شرح الصمدية

اشارة

اسم الكتاب: شَرح ُ الصَّمديّة

المؤلف: حسيني شيرازي، صادق

الموضوع: ادبيات عرب

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: دارالانصار

مكان الطبع: قم

تاريخ الطبع: 1428 ق

الطبعة: اول

مقدمة الشارح

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي محمد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم إلي يوم الدين.

وبعد: فيقول صادق بن آية الله الفقيد الحاج السيد ميرزا مهدي الحسيني الشيرازي (طاب ثراه). هذا شرح مختصر شرحت به ألفاظ كتاب (فوائد الصمدية) للشيخ البهائي +، وتجنبت الاستدلال لمطالب الكتاب ليكون هذا الشرح عوناً للمبتدئ في حال قرائة كتاب (الصمدية)، والله المسؤول ان ينفع به وأن يجعله ذخري ليوم القيامة، والله هو الموفق والمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة المصنف

أحْسَنُ كَلِمَةٍ يُبْتَدأ بها الكلامُ؛ وخَيْرُ خبرٍ يُخْتَتَمُ به المْرَامُ؛ حمدُك اللّهمَّ علي جَزيلِ الإنعامِ، والصَّلاةُ

خطبة المصنف

قال الشيخ (محمد بن الحسين بن عبد الصمد) العاملي المعروف بالشيخ البهائي (رضوان الله عليه) مؤلف كتاب «الصمدية» (بسم الله الرحمن الرحيم) وبه نستعين.

إعلم: أن المؤلف + قد استخدم في خطبة الكتاب براعة الإستِهلال، ومعناها: ابتداء الكلام مناسباً للمقصود، وبعبارة اخري: التعرّض إلي ذكر ما يبحث عنه في الكتاب من مسائل في المقدمة رَمزاً واشارة إلي ما في الكتاب، فقد ذكر في طيّ مقدمته اسم: الكلمة، والكلام، والاسم والفعل، والحروف، وأفعل التفضيل، والمبتدأ، والخبر، والرفع، والنصب، والجر، والجزم، وغيرها، للاشارة إلي أنّا نبحث في هذا الكتاب عن هذه الأشياء وقال ما يلي:

(أحْسَنُ كَلِمَةٍ يُبْتَدأ بها الكلامُ) أي: يُشرع بها الكلام (وخَيْرُ خبرٍ يُخْتَتَمُ به) أي: بذلك الخبر (المْرَامُ) أي: المقصود، تلك الكلمة وذلك الخبر هو (حَمدُك اللّهمَّ) أي: حمدك يا الله (علي جَزيلِ الإنعامِ) أي: علي واسع الانعام، وكثيره (والصَّلاةُ) وهي: طلب الرحمة من الله تعالي.

والسَّلامُ علي سيِّد الأنام، محمّدٍ وآله الْبَرَرَةِ الكِرام، سيّما ابْنِ عَمِّه عليٍّ عليه السلام؛ الذي نَصَبه عَلَماً للإسلام ورَفَعَه لِكَسْر الأصنام، جازِمِ أعناقِ النَّواصِب الِّلِئام، وواضعِ عِلْم

النَّحْو لِحفْظِ الكلام،

(والسَّلامُ) وهو: تحية الناس وصلواتهم (علي سيِّد الأنام) أي: سيد الانس والجن، أو: سيد جميع الخَلق (محمّدٍ) | (وآله) وهم علي وفاطمة والأئمة الأحد عشر من ولدهما عليهم السلام (البَرَرَةِ) جمع «بارّ» أي: الصادق (الكِرام) جمع كريم، وهو الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل (سيّما) أي: علي الخصوص (ابن عَمِّه عليٍّ عليه السلام، الذي نَصَبه) الرسول، أي: عيّنه (عَلَماً) يعني: هاديا (للإسلام) والمسلمين، أي: جعله النبي إماماً للناس، وعيّنه خليفة عليهم وقد ثبت ذلك بالأدلّة الصحيحة مِن القرآن الكريم والسنة وإجماع جميع فرق المسلمين (ورَفَعَه) النبي | علي كتفه (لكَسْر الأصنام) التي كانت معلقة بالكعبة المقدسة (جازِمِ) يعني: قاطع (اعناق) جمع عُنُقِ (النَّواصِبِ الِّلئام) النواصب: جمع ناصبي، وهم أعداؤه، واللئام: جمع لَئيم، وهو: دَنيء النفس (وواضع) أي: مخترع (علْم النَّحْوِ لِِحفْظِ الكلام) عن الخطأ، وقد رأيتُ التصريح من الشيعة والسنة والمسيحيين بأن علياً «عليه السلام» هو الذي وضع النحو لحفظ الكلام عن الخطأ().

وبعد:

فهذه الفوائدُ الصّمديّةُ في علم العربيّة، حَوَتْ من هذا الفنّ ما نَفْعُه أعمُّ، ومعرِفتُه للمبتدئينَ أهمُّ، وتضمّنتْ فوائدَ جليلةً في قوانين الإعرابِ وفرائدَ لم يطّلع عليها إلاّ أولُوا الألباب،

(وبعدُ) بضم الدال لانه مَبني علي الضم، يعني: بعدَ الحمد لله والصلاة علي النبي وآله عليهم السلام (فهذه «الفوائدُ الصّمديّة») جمع «الفائدة» و «الصمدية» نسبة إلي أخ له كما قيل و إسمه «عبد الصمد» كان الشيخ البهائي (رحمه الله) كتب هذا الكتاب لأجله ولذا نسبه إليه وسَمّاه: «الصمدية» وتاء «الصمدية» للتأنيث باعتبار «الفوائد» (في علم العربيّة) أي: علم النحو (حَوَتْ) أي: جمعت (من هذا الفنّ) أي: فن النحو (ما) أي: الشيء الذي (نَفْعُه أعمُّ) أي: ليس نفعه خاصاً بالمبتدئ بحيث لا يفيد العالم النحوي،

ولا خاصاً بالعالم بحيث لا يفيد المبتدئ، بل نفعه يشمل المبتدئ في علم النحو والعالم النحوي معاً (ومعرفتُه) أي: معرفة ما في هذا الكتاب (للمبتدئينَ أهمُّ) من معرفته للعالم النحوي.

(وتضمّنتْ) هذه الصمدية (فوائدَ جليلةً) أي: عظيمة (في قوانين الإعرابِ) القوانين: جمع قانون، أي: القواعد التي يَعرف الشخصُ الاعرابَ منها (و) تضمنت هذه الصمدية (فَرائدَ) جمع تكسير ل «فريدة» وهي: الجوهرة النفيسة، والمراد من «الفرائد» النُكَت النحوية اللطيفة التي هي في هذا الكتاب، و(لم يطلع عليها) أي: علي تلك الفرائد (إلا اُلوا الألباب) اُلوا: اسم جمع

وضعتُها للأخِ الأعزّ عبد الصّمد، جَعَلَه اللهُ من العلماء العاملينَ ونَفَعَه بها وجميعَ المؤمنينَ، وتَشْتَمِلُ علي خمس حَدائقَ.

ل «ذو» بمعني: صاحب، والألباب: جمع «لُب» يعني: العقل، أي: تضمنت هذه الصمدية جواهر نفيسة ما عرفها إلا أصحاب العقول (وَضعْتُها) أي: الّفت هذه الصمدية (للأخ() الأعز «عبد الصمد» جعله الله من العلماء العاملين) بعلمهم (ونفعه) أي: نفع الله عبدَ الصمد (بها) أي: بهذه الصمدية (و) نفع بها (جميع المؤمنين، وتشتمل) هذه الصمدية (علي خمس حدائق) جمع حديقة كالتالي:

الحديقة الأولي فيما أردت تقديمه

غُرّة: النحو: علم بقوانين ألفاظ العرب من حيث الاعراب والبناء. وفائدته: حفظ اللّسان عن الخطأ في المقال. وموضوعه: الكلمة والكلام؛

الحديقة الأولي

(فيما أردت تقديمه) أي: في الأمور التي أردت أن أقدّمها علي مطالب الكتاب، وبعبارة اخري: اني جعلت الحديقة الأولي كمقدمة لمطالب الكتاب (غُرّة) لها معانٍ، منها: الأوّل، وهو المراد هنا، يعني: أولاً (النحو علم بقوانين ألفاظ العرب من حيث الاعراب والبناء) يعني هو أن يعلم الشخص قوانين العرب في كلامهم من جهة الاعراب والبناء، وسيأتي معني الاعراب والبناء في قوله: «فائدة» بعد صفحات ان شاء الله تعالي.

(وفائدته) أي: فائدة النحو (حفظ اللسان عن الخطأ في

المقال) يعني: فائدة النحو هي صَون اللسان عن ان يَلحن الانسان في الكلام.

(وموضوعه) أي: موضوع النحو هو: (الكلمة والكلام) والموضوع هو الأساس الذي يتكلم عنه من أول العلم إلي آخره، فان النحو يبحث عن المبتدأ والخبر، والفعل والفاعل والمفعول،والجملة والمفرد، والحال والتمييز وغيرها، وهذه كلُها إمّا كلمة أو كلام، فظهر ان الأساس الذي يبحث عنه في النحو دائماً إنما هو (الكلمة والكلام).

فالكلمة: لفظ موضوع مفرد، وهي إسم وفعل وحرف.

والكلام: لفظ مفيد بالإسناد، ولا يتأتي إلا في اسمين أو فعل واسم.

(فالكلمة): هي التي اجتمعت فيها هذه الشروط الثلاثة: (لفظ، موضوع، مفرد).

فاللفظ: هو ما كان اداء حروفه بواسطة الفم.

والموضوع: هو اللفظ الذي له معني.

والمفرد: هو اللفظ الذي ليس جملة مركّبة.

فلو نقص واحد من هذه الشروط الثلاثة عن شيء فلا يكون «كلمة» وعليه: فالاشارة مثلاً ليست كلمة لانها ليست لفظاً، والصوت المهمل المسموع مِن الفم ليس كلمة لانه لا يعتمد علي حروف الهجاء، واللفظ المهمل مثل «دَيْز» ليست كلمة لانها ليس لها معني وليست موضوعة، والمركّب مثل جملة «زيد قائم» ليست كلمة لأنها ليست مفرداً، وإنما هي جملة مركّبة.

اذن: فالكلمة هي ما جمعت الشروط الثلاثة. (وهي) أي: الكلمة التي جمعت الشروط الثلاثة: اللفظ الموضوع المفرد، علي ثلاثة أقسام (اسم) مثل «زيد» (وفعل) مثل «نَصَرَ» (وحرف) مثل «مِن».

هذا هو الركن الأول من ركني موضوع علم النحو. وأما الركن الثاني فهو الكلام فعرّفه بقوله: (والكلام لفظ مفيد بالإسناد) أي: انه لفظ يفيد فائدةً بواسطة نسبة شيء إلي شيء آخر، نحو «نَصَرَ زيد» فانه كلام، لانه لفظ نُسِب فيه النصر إلي زيد (ولا يَتَأتّي) أي: ولا يحصل الكلام (إلا في اسمين) نحو «زيد قائم» ف «زيد» اسم، و «قائم» اسم (أو

فعل واسم) نحو

إيضاح

الاسم: كلمة معناها مستقلّ غير مقترنة بأحد الأزمنة الثلاثة،

«نَصَرَ زيد» ف «نصر» فعل، و «زيد» اسم ولا يحصل الكلام في أقل من هاتين الصورتين.

وعليه: فقد عُلم من ذلك أنّه لا يتأتي الكلام من فعلين، ولا من فعل وحرف، ولا من حرف واسم، ولا مِن حرفين، لانّ في الثلاثة الأولي أحد الركنين مفقود، وفي الرابع كلاهما.

إيضاح:

مصدر باب الأفعال مِن «أوضح، يوضح»، وهو خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هذا إيضاح، أي: مُوضِح.

ثم ان المصنف لمّا فرغ من تعريف علم النحو ومن بيان موضوعه ومن تعريف ركنيه، بدأ بشرح وتعريف الاقسام الثلاثة للكلمة مبتدئاً بالاسم، فقال: (الاسم كلمة معناها مستقل) أي: تَدل باستقلالها ووَحْدتها علي معني، مثل كلمة «زيد» فانها تدل علي الرجل المعيّن المتميّز بصفات معيّنة، وليست كالحرف الذي لا يَظهر معناه إلا إذا إنضمّ إلي شيء آخر (غيرُ مقترنة بأحد الأزمنة الثلاثة) يعني: تكون خاليةً عن الأزمنة الثلاثة: الماضي والاستقبال والحال، نحو: «زيد» فانه ليس فيه معني الماضي ولا الاستقبال ولا الحال، بخلاف الفعل فانه يقترن دائماً بزمان، مثل «نَصَرَ» الذي فيه معني الماضي، و «يَنصرُ» الذي فيه معني الاستقبال، «اُنصرْ» الذي فيه معني الحال.

ويختصّ بالجر، والنداء واللام، والتنوين، والتثنية والجمع.

(ويختص) الاسم (ب) أشياء تدخل علي الاسم فقط، ولا تدخل علي الفعل ولا علي الحرف وهي أولاً:

(الجر) نحو: «بزيدٍ» فان زيداً صار مجروراً لمّا دخل عليه حرف الجر وهو الباء، ولا يصير الفعل ولا الحرف مجروراً، فلا يقال: «بِنَصَرَ» ولا «بِفي».

ثانياً: (والنداء) أي: صيرورة الاسم منادي، ووقوعه بعد حرف النداء نحو: «يا زيد» فلا يدخل حرف النداء علي الفعل ولا علي الحرف، فلا يقال: «يا نَصَرَ» ولا «يا في».

ثالثاً: (واللام) أي: دخول الألف واللام علي

الاسم، نحو: «الرجل» ولا يدخلان علي الفعل ولا علي الحرف، فلا يقال: «ألْنَصَرَ» ولا «الفي».

رابعاً: (والتنوين) فانه مختص بالاسم تقول: «زيدٌ» بدخول التنوين علي «الدال» الذي هو آخِر حروف «زيد»، بينما لا يدخل التنوين علي الفعل ولا علي الحرف، فلا يقال: «نَصَرٌ» ولا «فيٌ».

خامساً: (والتثنية والجمع) فانهما يختصان بالاسم أيضاً، نحو: «زيدانِ وزيدونَ» ومعني ذلك تعدّد «زيد» إلي التثنية، والي ثلاثة وأكثر في الجمع، بخلاف الفعل والحرف، فانهما لا يثنيّان ولا يُجمعان، فلا يقال: «نَصَران» و «نَصَرون» كما لا يقال: «فيانِ» و «فيونَ».

وأمّا «يَنصرانِ» فليس تَثنيةً وتعدّداً في الفعل، بل هو تثنية وتعدّد في الفاعل، وذلك لانه ليس معني «يَنصرانِ» ان النصر صارَ إثنين، بل المعني: ان الفاعل الذي يَصدر منه النصر إثنان، وهكذا يَنصرون، فانه: ليس بجمع وتعدّد في الفعل، بل هو جمع وتعدّد في الفاعل، وذلك لانه ليس معني «يَنصرون» ان النصر صار ثلاثة وأكثر، بل المعني: ان الفاعل الذي يصدر منه النصر ثلاثة وأكثر.

والفعل: كلمة معناها مستقلّ مقترن بأحدها، ويختصّ ب: قَدْ، ولَمْ وتاء التأنيث، ونون التأكيد.

(والفعل: كلمة معناها مستقل) أي: تدل بانفرادها علي معني، نحو: «نَصَرَ» فانه يدل علي أنه وُجِد نَصرٌ في الزمان السابق، وليس كالحرف الذي لا يظهر معناه إلا إذا انضم إلي شيء آخر (مقترنٌ بأحدها) أي: بأحد الأزمنة الثلاثة: الزمان الماضي والزمان المستقبل والزمان الحاضر.

فَ «نَصَرَ» له معني مستقل يدل علي الزمان الماضي.

و «ينصر» له معني مستقل، يدل علي الزمان الحاضر والمستقبل.

و «اُنصرْ» له معني مستقل، يدل علي الزمان الحاضر فقط.

بخلاف الاسم فانه ليس مقترناً بالزمان أصلا ف «زيد» ليس فيه معني الزمان الماضي ولا الزمان المستقبل ولا الزمان الحاضر.

(ويختصّ) الفعل (ب) أشياء لا تأتي في الاسم

ولا في الحرف، وهي:

أولاً: (قَدْ) وتدخل علي الماضي والمضارع، نحو: «قد علم، وقد يعلم».

ثانياً: (ولَمْ) وتدخل علي المضارع فقط نحو: «لم يعلم».

ثالثاً: (وتاء التأنيث) الساكنة وتدخل علي الماضي فقط، نحو: «ضربتْ».

رابعاً: (ونون التأكيد) وهي علي نوعين: نون التأكيد الثقيلة، ونون التأكيد الخفيفة، وهما تدخلان علي الفعل المضارع وعلي فعل الأمر الحاضر، وعلي فعل الأمر الغائب، مثال الجميع بالترتيب: «يَنصرَنَّ، يَنصرَنْ، اُنصرَنَّ، اُنصرَنْ، لِيَنصرَنَّ، لِيَنصرَنْ». واعلم أن المصنف + لم يذكر جميع مختصات الفعل هاهنا، لانه يذكر البقية في «تقسير آخر» وكأنه لم يحب التكرار.

والحرف: كلمة معناها غير مستقلّ ولا مقترن بأحدها، ويُعرَف بعدم قبول شيء من خواصّ أخويه.

(والحرف كلمة معناها غيرُ مستقل) أي: لا تدل علي معني مستقل، بل يظهر معناه في غيره، فمثلاً لو قال زيد: «سرتُ مِن البصرة إلي الكوفة» كان في الخارج ثلاثة أشياء: السير والبصرة والكوفة، فالسير هو المَشْي بين البصرة والكوفة، والبصرة هي المكان الذي خرج زيد منه، والكوفة هي المكان الذي دخل زيد فيه، أمّا «مِن» و «إلي» اللذان هما حرفان فليس في مقابلهما معني في الخارج، وهذا هو المراد من ان الحرف معناها غير مستقل، يعني: ليس له معني مستقلِ لِنفسه، وإنما يظهر معني الحرف في ضمن الاسم الذي إقترن به الحرف، ف «مِن» ظهر له معني الابتداء حينما اْقْتَرَنَ: ب «البصرة» و «إلي» ظهر له معني الإنتهاء حينما اقترن ب «الكوفة».

(ولا مقترن بأحدها) يعني: ان الحرف ليس مقترناً بأحد الأزمنة الثلاثة، فليس فيه معني الزمان الماضي ولا معني الزمان الحاضر ولا معني الزمان المستقبل.

(ويُعرف) الحرف (بعدم قبول شيء مِن خواصّ أخَوَيْه) وهما الاسم والفعل، يعني: علامة الحرف أنه لا يَدخل عليه شيء مِن علامات الاسم، ولا من

علامات الفعل، فمثلاً: إذا أردتَ أنْ تعرف كلمة انها حرف أم لا، تأتي عليه بجميع علامات الاسم مِن الجرّ والنداء واللام والتنوين والتثنية والجمع، وكذلك تأتي عليه بجميع علامات الفعل مِن «قد» ونون التأكيد والتاءات

تقسيم

الاسم إن وضع لذات؛ فاسم عين، ك «زَيْد»، أو لحدث؛ فاسم معني، ك «ضَرْب»، أو لمنسوب إليه حدث؛ فمشتقّ ك «ضارِب».

الأربع وهي التاء الساكنة والمفتوحة والمكسورة والمضمومة والسين و «سوف» و «لم» وزَوائد أنَيْتَ وهي: الحروف الزائدة التي تجيء في أوّل الفعل المضارع. وتُسمّي بالحروف المضارعة، وهي: الهمزة والنون والياء والتاء فإن لم تَقْبل تلك الكلمة شيئاً من علامات الاسم وعلامات الفعل فهي حرف.

تقسيم

مصدر «قَسّم، يقسِّم» مِن باب التفعيل (الاسم إن وضع لذات) والذات هو الشيء القائم بنفسه الذي لا يحتاج وجوده إلي شيء آخر (فاسم عين) يسمّي (ك «زيد»، أو) وضع (لِحدَث) والحدث هو الشيء القائم بالغير، الذي لا يُوجَد بنفسه (فاسم معني) يسمّي لانه ليس له عين وذات (ك «ضَرْبٍ) مصدر «ضَرَبَ يضْرِبُ»، فان الضرب وجوده قائمٌ بِشخص يصدر منه الضرب، وليس هو شيئاً يوجد بنفسه وقائماً بنفسه فلو لم يكن شخص يُوجِد الضربَ فلا يُوجَد الضرب بنفسه بخلاف مثل «زيد» فانه لا يحتاج في وجوده إلي الغير بل هو قائم بنفسه.

(أو) وضع (لِمنسوبٍ إليه حدثٌ) أي: لمن نُسب إليه الحدث (ف) ذلك الاسم (مشتقّ ك «ضارِبٍ») فانه اسم وضع لشخص نسب إليه الحدث وهو الضرب.

وأيضاً

إن وضع لشيء بعينه؛ فمعرفة، ك «زيد» والرّجل و «ذا» و «الذي»

أيضاً

مصدر «آض يئيض» بمعني «رَجع يرجع» وأصل «آض» «أيَض» أجوف يأتي، فالياء المتحركة والمفتوح ما قبلها إنقلبت إلي الألف، دخلت الألف الثانية في الألف الأُولي، بطريقة المد فصار «آض»، وكلمة «أيضا» يُؤتي بها

فيما اُريد تَقْريعه علي الكلام السابق كقولك «جائني زيد وجعفر أيضاً» يعني: وجائني جعفر، فهنا كلمة «أيضاً» تَقْريع علي «تقسيم»، يعني: تقسيم أيضاً لِلاسم.

(إن وضع) الاسم (لِشيء بعينه) أي: لِشيء مُعيّن معلوم (ف) ذلك الاسم يسمّي (معرفة) والاسماء المعارف علي سبعة أنواع:

الأول: الاسم الذي كان سبب مَعرفيّته أنه صار عَلَماً (ك «زيد») فانه وضع اسماً لشخص معيّن ومعلوم.

(و) الثاني: الاسم الذي كان سبب معرفيته دخول الألف واللام فيه نحو: (الرّجل) ف «رجل» بدون الألف واللام ليس اسما لشخص معيّن، فاذا دخلت الألف واللام عليه صار لشخص معين.

(و) الثالث: الاسم الذي كان سبب معرفيته الاشارة إليه نحو: («ذا») فإذا قلت لِشخص: نَصَحني رجل عالم، لا يَعرف المخاطب ذلك الرجل، فاذا أشرَتَ إليه وقلت: «نصحني رجل عالم وهو ذا» يَعرفه المخاطب فكانت

و «هُوَ» والمضاف إليه أحدها معنيً

الاشارة سبب معلومية ذلك الرجل ومعرفيته.

(و) الرابع: الاسم الذي كان سبب معرفيته الموصول نحو: («الذي»). مثلاً إذا جاء رجل عندك وعند زيد يومَ أمس، وفي هذا اليوم تُريد أن تَنقل عن ذلك الرجل كلاماً لزيد، فتقول: «الذي جائنا يَوم أمس قال: كذا وكذا»، فان ذلك الرجل صار معلوماً عند زيد بواسطة الموصول وهو «الذي» فلو لم تقل: «الذي جائنا … » لم يكن زيد يَعرفه.

(و) الخامس: الاسم الذي صار معرفة بالضمير نحو: («هو») تقول: «نَجَح جواد وهو مريض» فهذا الضمير هو يُعَرِّفُنا علي أن الذي صار مريضاً هو جواد.

(و) السادس: (المضاف إلي أحدها) أي: الاسم الذي صار معرفة بسبب إضافته إلي أحد هذه الخمسة السابقة (معنيً) أي: إضافة معنوية، فانه سيأتي مفصلاً: أنَّ الاضافة علي نوعين: إضافة لفظية، وإضافة معنوية. فالاضافة اللفظية هي: إضافة الصفة إلي معمولها مثل إضافة اسم الفاعل

إلي مفعوله ك «ناصرُ عمرو» ف «ناصر» صفة، اضيفت إلي مفعولها وهوعمرو والاضافة المعنوية هي: اضافة إسم غير صفة إلي أحد هذه الخمسة، فان هذه الاضافة تَجعل ذلك الاسم معرفةً، نحو: «كتاب زيد» ف «كتاب» اضيف إلي «زيد» الذي هو عَلَم، ونحو: «كتاب الرجل» ف «كتاب» اضيف إلي الرجل الذي فيه لام التعريف، ونحو: «كتاب ذا» ف «كتاب» اضيف إلي «ذا»

والمعرّف بالنّداء، وإلاّ فنكرة.

وأيضاً:

إن وجد فيه علامة التأنيث ولو تقديراً، ك «ناقة» و «نار»

الذي هو إسم إشارة، ونحو: «كتاب الذي جائنا أمسِ» ف «كتاب» اضيف إلي «الذي» وهو موصول، ونحو: «كتابه» ف «كتاب» اُضيف إلي «الهاء» الذي هو ضمير ففي كل هذه الأمثلة يصير الكتاب معلوماً ومعرفةً بجهة اضافته إلي المعرفة.

(و) السابع: (المعرَّف بالنداء) أي: الاسم الذي صار معيّناً ومعرفة لأجل النداء نحو قولكِ لشخص معيّن لا تَعرفه: «يا رجلُ» ف «رجل» صار معرفة لانه وقع منادي.

(وإلاّ) يعني: وإن لم يكن الاسم موضوعاً لشيء مخصوص معيّن (فَنَكرة) مثل: «رجل» فانه وضع إسماً لكل رجل سواء كان طويلاً أم قصيراً، أبيض أم أسود، عالما أم جاهلا، وليس موضوعاً لِشخص معيّن.

وأيضاً:

يعني: تقسيم آخر للاسم: (إن وُجد فيه) أي: في الاسم (علامة التأنيث) وهي ثلاثة: التاء والألف الممدودة والألف ك «حمراء» المقصورة، وحُبلي (ولو) كانت علامة التأنيث (تقديراً) أي: مقدَّرة غير ظاهرة.

أمّا مثال ذلك فهو: (ك «ناقة») مثال للمؤنث الموجود فيه علامة التأنيث، وهي التاء («ونار») مثال للمؤنث الذي علامة تأنيثه وهي التاء هنا

فمؤنث، وإلا فمذكّر، والمؤنّث إن كان له فرج فحقيقي، وإلا فلفظيّ.

مقدّرة غير ظاهرة.

والدليل علي أن «نار» ليست مذكّراً، وإنما هي مؤنث وعلامة تأنيثه مقدرّة: التصغير مثلاً فان التصغير يُرجِع الأسماءَ إلي اُصولها، ونحن إبتداءاً نظنّ

بأن «النار» مذكر لعدم وجود تاء التأنيث فيها، ولكن حينما نُصغِّرها يصير «نُوَيْرَة» فَمجيء التاء التي هي علامة التأنيث في تصغير «النار» دليل علي أن «النار» مؤنث ولكن علامة تأنيثها مقدرّة.

وعليه: فالاسم الذي فيه علامة التأنيث ولو تقديراً (فمؤنث) يعني: ان الاسم الذي يحتوي علي علامة التأنيث هو مؤنث، سواء كانت علامة التأنيث ظاهرة أم مقدرة (وإلاّ) أي: إن لم يوجد فيه علامة التأنيث ولو تقديراً (فمذكّر) ك «رجل».

(والمؤنث) علي نوعين: (إن كان له فَرْج) يعني: ان كان قابلاً للزوج كالانسان والحيوان (فحقيقيّ) أي: يقال له: المؤنث الحقيقي سواء كانت علامة التأنيث فيه ظاهرة ك «فاطمة» أم كانت مقدرة «كدَعد» إسم امرأة تقول في التصغير: «دُعَيْدة» (وإلاّ) أي: وإن لم يكن للمؤنث فرج، يعني: لم يكن قابلاً للزوج (فلَفظي) أي: يقال له: المؤنث اللفظي أي المجازي سواء كانت علامة التأنيث ظاهرة فيه ك «غُرفة» أم كانت مقدرة ك «نار» وليعلم: أن المذكّر أيضاً إما حقيقي ك «رَجُل» أو لفظي أي: مجازي ك «قَمَر».

تقسيم آخر:

الفعل ان اقترن بزمان سابق وضعاً؛ فماضٍ، ويختصّ بلحوق إحدي التّاءات الأربع، أو بزمان مستقبل أو حال وضعاً؛ فمضارع،

تقسيم آخر:

(الفعل إن إقتَرن بزمان سابق) أي: كان فيه معني الزمان السابق، ك «نَصَرَ» (وَضْعا) حال مِن «اقترن» يعني: تكون دلالته علي الزمان السابق لأجل وضعه للزمان السابق، لا أن يكون هو موضوعاً للزمان المستقبل ثُم يستعمل في الزمان السابق مثل «لم ينصرْ» فانّ «يَنصر» مِن الأصل وُضِع للزمان المستقبل، ولكن لَمّا دخلت «لم» عليه صار معناه الزمان السابق، فإنْ وُضِع الفعل في الاصل للزمان السابق (فماضٍ) يعني: يقال له: الفعل الماضي.

(ويختصّ) الفعل الماضي (بلحوق إحدي التاءات الأربع) أي: ان التاءات الأربع لا تلحق

إلا بالفعل الماضي، وهي:

1- تاء التأنيث الساكنة: نحو: «نَصَرَتْ».

2- تاء الفاعل المخاطب المفتوحة للمفرد المذكر، نحو: «نَصَرْتَ».

3- تاء الفاعل المخاطب المكسورة للمفرد المؤنث نحو: «نَصَرْتِ».

4- تاء المتكلم وحدَه المضمومة نحو: «نَصَرْتُ».

(أو) إقترن الفعل (بزمان مستقبل أو) زمان (حال وضعاً) أي: تكون

ويختصّ بالسّين و «سَوْفَ»

دلالته علي الزمان المستقبل وعلي الزمان الحال مِن جهة انه وُضع في الأصل للزمان المستقبل وللزمان الحال، نحو: «يَنصرُ» فانه وُضع في الأصل للدلالة علي زمانَي: الاستقبال والحال، بِخلاف الفعل الذي كانت دلالته علي الزمان المستقبل وعلي الزمان الحال من جهة الاستعمال لا مِن جهة الوضع.

فمثلاً: «أقوم إن قام عَليٌ غداً» أو: «أقوم إن قام عَليٌ الآن» ف «قام» في المثال الأول اُريد به الزمان المستقبل، وفي المثال الثاني اُريد به الزمان الحال، ولكن لفظة «قام» في الأصل لم يوضع لمعني الحال ولا الاستقبال.

وعليه: فإن كان الفعل في الاصل موضوعاً للحال أو الاستقبال (فمضارعٌ) أي: يقال لذلك الفعل: الفعل المضارع، والمضارع معناه: المشابِه، وإنما قيل له: المضارع لمشابهته إسم الفاعل في الحركات والسكونات، مثلاً «يَنْصُر» و «ناصِر» في كليْهما الحرفُ الثاني ساكن وفي كليهما بقية الحروف متحركة.

(ويختصّ) الفعل المضارع (ب) أشياء لا تَلحق بغير المضارع، وهي:

أولاً: (السّين و «سَوْفَ») نحو «سَينصرُ» و «سوفَ ينصرُ»، واعلم أن الفعل المضارع بنفسه يدل علي الحال أو الاستقبال، فيصح أن تقول: «ينصرُ الآن» ويصح أن تقول: «ينصرُ غداً» ولكن إذا دخل عليه السين أو «سوف» صار مخصوصاً لِلاستقبال، كما انه إذا دخل عليه اللام المفتوحة إختصّ بالحال ف «سينصرُ» و «سوف ينصرُ» معناه: أنه ينصرُ في الزمان

و «لَمْ» وإحدي زَوائد «أنَيْتَ»، أو بالحال فقط وضعاً؛

المستقبل، فلا يصحّ أن تقول: «زيد سينصرُ الآن» أو «سوف ينصرُ الآنَ».

ثانياً:

(و «لَمْ») نحو: «لم يَقُمْ» وهي تجعل معني المضارع ماضياً، وتَنْفيه، فمعني لم يَقم: أنه ما قام في الزمان السابق.

ثالثاً: (وإحدي زَوائد «أنَيْتَ») اعلم: أن الفعل المضارع كما في شرح الأمثلة مأخوذ من الفعل الماضي، ف «يَضرب» كان في الاصل «ضرب» ولَمّا أردْنا بناء المضارع زِدْنا في أوّله حرفاً مِن أربعة أحرف هي: «الألف، والنون، والياء، والتاء» فالألف زيدت في المتكلم وحده، نحو: «أنصرَ» والنون زيدت في المتكلم مع الغير، نحو: «نَنصرُ» والياء والتاء زيدتا في صيغ الغائب والمخاطب نحو: «يَنصرُ» و «تَنصرُ» فهذه الحروف تسمّي زوائد «أنيت»، لأنها زيدت علي الأصل وهو الماضي وكلمة «أنيت» تَجْمع هذه الحروف الأربعة.

(أو) إقترن الفعل (بالحال فقط وضعاً) أي: كان في الأصل موضوعاً لمعني الحال، نحو: «اُنصرْ» فانه وضع في الأصل لِلزمان الحال، بخلاف الفعل الذي كان موضوعاً لغير الزمان الحال، ثم استعمل للزمان الحال، مثل: «بعتُ» فانه فعل ماضٍ موضوعٌ للزمان السابق، ولكن حين الاستعمال اُريد منه معني الحال [إذا كان في مقام إنشاء البيع لا الإخبار عن البيع]، فان كان الفعل موضوعاً للحال فقط (فَأمرٌ) أي: يقال لذلك الفعل: فعل الأمر.

فأمر ويعرف بفهم الأمر منه مع قبوله نوني التّأكيد.

(ويعرف) فعل الأمر بعلامتين:

الأولي: (بفَهْم الأمر منه) أي: فَهم الطلب منه.

الثاني: (مع قبوله نوني التّأكيد) وهما: نون التأكيد الثقيلة، ونون التأكيد الخفيفة، نحو: «اُنصرْ» فان فيه معني الأمر، مع أنه يَقبل نوني: التأكيد، فيصحّ أن يقال: «اُنصرَنَّ» و «اُنصرَنْ».

وأما إنْ قَبِل نون التأكيد ولكنْ لم يُفهم معني الأمر منه فهو مضارع ك «ينصرُ».

وإن لم يَقبل نون التأكيد ولكن كان معناه الأمر فهو إسمُ فعلٍ نحو: «صَهْ» أي: أسكُتْ، ولكن لا تلحقه نوني: التأكيد، فلا يصحّ «صَهنّ».

تبصرة

الماضي مبني علي

الفتح، إلا إذا كان آخره الفاً أو اتّصل به ضمير رفع متحرك أو واو الجمع.

تبصرة

مصدر «بصر» من باب التفعيل، تقول: «بصر، يبصر، تبصيراً، وتبصرةً» كما تقول: فعل، يفعل تفعيلاً وتفعلةً.

الفعل (الماضي مبني) لا معرب، وبناؤه (علي الفتح) أي آخره مفتوح دائماً، نحو: «نصر» (إلا إذا كان آخره ألفاً) منقلبة عن الواو أو عن الياء، فيصير ساكناً، نحو: «رَمي» و «دَعا» فالألف في الأول منقلبة عن الياء، لأن أصله «رَمَيَ» والألف في الثاني منقلبة عن الواو، لأن أصله «دَعَوَ»، وإنما يصير ساكناً لأن الألف لا تقبل الحركة، والتي تقبل الحركة هي الهمزة.

(أو اتصل به) أي: بآخر الفعل الماضي (ضمير رفع متحرك) أي: ضمير الفاعل الذي كون ذلك الضمير متحركاً فيصير آخر الفعل ساكناً أيضاً، نحو: «نَصَرْتُ» فالتاء ضمير الفاعل، وهو متحرك، اتصل بالفعل الماضي فصار «الراء» وهي آخر الفعل الماضي ساكنة، وأمّا إذا اتصل بالفعل الماضي ضمير فاعل ساكن فيبقي الفعل الماضي علي فتحه، نحو «نَصَرَتْ» فالتاء ضمير فاعل، ولكنه ساكن، اتصل بالفعل الماضي فلم يتغير الفعل الماضي عن أصله.

(أو) اتصل بالفعل الماضي (واو الجمع) أي: الواو التي هي علامة الجمع المذكر؛ فيصير آخر الفعل الماضي مضموماً نحو: «نَصَروا» فالراء صارت مضمومة، لاتصال الواو بالفعل الماضي.

والمضارع ان اتصل به نون اناث ك «يَضْرِبْنَ» بني علي السكون، أو نون التأكيد مباشرة ك «يَضْرِبَنَّ» فعلي الفتح، وإلاّ فمرفوع إن تجرّد

(و) الفعل (المضارع ان اتصل به نون إناث) أي: نون الجمع المؤنث (ك «يَضْرِبْنَ» بُني علي السكون) أي يَصير مبنياً، ولا يكون معرباً ويكون آخره ساكناً، فالباء وهي آخر يضرب صارت ساكنة لاتصال نون الجمع المؤنث بالفعل المضارع (أو) اتصل بالفعل المضارع (نون التأكيد) الثقيلةُ أو الخَفيفة (مباشرة) أي:

ملصقة تلك النون بالفعل المضارع مِن دون فاصلة حرف بين الفعل المضارع وبين نون التأكيد (ك «يَضْرِبَنَّ» فعلي الفتح) أي: يكون مبنياً علي الفتح، يعني: يصير آخره مفتوحاً، ففي هذا المثال صارت الباء وهي آخر حروف يضرب مفتوحة للصوق نون التأكيد بها، اما إذا لم تلصق نون التأكيد بالفعل المضارع، بل فصل بينهما شيء ك «يَضربْنان» الذي فصل فيه النون والألف بين نون التأكيد، وبين يضرب، فيصير آخر الفعل المضارع ساكناً، كالباء في المثال (وإلاّ) أي: وان لم يتصل بالفعل المضارع نون جمع المؤنث ولا نون التأكيد (ف) الفعل حينئذٍ معرب و(مرفوع) لكن (إن تجرّد) أي: بان كان الفعل المضارع مجرداً وخالياً

عن ناصب وجازم، وإلاّ فمنصوب أو مجزوم. والفعل الأمر يُبني علي ما يُجزَم به مضارعه.

(عن ناصب وجازم) أي: عن الحروف الناصبة، وعن الحروف الجازمة (وإلاّ) يعني: ان لم يكن الفعل المضارع خالياً عن الناصب والجازم (فَمنصوب) إنْ دخل عليه أحد الحروف الناصبة نحو: «لن ينصرَ» (أو مجزوم) إنْ دخل عليه أحد الحروف الجازمة نحو: «لم ينصرْ».

(والفعل الأمر) الغائب، والحاضر (يُبني) أي: يصير مبنياً، ولا يكون معرباً، ويكون بناؤه (علي ما يُجزَم به مضارعه) يعني: كل فعل أمر يكون مثل مضارعه حال كون الفعل المضارع مجزوماً.

فمثلاً: «يَنصرُ» إذا دخل عليه «لم» وصار مجزوماً يكون جزمه بسكون آخره «لم يَنصرْ» فكذلك الفعل الأمر من «النصر» يكون مبنياً علي السكون نحو: «اُنصرْ، لينصرْ».

ومثلاً «يرمي» إذا دخل عليه «لم» وصار مجزوماً يكون انجزامه بحذف الياء عن آخره نحو «لم يرمِ» فكذلك فعل الأمر من «الرمي» يكون مبنياً وبناؤه يكون علي حذف الياء نحو: «إرمِ، لِيَرمِ».

ومثلاً: «يَدعو» إذا دخل عليه حرف الجزم وصار مجزوماً يكون انجزامه بحذف الواو عن

آخره، نحو: «لم يدعُ» فكذلك الفعل الأمر منه يكون مبنياً، وبناؤه يكون علي حذف الواو، نحو: «ادعُ، ليدعُ» وعلي هذا القياس كل فعل أمر يكون مبنياً وبناؤه يكون بمثل انجزام الفعل المضارع من نفس ذلك الفعل.

(فائدة)

الإعراب: أثر يجلِبه العامل في آخر الكلمة لفظاً أو تقديراً

(فائدة) مفرد مؤنث من اسم الفاعل من «فاد يفيد» فيكون اسم فاعله: «فائد، فائدان، فائدون، فائدة، فائدتان، فائدات».

(الإعراب: أثر يجلبه العامل في آخر الكلمة) يعني: الاعراب علامة يَأتي بهذه العلامة العاملُ، ويَجعلها في آخر الكلمة.

فمثلاً: «ذهبَ زيدٌ» الرفع في زيد علامة، جاء بها «ذَهبَ» الذي هو العامل في زيد، ووضع هذا الرفع في آخر كلمة «زيد».

وهكذا «لن يذهبَ» النصب في «يذهب» علامة وأثر جاء بهذه العلامة والأثر «لن» الذي هو العامل في «يذهب» ووضع النصب في آخر كلمة «يذهب».

ثم ان الاعراب علي قسمين:

الأوّل: ان يكون الاعراب (لفظاً) أي: ظاهراً، نحو: «ذهب زيدٌ» و «لن يذهبَ» ونحوهما، فان الرفع في زيد ظاهر، والنصب في «يذهب» ظاهر أيضاً.

الثاني: (أو) يكون الاعراب (تقديراً) أي: غير ظاهر نحو: «ذهب موسي» فان «موسي» مرفوع لأنه فاعل، ولكن رفعه تقديري وليس ظاهراً.

وأنواعه: رفع، ونصب، وجر، وجزم؛ فالأولان: يوجدان في الاسم والفعل، والثالث: يختص بالاسم، والرابع: بالفعل.

والبناء كيفية في آخر الكلمة لا يجلبها عامل.

(وأنواعه) أي: أنواع الاعراب: أربعة: (رفع، ونصب، وجر وجزم) يعني: كل معرب إما مرفوع، أو منصوب، أو مجرور، أو مجزوم.

(فالأولان) أي: الرفع والنصب (يوجدان في) كل واحد من (الاسم والفعل) المضارع.

أما الرفع فمثاله: «زيدٌ يذهبُ» ف «زيد» اسم مرفوع، و «يَذهبُ» فعل مرفوع.

أما النصب فمثاله: «رأيت زيداً» و «لن يذهبَ» فان «زيداً»، إسم منصوب، و «يذهبَ» فعل منصوب.

(والثالث) وهو الجر (يختص بالاسم) نحو: «مررت بزيدٍ»

ف «زيد» إسم مجرور، ولا يدخل الجر علي الفعل.

(والرابع) وهو الجزم يختص (بالفعل) المضارع، نحو: «لم يَذهبْ» ولا يدخل علي الاسم، اما الحرف فلا يَدخله شيء مِن هذه الأربعة لان الحرف لا يصير معرباً حتّي يدخله أحد هذه الأربعة.

(والبناء كيفية) وهيئة (في آخر الكلمة لا يجلبها عامل) أي: لا يأتي العامل بتلك الكيفية لأن الكيفية ليست أثراً كما كان ذلك في الإعراب، بل هي حالة ثابتة في الكلمة المبنية بحيث تكون تلك الكلمة علي نفس تلك الحالة دائماً.

وأنواعه: ضم، وكسر، وفتح، وسكون. فالاولان: يوجدان في الاسم والحرف نحو: حيثُ، وأمسِ، ومنذُ، ولام الجر. والاخيران: يوجدان في الكلم الثلاث نحو: أين، وقام، وسوف، وكم، وقم، وهل

(وأنواعه) أي: أنواع البناء أربعة أيضاً: (ضم، وكسر، وفتح، وسكون) يعني: المبني إما مضموم دائماً، أو مكسور دائماً، أو مفتوح دائماً، أو ساكن دائماً.

(فالأولان) وهما: الضم والكسر (يوجدان في) كل واحد من (الاسم والحرف) فالاسم المضموم والاسم المكسور (نحو «حيثُ» و «أمس» ِ و) الحرف المضموم نحو: (منذُ، و) الحرف المكسور نحو (لام الجر) أي: اللام الجارة مثل: «لِزيد» فاللام حرف وهو مكسور دائماً.

(والأخيران) وهما: الفتح والسكون (يوجدان في) كل واحد من (الكلم الثلاث) الاسم، والفعل، والحرف (نحو: «أين، وقام، وسوف، وكم، وقم، وهل») ف «أين» إسم مفتوح، و «قام» فعل مفتوح، و «سوف» حرف مفتوح، و «كم» إسم ساكن، و «قم» فعل ساكن، و «هل» حرف ساكن، وكل هذه مَبنيات يعني: لا يتغير آخر حرف منها أبداً.

توضيح

علائم الرفع أربع: الضمة، والألف، والواو، والنون فالضمة: في الاسم المفرد، والجمع المكسر، والجمع المؤنث السالم،

(توضيح) مصدر باب التفعيل من «وضح يوضح».

(علائم الرفع) الذي هو من أنواع الإعراب (أربع: الضمة، والألف، والواو، والنون).

اما علامة

الرفع الأولي: (فالضمة) وتكون علامة للرفع في أربع مواضع:

«الأول»: (في الاسم المفرد) والمراد بالمفرد هنا ما ليس مثنّيً ولا مجموعاً ولا من الأسماء الستّة، نحو: «جاء زيد» ف «زيد» مرفوع لأنه فاعل جاء، وعلامة رفعه الضمة في آخره.

(و) الثاني: في (الجمع المكسر) وهو الجمع الذي تغيّر ترتيب حروف مفرده، مثل «رجال» فان مفرده: «رجل» راء، بعدها جيم، بعدها لام، ولكن لما جُمع صار «رجال» فَفَصل بين الجيم واللام ألف، فتغيّر في الجمع ترتيب حروف مفرده تقول: «جاء رجال» ف «رجال» مرفوع لأنه فاعل جاء، وعلامة رفعه الضمة.

(و) الثالث: في (الجمع المؤنث السالم) والسالم معناه ان ترتيب حروف مفرده بقي سالماً في الجمع ولم يتغير، مثل: «هندات» فان مفرده «هند» هاء، بعدها نون، بعدها دال، وفي الجمع لم يتغير هذا الترتيب، وهذا هو معني «السالم» تقول: «جائت الهندات» ف «الهندات» مرفوع لأنه فاعل جائت، وعلامة رفعه الضمة.

والمضارع.

والألف: في المثني، وهو ما دل علي اثنين واغني عن المتعاطفين وملحقاته، وهي: كلا وكلتا مضافين إلي مضمر،

(و) الرابع: في الفعل (المضارع) الخالي عن النواصب والجوازم، وعمّا مر في التبصرة ص27 نحو: فهو مرفوع، وعلامة رفعه الضمة.

(و) أما علامة الرفع الثانية: فهي (الألف) وتكون علامة للرفع (في المثنّي) يعني: في التثنية (وهو) أي: المثني (ما) أي: الاسم الذي (دل علي اثنين، واغني عن المتعاطفين) أي: يكون دالاً علي شيئين إثنين، نحو «جاء الزيدان» ف «الزيدان» يدل علي زيد وزيد، وليست دلالته علي «زيد وزيد» بالعطف، بل الألف والنون، و «الزيدان» مرفوع لأنه فاعل جاء، وعلامة رفعه الألف.

(وملحقاته) أي: ملحقات المثنّي فان علامة رفعها الألف ايضاً (وهي) كثيرة منها: (كلا وكلتا) ف «كلا» لاثنين مذكرين، و «كلتا» لاثنتين مؤنثتين، وعلامة الرفع

فيها الألف بشرط ان يكونا (مضافين إلي مضمر) أي: إلي ضمير، لا إلي اسم ظاهر، لانهما إن اضيفا إلي اسم ظاهر، كانا بالألف علي كل حال، وكان إعرابها حينئذٍ بحركات مقدرّة والمضافان إلي الضمير نحو: «جائني الرجلان كلاهما» و «جائتني المرأتان كلتاهما» ف «كلاهما» مرفوع لأنه تأكيد للفاعل وهو: رجلان وعلامة رفعه الألف الذي هو بعد اللام وكذلك «كلتا» مرفوع لأنه تأكيد للفاعل وهو: المرأتان وعلامة رفعه الألف الذي هو بعد اللام.

واثنان وفرعاه. والواو: في جمع المذكر السالم

(و) منها: (إثنان) للاثنين المذكرين (وفرعاه) أي: الفرعان المتفرعان عن إثنان وهما: «ثنتان» في لغة تميم و «إثنتان» في لغة الحجاز للاثنتين المؤنثتين، تقول: «جائني الرجلان إثناهما» و «جائتني الزينبان ثنتاهما» و «جائتني الفاطمتان اثنتاهما» ف «إثناهما، وثنتاهما، وإثنتاهما» في هذه الأمثلة مرفوعة، لانها تأكيدات للفاعل الذي هو الرجلان، والزينبان، والفاطمتان وعلامة الرفع فيها الألف التي قبل الهاء.

واعلم: ان كلا وكلتا، واثنان وفرعاه إنما لم تكن تَثنيات، وكانت ملحقات بالتثنية، لأن التثنية الحقيقية هي التي كان لها مفرد، وهذه ليس لها مفرد، فكلا لم يكن أصله «كل» وكلتا لم يكن اصله «كلت» وإثنان لم يكن أصله «إثن» وهكذا.

(و) أما علامة الرفع الثالثة: فهي (الواو) وتكون علامة للرفع (في) موضعين:

الأول: (جمع المذكر السالم) أي: جمع المذكر الذي لم يتغير في الجمع ترتيب حروف مفرده، نحو: «جاء الزيدون» ف «الزيدون» جمع مذكر سالم، لان مفرده وهو زيد ترتيب حروفه هكذا: «ز، ي، د» وفي الجمع وهو: زيدون أيضاً «ز، ي، د» فالمفرد وهو زيد حينما جُمِع سلم عن تغيير ترتيب حروفه، و «الزيدون» في المثال مرفوع لأنه فاعل جاء، وعلامة رفعه الواو.

وملحقاته، وهي: أولو وعشرون وبابه

(وملحقاته) أي: ملحقات الجمع المذكر

السالم (وهي: «أولو») بمعني: أصحاب، تقول: «جائني أولو مال» أي: أصحاب مال، ف «أولو» مرفوع لأنه فاعل «جائني» وعلامة رفعه الواو، وإنما لم يكن «اولو» جمعاً وصار ملحقاً بالجمع، لأن الجمع الحقيقي يجب ان يكون له مفرد من جنسه، و «اولو» لا مفرد له من جنسه، فلم يكن مفرد «اولو» «ال» وانما له مفرد بمعناه وهو: صاحب.

(وعشرون وبابه) أي: وباب عشرين، وهو: ثلاثون، أربعون، خمسون، ستون، سبعون، ثمانون، تسعون، فكل ذلك ملحقات بجمع المذكر السالم، ويكون علامة الرفع فيها الواو، تقول: «جاء عشرون رجلاً، وثلاثون امرأة» ف «عشرون، وثلاثون» مرفوعان لانهما فاعلان ل «جاء» وعلامة الرفع فيها الواو.

وإنما لم يكن عشرون وبابه جموعاً وصارت ملحقات بالجمع، إذ لا مفرد لها من جنسها، فمثلاً: لو كان عشرون جمعاً حقيقة لزم ان يكون جمعاً ل «عشرة» ولو كان جمع العشرة كان معني العشرين علي الأقل ثلاثين، لأن أقل الجمع ثلاثة مِن مفرده، وهكذا لو كان ثلاثون جمعاً حقيقة وجب ان يدل علي تسعة، لأنه لو كان جمعاً لزم ان يكون جمعاً ل «ثلاثة» وأقل جمع الثلاثة تسعة، وهكذا لو كان الأربعون جمعاً لزم ان يدل علي الاثني عشر ولو كان الخمسون جمعاً لزم ان يدل علي الخمسة عشرة، ولو

والأسماء الستة، وهي: أبوه، وأخوه، وحموها، وفوه وهنوه وذو مال، مفردة مكبرة، مضافة إلي غير ياء المتكلّم

كان الستون جمعاً لزم ان يدل علي الثمانية عشرة، ولو كان السبعون جمعاً لزم ان يدل علي الواحد والعشرين، ولو كان الثمانون جمعاً لزم ان يدل علي الاربعة والعشرين، ولو كان التسعون جمعاً لزم ان يدل علي السبعة والعشرين.

(و) الثاني (الأسماء الستة) فهي أيضاً تكون علامة الرفع فيها الواو (وهي: أبوه، وأخوه، وحموها)

وال «حم» يقال لأقرباء الزوجة من طرف زوجها، مثل أب الزوج، وأخ الزوج، وأم الزوج وغيرهم ف «حموها» يعني: اقرباءها من طرف زوجها (وفوه) أي: فمه (وهنوه) أي: ذكره (وذو مال) أي: صاحب مال، فهذه الأسماء الستة تكون علامة الرفع فيها الواو بشروط، وهي:

أولاً: ان تكون (مفردة) لا مثني، ولا جمعاً، فان كانت مثناة اعربت باعراب التثنية، وإن كانت جمعاً اعربت باعراب الجمع.

ثانياً: (مكبرة) أي: لا تكون مُصغّرةً، مثل: «اُبَي» «اُخي» «حُمي» ونحوها، فان كانت مصغّرة اعربت بالحركات.

ثالثاً: (مضافاً إلي غير ياء المتكلم) أي: تكون مضافة ولكن إلي غير ياء المتكلم فان اضيفت إلي ياء المتكلم مثل «أبي» «أخي» ونحوها كان اعرابها مقدّراً.

وعليه: فان كانت الاسماء الستة مفردة، مكبرة، مضافة إلي غير الياء كان الواو فيها علامة الرفع نحو: «جائني أبوه، وأخوه وحموها … الخ» ف «أبوه» و «أخوه» و «حموها» مرفوعات لانها فاعلات ل «جاء» وعلامة الرفع فيها الواو.

والنون في المضارع المتصل به ضمير رفع لمثني، أو جمع، أو مخاطبة نحو: «يفعلانِ. وتفعلانِ. يفعلون. تفعلون. وتفعلين»

إكمال

علائم النصب خمس: الفتحة. والألف. والياء. والكسرة. وحذف النون؛

(و) أما علامة الرفع الرابعة والأخيرة: فهي (النون) وتكون علامة للرفع (في المضارع المتصل به ضمير رفع) أي: ضميرُ هو فاعل للفعل، سواء كان ذلك الضمير (لمثني، أو جمع، أو مخاطبة) أي: سواء كان ذلك الضمير: ضمير تثنية للمذكر أو المؤنث أو كان ضمير جمع للمذكر الغائب أو المخاطب أو كان ضمير المفرد المؤنث المخاطب (نحو: «يفعلان، وتفعلان») الأوّل مثال لِتثنية المذكر والثاني لِتثنية المؤنث و «يفعلان» و «تفعلان» الأوّل مثال لجمع المذكر الغائب والثاني لجمع المذكر المخاطب (و «تفعلين») وهذا مثال للمفرد المؤنث المخاطب، فوجود النون في هذه الأفعال الخمسة

علامة أنها مرفوعة، إذ لو دخل عليها أحد حروف النصب، أو أحد حروف الجزم سقط منها النون مثل «لن يفعلان، ولم يفعلا» وهكذا غيرهما.

(إكمال) مصدر باب الافعال من «أكمل يكمل» وهو بمعني اسم الفاعل أي: مكمل.

(علائم النصب خمس: الفتحة، والألف، والياء، والكسرة، وحذف النون).

فالفتحة: في الاسم المفرد والجمع المكسّر والمضارع. والألف: في الأسماء الستة. والياء في المثني والجمع وملحقاتهما.

أما علامة النصب الأولي: (فالفتحة) وهي علامة للنصب في ثلاثة مواضع:

1- (في الاسم المفرد) نحو: «رأيت زيداً» ف «زيد» منصوب لأنه مفعولٌ، وعلامة نصبه الفتحة.

2- (والجمع المكسّر) وقد مرّ معني المكسّر نحو: «رأيت رجالاً» ف «رجالاً» جمع مكسّر منصوب، لأنه مفعول، وعلامة نصبه الفتحة.

3- (و) الفعل (المضارع) نحو: «لن يضربَ» ف «يضرب» منصوب لدخول «لن» عليه، وعلامة نصبه الفتحة.

(و) أما علامة النصب الثانية: فهي (الألف) وتكون علامة للنصب (في الأسماء الستة) التي مرت قبل صفحة تقريباً بشرط أن تكون: مفردة ومكبرة ومضافة إلي غير الياء، نحو: «رأيت أباك» ف «أباك» منصوب لأنه مفعول ل «رأيت» وعلامة نصبه الألف وهكذا بقية الأسماء الستة.

(و) أما علامة النصب الثالثة: فهي: (الياء) وتكون علامة للنصب (في المثني والجمع وملحقاتهما) أما المثني فنحو: «رأيتُ الرجلين» ف «الرجلين» منصوب لأنه مفعول ل «رأيتُ» وعلامة نصبه الياء.

وأما الجمع فنحو: «رأيت الزيدِينَ» ف «الزيدِينَ» منصوب لأنه مفعول ل «رأيت» وعلامة نصبه الياء.

والكسرة: في الجمع المؤنث السالم. وحذف النون: في الأفعال الخمسة.

توضيح

علائم الجر ثلاث: الكسرة، والياء، والفتحة؛

وملحقات المثنّي نحو: «رأيت الرجلين كليهما» ف «كليهما» صار بالياء لأنه منصوب، إذ هو تأكيد للمفعول وهو الرجلين وملحقات الجمع نحو: «رأيت عشرين رجلاً» ف «عشرين» منصوب لأنه مفعول ل «رأيتُ» وعلامة نصبه الياء، وهكذا بقية الملحقات.

(و) أما علامة النصب

الرابعة: فهي: (الكسرة) وتكون علامة للنصب (في الجمع المؤنث السالم) الذي لم يتغير ترتيب حروف مفرده، نحو: «رأيت الهنداتِ» ف «الهندات» جمع مؤنث سالم، وهو منصوب لأنه مفعول ل «رأيت» وعلامة نصبه الكسرة الداخلة علي التاء.

(و) أما علامة النصب الخامسة والأخيرة: فهي (حذف النون) وتكون علامة للنصب (في الأفعال الخمسة) وهي: «يفعلان، وتفعلان، ويفعلون، وتفعلون، وتفعلين» فإذا دخل عليها أحد الحروف الناصبة سقط منها النون، فتقول: «لن يفعلا، لن تفعلا، لن يفعلوا، لن تفعلوا، لن تفعلي».

(توضيح) مصدر باب التفعيل من «وضّح، يوضّح» وهو بمعني إسم الفاعل، أي: موضِّح (علائم الجر ثلاث: الكسرة، والياء، والفتحة).

فالكسرة: في الاسم المفرد والجمع المكسّر المنصرفَيْن، والجمع المؤنث السالم. والياء: في الأسماء الستة،

أما علامة الجرّ الأُولي: (فالكسرة) وهي علامة للجر في ثلاثة مواضع:

1 و2- (في الاسم المفرد والجمع المكسّر المنصرفَيْن) أي: في الاسم المفرد المنصرف، وفي الجمع المكسر المنصرف.

أما الاسم المنصرف نحو «مررت بزيد» ف «زيد» إسم مفرد منصرف يعني: يدخل عليه التنوين الذي يسمّي صَرْفاً وقد صار مجروراً لدخول الباء الجارة عليه، وعلامة جره الكسرة.

وأما الجمع المكسّر المنصرف وقد مر معني المكسّر نحو: «مررت برجال» ف «رجال» جمع مكسّر منصرف أي: يَدخله التنوين وقد صار مجروراً لدخول الباء الجارة عليه، وعلامة جره الكسرة.

وأما الاسم المفرد غير المنصرف والجمع المكسر غير المنصرف، فسيأتي قريباً ان شاء الله تعالي أن علامة جرهما الفتحة.

3- (والجمع المؤنث السالم) مثل «مررت بالهندات» ف «الهندات» جمع مؤنث سالم، وهو مجرور لدخول الباء الجارة عليه وعلامة جره الكسرة.

(و) أما علامة الجرّ الثانية: فهي (الياء) وتكون علامة الجر في ثلاثة مواضع:

1- (في الأسماء الستة) التي سبق بيانها بشرط ان تكون: مفردة، مكبرة، مضافة إلي غير الياء، تقول: «مررت

بأبيك» ف «أبيك» مجرور لدخول حرف الجر عليه، وعلامة جره الياء، وهكذا بقية الأسماء الستة، فعلم مما ذكر في هذا التوضيح، وفي توضيح وإكمال سابقَين أن الأسماء الستة بالشروط

والمثني، والجمع. والفتحة: في غير المنصوب.

وعلامة الجزم اثنان:

الثلاثة علامة رفعها الواو، وعلامةنصبها الالف، وعلامة جرها الياء.

2 و3- (والمثني والجمع) تقول: «مررت برجلَين» و «مررت بزيدِين» ف «رجلَين» و «زيدِين» مجروران لدخول الباء الجارة عليهما، وعلامة جرهما الياء.

وكذا ملحقات المثني وملحقات الجمع أيضاً علامة جرهما الياء.

