حاشية العروة الوثقي

اشارة

الكتاب: حاشية العروة الوثقي

المؤلف: آية الله العظمي السيّد صادق الشيرازي دام ظله

الناشر: دار الأنصار

المطبعة: سيد الشهداء عليه السلام 7222687-0251

الطبعة: الأولي 1429- 2008

العدد: 3000

الرقم الدولي: 9/52/8956/964/978

كتاب الصلاة

(38- فصل: في مبطلات الصلاة)

(38- فصل: في مبطلات الصلاة)

وهي أمور:

[المبطل الأول: فقد بعض الشرائط]

أحدها: فقد بعض الشرائط في أثناء الصلاة كالستر وإباحة المكان واللباس ونحو ذلك ممّا مرّ في المسائل المتقدّمة.

[المبطل الثاني: الحدَث]

الثاني: الحدث الأكبر أو الأصغر فإنه مبطل أينما وقع فيها ولو قبل الآخر بحرف، من غير فرق بين أن يكون عمداً أو سهواً أو اضطراراً، عدا ما مرَّ في حكم المسلوس والمبطون والمستحاضة، نعم لو نسي السلام ثمَّ أحدث فالأقوي عدم البطلان وإن كان الأحوط الإعادة أيضاً.

[المبطل الثالث: التكفير]

الثالث: التكفير، بمعني وضع إحدي اليدين علي الأخري علي النحو الذي يصنعه غيرنا إن كان عمداً لغير ضرورة. فلا بأس به سهواً وإن كان الأحوط الإعادة معه أيضاً، وكذا لا بأس به مع الضرورة، بل لو تركه حالها أشكلت الصحة وإن كانت أقوي، والأحوط عدم وضع إحدي اليدين علي الأخري، بأيَّ وجه كان في أيِّ حالة من حالات الصلاة وإن لم يكن متعارفاً بينهم، لكن بشرط أن يكون بعنوان الخضوع والتأدّب، وأما إذا كان لغرض آخر كالحكّ ونحوه فلا بأس به مطلقاً حتي علي الوضع المتعارف.

[المبطل الرابع: تعمّد الالتفات عن القبلة]

الرابع: تعمّد الالتفات بتمام البدن إلي الخلف أو إلي اليمين أو اليسار، بل وإلي ما بينهما علي وجه يخرج عن الاستقبال وإن لم يصل إلي حدّهما وإن لم يكن الالتفات حال القراءة أو الذكر، بل الأقوي ذلك في الالتفات بالوجه إلي الخلف مع فرض إمكانه ولو بميل البدن علي وجه لا يخرج عن الاستقبال، وأما الالتفات بالوجه يمينا ويساراً مع بقاء البدن مستقبلاً فالأقوي كراهته مع عدم كونه

فاحشاً وإن كان الأحوط اجتنابه أيضاً، خصوصاً إذا كان طويلاً، وسيّما إذا كان مقارناً لبعض أفعال الصلاة خصوصاً الأركان سيّما تكبيرة الإحرام، وأما إذا كان فاحشاً ففيه إشكال فلا يترك الاحتياط حينئذ. وكذا تبطل مع الالتفات سهواً فيما كان عمده مبطلاً إلا إذا لم يصل إلي حدّ اليمين واليسار، بل كان فيما بينهما فإنه غير مبطل إذا كان سهواً وإن كان بكل البدن.

[المبطل الخامس: تعمّد الكلام]

الخامس: تعمّد الكلام بحرفين ولو مهملين غير مفهمين للمعني، أو بحرف واحد بشرط كونه مفهماً للمعني نحو: «قِ» فعل أمر من وقي، بشرط أن يكون عالما بمعناه وقاصداً له، بل أو غير قاصد أيضاً مع التفاته إلي معناه علي الأحوط.

(1 مسألة): لو تكلّم بحرفين حصل ثانيهما من إشباع حركة الأوّل بطلت بخلاف ما لو لم يصل الإشباع إلي حدّ حصول حرف آخر.

(2 مسألة): إذا تكلّم بحرفين من غير تركيب، كأن يقول: «ب ب» مثلاً، ففي كونه مبطلاً أو لا وجهان، والأحوط الأوّل .

(3 مسألة): إذا تكلّم بحرف واحد غير مفهم للمعني لكن وصله بإحدي كلمات القراءة أو الأذكار، أبطل من حيث إفساد تلك الكلمة إذا خرجت تلك الكلمة عن حقيقتها.

(4 مسألة): لا تبطل بمدّ حرف المدّ واللين وإن زاد فيه بمقدار حرف آخر فإنه محسوب حرفاً واحداً.

(5 مسألة): الظاهر عدم البطلان بحروف المعاني مثل: «ل» حيث إنه لمعني التعليل أو التمليك أو نحوهما، وكذا مثل: «و» حيث يفيد معني العطف أو القسم، ومثل: «ب» فإنه حرف جرٍّ وله معان، وإن كان الأحوط البطلان مع قصد هذه المعاني. وفرق واضح بينها وبين حروف المباني .

(6 مسألة): لا تبطل بصوت التنحنح ولا بصوت النفخ والأنين والتأوّه ونحوها، نعم تبطل بحكاية أسماء هذه الأصوات مثل:

«إح، و: يف، و: أَوْه».

(7 مسألة): إذا قال: «آه من ذنوبي» أو «آه من نار جهنم» لا تبطل الصلاة قطعاً إذا كان في ضمن دعاء أو مناجاة، وأما إذا قال: «آه» من غير ذكر المتعلّق فإن قدره فكذلك وإلا فالأحوط اجتنابه وإن كان الأقوي عدم البطلان إذا كان في مقام الخوف من الله .

(8 مسألة): لا فرق في البطلان بالتكلّم بين أن يكون هناك مخاطب أم لا، وكذا لا فرق بين أن يكون مضطراً في التكلّم أو مختاراً، نعم التكلّم سهواً ليس مبطلاً ولو كان بتخيّل الفراغ من الصلاة.

(9 مسألة): لا بأس بالذكر والدعاء في جميع أحوال الصلاة بغير المحرّم، وكذا بقراءة القرآن غير ما يوجب السجود. وأما الدعاء المحرّم كالدعاء علي مؤمن ظلماً فلا يجوز، بل هو مبطل للصلاة وإن كان جاهلاً بحرمته()، نعم لا يبطل مع الجهل بالموضوع كما إذا اعتقده كافراً فدعا عليه فبان أنه مسلم .

(10 مسألة): لا بأس بالذكر والدعاء بغير العربي أيضاً وإن كان الأحوط العربية.

(11 مسألة): يعتبر في القرآن قصد القرآنية فلو قرأ ما هو مشترك بين القرآن وغيره لا بقصد القرآنية ولم يكن دعاء أيضاً أبطل، بل الآية المختصّة بالقرآن أيضاً إذا قصد بها غير القرآن أبطلت، وكذا لو لم يعلم أنها قرآن .

(12 مسألة): إذا أتي بالذكر بقصد تنبيه الغير والدلالة علي أمر من الأمور: فإن قصد به الذكر وقصد التنبيه برفع الصوت مثلاً فلا إشكال في الصحة، وإن قصد به التنبيه من دون قصد الذكر أصلاً بأن استعمله في التنبيه والدلالة فلا إشكال في كونه مبطلاً، وكذا() إن قصد الأمرين معاً علي أن يكون له مدلولان واستعمله فيهما. وأما إذا قصد الذكر وكان داعيه علي الإتيان بالذكر تنبيه

الغير فالأقوي الصحّة.

(13 مسألة): لا بأس() بالدعاء مع مخاطبة الغير بأن يقول: «غفر الله لك» فهو مثل قوله: «اللهم اغفر لي، أو لفلان».

(14 مسألة): لا بأس بتكرار الذكر أو القراءة عمداً أو من باب الاحتياط، نعم إذا كان التكرار من باب الوسوسة فلا يجوز، بل لا يبعد بطلان الصلاة به ().

[أحكام السلام وسائر التحيات في الصلاة]

(15 مسألة): لا يجوز ابتداء السلام للمصلّي، وكذا سائر التحيات مثل: «صبّحك الله بالخير، أو مسّاك الله بالخير، أو في أمان الله، أو ادخلوها بسلام» إذا قصد مجرّد التحيّة، وأما إذا قصد الدعاء بالسلامة أو الإصباح والإمساء بالخير ونحو ذلك فلا بأس به() ، وكذا إذا قصد القرآنية من نحو قوله: «سلام عليكم» () أو «ادخلوها بسلام» () وإن كان الغرض منه السلام أو بيان المطلب بأن يكون من باب الداعي علي الدعاء أو قراءة القرآن .

(16 مسألة): يجوز ردّ سلام التحيّة في أثناء الصلاة، بل يجب وإن لم يكن السلام أو الجواب بالصيغة القرآنية، ولو عصي ولم يردّ الجواب واشتغل بالصلاة قبل فوات وقت الردّ لم تبطل علي الأقوي .

(17 مسألة): يجب أن يكون الردّ في أثناء الصلاة بمثل ما سلّم، فلو قال: «سلام عليكم» يجب أن يقول في الجواب «سلام عليكم» مثلاً، بل الأحوط المماثلة في التعريف والتنكير والإفراد والجمع، فلا يقول: «سلام عليكم» في جواب: «السلام عليكم» أو في جواب: «سلام عليك» مثلاً، وبالعكس وإن كان لا يخلو من منع، نعم لو قصد القرآنية في الجواب فلا بأس بعدم المماثلة.

(18 مسألة): لو قال المسلّم: «عليكم السلام» فالأحوط() في الجواب أن يقول: «سلام عليكم» بقصد القرآنية أو بقصد الدعاء.

(19 مسألة): لو سلّم بالملحون وجب الجواب صحيحاً() والأحوط قصد الدعاء أو القرآن .

(20 مسألة): لو كان المسلّم صبيّاً

مميّزاً أو نحوه أو امرأة أجنبيّة أو رجلاً أجنبيّاً علي امرأة تصلّي، فلا يبعد، بل الأقوي() جواز الردِّ بعنوان ردّ التحية، لكن الأحوط() قصد القرآن أو الدعاء.

(21 مسألة): لو سلّم علي جماعة منهم المصلّي فردّ الجواب غيره لم يجز له الردّ، نعم لو ردّه صبيّ مميّز ففي كفايته إشكال() والأحوط ردّ المصلّي بقصد القرآن أو الدعاء.

(22 مسألة): إذا قال: «سلام» بدون «عليكم» وجب الجواب في الصلاة إما بمثله ويقدِّر «عليكم» وإما بقوله: «سلام عليكم» والأحوط الجواب كذلك بقصد القرآن أو الدعاء.

(23 مسألة): إذا سلّم مرّات عديدة يكفي الجواب مرّة، نعم لو أجاب ثمَّ سلّم يجب جواب الثاني أيضاً() وهكذا، إلا إذا خرج عن المتعارف فلا يجب الجواب حينئذ.

(24 مسألة): إذا كان المصلّي بين جماعة فسلّم واحد عليهم وشكّ المصلّي في أن المسلّم قصده أيضاً أم لا، لا يجوز له الجواب، نعم لا بأس به بقصد القرآن أو الدعاء.

(25 مسألة): يجب جواب السلام فوراً، فلو أخّر عصياناً أو نسياناً بحيث خرج عن صدق الجواب لم يجب، وإن كان في الصلاة لم يجز، وإن شكّ في الخروج عن الصدق وجب وإن كان في الصلاة، لكن الأحوط حينئذ قصد القرآن أو الدعاء.

(26 مسألة): يجب إسماع الردّ، سواء كان في الصلاة أو لا، إلا إذا سلّم ومشي سريعاً أو كان المسلّم أصمّ، فيكفي الجواب علي المتعارف() بحيث لو لم يبعد أو لم يكن أصمّ كان يسمع .

(27 مسألة): لو كانت التحيّة بغير لفظ السلام، كقوله: «صبّحك الله بالخير، أو مسّاك الله بالخير» لم يجب الردّ وإن كان هو الأحوط()، ولو كان في الصلاة فالأحوط() الردّ بقصد الدعاء.

(28 مسألة): لو شكّ المصلّي في أن المسلّم سلّم بأيّ صيغة فالأحوط أن يردّ

بقوله: «سلام عليكم» بقصد القرآن أو الدعاء.

(29 مسألة): يكره السلام علي المصلّي .

(30 مسألة): ردّ السلام واجب كفائي، فلو كان المسلّم عليهم جماعة يكفي ردّ أحدهم، ولكن الظاهر عدم سقوط الاستحباب بالنسبة إلي الباقين، بل الأحوط ردّ كلّ من قصد به، ولا يسقط بردّ من لم يكن داخلاً في تلك الجماعة أو لم يكن مقصوداً. والظاهر عدم كفاية ردّ الصبيِّ المميِّز أيضاً() والمشهور() علي أن الابتداء بالسلام أيضاً من المستحبات الكفائية، فلو كان الداخلون جماعة يكفي سلام أحدهم، ولا يبعد بقاء الاستحباب بالنسبة إلي الباقين أيضاً وإن لم يكن مؤكّداً.

(31 مسألة): يجوز سلام الأجنبيّ علي الأجنبيّة() وبالعكس علي الأقوي إذا لم يكن هناك ريبة أو خوف فتنة حيث إن صوت المرأة من حيث هو ليس عورة.

(32 مسألة): مقتضي بعض الأخبار عدم جواز الابتداء بالسلام علي الكافر إلا لضرورة، لكن يمكن الحمل علي إرادة الكراهة. وإن سلّم الذمّيّ علي مسلم فالأحوط الردّ بقوله: «عليك» ()، أو بقوله: «سلام» من دون «عليك».

(33 مسألة): المستفاد من بعض الأخبار أنه يستحب أن يسلّم الراكب علي الماشي، وأصحاب الخيل علي أصحاب البغال، وهم علي أصحاب الحمير، والقائم علي الجالس، والجماعة القليلة علي الكثيرة، والصغير علي الكبير. ومن المعلوم: أنّ هذا مستحبّ في مستحبّ() وإلا فلو وقع العكس لم يخرج عن الاستحباب أيضاً.

(34 مسألة): إذا سلّم سخرية أو مزاحاً فالظاهر عدم وجوب ردّه .

(35 مسألة): إذا سلّم علي أحدِ شخصين ولم يعلم أنه أيّهما أراد، لا يجب الردّ علي واحد منهما وإن كان الأحوط في غير حال الصلاة الردّ من كلّ منهما.

(36 مسألة): إذا تقارن سلام شخصين كلّ علي الآخر، وجب علي كلّ منهما الجواب ولا يكفي سلامه الأوّل() لأنه لم يقصد الردّ،

بل الابتداء بالسلام .

(37 مسألة): يجب جواب سلام قارئ التعزية والواعظ ونحوهما من أهل المنبر ويكفي ردّ أحد المستمعين .

(38 مسألة): يستحب الردّ بالأحسن في غير حال الصلاة بأن يقول في جواب: «سلام عليكم، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته» بل يحتمل ذلك فيها أيضاً وإن كان الأحوط الردّ بالمثل .

(39 مسألة): يستحبّ للعاطس ولمن سمع عطسة الغير وإن كان في الصلاة أن يقول: «الحمد لله» أو يقول: «الحمد لله وصلّي الله علي محمد وآله» بعد أن يضع إصبعه علي أنفه. وكذا يستحب تسميت العاطس بأن يقول له: «يرحمك الله، أو يرحمكم الله» وإن كان في الصلاة، وإن كان الأحوط الترك() حينئذ، ويستحبّ للعاطس كذلك أن يردّ التسميت بقوله: «يغفر الله لكم».

[المبطل السادس: تعمّد القهقهة]

السادس: تعمّد القهقهة ولو اضطراراً (وهي: الضحك المشتمل علي الصوت والمدّ والترجيع)، بل مطلق الصوت علي الأحوط. ولا بأس بالتبسّم ولا بالقهقهة سهواً()، نعم الضحك المشتمل علي الصوت تقديراً كما لو امتلأ جوفه ضحكاً واحمرّ وجهه لكن منع نفسه من إظهار الصوت حكمه حكم القهقهة().

[المبطل السابع: تعمّد البكاء]

السابع: تعمّد البكاء المشتمل علي الصوت ، بل وغير المشتمل عليه علي الأحوط() لأمور الدنيا، وأما البكاء للخوف من الله ولأمور الآخرة فلا بأس به، بل هو من أفضل الأعمال، والظاهر أن البكاء اضطراراً أيضاً مبطل، نعم لا بأس به إذا كان سهواً()، بل الأقوي عدم البأس به إذا كان لطلب أمر دنيوي من الله فيبكي تذلّلاً له تعالي ليقضي حاجته.

[المبطل الثامن: الفعل الماحي لصورة الصلاة]

الثامن: كلّ فعل ماح لصورة الصلاة، قليلاً كان أو كثيراً: كالوثبة والرقص والتصفيق ونحو ذلك ممّا هو مناف للصلاة، ولا فرق بين العمد والسهو. وكذا السكوت الطويل الماحي، وأما الفعل القليل غير الماحي، بل

الكثير غير الماحي فلا بأس به، مثل الإشارة باليد لبيان مطلب، وقتل الحيّة والعقرب، وحمل الطفل وضمّه وإرضاعه عند بكائه، وعدّ الركعات بالحصي، وعدّ الاستغفار في الوتر بالسبحة ونحوها ممّا هو مذكور في النصوص. وأما الفعل الكثير أو السكوت الطويل المفوِّت للموالاة بمعني: المتابعة العرفية إذا لم يكن ماحياً للصورة فسهوه لا يضرّ، والأحوط الاجتناب عنه عمداً.

[المبطل التاسع: الأكل والشرب الماحيان للصلاة]

التاسع: الأكل والشرب الماحيان للصورة، فتبطل الصلاة بهما عمداً كانا أو سهواً، والأحوط الاجتناب عمّا كان منهما مفوِّتا للموالاة العرفيّة عمداً، نعم لا بأس بابتلاع بقايا الطعام الباقية في الفم أو بين الأسنان. وكذا بابتلاع قليل من السكّر، الذي يذوب وينزل شيئاً فشيئاً، ويستثني أيضاً ما ورد في النص بالخصوص: من جواز شرب الماء لمن كان مشغولاً بالدعاء في صلاة الوتر وكان عازماً علي الصوم في ذلك اليوم ويخشي مفاجاة الفجر وهو عطشان والماء أمامه ومحتاج إلي خطوتين أو ثلاثة، فإنه يجوز له التخطّي والشرب حتي يروي وإن طال زمانه إذا لم يفعل غير ذلك من منافيات الصلاة، حتي إذا أراد العود إلي مكانه رجع القهقري لئلاّ يستدبر القبلة، والأحوط الاقتصار علي الوتر المندوب وكذا علي خصوص شرب الماء فلا يلحق به الأكل وغيره، نعم الأقوي عدم الاقتصار علي الوتر ولا علي حال الدعاء فيلحق به مطلق النافلة وغير حال الدعاء وإن كان الأحوط الاقتصار.

[المبطل العاشر: تعمّد قول آمين]

العاشر: تعمّد قول آمين بعد تمام الفاتحة لغير ضرورة، من غير فرق بين الإجهار به والإسرار للإمام والمأموم والمنفرد، ولا بأس به في غير المقام المزبور بقصد الدعاء، كما لا بأس به مع السهو وفي حال الضرورة، بل قد يجب معها ولو تركها أثم لكن تصحّ

صلاته علي الأقوي().

[المبطل الحادي عشر: الشكّ في الثنائية والثلاثية]

الحادي عشر: الشك في ركعات الثنائية والثلاثية، والأُوليين من الرباعية علي ما سيأتي.

[المبطل الثاني عشر: الزيادة والنقيصة]

الثاني عشر: زيادة جزء أو نقصانه عمداً إن لم يكن ركناً، ومطلقاً إن كان ركناً.

(40 مسألة): لو شكّ بعد السلام في أنه هل أحدث في أثناء الصلاة أم لا، بني علي العدم والصحّة.

(41 مسألة): لو علم بأنه نام اختياراً وشكّ في أنّه هل أتمّ الصلاة ثمَّ نام أو نام في أثنائها، بني علي أنّه أتمَّ ثمَّ نام(). وأمّا إذا علم بأنه غلبه النوم قهراً وشكّ في أنه كان في أثناء الصلاة أو بعدها وجب() عليه الإعادة، وكذا إذا رأي نفسه نائماً في السجدة وشكّ في أنها السجدة الأخيرة من الصلاة أو سجدة الشكر بعد إتمام الصلاة، ولا يجري قاعدة الفراغ في المقام .

(42 مسألة): إذا كان في أثناء الصلاة في المسجد فرأي نجاسة فيه فإن كانت الإزالة موقوفة علي قطع الصلاة أتمّها ثمَّ أزال النجاسة، وإن أمكنت بدونه بأن لم يستلزم الاستدبار ولم يكن فعلاً كثيراً موجباً لمحو الصورة وجبت الإزالة ثمَّ البناء علي صلاته .

(43 مسألة): ربما يقال بجواز البكاء علي سيد الشهداء أرواحنا فداه في حال الصلاة وهو مشكل ().

(44 مسألة): إذا أتي بفعل كثير أو بسكوت طويل وشكّ في بقاء صورة الصلاة ومحوها معه فلا يبعد البناء علي البقاء، لكن الأحوط الإعادة بعد الإتمام.

(39- فصل: في المكروهات في الصلاة)

(39- فصل: في المكروهات في الصلاة)

وهي أمور:

الأوّل: الالتفات بالوجه قليلاً، بل وبالعين وبالقلب.

الثاني: العبث باللحية أو بغيرها كاليد ونحوها..

الثالث: القران بين السورتين علي الأقوي وإن كان الأحوط الترك.

الرابع: عقص الرجل شعره، وهو: جمعه وجعله في وسط الرأس وشدِّه أو ليِّه وإدخال أطرافه في أصوله، أو ظفره وليِّه علي الرأس، أو ظفره وجعله

كالكبّة في مقدّم الرأس علي الجبهة، والأحوط ترك الكل، بل يجب() ترك الأخير في ظفر الشعر حال السجدة.

الخامس: نفخ() موضع السجود.

السادس: البصاق.

السابع: فرقعة الأصابع أي: نقضها.

الثامن: التمطّي.

التاسع: التثاؤب.

العاشر: الأنين.

الحادي عشر: التأوّه.

الثاني عشر: مدافعة() البول والغائط، بل والريح.

الثالث عشر: مدافعة النوم، ففي الصحيح: «لا تقم إلي الصلاة متكاسلاً ولا متناعساً ولا متثاقلاً».

الرابع عشر: الامتخاط.

الخامس عشر: الصفد في القيام أي: الإقران بين القدمين معاً كأنهما في قيد.

السادس عشر: وضع اليد علي الخاصرة.

السابع عشر: تشبيك الأصابع.

الثامن عشر: تغميض البصر.

التاسع عشر: لبس الخفّ أو الجورب الضيّق الذي يضغطه.

العشرون: حديث النفس.

الحادي والعشرون: قصّ الظفر والأخذ من الشعر والعضّ عليه.

الثاني والعشرون: النظر إلي نقش الخاتم والمصحف والكتاب وقراءته.

الثالث والعشرون: التورّك، بمعني: وضع اليد علي الورك معتمداً عليه حال القيام.

الرابع والعشرون: الإنصات في أثناء القراءة أو الذكر ليسمع ما يقوله القائل.

الخامس والعشرون: كلّ ما ينافي الخشوع المطلوب في الصلاة.

(1 مسألة): لا بدّ للمصلّي من اجتناب موانع قبول الصلاة: كالعجب والدلال ومنع الزكاة والنشوز والإباق والحسد والكبر والغيبة وأكل الحرام وشرب المسكر، بل جميع المعاصي لقوله تعالي: ?إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ?.

[أفعال تجوز في الصلاة]

(2 مسألة): قد نطقت الأخبار بجواز جملة من الأفعال في الصلاة وأنّها لا تبطل بها، لكن من المعلوم أن الأَولي الاقتصار علي صورة الحاجة والضرورة ولو العرفيّة، وهي: عدّ الصلاة بالخاتم والحصي بأخذها بيده، وتسوية الحصي في موضع السجود، ومسح التراب عن الجبهة، ونفخ موضع السجود إذا لم يظهر منه حرفان، وضرب الحائط أو الفخذ باليد لإعلام الغير أو إيقاظ النائم، وصفق اليدين لإعلام الغير والإيماء لذلك، ورمي الكلب وغيره بالحجر، ومناولة العصا للغير، وحمل الصبي وإرضاعه، وحكّ الجسد، والتقدّم بخطوة أو خطوتين، وقتل الحيّة

والعقرب والبرغوث والبقّة والقمّلة ودفنها في الحصي،

وحكّ خرء الطير من الثوب، وقطع الثواليل، ومسح الدماميل، ومسّ الفرج، ونزع السنّ المتحرّك، ورفع القلنسوة ووضعها، ورفع اليدين من الركوع أو السجود لحكّ الجسد، وإدارة السبحة، ورفع الطرف إلي السماء، وحكّ النخامة من المسجد()، وغسل الثوب أو البدن من القي ء والرعاف.

(40- فصل: في قطع الصلاة)

لا يجوز قطع صلاة الفريضة اختياراً، والأحوط عدم قطع النافلة أيضاً وإن كان الأقوي جوازه.

ويجوز قطع الفريضة لحفظ مال، ولدفع ضرر ماليٍّ أو بدنيٍّ: كالقطع لأخذ العبد من الإباق، أو الغريم من الفرار، أو الدابة من الشراد ونحو ذلك.

وقد يجب: كما إذا توقّف حفظ نفسه، أو حفظ نفس محترمة، أو حفظ مال يجب حفظه شرعاً عليه.

وقد يستحب: كما إذا توقّف حفظ مال مستحب الحفظ عليه، وكقطعها عند نسيان الأذان والإقامة إذا تذكّر قبل الركوع.

وقد يجوز: كدفع الضرر المالي الذي لا يضرّه تلفه. ولا يبعد كراهته لدفع ضرر ماليٍّ يسير، وعلي هذا فينقسم إلي الأقسام الخمسة.

(1 مسألة): الأحوط عدم قطع النافلة المنذورة إذا لم تكن منذورة بالخصوص : بأن نذر إتيان نافلة فشرع في صلاة بعنوان الوفاء لذلك النذر، وأمّا إذا نذر نافلة مخصوصة فلا يجوز قطعها() قطعاً.

(2 مسألة): إذا كان في أثناء الصلاة فرأي نجاسة في المسجد أو حدثت نجاسة، فالظاهر عدم جواز قطع الصلاة لإزالتها() لأن دليل فوريّة الإزالة قاصر الشمول عن مثل المقام. هذا في سعة الوقت وأمّا في الضيق فلا إشكال، نعم لو كان الوقت موسّعاً وكان بحيث لو لا المبادرة إلي الإزالة فاتت القدرة عليها فالظاهر وجوب القطع ().

(3 مسألة): إذا توقّف أداء الدين المطالب به علي قطعها، فالظاهر وجوبه في سعة الوقت لا في الضيق، ويحتمل في الضيق وجوب الإقدام علي الأداء متشاغلاً بالصلاة().

(4 مسألة): في موارد وجوب القطع إذا

تركه واشتغل بها، فالظاهر الصحّة وإن كان آثماً في ترك الواجب، لكن الأحوط الإعادة خصوصاً في صورة توقّف دفع الضرر الواجب عليه ().

(5 مسألة): يستحب أن يقول حين إرادة القطع في موضع الرخصة أو الوجوب: «السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته».

(41- فصل: في صلاة الآيات)

(41- فصل: في صلاة الآيات)

وهي واجبة علي الرجال والنساء والخناثي، وسببها أمور:

الأول والثاني: كسوف الشمس وخسوف القمر ولو بعضهما، وإن لم يحصل منهما خوف.

الثالث: الزلزلة وهي أيضاً سبب لها مطلقاً وإن لم يحصل بها خوف علي الأقوي.

الرابع: كلّ مخوف سماوي أو أرضيّ (): كالريح الأسود أو الأحمر أو الأصفر، والظلمة الشديدة، والصاعقة والصيحة والهدّة، والنار التي تظهر في السماء، والخسف وغير ذلك من الآيات المخوفة عند غالب الناس، ولا عبرة بغير المخوف من هذه المذكورات، ولا بخوف النادر، ولا بانكساف أحد النيّرين ببعض الكواكب الذي لا يظهر إلا للأوحدي من الناس، وكذا بانكساف بعض الكواكب ببعض إذا لم يكن مخوفاً للغالب من الناس.

[وقت صلاة الآيات]

وأما وقتها: ففي الكسوفين هو من حين الأخذ إلي تمام الانجلاء علي الأقوي، فتجب المبادرة إليها، بمعني: عدم التأخير إلي تمام الانجلاء، وتكون أداءً في الوقت المذكور، والأحوط عدم التأخير عن الشروع في الانجلاء، وعدم نيّة الأداء والقضاء علي فرض التأخير.

وأما في الزلزلة وسائر الآيات المخوفة: فلا وقت لها، بل يجب المبادرة إلي الإتيان بها بمجرّد حصولها، وإن عصي فبعده إلي آخر العمر، وتكون أداءً() مهما أتي بها إلي آخره.

[كيفية صلاة الآيات]

وأما كيفيتها: فهي ركعتان في كلّ منهما خمس ركوعات وسجدتان بعد الخامس من كلّ منهما، فيكون المجموع عشر ركوعات وسجدتان بعد الخامس وسجدتان بعد العاشر.

وتفصيل ذلك: بأن يكبّر للإحرام مقارناً للنيّة، ثمَّ يقرأ الحمد وسورة ثمَّ يركع ثمَّ يرفع رأسه ويقرأ الحمد وسورة ثمَّ يركع وهكذا حتي يتمّ خمساً، فيسجد بعد الخامس سجدتين ثمَّ يقوم للركعة الثانية، فيقرأ الحمد وسورة ثمَّ يركع وهكذا إلي العاشر، فيسجد بعده سجدتين ثمَّ يتشهّد ويسلّم، ولا فرق بين اتّحاد السورة في الجميع أو تغايرها.

ويجوز تفريق سورة واحدة علي الركوعات، فيقرأ في القيام الأوّل من الركعة الأُولي الفاتحة ثمَّ يقرأ بعدها آية من سورة أو أقلّ() أو أكثر ثمَّ يركع، ويرفع رأسه ويقرأ بعضاً آخر من تلك السورة ويركع ثمَّ يرفع ويقرأ بعضا آخر وهكذا إلي الخامس حتي يتمَّ سورة ثمَّ يركع ثمَّ يسجد بعده سجدتين. ثمَّ يقوم إلي الركعة الثانية فيقرأ في القيام الأوّل الفاتحة وبعض السورة ثمَّ يركع، ويقوم ويصنع كما صنع في الركعة الأولي إلي العاشر فيسجد بعده سجدتين ويتشهّد ويسلّم، فيكون في كلّ ركعة الفاتحة مرّة وسورة تامّة مفرّقة علي الركوعات الخمسة مرّة. ويجب إتمام سورة في كلّ ركعة وإن زاد عليها فلا بأس، والأحوط الأقوي

وجوب القراءة عليه من حيث قطع، كما أن الأحوط والأقوي عدم مشروعيّة الفاتحة حينئذ إلا إذا أكمل السورة، فإنه لو أكملها وجب عليه في القيام بعد الركوع قراءة الفاتحة، وهكذا كلما ركع عن تمام سورة وجبت الفاتحة في القيام بعده، بخلاف ما إذا لم يركع عن تمام سورة، بل ركع عن بعضها فإنه يقرأ من حيث قطع ولا يعيد الحمد كما عرفت، نعم لو ركع الركوع الخامس عن بعض سورة فسجد فالأقوي وجوب الحمد بعد القيام للركعة الثانية، ثمَّ القراءة من حيث قطع. وفي صورة التفريق يجوز قراءة أزيد من سورة في كلّ ركعة مع إعادة الفاتحة بعد إتمام السورة في القيام اللاحق .

(1 مسألة): لكيفية صلاة الآيات كما استفيد ممّا ذكرنا صور:

الأُولي: أن يقرأ في كلّ قيام قبل كلّ ركوع بفاتحة الكتاب وسورة تامّة في كلّ من الركعتين، فيكون كلّ من الفاتحة والسورة عشر مرّات، ويسجد بعد الركوع الخامس والعاشر سجدتين.

الثانية: أن يفرّق سورة واحدة علي الركوعات الخمسة في كلّ من الركعتين، فيكون الفاتحة مرّتان: مرّة في القيام الأوّل من الركعة الأولي، ومرّة في القيام الأوّل من الثانية، والسورة أيضاً مرّتان.

الثالثة: أن يأتي بالركعة الأُولي كما في الصورة الأُولي، وبالركعة الثانية كما في الصورة الثانية.

الرابعة: عكس هذه الصورة.

الخامسة: أن يأتي في كلّ من الركعتين بأزيد من سورة، فيجمع بين إتمام السورة في بعض القيامات وتفريقها في البعض، فيكون الفاتحة في كلّ ركعة أزيد من مرّة حيث إنه إذا أتمّ السورة وجب في القيام اللاحق قراءتها.

السادسة: أن يأتي بالركعة الأُولي كما في الصورة الأُولي، وبالثانية كما في الخامسة.

السابعة: عكس ذلك.

الثامنة: أن يأتي بالركعة الأُولي كما في الصورة الثانية، وبالثانية كما في الخامسة.

التاسعة: عكس ذلك. والأَولي: اختيار

الصورة الأُولي .

(2 مسألة): يعتبر في هذه الصلاة ما يعتبر في اليوميّة من الأجزاء والشرائط والأذكار الواجبة والمندوبة.

(3 مسألة): يستحب في كلّ قيام ثان بعد القراءة قبل الركوع قنوت ، فيكون في مجموع الركعتين خمسة قنوتات()، ويجوز الاجتزاء بقنوتين: أحدهما قبل الركوع الخامس، والثاني قبل العاشر، ويجوز الاقتصار علي الأخير منهما.

(4 مسألة): يستحب أن يكبّر عند كلّ هويٍّ للركوع وكل رفع منه .

(5 مسألة): يستحب أن يقول: «سمع الله لمن حمده» بعد الرفع من الركوع الخامس والعاشر.

[أحكام صلاة الآيات]

(6 مسألة): هذه الصلاة حيث إنها ركعتان حكمها حكم الصلاة الثنائية في البطلان إذا شكّ في أنه في الأُولي أو الثانية وإن اشتملت علي خمس ركوعات في كلّ ركعة، نعم إذا شكّ في عدد الركوعات كان حكمها حكم أجزاء اليوميّة في أنه يبني علي الأقل إن لم يتجاوز المحلّ، وعلي الإتيان إن تجاوز، ولا تبطل صلاته بالشكّ فيها، نعم لو شكّ في أنه الخامس فيكون آخر الركعة الأُولي، أو السادس فيكون أوّل الثانية بطلت الصلاة من حيث رجوعه إلي الشكّ في الركعات .

(7 مسألة): الركوعات في هذه الصلاة أركان تبطل بزيادتها ونقصها عمداً وسهواً كاليوميّة.

(8 مسألة): إذا أدرك من وقت الكسوفين ركعة فقد أدرك الوقت والصلاة أداء، بل وكذلك إذا لم يسع وقتهما إلا بقدر الركعة، بل وكذا إذا قصر عن أداء الركعة أيضاً.

(9 مسألة): إذا علم بالكسوف أو الخسوف وأهمل حتي مضي الوقت عصي ووجب القضاء، وكذا إذا علم ثمَّ نسي وجب القضاء. وأما إذا لم يعلم بهما حتي خرج الوقت الذي هو تمام الانجلاء فإن كان القرص محترقاً وجب القضاء، وإن لم يحترق كله لم يجب.

وأما في سائر الآيات فمع تعمّد التأخير يجب الإتيان بها ما دام العمر، وكذا إذا

علم ونسي، وأما إذا لم يعلم بها حتي مضي الوقت أو حتي مضي الزمان المتصل بالآية ففي الوجوب بعد العلم إشكال، لكن لا يترك الاحتياط بالإتيان بها ما دام العمر فوراً ففوراً.

(10 مسألة): إذا علم بالآية وصلّي ثمَّ بعد خروج الوقت أو بعد زمان الاتصال بالآية تبيّن له فساد صلاته وجب القضاء أو الإعادة.

(11 مسألة): إذا حصلت الآية في وقت الفريضة اليوميّة فمع سعة وقتهما مخيّر بين تقديم أيّهما شاء وإن كان الأحوط تقديم اليوميّة، وإن ضاق وقت إحداهما دون الأخري قدّمها وإن ضاق وقتهما معاً قدّم اليوميّة.

(12 مسألة): لو شرع في اليوميّة ثمَّ ظهر له ضيق وقت صلاة الآية قطعها مع سعة وقتها واشتغل بصلاة الآية، ولو اشتغل بصلاة الآية فظهر له في الأثناء ضيق وقت الإجزاء لليوميّة قطعها واشتغل بها وأتمها ثمَّ عاد إلي صلاة الآية من محلّ القطع إذا لم يقع منه مناف غير الفصل المزبور، بل الأقوي جواز قطع صلاة الآية والاشتغال باليوميّة إذا ضاق وقت فضيلتها فضلاً عن الإجزاء ثمَّ العود إلي صلاة الآية من محلّ القطع، لكن الأحوط خلافه .

[مستحبات صلاة الآيات]

(13 مسألة): يستحبّ في هذه الصلاة أمور:

الأول والثاني والثالث: القنوت والتكبير قبل الركوع وبعده والسمعلة علي ما مرَّ.

الرابع: إتيانها بالجماعة أداءً كانت أو قضاءً مع احتراق القرص وعدمه، والقول بعدم جواز الجماعة مع عدم احتراق القرص ضعيف، ويتحمّل الإمام فيها عن المأموم القراءة خاصة كما في اليوميّة دون غيرها من الأفعال والأقوال.

الخامس: التطويل فيها خصوصاً في كسوف الشمس.

السادس: إذا فرغ قبل تمام الانجلاء يجلس في مصلاّه مشتغلاً بالدعاء والذكر إلي تمام الانجلاء، أو يعيد الصلاة.

السابع: قراءة السور الطوال ك «يس?، والنور، والروم، والكهف» ونحوها.

الثامن: إكمال السورة في كلّ قيام.

التاسع: أن

يكون كلّ من القنوت والركوع والسجود بقدر القراءة في التطويل تقريباً.

العاشر: الجهر بالقراءة فيها ليلاً أو نهاراً حتي في كسوف الشمس علي الأصح.

الحادي عشر: كونها تحت السماء.

الثاني عشر: كونها في المساجد، بل في رحبها.

(14 مسألة): لا يبعد استحباب التطويل حتي للإمام وإن كان يستحب له التخفيف في اليوميّة مراعاة لأضعف المأمومين .

(15 مسألة): يجوز الدخول في الجماعة إذا أدرك الإمام قبل الركوع الأوّل، أو فيه من الركعة الأُولي أو الثانية. وأما إذا أدركه بعد الركوع الأوّل من الأُولي أو بعد الركوع من الثانية فيشكل() الدخول لاختلال النظم حينئذ بين صلاة الإمام والمأموم .

(16 مسألة): إذا حصل أحد موجبات سجود السهو في هذه الصلاة فالظاهر وجوب الإتيان به بعدها كما في اليوميّة.

(17 مسألة): يجري في هذه الصلاة قاعدة التجاوز عن المحلّ وعدم التجاوز عند الشكّ في جزء أو شرط كما في اليوميّة.

(18 مسألة): يثبت الكسوف والخسوف وسائر الآيات: بالعلم، وشهادة العدلين، وإخبار الرصدي إذا حصل الاطمئنان() بصدقه علي إشكال في الأخير، لكن لا يترك معه الاحتياط. وكذا في وقتها ومقدار مكثها.

(19 مسألة): يختصّ وجوب الصلاة بمن في بلد الآية فلا يجب علي غيره ، نعم يقوي إلحاق المتّصل بذلك المكان ممّا يعدّ معه كالمكان الواحد().

(20 مسألة): تجب هذه الصلاة علي كلّ مكلّف إلا الحائض والنفساء فيسقط عنهما أداؤها والأحوط() قضاؤها بعد الطهر والطهارة.

(21 مسألة): إذا تعدّد السبب دفعة أو تدريجاً تعدّد() وجوب الصلاة.

(22 مسألة): مع تعدّد ما عليه من سبب واحد لا يلزم التعيين، ومع تعدّد السبب نوعاً كالكسوف والخسوف والزلزلة الأحوط() التعيين ولو إجمالا، نعم مع تعدّد ما عدا هذه الثلاثة من سائر المخوّفات لا يجب التعيين وإن كان أحوط أيضاً.

(23 مسألة): المناط في وجوب القضاء في الكسوفين

في صورة الجهل احتراق القرص بتمامه ، فلو لم يحترق التمام ولكن ذهب ضوء البقية باحتراق البعض لم يجب القضاء مع الجهل وإن كان أحوط() خصوصاً مع الصدق العرفي .

(24 مسألة): إذا أخبره جماعة بحدوث الكسوف مثلاً ولم يحصل له العلم بقولهم، ثمَّ بعد مضيّ الوقت تبيّن صدقهم فالظاهر إلحاقه بالجهل، فلا يجب القضاء مع عدم احتراق القرص، وكذا لو أخبره شاهدان لم يعلم عدالتهما ثمَّ بعد مضيّ الوقت تبيّن عدالتهما، لكن الأحوط القضاء في الصورتين.

(42- فصل: في صلاة القضاء)

(42- فصل: في صلاة القضاء)

يجب قضاء اليوميّة الفائتة، عمداً أو سهواً أو جهلاً أو لأجل النوم المستوعب للوقت أو للمرض ونحوه، وكذا إذا أتي بها باطلاً لفقد شرط أو جزء يوجب تركه البطلان بأن كان علي وجه العمد أو كان من الأركان. ولا يجب علي الصبيّ إذا لم يبلغ في أثناء الوقت، ولا علي المجنون في تمامه مطبقاً كان أو أدوارياً، ولا علي المغمي عليه في تمامه، ولا علي الكافر الأصلي إذا أسلم بعد خروج الوقت بالنسبة إلي ما فات منه حال كفره، ولا علي الحائض والنفساء مع استيعاب الوقت .

(1 مسألة): إذا بلغ الصبيّ أو أفاق المجنون أو المغمي عليه قبل خروج الوقت، وجب عليهم الأداء وإن لم يدركوا إلا مقدار ركعة من الوقت، ومع الترك يجب عليهم القضاء. وكذا الحائض والنفساء إذا زال عذرهما قبل خروج الوقت ولو بمقدار ركعة، كما أنه إذا طرأ الجنون أو الإغماء أو الحيض أو النفاس بعد مضيّ مقدار صلاة المختار بحسب حالهم من السفر والحضر والوضوء أو التيمم ولم يأتوا بالصلاة وجب عليهم القضاء كما تقدّم في المواقيت .

(2 مسألة): إذا أسلم الكافر قبل خروج الوقت ولو بمقدار ركعة ولم يصلِّ وجب عليه قضاؤها.

(3 مسألة): لا فرق في سقوط

القضاء عن المجنون والحائض والنفساء بين أن يكون العذر قهريّاً أو حاصلاً من فعلهم وباختيارهم ، بل وكذا في المغمي عليه وإن كان الأحوط() القضاء عليه إذا كان من فعله خصوصاً إذا كان علي وجه المعصية، بل الأحوط قضاء جميع ما فاته مطلقاً.

(4 مسألة): المرتدّ يجب عليه قضاء ما فات منه أيام ردّته بعد عوده إلي الإسلام ، سواء كان عن ملّة أو فطرة وتصحّ منه وإن كان عن فطرة علي الأصح .

(5 مسألة): يجب علي المخالف قضاء ما فات منه أو أتي به علي وجه يخالف مذهبه، بل وإن كان علي وفق مذهبنا أيضاً علي الأحوط()، وأما إذا أتي به علي وفق مذهبه فلا قضاء عليه.نعم إذا كان الوقت باقياً فإنه يجب عليه الأداء حينئذ ولو تركه وجب عليه القضاء()، ولو استبصر ثمَّ خالف ثمَّ استبصر فالأحوط() القضاء وإن أتي به بعد العود إلي الخلاف علي وفق مذهبه .

(6 مسألة): يجب القضاء علي شارب المسكر، سواء كان مع العلم أو الجهل، ومع الاختيار علي وجه العصيان أو للضرورة أو الإكراه .

(7 مسألة): فاقد الطهورين يجب عليه القضاء() ويسقط عنه الأداء وإن كان الأحوط الجمع بينهما.

(8 مسألة): من وجب عليه الجمعة إذا تركها حتي مضي وقتها أتي بالظهر إن بقي الوقت، وإن تركها أيضاً وجب عليه قضاؤها لا قضاء الجمعة.

(9 مسألة): يجب قضاء غير اليوميّة سوي العيدين حتي النافلة المنذورة في وقت معيّن().

(10 مسألة): يجوز قضاء الفرائض في كلّ وقت من ليل أو نهار أو سفر أو حضر. ويصلِّي في السفر ما فات في الحضر تماماً، كما أنه يصلِّي في الحضر ما فات في السفر قصراً.

(11 مسألة): إذا فاتت الصلاة في أماكن التخيير فالأحوط قضاؤها قصراً مطلقاً، سواء قضاها في

السفر أو في الحضر في تلك الأماكن أو غيرها وإن كان لا يبعد جواز الإتمام أيضاً إذا قضاها في تلك الأماكن خصوصاً إذا لم يخرج عنها بعد وأراد القضاء.

(12 مسألة): إذا فاتته الصلاة في السفر الذي يجب فيه الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام فالقضاء كذلك .

(13 مسألة): إذا فاتت الصلاة وكان في أوّل الوقت حاضراً وفي آخر الوقت مسافراً أو بالعكس، لا يبعد التخيير في القضاء بين القصر والتمام. والأحوط() اختيار ما كان واجباً في آخر الوقت، وأحوط منه الجمع بين القصر والتمام .

[قضاء النوافل]

(14 مسألة): يستحب قضاء النوافل الرواتب استحباباً مؤكّداً، بل لا يبعد استحباب قضاء غير الرواتب من النوافل الموقتة دون غيرها. والأَولي قضاء غير الرواتب من الموقّتات بعنوان احتمال المطلوبيّة، ولا يتأكّد قضاء ما فات حال المرض. ومن عجز عن قضاء الرواتب استحب له الصدقة عن كلّ ركعتين بمدّ، وإن لم يتمكّن فعن كلّ أربع ركعات بمدّ، وإن لم يتمكّن فمدّ لصلاة الليل ومدّ لصلاة النهار، وإن لم يتمكّن فلا يبعد مدّ لكلّ يوم وليلة. ولا فرق في قضاء النوافل أيضاً بين الأوقات .

(15 مسألة): لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت من غير اليوميّة لا بالنسبة إليها ولا بعضها مع البعض الآخر: فلو كان عليه قضاء الآيات وقضاء اليوميّة يجوز تقديم أيّهما شاء تقدّم في الفوائت أو تأخّر. وكذا لو كان عليه كسوف وخسوف يجوز تقديم كلّ منهما وإن تأخّر في الفوات .

[هل يجب الترتيب في القضاء؟]

(16 مسألة): يجب الترتيب() في الفوائت اليوميّة بمعني: قضاء السابق في الفوات علي اللاحق وهكذا. ولو جهل الترتيب وجب التكرار() إلا أن يكون مستلزماً للمشقّة التي لا تتحمّل من جهة كثرتها. فلو فاتته ظهر ومغرب ولم يعرف السابق صلّي ظهراً بين مغربين أو مغرباً بين ظهرين، وكذا لو فاتته صبح وظهر أو مغرب وعشاء من يومين أو صبح وعشاء أو صبح ومغرب ونحوهما ممّا يكونان مختلفين في عدد الركعات. وأما إذا فاتته ظهر وعشاء أو عصر وعشاء أو ظهر وعصر من يومين ممّا يكونان متّحدين في عدد الركعات فيكفي الإتيان بصلاتين بنيّة الأُولي في الفوات والثانية فيه، وكذا لو كانت أكثر من صلاتين فيأتي بعدد الفائتة بنيّة الأُولي فالأُولي .

(17 مسألة): لو فاتته الصلوات الخمس غير مرتّبة ولم يعلم السابق من اللاحق، يحصل العلم بالترتيب بأن

يصلِّي خمسة أيّام، ولو زادت فريضة أخري يصلِّي ستة أيّام، وهكذا كلما زادت فريضة زاد يوماً.

(18 مسألة): لو فاتته صلوات معلومة سفراً وحضراً ولم يعلم الترتيب صلّي بعددها من الأيّام، لكن يكرّر الرباعيات من كلّ يوم بالقصر والتمام .

(19 مسألة): إذا علم أن عليه صلاة واحدة لكن لا يعلم أنها ظهر أو عصر، يكفيه إتيان أربع ركعات بقصد ما في الذمّة.

(20 مسألة): لو تيقّن فوت إحدي الصلاتين من الظهر أو العصر لا علي التعيين واحتمل فوت كلتيهما، بمعني: أن يكون المتيقّن إحداهما لا علي التعيين ولكن يحتمل فوتهما معاً، فالأحوط الإتيان بالصلاتين ولا يكفي الاقتصار علي واحدة بقصد ما في الذمّة لأن المفروض احتمال تعدّده، إلا أن ينوي ما اشتغلت به ذمّته أوّلاً فإنه علي هذا التقدير يتيقّن إتيان واحدة صحيحة، والمفروض أنه القدر المعلوم اللازم إتيانه .

(21 مسألة): لو علم أن عليه إحدي الصلوات الخمس، يكفيه صبح ومغرب وأربع ركعات بقصد ما في الذمّة مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء مخيّراً فيها بين الجهر والإخفات، وإذا كان مسافراً يكفيه مغرب وركعتان مردّدة بين الأربع، وإن لم يعلم أنه كان مسافراً أو حاضراً يأتي بركعتين مردّدتين بين الأربع، وأربع ركعات مردّدة بين الثلاثة، ومغرب .

(22 مسألة): إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس مردّدتين في الخمس من يوم، وجب عليه الإتيان بأربع صلوات: فيأتي بصبح إن كان أوّل يومه الصبح، ثمَّ أربع ركعات مردّدة بين الظهر والعصر، ثمَّ مغرب، ثمَّ أربع ركعات مردّدة بين العصر والعشاء. وإن كان أوّل يومه الظهر أتي بأربع ركعات مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء، ثمَّ بالمغرب، ثمَّ بأربع ركعات مردّدة بين العصر والعشاء، ثمَّ بركعتين للصبح. وإن كان مسافراً يكفيه ثلاث صلوات: ركعتان مردّدتان

بين الصبح والظهر والعصر ومغرب، ثمَّ ركعتان مردّدتان بين الظهر والعصر والعشاء إن كان أوّل يومه الصبح، وإن كان أوّل يومه الظهر تكون الركعتان الأُوليان مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء والأخيرتان مردّدتان بين العصر والعشاء والصبح. وإن لم يعلم أنه كان مسافراً أو حاضراً أتي بخمس صلوات: فيأتي في الفرض الأوّل بركعتين مردّدتين بين الصبح والظهر والعصر، ثمَّ أربع ركعات مردّدة بين الظهر والعصر، ثمَّ المغرب، ثمَّ ركعتين مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء، ثمَّ أربع ركعات مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء. وإن كان أوّل يومه الظهر فيأتي بركعتين مردّدتين بين الظهر والعصر وأربع ركعات مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء، ثمَّ المغرب، ثمَّ ركعتين مردّدتين بين العصر والعشاء والصبح، ثمَّ أربع ركعات مردّدة بين العصر والعشاء.

(23 مسألة): إذا علم أن عليه ثلاثاً من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس علي الترتيب، وإن كان في السفر يكفيه أربع صلوات: ركعتان مردّدتان بين الصبح والظهر وركعتان مردّدتان بين الظهر والعصر، ثمَّ المغرب، ثمَّ ركعتان مردّدتان بين العصر والعشاء. وإذا لم يعلم أنه كان حاضراً أو مسافراً يصلِّي سبع صلوات: ركعتين مردّدتين بين الصبح والظهر والعصر، ثمَّ الظهر والعصر تامَّين، ثمَّ ركعتين مردّدتين بين الظهر والعصر، ثمَّ المغرب، ثمَّ ركعتين مردّدتين بين العصر والعشاء، ثمَّ العشاء بتمامه. ويعلم ممّا ذكرنا حال ما إذا كان أوّل يومه الظهر، بل وغيرها.

(24 مسألة): إذا علم أن عليه أربعاً من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس علي الترتيب، وإن كان مسافراً فكذلك قصراً، وإن لم يدر أنه كان مسافراً أو حاضراً أتي بثمان صلوات، مثل ما إذا علم أن عليه خمسة ولم يدر أنه كان حاضراً أو مسافراً.

(25 مسألة): إذا علم أن عليه خمس صلوات

مرتّبة ولا يعلم أن أوّلها أيّة صلاة من الخمس، أتي بتسع صلوات علي الترتيب، وإن علم أن عليه ستّاً كذلك أتي بعشر، وإن علم أن عليه سبعاً كذلك أتي بإحدي عشرة صلاة وهكذا. ولا فرق بين أن يبدأ بأيٍّ من الخمس شاء، إلا أنه يجب عليه الترتيب علي حسب الصلوات الخمس إلي آخر العدد. والميزان: أن يأتي بخمس ولا يحسب منها إلا واحدة، فلو كان عليه أيّام أو شهر أو سنة ولا يدري أوّل ما فات إذا أتي بخمس ولم يحسب أربعة منها يتيقّن أنه بدأ بأوّل ما فات .

(26 مسألة): إذا علم فوت صلاة معيّنة كالصبح أو الظهر مثلاً مرّات ولم يعلم عددها، يجوز الاكتفاء بالقدر المعلوم علي الأقوي، ولكن الأحوط التكرار بمقدار يحصل منه العلم بالفراغ خصوصاً مع سبق العلم بالمقدار وحصول النسيان بعده. وكذا لو علم بفوت صلوات مختلفة ولم يعلم مقدارها لكن يجب تحصيل الترتيب بالتكرار في القدر المعلوم، بل وكذا في صورة إرادة الاحتياط بتحصيل التفريغ القطعي .

(27 مسألة): لا يجب الفور في القضاء، بل هو موسَّع ما دام العمر إذا لم ينجرّ إلي المسامحة في أداء التكليف والتهاون به .

(28 مسألة): لا يجب تقديم الفائتة علي الحاضرة، فيجوز الاشتغال بالحاضرة في سعة الوقت لمن عليه قضاء وإن كان الأحوط تقديمها عليها خصوصاً في فائتة ذلك اليوم، بل إذا شرع في الحاضرة قبلها استحب له العدول منها إليها إذا لم يتجاوز محلّ العدول .

(29 مسألة): إذا كانت عليه فوائت أيّام وفاتت منه صلاة ذلك اليوم أيضاً ولم يتمكّن من إتيان جميعها، أو لم يكن بانياً علي إتيانها، فالأحوط استحباباً أن يأتي بفائتة اليوم قبل الأدائية ولكن لا يكتفي بها، بل بعد الإتيان بالفوائت يعيدها

أيضاً مرتّبة عليها.

(30 مسألة): إذا احتمل اشتغال ذمّته بفائتة أو فوائت يستحبّ له() تحصيل التفريغ بإتيانها احتياطاً، وكذا لو احتمل خللاً فيها وإن علم بإتيانها.

(31 مسألة): يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل علي الأقوي ، كما يجوز الإتيان بها بعد دخول الوقت قبل إتيان الفريضة كما مرّ سابقاً.

(32 مسألة): لا يجوز الاستنابة في قضاء الفوائت ما دام حيّاً وإن كان عاجزاً عن إتيانها أصلاً.

(33 مسألة): يجوز إتيان القضاء جماعة، سواء كان الإمام قاضياً أيضاً أو مؤديّاً، بل يستحب ذلك، ولا يجب اتّحاد صلاة الإمام والمأموم، بل يجوز الاقتداء من كلّ من الخمس بكل منها.

(34 مسألة): الأحوط() لذوي الأعذار تأخير القضاء إلي زمان رفع العذر، إلا إذا علم بعدم ارتفاعه إلي آخر العمر أو خاف مفاجأة الموت .

[مشروعية عبادة المميّز]

(35 مسألة): يستحب تمرين المميّز من الأطفال علي قضاء ما فات منه من الصلاة، كما يستحب تمرينه علي أدائها، سواء الفرائض والنوافل، بل يستحب تمرينه علي كلّ عبادة، والأقوي مشروعيّة عباداته .

[ما يجب علي الوليّ]

(36 مسألة): يجب علي الوليّ منع الأطفال عن كلّ ما فيه ضرر() عليهم، أو علي غيرهم من الناس، وعن كلّ ما علم من الشرع إرادة عدم وجوده في الخارج لما فيه من الفساد: كالزنا واللواط والغيبة()، بل والغناء علي الظاهر، وكذا عن أكل الأعيان النجسة وشربها ممّا فيه ضرر عليهم، وأما المتنجّسة فلا يجب منعهم عنها، بل حرمة مناولتها لهم غير معلومة، وأما لبس الحرير والذهب ونحوهما ممّا يحرم علي البالغين فالأقوي عدم وجوب منع المميّزين منها فضلاً عن غيرهم، بل لا بأس بإلباسهم إياها وإن كان الأَولي تركه، بل منعهم عن لبسها.

(43- فصل: في صلاة الاستيجار)

(43- فصل: في صلاة الاستيجار)

يجوز الاستيجار للصلاة، بل ولسائر العبادات عن الأموات إذا فاتت منهم، وتفرغ ذمّتهم بفعل الأجير، وكذا يجوز التبرّع عنهم. ولا يجوز الاستيجار ولا التبرّع عن الأحياء في الواجبات وإن كانوا عاجزين عن المباشرة، إلا الحجّ إذا كان مستطيعاً وكان عاجزاً عن المباشرة، نعم يجوز إتيان المستحبات وإهداء ثوابها للأحياء كما يجوز ذلك للأموات، ويجوز النيابة عن الأحياء في بعض المستحبات .

(1 مسألة): لا يكفي في تفريغ ذمّة الميّت إتيان العمل وإهداء ثوابه ، بل لا بدّ إما من النيابة عنه بجعل نفسه نازلاً منزلته أو بقصد إتيان ما عليه له، ولو لم ينزل نفسه منزلته نظير أداء دين الغير فالمتبرّع بتفريغ ذمة الميّت له أن ينزل نفسه منزلته وله أن يتبرّع بأداء دينه من غير تنزيل، بل الأجير أيضاً يتصوّر فيه الوجهان، فلا يلزم أن يجعل نفسه نائباً، بل يكفي أن يقصد إتيان ما علي الميّت وأداء دَينه الذي لله .

(2 مسألة): يعتبر في صحة عمل الأجير والمتبرّع قصد القربة، وتحقّقه في المتبّرع لا إشكال فيه. وأما بالنسبة إلي الأجير الذي من نيّته أخذ العوض

فربما يستشكل فيه، بل ربما يقال من هذه الجهة: إنه لا يعتبر فيه قصد القربة، بل يكفي الإتيان بصورة العمل عنه، لكن التحقيق أن أخذ الأجرة داع لداعي القربة كما في صلاة الحاجة وصلاة الاستسقاء حيث إن الحاجة ونزول المطر داعيان إلي الصلاة مع القربة، ويمكن أن يقال: إنما يقصد القربة من جهة الوجوب عليه من باب الإجارة، ودعوي أن الأمر الإجاري ليس عباديّاً، بل هو توصليّ مدفوعة: بأنه تابع للعمل المستأجر عليه فهو مشترك بين التوصّلية والتعبّدية.

[وجوب الوصية علي من عليه القضاء]

(3 مسألة): يجب علي من عليه واجب من الصلاة أو الصيام أو غيرهما من الواجبات أن يوصي به، خصوصاً مثل الزكاة والخمس والمظالم والكفارات من الواجبات الماليّة، ويجب علي الوصيّ إخراجها من أصل التركة في الواجبات الماليّة ومنها الحج الواجب ولو بنذر ونحوه، بل وجوب إخراج الصوم والصلاة من الواجبات البدنية أيضاً من الأصل() لا يخلو عن قوّة لأنها دين الله ودين الله أحق أن يقضي .

(4 مسألة): إذا علم أن عليه شيئاً من الواجبات المذكورة وجب إخراجها من تركته وإن لم يوص به، والظاهر أن إخباره بكونها عليه يكفي في وجوب الإخراج من التركة.

(5 مسألة): إذا أوصي بالصلاة أو الصوم ونحوهما ولم يكن له تركة، لا يجب علي الوصيّ أو الوارث إخراجه من ماله ولا المباشرة، إلا ما فات منه لعذر من الصلاة والصوم حيث يجب علي الوليّ وإن لم يوص بهما، نعم الأحوط() مباشرة الولد ذكراً كان أو أنثي مع عدم التركة إذا أوصي بمباشرته لهما وإن لم يكن ممّا يجب علي الوليّ أو أوصي إلي غير الوليّ بشرط أن لا يكون مستلزماً للحرج من جهة كثرته. وأما غير الولد ممن لا يجب عليه إطاعته فلا

يجب عليه، كما لا يجب علي الولد أيضاً استيجاره إذا لم يتمكّن من المباشرة أو كان أوصي بالاستيجار عنه لا بمباشرته .

(6 مسألة): لو أوصي بما يجب عليه() من باب الاحتياط وجب إخراجه من الأصل أيضاً، وأما لو أوصي بما يستحب عليه من باب الاحتياط وجب العمل به لكن يخرج من الثلث. وكذا لو أوصي بالاستيجار عنه أزيد من عمره فإنه يجب العمل به والإخراج من الثلث، لأنه يحتمل أن يكون ذلك من جهة احتماله الخلل في عمل الأجير. وأما لو علم فراغ ذمّته علماً قطعيّاً فلا يجب وإن أوصي به()، بل جوازه أيضاً محلّ إشكال .

(7 مسألة): إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حج فمات قبل الإتيان به : فإن اشتراط المباشرة بطلت الإجارة بالنسبة إلي ما بقي عليه وتشتغل ذمّته بمال الإجارة إن قبضه فيخرج من تركته، وإن لم يشترط المباشرة وجب استيجاره من تركته إن كان له تركة، وإلا فلا يجب علي الورثة كما في سائر الديون إذا لم يكن له تركة، نعم يجوز تفريغ ذمّته من باب الزكاة أو نحوها أو تبرّعاً.

(8 مسألة): إذا كان عليه الصلاة أو الصوم الاستيجاري ومع ذلك كان عليه فوائت من نفسه ، فإن وفت التركة بهما فهو، وإلا قدّم الاستيجاري لأنه من قبيل دين الناس() .

[شروط الأجير للعبادة]

(9 مسألة): يشترط في الأجير أن يكون عارفاً() بأجزاء الصلاة وشرائطها ومنافياتها وأحكام الخلل عن اجتهاد أو تقليد صحيح .

(10 مسألة): الأحوط اشتراط عدالة الأجير وإن كان الأقوي كفاية الاطمئنان بإتيانه علي الوجه الصحيح وإن لم يكن عادلاً.

(11 مسألة): في كفاية استئجار غير البالغ ولو بإذن وليّه إشكال وإن قلنا بكون عباداته شرعيّة والعلم بإتيانه علي الوجه الصحيح. وإن كان لا يبعد() ذلك مع

العلم المذكور، وكذا لو تبرّع عنه مع العلم المذكور.

(12 مسألة): لا يجوز استيجار ذوي الأعذار()، خصوصاً من كان صلاته بالإيماء أو كان عاجزاً عن القيام ويأتي بالصلاة جالساً ونحوه وإن كان ما فات من الميّت أيضاً كان كذلك. ولو استأجر القادر فصار عاجزاً وجب عليه التأخير إلي زمان رفع العذر، وإن ضاق الوقت انفسخت الإجارة.

(13 مسألة): لو تبرّع العاجز عن القيام مثلاً عن الميّت ففي سقوطه عنه إشكال .

(14 مسألة): لو حصل للأجير سهو أو شكّ، يعمل بأحكامه علي وفق تقليده أو اجتهاده ولا يجب عليه إعادة الصلاة.

[هل الأجير يعمل بتكليف نفسه؟]

(15 مسألة): يجب علي الأجير أن يأتي بالصلاة علي مقتضي تكليف الميّت() اجتهاداً أو تقليداً، ولا يكفي الإتيان بها علي مقتضي تكليف نفسه، فلو كان يجب عليه تكبير الركوع أو التسبيحات الأربع ثلاثاً أو جلسة الاستراحة اجتهاداً أو تقليداً وكان في مذهب الأجير عدم وجوبها يجب عليه الإتيان بها، وأما لو انعكس فالأحوط الإتيان بها أيضاً لعدم الصحّة عند الأجير علي فرض الترك، ويحتمل الصحّة إذا رضي المستأجر بتركها ولا ينافي ذلك البطلان في مذهب الأجير إذا كانت المسألة اجتهاديّة ظنيّة لعدم العلم بالبطلان فيمكن قصد القربة الاحتماليّة، نعم لو علم علماً وجدانياً بالبطلان لم يكف لعدم إمكان قصد القربة حينئذ، ومع ذلك لا يترك الاحتياط.

(16 مسألة): يجوز استيجار كلّ من الرجل والمرأة للآخر، وفي الجهر والإخفات يراعي حال المباشر: فالرجل يجهر في الجهريّة وإن كان نائباً عن المرأة، والمرأة مخيّرة وإن كانت نائبه عن الرجل .

(17 مسألة): يجوز مع عدم اشتراط الانفراد الإتيان بالصلاة الاستيجارية جماعة إماماً كان الأجير أو مأموماً، لكن يشكل الاقتداء بمن يصلِّي الاستيجاري إلا إذا علم اشتغال ذمة من ينوب عنه بتلك الصلاة وذلك

لغلبة كون الصلاة الاستيجارية احتياطيّة.

(18 مسألة): يجب علي القاضي عن الميّت أيضاً مراعاة الترتيب() في فوائته مع العلم به، ومع الجهل يجب اشتراط التكرار المحصّل له خصوصاً إذا علم أن الميّت كان عالماً بالترتيب .

(19 مسألة): إذا استؤجر لفوائت الميّت جماعة، يجب أن يعيّن الوقت لكلّ منهم ليحصل الترتيب الواجب، وأن يعيّن لكلّ منهم أن يبدأ في دوره بالصلاة الفلانيّة مثل الظهر، وأن يتمّم اليوم والليلة في دوره. وأنه إن لم يتمّم اليوم والليلة، بل مضي وقته وهو في الأثناء أن لا يحسب ما أتي به، وإلا لاختلّ الترتيب. مثلاً: إذا صلّي الظهر والعصر فمضي وقته أو ترك البقيّة مع بقاء الوقت ففي اليوم الآخر يبدأ بالظهر ولا يحسب ما أتي به من الصلاتين .

(20 مسألة): لا تفرغ ذمّة الميّت بمجرّد الاستيجار، بل يتوقّف علي الإتيان بالعمل صحيحاً، فلو علم عدم إتيان الأجير أو أنه أتي به باطلاً وجب الاستيجار ثانياً. ويقبل قول الأجير بالإتيان به صحيحاً، بل الظاهر جواز الاكتفاء ما لم يعلم عدمه حملاً لفعله علي الصحّة إذا انقضي وقته وأما إذا مات قبل انقضاء المدّة فيشكل الحال، والأحوط تجديد استيجار مقدار ما يحتمل بقاؤه من العمل .

[من أحكام الأجير للعبادات]

(21 مسألة): لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل إلا مع إذن المستأجر، أو كون الإجارة واقعة علي تحصيل العمل أعم من المباشرة والتسبيب، وحينئذ فلا يجوز أن يستأجر بأقل من الأجرة المجعولة له إلا أن يكون آتياً ببعض العمل ولو قليلاً.

(22 مسألة): إذا تبرّع متبرّع عن الميّت قبل عمل الأجير ففرغت ذمّة الميّت انفسخت() الإجارة، فيرجع المؤجر() بالأجرة أو ببقيّتها إن أتي ببعض العمل، نعم لو تبرّع متبرّع عن الأجير ملك الأجرة().

(23 مسألة): إذا تبيّن بطلان الإجارة

بعد العمل استحق الأجير أجرة المثل() بعمله، وكذا إذا فسخت الإجارة من جهة الغبن لأحد الطرفين .

(24 مسألة): إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال من يوم معيّن إلي الغروب، فأخّر حتي بقي من الوقت مقدار أربع ركعات ولم يصلِّ صلاة عصر ذلك اليوم، ففي وجوب صرف الوقت في صلاة نفسه() أو الصلاة الاستيجاريّة إشكال: من أهمية صلاة الوقت، ومن كون صلاة الغير من قبيل حق الناس المقدّم علي حق الله .

(25 مسألة): إذا انقضي الوقت المضروب للصلاة الاستيجاريّة ولم يأت بها أو بقي منها بقيّة، لا يجوز له أن يأتي بها بعد الوقت إلا بإذن جديد من المستأجر.

(26 مسألة): يجب تعيين الميّت المنوب عنه ويكفي الإجمالي، فلا يجب ذكر اسمه عند العمل ، بل يكفي من قصده المستأجر أو صاحب المال أو نحو ذلك .

(27 مسألة): إذا لم يعيّن كيفيّة العمل من حيث الإتيان بالمستحبات يجب الإتيان علي الوجه المتعارف .

(28 مسألة): إذا نسي بعض المستحبات التي اشترطت عليه أو بعض الواجبات ممّا عدا الأركان ، فالظاهر نقصان الأجرة بالنسبة إلا إذا كان المقصود تفريغ الذمّة علي الوجه الصحيح .

(29 مسألة): لو آجر نفسه لصلاة شهر مثلاً فشكّ في أن المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر ولم يمكن الاستعلام من المؤجر أيضاً، فالظاهر وجوب الاحتياط بالجمع، وكذا لو آجر نفسه لصلاة وشكّ أنها الصبح أو الظهر مثلاً وجب الإتيان بهما.

(30 مسألة): إذا علم أنه كان علي الميّت فوائت ولم يعلم أنه أتي بها قبل موته أو لا، فالأحوط() الاستيجار عنه.

(44- فصل: في قضاء الوليّ)

يجب علي وليَّ الميّت رجلاً كان الميّت أو امرأة() علي الأصحّ حرّاً كان أو عبداً أن يقضي عنه ما فاته من الصلاة لعذر(): من مرض أو سفر أو حيض فيما

يجب فيه القضاء ولم يتمكّن من قضائه، وإن كان الأحوط قضاء جميع ما عليه. وكذا في الصوم لمرض تمكّن من قضائه وأهمل به، بل وكذا لو فاته من غير المرض من سفر ونحوه وإن لم يتمكّن من قضائه().

والمراد به: الولد الأكبر، فلا يجب علي البنت وإن لم يكن هناك ولد ذكر، ولا علي غير الأكبر من الذكور، ولا علي غير الولد من الأب والأخ والعمّ والخال ونحوهم من الأقارب، وإن كان الأحوط مع فقد الولد الأكبر قضاء المذكورين علي ترتيب الطبقات، وأحوط منه قضاء الأكبر فالأكبر من الذكور، ثمَّ الإناث في كلّ طبقة حتي الزوجين والمعتق وضامن الجريرة.

(1 مسألة): إنما يجب علي الوليّ قضاء ما فات عن الأبوين () من صلاة نفسهما، فلا يجب عليه ما وجب عليهما بالاستئجار أو علي الأب من صلاة أبويه من جهة كونه ولياً.

(2 مسألة): لا يجب علي ولد الولد القضاء عن الميّت إذا كان هو الأكبر حال الموت وإن كان أحوط، خصوصاً إذا لم يكن للميّت ولد.

(3 مسألة): إذا مات أكبر الذكور بعد أحد أبويه لا يجب علي غيره من إخوته الأكبر فالأكبر.

(4 مسألة): لا يعتبر في الوليّ أن يكون بالغاً عاقلاً عند الموت ، فيجب علي الطفل إذا بلغ، وعلي المجنون إذا عقل، وإذا مات غير البالغ قبل البلوغ أو المجنون قبل الإفاقة لا يجب علي الأكبر بعدهما.

(5 مسألة): إذا كان أحد الأولاد أكبر بالسنّ والآخر بالبلوغ، فالوليّ هو الأوّل .

(6 مسألة): لا يعتبر في الوليّ كونه وارثاً، فيجب علي الممنوع من الإرث بالقتل أو الرقّ أو الكفر.

(7 مسألة): إذا كان الأكبر خنثي مشكلاً، فالوليّ غيره من الذكور() وإن كان أصغر، ولو انحصر في الخنثي لم يجب عليه .

(8 مسألة): لو اشتبه

الأكبر بين الاثنين أو الأزيد، لم يجب علي واحد منهم وإن كان الأحوط التوزيع أو القرعة.

(9 مسألة): لو تساوي الولدان في السنّ قسّط() القضاء عليهما ويكلّف بالكسر (أي: ما لا يكون قابلاً للقسمة والتقسيط كصلاة واحدة وصوم يوم واحد) كلّ منهما علي الكفاية، فلهما أن يوقعاه دفعة ويحكم بصحة كلّ منهما وإن كان متّحداً في ذمّة الميّت، ولو كان صوماً من قضاء شهر رمضان لا يجوز لهما() الإفطار بعد الزوال، والأحوط الكفّارة علي كلّ منهما() مع الإفطار بعده بناءً علي وجوبها() في القضاء عن الغير أيضاً كما في قضاء نفسه.

(10 مسألة): إذا أوصي الميّت بالاستيجار عنه، سقط عن الوليّ بشرط الإتيان من الأجير صحيحاً().

(11 مسألة): يجوز للوليّ أن يستأجر ما عليه من القضاء عن الميّت .

(12 مسألة): إذا تبرّع بالقضاء عن الميّت متبرّع سقط عن الولي ّ.

(13 مسألة): يجب علي الوليّ مراعاة() الترتيب في قضاء الصلاة، وإن جهله وجب عليه الاحتياط بالتكرار.

(14 مسألة): المناط في الجهر والإخفات علي حال الوليّ المباشر لا الميّت، فيجهر في الجهريّة وإن كان القضاء عن الأم ّ.

(15 مسألة): في أحكام الشكّ والسهو يراعي الوليّ تكليف نفسه اجتهاداً أو تقليداً، لا تكليف الميّت، بخلاف أجزاء الصلاة وشرائطها فإنه يراعي تكليف الميّت() وكذا في أصل وجوب القضاء، فلو كان مقتضي تقليد الميّت أو اجتهاده وجوب القضاء عليه، يجب علي الوليّ الإتيان به وإن كان مقتضي مذهبه عدم الوجوب. وإن كان مقتضي مذهب الميّت عدم الوجوب لا يجب عليه وإن كان واجباً بمقتضي مذهبه، إلا إذا علم علماً وجدانياً قطعياً ببطلان مذهب الميّت فيراعي حينئذ تكليف نفسه .

(16 مسألة): إذا علم الوليّ أن علي الميّت فوائت ولكن لا يدري أنها فاتت لعذر من مرض أو نحوه أو

لا لعذر، لا يجب عليه القضاء. وكذا إذا شكّ في أصل الفوت وعدمه .

(17 مسألة): المدار في الأكبريّة علي التولّد، لا علي انعقاد النطفة. فلو كان أحد الولدين أسبق انعقاداً والآخر أسبق تولّداً فالوليّ هو الثاني، ففي التوأمين الأكبر أوّلهما تولّداً.

(18 مسألة): الظاهر عدم اختصاص ما يجب علي الوليّ بالفوائت اليوميّة، فلو وجب عليه صلاة بالنذر الموقّت وفاتت منه لعذر وجب() علي الوليّ قضاؤها.

(19 مسألة): الظاهر أنه يكفي في الوجوب علي الوليّ إخبار الميّت بأن عليه قضاء ما فات لعذر.

(20 مسألة): إذا مات في أثناء الوقت بعد مضيّ مقدار الصلاة بحسب حاله قبل أن يصلِّي وجب علي الوليّ قضاؤها.

(21 مسألة): لو لم يكن وليّ أو كان ومات قبل أن يقضي عن الميّت وجب() الاستيجار من تركته، وكذا لو تبيّن بطلان ما أتي به .

(22 مسألة): لا يمنع من الوجوب علي الوليّ اشتغال ذمّته بفوائت نفسه، ويتخيّر في تقديم أيّهما شاء.

(23 مسألة): لا يجب عليه الفور في القضاء عن الميّت وإن كان أَولي وأحوط.

(24 مسألة): إذا مات الوليّ بعد الميّت قبل أن يتمكّن من القضاء، ففي الانتقال إلي الأكبر بعده إشكال ().

(25 مسألة): إذا استأجر الوليّ غيره لما عليه من صلاة الميّت ، فالظاهر أن الأجير يقصد النيابة عن الميّت لا عنه.

(45- فصل: في الجماعة)

(45- فصل: في الجماعة)

وهي من المستحبّات الأكيدة في جميع الفرائض، خصوصاً اليوميّة منها، وخصوصاً في الأدائيّة ولا سيما في الصبح والعشائين، وخصوصاً لجيران المسجد أو من يسمع النداء. وقد ورد في فضلها وذمّ تاركها من ضروب التأكيدات ما كاد يلحقها بالواجبات.

ففي الصحيح: «الصلاة في جماعة تفضل علي صلاة الفذّ (أي: الفرد) بأربع وعشرين درجة».

وفي رواية زرارة: «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما يروي الناس أن الصلاة في جماعة أفضل من

صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين؟ فقال (عليه السلام): صدقوا، فقلت: الرجلان يكونان جماعة؟ قال (عليه السلام): نعم، ويقوم الرجل عن يمين الإمام».

وفي رواية محمد بن عمارة قال: «أرسلت إلي الرضا (عليه السلام) أسأله عن الرجل يصلّي المكتوبة وحده في مسجد الكوفة أفضل أو صلاته مع جماعة؟ فقال (عليه السلام): الصلاة في جماعة أفضل» مع أنه ورد: «أن الصلاة في مسجد الكوفة تعدل ألف صلاة» وفي بعض الأخبار: «ألفين».

بل في خبر قال رسول الله (صلّي الله عليه وآله): «أتاني جبرئيل مع سبعين ألف ملك بعد صلاة الظهر فقال: يا محمّد إن ربك يقرئك السلام وأهدي إليك هديتين. قلت: ما تلك الهديتان؟ قال: الوتر ثلاث ركعات، والصلاة الخمس في جماعة. قلت: يا جبرئيل ما لأمّتي في الجماعة؟ قال: يا محمّد إذا كانا اثنين كتب الله لكلّ واحد بكل ركعة مائة وخمسين صلاة، وإذا كانوا ثلاثة كتب الله لكلّ واحد بكل ركعة ستمائة صلاة، وإذا كانوا أربعة كتب الله لكلّ واحد ألفاً ومائتي صلاة وإذا كانوا خمسة كتب الله لكلّ واحد بكل ركعة ألفين وأربعمائة صلاة، وإذا كانوا ستة كتب الله لكلّ واحد منهم بكل ركعة أربعة آلاف وثمانمائة صلاة، وإذا كانوا سبعة كتب الله لكلّ واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف وستمائة صلاة، وإذا كانوا ثمانية كتب الله لكلّ واحد منهم بكل ركعة تسعة عشر ألفا ومائتي صلاة، وإذا كانوا تسعة كتب الله لكلّ واحد منهم بكل ركعة ستة وثلاثين ألفاً وأربعمائة صلاة، وإذا كانوا عشرة كتب الله لكلّ واحد منهم بكل ركعة سبعين ألفاً وألفين وثمانمائة صلاة، فإن زادوا علي العشرة فلو صارت السماوات كلها قرطاساً والبحار مداداً والأشجار أقلاماً والثقلان مع الملائكة كتاباً لم يقدروا

أن يكتبوا ثواب ركعة، يا محمّد تكبيرة يدركها المؤمن مع الإمام خير من ستّين ألف حجّة وعمرة وخير من الدنيا وما فيها بسبعين ألف مرّة وركعة يصليها المؤمن مع الإمام خير من مائة ألف دينار يتصدّق بها علي المساكين، وسجدة يسجدها المؤمن مع الإمام في جماعة خير من عتق مائة رقبة».

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «الصلاة خلف العالم بألف ركعة، وخلف القرشيّ بمائة».

ولا يخفي أنه إذا تعدّد جهات الفضل تضاعف الأجر، فإذا كانت في مسجد السوق الذي تكون الصلاة فيه باثنتي عشرة صلاة يتضاعف بمقداره، وإذا كانت في مسجد القبيلة الذي تكون الصلاة فيه بخمسة وعشرين فكذلك، وإذا كانت في المسجد الجامع الذي تكون الصلاة فيه بمائة يتضاعف بقدره، وكذا إذا كانت في مسجد الكوفة الذي بألف، أو كانت عند الإمام علي (عليه السلام) الذي فيه بمائتي ألف، وإذا كانت خلف العالم أو السيّد فأفضل، وإن كانت خلف العالم السيّد فأفضل، وكلمّا كان الإمام أوثق وأورع وأفضل فأفضل، وإذا كان المأمومون ذوو فضل فتكون أفضل، وكلّما كان المأمومون أكثر كان الأجر أزيد. ولا يجوز تركها رغبة عنها أو استخفافاً بها.

ففي الخبر: «لا صلاة لمن لا يصلِّي في المسجد إلا من علّة، ولا غيبة لمن صلّي في بيته ورغب عن جماعتنا، ومن رغب عن جماعة المسلمين وجب علي المسلمين غيبته، وسقطت بينهم عدالته، ووجب هجرانه، وإذا دفع إلي إمام المسلمين أنذره وحذّره، فإن حضر جماعة المسلمين وإلا أحرق عليه بيته».

وفي آخر: «أن أمير المؤمنين (عليه السلام) بلغه أن قوماً لا يحضرون الصلاة في المسجد فخطب فقال: إن قوماً لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا، فلا يؤاكلونا ولا يشاربونا ولا يشاورونا ولا يناكحونا، أو يحضروا معنا صلاتنا

جماعة، وإني لأوشك بنار تشعل في دورهم فأحرقها عليهم أو ينتهون، قال: فامتنع المسلمون من مؤاكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتي حضروا لجماعة المسلمين».

إلي غير ذلك من الأخبار الكثيرة، فمقتضي الإيمان عدم الترك من غير عذر لاسيّما مع الاستمرار عليه، فإنه كما ورد: لا يمنع الشيطان من شي ء من العبادات منعها ويعرض عليهم الشبهات من جهة العدالة ونحوها حيث لا يمكنهم إنكارها لأن فضلها من ضروريّات الدين .

[موارد وجوب الجماعة]

(1 مسألة): تجب الجماعة في الجمعة وتشترط في صحّتها، وكذا العيدين مع اجتماع شرائط الوجوب، وكذا إذا ضاق الوقت عن تعلّم القراءة لمن لا يحسنها مع قدرته علي التعلّم()، وأمّا إذا كان عاجزاً عنه أصلاً فلا يجب عليه حضور الجماعة وإن كان أحوط، وقد تجب بالنذر والعهد واليمين ولكن لو خالف صحّت الصلاة وإن كان متعمّداً ووجبت حينئذ عليه الكفارة والظاهر وجوبها أيضاً إذا كان ترك الوسواس موقوفا عليها() وكذا() إذا ضاق الوقت عن إدراك الركعة بأن كان هناك إمام في حال الركوع، بل وكذا إذا كان بطيئاً في القراءة في ضيق الوقت، بل لا يبعد وجوبها بأمر أحد الوالدين ().

[موارد حرمة الجماعة وجوازها]

(2 مسألة): لا تشرع الجماعة في شي ء من النوافل الأصليّة وإن وجبت بالعارض بنذر أو نحوه حتي صلاة الغدير علي الأقوي() إلا في صلاة الاستسقاء، نعم لا بأس بها فيما صار نفلاً بالعارض: كصلاة العيدين مع عدم اجتماع شرائط الوجوب، والصلاة المعادة جماعة، والفريضة المتبرّع بها عن الغير، والمأتيّ بها من جهة الاحتياط الاستحبابي .

(3 مسألة): يجوز الاقتداء في كلّ من الصلوات اليوميّة بمن يصلِّي الأخري أيّاً منها كانت، وإن اختلفا في الجهر والإخفات والأداء والقضاء والقصر والتمام، بل والوجوب والندب. فيجوز اقتداء مصلِّي الصبح أو المغرب أو العشاء بمصلِّي الظهر أو العصر، وكذا العكس. ويجوز اقتداء المؤدِّي بالقاضي والعكس، والمسافر بالحاضر والعكس، والمعيد صلاته بمن لم يصلِّ والعكس، والذي يعيد صلاته احتياطاً استحبابيّاً أو وجوبيّاً بمن يصلِّي وجوباً، نعم يشكل اقتداء من يصلِّي وجوباً بمن يعيد احتياطاً ولو كان وجوبيا، بل يشكل اقتداء المحتاط بالمحتاط إلا إذا كان احتياطهما من جهة واحدة.

(4 مسألة): يجوز الاقتداء في اليوميّة أيّاً منها كانت أداءً أو قضاءً بصلاة الطواف،

كما يجوز العكس .

(5 مسألة): لا يجوز الاقتداء في اليوميّة بصلاة الاحتياط في الشكوك ، والأحوط ترك العكس أيضاً وإن كان لا يبعد الجواز، بل الأحوط ترك الاقتداء فيها ولو بمثلها من صلاة الاحتياط حتي إذا كان جهة الاحتياط متّحدة()، وإن كان لا يبعد الجواز في خصوص صورة الاتحاد، كما إذا كان الشكّ الموجب للاحتياط مشتركاً بين الإمام والمأموم .

(6 مسألة): لا يجوز اقتداء مصلّي اليوميّة أو الطواف بمصلِّي الآيات أو العيدين أو صلاة الأموات، وكذا لا يجوز العكس، كما أنه لا يجوز اقتداء كلّ من الثلاثة بالآخر.

(7 مسألة): الأحوط عدم اقتداء مصلِّي العيدين بمصلّي الاستسقاء، وكذا العكس وإن اتّفقا في النظم .

[أقل عدد تنعقد به الجماعة]

(8 مسألة): أقلّ عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة والعيدين اثنان، أحدهما: الإمام، سواء كان المأموم رجلاً أو امرأة، بل وصبيّاً مميّزاً علي الأقوي، وأما في الجمعة والعيدين فلا تنعقد إلا بخمسة أحدهم الإمام .

(9 مسألة): لا يشترط في انعقاد الجماعة في غير الجمعة والعيدين() نيّة الإمام الجماعة والإمامة، فلو لم ينوها مع اقتداء غيره به تحقّقت الجماعة، سواء كان الإمام ملتفتاً لاقتداء الغير به أم لا، نعم حصول الثواب في حقّه موقوف علي نيّة الإمامة. وأما المأموم فلابدّ له من نيّة الائتمام فلو لم ينوه لم تتحقّق الجماعة في حقّه وإن تابعه في الأقوال والأفعال، وحينئذ فإن أتي بجميع ما يجب علي المنفرد صحّت صلاته وإلا فلا. وكذا يجب وحدة الإمام، فلو نوي الاقتداء باثنين ولو كانا متقارنين في الأقوال والأفعال لم تصحّ جماعة وتصحّ فرادي إن أتي بما يجب علي المنفرد ولم يقصد التشريع. ويجب عليه تعيين الإمام بالاسم أو الوصف أو الإشارة الذهنيّة أو الخارجيّة، فيكفي التعيين الإجمالي: كنيّة الاقتداء بهذا الحاضر، أو

بمن يجهر في صلاته مثلاً من الأئمة الموجودين أو نحو ذلك، ولو نوي الاقتداء بأحد هذين أو أحد هذه الجماعة لم تصحّ جماعة وإن كان من قصده تعيين أحدهما بعد ذلك في الأثناء أو بعد الفراغ .

(10 مسألة): لا يجوز الاقتداء بالمأموم فيشترط أن لا يكون إمامه مأموماً لغيره .

(11 مسألة): لو شكّ في أنه نوي الائتمام أم لا، بني علي العدم وأتمّ منفرداً وإن علم أنه قام بنية الدخول في الجماعة، نعم لو ظهر عليه أحوال الائتمام كالإنصات ونحوه فالأقوي عدم الالتفات ولحوق أحكام الجماعة وإن كان الأحوط الإتمام منفرداً. وأما إذا كان ناوياً للجماعة ورأي نفسه مقتدياً، وشكّ في أنه من أوّل الصلاة نوي الانفراد أو الجماعة فالأمر أسهل .

(12 مسألة): إذا نوي الاقتداء بشخص علي أنّه زيد فبان أنّه عمرو: فإن لم يكن عمرو عادلاً بطلت جماعته وصلاته() أيضاً إذا ترك القراءة أو أتي بما يخالف صلاة المنفرد، وإلا صحّت علي الأقوي. وإن التفت في الأثناء ولم يقع منه ما ينافي صلاة المنفرد أتمّ منفرداً، وإن كان عمرو أيضاً عادلاً ففي المسألة صورتان:

إحداهما: أن يكون قصده الاقتداء بزيد وتخيّل أن الحاضر هو زيد، وفي هذه الصورة تبطل جماعته وصلاته() أيضاً إن خالفت صلاة المنفرد.

الثانية: أن يكون قصده الاقتداء بهذا الحاضر ولكن تخيّل أنه زيد فبان أنه عمرو، وفي هذه الصورة الأقوي صحّة جماعته وصلاته، فالمناط ما قصده لا ما تخيله من باب الاشتباه في التطبيق .

(13 مسألة): إذا صلّي اثنان وبعد الفراغ علم أن نيّة كلّ منهما الإمامة للآخر، صحّت صلاتهما. أما لو علم أن نيّة كلّ منهما الائتمام بالآخر، استأنف كلّ منهما الصلاة إذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد(). ولو شكّا فيما أضمراه، فالأحوط الاستيناف وإن

كان الأقوي الصحّة إذا كان الشكّ بعد الفراغ أو قبله مع نيّة الانفراد بعد الشكّ.

(14 مسألة): الأقوي() والأحوط عدم نقل نيّته من إمام إلي إمام آخر اختياراً وإن كان الآخر أفضل وأرجح، نعم لو عرض للإمام ما يمنعه من إتمام صلاته من موت أو جنون أو إغماء أو صدور حدث()، بل ولو لتذكّر حدث سابق، جاز للمأمومين تقديم إمام آخر وإتمام الصلاة معه، بل الأقوي ذلك لو عرض له ما يمنعه من إتمامها مختاراً: كما لو صار فرضه الجلوس حيث لا يجوز البقاء علي الاقتداء به لما يأتي من عدم جواز ائتمام القائم بالقاعد.

(15 مسألة): لا يجوز() للمنفرد العدول إلي الائتمام في الأثناء.

[العدول إلي الانفراد]

(16 مسألة): يجوز العدول من الائتمام إلي الانفراد ولو اختياراً في جميع أحوال الصلاة علي الأقوي وإن كان ذلك من نيّته في أوّل الصلاة، لكن الأحوط عدم العدول إلا لضرورة ولو دنيويّة خصوصاً في الصورة الثانية.

(17 مسألة): إذا نوي الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الدخول في الركوع لا يجب عليه القراءة، بل لو كان في أثناء القراءة يكفيه بعد نيّة الانفراد قراءة ما بقي منها وإن كان الأحوط استينافها خصوصاً إذا كان في الأثناء.

(18 مسألة): إذا أدرك الإمام راكعاً يجوز له الائتمام والركوع معه ، ثمَّ العدول إلي الانفراد اختياراً، وإن كان الأحوط ترك العدول حينئذ خصوصاً إذا كان ذلك من نيّته أوّلاً.

(19 مسألة): إذا نوي الانفراد بعد قراءة الإمام وأتمَّ صلاته، فنوي الاقتداء به في صلاة أخري قبل أن يركع الإمام في تلك الركعة أو حال كونه في الركوع من تلك الركعة جاز ولكنه خلاف الاحتياط.

(20 مسألة): لو نوي الانفراد في الأثناء لا يجوز له العود إلي الائتمام ، نعم لو تردّد في

الانفراد وعدمه ثمَّ عزم علي عدم الانفراد صحّ، بل لا يبعد جواز العود إذا كان بعد نيّة الانفراد بلا فصل وإن كان الأحوط عدم العود مطلقاً.

(21 مسألة): لو شكّ في أنه عدل إلي الانفراد أم لا، بني علي عدمه .

(22 مسألة): لا يعتبر في صحّة الجماعة قصد القربة من حيث الجماعة، بل يكفي قصد القربة في أصل الصلاة، فلو كان قصد الإمام من الجماعة الجاه أو مطلب آخر دنيوي ولكن كان قاصداً للقربة في أصل الصلاة صحّ(). وكذا إذا كان قصد المأموم من الجماعة سهولة الأمر عليه أو الفرار من الوسوسة أو الشكّ أو من تعب تعلّم القراءة أو نحو ذلك من الأغراض الدنيوية، صحّت صلاته مع كونه قاصداً للقربة فيها، نعم لا يترتّب ثواب الجماعة إلا بقصد القربة فيها.

(23 مسألة): إذا نوي الاقتداء بمن يصلِّي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهواً أو جهلاً: كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلاً فإن تذكّر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلي الانفراد وصحت وكذا تصحّ إذا تذكّر بعد الفراغ ولم تخالف صلاة المنفرد، وإلاّ بطلت() .

[ادراك الإمام في الركوع]

(24 مسألة): إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع، أو أدركه في أوّل الركعة أو في أثنائها أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلي أن ركع جاز له الدخول معه وتحسب له ركعة، وهو منتهي ما تدرك به الركعة في ابتداء الجماعة علي الأقوي بشرط أن يصل إلي حدّ الركوع قبل رفع الإمام رأسه وإن كان بعد فراغه من الذكر علي الأقوي. فلا يدركها إذا أدركه بعد رفع رأسه، بل وكذا لو وصل المأموم إلي الركوع بعد شروع الإمام في رفع الرأس وإن لم يخرج بعد عن حدّه علي

الأحوط.

وبالجملة: إدراك الركعة في ابتداء الجماعة يتوقّف علي إدراك ركوع الإمام قبل الشروع في رفع رأسه، وأما في الركعات الأخر فلا يضرّ عدم إدراك الركوع مع الإمام بأن ركع بعد رفع رأسه، بل بعد دخوله في السجود أيضاً، هذا إذا دخل في الجماعة بعد ركوع الإمام وأما إذا دخل فيها من أوّل الركعة أو أثنائها واتّفق أنه تأخّر عن الإمام في الركوع فالظاهر صحّة صلاته وجماعته. فما هو المشهور: من أنه لا بدّ من إدراك ركوع الإمام في الركعة الأُولي للمأموم في ابتداء الجماعة وإلا لم تحسب له ركعة، مختص بما إذا دخل في الجماعة في حال ركوع الإمام أو قبله بعد تمام القراءة، لا فيما إذا دخل فيها من أوّل الركعة أو أثنائها وإن صرّح بعضهم بالتعميم ولكن الأحوط الإتمام حينئذ والإعادة().

(25 مسألة): لو ركع بتخيّل إدراك الإمام راكعاً ولم يدرك بطلت صلاته() ، بل وكذا لو شكّ في إدراكه وعدمه. والأحوط() في صورة الشكّ: الإتمام والإعادة، أو العدول إلي النافلة والإتمام ثمَّ اللحوق في الركعة الأخري .

(26 مسألة): الأحوط عدم الدخول إلا مع الاطمئنان بإدراك ركوع الإمام، وإن كان الأقوي جوازه مع الاحتمال، وحينئذ فإن أدرك صحّت وإلاّ بطلت() .

(27 مسألة): لو نوي وكبّر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع، أو قبل أن يصل إلي حد الركوع، لزمه الانفراد أو انتظار الإمام قائماً إلي الركعة الأخري فيجعلها الأولي له، إلا إذا أبطأ الإمام بحيث يلزم الخروج عن صدق الاقتداء. ولو علم قبل أن يكبّر للإحرام عدم إدراك ركوع الإمام، لا يبعد جواز دخوله وانتظاره إلي قيام الإمام للركعة الثانية مع عدم فصل يوجب فوات صدق القدوة وإن كان الأحوط عدمه .

(28 مسألة): إذا أدرك الإمام وهو في

التشهّد الأخير() يجوز له الدخول معه: بأن ينوي ويكبّر ثمَّ يجلس معه ويتشهّد، فإذا سلّم الإمام يقوم فيصلِّي من غير استيناف للنيّة والتكبير، ويحصل له بذلك فضل الجماعة وإن لم يحصل له ركعة.

(29 مسألة): إذا أدرك الإمام في السجدة الأُولي أو الثانية من الركعة الأخيرة() وأراد إدراك فضل الجماعة: نوي وكبّر وسجد معه السجدة أو السجدتين وتشهّد ثمَّ يقوم بعد تسليم الإمام ويستأنف الصلاة() ولا يكتفي بتلك النية والتكبير، ولكن الأحوط إتمام الأُولي بالتكبير الأوّل ثمَّ الاستئناف بالإعادة.

(30 مسألة): إذا حضر المأموم الجماعة فرأي الإمام راكعاً وخاف أن يرفع الإمام رأسه إن التحق بالصفّ، نوي وكبّر في موضعه وركع ثمَّ مشي في ركوعه أو بعده أو في سجوده أو بعده أو بين السجدتين أو بعدهما أو حال القيام للثانية إلي الصفّ، سواء كان لطلب المكان الأفضل أو للفرار عن كراهة الوقوف في صفٍّ وحده أو لغير ذلك، وسواء كان المشي إلي الإمام أو الخلف أو أحد الجانبين بشرط أن لا يستلزم الانحراف عن القبلة وأن لا يكون هناك مانع آخر من حائل أو علوٍّ أو نحو ذلك، نعم لا يضرّ البعد الذي لا يغتفر حال الاختيار علي الأقوي إذا صدق معه القدوة وإن كان الأحوط اعتبار عدمه أيضاً. والأقوي عدم وجوب جرِّ الرجلين حال المشي، بل له المشي متخطّياً علي وجه لا تنمحي صورة الصلاة، والأحوط() ترك الاشتغال بالقراءة والذكر الواجب أو غيره ممّا يعتبر فيه الطمأنينة حاله، ولا فرق في ذلك بين المسجد وغيره.

(46- فصل: في شرائط الجماعة)

(46- فصل: في شرائط الجماعة)

يشترط في الجماعة مضافاً إلي ما مرّ في المسائل المتقدّمة أمور:

أحدها: أن لا يكون بين الإمام والمأموم حائل يمنع عن مشاهدته، وكذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممن يكون واسطة

في اتّصاله بالإمام كمن في صفّه من طرف الإمام أو قدّامه إذا لم يكن في صفّه من يتّصل بالإمام، فلو كان حائل ولو في بعض أحوال الصلاة من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود بطلت الجماعة من غير فرق في الحائل بين كونه جداراً أو غيره ولو شخص إنسان لم يكن مأموماً، نعم إنما يعتبر ذلك إذا كان المأموم رجلاً أما المرأة فلا بأس بالحائل بينها وبين الإمام أو غيره من المأمومين مع كون الإمام رجلاً()، بشرط أن تتمكّن من المتابعة: بأن تكون عالمة بأحوال الإمام من القيام والركوع والسجود ونحوها، مع أن الأحوط فيها أيضاً عدم الحائل هذا، وأما إذا كان الإمام امرأة أيضاً فالحكم كما في الرجل.

الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلي من موقف المأمومين علوّاً معتدّاً به دفعيّاً كالأبنية ونحوها، لا انحداريّاً علي الأصحّ، من غير فرق بين المأموم الأعمي والبصير والرجل والمرأة، ولا بأس بغير المعتدّ به ممّا هو دون الشبر، ولا بالعلوِّ الانحداري حيث يكون العلوّ فيه تدريجيّاً علي وجه لا ينافي صدق انبساط الأرض. وأما إذا كان مثل الجبل فالأحوط ملاحظة قدر الشبر فيه، ولا بأس بعلو المأموم علي الإمام ولو بكثير().

الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام بما يكون كثيراً في العادة، إلا إذا كان في صفّ متّصل بعضه ببعض حتي ينتهي إلي القريب، أو كان في صفّ ليس بينه وبين الصفّ المتقدّم البعد المزبور وهكذا حتي ينتهي إلي القريب. والأحوط احتياطاً لا يترك أن لا يكون بين موقف الإمام ومسجد المأموم أو بين موقف السابق ومسجد اللاحق أزيد من مقدار الخطوة التي تملأ الفرج، وأحوط من ذلك مراعاة الخطوة المتعارفة، والأفضل بل الأحوط أيضاً أن

لا يكون بين الموقفين أزيد من مقدار جسد الإنسان إذا سجد: بأن يكون مسجد اللاحق وراء موقف السابق بلا فصل.

الرابع: أن لا يتقدّم المأموم علي الإمام في الموقف، فلو تقدّم في الابتداء أو الأثناء بطلت صلاته() إن بقي علي نية الائتمام، والأحوط تأخّره عنه وإن كان الأقوي جواز المساواة. ولا بأس بعد تقدّم الإمام في الموقف أو المساواة معه بزيادة المأموم علي الإمام في ركوعه وسجوده لطول قامته ونحوه، وإن كان الأحوط مراعاة عدم التقدّم في جميع الأحوال حتي في الركوع والسجود والجلوس، والمدار علي الصدق العرفي .

[مسائل في شرائط الجماعة]

(1 مسألة): لا بأس بالحائل القصير الذي لا يمنع من المشاهدة في أحوال الصلاة وإن كان مانعاً منها حال السجود كمقدار الشبر، بل أزيد أيضاً، نعم إذا كان مانعاً حال الجلوس فيه إشكال لا يترك معه الاحتياط.

(2 مسألة): إذا كان الحائل ممّا يتحقّق معه المشاهدة حال الركوع لثقب في وسطه مثلاً، أو حال القيام لثقب في أعلاه، أو حال الهويّ إلي السجود لثقب في أسفله، فالأحوط والأقوي فيه عدم الجواز، بل وكذا لو كان في الجميع لصدق الحائل معه أيضاً.

(3 مسألة): إذا كان الحائل زجاجاً يحكي من ورائه، فالأقوي() عدم جوازه للصدق .

(4 مسألة): لا بأس بالظلمة والغبار ونحوهما ولا تعدّ من الحائل، وكذا النهر والطريق إذا لم يكن فيهما بعد ممنوع في الجماعة.

(5 مسألة): الشبّاك لا يعدّ من الحائل وإن كان الأحوط الاجتناب معه خصوصاً مع ضيق الثقب، بل المنع في هذه الصورة لا يخلو عن قوّة() لصدق الحائل معه .

(6 مسألة): لا يقدح حيلولة المأمومين بعضهم لبعض وإن كان أهل الصفّ المتقدم الحائل لم يدخلوا في الصلاة إذا كانوا متهيّئين لها.

(7 مسألة): لا يقدح عدم مشاهدة بعض أهل

الصف الأوّل أو أكثره للإمام إذا كان ذلك من جهة استطالة الصفّ، ولا أطوليّة الصفّ الثاني مثلاً من الأوّل .

(8 مسألة): لو كان الإمام في محراب داخل في جدار ونحوه ، لا يصحّ اقتداء من علي اليمين أو اليسار ممّن يحول الحائط بينه وبين الإمام، ويصحّ اقتداء من يكون مقابلاً للباب لعدم الحائل بالنسبة إليه، بل وكذا من علي جانبيه ممّن لا يري الإمام لكن مع اتصال الصفّ علي الأقوي وإن كان الأحوط العدم. وكذا الحال إذا زادت الصفوف إلي باب المسجد فاقتدي من في خارج المسجد مقابلاً للباب ووقف الصفّ من جانبيه، فإن الأقوي صحّة صلاة الجميع وإن كان الأحوط العدم بالنسبة إلي الجانبين .

(9 مسألة): لا يصحّ اقتداء من بين الأسطوانات مع وجود الحائل بينه وبين من تقدّمه إلا إذا كان متّصلاً بمن لم تحل الأسطوانة بينهم، كما أنه يصحّ إذا لم يتّصل بمن لا حائل له لكن لم يكن بينه وبين من تقدمه حائل مانع .

(10 مسألة): لو تجدّد الحائل في الأثناء فالأقوي بطلان الجماعة ويصير منفرداً.

(11 مسألة): لو دخل في الصلاة مع وجود الحائل جاهلاً به لعمي أو نحوه لم تصحّ جماعة، فإن التفت قبل أن يعمل ما ينافي صلاة المنفرد أتمَّ منفرداً وإلا بطلت ().

(12 مسألة): لا بأس بالحائل غير المستقرّ كمرور شخص من إنسان أو حيوان أو غير ذلك ، نعم إذا اتّصلت المارّة لا يجوز وإن كانوا غير مستقرّين لاستقرار المنع حينئذ.

(13 مسألة): لو شكّ في حدوث الحائل في الأثناء بني علي عدمه ، وكذا لو شكّ قبل الدخول في الصلاة في حدوثه بعد سبق عدمه. وأما لو شكّ في وجوده وعدمه مع عدم سبق العدم فالظاهر عدم جواز الدخول إلا مع الاطمئنان بعدمه .

(14 مسألة):

إذا كان الحائل ممّا لا يمنع عن المشاهدة حال القيام ولكن يمنع عنها حال الركوع أو حال الجلوس، والمفروض زواله حال الركوع أو الجلوس، هل يجوز معه الدخول في الصلاة؟ فيه وجهان: والأحوط() كونه مانعاً من الأوّل، وكذا العكس لصدق وجود الحائل بينه وبين الإمام .

(15 مسألة): إذا تمّت صلاة الصفّ المتقدّم وكانوا جالسين في مكانهم، أشكل بالنسبة إلي الصفّ المتأخّر لكونهم حينئذ حائلين غير مصلّين، نعم إذا قاموا بعد الإتمام بلا فصل ودخلوا مع الإمام في صلاة أخري لا يبعد بقاء قدوة المتأخّرين .

(16 مسألة): الثوب الرقيق الذي يري الشبح من ورائه حائل لا يجوز معه الاقتداء().

[عدم الفصل بين صفوف المصلّين]

(17 مسألة): إذا كان أهل الصفوف اللاحقة غير الصفّ الأوّل متفرّقين: بأن كان بين بعضهم مع البعض فصل أزيد من الخطوة التي تملأ الفرج، فإن لم يكن قدّامهم من ليس بينهم وبينه البعد المانع ولم يكن إلي جانبهم أيضاً متّصلاً بهم من ليس بينه وبين من تقدّمه البعد المانع لم يصحّ اقتداؤهم، وإلا صحّ. وأما الصفّ الأوّل فلا بدّ فيه من عدم الفصل بين أهله، فمعه لا يصحّ اقتداء من بعد عن الإمام أو عن المأموم من طرف الإمام بالبعد المانع .

(18 مسألة): لو تجدّد البعد في أثناء الصلاة بطلت الجماعة وصار منفرداً وإن لم يلتفت وبقي علي نيّة الاقتداء فإن أتي بما ينافي صلاة المنفرد من زيادة ركوع مثلاً للمتابعة أو نحو ذلك بطلت صلاته وإلا صحّت .

(19 مسألة): إذا انتهت صلاة الصفّ المتقدّم من جهة كونهم مقصّرين أو عدلوا إلي الانفراد فالأقوي بطلان اقتداء المتأخّر للبعد، إلا إذا عاد المتقدّم إلي الجماعة بلا فصل، كما أن الأمر كذلك من جهة الحيلولة أيضاً علي ما مرّ.

(20 مسألة): الفصل لعدم دخول

الصفّ المتقدّم في الصلاة لا يضرّ بعد كونهم متهيّئين للجماعة، فيجوز لأهل الصفّ المتأخّر الإحرام قبل إحرام المتقدّم وإن كان الأحوط خلافه، كما أن الأمر كذلك من حيث الحيلولة علي ما سبق .

(21 مسألة): إذا علم بطلان صلاة الصفّ المتقدّم تبطل جماعة المتأخّر من جهة الفصل أو الحيلولة وإن كانوا غير ملتفتين للبطلان، نعم مع الجهل بحالهم تحمل علي الصحّة ولا يضرّ، كما لا يضرّ فصلهم إذا كانت صلاتهم صحيحة بحسب تقليدهم وإن كانت باطلة بحسب تقليد الصفّ المتأخّر.

(22 مسألة): لا يضرّ الفصل بالصبيّ المميّز ما لم يعلم بطلان صلاته .

(23 مسألة): إذا شكّ في حدوث البعد في الأثناء بني علي عدمه ، وإن شكّ في تحقّقه من الأوّل وجب إحراز عدمه، إلا أن يكون مسبوقاً بالقرب: كما إذا كان قريباً من الإمام الذي يريد أن يأتمّ به فشكّ في أنه تقدّم عن مكانه أم لا.

(24 مسألة): إذا تقدّم المأموم علي الإمام في أثناء الصلاة سهواً أوجهلاً أو اضطراراً صار منفرداً ولا يجوز له تجديد الاقتداء، نعم لو عاد بلا فصل لا يبعد بقاء قدوته .

(25 مسألة): يجوز علي الأقوي الجماعة بالاستدارة حول الكعبة، والأحوط عدم تقدّم المأموم علي الإمام بحسب الدائرة، وأحوط منه عدم أقربيّته مع ذلك إلي الكعبة، وأحوط من ذلك تقدّم الإمام بحسب الدائرة وأقربيّته مع ذلك إلي الكعبة.

(47- فصل: في أحكام الجماعة)

(47- فصل: في أحكام الجماعة)

(1 مسألة): الأحوط ترك المأموم القراءة في الركعتين الأُوليين من الإخفاتيّة إذا كان فيهما مع الإمام وإن كان الأقوي الجواز مع الكراهة، ويستحب مع الترك أن يشتغل بالتسبيح والتحميد والصلاة علي محمّد وآله. وأما في الأُوليين من الجهريّة فإن سمع صوت الإمام ولو همهمته وجب عليه ترك القراءة، بل الأحوط والأَولي الإنصات وإن كان الأقوي جواز الاشتغال

بالذكر ونحوه، وأما إذا لم يسمع حتي الهمهمة جاز له القراءة، بل الاستحباب قويّ لكن الأحوط القراءة بقصد القربة المطلقة لا بنيّة الجزئيّة وإن كان الأقوي الجواز بقصد الجزئيّة أيضاً. وأما في الأخيرتين من الإخفاتية أو الجهرية فهو كالمنفرد في وجوب القراءة أو التسبيحات مخيّراً بينهما، سواء قرء الإمام فيهما أو أتي بالتسبيحات سمع قراءته أو لم يسمع .

(2 مسألة): لا فرق في عدم السماع بين أن يكون من جهة البعد أو من جهة كون المأموم أصمّ أو من جهة كثرة الأصوات أو نحو ذلك .

(3 مسألة): إذا سمع بعض قراءة الإمام فالأحوط الترك مطلقاً.

(4 مسألة): إذا قرأ بتخيّل أن المسموع غير صوت الإمام ثمَّ تبيّن أنه صوته لا تبطل صلاته، وكذا إذا قرأ سهواً في الجهريّة.

(5 مسألة): إذا شكّ في السماع وعدمه أو أن المسموع صوت الإمام أو غيره، فالأحوط الترك وإن كان الأقوي الجواز.

(6 مسألة): لا يجب علي المأموم الطمأنينة حال قراءة الإمام وإن كان الأحوط ذلك، وكذا لا يجب المبادرة إلي القيام حال قراءته فيجوز أن يطيل سجوده() ويقوم بعد أن يقرأ الإمام في الركعة الثانية بعض الحمد.

[لا يجوز تقدّم المأموم علي الإمام]

(7 مسألة): لا يجوز أن يتقدّم المأموم علي الإمام في الأفعال ، بل يجب متابعته، بمعني: مقارنته أو تأخّره عنه تأخّراً غير فاحش، ولا يجوز التأخّر الفاحش .

(8 مسألة): وجوب المتابعة تعبّديّ وليس شرطاً في الصحّة() فلو تقدّم أو تأخّر فاحشاً عمداً أثم ولكن صلاته صحيحة، وإن كان الأحوط الإتمام والإعادة خصوصاً إذا كان التخلّف في ركنين، بل في ركن، نعم لو تقدّم أو تأخّر علي وجه تذهب به هيئة الجماعة بطلت جماعته .

(9 مسألة): إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهواً، أو لزعم رفع الإمام

رأسه وجب عليه العود والمتابعة، ولا يضرّ زيادة الركن حينئذ لأنها مغتفرة في الجماعة في نحو ذلك، وإن لم يعد أثم() وصحّت صلاته لكن الأحوط إعادتها بعد الإتمام، بل لا يترك الاحتياط إذا رفع رأسه قبل الذكر الواجب ولم يتابع مع الفرصة لها، ولو ترك المتابعة حينئذ سهواً أو لزعم عدم الفرصة لا يجب الإعادة وإن كان الرفع قبل الذكر هذا. ولو رفع رأسه عامداً لم يجز له المتابعة، وإن تابع عمداً بطلت صلاته للزيادة العمديّة، ولو تابع سهواً فكذلك إذا كان ركوعاً أو في كلّ من السجدتين، وأما في السجدة الواحدة فلا.

(10 مسألة): لو رفع رأسه من الركوع قبل الإمام سهواً ثمَّ عاد إليه للمتابعة فرفع الإمام رأسه قبل وصوله إلي حدّ الركوع، فالظاهر() بطلان الصلاة لزيادة الركن من غير أن يكون للمتابعة واغتفار مثله غير معلوم. وأما في السجدة الواحدة إذا عاد إليها ورفع الإمام رأسه قبله فلا بطلان لعدم كونه زيادة ركن ولا عمديّة، لكن الأحوط الإعادة بعد الإتمام .

(11 مسألة): لو رفع رأسه من السجود فرأي الإمام في السجدة فتخيّل أنها الأُولي فعاد إليها بقصد المتابعة فبان كونها الثانية حسبت ثانية، وإن تخيّل أنها الثانية فسجد أخري بقصد الثانية فبان أنها الأُولي حسبت متابعة، والأحوط إعادة الصلاة في الصورتين بعد الإتمام .

(12 مسألة): إذا ركع أو سجد قبل الإمام عمداً لا يجوز له المتابعة لاستلزامه الزيادة العمديّة، وأما إذا كانت سهواً وجبت المتابعة بالعود إلي القيام أو الجلوس ثمَّ الركوع أو السجود معه، والأحوط الإتيان بالذكر في كلّ من الركوعين أو السجودين: بأن يأتي بالذكر ثمَّ يتابع وبعد المتابعة أيضاً يأتي به، ولو ترك المتابعة عمداً أو سهواً لا تبطل صلاته وإن أثم

في صورة العمد()، نعم لو كان ركوعه قبل الإمام في حال قراءته فالأحوط البطلان مع ترك المتابعة كما أنه الأقوي إذا كان ركوعه قبل الإمام عمداً في حال قراءته، لكن البطلان حينئذ إنما هو من جهة ترك القراءة وترك بدلها وهو قراءة الإمام. كما أنه لو رفع رأسه عامداً قبل الإمام وقبل الذكر الواجب بطلت صلاته من جهة ترك الذكر.

(13 مسألة): لا يجب تأخّر المأموم أو مقارنته مع الإمام في الأقوال ، فلا تجب فيها المتابعة سواء الواجب منها والمندوب، والمسموع منها من الإمام وغير المسموع، وإن كان الأحوط التأخّر خصوصاً مع السماع، وخصوصاً في التسليم، وعلي أيّ حال لو تعمّد فسلّم قبل الإمام لم تبطل صلاته ولو كان سهواً لا يجب إعادته بعد تسليم الإمام. هذا كلّه في غير تكبيرة الإحرام وأما فيها فلا يجوز التقدّم علي الإمام، بل الأحوط() تأخّره عنه، بمعني: أن لا يشرع فيها إلا بعد فراغ الإمام منها وإن كان في وجوبه تأمّل .

(14 مسألة): لو أحرم قبل الإمام سهواً أو بزعم أنه كبّر، كان منفرداً فإن أراد الجماعة عدل إلي النافلة وأتمّها أو قطعها.

(15 مسألة): يجوز للمأموم أن يأتي بذكر الركوع والسجود أزيد من الإمام، وكذا إذا ترك بعض الأذكار المستحبة يجوز له الإتيان بها، مثل تكبير الركوع والسجود وبحول الله وقوّته ونحو ذلك .

(16 مسألة): إذا ترك الإمام جلسة الاستراحة لعدم كونها واجبة عنده لا يجوز للمأموم الذي يقلّد من يوجبها أو يقول بالاحتياط الوجوبي أن يتركها، وكذا إذا اقتصر في التسبيحات علي مرّة مع كون المأموم مقلّداً لمن يوجب الثلاث وهكذا.

(17 مسألة): إذا ركع المأموم ثمَّ رأي الإمام يقنت في ركعة لا قنوت فيها يجب عليه العود إلي القيام لكن

يترك القنوت، وكذا لو رآه جالساً يتشهّد في غير محلّه وجب عليه الجلوس معه لكن لا يتشهّد معه، وهكذا في نظائر ذلك .

[ما يتحملّه الإمام عن المأموم]

(18 مسألة): لا يتحمّل الإمام عن المأموم شيئاً من أفعال الصلاة غير القراءة في الأُوليين إذا ائتم به فيهما، وأما في الأخيرتين فلا يتحمّل عنه، بل يجب عليه بنفسه أن يقرأ الحمد أو يأتي بالتسبيحات وإن قرأ الإمام فيهما وسمع قراءته. وإذا لم يدرك الأُوليين مع الإمام وجب عليه القراءة فيهما لأنهما أُوليا صلاته، وإن لم يمهله الإمام لإتمامها اقتصر علي الحمد وترك السورة وركع معه. وأما إذا أعجله عن الحمد أيضاً فالأحوط إتمامها واللحوق به في السجود، أو قصد الانفراد، ويجوز له قطع الحمد والركوع معه لكن في هذه لا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة.

(19 مسألة): إذا أدرك الإمام في الركعة الثانية تحمّل عنه القراءة فيها، ووجب عليه القراءة في ثالثة الإمام الثانية له، ويتابعه في القنوت في الأُولي منه وفي التشهّد، والأحوط() التجافي فيه، كما أن الأحوط التسبيح عوض التشهّد وإن كان الأقوي جواز التشهّد، بل استحبابه أيضاً. وإذا أمهله الإمام في الثانية له للفاتحة والسورة والقنوت أتي بها، وإن لم يمهله ترك القنوت، وإن لم يمهله للسورة تركها، وإن لم يمهله لإتمام الفاتحة أيضاً فالحال كالمسألة المتقدّمة من أنه يتمّها ويلحق الإمام في السجدة، أو ينوي الانفراد، أو يقطعها ويركع مع الإمام ويتمّ الصلاة ويعيدها.

(20 مسألة): المراد بعدم إمهال الإمام المجوّز لترك السورة: ركوعه قبل شروع المأموم فيها أو قبل إتمامها وإن أمكنه إتمامها قبل رفع رأسه من الركوع، فيجوز تركها بمجرّد دخوله في الركوع ولا يجب الصبر إلي أواخره، وإن كان الأحوط قراءتها ما لم يخف فوت اللحوق في الركوع،

فمع الاطمئنان بعدم رفع رأسه قبل إتمامها لا يتركها ولا يقطعها.

(21 مسألة): إذا اعتقد المأموم إمهال الإمام له في قراءته فقرأها ولم يدرك ركوعه لا تبطل صلاته ، بل الظاهر عدم البطلان إذا تعمّد ذلك، بل إذا تعمّد الإتيان بالقنوت مع علمه بعدم درك ركوع الإمام فالظاهر عدم البطلان .

(22 مسألة): يجب الإخفات في القراءة خلف الإمام وإن كانت الصلاة جهريّة، سواء كان في القراءة الاستحبابيّة كما في الأُوليين مع عدم سماع صوت الإمام، أو الوجوبيّة كما إذا كان مسبوقاً بركعة أو ركعتين. ولو جهر جاهلاً أو ناسياً لم تبطل صلاته، نعم لا يبعد استحباب الجهر() بالبسملة كما في سائر موارد وجوب الإخفات .

(23 مسألة): المأموم المسبوق بركعة يجب عليه التشهّد في الثانية منه الثالثة للإمام، فيتخلّف عن الإمام ويتشهّد ثمَّ يلحقه في القيام أو في الركوع إذا لم يمهله للتسبيحات فيأتي بها ويكتفي بالمرّة ويلحقه في الركوع أو السجود. وكذا يجب عليه التخلّف عنه في كلّ فعل وجب عليه دون الإمام من ركوع أو سجود أو نحوهما فيفعله ثمَّ يلحقه إلا ما عرفت من القراءة في الأُوليين .

(24 مسألة): إذا أدرك المأموم الإمام في الأخيرتين فدخل في الصلاة معه قبل ركوعه ، وجب عليه قراءة الفاتحة والسورة إذا أمهله لهما وإلا كفته الفاتحة علي ما مرّ. ولو علم أنه لو دخل معه لم يمهله لإتمام الفاتحة أيضاً فالأحوط عدم الإحرام إلا بعد ركوعه فيحرم حينئذ ويركع معه وليس عليه الفاتحة حينئذ.

(25 مسألة): إذا حضر المأموم الجماعة ولم يدر أن الإمام في الأُوليين أو الأخيرتين، قرأ الحمد والسورة بقصد القربة: فإن تبيّن كونه في الأخيرتين وقعت في محلها، وإن تبيّن كونه في الأُوليين لا يضرّه ذلك .

(26 مسألة): إذا تخيّل أن

الإمام في الأُوليين فترك القراءة ثمَّ تبيّن أنه في الأخيرتين: فإن كان التبيّن قبل الركوع قرأ ولو الحمد فقط ولحقه، وإن كانت بعده صحّت صلاته. وإذا تخيّل أنه في إحدي الأخيرتين فقرأ ثمَّ تبيّن كونه في الأُوليين فلا بأس ولو تبيّن في أثنائها لا يجب إتمامها.

(27 مسألة): إذا كان مشتغلاً بالنافلة فأقيمت الجماعة وخاف من إتمامها عدم إدراك الجماعة ولو كان بفوت الركعة الأُولي منها جاز له قطعها، بل استحب له ذلك ولو قبل إحرام الإمام للصلاة.

ولو كان مشتغلاً بالفريضة منفرداً وخاف من إتمامها فوت الجماعة استحب له العدول بها إلي النافلة وإتمامها ركعتين إذا لم يتجاوز محلّ العدول: بأن دخل في ركوع الثالثة، بل الأحوط عدم العدول إذا قام للثالثة وإن لم يدخل في ركوعها. ولو خاف من إتمامها ركعتين فوت الجماعة ولو الركعة الأُولي منها جاز له القطع بعد العدول إلي النافلة علي الأقوي، وإن كان الأحوط عدم قطعها بل إتمامها ركعتين وإن استلزم ذلك عدم إدراك الجماعة في ركعة أو ركعتين، بل لو علم عدم إدراكها أصلاً إذا عدل إلي النافلة وأتمّها، فالأَولي والأحوط عدم العدول وإتمام الفريضة ثمَّ إعادتها جماعة إن أراد وأمكن .

(28 مسألة): الظاهر عدم الفرق في جواز العدول من الفريضة إلي النافلة لإدراك الجماعة بين: كون الفريضة التي اشتغل بها ثنائيّة، أو غيرها. ولكن قيل بالاختصاص بغير الثنائيّة.

(29 مسألة): لو قام المأموم مع الإمام إلي الركعة الثانية أو الثالثة مثلاً فذكر أنه ترك من الركعة السابقة سجدة أو سجدتين أو تشهّداً أو نحو ذلك، وجب عليه العود للتدارك. وحينئذ فإن لم يخرج عن صدق الاقتداء وهيئة الجماعة عرفاً فيبقي علي نيّة الاقتداء وإلا فينوي الانفراد.

(30 مسألة): يجوز للمأموم الإتيان

بالتكبيرات الستّ الافتتاحية قبل تحريم الإمام ثمَّ الإتيان بتكبيرة الإحرام بعد إحرامه وإن كان الإمام تاركاً لها.

[لو اختلف الإمام والمأموم في المسائل]

(31 مسألة): يجوز اقتداء أحد المجتهدين أو المقلّدين أو المختلفين بالآخر مع اختلافهما في المسائل الظنّية المتعلّقة بالصلاة إذا لم يستعملا محل الخلاف واتّحدا في العمل. مثلاً: إذا كان رأي أحدهما اجتهاداً أو تقليداً وجوب السورة ورأي الآخر عدم وجوبها يجوز اقتداء الأوّل بالثاني إذا قرأها وإن لم يوجبها، وكذا إذا كان أحدهما يري وجوب تكبير الركوع أو جلسة الاستراحة أو ثلاث مرّات في التسبيحات في الركعتين الأخيرتين يجوز له الاقتداء بالآخر الذي لا يري وجوبها لكن يأتي بها بعنوان الندب.

بل وكذا يجوز() مع المخالفة في العمل أيضاً في ما عدا ما يتعلق بالقراءة في الركعتين الأُوليين التي يتحمّلها الإمام عن المأموم فيعمل كلّ علي وفق رأيه، نعم لا يجوز اقتداء من يعلم وجوب شي ء بمن لا يعتقد وجوبه مع فرض كونه تاركاً له، لأن المأموم حينئذ عالم ببطلان صلاة الإمام فلا يجوز له الاقتداء به، بخلاف المسائل الظنّية حيث إن معتقد كلّ منهما حكم شرعي ظاهري في حقه فليس لواحد منهما الحكم ببطلان صلاة الآخر، بل كلاهما في عرض واحد في كونه حكماً شرعياً.

وأما فيما يتعلّق بالقراءة في مورد تحمّل الإمام عن المأموم وضمانه له فمشكل، لأن الضامن حينئذ لم يخرج عن عهدة الضمان بحسب معتقد المضمون عنه. مثلاً: إذا كان معتقد الإمام عدم وجوب السورة والمفروض أنه تركها فيشكل جواز اقتداء من يعتقد وجوبها به، وكذا إذا كان قراءة الإمام صحيحة عنده وباطلة بحسب معتقد المأموم من جهة ترك إدغام لازم أو مدٍّ لازم أو نحو ذلك، نعم يمكن أن يقال بالصحّة إذا تداركها المأموم بنفسه

كأن قرأ السورة في الفرض الأوّل أو قرأ موضع غلط الإمام صحيحاً، بل يحتمل أن يقال: إن القراءة في عهدة الإمام ويكفي خروجه عنها باعتقاده، لكنّه مشكل فلا يترك الاحتياط بترك الاقتداء.

(32 مسألة): إذا علم المأموم بطلان صلاة الإمام من جهة من الجهات: ككونه علي غير وضوء، أو تاركاً لركن أو نحو ذلك، لا يجوز له الاقتداء به وإن كان الإمام معتقداً صحّتها من جهة الجهل أو السهو أو نحو ذلك .

(33 مسألة): إذا رأي المأموم في ثوب الإمام أو بدنه نجاسة غير معفوّة عنها لا يعلم بها الإمام، لا يجب عليه إعلامه. وحينئذ: فإن علم أنه كان سابقاً عالماً بها ثمَّ نسيها لا يجوز له الاقتداء به لأن صلاته حينئذ باطلة واقعاً ولذا يجب عليه الإعادة أو القضاء إذا تذكّر بعد ذلك، وإن علم كونه جاهلاً بها يجوز الاقتداء لأنها حينئذ صحيحة ولذا لا يجب عليه الإعادة أو القضاء إذا علم بعد الفراغ، بل لا يبعد جوازه إذا لم يعلم المأموم أن الإمام جاهل أو ناس وإن كان الأحوط الترك في هذه الصورة. هذا ولو رأي شيئاً هو نجس في اعتقاد المأموم بالظنّ الاجتهادي وليس بنجس عند الإمام، أو شكّ في أنه نجس عند الإمام أم لا: بأن كان من المسائل الخلافيّة فالظاهر جواز الاقتداء مطلقاً، سواء كان الإمام جاهلاً أو ناسياً أو عالماً.

(34 مسألة): إذا تبيّن بعد الصلاة كون الإمام فاسقاً أو كافراً، أو غير متطهّر، أو تاركاً لركن مع عدم ترك المأموم له، أو ناسياً لنجاسة غير معفوّة عنها في بدنه أو ثوبه، انكشف بطلان الجماعة() لكن صلاة المأموم صحيحة إذا لم يزد() ركناً أو نحوه ممّا يخل بصلاة المنفرد للمتابعة. وإذا تبيّن

ذلك في الأثناء نوي الانفراد ووجب عليه القراءة مع بقاء محلّها، وكذا لو تبيّن كونه امرأة ونحوها ممن لا يجوز إمامته للرجال خاصة أو مطلقاً كالمجنون وغير البالغ إن قلنا بعدم صحّة إمامته، لكن الأحوط إعادة الصلاة في هذا الفرض، بل في الفرض الأوّل وهو كونه فاسقاً أو كافراً إلي آخره .

(35 مسألة): إذا نسي الإمام شيئاً من واجبات الصلاة ولم يعلم به المأموم صحّت صلاته حتي لو كان المنسيّ ركناً إذا لم يشاركه في نسيان ما تبطل به الصلاة. وأما إذا علم به المأموم نبّهه عليه ليتدارك إن بقي محلّه، وإن لم يمكن أو لم يتنبّه أو ترك تنبيهه حيث إنه غير واجب عليه، وجب عليه نيّة الانفراد إن كان المنسيّ ركناً أو قراءة() في مورد تحمّل الإمام مع بقاء محلّها: بأن كان قبل الركوع ولم يكن ركناً ولا قراءة أو كانت قراءة وكان التفات المأموم بعد فوت محلّ تداركها كما بعد الدخول في الركوع، فالأقوي جواز بقائه علي الائتمام وإن كان الأحوط الانفراد أو الإعادة بعد الإتمام .

(36 مسألة): إذا تبيّن للإمام بطلان صلاته من جهة كونه محدثاً أو تاركاً لشرط أو جزء ركن أو غير ذلك: فإن كان بعد الفراغ لا يجب عليه إعلام المأمومين، وإن كان في الأثناء فالظاهر وجوبه ().

(37 مسألة): لا يجوز الاقتداء بإمام يري نفسه مجتهداً وليس بمجتهد مع كونه عاملاً برأيه ، وكذا لا يجوز الاقتداء بمقلّد لمن ليس أهلاً للتقليد إذا كانا مقصّرين في ذلك، بل مطلقاً علي الأحوط() إلاّ إذا علم أن صلاته موافقة للواقع() من حيث إنه يأتي بكل ما هو محتمل الوجوب من الأجزاء والشرائط ويترك كلّ ما هو محتمل المانعيّة، لكنّه فرض بعيد لكثرة ما يتعلّق

بالصلاة من المقدّمات والشرائط والكيفيّات وإن كان آتياً بجميع أفعالها وأجزائها، ويشكل() حمل فعله علي الصحّة مع ما علم منه من بطلان اجتهاده أو تقليده .

(38 مسألة): إذا دخل الإمام في الصلاة معتقداً دخول الوقت والمأموم معتقد عدمه أو شاكّ فيه، لا يجوز له الائتمام في الصلاة، نعم إذا علم بالدخول في أثناء صلاة الإمام جاز له الائتمام به، نعم لو دخل الإمام نسياناً من غير مراعاة للوقت أو عمل بظنٍّ غير معتبر() لا يجوز الائتمام به وإن علم المأموم بالدخول في الأثناء، لبطلان صلاة الإمام حينئذ واقعاً، ولا ينفعه دخول الوقت في الأثناء في هذه الصورة لأنه مختص بما إذا كان عالماً أو ظانّاً بالظنّ المعتبر.

(48- فصل: في شرائط إمام الجماعة)

(48- فصل: في شرائط إمام الجماعة)

(1 مسألة): لا بأس بإمامة القاعد للقاعدين، والمضطجع لمثله والجالس للمضطجع .

(2 مسألة): لا بأس بإمامة المتيمّم للمتوضّئ، وذي الجبيرة لغيره، ومستصحب النجاسة من جهة العذر لغيره، بل الظاهر جواز إمامة المسلوس والمبطون لغيرهما فضلاً عن مثلهم، وكذا إمامة المستحاضة للطاهرة.

(3 مسألة): لا بأس بالاقتداء بمن لا يحسن القراءة في غير المحلّ الذي يتحمّلها الإمام عن المأموم كالركعتين الأخيرتين علي الأقوي، وكذا لا بأس بالايتمام بمن لا يحسن ما عدا القراءة من الأذكار الواجبة والمستحبة التي لا يتحمّلها الإمام عن المأموم إذا كان ذلك لعدم استطاعته غير ذلك .

(4 مسألة): لا يجوز إمامة من لا يحسن القراءة لمثله إذا اختلفا في المحلّ الذي لم يحسناه، وأما إذا اتّحدا في المحلّ فلا يبعد الجواز وإن كان الأحوط العدم، بل لا يترك الاحتياط مع وجود الإمام المحسن. وكذا لا يبعد جواز إمامة غير المحسن لمثله مع اختلاف المحلّ أيضاً إذا نوي الانفراد عند محلّ الاختلاف فيقرأ لنفسه بقيّة القراءة، لكن الأحوط العدم، بل

لا يترك مع وجود المحسن في هذه الصورة أيضاً.

(5 مسألة): يجوز الاقتداء بمن لا يتمكّن من كمال الإفصاح بالحروف أو كمال التأدية إذا كان متمكّناً من القدر الواجب فيها وإن كان المأموم أفصح منه .

(6 مسألة): لا يجب علي غير المحسن الائتمام بمن هو محسن وإن كان هو أحوط، نعم يجب() ذلك علي القادر علي التعلّم إذا ضاق الوقت عنه كما مرَّ سابقاً.

(7 مسألة): لا يجوز إمامة الأخرس لغيره وإن كان ممّن لا يحسن، نعم يجوز إمامته لمثله وإن كان الأحوط الترك خصوصاً مع وجود غيره، بل لا يترك الاحتياط في هذه الصورة.

(8 مسألة): يجوز إمامة المرأة لمثلها، ولا يجوز للرجل ولا للخنثي .

(9 مسألة): يجوز إمامة الخنثي للأنثي دون الرجل ، بل ودون الخنثي .

(10 مسألة): يجوز إمامة غير البالغ لغير البالغ .

(11 مسألة): الأحوط عدم إمامة الأجذم والأبرص والمحدود بالحد الشرعي بعد التوبة والأعرابي إلا لأمثالهم، بل مطلقاً وإن كان الأقوي الجواز في الجميع مطلقاً.

[العدالة ومعناها]

(12 مسألة): العدالة: ملكة الاجتناب عن الكبائر وعن الإصرار علي الصغائر وعن منافيات المروّة الدالّة علي عدم مبالاة مرتكبها بالدين، ويكفي حسن الظاهر الكاشف ظنَّاً عن تلك الملكة.

(13 مسألة): المعصية الكبيرة هي: كلّ معصية ورد النص بكونها كبيرة، كجملة من المعاصي المذكورة في محلّها، أو ورد التوعيد بالنار عليه في الكتاب أو السنّة صريحاً أو ضمناً أو ورد في الكتاب أو السنّة كونه أعظم من إحدي الكبائر المنصوصة أو الموعود عليها بالنار، أو كان عظيماً في أنفس أهل الشرع .

(14 مسألة): إذا شهد عدلان() بعدالة شخص كفي في ثبوتها إذا لم يكن معارضاً بشهادة عدلين آخرين، بل وشهادة عدل واحد بعدمها.

(15 مسألة): إذا أخبر جماعة غير معلومين بالعدالة بعدالته وحصل الاطمئنان كفي ، بل يكفي

الاطمئنان إذا حصل من شهادة عدل واحد()، وكذا إذا حصل من اقتداء عدلين به()، أو من اقتداء جماعة مجهولين به. والحاصل: أنه يكفي الوثوق والاطمئنان للشخص من أيّ وجه حصل بشرط كونه من أهل الفهم والخبرة والبصيرة() والمعرفة بالمسائل، لا من الجهّال ولا ممّن يحصل له الاطمئنان والوثوق بأدني شي ء كغالب الناس .

(16 مسألة): الأحوط أن لا يتصدّي للإمامة من يعرف نفسه بعدم العدالة وإن كان الأقوي جوازه .

(17 مسألة): الإمام الراتب في المسجد أَولي بالإمامة من غيره وإن كان غيره أفضل منه لكن الأَولي له تقديم الأفضل، وكذا صاحب المنزل أولي من غيره المأذون في الصلاة، وإلا فلا يجوز بدون إذنه والأَولي أيضاً تقديم الأفضل، وكذا الهاشميّ أولي من غيره المساوي له في الصفات .

(18 مسألة): إذا تشاحّ الأئمّة رغبة في ثواب الإمامة لا لغرض دنيويّ، رجّح من قدّمه المأمومون جميعهم تقديماً ناشياً عن ترجيح شرعيّ لا لأغراض دنيويّة. وإن اختلفوا فأراد كلّ منهم تقديم شخص فالأَولي: ترجيح الفقيه الجامع للشرائط خصوصاً إذا انضمّ إليه شدّة التقوي والورع، فإن لم يكن أو تعدّد فالأقوي تقديم الأجود قراءة ثمَّ الأفقه في أحكام الصلاة، ومع التساوي فيها فالأفقه في سائر الأحكام غير ما للصلاة، ثمَّ الأسنّ في الإسلام، ثمَّ من كان أرجح في سائر الجهات الشرعيّة. والظاهر: أن الحال كذلك إذا كان هناك أئمّة متعدّدون، فالأَولي للمأموم اختيار الأرجح بالترتيب المذكور. لكن إذا تعدّد المرجّح في بعض كان أولي ممّن له ترجيح من جهة واحدة، والمرجّحات الشرعيّة مضافاً إلي ما ذكر كثيرة لابدّ من ملاحظتها في تحصيل الأَولي، وربما يوجب ذلك خلاف الترتيب المذكور، مع أنه يحتمل اختصاص الترتيب المذكور بصورة التشاحّ بين الأئمّة أو بين المأمومين لا مطلقاً.

فالأولي للمأموم مع تعدّد الجماعة ملاحظة جميع الجهات في تلك الجماعة: من حيث الإمام، ومن حيث أهل الجماعة من حيث تقواهم وفضلهم وكثرتهم وغير ذلك ثمَّ اختيار الأرجح فالأرجح .

(19 مسألة): الترجيحات المذكورة إنّما هي من باب الأفضليّة والاستحباب، لا علي وجه اللزوم والإيجاب، حتّي في أولويّة الإمام الراتب الذي هو صاحب المسجد()، فلا يحرم مزاحمة الغير له وإن كان مفضولاً من سائر الجهات أيضاً إذا كان المسجد وقفاً لا ملكاً له ولا لمن لم يأذن لغيره في الإمامة.

(20 مسألة): يكره إمامة الأجذم، والأبرص، والأغلف المعذور في ترك الختان، والمحدود بحد شرعي بعد توبته، ومن يكره المأمومون إمامته، والمتيمّم للمتطهّر، والحائك والحجّام والدبّاغ إلا لأمثالهم، بل الأَولي عدم إمامة كلّ ناقص للكامل وكل كامل للأكمل.

(49- فصل: في مستحبات الجماعة ومكروهاتها)

(49- فصل: في مستحبات الجماعة ومكروهاتها)

أما المستحبات فأمور:

أحدها: أن يقف المأموم عن يمين الإمام إن كان رجلاً واحداً، وخلفه إن كانوا أكثر. ولو كان المأموم امرأة واحدة وقفت خلف الإمام علي الجانب الأيمن بحيث يكون سجودها محاذياً لركبة الإمام أو قدمه، ولو كنّ أزيد وقفن خلفه، ولو كان رجلاً واحداً وامرأة واحدة أو أكثر وقف الرجل عن يمين الإمام والامرأة خلفه، ولو كانوا رجالاً ونساءً اصطفّوا خلفه واصطفّت النساء خلفهم، بل الأحوط مراعاة المذكورات. هذا إذا كان الإمام رجلاً وأما في جماعة النساء فالأَولي وقوفهنّ صفاً واحداً أو أزيد من غير أن تبرز إمامهنّ من بينهنّ.

الثاني: أن يقف الإمام في وسط الصفّ.

الثالث: أن يكون في الصفّ الأوّل أهل الفضل ممّن له مزيّة في العلم والكمال والعقل والورع والتقوي، وأن يكون يمينه لأفضلهم في الصفّ الأوّل فإنه أفضل الصفوف.

الرابع: الوقوف في القرب من الإمام.

الخامس: الوقوف في ميامن الصفوف فإنها أفضل من مياسرها. هذا في غير صلاة الجنازة

وأما فيها فأفضل الصفوف آخرها.

السادس: إقامة الصفوف واعتدالها وسدّ الفرج الواقعة فيها والمحاذاة بين المناكب.

السابع: تقارب الصفوف بعضها من بعض: بأن لا يكون ما بينها أزيد من مقدار مسقط جسد الإنسان إذا سجد.

الثامن: أن يصلِّي الإمام بصلاة أضعف من خلفه: بأن لا يطيل في أفعال الصلاة من القنوت والركوع والسجود، إلا إذا علم حبّ التطويل من جميع المأمومين.

التاسع: أن يشتغل المأموم المسبوق، بتمجيد الله تعالي بالتسبيح والتهليل والتحميد والثناء إذا أكمل القراءة قبل ركوع الإمام، ويبقي آية من قراءته ليركع بها.

العاشر: أن لا يقوم الإمام من مقامه بعد التسليم، بل يبقي علي هيئة المصلّي حتي يتمّ من خلفه صلاته من المسبوقين أو الحاضرين لو كان الإمام مسافراً، بل هو الأحوط. ويستحب له أن يستنيب من يتمّ بهم الصلاة عند مفارقته لهم، ويكره استنابة المسبوق بركعة أو أزيد، بل الأَولي عدم استنابة من لم يشهد الإقامة.

الحادي عشر: أن يسمع الإمام من خلفه القراءة الجهريّة والأذكار ما لم يبلغ العلو المفرط.

الثاني عشر: أن يطيل ركوعه إذا أحسّ بدخول شخص ضعف ما كان يركع انتظاراً للدّاخلين، ثمَّ يرفع رأسه وإن أحسّ بداخل.

الثالث عشر: أن يقول المأموم عند فراغ الإمام من الفاتحة: «الحمد لله رب العالمين».

الرابع عشر: قيام المأمومين عند قول المؤذّن قد قامت الصلاة.

وأما المكروهات فأمور أيضاً:

أحدها: وقوف المأموم وحده في صفّ وحده مع وجود موضع في الصفوف، ومع امتلائها فليقف آخر الصفوف أو حذاء الإمام.

الثاني: التنفّل بعد قول المؤذّن قد قامت الصلاة، بل عند الشروع في الإقامة.

الثالث: أن يخصّ الإمام نفسه بالدعاء إذا اخترع الدعاء من عند نفسه، وأما إذا قرأ بعض الأدعية المأثورة فلا.

الرابع: التكلّم بعد قول المؤذّن: «قد قامت الصلاة» بل يكره في غير الجماعة

أيضاً كما مرّ، إلا أن الكراهة فيها أشدّ، إلا أن يكون المأمومون اجتمعوا من شتّي وليس لهم إمام فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض: تقدّم يا فلان.

الخامس: إسماع المأموم الإمام ما يقوله بعضاً أو كلاً.

السادس: ائتمام الحاضر بالمسافر والعكس مع اختلاف صلاتهما قصراً وتماماً، وأما مع عدم الاختلاف كالايتمام في الصبح والمغرب فلا كراهة. وكذا في غيرهما أيضاً مع عدم الاختلاف: كما لو ائتمّ القاضي بالمؤدّي أو العكس، وكما في مواطن التخيير إذا اختار المسافر التمام، ولا يلحق نقصان الفرضين بغير القصر والتمام بهما في الكراهة، كما إذا ائتم الصبح بالظهر أو المغرب أو هي بالعشاء أو العكس .

[مسائل في مستحبات الجماعة ومكروهاتها]

(1 مسألة): يجوز لكلّ من الإمام والمأموم عند انتهاء صلاته قبل الآخر: بأن كان مقصّراً والآخر متمّاً، أو كان المأموم مسبوقاً، أن لا يسلّم وينتظر الآخر حتّي يتمّ صلاته ويصل إلي التسليم فيسلّم معه، خصوصاً للمأموم إذا اشتغل بالذكر والحمد ونحوهما إلي أن يصل الإمام. والأحوط الاقتصار علي صورة لا تفوت الموالاة، وأما مع فواتها ففيه إشكال() من غير فرق بين كون المنتظر هو الإمام أو المأموم .

(2 مسألة): إذا شكّ المأموم بعد السجدة الثانية من الإمام أنه سجد معه السجدتين أو واحدة، يجب عليه الإتيان بأخري إذا لم يتجاوز المحلّ .

(3 مسألة): إذا اقتدي المغرب بعشاء الإمام وشكّ في حال القيام أنه الرابعة أو الثالثة ينتظر حتي يأتي الإمام بالركوع والسجدتين حتي يتبيّن له الحال: فإن كان في الثالثة أتي بالبقيّة وصحّت الصلاة، وإن كان في الرابعة يجلس ويتشهّد ويسلّم ثمَّ يسجد سجدتي السهو لكلّ واحد من الزيادات() من قوله: «بحول الله» وللقيام، وللتسبيحات إن أتي بها أو ببعضها.

(4 مسألة): إذا رأي من عادل كبيرة لا يجوز الصلاة

خلفه إلا أن يتوب مع فرض بقاء الملكة فيه، فيخرج عن العدالة بالمعصية ويعود إليها بمجرّد التوبة.

