اسم الكتاب: إلي نهضة ثقافية إسلامية
المؤلف: حسيني شيرازي، محمد
تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش
اللغة: عربي
عدد المجلدات: 1
الناشر: مركز الرسول الاعظم(ص)
مكان الطبع: بيروت لبنان
تاريخ الطبع: 1419 ق
الطبعة: اول
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خير الأنام محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في خضم التيارات الثقافية التي تتعرض لها أمتنا الإسلامية، وخصوصاً بعد التطور الهائل في وسائل الإعلام من شبكات التلفزة الفضائية والانترنيت والتي جعلت العالم كقرية صغيرة واحدة، وسهلت بذلك التبادل الثقافي بين كل شعوب العالم، ففي هذا الجو المرعب من الغزو الثقافي الذي تعرضنا له.. ولكي نحافظ علي هويتنا الإسلامية أصبحت الحاجة إلي نهضة ثقافية إسلامية ملحة جداً لمواكبة تطورات العصر والاستفادة من وسائله الحديثة، ولكي نحافظ علي شبابنا المسلم من إتباع التيارات الثقافية المضادة والانخراط في أجوائها المريضة.
وتقع أعباء هذه النهضة الثقافية الإسلامية في الدرجة الأولي علي المفكرين والمثقفين الإسلاميين وخصوصاً علماء الإسلام والعاملين والذين رهنوا أنفسهم في خط الرسالة الإسلامية والدعوة والتبليغ لتعاليم الدين الحنيف من جهة، والدفاع ورد الأفكار الضالة التي تريد النيل من الإسلام والأمة الإسلامية من جهة أخري.
ولقد تصدي لهذه المهمة العظيمة عدة من علماء الإسلام الواعين ومراجعهم العظام.. منهم المرجع الديني الأعلي آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) وذلك من خلال كتبه وخطاباته وبياناته في شتي مجالات الثقافة الإسلامية وقد بلغت مجموعة تصانيفه إلي ما يتجاوز ألف كتاب وكراس..
ومنها هذا الكتاب (إلي نهضة ثقافية إسلامية) الذي ألف قبل ما يقارب ثلاثين سنة في الكويت، سعياً منه (حفظه الله) لإعطاء النظرة الثاقبة والأصيلة للثقافة الإسلامية، ومواجهة للغزو الثقافي الذي تعرضت ولازالت تتعرض له امتنا الإسلامية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها.
وشعوراً منا بالأهمية الكبري لهذا الموضوع قمنا بطبع
هذا الكتاب القيم سائلين المولي التوفيق والقبول.
مركز الرسول الأعظم (ص) للتحقيق والنشر
بيروت – لبنان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي محمد وآله الطاهرين.
الحضارة وليدة الثقافة، والثقافة تنبعث أول ما تنبعث من فكر إنسان واحد عادة سواء كان ذلك الإنسان يتلقي الثقافة من الوحي والإلهام، أو من متطلبات عصره وزمانه ثم تنتشر، وتتوسع حتي تعم قطراً أو أقطاراً، وقد تكتسح العالم بأجمعه.
والثقافة إن وجدت تربة خصبة بدون أن يسبقها حضارة أخري، كانت سريعة النمو والانتشار، وإلا احتاجت إلي جهود سلبية لقلع جذور الحضارة القديمة، وجهود إيجابية، لزرع ذاتها.
والثقافة الإسلامية انبعثت من وحي الإسلام إلي الرسول الأعظم محمد (صلي الله عليه وآله وسلم)، ثم سرعان ما انتشرت حتي عمت أكثر بقاع الأرض، وبنيت عليها الحضارة الإسلامية المزدهرة.
ثم جاءت الثقافة والحضارة المزيجة من المسيحية والإلحاد وأحياناً المزيجة من المسيحية واليهودية والإلحاد تريد قلع جذور الثقافة والحضارة الاسلامية، وحيث انهما وجدتا أرضاً صلبة عامرة بالإسلام وثقافته لم تجدا بداً من سلوك ألف سبيل وسبيل، وإجراء أنهر من الدماء والدموع لتكريس أهدافها.
وقد تقاعس حكام البلاد الإسلامية في نشر الوعي الإسلامي أولاً، وفي تزويد البلاد الإسلامية بالوسائل الرفاهية ثانياً، ولذا وقعت الواقعة، وغزيت بلاد الإسلام بالثقافة والحضارة الغربيتين، فحملت معها إلي بلاد الإسلام: الإلحاد في العقيدة، والانحراف في السلوك، والإرباك في النظام.
وكانت من نتائج هذه الحضارة، الجوع والحرمان، والفوضي والاضطراب، والمشاكل والرذيلة، بل سقوط السيادة الإسلامية، وعز المسلمين، وذهاب ريحهم.. قال تعالي ?وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين?.
لا.. ولن… يرجع إلي المسلمين ما فقدوه، إلا بإعادة الحضارة الإسلامية..
ثم لا.. ولن… ترجع إلي المسلمين الحضارة الإسلامية، إلا بنشر الوعي الإسلامي، ورجوع
الثقافة الإسلامية.
أما كيف ننشر الوعي الإسلامي؟
وكيف ترجع الثقافة الإسلامية؟
فذلك شيء يحتاج (إلي نهضة ثقافية إسلامية عالمية)، في كل الأبعاد وبكل الوسائل والإمكانات.
وهذا الكتاب ربما يعالج شيئاً من هذه المهمة، والله المسئول أن يجعله في المستوي المقصود منه، إنه ولي ذلك، وهو المستعان.
الكويت
محمد الشيرازي
يلزم إعادة الألفاظ الإسلامية إلي الحياة العملية للمسلمين وتأطيرها بصيغة إسلامية، فيعود إلي كافة الأعمال والألفاظ وما يتبعها لونها الإسلامي، كأن:
يبدأ الإنسان كلامه أو عمله ب: ?بسم الله الرحمن الرحيم?.
وينهي كل شيء، ب: ?الحمد لله رب العالمين?.
وعند التعجب يقول: ?ما شاء الله?.
وعند المصيبة: ?إنا لله وإنا إليه راجعون?.
وعند حدوث شيء علي خلاف الرغبة: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).
وعند النعمة: (الشكر لله).
وعند الملاقاة: (السلام عليكم).
وعند الانصراف: (في أمان الله).
وعند التحية: (صبحكم الله بالخير)، أو (مساكم الله بالخير).
وعند الوعد: (إن شاء الله تعالي)..
إلي غيرها..
كما يلزم أن تقلع جذور الألفاظ التي حلّت مكان الألفاظ الإسلامية مثل:
(صباح الخير، وصباح النور) للتحية.
و(صار) عند الوعد.
و(في الأمان) عند الوداع.
بله الألفاظ الغربية مثل (هلو) للتحية، و(مرسي) عند التشكر، وما أشبه ذلك.
يلزم أن تعود إلي الحياة الاقتباسات الإسلامية، والتي تركت مكانها فارغاً للصمت أو لدخول المصطلحات الدخيلة والكلمات الفارغة، مثل:
قوله تعالي: ? وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين? عند اليأس عن الهداية.
وقوله سبحانه: ?كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله? عند شذ الهمم.
وقوله عزوجل: ?قولوا للناس حسناً? عند الإرشاد.
وقوله تعالي: ?تعاونوا علي البر والتقوي? عند المشاريع والتعاون.
وقوله سبحانه: ?كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر? عند إرادة الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر.
وقوله عزوجل: ? إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم? عند إرادة التغيير.
وقوله تعالي: ?هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون? عند التحريض علي العلم..
إلي غيرها وغيرها.
من اللازم إعداد الكثير من الكوادر من حملة الإسلام اولاً، والمطبقين والمنفذين للقوانين والمعاملات الإسلامية ثانياً، والمساعدين في إجراء المراسم والأعمال الدينية ثالثاً.
فمن الأول: العلماء، والطلاب، والمؤمنين، والمبلغين.
ومن الثاني: أئمة الجماعة، والرجال الذين يمتهنون الزواج والطلاق، والقضاة ومن أشبههم.
ومن الثالث: (الحملدارية) والمؤذنون… إلي غيرهم.
فإن كل حامل للإسلام يشع بمقداره إشعاعاً إسلامياً، وكلما كثرت الحَمَلة، كثر الإشعاع.
والاستزادة من هؤلاء يكون بمختلف الكيفيات مثل (إعدادهم) و(تهيئتهم) و(تشجيع الموجود منهم) و(إسعافهم بحوائجهم) و(الدفاع عنهم) و(مداراتهم) إلي غير ذلك.
من اللازم بناء وإنشاء الكثير من المراكز الإسلامية، والمؤسسات المساعدة للمراكز..
كالمدراس، والحسينيات، والمساجد والمكتبات، والنوادي الإسلامية، والدور لسكن الطلاب، والأوقاف لتموين حملة الإسلام والمراكز الإسلامية بالمال.
فإن كل مركز إسلامي يكون مصدر إشعاع للفضيلة، وكل مؤسسة مساعدة لهذه المراكز تمثل امتداداً لذلك الإشعاع وإمداداً للإسلام.
يلزم استدراج الإفراد الصالحين، والمؤسسات، إلي الإسلام، مثلاً المدرّس الذي يدرس الهندسة، إذا صلح لدراسة الإسلام، يلزم استدراجه حتي يكون مدرساً للدروس الإسلامية ايضاً.
وليس معني ذلك أنا لا نحتاج إلي مدرس الهندسة، بل معناه إن النقص الذي يكون في جانب تدريس الإسلام، يلزم إملائه باستدارج المعلم الصالح إليه.
وكذلك (الجمعية) التي تكونت لأجل التثقيف، يلزم استدراجها إلي (التثقيف الإسلامي) أيضاً، لا مطلق التثقيف فقط، إلي غير ذلك.
يلزم أن تكون الدعاية إلي الإسلام ذات حدين، حد سلبي هو نسف الأمور غير الإسلامية، وحد إيجابي هو تركيز الإعلام الإسلامي، وكلمة (لا اله إلا الله) تفيد ذلك للمسلمين، حيث نسفت أولاً الآلهة الباطلة في الجانب السلبي، وأثبتت ألوهية الله سبحانه في الجانب الايجابي.
وهذا يطبق في كل المجالات، فمثلاً ينسف المسلم السينما الخلاعية، ويركز مكانها السينما الإسلامية، ولا نقصد بالإسلامية إلا كون السينما مطابقة للموازين الشرعية وملونة بلون الإسلام ظاهراً وباطناً، ولون الإسلام هو اللون الأبيض الخالي عن المفاسد من الاختلاط والخلاعة وغيرهما من المحرمات، هذا في الجانب السلبي، أما في الجانب الايجابي فتبدأ السينما مثلاً باسم الله تعالي ولو كانت برامجها علمية أو صحية أو زراعية أو ما أشبه ذلك، وكذلك في سائر مرافق الحياة، كما يمكن أن تصنع أفلام عن القصص التاريخية الإسلامية وما أشبه.
يلزم علي القائمين بالشؤون الإسلامية، أن يعرفوا (من أين تؤكل الكتف)..
فيبدؤوا بتشكيل إسلامي، ثم يوسعوا التشكيل حتي الهيمنة، فانه لا ينفع إطلاق الشعارات والأقوال المجردة في تقبيح عمل غير إسلامي، أو تحسين عمل إسلامي..
مثلاً هناك في المجتمع جمعيات نسائية تطالب بهتك المرأة وسحق كرامتها تحت ستار (حقوق المرأة) فاللازم علي من يريد البحث عن الثقافة الإسلامية، أن يكوّن (جمعية نسائية) مستقيمة، ويضيف اليها مدارس للفتيات، ومجلة نسائية، وإعلام في الإذاعة والتلفاز، ثم يقوم بتوسعة النشاط حتي الهيمنة والسيطرة علي الجمعيات النسائية المنحرفة.
وهكذا إذا أردنا تطبيق (المسابقة الإسلامية) في قبال المسابقات غير الشرعية، مثل (الرايسز) والشطرنج، إلي غير ذلك.
علي من يريد تعميم الثقافة الإسلامية، أن يلاحظ النسبة بين ما يتطلبه الوضع الراهن من الثقافة، وبين المقدار الموجود منها حالياً، مثلاً: المقدار الذي يصب في بلاد الإسلام من مختلف الثقافات غير الإسلاميّة، في الحال الحاضر بواسطة المدارس، والصحف، والكتب، والإذاعات، والتلفزيونات، والسينمات والمسارح، وغيرها، ألف وحدة، فالمقدار الذي تحتاج إليه بلاد الإسلام، إذا أرادت المساواة فقط، ألف وحدة، ولا يوجد منها في الحال الحاضر إلا القليل.
وبهذه الملاحظة نعرف مقدار متطلبات البلاد من الثقافة الإسلامية، وعند ذاك نتمكن أن نضع الخطة الصائبة لأجل تعميم الثقافة الإسلامية، التي تنتهي إلي الحضارة الإسلامية.
يلزم علي من يريد تعميم الثقافة الإسلامية، وضع خطة شاملة للحصول علي وسائل الثقافة الحاضرة والهيمنة عليها، سواء ما كان منها منحرفاً أو محايداً، وذلك كالهيمنة الثقافية علي المدارس والمكتبات والصحف والكتب والإذاعة والتلفزيون والمسارح والنوادي والأحزاب والجمعيات.
والمراد الهيمنة ثقافياً ليسيّرها في الخط الإسلامي، مثلاً يدخل نظريات الإسلام في الاقتصاد والسياسة والحقوق والتربية والاجتماع، في ضمن كتب المدارس، ويوجه الصحف توجيهاً إسلامياً وهكذا.
