وأزيلت الحرمة

اشارة

اسم الكتاب: وأزيلت الحرمة

المؤلف: حسيني شيرازي، صادق

الموضوع: معصومين(ع)

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: سلسله

مكان الطبع: قم

تاريخ الطبع: جمادي الاولي 1427 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم علي أعدائهم أجمعين.

بعد أن أحيي المؤمنون مراسم ذكري استشهاد سيد الكائنات مولانا الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله في مدينة قم المقدسة، حضروا عصر ذلك اليوم وكما هي عادتهم في السنوات السابقة إلي بيت المرجع الديني آية الله العظمي السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، فألقي سماحته فيهم كلمة قيّمة في خصوص هذه الذكري الأليمة، قال فيها:

في الثامن والعشرين من شهر صفر سنة إحدي عشر للهجرة، ألمّت بالمسلمين فاجعة كبري ومصيبة عظمي باستشهاد النبي الأكرم صلي الله عليه وآله.

إنّ مصاب العالم باستشهاد رسول الله صلي الله عليه وآله عظيم جدّاً؛ لأنّه إذا كانت المصيبة بموت كلّ شخص تتناسب مع عظم شخصيّته ومقامه، فإنّه لن يبلغ أحد من بين كلّ من خلق الله تعالي، لا في الماضي ولا في المستقبل ذلك المقام الرفيع الذي بلغه رسول الله صلي الله عليه وآله، ولم ولن يكون من هو أعظم منه علي الإطلاق. ومن ثمّ فكما أنّه صلي الله عليه وآله كان جوهرة الوجود النادرة والفريدة، فكذلك تعدّ مصيبته فريدة واستثنائية.

إنّ أهل البيت سلام الله عليهم هم وحدهم من يعرف النبي صلي الله عليه وآله حقّ المعرفة، أمّا نحن فمهما سعينا وطالعنا فلا نبلغ تلك الدرجة من المعرفة، ويظلّ الانطباع الذي يحصّله كلٌّ منّا عن تلك الشخصيّة الربّانية، متناسباً مع مستوي إدراكه. ولذلك فإنّه لا يعرف عظمة هذه الرزيّة حق المعرفة إلاّ أئمّتنا سلام الله عليهم. أما فهْمنا ودركنا لها فيسير جدّاً، بل يمكن القول إن تصوّراتنا

عن عظمة هذه الرزيّة مجازية لا أكثر. أما حقيقة هذا المصاب وعظمته فلا يعرفها كما يجب إلا الإمام أمير المؤمنين والصديقة الزهراء والأئمة الطاهرون صلوات الله عليهم أجمعين.

ففي الخطبة التي ألقتها سيّدتنا فاطمة الزهراء بعد عدّة أيّام من رحلة أبيها صلي الله عليه وآله هناك عبارة تصف فيها عظم تلك الفاجعة، حيث قالت سلام الله عليها: «واُزيلت الحرمة عند مماته … فتلك والله النازلة الكبري والمصيبة العظمي»، وهذه العبارة جديرة بالتدقيق والتأمّل.

التأمّل في خطبة الصدّيقة الزهراء

إنّ من له إلمام باللغة والأدب ويتأمّل في هذه العبارة يدرك ما لهذه الكلمات الأصيلة من عمق. فمضمون كلامها سلام الله عليها وهي من أفضل من أدرك هذه الحقيقة أنّه ليست المصيبة العظمي في استشهاد رسول الله صلي الله عليه وآله، بل في إزالة حرمته صلي الله عليه وآله عند مماته، ابتداءً بمنع النبي صلي الله عليه وآله من الكتابة، وانتهاءً بما أعقبه من هجوم علي بيت النبوّة ولمّا يُدفن النبي صلي الله عليه وآله بعد.

ولو قالت سلام الله عليها: «هُتكت الحرمة» لكان الأمر أهون، ولكنّها عدلتْ عن ذلك التعبير إلي قولها: «أزيلت الحرمة» أي قضي عليها تماماً. ومن الواضح أنّ هناك فرقاً بين عبارات من قبيل «هتك الحرمة» أو «التجاوز عليها» وعبارة «إزالة الحرمة»، وأن التعبير الأخير يعني عدم الإبقاء علي شيء منها.

ثمّ إنّها عليه السلام لم تقل: «وأزيلت الحرمة بعد مماته» أو «أزيلت الحرمة لموته» بل استعملت حرف الجر «عند»، فقالت: «وأزيلت الحرمة عند مماته» ما يعني ظاهراً أنّ حرمة النبي صلي الله عليه وآله قد اُزيلت قبيل موته.

كما أنّ الملفت أنّها سلام الله عليها لم تقل: «اُزيلت حرمته» بل قالت: «اُزيلت الحرمة»، والظاهر أنّ الألف واللام في كلمة «الحرمة» هي

ألف لام الجنس، فيكون المعني أنّ القوم أزالوا عند رحيله صلي الله عليه وآله الحرم كلّها، فلم يزيلوا حرمة النبي صلي الله عليه وآله فقط بل أزالوا حرمة أمير المؤمنين والصدّيقة الزهراء والحسن والحسين وسائر الأئمة سلام الله عليهم، بل أزالوا حرمة جميع الأنبياء والمرسلين وأوصيائهم، وحرمة الإسلام، بل وحرمة الله تعالي وأوامره كحرمة الصلاة والصوم وحرمة الجنّة والقيامة والعرش والكرسيّ وكلّ المقدّسات؛ ولا شكّ أن هذا أعظم بدرجاتٍ من مصيبة فقد رسول الله صلي الله عليه وآله، ولهذا فقد أقسمت سلام الله عليها أنّ المصيبة العظمي ليست في استشهاد الرسول صلي الله عليه وآله علي عظمة مصاب فقده بل في إزالة الحرمة عند مماته. فقالت سلام الله عليها: «واُزيلت الحرمة عند مماته، فتلك والله النازلة الكبري والمصيبة العظمي».

يحسن أن نفكّر في هذه النقطة ونتوقّف عندها ونتساءل: لماذا عبّرت الصديقة الزهراء سلام الله عليها بهذه العبارة؟

لقد كان الناس في ذلك العهد مسلمين، يصلّون ويصومون، وقد دمعت أعينهم من الحزن علي رحيل رسول الله صلي الله عليه وآله، وربّما لطموا صدورهم ووجوههم حزناً عليه صلي الله عليه وآله. اذاً لماذا وصفت الزهراء سلام الله عليها وهي صاحبة العصمة الإلهية الكبري النازلة الكبري والمصيبة العظمي في إزالة الحرمة ولم تصفها لرحيل أبيها رسول الله صلي الله عليه وآله؟ وماذا أرادت بهذا الكلام؟

لاشكّ أن فقدان النبي الأعظم صلي الله عليه وآله ورحيله مصيبة وثلمة كبيرة لا يسدّها شيء، إلا أنّ السيدة الزهراء سلام الله عليها وصفت إزالة الحرمات بأنّها مصيبة أعظم ونازلة أكبر حتي من مصيبة فقدان النبي صلي الله عليه وآله.

إنّ السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها لم تفصّل الأمر وتركته مغلقاً حتي تفكّر فيه الأجيال اللاحقة؛

لأنّه في تلك الأيام وفي كثير من الأيام التي أعقبتها لم يكن بالإمكان طرح هذا الموضوع والسيدة الزهراء سلام الله عليها لم يكن بإمكانها أن تفصّل هذا الأمر!!

أما اليوم، حيث يبحث الناس في أجواء الانفتاح والحرية المستجدّة عن الكلام الصريح والصحيح، ويمكنهم شرح الحقائق، فلم تعد الحال كالسابق وأصبح من الممكن شرح هذا الأمر الذي وردت الإشارة إليه في صحاح العامّة وتفسير الفخر الرازي وكثير من المصنفات التفسيرية والتاريخية، وإنّ مراجعة كتب العامّة والخاصّة تساعد كثيراً علي فهمه.

المكانة الاجتماعية لرسول الله

لقد كان الرسول صلي الله عليه وآله قبل الإسلام وابتعاثه للرسالة، الشخص الوحيد في الجزيرة العربية الذي كان يشهد بصدقه وأمانته القريب والبعيد، حتي لُقّب بالصادق الأمين. وبعد ظهور الإسلام أيضاً كان المسلمون باستثناء قلّة محدودة يحترمونه ويوقّرونه، وكان يحظي بمكانة اجتماعية رفيعة. ولقد بلغ من حبّ الناس وتقديرهم وتقديسهم له أنهم كانوا يتحلّقون حوله إذا أراد التقصير في مناسك الحجّ ليأخذوا ما يتساقط من شعره تبرّكاً به. وكانوا «إذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضّأ كادوا يقتتلون علي وضوئه، وإذا تكلّموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدّون إليه النظر تعظيماً له».

