كلمة الإمام زين العابدين عليه السلام

اشارة

آية الله الشهيد

السيد حسن الحسيني الشيرازي

رحمة الله عليه

مركز الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله للتحقيق والنشر

بيروت لبنان

الطبعة الأولي

1425ه / 2005م

مركز الرسول الأعظ م صلواة الله عليه و اله للتحقيق والنشر

بيروت لبنان

كلمة الامام زين العابدين عليه السلام

كلمة المركز

كلمة المركز

بسم الله الرحمن الرحيم

1 كلمة

إن لكلمة الإمام زين العابدين وسيد الساجدين، العابد المتهجد وذي الثفنات: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام طعم خاص ومذاق ونكهة مميزة عن غيرها من الكلمات النورانية التي انطلقت من معدن الأنوار الربانية أهل بيت العصمة والطهارة، أهل بيت خاتم رسل الله محمد صلي الله عليه و اله.

فلكلمة الإمام زين العابدين عليه السلام رين خاص في المسامع..

فما أن تذكر الإمام السجاد عليه السلام إلا وتتبادر إلي ذهنك تلك الصحيفة النورانية المدعوة (بزبور آل محمد صلي الله عليه و اله) الصحيفة السجادية المباركة التي جمعت كنزا من أدعية وابتهالات الإمام الرابع من أئمة أهل البيت عليهم السلام.

تلك الصحيفة المقدسة التي حوت درر المعاني والعرفان.. وخلاصة الابتهالات والسبحات القدسية، وأجمل وألطف وأرق المناجاة الخفية، التي نطق بها لسان ذاك الإمام العظيم المظلوم، وهي وإن خرجت من لسانه الشريف إلا أنها نابعة من روحه الصافية، وقلبه السليم، وعقله المنار بأنوار الله.. والله نور السماوات والأرض.

تبارك الله وتقدست أسماؤه ما أعظم تلك الصحيفة القدسية..

وإنها بحق (زبور) وهي أعظم وأجل وأعلي من ذاك (الزبور) الذي هو بين أيدي الناس لأنه محرف ولا شك في ذلك.. وتلك الصحيفة النورانية حفظها الآل الكرام (عليهم السلام) وتناقلوها مع إرث الرسالة والإمامة كابرا عن كابر والحمد لله.

وإن ننس فلا يمكن أن ننسي (رسالة الحقوق) التي كتبها الإمام زين العابدين عليه السلام وهي رسالة في كل الحقوق لكل مخلوق، وهي دستور الأخلاق الفاضلة ومرجع السياسات الحكيمة لبناء مجتمع إنساني متفهم وواع لحقوقه وواجباته …

وهذه المناهج العلية التي تركها الإمام السجاد عليه السلام للأمة والأجيال هي نتاج عصره المدمر، وكانت ضرورة ملحة في تلك الأيام الموغلة في غياهب

الضلال والفسق والفجور والغدر والكفر والنفاق.. التي كانت تسبح في غمراتها الأمة الإسلامية بفضل السياسات الأموية الخبيثة التي عملت كل ما بوسعها لإخراج الأمة من اسمها ورسمها.. أي تجريدها من صبغتها الإسلامية.. ومحاولة إطفاء حتي اسم الإسلام ونبيه صلي الله عليه و اله، وقد قال زعيمهم معاوية: إلا د فنا.. دفنا..

والإمام السجاد عليه السلام شهد بأم عينه المذبحة الرهيبة في كربلاء المقدسة ودماء المستشهدين علي بطحائها..

ورأي استشهاد أبيه وإخوته وأهله وأعمامه وأبناء عمومته عليهم السلام.. ونظر إلي رؤوسهم تهدي من أمير إلي أمير، ومن فاسق إلي فاسق، ومن بلاد إلي بلاد..

وإلي أجسادهم مقطعة ممزقة والخيول تدوسها وترضها بلا وازع من ضمير أو رعاية لدين أو مشاعر إنسانية …

وكان عليه السلام مع عماته والنساء والأطفال مأسورين مربوطين بالحبال والحديد..

ولذلك كانت كلمته قمة في الروحانية والشفافية لأنها كانت تأخذ علي عاتقها انتشال الأمة من هذا الوضع الرديء الذي سقطت به.. وترفعها لإعادة الزخم الإسلامي والإيماني في أوصالها لعلها تنهض من كبوتها وتقوم لتكمل رسالتها الخالدة في هذه الدنيا.. وهذا الذي حدث بالفعل..

وهناك قصة مشهورة جرت بين الإمام السجاد عليه السلام وبين هشام أو الوليد وذلك أثناء الحج، حين لم يستطع الحاكم الأموي استلام الحجر الأسود.. ولكن عندما أقبل الإمام عليه السلام انفرج له الناس حتي استلم الحجر الأقدس وقبله وعاد ليعود الازدحام من جديد.. فاستغرب الوفد المتسامي وسألوا الحاكم من هذا..؟ فتجاهل معرفته بالإمام عليه السلام وأجاب: لا أعرفه!..

فعرف به الفرزدق بميميته الشهيرة التي يقول فيها..

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

إلي مكارم هذا ينتهي الكرم

إذا رأته قريش قال قائلها

العرب تعرف من أنكرت والعجم

هذا ابن فاطمة إن

كنت جاهله

إلي آخر القصيدة التي تعطي بعض الصورة الحقيقية لمقام ومكانة الإمام (عليه السلام) في قلوب الأمة الإسلامية يومئذ..

2 جامع الكلمة

هو صاحب الكلمات الجامعة.. وصاحب الفكر الجامعي والجمعي الذي ربما جمع في كثير من كلماته الأضداد.. تأسيا بجده الأمير عليه السلام حيث جمع في صفاته الأضداد إلا أنه عزت له الأنداد..

فالشهيد السيد حسن الشيرازي (رحمه الله) هو فرع من الدوحة العلوية.. واللطيف في الأمر أنه من الشجرة السجادية بالذات، حيث يرجع بنسبه الشريف إلي الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام..

والشهيد ? كان ذا شفافية عالية.. هذا ما لاحظه كل المتتبعين له قراءة أو معرفة، وذلك من خلال كتاباته أو خطبه أو محاضراته الجميلة الجليلة.. ولاسيما قصائده الرائعة من الروحانيات وهي تمثل ابتهالات وجدانية تنم عن روح متشبعة بالعلم الروحاني والعرفان الحقيقي ونفس مطمئنة ومليئة بالعلم القدسي.. وفكر وعقل منار بأنوار القرآن المقدسي..

وجمعه لهذه الكلمات هو عمل في غاية العظمة والجمال، وهو ضرورة حضارية لأهل العلم والذوق والمتتبعين لأخبار الأئمة الأطهار عليهم السلام لاسيما العلماء والحكماء والفقهاء في الدين الإسلامي الحنيف..

فموسوعة الكلمة الشيرازية هي موسوعة حضارية في المعني والمبني معا.. فهي ليست جديدة بمادتها العلمية.. بل هي جديدة بأسلوبها وترتيبها السهل، وتبويبها الشيق والموافق لأهل الأدب من أبناء العرب وغير العرب..

فالثوب جديد.. والأسلوب رشيق.. مما جعل الموسوعة ذات المادة المباركة القديمة والتي ترجع إلي عصر الأئمة الهداة عليهم السلام في أيامنا هذه طرية ندية.. أسهل في التناول وأفيد بالتباحث والتناظر..

فالسيد الشهيد ? بفكره الوقاد.. ونظرته النافذة، أدرك تلك الأمور، وانتبه إلي تلك الدقائق منذ زمن بعيد.. ومن أيام صباه.. علي ما يبدو من خلال تتبعنا لأخباره، وراح يعمل لذلك ليل نهار، يقضي أيامه بين الكتب

القديمة والموسوعات العملاقة كالبحار والوسائل والجواهر.. وكان ذلك شغله الشاغل حتي في الأسفار والتنقلات التي خاضها في البلاد الإسلامية حيث قصدها للتبليغ والعمل الإسلامي والجهاد الذي اشتهر به.. وكان لا دؤوبا في عمله وإخلاصه حتي قضي نحبه شهيدا علي تراب لبنان برصاص الغدر والحقد الصدامي الكافر.. فخسرت الأمة علما من أعلامها، وقلما من أقلامها، فصار مشعلا من مشاعلها المضيئة.. ورمزا من رموز نضالها.. وشعاراتها الثورية.. لأنه قتل شهيدا..

وهذه الكلمة هي كلمة الإمام الرابع من أئمة أهل البيت عليهم السلام: الإمام علي بن الحسين عليه السلام والتي جاءت بوقت حرج جدا علي الأمة والإمام وبعصر غلب عليه الكفر علي الإيمان.. فحاول الإمام عليه السلام إعادة اللمعان لوجه الحق، وإعادة راية الصدق إلي مكانها السامي في الضمائر والقلوب المسلمة..

فسلام الله علي الإمام السجاد عليه السلام.

ورحم الله الشهيد السيد حسن الشيرازي.

3 صاحب الكلمة

الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام.

من هو زين العابدين عليه السلام؟

هذا سؤال يطرح علي لسان العديد من الشباب والكهول.. عندما يسمعون بزين العابدين عليه السلام..

يقولون من زين العابدين هذا..؟

وتكثر الأسئلة عنه.. من أبوه.. أمه.. متي ولادته..؟

ولكن ما إن نقول لهم بأنه علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام حتي تلجم الأفواه.. وتتلعثم الألسن.. وتمتلئ الأوداج.. وتحمر الأعين.. و..

وذلك مخافة أن يكون قد أخطأ بحق هذا الإمام العظيم..

وما إن تهدا النفوس.. حتي تتردد الأسئلة عن الزمن الذي عاش فيه.. الولادة.. الأبناء.. الوفاة.. ثبوت إمامته.. سيرته العطرة.. و.. و..

نعم، هذه الأسئلة طرحت وتطرح كثيرا.. وخاصة عند ذكر أي إمام من الأئمة الهداة الذين يصل نسبهم بشجرة النبوة.. والزيتونة التي يكاد زيتها يضيء..

وربما تطرح هذه المسائل من قبل بعض المثقفين والمتدينين..

وللأسف.. هذا يدل علي مدي

جهل الأمة بأئمتها

فإن كثيرا منا.. إخوة وأخوات.. أبناء وبنات.. إذا سألتهم عن الإمام زين العابدين (عليه السلام).. لقالوا لك: بأنه ابن الإمام الحسين عليه السلام.. ووالد الإمام الباقر عليه السلام.. نقول لهم: أحسنت.. نعم.. وما ذا بعد؟

فلا جواب عندهم إلا هذا.. لأنهم لا يعرفون إلا ذلك عنه عليه السلام.

نعم إن الإمام (عليه السلام) هو أصل الشجرة التسعوية الهادية المهدية، وأبوه الحسين عليه السلام، وجده ذو الأصل الثابت علي بن أبي طالب عليه السلام.. وعمه سيد شباب أهل الجنة وريحانة الرسول صلي الله عليه و اله الإمام الحسن الزكي المجتبي عليه السلام، وجدته الطاهرة الصديقة الكبري فاطمة الزهراء عليها السلام.

روحي لتلك الشجرة الفداء.. ودمي لترابها الطاهر سقاء..

إذن أصل الشجرة، النبي محمد صلي الله عليه و اله.. وفرعاها الحسن والحسين عليهما السلام.

فالإمام زين العابدين عليه السلام هو الفرع الأول من الفرع الثاني للأصل الثابت علي عليه السلام وكان هذا الفرع السامي سيد الساجدين عليه السلام.

وهو أصل لثمانية فروع أطايب.. ولكن بشكل متعاقب..

فمنذ واقعة كربلاء كان زين العابدين (عليه السلام) سيد ولد آدم.. وإلي اليوم.. وإلي أن يزين الله الأرض وما عليها.. ويخلص المؤمنين ويمحق الكافرين.. فتتزين الأرض بإمامها محمد بن الحسن المهدي (عجل الله تعالي فرجه الشريف) فيكون هو الفرع الثامن.. للأصل الرابع.. سلام الله عليهم أجمعين وعلي جدهم الرسول صلي الله عليه و اله وابنته البتول عليها السلام..

وسنتحدث عن هذه الشجرة المباركة باختصار.. ثم نبحث عن سيرة الإمام زين العابدين (عليه السلام) بشيء من التفصيل في كل من: الكتاب والسنة الشريفة والتاريخ، ونستفيد منه منهجا ربانيا قويما يساعدنا في أوقات محنتنا..

النسب الشريف

الإمام علي بن الحسين عليه السلام ينتمي إلي شجرة طوبي المباركة، تلك الشجرة الطيبة التي

أصلها ثابت وفرعها في السماء.. لا شرقية ولا غربية.. نور علي نور.. وذرية بعضها من بعض.

فأبوه المكرم: سيد شباب أهل الجنة.. وسيد شهداء أهل الأرض بعد أبيه.. ولو بحث في فجاج الأرض في الطول والعرض فلن تجد خيرا منه إلا أخاه وأباه وجده عليهم السلام.. فهو أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.. ثار الله الخالد.. إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها..

وأما جده: فغني عن التعريف.. لأنه المعروف والمعرف من الله ورسوله صلي الله عليه و اله.. فهو أمير المؤمنين ويعسوب الدين.. وقائد الغر المحجلين.. ومقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.. ذاك هو الأمير أبو الحسنين الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام أخو رسول الله صلي الله عليه و اله وزوج ابنته البتول عليها السلام.

وأما عمه: فهو خير من وطأ الثري بعد أبيه وجده.. فهو الزكي التقي.. أبو محمد الحسن المجتبي عليه السلام.. ومن له عم كعم الإمام زين العابدين عليه السلام..؟

وأما جده لأمه: فهو ملك الفرس العادل.. إنه (يزدجرد بن كسري) الذي ذكره الرسول صلي الله عليه و اله حين قال: (ولدت في زمن الملك العادل كسري).

وأما أمه الشريفة: فكانت موضع خلاف بين المؤرخين إلا أنهم اتفقوا علي أنها ابنة ملك فارس يزدجرد، وهي (شاه زنان) أي سيدة النساء، ومنهم من قال بأن اسمها (شهر بانو)..

وكذلك اختلف في يوم مجيئها إلي المدينة المنورة فهناك ثلاث روايات، وهي أنها قدمت أسيرة:

- في عهد عمر بن الخطاب.

- في عهد عثمان بن عفان.

- في عهد أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام.

والمعتمدة هي الرواية الأخيرة.. هكذا أثبت المحققون جزاهم الله كل خير.. ومن أراد الإطالة فليراجع المطولات حول هذا الموضوع.

الجدان.. علي عليه السلام.. والملك

يزدجرد..

الأبوان: الحسين عليه السلام.. وشاه زنان..

الثمرة: زين العابدين سيد الساجدين عليه السلام..

ومن هذا المنطق أي هذه الشجرة أطلق علي الإمام السجاد عليه السلام بأنه (ابن الخيرتين) وعندما سئل كيف ذلك يا بن رسول الله؟

قال عليه السلام: قال صلي الله عليه و اله: ?لله تعالي خيرتان.. فخيرته من العرب قريش.. ومن العجم فارس?، فعلي بن الحسين عليه السلام ابن الخيرتين (العرب، والعجم) وهذا ما أرخه أبو الأسود الدؤلي في بيتين من الشعر العربي الأصيل حيث يقول:

وإن وليدا بين كسري وهاشم لأكرم من نيطت عليه التمائم

هو النور نور الله موضع سره ومنبع ينبوع الإمامة عالم

ولو رجعنا كما رجع أبو الأسود الدؤلي إلي الأعماق، بحثا عن أصل تلك الشجرة لرأينا بأنهم جميعا أخيار من أخيار، من هاشم إلي عبد المطلب إلي عبد مناف وعبد الله وإلي خيرة الأخيار رسول الله محمد صلي الله عليه و اله وابنته فاطمة الزهراء عليها السلام وابن عمها وبعلها الأمير علي عليه السلام وابنيهما الحسن والحسين سبطي نبي الرحمة عليهما السلام.. فهم جميعا أخيار.. لا بل خيرة الأخيار.. وصفوة الصفاء.. فإن كان ولابد من فخر.. فبهذه الشجرة الفخر لا بسواها..

وكسري ملك ابن ملوك، دام ملك أسرتهم آلاف السنين والعديد منهم اشتهر بالإنصاف في سياسة الرعية.. ومثل هؤلاء فلتكن الأخوال.. فالإمام عليه السلام هو ابن الخيرتين من العرب والعجم، ولو جمعناهم لكان ابن الأخيار من الآباء والأعمام والأخوال.. وكان الأحري بنا أن نسمع حسبه ونسبه القدسي من فمه الشريف، وذلك في مجلس طاغية زمانه يزيد.. فهذه هي الشجرة الطيبة، ومن تلك الثمرة تعرف الشجرة كما قال المسيح عليه السلام، وتلك الثمرة ماذا أعطت لنا من فروع نستضيء بهم في حالكات الليالي، هذا ما سندرس

بعضا منه في الفصول القادمة..

الولادة المباركة

وبعد الحديث عن النسب الطاهر للإمام زين العابدين عليه السلام لابد لنا من معرفة زمن ولادته وبزوغ نجمه في سماء الوجود بفناء أبي عبد الله الحسين عليه السلام و(شاه زنان) لتقر به عين أبيه عليه السلام بل وعيون المؤمنين المخلصين بإيمانهم وولائهم..

واختلف الرواة في عام ولادته عليه السلام بين (36، 37، 38) للهجرة الشريفة، أما اليوم الذي ولد فيه فكان خلافهم بين نصف جمادي الأولي أو الثانية وبين خمسة أو تسعة خلون من شهر شعبان.

ولكن شبه المؤكد من قبل المحققين أنه عليه السلام ولد في خلافة جده أمير المؤمنين عليه السلام وقبل استشهاده بسنتين أي في عام (38 هجرية الموافق ل 658م)، وكذلك المرجح ولادته في شهر شعبان لأنه المشهور عند الإمامية.. فإنهم يقيمون مهرجاناتهم العامة إحياء لذكري ولادته في اليوم الخامس من شعبان.

ففي ذلك اليوم الميمون الخامس من شعبان عام (38 ه) بزغ نوره (عليه السلام) في سماء الوجود.. وكان في تلك السماء كوكبان وشمس، فكان يستمد نوره من أنوارهم (عليهم السلام) وهم أمير المؤمنين وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين (عليهم السلام)، وفرحت الأسرة النبوية بمولودها المبارك إلا أن المولود كان ضعيفا ونحيفا تلوح في نظراته ومضات خافته وكانها ومضات هم منطفئ، فالحال يغني عن السؤال.. وهذه الحال عند ولادة سيدنا زين العابدين (عليه السلام) تخبرنا عن حياته الحزينة

الكئيبة..

وما أن وصل خبر الولادة إلي شمس الوجود وكان أبو الحسن (عليه السلام) ينتظرها حتي سارع إلي إجراء مراسيم الولادة الشرعية التي أكد عليها أخوه وابن عمه رسول الله صلي الله عليه و اله حين ولد له كل من الحسن والحسين (عليهما السلام)..

فأخذ المولود المبارك الذي ولد نظيفا طاهرا مطهرا

وقد استقبل الأرض بمساجده السبعة ساجدا لله عزوجل، كما هو حال مواليد الأئمة الطاهرين والأنبياء العظام (عليهم السلام)..

فألقمه لسانه، فأخذ يمتصه، فدر عليه علما وحلما وزهدا وشجاعة إلي أن ارتوي فأذن في أذنه اليمني وأقام في اليسري فاخترقت الكلمات حجب الجسم النحيل لتصل إلي القلب الكبير وتنوره ليضيء ما حوله ليتحول الجسد إلي كتلة من نور تتحرك فتبكي وتناغي..

وفي اليوم السابع من ولادته عق عنه أبوه بكبش املح.. وحلق رأسه وتصدق بزنته فضة أو ذهبا علي المساكين عملا بالسنة الإسلامية المقدسة..

وهكذا استقبل سيدنا زين العابدين (عليه السلام) الدنيا كئيبا حزينا.. كما استقبلها بالتكبير والتهليل فسجد لله تعالي ذكره أول سجدة متحديا الصعاب في هذا الزمان الغادر..

وأما مكان ولادته عليه السلام فكانت في الكوفة، ومن المقطوع به أن الإمام الحسين عليه السلام وأفراد عائلته كانوا مع الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في الكوفة ولم يقم أي أحد منهم في المدينة طيلة خلافته، نعم هاجروا إليها فيما بعد، كما كانوا يقطنونها فيما قبل.

الاسم الشريف والكني والألقاب

إن الحديث عن أسماء الأئمة (عليهم السلام) وكناهم وألقابهم شبه متواتر ومعروف..

فالكل سمع أو قرأ الأحاديث التي تصرح بأسمائهم الشريفة عن الله سبحانه وعلي لسان جدهم الرسول محمد صلي الله عليه و اله..

فيحدث سلمان الفارسي (رضوان الله عليه) أن النبي (صلي الله عليه وآله) ذكر خلفاءه الإثني عشر الذين اختارهم الله للإمامة وأوجب علي الأمة معرفتهم بأسمائهم وأنسابهم وأنه لا إيمان لمن لا يتولاهم ولا يتبرؤ من عدوهم، ثم قال سلمان (رضوان الله عليه): لقد عرفتهم إلي الحسين، وبعده سيد العابدين، ثم ابنه محمد باقر علم الأولين والآخرين (عليهم السلام)..

هذا الحديث والأحاديث التي تنص علي نزول الصحيفة من السماء وفيها أسماء ولاة الأمر الإلهي

كثيرة تطلب في أماكنها في (البحار) وغيرها..

أما ما يخص الإمام زين العابدين عليه السلام فيكفي أن نورد رواية واحدة عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري (رضوان الله عليه) الذي قال: كنت جالسا عند رسول الله صلي الله عليه و اله والحسين عليه السلام في حجرة وهو يداعبه، فقال صلي الله عليه و اله: يا جابر يولد له مولود اسمه علي إذا كان يوم القيامة ينادي مناد: ليقم زين العابدين، فيقوم ولده.. ثم يولد له ولد اسمه (محمد) فإن أدركته يا جابر فأقرئه مني السلام..

وهناك روايات كثيرة تركنا ذكرها خشية الإطالة والاستطراد.

نعم، إن الرسول محمدا صلي الله عليه و اله سمي حفيده باسم جده (علي) ولقبه ب (زين العابدين) فعلي بن الحسين عليه السلام.. هذا اسمه الشريف..

وأما ألقابه فهي كثيرة جدا، وأشهرها هي التي تحكي نزعاته الخيرة، وكله خير، وما ا تصف به من محاسن الصفات وكل صفاته حسنة، ومكارم الأخلاق وكل أخلاقه كريمة، وعظيم الطاعة والعبادة لله، وكان أشهر ألقابه:

1. زين العابدين:

فهو عليه السلام سيد العابدين وزينهم، وهذا لقب عرف به من جده الرسول صلي الله عليه و اله، وكان تلقيبه بذلك لكثرة عبادته، واشتهر به حتي صار له اسما..

قال بعض الرواة: كان سبب لقبه بزين العابدين.. أنه كان ليلة في محرابه قائما في تهجده فتمثل له الشيطان في صورة ثعبان ليشغله عن عبادته.. فلم يلتفت إليه.. فجاء إلي إبهام رجله فالتقمها.. فلم يلتفت إليه.. فألمه.. فلم يقطع صلاته.. فلما فرغ منها وقد كشف الله له أنه الشيطان.. قال له: اخسأ يا ملعون.. فذهب.. وقام الإمام عليه السلام إلي تمام ورده وصلاته فسمع صوتا لا يري قائله وهو يقول: أنت زين العابدين حقا..

ثلاثا، فظهرت هذه الكلمة واشتهرت لقبا له عليه السلام..

وما يلزم أن نستفيده من هذه الرواية وأمثالها أنه عليه السلام عندما يقف بين يدي الله سبحانه.. لا يأبه بسواه من عظيم ما يري وهول ما يشاهد في ذلك الموقف.. فهو زين العابدين علي الإطلاق فهو كآبائه الطاهرين في كثرة العبادة لله عزوجل وإخلاصها.. ولم يعرف أحد علي وجه الأرض لقب بهذا اللقب وكان له مستحقا وبه جديرا إلا علي بن الحسين عليه السلام.. وحقا إنه كان زينا لكل عابد.. وذخرا لكل من أطاع الله.

2. السجاد.. وذو الثفنات:

ما أروعهما من تسمية، وما أجملها من لقب.

إنه عليه السلام السجاد.. وأكثر ما يكون العبد قريبا إلي الله عزوجل هو أثناء السجود.. وإمامنا لكثرة سجوده وقربه من الله.. سمي بالسجاد.. ولم يسم بهذا الاسم لأنه كان يصلي كثيرا فحسب، بل كان عليه السلام كثير السجود لله في الصلاة وغير الصلاة.. وهذا ما نستفيده من حديث ابنه البار باقر علوم الدين حيث قال عليه السلام: إن علي بن الحسين عليه السلام ما ذكر الله عزوجل إلا سجد.. ولا قرأ آية في كتاب الله عزوجل فيها سجود إلا سجد.. ولا دفع الله عزوجل عنه سوء يخشاه أو كيد كائد إلا سجد.. ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد.. ولا وفق للإصلاح بين اثنين إلا سجد.. وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده.. فسمي السجاد لذلك..

هذه رواية واحدة في سبب تسميته عليه السلام بهذا الاسم الشريف..

فكان (عليه السلام) في كثير من أوقاته في أقرب ما يكون إلي الله عزوجل.. أي هو ساجد.. ومن جراء السجود ظهرت له ثفنات اشتهر بها.. والثفنات هذه استطالات في مواضع السجود، وأوضح ما تظهر منها في جبهته الشريفة،

فكان له بها خمسة استطالات يقطعها كل عام مرتين ويضعها في كيس لكي تدفن معه.. وتشهد له.. علي كثرة سجوده لله تعالي.. ومن أجل هذا لقب عليه السلام بذي الثفنات..

ورب ذاكر يذكر أنه في كتاب الله قد ذكرت مثل هذه الثفنات حيث قال عز من قائل: رحمة الله عليهسيماهم في وجوههم من أثر السجود?() وهذا المضمون مروي عن الإمام الباقر عليه السلام..

فسلام الله علي سيدنا ذي الثفنات، كان ما أصبره عند لقاء ربه.. وما أسعده بهذا اللقاء القدسي..

3. البكاء:

وهذا أيضا لقب عرف به سيدنا ومولانا علي بن الحسين عليه السلام ولقائل أن يقول: أهو البكاء..؟ أم جده البكاء في المحراب ليلا..؟

نقول له نعم، هو البكاء.. وجده البكاء في المحراب أيضا.. وجده النبأ العظيم.. فهو شبل ذاك الأسد.. وفي رواية ولده البار النقي باقر علوم الدين (عليه السلام).. حين دخل عليه وقد أعيته العبادة والقيام.. فقال له: يا بني أعطني هذه الصحائف التي بها عبادة علي بن أبي طالب (عليه السلام).. فتطلع بها مليا وتركها تضجرا.. وقال (عليه السلام): ومن يستطيع أن يعبد كعبادة علي بن أبي طالب (عليه السلام)..

نعم هو البكاء، وعرف بهذا اللقب الشريف في عدد من الروايات المروية عن أئمة آل البيت (عليهم السلام) بأن البكائين هم خمسة: آدم عليه السلام، ويعقوب عليه السلام، ويوسف عليه السلام، وفاطمة عليها السلام، وعلي بن الحسين عليه السلام، هؤلاء هم البكاؤون عبر التاريخ.

فآدم (عليه السلام) بكي علي الجنة التي أنزل منها.. حتي حفرت خدوده

كالوديان..

ويعقوب (عليه السلام): بكي علي ابنه يوسف الصديق.. حتي ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم..

ويوسف (عليه السلام): بكي علي أبيه يعقوب الأواب الحليم.. حتي ضج منه أهل السجن..

وفاطمة (عليها السلام) بكت علي أبيها

أشرف الخلق الرسول محمد صلي الله عليه و اله حتي ضجت المدينة من بكائها ومنعوها عن ذلك، فبني لها الأمير (عليه السلام) بيتا خارج المدينة للبكاء عرف ببيت الأحزان..

وعلي بن الحسين (عليه السلام): بكي علي مصيبة حق علي كل من يقول: لا إله إلا الله متيقنا بها قلبه أن يبكي لأجلها.. لأنه بكي علي مصيبة كربلاء.. التي حلت بأبيه سبط الرسول صلي الله عليه و اله أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) حيث قتل أهله وأحبابه بأبشع طريقة وأغرب أسلوب عرفه تاريخ البشر.

وبالحقيقة والواقع إن مأساة كربلاء الحزينة المفجعة أبكت أهل السماء والأرض.. والإنس والجن، وحتي وحوش البراري وسباع الفلا.. وحتي أسماك البحار

وحيتانها..

فكيف لا يبكي مثل الإمام زين العابدين (عليه السلام) الذي رأي بأم عينه ذبح أبيه وإخوته والأصحاب (عليهم السلام)..

نعم فعلي مثل هؤلاء فليبك من يريد البكاء.. ولينح ويلطم.. فلا أحد أهل لذلك كما هم، فهم الشهداء وآلهم آل الله سبايا كربلاء..

فكان مولانا وسيدنا زين العابدين (عليه السلام) من البكائين، وحق له هذا الاسم لأنه ما وضع بين يديه طعام قط إلا بكي.. وما شرب ماء إلا بكي حتي اختلط الإناء بدمعه.. وما تذكر السبايا أو رأي إحداهن إلا بكي.. وما.. وما.. إلا بكي عليه السلام..

4. الخاشع والمتهجد:

وهذا اللقب أول ما يسمع به الإنسان يتبادر إلي ذهنه أنه خاشع في صلاته.. وأما بالنسبة لسيدنا زين العابدين (عليه السلام) فكان خاشعا في كل حركاته وسكناته.. وكان كأجمل صورة للعالم العارف بنفسه وبخالقه..

وكان الخاشع لأن الخشوع أحد متطلبات الصلاة المعراجية المصاحبة لحضور القلب والفكر، وما أكثر صلاته (عليه السلام) فكان لاينام في الليالي إلا هجعات، فكان واقفا يصلي لله تعالي آناء الليل وأطراف النهار.. كل من

رآه في صلاته.. أو خارجها.. كان يصفه بالخشوع.. لأن قلبه دائما وأبدا متعلق بالمحل الأعلي، فإن بدنه وإن كان في عالم الناسوت إلا أن روحه الطاهرة تسبح في أجواء الملكوت الأعلي.. فهذا هو الخاشع.

أما المتهجد فيطول الحديث عنه لأنه يمثل البعد الرسالي لدور الإمام الرابع السجاد (عليه السلام).. وهو المنهج التربوي الذي اعتمده عليه السلام للأمة.. فالمتهجد هو الذي يبالغ في الدعاء والطلب من المحل الأعلي.. لزيادة الألطاف علي العباد في المقام الأدني..

وأما الكلام عن تهجده (عليه السلام) ودعائه في الليل والنهار وفي كل لحظة من لحظات حياته الشريفة، فهو بحث يطول الحديث به.. وبحر خضم يتيه راكبوه.. ونحن نتضرع إلي الله أن يوفقنا لكي نقف علي شاطئ هذا البحر العظيم لنصف لكم ما نشاهده.. من جمال.. وبهاء.. وأصداف.. ودرر.. مع العذر سلفا علي التقصير.. داعين الله تعالي بكامل أدعية الإمام زين العابدين (عليه السلام) أن يوفقنا لذلك..

ومن يرد المتعة الروحية والرفعة المعنوية فعليه أن يقف علي تلك الشواطئ الروحانية ويقتطف منها جمالا ودررا وأصدافا، فهي أغلي وأثمن من كل ما في الوجود من جواهر وذهب وأموال.. فهذه أعراض زائلة ووقتية ومتوارثة.. أما مسائل وقضايا وروحانيات الصحيفة السجادية فلا تمثل ولاتقاس، ولا يعرف قيمتها إلا العارفون بالله تعالي..

وللإمام عليه السلام ألقاب وصفات أخري مثل: الخالص والزاهد.. وغيرهما.. وكل هذه الألقاب التي اشتهر بها (عليه السلام) تدل علي عظمته في الصفات الخير، وأنه وصل إلي الكمال الإنساني في بني البشر.. ولذلك كان من المعصومين المطهرين من كل رجس ودنس وعيب..

أما كنيته (عليه السلام): فهو أبو محمد علي الأرجح.. وهو أبو الحسن..

أما أبناؤه عليه السلام: فقد كان له الكثير من الأبناء، بلغوا خمسة عشر ولدا.. أحد عشر

من الذكور وأربع بنات.. وكان أفضلهم وأعظمهم وأشهرهم وإمامهم: الإمام محمد الباقر (عليه السلام) وهو وصي أبيه ووارث جده خلقا وخلقا وعلما..

وفاة الأم الحنون

أول أمر جلل داهم هذا المولود المبارك زين العابدين (عليه السلام) هو وفاة السيدة الفاضلة (شاه زنان) أمه التي توفيت بحمي النفاس، الذي أصابها بعد ولادته.. وكان الله سبحانه خلقها حاملة لهذه الأمانة الشريفة وحفظها وطهرها من كل دنس ليكون رحمها حاملا لهذا المولود العظيم.. وعندما أدت أمانتها في هذه الدنيا بوضع زين العابدين (عليه السلام).. أخذ الباري عزوجل أمانته.. فارتفعت روحها الطاهرة إلي بارئها مودعة مولودها الغالي علي) بنظرات يملؤها الحنان والعطف الصادق..

وكذلك بنظراتها الحزينة.. وأنّتها العميقة التي تنطلق من قلب ينبض بالحب نبضاته الأخيرة.. ودعت حبيبها الغالي أبا عبد الله الحسين بن علي عليه السلام.. فأخذها أبو عبد الله عليه السلام وجهزها وصلي عليها.. بوجود عدد غفير من المؤمنين ودفنها في الكوفة، وقد انطوت بموتها صفحة ناصعة من صفحات الفضيلة والعفة والحياء وكل ما تعتز به المرأة من أدب وكمال..

فعليها الرحمة والرضوان من الرب المنان.. من امرْأة فاضلة عالمة عاملة..

وبعد هذه الكارثة التي كان ضحيتها الأولي سيدنا الإمام زين العابدين (عليه السلام).. أعطاه والده الحسين (عليه السلام) إلي زوجة من زوجاته وكانت من أفضلهن.. فأرضعته.. وغذته.. ورعته بكل ما يمكن للأم الرؤوف أن ترعي بها فلذة كبدها..

ولكن الإمام عليه السلام كان أبر الناس بمربيته فكان لا يؤاكلها في ظرف واحد أبدا حياء منها، وعندما سئل عن ذلك أجابهم إني أكره أن تسبق يدي إلي ما سبقت عينها إليه، (أكون عققتها).. الله اكبر ما أعظم خلقك يا سيدي زين العابدين، عليك منا

السلام..

الصفات الخلقية

كلما تقدم الإمام السجاد عليه السلام في سنه ازداد ضعفا وذبولا وذلك لكثرة عبادته وخوفه من الله عزوجل، وقد أغرقته بالأحزان والآلام مذبحة كربلاء.. وغيرها من المذابح التي قام بها بنو أمية

علي أيدي الطغاة والجبارين وسفاكي الدماء..

ورغم كل هذه المحن التي سبرته لكنه بقي نورا يضيء للعالم معاني الإنسانية والقداسة، والحرية والإباء، وشرائع الدين وعلوم القرآن، فكان (عليه السلام) له هيبة ووقار تخضع لها الجباه.. وتنحني أمامها الرقاب.. وكانت تسطع من وجهه الكريم أنوار الأنبياء وهيبة الأوصياء وسمو الأتقياء، فكان لا يمل من النظر إلي وجهه الشريف والذي كان يبهر الناظرين إليه.. لأن هيبته تحكي قداسته وتقواه وعلمه، وتذكر بجده النبي محمد صلي الله عليه و اله.

وقد بهر بها المجرم السفاح (مسلم بن عقبة) الذي استهان بجميع القيم والأخلاقيات.. فارتعدت فرائصه حينما رأي الإمام (عليه السلام) وقابله بمزيد من العناية والتكريم وقال لمن حوله: إن علي (علي) زين العابدين سيماء الأنبياء..

ولا غرابة من هذا.. فهو ابن الحسين عليه السلام الذي كان يحيط به خلق من الأعداء لايعرف عددهم إلا الله وهو يجود بنفسه الطاهرة.. ولكن كل من حاول أن يقترب منه لحز رأسه الشريف خافه وارتعدت فرائصه.. وهذا ما صرح به كثير ممن حاولوا قتله قاتلهم الله من كفرة طغاة، وأي غرابة في هذا وهو وارث علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهل كانت هناك فضائل وجميل شمائل في الوجود إلا وقد حازها أبو الحسن (عليه السلام) من الله.. ومن ابن عمه وأخيه رسول الله أبي القاسم محمد صلي الله عليه و اله.

نقش الخاتم

أما نقش خاتم الإمام زين العابدين عليه السلام فقيل إنه:

(وما توفيقي إلا بالله).. كما في بعض الروايات..

وعن الصادق (عليه السلام) وعن الباقر (عليه السلام) أنه كان: (العزة لله)..

وفي بعض الروايات: إنه كان (الحمد لله العلي العظيم)..

وعن الإمام الرضا عليه السلام: إنه كان (شقي وخزي قاتل الحسين بن علي عليه السلام)..

وربما كانت له عدة

خواتم وعدة نقوش شريفة..

الإمام عليه السلام والعصر والخلفاء

الإمام عليه السلام والعصر والخلفاء

إن لعصر الإمام السجاد (عليه السلام) من الحرقة والرقة ما لا تكفي لوصفه كتب ومجلدات.. إلا أننا نقدم وصفا سريعا للحكماء الذين عاصرهم الإمام (عليه السلام) بعد جده أمير المؤمنين (عليه السلام) من بني أمية الطلقاء..

لقد عاصر الإمام كلا من معاوية ويزيد ومعاوية ومروان وعبد الملك والوليد، ولو أعدت قراءة تلك القائمة السوداء لعرفت مدي حراجة الفترة التي عاشها الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) وعظيم مسؤوليته في تبليغ رسالة جده رسول الله صلي الله عليه و اله ونشر علوم القرآن،وإليك لمحة عن أخبارهم وأفعالهم وبعض المواقف من السجاد عليه السلام.

1. معاوية

تسلط هذا الطاغية علي مقدرات الدولة الإسلامية في نضارتها وفتوتها، ولم يتركها تستقيم لأهلها، فاغتصبها اغتصابا بقوة السيف والغدر والمكر والخبث

والدهاء..

وقصة اغتصاب الحكومة الإسلامية وتحويلها إلي ملك عضوض بعد أن كانت خلافة لله وللرسول صلي الله عليه و اله وتحويل الحاكم من خليفة الرسول إلي قيصر، فصارت الحكومة قيصرية أو كسروية.. إلي آخر القصة الطويلة، إلا أننا سنلقي الضوء عليها ولو بشكل بسيط جدا..

تبدأ قصة الاغتصاب هذه من اللحظة الأولي التي تقرب بها معاوية من الخليفة الثاني.. وبعد تقريبه واختصاصه بأهم ثغور المسلمين آنذاك وهو الثغر الشامي الذي فتح عينيه علي دنيا الإسلام حديثا.. وكانت الشام الحديثة العهد بالإسلام مثلها كبقية البقع التي فتحت لا تتصور أن الوالي قد لا يمثل الدين الإسلامي، فكانت تري أن الوالي خليفة للرسول صلي الله عليه و اله وأميرا للمؤمنين وأن أمر عظيم ومنصبه خطير وكلامه شبه منزل وأحكامه من الله أو من رسوله صلي الله عليه و اله، وهذا ما جعلهم يموتون في سبيل خليفتهم معاوية الذي لبث فيهم أكثر من ثلاثة عشر عاما يربيهم علي هذا

الأمر الطاعة العمياء والحقد علي كل من كان يحقد عليه معاوية أو بنو أمية بشكل عام، وتمجيد وإعظام بني أمية بشكل كامل وإظهاره لهم أن بني أمية هم الوجه الأمثل للحكم الإسلامي وخاصة بعد أن تسلم ابن عمه عثمان بن عفان مقاليد السلطة العليا للدولة

الإسلامية..

فاقتنع الشاميون بذلك وحقد بعضهم علي كل العناصر المخلصة للإسلام والمسلمين.. والعجب من الخليفة الثاني كيف يثق بطليق ابن طليق لم يعمل إلا فسادا وظل يقاتل الإسلام والمسلمين طيلة الفترة الممتدة بين بدء البعثة إلي يوم الفتح وذلك في بدر وأحد والخندق، وفيها جميعا كان معاوية مع أبيه أبي سفيان قادة المعسكر المعادي للإسلام وفي معسكر الكفر والطغيان ضد الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله..

وفي غزوة أحد وحينما جرح الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله ونال ما نال من ألم الجراح.. وقف أبو سفيان علي ربوة وصاح يا معشر المسلمين، هل قتل محمد..؟ ثم كررها قائلا: أناشدك يا عمر.. هل قتل محمد..؟ فأمر الرسول صلي الله عليه و اله أن لا يجيب أحد، إلا أنه قال: (لا لم تقتلوه وإنه ليسمع نداك حين تنادي ويري مكانك).

ففي تلك المعركة الرهيبة وذلك الموقف العظيم كيف يدل علي الرسول محمد صلي الله عليه و اله ومكانه وهو يقول لهم أن لا تجيبوا.

نعم قد ولي الخليفة الثاني معاوية علي الشام ودلله كما يدلل الطفل في حجر والديه، وهذا الدلال والغنج بان لكل من زار الشام وهو يري في الشام ما لا يراه في بقية البلدان العربية والإسلامية.. فكان الوالي في ذلك الثغر يلبس الحرير والديباج.. ويستعمل أواني الذهب والفضة، ويبتعد في سلوكه عن الأحكام الإسلامية وسيرة الرسول صلي الله عليه و اله وخلفائه

في الزهد والإعراض عن الدنيا.. فإنه حديث العهد بالإسلام.. وكان إسلامه بعد فتح مكة عند ما رأي قوة المسلمين فهو (الطليق ابن الطليق)، وبعد هذا يعتذر عنه الخليفة بأنه.. (ذاك كسري العرب).. فكأنما يخرجه من الدائرة الإسلامية مطلقا ويتركه في الدائرة العربية التي تحتوي كل الأديان والمذاهب.. وهذا يوضح معرفته الدقيقة لمعاوية بن أبي سفيان..

ووا عجبا هل في الإسلام كسروية..؟ أو قيصرية..؟

وإنما الذي يعرفه الجميع عن الإسلام أنه قام بدور إيجابي في إلغاء العنصريات.. وتبني المساواة بين جميع أبنائه وجعل الامتياز بالتقوي والعمل الصالح الذي من أهمه خدمة المجتمع الإسلامي والسهر علي تطوره..

ولكن قالوا عنه بأنه سياسي.. ومن الدهاة.. وفي مرتبة من الذكاء الشيطاني.. ووصفه بعضهم بالحلم! وصفات لو قالوا له صف نفسك لما وصفها بهذه الأوصاف.. لأنه يعرف أنه ليس به شيء منها.. إلا أن المرتزقة ووعاظ السلاطين هم الذين قالوا عنه هذا، من أمثال نافه بن جبير الذي قال فيه: إنه كان يسكته الحلم.. وينطقه العلم..؟ فرد عليه الإمام زين العابدين (عليه السلام) بأنه: كان يسكته الحصر وينطقه

البطر …

فكانت سياسته القساوة والصلافة والقتل والإعدامات الجماعية.. حتي أنه قتل الأطفال والنساء.. وكانت أصل سياسته تقوم علي الكذب لأنه كذب علي أهل مصر والشام، وأظهر لهم بأنه هو المقرب من الرسول محمد صلي الله عليه و اله.. وكذب عليهم حين أوغر صدورهم بالحقد علي الإمام علي (عليه السلام).. وكذب عليهم حين قال لهم: بأنه المطالب بدم عثمان من علي بن أبي طالب (عليه السلام).. وكذب وكذب.. وما أكثر ما كذب.. وصدق القائل حين قال: لقد تربي معاوية علي الكذب.. واتخذه منهجا لحياته ودستورا لدولته.. وبئست دولة تبني بالكذب.. ناهيك عن الغرور والمكر الذي حلي بهما

سياسته.. فقد غدر بأمير المؤمنين علي (عليه السلام) وغدر ومكر مع ابنه الإمام الحسن (عليه السلام) وأعلن وعلي رؤوس الأشهاد ودون أي وازع من ضمير حي بأن كل العهود والمواثيق التي أعطاها للإمام الحسن (عليه السلام) تحت قدميه.. فأي حر كان يقول هذا..؟ وبعد ذلك دس السم للإمام الزكي وقتله صبرا واحتسابا. وهو الذي قال عنه رائد العدالة الاجتماعية في الأرض أبو الحسن علي بن أبي طالب (عليه السلام): بأنه يغدر ويفجر..

ويكفيه عارا وشنارا بأنه سن سنة السب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ولأهل بيت النبوة (عليهم السلام) وسرت السنة الخبيثة حتي أيام عمر بن عبد العزيز حيث رفعها.. وختم سلسلة أعماله الخبيثة بتعيينه ابنه اللعين يزيد خليفة وحاكما عاما لدولة الإسلام..

2: يزيد بن معاوية

وكما قلنا بأن معاوية قد ختم أيامه بتلك الجريمة النكراء وذلك بفرضه لخليعه المهتوك حاكما وسلطانا من بعده علي رقاب المسلمين يعيث فسادا في دينهم ودنياهم.. ويحكم فيهم بأحكام الجاهلية الأولي.. وقد حول هذا المجرم الخطير الحياة في العالم الإسلامي إلي جحيم لا يطاق وارتكب من الفضائع ما سود به وجه التاريخ العربي والإسلامي..

وأثكل المسلمين بما ارتكبه من الأحداث الجسام التي هزت الضمير الإنساني والتي لا ينساها المسلمون علي امتداد التاريخ.. لأنه كان مستهترا بجميع القيم والأعراف، منساقا وراء شهواته وملذاته، وهو الذي قال عنه المسعودي: (كان يبادر بلذته.. ويجاهر بمعصيته.. ويستحسن خطْأه.. ويهون الأمر علي نفسه في دينه إذا صفت له دنياه)..

هذا هو يزيد بن معاوية الحاكم الثاني في الدولة الأموية ولا نريد البسط فيه فإنه معروف في عالم الكفر والطغيان إلا أننا نود الإشارة إلي أن هذا الطاغية حكم ثلاث سنوات وأشهرا وأياما فقط لا غير.. وخلال هذه

المدة القصيرة ارتكب ثلاثة جرائم بحق الإسلام والمسلمين، بل بحق البشرية جمعاء مما سود تاريخ العالم، وهذه الجرائم هي:

قتله سبط الرحمة وسيد شباب أهل الجنة أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) والكوكبة الكرام من أهل بيته وأصحابه.. وسبي نسائه وسوقهم علي الجمال يدور بهم البلاد.. وذلك في واقعة كربلاء في محرم الحرام عام (61ه) …

والجريمة الثانية هي: هجومه علي مدينة رسول الله صلي الله عليه و اله وقتل الآلاف من المؤمنين، واستباحتها لمدة ثلاثة أيام لرجاله حتي قيل إنه لم تنج بنت من تلك الواقعة الشنيعة إلا التي حفظها الله وصانها.. فولد الكثير من أولاد الحرام بعد ذلك، كما فعل تيمورلنك بدمشق.. فهذه سنة يزيد..

والجريمة الثالثة: هي تدميره لبيت الله الحرام وهدمه بيت إبراهيم وإسماعيل (عليهم السلام).. ورميه الكعبة المشرفة بالمنجنيق.. وحرقها بالنيران.. هذه هي باختصار شديد حكومة يزيد خلال هذه السنوات الثلاثة العصيبة، فبقتل الإمام الحسين (عليه السلام) تحدي الإمامة الربانية والخط الإسلامي الصحيح.. وبإباحة المدينة تهجم علي حرم الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله وعلي شخصه كذلك.. ولم يكتف بهذا بل تعدي في الثالثة علي الحرم الإلهي.. والآن نسأل هل من جريمة أو مجرم أفظع وأوقح وأجرأ من هذا الطاغية..؟ الذي تعدي علي الإمام.. وعلي الرسول.. وعلي بيت الله.. وما نختم به هذا الحديث هو جريمة أخري يروي أنه ارتكبها بحق نفسه وبحق عائلته اللئيمة كابرا عن كابر، هي أنه تزوج عمته قبل وفاته..

وبوفاة يزيد بن معاوية استراحت الأمة الإسلامية من سفاك وسفاح لم يسمعوا بمثله لا في الجاهلية ولا في الإسلام..

3: معاوية الثاني

وبعد يزيد اللعين كانت الوصية لابنه معاوية الثاني الذي وكما قيل: (وصاحب البيت أدري بالذي فيه)، فأبوه يزيد وجده معاوية

وهو القائل: (أيها الناس ما أنا بالراغب في التأمر عليكم ولا بالآمن لكراهتكم، بل بلينا بكم وبليتم بنا، إلا أن جدي معاوية نازع الأمر من كان أولي بالأمر منه في قدمه وسابقته علي بن أبي طالب فركب جدي منه ما تعلمون وركبتم معه ما لا تجهلون حتي صار رهين عمله وضجيع حفرته تجاوز الله عنه، ثم صار الأمر إلي أبي ولقد كان خليقا أن لا يركب سننه إذ كان غير خليق بالخلافة فركب ردعه واستحسن خطأه فقلت مدته وانقطعت آثاره وخمدت ناره ولقد أنسانا الحزن به الحزن عليه فإِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) ثم أخفت يترحم علي أبيه!.

وهذا اعتراف صريح وواضح من معاوية الثاني علي معاوية الأول، وكذلك اعتراف علي أبيه.. وعلي غصبهما للخلافة، فهل من عقول تقرا وتتدبر وتعي ما يقال..؟

إن في هذا لعبرة، ومن العبرة يجب أن تكسب فكرة، والفكرة هنا هي عن طبيعة بني أمية وحكومتهم.. وخاصة معاوية الأول.. وهنا نقول بأن معظم الكتاب والمؤرخين مدحوا معاوية الثاني وأثنوا عليه، إلا أن القلم يأبي أن يكتب بالثناء علي واحد من تلك العائلة، وسبحان الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.. ولذا فهو رهين بعمله وخاصة بعد أن دست أمه أم خالد بنت أبي هشام بن عتبة له السم وقتلته، وهي التي قالت له حين سمعته علي المنبر يخلع نفسه من الأمارة: ليتك كنت حيضة ولم تخلق.. فأجابها ليتني كذلك..؟

واضطرب الأمويون بأشد ما يكون الاضطراب وماجوا في الفتنة وهرعوا إلي معلم معاوية الثاني فاتهموه بأنه هو الذي علمه محبة آل البيت (عليهم السلام) فدفنوه حيا.. وسادت الفوضي في جميع أنحاء الشام.. وباستسلام معاوية الثاني انهدمت أركان دولة الكفر والطغيان السفيانية التي

أذاقت الأمة الإسلامية الويلات.. ولكن من كان بعد هذا..؟

4: مروان بن الحكم

يا لمهزلة الزمن.. يا لسخرية الأقدار.. أمثل مروان بن الحكم الوزغ ابن الوزغ طريد رسول الله صلي الله عليه و اله يكون خليفة علي المسلمين.. ويسند إليه هذا المنصب

الخطير..؟!

إن تردي الأوضاع الفكرية والاجتماعية وندرة الوعي الديني هو الذي جر علي المسلمين هذه المآسي والخطوب.. وصير هذا الباغي حاكما عليهم..

لقد كان مروان عنصرا مدمرا من عناصر الباطل والنفاق، وهو صاحب المواقف المخزية والمعادية للإسلام، وكان فيما أجمع عليه المؤرخون ماكرا خبيثا مبغوضا عند جميع المسلمين حتي لقبوه ب (خيط باطل)، وقد ظل في زمن النبي صلي الله عليه و اله وحكومة الشيخين منفيا مع أبيه إلي الطائف قد نهشهم الجوع والفقر.. فلما آل الأمر إلي عثمان دعاهم إلي يثرب وأدناهم ووهبهم الثراء العريض من بيت مال المسلمين!، وقد وثق عثمان بمروان فاستوزره وفوض إليه جميع الشؤون السياسية مع العلم أنه لم يكن له رأي سياسي مصيب أو فكر أصيل حتي يحتضنه أو يفوض إليه جميع شؤونه.. ولكن العصبية القبلية هي التي دفعته إلي ذلك، فقد حمل بني أمية وآل معيط علي رقاب الناس ووهبهم أموال المسلمين وخصهم بالمناصب العالية في الدولة، وقد خلق منهم أسرة رأس مالية خطيرة.. استولت علي مقدرات البلاد، وأصبح من الصعب جدا الحد من نفوذها والقضاء علي هيمنتها.. وكانت هذه هي الصورة الواقعية باختصار عن حكومة عثمان، النواة الأولي والأساسية للحكومة الأموية فيما بعد.. فعثمان هو مؤسس دولة بني أمية..

وفي الحقيقة، مهزلة المهازل هي أن يصبح الطريد خليفة.. والابن أي ابن الرسول صلي الله عليه و اله يصبح طريدا ومطاردا.. ومهزلة المهازل هي أن يصبح من لا يعرف معني الحكم الإسلامي ولا معني

الحكومة الشرعية حاكما علي المسلمين..

وواعجبا الطريد ابن الطريد يصبح خليفة للمسلمين يدبر أمورهم ويدفع بعجلات تقدمهم إلي الوراء بعد أن دهور معاوية وابنه الأوضاع إلي اسفل السافلين.. وهذا الحاكم غير الشرعي مروان كان مولعا بسبب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أشد الولع.. فكان يسبه علي المنابر في كل جمعة حينما كان واليا علي يثرب، وقد أعرب عن السبب الذي دعاه إلي ذلك حينما التقي بالإمام زين العابدين عليه السلام وهي إحدي المواقف التي وقفها مروان مع الإمام عليه السلام..

فبادر مروان قائلا: وما كان في القوم أدفع عن صاحبنا يعني عثمان من صاحبكم يعني عليا (عليه السلام)..

فقال الإمام عليه السلام: فما بالكم تسبونه علي المنابر..؟

وبادر مروان قائلا: إنه لا يستقيم لنا الأمر إلا بذلك..؟

وحقيقة هذه الكلمة التي نطقها تبين للأجيال اللاحقة اعترافه علي خبثه وحقده ضد آل بيت الرسول صلي الله عليه و اله.. فلبئس الأمر الذي يستقيم وليته لم يستقم بسب وشتم أهل بيت النبوة والعصمة علي أعواد المنابر وفي الصلاة التي لا تتم إلا بصلاة عليهم مقرونين مع جدهم الرسول صلي الله عليه و اله..

ومروان هذا الذي لم يفكر ولو للحظة بالخلافة لعدم استحقاقه لها أصبح خليفة، مروان هذا يعرف أنه هو صاحب التاريخ الأسود المخزي.. وهو الطريد ابن الطريد.. وهو الوزغ ابن الوزغ.. وهو الجبان الرعديد الذي كان واقفا بين الجيشين في معركة الجمل ويضع سهمه ويرميه ويقول: من أصيب فهو خير ولا أبالي.. وقيل إنه هو الذي رمي طلحة بسهم عندما شاهده يريد الفرار فقتله..

وهو الذي جيء به إلي أمير المؤمنين علي عليه السلام أسيرا عقب الجمل، واستشفع بالحسنين عليه السلام حتي أطلق سراحه.. وهو الذي جازي الإمام الحسين (عليه السلام) علي

معروفه حين أطلقه من الأسر، فأشار علي والي المدينة بأن يسجنه أو يقتله أو يبايع ولا يتركه يخرج لأنه إذا خرج لن يظفر به الوالي مطلقا..، والإمام الحسين عليه السلام يومها قال له: يا بن الزرقاء أنت تقتلني أم هو؟ كذبت والله وأثمت..

هذا هو مروان وهذه بعض الأحداث التي جرت له مع أهل بيت النبوة والعصمة (عليهم السلام) فكان فضلهم عليه دائما وأبدا.. وكان بالمقابل لا يسلم أحد منهم من حقده وغدره.. وصدق من قال: كتب الله علي كل نفس خبيثة أن لا تخرج من الدنيا حتي تسيء إلي من أحسن إليها..

وأما عن مواقف هذا الطاغية مع الإمام السجاد (عليه السلام) بعد أن ذكرنا له الموقف الذي اعترف به علي نفسه وعلي بني أمية قاطبة بأنهم ظلام غاصبون.. فنود الإشارة إلي موقف واحد فقط للإمام (عليه السلام) مع عدو الله هذا..

ففي القضاء علي ثورة المدينة علي يزيد التي كان يتزعمها كبار الصحابة والتابعين وقد أحرقت سياسة يزيد قلوب المسلمين جميعا وهزت مشاعرهم وعواطفهم.. حيث كان علي رأس الثوار ومرجعهم الصحابي الجلبل أبو أيوب الأنصاري ومعه سبعون من الأنصار.. بالإضافة إلي ذلك كان كثير من أشهر المهاجرين مشتركين في هذه الثورة العارمة كالزبيريين والبكريين والعمريين..

وبعد أن أجمع رأي الثوار علي طرد الحاكم الأموي من المدينة وكان يوم ذاك عثمان بن محمد بن أبي سفيان وأخذوا يرمونه بالحجارة هو وكل من معه من بني أمية.. وفزع مروان كأشد ما يمكن الفزع من الثورة لأنه كان عنصرا مدمرا من عناصر التخريب والفساد، وقد خاف علي أهله ونسائه وأطفاله من قبل الثوار فالتجأ إلي عبد الله بن عمر طالبا منه أن يجمعهن فرفض ابن عمر إجابته.. والتاع مروان واندفع

يقول: قبح الله أمرا كهذا..؟

فخف مسرعا إلي الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) الذي هو من معدن الرحمة والرأفة.. فعرض عليه الأمر فأجابه (عليه السلام) إلي ذلك.. فضم نساء الأمويين إلي حرمه.. وقد خرج بهم إلي ينبع..

ثم إن عائشة بنت عثمان زوجة مروان خرجت إلي الطائف فمرت بالإمام زين العابدين (عليه السلام) فخاف عليها فأرسل معها ولده عبد الله محافظا لها وبقي معها حتي انتهت الواقعة..

ويقول المؤرخون: إن الإمام السجاد (عليه السلام) قد كفل أربعمائة امرأة مع أولادهن وحشمهن وضمهن إلي عياله.. إلي أن خرج مسرف بن عتبة من المدينة..

وأقسمت واحدة منهن أنها ما رأت في دار أبيها من الراحة والعيش الهنيء مثل ما رأته في دار الإمام علي بن الحسين عليه السلام.

هذا هو الإمام عليه السلام وهذا هو معدنه.. يغيث الملهوف ويحمي الملتجئ إليه ويجيب من يسأله، وكل هذا وذاك من أخلاق الأنبياء وحلم الأوصياء..

وبعد كل هذا الذي فعله الإمام عليه السلام مع مروان الوزغ كان يقابله بالجهل والعتو والجلافة وخاصة بعد أن استلم الخلافة.. ونعود ونقول بأنه من معدن بني أمية ومعدن الحكميين بالأخص، فإنهم الهجاؤون الذين هجوا رسول الإنسانية محمدا صلي الله عليه و اله بسبعين بيتا من الشعر فقال صلي الله عليه و اله فيهم: اللهم إني لا أقول الشعر ولا ينبغي لي لكن العنهم في كل حرف سبعين ألف لعنة.. وبعدها طردهم رسول الله صلي الله عليه و اله عن المدينة.. ولم يعودوا إلا بعد أن اطمأنوا بأنهم أبناء عم الخليفة المقربون.. وبعد فترة أصبح مروان

الخليفة ذاته..

وكثيرا ما نقول في أنفسنا: أليس عارا وشنارا علي العرب المسلمين خاصة أن يقولوا أو يكتبوا بأن مروان بن الحكم طريد رسول

الله صلي الله عليه و اله يحكم باسم الرسول صلي الله عليه و اله حقيقة بأنه شيء معيب أن يقال له: خليفة أو أمير المؤمنين! … ولكن لم تطل خلافته إلا كعلقة الكلب أنفه، كما وصفه أمير المؤمنين (عليه السلام) وهلك بعد استلامه إياها بأشهر قليلة وانطوت بهلاكه صفحة أخري من صفحات المكر والغدر والخداع …

5. عبد الملك بن مروان:

بعد هلاك مروان استلم العنيد العتيد عبد الملك بن مروان الذي أخذ له البيعة والده في حياته، وبعد هلاك والده جددت له البيعة في مصر والشام..

يقول الرواة: إنه كان قبل أن يلي الخلافة يظهر التنسك والعبادة وذلك لإغراء الناس وتمهيد أرضية لحكومته، ولما بشر بالملك كان بيده المصحف الكريم فأطبقه وقال: هذا آخر العهد بك.. أو قال: هذا فراق بيني وبينك …

وصدق فيما قال: فقد فارق كتاب الله وأحكام الإسلام منذ اللحظة الأولي من حكومته، وساس المسلمين سياسة سوداء وسلط عليهم ذئاب البشرية فنشروا الجور والظلم والإرهاب..

ونأخذ تصورنا عنه من لسانه الخبيث الذي قال: لا يأمرني أحد بتقوي الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه..

وهو القائل: لا أداوي هذه الأمة إلا بالسيف حتي تستقيم لي قناتكم..

وهو كذلك الذي قالت له أم الدرداء: بلغني أنك شربت الطلي تعني الخمر بعد العبادة والنسك.. فقال لها: إي والله.. والدماء شربتها..

وهذا الطاغية هو الذي حكم وطال حكمه، وقد أخبره بذلك الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وذلك عندما كتب الطاغية الوالي الحجاج بن يوسف الثقفي لعبد الملك: إن أردت أن يثبت ملكك فاقتل علي بن الحسين (عليه السلام) فكتب إليه الطاغية الخليفة: أما بعد.. فجنبني دماء بني هاشم واحقنها فإني رأيت آل أبي سفيان لما ولغوا فيها لم يلبثوا أن زال عنهم الملك..؟.. وعندما

علم الإمام عليه السلام بذلك أخبره بأنه ملكه يطول برهة.. ففرح عبد الملك لتلك البشارة أشد ما يكون الفرح..

وأما قصة الإمام السجاد (عليه السلام) مع عبد الملك في الطواف فهي مشهورة وظريفة جدا.. وهي أن الإمام (عليه السلام) كان يطوف بالبيت الحرام والحجاج يتحفون به من كل ناحية.. وكذلك كان عبد الملك يطوف وتحيط به حاشيته وطلاب الدنيا فقط.. فسأل عنه عبد الملك، فقيل له: هذا علي بن الحسين (عليه السلام) فاستدعاه فقال له: يا علي بن الحسين إني لست قاتل أبيك فما يمنعك من السير إلي..؟

فأجابه الإمام (عليه السلام) قائلا: إن قاتل أبي أفسد بما فعله دنياه عليه.. وأفسد أبي عليه آخرته.. فإن أحببت أن تكون هو فكن..؟

وانحط كبرياء عبد الملك وراح يقول: كلا … ولكن سر إلينا لتنال من دنيانا …

وامتنع الإمام عليه السلام عن إجابته.. لأنه يعرفه ويعرف حقده وكفره وطغيانه..

وهذه الحادثة تشابه حادثه وقعت مع حفيد هذا الإمام العظيم.. وهي الحادثة التي تروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) وأبي جعفر المنصور السفاح العباسي المشهور..