وتكون الهيمنة بوسائل متعددة، من أفضلها إدخال الكوادر الإسلامية المؤمنة والمركزة في إدارة هذه المراكز، وقد كان بعض العلماء يري جواز الدخول حتي في المراكز المحرمة من إدارات الحكومة، لهذه الغاية النبيلة، أخذاً بمقتضي قانون (الأهم والمهم).
ومما يلحق بهذا الأمر أن يستفاد من الإذاعات والصحافة التي هي مستعدة للإجابة علي مختلف الأسئلة، بأن يسأل فيها عن الأسئلة الدينية حتي تجيب، وتكون سبباً لنشر الإسلام من هذا المجال أيضاً.
يلزم الاستفادة حتي من الكؤوس والميداليات والجوائز لنشر الثقافة الإسلامية..
فمثلاً يكون من جملة الجوائز: القرآن الحكيم، ونهج البلاغة، والصحيفة السجادية، والكتب الإسلامية.
كما يمكن ان يرسم علي الميداليات: اسم الله، أو صورة القرآن، أو رسم المسجد، أو كلمة دينية مثل:
(الإسلام يعلو ولايعلي عليه) علي ميداليات المصارعين.
أو: ?السابقون السابقون ? أولئك المقربون? علي ميداليات السبق بالخيل، إلي غير ذلك.
ومما يمكن توجيهه توجيهاً إسلامياً (طوابع البريد) وسائر ما يرتبط به.
كأن تطبع طوابع تحمل صورة القرآن، أو المسجد، أو مشهد الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) أو الأئمة (عليهم السلام)، أو تحمل رمزاً لشهر محرم، أو شهر رمضان المبارك، أو الأعياد الإسلامية، أو الوقائع الإسلامية كواقعة بدر وصفين وما أشبه…
وكذلك بالنسبة إلي الختم الذي يختم به علي الطابع، أو علي ظرف التلغراف. كما يمكن أن تكتب عليها كلمة إسلامية، مثل (قيمة كل امرئ ما يحسن) أو(الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر) أو(من أذي جاره حرم الله عليه ريح الجنة) إلي غيرها.
يلزم طباعة التقاويم الإسلامية التي تعيّن فيها الأشهر الإسلامية فقط، أو إلي جانب الأشهر غير الإسلامية.
فإن اللازم محو كل آثار الغرب والتي منها الأشهر الغربية لكن حيث أنه لا يمكن دفعة واحدة، فاللازم التدرج إلي ذلك.
ويذكر في التقويم مواليد المعصومين (عليهم السلام)، ووفياتهم والمناسبات الإسلامية، كعيد الفطر والأضحي والغدير، ويوم استقلال العراق في ثورة العشرين..
كما يلزم أن يكون فيها، التنويه بالمخترعات الإسلامية وما أشبه ذلك.
يلزم إعادة التاريخ الإسلامي إلي الحياة، بالنسبة إلي السنة والشهر والأسبوع واليوم والساعة والعيد وغيرها.
فالسنة: هجرية قمرية.
والشهر: محرم وصفر إلي آخره.
والأسبوع: جمعة وسبت الي آخره.
واليوم: يبدأ من الفجر أو طلوع الشمس إلي الغروب أو المغرب.
والساعة: غروبية.
فإن الهجرة هي مبدأ السنة الإسلامية، والقمر هو مدار الشهر الذي علق عليه في الإسلام البلوغ، والعدة، الصوم، والحج، والخمس والزكاة غالباً .
ومحرم وصفر إلي آخره هي الأشهر التي فيها الصيام والأعياد والوفيات والمواليد والوقائع والحج..
والجمعة والسبت الي آخره علق عليها بعض الأحكام الشرعية كالسفر والحجامة والزواج وغيرها.
واليوم الفجري أو الطلوعي لا من نصف الليل إلي نصف النهار : مدار أحكام الصلاة والصيام، والتراوح في تطهير البئر، وذبح الحيوان، والسفر، وغيرها.
والساعة: تابعة للنهار والليل فيلزم تحديدها بالنهار والليل.
وفي الروايات إن للساعة الأولي من النهار دعاء كذا، وفي الساعة الثانية دعاء كذا.
إلي سائر الأمور المرتبطة شرعاً بهذه الموازين.
يلزم إعادة المقادير الإسلامية إلي الحياة، كالمد، والصاع، والرطل، والدرهم، والدينار، والميل، والذراع، والشبر وغيرها.
وفي ذلك نوع من إحياء المقاييس الاسلامية، المرتبطة بالكتاب والسنة والتاريخ الإسلامي.
فإن من الانهزام أن يترك الإنسان ما يرتبط بدينه إلي أفكار دخيلة مستوردة، وذلك لا يدل إلا علي نحو من الذيليّة والعبودية، مهما قيل في تبرير ذلك.
يلزم اهتمام خاص باللغة العربية، التي هي لغة القرآن والسنة.
وليس معني ذلك ترك سائر اللغات المحلية للمسلمين، كالهندية والفارسية والتركية ونحوها، بل معني ذلك أن يكون لكل المسلمين لغة تفاهم واحدة، ولا أفضل من أن تكون تلك اللغة لغة دينهم وقرآنهم، وما أمروا به من الصلاة والتلبية ونحوهما جاء بتلك اللغة.
كما إن إحياء الإسلام بلغته وقوانينه هو ترك القومية بجميع ألوانها فإن الإسلام يجعل:
أكرم الناس أتقاهم.
و يجعل: (الناس سواء كأسنان المشط).
و: (لا فضل لعربي علي أعجمي إلا بالتقوي).
فتوهم التلازم بين اللغة العربية وبين القومية العربية توهم زائف.
وقد ورد في الروايات: (تعلموا العربية فإنها كلام الله الذي تكلم به خلقه).
يلزم قولبة الأمور بالقوالب الإسلامية، مثلاً تسمية الأشياء في البلاد العربية الإسلامية بالأسامي العربية المناسبة ف:
الهاتف بدل التلفون.
والطيارة بدل (ارپلن).
والسيارة بدل (موتوركار)..
وكذلك في الاصطلاحات الطبية والهندسية والفيزيائية والتكنولوجية وغيرها.
وكذلك بالنسبة إلي طرز العمارة، وطرز مدّ الموائد وغيرها، ولا نقصد بذلك إلا الأخذ باللون الإسلامي، فيما له لون إسلامي خاص، مستقي من الكتاب والسنة، لا الجمود علي الوضع المتأخر في القرون الوسطي، قال تعالي: ?صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة?.
فإن الأمة لا تكون أمة مستقلة، إلا أن تكون ألوانها ومعانيها نابعة من صميمها ولا يكون فيها لون مستورد لمعانيها، ولا معني مستورد ملون بلونها، فالاشتراكية الملونة بلون المساواة الإسلامية ووسائل النقل الملونة بأسامي أجنبية.. كلتاهما دليلان علي التبعية والذيليّة.
للإسلام لون خاص من التفكير بالنسبة إلي الحياة والكون، والمبدأ والمعاد، والعائلة والاسرة، والقيم والمقاييس، والسلوك والأخلاق وغيرها، فاللازم إعادة هذا اللون من التفكير إلي الحياة.
فمثلاً (العفو) و(احترام الإنسان) و(صلة الرحم) و(رحم الكبير علي الصغير) و(توقير الصغير للكبير) و(حرية الإنسان في كل شؤونه) و(جزاء الإنسان بما عمل) هي من الأوليات الإسلامية، نابعة من:
قوله تعالي: ? خذ العفو?.
و: (حرمة ماله كحرمة دمه).
و: ?اتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام?.
و: (ليرحم كبيركم صغيركم وليوقر صغيركم كبيركم).
و: (الناس مسلطون علي أموالهم وأنفسهم).
و: ?كل امرئ بما كسب رهين?.
إلي غيرها وغيرها.
فاللازم تأطير التفكير بهذه الأطر الاسلامية، فإنه علي أساس هذه الأطر الفكرية تتوقف كيفية العقيدة والسلوك والمعاملة…
وحيث إن التفكير الإسلامي خرج من الميدان لذلك وضعت القوانين الوضعية الكابتة للإنسان، فمثلاً تقييد الاقتصاد بالإقليمية والقومية، وتقييد الإنسان بالأقطار بواسطة الهويات وما أشبه، تمثل انهزاماً عن قاعدة (الناس مسلطون علي أموالهم وأنفسهم) وغيرها من القواعد الإسلامية.
يلزم أن تكون الدعاية للإسلام بكل لون: لون الكلام، ولون الصورة، ولون التمثال و…
فمثلاً: جعل صورة الكعبة المشرفة أو مسجد الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) أو جعل تمثالهما في البيوت من إنحاء الدعاية الإسلامية.
فتعميم هذه الألوان في مختلف مرافق الحياة نوع رفيع من الدعاية الإسلامية في سبيل نهضة ثقافية، وفي المثل: (صورة واحدة أبلغ من ألف كتاب).
الإنسان ماكنة تفرز بضعاً وعشرين لوناً من القذارة:
ماء العين، والفم، والأذن، والأنف، والبول، والمني، والودي، والوذي، والريح، والغائط، ودم النساء، والشعور، والظفر، والوسخ، والقمل، والقيح، وقشور الرأس، والعرق، والملوحة الناشة، والنتن، والنجو، وغيرها من القذارات.
والإنسان هو الماكنة الوحيدة التي تستهلك الطيب في المأكل والمشرب وما أشبه وتنتج القذر، بينما تستهلك سائر الماكنات القذارة أو الأشياء العادية وتنتج الأشياء الطيبة، فإذا أراد الإنسان أن يقابل إنتاجه القذر بالطيب يلزم عليه أن يكون حسن التفكير حسن القول حسن العمل.
وبإمكان الإنسان المسلم أن يجعل ذاته دعاية إسلامية وإعلاما دينيا، في قوله وعمله، النابعين من تفكيره المستمر، فيأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، ويرشد إلي الخير، ويدعو إلي الحق، بل ويجعل حتي هيكله الظاهري إعلاما، مثل أن تكون شارات عمله كالشرطي والجندي وغيرهما من أصحاب الشارات شارات إسلامية، كتابة أو صورة، أو يكتب علي ملابسه إذا كان ذلك مناسباً كلمة التوحيد عوض كتابة مدينة صنع القماش، أو إلي جانب ذلك.
إلي غير ذلك حتي في طرز الخياطة كما نشاهد أن بعضهم يكتبون كلمات دينية علي القلنسوة ونحوها.
يتمكن الإنسان مهما كان عمله ومهنته ووظيفته أن يجعل كل جلوسه دعاية إسلامية، كأن ينصب القطع الإسلامية علي جدران غرفة جلوسه، سواء كانت دائرة، أو ديوانية، أو مدرسة، أو دكانا، أو غيرها.
مثل أن ينصب علي الجدران هذه الآيات والروايات:
?إن الله يأمر بالعدل والإحسان?.
و: ? قولوا للناس حسناً?.
و: ? إذا قلتم فاعدلوا?.
و?: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف تنهون عن المنكر?.
و: ? فإن تولوا فقل حسبي الله?.
و: ? كل امرئ بما كسب رهين?.
و: (نعم العون علي الدين الغني).
و: (طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة).
و: (من تزوج فقد أحرز نصف دينه فليتق الله في
النصف الآخر)، إلي غيرها…
وكذلك بالإمكان أن يجعل في المجلس تماثيل الكعبة، والمشاهد المشرفة، والقرآن الحكيم، وكذلك صور هذه المقدسات أو غيرها كما سبق.
يمكن أن تصنع صور البنايات أو صورة في البناية لأجل الدعاية الإسلامية، مثل أن تصنع البناية بصورة المسجد، أو الكعبة، أو مشاهد الأئمة (عليهم السلام) إذا كان مناسباً أو يصنع البرج بصورة المنارة، أو تجعل غرفة من البيت بصورة المسجد، أو تنظم رفوف الدكان وأجناسه بصورة الكلمات الدينية أو المشاهد المقدسة، ونحو ذلك.
ومن المعلوم إن فنية العمارة، والبرج، والحديقة، والغرفة، لا تنافي إضافة هذه الصور عليها، وقد ورد في الحديث: استحباب أن تجعل إحدي غرف البيت مصلي.
يلزم نشر ملايين من الصور الاسلامية، كصور الكعبة ومسجد الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم)، وسائر المساجد أو المشاهد المشرفة، والقرآن الحكيم، والبنايات الدينية كالمدارس والحسينيات، وصور العلماء والخطباء والأتقياء وأهل الخير.
وذلك لأجل التركيز علي الإسلام، والتعريف بزعمائه ومقدساته، فقد غزت البلاد الصور الخليعة، أو الصور الحيادية، التي لا دلالة فيها…
وهذه الصور يلزم أن تكون علي الأوراق، والكراتين، والسجادات، والماركات، والظروف، وسائر وسائل الحياة، بالشكل المناسب.
وإن أمكن نقش صور خيالية أو كاريكاتورية، تبشع المنكر، وتزين المعروف:
مثل أن يصور درهم وقع في يد فقير فأنتج سبعمائة درهم، علي شكل سنبلة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة.
أو يصور كاريكاتور مراب لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس..
كان ذلك أدخل في النفس.
الأفضل أن تملأ الكتب الإسلامية بالصور المناسبة:
مثل أن يكون في تفسير القرآن الحكيم، صور قصصه إذا كان مناسبا ..
وفي شرح نهج البلاغة صور تواريخه..