وليس هناك من يستطيع أن يبيّن المكانة الاجتماعية لرسول الله صلي الله عليه وآله أفضل من لسان الله الناطق الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه، لأنّه أفضل من عرفه. وذلك عندما سُئل الإمام سلام الله عليه: أفنبيٌ أنت؟ قال: «ويلك إنّما أنا عبد من عبيد محمد» مع أنّه سلام الله عليه كما قال في الرواية نفسها أفضل من جميع الأنبياء بمن فيهم أولو العزم نوح وإبراهيم وموسي وعيسي عليهم السلام. وهذا إن دلّ علي شيء فإنما يدلّ علي عظمة رسول الله صلي الله عليه وآله.

واُزيلت الحرمة

إلا أنّ هذه الحرمة الرفيعة لرسول الله صلي الله عليه وآله قد أزيلت قبيل استشهاده كما عبّرت بضعته الزهراء سلام الله عليها وذلك عندما قال بعضهم: «إنّ الرجل ليهجر» وإنّه «غلبه الوجع».

هذه الواقعة ورد ذكرها في الكتب المهمّة للعامّة ومنها الصحاح عندهم، ورغم الاختلاف في نقل التفاصيل إلا أنّ أصل الخبر متواتر.

وإذا كان رسول الله صلي الله عليه وآله وهو أشرف الأولين والآخرين يهان هكذا، فكيف سيتمّ التعامل مع سائر المقدّسات الأخري؟!

وإذا وجدنا اليوم علي وجه الأرض عابد صنم أو كافراً

أو غير مسلم، وكلّ ما نراه من ظلم وفسق، فإنّ سببه هو ذلك القول الذي تفوّه به المتفوّه علي أشرف الأوّلين والآخرين.

روي: «لو أنّ أمير المؤمنين ثبتت قدماه لأقام كتاب الله كلّه والحقّ كلّه» أي لو أنّه سلام الله عليه حكَم مباشرة بعد النبي صلي الله عليه وآله لما بقي حتي غير مسلم واحد طبعاً من دون أن يجبر أحداً علي الإسلام ولما أزيلت حرمة الله والنبي والإسلام، بل كانت باقية حتي اليوم.

إنّ كل الجرائم التي ارتكبت وترتكب عبر التاريخ من غصب الخلافة، ورشق الجثمان الطاهر للإمام الحسن سلام الله عليه بالسهام، وهدم مراقد أئمة أهل البيت سلام الله عليهم في البقيع، وأخيراً تفجير مرقد العسكريين سلام الله عليهما في سامراء، وكلّ الجرائم التي ترتكب اليوم بحقّ المؤمنين في العراق وسائر نقاط العالم، إنّما هي من نتائج ذلك اليوم الذي عبّرت عنه الصديقة الزهراء سلام الله عليها بقولها: «واُزيلت الحرمة عند مماته».

فلولا تلك الإزالة وذاك التجرّي لما استطاعوا أن يقيّدوا الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه ويحضروه إلي المسجد حاسر الرأس، وحافي القدمين، ولا أن يهتكوا آلاف الحرمات بعد ذلك.

أجل، إنّ ذلك الهتك وتلك الإزالة هي منشأ كلّ ما حصل بعده من هتك وإزالة للحرمات.

فلئن كنّا نشهد اليوم أنّ الأعداء والظالمين يستهدفون القبّة النورانية والمرقد الطاهر للإمامين العسكريين سلام الله عليهما أو يضرّجون زوّار سيد الشهداء في يوم عاشوراء بدمائهم، فينبغي أن يُبحث عن السبب في آخر يوم من حياة الرسول صلي الله عليه وآله.

ومن هنا يفهم لماذا اعتبرت الصديقة الزهراء جريمة إزالة الحرمة أي كلّ الحرمات الإلهية قبيل رحيل الرسول صلي الله عليه وآله أعظم كثيراً حتي من مصيبة فقد المسلمين لرسول الله صلي

الله عليه وآله وإن كانت مصيبة فقده كبيرة لا يجبرها شيء.

إنّ كلّ ما وصل إلينا اليوم من الإسلام العظيم إنّما هو بفضل المعصومين سلام الله عليهم ولولاهم، والإمام صاحب العصر والزمان عجل الله تعالي فرجه الشريف، لما وجدنا حتي مصلّياً أبداً، تماماً كما حصل بعد رحيل الأنبياء والرّسل الذين سبقوا نبينا صلي الله عليه وآله حيث لم يبق بعدهم من شريعتهم شيء فكانت ما بين مندثر ومحرّف.

ومن هنا نفهم معني الحديث القدسي الشريف: «لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما».

فهذا الحديث لا يعني أنّ أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء سلام الله عليهما أفضل من رسول الله صلي الله عليه وآله، بل لعلّ المفهوم من هذا الحديث أن هذه الذوات المقدسة هم علّة بقاء الإسلام وثباته وخُلوده، ولولا استمرار هذه السلسلة النورانيّة المباركة من الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه حتي صاحب العصر والزمان الحجّة المنتظر عجل الله تعالي فرجه الشريف بعد رسول الله صلي الله عليه وآله، لما بقي للإسلام اليوم أيّ ذكر أو أثر، ولزال الدين كلّه من الوجود.

مسؤوليتنا اليوم

ما تحدّثنا عنه إنّما يعود للماضي، ولكن آثاره باقية، وما زال أتباع الباطل يواصلون ممارسة نشاطاتهم التضليليّة من خلال التغرير بالشباب البسطاء والسذّج، ويروّجون للعنف والخراب، ولكن ما هي مسؤوليتنا إزاء هذا كلّه؟

• لنحاول أن نكون ممن يعرفون حرمة رسول الله صلي الله عليه وآله، وأن لا نتواني في هذا السبيل.

• واحدة من مسؤولياتنا تجاه رسول الله صلي الله عليه وآله هو نشر وتعميم ثقافة أهل البيت سلام الله عليهم عن طريق وسائل الإعلام العامة، والمحطّات الإذاعية، والفضائيات والمجلاّت وحتّي الكرّاسات وسائر المطبوعات. إضافة إلي الإبقاء علي مشعل الإمام الحسين سلام

الله عليه مضاءً في بيوتنا عن طريق إقامة المجالس الحسينية فيها؛ فإنّ كلّ شخص يستطيع حسب إمكاناته وقدراته أن يقوم بنشر الثقافة الحسينية، وأن يشتري بذلك خير وبركة الدنيا والآخرة.

• واجبنا الآخر هو أن نوفّق بين أخلاقنا وأخلاق النبي صلي الله عليه وآله. قال سبحانه وتعالي في كتابه الكريم: ?ولكم في رسول الله أسوة حسنة?. وكما نعلم فلقد كان النبي صلي الله عليه وآله مظهراً لكلّ المناقب الرفيعة والكمالات الأخلاقية، وهو القائل صلي الله عليه وآله: «إنما بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق».

جدير بكلّ واحد منّا أن يعزم من هذه اللحظة علي الاقتداء بحضرته صلي الله عليه وآله وأن يتعامل مع الجميع حتي مع الذين لا يحسنون التعامل معه بالأخلاق الحسنة؛ لأنّ النبي صلي الله عليه وآله كان كذلك، وكان يعامل حتي الذين يؤذونه برفق ويتجاوز عنهم.

فمثلاً: من كانت له زوجة سيّئة الخلق، فليسع في أن يجاريها، وليسع لتغيير خلقها وسلوكها بالنصيحة والمحبّة، فإن لم يستطع فليتحمّلها. وهكذا المرأة إذا كان زوجها سيّئ الخلق، عليها أن تعمل الشيء نفسه.

وصايا للنساء

قالت السيدة الزهراء في وصيّتها للإمام أمير المؤمنين سلام الله عليهما: «ولا خالفتك منذ عاشرتني». والعارفون باللغة العربية يعلمون أن هناك فرقاً بين مفهوم «الخلاف» و «النقيض» و «الضد».

ولبيان الفرق بين هذه المفاهيم الثلاثة نضرب الأمثلة التالية:

لو أن رجلاً اقترح علي زوجته أن تسافر إلي مشهد المقدّسة ولكنّها قالت: بل أذهب إلي العمرة، فالذهاب إلي العمرة هنا يعدّ ضدّاً للذهاب إلي مشهد. ولكن لو قالت: «لن أذهب إلي مشهد» فإنّ «عدم الذهاب» هنا يعدّ نقيضاً للذهاب.

أما لو اقترحت أن يكون سفرها إلي مشهد بالقطار، فإنّ هذه الحالة تسمي تخالفاً. وكما تلاحظون فإنّ المخالف أقلّ شدّة بمراتب من الضدّ

والنقيض.

إن الصدّيقة فاطمة الزهراء سلام الله عليها استعملت مادّة «الخلاف» بدلاً من مادّتي «الضدّ» و «النقيض» لتبيّن أنها لا تخالف الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه فضلاً عن أن تعمل علي الضدّ أو النقيض من رغبته.

