شعاع من الكعبة

اشارة

اسم الكتاب: شعاع من الكعبة

المؤلف: حسيني شيرازي، حسن

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: مؤسسة القلم الثقافية

مكان الطبع: بيروت

تاريخ الطبع: 1424 ه

الطبعة: اول

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الكعبة: هي أول بيت وضع للناس، وهي ببكة أو مكة..

والكعبة: هي بيت الله.. وحرم الله.. والبيت والحرم لاشك أن يكون محرماً، فهي بيت الله الحرام..

والكعبة: هي قبلة المسلمين والموحدين، وإليها مهوي قلوب الصادقين.. وإليها تُشَدّ رحال الصالحين من عهد أبي الأنبياء وبطل التوحيد إبراهيم خليل الرحمن ?..

والكعبة: في الحقيقة هي محور الكون بعالم التكوين الروحاني والجسماني..

والتي بمكة هي مثال لما في الوجود كله.. ولا يعرف ذلك إلاّ من ذهب إلي الحج وطاف وهلل ولبّي وكبّر بشرائطه..

والشعاع: هو دليل النور إلي مصدره أو إلي مبعثه..

ومصدر النور يكون إما بذاته وإما بغيره..

والكعبة المقدسة هي مصدر إشعاع.. أي أنها مشعة بذاتها ونورها من نور الله وإشعاعها من أمره المقدس وإذنه الأبدي والأزلي..

وسماحة السيد الشهيد رحمه الله استقي وارتوي من إشعاعات النور القدسية التي انطلقت عن الكعبة المشرفة، حيث استقبلتها مرآة قلبه الصقيلة وعكستها علي جوارحه الشريفة فتنوّرت علي جوانحه النظيفة فأزهرت، فتلألأ السيد الشاعر كنجم في سماء الدنيا وصار فيما بعدُ شهيداً..

وانطلقت من قلبه.. لا من لسانه الشريف وإن جرت عليه وخرجت من أصابع يده المباركة وأثبتها قلمه الرائع علي الورق..

إلاّ أنها خرجت متدفقة من القلب فتصل إلي القلب دون استئذان حتي تأسرك وتشدّك إليها، وتجعلك تحسّ وكأنك حول بيت الله الحرام، تطوف وتلبّي الباري تعالي، ب:

لبيك اللهم لبيك..

لبيك لا شريك لك لبيك..

إن الحمد.. والنعمة.. والملك لك..

لا شريك لك.. لبيك..

مجموعة قصائد في قمة المعرفة..

يسترسل القارئ في قراءتها ويتمعّن بها..

ويترفّع مع معانيها الراقية..

مركز الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله للتحقيق والنشر

بيروت لبنان، ص.ب: 5955 /

13

المقدمة

شعر ذو أبعاد عن عظيم ذي أبعاد.. يشكل بعده الشعري أقصر أبعاده، علي الرغم من استطالته حتي علي الشمس.

أو ليس كل مميزات هذا الشعر: تسجيل الشعور الواقع، ممارسة الأدب المتقدم، وتحليل الإسلام السهل الممتنع بالشكل السهل الممتنع.

وربما يكون فحوي رسالة الشعر، في دعاء الشعراء المسلمين إلي:

تفهم الإسلام علي حقيقته..

وعرضه علي حقيقته..

في ثوب عصري جميل..

يضاهي جماله جمال الإسلام..

وتواكب عصرنته حيوية الإسلام السرمدية.

وأخيراً: معرفة هذا الشعر لا تكون إلا عبر قراءته قراءة متأملة وخبيرة.

أما الشاعر: فلا يكشف عن كل أبعاده الا بعد انكشاف كل لحظات حياته المفعمة، وذلك: ما تكون في وسع مجلدات ضخمة عديدة فقط.

وأية محاولة أخري بهذا الصدد تذهب هدراً من دون نتيجة مرجوة..

المنسق

الحمد لله رب العالمين.

والصلاة.. والسلام.. علي محمد وآله الطاهرين.