وفي الرسائل العملية صور مسائلها، مثل أن تكون في كتاب التقليد صور العلماء، وفي كتاب الصلاة صور المتوضئ والمغتسل والمتيمم والمصلي، وفي كتاب الصوم صور الصائم والمفطر بالأكل والشرب والغبار الغليظ والرمس في الماء، وفي كتاب الاعتكاف صور المعتكفين، إلي غيرها من الصور اللائقة بكل كتاب كتاب، فإن للصورة دلالة بالغة لا يؤديها غيرها.
يلزم إنشاء المكتبات الاسلامية، في كل مكان: المسجد، والحسينية، والمدرسة، والدار، والدكان، والنادي، وحتي المواصلات وغيرها.
فإنها زينة، وتوجب نشر الثقافة، وتشجع المؤلفين ووسائل التثقيف كالمطابع وما إليها فإن المكتبات الكثيرة تستقطب الكتب، فالمؤلف يجد المجال مفتوحاً لديه في التأليف، وهكذا.
هذا بالإضافة إلي نشر الوعي بين المجتمع.
هناك ألفاظ إسلامية، أخذت طابع الانحطاط لدي المجتمع، كلفظة (الصدقة)، وربما (الخمس) في بعض الأحيان.
وألفاظ أخري غير إسلامية أخذت طابع العزة، بينما هي باطلة أو هي (كلمة حق أريد بها باطل) مثل لفظ (الاشتراكية) ولفظ (حرية المرأة)..
فالواجب إرجاع المكانة اللائقة بالقسم الأول من الألفاظ، وذلك بشرحها للجماهير شرحاً وافياً، وتوضيحها توضيحا يخرجها عما لصق بها من الشين، مثلا: (الصدقة) من الصدق وهي علامة التصديق بالله واليوم الآخر، و(الخمس) ضريبة إسلامية لأجل إقامة أمور الدين والدنيا للمسلمين.
كما أن اللازم إسقاط المكانة المزيفة التي اكتسبها القسم الثاني من الألفاظ، حيث إن الاشتراكية عبارة عن إفقار الأغنياء، والحرية المطالب بها للمرأة عبارة عن جعل المرأة سلعة وجعلها رخيصة في سوق الجنس والشهوات…
يلزم علي العاملين لأجل النهضة الإسلامية الثقافية، فضح المفاهيم المستوردة التي سببت أكبر المشاكل للمسلمين..
كمفهوم (القانون) بالمعني الغربي الذي هو عبارة عن الأحكام المخالفة للإسلام، التي تكون من وضع البشر وصنعه، والتي تسبب مختلف المشاكل للمسلمين.
وكمفهوم (الحزب) بالمفهوم غير الصحيح الذي يضع القانون في قبال الله سبحانه، ويعتقد بان الغاية تبرر الوسيلة، وما أشبه.
وكمفهوم (القومية) و(الإقليمية) و(العرقية) و(القطرية) وما أشبه التي كلها مخالفة لمساواة المسلمين، مما أقامها الإسلام بالكتاب والسنة والإجماع والعقل، قال سبحانه: ? إن أكرمكم عند الله اتقاكم?.
وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (الناس سواسية كأسنان المشط).
وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في الأبيات المنسوبة إليه:
الناس من جهة التمثال أكفاء أبوهم آدم والأم حواء
إلي سائر المفاهيم التي هي من هذا القبيل.
يجب أن تنظم الحياة الفردية والاجتماعية، علي طبق الإسلام، مثلاً:
من اللازم أن ينتهي الدوام للمدارس والموظفين قبل الظهر وقبل المغرب وقبل الفجر، ليكونوا قادرين علي أداء صلواتهم جماعة أو فرادي.
وكذلك بالنسبة إلي تنظيم الرحلات في السيارات والطائرات والقطارات.
وهكذا بالنسبة إلي تنظيم أوقات الإفطار والسحر في شهر رمضان المبارك..
إلي غير ذلك من الأمور حتي لا تصادم مع الشعائر الإسلامية.
ومثل تدريب الجيش فإنه يلزم أن لا يكون في أوقات الصلاة، وكذلك يلزم أن لا تتصادم الوظيفة مع الحج.. وهكذا.
مادام يمكن الاستفادة من كل شيء في سبيل الإسلام، فاللازم تنظيم حديقة الحيوانات أيضاً في هذا السبيل، وذلك بأن يلفت إلي جميل صنع الله في القطع المكتوبة علي قفص كل حيوان المتضمنة لاسم الحيوان وأحواله.
وكذلك بالنسبة إلي كيفية تنظيم الغرف في المتاحف كأن تكون بأشكال المساجد ونحوها، وتنظيم الأشجار والورود، بالإضافة إلي لافتات يكتب عليها الإلفات إلي صنع الله تعالي…
وكذلك بالنسبة إلي المتاحف العلمية والأثرية، فإنه إذا لم يستفد من هذه الأشياء لأجل الإسلام، أكلها الضياع والحياد، أو أتلفها الفساد والإلحاد.
يمكن الاستفادة حتي من المغتسل لنشر الوعظ الإسلامي، بأن تكون هناك مكبرة صوت ومسجلة إن لم يمكن خطيب دائم تبث الوعي الديني والتحذير من الموت بدون الاستعداد، ولزوم إعطاء حقوق الناس وحقوق الله تعالي، وتنزيه النفس عما لا ينبغي.
وهكذا عند تشييع الجنازة بقراءة القرآن أو إيقاظ الناس بواسطة مكبرة الصوت ومسجلة، أو خطيب.
ومن الممكن تزويد كل تابوت بمسجلة ومكبرة، حتي لا تكون لذلك كلفة كثيرة..
وكذلك يمكن تزويد المقابر بمثل هذه الأمور، بالإضافة إلي جعل اللافتات الملفتة إلي فناء الدنيا ولزوم خروج الإنسان عن مظالم العباد، ومراقبة نفسه.
وكذلك في مجلس الفاتحة، واليوم الثالث والسابع والأربعين والذكري السنوية للميت، إلي غير ذلك.
الأعراس مناسبة جميلة يمكن الاستفادة منها في سبيل الإسلام، بعقد المجالس الدينية الملائمة فيها، وتذكير الناس بلزوم الزواج، وانهم مسؤولون عن تزويج أبنائهم، والأحاديث الواردة في فضل الزواج، وحقوق الزوجين، وما ينبغي لهما عند الاقتراب من الدعاء وما أشبه، وسائر الشؤون العائلية.
وكذلك يمكن الاستفادة من احتفالات الختان، لأجل ذلك، فيذكر فيها حقوق الأولاد، وحق الآباء علي الأبناء.
وهكذا بالنسبة إلي جعل اللافتات المرتبطة في احتفالات الأعراس والختان.
يمكن الاستفادة من كل شيء في سبيل التثقيف الإسلامي، كأن يكتب فيها أو عليها الكلمات الحِكَمية، والآيات القرآنية والأحاديث، لكن مع المناسبة، بأن لا تكون الآية والرواية في مكان غير لائق شرعاً أو عرفاً.
فيمكن الكتابة علي ظروف الأكل والشرب والشاي والقهوة والملابس وجدران البيوت والحمامات والدكاكين والمدارس والنوادي والشوارع والمساجد والحسينيات والصناديق وأواني الحبر والأقلام وخلف الدفاتر وجلد الكتب والكراسي والسلالم والفرش والحصران والمراوح والمصابيح والسكاكين والملاعق والظروف التي يجعل فيها الأطعمة، سواء كانت ظروفاً ورقية أو غيرها، والهواتف وأعمدة الكهرباء والهاتف، والراديوات والتلفزيونات وصناديق النفايات وأوراق الحلويات وعلب العصير والثلاجات والغسالات والطباخات والخاتم والحلي وجدران المعامل والبساتين والسجائر وحتي علب المأكولات كالبيض والموز والتفاح والعنب وغيرها وغيرها.
كما يمكن صنع الكيك وأمثاله صنعاً دعائياً كأن تكون علي شكل المسجد أو المنارة.
وكذلك يمكن صنع الظرف ونحوه صنعاً دعائياً كأن تكون علي شكل مسجد، أو يكتب فيها كلمة حكيمة، أو يصور عليها صورة دينية.
فمن المعروف إنه كان في بغداد رجل يصنع الكيزان وكانت له بنت تصنع المراوح الخوصية، فكان الأب ينقش علي الكوز هذين البيتين مع تغيير منا :
اسألوني عن الجحيم فإني كنت من أهلها ومن ساكنيها
لا يحل العذاب إلا علي من غصب البنت إرثها من أبيها
وكانت البنت تنقش علي المروحة
هذين البيتين:
أنا من نسل زاكيات الجدود صنعتني موردات الخدود
صفقتني بكفها ثم قالت لعن الله ناكثات العهود
وقولها: (أنا من نسل زاكيات الجدود) أي: خوص النخل لما ورد في الحديث: (اكرموا عمتكم النخلة).
كما يمكن أن تكتب في البيوت وأبواب المنازل:
?بسم الله الرحمن الرحيم?.
وآية (وإن يكاد).
و(آية الكرسي).
إلي غيرها وغيرها.
يلزم أن يوضع كتاب لكيفية الدعايات الإسلامية المناسبة لكل مكان ولكل شيء، مثلاً يكتب علي باب الدار والدكان: (بسم الله الرحمن الرحيم).
وعلي باب الحمام وما أشبه: (النظافة من الإيمان).
وعلي باب المدرسة والمعهد: ?هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون?.
وعلي أبواب معسكرات الجيش: ? وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة?.
وفي غرف القضاة: (الراشي والمرتشي والماشي بينهما ملعونون).
أو: ? إن الله يأمر بالعدل والإحسان?.
وعلي دائرة الأيتام: (الله الله في الأيتام فلا تغبوا أفواههم).
وعلي دكاكين بيع الساعات: ? عنده علم الساعة?.
وعلي المستشفيات والصيدليات وما أشبه: ? وإذا مرضت فهو يشفين?.
وعلي أرض الشوارع:
من كان لا يطأ التراب برجله يطأ التراب بناعم الخد
وفي المقبرة:
وإذا حملت إلي القبور جنازة فاعلم بأنك بعدها محمول
وعلي الأواني في مكان لائق: ? أكلها دائم وظلها?.
أو: ?فكلوه هنيئاً?.
وعلي وسائل الحرب: ?وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم?.
وعلي الأقلام: (مداد العلماء افضل من دماء الشهداء).
وعلي أواني الماء: ? إن اصبح ماؤكم غورا…?.
وعلي السيارة: ?سبحان الذي سخر لنا هذا?.
وعلي الطائرة: ?أو لم يروا إلي الطير فوقهم صافات?.
وهكذا…
كما ينقش في الأماكن المناسبة الصور المناسبة، وكذلك يلفت إلي الصور الفنية التي يمكن أن تقولب البيوت والأواني والحدائق والحوانيت وغيرها، بتلك الصور حتي تكون ذات هذه الأشياء في صورة فنية إسلامية، كما سبقت الاشارة اليها.
يلزم أن تصنع مصانع القاساني، قاسانيات دعائية، مثل قاسانيات مكتوب عليها:
? بسم الله? أو آية ?وإن يكاد? أو سورة ?قل هو الله أحد?، أو ?إنا أعطيناك الكوثر?، أو (آية الكرسي) أو غيرها..
بمختلف الألوان والحجوم والأشكال والخطوط كالأحمر والاخضر، والرقيق والغليظ، والمربع والمدور، والعربي والفارسي، والخط العادي والخط الفني.. وغيرها وغيرها، حتي تجلب مختلف الناس إلي اقتنائها وتعليقها في المحلات المناسبة.
يلزم علي القائمين بالشؤون الإسلامية، انتقاء كلمات دينية سواء كانت نصوصاً أو لم تكن لتصديرها إلي عامة المجتمع بقصد ترديدها والاستفادة من فحواها.
فإن الكلمات القليلة اللفظ الكثيرة المعني لها تأثير كبير في التوجيه، وحيث إن المجتمع ممتلئ بالكلمات غير الصحيحة، فاللازم إخلائه منها وإملائه بالكلمات النافعة، مثلاً:
(الحق أحق أن يتبع).
و: ?إن أكرمكم عند الله اتقاكم?.
و: (قيمة كل امرئ ما يحسنه).
و: ? ولا تجسسوا?.
و: ? وقولوا للناس حسنا?.
و: ?تعاونوا علي البر والتقوي?.
و: ?ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان?.
و: (انج بنفسك).
و: (ليس الحشر مع الناس عيد).
و: ?ولا يضركم من ضل إذا اهتديتم?.
و: (السعادة في الإسلام).
و: (حسّن أخلاقك).
و: (خيركم خيركم لأهله).
و: ?من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها?، إلي غيرها..
وكذلك الأمثال النافعة مثل:
كل ابن انثي وان طالت سلامته يوما علي آلة حدباء محمول
و: (النحو زين للفتي يكرمه حيث أتي)
و: (من أطاع الله فاز).
و: (ولكل الخير حان).
و: (ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل)
إلي غيرها..
وكذلك يلزم إشاعة الكلمات المضادة للأفكار المستوردة مثل:
(تحديد النسل فشل).
و: (تعدد الأزواج لكثرة النساء علاج).
و: (الدعوة إلي القومية آفة يومية).
و: (الشيوعية الحمراء رجعية سوداء).
و: (لا خلاص للأنام إلا بالرجوع إلي الإسلام)
إلي غيرها وغيرها.
يلزم علي العاملين لأجل نهضة الإسلام الثقافية، الاستفادة من المواسم.
سواء كانت مواسم إسلامية كالأعياد والوفيات وأيام الحج وشهر رمضان وأيام عاشوراء وأوقات زيارة الأئمة (عليهم السلام).