فملحقات المثني: كلا، وكلتا، وإثنان، وإثنتان، وثنتان.

وملحقات الجمع: أولو، وعشرون وبابه إلي تسعين وغير ذلك، تقول: «مررت بكليهما» و «مررت بعشرين رجلا» ف «كليهما» و «عشرين» مجروران لدخول الباء الجارة عليهما، وعلامة جرهما الياء، وعلي هذا القياس يكون باقي الأمثلة.

(و) أما علامة الجرّ الثالثة والأخيرة: فهي (الفتحة) وتكون علامة للجر (في) الاسم (غير المنصرف) فقط، تقول: «مررت بأحمدَ» ف «أحمد» مجرور لدخول الباء الجارة عليه. وعلامة جره الفتحة، وسيأتي تفاصيل الاسم غير المنصرف في «خاتمة» وذلك آخر الحديقة الثانية ان شاء الله تعالي.

(وعلامة الجزم) أي: العلامة الدالّة علي كون الكلمة مجزومة اثنان: وهما

السكون، والحذف؛ فالسكون: في المضارع صحيحاً. والحذف: فيه معتلاً، وفي الأفعال الخمسة.

(السكون والحذف).

أما علامة الجزم الأولي (فالسكون) وهي علامة للجزم (في المضارع) فقط إذا كان (صحيحاً) أي: الفعل المضارع الذي لم يكن آخره حرف علة وحروف العلة هي: الواو، والياء، أو الالف المنقلبة عن الواو والياء نحو: «لم يذهب» ف «يذهب» مجزوم لدخول «لم» الجازمة عليه، وعلامة جزمه سكونه.

(و) أما علامة الجزم الثانية والأخيرة: فهي (الحذف) وتكون علامة للجزم في موضعين:

1- (فيه) أي: في الفعل المضارع إذا كان (معتّلاً) أي: معتل اللام، بأن كان آخر حروفه حرف علة، مثل «يرمي» فإذا

دخل عليه حرف الجزم حذفت ياؤه، تقول: «لم يرمِ» ومثل «يدعو» فإذا دخل عليه حرف الجزم حذفت واوه، تقول: «لم يدعُ» ومثل «يخشي» فإذا دخل عليه حرف الجزم حذفت ألفه. تقول: «لم يخشَ».

2- (وفي الأفعال الخمسة) وهي: «يفعلان، وتفعلان، ويفعلون، وتفعلون، وتفعلين» فإذا دخل علي هذه الأفعال الخمسة حرف الجزم حذفت النون منها، تقول: «لم يفعلا، لم تفعلا، لم يفعلوا، لم تفعلوا، لم تفعلي».

فائدة

يُقدّر الاعراب في سبعة مواضع كما هو المشهور فمطلقاً في الاسم المقصور، ك «موسي»، والمضاف إلي الياء

(فائدة) اسم الفاعل للمفرد المؤنث من «فاد يفيد» فهو «فائد، فائدان، فائدون، فائدة، فائدتان، فائدات».

(يُقدَّر الإعراب) أي: لا يظهر (في سبعة مواضع كما هو المشهور) بين النحويين وإن كان بعض النحويين قد ذكروا تقدير الاعراب في أكثر من سبعة ولكن المشهور منها هي سبعة فقط (ف) لا يظهر الاعراب (مطلقاً) أي: لا في حال الرفع، ولا في حال النصب، ولا في حال الجر، أو الجزم، في ثلاثة مواضع من المواضع الستة: اثنان منها في الأسماء، والآخر في الفعل المضارع كما سيتضح قريباً إن شاء الله تعالي.

1- (في الاسم المقصور) وهو الاسم الذي كان آخره ألفاً لازمة منقلبة عن الياء وتكتب خطاً ياءاً (ك «موسي») ففي جميع الحالات يقدّر فيه الاعراب. تقول: «جائني موسي، رأيت موسي، مررت بموسي» ف «موسي» في كل هذه الأمثلة يقرأ بالألف، سواء في الأول الذي هو فاعل ومرفوع، أو الثاني الذي هو فيه مفعول ومنصوب، أو الثالث الذي هو فيه مجرور بحرف الجر.

2- (والمضاف إلي الياء) أي: ياء المتكلم

«ك «غلامي» والمضارع المتصل به نون التأكيد غير مباشر، «ك: «يضربانّ» ورفعاً وجراً في المنقوص ك: «قاضٍ» ورفعاً ونصباً في المضارع المعتل

(ك: «غلامي») تقول:

«جائني غلامي» «رأيت غلامي» «مررت بغلامي» كلها بالياء باعرابات مقدرة غير ظاهرة قبل الياء.

3- (و) الفعل (المضارع المتصل به نون التأكيد غير مباشر) أي: غير ملاصق ذلك النون بالفعل (ك «يضربانّ») الذي توسط فيه الألف بين الفعل وبين نون التأكيد، فلم يلصق نون التأكيد بالفعل، وهذا أيضاً لا يظهر فيه الاعراب بل يكون علي هذه الحالة سواء كان مرفوعاً، أم منصوباً، أم مجزوماً. تقول: «يضربانّ» «لن يضربانّ» «لم يضربانّ».

4- (و) يقدر الاعراب في الموضع الرابع من المواضع السبعة (رفعاً وجراً) أي: لا يظهر الاعراب في حالة الرفع وفي حالة الجر، ولكن يظهر في حالة النصب (في) الاسم (المنقوص) وهو الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة لا تحذف قبلها كسرة (ك «قاض») تقول: «جائني القاضي» و «مررت بالقاضي» بكسر الضاد وسكون الياء، من دون أن يظهر الرفع في الأول أو يظهر الجر في الثاني، ولكن يظهر فيه النصب إذا كان منصوباً مثل أن يكون مفعولاً، نحو: «رأيت القاضيَ» يصح بنصب الياء.

5- يقدر الاعراب في الموضع الخامس من المواضع السبعة (رفعاً ونصباً) وذلك (في المضارع المعتل).

بالألف، ك: «يحيي» ورفعاً في المضارع المعتل بالواو والياء، ك «يَدْعُو» و «يَرْمِي»، والجمع المذكر السالم

(بالألف) أي: الفعل المضارع الذي كان معتلاً، وكان حرف علته الألف (ك: «يَحْيي») فانه علي وزن «يفعل» فلام فعله «الف» منقلبة عن الياء، تقول: «يحيي زيد» «لن يحيي» ف «يحيي» في الأول مجرد عن النواصب والجوازم ومرفوع ولكن رفعه مقدّر، وفي الثاني دخل عليه «لن» الناصبة فصار منصوباً ولكن نصبه مقدر. ويظهر إعرابه إذا صار مجزوماً، وعلامة جزمه حذف ألفه، نحو «لم يَحْيَ» بفتح الياء. وحذف الألف.

6 و7- (و) يقدر الاعراب في الموضعين الاخيرين من المواضع السبعة

(رفعاً) أي: في حالة الرفع فقط (في) موضعين:

1- الفعل (المضارع المعتل بالواو والياء) أي: الذي كان حرف علته الواو أو الياء (ك «يدعو» و «يرمي») فالأول حرف علّته الواو، والثاني الياء. تقول: «يدعو زيد» و «يرمي عمرو» ف «يدعو» و «يرمي» في المثالين مرفوعان، لانهما مجردان عن النواصب والجوازم، ولكن رفعهما مقدر لا يظهر، ويظهر النصب والجزم فيهما تقول: «لن يدعوَ ولن يرميَ» بالنصب. لدخول «لن» الناصبة عليهما. و «لم يدعُ ولم يرمِ» بحذف الواو والياء منهما، لدخول «لم» الجازمة عليهما وعلامة الجزم فيهما حذف حرف العلة.

2- (والجمع المذكر السالم) يعني: الجمع المذكر الذي ليس مكسراً

المضاف إلي ياء المتكلم، ك «مُسْلِمِيَّ».

(المضاف) أي: الذي أضيف يعني: ذلك الجمع (إلي ياء المتكلم ك «مُسْلِمِيَّ») أصله «مُسْلِمُويَ» ف «مسلمون» جمع مذكر سالم، لانه لم يتغير بناء مفرده، فمفرده «مسلم» ميم، ثم سين، ثم لام، ثم ميم، وفي «مسلمون» ميم. ثم سين ثم لام، ثم ميم، فأضيف إلي «ياء» المتكلم فحذف نونُه للاضافة وصار «مسلمويَ» إجتمعت الواو والياء في كلمة واحدة، وكانت الأولي منهما الواو ساكنة، فأبدلناها إلي الياء، فاجتمعت ياءآن، أدغمنا الأولي في الثانية، وأبدلنا الضمّة بالكسرة لمناسبة الياء فصار «مسلميّ»، ويظهر عليه النصب والجر لان نصبه وجرّه بالياء والياء باقية لفظاً، ولكن رفعه تقديري لا يظهر لأنّ الواو لم تبق لفظاً، تقول: «جاء مسلميّ» «رأيت مسلميّ» «مررت بمسلميّ».

الحديقة الثانية فيما يتعلق بالأسماء

الحديقة الثانية فيما يتعلق بالأسماء

الإسم إن أشبه الحرف فمبني، وإلاّ فمعرب. والمعربات أنواع: الأول: ما يرد مرفوعاً لا غيرُ وهو أربعة:

(الحديقة الثانية: فيما يتعلق بالأسماء).

اعلم أن (الاسم) علي قسمين:

1- (إن أشبه الحرف فمبني) يعني: لا يتغير آخره أبداً، كما مر في ال «فائدة» الأولي، مثل إسم الإشارة «ذا» فانه لا يتغير، سواء كان

مرفوعاً، أم منصوباً، أم مجروراً، نحو: «جاء ذا» و «رأيت ذا» و «مررت بذا».

ف «ذا» في المثال الأول فاعل «جاء» وفي الثاني مفعول «رأيت» وفي الثالث مجرور بالباء. فلم يتغير أبداً.

ووجه شباهته بالحرف، أنه ذو حرفين «الذال والألف» كما أن غالب الحروف ذووا حرفين.

2- (وإلاّ) اي: وان لم يشبه الحرف (فمعرب، والمعربات أنواع) أربعة:

[الأسماء المرفوعة] النوع (الاول: ما يرد مرفوعاً لا غير وهو أربعة:) الفاعل، ونائب الفاعل، والمبتدأ، والخبر.

الأوّل: الفاعل، وهو ما أسند إليه العامل فيه قائماً به، وهو: ظاهر ومضمر. فالظاهر: ظاهر، والمضمر: بارز أو مستتر.

الفاعل

(الأوّل: الفاعل، وهو ما) أي: الاسم الذي (اُسند) أي: نُسب (إليه العامل فيه) في الاسم، حال كون ذلك العامل (قائماً به) أي: بالاسم، وخلاصة المعني: أن الفاعل هو الاسم الذي نُسب إليه ذلك الشيء الذي رَفَع هذا الاسم. وكان وجوده قائماً بوجود هذا الاسم.

مثلاً: «نصر زيد» ف «زيد» فاعل ل «نصر»، و «نصر» هو الذي رفعه وعمل فيه، ف «زيد» نُسب إليه «النصر» الذي هو العامل في «زيد»، فوجود «نصر» قائم بوجود «زيد» لأن النصر لم يوجد لولا زيد.

(وهو) أي: الفاعل علي قسمين:

إسم (ظاهر) مثل «نصر زيد».

(ومضمر) يعني ضمير وليس اسماً ظاهراً.

(فالظاهر) أي: الفاعل الذي يكون إسماً ظاهراً (ظاهر) أي: واضح لا يحتاج إلي البيان، وقد مثّلنا له.

(والمضمر) الذي يكون فاعلاً فهو إمّا (بارز) وهو ماله صورة في اللفظ، مثل: «نصرتُ» فالتاء ضمير بارز وفاعل ل «نصر» (أو مستتر) أي: مقدّر، مثل: «اُنصر» يعني: اُنصر أنت، ف «أنت» فاعل ل «اُنصر» وضمير مقدّر.

والاستتار يجب في الفعل في ستة مواضع: فعل الأمر للواحد المذكر، والمضارع المبدوّ بتاء الخطاب للواحد، أو بالهمزة أو النون، وفعل الاستثناء،

واعلم أن الضمير المستتر: إمّا جائز الاستتار، مثل: «زيد ذهب» ففاعل «ذهب» ضمر مستتر، ولكن إستتاره جائز، فيجوز إبداله باسم ظاهر، فتقول: «ذهب

زيد».

وإمّا واجب الاستتار بحيث لا يجوز إبداله باسم ظاهر.

والمصنف أشار إلي أقسام واجب الاستتار فقال:

(والاستتار) أي: إستتار الفاعل الذي هو ضمير (يجب في الفعل في ستة مواضع):

1- (فعل الأمر) الحاضر (للواحد المذكر) أي: المفرد المذكر نحو: «اُنصر».

2- (و) الفعل (المضارع المبدوّ بتاء الخطاب للواحد) أي: المفرد المذكر المخاطب نحو: «تنصر».

3- (أو) المضارع المبدوّ (بالهمزة) يعني: المتكلم وحده، نحو: «أنصر».

4- (أو) المبدوّ (بالنون) يعني: المتكلم مع الغير، نحو: «ننصر».

فهذه الأربعة الفاعل فيها: ضمير مستتر وجوباً، لا يجوز تبديله باسم ظاهر، وتقدير الفاعل فيها هكذا: «تَنصرُ أنت» «اُنصرْ أنت» «أنصرُ أنا» «نَنصرُ نحن».

(وفعل الاستثناء) وهو: «ليس» ونحوه، تقول: «جاء القوم ليس زيداً» ف «زيداً» مفعول ل «ليس» وفاعله ضمير مستتر وجوباً، لا يجوز إبداله باسم ظاهر، وتقديره: ليس هو زيداً، والضمير راجع إلي اسم الفاعل ل «جاء» يعني: ليس الجائي زيداً.

وفعل التعجب، وألحق بذلك نحو: «زيد قام، أو يقوم». وما يظهر في بعض هذه المواضع، ك «أقوم أنا» فتأكيد للفاعل ك «قمتُ أنا».

(وفعل التعجب) نحو: «ما أحسن زيداً» ف «زيداً» مفعول ل «أحسن» وفاعله ضمير مستتر وجوباً، لا يجوز تبديله باسم ظاهر، وتقديره: أحسن هو زيداً، وهذا الضمير يرجع إلي «ما» الذي هو بمعني: شيء.

(وأُلحق بذلك) أي: بالضمائر التي يجب إستتارها، فاعل الفعل الذي صار خبراً لمبتدءٍ (نحو: زيد قام، أو) زيد (يقوم) ف «زيد» مبتدأ، و «قام» أو «يقوم» خبره، وفاعل «قام» وفاعل «يقوم» ضمير مستتر راجع إلي «زيد» لا يجوز ابداله باسم ظاهر، فلا يقال: «زيد قام زيد» ولا «زيد يقوم زيد».

(وما) أي: الضمير الذي (يظهر في بعض هذه المواضع) السبعة التي يجب فيها استتار الضمير (ك «أقوم أنا») حيث إن «أقوم» متكلم وحده من

المضارع، ويجب استتار الضمير فيه (فتأكيد) كلمة «أنا» المذكور (للفاعل) الذي هو ضمير مستتر، وليس «أنا» المذكور هو الفاعل، وذلك (ك «قمت أنا») ف «قمت» فعل والتاء فاعله، و «أنا» تأكيد للفاعل، فكما أن «أنا» في «قمت أنا» تأكيد للفاعل، وليس هو بنفسه فاعلاً، فكذلك «أنا» في «أقوم أنا» تأكيد للفاعل المستتر وليس هو بنفسه فاعلاً.

تبصرة

وتلازم الفعل علامة التأنيث إن كان فاعله ظاهراً حقيقي التأنيث، ك «قامتْ هند» أو ضميراً متصلاً مطلقاً ك «هندٌ قامت والشمس طلعتْ».

(تبصرة) مصدر باب التفعيل علي وزن تفعله، من «بصرَ، يبصِّر» خبر لمبتدء محذوف، تقديره «هذه تبصرة».

(وتلازم الفعل) وجوباً (علامة التأنيث) في صورتَيْن:

1- (إن كان فاعله) إسماً (ظاهراً) لا مضمراً غير مفصول عن الفعل وكان (حقيقي التأنيث) أي: كان مؤنّثاً حقيقياً، لا مجازياً ك «قامت هند» فانّ «قام» لازَمَ علامة التأنيث لأن فاعله وهي هند إسم ظاهر متصل ومؤنّث حقيقي.

2- (أو) كان الفاعل (ضميراً متصلاً) أي: مستتراً (مطلقاً) أي: سواء كان حقيقي التانيث، أم مجازي التأنيث، فالأول: (ك «هندٌ قامتْ» و) الثاني نحو: (الشمس طلعت). فالفاعل في المثالين ضمير متصل بالفعل، والاول حقيقي التأنيث، لرجوع الضمير فيه إلي المؤنّث الحقيقي وهي هند والثاني مجازي التأنيث، لرجوع الضمير فيه إلي المؤنث المجازي وهي الشمس.

ولك الخيار مع الظاهر اللفظي ك «طلعت الشمس، أو طلع الشمس».

ويترجح ذكرها مع الفصل بغير «إلاّ» نحو: «دخلتْ أو دخل الدارَ هند» وتركها مع الفصل بها، نحو: «ما قامَ إلا امرأةٌ». وكذا في باب «نِعْمَ» و «بِئْسَ» نحو: «نعْمَ المرأةُ هندٌ».

(ولك الخيار) أي: أنت مختار في إتيان الفعل مع علامة التأنيث، وإتيانه بدونها (مع) الاسم (الظاهر) الذي هو الفاعل (اللفظي) التأنيث («ك: طلعت الشمس أو طلع الشمس») فيَجوز

فيه كلا الوجهين، فان الشمس فاعل مؤنّث لفظي ظاهر.

(ويَترجح ذكرها) أي: ذكر علامة التأنيث يعني الأحسن ذكرها

(مع الفصل) بين الفاعل (بغير إلاّ) الاستثنائية (نحو: دخلت) الدار هند (أو دخل الدار هند) فيجوز الوجهان. لكن الأوّل أرجح، فان الفاصل «الدار» وهو غير «إلاّ».

(و) يترجح (تركها) أي: ترك علامة التأنيث (مع الفصل بها) أي ب «إلاّ» الاستثنائية في الكلام المنفي (نحو: «ما قام إلا امرأةٌ) أو «ما قامت إلا إمرأةٌ» فيجوز كلا المثالين، والاول أحسن.

(وكذا) يترجح ترك علامة التأنيث، مع جوازها (في باب «نِعْمَ» وبِئْسَ» نحو: نِعْمَ المرأةُ هندٌ») و «بئس المرأة هند» مع جواز «نعمت المرأةُ هند. وبئست المرأة هند».

مسألة:

والأصل في الفاعل تقدُمه علي المفعول، ويجب ذلك إذا خيف اللَّبس أو كان الفاعل ضميراً متصلاً والمفعول متأخراً عن الفعل.

ويمتنع إذا اتصل به ضمير المفعول،

(مسألة): مصدر ميمي من «سأل، يسأل» خبر لمبتدء محذوف، تقديره: «هذه مسألة» (والاصل) أي: القاعدة (في الفاعل تقدمه علي المفعول) نحو: نصر زيد عمراً (ويجب ذلك) أي: تقدّم الفاعل علي المفعول في موضعين:

أحدهما: (إذا خيف اللَّبس) بفتح اللام بمعني الاشتباه، مثل أن يكون الفاعل والمفعول اسمين لا يظهر فيهما الاعراب نحو: «نصر موسي عيسي» فيجب تقدّم الفاعل، لأنه لو تأخر الفاعل وقيل: «نصر عيسي موسي» صار الفاعل مفعولاً، وأما في مثل «نصر جعفرٌ علياً» فيجوز تأخُّر الفاعل بان تقول: «نصر علياً جعفرٌ» لان الفاعل معلوم وهو المرفوع، والمفعول هو المنصوب، فلا يشتبه الفاعل بالمفعول.

ثانيهما: (أو كان الفاعل ضميراً متصلاً) بالفعل (و) كان (المفعول متأخراً عن الفعل) نحو «نصرتُ زيداً» فالتاء هو الفاعل و «زيداً» هو المفعول. فلو قدّمت المفعول علي الفاعل لزم انفصال التاء وصار «نصر زيداً أنا» وهو خطأٌ، إذ لا يجوز

إنفصال الضمير مع إمكان اتصاله بالفعل.

(ويمتنع) تقدّم الفاعل علي المفعول في موضعين:

الأوّل: (إذا اتصل به) يعني: بالفاعل (ضمير المفعول) نحو: «نصح

أو اتصل ضمير المفعول بالفعل وهو غير متصل، وما وقع منهما بعد «إلاّ» أو معناها وجب تأخير.

زيداً أبوه» فانّ «أبوه» فاعل، اتصل به ضمير «زيد» المفعول، فلا يجوز تقدّم الفاعل بأن تقول «نصح أبوه زيداً» لأن الضمير في أبوه يرجع علي «زيد» وهو متأخر عن الضمير في اللفظ والرتبة، وارجاع الضمير علي المتأخر لفظاً ورتبة غير جائز.

الثاني: (أو اتصل ضمير المفعول بالفعل وهو) أي: الفاعل (غير متصل) بالفعل نحو: «نصحه زيد» وإنما امتنع تقدّم الفاعل وهو زيد لأنه لو تقدم الفاعل لانفصل الضمير وصار «نصح زيد إباه» وذلك خطأٌ لعدم جواز فصل الضمير مع امكان اتصاله.

(وما وقع منهما) أي: من الفاعل والمفعول (بعد «إلاّ») التي للاستثناء (أو) بعد سائر أدوات الاستثناء التي في (معناها) أي: في معني «إلاّ» (وجب تأخيره) يعني: أن المستثني يجب تأخيره سواء كان فاعلاً أم مفعولاً.

فيجب تأخير الفاعل في مثل: «ما نصح عمراً إلا علي» والمعني: أنه لم ينصح عمراً أحد إلاّ علي، فلو قدّمت الفاعل وقلت: «نصح علي إلا عمراً» انقلب المعني وصار: أنه لم ينصح علي أحداً إلا عمراً.

ويجب تأخير المفعول في مثل: «ما نصر جعفر إلاّ تقياً» والمعني: أن جعفراً ما نصر أحداً غير تقي، ولو قدّمت المفعول وقلت: «ما نصر تقياً إلا جعفر» انقلب المعني، وصار: أنه لم ينصر تقياً أحد إلا جعفر.

الثاني: نائب الفاعل

وهو المفعول القائم مقامَه، وصيغة فعله: فُعِلَ أو يُفْعَلُ ولا يقع ثاني باب «علمتُ» ولا ثالث باب «أعلمتُ» ولا مفعول له

نائب الفاعل

(الثاني) مما يرد مرفوعاً لا غير (نائب الفاعل، وهو المفعول القائم مقامه) أي:

مقام الفاعل في جميع ما تقدم في الفاعل من اسناد العامل إليه، وقيام العامل به، وفي أنه مرفوع كما أن الفاعل مرفوع.

(وصيغة فعله) أي: وزن الفعل الذي يأتي علي ذلك الوزن نائبِ الفاعل (فُعِل) في الماضي (أو يُفْعَلُ) في المضارع، تقول: «نُصِرَ زيد» و «يُنْصَرُ زيد». (ولا يقع) نائباً للفاعل (ثاني) مفعوليَ (باب «علمتُ») فانّ «علمتُ» له مفعولان، مثل: «علم زيد عمراً ناصراً» فلو حُذف الفاعل، فلا يجوز أن يصير المفعول الثاني نائباً للفاعل، فلا يقال: «عُلمَ ناصر عمراً» (ولا) يقع نائباً للفاعل (ثالث) مفاعيل (باب «أعلمتُ») فان «أعلمتُ» وبابه له ثلاثة مفاعيل، مثل: «أعلم زيد عمر جعفراً منطلقاً» فلو حذف الفاعل، فلا يجوز أن يصير المفعول الثالث وهو: منطلقاً نائباً للفاعل، فلا يقال: «اُعلم منطلق عمراً جعفراً» (ولا) يصير نائباً للفاعل (مفعول له) فلا يقال: «ضرب تأديب زيداً».

ولا مفعول معه.

ويتعين المفعول به له، فان لم يكن فالجميع سواء.

الثالث والرابع: المبتدأ والخبر

فالمبتدأ: هو الاسم المجرّد عن العوامل اللفظيّة،

(ولا مفعول معه) فلا يصح أن يقال: «نَصَرَ وَالجيشُ زيداً».

(ويتعيّن المفعول به له) أي: لأن يصير نائب الفاعل إذا كان المفعول به موجوداً في الكلام (فان لم يكن) المفعول به مذكوراً في الكلام (فالجميع) مِمّا ينوب عن الفاعل كالمفعول المطلق، والظرف المتصرف، والجار والمجرور (سواء) أي: متساوون في النيابة عن الفاعل.

مثلاً: لو قيل: ضُرِب ضربٌ شديد، أمام الأمير، في دار الخلافة» ف «ضرب شديد» مفعول مطلق، و «أمام الأمير» ظرف متصرف، و «في دار الخلافة» جار ومجرور، فيجوز أن تجعل أيَها شئتَ نائباً عن الفاعل وترفعه وتقدّمه علي البقية.

المبتدأ

(الثالث والرابع) مما يرد مرفوعاً لا غير (المبتدأ والخبر) أيضاً.

(فالمبتدأ) علي نوعين:

النوع الأول: (هو الاسم المجرّد عن العوامل اللفظية) والعوامل الفظية هي:

الأفعال، والأسماء، والحروف، التي ترفع وتنصب وتجرّ وتجزم.

مسنداً إليه، أو الصفة الواقعة بعد نفي، أو استفهام، رافعةً لظاهر أو مافي حكمه؛ فان طابقت مفرداً فوجهان،

فالمبتدأ يجب أن يجرّد عن جميع العوامل اللفظية، والعامل الذي يَرفعه معنوي، وهو الابتدائية، يعني: أن المبتدأ مرفوع لانه مبتدأ، لا لأن العامل الفلاني رَفعَه.

ويجب أن يكون المبتدأ (مسنداً إليه) الخبر، أي: يكون الخبر منسوباً إليه. نحو: «زيد قائم» فان «زيداً» مبتدأ لأنه إسم مجرد عن جميع العوامل اللفظية، إذ لم يدخل عليه أيُّ عامل مِن العوامل اللفظية ونُسب إليه «قائم» الذي هو الخبر.

النوع الثاني: (أو الصفة) يعني: المبتدأ هو الصفة (الواقعة بعد نفي، أو استفهام) و (رافعة) هذه الصفة (ل) اسم (ظاهر) نحو: «أقائم زيد» و «ما قائم زيد» ف «قائم» مبتدأ، لأنه صفة واقعة بعد الاستفهام أو النفي، ورافعة لاسم ظاهر وهو «زيد».

(أو) تكون الصفة رافعة (لما في حكمه) أي: في حكم الاسم الظاهر وهو الضمير المنفصل، مثل: «أقائم أنت؟» ف «قائم» رَفع الضمير المنفصل الذي هو «أنت».

(فان طابقت) الصفة الواقعة بعد النفي أو الاستفهام مع الاسم الذي بعدها (مفرداً) أي: من حيث الإفراد بان كان الصفة ومرفوعها مفردَيْن (فوجهان) أي: يجوز تركيبها علي وجهين:

نحو: «زيد قائم، وأقائم وما قائم الزيدانِ، أو زيدٌ».

وقد يذكر المبتدأ بدون الخبر، نحو: «كُلُّ رَجُلٍ وَضَيْعَتُه، وضَرْبي زيداً قائماً،

أحدهما: أن يقال: الصفة مبتدأ، والاسم المرفوع الذي بعد الصفة: فاعل حَلَّ محلّ الخبر.

ثانيهما: أن يكون الاسم المرفوع الذي بعد الصفة مبتدأ مؤخّر، والصفة خبر مقدَّم.

ثم ذكر المصنف مجموع الأمثلة للأحكام الماضية للمبتدأ والخبر بقوله:

(نحو: زيد قائم) مثال للاسم المجرد عن العوامل اللفظية الذي أسند إليه الخبر (وأقائم) الزيدان (وما قائم الزيدان) مثالان للصفة الواقعة بعد

الاستفهام وبعد النفي (أو) أقائم وما قائم (زيدٌ) مثال للصفة التي طابقت الاسم المرفوع الذي بعدها من حيث الإفراد. وهو الذي يجوز فيه وجهان مِن التركيب.

(وقد يذكر المبتدأ بدون الخبر) إذا كان الخبر معلوماً عند السامع (نحو: «كل رَجُلٍ وَضَيعَتُه()) فخبره «مقترنان» حُذف لكونه معلوماً (و) نحو: (ضَرْبي زيداً قائماً) فضربي مبتدأ. وزيداً مفعول «ضربي»، وقائماً حال لزيد، وخبره وهو «حاصل» حذف لكونه معلوماً.

وأكثرُ شُرْبي السَويقَ مَلْتُوتاً، ولَولا عليٌ لَهلك عُمَرُ، وَلعَمْرُك لأقُومَنَّ»

(و) نحو: (أكثرُ شُرْبي السَويقَ مَلْتُوتاً()) ف «أكثر» مبتدأ اُضيف إلي «شربي» و «شُربي» مضاف إليه، و «السويقَ» مفعولُ «شربي». و «ملتوتاً» حال للسويق، وخبر «أكثر شربي» هو «حاصل» حذف لكونه معلوماً.

(و) نحو: (لولا عليٌ لهلك عمر) أي: لولا علي موجود. فحُذف «موجود» الذي هو خبر «علي» لكونه معلوماً.

(و) نحو (لَعَمْرُك لأقومَنَّ) «لعمرك» مبتدأ، و «قَسَمي» خبره، حُذف لكونه معلوماً، لأن اللام في «لَعمرك» دال علي القسم.

ولا يكون نكرة إلا مع الفائدة.

مجوِّزات الابتداء بالنكرة

(ولا) يجوز أن (يكون) المبتدأ (نكره) لأن الكلام وضع لافادة المستمع فإذا كان المبتدأ نكرة مثل «رجل قائم» فلا فائدة للمستمع في الكلام، فلا يجوز (إلا) إذا كان الابتداء بالنكرة (مع الفائدة) المجوّزة لابتداء النكرة، والفوائد المجوزة كثيرة نذكر بعضها، وهي:

الأولي: إذا تأخر المبتدأ عن الخبر وكان الخبر ظرفاً أو جاراً ومجروراً مختصين، جاز أن يكون المبتدأ نكرة، مثل «عندي دينار» و «في الدار رجل».

الثانية: إذا تقدّم علي ذلك الاسم النكرة إستفهام، نحو: «هل رجل فيكم؟».

الثالثة: إذا تقدم علي ذلك الاسم النكرة نفي، نحو: «ما أحد قائماً».

الرابعة: إذا أضيف ذلك الاسم النكرة نحو: «عملُ خيرٍ حسنٌ».

الخامسة: إذا كان الاسم النكرة دعاءاً نحو: «سلام عليكم».

السادسة: إذا كان الاسم النكرة شرطاً نحو:

«مَن ينصر الله ينصُرْه».

السابعة: إذا كان جواباً لسؤال نحو: «رجل عندي» في جواب من سأل: «مَن عندك؟».

الثامنة: إذا كان عاماً للجميع نحو: «كلٌ يموت».

والخبر: هو المجرّد المسند به، وهو مشتق وجامد، فالمشتق غير الرافع لظاهرٍ، متحمّل لِضميره؛ فيطابقه دائماً،

الخبر

(والخبر: هو) الاسم (المجرد) عن العوامل اللفظية (المسند به) أي: نُسِب الخبر إلي المبتدأ بذلك الاسم نحو: «قائم» في «زيد قائم»، فان زيداً المبتدأ نُسِب القيام إليه (وهو) علي قسمين:

(مشتق) وهو ما تضمّن معني فعل وحروفه كاسم الفاعل، نحو: «زيد ضارب».

(وجامد) وهو ما لم يتضمّن معني فعل وحروفه كالانسان، نحو: «زيد إنسان».

والخبر المشتق علي نوعين:

إما رافع لاسم ظاهر يكون مع ذلك الاسم الظاهر ضمير يرجع إلي المبتدأ، مثل: «زيد ناصرٌ أبوه» ف «ناصر» خبر وهو رافع ل «أبوه» الذي فيه ضمير يرجع إلي «زيد» المبتدأ.

وإما غير رافع لاسم ظاهر، فيجب أن يقدّر فيه ضمير يَرجع إلي المبتدأ، مثل: «زيد قائم» ففي «قائم» ضمير: «هو» راجع إلي المبتدأ: «زيد» كما قال: (فالمشتق غير الرافع لظاهرٍ، متحمّل لِضميره) أي: لضمير المبتدأ (فيُطابقه) أي: يتطابق ذلك الضمير المستتر مع المبتدأ (دائماً) في الإفراد والتثنية والجمع، والتذكير والتأنيث، ففي مثالنا: «زيد قائم» الضمير مفرد مذكر أي: «هو» لأن المبتدأ وهو «زيد» مفرد مذكر.

بخلاف غيره، نحو: «الكلمةُ لفظٌ» و «هندٌ قائمٌ أبوها».

قاعدة:

المجهول ثبوته لِشيء عند السامع في اعتقاد المتكلم يجعل خبراً ويؤخّر، وذلك الشيء المعلوم يجعل مبتدأ ويقدّم،

(بخلاف غيره) أي: غير المشتق. يعني: الخبر الجامد فانه لا يتحمّل ضميراً راجعاً إلي المبتدأ.

أما مثال الخبر الجامد فهو كما قال: (نحو: «الكلمةُ لفظٌ») ف «لفظ» خبر جامد، ليس فيه ضمير راجع إلي المبتدأ.

(و) أمّا مثال الخبر المشتق الرافع لاسم ظاهر في ذلك الاسم الظاهر

ضمير يرجع إلي المبتدأ، فهو نحو: («هند قائم أبوها») فقائم خبر رافع لاسم ظاهر، وهو: «أبوها» الذي فيه ضمير راجع إلي المبتدأ وهي: «هند».

الفرق بين المبتدأ والخبر

(قاعدة) في ما يُعرف به المبتدأ من الخبر إذا اشتبه الأمر (المجهول ثبوته) من المبتدأ والخبر (لشيء) آخر (عند السامع في اعتقاد المتكلم يجعل) ذلك المجهول (خبراً ويؤخر، وذلك الشيء المعلوم) عند السامع (يجعل مبتدأ ويقدّم) علي الآخر.

والحاصل: إذا اعتقد المتكلم أن واحداً من المبتدأ والخبر مجهول عند السامع، والآخر منهما معلوم عنده، فالمتكلم يجعل ما اعتقده معلوماً عند السامع مبتدأ، وما اعتقده مجهولاً عند السامع خبراً.

ولا يُعدل عن ذلك في الغالب؛ فيقال لمن عَرَف زيداً باسمه وشخصه ولم يعرِف أنّه أخوه: «زيدٌ أخوك»، ولمن عرف أنه له أخا ولم يعرف اسمه: «أخوك زيد»؛ فالمبتدأ هو المقدّم في الصورتين.

فصل:

تدخل علي المبتدأ والخبر أفعال وحروف،

(ولا يعدل عن ذلك في الغالب) فلا يقدّم المجهول، ولا يؤخّر المعلوم (فيقال لمن عرف زيداً باسمه وشخصه ولم يعرف أنه) أي: أنّ زيداً (أخوه) فانه يقال لهكذا شخص: («زيد أخوك» و) يقال (لمن عرف أن له أخاً ولم يعرف) أن (اسمه) زيد، فانه يقال له: («أخوك زيد» فالمبتدأ هو المقدّم في الصورتين) أي: في المثالين، والخبر هو المؤخّر.

«فزيد» في المثال الأول مبتدأ، و «أخوك» في المثال الثاني مبتدأ و «زيد» في المثال الثاني خبر، و «أخوك» في المثال الأوّل خبر.

(فصل:) في النواسخ

(تدخل علي المبتدأ والخبر أفعال وَحروف) وتعمل في المبتدأ والخبر، وتسقطهما عن المبتدئية والخبرية كما قال:

فتَجْعل المبتدأ اسماً لها والخبر خبراً لها، وتسمّي النّواسخ، وهي خمسة أنواع:

الأوّل: الافعال الناقصة. والمشهور منها: «كان» «وصار» و «أصْبَحَ» و «أضْحي»

(فتَجْعل المبتدأ إسماً لها و) تجعل (الخبر خبراً لها)، لا خبراً للمبتدأ (وتسمي) هذه الأفعال والحروف (النواسخ)

لأنها تَنسخ وتُبطل حكم المبتدأ والخبر (وهي) أي: النواسخ (خمسة أنواع):

1- «الأفعال الناقصة».

2- «الحروف المشبهة بالفعل».

3- «الحروف المشبهة بليس».

4- «لا النافية للجنس».

5- «أفعال المقاربة».

وأما «أفعال القلوب» فلا يذكرها المصنف + في النواسخ، ويذكرها في الحديقة الثالثة المتعلقة بالأفعال.

الأفعال الناقصة

النوع (الأوّل: الأفعال الناقصة) وسميت هذه الأفعال ب «الناقصة» لأنها لا تكتفي بمرفوعها بل تحتاج في تمام الفائدة إلي المرفوع والمنصوب وقد تتم الفائدة بمرفوعها فقط فتسمي «التامة» كما سيأتي (والمشهور منها) أي: من الأفعال الناقصة بين النحويين ثلاثة عشر فعلاً («كان» و «صار» وأصْبَحَ» و «أضْحَي»

و «أمْسي» و «ظَلَّ» و «باتَ» و «لَيْس» و «ما زالَ» و «ما بَرِح» و «ما انفَكَّ» و «ما فَتِئ» و «ما دام». وحكمها: رفع الاسم ونصب الخبر.

و «أمْسي» و «ظَلَّ» و «باتَ» و «لَيْس» و «ما زالَ» و «ما بَرِح» و «ما انفَكَّ» و «ما فَتِئ» و «ما دام». وحكمها: رفع الاسم ونصب الخبر.

«فكان» يأتي لِثبوت خبره لاسمه نحو: «كان زيد قائماً» يعني: أن القيام ثابت لزيد.

و «صار» لانتقال اسمه إلي خبره نحو: «صار الشجر رماداً» يعني: انتقل الشجر إلي الرماد.

و «أصبح» لثبوت خبره لاسمه صباحاً نحو: «أصبح زيد فاضلاً» يعني إن الفضل ثبت لزيد صباحاً.

و «أضحي» لثبوت خبره لاسمه في الضحي نحو: «اضحي زيد عالماً» يعني: إن العلم ثبت لزيد في الضحي.

و «أمسي» لثبوت خبره لاسمه في المساء، نحو: «أمسي زيد جباناً» يعني: ان الجبن ثبت لزيد في المساء.

و «ظلَّ» لثبوت خبره لاسمه تمام النهار، نحو: «ظلّ وجهه مسوداً» () أي: ثبت السواد في وجهه تمام النهار.

و «بات» لثبوت خبره لاسمه في الليل مثل: «بات علي في فراش رسول الله |» أي: ثبتت البيتوتة لعلي × في الليل.

ويجوز في

الكل توسّط الخبر، وفي ما سوي الخمسة الأواخر

و «ليس» لنفي خبره عن اسمه في الحال الحاضر نحو: «ليس زيد جاهلاً» أي: الجهل منفي عن زيد الآن.

و «ما زال» لثبوت خبره لاسمه في الماضي حتّي الحال نحو: «ما زال زيد كريماً» يعني: ان الكرم في الزمان السابق حتّي الآن كان ثابتاً لزيد.

و «ما برح» لثبوت خبره لاسمه في الأمس أي: اليوم الماضي نحو: «ما برح عمرو جاهلاً» يعني: إن الجهل كان ثابتاً لعمرو يوم أمس.

و «ما انفك» و «ما فتئ» مثل «ما زال» نحو: «ما انفك زيد شجاعاً» و «ما فتئ زيد صابراً».

و «ما دام» لتوقيت أمر بمدة ثبوت الخبر للاسم. نحو: «آتيك ما دام زيد صغيراً» يعني: المجيء موقت بثبوت الصغر لزيد.

واعلم: أن «ما زال، وما برح، وما انفك، وما فتئ» انما أفادت معني الثبوت، لان: «زال، وبرح، وانفك، وفتئ» للنفي، فإذا دخل عليها «ما» النافية صار نفياً في نفي، ونفي النفي إثبات.

وأما «ما دام» فان «ما» فيه مصدرية زمانية وليست نافية، و «دام» هو بنفسه للثبوت الموقت.

(ويجوز في الكل) أي: في كلٍ من الأفعال الناقصة (توسط الخبر) بين الفعل واسمه، نحو: «كان قائماً زيد» و «ما زال كريماً زيد» وهكذا.

(وفي ما سوي) أي: في غير الأفعال (الخمسة الأواخر) وهي: «ما زال، مابرح، ما انفك، ما فتئ، مادام»: يجوز

تقدّمه عليها، وفي ما عدا «فتئ» و «ليس» و «زال» أن تكون تامة.

(تقدّمه عليها) أي: تقدم الخبر علي الافعال أيضاً. تقول: «قائماً كان زيد» و «عابداً أمسي زيد» وهكذا.

وأما في الأفعال الخمسة التي في أولها «ما» فلا يجوز تقديم خبرها علي الفعل. فلا يقال «عالماً ما زال زيد» وكذلك في الأربعة الباقية، وانما لا يجوز التقديم لأن

«ما» في «ما دام» مصدرية زمانية، وفي البقية نافية، وكلاهما متصدّران فلا يعمل ما بعدها في ما قبلها حتّي تصير هي في الوسط.

(وفي ما عدا) ما («فتئ» و «ليس») وما («زال») من بقية الأفعال الناقصة يجوز (أن تكون تامة) بأن يتم الكلام عند ذكر مرفوعها فقط، ولا تكون هذه الأفعال تامة إلاّ إذا أشربت معني فعل لازم فيكون مرفوعها فاعلاً.

ف «كان» بمعني وُجد، تقول: «كان زيد» أي: وُجد.

و «صار» بمعني انتقل، تقول: «صار الأمر إليك» أي: إنتقل.

و «أصبح، وأضحي، وأمسي» بمعني: دخل في الصباح، ودخل في الضحي ودخل في المساء، نحو قوله تعالي: {فسبحان الله حين تمسون، وحين تصبحون}() أي: حين تدخلون في المساء وحين تدخلون في الصباح، و «أضحي جعفر» أي: دخل في الضحي.

وما تصرف منها يعمل عملها.

مسألتان: يختص «كان» بجواز حذف نون مضارعها المجزوم بالسكون، نحو: «ولم أكُ بَغيِّاً» ()

و «ظلّ» بمعني استمر، نحو: «ظلّ زيد» أي: إستمرّ ظله.

و «بات» بمعني عرّس، نحو: «بات صاحب» أي: عرّس.

و «ما برح» بمعني ما ذهب، نحو: «ما برح صالح» أي: ماذهب.

و «ما انفكّ» بمعني ما انفصل، نحو: «ما انفكّ تقي» أي: ما انفصل.

و «ما دام» بمعني ما بقي نحو قوله تعالي: «خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض» () أي: ما بقيت.

(وما تصرّف منها) أي: من هذه الأفعال الناقصة كالمضارع واسم الفاعل والأمر والنهي والمصدر وغيرها (يعمل عملها) فترفع المبتدأ علي أنه اسمها وتنصب الخبر علي أنه خبرها. نحو: «يكون زيد قائماً» وقوله تعالي {فتُصبح الأرض مخضرة}() وهكذا.

مسألتان: المسألة الأولي: (يختص كان) من بين سائر أخواتها (بجواز حذف نون مضارعها المجزوم بالسكون) والحذف يكون للتخفيف (نحو: «ولم أكُ بَغيّاً») أصله «أكونُ» حُذفت ضمة النون لِدخول «لم» الجازمة،

وحُذف الواو لالتقاء الساكنين بين: «الكاف والواو» ثم حُذفت «النون» لِلتخفيف،

بشرط عدم اتصاله بضمير نصب ولا ساكن، ومِن ثَمَّ لم يَجُز في نحو: «لم تَكُنْه» و: «لم يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لهم» ().

ولك في نحو: «الناس مَجْزِيّون باعمالهم إن خيراً فخيرٌ وإن شراً فَشرٌّ» أربعة أوجُه: نصب الأول ورفع الثاني،

(بشرط عدم اتصاله) أي: عدم اتصال «كان» الذي نريد اسقاط نونه (بضمير نصب) أي: بضمير منصوب (ولا) بحرف (ساكن، ومِن ثَمَّ) أي: مِن حيث إن إسقاط النون لا يجوز إذا اتصل «كان» بضمير نصب أو حرف ساكن (لم يَجُز) اسقاط نون «كان» (في نحو: «لم تَكُنْه» و) لا في نحو: («لم يكن اللهُ لِيغْفِرَ لهم») لاتصال النون في الأول بالهاء، وهو ضمير منصوب، لانه خبر «كان» واتصال النون في الثاني بلام «أَلله» وهو حرف ساكن، فان الألف يَسقط في الدرج.

المسألة الثانية: (و) يجوز (لك في) كل موضع ذكر فيه «إن» الشرطية، وكان بعد «إن» الشرطية هذه «كان» محذوفاً مع اسمها أو خبرها، (نحو) قول النبي | كما في الحديث الشريف: («الناس مَجْزِيّون بأعمالهم إن خيراً فخيرٌ وإن شرً فشَرٌّ» أربعة أوجُه) مِن التركيب والاعراب:

الوجه الأول: (نصب) «خيراً» و «شراً» (الأوّل. ورفع) «فخيرٌ و «فشرٌّ» (الثاني) كما في المثال، ويكون التقدير: «إن كان عملهم خيراً فَجزاؤُهم خيرٌ. و «إن كان عملهم شراً فجزاؤُهم شَرٌّ». فقد حذف بعد «إن» الشرطية كان واسمه، وبعد «فاء» الجزاء المبتدأ.

ورفعهما، ونصبهما، وعكس الأول. فالأول أقوي،

(و) الوجه الثاني: (رفعهما) بأن تقول: «إن خير فخير وإن شر فشر»، ويكون التقدير «إن كان في علمهم خيرٌ فجزاؤهم خيرٌ، وإن كان في علمهم شرٌّ فجزاؤُهم شرٌّ» فقد حذف بعد «إن» الشرطية كان وخبره وبقي إسمه، وحذف بعد

«فاء» الجزاء: المبتدأ.

(و) الوجه الثالث: (نصبهما) بأن تقول: «إن خيراً فخيراً، وإن شراً فشراً» ويكون التقدير: «إن كان عملهم خيراً فيكون جزاؤهم خيراً، وإن كان عملهم شراً فيكون جزاؤهم شراً» فقد حذف بعد الاثنين كان وإسمه، وبقي خبره.

(و) الوجه الرابع: (عكس) الوجه (الاول) يعني: رفع الأول ونصب الثاني، بأن تقول: «إن خير فخيراً، وإن شر فشراً» ويكون التقدير: «إن كان في عملهم خيرٌ فيكون جزاؤهم خيراً وإن كان في عملهم شرٌّ فيكون جزاؤهم شراً». فقد حذف بعد «إن» الشرطية كان وخبره، وبعد «فاء» الجزاء كان واسمه.

(ف) الوجه (الأول أقوي) من الجميع. لكثرة حذف «كان» مع اسمه بعد «إن» الشرطية، وحذف المبتدأ بعد «فاء» الجزاء، ولذا ورد الحديث بهذا الوجه من الاعراب.

والأخير أضعف، والمتوسّطان متوسطان.

الثاني: الاحرف المشبّهة بالفعل

(و) الوجه (الأخير) أي الرابع (أضعف) من الجميع، لقلة حذف «كان» مع خبره بعد «إن» الشرطية وحذف «كان» مع اسمه بعد «فاء» الجزاء.

(و) الوجهان (المتوسطان) أي: الثاني والثالث (متوسطان) أي: لا قويان مثل الوجه الأول، ولا ضعيفان مثل الوجه الرابع.

أما الوجه الثاني فلأنه اشتمل علي أمر قليل، وأمر كثير أما القليل: هو حذف «كان» مع خبره بعد «إن» الشرطية، وأما المطّرد الكثير فهو: حذف المبتدأ بعد «فاء» الجزاء.

وأما الوجه الثالث فلانه اشتمل علي أمر كثير وهو: حذف «كان» مع إسمه بعد «إن» الشرطية، وعلي أمر قليل وهو: حذف «كان» مع اسمه بعد «فاء» الجزاء.

الحروف المشبّهة بالفعل

(الثاني) من النواسخ (الأحرف المشبّهة بالفعل) وقيل في سبب شباهتها بالفعل أمور:

منها: أن هذه الحروف تَرفع وتنصب كما أن الأفعال ترفع وتنصب «ترفع الفاعل وتنصب المفعول».

ومنها: أن هذه الحروف مبنية علي الفتح مثل الفعل الماضي، وقيل غير ذلك أيضاً.

وهي: إنّ، وأنّ، وكأنّ، وليت، ولكن، ولعلّ. وعملها

عكس عمل «كان» ولا يتقدم أحد معموليها عليها مطلقاً، ولا خبرها علي اسمها إلاّ إذا كان ظرفاً أو جاراً ومجروراً، نحو: «إنّ في ذلك لَعِبْرَةً» ().

وتلحقها «ما» فتكفّها عن العمل،

(وهي) أي: الأحرف المشبّهة بالفعل ستة: (إنّ وأنّ) وهما للتأكيد (وكأنّ) وهي للتشبيه (وليت) للتمنّي (ولكنّ) للاستدراك (ولعل) للرجاء.

(وعملها) أي: عمل هذه الحروف الستة (عكس عمل «كان») أي: نصب الاسم ورفع الخبر، نحو: «إن زيداً قائم».

(ولا يتقدم أحد معموليها) إسمها أو خبرها (عليها) أي: علي نفس الحروف الستة (مطلقاً) أي: سواء كان ذلك المعمول ظرفاً، أم جاراً ومجروراً، أم غيرهما، لضعف عملها، فإذا تقدم اسمها أو خبرها عليها لا تستطيع أن تعمل في ما قبلها، فلا يقال: «عندي إنّ زيداً» ولا «زيداً إنّ عندي».

(ولا) يجوز تقديم (خبرها علي اسمها) فلا يقال: «إنّ قائم زيداً» (إلاّ إذا كان) الخبر (ظرفاً) فيجوز، نحو «إن عندي زيداً» (أو جاراً ومجروراً، نحو: «إنّ في ذلك لَعِبْرَةً»).

هذا (و) قد (تلحقها) أي: تتصل بآخر هذه الحروف الستة (ما) الزائدة الكافّة (فتكفّها) أي: تمنعها (عن العمل) في اسمها وخبرها، فترفع الاسم والخبر، ويرجعان بعد دخول ما إلي أصلهما مِن المبتدئية والخبرية

نحو: «إنما زيدٌ قائم».

والمصدر إن حلّ محل «إنّ» فُتحت همزتها، وإلا كُسرت، وإن جاز الأمران، جاز الأمران، نحو: «أوَلَم يَكْفِهِمْ أنّا أنْزَلْنا» () و: «قالَ إنّي عَبْدُ الله» ()

(نحو: «إنما زيدٌ قائمٌ»).

ثم قال: (والمصدر إن حلّ محل «إنّ») واسمها وخبرها. بأن جاز أن نحذف «إنّ» مع اسمها وخبرها ونأتي بدلاً عنها بمصدر الخبر (فُتحت همزتها) وجوباً، فتقول فيها: «أنّ» بالفتح (وإلاّ) أي: وإن لم يجز حلول المصدر محل إنّ واسمها وخبرها (كُسرت) همزتها، للفرق بين الذي يجوز حلول المصدر محله وبين الذي لا

يجوز حلول المصدر محله.

(وإن جاز الأمران) أي: حلول المصدر محل «إنّ» وعدم حلوله (جاز الأمران) أي: جاز الفتح والكسر للهمزة.

(نحو: «أوَلَم يَكْفِهِمْ أنّا أنْزَلْنا») هذا مثال ل «أنّ» الذي يجوز حلول المصدر محله. فانه يجوز أن تقول: أولم يكفهم إنزالُنا، بدون تغيير المعني.

(و) نحو: (قال إنّي عَبْدُ الله») وهذا مثال ل «إنّ» الذي لا يجوز حلول المصدر محله، فانه لا مصدر ل «عبد الله» حتّي يُؤتي به، بخلاف «أنزلنا» فانه فِعلٌ، وله مصدر، ولا يصح وضع مصدر «كان» من أفعال العموم في محلها، إذ لا يصح أن يقال: «قال كوني عبد الله» لأن الكلام لا يتم.

و: «أوّلُ قَولي: أنّي أحْمَدُ الله».

والمعطوف علي أسماء هذه الحروف منصوب، ويختص «إنّ» و «أنّ» و «لكنّ» بجواز رفعه بشرط مُضيّ الخبر.

(و) نحو: («أوّلُ قَولي: أنّي أحْمَدُ الله») وهذا مثال للذي يجوز فيه حلول المصدر محل «إنّ» ويجوز عدمه، فانه يجوز أن تقول: أول قولي حمدُ الله، فالحمد الذي هو مصدرٌ، جلس محل «إنّ» ويجوز أن تقول: «أول قولي إني أحمد الله» بكسر الهمزة لأنه محكيّ القول، و «أنّ» إذا صارت محكية لِقول كُسرت همزتها.

(و) الاسم (المعطوف علي أسماء هذه الحروف منصوب) لان أسماء هذه الحروف منصوبة، والمعطوف علي شيء يجب أن يكون له اعراب ذلك الشيء، سواء كان العطف قبل ذلك الخبر أم بعده، تقول: «لعل زيداً وعمراً قائمان» أو «لعل زيداً قائماً وعمراً» (ويختص «إنّ» و «أنّ» و «لكنّ» بجواز رفعه) أي: رفع الاسم المعطوف علي أسماء هذه الثلاثة (شرط مُضيّ الخبر) بأن يكون العطف علي الاسم بعد تمام الخبر، تقول: «انّ زيداً قائم وعمروٌ»، وأما إذا عطفتَ شيئاً علي الاسم قبل مجيء الخبر، فلا يجوز فيه إلاّ

النصب، فلا يجوز «إنّ زيداً وعمروٌ قائمان».

الثالث: «ما» و «لا» المشبهتان ب «ليس» وتعملان عملها بشرط بقاء النفي، وتأخّر الخبر.

ما، ولا، المشبّهتان ب «لَيْسَ»

(الثالث) مِن النواسخ (ما، ولا) النافيتان (المشبّهتان ب «ليس») في معني النفي، وعدم التصرف (وتعملان عملها) أي: عمل «ليس» فترفعان الاسم وتنصبان الخبر، نحو: «ما زيد قائماً» و «لا رجلٌ عالماً».

ولعملهما شروط: بعضها شرط لهما، وبعضها شرط لأحدهما فقط.

أما شروط عملهما فكما قال: (بشرط بقاء النفي) وعدم انتقاض النفي ب «إلاّ» الاستثنائية، فان انتقض النفي ب «إلا» وجب رفع خبرها نحو: «ما أنتم إلاّ بشرٌ» () و «لا رجل إلا عالم».

(و) بشرط (تأخر الخبر) عن «ما» و «لا» سواء كان الخبر ظرفاً أم مجروراً أم غيرهما، فلا يصح تقديم الخبر علي نفس «ما» و «لا» فلا يقال: «عندي ما رجلٌ» ولا يقال: «في الدار لا رجلٌ».

وبشرط تأخر الخبر عن الاسم، فلا يصح أيضاً تقديم الخبر علي الاسم، فلا يقال: «ما قائماً زيدٌ» نعم إذا كان الخبر ظرفاً أو مجروراً جاز تقديمه علي الاسم مع تكرار «لا» حينئذٍ نحو: «ما في الدار زيد» و «لا عندك عمرو ولا بكر».

ويشترط في «ما» عدم زيادة «إن» معها، وفي «لا» تنكير معموليها، فان لحقتها التاء اختصت بالأحيان، وكثر حذف اسمها نحو: «وَلاتَ حِينَ مَناصٍ» ().

(و) أما الشروط المختصة بعمل أحدهما دون الآخر ف(يشترط في «ما») فقط (عدم زيادة «إنْ») المكسورة الهمزة، الساكنة النون (معها) أي: بعدها، فان زيدت «إن» فلا تعمل «ما» ورُفع خبرها، نحو: «ما إنْ أنتم ذَهَبٌ» فان لم توجد «إن» لزم أن يقال: «ذَهَباً».

(و) يُشترط (في) عمل (لا) خاصة (تَنكير معموليها) يعني: أن يكون اسمها وخبرها نكرتين، نحو: «لا رجلٌ عالماً»، فان صار أحدُ معموليها معرفةً

اُلغيت عن العمل، وكرّرت، ورفع خبرها، نحو: «لا زيد قائمٌ ولاعمرو».

(فان لحقتها) أي: لحقت «لا» (التاء) التأنيثية الاسمية، أو المبالغية في النفي، فقلنا «لات» (اختصت بالأحيان) أي: بالأزمان، ولا تعمل في غيرها (وكثر حذف اسمها) وابقاء خبرها. (نحو «ولاتَ حينَ مناصٍ») بنصب حين والأصل: ولات الحينُ حينَ مناصٍ، فحذف الاسم وبقي الخبر.

الرابع: لا النافية للجنس.

وتعمل عمل «إنّ»، بشرط عدم دخول جارٍّ عليها. واسمها ان كان مضافاً أو شبيهاً به نُصِب،

لا النافية للجنس

(الرابع) من النواسخ (لا النافية للجنس) أي: لجنس اسمها نحو: «لا رجلَ في الدار» أي: جنس الرجل ليس موجوداً في الدار، لا واحداً ولا أكثر، بخلاف «لا» المشبهة ب «ليس» فانه كان ينفي فرداً واحداً، فإذا كنت تقول: «لا رجلٌ في الدار» أمكن أن يكون في الدار رجلان.

(وتعمل) لا النافية للجنس (عمل إنّ) أي: نصب الاسم ورفع الخبر (بشرط عدم دخول) حرف (جارٍّ عليها) فان دخل الجارّ علي «لا» جُرّ اسم لا، نحو: «جئتُ بلا زادٍ».

(واسمها) أي: اسم «لا» النافية للجنس (ان كان مضافاً) إلي نكرة، نحو: «لا غلامَ رجل في الدار» (أو) كان اسمها (شبيهاً به) أي: شبيهاً بالمضاف وشبه المضاف هو الذي اتصل به شيء كان تمام معناه بذلك الشيء نحو: «لا طالعاً جبلاً موجودٌ»: فانّ «طالعاً» لا يتم معناه إلا ب «جبلاً» إذ لو قيل: «لا طالعاً» لم يُعلم ما المراد مِن الطالع؟ هل الطالع مِن السماء، أم مِن الجبل أم مِن غير ذلك، كما لا يتم معني الغلام إلا بالرجل في «غلام رجل» (نُصب) الاسم كما في المثالين الآنفين.

وإلاّ بُنِيَ علي ما يُنْصَبُ به، نحو: «لا رجلَ ولا رجلَينِ في الدّار»، ويشترط تنكيره ومباشرته لهما؛ فإن عُرّف أو فُصل، اُهملت وكّررت،

(وإلاّ) أي:

وان لم يكن اسم لا النافية للجنس مضافاً، أو شبيهاً بالمضاف، بأن كان مفرداً أو مثني أو مجموعاً (بُنيَ علي ما) كان (يُنْصَبُ به) يعني: ذلك الاسم الذي صار اسماً ل «لا» النافية للجنس قبل أن يصير اسم «لا» بماذا كان يُعرب في حالة النصب، فبَعدَ أنْ صار اسم «لا» يصير مبنياً علي ذلك الاعراب، فإذا كان مفرداً كان يُنصب بالفتحة، فكذلك يُبني علي الفتحة إذا صار إسمَ «لا» (نحو: «لا رجلَ» و) إذا كان تثنية كان نصبها بالياء، فكذلك إذا صار اسم «لا» بني علي الياء، نحو («لا رجلَينِ في الدار») وهكذا.

(ويشترط) في عمل «لا» النافية للجنس (تنكيره) أي: كون اسمها نكرة، فاذا صار الاسم نكرةصار الخبر أيضاً نكرة لأنّه لا يُخبر عن نكرة بمعرفة. (و) يشترط أيضاً (مباشرته لها) أي: ملاصقة «لا» باسمها، مِن دون فاصِل بينهما.

وعليه: (فان عُرّف) إسم «لا» أي: صارَ معرفة (أو فُصل) بين «لا» وبين اسمها بِفاصل (اُهملت) «لا» وسقطت عن العمل (وكرّرت).

فمثال صيرورة الاسم معرفة

نحو: «لا زيدٌ في الدار ولاعمروٌ» و «لا في الدار رجلٌ ولا امرأةٌ».

تبصرة:

ولك في نحو: «لا حول ولا قوة إلاّ بالله» خمسة أوجه:

الأول: فتحها

(نحو: «لا زيدٌ في الدار ولاعمروٌ» و) مثال الفصل بين «لا» واسمها («لا في الدار رجلٌ ولا إمرأةٌ»).