واللعنة علي أعدائهم أجمعين، من الآن.. إلي قيام يوم الدين.

شعاع من الكعبة

إلهي! ما عرفناكْ

إلهي! ما عبدناكْ

إلهي! رغمَ آياتِكَ

إنّا قد نسيناكْ

وناديتَ بسلطانكَ

فينا فقصدناكْ

وفي البرِّ.. وفي البحرِ..

وفي الجوِّ.. أتيناكْ

وبالآثامِ.. والآلامِ..

والأحلامِ.. جئناكْ

وفي أحزانِ أيّوبَ..

وذِي النّونِ.. سألناكْ

وفي الكعبةِ.. والمشعرِ..

والمسعي.. طلبناكْ

وفي الخَيفِ.. وفي الطُّورِ..

وفي القُدسِ.. اْفتقدناكْ

وفي موجاتِ ذرّات

المجرّاتِ.. سمِعناكْ

ولبيّناكَ.. حتّي اْنفجر

الجوُّ، وناداكْ:

إلهَ البيتَ! ألفُ نعمْ..

وألفُ نعمْ.. لدعواكْ

ولكن.. ما أجبناكْ

ولكن … ما وجدناكْ

ولمّا عدتُ للعقلِ.. و

للقلبِ.. رأيناكْ

فأنتَ اللهُ.. في الأفكارِ

لا الأحجارِ مأواكْ

وأنتَ اللهُ.. في الآفاقِ..

والأنفسِ.. مغناكْ

وأنتَ اللهُ.. والأكوانُ

حرفٌ في براياكْ

دعوتَ الناسَ للبيتِ

فما لوا، وأجبناكْ

وبعد اليأس من جدوي ال

تجاربِ قد ذكرناكْ

فتجربة التمرُّدِ قد

أعادتنا لتقواكْ

غسلنا بدموع الحبِّ

حصباءَ صحاراكْ

وحقِّ البيتِ.. حقَّ البيتِ..

في البيتِ.. سألناكْ

نلبّيكَ.. ونحن الأرضُ

لا نفقهُ نجواكْ

ولكنّك تدعو..

وتلبّي أنتَ دعواكْ

وفينا من بقاياكَ ()

فتدعوكَ بقاياكْ

وضعتَ الحجرَ الأسودَ

للقُبْلةِ تهواكْ

تركتُ القُبْلاتِ البيضَ

ترجوكَ.. وتَخشاكْ..

وعانقتُ بها الإيمانَ

رمزاً لمحيّاكْ

وقبّلتُ ملايينَ

شفاهٍ تترضّاكْ

وراسلتُ بها وفدَ

كَ عكّافاً.. ونُسّاكْ

ففي البصماتِ مليارا

تُ أجيالٍ.. وأملاكْ..

وقبّلتُ ملايينَ

شفاهٍ تترضّاكْ

تشدّكَ عبرَ آلافِ

محطّاتٍ.. وأسلاكْ..

إلي أقصي مدار الوحي

أجواءٍ.. وأفلاكْ..

بوادٍ غير ذي زرعٍ

رسمتَ البيتَ ذكراكْ

لِتعلمَ: من تولّي كِبْرَ

هُ.. ممّن تولاّكْ..

فجئنا.. نزرع

الوادي

قلوباً من عطاياكْ

ونغسِلُ بالدموعِ الأر

ضَ شوقاً في قضاياكْ

فلبّيكَ! وهل في الكو

نِ نبضٌ يتناساكْ؟

ولبّيكَ! وما فينا

مديً إلاّ ولبّاكْ

وفي الأصلابِ..والأرحام..

والأشباحِ.. ناجاكْ

ولبّيكَ! أجبنا صو

تَ إبراهيمَ.. إذ ذاكْ

وفي دنيا: (ألستُ برَ

بِّكم)، ب: «بلي» أجبناكْ

وبايعنا بألفِ نعمْ

نداءَ ضميرِ لولاكْ

فقبلَ البدء: إنّا قد

سمعنا.. وأطعناكْ..