أو مواسم اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو غيرها مما يجتمع فيها الناس لأجل أمر وغاية معينة، والاستفادة منها ب:
1: نصب اللافتات.
2: نشر المناشير.
3: توزيع الكتب.
4: عقد الاجتماعات.
5: تخصيص جماعة لأجل التكلم مع الأفراد، لأجل الهداية، أو لأجل التوجيه إلي مشروع أو عمل هادف، أو نحو ذلك.
6: إلقاء الخطب والكلمات.
7: بيع الأشياء المرتبطة بالدعاية
الإسلامية كصور الكعبة والمساجد وتماثيلها والكتب الدينية.
8: إصلاح ذات البين.
وغيرها.
الأمكنة الإسلامية عبارة عن مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والمشاهد المشرفة، والمساجد، والحسينيات، والمدارس الدينية وما إلي ذلك.. ومن اللازم تنظيم برامج للاستفادة منها غاية الاستفادة.
مثلاً: تقام في هذه المواضع في المناسبات الدينية الاحتفالات والمآتم والمجالس.
فللائمة الطاهرين (سلام الله عليهم أجمعين) وجدهم الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) وأمهم الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) سبع وعشرون مناسبة:
أربعة عشر ميلاداً..
وثلاثة عشر وفاتاً..
ثم عيد الفطر والأضحي والغدير والمبعث وعزاء أربعين الإمام الحسين (عليه السلام)..
ثم ليالي شهر رمضان عامة، وليال الإحياء خاصة..
ثم شهر محرم إلي غيرها..
وفي هذه المناسبات يلزم بالإضافة إلي إقامة الاحتفالات والمآتم وما أشبه، نشر المناشير المناسبة وعرض الأمور الدينية، وتوزيع الكتب اللائقة، مثلاً يطبع كراس لأجل التعريف بالإمام الحسين وأهل البيت (عليهم السلام) وأهدافهم وذلك بلغات مختلفة، وتودع عند الكشوانيات مثلاً لتعطي نسخة منه لكل زائر، وفي كل مناسبة، وهكذا.
يلزم إظهار المناسبات الدينية: كنشر معالم الزينة في المواليد والأعياد.
ومعالم الحزن في الوفيات والأحزان.
ونصب اللافتات في مواسم الحج وشهر رمضان وشهر محرم.
وإقامة المجالس لأجل (العرس) و(الخرس) و(الوكاء) و(الركاز) ولأجل ختم القرآن الحكيم، وما أشبه ذلك.
يلزم علي القائمين بالخدمات الإسلامية، ملاحظة الكفاية في الخدمات، مثلاً إذا كانوا في مدينة نفوسها مليوناً، فاللازم أن يهتموا لعقد مائة مجلس علي الأقل في مختلف أطراف المدينة، في المناسبة الدينية الواحدة، ليكون لكل عشرة آلاف مجلس مثلاً.
وكذلك يلزم أن يطبعوا مائة ألف نشرة لأجل أن يكون لكل عشرة ورقة واحدة وهكذا.
ثم اللازم ملاحظة مراكز البث، مثلاً إذا كان في موسم الحج ألف (حملدار) يلزم إيصال نشرات الحج إلي كل حملة حملة، وهكذا إذا كانت في المدينة مائة حسينية، وإذا كانت بعض نواحي المدينة لا حسينية فيها يلزم الاهتمام لبناء الحسينية في تلك الناحية، وهكذا و هلم جرا.
ينبغي لكل صاحب حانوت ومحل أن تكون عنده بعدد أيام السنة كلمات توجيهية باسم (كلمة اليوم) يضع الواحد منها كل يوم وراء الزجاج أو في مكان يمكن قراءته لمن يمر بالمحل.
وكذلك ينبغي أن تكون له (كلمة الأسبوع) و(كلمة الشهر) و(كلمة الموسم).
ولو كانت الأوراق ألواناً، والخطوط أشكالاً، والكلمات مختلفات، قطراً وطولاً ونظماً ونثراً، كانت أجلب للنظر، وأقرب إلي التأثير.
إذا تمكن صاحب المحل، أو متولي المسجد، أو المشهد، أو ما أشبه، أن يضع شريطا في مسجلة ويحتوي علي الكلمات والأشعار القصيرة الإسلامية الهادفة بأصوات جميلة، ويفتحها لأجل إسماع الناس الكلمة الهادفة، في أوقات متقطعة، مثل كل ساعة كلمة معينة، بحيث يسبب إلفاتاً، ولا يوجب إزعاجاً، كان من الدعاية الجاذبة المؤثرة جداً.
الفنادق والحمامات والمطبعات والمستشفيات والصيدليات وبنوك الدم ومراكز المحاماة والمقاهي ونحوها من أفضل المراكز لأجل الدعايات الدينية والإعلام الإسلامي..
فبالإمكان نصب قطع حكمية، أو آيات قرآنية، أو كتب دينية، أو صور إسلامية، أو مجلات هادفة فيها.
للحكومة أوراق كثيرة، للماء والكهرباء، والوصولات بالأموال المأخوذة، وأوراق العرائض، وشهادات الميلاد وغيرها وغيرها.
وكذلك للبنوك الأهلية، والمحلات التجارية، والجمعيات، والمؤسسات، والشركات وغيرها أوراق كثيرة، وبالإمكان الاستفادة منها، لأجل طبع آيات أو روايات أو كلمات إسلامية، خلف الأوراق.
وهكذا في التقاويم، والدفاتر المدرسية، وأوراق السجائر، بل وذات السجائر إن كان مناسباً وغيرها.
لقد كثرت غرف الموظفين حتي أنها صارت بالآلاف، ويرتادها الناس بمختلف طبقاتهم، فاللازم جعل القطع المكتوب عليها آيات وروايات أو ما أشبه، في مختلف غرفهم، لكن ملاحظة المناسبة أفضل، مثلاً في غرف القضاة والحكام ما يناسب القضاء، وفي غرف المحافظين ومن إليهم ما يناسب الحكم والإمارة، وفي غرف البلدية ما يناسب العمران والنظافة، وفي الغرف المرتبطة بالزراعة ما يناسب الزراعة والري، وهكذا و هلم جرا.
بالإضافة إلي التوجيهات العامة، مثل آية: ? إن جاءكم فاسق? ورواية (الراشي والمرتشي) وما دل علي قضاء حوائج الناس، وما دل علي التذكير للوقوف بين يدي الله سبحانه.
من أقسام الدعاية الإسلامية والإعلام الديني تلاوة القرآن الحكيم والأدعية المناسبة وفي المكبرة في المناسبات، مثلاً:
قبل الأذان وبعده، وفي ليالي شهر رمضان، أول الليل، وفي السحر، والمناجاة في كل الأسحار، ودعاء كميل في ليالي الجمعة، ودعاء الصباح في كل صباح، ودعاء السمات في عصر الجمعة، وكذلك دعاء الندبة، وغيرها..
في المساجد والحسينيات والمشاهد، وفي بدء الاحتفالات والمآتم، وما أشبه ذلك.
ينبغي تلاوة القرآن الحكيم دورياً أو ما أشبه قبل كل مجلس، مأتماً كان أو حفلة، أو غيرهما..
بأن يوزّع القرآن الحكيم، علي الجالسين، فيقرأ كل واحد منهم آيات منه، ويكون هناك مصحح للأغلاط، أو مفسر لبعض الآيات المناسبة، إلي غير ذلك.
كمية كبيرة تصرف من الأكياس الورقية والأوراق عند البقال والعطار والقصاب وبائعي الأحذية والأقمشة وغيرها، حتي أن في مدينة نفوسها مائة ألف، قد يصرف أطنان من الورق كل يوم أو كل أسبوع، فاللازم الاستفادة من ذلك، للدعايات الإسلامية المناسبة، بكتابة الكلمات الإسلامية عليها، مثل:
(الإسلام يعلو ولا يعلي عليه).
و(الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب).
و(لا يجتني الجاني من الشوك العنب).
و(أكثروا ذكر هادم اللذات).
و(البيّعان بالخيار ما لم يفترقا).
إلي غيرها.. وغيرها.
ليجعل في دعايات الأوراق والنشرات وغيرهما مما تقدم، الأخلاقيات، والمسائل الشرعية، مثل: (الصدق حسن) و(الشجاعة ممدوحة) و(السخاء يوجب التقدم) و(من جاد ساد) و(الحسود لا يسود) و(عدم الغيرة من سقوط المروة) وهكذا.
وكذلك مثل بيان المحرمات نحو: (الخمر حرام) و(المسكر يضر بالصحة) و(العدة واجبة) و(محرمات الذبيحة كذا وكذا…) و(النظافة من الإيمان) و(من لم يحج مات يهودياً أو نصرانياً) و(إذا لم تأمروا بالمعروف سلط عليكم شراركم) و(أكل مال الناس بالباطل حرام) والي غير ذلك.
معامل الموزائيك والزجاج وما أشبههما، والأوراق المعدة للإلصاق علي جدران الغرف ونحوها، والقماش المعد للطاولات والكراسي ونحوها، كل هذه المعامل ينبغي لها أن يستعمل في نقوشها الآيات والأحاديث والكلمات الدينية..
لكن كل بحسب المناسبة، مثلاً الموزائيك المصنوع للمساجد وسقوف المدارس والحسينيات والبنايات يكتب عليها الآيات والروايات.
أما المعدّة لصحن الدار، فيكتب عليها الإرشادات العامة، وهكذا بالنسبة إلي غير الموزائيك، من سائر ما ذكرناه.
في مفارق الطرق ومداخل المدن ومراكز وقوف السيارات ونحوها، ينبغي جعل اللافتات الموجهة من آية، أو رواية، أو كلمة حكمية، أو مسألة شرعية، أو أخلاق، أو عقائد، أو ما أشبه، مثل:
?وادخلوها بسلام آمنين? في مدخل المدينة.
و?إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد ? عند مخرج المدينة، وهكذا.
يلزم تعميم الدعاية الإسلامية والإعلام الديني، علي النقود، مثل نقش صور المقدسات أو كتابة الكلمات الإسلامية وكذلك الصكوك وأوراق البنوك والكمبيالات وغيرها.
كما يلزم أن تكتب علي جدران المصارف ودكاكين الصرافين الآيات المناسبة، مثل: ?لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل?.
و: ?أحل الله البيع وحرّم الربا?.
و: ?إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً? إلي غيرها، وذلك حتي تتحول المصارف كلها إلي مصارف إسلامية، بإذن الله تعالي. فلا تنافي الآيات المذكورة حقيقة المصارف، وقد ألفت كتاباً حول كيفية التعامل في المصارف الإسلامية، وأن المصرف ليس بحاجة إلي الربا، وأن قوام الاقتصاد العالم لا يجب أن يتوقف علي الربا.
لللافتات قدر كبير من الأهمية في التوجيه والإلفات والتحريض والتنفير، ولذا يجب الاعتناء بها عناية خاصة وذلك، أن تنقسم إلي قسمين:
1: اللافتات الثابتة دائماً.
2: واللافتات المتحركة في المناسبات، والتي تجعل في الشوارع والمحلات العامة.
فاللازم ملأ البلاد باللافتات الثابتة، كما يلزم نصب مختلف اللافتات المتحركة في المناسبات، وكلما كان خط اللافتة أكثر بروزاً وأوضح كان أقرب إلي التأثير.
كما أن يلزم ان تكون اللافتات بخطوط نورية حتي تظهر في الليل.
وإذا حفت اللافتة بالمغريات كالألوان والأوتوماتيكات والحركات البديعة تكون أكثر تأثيراً.
يلزم نظم الأشعار القصيرة ذات المغزي ودفعها إلي العامة ليحفظوها، فتؤثر في نفوسهم تلقائياً.
ويلزم أن يكون الشعر خفيفاً، واضح المعني، مغرياً، حتي يكون أقرب إلي الحفظ والتأثير، مثلاً:
(من دون الإسلام لا نتقدم).
أو: (شعارنا الإيمان وكتابنا القرآن).
أو: (الله ربي أحد ونبينا محمد).
أو: (إن الخمور والسفور والبغا لكل سائل أثيم مبتغي).
ومثل الأشعار المفردة والرباعيات والأناشيد، ونحوها.
يلزم علي العاملين في حقول التثقيف الإسلامي تعميم الثقافة الإسلامية بمختلف اللغات، وذلك يكون ضمن تخطيط شامل، مثل أن نحصي اللغات في العالم، ثم نجعل في أمهات بلاد تلك اللغات مراكز للترجمة والنشر ونصدر الكتب والمجلات إلي تلك المراكز لتترجم إلي تلك اللغات وتنشر.
ولا يظن القارئ إن هذا الأمر مشكل، فإذا فرضنا أن هناك خمسمائة لغة حية ويحتاج كل مركز إلي خمسة آلاف دينار مثلاً، كان اللازم لمثل هذا المشروع مليونين ونصف، فإذا تشكلت لجنة قوامها عشرة من العلماء و الأثرياء تمكنوا من إنجاز ذلك في أقل من سنة.
يجب أن تعمم الثقافة الإسلامية لمختلف المستويات، آخذاً من الأطفال، فتصنع لهم الثقافة في الصور والتماثيل الورقية والكرتونية والحلويات وما أشبه، مثل أن تصب صورة الكعبة من الشكولاتة مثلاً إذا كان ذلك مناسباً.
وانتهاءً إلي أعاظم المثقفين والعلماء، ومروراً بطلاب المدارس، والعوام والأميين الذين لا يكتبون ولا يقرؤون.
