي: ?وَإِنّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ?()، ولكن لاشك في أن ذلك إنما يتم بعد صراع مرير، ودماء

زكية، ومواجهات حادة، وجهاد ثقافي وعلمي وسياسي واقتصادي وفي مختلف المجالات، دفاعاً عن الحق والحقيقة، وانتصاراً للمظلومين المضطهدين، حتي ينتصر المسلمون تحت راية الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف وأرواحنا فداه)، لتكون دولة الحق الإلهية، ونهاية جولة الباطل إلي الأبد، وما ذلك علي الله بعزيز، وإنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً.

فئة المستضعفين

قلنا: إن المجتمع ينقسم في بدو النظر إلي ثلاث فئات، وإن فئة المستضعفين قد تتحد أحياناً مع فئة الروحانيين، لتشكل المواجهة ضد الطغيان، وقلنا أيضاً: إن المجتمع سوف يظهر علي شكل فئتين فقط: فئة الحق، وفئة الباطل. ولكن هناك قسماً من المستضعفين لايحبهم الله؛ لأنهم يهربون من المواجهة والتصدي للطغاة تحت حجج وتبريرات عديدة.

يقول عز من قائل: ?إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً?().

فإن قوله تعالي: ?إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ? أي: تقبض الملائكة أرواحهم؛ فإن لملك الموت أعواناً كما ورد في السنة، ودلت عليه هذه الآية ?ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ? أي: في حال كونهم ظالمين لأنفسهم؛ لأنهم بقوا في دار الهوان، حيث يسومهم الكفار العذاب، ويمنعونهم من الإيمان بالله والرسول صلي الله عليه و اله، وقد كان بإمكان هؤلاء أن يهاجروا إلي دار الإيمان ويؤمنوا. ولعل الآية أعم منهم ومن المؤمنين الذي بقوا في دار الكفر ولا يتمكنون من إظهار واجبات الإسلام، والعمل بما أوجبه الله سبحانه ?قالُوا? أي: قالت الملائكة لهم عند قبض أرواحهم ?فِيمَ كُنْتُمْ? أي: في أي شيء كنتم في أمر دينكم؟ وهو إستفهام تقديري توبيخي ?قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ? ليستضعفنا أهل الشرك في بلادنا فلا يتركوننا لأن نؤمن، أو لا يتركوننا

نعمل بالإسلام، ?قالُوا? أي: قالت الملائكة لهم: ?أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها? حتي تخرجوا من سلطة الكفار وتتمكنوا من العمل بالإسلام وبشرائعه ?فَأُولئِكَ? الذين سبق وصفهم ?مَأْواهُمْ? مرجعهم ومحلهم ?جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً? أي: أنها مصير سيء لعذابها وأهوالها ().

نعم، يقول الله عزوجل عن هؤلاء المستضعفين إنهم ظالمي أنفسهم، والله لايحب الظلم بكل ألوانه، فأولئك الذين يقومون بتبرير تقاعسهم وسكوتهم بأنهم ضعفاء لا يقدرون علي شيء

وهذا خلاف الواقع فإننا نري من خلال هذه الآية أن الله لا يقبل منهم العذر، لماذا؟

لأن الإنسان بإمكانه أن يغير الواقع الموجود من الظلم والطغيان، وذلك لوجود الارادة عند كل فرد من البشر، والله يريد من الإنسان المؤمن أن يكون قوي الإرادة راسخ الإيمان، صلباً في خندق التحدي.

ولا يرضي للمؤمن أن يذل نفسه ويرضخ للظلم والجور.

قال أبو عبد الله عليه السلام: ?إن الله عزوجل فوّض إلي المؤمن أموره كلها ولم يفوّض إليه أن يذلّ نفسه، ألم تسمع لقول الله عزوجل: ?ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين?() فالمؤمن ينبغي أن يكون عزيزاً ولا يكون ذليلاً يعزه الله بالإيمان والإسلام?().

ثم إن هؤلاء الذين ادعوا أنهم مستضعفون، إذا لم يلتحقوا بفئة الإيمان والحق لمواجهة الطغاة، ولم يهاجروا من دولة الظلم، فإنهم وبلا شك سوف ينصهرون في دولة الباطل، بل ربما أصبحوا أداوات بيد الطغاة، ومنفذين لمشاريعهم الاستبدادية، لضعفهم وخوفهم من بطشه، فيفضلون طاعة الظالمين ومسايرتهم علي مواجهتهم والاعتراض عليهم، وبذلك ستكون هذه الفئة من المجتمع، قاعدة عريضةً تتحرك مع الطغاة وتكثّر لللطاغية سواده وقواعده، ولو فرضنا أنها لم تساعده ولم تتحرك معه، إلا أن سكوتها علي أعمال الظالمين نوع تشجيع، فكأنها أيدت الظالمين والظلم بسكوتهم؛ تقول الآية: ?فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيرا? ()، حيث

اعتبرهم الله عزوجل من أهل النار، وإن كانوا مؤمنين مؤدين للتكاليف، ولكن السكوت عن الظلم من أكبر القبائح والذنوب.

ولقد ذكر التأريخ كثيراً من مصاديق هذه الفئة المستضعفة!، فالذين كتبوا الرسائل لسيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام ودعوه للثورة علي الظلم والاستبداد، وقفوا في معسكر بني أمية في كربلاء، ليقتلوه ويمنعوه الماء، هو وأطفاله وأصحابه الكرام، مع أنهم كانوا يصلون ويصومون، ويعرفون حق المعرفة أنه عليه السلام أمامهم وأنه ابن رسول الله صلي الله عليه و اله.