وعلي النساء أن يتعلّمن من الصدّيقة الزهراء هذه الدرجة من الانسجام والتواؤم مع أزواجهنّ وإن كانت صعبة؛ وذلك لأنّ السيّدة الزهراء سلام الله عليها وشخصيّات مثل السيّدة زينب والسيّدة فاطمة المعصومة (بنت الإمام الكاظم سلام الله عليه) والسيّدة تكتم (أمّ الإمام الرضا عليه السلام) والسيّدة نرجس (أمّ الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف) قدوات للنساء، وإن كانت السيّدة الزهراء سلام الله عليها هي الأفضل من بينهن.

لا يظنّن أحد أن حياة الصديقة فاطمة سلام الله عليها كانت عاديّة، فطيلة السنوات التسع التي عاشتها مع الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه، لم يكن الإمام سلام الله عليه أكثر هذه المدّة في الدار وكان مشغولاً بالدعوة والجهاد. وما أكثر الأيام التي لم يكن عندهم في البيت حتي تمرة يسدّون بها جوعهم وجوع أطفالهم.

ما أكثر الحالات التي اقترض فيها الإمام لإعداد الطعام ثم رأي فقيراً أو محتاجاً في الطريق فتصدّق به عليه وعاد إلي البيت خالي اليدين. أجل هكذا كانت تعيش الزهراء سلام الله عليها ولم تكن حياتها مرفّهة أبداً.

فما أحسن أن تتخذ النساء من الصديقة الزهراء أسوة وقدوة لهنّ في حياتهنّ وأن يتحمّلن في سبيلها الصعوبات. فحقيق بالمرأة التي تتخذ قراراً كهذا أن تبلغ السعادة. إن السعادة لا تأتي من الثروة والشهرة والجاه وأمور من هذا القبيل. إنّ المرأة التي تتجاوز عن صعوبات الحياة وفظاظة الزوج في سبيل الله تعالي لن تصاب بالكآبة واليأس أبداً.

وصايا للرجال

وعلي الرجال أن يصمّموا علي التحلّي بالخلق

الحسن وأن يتزوّدوا في هذا الطريق من الأخلاق الفاضلة لرسول الله صلي الله عليه وآله والأئمّة سلام الله عليهم.

لقد كان للنبيّ صلي الله عليه وآله عدّة زوجات، كان فيهنّ المؤمنات ذوات الخلق الحسن، كما كان فيهنّ سيئات الخلق اللواتي طالما آذين النبي صلي الله عليه وآله واتّهمنه ونسَبْن إليه الأقاويل، ورغم ذلك لم يُسمع أبداً أن النبيَّ صلي الله عليه وآله ضربهنَّ أو نحو ذلك.

لا يستطيع أحدٌ أن يدّعي أن أخلاق زوجته وسوء تصرّفها هو أسوأ من تصرّف بعض زوجات النبي صلي الله عليه وآله، لذا فحريّ بالمؤمنين أن يصمّموا علي تعلّم وتطبيق هذا الخُلق النبويّ العظيم في تعاملهم مع زوجاتهم.

لا شك أنّ حسن الخلق لا يختصّ بالزوجين، وأنّ علي الإنسان أن يراعي ذلك في تعامله مع أقربائه وجيرانه وزملائه وأصدقائه، بل حتي مع أعدائه وكذلك مع سيّئي الخلق أيضاً.

ينبغي أن نتحلّي بالحلم في تعاملنا مع الآخرين، وأن نردّ علي سوء خلق البعض بالحلم والأخلاق الحسنة. ولا ننسي أن أيّاً من هذه المواقف لا تبقي دون مكافأة وأن الله تعالي سيثيبنا علي المصائب والمتاعب التي نعاني منها في هذا الطريق، ولعلّه يدفع عنّا بعض البلايا جزاءً منه لموقف حليم قد وقفناه إزاء تصرّف أخلاقي مذموم من الآخرين.

علي الآباء والأمّهات أيضاً أن يتعاملوا بحسنٍ مع أبنائهم، وأن يكونوا أصدقاء معهم، لا أن يأمروهم وينهوهم فقط. وليسعوا في دعوتهم إلي مكارم الأخلاق عن طريق الكلام الليّن والقصص والأساليب المناسبة الأخري، ولا ينسوا أنّ هؤلاء الأبناء لم يذوقوا مرارة الحياة ولم يكتسبوا التجارب بعد، ولكنهم في الوقت نفسه يتمتّعون بفطرة أنقي وأنهم يتقبّلون الخير أسرع من غيرهم. فعن الإمام الصادق سلام الله عليه أنه قال: «عليك بالأحداث فإنّهم

أسرع إلي كلّ خير».

وصايا للشباب

أمّا وصيّتي إلي الشباب فأقول: لا تدعوا أيّاً من الشباب ينجرف إلي طريق الفساد. إنّ خير من يسوق الشباب صوب الخير والهداية هو أمثالهم من الشباب. فما أكثر الحالات عبر التاريخ التي أنقذ أخ أخاه أو أخته من الفساد والضلالة.

ربّ شابّ يتغيّر بجملة واحدة، وآخر يحتاج إلي مئة جلسة حتي يهتدي ويسير في طريق الصلاح، فهل طول الفترة والجهود اللازمة مسوّغ للتخلّي عنه، كلا بالطبع. فلابدّ من بذل الوقت والجهد لكلا الشابّين، وكذلك الأمر بالنسبة الي الأولاد؛ لأنّ الولد الصالح أغلي من أيّ شيء. وكما أنّ لكلّ عمل صعوباته الخاصّة، فكذلك تربية الأولاد فليست بالمهمّة اليسيرة، ولكن مع ذلك تستحقّ ما يبذل في سبيلها، لأن الولد الصالح ينفع والديه في الدنيا وفي البرزخ والقيامة.

لقد كان عليّ بن مهزيار شابّاً نصرانياً ضالاّ، ولكنه بلغ هذا المقام الرفيع الذي بلغه بفضل اهتدائه بنور أهل البيت سلام الله عليهم. كما كان من قبله وهب نصرانياً أيضاً ثمّ اهتدي فصار في عداد شهداء كربلاء، حتي بات الملايين اليوم يفخرون بمخاطبته بالقول: «بأبي أنت وأمي».

إنّ للشباب فطرة نقية، ولكن لابدّ من السعي في هدايتهم نحو الطريق الصحيح؛ لأن الشباب كالأساس والمعتمد، وانّنا لا يمكن أن نبني عمارة ذات مئة طابق علي الأرض الرخوة، بينما يمكننا ذلك علي الأرض الصلبة. فهكذا هم الشباب، فالشاب الأبعد والمحتاج إلي سعي أكبر حتي يهتدي قد يكون كالأرض الصلبة ولكنّه إن اهتدي كان أغلي ثمناً؛ فإنّ من بين هؤلاء يبرز أمثال علي بن مهزيار، وزهير بن القين، ووهب، وزرارة.

لاشك أنّ السعي لنشر الثقافة والأخلاق النبوية لإنقاذ الشباب من المزالق والمهاوي، والأخذ بأيدهم نحو الخير والهداية والصلاح، يُعدّ من أهمّ مصاديق الوفاء

لرسول الله والعرفان بجميله وتوقيره والاعتراف بحرمته صلي الله عليه وآله.

إذاً لابدّ من إنقاذ الشباب بالأناة والاستدلال من الطرق المنحرفة وإرشادهم إلي نور أهل البيت سلام الله عليهم. وفي هذا المضمار يجدر بالشباب أن يطالعوا رسالة الإمام الصادق سلام الله عليه إلي شيعته (الواردة في كتاب تحف العقول وبحار الأنوار وغيرهما) بدقّة وتأمّل، وأن يعملوا بها، ويكثّروها، يوزّعوها علي الآخرين.

ونظراً للأهمية التي تحظي بها هذه الرسالة الشريفة، ارتأينا أن تكون مسك الختام في هذا الكرّاس. نسأل الله تعالي وببركة رسوله أن يوفّقنا لأن نكون من العارفين بحرمة رسوله صلي الله عليه وآله الشاكرين له، وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.