وبعدَ البعدِ: نستهدي..

ونستلهمُ إيّاكْ..

وما نحنُ إذا عدنا

إلي الواقعِ إلاّ من بقاياكْ

فيا ربّاهُ! ارحمْ نا

سِكاً بالدمعِ ناجاكْ

ويا من يستجيبُ لمن

دعي! إنّا دعوناكْ

أنت ربّي

يا إلهي!

يا مجيب الدعواتِ!

يا من اْستنفر كلّ الصّلواتِ!

لك أشكو..

عالماً أنّكَ مغزي شكواتي!

عارفاً أنّك تُقري صرخاتي!

فَأَجِرني أنتَ،

حتّي من رفيف السبحاتِ!

وأفِضْ أنتَ علي عبدكَ،

شتّي البركاتِ،

عَبَقاتٍ من متاهاتكَ

تذري عَقَباتي!

وفُراتٍ من مداواتكَ

تُروي وَفَراتي!

يا إلهي!

أنتَ نفِّذ رغباتي!

أنتَ برِّد زفراتي!

وتنفَّس حسراتي!

أو فحدِّد أُمنياتي!

فقدْ اْستهلكني تبكيتُ ذاتي!

واْنفجارات المني في عضلاتي!

وتحرّقتُ،

فأحرقتُ رُفاتي!

ويل طاغوت حياتي!

آه من جلاّدِ ذاتي!

يا إلهي!

أنتَ رَبّي!

وأنا عبدكَ!

فاْضممني إليكْ!

فكفاني من يري في طاعتي منَّاً عليكْ!

وتضايقتُ بهم،

حتّي تقيّأتُ شراييني..

فخذني بيديكْ!

راضياً منكَ،

ومرضيّاً لديكْ!

فعسي أرتاح من بعد وفاتي!

يا مجيب الدعواتِ!

يا إلهي.

مصدر الخير

يا ربِّ! طالما أتيتَ بالبشرْ

وطالما زرعتَ فيهم الشررْ

وما عصمتَ من خطاءٍ.. وخطرْ..

فاْغفر لكلّ من عصي.. ومن فَجرْ..

واْجعل من النار جناناً.. ونهرْ.

وشعلةَ اللهيب: ورداً.. وثمرْ..

واْمسح من الوجود أجواءَ حذرْ

فأنتَ خير من عفي.. ومن سترْ..

والعفو أولي من عظاتٍ.. وعبرْ..

يا ربَّنا! يا من علي العرش اْستقرْ!

يا من خلقت الخلق من دون فكرْ!

هل تحرق الكون إذا الكون اْستعرْ؟

والناسُ حتي من تولّي.. وكفرْ..

صنائعٌ.. فصّلتَ منها بقدرْ

فهل تعقُّ من هوي.. ومن هورْ..؟

وتحرق العاجز عن رفع البصرْ؟

وهل علي الجنة تختار سقرْ؟

ولست تختار خيارات أخرْ؟

فاْقلبْ موازينك وفق المنتظرْ

وغيِّر الحكمة.. فالكون غِيَرْ

وأنتَ تصنع القضاء.. والقدرْ..

ولست مجبوراً.. مقدَّر الخبرْ..

ولا مكبّلاً.. محدَّد الوترْ..

ولا يُحاكم الإله إن غفرْ

فأنت مطلق.. قهرت ما اْنقهرْ

وأنتَ قدر حصرت كل ما اْنحصرْ

وتستعيد ما اْنقضي.. وما اْنغبرْ

وأنتَ.. لا مجال فيك للأثرْ

وما سواك ليس ما سوي صورْ

وهوْ معرَّض لديك للنظرْ

قد كنتَ بالخيرات خير من أمرْ

وعن رؤي الشرور أقوي من زجرْ

وكلّ آياتك فيها مزدجرْ

يا مصدر الخير! بخير ما صدرْ

إختر لنا ما شئتَ من خيرٍ.. وشرْ..