(5 مسألة): إذا رأي الإمام يصلِّي ولم يعلم أنها من اليوميّة أو من النوافل لا يصح الاقتداء به، وكذا إذا احتمل أنها من الفرائض التي لا يصحّ اقتداء اليوميّة بها. وإن علم أنها من اليوميّة لكن لم يدر أنها أيّة صلاة من الخمس أو أنها أداء أو قضاء أو أنها قصر أو تمام، لا بأس بالاقتداء ولا يجب إحراز ذلك قبل الدخول، كما لا يجب إحراز أنه في أيّ ركعة كما مرّ.

(6 مسألة): القدر المتيقّن من اغتفار زيادة الركوع للمتابعة سهواً زيادته مرّة واحدة في كلّ ركعة، وأما إذا زاد في ركعة واحدة أزيد من مرّة: كأن رفع رأسه قبل الإمام سهواً ثمَّ عاد للمتابعة ثمَّ رفع أيضاً سهواً ثمَّ عاد، فيشكل الاغتفار، فلا يترك الاحتياط حينئذ بإعادة الصلاة بعد الإتمام. وكذا في زيادة السجدة القدر المتيقّن اغتفار زيادة سجدتين في ركعة، وأما إذا زاد أربع فمشكل .

(7 مسألة): إذا كان الإمام يصلِّي أداءً أو قضاءً يقينيّاً والمأموم منحصر بمن يصلّي احتياطيّاً، يشكل() إجراء حكم الجماعة: من اغتفار زيادة الركن، ورجوع الشاكّ منهما إلي الآخر ونحوه، لعدم إحراز كونها صلاة، نعم لو كان الإمام أو المأموم أو كلاهما يصلِّي باستصحاب الطهارة لا بأس بجريان حكم الجماعة، لأنه وإن كان لم يحرز كونها صلاة واقعيّة لاحتمال كون الاستصحاب مخالفاً للواقع إلا أنه حكم شرعيّ ظاهريّ، بخلاف الاحتياط فإنه إرشاديّ وليس حكماً ظاهرياً. وكذا لو شكّ أحدهما في الإتيان بركن بعد تجاوز المحلّ فإنه حينئذ وإن لم يحرز بحسب الواقع كونها صلاة لكن مفاد قاعدة التجاوز أيضاً حكم شرعيّ فهي في ظاهر

الشرع صلاة.

(8 مسألة): إذا فرغ الإمام من الصلاة والمأموم في التشهّد أو في السلام الأوّل لا يلزم عليه نيّة الانفراد، بل هو باق علي الاقتداء عرفاً.

(9 مسألة): يجوز للمأموم المسبوق بركعة أن يقوم بعد السجدة الثانية من رابعة الإمام التي هي ثالثته وينفرد، ولكن يستحب له أن يتابعه في التشهّد متجافياً إلي أن يسلّم ثمَّ يقوم إلي الرابعة.

(10 مسألة): لا يجب علي المأموم الإصغاء إلي قراءة الإمام في الركعتين الأُوليين من الجهريّة إذا سمع صوته، لكنّه أحوط.

(11 مسألة): إذا عرف الإمام بالعدالة ثمَّ شكّ في حدوث فسقه جاز له الاقتداء به عملاً بالاستصحاب. وكذا لو رأي منه شيئاً وشكَّ() في أنه موجب للفسق أم لا.

(12 مسألة): يجوز للمأموم مع ضيق الصفّ أن يتقدّم إلي الصفّ السابق، أو يتأخّر إلي اللاحق إذا رأي خللاً فيهما، لكن علي وجه لا ينحرف عن القبلة فيمشي القهقري .

(13 مسألة): يستحب انتظار الجماعة إماماً أو مأموماً وهو أفضل من الصلاة في أوّل الوقت منفرداً، وكذا يستحب اختيار الجماعة مع التخفيف علي الصلاة فرادي مع الإطالة.

(14 مسألة): يستحب الجماعة في السفينة الواحدة وفي السفن المتعدّدة للرجال والنساء، ولكن تكره الجماعة في بطون الأودية.

(15 مسألة): يستحب اختيار الإمامة علي الاقتداء، فللإمام إذا أحسن بقيامه وقراءته وركوعه وسجوده مثل أجر من صلَّي مقتدياً به ولا ينقص من أجرهم شي ء.

(16 مسألة): لا بأس بالاقتداء بالعبد إذا كان عارفاً بالصلاة وأحكامها.

(17 مسألة): الأحوط ترك القراءة في الأُوليين من الإخفاتيّة وإن كان الأقوي الجواز مع الكراهة كما مرّ.

(18 مسألة): يكره تمكين الصبيان من الصفّ الأوّل علي ما ذكره المشهور وإن كانوا مميّزين.

(19 مسألة): إذا صلَّي منفرداً أو جماعة واحتمل فيها خللاً في الواقع وإن كانت صحيحة في

ظاهر الشرع، يجوز بل يستحب أن يعيدها منفرداً أو جماعة. وأما إذا لم يحتمل فيها خللاً فإن صلَّي منفرداً ثمَّ وجد من يصلِّي تلك الصلاة جماعة يستحب له أن يعيدها جماعة إماماً كان أو مأموماً، بل لا يبعد جواز إعادتها جماعة إذا وجد من يصلِّي غير تلك الصلاة: كما إذا صلَّي الظهر فوجد من يصلِّي العصر جماعة، لكن القدر المتيقّن الصورة الأُولي، وأما إذا صلّي جماعة إماماً أو مأموماً فيشكل() استحباب إعادتها، وكذا يشكل إذا صلَّي اثنان منفردين ثمَّ أرادا الجماعة فاقتدي أحدهما بالآخر من غير أن يكون هناك من لم يصلِّ .

(20 مسألة): إذا ظهر بعد إعادة الصلاة جماعة أن الصلاة الأُولي كانت باطلة يجتزئ بالمعادة.

(21 مسألة): في المعادة إذا أراد نيّة الوجه، ينوي الندب () لا الوجوب علي الأقوي .

(50- فصل: في الخلل الواقع في الصلاة)

(50- فصل: في الخلل الواقع في الصلاة)

أي: الإخلال بشيء ممّا يعتبر فيها وجوداً، أو عدماً.

(1 مسألة): الخلل إما أن يكون: عن عمد، أو عن جهل، أو سهو، أو اضطرار، أو إكراه، أو بالشكّ.

ثمّ إما أن يكون بزيادة، أو نقيصة.

والزيادة: إما بركن، أو غيره ولو بجزء مستحب كالقنوت في غير الركعة الثانية، أو فيها في غير محلها، أو بركعة.

والنقيصة: إما بشرطٍ ركن كالطهارة من الحدث والقبلة، أو بشرطٍ غير ركنٍ، أو بجزءٍ ركنٍ، أو غير ركن، أو بكيفية كالجهر والإخفات والترتيب والموالاة، أو بركعة.

(2 مسألة): الخلل العمدي موجب لبطلان الصلاة بأقسامه() من الزيادة والنقيصة، حتي بالإخلال بحرف من القراءة، أو الأذكار، أو بحركة، أو بالموالاة بين حروف كلمة، أو كلمات آية، أو بين بعض الأفعال مع بعض، وكذا إذا فاتت الموالاة سهواً، أو اضطراراً لسعال، أو غيره ولم يتدارك بالتكرار متعمّداً.

(3 مسألة): إذا حصل الإخلال بزيادة، أو نقصان جهلاً بالحكم : فإن كان بترك

شرطٍ ركنٍ كالإخلال بالطهارة الحدثيّة، أو بالقبلة بأن صلّي مستدبراً، أو إلي اليمين، أو اليسار، أو بالوقت بأن صلّي قبل دخوله، أو بنقصان ركعة، أو ركوع، أو غيرهما من الأجزاء الركنية، أو بزيادة ركن، بطلت الصلاة وإن كان الإخلال بسائر الشروط أو الأجزاء زيادة أو نقصاً فالأحوط الإلحاق بالعمد في البطلان، لكن الأقوي() إجراء حكم السهو عليه .

(4 مسألة): لا فرق في البطلان بالزيادة العمديّة بين أن يكون في ابتداء النيّة، أو في الأثناء، ولا بين الفعل والقول، ولا بين الموافق لأجزاء الصلاة والمخالف لها()، ولا بين قصد الوجوب بها والندب، نعم لا بأس بما يأتي به من القراءة والذكر في الأثناء لا بعنوان أنه منها ما لم يحصل به المحو للصورة، وكذا لا بأس بإتيان غير المبطلات من الأفعال الخارجية المباحة: كحكّ الجسد ونحوه إذا لم يكن ماحياً للصورة.

[الإخلال سهواً بالشرائط أو الأركان]

(5 مسألة): إذا أخلّ بالطهارة الحدثّية ساهياً بأن ترك الوضوء، أو الغسل، أو التيّمم بطلت صلاته وإن تذكّر في الأثناء، وكذا لو تبيّن بطلان أحد هذه من جهة ترك جزء، أو شرط.

(6 مسألة): إذا صلّي قبل دخول الوقت ساهياً بطلت، وكذا لو صلّي إلي اليمين، أو اليسار، أو مستدبراً فيجب عليه الإعادة أو القضاء().

(7 مسألة): إذا أخلّ بالطهارة الخبثيّة في البدن، أو اللباس ساهياً بطلت، وكذا إن كان جاهلاً بالحكم()، أو كان جاهلاً بالموضوع وعلم في الأثناء() مع سعة الوقت، وإن علم بعد الفراغ صحّت، وقد مرّ التفصيل سابقاً.

(8 مسألة): إذا أخلّ بستر العورة سهواً فالأقوي عدم البطلان وإن كان هو الأحوط، وكذا() لو أخلّ بشرائط الساتر عدا الطهارة: من المأكولية وعدم كونه حريراً، أو ذهبا ونحو ذلك .

(9 مسألة): إذا أخلّ بشرائط المكان سهواً فالأقوي عدم

البطلان وإن كان أحوط() فيما عدا الإباحة، بل فيها أيضاً إذا كان هو الغاصب .

(10 مسألة): إذا سجد علي ما لا يصح السجود عليه سهواً: إما لنجاسته ، أو كونه من المأكول، أو الملبوس، لم تبطل الصلاة وإن كان هو الأحوط، وقد مرّت هذه المسائل في مطاوي الفصول السابقة.

(11 مسألة): إذا زاد ركعةً، أو ركوعاً، أو سجدتين من ركعة، أو تكبيرة الإحرام سهواً() بطلت الصلاة، نعم يستثني من ذلك زيادة الركوع، أو السجدتين في الجماعة. وأما إذا زاد ما عدا هذه من الأجزاء غير الأركان: كسجدة واحدة، أو تشهّد، أو نحو ذلك ممّا ليس بركن فلا تبطل، بل عليه سجدتا السهو(). وأما زيادة القيام الركني فلا تتحقق إلا بزيادة الركوع، أو بزيادة تكبيرة الإحرام، كما أنه لا تتصوّر زيادة النيّة بناء علي أنها الداعي، بل علي القول بالإخطار لا تضرّ زيادتها.

(12 مسألة): يستثني من بطلان الصلاة بزيادة الركعة ما إذا نسي المسافر سفره، أو نسي أن حكمه القصر، فإنه لا يجب القضاء إذا تذكّر خارج الوقت، ولكن يجب الإعادة إذا تذكّر في الوقت كما سيأتي إن شاء الله .

(13 مسألة): لا فرق في بطلان الصلاة بزيادة ركعة بين: أن يكون قد تشهّد في الرابعة ثمّ قام إلي الخامسة، أو جلس بمقدارها كذلك، أو لا، وإن كان الأحوط في هاتين الصورتين إتمام الصلاة لو تذكّر قبل الفراغ ثمّ إعادتها.

(14 مسألة): إذا سها عن الركوع حتي دخل في السجدة الثانية بطلت صلاته ، وإن تذكّر قبل الدخول فيها رجع وأتي به وصحّت صلاته، ويسجد سجدتي السهو لكل زيادة()، ولكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة لو كان التذكّر بعد الدخول في السجدة الأولي .

(15 مسألة): لو نسي السجدتين ولم يتذكّر إلا بعد الدخول

في الركوع من الركعة التالية بطلت صلاته ، ولو تذكّر قبل ذلك رجع وأتي بهما وأعاد ما فعله سابقاً ممّا هو مرتّب عليهما بعدهما، وكذا تبطل الصلاة لو نسيهما من الركعة الأخيرة حتي سلّم وأتي بما يبطل الصلاة عمداً وسهواً: كالحدث والاستدبار. وإن تذكّر بعد السلام قبل الإتيان بالمبطل فالأقوي أيضاً البطلان()، لكن الأحوط التدارك ثمّ الإتيان بما هو مرتّب عليهما ثمّ إعادة الصلاة، وإن تذكّر قبل السلام أتي بهما وبما بعدهما من التشهّد والتسليم وصحّت صلاته، وعليه سجدتا السهو لزيادة التشهّد، أو بعضه وللتسليم المستحبّ .

(16 مسألة): لو نسي النيّة، أو تكبيرة الإحرام بطلت صلاته، سواء تذكّر في الأثناء، أو بعد الفراغ فيجب الاستيناف، وكذا لو نسي القيام حال تكبيرة الإحرام، وكذا لو نسي القيام المتّصل بالركوع بأن ركع لا عن قيام .

(17 مسألة): لو نسي الركعة الأخيرة فذكرها بعد التشهّد قبل التسليم قام وأتي بها، ولو ذكرها بعد التسليم الواجب قبل فعل ما يبطل الصلاة عمداً وسهوا قام وأتمّ، ولو ذكرها بعده استأنف الصلاة من رأس من غير فرق بين الرباعيّة وغيرها، وكذا لو نسي أزيد من ركعة.

[الإخلال سهواً بغير الأركان]

(18 مسألة): لو نسي ما عدا الأركان من أجزاء الصلاة لم تبطل صلاته، وحينئذٍ: فإن لم يبق محلّ التدارك وجب ()عليه سجدتا السهو للنقيصة، وفي نسيان السجدة الواحدة والتشهد يجب قضاؤهما أيضاً بعد الصلاة قبل سجدتي السهو، وإن بقي محلّ التدارك وجب العود للتدارك ثمّ الإتيان بما هو مرتّب عليه ممّا فعله سابقاً وسجدتا السهو لكل زيادة().

وفوت محلّ التدارك: إما بالدخول في ركن بعده علي وجه لو تدارك المنسي لزم زيادة الركن، وإما بكون محلّه في فعل خاص جاز محلّ ذلك الفعل كالذكر في الركوع والسجود إذا نسيه

وتذكّر بعد رفع الرأس منهما، وإمّا بالتذكّر بعد السلام الواجب.

فلو نسي القراءة، أو الذكر، أو بعضهما، أو الترتيب فيهما، أو إعرابهما، أو القيام فيهما، أو الطمأنينة فيه وذكر بعد الدخول في الركوع فات محلّ التدارك، فيتّم الصلاة ويسجد سجدتي السهو للنقصان إذا كان المنسي من الأجزاء لا لمثل الترتيب والطمأنينة ممّا ليس بجزء.

وإن تذكّر قبل الدخول في الركوع رجع وتدارك وأتي بما بعده وسجد سجدتي السهو لزيادة ما أتي به من الأجزاء، نعم في نسيان القيام حال القراءة، أو الذكر ونسيان الطمأنينة فيه لا يبعد فوت محلّهما قبل الدخول في الركوع أيضاً، لاحتمال كون القيام واجباً حال القراءة لا شرطا فيها، وكذا كون الطمأنينة واجبة حال القيام لا شرطاً فيه، وكذا الحال في الطمأنينة حال التشهّد وسائر الأذكار فالأحوط العود والإتيان بقصد الاحتياط والقربة لا بقصد الجزئيّة.

ولو نسي الذكر في الركوع، أو السجود، أو الطمأنينة حاله وذكر بعد رفع الرأس منهما فات محلّهما، ولو تذكّر قبل الرفع، أو قبل الخروج عن مسمَّي الركوع وجب الإتيان بالذكر، ولو كان المنسيّ الطمأنينة حال الذكر فالأحوط إعادته بقصد الاحتياط والقربة، وكذا() لو نسي وضع أحد المساجد حال السجود.

ولو نسي الانتصاب من الركوع وتذكّر بعد الدخول في السجدة الثانية فات محلّه، وأما لو تذكّر قبله فلا يبعد() وجوب العود إليه، لعدم استلزامه إلا زيادة سجدة واحدة وليست بركن، كما أنه كذلك() لو نسي الانتصاب من السجدة الأولي وتذكّر بعد الدخول في الثانية، لكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة.

ولو نسي الطمأنينة حال أحد الانتصابين احتمل فوت المحلّ وإن لم يدخل في السجدة، كما مرّ نظيره.

ولو نسي السجدة الواحدة، أو التشهّد وذكر بعد الدخول في الركوع، أو بعد السلام فات محلّهما،

ولو ذكر قبل ذلك تداركهما.

ولو نسي الطمأنينة في التشهّد فالحال كما مرّ من أن الأحوط() الإعادة بقصد القربة والاحتياط، والأحوط مع ذلك إعادة الصلاة أيضاً، لاحتمال كون التشهّد زيادة عمديّة حينئذٍ خصوصا إذا تذكّر نسيان الطمأنينة فيه بعد القيام .

(19 مسألة): لو كان المنسيّ الجهر أو الإخفات لم يجب التدارك بإعادة القراءة، أو الذكر علي الأقوي، وإن كان أحوط() إذا لم يدخل في الركوع .

(51- فصل: في الشكّ)

(51- فصل: في الشكّ)

وهو: إما في أصل الصلاة وأنه هل أتي بها أم لا، وإما في شرائطها، وإما في أجزائها، وإما في ركعاتها؟

[الشك في أصل الصلاة]

(1 مسألة): إذا شكّ في أنه هل صلّي أم لا؟ فإن كان بعد مضيَّ الوقت لم يلتفت وبني علي أنه صلّي، سواء كان الشكّ في صلاة واحدة، أو في الصلاتين.

وإن كان في الوقت وجب الإتيان بها، كأن شكّ في أنه صلّي صلاة الصبح أم لا، أو هل صلّي الظهرين أم لا؟ أو هل صلّي العصر بعد العلم بأنه صلّي الظهر أم لا؟ ولو علم أنه صلّي العصر ولم يدر أنّه صلّي الظهر أم لا فيحتمل ()جواز البناء علي أنه صلاّها لكن الأحوط الإتيان بها، بل لا يخلو عن قوة، بل وكذلك لو لم يبق إلا مقدار الاختصاص بالعصر وعلم أنه أتي بها وشكّ في أنه أتي بالظهر أيضاً أم لا، فإن الأحوط الإتيان بها وإن كان احتمال البناء علي الإتيان بها وإجراء حكم الشكّ بعد مضي الوقت هنا أقوي من السابق، نعم لو بقي من الوقت مقدار الاختصاص بالعصر وعلم بعدم الإتيان بها، أو شكّ فيه وكان شاكّاً في الإتيان بالظهر وجب الإتيان بالعصر ويجري حكم الشكّ بعد الوقت بالنسبة إلي الظهر، لكن الأحوط قضاء الظهر أيضاً.

(2 مسألة): إذا شكّ في فعل الصلاة وقد بقي من الوقت مقدار ركعة، فهل ينزَّل منزلة تمام الوقت، أو لا؟ وجهان: أقواهما () الأول.

أما لو بقي أقل من ذلك فالأقوي كونه بمنزلة الخروج .

(3 مسألة): لو ظنّ فعل الصلاة، فالظاهر أن حكمه حكم الشكّ في التفصيل بين كونه في الوقت، أو في خارجه، وكذا لو ظنّ عدم فعلها.

(4 مسألة): إذا شكّ في بقاء الوقت وعدمه يلحقه حكم البقاء.

(5 مسألة): لو

شكّ في أثناء صلاة العصر في أنه صلّي الظهر أم لا: فإن كان في الوقت المختص بالعصر بني علي الإتيان بها، وإن كان في الوقت المشترك عدل إلي الظهر بعد البناء() علي عدم الإتيان بها.

(6 مسألة): إذا علم أنه صلّي إحدي الصلاتين من الظهر، أو العصر ولم يدر المعيّن منها، يجزيه الإتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمّة، سواء كان في الوقت، أو في خارجه، نعم لو كان في وقت الاختصاص بالعصر يجوز له البناء علي أن ما أتي به هو الظهر فينوي فيما يأتي به العصر، ولو علم أنه صلّي إحدي العشائين ولم يدر المعيّن منهما وجب الإتيان بهما، سواء كان في الوقت، أو في خارجه، وهنا أيضاً لو كان في وقت الاختصاص بالعشاء بني علي أن ما أتي به هو المغرب وأن الباقي هو العشاء.

(7 مسألة): إذا شكّ في الصلاة في أثناء الوقت ونسي الإتيان بها وجب عليه القضاء إذا تذكّر خارج الوقت، وكذا إذا شكّ واعتقد أنه خارج الوقت ثمّ تبيّن أن شكه كان في أثناء الوقت، وأما إذا شكّ واعتقد أنه في الوقت فترك الإتيان بها عمداً، أو سهواً ثمّ تبيّن أن شكّه كان خارج الوقت فليس عليه القضاء.

(8 مسألة): حكم كثير الشكّ في الإتيان بالصلاة وعدمه حكم غيره فيجري فيه التفصيل() بين كونه في الوقت وخارجه، وأما الوسواسيّ فالظاهر أنه يبني علي الإتيان وإن كان في الوقت .

[الشك في الشرائط أو أفعال الصلاة]

(9 مسألة): إذا شكّ في بعض شرائط الصلاة، فإما أن يكون قبل الشروع فيها، أو في أثنائها، أو بعد الفراغ منها. فإن كان قبل الشروع فلا بدّ من إحراز ذلك الشرط ولو بالاستصحاب ونحوه من الأصول، وكذا إذا كان في الأثناء()، وإن كان

بعد الفراغ منها حكم بصحتها وإن كان يجب إحرازه للصلاة الأخري، وقد مرّ التفصيل في مطاوي الأبحاث السابقة.

(10 مسألة): إذا شكّ في شيء من أفعال الصلاة: فإمّا أن يكون قبل الدخول في غير المرتّب عليه، وإما أن يكون بعده.

فإن كان قبله وجب الإتيان: كما إذا شكّ في الركوع وهو قائم، أو شكّ في السجدتين أو السجدة الواحدة ولم يدخل في القيام أو التشهّد. وهكذا لو شكّ في تكبيرة الإحرام ولم يدخل فيما بعدها()، أو شكّ في الحمد ولم يدخل في السورة، أو فيها ولم يدخل في الركوع أو القنوت.

وإن كان بعده لم يلتفت وبني علي أنه أتي به من غير فرق بين الأُوليين والأخيرتين علي الأصح.

والمراد بالغير: مطلق الغير، المترتّب علي الأول: كالسورة بالنسبة إلي الفاتحة، فلا يلتفت إلي الشكّ فيها وهو آخذ في السورة، بل ولا إلي أوّل الفاتحة، أو السورة وهو في آخرهما، بل ولا إلي الآية وهو في الآية المتأخّرة، بل ولا إلي أوّل الآية وهو في آخرها.

ولا فرق بين أن يكون ذلك الغير جزءاً واجباً، أو مستحباً: كالقنوت بالنسبة إلي الشكّ في السورة، والاستعاذة بالنسبة إلي تكبيرة الإحرام، والاستغفار بالنسبة إلي التسبيحات الأربعة، فلو شكّ في شيء من المذكورات بعد الدخول في أحد المذكورات لم يلتفت، كما أنه لا فرق في المشكوك فيه أيضاً بين الواجب والمستحب.

والظاهر: عدم الفرق بين أن يكون ذلك الغير من الأجزاء أو مقدّماتها، فلو شكّ في الركوع أو الانتصاب منه بعد الهوي للسجود لم يلتفت، نعم لو شكّ في السجود وهو آخذ في القيام وجب عليه العود، وفي إلحاق التشهّد به في ذلك وجه إلا أن الأقوي خلافه، فلو شكّ فيه بعد الأخذ في القيام لم

يلتفت، والفارق النصّ الدالّ علي العود في السجود فيقتصر علي مورده ويعمل بالقاعدة في غيره .

(11 مسألة): الأقوي جريان الحكم المذكور في غير صلاة المختار، فمن كان فرضه الجلوس مثلاً وقد شكّ في أنه هل سجد أم لا وهو في حال الجلوس الذي هو بدل عن القيام لم يلتفت، وكذا إذا شكّ في التشهّد، نعم لو لم يعلم أنه الجلوس الذي هو بدل عن القيام، أو جلوس للسجدة، أو للتشهد وجب التدارك لعدم إحراز الدخول في الغير حينئذٍ.

[الشك في صحة ما أتي به]

(12 مسألة): لو شكّ في صحة ما أتي به وفساده لا في أصل الإتيان: فإن كان بعد الدخول في الغير فلا إشكال في عدم الالتفات، وإن كان قبله فالأقوي عدم الالتفات أيضاً وإن كان الأحوط الإتمام والاستيناف إن كان من الأفعال، والتدارك إن كان من القراءة، أو الأذكار ما عدا تكبيرة الإحرام .

(13 مسألة): إذا شكّ في فعل قبل دخوله في الغير فأتي به ثمّ تبيّن بعد ذلك أنّه كان آتياً به: فإن كان ركناً بطلت الصلاة، وإلا فلا، نعم يجب عليه سجدتا السهو للزيادة()، وإذا شكّ بعد الدخول في الغير فلم يلتفت ثمّ تبيّن عدم الإتيان به: فإن كان محلّ تدارك المنسي باقياً بأن لم يدخل في ركن بعده تداركه، وإلا فإن كان ركناً بطلت الصلاة، وإلا فلا ويجب عليه سجدتا السهو للنقيصة().

(14 مسألة): ذا شكّ في التسليم : فإن كان بعد الدخول في صلاة أخري، أو في التعقيب، أو بعد الإتيان بالمنافيات لم يلتفت، وإن كان قبل ذلك أتي به() .

(15 مسألة): إذا شكّ المأموم في أنه كبّر للإحرام أم لا: فإن كان بهيئة المصلِّي جماعة من الإنصات ووضع اليدين علي الفخذين ونحو ذلك لم يلتفت علي الأقوي، وإن

كان الأحوط الإتمام والإعادة.

(16 مسألة): إذا شكّ وهو في فعل: في أنه هل شكّ في بعض الأفعال المتقدّمة أم لا لم يلتفت، وكذا لو شكّ في أنه هل سها أم لا وقد جاز محلّ ذلك الشيء الذي شكّ في أنه سها عنه أو لا.

نعم لو شكّ في السهو وعدمه وهو في محلّ يتلافي فيه المشكوك فيه، أتي به علي الأصح .

(52- فصل: في الشكّ في الركعات)

[الشكوك الموجبة للبطلان]

(1 مسألة): الشكوك الموجبة لبطلان الصلاة ثمانية:

أحدها: الشكّ في الصلاة الثنائية كالصبح وصلاة السفر.

الثاني: الشكّ في الثلاثية كالمغرب.

الثالث: الشكّ بين الواحدة والأزيد.

الرابع: الشكّ بين الاثنتين والأزيد قبل إكمال السجدتين.

الخامس: الشكّ بين الاثنتين والخمس، أو الأزيد وإن كان بعد الإكمال().

السادس: الشكّ بين الثلاث والست، أو الأزيد.

السابع: الشكّ بين الأربع والست، أو الأزيد.

الثامن: الشكّ بين الركعات بحيث لم يدر كم صلَّي.

[الشكوك الصحيحة]

(2 مسألة): الشكوك الصحيحة تسعة في الرباعية:

أحدها: الشكّ بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين، فإنه يبني علي الثلاث ويأتي بالرابعة ويتم صلاته ثمّ يحتاط بركعة من قيام، أو ركعتين من جلوس، والأحوط: اختيار الركعة من قيام. وأحوط منه: الجمع بينهما بتقديم الركعة من قيام. وأحوط من ذلك: استيناف الصلاة مع ذلك. ويتحقق إكمال السجدتين بإتمام الذكر الواجب من السجدة الثانية علي الأقوي، وإن كان الأحوط إذا كان قبل رفع الرأس البناء ثمّ الإعادة، وكذا في كلّ مورد يعتبر إكمال السجدتين.

الثاني: الشكّ بين الثلاث والأربع في أيّ موضع كان، وحكمه كالأول إلا أن الأحوط هنا اختيار الركعتين من جلوس ومع الجمع تقديمهما علي الركعة من قيام.

الثالث: الشكّ بين الاثنتين والأربع بعد الإكمال، فإنه يبني علي الأربع ويتمّ صلاته ثمّ يحتاط بركعتين من قيام.

الرابع: الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد الإكمال، فإنه يبني علي الأربع ويتمّ صلاته، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس والأحوط تأخير الركعتين من جلوس.

الخامس: الشكّ بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين، فيبني علي الأربع ويتشهّد ويسلّم ثمّ يسجد سجدتي السهو.

السادس: الشكّ بين الأربع والخمس حال القيام، فإنه يهدم() ويجلس ويرجع شكّه إلي ما بين الثلاث والأربع فيتمّ صلاته ثمّ يحتاط بركعتين من جلوس، أو ركعة من قيام.

السابع: الشكّ بين الثلاث والخمس حال

القيام، فإنه يهدم القيام ويرجع شكّه إلي ما بين الاثنتين والأربع فيبني علي الأربع ويعمل عمله.

الثامن: الشكّ بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام، فيهدم القيام ويرجع شكّه إلي الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع فيتمّ صلاته ويعمل عمله.

التاسع: الشكّ بين الخمس والست حال القيام، فإنه يهدم القيام فيرجع شكّه إلي ما بين الأربع والخمس، فيتمّ ويسجد سجدتي السهو مرّتين إن() لم يشتغل بالقراءة، أو التسبيحات، وإلا فثلاث مرّات، وإن قال: «بحول الله» فأربع مرّات: مرّة للشك بين الأربع والخمس، وثلاث مرّات لكل من الزيادات من قوله «بحول الله» والقيام والقراءة، أو التسبيحات.

والأحوط في الأربعة المتأخّرة بعد البناء وعمل الشكّ إعادة الصلاة أيضاً، كما أن الأحوط في الشكّ بين الاثنتين والأربع والخمس والشكّ بين الثلاث والأربع والخمس العمل بموجب الشكّين ثمّ الاستئناف .

[مسائل في الشكوك الصحيحة]

(3 مسألة): الشكّ في الركعات ما عدا هذه الصور التسع موجب للبطلان كما عرفت لكن الأحوط فيما إذا كان الطرف الأقل صحيحاً والأكثر باطلاً: كالثلاث والخمس والأربع والست ونحو ذلك البناء علي الأقل والإتمام ثمّ الإعادة.

وفي مثل الشكّ بين الثلاث والأربع والست يجوز البناء علي الأكثر الصحيح وهو الأربع والإتمام وعمل الشكّ بين الثلاث والأربع ثمّ الإعادة، أو البناء علي الأقل وهو الثلاث ثمّ الإتمام ثمّ الإعادة.

(4 مسألة): لا يجوز العمل بحكم الشكّ من البطلان، أو البناء بمجرّد حدوثه ، بل لا بدّ من التروّي() والتأمّل حتي يحصل له ترجيح أحد الطرفين أو يستقرّ الشكّ، بل الأحوط في الشكوك غير الصحيحة التروّي إلي أن تنمحي صورة الصلاة، أو يحصل اليأس من العلم، أو الظنّ، وإن كان الأقوي جواز الإبطال بعد استقرار الشكّ.

(5 مسألة): المراد بالشكّ في الركعات تساوي الطرفين لا ما يشتمل الظنّ، فإنه في الركعات

بحكم اليقين سواء في الركعتين الأُوليين والأخيرتين .

(6 مسألة): في الشكوك المعتبر فيها إكمال السجدتين: كالشكّ بين الاثنتين والثلاث، والشكّ بين الاثنتين والأربع، والشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع، إذا شكّ مع ذلك في إتيان السجدتين، أو إحداهما وعدمه: إن كان ذلك حال الجلوس قبل الدخول في القيام، أو التشهّد بطلت الصلاة، لأنه محكوم بعدم الإتيان بهما أو بأحدهما فيكون قبل الإكمال، وإن كان بعد الدخول في القيام، أو التشهّد لم تبطل لأنه محكوم بالإتيان شرعاً فيكون بعد الإكمال. ولا فرق بين مقارنة حدوث الشكّين، أو تقدّم أحدهما علي الآخر، والأحوط الإتمام والإعادة خصوصا مع المقارنة، أو تقدّم الشكّ في الركعة.

(7 مسألة): في الشكّ بين الثلاث والأربع والشكّ بين الثلاث والأربع والخمس إذا علم حال القيام أنه ترك سجدة، أو سجدتين من الركعة السابقة بطلت الصلاة، لأنه يجب عليه هدم القيام لتدارك السجدة المنسيّة فيرجع شكّه إلي ما قبل الإكمال، ولا فرق بين أن يكون تذكّره للنسيان قبل البناء علي الأربع، أو بعده .

(8 مسألة): إذا شكّ بين الثلاث والأربع مثلاً فبني علي الأربع ثمّ بعد ذلك انقلب شكّه إلي الظنّ بالثلاث بني عليه، ولو ظنّ الثلاث ثمّ انقلب شكّاً عمل بمقتضي الشكّ، ولو انقلب شكّه إلي شكّ آخر عمل بالأخير: فلو شكّ وهو قائم بين الثلاث والأربع فبني علي الأربع فلما رفع رأسه من السجود شكّ بين الاثنتين والأربع عمل عمل الشكّ الثاني، وكذا العكس() فإنه يعمل بالأخير.

(9 مسألة): لو تردّد في أن الحاصل له ظنّ، أو شكّ كما يتّفق كثيراً لبعض الناس كان ذلك شكّاً، وكذا لو حصل له حالة في أثناء الصلاة وبعد أن دخل في فعل آخر لم يدر أنه كان شكّاً، أو ظنّاً

بني علي أنه كان شكّاً إن كان فعلاً شاكّاً، وبني علي أنه كان ظنّاً إن كان فعلاً ظاّناً.

مثلاً: لو علم أنه تردّد بين الاثنتين والثلاث وبني علي الثلاث، ولم يدر أنّه حصل له الظنّ بالثلاث فبني عليه، أو بني عليه من باب الشكّ، يبني علي الحالة الفعلية. وإن علم بعد الفراغ من الصلاة أنه طرأ له حالة تردّد بين الاثنتين والثلاث وأنه بني علي الثلاث وشكّ في أنه حصل له الظنّ به، أو كان من باب البناء في الشكّ، فالظاهر عدم وجوب صلاة الاحتياط عليه وإن كان أحوط.

(10 مسألة): لو شكّ في أن شكّه السابق كان موجباً للبطلان أو للبناء بني علي الثاني. مثلاً: لو علم أنه شكّ سابقاً بين الاثنتين والثلاث وبعد أن دخل في فعل آخر، أو ركعة أخري شكّ في أنه كان قبل إكمال السجدتين حتي يكون باطلاً، أو بعده حتي يكون صحيحاً، بني علي أنه كان بعد الإكمال، وكذا إذا كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة.

(11 مسألة): لو شكّ بعد الفراغ من الصلاة إن شكّه هل كان موجباً للركعة: بأن كان بين الثلاث والأربع مثلاً أو موجباً للركعتين: بأن كان بين الاثنتين والأربع؟ فالأحوط الإتيان بهما ثمّ إعادة الصلاة().

(12 مسألة): لو علم بعد الفراغ من الصلاة أنه طرأ له الشكّ في الأثناء لكن لم يدر كيفيّته من رأس: فإن انحصر في الوجوه الصحيحة أتي بموجب الجميع، وهو: ركعتان من قيام وركعتان من جلوس وسجود السهو ثمّ الإعادة()، وإن لم ينحصر في الصحيح، بل احتمل بعض الوجوه الباطلة استأنف الصلاة لأنه لم يدر كم صلَّي .

(13 مسألة): إذا علم في أثناء الصلاة أنه طرأ له حالة تردّد بين الاثنتين والثلاث مثلاً وشّك في

أنه هل حصل له الظنّ بالاثنتين فبني علي الاثنتين، أو لم يحصل له الظنّ فبني علي الثلاث، يرجع إلي حالته الفعليّة فإن دخل في الركعة الأخري يكون فعلاً شاكّاً بين الثلاث والأربع وإن لم يدخل فيها يكون شاكّاً بين الاثنتين والثلاث .

[وظيفة الجاهل أو الناسي لحكم الشك]

(14 مسألة): إذا عرض له أحد الشكوك ولم يعلم حكمه من جهة الجهل بالمسألة، أو نسيانها: فإن ترجّح له أحد الاحتمالين عمل عليه، وإن لم يترجّح أخذ بأحد الاحتمالين مخيراً، ثمّ بعد الفراغ رجع إلي المجتهد فإن كان موافقاً فهو وإلا أعاد الصلاة، والأحوط الإعادة في صورة الموافقة أيضاً.

(15 مسألة): لو انقلب شكّه بعد الفراغ من الصلاة إلي شكّ آخر فالأقوي عدم وجوب شيء عليه، لأن الشكّ الأول قد زال والشكّ الثاني بعد الصلاة فلا يلتفت إليه، سواء كان ذلك قبل الشروع في صلاة الاحتياط، أو في أثنائها، أو بعد الفراغ منها، لكن الأحوط عمل الشكّ الثاني ثمّ إعادة الصلاة.

لكن هذا إذا لم ينقلب إلي ما يعلم معه بالنقيصة، كما إذا شكّ بين الاثنتين والأربع ثمّ بعد الصلاة انقلب إلي الثلاث والأربع، أو شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع مثلاً ثمّ انقلب إلي الثلاث والأربع، أو عكس الصورتين. وأما إذا شكّ بين الاثنتين والأربع مثلاً ثمّ بعد الصلاة انقلب إلي الاثنتين والثلاث فاللازم أن يعمل عمل الشكّ المنقلب إليه الحاصل بعد الصلاة، لتبيّن كونه في الصلاة وكون السلام في غير محلّه، ففي الصورة المفروضة يبني علي الثلاث ويتمّ ويحتاط بركعة من قيام، أو ركعتين من جلوس ويسجد سجدتي السهو للسلام في غير محلّه، والأحوط مع ذلك إعادة الصلاة.

(16 مسألة): إذا شكّ بين الثلاث والأربع، أو بين الاثنتين والأربع ثمّ بعد الفراغ انقلب شكّه إلي الثلاث

والخمس والاثنتين والخمس، وجب عليه الإعادة للعلم الإجمالي إما بالنقصان، أو بالزيادة.

(17 مسألة): إذا شكّ بين الاثنتين والثلاث فبني علي الثلاث ثمّ شكّ بين الثلاث البنائي والأربع، فهل يجري عليه حكم الشكّين، أو حكم الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع؟ وجهان: أقواهما الثاني .

(18 مسألة): إذا شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع ثمّ ظنّ عدم الأربع، يجري عليه حكم الشكّ بين الاثنتين والثلاث. ولو ظنّ عدم الاثنتين، يجري عليه حكم الشكّ بين الثلاث والأربع، ولو ظنّ عدم الثلاث، يجري عليه حكم الشكّ بين الاثنتين والأربع .

(19 مسألة): إذا شكّ بين الاثنتين والثلاث فبني علي الثلاث وأتي بالرابعة فتيقّن عدم الثلاث وشكّ بين الواحدة والاثنتين بالنسبة إلي ما سبق، يرجع شكّه بالنسبة إلي حاله الفعليَّ بين الاثنتين والثلاث فيجري حكمه .

[الشكوك الصحيحة والمصلّي جالساً]

(20 مسألة): إذا عرض أحد الشكوك الصحيحة للمصلِّي جالساً من جهة العجز عن القيام، فهل الحكم كما في الصلاة قائماً فيتخيّر في موضع التخيير بين ركعة قائماً وركعتين جالساً بين ركعة جالساً بدلاً عن الركعة قائماً، أو ركعتين جالساً من حيث إنه أحد الفردين المخيّر بينهما، أو يتعيّن() هنا اختيار الركعتين جالساً، أو يتعين تتميم ما نقص: ففي الفرض المذكور يتعيّن ركعة جالساً، وفي الشكّ بين الاثنتين والأربع يتعيّن ركعتان جالساً، وفي الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع يتعيّن ركعة جالساً وركعتان جالساً؟ وجوه: أقواها الأول.

ففي الشكّ بين الاثنتين والثلاث يتخيّر بين ركعة جالساً أو ركعتين جالساً، وكذا في الشكّ بين الثلاث والأربع. وفي الشكّ بين الاثنتين والأربع يتعيّن ركعتان جالساً بدلاً عن ركعتين قائماً، وفي الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع يتعيّن ركعتان جالساً بدلاً عن ركعتين قائماً وركعتان أيضاً جالساً من حيث كونهما أحد الفردين.

وكذا الحال لو صلّي قائماً ثمّ

حصل العجز عن القيام في صلاة الاحتياط، وأما لو صلّي جالساً ثمّ تمكّن من القيام حال صلاة الاحتياط فيعمل كما كان يعمل في الصلاة قائماً، والأحوط في جميع الصور المذكورة إعادة الصلاة بعد العمل المذكور.

[حكم قطع الصلاة في الشكوك الصحيحة]

(21 مسألة): لا يجوز()في الشكوك الصحيحة قطع الصلاة واستينافها، بل يجب العمل علي التفصيل المذكور والإتيان بصلاة الاحتياط، كما لا يجوز ترك صلاة الاحتياط بعد إتمام الصلاة والاكتفاء بالاستينانف، بل لو استأنف قبل الإتيان بالمنافي في الأثناء بطلت الصلاتان، نعم لو أتي بالمنافي في الأثناء صحّت الصلاة المستأنفة وإن كان آثما في الإبطال، ولو استأنف بعد التمام قبل أن يأتي بصلاة الاحتياط لم يكف() وإن أتي بالمنافي أيضاً، وحينئذٍ فعليه الإتيان بصلاة الاحتياط أيضاً ولو بعد حين .

(22 مسألة): في الشكوك الباطلة إذا غفل عن شكّه وأتمّ الصلاة ثمّ تبيّن له الموافقة للواقع، ففي الصحة وجهان() .

(23 مسألة): إذا شكّ بين الواحدة والاثنتين مثلاً وهو في حال القيام، أو الركوع، أو في السجدة الأولي مثلاً وعلم أنه إذا انتقل إلي الحالة الأخري من ركوع، أو سجود، أو رفع الرأس من السجدة يتبيّن له الحال، فالظاهر الصحة وجواز البقاء علي الاشتغال إلي أن يتبيّن الحال .

(24 مسألة): قد مرّ سابقاً أنه إذا عرض له الشكّ يجب عليه التروّي() حتيّ يستقرّ، أو يحصل له ترجيح أحد الطرفين، لكن الظاهر أنه إذا كان في السجدة مثلاً وعلم أنه إذا رفع رأسه لا يفوت عنه الأمارات الدالة علي أحد الطرفين، جاز له التأخير إلي رفع الرأس، بل وكذا إذا كان في السجدة الأولي مثلاً يجوز له التأخير إلي رفع الرأس من السجدة الثانية وإن كان الشكّ بين الواحدة والاثنتين ونحوه من الشكوك الباطلة، نعم لو كان بحيث

لو أخّر التروّي يفوت عنه الأمارات يشكل جوازه() خصوصاً في الشكوك الباطلة.

(25 مسألة): لو كان المسافر في أحد مواطن التخيير فنوي بصلاته القصر وشكّ في الركعات، بطلت وليس له العدول() إلي التمام والبناء علي الأكثر. مثلاً: إذا كان بعد إتمام السجدتين وشكّ بين الاثنتين والثلاث لا يجوز له العدول إلي التمام والبناء علي الثلاث علي الأقوي، نعم لو عدل إلي التمام ثمّ شكّ صحّ البناء.

(26 مسألة): لو شكّ أحد الشكوك الصحيحة فبني علي ما هو وظيفته وأتمّ الصلاة ثمّ مات قبل الإتيان بصلاة الاحتياط، فالظاهر(): وجوب قضاء أصل الصلاة عنه، لكن الأحوط قضاء صلاة الاحتياط أوّلاً ثمّ قضاء أصل الصلاة، بل لا يترك هذا الاحتياط.

نعم إذا مات قبل قضاء الأجزاء المنسية التي يجب قضاؤها: كالتشهد والسجدة الواحدة، فالظاهر(): كفاية قضائها وعدم وجوب قضاء أصل الصلاة وإن كان أحوط. وكذا إذا مات قبل الإتيان بسجدة السهو الواجبة عليه، فإنه يجب قضاؤها دون أصل الصلاة.

(53- فصل: في كيفية صلاة الاحتياط)

(53- فصل: في كيفية صلاة الاحتياط)

(وجملة من أحكامها مضافاً إلي ما تقدّم في المسائل السابقة)

(1 مسألة): يعتبر في صلاة الاحتياط جميع ما يعتبر في سائر الصلوات من الشرائط، وبعد إحرازها ينوي ويكبّر للإحرام ويقرأ فاتحة الكتاب ويركع ويسجد سجدتين ويتشهّد ويسلّم، وإن كانت ركعتين فيتشهّد ويسلّم بعد الركعة الثانية.

وليس فيها أذان ولا إقامة ولا سورة ولا قنوت، ويجب فيها الإخفات في القراءة وإن كانت الصلاة جهريّة حتيّ في البسملة علي الأحوط، وإن كان الأقوي: جواز الجهر بها، بل استحبابه .

(2 مسألة): حيث إن هذه الصلاة مردّدة بين كونها نافلة، أو جزء، أو بمنزلة الجزء فيراعي فيها جهة الاستقلال والجزئيّة: فبملاحظة جهة الاستقلال يعتبر فيها النيّة وتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة دون التسبيحات الأربعة، وبلحاظ جهة الجزئيّة يجب المبادرة إليها

بعد الفراغ من الصلاة وعدم الإتيان بالمنافيات بينها وبين الصلاة، ولو أتي ببعض المنافيات فالأحوط إتيانها ثمّ إعادة الصلاة().

ولو تكلّم سهواً فالأحوط الإتيان بسجدتي السهو، والأحوط ترك الاقتداء فيها ولو بصلاة احتياط خصوصاً مع اختلاف سبب احتياط الإمام والمأموم، وإن كان لا يبعد جواز الاقتداء مع اتحاد السبب وكون المأموم مقتدياً بذلك الإمام في أصل الصلاة.

(3 مسألة): إذا أتي بالمنافي قبل صلاة الاحتياط ثمّ تبيّن له تماميّة الصلاة، لا يجب إعادتها.

(4 مسألة): إذا تبيّن قبل صلاة الاحتياط تماميّة الصلاة، لا يجب الإتيان بالاحتياط.

(5 مسألة): إذا تبيّن بعد الإتيان بصلاة الاحتياط تماميّة الصلاة تُحسب صلاة الاحتياط نافلة، وإن تبيّن التماميّة في أثناء صلاة الاحتياط جاز قطعها، ويجوز إتمامها نافلة، وإن كانت ركعة واحدة ضمّ إليها ركعة أخري .

(6 مسألة): إذا تبيّن بعد إتمام الصلاة قبل الاحتياط، أو بعدها، أو في أثنائها زيادة ركعة، كما إذا شكّ بين الثلاث والأربع والخمس فبني علي الأربع ثمّ تبيّن كونها خمساً يجب إعادتها مطلقاً.

(7 مسألة): إذا تبيّن بعد صلاة الاحتياط نقصان الصلاة، فالظاهر عدم وجوب إعادتها وكون صلاة الاحتياط جابرة. مثلاً: إذا شكّ بين الثلاث والأربع فبني علي الأربع، ثمّ بعد صلاة الاحتياط تبيّن كونها ثلاثاً صحّت وكانت الركعة عن قيام، أو الركعتان من جلوس عوضاً عن الركعة الناقصة.

(8 مسألة): لو تبيّن بعد صلاة الاحتياط نقص الصلاة أزيد ممّا كان محتملاً كما إذا شكّ بين الثلاث والأربع فبني علي الأربع وصلَّي صلاة الاحتياط فتبيّن كونها ركعتين وأن الناقص ركعتان، فالظاهر عدم كفاية صلاة الاحتياط، بل يجب عليه إعادة الصلاة().

وكذا لو تبيّنت الزيادة عمّا كان محتملاً، كما إذا شكّ بين الاثنتين والأربع فبني علي الأربع وأتي بركعتين للاحتياط فتبيّن كون صلاته ثلاث

ركعات.

والحاصل: أن صلاة الاحتياط إنما تكون جابرة للنقص الذي كان أحد طرفي شكّه، وأما إذا تبيّن كون الواقع بخلاف كلّ من طرفي شكّه فلا تكون جابرة.

(9 مسألة): إذا تبيّن قبل الشروع في صلاة الاحتياط نقصان صلاته لا تكفي صلاة الاحتياط، بل اللازم حينئذٍ إتمام ما نقص وسجدتا السهو للسلام في غير محلّه إذا لم يأت بالمنافي، وإلا فاللازم إعادة الصلاة، فحكمه حكم من نقص من صلاته ركعة، أو ركعتين علي ما مرّ سابقاً.

(10 مسألة): إذا تبيّن نقصان الصلاة في أثناء صلاة الاحتياط:

فإما أن يكون ما بيده من صلاة الاحتياط موافقاً لما نقص من الصلاة في الكمّ والكيف، كما في الشكّ بين الثلاث والأربع إذا اشتغل بركعة قائماً وتذكّر في أثنائها كون صلاته ثلاثاً.

وإما أن يكون مخالفاً له في الكمّ والكيف، كما إذا اشتغل في الفرض المذكور بركعتين جالسا فتذكّر كونها ثلاثاً.

وإما أن يكون موافقاً له في الكيف دون الكمّ، كما في الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع إذا تذكّر كون صلاته ثلاثاً في أثناء الاشتغال بركعتين قائماً.

وإما أن يكون بالعكس، كما إذا اشتغل في الشكّ المفروض بركعتين جالساً بناء علي جواز تقديمهما وتذكّر كون صلاته ركعتين.

فيحتمل إلغاء صلاة الاحتياط في جميع الصور والرجوع إلي حكم تذكّر نقص الركعة، ويحتمل الاكتفاء بإتمام صلاة الاحتياط في جميعها، ويحتمل وجوب إعادة الصلاة في الجميع، ويحتمل التفصيل بين الصور المذكورة()، والمسألة محلّ إشكال. فالأحوط: الجمع بين المذكورات بإتمام ما نقص ثمّ الإتيان بصلاة الاحتياط ثمّ إعادة الصلاة.

نعم إذا تذكّر النقص بين صلاتي الاحتياط في صورة تعدّدها مع فرض كون ما أتي به موافقاً لما نقص في الكمّ والكيف لا يبعد الاكتفاء به، كما إذا شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع وبعد

الإتيان بركعتين قائماً تبيّن كون صلاته ركعتين .

[صلاة الاحتياط والشك فيها]

(11 مسألة): لو شكّ في إتيان صلاة الاحتياط بعد العلم بوجوبها عليه: فإن كان بعد الوقت لا يلتفت إليه ويبني علي الإتيان، وإن كان جالساً في مكان الصلاة ولم يأت بالمنافي ولم يدخل في فعل آخر بني علي عدم الإتيان، وإن دخل في فعل آخر، أو أتي بالمنافي، أو حصل الفصل الطويل مع بقاء الوقت فللبناء علي الإتيان بها وجه()، والأحوط البناء علي العدم والإتيان بها ثمّ إعادة الصلاة.

(12 مسألة): لو زاد فيها ركعة، أو ركناً ولو سهواً بطلت، ووجب عليه إعادتها ثمّ إعادة الصلاة().

(13 مسألة): لو شكّ في فعل من أفعالها: فإن كان في محلّه أتي به، وإن دخل في فعل مرتّب بعده بني علي أنه أتي به كأصل الصلاة.

(14 مسألة): لو شكّ() في أنه هل شكّ شكّاً يوجب صلاة الاحتياط أم لا؟ بني علي عدمه .

(15 مسألة): لو شكّ في عدد ركعاتها: فهل يبني علي الأكثر() إلاّ أن يكون مبطلاً فيبني علي الأقلّ، أو يبني علي الأقلّ مطلقاً؟ وجهان، والأحوط البناء علي أحد الوجهين ثمّ إعادتها ثمّ إعادة أصل الصلاة.

(16 مسألة): لو زاد فيها فعلاً من غير الأركان، أو نقص: فهل عليه سجدتا السهو، أو لا؟ وجهان()، والأحوط الإتيان بهما.

(17 مسألة): لو شكّ في شرط، أو جزء منها بعد السلام لم يلتفت .

(18 مسألة): إذا نسيها وشرع في نافلة، أو قضاء فريضة، أو نحو ذلك فتذكّر في أثنائها، قطعها وأتي بها ثمّ أعاد() الصلاة علي الأحوط، وأما إذا شرع في صلاة فريضة مرتّبة علي الصلاة التي شكّ فيها، كما إذا شرع في العصر فتذكّر أن عليه صلاة الاحتياط للظهر: فإن جاز عن محلّ العدول قطعها كما إذا دخل

في ركوع الثانية مع كون احتياطه ركعة، أو ركوع الثالثة مع كونها ركعتين، وإن لم يجز عن محلّ العدول فيحتمل العدول إليها()، لكن الأحوط القطع والإتيان بها ثمّ إعادة الصلاة.

(19 مسألة): إذا نسي سجدة واحدة، أو تشهداً فيها، قضاهما بعدها علي الأحوط.

(54- فصل: في حكم قضاء الأجزاء المنسية)

(54- فصل: في حكم قضاء الأجزاء المنسية)

(1 مسألة): قد عرفت سابقاً: أنه إذا ترك سجدة واحدة ولم يتذكّر إلا بعد الوصول إلي حدّ الركوع يجب قضاؤها بعد الصلاة، بل وكذا إذا نسي السجدة الواحدة من الركعة الأخيرة ولم يتذكّر إلا بعد السلام علي الأقوي، وكذا إذا نسي التشهّد، أو أبعاضها ولم يتذكّر إلا بعد الدخول في الركوع، بل، أو التشهّد الأخير ولم يتذكّر إلا بعد السلام علي الأقوي ، ويجب مضافاً إلي القضاء سجدتا السهو أيضاً لنسيان كلّ من السجدة والتشهّد.

(2 مسألة): يشترط فيهما جميع ما يشترط في سجود الصلاة وتشهّدها من: الطهارة والاستقبال وستر العورة ونحوها وكذا الذكر والشهادتان والصلاة علي محمّد وآل محمّد، ولو نسي بعض أجزاء التشهّد وجب قضاؤه فقط، نعم لو نسي الصلاة علي آل محمّد فالأحوط إعادة الصلاة علي محمّد بأن يقول: «اللهم صلّ علي محمّد وآل محمّد» ولا يقتصر علي قوله: «وآل محمّد» وإن كان هو المنسي فقط.

ويجب فيهما نيّة البدليّة عن المنسي، ولا يجوز() الفصل بينهما وبين الصلاة بالمنافي كالأجزاء في الصلاة، أما الدعاء والذكر والفعل القليل ونحو ذلك ممّا كان جائزاً في أثناء الصلاة فالأقوي جوازه، والأحوط تركه. ويجب المبادرة إليهما بعد السلام، ولا يجوز تأخيرهما() عن التعقيب ونحوه .

(3 مسألة): لو فصل بينهما وبين الصلاة بالمنافي عمداً وسهواً كالحدث والاستدبار، فالأحوط استيناف الصلاة بعد إتيانهما وإن كان الأقوي جواز الاكتفاء بإتيانهما، وكذا لو تخلّل ما ينافي عمداً لا سهواً إذا كان عمداً،

أما إذا وقع سهواً فلا بأس .

(4 مسألة): لو أتي بما يوجب سجود السهو قبل الإتيان بهما، أو في أثنائهما، فالأحوط() فعله بعدهما.

(5 مسألة): إذا نسي الذكر، أو غيره ممّا يجب ما عدا وضع الجبهة في سجود الصلاة، لا يجب قضاؤه .

(6 مسألة): إذا نسي بعض أجزاء التشهّد القضائي وأمكن تداركه فعله ، وأما إذا لم يمكن كما إذا تذكّره بعد تخلّل المنافي عمداً وسهواً فالأحوط إعادته ثمّ إعادة الصلاة، وإن كان الأقوي كفاية إعادته .

(7 مسألة): لو تعدّد نسيان السجدة، أو التشهّد أتي بهما واحدة بعد واحدة، ولا يشترط التعيين علي الأقوي وإن كان الأحوط ملاحظة الترتيب معه .

(8 مسألة): لو كان عليه قضاء سجدة وقضاء تشهد، فالأحوط() تقديم السابق منهما في الفوات علي اللاحق، ولو قدّم أحدهما بتخيّل أنه السابق فظهر كونه لاحقاً فالأحوط الإعادة علي ما يحصل معه الترتيب، ولا يجب إعادة الصلاة معه وإن كان أحوط.

[الشك في الأجزاء المنسية]

(9 مسألة): لو كان عليه قضاؤهما وشك في السابق واللاحق احتاط() بالتكرار، فيأتي بما قدّمه مؤخراً أيضاً، ولا يجب معه إعادة الصلاة وإن كان أحوط، وكذا الحال لو علم نسيان أحدهما ولم يعلم المعيَّن منهما.

(10 مسألة): إذا شكّ في أنه نسي أحدهما أم لا، لم يلتفت ولا شيء عليه، أما إذا علم أنه نسي أحدهما وشكّ في أنه هل تذكّر قبل الدخول في الركوع، أو قبل السلام وتداركه أم لا؟ فالأحوط القضاء.

(11 مسألة): لو كان عليه صلاة الاحتياط وقضاء السجدة، أو التشهّد، فالأحوط تقديم الاحتياط وإن كان فوتهما مقدّماً علي موجبه، لكن الأقوي التخيير، وأما مع سجود السهو فالأقوي تأخيره عن قضائهما، كما يجب تأخيره عن الاحتياط أيضاً.

(12 مسألة): إذا سها عن الذكر، أو بعض ما يعتبر فيها ما عدا

وضع الجبهة في سجدة القضاء، فالظاهر: عدم وجوب إعادتها وإن كان أحوط.

(13 مسألة): لا يجب الإتيان بالسلام في التشهّد القضائي وإن كان الأحوط في نسيان التشهّد الأخير إتيانه بقصد القربة من غير نيّة الأداء والقضاء مع الإتيان بالسلام بعده، كما أنّ الأحوط() في نسيان السجدة من الركعة الأخيرة أيضاً الإتيان بها بقصد القربة مع الإتيان بالتشهد والتسليم لاحتمال كون السلام في غير محلّه ووجوب تداركهما بعنوان الجزئيّة للصلاة، وحينئذٍ فالأحوط() سجود السهو أيضاً في الصورتين لأجل السلام في غير محلّه .

(14 مسألة): لا فرق في وجوب قضاء السجدة وكفايته عن إعادة الصلاة بين: كونها من الركعتين الأُوليين والأخيرتين، لكن الأحوط إذا كانت من الأُوّليين إعادة الصلاة أيضاً، كما أن في نسيان سائر الأجزاء الواجبة منهما أيضاً الأحوط استحباباً بعد إتمام الصلاة إعادتها وإن لم يكن ذلك الجزء من الأركان، لاحتمال اختصاص اغتفار السهو عن ما عدا الأركان بالركعتين الأخيرتين كما هو مذهب بعض العلماء وإن كان الأقوي كما عرفت عدم الفرق .

(15 مسألة): لو اعتقد نسيان السجدة، أو التشهّد مع فوت محلّ تداركهما ثمّ بعد الفراغ من الصلاة انقلب اعتقاده شكّاً، فالظاهر: عدم وجوب القضاء.

(16 مسألة): لو كان عليه قضاء أحدهما وشكّ في إتيانه وعدمه، وجب عليه الإتيان به ما دام في وقت الصلاة، بل الأحوط استحباباً ذلك بعد خروج الوقت أيضاً.

(17 مسألة): لو شكّ في أن الفائت منه سجدة واحدة، أو سجدتان من ركعتين، بني علي الاتّحاد.

(18 مسألة): لو شكّ في أن الفائت منه سجدة، أو غيرها من الأجزاء الواجبة التي لا يجب قضاؤها وليست ركناً أيضاً، لم يجب عليه القضاء، بل يكفيه سجود السهو().

(19 مسألة): لو نسي قضاء السجدة، أو التشهّد وتذكّر بعد الدخول في

نافلة، جاز له قطعها والإتيان به ، بل هو الأحوط()، بل وكذا لو دخل في فريضة().

(20 مسألة): لو كان عليه قضاء أحدهما في صلاة الظهر وضاق وقت العصر: فإن أدرك منها ركعة وجب() تقديمهما، وإلاّ وجب تقديم العصر ويقضي الجزء بعدها، ولا يجب عليه إعادة الصلاة وإن كان أحوط. وكذا الحال لو كان عليه صلاة الاحتياط للظهر وضاق وقت العصر، لكن مع تقديم العصر يحتاط() بإعادة الظهر أيضاً بعد الإتيان باحتياطها.

(55- فصل: في موجبات سجود السهو وكيفيته وأحكامه )

(55- فصل: في موجبات سجود السهو وكيفيته وأحكامه )

(1 مسألة): يجب سجود السهو لأمور:

[الأمر الأول: الكلام سهواً]

الأول: الكلام سهواً بغير قرآن ودعاء وذكر، ويتحقّق بحرفين، أو بحرف واحد مفهم في أيّ لغة كان، ولو تكلّم جاهلاً بكونه كلاماً، بل بتخيّل أنه قرآن، أو ذكر، أو دعاء لم يوجب سجدة السهو لأنّه ليس بسهو، ولو تكلّم عامداً بزعم أنه خارج عن الصلاة يكون موجباً لأنه باعتبار السهو عن كونه في الصلاة يعدّ سهواً، وأما سبق اللسان فلا يعدّ سهواً، وأما الحرف الخارج من التنحنح والتأوّه والأنين الذي عمده لا يضرّ فسهوه أيضاً لا يوجب السجود.

[الأمر الثاني: السلام سهواً]

الثاني: السلام في غير موقعه ساهياً، سواء كان بقصد الخروج كما إذا سلّم بتخيّل تماميّة صلاته أو لا بقصده، والمدار علي إحدي الصيغتين الأخيرتين، وأما «السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته» فلا يوجب شيئاً من حيث إنه سلام()، نعم يوجبه من حيث إنه زيادة سهويّة، كما أن بعض إحدي الصيغتين كذلك، وإن كان يمكن دعوي إيجاب لفظ «السلام» للصدق، بل قيل: إن حرفين منه موجب، لكنّه مشكل إلا من حيث الزيادة.

[الأمر الثالث: نسيان سجدة واحدة]

الثالث: نسيان السجدة الواحدة إذا فات محلّ تداركها، كما إذا لم يتذكّر إلا بعد الركوع، أو بعد السلام، وأمّا نسيان الذكر فيها، أو بعض واجباتها الأخري ما عدا وضع الجبهة، فلا يوجب إلا من حيث وجوبه لكل نقيصة.

[الأمر الرابع: نسيان التشهّد]

الرابع: نسيان التشهّد مع فوت محلّ تداركه، والظاهر أن نسيان بعض أجزائه أيضاً كذلك()، كما أنه موجب للقضاء أيضاً كما مرّ.

[الأمر الخامس: الشك بين الأربع والخمس]

الخامس: الشكّ بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين كما مرّ سابقاً.

[الأمر السادس: كل زيادة ونقيصة]

السادس: للقيام في موضع القعود، أو العكس ()، بل لكل زيادة ونقيصة لم يذكرها في محلّ التدارك.

وأمّا النقيصة مع التدارك فلا توجب.

والزيادة أعم من أن تكون من الأجزاء الواجبة، أو المستحبّة: كما إذا قنت في الركعة الأولي مثلاً أو في غير محلّه من الثانية، ومثل قوله: «بحول الله» في غير محلّه، لا مثل التكبير، أو التسبيح إلا إذا صدق عليه الزيادة: كما إذا كبّر بقصد تكبير الركوع في غير محلّه، فإن الظاهر صدق الزيادة عليه()، كما أن قوله: «سمع الله لمن حمده» كذلك.

والحاصل: أن المدار علي صدق الزيادة.

وأما نقيصة المستحبات فلا توجب حتي مثل القنوت وإن كان الأحوط عدم الترك في مثله إذا كان من عادته الإتيان به دائماً، والأحوط() عدم تركه في الشكّ في الزيادة، أو النقيصة.

[مسائل في سجدتي السهو]

(2 مسألة): يجب تكرّره بتكرّر الموجب، سواء كان من نوع واحد، أو أنواع، والكلام الواحد موجب واحد وإن طال، نعم إن تذكّر ثمّ عاد تكرّر، والصيغ الثلاث للسلام موجب واحد وإن كان الأحوط التعدّد، ونقصان التسبيحات الأربع موجب واحد، بل وكذلك زيادتها وإن أتي بها ثلاث مرّات .

(3 مسألة): إذا سها عن سجدة واحدة من الركعة الأولي مثلاً وقام وقرأ الحمد والسورة وقنت وكبّر للركوع فتذكّر قبل أن يدخل في الركوع، وجب العود للتدارك وعليه سجود السهو ستّ مرّات(): مرّة لقوله: «بحول الله» ومرّة للقيام، ومرّة للحمد، ومرّة للسورة، ومرّة للقنوت، ومرّة لتكبير الركوع، وهكذا يتكرّر خمس مرّات: لو ترك التشهّد، وقام، وأتي بالتسبيحات، والاستغفار بعدها، وكبّر للركوع، فتذكّر.

(4 مسألة): لا يجب فيه تعيين السبب ولو مع التعدّد، كما أنّه لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه علي الأقوي، أمّا بينه وبين الأجزاء المنسيّة والركعات الاحتياطيّة فهو مؤخّر عنها كما

مرّ.

(5 مسألة): لو سجد للكلام فبان أن الموجب غيره : فإن كان علي وجه التقييد وجبت الإعادة، وإن كان من باب الاشتباه في التطبيق أجزأ.

(6 مسألة): يجب الإتيان به فوراً، فإن أخّر عمداً عصي ولم يسقط، بل وجبت المبادرة إليه وهكذا، ولو نسيه أتي به إذا تذكّر وإن مضت أيام ولا يجب إعادة الصلاة، بل لو تركه أصلاً لم تبطل علي الأقوي .

[كيفيّة سجدتي السهو]

(7 مسألة): كيفيّته: أن ينوي ويضع جبهته علي الأرض، أو غيرها ممّا يصح السجود عليه ، ويقول: «بسم الله وبالله وصلَّي الله علي محمّد وآله».

أو يقول: «بسم الله وبالله اللهم صلِّ علي محمّد وآل محمّد».

أو يقول: «بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته».

ثمّ يرفع رأسه ويسجد مرّة أخري ويقول ما ذكر ويتشهّد ويسلّم، ويكفي في تسليمه: «السلام عليكم».

وأما التشهّد: فمخيّر بين التشهّد المتعارف، والتشهّد الخفيف، وهو قوله: «أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمّداً رسول الله اللهم صلِّ علي محمّد وآل محمّد» والأحوط() الاقتصار علي الخفيف، كما أنّ في تشهد الصلاة أيضاً مخيّر بين القسمين، لكن الأحوط هناك التشهّد المتعارف كما مرّ سابقاً.

ولا يجب التكبير للسجود وإن كان أحوط، كما أن الأحوط مراعاة جميع ما يعتبر في سجود الصلاة فيه: من الطهارة من الحدث والخبث والستر والاستقبال وغيرها من الشرائط والموانع التي للصلاة، كالكلام والضحك في الأثناء وغيرهما، فضلاً عما يجب في خصوص السجود: من الطمأنينة ووضع سائر المساجد ووضع الجبهة علي ما يصح السجود عليه والانتصاب مطمئناً بينهما، وإن كان في وجوب ما عدا ما يتوقّف عليه اسم السجود وتعدّده نظر().

[سجدتا السهو ومسائل الشك]

(8 مسألة): لو شكّ في تحقق موجبه وعدمه لم يجب عليه ، نعم لو شكّ في الزيادة، أو النقيصة فالأحوط إتيانه كما مرّ.

(9 مسألة): لو شكّ في إتيانه بعد العلم بوجوبه وجب وإن طالت المدّة، نعم لا يبعد البناء علي إتيانه بعد خروج وقت الصلاة وإن كان الأحوط عدم تركه خارج الوقت أيضا.

(10 مسألة): لو اعتقد وجود الموجب ثمّ بعد السلام شكّ فيه، لم يجب عليه .

(11 مسألة): لو علم بوجود الموجب وشك في الأقل والأكثر، بني علي الأقل .

(12 مسألة): لو

علم نسيان جزء وشكّ بعد السلام في أنه هل تذكّر قبل فوت محلّه وتداركه أم لا؟ فالأحوط إتيانه ().

(13 مسألة): إذا شكّ في فعل من أفعاله: فإن كان في محلّه أتي به، وإن تجاوز لم يلتفت .

(14 مسألة): إذا شكّ في أنه سجد سجدتين، أو سجدة واحدة، بني علي الأقل إلا إذا دخل في التشهّد، وكذا إذا شكّ في أنه سجد سجدتين، أو ثلاث سجدات، وأما إن علم بأنه زاد سجدة وجب عليه الإعادة، كما أنه إذا علم نقص واحدة أعاد، ولو نسي ذكر السجود وتذكّر بعد الرفع لا يبعد عدم وجوب الإعادة وإن كان أحوط.

(56- فصل: في الشكوك التي لا اعتبار بها ولا يلتفت إليها)

(56- فصل: في الشكوك التي لا اعتبار بها ولا يلتفت إليها)

وهي في مواضع:

[الموضع الأول]

الأول: الشكّ بعد تجاوز المحلّ وقد مرّ تفصيله .

[الموضع الثاني]

الثاني: الشكّ بعد الوقت، سواء كان في الشروط، أو الأفعال، أو الركعات، أو في أصل الإتيان، وقد مرّ الكلام فيه أيضاً.

[الموضع الثالث]

الثالث: الشكّ بعد السلام الواجب، وهو: إحدي الصيغتين الأخيرتين، سواء كان في الشرائط، أو الأفعال، أو الركعات، في الرباعية، أو غيرها، بشرط أن يكون أحد طرفي الشكّ الصحة: فلو شكّ في أنه صلّي ثلاثاً، أو أربعاً، أو خمساً بني علي أنه صلّي أربعاً، وأما لو شكّ بين الاثنتين والخمس والثلاث والخمس بطلت، لأنها إما ناقصة ركعة، أو زائدة.

نعم لو شكّ في المغرب بين الثلاث والخمس أو في الصبح بين الاثنتين والخمس، يبني علي الثلاث في الأولي والاثنتين في الثانية. ولو شكّ بعد السلام في الرباعيّة بين الاثنتين والثلاث بني علي الثلاث، ولا يسقط عنه صلاة الاحتياط لأنه بعد في الأثناء حيث إن السلام وقع في غير محلّه، فلا يتوهّم أنه يبني علي الثلاث ويأتي بالرابعة من غير أن يأتي بصلاة الاحتياط لأنه مقتضي عدم الاعتبار بالشكّ بعد السلام .

[الموضع الرابع]

الرابع:

شكّ كثير الشكّ وإن لم يصل إلي حدّ الوسواس، سواء كان في الركعات، أو الأفعال، أو الشرائط، فيبني علي وقوع ما شكّ فيه وإن كان في محلّه، إلا إذا كان مفسداً فيبني علي عدم وقوعه: فلو شكّ بين الثلاث والأربع يبني علي الأربع، ولو شكّ بين الأربع والخمس يبني علي الأربع أيضاً، وإن شكّ أنه ركع أم لا يبني علي أنه ركع، وإن شكّ أنه ركع ركوعين أم واحداً بني علي عدم الزيادة، ولو شكّ أنه صلّي ركعة، أو ركعتين بني علي الركعتين، ولو شكّ في الصبح أنه صلّي ركعتين، أو ثلاثاً بني علي أنه صلّي ركعتين وهكذا.

ولو كان كثرة شكّه في فعل خاصّ يختصّ الحكم به، فلو شكّ اتفاقاً في غير ذلك الفعل يعمل عمل الشكّ، وكذا لو كان كثير الشكّ بين الواحدة والاثنتين لم يلتفت في هذا الشكّ ويبني علي الاثنتين، وإذا اتفق أنه شكّ بين الاثنتين والثلاث، أو بين الثلاث والأربع وجب عليه عمل الشكّ من البناء والإتيان بصلاة الاحتياط، ولو كان كثير الشكّ بعد تجاوز المحلّ ممّا لا حكم له دون غيره، فلو اتفق أنه شكّ في المحلّ وجب عليه الاعتناء، ولو كان كثرة شكّه في صلاة خاصّة، أو الصلاة في مكان خاصّ ونحو ذلك، اختصّ الحكم به ولا يتعدّي إلي غيره .

[المرجع في كثرة الشكّ وكيفية تحقّقه]

(1 مسألة): المرجع في كثرة الشكّ، العرف، ولا يبعد تحقّقه إذا شكّ في صلاة واحدة ثلاث مرّات، أو في كلّ من الصلوات الثلاث مرّة واحدة، ويعتبر() في صدقها أن لا يكون ذلك من جهة عروض عارض: من خوف، أو غضب، أو همّ، أو نحو ذلك ممّا يوجب اغتشاش الحواسّ.

(2 مسألة): لو شكّ في أنه حصل له حالة كثرة الشكّ

أم لا بني علي عدمه، كما أنه لو كان كثير الشكّ وشكّ في زوال هذه الحالة بني علي بقائها.

(3 مسألة): إذا لم يلتفت إلي شكّه وظهر بعد ذلك خلاف ما بني عليه وأن مع الشكّ في الفعل الذي بني علي وقوعه لم يكن واقعاً، أو أن ما بني علي عدم وقوعه كان واقعاً، يعمل بمقتضي ما ظهر: فإن كان تاركاً لركن بطلت صلاته، وإن كان تاركاً لغير ركن مع فوت محلّ تداركه وجب عليه القضاء فيما فيه القضاء، وسجدتا السهو فيما فيه ذلك، وإن بني علي عدم الزيادة فبان أنه زاد، يعمل بمقتضاه من البطلان، أو غيره من سجود السهو.

(4 مسألة): لا يجوز له الاعتناء بشكّه، فلو شكّ في أنه ركع، أو لا، لا يجوز له أن يركع وإلا بطلت الصلاة، نعم في الشكّ في القراءة، أو الذكر إذا اعتني بشكّه وأتي بالمشكوك فيه بقصد القربة لا بأس به ما لم يكن إلي حدّ الوسواس .

(5 مسألة): إذا شكّ في أن كثرة شكّه مختصّ بالمورد المعيّن الفلاني، أو مطلقاً، اقتصر علي ذلك المورد.

(6 مسألة): لا يجب علي كثير الشكّ وغيره ضبط الصلاة بالحصي، أو السبحة، أو الخاتم، أو نحو ذلك، وإن كان أحوط فيمن كثر شكّه.

[الموضع الخامس]

الخامس: الشكّ البدوي الزائل بعد التروّي ، سواء تبدّل باليقين بأحد الطرفين، أو بالظنّ المعتبر، أو بشكّ آخر.

[الموضع السادس]

السادس: شكّ كلّ من الإمام والمأموم مع حفظ الآخر، فإنه يرجع الشاكّ منهما إلي الحافظ، لكن في خصوص الركعات لا في الأفعال حتي في عدد السجدتين، ولا يشترط في البناء علي حفظ الآخر حصول الظنّ للشاكّ، فيرجع وإن كان باقياً علي شكّه علي الأقوي، ولا فرق في المأموم بين كونه رجلاً أو امرأة

عادلاً أو فاسقاً واحداً أو متعدّداً، والظانّ منهما أيضاً يرجع إلي المتيقّن، والشاكّ لا يرجع() إلي الظانّ إذا لم يحصل له الظنّ .

[مسائل في شكّ الإمام والمأموم]

(7 مسألة): إذا كان الإمام شاكاً والمأمومون مختلفين في الاعتقاد لم يرجع إليهم، إلا إذا حصل له الظنّ من الرجوع إلي إحدي الفرقتين .

(8 مسألة): إذا كان الإمام شاكاً والمأمومون مختلفين بأن يكون بعضهم شاكاً وبعضهم متيقّناً، رجع الإمام إلي المتيقّن منهم، ورجع الشاكّ منهم إلي الإمام، لكن الأحوط إعادتهم الصلاة إذا لم يحصل لهم الظنّ وإن حصل للإمام .

(9 مسألة): إذا كان كلّ من الإمام والمأمومين شاكاً: فإن كان شكّهم متّحداً كما إذا شكّ الجميع بين الثلاث والأربع عمل كلٌّ منهم عمل ذلك الشكّ.

وإن اختلف شكّه مع شكّهم فإن لم يكن بين الشكّين قدر مشترك كما إذا شكّ الإمام بين الاثنتين والثلاث والمأمومون بين الأربع والخمس يعمل كلّ منهما علي شاكلته.

وإن كان بينهما قدر مشترك كما إذا شكّ أحدهما بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الثلاث والأربع يحتمل() رجوعهما إلي ذلك القدر المشترك، لأن كلاّ ً منهما ناف للطرف الآخر من شكّ الآخر، لكن الأحوط إعادة الصلاة بعد إتمامها.

وإذا اختلف شكّ الإمام مع المأمومين وكان المأمومون أيضاً مختلفين في الشكّ لكن كان بين شكّ الإمام وبعض المأمومين قدر مشترك يحتمل رجوعهما إلي ذلك القدر المشترك ثمّ رجوع البعض الآخر إلي الإمام()، لكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة أيضا، بل الأحوط في جميع صور أصل المسألة إعادة الصلاة، إلا إذا حصل الظنّ من رجوع أحدهما إلي الآخر.

[الموضع السابع]

السابع: الشكّ في ركعات النافلة، سواء كانت ركعة كصلاة الوتر، أو ركعتين كسائر النوافل، أو رباعية كصلاة الأعرابيّ، فيتخيّر عند الشكّ بين البناء علي الأقل، أو الأكثر، إلا أن

يكون الأكثر مفسداً فيبني علي الأقل، والأفضل البناء علي الأقل مطلقاً.

ولو عرض وصف النفل للفريضة كالمعادة والإعادة للاحتياط الاستحبابي والتبرّع بالقضاء عن الغير لم يلحقها حكم النفل، ولو عرض وصف الوجوب للنافلة لم يلحقها حكم الفريضة، بل المدار علي الأصل.

وأما الشكّ في أفعال النافلة فحكمه حكم الشكّ في أفعال الفريضة: فإن كان في المحل أتي به، وإن كان بعد الدخول في الغير لم يلتفت. ونقصان الركن مبطل لها كالفريضة، بخلاف زيادته فإنّها لا توجب البطلان علي الأقوي. وعلي هذا: فلو نسي فعلاً من أفعالها تداركه وإن دخل في ركن بعده سواء كان المنسيّ ركناً، أو غيره .

[أحكام الشكّ والخلل في النوافل]

(10 مسألة): لا يحب قضاء السجدة المنسيّة والتشهّد المنسيّ في النافلة، كما لا يجب سجود السهو لموجباته فيها.

(11 مسألة): إذا شكّ في النافلة بين الاثنتين والثلاث فبني علي الاثنتين ثمّ تبيّن كونها ثلاثاً بطلت واستحبّ إعادتها، بل تجب إذا كانت واجبة بالعرض .

(12 مسألة): إذا شكّ في أصل فعلها بني علي العدم، إلا إذا كانت موقّتة وخرج وقتها.

(13 مسألة): الظاهر أنّ الظنّ في ركعات النافلة حكمه حكم الشكّ في التخيير بين البناء علي الأقل، أو الأكثر، وإن كان الأحوط العمل بالظنّ ما لم يكن موجباً للبطلان .

(14 مسألة): النوافل التي لها كيفية خاصة، أو سورة مخصوصة، أو دعاء مخصوص : كصلاة الغفيلة وصلاة ليلة الدفن وصلاة ليلة عيد الفطر إذا اشتغل بها ونسي تلك الكيفية، فإن أمكن الرجوع والتدارك رجع وتدارك وإن استلزم زيادة الركن لما عرفت من اغتفارها في النوافل، وإن لم يمكن أعادها، لأن الصلاة وإن صحّت إلا أنها لا تكون تلك الصلاة المخصوصة، وإن نسي بعض التسبيحات في صلاة جعفر قضاه متي تذكّر.

[الشك والخلل في بقية الصلوات الواجبة]

(15 مسألة): ما ذكر من أحكام السهو والشكّ والظنّ، يجري في جميع الصلوات الواجبة أداءً وقضاءً من الآيات والجمعة والعيدين وصلاة الطواف، فيجب فيها سجدة السهو لموجباتها، وقضاء السجدة المنسيّة والتشهّد المنسيّ، وتبطل بنقصان الركن وزيادته لا بغير الركن، والشكّ في ركعاتها موجب للبطلان لأنّها ثنائيّة.

[الظنّ في أفعال الصلاة كالظنّ في الركعات]

(16 مسألة): قد عرفت سابقاً أن الظنّ المتعلّق بالركعات في حكم اليقين، من غير فرق بين الركعتين الأُوليين والأخيرتين، ومن غير فرق بين أن يكون موجباً للصحّة، أو البطلان: كما إذا ظنّ الخمس في الشكّ بين الأربع والخمس، أو الثلاث والخمس.

وأمّا الظنّ المتعلق بالأفعال ففي كونه كالشكّ، أو كاليقين إشكال فاللازم مراعاة الاحتياط()، وتظهر الثمرة فيما إذا ظنّ بالإتيان وهو في المحلّ، أو ظنّ بعدم الإتيان بعد الدخول في الغير. وأما الظنّ بعدم الإتيان وهو في المحلّ، أو الظنّ بالإتيان بعد الدخول في الغير، فلا يتفاوت الحال في كونه كالشكّ، أو كاليقين، إذ علي التقديرين يجب الإتيان به في الأوّل، ويجب المضيّ في الثاني.

وحينئذٍ فنقول: إن كان المشكوك قراءة، أو ذكراً، أو دعاء، يتحقّق الاحتياط بإتيانه بقصد القربة، وإن كان من الأفعال فالاحتياط فيه أن يعمل بالظنّ ثمّ يعيد الصلاة، مثلاً: إذا شكّ في أنه سجد سجدة واحدة، أو اثنتين وهو جالس لم يدخل في التشهّد، أو القيام وظنّ الاثنتين، يبني علي ذلك ويتّم الصلاة ثمّ يحتاط بإعادتها، وكذا إذا دخل في القيام، أو التشهّد وظن أنّها واحدة يرجع ويأتي بأخري ويتّم الصلاة ثمّ يعيدها، وهكذا في سائر الأفعال وله أن لا يعمل بالظنّ، بل يجري عليه حكم الشكّ ويتم الصلاة ثمّ يعيدها.

وأما الظنّ المتعلّق بالشروط وتحقّقها فلا يكون معتبراً إلاّ في القبلة والوقت في الجملة، نعم لا يبعد

اعتبار شهادة العدلين فيها، وكذا في الأفعال والركعات وإن كانت الكلّيّة لا تخلو عن إشكال .

(17 مسألة): إذا حدث الشكّ بين الثلاث والأربع قبل السجدتين، أو بينهما أو في السجدة الثانية، يجوز له تأخير التروّي إلي وقت العمل بالشكّ، وهو: ما بعد الرفع من السجدة الثانية.

(18 مسألة): يجب تعلّم ما يعمّ به البلوي من أحكام الشكّ والسهو، بل قد يقال ببطلان صلاة من لا يعرفها. لكن الظاهر: عدم الوجوب إذا كان مطمئناً بعدم عروضها له، كما أن بطلان الصلاة إنما يكون إذا كان متزلزلاً بحيث لا يمكنه قصد القربة، أو اتفق له الشكّ، أو السهو ولم يعمل بمقتضي ما ورد من حكمه. وأما لو بني علي أحد المحتملين، أو المحتملات من حكمه وطابق الواقع مع فرض حصول قصد القربة منه صح.

مثلاً: إذا شكّ في فعل شيء وهو في محلّه ولم يعلم حكمه، لكن بني علي عدم الإتيان فأتي به، أو بعد التجاوز وبني علي الإتيان ومضي، صحّ عمله إذا كان بانياً علي أن يسأل بعد الفراغ عن حكمه والإعادة إذا خالف، كما أن من كان عارفاً بحكمه ونسي في الأثناء، أو اتفق له شكّ، أو سهو نادر الوقوع، يجوز له أن يبني علي أحد المحتملات في نظره بانياً علي السؤال والإعادة مع المخالفة لفتوي مجتهده .

(ختام فيه مسائل متفرقة)

الأولي: إذا شكّ في أن ما بيده ظهر، أو عصر: فإن كان قد صلّي الظهر بطل ما بيده()، وإن كان لم يصلّها، أو شكّ في أنه صلاّها، أو لا، عدل به إليها.

الثانية: إذا شكّ في أن ما بيده مغرب، أو عشاء: فمع علمه بإتيان المغرب بطل، ومع علمه بعدم الإتيان بها، أو الشكّ فيه، عدل بنيّته إليها إن لم يدخل في

ركوع الرابعة وإلا بطل أيضاً.

الثالثة: إذا علم بعد الصلاة، أو في أثنائها أنه ترك سجدتين من ركعتين، سواء كانتا من الأُوليين، أو الأخيرتين صحّت وعليه قضاؤهما وسجدتا السهو مرّتين، وكذا إن لم يدر أنهما من أيّ الركعات بعد العلم بأنهما من الركعتين .

الرابعة: إذا كان في الركعة الرابعة مثلاً وشكّ في أن شكّه السابق بين الاثنتين والثلاث كان قبل إكمال السجدتين، أو بعدهما، بني علي الثاني، كما أنه كذلك إذا شكّ بعد الصلاة.

الخامسة: إذا شكّ في أن الركعة التي بيده آخر الظهر، أو أنه أتمّها وهذه أوّل العصر، جعلها آخر الظهر.

السادسة: إذا شكّ في العشاء بين الثلاث والأربع وتذكّر أنه سها عن المغرب بطلت صلاته()، وإن كان الأحوط إتمامها عشاءً والإتيان بالاحتياط ثمّ إعادتها بعد الإتيان بالمغرب .

السابعة: إذا تذكّر في أثناء العصر أنه ترك من الظهر ركعة، قطعها وأتمّ الظهر ثمّ أعاد الصلاتين، ويحتمل() العدول إلي الظهر بجعل ما بيده رابعة لها إذا لم يدخل في ركوع الثانية ثمّ إعادة الصلاتين. وكذا إذا تذكّر في أثناء العشاء أنه ترك من المغرب ركعة.

الثامنة: إذا صلّي صلاتين ثمّ علم نقصان ركعة، أو ركعتين من إحداهما من غير تعيين: فإن كان قبل الإتيان بالمنافي ضمّ إلي الثانية ما يحتمل من النقص ثمّ أعاد الأولي فقط بعد الإتيان بسجدتي السهو لأجل السلام احتياطاً، وإن كان بعد الإتيان بالمنافي فإن اختلفتا في العدد أعادهما، وإلا أتي بصلاة واحدة بقصد ما في الذمّة.

التاسعة: إذا شكّ بين الاثنتين والثلاث، أو غيره من الشكوك الصحيحة، ثمّ شكّ في أن الركعة التي بيده آخر صلاته، أو أولي صلاة الاحتياط، جعلها آخر صلاته وأتمّ ثمّ أعاد الصلاة احتياطاً() بعد الإتيان بصلاة الاحتياط.

العاشرة: إذا شكّ في أن

الركعة التي بيده رابعة المغرب ، أو أنه سلّم علي الثلاث وهذه أولي العشاء: فإن كان بعد الركوع بطلت ووجب عليه إعادة المغرب، وإن كان قبله يجعلها من المغرب ويجلس ويتشهّد ويسلّم ثمّ يسجد سجدتي السهو لكلّ زيادة من قوله «بحول الله» وللقيام وللتسبيحات احتياطاً، وإن كان في وجوبها إشكال() من حيث عدم علمه بحصول الزيادة في المغرب .

الحادية عشرة: إذا شكّ وهو جالس بعد السجدتين بين الاثنتين والثلاث وعلم بعدم إتيان التشهّد في هذه الصلاة، فلا إشكال في أنه يجب عليه أن يبني علي الثلاث، لكن هل عليه أن يتشهد أم لا؟ وجهان، لا يبعد عدم الوجوب، بل وجوب قضائه بعد الفراغ إما لأنه مقتضي البناء علي الثلاث() وإمّا لأّنه لا يعلم بقاء محلّ التشهّد من حيث إن محلّه الركعة الثانية وكونه فيها مشكوك، بل محكوم بالعدم. وأما لو شكّ وهو قائم بين الثلاث والأربع مع علمه بعدم الإتيان بالتشهّد في الثانية، فحكمه المضيّ والقضاء بعد السلام لأّن الشكّ بعد تجاوز محلّه .

الثانية عشرة: إذا شكّ في أنه بعد الركوع من الثالثة، أو قبل الركوع من الرابعة، بني علي الثاني لأّنه شاكّ بين الثلاث والأربع، ويجب عليه الركوع لأّنه شاكّ فيه مع بقاء محلّه، وأيضاً هو مقتضي البناء علي الأربع في هذه الصورة، وأمّا لو انعكس: بأن كان شاكّاً في أنه قبل الركوع من الثالثة، أو بعده من الرابعة، فيحتمل وجوب البناء علي الأربع بعد الركوع، فلا يركع بل يسجد ويتّم، وذلك لأن مقتضي البناء علي الأكثر البناء عليه من حيث إنه أحد طرفي شكّه وطرف الشكّ الأربع بعد الركوع، لكن لا يبعد بطلان صلاته لأّنه شاكّ في الركوع من هذه الركعة ومحلّه باق فيجب عليه أن

يركع، ومعه يعلم إجمالاً أنه إما زاد ركوعا، أو نقص ركعة، فلا يمكن إتمام الصلاة مع البناء علي الأربع والإتيان بالركوع مع هذا العلم الإجماليّ.

الثالثة عشرة: إذا كان قائماّ وهو في الركعة الثانية من الصلاة وعلم أنه أتي في هذه الصلاة بركوعين: ولا يدري أنه أتي بكليهما في الركعة الأولي حتّي تكون الصلاة باطلة، أو أتي فيها بواحد وأتي بالآخر في هذه الركعة، فالظاهر() بطلان الصلاة، لأّنه شاكّ في ركوع هذه الركعة و محلّه باق فيجب عليه أن يركع، مع أنه إذا ركع يعلم بزيادة ركوع في صلاته. ولا يجوز له أن لا يركع مع بقاء محلّه، فلا يمكنه تصحيح الصلاة.

الرابعة عشرة: إذا علم بعد الفراغ من الصلاة أنّه ترك سجدتين : ولكن لم يدر أنّهما من ركعة واحدة، أو من ركعتين، وجب عليه الإعادة()، ولكن الأحوط قضاء السجدة مرّتين وكذا سجود السهو مرّتين أولاً ثمّ الإعادة، وكذا يجب الإعادة إذا كان ذلك في أثناء الصلاة، والأحوط إتمام الصلاة وقضاء كلّ منهما وسجود السهو مرّتين ثمّ الإعادة.

الخامسة عشرة: إن علم بعد ما دخل في السجدة الثانية مثلاً أنّه إمّا ترك القراءة، أو الركوع ، أو أنه إمّا ترك سجدة من الركعة السابقة، أو ركوع هذه الركعة، وجب عليه الإعادة()، لكن الأحوط هنا أيضاً إتمام الصلاة وسجدتا السهو في الفرض الأوّل، وقضاء السجدة مع سجدتي السهو في الفرض الثاني ثمّ الإعادة، ولو كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة فكذلك .

السادسة عشرة: لو علم قبل أن يدخل في الركوع أنه إمّا ترك سجدتين من الركعة السابقة، أو ترك القراءة، وجب عليه العود لتداركهما والإتمام ثمّ الإعادة، ويحتمل() الاكتفاء بالإتيان بالقراءة والإتمام من غير لزوم الإعادة إذا كان ذلك بعد الإتيان

بالقنوت، بدعوي: أن وجوب القراءة عليه معلوم لأّنه إمّا تركها، أو ترك السجدتين، فعلي التقديرين يجب الإتيان بها ويكون الشكّ بالنسبة إلي السجدتين بعد الدخول في الغير الذي هو القنوت، وكذا الحال() لو علم بعد القيام إلي الثالثة أنه إما ترك السجدتين ، أو ترك سجدة واحدة، أو التشهّد، وأما لو كان قبل القيام فيتعيّن الإتيان بهما مع الاحتياط بالإعادة.

السابعة عشرة: إذا علم بعد القيام إلي الثالثة أنّه ترك التشهّد وشك في أنّه ترك السجدة أيضاً أم لا، يحتمل() أن يقال: يكفي الإتيان بالتشهد، لأن الشكّ بالنسبة إلي السجدة بعد الدخول في الغير الذي هو القيام فلا اعتناء به، والأحوط الإعادة بعد الإتمام، سواء أتي بهما، أو بالتشهد فقطّ.

الثامنة عشرة: إذا علم إجمالاً أنه أتي بأحد الأمرين: من السجدة والتشهّد من غير تعيين، وشكّ في الآخر: فإن كان بعد الدخول في القيام لم يعتن بشكّه ، وإن كان قبله يجب عليه الإتيان() لأّنه شاكّ في كلّ منهما مع بقاء المحلّ، ولا يجب الإعادة بعد الإتمام وإن كان أحوط.

التاسعة عشرة: إذا علم أنّه إمّا ترك السجدة من الركعة السابقة، أو التشهّد من هذه الركعة: فإن كان جالساً ولم يدخل في القيام أتي بالتشهد وأتمّ الصلاة وليس عليه شيء، وإن كان حال النهوض إلي القيام، أو بعد الدخول فيه مضي وأتمّ الصلاة وأتي بقضاء كلّ منهما مع سجدتي السهو والأحوط إعادة الصلاة أيضاً، ويحتمل وجوب العود لتدارك التشهّد والإتمام وقضاء السجدة فقط مع سجود السهو، وعليه أيضاً الأحوط الإعادة أيضاً.

العشرون: إذا علم أنّه ترك سجدة إما من الركعة السابقة، أو من هذه الركعة: فإن كان قبل الدخول في التشهّد، أو قبل النهوض إلي القيام، أو في أثناء النهوض() قبل

الدخول فيه، وجب عليه العود إليها لبقاء المحلّ ولا شيء عليه لأنه بالنسبة إلي الركعة السابقة شكّ بعد تجاوز المحلّ، وإن كان بعد الدخول في التشهّد، أو في القيام مضي وأتمّ الصلاة وأتي بقضاء السجدة وسجدتي السهو، ويحتمل وجوب العود لتدارك السجدة من هذه الركعة والإتمام وقضاء السجدة مع سجود السهو، والأحوط علي التقديرين إعادة الصلاة أيضاً.

الحادية والعشرون: إذا علم أنه إما ترك جزءاً مستحباً كالقنوت مثلاً أو جزء واجباً، سواء كان ركناً، أو غيره من الأجزاء التي لها قضاء: كالسجدة والتشهّد، أو من الأجزاء التي يجب سجود السهو لأجل نقصانها، صحّت صلاته ولا شيء عليه. وكذا لو علم أنه إما ترك الجهر، أو الإخفات في موضعهما، أو بعض الأفعال الواجبة المذكورة، لعدم الأثر لترك الجهر والإخفات، فيكون الشكّ بالنسبة إلي الطرف الآخر بحكم الشكّ البدويّ.

الثانية والعشرون: لا إشكال في بطلان الفريضة إذا علم إجمالاً أنه إمّا زاد فيها ركناً، أو نقص ركناً، وأما في النافلة فلا تكون باطلة لأّن زيادة الركن فيها مغتفرة والنقصان مشكوك، نعم لو علم أنه إما نقص فيها ركوعاً، أو سجدتين بطلت. ولو علم إجمالاً أنّه إمّا نقص فيها ركوعاً مثلاً أو سجدة واحدة، أو ركوعا، أو تشهداً، أو نحو ذلك ممّا ليس بركن لم يحكم بإعادتها، لأن نقصان ما عدا الركن فيها لا أثر له من بطلان، أو قضاء، أو سجود سهو، فيكون احتمال نقص الركن كالشكّ البدويّ.

الثالثة والعشرون: إذا تذكّر وهو في السجدة، أو بعدها من الركعة الثانية مثلاً أنّه ترك سجدة من الركعة الأولي وترك أيضاً ركوع هذه الركعة، جعل السجدة التي أتي بها للركعة الأولي وقام وقرأ وقنت وأتمّ صلاته، وكذا لو علم أنه ترك سجدتين

من الأولي وهو في السجدة الثانية من الثانية، فيجعلها للأولي ويقوم إلي الركعة الثانية، وإن تذكّر بين السجدتين سجد أخري بقصد الركعة الأولي ويتمّ وهكذا بالنسبة إلي سائر الركعات إذا تذكّر بعد الدخول في السجدة من الركعة التالية أنه ترك السجدة من السابقة وركوع هذه الركعة، ولكن الأحوط في جميع هذه الصور إعادة الصلاة بعد الإتمام .

الرابعة والعشرون(): إذا صلّي الظهر والعصر وعلم بعد السلام نقصان إحدي الصلاتين ركعة: فإن كان بعد الإتيان بالمنافي عمداً وسهواً أتي بصلاة واحدة بقصد ما في الذمّة، وإن كان قبل ذلك قام فأضاف إلي الثانية ركعة ثمّ سجد للسهو عن السلام في غير المحلّ ثمّ أعاد الأولي، بل الأحوط أن لا ينوي الأولي، بل يصلّي أربع ركعات بقصد ما في الذمّة لاحتمال كون الثانية علي فرض كونها تامّة محسوبة ظهراً.

الخامسة والعشرون: إذا صلّي المغرب والعشاء ثمّ علم بعد السلام من العشاء أنه نقص من إحدي الصلاتين ركعة: فإن كان بعد الإتيان بالمنافي عمداً وسهواً وجب عليه إعادتهما، وإن كان قبل ذلك قام فأضاف إلي العشاء ركعة ثمّ يسجد سجدتي السهو ثمّ يعيد المغرب .

السادسة والعشرون: إذا صلّي الظهرين وقبل أن يسلّم للعصر علم إجمالاً أنّه إمّا ترك ركعة من الظهر والتي بيده رابعة العصر، أو أنّ ظهره تامّة وهذه الركعة ثالثة العصر، فبالنسبة إلي الظهر شكّ بعد الفراغ ومقتضي القاعدة البناء علي كونها تامّة، وبالنسبة إلي العصر شكّ بين الثلاث والأربع ومقتضي البناء علي الأكثر الحكم بأنّ ما بيده رابعتها والإتيان بصلاة الاحتياط بعد إتمامها، إلا أنّه لا يمكن إعمال القاعدتين معاً()، لأنّ الظهر إن كانت تامّة فلا يكون ما بيده رابعة، وإن كان ما بيده رابعة فلا يكون الظهر تامّة،

فيجب إعادة الصلاتين لعدم الترجيح في إعمال إحدي القاعدتين، نعم الأحوط() الإتيان بركعة أخري للعصر ثمّ إعادة الصلاتين لاحتمال كون قاعدة الفراغ من باب الأمارات، وكذا الحال في العشائين إذا علم أنه إمّا صلّي المغرب ركعتين وما بيده رابعة العشاء، أو صلاّها ثلاث ركعات وما بيده ثالثة العشاء.

السابعة والعشرون: لو علم أنّه صلّي الظهرين ثمان ركعات ولكن لم يدر أنّه صلّي كلاّ منهما أربع ركعات، أو نقص من إحداهما ركعة وزاد في الأخري، بني علي أنّه صلّي كلاّ ً منهما أربع ركعات عملاً بقاعدة عدم اعتبار الشكّ بعد السلام، وكذا إذا علم أنه صلّي العشائين سبع ركعات وشكّ بعد السلام في أنّه صلّي المغرب ثلاثة والعشاء أربعة، أو نقص من إحداهما وزاد في الأخري، فيبني علي صحّتهما.

الثامنة والعشرون: إذا علم أنّه صلّي الظهرين ثمان ركعات وقبل السلام من العصر شكّ في أنّه: هل صلّي الظهر أربع ركعات فالتي بيده رابعة العصر، أو أنه نقص من الظهر ركعة فسلّم علي الثلاث وهذه التي بيده خامسة العصر؟ فبالنسبة إلي الظهر شكّ بعد السلام، وبالنسبة إلي العصر شكّ بين الأربع والخمس، فيحكم بصحّة الصلاتين إذ لا مانع من إجراء القاعدتين: فبالنسبة إلي الظهر يجري قاعدة الفراغ والشكّ بعد السلام فيبني علي أنّه سلّم علي أربع، وبالنسبة إلي العصر يجري حكم الشكّ بين الأربع والخمس فيبني علي الأربع إذا كان بعد إكمال السجدتين فيتشهد ويسلّم ثمّ يسجد سجدتي السهو.

وكذا الحال في العشائين إذا علم قبل السلام من العشاء أنه صلّي سبع ركعات وشكّ في أنّه سلّم من المغرب علي ثلاث فالتي بيده رابعة العشاء، أو سلم علي الاثنتين فالتي بيده خامسة العشاء فإنه يحكم بصحّة الصلاتين وإجراء القاعدتين .

التاسعة والعشرون:

لو انعكس الفرض السابق بأن شكّ بعد العلم بأنّه صلّي الظهرين ثمان ركعات قبل السلام من العصر في أنه صلّي الظهر أربع فالتي بيده رابعة العصر، أو صلاّها خمساً فالتي بيده ثالثة العصر، فبالنسبة إلي الظهر شكّ بعد السلام، وبالنسبة إلي العصر شكّ بين الثلاث والأربع، ولا وجه لإعمال قاعدة الشكّ بين الثلاث والأربع في العصر لأنه إن صلّي الظهر أربعاً فعصره أيضاً أربعة فلا محلّ لصلاة الاحتياط، وإن صلّي الظهر خمساً فلا وجه للبناء علي الأربع في العصر وصلاة الاحتياط فمقتضي القاعدة إعادة الصلاتين()، نعم لو عدل بالعصر إلي الظهر وأتي بركعة أخري وأتمّها يحصل له العلم بتحقّق ظهر صحيحة مردّدة بين الأُولي إن كان في الواقع سلّم فيها علي الأربع، وبين الثانية المعدول بها إليها إن كان سلّم فيها علي الخمس.

وكذا الحال في العشائين إذا شكّ بعد العلم بأنه صلّي سبع ركعات قبل السلام من العشاء في أنه سلّم في المغرب علي الثلاث حتي يكون ما بيده رابعة العشاء، أو علي الأربع حتي يكون ما بيده ثالثتها، وهنا أيضاً() إذا عدل إلي المغرب وأتمّها يحصل له العلم بتحقّق مغرب صحيحة: إما الأُولي أو الثانية المعدول إليها، وكونه شاكّاً بين الثلاث والأربع مع أن الشكّ في المغرب مبطل لا يضرّ بالعدول، لأنّ في هذه الصورة يحصل العلم بصحّتها مردّدة بين هذه والأُولي، فلا يكتفي بهذه فقط حتي يقال: إن الشكّ في ركعاتها يضرّ بصحتّها.

الثلاثون: إذا علم أنه صلّي الظهرين تسع ركعات ولا يدري أنّه زاد ركعة في الظهر، أو في العصر: فإن كان بعد السلام من العصر وجب عليه إتيان صلاة أربع ركعات بقصد ما في الذمّة، وإن كان قبل السلام() فبالنسبة إلي الظهر

يكون من الشكّ بعد السلام، وبالنسبة إلي العصر من الشكّ بين الأربع والخمس، ولا يمكن إعمال الحكمين، لكن لو كان بعد إكمال السجدتين وعدل إلي الظهر وأتمّ الصلاة وسجد للسهو يحصل له اليقين بظهر صحيحة: إما الأولي، أو الثانية.

الحادية والثلاثون: إذا علم أنه صلّي العشائين ثمان ركعات ولا يدري أنه زاد الركعة الزائدة في المغرب أو في العشاء، وجب() إعادتهما، سواء كان الشكّ بعد السلام من العشاء، أو قبله .

الثانية والثلاثون: لو أتي بالمغرب ثمّ نسي الإتيان بها بأن اعتقد عدم الإتيان، أو شكّ فيه فأتي بها ثانياً وتذكّر قبل السلام أنه كان آتياً بها ولكن علم بزيادة ركعة إما في الأولي، أو الثانية، له أن يتمّ الثانية ويكتفي بها()، لحصول العلم بالإتيان بها إما أولاً، أو ثانياً، ولا يضرّه كونه شاكّاً في الثانية بين الثلاث والأربع مع أن الشكّ في ركعات المغرب موجب للبطلان، لما عرفت سابقاً من أن ذلك إذا لم يكن هناك طرف آخر يحصل معه اليقين بالإتيان صحيحاً، وكذا الحال إذا أتي بالصبح ثمّ نسي وأتي بها ثانياً وعلم بالزيادة إمّا في الأولي، أو الثانية.

الثالثة والثلاثون: إذ شكّ في الركوع وهو قائم وجب عليه الإتيان به، فلو نسي حتي دخل في السجود فهل يجري عليه حكم الشكّ بعد تجاوز المحل أم لا؟ الظاهر: عدم الجريان، لأن الشكّ السابق باق وكان قبل تجاوز المحل، وهكذا لو شكّ في السجود قبل أن يدخل في التشهّد ثمّ دخل فيه نسياناً، وهكذا.

الرابعة والثلاثون: لو علم نسيان شيء قبل فوات محلّ المنسي ووجب عليه التدارك فنسي حتي دخل في ركن بعده ثمّ انقلب علمه بالنسيان شكّاً، يمكن إجراء قاعدة الشكّ بعد تجاوز المحلّ والحكم بالصحّة إن كان

ذلك الشيء ركناً، والحكم بعدم وجوب القضاء وسجدتي السهو فيما يجب فيه ذلك، لكن الأحوط مع الإتمام إعادة الصلاة إذا كان ركناً، والقضاء وسجدتا السهو في مثل السجدة والتشهّد، وسجدتا السهو فيما يجب في تركه السجود.

الخامسة والثلاثون: إذا اعتقد نقصان السجدة، أو التشهّد ممّا يجب قضاؤه ، أو ترك ما يوجب سجود السهو في أثناء الصلاة، ثمّ تبدّل اعتقاده بالشكّ في الأثناء، أو بعد الصلاة قبل الإتيان به سقط وجوبه، وكذا إذا اعتقد بعد السلام نقصان ركعة، أو غيرها ثمّ زال اعتقاده .

السادسة والثلاثون: إذا تيقّن بعد السلام قبل إتيان المنافي عمداً أو سهواً نقصان الصلاة وشكّ في أن الناقص ركعة، أو ركعتان، فالظاهر: أنه يجري عليه حكم الشكّ بين الاثنتين والثلاث، فيبني علي الأكثر ويأتي بالقدر المتيقّن نقصانه وهو ركعة أخري ويأتي بصلاة احتياطه، وكذا إذا تيقّن نقصان ركعة وبعد الشروع فيها شكّ في ركعة أخري، وعلي هذا: فإن كان مثل ذلك في صلاة المغرب والصبح يحكم ببطلانهما، ويحتمل() جريان حكم الشكّ بعد السلام بالنسبة إلي الركعة المشكوكة فيأتي بركعة واحدة من دون الإتيان بصلاة الاحتياط. وعليه: فلا تبطل الصبح والمغرب أيضاً بمثل ذلك ويكون كمن علم نقصان ركعة فقطّ.

السابعة والثلاثون: لو تيقّن بعد السلام قبل إتيان المنافي نقصان ركعة ثمّ شكّ في أنّه أتي بها أم لا، ففي وجوب الإتيان بها لأصالة عدمه، أو جريان حكم الشكّ في الركعات عليه، وجهان: والأوجه الثاني(). وأمّا احتمال جريان حكم الشكّ بعد السلام عليه فلا وجه له، لأن الشكّ بعد السلام لا يعتني به إذا تعلّق بما في الصلاة وبما قبل السلام، وهذا متعلّق بما وجب بعد السلام .

الثامنة والثلاثون: إذا علم أن ما بيده رابعة ويأتي به بهذا

العنوان ، لكن لا يدري أنها رابعة واقعية، أو رابعة بنائية وأنه شكّ سابقاً بين الاثنتين والثلاث فبني علي الثلاث فتكون هذه رابعة بعد البناء علي الثلاث، فهل يجب عليه صلاة الاحتياط لأنه وإن كان عالماً بأنها رابعة في الظاهر إلا أنه شاك من حيث الواقع فعلاً بين الثلاث والأربع، أو لا يجب لأصالة عدم شكّ سابق والمفروض أنه عالم بأنها رابعته فعلاً؟ وجهان: والأوجه الأوّل .

التاسعة والثلاثون: إذا تيقّن بعد القيام إلي الركعة التالية أنه ترك سجدة، أو سجدتين، أو تشهداً، ثمّ شكّ في أنه هل رجع وتدارك ثمّ قام، أو هذا القيام هو القيام الأول؟ فالظاهر: وجوب العود إلي التدارك لأصالة عدم الإتيان بها بعد تحقّق الوجوب، واحتمال جريان حكم الشكّ بعد تجاوز المحلّ لأن المفروض أنه فعلاً شاكّ وتجاوز عن محلّ الشكّ لا وجه له، لأن الشكّ إنما حدث بعد تعلّق الوجوب مع كونه في المحلّ بالنسبة إلي النسيان ولم يتحقّق التجاوز بالنسبة إلي هذا الواجب .

الأربعون: إذا شكّ بين الثلاث والأربع مثلاً فبني علي الأربع ثمّ أتي بركعة أخري سهواً، فهل تبطل صلاته من جهة زيادة الركعة، أم يجري عليه حكم الشكّ بين الأربع والخمس؟ وجهان: والأوجه الأول.

الحادية والأربعون: إذا شكّ في ركن بعد تجاوز المحل ثمّ أتي به نسياناً، فهل تبطل صلاته: من جهة الزيادة الظاهرية، أو لا: من جهة عدم العلم بها بحسب الواقع؟ وجهان(): والأحوط الإتمام والإعادة.

الثانية والأربعون: إذا كان في التشهّد فذكر أنه نسي الركوع ومع ذلك شكّ في السجدتين أيضاً، ففي بطلان الصلاة من حيث إنه بمقتضي قاعدة التجاوز محكوم بأنه أتي بالسجدتين فلا محلّ لتدارك الركوع، أو عدمه إما لعدم شمول قاعدة التجاوز في مورد يلزم من إجرائها

بطلان الصلاة وإما لعدم إحراز الدخول في ركن آخر ومجرّد الحكم بالمضيّ لا يثبت الإتيان، وجهان: والأوجه الثاني(). ويحتمل الفرق بين سبق تذكّر النسيان وبين سبق الشكّ في السجدتين، والأحوط العود إلي التدارك ثمّ الإتيان بالسجدتين وإتمام الصلاة ثمّ الإعادة، بل لا يترك هذا الاحتياط.

الثالثة والأربعون: إذا شكّ بين الثلاث والأربع مثلاً وعلم أنه علي فرض الثلاث ترك ركناً، أو ما يوجب القضاء، أو ما يوجب سجود السهو، لا إشكال في البناء علي الأربع وعدم وجوب شيء عليه، وهو واضح. وكذا إذا علم أنه علي فرض الأربع ترك ما يوجب القضاء، أو ما يوجب سجود السهو لعدم إحراز ذلك بمجرّد التعبّد بالبناء علي الأربع، وأما إذا علم أنه علي فرض الأربع ترك ركناً، أو غيره ممّا يوجب بطلان الصلاة فالأقوي بطلان صلاته، لا لاستلزام البناء علي الأربع ذلك لأنه لا يثبت ذلك، بل للعلم الإجمالي بنقصان الركعة، أو ترك الركن مثلاً فلا يمكن البناء علي الأربع حينئذٍ.

الرابعة والأربعون: إذا تذكّر بعد القيام أنه ترك سجدة من الركعة التي قام عنها: فإن أتي بالجلوس بين السجدتين ثمّ نسي السجدة الثانية يجوز له الانحناء إلي السجود من غير جلوس، وإن لم يجلس أصلاً وجب عليه الجلوس ثمّ السجود، وإن جلس بقصد الاستراحة والجلوس بعد السجدتين ففي كفايته عن الجلوس بينهما وعدمها، وجهان: الأوجه الأول. ولا يضرّ نيّة الخلاف، لكن الأحوط الثاني فيجلس ثمّ يسجد.

الخامسة والأربعون: إذا علم بعد القيام، أو الدخول في التشهّد نسيان إحدي السجدتين وشك في الأخري، فهل يجب عليه إتيانهما لأنه إذا رجع إلي تدارك المعلوم يعود محلّ المشكوك أيضاً، أو يجري بالنسبة إلي المشكوك حكم الشكّ بعد تجاوز المحل؟ وجهان: أوجههما() الأول، والأحوط

إعادة الصلاة أيضاً.

السادسة والأربعون: إذا شكّ بين الثلاث والأربع مثلاً وبعد السلام قبل الشروع في صلاة الاحتياط علم أنها كانت أربعاً ثمّ عاد شكه، فهل يجب عليه صلاة الاحتياط لعود الموجب وهو الشكّ، أو لا لسقوط التكليف عنه حين العلم والشكّ بعده شكّ بعد الفراغ؟ وجهان: والأحوط الأول .

السابعة والأربعون: إذا دخل في السجود من الركعة الثانية فشك في ركوع هذه الركعة وفي السجدتين من الأولي، ففي البناء علي إتيانها من حيث إنه شكّ بعد تجاوز المحل، أو الحكم بالبطلان لأوله إلي الشكّ بين الواحدة والاثنتين، وجهان: الأوجه الأول. وعلي هذا: فلو فرض الشكّ بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين مع الشكّ في ركوع الركعة التي بيده وفي السجدتين من السابقة، لا يرجع إلي الشكّ بين الواحدة والاثنتين حتي تبطل الصلاة، بل هو من الشكّ بين الاثنتين والثلاث بعد الإكمال، نعم لو علم بتركهما مع الشكّ المذكور يرجع إلي الشكّ بين الواحدة والاثنتين لأنه عالم حينئذٍ باحتساب ركعتيه بركعة.

الثامنة والأربعون: لا يجري حكم كثير الشكّ في صورة العلم الإجمالي ، فلو علم ترك أحد الشيئين إجمالاً من غير تعيين يجب عليه مراعاته وإن كان شاكّاً بالنسبة إلي كلّ منهما: كما لو علم حال القيام أنه إما ترك التشهّد، أو السجدة، أو علم إجمالاً أنه إما ترك الركوع، أو القراءة، وهكذا، أو علم بعد الدخول في الركوع أنه إما ترك سجدة واحدة أو تشهّداً، فيعمل في كلّ واحد من هذه الفروض حكم العلم الإجمالي المتعلّق به كما في غير كثير الشكّ.

التاسعة والأربعون: لو اعتقد أنه قرأ السورة مثلاً وشكّ في قراءة الحمد، فبني علي أنه قرأه لتجاوز محلّه ثمّ بعد الدخول في القنوت تذكّر أنه لم يقرأ السورة،

فالظاهر: وجوب قراءة الحمد أيضاً، لأن شكّه الفعلي وإن كان بعد تجاوز المحلّ بالنسبة إلي الحمد إلا أنه هو الشكّ الأول الذي كان في الواقع قبل تجاوز المحلّ، وحكمه: الاعتناء به والعود إلي الإتيان بما شكّ فيه.

الخمسون: إذا علم أنه إما ترك سجدة، أو زاد ركوعاً، فالأحوط قضاء السجدة وسجدتا السهو ثمّ إعادة الصلاة، ولكن لا يبعد() جواز الاكتفاء بالقضاء وسجدة السهو عملاً بأصالة عدم الإتيان بالسجدة وعدم زيادة الركوع .

الحادية والخمسون: لو علم أنه إما ترك سجدة من الأولي، أو زاد سجدة في الثانية، وجب عليه() قضاء السجدة والإتيان بسجدتي السهو مرّة واحدة بقصد ما في الذمّة من كونهما للنقيصة، أو للزيادة.

الثانية والخمسون: لو علم أنه إما ترك سجدة، أو تشهّداً، وجب الإتيان بقضائهما وسجدة السهو مرّة.

الثالثة والخمسون: إذا شكّ في أنه صلّي المغرب والعشاء أم لا قبل أن ينتصف الليل، والمفروض أنه عالم بأنه لم يصلِّ في ذلك اليوم إلا ثلاث صلوات من دون العلم بتعيينها، فيحتمل أن تكون الصلاتان الباقيتان المغرب والعشاء، ويحتمل أن يكون آتياً بهما ونسي اثنتين من صلوات النهار، وجب عليه الإتيان بالمغرب والعشاء فقط، لأن الشكّ بالنسبة إلي صلوات النهار بعد الوقت، وبالنسبة إليهما في وقتهما. ولو علم أنه لم يصلِّ في ذلك اليوم إلا صلاتين أضاف إلي المغرب والعشاء قضاء ثنائيّة ورباعيّة، وكذا() إن علم أنه لم يصلِّ إلا صلاة واحدة.

الرابعة والخمسون: إذا صلّي الظهر والعصر ثمّ علم إجمالاً أنه شكّ في إحداهما بين الاثنتين والثلاث وبني علي الثلاث، ولا يدري أن الشكّ المذكور في أيّهما كان، يحتاط بإتيان صلاة الاحتياط() وإعادة صلاة واحدة بقصد ما في الذمّة.

الخامسة والخمسون: إذا علم إجمالاً أنه إما زاد قراءة، أو نقصها،

يكفيه سجدتا السهو() مرّة، وكذا إذا علم أنه إما زاد التسبيحات الأربع، أو نقصها.

السادسة والخمسون: إذا شكّ في أنه هل ترك الجزء الفلاني عمداً أم لا؟ فمع بقاء محلّ الشكّ لا إشكال في وجوب الإتيان به، وأما مع تجاوزه فهل تجري قاعدة الشكّ بعد التجاوز، أم لا لانصراف أخبارها عن هذه الصورة خصوصاً بملاحظة قوله: «كان حين العمل أذكر»؟ وجهان(): والأحوط الإتيان ثمّ الإعادة.

السابعة والخمسون: إذا توضَّأ وصلَّي ثمّ علم أنه إما ترك جزءاً من وضوئه، أو ركناً في صلاته ، فالأحوط إعادة الوضوء ثمّ الصلاة، ولكن لا يبعد جريان قاعدة الشكّ بعد الفراغ في الوضوء، لأنها لا تجري في الصلاة حتي يحصل التعارض، وذلك للعلم ببطلان الصلاة علي كلّ حال .

الثامنة والخمسون: لو كان مشغولاً بالتشهّد()، أو بعد الفراغ منه وشكّ في أنه صلّي ركعتين وأن التشهّد في محلّه، أو ثلاث ركعات وأنه في غير محلّه، يجري حكم الشكّ بين الاثنتين والثلاث، وليس عليه سجدتا السهو لزيادة التشهّد لأنها غير معلومة، وإن كان الأحوط الإتيان بها أيضاً بعد صلاة الاحتياط.

التاسعة والخمسون: لو شكّ في شيء وقد دخل في غيره الذي وقع في غير محلّه: كما لو شكّ في السجدة من الركعة الأولي، أو الثالثة ودخل في التشهّد، أو شكّ في السجدة من الركعة الثانية وقد قام قبل أن يتشهّد، فالظاهر: البناء علي الإتيان وأن الغير أعمّ من الذي وقع في محلّه، أو كان زيادة في غير المحلّ، ولكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة أيضاً.

الستون: لو بقي من الوقت أربع ركعات للعصر وعليه صلاة الاحتياط من جهة الشكّ في الظهر، فلا إشكال في مزاحمتها للعصر ما دام يبقي لها من الوقت ركعة، بل وكذا لو كان عليه

قضاء السجدة، أو التشهّد، وأما لو كان عليه سجدتا السهو، فهل يكون كذلك، أو لا؟ وجهان: من أنهما من متعلّقات الظهر، ومن أن وجوبهما استقلالي وليستا جزءاً، أو شرطاً لصحة الظهر ومراعاة الوقت للعصر أهم فتقدّم العصر ثمّ يؤتي بهما بعدها()، ويحتمل التخيير.

الحادية والستون: لو قرأ في الصلاة شيئاً بتخيّل أنه ذكر، أو دعاء، أو قرآن ثمّ تبيّن أنه كلام الآدمي، فالأحوط() سجدتا السهو، لكن الظاهر عدم وجوبهما لأنهما إنما تجبان عند السهو وليس المذكور من باب السهو، كما أن الظاهر عدم وجوبهما في سبق اللسان إلي شيء، وكذا إذا قرأ شيئاً غلطاً من جهة الأعراب أو المادّة ومخارج الحروف .

الثانية والستون: لا يجب سجود السهو في ما لو عكس الترتيب الواجب سهواً: كما إذا قدّم السورة علي الحمد وتذكّر في الركوع، فإنه لم يزد شيئاً ولم ينقص وإن كان الأحوط الإتيان معه لاحتمال كونه من باب نقص السورة، بل مرّة أخري لاحتمال كون السورة المتقدّمة علي الحمد من الزيادة.

الثالثة والستون: إذا وجب عليه قضاء السجدة المنسيّة، أو التشهّد المنسيّ ثمّ أبطل صلاته ، أو انكشف بطلانها، سقط وجوبه لأنه إنما يجب في الصلاة الصحيحة، وأما لو أوجد ما يوجب سجود السهو ثمّ أبطل صلاته فالأحوط إتيانه وإن كان الأقوي سقوط وجوبه أيضاً. وكذا إذا انكشف بطلان صلاته، وعلي هذا: فإذا صلّي ثمّ أعادها احتياطاً وجوباً أو ندباً وعلم بعد ذلك وجود سبب سجدتي السهو في كلّ منهما، يكفيه إتيانهما مرّة واحدة. وكذا إذا كان عليه فائتة مردّدة بين صلاتين، أو ثلاث مثلاً فاحتاط بإتيان صلاتين، أو ثلاثة صلوات ثمّ علم تحقّق سبب السجود في كلّ منها، فإنه يكفيه الإتيان به مرّة بقصد الفائتة الواقعية وإن كان

الأحوط التكرار بعدد الصلوات .

الرابعة والستون: إذا شكّ في أنه هل سجد سجدة واحدة، أو اثنتين، أو ثلاث: فإن لم يتجاوز محلّها بني علي واحدة وأتي بأخري، وإن تجاوز بني علي الاثنتين ولا شيء عليه عملاً بأصالة عدم الزيادة. وإما إن علم أنه إما سجد واحدة، أو ثلاثاً وجب عليه أخري ما لم يدخل في الركوع، وإلا قضاها() بعد الصلاة وسجد للسهو.

الخامسة والستون: إذا ترك جزءاً من أجزاء الصلاة من جهة الجهل بوجوبه، أعاد الصلاة() علي الأحوط وإن لم يكن من الأركان، نعم لو كان الترك مع الجهل بوجوبه مستنداً إلي النسيان بأن كان بانياً علي الإتيان به باعتقاد استحبابه فنسي وتركه، فالظاهر: عدم البطلان وعدم وجوب الإعادة إذا لم يكن من الأركان.

(57- فصل: في صلاة العيدين: الفطر والأضحي)

(57- فصل: في صلاة العيدين: الفطر والأضحي)

وهي كانت واجبة في زمان حضور الإمام × مع اجتماع شرائط وجوب الجمعة، وفي زمان الغيبة مستحبة جماعة وفرادي، ولا يشترط فيها شرائط الجمعة وإن كانت بالجماعة: فلا يعتبر فيها العدد من الخمسة، أو السبعة، ولا بُعد فرسخ بين الجماعتين ونحو ذلك.

ووقتها من طلوع الشمس إلي الزوال، ولا قضاء لها لو فاتت، ويستحب تأخيرها إلي أن ترتفع الشمس، وفي عيد الفطر يستحب تأخيرها أزيد بمقدار الإفطار وإخراج الفطرة.

وهي ركعتان: يقرأ في الأولي منهما الحمد وسورة، ويكبّر خمس تكبيرات عقيب كلّ تكبيرة قنوت، ثمّ يكبّر للركوع ويركع ويسجد، ثمّ يقوم للثانية وفيها بعد الحمد وسورة يكبّر أربع تكبيرات ويقنت بعد كلّ منها ثمّ يكبّر للركوع ويتمّ الصلاة.

فمجموع التكبيرات فيها اثنتا عشرة: سبع تكبيرات في الأولي، وهي: تكبيرة الإحرام وخمس للقنوت وواحدة للركوع، وفي الثانية خمس تكبيرات: أربعة للقنوت وواحدة للركوع. والأظهر وجوب القنوتات وتكبيراتها، ويجوز في القنوتات كلّ ما جري علي اللسان من ذكر

ودعاء كما في سائر الصلوات وإن كان الأفضل الدعاء المأثور.

والأولي أن يقول في كلّ منها: «اللهم أهل الكبرياء والعظمة وأهل الجود والجبروت وأهل العفو والرحمة وأهل التقوي والمغفرة، أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً ولمحمّد صلَّي الله عليه وآله وسلّم ذخراً وشرفاً وكرامةً ومزيداً أن تصلّي علي محمّد وآل محمّد وأن تدخلني في كلّ خير أدخلت فيه محمّداً وآل محمّد وأن تخرجني من كلّ سوء أخرجت منه محمّداً وآل محمّد صلواتك عليه وعليهم، اللهم إني أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون، وأعوذ بك ممّا استعاذ منه عبادك المخلصون».

ويأتي بخطبتين بعد الصلاة مثل ما يؤتي بهما في صلاة الجمعة، ومحلّهما هنا بعد الصلاة بخلاف الجمعة فإنهما قبلها، ولا يجوز إتيانهما هنا قبل الصلاة، ويجوز تركهما في زمان الغيبة وإن كانت الصلاة بجماعة، ولا يجب الحضور عندهما ولا الإصغاء إليهما، وينبغي أن يذكر في خطبة عيد الفطر ما يتعلّق بزكاة الفطرة من الشروط والقدر والوقت لإخراجها، وفي خطبة الأضحي ما يتعلّق بالأضحيّة.

(1 مسألة): لا يشترط في هذه الصلاة سورة مخصوصة، بل يجزي كلّ سورة، نعم الأفضل أن يقرأ في الركعة الأولي سورة الشمس وفي الثانية سورة الغاشية، أو يقرأ في الأولي سورة سبّح اسم وفي الثانية سورة الشمس .

[مستحبّات صلاة العيدين]

(2 مسألة): يستحب فيها أمور:

أحدها: الجهر بالقراءة للإمام والمنفرد.

الثاني: رفع اليدين حال التكبيرات.

الثالث: الإصحار بها إلا في مكّة فإنه يستحب الإتيان بها في المسجد الحرام.

الرابع: أن يسجد علي الأرض دون غيرها ممّا يصح السجود عليه.

الخامس: أن يخرج إليها راجلاً حافياً مع السكينة والوقار.

السادس: الغسل قبلها.

السابع: أن يكون لابساً عمامة بيضاء.

الثامن: أن يشمّر ثوبه إلي ساقه.

التاسع: أن يفطر في الفطر قبل الصلاة بالتمر() وأن يأكل من لحم

الأضحية في الأضحي بعدها.

العاشر: التكبيرات عقيب أربع صلوات في عيد الفطر، أولها: المغرب من ليلة العيد، ورابعها: صلاة العيد. وعقيب عشر صلوات في الأضحي إن لم يكن بمني، أولها: ظهر يوم العيد، وعاشرها: صبح اليوم الثاني عشر. وإن كان بمني فعقيب خمس عشر صلاة، أولها: ظهر يوم العيد، وآخرها: صبح اليوم الثالث عشر.

وكيفية التكبير في الفطر أن يقول: «الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر علي ما هدانا» وفي الأضحي يزيد علي ذلك: «الله أكبر علي ما رزقنا من بهيمة الأنعام، والحمد لله علي ما أبلانا».

[مكروهات صلاة العيدين]

(3 مسألة): يكره فيها أمور:

الأول: الخروج مع السلاح إلا في حال الخوف.

الثاني: النافلة قبل صلاة العيد وبعدها إلي الزوال، إلا في مدينة الرسول فإنه يستحب صلاة ركعتين في مسجدها قبل الخروج إلي الصلاة.

الثالث: أن ينقل المنبر إلي الصحراء، بل يستحب أن يعمل هناك منبر من الطين.

الرابع: أن يصلِّي تحت السقف .

[أحكام صلاة العيدين]

(4 مسألة): الأولي، بل الأحوط ترك النساء لهذه الصلاة إلا العجائز.

(5 مسألة): لا يتحمّل الإمام في هذه الصلاة ما عدا القراءة من الأذكار والتكبيرات والقنوتات كما في سائر الصلوات .

(6 مسألة): إذا شكّ في التكبيرات والقنوتات بني علي الأقل() ولو تبيّن بعد ذلك أنه كان آتياً بها لا تبطل صلاته .

(7 مسألة): إذا أدرك مع الإمام بعض التكبيرات يتابعه فيه ويأتي بالبقيّة بعد ذلك ويلحقه في الركوع، ويكفيه أن يقول بعد كلّ تكبير: «سبحان الله والحمد لله» وإذا لم يمهله فالأحوط الانفراد وإن كان يحتمل كفاية الإتيان بالتكبيرات ولاءً، وإن لم يمهله أيضاً أن يترك ويتابعه في الركوع، كما يحتمل() أن يجوز لحوقه إذا أدركه وهو راكع، لكنّه مشكل لعدم الدليل علي تحمّل الإمام لما عدا القراءة.

(8 مسألة): لو سها عن القراءة، أو التكبيرات، أو القنوتات كلاّ ً أو بعضاً لم تبطل صلاته ، نعم لو سها عن الركوع، أو السجدتين، أو تكبيرة الإحرام بطلت .

(9 مسألة): إذا أتي بموجب سجود السهو فالأحوط إتيانه وإن كان عدم وجوبه في صورة استحباب الصلاة كما في زمان الغيبة لا يخلو عن قوّة، وكذا الحال في قضاء التشهّد المنسيّ أو السجدة المنسيّة.

(10 مسألة): ليس في هذه الصلاة أذان ولا إقامة، نعم يستحب أن يقول المؤذن الصلاة ثلاثا.

(11 مسألة): إذا اتّفق العيد والجمعة، فمن حضر العيد وكان نائياً عن البلد كان بالخيار بين

العود إلي أهله والبقاء لحضور الجمعة.

(58- فصل: في صلاة ليلة الدفن)

(58- فصل: في صلاة ليلة الدفن)

وهي ركعتان: يقرأ في الأولي بعد الحمد آية الكرسي إلي ?هُمْ فِيها خالِدُونَ?() وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات ويقول بعد السلام: «اللهم صلّ علي محمّد وآل محمّد وابعث ثوابها إلي قبر فلان» ويسمّي الميت.

ففي مرسلة الكفعمي وموجز ابن فهد (رحمهما الله) قال النبي صلي الله عليه وآله وسلّم: «لا يأتي علي الميّت أشدّ من أوّل ليلة فارحموا موتاكم بالصدقة، فإن لم تجدوا فليصلّ أحدكم ركعتين: يقرأ في الأولي الحمد وآية الكرسي، وفي الثانية الحمد والقدر عشراً، فإذا سلّم قال: اللهم صلّ علي محمّد وآل محمّد وابعث ثوابها إلي قبر فلان، فإنه تعالي يبعث من ساعته ألف ملك إلي قبره مع كلّ ملك ثوب وحلّة».

ومقتضي هذه الرواية: أن الصلاة بعد عدم وجدان ما يتصدّق به، فالأولي الجمع بين الأمرين مع الإمكان، وظاهرها أيضاً كفاية صلاة واحدة، فينبغي أن لا يقصد الخصوصية في إتيان أربعين، بل يؤتي بقصد الرجاء، أو بقصد إهداء الثواب .

[مسائل في صلاة ليلة الدفن]

(1 مسألة): لا بأس بالاستيجار لهذه الصلاة وإعطاء الأجرة، وإن كان الأولي للمستأجر الإعطاء بقصد التبرّع أو الصدقة، وللموجر الإتيان تبرّعاً وبقصد الإحسان إلي الميّت .

(2 مسألة): لا بأس بإتيان شخص واحد أزيد من واحدة بقصد إهداء الثواب إذا كان متبرعاً، أو إذا أذن له المستأجر، وأما إذا أعطي دراهم للأربعين فاللازم استيجار أربعين إلا إذا أذن المستأجر، ولا يلزم مع إعطاء الأجرة إجراء صيغة الإجارة، بل يكفي إعطاؤها بقصد أن يصلِّي .

(3 مسألة): إذا صلّي ونسي آية الكرسي في الركعة الأولي، أو القدر في الثانية.، أو قرأ القدر أقل من العشرة نسياناً فصلاته صحيحة، لكن لا يجزي عن هذه الصلاة، فإن كان أجيراً وجب عليه الإعادة.

(4 مسألة): إذا أخذ الأجرة ليصلِّي ثمّ

نسي فتركها في تلك الليلة، يجب عليه ردّها إلي المعطي، أو الاستيذان منه لأن يصلِّي في ما بعد ذلك بقصد إهداء الثواب، ولو لم يتمكّن من ذلك: فإن علم برضاه بأن يصلِّي هديّة أو يعمل عملاً آخر أتي بها، وإلا تصدّق بها عن صاحب المال .

(5 مسألة): إذا لم يدفن الميّت إلا بعد مدّة كما إذا نقل إلي أحد المشاهد، فالظاهر: أن الصلاة تؤخّر إلي ليلة الدفن()، وإن كان الأولي أن يؤتي بها في أوّل ليلة بعد الموت .

(6 مسألة): عن الكفعمي (رحمه الله) أنه بعد أن ذكر في كيفيّة هذه الصلاة ما ذكر قال: «وفي رواية أخري بعد الحمد التوحيد مرّتين في الأولي، وفي الثانية بعد الحمد أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ عشراً، ثمّ الدعاء المذكور» وعلي هذا: فلو جمع بين الصلاتين بأن يأتي اثنتين بالكيفيتين كان أولي .

(7 مسألة): الظاهر جواز الإتيان بهذه الصلاة في أيّ وقت كان من الليل، لكن الأولي التعجيل بها بعد العشائين، والأقوي جواز الإتيان بها بينهما، بل قبلهما أيضاً بناءً علي المختار من جواز التطوّع لمن عليه فريضة، هذا إذا لم يجب عليه بالنذر، أو الإجارة، أو نحوهما، وإلا فلا إشكال .

(59- فصل: في صلاة جعفر عليه السلام)

(59- فصل: في صلاة جعفر عليه السلام)

وتسمّي صلاة التسبيح وصلاة الحبوة، وهي من المستحبات الأكيدة ومشهورة بين العامة والخاصة، والأخبار متواترة فيها.

فعن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام: «أنه قال رسول الله صلّي الله علية وآله وسلّم لجعفر: أ لا أمنحك أ لا أعطيك أ لا أحبوك؟ فقال له جعفر: بلي يا رسول الله، قال: فظنّ الناس أنه يعطيه ذهباً وفضّة فتشرّف الناس لذلك، فقال له: إني أعطيك شيئاً إن أنت صنعته في كلّ يوم كان خيراً لك من الدنيا وما فيها وإن صنعته بين يومين غفر لك

ما بينهما، أو كلّ جمعة، أو كلّ شهر، أو كلّ سنة غفر لك ما بينهما …».

وفي خبر آخر: «قال: أ لا أمنحك أ لا أعطيك أ لا أحبوك أ لا أعلّمك صلاة إذا أنت صلّيتها لو كنت فررت من الزحف وكان عليك مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوباً غفرت لك؟ قال: بلي يا رسول الله …».

والظاهر: أنه حباه إياها يوم قدومه من سفره وقد بُشّر ذلك اليوم بفتح خيبر، فقال صلَّي الله عليه وآله وسلّم: «والله ما أدري بأيّهما أنا أشدّ سروراً بقدوم جعفر أو بفتح خيبر؟ قال: فلم يلبث إن جاء جعفر، فوثب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلّم فالتزمه وقبّل ما بين عينيه ثمّ قال: أ لا أمنحك …».

وهي أربع ركعات بتسليمتين، يقرأ في كلّ منها الحمد وسورة ثمّ يقول: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرّة. وكذا يقول في الركوع عشر مرّات، وبعد رفع الرأس منه عشر مرّات، وفي السجدة الأولي عشر مرّات، وبعد الرفع منها عشر مرّات وكذا في السجدة الثانية عشر مرّات، وبعد الرفع منها عشر مرّات ففي كلّ ركعة خمس وسبعون مرّة، ومجموعها: ثلاثمائة تسبيحة.

[أحكام صلاة جعفر عليه السلام]

(1 مسألة): يجوز إتيان هذه الصلاة في كلّ من اليوم والليلة، ولا فرق بين الحضر والسفر، وأفضل أوقاته يوم الجمعة حين ارتفاع الشمس، ويتأكّد إتيانها في ليلة النصف من شعبان .

(2 مسألة): لا يتعيّن فيها سورة مخصوصة، لكن الأفضل أن يقرأ في الركعة الأولي إذا زلزلت، وفي الثانية والعاديات، وفي الثالثة إذا جاء نصر الله، وفي الرابعة قل هو الله أحد.

(3 مسألة): يجوز تأخير التسبيحات إلي ما بعد الصلاة إذا كان مستعجلاً، كما يجوز التفريق بين الصلاتين إذا

كان له حاجة ضرورية: بأن يأتي بركعتين ثمّ بعد قضاء تلك الحاجة يأتي بركعتين أخريين .

(4 مسألة): يجوز احتساب هذه الصلاة من نوافل الليل، أو النهار أداءً وقضاءً فعن الإمام الصادق عليه السلام: «صلِّ صلاة جعفر في أيّ وقت شئت من ليل أو نهار، وإن شئت حسبتها من نوافل الليل، وإن شئت حسبتها من نوافل النهار، وتحسب لك من نوافلك وتحسب لك صلاة جعفر».

والمراد من الاحتساب: تداخلهما، فينوي بالصلاة كونها نافلة وصلاة جعفر، ويحتمل أنه ينوي صلاة جعفر ويجتزئ بها عن النافلة، ويحتمل أنه ينوي النافلة ويأتي بها بكيفيّة صلاة جعفر فيثاب ثوابها أيضاً، وهل يجوز إتيان الفريضة بهذه الكيفية، أو لا؟ قولان، لا يبعد الجواز علي الاحتمال الأخير دون الأوّلين، ودعوي: أنه تغيير لهيئة الفريضة والعبادات توقيفيّة مدفوعة، بمنع ذلك بعد جواز كلّ ذكر ودعاء في الفريضة، ومع ذلك الأحوط الترك .

(5 مسألة): يستحب القنوت فيها في الركعة الثانية من كلّ من الصلاتين، للعمومات وخصوص بعض النصوص .

(6 مسألة): لو سها عن بعض التسبيحات، أو كلّها في محلّ فتذكّر في المحلّ الآخر، يأتي به مضافاً إلي وظيفته، وإن لم يتذكّر إلا بعد الصلاة قضاه بعدها.

(7 مسألة): الأحوط() عدم الاكتفاء بالتسبيحات عن ذكر الركوع والسجود، بل يأتي به أيضاً قبلها، أو بعدها.

(8 مسألة): يستحب أن يقول في السجدة الثانية من الركعة الرابعة بعد التسبيحات.: «يا من لبس العزّ والوقار يا من تعطّف بالمجد وتكرّم به يا من لا ينبغي التسبيح إلا له يا من أحصي كلّ شيء علمه يا ذا النعمة والطول يا ذا المن والفضل يا ذا القدرة والكرم أسألك بمعاقد العزّ من عرشك وبمنتهي الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم الأعلي وبكلماتك التامّة أن تصلّي علي محمّد

وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا» ويذكر حاجاته .

(60- فصل: في صلاة الغفيلة)

وهي ركعتان بين المغرب والعشاء، يقرأ في الأولي بعد الحمد ?وذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادي فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا له ونَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ?.

وفي الثانية بعد الحمد ?وعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاّ هُوَ ويَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ والْبَحْرِ وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُها ولا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الأَرْضِ ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ?.

ثمّ يرفع يديه ويقول: «اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلّي علي محمّد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا» ويذكر حاجاته ثمّ يقول: «اللهم أنت وليّ نعمتي والقادر علي طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمّد وآله عليه وعليهم السلام لمّا قضيتها لي» ويسأل حاجاته.

والظاهر أنها غير نافلة المغرب() ولا يجب جعلها منها بناء علي المختار من جواز النافلة لمن عليه فريضة.

(61- فصل: في صلاة أوّل الشهر)

يستحب في اليوم الأول من كلّ شهر أن يصلِّي ركعتين:

يقرأ في الأولي بعد الحمد: قل هو الله ثلاثين مرّة().

وفي الثانية بعد الحمد: إنا أنزلناه ثلاثين مرّة.

ثمّ يتصدق بما تيسّر، فيشتري سلامة تمام الشهر بهذا.

ويستحب أن يقرأ بعد الصلاة هذه الآيات: ?بسم الله الرحمن الرحيم وما مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَي اللَّهِ رِزْقُها ويَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها ومُسْتَوْدَعَها كلّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ، بسم الله الرحمن الرحيم وإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ له إِلَّا هُوَ وإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، بسم الله الرحمن الرحيم سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً، ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، حَسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الْوَكِيلُ، وأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَي اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ

بَصِيرٌ بِالْعِبادِ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ?.

ويجوز الإتيان بها في تمام اليوم وليس لها وقت معيّن().

(62- فصل: في صلاة الوصيّة)

وهي ركعتان بين العشائين: يقرأ في الأولي الحمد و?إذا زلزلت الأرض? ثلاث عشرة مرّة، وفي الثانية الحمد و?قل هو الله أحد? خمس عشرة مرّة، فعن الإمام الصادق عليه السلام عن رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم انه قال: «أوصيكم بركعتين بين العشائين إلي أن قال: فإنه من فعل ذلك في كلّ شهر كان من الموقنين فإن فعل ذلك في كلّ سنة كان من المحسنين، فإن فعل ذلك في كلّ جمعة، كان من المخلصين، فإن فعل ذلك مرّة كلّ ليلة زاحمني في الجنّة، ولم يحص ثوابه إلا الله تعالي ».

(63- فصل: في صلاة يوم الغدير)

وهو الثامن عشر من ذي الحجة، وهي ركعتان: يقرأ في كلّ ركعة سورة الحمد وعشر مرّات ?قل هو الله أحد? وعشر مرّات آية الكرسي، وعشر مرّات ?إنا أنزلناه ?.

ففي خبر علي بن الحسين العبدي عن الإمام الصادق عليه السلام: «من صلّي فيه (أي: في يوم الغدير) ركعتين، يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة يسأل الله عزّ وجلّ، يقرأ في كلّ ركعة سورة الحمد مرّة، وعشر مرّات ?قل هو الله أحد? وعشر مرّات آية الكرسي، وعشر مرّات ?إنا أنزلناه? عدلت عند الله عزّ وجلّ مائة ألف حجة، ومائة ألف عمرة، وما سأل الله عزّ وجلّ حاجة من حوائج الدنيا وحوائج الآخرة إلا قضيت له كائنة ما كانت الحاجة، وإن فاتتك الركعتان والدعاء قضيتها بعد ذلك …».

وذكر بعض العلماء: أنه يخرج إلي خارج المصر، وأنه يؤتي بها جماعة، وأنه يخطب الإمام خطبة مقصورة علي حمد الله والثناء والصلاة علي محمّد وآله، والتنبيه علي عظم حرمة هذا اليوم، لكن لا دليل علي ما ذكره، وقد مرّ الإشكال() في إتيانها جماعة في باب صلاة الجماعة.

(64- فصل: في صلاة قضاء الحاجات وكشف المهمات )

وقد وردت بكيفيّات، منها: ما قيل: إنه مجرب مراراً.

وهو ما رواه زياد القندي عن عبد الرحيم القصير عن أبي عبد الله عليه السلام: «… إذا نزل بك أمر فافزع إلي رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم وصلِّ ركعتين تهديهما إلي رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم، قلت: كيف أصنع قال: تغتسل وتصلِّي ركعتين تستفتح بهما افتتاح الفريضة، وتشهّد تشهّد الفريضة، فإذا فرغت من التشهّد وسلّمت قلت: اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يرجع السلام، اللهم صلِّ علي محمّد وآل محمّد وبلِّغ روح محمّد صلّي الله عليه وآله منِّي

السلام، وبلّغ أرواح الأئمة الصالحين سلامي، واردد عليَّ منهم السلام، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته، اللهم إن هاتين الركعتين هديّة منّي إلي رسول الله صلّي الله عليه وآله فأثبني عليهما ما أمّلت ورجوت فيك وفي رسولك يا وليّ المؤمنين. ثمّ تخرّ ساجداً وتقول: يا حيّ يا قيّوم، يا حيّاً لا يموت، يا حيّ لا إله إلا أنت، يا ذا الجلال والإكرام، يا أرحم الراحمين، أربعين مرّة. ثمّ ضع خدّك الأيمن فتقولها أربعين مرّة، ثمّ ضع خدّك الأيسر فتقولها أربعين مرّة، ثمّ ترفع رأسك وتمدّ يدك فتقول أربعين مرّة، ثمّ تردّ يدك إلي رقبتك وتلوذ بسبّابتك وتقول ذلك أربعين مرّة، ثمّ خذ لحيتك بيدك اليسري وابك، أو تباك وقل: يا محمّد يا رسول الله أشكو إلي الله وإليك حاجتي، وإلي أهل بيتك الراشدين حاجتي، وبكم أتوجّه إلي الله في حاجتي، ثمّ تسجد وتقول: يا الله يا الله حتي ينقطع نفسك صلّ علي محمّد وآل محمّد وافعل بي كذا وكذا. قال أبو عبد الله عليه السلام: فأنا الضامن علي الله عز وجل أن لا يبرح حتي تقضي حاجته».