أوجه «لا حول ولا قوة إلاّ بالله»

(تبصرة) مصدر باب التفعيل بمعني اسم الفاعل أي: مُبصِّرٌ، خبر لِمبتدأ محذوف، تقديره: هذه تَبصرة.

(و) يجوز (لك في) كل موضع كُرّرت فيه «لا» علي العطف، وكان بعد كل منهما نكرة مفردة غير مجرورة وبلا فاصلة (نحو: «لا حول ولا قوة إلاّ بالله» خمسة أوجه) من الاعراب والتركيب:

الوجه (الأول فتحهما) أي: فتح «حول» و «قوة» علي أن يكون «لا»

فيهما نافية للجنس، و «حول» و «قوة» اسمان ل «لا» وخبر «لا» محذوف، وهو «موجود» والتقدير: «لا حول موجود، ولا قوة موجودة إلا بالله» وفتح «حول، وقوة» يكون

علي الأصل.

الثاني: رفعهما علي الابتداء أو علي الإعمال كلَيس.

الثالث: فتح الأوّل ورفع الثاني بالعطف علي المحلّ، أو علي إعمال الثانية كلَيس.

الرابع: عكس الثالث

(علي الأصل) لأن الأصل في إسم «لا» النافية للجنس أن يكون مبنياً علي الفتح.

الوجه (الثاني: رفعهما) أي: رفع «حول وقوة» بناءاً (علي الابتداء) أي: كون «لا» نافية للجنس ومُلغاة عن العمل لأنّها إذا تكرّرت جاز إلغاؤها، و «حول وقوة» مبتدءان، خبرهما: «موجود» محذوف. (أو) يكون رفع الاسمين بناءاً (علي الإعمال) أي: اعمال «لا» وجعل «لا» (كليس) فان «لا» المشبهة بليس ترفع اسمها، وحينئذٍ يكون خبر «لا» منصوباً، فيكون التقدير: «لا حولٌ موجوداً، ولا قوةٌ موجودةً إلا بالله».

الوجه (الثالث: فتح) «حول» الذي هو الاسم (الاول) بناءاً علي كون «لا» نافية للجنس (ورفع) «قوة» التي هي الاسم (الثاني) إمّا (بالعطف علي المحل) أي: علي محل «حول» فان محلّه الرفع لأنه في الأصل كان مبتدءاً (أو) بناءاً علي إعمال «لا» (الثانية كلَيْس) أي: جَعْل لا الثانية مشبّهة بليس، و «لا» المشبهة بليس تَرفع الاسم.

الوجه (الرابع: عكس) الوجه (الثالث) يعني: رفع «حول» وفتح «قوة» بناءاً

علي إعمال الاولي كلَيس، أو علي إلغائها.

الخامس: فتح الأول ونصب الثاني بالعطف علي لفظه؛ لمشابهة الفتح النصب.

الخامس: أفعال المقاربة، وهي: «كاد» و «كرب» و «أوشك» لدنو الخبر.

(علي إعمال) «لا» (الاولي كلَيْس، أو) بناءاً (علي) اعتبارها نافية للجنس، مع (الغائها) أي: اسقاط «لا» الأولي عن العمل، فإذا سقطت عن العمل رجع الاسم إلي المبتدئية، والمبتدأ مرفوع.

الوجه (الخامس: فتح) الاسم (الأول) يعني «حول» بناءاً علي كون «لا» الأولي نافية للجنس و «حول» إسمها، وخبرها: «موجود» محذوف (ونصب)

الاسم (الثاني) يعني: «قوة» (بالعطف علي لفظه) أي: بعطف «قوة» علي لفظ «حول» وإنما جاز عطف المنصوب علي المفتوح مع أن المعطوف يجب أن يُعرب باعراب المعطوف عليه، (لمشابهة الفتح) مع (النصب).

أفعال المقاربة

(الخامس) من النواسخ (أفعال المقاربة) قيل: وسُمّيت هذه الأفعال ب «المقاربة» لانها تقارب بين خبرها واسمها.

(وهي) علي ما ذكر هنا ستة: («كادَ» و «كَرَب») بفتح الراء وكسرها والفتح أفصح (و «أوشك») وهذه الثلاثة تأتي (لِدُنُو الخبر) أي: لاِثبات قرب حصول الخبر للاسم، فمعني «كاد زيد يضرب»: أن الضرب قرب أن يصدر من زيد.

و «عسي» لِرجائه و «أنشأ» و «طَفِقَ» للشروع فيه.

وتعمل عمل «كان» وأخبارها جُمل مبدوة بمضارع، ويغلِب في الأوّلين تجردُّه عن «أن» نحو: «وما كادوا يفعلون» () وفي الأوسطين اقترانه بها،

(و «عسي» لرجائه) أي: لرجاء حصول خبره لاسمه، نحو: «عسي زيد أن يقوم» يعني: يرجي أن يصدر القيام من زيد (و «أنْشأ» و «طَفِق») بفتح الطاء، وكسر الفاء أو فتحها والكسر أشهر (للشروع فيه) أي: لشروع اسمهما في خبرهما، فمعني «أنْشأ زيد يكتب» أو «طفق عمرو يَنام»: أنّ زيداً شَرَع في الكتابة، وعمراً شرع في النوم.

(وتعمل) هذه الأفعال الستة (عمل «كان») فترفع المبتدأ بناءاً علي كونه اسماً لها، وتنصب الخبر بناءاً علي كونه خبراً لها.

(وأخبارها) أي: الأشياء التي تقع خبراً لهذه الأفعال دائماً (جُملٌ) فعلية (مبدوّة بمضارع) أي: أولها مضارع كما في مرّ وستري في الأمثلة التالية.

(ويغلب في) خبرَي (الأوّلَين) أي: «كاد» و «كرب» (تجردّه عن «أنْ») المصدرية الناصبة (نحو: «وما كادُوا يَفْعَلوُنَ») و «كرب زيد يقعد»، فلا تقول: أنْ يَفعلوا، أو أن يَقعد.

(و) يغلب في خبَري (الأوسطَين) وهما: «أوشك» و «عسي» (اقترانه) أي: اقتران خبرهما (بها) أي: ب «أنْ»

نحو: «عَسي رَبُّكم

أنْ يَرْحَمَكُم» ()، وهي في الأخيرين ممتنعة، نحو: «طَفِقَ زيدٌ يَكْتُب».

و «عسي» و «أنشأ» و «كرب» ملازمة للمضيّ، وجاء: «يكاد» و «يُوشِك» و «يطفَق».

تتمّة:

يختص «عسي» و «أوشك» باستغنائهما عن الخبر

المصدرية الناصبة، (نحو: «عَسي رَبُّكم أنْ يَرْحَمَكُم») و(أَوشك باقر أنْ يَقرأ»).

(وهي) أي: «أنْ» (في) خبري (الأخيرين) وهما: «أنشأ» و «طفق» (ممتنعة، نحو: «طفق زيدٌ يَكتُب») و «أنشأ تقي يَنصُر» فلا يجوز أن يقال: «أنْ يكتب» أو «أنْ ينصر».

(و «عَسي» و «أنشأ» و «كَرَبَ» ملازمة للمُضيّ) يعني جاء من هذه الأفعال الثلاثة الفعل الماضي فقط فلا مضارع لها ولا أمر ولا نهي.

(وجاء) عن العرب استعمال المضارع من الثلاثة الأخر، وهي: «كاد» و «أوشك» و «طَفِق» فقيل: («يَكادُ» و «يُوشِكُ» و «يَطْفَق»).

(تتمّة) في مختصات «عسي» و «أوْشك»، مصدر باب التفعيل ك «تَبصرة» والأصل: «تَتْمِمَة» فاُدغم الميم في الميم وصارت «تتمّة» وهي بمعني اسم الفاعل، أي: مُتمِّم.

(يختصّ «عسي» و «أوشك») مِن بين أفعال المقاربة (باستغنائهما عن الخبر) أحياناً فتصيران تامتين ويصير إسمهما فاعلاً، كما أن الافعال الناقصة كانت تستغني عن الخبر، وتصير تامة، وتكتفي بالفاعل فقط

في نحو: عَسي أنْ يَقُومَ زيدٌ». واذا قلت: «زيدٌ عسي أن يَقومَ»؛ فلك وجهان: إعمالها في ضمير «زيد»؛ فما بعدها خبرها، وتفريغها عنه؛ فما بعدها

(في) ما إذا كان الفعل المقارب مقدّماً علي الاسم (نحو: «عَسي أنْ يَقومَ زيدٌ») و «أوشك أنْ يقعد عمرو».

والاعراب: «عسي» فعل مقارب تام، و «أن يقوم زيد» يؤوَّل بالمصدر فيصير «قيام زيد» وهو فاعل ل «عسي» وهكذا في مثال «أوشك».

(وإذا) تقدم الاسم علي فعل المقاربة و(قلت: «زيدٌ عسي أنْ يقوم»؛ فلك وجهان) في الاعراب:

الوجه الأول من الاعراب: جعل «عسي» ناقصة و(إعمالها) أي: إعمال «عسي» (في ضمير زيدٍ) علي أن يكون

ذلك الضمير إسماً ل «عسي» (فما بعدها) أي: فيكون ما بعد «عسي» الذي هو «أنْ يقوم» (خبرها) أي: خبر «عسي»، ويكون التقدير هكذا: «زيد عسي هو أنْ يقوم» ومجموع «عسي» مع اسمه وخبره جملةً يَصير خبراً ل «زيد».

الوجه الثاني من الاعراب: جعل «عسي» في: «زيد عسي أنْ يقوم» تامة (وتفريغها عنه) أي: تفريغ «عسي» عن «ضمير زيد»، بأن لا تَعمل «عسي» في ضمير راجع إلي «زيد» (ف) يكون (ما بعدها) أي: ما بعد «عسي» وهو: «أن يقوم».

إسم مُغنٍ عن الخبر. ويظهر أثر ذلك في التأنيث، والتثنية، والجمع.

فعلي الأوَّل، تقول: «هند عَسَتْ أن تقومَ» و «الزيدانِ عَسَيا أن يقوما» و «الزيدون عَسَوْا أن يقوموا».

وعلي الثاني: «عسي» في الجميع.

(إسم) لأنه يُؤوَّل بالمصدر، فيَصير «قيامه» والمصدر إسم (مُغنٍ) هذا الاسمُ (عن الخبر) لأنه فاعل ل «عسي».

(ويظهر أثر ذلك) أي: أثر عمل «عسي» في ضمير الاسم الذي قبلها وعدم عمله في ضميره (في التأنيث، والتثنية، والجمع).

(فعلي الأوَّل) أي: إذا عملتْ «عسي» في ضمير الاسم الذي قبله يجب ان يكون الضمير طِبقاً لذلك الاسم (تقول: «هند عَسَتْ أنْ تقومَ») و «الزيدان عَسَيا أنْ يقوما» و «الزيدون عَسَوْا أنْ يقوموا»، (وعلي الثاني) أي: إذا انفصلتْ «عيسي» عن ضمير الاسم الذي قبلها، ولم تعمل في ضمير ذلك الاسم تقول: («عسي» في الجمع) يعني: «هند عسي أنْ تقوم» و «الزيدان عسي أن يقوما» و «الزيدون عسي ان يقوموا»، ف «أنْ يَقوم» هو الذي تَظهر فيه علامة التأنيث والتثنية والجمع، دونَ «عسي».

النوع الثاني

ما يرد منصوباً لا غير وهو ثمانية:

الأوّل: المفعول به، وهو الفَضلة الواقع عليه الفعل. والأصل فيه تأخّره عنه، وقد يتقدّم جوازاً لإفادة الحصر، نحو: «زيداً ضربتُ» ووجوباً؛ للزومه الصدر،

الاسماء المنصوبة

(النوع الثاني) من

المعربات (ما يرد منصوباً لا غير، وهو ثمانية:) المفعول به، والمفعول المطلق، والمفعول له، والمفعول معه، والمفعول فيه، والمنصوب بنزع الخافض، والحال، والتمييز.

(الأوّل: المفعول به، وهو: الفَضلة) يعني: الشيء الذي ليس بعُمدة في الكلام (الواقع عليه الفعل) نحو: «نصر زيد عمراً» فانّ «عمراً» مفعول به، وهو فضلة لأنه ليس عمدة في الكلام، فلو حُذف لم يحدث خلل في الكلام، وواقع عليه النصر الذي هو الفِعل.

(والأصل فيه) أي: في المفعول به (تأخره عنه) أي: عن الفعل، كالمثال السابق.

(وقد يتقدّم) المفعول به علي الفعل (جوازاً لافادة الحصر) فلو تقدم المفعول به علي الفعل كان معناه حصر الفعل في المفعول به (نحو: «زيداً ضربتُ») يعني: الذي ضربته هو زيد فقط دون غيره.

(و) قد يتقدم المفعول به (وجوباً للزومه الصدر) يعني: إذا كان المفعول به مما له الصدر كالاستفهام يجب تقدمّه علي الفعل

نحو: «من رَأيتَ؟».

الثاني: المفعول المطلق،

وهو: مصدر يُؤكِّد عامله، أو يُبيِّن نوعه، أو عدده نحو: «ضَربتُ ضَرْباً» أو «ضَرْبَ الأمير» أو «ضرْبَتَينِ». والمؤكِّد مفردٌ دائماً،

(نحو: «من رأيتَ؟») ف «رأيتَ» فعلٌ وفاعل، و «مَن» الاستفهامية مفعول به.

المفعول المطلق

(الثاني: المفعول المطلق، وهو: مصدر يُؤكِّد عامله، أو يُبيِّن نوعه) أي: نوع عامله (أو) يُبيِّن (عدده) أي: عدد عامله.

(نحو: ضربتُ ضرْباً) ف «ضرْباً» مصدر، جاء لِتأكيد عامله الذي هو «ضربتُ».

(أو) ضربتُ (ضَربَ الأمير) ف «ضربَ الأمير» مصدرٌ جاء لبيان نوع عامله الذي هو «ضربتُ» يعني: أن الضرب كان مِن نوع ضرب الأمير.

(أو) ضربتُ (ضربَتيْنِ) ف «ضربتَيْنِ» مصدر، جاء لبيان عدد عامله الذي هو «ضربتُ» يعني: أن الضرب كان عدده إثنين، أي: ضربتين.

(و) المفعول المطلق (المؤكِّد) أي: الذي يُؤتي به للتأكيد فقط (مفرد دائماً) فلا يصير تثنية ولا جمعاً.

وفي النوع خلاف.

ويجب حذف عامله سماعاً

في نحو: «سَقياً ورَعْياً»، وقياساً في نحو: «فَشُدُّوا الْوَثاقَ فإمّا مَنّاً بَعدُ وإمّا فِداءً» ().

(وفي النوع خلاف) يعني: اختلف في المفعول المطلق الذي يُؤتي به للنوع هل يَصير تثنية وجمعاً، أم يجب أن يكون مفرداً دائماً.

أما المفعول المطلق العددي فيجب أن يكون علي عدد عامله، فان كان العامل واحداً كان المفعول المطلق مفرداً، وإن كان العامل تثنية كان تثنية، وإن كان العامل جمعاً كان جمعاً، تقول «ضربتُ ضَرْبَةً» و «ضربتُ ضربَتيْن» و «ضربتُ ضَرَبات».

(ويجب حذف عامله) أي: الفعل الذي يَعمل في المفعول المطلق ويَنصبه (سماعاً في نحو: «سَقْياً ورَعْياً») فانّ أصلهما: سقاك الله سَقْياً ورَعاك الله رعياً، فحُذف «سقاك الله» و «رَعاك اللهُ» وبقي المفعول المطلق وحده.

ولا يجوز الحذف في غير هذين من المصادر والقياس عليهما، لانهما سماعيان فمثلاً: لا يصح أن يقال: «إرْواءاً» بِحذف الفعل علي ان يكون التقدير: «أراك الله إرواءاً».

(و) يجب حذف الفعل العامل في المفعول المطلق (قياساً) أي: يقاس عليه كل مورد كان مثله، وذلك في موارد:

منها: (في) ما إذا كان المفعول المطلق تَفْصيلاً لِعاقبة مضمون الجملة الطلبية التي تقدّمت علي المفعول المطلق (نحو: «فَشُدُّوا الْوَثاقَ فإمّا مَنّاً بَعدُ وإمّا فداء»).

و «له عَليّ ألفُ درهم اعترافاً» و «زيد قائم حَقّاً».

ومعني هذه الآية الكريمة والله العالم أنه إذا أثقلتم المشركين بالجراح وظفرتم بهم وأسرتموهم «فشُدّوا الوَثاق» أي: أحكموا وَثاقهم في الاَسر وخذوهم أُسراء، فَإمّا بعد ذلك تجعلون عليهم المنّة وتُطلقونهم، وإمّا تأخذون مِنهم مالاً باسم الفِدية وتطلقونهم.

والأصل: تَمُنُّونَ مَنّاً، وتَفْدون فداءً، فحذف الفعل «تمنّون، وتفدون» فانّ «فشدّوا الوَثاق» جملة طلبية تقدمّت علي المفعول المطلق الذي هو «مناً وفداءً» والمنّ والفداء تفصيل لعاقبة مضمون شَدّ الوثاق، فان عاقبة شدّ الوَثاق وأسر الكفار: إمّا

هو المنّ عليهم، أو أخذ الفدية منهم.

(و) منها: إذا وقع المفعول المطلق مؤكِّداً لِنفسه بحيث لولا المفعول المطلق لم يحتمل غيره نحو («له عَليّ ألفُ درهم إعترافاً») ف «إعترافاً» مفعول مطلق، أكَّد الجملة التي قبله، ولو لم يكن «إعترافاً» في الكلام كان معني «له عليّ ألف درهم» اعترافاً بذلك. والأصل: أعترفُ اعترافاً، فحُذف الفِعل لهذا السبب.

(و) منها: إذا وقع المفعول مؤكِّداً لنفسه ولكن بحيث لو لم يكن المفعول المطلق في الكلام احتمل غيره، نحو: («زيدٌ قائمٌ حَقّاً») فجملة «زيد قائم» قبل دخول المفعول المطلق أي: «حقاً» كانت محتملة لأن تكون حقاً وصدقاً، ولأن تكون غير حق وكذباً، ولكنّه ألآن أكَّد نفسه، فان «حقاً» لا يؤكِّد إلا نفس «زيد قائم» ولكنه رفع الشك والاحتمال عنها والأصل: أحقُّه حقّاً؛ فحذف «أحق» وبقي «حَقاً» وحده.

و «ما أنت إلاّ سَيْراً» و «إنّما أنتَ سَيْراً» و «زيد سَيْراً سيراً» و «مررتُ به فإذا له صوتٌ صوتَ حمار»

(و) منها: ما وقع المفعول المطلق بعد «إلا» الاستثنائية، فانه أيضاً يحذف الفعل العامل في المفعول المطلق، نحو: («ما أنت إلاّ سيراً») أي: إلا تَسيرُ سيراً.

(و) منها: إذا وقع المفعول المطلق محصوراً فيه ب «إنّما» فانه أيضاً يحذف الفعل العامل في المفعول المطلق، نحو: («إنما أنت سيراً») أي: تَسيرُ سيراً.

(و) منها: إذا كُرِّر المفعول المطلق، وكان واقعاً بعد إسم لا يصلح أن يصير المفعول المطلق خبراً عن ذلك الاسم، فانه أيضاً يحذف الفعل العامل في المفعول المطلق، نحو: («زيدٌ سيراً سيراً») ف «سيراً» الذي هو مفعول مطلق كُرِّر، ووقع بعد «زيدٌ» الذي هو اسم عين، و «سيراً» لا يمكن أن يَصير خبراً عن «زيد»، لأن «سَيراً» مصدر، والمصدر إسم معني، واسم المعني لا يَصير

خبراً عن اسم عين، والأصل: «زيد يَسير سيراً» فحذف الفِعل «يَسير» وبقي المفعول المطلق «سيراً».

(و) منها: إذا وقع المفعول المطلق لأجل التَشبيه بعد جملة مشتملةٍ علي إسم بمعني المفعول المطلق، ومشتملة علي صاحب ذلك الاسم نحو («مررتُ به فإذا له صوتٌ صوتَ حمار») ف «صوتَ حمار» مفعول مطلق، وقع لأجل تَشبيه صوت ذلك الشخص بصوت الحمار بعد جملة «لَه صوتٌ» وهذه الجملة مشتملة علي إسم بمعني المفعول المطلق وهو «صوت»،

و «لَبَّيك وسَعْدَيْك».

الثالث: المفعول له

، وهو المنصوب بفِعلٍ فُعِل لتحصيله أو حصوله،

ومشتملة علي صاحب ذلك الاسم يعني: الصوت وهو الضمير في «له» فانه راجع إلي صاحب الصوت، والتقدير: «فإذا له صوتٌ يَصُوت صوتَ حمارٍ» فحُذف الفعل «يَصوُت» وبقي المفعول المطلق «صوتَ حمار» منصوباً.

(و) منها: إذا كان المفعول المطلق تَثنيةً مع الاضافة للِدّلالة علي التَكثير، فانه أيضاً يحذف الفعل العامل في المفعول المطلق نحو: («لَبيّك») بمعني: إجابةً بعد إجابةٍ («وسعديك») يعني: لك السعادة بعد السعادة. والأصل: «ألِبُّ لك إلبابَيْنِ» يعني: أقيم علي طاعتك كثيراً. و «اُسعِدك إسعادَيْن».

المفعول له

(الثالث) ممّا يرد منصوباً لا غير (المفعول له، وهو:) الاسم (المنصوب بفعلٍ فُعِل) ذلك الفعل (لِتحصيله أو حصوله) أي: لتحصيل ذلك الاسم أو حصول ذلك الاسم. والفرق بين التحصيل والحصول: أن في التحصيل يَحصل المفعول له بعد صدور الفعل، وفي الحصول: يكون المفعول له حاصلاً قبل صدور الفعل ولأجل حصوله يصدر الفعل.

نحو: «ضربتُه تأديباً» و «قعدتُ عن الحرب جُبْناً». ويشترط كونه مصدراً، متّحداً لِعامله وقتاً وفاعلاً،

مثال التحصيل: (نحو: «ضربتُه تأديباً») فإنّ «تأديباً» مفعول له، وصدر الفعل الذي هو الضَرب لتحصيل التأديب.

(و) مثال الحصول نحو: (قعدتُ عن الحرب جُبْناً) أي: للخوف من القتل لم أذهب إلي الحرب فان «جُبناً» مفعول له، وإنما

صَدر الفعل الذي هو العقود لحصول الجبن.

(ويشترط) في المفعول له ثلاثة شروط:

الأوّل: (كونه مصدراً) فلو لم يكن مصدراً يجيء مجروراً باللام ولا ينصب كما سيأتي إن شاء الله تعالي.

الثاني: كونه (متحداً لِعامله وقتاً) يعني: يكون وقت الفعل الذي يَعمل في المفعول له مع وقت حصول المفعول له واحداً. فان لم يتحد الوقتان، جيء المفعول له مجروراً باللام ولم ينصب كما سيأتي ان شاء الله تعالي.

الثالث: كونه متحداً مع الفعل الذي يَعمل فيه (فاعلاً) بأن يكون فاعل الفعل وفاعل المفعول له واحداً، فلو كانا اثنين جيءَ المفعول له مجروراً باللام ولم ينصب كما سيأتي ان شاء الله تعالي.

والشروط الثلاثة موجودة في المثالين السابقين، ف «تَأديباً» مِن «ضربتُه تأديباً» مصدر، ووقت التأديب والضرب واحد، لأن وقت التأديب هو وقت الضرب وفاعل الضرب وفاعل التأديب أيضاً واحد لأن الذي يَضرب هو الذي يؤدِّب.

ومن ثَمَّ جيءَ باللام في نحو: «والأرْضَ وَضَعَها لِلأنَامِ» () و: «تهيّأتُ للسفر» و: «جئتُك لِمجيئك إيّايَ».

وهكذا «جُبناً» مِن «قعدتُ عن الحرب جبناً» مصدرٌ، ووقت الجبن والقعود واحد، لانه قعد حين ما حصل الجبن، وفاعل الجبن والقعود واحد، لأن الذي جَبَن هو الذي قَعَد عن الحرب.

(ومن ثَمَّ) أي: مِن حيث انه يشترط وجود الشروط الثلاثة حتّي ينصب المفعول له (جيءَ) المفعول له مجروراً (باللام في نحو: «والأرْضَ وَضَعَها لِلأنَامِ») فان «الأنام» مفعولٌ له، ولَمّا لم يكن مصدراً لم يُنصب وجيء باللام.

(و) نحو: («تهيّأتُ لِلسفر») فان «السفر» مفعول له، ولما لم يكن وقتُه متحداً مع وقت التَهيؤ لأن السفر يكون وقته بعد وقت التَهيؤ لم ينصب وجُرّ باللام.

(و) نحو: («جئتُك لِمجيئك إيايَ») فان «المَجيء» مفعول له، ولمّا لم يكن فاعله متحداً مع فاعل «جئتُك» لأن فاعل «جئتك»

هو المتكلم، وفاعل «مجيئك» هو المخاطب لم يُنصب، وجيءَ باللام.

الرابع: المفعول معه

وهو: المذكور بعد واو المعية؛ لمصاحبة معمول عامله، ولا يتقدّم علي عامله، نحو: «سرتُ وزيداً» و: «مالَكَ وزيداً» و: «جئت أنا وزيداً»،

المفعول معه

(الرابع) مما يرد منصوباً لا غير: (المفعول معه، وهو:) الاسم (المذكور بعد واو المعية) أي: بعد الواو التي هي بمعني «مع»، وإنما صار الواو بمعني مع (لمصاحبة) المفعول معه (معمول عامله) أي: عامل المفعول معه، يعني: أن المفعول معه مع معمول آخر لعامل المفعول معه متصاحبان، مثل «سرتُ وزيداً» فان «زيداً» الذي هو مفعول معه لِلسير، مصاحِب مع تاء المتكلم الذي هو معمول آخر للسير.

(ولا يتقدّم) المفعول معه (علي عامله) فلا يجوز أن تقول: «وزيداً سرت» بخلاف سائر المفعولات فانها تتقدم علي عواملها.

أما أمثلة المفعول معه فهي: (نحو: «سرتُ وزيداً» و: «مالَكَ وزيداً» و: «جئت أنا وزيداً»).

أما المثال الأول: فهو للمفعول معه الذي كان بعد جملة فعليّة، وكان قبل واو المعية ضميرٌ متصل غيرُ مؤكَّد بضمير منفصل، فانّ «سِرتُ» جملة فعليّة، لأنها فعل وفاعل، والتاء ضمير متصل، ولم يؤكَّد هذا الضمير بضمير منفصل.

والعطف في الأولين: قبيح، وفي الأخير سائغ،

وأما المثال الثاني: فهو للمفعول معه الذي كان بعد جملة إسمية، فانّ «ما» الاستفهامية مبتدأ، و «لك» اللام حرف جر والكاف مجرور، والجار والمجرور معاً خبر ل «ما»، و «الواو» بمعني مع، و «زيداً» مفعول معه.

وأمّا المثال الثالث: فهو للمفعول معه الذي كان بعد جملة فعليّة، وكان قبل واو المعية ضمير متصل مؤكَّد بضمير منفصل، فانّ «جئتُ» جملة فعليّة: فعل وفاعل، والتاء ضمير متصل، وقد أكَّد بِ «أنا» الذي هو ضمير منفصل.

(والعطف في) المثالين (الأولين) وهما: «سرت وزيداً» و «مالك وزيداً» بأن نجعل الواوَ عاطفة،

ونعطف زيداً علي التاء ضمير المتكلم في المثال الأول، فنقول: «سرت وزيدٌ» برفع زيد، لأن الضمير مرفوع لأنه فاعل، وفي المثال الثاني نعطف زيداً علي الكاف مِن «مالك» فنقول: «مالك وزيدٍ» بجَر زيد، لأن الكاف مجرور بحرف الجر وهو اللام، فالعطف في هذين المثالين (قبيح).

أمّا في الأوّل: فلأن العطف علي الضمير المتصل المرفوع لا يحسن إلا بعد تأكيده بضميرٍ منفصل أو بفاصلٍ ما.

وأمّا في الثاني: فلأنّ العطف علي الضمير المجرور لا يجوز إلا بعد إعادة الجارّ.

وعليه: ففي هذين المثالين يجب أن نجعل الواو واوَ المعية، و «زيداً» مفعولاً معه، لا معطوفاً.

(و) العطف (في) المثال (الأخير) وهو: «جئتُ أنا وزيداً» بأن نجعل الواو عاطفةً، ونعطف «زيداً» علي التاء في «جئتُ» فانّ هذا العطف (سائغ) أي:

وفي نحو: «ضربتُ زيداً وعمراً» واجب.

الخامس: المفعول فيه

وهو: إسم زمان أو مكان مبهم أو بمنزلة أحدهما، منصوب بفعلٍ فُعِل فيه،

جائز، لأنه يجوز العطف علي ضمير متصل بعد تأكيد ذلك الضمير بضمير منفصل، فان التاء ضمير متصل و «أنا» تأكيده، فبعد ما صار «أنا» الذي هو ضمير منفصل تأكيداً للتاء في «جئتُ» جاز العطف علي هذا التاء، فيجوز رفع «زيد» علي العطف واعتبار الواو للعطف، فيقال: «جئت أنا وزيد» ويجوز نصب زيد علي المفعولية، واعتبار الواو للمعية، فيقال: «جئتُ أنا وزيداً».

(و) العطف (في نحو: «ضربتُ زيداً وعمراً» واجب) لأن كل مكان أمكن جعل الواو عاطفة، وعطف ما بعد الواو الذي هو المفعول معه علي ما قبل الواو، مع بقاء النصب لما بعد الواو، وجب جعل الواو عاطفة، وعطف ما بعدها علي ما قبلها.

المفعول فيه

(الخامس) مما يرد منصوباً لا غير (المفعول فيه، وهو: اسم زمان) مطلقاً، مبهماً كان ك «حين» أو مختصاً ك «يوم الجمعة»

والمراد بالمبهم ما دلّ علي زمانٍ غير مقدّر والمختص ما دلّ علي زمان مقدّر.

(أو) إسم (مكان مبهم) أي: غير مختص ذلك المكان نحو الجهات الستّ وهي: «فوق، تحت، خلف، أمام، يمين، يَسار».

نحو: «جئتُ يومَ الجمعة»، و: «صلّيتُ خلفَ زيدٍ»، و: «سرت عشرين يوماً وعشرين فرسخاً»،

(أو) إسم شيء يكون (بمنزلة أحدهما) أي: بمنزلة إسم الزمان أو بمنزلة إسم المكان.

(منصوب) ذلك الاسم (بفعلٍ فُعِل) ذلك الفعل (فيه) أي: في ذلك الزمان أو في ذلك المكان.

أما أمثلة المفعول فيه فهي: (نحو: «جئتُ يومَ الجمعة») فانّ «يوم الجمعة» إسم زمان مختص لانه يوم معلوم، ومنصوب بفعل «جئتُ» الذي فُعِل هذا الفعل وهو المجيء في ذلك اليوم، إذ المجيء كان في يوم الجمعة.

(و) نحو: («صلّيت خلف زيدٍ») فانّ «خلف» إسم مكان وهو مبهم غير معلوم، لأنه لا يعلم أية نقطة مِن خلف زيد، فانه لا يُعرف خلف زيد بدون فاصلة، أو بفاصلة صف أو صفين أو غير ذلك، و «خلف» منصوب بفعل «صليتُ» الذي فُعِل هذا الفعل وهو الصلاة في ذلك المكان، أي: خلف زيد.

(و) نحو: («سرت عشرين يوماً») فان «عشرين يوماً» بمنزلة إسم الزمان لأن «عشرين» إسم عدد، لا إسم زمان، ولكن حيث كان المراد منه الزمان، صار بمنزلة الزمان، و «عشرين» منصوب بفعل «سرتُ» الذي فعل هذا الفعل وهو السير في العشرين يوماً التي هي بمنزلة الزمان.

(أو) نحو: «سِرتُ (عشرين فرسخاً») فان «عشرين فرسخاً» بمنزلة

وأما نحو: «دخلتُ الدارَ» فمفعول به علي الأصح.

السادس: المنصوب بنزع الخافض

وهو: الاسم الصريح، أو المؤوّل المنصوب بفعل لازم

إسم المكان، وهو مبهم غير معلوم، لأنه لا يعلم «عشرين فرسخاً» في أي طريق؟ ومِن أي طرف؟ و «عشرين» منصوب بفعل «سِرت» الذي فعل هذا الفعل وهو السير في

العشرين فرسخاً التي هي بمنزلة المكان.

(وأما نحو: «دخلتُ الدارَ» ف) الدار (مفعول به علي) القول (الأصح) وليس مفعولاً فيه، لأن «الدار» إسم مكان مختص لا مبهم، واسم المكان المختص لو كان معه «في» فلا يجوز حذفها منه، فحيث لم يذكر «في» مع «الدار» نعلم بأنه ليس معه «في» مقدّراً، وحيث لم يقدّر معه «في» فليس مفعولاً فيه وإنما هو مفعول به.

المنصوب بنزع الخافض

(السادس) من الأسماء التي ترد منصوباً ولا تصير غير منصوب أبداً: الاسم (المنصوب) الذي كان نصبه (ب) سبب (نزع الخافض) أي: إسقاط حرف الجر عنه، بأن كان ذلك الاسم مجروراً بحرف الجر، فسقط حرف الجر منه، فصار ذلك الاسم منصوباً.

(و) عليه: فالمنصوب بنزع الخافض (هو: الاسم الصريح، أو المؤوّل) أي: الذي يُؤوّل إلي الاسم الصريح، مثل: معمول «أنْ وأنّ» فانهما مع معموليهما يؤوّلان إلي المصدر (المنصوب) ذلك الاسم (بفعل لازم) أي: غير

بتقدير حرف الجرّ، وهو قياسيّ مع «أنْ» و «أنّ»، نحو: «أوَعَجِبْتُم أنْ جائَكم ذِكرٌ مِن رَبّكم» () و: «عَجِبْتُ أنّ زيداً قائم»،

متعد (بتقدير حرف الجر) قبل ذلك الاسم المنصوب.

(وهو) أي: النصب بنزع الخافض علي قسمين:

القسم الأوّل من قسمي المنصوب بنزع الخافض: (قياسيّ) أي: يجوز القياس عليه إذا كان ذلك الاسم المنصوب بنزع الخافض (مع «أنْ» و «أنّ») وذلك (نحو) قوله تعالي: («أوَعَجِبْتُم أنْ جائَكم ذِكرٌ مِن رَبّكم») والتقدير: «مِن أن جائكم … » ف «أنْ» مع ما بعدها يُؤوّل إلي المصدر فيصير أوعجبتم مجيء ذكر من ربكم» ف «مجيء» إسم لانه مصدر، والمصدر إسم، وصار منصوباً بسبب إسقاط «مِن» الجارّة عنه، مع أن «عجب» فعل لازم، والفعل اللازم لا ينصب مفعولاً.

(و) نحو: («عجبتُ أنّ زيداً قائم») والتقدير: «مِن أنّ زيداً قائم» ف

«أنّ» مع ما بعدها يؤوّل إلي المصدر فيَصير «عجبتُ قيامَ زيد» ف «قيام» إسم، لأنه مصدر، وصار منصوباً بسبب إسقاط مِن الجارّة عنه، مع أن «عجب» فعل لازم لا يَنصب.

ويجوز صنع الأمثلة علي نحو هذين المثالين، فتقول مثلاً: «فرح زيد

أن مات عمرو» و «غضب عليّ أنّ باقراً ذاهب» والتقدير: بأنْ مات عمرو، الذي يؤوّل إلي المصدر فيصير: بموت عمرو، و: بأنّ باقراً ذاهب، الذي يؤوّل إلي المصدر فيصير: بذهاب باقر وهكذا.

وسماعيّ في غير ذلك، نحو: «ذهبتُ الشامَ».

السابع: الحال

وهي: الصفة المبيّنة للهيئة غيرَ نعت. ويشترط تنكيرها، والأغلب كونها منتقلة، مشتقة، مقارنة لعاملها،

(و) القسم الثاني من قسمي المنصوب بنزع الخافض: (سماعيّ) وهو (في غير ذلك) أي: في غير ما إذا كان مع «أنْ أو «أنّ»، فلا يجوز لنا صنع الأمثلة مِن عندنا، بل يجب أن نسمع المثال عن العرب (نحو: «ذهبتُ الشامَ») بنصب الشام، بناءً علي أن التقدير: ذهبتُ إلي الشام، فحذف «إلي» ونصب «الشام» بسبب سقوط حرف الجر. ولا يصح لنا أن نصنع مِن عندنا أمثلة لذلك، مثل أن نقول: «ذهبت العراق» وغير ذلك.

الحال

(السابع) من الأسماء التي ترد منصوباً ولا تصير غير منصوب أبداً (الحال، وهي: الصفة المبيّنة للهيئة) مثل: «جاء زيد ضاحكاً» ف «ضاحكاً» حال، وهو صفة تبيّن هيئة حال مجيئ زيد بأنه كان علي هيئة الضحك في حال المجيء حال كون تلك الصفة المبيّنة للِهيئة (غير نعت) لان النعت لا يبيّن الهيئة.

(ويشترط تنكيرها) أي: كون الحال نكرة لا معرفة، فلو قلت: «جاء زيد الضاحك» فليس «الضاحك» حالاً، بل يصير صفة لِزيد.

(والأغلب كونها) أي: كون الحال صفة (منتقلة) أي: لا تكون صفة ثابتة باقية، بل تكون صفة زائلة (مشتقة) أي: غير جامدة (مقارنة لعاملها)

وقد تكون

ثابتة وجامدة ومقدّرة.

أي: كون الحال مقارناً وجودُها مع عاملها في الزمان.

نحو: «جاء زيدٌ ضاحكاً» ف «ضاحكاً» صفة منتقلة، لانها غير ثابتة وغير باقية، بل هي زائلة، لأن الانسان لا يكون ضاحكاً دائماً، وهي صفة مشتقة، لأن لها فعل ماض ومضارع وأمر ونهي وغير ذلك، تقول «ضَحك، يَضحك، إضحَك، لا تضحكْ … » و «ضاحكاً» صفة مقارنة مع «جاء» الذي هو العامل في «ضاحكاً» لأن ضحك زيد كان مقارِناً مع مجيئه في الزمان.

(وقد) أي: قليلاً (تكون) الحال صفة (ثابتة) نحو: «جاء زيد طويلاً» ف «طويلاً» حال ل «زيد»، ولكنه صفة ثابتة ل «زيد» لأن الطول ليس شيئاً منتقلاً زائلاً كالضحك.

(و) قد تكون الحال صفة (جامدة) مثل: «جاء زيد إنساناً» ف «إنساناً» حال ل «زيد» ولكنه صفة جامدة، غير مشتقة من فعلِ.

(و) قد تكون الحال صفة (مقدرة) أي: غير مقارنة مع عاملها في الزمان، بل يكون زمان الحال بعد زمان عاملها مثل: «أُدخل في الغرفة باقياً فيها» ف «باقياً» حال، وعاملها «اُدخل» ولكن زمانهما إثنان، فزمان الدخول حين الأمر، وزمان البقاء يكون بعدما بقي مدة في الغرفة، لأنه لا يقال للشخص انه باق في الغرفة إلا بعد أن يبقي في الغرفة مدة كثيرة، فبعدما دخل وبقي في الغرفة مدة كثيرة، بعد ذلك يَصير باقياً.

والأصل تأخّرها عن صاحبها، ويجب إن كان مجروراً، ويمتنع إن كان نكرة محضة، وهو قليل.

(والأصل) أي الأغلب (تأخرها) أي: تأخر الحال في اللفظ (عن صاحبها) نحو: «جاء زيد ضاحكاً» فيتأخر «ضاحكاً» الذي هو الحال عن «زيد» الذي هو صاحب الحال، مع جواز تقدّمها علي «زيد» بأن يقال: «جاء ضاحكاً زيد» ولكنه قليل.

(ويجب) تأخر الحال عن صاحبها (إن كان) صاحب الحال (مجروراً) نحو: «مررت بزيدٍ

ضاحكاً» ف «ضاحكاً» حال ل «زيد» و «زيد» صاحب الحال، وحيث إن صاحب الحال مجرور لا يجوز تقديم الحال علي صاحب الحال، فلا يقال: «مررتُ ضاحكاً بزيد» لانه يُوهِم أن يكون «ضاحكاً» حالاً لِتاء «مررتُ» لا «لزيد».

(ويمتنع) تأخر الحال عن صاحب الحال (إن كان) صاحب الحال (نكرة محضة) والنكرة علي نوعين: مخصَّصة، ومحضة.

فالنكرة المخصصة: هي التي أضيفت إلي نكرة اخري، أو وُصفت بشيء، نحو: «غلامُ رجلٍ» و «غلامٌ أبيضُ» فان غلام الذي هو نكرة حيث أضيف إلي النكرة وهو رجل وحيث جئنا ب «أبيض» صفةً له، صار «غلام» نكرة مخصَّصة.

والنكرة المحضة: هي النكرة التي لا أضيفت إلي شيء، ولا وُصفت بشيء، مثل: «رجل» فانه نكرة محضة.

وعليه: فان كان صاحب الحال نكرة محضة (وهو قليل) أي: كون

ويجب تقدّمها علي العامل إن كان لها الصدر، نحو: «كيف جاء زيد؟».

ولا تجيء عن المضاف إليه إلا إذا صحّ قيامه مقامَ المضاف، نحو: «بل ملّة إبراهيمَ حنيفاً» ().

صاحب الحال نكرة محضة قليل في استعمال الفصحاء، مثل: «جاء راكباً رجلٌ»، فيَمتنع أن يتأخّر الحال وهي راكباً عن صاحب الحال وهو رجل فلا يصح أن تقول: جاء رجلٌ راكباً.

(ويجب تقدّمها) أي: تقدم الحال (علي العامل إن كان) الحال من الأشياء التي (لها الصدر، نحو: «كيف جاء زيد؟») فانّ «كيف» حال، و «جاء» عامل في الحال لأن «جاء» نَصَب الحال، وحيث إن «كيف» إسم استفهام، ويجب أن يَتصدّر ويتقدّم في كل مكان، وجب تقديمه علي «جاء» العامل في الحال.

(و) إذا كان إسمان أحدهما مضاف والثاني مضاف إليه، وأردنا أن نأتي بحالٍ للمضاف إليه ف(لاتجيء) الحال (عن المضاف إليه إلا إذا صحّ قيامه) أي: قيام المضاف إليه (مقامَ المضاف) يعني: كان بحيث لو حذفْنا

المضافَ وأبقَيْنا المضافَ إليه لا يَتغير المعني (نحو) قوله تعالي: «قل (بل ملَة إبراهيمَ حنيفاً») ف «حنيفاً» حال عن «إبراهيم» وإبراهيم مضاف إليه، لأن «ملة» أضيفت إليه ولكنك لو تحذف المضاف الذي هو «ملة» وتَجعل المضاف إليه وهو إبراهيم مكان المضاف، وتقول: بل إبراهيم حَنيفاً يعني: بل نتبع إبراهيم حنيفاً لا يَفسد المعني، لان متابعة إبراهيم ومتابعة ملة إبراهيم «أي: شريعته» شيء واحد.

أو كان المضاف بعضَه، نحو: «أعْجَبَني وَجْهُ هندٍ راكبةً»)، أو كان عاملاً في الحال، نحو: «أعْجَبَني ذهابُك مُسْرِعاً».

الثامن: التمييز

وهو: النكرة الرافعة للابهام المستقرّ عن ذات أو نسبة،

(أوكان المضاف بعضَه) أي: بعضاً من المضاف إليه، فيجوز إتيان حالٍ للمضاف إليه (نحو: أعْجَبَني وجهُ هند راكبة») ف «راكبةً» حالٌ عن «هند» وإنما جاز مجيء الحال ل «هند» مع أنّ «هند» مضاف إليه، لأن المضاف وهو الوجه بعض المضاف إليه.

(أو كان) المضاف (عاملاً في الحال) فيجوز إتيان الحال عن المضاف إليه (نحو: «أعجبني ذهابك مُسْرِعاً») ف «مسرعاً» حال عن الكاف الذي أضيف إليه «ذهاب» وإنما جاز اتيان الحال عن المضاف إليه، لأن المضاف وهو ذهاب عامل في الحال، لأن «ذهاب» هو الذي نَصَب «مسرعاً» إذ هو مصدرٌ والمصدر مِن العَوامل.

التمييز

(الثامن) مِن الأسماء التي لا تكون إلاّ منصوبةً التمييز (وهو: النكرة الرافعة) أي: المُزيلة (للابهام المستقر) أي: للابهام الثابت، فيزيل الابهام (عن ذات أو) عن (نسبة) لا عن معني وصفة، فان الحال والنعت يُزيلان الابهام عن الوصف، بينما التمييز يزيل الابهام عن الذات، أو عن النسبة، مثل: «لَبست قباءاً صوفاً» و «اشتعل الرأس شيباً» ().

ويفترق عن الحال بأغلبيّة جموده وعدم مجيئه جملة وعدم جواز تقدّمه علي عامله علي الأصح، فان كان مشتقاً إحتمل الحال.

ففي المثال الأوّل: «صوفاً»

تمييز أزال الابهام عن «قَباءاً» لأن القباء لم يُعلم ما كان جنسه، فبالتمييز زال هذا الابهام عن ذات القباء.

وفي المثال الثاني: لا يُعلم نسبة الاشتعال إلي الرأس، فجاء «شيباً» الذي هو التمييز وأزال هذا الابهام عن نسبة الاشتعال إلي الرأس، فتبين بعد التمييز أن الاشتعال نُسِب إلي الرأس مِن جهة الشيب، لا مِن جهة الحرق ونحوه.

(ويفترق) التمييز (عن الحال) بأمور:

أحدُها: (بأغلبيةُ جمُوده) أي: يكون التمييز جامداً غالباً، بخلاف الحال فانها مشتقة غالباً.

(و) الثاني: (عدمُ مجيئه) أي: عدم مجيء التمييز (جملة) بل يكون التمييز دائماً مفرداً، بخلاف الحال فانها قد تأتي مفردة، وقد تكون جملة نحو: «جاء زيدٌ يَبكي».

(و) الثالث مِن الفروق: (عدم جواز تقدّمه) أي: تقدّم التمييز (علي عامله) بل يكون دائماً متأخّراً عن عامله (علي) القول (الأصح) بخلاف الحال، فانها كما مرّ قد يكون تقدمها علي عاملها واجباً، وقد يكون جائزاً.

وكيف كان (فان كان) التمييز إسماً (مشتقاً إحتمل الحال) أي: احتمل أن لا يكون تمييزاً بل يكون حالاً، كالمثال الآتي: «لله دَرُّه فارِساً» ف «فارساً» لِكونه مشتقاً يحتمل أن يكون حالاً، ويحتمل أن يكون تمييزاً.

فالأول: عن مقدار غالباً والخفض قليل، وعن غيره قليلاً والخفض كثير.

والثاني: عن نسبة في جملةٍ

(فالأول) وهو التمييز الرافع للابهام عن الذات يكون (عن مقدار غالباً) أي: يكون تمييزاً لمقدار علي الأغلب، مثل: «اشتريت كيلوين شكراً» ف «شكراً» تمييز ل «كيلوين» وكيلوين مقدار.

(والخفض) أي: جرّ التمييز باضافة كيلوين إليه، فتقول: «اشتريت كيلوَي شكرٍ» (قليلٌ) لأنه إذا كان ذلك الاسم المبهم مقداراً فيقل إضافته إلي التمييز.

(و) يأتي التمييز (عن غيره) أي: عن غير المقدار (قليلاً) إذا كان التمييز لِرفع الابهام عن الذات، نحو: «لبستُ قباءاً صوفاً» ف «صوفاً» تمييز يَرفع الابهام عن

ذات القباء (والخفض) أي: جَرّ التمييز فيما لو كان التمييز عن غير المقدار وكان لرفع الابهام عن الذات كما في المثال الآنف ونحوه (كثير) فالأحسن في هذا المثال أن يقال: «لبست قباءَ صوفٍ» بِجَرّ «صوفٍ» بناءاً علي إضافة «قباء» إلي «صوف».

(والثاني) وهو التمييز الرافع للابهام عن النسبة، يكون رفعه للابهام (عن نسبة) موجودة (في جملةٍ) مثل: «إشتعل الرأس شيباً» () ف «شيباً» تمييز يَرفع الابهام عن نسبة الاشتعال إلي الرأس، والنسبة الموجودة في «إشتعل الرأس» نسبة في جملة، لأن «إشتعل الرأس» جملة، فانها: فِعل وفاعل.

أو نحوها، أو إضافة، نحو: «رِطْل زَيْتاً»،

(أو) يرفع الابهام عن نسبة موجودة في (نحوها) أي: في نحو الجملة وهو ما شابه الجملة، كالنسبة الموجودة بين إسم التفضيل وفاعله لان إسم التفضيل مع فاعله مفرد مشابهٌ للِجملة نحو: «زيد أكثرُ منك علماً» ف «علماً» تمييز يَرفع الابهام عن نسبة «الاكثر» إلي «زيد» لأنه لمّا قيل «زيد أكثر منك» كانت جهة الاكثرية مبهمة غير معلومة، فَلمّا قيل «علماً» رُفع الابهام وعُلِم أن أكثرية زيد إنما هي مِن جهة العلم، لا المال والجاه وغيرهما.

(أو) يَرفع الابهام عن نسبة في (إضافة) أي: النسبة الموجودة بين المضاف والمضاف إليه، مثل: «للهِ دَرُّ زيد فارِساً» ف «الدَرّ» كناية عن اللبن الذي يَشربه الطفل، لانه يدرّ في الخروج، والمعني: أن لبن زيد الذي شَربه كان باذن الله كمن قد شرب الفروسيّة والشجاعة حال شرب اللبن و «فارساً» تمييز لِلنسبة الموجودة بين «دَرّ» وبين «زيد»، يعني: أن درّ زيد ولبنه كان هو الفروسية والشجاعة.

ثم ان المصنّف + جاء بأربعة أمثلة للتمييز وقال ما يلي:

(نحو: «رطل زيتاً») وهذا مثال للِتمييز الرافع للابهام عن ذات هي مقدار، ف «رِطل» مقدار، كالكيلو

والأوقية ونحوهما، ولما قيل: «رطل» كان مبهماً، إذ لم يعلم أنه رطل مِن أيّ شيء؟ فلمّا قيل: «زَيْتاً» - يعني: دهن الزيتون رفع هذا الابهام عن ذات الرطل وعُلم أن الرطل كان زيتاً.

و «خاتم فضّةٍ»، و «إشْتَعَل الرَأسُ شَيْباً» و «لله دَرُّه فارساً».

والناصب لمبيّن الذات: هي، ولمبيّن النسبة

(و «خاتم فضّةٍ») بجَر فضة، باعتبار إضافة «خاتم» إلي «فضة» وهذا مثال للتمييز الرافع للابهام عن ذات هي غير مقدار، ف «خاتم» ذاتٌ مبهمة لا يُعلم أنه مِن أيّ شيء؟ مِن فضة أو ذهب أو غيرهما، و «فضة» تمييزه، لأنه رفع الابهام عن الخاتم، فانه بعدما قال: «فِضة» عُلِم أن الخاتم مِن فضة لا مِن غيرها، وصار «فضة» مجروراً، لأن ذات المميَّز بفتح الياء إذا كانت غير مقدار فالاحسن إضافته إلي التمييز كما مرَّ.

(و «إشْتَعَل الرَأسُ شَيْباً») وهذا مثال للتمييز الرافع لِلابهام عن نسبة الجملة.

(و «لله درّه فارساً») وهذا مثال للتمييز الرافع لِلابهام عن نسبة الاضافة التي هي تشبه الجملة، وقد مرّ التفصيل حول هذين المثالين قبل قليل فلا نعيد ذلك مرة ثانية.

(والناصِب لمبيّن الذات) أي: الذي يَنصب التمييز المبيّن للذات (هي) يَعني: نفس الذات هي الناصب، ففي مثل «رِطْلٌ زيتاً» يكون ناصِِبُ «زيتاً» نفسَ «رطل».

(و) الناصب (لمبيّن النسبة) أي: الذي يَنصب التمييز المبيِّن للنسبة الموجودة في الجملة، أو النسبة الموجودة في شبه الجملة، أو الموجودة في الاضافة.

هو: المسند من فعلٍ أو شبهه.

النوع الثالث: ما يرد مجروراً لا غير وهو إثنان:

الأول: المضاف إليه

وهو: ما نسب إليه شيء بواسطة حرف جر مقدّر مراداً.

(هو: المسنَد مِن فعلٍ أو شبهه) أي: شبه الفعل، فان كانت النسبة في الجملة الفعلية فالناصب للتمييز الفِعل، وإن كانت النسبة بين شبه الفعل ومعموله، فالناصب للتمييز شبه

الفعل، وإن كانت النسبة بين المضاف والمضاف إليه فالناصب للتمييز هو المضاف ففي «إشتَعل الرأسُ شيباً» الناصب ل «شيباً» هو «إشتعل» وفي «أطيّبٌ زيدٌ نفساً؟» الناصب لِ «نفساً» هو «طيّب» وهو شبه الفعل، لأنّه صفة مشبّهة، وفي «لله دَرّه فارساً» الناصب ل «فارِساً» هو «دَرّ» المصدر.

[الاسماء المجرورة]

(النوع الثالث) من المعربات (ما يرد مجروراً لا غير) أي: يكون دائماً مجروراً ولا يصير غير مجرور أبداً (وهو إثنان).

المضاف إليه

(الأوّل: المضاف إليه، وهو ما نُسب إليه شيء بواسطة حرف جر مقدر) بين المضاف والمضاف إليه، حال كون ذلك الحرف المقدر (مراداً) أي: مَقصوداً، فمثلاً «غلام زيدٍ» تقديره: «غلام لِزيد» نسب الغلام إلي زيد بواسطة

وتمتنع إضافة المضمرات، وأسماء الاشارات، وأسماء الاستفهام، وأسماء الشرط، والموصولات، سوي «أيّ» في الثلاثة.

وبعض الاسماء يجب إضافتها إمّا إلي الجُمل، وهو: «إذ، وحيث، وإذا».

حرف الجر الذي هو اللام المقدّرة المقصودة، واحترز بقوله: «مراداً» مِن المفعول فيه والمفعول له؛ فإنّ حرف الجرّ مقدّر فيهما لكنّه غير مُرادٍ.

(وتمتنع) أي: لا تجوز (إضافة المضمرات) مثل «هو، أنت، أنا» وغيرها.

(وأسماء الاشارات) نحو: «هذا، هذه، هؤلاء» وغيرها.

(وأسماء الاستفهام) وهي عشرة: «كم، وكيف، ومَنْ، وما، ومهما، وأين، وأيانَ، وأنّي، ومتي، وأيّ».

(وأسماء الشرط) مثل: «إذما، إذا، أيّ».

(والموصولات) مثل: «الذي، التي، أيّ» وغيرها.

فكل ذلك لا تصير مضافاً أبداً (سوي) أي: غير («أيّ» في الثلاثة) الأخيرة، يعني في أسماء الاستفهام، وأسماء الشرط، والموصولات، فانها تُضاف، تقول: «أيُّكم زيد؟» و «أيّ مكان تَجلس أجلس» و «لأنصرنّ أيَّكم يَقوم» فالمثال الأوّل للاستفهام، والثاني للشرط، والثالث للموصول، ومعني المثال الثالث: لأنصرنّ الذي يَقوم منكم.

(وبعض الأسماء يجب إضافتها، إما) يجب إضافتها (إلي الجمل) وهو: إذ، وحيث، وإذا) نحو قوله تعالي: «واذكروا إذْ أنتم قليل» () ف «أنتم»

أو إلي

المفرد، ظاهراً أو مضمراً، وهو: «كلا، وكلتا، وعِند، ولدي، وسوي».

مبتدأ و «قليل» خبره، فهذه جملة إسمية أضيفت «إذ» اليها، ونحو قول الرسول الأكرم |: اللهمّ أدر الحقّ مع عليّ حيثُ دارَ» () ف «دارَ» فعل و «علي ×» فاعله، فهذه جملة فعلية أضيفت «حيث» إليها.

ونحو قوله تعالي: «وإذا سَمعوا» () ف «سمعوا» فعلٌ، والواو الضمير فاعله، فهذه جملة فعلية أضيفت «إذا» اليها.

وهذه الثلاثة دائماً تُضاف إلي الجمل، ولا تضاف إلي إسم مفرد أي: إلي غير جملة أبداً.

(أو) يجب إضافتها (إلي المفرد) أي: إلي غير الجملة، بحيث لا تضاف إلي الجملة أبداً، فتضاف إلي المفرد دائماً سواء كان ذلك المفرد إسماً (ظاهراً، أو) كان (مضمراً) أي: ضميراً (وهو) خمسة: («كلا، وكلتا، وعند، ولدي، وسوي»).

نحو: كلا الرجلين وكلاهما.

وكلتا المرأتين، وكلتاهما.

وعند زيد، وعنده.

ولَدي عمرو، ولديه.

أو ظاهراً فقط، وهو: «اُولوا» و «ذو» وفروعهما.

أو مضمراً فقط، وهو: «وَحْدَه» و «لبيّك» وأخواته.

وسوي صالح، وسواه.

وجئنا لكل واحد بمثالين: مثالاً للاضافة إلي الاسم الظاهر ومثالاً للاضافة إلي الضمير.

(أو) يجب اضافتها إلي المفرد بشرط أن يكون ذلك المفرد اسماً (ظاهراً فقط) فلا تضاف إلي الجملة، ولا إلي الضمير (وهو: «أُولوا» و «ذو» وفروعهما) أي: وكل ما يتصرّف منهما، من تثنية وجمع ومؤنث وغيرها، نحو: «أولوا مالٍ» يعني أصحاب مال، و «ذو دار» يعني: صاحب دار، و «وذات كتابٍ» أي: صاحبة كتاب، و «ذواتا دينارٍ» أي: صاحبتا دينار، و «أُولات الأعمال» أي: صاحبات الأعمال، وغير ذلك.

(أو) يجب اضافتها إلي المفرد بشرط أن يكون ذلك المفرد (مضمراً فقط) فلا تضاف إلي الجملة، ولا إلي الاسم الظاهر (وهو: «وحده») فان «وَحْد» دائماً يُضاف إلي الضمير، تقول: «وحدك، وحدَها، وحدَهما، وحدَهن» وغير ذلك (و «لبيك» وأخواته) وهي: «سَعدَيك»

و «حَنانَيك» و «دَوالَيك» بفتح الدال و «هَجاجَيك» و «هَذا ذَيك» فهذه يجب أن تضاف دائماً إلي الضمير وأمّا معانيها: فلَبيّك، يعني: إجابة بعد اجابة، وسعديك، يعني: أسعدك الله مرّتين، وحَنانيك يعني: تُحني عليّ مرتين، ودَواليك يعني:

تكميل

يجب تجريد المضاف عن التنوين ونوني المثنّي والجمع وملحقاتهما، فان كانت إضافة صفةٍ

تداولَ الأمر مرّتين، وهَجاجيك أي: كفّ مرتين عن فعلك، وهَذاذيك يعني: إسْرع مرّتين، و «المرّتين» في كل ذلك كناية عن تأكيد ذلك الفعل.

(تكميل) مصدر «كمّل» بتشديد الميم مِن باب التفعيل، وهو بمعني اسم الفاعل، أي: «مُكمّل» لأحكام الاضافة.

(يجب تجريد المضاف) أي: تعريته (عن التنوين) فلا يجوز أن تقول: «كتابٌ زيدٍ» بتنوين كتاب.

(و) يجب تجريد المضاف أيضاً عن (نوني المثني والجمع) أي: عن نون التثنية وعن نون الجمع، فمثلاً: «معلّمان» و «معلّمون» لو أضيفا لزم حذف النون منهما، فتقول: «معلّما زيدٍ» و «معلّموا زيد».

(و) يجب تجريد المضاف أيضاً عن نونات (ملحقاتهما) أي: عن نونات الأسماء الملحقة بالمثنّي، مثل: إثنين، اثنتين، فانهما ليستا تثنية، بل هما ملحقتان بالمثنّي، وعن نونات الأسماء الملحقة بالجمع، نحو: عشرين، ثلاثين، أربعين وغيرها فان هذه ليستْ جُموعاً، ولكنها ملحقات بالجمع، فلو أردت إضافة هذه الأسماء وجب حذف النون منها جميعاً، فتقول: «إثنَيْك» و «إثنتيك» و «عشريك» و «ثلاثيك» و «أربعيك» وهكذا.

(فان كانت) الاضافة (إضافة صفة) وهي اسم الفاعل واسم المفعول

إلي معمولها؛ فلفظية؛ ولا تفيد إلاّ تخفيفاً، وإلاّ فمعنويّة، وتفيد تعريفاً مع المعرفة، وتخصيصاً مع النكرة.