للعارضات التي تبث الصورة والصوت أكبر التأثير في النفوس، ولذا يجب تعميم الثقافة الإسلامية والتمثيليات والمسرحيات الدينية في العارضات وتنشر في كل بيت ومكان، ويؤخذ لأجل عرضها الاحتفالات في مختلف المناسبات مثلاً:
في أيام الحج تعرض المعارضات المربوطة بالحج.
وفي أيام شهر رمضان تعرض المربوطة منها بالصيام والإفطار والصلاة.
وفي أيام المواليد والوفيات وأيام عاشوراء تعرض ما يناسب هذه الأمور..
وهكذا و هلم جرا…
وكذا يلزم عرض المسرحيات والأفلام والتمثيليات في مختلف المناسبات، وفي أيام الأعياد، والجُمَع، وغير ذلك.
يلزم ملأ الأشرطة من مختلف الدعايات والشعائر الإسلامية، كالقرآن المرتل ونهج البلاغة والأدعية والأحاديث والقصص الإسلامية وتفسير القرآن الحكيم وتعليم الوضوء والصلاة والأخلاقيات والعقائد والتعازي، وغيرها، لبيعها وعرضها في المناسبات، وفي الدكاكين والمحلات المناسبة..
آيات القرآن الحكيم، يلزم أن تكتب علي مختلف القطع لوضعها علي الجدران، منتهي الأمر الآيات القصيرة التي تدل وحدها علي المعني تجعل قطعة، والآيات الطويلة التي لها دلالات، تجعل كل جملة منها قطعة، والآيات القصيرة المرتبطة تجعل آيتان منها في قطعة، فمثلاً: ? إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي?.
و: ?وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي?.
و: ?مد هامتان فبأي آلاء ربكما تكذبان?.
و: ?يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلي أجل مسمي فاكتبوه?.
وإذا كان آخر الآية مربوطة بأولها، و لا يمكن جعلها في لافتة، لا تكتب وسط الآية، بل تجعل نقاط مكانها، مثلاً: ?قالت اليهود عزير ابن الله …. قاتلهم الله أني يؤفكون?.
وكذلك تجعل آيات القرآن الحكيم في الحوانيت والمحلات والدوائر والمخازن والسيارات والقطارات والطائرات والباخرات والشوارع والمساجد والحسينيات والمدارس والمعاهد والمستشفيات، والصيدليات والمجمعات والأسواق، وغيرها وغيرها…
وكما يصنع ذلك بآيات القرآن الحكيم، يصنع بجمل (نهج البلاغة) والأدعية والأحاديث الشريفة وأسماء الله عز اسمه والمعصومين (عليهم الصلاة والسلام).
وتكون أيضاً قطع بتواريخ مواليد ووفيات الأئمة (عليهم السلام) مع أسمائهم وألقابهم بل وأسامي العلماء والكبار، وكذلك ما ورد في الأحاديث القدسية من كلام الله تعالي لأنبيائه (عليهم السلام).
يلزم أن تنظم الدعايات الإسلامية، بمختلف أشكالها بعدد الأفراد، والأمم، واللغات، والأقطار، والبلدان، بحيث تجد كل لون من ألوان الحياة نصيباً من الدعاية الإسلامية.
وذات مرة قال لي فرد من أحد الأقليات الساكنة في العراق: هل أنتم مراجع الدين كتبتم رسالة بلغتنا حتي نستفيد نحن منها، ونتثقف بالثقافة الإسلامية؟
ومثل هذا التنظيم موجود عند الاستعماريين وعند المسيحيين، والمحروم منه نحن المسلمون..
يلزم عدم إخلاء خلف الكتب من الدعاية الإسلامية، بأن يكون في ظهر كل كتاب يخرج من المطبعة حسب المستطاع دعاية دينية:
إما من نفس الكتاب، إذا كان كتاباً إسلامياً.
وإما من خارجه، مثلاً إذا كان كتاب (كليلة ودمنة) يطبع خلفه دعاية إسلامية مناسبة، كما ينشرون الدعايات التجارية علي السجائر والكبريت والطفايات، ونحوها.
الإعلانات الإسلامية في الإذاعة والتلفزيون والصحف وما أشبه لها قيمة كبيرة، فاللازم اغتنام هذه الوسائل لأجل الدعاية الدينية.
سواء كانت الدعاية مربوطة بموسم ديني، كالإعلان عن الحج والصيام والأعياد والوفيات.
أو عن كتاب ديني أو مدرسة دينية أو مؤسسة إسلامية أو هيئة للقرآن الحكيم أو مجلس قراءة ووعظ أو قدوم عالم أو خطيب، أو ما أشبه ذلك.
والشركات الاقتصادية تخصص كل عام مبلغاً محترماً من ميزانيتها لأجل الدعاية، وتري من وراء ذلك إقبالاً هائلاً من الناس علي البضاعة، وكذلك الإعلان بواسطة الأوراق والمنشورات ونحوهما.
يلزم علي طلاب العلوم الدينية أن يعملوا في أبعاد مختلفة منها:
1: طلب العلم.
2: التأليف.
3: الخطابة.
4: التقوي.
5: الأخلاق الحسنة.
6: السعي لتطبيق القوانين الإسلامية.
7: إمامة الجماعة.
8: التأسيس للمؤسسات الإسلامية.
9: السفر لأجل الاطلاع علي أحوال المسلمين وغيرهم وإرشادهم.
10: هداية الشباب وتنظيمهم.
وهذه الأمور لا تنافي طلب العلم فإنه قبل فراغه من الدرس، يسافر في شهري رمضان ومحرم إلي بلد أو قرية، لأجل إنجاز الأعمال المذكورة، وبعد أن أتم الدراسة يتفرغ لأجل الأمور الباقية، بل كثيراً ما يتمكن طالب العلم وهو في المركز الدراسي أن يقيم الجماعة في مسجد وأن يشوق الناس لأجل تأسيس المؤسسات الدينية أو ما أشبه.
ولو فرضنا إن حوزة علمية كانت تحتوي علي خمسة آلاف طالب علم، وفرضنا إن كل واحد منهم تمكن من أن يؤلف كل سنة أربع كتب، وأن يؤسس في كل سنة مؤسسة دينية من مسجد أو مدرسة أو حسينية أو نحوها، كانت حصيلة أتعاب عشر سنوات: مأتي ألف كتاب وخمسين ألف مؤسسة.
وهذا أمر ممكن مع إرشاد الناس وتهيئتهم نفسياً عبر المنابر والتشويقات المستمرة، وكم تكون النتائج الإسلامية كبيرة، إذا تحققت مثل هذه الأمنية.
يلزم أن تحول كل أسامي الشوارع والمحلات والمعامل والمدارس والمساجد والحسينيات والحدائق والمطابع والفنادق بل وحتي الجرائد والمجلات والعلاقات وغيرها.. إسلامية.
كأن تسمي الشوارع بأسامي المعصومين (عليهم السلام) وأولادهم وأصحابهم، وتسمي غيرها بأساميهم أيضاً وبأسامي العلماء والمؤلفين والملوك العادلين وكذلك الأسامي التي توحي إلي الفضيلة أو تشير إلي مقدس إسلامي.
مثل شارع الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم)، وشارع الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومتجر مالك الأشتر، ومعمل الإخلاص، ومدرسة القرآن، ومسجد الإمام الحسن (عليه السلام)، وحسينية التقوي، وحديقة الزهراء (عليها السلام)، ومطبعة النشاط، وفندق المؤمنين، وجريدة الصدق، ومكتبة المرتضي، ومستشفي ابن
سيناء، وصيدلية بدر، وسوق حنين، ومصنع مكة …
وهكذا تكون العلامات والرموز إسلامية.
كما وينبغي أن تخصص بعض المؤسسات بأسامي البلاد الضائعة المحتلة مثل: مدرسة فلسطين، ومعمل القدس، ومكتبة الأندلس، ومسجد بادكوبة، وحديقة تركستان.
وذلك كي تبقي هذه الأسامي حية في الأذهان وتوحي إلي الإسلام أو إلي ذلك البلد الضائع.
كما إن من اللازم تسمية الأولاد بالأسامي الإسلامية، أمثال (عبد الله) و(محمد) و(فاطمة) و(زينب) و(علي) و(المهدي)، وما أشبه.
يجب ملأ البلاد بالمراكز الإسلامية كالمساجد والمدارس والحسينيات والمكتبات والنوادي والمسارح وغيرها.
فإن المركز الإسلامي مصدر إشعاع للإسلام علي طول الزمان، ويمكن استفزاز العزائم القومية والقبلية والقطرية وما أشبه لهذا الشأن، وذلك جائز، قال تعالي: ?وفي ذلك فليتنافس المتنافسون?.
مثل أن تستفز عزائم قطر بأن ذلك القطر مساجده أكثر، أو إن البلد الآخر فيه مدرسة دينية وليست لكم مدرسة دينية، وهكذا..
كما يمكن تكوين الهيئات وجعل الصناديق لهذا الشأن، واللازم ملاحظة النسبة البلدية والسكانية، مثلاً يكون لكل قرية نفوسها مائة: مسجد، ولكل مكان مزدحم: عدة مساجد تتلاءم مع الازدحام.
من الإعلام الديني والدعايات الإسلامية النافعة جداً، أن يقوم عالم كل بلد معين أو الهيئة التي في ذلك البلد تريد خدمة الإسلام بحوائج البلد، حتي يشعر أهل البلد بحيوية الإسلام، وقوته البناءة، وأنها لا تقتصر علي الأمور الدينية، كبناء المسجد وإقامة الصلاة، بل يمتد نشاطه إلي سائر المرافق الحيوية، أمثال المغتسل والحمام والمستوصف وتنظيم المواصلات والمدرسة للبنين والبنات، وفتح المكتبة، وتأسيس المطبعة.
وإذا كانت القرية بدائية ولم يصلها الماء والكهرباء والتليفون أو لم تبلط شوارعها أو لم يجعل فيها مركز الشرطة أو ما أشبه ذلك، سعي عالم البلد أو القرية أو المركز الإسلامي هناك لإيجاد كل ذلك …
كما إن علي العالم الكائن في البلد الكبير أن يسعي لنصب العلماء في القري المجاورة والسعي في تحسين أحوال المعيشة واستتباب الأمن.
فقد علل القرآن الحكيم وجوب عبادة الله تعالي بأنه: ?أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف?.
فإن الناس ينضوون تحت لواء كل من أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، وقد ذكرنا في كتاب (إلي وكلائنا في البلاد) طرفاً من هذه الأمور.
يلزم الاستفادة من الحسينيات والمساجد وما أشبه لمختلف ألوان التثقيف الإسلامي وما يرتبط بذلك، مثلاً المسجد:
1: يُصلي فيه.
2: ويوعظ فيه في أوقات الصلاة، ولو مواعظ قصيرة.
3: ويعقد فيه الدورات الدينية لتعليم القرآن والمسائل الإسلامية لعموم الناس.
4: ويحتفل فيه الاحتفالات في مناسبات المواليد والأعياد والوفيات.
5: وتصنع فيه مكتبة.
6: وتنشر فيه المناشير الدينية والكتب الإسلامية، يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً.
7: ويجتمع فيه في أوقات الزيارات والأدعية والأيام المتبركة، كشهر رمضان لأجل الزيارة أو الدعاء أو الابتهال أو ما أشبه ذلك، كإحياء ليالي شهر رمضان المبارك.
8: ويدرس فيه القرآن والفقه والأخلاق والعقائد للأشبال.
9: ويكون محلاً لتدريس العلماء والطلاب ومباحثاتهم.
10: ويجمع فيه المال
لأجل المشاريع الإسلامية.
11: ويعقد فيه الاجتماعات لأجل القضايا الإسلامية، كالدفاع في مقابل عدو أو تنظيم مشاورة دينية، أو ما أشبه ذلك.
12: ويكون محلاً للفواتح، واستقبال عالم، أو توديع خطيب أو ما أشبه ذلك.
ولنفرض إن في أوقات صلاة الجماعة، الإمام أو غيره، علّم الناس فضيلة أو مسألة أو عقيدة، كل يوم ربع ساعة موزعة علي الأوقات الثلاثة، وأعطاهم يومياً نشرة دينية، بمقدار نصف صفحة (تهيئ من أول السنة أو أول الشهر، لكل السنة أو كل الشهر نشرة لكل يوم) ولنفرض إن المأمومين مائة إنسان، دفع كل إنسان منهم كل يوم عشرة أفلس، لأجل المشاريع الخيرية، فكم تكون النتائج الإيجابية لمثل هذه الحركة؟
فإذا فرضنا إن ألف مسجد في قطر عملت نفس العمل، ألم يكن ذلك سيلاً من التثقيف والحركة الإسلامية الذي يجرف كل عقيدة مزيفة، وكل عمل باطل، وكل أخلاق منحرفة؟.
يلزم تشويق الناس لأجل المجالس الدورية والأسبوعية والشهرية والموسمية، مثلاً ثلاثون شخصاً يشكلون هيئة لأجل أن يجعلوا في بيوتهم المجالس، كل ليلة في بيت، أو يجعل كل إنسان في بيته في ليلة من ليالي الأسبوع أو ليلة من ليالي الشهر مجلساً، أو تجعل الهيئة أو الفرد مجلساً موسمياً في بيته أو في مسجد أو حسينية، مثلاً عشرة أيام في وفاة الإمام الصادق (عليه السلام) أو خمسة أيام في وفاة الزهراء (عليها السلام)، أو ثلاثة أيام في وفات الإمام الهادي (عليه السلام)، أو في أول الربيع من كل سنة، أو في شهر رمضان، أو في شهري محرم وصفر، أو في أول الصيف من كل سنة، وهكذا..