(65- فصل: في الصلوات المستحبة)

الصلوات المستحبة كثيرة، وهي أقسام:

منها: نوافل الفرائض اليوميّة، ومجموعها ثلاث وعشرون ركعة بناء علي احتساب ركعتي الوتيرة بواحدة.

ومنها: نافلة الليل إحدي عشرة ركعة.

ومنها: الصلوات المستحبة في أوقات مخصوصة كنوافل شهر رمضان، ونوافل شهر رجب وشهر شعبان ونحوها، وكصلاة الغدير والغفيلة والوصية وأمثالها.

ومنها: الصلوات التي لها أسباب كصلاة الزيارة، وتحيّة المسجد، وصلاة الشكر ونحوها.

ومنها: الصلوات المستحبة لغايات مخصوصة كصلاة الاستسقاء، وصلاة طلب قضاء الحاجة، وصلاة كشف المهمات، وصلاة طلب الرزق، وصلاة طلب الذكاء وجودة الذهن ونحوها.

ومنها: الصلوات المخصوصة بدون سبب وغاية ووقت، كصلاة جعفر، وصلاة رسول الله وصلاة أمير المؤمنين،

وصلاة فاطمة، وصلاة سائر الأئمة عليهم السلام.

ومنها: النوافل المبتدأة فإن كلّ وقت وزمان يسع صلاة ركعتين يستحب إتيانها. وبعض المذكورات، بل أغلبها لها كيفيّات مخصوصة مذكورة في محلّها.

(66- فصل: في أحكام النوافل والصلوات المندوبة)

جميع الصلوات المندوبة يجوز إتيانها جالساً اختياراً، وكذا ماشياً وراكباً وفي المحمل والسفينة، لكن إتيانها قائماً أفضل حتي الوتيرة وإن كان الأحوط الجلوس فيها، وفي جواز إتيانها نائماً مستلقياً، أو مضطجعاً في حال الاختيار إشكال ().

(1 مسألة): يجوز في النوافل إتيان ركعة قائماً وركعة جالساً، بل يجوز إتيان بعض الركعة جالساً وبعضها قائماً.

(2 مسألة): يستحب إذا أتي بالنافلة جالساً أن يحسب كلّ ركعتين بركعة. مثلاً: إذا جلس في نافلة الصبح يأتي بأربع ركعات بتسليمتين، وهكذا.

(3 مسألة): إذا صلّي جالساً وأبقي من السورة آية، أو آيتين فقام وأتمّها وركع عن قيام، يحسب له صلاة القائم ولا يحتاج حينئذٍ إلي احتساب ركعتين بركعة.

(4 مسألة): لا فرق في الجلوس بين كيفيّاته، فهو مخيّر بين أنواعها حتي مدّ الرجلين، نعم الأولي أن يجلس متربّعاً ويثني رجليه حال الركوع وهو: أن ينصب فخذيه وساقيه من غير إقعاء، إذ هو مكروه وهو: أن يعتمد بصدور قدميه علي الأرض ويجلس علي عقبيه، وكذا يكره الجلوس بمثل إقعاء الكلب .

(5 مسألة): إذا نذر النافلة مطلقاً يجوز له الجلوس فيها، وإذا نذرها جالساً فالظاهر انعقاد نذره، وكون القيام أفضل لا يوجب فوات الرجحان في الصلاة جالساً غايته أنها أقل ثواباً، لكنّه لا يخلو عن إشكال .

(6 مسألة): النوافل كلّها ركعتان لا يجوز الزيادة عليهما ولا النقيصة، إلا في صلاة الأعرابي والوتر.

(7 مسألة): تختصّ النوافل بأحكام:

منها: جواز الجلوس والمشي فيها اختياراً كما مرّ.

ومنها: عدم وجوب السورة فيها إلا بعض الصلوات المخصوصة بكيفيّات مخصوصة.

ومنها: جواز الاكتفاء ببعض السورة فيها.

ومنها: جواز قراءة

أزيد من سورة من غير إشكال.

ومنها: جواز قراءة العزائم فيها.

ومنها: جواز العدول فيها من سورة إلي أخري مطلقاً.

ومنها: عدم بطلانها بزيادة الركن سهواً.

ومنها: عدم بطلانها بالشكّ بين الركعات، بل يتخيّر بين البناء علي الأقلّ، أو علي الأكثر.

ومنها: أنه لا يجب لها سجود السهو ولا قضاء السجدة والتشهّد المنسييّن ولا صلاة الاحتياط.

ومنها: لا إشكال في جواز إتيانها في جوف الكعبة، أو سطحها.

ومنها: أنه لا يشرع فيها الجماعة إلا في صلاة الاستسقاء، وعلي قول في صلاة الغدير.

ومنها: جواز قطعها اختياراً.

ومنها: أن إتيانها في البيت أفضل من إتيانها في المسجد إلا ما يختص به علي ما هو المشهور، وإن كان في إطلاقه إشكال .

(67- فصل: في صلاة المسافر)

(67- فصل: في صلاة المسافر)

لا إشكال في وجوب القصر علي المسافر مع اجتماع الشرائط الآتية بإسقاط الركعتين الأخيرتين من الرباعيات، وأما الصبح والمغرب فلا قصر فيهما، وأما شروط القصر فأمور:

[الشرط الأول]

الأول: المسافة وهي ثمانية فراسخ امتدادية ذهاباً، أو إياباً، أو ملفّقة من الذهاب والإياب إذا كان الذهاب أربعة أو أزيد، بل مطلقاً علي الأقوي وإن كان الذهاب فرسخاً والإياب سبعة، وإن كان الأحوط في صورة كون الذهاب أقلّ من أربعة مع كون المجموع ثمانية الجمع.

والأقوي عدم اعتبار كون الذهاب والإياب في يوم واحد، أو ليلة واحدة، أو في الملفق منهما مع اتصال إيابه بذهابه وعدم قطعه بمبيت ليلة فصاعداً في الأثناء، بل إذا كان من قصده الذهاب والإياب ولو بعد تسعة أيام يجب عليه القصر، فالثمانية الملفّقة كالممتدّة في إيجاب القصر إلا إذا كان قاصداً للإقامة عشرة أيام في المقصد، أو غيره، أو حصل أحد القواطع الأخري، فكما أنه إذا بات في أثناء الممتدّة ليلة، أو ليالي لا يضر في سفره فكذا في الملفّقة، فيقصّر ويفطر، ولكن مع ذلك الجمع بين القصر والتمام والصوم وقضائه في صورة عدم الرجوع ليومه أو ليلته أحوط، ولو كان من قصده الذهاب والإياب ولكن كان متردّداً في الإقامة في الأثناء عشرة أيام وعدمها لم يقصّر، كما أن الأمر في الامتدادية أيضاً كذلك .

(1 مسألة): الفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربع وعشرون إصبعاً، كلّ إصبع عرض سبع شعيرات، كلّ شعيرة عرض سبع شعرات من أوسط شعر البرذون .

(2 مسألة): لو نقصت المسافة عن ثمانية فراسخ ولو يسيراً لا يجوز القصر، فهي مبنيّة علي التحقيق لا المسامحة العرفية()، نعم لا يضرّ اختلاف الأذرع المتوسّطة في الجملة، كما هو الحال في جميع

التحديدات الشرعيّة().

(3 مسألة): لو شكّ في كون مقصده مسافة شرعية، أو لا، بقي علي التمام علي الأقوي، بل وكذا لو ظنّ كونها مسافة.

(4 مسألة): تثبت المسافة بالعلم الحاصل من الاختبار، وبالشياع() المفيد للعلم، وبالبيّنة الشرعيّة، وفي ثبوتها بالعدل الواحد إشكال()، فلا يترك الاحتياط بالجمع .

(5 مسألة): الأقوي عند الشكّ وجوب الاختبار، أو السؤال لتحصيل البيّنة، أو الشياع المفيد للعلم، إلا إذا كان مستلزماً للحرج .

(6 مسألة): إذا تعارض البيّنتان فالأقوي سقوطهما ووجوب التمام وإن كان الأحوط الجمع .

(7 مسألة): إذا شكّ في مقدار المسافة شرعاً وجب عليه الاحتياط بالجمع، إلا إذا كان مجتهداً وكان ذلك بعد الفحص عن حكمه فإن الأصل هو التمام .

(8 مسألة): إذا كان شاكاً في المسافة ومع ذلك قصّر لم يجز، بل وجب عليه الإعادة تماماً، نعم لو ظهر بعد ذلك كونه مسافة أجزأ إذا حصل منه قصد القربة مع الشكّ المفروض، ومع ذلك الأحوط الإعادة أيضاً.

(9 مسألة): لو اعتقد كونه مسافة فقصّر ثمّ ظهر عدمها وجبت الإعادة، وكذا لو اعتقد عدم كونه مسافة فأتمّ ثمّ ظهر كونه مسافة فإنه يجب عليه الإعادة().

(10 مسألة): لو شكّ في كونه مسافة، أو اعتقد العدم ثمّ بان في أثناء السير كونه مسافة، يقصّر وإن لم يكن الباقي مسافة.

(11 مسألة): إذا قصد الصبيّ مسافة ثمّ بلغ في الأثناء وجب عليه القصر وإن لم يكن الباقي مسافة، وكذا يقصّر إذا أراد التطوّع بالصلاة مع عدم بلوغه، والمجنون الذي يحصل منه القصد إذا قصد مسافة ثمّ أفاق في الأثناء يقصّر، وأما إذا كان بحيث لا يحصل منه القصد فالمدار بلوغ المسافة من حين إفاقته .

(12 مسألة): لو تردّد في أقلّ من أربعة فراسخ ذاهباً وجائياً مرّات حتي بلغ المجموع ثمانية لم يقصّر،

ففي التلفيق لا بدّ أن يكون المجموع من ذهاب واحد وإياب واحد ثمانية.

(13 مسألة): لو كان للبلد طريقان: والأبعد منهما مسافة، فإن سلك الأبعد قصّر، وإن سلك الأقرب لم يقصّر إلا إذا كان أربعة، أو أقلّ وأراد الرجوع من الأبعد.

(14 مسألة): في المسافة المستديرة: الذهاب فيها الوصول إلي المقصد، والإياب منه إلي البلد، وعلي المختار يكفي كون المجموع مسافة مطلقاً وإن لم يكن إلي المقصد أربعة، وعلي القول الآخر يعتبر أن يكون من مبدأ السير إليه أربعة مع كون المجموع بقدر المسافة.

(15 مسألة): مبدأ حساب المسافة سور البلد()، أو آخر البيوت فيما لا سور فيه في البلدان الصغار والمتوسّطات، وآخر المحلّة في البلدان الكبار() الخارقة للعادة، والأحوط مع عدم بلوغ المسافة من آخر البلد الجمع وإن كانت مسافة إذا لوحظ آخر المحلّة.

[الشرط الثاني]

الثاني: قصد قطع المسافة من حين الخروج، فلو قصد أقلّ منها وبعد الوصول إلي المقصد قصد مقداراً آخر يكون مع الأول مسافة لم يقصّر، نعم لو كان ذلك المقدار مع ضمّ العود مسافة قصّر من ذلك الوقت بشرط أن يكون عازماً علي العود.

وكذا لا يقصّر من لا يدري أيّ مقدار يقطع: كما لو طلب عبداً آبقاً، أو بعيراً شارداً، أو الصيد ولم يدر أنه يقطع مسافة، أو لا، نعم يقصّر في العود إذا كان مسافة، بل في الذهاب إذا كان مع العود بقدر المسافة وإن لم يكن أربعة: كأن يقصد في الأثناء أن يذهب ثلاثة فراسخ والمفروض أن العود يكون خمسة، أو أزيد.

وكذا لا يقصّر لو خرج ينتظر رفقة إن تيسّروا سافر معهم وإلا فلا، أو علّق سفره علي حصول مطلب في الأثناء قبل بلوغ الأربعة إن حصل يسافر وإلا فلا، نعم لو

اطمأنّ بتيسّر الرفقة، أو حصول المطلب بحيث يتحقّق معه العزم علي المسافة، قصّر بخروجه عن محلّ الترخّص.

(16 مسألة): مع قصد المسافة لا يعتبر اتّصال السير، فيقصّر وإن كان من قصده أن يقطع الثمانية في أيام، وإن كان ذلك اختياراً لا لضرورة من عدوّ، أو برد، أو انتظار رفيق أو نحو ذلك، نعم لو كان بحيث لا يصدق عليه اسم السفر لم يقصّر()، كما إذا قطع في كلّ يوم شيئاً يسيراً جداً للتنزّه أو نحوه، والأحوط في هذه الصورة أيضاً الجمع .

(17 مسألة): لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلاً، بل يكفي ولو كان من جهة التبعيّة للغير لوجوب الطاعة() كالزوجة والعبد، أو قهراً كالأسير والمكره ونحوهما، أو اختيارا ًكالخادم ونحوه. بشرط العلم بكون قصد المتبوع مسافة، فلو لم يعلم بذلك بقي علي التمام ويجب الاستخبار مع الإمكان، نعم في وجوب الإخبار علي المتبوع إشكال وإن كان الظاهر عدم الوجوب .

(18 مسألة): إذا علم التابع بمفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة ولو ملفّقة بقي علي التمام ، بل لو ظنّ ذلك فكذلك، نعم لو شكّ في ذلك فالظاهر القصر() خصوصاً لو ظنّ العدم، لكن الأحوط في صورة الظنّ بالمفارقة والشكّ فيها الجمع .

(19 مسألة): إذا كان التابع عازماً علي المفارقة مهما أمكنه ، أو معّلقاً لها علي حصول أمر كالعتق، أو الطلاق ونحوهما: فمع العلم بعدم الإمكان وعدم حصول المعلّق عليه يقصّر، وأما مع ظنّه فالأحوط الجمع وإن كان الظاهر التمام، بل وكذا مع الاحتمال، إلا إذا كان بعيداً غايته بحيث لا ينافي صدق قصد المسافة، ومع ذلك أيضاً لا يترك الاحتياط().

(20 مسألة): إذا اعتقد التابع أن متبوعه لم يقصد المسافة، أو شكّ في ذلك وفي الأثناء علم أنه قاصد لها،

فالظاهر() وجوب القصر عليه وإن لم يكن الباقي مسافة، لأنه إذا قصد ما قصده متبوعه فقد قصد المسافة واقعاً، فهو كما لو قصد بلداً معيّناً واعتقد عدم بلوغه مسافة فبان في الأثناء أنه مسافة، ومع ذلك فالأحوط الجمع .

(21 مسألة): لا إشكال في وجوب القصر إذا كان مكرهاً علي السفر، أو مجبوراً عليه، وأما إذا أُركب علي الدابّة، أو أُلقي في السفينة من دون اختياره بأن لم يكن له حركة سيريّة، ففي وجوب القصر ولو مع العلم بالإيصال إلي المسافة إشكال وإن كان لا يخلو عن قوة.

[الشرط الثالث]

الثالث: استمرار قصد المسافة، فلو عدل عنه قبل بلوغ الأربعة، أو تردّد أتمّ، وكذا إذا كان بعد بلوغ الأربعة لكن كان عازماً علي عدم العود، أو كان متردّداً في أصل العود وعدمه، أو كان عازماً علي العود لكن بعد نيّة الإقامة هناك عشرة أيام، وأما إذا كان عازماً علي العود من غير نيّة الإقامة عشرة أيام فيبقي علي القصر وإن لم يرجع ليومه، بل وإن بقي متردّداً إلي ثلاثين يوماً، نعم بعد الثلاثين متردّداً يتمّ .

(22 مسألة): يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع وإن عدل عن الشخص، كما لو قصد السفر إلي مكان مخصوص فعدل عنه إلي آخر يبلغ ما مضي وما بقي إليه مسافة، فإنه يقصّر حينئذٍ علي الأصحّ.

كما أنه يقصّر لو كان من أوّل سفره قاصداً للنوع دون الشخص، فلو قصد أحد المكانين المشتركين في بعض الطريق ولم يعيّن من الأول أحدهما، بل أوكل التعيين إلي ما بعد الوصول إلي آخر الحدّ المشترك، كفي في وجوب القصر.

(23 مسألة): لو تردّد في الأثناء ثمّ عاد إلي الجزم: فإما أن يكون قبل قطع شيء من الطريق، أو بعده.

ففي الصورة

الأولي يبقي علي القصر إذا كان ما بقي مسافة ولو ملفّقة، وكذا إن لم يكن مسافة في وجه()، لكنّه مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع.

وأما في الصورة الثانية فإن كان ما بقي مسافة ولو ملفّقة يقصّر أيضاً وإلا فيبقي علي التمام، نعم لو كان ما قطعه حال الجزم أوّلاً مع ما بقي بعد العود إلي الجزم بعد إسقاط ما تخلّل بينهما ممّا قطعه حال التردّد مسافة ففي العود إلي التقصير وجه()، لكنّه مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع .

(24 مسألة): ما صلاه قصراً قبل العدول عن قصده لا يجب إعادته في الوقت ، فضلاً عن قضائه خارجه .

[الشرط الرابع]

الرابع: أن لا يكون من قصده في أوّل السير، أو في أثنائه إقامة عشرة أيام قبل بلوغ الثمانية، وأن لا يكون من قصده المرور علي وطنه كذلك، وإلا أتمّ، لأن الإقامة قاطعة لحكم السفر، والوصول إلي الوطن قاطع لنفسه، فلو كان من قصده ذلك من حين الشروع، أو بعده لم يكن قاصداً للمسافة، وكذا يتمّ لو كان متردّداً في نيّة الإقامة، أو المرور علي الوطن قبل بلوغ الثمانية، نعم لو لم يكن ذلك من قصده ولا متردّداً فيه إلا أنه يحتمل عروض مقتض لذلك في الأثناء، لم يناف عزمه() علي المسافة فيقصّر، نظير ما إذا كان عازماً علي المسافة إلا أنه لو عرض في الأثناء مانع من لصّ، أو عدوّ، أو مرض، أو نحو ذلك يرجع، ويحتمل عروض ذلك فإنه لا يضرّ بعزمه وقصده .

(25 مسألة): لو كان حين الشروع في السفر، أو في أثنائه قاصداً للإقامة، أو المرور علي الوطن قبل بلوغ الثمانية، لكن عدل بعد ذلك عن قصده، أو كان متردّداً في ذلك وعدل عن ترديده إلي الجزم بعدم الأمرين: فإن

كان ما بقي بعد العدول مسافة في نفسه، أو مع التلفيق بضمّ الإياب قصّر، وإلا فلا، فلو كان ما بقي بعد العدول إلي المقصد أربع فراسخ وكان عازماً علي العود ولو لغير يومه، قصّر في الذهاب والمقصد والإياب، بل وكذا لو كان أقلّ من أربعة، بل ولو كان فرسخاً فكذلك علي الأقوي من وجوب القصر في كلّ تلفيق من الذهاب والإياب وعدم اعتبار كون الذهاب أربعة، أو أزيد كما مرّ.

(26 مسألة): لو لم يكن من نيّته في أوّل السفر الإقامة، أو المرور علي الوطن ، وقطع مقداراً من المسافة ثمّ بدا له ذلك قبل بلوغ الثمانية، ثمّ عدل عمّا بدا له وعزم علي عدم الأمرين، فهل يضمّ() ما مضي إلي ما بقي إذا لم يكن ما بقي بعد العدول عمّا بدا له مسافة فيقصّر إذا كان المجموع مسافة ولو بعد إسقاط ما تخلّل بين العزم الأول والعزم الثاني إذا كان قطع بين العزمين شيئاً؟ إشكال خصوصا في صورة التخلّل، فلا يترك الاحتياط بالجمع نظير ما مرّ في الشرط الثالث .

[الشرط الخامس]

الخامس من الشروط: أن لا يكون السفر حراماً، وإلا لم يقصّر، سواء كان نفسه حراماً: كالفرار من الزحف، وإباق العبد، وسفر الزوجة بدون إذن الزوج() في غير الواجب، وسفر الولد مع نهي الوالدين() في غير الواجب، وكما إذا كان السفر مضرّاً لبدنه() وكما إذا نذر عدم السفر مع رجحان تركه ونحو ذلك، أو كان غايته أمراً محرّماً: كما إذا سافر لقتل نفس محترمة، أو للسرقة، أو للزنا، أو لإعانة ظالم، أو لأخذ مال الناس ظلماً ونحو ذلك، وأما إذا لم يكن لأجل المعصية لكن تتّفق في أثنائه، مثل: الغيبة، وشرب الخمر، والزني ونحو ذلك، ممّا ليس غاية

للسفر، فلا يوجب التمام، بل يجب معه القصر والإفطار.

(27 مسألة): إذا كان السفر مستلزماً لترك واجب، كما إذا كان مديوناً وسافر مع مطالبة الديّان وإمكان الأداء في الحضر دون السفر ونحو ذلك، فهل يوجب التمام أم لا؟ الأقوي التفصيل: بين ما إذا كان لأجل التوصّل إلي ترك الواجب، أو لم يكن كذلك، ففي الأول يجب التمام دون الثاني، لكن الأحوط الجمع في الثاني .

(28 مسألة): إذا كان السفر مباحاً لكن ركب دابّة غصبيّة، أو كان المشي في أرض مغصوبة، فالأقوي فيه القصر() وإن كان الأحوط الجمع .

(29 مسألة): التابع للجائر إذا كان مجبوراً، أو مكرهاً علي ذلك ، أو كان قصده دفع مظلمة، أو نحوها من الأغراض الصحيحة المباحة، أو الراجحة قصّر، وأما إذا لم يكن كذلك بأن كان مختاراً وكانت تبعيّته() إعانة للجائر في جوره وجب عليه التمام وإن كان سفر الجائر طاعة، فإن التابع حينئذٍ يتمّ مع أن المتبوع يقصّر.

(30 مسألة): التابع للجائر المعدّ نفسه لامتثال أوامره، لو أمره بالسفر فسافر امتثالاً لأمره ، فإن عدّ سفره إعانة للظالم في ظلمه() كان حراماً ووجب عليه التمام وإن كان من حيث هو مع قطع النظر عن كونه إعانة مباحاً، والأحوط الجمع، وأما إذا لم يعدّ إعانة علي الظلم فالواجب عليه القصر.

(31 مسألة): إذا سافر للصيد: فإن كان لقوته وقوت عياله قصّر، بل وكذا لو كان للتجارة، وإن كان الأحوط فيه الجمع، وإن كان لهواً كما يستعمله أبناء الدنيا وجب عليه التمام، ولا فرق بين صيد البرّ والبحر، كما لا فرق بعد فرض كونه سفراً بين كونه دائراً حول البلد، وبين التباعد عنه، وبين استمراره ثلاثة أيام وعدمه علي الأصح ّ.

(32 مسألة): الراجع من سفر المعصية إن كان بعد التوبة

يقصّر، وإن كان مع عدم التوبة فلا يبعد وجوب التمام عليه لكون العود جزءاً من سفر المعصية()، لكن الأحوط الجمع حينئذٍ.

(33 مسألة): إباحة السفر كما أنها شرط في الابتداء شرط في الاستدامة أيضاً، فلو كان ابتداء سفره مباحاً فقصد المعصية في الأثناء انقطع ترخّصه ووجب عليه الإتمام() وإن كان قد قطع مسافات، ولو لم يقطع بقدر المسافة صحّ ما صلاّه قصراً، فهو كما لو عدل عن السفر وقد صلّي قبل عدوله قصراً حيث ذكرنا سابقاً أنه لا يجب إعادتها.

وأما لو كان ابتداء سفره معصية فعدل في الأثناء إلي الطاعة: فإن كان الباقي مسافة فلا إشكال في القصر وإن كانت ملفّقة من الذهاب والإياب، بل وإن لم يكن الذهاب أربعة علي الأقوي، وأما إذا لم يكن مسافة ولو ملفّقة فالأحوط الجمع بين القصر والتمام، وإن كان الأقوي القصر() بعد كون مجموع ما نواه بقدر المسافة ولو ملفّقة، فإن المدار علي حال العصيان والطاعة فما دام عاصياً يتمّ، وما دام مطيعاً يقصّر من غير نظر إلي كون البقيّة مسافة، أو لا.

(34 مسألة): لو كانت غاية السفر ملفّقة من الطاعة والمعصية، فمع استقلال داعي المعصية لا إشكال في وجوب التمام سواء كان داعي الطاعة أيضاً مستقلاً، أو تبعاً، وأما إذا كان داعي الطاعة مستقلاً وداعي المعصية تبعاً()، أو كان بالاشتراك ففي المسألة وجوه: والأحوط الجمع، وإن كان لا يبعد وجوب التمام خصوصاً في صورة الاشتراك بحيث لو لا اجتماعهما لا يسافر.

(35 مسألة): إذا شكّ في كون السفر معصية، أو لا مع كون الشبهة موضوعيّة، فالأصل الإباحة إلا إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة، أو كان هناك أصل موضوعي: كما إذا كانت الحلّية مشروطة بأمر وجودي كإذن المولي وكان

مسبوقاً بالعدم، أو كان الشكّ في الإباحة والعدم من جهة الشكّ في حرمة الغاية وعدمها وكان الأصل فيها الحرمة.

(36 مسألة): هل المدار في الحلّية والحرمة علي الواقع، أو الاعتقاد، أو الظاهر من جهة الأصول ؟ إشكال، فلو اعتقد كون السفر حراماً بتخيّل أن الغاية محرّمة فبان خلافه: كما إذا سافر لقتل شخص بتخيّل أنه محقون الدم فبان كونه مهدور الدم، فهل يجب عليه إعادة ما صلاّه تماماً، أو لا؟ ولو لم يصلِّ وصارت قضاءً فهل يقضيها قصراً، أو تماماً؟ وجهان: والأحوط الجمع، وإن كان لا يبعد كون المدار علي الواقع إذا لم نقل بحرمة التجرّي()، وعلي الاعتقاد إن قلنا بها، وكذا لو كان مقتضي الأصل العملي الحرمة وكان الواقع خلافه، أو العكس، فهل المناط ما هو في الواقع، أو مقتضي الأصل بعد كشف الخلاف؟ وجهان: والأحوط الجمع، وإن كان لا يبعد كون المناط هو الظاهر الذي اقتضاه الأصل إباحة، أو حرمة.

(37 مسألة): إذا كانت الغاية المحرّمة في أثناء الطريق، لكن كان السفر إليه مستلزماً لقطع مقدار آخر من المسافة()، فالظاهر: أن المجموع يعدّ من سفر المعصية، بخلاف ما إذا لم يستلزم .

(38 مسألة): السفر بقصد مجرّد التنزّه ليس بحرام ولا يوجب التمام .

(39 مسألة): إذا نذر أن يتمّ الصلاة في يوم معيّن، أو يصوم يوماً معيّناً، وجب عليه الإقامة()، ولو سافر وجب عليه القصر علي ما مرّ: من أن السفر المستلزم لترك واجب لا يوجب التمام، إلا إذا كان بقصد التوصّل إلي ترك الواجب()، والأحوط الجمع .

(40 مسألة): إذا كان سفره مباحاً لكن يقصد الغاية المحرّمة في حواشي الجادّة فيخرج عنها لمحرّم ويرجع إلي الجادّة، فإن كان السفر لهذا الغرض كان محرّماً موجباً للتمام، وإن لم يكن كذلك

وإنما يعرض له قصد ذلك في الأثناء فما دام خارجاً عن الجادّة يتمّ وما دام عليها يقصّر()، كما أنه إذا كان السفر لغاية محرّمة وفي أثنائه يخرج عن الجادّة ويقطع المسافة، أو أقلّ لغرض آخر صحيح يقصّر() ما دام خارجاً، والأحوط الجمع في الصورتين .

(41 مسألة): إذا قصد مكاناً لغاية محرّمة، فبعد الوصول إلي المقصد قبل حصول الغرض يتم ّ، وأما بعده فحاله حال العود عن سفر المعصية في: أنه لو تاب يقصّر، ولو لم يتب يمكن القول بوجوب التمام لعدّ المجموع سفراً واحداً()، والأحوط الجمع هنا وإن قلنا بوجوب القصر في العود بدعوي عدم عدّه مسافراً قبل أن يشرع في العود.

(42 مسألة): إذا كان السفر لغاية، لكن عرض في أثناء الطريق قطع مقدار من المسافة لغرض محرّم منضمّاً إلي الغرض الأول، فالظاهر وجوب التمام في ذلك المقدار من المسافة لكون الغاية في ذلك المقدار ملفّقة من الطاعة والمعصية، والأحوط الجمع خصوصاً إذا لم يكن الباقي مسافة().

(43 مسألة): إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم، ثمّ عدل في الأثناء إلي الطاعة: فإن كان العدول قبل الزوال وجب الإفطار()، وإن كان بعده ففي صحة الصوم ووجوب إتمامه إذا كان في شهر رمضان مثلاً وجهان: والأحوط الإتمام() والقضاء. ولو انعكس بأن كان طاعة في الابتداء وعدل إلي المعصية في الأثناء: فإن لم يأت بالمفطر وكان قبل الزوال صحّ صومه والأحوط قضاؤه أيضاً، وإن كان بعد الإتيان بالمفطر، أو بعد الزوال بطل، والأحوط إمساك بقيّة النهار تأدبّاً إن كان من شهر رمضان .

(44 مسألة): يجوز في سفر المعصية الإتيان بالصوم الندبي ، ولا يسقط عنه الجمعة، ولا نوافل النهار والوتيرة، فيجري عليه حكم الحاضر.

[الشرط السادس]

السادس من الشرائط: أن لا يكون ممن

بيته معه: كأهل البوادي من العرب والعجم الذين لا مسكن لهم معيّناً، بل يدورون في البراري وينزلون في محلّ العشب والكلأ ومواضع القطر واجتماع الماء، لعدم صدق المسافر عليهم، نعم لو سافروا لمقصد آخر من حج، أو زيارة، أو نحوهما قصّروا، ولو سافر أحدهم لاختيار منزل، أو لطلب محلّ القطر، أو العشب وكان مسافة ففي وجوب القصر، أو التمام عليه إشكال()، فلا يترك الاحتياط بالجمع .

[الشروط السابع]

السابع: أن لا يكون ممن اتخذ السفر عملاً وشغلاً له: كالمكاري والجمّال والملاّح والساعي والراعي ونحوهم، فإن هؤلاء يتمّون الصلاة والصوم في سفرهم الذي هو عمل لهم وإن استعملوه لأنفسهم: كحمل المكاري متاعه، أو أهله من مكان إلي مكان آخر، ولا فرق بين من كان عنده بعض الدوابّ يكريها إلي الأماكن القريبة من بلاده فكراها إلي غير ذلك من البلدان البعيدة وغيره. وكذا لا فرق بين من جدّ في سفره بأن جعل المنزلين منزلاً واحداً، وبين من لم يكن كذلك، والمدار علي صدق اتّخاذ السفر عملاً له عرفاً ولو كان في سفرة واحدة لطولها وتكرّر ذلك منه من مكان غير بلده إلي مكان آخر، فلا يعتبر تحقّق الكثرة بتعدّد السفر ثلاث مرّات، أو مرّتين، فمع الصدق في أثناء السفر الواحد أيضاً() يلحق الحكم وهو وجوب الإتمام، نعم إذا لم يتحقّق الصدق إلا بالتعدّد يعتبر ذلك .

(45 مسألة): إذا سافر المكاري ونحوه ممن شغله السفر سفراً ليس من عمله، كما إذا سافر للحجّ، أو الزيارة يقصّر، نعم لو حجّ أو زار لكن من حيث إنه عمله، كما إذا كري دابّته للحجّ، أو الزيارة وحجّ، أو زار بالتبع أتم ّ.

(46 مسألة): الظاهر وجوب القصر() علي الحملداريّة الذين يستعملون السفر في خصوص أشهر الحجّ، بخلاف

من كان متّخذاً ذلك عملاً له في تمام السنة: كالذين يكرون دوابّهم من الأمكنة البعيدة ذهاباً وإياباً علي وجه يستغرق ذلك تمام السنة أو معظمها، فإنه يتمّ حينئذٍ.

(47 مسألة): من كان شغله المكاراة في الصيف دون الشتاء، أو بالعكس، الظاهر: وجوب التمام عليه، ولكن الأحوط الجمع .

(48 مسألة): من كان التردّد إلي ما دون المسافة عملاً له كالحطّاب ونحوه، قصّر إذا سافر ولو للاحتطاب، إلا إذا كان يصدق عليه المسافر عرفاً وإن لم يكن بحدّ المسافة() الشرعية، فإنه يمكن أن يقال بوجوب التمام عليه إذا سافر بحدّ المسافة، خصوصاً فيما هو شغله من الاحتطاب مثلاً.

(49 مسألة): يعتبر في استمرار من شغله السفر علي التمام: أن لا يقيم في بلده، أو غيره عشرة أيام ، وإلا انقطع حكم عملية السفر وعاد إلي القصر في السفرة الأولي خاصة، دون الثانية فضلاً عن الثالثة وإن كان الأحوط الجمع فيها، ولا فرق في الحكم المزبور بين المكاري والملاّح والساعي وغيرهم ممن عمله السفر. أما إذا أقام أقلّ من عشرة أيام بقي علي التمام وإن كان الأحوط مع إقامة الخمسة الجمع، ولا فرق في الإقامة في بلده عشرة بين أن تكون منويّة، أو لا، بل وكذا في غير بلده أيضاً، فمجرد البقاء عشرة يوجب العود إلي القصر، ولكن الأحوط مع الإقامة في غير بلده بلا نيّة الجمع في السفر الأول بين القصر والتمام .

(50 مسألة): إذا لم يكن شغله وعمله السفر، لكن عرض له عارض فسافر أسفاراً عديدة، لا يلحقه حكم وجوب التمام، سواء كان كلّ سفرة بعد سابقها اتفاقياً أو كان من الأول قاصداً لأسفار عديدة()، فلو كان له طعام، أو شيء آخر في بعض مزارعه، أو بعض القري وأراد أن يجلبه

إلي البلد فسافر ثلاث مرّات أو أزيد بدوابّه أو بدوابّ الغير لا يجب عليه التمام، وكذا إذا أراد أن ينتقل من مكان إلي مكان فاحتاج إلي أسفار متعدّدة في حمل أثقاله وأحماله .

(51 مسألة): لا يعتبر فيمن شغله السفر اتّحاد كيفيّات وخصوصيّات أسفاره من حيث الطول والقصر ومن حيث الحمولة ومن حيث نوع الشغل، فلو كان يسافر إلي الأمكنة القريبة() فسافر إلي البعيدة، أو كانت دوابّه الحمير فبدّل بالبغال، أو الجمال، أو كان مكارياً فصار ملاحاً، أو بالعكس، يلحقه الحكم وإن أعرض عن أحد النوعين إلي الآخر، أو لفّق من النوعين، نعم لو كان شغله المكاراة فاتّفق أنه ركب السفينة للزيارة أو بالعكس، قصّر لأنه سفر في غير عمله، بخلاف ما ذكرنا أولاً فإنه مشتغل بعمل السفر غاية الأمر أنه تبدّل خصوصيّة الشغل إلي خصوصيّة أخري، فالمناط هو الاشتغال بالسفر وإن اختلف نوعه .

(52 مسألة): السائح في الأرض الذي لم يتّخذ وطناً منها يتمّ، والأحوط الجمع .

(53 مسألة): الراعي الذي ليس له مكان مخصوص يتمّ ().

(54 مسألة): التاجر الذي يدور في تجارته يتم ّ.

(55 مسألة): من سافر معرضاً عن وطنه لكنّه لم يتّخذ وطناً غيره يقصّر().

(56 مسألة): من كان في أرض واسعة قد اتّخذها مقرّاً إلا أنه كلّ سنة مثلاً في مكان منها، يقصّر إذا سافر عن مقرّ سنته .

(57 مسألة): إذا شكّ في أنه أقام في منزله، أو بلد آخر عشرة أيام، أو أقلّ، بقي علي التمام .

[الشرط الثامن]

الثامن: الوصول إلي حدّ الترخّص، وهو: المكان الذي يتواري عنه جدران بيوت البلد ويخفي عنه أذانه، ويكفي تحقّق أحدهما مع عدم العلم بعدم تحقّق الآخر، وأما مع العلم بعدم تحقّقه فالأحوط اجتماعهما()، بل الأحوط مراعاة اجتماعهما مطلقاً، فلو تحقّق أحدهما دون الآخر: إما

يجمع بين القصر والتمام، وإما يؤخّر الصلاة إلي أن يتحقّق الآخر. وفي العود عن السفر أيضاً ينقطع حكم القصر إذا وصل إلي حدّ الترخّص من وطنه، أو محلّ إقامته، وإن كان الأحوط تأخير الصلاة إلي الدخول في منزله، أو الجمع بين القصر والتمام إذا صلّي قبله بعد الوصول إلي الحدّ.

(58 مسألة): المناط في خفاء الجدران: خفاء جدران البيوت لا خفاء الأعلام والقباب والمنارات، بل ولا خفاء سور البلد إذا كان له سور، ويكفي خفاء صورها وإشكالها وإن لم يخف أشباحها.

(59 مسألة): إذا كان البلد في مكان مرتفع بحيث يري من بعيد، يقدّر كونه في الموضع المستوي، كما أنه إذا كان في موضع منخفض يخفي بيسير من السير، أو كان هناك حائل يمنع عن رؤيته، كذلك يقدّر في الموضع المستوي. وكذا إذا كانت البيوت علي خلاف المعتاد من حيث العلو والانخفاض، فإنها تردّ إليه، لكن الأحوط خفاؤها مطلقاً، وكذا إذا كانت علي مكان مرتفع فإن الأحوط خفاؤها مطلقاً.

(60 مسألة): إذا لم يكن هناك بيوت ولا جدران يعتبر التقدير، نعم في بيوت الأعراب ونحوهم ممن لا جدران لبيوتهم يكفي خفاؤها ولا يحتاج إلي تقدير الجدران .

(61 مسألة): الظاهر في خفاء الأذان كفاية عدم تميّز فصوله وإن كان الأحوط() اعتبار خفاء مطلق الصوت حتي المتردّد بين كونه أذاناً، أو غيره، فضلاً عن المتميّز كونه أذاناً مع عدم تميّز فصوله .

(62 مسألة): الظاهر عدم اعتبار كون الأذان في آخر البلد في ناحية المسافر في البلاد الصغيرة والمتوسّطة، بل المدار: أذانها وإن كان في وسط البلد علي مأذنة مرتفعة، نعم في البلاد الكبيرة يعتبر كونه في أواخر البلد من ناحية المسافر.

(63 مسألة): يعتبر كون الأذان علي مرتفع معتاد في أذان ذلك البلد

ولو منارة غير خارجة عن المتعارف في العلوّ.

(64 مسألة): المدار في عين الرائي وأذن السامع علي المتوسّط في الرؤية والسماع، في الهواء الخالي عن الغبار والريح ونحوهما من الموانع عن الرؤية، أو السماع، فغير المتوسّط يرجع إليه، كما أن الصوت الخارق في العلوّ يردّ إلي المعتاد المتوسط.

(65 مسألة): الأقوي عدم اختصاص اعتبار حدّ الترخّص بالوطن فيجري في محلّ الإقامة أيضاً، بل وفي المكان الذي بقي فيه ثلاثين يوماً متردّداً، وكما لا فرق في الوطن بين ابتداء السفر والعود عنه في اعتبار حدّ الترخّص، كذلك في محلّ الإقامة، فلو وصل في سفره إلي حدّ الترخّص من مكان عزم علي الإقامة فيه ينقطع حكم السفر ويجب عليه أن يتمّ، وإن كان الأحوط التأخير إلي الوصول إلي المنزل كما في الوطن، نعم لا يعتبر حدّ الترخص في غير الثلاثة، كما إذا ذهب لطلب الغريم، أو الآبق بدون قصد المسافة، ثمّ في الأثناء قصدها فإنه يكفي فيه الضرب في الأرض .

(66 مسألة): إذا شكّ() في البلوغ إلي حدّ الترخص، بني علي عدمه فيبقي علي التمام في الذهاب وعلي القصر في الإياب() .

(67 مسألة): إذا كان في السفينة، أو العربة فشرع في الصلاة قبل حدّ الترخّص بنيّة التمام ثمّ في الأثناء وصل إليه: فإن كان قبل الدخول في قيام الركعة الثالثة أتمّها قصراً وصحّت، بل وكذا إذا دخل فيه قبل الدخول في الركوع، وإن كان بعده فيحتمل وجوب الإتمام() لأن الصلاة علي ما افتتحت، لكنّه مشكل فلا يترك الاحتياط بالإعادة قصراً أيضاً، وإذا شرع في الصلاة في حال العود قبل الوصول إلي الحدّ بنيّة القصر ثمّ في الأثناء وصل إليه أتمّها تماماً وصحّت، والأحوط في وجه إتمامها قصراً ثمّ إعادتها تماماً.

(68 مسألة):

إذا اعتقد الوصول إلي الحدّ فصلَّي قصراً، ثمّ بان() أنه لم يصل إليه وجبت الإعادة، أو القضاء تماماً() وكذا في العود إذا صلّي تماماً باعتقاد الوصول فبان عدمه وجبت الإعادة، أو القضاء قصراً، وفي عكس الصورتين: بأن اعتقد عدم الوصول فبان الخلاف ينعكس الحكم فيجب الإعادة قصراً في الأولي، وتماماً في الثانية.

(69 مسألة): إذا سافر من وطنه وجاز عن حدّ الترخّص، ثمّ في أثناء الطريق وصل إلي ما دونه إما لاعوجاج الطريق، أو لأمر آخر، كما إذا رجع لقضاء حاجة، أو نحو ذلك، فما دام هناك يجب عليه التمام، وإذا جاز عنه بعد ذلك وجب عليه القصر إذا كان الباقي مسافة()، وأما إذا سافر من محلّ الإقامة وجاز عن الحدّ، ثمّ وصل إلي ما دونه، أو رجع في الأثناء لقضاء حاجة بقي علي التقصير، وإذا صلّي في الصورة الأولي بعد الخروج عن حدّ الترخّص قصراً ثمّ وصل إلي ما دونه: فإن كان بعد بلوغ المسافة فلا إشكال في صحّة صلاته، وأما إن كان قبل ذلك فالأحوط() وجوب الإعادة، وإن كان يحتمل الإجزاء إلحاقاً له بما لو صلّي ثمّ بدا له في السفر قبل بلوغ المسافة.

(70 مسألة): في المسافة الدوريّة حول البلد دون حدّ الترخّص في تمام الدور، أو بعضه ممّا لم يكن الباقي قبله، أو بعده مسافة، يتمّ الصلاة.

(68- فصل: في قواطع السفر موضوعاًًًًًًًًً، أو حكماً)

(68- فصل: في قواطع السفر موضوعاًًًًًًًًً، أو حكماً)

وهي أمور:

[القاطع الأوّل]

أحدها: الوطن، فإن المرور عليه قاطع للسفر وموجب للتمام ما دام فيه، أو في ما دون حدّ الترخّص منه، ويحتاج في العود إلي القصر بعده إلي قصد مسافة جديدة ولو ملفّقة مع التجاوز عن حدّ الترخّص.

والمراد به: المكان الذي اتّخذه مسكناً ومقرّاً له دائماً()، بلداً كان، أو قرية، أو غيرهما، سواء كان مسكنا لأبيه وأمّه ومسقط رأسه، أو غيره ممّا استجدّه، ولا يعتبر فيه بعد الاتّخاذ المزبور حصول ملك له فيه، نعم يعتبر فيه الإقامة فيه بمقدار يصدق عليه عرفاً أنه وطنه، والظاهر أن الصدق المذكور يختلف بحسب الأشخاص والخصوصيّات، فربما يصدق بالإقامة فيه بعد القصد المزبور شهراً، أو أقلّ، فلا يشترط الإقامة ستّة أشهر وإن كان أحوط، فقبله يجمع بين القصر والتمام إذا لم ينو إقامة عشرة أيام .

(1 مسألة): إذا أعرض عن وطنه الأصلي، أو المستجدّ وتوطّن في غيره: فإن لم يكن له فيه ملك أصلاً، أو كان ولم يكن قابلا للسكني، كما إذا كان له فيه نخلة أو نحوها، أو كان قابلاً له ولكن لم يسكن فيه ستّة أشهر بقصد التوطّن الأبدي، يزول عنه حكم الوطنيّة فلا يوجب المرور عليه قطع حكم السفر. وأما إذا كان له فيه ملك قد سكن فيه بعد اتّخاذه وطناً له دائماً ستّة أشهر: فالمشهور علي أنه بحكم الوطن العرفي وإن أعرض عنه إلي غيره، ويسمّونه بالوطن الشرعي ويوجبون عليه التمام إذا مرّ عليه ما دام بقاء ملكه فيه.

لكن الأقوي: عدم جريان حكم الوطن عليه بعد الإعراض، فالوطن الشرعي غير ثابت، وإن كان الأحوط الجمع بين إجراء حكم الوطن وغيره عليه، فيجمع فيه بين القصر والتمام إذا مرّ عليه ولم ينو إقامة عشرة أيام، بل الأحوط

الجمع إذا كان له نخلة، أو نحوها ممّا هو غير قابل للسكني وبقي فيه بقصد التوطّن ستّة أشهر، بل وكذا إذا لم يكن سكناه بقصد التوطّن، بل بقصد التجارة مثلاً.

(2 مسألة): قد عرفت عدم ثبوت الوطن الشرعي وأنه منحصر في العرفي، فنقول: يمكن تعدّد الوطن العرفي، بأن يكون له منزلان في بلدين، أو قريتين مِن قصده السكني فيهما أبداً() في كلّ منهما مقداراً من السنة، بأن يكون له زوجتان مثلاً كلّ واحدة في بلدة يكون عند كلّ واحدة ستّة أشهر، أو بالاختلاف، بل يمكن الثلاثة أيضاً، بل لا يبعد الأزيد أيضاً.

[هل الولد يتبع أبويه في الوطن؟]

(3 مسألة): لا يبعد أن يكون الولد تابعاً لأبويه، أو أحدهما في الوطن ما لم يعرض بعد بلوغه عن مقرّهما وإن لم يلتفت بعد بلوغه إلي التوطّن فيه أبداً، فيعدّ وطنهما وطناً له أيضاً، إلا إذا قصد الإعراض عنه، سواء كان وطناً أصليّاً لهما ومحلاّ ً لتولّده، أو وطناً مستجدّاً لهما: كما إذا أعرضا عن وطنهما الأصلي واتّخذا مكاناً آخر وطناً لهما وهو معهما قبل بلوغه() ثمّ صار بالغاً. وأما إذا أتيا بلدة، أو قرية وتوطّناً فيها وهو معهما مع كونه بالغاً فلا يصدق وطناً له إلا مع قصده بنفسه .

(4 مسألة): يزول حكم الوطنيّة بالإعراض والخروج وإن لم يتخّذ بعد وطناً آخر، فيمكن أن يكون بلا وطن مدّة مديدة.

(5 مسألة): لا يشترط في الوطن إباحة المكان الذي فيه، فلو غصب داراً في بلد وأراد السكني فيها أبداً يكون وطناً له، وكذا إذا كان بقاؤه في بلد حراماً عليه من جهة كونه قاصداً لارتكاب حرام، أو كان منهيّاً عنه من أحد والديه، أو نحو ذلك .

(6 مسألة): إذا تردّد بعد العزم علي التوطّن أبداً: فإن كان

قبل أن يصدق عليه الوطن عرفاً: بأن لم يبق في ذلك المكان بمقدار الصدق، فلا إشكال في زوال الحكم وإن لم يتحقّق الخروج والإعراض، بل وكذا إن كان بعد الصدق() في الوطن المستجدّ، وأما في الوطن الأصلي إذا تردّد في البقاء فيه وعدمه ففي زوال حكمه قبل الخروج والإعراض إشكال لاحتمال صدق الوطنيّة ما لم يعزم علي العدم، فالأحوط الجمع بين الحكمين .

(7 مسألة): ظاهر كلمات العلماء رضوان الله عليهم: اعتبار قصد التوطّن أبداً في صدق الوطن العرفي، فلا يكفي العزم علي السكني إلي مدّة مديدة، كثلاثين سنة، أو أزيد، لكنّه مشكل فلا يبعد الصدق العرفي بمثل ذلك() والأحوط في مثله إجراء الحكمين بمراعاة الاحتياط.

[القاطع الثاني]

الثاني من قواطع السفر: العزم علي إقامة عشرة أيام متواليات في مكان واحد من بلد، أو قرية، أو مثل بيوت الأعراب، أو فلاة من الأرض، أو العلم بذلك وإن كان لا عن اختيار، ولا يكفي الظنّ بالبقاء فضلاً عن الشكّ، والليالي المتوسطة داخلة بخلاف الليلة الأولي والأخيرة فيكفي عشرة أيام وتسع ليال، ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر علي الأصحّ، فلو نوي المقام عند الزوال من اليوم الأول إلي الزوال من اليوم الحادي عشر كفي ويجب عليه الإتمام، وإن كان الأحوط الجمع.

ويشترط وحدة محلّ الإقامة: فلو قصد الإقامة في أمكنة متعدّدة عشرة أيام لم ينقطع حكم السفر، كأن عزم علي الإقامة في النجف والكوفة، أو في الكاظمين وبغداد()، أو عزم علي الإقامة في رستاق من قرية إلي قرية من غير عزم علي الإقامة في واحدة منها عشرة أيام، ولا يضرّ بوحدة المحلّ فصل مثل الشطّ بعد كون المجموع بلداً واحداً: كجانبي الحلّة وبغداد ونحوهما، ولو كان البلد خارجاً عن المتعارف

في الكبر فاللازم قصد الإقامة في المحلّة منه إذا كانت المحلاّت منفصلة، بخلاف ما إذا كانت متّصلة، إلا إذا كان كبيراً جداً بحيث لا يصدق وحدة المحلّ()، وكان كنيّة الإقامة في رستاق مشتمل علي القري مثل قسطنطينيّة ونحوها.

(8 مسألة): لا يعتبر في نية الإقامة قصد عدم الخروج عن خطّة سور البلد علي الأصح ، بل لو قصد حال نيّتها الخروج إلي بعض بساتينها ومزارعها ونحوها من حدودها ممّا لا ينافي صدق اسم الإقامة في البلد عرفاً، جري عليه حكم المقيم حتي إذا كان من نيّته الخروج عن حدّ الترخّص، بل إلي ما دون الأربعة إذا كان قاصداً للعود عن قريب بحيث لا يخرج عن صدق الإقامة في ذلك المكان عرفاً، كما إذا كان من نيّته الخروج نهاراً والرجوع قبل الليل .

(9 مسألة): إذا كان محلّ الإقامة برّيّة قفراء، لا يجب التضييق في دائرة المقام، كما لا يجوز التوسيع كثيراً بحيث يخرج عن صدق وحدة المحلّ، فالمدار علي صدق الوحدة عرفاً، وبعد ذلك لا ينافي الخروج عن ذلك المحلّ إلي أطرافه بقصد العود إليه وإن كان إلي الخارج عن حدّ الترخّص، بل إلي ما دون الأربعة كما ذكرنا في البلد، فجواز نيّة الخروج إلي ما دون الأربعة لا يوجب جواز توسيع محلّ الإقامة كثيراً، فلا يجوز جعل محلّها مجموع ما دون الأربعة، بل يؤخذ علي المتعارف وإن كان يجوز التردّد إلي ما دون الأربعة علي وجه لا يضرّ بصدق الإقامة فيه .

(10 مسألة): إذا علّق الإقامة علي أمر مشكوك الحصول لا يكفي ، بل وكذا لو كان مظنون الحصول، فإنه ينافي العزم علي البقاء المعتبر فيها، نعم لو كان عازماً علي البقاء لكن احتمل() حدوث المانع لا يضرّ.

(11 مسألة): المجبور

علي الإقامة عشراً والمكره عليها يجب عليه التمام وإن كان من نيّته الخروج علي فرض رفع الجبر والإكراه، لكن بشرط أن يكون عالماً بعدم ارتفاعهما وبقائه عشرة أيام كذلك .

(12 مسألة): لا تصحّ نيّة الإقامة في بيوت الأعراب ونحوها ما لم يطمئن بعدم الرحيل عشرة أيام، إلا إذا عزم علي المكث بعد رحلتهم إلي تمام العشرة.

[الزوجة وقصد المقام بقدر ما قصده الزوج]

(13 مسألة): الزوجة والعبد إذا قصدا المقام بمقدار ما قصده الزوج والسيّد، والمفروض أنهما قصدا العشرة، لا يبعد كفايته() في تحقّق الإقامة بالنسبة إليهما وإن لم يعلما حين القصد أن مقصد الزوج والسيّد هو العشرة، نعم قبل العلم بذلك عليهما التقصير، ويجب عليهما التمام بعد الاطلاع وإن لم يبق إلا يومين، أو ثلاثة، فالظاهر: وجوب الإعادة، أو القضاء عليهما بالنسبة إلي ما مضي ممّا صليا قصراً.

وكذا الحال إذا قصد المقام بمقدار ما قصده رفقاؤه وكان مقصدهم العشرة، فالقصد الإجمالي كاف في تحقّق الإقامة، لكن الأحوط الجمع في الصورتين، بل لا يترك الاحتياط.

(14 مسألة): إذا قصد المقام إلي آخر الشهر مثلاً وكان عشرة كفي وإن لم يكن عالماً به حين القصد()، بل وإن كان عالماً بالخلاف، لكن الأحوط في هذه المسألة أيضاً الجمع بين القصر والتمام بعد العلم بالحال لاحتمال اعتبار العلم حين القصد.

[إذا قصد المسافر الإقامة ثمّ عدل]

(15 مسألة): إذا عزم علي إقامة العشرة ثمّ عدل عن قصده : فإن كان صلّي مع العزم المذكور رباعيّة بتمام بقي علي التمام ما دام في ذلك المكان ، وإن لم يصلِّ أصلاً، أو صلّي مثل الصبح والمغرب، أو شرع في الرباعية لكن لم يتمّها وإن دخل في ركوع الركعة الثالثة رجع إلي القصر. وكذا لو أتي بغير الفريضة الرباعيّة ممّا لا يجوز فعله للمسافر: كالنوافل والصوم ونحوهما فإنه يرجع إلي القصر مع العدول، نعم الأولي الاحتياط مع الصوم إذا كان العدول عن قصده بعد الزوال، وكذا لو كان العدول في أثناء الرباعيّة بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة، بل بعد القيام إليها وإن لم يركع بعد.

(16 مسألة): إذا صلّي رباعيّة بتمام بعد العزم علي الإقامة لكن مع الغفلة عن إقامته ثمّ عدل فالظاهر

كفايته في البقاء علي التمام. وكذا لو صلاّها تماماً لشرف البقعة كمواطن التخيير() ولو مع الغفلة عن الإقامة وإن كان الأحوط الجمع بعد العدول حينئذٍ وكذا في الصورة الأولي .

(17 مسألة): لا يشترط في تحقّق الإقامة كونه مكلّفاً بالصلاة، فلو نوي الإقامة وهو غير بالغ ثمّ بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقيّة الأيام، وإذا أراد التطوّع بالصلاة قبل البلوغ يصلِّي تماماً. وكذا إذا نواها وهو مجنون إذا كان ممّن يتحقّق منه القصد أو نواها حال الإفاقة ثمّ جن ثمّ أفاق. وكذا إذا كانت حائضاً حال النيّة فإنها تصلِّي ما بقي بعد الطهر من العشرة تماماً، بل إذا كانت حائضاً تمام العشرة يجب عليها التمام ما لم تنشئ سفراً.

(18 مسألة): إذا فاتته الرباعيّة بعد العزم علي الإقامة ثمّ عدل عنها بعد الوقت : فإن كانت ممّا يجب قضاؤها وأتي بالقضاء تماماً ثمّ عدل فالظاهر كفايته في البقاء علي التمام، وأما إن عدل قبل إتيان قضائها أيضاً فالظاهر العود إلي القصر وعدم كفاية استقرار القضاء عليه تماماً، وإن كان الأحوط الجمع حينئذٍ ما دام لم يخرج، وإن كانت ممّا لا يجب قضاؤه: كما إذا فاتت لأجل الحيض، أو النفاس ثمّ عدلت عن النيّة قبل إتيان صلاة تامّة رجعت إلي القصر، فلا يكفي مضيّ وقت الصلاة في البقاء علي التمام .

(19 مسألة): العدول عن الإقامة قبل الصلاة تماماً قاطع لها من حينه وليس كاشفاً عن عدم تحقّقها من الأول، فلو فاتته حال العزم عليها صلاة، أو صلوات أيام ثمّ عدل قبل أن يصلِّي صلاة واحدة بتمام يجب عليه قضاؤها تماماً، وكذا إذا صام يوماً، أو أياماً حال العزم عليها ثمّ عدل قبل أن يصلِّي صلاة واحدة بتمام فصيامه

صحيح، نعم لا يجوز له الصوم بعد العدول لأن المفروض انقطاع الإقامة بعده .

(20 مسألة): لا فرق في العدول عن قصد الإقامة بين أن يعزم علي عدمها، أو يتردّد فيها في أنه لو كان بعد الصلاة تماماً بقي علي التمام، ولو كان قبله رجع إلي القصر.

(21 مسألة): إذا عزم علي الإقامة فنوي الصوم ثمّ عدل بعد الزوال قبل الصلاة تماماً، رجع إلي القصر في صلاته، لكن صوم ذلك اليوم صحيح لما عرفت: من أن العدول قاطع من حينه لا كاشف، فهو كمن صام ثمّ سافر بعد الزوال .

(22 مسألة): إذا تمّت العشرة لا يحتاج في البقاء علي التمام إلي إقامة جديدة، بل إذا تحقّقت بإتيان رباعيّة تامّة كذلك، فما دام لم ينشئ سفراً جديداً يبقي علي التمام .

(23 مسألة): كما أن الإقامة موجبة للصلاة تماماً ولوجوب أو جواز الصوم، كذلك موجبة لاستحباب النوافل الساقطة حال السفر ولوجوب الجمعة ونحو ذلك من أحكام الحاضر.

[الخروج إلي ما دون المسافة وصوَرها]

[الخروج إلي ما دون المسافة وصوَرها]

(24 مسألة): إذا تحقّقت الإقامة() وتمّت العشرة أولاً وبدا للمقيم الخروج إلي ما دون المسافة ولو ملفقة فللمسألة صور:

[الصورة الأولي]

الأولي: أن يكون عازماً علي العود إلي محلّ الإقامة واستئناف إقامة عشرة أخري، وحكمه، وجوب التمام في الذهاب والمقصد والإياب ومحلّ الإقامة الأولي، وكذا إذا كان عازماً علي الإقامة في غير محلّ الإقامة الأولي مع عدم كون ما بينهما مسافة.

[الصورة الثانية]

الثانية: أن يكون عازماً علي عدم العود إلي محلّ الإقامة، وحكمه: وجوب القصر إذا كان ما بقي من محلّ إقامته إلي مقصده مسافة، أو كان مجموع ما بقي مع العود إلي بلده، أو بلد آخر مسافة ولو كان ما بقي أقل من أربعة علي الأقوي من كفاية التلفيق ولو كان الذهاب أقلّ من أربعة.

[الصورة الثالثة]

الثالثة: أن يكون عازماً علي العود إلي محلّ الإقامة من دون قصد إقامة مستأنفة لكن من حيث إنه منزل من منازله في سفره الجديد، وحكمه: وجوب القصر أيضاً في الذهاب والمقصد ومحلّ الإقامة.

[الصورة الرابعة]

الرابعة: أن يكون عازماً علي العود إليه من حيث إنه محلّ إقامته بأن لا يكون حين الخروج معرضاً عنه، بل أراد قضاء حاجة في خارجه والعود إليه ثمّ إنشاء السفر منه ولو بعد يومين، أو يوم بل أو أقلّ والأقوي في هذه الصورة البقاء علي التمام في الذهاب والمقصد والإياب ومحلّ الإقامة ما لم ينشئ سفراً، وإن كان الأحوط الجمع في الجميع خصوصاً في الإياب ومحل الإقامة.

[الصورة الخامسة]

الخامسة: أن يكون عازماً علي العود إلي محلّ الإقامة لكن مع التردّد في الإقامة بعد العود وعدمها، وحكمه أيضاً: وجوب التمام، والأحوط الجمع كالصورة الرابعة.

[الصورة السادسة]

السادسة: أن يكون عازماً علي العود مع الذهول عن الإقامة وعدمها، وحكمه أيضاً: وجوب التمام، والأحوط الجمع كالسابقة.

[الصورة السابعة]

السابعة: أن يكون متردّداً في العود وعدمه، أو ذاهلاً عنه، ولا يترك الاحتياط بالجمع فيه في الذهاب والمقصد والإياب ومحلّ الإقامة() إذا عاد إليه إلي أن يعزم علي الإقامة، أو ينشئ السفر، ولا فرق في الصور التي قلنا فيها بوجوب التمام بين أن يرجع إلي محلّ الإقامة في يومه، أو ليلته، أو بعد أيام.

هذا كلّه إذا بدا له الخروج إلي ما دون المسافة بعد العشرة، أو في أثنائها بعد تحقّق الإقامة، وأما إذا كان من عزمه الخروج في حال نيّة الإقامة فقد مرّ أنه إن كان من قصده الخروج والعود عمّا قريب وفي ذلك اليوم من غير أن يبيت خارجاً عن محلّ الإقامة فلا يضرّ بقصد إقامته و يتحقّق معه، فيكون حاله بعد ذلك حال من بدا له، وأما إن كان من قصده الخروج إلي ما دون المسافة في ابتداء نيّته مع البيتوتة هناك ليلة، أو أزيد فيشكل معه تحقّق الإقامة، والأحوط الجمع() من الأول إلي الآخر، إلا إذا نوي الإقامة بدون القصد المذكور جديداً، أو يخرج مسافراً.

[مسائل في الإقامة]

(25 مسألة): إذا بدا للمقيم السفر ثمّ بدا له العود إلي محلّ الإقامة والبقاء عشرة أيام: فإن كان ذلك بعد بلوغ أربعة فراسخ قصّر في الذهاب والمقصد والعود، وإن كان قبله فيقصّر حال الخروج بعد التجاوز عن حدّ الترخّص إلي حال العزم علي العود ويتمّ عند العزم عليه ولا يجب عليه قضاء ما صلّي قصراً، وأما إذا بدا له العود بدون إقامة جديدة بقي علي القصر حتي في محلّ الإقامة، لأن المفروض الإعراض عنه، وكذا لو ردّته الريح، أو رجع لقضاء حاجة كما مرّ سابقاً.

(26 مسألة): لو دخل في الصلاة بنيّة القصر ثمّ بدا له الإقامة في

أثنائها أتمّها وأجزأت، ولو نوي الإقامة ودخل في الصلاة بنيّة التمام فبدا له السفر: فإن كان قبل الدخول في الركعة الثالثة أتمّها قصراً واجتزأ بها، وإن كان بعده بطلت ورجع إلي القصر() ما دام لم يخرج، وإن كان الأحوط إتمامها تماماً وإعادتها قصراً والجمع بين القصر والإتمام ما لم يسافر كما مرّ.

(27 مسألة): لا فرق في إيجاب الإقامة لقطع حكم السفر وإتمام الصلاة بين أن يكون محلّلة أو محرّمة: كما إذا قصد الإقامة لغاية محرّمة من قتل مؤمن، أو سرقة ماله، أو نحو ذلك: كما إذا نهاه عنها والده، أو سيّده، أو لم يرض بها زوجها.

(28 مسألة): إذا كان عليه صوم واجب معيّن غير رمضان: كالنذر، أو الاستيجار أو نحوهما، وجب() عليه الإقامة مع الإمكان .

(29 مسألة): إذا بقي من الوقت أربع ركعات وعليه الظهران : ففي جواز الإقامة إذا كان مسافراً وعدمه من حيث استلزامه تفويت الظهر وصيرورتها قضاء إشكال، فالأحوط() عدم نيّة الإقامة مع عدم الضرورة، نعم لو كان حاضراً وكان الحال كذلك لا يجب عليه السفر لإدراك الصلاتين في الوقت .

(30 مسألة): إذا نوي الإقامة ثمّ عدل عنها وشكّ في أن عدوله كان بعد الصلاة تماماً حتي يبقي علي التمام أم لا، بني علي عدمها فيرجع إلي القصر.

(31 مسألة): إذا علم بعد نيّة الإقامة بصلاة أربع ركعات والعدول عن الإقامة، ولكن شكّ في المتقدّم منهما مع الجهل بتاريخهما، رجع إلي القصر() مع البناء علي صحة الصلاة، لأن الشرط في البقاء علي التمام وقوع الصلاة تماماً حال العزم علي الإقامة وهو مشكوك .

(32 مسألة): إذا صلّي تماماً ثمّ عدل، ولكن تبيّن بطلان صلاته ، رجع إلي القصر وكان كمن لم يصلِّ، نعم إذا صلّي بنيّة التمام وبعد السلام

شكّ في أنه سلّم علي الأربع، أو علي الاثنتين، أو الثلاث، بني علي أنه سلّم علي الأربع، ويكفيه في البقاء علي حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعدها.

(33 مسألة): إذا نوي الإقامة ثمّ عدل عنها بعد خروج وقت الصلاة وشكّ في أنه هل صلّي في الوقت حال العزم علي الإقامة أم لا؟ بني علي أنه صلّي، لكن في كفايته في البقاء علي حكم التمام إشكال وإن كان لا يخلو من قوّة، خصوصاً إذا بنينا علي أن قاعدة الشكّ بعد الفراغ، أو بعد الوقت إنما هي من باب الأمارات لا الأصول العملية.

(34 مسألة): إذا عدل عن الإقامة بعد الإتيان بالسلام الواجب وقبل الإتيان بالسلام الأخير الذي هو مستحب، فالظاهر: كفايته في البقاء علي حكم التمام وفي تحقّق الإقامة. وكذا لو كان عدوله قبل الإتيان بسجدتي السهو إذا كانتا عليه، بل وكذا لو كان قبل الإتيان بقضاء الأجزاء المنسية كالسجدة والتشهّد المنسيّين، بل وكذا لو كان قبل الإتيان بصلاة الاحتياط()، أو في أثنائها إذا شكّ في الركعات، وإن كان الأحوط فيه الجمع، بل وفي الأجزاء المنسيّة.

[هنا صورتان]

(35 مسألة): إذا اعتقد أن رفقاءه قصدوا الإقامة فقصدها ثمّ تبيّن أنهم لم يقصدوا، فهل يبقي علي التمام، أو لا؟ فيه صورتان:

إحداهما: أن يكون قصده مقيّداً بقصدهم.

الثانية: أن يكون اعتقاده داعياً له إلي القصد من غير أن يكون مقيّداً بقصدهم.

ففي الأولي يرجع إلي التقصير()، وفي الثانية يبقي علي التمام، والأحوط الجمع في الصورتين .

[القاطع الثالث]

الثالث من القواطع: التردّد في البقاء وعدمه ثلاثين يوماً إذا كان بعد بلوغ المسافة، وأما إذا كان قبل بلوغها فحكمه التمام حين التردّد لرجوعه إلي التردّد في المسافرة وعدمها، ففي الصورة الأولي إذا بقي في مكان متردّداً في

البقاء والذهاب، أو في البقاء والعود إلي محلّه يقصّر إلي ثلاثين يوماً، ثمّ بعده يتمّ ما دام في ذلك المكان ويكون بمنزلة من نوي الإقامة عشرة أيام، سواء أقام فيه قليلاً، أو كثيراً حتي إذا كان بمقدار صلاة واحدة.

(36 مسألة): يلحق بالتردّد ما إذا عزم علي الخروج غداً، أو بعد غد ثمّ لم يخرج وهكذا إلي أن مضي ثلاثون يوماً، حتي إذا عزم علي الإقامة تسعة أيام مثلاً ثمّ بعدها عزم علي إقامة تسعة أخري وهكذا، فيقصّر إلي ثلاثين يوماً ثمّ يتمّ ولو لم يبق إلا مقدار صلاة واحدة.

(37 مسألة): في إلحاق الشهر الهلالي إذا كان ناقصاً بثلاثين يوماً إذا كان تردّده في أوّل الشهر وجه() لا يخلو عن قوّة، وإن كان الأحوط عدم الاكتفاء به .

(38 مسألة): يكفي في الثلاثين التلفيق إذا كان تردّده في أثناء اليوم كما مرّ في إقامة العشرة، وإن كان الأحوط عدم الاكتفاء ومراعاة الاحتياط.

(39 مسألة): لا فرق في مكان التردّد بين أن يكون بلداً، أو قرية، أو مفازة.

(40 مسألة): يشترط اتّحاد مكان التردّد، فلو كان بعض الثلاثين في مكان وبعضه في مكان آخر لم يقطع حكم السفر، وكذا لو كان مشتغلاً بالسير وهو متردّد فإنه يبقي علي القصر إذا قطع المسافة، ولا يضرّ بوحدة المكان إذا خرج عن محلّ تردّده إلي مكان آخر ولو ما دون المسافة بقصد العود إليه عمّا قريب إذا كان بحيث يصدق عرفاً أنه كان متردّداً في ذلك المكان ثلاثين يوماً: كما إذا كان متردّداً في النجف وخرج منه إلي الكوفة لزيارة مسلم، أو لصلاة ركعتين في مسجد الكوفة والعود إليه في ذلك اليوم، أو في ليلته، بل أو بعد ذلك اليوم() .

(41 مسألة): حكم المتردّد بعد

الثلاثين كحكم المقيم في مسألة الخروج إلي ما دون المسافة مع قصد العود إليه: في أنه يتمّ ذهاباً وفي المقصد والإياب ومحلّ التردّد إذا كان قاصداً للعود إليه من حيث إنه محلّ تردّده، وفي القصر بالخروج إذا أعرض عنه وكان العود إليه من حيث كونه منزلاً له في سفره الجديد، وغير ذلك من الصور التي ذكرناها.

(42 مسألة): إذا تردّد في مكان تسعة وعشرين يوماً، أو أقلّ، ثمّ سار إلي مكان آخر وتردّد فيه كذلك وهكذا، بقي علي القصر ما دام كذلك، إلا إذا نوي الإقامة في مكان، أو بقي متردّداً ثلاثين يوماً في مكان واحد.

(43 مسألة): المتردّد ثلاثين يوماً إذا أنشأ سفراً بقدر المسافة، لا يقصّر إلا بعد الخروج عن حدّ الترخّص كالمقيم كما عرفت سابقاً.

(69- فصل: في أحكام صلاة المسافر)

(69- فصل: في أحكام صلاة المسافر)

مضافاً إلي ما مرّ في طيّ المسائل السابقة، قد عرفت: أنه يسقط بعد تحقّق الشرائط المذكورة من الرباعيّات ركعتان، كما أنه تسقط النوافل النهاريّة أي: نافلة الظهرين، بل ونافلة العشاء وهي الوتيرة أيضاً علي الأقوي، وكذا يسقط الصوم الواجب عزيمة، بل المستحب أيضاً إلا في بعض المواضع المستثناة، فيجب عليه القصر في الرباعيّات فيما عدا الأماكن الأربعة ولا يجوز له الإتيان بالنوافل النهاريّة، بل ولا الوتيرة إلا بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبيّة لمكان الخلاف في سقوطها وعدمه، ولا تسقط نافلة الصبح والمغرب ولا صلاة الليل، كما لا إشكال في أنه يجوز الإتيان بغير الرواتب من الصلوات المستحبة.

(1 مسألة): إذا دخل عليه الوقت وهو حاضر، ثمّ سافر قبل الإتيان بالظهرين يجوز له() الإتيان بنافلتهما سفراً وإن كان يصلّيهما قصراً، وإن تركها في الوقت يجوز له قضاؤها.

(2 مسألة): لا يبعد جواز الإتيان بنافلة الظهر في حال السفر إذا دخل عليه الوقت وهو

مسافر وترك الإتيان بالظهر حتي يدخل المنزل من الوطن، أو محلّ الإقامة، وكذا إذا صلّي الظهر في السفر ركعتين وترك العصر إلي أن يدخل المنزل لا يبعد جواز الإتيان بنافلتها في حال السفر، وكذا لا يبعد جواز الإتيان بالوتيرة في حال السفر إذا صلّي العشاء أربعاً في الحضر ثمّ سافر، فإنه إذا تمّت الفريضة صلحت نافلتها.

[لو صلّي المسافر تماماً]

(3 مسألة): لو صلّي المسافر بعد تحقّق شرائط القصر تماماً:

فإما أن يكون عالماً بالحكم والموضوع، أو جاهلاً بهما أو بأحدهما، أو ناسياً.

فإن كان عالماً بالحكم والموضوع عامداً في غير الأماكن الأربعة بطلت صلاته، ووجب عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه.

وإن كان جاهلاً بأصل الحكم وأن حكم المسافر التقصير لم يجب عليه الإعادة فضلاً عن القضاء.

وأما إن كان عالماً بأصل الحكم وجاهلاً ببعض الخصوصيّات، مثل أن السفر إلي أربعة فراسخ مع قصد الرجوع يوجب القصر، أو أن المسافة ثمانية، أو أن كثير السفر إذا أقام في بلده، أو غيره عشرة أيام يقصّر في السفر الأول، أو أن العاصي بسفره إذا رجع إلي الطاعة يقصّر ونحو ذلك وأتمّ، وجب() عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه.

وكذا إذا كان عالماً بالحكم جاهلاً بالموضوع: كما إذا تخيّل عدم كون مقصده مسافة مع كونه مسافة، فإنه لو أتمّ وجب عليه الإعادة، أو القضاء().

وأما إذا كان ناسياً لسفره، أو أن حكم السفر القصر فأتمّ: فإن تذكّر في الوقت، وجب عليه الإعادة وإن لم يعد وجب عليه القضاء في خارج الوقت، وإن تذكّر بعد خروج الوقت لا يجب عليه القضاء.

وأما إذا لم يكن ناسياً للسفر ولا لحكمه ومع ذلك أتمّ صلاته ناسياً، وجب عليه الإعادة والقضاء.

(4 مسألة): حكم الصوم فيما ذكر حكم الصلاة، فيبطل مع

العلم والعمد ويصحّ مع الجهل بأصل الحكم، دون الجهل بالخصوصيّات()، ودون الجهل بالموضوع .

(5 مسألة): إذا قصّر من وظيفته التمام، بطلت صلاته في جميع الموارد، إلا() في المقيم المقصّر للجهل بأن حكمه التمام .

(6 مسألة): إذا كان جاهلاً بأصل الحكم ولكن لم يصلِّ في الوقت، وجب عليه القصر في القضاء بعد العلم به وإن كان لو أتمّ في الوقت كان صحيحاً، فصحّة التمام منه ليس لأجل أنه تكليفه، بل من باب الاغتفار، فلا ينافي ما ذكرناه قوله: «اقض ما فات كما فات » ففي الحقيقة الفائت منه هو القصر لا التمام، وكذا الكلام في الناسي للسفر، أو لحكمه، فإنه لو لم يصلِّ أصلاً عصياناً، أو لعذر وجب عليه القضاء قصراً.

[حكم المسافر إذا تذكّر في الأثناء]

(7 مسألة): إذا تذكّر الناسي للسفر، أو لحكمه في أثناء الصلاة:

فإن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة أتمّ الصلاة قصراً واجتزأ بها، ولا يضرّ كونه ناوياً من الأول للتمام، لأنه من باب الداعي والاشتباه في المصداق لا التقييد، فيكفي قصد الصلاة والقربة بها.

وإن تذكّر بعد ذلك بطلت، ووجب عليه الإعادة مع سعة الوقت ولو بإدراك ركعة من الوقت، بل وكذا لو تذكّر بعد الصلاة تماماً وقد بقي من الوقت مقدار ركعة، فإنه يجب عليه إعادتها قصراً.

وكذا الحال في الجاهل بأنّ مقصده مسافة إذا شرع في الصلاة بنيّة التمام ثمّ علم بذلك()، أو الجاهل بخصوصيّات الحكم إذا نوي التمام ثمّ علم في الأثناء أن حكمه القصر.

بل الظاهر: أن حكم من كان وظيفته التمام إذا شرع في الصلاة بنيّة القصر جهلاً ثمّ تذكّر في الأثناء، العدول إلي التمام. ولا يضرّه أنه نوي من الأول ركعتين مع أن الواجب عليه أربع ركعات لما ذكر: من كفاية قصد الصلاة متقرّباً وإن

تخيّل أن الواجب هو القصر، لأنه من باب الاشتباه في التطبيق والمصداق، لا التقييد.

فالمقيم الجاهل بأنّ وظيفته التمام إذا قصد القصر ثمّ علم في الأثناء يعدل إلي التمام ويجتزئ به، لكن الأحوط الإتمام والإعادة، بل الأحوط في الفرض الأول أيضاً الإعادة قصراً بعد الإتمام قصراً.

(8 مسألة): لو قصّر المسافر اتفاقاً لا عن قصد، فالظاهر: صحّة صلاته وإن كان الأحوط الإعادة، بل وكذا لو كان جاهلاً بأن وظيفته القصر فنوي التمام لكنّه قصّر سهواً، والاحتياط بالإعادة في هذه الصورة آكد وأشدّ.

(9 مسألة): إذا دخل عليه الوقت وهو حاضر متمكّن من الصلاة ولم يصلِّ ثمّ سافر، وجب عليه القصر. ولو دخل عليه الوقت وهو مسافر فلم يصلِّ حتي دخل المنزل من الوطن، أو محلّ الإقامة، أو حدّ الترخّص منهما أتمّ، فالمدار: علي حال الأداء لا حال الوجوب والتعلّق، لكن الأحوط في المقامين الجمع .

(10 مسألة): إذا فاتت منه الصلاة وكان في أوّل الوقت حاضراً وفي آخره مسافراً، أو بالعكس. فالأقوي أنه مخيّر بين القضاء قصراً، أو تماماً، لأنه فاتت منه الصلاة في مجموع الوقت والمفروض أنه كان مكلفاً في بعضه بالقصر وفي بعضه بالتمام، ولكن الأحوط() مراعاة حال الفوت وهو آخر الوقت، وأحوط منه الجمع بين القصر والتمام .

[تخيير المسافر في الأماكن الأربعة]

(11 مسألة): الأقوي كون المسافر مخيّراً بين القصر والتمام في الأماكن الأربعة وهي: المسجد الحرام، ومسجد النبي صلَّي الله عليه وآله وسلّم، ومسجد الكوفة، والحائر الحسيني عليه السلام، بل التمام هو الأفضل، وإن كان الأحوط هو القصر.

وما ذكرنا هو القدر المتيقّن، وإلا فلا يبعد كون المدار علي البلدان الأربعة وهي: مكة، والمدينة، والكوفة، وكربلاء. لكن لا ينبغي ترك الاحتياط خصوصاً في الأخيرتين، ولا يلحق بها سائر المشاهد، والأحوط في المساجد

الثلاثة الاقتصار علي الأصلي منها دون الزيادات الحادثة في بعضها، نعم لا فرق فيها بين السطوح والصحن والمواضع المنخفضة منها، كما أن الأحوط في الحائر الاقتصار علي ما حول الضريح المبارك .

(12 مسألة): إذا كان بعض بدن المصلِّي داخلاً في أماكن التخيير وبعضه خارجاً لا يجوز له التمام ، نعم لا بأس بالوقوف منتهي أحدها إذا كان يتأخّر حال الركوع والسجود بحيث يكون تمام بدنه داخلاً حالهما.

(13 مسألة): لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المزبور، فلا يصحّ له الصوم فيها إلا إذا نوي الإقامة، أو بقي متردّداً ثلاثين يوماً.

(14 مسألة): التخيير في هذه الأماكن استمراري ، فيجوز له التمام مع شروعه في الصلاة بقصد القصر وبالعكس ما لم يتجاوز محلّ العدول، بل لا بأس بأن ينوي الصلاة من غير تعيين أحد الأمرين من الأول، بل لو نوي القصر فأتمّ غفلة، أو بالعكس فالظاهر الصحّة.

(15 مسألة): يستحب أن يقول عقيب كلّ صلاة مقصورة ثلاثين مرّة: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» وهذا وإن كان يستحب من حيث التعقيب عقيب كلّ فريضة حتي غير المقصورة، إلا أنه يتأكّد عقيب المقصورات، بل الأولي تكرارها مرّتين: مرّة من باب التعقيب، ومرّة من حيث بدليّتها عن الركعتين الساقطتين.

كتاب الصوم

كتاب الصوم

وهو: الإمساك عمّا يأتي من المفطرات بقصد القربة، وينقسم إلي: الواجب، والمندوب، والحرام، والمكروه بمعني: قلّة الثواب.

والواجب منه ثمانية: صوم شهر رمضان وصوم القضاء، وصوم الكفّارة علي كثرتها، وصوم بدل الهدي في الحج، وصوم النذر والعهد واليمين، وصوم الإجارة ونحوها كالمشروط في ضمن العقد، وصوم الثالث من أيام الاعتكاف، وصوم الولد الأكبر عن أحد أبويه().

ووجوبه في شهر رمضان من ضروريات الدين، ومنكره مرتدّ يجب قتله()، ومن أفطر فيه لا مستحلاً عالماً

عامداً يعزّر بخمسة وعشرين سوطاً()، فإن عاد عزّر ثانياً، فإن عاد قتل علي الأقوي وإن كان الأحوط() قتله في الرابعة، وإنما يقتل في الثالثة أو الرابعة إذا عزّر في كلّ من المرّتين أو الثلاث، وإذا ادّعي() شبهة محتملة في حقّه دُرئ عنه الحدّ.

(1- فصل: في النيّة)

(1- فصل: في النيّة)

يجب في الصوم: القصد إليه مع القربة والإخلاص كسائر العبادات ولا يجب الإخطار، بل يكفي الداعي، ويعتبر فيما عدا شهر رمضان حتي الواجب المعيّن أيضاً القصد إلي نوعه: من الكفّارة أو القضاء أو النذر مطلقاً كان، أو مقيّداً بزمان معيّن، من غير فرق بين الصوم الواجب والمندوب، ففي المندوب أيضاً يعتبر تعيين نوعه: من كونه صوم أيام البيض مثلاً أو غيرها من الأيام المخصوصة، فلا يجزئ القصد إلي الصوم مع القربة من دون تعيين النوع، من غير فرق بين ما إذا كان ما في ذمّته متّحداً، أو متعدّداً، ففي صورة الاتحاد أيضاً يعتبر تعيين النوع()، ويكفي التعيين الإجمالي: كأن يكون ما في ذمّته واحداً فيقصد ما في ذمّته وإن لم يعلم أنه من أيّ نوع وإن كان يمكنه الاستعلام أيضاً، بل فيما إذا كان ما في ذمّته متعدّداً أيضاً يكفي التعيين الإجمالي: كأن ينوي ما اشتغلت ذمّته به أولاً، أو ثانياً، أو نحو ذلك.

وأما في شهر رمضان: فيكفي قصد الصوم وإن لم ينو كونه من رمضان، بل لو نوي فيه غيره جاهلاً، أو ناسياً له أجزأ عنه، نعم إذا كان عالماً به وقصد غيره لم يجزئه، كما لا يجزئ لما قصده أيضا، بل إذا قصد غيره عالماً به مع تخيّل صحّة الغير فيه ثمّ علم بعدم الصحة وجدّد نيّته قبل الزوال لم يجزئه() أيضًا، بل الأحوط عدم الإجزاء إذا كان جاهلاً بعدم

صحّة غيره فيه وإن لم يقصد الغير أيضاً، بل قصد الصوم في الغد مثلاً فيعتبر في مثله تعيين كونه من رمضان، كما أن الأحوط في المتوخّي أي: المحبوس الذي اشتبه عليه شهر رمضان وعمل بالظنّ أيضاً ذلك أي: اعتبار قصد كونه من رمضان، بل وجوب ذلك لا يخلو عن قوّة.

[مسائل في النيّة]

(1 مسألة): لا يشترط التعرض للأداء والقضاء، ولا الوجوب والندب، ولا سائر الأوصاف الشخصية، بل لو نوي شيئاً منها في محلّ الآخر صحّ إلا إذا كان منافياً للتعيين، مثلاً: إذا تعلّق به الأمر الأدائي فتخيّل كونه قضائياً، فإن قصد الأمر الفعلي المتعلّق به واشتبه في التطبيق فقصده قضاءً صحّ، وأما إذا لم يقصد الأمر الفعلي، بل قصد الأمر القضائي() بطل لأنه مناف للتعيين حينئذٍ. وكذا يبطل إذا كان مغيّراً للنوع: كما إذا قصد الأمر الفعلي لكن بقيد كونه قضائياً مثلاً أو بقيد كونه وجوبياً مثلاً فبان كونه أدائياً، أو كونه ندبياً، فإنه حينئذٍ مغيّر للنوع ويرجع إلي عدم قصد الأمر الخاص .

(2 مسألة): إذا قصد صوم اليوم الأول من شهر رمضان فبان أنه اليوم الثاني مثلاً أو العكس صحّ، وكذا لو قصد اليوم الأول من صوم الكفّارة أو غيرها فبان الثاني مثلاً أو العكس، وكذا إذا قصد قضاء رمضان السنة الحالية فبان أنه قضاء رمضان السنة السابقة وبالعكس .

(3 مسألة): لا يجب العلم بالمفطرات علي التفصيل، فلو نوي الإمساك عن أمور يعلم دخول جميع المفطرات فيها كفي .

(4 مسألة): لو نوي الإمساك عن جميع المفطرات ، ولكن تخيّل أن المفطر الفلاني ليس بمفطر: فإن ارتكبه في ذلك اليوم بطل صومه، وكذا إن لم يرتكبه ولكنه لاحظ في نيّته الإمساك عمّا عداه()، وأما إن لم يلاحظ ذلك صحّ صومه في

الأقوي .

(5 مسألة): النائب عن الغير لا يكفيه قصد الصوم بدون نيّة النيابة() وإن كان متّحداً، نعم لو علم باشتغال ذمّته بصوم ولا يعلم أنه له، أو نيابة عن الغير يكفيه أن يقصد ما في الذمّة.

(6 مسألة): لا يصلح شهر رمضان لصوم غيره واجباً كان ذلك الغير أو ندباً، سواء كان مكلّفاً بصومه، أو لا: كالمسافر ونحوه، فلو نوي صوم غيره لم يقع عن ذلك الغير، سواء كان عالماً بأنه رمضان، أو جاهلاً، وسواء كان عالماً بعدم وقوع غيره فيه، أو جاهلاً، ولا يجزئ عن رمضان أيضاً إذا كان مكلّفاً به مع العلم والعمد، نعم يجزئ عنه مع الجهل، أو النسيان كما مرّ، ولو نوي في شهر رمضان قضاء رمضان الماضي أيضاً لم يصحّ قضاءً ولم يجزئ عن رمضان أيضاً مع العلم والعمد.

(7 مسألة): إذا نذر صوم يوم بعينه لا تجزئه() نيّة الصوم بدون تعيين أنه للنذر ولو إجمالاً كما مرّ، ولو نوي غيره فإن كان مع الغفلة عن النذر صحّ وإن كان مع العلم والعمد ففي صحّته إشكال .

(8 مسألة): لو كان عليه قضاء رمضان السنة التي هو فيها وقضاء رمضان السنة الماضية، لا يجب عليه تعيين أنه من أيٍّ منهما، بل يكفيه نيّة الصوم قضاءً، وكذا إذا كان عليه نذران: كلّ واحد يوم، أو أزيد، وكذا إذا كان عليه كفّارتان غير مختلفتين في الآثار.

(9 مسألة): إذا نذر صوم يوم خميس معيّن، ونذر صوم يوم معيّن من شهر معيّن. فاتّفق في ذلك الخميس المعيّن: يكفيه صومه ويسقط النذران، فإن قصدهما أثيب عليهما، وإن قصد أحدهما أثيب عليه وسقط عنه الآخر.

(10 مسألة): إذا نذر صوم يوم معيّن فاتّفق ذلك اليوم في أيام البيض مثلاً فإن قصد وفاء

النذر وصوم أيام البيض أثيب عليهما، وإن قصد النذر فقط أثيب عليه فقط وسقط الآخر، ولا يجوز أن يقصد أيام البيض دون وفاء النذر().

(11 مسألة): إذا تعدّد في يوم واحد جهات من الوجوب، أو جهات من الاستحباب، أو من الأمرين، فقصد الجميع أثيب علي الجميع، وإن قصد البعض دون البعض أثيب علي المنوي وسقط الأمر بالنسبة إلي البقيّة.

[النيّة وآخر وقتها]

(12 مسألة): آخر وقت النيّة في الواجب المعيّن رمضان كان أو غيره عند طلوع الفجر الصادق، ويجوز التقديم في أيّ جزء من أجزاء ليلة اليوم الذي يريد صومه، ومع النسيان أو الجهل بكونه رمضان أو المعيّن الآخر يجوز متي تذكّر إلي ما قبل الزوال إذا لم يأت بمفطر، وأجزأه عن ذلك اليوم، ولا يجزئه إذا تذكّر بعد الزوال.

وأما في الواجب غير المعيّن فيمتدّ وقتها اختياراً من أوّل الليل إلي الزوال دون ما بعده علي الأصح، ولا فرق في ذلك بين سبق التردّد أو العزم علي العدم.

وأما في المندوب فيمتدّ إلي أن يبقي من الغروب زمان يمكن تجديدها فيه علي الأقوي .

(13 مسألة): لو نوي الصوم ليلاً، ثمّ نوي الإفطار، ثمّ بدا له الصوم قبل الزوال، فنوي وصام قبل أن يأتي بمفطر صحّ علي الأقوي، إلا أن يفسد صومه برياء ونحوه، فإنه لا يجزئه لو أراد التجديد قبل الزوال علي الأحوط.

(14 مسألة): إذا نوي الصوم ليلاً، لا يضرّه الإتيان بالمفطر بعده قبل الفجر مع بقاء العزم علي الصوم .

(15 مسألة): يجوز في شهر رمضان أن ينوي لكل يوم نيّة علي حدة، والأولي: أن ينوي صوم الشهر جملة ويجدّد النيّة لكل يوم، ويقوي الاجتزاء بنيّة واحدة للشهر كلّه لكن لا يترك الاحتياط بتجديدها لكل يوم. وأما في غير شهر رمضان من

الصوم المعيّن فلا بدّ من نيّته لكل يوم() إذا كان عليه أيام: كشهر، أو أقل، أو أكثر.

[صوم يوم الشك ووجوه نيّته]

(16 مسألة): يوم الشكّ في أنه من شعبان، أو رمضان يبني علي أنه من شعبان فلا يجب صومه، وإن صام ينويه ندباً، أو قضاءً أو غيرهما، ولو بان بعد ذلك أنه من رمضان أجزأ عنه، ووجب عليه تجديد النيّة إن بان في أثناء النهار ولو كان بعد الزوال، ولو صامه بنيّة أنه من رمضان لم يصحّ وإن صادف الواقع .

(17 مسألة): صوم يوم الشكّ يتصوّر علي وجوه :

الأول: أن يصوم علي أنه من شعبان، وهذا لا إشكال فيه، سواء نواه ندباً، أو بنيّة ما عليه من القضاء، أو النذر، أو نحو ذلك، ولو انكشف بعد ذلك أنه كان من رمضان أجزأ عنه و حسب كذلك.

الثاني: أن يصومه بنيّة أنه من رمضان، والأقوي بطلانه وإن صادف الواقع.

الثالث: أن يصومه علي أنه إن كان من شعبان كان ندباً، أو قضاءً مثلاً وإن كان من رمضان كان واجباً، والأقوي() بطلانه أيضاً.

الرابع: أن يصومه بنيّة القربة المطلقة بقصد ما في الذمّة، وكان في ذهنه أنه إما من رمضان، أو غيره: بأن يكون الترديد في المنويّ لا في نيّته، فالأقوي صحّته وإن كان الأحوط خلافه .

(18 مسألة): لو أصبح يوم الشكّ بنيّة الإفطار، ثمّ بان له أنه من الشهر: فإن تناول المفطر وجب عليه القضاء وأمسك بقيّة النهار وجوباً تأدّباً، وكذا لو لم يتناوله ولكن كان بعد الزوال، وإن كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر جدّد النيّة وأجزأ عنه .

(19 مسألة): لو صام يوم الشكّ بنية أنه من شعبان ندباً أو قضاءً أو نحوهما، ثمّ تناول المفطر نسياناً وتبيّن بعده أنه من رمضان أجزأ عنه أيضاً، ولا

يضرّه تناول المفطر نسياناً، كما لو لم يتبيّن وكما لو تناول المفطر نسياناً بعد التبيّن .

(20 مسألة): لو صام بنيّة شعبان ثمّ أفسد صومه برياء ونحوه، لم يجزئه عن رمضان وإن تبيّن() له كونه منه قبل الزوال .

(21 مسألة): إذا صام يوم الشكّ بنيّة شعبان ثمّ نوي الإفطار وتبيّن كونه من رمضان قبل الزوال قبل أن يفطر فنوي صحّ صومه، وإما إن نوي الإفطار في يوم من شهر رمضان عصياناً ثمّ تاب فجدّد النيّة قبل الزوال لم ينعقد صومه، وكذا لو صام يوم الشكّ بقصد واجب معيّن ثمّ نوي الإفطار عصياناً ثمّ تاب فجدّد النيّة بعد تبيّن كونه من رمضان قبل الزوال ().

(22 مسألة): لو نوي القطع، أو القاطع في الصوم الواجب المعيّن بطل() صومه، سواء نواهما من حينه، أو فيما يأتي، وكذا لو تردّد، نعم لو كان تردّده من جهة الشكّ في بطلان صومه وعدمه لعروض عارض لم يبطل وإن استمر ذلك إلي أن يسأل، ولا فرق في البطلان بنيّة القطع، أو القاطع، أو التردّد بين أن يرجع إلي نيّة الصوم قبل الزوال أم لا، وأما في غير الواجب المعيّن فيصحّ لو رجع قبل الزوال .

(23 مسألة): لا يجب معرفة كون الصوم هو: ترك المفطرات مع النيّة، أو كف النفس عنها معها.

(24 مسألة): لا يجوز العدول من صوم إلي صوم، واجبين كانا، أو مستحبّين، أو مختلفين، وتجديد نيّة رمضان إذا صام يوم الشكّ بنيّة شعبان ليس من باب العدول، بل من جهة أن وقتها موسَّع لغير العالم به إلي الزوال().

(2- فصل: فيما يجب الإمساك عنه في الصوم من المفطرات)

(2- فصل: فيما يجب الإمساك عنه في الصوم من المفطرات)

وهي أمور:

[أول المفطرات وثانيها]

الأول والثاني: الأكل والشرب ، من غير فرق في المأكول والمشروب بين المعتاد: كالخبز والماء ونحوهما، وغيره: كالتراب والحصي وعصارة الأشجار ونحوها، ولا بين الكثير والقليل: كعشر حبّة الحنطة، أو عشر قطرة من الماء، أو غيرها من المائعات، حتي أنه لو بلّ الخيّاط الخيط بريقه، أو غيره ثمّ ردّه إلي الفم وابتلع ما عليه من الرطوبة بطل صومه، إلا إذا استهلك ما كان عليه من الرطوبة بريقه علي وجه لا يصدق عليه الرطوبة الخارجية، وكذا لو استاك وأخرج المسواك من فمه وكان عليه رطوبة ثمّ ردّه إلي الفم، فإنه لو ابتلع ما عليه بطل صومه، إلا مع الاستهلاك علي الوجه المذكور، وكذا يبطل بابتلاع ما يخرج من بقايا الطعام من بين أسنانه .

(1 مسألة): لا يجب التخليل بعد الأكل لمن يريد الصوم وإن احتمل أنّ تركه يؤدّي إلي دخول البقايا بين الأسنان في حلقه، ولا يبطل صومه لو دخل بعد ذلك سهواً، نعم لو علم أنّ تركه يؤدّي إلي ذلك وجب عليه، وبطل صومه علي فرض الدخول .

(2 مسألة): لا بأس ببلع البصاق وإن كان كثيراً مجتمعاً، بل وإن كان اجتماعه بفعل ما يوجبه: كتذكّر الحامض مثلاً لكن الأحوط الترك في صورة الاجتماع خصوصاً مع تعمّد السبب .

(3 مسألة): لا بأس بابتلاع ما يخرج من الصدر من الخلط وما ينزل من الرأس ما لم يصل إلي فضاء الفم، بل الأقوي جواز الجرّ من الرأس إلي الحلق وإن كان الأحوط تركه، وأما ما وصل منهما إلي فضاء الفم فلا يترك الاحتياط فيه بترك الابتلاع .

(4 مسألة): المدار: صدق الأكل والشرب وإن كان بالنحو غير المتعارف، فلا يضرّ مجرّد الوصول إلي الجوف إذا لم يصدق الأكل أو الشرب: كما إذا

صبّ دواءً في جرحه، أو شيئاً في أذنه أو إحليله فوصل إلي جوفه، نعم إذا وصل من طريق أنفه فالظاهر أنه موجب للبطلان إن كان متعمّداً، لصدق الأكل والشرب حينئذٍ.

(5 مسألة): لا يبطل الصوم بإنفاذ الرمح، أو السكّين، أو نحوهما بحيث يصل إلي الجوف وإن كان متعمّداً.

[ثالث المفطرات]

الثالث: الجماع وإن لم ينزل، للذكر والأنثي قبلاً أو دبراً، صغيراً كان أو كبيراً، حيّاً أو ميتاً، واطئاً كان أو موطوءاً، وكذا لو كان الموطوء بهيمة، بل وكذا لو كانت هي الواطئة، ويتحقّق بإدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها فلا يبطل بأقلّ من ذلك، بل لو دخل بجملته ملتوياً ولم يكن بمقدار الحشفة لم يبطل وإن كان لو انتشر كان بمقدارها.

(6 مسألة): لا فرق في البطلان بالجماع بين صورة: قصد الإنزال به، وعدمه .

(7 مسألة): لا يبطل الصوم بالإيلاج في غير أحد الفرجين بلا إنزال ، إلا إذا كان قاصداً له، فإنه يبطل وإن لم ينزل() من حيث إنه نوي المفطر.

(8 مسألة): لا يضرّ إدخال الإصبع ونحوه لا بقصد الإنزال .

(9 مسألة): لا يبطل الصوم بالجماع إذا كان نائماً، أو كان مكرهاً بحيث خرج عن اختياره، كما لا يضرّ إذا كان سهواً.

(10 مسألة): لو قصد التفخيذ مثلاً فدخل في أحد الفرجين لم يبطل، ولو قصد الإدخال في أحدهما فلم يتحقّق، كان مبطلاً من حيث() إنه نوي المفطر.

(11 مسألة): إذا دخل الرجل بالخنثي قبلاً لم يبطل صومه ولا صومها، وكذا لو دخل الخنثي بالأنثي ولو دبراً، أما لو وطأ الخنثي دبراً بطل صومهما، ولو دخل الرجل بالخنثي ودخلت الخنثي بالأنثي بطل صوم الخنثي دونهما، ولو وطأت كلّ من الخنثيين الأخري لم يبطل صومهما.

(12 مسألة): إذا جامع نسياناً، أو من غير اختيار ثمّ

تذكّر، أو ارتفع الجبر، وجب الإخراج فوراً، فإن تراخي بطل صومه .

(13 مسألة): إذا شكّ في الدخول أو شكّ في بلوغ مقدار الحشفة، لم يبطل صومه .

[رابع المفطرات]

الرابع من المفطرات: الاستمناء أي: إنزال المني متعمّداً بملامسة، أو قبلة، أو تفخيذ، أو نظر، أو تصوير صورة المواقعة، أو تخيّل صورة امرأة، أو نحو ذلك من الأفعال التي يقصد بها حصوله، فإنه مبطل للصوم بجميع أفراده، وأما لو لم يكن قاصداً للإنزال وسبقه المني من دون إيجاد شيء ممّا يقتضيه لم يكن عليه شي ء.

(14 مسألة): إذا علم من نفسه أنه لو نام في نهار رمضان يحتلم فالأحوط تركه، وإن كان الظاهر جوازه، خصوصاً إذا كان الترك موجباً للحرج .

(15 مسألة): يجوز للمحتلم في النهار الاستبراء بالبول، أو الخرطات وإن علم بخروج بقايا المني في المجري، ولا يجب عليه التحفّظ بعد الإنزال من خروج المني إن استيقظ قبله، خصوصاً مع الإضرار، أو الحرج .

(16 مسألة): إذا احتلم في النهار وأراد الاغتسال، فالأحوط() تقديم الاستبراء إذا علم أنه لو تركه خرجت البقايا بعد الغسل فتحدث جنابة جديدة.

(17 مسألة): لو قصد الإنزال بإتيان شيء ممّا ذكر ولكن لم ينزل، بطل صومه() من باب نيّة إيجاد المفطر.

(18 مسألة): إذا أوجد بعض هذه الأفعال لا بنيّة الإنزال، لكن كان من عادته الإنزال بذلك الفعل()، بطل صومه أيضاً إذا أنزل، وأما إذا أوجد بعض هذه ولم يكن قاصداً للإنزال ولا كان من عادته فاتّفق أنه أنزل فالأقوي عدم البطلان، وإن كان الأحوط القضاء خصوصاً في مثل الملاعبة والملامسة والتقبيل .

[خامس المفطرات]

الخامس: تعمّد الكذب علي الله تعالي، أو رسوله، أو الأئمة صلوات الله عليهم، سواء كان متعلّقاً بأمور الدين ، أو الدنيا، وسواء كان بنحو الإخبار، أو بنحو الفتوي، بالعربي أو بغيره من اللغات، من غير فرق بين أن يكون بالقول، أو الكتابة، أو الإشارة، أو الكناية، أو غيرها ممّا يصدق عليه الكذب عليهم، ومن

غير فرق بين أن يكون الكذب مجعولاً له، أو جعله غيره وهو أخبر به مسنداً إليه لا علي وجه نقل القول، وأما لو كان علي وجه الحكاية ونقل القول فلا يكون مبطلاً.

(19 مسألة): الأقوي() إلحاق باقي الأنبياء والأوصياء بنبيّناً صلّي الله عليه وآله وسلّم، فيكون الكذب عليهم أيضاً موجباً للبطلان، بل الأحوط إلحاق فاطمة الزهراء سلام الله عليها بهم أيضاً.

(20 مسألة): إذا تكلّم بالخبر غير موجّه خطابه إلي أحد، أو موجّهاً إلي من لا يفهم معناه، فالظاهر: عدم البطلان وإن كان الأحوط القضاء.

(21 مسألة): إذا سأله سائل: هل قال النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم كذا؟ فأشار: نعم في مقام لا، أم لا في مقام نعم، بطل صومه .

(22 مسألة): إذا أخبر صادقاً عن الله، أو عن النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم مثلاً ثمّ قال: كذبت، بطل صومه ()، وكذا إذا أخبر بالليل كاذباً ثمّ قال في النهار ما أخبرت به البارحة صدق .

(23 مسألة): إذا أخبر كاذباً ثمّ رجع عنه بلا فصل، لم يرتفع عنه الأثر فيكون صومه باطلاً، بل وكذا إذا تاب بعد ذلك فإنه لا تنفعه توبته في رفع البطلان .

(24 مسألة): لا فرق في البطلان بين أن يكون الخبر المكذوب مكتوباً في كتاب من كتب الأخبار، أو لا، فمع العلم بكذبه لا يجوز الإخبار به وإن أسنده إلي ذلك الكتاب، إلا أن يكون ذكره له علي وجه الحكاية دون الإخبار، بل لا يجوز الإخبار به علي سبيل الجزم مع الظنّ بكذبه، بل وكذا مع احتمال كذبه إلا علي سبيل النقل والحكاية()، فالأحوط لناقل الأخبار في شهر رمضان مع عدم العلم() بصدق الخبر أن يسنده إلي الكتاب، أو إلي قول الراوي علي سبيل الحكاية.

(25 مسألة):

الكذب علي الفقهاء والمجتهدين والرواة وإن كان حراماً لا يوجب بطلان الصوم، إلا إذا رجع إلي الكذب علي الله ورسوله صلَّي الله عليه وآله وسلّم.

(26 مسألة): إذا اضطرّ إلي الكذب علي الله ورسوله صلّي الله عليه وآله وسلّم في مقام التقية من ظالم لا يبطل صومه به، كما أنه لا يبطل مع السهو، أو الجهل المركّب .

(27 مسألة): إذا قصد الكذب فبان صدقاً، دخل في عنوان قصد المفطر بشرط العلم بكونه مفطراً.

(28 مسألة): إذا قصد الصدق فبان كذباً، لم يضرّ كما أشير إليه.

(29 مسألة): إذا أخبر بالكذب هزلاً بأن لم يقصد المعني أصلاً، لم يبطل صومه.

[سادس المفطرات]

السادس: إيصال الغبار الغليظ() إلي حلقه ، بل وغير الغليظ علي الأحوط()، سواء كان من الحلال: كغبار الدقيق، أو الحرام كغبار التراب ونحوه، وسواء كان بإثارته بنفسه بكنس أو نحوه، أو بإثارة غيره، بل أو بإثارة الهواء مع التمكين منه وعدم تحفّظه، والأقوي إلحاق البخار الغليظ ودخان التنباك ونحوه، ولا بأس بما يدخل في الحلق غفلة، أو نسياناً، أو قهراً، أو مع ترك التحفّظ بظن عدم الوصول ونحو ذلك .

[سابع المفطرات]

السابع: الارتماس() في الماء، ويكفي فيه رمس الرأس فيه وإن كان سائر البدن خارجاً عنه، من غير فرق بين أن يكون رمسه دفعة، أو تدريجاً علي وجه يكون تمامه تحت الماء زماناً، وأما لو غمسه علي التعاقب لا علي هذا الوجه فلا بأس به وإن استغرقه، والمراد بالرأس: ما فوق الرقبة بتمامه، فلا يكفي غمس خصوص المنافذ في البطلان وإن كان هو الأحوط وخروج الشعر لا ينافي صدق الغمس .

(30 مسألة): لا بأس برمس الرأس، أو تمام البدن في غير الماء من سائر المائعات ، بل ولا رمسه في الماء المضاف وإن كان الأحوط() الاجتناب خصوصاً في الماء المضاف .

(31 مسألة): لو لطّخ رأسه بما يمنع من وصول الماء إليه ثمّ رمسه في الماء فالأحوط، بل الأقوي بطلان صومه، نعم لو أدخل رأسه في إناء كالشيشة ونحوها ورمس الإناء في الماء فالظاهر عدم البطلان .

(32 مسألة): لو ارتمس في الماء بتمام بدنه إلي منافذ رأسه وكان ما فوق المنافذ من رأسه خارجاً عن الماء كلّا ً، أو بعضاً، لم يبطل صومه علي الأقوي، وإن كان الأحوط البطلان برمس خصوص المنافذ كما مرّ.

(33 مسألة): لا بأس بإفاضة الماء علي رأسه وإن اشتمل علي جميعه ما لم يصدق الرمس في الماء، نعم لو

أدخل رأسه، أو تمام بدنه في النهر المنصبّ من عال إلي السافل ولو علي وجه التسنيم فالظاهر البطلان لصدق الرمس، وكذا في الميزاب إذا كان كبيراً وكان الماء كثيراً كالنهر مثلاً.

(34 مسألة): في ذي الرأسين إذا تميّز الأصلي منهما فالمدار عليه ، ومع عدم التميّز يجب عليه الاجتناب عن رمس كلّ منهما، لكن لا يحكم ببطلان الصوم() إلا برمسهما ولو متعاقباً.

(35 مسألة): إذا كان مائعان يعلم بكون أحدهما ماءً يجب الاجتناب عنهما، ولكن الحكم بالبطلان يتوقّف علي الرمس فيهما.

(36 مسألة): لا يبطل الصوم بالارتماس سهواً أو قهراً، أو السقوط في الماء من غير اختيار.

(37 مسألة): إذا ألقي نفسه من شاهق في الماء بتخيّل عدم الرمس فحصل، لم يبطل صومه .

(38 مسألة): إذا كان مائع لا يعلم أنه ماء أو غيره أو ماء مضاف ، لم يجب الاجتناب عنه ().

(39 مسألة): إذا ارتمس نسياناً، أو قهراً ثمّ تذكّر، أو ارتفع القهر، وجب عليه المبادرة إلي الخروج وإلا بطل صومه .

(40 مسألة): إذا كان مكرهاً في الارتماس لم يصحّ صومه ()، بخلاف ما إذا كان مقهوراً.

(41 مسألة): إذا ارتمس لإنقاذ غريق، بطل صومه وإن كان واجباً عليه .

(42 مسألة): إذا كان جنباً وتوقّف غسله علي الارتماس، انتقل إلي التيمّم إذا كان الصوم واجباً معيّناً، وإن كان مستحباً، أو كان واجباً موسّعاً() وجب عليه الغسل وبطل صومه .

(43 مسألة): إذا ارتمس بقصد الاغتسال في الصوم الواجب المعيّن بطل صومه وغسله إذا كان متعمّداً، وإن كان ناسياً لصومه صحّا معاً، وأما إذا كان الصوم مستحباً، أو واجباً موسّعاً بطل صومه وصحّ غسله .

(44 مسألة): إذا أبطل صومه بالارتماس العمدي : فإن لم يكن من شهر رمضان ولا من الواجب المعيّن غير رمضان، يصحّ له الغسل حال المكث في الماء،

أو حال الخروج، وإن كان من شهر رمضان يشكل صحّته حال المكث لوجوب الإمساك عن المفطرات فيه بعد البطلان أيضا، بل يشكل صحّته حال الخروج أيضاً لمكان النهي السابق كالخروج من الدار الغصبيّة إذا دخلها عامداً، ومن هنا يشكل صحّة الغسل في الصوم الواجب المعيّن أيضاً، سواء كان في حال المكث، أو حال الخروج .

(45 مسألة): لو ارتمس الصائم في الماء المغصوب: فإن كان ناسياً للصوم وللغصب صحّ صومه وغسله، وإن كان عالماً بهما بطلا معاً. وكذا إن كان متذكّراً للصوم ناسياً للغصب، وإن كان عالماً بالغصب ناسياً للصوم صحّ الصوم دون الغسل .

(46 مسألة): لا فرق في بطلان الصوم بالارتماس بين أن يكون عالماً بكونه مفطراً، أو جاهلاً.

(47 مسألة): لا يبطل الصوم بالارتماس في الوحل، ولا بالارتماس في الثلج .

(48 مسألة): إذا شكّ في تحقّق الارتماس، بني علي عدمه .

[ثامن المبطلات]

الثامن: البقاء علي الجنابة عمداً إلي الفجر الصادق في صوم شهر رمضان، أو قضائه دون غيرهما من الصيام الواجبة والمندوبة علي الأقوي، وإن كان الأحوط تركه في غيرهما أيضاً، خصوصاً في الصيام الواجب موسّعاً كان أو مضيّقاً.

وأما الإصباح جنباً من غير تعمّد فلا يوجب البطلان إلا في قضاء شهر رمضان علي الأقوي، وإن كان الأحوط إلحاق مطلق الواجب غير المعيّن به في ذلك. وأما الواجب المعيّن رمضاناً كان، أو غيره فلا يبطل بذلك، كما لا يبطل مطلق الصوم واجباً كان أو مندوباً معيّناً أو غيره بالاحتلام في النهار.

ولا فرق في بطلان الصوم بالإصباح جنباً عمداً بين أن تكون الجنابة بالجماع في الليل، أو الاحتلام، ولا بين أن يبقي كذلك متيقّظاً أو نائماً بعد العلم بالجنابة مع العزم علي ترك الغسل.

ومن البقاء علي الجنابة عمداً: الإجناب قبل الفجر متعمّداً

في زمان لا يسع الغسل ولا التيمّم، وأما لو وسع التيمّم خاصّة فتيمّم صحّ صومه وإن كان عاصياً في الاجناب.

وكما يبطل الصوم بالبقاء علي الجنابة متعمّداً، كذا يبطل بالبقاء علي حدث الحيض والنفاس إلي طلوع الفجر، فإذا طهرت منهما قبل الفجر وجب عليها الاغتسال، أو التيمّم، ومع تركهما عمداً يبطل صومها، والظاهر: اختصاص البطلان بصوم رمضان وإن كان الأحوط إلحاق قضائه به أيضاً، بل إلحاق مطلق الواجب، بل المندوب أيضاً، وأما لو طهرت قبل الفجر في زمان لا يسع الغسل ولا التيمّم، أو لم تعلم بطهرها في الليل حتي دخل النهار، فصومها صحيح واجباً كان، أو ندباً علي الأقوي .

[الأغسال النهاريّة شرط في صوم المستحاضة]

(49 مسألة): يشترط في صحّة صوم المستحاضة علي الأحوط الأغسال النهاريّة التي للصلاة، دون ما لا يكون لها، فلو استحاضت قبل الإتيان بصلاة الصبح، أو الظهرين بما يوجب الغسل: كالمتوسّطة أو الكثيرة فتركت الغسل، بطل صومها، وأما لو استحاضت بعد الإتيان بصلاة الفجر، أو بعد الإتيان بالظهرين فتركت الغسل إلي الغروب، لم يبطل صومها، ولا يشترط فيها الإتيان بأغسال الليلة المستقبلة و إن كان أحوط.

وكذا لا يعتبر فيها الإتيان بغسل الليلة الماضية، بمعني: أنها لو تركت الغسل الذي للعشاءين لم يبطل صومها لأجل ذلك، نعم يجب عليها الغسل حينئذٍ لصلاة الفجر فلو تركته بطل صومها من هذه الجهة، وكذا لا يعتبر فيها ما عدا الغسل من الأعمال، وإن كان الأحوط اعتبار جميع ما يجب عليها من الأغسال والوضوءات وتغيير الخرقة والقطنة، ولا يجب تقديم غسل المتوسّطة والكثيرة علي الفجر وإن كان هو الأحوط.

[الصائم لو نسي الغُسل]

(50 مسألة): الأقوي بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة() ليلاً قبل الفجر حتي مضي عليه يوم أو أيام، والأحوط إلحاق غير شهر رمضان من النذر المعيّن ونحوه به وإن كان الأقوي عدمه، كما أن الأقوي عدم إلحاق غسل الحيض والنفاس لو نسيتهما بالجنابة في ذلك وإن كان أحوط.

(51 مسألة): إذا كان المجنب ممّن لا يتمكّن من الغسل لفقد الماء، أو لغيره من أسباب التيمّم، وجب عليه التيمّم، فإن تركه بطل صومه، وكذا لو كان متمكّناً من الغسل وتركه حتي ضاق الوقت .

(52 مسألة): لا يجب علي من تيمّم بدلاً عن الغسل أن يبقي مستيقظاً حتي يطلع الفجر، فيجوز له النوم بعد التيمّم قبل الفجر علي الأقوي، وإن كان الأحوط البقاء مستيقظاً لاحتمال بطلان تيمّمه بالنوم، كما علي القول بأن التيمّم بدلاً عن

الغسل يبطل بالحدث الأصغر.

(53 مسألة): لا يجب علي من أجنب في النهار بالاحتلام، أو نحوه من الأعذار أن يبادر إلي الغسل فوراً، وإن كان هو الأحوط.

(54 مسألة): لو تيقّظ بعد الفجر من نومه فرأي نفسه محتلماً لم يبطل صومه ، سواء علم سبقه علي الفجر، أو علم تأخّره، أو بقي علي الشكّ، لأنه لو كان سابقاً كان من البقاء علي الجنابة غير متعمّد، ولو كان بعد الفجر كان من الاحتلام في النهار، نعم إذا علم سبقه علي الفجر لم يصحّ منه صوم قضاء رمضان مع كونه موسّعاً، وأما مع ضيق وقته فالأحوط() الإتيان به وبعوضه .

[لو نام الصائم قبل الاغتسال]

(55 مسألة): من كان جنباً في شهر رمضان في الليل، لا يجوز له أن ينام قبل الاغتسال إذا علم أنه لا يستيقظ قبل الفجر للاغتسال، ولو نام واستمرّ إلي الفجر لحقه حكم البقاء متعمّداً، فيجب عليه القضاء والكفارة. وأما إن احتمل الاستيقاظ جاز له النوم وإن كان من النوم الثاني، أو الثالث، أو الأزيد، فلا يكون نومه حراماً وإن كان الأحوط ترك النوم الثاني فما زاد وإن اتّفق استمراره إلي الفجر، غاية الأمر وجوب القضاء أو مع الكفّارة في بعض الصور كما سيتبيّن .

(56 مسألة): نوم الجنب في شهر رمضان في الليل مع احتمال الاستيقاظ، أو العلم به إذا اتفق استمراره إلي طلوع الفجر علي أقسام: فإنه إما أن يكون مع العزم علي ترك الغسل، وإما أن يكون مع التردّد في الغسل وعدمه، وإما أن يكون مع الذهول والغفلة عن الغسل، وإما أن يكون مع البناء علي الاغتسال حين الاستيقاظ مع اتفاق الاستمرار.

فإن كان مع العزم علي ترك الغسل أو مع التردّد فيه لحقه حكم تعمّد البقاء جنباً، بل الأحوط ذلك إن

كان مع الغفلة والذهول أيضاً، وإن كان الأقوي لحوقه بالقسم الأخير.

وإن كان مع البناء علي الاغتسال أو مع الذهول علي ما قوّينا: فإن كان في النومة الأولي بعد العلم بالجنابة فلا شيء عليه وصحّ صومه، وإن كان في النومة الثانية بأن نام بعد العلم بالجنابة ثمّ انتبه ونام ثانياً مع احتمال الانتباه فاتّفق الاستمرار وجب عليه القضاء فقط دون الكفارة علي الأقوي وإن كان في النومة الثالثة فكذلك علي الأقوي، وإن كان الأحوط ما هو المشهور من وجوب الكفارة أيضاً في هذه الصورة، بل الأحوط وجوبها في النومة الثانية أيضاً، بل وكذا في النومة الأولي أيضاً إذا لم يكن معتاد الانتباه. ولا يعدّ النوم الذي احتلم فيه من النوم الأول، بل المعتبر فيه: النوم بعد تحقّق الجنابة، فلو استيقظ المحتلم من نومه ثمّ نام كان من النوم الأول لا الثاني .

(57 مسألة): الأحوط() إلحاق غير شهر رمضان من الصوم المعيّن به في حكم استمرار النوم الأول أو الثاني والثالث، حتي في الكفّارة في الثاني والثالث إذا كان الصوم ممّا له كفّارة كالنذر ونحوه .

(58 مسألة): إذا استمر النوم الرابع، أو الخامس، فالظاهر: أن حكمه حكم النوم الثالث .

(59 مسألة): الجنابة المستصحبة، كالمعلومة في الأحكام المذكورة.

(60 مسألة): ألحق بعضهم الحائض والنفساء بالجنب في حكم النومات ، والأقوي عدم الإلحاق، وكون المناط فيهما: صدق التواني في الاغتسال، فمعه يبطل وإن كان في النوم الأول، ومع عدمه لا يبطل وإن كان في النوم الثاني، أو الثالث .

(61 مسألة): إذا شكّ في عدد النومات ، بني علي الأقل ().

(62 مسألة): إذا نسي غسل الجنابة ومضي عليه أيام وشكّ في عددها، يجوز له الاقتصار في القضاء علي القدر المتيقّن، وإن كان الأحوط() تحصيل اليقين بالفراغ .

(63 مسألة): يجوز

قصد الوجوب في الغسل وإن أتي به في أوّل الليل، لكن الأولي مع الإتيان به قبل آخر الوقت أن لا يقصد الوجوب، بل يأتي به بقصد القربة.

(64 مسألة): فاقد الطهورين يسقط() عنه اشتراط رفع الحدث للصوم، فيصحّ صومه مع الجنابة، أو مع حدث الحيض، أو النفاس .

(65 مسألة): لا يشترط في صحة الصوم الغسل لمسّ الميّت ، كما لا يضرّ مسّه في أثناء النهار.

(66 مسألة): لا يجوز اجناب نفسه في شهر رمضان إذا ضاق الوقت عن الاغتسال أو التيمّم ، بل إذا لم يسع للاغتسال ولكن وسع للتيمّم()، ولو ظنّ سعة الوقت فتبيّن ضيقه(): فإن كان بعد الفحص صحّ صومه، وإن كان مع ترك الفحص فعليه القضاء علي الأحوط.

[تاسع المفطرات]

التاسع من المفطرات: الحقنة بالمائع ولو مع الاضطرار إليها لرفع المرض، ولا بأس بالجامد وإن كان الأحوط اجتنابه أيضاً.

(67 مسألة): إذا احتقن بالمائع لكن لم يصعد إلي الجوف ، بل كان بمجرّد الدخول في الدبر، فلا يبعد عدم كونه مفطراً وإن كان الأحوط تركه() .

(68 مسألة): الظاهر جواز الاحتقان بما يشكّ في() كونه جامداً، أو مائعاً، وإن كان الأحوط تركه .

[عاشر المفطرات]

العاشر: تعمّد القي ء وإن كان للضرورة من رفع مرض أو نحوه، ولا بأس بما كان سهواً، أو من غير اختيار، والمدار: علي الصدق العرفي فخروج مثل النواة، أو الدود لا يعدّ منه .

(69 مسألة): لو خرج بالتجشّؤ شيء ثمّ نزل من غير اختيار لم يكن مبطلاً، ولو وصل إلي فضاء الفم فبلعه اختياراً بطل صومه وعليه القضاء والكفارة()، بل تجب كفارة الجمع إذا كان حراماً من جهة خباثته، أو غيرها.

(70 مسألة): لو ابتلع في الليل ما يجب عليه قيؤه في النهار، فسد صومه() إن كان الإخراج منحصراً في القيء، وإن لم يكن منحصراً فيه لم يبطل إلا إذا اختار القي ء مع إمكان الإخراج بغيره، ويشترط أن يكون ممّا يصدق القي ء علي إخراجه، وأما لو كان مثل درّة أو بندقة، أو درهم، أو نحوها ممّا لا يصدق معه القي ء لم يكن مبطلاً.

(71 مسألة): إذا أكل في الليل ما يعلم أنه يوجب القي ء في النهار من غير اختيار، فالأحوط القضاء.

(72 مسألة): إذا ظهر أثر القي ء وأمكنه الحبس والمنع، وجب () إذا لم يكن حرج وضرر.

(73 مسألة): إذا دخل الذباب في حلقه وجب إخراجه مع إمكانه ، ولا يكون من القي ء، ولو توقّف إخراجه علي القي ء سقط وجوبه وصحّ صومه .

(74 مسألة): يجوز للصائم التجشّؤ اختياراً وإن احتمل خروج شيء من الطعام معه، وأما

إذا علم بذلك فلا يجوز().

(75 مسألة): إذا ابتلع شيئاً سهواً فتذكّر قبل أن يصل إلي الحلق، وجب إخراجه وصحّ صومه وأما إن تذكّر بعد الوصول إليه فلا يجب()، بل لا يجوز إذا صدق عليه القي ء، وإن شكّ في ذلك فالظاهر() وجوب إخراجه أيضاً مع إمكانه عملاً بأصالة عدم الدخول في الحلق .

(76 مسألة): إذا كان الصائم بالواجب المعيّن مشتغلاً بالصلاة الواجبة، فدخل في حلقه ذباب أو بقّ أو نحوهما، أو شيء من بقايا الطعام الذي بين أسنانه، وتوقّف إخراجه علي إبطال الصلاة بالتكلّم بأخ، أو بغير ذلك، فإن أمكن التحفّظ والإمساك إلي الفراغ من الصلاة وجب، وإن لم يمكن ذلك ودار الأمر بين إبطال الصوم بالبلع، أو الصلاة بالإخراج، فإن لم يصل إلي الحدّ من الحلق كمخرج الخاء وكان ممّا يحرم بلعه في حدّ نفسه كالذباب ونحوه، وجب قطع الصلاة بإخراجه ولو في ضيق وقت الصلاة، وإن كان ممّا يحلّ بلعه في ذاته كبقايا الطعام ففي سعة الوقت للصلاة ولو بإدراك ركعة منه يجب القطع والإخراج، وفي الضيق يجب البلع و إبطال الصوم تقديماً لجانب الصلاة لأهميّتها()، وإن وصل إلي الحدّ فمع كونه ممّا يحرم بلعه وجب إخراجه بقطع الصلاة وإبطالها علي إشكال، وإن كان مثل بقايا الطعام لم يجب وصحّت صلاته وصحّ صومه علي التقديرين، لعدم عدّ إخراج مثله قيئاً في العرف .

(77 مسألة): قيل: يجوز للصائم أن يدخل إصبعه في حلقه ويخرجه عمداً، وهو مشكل مع الوصول إلي الحدّ فالأحوط الترك ().

(78 مسألة): لا بأس بالتجشّؤ القهري وإن وصل معه الطعام إلي فضاء الفم ورجع، بل لا بأس بتعمّد التجشّؤ ما لم يعلم أنه يخرج معه شيء من الطعام، وإن خرج بعد ذلك وجب إلقاؤه، ولو

سبقه الرجوع إلي الحلق لم يبطل صومه وإن كان الأحوط القضاء.

(3- فصل: في أحكام المفطرات)

المفطرات المذكورة ما عدا البقاء علي الجنابة الذي مرّ الكلام فيه تفصيلاً إنما توجب بطلان الصوم إذا وقعت علي وجه العمد والاختيار، وأما مع السهو وعدم القصد فلا توجبه، من غير فرق بين أقسام الصوم من الواجب المعيّن والموسّع والمندوب، ولا فرق في البطلان مع العمد بين الجاهل بقسميه() والعالم، ولا بين المكره وغيره، فلو أكره علي الإفطار فأفطر مباشرة فراراً عن الضرر المترتّب علي تركه بطل صومه علي الأقوي، نعم لو وجر في حلقه من غير مباشرة منه لم يبطل .

(1 مسألة): إذا أكل ناسياً فظنّ فساد صومه فأفطر عامداً بطل صومه، وكذا لو أكل بتخيّل أن صومه مندوب يجوز إبطاله فذكر أنه واجب .

(2 مسألة): إذا أفطر تقيّة من ظالم بطل صومه ().

(3 مسألة): إذا كانت اللقمة في فمه وأراد بلعها لنسيان الصوم فتذكّر وجب إخراجها، وإن بلعها مع إمكان إلقائها بطل صومه، بل يجب الكفارة أيضاً، وكذا لو كان مشغولاً بالأكل فتبيّن طلوع الفجر.

(4 مسألة): إذا دخل الذباب أو البقّ أو الدخان الغليظ أو الغبار في حلقه من غير اختياره لم يبطل صومه، وإن أمكن إخراجه وجب ولو وصل إلي مخرج الخاء.

(5 مسألة): إذا غلب علي الصائم العطش بحيث خاف من الهلاك يجوز له() أن يشرب الماء مقتصراً علي مقدار الضرورة، ولكن يفسد صومه بذلك ويجب عليه الإمساك بقيّة النهار إذا كان في شهر رمضان، وأما في غيره من الواجب الموسّع والمعيّن فلا يجب الإمساك وإن كان أحوط في الواجب المعيّن.

(6 مسألة): لا يجوز للصائم أن يذهب إلي المكان الذي يعلم اضطراره فيه إلي الإفطار بإكراه أو إيجار في حلقه أو نحو ذلك، ويبطل

صومه لو ذهب وصار مضطرّاً ولو كان بنحو الإيجار()، بل لا يبعد بطلانه بمجرّد القصد إلي ذلك فإنه كالقصد للإفطار.

(7 مسألة): إذا نسي فجامع لم يبطل صومه، وإن تذكّر في الأثناء وجب المبادرة إلي الإخراج، وإلا وجب عليه القضاء والكفارة.

(4- فصل: فيما يجوز للصائم)

لا بأس للصائم بمصّ الخاتم أو الحصي، ولا بمضغ الطعام للصبيّ، ولا بزقّ الطائر، ولا بذوق المرق ونحو ذلك ممّا لا يتعدَّي إلي الحلق، ولا يبطل صومه إذا اتّفق التعدِّي إذا كان من غير قصد ولا علم بأنه يتعدَّي قهراً، أو نسياناً، أما مع العلم بذلك من الأول فيدخل في الإفطار العمدي.

وكذا لا بأس بمضغ العلك ولا ببلع ريقه بعده وإن وجد له طعماً فيه ما لم يكن ذلك بتفتّت أجزاء منه، بل كان لأجل المجاورة.

وكذا لا بأس بجلوسه في الماء ما لم يرتمس رجلاً كان، أو امرأة وإن كان يكره لها ذلك، ولا ببلّ الثوب ووضعه علي الجسد، ولا بالسواك باليابس بل بالرطب أيضاً، لكن إذا أخرج المسواك من فمه لا يردّه وعليه رطوبة، وإلا كانت كالرطوبة الخارجية لا يجوز بلعها إلا بعد الاستهلاك في الريق.

وكذا لا بأس بمصّ لسان الصبيّ، أو الزوجة إذا لم يكن عليه رطوبة ولا بتقبيلها أو ضمّها أو نحو ذلك .

(1 مسألة): إذا امتزج بريقه دم واستهلك فيه يجوز بلعه علي الأقوي ، وكذا غير الدم من المحرّمات والمحلّلات والظاهر() عدم جواز تعمّد المزج والاستهلاك للبلع، سواء كان مثل الدم ونحوه من المحرّمات أو الماء ونحوه من المحلّلات، فما ذكرنا من الجواز إنما هو إذا كان ذلك علي وجه الاتّفاق .

(5- فصل: فيما يكره للصائم)

يكره للصائم أمور:

أحدها: مباشرة النساء لمساً وتقبيلاً وملاعبة، خصوصاً لمن تتحرّك شهوته بذلك، بشرط أن لا يقصد الإنزال ولا كان من عادته، وإلا حرم إذا كان في الصوم الواجب المعيّن.

الثاني: الاكتحال بما فيه صبر، أو مسك ، أو نحوهما ممّا يصل طعمه، أو رائحته إلي الحلق، وكذا ذرّ مثل ذلك في العين .

الثالث: دخول الحمّام إذا خشي منه الضعف .

الرابع: إخراج الدم المضعف بحجامة

أو غيرها، وإذا علم بأدائه إلي الإغماء المبطل للصوم حرم، بل لا يبعد كراهة كلّ فعل يورث الضعف أو هيجان المرّة.

الخامس: السعوط مع عدم العلم بوصوله إلي الحلق ، وإلا فلا يجوز علي الأقوي().

السادس: شمّ الرياحين خصوصاً النرجس، والمراد بها: كلّ نبت طيّب الريح .

السابع: بلّ الثوب علي الجسد.

الثامن: جلوس المرأة في الماء، بل الأحوط لها تركه .

التاسع : الحقنة بالجامد.

العاشر: قلع الضرس ، بل مطلق إدماء الفم .

الحادي عشر: السواك بالعود الرطب .

الثاني عشر: المضمضة عبثاً، وكذا إدخال شيء آخر في الفم لا لغرض صحيح .

الثالث عشر: إنشاد الشعر، ولا يبعد اختصاصه بغير المراثي، أو المشتمل علي المطالب الحقّة من دون إغراق، أو مدح الأئمة (عليهم السلام) وإن كان يظهر من بعض الأخبار التعميم .

الرابع عشر: الجدال والمراء وأذي الخادم والمسارعة إلي الحلف ونحو ذلك من المحرّمات والمكروهات في غير حال الصوم، فإنه يشتدّ حرمتها، أو كراهتها حاله.

(6- فصل: فيما يوجب القضاء والكفارة)

(6- فصل: فيما يوجب القضاء والكفارة)

المفطرات المذكورة كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة إذا كانت مع العمد والاختيار من غير كره ولا إجبار، من غير فرق بين الجميع حتّي الارتماس() والكذب علي الله وعلي رسوله، بل والحقنة والقيء علي الأقوي، نعم الأقوي عدم وجوبها في النوم الثاني من الجنب بعد الانتباه، بل والثالث وإن كان الأحوط فيها أيضاً ذلك خصوصاً الثالث. ولا فرق في وجوبها أيضاً بين العالم والجاهل المقصّر والقاصر علي الأحوط وإن كان الأقوي عدم وجوبها علي الجاهل ، خصوصاً القاصر والمقصّر غير الملتفت حين الإفطار، نعم إذا كان جاهلاً بكون الشيء مفطراً مع علمه بحرمته: كما إذا لم يعلم أن الكذب علي الله ورسوله من المفطرات فارتكبه حال الصوم، فالظاهر: لحوقه بالعالم() في وجوب الكفّارة.

(1 مسألة): تجب الكفارة في أربعة أقسام من الصوم:

الأول: صوم شهر رمضان، وكفّارته

مخيّرة بين: العتق، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستّين مسكيناً علي الأقوي، وإن كان الأحوط الترتيب، فيختار العتق مع الإمكان، ومع العجز عنه فالصيام، ومع العجز عنه فالإطعام، ويجب الجمع() بين الخصال إن كان الإفطار علي محرّم: كأكل المغصوب، وشرب الخمر، والجماع المحرّم ونحو ذلك.

الثاني: صوم قضاء شهر رمضان إذا أفطر بعد الزوال، وكفّارته: إطعام عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ، فإن لم يتمكّن فصوم ثلاثة أيام، والأحوط إطعام ستّين مسكيناً.

الثالث: صوم النذر المعيّن، وكفّارته: كفّارة إفطار شهر رمضان.

الرابع: صوم الاعتكاف، وكفّارته: مثل كفّارة شهر رمضان مخيّرة بين الخصال، ولكن الأحوط الترتيب المذكور، هذا وكفّارة الاعتكاف مختصّة بالجماع فلا تعمّ سائر المفطرات، والظاهر: أنها لأجل الاعتكاف لا للصوم، ولذا تجب في الجماع ليلاً أيضاً.

وأما ما عدا ذلك من أقسام الصوم، فلا كفّارة في إفطاره واجباً كان كالنذر المطلق والكفّارة، أو مندوباً، فإنه لا كفّارة فيها وإن أفطر بعد الزوال .

[هل تتكرّر الكفّارة بتكرّر الموجب؟]

(2 مسألة): تتكرّر الكفارة بتكرّر الموجب في يومين وأزيد من صوم له كفّارة، ولا تتكرّر بتكرّره في يوم واحد في غير الجماع وإن تخلّل التكفير بين الموجبين، أو اختلف جنس الموجب علي الأقوي، وإن كان الأحوط التكرار مع أحد الأمرين، بل الأحوط التكرار مطلقاً، وأما الجماع فالأحوط بل الأقوي() تكرّرها بتكرّره .

(3 مسألة): لا فرق في الإفطار بالمحرّم الموجب لكفّارة الجمع() بين أن تكون الحرمة أصلية: كالزنا وشرب الخمر، أو عارضيّة: كالوطء حال الحيض، أو تناول ما يضرّه ().

(4 مسألة): من الإفطار بالمحرّم(): الكذب علي الله وعلي رسوله صلّي الله عليه وآله وسلّم، بل ابتلاع النخامة إذا قلنا بحرمتها من حيث دخولها في الخبائث، لكنّه مشكل() .

(5 مسألة): إذا تعذّر بعض الخصال في كفّارة الجمع، وجب عليه الباقي .

(6 مسألة): إذا جامع

في يوم واحد مرّات وجب عليه كفّارات() بعددها، وإن كان علي الوجه المحرّم تعدد كفّارة الجمع بعددها.

(7 مسألة): الظاهر أن الأكل في مجلس واحد يعدّ إفطاراً واحداً وإن تعدّدت اللقم، فلو قلنا بالتكرار مع التكرّر في يوم واحد لا تتكرّر بتعدّدها، وكذا الشرب إذا كان جرعة فجرعة.

(8 مسألة): في الجماع الواحد، إذا أدخل وأخرج مرّات لا تتكرّر الكفّارة وإن كان أحوط.

(9 مسألة): إذا أفطر بغير الجماع ثمّ جامع بعد ذلك يكفيه التكفير مرّة وكذا إذا أفطر أولاً بالحلال ثمّ أفطر بالحرام تكفيه كفّارة الجمع .

(10 مسألة): لو علم أنه أتي بما يوجب فساد الصوم، وتردّد() بين ما يوجب القضاء فقط، أو يوجب الكفارة أيضاً لم تجب عليه، وإذا علم أنه أفطر أياماً ولم يدر عددها يجوز له الاقتصار علي القدر المعلوم، وإذا شكّ في أنه أفطر بالمحلّل، أو المحرّم كفاه إحدي الخصال، وإذا شكّ في أن اليوم الذي أفطره كان من شهر رمضان، أو كان من قضائه وقد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفّارة، وإن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستّين مسكيناً، بل له الاكتفاء بعشرة مساكين .

[إذا أفطر ثمّ سافر]

(11 مسألة): إذا أفطر متعمّداً ثمّ سافر بعد الزوال لم تسقط عنه الكفّارة بلا إشكال، وكذا إذا سافر قبل الزوال للفرار عنها، بل وكذا لو بدا له السفر لا بقصد الفرار علي الأقوي، وكذا لو سافر فأفطر قبل الوصول إلي حدّ الترخّص، وأما لو أفطر متعمّداً ثمّ عرض له عارض قهري: من حيض، أو نفاس، أو مرض، أو جنون، أو نحو ذلك من الأعذار، ففي السقوط وعدمه وجهان، بل قولان: أحوطهما الثاني وأقواهما الأول .

(12 مسألة): لو أفطر يوم الشكّ في آخر الشهر ثمّ تبيّن أنه من

شوّال، فالأقوي سقوط الكفارة وإن كان الأحوط عدمه، وكذا لو اعتقد أنه من رمضان ثمّ أفطر متعمّداً فبان أنه من شوّال، أو اعتقد في يوم الشكّ في أوّل الشهر أنه من رمضان فبان أنه من شعبان .

(13 مسألة): قد مرّ أن من أفطر في شهر رمضان عالماً عامداً إن كان مستحلّا ً فهو مرتدّ()، بل وكذا إن لم يفطر ولكن كان مستحلّا ً له، وإن لم يكن مستحلّا ً عزّر بخمسة وعشرين سوطاً()، فإن عاد بعد التعزير عزّر ثانياً، فإن عاد كذلك قتل في الثالثة والأحوط() قتله في الرابعة.

(14 مسألة): إذا جامع زوجته في شهر رمضان وهما صائمان مكرهاً لها، كان عليه كفّارتان وتعزيران: خمسون سوطاً، فيتحمّل عنها الكفّارة والتعزير، وأما إذا طاوعته في الابتداء فعلي كلّ منهما كفّارته وتعزيره، وإن أكرهها في الابتداء ثمّ طاوعته في الأثناء فكذلك علي الأقوي، وإن كان الأحوط كفّارة منها وكفّارتين منه، ولا فرق في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة.

(15 مسألة): لو جامع زوجته الصائمة وهو صائم في النوم ، لا يتحمّل عنها الكفارة ولا التعزير، كما أنه ليس عليها شيء ولا يبطل صومها بذلك، وكذا لا يتحمّل عنها إذا أكرهها علي غير الجماع من المفطرات حتي مقدّمات الجماع وإن أوجبت إنزالها.

(16 مسألة): إذا أكرهت الزوجة زوجها، لا تتحمّل عنه شيئاً.

(17 مسألة): لا تلحق بالزوجة الأمة إذا أكرهها علي الجماع وهما صائمان، فليس عليه إلا كفّارته وتعزيره، وكذا لا تلحق بها الأجنبيّة إذا أكرهها عليه علي الأقوي، وإن كان الأحوط التحمّل عنها خصوصاً إذا تخيّل أنها زوجته فأكرهها عليه .

(18 مسألة): إذا كان الزوج مفطراً بسبب كونه مسافراً، أو مريضاً، أو نحو ذلك وكانت زوجته صائمة، لا يجوز له إكراهها علي الجماع، وإن

فعل لا يتحمّل عنها الكفّارة ولا التعزير، وهل يجوز له مقاربتها وهي نائمة؟ إشكال .

[حكم من عجز عن الخصال الثلاث]

(19 مسألة): من عجز عن الخصال الثلاث في كفّارة مثل شهر رمضان، تخيّر بين: أن يصوم ثمانية عشر يوماً، أو يتصدّق بما يطيق، ولو عجز أتي بالممكن منهما، وإن لم يقدر علي شيء منهما أستغفر الله ولو مرّة بدلاً عن الكفّارة، وإن تمكّن بعد ذلك منها أتي بها().

(20 مسألة): يجوز التبرّع بالكفّارة عن الميّت، صوماً كانت أو غيره. وفي جواز التبرّع بها عن الحيّ إشكال، والأحوط() العدم خصوصاً في الصوم .

(21 مسألة): من عليه الكفّارة إذا لم يؤدّها حتي مضت عليه سنين، لم تتكرّر.

(22 مسألة): الظاهر أن وجوب الكفّارة موسّع، فلا تجب المبادرة إليها، نعم لا يجوز التأخير إلي حدّ التهاون .

(23 مسألة): إذا أفطر الصائم بعد المغرب علي حرام: من زنا أو شرب الخمر، أو نحو ذلك، لم يبطل صومه وإن كان في أثناء النهار قاصداً لذلك .

(24 مسألة): مصرف كفّارة الإطعام: الفقراء، إما بإشباعهم، وإما بالتسليم إليهم كلّ واحد مدّاً، والأحوط مدّان من حنطة أو شعير أو أرز أو خبز أو نحو ذلك، ولا يكفي في كفّارة واحدة: إشباع شخص واحد مرّتين أو أزيد، أو إعطاؤه مدّين أو أزيد، بل لا بدّ من ستّين نفساً، نعم إذا كان للفقير عيال متعدّدون ولو كانوا أطفالاً صغاراً يجوز إعطاؤه بعدد الجميع لكلّ واحد مدّاً.

(25 مسألة): يجوز السفر في شهر رمضان لا لعذر وحاجة، بل ولو كان للفرار من الصوم، لكنّه مكروه() .

(26 مسألة): المدّ: ربع الصاع ()، وهو: ستّمائة مثقال وأربعة عشر مثقالاً وربع مثقال. وعلي هذا: فالمدّ مائة وخمسون مثقالاً وثلاثة مثاقيل ونصف مثقال وربع ربع المثقال، وإذا أعطي ثلاثة أرباع الوقيّة من حقّة النجف

فقد زاد أزيد من واحد وعشرين مثقالاً، إذ ثلاثة أرباع الوقيّة: مائة وخمسة وسبعون مثقالاً.

(7- فصل: فيما يوجب القضاء دون الكفّارة)

يجب القضاء دون الكفّارة في موارد:

أحدها: ما مرّ من النوم الثاني، بل الثالث، وإن كان الأحوط فيهما الكفّارة أيضاً خصوصاً الثالث.

الثاني: إذا أبطل صومه بالإخلال بالنيّة مع عدم الإتيان بشيء من المفطرات، أو بالرياء، أو بنيّة القطع()، أو القاطع كذلك.

الثالث: إذا نسي غسل الجنابة ومضي عليه يوم، أو أيام كما مرّ.

الرابع: من فعل المفطر قبل مراعاة الفجر ثمّ ظهر سبق طلوعه وأنه كان في النهار، سواء كان قادراً علي المراعاة، أو عاجزاً عنها لعمي أو حبس، أو نحو ذلك، أو كان غير عارف بالفجر، وكذا() مع المراعاة وعدم اعتقاد بقاء الليل بأن شكّ في الطلوع، أو ظنّ فأكل ثمّ تبيّن سبقه، بل الأحوط() القضاء حتي مع اعتقاد بقاء الليل، ولا فرق في بطلان الصوم بذلك بين صوم رمضان وغيره من الصوم الواجب والمندوب، بل الأقوي() فيها ذلك حتي مع المراعاة واعتقاد بقاء الليل.

الخامس: الأكل تعويلاً علي من أخبر ببقاء الليل وعدم طلوع الفجر مع كونه طالعاً.

السادس: الأكل إذا أخبره مخبر بطلوع الفجر، لزعمه سخريّة المخبر، أو لعدم العلم بصدقه.

السابع: الإفطار تقليداً لمن أخبر بدخول الليل وإن كان جائزاً له لعمي، أو نحوه، وكذا إذا أخبره عدل، بل عدلان، بل الأقوي وجوب الكفّارة أيضاً إذا لم يجز له التقليد().

الثامن: الإفطار لظلمة قطع بحصول الليل منها فبان خطأه ولم يكن في السماء علّة. وكذا لو شكّ، أو ظنّ بذلك منها، بل المتّجه() في الأخيرين الكفّارة أيضاً لعدم جواز الإفطار حينئذٍ، ولو كان جاهلاً بعدم جواز الإفطار فالأقوي عدم الكفّارة وإن كان الأحوط إعطاؤها، نعم لو كانت في السماء علّة فظنّ دخول الليل

فأفطر ثمّ بان له الخطاء لم يكن عليه قضاء فضلاً عن الكفّارة.