والصفة المشبهة (إلي معمولها) أي: إلي فاعلها، أو إلي مفعولها، نحو: «ناصرُ زيدٍ عمراً» و «ناصر عمروٍ زيدٌ» ففي الأوّل: أضيف اسم الفاعل إلي فاعله، وفي الثاني: أضيف اسم الفاعل إلي مفعوله (ف) هذه الاضافة تسمّي إضافة (لفظية، ولا تُفيد)

هذه الاضافة اللفظية (إلاّ تخفيفاً) في لفظ المضاف، لأنه بواسطة الاضافة يسقط التنوين مِن الصفة، فقبل الاضافة كان المثال هكذا: «ناصرٌ زيدٌ عمراً» بتنوين «ناصر» وبعد الاضافة صارَ هكذا: «ناصرُ زيدٍ عمراً» بحذف التنوين مِن «ناصر» فصارَ اللفظ أخفّ مِن الأول.

(وإلاّ) تكن الاضافةُ إضافةَ صفة إلي معمولها (ف) تسمي الاضافة إضافة (معنوية، وتفيد) هذه الإضافة المعنوية (تعريفاً مع المعرفة) يعني: ان كان المضاف إليه معرفةً فيكتسب المضاف النكرة، منه تعريفاً بواسطة الاضافة، نحو: «كتاب زيدٍ» فان «كتاب» كان اسماً نكرة قبل الاضافة، فلمّا أضيف إلي «زيد» الذي هو معرفة اكتسب «كتاب» منه تعريفاً أيضاً.

(و) تفيد هذه الاضافة المعنوية (تخصيصاً مع النكرة) يعني: إذا كان المضاف إليه نكرة، فيكتسب المضاف النكرة، منه بواسطة الاضافة تخصيصاً، نحو: «ثوبُ رجلٍ» فان «ثوب» قبل الاضافة كان نكرة محضة خالصة، فلو كنت تقول: «ثوب» كان السامع لا يَعلم هل هو ثوب رجل، أوثوب امرأة، فلمّا أضيف «ثوب» إلي «رجل» وقلتَ: «ثوب رجل» اكتسب «ثوب» من

والمضاف إليه فيها ان كان جنساً للمضاف فهي بمعني «مِن»، أو ظرفاً له فبمعني «في»، أو غيرهما فبمعني «اللام».

هذه الإضافة تخصيصاً، بحيث يعلم السامع أنه ليس ثوب امرأة.

(والمضاف إليه فيها) أي: في الاضافة المعنوية (ان كان جنساً للمضاف فهي) أي: فالاضافة (بمعني «مِن») ويكون الحرف المقدّر بين المضاف وبين المضاف إليه هو «مِن» نحو: «خاتمُ فضةٍ» ففضة التي هي المضاف إليه جنس للِخاتم، يعني: أن جنس الخاتم فضة، فالتقدير: «خاتم مِن فضة».

(أو) كان المضاف إليه (ظرفاً له) أي: للمضاف، مثل: «ماء الكوز» ف «الكوز» الذي هو المضاف إليه ظرف للماء (ف) تكون الاضافة (بمعني «في») ويكون الحرف المقدر بين المضاف والمضاف إليه هو «في»، فالتقدير: «ماء

في الكوز».

(أو) كان المضاف إليه (غيرهما) أي: غير الجنس والظرف للمضاف، نحو: «كتاب زيد» فزيد ليس جنساً لكتاب، ولا ظرفاً لكتاب (ف) تكون الاضافة (بمعني «اللام») والحرف المقدّر بين المضاف والمضاف إليه يكون هو «اللام» فالتقدير: «كتاب لِزيد».

وقد يكتسب المضاف المذكر من المضاف إليه المؤنث تأنيثَه، وبالعكس، بشرط جواز الاستغناء عنه بالمضاف إليه، كقوله: «كما شَرَقتْ صَدْرُ القَناةِ من الدمِ».

(وقد يَكتسب المضاف المذكّر مِن المضاف إليه المؤنّث تأنيثَه) أي: تأنيث المضاف إليه، يعني: قد يكون مضافٌ مذكّر أضيفَ إلي مؤنث فيُحكم علي المضاف المذكر بأنه مؤنث لأنه أضيف إلي مؤنث، فيَرجع ضمير مؤنث إلي ذلك المضاف المذكّر.

(وبالعكس) أي: قد يكون مضاف مؤنث أضيف إلي مذكّر، فيُحكم علي المضاف المؤنث بأنه مذكر لأنه أضيف إلي مذكر فيرجع ضمير مذكر إلي ذلك المضاف المؤنث.

وهذان الأمران يكونان (بشرط جواز الاستغناء عنه) أي: عن المضاف (بالمضاف اليه) بأن كانت الاضافة بحيث لو حذفنا المضافَ وجعلنا المضاف إليه مكان المضاف لم يتغير المعني، وذلك (كقوله) أي: كقول الشاعر:

(كما شَرَقَتْ صدر القَناة مِن الدمِ) يعني: «كما لمع وبرق من الدم صَدر القناة» ف «صَدر» مضاف مذكر، و «القناة» مضاف إليه مؤنث، فاكتَسب «صدر» التأنيثَ مِن «القناة» واعتُبِر مؤنثاً بدليل «شرقتْ» لان «شرقت» فعل اُسند إلي «صدر» يعني: شرقت صدر، و «شرقت» مؤنث. وجاز ذلك لأنه إن حُذف «صدر» فلا يَفسد المعني، فإن قلت: كما شرقت القناة مِن الدم، كان معناه نفس معني «كما شرقت صدر القناة من الدم».

وقوله: «إنارَةُ العقلِ مكسوفٌ بِطَوْعِ هَوي» ومِن ثَمّ إمتنع «قامتْ غلامُ هند».

(و) نحو (قوله) أي: قول الشاعر:

(إنارَةُ العقلِ مكسوفٌ بِطَوْعِ هوي) يعني: «نور العقل يَصير مَغلوباً بإطاعة الهوَي والنفس» ف «إنارة» مضاف مؤنث، و

«العقل» مضاف إليه مذكر، فاكتسب «إنارة» التذكيرَ مِن «العقل» واعتبرتْ مذكراً، بدليل «مكسوف» لأن «مكسوف» خبر اُسند إلي «إنارة» يعني: الانارةُ مكسوف، و «مكسوف» مذكّر وجاز ذلك لأنه إن حذف «إنارة» فلا يَفسد المعني، لأن معني «العقَل مكسوف بطوع هوي» هو نفس معني «إنارة العقل مكسوف بِطَوْع هوي».

(ومِن ثَمّ) أي: مِن جهة إشتراط عدم تغيير المعني بحذف المضاف في كسب المضاف التذكير والتأنيث من المضاف إليه (إمتنَع) هذا المثال («قامتْ غلامُ هند») فلا يجوز أن تُؤنِّث «قام» فتقول: «قامتْ» باعتبار أن «غلام» أضيف إلي «هند» المؤنث، وذلك لأنك لو حذفتَ المضافَ الذي هو غلام وقلت: «قامت هند» تغيّر المعني وصار: أن هنداً قامت، لا غلامها.

الثاني: المجرور بالحرف

وهو: ما نسب إليه شيء بواسطة حرف جرّ ملفوظ. والمشهور مِن حروف الجر أربعةَ عَشَرَ، سبعةٌ منها تجرّ الظاهر والمضمر، وهي: «مِن» و «إلي» و «عن» و «علي» و «في» و «الباء» و «اللام» وسبعةٌ منها تجرّ الظاهر فقط، وهي:

المجرور بالحرف

(الثاني) ممّا يرد مجروراً لا غير: (المجرور بالحرف، وهو: ما) أي: الاسم الذي (نسب إليه شيء بواسطة حرف جر ملفوظ) أي: مذكور، لا حرف جر مقدر كما في الاضافة.

(والمشهور من حروف الجر أربعةَ عشر) حرفاً، وغير هذه الأربعة عَشر مِن حروف الجر ليس مشهوراً، ولذا إكتفي المصنف + بذكر الأربعة عشر حرفاً المشهور فقط وقال في بيانها ما يلي:

(سبعة منها) أي: من حروف الجر المشهورة (تجر) الاسم (الظاهر والمضمر) أي: الضمير (وهي: «مِن» و «إلي» و «عن» و «علي» و «في» و «الباء» و «اللام») تقول: «مِن زيد ومنه» و «إلي زيدٍ واليه» و «عن زيدٍ وعنه» و «علي السطح وعليه» و «في الدار وفيها» و «بالكتاب وبه» و «للِفرس

وله».

(وسبعة منها تجرّ) الاسم (الظاهر فقط) ولا تدخل علي الضمير (وهي:

«مُذْ» و «مُنْذُ» وتختصّان بالزمان، و «رُبّ» تختصّ بالنكرة، و «التاء» تختصّ باسم الله تعالي، و «حتّي» و «الكاف» و «الواو» لاتختصّ بظاهر معيّن.

(«مُذْ» و «مُنْذُ» وتختصّان) أي: مُذ ومُنذ (بالزمان) أي: يَدخلان علي اسم الزمان غير المستقبل فقط. تقول: «ما رأيت زيداً منذ يوم الجمعة» أي: مِن يوم الجمعة و «ما ذهبتُ إلي دار فلان مذ شهر رمضان» أي: مِن شهر رمضان، فاليوم والشهر من أسماء الزمان.

(و «رُبّ») وهي (تختصّ بالنكرة) يعني: لا تدخل علي غير النكرة، تقول: «رُبّ رجلٍ» ولا يجوز أن تقول: «رُب زيدٍ».

(و «التاء») وهي (تختص باسم الله تعالي) يعني: لا تدخل علي غير «الله» تقول: «تالله لأقومنَّ» ولا يصح «تَزيدٍ» أو غير ذلك.

(و «حتّي» و «الكاف» و «الواو») وهذه الثلاثة (لا تختص بظاهر معيّن) يعني: لا يجب دخولها علي إسم ظاهر مخصوص، بل تدخل علي كل اسم ظاهر، ولا تدخل علي الضمير، تقول: «أكلتُ السمكة حتّي رأسِها» و «أنا كَالأسدِ» و «والله لأقومنَّ» أو «ورَبّ الكعبة لأذهبنّ» أو «وَروحِ زيد لأصّدّقنّ».

النوع الرابع

ما يرد منصوباً وغير منصوب وهو أربعة:

الأوّل: المستثني

وهو: المذكور بعد «إلاّ» وأخواته للدلالة علي عدم اتّصافه بما نسب إلي سابقه ولو حكماً؛

(النّوع الرابع) مِن المعربات (ما يرد منصوباً وغير منصوب) أي: الاسماء التي قد تكون منصوبةً، وقد تكون غير منصوبة أي: مرفوعة أو مجرورة (وهو أربعة):

المستثني

(الأوّل: المستثني، وهو: المذكور بعد «إلاّ» وأخواته) أي: وبعد احدي أخوات: «إلاّ» وهي تسعة: «غير» و «سوي» و «عدا» و «خلا» و «حاشا» و «ليس» و «لا يكون» و «ما خلا» و «ما عدا». فيذكر ذلك الاسم بعد «إلاّ» أو بعد احدي أخواته (للدلالة)

أي: لدلالة «إلاّ» أو احدي أخواته (علي عدم اتصافه) أي: عدم اتصاف ذلك المذكور بعد «إلا» (بما) أي: بالحكم الذي (نُسِبَ إلي سابِقِه) أي: الاسم الذي كان قبل «إلا».

(ولو حكماً) أي: ولو كان ذلك الاسم يعتبر سابقاً في الحكم عليه ولم يكن سابقاً في اللفظ، وهذا يكون علي نحوين: بان لم يكن مذكوراً في الكلام أصلاً، أو كان مذكوراً ولكنّه كان مؤخراً لا سابقاً.

فان كان مُخرَجاً مِن متعدّد فمتّصل،

فالاول: وهو الذي لم يكن مذكوراً في الكلام أصلاً، مثل: «ما جائني إلا زيدٌ» ف «زيد» ذكر بعد «إلا» للدلالة علي عدم اتصافه بعدم المجيء الذي نسب حكماً إلي ما قبل «إلا» وهو «أحد» الذي ليس مذكوراً في الكلام فالتقدير: «ما جائني أحد إلا زيد».

والثاني: وهو الذي يكون مذكوراً لكنه كان مؤخراً لا سابقاً، مثل: «ما جاءني إلا زيداً أحد» ف «زيداً» ذكر بعد «إلا» للدلالة علي عدم اتصافه بعدم المجيء الذي نسب إلي «أحد» الذي هو سابق علي «زيد» في الحكم، يعني: أن الحكم علي «أحد» قبل الحكم علي «زيد» لأن عدم المجيء نسب إلي «أحد» أولاً، ثم نسب المجيء إلي زيد باستثنائه مِن «أحد». وان كان «زيد» في اللفظ سابقاً علي «أحد».

(فان كان) المستثني (مخرَجاً مِن متعدّد) أي: بان كان ما بعد «إلا» داخلاً في ما قبل «إلا» فلما جاء «إلا» خرج ما بعد «إلا» عمّا قبلها نحو: «قام القوم إلا زيداً» ف «زيداً» قبل أن تقول: «إلا زيداً» كان داخلاً في «القوم» بحيث لو كنت تقول: «قام القوم» وكنت تَسكت، كان السامع يفهم أن «زيداً» أيضاً قام، فلما جاء «إلا» أخرج «زيداً» من القوم، وصار المعني: ان زيداً لم يقم.

إن كان الاستثناء قد أخرج

ما هو داخل فيما قبله (فمتصل) يعني: هكذا استثناء يسمي استثناءاً متصلاً.

وإلا فمنقطع.

فالمستثني ب «إلاّ» إن لم يذكر معه المستثني منه أُعرب بحسب العوامل،

(وإلاّ) يعني: وإن لم يُخرج «إلا» شيئاً داخلاً، بل أخرج «إلا» شيئاً لم يكن داخلاً في ما قبل «إلا» نحو: «قام القوم إلا حماراً» ف «الحمار» قبل أن تقول: «إلا حماراً» لم يكن داخلاً في «القوم» (فمنقطع) يعني: هكذا استثناء يسمي استثناءاً منقطعاً.

(فالمستثني ب «إلاّ») يعني: الاسم الذي كان بعد «إلاّ» (إن لم يذكر معه المستثني منه) أي: الاسم الذي هو قبل «إلا»، بان لم يكن مذكوراً في الكلام، مثل: «ما قام إلا زيد» الذي حذف منه «أحد» لأن التقدير: «ما قام أحد إلا زيد» (أُعرب) هذا الاسم الواقع بعد إلاّ وهو: المستثني ويكون اعرابُه: رفعُه أو نصبه أو جرّه (بحسب العوامل) أي: بما تقتضيه العوامل التي هي قبل «إلا» تقول: «ما نصر عمراً إلا زيد» و «ما نصر عمرو إلا زيداً» و «ما مررت إلا بزيد».

فما بعد «إلاّ» الذي هو «زيد» صارَ مرفوعاً في المثال الأوّل لأن «نصر» كان يحتاج إلي فاعل، فصار «زيد» فاعلاً له.

وفي المثال الثاني صار «زيداً» منصوباً لأِن «نصر» كان يُريد مفعولاً، فصار «زيداً» مفعولاً له.

وفي المثال الثالث «مررتُ» كان يريد مفعولاً و «مررت» لا يَتعدّي إلي المفعول إلا بحرف الجر، لأنه فعل لازِم فصار «بزيد» مفعولاً ل «مررتُ» وصار مجروراً.

وسُمّي: مُفرَّغاً، والكلام معه غير موجب غالباً، وإن ذكر؛ فان كان الكلام موجباً نُصب، وإلاّ فإن كان متّصلاً فالأحسن اتّباعه علي اللفظ،

(و) مثل هذا الاستثناء الذي لم يذكر معه المستثني منه في الكلام (سُمّي): استثناءاً (مُفرَّغاً) يعني: استنثاءاً خالياً وفارِغاً مِن المستثني منه (والكلام معه) أي: مع

حذف المستثني منه (غيرُ موجَب غالباً) أي: علي الأغلب يكون حذف المستثني منه في الكلام المنفي لا في الكلام الموجَب.

(وان ذكر) المستثني منه في الكلام (فان كان الكلامُ موجَباً) أي: غير منفي (نُصب) ما بعد «إلا» مطلقاً أي: سواء كان الاستثناء متصلاً أم منقطعاً نحو: «قام القوم إلا زيداً» و «قام القوم إلا حماراً» فالاول: مثال لِلاستثناء المتصل، والثاني: مثال للاستثناء المنقطع.

(وإلاّ) يعني: وان لم يكن الكلام موجباً، بل كان منفياً (فإن كان) الاستثناء (متصلاً) أي: كان ما بعد «إلا» داخلاً في ما قبلها (فالأحسن إتباعه) أي: إتباع ما بعد «إلا» لما قبل «إلاّ» (علي اللفظ) أي: علي لفظ ما قبل «إلا» بان يجعل ما بعد «إلاّ» بدلاً عن الاسم الذي قبل «إلا».

فان كان لفظ ما قبل «إلا» مرفوعاً رفع أيضاً ما بعد «إلاّ».

وان كان ما قبلها منصوباً نُصب ما بعدها أيضاً.

وان كان ما قبلها مجروراً جُرّ ما بعدها أيضاً.

نحو: «ما فَعَلُوه إلاّ قَليلٌ» () وان تعذّر فعلي المحل، نحو: «لا إلهَ إلاّ اللهُ».

(نحو) قوله تعالي: («ما فَعَلُوه إلاّ قليلٌ») فرُفع «قليل» علي البدليّة لأن الواو في «فَعلوه» الذي هو ضمير المستَثني منه مرفوع، لأنه فاعل «فعل».

ونحو: «ما رأيتُ أحداً إلاّ زيداً» فنصب «زيداً» لأن «أحداً» الذي هو المستثني منه منصوب.

ونحو: «ما مررت بأحدٍ إلا بزيد» فجيء بالباء علي زيد وصار مجروراً، لان «أحد» الذي هو المستثني منه مجرور بالباء.

(وإن تعذّر) أي: لم يمكن إتباع المستثني للمستثني منه علي اللفظ (ف) إتباعُه (علي المحل) أي: علي محل المستثني منه (نحو: «لا إلهَ إلاّ اللهُ») ف «إله» محلاً مرفوع، لأنه قبل مجيء «لا» عليه كان مبتدءاً، وكان الأصل: «إلهٌ موجود»، فلمّا دخل عليه لا النافية للجنس

صار «إله» اسم «لا»، وصار مَفتوحاً، وحذف «موجود» بناءاً علي أن يكون خبراً لِ «لا» فما بعد «إلا» وهو «الله» صار مرفوعاً لانه بدل عن محل «إله»، إذ لا يمكن أن يصير «الله» بدلاً عن لفظ «إله»، لأنه لو صار بدلاً عن اللفظ كان العامل في «الله» هو «لا» إذ البدل في حكم تكرار العامل مع أن «لا» النافية لا تَعمل في المعرفة، و «الله» معرفة لا نكرة، وأنّ «لا» لا تَعمل في ما بعد «إلاّ» لذا حيث لم يمكن أن يصير «الله» بدلاً عن لفظ «إله» صار بدلاً عن محل «إله» ورُفِع.

وان كان منقطعاً فالحجازيّون يوجِبون النصب، والتميميّون يجوّزون الاتّباع، نحو: «ما جائني القومُ إلا حماراً، أو حمارٌ».

تتمّة

والمستثني ب «خلا» و «عدا» و «حاشا» ينصب مع فعليّتها،

(وإن كان) الاستثناء (منقطعاً) يعني: لم يكن ما بعد «إلا» داخلاً في ما قبلها، وكان الكلام منفيّاً لا موجَباً (فالحجازيّون يوجِبون النصب) يعني: يقولون: يجب نصب ما بعد «إلا» (والتميميّون يجوِّزون الإتباع) يعني: يقولون: كما يجوز نصب ما بعد «إلا» كذلك يجوز أن يَصير بدلاً عن ما قبل «إلاّ» فيكون إعرابُه مثل اعراب ما قبل «إلا» (نحو: «ما جائني القوم إلاحماراً») علي رأي الحجازيين (أو) «ما جائني القوم إلا (حمارٌ») علي رأي التميميين، لأن «القوم» مرفوع، فبدله وهو حمار يَصير مرفوعاً.

(تتمّة) أصلها تتممة علي وزن «تَفعِلة» بكسر العين مصدر باب التفعيل، مِن «تَمَّمَ، يُتمِّمُ» ولكنه بمعني اسم الفاعل، أي: مُتمِمّ، وهي خبر لمحذوف، تقديره: هذه تتمّة. والمقصود: هذا متمّم لِقواعد الاستثناء.

(والمستثني) أي: الاسم الذي استُثني (ب «خلا» و «عدا» و «حاشا») يعني: كان في محل «إلاّ»: خلا أو عدا أو حاشا (ينصب) ذلك الاسم (مع فعليّتها) يعني: إن

قدّرتها أفعالاً بمعني «أستَثني»، نحو: «قام القوم خلا زيداً، وعدا عمراً، وحاشا باقراً» وفاعل هذه الأفعال ضمير مستتر وجوباً. والتقدير: قام القوم خلا هو زيداً أي: خلا القائم زيداً وهكذا عدا وحاشا.

ويجرّ مع حرفيّتها، وب «ليس» و «لا يكون» منصوب علي الخبريّة، واسمهما مستتر وجوباً، وب «ما خلا» وب «ما عدا» منصوب، وب «غير» و «سِوي» مجرور بالاضافة،

(و) ما بعد هذه الثلاثة (يجر مع حرفيتها) أي: إن قدّرتها حروف جر، تقول: «جاء القوم خلا زيدٍ، وعدا عمروٍ، وحاشا باقرٍ».

(و) المستثني (ب «ليس» و «لا يكون») يعني: إن جُعل في مكان «إلا»: «ليس» أو «لا يكون» فالاسم الذي بعدهما (منصوب علي الخبرية) أي: بناءاً علي كونه خبراً ل «ليس» و «لا يكون» (واسمهما) أي: إسم «ليس» واسم «لا يكن» (مستتر وجوباً) فلا يَجوز إظهاره، نحو: «قام القوم ليس زيداً» أو «قام القوم لا يكون زيداً» والتقدير: ليس هو زيداً، أي: ليس القائم زيداً، ولا يكون هو زيداً، أي: لا يكون القائم زيداً.

(و) الاسم الذي استُثني (ب «ما خلا» وب «ما عدا» منصوب) علي المفعوليّة، لأنّ «ما» المصدريّة الداخلة عليهما تُعيّنهما للفعليّة، إذ لا تدخل علي الحرف وهما متعدّيان فيتعيّن النصب تقول: «جائني القوم ما خلا زيداً» و «جائني القوم ما عدا زيداً».

(و) الاسم المستثني (ب «غير» و «سِوي» مجرور بالاضافة) أي: بسبب إضافة «غير» و «سوي» إلي ذلك الاسم، نحو: «قام القوم غير زيدٍ» و «قام القوم سوي زيدٍ».

ويعرب «غير» بما يستَحقّه المستثني ب «إلاّ»، و «سِوي» ك «غير» عند قومٍ، وظرف عند آخرين.

(ويعرب «غير») أي: يكون اعراب «غير» مِن الرفع والنصب والجر (بما) أي: بالاعراب الذي كان (يستحقّه المستثني ب «إلاّ») يعني: ان اعراب «غير»

مثل اعراب الاسم الذي كان واقعاً بعد «إلا»، فكما أن الاسم الذي بعد «إلا» كان ينصب إذا كان الكلام موجباً، ولم يكن مفرّغاً نحو: «قام القوم إلاّ زيداً» فكذلك لو وضعتَ «غير» في مكان «إلاّ» قلتَ: «قام القوم غيرَ زيدٍ» بنَصب «غير». وكما أن في الاستثناء المنفي المنقطع كان الحجازيون يقولون: «ما جائني القوم إلا حماراً» وكان التَميميون يجوّزون نصبَ الحمار ورفعه، فكذلك لو وضعتَ «غير» في مكان «إلاّ» وقلت: «ما جائني القوم غيرَ حمارٍ» وجب نصب «غير» بِرأي الحجازيين، وجاز نصبه ورفعه برأي التميميين، وهكذا في غير هذين المثالين. فكل اعراب كان للاسم الذي بعد «إلاّ» يكون نفس ذلك الإعراب ل «غير».

(و «سِوي») يكون (ك «غير») أي: مثل «غير» في الاعراب والمعني (عند قومٍ) أي: عند جماعة من النحويين، فيُرفع ويُنصب ويُجرّ، إلا أن إعرابه تقديري لا يظهر علي اللفظ.

(و) «سوي» (ظرف) للمكان (عند) قوم (آخرين) أي: عند جماعة أخري من النحويين وهو عندهم منصوب دائماً، ومعرب لا مَبني، لاِضافتها.

الثاني: المشتغل عنه العامل

إذا اشتغل عامل عن اسم مقدّم بنصب ضميره أو متعلّقه.

كان لذلك الاسم خمس حالات:

الاشتغال

(الثاني) مما يرد منصوباً وغير منصوب: الاسم (المشتغل عنه) أي: عن ذلك الاسم (العامل) أي: عامله الذي كان يعمل فيه.

(إذا اشتَغل عامل عن اسم مقدّم بنصب ضميره أو متعلّقه) أي: بنصب ضمير ذلك الاسم المقدّم أو بنصب متعلّق ذلك الاسم المقدّم يعني: كان الاسم وكان بعده عامل مِن فعل أو اسم فاعل أو غيرهما وكان بعد ذلك العامل ضمير ذلك الاسم المتقدم، أو متعلق ذلك الاسم المتقدم فَعَمل العامل في ذلك الضمير أو في ذلك المتعلّق ولم يعمل في الاسم المتقدّم نحو: «زيداً أكرمته» و «زيداً أكرمت أباه» ففي المثال الأول

عمل العامل وهو «أكرمتُ» في الضمير الراجع إلي زيد، وفي المثال الثاني عمل العامل وهو «أكرمتُ» في «أباه» الذي هو متعلق لزيد وإنما صار الاب متعلقاً لِزيد لأن فيه ضميراً راجعاً إلي زيد.

وعليه: فإذا اشتغل العامل عن الاسم المتقدّم (كان لذلك الاسم) المتقدم (خمس حالات):

فيجب نصبه بعامل مقدّر يفسّره المشتغل إذا تلا ما لا يتلوه إلاّ فعل كأداة التحضيض، نحو: «هلاّ زيداً أكرَمته»،

أمّا الحالة الأولي: (فيجب نصبه) أي: نصب ذلك الاسم المتقدم (ب) أن يكون ناصبَه (عاملٌ مقدّر) قبل ذلك الاسم المتقدم، وذلك العامل إما فعل أو شبه فعل (يفسّره) أي: يفسّر ذلك المقدّر ويُبيّنه (المشتغل) بكسر الغين أي: ذلك الفعل أو شبه الفعل الذي نصب ضمير الاسم المتقدم أو متعلقه (إذا) كان الاسم المتقدم قد (تلا ما لا يتلوه إلا فعل) أي: وقع بعد شيء لا يقع بعد ذلك الشيء إلاّ الفعل.

(كأداة) أي: كحرف (التحضيض) ومعناه: حثٌ علي الفعل إذا دخل علي المضارع ولَوم وتَعْيير إذا دخل علي الماضي، فان حروف التحضيض لا يقع بعدها إلاّ الفعل (نحو: «هلاّ زيداً أكرمته») فالاسم المتقدم هو «زيد» والعامل المتأخر هو «أكرمت» فعَمل «أكرمت» في الضمير الراجع إلي زيد، فلم يقدر علي العمل في نفس زيد، فنُقدّر قبل الاسم المتقدم فعلاً مِن جنس العامل المتأخر، فيكون التقدير: «هلاّ أكرمتَ زيداً أكرمتَه»، ويكون العامل في زيد هو «أكرمتَ» المقدّر الذي يُفسّره «أكرمتَه» المذكور.

وانما وجب تقدير فِعل، لأن بعد «هَلاّ» لا يكون إلا الفعل، فإذا لم يكن بعد «هَلاّ» فعل مذكور وجب تقدير الفعل.

وكأداة الشرط، نحو: «إذا زيداً لقيتَه فأكرِمه».

ويجب رفعه بالابتداء إذا تلا ما لا يتلوه إلاّ اسم، ك «إذا» الفجائيّة، نحو: «خرجتُ فإذا زيدٌ يضربُه عمروٌ»

(وكأداة الشرط)

أي: كحرف الشرط، فان حروف الشرط لا يأتي بعدها إلاّ الفعل (نحو: «إذا زيداً لقيتَه فأكرمْه») فالاسم المتقدم هو «زيداً» والعامل المتأخر هو «لقيتَه» فعَمِل «لقيتَ» في الهاء التي هي ضمير راجع إلي «زيداً» فلم يقدر «لقيت» علي العمل في الاسم المتقدم أيضاً فنُقدِّر قبل الاسم المتقدم فعلاً من جنس الفعل المتأخر، فيكون التقدير: «إذا لقيتَ زيداً لقيتَه فأكرمْه» ويكون العامل والناصب ل «زيداً» هو «لقيت» المقدّر الذي يفسّره «لقيتَه» المذكور.

وانما وجب تقدير فعل بعد «إذا» لان بعد «إذا» يجب أن يأتي فعل فإذا لم يكن قد أتي بعد «إذا» فعل مذكور، وجب تقدير الفعل.

الحالة الثانية: (و) يجب (رفعه) أي: رفع الاسم السابق (بالابتداء) أي: بناءاً علي كونه مبتدأً (إذا تلا ما لا يتلوه إلاّ اسم) يعني: إذا وقع الاسم المتقدم بعد شيء لا يقع بعده إلا الاسم (ك «إذا» الفجائية») فانها لا يقع بعدها إلا الاسم، (نحو: «خرجتُ فإذا زيدٌ يَضربه عمرو») ف «زيد» مبتدأ، و «يضرب» فعل، والهاء مفعوله، و «عمرو» فاعله، وجملة «يضربه عمرو» كلها خبر ل «زيد».

أو فُصِل بينه وبين المشتغل ما له الصدر، نحو: «زيدٌ هل رأيتَه؟».

ويترجّح نصبه إذا تلا مَظانّ الفعل، نحو: «أزيداً ضربتَه؟»، أو حصل بنصبه تناسب الجملتين في العطف،

(أو فُصِل بينه) أي: بين الاسم المتقدم (وبين) الفعل المتأخر (المشتغِل) بكسر الغين أي: الذي اشتَغَل بالعمل في ضمير الاسم المتقدم، أو في متعلقه عن العمل في نفس الاسم المتقدم، ففصل بينهما (ما) أي: شيء (له الصدر) كأدوات الاستفهام فحينئذٍ أيضاً يجب رفع الاسم المتقدم بناءاً علي كونه مبتدأً (نحو: «زيدٌ هل رأيتَه؟») ف «زيد» مبتدأ و «رأيتَ» فعل وفاعل، والهاء مفعوله راجعٌ إلي «زيد» ففصل «هل» الاستفهامية بين

«زيد» وبين «رأيته».

الحالة الثالثة: (ويترجّح نصبه) أي: الأحسن نصب الاسم المتقدم مع جواز رفعه وذلك في ما (إذا تلا مظانّ الفعل) أي: وَقَع الاسم المتقدم عقيب شيء يكون الغالب مجيء الفعل عقيب ذلك الشيء (نحو: «أزيد ضربتَه؟») فانّ الغالب وقوع الفعل عقيب همزة الاستفهام. فلذا نَصَبْنا زيداً بناءاً علي تقدير فِعل من جنس الفعل المذكور قبل زيد وبعد همزة الاستفهام، والتقدير: «أضربْتَ زيداً ضربتَه؟».

(أو حصل بنصبه) أي: بنصب الاسم المتقدم (تناسب الجملتين في العطف) بان كانت هذه الجملة معطوفة علي جملة فعلية، فان نصبنا الاسم المتقدم صار تقدير فعل قبله، فتصير هذه الجملة فعلية، فتتناسب مع الجملة

نحو: «قام زيدٌ وعمراً أكرمتُه»، أو كان المشتغل فعل طلب، نحو: «زيداً إضْرِبْه».

ويتساوي الأمران إذا لم تَفُت المناسبة في العطف علي التقديرين، نحو: «زيدٌ قامَ وعمراً أكرمتُه»؛

التي عطفت عليها، فحينئذ يكون الأحسن نصب الاسم المتقدم بتقدير فعل قبله حتّي يكون ذلك الفعل هو الناصب للاسم (نحو: «قام زيدٌ وعمراً أكرمتُه») فالتقدير: وأكرمتُ عمراً أكرمتُه، فتكون الجملة الفعلية قد عطفت علي جملة فعلية، فان لم نقدّر الفعل صار «عمرو» مرفوعاً مبتدأً، وما بعده خبره، فتكون الجملة الاسمية معطوفة علي جملة فعلية وهذا ليس بحسن.

(أو كان) الفعل (المشتغِل) أي: الفعل الذي عمل في ضمير الاسم المتقدم أو في متعلقه (فعلَ طلب) كالأمر والنهي والاستفهام وغير ذلك، فالاحسن حينئذٍ نصب الاسم المتقدم لأنّ رفعه بالابتداء يستلزم الإخبار عنه بالجملة الطلبيّة والإخبار بها قليلٌ في الاستعمال، وذلك (نحو: «زيداً إضرِبه») بتقدير: إضربْ زيداً إضربْه.

الحالة الرابعة: (ويَتساوي الأمران) يعني: رفع الاسم المتقدم ونصبه يكونان متساويين، فلا يكون أحدهما أحسن مِن الآخر، وذلك (إذا لم تَفُتِ المناسبة في العطف) أي: تكون المناسبة موجودة بين الجملتين،

في كونهما فعليتين، أو كونهما إسميتين (علي التقديرين) أي: علي تقدير رفع الاسم المتقدم وعلي تقدير نصبه (نحو: «زيدٌ قامَ وعمراً أكرمتُه»).

فإن رفعت فالعطف علي الاسميّة أو نصبت فعلي الفعليّة.

ويترجّح الرفع في ما عدا ذلك، لأولويّة عدم التقدير، نحو: «زيدٌ ضربتُه».

ثم قال المصنف: (فان رفعت) «عمراً» وقلتَ: «وعمروٌ أكرمتُه» صارت جملة إسمية: «عمرو» مبتدأ، و «أكرمته» خبره (فالعطف) أي: عطف «عمروٌ أكرمتُه» يكون (علي) الجملة (الاسميّة) وهي: «زيدٌ قام» لأن «زيد» مبتدأ، و «قام» خبره.

(أو نصبت) عمراً، وقلت: «وعمراً أكرمتُه» بتقدير فعل قبل «عمراً» يكون تقديره: «وأكرمتُ عمراً أكرمتُه» (فعلي الفعليّة) يعني: فيكون عطف جملة «وعمراً أكرمتُه» علي جملة «قام»، لأن «قام» فعل وفاعل، وفاعله ضمير مستتر فيه وراجعٌ إلي «زيدٌ» فما قبل «عمراً أكرمته» جملتان: أحدهما إسمية، والثانية فعلية؛ فان رفعت «عمراً» كانت معطوفة علي الجملة الاسمية، وإن نصبته كانت معطوفة علي الجملة الفعلية.

الحالة الخامسة: (ويترجّح الرفع) أي: يكون الأحسن رفع الاسم المتقدم (في ما عدا ذلك) أي: في غير هذه الحالات الأربع (لأولويّة عدم التقدير) يعني: لكون عدم التقدير أولي وأحسن مِن تقدير شيء، إذ لو رفع الاسم المتقدم فلا يُقدّر شيء، بخلاف ما إذا نصب الاسم المتقدم، فانه حينئذ يجب تقدير فعلٍ قبل ذلك الاسم حتّي يكون الناصب للاسم ذلك الفعل المقدّر (نحو: «زيدٌ ضربتُه») فتقرء برفع «زيد» حتّي لا تقدّر فعلاً قبل «زيد» لأن الأصل عدم التقدير.

الثالث: المنادي

وهو: المدعوّ ب «أيا» أو «هيا» أو «أي» أو «آ» مع البعد، وبالهمزة مع القرب، وب «يا» مطلقاً.

ويشترط كونهُ مظهَراً،

المنادي

(الثالث) مما يرد منصوباً وغير منصوب (المنادي، وهو: المدعوّ) أي: الذي يُدعي (ب) واسطة أحد هذه الحروف الستة («أيا» أو «هيا» أو «أي» أو «آ»)

وهذه الأربعة للنداء (مع البعد) يعني: الذي تريد أن تُناديه إذا كان بعيداً عنك، فتدعوه بأحد هذه الحروف الأربعة، فتقول: أيا زيدُ، أو: هيا زيدُ، أو: أي زيدُ، أو: آ زيدُ.

(وبالهمزة مع القرب) يعني: إن كان الذي تناديه قريباً منك، فتأتي قبل اسمه بهمزة فقط، فتقول: «أزيدُ».

(وب «يا» مطلقاً) يعني مع البعد ومع القرب، فيصح أن تقول: يا زيدُ سواء كان زيد الذي تناديه قريباً أم بعيداً.

(ويشترط كونه) أي: كون المنادي (مُظَهراً) أي: إسماً ظاهراً، فلا تأتي حروف النداء علي الضمائر، فلا يصح أن تقول: يا أنا، يا هو، يا أنت وغير ذلك.

و «يا أنت» ضعيف، وخلوّه عن اللام إلاّ في لفظ الجلالة، و «يا الّتي» شاذّ.

وقد يحذف حرف النداء إلاّ مع اسم الجنس، والمندوب، والمستغاث،

(و «يا أنت») الذي ورد في شعر الأحوص (ضعيف) لا يجوز إستعماله.

(و) يجب (خلوّه) أي: كون الاسم المنادي خالياً (عن اللام) أي: عن لام التعريف، فلا يجوز أن تقول: يا الرجل (إلا في لفظ الجلالة) وهو «الله» فيجوز أن تقول: «يا الله» (و «يا الّتي») الذي ورد في شعر الشاعر (شاذ) أي: خلاف القاعدة النحوية.

(وقد يحذف حرف النداء) ويبقي الاسم المنادي، نحو قوله تعالي: «يوسفُ أعرض عن هذا» () يعني: يا يوسف (إلاّ) إذا كان حرف النداء (مع اسم الجنس) أي: النكرة ك «يا رجلُ» (والمندوب) أي: الشخص الذي يندب ويبكي عليه بصورة النداء، نحو: «يا حسين» (والمستغاث) وهو الشخص الذي ينادي لِيُخلّص المنادِي مِن شدّة أو يُعينه علي أمر صعب كما لو كان زيد يضرب عمراً، فقال عمرو لِعلي: «يا علي خلّصني».

واسم الاشارة، ولفظ الجلالة مع عدم الميم في الأغلب؛ فان وجدت لزم الحذف.

تفصيل:

المفرد المعرفة والنكرة المقصودة يبنيان علي

ما يرفعان به،

(وإسم الاشارة) نحو: «يا هذا».

فلا يجوز حذف حرف النداء من هذه الموارد الأربعة مع قصد النداء، فلا يقال: «رجل» في اسم الجنس، أو «حسين» في المندوب، أو «علي خلصني» في المستغاث، أو «هذا» في نداء شخص باسم الاشارة.

(و) لا يحذف حرف النداء من (لفظ الجلالة) أيضاً، وهو «الله» (مع عدم الميم) يعني: إذا لم يكن في آخر لفظ الجلالة ميم (في الأغلب) ففي الأغلب يقال: «يا الله» في نداء الباري سبحانه، ولا يقال «الله» فقط (فان وجدت) الميم في آخر لفظ الجلالة، وصار «اللهم» (لزم الحذف) أي: حذف حرف النداء، فلا يصح: «يا اللّهم».

(تفصيل) مصدر فصّل يفصّل مِن باب التفعيل، وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هذا تفصيلٌ، يعني: تفصيل لبعض قواعد المنادي.

(المفرد المعرفة) مثل «زيد» (والنكرة المقصودة) وهو الشخص المعيّن الذي لا يَعرفه المنادي، فهذان إن صارا مناديَيْن (يُبنيان) يعني: يصيران مبنيين لا معربين، ويكون بناؤهما (علي ما يُرفعان به) يعني: قبل أن يصيرا مناديين بم كان رفعهما؟ فإذا صار مناديين صارا مبنيين علي ذلك الاعراب

نحو: «يازيدُ» و «يا رجلان». والمضاف وشبهه وغير المقصودة تنصب، مثل: «يا عبدَ اللهِ» و «يا طالعاً جبلاً» و «يا رجلاً».

والمستغاث يخفض بلامها، ويفتح لألفها

(نحو: «يا زيدُ») بالضم (و «يا رجلان») بالألف والنون. لأن المفرد المعرفة رفُعه بالضمة والمثنّي رفعه بالألف والنون، فلمّا صارا مناديين، بُني «زيد» علي الضمة وبُني «رجلان» علي الألف والنون.

(و) الاسم (المضاف) أي: الذي اُضيف إلي شيء (وشبهه) أي: شبه المضاف (و) النكرة (غير المقصودة) إذا صارت منادي (تُنصب) جميعاً.

(مثل: «يا عبدالله») بفتح الدال لأن «عبد» أضيف إلي «الله».

(و «يا طالعاً جبلاً») نُصب «طالعاً» لأنه شبيه المضاف في أنّ الأول لا يظهر معناه إلاّ

إذا انضم إليه الثاني، فكما أن «عبد» لا يظهر معناه بأنه عبد من إلاّ إذا انضمّ إليه «الله» وصار «عبد الله»، فكذلك «طالعاً» لا يظهر معناه بأنه الطالع مِن أيّ شيء إلاّ إذا انضم إليه «جبلاً» فيعلم أن المراد ب «طالعاً» الطالع من الجبل، لا من شيء آخر.

(و «يا رجلاً») في قول الأعمي، فان الأعمي الذي يقول: «يا رجلاً خذْ بيدي» ولا يقصد رجلاً معيناً، ينصب الرجل، لأنه نكرة غير مقصودة.

(و) الاسم المنادي (المستغاث) أي: الذي استغيث به (يُخفض بلامها) أي: ب «لام» الاستغاثة وهي مفتوحة (ويفتح لألفها) أي: ل «ألف» الاستغاثة

ولا لام فيه، نحو: «يالَزيدٍ» و «يا زيداه».

والعلم المفرد الموصوف ب «إبن» أو «إبنة»، مضافاً إلي علم آخر، يُختار فتحه، نحو: «يا زيدَ بنَ عمرو».

والمنوّنُ ضرورةً يجوز ضمّه ونصبه، نحو:

(ولا لامَ فيه) أي: في المستغاث مع وجود الألف، لأن للمستغاث لام تأتي في أول المستغاث، وألف تأتي في آخر المستغاث، فان جاء اللام إنكسر الاسم المستغاث، وإن جاء الألف صار الاسم المستغاث مفتوحاً، ولكن لا يجتمع في الاسم المستغاث اللام مع الألف.

(نحو: «يا لَزيدٍ») مع اللام بدون الألف (و «يا زيداه») مع الألف بدون اللام، ولا يصح أن تقول: «يا لَزيداه» فتَأتي باللام مع الألف.

(و) الاسم (العلم المفرد) مثل «زيد» (الموصوف) أي: الذي وصف (ب «إبن» أو «إبنة») حال كون الابن أو الابنة (مضافاً إلي علم آخر، يُختار فتحه) أي: ان فتح ذلك الاسم الأوّل هو إختيارنا.

(نحو: «يا زيدَ بن عمروٍ») بفتح زيد، و «يا مريمَ إبنةَ عمران» بفتح مريم ففي المثال الأول: العلم المفرد «زيد»، وصف ب «ابن»، واضيف «إبن» إلي «عمرو» الذي هو علم آخر. وفي المثال الثاني: العلم المفرد «مريم»، وصف

ب «ابنة» وأضيفت «ابنة» إلي «عمران» الذي هو علم آخر.

(و) العلم المفرد (المنوّن ضرورةً) أي: الذي دخل عليه التنوين لِضرورة الشعر (يجوز ضمه ونصبه، نحو) قول الأحوص:

سلامُ الله يا مَطراً عليها وليس عليك يا مَطَرُ السلامُ

والمكرّرُ المضافُ يجوز ضمّه ونصبه، ك «تَيمْ» الأوّل في نحو: «ياتَيْمُ تَيْمَ عَدِيٍّ».

(سلامُ الله يا مطراً عليها

وليس عليك يا مطرُ السلامُ)

الشاهد: في «مطر» الأوّل، ف «مطر» إسم علم لشخص والمفرد المعرفة إذا صار منادي وجب ضمه وحيث أوجبت الضرورة قرائة «مطر» الأول بالتنوين إذ بدون التنوين يخل بوزن الشعر فيجوز الضم والنصب «يا يامطرٌ، ويا مطراً».

(و) الاسم المنادي (المكرّر المضاف) أي: الذي أضيف إلي شيء، ولكنه كرّر قبل مجيء المضاف إليه (يجوز ضمّه ونصبه ك «تَيْم» الأول في نحو) قول الشاعر: (يا تَيْمُ تَيمَ عَدِيٍّ) ف «تَيْم» الأوّل أضيفَ إلي عَدِيّ، ولكنه كُرّر قبل مجيء «عَدِيّ» الذي هو المضاف إليه، فيجوز في «تَيْم» الأول ضمُه ويجوز نصبه، وأمّا «تَيْم» الثاني فيجب نصبُه.

تبصرة:

وتوابعه المضافة تُنصب مطلقاً.

(تبصرة) علي وزن «تَفعِلة» بكسر العين مصدر «بَصَّر، يُبصِّر» مِن باب التفعيل، وهو بمعني اسم الفاعل أي: مُبصِّر، وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: «هذه تَبصرة».

(وتوابعه المضافة) أي: توابع المنادي، يعني: النعت والتأكيد وعطف البيان والبدل والعطف بالحروف؛ فلو أتيتَ لِلإسم المنادي بهذه التوابع وكانت هذه التوابع مضافة إلي شيء (تُنصب) تلك التوابع (مطلقاً) يعني: سواء كان المنادي منصوباً معرباً، أم لا بان كان مبنياً.

أما مثال تابع المنادي المضاف إذا كان نعتاً، فنحو:

«يا زيدُ صاحبَ عمرو».

و «يا عبدَ الله صاحبَ عمرو».

ف «صاحب عَمروٍ» نعت لِ «زيد» في المثال الأول. ونعت ل «عبد الله» في المثال الثاني، والاول مثال للمنادي المضموم، والثاني مثال للمنادي المنصوب، وفي المثالين يجب

نصب «صاحب» وإن كان في المثال الأول هو نعت ل «زيد» المضموم، لإن نعت المنادي إذا كان مضافاً وجب نصبه وإن كان نفس المنادي مضموماً.

وأما مثال تابع المنادي المضاف إذا كان تأكيداً، فنحو:

«يازيدُ نفسَه».

و «يا عبدَ الله نفسَه».

ف «نفسه» تأكيد ل «زيد» في المثال الأول، وتأكيد ل «عبد الله» في المثال الثاني، والأول مثال للمنادي المضموم، والثاني مثال للمنادي المنصوب، وفي المثالين يجب نصب «نفسَه» وإن كان في المثال الأول تأكيداً ل «زيد» المضموم، لأن تأكيد المنادي إذا كان ذلك التأكيد مضافاً، يجب نصبه وإن كان نفس المنادي مضموماً.

وأما مثال تابع المنادي المضاف إذا كان عطف بيان أو بدلاً، فنحو:

«يا زيدُ ناصحَ عمروٍ».

و: «يا عبدَ الله ناصحَ عمروٍ».

ف «ناصح عمرو» عطف بيان أو بدل ل «زيد» في المثال الأول، وعطف بيان أو بدل ل «عبدالله» في المثال الثاني، والأول مثال للمنادي المضموم، والثاني مثال للمنادي المنصوب. وفي المثالين نصب «ناصح»، وإن كان «ناصح» في المثال الأوّل عطف بيان أو بدل ل «زيد» المضموم، لأن عطف البيان لِلمنادي، وبدل المنادي إذا كانا مضافين وجب نصبُهما، وإن كانا عطفَ بيان أو بدلاً لِمضموم.

وأما مثال تابع المنادي المضاف إذا كان عطفاً بالحروف فنحو:

«يا زيدُ وغلامَ بِشرٍ».

و: «يا عبدَ الله وغلامَ بِشرٍ».

أمّا المفردة، فتوابع المعرب تعرب بإعرابه،

ف «غلام بِشرٍ» عطف بالجرف علي «زيد» في المثال الأول، وعلي «عبد الله» في المثال الثاني، والأول مثال للمنادي المضموم، والثاني مثال للمنادي المنصوب، وفي المثالين يجب نصب «غلام» وإن كان هو في المثال الأوّل عطفاً بالحرف علي «زيد» المضموم، لأن العطف بالحرف علي المنادي إذا كان المعطوف بالحرف مضافاً يجب نصبه، وإن كان عطفاً بالحرف علي مَضموم.

(أما) التوابع (المفردة) للِمنادي، أي: التوابع

غير المضافة، كالنعت المفرد، والتأكيد المفرد، والبدل المفرد، وهكذا.

(فتوابع) المنادي (المعرب) علماً بان المنادي المعرب هو: المضاف، وشبه المضاف، والنكرة غير المقصودة وهذه الثلاثة اعرابها النصب والمستغاث المجرور باللام، والمنوّن بالنصب ضرورةً، فتوابع أحد هذه الخمسة (تُعرب بإعرابه).

تقول: «يا عبدَ الله الظريفَ» بنصب «الظريف» لأنه نعت للمنادي الذي هو «عبد الله» وهو منصوب.

و: «يا بني تميم أجمعين» فنُصب «أجمعين» وعلامةنصبه الياء لأنه تأكيد للمنادي، يعني: «بني تميم» وهو منصوب.

و: «يا عبد الله عمراً» فنصب «عمراً» لأنه عطف بيان أو بدل للِمنادي يعني: «عبد الله» وهو منصوب.

وتوابع المبنيّ علي ما يرفع به مِن التأكيد والصفة وعطف البيان؛ ترفع حملاً علي لفظه وتنصب علي محلّه.

و: «يا عبد الله وزيداً» فنصب «زيد» لأنه عطف بالحرف علي عبد الله، و «عبد الله» منصوب.

وهكذا في توابع شبه المضاف، وتوابع النكرة المقصودة وغيرهما، فيكون إعراب توابعها مثل اعراب أنفسها.

(وتوابع) المنادي (المبني) الذي يكون بناؤه (علي ما يرفع به) أي: علي الحركة التي تكون له تلك الحركة في حالة الرفع، وهو المفرد المعرفة ك «يا زيد» والنكرة المقصودة ك «يا رجلُ» فانهما مَبنيان علي الضم (مِن) بيان للتوابع وهي: (التأكيد، والصفة، وعطف البيان).

فهذه الثلاثة مِن التوابع (تُرفع حملاً علي لفظه) لأن لفظ المنادي مضموم (وتُنصب) حملاً (علي محله) لأن محل المنادي منصوب فان «يا» معناه: أدعو، ف «يا زيدُ» يعني: أدعو زيداً، و «يا رجل» تقديره: أدعوك يارجل، ف «زيد ورجل» في المثالين مفعولان ل «ادعو» والمفعول منصوب.

أما التأكيد فمثاله قول الشاعر:

«إنّي وأسطارٍ سُطرن سطراً لقائل: يا نصرُ نصرٌ نصراً»

ف «نصر» الثاني و «نصر» الثالث، تأكيدان ل «نصر» الأول، وحيثُ إن «نصر» الأول الذي هو المنادي مبني علي الضم، جاز في تأكيده

الرفع والنصب. ولذا رفع «نصر» الثاني، ونصب «نصر» الثالث، أمّا الرفع فجائز حملاً

والبدل كالمستقلّ مطلقاً.

علي لفظ «نصر» الأوّل، فان لفظه مضموم، وأمّا النصب فجائز أيضاً حملاً علي محل «نصر» الأول، لأن «يا نصر» تقديره: أدعو نصراً، ف «نصر» الأول في المعني مَفعول، والمفعول منصوب. ولذا جاز نصب تأكيده.

ومثال الصفة نحو: «يا زيد الظريف» فان «الظريف» صفة ل «زيد»

ويجوز رفعه ونصبه، أما رفعه: فَلأن لفظ «زيد» مضموم، والصفة يجب أن يكون إعرابه مثل اعراب الموصوف، وأما نصبه: فلأن «يا زيد» تقديره: أدعو زيداً. ف «زيد» في المعني منصوب، لأنه مفعول ل «أدعو» والمفعول منصوب، ولذا جاز نصب صفته.

ومثال عطف البيان نحو: «يا رجلُ بِشر» ف «بِشر» عطف بيان ل «رجل» فيجوز رفع «بِشر» بناءاً علي أن لفظ «رجل» مضموم لأنه نكرة مقصودة ويجوز نصب «بِشر باعتبار أن «رجل» في المعني منصوب لأن «رجل» مفعول ل «أدعو» في المعني فعطف بيانه أيضاً يَصير منصوباً.

(والبدل) عن المنادي يكون إعرابه وبناؤه (كالمستقل) أي كالمنادي المستقل (مطلقاً) يعني: سواء كان المنادي معرباً أم كان مبنياً، فيَصير البدل مضموماً إن كان نفس البدل مفرداً معرفة أو نكرة مقصودة. نحو: «يا زيدُ بِشرُ» ونحو: «يا عبدَ الله رجلُ» بضم «بِشر» و «رجل» ف «بِشر» بدل عن «زيد»، و «رجل» بدل عن «عبد الله».

وإنما صار البدلان مضمومَين: لأن «بِشر» مفرد معرفة، و «رجل» نكرة

أمّا المعطوف، فإن كان مع «أل» فالخليل يختار رفعه، ويونس نصبه، والمبرّد إن كان ك «الخليل»

مقصودة، وكلاهما مضمومان، مع أن «عبد الله» في المثال الثاني منصوب.

ويصير البدل منصوباً إن كان نفس البدل مضافاً مثلاً وان كان المنادي غير مضاف نحو: «يا زيدُ عبدَ الله» ف «عبد الله» بدل عن زيد

المضموم، ولكن «عبدَ الله» منصوب، لأنه مضاف، والمنادي المضاف منصوب.

وعلي كلٍ: فالبدل يُعتبر مناديً مستقلاً، ويكون إعراب البدل وبناؤه كما لو كان بنفسه منادي، وليس في الاعراب والبناء تابعاً لِلمبدل منه.

(أما المعطوف) علي المنادي بواسطة الحرف نحو: «يا زيد والناصح» ونحو: «يا زيد وعمرو» ف «الناصح» في المثال الأوّل عطف علي «زيد» بواسطة الواو، و «عمرو» في المثال الثاني عطف علي «زيد» بواسطة الواو.

(فان كان) المعطوف (مع «ال») أي: مع الألف واللام كالمثال الأول (فالخليل) بن أحمد الفراهيدي المولود عام (100) من الهجرة والمتوفّي عام (174) هجرية الذي هو أحد كِبار علماء النحو الشيعة (يَختار رفعه) يعني يقول: في «يا زيد والناصح» إن رأيي هو: رفع «الناصح».

(ويونس) الذي هو أيضاً مِن علماء النحو يختار (نصبه) أي: نصب مثل «الناصح» في المثال.

(والمبرّد) الذي هو أيضاً من علماء النحو يقول: (إن كان) الاسم المعطوف الذي فيه «ال» (ك «الخليل») يعني: الف ولامه مثل ألف ولام «الخليل»

فكالخليل، وإلاّ فكيونس، وإلاّ فكالبدل.

وتوابع ما يقدّر ضمّه: كالمعتلّ والمبنيّ قبل النداء، كتوابع المضموم لفظاً؛

أي: كان عَلماً ودخل فيه الألف واللام مثل: «يا زيد والخليل» (ف) إعرابه يكون (كالخليل) أي: كرأي الخليل، يعني: يرفع.

(وإلاّ) يعني: ان لم يكن الاسم المعطوف الذي دخله الألف واللام علماً، نحو: «يازيد والناصح» ف «ناصح» قبل دخول الألف واللام عليه لم يكن علماً (ف) إعراب المعطوف يكون (كيونس) أي: كرَأي يونس، فينصب «الناصح» في هذا المثال، انتهي كلام المبرّد.

(وإلاّ) يكن المعطوف مع «أل» بل كان بدون «ال» مثل: «يا زيد وعمرو» (ف) يكن (كالبدل) أي: يكون حكمه حكم المنادي المستقل؛ فان كان مفرداً معرفة ك «يازيد وعمرو» فيُضم، وان كان مضافاً ك «يا زيد وعبدَ الله» فينصب،

وهكذا. ولا يتبع في الاعراب المعطوفَ عليه أي: المنادي.

(وتوابع ما) أي: توابع المنادي الذي (يقدّر ضمّه كالمعتلّ) مثل «يا موسي» فانه لا يظهر فيه الاعراب بل اعرابه تقديري، وهو دائماً في حالة الرفع وفي حالة النصب وفي حالة الجر، كلها يُقرء مع الألف (و) كذا توابع المنادي (المبنيّ قبل النداء) أي: الذي هو مبني مِن أصله، لا أنه صار مبنياً بوقوعه منادي كاسم الاشارة الذي هو مبني من أصله، مثل: «يا هذا»، فتوابعهما تكون (كتوابع) المنادي (المضموم لفظاً) أي: كتوابع «يا زيد» مثلاً

فترفع للبناء المقدّر علي اللفظ، وتنصب للنصب المقدّر علي المحلّ.

الذي تظهر الضمة فيه.

(فتُرفع) توابع المعتلّ والمبنيّ دائماً (للبناء المقدّر علي اللفظ، وتُنصب للنصب المقدّر علي المحل) يعني: يجوز رفع توابعهما ويجوز نصب توابعهما.

أما الرفع: فلأنّ «موسي، وهذا» لو صارا مناديين كانا مضمومين تقديراً، فتُرفع توابعهما حملاً علي اللفظ.

وأما النصب: فلأن المنادي في الواقع مفعول ل «أدعو» والمفعول منصوب، ف «موسي، وهذا» إعرابهما الواقعي النَصب، فلذا تُنصب توابعهما حملاً علي المحلّ.

فمثال الصفة نحو: «يا موسي الفاضل» و «يا هذا العالم» ف «الفاضل» و «العالم» يَجوز رفعهما ونصبهما.

ومثال التأكيد نحو: «يا هؤلاء أجمعون، وأجمعين» فيجوز الرفع حتّي يقرء: «أجمعون» ويجوز النصب حتّي يقرء «أجمعين» لأن رفع «أجمعين» بالواو والنون، ونصبه بالياء والنون.

ومثال عطف البيان نحو: «يا موسي كرز» و «يا هذا كرز» ف «كرز» عطف بيان ل «موسي، وهذا» فيجوز رفعه ونصبه.

ومثال البدل نحو: «يا موسي العباس» و «يا هذا الدجال» ف «العباس، والدجال» بدلان فيجوز رفعهما ونصبهما.

ومثال العطف بالحرف نحو: «يا موسي وزيد» و «يا هذا وزيد» فيجوز

الرابع: مميِّز أسماء العدد

فمميّز الثلاثة إلي العشرة مجرور ومجموع، ومميّز ما بين العشرة والمائة منصوب مفرد، ومميّز المائة والألف

ومثنّاهما وجمعه مجرور مفرد،

رفع «زيد» الذي هو المعطوف بالحرف ويجوز نصبه.

مميِّز أسماء العدد

(الرابع) ممّا يرد منصوباً وغير منصوب (مميِّز أسماء العدد) وأسماء العدد هي: ثلاثة، أربعة، خمسة … عشرة، عشرون، ثلاثون، … مائة، مائتان، ثلاثمائة … ألف، ألفان، ثلاثة آلاف … وهكذا، ومميّزها هو الاسم الذي يذكر بعد هذه الأسماء لِيبيّن ما المراد مِن هذه الأسماء، فمثلاً: «خمسة دنانير» ف «خمسة» إسم العدد، و «دنانير» اسم يُميّز المراد من الخمسة وانه هو الدنانير لا شيء آخر.

(فمييّز الثلاثة إلي العشرة مجرور ومجموع) تقول: «ثلاثة كُتُبٍ، أربعة كُتبٍ، خمسة كُتبٍ، ستة كُتبٍ، سبعة كُتبٍ، ثمانية كُتبٍ، تسعة كُتبٍ، عشرة كُتبٍ» فالمميّز هو «كُتبٍ» وهو مجموع ومجرور.

(ومميّز ما بين العشرة والمائة منصوب مفرد) تقول: أحد عشر ديناراً، إثنا عشر ديناراً، ثلاثة عشر ديناراً، عشرون ديناراً، ثلاثون ديناراً … ثمانون ديناراً، تسعون ديناراً، تسعة وتسعون ديناراً» فالمميّز وهو «ديناراً» مفرد ومنصوب.

(ومميّز المائة والألف ومثنّاهما) أي: مثنّي المائة ومثني الألف وهما مائتان وألفان (وجمعه) أي: جمع الألف، وهو: آلاف مميِّز كل ذلك (مجرور مفرد) تقول: مائة دينارٍ، مائتا دينارٍ، ألف دينارٍ، ألفا دينارٍ، آلاف دينارٍ بجر «دينار» وإفراده.