رسالة الإمام الصادق للشيعة

بسم الله الرحمن الرحيم

أَمَّا بَعْدُ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمُ الْعَافِيَةَ، وَعَلَيْكُمْ بِالدَّعَةِ وَالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ، وَعَلَيْكُمْ بالْحَيَاءِ وَالتَّنَزُّهِ عَمَّا تَنَزَّهَ عَنْهُ الصَّالِحُونَ قَبْلَكُمْ، وَعَلَيْكُمْ بِمُجَامَلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ، تَحَمَّلُوا الضَّيْمَ مِنْهُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَمُمَاظَّتَهُمْ، دِينُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ إِذَا أَنْتُمْ جَالَسْتُمُوهُمْ وَخَالَطْتُمُوهُمْ وَنَازَعْتُمُوهُمُ الْكَلاَمَ؛ فَإِنَّهُ لاَبُدَّ لَكُمْ مِنْ مُجَالَسَتِهِمْ وَمُخَالَطَتِهِمْ وَمُنَازَعَتِهِمُ الْكَلاَمَ بِالتَّقِيَّةِ الَّتِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَأْخُذُوا بِهَا فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ، فَإِذَا ابْتُلِيتُمْ بِذَلِكَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ سَيُؤْذُونَكُمْ وَتَعْرِفُونَ فِي وُجُوهِهِمُ الْمُنْكَرَ، وَلَوْلاَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَي يَدْفَعُهُمْ عَنْكُمْ لَسَطَوْا بِكُمْ، وَمَا فِي صُدُورِهِمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا يُبْدُونَ لَكُمْ. مَجَالِسُكُمْ وَمَجَالِسُهُمْ وَاحِدَةٌ، وَأَرْوَاحُكُمْ وَأَرْوَاحُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ لاَ تَأْتَلِفُ، لاَ تُحِبُّونَهُمْ أَبَداً وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ، غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَي أَكْرَمَكُمْ بِالْحَقِّ وَبَصَّرَكُمُوهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ مِنْ أَهْلِهِ؛ فَتُجَامِلُونَهُمْ وَتَصْبِرُونَ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ لاَ مُجَامَلَةَ لَهُمْ وَلاَ صَبْرَ لَهُمْ عَلَي شَيْ ءٍ، وَحِيَلُهُمْ وَسْوَاسُ بَعْضِهِمْ إِلَي بَعْضٍ، فَإِنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ إِنِ اسْتَطَاعُوا صَدُّوكُمْ عَنِ الْحَقِّ، فَيَعْصِمُكُمْ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَكُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ إِلاَّ مِنْ خَيْرٍ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُزْلِقُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِقَوْلِ الزُّورِ وَالْبُهْتَانِ وَالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ؛ فَإِنَّكُمْ إِنْ

كَفَفْتُمْ أَلْسِنَتَكُمْ عَمَّا يَكْرَهُهُ اللَّهُ مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ كَانَ خَيْراً لَكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ مِنْ أَنْ تُزْلِقُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِهِ، فَإِنَّ زَلَقَ اللِّسَانِ فِيمَا يَكْرَهُ اللَّهُ وَمَا يَنْهَي عَنْهُ مَرْدَاةٌ لِلْعَبْدِ عِنْدَ اللَّهِ وَمَقْتٌ مِنَ اللَّهِ وَصَمٌّ وَعَمًي وَبَكَمٌ يُورِثُهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَتَصِيرُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ: ?صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ? يَعْنِي لاَ يَنْطِقُونَ، وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ.

وَإِيَّاكُمْ وَمَا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ تَرْكَبُوهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالصَّمْتِ إلاَّ فِيمَا يَنْفَعُكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ أَمْرِ آخِرَتِكُمْ وَيَأْجُرُكُمْ عَلَيْهِ.

وَأَكْثِرُوا مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّسْبيحِ، وَالثَّنَاءِ عَلَي اللَّهِ، وَالتَّضَرُّعِ إِلَيْهِ، وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي لاَ يَقْدِرُ قَدْرَهُ وَلاَ يَبْلُغُ كُنْهَهُ أَحَدٌ، فَاشْغَلُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِذَلِكَ عَمَّا نَهَي اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَقَاوِيلِ الْبَاطِلِ الَّتِي تُعْقِبُ أَهْلَهَا خُلُوداً فِي النَّارِ، مَنْ مَاتَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَتُبْ إِلَي اللَّهِ وَلَمْ يَنْزِعْ عَنْهَا.

وَعَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُدْرِكُوا نَجَاحَ الْحَوَائِجِ عِنْدَ رَبِّهِمْ بِأَفْضَلَ مِنَ الدُّعَاءِ وَالرَّغْبَةِ إِلَيْهِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَي اللَّهِ وَالْمَسْأَلَةِ لَهُ، فَارْغَبُوا فِيمَا رَغَّبَكُمُ اللَّهُ فِيهِ، وَأَجِيبُوا اللَّهَ إِلَي مَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ؛ لِتُفْلِحُوا وَتَنْجُوا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ.

وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَشْرَهَ أَنْفُسُكُمْ إِلَي شَيْ ءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنَّهُ مَنِ انْتَهَكَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ هَاهُنَا فِي الدُّنْيَا حَالَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا وَلَذَّتِهَا وَكَرَامَتِهَا الْقَائِمَةِ الدَّائِمَةِ لأَهْلِ الْجَنَّةِ أَبَدَ الآبِدِينَ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ بِئْسَ الْحَظُّ الْخَطَرُ لِمَنْ خَاطَرَ اللَّهَ بِتَرْكِ طَاعَةِ اللَّهِ وَرُكُوبِ مَعْصِيَتِهِ، فَاخْتَارَ أَنْ يَنْتَهِكَ مَحَارِمَ اللَّهِ فِي لَذَّاتِ دُنْيَا مُنْقَطِعَةٍ زَائِلَةٍ عَنْ أَهْلِهَا عَلَي خُلُودِ نَعِيمٍ فِي الْجَنَّةِ وَلَذَّاتِهَا وَكَرَامَةِ أَهْلِهَا، وَيْلٌ لأُِولَئِكَ! مَا أَخْيَبَ حَظَّهُمْ وَأَخْسَرَ كَرَّتَهُمْ وَأَسْوَأَ حَالَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. اسْتَجِيرُوا اللَّهَ أَنْ يُجِيرَكُمْ فِي مِثَالِهِمْ أَبَداً وَأَنْ يَبْتَلِيَكُمْ بِمَا ابْتَلاَهُمْ بِهِ، وَلاَ قُوَّةَ لَنَا وَلَكُمْ

إِلاَّ بِهِ.

فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ النَّاجِيَةُ إِنْ أَتَمَّ اللَّهُ لَكُمْ مَا أَعْطَاكُمْ بِهِ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَتِمُّ الأَمْرُ حَتَّي يَدْخُلَ عَلَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِي دَخَلَ عَلَي الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَحَتَّي تُبْتَلَوْا فِي أَنْفُسِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَحَتَّي تَسْمَعُوا مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ أَذًي كَثِيراً فَتَصْبِرُوا وَتَعْرُكُوا بِجُنُوبِكُمْ، وَحَتَّي يَسْتَذِلُّوكُمْ وَيُبْغِضُوكُمْ، وَحَتَّي يُحَمِّلُوا عَلَيْكُمُ الضَّيْمَ، فَتَحَمَّلُوا مِنْهُمْ تَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، وَحَتَّي تَكْظِمُوا الْغَيْظَ الشَّدِيدَ فِي الأَذَي فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَجْتَرِمُونَهُ، إِلَيْكُمْ وَحَتَّي يُكَذِّبُوكُمْ بِالْحَقِّ وَيُعَادُوكُمْ فِيهِ وَيُبْغِضُوكُمْ عَلَيْهِ، فَتَصْبِرُوا عَلَي ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ جَبْرَئِيلُ عليه السلام عَلَي نَبِيِّكُمْ صلي الله عليه وآله، سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّكُمْ صلي الله عليه وآله: ?فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ? ثُمَّ قَالَ: ?وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلي ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا?. فَقَدْ كُذِّبَ نَبِيُّ اللَّهِ وَالرُّسُلُ مِنْ قَبْلِهِ وَأُوذُوا مَعَ التَّكْذِيبِ بِالْحَقِّ، فَإِنْ سَرَّكُمْ أَمْرُ اللَّهِ فِيهِمُ الَّذِي خَلَقَهُمْ لَهُ فِي الأَصْلِ (أَصْلِ الْخَلْقِ) مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يَخْلُقَهُمْ لَهُ فِي الأَصْلِ وَمِنَ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ: ?وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَي النَّارِ? فَتَدَبَّرُوا هَذَا وَاعْقِلُوهُ، وَلاَ تَجْهَلُوهُ، فَإِنَّهُ مَنْ يَجْهَلْ هَذَا وَأَشْبَاهَهُ مِمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَنَهَي عَنْهُ تَرَكَ دِينَ اللَّهِ وَرَكِبَ مَعَاصِيَهُ فَاسْتَوْجَبَ سَخَطَ اللَّهِ فَأَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَي وَجْهِهِ فِي النَّارِ.

أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ الْمُفْلِحَةُ إِنَّ اللَّهَ أَتَمَّ لَكُمْ مَا آتَاكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَلاَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فِي دِينِهِ بِهَوًي وَلاَ رَأْيٍ وَلاَ مَقَايِيسَ، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ وَجَعَلَ فِيهِ تِبْيَانَ

كُلِّ شَيْ ءٍ، وَجَعَلَ لِلْقُرْآنِ وَلِتَعَلُّمِ الْقُرْآنِ أَهْلاً، لاَ يَسَعُ أَهْلَ عِلْمِ الْقُرْآنِ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللَّهُ عِلْمَهُ أَنْ يَأْخُذُوا فِيهِ بِهَوًي وَلاَ رَأْيٍ وَلاَ مَقَايِيسَ، أَغْنَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ بمَا آتَاهُمْ مِنْ عِلْمِهِ وَخَصَّهُمْ بِهِ، وَوَضَعَهُ عِنْدَهُمْ؛ كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ أَكْرَمَهُمْ بِهَا، وَهُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ هَذِهِ الأُمَّةَ بِسُؤَالِهِمْ، وَهُمُ الَّذِينَ مَنْ سَأَلَهُمْ وَقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يُصَدِّقَهُمْ وَيَتَّبِعَ أَثَرَهُمْ أَرْشَدُوهُ وَأَعْطَوْهُ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ مَا يَهْتَدِي بِهِ إِلَي اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَإِلَي جَمِيعِ سُبُلِ الْحَقِّ، وَهُمُ الَّذِينَ لاَ يَرْغَبُ عَنْهُمْ وَعَنْ مَسْأَلَتِهِمْ وَعَنْ عِلْمِهِمُ الَّذِي أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَجَعَلَهُ عِنْدَهُمْ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ فِي عِلْمِ اللَّهِ الشَّقَاءُ فِي أَصْلِ الْخَلْقِ تَحْتَ الأَظِلَّةِ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ عَنْ سُؤَالِ أَهْلِ الذِّكْرِ وَالَّذِينَ آتَاهُمُ اللَّهُ عِلْمَ الْقُرْآنِ وَوَضَعَهُ عِنْدَهُمْ وَأَمَرَ بِسُؤَالِهِمْ، وَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ بِأَهْوَائِهِمْ وَآرَائِهِمْ وَمَقَايِيسِهِمْ حَتَّي دَخَلَهُمُ الشَّيْطَانُ لأَنَّهُمْ جَعَلُوا أَهْلَ الإِيمَانِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ اللَّهِ كَافِرِينَ، وَجَعَلُوا أَهْلَ الضَّلالَةِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ اللَّهِ مُؤْمِنِينَ، وَحَتَّي جَعَلُوا مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ حَرَاماً، وَجَعَلُوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ حَلالاً، فَذَلِكَ أَصْلُ ثَمَرَةِ أَهْوَائِهِمْ، وَقَدْ عَهِدَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله قَبْلَ مَوْتِهِ فَقَالُوا نَحْنُ بَعْدَ مَا قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ يَسَعُنَا أَنْ نَأْخُذَ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ رَأْيُ النَّاسِ بَعْدَ مَا قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ صلي الله عليه وآله وَبَعْدَ عَهْدِهِ الَّذِي عَهِدَهُ إِلَيْنَا وَأَمَرَنَا بِهِ، مُخَالِفاً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صلي الله عليه وآله، فَمَا أَحَدٌ أَجْرَأَ عَلَي اللَّهِ وَلاَ أَبْيَنَ ضَلالَةً مِمَّنْ أَخَذَ بِذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُهُ، وَاللَّهِ إِنَّ لِلَّهِ عَلَي خَلْقِهِ أَنْ يُطِيعُوهُ وَيَتَّبِعُوا أَمْرَهُ فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ صلي الله

عليه وآله وَبَعْدَ مَوْتِهِ. هَلْ يَسْتَطِيعُ أُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللَّهِ أَنْ يَزْعُمُوا أَنَّ أَحَداً مِمَّنْ أَسْلَمَ مَعَ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَرَأْيِهِ وَمَقَايِيسِهِ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَي اللَّهِ وَضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً، وَإِنْ قَالَ: لاَ لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِرَأْيِهِ وَهَوَاهُ وَمَقَايِيسِهِ، فَقَدْ أَقَرَّ بِالْحُجَّةِ عَلَي نَفْسِهِ، وَهُوَ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يُطَاعُ وَيُتَّبَعُ أَمْرُهُ بَعْدَ قَبْضِ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ: ?وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلي أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلي عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ? وَذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُطَاعُ وَيُتَّبَعُ أَمْرُهُ فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله وَبَعْدَ قَبْضِ اللَّهِ مُحَمَّداً صلي الله عليه وآله وَكَمَا لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مَعَ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاهُ وَلاَ رَأْيِهِ وَلاَ مَقَايِيسِهِ، خِلافاً لأَمْرِ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله، فَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاهُ وَلاَ رَأْيِهِ وَلاَ مَقَايِيسِهِ.

دَعُوا رَفْعَ أَيْدِيكُمْ فِي الصَّلاةِ إلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً حِينَ تُفْتَتَحُ الصَّلاةُ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ شَهَرُوكُمْ بِذَلِكَ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّهِ.

أَكْثِرُوا مِنْ أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَدْعُوهُ، وَقَدْ وَعَدَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالاسْتِجَابَةِ، وَاللَّهُ مُصَيِّرٌ دُعَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُمْ عَمَلاً يَزِيدُهُمْ بِهِ فِي الْجَنَّةِ، فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ لَهُ، وَاللَّهُ ذَاكِرٌ لِمَنْ ذَكَرَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ إلاَّ ذَكَرَهُ بِخَيْرٍ،

فَأَعْطُوا اللَّهَ مِنْ أَنْفُسِكُمُ الاِجْتِهَادَ فِي طَاعَتِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُدْرَكُ شَيْ ءٌ مِنَ الْخَيْرِ عِنْدَهُ إلاَّ بِطَاعَتِهِ، وَاجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَبَاطِنِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي قَالَ فِي كِتَابِهِ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ: ?وَذَرُوا ظاهِرَ الإِثْمِ وَباطِنَهُ? وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ تَجْتَنِبُوهُ فَقَدْ حَرَّمَهُ، وَاتَّبِعُوا آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَسُنَّتَهُ فَخُذُوا بِهَا وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَكُمْ وَآرَاءَكُمْ فَتَضِلُّوا، فَإِنَّ أَضَلَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَرَأْيَهُ بِغَيْرِ هُدًي مِنَ اللَّهِ، وَأَحْسِنُوا إِلَي أَنْفُسِكُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها.

وَجَامِلُوا النَّاسَ وَلاَ تَحْمِلُوهُمْ عَلَي رِقَابِكُمْ تَجْمَعُوا مَعَ ذَلِكَ طَاعَةَ رَبِّكُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَسَبَّ أَعْدَاءِ اللَّهِ حَيْثُ يَسْمَعُونَكُمْ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَقَدْ يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا حَدَّ سَبِّهِمْ لِلَّهِ كَيْفَ هُوَ: إِنَّهُ مَنْ سَبَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فَقَدِ انْتَهَكَ سَبَّ اللَّهِ وَمَنْ أَظْلَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِمَّنِ اسْتَسَبَّ لِلَّهِ وَلأَوْلِيَاءِ اللَّهِ، فَمَهْلاً مَهْلاً فَاتَّبِعُوا أَمْرَ اللَّهِ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّهِ.

أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْحَافِظُ اللَّهُ لَهُمْ أَمْرَهُمْ، عَلَيْكُمْ بِآثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله وَسُنَّتِهِ، وَآثَارِ الأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله مِنْ بَعْدِهِ وَسُنَّتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ أَخَذَ بِذَلِكَ فَقَدِ اهْتَدَي، وَمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَرَغِبَ عَنْهُ ضَلَّ؛ لأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِمْ وَوَلايَتِهِمْ، وَقَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله: «الْمُدَاوَمَةُ عَلَي الْعَمَلِ فِي اتِّبَاعِ الآثَارِ وَالسُّنَنِ وَإِنْ قَلَّ، أَرْضَي لِلَّهِ وَأَنْفَعُ عِنْدَهُ فِي الْعَاقِبَةِ مِنَ الاجْتِهَادِ فِي الْبِدَعِ وَاتِّبَاعِ الأَهْوَاءِ، أَلا إِنَّ اتِّبَاعَ الأَهْوَاءِ وَاتِّبَاعَ الْبِدَعِ بِغَيْرِ هُدًي مِنَ اللَّهِ ضَلالٌ، وَكُلُّ ضَلالَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ فِي النَّارِ». وَلَنْ يُنَالَ شَيْ ءٌ مِنَ الْخَيْرِ عِنْدَ اللَّهِ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ

وَالصَّبْرِ وَالرِّضَا لأَنَّ الصَّبْرَ وَالرِّضَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ.

وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِهِ حَتَّي يَرْضَي عَنِ اللَّهِ فِيمَا صَنَعَ اللَّهُ إِلَيْهِ وَصَنَعَ بِهِ عَلَي مَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، وَلَنْ يَصْنَعَ اللَّهُ بِمَنْ صَبَرَ وَرَضِيَ عَنِ اللَّهِ إِلاَّ مَا هُوَ أَهْلُهُ وَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِمَّا أَحَبَّ وَكَرِهَ.

وَعَلَيْكُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَي الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَي وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ.