فإن المجالس في البيوت لها أكبر التأثير في التثقيف الإسلامي، وفي الاجتماع الإسلامي، بل وفي التربية الإسلامية أيضاً.
وكذلك تجعل المجالس في المناسبات
الأخر كالأعراس والختان وقدوم الحاج أو الزائرين أو في وقت ذهابهم إلي الحج أو الزيارة أو عند اشتراء دار جديدة أو فتح معمل أو مؤسسة أو دكان أو في أيام الغلاء والأمراض والحروب والشدائد، إلي غيرها من المناسبات.
من الضروري فتح التبشير الإسلامي أمام الكفار، فيري كل مسلم، وبالأخص أهل العلم والمال والقوة، أنفسهم مكلفين بهداية الناس إلي الإسلام.
كما كان كذلك في الأزمنة الإسلامية الغابرة.
فإن المسلمين إذا نظموا حملات تبشيرية واسعة النطاق وبالمستوي المطلوب لدخل كمية هائلة في الإسلام تقدر بمئات الملايين، فإن المثقفين الذين عرفوا بخرافة أديانهم ومذاهبهم، إذا عرفوا الإسلام علي حقيقته انهالوا عليه، وكذلك الطبقات المضطهدة والمظلومة والمتأخرة، إذا عرفوا جمال الإسلام، وإنه كيف ينجي الإنسان من الظالمين والمستغلين، وكيف يساوي بينهم وبين سائر الناس لأقبلوا علي الإسلام بكل رحابة وشوق.
فاللازم أن يكون التبشير بمختلف الوسائل المادية والمعنوية.
وإني أظن أنه لو تمكنا من تأسيس ألف مدرسة مزودة بالمكتبات والإمكانات اللازمة، يدير كل مدرسة هيئة من الطلاب الواعين لا يقل عددهم من خمسة، وكانت تلك المدارس في مدن العالم المهمة وتمكنا من نشر ألف مليون كتاب بمختلف اللغات والمستويات، تمكنا من اكتساب ما لا يقل من مأتي مليون مسلم، وذلك بدوره يؤثر تغييراً جذرياً في العالم كله.
ومن المعلوم أن ذلك يحتاج إلي تهيئة الجو الصالح من الدعايات الإذاعية والصحفية، ومعرفة كيفية التعامل مع الساسة وأرباب النفوذ إلي غير ذلك، وكل ذلك لا يحتاج من المادة إلي أكثر من مأتي مليون دينار، إذا كان التخطيط سليماً ومتحمساً، كما لا يحتاج من الوقت إلا إلي أقل من عشر سنوات خصوصاً والإسلام بنفسه وثاب أخاذ جلاب يجذب الناس إليه بتعاليمه وقوانينه الإنسانية التي تطابق الفطرة.
ثم ليس
من اللازم أن يكون هناك في أول العمل هذا المقدار من المال والرجال والإمكانيات، بل يشرع كل بحسبه، فتلتقي الخطوط، وتكون النتيجة خطاً واحداً مثمراً، بإذن الله تعالي.
هناك طاقات إسلامية هائلة معطلة، وطاقات إسلامية مستغلة، فمن اللازم علي رجال التثقيف الإسلامي أن يصنعوا المناهج والبرامج لأجل تشغيل كل الطاقات في سبيل التثقيف الإسلامي أو في سبيل دعم المسلمين وبلاد الإسلام.
فمثلاً: كثيرا من المسلمين رجالاً ونساءً أميون من ناحية العلم، وعاطلون من ناحية العمل أو شبه عاطلين، وقد أحصيت أنا مقاهي بلد إسلامي، والتي هي مصدر البطالة والضياع، فكانت سبعمائة مقهي، بينما أهل البلد دون المائة ألف إنسان.
فاللازم جعل مناهج لتثقيف هؤلاء، والاستفادة منهم هذا من ناحية الطاقات المعطلة .
أما من ناحية الطاقات المستغلة فإن أعداء الإسلام ثقفوا قطاعات كبيرة من المسلمين بالثقافة المناوئة أو المحايدة، كما نظموا كثيراً من النساء والرجال في منظمات منحرفة.
فاللازم تحويل هؤلاء إلي الثقافة الإسلامية، فتكون هنالك مناهج علمية وعملية للنساء، وللعمال وللفلاحين وللشبيبة وللمثقفين، وتكون تلك المناهج في أطر حديثة جلابة، وتكون إغرائها أكثر من إغراء المناهج الحالية التي نظمها أعداء الإسلام ليترك المسلمون تلك المناهج المستوردة، وينخرطوا في المناهج الإسلامية الصحيحة.
من الضروري في سبيل نشر الثقافة الاسلامية، وضع السدود أمام الحركات المناوئة للإسلام، سواء كانت حركات سياسية، أو حركات مذهبية، فإنه لو لم توضع السدود لعصفت تلك الحركات بالإسلام والمسلمين، ولو بالنسبة.
فمثلاً يجب أن تكون هناك هيئات إسلامية لتقف أمام حركات التبشير والاستعمار والمذاهب الباطلة والتيارات الوافدة.
كما يلزم أن تكون هناك كتب ومجلات وجرائد ومؤسسات لأجل نفس الهدف، وإلا لم نستطع الوقوف ضدها.
وحيث إن الحركات والأفكار الوافدة بكثرة هائلة، فاللازم علي الذين يريدون نشر الوعي الإسلامي أن يكون لهم أكبر قدر من الحزم والرؤية والاستقامة.
العالم والخطيب، وصلاة الجماعة والصيام والحج والمشاهد المشرفة والمساجد والكتب الإسلامية والمؤسسات الدينية والمفكرون الإسلاميون يحتاجون إلي الدعاية، فبقدر قوة الدعاية تتقوي هذه الأمور.
فمثلاً الخطيب الذي له دعاية بين الناس يلتف حول منبره أضعاف ما يلتف حول منبره إذا لم يكن له دعاية.
والحج إذا قورن بالدعاية ذهب إليه عدد أكبر بالقياس إذا لم يقارن بالدعاية، وهكذا في سائر الشؤون الدينية.
فاللازم علي القائمين بنشر الثقافة الإسلامية أن يهتموا لهذه الناحية أكبر اهتمام، مع ملاحظة أن تكون الدعاية عصرية وملائمة، فمثلاً إذا ظهر كتاب إسلامي جديد، يلزم أن ينشر عنه في الصحف ويذاع عنه في الإذاعة وينشر عنه في المناشير وتلصق صورة الكتاب تحت عناوين جذابة علي الجدران، وهكذا.
يلزم أن تهيئ سيارات لتبليغ الإسلام، وهي تكلف بمختلف الشؤون الإسلامية، مثل أن تكون هناك سيارات تحمل المبلغين في أوقات خاصة كليالي الجمعة مثلاً إلي القري والأرياف، ليؤدي كل مبلغ في قرية من القري صلاة الجماعة والوعظ والإرشاد وعقد النكاح وفصل الخصومات وتأسيس المسجد وهكذا..
وأن تكون هناك سيارات لأجل المكتبة فتحمل إلي القري والأرياف الكتب الإسلامية للمطالعة وللبيع.
وهكذا سيارات لأجل العارضات الإسلامية إلي غير ذلك.
كما يلزم أن تكون سيارات لأجل إعلان المواسم الإسلامية في داخل المدن وخارجها.
يلزم أن تنشر في المدينة مكبرات الصوت، المتصلة بمركز واحد لأجل إلقاء الكلمات الدينية فيها، في كل يوم مرة أو مرتين أو ثلاث حسب الحاجة، ويلزم أن يكون الإلقاء لدقائق حتي لا يزعج الناس، وأن تكون الكلمات جميلة وجذابة.
مثلاً كلمة الصباح تكون حول التفسير، وكلمة الظهيرة تكون حول تاريخ الإسلام، وكلمة المساء تكون حول العقائد والمسائل والأخلاقيات.
وهذا الأمر له أكبر قدر من الفائدة، لأن العموم يستفيدون منها، بدون الاحتياج إلي طاقة كبيرة.
يلزم تأسيس مؤسسة تخدم الإسلام بالمكاتبة، بأن يكون القائمون عليها يراقبون الإذاعات والتلفزيونات والصحف والكتب ويستطلعون أحوال الشخصيات العالمية، فإذا رأوا من أحدها أو أحدهم شيئاً ينافي الإسلام، كتبوا إليها أو إليه بموضع الخطأ، مع كل احترام ولباقة لئلا يستثيروا فيه النخوة فتأخذه العزة بالإثم.
وبالإضافة إلي ذلك يكاتبون شخصيات العالم ومختلف الإذاعات لأجل إدخال الإسلام في أفكارهم، وإذا رأوا من أحدهم خشونة وتجافياً استدرجوه بالهدايا من الكتب وما أشبه لأجل استمالته إلي الإسلام.
وإذا كانت للمؤسسة مجلة ينشرون فيها ما يصلح للنشر من الخدمات كان النفع أهم والفائدة أتم.
يلزم أن تهيئ في دور العلماء والخطباء والمؤسسات الإسلامية، في أوقات خاصة هواتف لأجل الإجابة علي كل سؤال ديني، حتي يكون كل إنسان قادراً علي السؤال الديني، في أي وقت شاء، بدون كلفة المجئ، وصعوبة المواجهة، ويعلن عن هذا الأمر في الجرائد ونحوها ليعرفه العموم…
وكذلك تخصص صناديق خاصة من البريد لأجل استقبال الأسئلة الدينية الكتابية، وكذلك تقرر أماكن معينة في ساعات خاصة للأجوبة الشفوية علي مختلف المسائل الدينية.
يلزم أن تكون هيئة دينية لأجل تنظيم الدروس الدينية بالمراسلة لمختلف المستويات، ويقرر لذلك درجات وشهادات ومنح وجوائز. ثم أن هذه الدروس الدينية يلزم أن تكون علي قسمين: 1: قسم للمسلمين. 2: وقسم لغير المسلمين.
ويجب أن يواكب هذه الدروس الدينية، قدراً كبيراً من التشجيع والإغراء بحيث تفرض نفسها علي المجتمع، وإلا فالغالب إن الناس لايرغبون إلي أمثال هذه الأمور، فإن الناس اعتادوا أن يسيروا إلي ما يملأ مطالبهم الجسدية والمادية. ولذا فمن الضروري الاهتمام لأن يكون مختلف الأمور الدينية مخلوطة بالأمور الدنيوية، حتي يكون إقبال الناس علي الدنيا محفزاً لإقبالهم علي الدين، قال سبحانه: ? ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة?.
ينبغي أن تعلق في المساجد والحسينيات وأمثالها نشرات مدرسية تكتب فيها مختلف المقالات الإسلامية في أسلوب جذاب، يقرؤها من يرتاد هذه الأماكن.
وكذلك في المشاهد المشرفة، علي أبواب الصحن والكشوانيات ونحوهما.
ومن جملة أسلوب النشرات أن تكتب بالخطوط الكهربائية أمور إسلامية مهمة، وإذا كانت علي نحو الأوتوماتيك تجلب الانتباه أكثر فأكثر.
من الضروري علي المفكرين الإسلاميين عقد المؤتمرات الدورية، مثل مؤتمر المفكرين، ومؤتمر أصحاب المؤسسات الدينية، ومؤتمر الكتّاب، ومؤتمر العلماء، ومؤتمر الخطباء، إلي غيرها من ألوان النشاط الإسلامي.
فإن الاندماج الفكري مما يثمر الثمار الصالحة، وهذا الأمر يمكن ابتداءه في مستوي منخفض، مثل أن يجتمع عدة من مفكري بلد أو بلاد في قطر واحد كل سنة مرة، ثم يتوسع النشاط وتشمل المؤتمرات للأقطار وتكون لها الفروع واللجان، والأمانات العامة والأرصدة العالمية.
إن مادة معيشة الإنسان واحدة ولكن الهيئات والأشكال جديدة، فمادة المسكن والسيارة واللباس والطعام ونحوها واحدة لكن الصور تختلف.
كذلك يجب اتباع قانون التطور الذي جبل الإنسان عليه في الأمور التبليغية سواء كان من حيث أسلوب الدراسة أو أسلوب الكتابة أو أشكال الصحف والمجلات أو كيفية المجالس أو غيرها، لكن اللازم حفظ الكتاب والسنة في كل الأشكال والأطوار، وإنما المقصود تبديل الأزياء فقط.
ومن المعلوم إن مثل هذا التطوير بحاجة إلي مهندس إسلامي قدير يتمكن أن يجلب الانتباه إلي الإسلام بمختلف الوسائل والألوان.
من اللازم أن تقوم في كل بلد هيئة أو أكثر لتحفيظ الناس الكتاب الحكيم، والسنة المطهرة، أخذاً من أقوال الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) ومروراً بنهج البلاغة والصحيفة السجادية وانتهاءً إلي أقوال الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه الشريف).
وذلك بفتح مدارس لهذا الشأن وجعل جوائز ومنحها لمن حفظ الكل أو البعض، ودعم الحفظة مادياً ومعنوياً، وخلق كيان لهم في الاجتماع ليرغب في الحفظ حتي من يريد الدنيا والجاه والمال.
ينبغي عقد المسابقات الدينية في مختلف المجالات، مثلاً:
1: المسابقة في حفظ القرآن ونهج البلاغة وما أشبه.
2: المسابقة لمن يكتب أفضل كتاب في موضوع معين مرتبط بالإسلام.