وهي أنه كتب إلي الإمام جعفر الصادق عليه السلام قائلا: لم لا تخشانا كما يخشانا الناس.؟

فأجابه الإمام عليه السلام: ليس لنا من الدنيا ما نخافك عليه.. وما عندك من الآخرة ما نرجوك له … ولا أنت في نعمة فنهنئك بها.. ولا تعدها نقمة نعزيك بها..

فكتب إليه المنصور.. وكان خبيثا: تصحبنا لتنصحنا..

فأجابه الإمام (عليه السلام): من يطلب الدنيا لا ينصحك.. ومن يطلب الآخرة لا يصحبك..

وبعد هذه المقارنة البسيطة بين الحادثتين ومع الإمامين السجاد والصادق (عليهما السلام) نقول ونؤكد: بأن المصدر واحد والأصل والمنبع العلي واحد.. فإنهما أنوار الوصي والولاية..

ولعبد الملك كثير من المواقف مع الإمام السجاد (عليه السلام) وفي

كل منها يعطي الإمام درسا لهذا الطاغية، ومن هذه الحوادث: أنه طلب عبد الملك بن مروان سيف رسول الله صلي الله عليه و اله من الإمام السجاد عليه السلام عندما علم بأن سيف الرسول صلي الله عليه و اله عند الإمام عليه السلام فبعث إليه يستوهبه..

فامتنع الإمام عليه السلام عن إجابته..

فكتب إليه عبد الملك يتهدده ويتوعده..

فأجابه الإمام عليه السلام: أما بعد، فإن الله ضمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون، والرزق من حيث لا يحتسبون، وقال جل ذكره: رحمة الله عليهإن الله لا يحب كل خوان كفور?() فانظر أينا أولي بهذه الآية والسلام.

فأحجم عبد الملك عند ما قرأ الرسالة ولم يعد للمطالبة بذلك … إلا أن بعض المؤرخين ذكروا غير ذلك، وهي إجابة الإمام عليه السلام لطلب عبد الملك أو أنه بعث سيفا غير السيف المطلوب، أو غير ذلك من الأقوال.

ومشهور عن عبد الملك أنه كان كثير المواقف مع الإمام عليه السلام فكان الإمام عليه السلام هو المنتصر فيها، وكان عبد الملك يقول: إن علي بن الحسين عليه السلام يتشرف من حيث يتضع الناس.

ونختم الحديث عن عبد الملك بن مروان ومواقفه مع الإمام (عليه السلام) برسالة من الإمام (عليه السلام) لعبد الملك دعاه بها إلي تقوي الله ولزوم طاعته … هذا نصها:

أما بعد.. فإنك أعز ما تكون بالله.. وأحوج ما تكون إليه.. فإن عززت به فاعف له فإنك به تقدر.. وإليه ترجع.. والسلام.

ويعلق عليها أحدهم بقوله: إن هذه الرسالة علي إيجازها من أبلغ الرسائل العربية.. وقد حفلت بأمور بالغة الأهمية..

نعم، إن هذه الرسالة المقتضبة حوت من المعارف الإلهية ألطافا وإشارات رفيعة جدا، منها:

إن العز كل العز هو في طاعة الله وانتهاج نهجه القويم، والعزة لله ولرسوله

وللمؤمنين..

وكذلك إشارة إلي الهيمنة الربانية التي تعم الجميع وهو سبحانه ليس بحاجة لشيء وكل شيء بحاجة إليه.

وإشارة إلي أن العزة لله جميعا والقدرة له بشكلها المطلق وكل قدرة أمام قدرته تعالي فإنها حقيرة … والإنسان إن استطاع واقتدر وجب عليه العفو لأن قدرته من القادر المقتدر الذي هو علي كل شيء قدير..

وكذلك إشارة ليوم الميعاد والحساب وذلك بأن إلي الله سبحانه ترجع الأمور.. إنا لله وإنا إليه راجعون …

ولكن هذه الرسالة من الإمام (عليه السلام) لعبد الملك لم تردعه عن ارتكاب المعاصي والظلم للعباد، فأمر في إحدي المرات باعتقال الإمام وسوقه إلي الشام …

عن ابن شهاب الزهري قال: شهدت علي بن الحسين عليه السلام يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلي الشام فأثقله حديدا ووكل به حفاظا في عدة وجمع، فاستأذنتهم في التسليم والتوديع له فأذنوا، فدخلت عليه والأقياد في رجليه والغل في يديه فبكيت وقلت: وددت أني مكانك وأنت سالم!.

فقال (عليه السلام): يا زهري أو تظن هذا بما تري علي وفي عنقي يكربني، أما لو شئت ما كان، فإنه وإن بلغ بك ومن أمثالك ليذكرني عذاب الله، ثم أخرج يديه من الغل ورجليه من القيد ثم قال عليه السلام: يا زهري لا جزت معهم علي ذا منزلتين من المدينة.

قال: فما لبثنا إلا أربع ليال حتي قدم الموكلون به يطلبونه بالمدينة، فما وجدوه، فكنت فيمن سألهم عنه فقال لي بعضهم: إنا نراه متبوعا إنه لنازل ونحن حوله لا ننام نرصده إذ أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلا حديدة.

فقدمت بعد ذاك علي عبد الملك فسألني عن علي بن الحسين عليه السلام؟

فأخبرته.

فقال: إنه قد جاءني في يوم فقده الأعوان فدخل علي فقال: ما أنا وأنت؟

فقلت: أقم عندي، فقال: لا أحب ثم خرج، فو الله لقد امتلأ ثوبي منه خيفة.

قال الزهري: فقلت: ليس علي بن الحسين عليه السلام حيث تظن، إنه مشغول بنفسه، فقال: حبذا شغل مثله فنعم ما شغل به.

أما عبد الملك فهو يصف نفسه بلسان حاله، فكيف يثني عليه البعض!

فهل يوصف عبد الملك إلا بالذي وصف به نفسه إذ قال: لا عهد لي بالقرآن، وهذا فراق بين وبينك، ثم يقال عنه بأنه كان ملازما للقرآن وأحكامه وكان خليفة رسول الله صلي الله عليه و اله،

وهو الذي يقول: لا يأمرني أحد بتقوي الله إلا قطعت عنقه.

فيقول البعض: إنه كان يلازم الشوري ويجالس الفقهاء والعلماء ويستمع إلي عظاتهم!..

وهو الذي يقول: لا أداويكم إلا بالسيف لتستقيم لنا قناتكم.

فيقال عنه: إنه يدوي ويداوي الأمة بالعدل والإحسان..

وهو الذي يشرب الخمر والدماء..

فيقال عنه: إنه عادل وحكيم!.

كلا إن هذا تأباه العقول والضمائر الحرة الكريمة، فيحق للمنصف أن يقول عنه بأنه كان كتلة من الغدر والمكر والبخل واللؤم.. والبطش والظلم يمشي بين الناس مختالا فخورا …

ويكفيه ما فعله هو وولاته من أمثال الحجاج بن يوسف الثقفي الذي فعل ما فعل.. وهشام بن إسماعيل المخزومي الذي ضرب سعيد بن المسيب ستين سوطا ظلما وعدوانا، وغيرهم من ولاته الطغاة..

ويطول الحديث عن سيرته ولؤمه وبخله.. وكتب تاريخ تشهد له بها، ومن أراد الزيادة فليراجع كتب التاريخ المطولة.

وعندما استلقي هذا الطاغية علي فراش الموت كان قلقا مضطربا تراوده أعماله المنكرة وما اقترفه من الظلم والجور وسفك الدماء بغير حق، فكان يضرب رأسه ويقول: وددت أني اكتسبت قوتي يوما بيوم واشتغلت بعبادة ربي عزوجل وطاعته …

وهلك عبد الملك واكتسب وزر تسليم الراية إلي ابنه الطاغية العنيد الوليد بن عبد الملك وأوصاه

بالإرهابي السفاح الحجاج بن يوسف الثقفي خيرا وقال له: أنظر الحجاج فأكرمه فإنه هو الذي وطأ لكم المنابر وهو سيفك يا وليد ويدك علي من ناوأك فلا تسمعن فيه قول أحد وأنت إليه أحوج منه إليك.. وادع الناس إذا مت إلي البيعة فمن قال: برأسه هكذا فقل: بسيفك هكذا.. وبعد هذه الوصية الخبيثة.. هلك وترك ابنه يعيث فسادا في دنيا الإسلام والمسلمين..

6. الوليد بن عبد الملك:

والوليد هذا.. نطفة خبيثة، وشخصية قلقة.. استلم الخلافة في اليوم الذي مات به أبوه بوصية منه، فقاد الأمة بالسوط والسيف.. فقد كان جبارا عنيدا ظلوما غشوما..

فابتليت به الأمة، فكان أسوأ خلف لأسوأ سلف، فإنه كان لفرط غشمه جاهلا حتي بأصول اللغة العربية وفروعها كذلك وحبس في دار وأقفلت عليه ستة أشهر يحاولون تعليمه بعض علوم العربية فخرج منها كما دخل إليها.. ولم يحسن حتي الخطابة والكلام..

وكان من السفاحين الذين لا يرقبون إلا ولا ذمة ولا يفقهون شريعة وقانونا حتي أنه وصف من قبل الحاكم الأموي عمر بن عبد العزيز بقوله: إن الوليد ممن امتلأت الأرض به جورا..

وقال له مرة وهو يخطب وذلك حين قرأ الآية خطأ رحمة الله عليهيا ليتها كانت القاضية?() بضم تاء التأنيث الساكنة في (كانت).. فقال له عمر: عليك وأراحتنا منك..

إلا أن المميز في هذا الحاكم الطاغي هو كرهه لأهل بيت النبوة والعصمة والطهارة، وحقده العجيب عليهم.. فقد كان من أحقد الناس علي الإمام زين العابدين عليه السلام وكان يري أنه لا يتم له الملك والسلطان مع وجود الإمام عليه السلام. فراح يدبر الأمر في محاولة آثمة لاغتيال الإمام السجاد عليه السلام للخلاص منه حسب ظنه لتصفو الدنيا له..

الشهادة المفجعة

إن طلاب الدنيا يخافون علي دنياهم من طلاب الآخرة.. أما طلاب الآخرة فلا يخافون إلا من الله عزوجل، وربما لا يفكرون بأحوال هذه الدنيا الفانية.. فالحاكم الأموي الوليد بن عبد الملك هذا الجلف الجافي للحق وأصحابه، الذي استفتح بالقرآن ذات مرة فأتته: رحمة الله عليهواستفتحوا وخاب كل جبار عنيد?() فغضب ونصب القرآن الكريم علي شيء وراح يرميه بالسهام حتي مزقه وهو يقول مأثوما:

فها أنا ذاك جبار عنيد

تهددني بجبار عنيد

فقل: يا رب مزقني الوليد

إذا

ما جئت ربك يوم حشر

فالذي مزق كتاب الله الصامت بهذه القسوة وبهذه الطريقة الغريبة العجيبة.. هو الذي يرسل إلي واليه وعيونه في المدينة المنورة للخلاص من القرآن الناطق الإمام السجاد عليه السلام واغتياله بالسم..

فدس السم إلي الإمام عليه السلام وذلك في عام (94) للهجرة، فقضي نحبه شهيدا سعيدا.. وهو شاهد علي أعمال أولئك الحكام الظالمين من بني أمية..

وكانت تلك السنة سميت ب (سنة الفقهاء) وذلك لكثرة من مات منهم في المدينة المنورة، وأكبر شاهد علي ذلك شهادة الإمام عليه السلام وهو سيدهم ومعلمهم، حيث توفي بالسم في (25) محرم الحرام وقيل في (18) منه.. فذهب إلي ربه راضيا مرضيا، وذلك بعد أن سلم راية الحق والهدي إلي والده الإمام البار التقي محمد الباقر عليه السلام الذي بقر العلم بقرا وسار به حتي ملأ الخافقين..

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين..

مركز الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص ب: 5951 / 13 شوران

كلمة الإمام زين العابدين عليه السلام

كلمة الإمام زين العابدين عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله علي أعدائهم أجمعين.

إلهيات

احتجب عن خلقه()

عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لعلي بن الحسين عليه السلام: لأي علة حجب الله (عزوجل) الخلق عن نفسه قال:

لأن الله تبارك وتعالي بناهم بنية علي الجهل، فلو أنهم كانوا ينظرون الله (عزوجل) لما كانوا بالذي يهابونه ولا يعظمونه، نظير ذلك أحدكم إذا نظر إلي بيت الله الحرام أول مرة عظمه، فإذا أتت عليه أيام وهو يراه لا يكاد أن ينظر إليه إذا مر به ولا يعظمه ذلك التعظيم.

لا يعزب عنه شيء()

سئل علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام عن الصمد، فقال:

الصمد: الذي لا شريك له، ولا يئوده حفظ شيء، ولا يعزب عنه شيء.

يخلق أقواماً متعمّّقين()

سئل علي بن الحسين عليه السلام عن التوحيد، فقال:

إن الله (عزوجل) علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل الله (عزوجل): ?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ? اللَّهُ الصَّمَدُ?()، والآيات من سورة الحديد إلي قوله: ?وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ?()، فمن رام ما وراء هنالك هلك.

خمس بخمسين()

عن زيد بن علي عليه السلام قال: سألت أبي سيد العابدين عليه السلام فقلت له: يا أبة أخبرني عن جدنا رسول الله صلواة الله عليه و اله لما عرج به إلي السماء وأمره ربه (عزوجل) بخمسين صلاة كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتي قال له موسي بن عمران عليه السلام: ارجع إلي ربك فأسال التخفيف، فإن أمتك لا تطيق ذلك؟ فقال:

يا بني: إن رسول الله صلواة الله عليه و اله كان لا يقترح علي ربه (عزوجل) ولا يراجعه في شي ء يأمره به، فلما سأله موسي عليه السلام ذلك فكان شفيعا لأمته إليه لم يجز له رد شفاعة أخيه موسي، فرجع إلي ربه فسأله التخفيف إلي أن ردها إلي خمس صلوات.

قال: قلت له: يا أبة فلم لا يرجع إلي ربه (عزوجل) ويسأله التخفيف عن خمس صلوات، وقد سأله موسي عليه السلام أن يرجع إلي ربه ويسأله التخفيف؟

فقال له: يا بني أراد صلواة الله عليه و اله أن يحصل لأمته التخفيف مع أجر خمسين صلاة، يقول الله (عزوجل): ?مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها?()، ألا تري أنه صلواة الله عليه و اله لما هبط إلي الأرض نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول: إنها خمس بخمسين، ?ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ?().

قال: فقلت له: يا أبة أليس الله (تعالي ذكره) لا يوصف بمكان؟

قال:

تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.

قلت: فما معني قول موسي عليه السلام لرسول الله صلواة الله عليه و اله ارجع إلي ربك؟

فقال: معناه معني قول إبراهيم عليه السلام: ?إِنِّي ذاهِبٌ إِلي رَبِّي سَيَهْدِينِ?()، ومعني قول موسي: ?وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضي?()، ومعني قوله (عزوجل):

?فَفِرُّوا إِلَي اللَّهِ?()، يعني حجوا إلي بيت الله.

يا بني: إن الكعبة بيت الله، فمن حج بيت الله فقد قصد إلي الله، والمساجد بيوت الله، فمن سعي إليها فقد سعي إلي الله وقصد إليه، والمصلي ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله ?، وأهل موقف عرفات هم وقوف بين يدي الله (عزوجل)، وأن لله تعالي بقاعاً في سماواته فمن عرج به إلي بقعة منها فقد عرج به إليه، ألا تسمع الله (عزوجل) يقول: ?تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ?().

ويقول في قصة عيسي عليه السلام: ?بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ?().

ويقول (عزوجل): ?إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ

يَرْفَعُهُ?().

وكّل ملكاً بالسعر()

إن الله (عزوجل) وكّل بالسعر ملكا يدبره بأمره.

العرش وما فيه()

في العرش تمثال جميع ما خلق الله في البر والبحر.

قال: وهذا تأويل قوله: ?وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ?()، وإن بين القائمة من قوائم العرش والقائمة الثانية خفقان الطير المسرع مسيرة ألف عام، والعرش يكسي كل يوم سبعين ألف لون من النور لا يستطيع أن ينظر إليه خلق من خلق الله.

والأشياء كلها في العرش كحلقة في فلاة، وإن لله ملكاً يقال له: حزقائيل، له ثمانية عشر ألف جناح، ما بين الجناح إلي الجناح خمسمائة عام.

فخطر له خاطر: هل فوق العرش شيء؟

فزاده الله مثلها أجنحة أخري، فكان له ست وثلاثون ألف جناح، ما بين الجناح إلي الجناح خمسمائة عام.

ثم أوحي الله إليه: أيها الملك طر.

فطار مقدار عشرين ألف عام لم ينل رأسه قائمة من قوائم العرش.

ثم ضاعف الله له في الجناح والقوة وأمره أن يطير.

فطار مقدار ثلاثين ألف عام ولم ينل أيضا.

فأوحي الله إليه: أيها الملك! لو طرت إلي نفخ الصور مع أجنحتك وقوتك لم تبلغ إلي ساق العرش.

فقال الملك: ?سبحان ربي الأعلي?.

فأنزل الله (عزوجل): ?سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَي?().

فقال النبي صلواة الله عليه و اله: اجعلوها في سجودكم.

البحار المعلّقة()

إن من الأوقات التي قدرها الله للناس مما يحتاجون إليه، البحر الذي خلق الله بين السماء والأرض.

وإن الله قدر فيه مجاري الشمس والقمر والنجوم والكواكب، ثم قدر ذلك كله علي الفلك، ثم وكل بالفلك ملكا معه سبعون ألف ملك، يديرون الفلك فإذا دارت الشمس والقمر والنجوم والكواكب معه نزلت في منازلها التي قدرها الله فيها ليومها وليلتها.

وإذا كثرت ذنوب العباد وأراد الله أن يستعتبهم بآية من آياته أمر الملك الموكل بالفلك أن يزيل الفلك الذي عليه مجاري الشمس والقمر والنجوم والكواكب، فيأمر الملك أولئك السبعين ألف ملك أن

يزيلوا الفلك عن مجاريه.

قال: فيزيلونه، فتصير الشمس في البحر الذي يجري فيه الفلك فيطمس حرها ويغير لونها، فإذا أراد الله أن يعظم الآية طمست الشمس في البحر علي ما يحب الله أن يخوف خلقه بالآية.

فذلك عند شدة انكساف الشمس.

وكذلك يفعل بالقمر فإذا أراد الله أن يخرجهما ويردهما إلي مجراهما أمر الملك الموكل بالفلك أن يرد الشمس إلي مجراها، فيرد الملك الفلك إلي مجراه فتخرج من الماء وهي كدرة، والقمر مثل ذلك.

ثم قال علي بن الحسين عليه السلام: إنه لا يفزع لهما ولا يرهب إلا من كان من شيعتنا، فإذا كان ذلك فافزعوا إلي الله وارجعوا.

سبحانه من متفضل()

سبحان من جعل الاعتراف بالنعمة له حمداً.

سبحان من جعل الاعتراف بالعجز عن الشكر شكراً.

نبويات

محنة يعقوب()

عن الثمالي قال: صليت مع علي بن الحسين عليه السلام الفجر بالمدينة يوم الجمعة، فلما فرغ من صلاته وسبحته نهض إلي منزله وأنا معه، فدعا مولاة له تسمي سكينة فقال لها:

لا يعبر علي بابي سائل إلا أطعمتموه، فإن اليوم يوم الجمعة.

قلت له: ليس كل من يسأل مستحقاً.

فقال: يا ثابت، أخاف أن يكون بعض من يسألنا مستحقاً فلا نطعمه ونرده فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله، أطعموهم أطعموهم، إن يعقوب عليه السلام كان يذبح كل يوم كبشاً فيتصدق منه، ويأكل هو وعياله منه، وأن سائلاً مؤمناً صوّاماً مستحقاً، له عند الله منزلة، وكان مجتازاً غريباً اعترَّ علي باب يعقوب عليه السلام عشية جمعه عند أوان إفطاره يهتف علي بابه: أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم.

يهتف بذلك علي بابه مراراً وهم يسمعونه، وقد جهلوا حقه ولم يصدقوا قوله.

فلما يئس أن يطعموه وغشيه الليل استرجع واستعبر وشكا جوعه إلي الله (عزوجل) وبات طاوياً، وأصبح صائماً جائعاً صابراً حامداً لله تعالي.

وبات يعقوب عليه السلام وآل يعقوب شباعاً بطاناً وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم.

قال: فأوحي الله (عزوجل) إلي يعقوب في صبيحة تلك الليلة:

لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلة استجررت بها غضبي، واستوجبت بها أدبي، ونزول عقوبتي وبلواي عليك وعلي ولدك.

يا يعقوب: إن أحب أنبيائي إليَّ وأكرمهم عليَّ من رحم مساكين عبادي وقربهم إليه وأطعمهم وكان لهم مأوي وملجأ..

يا يعقوب أما رحمت ذميال عبدي المجتهد في عبادتي، القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس لما اعترَّ ببابك عند أوان إفطاره وهتف بكم: أطعموا السائل الغريب المجتاز القانع، فلم تطعموه شيئاً فاسترجع واستعبر وشكا

ما به إليَّ وبات طاوياً حامداً لي، وأصبح لي صائماً، وأنت يا يعقوب وولدك شباع، وأصبحت وعندكم فضلة من طعامكم.

أوما علمت يا يعقوب أن العقوبة والبلوي إلي أوليائي أسرع منها إلي أعدائي؟ وذلك حسن النظر مني لأوليائي، واستدراج مني لأعدائي، أما وعزتي لأنزل عليك بلواي، ولأجعلنَّك وولدك غرضاً لمصائبي، ولآذينَّك بعقوبتي، فاستعدوا لبلواي وارضوا بقضائي واصبروا للمصائب.

فقلت لعلي بن الحسين عليه السلام: جعلت فداك متي رأي يوسف عليه السلام الرؤيا؟

فقال: في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآل يعقوب شباعاً وبات فيها ذميال طاوياً جائعاً، فلما رأي يوسف عليه السلام الرؤيا وأصبح يقصها علي أبيه يعقوب عليه السلام فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف مع ما أوحي الله (عزوجل) إليه أن استعد للبلاء.

فقال يعقوب ليوسف عليهما السلام: لا تقصص رؤياك هذه علي إخوتك فإني أخاف أن يكيدوا لك كيداً، فلم يكتم يوسف رؤياه وقصها علي إخوته.

قال علي بن الحسين عليه السلام: وكانت أول بلوي نزلت بيعقوب وآل يعقوب الحسد ليوسف لما سمعوا منه الرؤيا.

قال: فاشتدت رقة يعقوب علي يوسف وخاف أن يكون ما أوحي الله (عزوجل) إليه من الاستعداد للبلاء هو في يوسف خاصة، فاشتدت رقته عليه من بين ولده، فلما رأي إخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف وتكرمته إياه وإيثاره إياه عليهم، اشتد ذلك عليهم وبدأ البلاء فيهم، فتآمروا فيما بينهم وقالوا: إن يوسف وأخاه ?أَحَبُّ إِلي أَبِينا مِنَّا ونَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ? اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ?()، أي تتوبون فعند ذلك قالوا: ?يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلي يُوسُفَ وإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ ? أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ?() الآية.

فقال يعقوب:

?إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ?()، فانتزعه حذراً عليه من أن تكون البلوي من الله (عزوجل) علي يعقوب في يوسف خاصة لموقعه من قلبه وحبه له.

قال: فغلبت قدرة الله وقضاؤه ونافذ أمره في يعقوب ويوسف وإخوته، فلم يقدر يعقوب علي دفع البلاء عن نفسه ولا عن يوسف وولده فدفعه إليهم وهو لذلك كاره، متوقع للبلوي من الله في يوسف.

فلما خرجوا من منزلهم لحقهم مسرعاً فانتزعه من أيديهم فضمه إليه واعتنقه وبكي ودفعه إليهم، فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخذه منهم ولا يدفعه إليهم، فلما أمعنوا به أتوا به غيضة أشجار فقالوا: نذبحه ونلقيه تحت هذه الشجرة فيأكله الذئب الليلة.

فقال كبيرهم: ?لاَ تَقْتُلُوا يُوسُفَ? ولكن ?أَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ?()، فانطلقوا به إلي الجب فألقوه فيه وهم يظنون أنه يغرق فيه.

فلما صار في قعر الجب ناداهم: يا ولد رومين أقرءوا يعقوب مني السلام. فلما سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض: لا تزالوا من هاهنا حتي تعلموا أنه قد مات.

فلم يزالوا بحضرته حتي أمسوا ورجعوا إلي أبيهم عشاءً يبكون: ?قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ?().

فلما سمع مقالتهم استرجع واستعبر وذكر ما أوحي الله (عزوجل) إليه من الاستعداد للبلاء، فصبر وأذعن للبلاء وقال لهم: ?بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ

أَمْراً?()،وما كان الله ليطعم لحم يوسف للذئب من قبل أن رأي تأويل رؤياه الصادقة.

قال أبو حمزة: ثم انقطع حديث علي بن الحسين عليه السلام عند هذا، فلما كان من الغد غدوت عليه فقلت له: جعلت فداك إنك حدثتني أمس بحديث يعقوب وولده ثم قطعته، ما كان من قصة إخوة يوسف وقصة يوسف بعد ذلك؟

فقال عليه السلام: إنهم لما

أصبحوا قالوا: انطلقوا بنا حتي ننظر ما حال يوسف، أمات أم هو حي؟

فلما انتهوا إلي الجب وجدوا بحضرة الجب سيارة وقد أرسلوا واردهم فأدلي دلوه، فلما جذب دلوه إذا هو بغلام متعلق بدلوه فقال لأصحابه: ?يَا بُشْرَي هَذَا

غُلاَمٌ?().

فلما أخرجوه أقبل إليهم إخوة يوسف، فقالوا: هذا عبدنا سقط منا أمس في هذا الجب وجئنا اليوم لنخرجه، فانتزعوه من أيديهم وتنحوا به ناحية فقالوا: إما أن تقر لنا أنك عبد لنا فنبيعك علي بعض هذه السيارة أو نقتلك.

فقال لهم يوسف عليه السلام: لا تقتلوني واصنعوا ما شئتم، فاقبلوا به إلي السيارة فقالوا: أمنكم من يشتري منا هذا العبد؟

فاشتراه رجل منهم بعشرين درهماً، وكان إخوته فيه من الزاهدين، وسار به الذي اشتراه من البدو حتي أدخله مصر، فباعه الذي اشتراه من البدو من ملك مصر وذلك قول الله (عزوجل): ?وقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسي أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً?().

قال أبو حمزة: فقلت لعلي بن الحسين عليه السلام: ابن كم كان يوسف يوم ألقوه في الجب؟

فقال: كان ابن تسع سنين.

فقلت: كم كان بين منزل يعقوب يومئذٍ وبين مصر؟

فقال: مسيرة اثني عشر يوماً.

قال: وكان يوسف عليه السلام من أجمل أهل زمانه، فلما راهق يوسف راودته امرأة الملك عن نفسه.

فقال لها: معاذ الله إنا من أهل بيت لا يزنون.

فغلقت الأبواب عليها وعليه وقالت: لا تخف وألقت نفسها عليه، فأفلت منها هارباً إلي الباب ففتحه، فلحقته فجذبت قميصه من خلفه فأخرجته منه، فأفلت يوسف منها في ثيابه ?وأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَي الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ?().

قال: فهمّ الملك بيوسف ليعذبه.

فقال له يوسف: وإله يعقوب ما أردت بأهلك سوءً، بل هي

راودتني عن نفسي، فسل هذا الصبي أينا راود صاحبه عن نفسه؟

قال: وكان عندها من أهلها صبي زائر لها، فأنطق الله الصبي لفصل القضاء فقال: أيها الملك انظر إلي قميص يوسف فإن كان مقدوداً من قدامه فهو الذي راودها، وإن كان مقدوداً من خلفه فهي التي راودته.

فلما سمع الملك كلام الصبي وما اقتص، أفزعه ذلك فزعاً شديداً، فجيء بالقميص فنظر إليه فلما رأوه مقدوداً من خلفه قال لها: ?إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ?()، وقال ليوسف: ?أَعْرِضْ عَنْ هَذَا?()، ولا يسمعه منك أحد واكتمه.

قال: فلم يكتمه يوسف عليه السلام وأذاعه في المدينة حتي قلن نسوة منهن: امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه.

فبلغها ذلك فأرسلت إليهن وهيأت لهن طعاماً ومجلساً ثم أتتهن بأترج وآتت كل واحدة منهن سكيناً، ثم قالت ليوسف: ?اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ?() ما قلن.

فقالت لهن: هذا الذي لمتنني فيه يعني: في حبه.

وخرجن النسوة من عندها فأرسلت كل واحدة منهن إلي يوسف سراً من صاحبتها تسأله الزيارة فأبي عليهن، وقال: ?إِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ?()، فصرف الله عنه كيدهن.

فلما شاع أمر يوسف وأمر امرأة العزيز والنسوة في مصر، بدا للملك بعد ما سمع قول الصبي ليسجنن يوسف، فسجنه في السجن، ودخل السجن مع يوسف فتيان، وكان من قصتهما وقصة يوسف ما قصه الله في الكتاب.

قال أبو حمزة: ثم انقطع حديث علي بن الحسين عليه السلام.

النبي صلواة الله عليه و اله والهدية()

القنزعة التي علي رأس القنبرة من مسحة سليمان بن داود عليه السلام، وذلك أن الذكر أراد أن يسفد أنثاه فامتنعت عليه.

فقال لها: لا تمتنعي ما أريد إلا أن يخرج الله (عزوجل) مني نسمة تذكر به.

فأجابته إلي ما طلب.

فلما أرادت أن تبيض قال لها: أين تريدين

أن تبيضي؟

فقالت له: لا أدري، أنحيه عن الطريق.

قال لها: إني أخاف أن يمر بك مار الطريق، ولكني أري لك أن تبيضي قرب الطريق، فمن يراك قربه توهم أنك تعرضين للقط الحب من الطريق.

فأجابته إلي ذلك وباضت وحضنت حتي أشرفت علي النقاب، فبينا هما كذلك إذ طلع سليمان بن داود عليه السلام في جنوده والطير تظله، فقالت له: هذا سليمان قد طلع علينا في جنوده، ولا آمن أن يحطمنا ويحطم بيضنا.

فقال لها: إن سليمان عليه السلام لرجل رحيم بنا، فهل عندك شيء هيئته لفراخك إذا نقبن؟

قالت: نعم جرادة خبأتها منك، أنتظر بها فراخي إذا نقبن، فهل عندك أنت شيء؟

قال: نعم عندي تمرة خبأتها منك لفراخي.

قالت: فخذ أنت تمرتك وآخذ أنا جرادتي ونعرض لسليمان عليه السلام فنهديهما له، فإنه رجل يحب الهدية.

فأخذ التمرة في منقاره وأخذت هي الجرادة في رجليها، ثم تعرضا لسليمان عليه السلام.

فلما رآهما وهو علي عرشه بسط يديه لهما فأقبلا فوقع الذكر علي اليمين ووقعت الأنثي علي اليسار، وسألهما عن حالهما، فأخبراه، فقبل هديتهما وجنب جنده عنهما وعن بيضهما، ومسح علي رأسهما، ودعا لهما بالبركة، فحدثت القنزعة علي رأسهما من مسحة سليمان عليه السلام.

النبي صلواة الله عليه و اله وضيافة الأنصاري()

عن أبي حمزة الثمالي قلت: لعلي بن الحسين عليه السلام: … الأئمة منكم يحيون الموتي، ويبرءون الأكمه والأبرص، ويمشون علي الماء؟

فقال عليه السلام:

ما أعطي الله نبياً شيئاً إلا وقد أعطي محمداً صلواة الله عليه و اله وأعطاه ما لم يعطهم ولم يكن عندهم، وكلما كان عند رسول الله صلواة الله عليه و اله فقد أعطاه أمير المؤمنين عليه السلام، ثم الحسن ثم الحسين عليهما السلام ثم إماماً بعد إمام إلي يوم القيامة مع الزيادة التي تحدث في كل سنة، وفي

كل شهر، وفي كل يوم.

وإن رسول الله صلواة الله عليه و اله كان قاعداً فذكر اللحم، فقام رجل من الأنصار إلي امرأته وكان لها عناق فقال لها: هل لك في غنيمة؟

قالت: وما ذاك؟

قال: إن رسول الله صلواة الله عليه و اله يشتهي اللحم، فنذبح له عنزنا هذه.

قالت: خذها شأنك وإياها، ولم يملكا غيرها، وكان رسول الله صلواة الله عليه و اله يعرفهما، فذبحها وسمطها وشواها وحملها إلي رسول الله صلواة الله عليه و اله، فوضعها بين يديه.

قال: فجمع أهل بيته ومن أحب من أصحابه، فقال: كلوا ولا تكسروا لها عظماً.

وأكل معه الأنصاري، فلما شبعوا وتفرقوا رجع الأنصاري إلي بيته وإذا العناق تلعب علي باب داره.

وروي أنه صلواة الله عليه و اله دعا غزالاً فأتاه، فأمر بذبحه ففعلوا وشووه وأكلوا لحمه ولم يكسروا له عظماً، ثم أمر أن يوضع بجلده وتطرح عظامه وسط الجلد، فقام الغزال حيا يرعي.

الإسراء لماذا؟()

عن ثابت بن دينار، قال: سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام عن الله ? هل يوصف بمكان؟ فقال:

تعالي عن ذلك.

قلت: فلما أسري بنبيه محمد صلواة الله عليه و اله إلي السماء؟

قال: ليريه ملكوت السماوات وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه.

قلت: فقول الله (عزوجل): ?ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّي ? فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ

أَدْني?()؟

قال: ذاك رسول الله صلواة الله عليه و اله دنا من حجب النور، فرأي ملكوت السماوات، ثم تدلي صلواة الله عليه و اله فنظر من تحته إلي ملكوت الأرض حتي ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدني.

ولائيات

علي كثبان المسك()

إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين، وجمع ما خلق في صعيد واحد، ثم نزلت ملائكة السماء الدنيا فأحاطت بهم صفاً، ثم ضرب حولهم سرادق من نار، ثم نزلت ملائكة السماء الثانية فأحاطوا بالسرادق، ثم ضرب حولهم سرادق من نار، ثم نزلت ملائكة السماء الثالثة فأحاطوا بالسرادق، ثم ضرب حولهم سرادق من نار، حتي عد ملائكة سبع سماوات وسبع سرادقات.

فصعق الرجل، فلما أفاق قال: يا ابن رسول الله أين علي وشيعته؟

قال: علي كثبان المسك يؤتون بالطعام والشراب لا يحزنهم ذلك.

لواء الحمد()

إذا كان يوم القيامة نصب منبر عن يمين العرش له أربع وعشرون مرقاة، ويجيء علي بن أبي طالب عليه السلام وبيده لواء الحمد فيرتقيه ويركبه وتعرض الخلائق عليه، فمن عرفه دخل الجنة، ومن أنكره دخل النار، وتفسير ذلك في كتاب الله: ?قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَي اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ?().

قال: هو والله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه).

أكبر نعم الجنة()

إذا صار أهل الجنة في الجنة ودخل ولي الله إلي جناته ومساكنه، واتكأ كل مؤمن [منهم] علي أريكته حفته خدامه، وتهدلت عليه الثمار، وتفجرت حوله العيون، وجرت من تحته الأنهار، وبسطت له الزرابي، وصففت له النمارق، وأتته الخدام بما شاءت شهوته من قبل أن يسألهم ذلك.

قال: ويخرج عليهم الحور العين من الجنان فيمكثون بذلك ما شاء الله.

ثم إن الجبار يشرف عليهم فيقول لهم: أوليائي وأهل طاعتي وسكان جنتي في جواري ألا هل أنبئكم بخير مما أنتم فيه؟

فيقولون: ربنا وأي شي ء خير مما نحن فيه؟ نحن فيما اشتهت أنفسنا، ولذت أعيننا من النعم في جوار الكريم.

قال: فيعود عليهم القول.

فيقولون: ربنا نعم فأتنا بخير مما نحن فيه.

فيقول لهم تبارك وتعالي: رضاي عنكم ومحبتي لكم خير وأعظم مما أنتم فيه.

قال: فيقولون: نعم يا ربنا رضاك عنا ومحبتك لنا خير لنا وأطيب لأنفسنا.

ثم قرأ علي بن الحسين عليه السلام هذه الآية:

?وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ومَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ورِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ?().

زيارة الحسين عليه السلام ليلة النصف من شعبان()

من أحب أن يصافحه مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي فليزر الحسين عليه السلام ليلة النصف من شعبان، فإن الملائكة وأرواح النبيين يستأذنون الله في زيارته فيأذن لهم.

فطوبي لمن صافحهم وصافحوه، منهم خمسة أولوا العزم من المرسلين: نوح وإبراهيم وموسي وعيسي ومحمد (صلي الله عليه وعليهم أجمعين).

قلت: لم سموا أولي العزم؟

قال: لأنهم بعثوا إلي شرقها وغربها وجنها وإنسها.

علي عليه السلام والمبيت()

عن علي بن الحسين عليه السلام في قول الله (عزوجل): ?وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ?() قال:

نزلت في علي عليه السلام حين بات علي فراش رسول الله صلواة الله عليه و اله.

سبق الناس كلهم()

عن سعيد بن المسيب قال: سألت علي بن الحسين عليه السلام ابن كم كان علي بن أبي طالب عليه السلام يوم أسلم؟ فقال:

أوكان كافرا قط؟ إنما كان لعلي عليه السلام حيث بعث الله (عزوجل) رسوله صلواة الله عليه و اله عشر سنين، ولم يكن يومئذ كافراً، ولقد آمن بالله تبارك وتعالي وبرسوله صلواة الله عليه و اله وسبق الناس كلهم إلي الإيمان بالله وبرسوله صلواة الله عليه و اله وإلي الصلاة بثلاث سنين، وكانت أول صلاة صلاها مع رسول الله صلواة الله عليه و اله الظهر ركعتين، وكذلك فرضها الله تبارك وتعالي علي من أسلم بمكة ركعتين ركعتين، وكان رسول الله صلواة الله عليه و اله يصليها بمكة ركعتين ويصليها علي عليه السلام معه بمكة ركعتين مدة عشر سنين حتي هاجر رسول الله صلواة الله عليه و اله إلي المدينة، وخلف علياً عليه السلام في أمور لم يكن يقوم بها أحد غيره.

وكان خروج رسول الله صلواة الله عليه و اله من مكة في أول يوم من ربيع الأول وذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث، وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول مع زوال الشمس، فنزل بقبا، فصلي الظهر ركعتين والعصر ركعتين، ثم لم يزل مقيماً ينتظر علياً عليه السلام يصلي الخمس صلوات ركعتين ركعتين.

كان نازلاً علي عمرو بن عوف، فأقام عندهم بضعة عشر يوماً يقولون له: أتقيم عندنا فنتخذ لك منزلاً ومسجداً؟

فيقول: لا، إني أنتظر

علي بن أبي طالب وقد أمرته أن يلحقني ولست مستوطناً منزلاً حتي يقدم عليَّ، وما أسرعه إن شاء الله.

فقدم علي عليه السلام والنبي صلواة الله عليه و اله في بيت عمرو بن عوف فنزل معه.

ثم إن رسول الله صلواة الله عليه و اله لما قدم عليه علي عليه السلام تحول من قبا إلي بني سالم بن عوف وعلي عليه السلام معه يوم الجمعة مع طلوع الشمس، فخط لهم مسجداً ونصب قبلته وصلي بهم فيه الجمعة ركعتين، وخطب خطبتين، ثم راح من يومه إلي المدينة علي ناقته التي كان قدم عليها وعلي عليه السلام معه لا يفارقه يمشي بمشيه، وليس يمر رسول الله صلواة الله عليه و اله ببطن من بطون الأنصار إلا قاموا إليه يسألونه أن ينزل عليهم، فيقول لهم: خلوا سبيل الناقة فإنها مأمورة.

فانطلقت به ورسول الله صلواة الله عليه و اله واضع لها زمامها حتي انتهت إلي الموضع الذي تري وأشار بيده إلي باب مسجد رسول الله صلواة الله عليه و اله الذي يصلي عنده بالجنائز فوقفت عنده وبركت ووضعت جرانها علي الأرض.

فنزل رسول الله صلواة الله عليه و اله وأقبل أبو أيوب مبادراً حتي احتمل رحله، فأدخله منزله، ونزل رسول الله صلواة الله عليه و اله وعلي عليه السلام معه حتي بني له مسجده، وبنيت له مساكنه ومنزل علي عليه السلام فتحولا إلي منازلهما.

الأئمة الهادية ()

إن الله (عزوجل) خلق محمداً وعلياً والأئمة الأحد عشر عليهم السلام من نور عظمته أرواحاً في ضياء نوره، يعبدونه قبل خلق الخلق، يسبحون الله (عزوجل) ويقدسونه، وهم الأئمة الهادية من آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين).

سيرة كسيرة النبي صلواة الله عليه و اله()

عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لعلي بن الحسين عليه السلام: إن علياً عليه السلام سار في أهل القبلة بخلاف سيرة رسول الله صلواة الله عليه و اله في أهل الشرك؟ قال: فغضب ثم جلس، ثم قال:

سار والله فيهم بسيرة رسول الله صلواة الله عليه و اله يوم الفتح، إن علياً عليه السلام كتب إلي مالك وهو علي مقدمته يوم البصرة بأن لا يطعن في غير مقبل، ولا يقتل مدبراً، ولا يجهز علي جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن، فأخذ الكتاب فوضعه بين يديه علي القربوس من قبل أن يقرأه.

ثم قال: اقتلوا فقتلهم حتي أدخلهم سكك البصرة ثم فتح الكتاب فقرأه ثم أمر مناديا فنادي بما في الكتاب.

اسم علي عليه السلام في القرآن()

والله إن لعلي عليه السلام لأسماء في القرآن ما يعرفه الناس.

قال: قلت: وأي شي ء تقول جعلت فداك؟

فقال لي: ?وأَذانٌ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ إِلَي النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ?().

قال: فبعث رسول الله صلواة الله عليه و اله أمير المؤمنين عليه السلام وكان علي هو والله المؤذن، فأذن بأذان الله ورسوله يوم الحج الأكبر في المواقف كلها، فكان ما نادي به: أن لا يطوف بعد هذا العام عريان، ولا يقرب المسجد الحرام بعد هذا العام مشرك.

علي ملة إبراهيم عليه السلام ()

عن حبابة الوالبية قالت: دخلت علي علي بن الحسين عليه السلام وكان بوجهي وضح()، فوضع يده عليه فذهب، قالت: ثم قال:

يا حبابة، ما علي ملة إبراهيم عليه السلام غيرنا وغير شيعتنا، وسائر الناس منهم براء.

القتل الذي لا ينجبر()

قال علي بن الحسين عليه السلام في قوله تعالي:

?وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ?():

عباد الله هذا قصاص قتلكم لمن تقتلونه في الدنيا وتفنون روحه، أو لا أنبئكم بأعظم من هذا القتل، وما يوجب الله علي قاتله مما هو أعظم من هذا القصاص؟

قالوا: بلي يا ابن رسول الله.

قال: أعظم من هذا القتل أن تقتله قتلاً لا ينجبر، ولا يحيي بعده أبداً.

قالوا: ما هو؟

قال: أن تضله عن نبوة محمد صلواة الله عليه و اله وعن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام، وتسلك به غير سبيل الله، وتغريه باتباع طريق أعداء علي عليه السلام والقول بإمامتهم، ودفع

علي عليه السلام عن حقه، وجحد فضله، ولا تبالي بإعطائه واجب تعظيمه، فهذا هو القتل الذي هو تخليد هذا المقتول في نار جهنم خالداً مخلداً أبداً، فجزاء هذا القتل مثل ذلك الخلود في نار جهنم.

رَحِمَ الله العباس()

نظر سيد العابدين علي بن الحسين عليه السلام إلي عبيد الله بن عباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام فاستعبر ثم قال:

ما من يوم أشد علي رسول الله صلواة الله عليه و اله من يوم أحد، قتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، وبعده يوم مؤتة قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب.

ثم قال عليه السلام: ولا يوم كيوم الحسين عليه السلام، ازدلف عليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الأمة، كل يتقرب إلي الله (عزوجل) بدمه، وهو بالله يذكرهم فلا يتعظون حتي قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً.

ثم قال عليه السلام: رحم الله العباس، فلقد آثر وأبلي وفدي أخاه بنفسه حتي قطعت يداه فأبدله الله (عزوجل) بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر

بن أبي طالب، وإن للعباس عند الله تبارك وتعالي منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة.

وظائف الشيعة()

علي الأئمة من الفرض ما ليس علي شيعتهم، وعلي شيعتنا ما ليس علينا، أمرهم الله أن يسألونا، فقال: ?فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ?()، فأمرهم أن يسألونا وليس علينا الجواب، إن شئنا أجبنا وإن شئنا أمسكنا.

أمناء الله في أرضه()

إن محمداً صلواة الله عليه و اله كان أمين الله في أرضه، فلما قبض محمد صلواة الله عليه و اله كنا أهل البيت أمناء الله في أرضه، عندنا علم البلايا والمنايا وأنساب العرب ومولد الإسلام، وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وبحقيقة النفاق، وإن شيعتنا لمكتوبون [معروفون] بأسمائهم وأسماء آبائهم، أخذ الله الميثاق علينا وعليهم يردون مواردنا، ويدخلون مداخلنا، ليس علي ملة إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن غيرنا وغيرهم، إنا يوم القيامة آخذين بحجزة نبينا، ونبينا آخذ بحجزة ربه، وإن الحجزة النور، وشيعتنا آخذين بحجزتنا.

من فارقنا هلك ومن تبعنا نجا، [مفارقنا] والجاحد لولايتنا كافر، وشيعتنا وتابع ولايتنا مؤمن، لا يحبنا كافر، ولا يبغضنا مؤمن، من مات وهو محبنا كان حقاً علي الله أن يبعثه معنا، نحن نور لمن تبعنا، ونور لمن اقتدي بنا، من رغب عنا ليس منا، ومن لم يكن منا فليس من الإسلام في شي ء، بنا فتح الله الدين وبنا يختمه، وبنا أطعمكم الله عشب الأرض، وبنا أنزل الله عليكم قطر السماء.

وبنا آمنكم الله من الغرق في بحركم، ومن الخسف في بركم، وبنا نفعكم الله في حياتكم وفي قبوركم وفي محشركم وعند الصراط وعند الميزان وعند دخولكم الجنان.

إن مثلنا في كتاب الله كمثل المشكاة، والمشكاة هو القنديل فنحن المشكاة ?فِيها مِصْباحٌ? والمصباح هو محمد صلواة الله عليه و اله ?الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ? نحن الزجاجة ?كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا

غَرْبِيَّةٍ? لا منكرة ولا دعية ?يَكادُ زَيْتُها? نورها ?يُضِي ءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ، نُورٌ? الفرقان ?عَلي نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ? لولايتنا ?مَنْ يَشاء?().

أهل رسول الله صلواة الله عليه و اله ()

عن أبي جعفر الباقر، عن أبيه علي بن الحسين عليه السلام في قول الله ?: ?وأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ واصْطَبِرْ عَلَيْها?()، قال:

نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، كان رسول الله صلواة الله عليه و اله يأتي باب فاطمة عليها السلام كل سحرة فيقول: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة يرحمكم الله ?إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً?().

ديوان الشيعة()

عن رجل من بني حنيفة قال: كنت مع عمي فدخل علي علي بن الحسين عليه السلام فرأي بين يديه صحائف ينظر فيها فقال له: أي شيء هذه الصحف جعلت فداك؟ قال:

هذا ديوان شيعتنا.

قال: أفتأذن أطلب اسمي فيه؟

قال: نعم.

فقال: فإني لست أقرأ وابن أخي علي الباب فتأذن له فيدخل حتي يقرأ؟

قال: نعم.

فأدخلني عمي، فنظرت في الكتاب فأول شي ء هجمت عليه اسمي فقلت: اسمي ورب الكعبة.

قال: ويحك فأين أنا؟

فجزت بخمسة أسماء أو ستة ثم وجدت اسم عمي.

فقال علي بن الحسين عليه السلام: أخذ الله ميثاقهم معنا علي ولايتنا، لا يزيدون ولا ينقصون، إن الله خلقنا من أعلي عليين وخلق شيعتنا من طينتنا أسفل من ذلك، وخلق عدونا من سجين، وخلق أولياءهم منهم من أسفل النار.

ورثة الأنبياء عليهم السلام ()

… نحن النجباء، وأفراطنا أفراط الأنبياء، ونحن أبناء الأوصياء، ونحن المخصوصون في كتاب الله، ونحن أولي الناس بالله، ونحن أولي الناس بكتاب الله، ونحن أولي الناس بدين الله.

ونحن الذين شرع لنا دينه فقال في كتابه: ?شَرَعَ لَكُمْ? يا آل محمد ?مِنَ الدِّينِ ما وَصَّي بِهِ نُوحاً? وقد وصانا بما أوصي به نوحا ?والَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ? يا محمد ?وما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ? وإسماعيل ?ومُوسي وعِيسي? وإسحاق ويعقوب فقد علمنا وبلغنا ما علمنا واستودعنا علمهم.

نحن ورثة الأنبياء ونحن ورثة أولي العزم من الرسل ?أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ? يا آل محمد ?ولا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ? وكونوا علي جماعة ?كَبُرَ عَلَي الْمُشْرِكِينَ? من أشرك بولاية علي عليه السلام ?ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ? من ولاية علي إن ?اللَّهُ? يا محمد ?يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ?()، من يجيبك إلي ولاية علي عليه السلام.

كربلاء رمز الخلود()

بلغني يا زائدة أنك تزور قبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام أحياناً؟

فقلت: إن ذلك لكما بلغك.

فقال لي: فلما ذا تفعل ذلك ولك مكان عند سلطانك الذي لا يحتمل أحداً علي محبتنا وتفضيلنا وذكر فضائلنا، والواجب علي هذه الأمة من حقنا؟

فقلت: والله ما أريد بذلك إلا الله ورسوله، ولا أحفل بسخط من سخط، ولايكبر في صدري مكروه ينالني بسببه.

فقال: والله إن ذلك لكذلك.

فقلت: والله إن ذلك لكذلك، يقولها ثلاثاً وأقولها ثلاثاً.

فقال: أبشر ثم أبشر ثم أبشر فلأخبرنك بخبر كان عندي في النخب المخزون.

فإنه لما أصابنا بالطف ما أصابنا، وقُتل أبي عليه السلام، وقتل من كان معه من ولده وإخوته وسائر أهله، وحملت حرمه ونساؤه علي الأقتاب يراد بنا الكوفة، فجعلت أنظر إليهم صرعي ولم يواروا، فعظم ذلك في صدري، واشتد لما أري منهم قلقي، فكادت نفسي تخرج، وتبينت ذلك مني عمتي زينب

الكبري بنت علي عليه السلام.

فقالت: ما لي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي وإخوتي؟

فقلت: وكيف لا أجزع وأهلع وقد أري سيدي وإخوتي وعمومتي وولد عمي وأهلي مصرعين بدمائهم، مرملين بالعراء، مسلبين، لا يكفنون ولا يوارون، ولا يعرج عليهم أحد، ولا يقربهم بشر، كأنهم أهل بيت من الديلم والخزر.

فقالت: لا يجزعنك ما تري، فو الله إن ذلك لعهد من رسول الله صلواة الله عليه و اله إلي جدك وأبيك وعمك، ولقد أخذ الله الميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأمة وهم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها، وهذه الجسوم المضرجة، وينصبون لهذا الطف علماً لقبر أبيك سيد الشهداء عليه السلام لا يدرس أثره، ولا يعفو رسمه، علي كرور الليالي والأيام، وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا ظهوراً وأمره إلا علواً.

فقلت: وما هذا العهد وما هذا الخبر؟

فقالت: نعم، حدثتني أم أيمن أن رسول الله صلواة الله عليه و اله زار منزل فاطمة عليه السلام في يوم من الأيام، فعملت له حريرة، وأتاه علي عليه السلام بطبق فيه تمر.

ثم قالت أم أيمن: فأتيتهم بعُس() فيه لبن وزبد.

فأكل رسول الله صلواة الله عليه و اله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام من تلك الحريرة، وشرب رسول الله صلواة الله عليه و اله وشربوا من ذلك اللبن، ثم أكل وأكلوا من ذلك التمر والزبد، ثم غسل رسول الله صلواة الله عليه و اله يده وعلي عليه السلام يصب عليه الماء.

فلما فرغ من غسل يده، مسح وجهه ثم نظر إلي علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام نظراً عرفنا به السرور في وجهه، ثم رمق بطرفه نحو السماء

مليا، ثم إنه وجّه وجهه نحو القبلة وبسط يديه ودعا، ثم خر ساجدا وهو ينشج، فأطال النشوج وعلا نحيبه، وجرت دموعه.

ثم رفع رأسه وأطرق إلي الأرض ودموعه تقطر كأنها صوب المطر.

فحزنت فاطمة وعلي والحسن والحسين عليه السلام وحزنت معهم لما رأينا من رسول الله صلواة الله عليه و اله، وهبناه أن نسأله حتي إذا طال ذلك، قال له علي عليه السلام وقالت له فاطمة عليها السلام: ما يبكيك يا رسول الله؟

لا أبكي الله عينيك، فقد أقرح قلوبنا ما نري من حالك.

فقال: يا أخي [يا حبيبي] إني سررت بكم سروراً ما سررت مثله قط، وإني لأنظر إليكم وأحمد الله علي نعمته عليَّ فيكم، إذ هبط عليَّ جبرئيل عليه السلام فقال:

يا محمد إن الله تبارك وتعالي اطلع علي ما في نفسك وعرف سرورك بأخيك وابنتك وسبطيك، فأكمل لك النعمة، وهنأك العطية بأن جعلهم وذرياتهم ومحبيهم وشيعتهم معك في الجنة لا يفرق بينك وبينهم، يحبون كما تحب، ويعطون كما تعطي، حتي ترضي وفوق الرضا علي بلوي كثيرة تنالهم في الدنيا، ومكاره تصيبهم بأيدي أناس ينتحلون ملتك ويزعمون أنهم من أمتك، براء من الله ومنك، خبطاً خبطاً، وقتلاً قتلاً، شتي مصارعهم، نائية قبورهم، خيرة من الله لهم، ولك فيهم، فاحمد الله (عزوجل) علي خيرته وارض بقضائه.

فحمدت الله ورضيت بقضائه بما اختاره لكم.

ثم قال لي جبرئيل: يا محمد إن أخاك مضطهد بعدك، مغلوب علي أمتك، متعوب من أعدائك، ثم مقتول بعدك، يقتله أشر الخلق والخليقة وأشقي البرية يكون نظير عاقر الناقة ببلد تكون إليه هجرته، وهو مغرس شيعته وشيعة ولده، وفيه علي كل حال يكثر بلواهم ويعظم مصابهم.

وإن سبطك هذا وأومأ بيده إلي الحسين عليه السلام مقتول في عصابة من

ذريتك وأهل بيتك، وأخيار من أمتك، بضفة الفرات، بأرض يقال لها: كربلاء من أجلها يكثر الكرب والبلاء علي أعدائك وأعداء ذريتك، في اليوم الذي لا ينقضي كربه ولا تفني حسرته، وهي أطيب بقاع الأرض وأعظمها حرمة، يُقتل فيها سبطك وأهله، وأنها لمن بطحاء الجنة، فإذا كان ذلك اليوم الذي يقتل فيه سبطك وأهله، وأحاطت به كتائب أهل الكفر واللعنة، تزعزعت الأرض من أقطارها، ومادت الجبال وكثر اضطرابها، واصطفقت البحار بأمواجها، وماجت السماوات بأهلها، غضباً لك يا محمد ولذريتك، واستعظاماً لما ينتهك من حرمتك، ولشر ما تكافي به في ذريتك وعترتك، ولا يبقي شي ء من ذلك إلا استأذن الله عزوجل في نصرة أهلك المستضعفين المظلومين، الذين هم حجة الله علي خلقه بعدك.

فيوحي الله إلي السماوات والأرض والجبال والبحار ومن فيهن: إني أنا الله الملك القادر الذي لا يفوته هارب، ولا يعجزه ممتنع، وأنا أقدر فيه علي الانتصار والانتقام، وعزتي وجلالي لأعذبن من وتر رسولي وصفيي، وانتهك حرمته وقتل عترته، ونبذ عهده وظلم أهل بيته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين.

فعند ذلك يضج كل شيء في السماوات والأرضين بلعن من ظلم عترتك واستحل حرمتك.

فإذا برزت تلك العصابة إلي مضاجعها، تولي الله عزوجل قبض أرواحها بيده، وهبط إلي الأرض ملائكة من السماء السابعة، معهم آنية من الياقوت والزمرد، مملوة من ماء الحياة، وحلل من حلل الجنة، وطيب من طيب الجنة، فغسلوا جثثهم بذلك الماء، وألبسوها الحلل، وحنطوها بذلك الطيب، وصلّت الملائكة صفاً صفاً عليهم.

ثم يبعث الله قوماً من أمتك لا يعرفهم الكفار، لم يشركوا في تلك الدماء بقول ولا فعل ولا نية، فيوارون أجسامهم، ويقيمون رسماً لقبر سيد الشهداء عليه السلام بتلك البطحاء يكون علماً لأهل الحق وسبباً

للمؤمنين إلي الفوز، وتحفه ملائكة من كل سماء مائة ألف ملك في كل يوم وليلة، ويصلون عليه، ويطوفون عليه، ويسبحون الله عنده، ويستغفرون الله لمن زاره، ويكتبون أسماء من يأتيه زائراً من أمتك متقربا إلي الله تعالي وإليك بذلك، وأسماء آبائهم وعشائرهم وبلدانهم، ويوسمون في وجوههم بميسم نور عرش الله: (هذا زائر قبر خير الشهداء وابن خير الأنبياء) فإذا كان يوم القيامة سطع في وجوههم من أثر ذلك الميسم نور تغشي منه الأبصار، يدل عليهم ويعرفون به.

وكأني بك يا محمد بيني وبين ميكائيل وعليّ أمامنا، ومعنا من ملائكة الله ما لا يحصي عددهم، ونحن نلتقط من ذلك الميسم في وجهه من بين الخلائق، حتي ينجيهم الله من هول ذلك اليوم وشدائده، وذلك حكم الله وعطاؤه لمن زار قبرك يا محمد أو قبر أخيك أو قبر سبطيك لا يريد به غير الله عزوجل، وسيجتهد أناس ممن حقت عليهم اللعنة من الله والسخط أن يعفوا رسم ذلك القبر ويمحوا أثره، فلا يجعل الله تبارك وتعالي لهم إلي ذلك سبيلاً.

ثم قال رسول الله صلواة الله عليه و اله: فهذا أبكاني وأحزنني.

قالت زينب عليها السلام: فلما ضرب ابن ملجم (لعنه الله) أبي عليه السلام ورأيت عليه أثر الموت منه قلت له: يا أبة حدثتني أم أيمن بكذا وكذا وقد أحببت أن أسمعه منك.

فقال: يا بنية الحديث كما حدثتك أم أيمن، وكأني بك وبنساء أهلك سبايا بهذا البلد، أذلاء خاشعين، تخافون أن يتخطفكم الناس، فصبراً صبراً، فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما لله علي ظهر الأرض يومئذ ولي غيركم وغير محبيكم وشيعتكم.

ولقد قال لنا رسول الله صلواة الله عليه و اله حين أخبرنا بهذا الخبر: إن إبليس (لعنه الله)

في ذلك اليوم يطير فرحاً، فيجول الأرض كلها بشياطينه وعفاريته فيقول: يا معاشر الشياطين قد أدركنا من ذرية آدم الطلبة، وبلغنا في هلاكهم الغاية، وأورثناهم النار إلا من اعتصم بهذه العصابة، فاجعلوا شغلكم بتشكيك الناس فيهم وحملهم علي عداوتهم وإغرائهم بهم وأوليائهم، حتي تستحكموا ضلالة الخلق وكفرهم ولا ينجو منهم ناج، ولقد صدّق عليهم إبليس وهو كذوب، أنه لا ينفع مع عداوتكم عمل صالح، ولا يضر مع محبتكم وموالاتكم ذنب غير الكبائر.

قال زائدة: ثم قال علي بن الحسين عليه السلام بعد أن حدثني بهذا الحديث: خذه إليك، أما لو ضربت في طلبه آباط الإبل حولا لكان قليلاً.

علي عليه السلام يستقي()

لما عطش القوم يوم بدر، انطلق علي عليه السلام بالقربة يستقي وهو علي القليب() إذ جاءت ريح شديدة ثم مضت، فلبث ما بدا له، ثم جاءت ريح أخري ثم مضت، ثم جاءته أخري كاد أن تشغله وهو علي القليب، ثم جلس حتي مضي، فلما رجع إلي رسول الله صلواة الله عليه و اله أخبره بذلك.

فقال رسول الله صلواة الله عليه و اله:

أما الريح الأولي: فيها جبرئيل مع ألف من الملائكة.

والثانية: فيها ميكائيل مع ألف من الملائكة.

والثالثة: فيها إسرافيل مع ألف من الملائكة، وقد سلموا عليك وهم مدد لنا، وهم الذين رآهم إبليس فنكص() علي عقبيه يمشي القهقري حتي يقول: ?إِنِّي أَري ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ واللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ?().

وليد الكعبة()

إن فاطمة بنت أسد عليها السلام ضربها الطلق وهي في الطواف، فدخلت الكعبة فولدت أمير المؤمنين عليه السلام فيها.

وا عجباه()

عن علي بن الحسين عليه السلام أنه سئل عن أبي طالب عليه السلام أكان مؤمناً؟ فقال: نعم، فقيل له: إن هاهنا قوماً يزعمون أنه كافر، فقال:

وا عجباه، أيطعنون علي أبي طالب أو علي رسول الله صلواة الله عليه و اله؟ وقد نهاه الله أن يقر مؤمنة مع كافر في غير آية من القرآن، ولا يشك أحد أن بنت أسد من المؤمنات السابقات وأنها لم تزل تحت أبي طالب حتي مات أبو طالب (رضي الله عنه).

من أسرار الولاية()

عن الزهري قال: أظهر الله علي يدي علي بن الحسين عليه السلام آية، فأنكرها بعض المخالفين، فقال عليه السلام:

جهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه، إن المراتب الرفيعة لا تنال إلا بالتسليم لله جل ثناؤه، وترك الاقتراح عليه، والرضا بما يدبرهم به، إن أولياء الله صبروا علي المحن والمكاره صبراً لم يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم الله عزوجل عن ذلك بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم، لكنهم مع ذلك لا يريدون منه إلا ما يريده لهم.

وسائط الرزق()

عن أبي حمزة قال: كنت عند علي بن الحسين عليه السلام، وعصافير علي الحائط قبالته يصحن فقال:

يا أبا حمزة أ تدري ما يقلن؟

قال: يتحدثن، إن لهن وقت يسألن فيه قوتهن.

يا أبا حمزة لا تنامن قبل طلوع الشمس فإني أكرهها لك، إن الله يقسم في ذلك الوقت أرزاق العباد، وعلي أيدينا يجريها.

من أحبنا لله()

من أحبنا لله نفعه حبنا، ولو كان في جبل الديلم، ومن أحبنا لغير ذلك فإن الله يفعل ما يشاء، إن حبنا أهل البيت يساقط عن العباد الذنوب كما يساقط الريح الورق من الشجر.