ومحصّل المطلب: أنّ من فعل المفطر بتخيّل عدم طلوع الفجر، أو بتخيل دخول الليل بطل صومه في جميع الصور، إلا في صورة ظنّ دخول الليل مع وجود علّة في السماء: من غيم أو غبار أو بخار أو نحو ذلك، من غير فرق بين شهر رمضان وغيره من الصوم الواجب والمندوب، وفي الصور التي ليس معذوراً شرعاً في الإفطار: كما إذا قامت البيّنة علي أن الفجر قد طلع ومع ذلك أتي بالمفطر، أو شكّ في دخول الليل أو ظنّ ظناً غير معتبر ومع ذلك أفطر تجب الكفّارة أيضاً() فيما فيه الكفّارة.

(1 مسألة): إذا أكل، أو شرب مثلاً مع الشكّ في طلوع الفجر ولم يتبيّن أحد الأمرين لم يكن عليه شي ء، نعم لو شهد عدلان بالطلوع ومع ذلك تناول المفطر وجب عليه القضاء، بل الكفّارة أيضاً وإن لم يتبيّن له ذلك بعد ذلك، ولو شهد عدل واحد بذلك فكذلك علي الأحوط.

(2 مسألة): يجوز له فعل المفطر ولو قبل الفحص () ما لم يعلم طلوع الفجر ولم يشهد به البيّنة، ولا يجوز له ذلك إذا شكّ في الغروب، عملاً بالاستصحاب في الطرفين، ولو شهد عدل واحد بالطلوع، أو الغروب فالأحوط ترك المفطر، عملاً بالاحتياط للإشكال في حجيّة خبر العدل الواحد وعدم حجّيته، إلا أن الاحتياط في الغروب إلزامي وفي الطلوع استحبابي() نظراً للاستصحاب.

التاسع: إدخال الماء في الفم للتبرّد بمضمضة، أو غيرها فسبقه ودخل الجوف، فإنه يقضي ولا كفّارة عليه، وكذا() لو أدخله عبثاً فسبقه، وأما لو نسي() فابتلعه فلا قضاء عليه أيضاً وإن كان أحوط، ولا يلحق بالماء غيره علي الأقوي وإن كان عبثاً، كما لا يلحق بالإدخال

في الفم الإدخال في الأنف للاستنشاق، أو غيره وإن كان أحوط في الأمرين .

(3 مسألة): لو تمضمض لوضوء الصلاة فسبقه الماء لم يجب عليه القضاء، سواء كانت الصلاة فريضة، أو نافلة علي الأقوي، بل لمطلق الطهارة وإن كانت لغيرها من الغايات من غير فرق بين الوضوء والغسل، وإن كان الأحوط القضاء فيما عدا ما كان لصلاة الفريضة، خصوصاً فيما كان لغير الصلاة من الغايات .

(4 مسألة): يكره المبالغة في المضمضة مطلقاً، وينبغي له أن لا يبلع ريقه حتي يبزق ثلاث مرّات .

(5 مسألة): لا يجوز التمضمض مع العلم بأنه يسبقه الماء إلي الحلق ، أو ينسي فيبلعه.

العاشر: سبق المني بالملاعبة، أو الملامسة إذا لم يكن ذلك من قصده ولا عادته علي الأحوط، وإن كان الأقوي() عدم وجوب القضاء أيضاً.

(8- فصل: في الزمان الذي يصحّ فيه الصوم )

وهو: النهار من غير العيدين، ومبدأه طلوع الفجر الثاني: ووقت الإفطار ذهاب الحمرة من المشرق، ويجب الإمساك من باب المقدّمة في جزء من الليل في كلّ من الطرفين، ليحصل العلم بإمساك تمام النهار.

ويستحب تأخير الإفطار حتي يصلِّي العشائين لتكتب صلاته صلاة الصائم، إلا أن يكون هناك من ينتظره للإفطار، أو تنازعه نفسه علي وجه يسلبه الخضوع والإقبال ولو كان لأجل القهوة والتتن والترياق فإن الأفضل حينئذٍ الإفطار ثمّ الصلاة مع المحافظة علي وقت الفضيلة بقدر الإمكان .

(1 مسألة): لا يشرع الصوم في الليل، ولا صوم مجموع الليل والنهار، بل ولا إدخال جزء من الليل فيه إلا بقصد المقدّمية.

(9- فصل: في شرائط صحّة الصوم )

وهي أمور:

الأول: الإسلام والإيمان، فلا يصحّ من غير المؤمن ولو في جزء من النهار، فلو أسلم الكافر في أثناء النهار ولو قبل الزوال لم يصحّ صومه، وكذا لو ارتدّ ثمّ عاد إلي الإسلام بالتوبة وإن كان الصوم معيّناً وجدّد النيّة قبل الزوال علي الأقوي.

الثاني: العقل، فلا يصحّ من المجنون ولو أدواراً وإن كان جنونه في جزء من النهار، ولا من السكران، ولا من المغمي عليه، ولو في بعض النهار وإن سبقت منه النيّة علي الأصح.

الثالث: عدم الإصباح جنباً، أو علي حدث الحيض والنفاس بعد النقاء من الدم علي التفصيل المتقدّم.

الرابع: الخلوّ من الحيض والنفاس في مجموع النهار، فلا يصحّ من الحائض والنفساء إذا فاجأهما الدم ولو قبل الغروب بلحظة، أو انقطع عنهما بعد الفجر بلحظة، ويصحّ من المستحاضة إذا أتت بما عليها من الأغسال النهاريّة.

الخامس: أن لا يكون مسافراً سفراً يوجب قصر الصلاة مع العلم بالحكم في الصوم الواجب، إلا في ثلاثة مواضع.

أحدها: صوم ثلاثة أيام بدل هدي التمتع.

الثاني: صوم بدل البدنة ممن أفاض من عرفات قبل الغروب

عامداً، وهو: ثمانية عشر يوماً.

الثالث: صوم النذر المشترط فيه سفراً خاصّة، أو سفراً وحضراً، دون النذر المطلق، بل الأقوي عدم جواز الصوم المندوب في السفر أيضاً، إلا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة، والأفضل إتيانها في الأربعاء والخميس والجمعة، وأما المسافر الجاهل بالحكم لو صام فيصحّ صومه ويجزئه حسبما عرفته في جاهل حكم الصلاة، إذ الإفطار كالقصر والصيام كالتمام في الصلاة، لكن يشترط أن يبقي علي جهله إلي آخر النهار، وأما لو علم بالحكم في الأثناء فلا يصحّ صومه، وأما الناسي فلا يلحق بالجاهل في الصحّة، وكذا يصح الصوم من المسافر إذا سافر بعد الزوال، كما أنه يصحّ صومه إذا لم يقصّر في صلاته: كناوي الإقامة عشرة أيام، والمتردّد ثلاثين يوماً، وكثير السفر، والعاصي بسفره وغيرهم ممن تقدّم تفصيلاً في كتاب الصلاة.

السادس: عدم المرض، أو الرمد الذي يضرّه الصوم، لإيجابه شدّته، أو طول برئه، أو شدّة ألمه أو نحو ذلك، سواء حصل اليقين بذلك، أو الظن، بل أو الاحتمال الموجب للخوف، بل لو خاف الصحيح من حدوث المرض لم يصحّ منه، وكذا إذا خاف من الضرر في نفسه، أو غيره، أو عرضه، أو عرض غيره، أو في مال يجب حفظه وكان وجوبه أهم في نظر الشارع من وجوب الصوم، وكذا إذا زاحمه واجب آخر أهم منه.

ولا يكفي الضعف وإن كان مفرطاً ما دام يتحمّل عادة، نعم لو كان ممّا لا يتحمّل عادة جاز الإفطار، ولو صام بزعم عدم الضرر فبان الخلاف بعد الفراغ من الصوم ففي الصحة إشكال فلا يترك الاحتياط() بالقضاء، وإذا حكم الطبيب بأن الصوم مضرّ وعلم المكلّف من نفسه عدم الضرر يصحّ صومه، وإذا حكم بعدم ضرره وعلم المكلّف أو ظنّ كونه مضرّاً

وجب عليه تركه ولا يصحّ منه .

(1 مسألة): يصحّ الصوم من النائم ولو في تمام النهار إذا سبقت منه النيّة في الليل()، وأما إذا لم تسبق منه النيّة فإن استمرّ نومه إلي الزوال بطل صومه ووجب عليه القضاء إذا كان واجباً، وإن استيقظ قبله نوي وصحّ، كما أنه لو كان مندوباً واستيقظ قبل الغروب يصحّ إذا نوي .

(2 مسألة): يصح الصوم وسائر العبادات من الصبيّ المميّز علي الأقوي من شرعيّة عباداته، ويستحب تمرينه عليها، بل التشديد() عليه لسبع من غير فرق بين الذكر والأنثي في ذلك كله .

(3 مسألة): يشترط في صحّة الصوم المندوب مضافاً إلي ما ذكر: أن لا يكون عليه صوم واجب من قضاء، أو نذر، أو كفّارة، أو نحوها مع التمكّن من أدائه، وأما مع عدم التمكّن منه: كما إذا كان مسافراً وقلنا بجواز الصوم المندوب في السفر، أو كان في المدينة وأراد صيام ثلاثة أيام للحاجة فالأقوي صحّته، وكذا إذا نسي الواجب وأتي بالمندوب فإن الأقوي صحّته إذا تذكّر بعد الفراغ، وأما إذا تذكّر في الأثناء قطع، ويجوز تجديد النيّة حينئذٍ للواجب مع بقاء محلّها كما إذا كان قبل الزوال.

ولو نذر التطوّع علي الإطلاق صحّ وإن كان عليه واجب، فيجوز أن يأتي بالمنذور قبله بعد ما صار واجباً، وكذا لو نذر أياماً معيّنة يمكن إتيان الواجب قبلها، وأما لو نذر أياماً معيّنة لا يمكن إتيان الواجب قبلها ففي صحّته إشكال: من أنه بعد النذر يصير واجباً، ومن أن التطوّع قبل الفريضة غير جائز فلا يصحّ نذره، ولا يبعد أن يقال: إنه لا يجوز بوصف التطوّع وبالنذر يخرج عن الوصف ويكفي في رجحان متعلّق النذر رجحانه ولو بالنذر، وبعبارة أخري: المانع هو وصف الندب وبالنذر

يرتفع المانع .

(4 مسألة): الظاهر جواز التطوّع بالصوم إذا كان ما عليه من الصوم الواجب استيجارياً، وإن كان الأحوط تقديم الواجب .

(10- فصل: في شرائط وجوب الصوم )

(10- فصل: في شرائط وجوب الصوم )

وهي أمور:

الأول والثاني: البلوغ والعقل، فلا يجب علي الصبيّ والمجنون إلا أن يكملا قبل طلوع الفجر، دون ما إذا كملا بعده فإنه لا يجب عليهما وإن لم يأتيا بالمفطر، بل وإن نوي الصبيّ الصوم ندباً، لكن الأحوط مع عدم إتيان المفطر الإتمام والقضاء إذا كان الصوم واجباً معيّناً، ولا فرق في الجنون بين الإطباقي والأدواري إذا كان يحصل في النهار ولو في جزء منه، وأما لو كان دور جنونه في الليل بحيث يفيق قبل الفجر فيجب عليه.

الثالث: عدم الإغماء، فلا يجب معه الصوم ولو حصل في جزء من النهار، نعم لو كان نوي الصوم قبل الإغماء فالأحوط إتمامه.

الرابع: عدم المرض الذي يتضرّر معه الصائم، ولو برئ بعد الزوال ولم يفطر لم يجب عليه النيّة والإتمام، وأما لو برئ قبله ولم يتناول مفطراً فالأحوط أن ينوي ويصوم، وإن كان الأقوي عدم وجوبه.

الخامس: الخلوّ من الحيض والنفاس، فلا يجب معهما وإن كان حصولهما في جزء من النهار.

السادس: الحضر، فلا يجب علي المسافر الذي يجب عليه قصر الصلاة، بخلاف من كان وظيفته التمام: كالمقيم عشراً، أو المتردّد ثلاثين يوماً، والمكاري ونحوه، والعاصي بسفره فإنه يجب عليه التمام، إذ المدار في تقصير الصوم علي تقصير الصلاة، فكل سفر يوجب قصر الصلاة يوجب قصر الصوم وبالعكس .

(1 مسألة): إذا كان حاضراً فخرج إلي السفر: فإن كان قبل الزوال وجب عليه الإفطار، وإن كان بعده وجب عليه البقاء علي صومه، وإذا كان مسافراً وحضر بلده، أو بلداً يعزم علي الإقامة فيه عشرة أيام: فإن كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر وجب عليه

الصوم، وإن كان بعده، أو تناول فلا وإن استحب له الإمساك بقية النهار. والظاهر(): أن المناط كون الشروع في السفر قبل الزوال، أو بعده لا الخروج عن حدّ الترخّص، وكذا في الرجوع المناط: دخول البلد، لكن لا يترك الاحتياط بالجمع إذا كان الشروع قبل الزوال والخروج عن حدّ الترخّص بعده، وكذا في العود إذا كان الوصول إلي حدّ الترخّص قبل الزوال والدخول في المنزل بعده .

[استثناءات التلازم بين إتمام الصلاة والصوم]

(2 مسألة): قد عرفت التلازم بين إتمام الصلاة والصوم وقصرها والإفطار، لكن يستثني من ذلك موارد:

أحدها: الأماكن الأربعة، فإن المسافر يتخيّر فيها بين القصر والتمام في الصلاة، وفي الصوم يتعيّن الإفطار.

الثاني: ما مرّ من الخارج إلي السفر بعد الزوال، فإنه يتعيّن عليه البقاء علي الصوم، مع أنه يقصّر في الصلاة.

الثالث: ما مرّ من الراجع من سفره، فإنه إن رجع بعد الزوال يجب عليه الإتمام، مع أنه يتعيّن عليه الإفطار().

(3 مسألة): إذا خرج إلي السفر في شهر رمضان لا يجوز له الإفطار إلا بعد الوصول إلي حدّ الترخص، وقد مرّ سابقاً وجوب الكفّارة عليه إن أفطر قبله .

(4 مسألة): يجوز السفر اختياراً في شهر رمضان، بل ولو كان للفرار من الصوم كما مرّ، وأما غيره من الواجب المعيّن فالأقوي عدم جوازه إلا مع الضرورة، كما أنه لو كان مسافراً وجب عليه الإقامة لإتيانه مع الإمكان .

(5 مسألة): الظاهر كراهة السفر في شهر رمضان قبل أن يمضي ثلاثة وعشرون يوماً، إلا في حج أو عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلاكه ().

(6 مسألة): يكره للمسافر في شهر رمضان، بل كلّ من يجوز له الإفطار التملّي من الطعام والشراب، وكذا يكره له الجماع في النهار، بل الأحوط تركه وإن كان الأقوي جوازه .

(11- فصل: في موارد جواز الإفطار)

وردت الرخصة في إفطار شهر رمضان لأشخاص ، بل قد يجب:

الأول والثاني: الشيخ والشيخة إذا تعذّر عليهما الصوم، أو كان حرجاً ومشقّة، فيجوز لهما الإفطار، لكن يجب عليهما في صورة المشقّة، بل في صورة التعذّر أيضاً() التكفير بدل كلّ يوم بمدّ من طعام، والأحوط مدَّان، والأفضل كونهما من حنطة، والأقوي() وجوب القضاء عليهما لو تمكّنا بعد ذلك.

الثالث: من به داء العطش، فإنه يفطر سواء كان بحيث لا يقدر

علي الصبر، أو كان فيه مشقّة، ويجب عليه التصدّق بمدّ، والأحوط مدّان، من غير فرق بين ما إذا كان مرجوّ الزوال أم لا، والأحوط بل الأقوي() وجوب القضاء عليه إذا تمكّن بعد ذلك، كما أن الأحوط() أن يقتصر علي مقدار الضرورة.

الرابع: الحامل المقرب التي يضرّها الصوم، أو يضرّ حملها، فتفطر وتتصدّق من مالها بالمدّ أو المدَّين، وتقضي بعد ذلك().

الخامس: المرضعة القليلة اللبن إذا أضرّ بها الصوم أو أضرّ بالولد، ولا فرق بين أن يكون الولد لها، أو متبرّعة برضاعه أو مستأجرة، ويجب عليها التصدّق بالمدّ أو المدَّين أيضاً من مالها والقضاء بعد ذلك، والأحوط() بل الأقوي() الاقتصار علي صورة عدم وجود من يقوم مقامها في الرضاع تبرّعاً، أو بأجرة من أبيه، أو منها، أو من متبرّع .

(12- فصل: في طرق ثبوت الهلال)

طرق ثبوت هلال رمضان وشوال() للصوم والإفطار، وهي أمور:

الأول: رؤية المكلّف نفسه.

الثاني: التواتر.

الثالث: الشياع المفيد للعلم()، وفي حكمه: كلّ ما يفيد العلم ولو بمعاونة القرائن، فمن حصل له العلم بأحد الوجوه المذكورة وجب عليه العمل به وإن لم يوافقه أحد، بل وإن شهد وردّ الحاكم شهادته().

الرابع: مضيّ ثلاثين يوماً من هلال شعبان، أو ثلاثين يوماً من هلال رمضان، فإنه يجب الصوم معه في الأول، والإفطار في الثاني.

الخامس: البيّنة الشرعيّة، وهي: خبر عدلين، سواء شهدا عند الحاكم وقبل شهادتهما، أو لم يشهدا عنده، أو شهدا وردّ شهادتهما، فكل من شهد عنده عدلان عنده يجوز، بل يجب عليه ترتيب الأثر من الصوم أو الإفطار، ولا فرق بين أن تكون البيّنة من البلد أو من خارجه، وبين وجود العلّة في السماء وعدمها، نعم يشترط توافقهما في الأوصاف، فلو اختلفا فيها لا اعتبار بها، نعم لو أطلقا، أو وصف أحدهما وأطلق الآخر كفي،

ولا يعتبر اتّحادهما في زمان الرؤية مع توافقهما علي الرؤية في الليل()، ولا يثبت بشهادة النساء، ولا بعدل واحد ولو مع ضم اليمين.

السادس: حكم الحاكم الذي لم يعلم خطأه ولا خطأ مستنده، كما إذا استند إلي الشياع الظني().

ولا يثبت بقول المنجّمين، ولا بغيبوبة الشفق في الليلة الأخري، ولا برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال، فلا يحكم بكون ذلك اليوم أوّل الشهر، ولا بغير ذلك ممّا يفيد الظنّ ولو كان قويّاً، إلا للأسير والمحبوس .

(1 مسألة): لا يثبت بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية، بل شهدا شهادة علميّة.

(2 مسألة): إذا لم يثبت الهلال وترك الصوم، ثمّ شهد عدلان برؤيته يجب قضاء ذلك اليوم، وكذا إذا قامت البيّنة علي هلال شوّال ليلة التاسع والعشرين من هلال رمضان، أو رآه في تلك الليلة بنفسه .

(3 مسألة): لا يختصّ اعتبار حكم الحاكم بمقلّديه ، بل هو نافذ بالنسبة إلي الحاكم الآخر أيضاً إذا لم يثبت عنده خلافه .

(4 مسألة): إذا ثبت رؤيته في بلد آخر ولم يثبت في بلده: فإن كانا متقاربين كفي، وإلا فلا إلا إذا علم توافق أفقهما() وإن كانا متباعدين .

(5 مسألة): لا يجوز الاعتماد علي البريد البرقي المسمّي بالتلغراف في الإخبار عن الرؤية، إلا إذا حصل منه العلم: بأن كان البلدان متقاربين وتحقّق حكم الحاكم، أو شهادة العدلين برؤيته هناك .

(6 مسألة): في يوم الشكّ في أنه من رمضان، أو شوّال يجب أن يصوم، وفي يوم الشكّ في أنه من شعبان، أو رمضان يجوز الإفطار ويجوز أن يصوم، لكن لا بقصد أنه من رمضان كما مرّ سابقاً تفصيل الكلام فيه. ولو تبيّن في الصورة الأولي كونه من شوّال وجب الإفطار، سواء كان قبل الزوال أو بعده، ولو تبيّن في الصورة الثانية كونه

من رمضان وجب الإمساك وكان صحيحاً إذا لم يفطر ونوي قبل الزوال، ويجب قضاؤه إذا كان بعد الزوال .

(7 مسألة): لو غمّت الشهور ولم ير الهلال في جملة منها، أو في تمامها، حسب كلّ شهر ثلاثين ما لم يعلم النقصان عادة.

(8 مسألة): الأسير والمحبوس إذا لم يتمكّنا من تحصيل العلم بالشهر عملا بالظنّ، ومع عدمه تخيَّرا في كلّ سنة بين الشهور فيعيّنان شهراً له، ويجب مراعاة المطابقة بين الشهرين في سنتين: بأن يكون بينهما أحد عشر شهراً، ولو بان بعد ذلك أنّ ما ظنّه، أو اختاره لم يكن رمضان: فإن تبيّن سبقه كفاه لأنه حينئذٍ يكون ما أتي به قضاء، وإن تبيّن لحوقه وقد مضي قضاه، وإن لم يمض أتي به، ويجوز له في صورة عدم حصول الظنّ أن لا يصوم حتي يتيقن أنه كان سابقاً() فيأتي به قضاء، والأحوط إجراء أحكام شهر رمضان علي ما ظنّه من الكفّارة والمتابعة والفطرة وصلاة العيد وحرمة صومه ما دام الاشتباه باقياً، وإن بان الخلاف عمل بمقتضاه .

(9 مسألة): إذا اشتبه شهر رمضان بين شهرين، أو ثلاثة أشهر مثلاً فالأحوط صوم الجميع، وإن كان لا يبعد إجراء حكم الأسير والمحبوس، وأما إن اشتبه الشهر المنذور صومه بين شهرين أو ثلاثة، فالظاهر(): وجوب الاحتياط ما لم يستلزم الحرج، ومعه يعمل بالظنّ، ومع عدمه يتخيّر.

(10 مسألة): إذا فرض كون المكلّف في المكان الذي نهاره ستّة أشهر وليله ستّة أشهر، أو نهاره ثلاثة وليله تسعة، أو نحو ذلك، فلا يبعد() كون المدار في صومه وصلاته علي البلدان المتعارفة المتوسّطة، مخيّراً بين أفراد المتوسّط، وأما احتمال سقوط تكليفهما عنه فبعيد كاحتمال سقوط الصوم وكون الواجب صلاة يوم واحد وليلة واحدة، ويحتمل كون المدار: بلده

الذي كان متوطّنا فيه سابقاً إن كان له بلد سابق .

(13- فصل: في أحكام القضاء)

يجب قضاء الصوم ممّن فاته بشروط، وهي: البلوغ، والعقل، والإسلام.

فلا يجب علي البالغ ما فاته أيام صباه، نعم يجب قضاء اليوم الذي بلغ فيه قبل طلوع فجره، أو بلغ مقارناً لطلوعه إذا فاته صومه. وأما لو بلغ بعد الطلوع في أثناء النهار فلا يجب قضاؤه وإن كان أحوط، ولو شكّ في كون البلوغ قبل الفجر، أو بعده: فمع الجهل بتاريخهما لم يجب القضاء، وكذا مع الجهل بتاريخ البلوغ، وأما مع الجهل بتاريخ الطلوع بأن علم أنه بلغ قبل ساعة مثلاً ولم يعلم أنه كان قد طلع الفجر أم لا فالأحوط القضاء، ولكن في وجوبه إشكال.

وكذا لا يجب علي المجنون ما فات منه أيام جنونه، من غير فرق بين ما كان من الله أو من فعله، علي وجه الحرمة أو علي وجه الجواز.

وكذا لا يجب علي المغمي عليه()، سواء نوي الصوم قبل الإغماء أم لا.

وكذا لا يجب علي من أسلم عن كفر، إلا إذا أسلم قبل الفجر ولم يصم ذلك اليوم فإنه يجب عليه قضاؤه، ولو أسلم في أثناء النهار لم يجب عليه صومه وإن لم يأت بالمفطر، ولا عليه قضاؤه، من غير فرق بين ما لو أسلم قبل الزوال أو بعده، وإن كان الأحوط القضاء إذا كان قبل الزوال.

(1 مسألة): يجب علي المرتدّ قضاء ما فاته أيام ردّته، سواء كان عن ملًة أو فطرة.

(2 مسألة): يجب القضاء علي من فاته لسكر، من غير فرق بين ما كان للتداوي أو علي وجه الحرام .

(3 مسألة): يجب علي الحائض والنفساء قضاء ما فاتهما حال الحيض والنفاس، وأما المستحاضة فيجب عليها الأداء، وإذا فات منها فالقضاء.

(4 مسألة): المخالف إذا

استبصر يجب عليه قضاء ما فاته ، وأما ما أتي به علي وفق مذهبه() فلا قضاء عليه .

(5 مسألة): يجب القضاء علي من فاته الصوم للنوم : بأن كان نائماً قبل الفجر إلي الغروب() من غير سبق نيّة، وكذا من فاته للغفلة كذلك .

(6 مسألة): إذا علم أنه فاته أيام من شهر رمضان ودار بين الأقل والأكثر، يجوز له الاكتفاء بالأقل()، ولكن الأحوط قضاء الأكثر خصوصاً إذا كان الفوت لمانع من مرض أو سفر أو نحو ذلك وكان شكّه في زمان زواله: كأن يشكّ في أنه حضر من سفره بعد أربعة أيام أو بعد خمسة أيام مثلاً من شهر رمضان .

(7 مسألة): لا يجب الفور في القضاء ولا التتابع ، نعم يستحب التتابع فيه وإن كان أكثر من ستّة، لا التفريق فيه مطلقاً، أو في الزائد علي الستّة.

(8 مسألة): لا يجب تعيين الأيام، فلو كان عليه أيام فصام بعددها كفي وإن لم يعيّن الأول والثاني وهكذا، بل لا يجب الترتيب أيضاً فلو نوي الوسط أو الأخير تعيّن ويترتّب عليه أثره .

(9 مسألة): لو كان عليه قضاء من رمضانين فصاعداً، يجوز قضاء اللاحق قبل السابق ، بل إذا تضيّق اللاحق بأن صار قريباً من رمضان آخر كان الأحوط تقديم اللاحق، ولو أطلق في نيّته انصرف() إلي السابق، وكذا في الأيام .

(10 مسألة): لا ترتيب بين صوم القضاء وغيره من أقسام الصوم الواجب: كالكفارة والنذر ونحوهما، نعم لا يجوز التطوّع بشي ء لمن عليه صوم واجب كما مرّ.

(11 مسألة): إذا اعتقد أن عليه قضاءً فنواه، ثمّ تبيّن بعد الفراغ فراغ ذمّته لم يقع لغيره، وأما لو ظهر له في الأثناء: فإن كان بعد الزوال لا يجوز العدول إلي غيره، وإن كان قبله فالأقوي جواز تجديد النيّة لغيره

وإن كان الأحوط عدمه .

(12 مسألة): إذا فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض أو حيض أو نفاس ومات فيه، لم يجب القضاء عنه، ولكن يستحب النيابة عنه في أدائه، والأولي أن يكون بقصد إهداء الثواب .

(13 مسألة): إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر واستمرّ إلي رمضان آخر: فإن كان العذر هو المرض سقط قضاؤه علي الأصّح وكفّر عن كلّ يوم بمّد والأحوط مدّان، ولا يجزئ القضاء عن التكفير، نعم الأحوط الجمع بينهما. وإن كان العذر غير المرض: كالسفر ونحوه، فالأقوي وجوب القضاء()، وإن كان الأحوط الجمع بينه وبين المدّ، وكذا إن كان سبب الفوت هو المرض وكان العذر في التأخير غيره مستمّراً من حين برئه إلي رمضان آخر أو العكس، فإنه يجب القضاء أيضاً في هاتين الصورتين علي الأقوي، والأحوط الجمع خصوصاً في الثانية.

(14 مسألة): إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر، بل كان متعمّداً في الترك ولم يأت بالقضاء إلي رمضان آخر، وجب عليه الجمع بين الكفّارة والقضاء بعد الشهر، وكذا إن فاته لعذر ولم يستمّر ذلك العذر، بل ارتفع في أثناء السنة ولم يأت به إلي رمضان آخر متعمّداً وعازماً علي الترك، أو متسامحاّ واتّفق العذر عند الضيق، فإنه يجب حينئذٍ الجمع. وأما إن كان عازماً علي القضاء بعد ارتفاع العذر فاتّفق العذر عند الضيق فلا يبعد كفاية القضاء، لكن لا يترك الاحتياط بالجمع أيضاً، ولا فرق فيما ذكر بين كون العذر هو المرض أو غيره.

فتحصّل ممّا ذكر في هذه المسألة وسابقتها: أن تأخير القضاء إلي رمضان آخر إما يوجب الكفّارة فقط وهي الصورة الأولي المذكورة في المسألة السابقة، وإما يوجب القضاء فقط وهي بقيّة الصور المذكورة فيها()، وإما يوجب الجمع بينهما وهي

الصور المذكورة في هذه المسألة، نعم الأحوط الجمع في الصور المذكورة في السابقة أيضاً كما عرفت .

(15 مسألة): إذا استمرّ المرض إلي ثلاث سنين، يعني: الرمضان الثالث، وجبت كفارة للأولي وكفارة أخري للثانية، ويجب عليه القضاء للثالثة إذا استمرّ إلي آخرها ثمّ برئ، وإذا استمرّ إلي أربع سنين وجبت للثالثة أيضاً ويقضي للرابعة إذا استمر إلي آخرها، أي: الرمضان الرابع. وأما إذا أخّر قضاء السنة الأولي إلي سنين عديدة، فلا تتكرّر الكفّارة بتكرّرها، بل تكفيه كفّارة واحدة.

(16 مسألة): يجوز إعطاء كفّارة أيام عديدة من رمضان واحد أو أزيد لفقير واحد، فلا يجب إعطاء كلّ فقير مدّاً واحداً ليوم واحد.

(17 مسألة): لا تجب كفّارة العبد علي سيّده، من غير فرق بين كفّارة التأخير وكفّارة الإفطار ففي الأولي إن كان له مال وأذن له السيّد أعطي من ماله وإلا استغفر بدلاً عنها، وفي كفّارة الإفطار يجب عليه اختيار صوم شهرين مع عدم المال والإذن من السيّد، وإن عجز فصوم ثمانية عشر يوماً، وإن عجز فالاستغفار.

(18 مسألة): الأحوط عدم تأخير القضاء إلي رمضان آخر مع التمكّن عمداً، وإن كان لا دليل علي حرمته .

(19 مسألة): يجب علي وليّ الميّت قضاء ما فاته من الصوم لعذر: من مرض أو سفر أو نحوهما، لا ما تركه عمداً، أو أتي به وكان باطلاً من جهة التقصير في أخذ المسائل، وإن كان الأحوط قضاء جميع ما عليه وإن كان من جهة الترك عمداً ()، نعم يشترط في وجوب قضاء ما فات بالمرض أن يكون قد تمكّن في حال حياته من القضاء وأهمل، وإلا فلا يجب لسقوط القضاء حينئذٍ كما عرفت سابقاً، ولا فرق في الميّت بين الأب والأم علي الأقوي()، وكذا لا فرق بين

ما إذا ترك الميّت ما يمكن التصدّق به عنه وعدمه، وإن كان الأحوط في الأول الصدقة عنه برضا الوارث مع القضاء، والمراد بالولي: هو الولد الأكبر وإن كان طفلاً أو مجنوناً حين الموت، بل وإن كان حملاً.

(20 مسألة): لو لم يكن للميّت ولد لم يجب القضاء علي أحد من الورثة، وإن كان الأحوط قضاء أكبر الذكور من الأقارب عنه .

(21 مسألة): لو تعدّد الوليّ اشتركا، وإن تحمّل أحدهما كفي عن الآخر، كما أنه لو تبّرع أجنبي سقط عن الوليّ .

(22 مسألة): يجوز للوليّ أن يستأجر من يصوم عن الميّت، وأن يأتي به مباشرة، وإذا استأجر ولم يأت به المؤجر أو أتي به باطلاً لم يسقط عن الوليّ .

(23 مسألة): إذا شكّ الوليّ في اشتغال ذمّة الميّت وعدمه، لم يجب عليه شي ء، ولو علم به إجمالاً وتردّد بين الأقل والأكثر، جاز له الاقتصار علي الأقلّ .

(24 مسألة): إذا أوصي الميّت باستئجار ما عليه من الصوم أو الصلاة سقط عن الوليّ، بشرط أداء الأجير صحيحاً، وإلا وجب عليه .

(25 مسألة): إنما يجب علي الولي، قضاء ما علم اشتغال ذمّة الميّت به، أو شهدت به البيّنة، أو أقرّ به عند موته()، وأما لو علم أنه كان عليه القضاء وشكّ في إتيانه حال حياته أو بقاء شغل ذمّته، فالظاهر: عدم الوجوب عليه باستصحاب بقائه، نعم لو شكّ هو في حال حياته وأجري الاستصحاب أو قاعدة الشغل ولم يأت به حتي مات، فالظاهر: وجوبه علي الولي ّ.

(26 مسألة): في اختصاص ما وجب علي الوليّ بقضاء شهر رمضان أو عمومه لكل صوم واجب قولان: مقتضي إطلاق بعض الأخبار الثاني، وهو الأحوط.

(27 مسألة): لا يجوز للصائم قضاء شهر رمضان إذا كان عن نفسه الإفطار بعد الزوال، بل تجب

عليه الكفارة به، وهي كما مرّ: إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مدّ، ومع العجز عنه صيام ثلاثة أيام.

وأما إذا كان عن غيره بإجارة أو تبرّع، فالأقوي جوازه وإن كان الأحوط الترك، كما أن الأقوي الجواز في سائر أقسام الصوم الواجب الموسّع، وإن كان الأحوط الترك فيها أيضاً.

وأما الإفطار قبل الزوال فلا مانع منه حتي في قضاء شهر رمضان عن نفسه، إلا مع التعيّن بالنذر أو الإجارة أو نحوهما، أو التضيّق بمجي ء رمضان آخر إن قلنا بعدم جواز التأخير إليه كما هو المشهور.

(14 فصل: في صوم الكفّارة)

(14 فصل: في صوم الكفّارة)

وهو أقسام:

منها: ما يجب فيه الصوم مع غيره، وهي: كفّارة قتل العمد، وكفّارة من أفطر علي محرّم في شهر رمضان()، فإنه تجب فيهما الخصال الثلاث.

ومنها: ما يجب فيه الصوم بعد العجز عن غيره، وهي كفّارة الظهار، وكفّارة قتل الخطأ، فإن وجوب الصوم فيهما بعد العجز عن العتق.

وكفّارة الإفطار في قضاء رمضان، فإن الصوم فيها بعد العجز عن الإطعام كما عرفت.

وكفّارة اليمين(2) وهي: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم وبعد العجز عنها فصيام ثلاثة أيام.

وكفّارة صيد النعامة، وكفّارة صيد البقر الوحشي، وكفّارة صيد الغزال، فإن الأول تجب فيه بدنة ومع العجز عنها صيام ثمانية عشر يوماً، والثاني يجب فيه ذبح بقرة ومع العجز عنها صوم تسعة أيام، والثالث يجب فيه شاة ومع العجز عنها صوم ثلاثة أيام.

وكفّارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب عمداً، وهي: بدنة وبعد العجز عنها صيام ثمانية عشر يوماً.

وكفارة خدش المرأة وجهها في المصاب حتي أدمته ونتفها رأسها فيه. وكفّارة شقّ الرجل ثوبه علي زوجته أو ولده فإنهما ككفّارة اليمين.

ومنها: ما يجب فيه الصوم مخيّراً بينه وبين غيره، وهي: كفّارة الإفطار في شهر رمضان، وكفّارة الاعتكاف، وكفّارة النذر والعهد()،

وكفّارة جزّ المرأة شعرها في المصاب، فإن كلّ هذه مخيّرة بين الخصال الثلاث علي الأقوي.

وكفّارة حلق الرأس في الإحرام، وهي: دم شاة أو صيام ثلاثة أيام أو التصدّق علي ستّة مساكين لكل واحد مدّان.

ومنها: ما يجب فيه الصوم مرتّباً علي غيره مخيّراً بينه وبين غيره، وهي: كفّارة الواطئ أمته المحرِمة بإذنه، فإنها بدنة أو بقرة ومع العجز فشاة أو صيام ثلاثة أيام .

[التتابع في صوم الكفّارة]

(1 مسألة): يجب التتابع في صوم شهرين من كفّارة الجمع أو كفّارة التخيير()، ويكفي في حصول التتابع فيهما صوم الشهر الأول ويوم من الشهر الثاني، وكذا يجب التتابع() في الثمانية عشر بدل الشهرين، بل هو الأحوط() في صيام سائر الكفّارات وإن كان في وجوبه فيها تأمّل وإشكال .

(2 مسألة): إذا نذر صوم شهر أو أقلّ أو أزيد، لم يجب التتابع إلا مع الانصراف، أو اشتراط التتابع فيه .

(3 مسألة): إذا فاته النذر المعيّن أو المشروط فيه التتابع، فالأحوط() في قضائه التتابع أيضاً.

(4 مسألة): من وجب عليه الصوم اللازم فيه التتابع، لا يجوز أن يشرع فيه في زمان يعلم أنه لا يسلم له بتخلّل العيد أو تخلّل يوم يجب فيه صوم آخر: من نذر أو إجارة أو شهر رمضان، فمن وجب عليه شهران متتابعان لا يجوز له أن يبتدئ بشعبان، بل يجب أن يصوم قبله يوماً أو أزيد من رجب، وكذا لا يجوز أن يقتصر علي شوّال مع يوم من ذي القعدة، أو علي ذي الحجّة مع يوم من المحرّم، لنقصان الشهرين بالعيدين، نعم لو لم يعلم من حين الشروع عدم السلامة فاتّفق، فلا بأس علي الأصحّ وإن كان الأحوط عدم الإجزاء.

ويستثني ممّا ذكرنا من عدم الجواز مورد واحد، وهو: صوم ثلاثة أيام بدل هدي التمتع

إذا شرع فيه يوم التروية، فإنه يصحّ وإن تخلّل بينها العيد، فيأتي بالثالث بعد العيد بلا فصل، أو بعد أيام التشريق بلا فصل لمن كان بمني، وأما لو شرع فيه يوم عرفة أو صام يوم السابع والتروية وتركه في عرفة لم يصحّ ووجب الاستيناف، كسائر موارد وجوب التتابع .

(5 مسألة): كلّ صوم يشترط فيه التتابع إذا أفطر في أثنائه لا لعذر اختياراً يجب استينافه، وكذا إذا شرع فيه في زمان يتخلّل فيه صوم واجب آخر من نذر ونحوه، وأما ما لم يشترط فيه التتابع وإن وجب فيه بنذر أو نحوه فلا يجب استينافه وإن أثم بالإفطار، كما إذا نذر التتابع في قضاء رمضان، فإنه لو خالف وأتي به متفرّقاً صحّ وإن عصي من جهة خلف النذر.

(6 مسألة): إذا أفطر في أثناء ما يشترط فيه التتابع لعذر من الأعذار: كالمرض والحيض والنفاس والسفر الاضطراري دون الاختياري لم يجب استينافه، بل يبني علي ما مضي.

ومن العذر: ما إذا نسي النيّة حتي فات وقتها بأن تذكّر بعد الزوال.

ومنه أيضاً: ما إذا نسي فنوي صوماً آخر ولم يتذكّر إلا بعد الزوال.

ومنه أيضاً: ما إذا نذر قبل تعلّق الكفّارة صوم كلّ خميس، فإن تخلّله في أثناء التتابع لا يضرّ به، ولا يجب عليه الانتقال إلي غير الصوم من الخصال في صوم الشهرين لأجل هذا التعذّر، نعم لو كان قد نذر صوم الدهر قبل تعلّق الكفّارة اتّجه الانتقال إلي سائر الخصال .

(7 مسألة): كلّ من وجب عليه شهران متتابعان من كفّارة معيّنة أو مخيرّة إذا صام شهراً ويوماً متتابعاً يجوز له التفريق في البقيّة ولو اختياراً لا لعذر، وكذا لو كان من نذر أو عهد() لم يشترط فيه تتابع الأيام جميعها ولم يكن

المنساق منه ذلك.

وألحق المشهور بالشهرين: الشهر المنذور فيه التتابع، فقالوا: إذا تابع في خمسة عشر يوماً منه يجوز له التفريق في البقيّة اختياراً، وهو مشكل(2)، فلا يترك الاحتياط فيه بالاستيناف مع تخلّل الإفطار عمداً وإن بقي منه يوم، كما لا إشكال في عدم جواز التفريق اختياراً مع تجاوز النصف في سائر أقسام الصوم المتتابع .

(8 مسألة): إذا بطل التتابع في الأثناء لا يكشف عن بطلان الأيام السابقة، فهي صحيحة وإن لم تكن امتثالاً للأمر الوجوبي ولا الندبي، لكونها محبوبة في حدّ نفسها من حيث إنها صوم، وكذلك الحال في الصلاة إذا بطلت في الأثناء فإن الأذكار والقراءة صحيحة في حدّ نفسها من حيث محبوبيّتها لذاتها.

(15- فصل: في أقسام الصوم)

(15- فصل: في أقسام الصوم)

أقسام الصوم أربعة: واجب، وندب، ومكروه كراهة عبادة، ومحظور.

[الصوم الواجب]

والواجب أقسام : صوم شهر رمضان، وصوم الكفّارة، وصوم القضاء، وصوم بدل الهدي في حجّ التمتع، وصوم النذر والعهد واليمين والملتزم بشرط أو إجارة، وصوم() اليوم الثالث من أيام الاعتكاف.

أما الواجب: فقد مرّ جملة منه .

[الصوم المندوب]

وأما المندوب منه فأقسام:

منها: ما لا يختصّ بسبب مخصوص ولا زمان معيّن: كصوم أيام السنة عدا ما استثني من العيدين وأيام التشريق لمن كان بمني فقد وردت الأخبار الكثيرة في فضله من حيث هو ومحبوبيّته وفوائده.

ويكفي فيه ما ورد في الحديث القدسي: «الصوم لي وأنا أُجازي به» () .

وما ورد: من أن «الصوم جنّة من النار» وأن «نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبّل، ودعاؤه مستجاب».

ونعم ما قال بعض العلماء: من أنه لو لم يكن في الصوم إلا الارتقاء عن حضيض حظوظ النفس البهيمية إلي ذروة التشبّه بالملائكة الروحانية لكفي به فضلاً ومنقبة وشرفاً.

ومنها: ما يختصّ بسبب مخصوص، وهي كثيرة مذكورة في كتب الأدعية.

ومنها: ما يختصّ بوقت معيّن، وهو في مواضع:

منها: وهو آكدها صوم ثلاثة أيام من كلّ شهر، فقد ورد: أنه يعادل صوم الدهر، ويذهب بوحر الصدر. وأفضل كيفيّاته ما عن المشهور ويدّل عليه جملة من الأخبار، وهو: أن يصوم أول خميس من الشهر وآخر خميس منه وأول أربعاء في العشر الثاني، ومن تركه يستحب له قضاؤه، ومع العجز عن صومه لكبر ونحوه يستحب أن يتصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام أو بدرهم.

ومنها: صوم أيام البيض من كلّ شهر، وهي: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر علي الأصح المشهور، وعن العمّاني: أنها الثلاثة المتقدمة.

ومنها: صوم يوم مولد النبي صلّي الله عليه وآله وسلم، وهوّ: السابع عشر من ربيع الأول علي الأصح، وعن الكليني أنه الثاني عشر منه.

ومنها: صوم يوم الغدير،

وهو: الثامن عشر من ذي الحجّة.

ومنها: صوم يوم مبعث النبي صلّي الله عليه وآله، وهو: السابع والعشرون من رجب.

ومنها: يوم دحو الأرض من تحت الكعبة، وهو: اليوم الخامس والعشرون من ذي القعدة.

ومنها: يوم عرفة لمن لا يضعفه الصوم عن الدعاء.

ومنها: يوم المباهلة، وهو: الرابع والعشرون من ذي الحجّة.

ومنها: كلّ خميس وجمعة معاً أو الجمعة فقط.

ومنها: أول ذي الحجّة، بل كلّ يوم من التسع فيه.

ومنها: يوم النيروز.

ومنها: صوم رجب وشعبان كلاً أو بعضاً، ولو يوماً من كلّ منهما.

ومنها: أول يوم من المحرّم وثالثه وسابعه.

ومنها: التاسع والعشرون من ذي القعدة.

ومنها: صوم ستّة أيام بعد عيد الفطر بثلاثة أيام أحدها العيد.

ومنها: يوم النصف من جمادي الأولي .

(1 مسألة): لا يجب إتمام صوم التطوّع بالشروع فيه ، بل يجوز له الإفطار إلي الغروب وإن كان يكره بعد الزوال .

(2 مسألة): يستحب للصائم تطوّعاً قطع الصوم إذا دعاه أخوه المؤمن إلي الطعام، بل قيل بكراهته حينئذٍ.

[الصوم المكروه]

وأما المكروه منه بمعني قلّة الثواب() ففي مواضع أيضاً:

منها: صوم عاشوراء().

ومنها: صوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدعاء الذي هو أفضل من الصوم. وكذا مع الشكّ في هلال ذي الحجّة خوفاً من أن يكون يوم العيد.

ومنها: صوم الضيف بدون إذن مضيّفه، والأحوط تركه مع نهيه، بل الأحوط تركه مع عدم إذنه أيضاً.

ومنها: صوم الولد بدون إذن والده، بل الأحوط تركه خصوصاً مع النهي، بل يحرم إذا كان إيذاء له من حيث شفقته عليه، والظاهر جريان الحكم في ولد الولد بالنسبة إلي الجدّ، والأولي مراعاة إذن الوالدة، ومع كونه إيذاءً لها يحرم كما في الوالد.

[الصوم الحرام]

وأما المحظور منه ففي مواضع أيضاً:

أحدها: صوم العيدين: الفطر والأضحي، وإن كان عن كفّارة القتل في أشهر الحرم، والقول بجوازه للقاتل شاذّ والرواية الدالّة عليه ضعيفة سنداً ودلالة().

الثاني: صوم أيام التشريق، وهي: الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجّة لمن كان بمني، ولا فرق علي الأقوي بين الناسك وغيره.

الثالث: صوم يوم الشكّ في أنه من شعبان أو رمضان بنيّة أنه من رمضان، وأما بنيّة أنه من شعبان فلا مانع منه كما مرّ.

الرابع: صوم وفاء نذر المعصية: بأن ينذر الصوم إذا تمكّن من الحرام الفلاني، أو إذا ترك الواجب الفلاني يقصد بذلك الشكر علي تيّسره، وأما إذا كان بقصد الزجر عنه فلا بأس به، نعم يلحق بالأول في الحرمة ما إذا نذر الصوم زجراً عن طاعة صدرت منه أو عن معصية تركها.

الخامس: صوم الصمت: بأن ينوي في صومه السكوت عن الكلام في تمام النهار أو بعضه بجعله في نيتّه من قيود صومه، وأما إذا لم يجعله قيداً وإن صمت فلا بأس به، بل وإن كان في حال النيّة بانياً

علي ذلك إذا لم يجعل الكلام جزءاً من المفطرات وتركه قيداً في صومه.

السادس: صوم الوصال، وهو: صوم يوم وليلة إلي السحر، أو صوم يومين بلا إفطار في البين، وأما لو أخّر الإفطار إلي السحر، أو إلي الليلة الثانية مع عدم قصد جعل تركه جزءاً من الصوم فلا بأس به، وإن كان الأحوط عدم التأخير إلي السحر مطلقاً.

السابع: صوم الزوجة مع المزاحمة لحقّ الزوج، والأحوط تركه بلا إذن منه، بل لا يترك الاحتياط مع نهيه عنه وإن لم يكن مزاحماً لحقّه.

الثامن: صوم المملوك مع المزاحمة لحقّ المولي، والأحوط تركه من دون إذنه، بل لا يترك الاحتياط مع نهيه.

التاسع: صوم الولد مع كونه موجباً لتألّم الوالدين وأذيتّهما.

العاشر: صوم المريض ومن كان يضرّه الصوم().

الحادي عشر: صوم المسافر إلا في الصور المستثناة علي ما مرّ.

الثاني عشر: صوم الدهر حتي العيدين علي ما في الخبر، وإن كان يمكن أن يكون من حيث اشتماله عليهما لا لكونه صوم الدهر من حيث هو.

[الإمساك المستحب تأدّباً]

(3 مسألة): يستحب الإمساك تأدباً في شهر رمضان وإن لم يكن صوماً في مواضع:

أحدها: المسافر إذا ورد أهله أو محلّ الإقامة بعد الزوال مطلقاً أو قبله وقد أفطر، وأما إذا ورد قبله ولم يفطر فقد مرّ أنه يجب عليه الصوم.

الثاني: المريض إذا برئ في أثناء النهار وقد أفطر، وكذا لو لم يفطر إذا كان بعد الزوال، بل قبله أيضاً علي ما مرّ من عدم صحّة صومه، وإن كان الأحوط تجديد النيّة والإتمام ثمّ القضاء.

الثالث: الحائض والنفساء إذا طهرتا في أثناء النهار.

الرابع: الكافر إذا أسلم في أثناء النهار أتي بالمفطر أم لا.

الخامس: الصبيّ إذا بلغ في أثناء النهار.

السادس: المجنون والمغمي عليه إذا أفاقا في أثنائه.

كتاب الاعتكاف

كتاب الاعتكاف

و هو: اللبث في المسجد بقصد العبادة، بل لا يبعد كفاية قصد التعبّد بنفس اللبث وإن لم يضمّ إليه قصد عبادة أخري خارجة عنه، لكن الأحوط الأول، ويصحّ في كلّ وقت يصحّ فيه الصوم، وأفضل أوقاته: شهر رمضان، وأفضله العشر الأواخر منه.

وينقسم إلي: واجب، ومندوب، والواجب منه: ما وجب بنذر أو عهد أو يمين أو شرط في ضمن عقد أو إجارة أو نحو ذلك، وإلا ففي أصل الشرع مستحب. ويجوز الإتيان به عن نفسه وعن غيره الميّت، وفي جوازه نيابة عن الحي قولان: لا يبعد ذلك، بل هو الأقوي، ولا يضرّ اشتراط الصوم فيه فإنه تبعي، فهو كالصلاة في الطواف الذي يجوز فيه النيابة عن الحي.

[شروط صحة الاعتكاف]

[شروط صحة الاعتكاف]

ويشترط في صحته أمور:

[الشرط الأول]

الأول: الإيمان، فلا يصحّ من غيره.

[الشرط الثاني]

الثاني: العقل، فلا يصحّ من المجنون ولو أدواراً في دوره، ولا من السكران وغيره من فاقدي العقل.

[الشرط الثالث]

الثالث: نية القربة كما في غيره من العبادات، والتعيين إذا تعدّد ولو إجمالاً، ولا يعتبر فيه قصد الوجه كما في غيره من العبادات، وإن أراد أن ينوي الوجه ففي الواجب منه ينوي الوجوب، وفي المندوب الندب، ولا يقدح في ذلك كون اليوم الثالث الذي هو جزء منه واجباً لأنه من أحكامه، فهو نظير النافلة إذا قلنا بوجوبها بعد الشروع فيها، ولكن الأولي ملاحظة ذلك حين الشروع فيه، بل تجديد نية الوجوب في اليوم الثالث.

ووقت النيّة قبل الفجر، وفي كفاية النيّة في أول الليل كما في صوم شهر رمضان إشكال، نعم لو كان الشروع فيه في أول الليل أو في أثنائه نوي في ذلك الوقت، ولو نوي الوجوب في المندوب أو الندب في الواجب اشتباها لم يضرّ إلا إذا كان علي وجه التقييد، لا الاشتباه في التطبيق.

[الشرط الرابع]

الرابع: الصوم، فلا يصحّ بدونه، وعلي هذا فلا يصحّ وقوعه من المسافر في غير المواضع التي يجوز له الصوم فيها، ولا من الحائض والنفساء، ولا في العيدين، بل لو دخل فيه قبل العيد بيومين لم يصحّ وإن كان غافلاً حين الدخول.

نعم لو نوي اعتكاف زمان يكون اليوم الرابع أو الخامس منه العيد: فإن كان علي وجه التقييد بالتتابع لم يصحّ، وإن كان علي وجه الإطلاق لا يبعد صحتّه فيكون العيد فاصلاً بين أيام الاعتكاف.

[الشرط الخامس]

الخامس: أن لا يكون أقل من ثلاثة أيام، فلو نواه كذلك بطل، وأما الأزيد فلا بأس به وإن كان الزائد يوماً أو بعضه أو ليلة أو بعضها، ولا حدّ لأكثره، نعم لو اعتكف خمسة أيام وجب السادس، بل ذكر بعضهم: أنه كلما زاد يومين وجب الثالث، فلو اعتكف ثمانية أيام وجب اليوم التاسع وهكذا، وفيه تأمل().

واليوم: من طلوع الفجر إلي غروب الحمرة المشرقية، فلا يشترط إدخال الليلة الأولي ولا الرابعة وإن جاز ذلك كما عرفت، ويدخل فيه الليلتان المتوسطتان، وفي كفاية الثلاثة التلفيقيّة إشكال.

[الشرط السادس]

السادس: أن يكون في المسجد الجامع، فلا يكفي في غير المسجد، ولا في مسجد القبيلة والسوق، ولو تعدّد الجامع تخيّر بينها، ولكن الأحوط مع الإمكان كونه في أحد المساجد الأربعة: المسجد الحرام، ومسجد النبي صلَّي الله عليه وآله وسلّم، ومسجد الكوفة، ومسجد البصرة.

[الشرط السابع]

السابع: إذن السيد بالنسبة إلي مملوكه، سواء كان قنّاً أو مدبرّاً أو أمّ ولد أو مكاتباً لم يتحرّر منه شي ء ولم يكن اعتكافه اكتساباً، وأما إذا كان اكتساباً فلا مانع منه، كما أنه إذا كان مبعّضاً فيجوز منه في نوبته إذا هايأه مولاه من دون إذن، بل مع المنع منه أيضاً، وكذا يعتبر إذن المستأجر بالنسبة إلي أجيره الخاص()، وإذن الزوج بالنسبة إلي الزوجة إذا كان منافياً لحقّه، وإذن الوالد والوالدة بالنسبة إلي ولدهما إذا كان مستلزماً لإيذائهما، وأما مع عدم المنافاة وعدم الإيذاء فلا يعتبر إذنهم، وإن كان أحوط خصوصاً بالنسبة إلي الزوج والوالد.

[الشرط الثامن]

الثامن: استدامة اللبث في المسجد، فلو خرج عمداً اختياراً لغير الأسباب المبيحة بطل من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل به، وأما لو خرج ناسياً أو مكرهاً فلا يبطل، وكذا لو خرج لضرورة عقلاً أو شرعاً أو عادة: كقضاء الحاجة من بول أو غائط أو للاغتسال من الجنابة أو الاستحاضة ونحو ذلك، ولا يجب() الاغتسال في المسجد وإن أمكن من دون تلويث وإن كان أحوط، والمدار: علي صدق اللبث، فلا ينافيه خروج بعض أجزاء بدنه من يده أو رأسه أو نحوهما.

[مسائل في الاعتكاف]

(1 مسألة): لو ارتدّ المعتكف في أثناء اعتكافه بطل وإن تاب بعد ذلك إذا كان ذلك في أثناء النهار، بل مطلقاً علي الأحوط().

(2 مسألة): لا يجوز العدول بالنيّة من اعتكاف إلي غيره وإن اتّحدا في الوجوب والندب، ولا عن نيابة ميّت إلي آخر أو إلي حيّ، أو عن نيابة غيره إلي نفسه أو العكس .

(3 مسألة): الظاهر عدم جواز النيابة عن أكثر من واحد في اعتكاف واحد، نعم يجوز ذلك بعنوان إهداء الثواب، فيصحّ إهداؤه إلي متعدّدين أحياء أو أمواتاً أو مختلفين .

(4 مسألة): لا يعتبر في صوم الاعتكاف أن يكون لأجله ، بل يعتبر فيه أن يكون صائماً أيّ صوم كان، فيجوز الاعتكاف مع كون الصوم استيجارياً أو واجباً من جهة النذر ونحوه، بل لو نذر الاعتكاف يجوز له بعد ذلك أن يؤجر نفسه للصوم ويعتكف في ذلك الصوم، ولا يضرّه وجوب الصوم عليه بعد نذر الاعتكاف، فإن الذي يجب لأجله هو الصوم الأعمّ من كونه له أو بعنوان آخر، بل لا بأس بالاعتكاف المنذور مطلقاً في الصوم المندوب الذي يجوز له قطعه، فإن لم يقطعه تمَّ اعتكافه، وإن قطعه انقطع ووجب عليه الاستيناف .

[موارد جواز قطع الاعتكاف]

(5 مسألة): يجوز قطع الاعتكاف المندوب في اليومين الأوّلين، ومع تمامهما يجب الثالث، وأما المنذور فإن كان معيناً فلا يجوز قطعه مطلقاً، وإلا فكالمندوب .

(6 مسألة): لو نذر الاعتكاف في أيام معيّنة وكان عليه صوم منذور أو واجب لأجل الإجارة، يجوز له أن يصوم في تلك الأيام وفاءً عن النذر أو الإجارة، نعم لو نذر الاعتكاف في أيام مع قصد كون الصوم له ولأجله لم يجزئ عن النذر أو الإجارة.

(7 مسألة): لو نذر اعتكاف يوم أو يومين: فإن قيّد بعدم الزيادة بطل نذره، وإن

لم يقيّده صحّ ووجب ضمّ يوم أو يومين .

(8 مسألة): لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام معيّنة أو أزيد، فاتّفق كون الثالث عيداً بطل من أصله، ولا يجب عليه قضاؤه لعدم انعقاد نذره لكنّه أحوط.

(9 مسألة): لو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد بطل، إلا أن يعلم يوم قدومه قبل الفجر، ولو نذر اعتكاف ثاني يوم قدومه صحّ، ووجب عليه ضمّ يومين آخرين .

(10 مسألة): لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام من دون الليلتين المتوسّطتين لم ينعقد.

(11 مسألة): لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام أو أزيد لم يجب إدخال الليلة الأولي فيه، بخلاف ما إذا نذر اعتكاف شهر فإن الليلة الأولي جزء من الشهر().

(12 مسألة): لو نذر اعتكاف شهر يجزئه ما بين الهلالين وإن كان ناقصاً() ولو كان مراده مقدار شهر وجب ثلاثون يوماً.

[الاعتكاف ووجوب التتابع فيه]

(13 مسألة): لو نذر اعتكاف شهر وجب التتابع، وأما لو نذر مقدار الشهر جاز له التفريق ثلاثة ثلاثة إلي أن يكمل ثلاثون، بل لا يبعد جواز التفريق يوماً فيوماً ويضمّ إلي كلّ واحد يومين آخرين، بل الأمر كذلك في كلّ مورد لم يكن المنساق منه هو التتابع .

(14 مسألة): لو نذر الاعتكاف شهراً أو زماناً علي وجه التتابع سواء شرطه لفظاً أو كان المنساق منه ذلك فأخلّ بيوم أو أزيد بطل وإن كان ما مضي ثلاثة فصاعداً، واستأنف آخر مع مراعاة التتابع، فيه وإن كان معيّناً وقد أخلّ بيوم أو أزيد وجب قضاؤه، والأحوط التتابع فيه أيضاً، وإن بقي شي ء من ذلك الزمان المعيّن بعد الإبطال بالإخلال فالأحوط ابتداء القضاء منه .

(15 مسألة): لو نذر اعتكاف أربعة أيام فأخلّ بالرابع ولم يشترط التتابع ولا كان منساقاً من نذره وجب قضاء ذلك اليوم وضمّ يومين آخرين، والأولي جعل المقضيّ أول

الثلاثة وإن كان مختاراً في جعله أيّاً منها شاء.

(16 مسألة): لو نذر اعتكاف خمسة أيام وجب أن يضمّ إليها سادساً، سواء تابع() أو فرّق بين الثلاثتين .

(17 مسألة): لو نذر زمانا معيّنا شهراً أو غيره وتركه نسياناً أو عصياناً أو اضطراراً وجب قضاؤه، ولو غمّت الشهور فلم يتعيّن عنده ذلك المعيّن عمل بالظنّ()، ومع عدمه يتخيّر بين موارد الاحتمال .

[ما يعتبر في الاعتكاف]

(18 مسألة): يعتبر في الاعتكاف الواحد وحدة المسجد، فلا يجوز أن يجعله في مسجدين، سواء كانا متّصلين أو منفصلين، نعم لو كانا متّصلين علي وجه يعدّ مسجداً واحداً فلا مانع .

(19 مسألة): لو اعتكف في مسجد ثمّ اتّفق مانع من إتمامه فيه: من خوف أو هدم أو نحو ذلك بطل، ووجب استينافه أو قضاؤه إن كان واجباً في مسجد آخر أو ذلك المسجد إذا ارتفع عنه المانع، وليس له البناء سواء كان في مسجد آخر أو في ذلك المسجد بعد رفع المانع .

(20 مسألة): سطح المسجد وسردابه ومحرابه منه ما لم يعلم خروجها، وكذا مضافاته إذا جعلت جزءاً منه كما لو وسّع فيه .

(21 مسألة): إذا عيّن موضعاً خاصاً من المسجد محلاً لاعتكافه، لم يتعيّن() وكان قصده لغواً.

(22 مسألة): قبر مسلم وهانئ ليس جزءاً من مسجد الكوفة علي الظاهر.

(23 مسألة): إذا شكّ في موضع من المسجد أنه جزء منه أو من مرافقه، لم يجر عليه حكم المسجد.

[طرق ثبوت المسجد الجامع]

(24 مسألة): لا بدّ من ثبوت كونه مسجداً وجامعاً بالعلم الوجداني ، أو الشياع المفيد للعلم()، أو البيّنة الشرعيّة، وفي كفاية خبر العدل الواحد إشكال()، والظاهر كفاية حكم الحاكم الشرعي .

(25 مسألة): لو اعتكف في مكان باعتقاد المسجدية أو الجامعية فبان الخلاف، تبيّن البطلان .

(26 مسألة): لا فرق في وجوب كون الاعتكاف في المسجد الجامع بين الرجل والمرأة، فليس لها الاعتكاف في المكان الذي أعدّته للصلاة في بيتها، بل ولا في مسجد القبيلة ونحوها.

(27 مسألة): الأقوي صحّة اعتكاف الصبيّ المميّز، فلا يشترط فيه البلوغ .

(28 مسألة): لو اعتكف العبد() بدون إذن المولي بطل، ولو أُعتق في أثنائه لم يجب عليه إتمامه، ولو شرع فيه بإذن المولي ثمّ أُعتق في الأثناء: فإن كان في اليوم الأول

أو الثاني لم يجب عليه الإتمام إلا أن يكون من الاعتكاف الواجب، وإن كان بعد تمام اليومين وجب عليه الثالث، وإن كان بعد تمام الخمسة وجب السادس .

(29 مسألة): إذا أذن المولي لعبده في الاعتكاف جاز له الرجوع عن إذنه ما لم يمض يومان، وليس له الرجوع بعدهما لوجوب إتمامه حينئذٍ، وكذا لا يجوز له الرجوع إذا كان الاعتكاف واجباً بعد الشروع فيه من العبد.

[موارد جواز خروج المعتكف]

(30 مسألة): يجوز للمعتكف الخروج من المسجد لإقامة الشهادة أو لحضور الجماعة أو لتشييع الجنازة وإن لم يتعيّن عليه هذه الأمور، وكذا في سائر الضرورات العرفية أو الشرعية الواجبة أو الراجحة، سواء كانت متعلّقة بأمور الدنيا أو الآخرة ممّا يرجع مصلحته إلي نفسه أو غيره، ولا يجوز الخروج اختياراً بدون أمثال هذه المذكورات .

(31 مسألة): لو أجنب في المسجد ولم يمكن الاغتسال() فيه وجب عليه الخروج ، ولو لم يخرج بطل اعتكافه لحرمة لبثه فيه .

(32 مسألة): إذا غصب مكاناً من المسجد سبق إليه غيره بأن أزاله وجلس فيه، فالأقوي() بطلان اعتكافه، وكذا إذا جلس علي فراش مغصوب، بل الأحوط الاجتناب عن الجلوس علي أرض المسجد المفروش بتراب مغصوب أو آجر مغصوب علي وجه لا يمكن إزالته، وإن توقّف علي الخروج خرج علي الأحوط، وأما إذا كان لابساً لثوب مغصوب أو حاملاً له فالظاهر عدم البطلان .

(33 مسألة): إذا جلس علي المغصوب ناسياً أو جاهلاً() أو مكرهاً أو مضطراً، لم يبطل اعتكافه .

(34 مسألة): إذا وجب عليه الخروج لأداء دين واجب الأداء عليه. أو لإتيان واجب آخر متوقّف علي الخروج ولم يخرج أثم، ولكن لا يبطل اعتكافه علي الأقوي .

(35 مسألة): إذا خرج عن المسجد لضرورة فالأحوط مراعاة أقرب الطرق، ويجب عدم المكث إلاّ بمقدار الحاجة والضرورة،

ويجب أيضاً أن لا يجلس تحت الظلال مع الإمكان، بل الأحوط أن لا يمشي تحته أيضاً، بل الأحوط عدم الجلوس مطلقاً إلا مع الضرورة.

(36 مسألة): لو خرج لضرورة وطال خروجه بحيث انمحت صورة الاعتكاف بطل .

[كيفيّة اللبث للمعتكف]

(37 مسألة): لا فرق في اللبث في المسجد بين أنواع الكون: من القيام والجلوس والنوم والمشي ونحو ذلك، فاللازم الكون فيه بأيّ نحو كان .

(38 مسألة): إذا طُلّقت المرأة المعتكفة في أثناء اعتكافها طلاقاً رجعياً وجب عليها الخروج إلي منزلها للاعتداد وبطل اعتكافها، ويجب استينافه إن كان واجباً موسّعاً بعد الخروج من العدّة، وأما إذا كان واجباً معيّناً فلا يبعد التخيير بين: إتمامه ثمّ الخروج، وإبطاله والخروج فوراً،ً لتزاحم الواجبين ولا أهميّة معلومة في البين، وأما إذا طُلّقت بائناً فلا إشكال، لعدم وجوب كونها في منزلها في أيام العدّة.

(39 مسألة): قد عرفت أن الاعتكاف: إما واجب معيّن، أو واجب موسّع، وإما مندوب. فالأول: يجب بمجرّد الشروع، بل قبله ولا يجوز الرجوع عنه، وأما الأخيران: فالأقوي فيهما جواز الرجوع قبل إكمال اليومين، وأما بعده فيجب اليوم الثالث، لكن الأحوط فيهما أيضاً وجوب الإتمام بالشروع خصوصاً الأول منهما.

[اشتراط الرجوع عن الاعتكاف]

(40 مسألة): يجوز له أن يشترط حين النيّة الرجوع متي شاء حتي في اليوم الثالث، سواء علّق الرجوع علي عروض عارض أو لا، بل يشترط الرجوع متي شاء حتي بلا سبب عارض، ولا يجوز له اشتراط جواز المنافيات: كالجماع ونحوه مع بقاء الاعتكاف علي حاله، ويعتبر أن يكون الشرط المذكور حال النيّة، فلا اعتبار بالشرط قبلها() أو بعد الشروع فيه وإن كان قبل الدخول في اليوم الثالث، ولو شرط حين النيّة ثمّ بعد ذلك أسقط حكم شرطه فالظاهر عدم سقوطه، وإن كان الأحوط ترتيب آثار السقوط من الإتمام بعد إكمال اليومين .

(41 مسألة): كما يجوز اشتراط الرجوع في الاعتكاف حين عقد نيّته، كذلك يجوز اشتراطه في نذره، كأن يقول: لله علي أن أعتكف بشرط أن يكون لي الرجوع عند عروض كذا

أو مطلقاً، وحينئذٍ فيجوز له الرجوع. وإن لم يشترط حين الشروع في الاعتكاف فيكفي الاشتراط حال النذر في جواز الرجوع، لكن الأحوط ذكر الشرط حال الشروع أيضاً، ولا فرق في كون النذر اعتكاف أيام معيّنة أو غير معيّنة، متتابعة أو غير متتابعة، فيجوز الرجوع في الجميع مع الشرط المذكور في النذر، ولا يجب القضاء بعد الرجوع مع التعيّن ولا الاستيناف مع الإطلاق .

(42 مسألة): لا يصحّ أن يشترط في اعتكاف أن يكون له الرجوع في اعتكاف آخر له غير الذي ذكر الشرط فيه، وكذا لا يصحّ أن يشترط في اعتكافه جواز فسخ اعتكاف شخص آخر من ولده أو عبده أو أجنبي .

(43 مسألة): لا يجوز التعليق() في الاعتكاف، فلو علّقه بطل إلا إذا علّقه علي شرط معلوم الحصول حين النيّة، فإنه في الحقيقة لا يكون من التعليق.

(فصل: في أحكام الاعتكاف )

(فصل: في أحكام الاعتكاف )

يحرم علي المعتكف أمور:

أحدها: مباشرة النساء بالجماع في القبل أو الدبر، وباللمس والتقبيل بشهوة، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، فيحرم علي المعتكفة أيضاً الجماع واللمس والتقبيل بشهوة، والأقوي عدم حرمة النظر بشهوة إلي من يجوز النظر إليه وإن كان الأحوط اجتنابه أيضاً.

الثاني: الاستمناء علي الأحوط وإن كان علي الوجه الحلال، كالنظر إلي حليلته الموجب له.

الثالث: شمّ الطيب مع التلذّذ وكذا الريحان، وأما مع عدم التلذّذ كما إذا كان فاقداً لحاسة الشمّ مثلاً فلا بأس به.

الرابع: البيع والشراء، بل مطلق التجارة مع عدم الضرورة علي الأحوط، ولا بأس بالاشتغال بالأمور الدنيوية من المباحات حتي الخياطة والنساجة ونحوهما، وإن كان الأحوط الترك إلا مع الاضطرار إليها، بل لا بأس بالبيع والشراء إذا مسّت الحاجة إليهما للأكل والشرب مع تعذّر التوكيل أو النقل بغير البيع.

الخامس: المماراة، أي: المجادلة علي أمر دنيوي

أو ديني بقصد الغلبة وإظهار الفضيلة، وأما بقصد إظهار الحق وردّ الخصم عن الخطأ فلا بأس به، بل هو من أفضل الطاعات، فالمدار: علي القصد والنيّة «فلكلّ امرئ ما نوي من خير أو شر» والأقوي عدم وجوب اجتناب ما يحرم علي المحرم: من الصيد وإزالة الشعر ولبس المخيط ونحو ذلك، وإن كان أحوط.

[من أحكام المعتكف]

(1 مسألة): لا فرق في حرمة المذكورات علي المعتكف بين الليل والنهار، نعم المحرّمات من حيث الصوم: كالأكل والشرب والارتماس ونحوها مختصّة بالنهار.

(2 مسألة): يجوز للمعتكف الخوض في المباح والنظر في معاشه، مع الحاجة وعدمها.

(3 مسألة): كلّ ما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف إذا وقع في النهار من حيث اشتراط الصوم فيه، فبطلانه يوجب بطلانه، وكذا يفسده الجماع سواء كان في الليل أو النهار، وكذا اللمس والتقبيل بشهوة، بل الأحوط بطلانه بسائر ما ذكر من المحرّمات: من البيع والشراء وشمّ الطيب وغيرها ممّا ذكر، بل لا يخلو عن قوّة وإن كان لا يخلو عن إشكال أيضاً، وعلي هذا: فلو أتمّه واستأنفه أو قضاه بعد ذلك إذا صدر منه أحد المذكورات في الاعتكاف الواجب كان أحسن وأولي .

(4 مسألة): إذا صدر منه أحد المحرّمات المذكورة سهواً فالظاهر عدم بطلان اعتكافه إلا الجماع، فإنه لو جامع سهواً أيضاً فالأحوط في الواجب الاستئناف أو القضاء مع إتمام ما هو مشتغل به، وفي المستحب الإتمام .

(5 مسألة): إذا فسد الاعتكاف بأحد المفسدات: فإن كان واجباً معيّناً وجب قضاؤه، وإن كان واجباً غير معيّن وجب استينافه إلا إذا كان مشروطاً فيه أو في نذره الرجوع فإنه لا يجب قضاؤه أو استئنافه، وكذا يجب قضاؤه إذا كان مندوباً وكان الإفساد بعد اليومين، وأما إذا كان قبلهما فلا شي ء عليه، بل في

مشروعيّة قضائه حينئذٍ إشكال .

(6 مسألة): لا يجب الفور في القضاء وإن كان أحوط.

(7 مسألة): إذا مات في أثناء الاعتكاف الواجب بنذر أو نحوه لم يجب علي وليّه القضاء وإن كان أحوط، نعم لو كان المنذور الصوم معتكفاً وجب علي الوليّ قضاؤه()، لأن الواجب حينئذٍ عليه هو الصوم ويكون الاعتكاف واجباً من باب المقدّمة، بخلاف ما لو نذر الاعتكاف، فإن الصوم ليس واجباً فيه وإنما هو شرط في صحّته، والمفروض أن الواجب علي الوليّ قضاء الصلاة والصوم عن الميّت، لا جميع ما فاته من العبادات .

(8 مسألة): إذا باع أو اشتري في حال الاعتكاف، لم يبطل بيعه وشراؤه وإن قلنا ببطلان اعتكافه .

(9 مسألة): إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع ولو ليلاً وجبت الكفّارة، وفي وجوبها في سائر المحرّمات إشكال، والأقوي عدمه وإن كان الأحوط ثبوتها، بل الأحوط ذلك حتي في المندوب منه قبل تمام اليومين، وكفّارته ككفّارة شهر رمضان علي الأقوي، وإن كان الأحوط كونها مرتّبة ككفّارة الظهار.

[المعتكف ووجوب كفّارتين]

(10 مسألة): إذا كان الاعتكاف واجباً وكان في شهر رمضان وأفسده بالجماع في النهار، فعليه كفّارتان:

إحداهما: للاعتكاف.

والثانية: للإفطار في نهار رمضان.

وكذا إذا كان في صوم قضاء شهر رمضان وأفطر بالجماع بعد الزوال، فإنه يجب عليه كفّارة الاعتكاف وكفّارة قضاء شهر رمضان.

[وجوب ثلاث كفارات]

وإذا نذر الاعتكاف في شهر رمضان وأفسده بالجماع في النهار، وجب عليه ثلاث كفارات:

إحداها: للاعتكاف.

والثانية: لخلف النذر().

والثالثة: للإفطار في شهر رمضان.

وإذا جامع امرأته المعتكفة وهو معتكف في نهار رمضان فالأحوط أربع كفّارات، وإن كان لا يبعد كفاية الثلاث: إحداها لاعتكافه، واثنتان للإفطار في شهر رمضان إحداهما عن نفسه والأخري تحملاً عن امرأته، ولا دليل علي تحمّل كفّارة الاعتكاف عنها، ولذا لو أكرهها علي الجماع في الليل لم تجب عليه إلا كفّارته ولا يتحمّل عنها. هذا ولو كانت مطاوعة فعلي كلّ منهما كفّارتان إن كان في النهار، وكفّارة واحدة إن كان في الليل.

كتاب الزكاة

[زكاة الأموال]

[زكاة الأموال]

في زكاة الأموال التي وجوبها من ضروريات الدين، ومنكره مع العلم به كافر()، بل في جملة من الأخبار: أن مانع الزكاة كافر().

[الشرط الأول: البلوغ]

ويشترط في وجوبها أمور:

الأول: البلوغ فلا تجب علي غير البالغ في تمام الحول فيما يعتبر فيه الحول، ولا علي من كان غير بالغ في بعضه، فيعتبر ابتداء الحول من حين البلوغ، وأما ما لا يعتبر فيه الحول من الغلاّت الأربع فالمناط البلوغ قبل وقت التعلّق، وهو: انعقاد الحبّ وصدق الاسم علي ما سيأتي.

[الشرط الثاني: العقل]

الثاني: العقل، فلا زكاة في مال المجنون في تمام الحول أو بعضه ولو أدواراً، بل قيل: إن عروض الجنون آناً ما يقطع الحول، لكنّه مشكل، بل لا بدّ من صدق اسم المجنون وأنه لم يكن في تمام الحول عاقلاً، والجنون آناً مّا بل ساعة وأزيد لا يضرّ، لصدق كونه عاقلاً.

[الشرط الثالث: الحرّية]

الثالث: الحرية، فلا زكاة علي العبد وإن قلنا بملكه، من غير فرق بين القنّ والمدبرّ وأمّ الولد والمكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤدّ شيئاً من مال الكتابة، وأما المبعّض فيجب عليه إذا بلغ ما يتوزّع علي بعضه الحرّ النصاب.

[الشرط الرابع: الملك]

الرابع: أن يكون مالكاً، فلا تجب قبل تحقّق الملكيّة: كالموهوب قبل القبض والموصي به قبل القبول() أو قبل القبض، وكذا في القرض لا تجب إلا بعد القبض.

[الشرط الخامس: التمكّن]

الخامس: تمام التمكن من التصرف، فلا تجب في المال الذي لا يتمكّن المالك من التصرّف فيه: بأن كان غائباً ولم يكن في يده ولا في يد وكيله، ولا في المسروق، والمغصوب، والمجحود، والمدفون في مكان منسيّ، ولا في المرهون، ولا في الموقوف، ولا في المنذور التصدّق به. والمدار في التمكّن علي العرف، ومع الشكّ يعمل بالحالة السابقة()، ومع عدم العلم بها فالأحوط() الإخراج.

[الشرط السادس: النصاب]

السادس: النصاب كما سيأتي تفصيله .

[مسائل في زكاة المال]

(1 مسألة): يستحب للوليّ الشرعي إخراج الزكاة في غلّات غير البالغ يتيماً كان أو لا، ذكراً كان أو أنثي، دون النقدين، وفي استحباب إخراجها من مواشيه إشكال والأحوط الترك، نعم إذا اتّجر الوليّ بماله يستحب إخراج زكاته أيضاً، ولا يدخل الحمل في غير البالغ فلا يستحب إخراج زكاة غلاّته ومال تجارته، والمتولّي لإخراج الزكاة هو الوليّ، ومع غيبته يتولّاه الحاكم الشرعي، ولو تعدّد الوليّ جاز لكل منهم ذلك، ومن سبق نفذ عمله، ولو تشاحّوا في الإخراج وعدمه، قدّم من يريد الإخراج. ولو لم يؤدّ الوليّ إلي أن بلغ الموليّ عليه، فالظاهر ثبوت: الاستحباب بالنسبة إليه .

(2 مسألة): يستحبّ للوليّ الشرعي إخراج زكاة مال التجارة للمجنون دون غيره، من النقدين كان أو من غيرهما.

(3 مسألة): الأظهر وجوب الزكاة علي المغمي عليه في أثناء الحول وكذا السكران، فالإغماء والسكر لا يقطعان الحول فيما يعتبر فيه، ولا ينافيان الوجوب إذا عرضا حال التعلّق في الغلاّت .

(4 مسألة): كما لا تجب الزكاة علي العبد كذا لا تجب علي سيّده فيما ملكه علي المختار من كونه مالكاً، وأما علي القول بعدم ملكه فيجب عليه() مع التمكّن العرفي من التصرّف فيه .

(5 مسألة): لو شكّ حين البلوغ في مجي ء وقت التعلّق من صدق الاسم وعدمه. أو علم تاريخ البلوغ وشكّ في سبق زمان التعلّق وتأخّره، ففي وجوب الإخراج إشكال()، لأن أصالة التأخّر لا تثبت البلوغ حال التعلّق، ولكن الأحوط الإخراج. وأما إذا شكّ حين التعلّق في البلوغ وعدمه، أو علم زمان التعلّق وشكّ في سبق البلوغ وتأخّره، أو جهل التاريخين فالأصل عدم الوجوب.

وأما مع الشكّ في العقل: فإن كان مسبوقاً بالجنون وكان الشكّ في حدوث العقل قبل التعلّق أو

بعده فالحال كما ذكرنا في البلوغ من التفصيل، وإن كان مسبوقاً بالعقل فمع العلم بزمان التعلّق والشكّ في زمان حدوث الجنون فالظاهر الوجوب، ومع العلم بزمان حدوث الجنون والشكّ في سبق التعلق وتأخره فالأصل عدم الوجوب وكذا مع الجهل بالتاريخين، كما أن مع الجهل بالحالة السابقة وأنها الجنون أو العقل كذلك .

(6 مسألة): ثبوت الخيار للبائع ونحوه، لا يمنع من تعلّق الزكاة إذا كان في تمام الحول ()، ولا يعتبر ابتداء الحول من حين انقضاء زمانه بناء علي المختار: من عدم منع الخيار من التصرّف، فلو اشتري نصاباً من الغنم أو الإبل مثلاً وكان للبائع الخيار، جري في الحول من حين العقد لا من حين انقضائه .

(7 مسألة): إذا كانت الأعيان الزكويّة مشتركة بين اثنين أو أزيد، يعتبر بلوغ النصاب في حصّة كلّ واحد، فلا تجب في النصاب الواحد إذا كان مشتركاً.

(8 مسألة): لا فرق في عدم وجوب الزكاة في العين الموقوفة بين أن يكون الوقف عامّاً أو خاصّاً، ولا تجب في نماء الوقف العام()، وأما في نماء الوقف الخاصّ فتجب علي كلّ من بلغت حصّته حدّ النصاب .

(9 مسألة): إذا تمكّن من تخليص المغصوب أو المسروق أو المجحود بالاستعانة بالغير أو البيّنة أو نحو ذلك بسهولة فالأحوط() إخراج زكاتها، وكذا لو مكّنه الغاصب من التصرّف فيه مع بقاء يده عليه أو تمكّن من أخذه سرقة، بل وكذا لو أمكن تخليصه ببعضه مع فرض انحصار طريق التخليص بذلك أبداً، وكذا في المرهون إن أمكنه فكّه بسهولة.

(10 مسألة): إذا أمكنه استيفاء الدين بسهولة ولم يفعل، لم يجب عليه إخراج زكاته ، بل وإن أراد المديون الوفاء ولم يستوف اختياراً مسامحة أو فراراً من الزكاة، والفرق بينه وبين ما ذكر من المغصوب

ونحوه: أن الملكيّة حاصلة في المغصوب ونحوه: بخلاف الدين فإنه لا يدخل في ملكه إلا بعد قبضه .

(11 مسألة): زكاة القرض علي المقترض بعد قبضه لا المقرض، فلو اقترض نصاباً من أحد الأعيان الزكويّة وبقي عنده سنة وجب عليه الزكاة، نعم يصحّ أن يؤدّي المقرض عنه تبرّعاً، بل يصحّ تبرّع الأجنبي أيضاً، والأحوط الاستيذان من المقترض في التبرّع عنه وإن كان الأقوي عدم اعتباره، ولو شرط في عقد القرض أن يكون زكاته علي المقرض: فإن قصد أن يكون خطاب الزكاة متوجّهاً إليه لم يصحّ، وإن كان المقصود أن يؤدّي عنه صحّ() .

(12 مسألة): إذا نذر التصدّق بالعين الزكويّة: فإن كان مطلقاً غير موقّت ولا معلّقاً علي شرط، لم تجب الزكاة فيها وإن لم تخرج عن ملكه بذلك، لعدم التمكّن من التصرّف فيها، سواء تعلّق بتمام النصاب أو بعضه، نعم لو كان النذر بعد تعلّق الزكاة وجب إخراجها أولاً() ثمَّ الوفاء بالنذر.

وإن كان موقّتاً بما قبل الحول ووفي بالنذر فكذلك لا تجب الزكاة إذا لم يبق بعد ذلك مقدار النصاب، وكذا إذا لم يف به وقلنا بوجوب القضاء، بل مطلقاً لانقطاع الحول بالعصيان()، نعم إذا مضي عليه الحول من حين العصيان وجبت علي القول بعدم وجوب القضاء، وكذا إن كان موقّتاً بما بعد الحول فإنّ تعلّق النذر به مانع عن التصرّف فيه.

وأما إن كان معلّقاً علي شرط: فإن حصل المعلّق عليه قبل تمام الحول لم تجب، وإن حصل بعده وجبت()، وإن حصل مقارناً لتمام الحول ففيه إشكال ووجوه: ثالثها: التخيير بين تقديم أيّهما شاء. ورابعها: القرعة.

(13 مسألة): لو استطاع الحجّ بالنصاب : فإن تمَّ الحول قبل سير القافلة والتمكّن من الذهاب وجبت الزكاة أولاً فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراجها

وجب وإلا فلا، وإن كان مضيّ الحول متأخّراً عن سير القافلة وجب الحجّ وسقط وجوب الزكاة، نعم لو عصي ولم يحجّ وجبت بعد تمام الحولّ ولو تقارن خروج القافلة مع تمام الحول وجبت الزكاة أولاً لتعلّقها بالعين بخلاف الحجّ .

(14 مسألة): لو مضت سنتان أو أزيد علي ما لم يتمكّن من التصرّف فيه : بأن كان مدفوناً ولم يعرف مكانه أو غائباً أو نحو ذلك، ثمّ تمكن منه استحب زكاته لسنة، بل يقوي استحبابها بمضيّ سنة واحدة أيضاً.

(15 مسألة): إذا عرض عدم التمكّن من التصرّف بعد تعلّق الزكاة أو بعد مضيّ الحول متمكّناً فقد استقرّ الوجوب فيجب الأداء إذا تمكّن بعد ذلك، وإلا فإن كان مقصّراً يكون ضامناً وإلا فلا.

(16 مسألة): الكافر تجب عليه الزكاة() لكن لا تصحّ منه إذا أدّاها، نعم للإمام عليه السلام أو نائبه أخذها منه قهراً، ولو كان قد أتلفها فله أخذ عوضها منه .

(17 مسألة): لو أسلم الكافر بعد ما وجبت عليه الزكاة سقطت عنه وإن كانت العين موجودة، فإن الإسلام يجبّ ما قبله .

(18 مسألة): إذا اشتري المسلم من الكافر تمام النصاب بعد تعلّق الزكاة، وجب() عليه إخراجها.

(1- فصل: في الأجناس التي تتعلّق بها الزكاة)

[ما يجب فيه الزكاة]

تجب في تسعة أشياء:

الأنعام الثلاثة، وهي: الإبل، والبقر، والغنم.

والنقدين، وهما: الذهب، والفضة.

والغلات الأربع، وهي: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب.

ولا تجب فيما عدا ذلك علي الأصحّ.

[ما يستحبّ فيه الزكاة]

نعم، يستحب إخراجها من أربعة أنواع أُخري:

أحدها: الحبوب ممّا يكال أو يوزن: كالأرزّ والحمّص والماش والعدس ونحوها، وكذا الثمار: كالتفّاح والمشمش ونحوهما، دون الخضر والبقول: كالقثّ والباذنجان والخيار والبطّيخ ونحوها.

الثاني: مال التجارة علي الأصحّ.

الثالث: الخيل الإناث دون الذكور ودون البغال والحمير والرقيق.

الرابع: الأملاك والعقارات التي يراد منها الاستنماء: كالبستان والخان والدكّان ونحوها.

(1 مسألة): لو تولّد حيوان بين حيوانين، يلاحظ فيه الاسم في تحقّق الزكاة وعدمها، سواء كانا زكويّين أو غير زكويّين أو مختلفين، بل سواء كانا محلّلين أو محرّمين أو مختلفين مع فرض تحقّق الاسم حقيقة لا أن يكون بمجرّد الصورة، ولا يبعد ذلك فإن الله قادر علي كلّ شي ء.

(2- فصل: في زكاة الأنعام الثلاثة)

(2- فصل: في زكاة الأنعام الثلاثة)

ويشترط في وجوب الزكاة فيها مضافاً إلي ما مرّ من الشرائط العامة أمور:

[الشرط الأول: النصاب]

الشرط الأول: النصاب، وهو في الإبل اثنا عشر نصاباً.

[نصاب الإبل]

الأول: الخمس، وفيها شاة.

الثاني: العشر، وفيها شاتان.

الثالث: خمسة عشر، وفيها ثلاث شياه.

الرابع: العشرون، وفيها أربع شياه.

الخامس: خمس وعشرون، وفيها خمس شياه.

السادس: ست وعشرون، وفيها بنت مخاض، وهي: الداخلة في السنة الثانية.

السابع: ست وثلاثون، وفيها بنت لبون، وهي: الداخلة في السنة الثالثة.

الثامن: ست وأربعون، وفيها حقّة، وهي: الداخلة في السنة الرابعة.

التاسع: إحدي وستون، وفيها جذعة، وهي: التي دخلت في السنة الخامسة.

العاشر: ست وسبعون، وفيها بنتا لبون.

الحادي عشر: إحدي وتسعون، وفيها حقّتان.

الثاني عشر: مائة وإحدي وعشرون، وفيها في كلّ خمسين حقّة، وفي كلّ أربعين بنت لبون، بمعني() أنه يجوز أن يحسب أربعين أربعين وفي كلّ منها بنت لبون، أو خمسين خمسين وفي كلّ منها حقّة، ويتخيّر بينهما مع المطابقة لكل منهما أو مع عدم المطابقة لشي ء منهما، ومع المطابقة لأحدهما الأحوط مراعاتها، بل الأحوط مراعاة الأقلّ عفواً: ففي المائتين يتخيّر بينهما لتحقّق المطابقة لكل منهما، وفي المائة وخمسين الأحوط اختيار الخمسين، وفي المائتين وأربعين الأحوط اختيار الأربعين، وفي المائتين وستّين يكون الخمسون أقلّ عفواً، وفي المائة وأربعين يكون الأربعون أقلّ عفواً.

(1 مسألة): في النصاب السادس إذا لم يكن عنده بنت مخاض يجزي عنها ابن اللبون، بل لا يبعد() إجزاؤه عنها اختياراً أيضاً، وإذا لم يكونا معاً عنده تخيّر في شراء أيّهما شاء.

[نصاب البقر]

وأما في البقر فنصابان:

الأول: ثلاثون، وفيها تبيع أو تبيعة، وهو: ما دخل في السنة الثانية.

الثاني: أربعون، وفيها مسنّة وهي: الداخلة في السنة الثالثة.

وفيما زاد يتخيّر() بين عدّ ثلاثين ثلاثين ويعطي تبيعاً أو تبيعة، وأربعين أربعين ويعطي مسنّة.

[نصاب الغنم]

وأما في الغنم فخمسة نصب:

الأول: أربعون،

وفيها شاة.

الثاني: مائة وإحدي وعشرون، وفيها شاتان.

الثالث: مائتان وواحدة، وفيها ثلاث شياه.

الرابع: ثلاثمائة وواحدة، وفيها أربع شياه.

الخامس: أربعمائة فما زاد، ففي كلّ مائة شاة.

وما بين النصابين في الجميع عفو، فلا يجب فيه غير ما وجب بالنصاب السابق .

(2 مسألة): البقر والجاموس جنس واحد، كما أنه لا فرق في الإبل بين العراب والبخاتي، وفي الغنم بين المعز والشاة والضأن، وكذا لا فرق بين الذكر والأنثي في الكلّ .

(3 مسألة): في المال المشترك إذا بلغ نصيب كلّ منهم النصاب وجبت عليهم ، وإن بلغ نصيب بعضهم وجبت عليه فقط، وإذا كان المجموع نصاباً وكان نصيب كلّ منهم أقلّ لم يجب علي واحد منهم .

(4 مسألة): إذا كان مال المالك الواحد متفرّقاً ولو متباعداً، يلاحظ المجموع فإذا كان بقدر النصاب وجبت، ولا يلاحظ كلّ واحدة علي حدة.

(5 مسألة): أقلّ() أسنان الشاة التي تؤخذ في الغنم والإبل من الضأن : الجذع، ومن المعز: الثنيّ، والأول: ما كمل له سنة واحدة ودخل في الثانية، والثاني: ما كمل له سنتان ودخل في الثالثة. ولا يتعيّن عليه أن يدفع الزكاة من النصاب، بل له أن يدفع شاة أخري، سواء كانت من ذلك البلد أو غيره وإن كانت أدون قيمة من أفراد ما في النصاب. وكذا الحال في الإبل والبقر، فالمدار في الجميع: الفرد الوسط() من المسمّي لا الأعلي ولا الأدني، وإن كان لو تطوّع بالعالي أو الأعلي كان أحسن وزاد خيراً، والخيار للمالك لا الساعي أو الفقير فليس لهما الاقتراح عليه، بل يجوز للمالك أن يخرج من غير جنس الفريضة بالقيمة السوقية من النقدين أو غيرهما وإن كان الإخراج من العين أفضل .

(6 مسألة): المدار() في القيمة علي وقت الأداء، سواء كانت العين موجودة أو تالفة، لا وقت

الوجوب. ثمّ المدار علي قيمة بلد الإخراج إن كانت العين تالفة، وإن كانت موجودة فالظاهر أن المدار علي قيمة البلد التي هي فيه .

(7 مسألة): إذا كان جميع النصاب في الغنم من الذكور يجوز دفع الأنثي وبالعكس، كما أنه إذا كان الجميع من المعز يجوز أن يدفع من الضأن وبالعكس وإن اختلفت في القيمة، وكذا مع الاختلاف يجوز الدفع من أيّ الصنفين شاء، كما أن في البقر يجوز أن يدفع الجاموس عن البقر وبالعكس، وكذا في الإبل يجوز دفع البخاتي عن العراب وبالعكس تساوت في القيمة أو اختلفت .

(8 مسألة): لا فرق بين الصحيح والمريض، والسليم والمعيب، والشاب والهرم في الدخول في النصاب والعدّ منه، لكن إذا كانت كلّها صحاحاً لا يجوز دفع المريض، وكذا لو كانت كلّها سليمة لا يجوز دفع المعيب، ولو كان كلّ منها شاباً لا يجوز دفع الهرم، بل مع الاختلاف أيضاً الأحوط() إخراج الصحيح من غير ملاحظة التقسيط، نعم لو كانت كلّها مراضا أو معيبة أو هرمة يجوز الإخراج منها.

[الشرط الثاني: السوم]

الشرط الثاني: السوم طول الحول، فلو كانت معلوفة ولو في بعض الحول، لم تجب فيها ولو كان شهراً، بل أسبوعاً()، نعم لا يقدح في صدق كونها سائمة في تمام الحول عرفاً علفها يوماً أو يومين، ولا فرق في منع العلف عن وجوب الزكاة بين أن يكون بالاختيار أو بالاضطرار لمنع مانع من السوم: من ثلج أو مطر أو ظالم غاصب أو نحو ذلك، ولا بين أن يكون العلف من مال المالك أو غيره، بإذنه أو لا بإذنه، فإنها تخرج بذلك كلّه عن السوم، وكذا لا فرق بين أن يكون ذلك بإطعامها للعلف المجزوز أو بإرسالها لترعي بنفسها في الزرع المملوك، نعم لا

تخرج عن صدق السوم باستئجار المرعي أو بشرائه() إذا لم يكن مزروعاً، كما أنها لا يخرج عنه بمصانعة الظالم علي الرعي في الأرض المباحة.

[الشرط الثالث: عدم كونها عوامل]

الشرط الثالث: أن لا يكون عوامل ولو في بعض الحول بحيث لا يصدق عليها أنها ساكنة فارغة عن العمل طول الحول، ولا يضرّ إعمالها يوماً أو يومين في السنة كما مرّ في السوم.

[الشرط الرابع: مضيّ الحول]

الشرط الرابع: مضيّ الحول عليها جامعة للشرائط، ويكفي الدخول في الشهر الثاني عشر، فلا يعتبر تمامه، فبالدخول فيه يتحقّق الوجوب، بل الأقوي استقراره أيضاً، فلا يقدح فقد بعض الشروط قبل تمامه، لكن الشهر الثاني عشر محسوب من الحول الأول، فابتداء الحول الثاني إنما هو بعد تمامه .

(9 مسألة): لو اختلّ بعض الشروط في أثناء الحول قبل الدخول في الثاني عشر بطل الحول: كما لو نقصت عن النصاب، أو لم يتمكّن من التصرّف فيها، أو عاوضها بغيرها وإن كان زكويّاً من جنسها: فلو كان عنده نصاب من الغنم مثلاً ومضي ستّة أشهر فعاوضها بمثلها ومضي عليه ستّة أشهر أخري لم تجب عليه الزكاة، بل الظاهر بطلان الحول بالمعاوضة وإن كانت بقصد الفرار من الزكاة.

(10 مسألة): إذا حال الحول مع اجتماع الشرائط فتلف من النصاب شي ء: فإن كان لا بتفريط من المالك لم يضمن، وإن كان بتفريط منه ولو بالتأخير مع التمكّن من الأداء ضمن بالنسبة، نعم لو كان أزيد من النصاب وتلف منه شي ء مع بقاء النصاب علي حاله، لم ينقص من الزكاة شي ء وكان التلف عليه بتمامه مطلقاً علي إشكال() .

(11 مسألة): إذا ارتدّ الرجل المسلم: فإما أن يكون عن ملّة، أو عن فطرة، وعلي التقديرين: إما أن يكون في أثناء الحول، أو بعده، فإن كان بعده وجبت الزكاة سواء كان عن فطرة أو ملّة، ولكن المتولّي لإخراجها الإمام عليه السلام() أو نائبه، وإن كان في أثنائه وكان عن فطرة انقطع الحول ولم تجب

الزكاة واستأنف الورثة الحول لأن تركته تنتقل إلي ورثته، وإن كان عن ملّة لم ينقطع ووجبت بعد حول الحول لكن المتولّي الإمام عليه السلام أو نائبه إن لم يتب، وإن تاب قبل الإخراج أخرجها بنفسه، وأما لو أخرجها بنفسه قبل التوبة لم تجزئ عنه()، إلا إذا كانت العين باقية في يد الفقير فجدّد النيّة، أو كان الفقير القابض عالما بالحال، فإنه يجوز له() الاحتساب عليه، لأنه مشغول الذمّة بها إذا قبضها مع العلم بالحال وأتلفها أو تلفت في يده.

وأما المرأة فلا ينقطع الحول بردّتها مطلقاً.

(12 مسألة): لو كان مالكاً للنصاب لا أزيد كأربعين شاة مثلاً فحال عليه أحوال: فإن أخرج زكاته كلّ سنة من غيره تكرّرت لعدم نقصانه حينئذٍ عن النصاب، ولو أخرجها منه أو لم يخرج أصلاً لم تجب إلا زكاة سنة واحدة لنقصانه حينئذٍ عنه ولو كان عنده أزيد من النصاب: كأن كان عنده خمسون شاة وحال عليه أحوال لم يؤدّ زكاتها، وجب عليه الزكاة بمقدار ما مضي من السنين إلي أن ينقص عن النصاب، فلو مضت عشر سنين في المثال المفروض وجب عشر، ولو مضت إحدي عشرة سنة وجب إحدي عشرة شاة، وبعده لا يجب عليه شي ء لنقصانه عن الأربعين، ولو كان عنده ستّ وعشرون من الإبل ومضت عليه سنتان، وجب عليه بنت مخاض للسنة الأولي، وخمس شياه للثانية، وإن مضت ثلاث سنوات وجب للثالثة أيضاً أربع شياه، وكذا إلي أن ينقص من خمسة فلا تجب .

[لو حصل مع النصاب ملك جديد]

(13 مسألة): إذا حصل لمالك النصاب في الأنعام ملك جديد إما بالنتاج وإما بالشراء أو الإرث أو نحوهما فإن كان بعد تمام الحول السابق قبل الدخول في اللاحق، فلا إشكال في ابتداء الحول للمجموع إن كمل

بها النصاب اللاحق، وأما إن كان في أثناء الحول: فإما أن يكون ما حصل بالملك الجديد بمقدار العفو ولم يكن نصاباً مستقلّا ً ولا مكمّلاً لنصاب آخر، وإما أن يكون نصاباً مستقلّا ً، وإما أن يكون مكمّلاً للنصاب.

أما في القسم الأول: فلا شي ء عليه، كما لو كان له هذا المقدار ابتداء وذلك كما لو كان عنده من الإبل خمسة فحصل له في أثناء الحول أربعة أخري، أو كان عنده أربعون شاة ثمّ حصل له أربعون في أثناء الحول.

وأما في القسم الثاني: فلا يضمّ الجديد إلي السابق، بل يعتبر لكل منهما حول بانفراده: كما لو كان عنده خمسة من الإبل ثمّ بعد ستّة أشهر ملك خمسة أخري، فبعد تمام السنة الأولي يخرج شاة، وبعد تمام السنة للخمسة الجديدة أيضاً يخرج شاة، وهكذا.

وأما في القسم الثالث: فيستأنف حولاً واحداً بعد انتهاء الحول الأول، وليس علي الملك الجديد في بقيّة الحول الأول شي ء، وذلك كما إذا كان عنده ثلاثون من البقر فملك في أثناء حولها إحدي عشرة أو كان عنده ثمانون من الغنم فملك في أثناء حولها اثنين وأربعين، ويلحق بهذا القسم علي الأقوي ما لو كان الملك الجديد نصاباً مستقلّا ً ومكمّلاً للنصاب اللاحق، كما لو كان عنده من الإبل عشرون فملك في الأثناء ستّة أخري، أو كان عنده خمسة ثمّ ملك أحد وعشرين، ويحتمل() إلحاقه بالقسم الثاني .

(14 مسألة): لو أصدق زوجته نصاباً وحال عليه الحول وجب عليها الزكاة، ولو طلّقها بعد الحول قبل الدخول رجع نصفه إلي الزوج ووجب عليها زكاة المجموع في نصفها، ولو تلف نصفها يجب إخراج الزكاة من النصف الذي رجع إلي الزوج، ويرجع بعد الإخراج عليها بمقدار الزكاة. هذا إن كان التلف

بتفريط منها وأما إن تلف عندها بلا تفريط فيخرج نصف الزكاة من النصف الذي عند الزوج ()،لعدم ضمان الزوجة حينئذٍ لعدم تفريطها، نعم يرجع الزوج حينئذٍ أيضاً عليها بمقدار ما أخرج .

(15 مسألة): إذا قال ربّ المال: لم يحل علي مالي الحول، يسمع منه بلا بيّنة ولا يمين، وكذا لو ادّعي الإخراج. أو قال: تلف مني ما أوجب النقص عن النصاب .

(16 مسألة): إذا اشتري نصاباً وكان للبائع الخيار: فإن فسخ قبل تمام الحول فلا شي ء علي المشتري ويكون ابتداء الحول بالنسبة إلي البائع من حين الفسخ، وإن فسخ بعد تمام الحول عند المشتري وجب عليه الزكاة، وحينئذٍ: فإن كان الفسخ بعد الإخراج من العين ضمن للبائع قيمة ما أخرج، وإن أخرجها من مال آخر أخذ البائع تمام العين وإن كان قبل الإخراج: فللمشتري أن يخرجها من العين ويغرم للبائع ما أخرج، وأن يخرجها من مال آخر ويرجع العين بتمامها إلي البائع .

(3- فصل: في زكاة النقدين)

(3- فصل: في زكاة النقدين)

وهما: الذهب والفضة.

[شروط زكاة الذهب والفضّة]

[شروط زكاة الذهب والفضّة]

ويشترط في وجوب الزكاة فيهما مضافاً إلي ما مرّ من الشرائط العامّة أمور:

[نصاب الذهب]

[الشرط الأول]

الأول: النصاب، ففي الذهب نصابان:

الأول: عشرون ديناراً، وفيه نصف دينار، والدينار: مثقال شرعي، وهو: ثلاثة أرباع الصيرفي، فعلي هذا: النصاب الأول بالمثقال الصيرفي: خمسة عشر مثقالاً، وزكاته: ربع المثقال وثمنه.

والثاني: أربعة دنانير، وهي: ثلاث مثاقيل صيرفيّة، وفيه: ربع العشر، أي: من أربعين واحد، فيكون فيه: قيراطان، إذ كلّ دينار عشرون قيراطاً، ثمّ إذا زاد أربعة فكذلك.

وليس قبل أن يبلغ عشرين ديناراً شي ء، كما أنه ليس بعد العشرين قبل أن يزيد أربعة شي ء، وكذا ليس بعد هذه الأربعة شي ء إلا إذا زاد أربعة أخري، وهكذا.

والحاصل: أن في العشرين ديناراً ربع العشر، وهو: نصف دينار، وكذا في الزائد إلي أن يبلغ أربعة وعشرين وفيها ربع عشرة، وهو: نصف دينار وقيراطان، وكذا في الزائد إلي أن يبلغ ثمانية وعشرين وفيها نصف دينار وأربع قيراطات، وهكذا. وعلي هذا: فإذا أخرج بعد البلوغ إلي عشرين فما زاد من كلّ أربعين واحداً فقد أدَّي ما عليه، وفي بعض الأوقات زاد علي ما عليه بقليل، فلا بأس باختيار هذا الوجه من جهة السهولة.

[نصاب الفضة]

وفي الفضة أيضاً نصابان:

الأول: مائتا درهم، وفيها خمس دراهم.

والثاني: أربعون درهماً، وفيها درهم، والدرهم: نصف المثقال الصيرفي وربع عشره.

وعلي هذا: فالنصاب الأول: مائة وخمسة مثاقيل صيرفيّة.

والثاني: أحد وعشرون مثقالاً.

وليس فيما قبل النصاب الأول ولا فيما بين النصابين شي ء علي ما مرّ، وفي الفضة أيضاً بعد بلوغ النصاب إذا أخرج من كلّ أربعين واحداً فقد أدَّي ما عليه، وقد يكون زاد خيراً قليلاً.

[الشرط الثاني]

الثاني: أن يكونا مسكوكين بسكّة المعاملة، سواء كان بسكّة الإسلام أو الكفر، بكتابة أو غيرها، بقيت سكّتهما أو صارا ممسوحين بالعارض. وأما إذا كانا ممسوحين بالأصالة فلا تجب فيهما إلا إذا تعومل بهما فتجب علي الأحوط، كما أن الأحوط ذلك أيضاً إذا ضربت للمعاملة ولم يتعامل بهما، أو تعومل بهما لكنّه لم يصل رواجهما إلي حدًّ يكون دراهم أو دنانير، ولو اتّخذ الدرهم أو الدينار للزينة، فإن خرج عن رواج المعاملة لم تجب فيه الزكاة، وإلا وجبت.

[الشرط الثالث]

الثالث: مضيّ الحول بالدخول في الشهر الثاني عشر جامعاً للشرائط التي منها النصاب، فلو نقص في أثنائه عن النصاب سقط الوجوب، وكذا لو تبدّل بغيره من جنسه أو غيره، وكذا لو غيَّر بالسبك، سواء كان التبديل أو السبك بقصد الفرار من الزكاة، أو لا علي الأقوي، وإن كان الأحوط الإخراج علي الأول، ولو سبك الدراهم أو الدنانير بعد حول الحول لم تسقط الزكاة، ووجب الإخراج بملاحظة الدراهم والدنانير إذا فرض نقص القيمة بالسبك .

[لا زكاة في غير المسكوك]

(1 مسألة): لا تجب الزكاة في الحليّ، ولا في أواني الذهب والفضة وإن بلغت ما بلغت ، بل عرفت سقوط الوجوب عن الدرهم والدينار إذا اتّخذا للزينة وخرجا عن رواج المعاملة بهما، نعم في جملة من الأخبار أن زكاتها إعارتها.

(2 مسألة): ولا فرق في الذهب والفضة بين الجيّد منها والردي ء، بل تجب إذا كان بعض النصاب جيّداً وبعضه رديئاً، ويجوز الإخراج من الرديء وإن كان تمام النصاب من الجيّد لكن الأحوط() خلافه، بل يخرج الجيّد من الجيّد، ويبعّض بالنسبة مع التبعّض، وإن أخرج الجيّد عن الجميع فهو أحسن، نعم لا يجوز دفع الجيّد عن الرديء بالتقويم بأن يدفع نصف دينار جيّد يساوي ديناراً رديئاً عن دينار، إلا إذا صالح الفقير بقيمة في ذمّته ثمّ احتسب تلك القيمة عمّا عليه من الزكاة فإنه لا مانع منه، كما لا مانع من دفع الدينار الرديء عن نصف دينار جيّد إذا كان فرضه ذلك .

[المسكوك إذا كان مغشوشاً]

(3 مسألة): تتعلّق الزكاة بالدراهم والدنانير المغشوشة إذا بلغ خالصهما النصاب، ولو شكّ في بلوغه ولا طريق للعلم بذلك ولو للضرر لم تجب، وفي وجوب التصفية ونحوها للاختبار إشكال أحوطه ذلك()، وإن كان عدمه لا يخلو عن قوّة.

(4 مسألة): إذا كان عنده نصاب من الجيّد، لا يجوز أن يخرج عنه من المغشوش إلا إذا علم اشتماله علي ما يكون عليه من الخالص وإن كان المغشوش بحسب القيمة يساوي ما عليه، إلا إذا دفعه بعنوان القيمة إذا كان للخليط قيمة.

(5 مسألة): وكذا إذا كان عنده نصاب من المغشوش، لا يجوز أن يدفع المغشوش إلا مع العلم علي النحو المذكور.

(6 مسألة): لو كان عنده دراهم أو دنانير بحدّ النصاب وشكّ في أنه خالص أو مغشوش ، فالأقوي عدم وجوب

الزكاة وإن كان أحوط().

(7 مسألة): لو كان عنده نصاب من الدراهم المغشوشة بالذهب أو الدنانير المغشوشة بالفضة، لم يجب عليه شي ء إلا إذا علم ببلوغ أحدهما أو كليهما حد النصاب، فيجب في البالغ منهما أو فيهما: فإن علم الحال فهو، وإلا وجبت التصفية(). ولو علم أكثريّة أحدهما مردّداً ولم يمكن العلم وجب إخراج الأكثر من كلّ منهما، فإذا كان عنده ألف وتردّد بين أن يكون مقدار الفضة فيها أربعمائة والذهب ستّمائة وبين العكس، أخرج عن ستّمائة ذهباً وستّمائة فضة، ويجوز أن يدفع بعنوان القيمة ستّمائة عن الذهب وأربعمائة عن الفضة بقصد ما في الواقع .

(8 مسألة): لو كان عنده ثلاثمائة درهم مغشوشة وعلم أن الغشّ ثلثها مثلاً علي التساوي في أفرادها، يجوز له أن يخرج خمسة دراهم من الخالص وأن يخرج سبعة ونصف من المغشوش، وأما إذا كان الغشّ بعد العلم بكونه ثلثاً في المجموع لا علي التساوي فيها، فلا بدّ من تحصيل العلم بالبراءة إما بإخراج الخالص وإما بوجه آخر.

(9 مسألة): إذا ترك نفقة لأهله ممّا يتعلّق به الزكاة وغاب وبقي إلي آخر السنة بمقدار النصاب، لم تجب عليه إلا إذا كان متمكّناً من التصرّف فيه طول الحول مع كونه غائباً.

(10 مسألة): إذا كان عنده أموال زكويّة من أجناس مختلفة وكان كلّها أو بعضها أقلّ من النصاب ، فلا يجبر الناقص منها بالجنس الآخر، مثلاً: إذا كان عنده تسعة عشر ديناراً ومائة وتسعون درهماً، لا يجبر نقص الدنانير بالدراهم ولا العكس .

(4- فصل: في زكاة الغلاّت الأربع )

(4- فصل: في زكاة الغلاّت الأربع )

وهي كما عرفت: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب.

وفي إلحاق السلت الذي هو كالشعير في طبعه وبرودته، وكالحنطة في ملاسته وعدم القشر له إشكال، فلا يترك() الاحتياط فيه.

كالإشكال في العلس الذي هو كالحنطة، بل قيل: إنه نوع

منها في كلّ قشر حبّتان وهو طعام أهل صنعاء فلا يترك الاحتياط فيه أيضاً.

ولا تجب الزكاة في غيرها، وإن كان يستحب إخراجها من كلّ ما تنبت الأرض ممّا يكال أو يوزن من الحبوب: كالماش، والذرّة، والأرزّ، والدخن ونحوها، إلا الخضر والبقول.

وحكم ما يستحب فيه حكم ما يجب فيه في: قدر النصاب، وكميّة ما يخرج منه وغير ذلك.

شروط وجوب زكاة الغلاّت]

شروط وجوب زكاة الغلاّت]

ويعتبر في وجوب الزكاة في الغلات أمران:

[الشرط الأول]

الأول: بلوغ النصاب()، وهو بالمنّ الشاهي، وهو ألف ومائتان وثمانون مثقالاً صيرفيّاً: مائة وأربعة وأربعون منّاً إلا خمسة وأربعين مثقالاً.

وبالمنّ التبريزي الذي هو ألف مثقال: مائة وأربعة وثمانون منّاً وربع منًّ وخمسة وعشرون مثقالاً.

وبحقّة النجف في زماننا سنة 1326 وهي تسعمائة وثلاثة وثلاثون مثقالاً صيرفيّاً وثلث مثقال: ثمان وزنات وخمس حقق ونصف إلا ثمانية وخمسين مثقالاً وثلث مثقال.

وبعيار الإسلامبول وهو مائتان وثمانون مثقالاً: سبع وعشرون وزنهّ وعشر حقق وخمسة وثلاثون مثقالاً.

ولا تجب في الناقص() عن النصاب ولو يسيراً كما أنها تجب في الزائد عليه يسيراً كان أو كثيراً.

[الشرط الثاني]

الثاني: التملّك بالزراعة فيما يزرع، أو انتقال الزرع إلي ملكه قبل وقت تعلّق الزكاة، وكذا في الثمرة كون الشجر ملكاً له إلي وقت التعلّق، أو انتقالها إلي ملكه منفردة أو مع الشجر قبل وقته .

[وقت تعلّق الزكاة بالغلاّت]

(1 مسألة): في وقت تعلّق الزكاة بالغلّات خلاف : فالمشهور علي أنه في الحنطة والشعير عند انعقاد حبّهما، وفي ثمر النخل حين اصفراره أو احمراره، وفي ثمرة الكرم عند انعقادها حصرماً. وذهب جماعة إلي أن المدار: صدق أسماء المذكورات من الحنطة والشعير والتمر، وصدق اسم العنب في الزبيب، وهذا القول لا يخلو عن قوّة وإن كان القول الأول أحوط، بل الأحوط مراعاة الاحتياط مطلقاً إذ قد يكون القول الثاني أوفق بالاحتياط.

(2 مسألة): وقت تعلّق الزكاة وإن كان ما ذكر علي الخلاف السالف ، إلا أن المناط في اعتبار النصاب هو: اليابس من المذكورات، فلو كان الرطب منها بقدر النصاب لكن ينقص عنه بعد الجفاف واليبس فلا زكاة.

(3 مسألة): في مثل البربن وشبهه من الدقل الذي يؤكل رطباً، وإذا لم يؤكل إلي أن يجفّ يقلّ تمره، أو لا يصدق علي اليابس منه التمر أيضاً المدار فيه علي تقديره يابساً، وتتعلّق به الزكاة بقدر يبلغ النصاب بعد جفافه .

(4 مسألة): إذا أراد المالك التصرّف في المذكورات بسراً أو رطباً أو حصرماً أو عنباً بما يزيد علي المتعارف فيما يحسب من المؤن، وجب عليه ضمان حصة الفقير، كما أنه لو أراد الاقتطاف كذلك بتمامها وجب عليه أداء الزكاة حينئذٍ بعد فرض بلوغ يابسها النصاب .

(5 مسألة): لو كانت الثمرة مخروصة علي المالك فطلب الساعي من قبل الحاكم الشرعي الزكاة منه قبل اليبس، لم يجب عليه القبول، بخلاف ما لو بذل المالك الزكاة بسراً أو حصرماً مثلاً فإنه يجب

علي الساعي القبول .

[وقت إخراج الزكاة]

(6 مسألة): وقت الإخراج الذي يجوز للساعي مطالبة المالك فيه وإذا أخّرها عنه ضمن: عند تصفية الغلّة، واجتذاذ التمر، واقتطاف الزبيب، فوقت وجوب الأداء غير وقت التعلّق .

(7 مسألة): يجوز للمالك المقاسمة مع الساعي مع التراضي بينهما قبل الجذاذ.

(8 مسألة): يجوز للمالك دفع الزكاة والثمر علي الشجر قبل الجذاذ منه أو من قيمته .

(9 مسألة): يجوز دفع القيمة حتي من غير النقدين من أيّ جنس كان، بل يجوز أن تكون من المنافع كسكني الدار مثلاً وتسليمها بتسليم العين إلي الفقير.

(10 مسألة): لا تتكرر زكاة الغلّات بتكرّر السنين إذا بقيت أحوالاً فإذا زكّي الحنطة ثمّ احتكرها سنين لم يجب عليه شي ء، وكذا التمر وغيره .

[مقدار الزكاة في الغلاّت]

(11 مسألة): مقدار الزكاة الواجب إخراجه في الغلّات هو:

العُشر، فيما سقي بالماء الجاري أو بماء السماء أو بمصّ عروقه من الأرض كالنخل والشجر، بل الزرع أيضاً في بعض الأمكنة.

ونصف العُشر، فيما سقي بالدلو والرشاء والنواضح والدوالي ونحوها من العلاجات.

ولو سقي بالأمرين: فمع صدق الاشتراك في نصفه: العشر، وفي نصفه الآخر: نصف العشر، ومع غلبة الصدق لأحد الأمرين فالحكم تابع لما غلب، ولو شكّ في صدق الاشتراك() أو غلبة صدق أحدهما، فيكفي الأقلّ والأحوط الأكثر.

(12 مسألة): لو كان الزرع أو الشجر لا يحتاج إلي السقي بالدوالي ومع ذلك سقي بها من غير أن يؤثّر في زيادة الثمر، فالظاهر: وجوب العشر، وكذا لو كان سقيه بالدوالي وسقي بالنهر ونحوه من غير أن يؤّثر، فالواجب نصف العشر.

(13 مسألة): الأمطار العادية في أيام السنة لا تخرج ما يسقي بالدوالي عن حكمه ، إلا إذا كانت بحيث لا حاجة معها إلي الدوالي أصلاً أو كانت بحيث توجب صدق الشركة، فحينئذٍ يتبعهما الحكم .

(14 مسألة): لو أخرج شخص الماء بالدوالي علي أرض

مباحة مثلاً عبثاً أو لغرض، فزرعه آخر وكان الزرع يشرب بعروقه فالأقوي العُشر، وكذا() إذا أخرجه هو بنفسه لغرض آخر غير الزرع ثمّ بدا له أن يزرع زرعاً يشرب بعروقه، بخلاف ما إذا أخرجه لغرض الزرع الكذائي، ومن ذلك يظهر حكم ما إذا أخرجه لزرع فزاد وجري علي أرض أخري .

[الزكاة بعد إخراج المقاسمة والمأونة]

(15 مسألة): إنما تجب الزكاة بعد إخراج ما يأخذه السلطان باسم المقاسمة، بل ما يأخذه باسم الخراج أيضاً، بل ما يأخذه العمّال زائداً علي ما قرّره السلطان ظلماً إذا لم يتمكّن من الامتناع جهراً وسراً، فلا يضمن حينئذٍ حصّة الفقراء من الزائد، ولا فرق في ذلك بين المأخوذ من نفس الغلّة أو من غيرها إذا كان الظلم عامّاً، وأما إذا كان شخصيّاً فالأحوط الضمان فيما أخذ من غيرها، بل الأحوط الضمان فيه مطلقاً وإن كان الظلم عامّاً، وأما إذا أخذ من نفس الغلّة قهراً فلا ضمان، إذ الظلم حينئذٍ وارد علي الفقراء أيضاً.

[المراد من المأونة]

(16 مسألة): الأقوي اعتبار خروج المؤن جميعها، من غير فرق بين المؤن السابقة علي زمان التعلّق واللاحقة، كما أن الأقوي اعتبار النصاب أيضاً بعد خروجها وإن كان الأحوط اعتباره قبله، بل الأحوط عدم إخراج المؤن خصوصاً اللاحقة().

والمراد بالمأونة: كلّ ما يحتاج إليه الزرع والشجر: من أجرة الفلّاح والحارث والساقي، وأجرة الأرض إن كانت مستأجرة، وأجرة مثلها إن كانت مغصوبة، وأجرة الحفظ والحصاد والجذاذ وتجفيف الثمرة وإصلاح موضع التشميس وحفر النهر وغير ذلك: كتفاوت نقص الآلات والعوامل حتي ثياب المالك ونحوها، ولو كانت سبب النقص مشتركاً بينها وبين غيرها وزَّع عليهما بالنسبة.

(17 مسألة): قيمة البذر إذا كان من ماله المزكّي أو المال الذي لا زكاة فيه من المؤن ، والمناط: قيمة يوم تلفه وهو وقت الزرع .

(18 مسألة): أجرة العامل من المؤن، ولا يحسب للمالك أجرة إذا كان هو العامل، وكذا إذا عمل ولده أو زوجته بلا أجرة، وكذا إذا تبرّع به أجنبيّ، وكذا لا يحسب أجرة الأرض التي يكون مالكاً لها ولا أجرة العوامل إذا كانت مملوكة له .

(19 مسألة): لو اشتري الزرع فثمنه من

المأونة، وكذا لو ضمن النخل والشجر، بخلاف() ما إذا اشتري نفس الأرض والنخل والشجر كما أنه لا يكون ثمن العوامل إذا اشتراها منها.

(20 مسألة): لو كان مع الزكويّ غيره ، فالمأونة موزَّعة عليهما إذا كانا مقصودين، وإذا كان المقصود بالذات غير الزكويّ ثمّ عرض قصد الزكويّ بعد إتمام العمل لم يحسب من المؤن، وإذا كان بالعكس حسب منها().

(21 مسألة): الخراج الذي يأخذه السلطان أيضاً يوزّع علي الزكويّ وغيره() .

(22 مسألة): إذا كان للعمل مدخليّة في ثمر سنين عديدة، لا يبعد() احتسابه علي ما في السنة الأولي، وإن كان الأحوط التوزيع علي السنين .

(23 مسألة): إذا شكّ في كون شي ء من المؤن أو لا، لم يحسب منها().

[النخل والزرع إذا كان متفرّقاً]

(24 مسألة): حكم النخل والزروع في البلاد المتباعدة حكمها في البلد الواحد، فيضمّ الثمار بعضها إلي بعض وإن تفاوتت في الإدراك بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد وإن كان بينهما شهر أو شهران أو أكثر.

وعلي هذا: فإذا بلغ ما أدرك منها نصاباً أخذ منه، ثمّ يؤخذ من الباقي قلّ أو كثر، وإن كان الذي أدرك أولاً أقلّ من النصاب ينتظر به حتي يدرك الآخر ويتعلّق به الوجوب فيكمل منه النصاب ويؤخذ من المجموع، وكذا إذا كان نخل يطلع في عام مرّتين يضمّ الثاني إلي الأول لأنهما ثمرة سنة واحدة، لكن لا يخلو عن إشكال لاحتمال كونهما في حكم ثمرة عامين كما قيل .

(25 مسألة): إذا كان عنده تمر يجب فيه الزكاة، لا يجوز أن يدفع عنه الرطب علي أنه فرضه وإن كان بمقدار لو جفّ كان بقدر ما عليه من التمرّ وذلك لعدم كونه من أفراد المأمور به، نعم يجوز دفعه علي وجه القيمة، وكذا إذا كان عنده زبيب لا يجزي عنه دفع

العنب إلا علي وجه القيمة، وكذا العكس فيهما.

نعم لو كان عنده رطب يجوز أن يدفع عنه الرطب فريضة، وكذا لو كان عنده عنب يجوز له دفع العنب فريضة، وهل يجوز أن يدفع مثل ما عليه من التمر أو الزبيب من تمر آخر أو زبيب آخر فريضة أو لا؟ لا يبعد الجواز، لكن الأحوط دفعه من باب القيمة أيضاً لأن الوجوب تعلّق بما عنده، وكذا الحال في الحنطة والشعير إذا أراد أن يعطي من حنطة أخري أو شعير آخر.

(26 مسألة): إذا أدّي القيمة من جنس ما عليه بزيادة أو نقيصة لا يكون من الربا، بل هو من باب الوفاء.

[لو مات الزارع أو مالك النخل والشجر]

(27 مسألة): لو مات الزارع مثلاً بعد زمان تعلّق الوجوب وجبت الزكاة مع بلوغ النصاب، أما لو مات قبله وانتقل إلي الوارث فإن بلغ نصيب كلّ منهم النصاب وجب علي كلّ زكاة نصيبه، وإن بلغ نصيب البعض دون بعض وجب علي من بلغ نصيبه، وإن لم يبلغ نصيب واحد منهم لم يجب علي واحد منهم .

(28 مسألة): لو مات الزارع أو مالك النخل والشجر وكان عليه دين : فإما أن يكون الدين مستغرقاً أو لا، ثمّ إما أن يكون الموت بعد تعلّق الوجوب أو قبله، بعد ظهور الثمر أو قبل ظهور الثمر أيضاً.

فإن كان الموت بعد تعلّق الوجوب: وجب إخراجها سواء كان الدين مستغرقاً أم لا، فلا يجب التحاصّ مع الغرماء لأن الزكاة متعلّقة بالعين، نعم لو تلفت في حياته بالتفريط وصارت في الذمّة وجب التحاصّ بين أرباب الزكاة وبين الغرماء كسائر الديون.

وإن كان الموت قبل التعلّق وبعد الظهور: فإن كان الورثة قد أدّوا الدين قبل تعلّق الوجوب من مال آخر فبعد التعلّق يلاحظ بلوغ حصّتهم النصاب وعدمه، وإن

لم يؤدّوا إلي وقت التعلّق ففي الوجوب وعدمه إشكال، والأحوط() الإخراج مع الغرامة للديّان أو استرضائهم.

وأما إن كان قبل الظهور: وجب علي من بلغ نصيبه النصاب من الورثة بناء() علي انتقال التركة إلي الوارث، وعدم تعلّق الدين بنمائها الحاصل قبل أدائه، وأنه للوارث من غير تعلّق حقّ الغرماء به .

(29 مسألة): إذا اشتري نخلاً أو كرماً أو زرعاً مع الأرض أو بدونها قبل تعلّق الزكاة، فالزكاة عليه بعد التعلّق مع اجتماع الشرائط، وكذا إذا انتقل إليه بغير الشراء، وإذا كان ذلك بعد وقت التعلّق فالزكاة علي البائع، فإن علم بأدائه أو شكّ في ذلك ليس عليه شي ء، وإن علم بعدم أدائه فالبيع بالنسبة إلي مقدار الزكاة فضوليّ.

فإن أجازه الحاكم الشرعي طالبه بالثمن بالنسبة إلي مقدار الزكاة، وإن دفعه إلي البائع رجع بعد الدفع إلي الحاكم، عليه. وإن لم يجز كان له أخذ مقدار الزكاة من المبيع، ولو أدّي البائع الزكاة بعد البيع ففي استقرار ملك المشتري وعدم الحاجة إلي الإجازة من الحاكم إشكال() .

(30 مسألة): إذا تعدّد أنواع التمر مثلاً وكان بعضها جيّداً أو أجود، وبعضها الآخر رديّ أو أردأ، فالأحوط الأخذ من كلّ نوع بحصّته، ولكن الأقوي الاجتزاء بمطلق الجيّد وإن كان مشتملاً علي الأجود، ولا يجوز دفع الردي ء عن الجيّد والأجود علي الأحوط.

[تعلّق الزكاة بالعين وكيفيته]

(31 مسألة): الأقوي أنّ الزكاة متعلّقة بالعين، لكن لا علي وجه الإشاعة()، بل علي وجه الكلّي في المعيّن، وحينئذٍ فلو باع قبل أداء الزكاة بعض النصاب صحّ إذا كان مقدار الزكاة باقياً عنده، بخلاف ما إذا باع الكلّ، فإنه بالنسبة إلي مقدار الزكاة يكون فضوليّاً محتاجاً إلي إجازة الحاكم علي ما مرّ، ولا يكفي عزمه() علي الأداء من غيره في استقرار البيع

علي الأحوط.

[جواز الخرص وفائدته]

(32 مسألة): يجوز للساعي من قبل الحاكم الشرعي خرص ثمر النخل والكرم ، بل والزرع علي المالك، وفائدته: جواز التصرّف للمالك بشرط قبوله كيف شاء، ووقته بعد بدوّ الصلاح وتعلّق الوجوب، بل الأقوي جوازه من المالك بنفسه إذا كان من أهل الخبرة، أو بغيره من عدل أو عدلين، وإن كان الأحوط الرجوع إلي الحاكم أو وكيله مع التمكّن، ولا يشترط فيه الصيغة فإنه معاملة خاصّة وإن كان لو جيء بصيغة الصلح كان أولي، ثمّ إن زاد ما في يد المالك كان له، وإن نقص كان عليه، ويجوز لكلٍّ من المالك والخارص الفسخ مع الغبن الفاحش، ولو توافق المالك والخارص علي القسمة رطباً جاز، ويجوز للحاكم أو وكيله بيع نصيب الفقراء من المالك أو من غيره .

(33 مسألة): إذا اتّجر بالمال الذي فيه الزكاة قبل أدائها، يكون الربح للفقراء() بالنسبة، وإن خسر يكون خسرانها عليه .

(34 مسألة): يجوز للمالك عزل الزكاة وإفرازها من العين أو من مال آخر مع عدم المستحقّ، بل مع وجوده أيضاً علي الأقوي، وفائدته: صيرورة المعزول ملكاً للمستحقّين قهراً، حتي لا يشاركهم المالك عند التلف ويكون أمانة في يده، وحينئذٍ لا يضمنه إلا مع التفريط أو التأخير() مع وجود المستحقّ، وهل يجوز للمالك إبدالها بعد عزلها؟ إشكال وإن كان الأظهر عدم الجواز، ثمّ بعد العزل يكون نماؤها للمستحقّين متّصلاً كان أو منفصلاً.

(5- فصل: فيما يستحب فيه الزكاة)

(5- فصل: فيما يستحب فيه الزكاة)

وهو علي ما أشير إليه سابقاً أمور:

[المورد الأول]

الأول: مال التجارة، وهو: المال الذي تملّكه الشخص وأعدّه للتجارة والاكتساب به، سواء كان الانتقال إليه بعقد المعاوضة أو بمثل الهبة أو الصلح المجّاني أو الإرث علي الأقوي، واعتبر بعضهم كون الانتقال إليه بعنوان المعاوضة، وسواء كان قصد الاكتساب به من حين الانتقال إليه أو بعده، وإن اعتبر بعضهم الأول، فالأقوي أنه مطلق المال الذي أعدّ للتجارة فمن حين قصد الإعداد() يدخل في هذا العنوان، ولو كان قصده حين التملّك بالمعاوضة أو بغيرها الاقتناء والأخذ للقنية، ولا فرق فيه بين أن يكون ممّا يتعلّق به الزكاة الماليّة وجوباً أو استحباباً، وبين غيره كالتجارة بالخضروات مثلاً ولا بين أن يكون من الأعيان أو المنافع كما لو استأجر داراً بنيّة التجارة.

[شروط استحباب الزكاة في مال التجارة]

ويشترط فيه أمور:

الأول: بلوغه حدّ نصاب أحد النقدين، فلا زكاة فيما لا يبلغه، والظاهر: أنه كالنقدين في النصاب الثاني أيضاً.

الثاني: مضيّ الحول عليه من حين قصد التكسّب().

الثالث: بقاء قصد الاكتساب طول الحول، فلو عدل عنه ونوي به القنية في الأثناء لم يلحقه الحكم، وإن عاد إلي قصد الاكتساب اعتبر ابتداء الحول من حينه.

الرابع: بقاء رأس المال بعينه() طول الحول.

الخامس: أن يطلب برأس المال أو بزيادةٍ طول الحول، فلو كان رأس ماله مائة دينار مثلاً فصار يطلب بنقيصةٍ في أثناء السنة ولو حبّة من قيراط يوماً منها سقطت الزكاة.

والمراد برأس المال: الثمن المقابل للمتاع، وقدر الزكاة فيه: ربع العُشر كما في النقدين، والأقوي تعلّقها بالعين كما في الزكاة الواجبة، وإذا كان المتاع عروضاً فيكفي في الزكاة بلوغ النصاب بأحد النقدين دون الآخر.

[مسائل في مال التجارة]

(1 مسألة): إذا كان مال التجارة من النصب التي تجب فيها الزكاة مثل: أربعين شاة أو ثلاثين بقرة أو عشرين ديناراً أو نحو ذلك، فإن اجتمعت شرائط كلتيهما وجب إخراج الواجبة وسقطت زكاة التجارة، وإن اجتمعت شرائط إحداهما فقط ثبتت ما اجتمعت شرائطها دون الأخري .

(2 مسألة): إذا كان مال التجارة أربعين غنماً سائمة فعاوضها في أثناء الحول بأربعين غنماً سائمة سقط كلتا الزكاتين، بمعني: أنه انقطع حول كلتيهما لاشتراط بقاء عين النصاب() طول الحول، فلا بدّ أن يُبتدأ الحول من حين تملّك الثانية.

(3 مسألة): إذا ظهر في مال المضاربة ربح كانت زكاة رأس المال مع بلوغه النصاب علي ربّ المال، ويضمّ إليه حصّته من الربح، ويستحب زكاته أيضاً إذا بلغ النصاب وتمَّ حوله، بل لا يبعد كفاية مضيّ حول الأصل، وليس في حصّة العامل من الربح زكاة إلا إذا بلغ النصاب مع اجتماع الشرائط()،

لكن ليس له التأدية من العين إلا بإذن المالك أو بعد القسمة.

(4 مسألة): الزكاة الواجبة مقدّمة علي الدَّين سواء كان مطالباً به أو لا ما دامت عينها موجودة، بل لا يصحّ() وفاؤه بها بدفع تمام النصاب، نعم مع تلفها وصيرورتها في الذمّة حالها حال سائر الديون، وأما زكاة التجارة فالدَّين المطالب به مقدّم عليها حيث إنها مستحبة، سواء قلنا بتعلّقها بالعين أو بالقيمة، وأما مع عدم المطالبة فيجوز تقديمها علي القولين أيضا، بل مع المطالبة أيضاً إذا أدّاها صحّت وأجزأت، وإن كان آثماً من حيث ترك الواجب .

(5 مسألة): إذا كان مال التجارة أحد النصب الماليّة واختلف مبدأ حولهما: فإن تقدّم حول الماليّة سقطت الزكاة للتجارة، وإن انعكس: فإن أعطي زكاة التجارة قبل حلول حول الماليّة سقطت، وإلا كان كما لو حال الحولان معاً في سقوط مال التجارة.

(6 مسألة): لو كان رأس المال أقلّ من النصاب ثمّ بلغه في أثناء الحول، استأنف الحول عند بلوغه .

(7 مسألة): إذا كان له تجارتان ولكل منهما رأس مال فلكل منهما شروطه وحكمه، فإن حصلت في إحداهما دون الأخري استحبت فيها فقط، ولا يجبر خسران إحداهما بربح الأخري.

[المورد الثاني]

الثاني: ممّا يستحب فيه الزكاة كلّ ما يكال أو يوزن ممّا أنبتته الأرض، عدا الغلّات الأربع فإنها واجبة فيها، وعدا الخضر كالبقل والفواكه والباذنجان والخيار والبّطيخ ونحوها، ففي صحيحة زرارة: عفا رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلم عن الخضر، قلت: وما الخضر؟ قال عليه السلام: كلّ شي ء لا يكون له بقاء: البقل والبطّيخ والفواكه وشبه ذلك ممّا يكون سريع الفساد، وحكم ما يخرج من الأرض ممّا يستحب فيه الزكاة حكم الغلّات الأربع في قدر النصاب وقدر ما يخرج منها، وفي السقي والزرع

ونحو ذلك.

[المورد الثالث]

الثالث: الخيل الإناث، بشرط أن تكون سائمة ويحول عليها الحول ولا بأس بكونها عوامل، ففي العتاق منها وهي التي تولّدت من عربيّين كلّ سنة ديناران هما: مثقال ونصف صيرفي، وفي البراذين كلّ سنة دينار: ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي، والظاهر: ثبوتها حتي مع الاشتراك، فلو ملك اثنان فرساً تثبت الزكاة بينهما.

[المورد الرابع]

الرابع: حاصل العقار المتّخذ للنماء: من البساتين والدكاكين. والمساكن والحمامات والخانات ونحوها، والظاهر: اشتراط النصاب والحول، والقدر المخرج: ربع العُشر مثل النقدين .

[المورد الخامس]

الخامس: الحلي ّّ، وزكاته إعارته لمؤمن.

[المورد السادس]

السادس: المال الغائب أو المدفون الذي لا يتمكّن من التصرف فيه إذا حال عليه حولان أو أحوال، فيستحب زكاته لسنة واحدة بعد التمكّن.

[المورد السابع]

السابع: إذا تصرّف في النصاب بالمعاوضة في أثناء الحول بقصد الفرار من الزكاة، فإنه يستحب إخراج زكاته بعد الحول .

(6- فصل: في أصناف المستحقين)

(6- فصل: في أصناف المستحقين)

أصناف المستحقين للزكاة ومصارفها ثمانية:

[الصنف الأول والثاني: الفقراء والمساكين]

الأول والثاني: الفقير والمسكين، والثاني أسوأ حالاً،من الأول والفقير الشرعي: من لا يملك مأونة السنة له ولعياله.

والغنيّ الشرعي بخلافه، فمن كان عنده ضيعة أو عقار أو مواش أو نحو ذلك تقوم بكفايته وكفاية عياله في طول السنة لا يجوز له أخذ الزكاة، وكذا إذا كان له رأس مال يقوم ربحه بمأونته، أو كان له من النقد أو الجنس ما يكفيه وعياله، وإن كان لسنة واحدة، وأما إذا كان أقلّ من مقدار كفاية سنته يجوز له أخذها، وعلي هذا: فلو كان عنده بمقدار الكفاية ونقص عنه بعد صرف بعضه في أثناء السنة يجوز له الأخذ، ولا يلزم أن يصبر إلي آخر السنة حتي يتّم ما عنده، ففي كلّ وقت ليس عنده مقدار الكفاية المذكورة يجوز له الأخذ، وكذا لا يجوز لمن كان ذا صنعة أو كسب يحصل منهما مقدار مأونته والأحوط عدم أخذ القادر علي الاكتساب إذا لم يفعل تكاسلاً.

[مسائل في الفقراء والمساكين]

(1 مسألة): لو كان له رأس مال لا يقوم ربحه بمأونته لكن عينه تكفيه، لا يجب عليه صرفها في مأونته، بل يجوز له إبقاؤه للاتّجار به وأخذ البقيّة من الزكاة، وكذا لو كان صاحب صنعة تقوم آلاتها أو صاحب ضيعة تقوم قيمتها بمأونته ولكن لا يكفيه الحاصل منهما، لا يجب عليه بيعها وصرف العوض في المأونة، بل يبقيها ويأخذ من الزكاة بقيّة المأونة.

(2 مسألة): يجوز أن() يعطي الفقير أزيد من مقدار مأونة سنته دفعة، فلا يلزم الاقتصار علي مقدار مأونة سنة واحدة، وكذا في الكاسب الذي لا يفي كسبه بمأونة سنته، أو صاحب الضيعة التي لا يفي حاصلها، أو التاجر الذي لا يفي ربح تجارته بمأونة سنته لا يلزم الاقتصار علي إعطاء التتمّة، بل يجوز دفع

ما يكفيه لسنين، بل يجوز جعله غنيّاً عرفيّاً وإن كان الأحوط الاقتصار، نعم لو أعطاه دفعات لا يجوز بعد أن حصل عنده مأونة السنة أن يعطي شيئاً ولو قليلاً ما دام كذلك .

(3 مسألة): دار السكني والخادم وفرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله ولو لعزّه وشرفه، لا يمنع من إعطاء الزكاة وأخذها، بل ولو كانت متعدّدة مع الحاجة إليها، وكذا الثياب والألبسة الصيفية والشتوية السفرية والحضرية ولو كانت للتجمّل، وأثاث البيت من الفروش والظروف وسائر ما يحتاج إليه، فلا يجب بيعها في المأونة، بل لو كان فاقداً لها مع الحاجة جاز أخذ الزكاة لشرائها، وكذا يجوز أخذها لشراء الدار والخادم وفرس الركوب والكتب العلميّة ونحوها مع الحاجة إليها، نعم لو كان عنده من المذكورات أو بعضها أزيد من مقدار حاجته بحسب حاله وجب صرفه في المأونة، بل إذا كانت عنده دار تزيد عن حاجته وأمكنه بيع المقدار الزائد منها عن حاجته وجب بيعه()، بل لو كانت له دار تندفع حاجته بأقلّ منها قيمة فالأحوط بيعها وشراء الأدون، وكذا في العبد والجارية والفرس .

(4 مسألة): إذا كان يقدر علي التكسّب لكن ينافي شأنه، كما لو كان قادراً علي الاحتطاب والاحتشاش غير اللائقين بحاله، يجوز له أخذ الزكاة، وكذا إذا كان عسراً ومشقة من جهة كبر أو مرض أو ضعف فلا يجب عليه التكسّب حينئذٍ.

(5 مسألة): إذا كان صاحب حرفة وصنعة ولكن لا يمكنه الاشتغال بها من جهة فقد الآلات أو عدم الطالب، جاز له أخذ الزكاة.

(6 مسألة): إذا لم يكن له حرفة ولكن يمكنه تعلّمها من غير مشقّة، ففي وجوب التعلّم وحرمة أخذ الزكاة بتركه إشكال، والأحوط التعلّم وترك الأخذ بعده، نعم ما دام مشتغلاً بالتعلّم لا مانع

من أخذها.

(7 مسألة): من لا يتمكّن من التكسّب طول السنة إلا في يوم أو أسبوع مثلاً ولكن يحصل له في ذلك اليوم أو الأسبوع مقدار مأونة السنة فتركه وبقي طول السنة لا يقدر علي الاكتساب، لا يبعد جواز أخذه وإن قلنا: إنه عاص() بالترك في ذلك اليوم أو الأسبوع، لصدق الفقير عليه حينئذٍ.

[المشتغل بطلب العلم]

(8 مسألة): لو اشتغل القادر علي الكسب بطلب العلم المانع عنه، يجوز له أخذ الزكاة إذا كان ممّا يجب تعلّمه عيناً أو كفاية، وكذا إذا كان ممّا يستحب تعلّمه كالتفقّه في الدين اجتهاداً أو تقليداً، وإن كان ممّا لا يجب ولا يستحب كالفلسفة والنجوم والرياضيات والعروض والأدبية لمن لا يريد التفقّه في الدين()، فلا يجوز أخذه .

(9 مسألة): لو شكّ في أن ما بيده كاف المأونة سنته أم لا، فمع سبق وجود ما به الكفاية لا يجوز الأخذ()، ومع سبق العدم وحدوث ما يشكّ في كفايته يجوز()، عملاً بالأصل في الصورتين .

(10 مسألة): المدّعي للفقر إن عُرف صدقه أو كذبه عومل به ، وإن جُهل الأمران: فمع سبق فقره يُعطي من غير يمين، ومع سبق الغني أو الجهل بالحالة السابقة فالأحوط عدم الإعطاء، إلا مع الظنّ بالصدق() خصوصاً في الصورة الأولي .

(11 مسألة): لو كان له دَين علي الفقير جاز احتسابه زكاة، سواء كان حيّاً أو ميّتاً، لكن يشترط في الميّت أن لا يكون له تركة تفي بدَينه وإلا لا يجوز، نعم لو كان له تركة لكن لا يمكن الاستيفاء منها لامتناع الورثة أو غيرهم فالظاهر الجواز.

(12 مسألة): لا يجب إعلام الفقير أن المدفوع إليه زكاة، بل لو كان ممّن يترفّع ويدخله الحياء منها وهو مستحقّ، يستحب دفعها إليه علي وجه الصلة ظاهراً والزكاة واقعاً، بل

لو اقتضت المصلحة التصريح كذباً() بعدم كونها زكاة، جاز إذا لم() يقصد القابض عنواناً آخر غير الزكاة، بل قصد مجرّد التملّك .

(13 مسألة): لو دفع الزكاة باعتقاد الفقر فبان كون القابض غنياً: () فإن كانت العين باقية ارتجعها، وكذا مع تلفها إذا كان القابض عالماً بكونها زكاة وإن كان جاهلاً بحرمتها للغني، بخلاف ما إذا كان جاهلاً بكونها زكاة فإنه لا ضمان عليه، ولو تعذّر الارتجاع أو تلفت بلا ضمان أو معه ولم يتمكن الدافع من أخذ العوض كان ضامناً()، فعليه الزكاة مرّة أخري، نعم لو كان الدافع هو المجتهد أو المأذون منه لا ضمان عليه ولا علي المالك الدافع إليه .

(14 مسألة): لو دفع الزكاة إلي غني() جاهلاً بحرمتها عليه أو متعمّداً، استرجعها مع البقاء أو عوضها مع التلف وعلم القابض، ومع عدم الإمكان يكون عليه مرّة أخري، ولا فرق في ذلك بين الزكاة المعزولة وغيرها، وكذا في المسألة السابقة، وكذا الحال لو بان أن المدفوع إليه كافر أو فاسق إن قلنا باشتراط العدالة، أو ممن تجب نفقته عليه، أو هاشمي إذا كان الدافع من غير قبيلة.

(15 مسألة): إذا دفع الزكاة باعتقاد أنه عادل فبان فقيراً فاسقاً، أو باعتقاد أنه عالم فبان جاهلاً، أو زيد فبان عمراً أو نحو ذلك، صحّ وأجزأ إذا لم يكن علي وجه التقييد، بل كان من باب الاشتباه في التطبيق، ولا يجوز استرجاعه حينئذٍ وإن كانت العين باقية، وأما إذا كان علي وجه التقييد فيجوز، كما يجوز نيّتها مجدّداً مع بقاء العين أو تلفها إذا كان ضامناً بأن كان عالماً باشتباه الدافع وتقييده.