ورفضوا جمع المائة.

وأصول العدد إثنتا عشرة كلمة: واحد إلي عشرة، ومائة، وألف؛ فالواحد والاثنان يُذكّران مع المذكر

(ورفضوا جمع المائة) يعني: ان العرب تركوا جمع المائة، فلم يَضعوا للمائة جمعاً، فالعرب كما تقول في جمع الألف: ثلاثة آلاف، أربعة آلاف وهكذا لا تقول في جمع المائة: ثلاث مائات، أربع مائات. بل تجعل المائة علي إفرادها، وتُضيف اليها عدد الثلاث أو الأربع وهكذا. فتقول: «ثلاث مائةٍ، أربع مائةٍ، خمسمائةٍ» وهكذا.

(وأصول العدد إثنتا عشرة كلمةً: واحد إلي عشرة) يقال: واحد، إثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة،

ثمانية، تسعة، عشرة. فهذه عشر كلمات (ومائة، وألف) فهذه إثنتا عشرة كلمة.

وإنما صارت هذه الإثنتا عشرة كلمة أصولاً، لأن بقية الأعداد تُصنع من هذه الإثنتَي عشرة، فمثلاً: «أحدَ عشرَ» صُنع من الواحد والعشرة، و «مائة وخمسة» صُنعت مِن المائة والخمسة، و «ألف وتِسعة» صُنعت من الألف والتسعة، و «مائتان» صُنعت مِن تثنية المائة، و «عشرون» و «ثلاثون» وأمثالهما صُنعت مِن تكرار العشرة، وهكذا، فكل عدد تراه فهو مصنوع مِن هذه الكلمات الإثنتي عشرة فقط.

(فالواحد والاثنان يذكّران) إذا كانا (مع المذكّر) نحو: رجل واحد، ورجلان إثنان.

ويُؤنّثان مع المؤنّث، ولا يجامعهما المعدود، بل يقال: «رجلٌ ورجلانِ»، والثلاثة إلي العشرة بالعكس، نحو قوله تعالي: «سَخَّرَها عَلَيهِم سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانيةَ أيّامٍ» ().

(ويؤنّثان) إذا كانا (مع المؤنث) نحو: إمرأة واحدة، وإمرأتان إثنتان، فلحقت تاء التأنيث بالواحد والاثنين لاجتماعهما مع المؤنث.

(و) الواحد والاثنان (لا يُجامعهما المعدود) فلا تقول: واحد رجل، إثنان رجلان (بل يقال: رجل ورجلان) وامرأة وامرأتان.

(والثلاثة إلي العشرة) تكون (بالعكس) أي: بعكس الواحد والاثنين اللذين كانا يوافقان المعدود في التذكير والتأنيث، ولا يجتمعان مع المعدود، بينما الثلاثة إلي العشرة تخالف المعدود في التذكير والتأنيث وتجتمع مع المعدود. يعني: ان أعداد الثلاثة إلي العشرة تجتمع مع المعدود، وتخالفه في التذكير والتأنيث، فان كانت هذه الأعداد مع المعدود المذكّر فتَصير مؤنثة بلحوق تاء التأنيث عليها، مثل «ثلاثة رجال، أربعة رجال، خمسة رجال» وهكذا، وإن كانت مع المعدود المؤنث تصير مذكراً بسقوط تاء التأنيث عنها، مثل: «ثلاث نساء، أربع نساء، خمس نساء» وهكذا.

ثم ضرب المصنف لذلك مثالاً وقال: (نحو قوله تعالي: «سَخَّرَها عَلَيهِم سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانيةَ أيّامٍ») ف «ليال» مؤنّث لأنّها جمع «ليلة» ولِذلك صار السبع بدون تاء التأنيث، و «أيام» مذكّر

لأنّها جمع «يوم» ولِذلك صارت الثمانية مع تاء التانيث.

هذا ولا يخفي أنّ العبرة في التذكير والتأنيث بحالِ المفرد لا الجمع.

تتميم:

وتقول: «أحدَ عشرَ رجلاً، واثنا عشرَ رجلاً» في المذكر، و «احدي عشرةَ إمرأةً، واثنتا عشرة إمرأةً» في المؤنّث، و «ثلاثةَ عشرَ رجلاً» إلي «تسعةَ عشرَ رجلاً» في المذكّر، و «ثلاثَ عشرةَ إمرأةً» إلي «تسعَ عشرةَ إمرأةً» في المؤنّث، ويَستويان في «عشرين» وأخواتها.

(تتميم) مصدر «تَمَّمَ يُتَمِّمُ» مِن باب التفعيل، بمعني اسم الفاعل «مُتمِّم» يعني: متمم لِمميِّز أسماء العدد. وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هذا تَتميم.

(وتقول: «أحد عشرَ رجلاً، وإثنا عشرَ رجلاً) بدون علامة التأنيث (في المذكر) وتقول: («إحدي عشرةَ إمرأةً وإثنتا عشرة إمرأةً) مع تاء التأنيث (في المؤنث).

(و) تقول: («ثلاثةَ عشرَ رجلاً»)، اربعة عشر رجلاً، خمسة عشر رجلاً إلي تسعة عشر رجلاً مع التاء في الثلاثة إلي التسعة، وبدون التاء في العشرة (في المذكّر، و) تقول: («ثلاثَ عشرةَ إمرأة»)، أربع عشرة إمرأة، خمس عشرة إمرأة (إلي «تسعَ عشرةَ إمرأة») مع التاء في العشرة، وبدون التاء في الثلاثة إلي التسعة (في المؤنّث).

(و) المذكر والمؤنث (يَستويان في «عشرين» وأخواتها) وهي ثلاثون، أربعون، إلي تسعين، تقول: عشرون رجلاً، عشرون إمرأةً، ثلاثون رجلاً، ثلاثون إمرأةً، وهكذا.

ثمّ تعطفه فتقول: أحدٌ وعشرونَ رجلاً، وإحدي وعشرونَ إمرأةً، وإثنانِ وعشرونَ رجلاً، وإثنتانِ وعشرونَ إمرأةً، وثلاثةٌ وعشرونَ رجلاً، وثلاثٌ وعشرونَ إمرأةً، وهكذا إلي تسعٍ وتسعينَ إمرأةً.

المبنيّات:

(ثم تَعطفه) أي: تَعطف عشرين وأخواتها علي الواحد والاثنين للِمذكّر وعلي الاحدي، والاثنتين للِمؤنث (فتقول: أحدٌ وعشرونَ رجلاً، وإحدي وعشرونَ إمرأة، وإثنانِ وعشرون رجلاً، واثنتانِ وعشرونَ إمرأة و») إذا صار العدد «ثلاثٌ وعشرين» يكون الثلاث إلي التسع للِمؤنث بدون التاء، وللمذكر مع تاء التأنيث، فتقول: (ثلاثةٌ وعشرون رجلاً، وثلاثٌ وعشرونَ إمرأة،

وهكذا) للمذكر بالتاء وللمؤنث بدون التاء (إلي تسع وتسعين إمرأة) وتسعة وتسعين رجلاً.

(الأسماء المبنيّة)

(المبنيّات) أي: الأسماء المبنيّة، وهي الأسماء التي لها في حالة الرفع، وفي حالة النصب، وفي حالة الجر حركة واحدة، لا تتغير أبداً.

منها: المضمر

وهو: ما وُضع لمتكلّم، أو مخاطب،أو غائب سبق ذكره ولو حكماً، فإن استقلّ فمنفصل، وإلاّ فمتّصل.

الضمائر

(منها) أي: من تلك الأسماء المبنية (المضمر) أي: الضمير (وهو ما وضع لمتكلم، أو مخاطب، أو غائب سبق ذكره) أي: تقدم ذكر ذلك الغائب نحو: «زيدٌ أبوه قائم» فالهاء في «أبوه» ضمير وضع ل «زيد» الذي هو غائب، وتقدم ذكره (ولو حكماً) أي: ولو كان تقدُّم ذكر ذلك الغائب بتقدُّم بيان حكمه، مثل قوله تعالي: «ولأبويه لكل واحد منهما السدس» () يعني: لأبوي الميت أبيه وأمه لكل منهما سدس مال الميت، فضمير «أبويه» راجع إلي «الميت» الذي ليس له ذكر في الآيات السابقة، وانما ذكر في تلك الآيات حكم الارث، ومنه يُعرف أن هناك ميتاً، إذ لو لم يكن ميت لما كان ارث، فضمير «أبويه» يرجع إلي «الميت» الذي يُعرف مِن الأحكام المذكورة قبله، لا مِن تقدُّم ذكر الميت.

(فان استقلّ) الضمير، أي: كان مستقلاً بحيث يصح التلفظ به وحده (ف) هو ضمير (منفصل) مثل: «هو، هما، هم، هي، هما، هنّ، أنتَ، أنتما، أنتم، أنتِ، أنتما، أنتنّ، أنا، نحن».

(وإلاّ) أي: وان لم يكن الضمير مستقلاً ولا يصح التلفظ به وحده (ف) هو ضمير (متصل) مثل الكاف في «أخوك» والهاء في «أخوه»، فانك إن قلت: «ك» أو قلت: «هُ» فلا معني له.

والمتّصل: مرفوع ومنصوب ومجرور، والمنفصل: غير مجرور، فهذه خمسة، ولا يسوغ المنفصل إلاّ لتعذّر المتصل. وأنت في هاء «سَلْنِيهِ» وشبهه بالخيار.

(و) الضمير (المتّصل) علي ثلاثة أنواع:

(مرفوع) نحو: «نصحتُ» فالتاء ضمير الفاعل، والفاعل مرفوع (ومنصوب) مثل الكاف في «نصحتُك» فانها مفعول، والمفعول منصوب (ومجرور) نحو: «به» فالهاء قد دخل عليه حرف الجر وصار مجروراً.

(و) الضمير (المنفصل غير مجرور) يعني: علي نوعين: أولاً: مرفوع، نحو: «أنا» فانه يقع فاعلاً وَمبتدءاً وخبراً، وثانياً: منصوب، مثل «إياك» فانه يقع دائماً مفعولاً وليس لنا ضمير منفصل مجرور.

(فهذه خمسة) أنواع من الضمائر المتصلة والمنفصلة (ولا يسوغ) أي: لا يجوز استعمال الضمير (المنفصل إلا لِتعذر) وعدم امكان اتيان الضمير (المتصل) يعني: ما دام يمكن اتيان الضمير المتصل لا يجوز استمعال الضمير المنفصل، فمثلاً: «نصحتَ» التاء ضمير متصل مرفوع، فلا يجوز أن تقول في مكانه: «نَصحَ أنت» لأن «أنت» ضمير مرفوع منفصل.

(وأنتَ) أيها القارئ (في هاء سَلْنِيهِ») أي: في الهاء الموجودة في «سَلْنيه» (و) في (شبهه) أي: في شبه هاء «سلنيه» مِن كل ضمير وقع بعد ضمير متصل، وكان الضمير الأول غير مرفوع وَأخص مِن الضمير الثاني، مثل: «أعطيتُكه» ومعني الأخص: أن يكون الضمير الأول متكلّماً والثاني

مسألة:

وقد يتقدّم علي الجملة ضمير غائب مفسَّر بها، يسمّي: «ضمير الشأن والقصّة» ويحسن تأنيثه إن كان المؤنث فيها عمدة،

مخاطباً، أو يكون الضمير الأول مخاطباً والضمير الثاني غائباً، لأن ضمير المتكلم أخص أي: أعرف مِن ضمير المخاطب ومن ضمير الغائب، وضمير المخاطب أخص وأعرف مِن ضمير الغائب.

ففي «سَلْنيه» الياء ضمير المتكلم والهاء ضمير الغائب، وضمير المتكلم أخص مِن ضمير الغائب، وفي «أعطيتُكه» الكاف ضمير المخاطب، والهاء ضمير الغائب، فأنتَ في مثل ذلك (بالخيار) أي: مختار بأن تَجعل الضمير الثاني المنصوب متصلاً فتقول: «سَلْنِيه» و «أعطيتُكَه» أو تجعل الضمير منفصلاً، وتقول: «سَلْني اياه» و «أعطيتُك إياه».

ضمير الشأن

(مسألة: وقد يتقدّم علي الجملة ضمير غائب مفسَّر)

بفتح السين المشدّدة (بها) أي: بالجملة، يعني: أن الجملة التي بعد الضمير تُفسِّر الضمير المتقدّم وتبيّن المقصود منه، و (يسمّي) ذلك الضمير المتقدّم («ضمير الشأن») ان كان مذكراً، (و) «ضميرَ (القصّة») إن كان مؤنّثاً.

(ويحسن تأنيثه) أي: جعل ذلك الضمير مؤنثاً (إن كان المؤنث فيها) أي: في الجملة (عمدة) يعني: بأن كان في الجملة المتأخرة مؤنث، وكان ذلك المؤنث هو العمدة في تلك الجملة، مثل: «هي هندٌ راكبة» كما يحسن تذكيره

وقد يَستتر، ولا يعمل فيه إلاّ الابتداء أو نواسخه، ولا يثنّي، ولا يُجمع، ولا يفسّر بمفرد،

إذا كان المذكّر فيها عمدةً، نحو قوله تعالي: «قل هو اللهُ أحد» ().

(وقد يستتر) ضمير الشأن، مثل: «كان الناس صِنفان» فالتقدير: كان هو الناسُ صنفان، ف «كان» فعلٌ ناقص، و «هو» ضمير الشأن المستتر إسمُه، وجملة «الناس صنفان» خبرُه.

(ولا يَعمل فيه) أي: في ضمير الشأن (إلا الابتداء) بأن يكون الضمير مبتدءاً حتّي يكون العامل فيه الابتدائية (أو) يَعمل في ضمير الشأن (نواسخُه) أي: نواسخ الابتداء، وهي: الأفعال الناقصة، والحروف المشبهة بالفعل، و «ما» و «لا» المشبّهتان بليس، و «لا» النافية للجنس، وأفعال المقاربة و «ظنّ» وأخواتها، أمّا الفعل، واسم الفاعل، والصفة المشبهة وغيرها، فلا تعمل في ضمير الشأن.

(ولا يُثنّي، ولا يُجمع) يعني: ان ضمير الشأن لا يصير تثنية، ولا جمعاً، فلا يصير «هما، هم، هنّ» بل هو دائماً مفرد «هو» أو «هي».

(ولا يُفسَّر) ضمير الشأن (بمفرد) يعني: لا يَصير المبيِّن للمقصود مِن ضمير الشأن مفرداً أبداً، بل مبيِّنُ ضمير الشأن يكون جملة دائماً.

ولا يُتبع نحو: «هو الأميرُ راكبٌ» و «هي هندٌ كريمةٌ» و «إنّه الأميرُ راكبٌ» و «كان الناسُ صنفانِ».

(ولا يُتبع) يعني: لا يأتي لِضمير الشأن أحد مِن التوابع، فلا يأتي

له نعت، ولا تأكيد، ولا بدل، ولا عطف بيان، ولا العطف بالحرف.

ثم ذكر المصنف أمثلة لذلك وقال: (نحو: «هو الأمير راكبٌ») وهذا مثال لِضمير الشأن المذكر، وصار مذكراً لأن العمدة في الجملة التي بعد ضمير الشأن مذكّر.

(و «هي هند كريمة») وهذا مثال لِضمير الشأن المؤنّث، وإنما صار مؤنث لان العمدة في الجملة التي بعد ضمير الشأن «هند» وهند مؤنث.

(و «إنه الأمير راكبٌ») وهذا مثال لضمير الشأن وقد عمل فيه «إنّ» التي هي من الحروف المشبهة بالفعل.

(و «كان الناس صنفانِ) وهذا مثال لضمير الشأن المحذوف الذي عمل فيه «كان» من الأفعال الناقصة، لأن التقدير: «كان هو الناس صنفان».

وأمّا أن ضمير الشأن لا يصير تثنية ولا جمعاً، فلا يصح: «هما الزيدان عالمان» ولا «هم العلماء عادلون» ولا «هما الهندان خبيثتان» ولا «هنّ الهندات فاسقات» بل في جميع ذلك يكون ضمير الشأن مفرداً.

فائدة:

وأما أن ضمير الشأن لا يفسّره مفرد، فلا يصح: «هو زيد».

وأما أن ضمير الشأن لا يُؤتي له بتابع، فلا يصح أن يؤتي له بِنعت، مثل: «هو الفاضل زيدٌ عالم» ولا يصح أن يؤتي له بتأكيد، مثل: «هو نفسُه عمروٌ باكٍ» ولا يصح أن يُؤتي له ببدل، مثل: «هي أبوها هندٌ عاقلةٌ» ولا يصح أن يؤتي له بعطف بيان، مثل: «هو أخو عامر زيد كريم» ولا يصح أن يؤتي له عطف بالحرف، مثل: «هو وخالد بكرٌ جاهل».

عود الضمير علي المتأخر

(فائدة): مفرد مؤنث لاسم الفاعل مِن «فاد» «يَفيد». الضمير قد يرجع علي الاسم المتأخّر لفظاً فقط، مثل: «نصح غلامَه زيدٌ» ف «زيد» فاعل، و «غلامه» مفعول، والفاعل رتبتُه مقدّمة علي المفعول، فرجع ضمير «غلامه» إلي «زيد» الذي هو متأخر في اللفظ، ولكنه في الرتبة مقدّم علي «غلام».

وقد يرجع

الضمير علي الاسم المتأخر رتبة فقط، ولكن ذلك الاسم في اللفظ مقدّم علي الضمير نحو: «نصر زيداً غلامُه» ف «غلام» فاعل، و «زيد» مفعول، والمفعول متأخر رتبةً عن الفاعل، فرَجَع ضمير «غلامه» إلي «زيد» الذي هو في الرتبة متأخر عن الغلام ولكنه في اللفظ متقدّم علي الغلام.

ورجوع الضمير علي الاسم المتأخر لفظاً فقط، أو المتأخر رتبة فقط جائز. أما رجوع الضمير علي الاسم المتأخر لفظاً ورتبة فلا يجوز إلاّ في مواضع، أشار اليها المصنف قائلاً:

ذكر بعض المحققين عود الضمير علي المتأخّر لفظاً ورتبة في خمسة مواضع: إذا كان مرفوعاً بأوّل المتنازعين وأعملنا الثاني،

(ذكر بعض المحققين) وهو العلامة الشيخ الرضي «ره» كما قيل: إنّه يجوز (عود الضمير علي المتأخر لفظاً ورتبة في خسمة مواضع):

الموضع الأول: (إذا كان) الضمير (مرفوعاً بأوّل المتنازعين) يعني: كان فعل مع مفعول بدون فاعل وكان فعل مع فاعل بدون مفعول، وكان عندنا إسم متأخر عن الفعلين، فأراد الفعل الأوّل أن يعمل في ذلك الاسم ويجعله فاعلاً لنفسه، وأراد الفعل الثاني أن يعمل في ذلك الاسم ويجعله مفعولاً لنفسه، فتَنازع الفعلان علي المعمول الواحد وهو ذلك الاسم (وأعملنا) الفعل (الثاني) يعني: جعلنا ذلك الاسم المتأخر مفعولاً للفعل الثاني، وجئنا بضمير يرجع إلي ذلك الاسم، وجعلنا ذلك الضمير فاعلاً للفعل الأوّل.

ومعني «كان مرفوعاً بأوّل المتنازعين» هو: أن الضمير كان فاعلاً للفعل الأوّل الذي وقع التَنازع بينه وبين فعل آخر.

نحو: «أكرَماني وأكرَمتُ الزيدَيْن»، أو فاعلاً في باب «نِعْمَ» مفسَّراً بتمييز،

(نحو: أكرَماني وأكرمتُ الزيدَيْن») فان أصله: أكرمَني وأكرمتُ الزيدين، ف «أكرَم» فعل والنون نون الوقاية والياء مفعول، ويحتاج إلي فاعل، و «أكرَم» الثاني فعل والتاء فاعله، ويحتاج إلي مفعول، فأراد «أكرَمني» أن يجعل «الزيدين» فاعلاً لنفسه،

وأراد «أكرَمتُ» أن يجعل «الزيدين» مفعولاً لنفسه، فأعطينا «الزيدين» للفعل الثاني وهو: «أكرَمتُ» فصار مفعولاً له وجعلنا في الفعل الأوّل وهو: أكرَمني ضميراً يرجع إلي «الزيدين» وهو ألف التثنية لِيكون الألف فاعلاً له، فصار «أكرَماني» فهذا الضمير وهو الألف يرجع إلي «الزيدين» الذي هو إسم متأخر لفظاً، لأن لفظ الزيدين بعد الألف، ومتأخر رتبةً، لأن مفعول الفعل الثاني رتبتُه بعد رتبة فاعل الفعل الأوّل، فهنا يجوز عود الضمير علي المتأخر لفظاً ورتبة.

الموضع الثاني: (أو) كان الضمير (فاعلاً في باب «نعم») أي: فاعلاً ل «نعم» أو «بئس» أو «ساء» أو «حبذّا» وكان ذلك الضمير (مفسَّراً بتمييز) يعني: كان بعد الضمير تمييزٌ يُبيّن المقصود من الضمير.

نحو: «نعم رجلاً زيدٌ»، أو مبدلاً منه ظاهر، نحو: «ضربتُه زيداً»، أو مجروراً ب «رُبّ»

(نحو: «نِعم رجلاً زيدٌ») تقديره: نعم هو رجلاً زيدٌ إعرابه: «نِعم» فعل مدح، «هو» فاعل نِعم، «رجلاً» تمييز ل «هو»، و «زيد» مخصوص بالمدح.

ف «هو» ضمير يعود إلي «زيد»، مع أنّ زيداً متأخر عن الضمير لفظاً ورتبة، أمّا لفظاً: فلأن لفظ «زيد» بعد لفظ «هو»، وأمّا رتبةً: فلأن رتبة المخصوص بالمدح بعد رتبة الفاعل كما أنّ رتبة المفعول بعد رتبة الفاعل.

الموضع الثالث: (أو) كان الضمير (مبدلاً منه ظاهر) يعني: صار إسمٌ ظاهرٌ بدلاً مِن ذلك الضمير، فحينئذٍ يجوزعود ذلك الضمير علي المتأخر لفظاً ورتبة (نحو: «ضربتُه زيداً»).

ف «زيداً» بدل عن الهاء في «ضربتُه»، والهاء راجع إلي «زيد» مع أنّ زيداً متأخر عن الهاء لفظاً ورتبة، أمّا لفظاً: فلأن لفظ «زيد» بعد الهاء، وأمّا رتبة: فلأن «زيداً» بدل عن الهاء، والبدل رتبته متأخرة عن رتبة المبدل منه.

الموضع الرابع: (أو) كان الضمير (مجروراً ب «رُبّ») فانه إذا صار الضمير مجروراً

ب «رُبّ» يجوز إرجاعه علي إسم متأخر لفظاً ورتبة، ولكن

علي ضعف، نحو: «رُبّه رجلاً» أو كان للِشان أو القصّة، كما مرّ.

ومنها: أسماء الاشارة

وهي ما وضع للمشار إليه المحسوس؛

(علي ضعف) أي: دخول «رُبّ» علي الضمير ضعيف (نحو: «رُبّه رجلاً»).

فان «الهاء» راجع إلي «رجلاً» الذي هو متأخر لفظاً ورتبة، أما لفظاً: فلأن لفظ «رجلاً» بعد لفظ «الهاء» وأما رتبة: فلأن «رجلاً» تمييز ل «الهاء» والتمييز رتبته بعد ذلك الشيء الذي يُميّزه. وإنما جاز الرجوع علي المتأخر: لأن «الهاء» مجرور ب «رُبّ».

الموضع الخامس: (أو كان) ذلك الضمير (للشأن أو القصة) أي: كان ضمير الشان مثل: «هو الأمير راكب» أو كان ضمير القصة، مثل: «هي هند كريمة» (كما مرّ) التفصيل حول ضمير الشأن، وضمير القصة، تحت عنوان «مسألة» قبل صفحات.

أسماء الاشارة

(ومنها) أي: ومِن المبنيات (أسماء الاشارة، وهي: ما وضع للمشار إليه المحسوس) أي: للشيء الذي يشار إليه ويكون ذلك الشيء محسوساً، أي: شيئاً يُري بالعين، أو يُسمع بالأذن، أو يُذاق باللسان، أو يُشم بالأنف، أو يُلمس باليد والرجل وسائر البدن، لا مثل الروح، والعقل أو غيرهما مما ليس محسوساً، فانه وإن أشير اليها ب «أسماء الاشارة» مثل: «هذا العقل» ولكن ذلك لا يُنافي كونها موضوعة للمحسوس، وهذا بخلاف بقية المعارف: من «الضمير» و «المحلّي بالألف واللام» وغيرهما، فان فيها إشارة إلي معانيها ولكنها ليست موضوعة للمحسوس.

فللمفرد المذكر: «ذا»، ولمثنّاه «ذانِ» مرفوع المحل، و «ذَيْنِ» منصوبه ومجروره، و «إنّ هذانِ لَساحِرانِ» () متأوّل.

(فللمفرد المذكر: «ذا») تقول حين الاشارة إلي مذكر واحد: «ذا».

(ولمثنّاه) أي: لِمثنّي المذكّر («ذانِ») إذا كان المثنّي (مرفوع المحل) أي: بان كان في محل الرفع، مثل أن كان مبتدءاً نحو: «ذان عاقلان» أو كان فاعلاً نحو: «نصح ذانِ»

أو غير ذلك.

(و «ذَيْنِ» منصوبةو مجرورة) أي: إذا كان المثنّي منصوب المحل، أو مجرور المحل، مثل: «إنّ ذين جاهلان» و «بِذين أقتدي» ففي المثال الأول «ذين» في محل النصب لأنه إسم «إنّ»، وفي المثال الثاني في محل الجر لأنه دخل عليه حرف الجر وهو الباء.

(و) أما قوله تعالي: («إنَّ هذانِ لَساحرانِ») حيث ذكر «هذان» بالألف، ولم يذكر «هذين» بالياء، مع أنّه في محل النصب لأنه إسم «إنّ» فذلك (مُتأوّل) أي: له تأويل، وقد ذكروا لتأويلها وجوهاً، منها: أن «هذان» مَبني علي الألف في بعض اللغات، والمبني لا يتغير في جميع الحالات: حالة الرفع، وحالة النصب، وحالة الجر.

وللمؤنث «تا» و «ذي» و «ذه» و «تي» و «ته»، ولمثنّاه «تانِ» رفعاً، و «تَيْنِ» نصباً وجراً. ولجمعهما «أُولاء» مَدّاً وقصراً.

(و) إسم الاشارة (للمؤنث) إذا كانت مفردة («تا» و «ذي» و «ذه» و «تي» و «ته») فإذا أردتَ أن تُشير إلي مؤنّث واحد تُشير باحدي هذه الكلمات الخمس، نحو: «تا هندٌ» «ذي هندٌ» «ذه هندٌ» «تي هندٌ» «ته هندٌ» كل ذلك معناه: هذه هند.

(ولِمثنّاه) أي: لِمثنّي المؤنث إسم الاشارة يكون («تانِ» رفعاً) أي: في حالة الرفع، كما إذا كان اسم الاشارة مبتدءاً مثل: «تانِ الهندان» ف «تان» مبتدأ، و «الهندان» الخبر، أو كان اسم الاشارة فاعلاً، مثل: «نَصحتْ تان» أي: هاتان المؤنّثان نصحتا، ف «نَصحتْ» فعل و «تان» الفاعل.

(و «تَيْنِ» نصباً وجراً) أي: إذا كان اسم الاشارة في محل النصب أو في محل الجر، فالنصب، كما إذا كان مفعولاً، مثل: «نصح زيد تَيْنِ» يعني: نصح زيد هاتين المؤنّثين. ف «نصح» فعل و «زيد» الفاعل و «تَيْنِ» المفعول، والجر كما لو دَخل علي اسم الاشارة حرف الجر مثل: «مررت بتَيْنِ»

أي: بهاتين المؤنّثين فدخل حرف الجر وهو الباء علي «تان» فصار «تين».

(و) اسم الاشارة (لجمعهما) أي: لجمع المذكر ولجمع المؤنث («أُولاء» مداً وقصراً) فيجوز أن تقول «أُولاء» بهمزة بعد الف ممدودة، ويجوز «أُولي» بدون همزة، تقول: «أُولاء جاؤا» في جمع المذكّر، و «أُولاء جئن» في جمع المؤّنث، ولا يتغير «أُولاء» في حالة النصب والجر.

وتدخلها «هاء» التنبيه، وتلحقها كاف الخطاب، بلا لام للمتوسط، ومعه للبعيد، إلاّ في المثني والجمع عند من مَدّه،

(وتدخلها) أي: تدخل علي أسماء الاشارة التي ذُكرت (هاء التنبيه) في أولها فيقال: «هذا» «هذان» «هذين» «هاتا» «هذي» «هذه» «هاتي» «هاته» «هاتان» «هاتين» «هؤلاء».

(وتلحقها) أي: تلحق بأسماء الاشارة في آخرها (كاف الخطاب) فيقال: «ذاك» «ذانِك» «تاك» «تانِك» «أُولئك» وهكذا.

(بلا لام) أي: بدون زياة لام قبل الكاف كهذه الأمثلة إذا كانت الاشارة (للمتوسط) أي: اشارة لمن ليس بعيداً.

(ومعه) أي: مع اللام، فيقال: «ذلك» «تالك» «أُولالك» إلي آخرها إذا كانت الاشارة (للبعيد) أي: لمن كان بعيداً.

(إلاّ في المثني) وهو: «ذانك» و «تانك» و «ذينك» و «تينك» فلا تدخل اللام عليها، فلا يقال: «ذان لك» أو «تان لك» و «ذين لك» أو «تين لك».

(و) إلا في (الجمع) وهو «أُولاء» (عند مَن مدّه) أي: قَرأه بهمزة بعد ألف ممدودة، فلا يزاد اللام فيه، فلا يصح أن تقول: «أُولاء لك».

وفيما دخله حرف التنبيه.

ومنها: الموصول

وهو حرفيّ أو إسميّ. فالحرفيّ: كل حرف أُوِّل مع صلته بالمصدر. والمشهور خمسة: «أنّ» و «أنْ» و «ما» و «كَيْ» و «لو»، نحو: «أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أنّا أنْزَلْناه» ()،

(و) إلا (فيما دخله حرف التنبيه) أي: كل إسم إشارة دخل عليه الهاء، فانه أيضاً لا تدخل فيه اللام، فلا يصح أن تقول: «هذا لك» أو «ها أُولالك» أو غيرهما.

الموصولات:

الموصول الحرفي

(ومنها) أي: ومن المبنيات (الموصول، وهو): إما (حرفيّ أو إسميّ. فالحرفي) هو (كل حرف أُوّل مع صلتها) أي: مع الجملة التي بعد ذلك الحرف (بالمصدر) أي: يكون بحيث لو انقلب الحرف مع الجملة التي بعده إلي مصدر الفعل الذي في الجملة لم يتغيّر المعني (والمشهور) من الموصولات الحرفية (خمسة: «أنّ» «وأنْ» و «ما» و «كَيْ» و «لو» نحو) قوله تعالي: («أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أنّا أنْزَلْناه») هذا مثال ل «أنّ» والتأويل: أو لم يَكفهم إنزالُنا إيّاه، وذلك بابدال «أنّا» مع «أنْزَلناه» الذي هو صلة «أنّ» إلي مصدر «أنزلنا» وهو «إنزالنا».

«وأنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لكم» ()، «وبِما نَسُوا يَوْمَ الحِسابِ» ()، «لِكيْ لا يَكُونَ عَلَي المُؤْمِنينَ حَرَجٌ» ()، «يَوَدُّ أحَدُهم لَوْ يُعَمَّرُ ألْفَ سَنَةٍ» ().

ومثال «أنْ» كقوله تعالي: («وأنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لكم») تأويله: صَوْمُكم خير لكم، بابدال «أنْ» مع «تَصوموا» الذي هو صلة «أنْ» إلي مصدر «تصوموا» وهو: صومكم.

ومثال «ما» قوله تعالي: («وبما نَسُوا يَوْمَ الحساب») تأويله: بنِسيانِهم يَوْمَ الحساب، بابدال «ما» مع «نَسُوا» الذي هو صلة «ما» إلي مصدر «نسوا» وهو النسيان.

ومثال «كي» قوله تعالي: «لِكيْ لا يَكُونَ عَلَي المُؤْمِنينَ حَرَجٌ» تأويله: لِعدم كون حرج علي المؤمنين بابدال «كي» مع «لايكون» الذي هو صلة «كي» إلي مصدر «يكون» وهو: «كون».

ومثال «لو» قوله تعالي: «يَوَدُّ أحَدُهم لَوْ يُعَمَّرُ ألْفَ سَنَةٍ» تأويله: يودّ أحدهم تَعْميَر ألف سنة، بابدال «لو» مع «يُعمّر» الذي هو صلة «لو» إلي مصدر «يُعمّر» وهو: تعمير.

تكميل

والموصول الاسميّ: ما افتقر إلي صلة وعائد، وهو: «الذي» للمذكر، و «التي» للمؤنّث، و «اللذانِ» و «اللتان» لِمثنّاهما، بالألف إن كانا مرفوعَي

الموصولات: الموصول الاسمي

(تكميل) مصدر «كمّل» من باب التفعيل، بمعني إسم الفاعل، أي: مكمِّل ومتمِّم لقواعد الموصول، وهو خبر لمبتدأ

محذوف تقديره: هذا تكميل، والمصنف قد كمّل بحث الموصلات بذكر الموصول الاسمي فقال ما يلي:

(والموصول الاسمي) هو (ما افتقر) أي: إحتاج (إلي صلة وعائد) والصلة: هي الجملة التي تكون بعد الموصول، والعائد يعني: الضمير الراجع إلي الموصول.

(وهو) أي: الموصول الاسمي عبارة عن: («الذي» للمذكّر) المفرد، تقول: «الذي نصح عمراً هو زيد» ف «الذي» موصول، و «نصح عمراً» صلته، و «هو» عائده.

(و «التي» للمؤنث) إذا كانت مفردة، تقول: «التي نصرتْ علياً هي فاطمة عليهما السلام» ف «التي» موصول، و «نصرتْ علياً» صلة، و «هي عائده.

(و «اللذان» و «اللتان» لمثنّاهما) أي: لِمثنّي المذكّر ولِمثنّي المؤنث، فالأول للمذكر والثاني للمؤنث (بالألف إن كانا مرفوعَي

المحل، وبالياء إن كانا منصوبيه أو مجروريه و «الأُولي» و «الذين» مطلقاً.

المحل) كما لو كانا مبتدئين مثلاً نحو: «اللذان قاما بالعدل هما محمّد وعلي عليهما الصلوة السلام» ونحو: «اللتان نصرتا الدين هما خديجة وفاطمة عليهما الصلوة السلام» ف «اللذان» مبتدأ في المثال الأوّل، و «اللتان» في المثال الثاني أيضاً مبتدأ، أو كانا فاعلين مثلاً نحو: «أغاث زيداً اللذان ماتا» و «نصرتْ عمراً اللتان مرضتا» ف «الذان» فاعل ل «أغاث» و «اللتان» فاعل أيضاً ل «نصر».

(و) تقول: «اللذَيْنِ» و «اللتَيْنِ» (بالياء) مع لامَين، وفتح الذال في «اللذين»، وفتح التاء في «اللتين» (إن كانا منصوبيه، أو مجروريه) أي: منصوبَي المحل، أو مجرورَي المحل، بأن كانا في محل النصب، كما إذا كانا مفعولين، نحو: «ضرب زيد اللذَيْن غَصَبا داره» و «نصر زيد اللتَيْن نصرتاه» ف «اللذَيْن» مفعول ل «ضرب» و «اللتَتْن» مفعول ل «نصر» والمفعول منصوب.

أو كانا في محل الجر، نحو: «مررتُ باللَذَيْنِ أسعفاني» و «ذهبت إلي اللتَيْن تقرباني» ف «اللذَيْن» دخل عليه حرف الجر وهو الياء، و

«اللتَيْن» دخل عليه أيضاً حرف الجر وهو «إلي».

(و «الأُولي») بضم الهمزة يُكتب بالواو ويُقرأ بغير واو (و «الذِينَ») بكسر الذال (مطلقاً) أي: في حالة الرفع والنصب والجر ففي كل الحالات يُقرأ «الذين» بالياء، وهذان الاسمان موصلان

لجمع المذكر و «الّلائي» و «اللاتي» و «اللواتي» لجمع المؤنث، و «مَنْ» و «ما» و «ألْ» و «أيّ» و «ذو» و «ذا» بعد «ما» أو «مَنْ» الاستفهاميّتين للمؤنّث والمذكّر.

(لجمع المذكر) تقول: «الأُولي ساعدوني جاؤا» و «الذين نصروني راحوا».

(و «الّلائي» و «الّلاتي» و «الّلواتي» لجمع المؤنث) تقول: «اللائي هَجَرْنني جِئن» و «اللاتي حضَرْنني غِبْنَ» و «اللواتي كلَّمْنَني حَضَرْن».

(و «مَنْ» و «ما» و «ألْ» و «أيّ» و «ذو» و «ذا») إذا كان «ذا» بعد «ما» أو) بعد («مَنْ» الاستفهاميّتين) أي: كانا: «ماذا» و «من ذا» وهذه الستة هي موصولات إسمية وتكون (للمؤنّث والمذكّر) والمفرد والتثنية والجمع.

تقول: «مَنْ نصرني جاء» و «مَنْ نصراني جاءا» و «مَنْ نصروني جاؤا» و «مَنْ نصرتْني جائت» و «من نصرتاني جائتا» و «مَنْ نصرنني جئن».

وهكذا تكون «ما» الموصولة وأمثلتها.

وأمّا «أل» الموصولة وأمثلتها فنحو: «الناصري جاء» أي: الذي نصرني «والناصراي» أي: اللذان نصراني، و «الناصروي» أي: الذين نصروني، و «الناصرتي» أي: التي نصرتْني، و «الناصرتاي» أي: اللتان نصرتاني، و «الناصراتي» أي: اللاتي نَصرْنَني.

وأما «أيّ» الموصولة وأمثلتها فنحو: «أنصُر أيَّكم ذهب» أي: أنصُر الذي ذهب منكم، و «أيَّكنّ ذَهبتْ» أي: أنصر التي ذهبت منكنّ، و «أيَّكما ذهبا» أي: أنَصر اللذَيْن ذَهَبا منكم، أو اللتين ذَهَبتا منكن، و «أيّكم ذهبوا»

مسألة

إذا قلت: «ماذا صنعتَ» و «مَنْ ذا رأيتَ» ف «ذا» موصولة و «مَنْ» و «ما» مبتدءان، والجواب رفع، ولك إلغاؤها؛ فهما مفعولان،

أي: أنصر الذين ذهبوا منكم، و «أيَّكن ذهبن» أي: أنصر اللاتي

ذهبن منكنّ، وهكذا بقية الأمثلة.

وأمّا «ذو» فتأتي موصولة علي لغة بني طيّ فقط، وسُمع من كلام طيّ: «لا وذو في السماء عرشه» أي: لا والذي في السماء عرشه، يعني: الله تعالي. وقال الشاعر وهو من قبيلة طي: «وبئري ذو حفرتُ وذو طَوَيتُ» أي: التي حفرتُ والتي طويتُ.

وأمّا «ماذا» و «مَنْ ذا» فاليك التفصيل عنهما في المسألة التالية:

(مسألة: إذا قلت: «ماذا صنعتَ» و «مَنْ ذا رأيتَ» ف «ذا» موصولة و «مَنْ» و «ما» مبتدءان») و «صنعتَ» و «رأيتَ» خبران (والجواب رفع) يعني: يكون الاسم الذي يصير جواباً لهذا السؤال مرفوعاً، ففي جواب «ماذا صنعتَ؟» تقول مثلاً: «خاتم» بالرفع وفي جواب «مَنْ ذا رأيتَ؟» تقول مثلاً: «زيدٌ» بالرفع، والتقدير: الذي صنعتُه خاتم، والذي رأيتُه زيد.

(و) يجوز (لك إلغاؤها) أي: إسقاط «ذا» في المثالين عن العمل وجعلها زائدة (فهما) أي: «من» و «ما» (مفعولان) للفعل الذي بعدهما.

وتركيبها معهما بمعني: أيّ شيء أو أيّ شخص؛ فالكلّ مفعول، والجواب علي التقديرين نَصبٌ. وقِس عليه نحو: «ماذا عَرَضَ»، و «مَنْ ذا قامَ»، إلا أنّ الجواب رفع

(و) يجوز لك (تركيبها معهما) أي: تركيب «ذا» مع «ما» و «من» فتكون «ذا» ملغاة عن العمل أيضاً، ويكون المجموع المركّب حينئذٍ (بمعني: ايّ شيء) في «ماذا» (أو) بمعني (أيّ شخص) في «مَنْ ذا» فقولك: «ماذا صنعتَ؟» يعني: ايّ شيء صنعتَ؟ وقولك: «مَنْ ذا رأيت؟» يعني: أيّ شخص رأيتَ؟

(فالكل) أي: «ما» مع «ذا» مجموعاً، و «مَنْ» مع «ذا» مجموعاً (مفعول) مقدّم للفعل الذي بعدهما، والمفعول منصوب، ولما كان السؤال منصوباً فالجواب يكون منصوباً مجاراة للسؤال كما قال المصنف:

(والجواب) يكون (علي التقديرين) سواء جعلتَ «ذا» زائدة أم جعلتَها مركبة مع «ما» و «من» (نصبٌ) مجاراة للسؤال، يعني:

يكون الاسم الذي يصير جواباً لهذا السؤال المنصوب منصوباً أيضاً، ففي جواب «ماذا صنعتَ؟» تقول: «خاتماً» بتقدير: صنعتُ خاتماً. وفي جواب «مَن ذا رأيت؟» تقول: «زيداً» بتقدير رأيتُ زيداً.

(وقِسْ عليه) أي: علي ما ذكر من المثالين ما إذا كان بعد «ذا» فعل لازم (نحو: «ماذا عرض» و «مَنْ ذا قام») ف «عرض» و «قام» فعلان لازمان، لا يمكن أن يَصير «ما» و «مَنْ» مفعولاً لهما. لإن اللازم لا يتعدّي إلي المفعول به (إلا ان الجواب رفع) أي: الشيء الذي يَصير جواباً لهذين المثالين

مطلقاً.

ومنها: المركّب

وهو: ما رُكّب من لفظين ليس بينهما نسبة؛ فان تضمّن الثاني حرفاً، بُنيا، ك «خمسةَ عشرَ»

ونحوهما يكون مرفوعاً. ففي جواب «ماذا عرض» تقول: «ذهابُك» بالرفع وفي جواب «مَنْ ذا قام؟» تقول: «زيدٌ» بالرفع (مطلقاً) أي: سواء جعلت «ذا» موصولة، أم ملغاةً، أم مركبة مع «ما» و «من» لأن جملة السؤال إسمية علي كل تقدير فيكون «من ذا» و «ماذا» مبتدءان، و «عرض» و «قام» خبران والجواب مبتدأ خبرهُ محذوف، فقولك: «ذهابُك» و «زيدٌ» تقديرهما: ذهابُك عرض، وزيد قام، ف «ذهابُك» و «زيد» مبتدءان، و «عرض» و «قام» خبران.

المركبات

(ومنها) أي: ومن المبنيات (المركّب، وهو) كل (ما رُكّب من لفظين ليس بينهما نسبة) فخرج مثل «عبدالله» لأن بين «عبد» و «الله» نسبة الاضافة، بينما المركّب المبني هو الذي لا يكون فيه بين اللفظين نسبة أبداً.

وعليه: (فان تضمّن) اللفظ (الثاني حرفاً) أي: كان قبله حرف مقدّر (بُنيا) أي: يَصير اللفظان مبنيَين (ك «خمسة عشر»).

و «حادي عشرَ» وأخواتهما إلا «إثني عشر» وفَرْعَيه؛ إذ الأوّل منها معرب علي المختار، وإلاّ اُعرب الثاني، ك «بعلَبك»

(و «حادي عشر» وأخواتهما) أي: أخوات خمسة عشر وحادي عشر، فان أخوات خمسة عشر

هي: ثلاثة عشر وأربعة عشر حتّي تسعة عشر. وأخوات حادي عشر هي: ثاني عشر إلي تاسع عشر. فان التقدير فيهما: خمسة وعشر إلي تسعة وعشر وحادي وعشر إلي تاسع وعشر بتقدير واو قبل اللفظ الثاني واللفظان مَبنيان علي الفتح، ف «عشر» مفتوح مبني، واسم العدد الذي قبله أيضاً مفتوح مَبني.

(إلاّ «إثني عشر» وفرعَيه) وهما: إثنتاعشرة وثنتا عشرة، (إذ) اللفظ (الأوّل منها) أي: مِن هذه الثلاث وهو: إثنا واثنتا وثنتا، (معرب علي) الرأي (المختار) أي: علي القول الذي إخترناه نحن.

ودليل كونها معرباً أنها تَتَغير، ففي حالة الرفع تُقرأ بالألف، وفي حالتي النصب والجر تُقرأ بالياء، تقول: «جاءني اثنا عشر رجلاً، واثنتا عشرة امرأة، وثِنتا عشرة صبيّة» بالألف كتباً وقراءة، وتقول: «رأيتُ إثني عشر رجلاً وإثنتي عشرة إمرأة، وثِنتي عشرة صبيّة» وهكذا تقول: «مررت باثني عشر رجلاً وإثنتي عشرة إمرأة وثنتي عشرة صبيّة» بالياء كَتْباً وقرائةً.

(وإلا) أي: وإن لم يَتضمن اللفظ الثاني حرفاً (أُعرب) اللفظ (الثاني، ك «بَعلَبَكّ») فهو إسم مركب من لفظين هما: «بَعل» و «بَكّ» وليس بينهما نسبة أبداً، وحيث إن «بَكّ» الذي هو اللفظ الثاني لا يتضمن حرفاً، لِذا

إن لم يكن قبل التركيب مبنياً، ك «سيبويهِ».

التوابع:

كل فرع اُعرب بإعراب سابقه، وهي خمسة:

أُعرب «بَكّ» تقول: «هذا بَعلبَكُّ» بالرفع لفظاً، لأنه خبر ل «هذا»، و «رأيتُ بَعلَبكَّ» بالنصب لفظاً لأنه مفعول، و «مررتُ ببعلبكَّ» بالجر محلاً، لا لفظاً. وذلك لأن «بَعلَبَكَّ» غير منصرف كما سيأتي ان شاء الله تعالي في خاتمة هذه الحديقة فيكون جرّه بالفتحة.

ويَظهر أثر جرّ «بَعلَبَكَّ» في عطف شيء عليه، فلو قلتَ: «مررتُ ببعلبكَّ وزيدٍ» جُرّ «زيد» للعطف علي محل «بعَلَبكَّ» المجرور بالباء.

هذا (إن لم يكن) اللفظ الثاني (قبل التركيب) أي: قبل إلصاقه

باللفظ الأوّل (مبنيّاً) فان كان اللفظ الثاني من أصله مبنياً، (ك «سيبويهِ») فلا يصير بواسطة التركيب معرباً، وأصله «سيب» و «وَيْه»، والسيب يعني: «التُفاح» و «وَيه» إسم صوت مبني مِن أصله، لبناء أسماء الأصوات.

(التوابع)

والتابع: هو (كل فرع أعرب باعراب سابقه وهي خمسة:) النعت، والمعطوف بالحرف، والتأكيد، والبدل، وعطف البيان.

الأول: النعت

وهو: ما دلّ علي معني في متبوعه مطلقاً. والأغلب إشتقاقه، وهو: إما بحال موصوفه، ويتبعه إعراباً، وتعريفاً وتنكيراً، وافراداً وتثنيةً وجمعاً، وتذكيراً وتأنيثاً،

النعت

(الأوّل: النعت، وهو: ما) أي: اللفظ الذي (دلّ علي معنيً) كائِن ذلك المعني (في متبوعه) أي: في الاسم الذي جيءَ بهذا النعتِ لِذلك الاسم (مطلقاً) أي: يكون ذلك المعني موجوداً في المتبوع دائماً، غير مقيّد بزمان دون زمان، مثل «جائني رجل كريم» ف «كريم» معني كائن في «رجل» دائماً. بخلاف الحال مثل «جائني رجل راكباً» فانّ «راكباً» معني كائن في «رجل» زمان المجيء فقط.

(والأغلب إشتقاقه) أي: كون النعت مشتقاً، يعني: له فعل ماضٍ ومضارع وغيرهما وليس بجامد.

(وهو) أي: النعت علي نوعين كالتالي:

النوع الأوّل من نوعي النعت هو كما قال: (إما بحال موصوفه) يعني: النعت إما معني موجود في نفس الموصوف مثل «جائني رجل كريم» ف «كريم» معني موجود في «رجل» الذي هو الموصوف (ف) هكذا نعت يجب ان (يتبعه) أي يتبع موصوفه ويكون مثل موصوفه (إعراباً، وتعريفاً وتنكيراً وإفراداً وتثنيةً وجمعاً، وتذكيراً وتأنيثاً).

وعليه: فان كان الموصوف مرفوعاً أو منصوباً أو مجروراً، فيجب أن

أو بحال متعلّقه، ويتبعه في الثلاثة الاُوَل، وأمّا البواقي:

يكون إعراب الصفة (النعت) كذلك، وإن كان الموصوف نكرة كان النعت نكرة، وإن كان الموصوف معرفة كان النعت معرفة، وإن كان الموصوف مفرداً أو تثنية أو جمعاً كان النعت مثله، وإن كان الموصوف مذكّراً

كان النعت مذكّراً وإن كان الموصوف مؤنّثاً كان النعت مؤنّثاً.

ففي هذا المثال: «جائني رجل كريم» ف «رجلٌ» مفرد، و «كريم» أيضاً مفرد. و «رجل» مذكّر، و «كريم» أيضاً مذكّر. و «رجل» مرفوع، و «كريم» أيضاً مرفوع. و «رجل» نكرة، و «كريم» أيضاً نكرة.

النوع الثاني من نوعي النعت هو كما قال: (أو) يكون النعت (بحال متعلقه) أي: متعلق الموصوف، يعني: النعت صفة موجودة في شيء متعلق بالموصوف لا في نفس الموصوف، نحو: «جائني رجل حسنةٌ جاريتُه» ف «حسنة» صفة في الجارية لا في رجل، إلا أن الجارية متعلّق بالرجل، لاضافتها إلي ضميره.

(و) هكذا نعت يجب أن (يتبعه) أي: يتبع الموصوف، ويكون مثل الموصوف (في الثلاثة الاُوَل) أي: في الاعراب، والتعريف، والتنكير، ف «حسنة» مثل «رجل» في الاعراب، لأن «رجل» مرفوع و «حسنةٌ» أيضاً مرفوع، و «حسنة» نكرة مثل «رجل» الذي هو نكرة أيضاً.

هذا إذا لم يَرفع النعت ضمير الموصوف، وإنما اضيف النعت إلي متعلق الموصوف فقط.

(وأما) الخمسة (البواقي) وهي: الافراد والتثنية والجمع، والتذكير والتأنيث

فإن رفع ضمير الموصوف فموافق أيضاً، نحو: «جائني امرأةٌ كريمةُ الأبِ» و «رجلانِ كريما الأبِ» و «رجالٌ كِرامُ الأبِ»،

(فإن رفع) النعت (ضمير الموصوف) مع إضافة النعت إلي متعلق الموصوف (فموافقٌ أيضاً) في الخمسة البواقي.

(نحو: «جائني امرأةٌ كريمة الأب») ف «كريمة» نعت بحال المتعلق الذي هو «الأب» والموصوف هو: «امرأة». والتقدير: كريمة هي الأب، فرفع «كريمة» «هي» الضمير الراجع إلي «امرأة» علي الفاعلية وأضيفت «كريمة» إلي «الأب» مِن باب اضافة الصفة إلي التمييز، وحيث إنّ «كريمة» عمل في ضمير الموصوف، وجب موافقة «كريمة» نفس الموصوف الذي هو «امرأة» في الخمسة البواقي، ف «امرأة» مفردة و «كريمة» أيضاً مثلها مفردة، وامرأة مؤنّث وكذلك «كريمة» أيضاً

مؤنث.

(و) نحو: «جائني (رجلانِ كريما الأبِ») ف «كريما» رفع ألف التثنية علي الفاعلية وهو الضمير الراجع إلي الموصوف «رجلان» وأضيف إلي «الأب» مِن باب اضافة الصفة إلي التمييز. وحيث إنّ «كريماً» رفع ضمير الموصوف وأضيف إلي متعلق الموصوف «الأب» وافق نفس الموصوف «رجلان» في الخمسة البواقي، ف «رجلان» و «كريما» كلاهما مذكّران ومثنيّان.

(و) «جائني (رِجالٌ كِرامُ الأبِ») ف «كِرام» رَفَع ضمير «هم» مستتراً فيه علي الفاعلية، ومرجعه إلي الموصوف، «رجال» وأضيف إلي «الأب» مِن باب اضافة الصفة إلي التمييز، وحيث إنّ «كِرام» رفع ضمير الموصوف

وإلاّ فكالفعل، نحو: «جائني رجلٌ حسنةٌ جاريتُه» أو «عاليةٌ، أو عالٍ دارُه»،

وأضيف إلي متعلق الموصوف «الأب» وافَق نفس الموصوف «رِجال» في الخمسة البواقي، فكلاهما جمعان، ومذكّران.

(وإلاّ) أي: وان لم يرفع النعت ضمير الموصوف، بل رفع نفس المتعلق (ف) يكون النعت (كالفعل) يعني: كما لو حُذِف النعت ووضع في محله فِعل، فان كان ذلك الفعل يُوافق الموصوف في الخمسة البواقي، فيجب أن يوافق النعت أيضاً الموصوف في الخمسة البواقي، وإن كان ذلك الفعل لا يوافق الموصوف في الخمسة البواقي، فلا يُوافق النعت أيضاً الموصوف في الخمسة البواقي.

(نحو: «جائني رجل حسنةٌ جاريته») فالموصوف: «رجل»، والنعت: «حسنةٌ»، والمتعلّق: «جاريتُه» ف «حسنة» لم تَعمل في ضمير راجع إلي «رجل» بل عملتْ في «جارية» التي هي نفس المتعلق. و «حسنة» لم توافق «رجل» في التذكير والتأنيث فان «رَجلٌ» مذكّر، و «حسنة» مؤنّث لأنه لو وَضَعْتَ مكان «حسنة» الفعلَ وجب أن تقول هكذا: «جائني رجل حَسُنَتْ جاريتُه» ولم يصحّ أن تقول: «جائني رجل حَسُنَ جاريتُه».

(أو) نحو: «جاءني رجل (عاليةٌ، أو عالٍ دارُه») وإنما جاز: «عاليةٌ» أو «عالٍ» لإنك لو وَضَعْتَ مكانَهما الفعل جاز أن تقول: «عَلَتْ دارُه»

وجاز: «عَلا دارُه»، لأنّ «دار» مؤنث لفظي والمؤنث اللفظي إذا صار فاعلاً وكان

و: «لقيتُ إمرأتينِ حسناً عبداهما» أو «قائماً، أو قائمةً في الدار جاريتُهما».

إسماً ظاهراً جازَ في فعله التذكير والتأنيث.

أو نحو: (و: «لقيتُ إمرأتين حسناً عبداهما») ف «حسناً» نعت، و «إمرأتين» موصوف، و «حسناً» لم يرفع ضميراً راجعاً إلي «إمرأتين» بل رفع نفسَ المتعلق وهو: عبداهما وإنما لم يُوافق «حسناً» «إمرأتين» في التذكير والتأنيث ف «إمرأتين» مؤنّث، و «حسناً» مذكّر ولا في الافراد والتثنية والجمع ف «إمرأتين» مثنّي و «حسناً» مفرد لإنك لو وضعتَ الفعل في مكان «حسناً» وجب أن يكون ذلك الفعل مفرداً ومذكّراً هكذا: «لقيتُ إمرأتين حَسُنَ عبداهما». لأنّ الفاعل إذا كان إسماً ظاهراً ومذكراً حقيقياً وجب إفراد الفعل وان لم يكن الفاعل مفرداً.

(أو) نحو: «لقيت إمرأتين (قائماً، أو قائمةً في الدار جاريتهما») ف «إمراتين» موصوف، و «قائماً» أو «قائمة» نعتٌ، والنعت لم يرفع ضميراً راجعاً إلي «إمرأتين» بل رَفعَ نفس المتعلق وهو جاريتهما وإنما لم يوافق النعت «إمرأتين» في الإفراد والتثنية والجمع فان «قائماً» أو «قائمة» مفرد، و «إمراتين» مثنّي ولا في التذكير والتأنيث فان «إمرتين» مؤنث، والنعت يجوز تذكيره بأن تقول: «قائماً» ويجوز تأنيثه بأن تقول: «قائمة» لأنّك لو وضعت في محل النعت الفعل، وجب أن يكون ذلك الفعل مفرداً، وجاز ان يكون مذكّراً أو مؤنّثاً هكذا: «لقيتُ إمرأتين قام، أو قامتْ في الدار جاريتُهما»، لإن الفاعل إذا كان اسماً ظاهراً ومؤنثاً حقيقياً، وكان بينه وبين

الثاني: المعطوف بالحرف

وهو: تابع بواسطة «الواو» أو «الفاء» أو «ثمّ» أو «حتّي» أو «أم» أو «إمّا» أو «أو» أو «بل» أو «لا» أو «لكن»، نحو: «جاءني زيدٌ وعمرو»، و «جَمَعْناكُمْ والأوَّلِينَ» ()

فِعله فاصلٌ غير «إلاّ» جازَ في

الفعل التذكير والتأنيث، وهنا فصَلَ «في الدار» بين «القائم» وبين «جاريتهما» الذي هو فاعل، ولذا جاز في «القائم» التذكير والتأنيث.

العطف بالحروف

(الثاني) مِن التوابع (المعطوف بالحرف، وهو تابع بواسطة) واحد مِن الحروف العشرة: («الواو» أو «الفاء» أو «ثمّ» أو «حتّي» أو «أم» أو «أمّا» أو «أو» أو «بل» أو «لا» أو «لكن» نحو: «جاءني زيد وعمرو» و «جَمَعناكمْ والأوَّلينَ»).

كان هذا مثال الواو، ومثال الفاء: جاز زيد فَعمروٌ.

ومثال ثمّ: جاء زيد ثمّ عمروٌ.

ومثال حتّي: قام القوم حتي عمروٌ.

ومثال أم: أزيدٌ قام أم عمرو؟

ومثال إمّا: الكلمة إمّا اسمٌ وإمّا فعلٌ وإمّا حرفٌ.

وقد يعطف الفعل علي أسم مشابه له

ومثال أو: جاء زيد أو عمروٌ.

ومثال بل: لم يقرء زيدٌ بل عمروٌ.

ومثال لا: زيد يأكل لا عمروٌ.

ومثال لكن: لم يتعلّم زيد لكن عمروٌ تَعلّم.

نرجع إلي مثالي المصنف ونقول: ان الواو في «جاءني زيد وعمرو» قد عطف «عمرو» علي «زيد» وفي «جمعناكم والأوّلين» قد عطف «الأوّلينَ» علي «كم».

وأمّا السبب في تمثيل المصنف بمثالين، فهو: أن الواو قد يَعطف السابق علي اللاحق فان «الأوّلين» الذي عطفه الواو كانوا قبلنا نحن الذين خاطَبنا الله تعالي بقوله: <جمعناكم».

(وقد يعطف الفعل علي اسم مشابه له) أي: لذلك الفعل، كعطف الفعل الماضي علي اسم الفاعل، نحو: «الناصرون زيداً فنصحوه» ف «الفاء» قد عطفت «نصحوه» وهو فعل ماضٍ علي «ناصرون» وهو اسم الفاعل ومشابه للفعل، لأن «الناصرون زيداً» معناه: الذين نصروا زيداً.

وبالعكس. ولا يحسن العطف علي المرفوع المتّصل بارزاً أو مستتراً إلاّ مع الفصل بالمنفصل، أو فاصل مّا، أو توسّط «لا» بين العاطف والمعطوف، نحو: «جئتُ أنا وزيدٌ»

(وبالعكس) يعني: قد يعطف الاسم المشابه للفعل علي فعل، نحو: «الذين نصحوا زيداً فناصِروه» ف «الفاء» عطفت «ناصِروه» وهو اسم الفاعل

علي «نصحوا» وهو فعل ماضٍ، لان «ناصروه» معناه: الذين نصروه.

(ولا يحسن العطف علي) الضمير (المرفوع المتصل) أي: الضمير المتصل بفعل، وهو فاعل ذلك الفعل، فانه لا يحسن العطف عليه سواء كان (بارزاً) أي: ضميراً ظاهراً مثل: «نَصرتُ» (أو) كان (مستتراً) مثل: «أُنصر» فتقديره: «أُنصر أنتَ» ف «أنت» مستتر فيه (إلاّ) في موارد تالية يحسن فيها العطف علي الضمير المتصل، وهي:

أولاً: (مع الفصل) بين الضمير المتصل، وبين المعطوف (بالمنفصل) أي: بالضمير المنفصل يكون تأكيداً لذلك الضمير المتصل.