روّاد الحوض()

نذوق ونسقي وراده

لنحن علي الحوض ذواده

وما خاب من حبنا زاده

وما فاز من فاز إلا بنا

ومن ساءنا ساء ميلاده

ومن سرنا نال منا السرور

فيوم القيامة ميعاده

ومن كان غاصبنا حقنا

أعذرنا يا أبا فراس()

حج هشام بن عبد الملك فلم يقدر علي الاستلام من الزحام، فنصب له منبر وجلس عليه وأطاف به أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليه السلام وعليه إزار ورداء، من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة، بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز، فجعل يطوف فإذا بلغ إلي موضع الحجر تنحي الناس حتي يستلمه هيبة له.

فقال شامي لهشام: من هذا؟

فقال: لا أعرفه، لئلا يرغب فيه أهل الشام.

فقال الفرزدق وكان حاضراً: لكني أنا أعرفه.

فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟

فأنشأ قصيدة ذكر بعضها في الأغاني والحلية والحماسة، والقصيدة بتمامها هذه:

يا سائلي أين حل الجود والكرم؟

عندي بيان إذا طلابه قدموا

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا الذي أحمد المختار والده

صلي عليه إلهي ما جري القلم

لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه

لخر يلثم منه ما وطي القدم

هذا علي رسول الله والده

أمست بنور هداه تهتدي الأمم

هذا الذي عمه الطيار جعفر

والمقتول حمزة ليث حبه قسم

هذا ابن سيدة النسوان فاطمة

وابن الوصي الذي في سيفه نقم

إذا رأته قريش قال قائلها

إلي مكارم هذا ينتهي الكرم

يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

وليس قولك من هذا بضائره

العرب تعرف من أنكرت والعجم

ينمي إلي ذروة العز التي قصرت

عن نيلها عرب الإسلام والعجم

يغضي حياءً ويُغضي من مهابته

فما يُكلّم إلا حين يبتسم

ينجاب نور الدجي عن نور غرته

كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم

بكفه خيزران ريحه عبق

من كف أروع في عرنينه شمم

ما قال لا قط إلا في تشهده

لولا التشهد كانت لاؤه

نعم

مشتقة من رسول الله نبعته

طابت عناصره والخيم والشيم

حمال أثقال أقوام إذا قدحوا

حلو الشمائل تحلو عنده نعم

إن قال قال بما يهوي جميعهم

وإن تكلم يوما زانه الكلم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله

بجده أنبياء الله قد ختموا

الله فضله قدماً وشرفه

جري بذاك له في لوحه القلم

من جده دان فضل الأنبياء له

وفضل أمته دانت له الأمم

عم البرية بالإحسان وانقشعت

عنها العماية والإملاق والظلم

كلتا يديه غياث عم نفعهما

تستوكفان ولا يعروهما عدم

سهل الخليقة لا تخشي بوادره

يزينه خصلتان الحلم والكرم

لا يخلف الوعد ميمونا نقيبته

رحب الفناء أريب حين يعترم

من معشر حبهم دين وبغضهم

كفر وقربهم منجي ومعتصم

يستدفع السوء والبلوي بحبهم

ويستزاد به الإحسان والنعم

مقدم بعد ذكر الله ذكرهم

في كل فرض ومختوم به الكلم

إن عد أهل التقي كانوا أئمتهم

أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم

ولا يدانيهم قوم وإن كرموا

هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت

والأسد أسد الشري والبأس محتدم

يأبي لهم أن يحل الذم ساحتهم

خيم كريم وأيد بالندي هضم

لا يقبض العسر بسطاً من أكفهم

سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا

إي القبائل ليست في رقابهم

لأوّليّة هذا أو له نعم

من يعرف الله يعرف أوّليّة ذا

فالدين من بيت هذا ناله الأمم

بيوتهم في قريش يستضاء بها

في النائبات وعند الحكم إن حكموا

فجده من قريش في أرومتها

محمد وعلي بعده علم

بدر له شاهد والشعب من أحد

والخندقان ويوم الفتح قد علموا

وخيبر وحنين يشهدان له

وفي قريضة يوم صيلم قتم

مواطن قد علت في كل نائبة

علي الصحابة لم أكتم كما كتموا

فغضب هشام ومنع جائزته وقال: ألا قلت فينا مثلها؟

قال: هات جداً كجده وأباً كأبيه وأماً كأمه حتي أقول فيكم مثلها.

فحبسه بعسفان بين مكة والمدينة.

فبلغ ذلك علي بن الحسين عليه السلام فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال:

أعذرنا يا أبا فراس، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك

به.

فردها وقال: يا ابن رسول الله ما قلت هذا الذي قلت إلا غضباً لله ولرسوله، وما كنت لأرزأ عليه شيئاً.

فردها إليه وقال: بحقي عليك لما قبلتها فقد رأي الله مكانك وعلم نيتك،

فقبلها.

الشيعة وزمن الغيبة()

تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله والأئمة بعده عليهم السلام، يا أبا خالد إن أهل زمان غيبته، القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل أهل كل زمان.

لأن الله تعالي ذكره أعطاهم من العقول والإفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلواة الله عليه و اله بالسيف، أولئك المخلصون حقاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلي دين الله سراً وجهراً.

وقال عليه السلام: انتظار الفرج من أعظم الفرج.

الثابت علي ولايتنا()

من ثبت علي موالاتنا في غيبة قائمنا أعطاه الله (عزوجل) أجر ألف شهيد من شهداء بدر وأحد.

طينة المؤمن()

إن الله خلق النبيين من طينة عليين قلوبهم وأبدانهم، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة، وخلق أبدانهم من دون ذلك.

وخلق الكفار من طينة سجين قلوبهم وأبدانهم، فخلط الطينتين.

فمن هذا يلد المؤمن الكافر، ويلد الكافر المؤمن.

ومن هاهنا يصيب المؤمن السيئة، ومن هاهنا يصيب الكافر الحسنة.

فقلوب المؤمنين تحن إلي ما خلقوا منه، وقلوب الكافرين تحن إلي ما خلقوا منه.

الأوصياء وأتباعهم()

إن أحق الناس بالورع والاجتهاد فيما يحب الله ويرضي: الأوصياء وأتباعهم، أما ترضون أنه لو كانت فزعة من السماء فزع كل قوم إلي مأمنهم وفزعتم إلينا وفزعنا إلي نبينا؟

إن نبينا آخذ بحجزة ربه، ونحن آخذون بحجزة نبينا، وشيعتنا آخذون بحجزتنا.

محبونا إلي الجنة()

عن محمد بن علي، عن أبيه زين العابدين عليه السلام أنه أتاه رجل فقال: أخبرني بحديث فيكم خاصة، قال عليه السلام:

نعم نحن خزان علم الله، وورثة وحي الله، وحملة كتاب الله، طاعتنا فريضة، وحبنا إيمان، وبغضنا نفاق، محبونا في الجنة، ومبغضونا في النار، خلقنا ورب الكعبة من طينة عذب لم يخلق منها سوانا، وخلق محبونا من (طين) أسفل، فإذا كان يوم القيامة ألحقت السفلي بالعليا، فأين تري الله يفعل بنبيه؟

وأين تري نبيه يفعل بولده؟

وأين تري ولده يفعلون بمحبيهم وشيعتهم؟

كل إلي جنان رب العالمين.

سيماء الشيعة()

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام قاعداً في بيته إذ قرع قوم عليهم الباب فقال:

يا جارية انظري من بالباب؟

فقالوا: قوم من شيعتك.

فوثب عجلان حتي كاد أن يقع، فلما فتح الباب ونظر إليهم رجع وقال:

كذبوا فأين السمت في الوجوه؟

أين أثر العبادة؟

أين سيماء السجود؟

إنما شيعتنا يعرفون بعبادتهم وشعثهم، قد قرحت العبادة منهم الآناف، ودثرت الجباه والمساجد، خمص البطون، ذبل الشفاه، قد هبجت() العبادة وجوههم، وأخلق سهر الليالي وقطع الهواجر جثثهم، المسبحون إذا سكت الناس، والمصلون إذا نام الناس، والمحزونون إذا فرح الناس، يعرفون بالزهد، كلامهم الرحمة، وتشاغلهم بالجنة.

حقوق خاصة ()

عن ديلم بن عمرو قال: إنا لقيام بالشام إذ جيء بسبي آل محمد صلواة الله عليه و اله حتي أقيموا علي الدرج، إذ جاء شيخ من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم، وقطع قرن الفتنة. فقال له علي بن الحسين عليه السلام:

أيها الشيخ أنصت لي، فقد نصت لك حتي أبديت لي عما في نفسك من العداوة، هل قرأت القرآن؟

قال: نعم.

قال: هل وجدت لنا فيه حقاً خاصة دون المسلمين؟

قال: لا.

قال: ما قرأت القرآن؟

قال: بلي قد قرأت القرآن.

قال: فما قرأت الأنفال: ?واعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ ولِذِي الْقُرْبي?()، أ تدرون من هم؟

قال: لا.

قال: فإنا نحن هم.

قال: إنكم لأنتم هم؟

قال: نعم.

قال: فرفع الشيخ يده إلي السماء ثم قال: اللهم إني أتوب إليك من قتل آل محمد صلواة الله عليه و اله ومن عداوة آل محمد صلواة الله عليه و اله.

آثار جبرئيل عليه السلام ()

قيل: تشاجر هو وبعض الناس في مسألة من الفقه، فقال عليه السلام:

يا هذا إنك لو صرت إلي منازلنا لأريناك آثار جبرئيل عليه السلام في رحالنا، أفيكون أحد أعلم بالسنة منا؟!

عقائد

موقف القدر من العمل()

قال رجل لعلي بن الحسين عليه السلام: جعلني الله فداك، أبقدر يصيب الناس ما أصابهم أم بعمل؟ فقال عليه السلام:

إن القدر والعمل بمنزلة الروح والجسد، فالروح بغير جسد لا تحس، الجسد بغير روح صورة لا حراك بها، فإذا اجتمعا قويا وصلحا، كذلك العمل والقدر، فلو لم يكن القدر واقعا علي العمل لم يعرف الخالق من المخلوق وكان القدر شيئاً لا يحس، ولو لم يكن العمل بموافقة من القدر لم يمض ولم يتم، ولكنهما باجتماعهما قويا، ولله فيه العون لعباده الصالحين.

ثم قال عليه السلام: ألا إن من أجور الناس من رأي جوره عدلاً، وعدل المهتدي جوراً، ألا إن للعبد أربعة أعين: عينان يبصر بهما أمر آخرته، وعينان يبصر بهما أمر دنياه، فإذا أراد الله عزوجل بعبد خيراً فتح له العينين اللتين في قلبه فأبصر بهما العيب، وإذا أراد غير ذلك ترك القلب بما فيه.

ثم التفت إلي السائل عن القدر فقال: هذا منه، هذا منه.

الأرض في القيامة()

?تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ?()، يعني: بأرض لم تكتسب عليها الذنوب بارزة، ليست عليها جبال ولا نبات كما دحاها أول مرة.

القيامة ونفخ الصور()

عن ثوير بن أبي فاختة، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: سئل عن النفختين كم بينهما؟ قال: ما شاء الله. فقيل له: فأخبرني يا ابن رسول الله كيف ينفخ فيه؟ فقال:

أما النفخة الأولي: فإن الله يأمر إسرافيل فيهبط إلي الأرض ومعه الصور، وللصور رأس واحد وطرفان، وبين طرف كل رأس منهما ما بين السماء والأرض.

قال: فإذا رأت الملائكة إسرافيل وقد هبط إلي الدنيا ومعه الصور قالوا: قد أذن الله في موت أهل الأرض وفي موت أهل السماء.

قال: فيهبط إسرافيل بحظيرة بيت المقدس ويستقبل الكعبة، فإذا رأوه أهل الأرض قالوا: قد أذن الله في موت أهل الأرض.

قال: فينفخ فيه نفخة فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي أهل الأرض، فلا يبقي في الأرض ذو روح إلا صعق ومات، ويخرج الصوت من الطرف الذي يلي أهل السماوات، فلا يبقي في السماوات ذو روح إلا صعق ومات إلا إسرافيل.

فيمكثون في ذلك ما شاء الله، قال: فيقول الله لإسرافيل: يا إسرافيل مت.

فيموت إسرافيل.

فيمكثون في ذلك ما شاء الله، ثم يأمر الله السماوات فتمور، ويأمر الجبال فتسير، وهو قوله: ?يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً ? وتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً?()، يعني: تبسط وتبدل الأرض غير الأرض، يعني بأرض لم تكسب عليها الذنوب بارزة، ليس عليها جبال، ولا نبات، كما دحاها أول مرة، ويعيد عرشه علي الماء كما كان أول مرة مستقلا بعظمته وقدرته.

قال: فعند ذلك ينادي الجبار ? بصوت من قبله جهوري يسمع أقطار السماوات والأرضين: ?لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ?()، فلا يجيبه مجيب.

فعند ذلك يقول الجبار ? مجيباً لنفسه: ?لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ?()، وأنا قهرت

الخلائق كلهم وأمتهم، إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، لا شريك لي ولا وزير لي، وأنا خلقت خلقي بيدي، وأنا أمتهم بمشيتي، وأنا أحييهم بقدرتي.

قال: فينفخ الجبار نفخة في الصور، فيخرج الصوت من أحد الطرفين الذي يلي السماوات فلا يبقي في السماوات أحد إلا حيي وقام كما كان، ويعود حملة العرش، وتحضر الجنة والنار، وتحشر الخلائق للحساب.

قال: فرأيت علي بن الحسين (صلوات الله عليه) يبكي عند ذلك بكاءً شديداً.

جهنم وما فيها()

إن في جهنم وادياً يقال له: سعير، إذا خبت جهنم فتح سعيرها وهو قوله:

?كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً?()، أي: كلما انطفت.

العصمة في الإمام()

الإمام منا لا يكون إلا معصوماً، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها، ولذلك لا يكون إلا منصوصاً.

فقيل له: يا ابن رسول الله فما معني المعصوم؟

فقال: هو المعتصم بحبل الله، وحبل الله هو القرآن، لا يفترقان إلي يوم القيامة، والإمام يهدي إلي القرآن، والقرآن يهدي إلي الإمام، وذلك قول الله عزوجل: ?إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ?().

درجات الجنة ()

في الجنة ثلاث درجات، وفي النار ثلاث دركات:

فأعلي درجات الجنة لمن أحبنا بقلبه، ونصرنا بلسانه ويده.

وفي الدرجة الثانية: من أحبنا بقلبه، ونصرنا بلسانه.

وفي الدرجة الثالثة: من أحبنا بقلبه.

وفي أسفل درك من النار من أبغضنا بقلبه، وأعان علينا بلسانه ويده.

وفي الدرك الثانية من النار: من أبغضنا بقلبه، وأعان علينا بلسانه.

وفي الدرك الثالثة من النار: من أبغضنا بقلبه.

الإمام حبل الله()

كان رسول الله صلواة الله عليه و اله ذات يوم جالساً في المسجد وأصحابه حوله فقال لهم: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة يسأل عما يعنيه.

قال: فطلع علينا رجل شبيه برجال مصر، فتقدم وسلم علي رسول الله صلواة الله عليه و اله وجلس وقال: يا رسول الله إني سمعت الله يقول: ?واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا?()، فما هذا الحبل الذي أمر الله بالاعتصام به ولا نتفرق عنه؟

قال: فأطرق النبي صلواة الله عليه و اله ساعة ثم رفع رأسه وأشار إلي علي بن أبي طالب عليه السلام وقال: هذا حبل الله الذي من تمسك به عصم في دنياه ولم يضل في أخراه.

قال: فوثب الرجل إلي علي بن أبي طالب عليه السلام واحتضنه من وراء ظهره وهو يقول: اعتصمت بحبل الله وحبل رسوله.

ثم قام فولي وخرج.

فقام رجل من الناس فقال: يا رسول الله صلي الله عليك وآلك ألحقه وأسأله أن يستغفر لي؟

فقال رسول الله صلواة الله عليه و اله: إذا تجده مرفقاً.

قال: فلحقه الرجل وسأله أن يستغفر له.

فقال له: هل فهمت ما قال لي رسول الله صلواة الله عليه و اله وما قلت له؟

قال الرجل: نعم.

فقال له: إن كنت متمسكاً بذلك الحبل فغفر الله لك، وإلا فلا غفر الله لك، وتركه ومضي.

كم الأئمة بعدك؟()

عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت علي علي بن الحسين عليه السلام وهو جالس في محرابه، فجلست حتي انثني وأقبل عليَّ بوجهه يمسح يده علي لحيته، فقلت: يا مولاي أخبرني كم يكون الأئمة بعدك؟ قال:

ثمانية.

قلت: وكيف ذاك؟

قال: لأن الأئمة بعد رسول الله صلواة الله عليه و اله اثنا عشر عدد الأسباط، ثلاثة من الماضين، وأنا الرابع، وثمان من ولدي أئمة أبرار، من أحبنا وعمل

بأمرنا، كان معنا في السنام الأعلي، ومن أبغضنا وردّنا أو ردّ واحداً منا فهو كافر بالله وبآياته.

النبي صلواة الله عليه و اله والحسنان عليهما السلام()

كنت أمشي خلف عمي الحسن وأبي الحسين ? في بعض طرقات المدينة في العام الذي قبض فيه عمي الحسن عليه السلام، وأنا يومئذ غلام لم أراهق أو كدت، فلقيهما جابر بن عبد الله وأنس بن مالك الأنصاريان في جماعة من قريش والأنصار، فما تمالك جابر بن عبد الله حتي أكب علي أيديهما وأرجلهما يقبلهما.

فقال له رجل من قريش كان نسيبا لمروان: أتصنع هذا يا أبا عبد الله، وأنت في سنك هذا، وموضعك من صحبة رسول الله صلواة الله عليه و اله؟

وكان جابر قد شهد بدراً، فقال له: إليك عني، فلو علمت يا أخا قريش من فضلهما ومكانهما ما أعلم لقبلت ما تحت أقدامهما من التراب.

ثم أقبل جابر علي أنس بن مالك فقال: يا أبا حمزة، أخبرني رسول الله صلواة الله عليه و اله فيهما بأمر ما ظننته أنه يكون في بشر.

قال له أنس: وبما ذا أخبرك يا أبا عبد الله؟

قال علي بن الحسين عليه السلام: فانطلق الحسن والحسين ? ووقفت أنا أسمع محاورة القوم، فأنشأ جابر يحدث، قال:

بينا رسول الله صلواة الله عليه و اله ذات يوم في المسجد وقد خف من حوله إذ قال لي: يا جابر، ادع لي حسناً وحسيناً، وكان صلواة الله عليه و اله شديد الكلف بهما، فانطلقت فدعوتهما وأقبلت أحمل هذا مرة وهذا أخري حتي جئته بهما.

فقال لي وأنا أعرف السرور في وجهه لما رأي من محبتي لهما وتكريمي إياهما: أ تحبهما يا جابر؟

فقلت: وما يمنعني من ذلك فداك أبي وأمي، وأنا أعرف مكانهما منك.

قال: أ فلا أخبرك عن فضلهما.

قلت: بلي بأبي أنت

وأمي.

قال صلواة الله عليه و اله: إن الله تعالي لما أحب أن يخلقني، خلقني نطفة بيضاء طيبة، فأودعها صلب أبي آدم عليه السلام، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلي رحم طاهر إلي نوح وإبراهيم ?، ثم كذلك إلي عبد المطلب، فلم يصبني من دنس الجاهلية شيء، ثم افترقت تلك النطفة شطرين إلي عبد الله وأبي طالب، فولدني أبي فختم الله بي النبوة، وولد علي فختمت به الوصية، ثم اجتمعت النطفتان مني ومن علي فولدنا الجهر والجهير الحسنين، فختم الله بهما أسباط النبوة، وجعل ذريتي منهما، والذي يفتح مدينة أو قال: مدائن الكفر، فمن ذرية هذا، وأشار إلي الحسين عليه السلام، رجل يخرج في آخر الزمان يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، فهما طاهران مطهران، وهما سيدا شباب أهل الجنة، طوبي لمن أحبهما وأباهما وأمهما، وويل لمن حاربهم وأبغضهم.

أحب الخلق إلي الله()

كان رسول الله صلواة الله عليه و اله ذات يوم جالساً وعنده علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال:

والذي بعثني بالحق بشيراً، ما علي وجه الأرض خلق أحب إلي الله عزوجل ولا أكرم عليه منا، إن الله تبارك وتعالي شق لي اسماً من أسمائه فهو محمود وأنا محمد، وشق لك يا علي اسماً من أسمائه فهو العلي الأعلي وأنت علي، وشق لك يا حسن اسماً من أسمائه فهو المحسن وأنت حسن، وشق لك يا حسين اسماً من أسمائه فهو ذو الإحسان وأنت حسين، وشق لكِ يا فاطمة اسماً من أسمائه فهو الفاطر وأنت فاطمة.

ثم قال صلواة الله عليه و اله: اللهم إني أشهدك أني سلم لمن سالمهم، وحرب لمن حاربهم، ومحب لمن أحبهم، ومبغض لمن أبغضهم، وعدو لمن عاداهم، وولي لمن والاهم، لأنهم مني وأنا

منهم.

الوصاية بأمر الله()

ما قبض الله نبياً حتي أمره أن يوصي إلي أفضل عشيرته من عصبته، وأمرني أن أوصي.

فقلت: إلي من يا رب؟

فقال: أوص يا محمد إلي ابن عمك علي بن أبي طالب، فإني قد أثبته في الكتب السالفة، وكتبت فيها أنه وصيك، وعلي ذلك أخذت ميثاق الخلائق ومواثيق أنبيائي ورسلي، أخذت مواثيقهم لي بالربوبية، ولك يا محمد بالنبوة، ولعلي بالولاية.

نور فاطمة عليها السلام()

خلق نور فاطمة عليها السلام قبل أن تخلق الأرض والسماء.

فقال بعض الناس: يا نبي الله فليست هي إنسية؟

فقال صلواة الله عليه و اله: فاطمة حوراء إنسية.

قال: يا نبي الله وكيف هي حوراء إنسية؟

قال: خلقها الله عزوجل من نوره قبل أن يخلق آدم عليه السلام إذ كانت الأرواح، فلما خلق الله (عزوجل) آدم عرضت علي آدم.

قيل: يا نبي الله وأين كانت فاطمة؟

قال: كانت في حقة تحت ساق العرش.

قالوا: يا نبي الله فما كان طعامها؟

قال: التسبيح والتهليل والتحميد، فلما خلق الله (عزوجل) آدم وأخرجني من صلبه أحب الله (عزوجل) أن يخرجها من صلبي، جعلها تفاحة في الجنة وأتاني بها جبرئيل عليه السلام فقال لي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا محمد.

قلت: وعليك السلام ورحمة الله حبيبي جبرئيل.

فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام.

قلت: منه السلام وإليه يعود السلام.

قال: يا محمد إن هذه تفاحة أهداها الله (عزوجل) إليك من الجنة.

فأخذتها وضممتها إلي صدري.

قال: يا محمد يقول الله ?: كلها.

ففلقتها فرأيت نوراً ساطعاً، ففزعت منه.

فقال: يا محمد ما لك لا تأكل؟ كلها ولا تخف، فإن ذلك النور (المنصورة) في السماء وهي في الأرض (فاطمة).

قلت: حبيبي جبرئيل، ولِمَ سميت في السماء المنصورة وفي الأرض فاطمة؟

قال: سميت في الأرض فاطمة؛ لأنها فطمت شيعتها من النار وفطم أعداؤها عن حبها، وهي في السماء المنصورة

وذلك قول الله (عزوجل): ?يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ? بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ?()،يعني: نصر فاطمة لمحبيها.

الإمامة عهد الله()

عن الزهري، قال: دخلت علي علي بن الحسين عليه السلام في المرض الذي توفي فيه إذ قدم إليه طبق فيه الخبز والهندباء فقال لي:

كله.

فقلت: قد أكلت يا ابن رسول الله.

قال: إنه الهندباء.

قلت: وما فضل الهندباء؟

قال: ما من ورقة من الهندباء إلا وعليها قطرة من ماء الجنة، فيه شفاء من كل داء.

قال: ثم رفع الطعام وأوتي بالدهن، فقال: ادهن يا أبا عبد الله.

قلت: قد أدهنت.

قال: إنه هو البنفسج.

قلت: وما فضل البنفسج علي سائر الأدهان؟

قال: كفضل الإسلام علي سائر الأديان، ثم دخل عليه محمد ابنه فحدثه طويلاً بالسر، فسمعته يقول فيما يقول: عليك بحسن الخلق.

قلت: يا ابن رسول الله إن كان من أمر الله ما لابد لنا منه ووقع في نفسي أنه قد نعي نفسه فإلي من نختلف بعدك؟

قال: يا أبا عبد الله إلي ابني هذا وأشار إلي محمد ابنه إنه وصيي ووارثي وعيبة علمي، ومعدن العلم وباقر العلم.

قلت: يا ابن رسول الله ما معني باقر العلم؟

قال: سوف يختلف إليه خلاّص شيعتي، ويبقر العلم عليهم بقراً.

قال: ثم أرسل محمداً ابنه في حاجة له إلي السوق، فلما جاء محمد، قلت: يا ابن رسول الله هلا أوصيت أكبر أولادك؟

فقال: يا أبا عبد الله ليست الإمامة بالصغر والكبر، هكذا عهد إلينا رسول الله صلواة الله عليه و اله وهكذا وجدنا مكتوباً في اللوح والصحيفة.

قلت: يا ابن رسول الله فكم عهد إليكم نبيكم أن تكون الأوصياء من بعده؟

قال: وجدنا في الصحيفة واللوح اثني عشر أسامي مكتوبة بإمامتهم وأسامي آبائهم وأمهاتهم.

ثم قال: يخرج من صلب محمد ابني سبعة من الأوصياء فيهم المهدي (صلوات الله عليهم).

معه راية الرسول صلواة الله عليه و اله()

عن أبي خالد الكابلي، قال: قال لي علي بن الحسين عليه السلام:

يا أبا خالد لتأتين فتن كقطع

الليل المظلم، لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، أولئك مصابيح الهدي، وينابيع العلم، ينجيهم الله من كل فتنة مظلمة، كأني بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، وإسرافيل أمامه، معه راية رسول الله صلواة الله عليه و اله قد نشرها، لا يهوي بها إلي قوم إلا أهلكهم الله عزوجل.

المهدي عجل الله فرجه وسنن الأنبياء عليهم السلام()

في القائم منا سنن من الأنبياء عليهم السلام:

سنة من أبينا آدم عليه السلام.

وسنة من نوح عليه السلام.

وسنة من إبراهيم عليه السلام.

وسنة من موسي عليه السلام.

وسنة من عيسي عليه السلام.

وسنة من أيوب عليه السلام.

وسنة من محمد صلواة الله عليه و اله.

فأما من آدم ونوح: فطول العمر.

وأما من إبراهيم: فخفاء الولادة واعتزال الناس.

وأما من موسي: فالخوف والغيبة.

وأما من عيسي: فاختلاف الناس فيه.

وأما من أيوب فالفرج بعد البلوي.

وأما من محمد صلواة الله عليه و اله: فالخروج بالسيف.

النبي صلواة الله عليه و اله وعترته()

إن الله خلق محمداً وعلياً وأحد عشر من ولده من نور عظمته، فأقامهم أشباحاً في ضياء نوره، يعبدونه قبل خلق الخلق، يسبحون الله ويقدسونه، وهم الأئمة من ولد رسول الله صلواة الله عليه و اله.

آخر العوالم()

إن الله خلق محمداً وعلياً والطيبين من ذريتهما من نور عظمته وأقامهم أشباحاً قبل المخلوقات.

ثم قال: أتظن أن الله لم يخلق خلقاً سواكم؟

بلي والله!

لقد خلق ألف ألف آدم..

وألف ألف عالم..

وأنت والله في آخر تلك العوالم.

الاعتقاد بالإمامة()

لقد حضر رجل عند علي بن الحسين عليه السلام فقال له: ما تقول في رجل يؤمن بما أنزل الله علي محمد صلواة الله عليه و اله وما أنزل علي من قبله، ويؤمن بالآخرة، ويصلي ويزكي، ويصل الرحم، ويعمل الصالحات، ولكنه مع ذلك يقول:

لا أدري الحق لعلي أو لفلان؟ فقال له علي بن الحسين عليه السلام:

ما تقول أنت في رجل يفعل هذه الخيرات كلها إلا أنه يقول: لا أدري النبي محمد أو مسيلمة؟

هل ينتفع بشيء من هذه الأفعال؟

فقال: لا.

قال عليه السلام: فكذلك صاحبك هذا، فكيف يكون مؤمناً بهذه الكتب من لايدري أ محمد النبي أم مسيلمة الكذاب؟ وكذلك كيف يكون مؤمناً بهذه الكتب وبالآخرة أو منتفعاً بشيء من أعماله من لا يدري أعلي محق أم فلان؟.

المؤمن لا يهلك()

لا يهلك مؤمن بين ثلاث خصال:

شهادة ألا إله إلا الله وحده لا شريك له.

وشفاعة رسول الله صلواة الله عليه و اله.

وسعة رحمة الله.

معارف

طالب العلم()

في مكارم أخلاق علي بن الحسين صلوات الله عليه أنه عليه السلام كان إذا جاءه طالب علم فقال:

مرحباً بوصية رسول الله صلواة الله عليه و اله.

ثم يقول:

إن طالب العلم إذا خرج من منزله لم يضع رجله علي رطب ولا يابس من الأرض إلا سبحت له إلي الأرضين السابعة.

مضاهاة الملائكة()

إن العبد إذا خرج في طلب العلم ناداه الله عزوجل من فوق العرش: مرحباً بك يا عبدي، أتدري أي منزلة تطلب؟ وأي درجة تروم؟

تضاهي ملائكتي المقربين لتكون لهم قريناً لأبلغنك مرادك ولأوصلنك بحاجتك.

فقيل لعلي بن الحسين عليه السلام: ما معني مضاهاة ملائكة الله عزوجل المقربين ليكون لهم قريناً؟ قال:

أما سمعت قول الله عزوجل: ?شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ والْمَلائِكَةُ وأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ?()، فبدأ بنفسه، وثني بملائكته، وثلث بأولي العلم الذين هم قرناء ملائكته، وسيدهم محمد صلواة الله عليه و اله وثانيهم علي عليه السلام وثالثهم أهله وأحقهم بمرتبته بعده.

قال علي بن الحسين عليه السلام:

ثم أنتم معاشر الشيعة العلماء بعلمنا تأولون، مقرونون بنا وبملائكة الله المقربين، شهداء الله بتوحيده وعدله وكرمه وجوده، قاطعون لمعاذير المعاندين من إمائه وعبيده، فنعم الرأي لأنفسكم رأيتم، ونعم الحظ الجزيل اخترتم، وبأشرف السعادة سعدتم، حين بمحمد وآله الطيبين عليهم السلام قرنتم، وعدول الله في أرضه شاهرين بتوحيده وتمجيده جعلتم.

وهنيئاً لكم، إن محمداً لسيد الأولين والآخرين، وإن أصحاب محمد الموالين أولياء محمد وعلي (صلي الله عليهما) والمتبرئين من أعدائهما أفضل أمم المرسلين، وأن الله لا يقبل من أحد عملاً إلا بهذا الاعتقاد، ولا يغفر له ذنباً، ولا يقبل له حسنة، ولا يرفع له درجة إلا به.

خوضوا اللجج()

لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج، وخوض اللجج، إن الله تعالي أوحي إلي دانيال:

أن أمقت عبادي إليَّ: الجاهل المستخف بحق أهل العلم، التارك للإقتداء بهم.

وأن أحب عبيدي إليَّ: التقي الطالب للثواب الجزيل، اللازم للعلماء، التابع للحلماء، القابل عن الحكماء.

لا عبادة إلا بالتفقه()

لا حسب لقرشي ولا لعربي إلا بتواضع، ولا كرم إلا بتقوي، ولا عمل إلا بنية.

ألا وإن أبغض الناس إلي الله عزوجل من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله.

اللهم وفقه()

قال علي بن الحسين عليه السلام لرجل:

أيما أحبّ إليك: صديق كلما رآك أعطاك بدرة دنانير، أو صديق كلما رآك بصّرك بمصيدة من مصائد الشياطين، وعرّفك ما تبطل به كيدهم، وتخرق به شبكتهم، وتقطع حبائلهم؟

قال: بل صديق كلما رآني علمني كيف أخزي الشيطان عن نفسي وأدفع عني بلاءه.

قال عليه السلام: فأيهما أحب إليك: استنقاذك أسيراً مسكيناً من أيدي الكافرين، أو استنقاذك أسيراً مسكيناً من أيدي الناصبين.

قال: يا ابن رسول الله، سل الله أن يوفقني للصواب في الجواب.

قال عليه السلام: اللهم وفقه.

قال: بل استنقاذي المسكين الأسير من يد الناصب، فإنه توفير الجنة عليه، وإنقاذه من النار، وذلك توفير الروح عليه في الدنيا، ودفع الظلم عنه فيها، والله يعوض هذا المظلوم بأضعاف ما لحقه من الظلم، وينتقم من الظالم بما هو عادل بحكمه.

قال عليه السلام: وفقت لله أبوك! أخذته من جوف صدري لم تجزم مما قاله رسول الله صلواة الله عليه و اله حرفاً واحداً.

العلماء ثقل الأرض()

إنه يسخّي نفسي في سرعة الموت والقتل، فينا قول الله: ?أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها?()، وهو ذهاب العلماء.

العلم إذا لم يعمل به()

مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعملون، ولما تعملوا بما علمتم، فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزد صاحبه إلا كفراً ولم يزدد من الله إلا بعداً.

الكلمة من الحكمة()

لا تحقر اللؤلؤة النفيسة أن تجتلبها من الكبا الخسيسة.

فإن أبي حدثني قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول:

إن الكلمة من الحكمة تتلجلج في صدر المنافق نزوعاً إلي مظانها حتي يلفظ بها، فيسمعها المؤمن، فيكون أحق بها وأهلها، فيلقفها.

لا تستأكل بنا()

عن القاسم بن عوف، قال: كنت أتردد بين علي بن الحسين وبين محمد بن الحنفية، وكنت آتي هذا مرة وهذا مرة. قال: ولقيت علي بن الحسين عليه السلام قال: فقال لي:

يا هذا إياك أن تأتي أهل العراق فتخبرهم إنا استودعناك علماً، فإنا والله ما فعلنا ذلك.

وإياك أن تترأس بنا فيضعك الله.

وإياك أن تستأكل بنا فيزيدك الله فقراً.

واعلم أنك إن تكن ذَنَبَاً في الخير خير لك من أن تكون رأساً في الشر، واعلم أنه من يحدث عنا بحديث سألناه يوماً فإن حدث صدقاً كتبه الله صديقاً، وإن حدث كذباً كتبه الله كذاباً.

وإياك أن تشد راحلة ترحلها تأتي هاهنا تطلب العلم حتي يمضي لكم بعد موتي سبع حجج، ثم يبعث الله لكم غلاماً من ولد فاطمة عليها السلام تنبت الحكمة في صدره كما ينبت الطل الزرع.

قال: فلما مضي علي بن الحسين عليه السلام حسبنا الأيام والجمع والشهور والسنين فما زادت يوماً ولا نقصت حتي تكلم محمد بن علي بن الحسين (صلوات الله عليهم) باقر العلم.

علي عليه السلام والكلمة()

علّم رسول الله صلواة الله عليه و اله علياً عليه السلام كلمة تفتح ألف كلمة، والألف كلمة تفتح كل كلمة ألف كلمة.

الإمام مصدر العلم()

عن شيخ من أهل الكوفة قال: رأيت علي بن الحسين عليه السلام بمني، فقال:

فمن الرجل؟

فقلت: رجل من أهل العراق.

فقال لي: يا أخا أهل العراق، أما لو كنت عندنا بالمدينة لأريناك مواطن جبرئيل من دويرنا، استقانا الناس العلم، فتراهم علموا وجهلنا؟.

منطق الطير()

عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت مع علي بن الحسين عليه السلام فانتشرت العصافير وصوتت، فقال:

يا أبا حمزة، أتدري ما تقول؟

قلت: لا.

قال: تقدس ربها وتسأل قوت يومها.

قال: ثم قال: يا أبا حمزة ?عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ

شَيْء?().

لغة الحيوان()

عن رجل، قال: خرجت مع علي بن الحسين عليه السلام إلي مكة، فلما رحلنا عن الأبواء كان علي راحلته وكنت أمشي، فرأي غنماً وإذا نعجة قد تخلفت عن الغنم وهي تثفو ثفاءً شديداً وتلتفت، وإذا سخلة خلفها تثفو وتشتد في طلبها، وكلما قامت السخلة ثغت النعجة فتبعتها السخلة، فقال علي عليه السلام:

يا عبد العزيز أ تدري ما قالت النعجة؟

قال: قلت: لا والله ما أدري.

قال: فإنها قالت: الحقي بالغنم فإن أختها عام أول تخلفت في هذا الموضع فأكلها الذئب.

ما تقول الظبية؟()

عن حمران بن أعين، قال: كان أبو محمد علي بن الحسين عليه السلام قاعداً في جماعة من أصحابه، إذ جاءته ظبية فبصبصت وضربت بيديها، فقال أبو محمد عليه السلام:

أتدرون ما تقول الظبية؟

قالوا: لا.

قال: تزعم أن فلان بن فلان رجلا من قريش اصطاد خشفاً لها في هذا اليوم، وإنما جاءت إليَّ تسألني أن أسأله أن يضع الخشف بين يديها فترضعه.

فقال علي بن الحسين عليه السلام لأصحابه: قوموا بنا إليه.

فقاموا بأجمعهم فأتوه، فخرج إليهم قال: فداك أبي وأمي ما حاجتك؟

فقال: أسألك بحقي عليك إلا أخرجت إليَّ هذه الخشف التي اصطدتها اليوم.

فأخرجها فوضعها بين يدي أمها فأرضعتها.

ثم قال علي بن الحسين عليه السلام: أسألك يا فلان لما وهبت لي هذه الخشف؟

قال: قد فعلت.

قال: فأرسل الخشف مع الظبية، فمضت الظبية فبصبصت وحركت ذنبها.

فقال علي بن الحسين عليه السلام: أتدرون ما تقول الظبية؟

قالوا: لا.

قال: إنها تقول: رد الله عليكم كل غائب لكم، وغفر لعلي بن الحسين عليه السلام كما رد عليَّ ولدي.

عقل أو غريزة ()

ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة:

معرفتها بالرب تبارك وتعالي.

ومعرفتها بالموت.

ومعرفتها بالأنثي من الذكر.

ومعرفتها بالمرعي الخصب.

خزائن العلم()

آيات القرآن خزائن العلم، فكلما فتحت خزانة، فينبغي لك أن تنظر ما فيها.

أخلاق

ثلاثة من ثلاثة()

أخذ الناس ثلاثة من ثلاثة:

أخذوا الصبر عن أيوب عليه السلام.

والشكر عن نوح عليه السلام.

والحسد من بني يعقوب.

الخوف من الله()

إن رجلا ركب البحر بأهله فكسر بهم، فلم ينج ممن كان في السفينة إلا امرأة الرجل، فإنها نجت علي لوح من ألواح السفينة، حتي ألجأت إلي جزيرة من جزائر البحر، وكان في تلك الجزيرة رجل يقطع الطريق، ولم يدع لله حرمة إلا انتهكها، فلم يعلم إلا والمرأة قائمة علي رأسه، فرفع رأسه إليها فقال: إنسية أم جنية؟

فقالت: إنسية.

فلم يكلمها كلمة حتي جلس منها مجلس الرجل من أهله.

فلما أن همّ بها اضطربت.

فقال لها: ما لكِ تضطربين؟

فقالت: أفرق من هذا، وأومأت بيدها إلي السماء.

قال: فصنعتِ من هذا شيئاً؟

قالت: لا وعزته.

قال: فأنتِ تفرقين منه هذا الفرق ولم تصنعي من هذا شيئاً وإنما استكرهتكِ استكراهاً، فأنا والله أولي بهذا الفرق والخوف وأحق منك.

قال: فقام ولم يحدث شيئاً، ورجع إلي أهله، وليس له همة إلا التوبة والمراجعة.

فبينما هو يمشي إذ صادفه راهب يمشي في الطريق، فحميت عليهما الشمس، فقال الراهب للشاب: ادع الله يظلّنا بغمامة فقد حميت علينا الشمس.

فقال الشاب: ما أعلم أن لي عند ربي حسنة فأتجاسر علي أن أسأله شيئاً.

قال: فأدعو أنا وتؤمن أنت؟

قال: نعم.

فأقبل الراهب يدعو والشاب يؤمّن.

فما كان بأسرع من أن أظلتهما غمامة، فمشيا تحتها ملياً من النهار، ثم تفرقت الجادة جادتين فأخذ الشاب في واحدة وأخذ الراهب في واحدة، فإذا السحاب مع الشاب.

فقال الراهب: أنت خير مني، لك استجيب ولم يستجب لي، فأخبرني ما قصتك.

فأخبره بخبر المرأة.

فقال: غُفِرَ لك ما مضي حيث دخلك الخوف، فانظر كيف تكون فيما تستقبل.

الغضب للحق()

لم يدخل الجنة حمية غير حمية حمزة بن عبد المطلب، وذلك حين أسلم غضباً للنبي صلواة الله عليه و اله في حديث السلي الذي ألقي علي النبي صلواة الله عليه و اله.

نوايا إنسانية()

كان رجل موسر علي عهد النبي صلواة الله عليه و اله في دار له حديقة، وله جار له صبية، فكان يتساقط الرطب عن النخلة فيشدون صبيانه يأكلونه، فيذرون [فيأتي] الموسر فيخرج الرطب من جوف أفواه الصبية.

فشكا الرجل ذلك إلي النبي صلواة الله عليه و اله.

فأقبل صلواة الله عليه و اله وحده إلي الرجل فقال: بعني حديقتك هذه بحديقة في الجنة.

فقال له الموسر: لا أبيعك عاجلاً بآجل.

فبكي النبي صلواة الله عليه و اله ورجع نحو المسجد.

فلقيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له: يا رسول الله صلواة الله عليه و اله ما يبكيك لا أبكي الله عينيك؟

فأخبره خبر الرجل الضعيف والحديقة.

فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام تحو الرجل الموسر حتي استخرجه من منزله وقال له: بعني دارك.

قال الموسر: بحائطك الحسني، فصفق علي يده ودار إلي الضعيف فقال له: در إلي دارك فقد ملككها الله رب العالمين.

وأقبل أمير المؤمنين عليه السلام ونزل جبرئيل عليه السلام علي النبي صلواة الله عليه و اله فقال له: يا محمد اقرأ: ?واللَّيْلِ إِذا يَغْشي ? والنَّهارِ إِذا تَجَلَّي ? وما خَلَقَ الذَّكَرَ والأُنْثي?()، إلي آخر السورة.

فقام النبي صلواة الله عليه و اله فقبل بين عينيه ثم قال: بأبي أنت وأمي قد أنزل الله فيك هذه السورة كاملة().

السخاء وحسن الخلق()

خرج رسول الله صلواة الله عليه و اله ذات يوم وصلي الفجر، ثم قال: معاشر الناس أيكم ينهض إلي ثلاثة نفر قد آلوا () باللات والعزي ليقتلوني وقد كذبوا ورب الكعبة.

قال: فأحجم الناس وما تكلم أحد.

فقال: ما أحسب علي بن أبي طالب عليه السلام فيكم.

فقام إليه عامر بن قتادة فقال: إنه وعك في هذه الليلة ولم يخرج يصلي معك، أفتأذن لي أن

أخبره.

فقال النبي صلواة الله عليه و اله: شأنك، فمضي إليه فأخبره، فخرج أمير المؤمنين عليه السلام كأنه نشط من عقال، وعليه إزار قد عقد طرفيه علي رقبته، فقال: يا رسول الله ما هذا الخبر؟

قال: هذا رسول ربي يخبرني عن ثلاثة نفر قد نهضوا إليَّ لقتلي وقد كذبوا ورب الكعبة.

فقال علي عليه السلام: يا رسول الله أنا لهم سرية وحدي، هو ذا ألبس عليَّ ثيابي.

فقال رسول الله صلواة الله عليه و اله: بل هذه ثيابي وهذا درعي وهذا سيفي، فدرّعه وعمّمه وقلّده وأركبه فرسه.

وخرج أمير المؤمنين عليه السلام فمكث ثلاثة أيام.

إلي أن قال: وأقبل علي أمير المؤمنين عليه السلام ومعه أسيران ورأس، وثلاثة أبعرة وثلاثة أفراس.

إلي أن قال: يا رسول الله لما صرت في الوادي رأيت هؤلاء ركباناً علي الأباعر فنادوني من أنت؟

فقلت: أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلواة الله عليه و اله.

فقالوا: ما نعرف لله من رسول، سواء علينا وقعنا عليك أو علي محمد، وشد عليَّ هذا المقتول، ودار بيني وبينه ضربات، وهبت ريح حمراء سمعت صوتك فيها يا رسول الله وأنت تقول: قد قطعت لك جربان درعه فاضرب حبل عاتقه، فضربته فلم أخفه [أحفه].

ثم هبت ريح صفراء سمعت صوتك فيها يا رسول الله وأنت تقول: قد قلبت لك الدرع عن فخذه فاضرب فخذه.

فضربته ووكزته، وقطعت رأسه ورميت به.

وقال لي هذان الرجلان: بلغنا أن محمداً رفيق شفيق رحيم، فاحملنا إليه ولا تعجل علينا، وصاحبنا كان يعد بألف فارس.

فقال النبي صلواة الله عليه و اله: يا علي أما الصوت الأول الذي صك مسامعك فصوت جبرئيل، وأما الآخر فصوت ميكائيل، قدم إليَّ أحد الرجلين.

فقدمه فقال: قل: لا إله إلا الله، واشهد أني رسول

الله.

فقال: لنقل جبل أبي قبيس أحب إليَّ من أن أقول هذه الكلمة.

قال: يا علي أخره واضرب عنقه.

ثم قال: قدم الآخر، فقال: قل: لا إله إلا الله واشهد أني رسول الله.

قال: ألحقني بصاحبي.

قال: يا علي أخره واضرب عنقه.

فأخره، وقام أمير المؤمنين عليه السلام ليضرب عنقه، فهبط جبرئيل عليه السلام علي النبي صلواة الله عليه و اله فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول: لا تقتله فإنه حسن الخلق سخي في قومه.

فقال النبي صلواة الله عليه و اله: يا علي، أمسك فإن هذا رسول ربي عزوجل يخبرني أنه حسن الخلق سخي في قومه.

فقال المشرك تحت السيف: هذا رسول ربك يخبرك؟

قال: نعم.

قال: والله ما ملكت درهما مع أخ لي قط، ولا قطبت وجهي في الحرب، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.

فقال رسول الله صلواة الله عليه و اله: هذا ممن جره حسن خلقه وسخاؤه إلي جنات النعيم.

الرد الجميل()

وقف علي علي بن الحسين عليه السلام رجل فأسمعه وشتمه، فلم يكلمه، فلما انصرف قال عليه السلام لجلسائه:

قد سمعتم ما قال هذا الرجل، وأنا أحب أن تبلغوا معي إليه حتي تسمعوا ردي عليه.

قال: فقالوا له: نفعل، ولقد كنا نحب أن تقول له ونقول.

قال: فأخذ نعليه ومشي وهو يقول: ?والْكاظِمِينَ الْغَيْظَ والْعافِينَ عَنِ النَّاسِ واللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ?()، فعلمنا أنه لا يقول له شيئاً.

قال: فخرج حتي أتي منزل الرجل، فصرخ به فقال: قولوا له: هذا علي ابن الحسين.

قال: فخرج إلينا متوثباً للشر، وهو لا يشك أنه إنما جاءه مكافئاً له علي بعض ما كان منه.

فقال له علي بن الحسين عليه السلام: يا أخي إنك كنت قد وقفت عليَّ آنفاً فقلت وقلت، فإن كنت قلت ما فيَّ فأستغفر الله

منه، وإن كنت قلت ما ليس فيَّ فغفر الله لك.

قال: فقبّل الرجل ما بين عينيه، وقال: بل قلت فيك ما ليس فيك وأنا أحق به.

مع الجذامي()

أن علي بن الحسين عليه السلام مر علي المجذومين، وهو راكب حماره وهم يتغدون، فدعوه إلي الغداء فقال:

إني صائم ولولا أني صائم لفعلت.

فلما صار إلي منزله أمر بطعام فصنع، وأمر أن يتنوقوا فيه، ثم دعاهم فتغدوا عنده وتغدي معهم.

لين الجانب()

روي أن علي بن الحسين عليه السلام دعا مملوكه مرتين، فلم يجبه، ثم أجابه في الثالثة، فقال عليه السلام له:

يا بني أما سمعت صوتي؟

قال: بلي.

قال: فما بالك لم تجبني؟

قال: أمنتك.

فقال: الحمد لله الذي جعل مملوكي آمناً مني.

ضمان ووفاء()

حضرت زيد بن أسامة بن زيد الوفاة فجعل يبكي، فقال له: علي بن الحسين عليه السلام:

ما يبكيك؟

قال: يبكيني أن عليَّ خمسة عشر ألف دينار ولم أترك لها وفاء.

فقال له علي بن الحسين عليه السلام: لا تبك فهي عليَّ وأنت منها بريء، فقضاها عنه.

بلا اقتراح()

مرضت مرضاً شديداً، فقال لي أبي عليه السلام: ما تشتهي؟

فقلت: أشتهي أن أكون ممن لا أقترح علي الله ربي ما يدبره لي.

فقال لي: أحسنت، ضاهيت إبراهيم الخليل (صلوات الله عليه) حيث قال جبرئيل عليه السلام: هل من حاجة؟

فقال: لا أقترح علي ربي بل حسبي الله ونعم الوكيل.

كظم وإحسان()

جعلت جارية لعلي بن الحسين عليه السلام تسكب الماء عليه وهو يتوضأ للصلاة، فسقط الإبريق من يد الجارية علي وجهه فشجه، فرفع علي بن الحسين عليه السلام رأسه إليها، فقالت الجارية: إن الله عزوجل يقول: ?والْكاظِمِينَ الْغَيْظَ?، فقال لها:

قد كظمت غيظي.

قالت: ?والْعافِينَ عَنِ النَّاسِ?.

قال: قد عفي الله عنكِ.

قالت: ?واللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ?().

قال: اذهبي فأنت حرة.

آه لولا القصاص()

حججت مع علي بن الحسين عليه السلام فالتاثت عليه الناقة في سيرها، فأشار إليها بالقضيب، ثم قال:

آه، لولا القصاص.

ورد يده عنها.

التصدق بالكسوة()

كان زين العابدين عليه السلام إذا انقضي الشتاء تصدق بكسوته، وإذا انقضي الصيف تصدق بكسوته، وكان يلبس من خز اللباس، فقيل له: تعطيها من لا يعرف قيمتها ولا يليق به لباسها، فلو بعتها فتصدقت بثمنها. فقال:

إني أكره أن أبيع ثوبا صليت فيه.

مع والي المدينة()

كان هشام بن إسماعيل يؤذي علي بن الحسين عليه السلام في إمارته، فلما عزل أمر به الوليد أن يوقف للناس، فقال: ما أخاف إلا من علي بن الحسين، وقد وقف عند دار مروان، وكان علي عليه السلام قد تقدم إلي خاصته:

ألاّ يعرض له أحد منكم بكلمة …

كما أنفذ إليه من يقول له:

انظر إلي ما أعجزك من مال تؤخذ به فعندنا ما يسعك، فطب نفساً منا ومن كل من يطيعنا، فنادي هشام: الله أعلم حيث يجعل رسالاته.

ضمان مقبول()

احتضر عبد الله فاجتمع غرماؤه فطالبوه بدين لهم، فقال: لا مال عندي أعطيكم ولكن ارضوا بمن شئتم من ابني عمي علي بن الحسين عليه السلام وعبد الله بن جعفر. فقال الغرماء: عبد الله بن جعفر ملي مطول، وعلي بن الحسين عليه السلام رجل لا مال له صدوق فهو أحب إلينا. فأرسل إليه فأخبره الخبر، فقال عليه السلام:

أضمن لكم المال إلي غلة ولم تكن له غلة.

قال: فقال القوم: قد رضينا وضمنه، فلما أتت الغلة أتاح الله له المال فأوفاه.

صبر وشكر()

سمع علي بن الحسين عليه السلام واعية في بيته وعنده جماعة، فنهض إلي منزله ثم رجع إلي مجلسه. فقيل له: أمن حدث كانت الواعية؟

قال: نعم.

فعزوه، وتعجبوا من صبره.

فقال: إنا أهل بيت نطيع الله عزوجل فيما يحب، ونحمده فيما نكره.

الرد الحسن()

شتم رجل علي بن الحسين عليه السلام فقال له:

يا فتي إن بين أيدينا عقبة كئوداً، فإن جزت منها فلا أبالي بما تقول، وإن أتحير فيها فأنا شر مما تقول.

وسبه عليه السلام رجل، فسكت عنه.

فقال: إياك أعني.

فقال عليه السلام: وعنك أغضي.

وكسرت جارية له قصعة فيها طعام فاصفر وجهها، فقال: اذهبي فأنت حرة لوجه الله.

الدفع بالأحسن()

انتهي علي بن الحسين عليه السلام إلي قوم يغتابونه، فوقف عليهم، فقال لهم:

إن كنتم صادقين فغفر الله لي، وإن كنتم كاذبين فغفر الله لكم.

مرحباً بك()

وكان علي بن الحسين عليه السلام إذا أتاه السائل يقول:

مرحباً بمن يحمل لي زادي إلي الآخرة.

التواضع لله()

قال طاووس: رأيت رجلاً، يصلي في المسجد الحرام تحت الميزاب، يدعو ويبكي في دعائه، فجئته حين فرغ من الصلاة، فإذا هو علي بن الحسين عليه السلام، فقلت له: يا ابن رسول الله رأيتك علي حالة كذا، ولك ثلاثة أرجو أن تؤمنك الخوف: أحدها أنك ابن رسول الله صلواة الله عليه و اله، والثاني شفاعة جدك، والثالث رحمة الله. فقال:

يا طاووس، أما أني ابن رسول الله صلواة الله عليه و اله فلا يؤمنني، وقد سمعت الله تعالي يقول: ?فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ ولا يَتَساءلُونَ?().

وأما شفاعة جدي فلا تؤمنني؛ لأن الله تعالي يقول: ?ولا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضي?().

وأما رحمة الله، فإن الله تعالي يقول: إنها قريبة من المحسنين() ولا أعلم أني محسن.

لا ترد سائلاً()

حضرت علي بن الحسين عليه السلام يوماً حين صلي الغداة، فإذا سائل بالباب، فقال علي بن الحسين عليه السلام:

أعطوا السائل ولا تردوا سائلاً.

من شروط الوعظ()

روي أن زين العابدين عليه السلام مر بالحسن البصري وهو يعظ الناس بمني، فوقف عليه السلام عليه، ثم قال:

أمسك، أسألك عن الحال التي أنت عليها مقيم، أترضاها لنفسك فيما بينك وبين الله للموت إذا نزل بك غداً؟

قال: لا.

قال: أفتحدث نفسك بالتحول والانتقال عن الحال التي لا ترضاها لنفسك إلي الحال التي ترضاها؟

قال: فأطرق ملياً، ثم قال: إني أقول ذلك بلا حقيقة.

قال: أفترجو نبياً بعد محمد صلواة الله عليه و اله يكون لك معه سابقة؟

قال: لا.

قال: أفترجو داراً غير الدار التي أنت فيها ترد إليها فتعمل فيها؟

قال: لا.

قال: أفرأيت أحداً به مسكة عقل رضي لنفسه من نفسه بهذا، إنك علي حال لا ترضاها، ولا تحدث نفسك بالانتقال إلي حال ترضاها علي حقيقة، ولا ترجو نبياً بعد محمد صلواة الله عليه و اله، ولا داراً غير الدار التي أنت فيها فترد إليها فتعمل فيها، وأنت تعظ الناس.

قال: فلما ولي عليه السلام قال الحسن البصري: من هذا؟

قالوا: علي بن الحسين عليه السلام.

قال: أهل بيت علم.

فما رئي الحسن البصري بعد ذلك يعظ الناس.

ضمان وأداء()

لما حضر محمد بن أسامة الموت، دخلت عليه بنو هاشم فقال لهم: قد عرفتم قرابتي ومنزلتي منكم، وعليَّ دين فأحب أن تضمنوه عني، فقال علي بن الحسين عليه السلام:

أما والله ثلث دينك عليَّ.

ثم سكت عليه السلام وسكتوا.

فقال علي بن الحسين عليه السلام: عليَّ دينك كله.

ثم قال علي بن الحسين عليه السلام: أما إنه لم يمنعني أن أضمنه أولاً إلا كراهة أن يقولوا: سبقنا.

أنت حر لوجه الله()

كان عند زين العابدين عليه السلام قوم أضياف، فاستعجل خادماً له بشواء كان في التنور، فأقبل به الخادم مسرعاً، فسقط السفود() منه علي رأس بنيّ لعلي بن الحسين عليه السلام تحت الدرجة، فأصاب رأسه فقتله. فقال علي عليه السلام للغلام وقد تحير الغلام واضطرب:

أنت حر، فإنك لم تعتمده.

وأخذ في جهاز ابنه ودفنه.

مفارقات المؤمن والمنافق()

المؤمن خلط علمه بالحلم، يجلس ليعلم، وينصت ليسلم، وينطق ليفهم، لايحدّث أمانته الأصدقاء، ولا يكتم شهادته الأعداء، ولا يفعل شيئاً من الحق رياء، ولا يتركه حياء، إن زكي خاف مما يقولون، ويستغفر الله مما لا يعلمون، لا يغره قول من جهله، ويخشي إحصاء من قد علمه.

والمنافق ينهي ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي، إذا قام في الصلاة اعترض، وإذا ركع ربض، وإذا سجد نقر، وإذا جلس شغر، يمسي وهمه الطعام وهو مفطر، ويصبح وهمه النوم ولم يسهر، إن حدثك كذبك، وإن وعدك أخلفك، وإن ائتمنته خانك، وإن خالفته اغتابك.

سمات المؤمن()

عن طاووس بن اليمان قال: سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول:

علامات المؤمن خمس.

قلت: وما هن يا ابن رسول الله؟

قال:

الورع في الخلوة.

والصدقة في القلة.

والصبر عند المصيبة.

والحلم عند الغضب.

والصدق عند الخوف.

من كمال المؤمن()

عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: كان أبي علي بن الحسين عليه السلام يقول:

أربع من كن فيه كمل إيمانه، ومحصت عنه ذنوبه، ولقي ربه وهو عنه راض:

من وفي لله بما جعل علي نفسه للناس.

وصدق لسانه مع الناس.

واستحيا من كل قبيح عند الله وعند الناس.

وحسن خلقه مع أهله.

كمال المسلم()

إن المعرفة بكمال دين المسلم: تركه الكلام فيما لا يعنيه، وقلة مرائه، وحلمه، وصبره، وحسن خلقه.

الزهد ودرجاته()

قال رجل لعلي بن الحسين عليه السلام: ما الزهد؟ قال:

الزهد عشرة أجزاء، فأعلي درجات الزهد أدني درجات الرضا، ألا وإن الزهد في آية من كتاب الله:

?لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلي ما فاتَكُمْ ولا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ?().

من آثار خوف الله()

كان في بني إسرائيل رجل ينبش القبور، فاعتل جار له فخاف الموت، فبعث إلي النباش فقال له: كيف كان جواري لك؟

قال: أحسن جوار.

قال: فإن لي إليك حاجة.

قال: قضيت حاجتك.

قال: فأخرج إليه كفنين، فقال: أحب أن تأخذ أحبهما إليك، وإذا دفنت فلا تنبشني.

فامتنع النباش من ذلك وأبي أن يأخذه.

فقال له الرجل: أحب أن تأخذه.

فلم يزل به حتي أخذ أحبهما إليه.

ومات الرجل.

فلما دفن، قال النباش: هذا قد دفن، فما علمه بأني تركت كفنه أو أخذته، لآخذنَه، فأتي قبره فنبشه، فسمع صائحاً يقول ويصيح به:

لا تفعل.

ففزع النباش من ذلك، فتركه وترك ما كان عليه، وقال لولده: أي أب كنت لكم؟

قالوا: نعم الأب كنت لنا.

قال: فإن لي إليكم حاجة.

قالوا: قل ما شئت، فإنا سنصير إليه إن شاء الله.

قال: وأحب إذا أنا مت أن تأخذوني فتحرقوني بالنار، فإذا صرت رماداً فادفنوني، ثم تعمدوا بي ريحاً عاصفاً، فذروا نصفي في البر، ونصفي في البحر.

قالوا: نفعل، فلما مات، فعل به ولده ما أوصاهم به، فلما ذروه قال الله ? للبر: اجمع ما فيك، وقال للبحر: اجمع ما فيك، فإذا الرجل قائم بين يدي الله ?، فقال الله عزوجل: ما حملك علي ما أوصيت به ولدك أن يفعلوه بك؟

قال: حملني علي ذلك وعزتك خوفك.

فقال الله ?: فإني سأرضي خصومك، وقد آمنت خوفك، وغفرت لك.

صفات الأولياء()

عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي بن الحسين عليه السلام: ?أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ?()، قال:

إذا أدوا فرائض الله، وأخذوا بسنن رسول الله صلواة الله عليه و اله، وتورعوا عن محارم الله، وزهدوا في عاجل زهرة الدنيا، ورغبوا فيما عند الله، واكتسبوا الطيب من رزق الله، لا يريدون به التفاخر

والتكاثر، ثم أنفقوا فيما يلزمهم من حقوق واجبة، فأولئك الذين بارك الله لهم فيما اكتسبوا، ويثابون علي ما قدموا لآخرتهم.

خير الناس وأعبدهم()

من عمل بما فرض الله عليه، فهو من خير الناس.

ومن اجتنب ما حرّم الله عليه، فهو من أعبد الناس.

ومن قنع بما قسم الله له، فهو من أغني الناس.

أشكر الناس()

إن الله يحب كل قلب حزين، ويحب كل عبد شكور، يقول الله تبارك وتعالي لعبد من عبيده يوم القيامة: أشكرت فلاناً؟

فيقول: بل شكرتك يا رب.

فيقول: لم تشكرني إذ لم تشكره.

ثم قال: أشكركم لله أشكركم للناس.

أعلي درجات اليقين()

الرضا بمكروه القضاء، من أعلي درجات اليقين.

إياك وما يعتذر منه()

أظهر اليأس من الناس؛ فإن ذلك هو الغني.

وأقل طلب الحوائج إليهم؛ فإن ذلك فقر حاضر.

وإياك وما يعتذر منه.

وصلّ صلاة مودع.

وإن استطعت أن تكون اليوم خيراً منك أمس، وغداً خيراً منك اليوم فافعل.

الكلام أو السكوت؟()

سُئل علي بن الحسين عليه السلام عن الكلام والسكوت أيهما أفضل؟ فقال عليه السلام:

لكل واحد منهما آفات، فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت.

قيل: وكيف ذاك يا ابن رسول الله صلواة الله عليه و اله؟

قال: لأن الله عزوجل ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت إنما بعثهم بالكلام، ولا استحقت الجنة بالسكوت، ولا استوجب ولاية الله بالسكوت، ولا توقيت النار بالسكوت، ولا تجنب سخط الله بالسكوت، إنما ذلك كله بالكلام، وما كنت لأعدل القمر بالشمس، إنك تصف فضل السكوت بالكلام، ولست تصف فضل الكلام بالسكوت.

قولوا للناس حسناً()

القول الحسن يثري المال، وينمي الرزق، وينسي في الأجل، ويحبب إلي الأهل، ويدخل الجنة.

أهل الفضل()

إذا كان يوم القيامة، جمع الله تبارك وتعالي الأولين والآخرين في صعيد واحد، ثم ينادي مناد: أين أهل الفضل؟

قال: فيقوم عنق من الناس.