[الصنف الثالث: العاملون عليها]

الثالث: العاملون عليها، وهم: المنصوبون من قبل الإمام عليه السلام أو نائبه الخاص أو العام لأخذ الزكوات وضبطها

وحسابها وإيصالها إليه أو إلي الفقراء علي حسب إذنه، فإن العامل يستحقّ منها سهماً في مقابل عمله وإن كان غنياً، ولا يلزم استيجاره من الأول أو تعيين مقدار له علي وجه الجعالة، بل يجوز أيضاً أن لا يعيّن له ويعطيه بعد ذلك ما يراه.

ويشترط فيهم(): التكليف بالبلوغ والعقل والإيمان، بل العدالة والحرّية أيضاً علي الأحوط، نعم لا بأس بالمكاتب، ويشترط أيضاً معرفة المسائل المتعلّقة بعملهم اجتهاداً أو تقليداً، وأن لا يكونوا من بني هاشم، نعم يجوز استئجارهم من بيت المال أو غيره، كما يجوز عملهم تبرّعاً، والأقوي عدم سقوط هذا القسم في زمان الغيبة مع بسط يد نائب الإمام عليه السلام في بعض الأقطار، نعم يسقط بالنسبة إلي من تصدّي بنفسه لإخراج زكاته وإيصالها إلي نائب الإمام عليه السلام أو إلي الفقراء بنفسه.

[الصنف الرابع: المؤلفة قلوبهم]

الرابع: المؤلّفة قلوبهم من الكفّار الذين يراد من إعطائهم ألفتهم وميلهم إلي الإسلام، أو إلي معاونة المسلمين في الجهاد مع الكفّار أو الدفاع، ومن المؤلّفة قلوبهم الضعفاء العقول() من المسلمين لتقوية اعتقادهم، أو لإمالتهم إلي المعاونة في الجهاد أو الدفاع.

[الصنف الخامس: الرقاب وأقسامهم الثلاثة]

الخامس: الرقاب ، وهم ثلاثة أصناف:

الأول. المكاتب العاجز عن أداء مال الكتابة مطلقاً كان أو مشروطاً، والأحوط أن يكون بعد حلول النجم، ففي جواز إعطائه قبل حلوله إشكال()، ويتخيّر بين الدفع إلي كلّ من المولي والعبد، لكن إن دفع إلي المولي واتّفق عجز العبد عن باقي مال الكتابة في المشروط فرّد إلي الرّق يسترجع منه، كما أنه لو دفعها إلي العبد ولم يصرفها في فكّ رقبته، لاستغنائه بإبراء أو تبرّع أجنبيّ يسترجع منه، نعم يجوز الاحتساب حينئذٍ من باب سهم الفقراء إذا كان فقيراً، ولو ادّعي العبد أنه مكاتب أو أنه عاجز: فإن علم صدقه أو أقام بيّنة قبل قوله، وإلا ففي قبول قوله إشكال والأحوط عدم القبول سواء() صدّقه المولي أو كذّبه، كما أن في قبول قول المولي مع عدم العلم والبيّنة أيضاً كذلك سواء صدّقه العبد أو كذّبه، ويجوز إعطاء المكاتب من سهم الفقراء إذا كان عاجزاً عن التكسّب للأداء، ولا يشترط إذن المولي في الدفع إلي المكاتب، سواء كان من باب الرقاب أو من باب الفقر.

الثاني: العبد تحت الشدّة، والمرجع في صدق الشدّة: العرف، فيشتري ويعتق خصوصاً إذا كان مؤمناً في يد غير المؤمن.

الثالث: مطلق عتق العبد مع عدم وجود() المستحقّ للزكاة، ونيّة الزكاة في هذا والسابق عند دفع الثمن إلي البائع، والأحوط الاستمرار بها إلي حين الإعتاق .

[الصنف السادس: الغارمون]

السادس: الغارمون، وهم: الذين ركبتهم الديون وعجزوا عن أدائها وإن كانوا مالكين لقوت سنتهم، ويشترط أن لا يكون الدَّين مصروفاً في المعصية وإلا لم يقض من هذا السهم، وإن جاز إعطاؤه من سهم الفقراء سواء تاب عن المعصية أو لم يتب، بناء علي عدم اشتراط العدالة في الفقير، وكونه مالكاً لقوت سنته لا ينافي فقره

لأجل وفاء الدَّين الذي لا يكفي كسبه أو ما عنده به، وكذا يجوز إعطاؤه من سهم سبيل الله.

ولو شكّ في أنه صرفه في المعصية أم لا فالأقوي جواز إعطائه من هذا السهم وإن كان الأحوط خلافه، نعم لا يجوز له الأخذ إذا كان قد صرفه في المعصية، ولو كان معذوراً في الصرف في المعصية لجهل أو اضطراراً أو نسيان أو نحو ذلك لا بأس بإعطائه، وكذا لو صرفه فيها في حال عدم التكليف لصغر أو جنون، ولا فرق في الجاهل بين كونه جاهلاً بالموضوع أو الحكم ().

(16 مسألة): لا فرق بين أقسام الدَّين: من قرض أو ثمن مبيع أو ضمان مال أو عوض صلح، أو نحو ذلك: كما لو كان من باب غرامة إتلاف، فلو كان الإتلاف جهلاً أو نسياناً ولم يتمكّن من أداء العوض جاز إعطاؤه من هذا السهم، بخلاف ما لو كان علي وجه العمد والعدوان .

(17 مسألة): إذا كان دَينه مؤجّلاً فالأحوط عدم الإعطاء من هذا السهم قبل حلول أجله()، وإن كان الأقوي الجواز.

(18 مسألة): لو كان كسوباً يقدر علي أداء دَينه بالتدريج: فإن كان الديّان مطالباً فالظاهر جواز إعطائه من هذا السهم، وإن لم يكن مطالباً فالأحوط عدم إعطائه .

(19 مسألة): إذا دفع الزكاة إلي الغارم فبان بعده أن دينه في معصية ارتجع منه، إلا إذا كان فقيراً فإنه يجوز احتسابه عليه من سهم الفقراء، وكذا إذا تبيّن أنه غير مديون، وكذا إذا أبرأه الدائن بعد الأخذ لوفاء الدَّين .

(20 مسألة): لو ادّعي أنه مديون فإن أقام بيّنة قبل قوله، وإلا فالأحوط عدم تصديقه() وإن صدّقه الغريم، فضلاً عمّا لو كذّبه أو لم يصدّقه .

(21 مسألة): إذا أخذ من سهم الغارمين ليصرفه في أداء الدَّين ثمّ

صرفه في غيره، ارتجع منه .

(22 مسألة): المناط هو: الصرف في المعصية أو الطاعة لا القصد من حين الاستدانة فلو استدان للطاعة فصرف في المعصية لم يعط من هذا السهم، وفي العكس بالعكس .

(23 مسألة): إذا لم يكن الغارم متمكّناً من الأداء حالاً وتمكّن بعد حين: كأن يكون له غلّة لم يبلغ أوانها، أو دَين مؤجّل يحلّ أجله بعد مدّة، ففي جواز إعطائه من هذا السهم إشكال وإن كان الأقوي عدم الجواز مع عدم المطالبة من الدائن، أو إمكان الاستقراض والوفاء من محلّ آخر ثمّ قضاؤه بعد التمكّن .

(24 مسألة): لو كان دَين الغارم لمن عليه الزكاة، جاز له احتسابه عليه زكاة، بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة وفاءً للدَّين ويأخذها مقاصّة وإن لم يقبضها المديون ولم يوكّل في قبضها، ولا يجب إعلام المديون بالاحتساب عليه أو بجعلها وفاءً وأخذها مقاصّة.

(25 مسألة): لو كان الدَّين لغير من عليه الزكاة، يجوز له وفاؤه عنه بما عنده منها ولو بدون اطلاع الغارم .

(26 مسألة): لو كان الغارم ممن تجب نفقته علي من عليه الزكاة، جاز له إعطاؤه لوفاء دَينه أو الوفاء عنه وإن لم يجز إعطاؤه لنفقته .

(27 مسألة): إذا كان ديّان الغارم مديوناً لمن عليه الزكاة جاز له إحالته علي الغارم ثمّ يحسب عليه ، بل يجوز له أن يحسب ما علي الديّان وفاءً عمّا في ذمّة الغارم، وإن كان الأحوط أن يكون ذلك بعد الإحالة.

(28 مسألة): لو كان الدَّين للضمان عن الغير تبرّعاً، لمصلحة مقتضية لذلك مع عدم تمكّنه من الأداء وإن كان قادراً علي قوت سنته، يجوز الإعطاء من هذا السهم إن كان المضمون عنه غنيّاً.

(29 مسألة): لو استدان لإصلاح ذات البين: كما لو وجد قتيل لا يدري

قاتله وكاد أن يقع بسببه الفتنة، فاستدان للفصل، فإن لم يتمكّن من أدائه جاز الإعطاء من هذا السهم، وكذا لو استدان لتعمير مسجد أو نحو ذلك من المصالح العامة، وأما لو تمكّن من الأداء فمشكل، نعم لا يبعد جواز الإعطاء من سهم سبيل الله وإن كان لا يخلو عن إشكال أيضاً، إلا إذا كان من قصده حين الاستدانة ذلك.

[الصنف السابع: سبيل الله]

السابع: سبيل الله، وهو: جميع سبل الخير: كبناء القناطر والمدارس والخانات والمساجد وتعميرها، وتخليص المؤمنين من يد الظالمين ونحو ذلك من المصالح: كإصلاح ذات البين ودفع وقوع الشرور والفتن بين المسلمين، وكذا إعانة الحجّاج والزائرين وإكرام العلماء والمشتغلين، مع عدم تمكّنهم من الحجّ والزيارة والاشتغال ونحوها من أموالهم، بل الأقوي جواز دفع هذا السهم في كلّ قرية مع عدم تمكّن المدفوع إليه من فعلها بغير الزكاة، بل مع تمكّنه أيضاً لكن مع عدم إقدامه إلا بهذا الوجه .

[الصنف الثامن: ابن السبيل]

الثامن: ابن السبيل، وهو: المسافر الذي نفدت نفقته أو تلفت راحلته بحيث لا يقدر معه علي الذهاب وإن كان غنيّاً في وطنه، بشرط عدم تمكّنه من الاستدانة أو بيع ما يملكه أو نحو ذلك، وبشرط أن لا يكون سفره في معصية، فيدفع إليه قدر الكفاية اللائقة بحاله من الملبوس والمأكول والمركوب أو ثمنها أو أجرتها إلي أن يصل إلي بلده بعد قضاء وطره من سفره، أو يصل إلي محلّ يمكنه تحصيلها بالاستدانة والبيع أو نحوهما، ولو فضل ممّا أعطي شي ء ولو بالتضييق علي نفسه أعاده علي الأقوي من غير فرق بين النقد والدابّة والثياب ونحوها، فيدفعه إلي الحاكم ويعلمه بأنه من الزكاة.

وأما لو كان في وطنه وأراد إنشاء السفر المحتاج إليه ولا قدرة له عليه فليس من ابن السبيل، نعم لو تلّبس بالسفر علي وجه يصدق عليه ذلك يجوز إعطاؤه من هذا السهم وإن لم يتجدّد نفاد نفقته، بل كان أصل ماله قاصراً، فلا يعطي من هذا السهم قبل أن يصدق عليه اسم ابن السبيل، نعم لو كان فقيراً يعطي من سهم الفقراء.

(30 مسألة): إذا علم استحقاق شخص للزكاة ولكن لم يعلم من أيِّ الأصناف، يجوز إعطاؤه بقصد

الزكاة من غير تعيين الصنف، بل إذا علم استحقاقه من جهتين يجوز إعطاؤه من غير تعيين الجهة.

(31 مسألة): إذا نذر أن يعطي زكاته فقيراً معيّناً لجهة راجحة أو مطلقاً ينعقد نذره، فإن سها فأعطي فقيراً آخر أجزأ، ولا يجوز استرداده وإن كانت العين باقية، بل لو كان ملتفتاً إلي نذره وأعطي غيره متعمّداً أجزأ أيضاً وإن كان آثما في مخالفة النذر وتجب عليه الكفارة، ولا يجوز استرداده أيضاً لأنه قد ملك بالقبض .

(32 مسألة): إذا اعتقد وجوب الزكاة عليه، فأعطاها فقيراً ثمّ تبيّن له عدم وجوبها عليه، جاز له الاسترجاع إذا كانت العين باقية، وأما إذا شكّ في وجوبها عليه وعدمه فأعطي احتياطاً ثمّ تبيّن له عدمه، فالظاهر عدم جواز الاسترجاع() وإن كانت العين باقية.

(7- فصل: في أوصاف المستحقين)

(7- فصل: في أوصاف المستحقين)

وهي أمور:

[الأمر الأول: الإيمان]

الأول: الإيمان، فلا يعطي للكافر بجميع أقسامه، ولا لمن يعتقد خلاف الحقّ من فرق المسلمين حتي المستضعفين منهم، إلا من سهم المؤلّفة قلوبهم وسهم سبيل الله في الجملة()، ومع عدم وجود المؤمن والمؤلّفة وسبيل الله يحفظ إلي حال التمكّن .

(1 مسألة): تعطي الزكاة من سهم الفقراء لأطفال المؤمنين ومجانينهم ، من غير فرق بين الذكر والأنثي والخنثي ولا بين المميّز وغيره، إما بالتمليك بالدفع إلي وليّهم، وإما بالصرف عليهم مباشرة، أو بتوسط أمين إن لم يكن لهم() وليّ شرعيّ من الأب والجدّ والقيّم .

(2 مسألة): يجوز دفع الزكاة إلي السفيه تمليكاً وإن كان يحجر عليه بعد ذلك، كما أنه يجوز الصرف عليه من سهم سبيل الله، بل من سهم الفقراء أيضاً علي الأظهر من كونه كسائر السهام أعم من التمليك والصرف .

(3 مسألة): الصبيّ المتولّد بين المؤمن وغيره يلحق بالمؤمن خصوصاً إذا كان هو الأب، نعم لو كان الجدّ مؤمناً والأب غير مؤمن ففيه إشكال، والأحوط عدم الإعطاء.

(4 مسألة): لا يعطي() ابن الزنا من المؤمنين فضلاً عن غيرهم من هذا السهم .

(5 مسألة): لو أعطي غير المؤمن زكاته أهل نحلته ثمّ استبصر أعادها، بخلاف الصلاة والصوم إذا جاء بهما علي وفق مذهبه، بل وكذا الحجّ وإن كان قد ترك منه ركناً عندنا علي الأصح، نعم لو كان قد دفع الزكاة إلي المؤمن ثمّ استبصر أجزأ، وإن كان الأحوط الإعادة أيضا.

(6 مسألة): النيّة في دفع الزكاة للطفل والمجنون عند الدفع إلي الولي إذا كان علي وجه التمليك، وعند الصرف عليهما إذا كان علي وجه الصرف .

(7 مسألة): استشكل بعض العلماء في جواز إعطاء الزكاة لعوام المؤمنين ، الذين لا يعرفون الله إلا بهذا اللفظ، أو النبي أو الأئمة كلّا ً أو

بعضاً، أو شيئاً من المعارف الخمس واستقرب عدم الإجزاء، بل ذكر بعض آخر أنه لا يكفي معرفة الأئمة بأسمائهم، بل لا بدّ في كلّ واحد أن يعرف أنه من هو وابن من؟ فيشترط تعيينه وتمييزه عن غيره، وأن يعرف الترتيب في خلافتهم، ولو لم يعلم أنه هل يعرف ما يلزم معرفته أم لا؟ يعتبر الفحص عن حاله ولا يكفي الإقرار الإجمالي بأني مسلم مؤمن واثنا عشري، وما ذكروه مشكل جداً، بل الأقوي كفاية الإقرار الإجمالي وإن لم يعرف أسماءهم أيضاً فضلاً عن أسماء آبائهم والترتيب في خلافتهم، لكن هذا مع العلم بصدقه في دعواه أنه من المؤمنين الاثني عشريّين، وأما إذا كان بمجرّد الدعوي ولم يعلم صدقه وكذبه فيجب الفحص عنه() .

(8 مسألة): لو اعتقد كونه مؤمناً فأعطاه الزكاة ثمّ تبيّن خلافه فالأقوي عدم الإجزاء()

[الأمر الثاني: أن لا يكون إعانة علي الإثم]

الثاني: أن لا يكون ممن يكون الدفع إليه إعانةً علي الإثم وإغراءً بالقبيح، فلا يجوز إعطاؤها لمن يصرفها في المعاصي، خصوصاً إذا كان تركه ردعاً له عنها، والأقوي عدم اشتراط العدالة ولا عدم ارتكاب الكبائر ولا عدم كونه شارب الخمر، فيجوز دفعها إلي الفساق ومرتكبي الكبائر وشاربي الخمر بعد كونهم فقراء من أهل الإيمان وإن كان الأحوط اشتراطها، بل وردت رواية بالمنع عن إعطائها لشارب الخمر، نعم يشترط() العدالة في العاملين علي الأحوط ولا يشترط في المؤلفة قلوبهم، بل ولا في سهم سبيل الله ولا في الرقاب وإن قلنا باعتبارها في سهم الفقراء.

(9 مسألة): الأرجح() دفع الزكاة إلي الأعدل فالأعدل، والأفضل فالأفضل، والأحوج فالأحوج، ومع تعارض الجهات يلاحظ الأهم فالأهم المختلف ذلك بحسب المقامات.

[الأمر الثالث: أن لا يكون واجب النفقة]

الثالث: أن لا يكون ممن تجب نفقته علي المزكّي: كالأبوين وإن علوا، والأولاد وإن سفلوا من الذكور أو من الإناث، والزوجة الدائمة التي لم يسقط وجوب نفقتها بشرط أو غيره من الأسباب الشرعية، والمملوك سواء كان آبقاً أو مطيعاً، فلا يجوز إعطاء زكاته إياهم للإنفاق، بل ولا للتوسعة علي الأحوط وإن كان لا يبعد جوازه إذا لم يكن عنده ما يوسَّع به عليهم()، نعم يجوز دفعها إليهم إذا كان عندهم من تجب نفقته عليهم لا عليه: كالزوجة للوالد أو الولد والمملوك لهما مثلاً.

(10 مسألة): الممنوع إعطاؤه لواجبي النفقة هو ما كان من سهم الفقراء ولأجل الفقر، وأما من غيره من السهام: كسهم العاملين إذا كان منهم أو الغارمين أو المؤلّفة قلوبهم أو سبيل الله أو ابن السبيل أو الرقاب إذا كان من أحد المذكورات فلا مانع منه .

(11 مسألة): يجوز لمن تجب نفقته علي غيره أن يأخذ الزكاة من غير من تجب

عليه إذا لم يكن قادراً علي إنفاقه أو كان قادراً ولكن لم يكن باذلاً، وأما إذا كان باذلاً فيشكل الدفع إليه وإن كان فقيراً كأبناء الأغنياء إذا لم يكن عندهم شي ء، بل لا ينبغي الإشكال في عدم جواز الدفع إلي زوجة الموسر الباذل، بل لا يبعد() عدم جوازه مع إمكان إجبار الزوج علي البذل إذا كان ممتنعاً منه، بل الأحوط عدم جواز الدفع إليهم للتوسعة اللائقة بحالهم مع كون من عليه النفقة باذلاً للتوسعة أيضاً.

(12 مسألة): يجوز دفع الزكاة إلي الزوجة المتمتع بها، سواء كان المعطي هو الزوج أو غيره، وسواء كان للإنفاق أو للتوسعة. وكذا يجوز دفعها إلي الزوجة الدائمة مع سقوط وجوب نفقتها بالشرط أو نحوه.

نعم، لو وجبت نفقة المتمتع بها علي الزوج من جهة الشرط أو نحوه لا يجوز الدفع إليها مع يسار الزوج() .

(13 مسألة): يشكل دفع الزكاة إلي الزوجة الدائمة إذا كان سقوط نفقتها من جهة النشوز() لتمكّنها من تحصيلها بتركه .

(14 مسألة): يجوز للزوجة دفع زكاتها إلي الزوج وإن أنفقها عليها، وكذا غيرها ممن تجب نفقته عليه بسبب من الأسباب الخارجية.

(15 مسألة): إذا عال بأحد تبرّعاً جاز له دفع زكاته له، فضلاً عن غيره للإنفاق أو التوسعة، من غير فرق بين القريب الذي لا يجب نفقته عليه: كالأخ وأولاده والعم والخال وأولادهم وبين الأجنبي، ومن غير فرق بين كونه وارثاً له لعدم الولد مثلاً وعدمه .

(16 مسألة): يستحب إعطاء الزكاة للأقارب مع حاجتهم وفقرهم وعدم كونهم ممن تجب نفقتهم عليه ، ففي الخبر: «أيّ الصدقة أفضل؟ قال عليه السلام: علي ذي الرحم الكاشح » وفي آخر: «لا صدقة وذو رحم محتاج».

(17 مسألة): يجوز للوالد أن يدفع زكاته إلي ولده للصرف في مأونة التزويج وكذا

العكس .

(18 مسألة): يجوز للمالك دفع الزكاة إلي ولده للإنفاق علي زوجته أو خادمه من سهم الفقراء، كما يجوز له دفعه إليه لتحصيل الكتب العلميّة من سهم سبيل الله .

(19 مسألة): لا فرق في عدم جواز دفع الزكاة إلي من تجب نفقته عليه بين أن يكون قادراً علي إنفاقه أو عاجزاً()، كما لا فرق بين أن يكون ذلك من سهم الفقراء أو من سائر السهام، فلا يجوز الإنفاق عليهم من سهم سبيل الله أيضاً وإن كان يجوز لغير الإنفاق، وكذا لا فرق علي الظاهر الأحوط بين إتمام ما يجب عليه وبين إعطاء تمامه، وإن حكي عن جماعة: أنه لو عجز عن إنفاق تمام ما يجب عليه جاز له إعطاء البقيّة، كما لو عجز عن إكسائهم أو عن إدامهم، لإطلاق بعض الأخبار الواردة في التوسعة، بدعوي شمولها للتتمّة لأنها أيضاً نوع من التوسعة، لكنّه مشكل فلا يترك الاحتياط بترك الإعطاء.

(20 مسألة): يجوز صرف الزكاة علي مملوك الغير إذا لم يكن ذلك الغير باذلاً لنفقته إما لفقره أو لغيره، سواء كان العبد آبقاً أو مطيعاً.

[الأمر الرابع: ان لا يكون هاشمياً]

الرابع: أن لا يكون هاشمياً إذا كانت الزكاة من غيره مع عدم الاضطرار، ولا فرق بين سهم الفقراء وغيره من سائر السهام حتي سهم العاملين وسبيل الله، نعم لا بأس بتصرّفه في الخانات والمدارس وسائر الأوقاف المتّخذة من سهم سبيل الله، أما زكاة الهاشمي فلا بأس بأخذها له، من غير فرق بين السهام أيضاً حتي سهم العاملين، فيجوز استعمال الهاشمي علي جباية صدقات بني هاشم، وكذا يجوز أخذ زكاة غير الهاشمي له مع الاضطرار إليها وعدم كفاية الخمس وسائر الوجوه، ولكن الأحوط حينئذٍ الاقتصار() علي قدر الضرورة يوماً فيوماً مع الإمكان .

(21 مسألة): المحرَّم من

صدقات غير الهاشمي عليه إنما هو زكاة المال الواجبة وزكاة الفطرة، وأما الزكاة المندوبة ولو زكاة مال التجارة وسائر الصدقات المندوبة فليست محرَّمة عليه، بل لا تحرم الصدقات الواجبة ما عدا الزكاتين عليه أيضاً: كالصدقات المنذورة والموصي بها للفقراء، والكفارات ونحوها: كالمظالم إذا كان من يدفع عنه من غير الهاشمييّن، وأما إذا كان المالك المجهول الذي يدفع عنه الصدقة هاشميّاً فلا إشكال أصلاً، ولكن الأحوط في الواجبة عدم الدفع إليه، وأحوط منه عدم دفع مطلق الصدقة ولو مندوبة خصوصاً مثل زكاة مال التجارة.

(22 مسألة): يثبت كونه هاشميّاً بالبيّنة والشياع()،ولا يكفي مجرّد دعواه وإن حرم دفع الزكاة إليه مؤاخذة له بإقراره، ولو ادّعي أنه ليس بهاشمي يعطي من الزكاة لا لقبول قوله، بل لأصالة العدم عند الشكّ في كونه منهم أم لا، ولذا يجوز إعطاؤها المجهول النسب كاللقيط.

(23 مسألة): يشكل() إعطاء زكاة غير الهاشمي لمن تولّد من الهاشمي بالزنا، فالأحوط عدم إعطائه، وكذا الخمس() فيقتصر فيه علي زكاة الهاشمي .

(8- فصل: في بقية أحكام الزكاة)

(8- فصل: في بقية أحكام الزكاة)

وفيه مسائل:

[المسألة الأولي]

الأولي: الأفضل، بل الأحوط نقل الزكاة إلي الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة سيّما إذا طلبها، لأنه أعرف بمواقعها، لكن الأقوي عدم وجوبه، فيجوز للمالك مباشرة أو بالاستنابة والتوكيل تفريقها علي الفقراء وصرفها في مصارفها، نعم لو طلبها الفقيه علي وجه الإيجاب: بأن يكون هناك ما يقتضي وجوب صرفها في مصرف بحسب الخصوصيات الموجبة لذلك شرعاً، وكان مقلّداً له()، يجب عليه الدفع إليه من حيث إنه تكليفه الشرعي، لا لمجرّد طلبه وإن كان أحوط كما ذكرنا، بخلاف ما إذا طلبها الإمام عليه السلام في زمان الحضور، فإنه يجب الدفع إليه بمجرّد طلبه من حيث وجوب طاعته في كلّ ما يأمر.

[المسألة الثانية]

الثانية: لا يجب البسط علي الأصناف الثمانية، بل يجوز التخصيص ببعضها، كما لا يجب في كلّ صنف البسط علي أفراده إن تعدّدت، ولا مراعاة أقلّ الجمع الذي هو الثلاثة، بل يجوز تخصيصها بشخص واحد من صنف واحد، لكن يستحب البسط علي الأصناف مع سعتها ووجودهم، بل يستحب مراعاة الجماعة التي أقلّها ثلاثة في كلّ صنف منهم حتي ابن السبيل وسبيل الله، لكن هذا مع عدم مزاحمة جهة أخري مقتضية للتخصيص.

[المسألة الثالثة]

الثالثة: يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب بمقدار فضله، كما أنه يستحب ترجيح الأقارب وتفضيلهم علي الأجانب، وأهل الفقه والعقل علي غيرهم، ومن لا يسأل من الفقراء علي أهل السؤال، ويستحب صرف صدقة المواشي إلي أهل التجمّل من الفقراء، لكن هذه جهات موجبة للترجيح في حدّ نفسها، وقد يعارضها أو يزاحمها مرجّحات أخري فينبغي حينئذٍ ملاحظة الأهمّ والأرجح().

[المسألة الرابعة]

الرابعة: الإجهار بدفع الزكاة أفضل من الإسرار، به بخلاف الصدقات المندوبة فإن الأفضل فيها الإعطاء سرّاً.

[المسالة الخامسة]

الخامسة: إذا قال المالك: أخرجت زكاة مالي أو لم يتعلّق بمالي شي ء، قبل قوله بلا بيّنة ولا يمين ما لم يعلم كذبه، ومع التهمة لا بأس بالتفحّص والتفتيش عنه.

[المسألة السادسة]

السادسة: يجوز عزل الزكاة وتعيينها في مال مخصوص وإن كان من غير الجنس الذي تعلّقت به، من غير فرق بين وجود المستحّق وعدمه علي الأصحّ، وإن كان الأحوط الاقتصار علي الصورة الثانية، وحينئذٍ فتكون في يده أمانة لا يضمنها إلا بالتعدّي أو التفريط، ولا يجوز تبديلها بعد العزل().

[المسألة السابعة]

السابعة: إذا اتّجر بمجموع النصاب قبل أداء الزكاة، كان الربح للفقير بالنسبة() والخسارة عليه، وكذا لو اتّجر بما عزله وعيّنه للزكاة.

[المسألة الثامنة]

الثامنة: تجب الوصية بأداء ما عليه من الزكاة إذا أدركته الوفاة قبله، وكذا الخمس وسائر الحقوق الواجبة، ولو كان الوارث مستحقّاً جاز احتسابه عليه()، ولكن يستحب دفع شي ء منه إلي غيره.

[المسألة التاسعة]

التاسعة: يجوز أن يعدل بالزكاة إلي غير من حضره من الفقراء، خصوصاً مع المرجّحات وإن كانوا مطالبين، نعم الأفضل حينئذٍ الدفع إليهم من باب استحباب قضاء حاجة المؤمن، إلا إذا زاحمه ما هو أرجح.

[المسألة العاشرة]

العاشرة: لا إشكال في جواز نقل الزكاة من بلده إلي غيره مع عدم وجود المستحّق فيه، بل يجب ذلك إذا لم يكن مرجوَّ الوجود بعد ذلك، ولم يتمكن من الصرف في سائر المصارف، ومأونة النقل حينئذٍ من الزكاة، وأما مع كونه مرجوَّ الوجود فيتخيّر بين النقل والحفظ إلي أن يوجد، وإذا تلفت بالنقل لم يضمن مع عدم الرجاء وعدم التمكّن من الصرف في سائر المصارف، وأما معهما فالأحوط الضمان، ولا فرق في النقل بين أن يكون إلي البلد القريب أو البعيد مع الاشتراك في ظنّ السلامة، وإن كان الأولي التفريق في القريب ما لم يكن مرجّح للبعيد.

[المسألة الحادية عشرة]

الحادية عشرة: الأقوي جواز النقل إلي البلد الآخر ولو مع وجود المستحقّ في البلد، وإن كان الأحوط عدمه كما أفتي به جماعة، ولكن الظاهر الإجزاء لو نقل علي هذا القول أيضاً، وظاهر القائلين بعدم الجواز وجوب التقسيم في بلدها لا في أهلها، فيجوز الدفع في بلدها إلي الغرباء وأبناء السبيل، وعلي القولين إذا تلفت بالنقل يضمن، كما أن مأونة النقل عليه لا من الزكاة، ولو كان النقل بإذن الفقيه لم يضمن وإن كان مع وجود المستحقّ في البلد، وكذا بل وأولي منه لو وكلّه في قبضها عنه بالولاية العامّة ثمّ أذن له في نقلها.

[المسألة الثانية عشرة]

الثانية عشرة: لو كان له مال في غير بلد الزكاة أو نقل مالاً له من بلد الزكاة إلي بلد آخر، جاز احتسابه زكاة عمّا عليه في بلده ولو مع وجود المستحقّ فيه، وكذا لو كان له دين في ذمّة شخص في بلد آخر جاز احتسابه زكاة، وليس شي ء من هذه من النقل الذي هو محلّ الخلاف في جوازه وعدمه، فلا إشكال في شي ء منها.

[المسألة الثالثة عشرة]

الثالثة عشرة: لو كان المال الذي فيه الزكاة في بلد آخر غير بلده جاز له نقلها إليه مع الضمان لو تلف، ولكن الأفضل صرفها في بلد المال.

[المسالة الرابعة عشرة]

الرابعة عشرة: إذا قبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية العامّة برئت ذمّة المالك، وإن تلفت عنده بتفريط أو بدونه أو أعطي لغير المستحق اشتباهاً.

[المسألة الخامسة عشرة]

الخامسة عشرة: إذا احتاجت الزكاة إلي كيل أو وزن ، كانت أجرة الكيّال والوزّان علي المالك لا من الزكاة.

[المسألة السادسة عشرة]

السادسة عشرة: إذا تعدّد سبب الاستحقاق في شخص واحد: كأن يكون فقيراً وعاملاً وغارماً مثلاً جاز أن يعطي بكل سبب نصيباً.

[المسألة السابعة عشرة]

السابعة عشرة: المملوك الذي يشتري من الزكاة إذا مات ولا وارث له، ورثه أرباب الزكاة دون الإمام عليه السلام، ولكن الأحوط صرفه في الفقراء فقط.

[المسألة الثامنة عشرة]

الثامنة عشرة: قد عرفت() سابقاً أنه لا يجب الاقتصار في دفع الزكاة علي مأونة السنة، بل يجوز دفع ما يزيد علي غناه إذا أعطي دفعة، فلا حدّ لأكثر ما يدفع إليه وإن كان الأحوط الاقتصار علي قدر الكفاف، خصوصاً في المحترف الذي لا تكفيه حرفته، نعم لو أعطي تدريجاً فبلغ مقدار مأونة السنة حرم عليه أخذ ما زاد للإنفاق، والأقوي أنه لا حدّ لها في طرف القلّة أيضاً، من غير فرق بين زكاة النقدين وغيرهما، ولكن الأحوط عدم النقصان عمّا في النصاب الأول من الفضّة في الفضّة وهو: خمس دراهم، وعمّا في النصاب الأول من الذهب في الذهب وهو: نصف دينار، بل الأحوط مراعاة مقدار ذلك في غير النقدين أيضاً، وأحوط من ذلك مراعاة ما في أول النصاب من كلّ جنس، ففي الغنم والإبل لا يكون أقلّ من شاة، وفي البقر لا يكون أقلّ من تبيع، وهكذا في الغلّات يعطي ما يجب في أول حدّ النصاب.

[المسألة التاسعة عشرة]

التاسعة عشر: يستحب للفقيه أو العامل أو الفقير الذي يأخذ الزكاة الدعاء للمالك ، بل هو الأحوط بالنسبة إلي الفقيه الذي يقبض بالولاية العاّمة.

[المسألة العشرون]

العشرون: يكره لربّ المال طلب تملّك ما أخرجه في الصدقة الواجبة والمندوبة، نعم لو أراد الفقير بيعه بعد تقويمه عند من أراد كان المالك أحقّ به من غيره ولا كراهة، وكذا لو كان جزءاً من حيوان لا يمكن للفقير الانتفاع به، ولا يشتريه غير المالك، أو يحصل للمالك ضرر بشراء الغير فإنه تزول الكراهة حينئذٍ أيضاً، كما أنه لا بأس بإبقائه في ملكه إذا عاد إليه بميراث وشبهه من المملّكات القهريّة.

(9- فصل: في وقت وجوب إخراج الزكاة)

قد عرفت سابقاً: أن وقت تعلّق الوجوب فيما يعتبر فيه الحول حولانه بدخول الشهر الثاني عشر، وأنه يستقرّ الوجوب بذلك وإن احتسب الثاني عشر من الحول الأول لا الثاني، وفي الغلّات التسمية. وأن وقت وجوب الإخراج في الأول هو وقت التعلّق، وفي الثاني هو الخرص والصرم في النخل والكرم، والتصفية في الحنطة والشعير.

وهل الوجوب بعد تحقّقه فوريّ أو لا؟ أقوال، ثالثها: أن وجوب الإخراج ولو بالعزل فوريّ، وأما الدفع والتسليم فيجوز فيه التأخير، والأحوط عدم تأخير الدفع مع وجود المستحقّ وإمكان الإخراج، إلا لغرض كانتظار مستحقّ معيّن أو الأفضل، فيجوز حينئذٍ ولو مع عدم العزل الشهرين والثلاثة بل الأزيد، وإن كان الأحوط حينئذٍ العزل ثمّ الانتظار المذكور، ولكن لو تلف بالتأخير مع إمكان الدفع يضمن .

(1 مسألة): الظاهر أن المناط في الضمان مع وجود المستحقّ هو: التأخير عن الفور العرفي، فلو أخّر ساعة أو ساعتين بل أزيد، فتلفت من غير تفريط فلا ضمان وإن أمكنه الإيصال إلي المستحق من حينه مع عدم كونه حاضراً عنده، وأما مع حضوره فمشكل خصوصاً إذا كان مطالباً.

(2 مسألة): يشترط في الضمان مع التأخير العلم بوجود المستحّق، فلو كان موجوداً لكن المالك لم يعلم() به فلا ضمان، لأنه معذور حينئذٍ

في التأخير.

(3 مسألة): لو أتلف الزكاة المعزولة أو جميع النصاب متلف: فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان يكون الضمان علي المتلف فقط، وإن كان مع التأخير المزبور من المالك فكلّ من المالك والأجنبيّ ضامن، وللفقيه أو العامل الرجوع علي أيّهما شاء، وإن رجع علي المالك رجع هو علي المتلف، ويجوز له الدفع من ماله ثمّ الرجوع علي المتلف .

(4 مسألة): لا يجوز تقديم الزكاة قبل وقت الوجوب علي الأصح ّ، فلو قدّمها كان المال باقياً علي ملكه مع بقاء عينه، ويضمن تلفه القابض إن علم بالحال، وللمالك احتسابه جديداً مع بقائه أو احتساب عوضه مع ضمانه، وبقاء فقر القابض، وله العدول عنه إلي غيره .

(5 مسألة): إذا أراد أن يعطي فقيراً شيئاً ولم يجي ء وقت وجوب الزكاة عليه يجوز أن يعطيه قرضاً، فإذا جاء وقت الوجوب حسبه عليه زكاة بشرط: بقائه علي صفة الاستحقاق، وبقاء الدافع والمال علي صفة الوجوب، ولا يجب عليه ذلك، بل يجوز مع بقائه علي الاستحقاق، الأخذ منه والدفع إلي غيره، وإن كان الأحوط الاحتساب عليه وعدم الأخذ منه .

(6 مسألة): لو أعطاه قرضاً فزاد عنده زيادة متصلة أو منفصلة فالزيادة له لا للمالك، كما أنه لو نقص كان النقص عليه، فإن خرج عن الاستحقاق أو أراد المالك الدفع إلي غيره، يسترّد عوضه لا عينه، كما هو مقتضي حكم القرض، بل مع عدم الزيادة أيضاً ليس عليه إلا رد المثل أو القيمة.

(7 مسألة): لو كان ما أقرض الفقير في أثناء الحول بقصد الاحتساب عليه بعد حلوله بعضاً من النصاب وخرج الباقي عن حده سقط الوجوب علي الأصحّ، لعدم بقائه في ملكه طول الحول، سواء كانت العين باقية عند الفقير أو تالفة، فلا محلّ للاحتساب،

نعم لو أعطاه بعض النصاب أمانة بالقصد المذكور لم يسقط الوجوب مع بقاء عينه عند الفقير، فله الاحتساب حينئذٍ بعد حلول الحول إذا بقي علي الاستحقاق .

(8 مسألة): لو استغني الفقير الذي أقرضه بالقصد المذكور بعين هذا المال ثمّ حال الحول، يجوز الاحتساب عليه لبقائه علي صفة الفقر بسبب هذا الدين، ويجوز الاحتساب من سهم الغارمين أيضاً وأما لو استغني بنماء هذا المال، أو بارتفاع قيمته إذا كان قيميّاً وقلنا: إن المدار قيمته يوم القرض لا يوم الأداء، لم يجز الاحتساب عليه .

(10- فصل: في نية الزكاة)

(10- فصل: في نية الزكاة)

الزكاة من العبادات، فيعتبر فيها نيّة القربة والتعيين() مع تعدّد ما عليه: بأن يكون عليه خمس وزكاة وهو هاشمي فأعطي هاشمياً، فإنه يجب عليه أن يعيّن أنه من أيّهما، وكذا لو كان عليه زكاة وكفّارة فإنه يجب التعيين، بل وكذا إذا كان عليه زكاة المال والفطرة فإنه يجب التعيين علي الأحوط، بخلاف ما إذا اتّحد الحقّ الذي عليه، فإنه يكفيه الدفع بقصد ما في الذمّة وإن جهل نوعه، بل مع التعدّد أيضاً يكفيه التعيين الإجمالي: بأن ينوي ما وجب عليه أولاً، أو ما وجب ثانياً مثلاً.

ولا يعتبر نيّة الوجوب والندب، وكذا لا يعتبر أيضاً نيّة الجنس الذي تخرج منه الزكاة أنه: من الأنعام أو الغلّات أو النقدين، من غير فرق بين أن يكون محلّ الوجوب متّحداً أو متعدّداً، بل ومن غير فرق بين أن يكون نوع الحقّ متّحداً أو متعدّداً: كما لو كان عنده أربعون من الغنم وخمس من الإبل، فإن الحقّ في كلّ منهما شاة، أو كان عنده من أحد النقدين ومن الأنعام، فلا يجب تعيين شي ء من ذلك، سواء كان المدفوع من جنس واحد ممّا عليه أو لا، فيكفي مجرّد قصد كونه

زكاة، بل لو كان له مالان متساويان أو مختلفان حاضران أو غائبان أو مختلفان فأخرج الزكاة عن أحدهما من غير تعيين أجزأه، وله التعيين بعد ذلك ولو نوي الزكاة عنهما وزّعت، بل يقوي التوزيع مع نيّة مطلق الزكاة.

(1 مسألة): لا إشكال في أنه يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة، كما يجوز له التوكيل في الإيصال إلي الفقير.

وفي الأول: ينوي الوكيل حين الدفع إلي الفقير عن المالك، والأحوط تولّي المالك للنيّة أيضاً حين الدفع إلي الوكيل.

وفي الثاني: لا بدّ من تولّي المالك للنيّة حين الدفع إلي الوكيل، والأحوط استمرارها إلي حين دفع الوكيل إلي الفقير.

(2 مسألة): إذا دفع المالك أو وكيله بلا نيّة القربة، له أن ينوي بعد وصول المال إلي الفقير وإن تأخّرت عن الدفع بزمان، بشرط بقاء العين في يده أو تلفها مع ضمانه، كغيرها من الديون، وأما مع تلفها بلا ضمان فلا محلّ للنيّة.

(3 مسألة): يجوز دفع الزكاة إلي الحاكم الشرعي بعنوان الوكالة عن المالك في الأداء، كما يجوز بعنوان الوكالة في الإيصال، ويجوز بعنوان أنه وليّ عامّ علي الفقراء.

ففي الأول: يتولّي الحاكم النيّة وكالة حين الدفع إلي الفقير، والأحوط تولّي المالك أيضاً حين الدفع إلي الحاكم.

وفي الثاني: يكفي نيّة المالك حين الدفع إليه وإبقاؤها مستمرة إلي حين الوصول إلي الفقير.

وفي الثالث: أيضاً ينوي المالك حين الدفع إليه لأن يده حينئذٍ يد الفقير المولَّي عليه .

(4 مسألة): إذا أدّي وليّ اليتيم أو المجنون زكاة مالهما يكون هو المتولّي للنيّة.

(5 مسألة): إذا أدَّي الحاكم الزكاة عن الممتنع يتولَّي هو النيّة عنه، وإذا أخذها() من الكافر يتولّاها أيضاً عند أخذه منه، أو عند الدفع إلي الفقير عن نفسه لا عن الكافر.

(6 مسألة): لو كان له مال

غائب مثلاً فنوي أنه إن كان باقياً فهذا زكاته، وإن كان تالفاً فهو صدقة مستحبة صحّ، بخلاف ما لو ردّد في نيّته ولم يعيّن هذا المقدار أيضاً فنوي أنّ هذا زكاة واجبة أو صدقة مندوبة، فإنه لا يجزئ() .

(7 مسألة): لو أخرج عن ماله الغائب زكاة ثمّ بان كونه تالفاً: فإن كان ما أعطاه باقياً له أن يسترّده، وإن كان تالفاً استرد عوضه إذا كان القابض عالماً بالحال، وإلا فلا.

ختام فيه مسائل متفرقة)

[المسألة الأُولي]

الأولي: استحباب استخراج زكاة مال التجارة ونحوه للصبيّ والمجنون تكليف للولي ّ، وليس من باب النيابة عن الصبيّ والمجنون، فالمناط فيه: اجتهاد الوليّ أو تقليده، فلو كان من مذهبه اجتهاداً أو تقليداً وجوب إخراجها أو استحبابه، ليس للصبي بعد بلوغه معارضته() وإن قلّد من يقول بعدم الجواز، كما أن الحال كذلك في سائر تصّرفات الوليّ في مال الصبيّ أو نفسه: من تزويج ونحوه، فلو باع ماله بالعقد الفارسي، أو عقد له النكاح بالعقد الفارسي، أو نحو ذلك من المسائل الخلافيّة وكان مذهبه الجواز، ليس للصبيّ بعد بلوغه إفساده بتقليد من لا يري الصحّة، نعم لو شكّ الوليّ بحسب الاجتهاد أو التقليد في وجوب الإخراج أو استحبابه أو عدمهما وأراد الاحتياط بالإخراج ففي جوازه إشكال() لأن الاحتياط فيه معارض بالاحتياط في تصرّف مال الصبيّ، نعم لا يبعد ذلك إذا كان الاحتياط وجوبيّاً، وكذا الحال في غير الزكاة: كمسألة وجوب إخراج الخمس من أرباح التجارة للصبيّ حيث إنه محلّ للخلاف، وكذا في سائر التصرّفات في ماله، والمسألة محلّ إشكال مع أنّها سيّالة.

[المسألة الثانية]

الثانية: إذا علم بتعلق الزكاة بماله وشكّ في أنه أخرجها أم لا، وجب عليه الإخراج() للاستصحاب، إلا إذا كان الشكّ بالنسبة إلي السنين الماضية، فإن الظاهر جريان قاعدة الشكّ بعد الوقت أو بعد تجاوز المحل، هذا ولو شكّ في أنه أخرج الزكاة عن مال الصبي، في مورد يستحب إخراجها: كمال التجارة له بعد العلم بتعلّقها به، فالظاهر جواز العمل بالاستصحاب لأنه دليل شرعي، والمفروض أن المناط فيه شكّه ويقينه لأنه المكلّف، لا شكّ الصبيّ ويقينه، وبعبارة أخري: ليس نائباً عنه.

[المسألة الثالثة]

الثالثة: إذا باع الزرع أو الثمر وشكّ في كون البيع بعد زمان تعلّق الوجوب حتي يكون الزكاة عليه، أو قبله حتي يكون علي المشتري، ليس عليه شي ء، إلا إذا كان زمان التعلّق معلوماً وزمان البيع مجهولاً، فإن الأحوط() حينئذٍ إخراجه علي إشكال في وجوبه، وكذا الحال بالنسبة إلي المشتري إذا شكّ في ذلك، فإنه لا يجب عليه شي ء() إلا إذا علم زمان البيع وشكّ في تقدّم التعلّق وتأخّره، فإن الأحوط حينئذٍ إخراجه علي إشكال في وجوبه.

[المسألة الرابعة]

الرابعة: إذا مات المالك بعد تعلّق الزكاة وجب الإخراج من تركته ، وإن مات قبله وجب علي من بلغ سهمه النصاب من الورثة، وإذا لم يعلم أن الموت كان قبل التعلّق أو بعده، لم يجب الإخراج من تركته ولا علي الورثة إذا لم يبلغ نصيب واحد منهم النصاب، إلا مع العلم بزمان التعلّق والشكّ في زمان الموت، فإن الأحوط() حينئذٍ الإخراج علي الإشكال المتقدّم، وأما إذا بلغ نصيب كلّ منهم النصاب أو نصيب بعضهم، فيجب علي من بلغ نصيبه منهم، للعلم الإجمالي بالتعلّق به: إما بتكليف الميّت في حياته أو بتكليفه هو بعد موت مورّثه، بشرط أن يكون: بالغاً عاقلاً، وإلا فلا يجب عليه لعدم العلم الإجماليّ بالتعلّق حينئذٍ.

[المسألة الخامسة]

الخامسة: إذا علم أن مورّثه كان مكلفاً بإخراج الزكاة وشكّ في أنه أدّاها أم لا، ففي وجوب إخراجه من تركته لاستصحاب بقاء تكليفه، أو عدم وجوبه للشكّ في ثبوت التكليف بالنسبة إلي الوارث، واستصحاب بقاء تكليف الميّت لا ينفع في تكليف الوارث، وجهان: أوجههما الثاني، لأن تكليف الوارث بالإخراج فرع تكليف الميّت حتي يتعلّق الحقّ بتركته، وثبوته فرع شكّ الميّت وإجرائه الاستصحاب لا شكّ الوارث، وحال الميّت غير معلوم أنه متيقّن بأحد الطرفين أو شاكّ.

وفرق بين ما نحن فيه وما إذا علم نجاسة يد شخص أو ثوبه سابقاً وهو نائم، ونشكّ في أنه طهّرهما أم لا، حيث إن مقتضي الاستصحاب بقاء النجاسة مع أن حال النائم غير معلوم أنه شاكّ أو متيقّن، إذ في هذا المثال لا حاجة إلي إثبات التكليف بالاجتناب بالنسبة إلي ذلك الشخص النائم، بل يقال: إن يده كانت نجسة والأصل بقاء نجاستها فيجب الاجتناب عنها، بخلاف المقام حيث إن وجوب الإخراج من التركة

فرع ثبوت تكليف الميّت واشتغال ذمّته بالنسبة إليه من حيث هو، نعم لو كان المال الذي تعلّق به الزكاة موجوداً أمكن أن يقال(): الأصل بقاء الزكاة فيه.

ففرق() بين صورة الشكّ في تعلّق الزكاة بذمّته وعدمه، والشكّ في أن هذا المال الذي كان فيه الزكاة، أخرجت زكاته أم لا، هذا كلّه إذا كان الشكّ في مورد لو كان حيّاً وكان شاكّاً وجب عليه الإخراج()، وأما إذا كان الشكّ بالنسبة إلي الاشتغال بزكاة السنة السابقة أو نحوها ممّا يجري فيه قاعدة: التجاوز والمضيّ وحمل فعله علي الصحّة فلا إشكال، وكذا الحال إذا علم اشتغاله بدَين أو كفّارة أو نذر أو خمس أو نحو ذلك.

[المسألة السادسة]

السادسة: إذا علم اشتغال ذمته إما بالخمس أو الزكاة، وجب عليه إخراجهما()، إلا إذا كان هاشمياً فإنه يجوز أن يعطي للهاشمي بقصد ما في الذمّة، وإن اختلف مقدارهما قلّة وكثرة أخذ بالأقلّ، والأحوط الأكثر.

[المسألة السابعة]

السابعة: إذا علم إجمالاً أن حنطته بلغت النصاب أو شعيره ولم يتمكّن من التعيين، فالظاهر: وجوب الاحتياط بإخراجهما، إلا إذا أخرج بالقيمة فإنه يكفيه إخراج قيمة أقلّهما قيمة علي إشكال، لأن الواجب أولاً هو العين ومردّد بينهما إذا كانا موجودين، بل في صورة التلف أيضاً لأنهما مثليّان، وإذا علم أن عليه: إما زكاة خمس من الإبل، أو زكاة أربعين شاة، يكفيه إخراج شاة، وإذا علم أن عليه: إما زكاة ثلاثين بقرة، أو أربعين شاة، وجب الاحتياط إلا مع التلف فإنه يكفيه قيمة شاة، وكذا الكلام في نظائر المذكورات.

[المسألة الثامنة]

الثامنة: إذا كان عليه الزكاة فمات قبل أدائها، هل يجوز إعطاؤها من تركته لواجب النفقة عليه حال حياته أم لا؟ إشكال().

[المسألة التاسعة]

التاسعة: إذا باع النصاب بعد وجوب الزكاة وشرط علي المشتري زكاته لا يبعد الجواز، إلا إذا قصد كون الزكاة عليه لا أن يكون نائباً عنه فإنه مشكل().

[المسألة العاشرة]

العاشر: إذا طلب من غيره أن يؤدي زكاته تبرّعاً من ماله ، جاز وأجزأ عنه، ولا يجوز للمتبرّع الرجوع عليه، وأما إن طلب ولم يذكر التبرّع فأدّاها عنه من ماله، فالظاهر: جواز رجوعه عليه بعوضه لقاعدة احترام المال، إلا إذا علم كونه متبرّعاً.

[المسألة الحادية عشرة]

الحادية عشرة: إذا وكل غيره في أداء زكاته أو في الإيصال إلي الفقير، هل تبرأ ذمّته بمجرّد ذلك()، أو يجب العلم بأنه أدّاها، أو يكفي إخبار الوكيل بالأداء؟ لا يبعد جواز الاكتفاء إذا كان الوكيل عدلاً بمجرّد الدفع إليه.

[المسألة الثانية وعشرة]

الثانية عشرة: إذا شكّ في اشتغال ذمّته بالزكاة، فأعطي شيئاً للفقير ونوي: أنه إن كان عليه الزكاة كان زكاة، وإلا فإن كان عليه مظالم كان منها، وإلا فإن كان علي أبيه زكاة كان زكاة له، وإلا فمظالم له، وإن لم يكن علي أبيه شي ء فلجده إن كان عليه وهكذا، فالظاهر: الصحة.

[المسألة الثالثة عشرة]

الثالثة عشرة: لا يجب الترتيب في أداء الزكاة بتقديم ما وجب عليه أولاً فأولاً، فلو كان عليه زكاة السنة السابقة وزكاة الحاضرة جاز تقديم الحاضرة بالنيّة، ولو أعطي من غير نيّة التعيين، فالظاهر: التوزيع().

[المسألة الرابعة عشرة]

الرابعة عشرة: في المزارعة الفاسدة الزكاة مع بلوغ النصاب علي صاحب البذر وفي الصحيحة منها عليهما إذا بلغ نصيب كلّ منهما، وإن بلغ نصيب أحدهما دون الآخر فعليه فقط، وإن لم يبلغ نصيب واحد منهما فلا يجب علي واحد منهما وإن بلغ المجموع النصاب .

[المسالة الخامسة عشرة]

الخامسة عشرة: يجوز للحاكم الشرعي أن يقترض علي الزكاة ويصرفه في بعض مصارفها: كما إذا كان هناك مفسدة لا يمكن دفعها إلا بصرف مال ولم يكن عنده ما يصرفه فيه، أو كان فقير مضطر لا يمكنه إعانته ورفع اضطراره إلا بذلك، أو ابن سبيل كذلك، أو تعمير قنطرة أو مسجد أو نحو ذلك وكان لا يمكن تأخيره، فحينئذٍ يستدين علي الزكاة ويصرف وبعد حصولها يؤدّي الدَّين منها.

وإذا أعطي فقيراً من هذا الوجه وصار عند حصول الزكاة غنيّاً لا يسترجع منه، إذ المفروض أنه أعطاه بعنوان الزكاة، وليس هذا من باب إقراض الفقير والاحتساب عليه بعد ذلك، إذ في تلك الصورة تشتغل ذمّة الفقير، بخلاف المقام فإن الدين علي الزكاة ولا يضرّ عدم كون الزكاة ذات ذمّة تشتغل، لأن هذه الأمور اعتباريّة والعقلاء يصحّحون هذا الاعتبار.

ونظيره استدانة متولّي الوقف لتعميره ثمّ الأداء بعد ذلك من نمائه، مع أنه في الحقيقة راجع إلي اشتغال ذمّة أرباب الزكاة من الفقراء والغارمين وأبناء السبيل من حيث هم من مصارفها، لا من حيث هم هم، وذلك مثل ملكيتّهم للزكاة فإنها ملك لنوع المستحقّين، فالدين أيضاً علي نوعهم من حيث إنهم من مصارفه لا من حيث أنفسهم، ويجوز أن يستدين علي نفسه من حيث ولايته علي الزكاة، وعلي المستحقّين بقصد الأداء من مالهم، ولكن في الحقيقة هذا أيضاً يرجع إلي الوجه الأول.

وهل يجوز لآحاد المالكين إقراض الزكاة

قبل أوان وجوبها، أو الاستدانة لها علي حذو ما ذكرنا في الحاكم؟ وجهان().

ويجري جميع ما ذكرنا في الخمس والمظالم ونحوهما.

[المسألة السادسة عشرة]

السادسة عشرة: لا يجوز للفقير ولا للحاكم الشرعي أخذ الزكاة من المالك ثمّ الرد عليه، المسّمي بالفارسية به «دست گردان» أو المصالحة معه بشي ء يسير، أو قبول شي ء منه بأزيد من قيمته أو نحو ذلك، فإن كلّ هذه حيل في تفويت حقّ الفقراء، وكذا بالنسبة إلي الخمس والمظالم ونحوهما، نعم لو كان شخص عليه من الزكاة أو المظالم أو نحوهما مبلغ كثير وصار فقيراً لا يمكنه أداؤها وأراد أن يتوب إلي الله تعالي، لا بأس بتفريغ ذمّته بأحد الوجوه المذكورة، ومع ذلك إذا كان مرجوّ التمكّن بعد ذلك، فالأولي أن يشترط عليه أداءها بتمامها عنده .

[المسألة السابعة عشرة]

السابعة عشرة: اشتراط التمكّن من التصرّف فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام والنقدين معلوم، وأما فيما لا يعتبر فيه كالغلّات ففيه خلاف وإشكال().

[المسألة الثامنة عشرة]

الثامنة عشرة: إذا كان له مال مدفون في مكان ونسي موضعه بحيث لا يمكنه العثور عليه، لا يجب فيه الزكاة إلا بعد العثور ومضيّ الحول من حينه، وأما إذا كان في صندوقه مثلاً لكنّه غفل عنه بالمرّة فلا يتمكّن من التصرّف فيه من جهة غفلته وإلا فلو التفت إليه أمكنه التصرّف فيه، يجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول، ويجب التكرار إذا حال عليه أحوال، فليس هذا من عدم التمكّن الذي هو قادح في وجوب الزكاة.

[المسألة التاسعة عشرة]

التاسعة عشرة: إذا نذر أن لا يتصرّف في ماله الحاضر شهراً أو شهرين، أو أكرهه مكره علي عدم التصرّف، أو كان مشروطاً عليه في ضمن عقد لازم، ففي منعه من وجوب الزكاة وكونه من عدم التمكّن من التصرّف الذي هو موضوع الحكم، إشكال()، لأن القدر المتيقّن ما إذا لم يكن المال حاضراً عنده، أو كان حاضراً وكان بحكم الغائب عرفاً.

[المسألة العشرون]

العشرون: يجوز أن يشتري من زكاته عن سهم سبيل الله كتاباً أو قرآناً أو دعاءً، ويوقفه ويجعل التولية بيده أو يد أولاده، ولو أوقفه علي أولاده وغيرهم ممن يجب نفقته عليه فلا بأس به أيضاً()، نعم لو اشتري خاناً أو بستاناً ووقفه علي من تجب نفقته عليه لصرف نمائه في نفقتهم فيه إشكال().

[المسألة الحادية والعشرون]

الحادية والعشرون: إذا كان ممتنعاً من أداء الزكاة، لا يجوز للفقير المقاصّة من ماله إلا بإذن الحاكم الشرعي في كلّ مورد.

[المسألة الثانية والعشرون]

الثانية والعشرون: لا يجوز إعطاء الزكاة للفقير من سهم الفقراء للزيارة أو الحجّ أو نحوهما من القرب()، ويجوز من سهم سبيل الله.

[المسألة الثالثة والعشرون]

الثالثة والعشرون: يجوز صرف الزكاة من سهم سبيل الله في كلّ قربة، حتي إعطائها للظالم لتخليص المؤمنين من شرّه إذا لم يمكن دفع شرّه إلا بهذا.

[المسألة الرابعة والعشرون]

الرابعة والعشرون: لو نذر أن يكون نصف ثمر نخله أو كرمه، أو نصف حبّ زرعه لشخص بعنوان نذر النتيجة وبلغ ذلك النصاب، وجبت الزكاة علي ذلك الشخص أيضاً، لأنه مالك له حين تعلّق الوجوب، وأما لو كان بعنوان نذر الفعل فلا تجب علي ذلك الشخص، وفي وجوبها علي المالك بالنسبة إلي المقدار المنذور إشكال().

[المسألة الخامسة والعشرون]

الخامسة والعشرون: يجوز للفقير أن يوكّل شخصاً يقبض له الزكاة من أيَّ شخص وفي أيَّ مكان، كان ويجوز للمالك إقباضه إياه مع علمه بالحال، وتبرأ ذمّته وإن تلفت في يد الوكيل قبل الوصول إلي الفقير، ولا مانع من أن يجعل الفقير للوكيل جعلاً علي ذلك.

[المسألة السادسة والعشرون]

السادسة والعشرون: لا تجري الفضوليّة في دفع الزكاة، فلو أعطي فضوليّ زكاة شخص من ماله من غير إذنه فأجاز بعد ذلك لم يصحّ، نعم لو كان المال باقياً في يد الفقير أو تالفاً مع ضمانه بأن يكون عالماً بالحال، يجوز له الاحتساب إذا كان باقياً علي فقره.

[المسألة السابعة والعشرون]

السابعة والعشرون: إذا وكلّ المالك شخصاً في إخراج زكاته من ماله، أو أعطاه له وقال: ادفعه إلي الفقراء، يجوز له الأخذ منه لنفسه إن كان فقيراً مع علمه بأن غرضه الإيصال إلي الفقراء، وأما إذا احتمل كون غرضه الدفع إلي غيره فلا يجوز.

[المسألة الثامنة والعشرون]

الثامنة والعشرون: لو قبض الفقير بعنوان الزكاة أربعين شاة دفعة أو تدريجاً وبقيت عنده سنة، وجب عليه إخراج زكاتها، وهكذا في سائر الأنعام والنقدين.

[المسألة التاسعة والعشرون]

التاسعة والعشرون: لو كان مال زكويّ مشتركاً بين اثنين مثلاً وكان نصيب كلّ منهما بقدر النصاب، فأعطي أحدهما زكاة حصّته من مال آخر، أو منه بإذن الآخر قبل القسمة ثمّ اقتسماه: فإن احتمل المزكّي أن شريكه يؤدّي زكاته فلا إشكال، وإن علم أنه لا يؤدّي ففيه إشكال من حيث تعلّق الزكاة بالعين فيكون مقدار منها في حصّته .

[المسألة الثلاثون]

الثلاثون: قد مرّ() أن الكافر مكلّف بالزكاة ولا تصحّ منه، وإن كان لو أسلم سقطت عنه ، وعلي هذا: فيجوز للحاكم إجباره علي الإعطاء له أو أخذها من ماله قهراً عليه، ويكون هو المتولّي للنيّة، وإن لم يؤخذ منه حتي مات كافراً، جاز الأخذ من تركته، وإن كان وارثه مسلماً وجب عليه، كما أنه لو اشتري مسلم تمام النصاب منه، كان شراؤه بالنسبة إلي مقدار الزكاة، فضولياً وحكمه حكم ما إذا اشتري من المسلم قبل إخراج الزكاة وقد مرّ سابقاً.

[المسألة الحادية والثلاثون]

الحادية والثلاثون: إذا بقي من المال الذي تعلّق به الزكاة والخمس مقدار لا يفي بهما ولم يكن عنده غيره ، فالظاهر: وجوب التوزيع بالنسبة، بخلاف ما إذا كانا في ذمّته ولم يكن عنده ما يفي بهما، فإنه مخيّر() بين التوزيع وتقديم أحدهما، وإذا كان عليه خمس أو زكاة ومع ذلك عليه من دين الناس والكفّارة والنذر والمظالم وضاق ماله عن أداء الجميع: فإن كانت العين التي فيها الخمس أو الزكاة موجودة وجب تقديمهما علي البقيّة، وإن لم تكن موجودة فهو مخيّر بين تقديم أيّها شاء، ولا يجب التوزيع وإن كان أولي()، نعم إذا مات وكان عليه هذه الأمور وضاقت التركة وجب التوزيع بالنسبة كما في غرماء المفلّس، وإذا كان عليه حجّ واجب أيضاً كان في عرضها().

[المسألة الثانية والثلاثون]

الثانية والثلاثون: الظاهر أنه لا مانع من إعطاء الزكاة للسائل بكفّه، وكذا في الفطرة، ومن منع من ذلك كالمجلسيّ في زاد المعاد في باب زكاة الفطرة لعلّ نظره إلي حرمة السؤال واشتراط العدالة في الفقير، وإلا فلا دليل عليه بالخصوص، بل قال المحقّق القمّي: لم أر من استثناه فيما رأيته من كلمات العلماء سوي المجلسيّ في زاد المعاد، قال: ولعلّه سهو منه، وكأنه كان يريد الاحتياط فسهي وذكره بعنوان الفتوي.

[المسألة الثالثة والثلاثون]

الثالثة والثلاثون: الظاهر بناءً علي اعتبار العدالة في الفقير: عدم جواز أخذه أيضاً، لكن ذكر المحقّق القمّي أنه مختصّ بالإعطاء، بمعني: أنه لا يجوز للمعطي أن يدفع إلي غير العادل، وأما الآخذ فليس مكلّفاً بعدم الأخذ.

[المسألة الرابعة والثلاثون]

الرابعة والثلاثون: لا إشكال في وجوب قصد القربة في الزكاة، وظاهر كلمات العلماء أنها شرط في الإجزاء فلو لم يقصد القربة لم يكن زكاة ولم يجز، ولو لا الإجماع أمكن الخدشة فيه، ومحلّ الإشكال غير ما إذا كان قاصداً للقربة في العزل وبعد ذلك نوي الرياء مثلاً حين دفع ذلك المعزول إلي الفقير، فإن الظاهر إجزاؤه() وإن قلنا باعتبار القربة، إذ المفروض تحققّها حين الإخراج والعزل.

[المسألة الخامسة والثلاثون]

الخامسة والثلاثون: إذا وكّل شخصاً في إخراج زكاته وكان الموكّل قاصداً للقربة وقصد الوكيل الرياء، ففي الإجزاء إشكال()، وعلي عدم الإجزاء يكون الوكيل ضامناً.

[المسألة السادسة والثلاثون]

السادسة والثلاثون: إذا دفع المالك الزكاة إلي الحاكم الشرعي ليدفعها للفقراء، فدفعها لا بقصد القربة: فإن كان أخذ الحاكم ودفعه بعنوان الوكالة عن المالك أشكل الإجزاء() كما مرّ وإن كان المالك قاصداً للقربة حين دفعها للحاكم، وإن كان بعنوان الولاية علي الفقراء فلا إشكال في الإجزاء إذا كان المالك قاصداً للقربة بالدفع إلي الحاكم، لكن بشرط أن يكون إعطاء الحاكم بعنوان الزكاة، وأما إذا كان لتحصيل الرئاسة فهو مشكل()، بل الظاهر ضمانه حينئذٍ وإن كان الآخذ فقيراً.

[المسألة السابعة والثلاثون]

السابعة والثلاثون: إذا أخذ الحاكم الزكاة من الممتنع كرهاً يكون هو المتولّي للنيّة، وظاهر كلماتهم: الإجزاء ولا يجب علي الممتنع بعد ذلك شي ء، وإنما يكون عليه الإثم من حيث امتناعه، لكنّه لا يخلو عن إشكال() بناء علي اعتبار قصد القربة، إذ قصد الحاكم لا ينفعه فيما هو عبادة واجبة عليه.

[المسألة الثامنة والثلاثون]

الثامنة والثلاثون: إذا كان المشتغل بتحصيل العلم قادراً علي الكسب إذا ترك التحصيل، لا مانع من إعطائه من الزكاة إذا كان ذلك العلم ممّا يستحب تحصيله()، وإلا فمشكل.

[المسألة التاسعة والثلاثون]

التاسعة والثلاثون: إذا لم يكن الفقير المشتغل بتحصيل العلم الراجح شرعاً قاصداً للقربة لا مانع من إعطائه الزكاة، وأما إذا كان قاصداً للرياء أو للرئاسة المحرّمة، ففي جواز إعطائه إشكال() من حيث كونه إعانة علي الحرام.

[المسألة الأربعون]

الأربعون: حكي عن جماعة عدم صحّة دفع الزكاة في المكان المغصوب نظراً إلي أنه من العبادات فلا يجتمع مع الحرام، ولعلّ نظرهم إلي غير صورة الاحتساب علي الفقير من دين له عليه، إذ فيه لا يكون تصرّفاً في ملك الغير، بل إلي صورة الإعطاء والأخذ حيث إنهما فعلان خارجيّان، ولكنّه أيضاً مشكل من حيث إن الإعطاء الخارجيّ مقدّمة للواجب وهو الإيصال الذي هو أمر انتزاعيّ معنويّ، فلا يبعد الإجزاء.

[المسألة الحادية والأربعون]

الحادية والأربعون: لا إشكال في اعتبار التمكّن من التصرّف في وجوب الزكاة فيما يعتبر فيه الحول : كالأنعام والنقدين كما مرّ سابقاً، وأما ما لا يعتبر فيه الحول: كالغلّات فلا يعتبر التمكّن من التصرّف فيها قبل حال تعلّق الوجوب بلا إشكال، وكذا لا إشكال في أنه لا يضرّ عدم التمكّن بعده إذا حدث التمكّن بعد ذلك، وإنما الإشكال والخلاف في اعتباره حال تعلق الوجوب، والأظهر عدم اعتباره() فلو غصب زرعه غاصب وبقي مغصوباً إلي وقت التعلّق ثمّ رجع إليه بعد ذلك وجبت زكاته .

[زكاة الفطرة]

(فصل: في زكاة الفطرة)

وهي واجبة إجماعاً من المسلمين.

ومن فوائدها: أنها تدفع الموت في تلك السنة عمّن أدّيت عنه.

ومنها: أنها توجب قبول الصوم ، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال لوكيله: «اذهب فأعط من عيالنا الفطرة أجمعهم، ولا تدع منهم أحداً،ً فإنك إن تركت منهم أحداً تخّوفت عليه الفوت. قلت: وما الفوت؟ قال عليه السلام: الموت ».

وعنه عليه السلام: «إن من تمام الصوم إعطاء الزكاة، كما أن الصلاة علي النبيّ صلَّي الله عليه وآله وسلّم من تمام الصلاة، لأنه من صام ولم يؤدّ الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمّداً، ولا صلاة له إذا ترك الصلاة علي النبيّ صلّي الله عليه وآله الله وسلّم، إن الله تعالي قد بدأ بها قبل الصلاة وقال: ?قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّي وذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّي?» والمراد بالزكاة في هذا الخبر هو: زكاة الفطرة، كما يستفاد من بعض الأخبار المفسّرة للآية.

والفطرة: إما بمعني الخلقة، فزكاة الفطرة أي: زكاة البدن من حيث إنها تحفظه عن الموت أو تطهره عن الأوساخ.

وإما بمعني الدين أي: زكاة الإسلام والدين.

وإما بمعني الإفطار لكون وجوبها يوم الفطر.

والكلام في: شرائط وجوبها، ومن تجب عليه، وفي من تجب عنه، وفي

جنسها، وفي قدرها، وفي وقتها، وفي مصرفها، فهنا فصول :

(1- فصل: في شرائط وجوبها)

وهي أمور:

الأول: التكليف ، فلا تجب علي الصبيّ والمجنون ولا علي وليهما أن يؤدي عنهما من مالهما، بل يقوي سقوطها عنهما بالنسبة إلي عيالهما أيضاً.

الثاني: عدم الإغماء، فلا تجب علي من أهلّ شوّال عليه وهو مغمي عليه .

الثالث: الحرية، فلا تجب علي المملوك وإن قلنا إنه يملك، سواء كان قنّاً أو مدَّبراً أو أم ولد أو مكاتباً مشروطاً أو مطلقاً ولم يؤدّ شيئاً، فتجب فطرتهم علي المولي، نعم لو تحرّر من المملوك شي ء وجبت عليه وعلي المولي بالنسبة مع حصول الشرائط.

الرابع: الغني، وهو أن يملك قوت سنة له ولعياله زائداً علي ما يقابل الدَّين() ومستثنياته فعلاً أو قوّة: بأن يكون له كسب يفي بذلك، فلا تجب علي الفقير وهو من لا يملك ذلك، وإن كان الأحوط إخراجها إذا كان مالكاً لقوت السنة وإن كان عليه دَين، بمعني: أن الدَّين لا يمنع من وجوب الإخراج ويكفي ملك قوت السنة، بل الأحوط الإخراج إذا كان مالكاً عين أحد النصب الزكويّة أو قيمتها وإن لم يكفه لقوت سنته، بل الأحوط إخراجها إذا زاد علي مأونة يومه وليلته صاع .

(1 مسألة): لا يعتبر في الوجوب كونه مالكاً مقدار الزكاة زائداً علي مأونة السنة، فتجب وإن لم يكن له الزيادة علي الأقوي() والأحوط.

(2 مسألة): لا يشترط في وجوبها الإسلام، فتجب علي الكافر() لكن لا يصح أداؤها منه ، وإذا أسلم بعد الهلال سقط عنه، وأما المخالف إذا استبصر بعد الهلال فلا تسقط عنه .

(3 مسألة): يعتبر فيها نيّة القربة، كما في زكاة المال، فهي من العبادات، ولذا لا تصحّ() من الكافر.

(4 مسألة): يستحب للفقير إخراجها أيضاً وإن لم يكن عنده إلا صاع، يتصدّق به علي عياله

ثمّ يتصدّق به علي الأجنبيّ بعد أن ينتهي الدور، ويجوز أن يتصدّق به علي واحد منهم أيضاً وإن كان الأولي والأحوط الأجنبيّ، وإن كان فيهم صغير أو مجنون يتولّي الوليّ له، الأخذ له والإعطاء عنه، وإن كان الأولي والأحوط أن يتملّك الوليّ لنفسه ثمّ يؤدّي عنهما.

(5 مسألة): يكره تملّك ما دفعه زكاة وجوباً أو ندباً، سواء تملّكه صدقة أو غيرها علي ما مرّ في زكاة المال .

(6 مسألة): المدار في وجوب الفطرة: إدراك غروب ليلة العيد جامعاً للشرائط، فلو جنّ أو أغمي عليه أو صار فقيراً قبل الغروب ولو بلحظة، بل أو مقارناً للغروب لم تجب عليه، كما أنه لو اجتمعت الشرائط بعد فقدها قبله أو مقارناً له وجبت: كما لو بلغ الصبيّ أو زال جنونه ولو الأدواري أو أفاق من الإغماء أو ملك ما يصير به غنيّاً أو تحرّر وصار غنيّاً أو أسلم الكافر، فإنها تجب عليهم، ولو كان البلوغ أو العقل أو الإسلام مثلاً بعد الغروب لم تجب، نعم يستحب إخراجها إذا كان ذلك بعد الغروب إلي ما قبل الزوال من يوم العيد.

(2- فصل: فيمن تجب عنه)

يجب إخراجها بعد تحقّق شرائطها عن نفسه وعن كلّ من يعوله حين دخول ليلة الفطر، من غير فرق بين واجب النفقة عليه وغيره والصغير والكبير والحرّ والمملوك والمسلم والكافر والأرحام وغيرهم، حتي المحبوس عندهم ولو علي وجه محرّم.

وكذا تجب عن الضيف بشرط صدق كونه عيالاً له وإن نزل عليه في آخر يوم من رمضان، بل وإن لم يأكل عنده شيئاً، لكن بالشرط المذكور وهو: صدق العيلولة عليه عند دخول ليلة الفطر، بأن يكون بانياً() علي البقاء عنده مدّة، ومع عدم الصدق تجب علي نفسه، لكن الأحوط أن يخرج صاحب المنزل عنه

أيضاً، حيث إن بعض العلماء اكتفي في الوجوب عليه: مجرّد صدق اسم الضيف، وبعضهم اعتبر كونه عنده تمام الشهر، وبعضهم العشر الأواخر وبعضهم الليلتين الأخيرتين، فمراعاة الاحتياط أولي. وأما الضيف النازل بعد دخول الليلة فلا تجب الزكاة عنه وإن كان مدعوّاً قبل ذلك() .

(1 مسألة): إذا ولد له ولد، أو ملك مملوكاً، أو تزوّج بامرأة قبل الغروب من ليلة الفطر أو مقارناً له وجبت الفطرة عنه إذا كان عيالاً له، وكذا غير المذكورين ممن يكون عيالاً، وإن كان بعده لم تجب، نعم يستحب الإخراج عنه إذا كان ذلك بعده وقبل الزوال من يوم الفطر.

(2 مسألة): كلّ من وجبت فطرته علي غيره سقطت عن نفسه وإن كان غنيّاً وكانت واجبة عليه لو انفرد، وكذا لو كان عيالاً لشخص ثمّ صار وقت الخطاب عيالاً لغيره، ولا فرق في السقوط عن نفسه بين أن يخرج عنه من وجبت عليه أو تركه عصياناً أو نسياناً، لكن الأحوط الإخراج عن نفسه حينئذٍ، نعم لو كان المعيل فقيراً والعيال غنيّاً فالأقوي() وجوبها علي نفسه ولو تكلّف المعيل الفقير بالإخراج علي الأقوي، وإن كان السقوط حينئذٍ لا يخلو عن وجه() .

(3 مسألة): تجب الفطرة عن الزوجة، سواء كانت دائمة أو متعة مع العيلولة لهما، من غير فرق بين وجوب النفقة عليه أو لا لنشوز أو نحوه، وكذا المملوك وإن لم تجب نفقته عليه، وأما مع عدم العيلولة فالأقوي عدم الوجوب عليه وإن كانوا من واجبي النفقة عليه، وإن كان الأحوط الإخراج خصوصاً مع وجوب نفقتهم عليه، وحينئذٍ: ففطرة الزوجة علي نفسها إذا كانت غنيّة ولم يعلها الزوج ولا غير الزوج أيضاً، وأما إن عالها أو عال المملوك غير الزوج والمولي فالفطرة عليه مع غناه .

(4

مسألة): لو أنفق الوليّ علي الصغير أو المجنون من مالهما سقطت الفطرة عنه وعنهما.

(5 مسألة): يجوز التوكيل في دفع الزكاة إلي الفقير من مال الموكّل ويتولّي الوكيل النيّة، والأحوط نيّة الموكّل أيضاً علي حسب ما مرّ في زكاة المال، ويجوز توكيله في الإيصال ويكون المتولَّي حينئذٍ هو نفسه، ويجوز الإذن في الدفع عنه أيضاً لا بعنوان الوكالة وحكمه حكمها، بل يجوز توكيله أو إذنه في الدفع من ماله بقصد الرجوع عليه بالمثل أو القيمة، كما يجوز التبرّع به من ماله بإذنه أو لا بإذنه، وإن كان الأحوط عدم الاكتفاء في هذا وسابقة.

(6 مسألة): من وجب عليه فطرة غيره لا يجزيه() إخراج ذلك الغير عن نفسه، سواء كان غنيّاً أو فقيراً وتكلّف بالإخراج، بل لا تكون حينئذٍ فطرة حيث إنه غير مكلّف بها، نعم لو قصد التبرّع بها عنه أجزأه علي الأقوي، وإن كان الأحوط العدم .

(7 مسألة): تحرم فطرة غير الهاشميّ علي الهاشميّ كما في زكاة المال، وتحلّ فطرة الهاشميّ علي الصنفين، والمدار علي المعيل لا العيال، فلو كان العيال هاشميّاً دون المعيل لم يجز دفع فطرته إلي الهاشميّ، وفي العكس يجوز.

(8 مسألة): لا فرق في العيال بين أن يكون حاضراً عنده وفي منزله أو منزل آخر أو غائباً عنه ، فلو كان له مملوك في بلد آخر لكنّه ينفق علي نفسه من مال المولي يجب عليه زكاته، وكذا لو كانت له زوجة أو ولد كذلك، كما أنه إذا سافر عن عياله وترك عندهم ما ينفقون به علي أنفسهم يجب عليه زكاتهم، نعم لو كان الغائب في نفقة غيره لم يكن عليه، سواء كان الغير موسراً ومؤدّياً أو لا، وإن كان الأحوط في الزوجة والمملوك إخراجه عنهما

مع فقر العائل أو عدم أدائه، وكذا لا تجب عليه إذا لم يكونوا في عياله ولا في عيال غيره، ولكن الأحوط في المملوك والزوجة ما ذكرنا من الإخراج عنهما حينئذٍ أيضاً.

(9 مسألة): الغائب عن عياله الذين في نفقته يجوز أن يخرج عنهم ، بل يجب إلا إذا وكّلهم أن يخرجوا من ماله الذي تركه عندهم، أو أذن لهم في التبرّع عنه .

(10 مسألة): المملوك المشترك بين مالكين، زكاته عليهما بالنسبة إذا كان في عيالهما معاً وكانا موسرين، ومع إعسار أحدهما تسقط وتبقي حصّة الآخر، ومع إعسارهما تسقط عنهما، وإن كان في عيال أحدهما وجبت عليه مع يساره، وتسقط عنه وعن الآخر مع إعساره وإن كان الآخر موسراً، لكن الأحوط إخراج حصّته، وإن لم يكن في عيال واحد منهما سقطت عنهما أيضاً، ولكن الأحوط الإخراج مع اليسار كما عرفت مراراً، ولا فرق في كونها عليهما مع العيلولة لهما بين صورة المهاياة وغيرها وإن كان حصول وقت الوجوب في نوبة أحدهما، فإن المناط: العيلولة المشتركة بينهما بالفرض، ولا يعتبر اتّفاق جنس المخرج من الشريكين، فلأحدهما إخراج نصف صاع من شعير، والآخر من حنطة، لكن الأولي بل الأحوط الاتّفاق .

(11 مسألة): إذا كان شخص في عيال اثنين : بأن عالاه معاً، فالحال كما مرّ في المملوك بين شريكين، إلا في مسألة الاحتياط المذكور فيه، نعم الاحتياط بالاتّفاق في جنس المخرج جار هنا أيضاً، وربما يقال بالسقوط عنهما، وقد يقال بالوجوب عليهما كفاية، والأظهر ما ذكرنا.

(12 مسألة): لا إشكال في وجوب فطرة الرضيع علي أبيه إن كان هو المنفق علي مرضعته، سواء كانت أمّاً له أو أجنبيّة، وإن كان المنفق غيره فعليه، وإن كانت النفقة من ماله فلا تجب علي أحد، وأما الجنين

فلا فطرة له إلا إذا تولّد قبل الغروب، نعم يستحب إخراجها عنه إذا تولّد بعده إلي ما قبل الزوال كما مرّ.

(13 مسألة): الظاهر عدم اشتراط كون الإنفاق من المال الحلال، فلو أنفق علي عياله من المال الحرام من غصب أو نحوه وجب عليه زكاتهم .

(14 مسألة): الظاهر عدم اشتراط صرف عين ما أنفقه أو قيمته بعد صدق العيلولة، فلو أعطي زوجته نفقتها وصرفت غيرها في مصارفها وجب عليه زكاتها، وكذا في غيرها.

(15 مسألة): لو ملّك شخصاً مالاً هبة أو صلحاً أو هديّة، وهو أنفقه علي نفسه، لا يجب عليه زكاته لأنه لا يصير عيالاً له بمجرّد ذلك، نعم لو كان من عياله عرفاً ووهبه مثلاً لينفقه علي نفسه فالظاهر الوجوب .

(16 مسألة): لو استأجر شخصاً واشترط في ضمن العقد أن يكون نفقته عليه ، لا يبعد وجوب إخراج فطرته، نعم لو اشترط عليه مقدار نفقته فيعطيه دراهم مثلاً ينفق بها علي نفسه لم تجب عليه، والمناط: الصدق العرفيّ في عدّه من عياله وعدمه .

(17 مسألة): إذا نزل عليه نازل قهراً عليه ومن غير رضاه وصار ضيفاً عنده مدّة، هل تجب عليه فطرته أم لا؟ إشكال. وكذا لو عال شخصاً بالإكراه والجبر من غيره، نعم في مثل العامل الذي يرسله الظالم لأخذ مال منه فينزل عنده مدّة ظلماً وهو مجبور في طعامه وشرابه، فالظاهر: عدم الوجوب لعدم صدق العيال ولا الضيف عليه .

(18 مسألة): إذا مات قبل الغروب من ليلة الفطر لم يجب في تركته شي ء، وإن مات بعده وجب الإخراج من تركته عنه وعن عياله، وإن كان عليه دين وضاقت التركة قسّمت عليهما بالنسبة.

(19 مسألة): المطلّقة رجعيّاً فطرتها علي زوجها، دون البائن() ،إلا إذا كانت حاملاً ينفق عليها.

(20 مسألة): إذا كان

غائباً عن عياله أو كانوا غائبين عنه وشكّ في حياتهم ، فالظاهر: وجوب فطرتهم مع إحراز العيلولة علي فرض الحياة.

(3- فصل: في جنسها وقدرها)

والضابط في الجنس: القوت الغالب لغالب الناس، وهو: الحنطة والشعير والتمر والزبيب والأرّز والأقطّ واللّبن والذرّة وغيرها، والأحوط الاقتصار علي الأربعة الأولي وإن كان الأقوي ما ذكرنا، بل يكفي: الدقيق والخبز والماش والعدس، والأفضل إخراج التمر ثمّ الزبيب ثمّ القوت الغالب، هذا إذا لم يكن هناك مرجّح من كون غيرها أصلح بحال الفقير وأنفع له، لكن الأولي والأحوط حينئذٍ دفعها بعنوان القيمة.

(1 مسألة): يشترط في الجنس المخرج كونه صحيحاً فلا يجزئ المعيب، ويعتبر خلوصه فلا يكفي الممتزج بغيره من جنس آخر أو تراب أو نحوه، إلا إذا كان الخالص منه بمقدار الصاع أو كان قليلاً يتسامح به .

(2 مسألة): الأقوي الاجتزاء بقيمة أحد المذكورات من الدراهم والدنانير أو غيرهما من الأجناس الأخري، وعلي هذا فيجزئ المعيب والممزوج ونحوهما بعنوان القيمة، وكذا كلّ جنس شكّ في كفايته فإنه يجزئ بعنوان القيمة.

(3 مسألة): لا يجزئ نصف الصاع مثلاً من الحنطة الأعلي وإن كان يساوي صاعاً من الأدون، أو الشعير مثلاً إلا إذا كان بعنوان القيمة().

(4 مسألة): لا يجزئ() الصاع الملّفق من جنسين: بأن يخرج نصف صاع من الحنطة ونصفاً من الشعير مثلاً إلا بعنوان القيمة.

(5 مسألة): المدار: قيمة وقت الإخراج لا وقت الوجوب ، والمعتبر: قيمة بلد الإخراج لا وطنه ولا بلد آخر()، فلو كان له مال في بلد آخر غير بلده وأراد الإخراج منه، كان المناط: قيمة ذلك البلد، لا قيمة بلده الذي هو فيه .

(6 مسألة): لا يشترط اتّحاد الجنس الذي يخرج عن نفسه مع الذي يخرج عن عياله، ولا اتّحاد المخرج عنهم بعضهم مع بعض، فيجوز أن يخرج

عن نفسه الحنطة وعن عياله الشعير أو بالاختلاف بينهم، أو يدفع عن نفسه أو عن بعضهم من أحد الأجناس وعن آخر منهم القيمة أو العكس .

(7 مسألة): الواجب في القدر: الصاع عن كلّ رأس من جميع الأجناس، حتي اللّبن علي الأصحّ، وإن ذهب جماعة من العلماء فيه إلي كفاية أربعة أرطال، والصاع: أربعة أمداد() وهي: تسعة أرطال بالعراقي، فهو: ستّمائة وأربعة عشر مثقالاً وربع مثقال بالمثقال الصيرفيّ، فيكون بحسب حقّة النجف التي هي تسعمائة مثقال وثلاثة وثلاثون مثقالاً وثلث مثقال: نصف حقّة ونصف وقيّة وأحد وثلاثون مثقالاً إلا مقدار حمّصتين.

وبحسب حقّة الإسلامبول وهي مائتان وثمانون مثقالاً: حقّتان وثلاثة أرباع الوقيّة ومثقال وثلاثة أرباع المثقال.

وبحسب المنّ الشاهي وهو ألف ومائتان وثمانون مثقالاً: نصف منّ إلا خمسة وعشرون مثقالاً وثلاثة أرباع المثقال .

(4- فصل: في وقت وجوبها)

وهو: دخول ليلة العيد جامعاً للشرائط، ويستمرّ إلي الزوال لمن لم يصلِّ صلاة العيد، والأحوط عدم تأخيرها عن الصلاة إذا صلّاها، فيقدّمها عليها وإن صلّي في أول وقتها. وإن خرج وقتها ولم يخرجها: فإن كان قد عزلها دفعها إلي المستحقّ بعنوان الزكاة، وإن لم يعزلها فالأحوط الأقوي عدم سقوطها، بل يؤدّيها بقصد القربة من غير تعرّض للأداء والقضاء.

(1 مسألة): لا يجوز تقديمها علي وقتها في شهر رمضان علي الأحوط، كما لا إشكال في عدم جواز تقديمها علي شهر رمضان، نعم إذا أراد ذلك أعطي الفقير قرضاً ثمّ يحسب عند دخول وقتها.

(2 مسألة): يجوز عزلها في مال مخصوص من الأجناس أو غيرها بقيمتها، وينوي حين العزل وإن كان الأحوط() تجديدها حين الدفع أيضاً، ويجوز عزل أقلّ من مقدارها أيضاً فيلحقه الحكم وتبقي البقيّة غير معزولة علي حكمها، وفي جواز عزلها في الأزيد بحيث يكون المعزول مشتركاً بينه

وبين الزكاة وجه، لكن لا يخلو عن إشكال، وكذا لو عزلها في مال مشترك بينه وبين غيره مشاعاً وإن كان ماله بقدرها.

(3 مسألة): إذا عزلها وأخّر دفعها إلي المستحقّ: فإن كان لعدم تمكّنه من الدفع() لم يضمن لو تلف، وإن كان مع التمكّن منه ضمن .

(4 مسألة): الأقوي جواز نقلها بعد العزل إلي بلد آخر ولو مع وجود المستحقّ في بلده، وإن كان يضمن حينئذٍ مع التلف، والأحوط عدم النقل إلا مع عدم وجود المستحقّ .

(5 مسألة): الأفضل أداؤها في بلد التكليف بها، وإن كان ماله بل ووطنه في بلد آخر، ولو كان له مال في بلد آخر وعيّنها فيه ضمن بنقله عن ذلك البلد إلي بلده أو بلد آخر مع وجود المستحقّ فيه .

(6 مسألة): إذا عزلها في مال معيّن، لا يجوز() له تبديلها بعد ذلك .

(5- فصل: في مصرفها)

وهو: مصرف زكاة المال، لكن يجوز إعطاؤها للمستضعفين من أهل الخلاف عند عدم وجود المؤمنين وإن لم نقل به هناك، والأحوط الاقتصار علي فقراء المؤمنين ومساكينهم، ويجوز صرفها علي أطفال المؤمنين أو تمليكها لهم بدفعها علي أوليائهم .

(1 مسألة): لا يشترط عدالة من يدفع إليه، فيجوز دفعها إلي فسّاق المؤمنين، نعم الأحوط عدم دفعها إلي شارب الخمر والمتجاهر بالمعصية، بل الأحوط العدالة أيضاً، ولا يجوز دفعها إلي من يصرفها في المعصية.

(2 مسألة): يجوز للمالك أن يتولّي دفعها مباشرة أو توكيلاً، والأفضل بل الأحوط أيضاً دفعها إلي الفقيه الجامع للشرائط، وخصوصاً مع طلبه لها.

(3 مسألة): الأحوط أن لا يدفع للفقير أقلّ من صاع ، إلا إذا اجتمع جماعة لا تسعهم ذلك .

(4 مسألة): يجوز أن يُعطي فقير واحد أزيد من صاع ، بل إلي حدّ الغني .

(5 مسألة): يستحب تقديم الأرحام علي غيرهم، ثمّ الجيران، ثمّ أهل

العلم والفضل والمشتغلين، ومع التعارض تلاحظ المرجّحات والأهميّة().

(6 مسألة): إذا دفعها إلي شخص باعتقاد كونه فقيراً فبان خلافه، فالحال كما في زكاة المال() .

(7 مسألة): لا يكفي ادّعاء الفقر إلا مع سبقه، أو الظنّ() بصدق المدّعي .

(8 مسألة): تجب نيّة القربة هنا كما في زكاة المال، وكذا يجب التعيين ولو إجمالاً مع تعدّد ما عليه، والظاهر عدم وجوب تعيين من يزكّي عنه، فلو كان عليه أصوع لجماعة يجوز دفعها من غير تعيين أنّ هذا لفلان وهذا لفلان .

(كتاب الخمس)

(كتاب الخمس)

وهو من الفرائض وقد جعلها الله تعالي لمحمّد صلَّي الله عليه وآله وسلّم وذرّيته عوضاً عن الزكاة إكراما لهم، ومن منع منه درهماً أو أقلّ كان مندرجاً في الظالمين لهم والغاصبين لحقهم، بل من كان مستحلّا ً لذلك كان من الكافرين() ففي الخبر عن أبي بصير قال: «قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال عليه السلام: «من أكل من مال اليتيم درهماً، ونحن اليتيم ».

وعن الإمام الصادق عليه السلام: «إن الله لا إله إلا هو حيث حرّم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال ».

وعن أبي جعفر ×: «لا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتي يصل إلينا حقّنا».

وعن أبي عبد الله عليه السلام: «لا يعذر عبد اشتري من الخمس شيئاً أن يقول: يا ربّ اشتريته بمالي حتي يأذن له أهل الخمس».

(1- فصل: فيما يجب فيه الخمس)

(1- فصل: فيما يجب فيه الخمس)

وهو سبعة أشياء:

[الأول: غنيمة دار الحرب]

[الأول: غنيمة دار الحرب]

الأول: الغنائم المأخوذة من الكفار من أهل الحرب قهراً بالمقاتلة معهم، بشرط أن يكون بإذن الإمام عليه السلام: من غير فرق بين ما حواه العسكر وما لم يحوه، والمنقول وغيره كالأراضي والأشجار ونحوها، بعد إخراج المؤن التي أنفقت علي الغنيمة بعد تحصيلها بحفظ وحمل ورعي ونحوها منها، وبعد إخراج ما جعله الإمام عليه السلام من الغنيمة علي فعل مصلحة من المصالح، وبعد استثناء صفايا الغنيمة: كالجارية الورقة، والمركب الفاره، والسيف القاطع والدرع، فإنها للإمام عليه السلام، وكذا قطائع الملوك فإنها أيضاً له عليه السلام.

وأما إذا كان الغزو بغير إذن الإمام عليه السلام: فإن كان في زمان الحضور وإمكان الاستيذان منه فالغنيمة للإمام عليه السلام، وإن كان في زمن الغيبة فالأحوط() إخراج خمسها من حيث الغنيمة خصوصاً إذا كان للدعاء إلي الإسلام. فما يأخذه السلاطين في هذا الأزمنة من الكفار بالمقاتلة معهم من المنقول وغيره يجب فيه الخمس علي الأحوط، وإن كان قصدهم زيادة الملك لا الدعاء إلي الإسلام.

ومن الغنائم التي يجب فيها الخمس: الفداء الذي يؤخذ من أهل الحرب، بل الجزية المبذولة لتلك السريّة، بخلاف سائر أفراد الجزية.

ومنها أيضاً: ما صولحوا عليه، وكذا ما يؤخذ منهم عند الدفاع معهم إذا هجموا علي المسلمين في أمكنتهم ولو في زمن الغيبة، فيجب إخراج الخمس من جميع ذلك قليلاً كان أو كثيراً من غير ملاحظة خروج مأونة السنة علي ما يأتي في أرباح المكاسب وسائر الفوائد.

[مسائل في غنائم دار الحرب]

(1 مسألة): إذا غار المسلمون علي الكفار فأخذوا أموالهم، فالأحوط بل الأقوي إخراج خمسها من حيث كونها غنيمة ولو في زمن الغيبة، فلا يلاحظ فيها مأونة السنة، وكذا إذا أخذوا بالسرقة والغيلة، نعم لو أخذوا منهم بالربا أو بالدعوي الباطلة فالأقوي إلحاقه

بالفوائد المكتسبة، فيعتبر فيه الزيادة عن مأونة السنة وإن كان الأحوط إخراج خمسه مطلقاً.

(2 مسألة): يجوز أخذ مال النصّاب أينما وجد، لكن الأحوط إخراج خمسه مطلقاً، وكذا الأحوط إخراج الخمس ممّا حواه العسكر من مال البغاة إذا كانوا من النصّاب ودخلوا في عنوانهم، وإلا فيشكل حلّيّة مالهم .

(3 مسألة): يشترط في المغتنَم أن لا يكون غصباً من مسلم أو ذمّي أو معاهد ونحوهم ممن هو محترم المال، وإلا فيجب ردّه إلي مالكه، نعم لو كان مغصوباً من غيرهم من أهل الحرب لا بأس بأخذه وإعطاء خمسه وإن لم يكن الحرب فعلاً مع المغصوب منهم، وكذا إذا كان عند المقاتلين مال غيرهم من أهل الحرب بعنوان الأمانة: من وديعة أو إجارة أو عارية أو نحوها.

(4 مسألة): لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنائم بلوغ النصاب عشرين ديناراً، فيجب إخراج خمسه قليلاً كان أو كثيراً علي الأصح ّ.

(5 مسألة): السلب من الغنيمة()، فيجب إخراج خمسه علي السالب .

[الثاني: المعادن]

[الثاني: المعادن]

الثاني: المعادن من الذهب والفضّة والرصاص والصفر والحديد والياقوت والزبرجد والفيروزج والعقيق والزيبق والكبريت والنفط والقير والسنج والزاج والزرنيخ والكحل والملح، بل والجصّ والنورة وطين الغسل وحجر الرحي والمغرة وهي الطين الأحمر علي الأحوط، وإن كان الأقوي عدم الخمس فيها من حيث المعدنيّة، بل هي داخلة في أرباح المكاسب فيعتبر فيها الزيادة عن مأونة السنة، والمدار: علي صدق كونه معدناً عرفاً، وإذا شكّ في الصدق لم يلحقه حكمها، فلا يجب خمسه من هذه الحيثيّة، بل يدخل في أرباح المكاسب ويجب خمسه إذا زادت عن مأونة السنة من غير اعتبار بلوغ النصاب فيه.

ولا فرق في وجوب إخراج خمس المعدن بين: أن يكون في أرض مباحة أو مملوكة، وبين أن يكون تحت الأرض أو

علي ظهرها، ولا بين أن يكون المخرج مسلماً أو كافراً ذمياً، بل ولو حربيّاً، ولا بين أن يكون بالغاً أو صبيّاً وعاقلاً أو مجنوناً، فيجب علي وليهما إخراج الخمس، ويجوز للحاكم الشرعي إجبار الكافر() علي دفع الخمس ممّا أخرجه وإن كان لو أسلم سقط عنه مع عدم بقاء عينه().

ويشترط في وجوب الخمس في المعدن: بلوغ ما أخرجه عشرين ديناراً بعد استثناء مأونة الإخراج والتصفية ونحوهما، فلا يجب إذا كان المخرج أقلّ منه، وإن كان الأحوط إخراجه إذا بلغ ديناراً، بل مطلقاً.

ولا يعتبر في الإخراج أن يكون دفعة()،فلو أخرج دفعات وكان المجموع نصاباً وجب إخراج خمس المجموع وإن أخرج أقلّ من النصاب فأعرض ثمّ عاد وبلغ المجموع نصاباً فكذلك علي الأحوط، وإذا اشترك جماعة في الإخراج ولم يبلغ حصّة كلّ واحد منهم النصاب ولكن بلغ المجموع نصاباً، فالظاهر: وجوب خمسه().

وكذا لا يعتبر اتّحاد جنس المخرج، فلو اشتمل المعدن علي جنسين أو أزيد وبلغ قيمة المجموع نصاباً وجب إخراجه، نعم لو كان هناك معادن متعدّدة اعتبر في الخارج من كلّ منها بلوغ النصاب دون المجموع، وإن كان الأحوط كفاية بلوغ المجموع خصوصاً مع اتّحاد جنس المخرج منها سيّما مع تقاربها، بل لا يخلو عن قوة مع الاتحاد والتقارب.

وكذا لا يعتبر استمرار التكّون ودوامه، فلو كان معدن فيه مقدار ما يبلغ النصاب فأخرجه ثمّ انقطع جري عليه الحكم بعد صدق كونه معدناً.

[مسائل في المعدن]

(6 مسألة): لو أخرج خمس تراب المعدن قبل التصفية: فإن علم بتساوي الأجزاء في الاشتمال علي الجوهر أو بالزيادة فيما أخرجه خمساً أجزأ، وإلا فلا لاحتمال زيادة الجوهر فيما يبقي عنده .

(7 مسألة): إذا وجد مقداراً من المعدن مخرجاً مطروحاً في الصحراء: فإن علم أنه خرج من

مثل السيل أو الريح أو نحوهما، أو علم أن المخرج له حيوان أو إنسان لم يخرج خمسه، وجب عليه إخراج خمسه علي الأحوط إذا بلغ النصاب، بل الأحوط ذلك وإن شكّ في ان الإنسان المخرج له أخرج خمسه أم لا.

(8 مسألة): لو كان المعدن في أرض مملوكة فهو لمالكها، وإذا أخرجه غيره لم يملكه، بل يكون المخرج لصاحب الأرض، وعليه الخمس من دون استثناء المأونة لأنه لم يصرف عليه مأونة.

(9 مسألة): إذا كان المعدن في معمور الأرض المفتوحة عنوة التي هي للمسلمين ، فأخرجه أحد من المسلمين ملكه وعليه الخمس، وإن أخرجه غير المسلم ففي تملّكه إشكال()، وأما إذا كان في الأرض الموات حال الفتح، فالظاهر: أن الكافر أيضاً يملكه وعليه الخمس() .

(10 مسألة): يجوز استيجار الغير لإخراج المعدن فيملكه المستأجر، وإن قصد الأجير تملّكه لم يملكه .

(11 مسألة): إذا كان المخرج عبداً، كان ما أخرجه لمولاه وعليه الخمس .

(12 مسألة): إذا عمل فيما أخرجه قبل إخراج خمسه عملاً يوجب زيادة قيمته: كما إذا ضربه دراهم أو دنانير، أو جعله حليّا،ً أو كان مثل الياقوت والعقيق فحكّه فصّاً مثلاً اعتبر في إخراج خمسه مادّته()، فيقوَّم حينئذٍ سبيكة أو غير محكوك مثلاً ويخرج خمسه، وكذا لو اتّجر به فربح قبل أن يخرج خمسه ناوياً الإخراج من مال آخر ثمّ أدّاه من مال آخر، وأما إذا اتّجر به من غير نيّة الإخراج من غيره، فالظاهر: أن الربح مشترك بينه وبين أرباب الخمس .

(13 مسألة): إذا شكّ في بلوغ النصاب وعدمه، فالأحوط() الاختبار.

[الثالث: الكنز]

[الثالث: الكنز]

الثالث: الكنز، وهو: المال المذخور في الأرض أو الجبل أو الجدار أو الشجر، والمدار: الصدق العرفي، سواء كان من الذهب أو الفضّة المسكوكين أو غير المسكوكين أو غيرهما من الجواهر()،

وسواء كان في بلاد الكفّار الحربييّن أو غيرهم أو في بلاد الإسلام، في الأرض الموات أو الأرض الخربة التي لم يكن لها مالك، أو في أرض مملوكة له بالإحياء أو بالابتياع، مع العلم بعدم كونه ملكاً للبائعين، وسواء كان عليه أثر الإسلام أم لا، ففي جميع هذه يكون ملكاً لواجده وعليه الخمس.

ولو كان في أرض مبتاعة مع احتمال كونه لأحد البائعين عرّفه المالك قبله فإن لم يعرفه فالمالك قبله() وهكذا، فإن لم يعرفوه فهو للواجد وعليه الخمس، وإن ادّعاه المالك السابق فالسابق أعطاه بلا بيّنة، وإن تنازع الملّاك فيه يجري عليه حكم التداعي، ولو ادّعاه المالك السابق إرثاً وكان له شركاء نفوه دفعت إليه حصّته، وملك الواجد الباقي وأعطي خمسه، ويشترط في وجوب الخمس فيه النصاب وهو عشرون ديناراً().

[مسائل في الكنز]

(14 مسألة): لو وجد الكنز في أرض مستأجرة أو مستعارة، وجب تعريفهما وتعريف المالك أيضاً، فإن نفياه كلاهما كان له وعليه الخمس، وإن ادّعاه أحدهما أعطي بلا بيّنة، وإن ادّعاه كلّ منهما ففي تقديم قول المالك وجه لقوّة يده، والأوجه الاختلاف بحسب المقامات في قوّة إحدي اليدين .

(15 مسألة): لو علم الواجد أنه لمسلم موجود هو أو وارثه في عصره مجهول، ففي إجراء حكم الكنز أو حكم مجهول المالك عليه: وجهان()، ولو علم أنه كان ملكاً لمسلم قديم فالظاهر: جريان حكم الكنز عليه .

(16 مسألة): الكنوز المتعدّدة لكل واحد حكم نفسه في بلوغ النصاب وعدمه، فلو لم يكن آحادها بحدّ النصاب وبلغت بالضمّ لم يجب فيها الخمس()، نعم المال الواحد المدفون في مكان واحد في ظروف متعدّدة يضمّ بعضه إلي بعض، فإنه يعدّ كنزاً واحداً وإن تعدّد جنسها.

(17 مسألة): في الكنز الواحد لا يعتبر الإخراج دفعة() بمقدار النصاب،

فلو كان مجموع الدفعات بقدر النصاب وجب الخمس وإن لم يكن كلّ واحدة منها بقدره .

(18 مسألة): إذا اشتري دابّة ووجد في جوفها شيئاً، فحاله حال الكنز الذي يجده في الأرض المشتراة في: تعريف البائع وفي إخراج الخمس إن لم يعرفه()، ولا يعتبر فيه بلوغ النصاب، وكذا لو وجد في جوف السمكة المشتراة مع احتمال كونه لبائعها، وكذا الحكم في غير الدابّة والسمكة من سائر الحيوانات .

(19 مسألة): إنما يعتبر النصاب في الكنز بعد إخراج مأونة الإخراج .

(20 مسألة): إذا اشترك جماعة في كنز، فالظاهر(): كفاية بلوغ المجموع نصاباً وإن لم يكن حصّة كلّ واحد بقدره .

[الرابع: الغوص]

[الرابع: الغوص]

الرابع: الغوص، وهو: إخراج الجواهر من البحر، مثل اللؤلؤ والمرجان وغيرهما، معدنيّاً كان أو نباتيّاً، لا مثل السمك ونحوه من الحيوانات، فيجب فيه الخمس بشرط أن يبلغ قيمته ديناراً فصاعداً، فلا خمس فيما ينقص من ذلك.

ولا فرق بين اتّحاد النوع وعدمه، فلو بلغ قيمة المجموع ديناراً وجب الخمس، ولا بين الدفعة والدفعات() فيضمّ بعضها إلي بعض، كما أن المدار علي ما أخرج مطلقاً وإن اشترك فيه جماعة لا يبلغ نصيب كلّ منهم النصاب().

ويعتبر بلوغ النصاب بعد إخراج المؤن كما مرّ في المعدن، والمخرج بالآلات من دون غوص في حكمه علي الأحوط()، وأما لو غاص وشدّه بآلة فأخرجه فلا إشكال في وجوبه فيه، نعم لو خرج بنفسه علي الساحل أو علي وجه الماء فأخذه من غير غوص لم يجب فيه من هذه الجهة()، بل يدخل في أرباح المكاسب فيعتبر فيه مأونة السنة ولا يعتبر فيه النصاب .

[مسائل في الغوص]

(21 مسألة): المتناول من الغوّاص لا يجري عليه حكم الغوص إذا لم يكن غائصاً، وأما إذا تناول منه وهو غائص أيضاً فيجب عليه إذا لم ينو الغوّاص الحيازة، وإلا فهو له ووجب الخمس عليه .

(22 مسألة): إذا غاص من غير قصد للحيازة فصادف شيئاً، ففي وجوب الخمس عليه وجهان: والأحوط() إخراجه .

(23 مسألة): إذا أخرج بالغوص حيواناً وكان في بطنه شي ء من الجواهر: فإن كان معتاداً وجب فيه الخمس، وإن كان من باب الاتفاق بأن يكون بلع شيئاً اتفاقاً، فالظاهر: عدم وجوبه وإن كان أحوط.

(24 مسألة): الأنهار العظيمة: كدجلة والنيل والفرات، حكمها حكم البحر بالنسبة إلي ما يخرج منها بالغوص إذا فرض تكوّن الجوهر فيها كالبحر.

(25 مسألة): إذا غرق شي ء في البحر وأعرض مالكه عنه فأخرجه الغوّاص ملكه، ولا يلحقه حكم الغوص

علي الأقوي وإن كان من مثل: اللؤلؤ والمرجان، لكن الأحوط إجراء حكمه عليه .

(26 مسألة): إذا فرض معدن من مثل: العقيق أو الياقوت أو نحوهما تحت الماء بحيث لا يخرج منه إلا بالغوص، فلا إشكال في تعلّق الخمس به، لكنّه هل يعتبر فيه نصاب المعدن أو الغوص؟ وجهان: والأظهر الثاني .

(27 مسألة): العنبر إذا أخرج بالغوص جري عليه حكمه، وإن أخذ علي وجه الماء أو الساحل ففي لحوق حكمه له وجهان: والأحوط() اللحوق، وأحوط منه() إخراج خمسه وإن لم يبلغ النصاب أيضاً.

[الخامس: المال المختلط بالحرام]

[الخامس: المال المختلط بالحرام]

الخامس: المال الحلال المخلوط بالحرام علي وجه لا يتميّز مع الجهل بصاحبه وبمقداره، فيحلّ بإخراج خمسه، ومصرفه مصرف سائر أقسام الخمس علي الأقوي.

وأما إن علم المقدار ولم يعلم المالك تصدّق به عنه، والأحوط() أن يكون بإذن المجتهد الجامع للشرائط.

ولو انعكس: بأن علم المالك وجهل المقدار تراضيا بالصلح ونحوه، وإن لم يرض المالك بالصلح ففي جواز الاكتفاء بالأقلّ أو وجوب إعطاء الأكثر وجهان(): الأحوط الثاني، والأقوي الأول إذا كان المال في يده.

وإن علم المالك و المقدار وجب دفعه إليه .

[مسائل في المال المختلط بالحرام]

(28 مسألة): لا فرق في وجوب إخراج الخمس وحلّية المال بعده بين أن يكون الاختلاط بالإشاعة، أو بغيرها: كما إذا اشتبه الحرام بين أفراد من جنسه أو من غير جنسه .

(29 مسألة): لا فرق في كفاية إخراج الخمس في حلّية البقيّة في صورة الجهل بالمقدار والمالك بين: أن يعلم إجمالاً زيادة مقدار الحرام أو نقيصته عن الخمس، وبين صورة عدم العلم ولو إجمالاً.

ففي صورة العلم الإجمالي بزيادته عن الخمس أيضاً يكفي إخراج الخمس فإنه مطهّر للمال تعبّداً، وإن كان الأحوط مع إخراج الخمس المصالحة مع الحاكم الشرعي أيضاً بما يرتفع به يقين الشغل وإجراء حكم مجهول المالك عليه، وكذا في صورة العلم الإجمالي بكونه أنقص من الخمس وأحوط من ذلك المصالحة معه بعد إخراج الخمس بما يحصل معه اليقين بعدم الزيادة.

(30 مسألة): إذا علم قدر المال ولم يعلم صاحبه بعينه لكن علم في عدد محصور: ففي وجوب التخلّص من الجميع ولو بإرضائهم بأيّ وجه كان، أو وجوب إجراء حكم مجهول المالك عليه، أو استخراج المالك بالقرعة، أو توزيع ذلك المقدار عليهم بالسوية، وجوه: أقواها الأخير()، وكذا إذا لم يعلم قدر المال وعلم صاحبه في عدد محصور، فإنه بعد

الأخذ بالأقلّ كما هو الأقوي() أو الأكثر كما هو الأحوط يجري فيه الوجوه المذكورة.

(31 مسألة): إذا كان حقّ الغير في ذمّته لا في عين ماله فلا محلّ للخمس ، وحينئذ: ٍ فإن علم جنسه ومقداره ولم يعلم صاحبه أصلاً، أو علم في عدد غير محصور، تصدّق به عنه بإذن الحاكم أو يدفعه إليه، وإن كان في عدد محصور ففيه الوجوه المذكورة، والأقوي هنا أيضاً الأخير.

وإن علم جنسه ولم يعلم مقداره: بأن تردّد بين الأقلّ والأكثر أخذ بالأقلّ المتيقن ودفعه إلي مالكه إن كان معلوماً بعينه، وإن كان معلوماً في عدد محصور فحكمه كما ذكر، وإن كان معلوماً في غير المحصور أو لم يكن علم إجمالي أيضاً تصدّق به عن المالك بإذن الحاكم أو يدفعه إليه.

وإن لم يعلم جنسه وكان قيميّاً فحكمه كصورة العلم بالجنس إذ يرجع إلي القيمة ويتردّد فيها بين الأقلّ والأكثر، وإن كان مثليّاً ففي وجوب الاحتياط وعدمه وجهان() .

(32 مسألة): الأمر في إخراج هذا الخمس إلي المالك كما في سائر أقسام الخمس، فيجوز له الإخراج والتعيين من غير توقّف علي إذن الحاكم()، كما يجوز دفعه من مال آخر وإن كان الحقّ في العين .

(33 مسألة): لو تبيّن المالك بعد إخراج الخمس، فالأقوي() ضمانه كما هو كذلك في التصدّق عن المالك في مجهول المالك، فعليه غرامته له حتي في النصف الذي دفعه إلي الحاكم بعنوان أنه للإمام عليه السلام.

(34 مسألة): لو علم بعد إخراج الخمس أن الحرام أزيد من الخمس أو أقلّ، لا يستردّ الزائد علي مقدار الحرام في الصورة الثانية() وهل يجب عليه التصدق بما زاد علي الخمس في الصورة الأولي أو لا؟ وجهان: أحوطهما() الأول وأقواهما الثاني .

(35 مسألة): لو كان الحرام المجهول مالكه معيّناً،

فخلطه بالحلال ليحلّله بالتخميس خوفاً من احتمال زيادته علي الخمس، فهل يجزيه إخراج الخمس أو يبقي علي حكم مجهول المالك؟ وجهان: والأقوي الثاني() لأنه كمعلوم المالك حيث إن مالكه الفقراء قبل التخليط.

(36 مسألة): لو كان الحلال الذي في المختلط ممّا تعلّق به الخمس، وجب عليه بعد التخميس للتحليل خمس آخر للمال الحلال() الذي فيه .

(37 مسألة): لو كان الحرام المختلط في الحلال من الخمس أو الزكاة أو الوقف الخاص أو العام فهو كمعلوم المالك علي الأقوي، فلا يجزيه إخراج الخمس حينئذٍ.

(38 مسألة): إذا تصرّف في المال المختلط قبل إخراج الخمس بالإتلاف لم يسقط وإن صار الحرام في ذمّته، فلا يجري عليه حكم ردّ المظالم علي الأقوي، وحينئذٍ: فإن عرف قدر المال المختلط اشتغلت ذمّته بمقدار خمسه، وإن لم يعرفه ففي وجوب دفع ما يتيقّن معه بالبراءة أو جواز الاقتصار علي ما يرتفع به يقين الشغل، وجهان: الأحوط() الأول والأقوي الثاني .

(39 مسألة): إذا تصرّف في المختلط قبل إخراج خمسه ضمنه كما إذا باعه مثلاً فيجوز لوليّ الخمس الرجوع عليه، كما يجوز له الرجوع علي من انتقل إليه، ويجوز للحاكم أن يمضي معاملته فيأخذ مقدار الخمس من العوض إذا باعه بالمساوي قيمة أو بالزيادة، وأما إذا باعه بأقلّ من قيمته فإمضاؤه خلاف المصلحة، نعم لو اقتضت المصلحة ذلك فلا بأس .

[السادس: أرض المسلم إذا اشتراها الذمّي]

[السادس: أرض المسلم إذا اشتراها الذمّي]

السادس: الأرض التي اشتراها الذمّي من المسلم، سواء كانت أرض مزرع أو مسكن أو دكان أو خان أو غيرها، فيجب فيها الخمس، ومصرفه مصرف غيره من الأقسام علي الأصحّ، وفي وجوبه في المنتقلة إليه من المسلم بغير الشراء من المعاوضات إشكال، فالأحوط اشتراط مقدار الخمس عليه في عقد المعاوضة، وإن كان القول بوجوبه في مطلق المعاوضات لا يخلو

عن قوّة، وإنما يتعلّق الخمس برقبة الأرض دون البناء والأشجار والنخيل إذا كانت فيه.

ويتخيّر الذمّي بين دفع الخمس من عينها أو قيمتها ومع عدم دفع قيمتها، يتخيّر وليّ الخمس بين أخذه وبين إجارته، وليس له قلع الغرس والبناء، بل عليه إبقاؤهما بالأجرة.

وإن أراد الذمّي دفع القيمة وكانت مشغولة بالزرع أو الغرس أو البناء، تقوّم مشغولة بها مع الأجرة فيؤخذ منه خمسها، ولا نصاب في هذا القسم من الخمس، ولا يعتبر فيه نيّة القربة حين الأخذ حتي من الحاكم، بل ولا حين الدفع إلي السادة.

[مسائل في الأرض التي اشتراها الذمّي]

(40 مسألة): لو كانت الأرض من المفتوحة عنوة وبيعت تبعاً للآثار، ثبت فيها الحكم لأنها للمسلمين، فإذا اشتراها الذمّي وجب عليه الخمس وإن قلنا بعدم دخول الأرض في المبيع وأن المبيع هو الآثار ويثبت في الأرض حق الاختصاص للمشتري، وأما إذا قلنا بدخولها فيه فواضح، كما أنه كذلك إذا باعها منه أهل الخمس بعد أخذ خمسها، فإنهم مالكون لرقبتها ويجوز لهم بيعها.

(41 مسألة): لا فرق في ثبوت الخمس في الأرض المشتراة بين أن تبقي علي ملكية الذمّي بعد شرائه، أو انتقلت منه بعد الشراء إلي مسلم آخر، كما لو باعها منه بعد الشراء، أو مات وانتقلت إلي وارثه المسلم، أو ردّها إلي البائع بإقالة أو غيرها، فلا يسقط الخمس بذلك، بل الظاهر ثبوته أيضاً لو كان للبائع خيار ففسخ بخياره .

(42 مسألة): إذا اشتري الذمّي الأرض من المسلم وشرط عليه عدم الخمس لم يصحّ، وكذا لو اشترط كون الخمس علي البائع، نعم لو شرط علي البائع المسلم أن يعطي مقداره عنه فالظاهر جوازه .

(43 مسألة): إذا اشتراها من مسلم ثمّ باعها منه أو مسلم آخر ثمّ اشتراها ثانياً وجب عليه خمسان: خمس الأصل

للشراء أولاً، وخمس أربعة أخماس للشراء ثانياً.

(44 مسألة): إذا اشتري الأرض من المسلم ثمّ أسلم بعد الشراء لم يسقط عنه الخمس ، نعم لو كانت المعاملة ممّا يتوقّف الملك فيه علي القبض، فأسلم بعد العقد وقبل القبض سقط عنه، لعدم تماميّة ملكه في حال الكفر.

(45 مسألة): لو تملّك ذمّي من مثله بعقد مشروط بالقبض، فأسلم الناقل قبل القبض، ففي ثبوت الخمس وجهان، أقواهما الثبوت .

(46 مسألة): الظاهر عدم سقوطه إذا شرط البائع علي الذمّي أن يبيعها بعد الشراء من مسلم .

(47 مسألة): إذا اشتري المسلم من الذمّي أرضاً، ثمّ فسخ بإقالة أو بخيار ففي ثبوت الخمس وجه، لكن الأوجه خلافه حيث إن الفسخ ليس معاوضة.

(48 مسألة): من بحكم المسلم بحكم المسلم .

(49 مسألة): إذا بيع خمس الأرض التي اشتراها الذمّي عليه ، وجب عليه خمس ذلك الخمس الذي اشتراه وهكذا.

[السابع: أرباح المكاسب]

[السابع: أرباح المكاسب]

السابع: ما يفضل عن مأونة سنته ومأونة عياله، من أرباح التجارات ومن سائر التكسبات: من الصناعات والزراعات والإجارات، حتي الخياطة والكتابة والنجارة والصيد وحيازة المباحات، وأجرة العبادات الاستيجارية: من الحجّ والصوم والصلاة والزيارات وتعليم الأطفال وغير ذلك من الأعمال التي لها أجرة، بل الأحوط ثبوته في مطلق الفائدة وإن لم تحصل بالاكتساب: كالهبة والهدية والجائزة والمال الموصي به ونحوها، بل لا يخلو عن قوّة.

نعم، لا خمس في الميراث، إلا في الذي ملكه من حيث لا يحتسب فلا يترك الاحتياط فيه: كما إذا كان له رحم بعيد في بلد آخر لم يكن عالماً به فمات وكان هو الوارث له، وكذا لا يترك في حاصل الوقف الخاص، بل وكذا في النذور، والأحوط استحباباً ثبوته في عوض الخلع والمهر ومطلق الميراث حتي المحتسب منه ونحو ذلك .

[مسائل في أرباح المكاسب]

(50 مسألة): إذا علم أن مورّثه لم يؤدّ خمس ما تركه وجب إخراجه، سواء كانت العين التي تعلق بها الخمس موجودة فيها، أو كان الموجود عوضها، بل لو علم باشتغال ذمّته بالخمس وجب إخراجه من تركته مثل سائر الديون .

(51 مسألة): لا خمس فيما ملك بالخمس() أو الزكاة أو الصدقة المندوبة وإن زاد عن مأونة السنة، نعم لو نمت في ملكه ففي نمائها يجب كسائر النماءات .

(52 مسألة): إذا اشتري شيئاً ثمّ علم أن البائع لم يؤدّ خمسه، كان البيع بالنسبة إلي مقدار الخمس فضوليّاً: فإن أمضاه الحاكم يرجع عليه بالثمن ويرجع هو علي البائع إذا أدّاه، وإن لم يمض فله أن يأخذ مقدار الخمس من المبيع، وكذا إذا انتقل إليه بغير البيع من المعاوضات، وإن انتقل إليه بلا عوض يبقي مقدار خمسه علي ملك أهله .

[نماء ما لم يجب فيه الخمس]

(53 مسألة): إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلّق بها الخمس ، أو تعلّق بها لكنّه أدّاه فنمت وزادت زيادة متّصلة أو منفصلة، وجب الخمس() في ذلك النماء، وأما لو ارتفعت قيمتها السوقيّة من غير زيادة عينيّة لم يجب خمس تلك الزيادة() لعدم صدق التكسّب ولا صدق حصول الفائدة، نعم لو باعها لم يبعد وجوب خمس تلك الزيادة من الثمن، هذا إذا لم تكن تلك العين من مال التجارة ورأس مالها: كما إذا كان المقصود من شرائها أو إبقائها في ملكه الانتفاع بنمائها أو نتاجها أو أجرتها أو نحو ذلك من منافعها، وأما إذا كان المقصود الاتّجار بها فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قيمتها بعد تمام السنة إذا أمكن() بيعها وأخذ قيمتها.

[لو ارتفعت القيمة السوقيّة]

(54 مسألة): إذا اشتري عيناً للتكسّب بها فزادت قيمتها السوقيّة ولم يبعها غفلة أو طلباً للزيادة، ثمّ رجعت قيمتها إلي رأس مالها أو أقلّ قبل تمام السنة لم يضمن() خمس تلك الزيادة، لعدم تحققّها في الخارج، نعم لو لم يبعها عمداً() بعد تمام السنة واستقرار وجوب الخمس ضمنه .

(55 مسألة): إذا عمّر بستاناً وغرس فيه أشجاراً ونخيلاً للانتفاع بثمرها وتمرها، لم يجب الخمس في نموّ تلك الأشجار() والنخيل، وأما إن كان من قصده الاكتساب بأصل البستان، فالظاهر: وجوب الخمس في زيادة قيمته وفي نمّو أشجاره ونخيله .

(56 مسألة): إذا كان له أنواع من الاكتساب والاستفادة: كأن يكون له رأس مال يتّجر به، وخان يؤجّره، وأرض يزرعها، وعمل يد مثل: الكتابة أو الخياطة أو النجارة أو نحو ذلك، يلاحظ في آخر السنة ما استفاده من المجموع من حيث المجموع، فيجب عليه خمس ما حصل منها بعد خروج مأونته .

(57 مسألة): يشترط في وجوب خمس الربح أو الفائدة استقراره،

فلو اشتري شيئاً فيه ربح وكان للبائع الخيار، لا يجب خمسه إلا بعد لزوم البيع ومضيّ زمن خيار البائع .

(58 مسألة): لو اشتري ما فيه ربح ببيع الخيار، فصار البيع لازماً فاستقاله البائع فأقاله لم يسقط الخمس، إلا إذا كان من شأنه أن يقيله كما في غالب موارد بيع شرط الخيار إذا ردّ مثل الثمن() .

[رأس المال ووجوب الخمس فيه]

(59 مسألة): الأحوط() إخراج خمس رأس المال إذا كان من أرباح مكاسبه، فإذا لم يكن له مال من أول الأمر فاكتسب أو استفاد مقداراً وأراد أن يجعله رأس المال للتجارة ويتّجر به، يجب إخراج خمسه علي الأحوط ثمّ الاتجار به .

[مبدأ السنة الخمسية]

(60 مسألة): مبدأ السنة التي يكون الخمس بعد خروج مأونتها: حال الشروع في الاكتساب فيمن شغله التكّسب ، وأما من لم يكن مكتسباً وحصل له فائدة اتفاقاً فمن حين حصول الفائدة.

[المراد من المأونة]

(61 مسألة): المراد بالمأونة مضافاً إلي ما يصرف() في تحصيل الربح: ما يحتاج إليه() لنفسه وعياله في معاشه بحسب شأنه اللائق بحاله في العادة: من المأكل والملبس والمسكن.

وما يحتاج إليه لصدقاته وزياراته وهداياه وجوائزه وأضيافه.

والحقوق اللازمة له: بنذر أو كفّارة أو أداء دَين أو أرش جناية أو غرامة ما أتلفه عمداً أو خطأً.

وكذا ما يحتاج إليه: من دابّة أو جارية أو عبد أو أسباب أو ظرف أو فرش أو كتب.

بل وما يحتاج إليه لتزويج أولاده أو ختانهم ونحو ذلك، مثل: ما يحتاج إليه في المرض وفي موت أولاده أو عياله.

إلي غير ذلك ممّا يحتاج إليه في معاشه.

ولو زاد علي ما يليق بحاله ممّا يعدّ سفهاً وسرفاً() بالنسبة إليه لا يحسب منها.

(62 مسألة): في كون رأس المال للتجارة مع الحاجة إليه من المأونة إشكال، فالأحوط() كما مر إخراج خمسه أولاً، وكذا في الآلات المحتاج إليها في كسبه، مثل: آلات النجارة للنجّار، وآلات النساجة للنسّاج، وآلات للزراعة للزارع وهكذا، فالأحوط() إخراج خمسها أيضاً أولاً.

(63 مسألة): لا فرق في المأونة بين ما يصرف عينه فتتلف، مثل: المأكول والمشروب ونحوهما، وبين ما ينتفع به مع بقاء عينه()، مثل: الظروف والفروش ونحوها، فإذا احتاج إليها في سنة الربح يجوز شراؤها من ربحها وإن بقيت للسنين الآتية أيضاً.

(64 مسألة): يجوز إخراج المأونة من الربح وإن كان عنده مال لا خمس فيه: بأن لم يتعلّق به، أو تعلّق وأخرجه، فلا يجب إخراجها من ذلك بتمامها ولا التوزيع وإن كان الأحوط التوزيع، وأحوط

منه: إخراجها بتمامها من المال الذي لا خمس فيه، ولو كان عنده عبد أو جارية أو دار أو نحو ذلك ممّا لو لم يكن عنده كان من المأونة، لا يجوز احتساب قيمتها من المأونة وأخذ مقدارها، بل يكون حاله حال من لم يحتج إليها أصلاً.

[المناط: فعليّة المأونة]

(65 مسألة): المناط في المأونة ما يصرف فعلاً لا مقدارها، فلو قتّر علي نفسه لم يحسب له، كما أنه لو تبرّع بها متبرّع لا يستثني له مقدارها علي الأحوط، بل لا يخلو عن قوّة().

(66 مسألة): إذا استقرض من ابتداء سنته لمأونته، أو صرف بعض رأس المال فيها قبل حصول الربح، يجوز له وضع مقداره من الربح .

(67 مسألة): لو زاد ما اشتراه وادّخره للمأونة، من مثل: الحنطة والشعير والفحم ونحوها ممّا يصرف عينه فيها، يجب() إخراج خمسه عند تمام الحول، وأما ما كان مبناه علي بقاء عينه والانتفاع به، مثل: الفرش والأواني والألبسة والعبد والفرس والكتب ونحوها فالأقوي عدم الخمس فيها، نعم لو فرض الاستغناء عنها فالأحوط() إخراج الخمس منها، وكذا في حليّ النسوان إذا جاز وقت لبسهنّ لها.

[انقطاع الحول بالموت]

(68 مسألة): إذا مات المكتسب في أثناء الحول بعد حصول الربح ، سقط اعتبار المأونة في باقيه، فلا يوضع من الربح مقدارها علي فرض الحياة.

(69 مسألة): إذا لم يحصل له ربح في تلك السنة وحصل في السنة اللاحقة، لا يخرج مأونتها من ربح السنة اللاحقة.

[مأونة مصارف الحج والعمرة]

(70 مسألة): مصارف الحجّ من مأونة عام الاستطاعة، فإذا استطاع في أثناء حول حصول الربح وتمكّن من المسير: بأن صادف سير الرفقة في ذلك العام، احتسب مخارجه من ربحه، وأما إذا لم يتمكّن حتي انقضي العام، وجب عليه خمس ذلك الربح: فإن بقيت الاستطاعة إلي السنة الآتية وجب وإلا فلا، ولو تمكّن وعصي حتي انقضي الحول فكذلك علي الأحوط()، ولو حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعدّدة وجب الخمس فيما سبق علي عام الاستطاعة، وأما المقدار المتمّم لها في تلك السنة فلا يجب خمسه إذا تمكن من المسير، وإذا لم يتمكّن فكما سبق يجب إخراج خمسه .

[ليس الدّين من المأونة وإنما أداؤه]

(71 مسألة): أداء الدَّين من المأونة إذا كان في عام حصول الربح، أو كان سابقاً ولكن لم يتمكّن() من أدائه إلي عام حصول الربح، وإذا لم يؤدّ دَينه حتي انقضي العام، فالأحوط() إخراج الخمس أولاً وأداء الدَّين ممّا بقي، وكذا الكلام في النذور والكفّارات .

[متي يتعلّق الخمس بالمال؟]

(72 مسألة): متي حصل الربح() وكان زائداً علي مأونة السنة() تعلّق به الخمس وإن جاز له التأخير في الأداء إلي آخر السنة، فليس تمام الحول شرطاً في وجوبه، وإنما هو إرفاق بالمالك() لاحتمال تجدّد مأونة أخري زائداً علي ما ظنّه، فلو أسرف() أو أتلف ماله في أثناء الحول لم يسقط الخمس، وكذا لو وهبه أو اشتري بغبن حيلة في أثنائه .

(73 مسألة): لو تلف بعض أمواله ممّا ليس من مال التجارة أو سرق أو نحو ذلك لم يجبر بالربح وإن كان في عامه، إذ ليس محسوباً من المأونة.

(74 مسألة): لو كان له رأس مال وفرّقه في أنواع من التجارة فتلف رأس المال أو بعضه من نوع منها، فالأحوط عدم جبره بربح تجارة أخري، بل وكذا الأحوط عدم جبر خسران نوع بربح أخري، لكن الجبر() لا يخلو عن قوّة خصوصاً في الخسارة.

نعم، لو كان له تجارة وزراعة مثلاً فخسر في تجارته أو تلف رأس ماله فيها، فعدم الجبر لا يخلو عن قوّة خصوصاً في صورة التلف وكذا العكس، وأما التجارة الواحدة: فلو تلف بعض رأس المال فيها وربح الباقي فالأقوي الجبر، وكذا في الخسران والربح في عام واحد في وقتين، سواء تقدّم الربح أو الخسران فإنه يجبر الخسران بالربح .

[تعلّق الخمس بعين الأموال]

(75 مسألة): الخمس بجميع أقسامه متعلق بالعين ، ويتخيّر المالك بين دفع خمس العين أو دفع قيمته من مال آخر نقداً أو جنساً()، ولا يجوز له التصرّف في العين قبل أداء الخمس وإن ضمنه في ذمّته، ولو أتلفه بعد استقراره ضمنه.

ولو اتّجر به قبل إخراج الخمس كانت المعاملة فضوليّة بالنسبة إلي مقدار الخمس: فإن أمضاه الحاكم الشرعي أخذ العوض، وإلا رجع بالعين بمقدار الخمس إن كانت موجودة وبقيمته إن

كانت تالفة، ويتخيّر في أخذ القيمة بين الرجوع علي المالك أو علي الطرف المقابل الذي أخذها وأتلفها.

هذا إذا كانت المعاملة بعين الربح، وأما إذا كانت في الذمّة ودفعها عوضاً فهي صحيحة، ولكن لم تبرأ ذمّته بمقدار الخمس، ويرجع الحاكم به إن كانت العين موجودة، وبقيمته إن كانت تالفة مخيّراً حينئذٍ بين الرجوع علي المالك أو الآخذ أيضاً.

(76 مسألة): يجوز له أن يتصرّف في بعض الربح ما دام مقدار الخمس منه باق في يده مع قصده إخراجه من البقيّة، إذ شركة أرباب الخمس مع المالك إنما هي علي وجه الكلّي في المعيّن()، كما أن الأمر في الزكاة أيضاً كذلك وقد مرّ في بابها.

(77 مسألة): إذا حصل الربح في ابتداء السنة أو في أثنائها، فلا مانع من التصرف فيه بالاتّجار، وإن حصل منه ربح لا يكون ما يقابل خمس الربح الأول منه لأرباب الخمس.

بخلاف ما إذا اتّجر به بعد تمام الحول، فإنه إن حصل ربح كان ما يقابل الخمس من الربح لأربابه مضافاً إلي أصل الخمس، فيخرجهما أولاً ثمّ يخرج خمس بقيّته إن زادت علي مأونة السنة.

[لا يجوز نقل الخمس إلي الذمّة]

(78 مسألة): ليس للمالك أن ينقل الخمس إلي ذمّته ثمّ التصرّف فيه كما أشرنا إليه نعم يجوز، له ذلك بالمصالحة مع الحاكم، وحينئذٍ فيجوز له التصرّف فيه ولا حصّة له() من الربح إذا اتّجر به، ولو فرض() تجدّد مؤن له في أثناء الحول علي وجه لا يقوم بها الربح انكشف فساد الصلح .

[جواز تعجيل إخراج الخمس]

(79 مسألة): يجوز له تعجيل إخراج خمس الربح إذا حصل في أثناء السنة، ولا يجب التأخير إلي آخرها فإن التأخير من باب الإرفاق كما مرّ وحينئذٍ: فلو أخرجه بعد تقدير المأونة بما يظنّه، فبان بعد ذلك عدم كفاية الربح لتجدّد مؤن لم يكن يظنّها، كشف ذلك عن عدم صحّته خمساً، فله الرجوع به علي المستحقّ مع بقاء عينه() لا مع تلفها في يده، إلا إذا كان عالماً بالحال فإن الظاهر ضمانه حينئذٍ.

(80 مسألة): إذا اشتري بالربح قبل إخراج الخمس جارية لا يجوز له وطيها، كما أنه لو اشتري به ثوباً لا يجوز الصلاة فيه، ولو اشتري به ماء للغسل أو الوضوء لم يصحّ وهكذا، نعم لو بقي منه بمقدار الخمس في يده وكان قاصداً لإخراجه منه جاز() وصحّ كما مرّ نظيره .

(81 مسألة): قد مرّ أن مصارف الحجّ الواجب إذا استطاع في عام الربح وتمكّن من المسير من مأونة تلك السنة، وكذا مصارف الحجّ المندوب والزيارات، والظاهر أن المدار() علي وقت إنشاء السفر: فإن كان إنشاؤه في عام الربح فمصارفه من مأونته ذهاباً وإياباً، وإن تمَّ الحول في أثناء السفر فلا يجب إخراج خمس ما صرفه في العام الآخر في الإياب أو مع المقصد وبعض الذهاب .

[من مسائل الخمس]

(82 مسألة): لو جعل الغوص أو المعدن مكسباً له كفاه إخراج خمسهما أولاً، ولا يجب عليه خمس آخر من باب ربح المكسب بعد إخراج مأونة سنته .

(83 مسألة): المرأة التي تكتسب في بيت زوجها ويتحمّل زوجها مأونتها، يجب() عليها خمس ما حصل لها من غير اعتبار إخراج المأونة، إذ هي علي زوجها إلا أن لا يتحمّل .

(84 مسألة): الظاهر عدم اشتراط التكليف والحرّية في الكنز والغوص والمعدن والحلال المختلط بالحرام والأرض التي

يشتريها الذمّي من المسلم، فيتعلّق بها الخمس ويجب علي الوليّ والسيّد إخراجه، وفي تعلقه بأرباح مكاسب الطفل إشكال، والأحوط() إخراجه بعد بلوغه .

(2- فصل: في قسمة الخمس ومستحقّه )

(2- فصل: في قسمة الخمس ومستحقّه )

(1 مسألة): يقسّم الخمس ستّة أسهم علي الأصح:

سهم لله سبحانه، وسهم للنبي صلَّي الله عليه وآله وسلّم، وسهم للإمام عليه السلام. وهذه الثلاثة الآن لصاحب الزمان أرواحنا له الفداء وعجّل الله تعالي فرجه.

وثلاثة: للأيتام، والمساكين، وأبناء السبيل.

ويشترط في الثلاثة الأخيرة: الإيمان، وفي الأيتام: الفقر، وفي أبناء السبيل: الحاجة في بلد التسليم وإن كان غنياً في بلده، ولا فرق بين أن يكون سفره في طاعة أو معصية().

ولا يعتبر في المستحقّين: العدالة وإن كان الأولي ملاحظة المرجّحات، والأولي أن لا يعطي لمرتكبي الكبائر خصوصاً مع التجاهر، بل يقوي عدم الجواز إذا كان في الدفع إعانة علي الإثم، وسيّما إذا كان في المنع الردع عنه، ومستضعف كلّ فرقة ملحق بها.

(2 مسألة): لا يجب البسط علي الأصناف، بل يجوز دفع تمامه إلي أحدهم . وكذا لا يجب استيعاب أفراد كلّ صنف، بل يجوز الاقتصار علي واحد، ولو أراد البسط لا يجب التساوي بين الأصناف أو الأفراد.

[من هو مستحق الخمس؟]

(3 مسألة): مستحقّ الخمس: من انتسب إلي هاشم بالأبوّة، فإن انتسب إليه بالأمّ لم يحلّ له الخمس وتحلّ له الزكاة، ولا فرق بين أن يكون علويّاً أو عقيليّاً أو عباسيّاً، وينبغي تقديم الأتم علقة بالنبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم علي غيره أو توفيره كالفاطمييّن .

(4 مسألة): لا يصدّق من ادّعي النسب إلا بالبينّة أو الشياع المفيد للعلم() ، ويكفي الشياع والاشتهار في بلده()، نعم يمكن الاحتيال في الدفع إلي مجهول الحال بعد معرفة عدالته: بالتوكيل علي الإيصال إلي مستحقّه علي وجه يندرج فيه الأخذ لنفسه أيضاً، ولكن الأولي بل الأحوط عدم الاحتيال المذكور().

[لا يجوز إعطاء الخمس لواجبي النفقة]

(5 مسألة): في جواز دفع الخمس إلي من يجب عليه نفقته إشكال خصوصاً في الزوجة، فالأحوط عدم دفع خمسه إليهم، بمعني: الإنفاق عليهم محتسباً ممّا عليه من الخمس، أما دفعه إليهم لغير النفقة الواجبة ممّا يحتاجون إليه ممّا لا يكون واجباً عليه كنفقة من يعولون ونحو ذلك فلا بأس به، كما لا بأس بدفع خمس غيره إليهم ولو للإنفاق مع فقره، حتي الزوجة إذا لم يقدر علي إنفاقها.

(6 مسألة): لا يجوز دفع الزائد عن مأونة السنة لمستحقّ واحد ولو دفعة، علي الأحوط.

[لمن يكون أمر الخمس في زمان الغيبة؟]

(7 مسألة): النصف من الخمس الذي للإمام عليه السلام أمره في زمان الغيبة راجع إلي نائبه ، وهو: المجتهد الجامع للشرائط، فلا بدّ من الإيصال إليه أو الدفع إلي المستحقّين بإذنه، والأحوط له الاقتصار علي السادة ما دام لم يكفهم النصف الآخر، وأما النصف الآخر الذي للأصناف الثلاثة فيجوز للمالك دفعه إليهم بنفسه، لكن الأحوط() فيه أيضاً الدفع إلي المجتهد أو بإذنه، لأنه أعرف بمواقعه والمرجّحات التي ينبغي ملاحظتها.

(8 مسألة): لا إشكال في جواز نقل الخمس من بلده إلي غيره إذا لم يوجد المستحقّ فيه، بل قد يجب: كما إذا لم يمكن حفظه مع ذلك، أو لم يكن وجود المستحقّ فيه متوقّعاً بعد ذلك، ولا ضمان حينئذٍ عليه لو تلف، والأقوي جواز النقل مع وجود المستحقّ أيضاً، لكن مع الضمان لو تلف، ولا فرق بين البلد القريب والبعيد وإن كان الأولي القريب، إلا مع المرجّح للبعيد.

(9 مسألة): لو أذن الفقيه في النقل لم يكن عليه ضمان ولو مع وجود المستحقّ وكذا لو وكلّه في قبضه عنه بالولاية العامّة ثمّ أذن في نقله .

(10 مسألة): مأونة النقل علي الناقل في صورة الجواز، ومن الخمس في صورة

الوجوب .

(11 مسألة): ليس من النقل لو كان له مال في بلد آخر فدفعه فيه للمستحقّ عوضاً عن الذي عليه في بلده، وكذا لو كان له دين في ذمّة شخص في بلد آخر فاحتسبه خمساً، وكذا لو نقل قدر الخمس من ماله إلي بلد آخر فدفعه عوضاً عنه .

(12 مسألة): لو كان الذي فيه الخمس في غير بلده فالأولي دفعه هناك، ويجوز نقله إلي بلده مع الضمان .

(13 مسألة): إن كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده ، جاز نقل حصة الإمام عليه السلام إليه، بل الأقوي جواز ذلك ولو كان المجتهد الجامع للشرائط موجوداً في بلده أيضاً، بل الأولي النقل إذا كان من في بلد آخر أفضل أو كان هناك مرجّح آخر

(14 مسألة): قد مرّ أنه يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر له نقداً أو عروضاً، ولكن يجب أن يكون بقيمته الواقعيّة، فلو حسب العروض بأزيد من قيمتها لم تبرأ ذمّته وإن قبل المستحقّ ورضي به .

[من شروط براءة الذمّة من الخمس]

(15 مسألة): لا تبرأ ذمّته من الخمس إلا بقبض المستحقّ أو الحاكم، سواء كان في ذمّته أو في العين الموجودة، وفي تشخيصه بالعزل إشكال .

(16 مسألة): إذا كان له في ذمّة المستحقّ دَين، جاز له احتسابه خمساً، وكذا في حصّة الإمام عليه السلام إذا أذن المجتهد.

(17 مسألة): إذا أراد المالك أن يدفع العوض نقداً أو عروضاً، لا يعتبر فيه رضا المستحق أو المجتهد بالنسبة إلي حصة الإمام عليه السلام وإن كانت العين التي فيها الخمس موجودة، لكن الأولي اعتبار رضاه خصوصاً في حصّة الإمام عليه السلام.

[هل يجوز العفو عن الخمس؟]

(18 مسألة): لا يجوز للمستحقّ أن يأخذ من باب الخمس ويردّه علي المالك، إلا في بعض الأحوال: كما إذا كان عليه مبلغ كثير ولم يقدر علي أدائه، بأن صار معسراً وأراد تفريغ الذمّة فحينئذٍ لا مانع منه إذا رضي المستحقّ بذلك .

(19 مسألة): إذا انتقل إلي الشخص مال فيه الخمس ممن لا يعتقد وجوبه كالكافر ونحوه، لم يجب عليه إخراجه فإنهم عليهم السلام أباحوا لشيعتهم ذلك سواء كان من ربح تجارة أو غيرها، وسواء كان من المناكح والمساكن والمتاجر أو غيرها.

كتاب الحجّ

كتاب الحج

الحج هو أحد أركان الدين، ومن أوكد فرائض المسلمين، قال الله تعالي: ?ولِلَّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ? غير خفيٍّ علي الناقد البصير ما في الآية الشريفة: من فنون التأكيد، وضروب الحثّ والتشديد، ولا سيّما ما عرّض به تاركه من لزوم كفره وإعراضه عنه بقوله عزّ شأنه: ?ومَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ?.

وعن الإمام الصادق عليه السلام: «في قوله عز من قائل: ?ومَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمي فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمي وأَضَلُّ سَبِيلاً? ذاك الذي يسوّف الحجّ» يعني: حجّة الإسلام حتي يأتيه الموت .

وعنه عليه السلام: «من مات وهو صحيح موسر لم يحجّ فهو ممن قال الله تعالي: ?ونَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمي?».

وعنه عليه السلام: «من مات ولم يحجّ حجّة الإسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّاً أو نصرانيّاً».

وفي آخر: «من سوّف الحجّ حتي يموت، بعثه الله يوم القيامة يهوديّاًً أو نصرانيّاً».