روي حذيم بن شريك الأسدي قال: لما أتي علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام بالنسوة من كربلاء وكان مريضاً، وإذا نساء أهل الكوفة ينتدبن مشققات الجيوب، والرجال معهن يبكون، فقال زين العابدين عليه السلام بصوت ضئيل وقد نهكته العلة: ?إن هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم؟!?..

فأومت زينب بنت علي بن أبي طالب عليهم السلام إلي الناس بالسكوت، قال حذيم الأسدي: لم أر والله خفرة() قط أنطق منها، كأنها تنطق وتفرغ علي لسان علي عليه السلام وقد أشارت إلي الناس بأن أنصتوا، فارتدت الأنفاس، وسكنت الأجراس، ثم قالت بعد حمد الله تعالي والصلاة علي رسوله صلي الله عليه و اله:

?أما بعد يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر والخذل، ألا فلا رقأت العبرة ولا هدأت الزفرة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم، هل فيكم إلاّ الصلف والعجب والشنف والكذب وملق الإماء وغمز الأعداء، أو كمرعي علي دمنة، أو كفضة علي ملحودة، ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم، أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتبكون أخي؟!

أجل والله، فابكوا، فإنكم أحري بالبكاء، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فقد أبليتم بعارها، ومنيتم

بشنارها، ولن ترحضوها أبداً، وأني ترحضون قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ حربكم، ومعاذ حزبكم، ومقر سلمكم، وآسي كلمكم، ومفزع نازلتكم، والمرجع إليه عند مقاتلتكم، ومدرة حججكم، ومنار محجتكم. ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم، وساء ما تزرون ليوم بعثكم، فتعسا تعساً، ونكساً نكساً، لقد خاب السعي وتبت الأيدي وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة.

أتدرون ويلكم؛ أي كبد لمحمد صلي الله عليه و اله فرثتم؟ وأي عهد نكثتم؟ وأي كريمة له أبرزتم؟ وأي حرمة له هتكتم؟ وأي دم له سفكتم؟

لقد جئتم شيئا إدّاً، تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض، وتخر الجبال هداً. لقد جئتم بها شوهاء صلعاء عنقاء سوداء فقماء خرقاء، كطلاع الأرض، أو مل ء السماء، أفعجبتم أن تمطر السماء دماً، ولعذاب الآخرة أخزي وهم لا ينصرون، فلا يستخفنكم المهل، فإنه عزوجل لايحفزه البدار، ولا يخشي عليه فوت النار … ()

وهذه هي طبيعة فئة المستضعفين المتخاذلين.

فانظر إلي قبح عملهم وعظمة فعلهم، لا لشيء إلا لأنهم جبناء، فقدوا إرادتهم، واستسهلوا الخضوع للظالمين، واشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، ورضوا أن يكونوا من أهل النار، باختيارهم السيئ وتفكيرهم الضحل، لأن لهم قلوباً لا يفقون بها، وإيماناً متزلزلاً لا ينتفعون من آثاره: ?فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيرا? ().

حتي تنتصر فئة الحق

الحق قد لا يجد ناصراً، وربما كانت الفئة المحقة هي الأقلية، فالقرآن الكريم كثيراً ما يطرح مسألة: ?وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ

الشَّكُور? ().

أو ?ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ ? وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ? ().

أو: ?وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ? ()..

إلي غير ذلك من الآيات التي توحي بأن فئة الحق قليلة، والباطل فئاته كثيرة، إلا أن هذه الكثرة وتلك القلة لا تعني شيئاً بقدر ما تحمل الفئة الحقة من معان إيمانية

روحية سامية، فعندما يتمسك المؤمنون بالله، ويتوكلون عليه، ويجسدون العقيدة في أرض الواقع، نجدهم ينتصرون علي كثرة الباطل، وليس هذا فحسب، بل ويزهقونه أيضاً؛ لأن دمغة الحق قوية جداً.

والتاريخ ملئ بالشواهد علي ذلك:

فهذه معركة بدر().. وأحد().. والخندق()..

وحنين()..

وكذلك علي الصعيد الفردي، حيث ينتصر المؤمن علي شيطانه، ويغلب هواه، ويعمل خالصاً لوجه الله تعالي.

كانتصار الإمام علي عليه السلام علي عمرو بن عبد ودّ

العامري()، حيث قام بقتله خالصاً لوجه الله عزوجل بعد أن تركه ومشي خطوات ليسكن غضبه. وأمثال ذلك كثير في قصص الأنبياء والأئمة والصالحين عليهم السلام..

شروط الانتصار

شروط الانتصار

ولكي تحقق الفئة المؤمنة الانتصار دائماً وأبداً، وتكسب الميدان كله، وتمحق الباطل وتزهقه وتمحوه، لابدّ من توفر عدة شروط في الفئة المحقة وأفرادها، نذكر شيئاً منها علي سبيل المثال لا الحصر:

1) الوعي السياسي

روي المفضل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?يا مفضل، لا يفلح من لا يعقل، ولا يعقل من لا يعلم، وسوف ينجب من يفهم، ويظفر من يحلم، والعلم جُنّة، والصدق عزّ، والجهل ذُلّ، والفهم مجد، والجود نجح، وحسن الخلق مجلبة للمودة، والعالم بزمانه لاتهجم عليه اللوابس، والحزم مساءة الظن.. ومن هجم علي أمرٍ بغير علمٍ جدع أنف نفسه، ومن لم يعلم لم يفهم، ومن لم يفهم لم يسلم، ومن لم يسلم لم يُكرم، ومن لم يُكرم يُهضم، ومن يُهضم كان ألوم، ومن كان كذلك كان أحري أن يندم?().