فتلقاهم الملائكة فيقولون: وما كان فضلكم؟

فيقولون: كنا نصل من قطعنا، ونعطي من حرمنا، ونعفو عمن ظلمنا.

قال: فيقال لهم: صدقتم، ادخلوا الجنة.

ليدركك حلمك()

إنه ليعجبني الرجل أن يدركه حلمه عند غضبه.

أبغض الدنيا()

سئل علي بن الحسين عليه السلام: أي الأعمال أفضل عند الله؟ قال:

ما من عمل بعد معرفة الله عزوجل ومعرفة رسوله صلواة الله عليه و اله أفضل من بغض الدنيا؛ فإن لذلك لشعباً كثيرة، وللمعاصي شعب.

فأول ما عصي الله به الكبر وهي معصية إبليس حين: ?أَبي واسْتَكْبَرَ وكانَ مِنَ الْكافِرِينَ?().

ثم الحرص وهي معصية آدم وحواء ? حين قال الله عزوجل لهما: ?فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما ولا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ?()، فأخذا ما لا حاجة بهما إليه، فدخل ذلك علي ذريتهما إلي يوم القيامة؛ وذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به إليه.

ثم الحسد وهي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله، فتشعب من ذلك حب النساء، وحب الدنيا، وحب الرئاسة، وحب الراحة، وحب الكلام، وحب العلو والثروة، فصرن سبع خصال فاجتمعن كلهن في حب الدنيا.

فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك: حب الدنيا رأس كل خطيئة، والدنيا دنياءان: دنيا بلاغ، ودنيا ملعونة.

مقياس العصبية()

سُئل علي بن الحسين عليه السلام عن العصبية؟ فقال:

العصبية التي يأثم عليها صاحبها، أن يري الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين، وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه، ولكن من العصبية أن يعين قومه علي الظلم.

الذنوب مع الويلات()

الذنوب التي تغير النعم: البغي علي الناس، والزوال عن العادة في الخير واصطناع المعروف، وكفران النعم، وترك الشكر، قال الله عزوجل: ?إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّي يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ?().

والذنوب التي تورث الندم: قتل النفس التي حرم الله، قال الله تعالي: ?ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ?()، وقال عزوجل في قصة قابيل حين قتل أخاه هابيل، فعجز عن دفنه فسوّلت له نفسه قتل أخيه فقتله: ?فَأَصْبَحَ مِنَ

النَّادِمِينَ?()، وترك صلة القرابة حتي يستغنوا، وترك الصلاة حتي يخرج وقتها، وترك الوصية ورد المظالم، ومنع الزكاة حتي يحضر الموت وينغلق اللسان.

والذنوب التي تنزل النقم: عصيان العارف بالبغي، والتطاول علي الناس، والاستهزاء بهم، والسخرية منهم.

والذنوب التي تدفع القسم: إظهار الافتقار، والنوم عن العتمة وعن صلاة الغداة، واستحقار النعم، وشكوي المعبود عزوجل.

والذنوب التي تهتك العصم: شرب الخمر، واللعب بالقمار، وتعاطي ما يضحك الناس من اللغو والمزاح، وذكر عيوب الناس، ومجالسة أهل الريب.

والذنوب التي تنزل البلاء: ترك إغاثة الملهوف، وترك معاونة المظلوم، وتضييع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

والذنوب التي تديل الأعداء: المجاهرة بالظلم، وإعلان الفجور، وإباحة المحظور، وعصيان الأخيار، والانطباع() للأشرار.

والذنوب التي تعجّل الفناء: قطيعة الرحم، واليمين الفاجرة، والأقوال الكاذبة، والزناء، وسد طرق المسلمين، وادعاء الإمامة بغير حق.

والذنوب التي تقطع الرجاء: اليأس من رَوح الله، والقنوط من رحمة الله، والثقة بغير الله، والتكذيب بوعد الله عزوجل.

والذنوب التي تظلم الهواء: السحر والكهانة، والإيمان بالنجوم، والتكذيب بالقدر، وعقوق الوالدين.

والذنوب التي تكشف الغطاء: الاستدانة بغير

نية الأداء، والإسراف في النفقة علي الباطل، والبخل علي الأهل والولد وذوي الأرحام، وسوء الخلق، وقلة الصبر، واستعمال الضجر، والكسل، والاستهانة بأهل الدين.

والذنوب التي ترد الدعاء: سوء النية، وخبث السريرة، والنفاق مع الإخوان، وترك التصديق بالإجابة، وتأخير الصلوات المفروضات حتي تذهب أوقاتها، وترك التقرب إلي الله عزوجل بالبر والصدقة، واستعمال البذاء، والفحش في القول.

والذنوب التي تحبس غيث السماء: جور الحكام في القضاء، وشهادة الزور، وكتمان الشهادة، ومنع الزكاة والقرض والماعون، وقساوة القلوب علي أهل الفقر والفاقة، وظلم اليتيم والأرملة، وانتهار السائل ورده بالليل.

أجمل خطوة()

ما من خطوة أحب إلي الله عزوجل من خطوتين:

خطوة يسد بها المؤمن صفاً في سبيل الله.

وخطوة إلي ذي رحم قاطع.

وما من جرعة أحب إلي الله عزوجل من جرعتين:

جرعة غيظ ردها مؤمن بحلم.

وجرعة مصيبة ردها مؤمن بصبر.

وما من قطرة أحب إلي الله عزوجل من قطرتين:

قطرة دم في سبيل الله.

وقطرة دمعة في سواد الليل لا يريد بها عبد إلا الله عزوجل.

اقطع طمعك()

رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس.

ومن لم يرج الناس في شي ء وردّ أمره إلي الله عزوجل في جميع أموره، استجاب الله عزوجل له في كل شي.

أداء الأمانة()

عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام يقول لشيعته:

عليكم بأداء الأمانة، فو الذي بعث محمداً بالحق نبياً لو أن قاتل أبي الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ائتمنني علي السيف الذي قتله به لأديته إليه.

كف لسانك()

من كف عن أعراض المسلمين أقاله الله عزوجل عثرته يوم القيامة.

تعز بثواب الآخرة()

من تعزي عن الدنيا بثواب الآخرة فقد تعزي عن حقير بخطير، وأعظم من ذلك من عد فائتها سلامة نالها، وغنيمة أعين عليها.

الغني الحاضر()

طلب الحوائج إلي الناس مذلة للحياة، ومذهبة للحياء، واستخفاف بالوقار، وهو الفقر الحاضر.

وقلة طلب الحوائج من الناس هو الغني الحاضر.

أحبكم إلي الله()

إن أحبكم إلي الله أحسنكم عملاً.

وإن أعظمكم عند الله عملاً أعظمكم فيما عند الله رغبة.

وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله.

وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقاً.

وإن أرضاكم عند الله أسبغكم علي عياله.

وإن أكرمكم علي الله أتقاكم لله.

نفائس الأخلاق()

خمس لو رحلتم فيهن لأنضيتموهن وما قدرتم علي مثلهن:

لا يخاف عبد إلا ذنبه.

ولا يرجو إلا ربه.

ولا يستحيي الجاهل إذا سُئل عما لا يعلم أن يتعلم.

والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.

ولا إيمان لمن لا صبر له.

المحابة في الله()

قال له رجل: إني لأحبك في الله حبا شديداً، فنكس عليه السلام رأسه ثم قال:

اللهم إني أعوذ بك أن أحب فيك وأنت لي مبغض.

ثم قال له: أحبك للذي تحبني فيه.

لا تبخل()

إن الله ليبغض البخيل السائل الملحف.

من أخلاق المؤمن()

إن من أخلاق المؤمن: الإنفاق علي قدر الإقتار، والتوسع علي قدر التوسع، وإنصاف الناس من نفسه، وابتداؤه إياهم بالسلام.

منجيات المؤمن()

ثلاث منجيات للمؤمن:

كف لسانه عن الناس واغتيابهم.

وإشغاله نفسه بما ينفعه لآخرته ودنياه.

وطول البكاء علي خطيئته.

عفة البطن()

ما من شيء أحب إلي الله بعد معرفته: من عفة بطن وفرج.

وما من شيء أحب إلي الله من أن يُسأل.

الاستغناء بالله()

ما استغني أحد بالله إلا افتقر الناس إليه، ومن اتكل علي حسن اختيار الله عزوجل له لم يتمن أنه في غير الحال التي اختارها الله تعالي له.

عبادات

عليك بالقرآن()

عليك بالقرآن؛ فإن الله خلق الجنة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وجعل ملاطها المسك، وترابها الزعفران، وحصاها اللؤلؤ، وجعل درجاتها علي قدر آيات القرآن، فمن قرأ القرآن قال له: اقرأ وارق، ومن دخل منهم الجنة لم يكن أحد في الجنة أعلي درجة منه ما خلا النبيين والصديقين.

ثواب الدمعة()

أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي عليه السلام دمعة حتي تسيل علي خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقاباً.

وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعاً حتي تسيل علي خده لأذي مسنا من عدونا في الدنيا، بوأه الله مبوأ صدق في الجنة.

وأيما مؤمن مسه أذي فينا فدمعت عيناه حتي تسيل دمعه علي خديه من مضاضة ما أوذي فينا، صرف الله عن وجهه الأذي، وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار.

التزوّد للآخرة()

رأي الزهري علي بن الحسين عليه السلام ليلة باردة مطيرة، وعلي ظهره دقيق وحطب، وهو يمشي، فقال له: يا ابن رسول الله ما هذا؟

قال عليه السلام:

أريد سفراً أعد له زاداً أحمله إلي موضع حريز.

فقال الزهري: فهذا غلامي يحمله عنك.

فأبي.

قال: أنا أحمله عنك، فإني أرفعك عن حمله.

فقال علي بن الحسين عليه السلام: لكني لا أرفع نفسي عما ينجيني في سفري، ويحسن ورودي علي ما أرد عليه، أسألك بحق الله لما مضيت لحاجتك وتركتني.

فانصرفت عنه.

فلما كان بعد أيام قلت له: يا ابن رسول الله لست أري لذلك السفر الذي ذكرته أثراً.

قال: بلي يا زهري، ليس ما ظننته، ولكنه الموت وله كنت أستعد، إنما الاستعداد للموت تجنب الحرام، وبذل الندي والخير.

السهر في العبادة()

عن يوسف بن أسباط، عن أبيه قال: دخلت مسجد الكوفة، فإذا شاب يناجي ربه وهو يقول في سجوده:

سجد وجهي متعفراً في التراب لخالقي وحق له.

فقمت إليه، فإذا هو علي بن الحسين عليه السلام، فلما انفجر الفجر نهضت إليه، فقلت له: يا ابن رسول الله تعذب نفسك وقد فضلك الله بما فضلك؟

فبكي ثم قال:

حدثني عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلواة الله عليه و اله:

كل عين باكية يوم القيامة إلا أربعة أعين:

عين بكت من خشية الله.

وعين فقئت في سبيل الله.

وعين غضت عن محارم الله.

وعين باتت ساهرة ساجدة، يباهي بها الله الملائكة ويقول:

انظروا إلي عبدي روحه عندي، وجسده في طاعتي، قد جافي بدنه عن المضاجع، يدعوني خوفاً من عذابي، وطمعاً في رحمتي، اشهدوا أني قد غفرت له.

المداومة علي الخير()

إن علي بن الحسين عليه السلام كان لا يحب أن يعينه علي طهوره أحد، وكان يستقي الماء لطهوره ويخمره قبل أن ينام، فإذا قام من الليل بدأ بالسواك ثم توضأ ثم يأخذ في صلاته، وكان يقضي ما فاته من صلاة نافلة النهار في الليل، ويقول:

يا بني ليس هذا عليكم بواجب، ولكن أحب لمن عود منكم نفسه عادة من الخير أن يدوم عليها.

وكان عليه السلام لا يدع صلاة الليل في السفر والحضر.

الأنس بالقرآن()

لو مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي.

وكان عليه السلام إذا قرأ ?مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ?() يكررها حتي كاد أن يموت.

الجهاد أو الحج()

لقي عباد البصري علي بن الحسين عليه السلام في طريق مكة فقال له: يا علي بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته، وأقبلت علي الحج ولينه، وإن الله عز وجل يقول: ?إِنَّ اللهَ اشْتَرَي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَي بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ? التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ?()، فقال علي بن الحسين عليه السلام:

إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج.

من بركات الحج()

حجوا واعتمروا، تصح أجسامكم، وتتسع أرزاقكم، ويصلح إيمانكم، وتكفوا مئونة الناس ومئونة عيالكم.

العبادة المرضية()

إني أكره أن أعبد الله لا غرض لي إلا ثوابه، فأكون كالعبد الطمع المطيع، إن طمع عمل وإلا لم يعمل.

وأكره أن أعبده لا غرض لي إلا لخوف عقابه، فأكون كالعبد السوء إن لم يخف لم يعمل.

قيل له: فلم تعبده؟

قال: لما هو أهله بأياديه عليَّ وإنعامه.

المتهجدون بالليل()

سُئل علي بن الحسين عليه السلام ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجها؟ قال:

لأنهم خلوا بالله فكساهم الله من نوره.

السؤال في عرفة()

نظر علي بن الحسين عليه السلام يوم عرفة إلي رجال يسألون الناس. فقال:

هؤلاء شرار من خلق الله، الناس مقبلون علي الله، وهم مقبلون علي الناس.

الأضحية في الحج()

إذا ذبح الحاج كان فداه من النار.

الاستبشار بالحاج()

يا معشر من لم يحج، استبشروا بالحاج وصافحوهم وعظموهم؛ فإن ذلك يجب عليكم لتشاركوهم في الأجر.

من خلف حاجاً()

من خلف حاجاً في أهله وماله، كان له كأجره حتي كأنه يستلم الأحجار.

ما يخفف المصيبة()

ما أصيب أمير المؤمنين عليه السلام بمصيبة إلا صلي في ذلك اليوم ألف ركعة، وتصدق علي ستين مسكيناً، وصام ثلاثة أيام، وقال لأولاده: إذا أصبتم بمصيبة فافعلوا بمثل ما أفعل، فإني رأيت رسول الله صلواة الله عليه و اله هكذا يفعل، فاتبعوا أثر نبيكم ولا تخالفوه فيخالف الله بكم، إن الله تعالي يقول: ?ولَمَنْ صَبَرَ وغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ?().

ثم قال زين العابدين عليه السلام: فما زلت أعمل بعمل أمير المؤمنين عليه السلام.

ألف ركعة()

قيل لعلي بن الحسين عليه السلام ما أقل ولد أبيك؟ فقال:

العجب كيف ولدت له؟

كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة فمتي كان يتفرغ للنساء.

قبول الصلاة()

قال رجل لزين العابدين عليه السلام: تعرف الصلاة؟ فحملت عليه، فقال عليه السلام:

مهلاً يا أبا حازم، فإن العلماء هم الحلماء الرحماء.

ثم واجه السائل فقال: نعم أعرفها.

فسأله عن أفعالها وتروكها وفرائضها ونوافلها، حتي بلغ قوله: ما افتتاحها؟

قال: التكبير.

قال: ما برهانها؟

قال: القراءة.

قال: ما خشوعها؟

قال: النظر إلي موضع السجود.

قال: ما تحريمها؟

قال: التكبير.

قال: ما تحليلها؟

قال: التسليم.

قال: ما جوهرها؟

قال: التسبيح.

قال: ما شعارها؟

قال: التعقيب.

قال: ما تمامها؟

قال: الصلاة علي محمد وآل محمد عليهم السلام.

قال: ما سبب قبولها؟

قال: ولايتنا والبراءة من أعدائنا؟

قال: ما تركت لأحد حجة، ثم نهض يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته، وتواري.

السنة أحب إليَّ()

كان علي بن الحسين عليه السلام إذا سافر صلي ركعتين، ثم ركب راحلته، وبقي مواليه يتنفلون فيقف ينتظرهم، فقيل له: ألا تنهاهم؟ فقال:

إني أكره أن أنهي عبداً إذا صلي، والسنة أحب إليَّ.

هذا شهر شعبان()

قال أبو عبد الله عليه السلام: سمعت أبي يقول: كان أبي زين العابدين عليه السلام إذا هل شعبان جمع أصحابه فقال:

معاشر أصحابي أ تدرون أي شهر هذا؟

هذا شهر شعبان، وكان رسول الله صلواة الله عليه و اله يقول: شعبان شهري، ألا فصوموا فيه محبة لنبيكم، وتقرباً إلي ربكم.

فو الذي نفس علي بن الحسين بيده لسمعت أبي الحسين بن علي عليه السلام يقول: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: من صام شعبان محبة نبي الله صلواة الله عليه و اله وتقرباً إلي الله عزوجل أحبه الله عزوجل، وقربه من كرامته يوم القيامة، وأوجب له الجنة.

كلمات التمجيد()

عن أحمد بن محمد السياري بإسناده رفعه إلي أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: قلت: قولك مجدوا الله في خمس كلمات ما هي؟ قال:

إذا قلت: ?سبحان الله وبحمده? رفعت الله تبارك وتعالي عما يقول العادلون به.

فإذا قلت: ?لا إله إلا الله وحده لا شريك له? فهي كلمة الإخلاص التي لا يقولها عبد إلا أعتقه الله من النار إلا المستكبرين والجبارين.

ومن قال: ?لا حول ولا قوة إلا بالله? فوض الأمر إلي الله عزوجل.

ومن قال: ?أستغفر الله وأتوب إليه? فليس بمستكبر ولا جبار، إن المستكبر الذي يصر علي الذنب الذي قد غلبه هواه فيه وآثر دنياه علي آخرته.

ومن قال: ?الحمد لله? فقد أدي شكر كل نعمة لله عزوجل عليه.

الزيارة لوجه الله()

عن عبد الله بن مسكان قال: شهدت أبا عبد الله عليه السلام وقد أتاه قوم من أهل خراسان فسألوه عن إتيان قبر الحسين عليه السلام وما فيه من الفضل؟ قال: حدثني أبي، عن جدي أنه كان يقول:

من زاره يريد به وجه الله أخرجه الله من ذنوبه كمولود ولدته أمه، وشيعته الملائكة في مسيره فرفرفت علي رأسه قد صفوا بأجنحتهم عليه حتي يرجع إلي أهله، وسألت الملائكة المغفرة له من ربه، وغشيته الرحمة من أعنان السماء، ونادته الملائكة طبت وطاب من زرت وحفظ في أهله.

أحكام

تخصيص الجوائز()

إن رسول الله صلواة الله عليه و اله أجري الخيل، وجعل سبقها أواقي من فضة.

قنوطك أكبر()

كان الزهري عاملاً لبني أمية، فعاقب رجلاً، فمات الرجل في العقوبة، فخرج هائماً وتوحش ودخل إلي غار، فطال مقامه تسع سنين، قال: وحج علي بن الحسين عليه السلام، فأتاه الزهري،فقال له علي بن الحسين عليه السلام:

إني أخاف عليك من قنوطك ما لاأخاف عليك من ذنبك، فابعث بدية مسلمة إلي أهله، واخرج إلي أهلك ومعالم دينك.

فقال له: فرجت عني يا سيدي، الله أعلم حيث يجعل رسالاته.

ورجع إلي بيته ولزم علي بن الحسين عليه السلام، وكان يعد من أصحابه، ولذلك قال له بعض بني مروان: يا زهري ما فعل نبيك، يعني: علي بن الحسين عليه السلام.

من آداب الحمام()

عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حماماً بالمدينة، فإذا رجل في بيت المسلخ، فقال لنا:

ممن القوم؟

فقلنا: من أهل العراق.

فقال: وأي العراق؟

فقلنا: كوفيون.

فقال: مرحباً بكم، يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار().

ثم قال: ما يمنعكم من الأزر، فإن رسول الله صلواة الله عليه و اله قال: عورة المؤمن علي المؤمن حرام.

قال: ثم بعث إلي أبي كرباسة، فشقها بأربعة ثم أعطي كل واحد منا واحداً فدخلنا فيها.

فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الرجل، فإذا هو علي بن الحسين عليه السلام ومعه ابنه محمد بن علي عليه السلام.

هذا هو الدين()

عن أبي مالك قال: قلت لعلي بن الحسين عليه السلام: أخبرني بجميع شرائع الدين؟ قال:

قول الحق، والحكم بالعدل، والوفاء بالعهد.

إذا دخلت المسجد()

إذا دخلت المسجد والقوم يصلون فلا تسلّم عليهم، وسلّم علي النبي صلواة الله عليه و اله، ثم أقبل علي صلاتك.

وإذا دخلت علي قوم جلوس يتحدثون فسلّم عليهم.

المرور أمام المصلي()

كان الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام يصلي، فمر بين يديه رجل، فنهاه بعض جلسائه، فلما انصرف من صلاته، قال له: لِمَ نهيت الرجل؟

قال: يا ابن رسول الله حظر فيما بينك وبين المحراب.

فقال: ويحك، إن الله عزوجل أقرب إليَّ من أن يحظر فيما بيني وبينه أحد.

أبغض الناس إلي الله()

لا حسب لقرشي ولا لعربي إلا بتواضع.

ولا كرم إلا بتقوي.

ولا عمل إلا بنية.

ولا عبادة إلا بالتفقه.

ألا وإن أبغض الناس إلي الله من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله.

الابتهاج بالذنب()

إياك والابتهاج بالذنب؛ فإن الابتهاج به أعظم من ركوبه.

مواعظ

املئوا خيراً ()

إن الملك الموكل بالعبد يكتب في صحيفة أعماله، فاملئوا أولها وآخرها خيراً، يُغفر لكم ما بين ذلك.

نطفة وجيفة ()

عجبت للمتكبر الفخور كان أمس نطفة وهو غداً جيفة!

والعجب كل العجب لمن شك في الله وهو يري الخلق!

والعجب كل العجب لمن أنكر الموت وهو يري من يموت كل يوم وليلة!

والعجب كل العجب لمن أنكر النشأة الآخرة وهو يري الأولي!

والعجب كل العجب لعامر دار الفناء ويترك دار البقاء!

الموت للمؤمن والكافر()

قيل لعلي بن الحسين عليه السلام: ما الموت؟ قال:

للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة، وفك قيود وأغلال ثقيلة، والاستبدال بأفخر الثياب، وأطيبها روائح، وأوطأ المراكب، وآنس المنازل.

وللكافر كخلع ثياب فاخرة، والنقل عن منازل أنيسة، والاستبدال بأوسخ الثياب وأخشنها، وأوحش المنازل، وأعظم العذاب.

أشد الساعات()

أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات:

الساعة التي يعاين فيها ملك الموت.

والساعة التي يقوم فيها من قبره.

والساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك وتعالي، فإما إلي الجنة وإما إلي النار.

ثم قال: إن نجوت يا ابن آدم عند الموت فأنت أنت وإلا هلكت.

وإن نجوت يا ابن آدم حين توضع في قبرك فأنت أنت وإلا هلكت.

وإن نجوت حين يحمل الناس علي الصراط فأنت أنت وإلا هلكت.

وإن نجوت حين يقوم الناس لرب العالمين فأنت أنت وإلا هلكت.

ثم تلا: ?ومِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلي يَوْمِ يُبْعَثُونَ?()، قال: هو القبر، وإن لهم فيه لمعيشة ضنكاً، والله إن القبر لروضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.

ثم أقبل علي رجل من جلسائه فقال له: لقد علم ساكن السماء ساكن الجنة من ساكن النار، فأي الرجلين أنت؟ وأي الدارين دارك؟

بين خصال ثمان()

قيل لعلي بن الحسين عليه السلام: كيف أصبحت يا ابن رسول الله؟ قال:

أصبحت مطلوباً بثمان:

الله تعالي يطلبني بالفرائض.

والنبي صلواة الله عليه و اله بالسنة.

والعيال بالقوت.

والنفس بالشهوة.

والشيطان باتباعه.

والحافظان بصدق العمل

وملك الموت بالروح.

والقبر بالجسد.

فأنا بين هذه الخصال مطلوب.

كلمتان()

مرض علي بن الحسين عليه السلام مرضه الذي توفي فيه، فجمع أولاده محمد والحسن وعبد الله وعمر وزيد والحسين، وأوصي إلي ابنه محمد وكناه بالباقر، وجعل أمرهم إليه، وكان فيما وعظه في وصيته أن قال:

يا بني إن العقل رائد الروح، والعلم رائد العقل، والعقل ترجمان العلم.

واعلم أن العلم أبقي، واللسان أكثر هذراً.

واعلم يا بني أن صلاح شأن الدنيا بحذافيرها في كلمتين: إصلاح شأن المعاش مل ء مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل؛ لأن الإنسان لا يتغافل عن شي ء قد عرفه ففطن فيه.

واعلم أن الساعات تذهب غمك، وأنك لا تنال نعمة إلا بفراق أخري.

فإياك والأمل الطويل، فكم من مؤمل أملاً لا يبلغه، وجامع مال لا يأكله، ومانع مال سوف يتركه، ولعله من باطل جمعه، ومن حق منعه، أصابه حراماً وورثه عدواً، احتمل إصره، وباء بوزره، ذلك هو الخسران المبين.

إنك مسؤول()

ابن آدم، لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة من همك، وما كان الخوف لك شعاراً، والحزن لك دثاراً.

ابن آدم، إنك ميت ومبعوث، وموقوف بين يدي الله عزوجل ومسؤول، فأعد جواباً.

احذر لسانك()

إن لسان ابن آدم يشرف كل يوم علي جوارحه فيقول: كيف أصبحتم؟

فيقولون: بخير إن تركتنا.

ويقولون: الله الله فينا ويناشدونه ويقولون: إنما نثاب بك، ونعاقب بك.

خف الله()

خف الله تعالي لقدرته عليك، واستحي منه لقربه منك.

أبناء الآخرة ()

إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، ألا وكونوا من الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة، ألا إن الزاهدين في الدنيا اتخذوا الأرض بساطاً، والتراب فراشاً، والماء طيباً، وقرضوا من الدنيا تقريضاً، ألا ومن اشتاق إلي الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصائب.

ألا إن لله عباداً كمن رأي أهل الجنة في الجنة مخلدين، وكمن رأي أهل النار في النار معذبين، شرورهم مأمونة، وقلوبهم محزونة، أنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، صبروا أياماً قليلة فصاروا بعقبي راحة طويلة، أما الليل فصافون أقدامهم، تجري دموعهم علي خدودهم، وهم يجأرون() إلي ربهم، يسعون في فكاك رقابهم.

وأما النهار فحكماء علماء، بررة أتقياء، كأنهم القداح قد براهم الخوف من العبادة، ينظر إليهم الناظر فيقول مرضي، وما بالقوم من مرض، أم خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم من ذكر النار وما فيها.

بين الدنيا والآخرة()

من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه علي الدنيا حسرات، والله ما الدنيا والآخرة إلا ككفتي الميزان، فأيهما رجح ذهب بالآخر، ثم تلا قوله عزوجل: ?إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ? يعني القيامة ?لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ ? خافِضَةٌ? خفضت والله بأعداء الله إلي النار ?رافِعَةٌ?() رفعت والله أولياء الله إلي الجنة.

ثم أقبل علي رجل من جلسائه فقال له: اتق الله وأجمل في الطلب، ولا تطلب ما لم يخلق؛ فإن من طلب ما لم يخلق تقطعت نفسه حسرات، ولم ينل ما طلب.

ثم قال: وكيف ينال ما لم يخلق؟

فقال الرجل: وكيف يطلب ما لم يخلق؟

فقال: من طلب الغني والأموال والسعة في الدنيا، فإنما يطلب ذلك للراحة، والراحة لم تخلق

في الدنيا ولا لأهل الدنيا، إنما خلقت الراحة في الجنة ولأهل الجنة، والتعب والنصب خلقا في الدنيا ولأهل الدنيا، وما أعطي أحد منها جفنة() إلا أعطي من الحرص مثليها، ومن أصاب من الدنيا أكثر كان فيها أشد فقراً؛ لأنه يفتقر إلي الناس في حفظ أمواله، ويفتقر إلي كل آلة من آلات الدنيا، فليس في غني الدنيا راحة، ولكن الشيطان يوسوس إلي ابن آدم أن له في جمع ذلك المال راحة، وإنما يسوقه إلي التعب في الدنيا، والحساب عليه في الآخرة.

ثم قال عليه السلام: كلا ما تعب أولياء الله في الدنيا للدنيا، بل تعبوا في الدنيا للآخرة.

ثم قال: ألا ومن اهتم لرزقه كتب عليه خطيئة، كذلك قال المسيح عيسي عليه السلام للحواريين، إنما الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها.

3إياك والخوف الكاذب()

اشارة

وليس الخوف من بكي وجرت دموعه ما لم يكن له ورع يحجزه عن معاصي الله، وإنما ذلك خوف كاذب.

علامة الزاهدين()

إن علامة الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة: تركهم كل خليط وخليل، ورفضهم كل صاحب لا يريد ما يريدون، ألا وإن العامل لثواب الآخرة هو الزاهد في عاجل زهرة الدنيا، الآخذ للموت أهبته، الحاث علي العمل قبل فناء الأجل، ونزول ما لابد من لقائه، وتقديم الحذر قبل الحين()، فإن الله عزوجل يقول: ?حَتَّي إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ? لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ?()، فلينزلن أحدكم اليوم نفسه في هذه الدنيا كمنزلة المكرور إلي الدنيا، النادم علي ما فرط فيها من العمل الصالح ليوم فاقته.

واعلموا عباد الله! أنه من خاف البيات تجافي عن الوساد، وامتنع من الرقاد، وأمسك عن بعض الطعام والشراب من خوف سلطان أهل الدنيا، فكيف ويحك يا ابن آدم من خوف بيات سلطان رب العزة، وأخذه الأليم وبياته لأهل المعاصي والذنوب، مع طوارق المنايا بالليل والنهار، فذلك البيات الذي ليس منه منجي، ولا دونه ملتجأ، ولا منه مهرب، فخافوا الله أيها المؤمنون من البيات خوف أهل التقوي، فإن الله يقول: ?ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وخافَ وَعِيدِ?()، فاحذروا زهرة الحياة الدنيا وغرورها وشرورها، وتذكروا ضرر عاقبة الميل إليها، فإن زينتها فتنة، وحبها خطيئة.

واعلم ويحك يا ابن آدم أن قسوة البطنة، وكظة الملأة، وسكر الشبع، وغرة الملك، مما يثبط ويبطئ عن العمل، وينسي الذكر، ويلهي عن اقتراب الأجل، حتي كأن المبتلي بحب الدنيا به خبل من سكر الشراب، وأن العاقل عن الله، الخائف منه، العامل له، ليمرن نفسه ويعودها الجوع، حتي ما تشتاق إلي الشبع، وكذلك تضمر الخيل لسبق الرهان()، فاتقوا الله عباد

الله تقوي مؤمل ثوابه، وخائف عقابه، فقد لله أنتم أعذر وأنذر، وشوق وخوف، فلا أنتم إلي ما شوقكم إليه من كريم ثوابه تشتاقون فتعملون، ولا أنتم مما خوفكم به من شديد عقابه وأليم عذابه ترهبون فتنكلون، وقد نبأكم الله في كتابه أنه ?فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ?()، ثم ضرب لكم الأمثال في كتابه، وصرف الآيات لتحذروا عاجل زهرة الحياة الدنيا، فقال: ?إِنَّما أَمْوالُكُمْ وأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ واللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ

عَظِيمٌ?()، فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا، فاتقوا الله واتعظوا بمواعظ الله، وما أعلم إلا كثيراً منكم قد نهكته عواقب المعاصي فما حذرها، وأضرت بدينه فما مقتها، أما تسمعون النداء من الله بعيبها وتصغيرها حيث قال: ?اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ ولَهْوٌ وزِينَةٌ وتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وتَكاثُرٌ فِي الأَمْوالِ والأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وفِي الآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ ومَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ ورِضْوانٌ ومَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ ? سابِقُوا إِلي مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ والأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ واللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ?()، وقال: ?يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ولْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ واتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ? ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ?().

فاتقوا الله عباد الله وتفكروا، واعملوا لما خلقتم له، فإن الله لم يخلقكم عبثاً ولم يترككم سدي، قد عرفكم نفسه، وبعث إليكم رسوله، وأنزل عليكم كتابه، فيه حلاله وحرامه، وحججه وأمثاله، فاتقوا الله فقد احتج عليكم ربكم فقال: ?أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ? ولِساناً وشَفَتَيْنِ ? وهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ?()، فهذه حجة عليكم،

فاتقوا الله ما استطعتم، فإنه لا قوة إلا بالله، ولا تكلان إلا عليه، وصلي الله علي محمد نبيه وآله.

أي رجل تكون غداً؟()

كفانا الله وإياك من الفتن، ورحمك من النار، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك، فقد أثقلتك نعم الله بما أصح من بدنك، وأطال من عمرك، وقامت عليك حجج الله بما حملك من كتابه، وفقهك فيه من دينه، وعرفك من سنة نبيه محمد صلواة الله عليه و اله، فرضي لك في كل نعمة أنعم بها عليك، وفي كل حجة احتج بها عليك، الفرض بما قضي فما قضي، إلا ابتلي شكرك في ذلك، وأبدي فيه فضله عليك فقال: ?لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ?().

فانظر أي رجل تكون غداً إذا وقفت بين يدي الله، فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها، وعن حججه عليك كيف قضيتها، ولا تحسبن الله قابلاً منك بالتعذير، ولا راضياً منك بالتقصير، هيهات هيهات ليس كذلك أخذ علي العلماء في كتابه إذ قال: ?لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ ولا تَكْتُمُونَهُ?()، واعلم أن أدني ما كتمت، وأخف ما احتملت، أن آنست وحشة الظالم، وسهلت له طريق الغي بدنوك منه حين دنوت، وإجابتك له حين دعيت، فما أخوفني أن تكون تبوء بإثمك غداً مع الخونة، وأن تسأل عما أخذت بإعانتك علي ظلم الظلمة، إنك أخذت ما ليس لك ممن أعطاك، ودنوت ممن لم يرد علي أحد حقاً، ولم ترد باطلاً حين أدناك، وأحببت من حاد الله، أَوليس بدعائه إياك حين دعاك جعلوك قطباً أداروا بك رحي مظالمهم، وجسراً يعبرون عليك إلي بلاياهم، وسلماً إلي ضلالتهم، داعياً إلي غيهم، سالكاً سبيلهم، يدخلون بك الشك علي العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم، فلم يبلغ أخص وزرائهم، ولا أقوي

أعوانهم، إلا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم، واختلاف الخاصة والعامة إليهم، فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك، وما أيسر ما عمروا لك، فكيف ما خربوا عليك، فانظر لنفسك فإنه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حساب رجل مسئول، وانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيراً وكبيراً، فما أخوفني أن تكون كما قال الله في كتابه: ?فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الأَدْني ويَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا?()، إنك لست في دار مقام، أنت في دار قد آذنت برحيل، فما بقاء المرء بعد قرنائه، طوبي لمن كان في الدنيا علي وجل، يا بؤس لمن يموت وتبقي ذنوبه من بعده.

احذر فقد نبئت، وبادر فقد أجلت، إنك تعامل من لا يجهل، وإن الذي يحفظ عليك لا يغفل، تجهز فقد دنا منك سفر بعيد، وداو ذنبك فقد دخله سقم شديد.

ولا تحسب أني أردت توبيخك وتعنيفك وتعييرك، لكني أردت أن ينعش الله ما قد فات من رأيك، ويرد إليك ما عزب من دينك، وذكرت قول الله تعالي في كتابه:

?وذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْري تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ?().

أغفلت ذكر من مضي من أسنانك وأقرانك، وبقيت بعدهم كقرن أعضب، انظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت؟ أم هل وقعوا في مثل ما وقعت فيه؟ أم هل تراهم ذكرت خيراً أهملوه، وعلمت شيئاً جهلوه؟ بل حظيت بما حل من حالك في صدور العامة وكلفهم بك، إذ صاروا يقتدون برأيك، ويعملون بأمرك، إن أحللت أحلوا، وإن حرمت حرموا، وليس ذلك عندك، ولكن أظهرهم عليك رغبتهم فيما لديك، ذهاب علمائهم، وغلبة الجهل عليك وعليهم، وحب الرئاسة، وطلب الدنيا منك ومنهم، أما تري ما أنت فيه من الجهل والغرة، وما الناس فيه من البلاء والفتنة، قد ابتليتهم

وفتنتهم بالشغل عن مكاسبهم مما رأوا، فتاقت نفوسهم إلي أن يبلغوا من العلم ما بلغت، أو يدركوا به مثل الذي أدركت، فوقعوا منك في بحر لا يدرك عمقه، وفي بلاء لا يقدر قدره، فالله لنا ولك وهو المستعان.

أما بعد فأعرض عن كل ما أنت فيه حتي تلحق بالصالحين الذين دفنوا في أسمالهم، لاصقة بطونهم بظهورهم، ليس بينهم وبين الله حجاب، ولا تفتنهم الدنيا ولا يفتنون بها، رغبوا فطلبوا فما لبثوا أن لحقوا، فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا المبلغ مع كبر سنك، ورسوخ علمك، وحضور أجلك، فكيف يسلم الحدث في سنه، الجاهل في علمه، المأفون في رأيه، المدخول في عقله، إنا لله وإنا إليه راجعون، علي من المعول؟ وعند من المستعتب؟ نشكو إلي الله بثنا وما نري فيك، ونحتسب عند الله مصيبتنا بك.

فانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيراً وكبيراً، وكيف إعظامك لمن جعلك بدينه في الناس جميلاً، وكيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته في الناس ستيراً، وكيف قربك أو بعدك ممن أمرك أن تكون منه قريباً ذليلاً، ما لك لا تنتبه من نعستك، وتستقيل من عثرتك، فتقول: والله ما قمت لله مقاماً واحداً أحييت به له ديناً، أو أمت له فيه باطلاً، فهذا شكرك من استحملك، ما أخوفني أن تكون كمن قال الله تعالي في كتابه: ?أَضاعُوا الصَّلاةَ واتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا?()، استحملك كتابه، واستودعك علمه، فأضعتها فنحمد الله الذي عافانا مما ابتلاك به والسلام.

بين مصائب ثلاث()

جاء رجل إلي علي بن الحسين عليه السلام يشكو إليه حاله.

فقال: مسكين ابن آدم، له في كل يوم ثلاث مصائب لا يعتبر بواحدة منهن، ولو اعتبر لهانت عليه المصائب وأمر الدنيا.

فأما المصيبة الأولي: فاليوم الذي ينقص من

عمره قال: وإن ناله نقصان في ماله اغتم به، والدرهم يخلف عنه، والعمر لا يرده.

والثانية: إنه يستوفي رزقه، فإن كان حلالاً حوسب عليه، وإن كان حراماً عوقب عليه.

قال: والثالثة أعظم من ذلك.

قيل: وما هي؟

قال: ما من يوم يمسي إلا وقد دنا من الآخرة مرحلة لا يدري علي الجنة أم علي النار.

وقال: أكبر ما يكون ابن آدم اليوم الذي يلد من أمه.

قالت الحكماء: ما سبقه إلي هذا أحد.

وإياك والرضا بالذنب()

لا تمتنع من ترك القبيح، وإن كنت قد عرفت به، ولا تزهد في مراجعة الجميل، وإن كنت قد شهرت بخلافه، وإياك والرضا بالذنب فإنه أعظم من ركوبه، والشرف في التواضع، والغني في القناعة.

اجتماعيات

حدود المجالسة()

ليس لك أن تقعد مع من شئت؛ لأن الله تبارك وتعالي يقول: ?وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّي يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْري مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ?().

وليس لك أن تتكلم بما شئت؛ لأن الله تعالي قال: ?ولا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ?()، ولأن رسول الله صلواة الله عليه و اله قال: ?رحم الله عبداً قال خيراً فغنم، أو صمت فسلم?.

وليس لك أن تسمع ما شئت؛ لأن الله تعالي يقول: ?إِنَّ السَّمْعَ والْبَصَرَ والْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُولا ً?().

احمل معك أخاك()

من حمل أخاه علي رحله بعثه الله يوم القيامة إلي الموقف علي ناقة من نوق الجنة يباهي به الملائكة.

أول مكيال وميزان()

إن أول من عمل المكيال والميزان شعيب النبي عليه السلام، عمله بيده فكانوا يكيلون ويوفون، ثم إنهم بعد طففوا في المكيال، وبخسوا في الميزان: ?فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ? فعذبوا بها ?فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ?().

التوسعة علي العيال()

لئن أدخل السوق ومعي دراهم أبتاع به لعيالي لحماً وقد قرموا إليه، أحب إليَّ من أن أعتق نسمة.

مع الأيامي والخدم()

عن علي بن الحسين عليه السلام إنه كان يدعو خدمه كل شهر ويقول:

إني قد كبرت ولا أقدر علي النساء، فمن أراد منكن التزويج زوجتها، أو البيع بعتها، أو العتق أعتقتها، فإذا قالت إحداهن: لا، قال: اللهم اشهد، حتي يقول ثلاثاً، وإن سكتت واحدة منهن، قال لنسائه: سلوها ما تريد، وعمل علي مرادها.

معالجة الرق()

كان علي بن الحسين عليه السلام يعتق عبيده وإمائه في آخر ليلة من شهر رمضان … فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز تصونهم وتغنيهم عما في أيدي الناس، وما من سنة إلا وكان يعتق فيها في آخر ليلة من شهر رمضان ما بين العشرين رأسا إلي أقل أو أكثر، وكان يقول:

إن لله تعالي في كل ليلة من شهر رمضان عند الإفطار سبعين ألف ألف عتيق من النار كلاً قد استوجب النار، فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه، وإني لأحب أن يراني الله وقد أعتقت رقاباً في ملكي في دار الدنيا رجاء أن يعتق رقبتي من النار.

وما استخدم خادماً فوق حول، كان إذا ملك عبداً في أول السنة أو في وسط السنة، إذا كان ليلة الفطر أعتق، واستبدل سواهم في الحول الثاني، ثم أعتق كذلك، كان يفعل حتي لحق بالله تعالي، ولقد كان يشتري السودان وما به إليهم من حاجة، يأتي بهم عرفات فيسد بهم تلك الفرج والخلال، فإذا أفاض أمر بعتق رقابهم، وجوائز لهم من المال.

من سنن الإسلام()

كان لعبد الملك بن مروان عين بالمدينة يكتب إليه بأخبار ما يحدث فيها، وإن علي بن الحسين عليه السلام أعتق جارية ثم تزوجها، فكتب العين إلي عبد الملك، فكتب عبد الملك إلي علي بن الحسين عليه السلام: أما بعد فقد بلغني تزويجك مولاتك، وقد علمت أنه كان في أكفائك من قريش من تمجد به في الصهر، وتستنجبه في الولد، فلا لنفسك نظرت، ولا علي ولدك أبقيت والسلام. فكتب إليه علي بن الحسين عليه السلام:

أما بعد: فقد بلغني كتابك تعنفني بتزويجي مولاتي، وتزعم أنه قد كان في نساء قريش من أتمجد به

في الصهر، وأستنجبه في الولد، وإنه ليس فوق رسول الله صلواة الله عليه و اله مرتقي في مجد، ولا مستزاد في كرم، وإنما كانت ملك يميني خرجت متي أراد الله عزوجل مني بأمر التمست به ثوابه، ثم ارتجعتها علي سنته، ومن كان زكياً في دين الله فليس يخل به شي ء من أمره، وقد رفع الله بالإسلام الخسيسة، وتمم به النقيصة، وأذهب اللؤم فلا لؤم علي امرئ مسلم، إنما اللؤم لؤم الجاهلية والسلام.

فلما قرأ الكتاب رمي به إلي ابنه سليمان، فقرأه فقال: يا أمير لشد ما فخر عليك علي بن الحسين!!

فقال: يا بني لا تقل ذلك، فإنها ألسن بني هاشم التي تفلق الصخر، وتغرف من بحر، إن علي بن الحسين عليه السلام يا بني يرتفع من حيث يتضع الناس.

البشارة بزيد()

من كتاب أبي القاسم بن قولويه قال: روي بعض أصحابنا قال: كنت عند علي بن الحسين عليه السلام فكان إذا صلي الفجر لم يتكلم حتي تطلع الشمس، فجاءوه يوم ولد فيه زيد، فبشروه به بعد صلاة الفجر، قال: فالتفت إلي أصحابه وقال:

أي شي ء ترون أن أسمي هذا المولود؟

قال: فقال كل رجل منهم: سمه كذا، سمه كذا.

قال: فقال: يا غلام عليَّ بالمصحف.

قال: فجاءوا بالمصحف فوضعه علي حجره، قال: ثم فتحه فنظر إلي أول حرف في الورقة وإذا فيه: ?وفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَي الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً?().

قال: ثم طبقه ثم فتحه، فنظر فإذا في أول الورقة: ?إِنَّ اللَّهَ اشْتَري مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ ويُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ والإِنْجِيلِ والْقُرْآنِ ومَنْ أَوْفي بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ?()، ثم قال: هو والله زيد هو والله

زيد، فسمي زيداً.

المتحابون في الله()

إذا جمع الله عزوجل الأولين والآخرين، قام مناد فنادي يسمع الناس فيقول: أين المتحابون في الله؟

قال: فيقوم عنق من الناس، فيقال لهم: اذهبوا إلي الجنة بغير حساب.

قال: فتلقاهم الملائكة فيقولون: إلي أين؟

فيقولون: إلي الجنة بغير حساب.

قال: فيقولون: فأي ضرب أنتم من الناس؟

فيقولون: نحن المتحابون في الله.

قال: فيقولون: وأي شي ء كانت أعمالكم؟

قالوا: كنا نحب في الله، ونبغض في الله.

قال: فيقولون: نعم أجر العالمين.

تمرة: ثمن العتق()

عن علي بن الحسين عليه السلام: أنه دخل إلي المخرج فوجد فيه تمرة فناولها غلامه، وقال: أمسكها حتي أخرج إليك، فأخذها الغلام فأكلها، فلما توضأ عليه السلام وخرج، قال للغلام:

أين التمرة؟

قال: أكلتها جعلت فداك.

قال: اذهب فأنت حر لوجه الله.

فقيل له في ذلك: وما في أكل التمرة ما يوجب عتقه؟

قال: إنه لما أكلها وجبت له الجنة، فكرهت أن أستملك رجلاً من أهل الجنة.

كيف تعاشر إخوانك()

دخل محمد بن علي بن مسلم بن شهاب الزهري علي علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام وهو كئيب حزين، فقال له زين العابدين عليه السلام:

ما بالك مهموماً مغموماً؟

قال: يا ابن رسول الله هموم وغموم تتوالي عليَّ لما امتحنت به من جهة حساد نعمتي والطامعين فيَّ، وممن أرجوه وممن قد أحسنت إليه فيخلف ظني.

فقال له علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام: احفظ عليك لسانك، تملك به إخوانك.

قال الزهري: يا ابن رسول الله إني أحسن إليهم بما يبدر من كلامي.

قال علي بن الحسين عليه السلام: هيهات، هيهات إياك وأن تعجب من نفسك بذلك، وإياك أن تتكلم بما يسبق إلي القلوب إنكاره وإن كان عندك اعتذاره، فليس كل من تسمعه نكراً أمكنك أن توسعه عذرا.

ثم قال: يا زهري، من لم يكن عقله من أكمل ما فيه، كان هلاكه من أيسر ما فيه.

ثم قال: يا زهري، وما عليك أن تجعل المسلمين منك بمنزلة أهل بيتك، فتجعل كبيرهم منك بمنزلة والدك، وتجعل صغيرهم منك بمنزلة ولدك، وتجعل تربك منهم بمنزلة أخيك، فأي هؤلاء تحب أن تظلم، وأي هؤلاء تحب أن تدعو عليه، وأي هؤلاء تحب أن تهتك ستره؟

وإن عرض لك إبليس لعنه الله بأن لك فضلاً علي أحد من أهل القبلة، فانظر إن كان أكبر منك

فقل: قد سبقني بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني، وإن كان أصغر منك فقل: قد سبقته بالمعاصي والذنوب فهو خير مني، وإن كان تربك فقل: أنا علي يقين من ذنبي، وفي شك من أمره، فما لي أدع يقيني لشكي، وإن رأيت المسلمين يعظمونك ويوقرونك ويبجلونك فقل: هذا فضل أحدثوه، وإن رأيت منهم جفاء وانقباضاً عنك فقل: هذا الذي أحدثته، فإنك إذا فعلت ذلك، سهل الله عليك عيشك، وكثر أصدقاؤك، وقل أعداؤك، وفرحت بما يكون من برهم، ولم تأسف علي ما يكون من جفائهم.

واعلم أن أكرم الناس علي الناس من كان خيره عليهم فائضاً، وكان عنهم مستغنياً متعففاً، وأكرم الناس بعده عليهم من كان عنهم متعففاً، وإن كان إليهم محتاجاً، فإنما أهل الدنيا يعشقون الأموال، فمن لم يزاحمهم فيما يعشقونه كرم عليهم، ومن لم يزاحمهم فيها ومكنهم منها أو من بعضها كان أعز عليهم وأكرم.

الكفاف خير()

مر رسول الله صلواة الله عليه و اله براعي إبل فبعث يستسقيه، فقال: أما ما في ضروعها فصبوح الحي()، وأما ما في آنيتنا فغبوقهم.

فقال رسول الله صلواة الله عليه و اله: اللهم أكثر ماله وولده.

ثم مر صلي الله عليه و اله براعي غنم فبعث إليه يستسقيه، فحلب له ما في ضروعها، وأكفأ ما في إنائه في إناء رسول الله صلواة الله عليه و اله، وبعث إليه بشاة وقال: هذا ما عندنا، وإن أحببت أن نزيدك زدناك.

قال: فقال: رسول الله صلواة الله عليه و اله اللهم ارزقه الكفاف.

فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله، دعوت للذي ردك بدعاء عامتنا نحبه، ودعوت للذي أسعفك بحاجتك بدعاء كلنا نكرهه؟

فقال رسول الله صلواة الله عليه و اله: إن ما قل وكفي خير مما كثر وألهي،

اللهم ارزق محمداً وآل محمد الكفاف.

رسالة الحقوق()

رسالة علي بن الحسين عليه السلام المعروفة برسالة الحقوق:

اعلم رحمك الله، أن لله عليك حقوقاً، محيطة بك في كل حركة حركتها، أو سكنة سكنتها، أو منزلة نزلتها، أو جارحة قلبتها، أو آلة تصرفت بها، بعضها أكبر من بعض.

حق الله

وأكبر حقوق الله عليك، ما أوجبه لنفسه تبارك وتعالي، من حقه الذي هو أصل الحقوق، ومنه تفرع.

حق النفس والجوارح

ثم ما أوجبه عليك لنفسك من قرنك إلي قدمك علي اختلاف جوارحك، فجعل لبصرك عليك حقاً، ولسمعك عليك حقاً، وللسانك عليك حقاً، وليدك عليك حقاً، ولرجلك عليك حقاً، ولبطنك عليك حقاً، ولفرجك عليك حقاً، فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال.

حق الأفعال

ثم جعل عزوجل لأفعالك حقوقاً، فجعل لصلاتك عليك حقاً، ولصومك عليك حقاً، ولصدقتك عليك حقاً، ولهديك عليك حقاً، ولأفعالك عليك حقاً.

حق الإمام والرعية

ثم تخرج الحقوق منك إلي غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك، وأوجبها عليك حقاً: أئمتك، ثم حقوق رعيتك، ثم حقوق رحمك.

فهذه حقوق يتشعب منها حقوق، فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك: حق سائسك بالسلطان، ثم حق سائسك بالعلم، ثم حق سائسك بالملك، وكل سائس إمام. وحقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك: حق رعيتك بالسلطان، ثم حق رعيتك بالعلم فإن الجاهل رعية العالم، وحق رعيتك بالملك من الأزواج وما ملكت من الأيمان.

حق الأرحام

وحقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة، فأوجبها عليك: حق أمك، ثم حق أبيك، ثم حق ولدك، ثم حق أخيك، ثم الأقرب فالأقرب، والأول فالأول.

حقوق اجتماعية

حقوق اجتماعية

ثم حق مولاك المنعم عليك.

ثم حق مولاك الجاري نعمته عليك.

ثم حق ذي المعروف لديك.

ثم حق مؤذنك بالصلاة.

ثم حق إمامك في صلاتك.

ثم حق جليسك.

ثم حق جارك.

ثم حق صاحبك.

ثم حق شريكك.

ثم حق مالك.

ثم حق غريمك الذي تطالبه.

ثم حق غريمك الذي يطالبك.

ثم حق خليطك.

ثم حق خصمك المدعي عليك.

ثم حق خصمك الذي تدعي عليه.

ثم حق مستشيرك.

ثم حق المشير عليك.

ثم حق مستنصحك.

ثم حق الناصح لك.

ثم حق من هو أكبر منك.

ثم حق من هو أصغر منك.

ثم حق سائلك.

ثم حق من سألته.

ثم حق من جري لك علي يديه مساءة بقول أو فعل، أو مسرة بذلك بقول أو فعل، عن تعمد منه أو غير تعمد منه.

ثم حق أهل ملتك عامة.

ثم حق أهل الذمة.

ثم الحقوق الحادثة بقدر علل الأحوال وتصرف الأسباب.

فطوبي لمن أعانه الله علي قضاء ما أوجب عليه من حقوقه، ووفقه وسدده.

1: حق الله الأكبر

فأما حق الله الأكبر، فإنك تعبده لا تشرك به شيئاً، فإذا فعلت ذلك بإخلاص، جعل لك علي نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة، ويحفظ لك ما تحب منها.

2: حق نفسك عليك

وأما حق نفسك عليك، فأن تستوفيها في طاعة الله، فتؤدي إلي لسانك حقه، وإلي سمعك حقه، وإلي بصرك حقه، وإلي يدك حقها، وإلي رجلك حقها، وإلي بطنك حقه، وإلي فرجك حقه، وتستعين بالله علي ذلك.

3: حق اللسان

وأما حق اللسان، فإكرامه عن الخني، وتعويده الخير، وحمله علي الأدب، وإجمامه إلا لموضع الحاجة، والمنفعة للدين والدنيا، وإعفاؤه عن الفضول الشنعة، القليلة الفائدة، التي لا يؤمن ضررها، مع قلة عائدتها، ويعد شاهد العقل والدليل عليه، وتزين العاقل بعقله، وحسن سيرته في لسانه، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

4: حق السمع

وأما حق السمع، فتنزيهه عن أن تجعله طريقاً إلي قلبك إلا لفوهة كريمة تحدث في قلبك خيراً، أو تكسبك خلقاً كريماً؛ فإنه باب الكلام إلي القلب، يؤدي إليه ضروب المعاني علي ما فيها من خير أو شر، ولا قوة إلا بالله.

5: حق البصر

وأما حق بصرك، فغضه عما لا يحل لك، وترك ابتذاله إلا لموضع عبرة، تستقبل بها بصراً، أو تستفيد بها علماً؛ فإن البصر باب الاعتبار.

6: حق الرجلين

وأما حق رجليك، فأن لا تمشي بهما إلي ما لا يحل لك، ولا تجعلها مطيتك في الطريق المستخفة بأهلها فيها؛ فإنها حاملتك، وسالكة بك مسلك الدين، والسبق لك، ولا قوة إلا بالله.

7: حق اليدين

وأما حق يدك، فأن لا تبسطها إلي ما لا يحل لك، فتنال بما تبسطها إليه من الله العقوبة في الآجل، ومن الناس بلسان اللائمة في العاجل، ولا تقبضها مما افترض الله عليها، ولكن توقرها به، تقبضها عن كثير مما لا يحل لها، وتبسطها بكثير مما ليس عليها، فإذا هي قد عقلت وشرفت في العاجل، وجب لها حسن الثواب من الله في الآجل.

8: حق البطن

وأما حق بطنك، فأن لا تجعله وعاء لقليل من الحرام ولا لكثير، وأن تقتصد له في الحلال، ولا تخرجه من حد التقوية إلي حد التهوين وذهاب المروة؛ فإن الشبع المنتهي بصاحبه إلي التخم مكسلة، ومثبطة، ومقطعة عن كل بر وكرم، وإن الرأي المنتهي بصاحبه إلي السكر مسخفة ومجهلة ومذهبة للمروة.

9: حق الفرج

وأما حق فرجك، فحفظه مما لا يحل لك، والاستعانة عليه بغض البصر، فإنه من أعون الأعوان، وضبطه إذا هم، بالجوع والظمأ، وكثرة ذكر الموت، والتهدد لنفسك بالله، والتخويف لها به، وبالله العصمة والتأييد ولا حول ولا قوة إلا به.

10: حق الصلاة

ثم حقوق الأفعال:

فأما حق الصلاة، فأن تعلم أنها وفادة إلي الله، وأنك قائم بها بين يدي الله، فإذا علمت ذلك كنت خليقاً أن تقوم فيها مقام الذليل، الراغب، الراهب، الخائف، الراجي، المسكين، المتضرع، المعظم من قام بين يديه بالسكون، والإطراق، وخشوع الأطراف، ولين الجناح، وحسن المناجاة له في نفسه، والطلب إليه في فكاك رقبتك التي أحاطت بها خطيئتك، واستهلكتها ذنوبك، ولا قوة إلا به.

11: حق الصوم

وأما حق الصوم، فأن تعلم أنه حجاب ضربه الله علي لسانك، وسمعك، وبصرك، وفرجك، وبطنك، ليسترك به من النار، وهكذا جاء في الحديث:

?الصوم جنة من النار?، فإن سكنت أطرافك في حجبتها، رجوت أن تكون محجوباً، وإن أنت تركتها تضطرب في حجابها، وترفع جنبات الحجاب، فتطلع إلي ما ليس لها بالنظرة الداعية للشهوة، والقوة الخارجة عن حد التقية لله، لم يؤمن أن تخرق الحجاب، وتخرج منه ولا قوة إلا به.

12: حق الصدقة

وأما حق الصدقة، فأن تعلم أنها ذخرك عند ربك، ووديعتك التي لا تحتاج إلي الإشهاد، فإذا علمت ذلك كنت بما استودعته سراً أوثق بما استودعته علانية، وكنت جديراً أن تكون أسررت إليه أمراً أعلنته، وكان الأمر بينك وبينه فيها سراً علي كل حال، ولم يستظهر عليه فيما استودعته منها إشهاد الأسماع والأبصار عليه بها، كأنها أوثق في نفسك، وكأنك لا تثق به في تأدية وديعتك إليك، ثم لم تمتن بها علي أحد لأنها لك، فإذا امتننت بها لم تأمن أن يكون بها مثل تهجين حالك منها إلي من مننت بها عليه؛ لأن في ذلك دليلاً علي أنك لم ترد نفسك بها، ولو أردت نفسك بها لم تمتن بها علي أحد، ولا قوة إلا به.

13: حق الهدي

وأما حق الهدي، فأن تخلص بها الإرادة إلي ربك، والتعرض لرحمته وقبوله، ولا ترد عيون الناظرين دونه، فإذا كنت كذلك، لم تكن متكلفاً ولا متصنعاً، وكنت إنما تقصد إلي الله.

واعلم أن الله يراد باليسير ولا يراد بالعسير، كما أراد بخلقه التيسير ولم يرد بهم التعسير، وكذلك التذلل أولي بك من التدهقن؛ لأن الكلفة والمئونة في المتدهقنين، فأما التذلل والتمسكن فلا كلفة فيهما، ولا مئونة عليهما؛ لأنهما الخلقة، وهما موجودان في الطبيعة، ولا قوة إلا بالله.

14: حق الراعي

ثم حقوق الأئمة:

فأما حق سائسك بالسلطان، فأن تعلم أنك جعلت له فتنة، وأنه مبتلي فيك بما جعله الله له عليك من السلطان، وأن تخلص له في النصيحة، وأن لا تماحكه، وقد بسطت يده عليك، فتكون سبب هلاك نفسك وهلاكه، وتذلل وتلطف لإعطائه من الرضي ما يكفه عنك، ولا يضر بدينك، وتستعين عليه في ذلك بالله، ولا تعازه ولا تعانده؛ فإنك إن فعلت ذلك عققته، وعققت نفسك، فعرضتها لمكروهه، وعرضته للهلكة فيك، وكنت خليقاً أن تكون معيناً له علي نفسك، وشريكاً له فيما أتي إليك، ولا قوة إلا بالله.

15: حق المعلم

وأما حق سائسك بالعلم، فالتعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه، والإقبال عليه، والمعونة له علي نفسك، فيما لا غني بك عنه من العلم، بأن تفرغ له عقلك، وتحضره فهمك، وتذكي له قلبك، وتجلي له بصرك، بترك اللذات، ونقض الشهوات، وأن تعلم أنك فيما ألقي رسوله إلي من لقيك من أهل الجهل، فلزمك حسن التأدية عنه إليهم، ولا تخنه في تأدية رسالته، والقيام بها عنه إذا تقلدتها، ولا حول ولا قوة إلا به.

16: حق المالك

وأما حق سائسك بالملك، فنحو من سائسك بالسلطان، إلا أن هذا يملك ما لا يملكه ذاك، تلزمك طاعته فيما دق وجل منك، إلا أن تخرجك من وجوب حق الله؛ فإن حق الله يحول بينك وبين حقه وحقوق الخلق، فإذا قضيته رجعت إلي حقه فتشاغلت به، ولا قوة إلا به.

17: حق الرعية

ثم حقوق الرعية:

فأما حقوق رعيتك بالسلطان، فأن تعلم أنك إنما استرعيتهم بفضل قوتك عليهم؛ فإنه إنما أحلهم محل الرعية لك ضعفهم وذلهم، فما أولي من كفاكه ضعفه وذله، حتي صيره لك رعية، وصير حكمك عليه نافذاً، لا يمتنع منك بعزة ولا قوة، ولا يستنصر فيما تعاظمه منك إلا بالله بالرحمة والحياطة والأناة، وما أولاك إذا عرفت ما أعطاك الله من فضل هذه العزة والقوة التي قهرت بها أن تكون لله شاكراً، ومن شكر الله أعطاه فيما أنعم عليه، ولا قوة إلا به.

18: حق المتعلم

وأما حق رعيتك بالعلم، فأن تعلم أن الله قد جعلك لهم قيماً فيما آتاك من العلم، وولاك من خزانة الحكمة؛ فإن أحسنت فيما ولاك الله من ذلك، وقمت به لهم مقام الخازن الشفيق، الناصح لمولاه في عبيده، الصابر المحتسب الذي إذا رأي ذا حاجة أخرج له من الأموال التي في يديه راشداً، وكنت لذلك آملاً معتقداً، وإلا كنت له خائناً، ولخلقه ظالماً، ولسلبه وغيره متعرضاً.

19: حق الزوجة

وأما حق رعيتك بملك النكاح، فأن تعلم أن الله جعلها سكناً، ومستراحاً، وأنساً، وواقية، وكذلك كل أحد منكما يجب أن يحمد الله علي صاحبه، ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها، ويرفق بها، وإن كان حقك عليها أغلظ، وطاعتك لها ألزم فيما أحببت وكرهت ما لم تكن معصية؛ فإن لها حق الرحمة والمؤانسة، وموضع السكون إليها قضاء اللذة التي لابد من قضائها، وذلك عظيم ولا قوة إلا به.

20: حق ملك اليمين

وأما حق رعيتك بملك اليمين، فأن تعلم أنه خلق ربك، ولحمك ودمك، وأنك تملكه لا أنت صنعته دون الله، ولا خلقت له سمعاً، ولا بصراً، ولا أجريت له رزقاً، ولكن الله كفاك ذلك بمن سخره لك، وائتمنك عليه، واستودعك إياه لتحفظه فيه، وتسير فيه بسيرته، فتطعمه مما تأكل، وتلبسه مما تلبس، ولا تكلفه ما لا يطيق؛ فإن كرهته خرجت إلي الله منه، واستبدلت به، ولم تعذب خلق الله، ولا قوة إلا به.