ما منك أولي..ثم أولي.. للبشرْ

سماء من تراب

أنا من ترابْ،

وليس في الميزان أدني من ترابْ

ومن السماءْ،

وليس في الميزان أعلي من سماءْ

والانحدار من الترابْ،

طبيعة.. كالارتفاع من السماءْ

فإذا مزجت العنصرين وكان إن ربح الترابْ،

فأيُّ ذنب للسماءْ؟

وإذا تغلّبت السماءْ،

فأيُّ فضل للترابْ؟

فالعنصر المهزوم لا يُسفي ولا الطاغي يكرّم بالثوابْ

فارفع سماءك فيّ وانظر: كيف ينهزم التراب؟

واخفض سماءك فيّ وانظر: كيف ينتصر التراب؟

فهما لميزان العدالة كفتانْ،

وليس لي دور سوي دور اللسانْ

وإذا أتي الرجحان منك فليس لي فضل ولا ذنب أنال به الثواب أو العقابْ،

وإذا سقطنا في الحسابْ،

فهل يلام العاجزون عن الحسابْ؟

مهما يكن أمر الحسابْ

فليس يجدينا حسابْ

وأنت لم تبدأ من الأرقام فاتحة الكتابْ

لكن فضلك ساقنا نحو الوجود بلا حسابْ

فليبق سائقنا إلي الشوط الأخير بلا حسابْ

وإذا أردت بأن نظلّ علي الطريقْ

لا

ترمنا للريح في وسط الطريقْ

وكما بدأت الدور كمل ما بدأت إلي المصيرْ

وإذا بقيت لنا سنبقي في المسيرْ

وإذا ضللنا الدرب فاحملنا عليه وإن يكن جبراً،

كما أوجدتنا فحملتنا جبراً علي درب الوجودْ

وإذا خسرنا الاختيارْ،

ولم يكن فضل لنا في الاختيارْ،

فنحن نرضي أن نظل بلا خيارْ،

ولا نسيء الاختيارْ

أو ليست الأملاك من دون الإرادة في الكمالْ،

خيراً من الشيطان وهو كما يري متورط في الانتصارْ؟

وإذا أطلنا في الدعاءْ،

فذاك دأب الهاربين من القضاءْ،

العالمين بأنهم لا يملكون سوي التحجج والرجاءْ

فارحم سماءك،

لا تمرغها بأوحال الترابْ

وارفع إليك مع السماءْ،

هذا القميص من الترابْ

فأنا ولا أدري أنا ماذا؟

سماء في ترابْ،

أم تراب في سماءْ؟

لكنني أدري بأنّي لست من هذي السماءْ

ولست من هذا الترابْ

بل إنني شيءٌ أخف من الترابْ

ومن الضبابْ

حديث الهباءة

يا ربِّ! إنّي ومضةُ القُبل

التي كشفتْ رُؤي قدّاحتيكْ

أنا زورقٌ.. متحطِّمٌ.. قذفته

أمواجُ المحيطِ لضفّتيكْ

ومركَّباتُ الروحِ تروي في

نتائجها تناقضَ عالميكْ

مهما عملتُ.. فمنكَ توفيقي،

وبصْمات النوايا في يديكْ

لا.. لستُ غير صديً تحرِّكهُ..

وقلبٍ نوطه في إصبعيكْ ()

ماذا أنا؟ طينٌ.. مهينٌ..

أنتَ تغزله ليحيا نشأتيكْ

فبقبضتيكَ، جعلتَ موجبةً..

وسالبةً.. روافد قبضتيكْ

فإذا أطعتكَ.. أو عصيتكَ..

أقتفي تيّارَ إحدي نجدتيكْ ()

وأنا بكلتا الحالتينِ أسير

نحو البحرِ.. في شوقٍ [إليك]()

فعناصري.. وملابساتي..