لذا فإن من أهم الأمور التي يجب أن يتحلي بها الفرد المؤمن؛ الوعي السياسي. وذلك لأن مصيره سيكون تحت اللون السياسي الذي يحكم البلاد، بل وأمور معاشه خاضعة لسياسة الدولة؛ لأن الفرد يؤثر ويتأثر بسياسة بلده.

أما أنه يؤثر، فإنه إذا كان صاحب إرادة صلبة لا يخشي أي أحد، يعلن جهاراً: أن هذا باطل، وهذا فساد، وهذا ظلم، بل ويحشّد الآخرين حوله للجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويخوض الصعاب لمواجهة الباطل، وبهذا الشكل فهو يؤثر في سياسة البلد، لاسيّما إذا كان المعترض حزباً أو كتلة أو جمعية.

وأما أنه يتأثر بسياسة الدولة، فإن الأخيرة تفرض أحكاماً وضعية خاصة، تحكم الفرد والمجتمع ككل، فيتأثر منها، وربما تسيئ إلي معاشه أيضاً.

فيلزم أن يتحلي المؤمن بالدراية والوعي بما يتعلق بالسياسة الإقليمية والدولية، وما يدور حوله، وما يجري بين يديه وخلفه، ويطلع علي ألوان السياسة الحاكمة في العالم، ونقاط الضعف ومراكز

القوة فيها، فيقرأ الاشتراكية() والرأسمالية() ومساوءهما.. فإنه بدون الإطلاع والمعرفة لا يمكنه أن يكتشف السلبيات ونقاط الضعف في سياسة الدولة ومخططات الحكّام، وبالتالي تمرّ عليه ألوان من الخدع والأكاذيب عبر أشكال من الاستبداد المقنّع والمقنّن. وحينئذاك سوف لا يعترض أبداً، لأنه لايدري ماذا يحصل وماذا حصل؟.

أما إذا تحلي بالمعرفة والوعي السياسي، فإنه يدرك تحركات الدولة ومخططات الحكومات وما تريده الأحزاب والحركات، وما أشبه، ويقرأ ما وراء السطور، فيحصّن نفسه ومجتمعه من مكرها ومخططاتها الشيطانية.

2) الإرادة الصلبة

قال أبو عبد الله عليه السلام: ?ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثماني خصالٍ: وقوراً عند الهزاهز، صبوراً عند البلاء، شكوراً عند الرخاء، قانعاً بما رزقه الله، لا يظلم الأعداء، ولا يتحامل للأصدقاء، بدنه منه في تعبٍ، والناس منه في راحةٍ?().

من أهم ما يلزم أن يتصف به المؤمن والفئة المحقة هي الارادة الصلبة، فإنها من أهم صفات النجاح، وهي شرط لكي لا ينثني الإنسان أمام الأزمات والشدائد التي تعصف به وبالمجتمع الاسلامي.

فالإرادة تعني قوة الإيمان، والثقة بالله، وقوة النفس، والصبر والصلابة في مواجهة الضعوط والمشاكل.. وبالإرادة يرسم الإنسان مصيره ويخط لون حياته، وبها يختار اختياراته الصحيحة الصائبة، وبالإرادة تتحرك الأمم وتطالب بالتحرر من وطأة المستعمرين.

ولذلك عندما جاء الاستعمار والطواغيت، حاولوا دائماً أن يذوّبوا إرادة الإنسان، ويقهروها بالإرهاب والظلم، حتي إذا ما انتهت واضمحلت الإرادة صار الإنسان كالحيوان، بل ربما أشد حمقاً وغباءً، وأشد ظلماً وتعسفاً كما قال تعالي: ?إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً? ().

نعم، إذا انعدمت الإرادة وصودرت، ساء الاختيار لدي الإنسان، وعليه تسوء كل أفعاله وأقواله وأعماله، فيخضع للظالمين، ويأتي بكل ما يملونه عليه؛ لأنه فقد جوهر التصدي والمواجهة بفقد إرادته، فهو لا يقدر أن يصمم، ولا يقدر

أن يتخذ لنفسه قراراً، بل ينتظر دائماً من الآخرين أن يقرروا له ويحرّكوه فيتحرك كالدمي، وهكذا يسيطر الشيطان عليه.

فمن أجل أن يبقي المؤمن حراً قوياً صلباً في طريق الحق، عليه أن يقوي من إرادته الإيمانية، ولا يتنازل عنها، مهما كانت الضغوط والمشاكل والعقبات..

وطريق تقوية الإرادة هو الإنقطاع إلي الله عزوجل، والنظر إليه سبحانه بعين الواثق المطمئن، والمواصلة في العبادة والطاعة، والاستغراق في حب الله تبارك وتعالي، ودعائه والتوكل عليه، وتوكيل كافة الأمور إليه عزوجل، فهو تعالي صاحب التأثير المطلق في الوجود.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?مثل المؤمن القوي كالنخلة، ومثل المؤمن الضعيف كخامة الزرع?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ? المؤمن بُشره في وجهه، وحُزنه في قلبه، أوسع شي ء صدراً، وأذلّ شي ء نفساً، يكره الرفعة، ويشنأ السمعة، طويلٌ غمّه، بعيدٌ همّه، كثيرٌ صمته، مشغولٌ وقته، شكورٌ صبور، مغمورٌ بفكرته، ضنينٌ بخلته، سهل الخليقة، لين العريكة، نفسه أصلب من الصلد، وهو أذل من العبد?().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?المؤمن له قوة في دين، وحزم في لين، وإيمان في يقين، وحرص في فقه، ونشاط في هُدي، وبرّ في استقامة، وعلم في حلم، وكيس في رفق، وسخاء في حق، وقصد في غني، وتجمل في فاقة، وعفو في قدرة، وطاعة لله في نصيحة، وانتهاء في شهوة، وورع في رغبة، وحرص في جهاد، وصلاة في شغل، وصبر في شدة، وفي الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور.. لا يري في حكمه نقص، ولا في رأيه وهن، ولا في دينه ضياع، يرشد من استشاره ويساعد من ساعده، ويكيع عن الخنا والجهل?().