21: حق الأم

وأما حق الرحم، فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحداً، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً، وأنها وقتك بسمعها، وبصرها، ويدها، ورجلها، وشعرها، وبشرها، وجميع جوارحها، مستبشرة بذلك فرحة موبلة، محتملة لما فيه مكروهها، وألمه، وثقله، وغمه، حتي دفعتها عنك يد القدرة، وأخرجتك إلي الأرض، فرضيت أن تشبع وتجوع هي، وتكسوك وتعري، وترويك وتظمأ، وتظلك وتضحي، وتنعمك ببؤسها، وتلذذك بالنوم بأرقها، وكان بطنها لك وعاء، وحجرها لك حواء، وثديها لك سقاء، ونفسها لك وقاء، تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك، فتشكرها علي قدر ذلك، ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه.

22: حق الأب

وأما حق أبيك، فتعلم أنه أصلك، وأنك فرعه، وأنك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك، فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، واحمد الله، واشكره علي قدر ذلك، ولا قوة إلا به.

23: حق الولد

وأما حق ولدك، فتعلم أنه منك، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب، والدلالة علي ربه، والمعونة له علي طاعته فيك وفي نفسه، فمثاب علي ذلك ومعاقب، فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا، المعذر إلي ربه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه، والأخذ له منه، ولا قوة إلا بالله.

24: حق الأخ

وأما حق أخيك، فتعلم أنه يدك التي تبسطها، وظهرك الذي تلتجي إليه، وعزك الذي تعتمد عليه، وقوتك التي تصول بها، فلا تتخذه سلاحاً علي معصية الله، ولا عدة للظلم بخلق الله، ولا تدع نصرته علي نفسه، ومعونته علي عدوه، والحول بينه وبين شياطينه، وتأدية النصيحة إليه، والإقبال عليه في الله، فإن انقاد لربه وأحسن الإجابة له، وإلا فليكن الله آثر عندك، وأكرم عليك منه.

25: حق من أعتقك

وأما حق المنعم عليك بالولاء، فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله، وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلي عز الحرية وأنسها، وأطلقك من أسر الملكة، وفك عنك حلق العبودية، وأوجدك رائحة العز، وأخرجك من سجن القهر، ودفع عنك العسر، وبسط لك لسان الإنصاف، وأباحك الدنيا كلها، فملكك نفسك، وحل أسرك، وفرغك لعبادة ربك، واحتمل بذلك التقصير في ماله، فتعلم أنه أولي الخلق بك، بعد أولي رحمك في حياتك وموتك، وأحق الخلق بنصرك، ومعونتك، ومكانفتك في ذات الله، فلا تؤثر عليه نفسك ما احتاج إليك أبداً.

26: حق من أعتقته

وأما حق مولاك الجارية عليه نعمتك، فأن تعلم أن الله جعلك حامية عليه، وواقية، وناصراً، ومعقلاً، وجعله لك وسيلة وسبباً بينك وبينه، فبالحري أن يحجبك عن النار، فيكون في ذلك ثوابك منه في الآجل، ويحكم لك بميراثه في العاجل إذا لم يكن له رحم، مكافاة لما أنفقته من مالك عليه، وقمت به من حقه بعد إنفاق مالك، فإن لم تخفه خيف عليك أن لا يطيب لك ميراثه، ولا قوة إلا به.

27: حق ذي المعروف

وأما حق ذي المعروف عليك، فأن تشكره، وتذكر معروفه، وتنشر به المقالة الحسنة، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله سبحانه، فإنك إذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سراً وعلانية، ثم إن أمكنك مكافاته بالفعل كافأته، وإلا كنت مرصداً له، موطناً نفسك عليها.

28: حق المؤذن

وأما حق المؤذن، فأن تعلم أنه مذكرك بربك، وداعيك إلي حظك، وأفضل أعوانك علي قضاء الفريضة التي افترضها الله عليك، فتشكره علي ذلك شكرك للمحسن إليك، وإن كنت في بيتك متهماً لذلك، لم تكن لله في أمره متهماً، وعلمت أنه نعمة من الله عليك لا شك فيها، فأحسن صحبة نعمة الله، بحمد الله عليها علي كل حال، ولا قوة إلا به.

29: حق إمام الجماعة

وأما حق إمامك في صلاتك، فأن تعلم أنه قد تقلد السفارة فيما بينك وبين الله، والوفادة إلي ربك، وتكلم عنك ولم تتكلم عنه، ودعا لك ولم تدع له، وطلب فيك ولم تطلب فيه، وكفاك هم المقام بين يدي الله والمسألة له فيك، ولم تكفه ذلك، فإن كان في شي ء من ذلك تقصير كان به دونك، وإن كان آثماً لم تكن شريكه فيه، ولم يكن لك عليه فضل، فوقي نفسك بنفسه، ووقي صلاتك بصلاته، فتشكر له علي ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

30: حق الجليس

وأما حق الجليس، فأن تلين له كنفك، وتطيب له جانبك، وتنصفه في مجاراة اللفظ، ولا تغرق في نزع اللحظ إذا لحظت، وتقصد في اللفظ إلي إفهامه إذا لفظت، وإن كنت الجليس إليه كنت في القيام عنه بالخيار، وإن كان الجالس إليك كان بالخيار، ولا تقوم إلا بإذنه، ولا قوة إلا به.

31: حق الجار

وأما حق الجار، فحفظه غائباً، وكرامته شاهداً، ونصرته ومعونته في الحالين جميعاً، لا تتبع له عورة، ولا تبحث له عن سوأة لتعرفها، فإن عرفتها منه من غير إرادة منك ولا تكلف، كنت لما علمت حصناً حصيناً، وستراً ستيراً، لو بحثت الأسنة عنه ضميراً لم تتصل إليه، لانطوائه عليه، لا تستمع عليه من حيث لا يعلم، لا تسلمه عند شديدة، ولا تحسده عند نعمة، تقيله عثرته، وتغفر زلته، ولا تذخر حلمك عنه إذا جهل عليك، ولا تخرج أن تكون سلماً له، ترد عنه لسان الشتيمة، وتبطل فيه كيد حامل النصيحة، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

32: حق الصاحب

وأما حق الصاحب، فأن تصحبه بالفضل ما وجدت إليه سبيلاً، وإلا فلا أقل من الإنصاف، وأن تكرمه كما يكرمك، وتحفظه كما يحفظك، ولا يسبقك فيما بينك وبينه إلي مكرمة، فإن سبقك كافأته، ولا تقصر به عما يستحق من المودة، تلزم نفسك نصيحته، وحياطته ومعاضدته علي طاعة ربه، ومعونته علي نفسه فيما يهم به من معصية ربه، ثم تكون عليه رحمة، ولا تكون عليه عذاباً، ولا قوة إلا به.

33: حق الشريك

وأما حق الشريك، فإن غاب كفيته، وإن حضر ساويته، لا تعزم علي حكمك دون حكمه، ولا تعمل برأيك دون مناظرته، تحفظ عليه ماله، وتنفي عنه خيانته فيما عز أو هان، فإنه بلغنا أن يد الله علي الشريكين ما لم يتخاونا، ولا قوة إلا به.

34: حق المال

وأما حق المال، فأن لا تأخذه إلا من حله، ولا تنفقه إلا في حله، ولا تحرفه عن مواضعه، ولا تصرفه عن حقائقه، ولا تجعله إذا كان من الله إلا إليه، وسبباً إلي الله، ولا تؤثر به علي نفسك من لعله لا يحمدك، وبالحري أن لا يحسن خلافتك في تركتك، ولا يعمل فيه بطاعة ربك، فتكون معيناً له علي ذلك، أو بما أحدث في مالك أحسن نظراً لنفسه، فيعمل بطاعة ربه فيذهب بالغنيمة، وتبوء بالإثم والحسرة والندامة مع التبعة، ولا قوة إلا به.

35: حق الغريم

وأما حق الغريم الطالب لك، فإن كنت موسراً أوفيته، وكفيته وأغنيته، ولم ترده وتمطله، فإن رسول الله صلواة الله عليه و اله قال: ?مطل الغني ظلم?، وإن كنت معسراً أرضيته بحسن القول، وطلبت إليه طلباً جميلاً، ورددته عن نفسك رداً لطيفاً، ولم تجمع عليه ذهاب ماله وسوء معاملته، فإن ذلك لؤم، ولا قوة إلا به.

36: حق الخليط

وأما حق الخليط، فأن لا تغره، ولا تغشه، ولا تكذبه، ولا تغفله، ولا تخدعه، ولا تعمل في انتقاضه عمل العدو الذي لا يبقي علي صاحبه، وإن اطمأن إليك استقصيت له علي نفسك، وعلمت أن غبن المسترسل رباً، ولا قوة إلا به.

37: حق من ادعي عليك

وأما حق الخصم المدعي عليك، فإن كان ما يدعي عليك حقاً لم تنفسخ في حجته، ولم تعمل في إبطال دعوته، وكنت خصم نفسك له، والحاكم عليها، والشاهد له بحقه دون شهادة الشهود، وإن كان ما يدعيه باطلاً رفقت به، وروعته، وناشدته بدينه، وكسرت حدته عنك بذكر الله، وألقيت حشو الكلام ولفظة السوء الذي لا يرد عنك عادية عدوك، بل تبوء بإثمه، وبه يشحذ عليك سيف عداوته؛ لأن لفظة السوء تبعث الشر، والخير مقمعة للشر، ولا قوة إلا بالله.

38: حق من ادعيت عليه

وأما حق الخصم المدعي عليه، فإن كان ما تدعيه حقاً، أجملت في مقاولته بمخرج الدعوي، فإن للدعوي غلظة في سمع المدعي عليه، وقصدت قصد حجتك بالرفق، وأمهل المهلة، وأبين البيان، وألطف اللطف، ولم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل والقال، فتذهب عنك حجتك، ولا يكون لك في ذلك درك، ولا قوة إلا به.

39: حق المستشير

وأما حق المستشير، فإن حضرك له وجه رأي جهدت له في النصيحة، وأشرت عليه بما تعلم أنك لو كنت مكانه عملت به، وذلك ليكن منك في رحمة ولين، فإن اللين يونس الوحشة، وإن الغلظ يوحش من موضع الأنس، وإن لم يحضرك له رأي، وعرفت له من تثق برأيه، وترضي به لنفسك دللته عليه، وأرشدته إليه، فكنت لم تأله خيراً، ولم تدخره نصحاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

40: حق المشير

وأما حق المشير عليك، فلا تتهمه فيما يوافقك عليه من رأيه إذا أشار عليك، فإنما هي الآراء وتصرف الناس فيها واختلافهم، فكن عليه في رأيه بالخيار إذا اتهمت رأيه، فأما تهمته فلا تجوز لك، إذا كان عندك ممن يستحق المشاورة، ولا تدع شكره علي ما بدا لك من إشخاص رأيه، وحسن وجه مشورته، فإذا وافقك حمدت الله، وقبلت ذلك من أخيك بالشكر والإرصاد بالمكافاة في مثلها إن فزع إليك، ولا قوة إلا به.

41: حق المستنصح

وأما حق المستنصح، فإن حقه أن تؤدي إليه النصيحة علي الحق الذي تري له أن يحمل، ويخرج المخرج الذي يلين علي مسامعه، وتكلمه من الكلام بما يطيقه عقله، فإن لكل عقل طيقة من الكلام يعرفه ويجيبه، وليكن مذهبك الرحمة، ولا قوة إلا به.

42: حق الناصح

وأما حق الناصح، فأن تلين له جناحك، ثم تشرئب له قلبك، وتفتح له سمعك، حتي تفهم عنه نصيحته، ثم تنظر فيها فإن كان وفق فيها للصواب حمدت الله علي ذلك، وقبلت منه وعرفت له نصيحته، وإن لم يكن وفق لها فيها رحمته ولم تتهمه، وعلمت أنه لم يألك نصحاً إلا أنه أخطأ إلا أن يكون عندك مستحقاً للتهمة، فلا تعني بشيء من أمره علي كل حال، ولا قوة إلا بالله.

43: حق الكبير

وأما حق الكبير، فإن حقه توقير سنه، وإجلال إسلامه، إذا كان من أهل الفضل في الإسلام بتقديمه فيه، وترك مقابلته عند الخصام، لا تسبقه إلي طريق، ولا تؤمه في طريق، ولا تستجهله، وإن جهل عليك تحملت، وأكرمته بحق إسلامه مع سنه، فإنما حق السن بقدر الإسلام، ولا قوة إلا به.

44: حق الصغير

وأما حق الصغير، فرحمته، وتثقيفه، وتعليمه، والعفو عنه، والستر عليه، والرفق به، والمعونة له، والستر علي جرائر حداثته، فإنه سبب للتوبة، والمداراة له، وترك مماحكته، فإن ذلك أدني لرشده.

45: حق السائل

وأما حق السائل، فإعطاؤه إذا تهبأت صدقه، وقدرت علي سد حاجته، والدعاء له فيما نزل به، والمعاونة له علي طلبته، وإن شككت في صدقه، وسبقت إليه التهمة له، لم تعزم علي ذلك، ولم تأمن أن يكون من كيد الشيطان، أراد أن يصدك عن حظك، ويحول بينك وبين التقرب إلي ربك، وتركته بستره، ورددته رداً جميلاً، وإن غلبت نفسك في أمره، وأعطيته علي ما عرض في نفسك منه، فإِن ذلك من عزمِ الأمور.

46: حق المسئول

وأما حق المسئول، إن أعطي فاقبل منه ما أعطي بالشكر له والمعرفة لفضله، واطلب وجه العذر في منعه وأحسن به الظن، واعلم أنه إن منع ماله منع، وأن ليس التثريب في ماله وإن كان ظالماً ف ?إِنَّ الإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ?().

47: حق المحسن إليك

وأما حق من سرك الله به وعلي يديه، فإن كان تعمدها لك، حمدت الله أولاً، ثم شكرته علي ذلك بقدره في موضع الجزاء، وكافأته علي فضل الابتداء، وأرصدت له المكافاة، وإن لم يكن تعمدها، حمدت الله وشكرته، وعلمت أنه منه توحدك بها، وأحببت هذا إذ كان سبباً من أسباب نعم الله عليك، وترجو له بعد ذلك خيراً، فإن أسباب النعم بركة حيث ما كانت وإن كان لم يتعمد، ولا قوة إلا بالله.

48: حق المسيء إليك

وأما حق من ساءك، القضاء علي يديه بقول أو فعل، فإن كان تعمدها، كان العفو أولي بك، لما فيه له من القمع وحسن الأدب مع كبير أمثاله من الخلق، فإن الله يقول: ?وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ? إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَي الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ? وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِِ?()، وقال عزوجل: ?وإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ ولَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ?()، هذا في العمد، فإن لم يكن عمداً لم تظلمه بتعمد الانتصار منه، فتكون قد كافأته في تعمد علي خطاء ورفقت به ورددته بألطف ما تقدر عليه، ولا قوة إلا به.

49: حق أهل بيتك

وأما حق أهل بيتك عامة، فإضمار السلامة، ونشر جناح الرحمة، والرفق بمسيئهم، وتألفهم، واستصلاحهم، وشكر محسنهم إلي نفسه وإليك، فإن إحسانه إلي نفسه إحسانه إليك إذا كف عنك أذاه، وكفاك مئونته، وحبس عنك نفسه، فعمهم جميعاً بدعوتك، وانصرهم جميعاً بنصرتك، وأنزلهم جميعاً منك منازلهم، كبيرهم بمنزلة الوالد، وصغيرهم بمنزلة الولد، وأوسطهم بمنزلة الأخ، فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة، وصل أخاك بما يجب للأخ علي أخيه.

50: حق أهل الذمة

وأما حق أهل الذمة، فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله، وتفي بما جعل الله لهم من ذمته وعهده، وتكلمهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم وأجبروا عليه، وتحكم فيهم بما حكم الله به علي نفسك فيما جري بينك وبينهم من معاملة، وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله، والوفاء بعهده، وعهد رسوله صلواة الله عليه و اله حائل، فإنه بلغنا أنه قال: ?من ظلم معاهداً كنت خصمه?، فاتق الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فهذه خمسون حقاً محيطة بك، لا تخرج منها في حال من الأحوال، يجب عليك رعايتها، والعمل في تأديتها، والاستعانة بالله جل ثناؤه علي ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والحمد لله رب العالمين.

الرجل كل الرجل()

إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه، وتماوت() في منطقه، وتخاضع في حركاته، فرويداً لا يغرنكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب الحرام منها لضعف نيته، ومهانته وجبن قلبه، فنصب الدين فخاً لها، فهو لا يزال يختل الناس بظاهره، فإن تمكن من حرام اقتحمه.

وإذا وجدتموه يعف عن المال الحرام، فرويداً لا يغرنكم، فإن شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام وإن كثر، ويحمل نفسه علي شوهاء قبيحة، فيأتي منها محرماً.

فإذا وجدتموه يعف عن ذلك، فرويداً لا يغرنكم حتي تنظروا ما عقدة عقله، فما أكثر من ترك ذلك أجمع ثم لا يرجع إلي عقل متين، فيكون ما يفسد بجهله أكثر مما يصلحه بعقله.

فإذا وجدتم عقله متيناً، فرويداً لا يغرنكم، حتي تنظروا أمع هواه يكون علي عقله، أم يكون مع عقله علي هواه، وكيف محبته للرئاسات الباطلة وزهده فيها، فإن في الناس من خسر الدنيا والآخرة، يترك الدنيا للدنيا، ويري أن لذة الرئاسة

الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة، فيترك ذلك أجمع طلباً للرئاسة، حتي (إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم، فحسبه جهنم ولبئس المهاد)().

فهو يخبط خبط عشواء، يوقده أول باطل إلي أبعد غايات الخسارة، ويمده ربه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه، فهو يحل ما حرم الله، ويحرم ما أحل الله، لا يبالي ما فات من دينه إذا سلمت له الرئاسة التي قد شقي من أجلها، فأولئك الذين غضب الله عليهم ولعنهم، وأعد لهم عذاباً مهيناً.

ولكن الرجل كل الرجل، نعم الرجل، هو الذي جعل هواه تبعاً لأمر الله، وقواه مبذولة في رضا الله، يري الذل مع الحق أقرب إلي عز الأبد من العز في الباطل، ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرائها، يؤديه إلي دوام النعيم في دار لا تبيد ولا تنفذ، وأن كثير ما يلحقه من سرائها، إن اتبع هواه يؤديه إلي عذاب لا انقطاع له ولا يزول، فذلكم الرجل نعم الرجل، فيه فتمسكوا، وبسنته فاقتدوا، وإلي ربكم فتوسلوا، فإنه لا ترد له دعوة، ولا يخيب له طلبة.

حوائج الإخوان()

من قضي لأخيه حاجة، فيحاجه الله بها، وقضي الله بها مائة حاجة في إحداهن الجنة، ومن نفس عن أخيه كربة نفس الله عنه كربة يوم القيامة بالغاً ما بلغت، ومن أعانه علي ظالم له أعانه الله علي إجازة الصراط عند دحض الأقدام، ومن سعي له في حاجة حتي قضاها له فسر بقضائها فكان كإدخال السرور علي رسول الله صلواة الله عليه و اله، ومن سقاه من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن أطعمه من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن كساه من عري كساه الله من إستبرق وحرير، ومن كساه

من غير عري لم يزل في ضمان الله ما دام علي المكسو من الثوب سلك، ومن كفاه بما هو يمتهنه ويكف وجهه ويصل به يديه يخدمه الولدان، ومن حمله من رحله بعثه الله يوم القيامة علي ناقة من نوق الجنة يباهي به الملائكة، ومن كفنه عند موته فكأنما كساه يوم ولدته أمه إلي يوم يموت، ومن زوجه زوجة يأنس بها ويسكن إليها آنسه الله في قبره بصورة أحب أهله إليه، ومن عاده عند مرضه حفته الملائكة تدعو له حتي ينصرف وتقول: طبت وطابت لك الجنة، والله لقضاء حاجته أحب إلي الله من صيام شهرين متتابعين باعتكافهما في الشهر الحرام.

تنافسوا في الدرجات()

معاشر شيعتنا، أما الجنة فلن تفوتكم سريعاً كان أو بطيئاً، ولكن تنافسوا في الدرجات، واعلموا أن أرفعكم درجات، وأحسنكم قصوراً ودوراً وأبنية فيها، أحسنكم إيجاباً لإخوانه المؤمنين، وأكثركم مواساة لفقرائهم. إن الله عزوجل ليقرب الواحد منكم إلي الجنة بكلمة طيبة يكلم بها أخاه المؤمن الفقير بأكثر من مسيرة مائة ألف سنة تقدمه وإن كان من المعذبين بالنار، فلا تحتقروا الإحسان إلي إخوانكم، فسوف ينفعكم الله تعالي حيث لا يقوم مقام ذلك شي ء غيره.

خدمات عامة()

من أطعم مؤمناً من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقي مؤمناً من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن كسا مؤمناً كساه الله من الثياب الخضر.

أكس أخاك()

من كان عنده فضل ثوب، فعلم أن بحضرته مؤمناً محتاجاً إليه فلم يدفعه إليه، أكبه الله تعالي في النار علي منخريه.

حقوق المجالسة()

قال رجل لعلي بن الحسين عليه السلام: إن فلاناً ينسبك إلي أنك ضال مبتدع، فقال له علي بن الحسين عليه السلام:

ما رعيت حق مجالسة الرجل، حيث نقلت إلينا حديثه، ولا أديت حقي حيث أبلغتني عن أخي ما لست أعلمه، إن الموت يعمنا، والبعث محشرنا، والقيامة موعدنا، والله يحكم بيننا، إياك والغيبة! فإنها إدام كلاب النار.

محن الدنيا()

إني أكره للرجل أن يعافي في الدنيا ولا يصيبه شي ء من المصائب، ثم ذكر أن أبا سعيد الخدري كان مستقيماً نزع ثلاثة أيام فغسله أهله، ثم حمل إلي مصلاه فمات فيه.

بين الوالد وولده()

يا بني، إن الله رضيني لك ولم يرضك لي، فأوصاك بي ولم يوصني بك، عليك بالبر تحفة يسيرة.

المريض إذا برئ()

رأي عليه السلام عليلاً قد برئ، فقال عليه السلام له:

يهنؤك الطهور من الذنوب، إن الله قد ذكرك فاذكره، وأقالك فاشكره.

التوادد والتحابب()

نظر المؤمن في وجه أخيه المؤمن للمودة والمحبة له عبادة.

افعل الخير()

افعل الخير إلي كل من طلبه منك، فإن كان أهله فقد أصبت موضعه، وإن لم يكن بأهل كنت أنت أهله.

وإن شتمك رجل عن يمينك ثم تحول إلي يسارك واعتذر إليك فاقبل عذره.

تكوين العلاقات()

خف الله تعالي لقدرته عليك، واستحي منه لقربه منك، ولا تعادين أحداً وإن ظننت أنه لا يضرك، ولا تزهدن صداقة أحد وإن ظننت أنه لا ينفعك؛ فإنك لا تدري متي ترجو صديقك، ولا تدري متي تخاف عدوك، ولا يعتذر إليك أحد إلا قبلت عذره وإن علمت أنه كاذب، وليقل عيب الناس علي لسانك.

لا تعاد الرجال()

يا بني، إياك ومعاداة الرجال، فإنه لن يعدمك مكر حليم، أو مفاجأة لئيم.

خير ما تفتح به عملك()

خير مفاتيح الأمور الصدق، وخير خواتيمها الوفاء.

من سعادة المرء()

من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له ولد يستعين بهم.

العمل والهدف النبيل()

ما أزرع الزرع لطلب الفضل فيه، وما أزرعه إلا ليتناوله الفقير وذو الحاجة، ولتتناول منه القنبرة خاصة من الطير.

زرع الزارع()

خير الأعمال زرع يزرعه فيأكل منه البر والفاجر، أما البر فما أكل منه وشرب يستغفر له، وأما الفاجر فما أكل منه من شيء يلعنه، وتأكل منه السباع والطير.

أدعية

حول البيت()

طاووس الفقيه: رأيت زين العابدين عليه السلام يطوف من العشاء إلي السحر ويتعبد، فلما لم ير أحداً رمق السماء بطرفه، وقال:

إلهي غارت نجوم سماواتك، وهجعت عيون أنامك، وأبوابك مفتحات للسائلين، جئتك لتغفر لي، وترحمني، وتريني وجه جدي محمد صلواة الله عليه و اله في عرصات القيامة.

ثم بكي وقال:

وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وما عصيتك إذ عصيتك وأنا بك شاك، ولا بنكالك جاهل، ولا لعقوبتك متعرض، ولكن سولت لي نفسي، وأعانني علي ذلك سترك المرخي به عليَّ، فأنا الآن من عذابك من يستنقذني، وبحبل من أعتصم إن قطعت حبلك عني؟.

فوا سوأتاه غداً من الوقوف بين يديك، إذا قيل للمخفين جوزوا، وللمثقلين حطوا، أمع المخفين أجوز، أم مع المثقلين أحط؟

ويلي كلما طال عمري كثرت خطاياي ولم أتب، أما آن لي أن أستحي من ربي؟

ثم بكي، ثم أنشأ يقول:

فأين رجائي ثم أين محبتي

أ تحرقني بالنار يا غاية المني

وما في الوري خلق جني جنايتي

أتيت بأعمال قباح ردية

ثم بكي وقال: سبحانك تعصي كأنك لا تري، وتحلم كأنك لم تعص، تتودد إلي خلقك بحسن الصنيع كأن بك الحاجة إليهم، وأنت يا سيدي الغني عنهم.

ثم خر إلي الأرض ساجداً، فدنوت منه وشلت رأسه ووضعته علي ركبتي، وبكيت حتي جرت دموعي علي خده، فاستوي جالساً، وقال: من ذا الذي أشغلني عن ذكر ربي؟

فقلت: أنا طاووس يا ابن رسول الله، ما هذا الجزع والفزع! ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا، ونحن عاصون جافون، أبوك الحسين بن علي، وأمك فاطمة الزهراء، وجدك رسول الله صلواة الله

عليه و اله؟!

قال: فالتفت إليَّ وقال:

هيهات، هيهات يا طاووس دع عني حديث أبي وأمي وجدي، خلق الله الجنة لمن أطاعه وأحسن ولو كان عبداً حبشياً، وخلق النار لمن عصاه ولو كان قرشياً، أما سمعت قوله تعالي: ?فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ ولا

يَتَساءَلُونَ?()، والله لا ينفعك غداً إلا تقدمة تقدمها من عمل صالح.

الاستعاذة بالله()

?اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوامح العيون علانيتي، وتقبح عندك سريرتي، اللهم كما أسأت وأحسنت إليَّ، فإذا عدت فعد عليَّ?.

من أنا()

?اللهم من أنا حتي تغضب عليَّ، فو عزتك ما يزين ملكك إحساني، ولا يقبحه إساءتي، ولا ينقص من خزائنك غناي، ولا يزيد فيها فقري?.

في فناء الكعبة()

عن محمد بن أبي حمزة، عن أبيه، قال: رأيت علي بن الحسين عليه السلام في فناء الكعبة في الليل وهو يصلي، فأطال القيام حتي جعل مرة يتوكأ علي رجله اليمني، ومرة علي رجله اليسري، ثم سمعته يقول بصوت كأنه باك:

?يا سيدي تعذبني وحبك في قلبي! أما وعزتك لئن فعلت، لتجمعن بيني وبين قوم طال ما عاديتهم فيك?.

قبل الطعام وبعده()

كان علي بن الحسين عليه السلام إذا وضع الطعام بين يديه قال:

?اللهم هذا من منك وفضلك وعطاياك، فبارك لنا فيه وسوغناه، وارزقنا خلفاً إذا أكلناه، ورب محتاج إليه رزقت وأحسنت، اللهم اجعلنا لك من الشاكرين?.

وإذا رفع الخوان قال:

?الحمد لله الذي حملنا في البر والبحر، ورزقنا من الطيبات، وفضلنا علي كثير من خلقه أو ممن خلق تفضيلاً?.

في ليلة السابع والعشرين()

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعت أبي علي بن الحسين عليه السلام ليلة سبع وعشرين من شهر رمضان يقول من أول الليلة إلي آخرها:

?اللهم ارزقني التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلي دار الخلود، والاستعداد للموت قبل حلول الفوت?.

من أدعية السحر()

كان علي بن الحسين سيد العابدين (صلوات الله عليهما) يصلي عامة ليله في شهر رمضان، فإذا كان في السحر دعا بهذا الدعاء:

?إلهي لا تؤدبني بعقوبتك، ولا تمكر بي في حيلتك، من أين لي الخير يا رب ولا يوجد إلا من عندك، ومن أين لي النجاة ولا تستطاع إلا بك، لا الذي أحسن استغني عن عونك ورحمتك، ولا الذي أساء واجترأ عليك ولم يرضك خرج عن قدرتك، يا رب يا رب يا رب حتي ينقطع النفس بك عرفتك وأنت دللتني عليك، ودعوتني إليك، ولولا أنت لم أدر ما أنت?.

?الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني وإن كنت بطيئاً حين يدعوني، والحمد لله الذي أسأله فيعطيني وإن كنت بخيلاً حين يستقرضني، والحمد لله الذي أناديه كلما شئت لحاجتي، وأخلو به حيث شئت لسري بغير شفيع فيقضي لي حاجتي، والحمد لله الذي أدعوه ولا أدعو غيره، ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي، والحمد لله الذي أرجوه ولا أرجو غيره، ولو رجوت غيره لأخلف رجائي، والحمد لله الذي وكلني إليه فأكرمني ولم يكلني إلي الناس فيهينوني، والحمد لله الذي تحبب إليَّ وهو غني عني، والحمد لله الذي يحلم عني حتي كأني لا ذنب لي، فربي أحمد شي ء عندي وأحق بحمدي?.

?اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة، ومناهل الرجاء إليك مترعة، والاستعانة بفضلك لمن أملك مباحة، وأبواب الدعاء إليك للصارخين مفتوحة، واعلم أنك للراجين بموضع إجابة، وللملهوفين بمرصد إغاثة، وأن في

اللهف إلي جودك والرضا بقضائك عوضاً من منع الباخلين، ومندوحة عما في أيدي المستأثرين، وأن الراحل إليك قريب المسافة، وأنك لا تحتجب عن خلقك إلا أن تحجبهم الأعمال السيئة دونك، وقد قصدت إليك بطلبتي، وتوجهت إليك بحاجتي، وجعلت بك استغاثتي، وبدعائك توسلي، من غير استحقاق لاستماعك مني، ولا استيجاب لعفوك عني، بل لثقتي بكرمك، وسكوني إلي صدق وعدك، ولجئي إلي الإيمان بتوحيدك، ويقيني بمعرفتك مني أن لا رب لي غيرك، ولا إله لي إلا أنت، وحدك لا شريك لك?.

?اللهم أنت القائل وقولك حق ووعدك صدق: ?وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً?()، وليس من صفاتك يا سيدي أن تأمر بالسؤال وتمنع العطية، وأنت المنان بالعطايا علي أهل مملكتك، والعائد عليهم بتحنن رأفتك، إلهي ربيتني في نعمك وإحسانك صغيراً، ونوهت باسمي كبيراً، فيا من رباني في الدنيا بإحسانه، وتفضله ونعمه، وأشار لي في الآخرة إلي عفوه وكرمه، معرفتي يا مولاي دلتني عليك، وحبي لك شفيعي إليك، وأنا واثق من دليلي بدلالتك، وساكن من شفيعي إلي شفاعتك، أدعوك يا سيدي بلسان قد أخرسه ذنبه، رب أناجيك بقلب قد أوبقه جرمه، أدعوك يا رب راهباً راغباً، راجياً خائفاً، إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت، وإذا رأيت كرمك طمعت، فإن عفوت فخير راحم، وإن عذبت فغير ظالم، حجتي يا الله في جرأتي علي مسألتك مع إتياني ما تكره جودك وكرمك، وعدتي في شدتي مع قلة حيائي رأفتك ورحمتك، وقد رجوت ألا تخيب بين ذين وذين منيتي، فحقق رجائي، واسمع دعائي، يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج?.

?عظم يا سيدي أملي، وساء عملي، فأعطني من عفوك بمقدار أملي، ولا تؤاخذني بسوء عملي، فإن كرمك يجل عن

مجازات المذنبين، وحلمك يكبر عن مكافاة المقصرين، وأنا يا سيدي عائذ بفضلك، هارب منك إليك، متنجز ما وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظناً، وما أنا يا رب وما خطري هبني بفضلك، وتصدق عليَّ بعفوك، أي رب جللني بسترك، واعف عني توبيخي بكرم وجهك، فلو اطلع اليوم علي ذنبي غيرك ما فعلته، ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبته، لا لأنك أهون الناظرين إليَّ، وأخف المطلعين عليَّ، بل لأنك يا رب خير الساترين، وأحلم الأحلمين، وأكرم الأكرمين، ستار العيوب، غفار الذنوب، علام الغيوب، تستر الذنب بكرمك، وتؤخر العقوبة بحلمك، فلك الحمد علي حلمك بعد علمك، وعلي عفوك بعد قدرتك، ويحملني ويجرئني علي معصيتك حلمك عني، ويدعوني إلي قلة الحياء سترك عليَّ، ويسرعني إلي التوثب علي محارمك معرفتي بسعة رحمتك، وعظيم عفوك?.

?يا حليم، يا كريم، يا حي، يا غافر الذنب، يا قابل التوب، يا عظيم المن، يا موصوفاً بالإحسان، أين سترك الجميل، أين عفوك الجليل، أين فرجك القريب، أين غياثك السريع، أين رحمتك الواسعة، أين عطاياك الفاضلة، أين مواهبك الهنيئة، أين صنائعك السنية، أين فضلك العظيم، أين منك الجسيم، أين إحسانك القديم، أين كرمك يا كريم، بك وبمحمد وآل محمد عليهم السلام فاستنقذني، وبرحمتك فخلصني، يا محسن يا مجمل، يا منعم يا مفضل، لسنا نتكل في النجاة من عقابك علي أعمالنا، بل بفضلك علينا، لأنك أهل التقوي وأهل المغفرة، تبدئ بالإحسان نعماً، وتعفو عن الذنب كرماً، فما ندري ما نشكر، أجميل ما تنشر، أم قبيح ما تستر، أم عظيم ما أبليت وأوليت، أم كثير ما منه نجيت وعافيت، يا حبيب من تحبب إليك، ويا قرة عين من لاذ بك وانقطع إليك، أنت المحسن ونحن المسيئون، فتجاوز يا رب

عن قبيح ما عندنا بجميل ما عندك، وأي جهل يا رب لا يسعه جودك، وأي زمان أطول من أناتك، وما قدر أعمالنا في جنب نعمك، وكيف نستكثر أعمالاً يقابل بها كرمك، بل كيف يضيق علي المذنبين ما وسعهم من رحمتك?.

?يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، فو عزتك يا سيدي لو انتهرتني ما برحت عن بابك، ولا كففت عن تملقك، لما انتهي إليَّ يا سيدي من المعرفة بجودك وكرمك، وأنت الفاعل لما تشاء، تعذب من تشاء، بما تشاء، كيف تشاء، وترحم من تشاء، بما تشاء، كيف تشاء، ولا تسأل عن فعلك، ولا تنازع في ملكك، ولا تشارك في أمرك، ولا تضاد في حكمك، ولا يعترض عليك أحد في تدبيرك، لك الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين، أنت أحسن الخالقين، ورب العالمين?.

?يا رب هذا مقام من لاذ بك، واستجار بكرمك، وألف إحسانك ونعمك، وأنت الجواد الذي لا يضيق عفوك، ولا ينقص فضلك، ولا تقل رحمتك، وقد توثقنا منك بالصفح القديم، والفضل العظيم، والرحمة الواسعة?.

?أفتراك يا رب تخلف ظنوننا، أو تخيب آمالنا، كلا يا كريم، فليس هذا ظننا بك، ولا هذا طمعنا فيك، يا رب إن لنا فيك أملاً طويلاً كثيراً، إن لنا فيك رجاء عظيماً، عصيناك ونحن نرجو أن تستر علينا، ودعوناك ونحن نرجو أن تستجيب لنا، فحقق رجائنا يا مولانا، فقد علمنا ما نستوجب بأعمالنا، ولكن علمك فينا وعلمنا بأنك لا تصرفنا عنك حثنا علي الرغبة إليك، وإن كنا غير مستوجبين لرحمتك، فأنت أهل أن تجود علينا وعلي المذنبين بفضل سعتك، فامنن علينا بما أنت أهله، وجد علينا فإنا محتاجون إلي نيلك، يا غفار بنورك اهتدينا، وبفضلك استغنينا، وبنعمتك أصبحنا وأمسينا، ذنوبنا بين يديك، نستغفرك

اللهم منها، ونتوب إليك، تتحبب إلينا بالنعم، ونعارضك بالذنوب، خيرك إلينا نازل، وشرنا إليك صاعد، ولم يزل ولا يزال ملك كريم يأتيك عنا بعمل قبيح، فلا يمنعك ما يأتي منا من ذلك من أن تحوطنا بنعمتك، وتتفضل علينا بآلائك، فسبحانك ما أحلمك وأعظمك وأكرمك، مبدئاً ومعيداً?.

?تقدست أسماؤك، وجل ثناؤك، وكرم صنائعك وفعالك، أنت يا إلهي أوسع فضلاً وأعظم حلماً من أن تقايسني بعملي وخطيئتي، فالعفو العفو العفو، سيدي سيدي سيدي، اللهم أشغلنا بذكرك، وأعذنا من سخطك، وأجرنا من عقابك، وارزقنا من مواهبك، وأنعم علينا من فضلك، وارزقنا حج بيتك، وزيارة قبر نبيك صلواتك ورحمتك ومغفرتك وبركاتك ورضوانك عليه، وعلي أهل بيته إنك قريب مجيب، وارزقنا عملاً بطاعتك، وتوفنا علي ملتك، وسنة رسولك صلواة الله عليه و اله?.

?اللهم صل علي محمد وآله، واغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيراً، واجزهما بالإحسان إحساناً، وبالسيئات غفراناً، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، وتابع بيننا وبينهم بالخيرات، اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، ذكرنا وأنثانا، صغيرنا وكبيرنا، حرنا ومملوكنا، كذب العادلون بالله وضلوا ضلالاً بعيداً، وخسروا خسراناً مبيناً?.

اللهم صل علي محمد وآل محمد، واختم لي بخير، واكفني ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي، ولا تسلط عليَّ من لا يرحمني، واجعل عافيتك عليَّ منك جنة واقية باقية، ولا تسلبني صالح ما أنعمت به عليَّ، وارزقني من فضلك الواسع رزقاً واسعاً حلالاً طيباً، اللهم واحرسني بحراستك، واحفظني بحفظك، واكلأني بكلاءتك، وارزقني من فضلك حج بيتك الحرام، في عامي هذا وفي كل عام، وارزقني زيارة قبر نبيك صلواتك عليه وآله والأئمة عليهم السلام، ولا تخلني يا رب من تلك المشاهد الشريفة، والمواقف الكريمة، اللهم وتب عليَّ حتي لاأعصيك، وألهمني

الخير والعمل به، وخشيتك بالليل والنهار أبداً ما أبقيتني يا رب العالمين?.

?اللهم ما لي كلما قلت قد تهيأت وتعبأت، وقمت للصلاة بين يديك وناجيتك، ألقيت عليَّ نعاساً إذا أنا صليت، وسلبتني مناجاتك إذا أنا ناجيتك، ما لي كلما قلت قد صلحت سريرتي، وقرب من مجالس التوابين مجلسي، عرضت لي بلية أزالت قدمي، وحالت بيني وبين خدمتك، سيدي لعلك عن بابك طردتني، وعن خدمتك نحيتني، أو لعلك رأيتني مستخفاً بحقك فأقصتني، أو لعلك رأيتني معرضاً عنك فقليتني، أو لعلك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني، أو لعلك رأيتني غير شاكر لنعمائك فحرمتني، أو لعلك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني، أو لعلك رأيتني في الغافلين فمن رحمتك آيستني، أو لعلك رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني، أو لعلك لم تحب أن تسمع دعائي فباعدتني، أو لعلك بجرمي وجريرتي كافيتني، أو لعلك بقلة حيائي منك جازيتني، فإن عفوت يا رب فطال ما عفوت عن المذنبين قبلي، لأن كرمك أي رب يجل عن مجازات المذنبين، وحلمك يكبر عن مكافاة المقصرين، وأنا عائذ بفضلك، هارب منك إليك، متنجز ما وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظناً?.

?إلهي أنت أوسع فضلاًً، وأعظم حلماً من أن تقايسني بعملي، أو أن تستزلني بخطيئتي، وما أنا يا سيدي وما خطري، هبني بفضلك يا سيدي، وتصدق عليَّ بعفوك، وجللني بسترك، واعف عن توبيخي بكرم وجهك، سيدي أنا الصغير الذي ربيته، وأنا الجاهل الذي علمته، وأنا الضال الذي هديته، وأنا الوضيع الذي رفعته، وأنا الخائف الذي آمنته، والجائع الذي أشبعته، والعطشان الذي أرويته، والعاري الذي كسوته، والفقير الذي أغنيته، والضعيف الذي قويته، والذليل الذي أعززته، والسقيم الذي شفيته، والسائل الذي أعطيته، والمذنب الذي سترته، والخاطئ الذي أقلته،

وأنا القليل الذي كثرته، والمستضعف الذي نصرته، وأنا الطريد الذي آويته، فلك الحمد. وأنا يا رب الذي لم أستحيك في الخلاء، ولم أراقبك في الملاء، وأنا صاحب الدواهي العظمي، أنا الذي علي سيده اجتري، أنا الذي عصيت جبار السماء، أنا الذي أعطيت علي المعاصي جليل الرشا، أنا الذي حين بشرت بها خرجت إليها أسعي، أنا الذي أمهلتني فما ارعويت، وسترت عليَّ فما استحييت، وعملت بالمعاصي فتعديت، وأسقطتني من عينك فما باليت، فبحلمك أمهلتني، وبسترك سترتني، حتي كأنك أغفلتني، ومن عقوبات المعاصي جنبتني، حتي كأنك استحييتني?.

?إلهي لم أعصك حين عصيتك، وأنا لربوبيتك جاحد، ولا بأمرك مستخف، ولا لعقوبتك متعرض، ولا لوعيدك متهاون، ولكن خطيئة عرضت، وسولت لي نفسي، وغلبني هواي، وأعانني عليها شقوتي، وغرني سترك المرخي عليَّ، فقد عصيتك وخالفتك بجهدي، فالآن من عذابك من يستنقذني، ومن أيدي الخصماء غداً من يخلصني، وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني، فوا سوأتا علي ما أحصي كتابك من عملي، الذي لولا ما أرجو من كرمك وسعة رحمتك، ونهيك إياي عن القنوط لقنطت عند ما أتذكرها، يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج?.

?اللهم بذمة الإسلام أتوسل إليك، وبحرمة القرآن أعتمد عليك، وبحبي للنبي الأمي، القرشي الهاشمي، العربي التهامي، المدني المكي، صلواتك عليه وآله، أرجو الزلفة لديك، فلا توحش استيناس إيماني، ولا تجعل ثوابي ثواب من عبد سواك، فإن قوماً آمنوا بألسنتهم ليحقنوا به دمائهم، فأدركوا ما أملوا، وإنا آمنا بك بألسنتنا وقلوبنا لتعفو عنا، فأدركنا ما أملنا، وثبت رجاءك في صدورنا، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب?.

?فو عزتك لو انتهرتني ما برحت من بابك، ولا كففت عن تملقك،

لما ألهم قلبي يا سيدي من المعرفة بكرمك وسعة رحمتك، إلهي إلي من يذهب العبد إلا إلي مولاه، وإلي من يلتجئ المخلوق إلا إلي خالقه، إلهي لو قرنتني بالأصفاد، ومنعتني سيبك من بين الأشهاد، ودللت علي فضائحي عيون العباد، وأمرت بي إلي النار، وحلت بيني وبين الأبرار، ما قطعت رجائي منك، ولا صرفت وجه تأميلي للعفو عنك، ولا خرج حبك من قلبي، أنا لا أنسي أياديك عندي، وسترك عليَّ في دار الدنيا?.

?سيدي صل علي محمد وآل محمد، وأخرج حب الدنيا من قلبي، واجمع بيني وبين المصطفي وآله، خيرتك من خلقك وخاتم النبيين محمد صلي الله عليه وآله، وانقلني إلي درجة التوبة إليك، وأعني بالبكاء علي نفسي، فقد أفنيت بالتسويف والآمال عمري، وقد نزلت منزلة الآيسين من خيري?.

?فمن يكون أسوأ حالاً مني إن أنا نقلت علي مثل حالي إلي قبري، ولم أمهده لرقدتي، ولم أفرشه بالعمل الصالح لضجعتي، وما لي لا أبكي، ولا أدري إلي ما يكون مصيري، وأري نفسي تخادعني، وأيامي تخاتلني، وقد خفقت عند رأسي أجنحة الموت، فما لي لا أبكي، أبكي لخروج نفسي، أبكي لظلمة قبري، أبكي لضيق لحدي، أبكي لسؤال منكر ونكير إياي، أبكي لخروجي من قبري عرياناً ذليلاً، حاملاً ثقلي علي ظهري، أنظر مرة عن يميني، وأخري عن شمالي، إذ الخلائق في شأن غير شأني، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، وجوه يومئذ مسفرة، ضاحكة مستبشرة، ووجوه يومئذ عليها غبرة، ترهقها قترة وذلة، سيدي عليك معولي ومعتمدي، ورجائي وتوكلي، وبرحمتك تعلقي، تصيب برحمتك من تشاء، وتهدي بكرامتك من تحب?.

?اللهم فلك الحمد علي ما نقيت من الشرك قلبي، ولك الحمد علي بسط لساني، أفبلساني هذا الكال أشكرك، أم بغاية جهدي في عملي

أرضيك، وما قدر لساني يا رب في جنب شكرك، وما قدر عملي في جنب نعمك وإحسانك إليَّ، إلا أن جودك بسط أملي، وشكرك قبل عملي، سيدي إليك رغبتي، ومنك رهبتي، وإليك تأميلي، فقد ساقني إليك أملي، وعليك يا واحدي عكفت همتي، وفيما عندك انبسطت رغبتي، ولك خالص رجائي وخوفي، وبك آنست محبتي، وإليك ألقيت بيدي، وبحبل طاعتك مددت رغبتي، يا مولاي بذكرك عاش قلبي، وبمناجاتك بردت ألم الخوف عني، فيا مولاي ويا مؤملي، ويا منتهي سؤلي، صل علي محمد وآل محمد، وفرق بيني وبين ذنبي المانع لي من لزوم طاعتك، فإنما أسألك لقديم الرجاء فيك، وعظيم الطمع منك، الذي أوجبته علي نفسك من الرأفة والرحمة، فالأمر لك وحدك لا شريك لك، والخلق كلهم عبادك وفي قبضتك، وكل شيء خاضع لك، تباركت يا رب العالمين?.

?اللهم فارحمني إذا انقطعت حجتي، وكل عن جوابك لساني، وطاش عند سؤالك إياي لبي، فيا عظيماً يرجي لكل عظيم، أنت رجائي فلا تخيبني إذا اشتدت إليك فاقتي، ولا تردني لجهلي، ولا تمنعني لقلة صبري، وأعطني لفقري، وارحمني لضعفي، سيدي عليك معتمدي ومعولي، ورجائي وتوكلي، وبرحمتك تعلقي، وبفنائك أحط رحلي، وبجودك أقصد طلبتي، وبكرمك أي رب أستفتح دعائي، ولديك أرجو ضيافتي، وبغناك أجبر عيلتي، وتحت ظل عفوك قيامي، وإلي جودك وكرمك أرفع بصري، وإلي معروفك أديم نظري، فلا تحرقني بالنار وأنت موضع أملي، ولا تسكني الهاوية فإنك قرة عيني، يا سيدي ولا تكذب ظني بإحسانك ومعروفك، فإنك ثقتي ورجائي، ولا تحرمني ثوابك فإنك العارف بفقري?.

?إلهي إن كان قد دنا أجلي، ولم يقربني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف إليك بذنبي وسائل عللي، إلهي إن عفوت فمن أولي منك بالغفران، وإن عذبت فمن أعدل منك

في الحكم، اللهم فارحم في هذه الدنيا غربتي، وعند الموت كربتي، وفي القبر وحدتي، وفي اللحد وحشتي، وإذا نشرت للحساب بين يديك ذل موقفي، واغفر لي ما خفي علي الآدميين من عملي، وأدم لي ما به سترتني، وارحمني صريعاً علي الفراش تقلبني أيدي أحبتي، وتفضل عليَّ ممدوداً علي المغتسل يغسلني صالح جيرتي، وتحنن عليَّ محمولاً قد تناول الأقرباء أطراف جنازتي، وجد عليَّ منقولاً قد نزلت بك وحيداً في حفرتي، وارحم في ذلك البيت الجديد غربتي، حتي لا أستأنس بغيرك يا سيدي، فإنك إن وكلتني إلي نفسي هلكت?.

?فبمن أستغيث إن لم تقلني عثرتي، وإلي من أفزع إن فقدت عنايتك في ضجعتي، وإلي من ألتجئ إن لم تنفس كربتي، سيدي من لي ومن يرحمني إن لم ترحمني، وفضل من أؤمل إن فقدت غفرانك، أو عدمت فضلك يوم فاقتي، وإلي من الفرار من الذنوب إذا انقضي أجلي، سيدي لا تعذبني وأنا أرجوك، إلهي حقق رجائي، وآمن خوفي، فإن كثرة ذنوبي لا أرجو لها إلا عفوك، سيدي أنا أسألك ما لا أستحق، وأنت أهل التقوي وأهل المغفرة، فاغفر لي وألبسني من نظرك ثوباً يغطي عليَّ التبعات وتغفرها لي، ولا أطالب بها إنك ذو من قديم، وصفح عظيم، وتجاوز كريم?.

?إلهي أنت الذي تفيض سيبك علي من لم يسألك، وعلي الجاحدين بربوبيتك، فكيف سيدي بمن سألك، وأيقن أن الخلق لك، والأمر إليك، تباركت وتعاليت يا رب العالمين، إلهي وسيدي عبدك ببابك، أقامته الخصاصة بين يديك، يقرع باب إحسانك بدعائه، ويستعطف جميل نظرك بمكنون رجائه، فلا تعرض بوجهك الكريم عني، واقبل مني ما أقول، فقد دعوتك بهذا الدعاء، وأنا أرجو أن لا تردني معرفة مني برأفتك ورحمتك، إلهي أنت الذي لا يحفيك

سائل، ولا ينقصك نائل، أنت كما تقول، وفوق ما يقول القائلون?.

?اللهم إني أسألك صبراً جميلاً، وفرجاً قريباً، وقولاً صادقاً، وأجراً عظيماً، وأسألك اللهم من الخير كله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك اللهم من خير ما سألك منه عبادك الصالحون، يا خير من سئل، ويا أجود من أعطي، صل علي محمد وآل محمد، وأعطني سؤلي في نفسي وأهلي، ووالدي وولدي، وأهل حزانتي، وإخواني فيك، وأرغد عيشي، وأظهر مروتي، وأصلح جميع أحوالي، واجعلني ممن أطلت عمره، وحسنت عمله، وأتممت عليه نعمتك، ورضيت عنه، وأحييته حياة طيبة، في أدوم السرور، وأسبغ الكرامة، وأتم العيش، إنك تفعل ما تشاء، ولا تفعل ما يشاء غيرك. اللهم وخصني منك بخاصة ذكرك، ولا تجعل شيئاً مما أتقرب به في آناء الليل وأطراف النهار رياءً ولا سمعة، ولا أشراً ولا بطراً، واجعلني لك من الخاشعين، اللهم وأعطني السعة في الرزق، والأمن في الوطن، وقرة العين في الأهل والمال والولد، والمقام في نعمك عندي، والصحة في الجسم، والقوة في البدن، والسلامة في الدين، واستعملني بطاعتك، وطاعة رسولك محمد وأهل بيته صلواتك عليه وآله أبداً ما استعمرتني، واجعلني من أوفر عبادك عندك نصيباً في كل خير أنزلته، وأنت منزله في شر رمضان، في ليلة القدر، وما أنت منزله في كل سنة، من رحمة تنشرها، وعافية تلبسها، وبلية تدفعها، وحسنات تتقبلها، وسيئات تتجاوز عنها، وارزقني حج بيتك الحرام، في عامنا هذا وفي كل عام، وارزقني رزقاً واسعاً، حلالاً طيباً من فضلك الواسع الطيب، واصرف عني يا سيدي الأسواء، واقض عني الدين والظلامات، حتي لا أتأذي بشيء منه، وخذ عني بأسماع أعدائي، وأبصار حسادي، والباغين عليَّ، وانصرني عليهم، وأقر عيني، وحقق ظني، وفرج قلبي، واجعل

لي من همي وكربي فرجاً ومخرجاً، واجعل من أرادني بسوء من جميع خلقك تحت قدمي، واكفني شر الشيطان، وشر السلطان، وسيئات عملي، وطهرني من الذنوب كلها، وأجرني من النار بعفوك، وأدخلني الجنة برحمتك، وزوجني من الحور العين بفضلك، وألحقني بأوليائك الصالحين، محمد وآله الأبرار، الطيبين الطاهرين الأخيار، صلواتك عليه وعليهم، وعلي أرواحهم وأجسادهم، ورحمة الله وبركاته?.

?إلهي وسيدي، وعزتك وجلالك، لئن طالبتني بذنوبي، لأطالبنك بعفوك، ولئن طالبتني بلؤمي، لأطالبنك بكرمك، ولئن أدخلتني النار، لأخبرن أهل النار بحبي إياك، إلهي وسيدي إن كنت لا تغفر إلا لأوليائك وأهل طاعتك، فإلي من يفزع المذنبون، وإن كنت لا تكرم إلا أهل الوفاء بك، فبمن يستغيث المسيئون، إلهي إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوك، وإن أدخلتني الجنة ففي ذلك سرور نبيك، وأنا والله أعلم أن سرور نبيك أحب إليك من سرور عدوك، اللهم إني أسألك أن تملأ قلبي حباً لك، وخشية منك، وتصديقاً لك، وإيماناً بك، وفرقاً منك، وشوقاً إليك، يا ذا الجلال والإكرام، حبب إليَّ لقاءك، وأحبب لقائي، واجعل لي في لقائك الراحة والفرج والكرامة?.

?اللهم ألحقني بصالح من مضي، واجعلني من صالح من بقي، وخذ بي سبيل الصالحين، وأعني علي نفسي بما تعين به الصالحين علي أنفسهم، ولا تردني في سوء استنقذتني منه أبداً، واختم عملي بأحسنه، واجعل ثوابي منه الجنة، برحمتك يا أرحم الراحمين?.

?اللهم إني أسألك إيماناً لا أجل له دون لقائك، أحيني ما أحييتني عليه، وتوفني إذا توفيتني عليه، وابعثني إذا بعثتني عليه، وأبرئ قلبي من الرياء والشك والسمعة في دينك، حتي يكون عملي خالصاً لك، اللهم أعطني بصيرة في دينك، وفهماً في حكمك، وفقهاً في علمك، وكفلين من رحمتك، وورعاً يحجزني عن معاصيك، وبيض وجهي

بنورك، واجعل رغبتي فيما عندك، وتوفني في سبيلك وعلي ملة رسولك، صلواتك عليه وآله، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والفشل، والهم والحزن، والفقر والجبن، والبخل والغفلة، والقسوة والذلة، والمسكنة والفقر، والفاقة وكل بلية، والفواحش كلها، ما ظهر منها وما بطن، وأعوذ بك من نفس لا تقنع، ومن بطن لا يشبع، ومن قلب لا يخشع، ودعاء لا يسمع، وعمل لا ينفع، وصلاة لا ترفع، وأعوذ بك يا رب علي نفسي وديني ومالي، وعلي جميع ما رزقتني من الشيطان الرجيم، إنك أنت السميع العليم?.

?اللهم إنه لن يجيرني منك أحد، ولن أجد من دونك ملتحداً، فلا تجعل نفسي في شيء من عذابك، ولا تردني بهلكة، ولا تردني بعذاب أليم، اللهم وتقبل مني، وأعل كعبي وذكري، وارفع درجتي، وحط وزري، ولا تذكرني بخطيئتي، واجعل ثواب مجلسي، وثواب منطقي، وثواب دعائي، رضاك عني والجنة، وأعطني يا رب جميع ما سألتك، وزدني من فضلك، إني إليك راغب، يا رب العالمين?.

?اللهم إنك أنزلت في كتابك العفو، وأمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا، وقد ظلمنا أنفسنا فاعف عنا، فإنك أولي بذلك منا ومن المأمورين، وأمرتنا أن لا نرد سائلاً من أبوابنا، وقد جئناك سؤالاً فلا تردنا إلا بقضاء حوائجنا، وأمرتنا بالإحسان إلي ما ملكت أيماننا، ونحن أرقاؤك فأعتق رقابنا من النار?.

?يا مفزعي عند كربتي، ويا غوثي عند شدتي، إليك فزعت، وبك استعنت ولذت، ولا ألوذ بسواك، ولا أطلب الفرج إلا بك ومنك، فصل علي محمد وآل محمد، وأغثني وفرج عني، يا من يقبل اليسير، ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير، واعف عني الكثير، إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إني أسألك إيماناً تباشر به قلبي، ويقيناً حتي أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت

لي، ورضني من العيش بما قسمت لي، يا أرحم الراحمين?.

في ليالي القدر()

?اللهم إني أمسيت لك عبداً داخراً، لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً، ولا أصرف لها سوءاً، أشهد بذلك علي نفسي، وأعترف لك بضعف قوتي، وقلة حيلتي، فصل علي محمد وآل محمد، وأنجز لي ما وعدتني، وجميع المؤمنين والمؤمنات من المغفرة في هذه الليلة، وأتمم عليَّ ما آتيتني، فإني عبدك المسكين المستكين، الضعيف الفقير المهين، اللهم لا تجعلني ناسياً لذكرك فيما أوليتني، ولا لإحسانك فيما أعطيتني، ولا آيساً من إجابتك وإن أبطأت عني، في سراء كنت أو ضراء، أو في شدة أو رخاء، أو عافية أو بلاء، أو بؤس أو نعماء، إنك سميع الدعاء?.

مع هلال شهر رمضان()

بينا أنا مع أبي علي بن الحسين عليهما السلام في طريق أو مسير، إذ نظر إلي هلال شهر رمضان، فوقف ثم قال:

?أيها الخلق المطيع، الدائب السريع، المتردد في منازل التقدير، المتصرف في فلك التدبير، آمنت بمن نور بك الظلم، وأوضح بك البهم، وجعلك آية من آيات ملكه، وعلامة من علامات سلطانه، وامتهنك بالزيادة والنقصان، والطلوع والأفول، والإنارة والكسوف، وفي كل ذلك أنت له مطيع، وإلي إرادته سريع. سبحانه ما أعجب ما دبر في أمرك، وألطف ما صنع في شأنك، جعلك مفتاح شهر لحادث أمر، جعلك الله هلال بركة لا تمحقها الأيام، وطهارة لا تدنسها الآثام، هلال أمن من الآفات، وسلامة من السيئات، هلال سعد لا نحس فيه، ويمن لا نكد فيه، ويسر لا يمازجه عسر، وخير لا يشوبه شر، هلال أمن وإيمان ونعمة وإحسان?.

?اللهم اجعلنا من أرضي من طلع عليه، وأزكي من نظر إليه، وأسعد من تعبد لك فيه، ووفقنا اللهم فيه للطاعة والتوبة، واعصمنا فيه من الآثام والحوبة، وأوزعنا شكر النعمة، واجعل لنا فيه عوناً منك علي ما ندبتنا إليه من

مفترض طاعتك ونفلها، إنك الأكرم من كل كريم، والأرحم من كل رحيم، آمين رب العالمين?.

في وداع شهر رمضان()

?اللهم يا من لا يرغب في الجزاء، ويا من لا يندم علي العطاء، ويا من لا يكافي عبده علي السواء، هبتك ابتداء، وعطيتك تفضل، وعقوبتك عدل، وقضاؤك خيرة، إن أعطيت لم تشب بمن، وإن منعت لم يكن منعك بتعد، تشكر من شكرك، وأنت ألهمته شكرك، وتكافئ من حمدك، وأنت علمته حمدك، تستر علي من لو شئت فضحته، وتجود علي من لو أردت منعته، وكلاهما منك أهل للفضيحة والمنع، غير أنك بنيت أفعالك علي التفضل، وأجريت قدرتك علي التجاوز، وتلقيت من عصاك بالحلم، وأمهلت من قصد لنفسه بالظلم، تستنظرهم بأناتك إلي الإنابة، وتترك معاجلتهم إلي التوبة، لكيلا يهلك عليك هالكهم، ولئلا يشقي بنقمتك شقيهم، إلا عن طول الإعذار إليه، وبعد ترادف الحجة عليه، كرماً من فعلك يا كريم، وعائدة من عطفك يا حليم?.

?أنت الذي فتحت لعبادك باباً إلي عفوك وسميته التوبة، وجعلت علي ذلك الباب دليلاً من رحمتك، لئلا يضلوا عنه، فقلت: ?تُوبُوا إِلَي اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسي رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ويُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا

الأَنْهارُ?()، فما عذر من أغفل دخول ذلك الباب يا سيدي بعد فتحه، وإقامة الدليل عليه، وأنت الذي زدت في السوم علي نفسك لعبادك تريد ربحهم في متاجرتك، وفوزهم بزيادتك، فقلت: ?مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ومَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزي إِلاَّ مِثْلَها?()، ثم قلت: ?مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ?()، وما أنزلت من نظائرهن في القرآن، وأنت الذي دللتهم بقولك الذي من غيبك وترغيبك، الذي فيه من حظهم علي ما لو سترته

عنهم لم تدركه أبصارهم، ولم تعه أسماعهم، ولم تلحقه أوهامهم، فقلت تباركت وتعاليت: ?فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ?()، و?لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ?()، و?ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ?()، وقلت: ?مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ?()، فذكروك وشكروك، ودعوك وتصدقوا لك، طلباً لمزيدك، وفيها كانت نجاتهم من غضبك، وفوزهم برضاك، ولو دل مخلوق مخلوقاً من نفسه علي مثل الذي دللت عليه عبادك منك كان محموداً، فلك الحمد ما وجد في حمدك مذهب، وما بقي للحمد لفظ تحمد به، ومعني ينصرف إليه?.