ثانياً: (أو فاصل مّا) أي: فاصلة قليلة بين الضمير المتصل وبين المعطوف.

ثالثاً: (أو توسّط «لا» بين العاطف والمعطوف) أي: بين حرف العطف وبين المعطوف.

مثال الأول: (نحو: «جئتُ أنا وزيدٌ») عطف «زيد» علي «التاء» في «جئتُ» مع أن «التاء» ضمير متصل ومرفوع لأنها فاعل وانّما جاز العطف، لأنه فصل «أنا» بين التاء» وبين حرف العطف وهو الواو.

و «يَدْخُلُونَها ومَنْ صَلَحَ» (). و «ما أشْرَكْنا ولا أباؤُنا» ()

تتمّة

ويعاد الخافض علي المعطوف علي ضمير مجرور، نحو: «مررتُ بك وبزيد».

(و) مثال الثاني: نحو: قوله تعالي: («يَدْخُلُونَها ومَنْ صَلَحَ») فقد عطف «مَن صَلَحَ» علي «الواو» في «يَدخلونها» مع أن «الواو» ضمير متصل ومرفوع لأنها فاعل وإنما جاز العطف لأنه فصل «ها» بين «الواو» وبين حرف العطف.

(و) مثال الثالث: نحو قوله تعالي: («ما أشْرَكْنا ولا آباؤُنا») فقد عطف «آباؤنا» علي «نا» في «أشركْنا» مع أنّ «نا» ضمير متصل مرفوع لأنها فاعل وإنما جاز العطف لأنه توسَّط «لا» بين واو العطف وبين المعطوف وهو: «آباؤنا».

(تتمّة) لأحكام العطف (ويعاد الخافض) أي: حرف الجر (علي المعطوف علي ضمير مجرور) يعني: لو عطفنا إسماً علي ضمير مجرور، فحرف الجر الذي دخل علي ذلك الضمير أعدناه علي الاسم المعطوف أيضاً (نحو:

«مررتُ بكَ وبزيدٍ») فقد عطف «زيد» علي الكاف، وحيث كان الكاف مجروراً بالباء اُعيد الباء علي «زيد».

ولا يعطف علي معمولي عاملين مختلفين علي المشهور إلا في نحو: «في الدارِ زيدٌ والحجرةِ عمروٌ».

الثالث: التأكيد

وهو: تابع يفيد تقرير متبوعه،

(ولا) يجوز أن (يعطف علي معمولي عاملين مختلفين علي المشهور) بين النحويين يعني: إذا كان معمولان لعاملين وكان عملهما مختلفاً، مثل أن كان أحدهما يعمل الرفع والآخر يعمل الجر، فلا يجوز عطف إسمين علي هذين المعمولين، فلا يجوز مثل: «زيدٌ في الدار وعمروٌ الحجرةِ» ف «زيد» معمول للابتدائية، و «الدار» معمول ل «في» والابتدائية عملها الرفع، و «في» عملها الجر، فعُطف «عمرو» علي «زيد» و «الحجرة» علي «الدار» مع اختلاف عملهما، فانه لا يجوز علي المشهور.

(إلاّ في) ما إذا قُدّم المجرور في المعطوف عليه واُخّر المرفوع، وقُدّم المجرور في المعطوف أيضاً علي المرفوع (نحو: «في الدار زيد والحجرةِ عمروٌ») فعطف «الحجرة» علي «الدار» وعطف «عمرو» علي «زيد» و «زيد» مع «عمرو» المرفوعان مؤخران و «الدار» مع «الحجرة» المجروران مقدّمان. وكلَّما كان مثال هكذا جاز العطف علي معمولي عاملين مختلفين.

التأكيد

(الثالث) من التوابع (التأكيد، وهو تابع يفيد تقرير متبوعه) أي: إثبات متبوعه، نحو: جاء زيد نفسه. ف «نفسه» تأكيد ل «زيد» ولا يفيد إلا إثبات متبوعه وأن نسبة المجيء إلي «زيد» لم يكن عن سهو أو اشتباه.

أو شمول الحكم لأفراده. وهو إمّا لفظيّ وهو اللفظ المكّرر، أو معنويّ وألفاظه: النفس والعين، ويطابقان المؤكَّد في غير التثنية، وهما فيها كالجمع، تقول «جائني زيدٌ نفسه،

(أو) يفيد التأكيد (شمول الحكم لأفراده) أي: لأفراد المتبوع، نحو: «جاء القوم أجمعون» ف «أجمعون» تأكيد ل «القوم» ويفيد: أن المجيء كان شاملاً لجميع أفراد القوم.

(وهو) أي: التأكيد (إمّا

لفظي و) التأكيد اللفظي (هو اللفظ المكرّر) نحو: «جائني زيدٌ زيدٌ» ف «زيد» الثاني تأكيد لفظي ل «زيد» الأول.

(أو معنويّ وألفاظه) أي: الفاظ التأكيد المعنوي هي (النفس والعين ويطابقان) أي: النفس والعين مع (المؤكد) بفتح الكاف (في) كل شيء من التذكير والتأنيث، والاعراب، والتعريف والتنكير، والافراد والجمع (غير التثنية، وهما فيها) أي: النفس والعين في التثنية (كالجمع) يعني: أن المتبوع لو كان تثنية فيكون التأكيد بصيغة الجمع ولكنه يضاف إلي ضمير التثنية.

(تقول: «جائني زيدٌ نفسُه») ف «نفسه» تأكيد ل «زيد» وقد تطابق مع «زيد» في جميع ما تقدم: ف «زيد» مذكّر، والضمير الملصق بالنفس مذكّر، و «زيد» مرفوع و «نفسه» أيضاً مرفوع، و «زيد» معرفة و «نفسه» أيضاً معرفة، لانها أضيفت إلي ضمير «زيد». و «زيد» مفرد «ونفسه» أيضاً مفرد.

والزيدانِ أنفسُهما، والزيدون أنفُسهم». و «كلا» و «كلتا» للمثنّي، و «كلّ» و «جميع» و «عامّة» لغيره من كل ذي أجزاء يصحّ افتراقها،

(و) «جائني (الزيدانِ أنفسُهما») ف «أنفسهما» تأكيد ل «الزيدان» ولم يقل: نفساهما بالتثنية، بل قال بصيغة الجمع: أنفسهما، ف «أنفسُهما» متطابق مع «الزيدانِ» في جميع ما تقدم إلا في التثنية، فانّ «الزيدان» تثنية، و «أنفُس» جمع، ولكنها مضافة إلي «هما» الذي هو ضمير مثني.

(و) «جائني (الزيدون أنفسُهم») ف «أنفسهم» تأكيد ل «الزيدون» ومطابق مع «الزيدون» في جميع ما تقدّم.

(و «كلا» و «كلتا») تأكيدان (للمثني) ف «كلا» تأكيد لِلمثنّي المذكّر، و «كلتا» تأكيد لِلمثنّي المؤنّث، تقول: «جائني الزيدان كلاهما» و «جائتني الهندان كلتاهما».

(و «كلّ» و «جميع» و «عامّة» لغيره) أي: لغير المثني بل للجمع (من كل) شيء (ذي أجزاء يصح) أي: يمكن (افتراقها) أي: إفتراق تلك الأجزاء، نحو: «جاء القوم كلّهم، أو جميعهم، أو عامّتهم» ف

«القوم» له أجزاء، وأجزاؤه هو: زيد، نقي، تقي، علي، باقر، جعفر، وغيرهم، ويمكن إفتراق هذه الأجزاء، بأن يكون زيد في مكان، ونقي في مكان آخر، وتقي في محل ثالث وهكذا.

ولو حكماً، نحو: «اشتريتُ العبدَ كلَه». وتتّصل بضمير مطابق للمؤكّد،

(ولو حكماً) أي: ولو كان إمكان إفتراق الأجزاء حكماً لا حقيقة (نحو: «إشتريتُ العبدَ كلّه») ف «العبد» له أجزاء ويُمكن إفتراق أجزائه حكماً، يعني: في الشراء، بأن يَشتري شخص ربع العبد، فان الذي يشتري ربع العبد لا يقسّم جسم العبد إلي أربعة اجزاء حتّي يأخذ المشتري جزءاً من تلك الأربعة، بل يصير العبد في حكم مَن قُسّم إلي أربعة أجزاء.

أو تقول: «إشتريت الفَرَسَ جميعه، أو عامته» بخلاف «جاء زيد كله» فانه لا يمكن إفتراق أجزاء زيد في المجيء لا حساً بأن يَأتي ربع جسم زيد فقط، ولا حكماً بان نَحكم بأن الذي جاء كان ربع زيد، سواء كان قد جاء أم لا.

(وتتصل) «كل» و «جميع» و «عامة» (بضمير مطابق للمؤكَّد) بفتح الكاف فان كان المؤكَّد مفرداً مذكّراً إتصل بهذه الألفاظ ضمير مفرد مذكّر، نحو: «إشتريتُ الجَمَلَ كلَّه، أو جميعَه، أو عامّته».

وان كان المؤكَّد مفرداً مؤنّثاً اتصل بهذه الألفاظ ضمير مفرد مؤنّث، نحو: «اشتريتُ الناقة كلها، أو جميعها، أو عامتها».

وإن كان المؤكَّد مثني صار الضمير مثنّي أيضاً، نحو: «اشتريت الجَمَلين أو الناقتين كلّهما، أو جميعهما، أو عامّتهما».

وان كان المؤكد جمعاً مذكّراً صار الضمير جمعاً مذكّراً أيضاً نحو:

وقد يُتبَع «كلّ» ب «أجمع» وأخواته مطابقةً.

مسألتان

لا يؤكّد النكرة إلا مع الفائدة، ومِن ثَمّ امتنع: «رأيتُ رجلاً نفسَه»،

«رأيتُ المعلّمين كلّهم، أو جميعهم، أو عامّتهم».

وان كان المؤكَّد جمعاً مؤنثاً صار الضمير أيضاً جمعاً مؤنّثاً، مثل: «رايتُ المعلّمات كلّهن، أو جميعهن، أو عامّتهن».

(وقد يُتبع

«كلّ» ب «أجمع» وأخواته) اي: قد يأتي بعد «كل» أجمع وأخوات أجمع، وهي: أكتع وأبصع وأبتع، لتقوية التأكيد حال كون هذه الألفاظ (مطابقةً) مع المؤكد في التذكير والتأنيث، والافراد والجمع، تقول: «اشتريت الجَمَلَ كلّه، أجمع، أكتع، أبصع، أبتع» و «اشتريت الناقة كلّها، جمعاء، كتعاء، بَصعاء، بَتعاء» و «جاء القوم كلهم أجمعون، أكتعون، أبصعون، أبتعون» و «رَأيتُ الممرّضات كلّهن جُمع، كُتع، بُصَع، بُتع» وهكذا في غير هذه الأمثلة.

«مسألتان»

المسألة الأُولي: (لا يؤكّد النكرة) بالتأكيد المعنوي (إلا مع الفائدة) أي: إلا اذا كان مجيء التأكيد سبباً لفائدةٍ (ومن ثَمّ) أي: ومن أجل انه يلزم وجود الفائدة في صحة التأكيد للنكرة (إمتنع: «رأيتُ رجلاً نفسَه»،) لأن «نفسه» لم يحصل من وجوده فائدة فانّ معني «رأيتُ رجلاً» و «رأيت رجلاً نفسه» واحد.

وجاز: «اشتريتُ عبداً كلّه».

واذا أُكّد المرفوع المتصل بارزاً او مستتراً ب «النفس» و «العين» فبعد المنفصل، نحو: «قُوموا أنتم أنُفُسُكم»، و «قُمْ أنت نفسُك».

(وجاز: «إشتريتُ عبداً كلّه») لأن في «كلّه» فائدة، اذ لو كنت تقول: «إشتريت عبداً» كان من المحتمل شراء أكثر العبد لا كله، فاذا قلت «كله» زال هذا الاحتمال.

المسألة الثانية: (واذا أُكّد) الضمير (المرفوع المتصل بارزاً) كان ذلك الضمير (أو مستتراً) وكان تأكيده (ب «النفس» و «العين») يعني: لو كان ضمير متصلاً بالفعل، وكان ذلك الضمير فاعلاً لذلك الفعل سواء كان ضميراً ظاهراً أم مستتراً وأردنا أن نؤكّد ذلك الضمير ب «النفس، أو العين» لا بغيرهما (ف) لا يجوز إلا (بعد المنفصل) أي: بعد أن نأتي بضمير منفصل تأكيداً لذلك الضمير المتصل، ثم نأتي ب «النفس، أو العين» تأكيداً لذلك الضمير المتصل.

(نحو: «قُوموا أنتم أنفُسُكم») ف «أنفسكم» تأكيد للواو في «قُوموا» الذي هو ضمير بارز متصل بالفعل،

ومرفوع لأنه فاعل وإنّما جاز ذلك لأن قبل التأكيد جيء ب «أنتم» الذي هو ضمير منفصل تأكيداً لِلواو.

(و) نحو: («قُمْ أنتَ نفسُك») ف «نفسُك» تأكيد للضمير المستتر في «قُم» الذي هو مرفوع لأنه فاعل ل «قم» وإنّما جاز ذلك لأن قبل التأكيد جيء ب «أنت» الذي هو ضمير منفصل تأكيداً لذلك الضمير المستتر.

الرابع: البدل

وهو: التابع المقصود أصالة بما نسب إلي متبوعه.

وهو بدل الكلّ من الكل،

هذا وقد جاء المصنف بمثالين: فالمثال الأوّل لتأكيد الضمير البارز، والثاني لتأكيد الضمير المستتر.

البدل

(الرابع) من التوابع (البدل، وهو: التابع المقصود أصالة بما نسب إلي متبوعه) يعني: الشيء الذي نسب إلي المتبوع كان المقصود الاصلي نسبة ذلك الشيء إلي البدل، كما تقول: «أكلتُ الرَغيفَ نصفَه» ف «نصفه» بدل عن «الرغيف» والمقصود من الأكل ليس «الرغيف» كله، بل المقصود نصفه.

(و) البدل (هو) علي أربعة أنواع:

1- (بدل الكلّ من الكلّ) وهو البدل الذي يكون ذاته عين ذات المبدل منه، وان كان معنياهما مختلفين، نحو قوله تعالي: «إهدِنا الصراطَ المستقيمَ صراطَ الذين أنعمتَ عليهم» () ف «صراط الذين أنعمتَ عليهم» بدل الكل مِن الكل عن «الصراط المستقيم»، و «صراط الذين أنعمت عليهم» هو عين «الصراط المستقيم» لان الذين انعم الله عليهم طريقهم هو الطريق المستقيم وان كان معنياهما مختلفين، فانّ «الصراط المستقيم» معناه: الطريق

والبعض من الكل، والاشتمال، وهو الذي اشتمل عليه المبدل منه بحيث يتشوّق السامع إلي ذكره، نحو: «يَسْئَلوُنَكَ عن الشَهْرِ الحَرامِ قِتَالٍ فيه» ()

المعتدل، و «صراط الذين أنعمت عليهم» معناه: طريق أناس أنعم الله عليهم.

2- (و) بدل (البعض من الكل) وهو البدل الذي يكون ذاته بعضاً من ذات المبدل منه، نحو: «أكلتُ الرغيفَ نصفَه» ف «نصفه» بدل عن «الرغيف» و «الرغيف» مبدل منه

ونصف الرغيف بعض الرغيف.

3- (و) بدل (الاشتمال وهو) البدل (الذي اشتمل عليه المبدل منه) أي: يكون المبدل منه مشتملاً علي البدل (بحيث) إذا ذكر المبدل منه (يتشوّق) يعني: يشتاق (السامع إلي ذكره) أي: إلي ذكر ذلك البدل (نحو) قوله تعالي: («يَسئلونك عن الشهرِ الحرامِ قتالٍ فيه») ف «قتال فيه» بدل مِن «الشهر الحرام» بدل اشتمال، و «الشهر الحرام» مبدل منه، كما ان «الشهر الحرام» مشتمل علي القتال فيه لأن القتال إذا وقع في الشهر الحرام فيظهر أن الشهر الحرام كان مشتملاً علي القتال، وإشتماله يكون بحيث حينما قيل: «يسئلونك عن الشهر الحرام» يَنتظر السامع ويشتاق إلي ذكر الشيء الذي يُسئل عن وقوع ذلك الشيء في الشهر الحرام.

والبدل المباين، وهو إن ذكر للمبالغة سمّي: بدل البَداء، كقولك: «حبيبي قمرٌ شمسٌ» ويقع من الفصحاء.

أو لتدارك الغلط، فبدل الغلط،

4- (والبدل المباين) وهو البدل الذي ليس نفس المبدل منه، ولا جزءاً منه، ولا كان المبدل منه مشتملاً عليه.

(وهو إن ذكر للمبالغة سمّي: بدل البداء، كقولك: «حبيبي قمرٌ شمسٌ») ف «شمس» بدل عن «قمر» وذكر البدل للمبالغة في حسن الحبيب وجماله فان الشمس أكثر نوراً من القمر فكأنّما المتكلم حينما قال: «قمر» رأي أنه قَصّر في بيان جمال حبيبه فقال: «شمس» لِيبيِّن إن جمال حبيبه أكثر من جمال «القمر» (و) هذا النوع من البدل وهو بدل البداء (يقع من الفصحاء) أي: يستعمل الفصحاء مثل هذا البدل لانّه حينما قال: «قمر» لم يكن سهواً منه، بل قال أولاً: «قمر» ثم قال: «شمس» لِيعظِّم جمال حبيبه في ذهن السامع.

(أو) يأتي بدل المباين (لِتدارك الغلط) أي: أنّ المتكلم يَشتبه فيريد أن يذكر شيئاً فيجري علي لسانه غيره ويقول شيئاً آخر غلطاً وسهواً، ثم

يصحِّح الغلط ويتدارك السهو ويذكر ما أراده (ف) يسمّي هذا النوع من البدل المباين (بدل الغلط) وأمّا مثاله فهو

نحو: «جائني زيدٌ الفرسُ» ولا يقع من فصيح.

هداية

لا يبدل الظاهر عن المضمر في بدل الكلّ إلاّ من الغائب، نحو: «ضربتُه زيداً».

(نحو: «جائني زيدٌ الفرسُ») فان المتكلم أراد مِن الأوّل أن يقول: جائني الفرس ولكنه غلط وسَها فقال: جائني زيد، ثم علم بأنه قال: «زيد» إشتباهاً فصَحّح الغلط، وقال: «الفرس» (و) هذا النوع من البدل المباين الذي يسمّي بدل الغلط (لا يقع من فصيح) أي: لا يتكلم بمثل ذلك الفصحاء في خطاباتهم وبياناتهم، وأشعارهم ونثرهم، لأنهم أولاً يلاحظون كل ما يُريدون أن يقولوه، ثم يتكلمون، والذي يلاحظ لا يغلط، ولكنه يقع في غير الأشعار والمنثورات الأدبية.

(هداية) مصدر بمنعي اسم الفاعل، يعني: الهادي إلي بقية قواعد البدل والتي منها ما يلي: (لا يبدل) الاسم (الظاهر عن المضمر) يعني: الاسم الظاهر لا يَصير بدلاً عن الضمير (في بدل الكل إلاّ من) ضمير (الغائب) فيجوز (نحو: «ضربتُه زيداً») ف «زيداً» بدل عن الهاء في «ضربتُه» بدلَ الكل.

وقال بعض المحقّقين: لا يبدل المضمر من مثله، ولا من الظاهر، وما مُثَّلَ به لذلك مصنوع علي العرب، ونحو: «قمت أنا» و «لقيتُ زيداً إيّاه»، تأكيد لفظيّ.

الخامس: عطف البيان

وهو تابع يشبه الصفة في توضيح متبوعه،

(وقال بعض المحقّقين) وهو ابن مالك علي ما قيل (لا يبدل المضمر من مثله، ولا من الظاهر) يعني: إنّ الضمير لا يصير بدلاً لا عن ضمير آخر، ولا عن إسم ظاهر (و) أضاف ابن مالك قائلاً: إنّ كل (ما مُثِّل به لذلك) أي: كل مثال جيء به لأجل إثبات صيرورة الضمير بدلاً، فهو (مصنوعٌ علي العرب) يعني: اُتِّهم به العرب، وليس من

العرب.

وأمّا (نحو) هذين المثالين التاليين فانهما جاءا من العرب قطعاً، وهما: («قمت أنا») الذي يُتخيّل أنّه صار فيه «أنا» وهو ضمير بدلاً عن «التاء» في قمتُ وهو ضمير أيضاً (و: «لقيتُ زيداً إياه») الذي يُتخيّل أنّه صار فيه «اياه» وهو ضمير بدلاً عن «زيد» وهو اسم ظاهر بينما هما (تأكيد لفظيّ) لا بدل.

عطف البيان

(الخامس) من التوابع: (عطف البيان، وهو: تابع يشبه الصفة) أي: شبيه للصفة (في توضيح متبوعه) فكما أن الصفة كانت توضِّح الموصوف، كذلك عطف البيان يوضِّح متبوعه.

نحو: «جاء زيدٌ أخوك»، ويتبعه في أربعة من عشرة،

(نحو: «جاء زيدٌ أخوك») ف «أخوك» عطف بيان ل «زيد»، ويوضّحه لأنك حينما قلت لأخ زيد: «جاء زيدٌ» لم يَعرف هل أنك تَقصد أخاه أو تقصد «زيداً» آخر، فلَمّا قلتَ: «أخوك» صار المتبوع وهو زيد واضحاً عند السامع.

(ويَتبعه) أي: يتبع عطف البيان متبوعَه يعني: يكون مثل متبوعه (في أربعة من عشرة).

أما الأربعة فهي:

1- الاعراب.

2- الافراد والتثنية والجمع.

3- التذكير والتأنيث.

4- التعريف والتنكير.

وأما العشرة فهي: الرفع والنصب والجر، الافراد والتثنية والجمع، والمذكّر والمؤنّث، والتعريف والتنكير.

يعني: يجب أن يتطابق عطف البيان مع متبوعه في أربعة من هذه الأشياء العشرة (كالنعت) يعني: كما أن النعت كان يتطابق مع متبوعه في أربعة من هذه العشرة.

فمثلاً: «أخوك» في المثال السابق متطابق مع «زيد» في الأربعة:

1- «أخوك» مفرد، و «زيد» مفرد.

كالنعت.

ويفترق عن البدل في نحو: «هندٌ قامَ أبوها زيدٌ»؛ لأنّ المبدل منه مستغنيً عنه، وهنا لابّد منه، وفي

2- «أخوك» مذكّر، و «زيد» مذكّر.

3- «أخوك» مرفوع، و «زيد» مرفوع.

4- «أخوك» معرفة لأن أخ أضيف إلي الضمير والضمير معرفة، وكلّما أضيفَتْ نكرةٌ إلي معرفة صارتْ معرفة، و «زيد» معرفة لانه علم، والعلم أحدُ المعارف.

(ويفترق) عطف البيان (عن البدل

في) أن البدل لو حذف المبدل منه وبقي البدل وحده لا يفسد المعني بينما عطف البيان قد يفسد المعني بحذف متبوعه (نحو: «هند قام أبوها زيدٌ») ف «زيد» عطف بيان ل «أبوها» لا بدل عنه (لأنّ) «زيد» لو كان بدلاً لَكان «أبوها» مبدل منه، و(المبدل منه مستغنيً عنه) بحيث لا يفسد المعني بحذفه (وهنا) أي: في هذا المثال (لابد منه) أي: لابد مِن «أبوها» لأنك لو حذفتَه وقلت: «هندٌ قام زيدٌ» فسد المعني، ولم يبق ربط بين «هند» وبين قيام زيد لعدم إشتمال الجملة الواقعة خبراً «قام زيدٌ» علي ضميرٍ رابط. فكلَّما كان حذف المتبوع مفسِداً للمعني الأصلي فليس التابع بدلاً.

(و) يَفترق أيضاً عطف البيان عن البدل (في) أن البدل يجب أن يكون بحيث يمكن دخول عامل المبدل منه علي البدل، يعني: لو حُذف المبدل

نحو: «يا زيدُ الحارثُ»، و «جاء الضاربُ الرجلِ زيدٍ»؛ لأنّ البدل في نيّة تكرار العامل، و «يا الحارثُ» و «الضاربُ زيدٍ»، ممتنعان.

الاسماء العاملة المشبّهة بالأفعال

منه وجُعل البدل مكانه، أمكن أن يَعمل عامل المبدل منه في البدل، وعطف البيان لا يجب أن يكون كذلك.

(نحو: «يا زيدُ الحارثُ» و «جاء الضاربُ الرجلِ زيدٍ») ف «الحارث» في المثال الأول عطف بيان ل «زيد» و «زيد» في المثال الثاني عطف بيان ل «الرجل»، ولا يمكن أن يكونا بدلين (لأنّ البدل في نيّة تكرار العامل و «يا الحارثُ»، و «الضاربُ زيدٍ» ممتنعان) إذ في المثال الأوّل لا يصح الجمع بين حرف النداء و «أل» فيقال: «يا الحارثُ» و في المثال الثاني الصفة التي فيها الألف واللام «الضارب» لا يجوز إضافتها إلي شيء ليس فيه ألف ولام «زيد» ولو كان «الحارث» في المثال الأوّل بدلاً عن زيد

وكان «زيد» في المثال الثاني بدلاً عن «الرجل»، لَما كان يَلزم هذان المحذوران، وحيث لا يمكن الحذف عُلم أنهما ليسا بدلين، وإنما هما عطفا بيان.

[الأسماء المشبّهة بالفعل]

(الاسماء العاملة المشبّهة بالأفعال) يعني: الأسماء التي تَعمل عمل الفعل، فترفع وتنصب، لأنها شبيهة بالأفعال.

وهي خمسة أيضاً:

الأوّل: المصدر

وهو إسم للحدث الذي اشتقّ منه الفعل، ويعمل عمل فعله

(وهي خمسة أيضاً) أي: كما أن التوابع كانت خمسة، فهذه كذلك خمسة:

المصدر

(الأوّل: المصدر، وهو إسم للحدث) أي: إسم يدل علي الحدث أي: المعني القائم بغيره، مثل «النصر» فإنّه حدث وليس شيئاً ثابتاً دائماً ك «زيد» وإنما هو يَقع ويَصدر في مقدار قصير مِن الزمان (الذي اشتقّ منه الفعل) علي ما ذهب إليه جماعة مِن أن الأصل هو المصدر فانّ الفعل الماضي «نصر» والفعل المضارع «ينصر» وغيرهما مشتقة عن «النَّصْر» كما مرّ في أوّل الأمثلة.

(و) المصدر (يعمل عمله فعله) فان كان فعله لازماً مثل «قام» فالمصدر أيضاً لازم لا يعمل بنفسه في المفعول به، تقول: «قيامُ زيدٍ حاصل» ().

مطلقاً، إلاّ إذا كان مفعولاً مطلقاً، إلاّ إذا كان بدلاً عن الفعل

وإن كان فعله متعدياً إلي مفعول واحد مثل «نَصَرَ» فالمصدر أيضاً يعمل في مفعول واحد، تقول: «نَصْرُ زيدٍ عمراً حاصلٌ».

وإن كان فعله متعدياً إلي مفعولين مثل «ظنّ»، فمصدره أيضاً يَتعدّي إلي مفعولين، تقول: «ظنُ زيدٍ عمراً قائماً خطأٌ» ف «زيد» فاعله و «عمراً» و «قائماً» مفعولان له.

وإن كان فعله يتعدّي إلي ثلاثة مفاعيل مثل «أعلم» فمصدره أيضاً يتعدّي إلي ثلاثة مفاعيل تقول: «إعلامُ زيد عمراً علياً قائماً خطأٌ» ف «زيد» فاعله، والثلاثة الباقية ثلاثة مفاعيل.

والمصدر يعمل عمل الفعل (مطلقاً) سواء كان بمعني الماضي، أم الحال أم الاستقبال، ففي الماضي تقول: «نصْرُ زيدٍ عمراً أمسِ حاصلٌ»

وفي الحال تقول: «نَصْرُ زيدٍ عمراً الآن حاصلٌ» وفي المستقبل تقول: «نَصْرُ زيدٍ عمراً غداً حاصل» وهكذا في بقية المصادر.

(إلاّ إذا كان) المصدر (مفعولاً مطلقاً) فانه لا يعمل، مثل: «نَصرتُ نصراً زيداً» ف «نَصراً» مفعول مطلق ل «نَصرتُ»، ولهذا لم يعمل في «زيد» بل العمل للفعل «نَصرتُ».

(إلاّ إذا كان) المفعول المطلق (بدلاً عن الفعل) كما إذا حُذف الفعل وجوباً، فان المفعول المطلق يصير بدلاً عن الفعل مثل: «ما أنت إلا نصراً عمراً» ف «نَصراً» مفعول مطلق ل «تَنصرُ» الذي حُذف وجوباً، والتقدير: ما

فوجهان والأكثر أن يضاف إلي فاعله، ولا يتقدّم معموله عليه، وإعماله مع اللام ضعيف، كقوله:

أنت إلاّ تَنصرُ نَصراً عمراً (ف) في هذه الصورة (وجهان):

الوجه الأوّل: أن يَعمل المفعول المطلق في «عمراً» لِكونه نائباً عن الفعل، لا لأنه مفعول مطلق.

الوجه الثاني: أن يكون الفعل المحذوف هو العامل، لأن الفعل هو الأصل في العمل، كما ان الفعل بالحذف لا يَسقط عن العمل فيكون الفعل المحذوف نصب «عمراً».

(والأكثر) في المصدر (أن يُضاف إلي فاعله) نحو: قوله تعالي: «ولولا دَفْعُ اللهِ الناسَ» () ف «الله» فاعل الدَفْع وهو مصدر و «الناس» مفعول، أُضيف الدفع إلي الله سبحانه.

وعليه: فلا يضاف المصدر إلي مفعوله إلاّ قليلاً، نحو: «نَصرُ عمروٍ زيدٌ حاصل» كما أنه لا يأتي المصدر غير مضاف إلاّ قليلاً، نحو: «نَصْرٌ زيدٌ عمراً حاصلٌ».

(ولا يتقدّم معموله) أي: معمول المصدر (عليه) أي: علي المصدر فلا يقال: «عمراً نَصْرٌ زيدٌ».

(وإعماله) أي: إعمال المصدر إذا كان (مع اللام ضعيف، كقوله) أي:

ضَعيفُ النكايةِ أعداءَه

الثاني والثالث: اسم الفاعل والمفعول

فاسم الفاعل ما دلّ علي حدث وفاعله علي معني الحدوث.

كقول الشاعر:

(ضعيفُ النكايةِ أعداءَه)

ف «النكاية» مصدر مع الألف واللام، ولكنه مع ذلك نصب «أعداءَه» مفعولاً لنفسه، وفاعله ضمير محذوف،

والأصل ضعيف نكايتُه أعداءَه، يعني: أنّ قهره أعداءَه بالقتل والجرح ضعيف. أي: ليس قادراً علي أن يَقهر الأعداء قهراً كاملاً قوياً.

اسم الفاعل

(الثاني، والثالث) من الأسماء العاملة لشباهتها بالأفعال (إسم الفاعل و) إسم (المفعول).

(فإسم الفاعل) هو: (ما دلّ علي حدث) وعلي (فاعله) أي: فاعل ذلك الحدث، وكان (علي معني الحدوث) لا علي معني الثبوت كالصفة المشبهة، نحو: «حَسَن» فانه دال علي حدث وهو الحُسْن، وعلي فاعل الحدث وهو الشخص المتّصف بالحسن، ولكنه حدث ثابت.

ومثال إسم الفاعل «ناصر» يعني: شخص صدر منه النصر، فانه دال علي الحدث وهو النصر، ودال علي فاعل ذلك الحدث وموجِده وهو الشخص

فان كان صلة ل «أل» عمل مطلقاً، وإلاّ فيشترط كونه للحال والاستقبال، واعتماده علي نفي، أو استفهام، أو مخبرَ عنه.

الذي صدر منه النصر، وهو علي معني الحدوث، لا الثبوت لان «الناصر» دال علي أن الناصرية حادِثة لفاعل النصر غير ثابتة له، بخلاف مثل «حَسَن» فانه كان المصدر وهو الحُسْن شيئاً حادثاً إلا أن صيغة «حَسَن» دالة علي ثبوت هذا الحادث لِصاحبه.

(فان كان) اسم الفاعل (صلة ل «أل») الموصولة (عمل مطلقاً) أي: حتّي ولو كان بمعني الماضي، دون الحال أو الاستقبال، نحو: «جاء الناصر زيداً أمسِ» أي: جاء الذي نصر زيداً، ف «الناصر» بمعني الماضي، ومع ذلك عمل ونَصَب «زيداً» لكونه مع الألف واللام.

(وإلا) أي: وإن لم يكن اسم الفاعل صلة ل «ال» الموصولة (فيشترط) في عمله اجتماع أمرين:

الأوّل: (كونه للحال والاستقبال) أي: بمعني الحال، أو بمعني الاستقبال، فلو كان بمعني الماضي لا يَعمل، فلا يجوز «جاء ناصرٌ زيداً أمسِ».

(و) الثاني: (اعتماده علي نفي، أو استفهام، أو مخبَر عنه) أي بان يقع إسم الفاعل بعد أداة النفي، أو بعده اداة الاستفهام، أو

بعدما له خبر سواء كان مبتدأً، أم كان اسماً لاحد الأفعال الناقصة أو الحروف المشبّهة بالفعل، أم كان مفعولاً أولاً لأفعال القلوب، وذلك بأن يصير إسم الفاعل مع معموله جميعاً خبراً لذلك الشيء.

أو موصوف أو ذي حال،

(أو) يعتمد إسم الفاعل علي (موصوف) بأن يصير هو مع معموله جميعاً صفة لذلك الموصوف.

(أو) يعتمد علي (ذي حال) بأن يصير هو مع معموله جميعاً حالاً لذي الحال.

أمّا أمثلة ذلك فكالتالي:

1- مثال الاعتماد علي النفي: «ما هاجِرٌ زيدٌ أحداً».

2- مثال الاعتماد علي الاستفهام: «أهاجرٌ زيدٌ أحداً؟».

3- مثال الاعتماد علي المخبر عنه: «زيد هاجرٌ هو عمراً» ف «زيد» مبتدأ، و «هاجر» إسم فاعل، و «هو» فاعل ل «هاجر» و «عمراً» مفعوله، والمجموع خبر للمبتدأ «زيد».

أو نحو: «إن زيداً هاجِرٌ عمراً» حيث اعتمد علي اسم «إنّ» وهو «زيد».

أو نحو: «كان زيد هاجِراً عمراً» حيث اعتمد علي اسم كان.

أو نحو: «ظننتُ زيداً هاجراً عمراً» حيث اعتمد علي المفعول الأوّل ل «ظنّ» وهو: زيد.

4- مثال الاعتماد علي الموصوف: «مررتُ برجلٍ هاجِرٍ هو عمراً» ف «رجلٍ» موصوف، و «هاجِرٍ هو عمراً» كلّها صفة ل «رجل».

5- مثال الاعتماد علي ذي الحال: «جاء زيدٌ راكباً هو فرساً» ف «زيد»

ولا يعمل بمعني الماضي، خلافاً للكسائي، و «كَلْبُهم باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصيدِ» () حكاية حال ماضية.

ذو الحال، و «راكباً هو فرساً» كلّها حال ل «زيد».

(ولا يعمل) إسم الفاعل الذي ليس صلة ل «ال» الموصولة إن كان (بمعني الماضي) وإن كان معتمداً علي أحد الخمسة المذكورة: «النفي» و «الاستفهام» و «المخُبَر عنه» و «الموصوف» و «ذي الحال» فلا يصحّ أن يقال: «أهاجِرٌ زيد عمراً أمسِ».

(خلافاً للكسائي) الذي هو مِن علماء النحو، حيثُ جوّز عمل إسم الفاعل وإن كان بمعني الماضي.

(و)

أما قوله تعالي في القرآن الحكيم: (وكَلْبُهم باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصيدِ») الذي عمل اسم الفاعل: «باسطٌ» في «ذِراعَيْه» فنَصَبه علي انه مفعوله، وعلامة النصب فيه الياء، مع أن المراد مِن «الباسط»: الباسط في الزمان الماضي السابق لانه قصة أصحاب الكهف وأصحاب الكهف كانوا قبل نزول القرآن علي نبيّنا | فجوابه: أنه (حكاية حال ماضية).

ومعني حكاية الحال الماضية: نقل القصة السابقة في الزمن الحاضر وذلك بأن تفرض نفسك موجوداً في ذلك الزمان الماضي، فتَحكي القصة الآن بصورة لو كنتَ موجوداً في ذلك الزمان لكنت تحكيها كذلك.

مثلاً: لو كنتَ تحَكي يوم الجمعة قصةً وقعت في يوم الخميس، فانك تقول: «قلتُ لفلان: إذهب إلي المدرسة، فاليوم يحضر الاستاذ لإلقاء الدرس، فانبري يجيبني بقوله: لا أعتمد علي قولك، هذا اليوم ليس لنا درس».

فانت في يوم الجمعة حين تَنقل هذه القصة تَنقلها كما وقعت في وقتها، فتأتي بالأفعال المضارعة: «يحضر» و «يجيبني» و «لا أعتمد» مع العلم بأن حضور الاستاذ وجواب ذلك الشخص واعتماده أمور قد مضت، وصارت في حيّز الماضي.

وكذلك قولك يوم الجمعة حكاية عن قول صديقك في يوم الخميس: «هذا اليوم ليس لنا درس» مع العلم بأنكَ لم تَقصد به يوم الجمعة الذي تَنقل فيه القصة. فكيف حين تَنقل القصة تقول: «هذا اليوم..» مع أنك تقصد به يوم الخميس، فإنه ما ذلك إلا لإجل فَرْضك حين نقل القصة وحكايتها كأن القصة واقعة الآن، لا في الزمن الماضي. إذ حين نقل القصة يحضر في ذهن المتكلم وذهن السامع زمان وقوعها، فيلقي الكلام باعتبار الحال.

وهكذا القرآن الحكيم فهو حينما يحكي قصة أصحاب الكهف يعتبر كأنه هو الآن في زمان أصحاب الكهف، فيقول: «وكَلْبُهم باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصيدِ» فيُلقي الكلام علي أنّ «كلبهم»

الآن «باسِطٌ» فصار «باسِطٌ» بمعني الحال، ولذا عمل.

واسم المفعول

ما دلّ علي حدث ومفعوله، وهو في العمل والشرط كأخيه.

اسم المفعول

(وإسم المفعول) هو (ما دلّ علي حدث و) دل علي (مفعوله) أي: علي مَن وقع عليه ذلك الحدث.

فمثلاً: «منصور» معناه: شخص وقع عليه «النصر» ف «النصر» حدث، لأنه شيء حادث يصدر ويزول وليس شيئاً ثابتاً، وذاك الشخص هو الذي وقع عليه الحدث.

(وهو) أي: إسم المفعول (في العمل والشرط كأخيه) أي: مثل إسم الفاعل، فكل ما كان شرط العمل لاسم الفاعل هو أيضاً شرط العمل لاسم المفعول، وكل عمل كان يَعمله إسم الفاعل، يعمله اسم المفعول أيضاً.

فاسم المفعول إن كان صلة ل «أل» الموصولة يَعمل وإن كان ماضياً، نحو: «المنصور زيدٌ» ف «زيد» نائب الفاعل لمنصور، عمل فيه «منصور» فرَفَعه.

وان لم يكن اسم المفعول صلة ل «أل» فيَعمل بشرطين:

الأول: أن يكون بمعي الحال أو الإستقبال.

الثاني: أن يعتمد علي نفي، أو استفهام، أو مخبر عنه، أو موصوف، أو ذي حال.

فالنفي نحو: «ما منصورٌ زيدٌ».

والاستفهام نحو: «أمنصورٌ زيدٌ؟».

والمخبَر عنه نحو: «زيدٌ منصورٌ» ف «زيد»: المخبر عنه وهو مبتدأ، و «منصورٌ» خبره، وقد عمل «منصور» في ضمير راجع إلي زيد ومستترٍ في «منصور» علي انه نائب فاعل له.

والموصوف نحو: «جاءني رجل منصورٌ» فالصفة «منصور» والموصوف «رجل» وقد عمل «منصور» في ضمير راجع إلي «رجل» مستترٍ في «منصور»، علي أنه نائب فاعل له.

وذو الحال نحو: «جائني زيد منصوراً» فالحال «منصوراً» وذو الحال «زيد» وقد عمل «منصوراً» في ضميرٍ راجع إلي «زيد» مستترٍ في «منصوراً» علي انه نائب فاعل له.

الرابع: الصفة المشبهة

وهي ما دل علي حدث وفاعله علي معني الثبوت. وتفترق عن اسم الفاعل بصوغها عن اللازم دون المتعدّي ك «حَسَن» و «صعب».

الصفة المشبّهة

(الرابع) من الأسماء التي تعمل لشباهتها بالأفعال: (الصفة المشبّهة،

وهي ما دل علي حدث و) دل علي (فاعله) أي: علي فاعل ذلك الحدث، يعني: المتصّف بالحدث، وكان الحدث موجوداً في الفاعل (علي معني الثبوت) أي: كان ثابتاً فيه، مثل «حَسَن» الذي معناه شخص متصف بالحُسن فإنه صفة مشبهة لانه يدل علي الحدث فان الحُسن شيء حادث ويدل علي الفاعل وهو الشخص المتصف بالحُسن، والحُسن حدث ثابت في صاحبه، وليس كالنصر حدثاً غير ثابت.

(وتفترق) الصفة المشبّهة (عن اسم الفاعل ب) خمسة أمور:

الأمر الأول: أن الصفة المشبّهة يجب (صوغها) أي: صنعها (عن) الفعل (اللازم دون المتعدّي) فلا يصح صنع صفة مشبّهة عن فعل متعدّي (ك «حَسَن» و «صَعْب»،) فانّ فعلهما: «حَسُنَ» و «صَعُبَ» لازمان لا يتعديان إلي المفعول به بنفسهما.

وبعدم جواز كونها صلة ل «ال».

وبعملها من غير شرط زمان.

وبمخالفة فعلها في العمل.

الأمر الثاني: (وبعدم جواز كونها) أي: كون الصفة المشبّهة (صلة ل «أل») فلا يصح أن تقول: «الحسن» بناءاً علي كون «ال» موصلة، نعم يمكن دخول «أل» التعريف عليها بخلاف اسم الفاعل فانه يدخل «أل» الموصولة عليه تقول: «الناصح» بمعي: الذي هو ناصح.

الأمر الثالث: (وبعملها) أي: بعمل الصفة المشبّهة (من غير شرط زمان) فتعمل وإن كانت للماضي، بخلاف إسم الفاعل فانه إن كان بمعي الماضي ولم يكن صلة ل «أل» لم يعمل.

الأمر الرابع: (وبمخالفة) الصفة المشبّهة مع (فعلها في العمل) فان الصفة المشبّهة بعد رفع الفاعل تنصب اسماً علي التشبيه بالمفعول أو علي التمييز وإن كان فعله لازماً لا يَنصب شيئاً نحو: «جاء زيدٌ الحَسَنُ الوَجهَ» بنصب «الوجه» تَشبيهاً له بالمفعول، وفاعل «الحَسَن» ضمير مستتر فيه راجع إلي «زيد» بخلاف اسم الفاعل فانه لا يُخالف فعله في العمل، فان كان فعله لازماً كان اسم الفاعل لازماً،

نحو: «قائم» فانه لازم لا ينصب شيئاً لأن فعله «قام» لازم، ونحو: «ناصر» فانه متعدٍّ لان فعله «نَصَر» متعدٍّ أيضاً.

وبعدم جريانها علي المضارع.

تبصرة

ولمعمولها ثلاث حالات: الرفع بالفاعليّة، والنصب علي التشبيه بالمفعول إن كان معرفة،

الأمر الخامس: (وبعدم جريانها) أي: جريان الصفة المشبّهة (علي) حركات وسكونات (المضارع) فانه يجب أن تكون حركات وسكونات اسم الفاعل كحركات وسكونات المضارع.

فمثلاً: «ناصح» الحرف الثاني منها ساكنة وبقية حروفها متحركات، كما أن «يَنْصح» الحرف الثاني منها ساكنة وبقية حروفها متحركة، ولكن الصفة المشبّهة قد لا تتوافق مع مضارعها في الحركات والسكونات مثل: «شريف» الذي هو صفة مشبّهة، و «يَشْرُفُ» الذي هو مضارع، فان «شريف» الحرف الثالث منها ساكنة، بينما «يَشْرُف» الحرف الثالث منها مضمومة.

(تبصرة: و) يكون (لمعمولها) أي: لمعمول الصفة المشبهة (ثلاث حالات) تالية:

الحالة الأولي: (الرفع بالفاعلية) أي: بناءاً علي كونه فاعلاً للصفة المشبّهة نحو: «زيدٌ حَسَنٌ وَجهُه» برفع «وجه».

الحالة الثانية: (والنصب) بناءاً (علي التشبيه بالمفعول إن كان) ذلك المعمول (معرفة) بالألف واللام، أو بالاضافة نحو: «زيدٌ حَسَنُ الوَجْهَ» و «حَسَنٌ وجْهَه» بنصب «وجه».

والتمييز إن كان نكرة، والجرّ بالاضافة. وهي مع كلّ من هذه الثلاثة: إمّا باللام أوْ لا، والمعمول مع كلّ من هذه الستّة: إمّا مضاف أو باللام أو مجرّد؛ صارت ثمانية عشر، فالممتنع:

(و) بناءاً علي (التمييز إن كان) المعمول (نكرة) نحو: «زيدٌ حَسَنٌ وجهاً» بنصب «وجه».

وإنما صار معمول الصفة المشبهة إذا كان معرفة شبيهاً بالمفعول به، لا نفس المفعول به، لأنّ صوغ الصفة المشبهة إنما يكون مِن الفعل اللازم، فكما لا يتعدّي الفعل اللازم إلي المفعول به كذلك الصفة المشبّهة المصوغة منه.

الحالة الثالثة: (والجرّ بالاضافة) أي: بإضافة الصفة المشبّهة إلي معمولها نحو: «زيد حَسَنُ الوَجْهِ» بجرّ «الوجه».

(وهي) أي: الصفة

المشبهة (مع كل) واحد (من هذه الثلاثة) الرفع والنصب والجرّ (إمّا باللام أوْ لا) أي: بدون اللام، فهذه ستة (والمعمول) أي: معمول الصفة المشبّهة (مع كل) واحد (من هذه الستة: إمّا مضاف) أي: أضيف إلي شيءٍ (أو باللام) أي: مع الألف واللام (أو مجرّد) فلا مضاف ولا مع الالف واللام، ثلاثة ضربْناها في ستة فالأقسام (صارت ثمانية عشر، فالممتنع)

«الحَسَنُ وَجهِه» و «الحَسَنُ وَجهٍ»، واختلف في «حَسَنُ وَجهِه».

منها إثنان: («الحَسَنُ وَجهِه» و «الحَسَنُ وَجهٍ») بجرّ «الوجه» في المثالين، لاضافة «الحَسَن» إليه، وصارا ممتنعين لما يلي:

أما امتناع المثال الأول: فلأن الاضافة يجب أن تفيد إمّا تعريفاً، نحو: كتاب زيد، أو تخصيصاً، نحو: كتاب رجل، أو تخفيفاً، نحو: ناصرُ زيد. بينما الاضافة هنا لم تفد تعريفاً لأن «الحَسَن» معرفة بواسطة الألف واللام، ولا أفادت تخصيصاً لأن «الحَسَن» المعرفة هو أعلي من التخصيص، ولا أفادت تخفيفاً لأن «الحَسَن» سواء أضفتَه أم لم تضفه لا تنوين فيه بواسطة وجود الألف واللام، فالاضافة لا تفيده تخفيفاً أيضاً، فلا يصح بجميع الوجوه إضافة «الحسن» إلي «وَجهِه».

وأما امتناع المثال الثاني: فلأن النكرة دائماً تضاف إلي المعرفة، ولا تضاف المعرفة إلي النكرة، وهنا لو انجرّ «وَجهٍ» كان معناه اضافة المعرفة وهو الحَسَن إلي النكرة وهو: «وجهٍ» فلا تجوز الاضافة.

(واختلف في «حَسَنُ وَجهِه») باضافة «حسن» إلي «وجه» واضافة «وجه» إلي الضمير الراجع إلي موصوف «حسن» فقال المبرّد: لا يجوز مطلقاً في الشعر وغيره، وقال الكوفيون: يجوز مطلقاً. وقال سيبويه والبصريون: يجوز علي قبح في ضرورة الشعر فقط وإنما اختلف فيه: لأن في «حسن وجهِه» طريقَيْن للتخفيف.

أحدهما: إضافة «حسن» إلي «وجهه» لِيحذف التنوين من «حسن».

أما البواقي؛ فالأحسن: ذو الضمير الواحد، وهو تسعة،

ثانيهما: حذف الضمير مِن «وجهه»

لعدم الحاجة إليه وعدم إضافة «حسن» إلي «وجه» بل برفع «حسن» و «وجه».

والطريق الثاني: تخفيفه أكثر مِن الأول، لأن فيه إسقاط حرف. وهو يجعل الكلمة أخفّ مِن حذف التنوين، فمع إمكان حذف الضمير لا وجه لِعدم حذفه وتحصيل التخفيف بحذف تنوين «حسن» للاضافة.

(أما) الأوجه الخمسة عشر (البواقي؛ فالأحسن: ذو الضمير الواحد) أي: الذي فيه ضمير واحد (وهو تسعة) من خمسة عشر:

1- «جائني زيدٌ الحَسَنُ وَجهُه» برفع «وجه» بناءاً علي كونه فاعلاً ل «حسن» والضمير الواحد الموجود في المثال، هو: الضمير البارز «الهاء» الملصق ب «وجه».

2- «جائني زيدٌ الحَسَنُ الوجهَ» بنصب «الوجه» بناءاً علي كونه شبيهاً بالمفعول ل «الحسن» والضمير الواحد الموجود في المثال، هو: الضمير المستتر في «الحسن» لِيكون فاعلاً ل «الحسن» وتقديره: الحسن هو الوجهَ.

3- «جائني زيدٌ الحَسَنُ الوجهِ» بجرّ «الوجه» بناءاً علي إضافة «الحسن» إلي «الوجه»، والضمير الواحد الموجود في المثال هو فاعل «الحسن» المستتر فيه والراجع إلي «زيد». و «الوجه» مضاف إليه وشبيه بالمفعول ل «الحسن»، وليس فاعلاً لعدم صحة إضافة الصفة إلي فاعلها.

4- «جائني زيدٌ الحَسَنُ وجهاً» بنصب «وجه» بناءاً علي كونه تمييزاً

ل «الحسن» وفاعله: ضمير مستتر تقديره: الحسن هو وجهاً، وليس فيه ضمير سوي هذا الضمير المستتر.

5- «جائني زيدٌ الحَسَنُ وجهُه» برفع «وجه» بناءاً علي كونه فاعلاً ل «الحسن» و «وجه» أضيف إلي «الهاء» الذي هو ضمير راجع إلي «زيد» وليس في هذا المثال ضمير إلا هذا الضمير الذي أضيف «وجه» إليه.

6- «جائني زيدٌ حَسَنٌ الوجهَ» بنصب «الوجه» بناءاً علي كونه شبيهاً بالمفعول ل «حسن» والفاعل: ضمير مستتر تقديره: حسن هو الوجهَ، وليس في هذا المثال ضمير غير هذا الضمير المستتر.

7- «جائني زيدٌ حَسَنُ الوجهِ» بجرّ «الوجه» بناءاً علي إضافة

«حسن» إلي «الوجه» وفاعل «الحسن» ضمير مستتر فيه وراجع إلي «زيد». و «الوجه» مضاف إليه وشبيه بالمفعول ل «الحسن» وليس فاعلاً لعدم صحة إضافة الصفة إلي فاعلها.

8- «جائني زيدٌ حَسَنٌ وجهاً» بنصب «وجه» بناءاً علي كونه تمييزاً ل «حسن». والفاعل: ضمير مستتر تقديره: حسن هو وجهاً، وليس في هذا المثال ضمير غير هذا الضمير المستتر.

9- «جائني زيدٌ حَسَنُ وجهٍ» بجرّ «وجه» لاضافة «حسن» إليه، و «وجه» مضاف إليه وشبيه بالمفعول ل «حسن» لا فاعله، لعدم صحة اضافة الصفة إلي فاعلها، وفاعلها ضمير «هو» مستتر فيه راجع إلي «زيد».

والحسن: ذو الضميرين وهو إثنان،

ثم إنّ «حسن» في جميع هذه التسعة مرفوع، لأنه صفة ل «زيد» و «زيد» مرفوع لأنّه فاعل ل «جائني»، فتكون صفته أيضاً مرفوعة. نعم، في المثال الثالث والسابع والتاسع يكون «حسن» بدون التنوين، لأنه أضيف إلي ما بعده في تلك الأمثلة الثلاثة. والمضاف يحذف منه التنوين. كما أنّ في المثال الأوّل والثاني والرابع والخامس أيضاً يكون «الحسن» بدون التنوين، لأنه فيه «ألف ولام» والألف واللام لا يجتعمان مع التنوين.

(والحسن) وهو مقابل الاحسن من الأوجه الخمسة عشر هو (ذو الضميرين) يعني: المثال الذي فيه ضميران وانما صار حسن ولم يكن أحسن، لأنه يحتاج إلي ضمير واحد، بينما هو فيه ضميران، ففيه ضمير زائد (وهو إثنان):

1- «جائني زيدٌ الحَسَنُ وَجهَه» بنصب «وجه» بناءاً علي كونه شبيهاً بالمفعول ل «الحسن» والفاعل ضمير مستتر تقديره: الحسن هو وجهَه، وفي هذا المثال ضميران: أحدهما: الفاعل المستتر، والثاني: الضمير الذي أضيف إليه «وَجْه».

2- «جائني زيدٌ حَسَنٌ وَجهَه» بنصب «وجه» بناءاً علي كونه شبيهاً بالمفعول ل «حسن» والفاعل ضمير مستتر تقديره: حسنٌ هو وجَهه. وفي هذا المثال أيضاً ضميران: أحدهما الفاعل

المستتر، والثاني الضمير الذي أضيف إليه «وجه».

والقبيح: الخالي من الضمير وهو أربعة.

ثم إنّ «حسن» هنا في المثال الأوّل مرفوع لأنه صفة ل «زيد» وزيد مرفوع لأنه فاعل ل «جائني» نعم، هو بدون تنوين، لأن فيه الألف واللام، بينما «حسن» في المثال الثاني مرفوع مع التنوين لِعدم وجود «أل» فيه.

(والقبيح) في الأوجه الخمسة عشر هو: (الخالي مِن الضمير) أي: الأمثلة التي ليس فيها ضميرٌ أبداً وإنما صار قبيحاً: لان الجملة التي هي صفة تحتاج إلي الضمير، فلو خليت من الضمير صار التكلّم بها قبيحاً (وهو أربعة) أمثلة:

1- «جائني زيدٌ الحَسَنُ الوجهُ» برفع «الوجه» بناءاً علي كونه فاعلاً ل «الحسن».

2- «جائني زيدٌ الحَسَنُ وجهٌ» برفع «وجه» لكونه فاعلاً ل «الحسن».

3- «جائني زيدٌ حَسَنٌ الوَجهُ» برفع «الوجه» لكونه فاعلاً ل «حسن».

4- «جائني زيدٌ حَسَنٌ وَجهٌ» برفع «وجه» لكونه فاعلاً ل «حسن» ففي هذه الأمثلة الأربعة لا يوجد ضمير أبداً، لأنه لا ضمير مستترٌ في الصفة، ولا أضيف «وجه» إلي ضمير.

ثم إنّ «حسن» في هذه الأمثلة الأربعة مرفوع، لأنه صفة ل «زيد» وزيد فاعل ل «جائني». نعم، هو في المثالين: الأول والثاني بدون التنوين لأن فيه «ال»، بينما في المثالين: الثالث والرابع مع التنوين لأنه ليس فيه «أل».

وفيما يلي جدول الأوجه الثمانية عشر علماً بان المراد من «الرفع والنصب والجر» رفع «وجه» ونصبه وجرّه:

المثال: بالرفع بالنصب بالجر

جاءني زيد الحسن وجه أحسن حسن ممتنع

جاءني زيد الحسن الوجه قبيح أحسن أحسن

جاءني زيد الحسن وجه قبيح أحسن ممتنع

جائني زيد حسن وجهه أحسن حسن مختلف فيه

جاءني زيد حسن الوجه قبيح أحسن أحسن

جاءني زيد حسن وجه قبيح أحسن أحسن

الخامس: اسم التفضيل

وهو ما دلّ علي موصوف بزيادة علي غيره، وهو «أفْعَل» للمذكر، و «فُعْلي» للمؤنّث. ولا

يُبني إلا من ثلاثيّ،

اسم التفضيل

(الخامس) من الأسماء التي تعمل لأنها شبيهة بالأفعال (إسم التفضيل وهو ما دلّ علي موصوف بزيادة علي غيره) تقول: «زيد أعلم من عمرو» ف «أعلم» إسم تفضيل، لأنه دل علي أن موصوفه يعني: زيداً له في العلم زيادة علي عمرو.

(وهو) أي: اسم التفضيل يكون علي وزن (أفْعَل) بفتح الهمزة وسكون الفاء وفتح العين إذا كان (للمذكّر، و «فُعْلي») بضم الفاء وسكون العين وفتح اللام التي بعدها ألف تكتب بالياء (للمؤنث).

يعني: إذا كان المقصود تفضيل مذكر علي غيره جيء بإسم التفضيل علي وزن «أفعل» وإن كان المقصود تفضيل مؤنث علي غيرها جيء باسم التفضيل علي وزن «فُعْلي» تقول: «زيدٌ الأفْضَل» و «هندٌ الفُضْلي».

(ولا يُبني) إسم التفضيل أي: لا يُصنع (إلا من) فعل يكون فيه خمسة شروط:

الأوّل: (ثلاثي) أي: ما كان حروفه ثلاثة.

تامّ، متصرّف، قابل للتفاضل، غير مصوغ منه «أفعل» لغير التفضيل؛ فلا يبني من نحو: «دَحْرَجَ» و «نِعْمَ» و «صارَ» و «ماتَ»

الثاني: (تام) أي: لا يكون مِن الأفعال الناقصة.

الثالث: (متصرّف) أي: يكون له ماض، مضارع، أمر، نهي وغيرها، ولا يكون جامداً مثل «عسي» ونحوه.

الرابع: (قابل للتفاضل) أي: يكون مِن الأفعال التي يمكن أن يكون أحد حائزاً مِن من ذلك الفعل أكثر من غيره، كالعلم الذي يمكن أن يكون علم شخص أكثر من علم غيره.

الخامس: (غير مصوغ منه «أفعل» لغير التفضيل) أي: لم يصنع من ذلك الفعل اسم علي وزن «أفْعَل» ولم يكن القصد بذلك الاسم التفضيل مثل «أخْضَر» فانه علي وزن «أفعَل» ولكن معناه: الشي الذي لونُه الخضرة، وليس المراد مِن «أخضر» الشيء الذي خضرتُه أكثر من خضرة غيره.

وعليه (فلا يبني) إسم التفضيل، أي: لا يُصنع (من نحو: «دحرج») لأنه رباعي، فلا

يقال: «أدْحَرَج».

(و) لا مِن («نعم») لانه فعل جامد فلا يقال: «أنْعَم».

(و) لا من («صار») لانه من الأفعال الناقصة، فلا يقال: «أصْيَر» (و) لا من («ماتَ») لانه ليس قابلاً للتفاضل، فلا يقال: «أمْوَت» لأنه ليس موت أحد أكثر مِن موت شخص آخر، فالموت هو خروج الروح، وليس خروج الروح قابلاً لأن يكون شخص خروج روحه أكثر من خروج روح شخر آخر.

ولا مِن: «عَوِرَ» و «خَضِرَ» و «حَمُقَ»؛ لمجيء: «أعْوَر» و «أخْضَر» و «أحْمَق» لغيره.

فان فقد الشرط توصّل ب «أشدّ» ونحوه،

(ولا) يصنع إسم التفضيل (مِن «عَوِر» و «خَضِر» و «حَمُقَ» لمجيء: «أعْوَر» و «أخْضَر» و «أحْمق» لغيره) أي: لغير التفضيل يعني: للصفة المشبّهة، فان «أعْوَر» معناه: الذي ذهب حسّ أحد عَينَيه، و «أخْضَر»: هو اللون الشبيه بالخُضروات، و «أحْمقَ»: هو الشخص الذي يكون قليل العقل، فليس في معانيها تفضيل، فلا يصح صنع إسم التفضيل منها.

مثلاً: لايصح أن يقال: «زيد أعْوَر من عمرو» ولا «زيد أخْضَر مِن عمرو» ولا «زيدٌ أحمق من عمرو».