3) نشر القيم والفضائل

علي الفئة المؤمنة الروحانية المتمثلة بالعلماء الصالحين بأصنافهم كافة، علماء اجتماع، علماء نفس، علماء دين.. أن ينشروا

المفاهيم الإنسانية، والقيم والفضائل، التي تهذب الشعوب، وتفعّل فيها الأخلاقيات والملاكات الخيرة، وأن يتعاونوا علي البر والتقوي والعمل الصالح، ويظهروا الإحترام للفرد والمجمتمع ليتحسس الإنسان بإنسانيته، فإن الطواغيت طالما استهزؤوا واستخفوا بالجماهير..

كما أن علي هذه الفئة أن تغذي الأفراد بالأفكار الصحيحة التي تزيد من وعيهم الأخلاقي والثقافي والعقائدي، وتثقفهم بالدين ومسائله، وتظهر لهم العقيدة الإسلامية بأجلي صورها الواضحة، وتجذرها في قلوبهم، لينطلقوا في أجواء العلم والمعرفة.

قال الإمام الصادق عليه السلام: ?جاء رجل إلي رسول الله صلي الله عليه و اله فقال: يا رسول الله، ما العلم؟ قال: الإنصات. قال: ثم مه؟ قال: الاستماع. قال: ثم مه؟ قال: الحفظ. قال: ثم مه؟ قال: العمل به، قال: ثم مه يا رسول الله؟ قال: نشره?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?زكاة العلم نشره.. زكاة العلم بذله لمستحقه، وإجهاد النفس في العمل به?().

وقال عليه السلام: ?الكاتم للعلم غير واثق بالإصابة فيه?().

وقال عليه السلام: ?جمال العلم نشره، وثمرته العمل به، وصيانته وضعه في أهله?().

وقال عليه السلام: ?شكر العالم علي علمه عمله به وبذله

لمستحقه?().

وبما سبق وبمراعات سائر شروط الانتصار، يمكن لفئة الحق أن تنتصر علي فئة الباطل، وأن تغلق المنافذ التي يمر عبرها الطاغوت ويمرر ألاعيبه من خلالها، من منافذ الجهل والابتعاد عن الدين، لأن الجهل عامل قوي لاستعمار الشعوب، والابتعاد عن الدين وعن الله عامل أقوي لكي تبقي الشعوب تحت ذل المستكبرين. فإن الإيمان بالله يدعو الإنسان إلي التحرر من كل عبودية، سوي العبودية لله عزوجل، ويوجب الانقضاض علي الظالمين، لأن الله لا يحب الظلم بعد أن كتب علي نفسه الرحمة.

يقول الإمام زين العابدين عليه السلام في دعاء مكارم الأخلاق:

?اللهم صل علي محمد وآله، ولا أظلمنّ وأنت مطيق للدفع عني، ولا

أظلمنّ وأنت القادر علي القبض مني، ولا أضلّنّ وقد أمكنتك هدايتي، ولا أفتقرنّ ومِن عندك وسعي، ولا أطغينّ ومِن عندك وجدي، اللهم إلي مغفرتك وفدتُ، وإلي عفوك قصدتُ، وإلي تجاوزك اشتقتُ، بحق محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين?().

من هدي القرآن الحكيم

التمسك بالدين شرط الانتصار

قال تعالي: ?أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ? ().

وقال سبحانه: ?فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً? ().

وقال عزوجل: ?وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ? ().

وقال جل وعلا: ?أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ?().

الصمود والاستقامة في العمل

قال الله تعالي: ?أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ? ().

وقال سبحانه: ?فَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ? ().

وقال عزوجل: ?إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ?().

وقال جل وعلا: ?وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَي الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً? ().

الوعي والبصيرة

قال الله تعالي: ?قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها?().

وقال سبحانه: ?قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَي اللهِ عَلي بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي? ().

وقال عزوجل: ?لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ? ().

عاقبة الظلم والظالمين

قال جل وعلا: ?فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَي

الظَّالِمِينَ?().

وقال الله تعالي: ?وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً?().

وقال سبحانه: ?ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ?().

وقال عز وجل: ?يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ? ().

وقال جل وعلا: ?أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ?().

من هدي السنة المطهرة

التمسك بالدين شرط الانتصار

قال الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله: «ملاك الدين الورع، ورأسه الطاعة» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «الدين أقوي عماد» ().

وقال عليه السلام: «الدين يَعصِم» ().

وقال الإمام الباقر عليه السلام: ?وحُبنا أهل البيت نظام الدين» ().

الصمود والاستقامة

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?العمل العمل، ثم النهاية النهاية، والاستقامة الاستقامة..?().

وقال عليه السلام: ?من طلب السلامة لزم الإستقامة» ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «المؤمن له قوة في دين، وحزم في لين، وإيمان في يقين، وحرص في فقه، ونشاط في هدي، وبرّ في استقامة..» ().