?يا من تحمد إلي عباده بالإحسان والفضل، وعاملهم بالمن والطول، ما أفشي فينا نعمتك، وأسبغ علينا منتك، وأخصنا ببرك، وهديتنا لدينك، الذي اصطفيت، وملتك التي ارتضيت، وسبيلك الذي سهلت، وبصرتنا ما يوجب الزلفة لديك، والوصول إلي كرامتك، اللهم وأنت جعلت من صفايا تلك الوظائف، وخصائص تلك الفروض، شهر رمضان الذي اختصصته من سائر الشهور، وتخيرته من جميع الأزمنة والدهور، وآثرته علي جميع الأوقات بما أنزلت فيه من القرآن، وفرضت فيه من الصيام، وأجللت فيه من ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، ثم آثرتنا به علي سائر الأمم، واصطفيتنا بفضله دون أهل الأديان، فصمنا بأمرك نهاره، وقمنا بعونك ليله، متعرضين بصيامه وقيامه لما عرضتنا له من رحمتك، وسببتنا إليه من مثوبتك، وأنت الملي ء بما رغب فيه إليك، الجواد بما سئلت من فضلك، القريب إلي من حاول قربك، وقد أقام فينا هذا الشهر مقام حمد، وصحبنا صحبة السرور، وأربحنا أفضل أرباح العالمين، ثم قد فارقنا عند تمام وقته، وانقطاع مدته، ووفاء عدده، فنحن مودعوه وداع من عز فراقه علينا، وغمنا وأوحش انصرافه عنا فهمنا، ولزمنا له الذمام المحفوظ، والحرمة المرعية، والحق المقضي، فنحن قائلون:

?السلام عليك يا شهر الله الأكبر، ويا

عيد أوليائه الأعظم، السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات، ويا خير شهر في الأيام والساعات، السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال، ويسرت فيه الأعمال، السلام عليك من قرين جل قدره موجوداً، وأفجع فراقه مفقوداً، السلام عليك من أليف آنس مقبلاً فسر، وأوحش منقضياً فأمر، السلام عليك من مجاور رقت فيه القلوب، وقلت فيه الذنوب، السلام عليك من ناصر أعان علي الشيطان، وصاحب سهل سبيل الإحسان، السلام عليك ما أكثر عتقاء الله فيك، وما أسعد من رعي حرمته بك، السلام عليك ما كان أمحاك للذنوب، وأسترك لأنواع العيوب، السلام عليك ما كان أطولك علي المجرمين، وأهيبك في صدور المؤمنين، السلام عليك من شهر لا تنافسه الأيام، ومن شهر هو من كل أمر سلام، السلام عليك غير كريه المصاحبة، ولا ذميم الملابسة، السلام عليك كما وردت علينا بالبركات، وغسلت عنا دنس الخطيئات، السلام عليك غير مودع سأماً، ولا متروك صيامه برماً، السلام عليك من مطلوب قبل وقته، ومحزون عليه عند فوته، السلام عليك كم من سوء صرف بك عنا، وكم من خير أفيض بك علينا، السلام عليك وعلي ليلة القدر، التي جعلها الله خيراً من ألف شهر، السلام عليك وعلي فضلك الذي حرمناه، وعلي ما كان من بركاتك سلبناه، السلام عليك ما كان أحرصنا بالأمس عليك، وأشد شوقنا غداً إليك?.

?اللهم إنا أهل هذا الشهر الذي شرفتنا به، ووفقتنا بمنك له حين جهل الأشقياء فضله، وحرموا لشقائهم خيره، وأنت ولي ما آثرتنا به من معرفته، وهديتنا له من سنته، وقد تولينا بتوفيقك صيامه وقيامه علي تقصير، وأدينا من حقك فيه قليلاً من كثير، اللهم فلك إقرارنا بالإساءة، واعترافنا بالإضاعة، ولك من قلوبنا عقدة الندم، ومن ألسنتنا

صدق الاعتذار، فأجرنا علي ما أصبنا به من التفريط، أجراً نستدرك به الفضل المرغوب فيه، ونعتاض به من إحراز الذخر المحروص عليه، وأوجب لنا عذرك علي ما قصرنا فيه من حقك، وأبلغ بأعمارنا ما بين أيدينا من شهر رمضان المقبل، فإذا بلغتناه فأعنا علي تناول ما أنت أهله من العبادة، وأدني إلي القيام بما نستحقه من الطاعة، وأجر لنا من صالح العمل ما يكون دركاً لحقك في الشهرين وفي شهور

الدهر?.

?اللهم وما ألممنا به في شهرنا هذا من إثم، وأوقعنا فيه من ذنب، واكتسبنا فيه من خطيئة، عن تعمد منا له، أو علي نسيان، من ظلمنا فيه أنفسنا، أو انتهاكنا فيه حرمة من غيرنا، فاستره بسترك، واعف عنا بعفوك، ولا تنصبنا فيه لأعين الشامتين، ولا تبسط علينا ألسنة الطاعنين، واستعملنا بما يكون حطة وكفارة لما أنكرت منا فيه، برأفتك التي لا تنفد، وفضلك الذي لا ينقص?.

?اللهم صل علي محمد وآل محمد، واجبر مصيبتنا بشهرنا، وبارك لنا في يوم عيدنا، واجعله من خير يوم مر علينا، أجلبه للعفو، وأمحاه للذنب، واغفر لنا ما خفي من ذنوبنا وما علن?.

?اللهم صل علي محمد وآل محمد، واسلخنا بانسلاخ هذا الشهر من خطايانا، وأخرجنا بخروجه عن سيئاتنا، واجعلنا من أسعد أهله به، وأوفرهم قسماً?.

?اللهم ومن رعي حرمة هذا الشهر حق رعايتها، وحفظ حدوده حق حفظها، واتقي ذنوبه حق تقاتها، أو تقرب إليك بقربة أوجبت رضاك عنه، وعطفت برحمتك عليه، فهب لنا مثله من وجدك وإحسانك، وأعطنا أضعافه من فضلك، فإن فضلك لا يغيض، وإن خزائنك لا تنفد، وإن معادن إحسانك لا تفني، وإن عطاءك للعطاء المهنا?.

?اللهم اكتب لنا مثل أجور من صامه بنية، أو تعبد لك فيه إلي يوم القيامة، اللهم

إنا نتوب إليك في يوم فطرنا، الذي جعلته للمسلمين عيداً وسروراً، ولأهل ملتك مجمعاً ومحتشداً، من كل ذنب أذنبناه، أو سوء أسلفناه، أو خطرة شر أضمرناه، أو عقيدة سوء اعتقدناها، توبة من لا ينطوي علي رجوع إلي ذنب، ولا عود في خطيئة، توبة نصوحاً خلصت من الشك والارتياب، فتقبلها منا، وارض بها عنا، وثبتنا عليها، اللهم ارزقنا خوف غم الوعيد، وشوق ثواب الموعود، حتي نجد لذة ما ندعوك به، وكآبة ما نستجير بك منه، واجعلنا عندك من التوابين، الذين أوجبت لهم محبتك، وقبلت منهم مراجعة طاعتك، يا أعدل العادلين، اللهم تجاوز عن آبائنا وأمهاتنا، وأهل ديننا جميعاً، من سلف منهم ومن غبر إلي يوم القيامة، وصل علي نبينا وآله، كما صليت علي ملائكتك المقربين، وأنبيائك المطهرين، وعبادك الصالحين، وسلم علي آله، كما سلمت علي آل يس، وصل عليهم أجمعين، صلاة تبلغنا بركتها، وينالنا نفعها، وتغمرنا بأسرها، ويستجاب دعاؤنا بها، إنك أكرم من رغب إليه، وأعطي من سئل من فضله، وأنت علي كل شيء قدير?.

إذا أردت الإجابة()

قلت لعلي بن الحسين عليه السلام: علمني دعاء. فقال عليه السلام:

يا ثابت، قل: ?اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام، أن تفعل بي كذا وكذا?.

ثم قال: قال رسول الله صلواة الله عليه و اله: هو الدعاء الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطي.

للحفظ من الأعداء()

قال علي بن الحسين عليه السلام:

ما أبالي إذا أنا قلت هؤلاء الكلمات، لو اجتمع عليَّ الجن والإنس مع القضاء بالنصرة، تقول: ?بسم الله وبالله، ومن الله وإلي الله، وعلي ملة رسول الله صلواة الله عليه و اله، اللهم إني أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، اللهم احفظني بحفظ الإيمان من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، ومن تحتي، فادفع عني بحولك وقوتك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم?.

التقدم في الدعاء()

لم أر مثل التقدم في الدعاء، فإن العبد ليس يحضره الإجابة في كل وقت.

وكان مما حفظ عنه عليه السلام من الدعاء حين بلغه توجه مسرف بن عقبة() إلي المدينة:

?رب كم من نعمة أنعمت بها عليَّ قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري، فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني، وقل عند بلائه صبري فلم يخذلني، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً، ويا ذا النعماء التي لا تحصي عدداً، صل علي محمد وآل محمد، وادفع عني شره، فإني أدرأ بك في نحره، وأستعيذ بك من شره?.

فقدم مسرف بن عقبه المدينة، وكان يقال لا يريد غير علي بن الحسين عليه السلام، فسلم منه وأكرمه وحباه ووصله.

دعاء الكرب()

كتب وليد بن عبد الملك إلي صالح بن عبد الله المري عامله علي المدينة: أبرز الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وكان محبوساً في حبسه واضربه في مسجد رسول الله خمسمائة سوط. فأخرجه صالح إلي المسجد، واجتمع الناس وصعد صالح المنبر يقرأ عليهم الكتاب، ثم ينزل فيأمر بضرب الحسن، فبينما هو يقرأ الكتاب إذ دخل علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فأفرج الناس عنه حتي انتهي إلي الحسن بن الحسن، فقال له:

يا ابن عم، ادع الله بدعاء الكرب، يفرج عنك.

فقال: ما هو يا ابن العم؟

فقال: قل: ?لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين?.

قال: وانصرف علي بن الحسين عليه السلام، وأقبل الحسن يكررها، فلما فرغ صالح من قراءة الكتاب ونزل، قال: أري سجية رجل مظلوم، أخروا أمره وأنا أراجع فيه، وكتب

صالح إلي الوليد في ذلك فكتب إليه أطلقه.

ماذا نسأل؟()

رأي علي بن الحسين عليه السلام رجلاً يطوف بالكعبة، وهو يقول: (اللهم إني أسألك الصبر). قال: فضرب علي بن الحسين عليه السلام علي كتفه، ثم قال:

سألت البلاء. قل: ?اللهم إني أسألك العافية، والشكر علي العافية?.

سل العافية()

مر علي بن الحسين عليه السلام برجل، وهو يدعو الله أن يرزقه الصبر فقال:

ألا لا تقل هذا، ولكن سل الله العافية، والشكر علي العافية، فإن الشكر علي العافية، خير من الصبر علي البلاء. كان دعاء النبي صلواة الله عليه و اله: ?اللهم إني أسألك العافية، والشكر علي العافية، في الدنيا والآخرة?.

عند استجابة الدعاء()

?اللهم قد أكدي الطلب، وأعيت الحيل إلا عندك، وضاقت المذاهب، وامتنعت المطالب، وعسرت الرغائب، وانقطعت الطرق إلا إليك، وتصرمت الآمال، وانقطع الرجاء إلا منك، وخابت الثقة، وأخلف الظن إلا بك، اللهم إني أجد سبل المطالب إليك منهجة، ومناهل الرجاء إليك مفتحة، وأعلم أنك لمن دعاك بموضع إجابة، وللصارخ إليك بمرصد إغاثة، وأن القاصد إليك لقريب المسافة منك، ومناجاة العبد إياك غير محجوبة عن استماعك، وأن في اللهف إلي جودك، والرضا بعدتك، والاستراحة إلي ضمانك، عوضاً من منع الباخلين، ومندوحة عما قبل المستأثرين، ودركاً من خير الوارثين، فاغفر فلا إله إلا أنت ما مضي من ذنوبي، واعصمني فيما بقي من عمري، وافتح لي أبواب رحمتك وجودك، التي لا تغلقها عن أحبائك وأصفيائك، يا أرحم الراحمين.

في حجر إسماعيل()

عن طاووس اليماني، قال: مررت بالحجر فإذا أنا بشخص راكع وساجد، فتأملته فإذا هو علي بن الحسين عليه السلام، فقلت: يا نفس، رجل صالح من أهل بيت النبوة، والله لأغتنمن دعاءه، فجعلت أرقبه حتي فرغ من صلاته، ورفع باطن كفيه إلي السماء، وجعل يقول:

?سيدي سيدي، هذه يداي قد مددتهما إليك بالذنوب مملوءة، وعيناي بالرجاء ممدودة، وحق لمن دعاك بالندم تذللاً أن تجيبه بالكرم تفضلاً، سيدي أمن أهل الشقاء خلقتني فأطيل بكائي، أم من أهل السعادة خلقتني فأبشر رجائي، سيدي ألضرب المقامع خلقت أعضائي، أم لشرب الحميم خلقت أمعائي، سيدي لو أن عبداً استطاع الهرب من مولاه لكنت أول الهاربين منك، لكني أعلم أني لا أفوتك?.

?سيدي لو إن عذابي مما يزيد في ملكك لسألتك الصبر عليه، غير أني أعلم أنه لا يزيد في ملكك طاعة المطيعين، ولا ينقص منه معصية العاصين، سيدي ما أنا وما خطري، هب لي بفضلك، وجللني بسترك، واعف

عن توبيخي بكرم وجهك?.

?إلهي وسيدي ارحمني مصروعاً علي الفراش تقلبني أيدي أحبتي، وارحمني مطروحاً علي المغتسل يغسلني صالح جيرتي، وارحمني محمولاً قد تناول الأقرباء أطراف جنازتي، وارحم في ذلك البيت المظلم وحشتي، وغربتي، ووحدتي?.

قال طاووس: فبكيت حتي علا نحيبي.

فالتفت عليه السلام إليَّ، فقال: ما يبكيك يا يماني؟ أَوليس هذا مقام المذنبين؟

فقلت: حبيبي، حقيق علي أن الله لا يردك وجدك محمد صلواة الله عليه و اله.

قال: فبينا نحن كذلك إذ أقبل نفر من أصحابه، فالتفت إليهم فقال: معاشر أصحابي، أوصيكم بالآخرة، ولست أوصيكم بالدنيا، فإنكم بها مستوصون، وعليها حريصون، وبها مستمسكون. معاشر أصحابي، إن الدنيا دار ممر، والآخرة دار مقر، فخذوا من ممركم لمقركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفي عليه أسراركم، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم، قبل أن تخرج منها أبدانكم، أما رأيتم وسمعتم ما استدرج به من كان قبلكم من الأمم السالفة والقرون الماضية، ألم تروا كيف فضح مستورهم، وأمطر مواطر الهوان عليهم، بتبديل سرورهم بعد خفض عيشهم ولين رفاهيتهم، صاروا حصائد النقم، ومدارج المثلات، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

هكذا ينبغ أن تناجي ربك()

المناجاة الأولي: مناجاة التائبين

?بسم الله الرحمن الرحيم، إلهي ألبستني الخطايا ثوب مذلتي، وجللني التباعد منك لباس مسكنتي، وأمات قلبي عظيم جنايتي، فأحيه بتوبة منك يا أملي وبغيتي، ويا سؤلي ومنيتي، فو عزتك ما أجد لذنوبي سواك غافراً، ولا أري لكسري غيرك جابراً، وقد خضعت بالإنابة إليك، وعنوت بالاستكانة لديك، فإن طردتني من بابك فبمن ألوذ، وإن رددتني عن جنابك فبمن أعوذ، فوا أسفا من خجلتي وافتضاحي، ووا لهفا من سوء عملي واجتراحي?.

?أسألك يا غافر الذنب الكبير، ويا جابر العظم الكسير، أن تهب لي موبقات الجرائر، وتستر عليَّ فاضحات السرائر، ولا تخلني في مشهد القيامة من

برد عفوك وغفرك، ولا تعرني من جميل صفحك وسترك?.

?إلهي ظلل علي ذنوبي غمام رحمتك، وأرسل علي عيوبي سحاب رأفتك، إلهي هل يرجع العبد الآبق إلا إلي مولاه، أم هل يجيره من سخطه أحد سواه، إلهي إن كان الندم علي الذنب توبة فإني وعزتك من النادمين، وإن كان الاستغفار من الخطيئة حطة فإني لك من المستغفرين، لك العتبي حتي ترضي، إلهي بقدرتك عليَّ تب عليَّ، وبحلمك عني اعف عني، وبعلمك بي ارفق بي?.

?إلهي أنت الذي فتحت لعبادك باباً إلي عفوك سميته التوبة، فقلت: ?تُوبُوا إِلَي اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً?()، فما عذر من أغفل دخول الباب بعد فتحه، إلهي إن كان قبح الذنب من عبدك، فليحسن العفو من عندك?.

?إلهي ما أنا بأول من عصاك فتبت عليه، وتعرض لمعروفك فجدت عليه، يا مجيب المضطر، يا كاشف الضر، يا عظيم البر، يا عليماً بما في السر، يا جميل الستر، استشفعت بجودك وكرمك إليك، وتوسلت بحنانك وترحمك لديك، فاستجب دعائي، ولا تخيب فيك رجائي، وتقبل توبتي، وكفر خطيئتي، بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين?.

المناجاة الثانية: مناجاة الشاكين

?بسم الله الرحمن الرحيم، إلهي إليك أشكو نفساً بالسوء أمارة، وإلي الخطيئة مبادرة، وبمعاصيك مولعة، وبسخطك متعرضة، تسلك بي مسالك المهالك، وتجعلني عندك أهون هالك، كثيرة العلل، طويلة الأمل، إن مسها الشر تجزع، وإن مسها الخير تمنع، ميالة إلي اللعب واللهو، مملوة بالغفلة والسهو، تسرع بي إلي الحوبة، وتسوفني بالتوبة?.

?إلهي أشكو إليك عدواً يضلني، وشيطاناً يغويني، قد ملأ بالوسواس صدري، وأحاطت هواجسه بقلبي، يعاضد لي الهوي، ويزين لي حب الدنيا، ويحول بيني وبين الطاعة والزلفي?.

?إلهي إليك أشكو قلباً قاسياً مع الوسواس متقلباً، وبالرين والطبع متلبساً، وعيناً عن البكاء من خوفك جامدة، وإلي ما يسرها طامحة، إلهي لاحول لي

ولا قوة إلا بقدرتك، ولا نجاة لي من مكاره الدنيا إلا بعصمتك، فأسألك ببلاغة حكمتك، ونفاذ مشيتك، أن لا تجعلني لغير جودك متعرضاً، ولا تصيرني للفتن غرضاً، وكن لي علي الأعداء ناصراً، وعلي المخازي والعيوب ساتراً، ومن البلايا واقياً وعن المعاصي عاصماً برأفتك ورحمتك، يا أرحم الراحمين?.

المناجاة الثالثة: مناجاة الخائفين

?بسم الله الرحمن الرحيم، إلهي أتراك بعد الإيمان بك تعذبني، أم بعد حبي إياك تبعدني، أم مع رجائي لرحمتك وصفحك تحرمني، أم مع استجارتي بعفوك تسلمني، حاشا لوجهك الكريم أن تخيبني?.

?ليت شعري أللشقاء ولدتني أمي، أم للعناء ربتني، فليتها لم تلدني ولم تربني، وليتني علمت أمن أهل السعادة جعلتني، وبقربك وجوارك خصصتني، فتقر بذلك عيني، وتطمئن له نفسي?.

?إلهي هل تسود وجوهاً خرت ساجدة لعظمتك، أو تخرس ألسنة نطقت بالثناء علي مجدك وجلالتك، أو تطبع علي قلوب انطوت علي محبتك، أو تصم أسماعاً تلذذت بسماع ذكرك في إرادتك، أو تغل أكفاً رفعتها الآمال إليك رجاء رأفتك، أو تعاقب أبداناً عملت بطاعتك حتي نحلت في مجاهدتك، أو تعذب أرجلاً سعت في عبادتك?.

?إلهي لا تغلق علي موحديك أبواب رحمتك، ولا تحجب مشتاقيك عن النظر إلي جميل رؤيتك، إلهي نفس أعززتها بتوحيدك كيف تذلها بمهانة هجرانك، وضمير انعقد علي مودتك كيف تحرقه بحرارة نيرانك، إلهي أجرني من أليم غضبك، وعظيم سخطك، يا حنان يا منان، يا رحيم يا رحمان، يا جبار يا قهار، يا غفار يا ستار، نجني برحمتك من عذاب النار، وفضيحة العار، إذا امتاز الأخيار من الأشرار، وحالت الأهوال، وقرب المحسنون، وبعد المسيئون، ووفيت كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون?.

المناجاة الرابعة: مناجاة الراجين

?بسم الله الرحمن الرحيم، يا من إذا سأله عبد أعطاه، وإذا أمل ما عنده بلغه مناه، وإذا أقبل عليه قربه وأدناه، وإذا جاهره بالعصيان ستر عليه وغطاه، وإذا توكل عليه أحسبه وكفاه?.

?إلهي من الذي نزل بك ملتمساً قراك فما قريته، ومن الذي أناخ ببابك مرتجياً نداك فما أوليته، أيحسن أن أرجع عن بابك بالخيبة مصروفاً، ولست أعرف سواك مولي بالإحسان موصوفاً، كيف أرجو غيرك والخير كله

بيدك، وكيف أؤمل سواك والخلق والأمر لك، أ أقطع رجائي منك وقد أوليتني ما لم أسأله من فضلك، أم تفقرني إلي مثلي وأنا أعتصم بحبلك، يا من سعد برحمته القاصدون، ولم يشق بنقمته المستغفرون، كيف أنساك ولم تزل ذاكري، وكيف ألهو عنك وأنت مراقبي?.

?إلهي بذيل كرمك أعلقت يدي، ولنيل عطاياك بسطت أملي، فأخلصني بخالصة توحيدك، واجعلني من صفوة عبيدك، يا من كل هارب إليه يلتجئ، وكل طالب إياه يرتجي، يا خير مرجو، ويا أكرم مدعو، ويا من لا يرد سائله، ولا يخيب آمله، يا من بابه مفتوح لداعيه، وحجابه مرفوع لراجيه، أسألك بكرمك أن تمن عليَّ من عطائك بما تقر به عيني، ومن رجائك بما تطمئن به نفسي، ومن اليقين بما تهون به عليَّ مصيبات الدنيا، وتجلو به عن بصيرتي غشوات العمي، برحمتك يا أرحم الراحمين?.

المناجاة الخامسة: مناجاة الراغبين

?بسم الله الرحمن الرحيم، إلهي إن كان قل زادي في المسير إليك، فلقد حسن ظني بالتوكل عليك، وإن كان جرمي قد أخافني من عقوبتك، فإن رجائي قد أشعرني بالأمن من نقمتك، وإن كان ذنبي قد عرضني لعقابك، فقد آذنني حسن ثقتي بثوابك، وإن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك، فقد نبهتني المعرفة بكرمك وآلائك، وإن أوحش ما بيني وبينك فرط العصيان والطغيان، فقد آنسني بشري الغفران والرضوان?.

?أسألك بسبحات وجهك، وبأنوار قدسك، وأبتهل إليك بعواطف رحمتك، ولطائف برك، أن تحقق ظني بما أؤمله من جزيل إكرامك، وجميل إنعامك في القربي منك، والزلفي لديك، والتمتع بالنظر إليك، وها أنا متعرض لنفحات روحك وعطفك، ومنتجع غيث جودك ولطفك، فار من سخطك إلي رضاك، هارب منك إليك، راج أحسن ما لديك، معول علي مواهبك، مفتقر إلي رعايتك?.

?إلهي ما بدأت به من فضلك فتممه، وما

وهبت لي من كرمك فلا تسلبه، وما سترته عليَّ بحلمك فلا تهتكه، وما علمته من قبيح فعلي فاغفره?.

?إلهي استشفعت بك إليك، واستجرت بك منك، أتيتك طامعاً في إحسانك، راغباً في امتنانك، مستسقياً وابل طولك، مستمطراً غمام فضلك، طالباً مرضاتك، قاصداً جنابك، وارداً شريعة رفدك، ملتمساً سني الخيرات من عندك، وافداً إلي حضرة جمالك، مريداً وجهك، طارقاً بابك، مستكيناً لعظمتك وجلالك، فافعل بي ما أنت أهله من المغفرة والرحمة، ولا تفعل بي ما أنا أهله من العذاب والنقمة، برحمتك يا أرحم الراحمين?.

المناجاة السادسة: مناجاة الشاكرين

?بسم الله الرحمن الرحيم، إلهي أذهلني عن إقامة شكرك تتابع طولك، وأعجزني عن إحصاء ثنائك فيض فضلك، وشغلني عن ذكر محامدك ترادف عوائدك، وأعياني عن نشر عوارفك توالي أياديك، وهذا مقام من اعترف بسبوغ النعماء وقابلها بالتقصير، وشهد علي نفسه بالإهمال والتضييع، وأنت الرؤوف الرحيم، البر الكريم، الذي لا يخيب قاصديه، ولا يطرد عن فنائه آمليه، بساحتك تحط رحال الراجين، وبعرصتك تقف آمال المسترفدين، فلا تقابل آمالنا بالتخييب والإياس، ولا تلبسنا سربال القنوط والإبلاس?.

?إلهي تصاغر عند تعاظم آلائك شكري، وتضاءل في جنب إكرامك إياي ثنائي ونشري، جللتني نعمك من أنوار الإيمان حللاً، وضربت عليَّ لطائف برك من العز كللاً، وقلدتني مننك قلائد لا تحل، وطوقتني أطواقاً لا تفل، فآلاؤك جمة ضعف لساني عن إحصائها، ونماؤك كثيرة قصر فهمي عن إدراكها، فضلاً عن استقصائها، فكيف لي بتحصيل الشكر وشكري إياك يفتقر إلي شكر، فكلما قلت: لك الحمد، وجب عليَّ لذلك أن أقول: لك الحمد?.

?إلهي فكما غذيتنا بلطفك، وربيتنا بصنعك، فتمم علينا سوابغ النعم، وادفع عنا مكاره النقم، وآتنا من حظوظ الدارين أرفعها، وأجلها عاجلاً وآجلاً، ولك الحمد علي حسن بلائك، وسبوغ نعمائك حمداً يوافق رضاك،

ويمتري العظيم من برك ونداك، يا عظيم يا كريم، برحمتك يا أرحم الراحمين?.

المناجاة السابعة: مناجاة المطيعين لله

?بسم الله الرحمن الرحيم، إلهي ألهمنا طاعتك، وجنبنا معاصيك، ويسر لنا بلوغ ما نتمني من ابتغاء رضوانك، وأحللنا بحبوحة جنانك، وأقشع عن بصائرنا سحاب الارتياب، واكشف عن قلوبنا أغشية المرية والحجاب، وأزهق الباطل عن ضمائرنا، وأثبت الحق في سرائرنا، فإن الشكوك والظنون لواقح الفتن، ومكدرة لصفو المنائح والمنن?.

?اللهم احملنا في سفن نجاتك، ومتعنا بلذيذ مناجاتك، وأوردنا حياض حبك، وأذقنا حلاوة ودك وقربك، واجعل جهادنا فيك، وهمنا في طاعتك، وأخلص نياتنا في معاملتك، فإنا بك ولك، ولا وسيلة لنا إليك إلا بك?.

?إلهي اجعلني من المصطفين الأخيار، وألحقني بالصالحين الأبرار، السابقين إلي المكرمات، المسارعين إلي الخيرات، العاملين للباقيات الصالحات، الساعين إلي رفيع الدرجات، إِنك علي كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، برحمتك يا أرحم

الراحمين?.

المناجاة الثامنة: مناجاة المريدين

?بسم الله الرحمن الرحيم، سبحانك ما أضيق الطرق علي من لم تكن دليله، وما أوضح الحق عند من هديته سبيله، إلهي فاسلك بنا سبل الوصول إليك، وسيرنا في أقرب الطرق للوفود عليك، قرب علينا البعيد، وسهل علينا العسير الشديد، وألحقنا بالعباد الذين هم بالبدار إليك يسارعون، وبابك علي الدوام يطرقون، وإياك في الليل يعبدون، وهم من هيبتك مشفقون، الذين صفيت لهم المشارب، وبلغتهم الرغائب، وأنجحت لهم المطالب، وقضيت لهم من وصلك المآرب، وملأت لهم ضمائرهم من حبك، ورويتهم من صافي شربك، فبك إلي لذيذ مناجاتك وصلوا، ومنك أقصي مقاصدهم حصلوا?.

?فيا من هو علي المقبلين عليه مقبل، وبالعطف عليهم عائد مفضل، وبالغافلين عن ذكره رحيم رؤوف، وبجذبهم إلي بابه ودود عطوف، أسألك أن تجعلني من أوفرهم منك حظاً، وأعلاهم عندك منزلاً، وأجزلهم من ودك قسماً، وأفضلهم في معرفتك نصيباً، فقد انقطعت إليك همتي، وانصرفت نحوك رغبتي، فأنت لا غيرك مرادي، ولك لا لسواك سهري وسهادي،

ولقاؤك قرة عيني، ووصلك مني نفسي، وإليك شوقي، وفي محبتك ولهي، وإلي هواك صبابتي، ورضاك بغيتي، ورؤيتك حاجتي، وجوارك طلبتي، وقربك غاية سؤلي، وفي مناجاتك أنسي وراحتي، وعندك دواء علتي، وشفاء غلتي، وبرد لوعتي، وكشف كربتي، فكن أنيسي في وحشتي، ومقيل عثرتي، وغافر زلتي، وقابل توبتي، ومجيب دعوتي، وولي عصمتي، ومغني فاقتي، ولا تقطعني عنك، ولا تبعدني منك، يا نعيمي وجنتي، ويا دنياي وآخرتي?.

المناجاة التاسعة: مناجاة المحبين

?بسم الله الرحمن الرحيم، إلهي من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام منك بدلاً، ومن ذا الذي آنس بقربك فابتغي عنك حولاً، إلهي فاجعلنا ممن اصطفيته لقربك وولايتك، وأخلصته لودك ومحبتك، وشوقته إلي لقائك، ورضيته بقضائك، ومنحته بالنظر إلي وجهك، وحبوته برضاك، وأعذته من هجرك وقلاك، وبوأته مقعد الصدق في جوارك، وخصصته بمعرفتك، وأهلته لعبادتك، وهيمته لإرادتك، واجتبيته لمشاهدتك، وأخليت وجهه لك، وفرغت فؤاده لحبك، ورغبته فيما عندك، وألهمته ذكرك، وأوزعته شكرك، وشغلته بطاعتك، وصيرته من صالحي بريتك، واخترته لمناجاتك، وقطعت عنه كل شيء يقطعه عنك?.

?اللهم اجعلنا ممن دأبهم الارتياح إليك والحنين، ودهرهم الزفرة والأنين، جباههم ساجدة لعظمتك، وعيونهم ساهرة في خدمتك، ودموعهم سائلة من خشيتك، وقلوبهم متعلقة بمحبتك، وأفئدتهم منخلعة من مهابتك، يا من أنوار قدسه لأبصار محبيه رائقة، وسبحات وجهه لقلوب عارفيه شائقة، يا مني قلوب المشتاقين، ويا غاية آمال المحبين، أسألك حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يوصلني إلي قربك، وأن تجعلك أحب إليَّ مما سواك، وأن تجعل حبي إياك قائداً إلي رضوانك، وشوقي إليك ذائداً عن عصيانك، وامنن بالنظر إليك عليَّ، وانظر بعين الود والعطف إليَّ، ولا تصرف عني وجهك، واجعلني من أهل الإسعاد والحظوة عندك، يا مجيب، يا أرحم الراحمين?.

المناجاة العاشرة: مناجاة المتوسلين

?بسم الله الرحمن الرحيم، إلهي ليس لي وسيلة إليك إلا عواطف رأفتك، ولا لي ذريعة إليك إلا عواطف رحمتك، وشفاعة نبيك نبي الرحمة، ومنقذ الأمة من الغمة، فاجعلهما لي سبباً إلي نيل غفرانك، وصيرهما لي وصلة إلي الفوز برضوانك، وقد حل رجائي بحرم كرمك، وحط طمعي بفناء جودك، فحقق فيك أملي، واختم بالخير عملي، واجعلني من صفوتك الذين أحللتهم بحبوحة جنتك، وبوأتهم دار كرامتك، وأقررت أعينهم بالنظر إليك يوم

لقائك، وأورثتهم منازل الصدق في جوارك?.

?يا من لا يفد الوافدون علي أكرم منه، ولا يجد القاصدون أرحم منه، يا خير من خلا به وحيد، ويا أعطف من أوي إليه طريد، إلي سعة عفوك مددت يدي، وبذيل كرمك أعلقت كفي، فلا تولني الحرمان، ولا تبتلني بالخيبة والخسران، يا سميع الدعاء?.

المناجاة الحادية عشر: مناجاة المفتقرين

?بسم الله الرحمن الرحيم، إلهي كسري لا يجبره إلا لطفك وحنانك، وفقري لا يغنيه إلا عطفك وإحسانك، وروعتي لا يسكنها إلا أمانك، وذلتي لا يعزها إلا سلطانك، وأمنيتي لا يبلغنيها إلا فضلك، وخلتي لا يسدها إلا طولك، وحاجتي لا يقضيها غيرك، وكربي لا يفرجها سوي رحمتك، وضري لا يكشفه غير رأفتك، وغلتي لا يبردها إلا وصلك، ولوعتي لا يطفئها إلا لقاؤك، وشوقي إليك لا يبله إلا النظر إلي وجهك، وقراري لا يقر دون دنوي منك، ولهفتي لا يردها إلا روحك، وسقمي لا يشفيه إلا طبك، وغمي لا يزيله إلا قربك، وجرحي لا يبرؤه إلا صفحك، ورين قلبي لا يجلوه إلا عفوك، ووسواس صدري لا يزيحه إلا أمرك?.

?فيا منتهي أمل الآملين،ويا غاية سؤل السائلين،ويا أقصي طلبة الطالبين، ويا أعلي رغبة الراغبين، ويا ولي الصالحين، ويا أمان الخائفين، ويا مجيب المضطرين، ويا ذخر المعدمين، ويا كنز البائسين، ويا غياث المستغيثين، ويا قاضي حوائج الفقراء والمساكين، ويا أكرم الأكرمين، ويا أرحم الراحمين، لك تخضعي وسؤالي، وإليك تضرعي وابتهالي، أسألك أن تنيلني من روح رضوانك، وتديم عليَّ نعم امتنانك، وها أنا بباب كرمك واقف، ولنفحات برك متعرض، وبحبلك الشديد معتصم، وبعروتك الوثقي متمسك، إلهي ارحم عبدك الذليل، ذا اللسان الكليل، والعمل القليل، وامنن عليه بطولك الجزيل، واكنفه تحت ظلك الظليل، يا كريم يا جميل، يا أرحم الراحمين?.

المناجاة الثانية عشر: مناجاة العارفين

?بسم الله الرحمن الرحيم، إلهي قصرت الألسن عن بلوغ ثنائك كما يليق بجلالك، وعجزت العقول عن إدراك كنه جمالك، وانحسرت الأبصار دون النظر إلي سبحات وجهك، ولم تجعل للخلق طريقاً إلي معرفتك إلا بالعجز عن معرفتك، إلهي فاجعلنا من الذين توشحت أشجار الشوق إليك في حدائق صدورهم، وأخذت لوعة محبتك بمجامع قلوبهم،

فهم إلي أوكار الأفكار يأوون، وفي رياض القرب والمكاشفة يرتعون، ومن حياض المحبة بكأس الملاطفة يكرعون، وشرائع المصافاة يردون، قد كشف الغطاء عن أبصارهم، وانجلت ظلمة الريب عن عقائدهم من ضمائرهم، وانتفت مخالجة الشك عن قلوبهم وسرائرهم، وانشرحت بتحقيق المعرفة صدورهم، وعلت لسبق السعادة في الزهادة هممهم، وعذب في معين المعاملة شربهم، وطاب في مجلس الأنس سرهم، وأمن في موطن المخافة سربهم، واطمأنت بالرجوع إلي رب الأرباب أنفسهم، وتيقنت بالفوز والفلاح أرواحهم، وقرت بالنظر إلي محبوبهم أعينهم، واستقر بإدراك السؤل ونيل المأمول قرارهم، وربحت في بيع الدنيا بالآخرة تجارتهم?.

?إلهي ما ألذ خواطر الإلهام بذكرك علي القلوب، وما أحلي المسير إليك بالأوهام في مسالك الغيوب، وما أطيب طعم حبك، وما أعذب شرب قربك، فأعذنا من طردك وإبعادك، واجعلنا من أخص عارفيك، وأصلح عبادك، وأصدق طائعيك، وأخلص عبادك يا عظيم يا جليل، يا كريم يا منيل، برحمتك ومنك يا أرحم الراحمين?.

المناجاة الثالثة عشر: مناجاة الذاكرين

?بسم الله الرحمن الرحيم، إلهي لولا الواجب من قبول أمرك، لنزهتك من ذكري إياك، علي أن ذكري لك بقدري لا بقدرك، وما عسي أن يبلغ مقداري حتي أجعل محلاً لتقديسك، ومن أعظم النعم علينا جريان ذكرك علي ألسنتنا، وإذنك لنا بدعائك، وتنزيهك وتسبيحك، إلهي فألهمنا ذكرك في الخلأ والملأ، والليل والنهار، والإعلان والإسرار، وفي السراء والضراء، وآنسنا بالذكر الخفي، واستعملنا بالعمل الزكي، والسعي المرضي، وجازنا بالميزان الوفي?.

?إلهي بك هامت القلوب الوالهة، وعلي معرفتك جمعت العقول المتباينة، فلا تطمئن القلوب إلا بذكراك، ولا تسكن النفوس إلا عند رؤياك، أنت المسبح في كل مكان، والمعبود في كل زمان، والموجود في كل أوان، والمدعو بكل لسان، والمعظم في كل جنان، وأستغفرك من كل لذة بغير ذكرك، ومن كل راحة

بغير أنسك، ومن كل سرور بغير قربك، ومن كل شغل بغير طاعتك?.

?إلهي أنت قلت وقولك الحق: ?يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ? وسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وأَصِيلا?()، وقلت وقولك الحق: ?فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ?()، فأمرتنا بذكرك، ووعدتنا عليه أن تذكرنا، تشريفاً لنا وتفخيماً وإعظاماً، وها نحن ذاكروك كما أمرتنا، فأنجز لنا ما وعدتنا، يا ذاكر الذاكرين، ويا أرحم الراحمين?.

المناجاة الرابعة عشر: مناجاة المعتصمين

?بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم يا ملاذ اللائذين، ويا معاذ العائذين، ويا منجي الهالكين، ويا عاصم البائسين، ويا راحم المساكين، ويا مجيب المضطرين، ويا كنز المفتقرين، ويا جابر المنكسرين، ويا مأوي المنقطعين، ويا ناصر المستضعفين، ويا مجير الخائفين، ويا مغيث المكروبين، ويا حصن اللاجين، إن لم أعذ بعزتك فبمن أعوذ، وإن لم ألذ بقدرتك فبمن ألوذ، وقد ألجأتني الذنوب إلي التشبث بأذيال عفوك، وأحوجتني الخطايا إلي استفتاح أبواب صفحك، ودعتني الإساءة إلي الإناخة بفناء عزك، وحملتني المخافة من نقمتك علي التمسك بعروة عطفك، وما حق من اعتصم بحبلك أن يخذل، ولا يليق بمن استجار بعزك أن يسلم أو يهمل?.

?إلهي فلا تخلنا من حمايتك، ولا تعرنا من رعايتك، وذدنا عن موارد الهلكة، فإنا بعينك وفي كنفك، ولك أسألك بأهل خاصتك من ملائكتك والصالحين من بريتك، أن تجعل علينا واقية تنجينا من الهلكات، وتجننا من الآفات، وتكننا من دواهي المصيبات، وأن تنزل علينا من سكينتك، وأن تغشي وجوهنا بأنوار محبتك، وأن تؤوينا إلي شديد ركنك، وأن تحوينا في أكناف عصمتك، برأفتك ورحمتك يا أرحم الراحمين?.

المناجاة الخامسة عشر: مناجاة الزاهدين

?بسم الله الرحمن الرحيم، إلهي أسكنتنا داراً حفرت لنا حفر مكرها، وعلقتنا بأيدي المنايا في حبائل غدرها، فإليك نلتجئ من مكايد خدعها، وبك نعتصم من الاغترار بزخارف زينتها، فإنها المهلكة طلابها، المتلفة حلالها، المحشوة بالآفات، المشحونة بالنكبات?.

?إلهي فزهدنا فيها، وسلمنا منها، بتوفيقك وعصمتك، وانزع عنا جلابيب مخالفتك، وتول أمورنا بحسن كفايتك، وأوفر مزيدنا من سعة رحمتك، وأجمل صلاتنا من فيض مواهبك، واغرس في أفئدتنا أشجار محبتك، وأتمم لنا أنوار معرفتك، وأذقنا حلاوة عفوك، ولذة مغفرتك، وأقرر أعيننا يوم لقائك برؤيتك، وأخرج حب الدنيا من قلوبنا، كما فعلت بالصالحين من صفوتك، والأبرار من

خاصتك، برحمتك يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين?.

المؤمن إذا دعا()

المؤمن من دعائه علي ثلاث: إما أن يدخر له، وإما أن يعجل له، وإما أن يدفع عنه بلاء يريد أن يصيبه.

تسقاء والدعاء له()

اجتمع عند علي بن أبي طالب عليه السلام قوم فشكوا إليه قلة المطر، وقالوا: يا أبا الحسن، ادع لنا بدعوات في الاستسقاء.

قال: فدعا علي عليه السلام الحسن والحسين عليهما السلام، ثم قال للحسن عليه السلام: ادع لنا بدعوات في الاستسقاء.

فقال الحسن عليه السلام:

?اللهم هيج لنا السحاب بفتح الأبواب بماء عباب، ورباب بانصباب وانسكاب، يا وهاب اسقنا معذقة مطبقة بروقة، فتح إغلاقها، ويسر إطباقها، وسهل إطلاقها، وعجل سياقها بالأندية في بطون الأودية بضرب الماء، يا فعال اسقنا مطراً، طلاً مطلاً، منطبقاً طبقاً، عاماً معماً، رهناً بهماً رجماً، رشاً مرشاً، واسعاً كافياً، عاجلاً طيباً، مريئاً مباركاً، سلاطحاً بلاطحاً، يناطح الأباطح، مغدودقاً مطبوبقاً مغرورقاً، اسق سهلنا وجبلنا، وبدونا وحضرنا، حتي ترخص به أسعارنا، وتبارك لنا في صاعنا ومدنا، أرنا الرزق موجوداً، والغلاء مفقوداً، آمين رب العالمين?.

ثم قال لحسين عليه السلام: ادع.

فقام الحسين عليه السلام يدعو:

?اللهم يا معطي الخيرات من مناهلها، ومنزل الرحمات من معادنها، ومجري البركات علي أهلها، منك الغيث المغيث، وأنت الغياث المستغاث، ونحن الخاطئون وأهل الذنوب، وأنت المستغفر الغفار، لا إله إلا أنت، اللهم أرسل السماء علينا بجنبها مدراراً، واسقنا الغيث واكفاً مغزاراً، غيثاً مغيثاً، واسعاً متسعاً، مهطلاً مريئاً ممرعاً، غدقاً مغدقاً، غسلاناً مجلجلاً، سحاسحاً، حابجاً بحاجاً، سلائلاً مسيلاً، ودقاً مطفاحاً، يدفع الودق بالودق دفاعه، ويتلو القطر منه قطراً، غير خلب برقه، ولا مكذب رعده، تنعش به الضعيف من عبادك، وتحيي به الميت من بلادك، وتونق به ذوي الآكام من بلادك، ويستحق به علينا من مننك، آمين رب العالمين?.

فما فرغا من دعائهما حتي صب الله

تبارك وتعالي عليهم السماء صباً.

قال: فقيل لسلمان: يا أبا عبد الله، علمنا هذا الدعاء؟

قال: ويحكم أين أنتم عن حديث رسول الله صلواة الله عليه و اله حيث يقول: إن الله قد أجري علي ألسن أهل بيتي مصابيح الحكمة.

في قنوت الصلاة()

كان الإمام زين العابدين عليه السلام يقنت بهذا الدعاء:

?اللهم إن جبلة البشرية وطباع الإنسانية، وما جرت عليه تركيبات النفسية، وانعقدت به عقود النشئية، تعجز عن حمل واردات الأقضية، إلا ما وفقت له أهل الاصطفاء، وأعنت عليه ذوي الاجتباء?.

?اللهم وإن القلوب في قبضتك، والمشية لك في ملكتك، وقد تعلم أي رب ما الرغبة إليك في كشفه، واقعة لأوقاتها بقدرتك، واقفة بحدك من إرادتك، وإني لأعلم أن لك دار جزاء من الخير والشر مثوبة وعقوبة، وأن لك يوماً تأخذ فيه بالحق، وأن أناتك أشبه الأشياء بكرمك، وأليقها بما وصفت به نفسك في عطفك وترائفك، وأنت بالمرصاد لكل ظالم في وخيم عقباه وسوء مثواه?.

?اللهم وإنك قد أوسعت خلقك رحمة وحلماً، وقد بدلت أحكامك وغيرت سنن نبيك، وتمرد الظالمون علي خلصائك، واستباحوا حريمك، وركبوا مراكب الاستمرار علي الجرأة عليك، اللهم فبادرهم بقواصف سخطك، وعواصف تنكيلاتك، واجتثاث غضبك، وطهر البلاد منهم، واعسف عنها آثارهم، واحطط من قاعاتها ومظانها منارهم، واصطلمهم ببوارك، حتي لا تبق منهم دعامة لناجم، ولا علماً لام، ولا مناصاً لقاصد، ولا رائداً لمرتاد?.

?اللهم امح آثارهم، واطمس علي أموالهم وديارهم، وامحق أعقابهم، وافكك أصلابهم، وعجل إلي عذابك السرمد انقلابهم، وأقم للحق مناصبه، واقدح للرشاد زناده، واثر للثار مثيره، وأيد بالعون مرتاده، ووفره من النصر زاده، حتي يعود الحق بجدته، وينير معالم مقاصده، ويسلكه أهله بالأمنة حق سلوكه، إنك علي كل شيء قدير?.

من أدعية القنوت()

?اللهم أنت المبين البائن، وأنت المكين الماكن الممكن، اللهم صل علي آدم بديع فطرتك، وركن حجتك، ولسان قدرتك، والخليفة في بسيطتك، وأول مجتبي للنبوة برحمتك، وساحف شعر رأسه تذللاً لك في حرمك لعزتك، ومنشئ من التراب نطق إعراباً بوحدانيتك، وعبد لك أنشأته لأمتك، ومستعيذ بك من

مس عقوبتك، وصل علي ابنه الخالص من صفوتك، والفاحص عن معرفتك، والغائص المأمون عن مكنون سريرتك، بما أوليته من نعمك ومعونتك، وعلي من بينهما من النبيين والمرسلين والصديقين، والشهداء والصالحين?.

?وأسألك اللهم حاجتي التي بيني وبينك لا يعلمها أحد غيرك، أن تأتي علي قضائها وإمضائها في يسر منك، وشد أزر، وحط وزر، يا من له نور لا يطفأ، وظهور لا يخفي، وأمور لا تكفي?.

?اللهم إني دعوتك دعاء من عرفك وتسبل إليك، وآل بجميع بدنه إليك، سبحانك طوت الأبصار في صنعتك مديدتها، وثنت الألباب عن كنهك أعنتها، فأنت المدرك غير المدرك، والمحيط غير المحاط، وعزتك لتفعلن، وعزتك لتفعلن، وعزتك لتفعلن?.

زيارة أمين الله()

زار زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ووقف علي القبر فبكي ثم قال:

?السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا أمين الله في أرضه، وحجته علي عباده، السلام عليك يا أمير المؤمنين أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده، وعملت بكتابه، واتبعت سنن نبيه صلواة الله عليه و اله حتي دعاك الله إلي جواره، وقبضك إليه باختياره، وألزم أعداءك الحجة في قتلهم إياك مع ما لك من الحج البالغة علي جميع خلقه?.

?اللهم فاجعل نفسي مطمئنة بقدرك، راضية بقضائك، مولعة بذكرك ودعائك، محبة لصفوة أوليائك، محبوبة في أرضك وسمائك، صابرة علي نزول بلائك، شاكرة لفواضل نعمائك، ذاكرة لسوابغ آلائك، مشتاقة إلي فرحة لقائك، متزودة التقوي ليوم جزائك، مستنة بسنن أوليائك، مفارقة لأخلاق أعدائك، مشغولة عن الدنيا بحمدك وثنائك?.

ثم وضع خده علي القبر وقال:

?اللهم إن قلوب المخبتين إليك والهة، وسبل الراغبين إليك شارعة، وأعلام القاصدين إليك واضحة، وأفئدة العارفين منك فازعة، وأصوات الداعين إليك صاعدة، وأبواب

الإجابة لهم مفتحة، ودعوة من ناجاك مستجابة، وتوبة من أناب إليك مقبولة، وعبرة من بكي من خوفك مرحومة، والإعانة لمن استعان بك موجودة، والإغاثة لمن استغاث بك مبذولة، وعداتك لعبادك منجزة، وزلل من استقالك مقالة، وأعمال العاملين لديك محفوظة، وأرزاقك إلي الخلائق من لدنك نازلة، وعوائد المزيد لهم متواترة، وذنوب المستغفرين مغفورة، وحوائج خلقك عندك مقضية، وجوائز السائلين عندك موفورة، وعوائد المزيد إليهم واصلة، وموائد المستطعمين معدة، ومناهل الظماء لديك مترعة، اللهم فاستجب دعائي، واقبل ثنائي، وأعطني رجائي، واجمع بيني وبين أوليائي، بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام إنك ولي نعمائي، ومنتهي رجائي، وغاية مناي في منقلبي ومثواي?.

?أنت إلهي وسيدي ومولاي، اغفر لي ولأوليائنا، وكف عنا أعداءنا، وأشغلهم عن أذانا، وأظهر كلمة الحق واجعلها العليا، وأدحض كلمة الباطل واجعلها السفلي، إنك علي كل شيء قدير?.

وفي فرحة الغري مسنداً عن الباقر عليه السلام: إنه ما قاله أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام أو عند قبر أحد من الأئمة عليه السلام إلا رفع في درج من نور وطبع عليه بطابع محمد صلواة الله عليه و اله حتي يسلم إلي القائم عجل الله فرجه، فيتلقي صاحبه بالبشري والتحية والكرامة إن شاء الله تعالي.

مناقضات

العمل بالقياس()

إن دين الله عز وجل لا يصاب بالعقول الناقصة، والآراء الباطلة، والمقاييس الفاسدة، ولا يصاب إلا بالتسليم، فمن سلم لنا سلم، ومن اقتدي بنا هدي، ومن كان يعمل بالقياس والرأي هلك، ومن وجد في نفسه شيئاً مما نقوله أو نقضي به حرجاً، كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم، وهو لا يعلم.

أصحاب السبت()

قال الله عز وجل: ?ولَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ? لما اصطادوا السموك فيه ?فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ? مبعدين عن كل خير ?فَجَعَلْناها? أي: جعلنا تلك المسخة التي أخزيناهم ولعناهم بها

?نَكالاً? عقاباً وردعاً ?لِما بَيْنَ يَدَيْها? بين يدي المسخة من ذنوبهم الموبقات التي استحقوا بها العقوبات ?وما خَلْفَها? للقوم الذين شاهدوهم بعد مسخهم يرتدعون عن مثل أفعالهم لما شاهدوا ما حل بهم من عقابنا ?ومَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ?() يتعظون بها، فيفارقون المخزيات ويعظون بها الناس، ويحذرونهم المرديات.

وقال علي بن الحسين عليه السلام:

كان هؤلاء قوماً يسكنون علي شاطئ بحر، نهاهم الله وأنبياؤه عليهم السلام عن اصطياد السمك في يوم السبت. فتوصلوا إلي حيلة ليحلوا بها لأنفسهم ما حرم الله، فخدوا أخاديد وعملوا طرقاً تؤدي إلي حياض، يتهيأ للحيتان الدخول فيها من تلك الطرق، ولا يتهيأ لها الخروج إذا همت بالرجوع منها إلي اللجج.

فجاءت الحيتان يوم السبت جارية علي أمان الله لها فدخلت الأخاديد وحصلت في الحياض والغدران. فلما كانت عشية اليوم همت بالرجوع منها إلي اللجج لتأمن صائدها، فرامت الرجوع فلم تقدر، وأبقيت ليلتها في مكان يتهيأ أخذها يوم الأحد بلا اصطياد لاسترسالها فيه، وعجزها عن الامتناع لمنع المكان لها. فكانوا يأخذونها يوم الأحد، ويقولون ما اصطدنا يوم السبت، إنما اصطدنا في الأحد، وكذب أعداء الله بل كانوا آخذين لها بأخاديدهم التي عملوها يوم

السبت حتي كثر من ذلك مالهم وثراؤهم، وتنعموا بالنساء وغيرهن لاتساع أيديهم به. وكانوا في المدينة نيفاً وثمانين ألفاً، فعل هذا منهم سبعون ألفاً، وأنكر عليهم الباقون، كما قص الله تعالي: ?وسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ?() الآية. وذلك أن طائفة منهم وعظوهم وزجروهم، ومن عذاب الله خوفوهم، ومن انتقامه وشديد بأسه حذروهم، فأجابوهم عن وعظهم ?لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ? بذنوبهم هلاك الاصطلام ?أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً?.

فأجابوا القائلين لهم هذا: ?مَعْذِرَةً إِلي رَبِّكُمْ? هذا القول منا لهم معذرة إلي ربكم، إذ كلفنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فنحن ننهي عن المنكر ليعلم ربنا مخالفتنا لهم، وكراهتنا لفعلهم.

قالوا: ?ولَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ?() ونعظهم أيضا لعلهم تنجع فيهم المواعظ، فيتقوا هذه الموبقة، ويحذروا عقوبتها.

قال الله عزوجل: ?فَلَمَّا عَتَوْا? حادوا وأعرضوا وتكبروا عن قبولهم الزجر ?عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ?() مبعدين عن الخير مقصين.

قال: فلما نظر العشرة الآلاف والنيف أن السبعين ألفاً لا يقبلون مواعظهم ولا يحفلون بتخويفهم إياهم وتحذيرهم لهم، اعتزلوهم إلي قرية أخري قريبة من قريتهم، وقالوا: نكره أن ينزل بهم عذاب الله ونحن في خلالهم. فأمسوا ليلة، فمسخهم الله تعالي كلهم قردة خاسئين، وبقي باب المدينة مغلقاً لا يخرج منه أحد ولا يدخله أحد، وتسامع بذلك أهل القري فقصدوهم، وتسنموا حيطان البلد، فاطلعوا عليهم فإذا هم كلهم رجالهم ونساؤهم قردة يموج بعضهم في بعض يعرف هؤلاء الناظرون معارفهم وقراباتهم وخلطاءهم، يقول المطلع لبعضهم: أنت فلان، أنت فلانة فتدمع عينه، ويومئ برأسه بلا، أو نعم، فما زالوا كذلك ثلاثة أيام.

ثم بعث الله عز وجل عليهم مطراً وريحاً فجرفهم إلي البحر، وما بقي مسخ بعد ثلاثة أيام، وإنما الذين ترون من هذه المصورات

بصورها فإنما هي أشباهها، لا هي بأعيانها ولا من نسلها.

ثم قال علي بن الحسين عليه السلام:

إن الله تعالي مسخ هؤلاء لاصطياد السمك، فكيف تري عند الله عزوجل يكون حال من قتل أولاد رسول الله صلواة الله عليه و اله وهتك حريمه، إن الله تعالي وإن لم يمسخهم في الدنيا، فإن المعد لهم من عذاب الله في الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ.

ثم قال علي بن الحسين عليه السلام:

أما إن هؤلاء الذين اعتدوا في السبت، لو كانوا حين هموا بقبيح أفعالهم، سألوا ربهم بجاه محمد وآله الطيبين أن يعصمهم من ذلك لعصمهم، وكذلك الناهون لهم لو سألوا الله عزوجل أن يعصمهم بجاه محمد وآله الطيبين لعصمهم، ولكن الله تعالي لم يلهمهم ذلك، ولم يوفقهم له فجرت معلومات الله تعالي فيهم علي ما كان سطره في اللوح المحفوظ.

العبادة بلا ولاية()

عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال لنا علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام:

أي البقاع أفضل؟

فقلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم.

فقال: إن أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أن رجلاً عمر ما عمر نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك الموضع، ثم لقي الله بغير ولايتنا، لم ينفعه ذلك شيئاً.

ستة لعنهم الله()

ستة لعنهم الله وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والتارك لسنتي، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعزه الله ويعز من أذله الله، والمستأثر بفيء المسلمين المستحل له.

الموازين المقلوبة()

لقي المنهال بن عمرو علي بن الحسين بن علي عليه السلام، فقال له: كيف أصبحت يا ابن رسول الله؟ قال:

ويحك، أما آن لك أن تعلم كيف أصبحت، أصبحنا في قومنا مثل بني إسرائيل في آل فرعون، يذبحون أبناءنا، ويستحيون نساءنا، وأصبح خير البرية بعد محمد يلعن علي المنابر، وأصبح عدونا يعطي المال والشرف، وأصبح من يحبنا محقوراً منقوصاً حقه، وكذلك لم يزل المؤمنون، وأصبحت العجم تعرف للعرب حقها بأن محمداً كان منها، وأصبحت العرب تعرف لقريش حقها بأن محمداً كان منها، وأصبحت قريش تفتخر علي العرب بأن محمداً كان منها، وأصبحت العرب تفتخر علي العجم بأن محمداً كان منها، وأصبحنا أهل بيت محمد لا يعرف لنا حق، فهكذا أصبحنا.

مع قاتل الرضيع()

عن المنهال بن عمرو، قال: دخلت علي علي بن الحسين عليه السلام منصرفي من مكة، فقال لي:

يا منهال، ما صنع حرملة بن كاهلة الأسدي؟

فقلت: تركته حياً بالكوفة.

قال: فرفع يديه جميعاً، فقال: ?اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر النار?.

قال المنهال: فقدمت الكوفة، وقد ظهر المختار بن أبي عبيدة، وتحقق علي يديه دعاء علي بن الحسين عليه السلام بالنسبة إلي حرملة كاملة.

إنه يلي الناس()

عن عبد الله بن عطاء التميمي، قال: كنت مع علي بن الحسين عليه السلام في المسجد، فمر عمر بن عبد العزيز عليه شراكاً فضة()، وكان من أحسن الناس وهو شاب، فنظر إليه علي بن الحسين عليه السلام فقال:

يا عبد الله بن عطاء، تري هذا المترف! إنه لن يموت حتي يلي الناس.

قال: قلت: هذا الفاسق!

قال: نعم، لا يلبث فيهم إلا يسيراً حتي يموت، فإذا مات لعنه أهل السماء، واستغفر له أهل الأرض.

جزاء المستهزئين()

موت الفجأة تخفيف علي المؤمن وأسف علي الكافر، وإن المؤمن ليعرف غاسله وحامله، فإن كان له عند ربه خير ناشد حملته أن يعجلوا به، وإن كان غير ذلك ناشدهم أن يقصروا به.

فقال ضمرة بن سمرة: إن كان كما تقول فاقفز من السرير، وضحك وأضحك.

فقال عليه السلام: اللهم إن ضمرة ضحك وأضحك لحديث رسول الله صلواة الله عليه و اله فخذه أخذة أسف، فمات فجأة.

فأتي بعد ذلك مولي لضمرة زين العابدين عليه السلام، فقال: أصلحك الله، إن ضمرة مات فجأة، وإني لأقسم لك بالله أني لسمعت صوته، وأنا أعرفه كما كنت أعرف صوته في حياته في الدنيا، وهو يقول: الويل لضمرة بن سمرة خلا مني كل حميم، وحللت بدار الجحيم، وبها مبيتي والمقيل.

فقال علي بن الحسين عليه السلام: الله أكبر، هذا جزاء من ضحك وأضحك بحديث رسول الله صلواة الله عليه و اله.

مع عبد الملك()

كان عبد الملك بن مروان يطوف بالبيت وعلي بن الحسين عليه السلام يطوف بين يديه لا يلتفت إليه، ولم يكن عبد الملك يعرفه بوجهه، فقال: من هذا الذي يطوف بين أيدينا ولا يلتفت إلينا؟! فقيل: هذا علي بن الحسين عليه السلام، فجلس مكانه، وقال: ردوه إليَّ، فردوه. فقال له: يا علي بن الحسين، إني لست قاتل أبيك، فما يمنعك من المصير إليَّ. فقال علي بن الحسين عليه السلام:

إن قاتل أبي أفسد بما فعله دنياه عليه، وأفسد أبي عليه بذلك آخرته، فإن أحببت أن تكون كهو فكن.

فقال: كلا، ولكن صر إلينا لتنال من دنيانا.

فجلس زين العابدين عليه السلام وبسط رداءه فقال: اللهم أره حرمة أوليائك عندك، فإذا رداءه مملوء درراً يكاد شعاعها يخطف الأبصار.

فقال له: من تكون هذه حرمته عند الله يحتاج إلي دنياك.

ثم

قال: اللهم خذها فلا حاجة لي فيها.

جحود بعد عرفان()

إذا ميز الصحاح من المراض

لكم ما تدعون بغير حق

كما عرف السواد من البياض

عرفتم حقنا فجحدتمونا

وقاضينا الإله فنعم قاضي

كتاب الله شاهدنا عليكم

ليس العجب ممن نجا()

روي أن علي بن الحسين عليه السلام رأي يوماً الحسن البصري وهو يقص عند الحجر الأسود. فقال له:

أترضي يا حسن نفسك للموت؟

قال: لا.

قال: فعملك للحساب؟

قال: لا.

قال: فثم دار للعمل غير هذه الدار؟

قال: لا.

قال: فلله في أرضه معاذ غير هذا البيت؟

قال: لا.

قال: فلم تشغل الناس عن الطواف؟

وقيل له يوماً: إن الحسن البصري قال: ليس العجب ممن هلك كيف هلك، وإنما العجب ممن نجا كيف نجا.

فقال: أنا أقول: ليس العجب ممن نجا، وإنما العجب ممن هلك مع سعة رحمة الله.

التعامل المعكوس()

قيل له عليه السلام: كيف أصبحت؟ قال:

أصبحنا خائفين برسول الله صلي الله عليه و اله، وأصبح جميع أهل الإسلام آمنين به.

سياسيات

المرونة السياسية()

إن علياً عليه السلام كان يوماً يؤم الناس وهو يجهر بالقراءة، فجهر ابن الكواء من خلفه: ?ولَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وإِلَي الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ولَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ?().

فلما جهر ابن الكواء من خلفه بها سكت علي عليه السلام، فلما أنهاها ابن الكواء عاد علي عليه السلام ليتم قراءته، فلما شرع علي عليه السلام في القراءة أعاد ابن الكواء الجهر بتلك،فسكت علي عليه السلام.

فلم يزالا كذلك يسكت هذا ويقرأ ذاك مراراً حتي قرأ علي عليه السلام: ?فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ولا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ?()، فسكت ابن الكواء، وعاد علي عليه السلام إلي قراءته.

علي جماهير الكوفة()

إن زين العابدين عليه السلام لما أدخلوه وعماته الكوفة سبايا، أومأ إلي الناس أن اسكتوا، فسكتوا فقام قائماً، فحمد الله وأثني عليه وذكر النبي صلواة الله عليه و اله ثم صلي عليه، ثم قال:

أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي:

أنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام.

أنا ابن من انتهكت حرمته، وسلبت نعمته، وانتهب ماله، وسبي عياله.

أنا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا ترات.

أنا ابن من قتل صبراً، وكفي بذلك فخراً.

أيها الناس، فأنشدكم الله هل تعلمون أنكم كتبتم إلي أبي وخدعتموه، وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه، فتباً لما قدمتم لأنفسكم وسوأة لرأيكم، بأية عين تنظرون إلي رسول الله صلواة الله عليه و اله إذ يقول لكم: ?قتلتم عترتي، وانتهكتم حرمتي، فلستم من أمتي?.

قال الراوي: فارتفعت الأصوات من كل ناحية، ويقول بعضهم لبعض: هلكتم وما تعلمون.

فقال عليه السلام: رحم الله امرأً قبل نصيحتي، وحفظ وصيتي في الله، وفي رسوله وأهل بيته، فإن لنا في رسول الله صلواة الله

عليه و اله أسوة حسنة.