(فان فقد الشرط) بأن لم يتوفّر شرط الصحة لصنع إسم التفضيل في فعل، كما لو كان الفعل رباعياً، أو ناقصاً، أو جامداً أو غير قابل للتفاضل، أو كان مصوغاً منه علي وزن «أفْعَل» لغير التفضيل (توصّل ب «أشدّ» ونحوه) أي: نحو أشد ك «أكثر» وأكْبَر» و «أعْظَم» وذلك بأن يؤتي بعد «أشد» ونحوه مصدر الفعل الذي لا يصاغ منه إسم التفضيل، فيقال مثلاً: «زيد أكبر عواراً من عمرو» و «هذا الثوب أكثر خُضرة من ذاك الثوب» و «زيد أشدّ دَحْرجة مِن عمرو» و «خالد أعظم موتاً مِن بكر» وهكذا يقال: «هذا الورق أشد بياضاً من ذاك الورق» و «هذه العباءد أشدّ سواداً من تلك العباءة» لأن

«أبيض» و «أسود» ليس معناهما التفضيل. وهكذا في غير ذلك.

و «أحمقُ من هبنّقة» شاذّ، و «أبيضُ من اللّبن» نادر.

تتمّة

ويستعمل إمّا: ب «مِنْ»،

(و) أمّا ما ورد في المثل: («أحْمَق من هبنّقة») يعني: أكثر حُمقاً من هبنّقة، مع أن «حَمُقَ» لا يصنع منه التفضيل علي وزن «أفْعَل»، فهو «شاذّ» أي: مخالف للقاعدة النحوية، فلا يمكن أن نَصنع مثله.

(و) أما في المثل: («أبيض مِن اللّبن») يعني: أكثر بياضاً من بياض اللبن، مع أن «بَيُضَ» لا يصنع منه إسم التفضيل علي وزن «أفْعَل» فهو (نادر) أي: قليل فلا يُقاس عليه.

هبنّقة بفتح جميع حروفها، وتشديد النون هو لقب لشخص كان أحمقاً إلي درجة كان قد صنع قلادةً مِن خزف وعظام وغيرها، ووضع هذه القلادة في رقبته حتّي لا يُضيّع نفسه، فسرق أخوه ليلة هذه القلادة وجعلها في عنق نفسه، فلما صار الصبح، وَرأي هنبّقة القلادة في رقبة أخيه، قال لأخيه: «أنتَ أنا» «فَمن أنا؟» فضُرب المثل بحُمقه.

(تتمّة) أي: متمِّم لأحكام إسم التفضيل، وهي علي ما يلي:

(ويستعمل) إسم التفضيل علي أنحاء ثلاثة:

1- (إمّا ب «مِنْ») الجارة بأن يكون بعد اسم التفضيل «مِن» نحو: «زيد أفضل من عمرو».

أو ب «أل» أو مضافاً؛ فالأوّل: مفرد مذكّر دائماً، نحو: «هندٌ أو الزيدانِ أفضلُ من عمرو»، وقد يحذف «من»، نحو: «الله أكبرُ»

2- (أو ب «أل») بأن يكون إسم التفضيل مع الألف واللام نحو: «زيد الأفضل».

3- (أو) يكون إسم التفضيل (مضافاً) بأن يضاف اسم التفضيل إلي ما بعده نحو: «زيد أفضل الناس».

(فالأوّل) يعني: لو استعمل إسم التفضيل ب «مِنْ» فهو (مفرد مذكّر دائماً) سواء كان موصوف إسم التفضيل مفرداً أم غير مفرد، مذكراً أم مؤنثاً (نحو: «هند أو الزيدانِ أفضل من عمرو») يعني: هند أفضل من

عمرو، والزيدان أفضل من عمرو. ففي المثال الأوّل الموصوف وهو «هند» مؤنث ومع ذلك إسم التفضيل وهو «أفضل» مذكّر، وفي المثال الثاني الموصوف وهو «الزيدان» مثنّي ومع ذلك اسم التفضيل مفرد.

(وقد يُحذف «مِنْ») وما بعدها (نحو: الله أكبر») ف «أكبر» إسم للتفضيل، والتقدير مثلاً: «الله أكبر مِن أن يوصف» فحذف «من» وما بعدها.

والثاني: يطابق موصوفه ولا يجامع مع «مِنْ» نحو: هندٌ الفُضْلي»، و «الزيدانِ الأفضلانِ».

والثالث: إن قصد تفضيله علي من أضيف إليه وجب كونه منهم، وجازت المطابقة وعدمها، نحو: «الزيدانِ أعلما النّاسِ أو أعلمهم»،

(والثاني) وهو أن يستعمل إسم التفضيل مع «أل» فيجب أن (يطابق) إسم التفضيل (موصوفه ولا يجامع مع «مِن») أي: لا يصح أن يكون اسم التفضيل مع «أل» و «من» معاً (نحو: «هند الفُضْلي» و «الزيدان الأفضلان») ف «الفضلي» و «الأفضلان» إسمان للتفضيل ولكن حيث كان الموصوف في المثال الأوّل وهو «هند» مؤنثاً صار إسم التفضيل أيضاً مؤنّثاً، وفي المثال الثاني حيث كان الموصوف وهو «الزيدان» مثنّي صار إسم التفضيل أيضاً مثنّي، ليطابق إسم التفضيل موصوفَه، ولا يصح: «زيد الأفضل من عمرو» لأنه لا يجتمع «ال» مع «من» في إسم التفضيل.

(والثالث) وهو أن يكون إسم التفضيل مضافاً ف(إن قصد تفضيله) أي: تفضيل الموصوف (علي مَن أضيف) اسم التفضيل (إليه وجب كونه) أي: كون الموصوف (منهم) أي: داخلاً فيمَن أضيف إليه اسم التفضيل، (وجازت المطابقة) حينئذٍ بين الموصوف واسم التفضيل (وعدمها) أي: وجازت عدم المطابقة بين الموصوف واسم التفضيل (نحو: «الزيدان أعلما الناس» أو «أعلمهم») أي: تقول: الزيدان أعلم الناس.

وعلي هذا يمتنع: «يوسفُ أحسنُ إخوتِه» وإن قصد تفضيله مطلقاً فالمطابقة نحو: «يوسفُ أحسنُ إخوته»، و «الزيدانِ أحسنا إخوتِهما»، أي: أحسنُ الناسِ مِن بينهم.

وعليه: فحيث

قُصد تفضيل «الزيدان» علي «الناس» الذي هو مضاف إليه وجب أن يكون «الزيدان» الذي هو الموصوف بعض أفراد «الناس» وحينئذٍ جازت المطابقة وعدمها، فجاز أن تقول: «أعلما الناس» فتأتي بتثنية «أعلم» لأن «الزيدان» مثنّي، وجاز أن تقول: «أعلم الناس» فتأتي ب «أعلم» مفرداً مع أن «الزيدان» مثنّي.

(وعلي هذا) أي بناءاً علي قصد تفضيل الموصوف علي من أُضيف إليه إسم التفضيل (يمتنع) أن تقول: («يوسفُ أحسنُ إخوتهِ») لأنه يجب كون الموصوف بعضاً من الاسم الذي اُضيف إليه إسم التفضيل، و «يوسف» الذي هو الموصوف ليس بعضاً مِن «إخوته» الذي هو المضاف إليه، فان إخوة يوسف هم أفراد غير يوسف.

(وإن قصد تفضيله) أي: تفضيل الموصوف (مطلقاً) أي: علي المضاف إليه وعلي غيره (فالمطابقة) واجبة بين إسم التفضيل وبين موصوفه (نحو: «يوسفُ أحسنُ إخوتهِ» و «الزيدانِ أحسنا إخوتهما») و «هند حُسني إخوتها» (أي: أحسن الناس مِن بينهم) يعني: إنّ من بين هؤلاء الأخوة أحسن جميع الناس هو زيد، أو هُما الزيدان، أو هي هند.

تبصرة

ويَرفعُ الضميرَ المستترَ اتفاقاً،

وعليه: فقد جيء ب «أحسَن» مفرداً مذكّراً في المثال الأوّل لأن موصوفه «زيد» وهو مفرد مذكّر، وجيء ب «أحسنا» مثنّي في المثال الثاني لأن موصوفه «الزيدان» مثنّي، وجيء ب «حُسْني» بضم الحاء مفردة مؤنثة لأن موصوفة «هند» مفرد مؤنث.

واعلم أنّ عبارات مختلف النسخ من «الصمدية» التي رأيتها هكذا «وإن قصد تفضيله مطلقاً فمفرد مذكّر مطلقاً» وهو تصحيف لاتفاق النحاة علي أنّ التفضيل إن كان قد قُصد مطلقاً وجبت المطابقة، وقد نَبّه «السيد علي خان » الشارح للكتاب بأن العبارة سهو مِن الناسخ، والمصنف كان مُلتفِتاً لهذا الأمر غير غافل عنه، لانه ذكر في «تهذيبه» عبارة موافقة لما عليه النحاة.

(تبصرة) أي: مُبَصِّر لبقية

أحكام إسم التفضيل (و) هي: إنّ إسم التفضيل (يرفع الضمير المستتر إتفاقاً) أي: بقول جميع النحويين نحو: «زيد أفضل من عمرو» ففي «أفضل» ضمير مستتر راجع إلي «زيد» تقديره: زيد أفضل هو من عمرو، وهذا الضمير هو فاعل ل «أفضل».

ولا يَنصب المفعول به إجماعاً، ورفعه للظاهر قليل، نحو: «رأيتُ رجلاً أحسنَ منه أبوه» ويكثر ذلك في نحو: «ما رأيتُ رجلاً أحسنَ في عَيْنِه الكُحْلُ منه في عَيْنِ زيدٍ»؛

(ولا يَنصب) إسم التفضيل (المفعول به إجماعاً) مِن علماء النحو، فلا يقال: «زيد أشربُ الناسِ عسلاً».

(ورَفعُه للظاهر) أي: أن يرفع إسم التفضيل إسماً ظاهراً علي أنه فاعل له (قليل، نحو: «رأيتُ رجلاً أحسنَ منه أبوه») ف «أبوه» إسم ظاهر، وفاعل ل «أحسن» ولذا صار مرفوعاً.

(ويَكثر ذلك) أي: يكثر رفع إسم التفضيل اسماً ظاهراً (في) كل مكان كان اسم التفضيل صفة لاسم جنس، وكان قبله نفي، وكان ذلك الاسم الظاهر الذي رفعه إسم التفضيل أجنبياً يعني: لم يكن فيه ضمير يعود إلي الاسم الذي قبل اسم التفضيل وكان ذلك الاسم الأجنبي ملحوظاً باعتبارين.

(نحو) قول العرب: («ما رأيت رجلاً أحسنَ في عَيْنهِ الكُحْلُ منه في عَيْنِ زيدٍ»).

فإنّ «أحسن» في هذا المثال اسم التفضيل وهو صفة ل «رجلاً» الذي هو إسم جنس، وقبلهما نفي وهو «ما» والاسم الظاهر الذي رَفَعه إسم التفضيل هو «الكُحْل» وهذا الاسم أجنبي لأنه ليس فيه ضمير يعود علي

لأنه بمعني الفعل.

«رجلاً» وقد لُوحظ «الكحل» باعتبارين: الأول: أن يكون في عين غير زيد من سائر الناس، والثاني: أن يكون في عين زيد.

وإنما يرفع إسم التفضيل هنا الاسم الظاهر (لأنه) أي: لأن اسم التفضيل هنا يكون (بمعني الفعل) ودليله: أنّك لو جعلتَ فعلاً في مكان إسم التفضيل لا يفسد

المعني، تقول: «ما رأيتُ رجلاً يَحسُن في عينه الكحلُ كحَسُنه في عين زيد» وإذا كان إسم التفضيل بمعني الفعل، فيرفع الاسم الظاهر، كما أن الفِعل يرفع الاسم الظاهر.

خاتمة

مَوانِعُ صَرْفِ الاسمِ تِسْعٌ

فَعُجْمَةٌ، وجَمْعٌ، وتأنيثٌ، وعَدْلٌ، ومَعْرِفَة وزائدتا فَعلانِ، ثم تَركُّبٌ، كذلِك وزنُ الفعلِ، والتاسعُ الصفة بثِنْتَيْنِ منها يُمْنَعُ الصرفُ هكذا بواحدة نابَتْ فقالوا مُضَعَّفَة

موانع الصرف

(خاتمة) علي وزن «ناصرة» أي: خاتمة للحديقة الثانية وكانت فيما يتعلّق بالأسماء من بناء وإعراب وغير ذلك، وهذه في منع الصرف كما قال:

(مَوانِعُ صَرْفِ الاسمِ تِسْعٌ: فَعُجْمَةٌ، وجَمْعٌ، وتأنيثٌ، وعَدْلٌ، ومَعْرِفَة وزائدتا فَعلانِ، ثم تَركُّبٌ، كذلِك وزنُ الفعلِ، والتاسعُ الصفة بثِنْتَيْنِ منها يُمْنَعُ الصرفُ هكذا بواحدة نابَتْ فقالوا مُضَعَّفَة)

هذه أبيات ثلاثة تقول: هناك تسعة أمور لو اجتمع اثنين منها أو واحدة تقوم مقام اثنين في اسم، تجعل ذلك الاسم غير منصرف، فلا يدخل فيه التنوين، ولا الألف واللام، وغير ذلك من الأحكام، وهذه الأمور التسعة هي عبارة عمّا يلي:

1- العجمة وهي: كون الاسم عجمياً، أي: غير عربي، مِن اية لغة كانت.

2- الجمع وهو: كون الاسم جمعاً، لا مفرداً ولا تثنية.

3- التأنيث وهو: كون الاسم مؤنثاً.

فالعجمة: تمنع صرف العلم العجميّ العلمية، بشرط زيادته علي الثلاثة، ك «إبراهيم»،

4- العدل وهو: كون الاسم معدولاً عن غيره، مثل «زُفَر» الذي أصله «زافر» فعدل عنه، وصار «زفر».

5- المعرفة وهو: كون الاسم معرفة لا نكرة.

6- زائدتا فعلان وهو: أن يكون في الاسم الألف والنون الزائدتان، مثل «فَعلان» فان أصله «فَعَل» زيدَ فيه ألف ونون.

7- التركُّب وهو: كون الاسم مركباً مِن كلمتين ليس بينهما ربط أبداً، مثل «بَعْلَبك» الذي هو مركب من «بَعْل» و «بك» وليس بينهما أي ربطٍ: مِن اضافة ولا غيرها.

8- وزن الفعل وهو: كون الاسم علي وزن فِعل،

مثل «شمَّر» إذا صار إسماً لشخص، فانه علي وزن «فَعّل» ك «صَرّف».

9- الصفة وهو: كون الاسم صفة لا ذاتاً، نحو: «أحْمرَ» فان الحمرة صفة، لا ذات.

ثم بدأ المصنف يشرح كل واحد من هذه الأمور التسعة بما يلي:

أولاً: (فالعجمة) والمراد بها غير العربية، سواء كانت فارسية أم غير فارسية (تمنع صرف العَلَم) يعني: لو كان إسم عجمياً وكان علماً، فيكون غير منصرف، بشرط أن يكون (العجميّ العلمية) أي: بأن يكون علماً في لغة العجم قبل استعمال العرب لها، وذلك (بشرط زيادته علي الثلاثة) أي:

ولا أثر لتحرّك الأوسط عند الأكثر.

والجمع: يمنع صرف وزن مَفاعِل ومَفاعِيل ك «دَراهم» و «دَنانِير»، للنيابة عن علّتين، واُلحق به «حَضاجِر»

كونها أكثر من ثلاثة أحرف (ك «إبراهيم») فانه علم وعجمي، وكان عَلَماً في لغة العجم أيضاً وحروفه سبعة.

هذا (و) قد قال بعض علماء النحو: بأنه لو كان الاسم العجمي العَلَم ثلاثة أحرف، وكان الحرف الوسط منه متحرّكاً كان أيضاً غير منصرف فردّ عيه المصنف +: بأنه (لا أثر لتحرّك) الحرف (الأوسط عند الأكثر) من علماء النحو.

فمثلاً: «شَبَر» علي وزن «حَسَن» الذي هو اسم عجمي، وعلم لابن النبي هارون علي نبينا وآله وعليه السلام منصرف، لأنه ثلاثة أحرف، وإن كان «الباء» وهو الحرف الوسط منه متحرّكاً.

ثانياً: (والجمع: يمنع صرف) كل جمع كان علي (وزن مَفاعِل ومَفاعيل ك «دراهم» و «دنانير») فالاول جمع ل «دِرهم» علي وزن «مَفاعل» والثاني جمع ل «دينار» علي وزن «مفاعيل» وانما صارا غيرَ منصرفَيْن (للنيابة عن علتين) أحدهما: الجمعيّة، والثانية: إمتناع أن يجمع مرة اُخري لانه جمع منتهي الجموع فكأنه جُمع مرتين، فجمعه نائب عن جمعين كما قيل.

(واُلحق به) أي: بالجمع الذي يكون علي وزن «مفاعل» و «مفاعيل» (حَضاجر) علي

وزن «مَفاعِل» فانه ليس جمعاً، بل هو إسم للضّبع، يطلق علي الواحد والكثير، وانما صار غير منصرف مع أنه ليس بجمع

للأصل، و «سَراويل» لِلشبه.

والتأنيث: ان كان بألفي «حُبْلي» و «حَمْراء» ناب عن علّتين، وإلا منع صرف العلم حتماً، إن كان بالتاء ك «طلحة»،

(للأصل) أي: لأن أصله كان جمعاً، فهو جمع «حِضْجر» علي وزن «دِرهم» ثم نُقل عن الجمعية، وصار إسماً للضّبع.

(و) الحق بالجمع أيضاً (سَراويل) بناءً علي أنّه إسم جنس يطلق علي الواحد والكثير وليس جمعاً، فيقتضي حينئذٍ أن يكون منصرفاً، ولكنه مُنع من الصرف (للشبه) أي: لشباهته في الوزن بالجموع التي لا تنصرف، مثل: «مصابيح» و «دنانير» و «خفافيش» وغيرها.

ثالثاً: (والتأنيث: إن كان) تأنيث الاسم (بألفي «حُبلي» و «حَمراء») أي: بالألف المقصورة ك «حُبلي» أو بالألف الممدودة ك «حَمراء» (ناب عن علّتين) أي: السببين: وهما التأنيث ولزومه. لأنّ الألف المقصورة والممدودة لازمتان للكلمة وضعاً لا تُفارِقانها أصلاً، فيجعل لزومهما للكلمة بمنزلة تأنيث آخر؛ فصار التأنيث مكرراً. فكل اسم فيه ألف مقصورة، أو ألف ممدودة فهو غير منصرف، ك «حُبلي» و «حَمراء».

(وإلا) يكن تأنيث الاسم بالألف (منع صرف العلم حتماً، إن كان بالتاء) يعني: ان كان تأنيث الاسم بالتاء، وكان علماً فيصير غير منصرف (ك «طلحة») فانها مؤنث بالتاء، وعَلَم أيضاً.

أو كان زائداً علي الثلاثة، ك «زينب»، أو متحّرك الاوسط، ك «سَقَر»، أو أعجميّاً، ك «جُور»؛ فلا يتحتّم منع صرف «هِنْد» خلافاً للزجّاج.

(أوكان زائداً) حروفها (علي الثلاثة) فانها تكون غير منصرف وإن لم يكن تأنيث الاسم بالتاء (ك «زينب») فإنه عَلم ومؤنث، وتأنيثه مَعنوي لا بالتاء، ولكنه صار غير منصرف لان حروفه أزيَد من ثلاثة.

(أو) كان ثلاثة أحرف ولكن كان (متحرّك الاوسط) أي: كان الحرف

الوسط منه متحركاً (ك «سَقَر») فانه مؤنث ولكنه لا تاء فيها، ولا هي زائدة علي ثلاثة أحرف، وإنما صار غير منصرف لان الحرف الاوسط منه وهو: القاف متحرّك وليس ساكناً.

(أو) كان (أعجمياً) أي: إسماً غيرَ عربي، فانه يكون غير منصرف وإن كان الحرف الوسط منه ساكناً (ك «جُور») بضم الجيم وسكون الواو هو إسم لبلد من بلاد إيران.

وعليه: (فلا يتحتّم) أي: لا يجب (منع صرف «هِنْد») لانه وان كان مؤنثاً وعلماً، إلا انه مكوّن من ثلاثة أحرف غير متحرك الوسط، كما انه ليس أعجمياً، بل هو عربي (خلافاً للزجاج) أحد علماء النحو حيث إنّه قال بوجوب منع صرف مثل «هند».

والعدل: يمنع صرف الصفة المعدولة عن أصلها، ك «رُباع» و «مربع»، وك «أُخَر» في: «مررتُ بِنسْوةٍ أُخَرَ»؛ إذ القياس بنسوةٍ آخر؛ لأنّ اسم التفضيل المجرّد عن اللام والاضافة مفرد مذكّر دائماً. ويقدّر العدل في ما سمع غير منصرف وليس فيه سوي العلميّة،

رابعاً: (والعدل:) وهو تحويل الاسم عن صيغته الاصلية إلي صيغة أخري مع إتحاد المعني، فانه (يمنع صرف الصفة المعدولة) أي: الصفة التي عُدلت وتحوّلت (عن أصلها، ك «رُباع» و «مَرْبَع») فانهما عُدِلا وتحولا من: أربعة أربعة، تقول «جاءني الناس رُباع مَرْبَع» يعني: أربعة أربعة، فالأربعية صفة، فحينما عدلت هذه الصفة عن صيغتها الأصلية وهي: أربعة صارت غير منصرف.

(وك «أُخَر» في) مثل («مررتُ بِنسْوة أُخر»؛ إذ القياس) والقاعدة أن يقال: (بنِسْوة آخَر، لأن) آخر إسم تفضيل، و(إسم التفضيل المجرّد) أي: الخالي (عن اللام والاضافة مفرد مذكر دائماً) فحيث عدل وتحول «آخر» إلي «أُخر» والآخرية صفة، فاجتمعت الصفة والعدل، فصار «أُخر» غير منصرف.

(ويقدّر العدل في ما سمع) من العرب (غير منصرف و) الحال أنّه (ليس فيه سوي

العلمية) يعني: أنّ الاسماء التي إستعملها العرب غير منصرف، ولم يكن فيها من الاُمور التسعة غير العلمية، فيجب أن نعتبر تلك الاسماء معدولة عن صيغتها الأصلية، حتّي يجتمع فيها أمران: العدل والعلميّة، لِنصحِّح استعمال

ك «زُحَل» و «عُمَر» بتقدير زاحِل وعامِر.

والتعريف: شرط تأثيره في منع الصرف العلميّة.

والألف والنون: يمنع صرف العَلَم، ك «عِمران» والوصف غير القابل للتاء، ك «سَكْران»

العرب لها غيرَ منصرفة.

(ك «زُحَل») وهو عَلَم لنجم مخصوص في السماء (و «عُمَر») وذلك (بتقدير: زاحل، وعامر) يعني: نحسب أن اصلهما زاحِل وعامر، ونقول: إنهما عدلا عن الصيغة الأصلية وصارا «زُحَل» و «عُمَر» حتّي يصح استعمال العرب لهما استعمال غير منصرف.

خامساً: (والتعريف) أي: كون الاسم معرفة، فان (شرط تأثيره في منع الصرف: العلمية) أي: كونه علماً، أمّا بقية المعارف: كالموصول، والمضمر، والاشارة وغيرها فلا تؤثر في منع الصرف.

سادساً: (والألف والنون) الزائدتان: (يمنع صرف العَلَم) يعني: أنه إن كان إسمٌ عَلَماً وكان فيه الألف والنون الزائدتان، فانه يَصير غير منصرف (ك «عمران») فإنه عَلَم، وفيه الألف والنون الزائدتان.

(و) كذا يمنع الألف والنون الزائدان صرف (الوصف غير القابل للتاء،) فإذا كان هناك صفة لا تدخل عليها التاء، وكان فيها الألف والنون الزائدتان، فتصير غير منصرف، (ك «سَكْران») فان كون الشخص سَكْراناً صفة له ولا تدخل التاء عليه، ففي المؤنّث لا يقال: سَكْرانة، وإنما يُقال: سَكْري. وفيها

ف «عُريان» منصرف، و «رَحْمان» ممتنع.

والتركيب المزجيّ: يمنع صرف العَلَم، ك «بَعْلَبَك».

الألف والنون الزائدتان، فلِذلك صار «سكران» غير منصرف.

وعليه (ف «عُرْيان» منصرف) لأن في مؤنّثه تدخل التاء، تقول: «هذه امرأة عُريانة».

(و) أمّا («رَحْمان») فانه (ممتنع) من الصرف، أي: غير منصرف وذلك لانه لا مؤنث له حتّي يكون مع التاء أو بلا تاء فهو من السالبة

بانتفاء الموضوع إذ هو من الاسماء الحسني الخاصة بالله سبحانه وتعالي ولذلك يكون غير منصرف.

سابعاً: (والتركيب المزجيّ) وهو مزج إسمين، وجَعْلهما إسماً واحداً، فانه (يمنع صرف العَلَم) يعني: إن كان هناك إسمٌ مركباً مزجيّاً، وكان علماً، فيصير غير منصرف (ك «بَعْلَبك») فان أصله إسمان: «بَعْل» و «بَك» فمُزِجا، وجُعِلا اسماً واحداً، وصار علماً لِبلد من بلاد لبنان.

ثم إنّ التركيب المزجي هو مقابل للتركيب الاضافي، مثل: «امريء القيس» فانه أيضاً إسم مركّب مِن إسمين: «إمرء» و «القيس»، ولكنه منصرف.

والتركيب المزجي أيضاً مقابل للتركيب الإسنادي، مثل: «شابَ قَرناها» الذي هو إسم لشخص، ومركب مِن «شابَ» فعل الماضي، «وقَرناها» فاعله، رُكِّبا وصارا معاً إسماً لشخص وهذا أيضاً منصرف.

ووزن الفعل: شرطه الاختصاص بالفعل، أو تصديره بواحدة مِن زوائده، ويمنع صرف العلم، ك «شَمَّر»، والوصف غير القابل للتاء،

وإنما صار هذان المركّبان منصرفين لان شرط التركيب الذي يَجعل المركب غير منصرف أن لا يكون بين الاسمين المركّبين ايُّ رَبطٍ، بينما الإضافة والإسناد كلاهما رَبط. فلا يكون المركّب مِن إسمين وبينهما ربط من إسناد أو اضافة غير منصرف.

ثامناً: (ووزن الفعل: شرطه الاختصاص بالفعل) يعني: أنّ وجود وزن الفعل في إسم ليجعله غير منصرف شرطه أن يكون ذلك الوزن مختصاً بالأفعال.

(أو تصديره) أي: بأن يكون أول ذلك الاسم الذي هو علي وزن الفعل مصدّراً (بواحدة من زوائده) أي: مِن زوائد الفعل، وهي زوائد «أنيت»: «الياء، والتاء، والألف، والنون» التي تدخل علي المضارع، فيكون أحد هذه الحروف الأربعة في أول ذلك الاسم إذا لم يكن الفعل وزنهُ مختصاً بالفعل.

(و) وزن الفعل (يمنع صرف العَلَم) أي: إذا كان وزن الفعل في إسمٍ عَلَم، فيصير ذلك الاسم غير منصرف (ك «شَمَّر») إذا صار عَلَماً لِشخص، فيكون

غير منصرف، لان فيه أمرين من الأُمور التسعة: وزن الفعل والعلمية.

(و) وزن الفعل أيضاً يمنع صرف (الوصف غير القابل للتاء) يعني: أنّ الصفة التي لا تدخل في مؤنّثها التاء، إن كانت علي وزن فِعلٍ كانت

ك «أحمر»؛ ف «يَعْمَل» منصرف؛ لوجود «يَعملة».

والصفة: تمنع صرف الموازِن للفعل، بشرط كونها الاصل فيه وعدم قبوله التاء.

غير منصرفَة (ك «أحمر»؛) فانّه غير منصرف، لان فيه أمرين من الأُمور التسعة: وزن الفعل والصفة. فان أحْمر، صفة ولا تَقبل التاء، لأن مؤنثها ليس «أحمرة» بل «حمراء».

وعليه (ف «يَعْمَل») لو صارَ علماً لشخص فهو (منصرف، لوجود «يَعْمَلة») يعني: لان مؤنثها بالتاء، فتقول في المؤنث: «يَعْملة».

تاسعاً: (والصفة: تمنع صرف الموازن للفعل) يعني: أنّ الصفة التي تكون فيها وزن الفعل تصير غير منصرفة (بشرط كونها) أي: الصفتية (الاصل فيه) يعني: كونها وضعت للصفة، لا أن تكون موضوعة لغير الصفة، ثم عرض عليها الوصف، مثل: «أرنب» للدليل، فانه أصلاً وضع لفظ «الارنب» للحيوان المخصوص، ثم بعد ذلك استعمل أيضاً في الدليل، فالأرنب ليست الصفتية أصلاً فيه بل الصفتية عارضة عليه.

(و) بشرط (عدم قبوله) أي: عدم قبول ذلك الوصف (التاء) في تأنيثه مثل «أحمر» فانه صفة، وفيه وزن الفعل، والصفتية أصل فيه، لأن «أحمر» وضع في الاصل لصفة الحمرة، ولا تقبل التاء لأن مؤنثها «حمراء» ولذلك فهو غير منصرف.

ف «أرْبَع» في: «مررتُ بنسوةٍ أرْبَعٍ» منصرف لوجهين.

وجميع الباب يُكسر مع اللام، والاضافة، والضرورة.

وعليه (ف «أربع» في) مثل («مررتُ بنسوةٍ أربعٍ» منصرف لِوجهين) تاليين:

الأوّل: لعدم اصلية الوصف فيه، فانه وضع في الاصل إسماً للعدد، ثم بعد ذلك عرض عليه الوصفية.

والثاني: لأنه يقبل التاء في التأنيث، تقول: «مررتُ بأربعةِ رجال».

واعلم: أنّ كل إسم غير منصرف يكون في حال الجر مفتوحاً

إلا في موارد خاصة فانه يكون مكسوراً كما قال (وجميعُ الباب) أي: باب غير المنصرف الذي يكون حال الجر مفتوحاً (يُكسر) أي: يصير مكسوراً في موارد تالية:

أولاً: إذا كان (مع اللام) يعني: إذا دخل عليه الألف واللام.

ثانياً: (و) إذا كان مع (الاضافة) أي: إذا اُضيف إلي شيء.

مثلاً: «مَساجد» فانه غير منصرف لأنّه صيغة منتهي الجُموع علي وزن: «مفاعل» ولكنه يُكسر في مثل «مررت بالمساجد» و «مررت بمساجدكم» للألف واللام في المثال الأوّل، وإضافته إلي «كم» في المثال الثاني.

ثالثاً: (و) يُكسر أيضاً في (الضرورة) الشعرية، وهي: ما يضطرّ

الشاعر إليه، مثل قوله:

إذا ما غزا في الجيش حَلَّق فوقهم

عَصائبُ طيرٍ تهتدي بعَصائبِ

ف «عصائب» غير منصرف، لانه مثل «مساجد» وإنما صار مكسوراً بواسطة باء الجر لأن آخر بقية أبيات هذه القصيدة باء مجرورة، فلو كان يقول: «بعصائبَ» بفتح الباء لحصل إخلال بالقافية، لذلك إضطرّ الشاعر إلي كسر الباء.

الحديقة الثالثة: فيما يتعلّق بالأفعال

الحديقة الثالثة: فيما يتعلّق بالأفعال

يختصّ المضارع بالإعراب؛ فيرتفع بالتجرّد عن الناصب والجازم، ويَنتصب بأربعة أحرف: «لَن» وهي لتأكيد نفي المستقبل. و «كَي» ومعناها السببيّة.

(الحديقة الثالثة: في ما يتعلّق بالافعال)

(يختص) الفعل (المضارع بالاعراب) يعني: من مختصات الفعل المضارع أنّه معرب، بخلاف فعل الماضي وفعل الامر.

(فيَرتفع) الفعل المضارع، أي: يصيرمرفوعاً (بالتجرّد عن الناصب والجازم) أي: إذا كان خالياً عن الحروف التي تَنصب المضارع، وعن الحروف التي تجزمه، نحو: «يَنْصُرُ».

أدوات النصب

(و) الفعل المضارع (يَنتصب) أي: يصير منصوباً (بأربعة أحرف:)

1- (لن) نحو: «لن ينصرَ» (وهي لتأكيد نفي المستقبل) أي: ان الفعل الذي يدخل عليه «لن» منفي الوقوع في الزمان المستقبل، ف «لن ينصر زيد عمراً» معناه: أنّ زيداً لا يَنصر عمراً في المستقبل.

2- (وكَي) نحو: «نصرتُ كي يَنصر زيد» (ومعناها السببية) أي: سببيّة ما قبل «كي» لما بعدها، فالمثال

معناه: أنا نصرتُ لسبب أن يَنصر زيد.

و «أنْ» وهي حرف مصدريّ. والتي بعد العلم غير ناصبة. وفي «أن» التي بعد الظنّ وجهان.

3- (وأنْ) نحو: «أن يقولَ زيد خيراً حَسَن» بنصب «يقول» (وهي حرف مصدري) يعني: هي والفعل الذي بعدها في معني مصدر ذلك الفعل، فيصح حذف «أنْ» وحذف فعلها، ووَضع مصدر ذلك الفعل في محلّهما بدون أن يتغير المعني، ففي المثال يصحّ أن تقول: «قولُ زيد خيراً حَسَن».

(و) أمّا «أنْ» (التي) تأتي (بعد العِلْم) أو بعد بعض مشتقات العِلْم فانها (غير ناصبة) لِلمضارع لأنها هي «أنْ» المخفّفة من «أنّ» المثقّلة، نحو قوله تعالي: «عَلم أن سَيكونُ منكم مَرْضي» () فلفظ «سيكونُ» مرفوع، وعلامة رفعه ضمة النون، ولو كانت «أن» هذه هي الناصبة وجب فتح النون.

(وفي «أنْ» التي) تأتي (بعد الظن) أو بعد بعض مشتقات الظن (وجهان) كالتالي:

أحدهما: جَعلها مخفّفة مِن المثقّلة، فلا تنصب بناءاً علي أن الظن بمنزلة العلم، ومن الواضح انه إذا كانت «أنْ» بعد العلم لما كانت تنصب.

والثاني: جعلها «أن» الناصبة، فَتنصب حينئذٍ.

وأمّا مثال ذلك فنحو: «طننتُ أن يقوم زيد» فيجوز رفع «يقوم» ويجوز نصبه.

و «إذَنْ» وهي للجواب والجزاء، وتنصبه: مصدّرةً، مباشرةً، مقصوداً به الاستقبالُ، نحو: «إذن اُكرِمَك»، لمن قال: «أزورُك».

4- (وإذَنْ) نحو: «إذن أنصرَك» بنصب الراء الذي هو آخِر حرف من «أنصُر».

(وهي) تأتي (للجواب والجزاء) يعني: أنّ «إذن» تكون جواباً للكلام السابق، وتكون أيضاً جزاءً للعمل السابق، فمثلاً: إذا قال لك شخص: «أزورُك» فأنت تقول له: «إذَنْ اُكرِمَك» ف «إذن اُكرِمَك» صار جواباً لِ «أزورك» وصار جزاءاً له، لان المعني يكون: إكرامي لك جزاء لزيارتك إياي.

(وتنصبه) أي: أنّ «إذن» تنصب المضارع وذلك بشروط ثلاثة:

الأوّل: أن تكون «إذَنْ» (مصدّرةً) أي: في صدر الجواب

وأوّله.

الثاني: أن تكون «إذن» (مباشرةً) ومتصلة بالمضارع أي: لم يكن بينها وبين المضارع شيء فاصل.

الثالث: أن يكون (مقصوداً به) أي: بالمضارع (الاستقبال) يعني: ان يكون القصد من المضارع الذي بعد «إذن» الاستقبال لا الحال.

وأمّا مثال ذلك فهو كما قال المصنف: (نحو: «إذن اُكرِمَك لمن قال: أزورُك») ف «إذن» وقعت في أول الجواب، لانه ليس قبلها شيء من الجواب، وهي أيضاً مباشرة ومُلصقة بالمضارع الذي بعدها، والمقصود من المضارع الذي بعدها هو الاستقبال، ف «إذن اكرمك» يعني: إذن اكرمَك في

ويجوز الفصل بالقسم، وبعد التالية للواو والفاء وجهان.

المستقبل بعد زيارتك إياي.

أما أذا لم تقع «إذن» في أول جملة الجواب، نحو: «أنا إذن اُكرِمُك» أو لم تكن مباشرة ومُلصقة بالمضارع، بل كان بينهما فاصِل نحو: «إذن زيد يُكرِمُك» أو كان زمان الحال هو المقصود من المضارع، لازمان الاستقبال، نحو: «إذن اُكرِمُك الآن» ففي كل هذه الفروض الثلاثة يكون المضارع الذي بعد «إذن» مرفوعاً لا منصوباً.

(و) لكن (يجوز الفصل) بين «إذن» وبين «المضارع» الذي بعدها (بالقسم) فتعمل «إذن» وتنصب المضارع الذي بعدها وإن فصل بينهما قسم، نحو: «إذَنْ واللهِ اُكرِمَك».

(و) أمّا الفعل المضارع الذي وقع (بعد) «إذَنْ» (التالية للواو والفاء) أي: حال كون «إذن» واقعة بعد الواو أو بعد الفاء، نحو: «وإذن أكرمك» أو «فإذن اكرمك» ففي المضارع حينئذٍ (وجهان) من الإعراب:

الوجه الأول: رفع المضارع، لان حرف العطف وهو الواو أو الفاء بقية لما قبله، وليس في أول الكلام، ومعلوم أنّه إذا كان حرف العطف في وسط الكلام، ف «إذَنْ» التي تكون بعد حرف العطف أيضاً تكون في وسط الكلام، ومعه فلا تعمل «إذن» في الفعل المضارع الذي بعدها.

الوجه الثاني: نصب المضارع، لان ما بعد حرف العطف جملة مستقلة،

وفعل المضارع الذي بعد «إذن» ليس بعضاً من الكلام السابق، فتكون «إذن»

تكميل

وينصب ب «أنْ» مضمرة جوازاً، بعد الحروف العاطفة له علي اسم صريح، نحو: «وَلُبْسُ عَباءةٍ وتَقرَّ عَيْني»

واقعة في أول الكلام فتنصب المضارع الذي بعدها.

(أنْ المقدّرة الناصبة)

(تكميل) مصدر باب التفعيل مِن «كمَّل» «يكمِّل» وهو بمعني إسم الفاعل، يعني: مُكمِّل لاحكام نصب المضارع (و) هو أنّ الفعل المضارع (ينصب ب «أن» مضمرة) أي: مقدّرة (جوازاً) يعني: يجوز جعلها مقدّرة، ويجوز إظهارها في موضعين:

الأوّل: (بعد الحروف العاطفة له) أي: لفعل المضارع (علي إسم صريح) أي: علي اسم لا يكون في تأويل الفعل (نحو) الشطر التالي:

(وَلُبْسُ عَباءةٍ وتَقَرَّ عَيْني)

بنصب «تقرَّ» ب «أنْ» المقدّرة بعد الواو، وتقديرها جائز لا واجب فيَجوز إظهارها، والاصل: وأنْ تقرَّ عَيْني، والواو هنا عطفت «تقرّ» علي «لُبْس» الذي هو إسم صريح، لانه مصدر. وإنما قدّر هنا «أنْ» حتّي تكون هي و «تقرّ» مُؤوَّلاً إلي المصدر، ويصح العطف علي المصدر، وإلا صار مِن عطف الفعل علي الاسم وذلك غير جائز.

وبعد لام «كَيْ» إذا لم يقترن ب «لا»، نحو: «أسلمتُ لأدْخُلَ الجنّةَ».

ووجوباً بعد خمسة أحرف: لام الجحود، وهي المسبوقة بكونٍ منفيٍ، نحو: «وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُم» ().

(و) الثاني: (بعد لام «كَيْ») أي: إذا وقع المضارع بعد اللام التي هي بمعني «كَي»، يعني: بعد اللام التي هي لِلسبب (إذا لم يَقترن) الفعل الذي بعد اللام (ب «لا» نحو: «أسلمتُ لأدخلَ الجنّةَ») ف «أدخل» فعل مضارع منصوب، لانه وقع بعد لام السببية، فانّ معني ذلك: إسلامي سببُ دخولي الجنة، والناصب هو «أنْ» مقدّرة بعد اللام، وتقديرها جائز لا واجب، فيجوز إظهارها، فتقول: «أسلمتُ لأن أدخل الجنة» نعم إذا دخل «لا» علي الفعل الذي بعد اللام، وجب إظهار «أنْ»

ولا يجوز تقديرها، نحو: «جئتُ لِئلاّ يضرَبني زيد» وأصله: «لأنْ لا» فأدغم النون في اللام، فصار اللام مشدّداً وبقي همزة «أنْ» فصار «لِئلا».

(و) ينصب المضارع ب «أنْ» المقدّرة (وجوباً) أي: تقديرها واجب، فلا يجوز إظهارها إذا كان المضارع (بعد) واحدٍ من (خمسة أحرف):

الأوّل: (لام الجحود) أي: لام الانكار (وهي) اللام (المسبوقة بكونٍ منفيٍ) أي: التي قبلها كونٌ منفيٌ لا موجَبٌ (نحو) قوله تعالي: («وما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُم») ف «يعذّب» منصوب «أن» مقدرة وجوباً بعد اللام، وهذه اللام

و «أو» بمعني «إلي»، أو «إلاّ»، نحو: «لألْزَمَنّك أو تُعْطِيَني حقي». وفاء السببيّة وواو المعيّة المسبوقين بنفي أو طلب، نحو: «زُرْني فاُكرِمَك»، و «لا تأكُلِ السمكَ وتَشْرَبَ اللبنَ».

لام الجحود، لأن قبلها «وما كان» وهو كون منفي، والتقدير: لان يعذّبهم.

(و) الثاني: (أو) التي هي (بمعني «إلي» أو) بمعني («إلاّ نحو: «لألزْمَنّك أو تُعْطِيَني حقّي») يعني: إلي أن تُعطيني حقي، أو إلاّ أن تعطيني حقي، فنُصب «تُعطيني» لانه بعد «أو» التي هي بمعني «إلي» أو «إلا».

(و) الثالث والرابع: (فاء السببية) أي: الفاء التي معناها السبب (وواو المعية) أي: الواو التي هي بمعني «مع» (المسبوقين بنفيٍ أو طلبٍ) أي: الفاء والواو، اللذَين قبلهما نفيٌ، أو طلبٌ: مِن أمر أو نهي أو استفهام أو غيرها.

أمّا مثال فاء السببية فهو (نحو: «زُرْني فاكرمَك») يعني: زُرني حتّي تكون الزيارة سبباً لإكرامي اياك، فنُصب «اكرمَك» لانه مضارع وقع بعد فاء معناها السبب، وقبلها طلب، وهو «زرني» لانه أمر، والأمر طلب والناصب هو «أن» مقدّرة بعد الفاء تقديراً وجوبياً، وأصله: «فأنْ أكرمَك».

(و) أما مثال واو المعية فهو نحو: («لا تأكُلِ السمكَ وتَشْرَبَ اللبنَ») يعني: لا تأكل السمك مع شُربك اللبن، فنُصب «تشرب» لانه مضارع وقع بعد واوٍ

هي بمعني «مع» وقبلها طلب، وهو: «لا تأكل»، لانه نهي، والنهي طلب، والناصب هو «أنْ» مقدّرة بعد الواو تقديراً وجوبياً، وأصله: «وأنْ تشرب اللبن».

و «حتّي» بمعني «إلي»، أو «كي» إذا اُريد به الاستقبال، نحو: «أسِيرُ حتّي تَغْرُبَ الشمسُ» و «أسلمتُ حتّي أدخُلَ الجنّة»؛ فإن أردتَ الحال كانت حرف ابتداء.

(و) الخامس (حتّي) التي هي (بمعني «الي» أو) بمعني («كي») أي: بمعني السببية (إذا أريد) أي: قُصد (به) أي: بالمضارع الذي بعد «حتي» (الاستقبال) لا الحال.

أمّا مثال «حتي بمعني «إلي» فهو (نحو: «أسِيرُ حتّي تَغْرُبَ الشمسُ») ف «تغرب» فعل مضارع، ونُصب لانه وقع بعد «حتّي» التي هي بمعني «إلي» والمقصود من «تغرب» الزمان المستقبل، لا الحال، والناصب هي «أنْ» مقدرة وجوباً بعد «حتّي» وتقديره: حتّي أن تغرب.

(و) أمّا مثال «حتي» بمعني «كي» فهو نحو: («أسلمتُ حتّي أدخُلَ الجنةَ») ف «أدخل» فعل مضارع، ونُصب لانه وقع بعد «حتي» التي هي بمعني «كي» السببية، والمقصود مِن «ادخل» الدخول في الزمان المستقبل وهو يوم القيامة، والناصب هي «أنْ» مقدرة وجوباً بعد «حتّي» وأصله: حتّي أن ادخل، والمعني: أسلمتُ كي أدخل الجنة.

(فان أردتَ) معني (الحال) من المضارع الذي بعد «حتّي» (كانت) «حتي» (حرفَ إبتداءٍ) أي: حرفاً يُبتدأ بها، كواو الاستيناف، ويكون ما بعدها جملة مستقلة، نحو: «قمتُ حتّي أذهبُ الآن» ف «اذهبُ» هنا مرفوع، لان «حتّي» حرف ابتداء وليس «أن» مقدرة بعدها حتّي تنصب المضارع.

فصل: والجوازم نوعان

الأوّل: ما يجزم فعلاً واحداً، وهو أربعة أحرف: «اللام» و «لا» الطلبيّتان، نحو: «لِيقمْ زيد» و «لا تُشرك بالله» () و «لم» و «لمّا» يشتركان في النفي والقلب إلي الماضي،

الجوازم

(فصل: والجوازم) يعني: الحروف التي تجزم الفعل المضارع (نوعان: الأوّل: ما يجزم فعلاً واحداً، وهو أربعة أحرف):

1-

و2- («اللام» و «لا» الطلبيّتان) يعني: لام الأمر للغائب، ولاء النهي، فان النهي أيضاً طلب، لانه طلب الترك (نحو: «لِيَقُمْ زيد» و «لا تُشركْ بالله».) فانّ اللام قد جَزَم «يَقوم» فصار الميم ساكناً فحُذف منه الواو لإلتقاء الساكنين، وصار «يَقم» و «لا» قد جَزَم «تُشرك»، فصار الكاف ساكناً، وقبل دخول «لا» عليه كان الكاف مرفوعاً، لان الفعل المضارع مرفوع.

3- و4- (و «لم» و «لمّا» يشتركان في النفي والقلب إلي الماضي) يعني: إنّ «لم» و «لما» يدخلان علي الفعل المضارع الموجَب، فيصير معناه منفياً، ويَنقلب عن المضارع إلي الماضي، فمثلاً «ينصر زيد» معناه: أنّ زيداً ينصر في الزمان المستقبل، فإذا دخل عليه «لم» أو «لمّا»، وقلت: «لم ينصر زيد» صار المعني: ما نصر زيد في الزمان الماضي، فقد قلب المضارع عن الزمان المستقبل

ويختص «لم» بمصاحبة اداة الشرط، نحو: «ان لم تقم أقم»، وبجواز انقطاع نفيها، نحو: «لم يكن ثم كان».

ويختص «لما» بجواز حذف مجزومها، نحو: «قاربتُ المدينة ولما»،

إلي الزمان الماضي، وجعل الموجَب منفياً.

(ويختصّ «لم» بمصاحبة أداة الشرط) يعني: ينفرد «لم» عن «لمّا» بمجيء «لم» مع حرف الشرط (نحو: «إن لم تَقُمْ أقُمْ»).

(و) ينفرد أيضاً (بجواز انقطاع نفيها) أي: نفي «لم» بأن يصير الكلام الذي نفاه «لم» موجباً (نحو: «لم يكن ثم كان») في مثل قولك: «زيد لم يكن ثم كان» يعني: لم يكن موجواً قبل زواج أبيه، ثم صار موجوداً بعد ذلك.

بخلاف «لمّا» فانها لا تجتمع مع حرف الشرط فلا يجوز أن تقول: «إنْ لما ينصر زيد أنصر» كما لا يصح انقطاع نفيها، فلا يجوز ان تقول: «لَمّا ينصر زيد ثم نصر» لأنّ «لمّا» ينفي الماضي مستمراً إلي زمان التكلم، فمن قال: «لّما ينصر زيد» كان

معناه: إن زيداً ما نصر إلي الآن، وهذا يُنافي ان يقول بعد ذلك «ثم نصر» بخلاف «لم» فانه ينفي الماضي لا نفياً باستمرار، فيصح ان يقال: «لم ينصر زيدٌ ثم نصر» بمعني: انه ما نصر قبل يومين ثم نصر بعد ذلك في اليوم الماضي.

(ويختص «لمّا» بجواز حذف مجزومها) أي: وينفرد «لمّا» عن «لم» بجواز حذف الفعل الذي هو بعد «لمّا» وقد جزمتْه «لمّا» (نحو: «قاربتُ المدينةَ ولّما») أي: ولمّا ادخلها، فحذف «ادخلها» الذي هو فعل مضارع جزمتْه

وبكونه متوقعاً غالباً كقولك: «لما يَركبِ الأمير»، للمتوقّع ركوبه.

الثاني: ما يجزم فعلين، وهو: «إنْ» و «إذْما» و «مَنْ» و «ما» و «مَتي» و «أيّ»

«لمّا» بخلاف «لم» فانه لا يحذف مجزومها، فلا يجوز: «قاربت المدينة ولم».

(و) ينفرد «لمّا» أيضاً (بكونه متوقّعاً) أي: منتظراً وقوعه (غالباً، كقولك: «لمّا يَركبِ الأميرُ» للِمتوقّع ركوبه) أي: للذي يتوقّع ركوب الأمير فمعناه: إلي الآن لم يَركب الامير ولكنه يتوقع أن يركب، بخلاف «لم» فانها تنفي الفعل فقط، وليس فيها إشعار بتوقع وقوع ذلك الفعل المنفي، ف «لم ينصر زيد» معناه: أن زيداً ما نصر، من دون اشارة إلي توقّع وقوعه.

النوع (الثاني) من الجوازم (ما يجزم فعلين: وهو) أحد عشر:

1، 2- («إنْ» و «إذْما») وهما لمجرد تعليق الجواب علي وجود الشرط، نحو: «إن تقم أقم» و «إذما تقم أقم».

3- (و «مَنْ») وهي موضوعة لذوي العقول، وضُمّنت معني الشرط، نحو «مَن يقم أقم معه» يعني: كل شخص يقوم أنا أقوم معه.

4- (و «ما») وهي موضوعة لِغير العاقل، وضمّنت معني الشرط، نحو: «ما تقل أقل مثلك» يعني: كلُّ ما تقول أنت أقوله أنا مثلك.

5- (و «متي») وهي موضوعة للزمان وضمّنت معني الشرط نحو: «متي تقم أقم» يعني: في

أي زمان تقوم، أنا أيضاً أقوم.

6- (و «أيُّ») وهي تستعمل للعاقل ولغيره، وللزمان وللمكان، نحو:

و «أيّان» و «أيْنَ» و «أنّي» و «حَيْثُما» و «مَهْما»؛ فالأولان حرفان، والبواقي أسماء علي الأشهر، وكلّ واحد منها يقتضي شرطاً وجزاءاً، ماضيين أو مضارعين أو مختلفين؛

«أيُّكم يقم أقم معه» و «أيّ شيءٍ تصنع أصنع» و «أيّ زمان تقم أقم معك» و «أيّ مكان تقم فيه أقم معك».

7- (و «أيّان») وهي موضوعة للزمان، وضمّنت معني الشرط، نحو: «أيّان تقم اقم» يعني: ايّ زمان تقم اقم.

8- (و «أيْنَ») وهي موضوعة للمكان، وضمّنت معني الشرط، نحو: «أين تقم أقم» يعني: أيّ مكان تبقي فيه أبقي أنا في ذلك المكان.

9- (و «أنّي») وهي مثل «أيْن» نحو: «أنّي تقم أقم».

10- (و «حَيْثما») وهي أيضاً مثل «أيْنَ» نحو: «حيثما تقم أقم».

11- (و «مَهْما») وهي موضوعة لغير العاقل، وضمّنت معني الشرط، نحو: «مهما تقل أقل» يعني: أيّ شيء تقول اقوله أنا أيضاً.

(فالأولان) وهما: «إن» و «إذما» (حرفان، والبواقي أسماء علي) القول (الأشهر) بين علماء النحو.

(وكل واحد منها) أي: من هذه الأحد عشر (يقتضي) أن يأتي بعده فعلان وأن يكون الفعل الأول (شرطاً و) الفعل الثاني (جزاءاً) سواء كان الفعلان (ماضيين) نحو: «إن قام قمت» (أو مضارعين) نحو: «متي تقم أقم» (أو مختلفين) بأن يكون أحد الفعلين ماضياً والآخر مضارعاً، نحو: «أين

فان كانا مضارعين أو الأوّل؛ فالجزم وان كان الثاني وحده، فوجهان.

وكل جزاء يمتنع جعله شرطاً؛ فالفاء لازمة له، كأنْ يكون جملة إسمية،

ذهبتَ أذهبُ» فالاول ماضٍ والثاني مضارع.

(فان كانا) أي: الفعلان (مضارعين) نحو: «متي تقم أقم» (أو) كان الفعل (الأوّل) مضارعاً، نحو «مَتي تَقُمْ قمتُ» (فالجزم) أي: يجب جزم المضارع، وفي هذين المثالين صار المضارع مجزوماً، ففي «متي

تقم أقم» كان الاصل: «تقوم وأقوم» فلما جاء «متي» عليهما، صارا مجزومين، وعلامة الجزم فيهما: سكون لام الفعل، فالتقي الساكنان: «الواو» و «الميم» ولدِفع التقاء الساكنين حذفت الواو منهما فصارا «تقم وأقم»، وفي «مَتي تَقُم قمتُ» كان أصل «تقم»: «تقوم» فحذفت الواو منهما لما مرّ فصار «تقم»:

(وإن كان) الفعل (الثاني وحده) مضارعاً، مثل «أين قمتَ أقُمْ» (فوجهان) أي: يجوز الجزم ويجوز الرفع، فقد قال بعض علماء النحو: يجزم المضارع كالمثال، وقال بعضهم: برفع المضارع، وذلك لِضعف تعلّقه بالأداة لِحيلولة الماضي بينهما، فتَقول في المثال: «أين قمتَ أقومُ».

(وكل جزاء يمتنع جعله شرطاً) أي: كل شيء وقع جزاءاً، ولا يمكن جَعله في مكان الشرط (فالفاء لازمة له) يعني: يجب دخول الفاء علي ذلك الجزاء.

أمّا موارد ذلك فهو (كأن يكون) الجزاء (جملة إسمية).

أو إنشائيّة، أو فعلاً جامداً، أو ماضياً مقروناً ب «قد»، نحو: «إن تَقُمْ فأنا أقُومُ، أو فأكْرِمْني، أو فعسي أن أقُومَ، أو فقد قمتُ».

(أو) يكون الجزاء جملة (إنشائية).

(أو) يكون الجزاء (فعلاً جامداً) غير متصرف، يعني ليس له مضارع، وأمر وغيرهما مثل «عسي».

(أو) يكون فعلاً (ماضياً مقروناً ب «قَدْ») أي: بأن جاء قبله «قَد».

وأمّا أمثلة ذلك فهو: (نحو: «إن تَقُمْ فأنا أقوُمُ) فإنّ «أنا أقوم» لا يمكن أن يصير شرطاً، ويقع بعد «إنْ» مباشرة، لانها جملة إسمية، والجملة الاسمية لا تصير شرطاً أبداً، فلذا دخل عليها الفاء وصار: «فأنا أقوم».

(أو: «فاكرِمني») يعني: «إنْ تقم فاكرِمني» فانّ «أكرِمني» لا يمكن أن يصير شرطاً، ويقع بعد «إن» مباشرة، لانها جملة إنشائية إذ هي أمر والجملة الانشائية لا تصير شرطاً أبداً، فلذا دخل عليها الفاء، وصار: «فاكرِمْني».

(أو: «فَعسي أن أقومُ») يعني: «إن تَقُمْ فعسي أن أقوم» فانّ «عسي» لا يمكن

أن يصير شرطاً ويقع بعد «إنْ» مباشرة، لانه فعل جامد غير متصرّف إذ ليس له مضارع ولا أمر ولا غيرهما والفعل الجامد لا يمكن ان يصير شرطاً، فلذا دخل عليه الواو، وصار «فعَسي أن أقوم».

(أو: «فقد قمتُ») يعني: «إن تَقُمْ فقد قمتُ» فإنّ «قد قمتُ» لا يمكن

مسألة

وينجزم بعد الطلب ب «إنْ» مقدّرة مع قصد السببيّة، نحو: «زُرْنِي أكُرِمْك»، و «لا تَكْفُرْ تَدخُلِ الجنةَ».

أن يصير شرطاً، ويأتي بعد «إنْ» مباشرة، لانه فعل ماضٍ دخل عليه «قد»، والماضي الذي معه «قد» لا يصير شرطاً أبداً، فلذا دخل عليه الفاء وصار: «فقد قمتُ».

(مسألة: وينجزم) الفعل المضارع، أي: يصير مجزوماً، إذا كان (بعد الطلب) أي: بعد الأمر أو النهي أو نحوهما، ويكون جزمه (ب «إنْ») الشرطية (مقدّرة) أي: مستترة قبل الفعل المضارع وبعد الطلب بناءاً علي أن يصير الفعل المضارع جواباً ل «إنْ» (مع قصد السببية) أي: إذا كان المقصود أن الطلب يكون سبباً للفعل المضارع الذي بعد الطلب.

أمّا مثال ذلك فهو: (نحو: زُرْنِي اُكرِمْك») ف «اُكرِمْك» فعل مضارع متكلم وحده وقع بعد فعل الأمر وهو: «زُرْني»، والمقصود: أن الزيارة سبب للإكرام، فلذا صار «اُكرمك» مجزوماً ب «إنْ» الشرطية المستترة وتقديره: «زُرْني إن تَزُرْني اُكْرِمْك».

(و) نحو: («لا تَكفُرْ تدخُلِ الجنةَ») ف «تَدخل» فعل مضارع، وقع بعد النهي وهو: «لا تكفُرْ»، والمقصود: ان عدم الكفر سبب لِدخول الجنة، فلذا صار «تدخل» مجزوماً ب «إنْ» الشرطية المستترة، وتقدير المثال: «لا تكفر إن لا تَكفُرْ تدخلِ الجنةَ» ف «تدخل» مجزوم وعلامة جزمه هو سكون لامه،

ومن ثَمّ إمتنع: «لا تَكفُر تَدْخُلِ النّارَ» بالجزم لفساد المعني.

فصل: في أفعال المدح والذم

أفعال وُضِعتْ لإنشاء مدح أو ذمّ؛ فمنها: «نِعْم» و «بِئسَ» و «ساءَ» وكلّ منها يرفع فاعلاً معرَّفاً باللام،

لكن

أُبدل بالكسرة لدفع التقاء الساكنين، وانما الْتقي الساكنان لان لام «تدخل» كان ساكناً للجزم، وألف «الجنة» ساكنة، فالتَقي الساكنان وعملنا بقاعدة «إذا التَقي الساكنان حُرّك بالكسر» فكسرْنا لامَ «تدخل».

(ومن ثَمّ) أي: مِن هذه الجهة، وهي: لزوم كون ذلك الطلب سبباً للفعل المضارع (إمتنع) أن يقال: («لا تَكفُرْ تَدخلِ النار» بالجزم) أي: بِجَزْم «تدخل» (لِفساد المعني) يعني: انّك لو جزمتَ «تدخل» ب «إنْ» الشرطية المقدّرة فسد المعني، لان المعني يصير «لا تكفُرْ إن لا تكفُرْ تدخلِ النار» والحال أنّ الذي لا يكفُر لا يَدخل النار، بل يدخل الجنة.

«أفعال المدح والذم»

(فصل: في أفعال المدح والذم) وهي (أفعال وُضِعتْ لإنشاء مدح) أي: إيجاد المدح لا الإخبار به (أو) إنشاء (ذم؛ فمنها «نِعْم» و «بِئسً» و «ساءَ») فالأول للِمدح، والثاني والثالث للذمّ.

(وكل منها) أي: من هذه الأفعال الثلاثة إمّا أنْ (يرفع فاعلاً معرَّفاً باللام) يعني: يرفع فاعلاً يكون معرفة، ويكون سبب تعريفه «أل».

أو مضافاً إلي معرَّف بها، أو ضميراً مستتراً مفسَّراً بتمييز، ثم يذكر المخصوص مطابقاً للفاعل، ويجعل مبتدأ مقدَّم الخبر أو خبراً محذوف المبتدأ، نحو: «نِعم المرأةُ هندٌ»،

(أو) يرفع (مضافاً إلي معرَّفٍ بها) أي: ب «ال» يعني: يرفع فاعلاً يكون سبب تعريفه أنه اُضيف إلي إسم يكون ذلك الاسم «ال».