الوعي والبصيرة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «لا خير في العيش إلا لرجلين: عالم مطاع، ومستمع واعٍ» (). وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية، لا عقل سماع ورواية» ().

وقال عليه السلام: «من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد» ().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: ?دعامة الإنسان العقل، والعقل منه الفطنة والفهم والحفظ والعلم، وبالعقل يكمل، وهو دليله ومبصره ومفتاح أمره، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالماً حافظاً ذاكراً فطناً فهماً، فعلم بذلك كيف ولم وحيث، وعرف مَن نصحه ومَن غشّه، فإذا عرف ذلك عرف مجراه وموصوله ومفصوله، وأخلص الوحدانية لله والإقرار بالطاعة، فإذا فعل ذلك كان مستدركاً لما فات، ووارداً علي ما هو آتٍ، يعرف ما هو فيه، ولأي شي ءٍ هو هاهنا، ومن أين يأتيه، وإلي ما هو صائر، وذلك كله من تأييد العقل?().

عاقبة الظلم والظالمين

قال الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله: «وإياكم والظلم، فإن الظلم عند الله هو الظلمات يوم القيامة» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?الظلم في الدنيا بوار وفي الآخرة دمار» ().

وقال عليه السلام: «ظالم الناس يوم القيامة منكوب بظلمه معذّب محروب» ().

وقال الإمام الباقر عليه السلام: ?ما أحد يظلم بمظلمة إلا أخذه الله بها في نفسه وماله …» ().

پي نوشتها

() سورة التوبة: 122.

() سورة الزمر: 17-18.

() سورة الأنبياء: 18.

() المحاسن: ج1 ص226 ب14 ح152.

() انظر التبيان في تفسير القرآن: ج7 ص237 تفسير سورة الأنبياء.

() مجمع البحرين: ج5 ص8.

() مجمع البيان في تفسير القرآن: ج7 ص77 تفسير سورة الأنبياء.

() كارل ماركس: (1818 1883م) فيلسوف اشتراكي ألماني، ولد في مدينة ترير بمنطقة الراين، من أصل يهودي، فهو حفيد الحاخام اليهودي المعروف (مردخاي ماركس)، كان أبوه محامياً ثم أعتنق المسيحية. معروف عن كارل ماركس أنه شخص أناني متقلب المزاج، حاقد ومادي. التحق ماركس بجامعتي بون وبرلين حيث درس القانون هناك. صار عضواً بالنادي الثوري الليبرالي حيث التقي بالعديد من الثوريين والرجعيين والشعراء والعسكريين ورجال الدولة، وأكتسب شهرة محلية كصاحب جرأة في طرح المشكلات والإجابة عنها.

اهتم بدراسة الاقتصاد والسياسة واشترك مع انجلز في تأليف كتاب (الأيدلوجية الألمانية). وفي بروكسل أتم نظريته عن المادية التاريخية، ثم انظم إلي الجمعية السرية الثورية الألمانية التي أصبحت فيما بعد العصبة الشيوعية، والتي كان يعمل علي أخراجها إلي العلن متوخياً سياسة أعدها بعناية فائقة وكان شعارها: ?يا عمال العالم أتحدوا?. وفي عام (1883م) مات ماركس أثر أصابته بخراج في الرئة. من مؤلفاته: رأس المال، الصراع الطبقي، مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي، العمل المأجور والرأسمال، المسألة اليهودية، بيان الحزب الشيوعي، وغيرها. ساعده في التنظير للمذهب

الماركسي فردريك انجلز (1820 1895م) وهو صديق كارل ماركس الحميم وقد ساعده في نشر المذهب كما أنه ظل ينفق علي ماركس وعائلته حتي مات.

و(الماركسية) هي النظام السياسي والاقتصادي الذي وضعه (ماركس) مع (أنجلز) والتي تقوم علي أساسين: المادية الجدلية والمادية التاريخية، وهي تقول بأن المجتمع الرأسمالي يستند إلي استغلال البرجوازية للبروليتاريا. وتذهب إلي أن الشيوعية وهي المظهر السياسي للماركسية سوف تتحقق عندما يفضي الصراع الطبقي إلي إطاحة دكتاتورية البروليتاريا بالنظام الرأسمالي، وعندها ينشأ عن سقوط الدولة مجتمع لاطبقات فيه، ويعتبر (لينين) و(ليون تروتسكي) و(ماو تسي تونغ) من أكبر دعاة الماركسية.

() انظر الألفين: ص324 الثامن والعشرون. وكمال الدين: ج1 ص4.

() سورة النساء: 75.

() سورة الأنبياء: 18.

() في لسان العربقذف: قذف بالشيء يقذف قذفاً فانقذف: رمي، والتقاذف: الترامي. والقذف بالحجارة: الرمي بها. يقال: هم بين حاذفٍ وقاذفٍ وحاذ ٍ وقاذٍ علي الترخيم، فالحاذف بالحصي، والقاذف بالحجارة. لسان العرب: ج9 ص276 مادة

?قذف?.

() الدمغ: كسر الصاقورة عن الدماغ، ودمغه: أصاب دماغه، ودمغه دمغاً: شجه حتي بلغت الشجة الدماغ، واسمها الدامغة، وفي حديث الإمام علي عليه السلام: ?دامغ جيشات الأباطيل أي مهلكها?. لسان العرب: ج8 ص424 مادة ?دمغ?.

() الكافي: ج2 ص16 باب الاخلاص ح2.

() الكافي: ج1 ص10 كتاب العقل والجهل ح1.