لم تكن إلاّ (أنا) في [قبضتيك] ()

والشوكُ إنْ لم يلتهب ورداً

فأمركَ سار فيه [……] ()

اغفر ليَ اْللَّهمّ! إن كا

نتْ مناجاتي مجافاةً عليك

فأنا من الجهل المركّبِ..

والبسيطِ.. جمعتُ أع … ()

الروحُ.. عاكفةٌ عليكْ

والجسمُ.. بصمةُ إصبعْيك

وأنا.. لقاءُ الحربِ بي

ن الجبهتينِ بعالميكْ

فأسيرُ مثل العاشق ال

معتوهِ أُنشد أبجديكْ

الجهلُ يقتلني.. وبابُ ال

علم مسدودٌ إليك

والحكمة العليا أرادتني

كما أنا في يديك

?قد كنتُ أحسبُ أنّني

شيءٌ أصول بقبضتيكْ

وأقود قافلتي.. واقبضُ

مقودي في نشأتيكْ

فإذا أنا مليون (لا)

مضروبةً في (لا).. لديكْ

?من نحنُ.. حتّي ننتقي

عملاً يلفّت ناظريكْ؟

فالبحرً أعمقُ.. والش

راعُ ممزّقٌ في شاطئيكْ

جثث.. تطاردها الرياح

الي الصخور بضفتيك

نستغفرُ الّلهمّ! إنّا

قد تجرّأنا عليكْ

?حاولتُ أن أُحظي لديكْ

لأقود تَجربتي إليكْ

فإِذا المجاهل في

المدي

وإذا المدي في قبضتيكْ

وإذا العوالمُ كلّها

كرةٌ تحاور …()

?وسئمتُ منّي.. ضائعاً..

يرمي نقائصَه عليكْ

وهباءةً.. نسفتْ محا

وِرَها طوارئُ أبجديك

فأسيرُ.. مثل بقيّة الذ

ذرّاتِ أسري في يديك

لا أعرف المسري سوي:

أنّ السُّري في نشأتيك

أسعي إليك، وذات سعييْ

منك يستهدي إليك

?ذنبي (أنا) عذري لديكْ

حتّي (أنا) وقفٌ عليكْ

لبّيك! آمنّا.. وهذا

كلّ ما نُهدي إليكْ

وفجائعُ الدنيا تؤكِّد

غضبةً في مقلتيكْ ()

ورصيدنا: أنّا نراكَ

تغضُّ عنّا ناظريكْ

ماذا لو اْنكشفتْ صحائفنا..

وثُرتَ بقبضتيكْ؟

?لكنّ تقصيري قصورٌ

عن تفهُّم عالميكْ

فكشفتُ أوراقي.. وأسراري

.. وأعذاري.. لديكْ

أراك

أري.. ولا أراك!

وكيف لا اراك؟!

وهل أري سواك؟!

أراك () في مظلّة السماءْ

في صبوة الضياءْ

في رعشة النجومْ

في لهثة الغيومْ

في غفوة الكرومْ

أراك في طفولة الموجِ..

وفي أمومة البحارْ

وفي التأمّل العبوس للقفارْ

في لوحة من عرق السحابِ …

من حدب النجوم في السهرْ

من خبرة الأرض …

وجهد الشمس في مسارب السفرْ

شوهها القطيع كلّما صدرْ

أراك تنثر الشموس في الفضاء

وتنفث الأشواق في المساءْ

وتنفخ الزمان كالهواءْ

ليفرغ الدولاب أجيالاً من البشرْ

ويهضم الطاحون أجيالاً من البشرْ

ويستمر الكون في دوامة القضاء والقدرْ

فيمسح الربيع صلعة الحجرْ

ويسكر الظلّ.. وينهر المطرْ

وينتف الخريف ريشة الشجرْ

وتجتلي الفصول في قوس زهرْ

فأنت من رؤاكْ

تفصِّل الكون علي مناكْ

وإنّني إرادة تسبح في فضاكْ

ولم أكن لولاكْ

وإنني هباءة تبحث عن مقرْ

كم مرة حاولت أن أهرب من فناكْ!..