وفي آخر: «ما تخلّف رجل عن الحجّ إلا بذنب، وما يعفو الله أكثر».

وعنهم عليهم السلام مستفيضاً: «بني الإسلام علي خمس: الصلاة والزكاة، والحجّ، والصوم، والولاية».

والحجّ فرضه ونفله، عظيم فضله،

خطير أجره، جزيل ثوابه، جليل جزاؤه، وكفاه ما تضمّنه من وفود العبد علي سيّده، ونزوله في بيته، ومحلّ ضيافته وأمنه، وعلي الكريم إكرام ضيفه، وإجارة الملتجئ إلي بيته.

فعن الإمام الصادق عليه السلام: «الحاجّ والمعتمر وفد الله، إن سألوه أعطاهم، وإن دعوه أجابهم، وإن شفعوا شفّعهم، وإن سكتوا بدأهم، ويعوّضون بالدرهم ألف ألف درهم ».

وعنه عليه السلام: «الحجّ والعمرة سوقان من أسواق الآخرة، اللازم لهما في ضمان الله، إن أبقاه أدّاه إلي عياله، وإن أماته أدخله الجنة».

وفي آخر: «إن أدرك ما يأمل غفر الله له، وإن قصر به أجله وقع أجره علي الله عز وجل ».

وفي آخر: «فإن مات متوجّهاً غفر الله له ذنوبه، وإن مات محرماً بعثه ملبّياً، وإن مات بأحد الحرمين بعثه من الآمنين، وإن مات منصرفاً غفر الله له جميع ذنوبه».

وفي الحديث: «إن من الذنوب ما لا يكفّره إلا الوقوف بعرفة».

وعنه صلّي الله عليه وآله وسلّم في مرضه الذي توفّي فيه في آخر ساعة من عمره الشريف: «يا أبا ذر اجلس بين يديّ واعقد بيدك: من ختم له بشهادة أن لا إله إلا الله دخل الجنة إلي أن قال: ومن ختم له بحجّة دخل الجنة، ومن ختم له بعمرة دخل الجنة …».

وعنه صلّي الله عليه وآله وسلّم: «وفد الله ثلاثاً: الحاج، والمعتمر، والغازي. دعاهم الله فأجابوه، وسألوه فأعطاهم».

وسأل الإمام الصادق عليه السلام رجل في المسجد الحرام: «من أعظم الناس وزراً؟ فقال: من يقف بهذين الموقفين: عرفة والمزدلفة، وسعي بين هذين الجبلين، ثمّ طاف بهذا البيت، وصلّي خلف مقام إبراهيم، ثمّ قال في نفسه وظنّ أن الله لم يغفر له، فهو من أعظم الناس وزراً».

وعنهم عليهم السلام: «الحاج مغفور له، وموجوب له الجنة، ومستأنف به العمل،

ومحفوظ في أهله وماله، وإن الحجّ المبرور لا يعدله شي ء، ولا جزاء له إلا الجنّة، وإن الحاجّ يكون كيوم ولدته أمّه، وإنه يمكث أربعة أشهر تكتب له الحسنات، ولا تكتب عليه السيّئات إلا أن يأتي بموجبه، فإذا مضت الأربعة الأشهر خلط بالناس، وإن الحاجّ يصدرون علي ثلاثة أصناف: صنف يعتق من النار، وصنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمّه، وصنف يحفظ في أهله وماله، فذلك أدني ما يرجع به الحاجّ، وإن الحاجّ إذا دخل مكّة وكّل الله به ملكين يحفظان عليه طوافه وصلاته وسعيّه فإذا وقف بعرفة ضربا منكبه الأيمن ثمّ قالا: أما ما مضي فقد كفيته فانظر كيف تكون فيما تستقبل».

وفي آخر: «وإذا قضوا مناسكهم قيل لهم: بنيتم بنياناً فلا تنقضوه، كفيتم ما مضي فأحسنوا فيما تستقبلون».

وفي آخر: «إذا صلّي ركعتي طواف الفريضة يأتيه ملك فيقف عن يساره، فإذا انصرف ضرب بيده علي كتفه فيقول: يا هذا أما ما قد مضي فقد غفر لك، وأما ما يستقبل فجدّ».

وفي آخر: «إذا أخذ الناس منازلهم بمني نادي مناد: لو تعلمون بفناء من حللتم لأيقنتم بالخلف بعد المغفرة».

وفي آخر: «إن أردتم أن أرضي فقد رضيت ».

وعن الثمالي قال: «قال رجل لعلي بن الحسين عليه السلام: تركت الجهاد وخشونته، ولزمت الحجّ ولينه؟ فكان متّكئاً فجلس وقال: ويحك أما بلغك ما قال رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم في حجّة الوداع؟ إنه لما وقف بعرفة وهمّت الشمس أن تغيب قال رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم: يا بلال قل للناس: فلينصتوا. فلما أنصتوا قال: إن ربّكم تطوّل عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم، وشفّع محسنكم في مسيئكم، فأفيضوا مغفوراً لكم ».

وقال النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم لرجل

مميل فاته الحجّ والتمس منه ما به ينال أجره: «لو أن أبا قبيس لك ذهبة حمراء فأنفقته في سبيل الله تعالي ما بلغت ما يبلغ الحاج ».

وقال: «إن الحاجّ إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئاً ولم يضعه إلا كتب الله له عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيّئات، ورفع له عشر درجات، وإذا ركب بعيره لم يرفع خفّاً ولم يضعه إلا كتب الله له مثل ذلك، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، فإذا سعي بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، فإذا وقف بالمشعر خرج من ذنوبه، فإذا رمي الجمار خرج من ذنوبه، قال: فعدّ رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم كذا وكذا موقفاً إذا وقفها الحاجّ خرج من ذنوبه، ثمّ قال: أنَّي لك أن تبلغ ما يبلغ الحاجّ؟».

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «إن الحجّ أفضل من عتق رقبة، بل سبعين رقبة».

بل ورد: «إنه إذا طاف بالبيت وصلَّي ركعتيه: كتب الله له سبعين ألف حسنة، وحّط عنه سبعين ألف سيّئة، ورفع له سبعين ألف درجة، وشفعه في سبعين ألف حاجة، وحسب له عتق سبعين ألف رقبة قيمة كلّ رقبة عشرة آلاف درهم، وإن الدرهم فيه أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من سبيل الله تعالي، وإنه أفضل من الصيام والجهاد والرباط، بل من كلّ شي ء ما عدا الصلاة».

بل في خبر آخر: «إنه أفضل من الصلاة أيضاً» ولعلّه لاشتماله علي فنون من الطاعات لم يشتمل عليها غيره حتي الصلاة التي هي أجمع العبادات، أو لأن الحجّ فيه صلاة والصلاة ليس فيها حجّ، أو لكونه أشقّ من غيره وأفضل الأعمال أحمزها والأجر علي قدر المشقّة.

ويستحب تكرار الحجّ والعمرة وإدمانهما بقدر القدرة،

فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «قال رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم: تابعوا بين الحجّ والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد».

وقال عليه السلام: «حجّ تتري وعمرة تسعي، يدفعن عيلة الفقر وميتة السوء».

وقال علي بن الحسين عليه السلام: «حجّوا واعتمروا، تصحّ أبدانكم، وتتّسع أرزاقكم، وتكفون مأونة عيالكم».

وكما يستحب الحجّ بنفسه كذا يستحب الإحجاج بماله، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنه كان إذا لم يحجّ أحجّ بعض أهله أو بعض مواليه ويقول لنا: «يا بنيّ إن استطعتم فلا يقف الناس بعرفات إلا وفيها من يدعو لكم، فإن الحاجّ ليشفع في ولده وأهله وجيرانه».

وقال عليّ بن الحسين عليه السلام لإسحاق بن عمّار لما أخبره أنه موطّن علي لزوم الحجّ كلّ عام بنفسه أو برجل من أهله بماله: «فأيقن بكثرة المال والبنين أو أبشر بكثرة المال».

وفي كلّ ذلك روايات مستفيضة يضيق عن حصرها المقام، ويظهر من جملة منها أن تكرارها ثلاثاً أو سنة وسنة لا إدمان، ويكره تركه للموسر في كلّ خمس سنين .

وفي عدّة من الأخبار: «إن من أوسع الله عليه وهو موسر ولم يحجّ في كلّ خمس وفي رواية: أربع سنين إنه لمحروم».

وعن الإمام الصادق عليه السلام: «من أحجّ أربع حجج لم يصبه ضغطة القبر».

(مقدمة) (في آداب السفر)

(مقدمة) (في آداب السفر)

مقدّمة في آداب السفر ومستحبّاته لحجّ أو غيره ، وهي أمور:

[الأمر الأول: طلب الخير]

أولها: ومن أوكدها الاستخارة، بمعني: طلب الخير من ربّه ومسألة تقديره له عند التردّد في أصل السفر أو في طريقه أو مطلقاً، والأمر بها للسفر وكلّ أمر خطير أو مورد خطر مستفيض، ولا سيّما عند الحيرة والاختلاف في المشورة.

وهي: الدعاء لأن يكون خيره فيما يستقبل أمره.

وهذا النوع من الاستخارة هو الأصل فيها، بل أنكر بعض العلماء ما عداها ممّا يشتمل علي: التفأّل والمشاورة بالرقاع والحصي والسبحة والبندقة وغيرها لضعف غالب أخبارها، وإن كان العمل بها للتسامح في مثلها لا بأس به أيضاً، بخلاف هذا النوع، لورود أخبار كثيرة بها في كتب أصحابنا، بل في روايات مخالفينا أيضاً عن النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم الأمر بها والحثّ عليها.

وعن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام: «كنّا نتعلّم الاستخارة كما نتعلم السورة من القرآن».

وعن الإمام الباقر عليه السلام: «إن عليّ بن الحسين عليه السلام كان يعمل به إذا همّ بأمر حجّ أو عمرة أو بيع أو شراء أو عتق».

بل في كثير من رواياتنا: النهي عن العمل بغير استخارة، وأنه من دخل في أمر بغير استخارة ثمّ ابتلي لم يؤجر.

وفي كثير منها: «ما استخار الله عبد مؤمن إلا خار له وإن وقع ما يكره».

وفي بعضها: «إلا رماه الله بخير الأمرين».

وفي بعضها: استخر الله مائة مرّة ثمّ انظر أجزم الأمرين لك فافعله، فإن الخيرة فيه إن شاء الله تعالي».

وفي بعضها: «ثمّ انظر أيّ شي ء يقع في قلبك فاعمل به».

وليكن ذلك بعنوان المشورة من ربه وطلب الخير من عنده، وبناءً منه أن خيره فيما يختاره الله له من أمره.

ويستفاد من بعض الروايات: أن يكون قبل مشورته ليكون بدء مشورته منه سبحانه،

وأن يقرنه بطلب العافية.

فعن الإمام الصادق عليه السلام: «وليكن استخارتك في عافية، فإنه ربما خير للرجل في قطع يده، وموت ولده، وذهاب ماله».

وأخصر صورة فيها أن يقول: أستخير الله برحمته، أو أستخير الله برحمته خيرة في عافية، ثلاثاً أو سبعاً أو عشراً أو خمسين أو سبعين أو مائة أو مائة مرّة ومرّة، والكل مرويّ وفي بعضها: في الأمور العظام مائة وفي الأمور اليسيرة بما دونه.

والمأثور من أدعيته كثيرة جداً، والأحسن: تقديم تحميد وتمجيد، وثناء وصلوات وتوسّل، وما يحسن من الدعاء عليها، وأفضلها بعد ركعتين للاستخارة، أو بعد صلوات فريضة، أو في ركعات الزوال، أو في آخر سجدة من صلاة الفجر، أو في آخر سجدة من صلاة الليل، أو في سجدة بعد المكتوبة، أو عند رأس الإمام الحسين عليه السلام، أو في مسجد النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم، والكلّ مرويّ ومثلها: كلّ مكان شريف قريب من الإجابة، كالمشاهد المشرفة، أو حال أو زمان كذلك. ومن أراد تفصيل ذلك فليطلبه من مواضعه: كمفاتيح الغيب للمجلسي قدّس سرّه، والوسائل، ومستدركه.

وبما ذكر من حقيقة هذا النوع من الاستخارة، وأنها محض الدعاء والتوسّل، وطلب الخير وانقلاب أمره إليه، وبما عرفت من عمل الإمام السجاد عليه السلام في الحجّ والعمرة ونحوهما، يعلم أنها راجحة للعبادات أيضاً، خصوصاً عند إرادة الحجّ، ولا يتعيّن فيما يقبل التردّد والحيرة، ولكن في رواية أخري: «ليس في ترك الحجّ خيرة» ولعل المراد بها: الخيرة لأصل الحجّ أو للواجب منه.

[الأمر الثاني: انتخاب الأزمنة المختارة]

ثانيها: اختيار الأزمنة المختارة له من الأسبوع والشهر، فمن الأسبوع يختار: السبت وبعده الثلثاء والخميس، والكلّ مرويّ.

وعن الإمام الصادق عليه السلام: «من كان مسافراً فليسافر يوم السبت، فلو أن حجراً زال عن جبل يوم السبت لردّه

الله إلي مكانه».

وعنهم عليهم السلام: «السبت لنا، والأحد لبني أمية».

وعن النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم: «اللهم بارك لأمّتي في بكورها يوم سبتها وخميسها».

ويتجنّب ما أمكنه صبيحة الجمعة قبل صلاتها، والأحد، فقد روي: «إن له حدّاً كحدّ السيف» والاثنين فهو لبني أميّة، والأربعاء فإنه لبني العباس، خصوصاً آخر أربعاء من الشهر فإنه يوم نحس مستمر.

وفي رواية: ترخيص السفر يوم الاثنين مع قراءة سورة هل أتي في أول ركعة من غداته، فإنه يقيه الله به من شرّ يوم الاثنين، وورد أيضاً: اختيار يوم الاثنين: وحملت علي التقية.

وليتجنّب السفر من الشهر والقمر في المحاق، أو في برج العقرب أو صورته، فعن الإمام الصادق عليه السلام: «من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسني».

وقد عدّ أيام من كلّ شهر، وأيام من الشهر منحوسة يتوقّي من السفر فيها، ومن ابتداء كلّ عمل بها، وحيث لم نظفر بدليل صالح عليه لم يهمّنا التعرّض لها، وإن كان التجنّب منها ومن كلّ ما يتطيّر بها أولي، ولم يعلم أيضاً أن المراد بها: شهور الفرس أو العربية، وقد يوجّه كلّ بوجه غير وجيه، وعلي كلّ حال: فعلاجها لدي الحاجة بالتوكّل والمضي، خلافاً علي أهل الطيرة، فعن النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم: «كفّارة الطيرة التوكّل».

وعن أبي الحسن الثاني عليه السلام: «من خرج يوم الأربعاء لا يدور خلافاً علي أهل الطيرة، وقي من كلّ آفة، وعوفي من كلّ عاهة، وقضي الله له حاجته».

وله أن يعالج نحوسة ما نحس من الأيام بالصدقة، فعن الإمام الصادق عليه السلام: «تصدق واخرج أيّ يوم شئت».

وكذا يفعل أيضاً لو عارضه في طريقه ما يتطيّر به الناس ووجد في نفسه من ذلك شيئاً، وليقل حينئذٍ: «اعتصمت بك يا

ربّ من شرّ ما أجد في نفسي فاعصمني» وليتوكل علي الله وليمض خلافاً لأهل الطيرة.

ويستحب اختيار آخر الليل للسير، ويكره أوله ، ففي الخبر: «الأرض تطوي من الليل» وفي آخر: «إياك والسير في أول الليل وسر في آخره».

[الأمر الثالث: التصدّق بشيء]

ثالثها: وهو أهمّها التصدق بشي ء عند افتتاح سفره، ويستحب كونها عند وضع الرجل في الركاب خصوصاً إذا صادف المنحوسة أو المتطيّر بها من الأيام والأحوال، ففي المستفيضة: رفع نحوستها بها، وليشتري السلامة من الله بما يتيّسر له، ويستحب أن يقول عند التصدق: «اللهم إني اشتريت بهذه الصدقة سلامة سفري، اللهم احفظني واحفظ ما معي، وسلّمني وسلّم ما معي، وبلّغني وبلّغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل».

[الأمر الرابع: الوصيّة بالحقوق]

رابعها: الوصية عند الخروج لا سيما بالحقوق الواجبة.

[الأمر الخامس: توديع الأهل والعيال]

خامسها: توديع العيال، بأن يجعلهم وديعة عند ربّه ويجعله خليفة عليهم، وذلك بعد ركعتين أو أربع يركعها عند إرادة الخروج ويقول «اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذريّتي ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي» فعن الإمام الصادق عليه السلام: «ما استخلف رجل علي أهله بخلافة أفضل منها، ولم يدع بذلك الدعاء إلا أعطاه عزّ وجلّ ما سأل».

[الأمر السادس: إعلام الإخوان]

سادسها: إعلام إخوانه بسفره، فعن النبي صلّي الله عليه وآله سلّم: «حقّ علي المسلم إذا أراد سفراً أن يعلم إخوانه، وحقّ علي إخوانه إذا قدم أن يأتوه ».

[الأمر السابع: العمل بالمأثور من القرآن والدعاء]

سابعها: العمل بالمأثورات من قراءة السور والآيات والأدعية عند باب داره، وذكر الله والتسمية والتحميد وشكره عند الركوب والاستواء علي الظهر، والإشراف والنزول، وكلّ انتقال وتبّدل حال ، فعن الإمام الصادق عليه السلام: «كان رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم في سفره إذا هبط سبّح، وإذا صعد كبّر» وعن النبي صلّي الله عليه واله وسلّم: «من ركب وسمّي، ردفه ملك يحفظه. ومن ركب ولم يسمّ، ردفه شيطان يمنيّه حتي ينزل».

ومنها: قراءة القدر للسلامة حين يسافر أو يخرج من منزله أو يركب داّبته، وآية الكرسي والسخرة والمعوّذتين والتوحيد والفاتحة والتسمية وذكر الله في كلّ حال من الأحوال.

ومنها: ما عن أبي الحسن عليه السلام أنه يقوم علي باب داره تلقاء ما يتوجّه له، ويقرأ الحمد والمعوّذتين والتوحيد وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله، ويقول: «اللهم احفظني واحفظ ما معي، وبلّغني وبلّغ ما معي، ببلاغك الحسن الجميل» يحفظ ويبلغ ويسلم هو وما معه.

ومنها: ما عن الإمام الرضا عليه السلام: «إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل: «بسم الله وبالله، توكلّت علي الله، ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله» تضرب به الملائكة وجوه الشياطين وتقول: ما سبيلكم عليه وقد سمّي الله وآمن به وتوكّل عليه .

ومنها: ما كان الإمام الصادق عليه السلام يقول إذا وضع رجله في الركاب: ?سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وما كُنَّا له مُقْرِنِينَ? ويسبّح الله سبعاً، ويحمده سبعاً، ويهلّله سبعاً.

وعن الإمام زين العابدين عليه السلام: «أنه لو حجّ رجل ماشياً وقرأ إنا أنزلناه

في ليلة القدر، ما وجد ألم المشي، وقال: ما قرأه أحد حين يركب دابة إلا نزل منها سالماً مغفوراً له ولقارئها أثقل علي الدواب من الحديد.

وعن أبي جعفر عليه السلام: «لو كان شي ء يسبق القدر لقلت قارئ إنا أنزلناه في ليلة القدر حين يسافر أو يخرج من منزله».

والمتكّفل لبقيّة المأثور منها علي كثرتها الكتب المعدّة لها، وفي وصيّة النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم: «يا علي إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها: اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرّها، اللهم حببّنا إلي أهلها وحبّب صالحي أهلها إلينا».

وعنه صلّي الله عليه وآله وسلّم: «يا علي إذا نزلت منزلاً فقل: اللهم أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين، ترزق خيره ويدفع عنك شرّه ّ».

وينبغي له زيادة الاعتماد والانقطاع إلي الله سبحانه، وقراءة ما يتعلّق بالحفظ من الآيات والدعوات، وقراءة ما يناسب ذلك، كقوله تعالي: ?كلّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ?، وقوله تعالي: ?إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا? ودعاء التوجّه، وكلمات الفرج ونحو ذلك .

وعن النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم: «يسبّح تسبيح الزهراء، ويقرأ آية الكرسي عند ما يأخذ مضجعه في السفر، يكون محفوظاً من كلّ شي ء حتي يصبح».

[الأمر الثامن: التحنّك حين الخروج]

ثامنها: التحنّك بإدارة طرف العمامة تحت حنكه، ففي المستفيضة عن الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام: «الضمان لمن خرج من بيته معتمّاً تحت حنكه أن يرجع إليه سالماً، وأن لا يصيبه السرق ولا الغرق ولا الحرق».

[الأمر التاسع: استصحاب العصا]

تاسعها: استصحاب عصا من اللوز المرّ، فعنه: «من أراد أن تطوي له الأرض فليتّخذ النقد من العصا والنقد: عصا لوز مرّ وفيه نفي للفقر، وأمان من الوحشة والضواري وذوات الحمّة».

وليصحب شيئاً من طين الإمام الحسين عليه السلام ليكون له شفاءً من كلّ داء، وأماناً من كلّ خوف.

ويستصحب خاتماً من عقيق أصفر مكتوب علي أحد جانبيه: «ما شاء الله لا قوة إلا بالله أستغفر الله» وعلي الجانب الآخر: «محمد وعلي» وخاتماً من فيروزج مكتوب علي أحد جانبيه: «الله الملك» وعلي الجانب الآخر: «الملك لله الواحد القهار».

[الأمر العاشر: اتخاذ الرفقة]

عاشرها: اتخاذ الرفقة في السفر، ففي المستفيضة الأمر بها والنهي الأكيد عن الوحدة، ففي وصيّة النبيّ صلّي الله عليه واله وسلّم لعلي عليه السلام: «لا تخرج في سفر وحدك، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد».

ولعن ثلاثة: «الآكل زاده وحده، والنائم في بيت وحده، والراكب في الفلاة وحده».

وقال: «شر الناس من سافر وحده، ومنع رفده، وضرب عبده».

و «أحبّ الصحابة إلي الله أربعة، وما زاد علي سبعة إلا كثر لغطهم (أي: تشاجرهم).

ومن اضطرّ إلي السفر وحده فليقل: «ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم آنس وحشتي، وأعنّي علي وحدتي، وأدّ غيبتي».

وينبغي أن يرافق مثله في الإنفاق، ويكره مصاحبته دونه أو فوقه في ذلك، وأن يصحب من يتزيّن به، ولا يصحب من يكون زينة له، ويستحب معاونة أصحابه وخدمتهم، وعدم الاختلاف معهم، وترك التقدّم علي رفيقه في الطريق .

[الأمر الحادي عشر: استصحاب الزاد وتطييبه]

الحادي عشر: استصحاب السفرة والتنوّق فيها، وتطييب الزاد والتوسعة فيه، لا سيّما في سفر الحجّ . وعن الإمام الصادق عليه السلام: «إن من المروّة في السفر: كثرة الزاد وطيبه، وبذله لمن كان معك».

نعم يكره التنوّق في سفر زيارة الإمام الحسين عليه السلام، بل يقتصر فيه علي الخبز واللبن لمن قرب من مشهده: كأهل العراق، لا مطلقاً في الأظهر. فعن الإمام الصادق عليه السلام: «بلغني أن قوماً إذا زاروا الحسين عليه السلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء والأخبصة وأشباهه، ولو زاروا قبور آبائهم ما حملوا معهم هذا» وفي آخر: «تالله إن أحدكم ليذهب إلي قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه أنتم بالسُّفر؟ كلا حتي تأتونه شعثا ًغبراً».

[الأمر الثاني عشر: حسن المعاشرة]

الثاني عشر: حسن التخلق مع صحبه ورفقته ، فعن الإمام الباقر عليه السلام: «ما يعبأ بمن يؤمّ هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: خلق يخالق به من صحبه، أو حلم يملك به غضبه، أو ورع يحجزه عن معاصي الله».

وفي المستفيضة: «المروّة في السفر: ببذل الزاد، وحسن الخلق، والمزاح في غير المعاصي».

وفي بعضها: «قلة الخلاف علي من صحبك، وترك الرواية عليهم إذا أنت فارقتهم».

وعن الإمام الصادق عليه السلام: «ليس من المروّة أن يحدّث الرجل بما يتّفق في السفر من خير أو شر».

وعنه عليه السلام: «وطّن نفسك علي حسن الصحابة لمن صحبت في: حسن خلقك، وكفّ لسانك، واكظم غيظك، وأقلّ لغوك، وتفرش عفوك، وتسخي نفسك ».

[الأمر الثالث عشر: استصحاب الحاجيات الأوّلية]

الثالث عشر: استصحاب جميع ما يحتاج إليه: من السلاح والآلات والأدوية. كما في ذيل ما يأتي من وصايا لقمان لابنه، وليعمل بجميع ما في تلك الوصيّة.

[الأمر الرابع عشر: انتظار المريض ثلاثاً]

الرابع عشر: إقامة رفقاء المريض لأجله ثلاثاً، فعن النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم: «إذا كنت في سفر ومرض أحدكم فأقيموا عليه ثلاثة أيام».

وعن الإمام الصادق عليه السلام: «حق المسافر أن يقيم عليه أصحابه إذا مرض ثلاثاً».

[الأمر الخامس عشر: رعاية حق المركب]

الخامس عشر: رعاية حقوق دابّته، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «قال رسول الله صلّي الله عليه واله وسلّم: للدابّة علي صاحبها خصال: يبدأ بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مرّ به، ولا يضرب وجهها فإنها تسبّح بحمد ربّها، ولا يقف علي ظهرها إلا في سبيل الله، ولا يحمّلها فوق طاقتها، ولا يكلّفها من المشي إلا ما تطيق».

وفي آخر: «ولا تتورّكوا علي الدوابّ، ولا تتّخذوا ظهورها مجالس».

وفي آخر: «ولا يضربها علي النفار، ويضربها علي العثار، فإنها تري ما لا ترون».

[مكرّوهات السفر ومستحباته]

ويكره التعرّس علي ظهر الطريق، والنزول في بطون الأودية، والإسراع في السير، وجعل المنزلين منزلاً إلا في أرض جدبة، وأن يطرق أهله ليلاً حتي يعلمهم.

ويستحب إسراع عوده إليهم، وأن يستصحب هدية لهم إذا رجع إليهم ، وعن الإمام الصادق عليه السلام: «إذا سافر أحدكم فقدم من سفره، فليأت أهله بما تيسّر ولو بحجر …».

ويكره ركوب البحر في هيجانه، وعن أبي جعفر عليه السلام: «إذا اضطرب بك البحر فاتّك علي جانبك الأيمن وقل «بسم الله اسكن بسكينة الله، وقرّ بقرار الله، واهدأ بإذن الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله».

ولينادي إذا ضلّ في طريق البرّ: «يا صالح يا أبا صالح أرشدونا رحمكم الله» وفي طريق البحر: «يا حمزة» وإذا بات في أرض قفر فليقل: ?إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ إلي قوله تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ?.

وينبغي للماشي أن ينسِل في مشيه، أي: يسرع ، فعن الإمام الصادق عليه السلام: «سيروا وانسلوا فإنه أخفّ عليكم».

و «جاءت المشاة إلي النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم فشكوا إليه الإعياء، فقال: عليكم بالنسلان ففعلوا فذهب عنهم الإعياء».

وأن يقرأ سورة القدر لئلّا يجد ألم المشي كما مرّ عن الإمام السجاد عليه

السلام وعن رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم: «زاد المسافر الحداء والشعر ما كان منه ليس فيه خناء» وفي نسخة «جفاء» وفي أخري «حنان».

وليختر وقت النزول من بقاع الأرض أحسنها لوناً، وألينها تربةً، وأكثرها عشباً.

[ما يستحب لأهل المسافر]

هذه جملة ما علي المسافر، وأما أهله ورفقته: فيستحب لهم تشييع المسافر وتوديعه وإعانته والدعاء له بالسهولة والسلامة، وقضاء المآرب عند وداعه، قال رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم: «من أعان مؤمناً مسافراً فرّج الله عنه ثلاثاً وسبعين كربة، وأجاره في الدنيا والآخرة من الغمّ والهمّ، ونفّس كربه العظيم يوم يغصّ الناس بأنفاسهم ».

وكان رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم إذا ودّع المؤمنين قال: «زوّدكم الله التقوي، ووجّهكم إلي كلّ خير، وقضي لكم كلّ حاجة، وسلّم لكم دينكم ودنياكم، وردّكم سالمين إلي سالمين».

وفي آخر: «كان إذا ودّع مسافراً أخذ بيده ثمّ قال: أحسن لك الصحابة، وأكمل لك المعونة، وسهّل لك الحزونة، وقرّب لك البعيد، وكفاك المهمّ، وحفظ لك دينك وأمانتك وخواتيم عملك، ووجّهك لكلّ خير، عليك بتقوي الله، استودع الله نفسك، سر علي بركة الله عزّ وجل». ّ

وينبغي أن يقرأ في أٌذنه ?إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلي مَعادٍ? إن شاء الله، ثمّ يؤذّن خلفه وليقم كما هو المشهور عملاً.

وينبغي رعاية حقّه في أهله وعياله، وحسن الخلافة فيهم لا سيّما مسافر الحجّ ، فعن الإمام الباقر عليه السلام: «من خلف حاجّاً بخير كان له كأجره: كأنه يستلم الأحجار».

وأن يوقّر القادم من الحجّ ، فعن الإمام الباقر عليه السلام: «وقّروا الحاجّ والمعتمر فإن ذلك واجب عليكم».

وكان علي بن الحسين عليه السلام يقول: «يا معشر من لم يحجّ استبشروا بالحاجّ وصافحوهم وعظّموهم، فإن ذلك يجب عليكم، تشاركوهم في الأجر».

وكان رسول الله صلّي

الله عليه وآله وسلّم يقول للقادم من مكّة: «قبل الله منك، وأخلف عليك نفقتك، وغفر ذنبك».

[مع وصايا لقمان في السفر]

ولنتبرّك بختم المقام بخير خبر تكفّل مكارم أخلاق السفر، بل والحضر، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «قال لقمان لابنه: يا بنيّ إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم، وأكثر التبسّم في وجوههم، وكن كريماً علي زادك، وإذا دعوك فأجبهم، وإذا استعانوا بك فأعنهم، واستعمل طول الصمت، وكثرة الصلاة، وسخاء النفس بما معك من دابّة أو ماء أو زاد، وإذا استشهدوك علي الحقّ فاشهد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثمّ لا تعزم حتي تتثبّت وتنظر، ولا تُجب في مشورة حتي تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتضع وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك، فإنّ من لم يمحض النصح لمن استشاره سلبه الله رأيه، ونزع منه الأمانة.

وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم، فإذا تصدّقوا أو أعطوا قرضاً فأعط معهم، واسمع لمن هو أكبر منك سنّاً، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئاً فقل، نعم، ولا تقل: لا، فإنها عيُّ ولؤم.

وإذا تحيّرتم في الطريق فانزلوا، وإذا شككتم في القصد فقفوا أو تؤامروا، وإذا رأيتم شخصاً واحداً فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه، فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب: لعلّه يكون عين اللصوص، أو يكون هو الشيطان الذي حيّركم، واحذروا الشخصين أيضاً إلا أن ترون ما لا أري، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئاً عرف الحقّ منه، والشاهد يري ما لا يري الغائب.

يا بنيّ إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخّرها لشي ء، صلّها واسترح منها فإنها دين، وصلَّ في جماعة ولو علي رأس زجّ.

ولا تنامنّ علي دابّتك فإن ذلك سريع في دبرها، وليس ذلك من فعل الحكماء إلا

أن تكون في محمل يمكنك التمدّد لاسترخاء المفاصل.

وإذا قربت من المنزل فأنزل عن دابّتك وابدأ بعلفها، فإنها نفسك، وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لوناً، وألينها تربة، وأكثرها عشباً.

وإذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس.

وإذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض.

وإذا ارتحلت فصلّ ركعتين ثمّ ودّع الأرض التي حللت بها، وسلّم عليها وعلي أهلها، فإن لكل بقعة أهلاً من الملائكة.

فإن استطعت أن لا تأكل طعاماً حتي تبدأ وتصدّق منه فافعل.

وعليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكباً، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملاً عملاً، وعليك بالدعاء ما دمت خالياً، وإيّاك والسير في أول الليل، وسر في آخره، وإيّاك ورفع الصوت.

يا بنيّ سافر بسيفك وخفّك وعمامتك وحبالك وسقائك وخيوطك ومخرزك، وتزوّد معك من الأدوية فانتفع به أنت ومن معك، وكن لأصحابك موافقاً إلا في معصية الله عزّ وجلّ.

هذا ما يتعلّق بكليّ السفر، ويختصّ سفر الحجّ بأمور أخري.

[آداب سفر الحجّ خاصّة]

منها: اختيار المشي فيه علي الركوب علي الأرجح، بل الحفاء علي الانتعال: إلا أن يضعفه عن العبادة، أو كان لمجرّد تقليل النفقة، وعليهما يحمل ما يستظهر منها أفضليّة الركوب، وروي: «ما تقرّب العبد إلي الله عزّ وجلّ بشي ء أحبّ إليه من المشي إلي بيته الحرام علي القدمين، وأن الحجّة الواحدة تعدل سبعين حجّة، وما عبد الله بشي ء مثل الصمت والمشي إلي بيته».

ومنها: أن تكون نفقة الحجّ والعمرة حلالاً طيباً، فعنهم عليهم السلام: «إنّا أهل بيت حجّ صرورتنا ومهور نسائنا وأكفاننا من طهور أموالنا».

وعنهم عليهم السلام: «من حجّ بمال حرام نودي عند التلبية: لا لبّيك عبدي ولا سعديك».

وعن الإمام الباقر عليه السلام: «من أصاب مالاً من أربع: لم يقبل منه في أربع: من أصاب مالاً من غلول أو رياء

أو خيانة أو سرقة لم يقبل منه في زكاة ولا صدقة ولا حجّ ولا عمرة».

ومنها: استحباب نيّة العود إلي الحجّ عند الخروج من مكّة، وكراهة نيّة عدم العود، فعن النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم: «من رجع من مكّة وهو ينوي الحجّ من قابل زيد في عمره، ومن خرج من مكّة ولا يريد العود إليها فقد اقترب أجله ودنا عذابه».

وعن الإمام الصادق عليه السلام مثله مستفيضاً، وقال لعيسي بن أبي منصور: «يا عيسي إني أحبّ أن يراك الله فيما بين الحجّ إلي الحجّ وأنت تتهيّأ للحجّ».

ومنها: أن لا يخرج من الحرمين الشريفين بعد ارتفاع النهار إلا بعد أداء الفرضين بهما.

ومنها: البدأة بزيارة النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم لمن حجّ علي طريق العراق.

ومنها: أن لا يحجّ ولا يعتمر علي الإبل الجلّالة، ولكن لا يبعد اختصاص الكراهة بأداء المناسك عليها، ولا يسري إلي ما يسار عليها من البلاد البعيدة في الطريق.

ومن أهمّ ما ينبغي رعايته في هذا السفر: احتسابه من سفر آخرته بالمحافظة علي تصحيح النيّة، وإخلاص السريرة، وأداء حقيقة القربة، والتجنّب عن الرياء، والتجرّد عن حبّ المدح والثناء، وأن لا يجعل سفره هذا علي ما عليه كثير من مترفي عصرنا: من جعله وسيلة للرفعة والافتخار، بل وصلة إلي التجارة والانتشار ومشاهدة البلدان وتصفّح الأمصار.

وأن يراعي أسراره الخفيّة ودقائقه الجليّة، كما يفصح عن ذلك ما أشار إليه بعض الأعلام: من أن الله تعالي سنّ الحجّ ووضعه علي عباده إظهاراً لجلاله وكبريائه، وعلوّ شأنه وعظم سلطانه، وإعلاناً لرقّ الناس وعبوديتّهم، وذلّهم واستكانتهم، وقد عاملهم في ذلك معاملة السلاطين لرعاياهم، والملاّك لمماليكهم: يستذلّونهم بالوقوف علي باب بعد باب، واللبث في حجاب بعد حجاب، وأن الله تعالي قد شرّف

البيت الحرام وأضافه إلي نفسه، واصطفاه لقدسه، وجعله قياماً للعباد، ومقصداً يؤمّ من جميع البلاد، وجعل ما حوله حرماً، وجعل الحرم آمناً، وجعل فيه ميداناً ومجالاً، وجعل له في الحلّ شبيهاً ومثالاً، فوضعه علي مثال حضرة الملوك والسلاطين، ثمّ أذّن في الناس بالحجّ ليأتوه رجالاً وركباناً من كلّ فجّ، وأمرهم بالإحرام وتغيير الهيئة واللباس، شعثاً غبراً، متواضعين مستكينين، رافعين أصواتهم بالتلبية، وإجابة الدعوة، حتي إذا أتوه كذلك حجبهم عن الدخول، وأوقفهم في حجبه يدعونه ويتضرّعون إليه، حتي إذا طال تضرّعهم واستكانتهم، ورجموا شياطينهم بجمارهم، وخلعوا طاعة الشيطان من رقابهم، أذن لهم بتقريب قربانهم، وقضاء تفثهم، ليطهروا من الذنوب التي كانت هي الحجاب بينهم وبينه، وليزوروا البيت علي طهارة منهم، ثمّ يعيدهم فيه بما يظهر معه كمال الرقّ وكنه العبودية، فجعلهم تارة يطوفون فيه ويتعلّقون بأستاره ويلوذون بأركانه، وأخري يسعون بين يديه مشياّ وعدواً، ليتبيّن لهم عزّ الربوبيّة وذلّ العبوديّة، وليعرفوا أنفسهم، ويضع الكبر من رءوسهم، ويجعل نير الخضوع في أعناقهم، ويستشعروا شعار المذلّة، وينزعوا ملابس الفخر والعزّة. وهذا من أعظم فوائد الحجّ، مضافاً إلي ما فيه من التذكّر بالإحرام والوقوف في المشاعر العظام لأحوال المحشر وأهوال يوم القيامة، إذ الحجّ هو الحشر الأصغر، وإحرام الناس وتلبيتهم وحشرهم إلي المواقف ووقوفهم بها والهين متضرّعين راجعين إلي الفلاح أو الخيبة والشقاء،أشبه شي ء بخروج الناس من أجداثهم، وتوشّحهم بأكفانهم، واستغاثتهم من ذنوبهم، وحشرهم إلي صعيد واحد إلي نعيم أو عذاب أليم، بل حركات الحاجّ في طوافهم وسعيهم، ورجوعهم وعودهم، يشبه أطوار الخائف الوجل المضطرب المدهوش الطالب ملجأً ومفزعاً، نحو أهل المحشر في أحوالهم وأطوارهم، فبحلول هذه المشاعر والجبال، والشعب والتلال، ولدي وقوفه بمواقفه العظام، يهون ما بأمامه من

أهوال يوم القيامة: من عظائم يوم المحشر، وشدائد النشر، عصمنا الله وجميع المؤمنين، ورزقنا فوزه يوم الدين، آمين رب العالمين وصلّي الله علي محمّد وآله الطاهرين .

(1- فصل: في وجوب الحجّ وأهميّته)

(1- فصل: في وجوب الحجّ وأهميّته)

من أركان الدين الحجّ ، وهو واجب علي كلّ من استجمع الشرائط الآتية: من الرجال والنساء والخناثي، بالكتاب والسنّة والإجماع من جميع المسلمين، بل بالضرورة، ومنكره في سلك الكافرين()، وتاركه عمداً مستخفّاً به بمنزلتهم، وتركه من غير استخفاف من الكبائر، ولا يجب في أصل الشرع إلا مرّة واحدة في تمام العمر، وهو المسمّي بحجّة الإسلام، أي: الحجّ الذي بني عليه الإسلام، مثل الصلاة والصوم والخمس والزكاة.

وما نقل عن الصدوق في العلل: من وجوبه علي أهل الجدة كلّ عام علي فرض ثبوته شاذ مخالف للإجماع والأخبار، ولا بدّ من حمله علي بعض المحامل: كالأخبار الواردة بهذا المضمون من إرادة الاستحباب المؤكّد، أو الوجوب علي البدل، بمعني: أنه يجب عليه في عامه وإذا تركه ففي العام الثاني وهكذا، ويمكن حملها علي الوجوب الكفائي، فإنه لا يبعد وجوب الحجّ كفاية علي كلّ أحد في كلّ عام إذا كان متمكّناً بحيث لا تبقي مكّة خالية عن الحجّاج، لجملة من الأخبار الدالّة علي أنه لا يجوز تعطيل الكعبة عن الحجّ، والأخبار الدالّة علي أن علي الإمام كما في بعضها وعلي الوالي كما في آخر أن يجبر الناس علي الحجّ، والمقام في مكّة، وزيارة الرسول صلَّي الله عليه وآله وسلّم والمقام عنده، وأنه إن لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت المال .

[مسائل في وجوب الحجّ]

(1 مسألة): لا خلاف في أن وجوب الحجّ بعد تحقّق الشرائط فوريّ، بمعني: أنه يجب المبادرة إليه في العام الأول من الاستطاعة، فلا يجوز تأخيره عنه، وإن تركه فيه ففي العام الثاني وهكذا، ويدلّ عليه جملة من الأخبار، فلو خالف وأخّر مع وجود الشرائط بلا عذر يكون عاصياً، بل لا يبعد كونه كبيرة كما صرّح به جماعة، ويمكن استفادته

من جملة من الأخبار.

(2 مسألة): لو توقّف إدراك الحجّ بعد حصول الاستطاعة علي مقدّمات: من السفر وتهيئة أسبابه، وجب المبادرة إلي إتيانها علي وجه يدرك الحجّ في تلك السنة.

ولو تعدّدت الرفقة وتمكّن من المسير مع كلّ منهم، اختار أوثقهم سلامة() وإدراكاً، ولو وجدت واحدة ولم يعلم حصول أخري، أو لم يعلم التمكّن من المسير والإدراك للحجّ بالتأخير، فهل يجب الخروج مع الأولي، أو يجوز التأخير إلي الأخري بمجرّد احتمال الإدراك، أو لا يجوز إلا مع الوثوق؟ أقوال: أقواها الأخير.

وعلي أيّ تقدير: إذا لم يخرج مع الأولي واتّفق عدم التمكّن من المسير، أو عدم إدراك الحجّ بسبب التأخير، استقرّ عليه الحجّ وإن لم يكن آثماً بالتأخير، لأنه كان متمكّناً من الخروج مع الأولي، إلا إذا تبين عدم إدراكه لو سار معهم أيضاً.

(2- فصل: في شرائط وجوب حجّة الإسلام)

(2- فصل: في شرائط وجوب حجّة الإسلام)

وهي أمور:

[الشرط الأول: البلوغ والعقل]

[الشرط الأول: البلوغ والعقل]

أحدها: الكمال بالبلوغ والعقل، فلا يجب علي الصبيّ وإن كان مراهقاً، ولا علي المجنون وإن كان أدوارياً إذا لم يف دور إفاقته بإتيان تمام الأعمال.

ولو حجّ الصبيّ لم يجزئ عن حجّة الإسلام وإن قلنا بصحة عباداته وشرعيّتها كما هو الأقوي وكان واجداً لجميع الشرائط سوي البلوغ ، ففي خبر مسمع عن الإمام الصادق ×: «لو أن غلاماً حجّ عشر حجج ثمّ احتلم كان عليه فريضة الإسلام».

وفي خبر إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن ×: «عن ابن عشر سنين يحجّ؟ قال ×: عليه حجّة الإسلام إذا احتلم، وكذا الجارية عليها الحجّ إذا طمثت».

[مسائل في الشرط الأول]

(1 مسألة): يستحب للصبيّ المميّز أن يحجّ وإن لم يكن مجزئاً عن حجّة الإسلام، ولكن هل يتوقّف ذلك علي إذن الوليّ أو لا؟ المشهور بل قيل: لا خلاف فيه أنه مشروط بإذنه، لاستتباعه المال في بعض الأحوال للهدي وللكفّارة، ولأنه عبادة متلقّاة من الشرع مخالف للأصل، فيجب الاقتصار فيه علي المتيقّن.

وفيه إنه ليس تصرّفاً ماليّاً وإن كان ربما يستتبع المال، وأن العمومات كافية في صحّته وشرعيّته مطلقاً، فالأقوي عدم الاشتراط في صحّته وإن وجب الاستئذان في بعض الصور.

وأما البالغ فلا يعتبر في حجّه المندوب إذن الأبوين إن لم يكن مستلزماً للسفر المشتمل علي الخطر الموجب لأذيتهما، وأما في حجّه الواجب فلا إشكال .

(2 مسألة): يستحب للوليّ أن يحرم بالصبيّ غير المميّز بلا خلاف لجملة من الأخبار، بل وكذا الصبيّة وإن استشكل فيها صاحب المستند، وكذا المجنون وإن كان لا يخلو عن إشكال لعدم نصٍّ فيه بالخصوص فيستحقّ الثواب عليه.

والمراد بالإحرام به: جعله محرماً لا أن يحرم عنه فيلبسه ثوبي الإحرام ويقول: «اللهم إني أحرمت هذا الصبي …».

ويأمره بالتلبية بمعني: أن يلقّنه إيّاها، وإن لم يكن

قابلاً يلبّي عنه، ويجنّبه عن كلّ ما يجب علي المحرم الاجتناب عنه، ويأمره بكل من أفعال الحجّ يتمكّن منه، وينوب عنه في كلّ ما لا يتمكّن ويطوف به، ويسعي به بين الصفا والمروة، ويقف به في عرفات ومني، ويأمره بالرمي وإن لم يقدر يرمي عنه، وهكذا يأمره بصلاة الطواف وإن لم يقدر يصلِّي عنه، ولا بدّ من أن يكون طاهراً ومتوضّئاً ولو بصورة الوضوء()، وإن لم يمكن فيتوضّأ هو عنه، ويحلق رأسه، وهكذا جميع الأعمال .

(3 مسألة): لا يلزم كون الوليّ محرماً في الإحرام بالصبيّ ، بل يجوز له ذلك وإن كان محلّا ً.

(4 مسألة): المشهور علي أن المراد بالوليّ في الإحرام بالصبيّ غير المميّز: الوليّ الشرعيّ من الأب والجدّ والوصيّ لأحدهما والحاكم وأمينه أو وكيل أحد المذكورين، لا مثل العمّ والخال ونحوهما والأجنبيّ.

نعم، ألحقوا بالمذكورين الأمّ وإن لم تكن وليّاً شرعيّاً للنصّ الخاصّ فيها، قالوا: لأن الحكم علي خلاف القاعدة، فاللازم: الاقتصار علي المذكورين فلا يترتّب أحكام الإحرام إذا كان المتصدّي غيرهم، ولكن لا يبعد كون المراد الأعمّ منهم وممّن يتولّي أمر الصبيّ ويتكفّله وإن لم يكن وليّاً شرعيّاً، لقوله ×: «قدّموا من كان معكم من الصبيان إلي الجحفة أو إلي بطن مرّ …» فإنه يشمل غير الوليّ الشرعيّ أيضاً.

وأما في المميّز فاللازم إذن الوليّ الشرعيّ إن اعتبرنا في صحّة إحرامه الإذن() .

(5 مسألة): النفقة الزائدة علي نفقة الحضر، علي الوليّ لا من مال الصبيّ، إلا إذا كان حفظه موقوفاً علي السفر به، أو يكون السفر مصلحة له .

(6 مسألة): الهدي علي الوليّ()، وكذا كفّارة الصيد إذا صاد الصبيّ، وأما الكفّارات الأخر المختصّة بالعمد، فهل هي أيضاً علي الوليّ، أو في مال الصبيّ، أو لا تجب الكفّارة في

غير الصيد لأن عمد الصبيّ خطأ والمفروض أن تلك الكفّارات لا تثبت في صورة الخطأ؟ وجوه:

لا يبعد قوّة الأخير، إما لذلك وإما لانصراف أدلّتها عن الصبيّ، لكن الأحوط تكفّل الولي، بل لا يترك هذا الاحتياط، بل هو الأقوي() لأن قوله ×: «عمد الصبيّ خطأ» مختصّ بالديات، والانصراف ممنوع، وإلا فيلزم الالتزام به في الصيد أيضاً.

[أدلة كفاية حجّ الصبيّ ونقدها]

[أدلة كفاية حجّ الصبيّ ونقدها]

(7 مسألة): قد عرفت أنه لو حجّ الصبيّ عشر مرّات لم يجزئه عن حجّة الإسلام، بل يجب عليه بعد البلوغ والاستطاعة، لكن استثني المشهور من ذلك: ما لو بلغ وأدرك المشعر فإنه حينئذٍ يجزئ عن حجّة الإسلام، بل ادّعي بعضهم الإجماع عليه، وكذا إذا حجّ المجنون ندباً ثمّ كمل قبل المشعر، واستدلّوا علي ذلك بوجوه:

[الدليل الأول]

أحدها: النصوص الواردة في العبد علي ما سيأتي بدعوي عدم خصوصيّة للعبد في ذلك، بل المناط: الشروع حال عدم الوجوب لعدم الكمال ثمّ حصوله قبل المشعر.

وفيه: إنه قياس، مع أن لازمه الالتزام به فيمن حجّ متسكّعاً ثمّ حصل له الاستطاعة قبل المشعر، ولا يقولون به.

[الدليل الثاني]

الثاني: ما ورد من الأخبار: من أن من لم يحرم من مكّة أحرم من حيث أمكنه، فإنه يستفاد منها: أن الوقت صالح لإنشاء الإحرام، فيلزم أن يكون صالحاً للانقلاب أو القلب بالأولي.

وفيه: ما لا يخفي.

[الدليل الثالث]

الثالث: الأخبار الدالّة علي أن من أدرك المشعر فقد أدرك الحجّ.

وفيه: إن موردها من لم يحرم، فلا يشمل من أحرم سابقاً لغير حجّة الإسلام.

[استنتاج]

فالقول بالإجزاء مشكل()، والأحوط الإعادة بعد ذلك إن كان مستطيعاً، بل لا يخلو عن قوّة.

وعلي القول بالإجزاء، يجري فيه الفروع الآتية في مسألة العبد: من أنه هل يجب تجديد النيّة لحجّة الإسلام أو لا؟ وأنه هل يشترط في الإجزاء استطاعته بعد البلوغ من البلد أو من الميقات أو لا؟ وأنه هل يجري في حجّ التمتع مع كون العمرة بتمامها قبل البلوغ أو لا؟ إلي غير ذلك .

(8 مسألة): إذا مشي الصبيّ إلي الحجّ، فبلغ قبل أن يحرم من الميقات وكان() مستطيعاً، لا إشكال في أن حجّه حجّة الإسلام .

(9 مسألة): إذا حجّ باعتقاد أنه غير بالغ ندباً، فبان بعد الحجّ أنه كان بالغاً، فهل يجزئ عن حجّة الإسلام أو لا؟ وجهان: أوجههما الأول.

وكذا إذا حجّ الرجل باعتقاد عدم الاستطاعة بنيّة الندب ثمّ ظهر كونه مستطيعاً حين الحجّ.

[الشرط الثاني: الحرّيّة]

[الشرط الثاني: الحرّيّة]

الثاني من الشروط: الحرية، فلا يجب علي المملوك وإن أذن له مولاه وكان مستطيعاً من حيث المال بناء علي ما هو الأقوي: من القول بملكه، أو بذل له مولاه الزاد والراحلة.

نعم، لو حجّ بإذن مولاه صحّ بلا إشكال، ولكن لا يجزيه عن حجّة الإسلام، فلو أعتق بعد ذلك أعاد، للنصوص.

منها: خبر مسمع: «لو أن عبداً حجّ عشر حجج كانت عليه حجّة الإسلام إذا استطاع إلي ذلك سبيلاً».

ومنها: «المملوك إذا حجّ وهو مملوك أجزأه إذا مات قبل أن يعتق، فإن أعتق أعاد الحجّ».

وما في خبر حكم بن حكيم: «أيّما عبد حجّ به مواليه فقد أدرك حجّة الإسلام» محمول علي إدراك ثواب الحجّ، أو علي أنه يجزئه عنها ما دام مملوكاً، لخبر أبان: «العبد إذا حجّ فقد قضي حجّة الإسلام حتي يعتق » فلا إشكال في المسألة.

نعم، لو حجّ بإذن مولاه ثمّ انعتق

قبل إدراك المشعر، أجزأه عن حجّة الإسلام بالإجماع والنصوص.

[الكلام في أمور]

ويبقي الكلام في أمور:

أحدها: هل يشترط في الإجزاء تجديد النيّة للإحرام بحجّة الإسلام بعد الانعتاق، فهو من باب القلب، أو لا بل هو انقلاب شرعي؟ قولان: مقتضي إطلاق النصوص الثاني وهو الأقوي، فلو فرض أنه لم يعلم بانعتاقه حتي فرغ، أو علم ولم يعلم الإجزاء حتي يجدّد النيّة كفاه وأجزأه.

الثاني: هل يشترط في الإجزاء كونه مستطيعاً حين الدخول في الإحرام، أو يكفي استطاعته من حين الانعتاق، أو لا يشترط ذلك أصلاً؟ أقوال: أقواها الأخير()، لإطلاق النصوص، وانصراف ما دلّ علي اعتبار الاستطاعة عن المقام.

الثالث: هل الشرط في الإجزاء إدراك خصوص المشعر سواء أدرك الوقوف بعرفات أيضاً أو لا، أو يكفي إدراك أحد الموقفين فلو لم يدرك المشعر لكن أدرك الوقوف بعرفات معتقاً كفي؟ قولان: الأحوط() الأول، كما أن الأحوط اعتبار إدراك الاختياري من المشعر، فلا يكفي() إدراك الاضطراري منه، بل الأحوط اعتبار إدراك كلا الموقفين وإن كان يكفي الانعتاق قبل المشعر، لكن إذا كان مسبوقاً بإدراك() عرفات أيضاً ولو مملوكاً.

الرابع: هل الحكم مختصّ بحجّ الإفراد والقران، أو يجري في حجّ التمتع أيضاً وإن كانت عمرته بتمامها حال المملوكية؟ الظاهر: الثاني، لإطلاق النصوص، خلافاً لبعضهم فقال بالأول، لأن إدراك المشعر معتقاً إنما ينفع للحجّ لا للعمرة الواقعة حال المملوكية.

وفيه: ما مرّ من الإطلاق، ولا يقدح ما ذكره ذلك البعض لأنهما عمل واحد.

هذا إذا لم ينعتق إلا في الحجّ، وأما إذا انعتق في عمرة التمتع وأدرك بعضها معتقاً، فلا يرد الإشكال .

[مسائل في الشرط الثاني]

(1 مسألة): إذا أذن المولي لمملوكه في الإحرام، فتلبّس به. ليس له أن يرجع في إذنه لوجوب الإتمام علي المملوك، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، نعم لو أذن له ثمّ رجع قبل تلبّسه به، لم

يجز له أن يحرم إذا علم برجوعه، وإذا لم يعلم برجوعه فتلبّس به، هل يصحّ إحرامه ويجب إتمامه، أو يصحّ ويكون للمولي حلّه، أو يبطل؟ وجوه: أوجهها الأخير، لأن الصحّة مشروطة بالإذن المفروض سقوطه بالرجوع، ودعوي أنه دخل دخولاً مشروعاً فوجب إتمامه فيكون رجوع المولي كرجوع الموكّل قبل التصرّف ولم يعلم الوكيل، مدفوعة: بأنه لا تكفي المشروعيّة الظاهريّة، وقد ثبت الحكم في الوكيل بالدليل، ولا يجوز القياس عليه .

(2 مسألة): يجوز للمولي أن يبيع مملوكه المحرم بإذنه وليس للمشتري حلّ إحرامه، نعم مع جهله بأنه محرم يجوز له الفسخ مع طول الزمان الموجب لفوات بعض منافعه .

(3 مسألة): إذا انعتق العبد قبل المشعر فهديه عليه، وإن لم يتمكّن فعليه أن يصوم، وإن لم ينعتق كان مولاه بالخيار بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصوم، للنصوص والإجماعات .

(4 مسألة): إذا أتي المملوك المأذون في إحرامه بما يوجب الكفّارة، فهل هي علي مولاه، أو عليه ويتبع بها بعد العتق، أو تنتقل إلي الصوم فيما فيه الصوم مع العجز، أو في الصيد عليه وفي غيره علي مولاه؟ وجوه: أظهرها كونها علي مولاه لصحيحة حريز، خصوصاً إذا كان الإتيان بالموجب بأمره أو بإذنه، نعم لو لم يكن مأذوناً في الإحرام بالخصوص، بل كان مأذوناً مطلقاً إحراماً كان أو غيره لم يبعد كونها() عليه، حملاً لخبر عبد الرحمن بن أبي نجران النافي لكون الكفّارة في الصيد علي مولاه، علي هذه الصورة.

(5 مسألة): إذا أفسد المملوك المأذون حجّه بالجماع قبل المشعر، فكالحرّ في وجوب الإتمام والقضاء، وأما البدنة ففي كونها عليه أو علي مولاه فالظاهر أن حالها حال سائر الكفّارات علي ما مرّ، وقد مرّ أن الأقوي كونها علي المولي الآذن له في الإحرام،

وهل يجب علي المولي تمكينه من القضاء لأن الإذن في الشي ء إذن في لوازمه، أو لا لأنه من سوء اختياره؟ قولان: أقواهما الأول، سواء قلنا إن القضاء هو حجّه أو إنه عقوبة وإن حجّه هو الأول.

هذا إذا أفسد حجّه ولم ينعتق، وأما إن أفسده بما ذكر ثمّ انعتق: فإن انعتق قبل المشعر، كان حاله حال الحرّ في: وجوب الإتمام والقضاء والبدنة وكونه مجزئاً عن حجّة الإسلام إذا أتي بالقضاء علي القولين: من كون الإتمام عقوبة وأن حجّه هو القضاء، أو كون القضاء عقوبة، بل علي هذا إن لم يأت بالقضاء أيضاً أتي بحجّة الإسلام وإن كان عاصياً في ترك القضاء.

وإن انعتق بعد المشعر، فكما ذكر إلا أنه لا يجزئه عن حجّة الإسلام فيجب عليه بعد ذلك إن استطاع، وإن كان مستطيعاً فعلاً ففي وجوب تقديم حجّة الإسلام أو القضاء وجهان: مبنيّان علي أن القضاء فوريّ أو لا، فعلي الأول يقدّم لسبق سببه، وعلي الثاني تقدّم حجّة الإسلام لفوريّتها دون القضاء.

(6 مسألة): لا فرق فيما ذكر: من عدم وجوب الحجّ علي المملوك، وعدم صحّته إلا بإذن مولاه، وعدم إجزائه عن حجّة الإسلام إلا إذا انعتق قبل المشعر، بين: القنّ والمدبّر والمكاتب وأمّ الولد والمبعّض إلا إذا هايأه مولاه وكانت نوبته كافية مع عدم كون السفر خطريّاً() فإنه يصحّ منه بلا إذن، لكن لا يجب ولا يجزئه حينئذٍ عن حجّة الإسلام وإن كان مستطيعاً لأنه لم يخرج عن كونه مملوكاً، وإن كان يمكن() دعوي الانصراف عن هذه الصورة، فمن الغريب ما في الجواهر من قوله: «ومن الغريب ما ظنّه بعض الناس من وجوب حجّة الإسلام عليه في هذا الحال، ضرورة منافاته للإجماع المحكيّ عن المسلمين الذي يشهد

له التتبّع علي اشتراط الحرّية المعلوم عدمها في المبعّض» انتهي. إذ لا غرابة فيه بعد إمكان دعوي الانصراف، مع أن في أوقات نوبته يجري عليه جميع() آثار الحرّية.

(7 مسألة): إذا أمر المولي مملوكه بالحجّ، وجب عليه طاعته وإن لم يكن مجزئاً عن حجّة الإسلام: كما إذا آجره للنيابة عن غيره، فإنه لا فرق بين إجارته للخياطة أو الكتابة وبين إجارته للحجّ أو الصوم .

[الشرط الثالث: الاستطاعة الشرعيّة]

[الشرط الثالث: الاستطاعة الشرعيّة]

الثالث: الاستطاعة من حيث المال وصحة البدن وقوّته، وتخلية السرب وسلامته، وسعة الوقت وكفايته بالإجماع والكتاب والسنة.

[مسائل في الشرط الثالث]

(1 مسألة): لا خلاف ولا إشكال في عدم كفاية القدرة العقليّة في وجوب الحجّ ، بل يشترط فيه الاستطاعة الشرعيّة وهي كما في جملة من الأخبار: الزاد والراحلة، فمع عدمهما لا يجب وإن كان قادراً عليه عقلاً بالاكتساب ونحوه.

وهل يكون اشتراط وجود الراحلة مختصّاً بصورة الحاجة إليها لعدم قدرته علي المشي أو كونه مشقّة عليه أو منافياً لشرفه، أو يشترط مطلقاً ولو مع عدم الحاجة إليه؟ مقتضي إطلاق الأخبار والإجماعات المنقولة: الثاني، وذهب جماعة من المتأخرين إلي: الأول، لجملة من الأخبار المصرّحة بالوجوب إن أطاق المشي بعضاً أو كلّا ً، بدعوي أن مقتضي الجمع بينها وبين الأخبار الأُوَل: حملها علي صورة الحاجة، مع أنها منزّلة علي الغالب، بل انصرافها إليها.

والأقوي هو القول الثاني لإعراض المشهور عن هذه الأخبار مع كونها بمرأي منهم ومسمع، فاللازم طرحها أو حملها علي بعض المحامل: كالحمل علي الحجّ المندوب وإن كان بعيداً عن سياقها، مع أنها مفسّرة للاستطاعة في الآية الشريفة، وحمل الآية علي القدر المشترك بين الوجوب والندب بعيد، أو حملها علي من استقرّ عليه حجّة الإسلام سابقاً وهو أيضاً بعيد أو نحو ذلك.

وكيف كان: فالأقوي ما ذكرنا وإن كان لا ينبغي() ترك الاحتياط بالعمل بالأخبار المزبورة، خصوصاً بالنسبة إلي من لا فرق عنده بين المشي والركوب، أو يكون المشي أسهل، لانصراف الأخبار الأُوَل عن هذه الصورة، بل لو لا الإجماعات المنقولة والشهرة لكان هذا القول في غاية القوّة.

(2 مسألة): لا فرق في اشتراط وجود الراحلة بين القريب والبعيد حتي بالنسبة إلي أهل مكّة لإطلاق الأدلة، فما عن جماعة من عدم اشتراطه بالنسبة

إليهم لا وجه له() .

(3 مسألة): لا يشترط وجودهما عيناً عنده، بل يكفي وجود ما يمكن صرفه في تحصيلهما من المال، من غير فرق بين النقود والأملاك: من البساتين والدكاكين والخانات ونحوها، ولا يشترط إمكان حمل الزاد معه، بل يكفي إمكان تحصيله في المنازل بقدر الحاجة، ومع عدمه فيها يجب حمله مع الإمكان من غير فرق بين علف الدابّة وغيره، ومع عدمه يسقط الوجوب .

[المراد من الزاد والراحلة]

(4 مسألة): المراد بالزاد هنا: المأكول والمشروب، وسائر ما يحتاج إليه المسافر من الأوعية التي يتوقّف عليها حمل المحتاج إليه، وجميع ضروريات ذلك السفر بحسب حاله قوّة وضعفاً، وزمانه حرّاً وبرداً، وشأنه شرفاً وضعة.

والمراد بالراحلة: مطلق ما يركب ولو مثل السفينة في طريق البحر، واللازم وجود ما يناسب حاله بحسب القوّة والضعف، بل الظاهر اعتباره من حيث الضعة والشرف كمّاً وكيفاً، فإذا كان من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة بحيث يعد ما دونها نقصاً عليه، يشترط في الوجوب القدرة عليه ولا يكفي ما دونه وإن كانت الآية والأخبار مطلقة، وذلك لحكومة قاعدة: نفي العسر والحرج، علي الإطلاقات.

نعم إذا لم يكن بحدّ الحرج وجب معه الحجّ، وعليه يحمل ما في بعض الأخبار من وجوبه ولو علي حمار أجدع مقطوع الذنب .

(5 مسألة): إذا لم يكن عنده الزاد، ولكن كان كسوباً يمكنه تحصيله بالكسب في الطريق لأكله وشربه وغيرهما من بعض حوائجه، هل يجب عليه أو لا؟ الأقوي عدمه وإن كان أحوط.

(6 مسألة): إنما يعتبر الاستطاعة من مكانه لا من بلده، فالعراقي إذا استطاع وهو في الشام، وجب عليه وإن لم يكن عنده بقدر الاستطاعة من العراق، بل لو مشي إلي ما قبل الميقات متسكّعاً أو لحاجة أخري من تجارة أو غيرها وكان له هناك

ما يمكن أن يحجّ به وجب عليه، بل لو أحرم متسكّعاً فاستطاع وكان أمامه ميقات آخر، أمكن أن يقال بالوجوب عليه وإن كان لا يخلو عن إشكال .

(7 مسألة): إذا كان من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة ولم يوجد سقط الوجوب، ولو وجد ولم يوجد شريك للشقّ الآخر: فإن لم يتمكّن من أجرة الشقَّين سقط أيضاً، وإن تمكّن فالظاهر الوجوب لصدق الاستطاعة، فلا وجه لما عن العلاّمة من التوقّف فيه لأن بذل المال له خسران لا مقابل له، نعم لو كان بذله مجحفاً ومضرّاً بحاله لم يجب، كما هو الحال في شراء ماء الوضوء.

(8 مسألة): غلاء أسعار ما يحتاج إليه أو أجرة المركوب في تلك السنة لا يوجب السقوط، ولا يجوز التأخير عن تلك السنة مع تمكّنه من القيمة، بل وكذا لو توقّف علي الشراء بأزيد من ثمن المثل والقيمة المتعارفة، بل وكذا لو توقّف علي بيع أملاكه بأقلّ من ثمن المثل لعدم وجود راغب في القيمة المتعارفة، فما عن الشيخ من سقوط الوجوب ضعيف، نعم لو كان الضرر مجحفاً بماله مضرّاً بحاله لم يجب، وإلا فمطلق الضرر لا يرفع الوجوب بعد صدق الاستطاعة وشمول الأدلة، فالمناط هو: الإجحاف والوصول إلي حدّ الحرج الرافع للتكليف .

[اشتراط نفقة الذهاب والاياب]

(9 مسألة): لا يكفي في وجوب الحجّ وجود نفقة الذهاب فقط، بل يشترط وجود نفقة العود إلي وطنه إن أراده وإن لم يكن له فيه أهل ولا مسكن مملوك ولو بالإجارة، للحرج في التكليف بالإقامة في غير وطنه المألوف له، نعم إذا لم يرد العود أو كان وحيداً لا تعلّق له بوطن لم يعتبر وجود نفقة العود، لإطلاق الآية والأخبار في كفاية وجود نفقة الذهاب، وإذا أراد السكني في بلد آخر

غير وطنه لا بدّ من وجود النفقة إليه إذا لم يكن أبعد من وطنه، وإلا فالظاهر كفاية مقدار العود إلي وطنه .

(10 مسألة): قد عرفت أنه لا يشترط وجود أعيان ما يحتاج إليه في نفقة الحجّ من الزاد والراحلة ولا وجود أثمانها من النقود، بل يجب عليه بيع ما عنده من الأموال لشرائها.

لكن يستثني من ذلك ما يحتاج إليه في ضروريّات معاشه: فلا تباع دار سكناه اللائقة بحاله، ولا خادمه المحتاج إليه، ولا ثياب تجمّله اللائقة بحاله فضلاً عن ثياب مهنته ولا أثاث بيته من الفراش والأواني وغيرهما ممّا هو محلّ حاجته، بل ولا حليّ المرأة مع حاجتها بالمقدار اللائق بها بحسب حالها في زمانها ومكانها، ولا كتب العلم لأهله التي لا بدّ له منها فيما يجب تحصيله لأن الضرورة الدينيّة أعظم من الدنيويّة، ولا آلات الصنائع المحتاج إليها في معاشه، ولا فرس ركوبه مع الحاجة إليه، ولا سلاحه، ولا سائر ما يحتاج إليه لاستلزام التكليف بصرفها في الحجّ العسر والحرج.

ولا يعتبر فيها الحاجة الفعليّة، فلا وجه لما عن كشف اللثام: من أن فرسه إن كان صالحاً لركوبه في طريق الحجّ فهو من الراحلة، وإلا فهو في مسيره إلي الحجّ لا يفتقر إليه، بل يفتقر إلي غيره، ولا دليل علي عدم وجوب بيعه حينئذٍ. كما لا وجه لما عن الدروس: من التوقّف في استثناء ما يضطرّ إليه من أمتعة المنزل والسلاح وآلات الصنائع.

فالأقوي: استثناء جميع ما يحتاج إليه في معاشه ممّا يكون إيجاب بيعه مستلزماً للعسر والحرج، نعم لو زادت أعيان المذكورات عن مقدار الحاجة، وجب بيع الزائد في نفقة الحجّ، وكذا لو استغني عنها بعد الحاجة: كما في حليّ المرأة إذا كبرت عنه ونحوه .

(11 مسألة):

لو كان بيده دار موقوفة تكفيه لسكناه وكان عنده دار مملوكة، فالظاهر: وجوب بيع المملوكة إذا كانت وافية لمصارف الحجّ أو متمّمة لها، وكذا في الكتب المحتاج إليها إذا كان عنده من الموقوفة مقدار كفايته فيجب بيع المملوكة منها، وكذا الحال في سائر المستثنيات إذا ارتفعت حاجته فيها بغير المملوكة، لصدق الاستطاعة حينئذٍ إذا لم يكن ذلك منافياً لشأنه ولم يكن عليه حرج في ذلك، نعم لو لم تكن موجودة وأمكنه تحصيلها لم يجب عليه ذلك، فلا يجب بيع ما عنده وفي ملكه، والفرق: عدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة بخلاف الصورة الأولي، إلا إذا حصّلت بلا سعي منه أو حصّلها مع عدم وجوبه، فإنه بعد التحصيل يكون كالحاصل أولاً.

(12 مسألة): لو لم تكن المستثنيات زائدة عن اللائق بحاله بحسب عينها، لكن كانت زائدة بحسب القيمة وأمكن تبديلها بما يكون أقل قيمة مع كونها لائقاً بحاله أيضاً، فهل يجب التبديل للصرف في نفقة الحجّ أو لتتميمها؟ قولان: من صدق الاستطاعة، ومن عدم زيادة العين عن مقدار الحاجة، والأصل: عدم وجوب التبديل، والأقوي() الأول إذا لم يكن فيه حرج أو نقص عليه وكانت الزيادة معتدّاً بها: كما إذا كانت له دار تساوي مائة وأمكن تبديلها بما يساوي خمسين، مع كونه لائقاً بحاله من غير عسر فإنه يصدق الاستطاعة، نعم لو كانت الزيادة قليلة جداً بحيث لا يعتني بها أمكن دعوي عدم الوجوب، وإن كان الأحوط التبديل أيضاً.

(13 مسألة): إذا لم يكن عنده من أعيان المستثنيات، لكن كان عنده ما يمكن شراؤها به من النقود أو نحوها: ففي جواز شرائها وترك الحجّ إشكال، بل الأقوي : عدم جوازه إلا أن يكون عدمها موجباً للحرج عليه. فالمدار في ذلك

هو: الحرج وعدمه، وحينئذٍ: فإن كانت موجودة عنده لا يجب بيعها إلا مع عدم الحاجة، وإن لم تكن موجودة لا يجوز شراؤها إلا مع لزوم الحرج في تركه، ولو كانت موجودة وباعها بقصد() التبديل بآخر لم يجب صرف ثمنها في الحجّ، فحكم ثمنها حكمها. ولو باعها لا بقصد التبديل وجب بعد البيع صرف ثمنها في الحجّ، إلا مع الضرورة إليها علي حدّ الحرج في عدمها.

[الدوران بين الحجّ والزواج]

(14 مسألة): إذا كان عنده مقدار ما يكفيه للحج ونازعته نفسه إلي النكاح، صرّح جماعة بوجوب الحجّ وتقديمه علي التزويج، بل قال بعضهم: وإن شقّ عليه ترك التزويج، والأقوي وفاقاً لجماعة أخري: عدم وجوبه مع كون ترك التزويج حرجاً عليه، أو موجباً لحدوث مرض، أو للوقوع في الزني ونحوه، نعم لو كانت عنده زوجة واجبة النفقة ولم يكن له حاجة فيها، لا يجب أن يطلّقها وصرف مقدار نفقتها في تتميم مصرف الحجّ، لعدم صدق الاستطاعة عرفاً.

(15 مسألة): إذا لم يكن عنده ما يحجّ به، ولكن كان له دَين علي شخص بمقدار مأونته أو بما تتمّ به مأونته، فاللازم اقتضاؤه وصرفه في الحجّ إذا كان الدَّين حالّا ً وكان المديون باذلاً، لصدق الاستطاعة حينئذٍ.

وكذا إذا كان مماطلاً وأمكن إجباره بإعانة متسلّط، أو كان منكراً وأمكن إثباته عند الحاكم الشرعي وأخذه بلا كلفة وحرج. وكذا إذا توقّف استيفاؤه علي الرجوع إلي حاكم الجور، بناء علي ما هو الأقوي: من جواز الرجوع إليه مع توقّف استيفاء الحق عليه، لأنه حينئذٍ يكون واجباً بعد صدق الاستطاعة لكونه مقدّمة للواجب المطلق، وكذا لو كان الدَّين مؤجّلاً وكان المديون باذلاً قبل الأجل لو طالبه()، ومنعُ صاحب الجواهر الوجوب حينئذٍ بدعوي: عدم صدق الاستطاعة محلّ منع.

وأما لو

كان المديون معسراً، أو مماطلاً لا يمكن إجباره، أو منكراً للدَّين ولم يمكن إثباته، أو كان الترافع مستلزماً للحرج، أو كان الدَّين مؤجّلاً مع عدم كون المديون باذلاً فلا يجب، بل الظاهر: عدم الوجوب لو لم يكن واثقاً ببذله مع المطالبة.

[الاقتراض للحجّ]

(16 مسألة): لا يجب الاقتراض للحجّ إذا لم يكن له مال، وإن كان قادراً علي وفائه بعد ذلك بسهولة، لأنه تحصيل للاستطاعة وهو غير واجب، نعم لو كان له مال غائب لا يمكن صرفه في الحجّ فعلاً، أو مال حاضر لا راغب في شرائه، أو دين مؤجّل لا يكون المديون باذلاً له قبل الأجل وأمكنه الاستقراض والصرف في الحجّ ثمّ وفاؤه بعد ذلك، فالظاهر(): وجوبه لصدق الاستطاعة حينئذٍ عرفاً، إلا إذا لم يكن واثقاً بوصول الغائب أو حصول الدين بعد ذلك، فحينئذٍ لا يجب الاستقراض لعدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة.

[هل الدَّين يمنع عن الحجّ؟]

(17 مسألة): إذا كان عنده ما يكفيه للحجّ وكان عليه دَين: ففي كونه مانعاً عن وجوب الحجّ مطلقاً، سواء كان حالّا ً مطالباً به أو لا، أو كونه مؤجّلاً، أو عدم كونه مانعاً إلا مع الحلول والمطالبة، أو كونه مانعاً إلا مع التأجيل، أو الحلول مع عدم المطالبة، أو كونه مانعاً إلا مع التأجيل وسعة الأجل للحجّ والعود، أقوال.

والأقوي: كونه مانعاً، إلا مع التأجيل والوثوق بالتمكّن من أداء الدَّين إذا صرف ما عنده في الحجّ، وذلك: لعدم صدق الاستطاعة في غير هذه الصورة، وهي المناط في الوجوب، لا مجرّد كونه مالكاً للمال وجواز التصرّف فيه بأيّ وجه أراد، وعدم المطالبة في صورة الحلول أو الرضا بالتأخير لا ينفع في صدق الاستطاعة.

نعم لا يبعد() الصدق إذا كان واثقاً بالتمكّن من الأداء مع فعليّة الرضا بالتأخير من الدائن، والأخبار الدالّة علي جواز الحجّ لمن عليه دَين، لا تنفع في الوجوب، وفي كونه حجّة الإسلام.

وأما صحيح معاوية بن عمّار، عن الإمام الصادق عليه السلام: «عن رجل عليه دَين، أعليه أن يحجّ؟ قال: نعم، إن حجّة الإسلام واجبة

علي من أطاق المشي من المسلمين» وخبر عبد الرحمن عنه عليه السلام أنه قال: «الحجّ واجب علي الرجل وإن كان عليه دَين» فمحمولان علي الصورة التي ذكرنا، أو علي من استقرّ عليه الحجّ سابقاً، وإن كان لا يخلو عن إشكال كما سيظهر، فالأولي: الحمل الأول.

وأما ما يظهر من صاحب المستند: من أن كلّا ً من أداء الدَّين والحجّ واجب، فاللازم بعد عدم الترجيح: التخيير بينهما في صورة الحلول مع المطالبة، أو التأجيل مع عدم سعة الأجل للذهاب والعود، وتقديم الحجّ في صورة الحلول مع الرضا بالتأخير، أو التأجيل مع سعة الأجل للحجّ والعود، ولو مع عدم الوثوق بالتمكّن من أداء الدَّين بعد ذلك حيث لا تجب المبادرة إلي الأداء فيهما، فيبقي وجوب الحجّ بلا مزاحم. ففيه: إنه لا وجه للتخيير في الصورتين الأُوليين، ولا لتعيين تقديم الحجّ في الأخيرتين بعد كون الوجوب تخييراً أو تعييناً مشروطاً بالاستطاعة غير الصادقة في المقام، خصوصاً مع المطالبة وعدم الرضا بالتأخير، مع أن التخيير فرع كون الواجبين مطلقين وفي عرض واحد، والمفروض: أن وجوب أداء الدَّين مطلق، بخلاف وجوب الحجّ فإنه مشروط بالاستطاعة الشرعيّة.

نعم لو استقرّ عليه وجوب الحجّ سابقاً، فالظاهر: التخيير، لأنهما حينئذٍ في عرض واحد وإن كان يحتمل تقديم الدَّين إذا كان حالّا ً مع المطالبة، أو مع عدم الرضا بالتأخير، لأهميّة حقّ الناس من حقّ الله، لكنّه ممنوع، ولذا لو فرض كونهما عليه بعد الموت يوزّع المال عليهما، ولا يقدّم دَين الناس، ويحتمل تقديم الأسبق منهما في الوجوب، لكنّه أيضاً لا وجه له كما لا يخفي .

(18 مسألة): لا فرق في كون الدَّين مانعاً من وجوب الحجّ بين أن يكون سابقاً علي حصول المال بقدر الاستطاعة، أو

لا: كما إذا استطاع للحجّ ثمّ عرض عليه دَين، بأن أتلف مال الغير مثلاً علي وجه الضمان من دون تعمّد قبل خروج الرفقة، أو بعده قبل أن يخرج هو، أو بعد خروجه قبل الشروع في الأعمال، فحاله حال تلف المال من دون دَين، فإنه يكشف عن عدم كونه مستطيعاً.

(19 مسألة): إذا كان عليه خمس أو زكاة وكان عنده مقدار ما يكفيه للحجّ لولاهما، فحالهما حال الدَّين مع المطالبة، لأن المستحقّين لهما مطالبون فيجب صرفه فيهما ولا يكون مستطيعاً، وإن كان الحجّ مستقرّاً عليه سابقاً يجيء الوجوه المذكورة: من التخيير() أو تقديم حقّ الناس أو تقديم الأسبق.

هذا إذا كان الخمس أو الزكاة في ذمّته، وأما إذا كانا في عين ماله فلا إشكال في تقديمهما علي الحجّ، سواء كان مستقرّاً عليه أو لا، كما أنهما يقدّمان علي ديون الناس أيضاً، ولو حصلت الاستطاعة والدَّين والخمس والزكاة معاً فكما لو سبق الدَّين .

(20 مسألة): إذا كان عليه دَين مؤجّل بأجل طويل جدّاً: كما بعد خمسين سنة، فالظاهر عدم منعه عن الاستطاعة، وكذا إذا كان الدّيان مسامحاً في أصله: كما في مهور نساء أهل الهند، فإنهم يجعلون المهر ما لا يقدر الزوج علي أدائه: كمائة ألف روبّيه أو خمسين ألف، لإظهار الجلالة وليسوا مقيّدين بالإعطاء والأخذ، فمثل ذلك لا يمنع من الاستطاعة ووجوب الحجّ: وكالدَّين ممن بناؤه علي الإبراء إذا لم يتمكّن المديون من الأداء، أو واعده بالإبراء بعد ذلك .

(21 مسألة): إذا شكّ في مقدار ماله وأنه وصل إلي حدّ الاستطاعة أو لا، هل يجب عليه الفحص أم لا؟ وجهان: أحوطهما() ذلك، وكذا إذا علم مقداره وشكّ في مقدار مصرف الحجّ وأنه يكفيه أو لا.

(22 مسألة): لو كان بيده مقدار

نفقة الذهاب والإياب، وكان له مال غائب لو كان باقياً يكفيه في رواج أمره بعد العود، لكن لا يعلم بقاءه أو عدم بقائه، فالظاهر: وجوب الحجّ بهذا الذي بيده استصحاباً لبقاء الغائب، فهو: كما لو شكّ في أن أمواله الحاضرة تبقي إلي ما بعد العود أو لا، فلا يعدّ من الأصل المثبت .

[التصرّف المانع أو المخرج عن الاستطاعة]

(23 مسألة): إذا حصل عنده مقدار ما يكفيه للحجّ، يجوز له قبل أن يتمكّن من المسير() أن يتصرّف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة، وأما بعد التمكّن منه فلا يجوز وإن كان قبل خروج الرفقة، ولو تصرّف بما يخرجه عنها بقيت ذمّته مشغولة به، والظاهر: صحّة التصرّف مثل الهبة والعتق وإن كان فعل حراماً، لأن النهي متعلّق بأمر خارج، نعم لو كان قصده في ذلك التصرّف: الفرار من الحجّ لا لغرض شرعي أمكن أن يقال() بعدم الصحّة، والظاهر: أن المناط في عدم جواز التصرّف المخرج هو: التمكّن في تلك السنة، فلو لم يتمكّن فيها ولكن يتمكّن في السنة الأخري لم يمنع عن جواز التصرّف، فلا يجب إبقاء المال إلي العام القابل إذا كان له مانع في هذه السنة، فليس حاله حال من يكون بلده بعيداً عن مكّة بمسافة سنتين() .

(24 مسألة): إذا كان له مال غائب بقدر الاستطاعة وحده، أو منضمّاً إلي ماله الحاضر وتمكّن من التصرّف في ذلك المال الغائب يكون مستطيعاً ويجب عليه الحجّ، وإن لم يكن متمكّناً من التصرّف فيه ولو بتوكيل من يبيعه هناك فلا يكون مستطيعاً إلا بعد التمكّن منه أو الوصول في يده. وعلي هذا: فلو تلف في الصورة الأولي بقي وجوب الحجّ مستقراً عليه إن كان التمكّن في حال تحقّق سائر الشرائط، ولو تلف في الصورة الثانية لم

يستقرّ، وكذا إذا مات مورثه وهو في بلد آخر وتمكّن من التصرّف في حصّته أو لم يتمكّن، فإنه علي الأول يكون مستطيعاً، بخلافه علي الثاني .

[الغفلة عن حصول الاستطاعة]

(25 مسألة): إذا وصل ماله إلي حدّ الاستطاعة لكنّه كان جاهلاً به أو كان غافلاً() عن وجوب الحجّ عليه ، ثمّ تذكّر بعد أن تلف ذلك المال، فالظاهر: استقرار وجوب الحجّ عليه إذا كان واجداً لسائر الشرائط حين وجوده، والجهل والغفلة لا يمنعان عن الاستطاعة، غاية الأمر أنه معذور في ترك ما وجب عليه، وحينئذٍ: فإذا مات قبل التلف أو بعده وجب الاستيجار عنه إن كانت له تركة بمقداره.

وكذا إذا نقل ذلك المال إلي غيره بهبة أو صلح ثمّ علم بعد ذلك أنه كان بقدر الاستطاعة، فلا وجه لما ذكره المحقّق القمّي في أجوبة مسائله: من عدم الوجوب لأنه لجهله لم يصر مورداً وبعد النقل والتذكّر ليس عنده ما يكفيه فلم يستقرّ عليه لأن عدم التمكّن من جهة الجهل والغفلة لا ينافي الوجوب الواقعي، والقدرة التي هي شرط في التكاليف: القدرة من حيث هي، وهي موجودة، والعلم شرط في التنجّز لا في أصل التكليف .

(26 مسألة): إذا اعتقد أنه غير مستطيع فحجّ ندباً، فإن قصد امتثال الأمر المتعلّق به فعلاً وتخيّل أنه الأمر الندبي أجزأ عن حجّة الإسلام لأنه حينئذٍ من باب الاشتباه في التطبيق، وإن قصد الأمر الندبي علي وجه التقييد لم يجزئ عنها() وإن كان حجّه صحيحاً. وكذا الحال إذا علم باستطاعته ثمّ غفل عن ذلك، وأما لو علم بذلك وتخيّل عدم فوريّتها فقصد الأمر الندبي فلا يجزئ() لأنه يرجع إلي التقييد.

(27 مسألة): هل تكفي في الاستطاعة الملكيّة المتزلزلة للزاد والراحلة وغيرهما: كما إذا صالحه شخص ما يكفيه للحجّ بشرط

الخيار له إلي مدّة معيّنة، أو باعه محاباة كذلك؟ وجهان: أقواهما العدم، لأنها في معرض الزوال إلا إذا كان واثقاً بأنه لا يفسخ، وكذا لو وهبه وأقبضه إذا لم يكن رحماً()، فإنه ما دامت العين موجودة له الرجوع، ويمكن أن يقال بالوجوب() هنا حيث إن له التصرّف في الموهوب فتلزم الهبة.

[بقاء الاستطاعة حتّي تمام الأعمال]

(28 مسألة): يشترط في وجوب الحجّ بعد حصول الزاد والراحلة بقاء المال إلي تمام الأعمال، فلو تلف بعد ذلك ولو في أثناء الطريق كشف عن عدم الاستطاعة، وكذا لو حصل عليه دين قهراً عليه: كما إذا أتلف مال غيره خطأً، وأما لو أتلفه عمداً فالظاهر كونه كإتلاف الزاد والراحلة عمداً في عدم زوال استقرار الحجّ .

(29 مسألة): إذا تلف بعد تمام الأعمال مأونة عوده إلي وطنه، أو تلف ما به الكفاية من ماله في وطنه بناءً علي اعتبار الرجوع إلي كفاية في الاستطاعة، فهل يكفيه عن حجّة الإسلام أو لا؟ وجهان: لا يبعد الإجزاء، ويقرّبه ما ورد: من أن من مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام، بل يمكن أن يقال بذلك إذا تلف في أثناء الحجّ أيضاً.

(30 مسألة): الظاهر عدم اعتبار الملكيّة في الزاد والراحلة، فلو حصلا بالإباحة اللازمة كفي في الوجوب، لصدق الاستطاعة.

ويؤيّده: الأخبار الواردة في البذل، فلو شرط أحد المتعاملين علي الآخر في ضمن عقد لازم: أن يكون له التصرّف في ماله بما يعادل مائة ليرة مثلاً وجب عليه الحجّ ويكون كما لو كان مالكاً له .

(31 مسألة): لو أُوصي له بما يكفيه للحجّ فالظاهر: وجوب الحجّ عليه بعد موت الموصي() ، خصوصاً إذا لم يعتبر القبول في ملكيّة الموصي له() وقلنا بملكيّته ما لم يردّ، فإنه ليس له الردّ حينئذٍ.

[هل النذر يمنع عن الحجّ؟]

(32 مسألة): إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يزور الإمام الحسين عليه السلام في كلّ عرفة ثمّ حصلت لم يجب عليه الحجّ()، بل وكذا لو نذر إن جاء مسافره أن يعطي الفقير كذا مقداراً، فحصل له ما يكفيه لأحدهما بعد حصول المعلّق عليه، بل وكذا إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يصرف

مقدار مائة ليرة مثلاً في الزيارة أو التعزية أو نحو ذلك، فإن هذا كله مانع عن تعلّق وجوب الحجّ به، وكذا إذا كان عليه واجب مطلق فوريّ قبل حصول الاستطاعة، ولم يمكن الجمع بينه وبين الحجّ ثمّ حصلت الاستطاعة وإن لم يكن ذلك الواجب أهم من الحجّ، لأن العذر الشرعيّ كالعقليّ في المنع من الوجوب.

وأما لو حصلت الاستطاعة أولاً ثمّ حصل واجب فوريّ آخر لا يمكن الجمع بينه وبين الحجّ، يكون من باب المزاحمة، فيقدّم الأهمّ منهما: فلو كان مثل إنقاذ الغريق قدّم علي الحجّ، وحينئذٍ: فإن بقيت الاستطاعة إلي العام القابل وجب الحجّ فيه وإلا فلا، إلا أن يكون الحجّ قد استقرّ عليه سابقاً، فإنه يجب عليه ولو متسكّعاً.

(33 مسألة): النذر المعلّق علي أمر قسمان ():

تارة يكون التعليق علي وجه الشرطية، كما إذا قال: إن جاء مسافري فللّه عليّ أن أزور الإمام الحسين عليه السلام في عرفة، وتارة يكون علي نحو الواجب المعلّق، كأن يقول: لله عليّ أن أزور الإمام الحسين عليه السلام في عرفة عند مجي ء مسافري.

فعلي الأول: يجب الحجّ إذا حصلت الاستطاعة قبل مجي ء مسافره.

وعلي الثاني: لا يجب، فيكون حكمه حكم النذر المنجّز في أنه لو حصلت الاستطاعة وكان العمل بالنذر منافياً لها لم يجب الحجّ، سواء حصل المعلّق عليه قبلها أو بعدها. وكذا لو حصلا معاً لا يجب الحجّ، من دون فرق بين الصورتين، والسرّ في ذلك: أن وجوب الحجّ مشروط والنذر مطلق، فوجوبه يمنع من تحقّق الاستطاعة.

[الحجّ البذلي وبعض أحكامه]

(34 مسألة): إذا لم يكن له زاد وراحلة ولكن قيل له: حجّ وعليّ نفقتك ونفقة عيالك وجب عليه، وكذا لو قال: حجّ بهذا المال وكان كافياً له ذهاباً وإياباً ولعياله، فتحصل الاستطاعة ببذل النفقة

كما تحصل بملكها، من غير فرق بين أن يبيحها له أو يملّكها إيّاه، ولا بين أن يبذل عينها أو ثمنها، ولا بين أن يكون البذل واجباً عليه بنذر أو يمين أو نحوها أو لا، ولا بين كون الباذل موثوقاً به أو لا علي الأقوي().

والقول بالاختصاص بصورة التمليك ضعيف، كالقول بالاختصاص بما إذا وجب عليه أو بأحد الأمرين من التمليك أو الوجوب، وكذا القول بالاختصاص بما إذا كان موثوقاً به، كلّ ذلك لصدق الاستطاعة، وإطلاق المستفيضة من الأخبار، ولو كان له بعض النفقة فبذل له البقيّة وجب أيضاً، ولو بذل له نفقة الذهاب فقط ولم يكن عنده نفقة العود لم يجب. وكذا لو لم يبذل نفقة عياله، إلا إذا كان عنده ما يكفيهم إلي أن يعود، أو كان لا يتمكّن من نفقتهم مع ترك الحجّ أيضاً.

(35 مسألة): لا يمنع الدَّين من الوجوب في الاستطاعة البذليّة، نعم لو كان حالّا ً وكان الديّان مطالباً مع فرض تمكّنه من أدائه لو لم يحجّ ولو تدريجاً، ففي كونه مانعاً أو لا: وجهان() .

(36 مسألة): لا يشترط الرجوع إلي كفاية في الاستطاعة البذليّة.

(37 مسألة): إذا وهبه ما يكفيه للحجّ لأن يحجّ، وجب عليه القبول علي الأقوي ،() بل وكذا لو وهبه وخيّره بين أن يحجّ به أو لا، وأما لو وهبه ولم يذكر الحجّ لا تعييناً ولا تخييراً، فالظاهر: عدم وجوب القبول() كما عن المشهور.

(38 مسألة): لو وقف شخص لمن يحجّ أو أوصي أو نذر كذلك، فبذل المتولّي أو الوصيّ أو الناذر له وجب عليه، لصدق الاستطاعة، بل إطلاق الأخبار. وكذا لو أوصي له بما يكفيه للحجّ بشرط أن يحجّ فإنه يجب عليه بعد موت الموصي.

(39 مسألة): لو أعطاه ما يكفيه للحجّ

خمساً أو زكاة وشرط عليه أن يحجّ به، فالظاهر: الصحّة ووجوب الحجّ عليه() إذا كان فقيراً، أو كانت الزكاة من سهم سبيل الله .

(40 مسألة): الحجّ البذلي مجزئ عن حجّة الإسلام، فلا يجب عليه إذا استطاع مالاً بعد ذلك علي الأقوي .

(41 مسألة): يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام، وفي جواز رجوعه عنه بعده: وجهان()، ولو وهبه للحجّ فقبل فالظاهر جريان حكم الهبة عليه في جواز الرجوع قبل الإقباض()، وعدمه بعده إذا كانت لذي رحم، أو بعد تصرّف الموهوب له .

(42 مسألة): إذا رجع الباذل في أثناء الطريق، ففي وجوب نفقة العود عليه أو لا: وجهان() .

(43 مسألة): إذا بذل لأحد اثنين أو ثلاثة فالظاهر الوجوب عليهم كفاية، فلو ترك الجميع استقرّ عليهم الحجّ، فيجب علي الكلّ لصدق الاستطاعة بالنسبة إلي الكلّ، نظير ما إذا وجد المتيمّمون ماء يكفي لواحد منهم، فإنّ تيمّم الجميع يبطل .

(44 مسألة): الظاهر أن ثمن الهدي علي الباذل، وأما الكفّارات: فإن أتي بموجبها عمداً اختياراً فعليه، وإن أتي بها اضطراراً أو مع الجهل أو النسيان فيما لا فرق فيه بين العمد وغيره، ففي كونه عليه أو علي الباذل: وجهان() .

[من شروط وجوب الحجّ بالبذل]

(45 مسألة): إنما يجب بالبذل الحجّ الذي هو وظيفته علي تقدير الاستطاعة، فلو بذل للآفاقي() بحجّ القران أو الإفراد أو لعمرة مفردة لا يجب عليه. وكذا لو بذل للمكيّ لحجّ التمتّع لا يجب عليه، ولو بذل لمن حجّ حجّة الإسلام لم يجب عليه ثانياً، ولو بذل لمن استقرّ عليه حجّة الإسلام وصار معسراً وجب عليه، ولو كان عليه حجّة النذر أو نحوه ولم يتمكّن فبذل له باذل وجب عليه وإن قلنا بعدم الوجوب لو وهبه لا للحجّ، لشمول الأخبار من حيث التعليل فيها

بأنه بالبذل صار مستطيعاً، ولصدق الاستطاعة عرفاً.

(46 مسألة): إذا قال له: بذلت لك هذا المال مخيّراً بين أن تحجّ به أو تزور الإمام الحسين عليه السلام، وجب عليه الحجّ .

(47 مسألة): لو بذل له مالاً ليحجّ بقدر ما يكفيه، فسرق في أثناء الطريق سقط الوجوب .

(48 مسألة): لو رجع عن بذله في الأثناء، وكان في ذلك المكان يتمكّن من أن يأتي ببقية الأعمال من مال نفسه، أو حدث له مال بقدر كفايته، وجب عليه الإتمام وأجزأه عن حجّة الإسلام .

(49 مسألة): لا فرق في الباذل بين أن يكون واحداً أو متعدّداً، فلو قالا له: حجّ وعلينا نفقتك وجب عليه .

(50 مسألة): لو عيّن له مقداراً ليحجّ به واعتقد كفايته فبان عدمها، وجب عليه() الإتمام في الصورة التي لا يجوز له الرجوع، إلا إذا كان ذلك مقيّداً بتقدير كفايته .

(51 مسألة): إذا قال: اقترض وحجّ وعليّ دينك، ففي وجوب ذلك عليه نظر() لعدم صدق الاستطاعة عرفاً، نعم لو قال: اقترض لي وحجّ به وجب() مع وجود المقرض كذلك .

(52 مسألة): لو بذل له مالاً ليحجّ به فتبيّن بعد الحجّ أنه كان مغصوباً، ففي كفايته للمبذول له عن حجّة الإسلام وعدمها، وجهان: أقواهما العدم(). أما لو قال: حجّ وعلي نفقتك ثمّ بذل له مالاً فبان كونه مغصوباً، فالظاهر: صحّة الحجّ وأجزأه عن حجّة الإسلام لأنه استطاع بالبذل، وقرار الضمان علي الباذل في الصورتين عالماً كان بكونه مال الغير أو جاهلاً.

[لو آجر نفسه فاستطاع]

(53 مسألة): لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحجّ بأجرة يصير بها مستطيعاً، وجب عليه الحجّ، ولا ينافيه وجوب قطع الطريق عليه للغير، لأن الواجب عليه في حجّ نفسه أفعال الحجّ، وقطع الطريق مقدّمة توصّليّة بأيّ وجه أتي بها كفي، ولو علي وجه

الحرام أو لا بنيّة الحجّ، ولذا لو كان مستطيعاً قبل الإجارة جاز له إجارة نفسه للخدمة في الطريق، بل لو آجر نفسه لنفس المشي معه بحيث يكون العمل المستأجر عليه نفس المشي صحّ أيضاً ولا يضرّ بحجه، نعم لو آجر نفسه لحجّ بلديّ لم يجز له أن يؤجر نفسه لنفس المشي كإجارته لزيارة بلديّة أيضاً، أما لو آجر للخدمة في الطريق فلا بأس وإن كان مشيه للمستأجر الأول، فالممنوع وقوع الإجارة علي نفس ما وجب عليه أصلاً أو بالإجارة.

(54 مسألة): إذا استوجر، أي: طلب منه إجارة للخدمة بما يصير به مستطيعاً، لا يجب عليه القبول ولا يستقرّ الحجّ عليه، فالوجوب عليه مقيّد بالقبول ووقوع الإجارة، وقد يقال بوجوبه إذا لم يكن حرجاً عليه، لصدق الاستطاعة، ولأنه مالك لمنافعه فيكون مستطيعاً قبل الإجارة، كما إذا كان مالكاً لمنفعة عبده أو دابّته وكانت كافية في استطاعته، وهو كما تري، إذ نمنع صدق الاستطاعة بذلك، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط في بعض صوره: كما إذا كان من عادته إجارة نفسه للأسفار.

(55 مسألة): يجوز لغير المستطيع أن يؤجر نفسه للنيابة عن الغير، وإن حصلت الاستطاعة بمال الإجارة قدّم الحجّ النيابي()، فإن بقيت الاستطاعة إلي العام القابل وجب عليه لنفسه وإلا فلا.

(56 مسألة): إذا حجّ لنفسه أو عن غيره تبرّعاً أو بالإجارة مع عدم كونه مستطيعاً لا يكفيه عن حجّة الإسلام ، فيجب عليه الحجّ إذا استطاع بعد ذلك، وما في بعض الأخبار: من إجزائه عنها، محمول علي الإجزاء ما دام فقيراً كما صرّح به في بعضها الآخر. فالمستفاد منها: أن حجّة الإسلام مستحبّة علي غير المستطيع، وواجبة علي المستطيع، ويتحقّق الأول بأيّ وجه أتي به ولو عن الغير تبرّعاً أو

بالإجارة، ولا يتحقّق الثاني إلا مع حصول شرائط الوجوب .

[امتلاك مأونة العيال]

(57 مسألة): يشترط في الاستطاعة مضافاً إلي مأونة الذهاب والإياب: وجود ما يمون به عياله حتي يرجع، فمع عدمه لا يكون مستطيعاً.

والمراد بهم: من يلزمه نفقته لزوماً عرفيّاً وإن لم يكن ممن يجب عليه نفقته شرعاً علي الأقوي، فإذا كان له أخ صغير أو كبير فقير لا يقدر علي التكسّب وهو ملتزم بالإنفاق عليه، أو كان متكفّلاً لإنفاق يتيم في حجره ولو أجنبيّ، يعدّ عيالاً له، فالمدار علي العيال العرفي .

[الرجوع إلي كفاية]

(58 مسألة): الأقوي وفاقاً لأكثر القدماء اعتبار الرجوع إلي كفاية: من تجارة أو زراعة أو صناعة، أو منفعة ملك له: من بستان أو دكّان أو نحو ذلك، بحيث لا يحتاج إلي التكفّف ولا يقع في الشدّة والحرج، ويكفي كونه قادراً علي التكسّب اللائق به، أو التجارة باعتباره ووجاهته وإن لم يكن له رأس مال يتّجر به، نعم قد مرّ عدم اعتبار ذلك في الاستطاعة البذليّة، ولا يبعد عدم اعتباره أيضاً فيمن يمضي أمره بالوجوه اللائقة به، كطلبة العلم من السادة وغيرهم، فإذا حصل لهم مقدار مأونة الذهاب والإياب ومأونة عيالهم إلي حال الرجوع وجب عليهم.

بل وكذا الفقير الذي عادته وشغله أخذ الوجوه ولا يقدر علي التكسّب إذا حصل له مقدار مأونة الذهاب والإياب له ولعياله، وكذا كلّ من لا يتفاوت حاله قبل الحجّ وبعده إذا صرف ما حصل له من مقدار مأونة الذهاب والإياب من دون حرج عليه .

(59 مسألة): لا يجوز للولد أن يأخذ من مال والده ويحجّ به، كما لا يجب علي الوالد أن يبذل له، وكذا لا يجب علي الولد بذل المال لوالده ليحجّ به، وكذا لا يجوز للوالد الأخذ من مال ولده للحجّ.

والقول بجواز ذلك أو وجوبه كما عن الشيخ ضعيف وإن

كان يدلّ عليه صحيح سعيد بن يسار: «سُئل الإمام الصادق عليه السلام: الرجل يحجّ من مال ابنه وهو صغير؟ قال: نعم يحجّ منه حجّة الإسلام، قال: وينفق منه؟ قال: نعم، ثمّ قال: إن مال الولد لوالده، إن رجلاً اختصم هو ووالده إلي رسول الله صلي عليه وآله وسلّم فقضي أن المال والولد للوالد» وذلك لإعراض() الأصحاب عنه، مع إمكان حمله علي الاقتراض من ماله مع استطاعته من مال نفسه، أو علي ما إذا كان فقيراً وكانت نفقته علي ولده ولم يكن نفقة السفر إلي الحجّ أزيد من نفقته في الحضر، إذ الظاهر الوجوب حينئذٍ.

(60 مسألة): إذا حصلت الاستطاعة لا يجب أن يحجّ من ماله ، فلو حجّ في نفقة غيره لنفسه أجزأه، وكذا لو حجّ متسكّعاً، بل لو حجّ من مال الغير غصباً صحّ وأجزأه، نعم إذا كان ثوب إحرامه وطوافه وسعيه من المغصوب لم يصحّ(): وكذا إذا كان ثمن هديه غصباً.

[الاستطاعة البدنيّة]

(61 مسألة): يشترط في وجوب الحجّ: الاستطاعة البدنيّة فلو كان مريضاً لا يقدر علي الركوب أو كان حرجاً عليه ولو علي المحمل أو الكنيسة لم يجب، وكذا لو تمكّن من الركوب علي المحمل لكن لم يكن عنده مأونته، وكذا لو احتاج إلي خادم ولم يكن عنده مأونته .

[الاستطاعة الزمانيّة]

(62 مسألة): ويشترط أيضاً: الاستطاعة الزمانيّة، فلو كان الوقت ضيّقاً لا يمكنه الوصول إلي الحجّ أو أمكن لكن بمشقّة شديدة لم يجب، وحينئذٍ: فإن بقيت الاستطاعة إلي العام القابل وجب، وإلا فلا.

[الاستطاعة السربيّة]

[الاستطاعة السربيّة]

(63 مسألة): ويشترط أيضاً، الاستطاعة السربيّة، بأن لا يكون في الطريق مانع لا يمكن معه الوصول إلي الميقات أو إلي تمام الأعمال، وإلا لم يجب. وكذا لو كان غير مأمون: بأن يخاف علي نفسه أو بدنه أو عرضه أو ماله وكان الطريق منحصراً فيه، أو كان جميع الطرق كذلك، ولو كان هناك طريقان: أحدهما أقرب لكنّه غير مأمون وجب الذهاب من الأبعد المأمون، ولو كان جميع الطرق مخوفاً إلا أنه يمكنه الوصول إلي الحجّ بالدوران في البلاد، مثل ما إذا كان من أهل العراق ولا يمكنه إلا أن يمشي إلي كرمان، ومنه إلي خراسان، ومنه إلي بخاري، ومنه إلي الهند، ومنه إلي بوشهر، ومنه إلي جدّه مثلاً ومنه إلي المدينة، ومنها إلي مكّة فهل يجب أو لا؟ وجهان: أقواهما عدم الوجوب()، لأنه يصدق عليه أنه لا يكون مخلّي السرب .

(64 مسألة): إذا استلزم الذهاب إلي الحجّ تلف مال له في بلده معتدّ به لم يجب ، وكذا إذا كان هناك مانع شرعي: من استلزامه ترك واجب فوري سابق() علي حصول الاستطاعة، أو لاحق مع كونه أهمّ من الحجّ كإنقاذ غريق أو حريق، وكذا إذا توقّف علي ارتكاب محرّم: كما إذا توقّف علي ركوب دابّة غصبيّة أو المشي في الأرض المغصوبة.

3[الكلام في أمرين]

اشارة

(65 مسألة): قد علم ممّا مرّ أنه يشترط في وجوب الحجّ مضافاً إلي البلوغ والعقل والحرية: الاستطاعة الماليّة والبدنيّة والزمانيّة والسربيّة وعدم استلزامه الضرر أو ترك واجب أو فعل حرام، ومع فقد أحد هذه لا يجب، فبقي الكلام في أمرين:

[الأمر الأول]

أحدهما: إذا اعتقد تحقّق جميع هذه مع فقد بعضها واقعاً، أو اعتقد فقد بعضها وكان متحقّقاً، فنقول: إذا اعتقد كونه بالغاً أو حرّاً مع تحقّق سائر الشرائط فحجّ، ثمّ بان أنه كان صغيراً أو عبداً، فالظاهر بل المقطوع: عدم إجزائه عن حجّة الإسلام.

وإن اعتقد كونه غير بالغ أو عبداً مع تحقّق سائر الشرائط وأتي به أجزأه عن حجّة الإسلام كما مرّ سابقاً، وإن تركه مع بقاء الشرائط إلي ذي الحجّة()، فالظاهر: استقرار وجوب الحجّ عليه، فإن فقد بعض الشرائط بعد ذلك: كما إذا تلف ماله، وجب عليه الحجّ ولو متسكّعاً.

وإن اعتقد كونه مستطيعاً مالاً وأن ما عنده يكفيه فبان الخلاف بعد الحجّ، ففي إجزائه عن حجّة الإسلام وعدمه وجهان(): من فقد الشرط واقعاً، ومن أن القدر المسلّم من عدم إجزاء حجّ غير المستطيع عن حجّة الإسلام غير هذه الصورة.

وإن اعتقد عدم كفاية ما عنده من المال وكان في الواقع كافياً وترك الحجّ، فالظاهر: الاستقرار عليه.

وإن اعتقد عدم الضرر أو عدم الحرج فحجّ فبان الخلاف، فالظاهر: كفايته.

وإن اعتقد المانع من العدوّ أو الضرر أو الحرج فترك الحجّ فبان الخلاف، فهل يستقرّ عليه الحجّ أو لا؟ وجهان: والأقوي عدمه، لأن المناط في الضرر الخوف وهو حاصل، إلا إذا كان اعتقاده علي خلاف رويّة العقلاء وبدون الفحص والتفتيش.

وإن اعتقد عدم مانع شرعي فحجّ فالظاهر: الإجزاء إذا بان الخلاف.

وإن اعتقد وجوده فترك فبان الخلاف، فالظاهر: الاستقرار.

[الأمر الثاني]

ثانيهما: إذا ترك الحجّ مع تحقّق الشرائط متعمّداً، أو حجّ مع فقد بعضها كذلك.

أما الأول: فلا إشكال في استقرار الحجّ عليه مع بقائها إلي ذي الحجّة().

وأما الثاني: فإن حجّ مع عدم البلوغ أو عدم الحريّة فلا إشكال في عدم إجزائه، إلا إذا بلغ

أو انعتق قبل أحد الموقفين علي إشكال في البلوغ قد مرّ().

وإن حجّ مع عدم الاستطاعة الماليّة فظاهرهم: مسلّمية عدم الإجزاء، ولا دليل عليه إلا الإجماع، وإلا فالظاهر: أن حجّة الإسلام هو الحجّ الأول() وإذا أتي به كفي ولو كان ندباً، كما إذا أتي الصبيّ صلاة الظهر مستحبّاً بناءً علي شرعيّة عباداته فبلغ في أثناء الوقت فإن الأقوي عدم وجوب إعادتها، ودعوي: أن المستحب لا يجزي عن الواجب ممنوعة بعد اتّحاد ماهيّة الواجب والمستحب، نعم لو ثبت تعدّد ماهيّة حجّ المتسكّع والمستطيع تمَّ ما ذكر لا لعدم إجزاء المستحب عن الواجب، بل لتعدّد الماهيّة.

وإن حجّ مع عدم أمن الطريق، أو مع عدم صحة البدن مع كونه حرجاً عليه، أو مع ضيق الوقت كذلك، فالمشهور بينهم: عدم إجزائه عن الواجب، وعن الدروس: الإجزاء، إلا إذا كان إلي حدّ الإضرار بالنفس وقارن بعض المناسك فيحتمل عدم الإجزاء، ففرق بين حجّ المتسكّع وحجّ هؤلاء، وعلّل الإجزاء: بأن ذلك من باب تحصيل الشرط، فإنه لا يجب لكن إذا حصله وجب.

وفيه: إن مجرّد البناء علي ذلك لا يكفي في حصول الشرط، مع أن غاية الأمر حصول المقدّمة التي هو المشي إلي مكّة ومني وعرفات، ومن المعلوم: أن مجرّد هذا لا يوجب حصول الشرط الذي هو عدم الضرر أو عدم الحرج، نعم لو كان الحرج أو الضرر في المشي إلي الميقات فقط ولم يكونا حين الشروع في الأعمال تمَّ ما ذكره، ولا قائل بعدم الإجزاء في هذه الصورة.

هذا ومع ذلك فالأقوي: ما ذكره في الدروس، لا لما ذكره بل لأن الضرر والحرج إذا لم يصلا إلي حدّ الحرمة إنما يرفعان الوجوب والإلزام لا أصل الطلب، فإذا تحمّلهما وأتي بالمأمور به كفي .

[إذا استلزم الحجّ ترك واجب]

(66

مسألة): إذا حجّ مع استلزامه لترك واجب أو ارتكاب محرّم، لم يجزئه عن حجّة الإسلام () وإن اجتمع سائر الشرائط، لا لأن الأمر بالشيء نهي عن ضدّه لمنعه أولاً، ومنع بطلان العمل بهذا النهي ثانياً لأن النهي متعلق بأمر خارج بل لأن الأمر مشروط بعدم المانع ووجوب ذلك الواجب مانع، وكذلك النهي المتعلّق بذلك المحرّم مانع ومعه لا أمر بالحجّ()، نعم لو كان الحجّ مستقرّاً عليه وتوقّف الإتيان به علي ترك واجب أو فعل حرام دخل في تلك المسألة وأمكن أن يقال بالإجزاء، لما ذكر من منع اقتضاء الأمر بشي ء للنهي عن ضدّه، ومنع كون النهي المتعلّق بأمر خارج موجباً للبطلان .

(67 مسألة): إذا كان في الطريق عدوّ لا يندفع إلا بالمال، فهل يجب الحجّ أو لا؟ أقوال: ثالثها الفرق بين المضرّ بحاله() وعدمه، فيجب في الثاني دون الأول .

(68 مسألة): لو توقّف الحجّ علي قتال العدوّ، لم يجب حتي مع ظنّ الغلبة عليه والسلامة، وقد يقال بالوجوب في هذه الصورة().

(69 مسألة): لو انحصر الطريق في البحر، وجب ركوبه إلا مع خوف الغرق أو المرض خوفاً عقلائياً، أو استلزامه الإخلال بصلاته، أو إيجابه لأكل النجس أو شربه()، ولو حجّ مع هذا صح حجّه لأن ذلك في المقدّمة، وهي: المشي إلي الميقات، كما إذا ركب دابّة غصبيّة إلي الميقات .

[إذا استطاع وعليه خمس أو زكاة]

(70 مسألة): إذا استقرّ عليه الحجّ وكان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة، وجب عليه أداؤها، ولا يجوز له المشي إلي الحجّ قبلها، ولو تركها عصي. وأما حجّه فصحيح إذا كانت الحقوق في ذمّته لا في عين ماله، وكذا إذا كانت في عين ماله ولكن كان ما يصرفه في مأونته من المال الذي لا يكون فيه خمس

أو زكاة أو غيرهما، أو كان ممّا تعلق به الحقوق ولكن كان ثوب إحرامه() وطوافه وسعيه وثمن هديه من المال الذي ليس فيه حق، بل وكذا إذا كانا ممّا تعلّق به الحقّ من الخمس والزكاة إلا أنه بقي عنده مقدار ما فيه منهما، بناءً علي ما هو الأقوي() من كونهما في العين علي نحو الكلِّي في المعيّن لا علي وجه الإشاعة.

(71 مسألة): يجب علي المستطيع الحجّ مباشرة، فلا يكفيه حجّ غيره عنه تبرعاً أو بالإجارة إذا كان متمكّناً من المباشرة بنفسه .

[المستطيع مالياً لا جسميّاً]

(72 مسألة): إذا استقرّ الحجّ عليه ولم يتمكّن من المباشرة لمرض لم يرج زواله، أو حصر كذلك، أو هرم بحيث لا يقدر، أو كان حرجاً عليه، فالمشهور: وجوب الاستنابة عليه، بل ربما يقال بعدم الخلاف فيه وهو الأقوي. وإن كان ربما يقال بعدم الوجوب، وذلك لظهور جملة من الأخبار في الوجوب.

وأما إن كان موسراً من حيث المال ولم يتمكّن من المباشرة مع عدم استقراره عليه، ففي وجوب الاستنابة وعدمه، قولان: لا يخلو أولهما عن قوّة لإطلاق الأخبار المشار إليها، وهي وإن كانت مطلقة من حيث رجاء الزوال وعدمه لكن المنساق من بعضها ذلك، مضافاً إلي ظهور الإجماع علي عدم الوجوب مع رجاء الزوال.

والظاهر: فوريّة الوجوب كما في صورة المباشرة، ومع بقاء العذر إلي أن مات يجزيه حجّ النائب، فلا يجب القضاء عنه وإن كان مستقرّاً عليه.

وإن اتّفق ارتفاع العذر بعد ذلك، فالمشهور: أنه يجب عليه مباشرةً وإن كان بعد إتيان النائب، بل ربما يدّعي عدم الخلاف فيه.

لكن الأقوي: عدم الوجوب، لأن ظاهر الأخبار أن حجّ النائب هو الذي كان واجباً علي المنوب عنه، فإذا أتي به فقد حصل ما كان واجباً عليه ولا دليل

علي وجوبه مرّة أخري، بل لو قلنا باستحباب الاستنابة، فالظاهر: كفاية فعل النائب بعد كون الظاهر الاستنابة فيما كان عليه، ومعه لا وجه لدعوي: أن المستحب لا يجزي عن الواجب، إذ ذلك فيما إذا لم يكن المستحب نفس ما كان واجباً، والمفروض في المقام: أنه هو.

بل يمكن أن يقال: إذا ارتفع العذر في أثناء عمل النائب بأن كان الارتفاع بعد إحرام النائب أنه يجب عليه الإتمام ويكفي عن المنوب عنه، بل يحتمل ذلك وإن كان في أثناء الطريق قبل الدخول في الإحرام، ودعوي: أن جواز النيابة ما داميٌّ كما تري، بعد كون الاستنابة بأمر الشارع، وكون الإجارة لازمة لا دليل علي انفساخها خصوصاً إذا لم يمكن إبلاغ النائب المؤجر ذلك.

ولا فرق فيما ذكرنا: من وجوب الاستنابة، بين من عرضه العذر من المرض وغيره، وبين من كان معذوراً خلقة، والقول بعدم الوجوب في الثاني وإن قلنا بوجوبه في الأول ضعيف.

وهل يختصّ الحكم بحجّة الإسلام، أو يجري في الحجّ النذري والإفسادي أيضاً؟ قولان(): والقدر المتيقّن هو الأول بعد كون الحكم علي خلاف القاعدة.

وإن لم يتمكّن المعذور من الاستنابة ولو لعدم وجود النائب، أو وجوده مع عدم رضاه إلا بأزيد من أجرة المثل ولم يتمكّن من الزيادة، أو كانت مجحفة سقط الوجوب، وحينئذٍ: فيجب القضاء عنه بعد موته إن كان مستقرّاً عليه، ولا يجب مع عدم الاستقرّار.

ولو ترك الاستنابة مع الإمكان عصي بناءً علي الوجوب، ووجب القضاء عنه مع الاستقرار، وهل يجب مع عدم الاستقرار أيضاً أو لا؟ وجهان: أقواهما نعم، لأنه استقرّ عليه بعد التمكّن من الاستنابة.

ولو استناب مع كون العذر مرجوّ الزوال لم يجزئ عن حجّة الإسلام، فيجب عليه بعد زوال العذر.

ولو استناب مع رجاء الزوال

وحصل اليأس بعد عمل النائب، فالظاهر: الكفاية، وعن صاحب المدارك: عدمها ووجوب الإعادة، لعدم الوجوب مع عدم اليأس فلا يجزي عن الواجب، وهو كما تري.

والظاهر: كفاية حجّ المتبرّع عنه في صورة وجوب الاستنابة.

وهل يكفي الاستنابة من الميقات كما هو الأقوي في القضاء عنه بعد موته؟ وجهان: لا يبعد الجواز حتي إذا أمكن ذلك في مكّة مع كون الواجب عليه هو التمتّع، ولكن الأحوط خلافه، لأن القدر المتيقّن من الأخبار الاستنابة من مكانه، كما أن الأحوط عدم كفاية التبرّع عنه لذلك أيضاً.

[الحاج إذا أدركه الموت في الحجّ]

(73 مسألة): إذا مات من استقرّ عليه الحجّ في الطريق:

فإن مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام فلا يجب القضاء عنه.

وإن مات قبل ذلك وجب القضاء عنه وإن كان موته بعد الإحرام() علي المشهور الأقوي، خلافاً لما عن الشيخ وابن إدريس، فقالا بالإجزاء حينئذٍ أيضاً، ولا دليل لهما علي ذلك إلا إشعار بعض الأخبار: كصحيحة بريد العجلي حيث قال فيها بعد الحكم بالإجزاء إذا مات في الحرم: «وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم، جعل جمله وزاده ونفقته في حجّة الإسلام» فإن مفهومه: الإجزاء إذا كان بعد أن يحرم، لكنّه معارض بمفهوم صدرها وبصحيح ضريس وصحيح زرارة ومرسل المقنعة، مع أنه يمكن أن يكون المراد من قوله: «قبل أن يحرم» قبل أن يدخل في الحرم، كما يقال: أنجد، أي: دخل في نجد، وأيمن، أي: دخل اليمن، فلا ينبغي الإشكال في عدم كفاية الدخول في الإحرام، كما لا يكفي الدخول في الحرم بدون الإحرام: كما إذا نسيه في الميقات ودخل الحرم ثمّ مات، لأن المنساق من اعتبار الدخول في الحرم كونه بعد الإحرام، ولا يعتبر دخول مكّة وإن كان الظاهر من بعض

الأخبار ذلك، لإطلاق البقيّة في كفاية دخول الحرم.

والظاهر: عدم الفرق بين كون الموت حال الإحرام، أو بعد الإحلال: كما إذا مات بين الإحرامين، وقد يقال بعدم الفرق أيضاً بين كون الموت في الحلّ أو الحرم بعد كونه بعد الإحرام ودخول الحرم، وهو مشكل لظهور الأخبار في الموت في الحرم.

والظاهر: عدم الفرق بين حجّ التمتّع والقران والإفراد، كما أن الظاهر: أنه لو مات في أثناء عمرة التمتّع أجزأه عن حجّه أيضاً، بل لا يبعد الإجزاء إذا مات في أثناء حجّ القران أو الإفراد عن عمرتهما وبالعكس، لكنّه مشكل() لأن الحجّ والعمرة فيهما عملان مستقلّان، بخلاف حجّ التمتّع فإن العمرة فيه داخلة في الحجّ، فهما عمل واحد.

ثمّ الظاهر: اختصاص() حكم الإجزاء بحجّة الإسلام، فلا يجري الحكم في حجّ النذر والإفساد إذا مات في الأثناء، بل لا يجري في العمرة المفردة أيضاً وإن احتمله() بعضهم.

وهل يجري الحكم المذكور فيمن مات مع عدم استقرّار الحجّ عليه، فيجزيه عن حجّة الإسلام إذا مات بعد الإحرام ودخول الحرم، ويجب القضاء عنه إذا مات قبل ذلك؟ وجهان، بل قولان: من إطلاق الأخبار في التفصيل المذكور، ومن أنه لا وجه لوجوب القضاء عمّن لم يستقرّ عليه بعد كشف موته عن عدم الاستطاعة الزمانيّة، ولذا لا يجب إذا مات في البلد قبل الذهاب، أو إذا فقد بعض الشرائط الأخر مع كونه موسراً.

ومن هنا ربما يجعل الأمر بالقضاء فيها قرينة علي اختصاصها بمن استقرّ عليه، وربما يحتمل اختصاصها بمن لم يستقرّ عليه، وحمل الأمر بالقضاء علي الندب، وكلاهما مناف لإطلاقها، مع أنه علي الثاني يلزم بقاء الحكم فيمن استقرّ عليه بلا دليل، مع أنه مسلّم بينهم.

والأظهر الحكم بالإطلاق: إما بالتزام وجوب القضاء في خصوص هذا

المورد من الموت في الطريق كما عليه جماعة وإن لم يجب إذا مات مع فقد سائر الشرائط، أو الموت وهو في البلد، وإما بحمل الأمر بالقضاء علي القدر المشترك واستفادة الوجوب فيمن استقرّ عليه من الخارج، وهذا هو الأظهر. فالأقوي: جريان الحكم المذكور فيمن لم يستقرّ عليه أيضاً فيحكم بالإجزاء إذا مات بعد الأمرين، واستحباب القضاء عنه إذا مات قبل ذلك .

[غير المسلم إذا استطاع للحجّ]

(74 مسألة): الكافر يجب عليه الحجّ إذا استطاع، لأنه مكلّف بالفروع() لشمول الخطابات له أيضاً، ولكن لا يصحّ منه ما دام كافراً كسائر العبادات وإن كان معتقداً لوجوبه وآتياً به علي وجهه مع قصد القربة لأن الإسلام شرط في الصحّة، ولو مات لا يقضي عنه لعدم كونه أهلاً للإكرام والإبراء، ولو أسلم مع بقاء استطاعته وجب عليه، وكذا لو استطاع بعد إسلامه، ولو زالت استطاعته ثمّ أسلم لم يجب عليه علي الأقوي، لأن الإسلام يجبّ ما قبله: كقضاء الصلوات والصيام حيث إنه واجب عليه حال كفره كالأداء وإذا أسلم سقط عنه.

ودعوي: أنه لا يُعقل الوجوب عليه، إذ لا يصحّ منه إذا أتي به وهو كافر، ويسقط عنه إذا أسلم. مدفوعة: بأنه يمكن أن يكون الأمر به حال كفره أمراً تهكّمياً ليعاقب لا حقيقيّاً، لكنّه مشكل بعد عدم إمكان إتيانه به لا كافراً ولا مسلماً.

والأظهر أن يقال: إنه حال استطاعته مأمور بالإتيان به مستطيعاً، وإن تركه فمتسكّعاً، وهو ممكن في حقّه لإمكان إسلامه وإتيانه مع الاستطاعة ولا معها إن ترك، فحال الاستطاعة مأمور به في ذلك الحال، ومأمور علي فرض تركه حالها بفعله بعدها، وكذا يدفع الإشكال في قضاء الفوائت فيقال: إنه في الوقت مكلّف بالأداء ومع تركه بالقضاء وهو مقدور له بأن يسلم فيأتي

بها أداءً، ومع تركها قضاءً، فتوجّه الأمر بالقضاء إليه إنما هو في حال الأداء علي نحو الأمر المعلّق.

فحاصل الإشكال: أنه إذا لم يصحّ الإتيان به حال الكفر ولا يجب عليه إذا أسلم، فكيف يكون مكلّفاً بالقضاء ويعاقب علي تركه؟

وحاصل الجواب: أنه يكون مكلّفاً بالقضاء في وقت الأداء علي نحو الوجوب المعلّق، ومع تركه الإسلام في الوقت فوّت علي نفسه الأداء والقضاء، فيستحقّ العقاب عليه.

وبعبارة أخري: كان يمكنه الإتيان بالقضاء بالإسلام في الوقت إذا ترك الأداء، وحينئذٍ فإذا ترك الإسلام ومات كافراً يعاقب علي مخالفة الأمر بالقضاء وإذا أسلم يغفر له وإن خالف أيضاً واستحقّ العقاب .

(75 مسألة): لو أحرم الكافر ثمّ أسلم في الأثناء لم يكفه ووجب عليه الإعادة من الميقات، ولو لم يتمكّن من العود إلي الميقات أحرم من موضعه()، ولا يكفيه إدراك أحد الوقوفين مسلماً لأن إحرامه باطل .

[إذا استطاع المرتدّ]

(76 مسألة): المرتدّ يجب عليه الحجّ، سواء كانت استطاعته حال إسلامه السابق أو حال ارتداده ولا يصحّ منه: فإن مات قبل أن يتوب يعاقب علي تركه ولا يقضي عنه علي الأقوي لعدم أهليته للإكرام وتفريغ ذمّته كالكافر الأصليّ، وإن تاب وجب عليه وصحّ منه وإن كان فطرياً علي الأقوي من قبول توبته، سواء بقيت استطاعته أو زالت قبل توبته، فلا تجري فيه قاعدة جبّ الإسلام لأنها مختصّة بالكافر الأصليّ بحكم التبادر، ولو أحرم في حال ردّته ثمّ تاب وجب عليه الإعادة كالكافر الأصليّ، ولو حجّ في حال إحرامه ثمّ ارتدّ لم يجب عليه الإعادة علي الأقوي، ففي خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «من كان مؤمناً فحجّ ثمّ أصابته فتنة ثمّ تاب يحسب له كلّ عمل صالح عمله ولا يبطل منه شي ء» وآية الحبط مختصّة

بمن مات علي كفره بقرينة الآية الأخري وهي قوله تعالي: ?ومَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ? وهذه الآية دليل علي قبول توبة المرتدّ الفطريّ، فما ذكره بعضهم من عدم قبولها منه لا وجه له .

(77 مسألة): لو أحرم مسلماً ثمّ ارتدّ ثمّ تاب لم يبطل إحرامه علي الأصح ّ، كما هو كذلك لو ارتدّ في أثناء الغسل ثمّ تاب، وكذا لو ارتدّ في أثناء الأذان أو الإقامة أو الوضوء ثمّ تاب قبل فوات الموالاة، بل وكذا لو ارتدّ في أثناء الصلاة ثمّ تاب قبل أن يأتي بشي ء أو يفوت الموالاة علي الأقوي: من عدم كون الهيئة الاتصاليّة جزءاً فيها، نعم لو ارتدّ في أثناء الصوم بطل وإن تاب بلا فصل .

[المخالف لو حجّ ثمّ استبصر]

(78 مسألة): إذا حجّ المخالف ثمّ استبصر، لا يجب عليه الإعادة بشرط أن يكون صحيحاً في مذهبه وإن لم يكن صحيحاً في مذهبنا، من غير فرق بين الفرق، لإطلاق الأخبار، وما دلّ علي الإعادة من الأخبار محمول علي الاستحباب بقرينة بعضها الآخر من حيث التعبير بقوله عليه السلام: «يقضي أحبّ إليّ» وقوله عليه السلام: «والحجّ أحبّ إليّ».

[إذا استطاعت الزوجة للحجّ]

(79 مسألة): لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحجّ إذا كانت مستطيعة، ولا يجوز له منعها منه، وكذا في الحجّ الواجب بالنذر ونحوه() إذا كان مضيّقاً، وأما في الحجّ المندوب فيشترط إذنه، وكذا في الواجب الموسّع قبل تضيّقه علي الأقوي، بل في حجّة الإسلام يجوز له منعها من الخروج مع أول الرفقة مع وجود الرفقة الأخري قبل تضيّق الوقت.

والمطلّقة الرجعيّة كالزوجة في اشتراط إذن الزوج ما دامت في العدّة، بخلاف البائنة لانقطاع عصمتها منه، وكذا المعتدّة للوفاة فيجوز لها الحجّ واجباً كان أو مندوباً، والظاهر: أن المنقطعة كالدائمة() في اشتراط الإذن، ولا فرق في اشتراط الإذن بين أن يكون ممنوعاً من الاستمتاع بها لمرض أو سفر أو لا.

(80 مسألة): لا يشترط وجود المحرم في حجّ المرأة إذا كانت مأمونة علي نفسها وبضعها، كما دلّت عليه جملة من الأخبار، ولا فرق بين كونها ذات بعل أو لا. ومع عدم أمنها يجب عليها استصحاب المحرم ولو بالأجرة مع تمكّنها منها، ومع عدمه لا تكون مستطيعة. وهل يجب عليها التزويج تحصيلاً للمحرم؟ وجهان().

ولو كانت ذات زوج وادّعي عدم الأمن عليها وأنكرت، قدّم قولها مع عدم البيّنة أو القرائن الشاهدة، والظاهر: عدم استحقاقه اليمين عليها، إلا أن ترجع الدعوي إلي ثبوت حقّ الاستمتاع له عليها بدعوي أن حجّها حينئذٍ مفوّت لحقّه مع

عدم وجوبه عليها، فحينئذٍ عليها اليمين علي نفي الخوف.

وهل للزوج مع هذه الحالة منعها عن الحجّ باطناً إذا أمكنه ذلك؟ وجهان() في صورة عدم تحليفها، وأما معه فالظاهر سقوط حقّه، ولو حجّت بلا محرم مع عدم الأمن صحّ حجّها إن حصل الأمن قبل الشروع في الإحرام، وإلا ففي الصحّة إشكال وإن كان الأقوي الصحّة.

[لو استقرّ عليه الحج وأهمل]

(81 مسألة): إذا استقرّ عليه الحجّ بأن استكملت الشرائط وأهمل حتي زالت أو زال بعضها، صار ديناً عليه ووجب الإتيان به بأيّ وجه تمكّن، وإن مات فيجب أن يقضي عنه إن كانت له تركة، ويصحّ التبرّع عنه.

واختلفوا فيما به يتحقّق الاستقرّار علي أقوال، فالمشهور: مضيّ زمان يمكن فيه الإتيان بجميع أفعاله مستجمعاً للشرائط، وهو: إلي اليوم الثاني عشر من ذي الحجّة.

وقيل باعتبار مضيّ زمان يمكن فيه الإتيان بالأركان جامعاً للشرائط فيكفي بقاؤها إلي مضي جزء من يوم النحر يمكن فيه الطوافان والسعي.

وربما يقال باعتبار بقائها إلي عود الرفقة.

وقد يحتمل كفاية بقائها إلي زمان يمكن فيه الإحرام ودخول الحرم.

وقد يقال بكفاية وجودها حين خروج الرفقة فلو أهمل استقرّ عليه وإن فقدت بعض ذلك، لأنه كان مأموراً بالخروج معهم.

والأقوي: اعتبار بقائها إلي زمان يمكن فيه العود إلي وطنه بالنسبة إلي الاستطاعة الماليّة والبدنيّة والسربيّة، وأما بالنسبة إلي مثل العقل فيكفي بقاؤه إلي آخر الأعمال، وذلك لأن فقد بعض هذه الشرائط يكشف عن عدم الوجوب عليه واقعاً، وأن وجوب الخروج مع الرفقة كان ظاهرياً، ولذا لو علم من الأول أن الشرائط لا تبقي إلي الآخر لم يجب عليه، نعم لو فرض تحقّق الموت بعد تمام الأعمال كفي بقاء تلك الشرائط إلي آخر الأعمال، لعدم الحاجة حينئذٍ إلي نفقة العود والرجوع إلي كفاية وتخلية السرب

ونحوها، ولو علم من الأول بأنه يموت بعد ذلك: فإن كان قبل تمام الأعمال لم يجب عليه المشي، وإن كان بعده وجب عليه.

هذا إذا لم يكن فقد الشرائط مستنداً إلي ترك المشيّ وإلا استقرّ عليه: كما إذا علم أنه لو مشي إلي الحجّ لم يمت أو لم يقتل أو لم يسرق ماله مثلاً فإنه حينئذٍ يستقرّ عليه الوجوب لأنه بمنزلة تفويت الشرط علي نفسه، وأما لو شكّ في أن الفقد مستند إلي ترك المشي أو لا، فالظاهر: عدم الاستقرّار للشكّ في تحقّق الوجوب وعدمه واقعاً.

هذا بالنسبة إلي استقرّار الحجّ لو تركه، وأما لو كان واجداً للشرائط حين المسير فسار ثمّ زال بعض الشرائط في الأثناء فأتمّ الحجّ علي ذلك الحال، كفي حجّه عن حجّة الإسلام إذا لم يكن المفقود مثل العقل، بل كان هو الاستطاعة البدنيّة أو الماليّة أو السربيّة ونحوها علي الأقوي .

(82 مسألة): إذا استقرّ عليه العمرة فقط أو الحجّ فقط كما فيمن وظيفته حجّ الإفراد والقران ثمّ زالت استطاعته، فكما مرّ يجب عليه أيضاً بأيّ وجه تمكّن، وإن مات يقضي عنه .

[قضاء حجّة الإسلام من أصل التركة]

(83 مسألة): تقضي حجّة الإسلام من أصل التركة إذا لم يوص بها، سواء كانت حجّ التمتّع أو القران أو الإفراد، وكذا إذا كان عليه عمرتهما.

وإن أوصي بها من غير تعيين كونها من الأصل أو الثلث فكذلك أيضاً.

وأما أن أوصي بإخراجها من الثلث وجب إخراجها منه، وتُقدّم علي الوصايا المستحبة وإن كانت متأخّرة عنها في الذكر، وإن لم يف الثلث بها أخذت البقية من الأصل.

والأقوي: أنّ حجّ النذر أيضاً كذلك، بمعني: أنه يخرج من الأصل كما سيأتي الإشارة إليه.

ولو كان عليه دَين أو خمس أو زكاة وقصرت التركة: فإن كان المال المتعلّق به

الخمس أو الزكاة موجوداً قدّم لتعلّقهما بالعين فلا يجوز صرفه في غيرهما، وإن كانا في الذمّة فالأقوي أن التركة توزّع علي الجميع بالنسبة، كما في غرماء المفلّس.

وقد يقال بتقدّم الحجّ علي غيره وإن كان دَين الناس، لخبر معاوية بن عمّار الدالّ علي تقديمه علي الزكاة، ونحوه خبر آخر، لكنهما موهونان بإعراض الأصحاب مع أنهما في خصوص الزكاة.

وربما يحتمل تقديم دَين الناس لأهميّته، والأقوي ما ذكر من التخصيص، وحينئذٍ: فإن وفت حصّة الحجّ به فهو، وإلا فإن لم تف إلا ببعض الأفعال كالطواف فقط أو هو مع السعي، فالظاهر: سقوطه وصرف حصته في الدَّين أو الخمس أو الزكاة ومع وجود الجميع توزّع عليها.

وإن وفت بالحجّ فقط أو العمرة فقط: ففي مثل حجّ القران والإفراد تصرف فيهما مخيّراً بينهما والأحوط تقديم الحجّ، وفي حجّ التمتّع الأقوي السقوط وصرفها في الدين وغيره.

وربما يحتمل فيه أيضاً التخيير أو ترجيح الحجّ لأهميّته أو العمرة لتقدّمها، لكن لا وجه لها بعد كونهما في التمتّع عملاً واحداً، وقاعدة الميسور لا جابر لها في المقام .

(84 مسألة): لا يجوز() للورثة التصرّف في التركة قبل استيجار الحجّ إذا كان مصرفه مستغرقاً لها، بل مطلقاً علي الأحوط() إلا إذا كانت واسعة جدّاً فلهم التصرّف في بعضها حينئذٍ مع البناء علي إخراج الحجّ من بعضها الآخر، كما في الدَّين، فحاله حال الدَّين .

(85 مسألة): إذا أقرّ بعض الورثة بوجوب الحجّ علي المورث وأنكره الآخرون، لم يجب عليه إلا دفع ما يخصّ حصّته بعد التوزيع، وإن لم يف ذلك بالحجّ لا يجب عليه تتميمه من حصّته، كما إذا أقرّ بدَين وأنكره غيره من الورثة، فإنه لا يجب عليه دفع الأزيد، فمسألة الإقرار بالحجّ أو الدَّين مع إنكار الآخرين نظير

مسألة الإقرار بالنسب، حيث إنه إذا أقرّ أحد الأخوين بأخ آخر وأنكره الآخر، لا يجب عليه إلا دفع الزائد عن حصّته، فيكفي دفع ثلث ما في يده، ولا ينزل إقراره علي الإشاعة علي خلاف القاعدة للنصّ ().

(86 مسألة): إذا كان علي الميّت الحجّ ولم تكن تركته وافية به ولم يكن دين ، فالظاهر: كونها للورثة ولا يجب صرفها في وجوه البرّ عن الميّت، لكن الأحوط() التصدّق عنه للخبر عن الإمام الصادق عليه السلام: «عن رجل مات وأوصي بتركته أن أحجّ بها، فنظرت في ذلك فلم يكفه للحجّ فسألت من عندنا من الفقهاء، فقالوا: تصدّق بها، فقال عليه السلام: ما صنعت بها؟ فقال: تصدّقت بها، فقال عليه السلام: ضمنت إلا أن لا يكون يبلغ ما يحجّ به من مكّة، فإن كان لا يبلغ ما يحجّ به من مكّة فليس عليك ضمان» نعم لو احتمل كفايتها للحجّ بعد ذلك أو وجود متبرّع بدفع التتمّة لمصرف الحجّ وجب إبقاؤها().

(87 مسألة): إذا تبرّع متبرّع بالحجّ عن الميّت رجعت أجرة الاستيجار إلي الورثة، سواء عيّنها الميّت أو لا، والأحوط() صرفها في وجوه البرّ أو التصدّق عنه خصوصاً فيما إذا عيّنها الميّت، للخبر المتقدّم .

[كفاية استيجار الحجّ الميقاتي]

(88 مسألة): هل الواجب الاستيجار عن الميّت من الميقات أو البلد؟ المشهور: وجوبه من أقرب المواقيت إلي مكّة إن أمكن ، وإلا فمن الأقرب إليه فالأقرب.

وذهب جماعة إلي وجوبه من البلد مع سعة المال وإلا فمن الأقرب إليه فالأقرب.

وربما يحتمل قول ثالث وهو الوجوب من البلد مع سعة المال وإلا فمن الميقات، وإن أمكن من الأقرب إلي البلد فالأقرب.

والأقوي: هو القول الأول وإن كان الأحوط القول الثاني، لكن لا يحسب الزائد عن أجرة الميقاتيّة علي الصغار من الورثة.

ولو أوصي بالاستيجار

من البلد وجب ويحسب الزائد عن أجرة الميقاتيّة من الثلث، ولو أوصي ولم يعيّن شيئاً كفت الميقاتيّة، إلا إذا كان هناك انصراف إلي البلديّة أو كانت قرينة علي إرادتها: كما إذا عيّن مقداراً يناسب البلديّة.

(89 مسألة): لو لم يمكن الاستيجار إلا من البلد، وجب وكان جميع المصرف من الأصل .

(90 مسألة): إذا أوصي بالبلديّة أو قلنا بوجوبها مطلقاً فخولف واستوجر من الميقات، أو تبرّع عنه متبرّع منه، برئت ذمّته وسقط الوجوب من البلد، وكذا لو لم يسع المال إلا من الميقات .

(91 مسألة): الظاهر أن المراد من البلد هو: البلد الذي مات فيه ، كما يشعر به خبر زكريّا بن آدم: «سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل مات وأوصي بحجّة، أ يجزئه أن يحجّ عنه من غير البلد الذي مات فيه؟ فقال عليه السلام: «ما كان دون الميقات فلا بأس به » مع أنه آخر مكان كان مكلّفاً فيه بالحجّ.

وربما يقال: إنه بلد الاستيطان لأنه المنساق من النصّ والفتوي وهو كما تري. وقد يحتمل البلد الذي صار مستطيعاً فيه، ويحتمل التخيير بين البلدان التي كان فيها بعد الاستطاعة.

والأقوي: ما ذكرنا، وفاقاً لسيّد المدارك ونسبه إلي ابن إدريس أيضاً وإن كان الاحتمال الأخير وهو التخيير قويّاً جدّاً().

(92 مسألة): لو عيّن بلدة غير بلده، كما لو قال: استأجروا من النجف أو من كربلاء تعيّن .

(93 مسألة): علي المختار، من كفاية الميقاتيّة، لا يلزم أن يكون من الميقات أو الأقرب إليه فالأقرب ، بل يكفي كلّ بلد دون الميقات، لكن الأجرة الزائدة علي الميقات مع إمكان الاستيجار منه لا يخرج من الأصل، ولا من الثلث إذا لم يوص بالاستيجار من ذلك البلد، إلا إذا أوصي بإخراج الثلث من دون أن يعيّن مصرفه ومن

دون أن يزاحم واجباً ماليّاً عليه .

(94 مسألة): إذا لم يمكن الاستيجار من الميقات وأمكن من البلد وجب، وإن كان عليه دين الناس أو الخمس أو الزكاة فيزاحم الدين إن لم تف التركة بهما، بمعني: أنها توزّع عليهما بالنسبة.

(95 مسألة): إذا لم تف التركة بالاستيجار من الميقات، لكن أمكن الاستيجار من الميقات الاضطراري كمكّة أو أدني الحلّ() وجب، نعم لو دار الأمر بين الاستيجار من البلد أو الميقات الاضطراري، قدّم الاستيجار من البلد ويخرج من أصل التركة لأنه لا اضطرار للميّت مع سعة ماله .

(96 مسألة): بناء علي المختار: من كفاية الميقاتيّة، لا فرق بين الاستيجار عنه وهو حيّ أو ميّت، فيجوز لمن هو معذور بعذر لا يرجي زواله أن يجهّز رجلاً من الميقات كما ذكرنا سابقاً أيضاً، فلا يلزم أن يستأجر من بلده علي الأقوي وإن كان الأحوط ذلك .

(97 مسألة): الظاهر وجوب المبادرة إلي الاستيجار في سنة الموت خصوصاً إذا كان الفوت عن تقصير من الميّت، وحينئذٍ فلو لم يمكن إلا من البلد وجب وخرج من الأصل، ولا يجوز التأخير إلي السنة الأخري ولو مع العلم بإمكان الاستيجار من الميقات توفيراً علي الورثة، كما أنه لو لم يمكن من الميقات إلا بأزيد() من الأجرة المتعارفة في سنة الموت وجب، ولا يجوز التأخير إلي السنة الأخري توفيراً عليهم .

(98 مسألة): إذا أهمل الوصيّ أو الوارث الاستيجار فتلفت التركة أو نقصت قيمتها فلم تف بالاستيجار ضمن، كما أنه لو كان علي الميّت دين وكانت التركة وافية وتلفت بالإهمال ضمن .

(99 مسألة): علي القول بوجوب البلديّة وكون المراد بالبلد الوطن إذا كان له وطنان ، الظاهر: وجوب اختيار الأقرب إلي مكّة إلا مع رضا الورثة بالاستيجار من الأبعد، نعم مع عدم تفاوت

الأجرة الحكم التخيير.

(100 مسألة): بناءً علي البلديّة، الظاهر: عدم الفرق بين أقسام الحجّ الواجب فلا اختصاص بحجّة الإسلام، فلو كان عليه حجّ نذري لم يقيّد بالبلد ولا بالميقات يجب الاستيجار من البلد، بل وكذا لو أوصي بالحجّ ندباً اللازم الاستيجار من البلد إذا خرج من الثلث .

(101 مسألة): إذا اختلف تقليد الميّت والوارث في اعتبار البلديّة أو الميقاتيّة، فالمدار: علي تقليد الميّت() ، وإذا علم أن الميّت لم يكن مقلّداً في هذه المسألة، فهل المدار: علي تقليد الوارث، أو الوصيّ، أو العمل علي طبق فتوي المجتهد الذي كان يجب عليه تقليده إن كان متعيّناً والتخيير مع تعدّد المجتهدين ومساواتهم؟ وجوه.