() الكافي: ج1 ص20 كتاب العقل والجهل ح13.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص64 ق1 ب1 ف12 ح822.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص65 ق1 ب1 ف12 ح839.

() سورة البقرة: 49.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص71 ق1 ب1 ف14 ح1022.

() تحف العقول: ص219 باب ما روي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني.

() سورة الإسراء: 81.

() سورة سبأ: 48.

() سورة سبأ: 49.

() سورة الشوري: 24.

() سورة الإسراء: 81.

() بحار الأنوار: ج15 ص274

ب3 ح20 عن المناقب.

() سورة سبأ: 49.

() سورة الإسراء: 81.

() بحار الأنوار: ج21 ص106 ب26.

() سورة الإسراء: 81.

() بحار الأنوار: ج15 ص291 ب3.

() سورة الإسراء: 81.

() غيبة الطوسي: ص239.

() الكافي: ج 2 ص447 باب تعجيل عقوبة الذنب ح12.

() سورة الرعد: 17.

() شرح نهج البلاغة: ج9 ص73 شرح الخطبة 141.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص68 ق1 ب1 ف14 ح931.

() سورة الأنبياء: 18.

() سورة الأنبياء: 18.

() سورة الصافات: 173.

() سورة النساء: 97.

() تقريب القرآن إلي الأذهان: ج5 ص84 تفسير سورة النساء.

() سورة المنافقون: 8.

() الكافي: ج5 ص63 باب كراهة التعرض لما لا يطيق ح2.

() سورة النساء: 97.

() الخفر: شدة الحياء، وامرأة خفرة: حيية متخفرة. كتاب العين: ج4 ص253 مادة

?خفر?.

() الاحتجاج: ج2 ص303 خطبة زينب بنت علي بن أبي طالب?..

() سورة النساء: 97.

() سورة سبأ: 13.

() سورة الواقعة: 13-14.

() سورة المؤمنون: 70.

() معركة بدر الكبري: كانت في السنة الثانية للهجرة، بين المسلمين (المهاجرين والأنصار) وبين المشركين من أهل مكة، وكان عدد أصحاب رسول الله صلي الله عليه و اله في بدر (313 رجلا)، وكان عدد مشركي قريش من (900 إلي 1000 رجل)، خرج رسول الله صلي الله عليه و اله وأصحابه إلي بئر بدر وقامت الحرب وانتصر الإسلام، وقتل الله المشركين، وقد استبسل في المعركة آل هاشم وعلي رأسهم أمير المؤمنين عليه السلام حيث قتل نصف قتلي المشركين، وكان قتلاهم (70 نفراً) وقد استشهد من المسلمين سبعة.

() معركة أحد: حدثت في السنة الثالثة من الهجرة، وكان سببها أن قريشاً لما رجعت من بدر الكبري إلي مكة، وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والأسر، قال أبوسفيان: يا معشر قريش لا تدعوا نساءكم يبكين علي قتلاكم فإن البكاء والدمعة إذا

خرجت أذهب الحزن والحرقة والعداوة لمحمد ويشمت بنا محمد وأصحابه. فلما أرادوا أن يغزوا رسول الله صلي الله عليه و اله ساروا إلي حلفائهم من كنانة وغيرهم وجمعوا الجموع والسلاح، وخرجوا من مكة في ثلاثة آلاف فارس وألف راجل، وضرب رسول الله صلي الله عليه و اله عسكره مما يلي طريق العراق وقعد عبد الله بن أبي وجماعة من قومه ولم يخرجوا للقتال. ووافت قريش إلي أحد (وهو جبل قريب من المدينة) وكان رسول الله صلي الله عليه و اله قد عدّ أصحابه وكانوا سبعمائة رجل.. ولكن بعضاً منهم لم يمتثل أمر رسول الله صلي الله عليه و اله فاستشهد من المسلمين سبعين رجلاً وعلي رأسهم حمزة عم النبي صلي الله عليه و اله.

() معركة الخندق: ويقال لها (الأحزاب) وبيانها: أن جماعة من اليهود وعلي رأسهم عبد الله بن سلام وحيّ بن أخطب الذين أجلاهم رسول الله صلي الله عليه و اله من المدينة جاءوا إلي أبي سفيان لعلمهم بعداوته للنبي صلي الله عليه و اله وسألوه المعونة، فأجابهم، وجمع لهم قريشاً وأتباعهم من كنانة وتهامة وغطفان، وأتباعها من أهل نجد، واتفق المشركون مع اليهود، وأقبلوا بجمع عظيم، ونزلوا من فوق المسلمين ومن أسفلهم، كما قال الله تعالي: ?إِذْ جاؤُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ? سورة الاحزاب: 10. فاشتد الأمر علي المسلمين. وكان سلمان (رضوان الله عليه) قد أشار بحفر الخندق، فحُفر، وخرج النبي صلي الله عليه و اله بالمسلمين وهم ثلاثة آلاف، والمشركون مع اليهود يزيدون علي عشرة آلاف، وجعلوا الخندق بينهم وبين المسلمين، وركب عمرو بن عبد ود ومعه فوارس من قريش، وأقبلوا حتي وقفوا علي أضيق مكان في الخندق، ثم ضربوا خيلهم