كم مرة حاولت أن أنساك!..

كم مرة رفضت أن أخشاك!..

وفجأة تهزّني يداكْ

تقول لي: قفْ.. قفْ..

وعد.. وعد.. إلي هداكْ

فإنّني أراكْ

وفجأة أحسّ إنني أراكْ

في كل شيء إنني أراكْ

وقبل أن أري سواكْ

14 / 5 / 1975م

يا إلهي!

يا إلهي!

أنا.. ماذا؟

أنا.. من هذا البشرْ؟

أم أنا من عبقريّاتٍ أُخرْ؟

فأنا في أعين الناس رهيبْ

وأنا فيهم غريبْ

كل أعمالي لدي نفسي تكلُّفْ

كل أفكاري لدي الناس تطرُّفْ.

لست أدري: أأُجاري الناس أم أكشف عن نفسي الغطاءْ؟

أنا لا أعرف: هل اعبث مثل الناس من دون ضياءْ؟

أم أُعيق الدرب في وجه الهواءْ؟

كلّما أعرفُ:

أنّ الكون في نفسي هباءْ

كلّما أعرفُ:

أنّ الدهر حلم في فناءْ

يا إلهي!

كلّما سوّيته عندي صغيرْ!

وأنا، حتّي أنا عندي حقيرْ!

فأنا أحيا الزوالْ!

وأنا سبح خيالْ!

وضروب في مُتاهات المحالْ.

آه من قلبي،

فما يحصره حتّي السماءْ!

آه من عيني،

فما يملأها حتّي الفضاءْ!

آه،

لو أفتح آهاتي لما يبقي وجودْ!

آه،

لو هُدِّد إبليس بآهاتي، لجاء الحشر في حال سجودْ!

آه،

لو صُبّت علي الجنّات آهاتي، لفرّ الناس منها للجحيمْ!

آه،

لو يأذن ربّي بالوجومْ.

قصدناك

قصدناكْ

إلهي! قد قصدناكْ

ومن أعماق آفاقك.. جئناكْ

وعبر البحر.. والصحراءِ.. والجوِّ.. أتيناكْ

فآثرناك حتي بهوانا في هداياك

ورغم النفس.. والشيطان.. والقلب.. دعوناكْ

ففي كل الذي نهواه نخشاكْ

وراقبناك في إغراء دنياكْ

كأنّا قد رأيناكْ

وفي السرِّ.. وبالجهر.. عبدناكْ

فيا الله! أكرمنا بتقواكْ

ويا الله! زدنا من عطاياكْ

فللبيت قصدناكْ

ضيعة

آه.. ربِّي!

ضاع دربي!

ذاب قلبي!

أين شيطاني وحّبي؟

أين ذنبي؟

آه.. ربِّي!

?ربِّ قل لي: من أنا؟

ربِّ قل لي: ما الهوي؟

إنّني أسمع أشياءَ، ولكن لا أري!

أنا، ماذا؟

أأنا قربان هابيلَ،

وكفّارة حوّاءَ وآدمْ؟

أم أنا عفّة زهراءَ ومريمْ؟

أم أنا للناس بلسمْ؟

لستُ أفهم!

?أنا قد ضيّعتُ نفسي!

أنا قد شوّهت جنسي!

صرتُ لا أسمع جرسي!

صرتُ لا أفهم حسِّي!

صرتُ لا أعرف هجسي!

كلّ ما أعرف: حبسي!

كلّ ما أفهم: نحسي!

كلّ ما أعلم: أنّي،

بعتُ كلّي،

بعتُه لكن ببخسِ!

?لستُ أدري:

أيّ شيءٍ أنا؟،

من أيِّ مجرِّ؟

أ أنا ارضٌ بلا بحر وبرِّ؟

أم أنا بحرٌ بلا مدٍّ وجزرِ؟

أم أنا شِعرٌ بلا لحنٍ وبحرِ؟

أم أنا كالناس إنسانٌ بلا فكرٍ وعمرِ؟

أنا من دون الوري خلقٌ مشوّهْ!