وعلي الأول: فمع اختلاف الورثة في التقليد يعمل كلّ علي تقليده، فمن يعتقد البلديّة يؤخذ من حصّته بمقدارها بالنسبة، فيستأجر مع الوفاء بالبلديّة بالأقرب فالأقرب إلي البلد، ويحتمل الرجوع إلي الحاكم لرفع النزاع فيحكم بمقتضي مذهبه، نظير ما إذا اختلف الولد الأكبر مع الورثة في الحبوة.

وإذا اختلف تقليد الميّت والوارث في أصل وجوب الحجّ عليه وعدمه: بأن يكون الميّت مقلّداً لمن يقول بعدم اشتراط الرجوع إلي كفاية فكان يجب عليه الحجّ ، والوارث مقلّداً لمن يشترط ذلك فلم يكن واجباً عليه أو بالعكس، فالمدار: علي تقليد الميّت .

(102 مسألة): الأحوط في صورة تعدّد من يمكن استيجاره الاستيجار من أقلّهم أجرة مع إحراز صحّة عمله مع عدم رضا الورثة أو وجود قاصر فيهم، سواء قلنا بالبلديّة أو الميقاتيّة. وإن كان لا يبعد جواز استيجار المناسب لحال الميّت من حيث الفضل والأوثقيّة مع عدم قبوله إلا بالأزيد وخروجه من الأصل، كما لا يبعد عدم وجوب المبالغة في الفحص عن أقلّهم أجرة وإن كانت أحوط.

(103 مسألة): قد عرفت أن الأقوي كفاية الميقاتيّة، لكن

الأحوط الاستيجار من البلد بالنسبة إلي الكبار من الورثة، بمعني: عدم احتساب الزائد عن أجرة الميقاتيّة علي القصّر إن كان فيهم قاصر.

(104 مسألة): إذا علم أنه كان مقلّداً ولكن لم يعلم فتوي مجتهده في هذه المسألة، فهل يجب الاحتياط، أو المدار علي تقليد الوصيّ أو الوارث؟ وجهان() أيضا.ً

(105 مسألة): إذا علم استطاعة الميّت مالاً ولم يعلم تحقّق سائر الشرائط في حقّه، فلا يجب القضاء عنه لعدم العلم بوجوب الحجّ عليه لاحتمال فقد بعض الشرائط().

(106 مسألة): إذا علم استقرّار الحجّ عليه ولم يعلم أنه أتي به أم لا، فالظاهر: وجوب القضاء عنه لأصالة بقائه في ذمّته، ويحتمل() عدم وجوبه عملاً بظاهر حال المسلم وأنه لا يترك ما وجب عليه فوراً، وكذا الكلام إذا علم أنه تعلّق به خمس أو زكاة أو قضاء صلوات أو صيام ولم يعلم أنه أدّاها أو لا.

(107 مسألة): لا يكفي الاستيجار في براءة ذمّة الميّت والوارث، بل يتوقّف علي الأداء، ولو علم أن الأجير لم يؤدّ وجب الاستيجار ثانياً، ويخرج من الأصل() إن لم يمكن استرداد الأجرة من الأجير.

(108 مسألة): إذا استأجر الوصيّ أو الوارث من البلد غفلة عن كفاية الميقاتيّة، ضمن ما زاد عن أجرة الميقاتيّة للورثة أو لبقيّتهم .

109 مسألة): إذا لم يكن للميّت تركة وكان عليه الحجّ، لم يجب علي الورثة شي ء وإن كان يستحبّ علي وليّه، بل قد يقال() بوجوبه للأمر به في بعض الأخبار.

[ليس للمستطيع أن يحجّ عن غيره]

(110 مسألة): من استقرّ عليه الحجّ وتمكّن من أدائه، ليس له أن يحجّ عن غيره تبرّعاً أو بإجارة، وكذا ليس له أن يحجّ تطوّعاً ولو خالف فالمشهور: البطلان، بل ادّعي بعضهم: عدم الخلاف فيه، وبعضهم: الإجماع عليه، ولكن عن سيّد المدارك التردّد في البطلان.

ومقتضي

القاعدة: الصحّة وإن كان عاصياً في ترك ما وجب عليه، كما في مسألة الصلاة مع فوريّة وجوب إزالة النجاسة عن المسجد، إذ لا وجه للبطلان إلا دعوي: أن الأمر بالشي ء نهي عن ضدّه وهي محلّ منع، وعلي تقديره لا يقتضي البطلان لأنه نهي تبعيّ، ودعوي: أنه يكفي في عدم الصحّة عدم الأمر مدفوعة بكفاية المحبوبيّة() في حدّ نفسه في الصحّة، كما في مسألة ترك الأهمّ والإتيان بغير الأهم من الواجبين المتزاحمين. أو دعوي: أن الزمان مختصّ بحجّته عن نفسه فلا يقبل لغيره، وهي أيضاً مدفوعة بالمنع، إذ مجرّد الفوريّة لا يوجب الاختصاص، فليس المقام من قبيل شهر رمضان حيث إنه غير قابل لصوم آخر.

وربما يتمسّك للبطلان في المقام بخبر سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسي عليه السلام: «عن الرجل الصرورة يحجّ عن الميّت؟ قال عليه السلام: نعم، إذا لم يجد الصرورة ما يحجّ به عن نفسه، فإن كان له ما يحجّ به عن نفسه فليس يجزئ عنه حتي يحجّ من ماله، وهي تجزي عن الميّت إن كان للصرورة مال وإن لم يكن له مال ».

وقريب منه صحيح سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام.

وهما كما تري بالدلالة علي الصحّة أولي، فإن غاية ما يدلّان عليه: أنه لا يجوز له ترك حجّ نفسه وإتيانه عن غيره، وأما عدم الصحّة فلا، نعم يستفاد منهما: عدم إجزائه عن نفسه، فتردّد صاحب المدارك في محلّه، بل لا يبعد الفتوي بالصحّة() لكن لا يترك الاحتياط.

هذا كلّه لو تمكّن من حجّ نفسه، وأما إذا لم يتمكّن فلا إشكال في الجواز والصحّة عن غيره، بل لا ينبغي الإشكال في الصحّة إذا كان لا يعلم() بوجوب الحجّ عليه، لعدم علمه باستطاعته

مالاً أو لا يعلم بفوريّة وجوب الحجّ عن نفسه فحجّ عن غيره أو تطوّعاً.

ثمّ علي فرض صحّة الحجّ عن الغير ولو مع التمكّن والعلم بوجوب الفوريّة لو آجر نفسه لذلك، فهل الإجارة أيضاً صحيحة أو باطلة مع كون حجّه صحيحاً عن الغير؟ الظاهر: بطلانها، وذلك لعدم قدرته شرعاً علي العمل المستأجر عليه، لأن المفروض وجوبه عن نفسه فوراً، وكونه صحيحاً علي تقدير المخالفة لا ينفع في صحّة الإجارة، خصوصاً علي القول بأن الأمر بالشي ء نهي عن ضدّه، لأن الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه وإن كانت الحرمة تبعيّة.

فإن قلت: ما الفرق بين المقام وبين المخالفة للشرط في ضمن العقد مع قولكم بالصحّة هناك: كما إذا باعه عبداً وشرط عليه أن يعتقه فباعه، حيث تقولون بصحّة البيع ويكون للبائع خيار تخلّف الشرط؟

قلت: الفرق أن في ذلك المقام المعاملة علي تقدير صحّتها مفوِّتة لوجوب العمل بالشرط، فلا يكون العتق واجباً بعد البيع لعدم كونه مملوكاً له، بخلاف المقام حيث إنا لو قلنا بصحّة الإجارة لا يسقط وجوب الحجّ عن نفسه فوراً، فيلزم اجتماع أمرين متنافيين فعلاً، فلا يمكن أن تكون الإجارة صحيحة.

وإن قلنا: إن النهي التبعيّ لا يوجب البطلان، فالبطلان من جهة عدم القدرة علي العمل لا لأجل النهي عن الإجارة، نعم لو لم يكن متمكّناً من الحجّ عن نفسه يجوز له أن يؤجر نفسه للحج عن غيره، وإن تمكّن بعد الإجارة عن الحجّ عن نفسه لا تبطل إجارته، بل لا يبعد صحّتها لو لم يعلم() باستطاعته، أو لم يعلم بفوريّة الحجّ عن نفسه فآجر نفسه للنيابة ولم يتذكّر إلي إن فات محلّ استدراك الحجّ عن نفسه: كما بعد الفراغ أو في أثناء الأعمال.

ثمّ لا إشكال في

أن حجّه عن الغير لا يكفيه عن نفسه، بل إما باطل كما عن المشهور، أو صحيح عمّن نوي عنه كما قوّيناه. وكذا لو حجّ تطوعاً لا يجزيه() عن حجّة الإسلام في الصورة المفروضة، بل إما باطل أو صحيح ويبقي عليه حجّة الإسلام. فما عن الشيخ: من أنه يقع عن حجّة الإسلام لا وجه له، إذ الانقلاب القهريّ لا دليل عليه.

ودعوي: أن حقيقة الحجّ واحدة والمفروض إتيانه بقصد القربة فهو منطبق علي ما عليه من حجّة الإسلام، مدفوعة: بأن وحدة الحقيقة لا تجدي بعد كون المطلوب هو الإتيان بقصد ما عليه، وليس المقام من باب التداخل بالإجماع كيف وإلا لزم كفاية الحجّ عن الغير أيضاً عن حجّة الإسلام، بل لا بدّ من تعدّد الامتثال مع تعدّد الأمر وجوباً وندباً، أو مع تعدّد الواجبين.

وكذا ليس المراد من حجّة الإسلام: الحجّ الأول بأيّ عنوان كان كما في صلاة التحيّة وصوم الاعتكاف، فلا وجه لما قاله الشيخ أصلاً، نعم لو نوي الأمر المتوجّه إليه فعلاً وتخيّل أنه أمر ندبيّ غفلة عن كونه مستطيعاً أمكن القول بكفايته عن حجّة الإسلام، لكنّه خارج عما قاله الشيخ.

ثمّ إذا كان الواجب عليه حجّاً نذرياً أو غيره وكان وجوبه فوريّاً فحاله ما ذكرنا في حجّة الإسلام: من عدم جواز حجّ غيره وأنه لو حجّ صحّ أو لا وغير ذلك من التفاصيل المذكورة بحسب القاعدة.

(3- فصل: في الحجّ الواجب بالنذر والعهد واليمين)

(3- فصل: في الحجّ الواجب بالنذر والعهد واليمين)

ويشترط في انعقادها: البلوغ، والعقل، والقصد، والاختيار.

فلا تنعقد من الصبيّ وإن بلغ عشراً وقلنا بصحّة عباداته وشرعيّتها، لرفع قلم الوجوب عنه.

وكذا لا تصحّ من المجنون والغافل والساهي والسكران والمكره.

والأقوي صحّتها من الكافر وفاقاً للمشهور في اليمين خلافاً لبعض، وخلافاً للمشهور في النذر وفاقاً لبعض، وذكروا في وجه الفرق: عدم اعتبار

قصد القربة في اليمين واعتباره في النذر ولا تتحقّق القربة في الكافر.

وفيه أولاً: أن القربة لا تعتبر في النذر، بل هو مكروه وإنما تعتبر في متعلّقه حيث إن اللازم كونه راجحاً شرعاً.

وثانياً: أن متعلّق اليمين أيضاً قد يكون من العبادات.

وثالثاً: أنه يمكن قصد القربة من الكافر أيضاً.

ودعوي: عدم إمكان إتيانه للعبادات لاشتراطها بالإسلام مدفوعة بإمكان إسلامه ثمّ إتيانه، فهو مقدور لمقدوريّة مقدّمته، فيجب عليه حال كفره كسائر الواجبات()، ويعاقب علي مخالفته، ويترتّب عليها وجوب الكفّارة فيعاقب علي تركها أيضاً، وإن أسلم صحّ إن أتي به، ويجب عليه الكفّارة لو خالف ولا يجري فيه قاعدة جبّ الإسلام لانصرافها() عن المقام، نعم لو خالف وهو كافر وتعلّق به الكفّارة فأسلم لا يبعد دعوي سقوطها عنه كما قيل .

[مسائل في الحج بالنذر وأخويه]

(1 مسألة): ذهب جماعة إلي أنه يشترط في انعقاد اليمين من المملوك إذن المولي ، وفي انعقاده من الزوجة إذن الزوج، وفي انعقاده من الولد إذن الوالد، لقوله عليه السلام: «لا يمين لولد مع والده، ولا للزوجة مع زوجها، ولا للمملوك مع مولاه» فلو حلف أحد هؤلاء بدون الإذن لم ينعقد، وظاهرهم: اعتبار الإذن السابق، فلا تكفي الإجازة بعده مع أنه من الإيقاعات وادّعي الاتفاق علي عدم جريان الفضوليّة فيها وإن كان يمكن دعوي: أن القدر المتيقّن من الاتّفاق ما إذا وقع الإيقاع علي مال الغير، مثل الطلاق والعتق ونحوهما، لا مثل المقام ممّا كان في مال نفسه، غاية الأمر اعتبار رضا الغير فيه، ولا فرق فيه بين الرضا السابق واللاحق، خصوصاً إذا قلنا(): إن الفضوليّ علي القاعدة.

وذهب جماعة إلي أنه لا يشترط الإذن في الانعقاد لكن للمذكورين حلّ يمين الجماعة إذا لم يكن مسبوقاً بنهي أو إذن، بدعوي: أن المنساق

من الخبر المذكور ونحوه أنه ليس للجماعة المذكورة يمين مع معارضة المولي أو الأب أو الزوج، ولازمه: جواز حلّهم له وعدم وجوب العمل به مع عدم رضاهم به.

وعلي هذا: فمع النهي السابق لا ينعقد، ومع الإذن يلزم، ومع عدمهما ينعقد ولهم حلّه، ولا يبعد قوّة هذا القول، مع أن المقدّر كما يمكن أن يكون هو الوجود يمكن أن يكون هو المنع والمعارضة، أي: لا يمين مع منع المولي مثلاً فمع عدم الظهور في الثاني لا أقل من الإجمال، والقدر المتيقّن هو: عدم الصحّة مع المعارضة والنهي، بعد كون مقتضي العمومات: الصحّة واللزوم.

ثمّ إن جواز الحلّ أو التوقّف علي الإذن ليس في اليمين بما هو يمين مطلقاً() كما هو ظاهر كلماتهم، بل إنما هو فيما كان المتعلّق منافياً لحقّ المولي أو الزوج، وكان ممّا يجب فيه طاعة الوالد إذا أمر أو نهي، وأما ما لم يكن كذلك فلا: كما إذا حلف المملوك أن يحجّ إذا أعتقه المولي، أو حلفت الزوجة أن تحجّ إذا مات زوجها أو طلّقها، أو حلفا أن يصليّا صلاة الليل مع عدم كونها منافية لحقّ المولي، أو حقّ الاستمتاع من الزوجة، أو حلف الولد أن يقرأ كلّ يوم جزءاً من القرآن أو نحو ذلك ممّا لا يجب طاعتهم فيها للمذكورين، فلا مانع من انعقاده.

وهذا هو المنساق من الأخبار: فلو حلف الولد أن يحجّ إذا استصحبه الوالد إلي مكة مثلاً لا مانع من انعقاده، وهكذا بالنسبة إلي المملوك والزوجة، فالمراد من الأخبار: أنه ليس لهم أن يوجبوا علي أنفسهم باليمين ما يكون منافياً لحق المذكورين، ولذا استثني بعضهم: الحلف علي فعل الواجب أو ترك القبيح وحكم بالانعقاد فيهما، ولو كان المراد: اليمين بما هو

يمين لم يكن وجه لهذا الاستثناء().

هذا كلّه في اليمين، وأما النذر: فالمشهور بينهم أنه كاليمين في المملوك والزوجة، وألحق بعضهم بهما الولد أيضاً، وهو مشكل لعدم الدليل عليه خصوصاً في الولد، إلا القياس علي اليمين بدعوي: تنقيح المناط. وهو ممنوع. أو بدعوي: أن المراد من اليمين في الأخبار ما يشمل النذر، لإطلاقه عليه في جملة من الأخبار، منها: خبران في كلام الإمام عليه السلام، ومنها: أخبار في كلام الراوي وتقرير الإمام عليه السلام له وهو أيضاً كما تري.

فالأقوي في الولد: عدم الإلحاق(). نعم، في الزوجة والمملوك لا يبعد الإلحاق باليمين لخبر قرب الإسناد عن جعفر وعن أبيه عليهما السلام: «إن علياً عليه السلام كان يقول: ليس علي المملوك نذر إلا بإذن مولاه» وصحيح ابن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام: «ليس للمرأة مع زوجها أمر في: عتق ولا صدقة ولا تدبير ولا هبة ولا نذر في مالها إلا بإذن زوجها، إلا في حجّ أو زكاة أو برّ والديها أو صلة قرابتها» وضعف الأول منجبر بالشهرة، واشتمال الثاني علي ما لا نقول به لا يضرّ.

ثمّ هل الزوجة تشمل المنقطعة أو لا؟ وجهان().

وهل الولد يشمل ولد الولد أو لا؟ كذلك وجهان.

والأمة المزوّجة: عليها الاستيذان من الزوج والمولي بناء علي اعتبار الإذن، وإذا أذن المولي للمملوك أن يحلف أو ينذر الحجّ لا يجب عليه إعطاء ما زاد عن نفقته الواجبة عليه من مصارف الحجّ، وهل عليه تخلية سبيله لتحصيلها أو لا؟ وجهان() ثمّ علي القول بأن لهم الحلّ هل يجوز مع حلف الجماعة التماس المذكورين في حلّ حلفهم أو لا؟ وجهان() .

(2 مسألة): إذا كان الوالد كافراً ففي شمول الحكم له، وجهان : أوجههما العدم، للانصراف ونفي السبيل .

(3 مسألة): هل

المملوك المبعَّض حكمه حكم القنِّ أو لا؟ وجهان : لا يبعد الشمول، ويحتمل() عدم توقّف حلفه علي الإذن في نوبته في صورة المهايات خصوصاً إذا كان وقوع المتعلّق في نوبته .

(4 مسألة): الظاهر عدم الفرق في الولد بين الذكر والأنثي، وكذا في المملوك والمالك ، لكن لا تلحق الأمّ بالأب .

(5 مسألة): إذا نذر أو حلف المملوك بإذن المالك ثمّ انتقل إلي غيره بالإرث أو البيع أو نحوه ، بقي علي لزومه() .

[إذا نذرت المرأة ثمّ تزوجت]

(6 مسألة): لو نذرت المرأة أو حلفت حال عدم الزوجية ثمّ تزوّجت، وجب عليها العمل به وإن كان منافياً للاستمتاع بها()، وليس للزوج منعها من ذلك الفعل كالحجّ ونحوه، بل وكذا لو نذرت أنها لو تزوّجت بزيد مثلاً صامت كلّ خميس، وكان المفروض أن زيداً أيضاً حلف أن يواقعها كلّ خميس إذا تزوّجها، فإن حلفها أو نذرها مقدّم علي حلفه وإن كان متأخراً في الإيقاع، لأن حلفه لا يؤثّر شيئاً في تكليفها، بخلاف نذرها فإنه يوجب الصوم عليها، لأنه متعلّق بعمل نفسها، فوجوبه عليها يمنع من العمل بحلف الرجل .

[إذا نذر الحجّ من مكان معيّن وخالف]

(7 مسألة): إذا نذر الحجّ من مكان معيّن(): كبلده أو بلد آخر معيّن فحجّ من غير ذلك المكان، لم تبرأ ذمّته ووجب عليه ثانياً، نعم لو عيّنه في سنة فحجّ في تلك السنة من غير ذلك المكان وجب عليه الكفّارة لعدم إمكان التدارك، ولو نذر أن يحجّ من غير تقييد بمكان، ثمّ نذر نذراً آخر أن يكون ذلك الحجّ من مكان كذا، وخالف فحجّ من غير ذلك المكان برأ من النذر الأول، ووجب عليه الكفّارة لخلف النذر الثاني، كما أنه لو نذر أن يحجّ حجّة الإسلام من بلد كذا فخالف، فإنه يجزيه عن حجّة الإسلام ووجب عليه الكفّارة لخلف النذر.

(8 مسألة): إذا نذر أن يحجّ ولم يقيّده بزمان، فالظاهر: جواز التأخير إلي ظنّ الموت أو الفوت، فلا يجب عليه المبادرة إلا إذا كان هناك انصراف، فلو مات قبل الإتيان به في صورة جواز التأخير لا يكون عاصياً، والقول بعصيانه مع تمكّنه في بعض تلك الأزمنة وإن جاز التأخير لا وجه له.

وإذا قيّده بسنة معيّنة لم يجز التأخير مع فرض تمكّنه في تلك السنة، فلو أخّر عصي

وعليه القضاء والكفّارة، وإذا مات وجب قضاؤه عنه.

كما أن في صورة الإطلاق إذا مات بعد تمكّنه منه قبل إتيانه وجب القضاء عنه، والقول بعدم وجوبه بدعوي: أن القضاء بفرض جديد ضعيف لما يأتي.

وهل الواجب القضاء من أصل التركة أو من الثلث؟ قولان: فذهب جماعة إلي القول بأنه من الأصل، لأن الحجّ واجب مالي وإجماعهم قائم علي أن الواجبات الماليّة تخرج من الأصل.

وربما يورد عليه: بمنع كونه واجباً مالياً وإنما هو أفعال مخصوصة بدنيّة وإن كان قد يحتاج إلي بذل المال في مقدّماته، كما أن الصلاة أيضاً قد تحتاج إلي بذل المال في تحصيل الماء والساتر والمكان ونحو ذلك.

وفيه: أن الحجّ في الغالب محتاج إلي بذل المال، بخلاف الصلاة وسائر العبادات البدنيّة، فإن كان هناك إجماع أو غيره علي أن الواجبات الماليّة تخرج من الأصل يشمل الحجّ قطعاً.

وأجاب صاحب الجواهر بأن المناط في الخروج من الأصل: كون الواجب دَيناً والحجّ كذلك، فليس تكليفاً صرفاً كما في الصلاة والصوم، بل للأمر به جهة وضعيّة، فوجوبه علي نحو الدَّينيّة بخلاف سائر العبادات البدنيّة، فلذا يخرج من الأصل كما يشير إليه بعض الأخبار الناطقة بأنه دَين أو بمنزلة الدَّين.

قلت: التحقيق أن جميع الواجبات الإلهيّة ديون لله تعالي، سواء كانت مالاً أو عملاً ماليّاً أو عملاً غير ماليٍّ، فالصلاة والصوم أيضاً ديون لله ولهما جهة وضع، فذمّة المكلّف مشغولة بهما ولذا يجب قضاؤهما، فإن القاضي يفرغ ذمّة نفسه أو ذمّة الميّت، وليس القضاء من باب التوبة أو من باب الكفّارة، بل هو إتيان لما كانت الذمّة مشغولة به، ولا فرق بين كون الاشتغال بالمال أو بالعمل، بل مثل قوله: لله عليّ أن أعطي زيداً درهماً، دَين إلهيٌّ لا خلقيٌّ فلا

يكون الناذر مديوناً لزيد، بل هو مديون لله بدفع الدرهم لزيد: ولا فرق بينه وبين أن يقول: لله عليّ أن أحجّ أو أن أصلِّي ركعتين، فالكل دَين الله ودَين الله أحقّ أن يقضي كما في بعض الأخبار، ولازم هذا: كون الجميع من الأصل.

نعم إذا كان الوجوب علي وجه لا يقبل بقاء شغل الذمّة به بعد فوته لا يجب قضاؤه، لا بالنسبة إلي نفس من وجب عليه ولا بعد موته، سواء كان مالاً أو عملاً، مثل وجوب إعطاء الطعام لمن يموت من الجوع عام المجاعة، فإنه لو لم يعطه حتي مات لا يجب عليه ولا علي وارثه القضاء، لأن الواجب إنما هو حفظ النفس المحترمة وهذا لا يقبل البقاء بعد فوته، وكما في نفقة الأرحام فإنه لو ترك الإنفاق عليهم مع تمكّنه لا يصير دَيناً عليه، لأن الواجب سدّ الخلّة وإذا فات لا يتدارك.

فتحصّل أن مقتضي القاعدة في الحجّ النذري إذا تمكّن وترك حتي مات: وجوب قضائه من الأصل لأنه دَين إلهي، إلا أن يقال بانصراف الدَّين عن مثل هذه الواجبات وهو محلّ منع، بل دَين الله أحقّ أن يقضي.

وأما الجماعة القائلون بوجوب قضائه من الثلث، فاستدلّوا بصحيحة ضريس وصحيحة ابن أبي يعفور الدالّتين علي: أن من نذر الإحجاج ومات قبله يخرج من ثلثه، وإذا كان نذر الإحجاج كذلك مع كونه ماليّاً قطعاً فنذر الحجّ بنفسه أولي بعدم الخروج من الأصل.

وفيه: أن الأصحاب لم يعملوا بهذين الخبرين في موردهما فكيف يعمل بهما في غيره؟

وأما الجواب عنهما بالحمل علي صورة كون النذر في حال المرض بناء علي خروج المنجّزات من الثلث، فلا وجه له بعد كون الأقوي خروجها من الأصل، وربما يجاب عنهما بالحمل علي صورة عدم

إجراء الصيغة، أو علي صورة عدم التمكّن من الوفاء حتي مات، وفيهما: ما لا يخفي خصوصاً الأول .

[إذا نذر الحجّ ولم يتمكّن منه]

(9 مسألة): إذا نذر الحجّ مطلقاً أو مقيّداً بسنة معيّنة ولم يتمكّن من الإتيان به حتي مات، لم يجب القضاء عنه لعدم وجوب الأداء عليه حتي يجب القضاء عنه، فيكشف ذلك عن عدم انعقاد نذره .

(10 مسألة): إذا نذر الحجّ معلّقاً علي أمر: كشفاء مريضه أو مجي ء مسافره فمات قبل حصول المعلّق عليه، هل يجب القضاء عنه أم لا؟ المسألة مبنيّة علي أن التعليق من باب الشرط، أو من قبيل الوجوب المعلّق.

فعلي الأول: لا يجب لعدم الوجوب عليه بعد فرض موته قبل حصول الشرط وإن كان متمكّناً من حيث المال وسائر الشرائط.

وعلي الثاني: يمكن أن يقال() بالوجوب لكشف حصول الشرط عن كونه واجباً عليه من الأول، إلا أن يكون نذره منصرفاً إلي بقاء حياته حين حصول الشرط.

(11 مسألة): إذا نذر الحجّ وهو متمكّن منه فاستقرّ عليه ثمّ صار معضوباً لمرض أو نحوه، أو مصدوداً بعدوٍّ أو نحوه، فالظاهر: وجوب استنابته حال حياته لما مرّ من الأخبار سابقاً في وجوبها، ودعوي: اختصاصها بحجة الإسلام ممنوعة كما مرّ سابقاً() وإذا مات وجب القضاء عنه.

وإذا صار معضوباً أو مصدوداً قبل تمكّنه واستقرار الحجّ عليه، أو نذر وهو معضوب أو مصدود حال النذر مع فرض تمكّنه من حيث المال، ففي وجوب الاستنابة وعدمه حال حياته ووجوب القضاء عنه بعد موته، قولان: أقواهما العدم وإن قلنا بالوجوب بالنسبة إلي حجّة الإسلام، إلا أن يكون قصده من قوله: لله علي أن أحج، الاستنابة.

[لو نذر الإحجاج بأحد]

(12 مسألة): لو نذر أن يحجّ رجلاً في سنة معيّنة فخالف مع تمكّنه وجب عليه القضاء والكفّارة، وإن مات قبل إتيانهما يقضيان من أصل التركة لأنهما واجبان ماليّان بلا إشكال، والصحيحتان المشار إليهما سابقاً الدالّتان علي الخروج من الثلث

معرض عنهما كما قيل أو محمولتان علي بعض المحامل، وكذا إذا نذر الإحجاج من غير تقييد بسنة معيّنة مطلقاً، أو معلّقاً علي شرط وقد حصل وتمكّن منه وترك حتي مات، فإنه يقضي عنه من أصل التركة.

وأما لو نذر الإحجاج بأحد الوجوه ولم يتمكّن منه حتي مات، ففي وجوب قضائه وعدمه وجهان: أوجههما ذلك، لأنه واجب ماليٌّ أوجبه علي نفسه فصار دَيناً، غاية الأمر أنه ما لم يتمكّن معذور، والفرق بينه وبين نذر الحجّ بنفسه: أنه لا يعدّ دَيناً مع عدم التمكّن منه واعتبار المباشرة، بخلاف الإحجاج فإنه كنذر بذل المال، كما إذا قال: لله عليَّ أن أعطي الفقراء مائة درهم ومات قبل تمكّنه، ودعوي: كشف عدم التمكّن عن عدم الانعقاد ممنوعة.

ففرق بين إيجاب مال علي نفسه، أو إيجاب عمل مباشريٍّ وإن استلزم صرف المال، فإنه لا يعدّ دَيناً عليه بخلاف الأول .

(13 مسألة): لو نذر الإحجاج معلّقاً علي شرط: كمجي ء المسافر أو شفاء المريض، فمات قبل حصول الشرط مع فرض حصوله بعد ذلك وتمكّنه منه قبله، فالظاهر: وجوب القضاء عنه. إلا أن يكون مراده التعليق علي ذلك الشرط مع كونه حيّاً حينه.

ويدلّ علي ما ذكرنا خبر مسمع بن عبد الملك: «فيمن كان له جارية حبلي فنذر إن هي ولدت غلاماً أن يحجّه أو يحجّ عنه، حيث قال الإمام الصادق عليه السلام بعد ما سئل عن هذا: إن رجلاً نذر في ابن له إن هو أدرك أن يحجّه أو يحجّ عنه فمات الأب وأدرك الغلام بعد، فأتي رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم فسأله عن ذلك فأمر رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم أن يحجّ عنه ممّا ترك أبوه» وقد عمل به جماعة، وعلي ما

ذكرنا لا يكون مخالفاً للقاعدة كما تخيّله سيّد الرياض وقرّره عليه صاحب الجواهر وقال: إن الحكم فيه تعبّديٌّ علي خلاف القاعدة.

[لو نذر حجّة الإسلام وهو مستطيع]

(14 مسألة): إذا كان مستطيعاً ونذر أن يحجّ حجّة الإسلام انعقد علي الأقوي وكفاه حجّ واحد، وإذا ترك حتي مات وجب القضاء عنه والكفّارة من تركته، وإذا قيّده بسنة معيّنة فأخّر عنها وجب عليه الكفّارة.

وإذا نذره في حال عدم الاستطاعة انعقد أيضاً ووجب عليه تحصيل الاستطاعة مقدّمة، إلا أن يكون مراده الحجّ بعد الاستطاعة.

(15 مسألة): لا يعتبر في الحجّ النذري الاستطاعة الشرعيّة، بل يجب مع القدرة العقليّة خلافاً للدروس، ولا وجه له إذ حاله حال سائر الواجبات التي تكفيها القدرة عقلاً.

(16 مسألة): إذا نذر حجّاً غير حجّة الإسلام في عامه وهو مستطيع لم ينعقد()، إلا إذا نوي ذلك علي تقدير زوالها فزالت، ويحتمل الصحّة مع الإطلاق أيضاً إذا زالت حملاً() لنذره علي الصحّة.

(17 مسألة): إذا نذر حجّاً في حال عدم الاستطاعة الشرعية ثمّ حصلت له: فإن كان موسّعاً أو مقيّداً بسنة متأخّرة قدّم حجّة الإسلام لفوريّتها، وإن كان مضيّقاً بأن قيّده بسنة معيّنة وحصل فيها الاستطاعة أو قيّده بالفوريّة قدّمه()، وحينئذٍ: فإن بقيت الاستطاعة إلي العام القابل وجبت، وإلا فلا، لأن المانع الشرعيّ كالعقليّ، ويحتمل وجوب() تقديم النذر ولو مع كونه موسّعاً لأنه دَين عليه، بناءً علي أن الدَّين ولو كان موسّعاً يمنع عن تحقّق الاستطاعة، خصوصاً مع ظنّ عدم تمكّنه من الوفاء بالنذر إن صرف استطاعته في حجّة الإسلام .

(18 مسألة): إذا كان نذره في حال عدم الاستطاعة فوريّاً، ثمّ استطاع وأهمل عن وفاء النذر في عامه، وجب الإتيان به في العام القابل مقدّماً علي حجّة الإسلام() وإن بقيت الاستطاعة إليه لوجوبه عليه فوراً

ففوراً فلا يجب عليه حجّة الإسلام إلا بعد الفراغ عنه.

لكن عن الدروس أنه قال بعد الحكم بأن استطاعة النذر شرعيّة لا عقليّة: فلو نذر ثمّ استطاع صرف ذلك إلي النذر، فإن أهمل واستمرّت الاستطاعة إلي العام القابل وجب حجّة الإسلام أيضاً. ولا وجه له، نعم لو قيّد نذره بسنة معيّنة وحصل فيها الاستطاعة فلم يف به وبقيت استطاعته إلي العام المتأخّر أمكن أن يقال() بوجوب حجّة الإسلام أيضاً، لأن حجّه النذريّ صار قضاءً موسّعاً، ففرق بين الإهمال مع الفوريّة والإهمال مع التوقيت، بناءً علي تقديم حجّة الإسلام مع كون النذريّ موسّعاً.

(19 مسألة): إذا نذر الحجّ وأطلق من غير تقييد بحجّة الإسلام ولا بغيره وكان مستطيعاً أو استطاع بعد ذلك، فهل يتداخلان: فيكفي حجّ واحد عنهما، أو يجب التعدّد، أو يكفي نيّة الحجّ النذريّ عن حجّة الإسلام دون العكس؟ أقوال: أقواها() الثاني، لأصالة تعدّد المسبّب بتعدّد السبب، و القول بأن الأصل هو التداخل ضعيف.

واستدلّ للثالث بصحيحتي رفاعة ومحمد بن مسلم: «عن رجل نذر أن يمشي إلي بيت الله فمشي، هل يجزيه عن حجّة الإسلام؟ قال عليه السلام: نعم».

وفيه: إن ظاهرهما: كفاية الحجّ النذريّ عن حجّة الإسلام مع عدم الاستطاعة، وهو غير معمول به. ويمكن حملهما علي أنه نذر المشي لا الحجّ ثمّ أراد أن يحجّ فسئل عليه السلام عن أنه هل يجزيه هذا الحجّ الذي أتي به عقيب هذا المشي أم لا؟ فأجاب عليه السلام بالكفاية، نعم لو نذر أن يحجّ مطلقاً أيّ حجّ كان كفاه عن نذره حجّة الإسلام، بل الحجّ النيابيّ وغيره أيضاً، لأن مقصوده حينئذٍ حصول الحجّ منه في الخارج بأيّ وجه كان .

(20 مسألة): إذا نذر الحجّ حال عدم استطاعته معلّقاً علي شفاء

ولده مثلاً فاستطاع قبل حصول المعلّق عليه، فالظاهر: تقديم حجّة الإسلام، ويحتمل() تقديم المنذور إذا فرض حصول المعلّق عليه قبل خروج الرفقة مع كونه فوريّاً، بل هو المتعيّن إن كان نذره من قبيل الواجب المعلّق .

(21 مسألة): إذا كان عليه حجّة الإسلام والحجّ النذريّ ولم يمكنه الإتيان بهما: إما لظنّ الموت أو لعدم التمكّن إلا من أحدهما، ففي وجوب تقديم الأسبق سبباً أو التخيير أو تقديم حجّة الإسلام لأهميّتها، وجوه: أوجهها الوسط، وأحوطها الأخير().

وكذا إذا مات وعليه حجّتان ولم تف تركته إلا لإحداهما، وأما إن وفت التركة فاللازم استيجارهما ولو في عام واحد.

(22 مسألة): من عليه الحجّ الواجب بالنذر الموسّع، يجوز له الإتيان بالحجّ المندوب قبله .

[إذا نذر الحج بنفسه أو الاحجاج بغيره]

(23 مسألة): إذا نذر أن يحجّ أو يحجّ، انعقد ووجب عليه أحدهما علي وجه التخيير، وإذا تركهما حتي مات يجب القضاء عنه مخيّراً، وإذا طرأ العجز من أحدهما معيّناً تعيّن الآخر، ولو تركه أيضاً حتي مات يجب القضاء عنه مخيّراً أيضاً، لأن الواجب كان علي وجه التخيير، فالفائت هو الواجب المخيّر ولا عبرة بالتعيين العرضيّ، فهو كما لو كان عليه كفّارة الإفطار في شهر رمضان وكان عاجزاً عن بعض الخصال ثمّ مات، فإنه يجب الإخراج عن تركته مخيّراً وإن تعيّن عليه في حال حياته في إحداها فلا يتعيّن في ذلك المتعيّن.

نعم لو كان حال النذر غير متمكّن إلا من أحدهما معيّناً ولم يتمكّن من الآخر إلي أن مات، أمكن أن يقال باختصاص القضاء بالذي كان متمكّناً منه، بدعوي: أن النذر لم ينعقد بالنسبة إلي ما لم يتمكّن منه، بناءً علي أن عدم التمكّن يوجب عدم الانعقاد، لكن الظاهر: أن مسألة الخصال ليست كذلك، فيكون الإخراج من تركته علي وجه التخيير

وإن لم يكن في حياته متمكّناً إلا من البعض أصلاً.

وربما يحتمل في الصورة المفروضة ونظائرها عدم انعقاد النذر بالنسبة إلي الفرد الممكن أيضاً، بدعوي: أن متعلّق النذر هو أحد الأمرين علي وجه التخيير، ومع تعذّر أحدهما لا يكون وجوب الآخر تخييريّاً، بل عن الدروس اختياره في مسألة ما لو نذر إن رزق ولداً أن يحجّه أو يحجّ عنه إذا مات الولد قبل تمكّن الأب من أحد الأمرين.

وفيه: إن مقصود الناذر إتيان أحد الأمرين من دون اشتراط كونه علي وجه التخيير، فليس النذر مقيّداً بكونه واجباً تخييريّاً حتي يشترط في انعقاده التمكّن منهما.

(24 مسألة): إذا نذر أن يحجّ أو يزور الإمام الحسين عليه السلام من بلده ثمّ مات قبل الوفاء بنذره، وجب القضاء من تركته. ولو اختلفت أجرتهما يجب الاقتصار() علي أقلّهما أجرة، إلا إذا تبرّع الوارث بالزائد فلا يجوز للوصيّ اختيار الأزيد أجرة وإن جعل الميّت() أمر التعيين إليه، ولو أوصي باختيار الأزيد أجرة خرج الزائد من الثلث .

(25 مسألة): إذا علم أن علي الميّت حجّاً ولم يعلم أنه حجّة الإسلام أو حجّ النذر، وجب قضاؤه عنه من غير تعيين وليس عليه كفّارة، ولو تردّد ما عليه بين الواجب بالنذر أو بالحلف وجبت الكفّارة أيضاً، وحيث إنها مردّدة بين كفّارة النذر() وكفّارة اليمين فلا بدّ من الاحتياط، ويكفي حينئذٍ إطعام ستين مسكيناً، لأن فيه إطعام عشرة أيضاً الذي يكفي في كفّارة الحلف .

[إذا نذر المشي أو الركوب في الحج]

(26 مسألة): إذا نذر المشي في حجّه الواجب عليه أو المستحب، انعقد مطلقاً حتي في مورد يكون الركوب أفضل، لأن المشي في حدّ نفسه أفضل من الركوب بمقتضي جملة من الأخبار، وإن كان الركوب قد يكون أرجح لبعض الجهات فإن أرجحيته لا توجب زوال

الرجحان عن المشي في حدّ نفسه.

وكذا ينعقد لو نذر الحجّ ماشياً مطلقاً ولو مع الإغماض عن رجحان المشي، لكفاية رجحان أصل الحجّ في الانعقاد، إذ لا يلزم أن يكون المتعلّق راجحاً بجميع قيوده وأوصافه، فما عن بعضهم: من عدم الانعقاد في مورد يكون الركوب أفضل لا وجه له. وأضعف منه دعوي: الانعقاد في أصل الحجّ لا في صفة المشي فيجب مطلقاً، لأن المفروض نذر المقيّد فلا معني لبقائه مع عدم صحّة قيده .

(27 مسألة): لو نذر الحجّ راكباً انعقد ووجب، ولا يجوز حينئذٍ المشي وإن كان أفضل، لما مرّ من كفاية رجحان المقيّد دون قيده.

نعم لو نذر الركوب في حجّه في مورد يكون المشي أفضل لم ينعقد، لأن المتعلّق حينئذٍ الركوب لا الحجّ راكباً.

وكذا ينعقد لو نذر أن يمشي بعض الطريق من فرسخ في كلّ يوم أو فرسخين، وكذا ينعقد لو نذر الحجّ حافياً، وما في صحيحة الحذّاء من أمر النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم بركوب أخت عقبة بن عامر مع كونها ناذرة أن تمشي إلي بيت الله حافية، قضية في واقعة يمكن أن يكون لمانع من صحّة نذرها: من إيجابه كشفها أو تضرّرها أو غير ذلك .

(28 مسألة): يشترط في انعقاد النذر ماشياً أو حافياً تمكّن الناذر وعدم تضرّره بهما، فلو كان عاجزاً أو كان مضرّاً ببدنه() لم ينعقد، نعم لا مانع منه إذا كان حرجاً لا يبلغ حدّ الضرر، لأن رفع الحرج من باب الرخصة لا العزيمة، هذا إذا كان حرجيّاً حين النذر وكان عالماً به، وأما إذا عرض الحرج بعد ذلك فالظاهر كونه مسقطاً للوجوب .

(29 مسألة): في كون مبدأ وجوب المشي أو الحفاء: بلد النذر، أو الناذر، أو أقرب البلدين إلي الميقات، أو

مبدأ الشروع في السفر، أو أفعال الحجّ: أقوال، والأقوي: أنه تابع للتعيين أو الانصراف، ومع عدمهما: فأول أفعال الحجّ إذا قال لله عليّ أن أحجّ ماشياً، ومن حين الشروع في السفر إذا قال لله عليّ أن أمشي إلي بيت الله أو نحو ذلك()، كما أن الأقوي: أن منتهاه مع عدم التعيين رمي الجمار لجملة من الأخبار، لا طواف النساء كما عن المشهور، ولا الإفاضة من عرفات كما في بعض الأخبار.

(30 مسألة): لا يجوز لمن نذر الحجّ ماشياً أو المشي في حجّه أن يركب البحر لمنافاته لنذره ، وإن اضطرّ إليه لعروض المانع من سائر الطرق سقط نذره، كما أنه لو كان منحصراً فيه من الأول لم ينعقد، ولو كان في طريقه نهر أو شطٌّ لا يمكن العبور إلا بالمركب فالمشهور أنه يقوم فيه لخبر السكوني، والأقوي: عدم وجوبه() لضعف الخبر عن إثبات الوجوب، والتمسّك بقاعدة الميسور لا وجه له، وعلي فرضه فالميسور هو التحرّك لا القيام .

(31 مسألة): إذا نذر المشي فخالف نذره فحجّ راكباً: فإن كان المنذور الحجّ ماشياً من غير تقييد بسنة معيّنة وجب عليه الإعادة ولا كفّارة إلا إذا تركها أيضاً، وإن كان المنذور الحجّ ماشياً في سنة معيّنة فخالف وأتي به راكباً وجب عليه القضاء والكفّارة، وإذا كان المنذور المشي في حجّ معيّن وجبت الكفّارة دون القضاء لفوات محلّ النذر، والحجّ صحيح في جميع الصور خصوصاً الأخيرة، لأن النذر لا يوجب شرطيّة المشي في أصل الحجّ، وعدم الصحّة من حيث النذر لا يوجب عدمها من حيث الأصل، فيكفي في صحّته الإتيان به بقصد القربة.

وقد يتخيّل البطلان من حيث إن المنويّ وهو الحجّ النذريّ لم يقع، وغيره لم يقصد. وفيه: أن الحجّ في حدّ

نفسه مطلوب وقد قصده في ضمن قصد النذر وهو كاف، ألا تري أنه لو صام أياماً بقصد الكفّارة ثمّ ترك التتابع لا يبطل الصيام في الأيام السابقة أصلاً، وإنما تبطل من حيث كونها صيام كفّارة. وكذا إذا بطلت صلاته لم تبطل قراءته وأذكاره التي أتي بها من حيث كونها قرآناً أو ذكراً، وقد يستدلّ للبطلان إذا ركب في حال الإتيان بالأفعال بأن الأمر بإتيانها ماشياً موجب للنهي عن إتيانها راكباً. وفيه: منع كون الأمر بالشي ء نهياً عن ضدّه، ومنع استلزامه البطلان علي القول به، مع أنه لا يتمّ فيما لو نذر الحجّ ماشياً مطلقاً من غير تقييد بسنة معيّنة ولا بالفوريّة، لبقاء محلّ الإعادة.

(32 مسألة): لو ركب بعضاً ومشي بعضاً، فهو كما لو ركب الكلّ لعدم الإتيان بالمنذور، فيجب عليه القضاء أو الإعادة ماشياً()، والقول بالإعادة والمشي في موضع الركوب ضعيف لا وجه له .

[لو نذر الحج ماشياً ثمّ عجز]

[لو نذر الحج ماشياً ثمّ عجز]

(33 مسألة): لو عجز عن المشي بعد انعقاد نذره لتمكّنه منه أو رجائه سقط، وهل يبقي حينئذٍ وجوب الحجّ راكباً أو لا بل يسقط أيضاً؟ فيه أقوال:

[أقوال المسألة]

أحدها: وجوبه راكباً مع سياق بدنة.

الثاني: وجوبه بلا سياق.

الثالث: سقوطه إذا كان الحجّ مقيّداً بسنة معيّنة، أو كان مطلقاً مع اليأس عن التمكّن بعد ذلك، وتوقّع المكنة مع الإطلاق وعدم اليأس.

الرابع: وجوب الركوب مع تعيين السنة، أو اليأس في صورة الإطلاق، وتوقّع المكنة مع عدم اليأس.

الخامس: وجوب الركوب إذا كان بعد الدخول في الإحرام، وإذا كان قبله فالسقوط مع التعيين، وتوقّع المكنة مع الإطلاق.

ومقتضي القاعدة وإن كان هو: القول الثالث، إلا أن الأقوي بملاحظة جملة من الأخبار هو القول الثاني، بعد حمل ما في بعضها من الأمر بسياق الهدي علي الاستحباب بقرينة السكوت عنه في بعضها الآخر مع كونه في مقام البيان، مضافاً إلي خبر عنبسة الدالّ علي عدم وجوبه صريحاً فيه، من غير فرق في ذلك بين أن يكون العجز قبل الشروع في الذهاب أو بعده، وقبل الدخول في الإحرام أو بعده ومن غير فرق أيضاً بين كون النذر مطلقاً أو مقيّداً بسنة مع توقّع المكنة وعدمه، وإن كان الأحوط في صورة الإطلاق مع عدم اليأس من المكنة وكونه قبل الشروع في الذهاب: الإعادة إذا حصلت المكنة بعد ذلك، لاحتمال انصراف الأخبار عن هذه الصورة.

والأحوط: إعمال قاعدة الميسور أيضاً بالمشي بمقدار المكنة، بل لا يخلو عن قوّة للقاعدة، مضافاً إلي الخبر: «عن رجل نذر أن يمشي إلي بيت الله حاجّاً، قال عليه السلام: فليمش فإذا تعب فليركب» ويستفاد منه كفاية الحرج والتعب في جواز الركوب وإن لم يصل إلي حدّ العجز، وفي مرسل حريز: «إذا حلف الرجل

أن لا يركب أو نذر أن لا يركب، فإذا بلغ مجهوده ركب ».

(34 مسألة): إذا نذر الحجّ ماشياً، فعرض مانع آخر غير العجز عن المشي: من مرض أو خوفه أو عدو أو نحو ذلك، فهل حكمه حكم العجز فيما ذكر أو لا لكون الحكم علي خلاف القاعدة؟ وجهان: ولا يبعد التفصيل بين المرض ومثل العدوّ، باختيار الأول في الأول والثاني في الثاني، وإن كان الأحوط() الإلحاق مطلقاً.

(4- فصل: في النيابة)

(4- فصل: في النيابة)

لا إشكال في صحّة النيابة عن الميّت في الحجّ الواجب والمندوب، وعن الحيّ في المندوب مطلقاً وفي الواجب في بعض الصور.

[شروط النائب للحجّ]

[شروط النائب للحجّ]

(1 مسألة): يشترط في النائب أمور:

أحدها: البلوغ علي المشهور فلا يصحّ نيابة الصبيّ عندهم وإن كان مميّزاً، وهو الأحوط() لا لما قيل: من عدم صحّة عباداته لكونها تمرينيّة لأن الأقوي كونها شرعيّة، ولا لعدم الوثوق به لعدم الرادع له من جهة عدم تكليفه لأنه أخصّ من المدّعي، بل لأصالة عدم فراغ ذمّة المنوب عنه بعد دعوي انصراف الأدلّة خصوصاً مع اشتمال جملة من الأخبار علي لفظ الرجل، ولا فرق بين أن يكون حجّه بالإجارة أو بالتبرّع بإذن الوليّ أو عدمه، وإن كان لا يبعد() دعوي: صحّة نيابته في الحجّ المندوب بإذن الوليّ.

الثاني: العقل، فلا تصحّ نيابة المجنون الذي لا يتحقّق منه القصد، مطبقاً كان جنونه أو أدوارياً في دور جنونه، ولا بأس بنيابة السفيه.

الثالث: الإيمان، لعدم صحّة عمل غير المؤمن وإن كان معتقداً بوجوبه وحصل منه نيّة القربة، ودعوي: أن ذلك في العمل لنفسه دون غيره كما تري.

الرابع: العدالة أو الوثوق بصحّة عمله، وهذا الشرط إنما يعتبر في جواز الاستنابة لا في صحّة عمله.

الخامس: معرفته بأفعال الحجّ وأحكامه، وإن كان بإرشاد معلّم حال كلّ عمل.

السادس: عدم اشتغال ذمّته بحجّ واجب عليه في ذلك العام، فلا تصحّ نيابة من وجب عليه حجّة الإسلام، أو النذر المضيّق مع تمكّنه من إتيانه، وأما مع عدم تمكّنه لعدم المال فلا بأس، فلو حجّ عن غيره مع تمكّنه من الحجّ لنفسه بطل علي المشهور، لكن الأقوي: أن هذا الشرط إنما هو لصحّة الاستنابة والإجارة، وإلا فالحجّ صحيح() وإن لم يستحقّ الأجرة، وتبرأ ذمّة المنوب عنه علي ما هو الأقوي:

من عدم كون الأمر بالشي ء نهياً عن ضدّه، مع أن ذلك علي القول به وإيجابه للبطلان إنما يتمّ مع العلم والعمد، وأما مع الجهل أو الغفلة فلا، بل الظاهر: صحّة الإجارة أيضاً علي هذا التقدير، لأن البطلان إنما هو من جهة عدم القدرة الشرعيّة علي العمل المستأجر عليه، حيث إن المانع الشرعيّ كالمانع العقليّ، ومع الجهل أو الغفلة لا مانع لأنه قادر شرعاً.

[مسائل في نيابة الحجّ]

(2 مسألة): لا يشترط في النائب الحريّة، فتصحّ نيابة المملوك بإذن() مولاه، ولا تصحّ استنابته بدونه، ولو حجّ بدون إذنه بطل .

(3 مسألة): يشترط في المنوب عنه الإسلام، فلا تصحّ النيابة عن الكافر: لا لعدم انتفاعه بالعمل عنه لمنعه وإمكان دعوي: انتفاعه بالتخفيف في عقابه، بل لانصراف الأدلّة، فلو مات مستطيعاً وكان الوارث مسلماً لا يجب عليه استيجاره عنه، ويشترط فيه أيضاً كونه ميّتاً أو حيّاً عاجزاً في الحجّ الواجب، فلا تصحّ النيابة عن الحيّ في الحجّ الواجب إلا إذا كان عاجزاً، وأما في الحجّ الندبيّ فيجوز عن الحيّ والميّت تبرّعاً أو بالإجارة.

(4 مسألة): تجوز() النيابة عن الصبيّ المميّز والمجنون ، بل يجب الاستيجار عن المجنون إذا استقرّ عليه حال إفاقته ثمّ مات مجنوناً.

(5 مسألة): لا تشترط المماثلة بين النائب والمنوب عنه في الذكورة والأنوثة، فتصحّ نيابة المرأة عن الرجل كالعكس، نعم الأولي المماثلة().

(6 مسألة): لا بأس باستنابة الصرورة رجلاً كان أو امرأة عن رجل أو امرأة، والقول بعدم جواز استنابة المرأة الصرورة مطلقاً أو مع كون المنوب عنه رجلاً: ضعيف، نعم يكره ذلك خصوصاً مع كون المنوب عنه رجلاً، بل لا يبعد() كراهة استيجار الصرورة ولو كان رجلاً عن رجل .

(7 مسألة): يشترط في صحّة النيابة قصد النيابة() وتعيين المنوب عنه في النيّة ولو

بالإجمال، ولا يشترط ذكر اسمه وإن كان يستحب ذلك في جميع المواقف .

(8 مسألة): كما تصحّ النيابة بالتبرّع وبالإجارة كذا تصحّ بالجعالة، ولا تفرغ ذمّة المنوب عنه إلا بإتيان النائب صحيحاً، ولا تفرغ بمجرّد الإجارة، وما دلّ من الأخبار علي كون الأجير ضامناً وكفاية الإجارة في فراغه منزّلة علي أن الله تعالي يعطيه ثواب الحجّ إذا قصّر النائب في الإتيان، أو مطروحة لعدم عمل العلماء بها بظاهرها.

(9 مسألة): لا يجوز استيجار المعذور() في ترك بعض الأعمال ، بل لو تبرّع المعذور يشكل الاكتفاء به .

[النائب إذا مات قبل المناسك]

(10 مسألة): إذا مات النائب قبل الإتيان بالمناسك: فإن كان قبل الإحرام لم يجزئ عن المنوب عنه، لما مرّ من كون الأصل عدم فراغ ذمّته إلا بالإتيان، بعد حمل الأخبار الدالّة علي ضمان الأجير علي ما أشرنا إليه.

وإن مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأ عنه، لا لكون الحكم كذلك في الحاجّ عن نفسه لاختصاص ما دلّ عليه به وكون فعل النائب فعل المنوب عنه لا يقتضي الإلحاق، بل لموثّقة إسحاق بن عمّار المؤيّدة بمرسلتي: حسين بن عثمان وحسين بن يحيي الدالّة علي أن النائب إذا مات في الطريق أجزأ عن المنوب عنه، المقيّدة بمرسلة المقنعة: «من خرج حاجّاً فمات في الطريق فإنه إن كان مات في الحرم فقد سقطت عنه الحجّة» الشاملة للحاجّ عن غيره أيضاً، ولا يعارضها موثّقة عمّار الدالّة علي أن النائب إذا مات في الطريق عليه أن يوصي، لأنها محمولة علي ما إذا مات قبل الإحرام أو علي الاستحباب، مضافاً إلي الإجماع علي عدم كفاية مطلق الموت في الطريق، وضعفها سنداً بل ودلالةً منجبر بالشهرة والإجماعات المنقولة، فلا ينبغي الإشكال في الإجزاء في الصورة المزبورة.

وأما إذا مات بعد الإحرام وقبل

دخول الحرم ففي الإجزاء قولان: ولا يبعد الإجزاء وإن لم نقل به في الحاجّ عن نفسه لإطلاق الأخبار في المقام، والقدر المتيقّن من التقييد هو اعتبار كونه بعد الإحرام، لكن الأقوي عدمه فحاله حال الحاجّ عن نفسه في اعتبار الأمرين في الإجزاء، والظاهر: عدم الفرق بين حجّة الإسلام وغيرها من أقسام الحجّ، وكون النيابة بالأجرة أو بالتبرّع .

(11 مسألة): إذا مات الأجير بعد الإحرام ودخول الحرم يستحقّ تمام الأجرة إذا كان أجيراً علي تفريغ الذمّة، وبالنسبة إلي ما أتي به من الأعمال إذا كان أجيراً علي الإتيان بالحجّ بمعني: الأعمال المخصوصة.

وإن مات قبل ذلك لا يستحق شيئاً() سواء مات قبل الشروع في المشي أو بعده، وقبل الإحرام أو بعده وقبل الدخول في الحرم، لأنه لم يأت بالعمل المستأجر عليه لا كلّا ً ولا بعضاً بعد فرض عدم إجزائه، من غير فرق بين أن يكون المستأجر عليه نفس الأعمال أو مع المقدّمات من المشي ونحوه، نعم لو كان المشي داخلاً في الإجارة علي وجه الجزئيّة بأن يكون مطلوباً في الإجارة نفساً، استحقّ مقدار ما يقابله من الأجرة، بخلاف ما إذا لم يكن داخلا أصلاً، أو كان داخلاً فيها لا نفساً بل بوصف المقدّميّة.

فما ذهب إليه بعضهم: من توزيع الأجرة عليه أيضاً مطلقاً لا وجه له()، كما أنه لا وجه لما ذكره بعضهم: من التوزيع علي ما أتي به من الأعمال بعد الإحرام، إذ هو نظير() ما إذا استوجر للصلاة فأتي بركعة أو أزيد ثمّ أبطلت صلاته، فإنه لا إشكال في أنه لا يستحقّ الأجرة علي ما أتي به، ودعوي: أنه وإن كان لا يستحقّ من المسمّي بالنسبة لكن يستحقّ أجرة المثل لما أتي به حيث إن عمله

محترم، مدفوعة: بأنه لا وجه له بعد عدم نفع للمستأجر فيه()، والمفروض أنه لم يكن مغروراً من قبله، وحينئذٍ فتنفسخ الإجارة إذا كانت للحجّ في سنة معيّنة، ويجب عليه() الإتيان به إذا كانت مطلقة من غير استحقاق لشي ء علي التقديرين .

[ما يجب تعيينه في حجّ الاجارة]

(12 مسألة): يجب() في الإجارة تعيين نوع الحجّ من تمتّع أو قران أو إفراد، ولا يجوز للموجر العدول عمّا عيّن له وإن كان إلي الأفضل: كالعدول من أحد الأخيرين إلي الأول، إلا إذا رضي المستأجر بذلك فيما إذا كان مخيّراً بين النوعين أو الأنواع: كما في الحجّ المستحبي والمنذور المطلق، أو كان ذا منزلين متساويين في مكّة وخارجها.

وأما إذا كان ما عليه من نوع خاص، فلا ينفع رضاه() أيضاً بالعدول إلي غيره، وفي صورة جواز الرضا يكون رضاه من باب إسقاط حقّ الشرط ان كان التعيين بعنوان الشرطيّة()، ومن باب الرضا بالوفاء بغير الجنس إن كان بعنوان القيديّة، وعلي أيّ تقدير: يستحقّ الأجرة المسمّاة وإن لم يأت بالعمل المستأجر عليه علي التقدير الثاني، لأن المستأجر إذا رضي بغير النوع الذي عيّنه فقد وصل إليه ما له علي الموجر: كما في الوفاء بغير الجنس في سائر الديون، فكأنه قد أتي بالعمل، المستأجر عليه ولا فرق فيما ذكرنا بين العدول إلي الأفضل أو إلي المفضول.

هذا ويظهر من جماعة جواز العدول إلي الأفضل: كالعدول إلي التمتع تعبّداً من الشارع لخبر أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام: «في رجل أعطي رجلاً دراهم يحجّ بها مفردة، أيجوز له أن يتمتّع بالعمرة إلي الحجّ؟ قال عليه السلام: نعم إنما خالف إلي الأفضل».

والأقوي: ما ذكرنا، والخبر منزّل علي صورة العلم برضا المستأجر بذلك مع كونه مخيّراً بين النوعين، جمعاً بينه وبين خبر

آخر: «في رجل أعطي رجلاً دراهم يحجّ بها حجّة مفردة؟ قال عليه السلام: ليس له أن يتمتّع بالعمرة إلي الحجّ، لا يخالف صاحب الدراهم».

وعلي ما ذكرنا: من عدم جواز العدول إلا مع العلم بالرضا، إذا عدل بدون ذلك لا يستحقّ الأجرة في صورة التعيين علي وجه القيديّة وإن كان حجّه صحيحاً عن المنوب عنه ومفرغاً لذمّته إذا لم يكن ما في ذمّته متعيّناً فيما عيّن، وأما إذا كان علي وجه الشرطيّة فيستحقّ إلا إذا فسخ المستأجر الإجارة من جهة تخلّف الشرط، إذ حينئذٍ لا يستحقّ المسمّي، بل أجرة المثل .

(13 مسألة): لا يشترط في الإجارة تعيين الطريق وإن كان في الحجّ البلدي، لعدم تعلّق الغرض بالطريق نوعاً، ولكن لو عيّن تعيّن ولا يجوز العدول عنه إلي غيره، إلا إذا علم أنه لا غرض للمستأجر في خصوصيّته وإنما ذكره علي المتعارف فهو راض بأيّ طريق كان، فحينئذٍ: لو عدل صحّ واستحقّ تمام الأجرة، وكذا إذا أسقط بعد العقد حقّ تعيينه.

فالقول بجواز العدول مطلقاً، أو مع عدم العلم بغرض في الخصوصيّة ضعيف، كالاستدلال له بصحيحة حريز: «عن رجل أعطي رجلاً حجّة يحج عنه من الكوفة، فحج عنه من البصرة؟ فقال: لا بأس إذا قضي جميع المناسك فقد تمَّ حجّه» إذ هي محمولة علي صورة العلم بعدم الغرض كما هو الغالب، مع أنها إنما دلّت علي صحّة الحجّ من حيث هو لا من حيث كونه عملاً مستأجراً عليه كما هو المدّعي، وربما تحمل علي محامل أخر.

وكيف كان: لا إشكال في صحّة حجّه وبراءة ذمّة المنوب عنه إذا لم يكن ما عليه مقيّداً بخصوصيّة الطريق المعيّن، إنما الكلام في استحقاقه الأجرة المسمّاة علي تقدير العدول وعدمه، والأقوي: أنه يستحقّ من

المسمّي بالنسبة ويسقط منه بمقدار المخالفة إذا كان الطريق معتبراً في الإجارة علي وجه الجزئيّة، ولا يستحقّ شيئاً علي تقدير اعتباره علي وجه القيديّة، لعدم إتيانه بالعمل المستأجر عليه حينئذٍ وإن برئت ذمّة المنوب عنه بما أتي به، لأنه حينئذٍ متبرّع بعمله.

ودعوي: أنه يعدّ في العرف أنه أتي ببعض ما استوجر عليه فيستحقّ بالنسبة، وقصد التقييد بالخصوصيّة لا يخرجه عرفاً عن العمل ذي الأجزاء كما ذهب إليه في الجواهر لا وجه لها، ويستحقّ تمام الأجرة إن كان اعتباره علي وجه الشرطيّة الفقهيّة بمعني الالتزام في الالتزام، نعم للمستأجر خيار الفسخ لتخلّف الشرط فيرجع إلي أجرة المثل .

[توارد اجارتين للحج]

(14 مسألة): إذا آجر نفسه للحجّ عن شخص مباشرة في سنة معيّنة، ثمّ آجر عن شخص آخر في تلك السنة مباشرة أيضاً، بطلت الإجارة الثانية لعدم القدرة علي العمل بها بعد وجوب العمل بالأولي، ومع عدم اشتراط المباشرة فيهما أو في إحداهما صحّتا معاً.

ودعوي: بطلان الثانية وإن لم يشترط فيها المباشرة مع اعتبارها في الأولي لأنه يعتبر في صحّة الإجارة تمكّن الأجير من العمل بنفسه فلا يجوز إجارة الأعمي علي قراءة القرآن وكذا لا يجوز إجارة الحائض لكنس المسجد وإن لم يشترط المباشرة ممنوعة، فالأقوي: الصحّة.

هذا إذا آجر نفسه ثانياً للحجّ بلا اشتراط المباشرة، وأما إذا آجر نفسه لتحصيله فلا إشكال فيه.

وكذا تصحّ الثانية مع اختلاف السنتين، أو مع توسعة الإجارتين أو توسعة إحداهما، بل وكذا مع إطلاقهما أو إطلاق إحداهما إذا لم يكن انصراف إلي التعجيل، ولو اقترنت الإجارتان في وقت واحد بطلتا معاً مع اشتراط المباشرة فيهما.

ولو آجره فضوليّان من شخصين مع اقتران الإجارتين، يجوز له إجازة إحداهما كما في صورة عدم الاقتران، ولو آجر نفسه من

شخص ثمّ علم أنه آجره فضوليّ من شخص آخر سابقاً علي عقد نفسه، ليس له إجازة ذلك العقد وإن قلنا بكون الإجازة كاشفة بدعوي: أنها حينئذٍ تكشف عن بطلان إجارة نفسه، لكون إجارته نفسه مانعاً عن صحّة الإجازة حتي تكون كاشفة، وانصراف أدلّة صحّة الفضوليّ عن مثل ذلك .

(15 مسألة): إذا آجر نفسه للحجّ في سنة معيّنة لا يجوز له التأخير، بل ولا التقديم إلا مع رضا المستأجر، ولو أخّر لا لعذر أثم وتنفسخ الإجارة() إن كان التعيين علي وجه التقييد، ويكون للمستأجر خيار الفسخ لو كان علي وجه الشرطيّة، وإن أتي به مؤخّراً لا يستحقّ الأجرة علي الأول وإن برئت ذمّة المنوب عنه به، ويستحقّ المسمّاة علي الثاني إلا إذا فسخ المستأجر فيرجع إلي أجرة المثل.

وإذا أطلق الإجارة وقلنا بوجوب التعجيل() لا تبطل مع الإهمال، وفي ثبوت الخيار للمستأجر حينئذٍ وعدمه وجهان: من أن الفوريّة ليست توقيتاً، ومن كونها بمنزلة الاشتراط.

(16 مسألة): قد عرفت عدم صحّة الإجارة الثانية فيما إذا آجر نفسه من شخص في سنة معيّنة ثمّ آجر من آخر في تلك السنة، فهل يمكن تصحيح الثانية بإجازة المستأجر الأول أو لا؟ فيه تفصيل، وهو: أنه إن كانت الأولي واقعة علي العمل في الذمّة لا تصحّ الثانية() بالإجازة، لأنه لا دخل للمستأجر بها إذا لم تقع علي ماله حتي تصحّ له إجازتها، وإن كانت واقعة علي منفعة الأجير في تلك السنة بأن تكون منفعته من حيث الحجّ أو جميع منافعه له، جاز له إجازة الثانية لوقوعها علي ماله.

وكذا الحال في نظائر المقام: فلو آجر نفسه ليخيط لزيد في يوم معيّن ثمّ آجر نفسه ليخيط أو ليكتب لعمرو في ذلك اليوم، ليس لزيد إجازة العقد

الثاني، وأما إذا ملّكه منفعته الخياطيّ فآجر نفسه للخياطة أو للكتابة لعمرو جاز له إجازة هذا العقد، لأنه تصرّف في متعلّق حقه، وإذا أجاز يكون مال الإجارة له لا للموجر، نعم لو ملّك منفعة خاصة كخياطة ثوب معيّن أو الحجّ عن ميّت معيّن علي وجه التقييد يكون كالأول في عدم إمكان إجازته .

[لو صُدّ الأجير للحجّ أو أُحصر]

(17 مسألة): إذا صدّ الأجير أو أحصر، كان حكمه كالحاجّ عن نفسه فيما عليه من الأعمال، وتنفسخ الإجارة مع كونها مقيّدة بتلك السنة، ويبقي الحجّ في ذمّته مع الإطلاق، وللمستأجر خيار التخلّف إذا كان اعتبار تلك السنة علي وجه الشرط في ضمن العقد، ولا يجزئ عن المنوب عنه وإن كان بعد الإحرام ودخول الحرم، لأن ذلك كان في خصوص الموت من جهة الأخبار، والقياس عليه لا وجه له.

ولو ضمن الموجر الحجّ في المستقبل في صورة التقييد لم تجب إجابته، والقول بوجوبه ضعيف، وظاهرهم: استحقاق الأجرة بالنسبة إلي ما أتي به من الأعمال، وهو مشكل() لأن المفروض عدم إتيانه للعمل المستأجر عليه وعدم فائدة فيما أتي به، فهو نظير الانفساخ في الأثناء لعذر غير الصدّ والحصر، وكالانفساخ في أثناء سائر الأعمال المرتبطة لعذر في إتمامها، وقاعدة: احترام عمل المسلم لا تجري، لعدم الاستناد إلي المستأجر فلا يستحقّ أجرة المثل أيضاً.

(18 مسألة): إذا أتي النائب بما يوجب الكفّارة فهو من ماله .

(19 مسألة): إطلاق الإجارة يقتضي التعجيل، بمعني: الحلول في مقابل الأجل، لا بمعني: الفوريّة، إذ لا دليل عليها، والقول بوجوب التعجيل إذا لم يشترط الأجل ضعيف، فحالها حال البيع في أن إطلاقه يقتضي الحلول، بمعني: جواز المطالبة ووجوب المبادرة معها.

(20 مسألة): إذا قصرت الأجرة لا يجب علي المستأجر إتمامها، كما أنها لو زادت ليس له

استرداد الزائد، نعم يستحب الإتمام كما قيل، بل قيل: يستحب علي الأجير أيضاً ردّ الزائد، ولا دليل بالخصوص علي شي ء من القولين، نعم يستدلّ علي الأول: بأنه معاونة علي البرّ والتقوي، وعلي الثاني: بكونه موجباً للإخلاص في العبادة.

[الأجير إذا أفسد حجّه بالجماع]

(21 مسألة): لو أفسد الأجير حجّه بالجماع قبل المشعر، فكالحاجّ عن نفسه يجب عليه إتمامه والحجّ من قابل وكفّارة بدنة، وهل يستحقّ الأجرة علي الأول أو لا؟ قولان مبنيّان علي أن الواجب هو الأول وأن الثاني عقوبة، أو هو الثاني وأن الأول عقوبة، قد يقال بالثاني للتعبير في الأخبار بالفساد الظاهر في البطلان، وحمله علي إرادة النقصان وعدم الكمال مجاز لا داعي إليه، وحينئذٍ: فتنفسخ الإجارة إذا كانت معيّنة ولا يستحقّ الأجرة، ويجب عليه الإتيان في القابل بلا أجرة، ومع إطلاق الإجارة تبقي ذمّته مشغولة ويستحقّ الأجرة علي ما يأتي به في القابل.

والأقوي: صحّة الأول وكون الثاني عقوبة، لبعض الأخبار الصريحة في ذلك في الحاجّ عن نفسه ولا فرق بينه وبين الأجير، ولخصوص خبرين في خصوص الأجير عن إسحاق بن عمّار عن أحدهما عليهما السلام قال: «قلت: فإن ابتلي بشي ء يفسد عليه حجّه حتي يصير عليه الحجّ من قابل أيجزي عن الأول؟ قال: نعم. قلت: فإن الأجير ضامن للحجّ؟ قال: نعم» وفي الثاني: «سئل الإمام الصادق عليه السلام عن رجل حجّ عن رجل فاجترح في حجّه شيئاً يلزم فيه الحجّ من قابل وكفّارة؟ قال عليه السلام: هي للأول تامّة وعلي هذا ما اجترح» فالأقوي: استحقاق الأجرة علي الأول وإن ترك الإتيان من قابل عصياناً أو لعذر، ولا فرق بين كون الإجارة مطلقة أو معيّنة.

وهل الواجب إتيان الثاني بالعنوان الذي أتي به الأول فيجب فيه قصد النيابة عن

المنوب عنه وبذلك العنوان، أو هو واجب عليه تعبّداً ويكون لنفسه؟ وجهان: لا يبعد الظهور في الأول ولا ينافي كونه عقوبة فإنه يكون الإعادة عقوبة، ولكن الأظهر الثاني()، والأحوط أن يأتي به بقصد ما في الذمّة.

ثمّ لا يخفي عدم تماميّة ما ذكره ذلك القائل: من عدم استحقاق الأجرة في صورة كون الإجارة معيّنة ولو علي ما يأتي به في القابل لانفساخها وكون وجوب الثاني تعبّداً لكونه خارجاً عن متعلّق الإجارة وإن كان مبرئاً لذمّة المنوب عنه، وذلك لأن الإجارة وإن كانت منفسخة بالنسبة إلي الأول لكنها باقية بالنسبة إلي الثاني تعبّداً() لكونه عوضاً شرعياً تعبديّاً عما وقع عليه العقد، فلا وجه لعدم استحقاق الأجرة علي الثاني.

وقد يقال بعدم كفاية الحجّ الثاني أيضاً في تفريغ ذمّة المنوب عنه، بل لا بدّ للمستأجر أن يستأجر مرّة أخري في صورة التعيين، وللأجير أن يحجّ ثالثاً في صورة الإطلاق، لأن الحجّ الأول فاسد والثاني إنما وجب للإفساد عقوبة فيجب ثالث، إذ التداخل خلاف الأصل.

وفيه: إن هذا إنما يتمّ إذا لم يكن الحجّ في القابل بالعنوان الأول، والظاهر من الأخبار علي القول بعدم صحّة الأول وجوب إعادة الأول وبذلك العنوان، فيكفي في التفريغ ولا يكون من باب التداخل، فليس الإفساد عنواناً مستقلّا ً، نعم إنما يلزم ذلك إذا قلنا: إن الإفساد موجب لحجّ مستقلّ لا علي نحو الأول وهو خلاف ظاهر الأخبار().

وقد يقال في صورة التعيين: إن الحجّ الأول إذا كان فاسداً وانفسخت الإجارة يكون لنفسه، فقضاؤه في العام القابل أيضاً يكون لنفسه ولا يكون مبرئا لذمّة المنوب عنه فيجب علي المستأجر استيجار حجّ آخر. وفيه أيضاً ما عرفت: من أن الثاني واجب بعنوان إعادة الأول، وكون الأول بعد انفساخ

الإجارة بالنسبة إليه لنفسه لا يقتضي كون الثاني له وإن كان بدلاً عنه، لأنه بدل عنه بالعنوان المنويّ لا بما صار إليه بعد الفسخ.

هذا والظاهر: عدم الفرق في الأحكام المذكورة بين كون الحجّ الأول المستأجر عليه واجباً أو مندوباً، بل الظاهر جريان حكم وجوب الإتمام والإعادة في النيابة تبرّعاً أيضاً وإن كان لا يستحقّ الأجرة أصلاً.

[متي يملك الأجير للحجّ أجرته؟]

[متي يملك الأجير للحجّ أجرته؟]

(22 مسألة): يملك الأجير الأجرة بمجرّد العقد لكن لا يجب تسليمها إلا بعد العمل إذا لم يشترط التعجيل ولم تكن قرينة علي إرادته من انصراف أو غيره، ولا فرق في عدم وجوب التسليم بين أن تكون عيناً أو دَيناً، لكن إذا كانت عيناً ونمت كان النماء للأجير.

وعلي ما ذكر: من عدم وجوب التسليم قبل العمل إذا كان المستأجر وصيّاً أو وكيلاً وسلّمها قبله كان ضامناً لها علي تقدير عدم العمل من الموجر أو كون عمله باطلاً، ولا يجوز لهما اشتراط التعجيل من دون إذن الموكّل أو الوارث()، ولو لم يقدر الأجير علي العمل مع عدم تسليم الأجرة كان له الفسخ وكذا للمستأجر، لكن لما كان المتعارف تسليمها أو نصفها قبل المشي يستحقّ الأجير المطالبة في صورة الإطلاق، ويجوز للوكيل والوصيّ دفعها من غير ضمان .

(23 مسألة): إطلاق الإجارة يقتضي المباشرة، فلا يجوز للأجير أن يستأجر غيره إلا مع الإذن صريحاً أو ظاهراً، والرواية الدالّة علي الجواز محمولة علي صورة العلم بالرضا من المستأجر.

(24 مسألة): لا يجوز استيجار من ضاق وقته عن إتمام الحجّ تمتّعاً وكانت وظيفته العدول إلي حجّ الإفراد عمن عليه حجّ التمتّع، ولو استأجره مع سعة الوقت فنوي التمتّع ثمّ اتّفق ضيق الوقت فهل يجوز له العدول ويجزي عن المنوب عنه أو لا؟ وجهان: من إطلاق أخبار العدول،

ومن انصرافها إلي الحاجّ عن نفسه، والأقوي: عدمه(). وعلي تقديره فالأقوي: عدم إجزائه عن الميّت وعدم استحقاق الأجرة عليه، لأنه غير ما علي الميّت ولأنه غير العمل المستأجر عليه .

(25 مسألة): يجوز التبرّع عن الميّت في الحجّ الواجب أيّ واجب كان والمندوب، بل يجوز التبرّع عنه بالمندوب وإن كانت ذمته مشغولة بالواجب ولو قبل الاستيجار عنه للواجب، وكذا يجوز الاستيجار عنه في المندوب كذلك وأما الحيّ فلا يجوز التبرّع عنه في الواجب إلا إذا كان معذوراً في المباشرة لمرض أو هرم() فإنه يجوز التبرّع عنه ويسقط عنه وجوب الاستنابة علي الأقوي كما مرّ سابقاً.

وأما الحجّ المندوب فيجوز التبرّع عنه كما يجوز له أن يستأجر له حتي إذا كان عليه حجّ واجب لا يتمكّن من أدائه فعلاً، وأما إن تمكّن منه فالاستئجار للمندوب قبل أدائه مشكل، بل التبرّع عنه حينئذٍ أيضاً لا يخلو عن إشكال وإن كان الأقوي فيه الصحّة .

[من أحكام النيابة في الحج]

(26 مسألة): لا يجوز أن ينوب واحد عن اثنين أو أزيد في عام واحد في الحجّ الواجب، إلا إذا كان وجوبه عليهما علي نحو الشركة: كما إذا نذر كلّ منهما أن يشترك مع الآخر في تحصيل الحجّ.

وأما في الحجّ المندوب فيجوز حجّ واحد عن جماعة بعنوان النيابة، كما يجوز بعنوان إهداء الثواب، لجملة من الأخبار الظاهرة في جواز النيابة أيضاً، فلا داعي لحملها علي خصوص إهداء الثواب .

(27 مسألة): يجوز أن ينوب جماعة عن الميّت أو الحيّ في عام واحد في الحجّ المندوب تبرّعاً أو بالإجارة، بل يجوز ذلك في الواجب أيضاً: كما إذا كان علي الميّت والحيّ الذي لا يتمكّن من المباشرة لعذر حجّان مختلفان نوعاً كحجّة الإسلام والنذر، أو متّحدان من حيث النوع كحجّتين للنذر، فيجوز

أن يستأجر أجيرين لهما في عام واحد.

وكذا يجوز إذا كان أحدهما واجباً والآخر مستحبّاً، بل يجوز أن يستأجر أجيرين لحجّ واجب واحد كحجّة الإسلام في عام واحد احتياطاً لاحتمال بطلان حجّ أحدهما، بل وكذا مع العلم بصحّة الحجّ من كلّ منهما وكلاهما آت بالحجّ الواجب وإن كان إحرام أحدهما قبل إحرام الآخر، فهو مثل ما إذا صلّي جماعة علي الميّت في وقت واحد، ولا يضرّ سبق أحدهما بوجوب الآخر فإن الذمّة مشغولة ما لم يتمّ العمل، فيصحّ قصد الوجوب من كلّ منهما ولو كان أحدهما أسبق شروعاً.

(5- فصل: في الوصيّة بالحجّ )

(5- فصل: في الوصيّة بالحجّ )

(1 مسألة): إذا أوصي بالحجّ: فإن علم أنه واجب أخرج من أصل التركة وإن كان بعنوان الوصيّة، فلا يقال: مقتضي كونه بعنوانها خروجه من الثلث، نعم لو صرّح بإخراجه من الثلث أخرج منه، فإن وفي به وإلا يكون الزائد من الأصل، ولا فرق في الخروج من الأصل بين حجّة الإسلام والحجّ النذري والإفسادي، لأنه بأقسامه واجب ماليّ وإجماعهم قائم علي خروج كلّ واجب ماليّ من الأصل، مع أن في بعض الأخبار أن الحجّ بمنزلة الدَّين، ومن المعلوم: خروجه من الأصل، بل الأقوي خروج كلّ واجب من الأصل وإن كان بدنياً كما مرّ سابقاً.

وإن علم أنه ندبيّ فلا إشكال في خروجه من الثلث.

وإن لم يعلم أحد الأمرين ففي خروجه من الأصل أو الثلث، وجهان: يظهر من سيد الرياض خروجه من الأصل، حيث إنه وجّه كلام الصدوق الظاهر في كون جميع الوصايا من الأصل بأن مراده: ما إذا يعلم كون الموصي به واجباً أو لا، فإن مقتضي عمومات وجوب العمل بالوصيّة: خروجها من الأصل خرج عنها صورة العلم بكونها ندبياً، وحمل الخبر الدالّ بظاهره علي ما عن الصدوق أيضاً علي

ذلك.

لكنّه مشكل فإن العمومات مخصّصة بما دلّ علي أن الوصيّة بأزيد من الثلث تردّ إليه، إلا مع إجازة الورثة، هذا مع أن الشبهة مصداقيّة والتمسّك بالعمومات فيها محلّ إشكال، وأما الخبر المشار إليه وهو قوله عليه السلام: «الرجل أحقّ بماله ما دام فيه الروح، إن أوصي به كلّه فهو جائز» فهو موهون بإعراض العلماء عن العمل بظاهره، ويمكن أن يكون المراد بماله: هو الثلث الذي أمره بيده.

نعم يمكن أن يقال في مثل هذه الأزمنة بالنسبة إلي هذه الأمكنة البعيدة عن مكّة: الظاهر من قول الموصيّ حجّوا عني هو حجّة الإسلام الواجبة لعدم تعارف الحجّ المستحبي في هذه الأزمنة والأمكنة، فيحمل علي أنه واجب من جهة هذا الظهور والانصراف، كما أنه إذا قال: أدوا كذا مقداراً خمساً أو زكاة ينصرف إلي الواجب عليه.

فتحصّل: أن في صورة الشكّ في كون الموصي به واجباً حتي يخرج من أصل التركة، أو لا حتي يكون من الثلث، مقتضي الأصل: الخروج من الثلث، لأن الخروج من الأصل موقوف علي كونه واجباً وهو غير معلوم، بل الأصل عدمه إلا إذا كان هناك انصراف كما في مثل الوصيّة بالخمس أو الزكاة أو الحجّ ونحوها.

نعم لو كانت الحالة السابقة فيه هو الوجوب: كما إذا علم وجوب الحجّ عليه سابقاً ولم يعلم أنه أتي به أو لا، فالظاهر() جريان الاستصحاب والإخراج من الأصل، ودعوي: أن ذلك موقوف علي ثبوت الوجوب عليه وهو فرع شكّه لا شكّ الوصي أو الوارث ولا يعلم أنه كان شاكّاً حين موته أو عالماً بأحد الأمرين، مدفوعة: بمنع اعتبار شكّه، بل يكفي شكّ الوصيّ أو الوارث أيضاً.

ولا فرق في ذلك بين ما إذا أوصي أو لم يوص، فإن مقتضي أصالة بقاء

اشتغال ذمّته بذلك الواجب: عدم انتقال ما يقابله من التركة إلي الوارث، ولكنه يشكل علي ذلك الأمر في كثير من الموارد، لحصول العلم غالباً بأن الميّت كان مشغول الذمّة بدَين أو خمس أو زكاة أو حجّ أو نحو ذلك، إلا أن يدفع بالحمل علي الصحّة، فإن ظاهر حال المسلم الإتيان بما وجب عليه، لكنّه مشكل في الواجبات الموسّعة، بل في غيرها أيضاً في غير الموقّتة، فالأحوط() في هذه الصورة الإخراج من الأصل .

[كفاية الحِجّة الميقاتية]

[كفاية الحِجّة الميقاتية]

(2 مسألة): يكفي الميقاتية، سواء كان الحجّ الموصي به واجباً أو مندوباً، ويخرج الأول من الأصل، والثاني من الثلث.

إلا إذا أوصي بالبلديّة وحينئذٍ: فالزائد عن أجرة الميقاتيّة في الأول من الثلث، كما أن تمام الأجرة في الثاني منه .

[إذا أوصي بالحجّ ولم يعيّن أجرة]

(3 مسألة): إذا لم يعيّن الأجرة، فاللازم الاقتصار علي أجرة المثل للانصراف إليها، ولكن إذا كان هناك من يرضي بالأقلّ منها وجب استيجاره، إذ الانصراف إلي أجرة المثل إنما هو نفي الأزيد فقط.

وهل يجب الفحص عنه لو احتمل وجوده؟ الأحوط() ذلك توفيراً علي الورثة خصوصاً مع الظنّ بوجوده، وإن كان في وجوبه إشكال خصوصاً مع الظنّ بالعدم.

ولو وجد من يريد أن يتبرّع، فالظاهر: جواز الاكتفاء به، بمعني: عدم وجوب المبادرة إلي الاستيجار، بل هو المتعيّن توفيراً علي الورثة، فإن أتي به صحيحاً كفي وإلا وجب الاستيجار.

ولو لم يوجد من يرضي بأجرة المثل، فالظاهر: وجوب دفع الأزيد إذا كان الحجّ واجباً، بل وإن كان مندوباً أيضاً مع وفاء الثلث، ولا يجب الصبر إلي العام القابل ولو مع العلم بوجود من يرضي بأجرة المثل أو أقلّ، بل لا يجوز لوجوب المبادرة إلي تفريغ ذمّة الميّت في الواجب، والعمل بمقتضي الوصيّة في المندوب.

وإن عيّن الموصي مقداراً للأجرة تعيّن وخرج من الأصل في الواجب إن لم يزد علي أجرة المثل، وإلا فالزيادة من الثلث، كما أن في المندوب كلّه من الثلث .

(4 مسألة): هل اللازم في تعيين أجرة المثل الاقتصار علي أقلّ الناس أجرة، أو يلاحظ أجرة من يناسب شأن الميّت في شرفه وضعته؟ لا يبعد الثاني()، والأحوط الأظهر الأول، ومثل هذا الكلام يجري أيضاً في الكفن الخارج من الأصل أيضاً.

[لو أوصي بالحجّ ولم يعيّن المرّة والتكرار]

(5 مسألة): لو أوصي بالحجّ وعيّن المرّة أو التكرار بعدد معيّن تعيّن، وإن لم يعيّن كفي حجّ واحد إلا أن يعلم أنه أراد التكرار، وعليه يحمل ما ورد في الأخبار: من أنه يحجّ عنه ما دام له مال كما في خبرين، أو ما بقي من ثلثه شي ء كما في

ثالث، بعد حمل الأولين علي الأخير: من إرادة الثلث من لفظ المال، فما عن الشيخ وجماعة: من وجوب التكرار ما دام الثلث باقياً ضعيف، مع أنه يمكن أن يكون المراد من الأخبار: أنه يجب الحجّ ما دام يمكن الإتيان به ببقاء شي ء من الثلث بعد العمل بوصايا أخر.

وعلي فرض ظهورها في إرادة التكرار ولو مع عدم العلم بإرادته لا بدّ من طرحها لإعراض المشهور عنها، فلا ينبغي الإشكال في كفاية حجّ واحد مع عدم العلم بإرادة التكرار، نعم لو أوصي بإخراج الثلث ولم يذكر إلا الحجّ يمكن أن يقال() بوجوب صرف تمامه في الحجّ: كما لو لم يذكر إلا المظالم أو إلا الزكاة أو إلا الخمس، ولو أوصي أن يحجّ عنه مكرّراً كفي مرّتان لصدق التكرار معه .

[لو زادت الأجرة المعيّنة للحجّ أو نقصت]

(6 مسألة): لو أوصي بصرف مقدار معيّن في الحجّ سنين معيّنة وعيّن لكل سنة مقداراً معيّناً واتفق عدم كفاية ذلك المقدار لكل سنة، صرف نصيب سنتين في سنة، أو ثلاث سنين في سنتين مثلاً وهكذا، لا لقاعدة الميسور لعدم جريانها في غير مجعولات الشارع()، بل لأن الظاهر من حال الموصي إرادة صرف ذلك المقدار في الحجّ، وكون تعيين مقدار كلّ سنة بتخيّل كفايته.

ويدلّ عليه أيضاً خبر عليّ بن محمّد الحضيني()، وخبر إبراهيم بن مهزيار، ففي الأول تجعل حجّتين في حجّة، وفي الثاني تجعل ثلاث حجج في حجّتين، وكلاهما من باب المثال كما لا يخفي.

هذا ولو فضل من السنين فضلة لا تفي بحجّة() فهل ترجع ميراثاً، أو في وجوه البرّ()، أو تزاد علي أجرة بعض السنين؟ وجوه.

ولو كان الموصي به الحجّ من البلد ودار الأمر بين جعل أجرة سنتين مثلاً لسنة، وبين الاستيجار بذلك المقدار من الميقات لكل سنة،

ففي تعيين الأول أو الثاني وجهان: ولا يبعد التخيير، بل أولويّة الثاني، إلا أن مقتضي إطلاق الخبرين: الأول().

هذا كلّه إذا لم يعلم من الموصي إرادة الحجّ بذلك المقدار علي وجه التقييد، وإلا فتبطل الوصيّة إذا لم يرج إمكان ذلك بالتأخير، أو كانت الوصيّة مقيّدة بسنين معيّنة.

(7 مسألة): إذا أوصي بالحجّ وعيّن الأجرة في مقدار: فإن كان الحجّ واجباً ولم يزد ذلك المقدار عن أجرة المثل، أو زاد وخرجت الزيادة من الثلث تعيّن، وإن زاد ولم تخرج الزيادة من الثلث بطلت الوصيّة ويرجع() إلي أجرة المثل. وإن كان الحجّ مندوباً فكذلك تعيّن أيضاً مع وفاء الثلث بذلك المقدار وإلا فبقدر وفاء الثلث مع عدم كون التعيين علي وجه التقييد، وإن لم يف الثلث بالحجّ() أو كان التعيين علي وجه التقييد بطلت الوصيّة وسقط وجوب الحجّ .

[إذا أوصي بالحجّ وعيّن الأجير]

(8 مسألة): إذا أوصي بالحجّ وعيّن أجيراً معيّناً تعيّن استيجاره بأجرة المثل، وإن لم يقبل إلا بالأزيد فإن خرجت الزيادة من الثلث تعيّن أيضاً، وإلا بطلت الوصيّة() واستوجر غيره بأجرة المثل في الواجب مطلقاً، وكذا في المندوب إذا وفي به الثلث ولم يكن علي وجه التقييد، وكذا إذا لم يقبل أصلاً.

(9 مسألة): إذا عيّن للحج أجرة لا يرغب فيها أحد() وكان الحجّ مستحباً بطلت الوصيّة إذا لم يرج وجود راغب فيها، وحينئذٍ: فهل ترجع ميراثاً، أو تصرف في وجوه البرّ، أو يفصّل بين ما إذا كان كذلك من الأول فترجع ميراثا، أو كان الراغب موجوداً ثمّ طرأ التعذّر؟ وجوه:

والأقوي هو الصرف في وجوه البرّ، لا لقاعدة الميسور بدعوي: أن الفصل إذا تعذّر يبقي الجنس لأنها قاعدة شرعيّة وإنما تجري في الأحكام الشرعيّة المجعولة للشارع ولا مسرح لها في مجعولات الناس كما

أشرنا إليه سابقاً() مع أن الجنس لا يعدّ ميسوراً للنوع فمحلّها المركّبات الخارجيّة إذا تعذّر بعض أجزائها ولو كانت ارتباطية بل لأن الظاهر من حال الموصي() في أمثال المقام: إرادة عمل ينفعه، وإنما عيّن عملاً خاصّاً لكونه أنفع في نظره من غيره، فيكون تعيينه لمثل الحجّ علي وجه تعدّد المطلوب وإن لم يكن متذكّراً لذلك حين الوصيّة.

نعم، لو علم في مقام كونه علي وجه التقييد في عالم اللّب أيضاً يكون الحكم فيه الرجوع إلي الورثة، ولا فرق في الصورتين بين كون التعذّر طارئاً، أو من الأول. ويؤيّد ما ذكرنا: ما ورد من الأخبار في نظائر المقام، بل يدلّ عليه خبر عليّ بن سويد() عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «قلت: مات رجل فأوصي بتركته أن أحجّ بها عنه، فنظرت في ذلك فلم تكف للحجّ، فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا: تصدّق بها. فقال عليه السلام: ما صنعت؟ قلت: تصدّقت بها. فقال عليه السلام: ضمنت إلا أن لا تكون تبلغ أن يحجّ بها من مكّة، فإن كانت تبلغ أن يحجّ بها من مكّة فأنت ضامن» ويظهر ممّا ذكرنا حال سائر الموارد التي تبطل الوصيّة لجهة من الجهات.

هذا في غير ما إذا أوصي بالثلث وعيّن له مصارف وتعذّر بعضها، وأما فيه فالأمر أوضح، لأنه بتعيينه الثلث لنفسه أخرجه عن ملك الوارث بذلك فلا يعود إليه .

[إذا صالحه داره علي الحجّ]

(10 مسألة): إذا صالحه داره مثلاً وشرط عليه أن يحجّ عنه بعد موته، صحّ ولزم وخرج من أصل التركة وإن كان الحجّ ندبيّاً ولا يلحقه حكم الوصيّة، ويظهر من المحقّق القمّي قدّس سرّه في نظير المقام: إجراء حكم الوصيّة عليه، بدعوي: أنه بهذا الشرط ملك عليه الحجّ وهو عمل له أجرة فيحسب

مقدار أجرة المثل لهذا العمل، فإن كانت زائدة عن الثلث توقّف علي إمضاء الورثة.

وفيه: إنه لم يملك عليه الحجّ مطلقاً في ذمّته ثمّ أوصي أن يجعله عنه، بل إنما ملك بالشرط الحجّ عنه، وهذا ليس مالاً تملكه الورثة فليس تمليكاً ووصيّة، وإنما هو تمليك علي نحو خاص لا ينتقل إلي الورثة.

وكذا الحال إذا ملّكه داره بمائة تومان مثلاً بشرط أن يصرفها() في الحجّ عنه أو عن غيره، أو ملّكه إياها بشرط أن يبيعها() ويصرف ثمنها في الحجّ أو نحوه، فجميع ذلك صحيح لازم من الأصل وإن كان العمل المشروط عليه ندبيّاً، نعم له الخيار عند تخلّف الشرط وهذا ينتقل إلي الوارث، بمعني: أن حقّ الشرط ينتقل إلي الوارث، فلو لم يعمل المشروط عليه بما شرط عليه يجوز للوارث أن يفسخ المعاملة().

(11 مسألة): لو أوصي بأن يحجّ عنه ماشياً أو حافياً، صحّ واعتبر خروجه من الثلث إن كان ندبيّاً وخروج الزائد عن أجرة الميقاتيّة عنه إن كان واجباً، ولو نذر في حال حياته أن يحجّ ماشياً أو حافياً ولم يأت به حتي مات وأوصي به أو لم يوص وجب الاستيجار عنه من أصل التركة كذلك، نعم لو كان نذره مقيّداً بالمشي ببدنه أمكن أن يقال بعدم وجوب الاستيجار عنه، لأن المنذور هو مشيه ببدنه فيسقط بموته لأن مشي الأجير ليس ببدنه، ففرق بين كون المباشرة قيداً في المأمور به أو مورداً.

(12 مسألة): إذا أوصي بحجّتين أو أزيد وقال: إنها واجبة عليه، صدِّق وتخرج من أصل التركة، نعم لو كان إقراره بالوجوب عليه في مرض الموت وكان متّهماً في إقراره، فالظاهر: أنه كالإقرار بالدَّين فيه في خروجه من الثلث إذا كان متّهماً علي ما هو الأقوي .

[في الوصي وتنفيذ وصيّة الحجّ]

(13

مسألة): لو مات الوصيّ بعد ما قبض من التركة أجرة الاستيجار وشكّ في أنه استأجر الحجّ قبل موته أو لا: فإن مضت مدّة يمكن الاستيجار فيها، فالظاهر: حمل أمره علي الصحّة مع كون الوجوب فوريّاً منه ومع كونه موسّعاً إشكال(). وإن لم تمض مدّة يمكن الاستيجار فيها وجب الاستيجار من بقيّة التركة إذا كان الحجّ واجباً ومن بقيّة الثلث إذا كان مندوباً، وفي ضمانه لما قبض وعدمه لاحتمال تلفه عنده بلا ضمان وجهان()، نعم لو كان المال المقبوض موجوداً، أخذ حتي في الصورة الأولي وإن احتمل أن يكون استأجر من مال نفسه إذا كان ممّا يحتاج إلي بيعه وصرفه في الأجرة وتملّك ذلك المال بدلاً عما جعله أجرة، لأصالة بقاء ذلك المال علي ملك الميّت .

(14 مسألة): إذا قبض الوصيّ الأجرة وتلف في يده بلا تقصير، لم يكن ضامناً ووجب الاستيجار من بقيّة التركة أو بقيّة الثلث، وإن اقتسمت علي الورثة استرجع منهم. وإن شكّ في كون التلف عن تقصير أو لا، فالظاهر: عدم الضمان أيضاً، وكذا الحال إن استأجر ومات الأجير ولم يكن له تركة أو لم يمكن الأخذ من ورثته .

(15 مسألة): إذا أوصي بما عنده من المال للحجّ ندباً ولم يعلم أنه يخرج من الثلث أو لا، لم يجز صرف جميعه ، نعم لو ادّعي: أن عند الورثة ضعف هذا، أو أنه أوصي سابقاً بذلك والورثة أجازوا وصيّته ففي سماع دعواه وعدمه وجهان() .

(16 مسألة): من المعلوم: أن الطواف مستحب مستقلّا ً، من غير أن يكون في ضمن الحجّ ، ويجوز النيابة فيه عن الميّت وكذا عن الحي إذا كان غائباً عن مكّة أو حاضراً وكان معذوراً في الطواف بنفسه، وأما مع كونه حاضراً وغير معذور فلا

تصحّ النيابة عنه، وأما سائر أفعال الحجّ فاستحبابها مستقلّا ً غير معلوم حتي مثل السعي بين الصفا والمروة.

[هل علي الودعي الحجّ عن المودع؟]

(17 مسألة): لو كان عند شخص وديعة ومات صاحبها وكان عليه حجّة الإسلام وعلم أو ظنّ أن الورثة لا يؤدّون عنه إن ردّها إليهم، جاز بل وجب عليه أن يحجّ بها عنه، وإن زادت عن أجرة الحجّ ردّ الزيادة إليهم، لصحيحة بريد: «عن رجل استودعني مالاً فهلك وليس لوارثه شي ء ولم يحجّ حجّة الإسلام؟ قال عليه السلام: حجّ عنه وما فضل فأعطهم».

وهي وإن كانت مطلقة إلا أن الأصحاب قيّدوها بما إذا علم أو ظنّ بعدم تأديتهم لو دفعها إليهم، ومقتضي إطلاقها: عدم الحاجة إلي الاستئذان من الحاكم الشرعي، ودعوي: أن ذلك للإذن من الإمام عليه السلام كما تري، لأن الظاهر من كلام الإمام عليه السلام: بيان الحكم الشرعي، ففي مورد الصحيحة لا حاجة إلي الإذن من الحاكم، والظاهر: عدم الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة شي ء، وكذا عدم الاختصاص بحجّ الودعيّ بنفسه لانفهام الأعم من ذلك منها.

وهل يلحق بحجّة الإسلام غيرها من أقسام الحجّ الواجب، أو غير الحجّ من سائر ما يجب عليه مثل: الخمس والزكاة والمظالم والكفارات والدين أو لا؟ وكذا هل يلحق بالوديعة غيرها مثل: العارية والعين المستأجرة والمغصوبة والدَّين في ذمّته أو لا؟ وجهان:

قد يقال بالثاني، لأن الحكم علي خلاف القاعدة إذا قلنا: إن التركة مع الدَّين تنتقل إلي الوارث وإن كانوا مكلّفين بأداء الدَّين ومحجورين عن التصرف قبله، بل وكذا علي القول ببقائها معه علي حكم مال الميّت، لأن أمر الوفاء إليهم فلعلّهم أرادوا الوفاء من غير هذا المال أو أرادوا أن يباشروا العمل الذي علي الميّت بأنفسهم.

والأقوي مع العلم بأن الورثة لا

يؤدّون، بل مع الظنّ القوي أيضاً: جواز الصرف فيما عليه، لا لما ذكره في المستند: من أن وفاء ما علي الميّت من الدَّين أو نحوه واجب كفائي علي كلّ من قدر علي ذلك، وأولويّة الورثة بالتركة إنما هي ما دامت موجودة وأما إذا بادر أحد إلي صرف المال فيما عليه لا يبقي مال حتي تكون الورثة أولي به إذ هذه الدعوي فاسدة جداً، بل لإمكان فهم المثال من الصحيحة، أو دعوي تنقيح المناط، أو أن المال إذا كان بحكم مال الميّت فيجب صرفه عليه ولا يجوز دفعه إلي من لا يصرفه عليه، بل وكذا علي القول بالانتقال إلي الورثة حيث إنه يجب صرفه في دَينه، فمن باب الحسبة يجب علي من عنده صرفه عليه ويضمن لو دفعه إلي الوارث لتفويته علي الميّت.

نعم يجب() الاستيذان من الحاكم لأنه وليّ من لا وليّ له، ويكفي الإذن الإجمالي، فلا يحتاج إلي إثبات وجوب ذلك الواجب عليه كما قد يتخيّل، نعم لو لم يعلم ولم يظنّ عدم تأدية الوارث لا يجب الدفع إليه، بل لو كان الوارث منكراً أو ممتنعاً وأمكن إثبات ذلك عند الحاكم أو أمكن إجباره عليه، لم يجز() لمن عنده أن يصرفه بنفسه .

[النائب للحجّ وجواز الطواف والعمرة عن نفسه]

(18 مسألة): يجوز للنائب بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب عنه أن يطوف عن نفسه وعن غيره ، وكذا يجوز له أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه وعن غيره .

(19 مسألة): يجوز لمن أعطاه رجل مالاً لاستئجار الحجّ أن يحجّ بنفسه ما لم يعلم أنه أراد الاستيجار من الغير، والأحوط عدم مباشرته إلا مع العلم بأن مراد المعطي حصول الحجّ في الخارج، وإذا عيّن شخصاً تعيّن، إلا إذا علم عدم أهليّته وأن المعطي مشتبه في تعيينه

أو أن ذكره من باب أحد الأفراد.

(6- فصل: في الحجّ المندوب )

(1 مسألة): يستحب لفاقد الشرائط: من البلوغ والاستطاعة وغيرهما أن يحجّ مهما أمكن ، بل وكذا من أتي بوظيفته من الحجّ الواجب، ويستحب تكرار الحجّ، بل يستحب تكراره في كلّ سنة، بل يكره تركه خمس سنين متوالية، وفي بعض الأخبار: «من حجّ ثلاث حجّات لم يصبه فقر أبداً».

(2 مسألة): يستحب نيّة العود إلي الحجّ عند الخروج من مكّة، وفي الخبر: «أنها توجب الزيادة في العمر».

ويكره نيّة عدم العود وفيه: «أنها توجب النقص في العمر».

(3 مسألة): يستحب التبرّع بالحجّ عن الأقارب وغيرهم أحياءً وأمواتاً، وكذا عن المعصومين عليهم السلام أحياءً وأمواتاً.

وكذا يستحب الطواف عن الغير وعن المعصومين عليهم السلام أمواتاً وأحياءً مع عدم حضورهم في مكّة أو كونهم معذورين .

(4 مسألة): يستحب لمن ليس له زاد وراحلة أن يستقرض ويحجّ إذا كان واثقاً() بالوفاء بعد ذلك .

(5 مسألة): يستحب إحجاج من() لا استطاعة له .

(6 مسألة): يجوز إعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحجّ ليحجّ() بها.

(7 مسألة): الحجّ أفضل من الصدقة بنفقته .

(8 مسألة): يستحب كثرة الإنفاق في الحجّ، وفي بعض الأخبار: «إن الله يبغض الإسراف إلا بالحجّ والعمرة» ().

(9 مسألة): يجوز الحجّ بالمال المشتبه: كجوائز الظلمة، مع عدم العلم بحرمتها.

(10 مسألة): لا يجوز الحجّ بالمال الحرام ، لكن لا يبطل الحجّ إذا كان لباس() إحرامه وطوافه وثمن هديه من حلال .

(11 مسألة): يشترط في الحجّ الندبيّ إذن الزوج والمولي ، بل الأبوين في بعض الصور، ويشترط أيضاً أن لا يكون عليه حجّ واجب مضيّق، لكن لو عصي وحجّ صحّ .

(12 مسألة): يجوز إهداء ثواب الحجّ إلي الغير بعد الفراغ عنه، كما يجوز أن يكون ذلك من نيّته قبل الشروع فيه .

(13 مسألة): يستحب لمن لا مال له يحجّ به

أن يأتي به ولو بإجارة نفسه عن غيره ، وفي بعض الأخبار: «إن للأجير من الثواب تسعاً وللمنوب عنه واحد».

(7- فصل: في أقسام العمرة)

(1 مسألة): تنقسم العمرة كالحجّ إلي: واجب أصليّ وعرضيّ ومندوب، فتجب بأصل الشرع علي كلّ مكلف بالشرائط المعتبرة في الحجّ في العمر مرّة بالكتاب والسنّة والإجماع.

ففي صحيحة زرارة: «العمرة واجبة علي الخلق بمنزلة الحجّ، فإن الله تعالي يقول: ?وأَتِمُّوا الحجّ والْعُمْرَةَ لِلَّهِ ?».

وفي صحيحة الفضيل: «في قول الله تعالي: ?وأَتِمُّوا الحجّ والْعُمْرَةَ? قال عليه السلام: هما مفروضان».

ووجوبها بعد تحقّق الشرائط فوريّ كالحجّ، ولا يشترط في وجوبها() استطاعة الحجّ، بل تكفي استطاعتها في وجوبها وإن لم تتحقق استطاعة الحجّ، كما أن العكس كذلك: فلو استطاع للحجّ دونها وجب دونها، والقول باعتبار الاستطاعتين في وجوب كلّ منهما وأنهما مرتبطان ضعيف، كالقول باستقلال الحجّ في الوجوب دون العمرة.

(2 مسألة): تجزئ العمرة المتمتّع بها عن العمرة المفردة بالإجماع والأخبار، وهل تجب() علي من وظيفته حجّ التمتّع إذا استطاع لها ولم يكن مستطيعاً للحجّ؟ المشهور: عدمه، بل أرسله بعضهم إرسال المسلّمات وهو الأقوي.

وعلي هذا: فلا تجب علي الأجير بعد فراغه عن عمل النيابة وإن كان مستطيعاً لها وهو في مكّة، وكذا لا تجب علي من تمكّن منها ولم يتمكّن من الحجّ لمانع، ولكن الأحوط() الإتيان بها.

(3 مسألة): قد تجب العمرة بالنذر والحلف والعهد والشرط في ضمن العقد والإجارة والإفساد.

وتجب أيضاً لدخول مكّة، بمعني: حرمته بدونها، فإنه لا يجوز دخولها إلا محرماً، إلا بالنسبة إلي من يتكرّر دخوله وخروجه: كالحطّاب والحشّاش()، وما عدا ما ذكر مندوب، ويستحب تكرارها كالحجّ، واختلفوا في مقدار الفصل بين العمرتين، فقيل: يعتبر شهر وقيل: عشرة أيام، والأقوي: عدم اعتبار الفصل، فيجوز إتيانها كلّ يوم، وتفصيل المطلب موكول إلي

محلّه .

(8- فصل: في أقسام الحجّ)

وهي ثلاثة بالإجماع والأخبار: تمتّع، وقران، وإفراد.

والأول: فرض من كان بعيداً عن مكّة.

والآخران: فرض من كان حاضراً، أي: غير بعيد.

وحدّ البعد الموجب للأول: ثمانية وأربعون ميلاً من كلّ جانب علي المشهور الأقوي ، لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «قلت له: قول الله عزّ وجلّ في كتابه ?ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ? فقال عليه السلام: يعني أهل مكّة ليس عليهم متعة، كلّ من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلاً ذات عرق وعسفان كما يدور حول مكّة فهو ممن دخل في هذه الآية، وكل من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة» وخبره عنه عليه السلام: «سألته عن قول الله عزّ وجلّ: ?ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ? قال: لأهل مكّة ليس لهم متعة ولا عليهم عمرة، قلت: فما حدّ ذلك؟ قال: ثمانية وأربعون ميلاً من جميع نواحي مكّة دون عسفان وذات عرق » ويستفاد أيضاً من جملة من أخبار أخري.

والقول بأن حدّه اثنا عشر ميلاً من كلّ جانب كما عليه جماعة ضعيف لا دليل عليه إلا الأصل، فإن مقتضي جملة من الأخبار: وجوب التمتّع علي كلّ أحد والقدر المتيقّن الخارج منها من كان دون الحدّ المذكور، وهو مقطوع بما مرّ.

أو دعوي: أن الحاضر مقابل للمسافر والسفر أربعة فراسخ، وهو كما تري.

أو دعوي: أن الحاضر المعلّق عليه وجوب غير التمتّع أمر عرفيّ، والعرف لا يساعد علي أزيد من اثني عشر ميلاً، وهذا أيضاً كما تري.

كما أن دعوي: أن المراد من ثمانية وأربعين: التوزيع علي الجهات الأربع فيكون من كلّ جهة اثنا عشر ميلاً منافية لظاهر تلك الأخبار.

وأما صحيحة حريز الدالّة علي أن حدّ البعد ثمانية عشر ميلاً فلا عامل بها، كما لا

عامل بصحيحتي حمّاد بن عثمان والحلبي الدالَّتين علي أن الحاضر من كان دون المواقيت إلي مكّة.

وهل يعتبر الحدّ المذكور من مكّة أو من المسجد؟ وجهان: أقربهما الأول.

ومن كان علي نفس الحدّ، فالظاهر: أن وظيفته التمتّع لتعليق حكم الإفراد والقران علي ما دون الحدّ.

ولو شكّ في كون منزله في الحدّ أو خارجه وجب عليه الفحص ، ومع عدم تمكّنه يراعي الاحتياط، وإن كان لا يبعد القول بأنه يجري عليه حكم الخارج، فيجب عليه التمتّع لأن غيره معلّق علي عنوان الحاضر وهو مشكوك، فيكون كما() لو شكّ في أن المسافة ثمانية فراسخ أو لا، فإنه يصلِّي تماماً لأن القصر معلّق علي السفر وهو مشكوك.

ثمّ ما ذكر إنما هو بالنسبة إلي حجّة الإسلام حيث لا يجزي للبعيد إلا التمتّع، ولا للحاضر إلا الإفراد أو القران، وأما بالنسبة إلي الحجّ الندبيّ فيجوز لكلٍّ من البعيد والحاضر كلّ من الأقسام الثلاثة بلا إشكال وإن كان الأفضل اختيار التمتّع، وكذا بالنسبة إلي الواجب غير حجّة الإسلام كالحجّ النذري وغيره() .

[مسائل في أقسام الحجّ]

(1 مسألة): من كان له وطنان: أحدهما في الحدّ والآخر في خارجه، لزمه فرض أغلبهما، لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «من أقام بمكّة سنتين فهو من أهل مكّة ولا متعة له، فقلت لأبي جعفر عليه السلام: أرأيت إن كان له أهل بالعراق وأهل بمكّة؟ فقال عليه السلام: فلينظر أيّهما الغالب، فإن تساويا فإن كان مستطيعاً من كلّ منهما تخيّر بين الوظيفتين وإن كان الأفضل اختيار التمتّع، وإن كان مستطيعاً من أحدهما دون الآخر لزمه فرض وطن الاستطاعة».

(2 مسألة): من كان من أهل مكّة وخرج إلي بعض الأمصار ثمّ رجع إليها، فالمشهور: جواز حجّ التمتّع له وكونه مخيّراً بين الوظيفتين،

واستدلّوا بصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد الله عليه السلام: «عن رجل من أهل مكّة يخرج إلي بعض الأمصار ثمّ يرجع إلي مكّة فيمرّ ببعض المواقيت أَله أن يتمتّع؟ قال عليه السلام: ما أزعم أن ذلك ليس له لو فعل وكان الإهلال أحبّ إليّ» ونحوها صحيحة أخري عنه وعن عبد الرحمن بن أعين عن أبي الحسن عليه السلام.

وعن ابن أبي عقيل: عدم جواز ذلك، وأنه يتعيّن عليه فرض المكّي إذا كان الحجّ واجباً عليه، وتبعه جماعة، لما دلّ من الأخبار علي أنه لا متعة لأهل مكّة، وحملوا الخبرين علي الحجّ الندبيّ بقرينة ذيل الخبر الثاني.

ولا يبعد قوّة هذا القول() مع أنه أحوط، لأن الأمر دائر بين التخيير والتعيين ومقتضي الاشتغال هو الثاني، خصوصاً إذا كان مستطيعاً حال كونه في مكّة فخرج قبل الإتيان بالحجّ، بل يمكن أن يقال(): إن محلّ كلامهم صورة حصول الاستطاعة بعد الخروج عنها، وأما إذا كان مستطيعاً فيها قبل خروجه منها فيتعيّن عليه فرض أهلها.

(3 مسألة): الآفاقي إذا صار مقيماً في مكّة: فإن كان ذلك بعد استطاعته ووجوب التمتّع عليه فلا إشكال في بقاء حكمه، سواء كانت إقامته بقصد التوطّن أو المجاورة ولو بأزيد من سنتين، وأما إذا لم يكن مستطيعاً ثمّ استطاع بعد إقامته في مكّة فلا إشكال في انقلاب فرضه إلي فرض المكّي في الجملة، كما لا إشكال في عدم الانقلاب بمجرّد الإقامة، وإنما الكلام في الحدّ الذي به يتحقّق الانقلاب.

فالأقوي ما هو المشهور: من أنه بعد الدخول في السنة الثالثة، لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «من أقام بمكّة سنتين فهو من أهل مكّة ولا متعة له …» وصحيحة عمر بن يزيد عن الإمام الصادق

عليه السلام: «المجاور بمكّة يتمتّع بالعمرة إلي الحجّ إلي سنتين، فإذا جاور سنتين كان قاطناً وليس له أن يتمتّع».

وقيل بأنه بعد الدخول في الثانية، لجملة من الأخبار وهو ضعيف لضعفها بإعراض المشهور عنها، مع أن القول الأول موافق للأصل.

وأما القول بأنه بعد تمام ثلاث سنين، فلا دليل عليه إلا الأصل المقطوع بما ذكر، مع أن القول به غير محقّق لاحتمال إرجاعه إلي القول المشهور بإرادة الدخول في السنة الثالثة.

وأما الأخبار الدالّة علي أنه بعد ستّة أشهر أو بعد خمسة أشهر، فلا عامل بها، مع احتمال صدورها تقيّة، وإمكان حملها علي محامل أخري.

والظاهر من الصحيحين: اختصاص الحكم بما إذا كانت الإقامة بقصد المجاورة، فلو كانت بقصد التوطّن فينقلب بعد قصده من الأول، فما يظهر من بعضهم: من كونها أعمّ لا وجه له. ومن الغريب ما عن آخر: من الاختصاص بما إذا كانت بقصد التوطن.

ثمّ الظاهر: أن في صورة الانقلاب يلحقه حكم المكّي بالنسبة إلي الاستطاعة أيضاً، فيكفي في وجوب الحجّ الاستطاعة من مكّة ولا يشترط فيه حصول الاستطاعة من بلده، فلا وجه لما يظهر من صاحب الجواهر: من اعتبار استطاعة النائي في وجوبه، لعموم أدلّتها وأن الانقلاب إنما أوجب تغيير نوع الحجّ، وأما الشرط فعلي ما عليه فيعتبر بالنسبة إلي التمتّع.

هذا ولو حصلت الاستطاعة بعد الإقامة في مكّة لكن قبل مضيّ السنتين، فالظاهر: أنه كما لو حصلت في بلده فيجب عليه التمتّع، ولو بقيت إلي السنة الثالثة أو أزيد، فالمدار: علي حصولها بعد الانقلاب.

وأما المكّي إذا خرج إلي سائر الأمصار مقيماً بها، فلا يلحقه حكمها في تعيّن التمتّع عليه لعدم الدليل وبطلان القياس، إلا إذا كانت الإقامة فيها بقصد التوطّن وحصلت الاستطاعة بعده، فإنه يتعيّن عليه

التمتّع بمقتضي القاعدة ولو في السنة الأولي.

وأما إذا كانت بقصد المجاورة أو كانت الاستطاعة حاصلة في مكّة فلا، نعم الظاهر: دخوله حينئذٍ في المسألة السابقة، فعلي القول بالتخيير فيها كما عن المشهور يتخير، وعلي قول ابن أبي عقيل يتعيّن عليه وظيفة المكّي .

(4 مسألة): المقيم في مكّة إذا وجب عليه التمتّع: كما إذا كانت استطاعته في بلده، أو استطاع في مكّة قبل انقلاب فرضه، فالواجب عليه: الخروج إلي الميقات لإحرام عمرة التمتّع.

واختلفوا في تعيين ميقاته علي أقوال:

أحدها: أنه مهلّ أرضه، ذهب إليه جماعة، بل ربما يسند إلي المشهور، كما في الحدائق، لخبر سماعة عن أبي الحسن عليه السلام: «سألته عن المجاور أَله أن يتمتّع بالعمرة إلي الحجّ؟ قال عليه السلام: نعم يخرج إلي مهلّ أرضه فليلبّ إن شاء» المعتضد بجملة من الأخبار الواردة في الجاهل والناسي الدالّة علي ذلك، بدعوي: عدم خصوصيّة للجهل والنسيان، وأن ذلك لكونه مقتضي حكم التمتّع، وبالأخبار الواردة في توقيت المواقيت وتخصيص كلّ قطر بواحد منها أو من مرّ عليها، بعد دعوي: أن الرجوع إلي الميقات غير المرور عليه.

ثانيها: أنه أحد المواقيت المخصوصة مخيّراً بينها، وإليه ذهب جماعة أخري لجملة أخري من الأخبار، مؤيّدة بأخبار المواقيت، بدعوي: عدم استفادة خصوصيّة كلّ بقطر معيّن.

ثالثها: أنه أدني الحلّ، نقل عن الحلبي وتبعه بعض متأخّري المتأخّرين، لجملة ثالثة من الأخبار.

والأحوط: الأول وإن كان الأقوي: الثاني()، لعدم فهم الخصوصيّة من خبر سماعة، وأخبار الجاهل والناسي، وأن ذكر المهلّ من باب أحد الأفراد، ومنع خصوصيّة للمرور في الأخبار العامّة الدالّة علي المواقيت. وأما أخبار القول الثالث فمع ندرة العامل بها مقيّدة بأخبار المواقيت أو محمولة علي صورة التعذّر.

ثمّ الظاهر: أن ما ذكرنا حكم كلّ من كان في

مكّة وأراد الإتيان بالتمتّع ولو مستحباً.

هذا كلّه مع إمكان الرجوع إلي المواقيت، وأما إذا تعذّر فيكفي الرجوع إلي أدني الحل، بل الأحوط الرجوع إلي ما يتمكّن من خارج الحرم ممّا هو دون الميقات. وإن لم يتمكّن من الخروج إلي أدني الحل أحرم من موضعه، والأحوط الخروج إلي ما يتمكّن .

(9- فصل: في كيفيّة حجّ التمتّع)

(9- فصل: في كيفيّة حجّ التمتّع)

صورة حجّ التمتّع علي الإجمال: أن يحرم في أشهر الحجّ من الميقات بالعمرة المتمتّع بها إلي الحجّ، ثمّ يدخل مكّة فيطوف فيها بالبيت سبعاً، ويصلِّي ركعتين في المقام، ثمّ يسعي لها بين الصفا والمروة سبعاً، ثمّ يطوف للنساء احتياطاً() وإن كان الأصحّ عدم وجوبه، ويقصّر.

ثمّ ينشئ إحراماً للحجّ من مكّة في وقت يعلم أنه يدرك الوقوف بعرفة، والأفضل إيقاعه يوم التروية، ثمّ يمضي إلي عرفات فيقف بها من الزوال إلي الغروب، ثمّ يفيض ويمضي منها إلي المشعر فيبيت فيه ويقف به بعد طلوع الفجر إلي طلوع الشمس، ثمّ يمضي إلي مني فيرمي جمرة العقبة، ثمّ ينحر أو يذبح هديه ويأكل منه، ثمّ يحلق أو يقصّر، فيحلّ من كلّ شي ء إلا النساء والطيب، والأحوط اجتناب الصيد أيضاً وإن كان الأقوي عدم حرمته عليه من حيث الإحرام.

ثمّ هو مخيّر: بين أن يأتي إلي مكّة ليومه فيطوف طواف الحجّ ويصلّي ركعتيه ويسعي سعيه، فيحلّ له الطيب، ثمّ يطوف طواف النساء ويصلِّي ركعتيه، فتحلّ له النساء، ثمّ يعود إلي مني لرمي الجمار، فيبيت بها ليالي التشريق وهي: الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر. ويرمي في أيامها الجمار الثلاث.

وأن لا يأتي إلي مكّة ليومه، بل يقيم بمني حتي يرمي جماره الثلاث يوم الحادي عشر ومثله يوم الثاني عشر، ثمّ ينفر بعد الزوال إذا كان قد اتّقي النساء والصيد، وإن أقام إلي

النفر الثاني وهو الثالث عشر ولو قبل الزوال لكن بعد الرمي جاز أيضاً، ثمّ عاد إلي مكّة للطوافين والسعي ولا إثم عليه في شي ء من ذلك علي الأصحّ، كما أن الأصحّ الاجتزاء بالطواف والسعي تمام ذي الحجّة، والأفضل الأحوط هو اختيار الأول: بأن يمضي إلي مكّة يوم النحر، بل لا ينبغي التأخير لغده فضلاً عن أيام التشريق إلا لعذر.

[شروط حجّ التمتّع]

[شروط حجّ التمتّع]

ويشترط في حجّ التمتّع أمور:

[الشرط الأول]

أحدها: النيّة، بمعني: قصد الإتيان بهذا النوع من الحجّ حين الشروع في إحرام العمرة، فلو لم ينوه أو نوي غيره أو تردّد في نيّته بينه وبين غيره لم يصحّ، نعم في جملة من الأخبار أنه لو أتي بعمرة مفردة في أشهر الحجّ جاز أن يتمتّع بها، بل يستحب ذلك إذا بقي في مكّة إلي هلال ذي الحجّة، ويتأكّد إذا بقي إلي يوم التروية، بل عن القاضي: وجوبه حينئذٍ، ولكن الظاهر: تحقّق الإجماع علي خلافه.

ففي موثّق سماعة عن الإمام الصادق عليه السلام: «من حجّ معتمراً في شوّال ومن نيّته أن يعتمر ورجع إلي بلاده فلا بأس بذلك، وإن هو أقام إلي الحجّ فهو متمتّع، لأن أشهر الحجّ: شوال وذو القعدة وذو الحجّة، فمن اعتمر فيهن فأقام إلي الحجّ فهي متعة، ومن رجع إلي بلاده ولم يقم إلي الحجّ فهي عمرة، وإن اعتمر في شهر رمضان أو قبله فأقام إلي الحجّ فليس بمتمتّع، وإنما هو مجاور أفرد العمرة، فإن هو أحبّ أن يتمتّع في أشهر الحجّ بالعمرة إلي الحجّ فليخرج منها حتي يجاوز ذات عرق أو يتجاوز عسفان متمتّعاً بعمرته إلي الحجّ، فإن هو أحبّ أن يفرد الحجّ فليخرج إلي الجعرانة فيلبّي منها».

وفي صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام: «من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلي أهله، إلا أن يدركه خروج الناس يوم التروية» وفي قويّة عنه عليه السلام: «من دخل مكّة معتمراً مفرداً للحجّ فيقضي عمرته كان له ذلك، وإن أقام إلي أن يدركه الحجّ كانت عمرته متعة، قال عليه السلام: وليس تكون متعة إلا في أشهر الحجّ ».

وفي صحيحة عنه عليه السلام: «من دخل مكّة بعمرة

فأقام إلي هلال ذي الحجّة فليس له أن يخرج حتي يحج مع الناس».

وفي مرسل موسي بن القاسم: «من اعتمر في أشهر الحجّ فليتمتّع ».

إلي غير ذلك من الأخبار، وقد عمل بها جماعة، بل في الجواهر: لا أجد فيه خلافاً، ومقتضاها: صحّة التمتّع مع عدم قصده حين إتيان العمرة، بل الظاهر من بعضها أنه يصير تمتّعاً قهراً من غير حاجة إلي نيّة التمتّع بها بعدها، بل يمكن أن يستفاد منها: أن التمتّع هو الحجّ عقيب عمرة وقعت في أشهر الحجّ بأيّ نحو أتي بها، ولا بأس بالعمل بها، لكن القدر المتيقّن() منها هو: الحجّ الندبيّ، ففيما إذا وجب عليه التمتّع فأتي بعمرة مفردة ثمّ أراد أن يجعلها عمرة التمتّع يشكل الاجتزاء بذلك عما وجب عليه، سواء كان حجّة الإسلام أو غيرها ممّا وجب بالنذر أو الاستيجار.

[الشرط الثاني]

الثاني: أن يكون مجموع عمرته وحجّه في أشهر الحجّ ، فلو أتي بعمرته أو بعضها في غيرها لم يجز له أن يتمتّع بها، وأشهر الحجّ: شوال وذو القعدة وذو الحجّة بتمامه علي الأصحّ، لظاهر الآية وجملة من الأخبار: كصحيحة معاوية بن عمّار وموثّقة سماعة وخبر زرارة.

فالقول بأنها الشهران الأولان مع العشر الأول من ذي الحجّة كما عن بعض، أو مع ثمانية أيام كما عن آخر، أو مع تسعة أيام وليلة يوم النحر إلي طلوع فجره كما عن ثالث، أو إلي طلوع شمسه كما عن رابع: ضعيف، علي أن الظاهر: أن النزاع لفظي، فإنه لا إشكال في جواز إتيان بعض الأعمال إلي آخر ذي الحجّة، فيمكن أن يكون مرادهم: أن هذه الأوقات هي آخر الأوقات التي يمكن بها إدراك الحجّ .

(1 مسألة): إذا أتي بالعمرة قبل أشهر الحجّ قاصداً بها التمتّع، فقد عرفت عدم

صحّتها تمتّعاً، لكن هل تصحّ مفردة أو تبطل من الأصل؟ قولان: اختار الثاني في المدارك، لأن ما نواه لم يقع والمفردة لم ينوها. وبعض اختار الأول لخبر الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام: «في رجل فرض الحجّ في غير أشهر الحجّ، قال: يجعلها عمرة» وقد يستشعر ذلك من خبر سعيد الأعرج قال أبو عبد الله عليه السلام: «من تمتّع في أشهر الحجّ ثمّ أقام بمكّة حتي يحضر الحجّ من قابل فعليه شاة، وإن تمتّع في غير أشهر الحجّ ثمّ جاور حتي يحضر الحجّ فليس عليه دم، إنما هي حجّة مفردة، إنما الأضحي علي أهل الأمصار» ومقتضي القاعدة: وإن كان هو ما ذكره صاحب المدارك لكن لا بأس بما ذكره ذلك البعض للخبرين.

[الشرط الثالث]

الثالث: أن يكون الحجّ والعمرة في سنة واحدة كما هو المشهور المدَّعي عليه الإجماع، لأنه المتبادر من الأخبار المبيّنة لكيفيّة حجّ التمتّع، ولقاعدة توقيفيّة العبادات، وللأخبار الدالّة علي دخول العمرة في الحجّ وارتباطها به، والدالّة علي عدم جواز الخروج من مكّة بعد العمرة قبل الإتيان بالحجّ، بل وما دلّ من الأخبار علي ذهاب المتعة بزوال يوم التروية أو يوم عرفة ونحوها.

ولا ينافيها خبر سعيد الأعرج المتقدّم بدعوي: أن المراد من القابل فيه: العام القابل، فيدلّ علي جواز إيقاع العمرة في سنة والحجّ في أخري لمنع ذلك، بل المراد منه: الشهر القابل علي أنه لمعارضة الأدلة السابقة غير قابل وعلي هذا فلو أتي بالعمرة في عام وأخر الحجّ إلي العام الآخر لم يصحّ تمتّعاً، سواء أقام في مكّة إلي العام القابل أو رجع إلي أهله ثمّ عاد إليها، وسواء أحلّ من إحرام عمرته أو بقي عليه إلي السنة الأخري، ولا وجه لما عن

الدروس من احتمال الصحّة في هذه الصورة.

ثمّ المراد من كونهما في سنة واحدة: أن يكونا معاً في أشهر الحجّ من سنة واحدة، لا أن لا يكون بينهما أزيد من اثني عشر شهراً، وحينئذٍ: فلا يصحّ أيضاً لو أتي بعمرة التمتّع في أواخر ذي الحجّة وأتي بالحجّ في ذي الحجّة من العام القابل .

[الشرط الرابع]

الرابع: أن يكون إحرام حجّه من بطن مكّة مع الاختيار، للإجماع والأخبار، وما في خبر إسحاق عن أبي الحسن عليه السلام من قوله: «كان أبي مجاوراً هاهنا فخرج يتلقّي بعض هؤلاء، فلما رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحجّ ودخل وهو محرم بالحجّ » حيث إنه ربما يستفاد منه جواز الإحرام بالحجّ من غير مكّة محمول علي محامل أحسنها أن المراد بالحجّ: عمرته، حيث إنها أول أعماله، نعم يكفي أيّ موضع منها كان ولو في سككها، للإجماع وخبر عمرو بن حريث عن الإمام الصادق عليه السلام: «من أين أهلّ بالحجّ؟ فقال: إن شئت من رحلك وإن شئت من المسجد وإن شئت من الطريق ».

وأفضل مواضعها المسجد وأفضل مواضعه المقام أو الحجر، وقد يقال: أو تحت الميزاب، ولو تعذّر الإحرام من مكّة أحرم ممّا يتمكّن، ولو أحرم من غيرها اختياراً متعمّداً بطل إحرامه، ولو لم يتداركه بطل حجّه ولا يكفيه العود إليها بدون التجديد، بل يجب أن يجدّده لأن إحرامه من غيرها كالعدم، ولو أحرم من غيرهاجهلاً أو نسياناً وجب العود إليها والتجديد مع الإمكان، ومع عدمه جدّده في() مكانه .

[الشرط الخامس]

الخامس: ربما يقال: إنه يشترط فيه أن يكون مجموع عمرته وحجّه من واحد وعن واحد، فلو استوجر اثنان لحجّ التمتّع عن ميّت أحدهما لعمرته والأخري لحجّه لم يجزئ عنه، وكذا لو حجّ شخص وجعل عمرته عن شخص وحجّه عن آخر لم يصحّ ولكنه محلّ تأمّل، بل ربما يظهر من خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: صحّة الثاني، حيث قال: «سألته عن رجل يحجّ عن أبيه أ يتمتّع؟ قال: نعم، المتعة له والحجّ عن أبيه ».

(2 مسألة): المشهور أنه لا يجوز الخروج من مكّة بعد

الإحلال من عمرة التمتّع قبل أن يأتي بالحجّ ، وأنه إذا أراد ذلك عليه أن يحرم بالحجّ فيخرج محرماً به، وإن خرج محلّا ً ورجع بعد شهر فعليه أن يحرم بالعمرة، وذلك لجملة من الأخبار الناهية للخروج والدالّة علي أنه مرتهن ومحتبس بالحجّ والدالّة علي أنه لو أراد الخروج خرج ملبيّاً بالحجّ والدالّة علي أنه لو خرج محلّا ً فإن رجع في شهره دخل محلّا ً وإن رجع في غير شهره دخل محرماً.

والأقوي: عدم حرمة الخروج وجوازه محلّا ً حملاً للأخبار علي الكراهة، كما عن ابن إدريس وجماعة أخري بقرينة التعبير ب: «لا أُحبّ» في بعض تلك الأخبار، وقوله عليه السلام في مرسلة الصدوق: «إذا أراد المتمتّع الخروج من مكّة إلي بعض المواضع فليس له ذلك، لأنه مرتبط بالحجّ حتي يقضيه، إلا أن يعلم أنه لا يفوته الحجّ » ونحوه الرضوي، بل وقوله عليه السلام في مرسل أبان: «ولا يتجاوز إلا علي قدر ما لا تفوته عرفة» إذ هو وإن كان بعد قوله: «فيخرج محرماً» إلا أنه يمكن أن يستفاد منه: أن المدار فوت الحجّ وعدمه، بل يمكن أن يقال: إن المنساق من جميع الأخبار المانعة: أن ذلك للتحفّظ عن عدم إدراك الحجّ وفوته لكون الخروج في معرض ذلك.

وعلي هذا: فيمكن دعوي عدم الكراهة أيضاً مع علمه بعدم فوات الحجّ منه، نعم لا يجوز الخروج لا بنيّة العود أو مع العلم بفوات الحجّ منه إذا خرج.

ثمّ الظاهر: أن الأمر بالإحرام إذا كان رجوعه بعد شهر إنما هو من جهة أن لكل شهر عمرة، لا أن يكون ذلك تعبّداً أو لفساد عمرته السابقة أو لأجل وجوب الإحرام علي من دخل مكّة، بل هو صريح خبر إسحاق بن عمار

قال: «سألت أبا الحسن عليه السلام عن المتمتّع يجي ء فيقضي متعته ثمّ تبدو له حاجة فيخرج إلي المدينة أو إلي ذات عرق أو إلي بعض المنازل، قال عليه السلام: يرجع إلي مكّة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي تمتّع فيه، لأن لكل شهر عمرة وهو مرتهن بالحجّ …».

وحينئذٍ: فيكون الحكم بالإحرام إذا رجع بعد شهر علي وجه الاستحباب لا الوجوب()، لأن العمرة التي هي وظيفة كلّ شهر ليست واجبة، لكن في جملة من الأخبار كون المدار: علي الدخول في شهر الخروج أو بعده، كصحيحتي حمّاد وحفص بن البختري ومرسلة الصدوق والرضوي، وظاهرها: الوجوب، إلا أن تحمل علي الغالب: من كون الخروج بعد العمرة بلا فصل، لكنّه بعيد فلا يترك الاحتياط بالإحرام إذا كان الدخول في غير شهر الخروج، بل القدر المتيقّن من جواز الدخول محلّا ً: صورة كونه قبل مضيِّ شهر من حين الإهلال أي: الشروع في إحرام العمرة والإحلال منها، ومن حين الخروج، إذ الاحتمالات في الشهر ثلاثة:

ثلاثون يوماً من حين الإهلال.

وثلاثون من حين الإحلال بمقتضي خبر إسحاق بن عمّار.

وثلاثون من حين الخروج بمقتضي هذه الأخبار، بل من حيث احتمال كون المراد من الشهر في الأخبار هنا والأخبار الدالّة علي أن لكل شهر عمرة: الأشهر الاثني عشر المعروفة، لا بمعني ثلاثين يوماً()، ولازم ذلك: أنه إذا كانت عمرته في آخر شهر من هذه الشهور فخرج ودخل في شهر آخر أن يكون عليه عمرة الأولي مراعاة الاحتياط من هذه الجهة أيضاً.

وظهر ممّا ذكرنا أن الاحتمالات ستّة: كون المدار علي الإهلال، أو الإحلال، أو الخروج() وعلي التقادير: الشهر بمعني ثلاثين يوماً، أو أحد الأشهر المعروفة.

وعلي أيّ حال: إذا ترك الإحرام مع الدخول في شهر آخر

ولو قلنا بحرمته لا يكون موجباً لبطلان عمرته السابقة فيصحّ() حجّه بعدها.

ثمّ إن عدم جواز الخروج علي القول به إنما هو في غير حال الضرورة، بل مطلق الحاجة، وأما مع الضرورة أو الحاجة مع كون الإحرام بالحجّ غير ممكن أو حرجاً عليه فلا إشكال فيه.

وأيضاً الظاهر: اختصاص المنع علي القول به بالخروج إلي المواضع البعيدة، فلا بأس بالخروج إلي فرسخ أو فرسخين، بل يمكن أن يقال باختصاصه بالخروج إلي خارج الحرم وإن كان الأحوط خلافه.

ثمّ الظاهر: أنه لا فرق في المسألة بين الحجّ الواجب والمستحب، فلو نوي التمتّع مستحباً ثمّ أتي بعمرته يكون مرتهناً بالحجّ، ويكون حاله في الخروج محرماً أو محلّا ً والدخول كذلك كالحجّ الواجب.

ثمّ إن سقوط وجوب الإحرام عمن خرج محلّا ً ودخل قبل شهر مختصّ بما إذا أتي بعمرة بقصد التمتّع()، وأما من لم يكن سبق منه عمرة فيلحقه حكم من دخل مكّة في حرمة دخوله بغير الإحرام إلا مثل الحطّاب والحشّاش ونحوهما.

وأيضاً سقوطه إذا كان بعد العمرة قبل شهر إنما هو علي وجه الرخصة، بناء علي ما هو الأقوي: من عدم اشتراط فصل شهر بين العمرتين، فيجوز الدخول بإحرام قبل الشهر أيضاً.

ثمّ إذا دخل بإحرام فهل عمرة التمتّع هي العمرة الأولي أو الأخيرة؟ مقتضي حسنة حمّاد: أنها الأخيرة المتّصلة بالحجّ.

وعليه: لا يجب فيها طواف النساء، وهل يجب حينئذٍ في الأولي أو لا؟ وجهان: أقواهما() نعم، والأحوط() الإتيان بطواف مردّد بين كونه للأولي أو الثانية.

ثمّ الظاهر: أنه لا إشكال في جواز الخروج في أثناء عمرة التمتّع قبل الإحلال منها.

[موارد جواز العدول إلي حجّ الإفراد والقران]

[موارد جواز العدول إلي حجّ الإفراد والقران]

(3 مسألة): لا يجوز لمن وظيفته التمتّع أن يعدل إلي غيره من القسمين الأخيرين اختياراً، نعم إن ضاق وقته عن إتمام العمرة

وإدراك الحجّ جاز له نقل النيّة إلي الإفراد وأن يأتي بالعمرة بعد الحجّ بلا خلاف ولا إشكال، وإنما الكلام في حدّ الضيق المسوّغ لذلك، واختلفوا فيه علي أقوال:

[أقوال المسألة]

أحدها: خوف فوات الاختياري من وقوف عرفة.

الثاني: فوات الركن من الوقوف الاختياري وهو المسمّي منه.

الثالث: فوات الاضطراري منه.

الرابع: زوال يوم التروية.

الخامس: غروبه.

السادس: زوال يوم عرفة.

السابع: التخيير بعد زوال يوم التروية بين العدول والإتمام إذا لم يخف الفوت.

[منشأ الأقوال]

والمنشأ: اختلاف الأخبار فإنها مختلفة أشدّ الاختلاف، والأقوي: أحد القولين الأولين لجملة مستفيضة من تلك الأخبار، فإنها يستفاد منها علي اختلاف ألسنتها أن المناط في الإتمام: عدم خوف فوت الوقوف بعرفة، منها: قوله عليه السلام في رواية يعقوب بن شعيب الميثمي: «لا بأس للمتمتّع إن لم يحرم من ليلة التروية متي ما تيسّر له ما لم يخف فوات الموقفين وفي نسخة لا بأس للمتمتّع أن يحرم ليلة عرفة …».

وأما الأخبار المحدّدة بزوال يوم التروية أو بغروبه أو بليلة عرفة أو سحرها فمحمولة علي صورة عدم إمكان الإدراك إلا قبل هذه الأوقات، فإنه مختلف باختلاف الأوقات والأحوال والأشخاص.

ويمكن حملها علي التقية إذا لم يخرجوا مع الناس يوم التروية، ويمكن كون الاختلاف لأجل التقية كما في أخبار الأوقات للصلوات، وربما تحمل علي تفاوت مراتب أفراد المتعة في الفضل بعد التخصيص بالحجّ المندوب، فإن أفضل أنواع التمتّع أن تكون عمرته قبل ذي الحجّة، ثمّ ما تكون عمرته قبل يوم التروية، ثمّ ما يكون قبل يوم عرفة.

مع أنا لو أغمضنا عن الأخبار من جهة شدّة اختلافها وتعارضها نقول: مقتضي القاعدة هو ما ذكرنا، لأن المفروض أن الواجب عليه هو التمتّع، فما دام ممكناً لا يجوز العدول عنه، والقدر المسلّم من جواز العدول صورة عدم إمكان إدراك الحجّ، واللازم إدراك الاختياريّ من الوقوف، فإن كفاية الاضطراري منه خلاف الأصل.

يبقي الكلام في ترجيح أحد القولين الأولين، ولا يبعد رجحان أولهما() بناء علي كون الواجب

استيعاب تمام ما بين الزوال والغروب بالوقوف وإن كان الركن هو المسمّي ولكن مع ذلك لا يخلو عن إشكال، فإن من جملة الأخبار مرفوع سهل عن أبي عبد الله عليه السلام: «في متمتّع دخل يوم عرفة، قال: متعته تامّة إلي أن يقطع الناس تلبيتهم» حيث إن قطع التلبية بزوال يوم عرفة. وصحيحة جميل: «المتمتّع له المتعة إلي زوال الشمس من يوم عرفة، وله الحجّ إلي زوال الشمس من يوم النحر».

ومقتضاهما: كفاية إدراك مسمّي الوقوف الاختياري، فإن من البعيد إتمام العمرة قبل الزوال من عرفة وإدراك الناس في أول الزوال بعرفات. وأيضا يصدق إدراك الموقف إذا أدركهم قبل الغروب إلا أن يمنع الصدق، فإن المنساق منه إدراك تمام الواجب، ويجاب عن المرفوعة والصحيحة بالشذوذ كما ادّعي.

وقد يؤيّد القول الثالث وهو كفاية إدراك الاضطراري من عرفة بالأخبار الدالّة علي أن من يأتي بعد إفاضة الناس من عرفات وأدركها ليلة النحر تمَّ حجّه.

وفيه: إن موردها غير ما نحن فيه وهو عدم الإدراك من حيث هو، وفيما نحن فيه يمكن الإدراك والمانع كونه في أثناء العمرة فلا يقاس بها، نعم لو أتمّ عمرته في سعة الوقت ثمّ اتفق أنه لم يدرك الاختياريّ من الوقوف كفاه الاضطراريّ ودخل في مورد تلك الأخبار، بل لا يبعد دخول من اعتقد سعة الوقت فأتمّ عمرته ثمّ بان كون الوقت مضيّقاً في تلك الأخبار.

ثمّ إن الظاهر: عموم حكم المقام بالنسبة إلي الحجّ المندوب وشمول الأخبار له، فلو نوي التمتّع ندباً وضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحجّ جاز له العدول إلي الإفراد، وفي وجوب العمرة بعده إشكال، والأقوي: عدم وجوبها.

ولو علم من وظيفته التمتّع ضيق الوقت عن إتمام العمرة وإدراك الحجّ قبل أن يدخل

في العمرة، هل يجوز له العدول من الأول إلي الإفراد؟ فيه إشكال وإن كان غير بعيد.

ولو دخل في العمرة بنيّة التمتّع في سعة الوقت وأخّر الطواف والسعي متعمّداً إلي ضيق الوقت، ففي جواز العدول وكفايته() إشكال، والأحوط العدول وعدم الاكتفاء إذا كان الحجّ واجباً عليه .

[الحائض والنفساء إذا ضاق وقتهما]

[الحائض والنفساء إذا ضاق وقتهما]

(4 مسألة): اختلفوا في الحائض والنفساء إذا ضاق وقتهما عن الطهر وإتمام العمرة وإدراك الحجّ علي أقوال:

[الأقوال في المسألة]

أحدها: أن عليهما العدول إلي الإفراد والإتمام ثمّ الإتيان بعمرة بعد الحجّ، لجملة من الأخبار.

الثاني: ما عن جماعة: من أن عليهما ترك الطواف والإتيان بالسعي ثمّ الإحلال وإدراك الحجّ وقضاء طواف العمرة بعده، فيكون عليهما الطواف ثلاث مرّات: مرّة لقضاء طواف العمرة، ومرّة للحجّ، ومرّة للنساء. ويدلّ علي ما ذكروه أيضاً جملة من الأخبار.

الثالث: ما عن الإسكافي وبعض متأخّري المتأخّرين: من التخيير بين الأمرين، للجمع بين الطائفتين بذلك.

الرابع: التفصيل بين ما إذا كانت حائضاً قبل الإحرام فتعدل، أو كانت طاهراً حال الشروع فيه ثمّ طرأ الحيض في الأثناء فتترك الطواف وتتمّ العمرة وتقضي بعد الحجّ.

اختاره بعض بدعوي: أنه مقتضي الجمع بين الطائفتين، بشهادة خبر أبي بصير: «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في المرأة المتمتّعة إذا أحرمت وهي طاهر ثمّ حاضت قبل أن تقضي متعتها سعت ولم تطف حتي تطهر، ثمّ تقضي طوافها وقد قضت عمرتها، وإن أحرمت وهي حائض لم تسع ولم تطف حتي تطهر» وفي الرضوي عليه السلام: «إذا حاضت المرأة من قبل أن تحرم إلي قوله عليه السلام: وإن طهرت بعد الزوال يوم التروية فقد بطلت متعتها فتجعلها حجّة مفردة، وإن حاضت بعد ما أحرمت سعت بين الصفا والمروة وفرغت من المناسك كلّها إلا الطواف بالبيت، فإذا طهرت قضت الطواف بالبيت وهي متمتّعة بالعمرة إلي الحجّ وعليها طواف الحجّ وطواف العمرة وطواف النساء».