وَعَلَيْكُمْ بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ حَقَّرَهُمْ وَتَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ فَقَدْ زَلَّ عَنْ دِينِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَهُ حَاقِرٌ مَاقِتٌ، وَقَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله: «أَمَرَنِي رَبِّي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ» وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ حَقَّرَ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَلْقَي اللَّهُ عَلَيْهِ الْمَقْتَ مِنْهُ وَالْمَحْقَرَةَ حَتَّي يَمْقُتَهُ النَّاسُ وَاللَّهُ لَهُ أَشَدُّ مَقْتاً، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي إِخْوَانِكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمَسَاكِينِ فَإِنَّ لَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً أَنْ تُحِبُّوهُمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ رَسُولَهُ صلي الله عليه وآله بِحُبِّهِمْ، فَمَنْ لَمْ يُحِبَّ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِحُبِّهِ فَقَدْ عَصَي اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ عَصَي اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَاتَ عَلَي ذَلِكَ مَاتَ وَهُوَ مِنَ الْغَاوِينَ.

وَإِيَّاكُمْ وَالْعَظَمَةَ وَالْكِبْرَ. فَإِنَّ الْكِبْرَ رِدَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَمَنْ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَهُ خَصَمَهُ اللَّهُ وَأَذَلَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكُمْ أَنْ يَبْغِيَ بَعْضُكُمْ عَلَي بَعْضٍ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ خِصَالِ الصَّالِحِينَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ بَغَي صَيَّرَ اللَّهُ بَغْيَهُ عَلَي نَفْسِهِ وَصَارَتْ نُصْرَةُ اللَّهِ لِمَنْ بُغِيَ عَلَيْهِ، وَمَنْ نَصَرَهُ اللَّهُ غَلَبَ وَأَصَابَ الظَّفَرَ مِنَ اللَّهِ.

وَإِيَّاكُمْ أَنْ يَحْسُدَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً؛ فَإِنَّ الْكُفْرَ أَصْلُهُ الْحَسَدُ.

وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُعِينُوا عَلَي مُسْلِمٍ مَظْلُومٍ فَيَدْعُوَ اللَّهَ عَلَيْكُمْ وَيُسْتَجَابَ لَهُ فِيكُمْ؛ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ».

وَلْيُعِنْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله كَانَ يَقُولُ:

«إِنَّ مَعُونَةَ الْمُسْلِمِ خَيْرٌ وَأَعْظَمُ أَجْراً مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَاعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ».

وَإِيَّاكُمْ وَإِعْسَارَ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِكُمُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ تُعْسِرُوهُ بِالشَّيْ ءِ يَكُونُ لَكُمْ قِبَلَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ، فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله كَانَ يَقُولُ: «لَيْسَ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُعْسِرَ مُسْلِماً، وَمَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَظَلَّهُ اللَّهُ بِظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ».

وَإِيَّاكُمْ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ الْمُفَضَّلَةُ عَلَي مَنْ سِوَاهَا وَحَبْسَ حُقُوقِ اللَّهِ قِبَلَكُمْ يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ وَسَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ، فَإِنَّهُ مَنْ عَجَّلَ حُقُوقَ اللَّهِ قِبَلَهُ كَانَ اللَّهُ أَقْدَرَ عَلَي التَّعْجِيلِ لَهُ إِلَي مُضَاعَفَةِ الْخَيْرِ فِي الْعَاجِلِ وَالآجِلِ، وَإِنَّهُ مَنْ أَخَّرَ حُقُوقَ اللَّهِ قِبَلَهُ كَانَ اللَّهُ أَقْدَرَ عَلَي تَأْخِيرِ رِزْقِهِ، وَمَنْ حَبَسَ اللَّهُ رِزْقَهُ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَرْزُقَ نَفْسَهُ، فَأَدُّوا إِلَي اللَّهِ حَقَّ مَا رَزَقَكُمْ يُطَيِّبِ اللَّهُ لَكُمْ بَقِيَّتَهُ وَيُنْجِزْ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ مِنْ مُضَاعَفَتِهِ لَكُمُ الأَضْعَافَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي لاَ يَعْلَمُ عَدَدَهَا وَلاَ كُنْهَ فَضْلِهَا إلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.

اتَّقُوا اللَّهَ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ وَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ يَكُونَ مِنْكُمْ مُحْرِجُ الإِمَامِ؛ فَإِنَّ مُحْرِجَ الإِمَامِ هُوَ الَّذِي يَسْعَي بِأَهْلِ الصَّلاَحِ مِنْ أَتْبَاعِ الإِمَامِ الْمُسَلِّمِينَ لِفَضْلِهِ الصَّابِرِينَ عَلَي أَدَاءِ حَقِّهِ الْعَارِفِينَ لِحُرْمَتِهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ نَزَلَ بِذَلِكَ الْمَنْزِلِ عِنْدَ الإِمَامِ فَهُوَ مُحْرِجُ الإِمَامِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْرَجَ الإِمَامَ إِلَي أَنْ يَلْعَنَ أَهْلَ الصَّلاحِ مِنْ أَتْبَاعِهِ الْمُسَلِّمِينَ لِفَضْلِهِ، الصَّابِرِينَ عَلَي أَدَاءِ حَقِّهِ، الْعَارِفِينَ بِحُرْمَتِهِ، فَإِذَا لَعَنَهُمْ لإِحْرَاجِ أَعْدَاءِ اللَّهِ الإِمَامَ صَارَتْ لَعْنَتُهُ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَصَارَتِ اللَّعْنَةُ مِنَ اللَّهِ وَمِنَ الْمَلائِكَةِ وَرُسُلِهِ عَلَي أُولَئِكَ.

وَاعْلَمُوا أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ أَنَّ السُّنَّةَ مِنَ اللَّهِ قَدْ جَرَتْ فِي الصَّالِحِينَ.

«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَي اللَّهَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقّاً حَقّاً فَلْيَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلْيَبْرَأْ إِلَي اللَّهِ مِنْ عَدُوِّهِمْ وَيُسَلِّمْ لِمَا انْتَهَي إِلَيْهِ مِنْ

فَضْلِهِمْ؛ لأَنَّ فَضْلَهُمْ لاَ يَبْلُغُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلاَ مَنْ دُونَ ذَلِكَ. أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِ أَتْبَاعِ الأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ قَالَ: ?فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً?. فَهَذَا وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ فَضْلِ أَتْبَاعِ الأَئِمَّةِ، فَكَيْفَ بِهِمْ وَفَضْلِهِمْ؟

وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُتِمَّ اللَّهُ لَهُ إِيمَانَهُ حَتَّي يَكُونَ مُؤْمِناً حَقّاً حَقّاً فَلْيَفِ لِلَّهِ بِشُرُوطِهِ الَّتِي اشْتَرَطَهَا عَلَي الْمُؤْمِنِينَ؛ فَإِنَّهُ قَدِ اشْتَرَطَ مَعَ وَلايَتِهِ وَوَلايَةِ رَسُولِهِ وَوَلايَةِ أَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ إِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَإِقْرَاضَ اللَّهِ قَرْضاً حَسَناً وَاجْتِنَابَ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، فَلَمْ يَبْقَ شَيْ ءٌ مِمَّا فُسِّرَ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ إلاَّ وَقَدْ دَخَلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ. فَمَنْ دَانَ اللَّهَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ مُخْلِصاً لِلَّهِ وَلَمْ يُرَخِّصْ لِنَفْسِهِ فِي تَرْكِ شَيْ ءٍ مِنْ هَذَا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ فِي حِزْبِهِ الْغَالِبِينَ، وَهُوَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً.

وَإِيَّاكُمْ وَالإِصْرَارَ عَلَي شَيْ ءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ فِي ظَهْرِ الْقُرْآنِ وَبَطْنِهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَي: ?وَلَمْ يُصِرُّوا عَلي ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ? يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَكُمْ، إِذَا نَسُوا شَيْئاً مِمَّا اشْتَرَطَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَرَفُوا أَنَّهُمْ قَدْ عَصَوُا اللَّهَ فِي تَرْكِهِمْ ذَلِكَ الشَّيْ ءَ فَاسْتَغْفَرُوا وَلَمْ يَعُودُوا إِلَي تَرْكِهِ، فَذَلِكَ مَعْنَي قَوْلِ اللَّهِ ?وَلَمْ يُصِرُّوا عَلي ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ?. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ وَنَهَي لِيُطَاعَ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَلِيُنْتَهَي عَمَّا نَهَي عَنْهُ، فَمَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ فَقَدْ أَطَاعَهُ وَقَدْ أَدْرَكَ كُلَّ شَيْ ءٍ مِنَ الْخَيْرِ عِنْدَهُ، وَمَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَمَّا نَهَي اللَّهُ عَنْهُ فَقَدْ عَصَاهُ، فَإِنْ مَاتَ عَلَي مَعْصِيَتِهِ أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَي وَجْهِهِ فِي النَّارِ. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلاَ مَنْ دُونَ ذَلِكَ مِنْ

خَلْقِهِ كُلِّهِمْ إلاَّ طَاعَتُهُمْ لَهُ، فَاجْتَهِدُوا فِي طَاعَةِ اللَّهِ إِنْ سَرَّكُمْ أَنْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ حَقّاً حَقّاً، وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّهِ.