وبأوهامي مموّهْ!

إنّني ليلٌ بلا نجمٍ وفجرِ!

إنّني عيدٌ بلا فِطرٍ ونحرِ!

أ أنا، أم قَدَري، ضيّع أمري؟

لستُ أدري!

?كنتُ أخشي كل صعبِ!

كنتُ أخشي كلّ كربِ!

وإذا بيْ،

كلّما أدفعه يزحفُ صوبي!

كلّ من أنصره ينصب حربي!

وإذا بيْ،

أدفع الأهوال بالويلاتِ،

في كلِّ مهبِّ!

وإذا بيْ،

صِرتُ لا أشعر ما بي!

صِرتُ لا أخشي سوي ذنبيْ،

وربِّي!

?آه.. من ضيعة عمري،

دون أن أكشف سرِّي!

دون أن ينبض فكري!

آه.. من وحشة فجري!

هذه ظُلمة دنيايَ،

فوا ظلمة قبري!

?آه.. ربِّي!

أيّ طبٍّ،

هو طبِّي؟

كلّما أفحص لا ألمس قلبي!

كلّما أبحثُ لا أكشف حبِّي!

كلما أطوي المدي يهربُ دربي!

أختشي: أن أطلب الموتَ،

فلا يشفق نحبي!

آه.. من وحدة ركبي!

آه.. من وحشة سربي!

آه.. ربي!

?أنا،

ما يعني «أنا»؟

أنا،

ما هذا؟

أنا؟

هل تخطّي الممكنا؟

أيُّ شيءٍ أنا؟،

هذا البشر المحدود في كلِّ رداءْ

أيُّ شيءٍ أنا؟،

هذا البشر المخدوع في كلِّ غباءْ

ليتني كنتُ ملاكاً!

ليتني كنت سماءْ!

ليتني كنتُ مجرّاً!

أو فضاءً!

أو ضياءْ!

أُمنياتي..

كلُّها تنزف جرح البسطاءْ!

أُمنياتي..

ضحكاتُ القدر الجبّارِ،

في عمق الفضاءْ!

ويل لهو الفكر

في ليل خنوعي!

آه.. من

عدوي ضميري!

آه.. من بلوي غروري!

آه.. من عنف شعوري،

وغيابات مصيري!

فراغ

ويلَ نفسي!

آه.. من آهات يأسي!

آه.. من تيّار حسِّي!

كلّما أجمع لا ينسج حرفي!

كلّما أُبصر لا يحسر طرفي!

كلّما أقرأُ لا يتعب طرسي!

كلّما أعقل لا يملأ رأسي!

كلّما أعرفُ:

كلُّ الناسِ..

كلُّ الكونِ.. لا يشبع هجسي!

إنَّني.. كلِّي فراغْ!

ليس للدنيا إلي نفسي مساغْ!

كلّما أبحث عنِّي،

أقتني جوع فراغاتٍ،

وإلحاح تقاليع ربيعْ!

ونفايات صقيعْ!

كلُّ شيءٍ في المقاييس كبيرٌ ورفيعْ،

في مقاييسي صغيرٌ ووضيعْ!

هائمٌ، أبحث في اللاّ شيء،

عمّا ليس يوجدْ!

سائرٌ من دون مقصدْ!

حالِمٌ أنفض دنياي ببؤسي!

تائِهٌ عبر فضاءاتٍ بلا بدرٍ وشمسِ!

عالِقٌ بالقَدر الضاربِ،

في يومي وأمسي!

لستُ أُمسي،

دون أن أسأل نفسي:

أين أُرسي؟

كيف أُرسي؟

ومتي؟

من أيِّ برجٍ جاء نحسي؟

فلقد ضيّعتُ كلِّي!

كلّ كلِّي!

كلّ طاقاتي، وأعصابي، ونبضي!

غير إيماني بربِّي

ودعائي:

أن يحييني مدي رقدة رمسي!

?يا إلهي!

يا مني هجسي وهمسي!