فقالوا بأجمعهم: نحن كلنا يا ابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك، غير زاهدين فيك، ولا راغبين عنك، فمرنا بأمرك يرحمك الله، فإنا حرب لحربك، وسلم لسلمك، لنأخذن يزيد لعنه الله ونبرأ ممن ظلمك وظلمنا.

فقال عليه السلام: هيهات، هيهات أيها الغدرة المكرة، حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم، أتريدون أن تأتوا إليَّ كما أتيتم إلي آبائي من قبل، كلا ورب الراقصات فإن الجرح لما يندمل، قتل أبي صلوات الله عليه بالأمس وأهل بيته معه، ولم ينسي ثكل رسول الله صلواة الله عليه و اله وثكل أبي وبني أبي، ووجده بين لهاتي، ومرارته بين حناجري وحلقي، وغصصه تجري في فراش صدري، ومسألتي أن تكونوا لا لنا ولا علينا.

عتاب وتأنيب()

لما جيء بالسبايا إلي الكوفة إذا بعلي بن الحسين عليه السلام علي بعير بغير وطاء وأوداجه تشخب دماً، وهو يقول:

يا أمة لم تراع جدنا فينا

يا أمة السوء لا سقيا لربعكم

يوم القيامة ما كنتم تقولونا

لو أننا ورسول الله يجمعنا

كأننا لم نشيد فيكم دينا

تسيرونا علي الأقتاب عارية

تلك المصائب لا تلبون داعينا

بني أمية ما هذا الوقوف علي

وأنتم في فجاج الأرض تسبونا

تصفقون علينا كفكم فرحا

أهدي البرية من سبل المضلينا

أليس جدي رسول الله ويلكم

والله يهتك أستار المسيئينا

يا وقعة الطف قد أورثتني حزنا

كشف سياسة التضليل()

لما أدخل السبايا علي ابن زياد التفت إلي علي بن الحسين عليه السلام فقال: من هذا؟ فقيل: علي بن الحسين. فقال: أليس قد قتل الله علي بن الحسين؟ فقال علي عليه السلام:

قد كان لي أخ يقال له علي بن الحسين عليه السلام قتله الناس.

فقال: بل الله قتله.

فقال علي عليه السلام: الله يتوفي الأنفس حين موتها، والتي لم تمت في منامها.

فقال ابن زياد: ألك جرأة علي جوابي، اذهبوا به فاضربوا عنقه.

فسمعت به عمته زينب، فقالت: يا ابن زياد إنك لم تبق منا أحداً، فإن كنت عزمت علي قتله فاقتلني معه.

علي أعتاب بعلبك()

لما قربوا السبايا من بعلبك، أخبروا صاحبها فأمر بالرايات فنشرت، وخرج الناس يتلقونهم، فبكي علي بن الحسين عليه السلام، وقال:

من الكرام وما تهدي مصائبه

وهو الزمان فلا تفني عجائبه

فنونه وترانا لم نجاذبه

فليت شعري إلي كم ذا تجاذبنا

وسابق العيس يحمي عنه غاربه

يسري بنا فوق أقتاب بلا وطأ

كأن ما قاله المختار كاذبه

كأننا من أساري الروم بينهم

فكنتم مثل من ضلت مذاهبه

كفرتم برسول الله ويحكم

من حوادث الشام()

لما أدخل السبايا الشام، جاء شيخ ودنا من نساء الحسين عليه السلام وعياله، وهم في ذلك الموضع فقال: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم، وأراح البلاد عن رجالكم، وأمكن أمير المؤمنين منكم. فقال له علي بن الحسين عليه السلام:

يا شيخ، هل قرأت القرآن؟

قال: نعم.

قال: فهل عرفت هذه الآية: ?قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي

الْقُرْبي?()؟

قال الشيخ: نعم، قد قرأت ذلك.

فقال علي عليه السلام له: فنحن القربي يا شيخ، فهل قرأت في بني إسرائيل: ?وآتِ ذَا الْقُرْبي حَقَّهُ?()؟

فقال الشيخ: قد قرأت.

فقال علي بن الحسين عليه السلام: فنحن القربي يا شيخ، فهل قرأت هذه الآية:

?واعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ ولِذِي الْقُرْبي?()؟

قال: نعم.

فقال له علي عليه السلام: فنحن القربي يا شيخ، فهل قرأت هذه الآية: ?إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً?().

قال الشيخ: قد قرأت ذلك.

قال علي عليه السلام: فنحن أهل البيت الذين خصصنا الله بأية الطهارة يا شيخ.

قال الراوي: فبقي الشيخ ساكتاً نادماً علي ما تكلم به، وقال: بالله إنكم هم؟

فقال علي بن الحسين عليه السلام: تالله إنا لنحن هم من غير شك، وحق جدنا رسول الله صلواة الله عليه و اله إنا لنحن هم.

فبكي الشيخ ورمي عمامته، ثم رفع رأسه إلي السماء، وقال: اللهم إنا نبرأ إليك من عدو

آل محمد صلواة الله عليه و اله من جن وإنس.

ثم قال: هل لي من توبة؟

فقال له: نعم، إن تبت تاب الله عليك وأنت معنا.

فقال: أنا تائب، فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ فأمر به فقتل.

في مجلس يزيد()

لما أدخل ثقل الحسين عليه السلام ونساؤه ومن تخلف من أهل بيته علي يزيد بن معاوية (لعنهما الله) وهم مقرنون في الحبال، فلما وقفوا بين يديه وهم علي تلك الحال. قال له علي بن الحسين عليه السلام:

أنشدك الله يا يزيد، ما ظنك برسول الله صلواة الله عليه و اله لو رآنا علي هذه الصفة؟!

فضح سياسة التمويه()

بعد أن أدخل السبايا علي يزيد، التفت يزيد إلي علي بن الحسين عليه السلام قائلاً: يا ابن حسين، أبوك قطع رحمي، وجهل حقي، ونازعني سلطاني، فصنع الله به ما قد رأيت.فقال علي بن الحسين عليه السلام:

?ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ ولا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَي اللَّهِ يَسِيرٌ?().

فقال يزيد لابنه خالد: اردد عليه.

فلم يدر خالد ما يرد عليه، فقال له يزيد قل: ?ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ويَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ?().

فقال علي بن الحسين عليه السلام: يا ابن معاوية وهند وصخر، لم تزل النبوة والإمرة لآبائي وأجدادي من قبل أن تولد، ولقد كان جدي علي بن أبي طالب في يوم بدر وأحد والأحزاب في يده راية رسول الله صلواة الله عليه و اله، وأبوك وجدك في أيديهما رايات الكفار.

ثم جعل علي بن الحسين عليه السلام يقول:

ما ذا فعلتم وأنتم آخر الأمم؟

منهم أساري ومنهم ضرجوابدم ما ذا تقولون إذ قال النبي لكم

منهم أساري ومنهم ضرجوا بدم

بعترتي وبأهلي عند مفتقدي

ثم قال علي بن الحسين عليه السلام: ويلك يا يزيد، إنك لو تدري ما ذا صنعت وما الذي ارتكبت من أبي وأهل بيتي وأخي وعمومتي، إذن لهربت في الجبال وافترشت الرماد، ودعوت بالويل والثبور، أن يكون رأس أبي الحسين بن فاطمة وعلي منصوباً علي باب

مدينتكم، وهو وديعة رسول الله صلي الله عليه و اله فيكم، فأبشر بالخزي والندامة غداً إذا جمع الناس ليوم القيامة.

في المسجد الأموي()

لما أدخل السبايا الشام، عقد يزيد مجلساً ضخماً يحتفل فيه ظفره بالحسين عليه السلام، وقد أمر بمنبر وخطيب ليخبر الناس بما يزعمه في الحسين وعلي عليهما السلام وما فعلا، فصعد الخطيب المنبر، فحمد الله وأثني عليه، ثم أكثر الوقيعة في علي والحسين، وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد (لعنهما الله) فذكرهما بكل جميل، قال: فصاح به علي بن الحسين عليه السلام:

ويلك أيها الخاطب، اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق، فتبوأ مقعدك من النار.

ثم قال علي بن الحسين عليه السلام: يا يزيد، ائذن لي حتي أصعد هذه الأعواد، فأتكلم بكلمات لله فيهن رضا، ولهؤلاء الجلساء فيهن أجر وثواب.

قال: فأبي يزيد عليه ذلك.

فقال الناس: يا أمير، ائذن له فليصعد المنبر، فلعلنا نسمع منه شيئاً.

فقال: إنه إن صعد لم ينزل إلا بفضيحتي وبفضيحة آل أبي سفيان.

فقيل له: يا أمير المؤمنين، وما قدر ما يحسن هذا؟

فقال: إنه من أهل بيت قد زقوا العلم زقاً.

قال: فلم يزالوا به حتي أذن له.

فصعد عليه السلام المنبر فحمد الله وأثني عليه، ثم خطب خطبة أبكي منها العيون، وأوجل منها القلوب، ثم قال:

أيها الناس أعطينا ستاً، وفضلنا بسبع:

أعطينا العلم، والحلم، والسماحة، والفصاحة، والشجاعة، والمحبة في قلوب المؤمنين.

وفضلنا بأن منا النبي المختار محمداً، ومنا الصديق، ومنا الطيار، ومنا أسد الله وأسد رسوله، ومنا سبطا هذه الأمة، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي.

أيها الناس، أنا ابن مكة ومني.

أنا ابن زمزم والصفا.

أنا ابن من حمل الركن بأطراف الردا.

أنا ابن خير من ائتزر وارتدي.

أنا ابن خير من انتعل واحتفي.

أنا ابن خير من طاف وسعي.

أنا ابن خير

من حج ولبي.

أنا ابن من حمل علي البراق في الهواء.

أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي.

أنا ابن من بلغ به جبرئيل إلي سدرة المنتهي.

أنا ابن من دَنا فَتَدَلَّي، فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْني.

أنا ابن من صلي بملائكة السماء.

أنا ابن من أوحي إليه الجليل ما أوحي.

أنا ابن محمد المصطفي.

أنا ابن علي المرتضي.

أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتي قالوا: لا إله إلا الله.

أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين، وطعن برمحين، وهاجر الهجرتين، وبايع البيعتين، وقاتل ببدر وحنين، ولم يكفر بالله طرفة عين.

أنا ابن صالح المؤمنين، ووارث النبيين، وقامع الملحدين، ويعسوب المسلمين، ونور المجاهدين، وزين العابدين، وتاج البكائين، وأصبر الصابرين، وأفضل القائمين، من آل ياسين، رسول رب العالمين.

أنا ابن المؤيد بجبرئيل، المنصور بميكائيل.

أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين، وقاتل المارقين والناكثين والقاسطين، والمجاهد أعداءه الناصبين، وأفخر من مشي من قريش أجمعين، وأول من أجاب واستجاب لله ولرسوله من المؤمنين، وأول السابقين، وقاصم المعتدين، ومبيد المشركين، وسهم من مرامي الله علي المنافقين، ولسان حكمة العابدين، وناصر دين الله، وولي أمر الله، وبستان حكمة الله، وعيبة علمه.

سمح سخي، بهي بهلول زكي، أبطحي رضي، مقدام همام، صابر صوام، مهذب قوام، قاطع الأصلاب، ومفرق الأحزاب، أربطهم عناناً، وأثبتهم جناناً، وأمضاهم عزيمة، وأشدهم شكيمة، أسد باسل، يطحنهم في الحروب إذا ازدلفت الأسنة وقربت الأعنة طحن الرحي، ويذروهم فيها ذرو الريح الهشيم، ليث الحجاز، وكبش العراق، مكي مدني، خيفي عقبي، بدري أحدي، شجري مهاجري، من العرب سيدها، ومن الوغي ليثها، وارث المشعرين، وأبو السبطين، الحسن والحسين، ذاك جدي علي بن أبي طالب.

ثم قال: أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا ابن سيدة النساء.

فلم يزل يقول: أنا، أنا، حتي

ضج الناس بالبكاء والنحيب، وخشي يزيد (لعنه الله) الفتنة، فأمر المؤذن فقطع عليه الكلام.

فلما قال المؤذن: ?الله أكبر، الله أكبر?.

قال علي عليه السلام: لا شيء أكبر من الله.

فلما قال: ?أشهد أن لا إله إلا الله?.

قال علي بن الحسين عليه السلام: شهد بها شعري، وبشري، ولحمي، ودمي.

فلما قال المؤذن: ?أشهد أن محمداً رسول الله?.

التفت عليه السلام من فوق المنبر إلي يزيد، فقال: محمد هذا، جدي أم جدك يا يزيد؟ فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت وكفرت، وإن زعمت أنه جدي، فلم قتلت عترته؟

سكرة الحكم()

لما أُتي برأس الحسين عليه السلام إلي يزيد، كان يتخذ مجالس الشرب، ويأتي برأس الحسين عليه السلام ويضعه بين يديه ويشرب عليه، فحضر ذات يوم في مجلسه رسول ملك الروم، وكان من أشراف الروم وعظمائهم، فقال: يا ملك العرب هذا رأس من؟

فقال له يزيد: ما لك ولهذا الرأس!

فقال: إني إذا رجعت إلي ملكنا يسألني عن كل شي ء رأيته، فأحببت أن أخبره بقصة هذا الرأس وصاحبه، حتي يشاركك في الفرح والسرور.

فقال يزيد (عليه اللعنة): هذا رأس الحسين بن علي بن أبي طالب.

فقال الرومي: ومن أمه؟

فقال: فاطمة بنت رسول الله.

فقال النصراني: أُف لك ولدينك، لي دين أحسن من دينكم، إن أبي من حوافد داود عليه السلام وبيني وبينه آباء كثيرة، والنصاري يعظموني، ويأخذون من تراب قدمي، تبركاً بأني من حوافد داود عليه السلام، وأنتم تقتلون ابن بنت رسول الله وما بينه وبين نبيكم إلا أم واحدة؟ فأي دين دينكم؟

ثم قال ليزيد: هل سمعت حديث كنيسة الحافر؟

فقال له: قل حتي أسمع.

فقال: بين عمان والصين بحر مسيره سنة، ليس فيها عمران إلا بلدة واحدة في وسط الماء، طوله ثمانون فرسخاً في ثمانين فرسخاً، ما علي وجه الأرض

بلدة أكبر منها، ومنها يحمل الكافور والياقوت، أشجارهم العود والعنبر، وهي في أيدي النصاري، لا ملك لأحد من الملوك فيها سواهم، وفي تلك البلدة كنائس كثيرة، وأعظمها كنيسة الحافر، في محرابها حقة ذهب معلقة فيها حافر، يقولون إن هذا حافر حمار كان يركبه عيسي عليه السلام، وقد زينوا حول الحقة بالديباج، يقصدها في كل عام عالم من النصاري، ويطوفون حولها ويقبلونها، ويرفعون حوائجهم إلي الله تعالي عندها، هذا شأنهم ورأيهم بحافر حمار يزعمون أنه حافر حمار كان يركبه عيسي عليه السلام نبيهم، وأنتم تقتلون ابن بنت نبيكم، فلا بارك الله تعالي فيكم ولا في دينكم.

فقال يزيد لعنه الله: اقتلوا هذا النصراني لئلا يفضحني في بلاده.

فلما أحس النصراني بذلك قال له: أتريد أن تقتلني؟

قال: نعم.

قال: اعلم أني رأيت البارحة نبيكم في المنام يقول: يا نصراني، أنت من أهل الجنة، فتعجبت من كلامه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلواة الله عليه و اله، ثم وثب إلي رأس الحسين عليه السلام فضمه إلي صدره، وجعل يقبله ويبكي حتي قتل.

مع المنهال()

لما أدخلوا السبايا علي يزيد وأسكنوهم هناك، خرج زين العابدين عليه السلام يوماً يمشي في أسواق دمشق، فاستقبله المنهال بن عمرو، فقال له: كيف أمسيت يا ابن رسول الله؟ قال:

أمسينا كمثل بني إسرائيل في آل فرعون، يذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم. يا منهال، أمست العرب تفتخر علي العجم بأن محمداً عربي، وأمست قريش تفتخر علي سائر العرب بأن محمداً منها، وأمسينا معشر أهل بيته ونحن مغصوبون مقتولون مشردون، فإنا لله وإنا إليه راجعون مما أمسينا فيه يا منهال.

و لله در مهيار حيث قال:

وتحت أرجلهم أولاده وضعوا

يعظمون له أعواد منبره

وفخركم أنكم صحب له تبع

بأي حكم بنوه

يتبعونكم

عند تغير الأجواء()

وقال يزيد لعلي بن الحسين عليه السلام بعد أن صار الرأي العام ضده: اذكر حاجاتك الثلاث اللاتي وعدتك بقضائهن، فقال له:

الأولي: أن تريني وجه سيدي ومولاي وأبي الحسين عليه السلام فأتزود منه.

والثانية: أن ترد علينا ما أُخذ منا.

والثالثة: إن كنت عزمت علي قتلي، أن توجه مع هؤلاء النسوة من يردهن إلي حرم جدهن صلواة الله عليه و اله.

فقال: أما وجه أبيك فلن تراه أبدا.

وأما قتلك فقد عفوت عنك.

وأما النساء فما يردهن غيرك إلي المدينة.

وأما ما أخذ منكم فأنا أعوضكم عنه أضعاف قيمته.

فقال عليه السلام: أما مالك فلا نريده، وهو موفر عليك. وإنما طلبت ما أخذ منا؛ لأن فيه مغزل فاطمة بنت محمد صلواة الله عليه و اله ومقنعتها وقلادتها وقميصها، فأمر برد ذلك، وزاد فيه من عنده مائتي دينار، فأخذها زين العابدين عليه السلام وفرقها في الفقراء. ثم أمر برد الأساري وسبايا الحسين عليه السلام إلي أوطانهن بمدينة الرسول صلواة الله عليه و اله.

موكب الجهاد يعود()

لما رجعت نساء الحسين عليه السلام وعياله من الشام وبلغوا العراق، قالوا للدليل: مر بنا علي طريق كربلاء، فوصلوا إلي موضع المصرع، فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري رحمه الله، وجماعة من بني هاشم، ورجالاً من آل رسول الله صلواة الله عليه و اله قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليه السلام، فوافوا في وقت واحد، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم، وأقاموا المأتم المقرحة للأكباد، واجتمع إليهم نساء ذلك السواد، فأقاموا علي ذلك أياماً، ثم انفصلوا من كربلاء طالبين المدينة. قال بشير بن جذلم: فلما قربنا منها نزل علي بن الحسين عليه السلام، فحط رحله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه، وقال:

يا بشير، رحم الله أباك، لقد كان شاعراً، فهل تقدر علي شي ء منه؟

فقال: بلي

يا ابن رسول الله إني لشاعر.

فقال عليه السلام: ادخل المدينة، وانع أبا عبد الله عليه السلام.

قال بشير: فركبت فرسي وركضت حتي دخلت المدينة، فلما بلغت مسجد النبي صلواة الله عليه و اله رفعت صوتي بالبكاء وأنشأت أقول:

قتل الحسين فادمعي مدرار

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها

والرأس منه علي القناة يدار

الجسم منه بكربلاء مضرج

قال: ثم قلت: هذا علي بن الحسين عليه السلام مع عماته وأخواته، قد حلوا بساحتكم، ونزلوا بفنائكم، وأنا رسوله إليكم أعرفكم مكانه …، وهو نازل في موضع كذا وكذا مع عيال أبي عبد الله عليه السلام ونسائه.

فخرج الناس باكين معولين حتي أخذوا الطرق والمواضع …

فخرج عليهم علي بن الحسين عليه السلام ومعه خرقة يمسح بها دموعه، وخلفه خادم معه كرسي، فوضعه له وجلس عليه، وهو لا يتمالك عن العبرة، وارتفعت أصوات الناس بالبكاء وحنين النسوان والجواري، والناس يعزونه من كل ناحية، فضجت تلك البقعة ضجة شديدة، فأومأ بيده أن: اسكتوا، فسكتت فورتهم، فقال عليه السلام:

الحمد لله رب العالمين، مالك يوم الدين، بارئ الخلائق أجمعين، الذي بعد فارتفع في السماوات العلي، وقرب فشهد النجوي، نحمده علي عظائم الأمور، وفجائع الدهور، وألم الفجائع، ومضاضة اللواذع، وجليل الرزء، وعظيم المصائب، الفاظعة الكاظة، الفادحة الجائحة.

أيها القوم، إن الله وله الحمد، ابتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في الإسلام عظيمة، قتل أبو عبد الله الحسين عليه السلام وعترته، وسبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان، من فوق عامل السنان، وهذه الرزية التي ليس مثلها رزية.

أيها الناس، فأي رجالات منكم يسرون بعد قتله!

أم أي فؤاد لا يحزن من أجله!

أم أية عين منكم تحبس دمعها، وتضن عن انهمالها.

فلقد بكت السبع الشداد لقتله، وبكت البحار بأمواجها، والسماوات بأركانها، والأرض بأرجائها، والأشجار بأغصانها، والحيتان

ولجج البحار، والملائكة المقربون، وأهل السماوات أجمعون.

يا أيها الناس، أي قلب لا ينصدع لقتله!

أم أي فؤاد لا يحن إليه!

أم أي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصم!

أيها الناس، أصبحنا مطرودين مشردين مذودين، وشاسعين عن الأمصار كأنا أولاد ترك وكابل من غير جرم اجترمناه، ولا مكروه ارتكبناه، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين، إن هذا إلا اختلاق.

والله لو أن النبي صلي الله عليه و اله تقدم إليهم في قتالنا، كما تقدم إليهم في الوصاية بنا، لما زادوا علي ما فعلوا بنا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، من مصيبة ما أعظمها وأوجعها، وأفجعها وأكظها، وأفظعها، وأمرها وأفدحها، فعند الله نحتسب فيما أصابنا، وما بلغ بنا فإنه عزيز ذو انتقام.

سلاح المظلومين()

حدث مولي لعلي بن الحسين عليه السلام أنه برز يوما إلي الصحراء، قال: فتبعته فوجدته قد سجد علي حجارة خشنة، فوقفت وأنا أسمع شهيقه وبكاءه، وأحصيت عليه ألف مرة يقول:

?لا إله إلا الله حقاً حقاً، لا إله إلا الله تعبداً ورقاً، لا إله إلا الله إيماناً وتصديقاً وصدقاً? ثم رفع رأسه من سجوده وإن لحيته ووجهه قد غمرا بالماء من دموع عينيه.

فقلت: يا سيدي، أما آن لحزنك أن ينقضي، ولبكائك أن يقل.

فقال لي: ويحك، إن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام كان نبياً ابن نبي له اثنا عشر ابناً، فغيب الله واحداً منهم، فشاب رأسه من الحزن، واحدودب ظهره من الغم، وذهب بصره من البكاء، وابنه حي في دار الدنيا، وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعي مقتولين، فكيف ينقضي حزني، ويقل بكائي.

هكذا عاملونا()

رأيت في كتاب المصابيح بإسناده إلي جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال لي أبي محمد بن علي: سألت أبي علي بن الحسين عن حمل يزيد له. فقال:

حملني علي بعير يطلع بغير وطاء، ورأس الحسين عليه السلام علي علم، ونسوتنا خلفي علي بغال فأكف، والفارطة خلفنا وحولنا بالرماح، إن دمعت من أحدنا عين قرع رأسه بالرمح، حتي إذا دخلنا دمشق صاح صائح: يا أهل الشام، هؤلاء سبايا أهل البيت الملعون.

سياسة الطغاة()

لما أدخل رأس الحسين بن علي عليه السلام علي يزيد (لعنه الله)، وأدخل عليه علي بن الحسين عليه السلام وبنات أمير المؤمنين (عليه وعليهن السلام) وكان علي بن الحسين عليه السلام مقيداً مغلولاً، فقال يزيد: يا علي بن الحسين، الحمد لله الذي قتل أباك. فقال علي بن الحسين عليه السلام:

لعن الله من قتل أبي.

قال: فغضب يزيد وأمر بضرب عنقه عليه السلام.

فقال علي بن الحسين عليه السلام: فإذا قتلتني فبنات رسول الله صلواة الله عليه و اله من يردهن إلي منازلهن، وليس لهن محرم غيري.

فقال: أنت تردهم إلي منازلهم، ثم دعا بمبرد فأقبل يبرد الجامعة من عنقه بيده …

ثم قال يزيد: يا علي بن الحسين ?ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ

أَيْدِيكُمْ?().

فقال علي بن الحسين عليه السلام: كلا، ما هذه فينا نزلت، إنما نزلت فينا ?مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَي اللهِ يَسِيرٌ ? لِكَيْ لاَ تَأْسَوْا عَلَي مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ?()، فنحن الذين لا نأسو علي ما فاتنا، ولا نفرح بما آتانا منها.

يزيد يفتضح()

إنه لما أدخل علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام في جملة من حمل إلي الشام سبايا من أولاد الحسين بن علي عليه السلام وأهاليه علي يزيد، قال له: يا علي، الحمد لله الذي قتل أباك. قال علي عليه السلام:

قتل أبي الناس.

قال يزيد: الحمد لله الذي قتله فكفانيه.

قال علي عليه السلام: علي من قتل أبي لعنة الله، أفتراني لعنت الله عزوجل.

ثارات أهل البيت عليهم السلام ()

لما أراد المختار الخروج لطلب الثار، جاء وفد من الكوفة يستأذنون محمد بن الحنفية عليه السلام في ذلك، فقال لهم محمد: قوموا بنا إلي إمامي وإمامكم علي بن الحسين عليه السلام، فلما دخل ودخلوا عليه أخبر خبرهم الذي جاءوا لأجله. قال عليه السلام:

يا عم، لو أن عبداً زنجياً تعصب لنا أهل البيت عليهم السلام لوجب علي الناس موازرته، وقد وليتك هذا الأمر فاصنع ما شئت.

فخرجوا وقد سمعوا كلامه، وهم يقولون: أذن لنا زين العابدين عليه السلام ومحمد بن الحنفية عليه السلام.

الحكم فيه لنا ()

يجرعها في الأنام كاظمنا

نحن بنو المصطفي ذو غصص

أولنا مبتلي وآخرنا

عظيمة في الأنام محنتنا

ونحن أعيادنا مآتمنا

يفرح هذا الوري بعيدهم

يأمن طول الزمان خائفنا

والناس في الأمن والسرور وما

الطائل بين الأنام آفتنا

وما خصصنا به من الشرف

جاحدنا حقنا وغاصبنا

يحكم فينا والحكم فيه لنا

حربة البكاء()

بكي علي بن الحسين عليه السلام عشرين سنة، وما وضع بين يديه طعام إلا بكي، حتي قال مولي له: جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف أن تكون من الهالكين. قال:

?قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَي اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ?()، إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة.

وفي رواية:

أما آن لحزنك أن ينقضي؟

فقال له: ويحك، إن يعقوب النبي عليه السلام كان له اثنا عشر ابناً، فغيب الله واحداً منهم، فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه، واحدودب ظهره من الغم، وكان ابنه حياً في الدنيا، وأنا نظرت إلي أبي وأخي وعمي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي، فكيف ينقضي حزني.

وكان إذا وضع بين يديه ماء بكي حتي يمزجه بدموعه، فقيل له في ذلك؟

فقال: وكيف لا أبكي، وقد منع أبي من الماء الذي كان مطلقا للسباع والوحوش؟

حكام الأرض()

إذا قام قائمنا أذهب الله عزوجل عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبهم كزبر الحديد، وجعل قوة الرجل منهم قوة أربعين رجلاً، ويكونون حكام الأرض وسنامها.

طبقات الناس()

يا زرارة، الناس في زماننا علي ست طبقات:

أسد، وذئب، وثعلب، وكلب، وخنزير، وشاة.

فأما الأسد: فملوك الدنيا، يحب كل واحد منهم أن يغلب ولا يغلب.

وأما الذئب: فتجاركم، يذمون إذا اشتروا، ويمدحون إذا باعوا.

وأما الثعلب: فهؤلاء الذين يأكلون بأديانهم، ولا يكون في قلوبهم ما يصفون بألسنتهم.

وأما الكلب: يهر علي الناس بلسانه، ويكرمه الناس من شر لسانه.

وأما الخنزير: فهؤلاء المخنثون وأشباههم، لا يدعون إلي فاحشة إلا أجابوا.

وأما الشاة: فالمؤمنون الذين تجز شعورهم، ويؤكل لحومهم، ويكسر عظمهم، فكيف تصنع الشاة بين أسد، وذئب، وثعلب، وكلب، وخنزير.

صباحنا ومساؤنا()

عن المنهال قال: دخلت علي علي بن الحسين عليه السلام، فقلت: السلام عليكم، كيف أصبحتم رحمكم الله؟ قال:

أنت تزعم أنك لنا شيعة، وأنت لا تعرف صباحنا ومساءنا، أصبحنا في قومنا بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، يذبحون الأبناء، ويستحيون النساء، وأصبح خير البرية بعد نبيها صلواة الله عليه و اله يلعن علي المنابر، ويعطي الفضل والأموال علي شتمه، وأصبح من يحبنا منقوص بحقه علي حبه إيانا، وأصبحت قريش تفضل علي جميع العرب بأن محمداً صلواة الله عليه و اله منهم، يطلبون بحقنا، ولا يعرفون لحقنا حقاً، ادخل فهذا صباحنا ومساؤنا.

سلاح المظلومية()

خرج عليه السلام يوماً في حر شديد إلي الجبان ليصلي فيه، فتبعه مولي له وهو ساجد علي الحجارة وهي خشنة حارة وهو يبكي، فجلس مولاه حتي فرغ، فرفع رأسه وكأنه قد غمس رأسه ووجهه في الماء من كثرة الدموع، فقال له مولاه: يا مولاي أما آن لحزنك أن ينقضي؟ فقال:

ويحك، إن يعقوب نبي ابن نبي، كان له اثنا عشر ولداً، فغيب عنه واحد منهم، فبكي حتي ذهب بصره، واحدودب ظهره، وشاب رأسه من الغم، وكان ابنه حياً يرجو لقاءه، وأنا رأيت أبي وأخي وأعمامي وبني عمي ثمانية عشر، مقتلين صرعي، تسفي عليهم الريح، فكيف ينقضي حزني، وترقأ عبرتي؟!

مناظرات

مع الناصبة()

أن علي بن الحسين عليه السلام كان يذكر حال من مسخهم الله قردة من بني إسرائيل ويحكي قصتهم، فلما بلغ آخرها قال:

إن الله تعالي مسخ أولئك القوم لاصطيادهم السمك، فكيف تري عند الله عزوجل يكون حال من قتل أولاد رسول الله صلواة الله عليه و اله وهتك حريمه، إن الله تعالي وإن لم يمسخهم في الدنيا، فإن المعد لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ.

فقيل له: يا ابن رسول الله، فإنا قد سمعنا منك هذا الحديث، فقال لنا بعض النصاب: فإن كان قتل الحسين باطلاً، فهو أعظم عند الله من صيد السمك في السبت، أفما كان الله غضب علي قاتليه كما غضب علي صيادي السمك؟

قال علي بن الحسين عليه السلام: قل لهؤلاء النصاب: فإن كان إبليس معاصيه أعظم من معاصي من كفر بإغوائه، فأهلك الله من شاء منهم، كقوم نوح وفرعون، ولم يهلك إبليس وهو أولي بالهلاك، فما باله أهلك هؤلاء الذين قصروا عن إبليس في عمل الموبقات، وأمهل إبليس مع إيثاره لكشف المحرمات، أما كان

ربنا عزوجل حكيماً بتدبيره وحكمه فيمن أهلك وفيمن استبقي، فكذلك هؤلاء الصائدون في السبت، وهؤلاء القاتلون للحسين يفعل في الفريقين ما يعلم أنه أولي بالصواب والحكمة، لا يسأل عما يفعل وعباده يسألون …

قال له بعض من في مجلسه: يا ابن رسول الله، كيف يعاقب الله ويوبخ هؤلاء الأخلاف علي قبائح أتاها أسلافهم، وهو يقول: ?ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْري?()؟

فقال زين العابدين عليه السلام: إن القرآن نزل بلغة العرب، فهو يخاطب فيه أهل اللسان بلغتهم، يقول الرجل التميمي قد أغار قومه علي بلد، وقتلوا من فيه: أغرتم علي بلد كذا، وفعلتم كذا، ويقول العربي: نحن فعلنا ببني فلان، ونحن سبينا آل فلان، ونحن خربنا بلد كذا، لا يريد أنهم باشروا ذلك، ولكن يريد هؤلاء بالعذل، وأولئك بالافتخار، إن قومهم فعلوا كذا، وقول الله عزوجل في هذه الآيات إنما هو توبيخ لأسلافهم، وتوبيخ العذل علي هؤلاء الموجودين؛ لأن ذلك هو اللغة التي نزل بها القرآن، والآن هؤلاء الأخلاف أيضاً راضون بما فعل أسلافهم مصوبون لهم، فجاز أن يقال: أنتم فعلتم، أي إذ رضيتم قبيح فعلهم.

طب

المصلحان والمفسدان()

شيئان ما دخلا جوفاً قط إلا أفسداه، وشيئان ما دخلا جوفاً قط إلا أصلحاه.

فأما اللذان يصلحان جوف ابن آدم: فالرمان، والماء الفاتر.

وأما اللذان يفسدان: فالجبن، والقديد.

حِكم

ثمرات العقل()

من لم يكن عقله أكمل ما فيه، كان هلاكه من أيسر ما فيه.

لا تتعرض للحقوق()

قال علي بن الحسين عليه السلام لابنه:

يا بني، اصبر علي النوائب، ولا تتعرض للحقوق، ولا تجب أخاك إلي الأمر الذي مضرته عليك أكثر من منفعته له.

لجأت إلي العز()

الأصمعي: كنت بالبادية، وإذا أنا بشاب منعزل عنهم في أطمار رثة، وعليه سيماء الهيبة، فقلت: لو شكوت إلي هؤلاء حالك، لأصلحوا بعض شأنك، فأنشأ يقول:

لباسي للدنيا التجمل والصبر

ولبسي للأخري البشاشة والبشر

إذا اعترني أمر لجأت إلي العز

لأني من القوم الذين لهم فخر

أ لم تر أن العرف قد مات أهله

وأن الندي والجود ضمهما قبر

علي العرف والجود السلام فما بقي

من العرف إلا الرسم في الناس والذكر

وقائلة لما رأتني مسهداً

كأن الحشي مني يلذعها الجمر

أباطن داء لو حوي منك ظاهراً

لقلت الذي بي ضاق عن وسعه الصدر

تغير أحوال وفقد أحبة

وموت ذوي الأفضال قالت: كذا الدهر

فتعرفته فإذا هو علي بن الحسين عليه السلام، فقلت: أبي أن يكون هذا الفرخ إلا من ذلك العش.

الاستمرارية()

إني لأحب أن أقدم علي العمل وإن قل.

عزة النفس()

ما أحب أن لي بذل نفسي حمر النعم، وما تجرعت من جرعة أحب إليَّ من جرعة غيظ لا أكافئ بها صاحبها.

مقوم العمل()

لا عمل إلا بنية.

الاستغناء بالله()

ما استغني أحد بالله إلا افتقر الناس إليه.

كثرة النصح()

كثرة النصح تدعو إلي التهمة.

أرفع درجات اليقين()

الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين.

من كرامة النفس()

من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا.

كيف تدعو؟ ()

قال بحضرته رجل: اللهم أغنني عن خلقك. فقال عليه السلام:

ليس هكذا، إنما الناس بالناس ولكن قل: اللهم أغنني عن شرار خلقك.

أغني الناس()

من قنع بما قسم الله له فهو من أغني الناس.

العمل مع التقوي()

لا يقل عمل مع تقوي، وكيف يقل ما يتقبل.

الخير كله()

الخير كله: صيانة الإنسان نفسه.

ظاهر بلا واقع()

كم من مفتون بحسن القول فيه، وكم من مغرور بحسن الستر عليه، وكم من مستدرج بالإحسان إليه.

يا سوأتاه لهؤلاء()

يا سوأتاه لمن غلبت إحداته عشراته. يريد أن السيئة بواحدة والحسنة بعشرة.

المغرور المفتون()

رب مغرور مفتون، يصبح لاهياً ضاحكاً يأكل ويشرب، وهو لا يدري لعله قد سبقت له من الله سخطة يصلي بها نار جهنم.

العتب علي الزمان()

من عتب علي الزمان طالت معتبته.

بين الكريم واللئيم()

روي أن علي بن الحسين عليه السلام رأي يوماً الحسن البصري وهو يقص عند الحجر الأسود. فقال عليه السلام له:

الكريم يبتهج بفضله، واللئيم يفتخر بملكه.

الضحك وأثره()

من ضحك ضحكة مج من عقله مجة علم.

الجسد والمرض()

إن الجسد إذا لم يمرض أشر، ولا خير في جسد يأشر.

فقد الأحبة()

فقد الأحبة غربة.

لماذا البكاء؟()

نظر علي بن الحسين عليه السلام إلي سائل يبكي. فقال:

لو أن الدنيا كانت في كف هذا ثم سقطت منه، ما كان ينبغي له أن يبكي عليها.

بين مرشد وعاضد()

هلك من ليس له حكيم يرشده، وذل من ليس له سفيه يعضده.

لا تطلب الدنيا()

عليم حكيم نافذ الأمر قاهر

مليك عزيز لا يرد قضاؤه

فكل عزيز للمهيمن صاغر

عنا كل ذي عز لعزة وجهه

لعزة ذي العرش الملوك الجبابر

لقد خشعت واستسلمت وتضاءلت

إلي رفضها داع وبالزهد آمر

وفي دون ما عاينت من فجعاتها

وأنت إلي دار المنية صائر

فجد ولا تغفل فعيشك زائل

فإن نلت منها غبها لك ضائر

ولا تطلب الدنيا فإن طلابها

فاكهة السمع()

لكل شيء فاكهة، وفاكهة السمع الكلام الحسن.

ردود فعل()

من رمي الناس بما فيهم رموه بما ليس فيه، ومن لم يعرف داءه أفسده دواؤه.

وصايا

تجهيز الإمام()

كان فيما أوصي به إليَّ أبي علي بن الحسين عليه السلام أن قال:

يا بني، إذا أنا مت فلا يلي غسلي غيرك؛ فإن الإمام لا يغسله إلا إمام مثله.

جعلتك خليفتي()

أوصي علي بن الحسين عليه السلام ابنه محمد بن علي عليه السلام فقال:

يا بني، إني جعلتك خليفتي من بعدي، لا يدعي فيما بيني وبينك أحد إلا قلده الله يوم القيامة طوقاً من نار، فاحمد الله علي ذلك واشكره.

يا بني، اشكر لمن أنعم عليك، وأنعم علي من شكرك، فإنه لا تزول نعمة إذا شكرت، ولا بقاء لها إذا كفرت، والشاكر يشكره أسعد منه بالنعمة التي وجب عليه بها الشكر.

وتلا علي بن الحسين عليه السلام:

?لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ?().

الوصية بالحيوان()

قال علي بن الحسين عليه السلام لابنه محمد حين حضرته الوفاة:

إنني قد حججت علي ناقتي هذه عشرين حجة، فلم أقرعها بسوط قرعة، فإذا نفقت فادفنها لا يأكل لحمها السباع، فان رسول الله صلواة الله عليه و اله قال: ?ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج إلا جعله الله من نعم الجنة، وبارك في نسله?.

فلما نفقت حفر لها أبو جعفر عليه السلام ودفنها.

اصبر علي الحق()

قال أبو جعفر عليه السلام: لما حضرت أبي علي بن الحسين عليه السلام الوفاة ضمني إلي صدره وقال:

يا بني، أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة، وبما ذكر أن أباه أوصاه به: يا بني، اصبر علي الحق وإن كان مراً.

أوصيكم بالآخرة()

عن علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام أنه قال يوماً لأصحابه:

إخواني، أوصيكم بدار الآخرة، ولا أوصيكم بدار الدنيا، فإنكم عليها حريصون، وبها متمسكون.

أما بلغكم ما قال عيسي ابن مريم عليه السلام للحواريين؟

قال لهم: الدنيا قنطرة، فاعبروها ولا تعمروها.

وقال: أيكم يبني علي موج البحر داراً، تلكم الدار الدنيا، فلا تتخذوها قراراً.

اتقوا الكذب()

كان علي بن الحسين عليه السلام يقول لولده:

اتقوا الكذب الصغير منه والكبير، في كل جد وهزل، فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ علي الكبير، أما علمتم أن رسول الله صلواة الله عليه و اله قال:

?ما يزال العبد يصدق حتي يكتبه الله صديقاً، وما يزال العبد يكذب حتي يكتبه الله كذاباً?.

جالسوا المتدينين()

جالسوا أهل الدين والمعرفة، فإن لم تقدروا عليهم فالوحدة آنس وأسلم، فإن أبيتم إلا مجالسة الناس، فجالسوا أهل المروات؛ فإنهم لا يرفثون في مجالسهم.

خمسة فلا تصاحبهم()

يا بني، انظر خمسة فلا تصاحبهم، ولا تحادثهم، ولا ترافقهم في طريق.

فقال: يا أبه من هم، عرفنيهم؟

قال: إياك ومصاحبة الكذاب، فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد، ويبعد لك القريب.

وإياك ومصاحبة الفاسق، فإنه بايعك بأكلة أو أقل من ذلك.

وإياك ومصاحبة البخيل، فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه.

وإياك ومصاحبة الأحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.

وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه، فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع:

قال الله عزوجل: ?فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ ? أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ?()،إلي آخر الآية.

وقال عزوجل: ?الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ ويَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ويُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ ولَهُمْ سُوءُ

الدَّارِ?().

وقال في البقرة: ?الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ ويَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ويُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ?().

احذر مصاحبة الأحمق()

أردت سفراً فأوصاني أبي علي بن الحسين عليهما السلام فقال في وصيته:

إياك يا بني أن تصاحب الأحمق أو تخالطه، واهجره ولا تحادثه، فإن الأحمق هجنة() غائباً كان أو حاضراً، إن تكلم فضحه حمقه، وإن سكت قصر به عيه، وإن عمل أفسد، وإن استرعي أضاع، لا علمه من نفسه يغنيه، ولا علم غيره ينفعه، ولايطيع ناصحه، ولا يستريح مقارنه، تود أمه أنها ثكلته، وامرأته أنها فقدته، وجاره بعد داره، وجليسه الوحدة من مجالسته، إن كان أصغر من في المجلس أعني من فوقه، وإن كان أكبرهم أفسد من دونه.

متفرقات

نعمة ونقمة()

سئل زين العابدين عليه السلام عن الطاعون: أنبرأ ممن يلحقه فإنه معذب؟ فقال عليه السلام:

إن كان عاصياً فابرأ منه طعن أو لم يطعن، وإن كان لله عزوجل مطيعاً، فإن الطاعون مما تمحص به ذنوبه، إن الله عزوجل عذب به قوماً ويرحم به آخرين، واسعة قدرته لما يشاء، أما ترون أنه جعل الشمس ضياءً لعباده، ومنضجاً لثمارهم، ومبلغا لأقواتهم؟ وقد يعذب بها قوماً يبتليهم بحرها يوم القيامة بذنوبهم، وفي الدنيا بسوء أعمالهم.

حرز الليل والنهار()

روي أنه لما حمل علي بن الحسين عليه السلام إلي يزيد (عليه اللعنة) هم بضرب عنقه، فوقفه بين يديه وهو يكلمه ليستنطقه بكلمة يوجب بها قتله، وعلي عليه السلام يجيبه حسب ما يكلمه، وفي يده سبحة صغيرة يديرها بأصابعه وهو يتكلم، فقال له يزيد: أنا أكلمك وأنت تجيبني وتدير أصابعك بسبحة في يدك! فكيف يجوز ذلك؟ فقال عليه السلام:

حدثني أبي عليه السلام عن جدي صلوات الله عليه، أنه كان إذا صلي الغداة وانفتل، لا يتكلم حتي يأخذ سبحة بين يديه، فيقول:

?اللهم إني أصبحت أسبحك وأحمدك، وأهللك وأكبرك، وأمجدك بعدد ما أدير به سبحتي?.

ويأخذ السبحة في يده ويديرها، وهو يتكلم بما يريد من غير أن يتكلم بالتسبيح، وذكر أن ذلك محتسب له، وهو حرز إلي أن يأوي إلي فراشه، فإذا آوي إلي فراشه قال مثل ذلك القول، ووضع سبحته تحت رأسه، فهي محسوبة له من الوقت إلي الوقت، ففعلت هذا اقتداء بجدي صلوات الله عليه.

مع القائف()

إن رجلاً أتي علي بن الحسين عليه السلام وعنده أصحابه، فقال له: من أنت؟ قال: أنا فلان منجم وعراف. فنظر إليه وقال:

هل أدلك علي رجل قد مر منذ دخلت علينا في أربعة عشر ألف عام؟

قال: من هو؟

قال له: إن شئت أنبأتك بما أكلت وما ادخرت في بيتك.

قال: أنبأني.

قال: أكلت في هذا اليوم حيساً، ولك في بيتك عشرون ديناراً، منها ثلاثة دنانير دارية.

فقال الرجل: أشهد أنك الحجة العظمي، والمثل الأعلي، وكلمة التقوي.

فقال له: وأنت صديق امتحن الله قلبك.

الليلة الموعودة()

لما حضرت علي بن الحسين عليه السلام الوفاة قال لولده:

يا محمد أي ليلة هذه؟

قال: ليلة كذا.

قال: وكم مضي من الشهر؟

قال: كذا وكذا.

قال: وكم بقي؟

قال: كذا وكذا.

قال: إنها الليلة التي وعدتها.

قال: ودعا بوضوء وقال: إن فيه فارة … هاتوا المصباح، فنظروا فإذا فيه فارة، فأمر بذلك الماء فأهريق وأتوه بماء آخر ثم توضأ وصلي، حتي إذا كان آخر الليل توفي عليه السلام.

المؤمن عندما يغسل()

إن المؤمن ليقال لروحه وهو يغسّل: أيسرك أن ترد إلي الجسد الذي كنت فيه؟

فيقول: ما أصنع بالبلاء، والخسران، والغم.

استسقاء()

عن ثابت البناني قال: كنت حاجاً وجماعة عباد البصرة مثل: أيوب السجستاني، وصالح المروي، وعتبة الغلام، وحبيب الفارسي، ومالك بن دينار، فلما أن دخلنا مكة رأينا الماء ضيقاً، وقد اشتد بالناس العطش لقلة الغيث، ففزع إلينا أهل مكة والحجاج يسألوننا أن نستسقي لهم، فأتينا الكعبة وطفنا بها ثم سألنا الله خاضعين متضرعين بها، فمنعنا الإجابة، فبينما نحن كذلك إذا نحن بفتي قد أقبل، وقد أكربته أحزانه، وأقلقته أشجانه، فطاف بالكعبة أشواطاً، ثم أقبل علينا. فقال:

يا مالك بن دينار، ويا ثابت البناني، ويا أيوب السجستاني، ويا صالح المروي، ويا عتبة الغلام، ويا حبيب الفارسي، ويا سعد، ويا عمر، ويا صالح الأعمي، ويا زابعة، ويا سعدانة، ويا جعفر بن سليمان.

فقلنا: لبيك وسعديك يا فتي.

فقال: أما فيكم أحد يحبه الرحمن؟

فقلنا: يا فتي علينا الدعاء، وعليه الإجابة.

فقال: ابعدوا عن الكعبة، فلو كان فيكم أحد يحبه الرحمن لأجابه.

ثم أتي الكعبة فخر ساجداً، فسمعته يقول في سجوده: سيدي بحبك لي إلا سقيتهم الغيث.

قال: فما استتم الكلام حتي أتاهم الغيث كأفواه القرب.

فقلت: يا فتي، من أين علمت أنه يحبك؟

قال: لو لم يحبني لم يستزرني، فلما استزارني علمت أنه يحبني، فسألته بحبه لي فأجابني، ثم ولي عنا وأنشأ يقول:

معرفة الرب فذاك الشقي

من عرف الرب فلم تغنه

في طاعة الله وما ذا لقي

ما ضر في الطاعة ما ناله

والعز كل العز للمتقي

ما يصنع العبد بغير التقي

فقلت: يا أهل مكة، من هذا الفتي؟

قالوا: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

كعلم المسيح()

إن علي بن الحسين عليه السلام أُتي بعسل فشربه. فقال:

والله إني لأعلم من أين هذا العسل؟

وأين أرضه؟

وإنه ليمتار من قرية كذا وكذا.

المؤمن قبل موته()

ما من مؤمن تصيبه رفاهية في دولة الباطل إلا ابتلي قبل موته ببدنه، أو ماله، حتي يتوفر حظه في دولة الحق.

بناء الكعبة ()

لما هدم الحجاج الكعبة، فرق الناس ترابها، فلما صاروا إلي بنائها، فأرادوا أن يبنوها، خرجت عليهم حية، فمنعت الناس البناء حتي هربوا، فأتوا الحجاج فأخبروه، فخاف أن يكون قد منع بناءها، فصعد المنبر ثم نشد الناس وقال: أنشد الله عبداً عنده مما ابتلينا به علم لما أخبرنا به، قال: فقام إليه شيخ فقال: إن يكن عند أحد علم، فعند رجل رأيته جاء إلي الكعبة، فأخذ مقدارها ثم مضي، فقال الحجاج: من هو؟ قال: علي بن الحسين عليه السلام، فقال: معدن ذلك، فبعث إلي علي بن الحسين صلوات الله عليهما، فأتاه فأخبره ما كان من منع الله إياه البناء. فقال له علي بن الحسين عليه السلام:

يا حجاج، عمدت إلي بناء إبراهيم وإسماعيل فألقيته في الطريق، وانتهبته كأنك تري أنه تراث لك، اصعد المنبر وانشد الناس أن لا يبقي أحد منهم أخذ منه شيئاً إلا رده.

قال: ففعل، فأنشد الناس أن لا يبقي منهم أحد عنده شي ء إلا رده.

قال: فردوه.

فلما رأي جمع التراب، أتي علي بن الحسين صلوات الله عليهما فوضع الأساس وأمرهم أن يحفروا.

قال: فتغيبت عنهم الحية، وحفروا حتي انتهوا إلي موضع القواعد، قال لهم علي بن الحسين عليه السلام: تنحوا، فتنحوا فدنا منها فغطاها بثوبه ثم بكي، ثم غطاها بالتراب بيد نفسه، ثم دعا الفَعَلة فقال: ضعوا بناءكم، فوضعوا البناء، فلما ارتفعت حيطانها، أمر بالتراب فقلب، فألقي في جوفه؛ فلذلك صار البيت مرتفعاً يصعد إليه بالدرج.

مع القصاصين()

رأي علي بن الحسين عليه السلام الحسن البصري عند الحجر الأسود يقص. فقال عليه السلام:

يا هناه أترضي نفسك للموت؟

قال: لا.

قال: فعلمك الحساب؟

قال: لا.

قال: فثم دار العمل؟

قال: لا.

قال: فلله في الأرض معاذ غير هذا البيت؟

قال: لا.

قال: فلم تشغل الناس عن الطواف؟

ثم مضي.

قال الحسن: ما دخل مسامعي مثل هذه الكلمات من أحد قط، أتعرفون هذا الرجل؟

قالوا: هذا زين العابدين عليه السلام.

فقال الحسن: ?ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ?().

مع ملك الروم()

كتب ملك الروم إلي عبد الملك: أكلت لحم الجمل الذي هرب عليه أبوك من المدينة، لأغزونك بجنود مائة ألف، ومائة ألف، ومائة ألف. فكتب عبد الملك إلي الحجاج أن يبعث إلي زين العابدين عليه السلام، ويتوعده ويكتب إليه ما يقول، ففعل، فقال علي بن الحسين عليه السلام:

إن لله لوحاً محفوظاً يلحظه في كل يوم ثلاثمائة لحظة، ليس منها لحظة إلا يحيي فيها ويميت، ويعز ويذل، ويفعل ما يشاء، وإني لأرجو أن يكفيك منها لحظة واحدة. فكتب بها الحجاج إلي عبد الملك، فكتب عبد الملك بذلك إلي ملك الروم. فلما قرأه قال: ما خرج هذا إلا من كلام النبوة.

إبليس وعامل الجهل()

كان عابد من بني إسرائيل، فقال إبليس لجنده: من له فإنه قد غمني.

فقال واحد منهم: أنا له.

فقال: في أي شيء؟

قال: أزين له الدنيا.

قال: لست بصاحبه.

قال الآخر: فأنا له.

قال: في أي شي ء؟

قال: في النساء.

قال: لست بصاحبه.

قال الثالث: أنا له.

قال: في أي شي ء؟

قال: في عبادته.

قال: أنت له.

فلما جنه الليل طرقه، فقال: ضيف، فأدخله، فمكث ليلته يصلي حتي أصبح، فمكث ثلاثاً يصلي ولا يأكل ولا يشرب.

فقال له العابد: يا عبد الله، ما رأيت مثلك.

فقال له: إنك لم تصب شيئاً من الذنوب، وأنت ضعيف العبادة.

قال: وما الذنوب التي أصيبها؟

قال: خذ أربعة دراهم، فتأتي فلانة البغية فتعطيها درهماً للحم، ودرهماً للشراب، ودرهماً لطيبها، ودرهماً لها فتقضي حاجتك منها.

قال: فنزل وأخذ أربعة دراهم، فأتي بابها.

فقال: يا فلانة، يا فلانة.

فخرجت فلما رأته، قالت: مفتون والله، مفتون والله.

قالت له: ما تريد؟

قال: خذي أربعة دراهم، فهيئي لي طعاماً وشراباً وطيباً وتعالي حتي آتيك.

فذهبت فدارت فإذا هي بقطعة من حمار ميت، فأخذته ثم عمدت إلي بول عتيق فجعلته في كوز، ثم جاءت به إليه.

فقال: هذا طعامك؟

قالت: نعم.

قال:

لا حاجة لي فيه، وهذا شرابك فلا حاجة لي فيه، اذهبي فتهيئي.

فتقذرت جهدها ثم جاءته، فلما شمها، قال: لا حاجة لي فيك.

فلما أصبحت كتب علي بابها: إن الله قد غفر لفلانة البغية، بفلان العابد.

بلاء الأعضاء()

نعم الوجع الحمي، تعطي كل عضو قسطه من البلاء، ولا خير فيمن لا يبتلي.

من عوامل المرض()

ما اختلج عرق ولا صدع مؤمن إلا بذنبه، وما يعفو الله عنه أكثر، وكان إذا رأي المريض قد برئ قال: ليهنئك الطهر من الذنوب، فاستأنف العمل.

أي الأعمال أفضل؟()

عن الزهري، قال: قلت: لعلي بن الحسين عليه السلام: أي الأعمال أفضل؟ قال:

الحال المرتَحِل.

قلت: وما الحال المرتحل؟

قال: فتح القرآن وختمه، كلما حل في أوله ارتحل في آخره.

وقال رسول الله صلواة الله عليه و اله: من أعطاه الله القرآن فرأي أن أحداً أعطي شيئاً أفضل مما أعطي، فقد صغر عظيماً، وعظم صغيراً.

حَمام الحرم()

عن علي بن الحسين عليه السلام أنه نظر إلي حمام مكة، فقال:

أ تدرون ما سبب كون هذا الحمام في الحرم؟

فقالوا: ما هو يا ابن رسول الله؟

فقال: كان في أول الزمان رجل له دار فيها نخلة، قد أوي إلي خرق في جذعها حمام، فإذا أفرخ صعد الرجل فأخذ فراخه فذبحها، فأقام بذلك دهراً طويلاً لا يبقي له نسل، فشكا ذلك الحمام إلي الله تعالي ما ناله من الرجل.

فقيل له: إنه إن رقي إليك بعد هذا فأخذ لك فرخاً صرع عن النخلة فمات.

فلما كبرت فراخ الحمام رقي إليها الرجل، ووقف الحمام ينظر إلي ما يصنع به، فلما توسط الجذع وقف سائل بالباب، فنزل فأعطاه شيئاً ثم ارتقي، فأخذ الفراخ ونزل بها فذبحها ولم يصبه شيء.

فقال الحمام: ما هذا يا رب؟

قيل له: إن الرجل تلافي نفسه بالصدقة فدفع عنه، وأنت فسوف يكثر الله نسلك، ويجعلك في بلد لا يهاج من نسلك فيه شيء إلي يوم القيامة، وأتي به إلي الحرم فجعل فيه.

ماء الفرات()

إن ملكاً يهبط كل ليلة معه ثلاث مثاقيل مسك من مسك الجنة، فيطرحها في الفرات، وما من نهر في مشرق ولا في مغرب أعظم بركة منه.

كربلاء من رياض الجنة ()

اتخذ الله أرض كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتخذها حرماً بأربعة وعشرين ألف عام، وأنه إذا زلزل الله تبارك وتعالي الأرض وسيرها رفعت كما هي بتربتها نورانية صافية، فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنة، وأفضل مسكن في الجنة، لا يسكنها إلا النبيون والمرسلون أو قال: أولو العزم من الرسل، وأنها لتزهر بين رياض الجنة، كما يزهر الكوكب الدري بين الكواكب لأهل الأرض، يغشي نورها أبصار أهل الجنة جميعاً، وهي تنادي: أنا أرض الله المقدسة الطيبة المباركة، التي تضمنت سيد الشهداء، وسيد شباب أهل الجنة عليه السلام.

مؤلفات آية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي رحمة الله عليه

(1-2) الاقتصاد/ ج1و2 (الاقتصاد العالمي، الاقتصاد الاسلامي): 320 صفحة من الحجم الكبير، طبع عدة مرات، الطبعة الأولي في العراق 1379ه / 1960م.

(3-5) خواطري عن القرآن/ ج1-3: الجزء الأول 527 صفحة، والجزء الثاني 563 صفحة، والجزء الثالث 594 صفحة، من الحجم الكبير، الطبعة الأولي: دار العلوم بيروت، لبنان، 1414ه / 1994م.

(6) الأدب الموجّه: طبع بحجم كبير، الطبعة الأولي، في بيروت، لبنان، 1385ه / 1965م.

(7) العمل الأدبي: 441 صفحة من الحجم الكبير، الطبعة الأولي، دار الصادق: بيروت، لبنان، 1387ه / 1967م.

(8) حديث رمضان: 264 صفحة من الحجم الكبير، طبع عدة مرات، الطبعة الأولي دار الصادق ودار صادر، بيروت، لبنان 1390ه / 1970م.

(9) التوجيه الديني: 264 صفحة من الحجم الكبير، الطبعة الأولي: المركز العلمي بيروت، لبنان، 1399ه / 1979م (خطب دينية أذيعت من إذاعة بغداد – العراق منذ العام 1382ه إلي 1385ه).

(10) إله الكون: الطبعة الأولي 1380ه –1960م طبع بحجم متوسط في النجف الأشرف، العراق.

(11) رسول الحياة صلي الله عليه و اله: طبع أولاً في العراق بحجم صغير، وثانياً طبع ضمن كتاب (التوجيه الديني).

(12) بحوث وقصائد

عن الإسلام والولاء: 124 صفحة من الحجم المتوسط، الطبعة الأولي: 1405ه (لجنة الاحتفالات التأبينية) دار الهدي، قم، إيران.

(13) بحوث وكلمات: 128 صفحة من الحجم المتوسط، الطبعة الأولي: 1402ه، اللجنة المشرفة علي احتفالات الذكري السنوية الثانية لاستشهاد المؤلف، قم، ايران.

(14) الشعائر الحسينية: 160 صفحة من الحجم المتوسط، طبع عدة مرات، الطبعة الأولي في العراق.

(15) حكم متنوعة: طبع بالحجم المتوسط في قم المقدسة، إيران.

(16) الصراع المرير: 32 صفحة من الحجم المتوسط، طبع عدة مرات.

(17) طغاة العراق: طبع في قم المقدسة، إيران، بالحجم الصغير.

(18) عراق البعث: طبع في قم المقدسة، إيران، بالحجم المتوسط.

(19) ميلاد القيادة الإسلامية: طبع عدة مرات، منها: طبع ضمن كتاب (حضارة في رجل) ص 179-185 ط الخامسة 1408ه 1988م،دار الشهيد، بيروت لبنان.

(20) من حديث الولاء: 112 صفحة من الحجم المتوسط، طبع في قم المقدسة.

(21) من حقول التأمل: طبع في قم المقدسة، إيران بالحجم المتوسط.

(22) منابع الكلمة: 73 صفحة من الحجم الجيبي، الطبعة الأولي 1405ه / 1985م مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان.

(23) الطغاة: 106 صفحات من الحجم الجيبي، الطبعة الأولي 1405ه / 1985م مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان.

(24) الاشتقاق: 97 صفحة من الحجم المتوسط طبع عدة مرات، الطبعة الأولي في النجف الأشرف، العراق.

(25) عاشوراء: 46 صفحة من الحجم المتوسط، الطبعة الأولي: 1403ه دار القرآن الحكيم، قم المقدسة، إيران.

(26) النصير الأول للإسلام: طبع عدة مرات، ومنها عام 1382ه في العراق (طبع ضمن كتاب المهرجان العالمي بمولد بطل الإسلام الإمام أمير المؤمنين عليهما السلام).

(27) بطل الإسلام الخالد: طبع عدة مرات، ومنها عام 1400 ه في قم المقدسة، إيران (طبع ضمن كتاب: مواقف بطولية).

(28) موقف الإسلام الفاصل: طبع عدة مرات، ومنها عام 1400ه في قم المقدسة، إيران (طبع ضمن كتاب: مواقف

بطولية).

(29) إنجازات الرسول صلي الله عليه و اله: 40 صفحة من الحجم المتوسط، طبع عدة مرات، الأولي: لبنان علي حساب مجلة العرفان البيروتية، والطبعة الثانية 1418ه، لندن، إنكلترا.

(30) جذور الشرق: 144 صفحة من الحجم الجيبي، الطبعة الأولي: 1405ه / 1985م مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان.

(31) رسالة الصاروخ: 40 صفحة من الحجم الجيبي، الطبعة الأولي: 1405ه / 1985م مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان.

(32) قلت اعمل: 40 صفحة من الحجم الجيبي، الطبعة الأولي: 1405ه / 1985م مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان.

(33) أنا عندي: 43 صفحة من الحجم الجيبي، الطبعة الأولي: 1405ه / 1985م مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان.

(34) مقدمات: 158 صفحة من الحجم الكبير، الطبعة الأولي: 1409ه / 1989م دار العلوم، بيروت، لبنان.

(35) نهج البلاغة ميناء الإنسانية المعذّبة: 26 صفحة من الحجم المتوسط، الطبعة الأولي 1417ه، لندن، إنكلترا.

(36) مسند الإمام موسي بن جعفر عليهما السلام: 83 صفحة من الحجم المتوسط (كتب له مقدمة في 15 صفحة مع تعليقات قيمة علي الأحاديث الشريفة) الطبعة الأولي: 1401ه / 1981م، مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان.

(37) قصة البدء: 63 صفحة من الحجم الجيبي، الطبعة الأولي: 1419ه / 1999م مركز الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله بيروت، لبنان

(38) أنت المظفر: 32 صفحة من الحجم الجيبي، الطبعة الأولي: 1419ه / 1999م مركز الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله بيروت، لبنان

(39) أنا وأنت: 32 صفحة من الحجم الجيبي، الطبعة الأولي: 1419ه / 1999م مركز الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله بيروت، لبنان

(40) يا طموحي: 95 صفحة من الحجم الجيبي، الطبعة الأولي: 1419ه / 1999م مركز الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله بيروت، لبنان

(41) كلمة الله: 633 صفحة من الحجم الكبير، طبع عدة مرات، الطبعة الأولي:

1386ه / 1966م، بيروت، لبنان.