وَعَلَيْكُمْ بِطَاعَةِ رَبِّكُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ رَبُّكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الإِسْلامَ هُوَ التَّسْلِيمُ، وَالتَّسْلِيمَ هُوَ الإِسْلامُ. فَمَنْ سَلَّمَ فَقَدْ أَسْلَمَ، وَمَنْ لَمْ يُسَلِّمْ فَلاَ إِسْلامَ لَهُ، وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْلِغَ إِلَي نَفْسِهِ فِي الإِحْسَانِ فَلْيُطِعِ اللَّهَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ أَبْلَغَ إِلَي نَفْسِهِ فِي الإِحْسَانِ وَإِيَّاكُمْ وَمَعَاصِيَ اللَّهِ أَنْ تَرْكَبُوهَا؛ فَإِنَّهُ مَنِ انْتَهَكَ مَعَاصِيَ اللَّهِ فَرَكِبَهَا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الإِسَاءَةِ إِلَي نَفْسِهِ، وَلَيْسَ بَيْنَ الإِحْسَانِ وَالإِسَاءَةِ مَنْزِلَةٌ، فَلأَهْلِ الإِحْسَانِ عِنْدَ رَبِّهِمُ الْجَنَّةُ، وَلأَهْلِ الإِسَاءَةِ عِنْدَ رَبِّهِمُ النَّارُ، فَاعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَاجْتَنِبُوا مَعَاصِيَهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ يُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ شَيْئاً، لاَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلاَ مَنْ دُونَ ذَلِكَ، فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ تَنْفَعَهُ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَطْلُبْ إِلَي اللَّهِ أَنْ يَرْضَي عَنْهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَداً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لَمْ يُصِبْ رِضَا اللَّهِ إلاَّ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَطَاعَةِ وُلاةِ أَمْرِهِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله، وَمَعْصِيَتُهُمْ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَمْ يُنْكِرْ لَهُمْ فَضْلاً عَظُمَ أَوْ صَغُرَ. وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمُنْكِرِينَ هُمُ الْمُكَذِّبُونَ، وَأَنَّ الْمُكَذِّبِينَ هُمُ الْمُنَافِقُونَ، وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِلْمُنَافِقِينَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ: ?إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً?.

وَلا يَفْرَقَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَلْزَمَ اللَّهُ قَلْبَهُ طَاعَتَهُ وَخَشْيَتَهُ مِنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ صِفَةِ الْحَقِّ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ أَهْلِهَا، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ صِفَةِ الْحَقِّ فَأُولَئِكَ هُمْ شَيَاطِينُ الإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَإِنَّ لِشَيَاطِينِ الإِنْسِ حِيلَةً وَمَكْراً وَخَدَائِعَ وَوَسْوَسَةً بَعْضِهِمْ إِلَي بَعْضٍ، يُرِيدُونَ إِنِ اسْتَطَاعُوا أَنْ يَرُدُّوا أَهْلَ الْحَقِّ عَمَّا أَكْرَمَهُمُ

اللَّهُ بِهِ مِنَ النَّظَرِ فِي دِينِ اللَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ شَيَاطِينَ الإِنْسِ مِنْ أَهْلِهِ، إِرَادَةَ أَنْ يَسْتَوِيَ أَعْدَاءُ اللَّهِ وَأَهْلُ الْحَقِّ فِي الشَّكِّ وَالإِنْكَارِ وَالتَّكْذِيبِ فَيَكُونُونَ سَوَاءً كَمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَي فِي كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: ?وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً?، ثُمَّ نَهَي اللَّهُ أَهْلَ النَّصْرِ بِالْحَقِّ أَنْ يَتَّخِذُوا مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً، فَلا يُهَوِّلَنَّكُمْ وَلا يَرُدَّنَّكُمْ عَنِ النَّصْرِ بِالْحَقِّ الَّذِي خَصَّكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ حِيلَةِ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَمَكْرِهِمْ مِنْ أُمُورِكُمْ، تَدْفَعُونَ أَنْتُمُ السَّيِّئَةَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ، تَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ رَبِّكُمْ بِطَاعَتِهِ، وَهُمْ لا خَيْرَ عِنْدَهُمْ، لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تُظْهِرُوهُمْ عَلَي أُصُولِ دِينِ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُمْ إِنْ سَمِعُوا مِنْكُمْ فِيهِ شَيْئاً عَادَوْكُمْ عَلَيْهِ وَرَفَعُوهُ عَلَيْكُمْ وَجَهَدُوا عَلَي هَلاكِكُمْ وَاسْتَقْبَلُوكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ وَلَمْ يَكُنْ لَكُمُ النَّصَفَةُ مِنْهُمْ فِي دُوَلِ الْفُجَّارِ، فَاعْرِفُوا مَنْزِلَتَكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْبَاطِلِ؛ فَإِنَّهُ لا يَنْبَغِي لأَهْلِ الْحَقِّ أَنْ يُنْزِلُوا أَنْفُسَهُمْ مَنْزِلَةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ؛ لأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ أَهْلَ الْحَقِّ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ. أَ لَمْ يَعْرِفُوا وَجْهَ قَوْلِ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ إِذْ يَقُولُ: ?أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ? أَكْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ عَنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَي وَإِمَامَكُمْ وَدِينَكُمُ الَّذِي تَدِينُونَ بِهِ عُرْضَةً لأَهْلِ الْبَاطِلِ؛ فَتُغْضِبُوا اللَّهَ عَلَيْكُمْ فَتَهْلِكُوا.

فَمَهْلاً مَهْلاً يَا أَهْلَ الصَّلاحِ لاَ تَتْرُكُوا أَمْرَ اللَّهِ وَأَمْرَ مَنْ أَمَرَكُمْ بِطَاعَتِهِ، فَيُغَيِّرَ اللَّهُ مَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ. أَحِبُّوا فِي اللَّهِ مَنْ وَصَفَ صِفَتَكُمْ، وَأَبْغِضُوا فِي اللَّهِ مَنْ خَالَفَكُمْ، وَابْذُلُوا مَوَدَّتَكُمْ وَنَصِيحَتَكُمْ لِمَنْ وَصَفَ صِفَتَكُمْ، وَلاَ تَبْتَذِلُوهَا لِمَنْ رَغِبَ عَنْ صِفَتِكُمْ وَعَادَاكُمْ عَلَيْهَا وَبَغَي لَكُمُ الْغَوَائِلَ.

هَذَا أَدَبُنَا أَدَبُ اللَّهِ، فَخُذُوا بِهِ وَتَفَهَّمُوهُ وَاعْقِلُوهُ،

وَلا تَنْبِذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، مَا وَافَقَ هُدَاكُمْ أَخَذْتُمْ بِهِ، وَمَا وَافَقَ هَوَاكُمْ طَرَحْتُمُوهُ وَلَمْ تَأْخُذُوا بِهِ.

وَإِيَّاكُمْ وَالتَّجَبُّرَ عَلَي اللَّهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ عَبْداً لَمْ يُبْتَلَ بِالتَّجَبُّرِ عَلَي اللَّهِ إلاَّ تَجَبَّرَ عَلَي دِينِ اللَّهِ، فَاسْتَقِيمُوا لِلَّهِ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَي أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ، أَجَارَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ التَّجَبُّرِ عَلَي اللَّهِ، وَلاَ قُوَّةَ لَنَا وَلَكُمْ إلاَّ بِاللَّهِ.

إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ خَلَقَهُ اللَّهُ فِي أَصْلِ الْخَلْقِ مُؤْمِناً لَمْ يَمُتْ حَتَّي يُكَرِّهَ اللَّهُ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَيُبَاعِدَهُ عَنْهُ، وَمَنْ كَرَّهَ اللَّهُ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَبَاعَدَهُ عَنْهُ عَافَاهُ اللَّهُ مِنَ الْكِبْرِ أَنْ يَدْخُلَهُ وَالْجَبْرِيَّةِ فَلانَتْ عَرِيكَتُهُ وَحَسُنَ خُلُقُهُ وَطَلُقَ وَجْهُهُ وَصَارَ عَلَيْهِ وَقَارُ الإِسْلامِ وَسَكِينَتُهُ وَتَخَشُّعُهُ وَوَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَاجْتَنَبَ مَسَاخِطَهُ، وَرَزَقَهُ اللَّهُ مَوَدَّةَ النَّاسِ وَمُجَامَلَتَهُمْ وَتَرْكَ مُقَاطَعَةِ النَّاسِ وَالْخُصُومَاتِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهَا وَلا مِنْ أَهْلِهَا فِي شَيْ ءٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ اللَّهُ خَلَقَهُ فِي الأَصْلِ (أَصْلِ الْخَلْقِ) كَافِراً لَمْ يَمُتْ حَتَّي يُحَبِّبَ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَيُقَرِّبَهُ مِنْهُ، فَإِذَا حَبَّبَ إِلَيْهِ الشَّرَّ وَقَرَّبَهُ مِنْهُ ابْتُلِيَ بِالْكِبْرِ وَالْجَبْرِيَّةِ فَقَسَا قَلْبُهُ وَسَاءَ خُلُقُهُ وَغَلُظَ وَجْهُهُ وَظَهَرَ فُحْشُهُ وَقَلَّ حَيَاؤُهُ وَكَشَفَ اللَّهُ سِتْرَهُ وَرَكِبَ الْمَحَارِمَ فَلَمْ يَنْزِعْ عَنْهَا، وَرَكِبَ مَعَاصِيَ اللَّهِ وَأَبْغَضَ طَاعَتَهُ وَأَهْلَهَا، فَبُعْدٌ مَا بَيْنَ حَالِ الْمُؤْمِنِ وَحَالِ الْكَافِر.ِ سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَاطْلُبُوهَا إِلَيْهِ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ.