3: المسابقة لمن بني أفضل مسجد أو مدرسة أو حسينية.
4: المسابقة لمن كتب أفضل مقالة.
5: المسابقة لمن خطب أحسن خطبة.
6: المسابقة لمن كوّن أفضل هيئة إسلامية.
7: المسابقة للمجلس الذي له حضور أكثر من سائر المجالس.
8: المسابقة لمن يجيب علي أكثر الأسئلة الشفوية، أو المنشورة في مجلة أو نشرة.
9: المسابقة لمن كانت عدد حججه أو زياراته أو كتبه أو مقالاته أكثر من غيره.
10: المسابقة لمن تمكن من تأسيس المؤسسات وعقد الهيئات أكثر من غيره. إلي غيرها من أقسام المسابقات.
يلزم أن تتكون هيئة من الناس تجمع مثلاً خمسة آلاف دينار لأجل الخدمة الإسلامية.
بأن تجعل تلك الخمسة آلاف علي صورة جوائز بالاقتراع، فتعلن إن أي إنسان اشترك بدفع نصف دينار مثلاً لبناء مدرسة أو مسجد أو ما أشبه، يدخل اسمه في القرعة، ثم يعطي للفائز الأول سيارة، وللفائز الثاني ثلاجة، وهكذا.
فإذا جمع المال بالقدر الكافي اقرعوا وأجازوا الفائزين، وليس هذا من (اليانصيب) الحرام، فإن البذل هنا للإسهام في مشروع إسلامي، والجائزة من مال الهيئة.
إن الكتب الإسلامية المخطوطة التي لم تطبع بعد هي أكثر من الكتب التي طبعت، وتلك المخطوطات تبعثرت في مختلف بلاد العالم، وفيها من التفسير والاعتقاد، والفقه والأخلاق وسائر العلوم الدينية والدنيوية الشيء الهائل.
فاللازم أن تكوّن لجنة مهمتها جمع التراث الإسلامي وطبعه.
وهذه اللجنة تحتاج إلي مال كبير، لكن يمكن ابتداؤها بعشرة آلاف دينار مثلاً تخصص لطبع الكتب، الأولي فالأولي، ونشرها وبيعها بأرباح معقولة..
واللازم أن تجعل للكتب القديمة فهارس وعناوين وهوامش موضحة وما أشبه ذلك.
وان جعل الأمر علي نحو اشتراكات كانت المهمة أيسر والتقدم أسرع.
من أفضل الطرق، لأجل إنماء وتسريع المشاريع الإسلامية هي الاشتراكات، مثل إنه إذا أردنا أن نطبع كتاباً نطبع اشتراكات ونبيعها بأسعار معقوله، ثم نطبع الكتاب من تلك الاشتراكات.
وكذلك إذا أردنا تأسيس مؤسسة أمكن أن نأخذ من الناس أموالاً لأجل أن نصرف نصف ربحها في المشاريع الاسلامية ونعطي نصف أرباحها لهم، أو ما أشبه ذلك.
يلزم عقد مواكب إسلامية لأجل الحج أو زيارة المشاهد المشرفة في المناسبات أو المواسم:
كمواكب لعمرة رجب، أو لزيارة سامراء، أو لزيارة الإمام الرضا (عليه السلام)، أو لزيارة مسجد الكوفة، أو مسجد براثا، أو مسجد الجمجمة، أو مسجد البصرة، أو النواب الأربعة، أو لزيارة مراقد الأنبياء (عليهم السلام)، أو أولاد الأئمة (عليهم السلام) أو العلماء أو الصلحاء أو المقامات المأثورة، إلي غيرها…
ويلزم تنظيم المواكب بحيث تظهر بالمظهر الديني في طول الطريق، من إقامة الجماعة وعقد مجالس التعزية والوعظ وجعل المكبرات علي السيارات لقراءة القرآن ومجالس العزاء والردات الحسينية ونصب اللافتات الدينية علي أطراف السيارات.. إلي غير ذلك.
للإسلام في البلاد الإسلامية وغير الإسلامية عدد كبير جداً من المؤسسات والمشاريع والعلماء والمكتبات وغيرها، كما أن المسلمين غالباً منقطع بعضهم عن بعض خصوصاً الذين يعيشون في صورة أقليات في بلاد غير إسلامية، فمن الضروري:
أولاً: مسح عام للأمور الإسلامية، من هيئات ومنظمات ومكتبات ومدارس ومؤسسات ومشاهد ومساجد وحسينيات ونوادي وجمعيات ودور النشر ومطابع ومآتم وغيرها وغيرها، وجمع كل ذلك مع الصور والتوضيحات، في مجلدات متسلسلة، مزدانة بالصور والإيضاحات، مع فهرستها فهرسة:
1: أبجدية.
2: وقطرية.
3: وتصنيفية.
مثلاً يذكر مشهد الإمام الحسين (عليه السلام) تارة في حرف (الحاء) وتارة في الباب المربوط (بالعراق) وتارة في صنف (المشاهد)، وهذه العملية وإن كانت صعبة لكنها للجان مخلصة تعمل باستمرار أمر ممكن بل كائن، فإن (همم الرجال تزيل الجبال….).
وثانياً: إحصائية دقيقة للمسلمين في مختلف أماكنهم، وذكر ما يتعلق بهم جغرافياً واقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وما لهم من قوة أو ضعف وأسبابها …
وثالثاً: ربط المسلمين بعضهم ببعض، بسبب الصداقات والمراكز والمجلات والمؤتمرات ونحوها، ومن الممكن الاستفادة من الحج ومن زيارات الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لأجل هذه الغاية.
يلزم علي القائمين بالحوزات العلمية الدينية وضع تخطيط شامل ودقيق لجلب الطلاب من كل بلد وقطر، ليدرسوا في الحوزة العلمية، ثم يرجعوا إلي أهاليهم مبشرين بالدين الإسلامي.
وذلك في مقابل التخطيطات السياسية وما أشبه التي تحول غالباً دون انتقال الطلاب من بلد إلي بلد إلا بوثائق سفر رسمية، حتي إذا سمح له بالذهاب فإنه يعد أجنبياً في ذلك البلد ولايتمكن من العمل، ولذا يجب تدارك هذا الأمر بالنحو الملائم للعصر.
ومن الضروري أن تلاحظ النسبة بين أهالي كل بلد، وبين عدد طلابه الذين يحتاج إليهم لنشر الإسلام هناك.
الكشافة: هي مجموعة من الطلاب الذين يلبسون ملابس خاصة لأجل الاستعراض في الشوارع، ابتهاجاً بفرح أو حداداً علي مأساة.
والجوالة: هي الجماعة من الطلاب الذين يسافرون إلي الأماكن الأثرية للاستطلاع أو ما أشبه ذلك.
ومن الضروري تكوين الكشافات والجوالات الإسلامية، فإن في ذلك ترويج إسلامي رائع وتدريب للطلاب في الجوالات علي التمكن من مزاولة الحياة.
ومن اللازم إن يقارن بهذين الأمرين أمور إسلامية أخري، ليكون أبلغ في الأثر، مثل الأمور التي ذكرناها بالنسبة إلي المواكب الإسلامية.
من اللازم أن تكتب كتب بشأن نقاط ضعف البلاد غير الإسلامية التي يمكن دخول الإسلام بسببها إلي الأفئدة، مثلاً:
نقطة الضعف عند السود في أمريكا إنهم يعدون حسب القانون من الدرجة الثانية، فإذا عرف ذلك المبلغ الإسلامي تمكن من أن يوضح للسود أنهم إذا أسلموا كانوا كالبيض ف(لا فضل لأبيض علي أسود إلا بالتقوي).
وكذلك نقطة الضعف عند أهل القطر الذين يعيشون في قطر آخر أنهم من الدرجة الثانية حسب التقسيمات السياسية فيمكن للمبلغ الإسلامي أن يوضح لهم إن القانون إذا كان قانون الإسلام، لم تكن هناك درجات، بل?كل امرء بما كسب رهين?، وهكذا وهلم جرا.
فإذا كتبت هذه النقاط في كتب وأصبحت بيد المبلغين، استفادوا منها أكبر قدر ممكن في نشر الإسلام عقيدةً وشريعةً ونظاماً..
كما إن لكل بلد علاقة بشيء ما، فإذا كتبت هذه العلاقات في كتاب أو كتب لاستفاد المبلغ الإسلامي منها في استقطاب الناس إلي الإيمان والفضيلة، فمثلاً الغربيون غالباً يهتمون بالعلم والجمال والسلام والاقتصاد، فإذا ذكرنا لهم اهتمام الإسلام بهذه الأمور وكيفية تنظيم الإسلام لهذه الأمور في نظام هو خير من نظام الغرب بل من كل الأنظمة الوضعية لأقبلوا إلي الإسلام واعتنقوه إيماناً به وتصديقاً لمبادئه السامية.
إن دنيا الحضارة اليوم تهتم بالشهادة اهتماماً بالغاً، ولذا فمن اللازم أن يكون هناك في حملة الإسلام أناس ذو شهادات راقية حتي لا ينظر إلي حملة الإسلام بنظرة الازدراء ولكي يواكبوا عصر التطور والسرعة.
كما إن غير الحاملين للشهادة يمكن أن تنظم دروسهم بحيث تكون لهم امتحانات وشهادات وجوائز ومراتب، فإن العمل غير المنظم يكون مصيره الانزواء والانكماش في دنيا كل أعمالها منظمة. كما يجب تأسيس المدارس والجامعات الإسلامية، لأجل هذه الغاية، وسائر الغايات النبيلة، ويلزم أن يكون
ذلك تحت نظر شوري المراجع.
يجب أن يدخل حملة الإسلام والمبلغون في كل لباس وعلم وفن، فاللازم إن يكون عندنا أطباء ومهندسون ومحامون وحكام وموظفون كلهم من حملة الإسلام والمبشرين به.
وذلك لأجل نشر الإسلام في كل مجال من مجالات الحياة ولئلا يقال: إن الإسلام دين المسجد والمقبرة فقط كما أشاعه أعداء الإسلام.
والإنسان إذا تصفح تاريخ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) يري أن تلاميذهم كانوا يزاولون مختلف المهن، فمن تمار إلي طحان، إلي بزاز، إلي جمّال وإلي غيرهم.
من الضروري علي حملة الإسلام تدارك حملة خاصة لدحض الافتراءات والشكوك التي أثارتها الأعداء حول الإسلام، كالخرافية والرجعية، والجمود والتأخر، وإنه دين الموت لا الحياة، وإنه دين العبودية، إلي غيرها وغيرها.
كما إن من التهم الموجهة إلي الإسلام إنه لم يطبق في الحياة، إلا في أيام قلائل، أو أن الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) لم يتمكن إلا من تربية أفراد قلائل، فإذا لم يتمكن الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) من التربية فكيف يتمكن غيره؟.
وإن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يتمكن من هداية الناس فلم يقبل الناس قيادته، فهل يمكن أن يقبل الناس قيادة قائد إسلامي آخر؟
وإنه كان دين الصحراء والجمال لا دين المدنية والحضارة، إلي غيرها وغيرها.
فإن كل هذه افتراءات أو مغالطات تنطلي علي بعض البسطاء.
ومن هذا القبيل أقاموا الاستدلال لعدم صلاحية الإسلام للعصر الحاضر بأن قوانينه لا تلائم العصر، مثل قانون قطع يد السارق وحرمة الربا وقانون الحلية والحرمة والطهارة والنجاسة والمحرم والأجنبي وأحكام أهل الذمة وأحكام العبيد والإماء إلي غير ذلك مما ملأت كتب الغرب والشرق.
ومثل ذلك مغالطة أن الدين مهما كان فهو قيد، والإنسان الحر لابد وأن يرفض الدين، وان الدين أفيون الشعوب،
ون رسول الإسلام تعلّم من (بحيرا)، وأنه كان ميالاً للنساء، وأن إباحة تعدد الزوجات ظلم للمرأة إلي غيرها.
فهذه الاشكالات لها أجوبة مفصلة ومقنعة مذكورة في محلها، فإن الأعداء عندما عجزوا من محاربة الإسلام بالمنطق والدليل، أخذوا بإشاعة هذه الافتراءات.
للشعر والشعراء والأدب والأدباء، سوق رائج في كل عصر ومصر، ولذا من الواجب علي حملة الإسلام عناية خاصة بهؤلاء لأجل استخدامهم في نشر الإسلام وبث الوعي.
فمثلاً لابد وأن يكون في قطر نفوسه عشرة ملايين: ألف ديوان شعري ومئات الكتب الأدبية التي تخدم كلها القضية الإسلامية والثقافة القرآنية.
ولا يظن إن ذلك صعب، فإن الشعراء كثيرون وهم غالباً قانعون بشيء زهيد من المال، وبقدر من التجليل والاحترام، وكذلك بالنسبة إلي الأدب والأدباء.
للأساليب الروائية تأثير خاص في نفوس الناس.
ولذا يلزم صب الأمور الإسلامية في قالب الأساليب الروائية، كما فعل ذلك المرحوم الشيخ جواد البلاغي في كتابه القيم (الرحلة المدرسية).
وكذلك صنع بعض العلماء الآخرين.
وهكذا بالنسبة إلي الصور الكاريكاتورية والتماثيل المتحركة والأجسام المطاطية التي ينفخ فيها فتكون تمثالاً.
يلزم الاستفادة من العطل المدرسية لأجل جمع الشباب في حلقات دينية أو لأجل تكوين دورات لهم يدرس فيها القرآن والفقه والعقائد والاخلاق وما أشبه ذلك.
وكذلك بالنسبة إلي الطالبات.