أنت قد سوّيتني من فيض قدسِ!

فاْكتنفني،

قبل أن يبلعني شيطان رجسي!

فكما فجّرت غرسي!

وكما وسّعت حسِّي!

أنت مَكِنِّي،

فقد طوّقني طوفان بأسي!

إشعاع اللاهوت

شعَّتْ.. فأيقظت الوري لاهوتُ

وتشكَّلتْ من نورها ناسوتُ

ماذا يقول الملحدون؟ وكلُّهم

تسبيحةٌ.. تمتصُّها برهوتُ

حاشاه.. يسعي كلُّ شيءٍ نحوه

حتي الحياة، وفقرها جبروتُ

هيهات أن ترقي السماء لذاته

وهو القريب.. وقربه عظموتُ

ها.. أنت..

سألتُ عن الله في المعبدِ

فلم أره غير مستعبدِ

يعامل أعبده.. كالعبيدِ

ويرفع فيهم عصي السيّدِ

ورحت أسائل عنه الطغاة

فلم يعرفوه سوي مرشدِ

يحاول إغراءَ هم بالفساد

ويلتذّ بالأَفسدِ.. الأَفسدِ..

فكلٌّ يراهُ كما يشتهي

وكلٌّ يري: أنّه المهتدي

فمن أنتَ؟ يا ربِّ! أين أراك؟

كما أنت فوق مدي السرمدِ

فلا أنت تظهر في حانةٍ

ولا تتجلّي علي مسجدِ

فمالي تراني بلا أن أراك؟!

فهل لي أراك علي موعدِ؟

سأبحث عنك بلا موعدِ

وبالناس فيك فلا أقتدي

فها أنت.. ها أنت.. إنّي أراك

ألست تطلّ علي المشهد؟!

ألست ترجِّع لحن الطيور..

وقصف الرعود بليلٍ نديّْ؟

أنت وفّقني..

لا تلمني.. لا تقل لي:

ليس لي قولي.. وفعلي..

لا تقل: صم لي.. وصلِّ..

أنت وفّقني أصلّي

أنا طينٌ.. لا ملاكٌ

يتشهَّي أن يصلّي

أنت لا تنسي.. ولا

أنسي أنا أصلي.. وفصلي..

قلتَ: أصليكم بناري

أنت.. هل بالنار تصلي؟

ليس لي حَولي.. وطَولي..

ليس لي أصلي.. وفصلي..

يا مجيب المضطر..

يا مجيب المضطر في البأساءِ!

نجني من زوابع الظلماءِ

نجني من هوي فؤادي.. ومن

أحلام شعري.. ومن طموح سمائي

[رجوع للقائمة]

پي نوشتها

() إشارة إلي الحديث الشريف: عن الإمام الباقر عليه السلام فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء. بحار الأنوار: ج67 ص53 ب44 ح14.

() يراد من (نجدتيك) النجدين في قوله تعالي: ?وهديناه النجدين?. سورة البلد: 10.

() هناك كلمة غير مقروءة في النسخة المخطوطة الموجودة عندنا فأبدلناها بما بين [].

() هناك كلمة غير مقروءة في النسخة المخطوطة الموجودة عندنا فأبدلناها بما بين [].

() هناك كلمة غير مقروءة في النسخة المخطوطة الموجودة عندنا.

() هناك كلمة غير مقروءة في النسخة المخطوطة التي عندنا.

() هناك كلمة غير مقروءة في النسخة المخطوطة التي عندنا.

() المقلة العين، وقد ورد في الأحاديث (عين الله) و(الله الذي أنتم بعينه) ونحوهما، والتعبير مجازي كما لا يخفي.

() هذا ونحوه نظير قوله تعالي: ?وجوهٌ يومئذٍ ناضرة إلي ربها ناظرة? سورة القيامة: 22، مما ورد في تفسيرها عن أهل البيت عليهم السلام من انه النظر إلي رحمة الله، وثوابه، وعظمته … الخ.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.