فاقتحمت، وصاروا بين الخندق والمسلمين، فنادي عمرو: هل من مبارز؟ هل من مبارز؟ فنظر رسول الله صلي الله عليه و اله إلي المسلمين وقال من يبارزه؟، فلم يجبه أحد إلا علي عليه السلام حيث قال: ?أنا يا رسول الله?، فقال له النبي صلي الله عليه و اله: ?إنه عمرو? فسكت، ونادي عمرو: هل من مبارز؟ فقال علي: ?أنا له يا رسول الله?. فقال: ?إنه عمرو? فسكت، ونادي عمرو ثالثاً، فقال علي: ?أنا له يا رسول الله?. فقال: ?إنه عمرو? وفي كل ذلك يقوم علي عليه السلام فيأمره النبي صلي الله عليه و اله بالثبات انتظاراً لحركة غيره من المسلمين، وكأن علي رؤوسهم الطير لخوفهم من عمرو. وطال نداء عمرو وهو يطلب المبارزة، وتتابع قيام أمير المؤمنين عليه السلام فلما لم يقدم أحد من الصحابة قال النبي صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام: ?ادنُ مني يا علي? فدنا منه، فنزع عمامته عن رأسه وعمّمه بها، وأعطاه سيفه، وقال: ?امض لشأنك? ودعا له ثم قال صلي الله عليه و اله: ?برز الإيمان كله إلي الشرك كله?، فسعي علي عليه السلام نحو عمرو حتي انتهي إليه فقال له: ?يا عمرو إنك كنت تقول: لا يدعوني أحد إلي ثلاث إلا قبلتها، أو واحدة منها? قال عمرو: أجل، قال علي: ?إني أدعوك إلي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن تسلم لرب العالمين؟?. قال عمرو: أخر هذه عني. فقال علي:

?أما إنها خير لك لو أخذتها? ثم قال عليه السلام: ?هاهنا أخري? قال: وما بقي؟ قال: ترجع من حيث أتيت. قال: لا تتحدث نساء قريش عني بذلك أبداً. قال علي عليه السلام: ?فهاهنا أخري?. قال:

وما هي؟ قال: ?أبارزك أو تبارزني? فضحك عمرو وقال: إن هذه الخصلة ما كنت أظن أحدا من العرب يطلبها مني، وأنا أكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك، وقد كان أبوك نديماً لي. فقال علي: ?وأنا كذلك، لكني أحب أن أقتلك ما دمت أبيا للحق? فحمي عمرو، ونزل عن فرسه، وضرب وجهه حتي نفر، وأقبل علي أمير المؤمنين عليه السلام مسلطاً سيفه وبادره بضربة، فلبث السيف في ترس علي، وضربه أمير المؤمنين عليه السلام.. قال جابر الأنصاري ?: فتجاولا وثارت بينهما فترة، وبقيا ساعة طويلة لم نرهما ولاسمعنا لهما صوتا، ثم سمعنا التكبير، فعلمنا أن عليا قد قتل عمراً. وسر النبي صلي الله عليه و اله سروراً عظيماً لما سمع صوت أمير المؤمنين عليه السلام بالتكبير، وكبر وسجد لله تعالي شكراً، وانكشف الغبار، وعبر أصحاب عمرو الخندق وانهزم عكرمة بن أبي جهل وباقي المشركين، وكانوا كما قال الله سبحانه وتعالي: ?وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً? سورة الأحزاب: 25. ولما قتل علي عليه السلام عمراً احتز رأسه وأقبل نحو النبي صلي الله عليه و اله ووجهه يتهلل، فألقي الرأس بين يدي النبي صلي الله عليه و اله، وقبل النبي صلي الله عليه و اله رأس أمير المؤمنين عليه السلام ووجهه، وقام أكابر الصحابة فقبلوا أقدامه. انظر إرشاد القلوب: ج2 ص243.

() معركة حنين: كانت في سنة (8 للهجرة) وحنين وادٍ إلي جانب ذي المجاز نزلت فيه هوازن وثقيف وقيس. وكان سببها أن هوازن سمعت بانتصار النبي صلي الله عليه و اله في مكة وفتحها بدون حرب، فخرجت هوازن وجمعت له جمعا كثيراً، فذكر ذلك لرسول الله صلي الله عليه و اله فخرج في ألفين من

مكة وعشرة آلاف كانوا معه، فقال أحد أصحابه: لن نغلب اليوم من قلة، فشق ذلك علي رسول الله صلي الله عليه و اله فأنزل الله سبحانه: ?وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ? سورة التوبة: 25.

قال جابر: فسرنا حتي إذا استقبلنا وادي حنين، كان القوم قد كمنوا في شعاب الوادي ومضايقه، فما راعنا إلا كتائب الرجال بأيديها السيوف والعمد والقني، فشدوا علينا شدة رجل واحد، فانهزم الناس راجعين لا يلوي أحد علي أحد وأخذ رسول الله صلي الله عليه و اله ذات اليمين وأحدق ببغلته تسعة من بني عبد المطلب.. وقام رسول الله صلي الله عليه و اله في الركابين وهو علي البغلة فرفع يده إلي الله يدعو ويقول: ?اللهم إني أنشدك ما وعدتني، اللهم لا ينبغي لهم أن يظهروا علينا? ونادي أصحابه وذمرهم: ?يا أصحاب البيعة يوم الحديبية، الله الله الكرة علي نبيكم?. وقيل: إنه قال: ?يا أنصار رسول الله، يا بني الخزرج? وأمر العباس بن عبد المطلب فنادي في القوم، فأقبل إليه أصحابه سراعاً يبتدرون،. وروي أنه صلي الله عليه و اله قال: ?الآن حمي الوطيس … أنا النبي لا كذب … أنا ابن عبد المطلب?.. قال سلمة بن الأكوع ونزل رسول الله صلي الله عليه و اله عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب ثم استقبل به وجوههم، وقال: ?شاهت الوجوه? فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة، فولوا مدبرين، فأتبعهم المسلمون فقتلوهم، وغنمهم الله نساءهم وذراريهم وشاءهم وأموالهم، وفر مالك بن عوف حتي دخل حصن الطائف في ناس من أشراف قومهم، وأسلم عند ذلك كثير من أهل مكة حتي رأوا نصر الله وإعزاز دينه.