(42) كلمة الإسلام: 232 صفحة من الحجم الكبير، طبع عدة مرات، الطبعة الثانية: 1400ه / 1980م، قم المقدسة، إيران. (43) كلمة الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله: 464 صفحة من الحجم الكبير، طبع عدة مرات، الطبعة الأولي 1384ه / 1964م، بيروت، لبنان.

(44-45) كلمة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ج1و2: مخطوط.

(46) كلمة فاطمة الزهراء عليها السلام: 344 صفحة من الحجم الكبير، طبع في لبنان والكويت، الطبعة الأولي: 1421ه / 2000م، دار العلوم بيروت، لبنان.

(47) كلمة الإمام الحسن عليه السلام: 256 صفحة من الحجم الكبير، طبع عدة مرات، الطبعة الرابعة: 1403ه / 1983م، مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان.

(48) كلمة الإمام الحسين عليه السلام: 320 صفحة، طبع في الكويت ولبنان، الطبعة الأولي: 1420ه / 1999م، ديوانية الإمام الشيرازي، الكويت.

(49) كلمة الإمام السجاد عليه السلام: جاهز للطبع.

(50-51) كلمة الإمام الباقر عليه السلام ج1و2: مطبوع، هيئة محمد الأمين صلي الله عليه و اله.

(52-55) كلمة الإمام الصادق عليه السلام ج1-4: مطبوع، هيئة محمد الأمين صلي الله عليه و اله.

(56) كلمة الإمام الكاظم عليه السلام: 352 صفحة من الحجم الكبير، الطبعة الأولي: 1421ه / 2000م، هيئة محمد الأمين صلي الله عليه و اله / الكويت.

(57) كلمة الإمام الرضا عليه السلام: 484 صفحة من الحجم الكبير، الطبعة الأولي: 1419ه / 1999م، ديوانية الإمام الشيرازي، الكويت.

(58) كلمة الإمام الجواد عليه السلام: 160 صفحة من الحجم الكبير، الطبعة الأولي: 1419ه / 1999م، مركز الرسول الأعظم? بيروت، لبنان.

(59) كلمة الإمام الهادي عليه السلام: مطبوع، هيئة محمد الأمين صلي الله عليه و اله.

(60) كلمة الإمام العسكري عليه السلام: 319 صفحة من الحجم الكبير، الطبعة الثانية: 1421ه / 2000م، هيئة

محمد الأمين ? - الكويت.

(61) كلمة الإمام المهدي عليه السلام: 592 صفحة من الحجم الكبير، طبع عدة مرات في إيران ولبنان، الطبعة الثانية 1403ه / 1983م، مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان.

(62) كلمة السيدة زينب عليها السلام وربيبات الرسالة: 216 صفحة من الحجم الكبير، طبع في لبنان والكويت، الطبعة الأولي 1419ه / 1998م، مؤسسة السيدة زينب عليها السلام، بيروت، لبنان.

(63) كلمة الأنبياء والحكماء عليهم السلام: مطبوع.

(64-65): كلمة الأصحاب/ج1و2: مطبوع.

(66) الإسلام أمل الشعوب.

(67) لا سلام إلا في الإسلام.

(68-69) حياة الإمام الحسن المجتبي عليه السلام ج1 و2: مخطوط، وقد صودرت النسخة الأصلية من قبل طغاة العراق.

(70) لا يا حكام الحرمين: مخطوط، وقد صودرت النسخة الأصلية من قبل طغاة العراق.

(71) تقريرات بحث الخارج (في الحوزة العلمية الزينبية): مخطوط.

(72) ميلاد القرآن وثورة الإسلام: طبع ضمن كتاب (حضارة في رجل) الصفحة 185، 192، الطبعة الخامسة 1408ه / 1988م، دار الشهيد بيروت، لبنان (وهو عنوان قصيدة ألقاها الشهيد في الكويت، بعد أيام من نكسة حزيران 1967م، بمناسبة ذكري ميلاد منقذ البشرية رسول الإسلام محمد صلي الله عليه و اله عام 1387ه).

(73) شعاع من الكعبة: 96 صفحة من الحجم الرقعي، مطبوع.

(74) تفجر البراكين: 64 صفحة من الحجم الرقعي، مطبوع.

(75) رعشات مذعورة: 48 صفحة من الحجم الجيبي، مطبوع.

(76) أين الإنسان: 31 صفحة من الحجم الجيبي، مطبوع.

(77) نحن والقراصنة: 32 صفحة من الحجم الجيبي، مطبوع.

(78) مناجاة: 32 صفحة من الحجم الجيبي، الطبعة الأولي 1420ه / 1999م، ديوانية الإمام الشيرازي، الكويت.

(79) ديوان الشهيد الشيرازي رحمة الله عليه: مخطوط.

(80) أطروحة من أجل إنقاذ فلسطين / كتبها في كراس وقدمها إلي الرئيس العراقي في وقته عبد الرحمن عارف عام 1963 م، وذلك إتماماً للحجة.

پي نوشتها

() سورة الفتح: 29.

() سورة

الحج: 38.

() سورة الحاقة: 27.

() سورة إبراهيم: 15.

() علل الشرائع: ج1 ص119 ب98 ح2: أخبرني علي بن حاتم قال: حدثنا القاسم بن محمد قال: حدثنا حمدان بن الحسين، عن الحسين بن الوليد، عن عبد الله بن سنان …

() معاني الأخبار: ص7 ح3 باب معني الصمد.

() التوحيد: ص283- 284 ب40 ح2: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمة الله عليه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، رفعه قال: …

() سورة الإخلاص: 1-2.

() سورة الحديد: 1-6.

() علل الشرائع: ج1 ص132- 133 ب113 ح1: حدثنا محمد بن محمد بن عصام رحمة الله عليه قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد التميمي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد …

() سورة الأنعام: 160.

() سورة ق: 29.

() سورة الصافات: 99.

() سورة طه: 84.

() سورة الذاريات: 50.

() سورة المعارج: 4.

() سورة النساء: 158.

() سورة فاطر: 10.

() الكافي: ج3 ص163 باب الأسعار ح3: حدثنا محمد بن يحيي، عن محمد بن أحمد، عن العباس بن معروف، عن الحجال، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام، قال: …

() روضة الواعظين: ج1 ص47: روي جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام أنه قال: …

() سورة الحجر: 21.

() سورة الأعلي: 1.

() تفسير القمي: ج2 ص14-16، والكافي: ج8 ص83 باب حديث البحر مع الشمس ح41،ومن لايحضره الفقيه: ج1 ص539-540 باب صلاة الكسوف ح1506: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان [سيار

خ ل]، عن معروف بن خربوذ، عن الحكم بن المستنير، عن علي ابن الحسين عليهما السلام، قال: …

() تحف العقول: ص283 وروي عنه عليهما السلام في قصار هذه المعاني، قال عليهما السلام: …

() علل الشرائع: ج1 ص45 ب41 ح1: حدثنا محمد بن موسي بن المتوكل رحمة الله عليه قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية …

() سورة يوسف: 8-9.

() سورة يوسف: 11-12.

() سورة يوسف: 13.

() سورة يوسف: 10.

() سورة يوسف: 17.

() سورة يوسف: 18.

() سورة يوسف: 19.

() سورة يوسف: 21.

() سورة يوسف: 25.

() سورة يوسف: 28.

() سورة يوسف: 29.

() سورة يوسف: 31.

() سورة يوسف: 33.

() الكافي: ج6 ص225-226 باب القنبرة ح4: محمد بن الحسن وعلي بن إبراهيم الهاشمي، عن بعض أصحابنا، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن أبي الحسن الرضا عليهما السلام قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام:

() الخرائج والجرائح: ج2 ص583-584 ب14 فصل في أعلام الإمام علي بن الحسين عليهما السلام ح1: …

() علل الشرائع: ج1 ص131 ب112 ح1: حدثنا محمد بن أحمد بن السناني، وعلي بن أحمد بن محمد الدقاق، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب، وعلي بن عبد الله الوراق ? قالوا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي، عن موسي بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم عن أبيه …

() سورة النجم: 8-9.

() بحار الأنوار: ج7 ص175 ب8 ح5: عن بشارة المصطفي: أبو البركات عمر بن إبراهيم الحسيني، عن سعيد بن محمد الثقفي، عن محمد بن علي العلوي، عن محمد بن الحسين السلمي، عن علي بن العباس،

عن عباد بن يعقوب، عن يونس بن أبي يعقوب، عن رجل، عن علي بن الحسين عليهما السلام، أن رجلا سأله عن القيامة، فقال: …

() تفسير العياشي: ج2 ص110 من سورة البراءة ح127: عن محمد بن حسان الكوفي، عن محمد بن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: …

() سورة التوبة: 105.

() تفسير العياشي: ج2 ص96-97 من سورة البراءة ح88: عن ثوير عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() سورة التوبة: 72.

() إقبال الأعمال: ص710 ب9 فصل فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليهما السلام ليلة النصف من شعبان: بالإسناد إلي محمد بن أحمد بن داود القمي، بإسناده إلي الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() أمالي الشيخ الطوسي: ج2 ص446 المجلس السادس عشر ح996: عن جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيي بن صفوان الإمام بأنطاكية، قال: حدثنا محفوظ بن بحر، قال: حدثنا الهيثم بن جميل، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن حكيم بن جبير …

() سورة البقرة: 207.

() الكافي: ج8 ص338-339 حديث إسلام علي عليهما السلام ح 536: عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة …

() كمال الدين: ج1 ص318-319 ب31 ح1: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيي العطار رحمة الله عليه قال: حدثنا أبي، عن محمد بن أحمد بن يحيي بن عمران الأشعري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن الحسن، عن أبي سعيد العصفري، عن عمرو بن ثابت، عن أبي حمزة قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() الكافي: ج5 ص33 ح3: الحسين بن محمد الأشعري، عن معلي بن محمد، عن

الوشاء، عن أبان بن عثمان …

() تفسير العياشي: ج2 ص76 من سورة البراءة ح12: عن حكيم بن الحسين، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() سورة التوبة: 3.

() الوضح: البرص.

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص132 فصل في معجزاته عليهما السلام: أبو الفضل الشيباني في أماليه، وأبو إسحاق العدل الطبري في مناقبه …

() تفسير الإمام العسكري عليهما السلام: ص595-596 في عقاب من كتم شيئاً من فضائلهم عليهم السلام ح355: …

() سورة البقرة: 179.

() أمالي الصدوق: ص462-463 المجلس 70 ح10: حدثنا أبو علي أحمد بن زياد الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسي بن عبيد اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن أسباط، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن ثابت بن أبي صفية قال: …

() بصائر الدرجات: ص38 ب19 ح2: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا عليهما السلام قال: سمعته يقول: قال علي بن الحسين عليهما السلام: …

() سورة النحل: 43.

() تفسير فرات الكوفي: ص283-284 ومن سورة النور ح 384: قال علي بن الحسين عليهما السلام: …

() سورة النور: 35.

() تأويل الآيات الظاهرة: ص316-317 سورة طه وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة: قال محمد بن العباس رحمة الله عليه: حدثنا عبد العزيز بن يحيي، عن محمد بن عبد الرحمن بن سلام، عن كثير، عن عبد الله بن عيسي بن مصقلة القمي، عن زرارة بن أعين …

() سورة طه: 132.

() سورة الأحزاب: 33.

() بصائر الدرجات: ص 171ب3 ح2: حدثنا أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي …

() بصائر الدرجات: ص118-119 ب3 ح1: حدثنا

عبد الله بن عامر، عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال: كتب أبو الحسن الرضا عليهما السلام رسالة وأقرأنيها قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: …

() سورة الشوري: 13.

() كامل الزيارات: ص260-266 ب88 ح1: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عياش قال: حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه قال: حدثني أبو عيسي عبيد الله بن الفضل بن محمد بن هلال الطائي البصري رحمة الله عليه قال: حدثني أبو عثمان سعيد بن محمد قال: حدثنا محمد بن سلام بن يسار الكوفي قال: حدثني أحمد بن محمد الواسطي قال: حدثني عيسي بن أبي شيبة القاضي قال: حدثني نوح بن دراج قال: حدثني قدامة بن زائدة، عن أبيه قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: …

() العس، بالضم والعين المهملة المشددة: القدح الكبير.

() تفسير العياشي: ج2 ص65 من سورة الأنفال ح70: عن عمرو بن أبي مقدام، عن أبيه، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() القليب: البئر قبل أن تطوي.

() نكص عن الأمر: أحجم عنه.

() سورة الأنفال: 48.

() روضة الواعظين: ج1 ص81 مجلس في ذكر مولد أمير المؤمنين علي عليهما السلام: روي محمد بن الفضيل الدروقي، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() بحار الأنوار: ج35 ص115 ب3 ح52: عن فخار بن معد الموسوي في كتابه قال: بالإسناد عن أبي علي الموضح قال: تواترت الأخبار بهذه الرواية وبغيرها …

() أمالي الصدوق: ص 455 المجلس التاسع والستون ح3: حدثنا محمد بن القسم الأسترآبادي قال: حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا أبو يحيي محمد بن عبد الله بن يزيد القمي قال: حدثنا سفيان بن عيينة …

() بصائر الدرجات: ص343

ب14 ح9: حدثنا محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن صالح …

() بشارة المصطفي: ص2-3: أخبرنا محمد بن أحمد بن شهريار الخازن، عن حمزة بن محمد بن يعقوب الدهان، عن أحمد بن محمد الجواليقي، عن محمد بن أحمد بن الوليد، عن سعدان، عن علي، عن حسين بن نصر، عن أبيه، عن الصباح المزني، عن أبي حمزة الثمالي، عمن حدثه، عن أبي رزين، عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص156 فصل في زهده عليهما السلام: أنشد الإمام زين العابدين عليهما السلام: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص169-172 فصل في سيادته عليهما السلام، والاختصاص: ص191-194، والحلية والأغاني وغيرهما: …

() الاحتجاج: ج2 ص318 احتجاجه عليهما السلام في أشياء شتي من علوم الدين: عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي خالد الكابلي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() كمال الدين: ص323 ب31 ح7، ودعوات الرواندي: ص274 ب4 فصل في دفن الميت وتلقينه ح787: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن بسطام بن مرة، عن عمرو بن ثابت قال: قال علي بن الحسين سيد العابدين عليهما السلام: …

() الاختصاص: ص24-25 حديث الغار، والكافي: ج2 ص2 باب طينة المؤمن والكافر ح1: أبان بن تغلب، عن ربعي، عن رجل، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() المحاسن: ص182-183 ب44 ح181: أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن ابن فضال، عن ابن مسكان، عمن حدثه، عن أبي جعفر عليهما السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() بشارة المصطفي: ص157-158: عن محمد

بن علي بن عبد الصمد، عن أبيه، عن جده، عن أحمد ابن محمد بن عباد الرازي، عن محمد بن أحمد المدائني، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، …

() صفات الشيعة: ص28-29 ح40: أبي رحمة الله عليه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مهران، عن حمران بن أعين …

() أي: ورّمت العبادة وجوههم.

() تفسير فرات الكوفي: ص153-154 ومن سورة الأنفال ح191: حدثني جعفر بن محمد بن هشام معنعناً …

() سورة الأنفال: 41.

() أعلام الدين: ص300 من كلام علي بن الحسين عليهما السلام: …

() التوحيد: ص366-367 ب60 ح4: أبي رحمة الله عليه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال:

() تفسير العياشي: ج2 ص236-237 من سورة إبراهيم ح52: عن ثوير بن أبي فاختة، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() سورة إبراهيم: 48.

() تفسير القمي: ج2 ص252-253 كيفية نفخ الصور: قوله تعالي: ?وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلاَ مَنْ شَاء اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَي فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ? (سورة الزمر: 68) فإنه حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان الأحول، عن سلام بن المستنير …

() سورة الطور: 9-10.

() سورة غافر: 16.

() سورة غافر: 16.

() تفسير القمي: ج2 ص29 نزول إسرافيل علي رسول الله صلي الله عليه و اله: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، يرفعه إلي علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() سورة الإسراء: 97.

() معاني الأخبار: ص132 باب معني عصمة الإمام: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المنقري قال:

حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر المقري الجرجاني قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي قال: حدثنا محمد بن عاصم الطريفي قال: حدثنا عباس بن يزيد الحسن الكحال مولي زيد بن علي قال: حدثني أبي، قال: حدثني موسي بن جعفر عليه السلام، عن أبيه جعفر بن محمد عليه السلام، عن أبيه محمد بن علي عليه السلام، عن أبيه علي بن الحسين عليه السلام قال: …

() سورة الإسراء: 9.

() المحاسن: ج1 ص153 ب21 ح76: أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن حمزة بن عبد الله الجعفري، عن جميل بن دراج، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: …

() تأويل الآيات الظاهرة: ص123 سورة آل عمران وما فيها من الآيات البينات: روي الشيخ المفيد في كتاب الغيبة عن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن جده قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: …

() سورة آل عمران: 103.

() كفاية الأثر: ص236-237 باب ما جاء عن علي بن الحسين عليهما السلام ما يوافق هذه الأخبار: حدثنا أبو عبد الله الحسن بن علي رحمة الله عليه، عن هارون بن موسي، عن الحسين بن حمدان، عن عثمان بن سعيد، عن أبي عبد الله محمد بن مهران، عن محمد بن إسماعيل الحسني، عن خالد بن المفلس، عن نعيم بن جعفر، عن أبي حمزة الثمالي …

() أمالي الشيخ الطوسي: ص499-501 المجلس الثامن عشر ح1095: ابن الشيخ عن والده قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، عن عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي، عن محمد بن علي بن حمزة العلوي، عن أبيه، عن الحسين بن زيد بن علي، قال:

سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام عن سن جدنا علي بن الحسين عليهما السلام، فقال: أخبرني أبي، عن أبيه علي بن الحسين عليهما السلام، قال: …

() معاني الأخبار: ص55-56 باب معاني أسماء محمد وعلي وفاطمة ح3: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيي بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا أبو محمد تميم بن بهلول، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: …

() أمالي الشيخ الطوسي: ص104 المجلس الرابع ح160: حدثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي رحمة الله عليه قال: حدثنا الشيخ الوالد رحمة الله عليه قال: أخبرنا محمد بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن معروف، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: …

() معاني الأخبار: ص396-397 باب نوادر المعاني ح53: حدثنا محمد بن موسي بن المتوكل رحمة الله عليه قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن سدير الصيرفي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: …

() سورة الروم: 4-5.

() كفاية الأثر: ص241-243 باب ما جاء عن علي بن الحسين عليهما السلام ما يوافق هذه الأخبار: حدثنا الحسين بن

علي، عن محمد بن الحسين البزوفري، عن محمد بن علي بن معمر، عن عبد الله بن معبد، عن محمد بن علي بن طريف الحجري، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن معمر …

() أمالي الشيخ المفيد: ص45 المجلس السادس ح5: قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمة الله عليه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان، عن بشير الكناسي …

() كمال الدين: ج1 ص321-322 ب31 ح3: حدثنا علي بن موسي بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: حدثنا محمد بن همام، عن أحمد بن محمد النوفلي، عن أحمد بن هلال، عن عثمان بن عيسي الكلابي، عن خالد بن نجيح، عن حمزة بن حمران، عن أبيه حمران بن أعين، عن سعيد بن جبير قال: سمعت سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() بحار الأنوار: ج54 ص202 ب1 تحقيق في دفع شبهة ح146: عن كتاب أبي سعيد عباد العصفري، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي حمزة، قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() مشارق أنوار اليقين: ص41: عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ص89 في من شك أن الحق لعلي عليهما السلام ح48:

() أعلام الدين: ص299 من كلام علي بن الحسين عليهما السلام: قال علي بن الحسين عليهما السلام: …

() الخصال: ج2 ص518 ذكر ثلاث وعشرين خصلة ح4:

عن محمد بن زياد الأزدي، عن حمزة بن حمران، عن أبيه حمران بن أعين، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال: …

() بحار الأنوار: ج1 ص180-181 ب1 ح68: عن أمالي الشيخ الطوسي: قال رسول الله صلي الله عليه و اله:

() سورة آل عمران: 18.

() منية المريد: ص110-111 ف3: عن زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام: …

() الخصال: ج1 ص18 لا حسب إلا بخصلة ولا كرم إلا بخصلة ح62: حدثنا محمد بن موسي بن المتوكل رحمة الله عليه قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() تفسير الإمام العسكري: ص348-349 في أن المسكين الحقيقي مساكين الشيعة ح232: …

() الكافي: ج1 ص38 باب فقد العلماء ح6: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عمن ذكره، عن جابر، عن أبي جعفر عليهما السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() سورة الرعد: 41.

() منية المريد: ص146 ب1 النوع الأول ق1 الأمر الثاني: جاء رجل إلي علي بن الحسين عليهما السلام فسأله عن مسائل فأجاب، ثم عاد ليسأل مثلها، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: …

() أمالي الشيخ الطوسي: ص625 مجلس30 ح1291: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي ابن الحسن الطوسي ? قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد العلوي الحسني، قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم بن النضر أبو نصر الصيداوي، قال: حدثنا حماد بن عثمان، عن حمران بن أعين، قال: سمعت

علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() بحار الأنوار: ج2 ص162 ب21 ح22: عن رجال الكشي، علي بن محمد بن قتيبة، عن جعفر بن أحمد، عن محمد بن خالد أظنه البرقي، عن محمد بن سنان عن أبي الجارود …

() الاختصاص: ص285 حديث في زيارة المؤمن لله: أحمد بن محمد بن عيسي، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، ومحمد بن عبد الجبار (جميعاً) عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() بصائر الدرجات: ص12 ب7 ح2: حدثنا الهيثم النهدي الكوفي، عن الحسن بن علي، عن ابن هراسة الشيباني …

() بصائر الدرجات: ص341-342 ب14 ح2، والاختصاص: ص292 حديث في زيارة المؤمن لله، ومناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص132-133 فصل في معجزاته عليهما السلام: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية …

() سورة النمل: 16.

() بصائر الدرجات: ص347 ب15ح2، والاختصاص: ص294-295 حديث في زيارة المؤمن لله، ودلائل الإمامة: ص88-89 ذكر شيء من معجزاته عليهما السلام: حدثنا محمد بن الحسين، عن العباس بن معروف، عن أبي القاسم الكوفي، عن محمد بن الحسن بن محمد بن عمران، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي بصير …

() بحار الأنوار: ج46 ص26 ب3 ح11، عن الاختصاص: عبد الله بن محمد، عن محمد بن إبراهيم، عن بشير وإبراهيم ابني محمد، عن أبيهما …

() الخصال: ج1 ص260 لم تبهم البهائم عن أربعة ح136: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن

الحسين عليهما السلام أنه كان يقول: …

() عدة الداعي: ص285 ب6: روي حفص بن غياث، عن الزهري قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() عيون أخبار الرضا عليهما السلام: ج2 ص45 ب31 ح164: حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمرو الرود في داره قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله النيسابوري، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة، عن أبيه، عن الرضا عليه السلام، عن آبائه ?، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() الكافي: ج2 ص69-70 باب الخوف والرجاء ح8: علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() الكافي: ج2 ص308 باب العصبية ح5: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان بن مهران، عن عامر بن السمط، عن حبيب بن أبي ثابت، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال:

() تفسير فرات الكوفي: ص565 ومن سورة الليل ح725: قال أبو القاسم العلوي: حدثنا فرات بن إبراهيم الكوفي معنعناً عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() سور ة الليل: 1-3.

() وهي سورة الليل.

() أمالي الصدوق: ص105-107 المجلس22 ح4، والخصال: ج1 ص94-96 حديث الثلاثة نفر الذين حلفوا باللات والعزي ح41: حدثنا أبي رحمة الله عليه قال: حدثنا محمد بن معقل القرميسيني، عن جعفر الوراق، عن محمد بن الحسن الأشج، عن يحيي بن زيد بن علي، عن أبيه، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال:

() آلوا: أي حلفوا.

() الإرشاد: ج2 ص145-146 باب ذكر طرف من الأخبار لعلي بن الحسين عليهما السلام، وإعلام الوري: ص261 ب3 ف4: أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد،عن جده، عن محمد بن جعفر وغيره قالوا: …

() سورة آل عمران: 134.

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص163 فصل في كرمه وصبره وبكائه عليهما السلام: كافي الكليني ونزهة الأبصار، عن أبي مهدي: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص157 فصل في علمه وحلمه وتواضعه عليهما السلام، وإعلام الوري: ص261-262 ب3 ف4، والإرشاد: ص147 باب ذكر طرف من الأخبار لعلي بن الحسين عليهما السلام: …

() الإرشاد: ج2 ص149 باب ذكر طرف من الأخبار لعلي بن الحسين عليهما السلام، ومناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص163-164 فصل في كرمه وصبره وبكائه عليهما السلام: أخبرني الحسن بن محمد، عن جده، عن أبي نصر، عن محمد بن علي بن عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن هارون، عن عمرو بن دينار قال: …

() بحار الأنوار: ج46 ص67 ب5 ح34: عن دعوات الراوندي، عن الباقر عليهما السلام قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: …

() أمالي الصدوق: ص201 المجلس 36 ح12، ومناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص157-158 فصل في علمه وحلمه وتواضعه عليهما السلام، والإرشاد: ج2 ص146-147 باب ذكر طرف من الأخبار لعلي بن الحسين عليهما السلام: حدثنا الحسين بن محمد بن يحيي العلوي، عن يحيي بن الحسين بن جعفر، عن شيخ من أهل اليمن يقال له: عبد الله بن محمد، قال سمعت عبد الرزاق يقول: …

() سورة آل عمران: 134.

() الإرشاد: ج2 ص144 باب ذكر طرف من الأخبار لعلي بن الحسين عليهما السلام: أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده،

عن أحمد بن محمد الرافعي، عن إبراهيم بن علي، عن أبيه قال: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص154 فصل في زهده عليهما السلام.

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص163 فصل في كرمه وصبره وبكائه عليهما السلام …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص164 فصل في كرمه وصبره وبكائه عليهما السلام، والكافي: ج5 ص97 باب قضاء الدين ح7: عيسي بن عبد الله، قال: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص165 فصل في كرمه وصبره وبكائه عليهما السلام: قال: إبراهيم بن سعيد: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص157-158 فصل في علمه وحلمه وتواضعه عليهما السلام …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص158 فصل في علمه وحلمه وتواضعه عليهما السلام …

() كشف الغمة: ج2 ص76 وأما مناقبه ومزاياه وصفاته: …

() كشف الغمة: ج2 ص108 وثبتت له الإمامة من وجوه …

() سورة المؤمنون: 101.

() سورة الأنبياء: 28.

() إشارة إلي الآية: ?إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ?، سورة الأعراف: 56.

() الكافي: ج2 ص15 باب كراهية رد السائل ح4: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب الأسدي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب قال: …

() الاحتجاج: ج2 ص313-314 احتجاجه عليهما السلام في أشياء شتي من علوم الدين …

() الكافي: ج8 ص332 حديث الفقهاء والعلماء ح514: حميد بن زياد، عن عبيد الله الدهقان، عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمد بن زياد بياع السابري، عن أبان، عن فضيل وعبيد، عن أبي عبد الله عليهما السلام قال: …

() كشف الغمة: ج2 ص80 وأما مناقبه ومزاياه وصفاته …

() السفود: حديدة يشوي عليها اللحم، جمع سفافيد.

() أمالي الصدوق: ص493-494 المجلس 74 ح12: حدثنا جعفر

بن محمد بن مسرور، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: …

() الخصال: ج1 ص269 علامات المؤمن خمس ح4: حدثنا عبد الله بن النضر بن سمعان التميمي، عن جعفر بن محمد المكي، عن عبد الله بن محمد عمر الخراني، عن صالح بن زياد، عن أبي عثمان عبد بن ميمون السكوني، عن عبد الله بن معن الأزدي، عن عمران بن سليمان …

() أمالي الشيخ الطوسي: ص73 المجلس3 ح15، والمحاسن: ج1 ص8 باب الأربعة ح21، والخصال: ج1 ص222 أربع خصال من كن فيه ح50: ابن الشيخ الطوسي، عن شيخه، عن والده قال: أخبرنا محمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة الثمالي …

() الكافي: ج2 ص240 باب المؤمن وعلاماته وصفاته ح34: عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، عن أبي عبد الله عليهما السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() بحار الأنوار: ج67 ص311 ب 58 ح10: عن تفسير القمي، أبي، عن الأصبهاني، عن المنقري، رفعه قال: …

() سورة الحديد: 23.

() أمالي الصدوق: ص327-328 المجلس53 ح3: حدثنا أبي، عن سعد بن عبد الله بن جعفر الحميري جميعاً، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن علي

بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي حمزة الثمالي، عن زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() تفسير العياشي: ج2 ص124 من سورة يونس ح31: عن بريد العجلي …

() سورة يونس: 62.

() كتاب الزهد: ص19 ب2 ح40: الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() الكافي: ج2 ص99 باب الشكر ح30: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن عمار الدهني قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() التمحيص: ص60 ب8 ح131: قال علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام: …

() أمالي الشيخ المفيد: ص183-184 المجلس23 ح6: حدثني أحمد بن محمد، عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد القمي، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن علي بن حديد، عن علي بن النعمان رفعه قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() الاحتجاج: ج2 ص315 احتجاجه عليهما السلام في أشياء شتي من علوم الدين …

() أمالي الصدوق: ص1-2 المجلس1 ح1، والخصال: ج1ص317 في القول الحسن خمس خصال ح100: حدثنا يحيي بن زيد بن العباس بن الوليد، عن عمه علي بن العباس، عن إبراهيم بن بشر بن خالد العبدي، عن عمرو بن خالد، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() الكافي: ج2 ص107-108 باب العفو ح4: علي بن إبراهيم عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل عن الفضل جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: سمعته يقول: …

() الكافي: ج2

ص112 باب الحلم ح3: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر عليهما السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() الكافي: ج2 ص316-317 باب حب الدنيا والحرص عليها ح8، وص130-131 باب ذم الدنيا والزهد فيها ح11: علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد جميعاً، عن القاسم بن محمد، عن سليمان المنقري، عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر بن راشد، عن الزهري محمد بن مسلم بن عبيد الله قال: …

() سورة البقرة: 34.

() سورة الأعراف: 19.

() الكافي: ج2 ص308-309 باب العصبية ح7: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: …

() معاني الأخبار: ص270-271 باب معني التي تغير النعم ح2: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن يحيي بن زكريا القطان، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضيل، عن أبيه، قال: سمعت أبا خالد الكابلي يقول: سمعت زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام يقول: …

() سورة الرعد: 11.

() سورة الإسراء: 33.

() سورة المائدة: 31.

() أي: الانقياد.

() الخصال: ص50 ما من خطوة أحب إلي الله ? من خطوتين ح60: حدثنا أبي رحمة الله عليه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام يقول: …

() الكافي: ج2 ص148 باب الاستغناء عن الناس

ح3: علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني جميعاً، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() أمالي الصدوق: ص246 المجلس43 ح6: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن حمران بن أعين …

() صحيفة الإمام الرضا عليهما السلام: ص85 ح195: عن الرضا عليه السلام عن آبائه ? عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: …

() أمالي الشيخ الطوسي: ص613 ب29 ح1266: الشيخ قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن جعفر الرزاز القرشي، عن أيوب بن نوح بن دراج، عن محمد بن أبي عقيلة، عن الحسين بن زيد، عن أبي زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين عليهما السلام، قال: سمعته يقول: …

() تحف العقول: ص279 وروي عنه في قصار هذه المعاني، قال عليهما السلام: …

() تحف العقول: ص279 وروي عنه في قصار هذه المعاني، قال عليهما السلام: …

() تحف العقول: ص281 وروي عنه في قصار هذه المعاني، قال عليهما السلام: …

() تحف العقول: ص282 وروي عنه في قصار هذه المعاني، قال عليهما السلام: …

() تحف العقول: ص282 وروي عنه في قصار هذه المعاني، قال عليهما السلام: …

() تحف العقول: ص282 وروي عنه في قصار هذه المعاني، قال عليهما السلام: …

() تحف العقول: ص282 وروي عنه في قصار هذه المعاني، قال عليهما السلام: …

() تحف العقول: ص282 وروي عنه في قصار هذه المعاني، قال عليهما السلام: …

() بحار الأنوار: ج75 ص142 ب21 ضمن ح5: عن

الدرة الباهرة، قال عليهما السلام: …

() تفسير القمي: ج2 ص259-260 كيفية موت أهل السماء والأرض: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود رفعه قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: …

() تفسير القمي: ج2 ص291-292 ثواب بكاء الحسين عليه السلام، وكامل الزيارات: ص100 ب32 ح1، وثواب الأعمال: ص83 ثواب من بكي لقتل الحسين بن علي عليه السلام: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: …

() علل الشرائع: ج1 ص231 ب165 ح5، ومناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص153-154 فصل في زهده عليه السلام: حدثنا محمد بن القاسم الاسترآبادي، قال: حدثنا علي بن يسار،عن محمد بن يزيد المنقري، عن سفيان بن عيينة، قال: …

() كشف الغمة: ج2 ص99 وثبتت له الإمامة من وجوه …

() كشف الغمة: ج2 ص75-76 وأما مناقبه ومزاياه وصفاته …

() الكافي: ج2 ص602 كتاب فضل القرآن ح13: علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني جميعاً، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: …

() سورة الفاتحة: 4.

() الاحتجاج: ج2 ص315 احتجاجه عليه السلام في أشياء شتي من علوم الدين، ومناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص159 فصل في علمه وحلمه وتواضعه عليه السلام: …

() سورة التوبة: 111-112.

() دعوات الرواندي: ص76 فصل في خصال يستغني بها عن الطب ح181: قال زين العابدين عليه السلام: …

() تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ص328 التواضع وفضل خدمة الضيف ح180: قال علي بن الحسين ابن علي عليه السلام: …

() علل الشرائع: ج2 ص365-366 ب87

ح1،وعيون الأخبار: ج1 ص282 ب28 ح28، وأمالي الشيخ الطوسي: ص682 مجلس 38 ح1452: أبي، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن إسماعيل بن موسي بن جعفر، عن أخيه علي بن موسي الرضا عليه السلام، عن أبيه عليه السلام، عن جده عليه السلام قال: …

() عدة الداعي: ص99 ب2 ق6 …

() المحاسن: ج1 ص67 ب102 ح126: أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن حماد بن عيسي، عن ربعي، عن عبد الله، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال علي بن الحسين عليه السلام في حديث له: …

() المحاسن: ج1 ص71 ب117 ح142: القلانسي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: …

() المحاسن: ج1 ص70 ب116 ح141: البرقي، عن عمرو بن عثمان، عن علي بن عبد الله، عن خالد القلانسي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: …

() دعوات الراوندي: ص287 مستدركات الدعوات ح21: قال زين العابدين عليه السلام: …

() سورة الشوري: 43.

() اللهوف علي قتلي الطفوف للسيد ابن طاووس: ص94 المسلك الثاني: ذكر ابن عبد ربه في كتاب العقد قال: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص130 فصل في المقدمات: عن أبي حازم في خبر: …

() المحاسن: ج1 ص223 ب11 ح138: البرقي عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي حمزة الثمالي قال: …

() فضائل الأشهر الثلاثة: ص61 كتاب فضائل شعبان ح43: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان قال: …

() الخصال: ج1 ص299 الأمر

بتمجيد الله عز وجل في خمس كلمات ح72: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن يحيي العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيي …

() كامل الزيارات: ص145 ب57 ح5، وص154 ب62 ح8: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم …

() الكافي: ج5 ص49 باب فضل ارتباط الخيل وإجرائها والرمي ح7: محمد بن يحيي، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه عليه السلام، عن علي بن الحسين عليه السلام: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص159 فصل في علمه وحلمه وتواضعه عليه السلام: …

() الكافي: ج6 ص497-498 باب الحمام ح8: علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن إسماعيل بن بزيع، جميعاً …

() الدثار: ما فوق الشعار من الثياب، والشعار: ما يلي الجسد من الثياب.

() الخصال: ج1 ص113 جميع شرائع الدين ثلاثة أشياء ح90: حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي، عن جده الحسن بن علي، عن عمرو بن عثمان الثقفي، عن سعيد بن شرحبيل، عن ابن لهيعة …

() قرب الإسناد: ص45: الحسن بن طريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه ? قال: كنت أسمع أبي يقول: …

() التوحيد: ص184 ب28 ح22: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، عن أبي سعيد الرميحي، عن عبد العزيز بن إسحاق، عن محمد بن عيسي بن هارون، عن محمد بن زكريا المكي، عن منيف مولي جعفر بن محمد عليه السلام قال: حدثني سيدي جعفر

بن محمد، عن أبيه، عن جده ? قال: …

() تحف العقول: ص280 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني، قال عليه السلام: …

() بحار الأنوار: ج75 ص159 ب21 ضمن ح19: قال عليه السلام: …

() فلاح السائل: ص215 ف22 من أمالي المفيد قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن محمد بن خالد، عن خلف بن حماد، عن أبي جميلة، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، عن أبيه زين العابدين عليه السلام قال: …

() المحاسن: ج1 ص242 ب24 ح230: علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: …

() معاني الأخبار: ص289 باب معني الموت ح4: قال محمد بن علي عليه السلام: …

() الخصال: ج1 ص119-120 أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات ح108: حدثنا أبي رحمة الله عليه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، قال حدثنا: عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، قال: قال علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ?: …

() سورة المؤمنون: 100.

() أمالي الشيخ الطوسي: ص641 مجلس32 ح1330: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي رحمة الله عليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، قال: حدثنا غياث بن مصعب بن عبدة أبو العباس الخجندي الرياشي، عن محمد بن حماد، عن حاتم الأصم، عن شقيق البلخي، عمن أخبره من أهل العلم، قال: …

() كفاية الأثر: ص239-240 باب ما جاء عن علي بن الحسين عليه

السلام ما يوافق هذه الأخبار: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن العياشي، عن علي بن عبد الله بن مالك الواسطي، عن محمد بن أحمد بن يزيد الجمحي، عن هارون بن يحيي الخاطبي، عن علي بن عبد الله بن مالك الواسطي، عن عثمان بن عثمان بن خالد، عن أبيه، قال: …

() أمالي الشيخ الطوسي: ص115 المجلس4 ح176، وأمالي الشيخ المفيد: ص337 المجلس40 ح1: ابن الشيخ الطوسي، عن والده، عن محمد بن محمد، عن أحمد بن محمد الوليد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: …

() الاختصاص: ص230 حديث في زيارة المؤمن لله: عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: …

() بحار الأنوار: ج68 ص336 ب81 ح22: عن الدرة الباهرة، قال علي بن الحسين عليه السلام: …

() الكافي: ج2 ص131-132 باب ذم الدنيا والزهد فيها ح15: محمد بن يحيي، عن أحمد بن عيسي، عن علي بن الحكم، عن عمر بن أبان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما: …

() أي: يتضرعون.

() الخصال: ج1 ص64-65 الدنيا والآخرة ككفتي الميزان ح95: حدثنا أبي رحمة الله عليه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: …

() سورة الواقعة: 1-3.

() الجفنة: كالقصعة.

() عدة الداعي: ص176 ب4 ق6 العاشر البكاء حالة الدعاء: قال سيد العابدين علي بن الحسين عليه

السلام:

() تحف العقول: ص272-274 ومن كلامه عليه السلام في الزهد: …

() الحين بالفتح: الهلاك.

() سورة (المؤمنون): 99-100.

() سورة إبراهيم: 14.

() تضمير الفرس: أن تعلفه حتي يسمن ثم ترده عن القوت وذلك في أربعين يوماً.

() سورة الأنبياء: 94.

() سورة التغابن: 15.

() سورة الحديد: 20-21.

() سورة الحشر: 18-19.

() سورة البلد: 8-10.

() تحف العقول: ص274-277 كتابه عليه السلام إلي محمد بن مسلم الزهري يعظه: …

() سورة إبراهيم: 7.

() سورة آل عمران: 187.

() سورة الأعراف: 169.

() سورة الذاريات: 55.

() سورة مريم: 59.

() الاختصاص: ص342 …

() أعلام الدين: ص299 من كلام علي بن الحسين عليه السلام: قال عليه السلام: …

() علل الشرائع: ج2 ص605-606 ب385 ح80: حدثني محمد بن موسي بن المتوكل رحمة الله عليه قال: حدثنا علي بن الحسن السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثني علي بن جعفر، عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام، عن أبيه عليه السلام قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: …

() سورة الأنعام: 68.

() سورة الإسراء: 36.

() سورة الإسراء: 36.

() بحار الأنوار: ج7 ص303 ب15 ح61: عن ثواب الأعمال: بإسناده عن علي بن الحسين عليه السلام قال: …

() بحار الأنوار: ج12 ص382 ب11 ح6: عن قصص الأنبياء: بالإسناد إلي الصدوق، عن ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن ابن محبوب، عن هشام، عن سعد الإسكاف، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: …

() سورة الأعراف: 91، سورة العنكبوت: 37.

() الكافي: ج4 ص12 باب كفاية العيال والتوسع عليهم ح10: علي بن ابن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة قال: قال علي بن الحسين

عليه السلام: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص163 فصل في علمه وحلمه وتواضعه عليه السلام: عبد الله بن مسكان …

() بحار الأنوار: ج46 ص105 ب5 ح93: عن إقبال الأعمال: بإسنادنا إلي هارون بن موسي التلعكبري، بإسناده إلي محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: …

() الكافي: ج5 ص344-345 ح4، ومناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص162 فصل في علمه وحلمه وتواضعه عليه السلام: عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي عبد الرحمن بن محمد، عن يزيد بن حاتم قال: …

() بحار الأنوار: ج46 ص191-192 ب11 ح57: عن السرائر: …

() سورة النساء: 95.

() سورة التوبة: 111.

() الكافي: ج2 ص126 باب الحب في الله والبغض في الله ح8، والمحاسن: ج1 ص264 ب34 ح336: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن عبد الله، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: …

() دعائم الإسلام: ج2 ص114-115 ف2 ح380 …

() تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ص25-27 ح8: قال الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام: …

() الكافي: ج2 ص140-141 باب الكفاف ح4: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد بن يزيد، عن يعقوب بن يزيد، عن إبراهيم بن محمد النوفلي، رفعه إلي علي بن الحسين صلوات الله عليهما قال: …

() الصبوح: ما يشرب بالغداء، والغبوق: ما يشرب بالعشي.

() بحار الأنوار: ج71 ص10-21 ب1 ح2: عن تحف العقول: …

() سورة إبراهيم: 34.

() سورة الشوري: 41-43.

() سورة النحل: 126.

() الاحتجاج: ج2 ص320-321 احتجاجه عليه السلام في أشياء شتي من علوم الدين: بالإسناد إلي الرضا عليه السلام أنه

قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: …

() تماوت: أظهر من نفسه التخافت والتضاعف من العبادة والزهد والصوم.

() إشارة إلي قوله تعالي في سورة البقرة، الآية 206.

() ثواب الأعمال: ص146، ثواب من قضي لأخيه حاجة: أبي رحمة الله عليه، عن سعد بن عبد الله، عن عباد بن أبي سليمان، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، عن مخلد بن يزيد النيسابوري، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: …

() تفسير الإمام الحسن العسكري: ص204 ما يدل علي مؤاخذة الشيعة بمظالم العباد المؤمنين ح94: قال علي بن الحسين عليه السلام: …

() ثواب الأعمال: ص136 ثواب من أطعم مؤمناً ومن سقاه ومن كساه: أبي رحمة الله عليه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن حماد، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: …

() ثواب الأعمال: ص250 عقاب من اكتسي ومؤمن عاري، والمحاسن: ج1 ص98 ب27 ح63: أبي رحمة الله عليه، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن فرات بن الأحنف، قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: …

() الاحتجاج: ج2 ص315 احتجاجه عليه السلام في أشياء شتي من علوم الدين: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: …

() رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال): ص40 ح85: حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن ذريح، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان علي بن الحسين ? يقول: …

() تحف العقول: ص278 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه

المعاني، قال عليه السلام لبعض بنيه: …

() تحف العقول: ص280 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني …

() تحف العقول: ص282 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني، قال عليه السلام: …

() تحف العقول: ص282 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني، قال لابنه محمد عليه السلام: …

() بحار الأنوار: ج75 ص142 ب21 ح5: عن الدرة الباهرة، قال علي بن الحسين عليه السلام: …

() بحار الأنوار: ج75 ص158 ب21 ضمن ح19: وقال عليه السلام لابنه: …

() أعلام الدين: ص300 من كلام علي بن الحسين عليه السلام: قال عليه السلام: …

() الخصال: ج1 ص159 من سعادة المرء أن يكون له ثلاثة أشياء ح207: حدثنا أبي، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن عثمان بن عيسي، عن ابن مسكان، رفعه إلي علي بن الحسين عليه السلام أنه قال: …

() أمالي الشيخ الطوسي: ص688 مجلس39 ح1460: الشيخ الطوسي، عن شاذان، عن أبيه، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن أبي القاسم،عن أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن محمد القاساني، عن أبي أيوب المدائني، عن سليمان الجعفري، عن الرضا عليه السلام عن أبيه عن جده ?، قال: كان علي بن الحسين ? يقول: …

() بحار الأنوار: ج100 ص69 ب10 ح26: عن كتاب الغايات: قال أبو جعفر عليه السلام: كان أبي يقول: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص151 فصل في زهده عليه السلام: …

() سورة المؤمنون: 101.

() كشف الغمة: ج2 ص75 وأما مناقبه ومزاياه وصفاته: وكان علي بن الحسين عليه السلام يقول: …

() بحار الأنوار: ج46 ص101 ب5 ضمن ح88: وكان علي بن الحسين عليه السلام يقول في دعائه: …

() الكافي: ج2 ص579-580 باب دعوات

موجزة ح10: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير …

() المحاسن: ج2 ص433 ب34 ح263: أحمد بن أبي عبد الله البرقي،عن محمد بن عبد الله، عن عمرو المتطبب، عن أبي يحيي الصنعاني، …

() إقبال الأعمال: ص228 ب31 دعاء آخر: ومما رويناه بإسنادنا إلي أبي محمد هارون بن موسي رحمة الله عليه بإسناده إلي زيد بن علي قال: …

() الإقبال: ص 67-76، وبحار الأنوار: ج 95 ص82-93 ب6 ح 2: فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلي أبي محمد هارون بن موسي التلعكبري، بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي أنه قال: …

() سورة النساء: 32.

() بحار الأنوار: ج95 ص121 ب7 ح2: عن مصباح الكفعمي، روي عن مولانا زين العابدين عليه السلام أنه كان يدعو به في ليالي الأفراد قائماً وقاعداً وراكعاً وساجداً: …

() أمالي الشيخ الطوسي: ص495-496 المجلس السابع عشر ح1086: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، عن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر، عن جده الحسين، عن أبيه إسحاق بن جعفر، عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام، عن أبيه جعفر بن محمد عليه السلام، عن أبيه محمد بن علي عليه السلام، قال: …

() بحار الأنوار: ج95 ص172-176 ب8، وإقبال الأعمال: ص248-252 ب4 وداع شهر رمضان: وكان من دعاء زين العابدين عليه السلام في وداع شهر رمضان وهو من أدعية الصحيفة السجادية: …

() سورة التحريم: 8.

() سورة الأنعام: 160.

() سورة البقرة: 261.

() سورة البقرة: 152.

() سورة إبراهيم: 7.

() سورة غافر: 60.

() سورة البقرة: 245.

() دعوات الراوندي: ص57 ب1 فصل في ألح الدعاء وأوجزه ح144: عن الثمالي قال: …

() قرب الإسناد: ص3: هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن

الصادق عليه السلام قال: …

() الإرشاد: ج2 ص151-152 باب ذكر طرف من الأخبار لعلي بن الحسين عليه السلام: أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن داود بن القاسم، عن الحسين بن زيد، عن عمه عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين عليه السلام أنه كان يقول: …

() هو مسلم بن عقبة، الذي بعثه يزيد بن معاوية لوقعة الحرة، فسمي مسرفاً؛ لإسرافه في إهراق الدماء.

() مهج الدعوات: ص331-332 ومن ذلك ما نقل من مجموع عتيق، قال: …

() دعوات الراوندي: ص114ب1 فصل في فنون شتي من حالات العافية والشكر عليها ح261: قال الرضا عليه السلام: …

() مشكاة الأنوار: ص258 ب6 ف4: عن الرضا عليه السلام قال: …

() دعوات الراوندي: ص71-72 ب1 فصل في ذكر استجابة دعاء الصادقين ? ح171: كان زين العابدين عليه السلام يدعو عند استجابة دعائه بهذا الدعاء: …

() أمالي الصدوق: ص219-220 المجلس التاسع والثلاثون ح5: حدثنا عبد الله بن النضر بن السمعان، عن جعفر بن محمد المكي، عن عبد الله بن محمد بن عمرو الأطروش، عن صالح بن زياد، عن أبي سعيد الشوقي، عن عبد الله بن ميمون السكري، عن عبد الله بن معز، عن عمران بن سليم، عن سويد بن غفلة …

() بحار الأنوار: ج91 ص142-153 ب32: عن العدد، ومن أدعية مولانا علي بن الحسين عليه السلام، ومناجاته المعروفة، هي المناجاة الخمس عشرة: …

() سورة التحريم: 8.

() سورة الأحزاب: 41-42.

() سورة البقرة: 152.

() تحف العقول: ص280 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني: قال عليه السلام: …

() قرب الإسناد: ص73، ومن لا يحضره الفقيه: ج1 ص535-538 باب صلاة الاستسقاء ح1504: السندي بن محمد، عن أبي البختري وهب بن وهب

القرشي، عن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام عن جده عليه السلام قال: …

() مهج الدعوات: ص49-50 قنوت الإمام زين العابدين عليه السلام: …

() مهج الدعوات: ص50 ودعا عليه السلام في قنوته: كان من دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام في قنوته: …

() كامل الزيارات: ص39-41 ب11ح1، وفرحة الغري: ص40-42 ب4: حدثني أحمد بن علي بن مهدي، عن أبي علي بن صدقة الرقي، عن علي بن موسي، عن أبيه موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد ? قال:

() كمال الدين: ج1 ص324 ب31 ح9: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رحمة الله عليه قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا القاسم بن العلاء، قال: حدثنا إسماعيل بن علي القزويني، قال: حدثني علي بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد الحناط، عن محمد بن قيس، عن ثابت الثمالي، قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: …

() تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ص268-271 ح136وح137وح138: …

() سورة البقرة: 65-66.

() سورة الأعراف: 163.

() سورة الأعراف: 164.

() سورة الأعراف: 166.

() أمالي الشيخ الطوسي: ص132 المجلس الخامس ح209: ابن الشيخ، عن والده، عن الشيخ المفيد، عن الجعابي، عن عبد الله [بن] أحمد بن مستورد، عن عبد الله بن يحيي، عن علي بن عاصم،

() الخصال: ج1 ص338 ستة ملعونون ح41: حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد العلوي، عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، عن يحيي بن الحسن بن جعفر، عن محمد بن ميمون الخزاز، عن عبد الله بن ميمون، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين ? قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: …

() بحار الأنوار: ج45 ص84 ب37 ح11: عن تفسير

علي بن إبراهيم القمي: أبي، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: …

() أمالي الشيخ الطوسي: ص238 المجلس التاسع ح423: ابن الشيخ الطوسي، عن والده، عن محمد بن محمد بن النعمان المفيد، عن المظفر بن محمد البلخي، عن محمد بن همام الإسكافي، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن داود بن عمر النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن يونس …

() بصائر الدرجات: ص170 ب2 ح1، ودلائل الإمامة: ص88 ذكر شيء من معجزاته عليه السلام: أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن دينار،

() يعني: وعلي نعليه شراكان من فضة، والشراك: سير النعل علي ظهر القدم.

() الخرائج والجرائح: ج2 ص586-587 ب14 فصل في أعلام الإمام علي بن الحسين عليه السلام: إن علي بن الحسين عليه السلام قال يوماً: …

() الخرائج والجرائح: ج1 ص255-256 ب5: روي عن الباقر عليه السلام أنه قال: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص174 فصل في المفردات والنصوص عليه عليه السلام: عن علي بن الحسين عليه السلام: …

() إعلام الوري: ص260-261 الركن 3 ب3 ف4 …

() بحار الأنوار: ج75 ص159 ب21 ضمن ح19 …

() بحار الأنوار: ج42 ص162 ب124 ضمن ح33: عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: روي أنس بن عياض المدني قال: حدثني جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده ?: …

() سورة الزمر: 65.

() سورة الروم: 60

() اللهوف علي قتلي الطفوف: ص157-159 المسلك الثالث …

() بحار الأنوار: ج45 ص114 ب39 …

() اللهوف علي قتلي الطفوف: ص162 المسلك الثالث.

() بحار الأنوار: ج45 ص127 ب39.

() اللهوف علي قتلي الطفوف: ص176-177 المسلك الثالث.

() سورة

الشوري: 23.

() سورة الإسراء: 26.

() سورة الأنفال: 41.

() سورة الأحزاب: 33.

() اللهوف علي قتلي الطفوف: ص177 المسلك الثالث …

() بحار الأنوار: ج45 ص135-136 ب39 عن الإرشاد والمناقب: …

() سورة الحديد: 22.

() سورة الشوري: 30.

() بحار الأنوار: ج45 ص137-139 ب39 …

() اللهوف علي قتلي الطفوف: ص190-193 المسلك الثالث: روي عن زين العابدين عليه السلام قال: …

() اللهوف علي قتلي الطفوف: ص193-194 المسلك الثالث …

() اللهوف علي قتلي الطفوف: ص194-195 المسلك الثالث …

() اللهوف علي قتلي الطفوف: ص196-202 المسلك الثالث.

() اللهوف علي قتلي الطفوف: ص209-210 المسلك الثالث …

() بحار الأنوار: ج45 ص154 ب39 ح2: عن إقبال الأعمال: …

() تفسير القمي: ج2 ص352 مكالمة بين يزيد وعلي بن الحسين عليه السلام: قال الصادق عليه السلام: …

() سورة الشوري: 30.

() سورة الحديد: 22-23.

() الاحتجاج: ج2 ص310-311 احتجاج علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام علي يزيد. روت ثقات الرواة وعدولهم: …

() بحار الأنوار: ج45 ص365 ب49 …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص156 فصل في زهده عليه السلام: يروي للإمام زين العابدين عليه السلام: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص165-166 فصل في كرمه وصبره وبكائه عليه السلام، عن الصادق عليه السلام

() سورة يوسف: 86.

() الخصال: ج2 ص541 إذا قام القائم ? جعل الله عز وجل قوة الرجل من الشيعة قوة أربعين رجلاً ح14: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي، عن العباس بن عامر القصباني، عن ربيع بن محمد المسلي، عن الحسن بن ثوير بن أبي فاختة، عن أبيه، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: …

() الخصال: ج1 ص338-339 الناس

علي ست طبقات ح43: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، عن محمد بن جعفر بن بطة، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، يرفعه إلي زرارة بن أوفي، قال: دخلت علي علي بن الحسين عليه السلام. فقال: …

() جامع الأخبار: ص91 ف49.

() أعلام الدين: ص300 من كلام علي بن الحسين عليه السلام …

() الاحتجاج: ج2 ص312 احتجاجه عليه السلام في أشياء شتي من علوم الدين، وتفسير الإمام العسكري عليه السلام: ص270-272 قصة أصحاب السبت ح137-139: بالإسناد إلي أبي محمد العسكري عليه السلام، عن آبائه ?: …

() سورة الأنعام: 164.

() أمالي الشيخ الطوسي: ص369 المجلس الثالث عشر ح790: ابن الشيخ، عن والده، عن هلال بن محمد بن جعفر الحفار، عن إسماعيل بن علي الدعبلي، عن أبيه علي رزين، عن علي بن موسي الرضا عليه السلام، عن آبائه ?، عن علي بن الحسين عليه السلام أنه قال: …

() بحار الأنوار: ج1 ص94 ب1 ح26: عن تفسير الإمام العسكري عليه السلام، عن أبي محمد عليه السلام، قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص165 فصل في كرمه وصبره وبكائه عليه السلام …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص166 فصل في كرمه وصبره وبكائه عليه السلام …

() الكافي: ج2 ص82 باب استواء العمل والمداومة عليه ح4: أبو علي الأشعري، عن عيسي بن أيوب، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما يقول: …

() الكافي: ج2 ص109 باب كظم الغيظ ح1: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم،

عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: …

() الكافي: ج2 ص84 باب النية ح1: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: …

() بحار الأنوار: ج68 ص155 ب63 ح69: عن الدرة الباهرة، قال علي بن الحسين عليه السلام: …

() بحار الأنوار: ج72 ص66 ب43 ح7: عن الدرة الباهرة، قال علي بن الحسين عليه السلام: …

() تحف العقول: ص278 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني: قال عليه السلام: …

() تحف العقول: ص278 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني: قال عليه السلام: …

() تحف العقول: ص278 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني: قال عليه السلام: …

() تحف العقول: ص278 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني: قال عليه السلام: …

() تحف العقول: ص278 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني: قال عليه السلام: …

() تحف العقول: ص278 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني: قال عليه السلام: …

() تحف العقول: ص281 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني: قال عليه السلام: …

() تحف العقول: ص281 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني: قال عليه السلام: …

() تحف العقول: ص282 وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني: قال عليه السلام: …

() بحار الأنوار: ج75 ص142 ب21 ضمن ح5: عن الدرة الباهرة، قال عليه السلام: …

() بحار الأنوار: ج75 ص143 ب21 ضمن ح5: عن الدرة الباهرة، قال عليه السلام: …

() كشف الغمة: ج2 ص102 وثبتت له الإمامة من وجوه: قال عليه السلام: …

() كشف الغمة:

ج2 ص102 وثبتت له الإمامة من وجوه: قال عليه السلام: …

() كشف الغمة: ج2 ص102 وثبتت له الإمامة من وجوه: قال عليه السلام: …

() بحار الأنوار: ج75 ص158 ب21 ح19 …

() بحار الأنوار: ج75 ص159 ب21 ضمن ح19: قال عليه السلام: …

() بحار الأنوار: ج75 ص159 ب21 ح20، وروضة الواعظين: ج2 ص452-453 مجلس في ذكر الحزن والبكاء من خشية الله: قال علي بن الحسين سيد العابدين عليه السلام: …

() أعلام الدين: ص299 من كلام علي بن الحسين عليه السلام: قال عليه السلام: …

() أعلام الدين: ص299 من كلام علي بن الحسين عليه السلام: قال عليه السلام: …

() الخرائج والجرائح: ج1 ص264 ب5: روي أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: …

() كفاية الأثر: ص240-241 باب ما جاء عن علي بن الحسين عليه السلام ما يوافق هذه الأخبار: حدثنا محمد بن عبد الله بن المطلب، عن أبي بشر الأسدي، عن خاله أبي عكرمة بن عمران الضبي،عن محمد بن المفضل الضبي، عن أبيه المفضل بن محمد، عن مالك بن أعين الجهني قال: …

() سورة إبراهيم: 7.

() ثواب الأعمال: ص50 باب نادر، والمحاسن: ج2 ص635-636 ب15 ح133: حدثني محمد بن الحسن رحمة الله عليه، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن يونس بن يعقوب، عن الصادق عليه السلام، قال: …

() الكافي: ج2 ص91 باب الصبر ح13: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران، عن درست بن أبي منصور، عن عيسي بن بشير، عن أبي حمزة، قال: …

() أمالي المفيد: ص43 المجلس السادس ح1: أخبرني محمد بن علي بن الحسين، عن أيوب بن نوح، عن

محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي حمزة الثمالي: …

() الكافي: ج2 ص338 باب الكذب ح2: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عمن حدثه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: …

() بحار الأنوار: ج71 ص196 ب14 ح27: عن رجال الكشي: روي علي بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين ? أنه كان يقول لبنيه:

() الاختصاص: ص239 حديث في زيارة المؤمن لله، والكافي: ج2 ص376-377 باب مجالسة أهل المعاصي ح7: عن محمد بن مسلم، عن الصادق عليه السلام، عن أبيه عليه السلام، قال: قال أبي علي بن الحسين عليه السلام: …

() سورة محمد: 22-23.

() سورة الرعد: 25.

() سورة البقرة: 27.

() أمالي الشيخ الطوسي: ص613-614 مجلس 29 ح1268: حدثنا الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، عن رجاء بن يحيي، عن هارون بن مسلم بن سعدان، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي ?، قال: …

() الهجنة: العيب.

() بحار الأنوار: ج6 ص124 ب3 ح10: عن دعوات الراوندي: …

() دعوات الراوندي: ص61-62 ب1 فصل في ألح الدعاء وأوجزه ح152: …

() دلائل الإمامة: ص91-92 ذكر شيء من معجزاته عليه السلام، وبصائر الدرجات: ص400-401 ب12 ح13: بإسناده إلي أبي خالد الكابلي قال: …

() دلائل الإمامة: ص90 ذكر شيء من معجزاته عليه السلام: روي فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، قال: …

() بحار الأنوار: ج6 ص243 ب8 ح67: عن كتاب الشفاء والجلاء، عن علي بن

الحسين عليه السلام قال: …

() الاحتجاج: ج2 ص316-317 احتجاجه عليه السلام في أشياء شتي من علوم الدين …

() بحار الأنوار: ج46 ص71 ب5 ح49: عن بصائر الدرجات: ابن معروف، عن حماد بن عيسي، عن حريز، عن فضيل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

() بحار الأنوار: ج6 ص57 ب22 ح9: وقال زين العابدين عليه السلام: …

() الكافي: ج4 ص222 باب ورود تبع وأصحاب الفيل البيت ح8، وعلل الشرائع: ج2 ص448-449 ب201 ح1، ومناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص139-140 فصل في معجزاته عليه السلام: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن أبي علي صاحب الأنماط، عن أبان بن تغلب، قال: …

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص159 فصل في علمه وحلمه وتواضعه عليه السلام …

() سورة آل عمران: 34.

() مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص161 فصل في علمه وحلمه وتواضعه عليه السلام …

() بحار الأنوار: ج60 ص270 ب3 ح157: عن كتاب نوادر علي بن أسباط، عن سعيد بن عمرو بن أبي نصر، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليه السلام، قال: …

() ثواب الأعمال: ص192 ثواب الحمي: حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاشاني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن علي بن الحسين عليه السلام، قال: …

() أمالي المفيد: ص34-35 المجلس الخامس ح1، وأمالي الشيخ الطوسي: ص631 المجلس 31 ح1300: أخبرني محمد بن عمر بن سالم الجعابي، عن جعفر بن محمد الحسني، عن الفضل بن القاسم، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن جده عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب

قال: سمعت علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام يقول: …

() معاني الأخبار: ص190 باب معني الحال المرتحل ح1: أبي رحمة الله عليه، عن سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة …

() دعائم الإسلام: ج1 ص242-243 ذكر الرغائب في إيتاء الزكاة والصدقة …

() كامل الزيارات: ص48 ب13 ح7، وتهذيب الأحكام: ج6 ص38 ب10 ح22: حدثني محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن البرقي، عن أبيه، عمن حدثه، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن حكيم بن جبير، قال: سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: …

() كامل الزيارات: ص268 ب88 ح5: حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبي سعيد، عن بعض رجاله، عن أبي الجارود، قال: قال علي بن الحسين

عليه السلام: …

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.