وقيل في توجيه الفرق بين الصورتين: إن في الصورة الأولي لم تدرك شيئاً من أفعال العمرة طاهراً فعليها العدول إلي الإفراد، بخلاف الصورة الثانية فإنها أدركت بعض أفعالها طاهراً فتبني عليها وتقضي

الطواف بعد الحجّ.

وعن المجلسي في وجه الفرق ما محصّله: أن في الصورة الأولي لا تقدر علي نيّة العمرة لأنها تعلم أنها لا تطهر للطواف وإدراك الحجّ، بخلاف الصورة الثانية فإنها حيث كانت طاهرة وقعت منها النيّة والدخول فيها.

الخامس: ما نقل عن بعض: من أنها تستنيب للطواف ثمّ تتمّ العمرة وتأتي بالحجّ، لكن لم يعرف قائله.

[أقوي الأقوال وأظهرها]

والأقوي من هذه الأقوال: هو القول الأول() للفرقة الأولي من الأخبار التي هي أرجح من الفرقة الثانية لشهرة العمل بها دونها.

وأما القول الثالث: وهو التخيير فإن كان المراد منه: الواقعي بدعوي كونه مقتضي الجمع بين الطائفتين، ففيه: أنهما يعدّان من المتعارضين، والعرف لا يفهم التخيير منهما، والجمع الدلالي فرع فهم العرف من ملاحظة الخبرين ذلك، وإن كان المراد: التخيير الظاهري العملي، فهو فرع مكافئة الفرقتين، والمفروض أن الفرقة الأولي أرجح من حيث شهرة العمل بها.

وأما التفصيل المذكور: فموهون بعدم العمل، مع أن بعض أخبار القول الأول ظاهر في صورة كون الحيض بعد الدخول في الإحرام، نعم لو فرض كونها حائضاً حال الإحرام وعالمة بأنها لا تطهر لإدراك الحجّ يمكن أن يقال: يتعيّن عليها العدول إلي الإفراد من الأول لعدم فائدة في الدخول في العمرة ثمّ العدول إلي الحجّ.

وأما القول الخامس: فلا وجه له ولا له قائل معلوم .

(5 مسألة): إذا حدث الحيض وهي في أثناء طواف عمرة التمتّع .

فإن كان قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافها علي الأقوي. وحينئذٍ: فإن كان الوقت موسّعاً أتمّت عمرتها بعد الطهر، وإلا فلتعدل() إلي حجّ الإفراد وتأتي بعمرة مفردة بعده.

وإن كان بعد تمام أربعة أشواط فتقطع الطواف وبعد الطهر تأتي بالثلاثة الأخري وتسعي وتقصّر مع سعة الوقت، ومع ضيقه تأتي بالسعي وتقصّر ثمّ تحرم للحجّ وتأتي

بأفعاله ثمّ تقضي بقيّة طوافها قبل طواف الحجّ أو بعده، ثمّ تأتي ببقيّة أعمال الحجّ وحجّها صحيح تمتّعاً.

وكذا الحال إذا حدث الحيض بعد الطواف وقبل صلاته .

(10- فصل: في المواقيت)

(10- فصل: في المواقيت)

وهي المواضع المعيّنة للإحرام، أطلقت عليها مجازاً أو حقيقة متشرعيّة، والمذكور منها في جملة من الأخبار خمسة، وفي بعضها ستّة، ولكن المستفاد من مجموع الأخبار: أن المواضع التي يجوز الإحرام منها عشرة: ()

[المواقيت العشرة]

[الأول: ذو الحليفة]

أحدها: ذو الحليفة، وهي ميقات أهل المدينة ومن يمرّ علي طريقهم، وهل هو مكان فيه مسجد الشجرة أو نفس المسجد؟ قولان: وفي جملة من الأخبار أنه هو الشجرة، وفي بعضها أنه مسجد الشجرة.

وعلي أيّ حال: فالأحوط الاقتصار علي المسجد، إذ مع كونه هو المسجد فواضح، ومع كونه مكاناً فيه المسجد فاللازم حمل المطلق علي المقيّد، لكن مع ذلك الأقوي: جواز الإحرام من خارج المسجد() ولو اختياراً وإن قلنا: إن ذا الحليفة هو المسجد، وذلك لأنه مع الإحرام من جوانب المسجد يصدق الإحرام منه عرفاً، إذ فرق بين الأمر بالإحرام من المسجد أو بالإحرام فيه.

هذا مع إمكان دعوي: أن المسجد حدّ للإحرام فيشمل جانبيه مع محاذاته، وإن شئت فقل: المحاذاة كافية() ولو مع القرب من الميقات .

(1 مسألة): الأقوي عدم جواز التأخير إلي الجحفة وهي ميقات أهل الشام اختياراً، نعم يجوز مع الضرورة لمرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع، لكن خصّها بعضهم بخصوص المرض والضعف لوجودهما في الأخبار، فلا يلحق بهما غيرهما من الضرورات.

والظاهر: إرادة المثال، فالأقوي: جوازه مع مطلق الضرورة.

(2 مسألة): يجوز لأهل المدينة ومن أتاها، العدول إلي ميقات آخر: كالجحفة أو العقيق، فعدم جواز التأخير إلي الجحفة إنما هو إذا مشي من طريق ذي الحليفة، بل الظاهر أنه لو أتي إلي ذي الحليفة ثمّ أراد الرجوع منه والمشي من طريق آخر جاز، بل يجوز أن يعدل عنه من غير رجوع، فإن الذي لا يجوز هو التجاوز عن الميقات() محلّا ً، وإذا

عدل إلي طريق آخر لا يكون مجاوزاً وإن كان ذلك وهو في ذي الحليفة.

وما في خبر إبراهيم بن عبد الحميد: من المنع عن العدول إذا أتي المدينة مع ضعفه، منزّل علي الكراهة.

(3 مسألة): الحائض تحرم خارج المسجد علي المختار، ويدلّ عليه مضافاً إلي ما مرّ مرسلة يونس() في كيفيّة إحرامها ولا تدخل المسجد وتهلّ بالحجّ بغير صلاة.

وأما علي القول بالاختصاص بالمسجد فمع عدم إمكان صبرها إلي أن تطهر تدخل المسجد وتحرم في حال الاجتياز إن أمكن، وإن لم يمكن لزحم أو غيره أحرمت خارج المسجد وجدّدت في الجحفة أو محاذاتها.

(4 مسألة): إذا كان جنباً ولم يكن عنده ماء، جاز() له أن يحرم خارج المسجد، والأحوط أن يتيمّم للدخول والإحرام، ويتعيّن ذلك علي القول بتعيين المسجد()، وكذا الحائض إذا لم يكن لها ماء بعد نقائها.

[الثاني: العقيق]

الثاني: العقيق، وهو ميقات أهل نجد والعراق ومن يمرّ عليه من غيرهم، وأوله المسلخ وأوسطه غمرة وآخره ذات عرق، والمشهور: جواز الإحرام من جميع مواضعه اختياراً، وأن الأفضل الإحرام من المسلخ، ثمّ من غمرة، والأحوط عدم التأخير إلي ذات عرق إلا لمرض أو تقيّة فإنه ميقات العامة، لكن الأقوي: ما هو المشهور.

ويجوز في حال التقيّة الإحرام من أوله قبل ذات عرق سرّاً من غير نزع ما عليه من الثياب إلي ذات عرق ثمّ إظهاره ولبس ثوبي الإحرام هناك، بل هو الأحوط. وإن أمكن تجرّده ولبس الثوبين سرّاً ثمّ نزعهما ولبس ثيابه إلي ذات عرق ثمّ التجرّد ولبس الثوبين فهو أولي.

[الثالث: الجحفة]

الثالث: الجحفة، وهي لأهل الشام ومصر ومغرب ومن يمرّ عليها من غيرهم إذا لم يحرم من الميقات السابق عليها.

[الرابع: يلملم]

الرابع: يلملم ، وهو لأهل اليمن .

[الخامس: قرن المنازل]

الخامس: قرن المنازل، وهو لأهل الطائف.

[السادس: مكّة]

السادس: مكّة، وهي لحجّ التمتّع.

[السابع: دويرة الأهل]

السابع: دويرة الأهل، أي: المنزل، وهي لمن كان منزله دون الميقات إلي مكّة، بل لأهل مكّة أيضاً علي المشهور الأقوي وإن استشكل فيه بعضهم، فإنهم يحرمون لحجّ القران والإفراد من مكّة، بل وكذا المجاور الذي انتقل فرضه إلي فرض أهل مكّة وإن كان الأحوط إحرامه من الجِعرّانة، وهي: أحد مواضع أدني الحلّ، للصحيحين الواردين فيه، المقتضي إطلاقهما عدم الفرق بين من انتقل، فرضه أو لم ينتقل، وإن كان القدر المتيقّن الثاني فلا يشمل ما نحن فيه.

لكن الأحوط ما ذكرنا، عملاً بإطلاقهما. والظاهر: أن الإحرام من المنزل للمذكورين من باب الرخصة، وإلا فيجوز لهم الإحرام من أحد المواقيت، بل لعلّه أفضل لبعد المسافة وطول زمان الإحرام.

[الثامن: فخّ]

الثامن: فخ، وهو ميقات الصبيان في غير حجّ التمتّع عند جماعة، بمعني: جواز تأخير إحرامهم إلي هذا المكان لا أنه يتعيّن ذلك، ولكن الأحوط ما عن آخرين: من وجوب كون إحرامهم من الميقات لكن لا يجرّدون إلا في فخّ، ثمّ إن جواز التأخير علي القول الأول إنما هو إذا مرّوا علي طريق المدينة، وأما إذا سلكوا طريقاً لا يصل إلي فخّ فاللازم إحرامهم من ميقات البالغين.

[التاسع: محاذات أحد المواقيت]

التاسع: محاذاة أحد المواقيت الخمسة، وهي ميقات من لم يمرّ علي أحدها، والدليل عليه صحيحتا ابن سنان ولا يضرّ اختصاصهما بمحاذاة مسجد الشجرة بعد فهم المثاليّة منهما وعدم القول بالفصل ومقتضاهما: محاذاة أبعد الميقاتين إلي مكّة إذا كان في طريق يحاذي اثنين، فلا وجه للقول بكفاية أقربهما إلي مكّة.

وتتحقّق المحاذاة() بأن يصل في طريقه إلي مكّة إلي موضع يكون بينه وبين مكّة كما بين ذلك الميقات ومكّة بالخطّ المستقيم، وبوجه آخر: أن يكون الخطّ من موقفه إلي الميقات أقصر الخطوط في ذلك الطريق.

ثمّ إن المدار علي صدق المحاذاة عرفاً، فلا يكفي إذا كان بعيداً عنه فيعتبر فيها المسامتة كما لا يخفي، واللازم: حصول العلم() بالمحاذاة إن أمكن، وإلا فالظنّ الحاصل من قول أهل الخبرة، ومع عدمه أيضاً فاللازم: الذهاب إلي الميقات، أو الإحرام من أول موضع احتماله واستمرار النيّة والتلبية إلي آخر مواضعه، ولا يضرّ احتمال كون الإحرام قبل الميقات حينئذٍ مع أنه لا يجوز لأنه لا بأس به إذا كان بعنوان الاحتياط.

ولا يجوز إجراء أصالة عدم الوصول إلي المحاذاة، أو أصالة عدم وجوب الإحرام، لأنهما لا يثبتان كون ما بعد ذلك محاذاة، والمفروض: لزوم كون إنشاء الإحرام من المحاذاة، ويجوز لمثل هذا الشخص أن ينذر الإحرام قبل الميقات،

فيحرم في أول موضع الاحتمال أو قبله علي ما سيأتي: من جواز ذلك مع النذر.

والأحوط() في صورة الظنّ أيضاً عدم الاكتفاء به وإعمال أحد هذه الأمور وإن كان الأقوي الاكتفاء، بل الأحوط عدم الاكتفاء بالمحاذاة مع إمكان الذهاب إلي الميقات، لكن الأقوي ما ذكرنا: من جوازه مطلقاً.

ثمّ إن أحرم في موضع الظنّ() بالمحاذاة ولم يتبيّن الخلاف فلا إشكال، وإن تبيّن بعد ذلك كونه قبل المحاذاة ولم يتجاوزه أعاد الإحرام، وإن تبيّن كونه قبله وقد تجاوز، أو تبيّن كونه بعده: فإن أمكن() العود والتجديد تعيّن، وإلا فيكفي في الصورة الثانية ويجدّد في الأولي في مكانه()، والأولي: التجديد مطلقاً، ولا فرق في جواز الإحرام في المحاذاة بين البرّ والبحر.

ثمّ إن الظاهر: أنه لا يتصوّر طريق لا يمرّ علي ميقات() ولا يكون محاذياً لواحد منها، إذ المواقيت محيطة بالحرم من الجوانب، فلا بدّ من محاذاة واحد منها، ولو فرض إمكان ذلك فاللازم: الإحرام من أدني الحلّ.

وعن بعضهم: أنه يحرم من موضع يكون بينه وبين مكّة بقدر ما بينها وبين أقرب المواقيت إليها، وهو: مرحلتان، لأنه لا يجوز لأحد قطعه إلا محرماً، وفيه: أنه لا دليل عليه، لكن الأحوط الإحرام منه وتجديده في أدني الحلّ.

[العاشر: أدني الحلّ]

العاشر: أدني الحلّ، وهو ميقات العمرة المفردة بعد حجّ القران أو الإفراد، بل لكل عمرة مفردة() والأفضل أن يكون من: الحديبيّة أو الجِعرّانة أو التنعيم فإنها منصوصة، وهي من حدود الحرم علي اختلاف بينها في القرب والبعد.

فإن الحديبيّة بالتخفيف أو التشديد بئر بقرب مكّة علي طريق جدّة دون مرحلة ثمّ أطلق علي الموضع، ويقال: نصفه في الحلّ ونصفه في الحرم.

والجِعرّانة بكسر الجيم والعين وتشديد الراء أو بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء موضع بين

مكّة والطائف علي سبعة أميال.

والتنعيم موضع قريب من مكّة وهو أقرب أطراف الحلّ إلي مكّة، ويقال: بينه وبين مكّة أربعة أميال ويعرف بمسجد عائشة كذا في مجمع البحرين.

وأما المواقيت الخمسة: فعن العلاّمة في المنتهي أن أبعدها من مكّة ذو الحليفة، فإنها علي عشرة مراحل من مكّة، ويليه في البعد الجحفة، والمواقيت الثلاثة الباقية علي مسافة واحدة، بينها وبين مكّة ليلتان قاصدتان، وقيل: إن الجحفة علي ثلاث مراحل من مكّة.

(5 مسألة): كلّ من حجّ أو اعتمر علي طريق فميقاته ميقات أهل ذلك الطريق وإن كان مهلّ أرضه غيره كما أشرنا إليه سابقاً فلا يتعيّن أن يحرم من مهلّ أرضه بالإجماع والنصوص.

منها صحيحة صفوان: «إن رسول الله صلّي الله عليه وآله وقّت المواقيت لأهلها ومن أتي عليها من غير أهلها».

(6 مسألة): قد علم ممّا مرّ أن ميقات حجّ التمتّع مكّة، واجباً كان أو مستحباً، من الآفاقي أو من أهل مكّة، وميقات عمرته() أحد المواقيت الخمسة أو محاذاتها كذلك أيضاً.

وميقات حجّ القران والإفراد أحد تلك المواقيت مطلقاً أيضاً، إلا إذا كان منزله دون الميقات أو مكّة فميقاته منزله ويجوز من أحد تلك المواقيت أيضاً، بل هو الأفضل، وميقات عمرتهما أدني الحل إذا كان في مكّة ويجوز من أحد المواقيت أيضاً، وإذا لم يكن في مكّة فيتعيّن() أحدها.

وكذا الحكم في العمرة المفردة، مستحبة كانت أو واجبة.

وإن نذر الإحرام من ميقات معيّن تعيّن.

والمجاور بمكّة بعد السنتين حاله حال أهلها وقبل ذلك حاله حال النائي، فإذا أراد حجّ الإفراد أو القران يكون ميقاته أحد الخمسة أو محاذاتها، وإذا أراد العمرة المفردة جاز إحرامها من أدني الحل .

(11- فصل: في أحكام المواقيت )

(11- فصل: في أحكام المواقيت )

(1 مسألة): لا يجوز الإحرام قبل المواقيت ولا ينعقد ولا يكفي المرور عليها محرماً، بل

لا بدّ من إنشائه جديداً، ففي خبر ميسرة: «دخلت علي أبي عبد الله عليه السلام وأنا متغيّر اللون، فقال عليه السلام: من أين أحرمت بالحجّ؟ فقلت: من موضع كذا وكذا، فقال عليه السلام: ربّ طالب خير يزلّ قدمه، ثمّ قال: أيسرّك أن صلّيت الظهر في السفر أربعاً؟ قلت: لا، قال: فهو والله ذاك» نعم يستثني من ذلك موضعان:

[استثناءان]

أحدهما: إذا نذر الإحرام قبل الميقات، فإنه يجوز ويصحّ للنصوص، منها خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام: «لو أن عبداً أنعم الله تعالي عليه نعمة أو ابتلاه ببليّة فعافاه من تلك البليّة فجعل علي نفسه أن يحرم من خراسان كان عليه أن يتمّ».

ولا يضرّ عدم رجحان ذلك، بل مرجوحيّته قبل النذر مع أن اللازم كون متعلّق النذر راجحاً، وذلك لاستكشاف رجحانه بشرط النذر من الأخبار، واللازم رجحانه حين العمل ولو كان ذلك للنذر، ونظيره مسألة الصوم في السفر المرجوح أو المحرّم من حيث هو مع صحّته ورجحانه بالنذر، ولا بدّ من دليل يدلّ علي كونه راجحاً بشرط النذر.

فلا يرد: أن لازم ذلك صحّة نذر كلّ مكروه أو محرّم، وفي المقامين المذكورين الكاشف هو الأخبار، فالقول بعدم الانعقاد كما عن جماعة لما ذكر لا وجه له، لوجود النصوص وإمكان تطبيقها علي القاعدة، وفي إلحاق العهد واليمين بالنذر وعدمه وجوه: ثالثها إلحاق العهد دون اليمين، ولا يبعد الأول لإمكان الاستفادة من الأخبار، والأحوط الثاني لكون الحكم علي خلاف القاعدة.

هذا ولا يلزم التجديد في الميقات ولا المرور عليها وإن كان الأحوط التجديد خروجاً عن شبهة الخلاف.

والظاهر: اعتبار تعيين المكان فلا يصحّ() نذر الإحرام قبل الميقات مطلقاً فيكون مخيراً بين الأمكنة لأنه القدر المتيقن() بعد عدم الإطلاق في

الأخبار، نعم لا يبعد الترديد بين المكانين بأن يقول: لله عليّ أن أحرم إما من الكوفة أو من البصرة وإن كان الأحوط خلافه.

ولا فرق بين كون الإحرام للحج الواجب أو المندوب أو للعمرة المفردة، نعم لو كان للحجّ أو عمرة التمتّع يشترط أن يكون في أشهر الحجّ لاعتبار كون الإحرام لهما فيها، والنصوص إنما جوّزت قبل الوقت المكاني فقط.

ثمّ لو نذر وخالف نذره فلم يحرم من ذلك المكان نسياناً أو عمداً لم يبطل إحرامه إذا أحرم من الميقات، نعم عليه الكفّارة إذا خالفه متعمّداً.

ثانيهما: إذا أراد إدراك عمرة رجب وخشي تقضّيه إن أخّر الإحرام إلي الميقات، فإنه يجوز له الإحرام قبل الميقات وتحسب له عمرة رجب وإن أتي ببقية الأعمال في شعبان، لصحيحة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام: «عن رجل يجيء معتمراً ينوي عمرة رجب فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق، أيحرم قبل الوقت ويجعلها لرجب أو يؤخّر الإحرام إلي العقيق ويجعلها لشعبان؟ قال: يحرم قبل الوقت لرجب فإن لرجب فضلاً» وصحيحة معاوية بن عمّار: «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ليس ينبغي أن يحرم دون الوقت الذي وقّت رسول الله صلّي الله عليه وآله إلا أن يخاف فوت الشهر في العمرة».

ومقتضي إطلاق الثانية: جواز ذلك لإدراك عمرة غير رجب أيضاً، حيث إن لكل شهر عمرة، لكن الأصحاب خصّصوا ذلك برجب فهو الأحوط() حيث إن الحكم علي خلاف القاعدة والأولي والأحوط مع ذلك التجديد في الميقات، كما أن الأحوط التأخير إلي آخر الوقت وإن كان الظاهر جواز الإحرام قبل الضيق إذا علم عدم الإدراك إذا أخّر إلي الميقات، بل هو الأولي حيث إنه يقع باقي أعمالها أيضاً في رجب،

والظاهر: عدم الفرق بين العمرة المندوبة والواجبة بالأصل أو بالنذر ونحوه .

(2 مسألة): كما لا يجوز تقديم الإحرام علي الميقات كذلك لا يجوز التأخير عنها، فلا يجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة أو دخول مكّة أن يجاوز الميقات اختياراً إلا محرماً، بل الأحوط عدم المجاوزة عن محاذاة الميقات أيضاً إلا محرماً وإن كان أمامه ميقات آخر، فلو لم يحرم منها وجب العود إليها مع الإمكان إلا إذا كان أمامه ميقات آخر فإنه يجزيه الإحرام منها وإن أثم بترك الإحرام من الميقات الأول، والأحوط العود إليها مع الإمكان مطلقاً وإن كان أمامه ميقات آخر.

وأما إذا لم يرد النسك ولا دخول مكّة: بأن كان له شغل خارج مكّة ولو كان في الحرم، فلا يجب الإحرام، نعم في بعض الأخبار وجوب الإحرام من الميقات إذا أراد دخول الحرم وإن لم يرد دخول مكّة، لكن قد يدّعي الإجماع علي عدم وجوبه وإن كان يمكن استظهاره من بعض الكلمات .

(3 مسألة): لو أخّر الإحرام من الميقات عالماً عامداً ولم يتمكّن من العود إليها لضيق الوقت أو لعذر آخر ولم يكن أمامه ميقات آخر، بطل إحرامه وحجّه علي المشهور الأقوي() ووجب عليه قضاؤه إذا كان مستطيعاً، وأما إذا لم يكن مستطيعاً فلا يجب وإن أثم بترك الإحرام بالمرور علي الميقات خصوصاً إذا لم يدخل مكّة.

والقول بوجوبه عليه ولو لم يكن مستطيعاً بدعوي: وجوب ذلك عليه إذا قصد مكّة فمع تركه يجب قضاؤه، لا دليل عليه خصوصاً إذا لم يدخل مكّة، وذلك لأن الواجب عليه إنما كان الإحرام لشرف البقعة: كصلاة التحيّة في دخول المسجد، فلا قضاء مع تركه، مع أن وجوب الإحرام لذلك لا يوجب وجوب الحجّ عليه، وأيضاً إذا بدا له ولم

يدخل مكّة كشف عن عدم الوجوب من الأول.

وذهب بعضهم إلي أنه لو تعذّر عليه العود إلي الميقات أحرم من مكانه: كما في الناسي والجاهل، نظير ما إذا ترك التوضّي إلي أن ضاق الوقت، فإنه يتيمّم وتصحّ صلاته وإن أثم بترك الوضوء متعمّداً، وفيه: أن البدليّة في المقام لم تثبت، بخلاف مسألة التيمّم، والمفروض: أنه ترك ما وجب عليه متعمّداً.

(4 مسألة): لو كان قاصداً من الميقات للعمرة المفردة وترك الإحرام لها متعمّداً، يجوز له أن يحرم من أدني الحلّ وإن كان متمكّناً من العود إلي الميقات، فأدني الحلّ له مثل كون الميقات أمامه وإن كان الأحوط مع ذلك العود إلي الميقات، ولو لم يتمكّن من العود ولا الإحرام من أدني الحلّ بطلت عمرته .

(5 مسألة): لو كان مريضاً ولم يتمكّن من النزع ولبس الثوبين، يجزيه النيّة والتلبية، فإذا زال عذره نزع ولبسهما، ولا يجب حينئذٍ عليه العود إلي الميقات، نعم لو كان له عذر عن أصل إنشاء الإحرام لمرض أو إغماء ثمّ زال وجب عليه العود إلي الميقات إذا تمكّن، وإلا كان حكمه حكم الناسي في الإحرام من مكانه إذا لم يتمكّن إلا منه، وإن تمكّن العود في الجملة وجب.

وذهب بعضهم إلي أنه إذا كان مغمي عليه ينوب عنه غيره، لمرسل جميل عن أحدهما عليهما السلام: «في مريض أغمي عليه فلم يفق حتي أتي الموقف، قال عليه السلام: يحرم عنه رجل» والظاهر: أن المراد أنه يحرمه رجل ويجنّبه عن محرّمات الإحرام، لا أنه ينوب عنه في الإحرام.

ومقتضي هذا القول: عدم وجوب العود إلي الميقات بعد إفاقته وإن كان ممكناً، ولكن العمل به مشكل لإرسال الخبر وعدم الجابر.

فالأقوي: العود مع الإمكان، وعدم الاكتفاء به مع عدمه .

(6 مسألة): إذا

ترك الإحرام من الميقات ناسياً أو جاهلاً بالحكم أو الموضوع وجب العود إليها مع الإمكان، ومع عدمه فإلي ما أمكن إلا إذا كان أمامه ميقات آخر، وكذا إذا جاوزها محلّا ً لعدم كونه قاصداً للنسك ولا لدخول مكّة ثمّ بدا له ذلك، فإنه يرجع إلي الميقات مع التمكّن وإلي ما أمكن مع عدمه() .

(7 مسألة): من كان مقيماً في مكّة وأراد حجّ التمتّع، وجب عليه الإحرام لعمرته من الميقات() إذا تمكّن، وإلا فحاله حال الناسي .

(8 مسألة): لو نسي المتمتّع الإحرام للحجّ بمكّة ثمّ ذكر، وجب عليه العود مع الإمكان، وإلا ففي مكانه ولو كان في عرفات بل المشعر وصحّ حجّه، وكذا لو كان جاهلاً بالحكم.

ولو أحرم له من غير مكّة مع العلم والعمد لم يصحّ وإن دخل مكّة بإحرامه، بل وجب عليه الاستيناف مع الإمكان وإلا بطل حجّه، نعم لو أحرم من غيرها نسياناً ولم يتمكّن من العود إليها صحّ إحرامه من مكانه .

(9 مسألة): لو نسي الإحرام ولم يذكر حتي أتي بجميع الأعمال من الحجّ أو العمرة، فالأقوي صحّة عمله، وكذا لو تركه جهلاً حتي أتي بالجميع .

(12- فصل: في مقدمات الإحرام )

(12- فصل: في مقدمات الإحرام )

(1 مسألة): يستحب قبل الشروع في الإحرام أمور:

[مستحبّات قبل الإحرام]

[الأول: توفير شعر الرأس والوجه]

أحدها: توفير شعر الرأس، بل واللحية، لإحرام الحجّ مطلقاً لا خصوص التمتّع كما يظهر من بعضهم لإطلاق الأخبار من أول ذي القعدة، بمعني: عدم إزالة شعرهما لجملة من الأخبار، وهي وإن كانت ظاهرة في الوجوب إلا أنها محمولة علي الاستحباب لجملة أخري من الأخبار ظاهرة فيه، فالقول بالوجوب كما هو ظاهر جماعة ضعيف وإن كان لا ينبغي ترك الاحتياط، كما لا ينبغي ترك الاحتياط بإهراق دم لو أزال شعر رأسه بالحلق حيث يظهر من بعضهم وجوبه أيضاً، لخبر محمول علي الاستحباب أو علي ما إذا كان في حال الإحرام.

ويستحب التوفير للعمرة شهراً.

[الثاني: تقليم الظفر وحفّ الشارب]

الثاني: قص الأظفار، والأخذ من الشارب، وإزالة شعر الإبط والعانة بالطلي أو الحلق أو النتف، والأفضل الأول ثمّ الثاني، ولو كان مطليّاً قبله يستحب له الإعادة وإن لم يمض خمسة عشر يوماً، ويستحب أيضاً إزالة الأوساخ من الجسد، لفحوي ما دلّ علي المذكورات، وكذا يستحب الاستياك.

[الثالث: الغسل للإحرام]

الثالث: الغسل للإحرام في الميقات، ومع العذر عنه التيمّم، ويجوز تقديمه علي الميقات مع خوف إعواز الماء، بل الأقوي، جوازه مع عدم الخوف أيضاً، والأحوط الإعادة في الميقات، ويكفي الغسل من أول النهار إلي الليل، ومن أول الليل إلي النهار، بل الأقوي كفاية غسل اليوم إلي آخر الليل وبالعكس، وإذا أحدث بعدها قبل الإحرام يستحب إعادته خصوصاً في النوم، كما أن الأولي إعادته إذا أكل أو لبس ما لا يجوز أكله أو لبسه للمحرم، بل وكذا لو تطيّب، بل الأولي ذلك في جميع تروك الإحرام، فلو أتي بواحد منها بعدها قبل الإحرام الأولي إعادته.

ولو أحرم بغير غسل أتي به وأعاد صورة الإحرام، سواء تركه عالماً عامداً أو جاهلاً أو ناسياً، ولكن إحرامه الأول صحيح باق علي حاله، فلو أتي بما يوجب الكفّارة بعده وقبل الإعادة وجبت عليه.

ويستحب أن يقول عند الغسل أو بعده: «بسم الله وبالله، اللهم اجعله لي نوراً وطهوراً وحرزاً وأمناً من كلّ خوف، وشفاء من كلّ داء وسقم، اللهم طهّرني وطهّر قلبي، واشرح لي صدري، وأجر علي لساني محبّتك ومدحتك والثناء عليك، فإنه لا قوّة إلا بك، وقد علمت أن قوام ديني التسليم لك، والاتباع لسنّة نبيّك صلواتك عليه وآله».

[الرابع: الإحرام عقيب فريضة أو نافلة]

الرابع: أن يكون الإحرام عقيب صلاة فريضة أو نافلة، وقيل بوجوب ذلك لجملة من الأخبار الظاهرة فيه المحمولة علي الندب، للاختلاف الواقع بينها، واشتمالها علي خصوصيات غير واجبة، والأولي أن يكون بعد صلاة الظهر في غير إحرام حجّ التمتّع، فإن الأفضل فيه أن يصلِّي الظهر بمني، وإن لم يكن في وقت الظهر فبعد صلاة فريضة أخري حاضرة، وإن لم يكن فمقضيّة، وإلا فعقيب صلاة النافلة.

[الخامس: صلاة ركعات للإحرام]

الخامس: صلاة ست ركعات أو أربع ركعات أو ركعتين للإحرام، والأولي الإتيان بها مقدّماً علي الفريضة، ويجوز إتيانها في أيّ وقت كان بلا كراهة حتي في الأوقات المكروهة، وفي وقت الفريضة حتي علي القول بعدم جواز النافلة لمن عليه فريضة، لخصوص الأخبار الواردة في المقام، والأولي أن يقرأ في الركعة الأولي بعد الحمد التوحيد وفي الثانية الجحد، لا العكس كما قيل .

(2 مسألة): يكره للمرأة إذا أرادت الإحرام أن تستعمل الحنّاء إذا كان يبقي أثره إلي ما بعده مع قصد الزينة، بل لا معه أيضاً إذا كان يحصل به الزينة وإن لم يقصدها، بل قيل بحرمته فالأحوط تركه وإن كان الأقوي عدمها، والرواية مختصّة بالمرأة لكنهم ألحقوا بها الرجل أيضاً لقاعدة الاشتراك، ولا بأس به. وأما استعماله مع عدم إرادة الإحرام فلا بأس به وإن بقي أثره، ولا بأس بعدم إزالته وإن كانت ممكنة.

(13- فصل: في كيفية الإحرام)

(13- فصل: في كيفية الإحرام)

وواجباته ثلاثة:

[واجبات الإحرام]

[الأول: النيّة]

الأول: النيّة، بمعني: القصد إليه، فلو أحرم من غير قصد أصلاً بطل، سواء كان عن عمد أو سهو أو جهل، ويبطل نسكه أيضاً إذا كان الترك عمداً، وأما مع السهو والجهل فلا يبطل، ويجب عليه تجديده من الميقات إذا أمكن وإلا فمن حيث أمكن، علي التفصيل الذي مرّ سابقاً في ترك أصل الإحرام .

(1 مسألة): يعتبر فيها القربة والخلوص كما في سائر العبادات، فمع فقدهما أو أحدهما يبطل إحرامه .

(2 مسألة): يجب أن تكون مقارنة للشروع فيه ، فلا يكفي حصولها في الأثناء، فلو تركها وجب تجديده، ولا وجه لما قيل: من أن الإحرام تروك وهي لا تفتقر إلي النيّة والقدر المسلّم من الإجماع علي اعتبارها إنما هو في الجملة ولو قبل التحلّل، إذ نمنع أولاً: كونه تروكاً فإن التلبية ولبس الثوبين من الأفعال. وثانياً: اعتبارها فيه علي حدّ اعتبارها في سائر العبادات في كون اللازم تحقّقها حين الشروع فيها.

(3 مسألة): يعتبر في النيّة تعيين كون الإحرام لحجّ أو عمرة، وأن الحجّ تمتّع أو قران أو إفراد، وأنه لنفسه أو نيابة عن غيره، وأنه حجّة الإسلام أو الحجّ النذري أو الندبي، فلو نوي الإحرام من غير تعيين وأوكله إلي ما بعد ذلك بطل، فما عن بعضهم: من صحته وأن له صرفه إلي أيّهما شاء من حجّ أو عمرة لا وجه له، إذ الظاهر: أنه جزء من النسك فتجب نيّته كما في أجزاء سائر العبادات، وليس مثل الوضوء والغسل بالنسبة إلي الصلاة، نعم الأقوي: كفاية التعيين الإجمالي حتي بأن ينوي الإحرام لما سيعيّنه() من حجّ أو عمرة، فإنه نوع تعيين، وفرق بينه وبين ما لو نوي مردّداً مع إيكال التعيين إلي ما بعد.

(4 مسألة): لا يعتبر فيها

نيّة الوجه: من وجوب أو ندب، إلا إذا توقّف التعيين عليها، وكذا لا يعتبر فيها التلفّظ، بل ولا الإخطار بالبال فيكفي الداعي .

(5 مسألة): لا يعتبر في الإحرام استمرار العزم علي ترك محرّماته ، بل المعتبر() العزم علي تركها مستمرّاً، فلو لم يعزم من الأول علي استمرار الترك بطل، وأما لو عزم علي ذلك ولم يستمرّ عزمه: بأن نوي بعد تحقّق الإحرام عدمه أو إتيان شي ء منها لم يبطل، فلا يعتبر فيه استدامة النيّة كما في الصوم، والفرق: أن التروك في الصوم معتبرة في صحّته بخلاف الإحرام فإنها فيه واجبات تكليفيّة.

(6 مسألة): لو نسي ما عيّنه من حجّ أو عمرة وجب عليه التجديد سواء تعيّن عليه أحدهما أو لا، وقيل(): إنه للمتعيّن منهما، ومع عدم التعيين يكون لما يصحّ منهما، ومع صحّتهما كما في أشهر الحجّ الأولي جعله للعمرة المتمتّع بها، وهو مشكل إذ لا وجه له .

(7 مسألة): لا تكفي نيّة واحدة() للحجّ والعمرة، بل لا بدّ لكل منهما من نيّته مستقلّا ً، إذ كلّ منهما يحتاج إلي إحرام مستقلّ، فلو نوي كذلك وجب عليه تجديدها، والقول بصرفه إلي المتعيّن منهما إذا تعيّن عليه أحدهما، والتخيير بينهما إذا لم يتعيّن وصحّ منه كلّ منهما كما في أشهر الحجّ لا وجه له، كالقول بأنه لو كان في أشهر الحجّ بطل ولزم التجديد، وإن كان في غيرها صحّ عمرة مفردة.

(8 مسألة): لو نوي كإحرام فلان: فإن علم أنه لما ذا أحرم صحّ ، وإن لم يعلم فقيل بالبطلان لعدم التعيين، وقيل بالصحّة لما عن علي عليه السلام، والأقوي: الصحّة، لأنه نوع تعيين، نعم لو لم يحرم فلان أو بقي علي الاشتباه فالظاهر: البطلان() وقد يقال: إنه في صورة الاشتباه يتمتّع

ولا وجه له إلا إذا كان في مقام يصحّ له العدول إلي التمتّع .

(9 مسألة): لو وجب عليه نوع من الحجّ أو العمرة فنوي غيره بطل ().

(10 مسألة): لو نوي نوعاً ونطق بغيره، كان المدار: علي ما نوي دون ما نطق .

(11 مسألة): لو كان في أثناء نوع وشكّ في أنه نواه أو نوي غيره بني علي أنه نواه .

(12 مسألة): يستفاد من جملة من الأخبار استحباب التلفّظ بالنيّة، والظاهر: تحقّقه بأيّ لفظ كان، والأولي أن يكون بما في صحيحة ابن عمار وهو أن يقول: «اللهم إني أريد ما أمرت به من التمتّع بالعمرة إلي الحجّ علي كتابك وسنّة نبيّك صلَّي الله عليه وآله فيسّر ذلك لي وتقبّله منّي وأعنّي عليه، فإن عرض شي ء يحبسني فحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ، اللهم إن لم تكن حجّة فعمرة، أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخّي وعصبي من النساء والطيب، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة.

(13 مسألة): يستحب أن يشترط عند إحرامه علي الله أن يحلّه إذا عرض مانع من إتمام نسكه من حجّ أو عمرة، وأن يتمّ إحرامه عمرة إذا كان للحجّ ولم يمكنه الإتيان، كما يظهر من جملة من الأخبار.

واختلفوا في فائدة هذا الاشتراط فقيل: إنها سقوط الهدي، وقيل: إنها تعجيل التحلّل وعدم انتظار بلوغ الهدي محلّه، وقيل: سقوط الحجّ من قابل، وقيل: إن فائدته إدراك الثواب فهو مستحب تعبّدي. وهذا هو الأظهر ويدلّ عليه قوله عليه السلام في بعض الأخبار: «هو حلّ حيث حبسه اشترط أو لم يشترط» والظاهر: عدم كفاية النيّة في حصول الاشتراط، بل لا بدّ من التلفّظ، لكن يكفي كلّ ما أفاد هذا المعني، فلا يعتبر فيه لفظ مخصوص وإن كان الأولي التعيين ممّا

في الأخبار.

[الثاني: التلبية]

الثاني من واجبات الإحرام: التلبيات الأربع، والقول بوجوب الخمس أو الست ضعيف، بل ادّعي جماعة الإجماع علي عدم وجوب الأزيد من الأربع، واختلفوا في صورتها علي أقوال:

[التلبية وصورها الأربع]

أحدها: أن يقول: «لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك».

الثاني: أن يقول بعد العبارة المذكورة: «إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك».

الثالث: أن يقول: «لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبّيك».

الرابع: كالثالث إلا أنه يقول: «إن الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك لبّيك» بتقديم لفظ «والملك» علي لفظ «لك».

والأقوي: هو القول الأول كما هو صريح صحيحة معاوية بن عمّار والزوائد مستحبة، والأولي التكرار بالإتيان بكل من الصور المذكورة، بل يستحب أن يقول كما: في صحيحة معاوية بن عمّار: «لبيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبّيك، لبّيك ذا المعارج لبّيك، لبّيك داعياً إلي دار السلام لبّيك، لبّيك غفّار الذنوب لبّيك، لبّيك أهل التلبية لبّيك، لبّيك ذا الجلال والإكرام لبّيك، لبّيك تُبدئ والمعاد إليك لبّيك، لبّيك تستغني ويُفتقر إليك لبّيك، لبّيك مرهوباً ومرغوباً إليك لبّيك، لبّيك إله الحقّ لبّيك، لبّيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل لبّيك، لبّيك كشاف الكروب العظام لبّيك، لبّيك عبدك وابن عبديك لبّيك، لبّيك يا كريم لبّيك ».

(14 مسألة): اللازم الإتيان بها علي الوجه الصحيح بمراعاة أداء الكلمات علي قواعد العربية، فلا يجزئ الملحون مع التمكّن من الصحيح بالتلقين أو التصحيح، ومع عدم تمكّنه فالأحوط() الجمع بينه وبين الاستنابة، وكذا لا تجزئ الترجمة مع التمكّن، ومع عدمه فالأحوط الجمع بينهما وبين الاستنابة.

والأخرس يشير إليها بإصبعه مع تحريك لسانه، والأولي أن يجمع بينهما وبين الاستنابة.

ويلبَّي من الصبيِّ غير المميّز ومن

المغمي عليه.

وفي قوله: «إن الحمد …» يصحّ أن يقرأ بكسر الهمزة وفتحها، والأولي () الأول.

و «لبّيك» مصدر منصوب بفعل مقدّر أي: ألبّ لك إلبابًا بعد إلباب، أو لبّا بعد لبّ، أي: إقامة بعد إقامة، من لبّ بالمكان أو ألبّ، أي: أقام، والأولي كونه من لبّ، وعلي هذا فأصله لبّين لك، فحذف اللام وأضيف إلي الكاف فحذف النون، وحاصل معناه: إجابتين لك، وربما يحتمل أن يكون من لبّ بمعني: واجه، يقال: داري تلبّ دارك، أي: تواجهها، فمعناه: مواجهتي وقصدي لك، وأما احتمال كونه من لبّ الشيء، أي: خالصه فيكون بمعني: إخلاصي لك فبعيد، كما أن القول بأنه كلمة مفردة نظير «علي» و «لدي» فأضيفت إلي الكاف فقلبت ألفه ياءً لا وجه له، لأن «علي» و «لدي» إذا أضيفا إلي الظاهر يقال فيهما بالألف، ك «علي زيد» و «لدي زيد» وليس «لبّي» كذلك، فإنه يقال فيه: «لبّي زيد» بالياء.

(15 مسألة): لا ينعقد إحرام حجّ التمتّع وإحرام عمرته ولا إحرام حجّ الإفراد ولا إحرام العمرة المفردة إلا بالتلبية، وأما في حجّ القران فيتخيّر بين التلبية وبين الإشعار أو التقليد، والإشعار مختص بالبدن والتقليد مشترك بينها وبين غيرها من أنواع الهدي، والأولي في البدن الجمع بين الإشعار والتقليد، فينعقد إحرام حجّ القران بأحد هذه الثلاثة ولكن الأحوط مع اختيار الإشعار والتقليد ضمّ التلبية أيضاً.

نعم الظاهر() وجوب التلبية علي القارن وإن لم يتوقّف انعقاد إحرامه عليها فهي واجبة عليه في نفسها، ويستحب الجمع بين التلبية وأحد الأمرين وبأيّهما بدأ كان واجباً وكان الآخر مستحباً.

ثمّ إن الإشعار عبارة عن: شقّ السنام الأيمن، بأن يقوم الرجل من الجانب الأيسر من الهدي ويشقّ سنامه من الجانب الأيمن ويلطّخ صفحته بدمه، والتقليد: أن يعلق في

رقبة الهدي نعلاً خلقاً قد صلّي فيه .

(16 مسألة): لا تجب مقارنة التلبية لنيّة الإحرام وإن كان أحوط، فيجوز أن يؤخّرها عن النيّة ولبس الثوبين علي الأقوي .

(17 مسألة): لا تحرم عليه محرّمات الإحرام قبل التلبية وإن دخل فيه بالنيّة ولبس الثوبين، فلو فعل شيئاً من المحرّمات لا يكون آثماً وليس عليه كفّارة، وكذا في القارن إذا لم يأت بها ولا بالإشعار أو التقليد، بل يجوز له أن يبطل الإحرام ما لم يأت بها في غير القارن، أو لم يأت بها ولا بأحد الأمرين فيه.

والحاصل: أن الشروع في الإحرام وإن كان يتحقّق بالنيّة ولبس الثوبين إلا أنه لا تحرم عليه المحرّمات ولا يلزم البقاء عليه إلا بها أو بأحد الأمرين، فالتلبية وأخواها بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة.

(18 مسألة): إذا نسي التلبية وجب عليه العود إلي الميقات لتداركها، وإن لم يتمكّن أتي بها في مكان التذكّر().

والظاهر: عدم وجوب الكفّارة عليه إذا كان آتياً بما يوجبها لما عرفت: من عدم انعقاد الإحرام إلا بها.

(19 مسألة): الواجب من التلبية مرّة واحدة، نعم يستحب الإكثار بها وتكريرها ما استطاع، خصوصاً في دبر كلّ صلاة فريضة أو نافلة، وعند صعود شرف أو هبوط واد، وعند المنام وعند اليقظة، وعند الركوب وعند النزول، وعند ملاقاة راكب، وفي الأسحار، وفي بعض الأخبار: «من لبّي في إحرامه سبعين مرّة إيماناً واحتساباً، أشهد الله له ألف ألف ملك براءة من النار وبراءة من النفاق ».

ويستحب الجهر بها خصوصاً في المواضع المذكورة للرجال دون النساء، ففي المرسل: «إن التلبية شعار المحرم فارفع صوتك بالتلبية» وفي المرفوعة: «لما أحرم رسول الله صلّي الله عليه وآله أتاه جبرئيل فقال: مر أصحابك بالعجّ والثجّ» فالعج: رفع الصوت بالتلبية، والثجّ: نحر البدن .

(20

مسألة): ذكر جماعة أن الأفضل لمن حجّ علي طريق المدينة تأخير التلبية إلي البيداء مطلقاً كما قاله بعضهم ، أو في خصوص الراكب كما قيل، ولمن حجّ علي طريق آخر تأخيرها إلي أن يمشي قليلاً، ولمن حجّ من مكّة تأخيرها إلي الرقطاء كما قيل، أو إلي أن يشرف علي الأبطح.

لكن الظاهر بعد عدم الإشكال في عدم وجوب مقارنتها للنيّة ولبس الثوبين: استحباب التعجيل بها مطلقاً، وكون أفضليّة التأخير بالنسبة إلي الجهر بها، فالأفضل: أن يأتي بها حين النيّة ولبس الثوبين سرّاً ويؤخّر الجهر بها إلي المواضع المذكورة.

والبيداء: أرض مخصوصة بين مكّة والمدينة علي ميل من ذي الحليفة نحو مكّة.

والأبطح: مسيل وادي مكّة، وهو مسيل واسع فيه دقاق الحصي، أوّله عند منقطع الشعب بين وادي مني وآخره متّصل بالمقبرة التي تسمّي بالمعلّي عند أهل مكّة.

والرقطاء: موضع دون الردم يسمّي مدعي، ومدعي الأقوام مجتمع قبائلهم، والردم حاجز يمنع السيل عن البيت ويعبّر عنه بالمدعي .

(21 مسألة): المعتمر عمرة التمتّع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكّة في الزمن القديم ()، وحدّها لمن جاء علي طريق المدينة: عقبة المدنيِّين وهو مكان معروف.

والمعتمر عمرة مفردة عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم، وعند مشاهدة الكعبة إن كان قد خرج من مكّة لإحرامها().

والحاج بأي نوع من الحجّ يقطعها عند الزوال من يوم عرفة، وظاهرهم: أن القطع في الموارد المذكورة علي سبيل الوجوب وهو الأحوط، وقد يقال بكونه مستحباً.

(22 مسألة): الظاهر أنه لا يلزم في تكرار التلبية أن يكون بالصورة المعتبرة في انعقاد الإحرام ، بل ولا بإحدي الصور المذكورة في الأخبار، بل يكفي أن يقول: «لبّيك اللهم لبّيك» بل لا يبعد كفاية تكرار لفظ: «لبّيك».

(23 مسألة): إذا شكّ بعد الإتيان بالتلبية أنه أتي بها

صحيحة أم لا بني علي الصحّة.

(24 مسألة): إذا أتي بالنيّة ولبس الثوبين وشكّ في أنه أتي بالتلبية أيضاً حتي يجب عليه ترك المحرّمات أو لا، يبني() علي عدم الإتيان بها فيجوز له فعلها ولا كفّارة عليه .

(25 مسألة): إذا أتي بما يوجب الكفّارة وشكّ في أنه كان بعد التلبية حتي تجب عليه، أو قبلها: فإن كانا مجهولي التاريخ، أو كان تاريخ التلبية مجهولاً لم تجب عليه الكفّارة، وإن كان تاريخ إتيان الموجب مجهولاً فيحتمل أن يقال بوجوبها لأصالة التأخير، لكن الأقوي: عدمه لأن الأصل لا يثبت كونه بعد التلبية.

[الثالث: لبس ثوبي الإحرام]

الثالث من واجبات الإحرام: لبس الثوبين بعد التجرّد عمّا يجب علي المحرم اجتنابه، يتّزر بأحدهما ويرتدي بالآخر، والأقوي: عدم كون لبسهما شرطاً في تحقّق الإحرام، بل كونه واجباً تعبّدياً.

والظاهر: عدم اعتبار كيفيّة مخصوصة في لبسهما، فيجوز الاتّزار بأحدهما كيف شاء والارتداء بالآخر أو التوشّح به أو غير ذلك من الهيئات، لكن الأحوط() لبسهما علي الطريق المألوف، ولذا الأحوط عدم عقد الإزار في عنقه، بل عدم عقده مطلقاً ولو بعضه ببعض وعدم غرزه بإبرة ونحوها. وكذا في الرداء الأحوط عدم عقده، لكن الأقوي: جواز ذلك كلّه في كلّ منهما ما لم يخرج عن كونه رداءً أو إزاراً.

ويكفي فيهما المسمّي، وإن كان الأولي بل الأحوط أيضاً كون الإزار ممّا يستر السرة والركبة، والرداء ممّا يستر المنكبين، والأحوط: عدم الاكتفاء بثوب طويل يتّزر ببعضه ويرتدي بالباقي إلا في حال الضرورة، والأحوط كون اللبس قبل النيّة والتلبية، فلو قدّمهما عليه أعادهما بعده، والأحوط ملاحظة النيّة في اللبس، وأما التجرّد فلا يعتبر فيه النيّة وإن كان الأحوط والأولي اعتبارها فيه أيضاً.

(26 مسألة): لو أحرم في قميص عالماً عامداً أعاد()، لا لشرطيّة لبس

الثوبين لمنعها كما عرفت، بل لأنه مناف للنيّة حيث إنه يعتبر فيها العزم علي ترك المحرّمات التي منها لبس المخيط، وعلي هذا: فلو لبسهما فوق القميص أو تحته كان الأمر كذلك أيضاً لأنه مثله في المنافاة للنيّة، إلا أن يمنع كون الإحرام هو العزم علي ترك المحرّمات، بل هو() البناء علي تحريمها علي نفسه، فلا تجب الإعادة حينئذٍ.

هذا ولو أحرم في القميص جاهلاً، بل أو ناسياً أيضاً نزعه وصحّ إحرامه، أما إذا لبسه بعد الإحرام فاللازم شقّه وإخراجه من تحت، والفرق بين الصورتين من حيث النزع والشقّ تعبّد، لا لكون الإحرام باطلاً في الصورة الأولي كما قد قيل .

(27 مسألة): لا يجب استدامة لبس الثوبين ، بل يجوز تبديلهما ونزعهما لإزالة الوسخ أو للتطهير، بل الظاهر جواز التجرّد() منهما مع الأمن من الناظر، أو كون العورة مستورة بشي ء آخر.

(28 مسألة): لا بأس بالزيادة علي الثوبين في ابتداء الإحرام ، وفي الأثناء للاتّقاء عن البرد والحرّ، بل ولو اختياراً.

پي نوشتها

() مع الجهل القصوري لا بطلان.

() فيه إشكال بل منع.

() الأحوط ترك مطلق مخاطبة الغير بأيّ وجه كان.

() البطلان غير تام.

() الأحوط تركه، وأما الفرع التالي بقصد القرآنية فلا بأس به.

() سورة الزمر: 73.

() سورة ق: 34.

() ينبغي الالتزام بهذا الاحتياط.

() علي الأحوط.

() الجواز هنا ليس بمعني جواز الترك، بل الجواز الوضعي بمعني عدم بطلان الصلاة به.

() ينبغي مراعاته في قصد القرآن دون الدعاء كما تقدّم، إذ الأظهر عدم جواز الدعاء بمخاطبة غير الله في الصلاة، وكذا في الفروع الآتية.

() الأظهر الكفاية مع كونه مقصوداً ضمن الجماعة بالسلام، والاحتياط المذكور غير واجب.

() مع صدق التحية عرفاً.

() الاظهر عدم وجوب الردّ حينئذٍ في غير الصلاة، وعدم جوازه في الصلاة.

() الأولي.

() بل

الأحوط عدم الردّ إلا بقصد القرآن، دون الدعاء.

() تقدّم ان الأظهر الكفاية.

() ووردت به الأخبار.

() غير الشابّة، وإلا فمكروه علي الأصح.

() ينبغي الاقتصار عليه.

() بمعني تأكّد الاستحباب في حقّهم.

() علي الأحوط، وان كان للكفاية وجه.

() بل الأظهر في التسميت وفي ردّه، إلا بالدعاء بغير خطاب لغير الله تعالي.

() إذا لم تكن ماحية لصورة الصلاة لشدّتها أو كثرتها.

() فيه اشكال إذا لم يكن ماحياً للصورة.

() ينبغي مراعاته.

() إلا إذا أوجب الخروج عن صورة الصلاة.

() فيه إشكال.

() تقدّم منه (قدّس سرّه) في شرائط الوضوء المسألة التاسعة والأربعين ما ينافي هذا حيث صرّح بعدم جريان قاعدة الفراغ، وإنّا اشكلنا هناك بان للجريان وجهاً وجيهاً.

() علي الأحوط فيه وفي ما بعده إذا كان في الوقت، وعلي الأَولي إذا كان بعد الوقت.

() والأصحّ عدم الإشكال، بل هو من أفضل القربات، إلا إذا كان ماحياً لصورة الصلاة.

() مع كونه مانعاً عن وضع المقدار اللازم من الجبهة علي الأرض، وقد تقدّم في المسألة الأُولي من «فصل: في السجود».

() بل في الصلاة مطلقاً.

() مع عدم الضرر البالغ. وإلا كان الأحوط الترك.

() ربما يكون من المستحبات تأسّياً بالنبيّ (صلّي الله عليه وآله)، وقد ذكره في كشف الغطاء في عداد ما لا يكره في الصلاة.

() عند الضيق لا مطلقاً.

() إلا إذا كان هتكاً للمجسد.

() لا يبعد التخيير حينئذٍ.

() لا يبعد التخيير أيضاً مع التحفّظ علي واجبات الصلاة، وإلا قدّم الصلاة.

() لا يترك الاحتياط في هذه الصورة.

() علي الأحوط في المخوف الأرضي.

() والأحوط عدم نيّة الأداء علي نحو التقييد.

() الأحوط أن لا يكتفي بأقلّ من آية.

() والقول باستقلالية استحباب كل واحد من هذه الخمسة لا يخلو من وجه.

() هو أحوط وان كان لا يبعد جواز الدخول

حتّي قبل الركوع العاشر ولا يختل النظم، إذ المأموم يتدارك ما لم يلحق فيه بالإمام.

() بل مطلقاً إذا كان ثقة.

() مع رؤية الآية هناك، وإلا فالأظهر العدم.

() بل الأَولي.

() مع تجدّد الآية بعد الصلاة، وإلا فالأحوط الأولي التعدّد.

() بل الأَولي.

() لا يترك مع الصدق.

() بل وجوب القضاء فيه وفي السكران باختيارهما غير بعيد.

() وان كان الأظهر عدم القضاء، في هذه الصورة.

() الأداء والقضاء كلاهما احتياط استحبابي.

() بل الأَولي.

() الأظهر وجوب الأداء، والأَولي القضاء أيضاً.

() علي الأحوط.

() لا يترك ان لم يكن أقوي.

() في مثل الظهرين والعشائين لا مطلقاً.

() والأظهر عدم الوجوب،وبذلك يظهر الحكم في الفروع التالية.

() مع القصور، والأحوط الوجوب مع التقصير.

() بل الأولي.

() أي: ضرر بالغ كبير، لا مطلقاً.

() اطلاق هذا وما بعده لما لا يوجب فسادهم محلّ إشكال.

() بل من الثلث علي الأظهر.

() استحباباً.

() من الماليات والحج دون البدنيّات.

() مع الوصيّة يجب علي الأحوط ولا إشكال فيه.

() بل لان الدَّين يؤدَّي من أصل المال، وصلاة وصوم نفسه من الثلث كما تقدّم.

() بل ثقة في الاتيان بالعمل، وفي صحة العمل، وجداناً أو تعبّداً.

() بل هو بعيد.

() اطلاقه ممنوع.

() بل تكليف نفسه، إلا إذا اشترط عليه أمر آخر، نعم إذا كان تكليف الأجير باطلاً بنظر المستأجر وعلم بكيفيّة العمل، فلا يصحّ له الاكتفاء به علي الأظهر.

() تقدّم عدم وجوب مراعاة الترتيب في القضاء إلا في المترتّبتين بالاصالة، بل حتّي إذا علم بأن الميّت كان عالماً بالترتيب، وبهذا يظهر عدم أثر للمسألة التالية.

() إذا كانت الإجارة علي تفريغ ذمة الميّت لا مطلقاً.

() بل المستأجر.

() إذا لم يشترط علي الأجير المباشرة.

() إذا لم تكن الأجرة المسمّاة أقلّ من أجرة المثل مع علم الأجير بذلك حين الإجارة، وإلا

فالمسمّاة علي الأقرب.

() هذا هو الأقوي.

() هذا الإحتياط غير لازم.

() علي الأحوط الأَولي في الميّت إذا كان امرأة.

() من نوم أو نسيان أو تقيّة أو عجز، دون مثل المرض والسفر فانهما ليسا من أعذار ترك الصلاة، ودون مثل الحيض والنفاس فانهما لا يجب معهما قضاء الصلاة، إلا فيما إذا كان عروضهما بعد مضيّ مقدار من الوقت يسع الصلاة، فتأمّل.

() في السفر نعم للأدلة الخاصة، وأما غير السفر فالأقوي عدم القضاء.

() بل عن خصوص الأب دون الأم وان كان الأحوط الأَولي كما تقدّم.

() لا يجب علي أيٍّ منهما علي الأقرب.

() لا يبعد كون الوجوب كفائياً فيما يمكن التقسيط أيضاً.

() بل لهما علي سبيل البدل، فإذا اطمأنّ أحدهما بعدم افطار الآخر، جاز له الافطار.

() إذا أفطر كلاهما دون ما إذا أفطر أحدهما فقط.

() ينبغي الالتزام بالكفارة في القضاء عن الغير.

() ولو ببركة أصل الصحّة.

() تقدّم عدم وجوب مراعاة الترتيب علي الوليّ حتّي مع علمه بعلم الميّت بالترتيب، إلا في المترتبتين بالاصالة مثل الظهرين والعشائين.

() بل تكليف نفسه مطلقاً.

() علي الأحوط.

() بل لا يجب، بل لا يجوز مع عدم موافقة الورثة كل من حصته من الإرث، إلا إذا أوصي فيصرف من الثلث، أو موافقة الورثة في الزائد.

() والأظهر عدم الوجوب عليه.

() علي الأحوط الأَولي.

() وكان الوسواس موجباً لبطلان الصلاة لا مطلقاً.

() علي الأحوط الأَولي فيه وفي بطيئ القراءة.

() مع حصول الأذيّة لهما بالترك لا مطلقاً.

() بل الأحوط الأَولي في صلاة الغدير.

() في غير مثل الجماعة الذي ذكره الماتن محلّ إشكال، فلا يترك الاحتياط.

() حتّي فيهما يلزم الوثوق بتحقّق الجماعة، ولعلّ مراده (قدّس سرّه) بالنيّة ذلك.

() الظاهر صحّة صلاته في جميع الصور، إلا إذا أتي بما تبطل به الصلاة

مطلقاً.

() بل تصحّ صلاته وجماعته جميعاً.

() بزيادة ركن، أو الرجوع في الشكّ إليه الموجب لمثل ذلك، لا مطلقاً.

() في القوّة اشكال، نعم هو أحوط.

() أو غير ذلك: من رعاف، أو انقضاء صلاة الإمام ونحوهما.

() علي الأحوط.

() الصحّة مشكلة فلا يترك الاحتياط.

() الأظهر صحّة الصلاة مطلقاً، إلا إذا فعل أو ترك ما تبطل به الصلاة مطلقاً.

() إذا فعل ما تبطل الصلاة به مطلقاً.

() بل بطلت جماعته، دون صلاته.

() بل الأَولي.

() بطلت جماعته لا صلاته كما تقدّم.

() وكذا التشهّد الأوّل علي الأظهر.

() وكذا غيرها من الركعات علي الأظهر.

() بل يكتفي بالنيّة والتكبيرة الأُوليين علي الأقرب.

() لا يترك.

() أي: الحائل بين المرأة والرجل، أما النساء لبعضهن مع بعض فيلزم عدم الحائل بينهنّ.

() بما لا ينافي صدق الجماعة في عرف المتشرّعة.

() بل جماعته فقط، وصحّت صلاته إذا لم يخلّ بوظيفة الفرادي.

() بل الأحوط الأَولي.

() القوّة غير معلومة، نعم هو أحوط.

() بطلت جماعته، وأما اصل صلاته فبطلانها متوقّف علي الإخلال بوظيفة المنفرد علي الأقرب.

() بل الأَولي فيه وفي العكس إذا كان المراد من العكس: ان المأموم لحق بالإمام مثلاً حال الركوع وكان مانع لحال القيام، لكنه عند قيامه للركعة الثالثة يرتفع المانع.

() علي الأحوط، أما إذا كان بحيث يري كاملاً مثل البلاستك الشفّاف ونحوه فغير بعيد عدم الحيلولة.

() بالمقدار الذي لا يضرّ بالمتابعة العرفيّة.

() لا يبعد كونه شرطاً في تحقّق أو استمرار الجماعة، دون ان يكون واجباً يأثم بتركه.

() تقدّم آنفاً نفي البعد عن عدم كونه آثماً.

() الأحوط وجوباً الاتمام ثمّ الاعادة.

() لا يبعد عدم الاثم كما تقدّم.

() الأَولي.

() ينبغي الالتزام بهذا الاحتياط.

() تقدّم ان الأحوط الأَولي ترك الجهر بها في القراءة خلف الإمام.

() لا يبعد عدم جواز الاقتداء فيما

أحرز المأموم بطلان صلاة الإمام علي كل حال، بلا فرق في ذلك بين كون المحرز العلم، أو العلمي.

() صحّة الجماعة غير بعيدة.

() بل وان زاد علي الأظهر.

() في نسيان الإمام القراءة لا يبعد صحة الجماعة بقراءة المأموم نفسه.

() عدم الوجوب غير بعيد.

() هذا الاحتياط غير لازم.

() يكفي عدم العلم بالبطلان علي كلّ حال.

() غير مشكل مع عدم التقصير الملازم لعدم العدالة.

() إذا كان معتبراً عند الإمام كفي.

() علي الأحوط كما تقدّم من المصنف (قدّس سرّه) في القراءة: مسألة 32.

() أو عدل واحد، بل ثقة واحد.

() بل مطلقاً في العدل الواحد.

() بل يكفي اقتداء عدل واحد به بحيث يكشف عن اعتقاده عدالة الإمام.

() لا خصوصية لهذا الشرط بعد فرض الاطمينان.

() لا يترك الاحتياط فيه.

() بل منع إذا كان ماحياً لصورة الصلاة، والظاهر عدم ذلك إذا كان مشتغلاً بالذكر والدعاء والقرآن.

() وكفاية سجدتي السهو مرّة واحدة غير بعيدة.

() الاشكال خاص برجوع الإمام إلي المأموم، دون العكس، وأما اغتفار زيادة الركن فلعلّه من سهو القلم، إذ ذاك خاص برجوع المأموم إلي الإمام الذي لا إشكال فيه.

() في الشبهة الموضوعية الصرفة، أما المستنبطة والحكمية فيجب الرجوع فيها إلي مرجع التقليد أو الاحتياط.

() لا يبعد الاستحباب في الصور الأربع.

() وصفاً للإعادة لا لنفس الصلاة.

() زيادة الجزء المستحب عمداً بنفسه لا توجب البطلان إلا بالخلل بالنيّة، ونقيصتها واضحة عدم الإخلال بها.

() في الجاهل القاصر، أمّا المقصّر فالأحوط الإلحاق بالعمد إلا في ما خرج من الجهر والاخفات والاتمام في محل القصر للجهل بالحكم.

() في البطلان بالمخالف من حيث صدق الزيادة شرعاً اشكال، إلا إذا أخلّ بالنيّة بتشريع ونحوه.

() علي الأحوط في القضاء كما تقدّم في فصل أحكام الخلل في القبلة مع التفصيل

المذكور هناك بين الاستدبار و غيره.

() عن تقصير.

() ولم يتمكن من الازاله في الصلاة بدون فقد شيء من الشرائط.

() في المقصّر مطلقاً الأحوط الحكم بالبطلان، وفي القاصر مطلقاً الصحة.

() لا يترك في المقصّر، بل الأظهر في الغاصب.

() علي الأحوط في زيادة تكبيرة الإحرام.

() علي الأحوط في غير الخمسة الآتية من بقية أنواع الزيادة والنقيصة.

() كفاية سجدتي السهو مرّة واحدة لمجموع هذه الزيادات غير بعيدة.

() بل الأظهر الصحة مع عدم الفصل المخلّ بالموالاة، فيتدارك ويسجد سجدتي السهو مرة واحدة للجميع.

() علي الأحوط في المنسيّات غير نسيان السجدة الواحدة ونسيان التشهد.

() علي الأحوط في هذه الكلّية.

() أي: إذا نسي وضع أحد المساجد حال الذكر، وتذكر قبل رفع الرأس من السجود، فالأحوط استحباباً أن يضع ذلك العضو علي الأرض ويعيد الذكر بقصد القربة المطلقة.

() بل هو بعيد علي الظاهر.

() الأقرب الفوت بالدخول في السجدة الثانية.

() والأقرب الفوت فلا يعيد.

() بقصد الرجاء لا الخصوصية.

() غير بعيد ذلك، وكذا الفرع التالي.

() بل أحوطهما.

() علي الأحوط.

() بل يبني علي الإتيان بالمشكوك مطلقاً، كالوسواسي.

() علي الأحوط، وان كان لجريان قاعدة التجاوز في مثل الطهارتين اللتين وقتهما الشرعي قبل الصلاة مع بنائه علي الإتيان بهما، وجه وجيه، وقد أفتي الماتن وعدّة من الأعاظم في نظائر ذلك بجريان القاعدة.

() علي الأحوط، فيما لو رأي نفسه بهيئة المصلِّي: من الانصات، ووضع اليدين علي الفخذين ونحو ذلك، وسيأتي من الماتن إن شاء الله تعالي في نظيره في المسألة (15) من نفس هذا الفصل: الحكم بجريان قاعدة التجاوز.

() علي الأحوط في غير الكلام والسلام الزائدين.

() علي الأحوط في كل نقيصة غير السجدة الواحدة والتشهّد المنسيّين.

() علي الأحوط إذا كان الشك بعد رؤية نفسه فارغاً عن الصلاة.

() يحتمل

البناء علي الأقل، وان كان الأحوط وجوباً ما ذكر في المتن، ونحوه: الفرعان التاليان: السادس والسابع.

() إتمام ما بيده والسجود للسهو غير بعيد، وان كان لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بين ذلك وما في المتن.

() كفاية سجدتي السهو مرّة واحدة لمجموع هذه الزيادات غير بعيدة.

() علي الأحوط وعدم وجوبه غير بعيد.

() أي: شكّ بين الاثنتين والأربع أولاً فيما تصحّ الصلاة معه، وهو: بعد إكمال السجدتين لا حال القيام، كما هو واضح.

() لا تبعد كفاية إعادة الصلاة.

() كالمسألة السابقة غير بعيد كفاية إعادة الصلاة.

() هذا هو الأقرب.

() علي الأحوط الأَولي.

() والظاهر الكفاية في هذه الصورة.

() والأوجه الصحة.

() تقدم ان عدم وجوبه غير بعيد.

() بعد نفي البُعد عن عدم وجوب التروّي. لا موقع لهذا الاشكال.

() العدول أحوط ويحتاط استحباباً بالإعادة بعد الإتمام.

() بل الأحوط، وليس علي الولي قضاء صلاة الاحتياط.

() بل الأحوط فيهما وفي سجدة السهو.

() تكفي الاعادة علي الأظهر.

() هذا إذا كان بعد فعل المنافي، وإلا أمكن وصلها بركعة أخري، ويسجد للسهو للزيادات الحاصلة، نعم الأحوط استحباباً مع ذلك إعادة الصلاة.

() هذا غير بعيد، ففي كل مورد أمكن إتمام الصلاة ولو بضمّ صلاة الاحتياط أتمّها، وإلا قطع صلاة الاحتياط واستأنف الصلاة، مثال الأوّل: ما إذا شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع واشتغل بركعتين أوّلاً من قيام فعلم قبل ركوع الثانية بأن صلاته كانت ثلاثاً، فانه يهدم الزائد ويتمّ صلاة الاحتياط ركعة ويسجد للسهو للتكبير الزائد ونحوه. ومثال المورد الثاني: نفس المثال إذا علم بانه صلَّي ثلاثاً في الرباعية بعد ركوع الثانية من الاحتياط، فانه يقطع صلاة الاحتياط ويستأنف صلاته.

() هذا الوجه وجيه.

() كفاية إعادة الصلاة غير بعيدة.

() إذا كان هذا الشك بعد الفراغ، وإلا أتي بما هو

وظيفته للشك فعلاً.

() هذا هو الأَوجه.

() والأَوجه العدم.

() كفاية إعادة الصلاة غير بعيدة.

() وهو وجيه.

() تكليفاً علي الأحوط، وأما وضعاً فمحلّ منع.

() بما ينافي الفور العرفي علي الأحوط.

() ينبغي مراعاة هذا الاحتياط.

() ينبغي مراعاة هذا الاحتياط.

() استحباباً.

() بل الأولي.

() استحباباً.

() علي الأحوط.

() الإتيان بالتشهّد أو السجدة حين يتذكّرهما هو الأحوط، مخيّراً بين قطع النافلة والإتيان بهما، أو البناء من حيث أتي بهما بدون قطع، والثاني أَولي بل أحوط استحباباً.

() الأحوط الإيماء للسجدة بدون قطع الفريضة، وإتمام الفريضة، ثمّ الإتيان بالسجدة أو التشهّد المنسي، وينبغي إعادة الصلاة بعد ذلك.

() الأحوط تقديم العصر عليهما.

() استحباباً.

() تقدم في المبطلات: الاحتياط الوجوبي بترك مطلق مخاطبة الغير بأيّ وجه كان، فعمده في غير محلّه مبطل علي الأحوط، وسهوه موجب لسجود السهو.

() علي الأحوط في كلٍّ من القضاء وسجدتي السهو، في الأَبعاض.

() علي الأحوط فيهما وفي كل زيادة ونقيصة.

() العدم غير بعيد في مطلق الذكر والقرآن والدعاء.

() لا يجب مراعاته.

() بل مرّة واحدة هنا وفي الفرع التالي وكلّ مورد كانت الأمور المتعدّدة المتّصلة تُقدّر عرفاً سهواً واحداً ولو طويلاً وممتدّاً.

() كونه أحوط محلّ إشكال.

() بل إشكال والاحتياط ينبغي مراعاته.

() بل الأَولي.

() فيه تأمل.

() بل يرجع إليه علي الأقرب.

() الاحتمال غير بعيد.

() بل الأحوط لهذا البعض الانفصال عن الجماعة والعمل بشكّه.

() لا يبعد كون الظن في الأفعال كالظن في الركعات.

() ويصحّ مع الخطأ في التطبيق، وكذا إذا رأي نفسه فعلاً في صلاة العصر وشكّ في نيّته لها أوّل الصلاة علي الأظهر، والمسألة الثانية من هذا القبيل.

() الصحّة غير بعيدة خصوصاً إذا كان الشكّ بعد الركوع، فيتمّها عشاءً ويأتي بعده بالمغرب، والاحتياط في محلّه.

() هذا أحوط وإن كان إتمامها عصراً حتّي إذا كان

قبل ركوع الثانية ثم الإتيان بالظهر غير بعيد.

() بل علي الأولي.

() بل منع، إلا للقيام في غير محلّه علي الأحوط.

() وهذا أوجه.

() الصحة غير بعيدة، فيبني علي الإتيان بالركوع الثاني في الثانية، ويتمّ الصلاة وان كان الأحوط الإعادة.

() الصحة هي الأقرب، فمع فوات المحلّ الشكّي والسهوي يقضي السجدتين، ومع بقاء محلّ الشك يأتي بالمشكوك.

() صحة الصلاة غير بعيدة في الفرضين، وكذا إذا كان الشك بعد الفراغ، وإن كان الأحوط ما ذكره الماتن.

() هذا أقرب.

() بل الأقرب كفاية هدم القيام والإتيان بالتشهّد، وكذا إذا كان الشكّ قبل القيام، وان كان الأحوط ما في المتن.

() وهذا اقرب.

() يأتي بالتشهد فقطّ.

() الأقرب: ان حكم حال النهوض حكم حال القيام، كالمسألة السابقة.

() تقدم في الثامنة ما ذكره هنا وفي المسألة التالية، فلاحظ.

() لا مانع من اعمال القاعدتين وما تقدم في المتن هو الأصح.

() بل الأحوط استحباباً البناء علي الأربع والاتمام عصراً ثمّ الايتان بركعة احتياط ثمّ اعادة الصلاتين.

() بل يبني علي صحّة الظهر ويعيد العصر فقط.

() أيضاً يبني علي صحّة المغرب ويعيد العشاء.

() يكمل ما بيده بقصد الرجاء، ثمّ يصلّي أربعاً أيضاً بقصد ما في الذمّة، ولا سجود للسهو عليه.

() علي الأحوط.

() وله أن يترك ما بيده ويجري قاعدة الفراغ في المغرب.

() هذا الاحتمال بعيد.

() بل الأول.

() والأوجه الأول.

() فيرجع ويأتي بالركوع ثم السجدتين ثم التشهد ويتم الصلاة بلا حاجة إلي الاعادة ويسجد للسهو احتياطاً للتشهد الزائد.

() والثاني غير بعيد، وسيأتي إن شاء الله تعالي منه قدّس سره في المسألة التاسعة والخمسين ما يناسب لما ذكرناه هنا.

() فيه إشكال فلا يترك الاحتياط المذكور.

() علي الأحوط.

() في هذه الصورة عليه الإتيان بالصلوات الخمس جميعاً.

() الاكتفاء بصلاة الاحتياط، أو الإعادة مخيّراً

بينهما غير بعيد، وان كان ما ذكره أحوط.

() علي الأحوط في الفرعين.

() والصحة غير بعيدة فلا إتيان ولا إعادة.

() وعليه ترك بقيّة التشهّد إن كان في الاثناء.

() وهذا اقرب.

() لا يترك فيه وفي سبق اللسان.

() عدم وجوب القضاء غير بعيد، بل يكتفي بسجود السهو علي الأحوط.

() في الركن، أو التقصير، وإلا فلا إعادة علي الأقرب.

() وفي رواية: بالتمر وتربة الإمام الحسين عليه السلام فانه بركة وسنّة.

() مع عدم تجاوز محل الشك، وإلاّ بني علي الصحيح مطلقاً.

() وهو قريب.

() علي الأولي.

() بل أول ليلة الموت، وان كان الأولي الجمع.

() بل الأفضل.

() ولكن يصحّ إتيان ركعتين من نافلة المغرب بهذه الكيفيّة علي الأقرب.

() وفي رواية: مرّة واحدة التوحيد والقدر ويصحّ العمل بها أيضاً.

() ولا يبعد صحة قضائها إذا فاتت أول شهر في بقيته ليلاً ونهاراً.

() وتقدّم منّا عدم الاشكال في ذلك.

() ولا يبعد الجواز، والأحوط استحباباً إِتيانها رجاءاً.

() لا يبعد كون الملاك في هنا ونحوه علي الحقائق العرفيّة وان كانت مسامحات دقّيّة.

() فيكفي أقلّ مصاديقها.

() بل مطلقاً علي الأقرب، خصوصاً إذا كان بين أهل المكان.

() والثبوت أظهر، بل مطلق الثقة وان لم يكن عدلاً.

() دون القضاء إذا علم بذلك بعد الوقت، وان كان أحوط.

() بل آخر البلد مطلقاً وان كان خارجاً عن السور.

() بل آخر البلد أيضاً.

() التقصير في مثله غير بعيد.

() مع العزم علي الطاعة.

() بل التمام أظهر ما لم يحرز المتابعة.

() لا بأس بتركه.

() بل الأظهر التمام، وفي المثال الذي ذكره الظاهر القصر كما ذكره، والفرق بينهما: الجهل بالمقدار، والجهل بالمسافة.

() هذا الوجه هو الأقوي.

() هذا الوجه وجيه.

() إذا كان احتمالاً يعتني بمثله العقلاء، كان منافياً للعزم، فيتمّ.

() الأوجه ذلك كما تقدّم في الشرط الثالث.

()

مع تحقق النشوز به.

() واذيّتهما فعلاً بذلك بأن يكون مصداقاً للعقوق.

() في إطلاقه إشكال بل منع.

() الأحوط التمام في المشي في الأرض مغصوبة إذا كان بهذا القصد.

() الملاك حرمة التبعيّة ولو بعناوين أُخري: كنفوذ سلطانه، وتقوية شوكته، والركون إليه، ولو كان لبناء مسجد لهم كما في الخبر ونحو ذلك.

() أو تبعيته له بالعناوين الأُخري المحرّمة كما تقدّم في المسألة السابقة.

() إلا إذا كان رجوعه سفراً مستقلاً عرفاً، كما إذا بقي مدة طويلة ثم رجع، فأنه يقصّر علي الأقرب.

() بعد الشروع في السفر من مكان قصد المعصية، أما قبله كما إذا خرج بقصد السفر المباح الي قرية من قري البلد وفي تلك القرية قصد الاستمرار في السفر للمعصية فمادام في القرية يصلِّي قصراً علي الأقرب، فإذا شرع في السفر منها أتم.

() بل التمام حينئذٍ غير بعيد.

() الأقرب القصر في الداعي التبعي للمعصية، والتمام في الاشتراك.

() لا ملاك للتجرّي، والملاك علي الحرام الواقعي مع تنجّزه علي المكلّف ولو بأصل عملي.

() مع كون قطع ذلك المقدار عرفاً مقدّمة للغاية المحرّمة وإلا فلا يعدّ من سفر المعصية.

() الظاهر عدم وجوب الإقامة عليه.

() بل حتّي إذا كان يقصد التوصل إلي ترك الواجب علي الأقرب.

() إذا كان الباقي بعد الحرام مسافة.

() إذا كان مقدار الغرض الصحيح مسافة شرعية كما تقدّم آنفاً.

() وقد تقدّم أنّ الأقرب القصر مع عدم التوبة إذا عدّ العود سفراً مستقلاً، كما إذا بقي مدّة طويلة ثم رجع.

() الأقرب القصر إذا كان الباقي مسافة وإلا فالتمام.

() مع كون الباقي وحده مسافة ولو ملفّقة مع العود علي الأظهر.

() الأقرب الاتمام والاحتياط بالقضاء غير لازم.

() إذا كان مع بيته فالتمام وإلا فالقصر.

() لا يبعد فيما إذا صدق التعدّد وجوب القصر

في السفرة الأولي والتمام بعد ذلك، نعم الأحوط استحباباً الجمع في الثانية.

() إلا إذا صدق التعدّد أثناء السفر الواحد، فانه كما تقدّم يقصّر في السفرة الأُولي، وتيم بعد ذلك.

() الظاهر اعتبار السفر الشرعي في ذلك.

() إذا كان قاصداً لأسفار عديدة من دون فصل عشرة أيام بينها ولو لمدّة شهر واحد، فلا يبعد التمام من السفرة الثانية، وكذا إن لم يكن قاصداً لذلك لكن استمرّت أسفاره شهراً فيتمّ بعد الشهر.

() ذات المسافة الشرعية.

() بل يتمّ ولو كان له مكان مخصوص.

() إذا لم يكن عزمه أن لا يتّخذ وطناً، وإلا أتمّ كباقي المصاديق.

() لا يبعد كون الملاك خفاء الأذان، وان تعارضا فالتخيير.

() لايترك.

() بعد الفحص علي الأحوط، كما في نظائره في العديد من أبواب الفقه ممّا أفتوا أو احتاطوا بالفحص ثمّ إجراء الأصل.

() إذا لم يحصل علم اجمالي بالبطلان، كما إذا صلَّي تماماً في الخروج، وفي الدخول أراد أن يصلّي قصراً في نفس النقطة، فان عليه الجمع في الدخول، أو تأخير الصلاة إلي مكان الإحراز فيصلّي تماماً.

() وهو اقرب.

() أي: بعد فعل المنافي، وإلا فإن بان قبل فعل المنافي وصل الركعتين باخريين وأتمّ الصلاة، ثمّ سجد للسهو للسلام الزائد.

() علي حسب حاله تماماً، أو قصراً كما لا يخفي.

() بل وان لم يكن الباقي وحده مسافة علي الأقرب.

() بل الأولي.

() في الوطن الأصلي لا يعتبر شيء، بل وان عزم الهجرة عنه إلي الأبد يصلِّي تماماً ما دام فيه ولو يوماً واحداً، وفي الوطن الاتّخاذي يعتبر صدق كونه مسكناً له فعلاً وانه ليس مسافراً فيه، وان لم يعزم الدوام وتردّد، بل وان عزم الخروج عنه، والملاك: صدق المسكنيّة وعدم صدق كونه مسافراً هناك.

() تقدّم عدم اشتراط قصد السكني دائماً،

بل ولو موقّتاً بمقدار يصدق عليه عرفاً انه مسكنه.

() الملاك: صدق نسبة التوطّن إليه عرفاً، فليس الملاك: البلوغ ولا عدمه في الطرفين، فمثل المراهق المستقلّ بالقصد ليس تابعاً، والبالغ المكره أو المضطّر تابع.

() إذا صدق التوطّن العرفي بقي حكم التمام حتّي يتحقّق فعلية سقوط الوطن فلا يضر التردّد، ولا العزم علي الخروج ولا يختلف في ذلك علي الأقرب الوطن الأصلي والمستجدّ.

() بل وبأقلّ حتّي مثل السنة والسنتين: كطلبة العلوم الدينيّة وغيرهم ممّن يهاجرون إلي بلد ويقصدون البقاء فيه مدّة بحيث لا يعتبرون مسافرين عند العرف هناك.

() الاعتبار بالتعدّد العرفي دون تعدّد الأسماء، ولعلّ الآن النجف الأشرف والكوفة يعتبران بلداً واحداً عرفاً، وكذا بغداد والكاظمية.

() الاعتبار بوحدة البلد دون المحلّ، وان كان البلد كبيراً جداً عدّة فراسخ كسامرّاء في عهد المعصومين عليهم السلام.

() احتمالاً لا ينافي عرفاً العزم علي الإقامة.

() الظاهر عدم كفاية قصد غايةٍ هي في الواقع عشرة أيام كاملة ما لم يعلم فعلاً بانها عشرة، وفي ما ذكره الماتن قدّس سرّه من المثال لا يجب التمام بعد الاطلاع ولا الإعادة والقضاء، وكذا في المثال التالي.

() لا يكفي علي الظاهر كما تقدّم آنفاً.

() كأن كلمة «لو» سهو، لعدم صحّة الفرض مع الالتفات.

() ولو بصلاة تامّة، ولا حاجة إلي تمام العشرة، ولا إلي العزم علي بقائها بعدما صلَّي رباعيّة بتمام مع عزمها كما تقدّم.

() والتمام غير بعيد في أربعتها.

() والأقرب القصر.

() هذا إذا كان بعد الدخول في ركوع الثالثة كما تقدم وإلاّ هدم القيام وأتمّهاً قصراً وصحّت صلاته وسجد للسهو للقيام الزائد.

() عدم الوجوب في غير الاستئجار أقرب.

() بل الأولي.

() بل يبقي علي التمام.

() فيه ولو في اثنائها وكذا قبل الإتيان بالأجزاء المنسية، أو في اثنائها

لا يبعد القصر، والأحوط إتمام ما بيده واعادتها قصراً.

() الظاهر التمام في كلتيهما، لعدم الفرق بينهما في قصد الإقامة وقد تقدّم له بعض النظائر.

() الوجه غير وجيه.

() هذا مشكل.

() الأحوط وجوباً ترك هذه النوافل وكذا المذكورة في المسألة التالية إلا بقصد الرجاء.

() علي الأحوط في الوقت، ولا يبعد عدم وجوب القضاء خارجه.

() لا يبعد عدم وجوب القضاء إذا علم بذلك بعد الوقت وان كان أحوط.

() فيه وفي الجهل بالموضوع لا يبعد عدم وجوب القضاء وان كان أحوط.

() وفيه أيضاً الأقرب البطلان والإعادة، أو القضاء.

() أي: علم في الأثناء، أو مادام الوقت باقياً، وأما إذا اعلم بعد خروج الوقت فقد تقدّم نفي البعد عن عدم وجوب القضاء وإن كان أحوط.

() بل الأقرب.

() بل عن خصوص الأب علي الأظهر.

() في الارتداد مطلقاً، وكذا القتل مطلقاً نظر، بل منع.

() إيكال التقدير في غير الجماع بل فيه أيضاً إلي الإمام أحوط إن لم يكن اقرب.

() لا يترك.

() أو احتمل وان لم يدَّع.

() لا يبعد عدم لزوم التعيين مع التعيّن في الواجب، وأما المندوب فكذلك حتّي مع التعدّد.

() عدم الإجزاء فيه وفي الفرع التالي محلّ إشكال، بل في المتوخّي أيضاً محبوساً أو غيره.

() علي نحو التقييد الدقّي وكذا الفرع التالي.

() علي نحو التقييد الدقّي، وإلا ففي البطلان منع.

() بل يكفي قصد ما في الذمّة.

() لا يبعد الإجزاء.

() هذا إذا كان علي نحو التقييد، وإلا فلا يبعد كفايته عن المنذور أيضاً.

() الظاهر عدم الفرق في ذلك بين شهر رمضان وغيره.

() ولا يبعد الصحة.

() علي الأحوط.

() علي الأحوط فيه وفي سابقه.

() علي الأحوط في كل فروع هذه المسألة.

() بل للدليل الخاص.

() علي الأحوط.

() علي الأحوط.

() الأولي.

() علي الأحوط.

() مع الالتفات حينه إلي

هذه العادة.

() بل الأحوط.

() علي الأحوط.

() إذا كان ظاهر النقل عرفاً أنّه ليس إسناداً إلي المعصوم عليه السلام بل إلي كتاب من الكتب المتداولة الناسبة للمعصوم لم يبعد الجواز.

() أو العلمي.

() علي الأحوط وجوباً.

() الذي لا ينبغي تركه.

() علي الأحوط في البطلان.

() لا يترك في المضاف.

() والأحوط معاملة البطلان وكذا في المسالة التالية.

() بعد الفحص علي الأحوط.

() علي الأحوط.

() بحيث لايجب اتمامه.

() إذا لم يغتسل غسلاً آخر، وإلا كفي علي الأظهر.

() بل الأولي في الإتيان به.

() بل الأولي، وقد تقدّم في المسألة (50) منه قدّس سرّه: ان الأقوي عدم الإلحاق.

() مع عدم التقصير في الشك، وإلاّ فالاحتياط لا يترك.

() لا يترك مع التقصير في النسيان.

() في الواجب المعيّن، وأما في غير ه فلا يترك الاحتياط.

() علي الأحوط الأولي.

() حتّي عن التيمّم، وإلاّ فلا قضاء مطلقاً.

() لا يترك مع صدق الاحتقان عرفاً.

() بعد الفحص وبقاء الشكّ.

() في الكفارة احتياط، وكذا في كفّارة الجمع.

() مع فِعليّة القيء العمدي وفي غيرها احتياط.

() علي الأحوط الأولي.

() علي الأحوط.

() الأحوط الإخراج مادام لا يصدق عليه القيء.

() بل الأحوط ولكن لا لما ذكر من الأصل.

() الأهمية النفسية غير الأهمية في القطع، فلعلّ الأهم في ذلك: الصوم، للكفّارة والارتكاز ونحوهما، فقطع الصلاة حينئذٍ أحوط.

() والأظهر الجواز.

() الحكم في الجاهل القاصر مبنيّ علي الاحتياط الاستحبابي، وفي المقصّر علي الاحتياط الوجوبي.

() إن لم يصم، أما إذا أتي بما ليس مفطراً عندهم تقيّة، أو قبل المغرب الشرعي ونحو ذلك، فالأظهر الصحّة.

() بل يجب مع خوف الهلاك، ولكن مع الحرج يجوز.

() علي الأحوط فيه وفي ما بعده.

() بل الأحوط.

() بل الأحوط.

() علي الأحوط في الكذب، والأولي في الثلاثة الباقية: الارتماس والحقنة والقيء.

() إذا كان جهل تقصير.

()

علي الأحوط.

() القوّة ممنوعة، والاحتياط ينبغي أن لا يترك.

() علي الأحوط كما تقدم.

() من الضرر الواجب تجنّبه لا مطلقاً.

() علي الأحوط.

() بل ممنوع.

() علي الأحوط الذي لا ينبغي تركه فيه وفي تكرّر كفّارة الجمع.

() مع القصور، وأما التقصير الموجب للتردّد، فالاحتياط لا يترك في جميع الفروع المذكورة.

() قد تقدّم الاشكال في إطلاقه.

() تقدّم الاحتياط بايكال التقدير إلي الإمام.

() لا يترك.

() علي الأحوط الأَولي.

() بل الأَولي، وان كان الجواز في العتق والصدقة غير بعيد.

() إلاّ بعد الثالث والعشرين منه، وسيأتي إن شاء الله تعالي من الماتن قدّس سرّه ذلك.

() ويعادل سبعمائة وخمسين غراماً تقريباً.

() علي الأحوط فيهما كما تقدّم في بحث النيّة.

() علي الأحوط.

() الأولي.

() بل الأولي مع المراعاة واعتقاد بقاء الليل.

() مع الالتفات إلي عدم الجواز، وإلا فلا قوّة فيه.

() مع تصوّره جواز الإفطار لا كفّارة.

() إلا إذا كان يتصوّر جواز الإفطار حينئذٍ، فلا كفّارة.

() خلاف الاحتياط اللازم.

() أيضاً الاحتياط إلزاميّ.

() علي الأحوط.

() وكذا لو كان لجهةٍ عقلائية: كتطهير الأسنان التركيبية، والتداوي ونحوهما علي الأظهر.

() مع عدم الأمن فالأحوط القضاء.

() إذا كان الضرر مما لا يجوز تحمّله.

() ولو بنحو الداعي الارتكازي، بل ولو من أوّل الشهر علي نحو نيّة جميع الشهر.

() بنوع يوجب زيادة الرغبة فيه في الصوم، لا مطلق التشديد وان أدّي إلي العكس.

() لا يبعد كون المناط: حدّ الترخّص في الخروج والرجوع جميعاً، وان كان الاحتياط لا ينبغي تركه.

() وكذا الراجع من السفر قبل الزوال وقد افطر في السفر، فانه يتمّ الصلاة ويفطر الصوم، وكذا في الأسفار التي يجوز أو يجب فيها الصوم: كصوم ثلاثة أيام للحاجة في المدينة المنوّرة ونحوه، وصوم الثلاثة في الحج عوض الهدي، فانه يصوم فيها ويقصّر الصلاة.

() أو

غير ذلك من المزاحمات المرجّحة شرعاً: كالعلم طلباً وتعليماً ونحوهما، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبرّ الوالدين، وصلة الرحم ونحو ذلك.

() علي الأحوط.

() بل الأَولي.

() بل الأولي.

() ينبغي أن لا يترك هذا الاحتياط.

() إن لم يستمرّ الحال إلي شهر رمضان القادم، وان استمرّ فلا قضاء إلا استحباباً علي الأقرب، نعم عليها أن تكفّر بمدّ آخر من الطعام لترك القضاء، وكذلك الحكم في المرضعة.

() الذي لا ينبغي تركه.

() بل الأولي.

() وغير هما من الشهور، ولغير الصوم والإفطار من الأحكام: كصحة عمرة التمتّع في أوّل شوّال وزيادة ثلث الديّة في أوائل الأشهر الحرم، وصيام شهرين من الأشهر الحرم للقاتل فيها، والنذور ونحو ذلك.

() بل مطلقاً مع عدم التهمة.

() ولم يتبدّل بالردّ أو التشكيك علمه إلي الشكّ.

() أي: في ليلة واحدة مقابل ليلتين، وإلا فلا يشترط كون الرؤية في الليل، فان شهد احدهما بالرؤية قبل الغروب والآخر بها بعده لا مانع.

() تقدّم اعتبار الشياع غير المتّهم مطلقاً وان كان ظنّياً.

() القمر كما عن الشيخ البهائي وعلماء الفلك له حركات مختلفة، أنهاها بعضهم إلي اثني عشر نوعاً: يميناً وشمالاً، وهبوطاً وصعوداً، وسرعة وبطؤاً وغير ذلك، وتبعاً لذلك كلّه يتمّ تحقّق الرؤية المتعارفة بالعين المجرّدة وعدمها، وإمكان الرؤية كذلك وعدمه. ولذلك يُقيّد إطلاق حجيّة البلاد الشرقية للغربية في الرؤية: بالقريبة المجتمعة في النصف من الكرة الأرضية دون مثل استراليا والشرق الأوسط في خصوص الخريف والشتاء، فانه ربما يري الهلال في سوني مثلاً وهو شرق بالنسبة للشرق الأوسط، ولا يُري في الشرق الأوسط في الخريف والشتاء، فكما أن نور الشمس ووهجه في الرؤية يضعفان في الخريف والشتاء لبعد الشمس عن شمالي خطّ الاستواء، فكذلك القمر يضعف نوره لشمالي خطّ الاستواء مثل

إيران والعراق والخليج ونحوها في الخريف والشتاء، فيري الهلال في سوني بدرجة واحد ة من النور ولا يري بدرجتين وثلاث في إيران والخليج والعراق. والحاصل: ان الروايات الشريفة حيث أكّدت علي الرؤية، وهي ظاهرة مثل كلّ ألفاظ موضوعات الأحكام في الفعلية المتعارفة، فالفعلية المتعارفة للبلاد الشرقية ملازمة يقيناً للفعلية المتعارفة في البلاد الغربية إذا كانا في أحد النصفين من الكرة، أو كان الفصل صيفاً وربيعاً، دون غيرهما.

() بل يكفي إذا شك أن شهر رمضان إما الآن، أو ما تقدّم فينوي ما في الذمّة الأعمّ من الأداء والقضاء.

() ولا يبعد إجراء حكم الأسير والمحبوس هنا أيضاً.

() هذا أحوط وان كان لا يبعد التخيير له بين هذا وبين جعل فواصل ثلاثة للصلوات الخمس متناسبة تقريباً مع البلدان المتوسّطة، وهكذا في الصوم.

() إذا لم يكن الإغماء باختياره، وإلا فالقضاء غير بعيد، وكذا السكران.

() أو المذهب الحق مع تمشّي قصد القربة منه.

() بل إلي الزوال.

() إذا كان قاصراً في كلا الأمرين: الفوت والنسيان، وإلا فالأحوط قضاء الأكثر.

() إن كان هذه الانصراف في ارتكاز الصائم فهو، و إلا فلا.

() لا يبعد سقوط القضاء عن كل ذي عذر، فهو كالمريض.

() و تقدّم نفي البعد عن سقوط القضاء لكل عذر مستوعب.

() علي الأحوط الأولي.

() بل علي الأحوط الأولي في الامّ.

() علي الأحوط إذا لم يطمئن الولي به.

() علي الأحوط.

(2) وكذا كفارتا: العهد والنذر علي الأظهر.

() الأظهر أنّ كفّارتيهما ككفّارة اليمين كما تقدّم.

() أو كفّارة الترتيب كما هو واضح.

() علي الأحوط.

() لا يترك في كفارات: ثلاثة اليمين والعهد والنذر وثلاثة في الحج.

() ينبغي مراعاته.

(1) أو يمين.

(2) لكنه غير بعيد.

() و صوم الولي ما فات عن الميّت.

() وفي نسخة الوسائل «وأنا أُجزي عليه» الوسائل:

كتاب الصوم، الباب 1 من أبواب الصوم المندوب حديث7.

() بل بمعني المنهي عنه وسببه اما قلة الثواب، أو الحزازه في نفس الفعل، أو مزاحمته بالأفضل، أو ملازمته لأمر مرجوح أو لغير ذلك.

() و ليس منه الإمساك إلي بعد العصر إذ الظاهر استحبابه، و لا صومه للتبرك فانه حرام، و مع ذلك فينبغي ترك صوم يوم عاشوراء إن لم يكن الترك أحوط.

() تماميّتها سنداً و دلالة غير بعيدة، إلا انها معرض عنها ظاهراً.

() ضرراً بالغاً يحرم تحمّله.

() لكنّه أحوط.

() إذا كانت الإجارة علي الزمان دون العمل.

() بل لا يجوز في المسجدين: المسجد الحرام و مسجد النبي صلَّي الله عليه وآله وسلّم، وفي غيرهما من المساجد أيضاً إذا استلزم اللبث، و مع عدمه فالأحوط الترك في اغسال الحدث، دون غيرها كغسل الجمعة.

() بل الأظهر.

() هذا تابع لنيّة الناذر.

() والأحوط ضمّ يوم إليه فتكمل الثلاثة الأخيرة.

() علي الأحوط مع المتابعة.

() وإن كان الأولي الاحتياط.

() إلا بملزم شرعي.

() بل مطلقا كما تقدّم منّا، وكما لم يقيدّه الماتن (قدّس سرّه) فيما يأتي منه إن شاء الله تعالي في أوصاف المستحقّين في الزكاة.

() الكفاية غير بعيدة.

() في الموارد التي يجب عليه استيذان السيّد علي ما تقدمّ من الماتن قدّس سرّه في ((السابع)) من شروط الاعتكاف.

() تقدم في التعليق علي الثامن من الشروط.

() بل الأحوط و كذا ما بعده.

() مع القصور وإما مع التقصير فمشكل.

() إلا إذا بني نيّة الاعتكاف عليه.

() علي الأحوط.

() قضاء الصوم فقط دون الاعتكاف و إن كان أحوط استحباباً كما تقدّم منّا في صوم الكفّارة وقد احتاط الماتن قدس سرّه هناك.

() إذا كان النذر معينّاً أو كان في آخر شهر رمضان بحيث لم يمكن تجديد الاعتكاف و إلا

فلا كفّارة للنذر.

() في الكفر مطلقاً نظر بل منع كما تقدّم.

() لا إشكال في أن الكفر هنا ليس بالمعني الاصطلاحي الفقهي، بل بمعني الكفر العملي الوارد كثيراً في الأخبار في الواجبات و المحرّمات، بل في غيرهما أيضاً.

(1) لعّل مراده بالقبول: في الشخصي، والقبض في الكلّي، وان كان الأظهر حصول الملك في الوصية التمليكية بلا حاجة إلي القبول.

() الأحوط ذلك بعد الفحص.

() بل الأولي.

() فيه تأمّل بل إشكال.

() و الأظهر عدم الوجوب، لكنّه بعد عدم التمكّن من الفحص، وكذا في بقية الفروع.

() أو في بعضه أيضاً ويستثني من ذلك ما إذا كان الخيار المشروط بردّ العين، و لا فرق بين كون الخيار للبائع أو المشتري.

() أي: قبل القبض، وأما إذا قبضت العين و تمّت الشرائط و جبت الزكاة.

() الأقرب عدم الوجوب في جميع الصور، إلا إذا كان بحيث يعدّ عرفاً بيد المالك.

() و لكن ذمّة المقترض لا تبرأ بمجرد الشرط و إن كان واجب الوفاء علي المقرض بل بأداء المقرض.

() بل يخرج المنذور من العين، و الزكاة من القيمة إن لم يبق من الأعيان شيء.

() بل بوجوب الوفاء بالنذر.

() الأقرب عدم الوجوب فيه و في ما بعده.

() في وجوبها علي الكافر القاصر إشكال بل منع،فلا تؤخذ منه قهراً ولا عوضها مع تلفها، وإذا أدّاها فلا بُعد في الصحّة منه.

() عدم الوجوب مع عدم اكتمال الشرائط عند المسلم هو الأقرب.

() بل الأقرب العدّ بما يكون عادّاً لها بالخمسين وحده، أو الأربعين وحده، أو التركيب ففي المائة يلزم العّد بالخمسين، وفي الثمانين بالأربعين، و في المائة والأربعين بالخمسين مرّتين، والأربعين مرّة واحدة وهكذا.

() بل هو بعيد.

() بل الاقرب هنا كما تقدّم آنفاً في الابل.

() علي الأحوط فيه و

في ما بعده، و إن كان الاكتفاء بما يطلق عرفاً عليه الشاة غير بعيد.

() بل أدني ما يكون مصداقاً للشاة عرفاً.

() الأحوط إن لم يكن الأقوي التفصيل: بين القاصر فما في المتن، والمقصّر فعليه أعلي القيم زماناً و مكاناً.

() ينبغي الالتزام بهذا الاحتياط.

() لا يترك الاحتياط في مثله خصوصاً إذا كان متفرّق الأيام.

() فيهما إشكال بل منع.

() الظاهر عدم الإشكال فيه.

() بل الوارث، أو من وقع بيده من دائن، أو موصي به إن كان عن فطرة.

() الإجزاء ليس فيه بعد.

() بإذن الحاكم الشرعي علي الأحوط.

() وهو الأظهر.

() إذا لم تعط الزوجة الزكاة من مال آخر.

() لا يترك وقد احتاط الماتن قدس سرّه مطلقاً في نظير ذلك فيما يأتي إن شاء الله تعالي في الغلّات المسألة الثلاثين.

() لا يترك، بل هو غير بعيد.

() لا يترك، بل هو غير بعيد.

() أو الاحتياط بدفع ما يتيقّن معه بالبراءة.

() الاحتياط فيه وفي الذي بعده جيّد، لكنّه غير لازم.

() والنصاب يكون عبارة عن (207/847) كيلو غراماً.

() ما هو ناقص عرفاً ولو يسيراً لامثل المثقال ونحوه.

() بعد الفحص عن أهل الخبرة.

() علي الأحوط.

() الأولي «السابقة» كما لا يخفي.

() إلا إذا كان شراء الأرض والنخل و الشجر للزرع هذه السنة، وكذا العوامل، فانه حينئذٍ لا يبعد عدها من المأونة.

() الملاك في الحساب و عدمه: فعليّة المأونة بلا خصوصيّة للقصد وجوداً وعدماً.

() إذا كان الخراج موضوعاً عليهما ويوزّع بالنسبة.

() والأقرب التفصيل: بين كونه عرفاً السنة الأولي و يستفاد منه في بقية السنين فيحسب علي ما في السنة الأولي، و بين كونه لكل السنين فيوزّع عليها جميعاً.

() في الشبهة المفهومية لوجوب الرجوع فيها إلي المجتهد، و أما مع كون الشبهة مصداقية فغير بعيد حسابه

من المأونة بعد الفحص.

() وإن كان لا يبعد عدم الوجوب مطلقاً في الدين المستوعب، وفيما قابل الدين في غير المستوعب.

() في المبني إشكال، بل لا يبعد عدم انتقال مقابل الدين إلي الورثة، بل يبقي في حكم مال الميت إلي الأداء، والنماء تابع للأصل.

() والأقوي الاستقرار بلا حاجة إلي الإجازة.

() بل الأظهر كونه علي نحو الإشاعة، وهو الظاهر من حكم الماتن في المسألة العاشرة من زكاة الأنعام.

() إلا إذا تعقّب البيع أداء الزكاة من غيره، فانه يكفي علي الأظهر.

() إلا إذا أدّي الزكاة بعد البيع مباشرة.

() مما لا يكون بداع عقلائي، كالتأخير للإعطاء إلي أرحامه.

() بل من حين اشتغل بالتجارة بذلك المال.

() بل من حين الاشتغال بالتكسّب.

() الأظهر كفاية بقائه بقيمته.

() تقدّم إن الأظهر في الزكاة المستحبة كفاية النصاب بقيمته.

() وأراد التجارة به دون ما إذا كان لصرف معيشته.

() إلا إذا أدّي الزكاة من مال آخر بعد الأداء مباشرة فانه لا تبعد الصحّة.

() فيه إشكال بل منع، وكذا الفروع الأخري في هذه المسالة.

() بمعني انه لا يجوز له الاسترزاق من الزكاة من حيث كونه فقيراً، و كذا الاحتياط التالي.

() مجرّد ذلك بما هو لا يوجب العصيان.

() موارد المسألة مختلفة، فلا يحكم علي الجميع بحكم واحد.

() و كذا مع عدم إحراز الحالة السابقة.

() بعد الفحص علي الأحوط.

() بل الوثوق الشخصي أو ظهور حاله.

() إن لم يمكنه التورية.

() هذا القيد غير ظاهر.

() ولم يكن من بقيّة الأصناف، الذين يعطون من الزكاة.

() إذا لم يكن الإعطاء بحجة شرعية، و إلا فالأظهر عدم الضمان، وكذا يفصّل بمثل ذلك في المأذون من المجتهد.

() ولم يكن من بقيّة الأصناف.

() العقل والوثاقة، وبقيّة الشروط مبتنية علي الاحتياط الأولوي.

() وكذا الضعفاء الاعتقاد.

() ولا يبعد

الجواز مع إحراز عدم التمكّن.

() إلا مع الوثوق بقوله ولو من ظاهر حاله أو قرينة أخري، وكذلك في قبول قول المولي.

() علي الأحوط الذي ينبغي مراعاته.

() غير المقصّر كما هو المفروض.

() إلا مع اليأس عن التمكن حين الأجل.

() إلا مع الوثوق بقوله ولو من ظاهر حاله أو قرينة أخري.

() إذا كان قصده التمليك المطلق لرجاء اصابة الواقع كما لعلّه هو الأغلب دون ما إذا قيّد ولو بارتكازه.

() وسهم العاملين علي ما تقدّم من الاحتياط الأولوي، واستثناه بعض المتقدّمين أيضاً.

() هذا القيد غير واضح.

() فيه إشكال بل منع، لان الأقرب أنّ ولد الزنا ولد شرعاً في جميع الأحكام إلا في الارث، وسيأتي إن شاء الله تعالي من الماتن قدّس سرّه إعطاء زكاة الهاشمي لابن الزنا من الهاشمي في المسألة الثالثة والعشرين.

() الظاهر كفاية الدعوي في مثل ذلك.

() إذا لم يكن الاعطاء بحجة شرعية، وإلا فالإجزاء غير بعيد، و قد تقدّم نظيره في المسالة الثالثة عشرة من الفصل السابق.

() تقدّم كفاية الوثوق في العاملين.

() لعل هذا بالنسبة لأصحاب الأموال، أما مثل الحاكم الشرعي فلعلّ الأفضل له التسوية، اقتداءً بالنبيّ وعليّ عليهما وآلهما الصلاة و السلام، ولعل الماتن قدّس سرّه أشار إلي نحو ذلك في ذيل المسالة.

() بل مطلقاً غير بعيد.

() بل هو الأحوط مع فعليّة الإجبار لا مجرّد الإمكان.

() بل فعليّة الانفاق.

() إلا إذا كان نشوزها لمجوّز شرعي من ضرر أو حرج أو غيرهما، بل مطلقاً مع فعليّة الفقر.

() الجواز مع العجز غير بعيد، سواء كان عاجزاً عن التمام أم الإتمام.

() في الصرف، لا الأخذ بعنوان الامانة ليصرف حال الضرورة، فان الظاهر جواز مثله.

() و بقول الثقة أيضاً علي الأقرب.

() بل الأقرب عدم الجواز لما تقدّم في

المسالة الرابعة.

() مشكل، بل ممنوع علي الأقرب، فيجوز إعطاؤه الخمس وان كان الاحتياط في الترك.

() بل وان لم يكن مقلّداً له إذا كان الطلب علي نحو الحكم.

() تقدّم في المسالة التاسعة من الفصل السابق: أنّ من المرجّحات للحاكم الشرعي التسوية بين الجميع في العطاء تأسّياً برسول الله و أمير المؤمنين عليهما وآلهما الصلاة و السلام.

() علي الأحوط، إلا بإذن الإمام.

() إلا إذا أدَّي الزكاة بعد التجارة مباشرة، وقد تقدّم في المسالة الثالثة والثلاثين من فصل زكاة الغلّات.

() أي تأدية وليّ أمر الميّت زكاته إلي وارثه من تركته و إن كان الوارث من واجبي النفقة علي الميّت حال حياته.

() وعرفت أيضاً في المسالة الثانية من أصناف المستحقين أنّ فيه إشكالاً، بل منعاً.

() مع كونه غير مقصّر في عدم العلم.

() علي الأحوط في التعيين.

() تقدّم في أول كتاب الزكاة المسالة السادسة عشرة: الاشكال بل المنع عن وجوبها عليه، وأنها لا تؤخذ من الكافر قهراً ولا عوضها مع تلفها، وانه إن أعطي الكافر بنفسه فلا بعد في صحّتها منه، ومعه فيتولّي الكافر نفسه النيّة والأحوط نيّة الحاكم أيضاً.

() إلا إذا قصد الزكاة و لو رجاءً، فانه يجزئ علي الأصحّ.

() الملاك للصبيّ بعد بلوغه اجتهاد نفسه أو تقليده في جميع الأحكام التي له أو عليه، أو لوليّه أو عليه.

() بل منع.

() إذا كان من عادته الإخراج في وقت معيّن ثم شكّ بعد ذلك الوقت، فلا يبعد عدم وجوب الإخراج، سواء كان لهذه السنة أو السنين السابقة، و إذا لم تكن عادته ولا بانياً علي الإخراج، وجب عليه الإخراج لهذه السنة أو السنين السابقة، و كذا الأمر في الشكّ في إخراج زكاة مال الصبي و عدم إخراجه.

() بل لا يبعد.

()

إلا إذا علم ترك أداء البائع للزكاة فانه يجب علي المشتري مطلقاً، للعلم بتعلّق الزكاة بهذا المال وعدم أدائه.

() بل لا يبعد.

() فيه إشكال بل منع.

() عدم الفرق غير بعيد.

() فرق بين الأمرين: لجريان الاستصحاب في حقّ نفسه لو كان حيّاً، و جريان أصل الصحّة للوارث بالنسبة للميّت.

() مع التقصير، وإلا فالأظهر التقسيم كما أفتي به الماتن قدّس سرّه في رسالة «السؤال والجواب» وكذا في كتاب الخمس من العروة في المسألة الثلاثين من فصل: ما يجب فيه الخمس، وغيرهما وكذا الكلام في الدوران بين الأقلّ والأكثر، ولا فرق في الفرعين بين كون الجنس واحداً أو متعدّداً، وكذا الكلام في المسألة السابعة ونظائرها.

() والأظهر الجواز.

() والأظهر عدم الإشكال فيه أيضاً.

() الكفاية غير بعيدة بالتسليم إلي العدل أو الثقة.

() والأظهر وقوعه عن بعض ما عليه من الزكاة بلا خصوصيّة للتوزيع.

() في الإقراض غير بعيد، و كذا في الاستدانة للزكاة مع تحقّق موضوع الحسبة، و إلا ففي الاستدانة إشكال.

() والأظهر الاشتراط.

() والأظهر المنع من الزكاة كما صرّح الماتن قدّس سرّه بذلك في الخامس من شروط وجوب الزكاة أول كتاب الزكاة.

() لا يخلو من تأمّل، بل إشكال.

() بل منع.

() مع فقره كما هو المفروض و كون الزيارة و نحوها من شأنه عرفاً، فالجواز اظهر.

() والأظهر عدم الوجوب، كما تقدّم من الماتن قدّس سرّه في أول كتاب الزكاة في الخامس من شروط وجوبه، ومنّا في المسالة التاسعة عشرة.

() وقد مرّ في المسألة 16 أول الزكاة الإشكال في الوجوب علي الكافر القاصر وكذا الذمّي مطلقاً، بل المنع، وعدم تماميّة الفروع المذكورة في هذه المسالة.

() بل التوزيع إن لم يكن أقوي فهو أحوط.

() بل أحوط إن لم يكن أقوي.

() والأحوط الأولي تقديم

الحج الميقاتي، ثم توزيع الباقي علي البقيّة.

() ربما لا يستبعد كفاية قصد القربة في واحد من العزل و الدفع، فتأمل.

() الإجزاء غير بعيد إذا كان وكيلاً لا في مجرّد الإيصال.

() والإجزاء غير بعيد علي ما تقدّم في المسألة الرابعة والثلاثين من كفاية قصد القربة حين العزل و هذا منه.

() بل ليس مشكلاً علي الأصحّ، خصوصاً إذا كان من قبيل الداعي علي الداعي كما هو الغالب، وكذا عدم الضمان.

() والأصحّ عدم الإشكال.

() ولو بالداعي أو المقدّمية.

() مع ترتب فائدة فعليّة أو مستقبليّة لا إشكال، و التعليل غير تام.

() بل الأظهر الاعتبار كما تقدّم منّا في المسألة السابعة عشرة.

() الحّال عليه في تلك السنة.

() بل الأحوط الأولي.

() في وجوبها علي الكافر القاصر إشكال بل منع، فلا تؤخذ منه قهراً، و إذا أدّاها فلا بُعد في صحّتها منه كما تقدّم منّا غير مرّة..

() تقدّم آنفاّ نفي البعد في صحّتها منه.

() هذا القيد غالبيّ ولا يدور الصدق دائماً مداره.

() بل و كذا النازل قبل دخول الليلة إذا كان لمجرّد الإفطار والخروج بعده علي الأظهر.

() بل الأحوط الذي ينبغي التزامه.

() وجيه.

() الإجزاء غير بعيد.

() مع الإعالة فالفطرة علي الزوج حتي في البائن، و مع عدم الإعالة فلا فطرة عليه حتي في الرجعيّة.

() فيه إشكال و الاحتياط لا يترك.

() علي الأحوط، إلا إذا كان يتغذّي بالملفّق، فانه لا تبعد الكفاية.

() لا يترك الاحتياط بإعطاء قيمة بلد الإخراج إذا كانت أكثر، و قيمة بلده إذا كانت هي الأكثر.

() وهو يعادل ثلاثة كيلو غرامات تقريباً.

() لا يترك ويكفي استدامة النيّة السابقة حكماً.

() أو الحفظ لمستحق آخر معيّن، بل ولو غير المعيّن المعلوم مجيئه أو الإرسال إليه، بل حتّي المتوقّع.

() علي الأحوط، إلا مع

إذن الإمام فلا إشكال في التبديل.

() و منها: تقديم من لا يسأل علي الذي يسأل.

() فيجوز الارتجاع مع بقاء المال، أو تلفه وعلم الآخذ بكونه زكاة وعدم استحقاقه، و إلا فلا.

() لا يكفي الظن بل الاطمينان.

() في الكفر مطلقاً نظر، بل منع كما تقدّم.

() بل الأظهر.

() بل من الأرباح علي الأظهر، فلا خمس فيه إلا بعد المأونة.

() فيه إشكال بل منع، وقد تقدّم ويأتي إن شاء الله تعالي منّا مكرّراً ذلك، ومما تقدّم: أول كتاب الزكاة المسألة «16».

() بل حتي مع بقاء عينه علي الأظهر، وقد التزم المصنف قدّس سرّه بالاطلاق في شرائط وجوب الزكاة المسألة «17».

() مع الوحدة العرفيّة، وإلا فلا.

() بل الظاهر عدم وجوب الخمس.

() ملكه في هذا المورد وكذا المورد بعده ممنوع، إلا بإذن الحاكم الشرعي.

() فيه إشكال بل منع، نعم للحاكم في الموردين فرض مقدار عليه: خمساً أو أكثر أو اقل، و يكون مصرفه في المورد الأول مصرف الخراج، و في الثاني مصرف الموات.

() بل في الصور الثلاث الظاهر: ان المعاملة بالنسبة إلي مقدار الخمس فضوليّ، فان أذن الحاكم الشرعي بها و لو بعد المعاملة صحّت و كان لأرباب الخمس حسب إذنه، وإلا بطلت المعاملة بالنسبة لمقدار الخمس، و يكون لطرف المعاملة خيار تبعّض الصفقة.

() بل الأظهر.

() بل وغير الجواهر مع صدق الكنز عرفاً.

() علي الأحوط.

() بل اقلّ الأمرين: من زكاتي الذهب و الفضّة فيهما، و في غيرهما.

() الأول غير بعيد.

() إلا مع تقارب الكنوز و اتّحاد المخرج منها، فالأظهر الضمّ.

() الوحدة العرفيّة شرط علي الأظهر.

() الظاهر عدم وجوب خمس الكنز فيه بل خمس الفوائد، و كذا في السمكة وغيرهما من سائر الحيوانات.

() بل الظاهر العدم كما تقدّم منّا في خمس

المعدن، ويأتي ان شاء الله تعالي في خمس الغوص، وتقدم من الماتن قدّس سرّه في زكاة الأنعام المسألة 3.

() الوحدة العرفيّة شرط علي الأظهر كما تقدّم.

() بل إذا بلغ نصيب كل منهم النصاب.

() بل الأظهر.

() وجوبه غير بعيد.

() بل غير بعيد.

() بل لا يبعد.

() استحباباً.

() لا يترك.

() والأوجه الأكثر مع التقصير في جهل المقدار، ويلحق به احتمال التقصير، ومع القصور قاعدة العدل والإنصاف.

() إذا كان قاصراً في الخلط وفي جهل صاحب المال جميعاً، و إلا فالأظهر: الأول.

() في القاصر، و أما المقصّر فالأظهر: أن عليه الأكثر.

() والأوجه التفصيل بين القاصر و المقصّر كما تقدّم.

() وإن كان أحوط وجوباً.

() بل الأحوط استحباباً في الحلال المختلط بالحرام، دون المجهول المالك فانه كما في المتن.

() بل الأظهر الاسترداد مع بقاء العين، و مع عدمه فالأحوط مصالحة الحاكم إن رضي صاحب المال و إلا فالتنصيف غير بعيد.

() بل الأظهر.

() وعليه لتقصيره إعطاء الأكثر.

() أي: ما بقي وهو الأربعة أخماس، لا المتيقّن الحليّة، ولا المحتمل الحلّية.

() بل الأقوي مع التقصير، ومع القصور التنصيف كما تقدم منا غير مرّة..

() هو كذلك في الخمس دون الزكاة وغيرها.

() إذا لم تكن من مأونته عرفاً.

() بل الظاهر وجوب الخمس فيها أيضاً.

() بل مطلقاً.

() إلا مع التقصير: كما إذا علم بانه سيخسر في ترك بيعها و مع ذلك لم يبعها.

() لعدم القدرة والحرج و الضرر ونحو ذلك، لا لترقّت الربح، إلا إذا كان ذلك بإذن الحاكم الشرعي.

() بمقدار المأونة الفعلية لتلك السنة، وأما غير ذلك ففيه الخمس علي الأظهر.

() هذا التفصيل لما إذا كان في سنة الربح، وإلا بأن كان بعد انتهائها، فلا يسقط الخمس حتي مع الشأن.

() بل الأظهر.

() لا خمس فيه لأنه ليس

فائدة، لا لأنه مأونة.

() وصرفه فعلاً، وسيأتي إن شاء الله تعالي تصريح الماتن به في المسألة الخامسة والستين.

() بل وان لم يعدّ سرفاً أو سفهاً.

() بل الأظهر كما تقدّم.

() بل الأظهر.

() فيما تعارف في مثله ذلك لا مطلقاً.

() بل هو الأقوي.

() علي الأحوط الأولي في المقدار القليل الذي يعدّ عرفاً من مأونة السنة السابقة.

() بل الاقوي.

() بل الأقوي.

() بل وان تمكّن ولم يؤدّ.

() بل الأظهر.

() بل كل ما يتعلّق به الخمس ولو مثل: الهدية والجائزة.

() لمن له رأس سنة ويخمّس، وأما من لا يخمّس فلا استثناء لمأونة السنة علي الأظهر.

() بل اعم من ذلك، فاذا علم انه لا يصرف إلي آ خر السنة بعض الربح المعيّن أو غير المعيّن فلا يتعيّن تخميسه قبل تمام العام.

() إسرافاً محرّماً، أو معدوداً أكثر من شأنه، وكذا الهبة والشراء، وهكذا البيع وغير ذلك.

() الجبر في الصور الاثنتي عشرة كلّها لا يخلو من قرب.

() أو منفعة أيضاً كما تقدّم من الماتن قدّس سرّه في الزكاة.

() بل علي نحو الإشاعة علي الأظهر، فلا يجوز التصرّف إلا بإذن من وليّ الخمس، أما الزكاة فللدليل الخاص بها كما تقدّم.

() الحصّة وعدمها تكون حسب المصالحة مع الحاكم.

() بل الصلح تامّ حتي في الفرض، و يعمل الطرفان بمؤدّي الصلح في ذلك أيضاً.

() بل لا يبعد عدم جواز الاسترجاع حتّي مع العلم من المستحقّ ووجود العين.

() بل لا يجوز أيضاً إلا بإذن حاكم الشرع أو مصالحته.

() المأونة الفعليّة هي ما يصرف، فكل ما كان في أيّ عام لا خمس عليه لذلك العام.

() الملاك فعلّية الصرف منها بالشروط السابقة، دون أصل الوجوب علي الزوج.

() بل لا يبعد، فيخرجه وليّه الشرعيّ، و إلا وجب عليه بعد البلوغ.

() بل

الأظهر عدم كونه في معصية.

() بل مطلقاً كما أطلقه الماتن قدّس سرّه فيما تقدّم في أصناف المستحقين للزكاة في المسالة الثانية والعشرين.

() وكذا يصدّق بالعدل الواحد بل بالثقة الواحد أيضاً.

() لا بأس بالاحتيال المذكور.

(1) هذا الاحتياط لا يترك.

() إذا كان إنكاره إنكاراً لأحد أصول الدين الثلاثة، وإلا ففيه إشكال بل منع.

() تكفي الوثاقة.

() مع تمكّنه من النيّة والقربة ونحوهما، وإلا فلا يجب عليه، ولا يتوضّأ الوليّ عنه، بل يتوضّأ الوليّ لما يجب له الوضوء ويأتي بذلك العمل عنه.

() وان كان الأظهر عدمه إذا لم يكن موجباً لأذيّته أذيّة محرّمة.

() بل علي الصبيّ وفي ماله إن كان الحجّ به مصلحة له، أو حجّ وهو مميّز علي الأظهر.

() لا قوّة فيه، بل الاحتياط غير لازم، وفي الصيد منصوصة.

() بل القول به قويّ.

() أو حصلت له الاستطاعة من ذلك الموضع.

() الأقرب الثاني.

() والأقرب الثاني.

() والكفاية غير بعيدة.

() أو معذوراً في تركه.

() الظاهر عدم الفرق بين الاذن الخاص والعام.

() ولم يكن مضرّاً بالمولي في نوبته.

() بعيد.

() بل لا يجري كما لا يخفي للمتتبّع.

() بل لا يترك.

() لكن لا يترك الاحتياط هنا أيضاً.

() بل الأحوط.

() ليس الملاك القصد وعدمه، بل الملاك: الحاجة، والحرج.

() بلا ضرر أو حرج في المطالبة.

() بل الأحوط.

() بل الأحوط ذلك.

() وهو الظاهر كما تقدّم.

() بل الأظهر ذلك، وكذا الفرع بعده.

() وقبل شوال.

() و الأظهر الصحّة.

() أو غير مخلّي السرب إلا إذا سجّل اسمه قبل سنتين أو أكثر و نحو ذلك.

() إذا كان الجهل و الغفلة عن تقصير ولو في المقدّمات، و إلا فلا استقرار للحج معهما، وكذا في نقل المال.

() الإجزاء غير بعيد حتّي في هنا، وقد تقدّم في المسألة التاسعة من اشتراط (الكمال بالبلوغ والعقل)

من الماتن قدّس سرّه: الإطلاق.

() الإجزاء هنا أيضاً غير بعيد.

() ونحوه كالمعوّضة.

() غير بعيد.

() إذا كان وصيّة بالبذل للحجّ، ولعلّه مراد الماتن قدّس سرّه.

() لكنه خلاف الظاهر، فالملكيّة متوقّفة علي القبول.

() بل لا يشمل النذر عام الاستطاعة، فيجب عليه الحجّ، وكذا الفروع المذكورة الأخري.

() بل قسم واحد وهو المشروط، إذ المشروط تارة يعبّر عنه بأدوات الشرط، وتارة يعبّر عنه بجعله ظرفاً، وفي كليهما يقدّم الحجّ، سواء حصلت الاستطاعة قبل حصول ما علّق النذر عليه، أم العكس، أم تقارنا.

() مع عدم التمليك وانتفاء الوثوق، الأظهر عدم الاستطاعة.

() والأوجه المنع.

() مع عدم كون القبول حرجياً لمهانة أو منّة أو ذلّة ونحو ذلك.

() إذا لم يكن حرجاً عليه القبول فالأحوط وجوب القبول، بل القبض من باب الاستطاعة، لا البذل للاستطاعة بذلك عرفاً، فيكون مقدّمة وجود لا وجوب.

() الظاهر عدم وجوب الحجّ البذلي بذلك لسقوط الشرط.

() والأوجه عدم الجواز.

() وان رجع بعد الإحرام في العين الموهوبة فعليه نفقة الحجّ.

() والأوجه الوجوب.

() الأوجه الثاني.

() في غير موارد الاستثناء كالحائض، ومن ضاق عليه الوقت.

() أي: علي الباذل إتمام بقيّة المال «في الصورة» وهي: بعد تلبّس المبذول له بالإحرام.

() بل منع.

() فيه تأمّل وإن كان أحوط.

() والكفاية غير بعيدة.

() إن كان النيابيّ مقيّداً بتلك السنة وإلا قدّم النائب حجّ نفسه.

() ومعارضته بصحيح الحسين بن أبي العلاء.

() في الطواف والسعي مع عدم إعادتهما بالثوب المباح وأما ثوب الإحرام والهدي إذا كانا من الحرام فصحّة الحجّ معه غير بعيدة، خصوصاً إذا كان شراء الهدي في الذمّة.

() مع الحرج، أو الضرر المجحف، وإلا فالوجوب غير بعيد.

() الملاك: أهميّة ذلك علي الحجّ ولا فرق بين السابق والمقارن واللاحق، كما لا فرق بين ترك واجب أو ارتكاب

محرّم.

() بل إلي زمان يمكن فيه العود إلي وطنه بالنسبة إلي الاستطاعة الماليّة و البدنيّة والسربيّة كما سيأتي إن شاء الله تعالي منه قدّس سرّه التصريح به في المسألة الواحدة والثمانين.

() والأوجه عدم الإجزاء.

() بل إلي زمان يمكن فيه العود إلي وطنه كما تقدّم.

() ومرّ منّا قوّة القول بالإجزاء.

() بل الحجّ الواجب بالاستطاعة.

() الإجزاء غير بعيد مطلقاً.

() لا يخلو الأمر من أهميّة الحجّ، أو أهميّة ذلك الواجب أو الحرام، فعلي الأول الأمر موجود مطلقاً، وعلي الثاني علي الترتّب.

() أو المجحف وإن لم يضرّ بحاله.

() إذا كان العدوّ قليلاً يقدِم علي قتال مثله العقلاء: كالعدو الواحد الضعيف مثلاً.

() لا يسقط الحجّ بأمثال ذلك لأهميّته.

() تقدّم الكلام فيه في المسألة الستين.

() بل الأظهر كونهما علي نحو الاشاعة، ولكن جواز التصرف في المال قبل إخراج الزكاة للدليل، وفي الخمس لكونه محكوماً بأحكام الزكاة إلا ما خرج.

() لا يبعد الجريان كما يأتي إن شاء الله تعالي التصريح به من الماتن قدّس سرّه في المسألة الحادية عشرة من الفصل الآتي.

() للكفاية وجه إذا مات بعد الإحرام مطلقاً، سواء دخل الحرم أم لم يدخل.

() الاشكال غير قويٍّ.

() الاختصاص غير واضح.

() الاحتمال في محلّه.

() فيه إشكال خصوصاً في القاصرين منهم، بل منع علي ما تقدّم مراراً.

() إذا لم يمكنه الإحرام من الأقرب فالأقرب إلي الميقات.

() للزوج حلّ نذرها، ولكن مع عدم الحلّ فان كان الحجّ المنذور منافياً لحقّه في الاستمتاع كان له منعها إذا لم يكن قد إذن بالنذر قبلاً.

() مع منافاة الحجّ لحقّ الزوج في الاستمتاع.

() والأوجه الوجوب مع عدم الحرج.

() أوجههما جواز المنع مع الجزم بعدم الأمن.

() إذا لم يلتزموا بحجّ الميّت ولو من مال آخر، وكذا الدَّين.

() بل الأولي،

وكذا الدَّين.

() النصّ علي وفق القاعدة.

() في غير حصّة الصغار.

() علي الأحوط.

() في غير حصة الصغار.

() إلا إذا كان قد أوصي وكان لوصيّته ظهور خاص، فهو المتّبع.

() الظاهر أن ادني الحلّ: ميقات اختياريٌّ لمن لا يمرّ علي ميقات.

() زيادة غير مجحفة.

() بل المدار علي تقليد من يكون العمل بذلك وظيفته، سواء كان وصيّاً أو وارثاً، ومع التعدّد و اختلافهم فالحاكم الشرعي هو قوله الفصل، وكذا الحكم في الفروع الأخري.

() والأوجه تقليد المتصدّي وارثاً أم وصيّاً.

() إلا إذا كان مقتضي الأصل تحقّق بقيّة الشرائط من استصحاب ونحوه.

() وهو الأقرب، وكذا في الخمس والزكاة والصلاة والصيام وغيرها، وقد تقدّم منّا ذلك في الموارد التي ذكرها الماتن قدّس سرّه.

() مع عدم تقصير وليّ الميّت.

() القول ضعيف.

() بل والأمر الترتّبي أيضاً علي الأصح.

() مشكل.

() قصوراً لا تقصيراً.

() قصوراً لا تقصيراً كما تقدّم.

() بل يجزيه علي الأظهر، وقد تقدّم في المسالة السادسة والعشرين من اشتراط الاستطاعة وفي المسالة التاسعة من اشتراط الكمال بالبلوغ و العقل تصريح الماتن قدّس سرّه بالصحّة.

() قد تقدّم مراراً التأمّل بل الإشكال في نظائره، وكذا في عقوبته علي المخالفة، أو علي ترك الكفارة.

() الانصراف غير واضح.

() كما هو الأصح.

() بل الأظهر انه في اليمين بما هو يمين.

() يرد عليه نقصاً: بانه علي فرض إرادة اليمين المنافية للحق أيضاً لا وجه لهذا الاستثناء كما لا يخفي. وحلاً: بانه بيان مسألة واقعيّة مثل: «إلا شرطاً احلّ حراماً أو حرّم حلالاً» ونحوه، مع انه للوالد أن يحل يمين فعل الواجب وترك الحرام فلا كفارة علي الحنث، بل مجرّد الاستغفار.

() بل الإلحاق قويٌّ.

() والأوجه عدم الشمول، وفي ولد الولد الشمول.

() أوجههما العدم.

() والأوجه الجواز.

() وهو وجيه إذا كان المتعلّق في

نوبة نفسه.

() إلا مع منافاة متعلّق النذر لحقّ المولي الثاني.

() بل الأظهر عدم الجواز لها، وللزوج المنع، وكذا صيامها وغير ذلك، وقد تقدّم في الحجّ: تقدّمه علي النذر ونحوه.

() مع رجحان الحجّ من ذلك المكان، أو كان يميناً مكان النذر وكذا الكلام في النذر الآخر.

() لكن ذلك غير تام، فحتّي علي الثاني لا يجب القضاء عنه.

() مرّ منه قدّس سرّه سابقاً خلافه، ومرّ منّا هناك في المسألة الثانية والسبعين من الفصل السابق وفق المتن هنا.

() بل لا يبعد الانعقاد كما تقدّم نظيره منّا في المسالة السادسة والستين من الفصل السابق.

() بل وعلي الترتب أيضاً.

() بل قدّم حجّة الإسلام، وقد تقدّم في المسالة الثانية والثلاثين من الفصل السابق نظير ذلك.

() وهو احتمال ضعيف.

() بل مقدّماً حجّة الإسلام علي الحجّ النذريّ.

() بل تجب حجّة الإسلام لاستقرارها في الذمّة بالاستطاعة في السنة الأولي.

() بل الأقوي الأُولي في فرض الإطلاق، إلا إذا كانت نيّته حين النذر ولو ارتكازاً حجّاً آخر غير حجّة الإسلام فيجب التعدّد، وهكذا في الفرع المذكور آخر المسألة.

() هذا الاحتمال ضعيف جدّاً حتي إذا كان نذره من قبيل الواجب المعلّق.

() بل الأقوي الأخير.

() علي الأحوط.

() في هذه الصورة يجوز للوصيّ اختيار الأزيد أجرة.

() تقدّم في الصوم في فصل صوم الكفّارة: نفي البعد عن كون كفارة النذر مثل كفارة اليمين.

() ضرراً مرجوحاً تحمّله ولو لله تعالي، وكذا في الحرج الموجب للضرر.

() لعلّ التفريق بين العبارتين للظهور منهما، لكنه محلّ إشكال، فالحكم مع عدم الظهور، أو حتي الشك الشخصي فيه: المشي من أول أفعال الحجّ.

() بل الأقوي وجوبه، والخبر معتبر علي الأصح.

() هذا في غير حجّة الإسلام، والحجّ الاستيجاري، والنذري السابق بدون نذر المشي، ثمّ نذر المشي فيه

ونحوها، ففيها فقط الكفارة دون الإعادة أو القضاء.

() بل الأظهر.

() بل غير بعيد.

() بل هو بعيد.

() تقدّم في المسالة المائة و العاشرة: انّ الصحّة مشكلة، إلا مع الجهل القصوري.

() أي: برضاه حال أعمال الحجّ.

() فيه إشكال.

() والأفضل نيابة الرجل حتي عن المرأة.

() بل لا يكره مع علم النائب بالأحكام حتي إذا كانت امرأة.

() أو قصد أداء دَينه وإتيان ما علي الميّت، وذلك علي ما تقدّم من الماتن قدّس سرّه في المسألة الأولي من الفصل (43) في صلاة الاستيجار.

() في إطلاقه إشكال بل منع لكنه أحوط، فمثل المعذور في وضع المواضع السبعة علي الأرض في السجود كأقطع اليد أو الرجل ونحو ذلك، لا بأس باستيجاره.

() بل الظاهر الاستحقاق بالنسبة في الاجارات المتعارفة المرتكز فيها تباني الطرفين علي كون المال المعطي بنسبة الطريق والأعمال ووسيلة الذهاب ونحو ذلك.

() بل هو الأوجه ظاهراً.

() بينهما فرق الارتكاز المذكور، مضافاً إلي إن النظير ليس ما ذكره الماتن قدّس سرّه بل ما إذا مات في أثناء الصلاة.

() الظاهر ان النفع في أمثال ذلك داع وليس قيداً في الارتكازات العرفيّة، نعم لو قيّد كان الأمر كما ذكره قدّس سرّه.

() أي: في تركته إذا لم تشترط المباشرة.

() لا يجب في صحّة الإجارة ذلك لجوازها علي الجامع، وإنما الواجب إن لا يكون مبهماً.

() في براءة الذمّة، لا في استحقاق الأجرة.

() الغالب في أمثال المقام حسب الارتكاز العرفي رجوع التعيين إلي القيديّة.

() بل الأظهر تخيّر المستأجر بين الفسخ وعدمه، فان لم يفسخ أعطاه الأجرة المسماة و طالبه باجرة المثل.

() للانصراف مثلاً.

() بل الأظهر صحة الثانية بإجازة المستأجر الأول مطلقاً، إذ الإجارة مرجعها إما إلي إسقاط الشرط، أو فسخ الإجارة الأولي، أو التوسعة في الوفاء أو

نحو ذلك، وفي جميع هذه تصحّ الإجارة الثانية، وكذا الحال في نظائر هذه المسالة.

() تقدّم في المسالة الحادية عشرة: عدم الإشكال في الاجارات المتعارفة حسب الارتكاز العرفي المبني عليه العقود، لأنه المقصود الذي يتبعه العقد، ونحو ذلك نظائره.

() في الأظهريّة تأمّل بل إشكال.

() التعبّد بوجوب إعادة الحجّ بعنوانه، لا يظهر منه التعبّد ببقاء الإجارة التي هي عقد يتبع القصد ولا قصد ولا ظهور في تعبّد خاصّ كي يستحقّ الأجرة.

() قد تقدّم من الماتن قدّس سرّه إن ذلك هو الأظهر، وإن كان في الاظهرية إشكال كما أشرنا.

() لا دخل لإذن الوارث في المقام.

() بل الأقوي هو الجواز والإجزاء عن المنوب عنه واستحقاق الأجير الأجرة المسمّاة إن كانت الإجارة علي تفريغ الذمّة كما هو الغالب وإلا فاجرة المثل إن كانت أقلّ من المسمّاة.

() أو غيرهما من الأعذار العقليّة أو الشرعيّة مع اليأس عن تمكّنه من المباشرة ولو مستقبلاً.

() بل الظاهر جريان أصل الصحّة، وقد تقدّم في خامسة مسائل ختام الزكاة ذلك.

() بل الأولي مع رضا الورثة المكلّفين ومن حصصهم.

() بل غير بعيد بالمقدار المتعارف من الفحص الممكن عقلاً وشرعاً.

() بل هو الأقرب: وقد تقدّم في المسألة العشرين من فصل تكفين الميّت.

() الظهور العقلائي هو المتّبع، وكذا في الحجّ مكرّراً.

() القاعدة جارية في المقامين.

() الخبران كلاهما لابن مهزيار، و «الحضيني» هو الكاتب للإمام عليه السلام، لا الراوي.

() ولو من الميقات.

() وهو غير بعيد.

() وهو الأظهر.

() إلا مع إجازة الورثة أو بعضهم من حصّته، وكذا الكلام في المسائل الآتية.

() ولو من الميقات.

() مع عدم إجازة الورثة كما تقدّم.

() حتي من الميقات.

() وتقدّم جريانها في المقامين، فإنها قاعدة عقلائيّة وقد أمضاها الشارع.

() ولو بحسب النوع دون خصوص هذا الموصي وهذه

الوصيّة.

() علي بن مزيد علي الأظهر، وهو معتبر لكونه من مشايخ ابن أبي عمير.

() ظاهر ذلك انها وصيّة بالحجّ بالمال الذي للميّت في ذمّته، وله حكم الوصيّة، وفرق بينه وبين المثال السابق.

() هذا الشرط محلّ إشكال.

() مع عدم إمكان إجباره بالعمل بالشرط.

() وللحمل علي الصحّة وجه وجيه.

() والأوجه عدم الضمان.

() أوجههما عدم السماع مع إنكار الورثة.

() علي الأحوط.

() علي إشكال.

() بل مطلقاً علي ما في جملة من الروايات.

() بل مطلقاً.

() بل مطلقاً.

() المراد به: الشراء بأزيد و البيع بأقل ونحو ذلك، دون الإسراف المحرّم.

() تقدّم الكلام فيه في المسالة الستين من فصل شرائط وجوب الحجّ.

() هذا في العمرة المفردة.

() أي: العمرة المفردة.

() ينبغي الالتزام بهذا الاحتياط.

() وكذا المريض والمبطون ومن لم يمض علي إحرامه السابق شهر، بل وغير ذلك أيضاً.

() التنظير غير تام، والفارق الاستصحاب هناك.

() في غير الواجب بالإفساد، فانه معيّناً تابع لما أفسده.

() بل الأقوي قول المشهور.

() فيه إشكال، لإطلاق كلامهم.

() بل التخيير بين جميع الثلاثة غير بعيد.

() هذا الاحتياط ضعيف.

() مقتضي إطلاق الروايات العموم، فلا إشكال في الإجتزاء بذلك.

() علي الأحوط، وإن كان الاكتفاء بإحرامه مع فرض عدم تمكّنه من الرجوع غير بعيد.

() بل الوجوب في المقام هو الأظهر.

() بل هذا هو الأظهر.

() والأظهر: الخروج وثلاثون يوماً.

() في الصحّة في المقام إشكال بل منع.

() بل مطلقاً ولو مفردة.

() بل الأقوي عدم الوجوب.

() بل الأولي.

() بل الأرجح ثانيهما.

() الكفاية غير بعيدة.

() بل الأقوي: التفصيل بين ما إذا كانت حائضاً أو نفساء قبل الإحرام فيتعيّن عليها حجّ الإفراد، وبين ما إذا حاضت أو نفست بعد الاحرام، فتتخيّر بين العدول بالنيّة من التمتّع إلي الإفراد، وبين إتمام عمرة التمتّع بدون طواف، ثمّ تأتي بطواف العمرة

قبل طواف الحجّ أو بعده.

() مخيّرة بين العدول، وبين الاتمام والاتيان بالطواف مع طواف الحجّ علي ما تقدّم آنفاً.

() وهناك مواقيت أخري مثل: ميقات من نذر الإحرام قبل الميقات، ومن أراد إدراك عمرة رجب وخشي الفوت إن أخّر الإحرام إلي الميقات.

() من كل أطرافه الأربعة خصوصاً في طرف مكّة المكرّمة إلي امتداد ميل، بل الإحرام في «البيداء» منه أفضل.

() في كفاية الإحرام من المحاذي مع الميقات وإمكان الإحرام منه إشكال بل منع.

() وكذا عن محاذيه.

() مسندة موثّقة.

() بل تعيّن.

() إن لم يمكن اجتيازاً بدون لبث، وإلا تعيّن الاجتياز، ولا يتمّم.

() الميزان: هو المحاذاة العرفيّة، دون الدقّية العقليّة.

() الظاهر إن العلم الوجداني والتعبّدي الأعم من بيّنة، أو قول أهل خبرة، سواء حصل الظن منه أم لا مترادفان في الحجيّة بدون ترتيب.

() بل الأقوي مع الظن غير المعتبر ومع اعتباره فالاكتفاء به واضح.

() أي: الظنّ المعتبر.

() بدون حرج.

() إلا إذا أمكنه التجديد من أدني الحلّ، فيجدّد في الصورتين علي الأظهر.

() بناءاً علي ما تقدّم: من اختصاص حكم المحاذات بالعرفي منها، فهناك أكثر من نصف أطراف الحرم لا ميقات فيها في جنوبه وغربه كما لا يخفي.

() لخصوص ثلاثة: من كان بمكّة وأراد العمرة المفردة، ومن أتي من خارج الحرم إلي أدني الحلّ غير قاصد دخول الحرم ثمّ قصد الدخول، ومن لم يمرّ علي ميقات ولا علي محاذيه العرفي علي الأظهر.

() لمن أتي من الخارج وكان منزله أبعد من الميقات، أمّا أهل مكّة ومن كان منزله أقرب إلي مكّة من الميقات إذا أرادوا حجّ التمتّع، فميقات العمرة للأول أدني الحلّ، وللثاني منزله.

() إلا إذا كان منزله دون الميقات، فميقاته منزله كما تقدّم آنفاً.

() للصحّة وجه جيّد.

() يستظهر من مناسبة

الحكم والموضوع: إن الخصوصيّة للنذر، لا للمنذور، كما لا خصوصيّة للأمكنة المذكورة في الروايات من الكوفة وخراسان.

() وعدم الاختصاص غير بعيد.

() بل الأحوط.

() ويحرم من أدني الحلّ مع تيسّر ذلك أيضاً.

() وتقدّم منّا في المسألة الرابعة من «فصل أقسام الحجّ» نفي البعد عن التخيير بين المواقيت الثلاثة.

() فيه إشكال، نعم إذا نوي ما يريده الله منه مثلاً صحّ وإن لم يعلمه بعينه حال النيّة.

() بل المعتبر: البناء علي تحريمها عليه كما سيأتي إن شاء الله تعالي.

() هذا القول أوجه، إلا في فرض صحتهما فانه يجدّد النيّة.

() بعد ما كانت النيّة يكفي فيها الداعي لا مورد لمثل المسألة، إلا إن يراد القران بإحرام واحد.

() بل تجديد النيّة قريب.

() أي: بطل ما كان واجباً عليه، لا بطلان الحجّ رأساً.

() بل الأولي.

() بل لا يترك.

() بل الأحوط.

() علي التفصيل المتقدّم في نسيان الإحرام علي الأظهر.

() بل كلٌّ في زمانه.

() بل كلّ من احرم من أدني الحلّ، وإن كان لعدم مروره بميقاتٍ قبله.

() إذا لم يتجاوز المحلّ، وإلا جرت قاعدة التجاوز وبني علي الإتيان بها.

() لا ينبغي تركه وترك الاحتياطات التالية الأخري.

() لا تجب الإعادة لعدم منافاتها للنيّة، كما سيذكره المصنف قدّس سرّه وتقدّم منّا.

() وهذا الأصح كما تقدّم.

() لفترة قصيرة متعارفة، لا مطلقاً.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.