قال أبان: وحدثني محمد بن الحسن

بن زياد عن أبي عبد الله ? قال: ?سبي رسول الله صلي الله عليه و اله يوم حنين أربعة آلاف رأس، واثني عشر ألف ناقة سوي ما لايعلم من الغنائم?. انظر إعلام الوري: ص113. قصص الأنبياء: ص350 فصل في مغازيه صلي الله عليه و اله ح425.

() عمر بن عبد ود العامري: أحد فرسان العرب في زمانه، كان يلقب بعماد العرب، وكان في مائة ناصية من الملوك، وألف مقرعة من الصعاليك، وهو يعد بألف فارس. كان أول فارس جزع من المداد، وكان فارس يليل، سمي به لأنه أقبل في ركب من قريش حتي إذا كان بيليل وهو (وادٍ) عرضت لهم بنوبكر فقال: لأصحابه امضوا، فمضوا وقام بوحده في وجوه بني بكر حتي منعهم من أن يصلوا إليه.

كان عمرو فارس الكفار يوم الخندق حيث برز إلي المسلمين ودعاهم إلي البراز فلم يجبه أحد كأن علي رؤوسهم الطير إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقد برز إليه فتقاتلا ساعة من نهار فقتله علي عليه السلام وحز رأسه وقدمه إلي رسول الله صلي الله عليه و اله، وكبر الرسول صلي الله عليه و اله وأصحابه لتكبير رسول الله، وانتصر المسلمون ورجع المشركون منهزمين إلي ديارهم، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ? لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود أفضل من عمل أمتي إلي يوم القيامة?. انظر المناقب: ج3 ص134 فصل في قتاله يوم الأحزاب.

() الكافي: ج1 ص26 كتاب العقل والجهل ح29.

() الاشتراكية: نظرية سياسية واقتصادية تنادي بملكية الجماعة لوسائل الإنتاج وسيطرتها علي توزيع السلع، وتلغي الملكية الفردية، وتتخذ الاشتراكية أشكالاً مختلفة تبعاً لمواقف أصحابها من القضية الاقتصادية والقضية الاجتماعية والقضية السياسية

فهناك الاشتراكية الماركسية والاشتراكية المسيحية والاشتراكية الديمقراطية وكلها تشترك في محاربتها للرأسمالية. ومن أبرز صانعي الفكر الاشتراكي (سان سيمون) (وشارل فورييه) و(بيير جوزيف بردون) و(فريد انجلز) و(كارل ماركس).

() الرأسمالية، نظام اقتصادي يمتلك فيه الأفراد أو الشركات وسائل الإنتاج والتوزيع، ولا يخضع استثمار الأموال في ظلها علي رقابة من الدولة ولا توجيه من الشرع وقوانينه، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية كبري دول الرأسمالية.

() الكافي: ج2 ص47 باب خصال المؤمن ح1.

() سورة الفرقان: 44.

() جامع الأخبار: ص183 ف141.

() بحار الأنوار: ج64 ص305 ب14 ح37.

() الكافي: ج2 ص231 باب المؤمن وعلاماته ح4.

() الكافي: ج1 ص49 باب النوادر ح4.

() مستدرك الوسائل: ج7 ص46 ب16 ح7616.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص44 ق1 ب1 ف2 ح127.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص44 ق1 ب1 ف2 ح129.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص44 ق1 ب1 ف2 ح133.

() الصحيفة السجادية: ص98 من دعائه عليه السلام في مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال.

() سورة يوسف: 40.

() سورة الروم: 30.

() سورة آل عمران: 85.

() سورة الشوري: 13.

() سورة فصلت: 6.

() سورة هود: 112.

() سورة الأحقاف: 13.

() سورة الجن: 16.

() سورة الأنعام: 104.

() سورة يوسف: 108.

() سورة الحاقة: 12.

() سورة الأعراف: 44.

() سورة الفرقان: 37.

() سورة غافر: 18.

() سورة غافر: 52.

() سورة الشوري: 45.

() مكارم الأخلاق: ص468 ف5 في وصية رسول الله صلي الله عليه و اله لأبي ذر الغفاري.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص84 ق1 ب2 ف5 ح1374.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص86 ق1 ب2 ف5 ح1409.

() أمالي الطوسي: ص296 المجلس 11 ح582.

() نهج البلاغة، الخطب: 176 من خطبة له عليه السلام وفيها يعظ ويبين فضل القرآن وينهي عن البدعة.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص287 ق3 ب2 ف7 ح6473.

() الكافي:

ج2 ص231 باب المؤمن وعلاماته وصفاته ح4.

() أعلام الدين: ص169.

() نهج البلاغة، الخطب: 239 من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد صلي الله عليه و اله.

() الكافي: ج8 ص22 باب خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي خطبة الوسيلة ح4.

() الكافي: ج1 ص25 كتاب العقل والجهل ح23.

() الخصال: ج1 ص176 باب الثلاثة ح235.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص457 ق6 ب5 ف1 ح10437.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص457 ق6 ب5 ف1 ح10441.

() ثواب الأعمال: ص273 باب عقاب من ظلم.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.