ينبغي أن يجعل في كل عام أسبوعاً للتثقيف، يقوم فيه حملة الإسلام بحملة واسعة النطاق في القري والأرياف والمدن بكل الوسائل والسبل لأجل نشر الإسلام والفضيلة، وتركيز دعائم الإيمان.
فإن مثل هذا العمل خليق بإيجاد جو مفعم بالحركة والنشاط المثمر لأفضل الثمار في حقول العقيدة والعمل.
يلزم أن تنعقد في كل عام معارض للكتب الإسلامية، علي نحو معارض (الصناعات الدولية) والأزياء وغيرها.
ويلزم أن تجند لها أكبر قدر ممكن من المغريات الموجبة لكثرة الإقبال، وزيادة البيع والشراء والاقتناء للكتب الإسلامية والاشتراك في المجلات الدينية واشتراء الأشرطة القرآنية والدينية وغيرها.
واللازم أن تكون الكتب غير منحرفة، وإلا كان ضرر ذلك أكثر من نفعه.
من اللازم تأليف كتاب يحتوي علي فلسفة الأحكام الإسلامية علي ضوء العلم الحديث.
فقد ظهرت جملة كبيرة من الاكتشافات والمخترعات مما يؤيد ما ورد في الإسلام من الأحكام، سواء المرتبطة منها بأصول الدين أو بفروعه أو بأخلاقه أو بأنظمته.
ومثل هذا الكتاب نصر كبير في مقام تقوية الإيمان، وفي مقام جلب الناس إلي الإسلام.
شؤون المرضي
يلزم أن يستفاد من حال المريض في الوعظ والإرشاد والتوجيه، ومن الممكن أن يعرض علي المريض النذر بأنه إذا شافاه الله تعالي أسس مؤسسة خيرية أو طبع كتاباً دينياً أو أوقف وقفاً للشؤون الإسلامية، أو يعرض علي المريض الوصية بثلث أمواله للشؤون الدينية.
وكذلك مثل حالة المريض حالة من له مريض فإنه أقرب نفساً إلي التقبل.
وإذا قامت حملة لجمع الأثلاث وصرفها في الشؤون الإسلامية لكان ذلك من أكبر الخدمات الإسلامية، فإن المال عصب الحياة.
يمكن للإنسان أن ينتهز كل فرصة في سبيل خدمة الإسلام، حتي إنه إذا رأي بطلا قال له: ليتك كنت تصرف بطولتك في سبيل الجهاد لتنال الفخر والأجر.
وإذا وجد عند إنسان صوتاً جميلاً قال له: يا ليتك كنت تحفظ القرآن لتكون مقرياً ممتازاً يلتف حولك الناس..
وإذا وجد أرضاً فارغةً قال: ليتها كانت مسجدا أو مدرسة أو حسينية أو مؤسسة دينية لينال صاحبها خير الدنيا والآخرة، إلي غير ذلك.
فإن الإنسان يلزم أن يكون داعية إلي الإسلام في كل مناسبة وفي جميع المجالات، فإن لمثل هذا الإنسان أكبر الأثر في تركيز دعائم الإسلام وتطبيق الدين في الحياة، فإذا اعتاد جماعات كثيرة من الناس علي هذا المنوال كانت النتائج إيجابية مائة في المائة.
من الضروري علي كل عامل في الحقول الإسلامية، أن يكتب مذكرات، يملأها بتجاربه وآرائه وما لاقاه من الصعوبات وما جناه من الثمار.
وكذلك يذكر مشاهداته ورحلاته، ومن رافقهم ومقدار الطريق إلي كل هدف إسلامي وصعوباته، وما يعترض طريقه من المشاكل، وما سمعه وما قاله في سبيل خدمته..
فإن المذكرات أفضل درس للإنسان المبتدئ، يقوي عزمه ويبصره الطريق ويهديه إلي سواء السبيل.
وهذا آخر ما أردنا ايراده في هذا الكتاب، نسأل الله سبحانه أن يوفقنا للعلم والعمل، وأن ينفع العاملين بهذا الكتاب علي المستوي الذي قصدته حين كتابته، إنه ولي ذلك وهو الموفق المستعان.
سبحانه ربك رب العزة عما يصفون وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين.
الكويت
23 / ذي القعدة / 1392ه ق
محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي
- كالمفكرين والعلماء من كل أمة.
- راجع كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم) ج1،2 و(موجز تاريخ الإسلام) و(كيف انتشر الإسلام) للإمام المؤلف (دام ظله).
- أي الثقافة والحضارة الغربية.
- راجع كتاب (لماذا تأخر المسلمون)، و(من أسباب ضعف المسلمين) للإمام المؤلف (دام ظله).
- سورة الأنفال: 46.
- سورة الحمد: 1.
- سورة الكهف: 39.
- سورة البقرة: 156.
- الكافي: ج2 ص425 ح4.
- تحية باللغة الإنكليزية.
-أي: شكراً، بالفرنسية.
- أي ما يقتبس من الاسلام، كالآيات القرآنية والروايات الدالة.
- سورة يوسف: 103.
- سورة البقرة: 249.
- سورة البقرة: 83.
- سورة المائدة: 2.
- سورة آل عمران: 110.
- سورة الرعد: 11.
- سورة الزمر: 9.
- قال (صلي الله عليه وآله وسلم): (أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض) بحار الأنوار ج18 ص213 ب1 ح43، عن الكافي.
- من لا يحضره الفقيه: ج4 ص334 باب2 ح5719.
- سورة الواقعة: 10و11.
- الأمالي للشيخ الصدوق: ص446 المجلس 68، وبحار الأنوار: ج74 ص386 باب 15 ح10.
- بحار الأنوار: ج70 ص130 باب 122 ح 135.
- الأمالي للشيخ الصدوق: ص427 المجلس 66 ح1.
- راجع مصباح الكفعمي: ص134 في أدعية ساعات النهار.
- والي الآن توجد بعض الدول التي تلتزم بالمقادير الخاصة بها حفاظاً منها علي تراثها، مع ما توجهها من صعوبات في مخالفة المقاييس والمقادير المتفق عليها عالمياً، مثل (بريطانيا).
- إشارة إلي قوله تعالي:
?إن أكرمكم عند الله أتقاكم? سورة الحجرات: 13.
- تحف العقول: ص368.
- معدن الجواهر: ص21.
- وسائل الشيعة ج 5 ص84 باب50 ح 5989، عن أبي عبد الله (عليه السلام).
- سورة البقرة: 138.
- سورة الأعراف: 199.
- الاختصاص: ص342 بعض وصايا لقمان الحكيم لابنه.
- سورة النساء: 1.
- وفي بحار الأنوار ج71 ص227 ب 15 ح21 عنه (صلي الله عليه وآله وسلم): (من لم يرحم صغيراً ولا يوقر كبيراً فليس منا).
- قاعدة فقهية معروفة، وصدرها رواية، راجع بحار الأنوار: ج2 ص272 باب33 ح7 وفيه: (قال (صلي الله عليه وآله وسلم): الناس مسلطون علي أموالهم).
- سورة الطور: 21.
- راجع موسوعة الفقه، كتاب القواعد الفقهية، للإمام المؤلف (دام ظله).
- سورة النحل: 90.
- سورة البقرة: 83.
- سورة الأنعام: 152.
- سورة آل عمران: 110.
- سورة التوبة: 129.
- سورة الطور: 21.
- راجع الكافي: ج5 ص71 ح1. وفيه: (نعم العون علي تقوي الله الغني).
- الكافي: ج1 ص30 ح1.
- بحار الأنوار: ج100 ص219 باب1 ح14.
- راجع مستدرك الوسائل: ج3 ص352 باب27 ح3757. وفيه: حدثنا أبو عينية قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا نأتي صديقاً لنا فنصعد فوق بيته ونصلي وعلي البيت حنطة رطبة مبسوطة علي البيت كله فنصلي فوق الحنطة ونقوم عليها فقال: (لولا أعلم أنه من شيعتنا للعنته أما يستطيع أن يتخذ لنفسه مصلي يصلي فيه).
- إشارة إلي قوله تعالي: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) سورة البقرة: 261.
- إشارة إلي قوله تعالي: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس بانهم قالوا إنما البيع مثل الربا) سورة البقرة: 257.
-
سورة الحجرات: 13.
- راجع تحف العقول: ص368، وفيه: (الناس سواء كأسنان المشط).
- بحار الأنوار: ج57 ص181 باب34 ح12.
- سورة القلم: 51.
- سورة البقرة: 255.
- بحار الأنوار: ج 59 ص291 باب 89 ح72.
- سورة الزمر: 9.
- سورة الأنفال: 60.
- بحار الأنوار: ج101 ص274 باب3 ح9.
- سورة النحل: 90.
- الكافي: ج7 ص51 ح7.
- سورة لقمان: 34.
- سورة الشعراء: 80.
- سورة الرعد: 35.
- سورة النساء: 4.
- سورة الأنبياء: 80.
- راجع (من لايحضره الفقيه): ج4 ص398 ب2 ح5853 عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ? قال: (اذا كان يوم القيامة جمع الله عزوجل الناس في صعيد واحد ووضعت الموازين فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجح مداد العلماء علي دماء الشهداء).
- سوره الملك: 30.
- سورة الزخرف: 13.
- سورة الملك: 19.
- الكاشي والسيراميك التي تستعمل لتزيين الجدران.
- سورة القلم: 51.
- سورة التوحيد: 1.
- سورة الكوثر: 1.
- سورة البقرة: 255.
- سورة يونس: 35.
- سورة الحجرات: 13.
- الأمالي للشيخ الصدوق: ص446 المجلس 68 ح9.
- سورة الحجرات: 12.
- سورة البقرة: 83.
- سورة المائدة: 2.
- سورة المائدة: 2.
- سورة المائدة: 105.
- غوالي اللئالي: ج1 ص270 الفصل العاشر ح79.
- سورة الأنعام: 160.
- ككتابة قوله (صلي الله عليه وآله وسلم): (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) وما أشبه.
- سورة الحجرات: 6.
- إشارة إلي قوله (صلي الله عليه وآله وسلم): (الراشي والمرتشي والماشي بينهما ملعونون). بحار الأنوار: ج101 ص219 باب1 ج14.
- كقوله (عليه السلام): (من قضي حاجة لأخيه كنت واقفا عند ميزانه فإن رجح وإلا شفعت له). غوالي اللئالي ج1 ص374 ح89.
- كقوله تعالي: (وقفوهم انهم مسئولون) الصافات 24.
- المناقب: ج3 ص241.
- مجموعة ورام: ج1 ص126 باب ما جاء في الحسد.
- مجموعة ورام: ج1 ص81 باب
العتاب.
- تحف العقول: ص96.
- بحار الأنوار: ج63 ص494 باب1 ح41.
- مستدرك الوسائل: ج16 ص319 باب92 ح20016.
- راجع مستدرك الوسائل: ج8 ص18 باب6 ح8952، وفيه: عن أبي عبد الله (عليه السلام): (من مات ولم يحج حجة الإسلام فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً).
- إشارة إلي قول أبي الحسن ?: (لتأمرن بالمعروف ولتنهين عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم). مشكاة الأنوار: ص50 الفصل13.
- قال تعالي: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) سورة البقرة: 188.
- سورة الحجر: 46.
- سورة القصص: 85.
- سورة البقرة: 188.
- سورة البقرة: 275.
- سورة النساء: 10.
- راجع للإمام المؤلف: (لمحة عن البنك الإسلامي) و(الفقه: الاقتصاد) و(الاقتصاد الإسلامي المقارن) و…
- سورة النحل: 90.
- سورة النحل: 90.
- سورة الرحمن: 64.
- سورة البقرة: 282.
- سورة التوبة: 30.
- سورة المطففين: 26.
- سورة قريش: 4.
- قد طبع أخيراً الطبعة الثانية من هذا الكتاب منقحة مزيدة، دار الصادق بيروت لبنان.
- للتفصيل الأكثر راجع (رسالة المساجد والحسينيات) للإمام المؤلف (دام ظله).
- راجع كتاب (كيف يمكن نجاة الغرب) للإمام المؤلف (دام ظله).
- وفي هذا الزمان (الانترنيت) و(الأقمار الصناعية) وما أشبه.
- كالأجهزة التي تعرض الأفلام الإسلامية.
- قد تنبه سماحة السيد المؤلف بنظرته الثاقبة إلي الحاجة إلي الدراسة الدينية بالمراسلة منذ ذلك الزمان والتي أجرته بعض الجامعات الإسلامية الآن.
- سورة البقرة: 201.
- مما يعبر عنها بالموديل.
- ذكرت الاحصاءات الأخيرة: إن عدد المسلمين في العالم بلغ المليارين. راجع كتاب (عندما يحكم الإسلام) لعبد الله فهد النفيسي 1997م.
- إشارة إلي قوله (صلي الله عليه وآله وسلم): (أيها الناس ان ربكم واحد وأن أباكم واحد لا فضل لعربي علي عجمي ولا لعجمي علي عربي ولا لأحمر علي أسود ولا لأسود علي أحمر
إلا بالتقوي) معدن الجواهر: ص21.
- سورة الطور: 21.
- قال تعالي: ?إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم? سورة الحجرات: 13.
- طرح الإمام الشيرازي فكرة (شوري المراجع) قبل ما يقارب من ثلاثين سنة، منها في هذا الكتاب وقد فصلها فيما بعد وكتب كتباً ودراسات فيها: راجع (كتاب البيع المجلد الخامس) وكتاب (الشوري في الإسلام) و(الفقه طريق النجاة).