صَبِّرُوا النَّفْسَ عَلَي الْبَلاءِ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ تَتَابُعَ الْبَلاءِ فِيهَا وَالشِّدَّةَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَوَلايَتِهِ وَوَلايَةِ مَنْ أَ مَرَ بِوَلايَتِهِ خَيْرٌ عَاقِبَةً عِنْدَ اللَّهِ فِي الآخِرَةِ مِنْ مُلْكِ الدُّنْيَا وَإِنْ طَالَ تَتَابُعُ نَعِيمِهَا وَزَهْرَتِهَا وَغَضَارَةُ عَيْشِهَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَوَلايَةِ مَنْ نَهَي اللَّهُ عَنْ وَلايَتِهِ وَطَاعَتِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِوَلايَةِ الأَئِمَّةِ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ: ?وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا? وَهُمُ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ

بِوَلايَتِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ. وَالَّذِينَ نَهَي اللَّهُ عَنْ وَلايَتِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ وَهُمْ أَئِمَّةُ الضَّلالَةِ الَّذِينَ قَضَي اللَّهُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ دُوَلٌ فِي الدُّنْيَا عَلَي أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الأَئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ يَعْمَلُونَ فِي دَولَتِهِمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَمَعْصِيَةِ رَسُولِهِ صلي الله عليه وآله لِيَحِقَّ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ. وَلِيَتِمَّ أَنْ تَكُونُوا مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه وآله وَالرُّسُلِ مِنْ قَبْلِهِ فَتَدَبَّرُوا مَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِهِ مِمَّا ابْتَلَي بِهِ أَنْبِيَاءَهُ وَأَتْبَاعَهُمُ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الصَّبْرَ عَلَي الْبَلاءِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ مِثْلَ الَّذِي أَعْطَاهُمْ. وَإِيَّاكُمْ وَمُمَاظَّةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ، وَعَلَيْكُمْ بِهُدَي الصَّالِحِينَ وَوَقَارِهِمْ وَسَكِينَتِهِمْ وَحِلْمِهِمْ وَتَخَشُّعِهِمْ وَوَرَعِهِمْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَصِدْقِهِمْ وَوَفَائِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ لِلَّهِ فِي الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، فَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ لَمْ تُنْزَلُوا عِنْدَ رَبِّكُمْ مَنْزِلَةَ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ.

وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً شَرَحَ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ، فَإِذَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ أَنْطَقَ لِسَانَهُ بِالْحَقِّ وَعَقَدَ قَلْبَهُ عَلَيْهِ فَعَمِلَ بِهِ، فَإِذَا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ تَمَّ لَهُ إِسْلامُهُ وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ مَاتَ عَلَي ذَلِكَ الْحَالِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَقّاً، وَإِذَا لَمْ يُرِدِ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْراً وَكَلَهُ إِلَي نَفْسِهِ وَكَانَ صَدْرُهُ ضَيِّقاً حَرَجاً، فَإِنْ جَرَي عَلَي لِسَانِهِ حَقٌّ لَمْ يُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَيْهِ لَمْ يُعْطِهِ اللَّهُ الْعَمَلَ بِهِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّي يَمُوتَ وَهُوَ عَلَي تِلْكَ الْحَالِ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَصَارَ مَا جَرَي عَلَي لِسَانِهِ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي لَمْ يُعْطِهِ اللَّهُ أَنْ يُعْقَدَ قَلْبُهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعْطِهِ الْعَمَلَ بِهِ حُجَّةً عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَسَلُوهُ أَنْ يَشْرَحَ صُدُورَكُمْ لِلإِسْلامِ، وَأَنْ يَجْعَلَ أَلْسِنَتَكُمْ تَنْطِقُ بِالْحَقِّ حَتَّي يَتَوَفَّاكُمْ وَأَنْتُمْ عَلَي ذَلِكَ، وَأَنْ يَجْعَلَ مُنْقَلَبَكُمْ مُنْقَلَبَ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ فَلْيَعْمَلْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَلْيَتَّبِعْنَا. أَلَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صلي الله عليه وآله: ?قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ? وَاللَّهِ لا يُطِيعُ اللَّهَ عَبْدٌ أَبَداً إلاَّ أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي طَاعَتِهِ اتِّبَاعَنَا، وَلا وَاللَّهِ لا يَتَّبِعُنَا عَبْدٌ أَبَداً إلاَّ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَلاَ وَاللَّهِ لاَ يَدَعُ أَحَدٌ اتِّبَاعَنَا أَبَداً إلاَّ أَبْغَضَنَا، وَلاَ وَاللَّهِ لاَ يُبْغِضُنَا أَحَدٌ أَبَداً إلاَّ عَصَي اللَّهَ، وَمَنْ مَاتَ عَاصِياً لِلَّهِ أَخْزَاهُ اللَّهُ وَأَكَبَّهُ عَلَي وَجْهِهِ فِي النَّارِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

پي نوشتها

() في يوم الأربعاء 28 صفر عام 1427ه.

() كما صادف علي بعض الأقوال في مثل هذا اليوم ذكري استشهاد السبط الأكبر الإمام المجتبي سلام الله عليه.

() بحار الأنوار، ج29، ص226 (فصل نورد فيه خطبة خطبتْها …).

كما روي الخطبة بتغيير طفيف في ألفاظها ومعانيها، كلّ من: البغدادي الجوهري في السقيفة وفدك، ص102، وابن ابي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة، ج16، ص211، وابن طيفور في بلاغات النساء، ص14، وغيرهم.

() بحار الأنوار: ج15، باب4، ص369، ح19.

() المصدر نفسه: ج17، باب14، ص32، ح14.

() المصدر نفسه: ج20، باب20، ص331.

() كما روي عن النبي المصطفي صلي الله عليه وآله نفسه: «يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت، ولا عرفني إلا الله وأنت، ولا عرفك إلا الله وأنا» تأويل الآيات الظاهرة، ص145.

() الكافي، ج1، ص89، ح5.

() عن ابن عباس قال: لما حضرت رسول الله الوفاة قال: هَلمَّ أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده. وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب. فقال عمر: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وسلم) قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. قال: فاختلف

أهل البيت، فاختصموا، فمنهم من يقول: يكتب لكم رسول الله صلي الله عليه وآله، أو قال: قرّبوا يكتب لكم رسول الله صلي الله عليه وسلم. ومنهم من يقول ما قال عمر … قال صلي الله عليه وآله: قوموا عنّي. فكان ابن عباس يقول: الرزيّة كل الرزيّة ما حال بين رسول الله صلي الله عليه وآله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.

وفي روايات أخري أن بعضاً واجهوا اقتراح الرسول صلي الله عليه وآله بالقول: «إن الرجل ليهجر». ومن جملة المصادر التاريخية التي ذكرت هذه الواقعة: مسند أحمد بن حنبل، ج1، ص325 «ذيل مسند عبد الله بن عباس»؛ صحيح البخاري، ج1، ص37؛ ج5، ص138؛ ج8، ص161؛ ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ج7، ص984؛ محمد بن سعد، الطبقات الكبري، ج2، ص244؛ ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج8، باب مرض النبي ووفاته؛ صحيح مسلم، ج5، ص75.

() تهذيب الأحكام، ج7، ص463.

() مجمع النورين للمرندي، ص14.

() سورة الأحزاب، الآية: 21

() مستدرك الوسائل، ج11، ص187، باب6، ح1.

() بحار الأنوار، ج43، ص191.

() الكافي، ج8، ص93.

() عن النبي صلي الله عليه وآله: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح يدعو له …» عوالي اللآلي، ص97، ح10.

() بحار الأنوار، ج97، ص209؛ الإقبال: ص335.

() عن جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام أَنَّهُ كَتَبَ بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ إِلَي أَصْحَابِهِ وَأَمَرَهُمْ بِمُدَارَسَتِهَا وَالنَّظَرِ فِيهَا وَتَعَاهُدِهَا وَالْعَمَلِ بِهَا فَكَانُوا يَضَعُونَهَا فِي مَسَاجِدِ بُيُوتِهِمْ فَإِذَا فَرَغُوا مِنَ الصَّلاةِ نَظَرُوا فِيهَا. الكافي، ج8، ص2.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.