(أو) يرفع (ضميراً مستتراً مفسَّراً بتمييز) بفتح سين «مفسَّر» أي: ضميراً مقدّراً يكون هناك تمييز يفسِّر ويبين ذلك الضمير المستتر.

(ثم) بعد الفاعل المعرّف بأل، أو بعد المضاف إلي المعرّف بأل، أو بعد التمييز (يذكر المخصوص) والمخصوص: هو الذي جاء المدح له، أو جاء الذم عليه، ويجب ان يكون المخصوص (مطابقاً للفاعل) في الافراد والتثنية والجمع، والتذكير والتأنيث.

ويكون مرفوعاً (ويجعل مبتدأً مقدَّم الخبر) يعني: علي أن يكون فعل المدح أو

الذم مع فاعله خبراً له مقدَّماً عليه.

(أو) يجعل المخصوص (خبراً محذوف المبتدأ) فيقدّر قبله ضمير علي أن يكون ذلك الضمير مبتدأ، والمخصوص خبراً.

أمّا أمثلة ذلك فهو: (نحو «نِعم المرأةُ هندٌ») وهذا مثال لكون فاعل «نعم» معرّفاً بأل، وتركيبه: «نِعم»: فعل المدح، و «المرأة»: فاعله، و «هند»: مخصوص بالمدح، يعني: هي التي جاء المدح لها، و «هند» مطابق مع «المرأة» لأن كليهما مفردان، وكليهما مؤنثان، وكليهما مرفوعان.

و «بِئْسَ نِساءُ الرّجلِ الهنداتُ» و «ساءَ رجلاً زيدٌ».

ومنها: «حَبَّ» و «لا حَبّ» وهما ك «نِعم» و «بئس»، والفاعل «ذا» مطلقاً،

(و «بئس نساءُ الرجلِ الهنداتُ») وهذا مثال لكون فاعل «بئس» مضافاً إلي المعرّف بأل، وتركيبه: «بئس»: فعل الذم، و «نساء»: فاعله، أضيف إلي «الرجل»، و «الهندات»: مخصوص بالذم، يعني: الهندات هنّ اللاتي جاء الذم لهن، و «الهندات» مطابق مع «نساء» لأن كليهما جمعان، وكليهما مؤنثان، وكليهما مرفوعان.

(و «ساءَ رجلاً زيدٌ») وهذا مثال لكون فاعل «ساء» ضميراً مقدراً مفسَّراً بتمييز، والتقدير: ساء هو رجلاً زيد، وتركيبه: «ساء»: فعل الذم، والضمير المستتر: فاعله، و «رجلاً»: تمييز للضمير المستتر، ومفسِّر له لأنّ «رجلاً» يُفهم منه بأن الضمير المقدّر مفرد ومذكر مثل «رجلاً» ولهذه الجهة صار «رجلاً» مفسِّراً للضمير المستتر، ومبيّناً له و «زيد»: مخصوص بالذم، يعني: هو الذي جاء هذا الذم له، و «زيد» مع الضمير المستتر «هو» مطابقان، لان كليهما مفردان، وكليهما مذكران، وكليهما مرفوعان.

(ومنها: «حَبّ» و «لا حَبّ» وهما ك «نِعم» و «بِئس») ف «حبّ» للمدح كما أن «نِعم» للمدح، و «لا حَبّ» للذم كما أن «بئس» للذم، والاول معناه: نعم، والثاني معناه: بئس (والفاعل) فيهما («ذا» مطلقاً) أي: دائماً سواء كان المخصوص مفرداً، أم مثنّيً، أم جمعاً، مذكراً كان أم

مؤنثاً، ففي الجميع يكون

وبعده المخصوص، ولك أن تأتي قبله أو بعده بتمييز أو حال علي وفقه، نحو: «حَبَّذا الزيدان» و «حَبّذا زيدٌ راكباً» و «حبّذا إمرأةً هند».

«ذا» فاعلاً ل «حب».

تقول: «حَبّذا زيدٌ» و «حَبذا الزيدان» و «حبذا الزيدون» و «حبذا هندٌ» و «حبذا الهندان» و «حبذا الهندات» ومِثله «لا حَبّذا».

(وبعده) أي: بعد «ذا» يأتي («المخصوص» و) يجوز (لك أن تأتي قبله) أي: قبل المخصوص (أو بعده بتمييز أو حال علي وفقه) أي: مثل المخصوص في الإفراد والتثنية والجمع، والتذكير والتأنيث.

أما أمثلة ذلك فهو: (نحو: «حَبّذا الزيدان») وهذا مثال لِعدم مجيء تمييز أو حال للَمخصوص، وتركيبه: «حَبّ» فعل المدح، و «ذا»: فاعله، و «الزيدان»: مخصوص بالمدح، يعني: هما اللذان جاء المدح لهما.

(و «حَبّذا زيد راكباً») وهذا مثال لمجيء الحال للمخصوص، وكون الحال بعد المخصوص، فالتركيب: «حَبّذا»: فعل وفاعل، و «زيد»: مخصوص بالمدح، و «راكباً» حال مِن زيد، والمعني: زيد شخص حَسَن حال كونه راكباً.

(و «حَبّذا إمرأةً هندٌ») وهذا مثال لمجيء التمييز للمخصوص، وكون التمييز قبل المخصوص، فالتركيب: «حَبّذا»: فعل وفاعل، و «إمرأة»: تمييز ل «هند» مقدّم عليها، و «هند» مخصوص بالمدح.

وفي المثالين صارت المطابقة بين التمييز والمخصوص، وبين الحال

فصل: فعلا التعجّب

فعلان وضعا لإنشاء التعجّب، وهما: «ما أفْعَلَه» و «أفْعِلْ به»، ولا يُبنيان إلاّ ممّا يُبني منه إسم التفضيل.

والمخصوص، ففي المثال الأول: «زيد» مع «راكباً» كلاهما مفردان، وكلاهما مذكّران، وفي المثال الثاني: «إمرأة» مع «هند» كلاهما مفردان وكلاهما مؤنثان.

«فعلا التعجب»

(فصل: فعلا التعجب) هما: (فعلان، وضعا لانشاء التعجّب،) أي: لبيان التعجّب (وهما: «ما أفْعَلَه») بفتح الهمزة وسكون الفاء وفتح العين واللام (و «أفْعِل به») بفتح الهمزة وسكون الفاء وكسر العين وسكون اللام يعني: كل ما كان علي وزنهما.

(ولا يُبنيان)

أي: لا يُصنع فِعلا التعجّب (إلاّ ممّا يُبني منه إسم التفضيل) أي: إلا من الافعال التي كان يُصنع منها اسم التفضيل، وهو أن يكون: ثلاثياً، تامّاً، متصرّفاً، قابلاً للتفاضل، غير مصوغ منه «أفْعَل» لغير التفضيل نحو: «ما أكْثَرَ الماء».

فلا يُصنع مِن فعل غير ثلاثي، ك «ما أدْحَرجه» أو: «دَحْرِج به».

ولا مِن الأفعال الناقصة ك «ما أضحاه» أو: «أضحي به» فانّ «أضحي» فعل ناقص.

ويتوصّل إلي الفاقد ب «أشدَّ» و «أشْدِدْ به». ولا يتصرّف فيهما.

ولا من الفعل الجامد غير المتصرّف، فلا يُصاغ مِن «نِعم» و «بئس» لا يقال: «زيد أبئَس مِن عمرو» ولا «أبئِسْ به».

ولا من فعل غير قابل للتفاضل، فلا يصاغ مِن «مات» فلا يقال: «ما أمْوَته» ولا «أمْوِت به».

ولا مِن فعل مصوغ منه «أفْعَل» لغير التفضيل، ك «أخْضَر» فانه لِلون الخضرة وليس لأشدية لون الخضرة، فلا يقال: «ما أخْضَره» ولا «أخْضِرْ به».

(ويتوصّل إلي) التعجّب من الفعل (الفاقد) لبعض هذه الشروط الخمسة (ب «أشَدَّ» و «أشْدِدْ به») يعني: ان الأَفعال التي لا يصح صياغة التعجّب منها لو جَعلتَ مصدرها منصوباً بعد «ما أشَدّ» أو مجروراً بالباء بعد «أشْدِد» يصح التعجب بها.

ففي الأفعال السابقة يَصح أن تقول: «ما أشدّ دَحْرَجَتَه» أو: «أشْدِدْ بِدحرجته».

وتقول: «ما أشدّ ضُحاه» و «أشدِد بضحاه».

وتقول: «ما أشدّ بِئْسه» و «أشدد بِبئسه».

وتقول: «ما أشد موتَه» و «أشدِدْ بموتِه».

وتقول: «ما أشدَّ خُضرتَه» و «أشدِدْ بخضرته».

(ولا يتصرّف فيها) أي: أنّ فعلي التعجب جامدان لا يُصرّفان، فلا يقال: «ما يَفْعَله» أو «يفعل به» أو غير ذلك.

و «ما» مبتدأ إتفّاقاً، وهل هي بمعني «شيء» وما بعدها خبرها، أو موصولة وما بعدها صلتها والخبر محذوف؟ خلاف. وما بعد الباء فاعل عند سيبويه، وهي زائدة، ومفعول عند الاخفش، وهي للتعدية

أو زائدة.

(و «ما») في «ما أشد» (مبتدأ إتفاقاً) أي: باتفاق جميع علماء النحو.

(و) لكن الخلاف بين علماء النحو في أن «ما» (هل هي بمعني «شيء» وما بعدها) وهو أفعله (خبرها) فيكون «ما أكثر الماء» معناه: شيء عجيب أكثر الماء.

(أو) تكون «ما» (موصولة، وما بعدها صلتها) ومجموع الصلة والموصول مبتدأ (والخبر محذوف) فيكون «ما أكثر الماء» معناه: «الذي أكثرَ الماء شيءٌ عظيم».

(خلاف) في ذلك بين علماء النحو.

(و) في نحو: «أكْثِرْ بالماء» (ما بعد الباء فاعل) ل «أكْثِر» (عند سيبويه) الذي هو من كبار علماء النحو (وهي) أي: الباء (زائدة) فيكون «أكْثِر بالماء» في الاصل «أكْثِر الماء»، و «أكْثرِ» وإن كان بصيغة فعل الأمر، إلاّ انه في الأصل ماضٍ لأجل المبالغة، فيكون المعني: «كثُر الماء».

(و) «الماء» الواقع بعد الباء (مفعول) ل «أكْثِر» (عند الأخفش) الذي هو من علماء النحو (وهي) أي: الباء تكون عند الأخفش (للتعدية) أي: لِتعدّي «أكْثِر» إلي «الماء» (أو زائدة).

فصل: أفعال القلوب

أفعال تدخل علي الاسميّة لبيان ما نشأت منه من ظنّ، أو يقين. وتنصب المبتدأ والخبر مفعولين، ولا يجوز حذف أحدهما وحده.

وعليه فإن قلنا: إنّ همزة «أكْثِر» همزة باب الإفعال وهي للِتعدية، فتكون الباء زائدة، وان قلنا إنّ همزة «أكْثِر» للصيرورة بمعني: صارَ كثيراً، فتكون الباء للِتعدية، وعلي كلا الصورتين يكون الفاعل ضمير «انت» مستتراً في الفعل وجوباً، فيكون المعني حينئذ: «أنت أَكْثِر الماء» يعني: إعرف بأن الماء كثير.

أفعال القلوب

(فصل: أفعال القلوب) سمّيت بأفعال القلوب لأنّ معانيها قائمة بالقلب، وهي: (أفعال تدخل علي) الجملة (الاسميّة) أي: علي المبتدأ والخبر (لِبيان ما نشأت منه) أي: لبيان المعني الذي صدر من ذلك الفعل (مِن ظنّ، أو يقين) يعني: إن كان معني الفعل هو الظن صارت الجملة الاسمية

مظنونة، وإن كان معني الفعل هو اليقين صارت الجملة الاسمية يَقينية.

(و) هذه الأفعال (تنصب المبتدأ والخبر) وتجعلهما (مفعولين) لها، بعدما تَأخذ فاعلاً (ولا يجوز حذف أحدهما وحده) فلا يجوز حذف المبتدأ وإبقاء الخبر، ولا حذف الخبر وإبقاء المبتدأ.

وهي: «وَجَدَ» و «ألْفي» لتيقّن الخبر، نحو: «إنَّهُم ألْفَوْا آباءَهم ضالِّينَ» ().

و «جَعَلَ» و «زَعَمَ» لظنّه، نحو: «زَعَمَ الذين كَفَرُوا أنْ لَنْ يُبْعثُوا» ()،

(وهي) أي: أفعال القلوب كثيرة، ذكر المصنف + منها تسعة، وهي كالتالي:

(«وَجَدَ» و «ألْفي») يُكتب بالياء ويُقرأ بالألف ويأتيان (لِتيقّن الخبر) يعني: كل مكان جاء أحدهما فُهم أن الخبر بعدهما يَقينيٌ (نحو) قوله تعالي: («إنَّهم ألْفَوا آباءَهم ضالِّينَ») يعني: إن الكفار تيقَّنوا أن آباءَهم كانوا في الضلالة، ونحو: «وجدتُ عمراً جاهلاً» يعني: تيقّنتُ أنّ عمراً جاهل.

(و «جَعَل» و «زَعَم») فعلان قلبيان يَأتيان (لِظنّه) أي: لظن الخبر، يعني: يأتيان في مكان يكون الخبر الذي بعدهما ظَنيّاً لا يقينياً (نحو) قوله تعالي: («زَعَم الذين كفروا أنْ لنْ يُبْعَثوا») يعني: ظنّ الكفار بأنهم غير مبعوثين أحياءً للحساب والجزاء في يوم القيامة، ونحو: «جَعَل زيد عمراً كريماً» يعني: ظن زيد بأن عمراً كريم، وتركيبه: «جَعَل» فعل قلبي، «زيد»: فاعله، «عمراً» مفعوله الأول، «كريماً» مفعوله الثاني، وكان الاصل: «عمرو كريم» مبتدأ وخبر، فلمّا دخل عليهما «جَعَل» صارا منصوبين علي أنهما مفعولان ل «جعل».

و «عَلِم» و «رَأي» للأمرين والغالب لليقين، نحو: «إنَّهُمْ يَرَوْنَه بَعِيداً ونَراهُ قَرِيباً» ()،

و «ظَنّ» و «خالَ» و «حَسِبَ» لهما، والغالب فيها الظنّ، نحو: «حسِبْتُ زيداً قائماً».

(و «عَلِم» و «رَأي») فعلان قلبيّان ويأتيان (للامرين) أي: للظن واليقين (والغالب) أنهما يأتيان (للِيقين، نحو) قوله تعالي: («إنَّهُمْ يَرَوْنَه بعيداً ونَراهُ قَرِيباً») يعني: إن الكفار يَظُنّون بأن يوم القيامة بعيد عنهم،

ونحن علي يقينٍ بأنه قريب منهم، وتركيبه: «يرون»: فعل قلبي و «الواو» فاعله، و «الهاء»: مفعوله الأول، و «بعيداً»: مفعوله الثاني و «نَري» فعل قلبي، فاعله مستتر وجوباً، تقديره: «نحنُ»، و «الهاء: مفعوله الأوّل» و «قريباً»: مفعوله الثاني، ونحو: «علم زيد عمراً قائماً» يعني: تيقن بأن عمراً قائم، وتركيبه: «علم»: فعل قلبي، «زيد» فاعله، «عمراً»: مفعوله الأول، «قائماً»: مفعوله الثاني.

(و «ظَنّ» و «خالَ» و «حَسِبَ») بكسر السين أفعال قلوب، وتأتي أيضاً (لهما) أي: لليقين والظن (والغالب فيها الظَنّ، نحو: «حَسِبْتُ زيداً قائماً») معناه: تَيقنت أن زيداً قائم، أو: حصل لي الظن بأنّ زيداً قائم، وتركيبه: «حسبت»: فعل قلبي، والتاء ضمير المتكلم وحده فاعله، «زيداً»: مفعوله الأول، و «قائماً»: مفعوله الثاني، و «زيداً قائماً» كانا في الاصل «زيد قائم» مبتدأً وخبراً، فلمّا دخل عليهما «حَسِب» نَصَبهما، وجعلهما مفعولَين

مسألة

وإذا توسّطت بين المبتدأ والخبر أو تأخّرت عنهما جاز إبطال عملها لفظاً ومحلاً، ويسمّي الإلغاء، نحو: «زيدٌ علمتُ قائمٌ» و «زيدٌ قائمٌ عَلِمْتُ».

وإذا دخلت علي الاستفهام، أو النفي، أو اللام، أو القسم، وجب إبطال عملها لفظاً فقط، ويسمّي التعليق، نحو: «لِنَعْلَمَ أيُّ الحِزْبَيْنِ أحْصي» ()،

لِنفسه، ونحو: «ظَنَّ زيد عمراً عالماً» و «خالَ تقيٌ باقراً مهندساً».

(مسألة: وإذا توسّطت) أفعال القلوب، ووقعت (بين المبتدأ والخبر، أو تأخرت عنهما) يعني: وقعت بعد المبتدأ والخبر (جاز إبطال عملها لفظاً ومحلاً) بأن لا تَنصب المبتدأ والخبر، لا لفظاً ولا محلّاً (ويسمّي) الإبطال لفظاً ومحلاً (الإلغاء، نحو: «زيدٌ علمتُ قائمٌ» و «زيدٌ قائمٌ عَلِمتُ») ف «زيد قائم» مبتدأ وخبر، وفي المثال الأول وقع «علمت» بين المبتدأ والخبر، وفي المثال الثاني وقع بعدهما، وأُلغي الفعل في المثالين، فلم ينصبهما، بل بقي المبتدأ والخبر علي رفعهما.

(وإذا دخلت)

أفعال القلوب (علي الاستفهام، أو النفي، أو اللام، أو القسم، وجب إبطال عملها لفظاً فقط) لا محلاً (ويسمّي) الإبطال لفظاً فقط (التعليق، نحو: «لِنَعْلَم أيُّ الحِزْبَينِ أحْصي») ف «أيُّ» إسم استفهام دخل عليه

و «عَلمتُ لَزيدٌ قائمٌ».

«لِنَعْلَم» الذي هو مِن أفعال القلوب، فلم يعمل في اللفظ، فليس «الحِزبين» و «أحصي» لفظاً مفعولين ل «لنعلم» وإنما «الحزبين» مجرورة لإضافة «أيُّ» إليها و «أحصي» مرفوع تقديراً علي أنّه خبرٌ ل «أيُّ». (و «علِمتُ لَزيدٌ قائمٌ») فدخل «علمتُ» علي اللام أي: لام الابتداء، ولذا لم يَعمل في «زيد قائم» ولو كان عمل فيهما لَوَجب أن يُنصبا، ويقال: «لَزيداً قائماً».

والفرق بين إبطال العمل في المحل، وعدمه:

أنه لو لم يبطل العمل في المحل وكان تَعليقاً، كان «المبتدأ والخبر» في المعني مفعولين للفعل القلبي، ولو عطف عليهما شيء جاز نصب ذلك الشيء باعتبار أن محلهما نصبٌ والعطف صار علي المحل، نحو: «عَلمتُ لَزيد قائم وعمراً جالساُ».

بخلاف إبطال العمل في اللفظ والمعني معاً، فانه لو عطفت شيئاً علي المبتدأ والخبر في الإلغاء لم يجز نصب ذلك الشيء، فلا يصح: «زيد علمتُ قائم وعمراً جالساً» بل يجب أن تقول: «وعمرو جالس» لاِنه لا اللفظ منصوب، ولا المحل، فعَلي ايّ شيء يمكن العطف حتّي يُنصب المعطوفان؟

«واْعْلَم» أن المصنف + مَثّل لِدخول الفعل القلبي علي الاستفهام وعلي اللام ولم يُمثِّل لِدخوله علي النفي أو علي القسم.

فأمّا مثال دخوله علي النفي فهو نحو: «علمت ما زيد قائم» ف «ما» نافية دخل عليها «علمت»، ولذا لم يعمل «علمت» في «زيد قائم» ولو كان

خاتمة إذا تنازع عاملان ظاهراً بعدهما فلك إعمال أيّهما شئت

قد عمل فيهما لوجب نصبهما علي المفعولية، ولوجب أن يكون «علمت ما زيداً قائماً» وحيث لم ينصبا نفهم بأن «علمت» معلق عن العمل.

وأمّا مثال القسم

فهو نحو: «علمت والله لزيد قائم» ف «والله» قسم دخل عليه «علمت»، ولذا علق عن العمل، وصار «زيد قائم» مرفوعين بعدما كانا منصوبين، وكانا قبل دخول «علمت» علي القسم «علمت زيداً قائماً».

التنازع

(خاتمة) للحديقة الثالثة: (إذا تنازع عاملان) سواء كانا فعلين أم كانا وصفين أم غيرهما (ظاهراً) أي: في إسم ظاهر يكون ذلك الاسم (بعدهما) أي: بعد العاملين، بأن كان كل واحد من العاملين يريد أن يجعل الاسم الظاهر معمولاً لنفسه، مثل: «نصحني ونصرني الزيدان» ف «نصحني» فعل، والنون للوقاية، والياء مفعول، ويحتاج إلي فاعل، و «نصرني» فعل، والنون للوقاية، والياء مفعوله، ويحتاج إلي فاعل أيضاً، فتنازع هذان الفعلان في «الزيدان» فيريد «نصحني» أن يجعله فاعلاً لنفسه، ويريد «نصرني» أن يجعله فاعلاً لنفسه (ف) يجوز (لك إعمال أيّهما شئت) أي: جعل «الزيدان» معمولاً لأي واحد تشاء مِن الفعلين.

إلاّ أنّ البصرييّن يختارون الثاني؛ لقربه وعدم استلزام إعماله الفصل بالاجنبيّ والعطف علي الجملة قبل تمامها،

(إلاّ أنّ البصريين) من علماء النحو (يختارون الثاني) أي يقولون: إنّ الاسم الظاهر معمول للفعل الثاني، وذلك لمزايا تالية:

أولاً: (لقربه) أي: لان الفعل الثاني أقرب إلي «الزيدان» من الفعل الأوّل.

ثانياً: (وعدم استلزام إعماله الفصل بالاجنبي) أي: لو جعل «الزيدان» معمولاً للفعل الثاني لم يفصل بين الفعل الثاني وبين معموله شيء أجنبي، بخلاف ما لو صار «الزيدان» معمولاً للفعل الأول، فانه يلزم من ذلك أن يصير الفعل الثاني فاصلاً بين الفعل الأول وبين معموله وهو «الزيدان»، مع أن الفعل الثاني شيء أجنبي بالنسبة إلي الفعل الأوّل لانه ليس في الفعل الثاني ضمير يرجع إلي الفعل الأوّل حتّي لا يكون أجنبياً ولا يجوز فصل الاجنبي بين عامل وبين معموله.

ثالثاً: (و) عدم استلزام (العطف علي الجملة قبل

تمامها) فانه لو صار «الزيدان» فاعلاً للفعل الأوّل لزم أن يكون الفعل الثاني قد عطف علي الفعل الأوّل قبل تمام جملة الفعل الأوّل، لان «الزيدان» جزء لجملة الفعل الأول، والعطف علي الجملة قبل تمامها قبيح، بخلاف ما إذا جعلنا «الزيدان» معمولاً للفعل الثاني، فانه لا يلزم حينئذ العطف علي الجملة قبل تمامها، لانه إن جعل «الزيدان» معمولاً للفعل الثاني فيؤتي في الفعل الأوّل بضمير يكون معمولاً له فتصير جملة الفعل الأوّل تامة، فإذا عطفت الفعل الثاني علي الفعل الأوّل، يكون عطفاً علي الجملة بعد تمامها.

والكوفييّن الأوّل؛ لسبقه، وعدم استلزامه الاضمار قبل الذكر، وأيّهما أعملتَ أضمرتَ الفاعل في المهمل موافقاً للظاهر،

ثم عطف المصنف علماء الكوفة علي البصريين وقال: (والكوفييّن) من علماء النحو يختارون إعمال الفعل (الأوّل) في «الزيدان» وذلك لأمور:

أولاً: (لسبقه) يعني: لان الفعل الأوّل أسبق من الفعل الثاني، والسابق أولي.

ثانياً: (وعدم استلزامه) أي: عدم استلزام إعمال الفعل الأوّل (الإضمار قبل الذكر) فانه لو جعل الاسم الظاهر الزيدان معمولاً للفعل الثاني لزم تقدير ضمير في الفعل الأوّل راجع إلي الزيدان مع أن «الزيدان» مؤخر عن الضمير، فَيلزم الإضمار قبل ذكر مرجع الضمير وهذا لا يجوز.

بخلاف ما إذا جعلنا «الزيدان» معمولاً للفعل الأَوّل، وقدّرنا في الفعل الثاني ضميراً يرجع إلي «الزيدان» فان الضمير حينئذ وإن رجع إلي المتأخّر لفظاً إلاّ أن «الزيدان» رتبته متقدمة علي رتبة الضمير، لان «الزيدان» يصير معمولا للفعل الأول، والضمير معمول للفعل الثاني، ومعمول الأوّل مقدّم في الرتبة علي معمول الثاني.

(و) كيف كان: فانك (أيّهما أعملتَ) أي: أيّ واحد مِن الفعلين جعلتَه عاملاً في الاسم الظاهر (أضمَرتَ) أي: أتيت بضمير (الفاعل في المُهمل) أي: في الفعل الذي أُهمل ولم يعمل في الاسم الظاهر،

ويجب أن يكون الضمير الذي تأتي به في الفعل المهمل (موافقاً للظاهر) أي: مثل الاسم الظاهر في الإفراد والتثنية

أما المفعول فالمهمل ان كان الأوّل حُذف، أو الثاني أضمر إلاّ أن يمنع مانع.

والجمع، والتذكير والتأنيث.

فمثلاً: في مثالنا: «نصحني ونصرني الزيدان» فان جعلت «الزيدان» فاعلاً للفعل الأوّل وجب جعل ضمير مثني في الفعل الثاني، فتقول: «نصحني ونصراني الزيدان»، وان جعلته فاعلاً للفعل الثاني وجب جعل ضمير مثني في الفعل الأوّل فتقول: «نصحاني ونصرني الزيدان» فالالف في «نصحاني» أو «نصراني» ضمير مثني يرجع إلي «الزيدان».

«أما المفعول» أي: إذا كان الفعل المهمل الذي لم يعمل في الاسم الظاهر محتاجاً إلي مفعول فهو علي نحوين:

1- (فالمهمل ان كان) هو الفعل (الأوّل) نحو: «نصحتُ ونصرتُ زيداً» (حُذف) المفعول منه، ومن دون أن يؤتي بضمير راجع إلي الاسم الظاهر، فلا يقال: «نصحته ونصرت زيداً».

2- (أو) كان المهمل هو الفعل (الثاني) بأن جعلنا الاسم الظاهر معمولاً للفعل الأوّل (أُضمر) في الفعل الثاني ضمير راجع إلي الاسم الظاهر نحو: «نصحتُ ونصرتهُ زيداً» ف «زيداً» مفعول للفعل الأوّل، وضمير «الهاء» مفعول للفعل الثاني.

(إلاّ أن يَمنع مانع) عن حذف الضمير رأساً إن كان المهمل هو الفعل الأوّل، أو يمنع مانع عن الاضمار للفعل المهمل إن كان المهمل هو الفعل الثاني.

وليس منه

«أما» وجود المانع عن حذف الضمير رأساً إن كان المهمل هو الفعل الأوّل فكما إذا كان الضمير خبراً، فحيث انه ليس فضلة لا يجوز حذفه رأساً، بل يجب اتيانه ضميراً في الأخير، نحو: «كنت وكان زيد قائماً».

تركيبه: «كنتُ»: فعل ناقص والتاء إسمه «وكان»: فعل ناقص، «زيد»: إسمه، فكل واحد من هذين الفعلين الناقصين يريدان خبراً، فتنازعا في «قائماً» كلٌ يريده خبراً لنفسه، فأعطيناه للفعل الثاني «كان»،

فبقي الفعل الأول وهو: كنتُ بدون خبر، فان نَحذفه رأساً ولا نُقدّر له شيئاً فلا يمكن، لأنّ «كنت» يحتاج إلي الخبر، والخبر ليس كالمفعول فضلة تحذف ويستغني عنها، بل يجب الاتيان به مؤخّراً بعد خبر الفعل الثاني، فيصير المثال المتقدم هكذا: «كنت وكان زيد قائماً إياه» ف «إيّاه» خبر ل «كنت».

وإنما لم يقدم ليقال: «كنت إيّاه وكان زيد قائماً» لان «اياه» ضمير راجع إلي «قائماً» فلا يجوز تقديمه علي «قائماً» لِئلا يلزم الإضمار قبل الذكر والمعني: كنتُ قائماً، وكان زيد قائماً.

«وأما» وجود المانع حتّي عن الاضمار للفعل المهمل ان كان المهمل هو الفعل الثاني، فهو كما إذا كان أحد الفعلين يطلب معمولاً مفرداً، والآخر معمولاً مثنّي، فيجب اظهار معمول للعامل الآخر (وليس) حينئذٍ المثال (منه) أي: من باب التنازع، لان المعمول الموجود لم يتنازع فيه العاملان، لعدم صلاحيته للمعمولية لِكلا العاملين، وانما هو معمول واحد لعامل واحد

نحو: «حَسِبَني وحَسِبْتُهما منطلقينِ الزيدانِ منطلقاً»، كما قاله بعض المحققّين.

(نحو: «حَسِبَني وحَسِبْتُهما منطلقينِ الزيدانِ منطلقاً» كما قاله)» أي: قال: إن ذلك ليس من باب التنازع (بعضُ المحققين) كابن هشام وغيره.

وأصل المثال هكذا «حسبني وحسبتُهما الزيدان منطلقاً» التركيب: «حسبني»: فعل، والنون للوقاية والياء مفعوله الأوّل «الزيدان»: فاعله. «حسبتُ»: فعل وفاعل «هما»: مفعوله الأوّل، وكلٌ مِن «حسبني و «حسبتُهما» يَطلب مفعولاً ثانياً.

أمّا «حسبني» فيطلب مفعولاً ثانياً مفرداً لان مفعوله الأول مفرد، والمفعولان يجب توافقهما في الإفراد والتثنية والجمع.

وأمّا «حَسِبْتُهما» فيطلب مفعولاً ثانياً مثنّي لان مفعوله الأوّل مثني، وليس في الكلام ما يصلح للمفعولية سوي «منطلقاً» وهو مفرد لا يَصلح أن يكون مفعولاً إلا لِ «حسبني» فيبقي العامل الثاني «حسبتهما» بدون مفعول ثان، فان حذف رأساً تخيل أنه ضمير راجع إلي «منطلقاً»

وهو لا يصلح لذلك لانه يطلب مفعولاً مثني، وإن اُضمر؛ فان جيء بضمير مفرد فلا يطابق المفعول الأوّل لِ «حسبتُهما» مع وجوب مطابقة المفعول الأوّل والثاني من حيث الإفراد والتثنية والجمع وإن جيء بضمير لم يكن له مرجعاً لان المرجع ليس غير «منطلقاً» وهو مفرد فلا يصلح لرجوع ضمير مثني إليه وحيث لم يجز حذف المفعول الثاني لِ «حسبتهما» ولا إضماره، وجب

الحديقة الرابعة في الجمل وما يتبعها

الحديقة الرابعة في الجمل وما يتبعها

الجملة: قول تضمّن كلمتين بإسناد؛ فهي أعمّ من الكلام عند الأكثر، فان بُدئت باسم فاسميّة، نحو: «زيدٌ قائم» و

إظهاره، فجئنا ب «منطلقين» لِيكون مفعولاً ثانياً ل «حسبتُهما».

الحديقة الرابعة

(في الجمل وما يتبعها) أي: يتبع الجمل وهو الظرف والجار والمجرور.

(الجملة) هي (قول تضمّن كلتين بإسناد) أي: بنسبة كلمة إلي كلمة أخري (فهي) أي: الجملة (أعمّ من الكلام عند الأكثر) أي: عند أكثر النحويين، لان الأكثر يقولون: «الكلام لفظ مفيد بالاسناد» يعني: يجب أن يكون فيه نسبة كلمة إلي كلمة أخري، مع كون النسبة مفيدة وقد ذهب بعض النحويين إلي ان الجملة والكلام مترادفان.

وكيف كان: ف «غلام زيدٍ» وإن كان فيه نسبة الغلام إلي زيد، إلاّ انه ليس كلاماً، لأنه ليس مفيداً، أمّا الجملة: فيجب أن تكون فيها نسبة كلمة إلي كلمة أخري، سواء كانت في النسبة فائدة، أم لم تكن فائدة، مثلاً: «إنْ قام زيد» جملة، لا فيها نسبة «قام» إلي «زيد» مع أنه لا فائدة فيها.

فإذاً: الجملة يقال لما هو كلام، ويقال لما ليس هو بكلام أيضاً، فصارت الجملة أعم من الكلام أي: يشمل الكلام ويشمل غير الكلام.

وعليه: (فان بُدئت) الجملة (باسم) يعني: كان أولها إسماً (فاسمية) أي: فيقال لها: «جملة اسمية» (نحو: «زيدٌ قائم»،

«وَأنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم» () و «إنّ زيداً قائمٌ» إذ

لا عِبرة بالحرف، أو بفعل ففعليّة، ك «قامَ زيدٌ» و «هَل قامَ زيدٌ» و «هلاّ زيداً ضربتَه». و «يا عبد الله»،

«وَأنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم») فإنّ «وأنْ تصوموا» يُؤوَّل إلي المصدر فيصير «وصومُكم خيرٌ لكم» والمصدر إسم، فلِهذا كانت هذه الجملة إسمية.

(و) نحو: («إنّ زيداً قائمٌ») أيضاً جملة إسمية وإن كان أولّها «إنّ» وهو حرف (إذ لا عبرةَ) ولا إعتناء (بالحرف) والمعتبر ما بعد الحرف، وما بعد الحرف في هنا «زيد» وهو إسم، فالجملة إسمية.

(أو) بُدئت الجملة (بفعل) يعني: كان أولها فعل (ف) تسمّي: جملة (فعلية ك «قامَ زيدٌ» و «هل قام زيدٌ») ولا عبرةَ ب «هل» لأنّه حرف، والحرف لا عبرة به، وما بعده وهو «قام» فعل، فالجملة فعلية.

(و) نحو: («هَلاّ زيداً ضربتَه») تقديره: هلاّ ضربتَ زيداً ضربتَه، ف «هَلاّ» حرفٌ لا إعتبار به، وبعده فِعل مقّدر فالجملة فعلية. وهذا المثال مِن باب «ما إشتغل عنه العامل بنصب ضميره» الذي مَرَّ في «الثاني» مِن «النوع الرابع» في ما يرد منصوباً وغير منصوب، ف «زيداً» نصبه «ضربتَ» مقدّراً قبله يُفسِّره، «ضربتَه» المذكور.

(و) نحو: («يا عبد الله») تقديره: أدعو عبدَ الله، و «أدعو» فعل، فالجملة فعلية.

«وَإنْ أحَدٌ مِنَ المُشرِكينَ اسْتَجارَك» () لأنّ المقدّر كالمذكور.

ثمّ إن وقعت خبراً، فصغري، أو كان خبر المبتدأ فيها جملة، فكبري، نحو: «زيدٌ قامَ أبُوه» ف «قامَ أبوه» صغري، والجميع كبري.

(و) نحو: («وَإنْ أحدٌ مِنَ المشركينَ اسْتَجارَك») تقديره: وإن إستَجارك أحد من المشركين إستجارَك، ف «إنْ» لا اعتبارَ بها لانها حرف، وبعده «إستَجارك» فعلٌ مقدّر، والجملة فعلية.

وإنما صارت هذه الجمل الثلاث الأخيرات جملاً فِعلية مع أنَّ الفعل فيها مقدّر لا مذكور (لان) الفعل (المقدّر كالمذكور) فإذا كان فعل مقدر في أول جملة صارت

تلك الجملة فعليّة.

(ثم: إن وقعت) الجملة (خبراً) أي: صارت الجملة خبراً لمبتدأ (فصغري) أي: فتسمّي «صغري» (أو كان خبر المبتدأ فيها) أي: في جملة (جملةً) يعني: كانت هناك جملة، وكان خبر المبتدأ في تلك الجملة أيضاً جملة (فكبري) أي: تسمّي تلك الجملة التي خبر مبتدإها أيضاً جملة جملة كبري.

(نحو: «زيدٌ قامَ أبُوه» ف «قامَ أبوه») بوحدها جملة (صغري) لأنها خبر ل «زيد» (والجميع) أي: «زيد قام أبوه» جميعاً جملة (كبري) لأن خبر مبتدإها جملة أيضاً.

وقد تكون صغري وكبري باعتبارين، نحو: «زيدٌ أبُوه غلامُه منطلقٌ». وقد لا تكون صغري ولا كبري، ك: «قامَ زيدٌ».

إجمال

(وقد تكون) الجملة (صغري وكبري باعتبارين، نحو: «زيدٌ أبوه غلامُه منطلقٌ»). تركيبه: «زيد»: مبتدأ، و «أبوه غلامه منطلق» كلها خبره، و «أبوه»: مبتدأ، و «غلامُه منطلق» كلها: خبره، و «غلامُه»: مبتدأ، و «منطلق»: خبره ف «أبوه غلامه منطلق» جملة صغري باعتبار انها صارت خبراً ل «زيد»، والجملة التي تكون خبراً لمبتدأ فهي صغري، وهذه الجملة جملة كبري أيضاً باعتبار أن «أبوه» مبتدأ، وخبره وهو: غلامه منطلق جملة، وكلّما كان خبر المبتدأ جملة، صارت الجملة كلها كبري.

(وقد لا تكون) الجملة (صغري ولا كبري) وهي الجملة التي ليست خبراً لمبتدأ، ولا خبرُ مبتدإها جملة (ك «قامَ زيدٌ») فانها ليست خبراً لمبتدأ حتّي تكون «صغري»، ولا خبرُ مبتدإها جملة حتّي تكون «كبري» لأنّه ليس فيها مبتدأ أصلاً، فهي لا كبري ولا صغري.

«أقسام الجمل»

(إجمال) مصدر باب الإفعال، مِن «أجمل، يُجمِل» وهنا نُبيّن إجمالاً أنواع الجمل، ثمّ نُبيّنها تفصيلاً فيما يأتي إن شاء الله تعالي.

الجمل التي لها محلّ سبع:

الخبريّة، والحالية،

والمفعول بها، والمضاف إليها، والوقعة جواباً لشرط جازم، والتابعة لمفرد، والتابعة لجملة لها محلّ.

(الجمل التي لها محل) أي: الجمل

التي تُأوَّل بالمفرد ويكون لها محل من الإعراب (سبع):

1- الجملة (الخبرية) وهي التي تكون خبراً لمبتدأ، أو خبراً لأحد النواسخ، ومحلّها الرفع أو النصب.

2- (و) الجملة (الحالية) وهي التي تكون حالاً، ومحلها النصب.

3- (و) الجملة (المفعول بها) وهي التي كانت مفعولاً بها لِفعل، ومحلّها النصب.

4- (و) الجملة (المضاف إليها) وهي التي أضيف إليها شيء ومحلّها الجر.

5- (و) الجملة (الواقعة جواباً لشرط جازم) وهي التي كانت جواباً لشرط يجزم ذلك الشرط فعل الشرط وجوابه، ومحلها الجزم.

6- (و) الجملة (التابعة لمفرد) وهي التي كانت نعتاً لمفرد، أو عطف بيان لمفرد، أو بدلاً من مفرد، أو تأكيداً لمفرد، أو عطفاً بالحرف علي مفرد، ومحلها يكون مثل إعراب ذلك المفرد، والمراد ب «المفرد» يعني: ما ليس جملة، لا المفرد مقابل المثني والجمع.

7- (و) الجملة (التابعة لجملة) يكون (لها) أي: للجملة المتبوعة (محلّ) كما إذا كانت جملة نعتاً لإحدي الجمل الست السابقة، أو كانت عطف بيان لإحداها، أو كانت بدلاً من إحداها، أو كانت تأكيداً لإحداها، أو كانت معطوفة بالحرف علي إحداها.

والتي لا محل لها سبع أيضاً:

المستأنفة، والمعترضة، والتفسيرية، والمجاب بها القسم، والمجاب بها شرط غير جازم، والتابعة لما لا محل له.

(و) الجمل (التي لا محلّ لها سبع أيضاً):

1- الجملة (المستأنفة) وهي التي بُدئ بها الكلام، أو كانت منقطعة عن الكلام السابق، غير مربوطة بما قبلها.

2- (و) الجملة (المعترضة) وهي التي توسطت بين شيئين من شأنهما عدم توسُّط شيء بينهما، كالجملة الفاصلة بين القسم وبين جواب القسم.

3- (و) الجملة (التفسيرية) وهي التي تفسِّر قولاً مجهولاً.

4- (و) جملة (الصلة) وهي الجملة الواقعة بعد أحد الموصولات.

5- (و) الجملة (المجاب بها القسم) يعني: الجملة التي وقعت جواباً لقسم.

6- (و) الجملة (المجاب بها شرط

غير جازم) يعني: الجملة الواقعة جواباً لشرط لا تجزم، مثل «إذا» الشرطية، فانها لا تجزم شيئاً، بخلاف مثل «إن» الشرطية التي تجزم.

7- (و) الجملة (التابعة لما) أي: لشيء (لا محلّ له) أي: الجملة التي كانت صفة، أو عطف بيان، أو تأكيداً، أو بدلاً، أو عطفاً بالحرف علي جملة ليس لها محل، كالجملة التابعة لجملة جواب القسم، أو للجملة التفسيرية، أو

تفصيل

الاُولي ممّا له محلّ: الخبريّة، وهي الواقعة خبراً لمبتدأ أو لأحد النواسخ، ومحلّها الرفع أو النصب،

لِغيرهما مِن الجمل الست السابقة.

«الجمل التي لها محلّ»

(تفصيل) هذا تفصيل لبيان الجُمل التي لها محل من الاعراب.

«الجملة الخبرية»

الجملة (الأولي مما له محلّ) أي: مِن الجمل السبع التي لها محلّ من الإعراب: الجملة (الخبرية، وهي) الجملة (الواقعة خبراً لمبتدأ، أو) خبراً (لأحد النواسخ) الخمسة التي هي: الأفعال الناقصة، والحروف المشبهة بالفعل، و «ما ولا» المشبّهتان ب «ليس» و «لا» النافية للجنس، وأفعال المقاربة.

(ومحلّها) أي: محل الجملة الخبرية (الرفع أو النصب).

فان كانت خبراً للمبتدا، أو خبراً لأحد من الحروف المشبهة بالفعل، أو خبراً ل «لا» النافية للجنس، فمحلّها الرفع نحو: «زيداً أبوه قائم»، و «إنّ زيداً أبوه قائم»، و «لا رجلَ أبوه قائم» ف «أبوه قائم» جملة، ومحلّها الرفع في هذه الأمثلة الثلاثة.

وإن كانت خبراً لأحد مِن الأفعال الناقصة، أو خبراً ل «ما ولا» المشبهتين ب «ليس» أو خبراً لأحدٍ مِن أفعال المقاربة فمحلّها النصب. نحو:

ولابدّ فيها من ضمير مطابق له مذكورٍ أو مقدّرٍ إلا إذا اشتملت علي المبتدأ،

«كان زيد أبوه قائم» و «ما زيدٌ أبوه موجود» و «طَفِق زيدٌ يكتبُ» ف «أبوه قائمٌ» و «أبوه موجود» و «يَكتب» كلُها جُمَلٌ ومحلها النصب.

(ولابدّ فيها) أي: في الجملة الخبرية (من ضمير) أي: من أن

يكون فيها ضمير (مطابق له) أي: لذلك المبتدأ في الإفراد والتذكير وفروعهما (مذكور أو مقدر) أي: إن كان الضمير مذكوراً فهو، وإلا وجب أن يقدّر في الجملة الخبرية ضمير يرجع إلي مبتدإها، نحو: «زيد أبوه قائم» ف «أبوه قائم» جملة خبرية، والهاء في «أبوه» ضمير راجع إلي «زيد» الذي هو المبتدأ، ونحو: «البُرُّ قفيز بدرهم» ف «قفيزٌ بدرهم» جملة خبريّة وليس فيها ضميرٌ مذكور، فيقدّر «مِنه» بعد «قَفيزٌٌ». فالتقدير هكذا: «البُرّ قفيزٌ منه بدرهمٍ» والرابطُ الضميرُ المجرور في «مِنه» المقدّر.

(إلا إذا اشتملت) الجملة الخبرية (علي المبتدأ) أي: كانت الجملة الخبرية تشتمل علي لفظ المبتدأ، فلا يجب وجود ضمير فيها راجع إلي المبتدأ، نحو قوله تعالي: «الحاقّةُ ما الحاقّة» () ف «الحاقّةُ» الأولي: مبتدأ، و «ما»: إسم إستفهام مبتدأ ثان، و «الحاقّة» الثانية: خبر لِ «ما»، وجملة «ما» مع «الحاقّة» الثانية: خبر ل «الحاقة» الأولي، وليس في هذه الجملة الخبرية ضمر لا مذكور ولا مقدّر، لان جملة «ما الحاقة» مشتملة علي لفظ المبتدأ، وهو «الحاقّة».

أو علي جنس شامل له أو إشارة إليه، أو كانت نفس المبتدأ.

(أو) إشتملت الجملة الخبرية (علي جنسٍ شاملٍ له) أي: للمبتدأ، يعني: كانت جملة الخبر مشتملة علي جنس يكون ذلك الجنس شاملاً للمبتدأ فعند ذلك أيضاً لا يجب أن يكون في الجملة الخبرية ضمير راجع إلي المبتدأ، نحو: «زيدٌ نِعْمَ الرجل» ف «زيد» مبتدأ، و «نِعْمَ» فِعل المدح و «الرجلُ» فاعله، وجملة الفعل والفاعل خبر ل «زيد»، فحيث ان الجملة الخبرية وهي: نعم الرجل مشتملة علي «الرجل» الذي هو جنس لان الألف واللام فيه للجنس وشامل لزيد، لِذلك ليس فيها ضمير راجع إلي المبتدأ زيد.

(أو) إشتملت الجملة الخبرية علي (إشارة إليه) أي:

إلي المبتدأ، يعني: كانت في الجملة الخبرية إسم إشارة إلي المبتدأ، فعند ذلك لا يجب وجود ضمير فيها راجع إلي المبتدأ، نحو قوله تعالي: «ولباسُ التّقوي ذلك خَيْرٌ» () ف «لباس التقوي» مبتدأ أوّل، و «ذلك» مبتدأ ثانٍ، و «خيرٌ» خبر ل «ذلك» وجملة «ذلك خير» خبر للمبتدأ الأول، وليس فيها ضمير، لأن فيها «ذلك» وهو إسم إشارة يُشير إلي «لباس التقوي» الذي هو المبتدأ، يعني: ولباس التقوي، ذلك اللباس خيرٌ.

(أو كانت) الجملة الخبرية (نفس المبتدأ) في المعني فلا يجب أيضاً

الثانية: الحاليّة وشروطها

أن تكون خبريّة، غير مصدّرة بحرف الاستقبال، ولابدّ من رابط؛

فيها وجود ضمير راجع إلي المبتدأ، نحو: «قل هو الله أحد» () ف «هو» ضمير شأن ومبتدأ أول، و «الله» مبتدأ ثانٍ، و «أحد» خبر ل «الله» وجملة «اللهُ أحد» خبر ل «هو» وليس فيها ضمير راجع إلي «هو» لان «الله أحد» نفس «هو» في المعني؛ لأنّها مفسِّرة ل «هو»، والمفسِّرُ عين المفسَّر.

«الجملة الحالية»

الجملة (الثانية) من الجمل السبع التي لها محل من الإعراب: الجملة (الحاليّة) ومحلها النصب لان الحال منصوب (وشروطها) كالتالي:

1- (أن تكون) جملة (خبرية) ولا تكون إنشائية كالأمر والنهي والاستفهام ونحوها.

2- أن تكون (غير مصدّرة بحرف الاستقبال) أي: لا يكون في أولها أحد الحروف المختصة بالفعل المضارع وهي: السين و «سوف» و «لن»، فلا يصحّ أن يقال: «مررت بزيد سَيضرب أو سوف يضرب، أو لن يضرب».

3- (ولابدّ مِن) وجود (رابط) في الجملة الحالية، والرابط هو الشيء الذي يَربط الجملة الحالية بذي الحال.

فالاسمّية: بالواو والضمير أو أحدهما،

والفعلية: إن كانت مبدوّة بمضارع مثبت بدون «قَدْ» فبالضمير وحده، نحو: «جاءني زيدٌ يُسِرعُ»،

(فالاسمية) أي: فالجملة الحالية إذا كانت جملة إسميّة، يكون ربطها (بالواو والضمير) معاً نحو: «جاءني

زيدٌ وأبوه قائمٌ»، ف «أبوه قائمٌ» جملة إسمية حال ل «زيد» ورابطها الواو والضمير معاً، وهما: الواو قبل «أبوه» والهاء في «أبوه».

(أو) يكون الرابط (أحدهما) فقط: الضمير وحده أو الواو فقط، نحو: «جاء زيد والشمسُ طالعةٌ» ف «الشمس طالعة» جملة إسمية صارت حالاً ل «زيد» ورابطها الواو قبل «الشمس» فقط، لانه ليس فيها ضمير، ونحو: «جاء زيد وَجْهُه مُسوَدٌّ» ف «وجهُه مسوَد» جملة إسمية صارت حالاً ل «زيد»، ورابطها الضمير في «وجهه» وليس فيها واو.

(و) الجملة (الفعلية) إذا صارت حالاً ف(إن كانت مبدوّة بمضارع مثبت) أي: كان أولها فعل مضارع غير منفي (بدون «قَدْ») أي: ولم يكن دخل علي المضارع «قد» (ف) رَبطها يكون (بالضمير وحده) لا مع الواو، ولا الواو بدون الضمير (نحو: «جاءني زيد يُسرِعُ») ف «يُسرِعُ» جملة فعلية، لأنه فعل وفاعله ضمير «هو» مستتر فيه، وهي حال ل «زيد» و «يُسِرعُ» فعل مضارع مثبت وليس معه «قَدْ» فلذلك كان الرابط هو الضمير المستتر في «يُسرِعُ».

أو معها فمع الواو، نحو: «لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَموُنَ أنّيْ رَسولُ اللهِ» ()،

(أو) كانت الجملة الفعلية الحالية (معها) أي: مع «قد» (فمع الواو) أي: فيكون رابطها الضمير مع الواو (نحو) قوله تعالي حكاية لِقول النبي |: («لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَموُنَ أنّيْ رَسولُ اللهِ») فجملة «قد تعلمون أنّي رسولُ الله» حال لِفاعل «تُؤذُونني» وهو الواو، وأولها فعل مضارع وهو: تَعْلمون وليس جملة منفية، بل هي مثبتة، ولكن حيث دخل علي الفعل المضارع «قَدْ» صار ربطها بشيئين: بالضمير وهو «الواو» في تعلمون وبالواو الداخلة علي «قد».

(وإلا) تكن الجملة الفعلية الحالية في أولها مضارع مثبت، بان كان أولها مضارعاً منفياً، أو كان أولها فعلاً ماضياً مثبتاً أو منفياً. (ف) يكون رابطها

(كالاسمية) أي: كرابط الجملة الاسمية الحالية، التي كان رابطها الضمير مع الواو، أو أحدهما.

أمّا مثال المضارع المنفي فهو نحو: «جاء زيد ولم يَنصر» و «جاء زيد لم يَنصر» و «جاء زيد ولم ينصر عمرو» ف «لم ينصر» في الامثلة الثلاثة جملة حالية، والرابط في المثال الأوّل هو الواو مع الضمير المستتر في «يَنصر» الراجع ذلك الضمير إلي «زيد» وتقديره: «ولم ينصر هو» والرابط في المثال

وإلاّ فكالاسميّة.

الثاني هو الضمير المستتر في «ينصر» فقط بدون الواو، والرابط في المثال الثالث هو «الواو» فقط، لانه ليس في «ينصر» ضمير، لان فاعله «عمرو» وهو إسم ظاهر، فلا يَحتاج الفعل إلي ضمير.

وأمّا مثال الماضي المثبت فهو نحو: «جاء زيد وقَد نصر» و «جاء زيد قد نصر» و «جاء زيد وقد نصر عمرو» ف «قد نصر» في الامثلة الثلاثة جملة حالية، وهي حال ل «زيد» والرابط في المثال الأوّل هو الواو مع الضمير المستتر في «نصر» الراجع ذلك الضمير إلي «زيد» وتقديره: وقد نصر هو، والرابط في المثال الثاني هو الضمير المستتر في «نصر» فقط بدون الواو، والرابط في المثال الثالث هو الواو الداخل علي «قد» فقط لأنّه ليس في «ضرب» ضمير مستتر، إذ أنّ فاعل «نصر» إسم ظاهر وهو «عمرو» فلا يحتاج إلي ضمير فيه.

وأمّا مثال الماضي المنفي فهو نحو: «جاء زيدٌ وما قام أخوه» و «جاء زيدٌ ما قام أخوه» و «جاء زيدٌ وما قام عمروٌ». ف «ما قام أخوه» في الجملة الأولي والثانية جملة حالية والرابط في الأولي هو الواو مع الضمير في «أخوه» الراجع إلي «زيد» والرابط في الثانية هو الضمير في «أخوه» فقط بدون الواو وفي الجملة الثالثة: «وما قام عمرو» جملة حالية والرابط فيها «الواو»

بدون الضمير. لأن في «قام» ليس ضميرٌ مستتر، إذ فاعله اسم ظاهر وهو «عمروٌ».

ولابدّ مع الماضي المثبت من «قَدْ» ولو تقديراً.

هذا (ولابد مع الماضي المثبت من «قَدْ» ولو تقديراً) يعني: إذا صار الفعل الماضي المثبت حالاً وجب أن يدخل عليه «قد» كما في الامثلة الثلاثة المذكورة في الماضي المثبت، ولو لم يكن «قد» مذكورة وجب تقديرها كقوله تعالي: «هذه بضاعتنا رُدَّت إلينا» () ف «رُدّت إلينا» جملة حالية، والفعل وهو: رُدّت ماضٍ مُثبت، وليس معه «قَدْ» فلذا قال بعض النحاة تَقديره: «هذه» بِضاعتنا قد رُدّت إلينا.

أمّا لو كان الماضي منفياً فلا تدخل «قد» عليه، نحو: «هذا زيد ما نصره أحدٌ» ف «ما نصره أحد» جملة حالية، و «نصره» فعل ماض وحيث أنه منفي لِدخول «ما» النافية عليه، لم يَدخل «قد» عليه، فلا يصح أن تقول: هذا زيد قد ما نصره أحد.

الثالثة: الواقعة مفعولاً بها

وتقع محكيّة بالقول، نحو: «قالَ إنّي عَبْدُ اللهِ» ()، ومفعولاً ثانياً لباب «ظَنَّ»،

«الجملة المفعول بها»

الجملة (الثالثة) من الجمل السبع التي لها محل من الإعراب: الجملة (الواقعة مفعولاً بها) أي: الجملة التي كانت مفعولاً بها لِفعل، ومحلّها النصب، لأن المفعول به منصوب وإن صارت نائباً عن الفاعل فيصير محلها الرفع لان نائب الفاعل مرفوع، (وتقع) الجملة مفعولاً بها في ثلاث صور:

1- (محكيّة بالقول) أي: تصير بعد القول، وتكون هي الكلام المقول (نحو) قوله تعالي: («قال إنّي عبد الله») ف «إني عبد الله» الجملة المفعول بها، وهي الكلام المقول، فالكلام الذي قيل كان هو: إني عبد الله، و «إني عبد الله» هو نفس الكلام الذي قيل.

2- (و) تقع جملة المفعول بها (مفعولاً ثانياً لباب «ظَنَّ») أي: لأحد أفعال القلوب، نحو: «ظننتُ عمراً أبوه قائم» ف «أبوه

قائم» هي الجملة التي صارَت مفعولاً ثانياً ل «ظَنَّ» لأن التاء في «ظننتُ» فاعل، و «عمراً» مفعوله الأول، والجملة مفعوله الثاني.

وثالثاً لباب «أعْلَمَ» ومعلّقاً عنها العامل، نحو: «لِنَعْلَمَ أيُّ الْحِزْبَيْنِ أحْصي» ()، وقد تنوب عن الفاعل ويختصّ ذلك بباب «القول»

(و) تارة تقع مفعولاً (ثالثاً لباب «أعْلَمَ») ف «أعْلمَ» يَتعدي إلي ثلاثة مفاعيل، وجملة المفعول بها تقع مفعولاً ثالثاً، لا أوّلاً ولا ثانياً، نحو: «أعْلَمتُ زيداً عمراً أبوه قائم» ف «أعلمتُ»: فعل والتاء فاعله، و «زيداً»: مفعوله الأول، و «عمراً»: مفعوله الثاني، و «أبوه قائم» مبتدأ وخبر: الجملة مفعوله الثالث.

3- (و) تقع جملة المفعول بها (معلّقاً عنها العامل) أي: إن دخل فعلها علي الاستفهام، أو النفي، أو اللام، أو القسم، يسقط ذلك الفعل عن العمل في الجملة المفعول بها، فلا يعمل فيها في الظاهر، ولكن الجملة تكون في الواقع مفعولاً بها لذلك الفعل (نحو) قوله تعالي: («لِنَعْلَمَ أيُّ الْحِزْبَيْنِ أحْصي») ف «أيّ الحزبين أحصي» جملة مبتدأ وخبر مفعول بها لِ «لِنعلم»، ولكن حيث إنّ «لِنَعلم» دَخل علي «أيّ» الاستفهامية سَقط «لِنعلم» عن نصب جملة المفعول بها، وقد مرّ تفصيلاً حالات التعليق فيما سبق.

(وقد تنوب) جملة المفعول بها، أي: تصير نائباً (عن الفاعل) بعد حذف الفاعل فيصير محلها الرفع، لأن نائب الفاعل مرفوع (ويختصّ ذلك) أي: يختص وقوع جملة المفعول بها نائباً عن الفاعل (بباب «القول») ففي غير

نحو: «يقال: زيدٌ عالمٌ».

الرابعة:

المضاف إليها

وتقع بعد ظروف الزمان، نحو: «والسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ» ()، «وَذُكُروا إذْ أنْتُم قَليلٌ» ()

باب «القول» لا تَصير جملة المفعول بها نائباً عن الفاعل (نحو: «يقال: زيدٌ عالمٌ».) ف «زيدٌ عالم» جملة مبتدأ وخبر صارت نائباً عن الفاعل لأن الفاعل وهو الذي قال هذا الكلام غير

مذكور، فصارت هذه الجملة نائباً عنه.

الجملة المضاف إليها

الجملة (الرابعة) من الجمل السبع التي لها محل من الاعراب: الجملة (المضاف إليها) أي: الجملة التي صارت مضافاً إليها، ومحلّها الجر، لان المضاف إليه مجرور (وتقع) جملة المضاف إليها (بعد ظروف الزمان) لان ظروف الزمان تضاف إلي الجملة (نحو) قوله تعالي: («والسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ») ف «وُلِدْتُ» فعلٌ مجهولٌ ونائب فاعله ضمير «تُ» جملة فعلية صارت مضافاً إليها، لأنّ «يوم» الذي هو ظرف للزمان اُضيف إليها، وكقوله تعالي: («واذْكُروا إذْ أنْتُم قَليلٌ») ف «أنتم قَليلٌ» جملة إسمية مبتدأ وخبر مضاف إليها، لاِن «إذْ» الذي هو ظرف للزمان أضيف إليها.

وبعد «حَيْثُ» ولا يضاف إلي الجمل من ظروف المكان سواها، والأكثر إضافتها إلي الفعليّة.

الخامسة: الواقعة جواباً لشرط جازم

مقرونة ب «الفاء» أو «إذا» الفجائيّة، ومحلّها الجزم،

(و) تقع جملة المضاف إليها أيضاً (بعد «حَيْثُ») نحو: «جلس زيد حَيثُ جلستُ أنا» ف «جلستُ أنا» جملة فعلية أضيف إليها «حيثُ».

(ولا يضاف إلي الجمل من ظروف المكان سواها) أي: سِوي «حيث» فان «حيث» هي وحدها التي تضاف إلي الجملة من بين ظروف المكان.

(والأكثر) أي: الغالب (إضافتها) أي: إضافة «حيث» (إلي) الجملة (الفعليّة) كهذا المثال الذي مَثّلنا به، ويقلّ إضافتها إلي الجملة الاسميّة نحو: «جلس زيدٌ حيثُ أنا جالسٌ».

جملة جواب الشرط الجازم

الجملة (الخامسة) من الجمل السبع التي لها محل من الاعراب: الجملة (الواقعة جواباً لشرط جازم) وهو «إنْ» و «ما» الشرطيتان وأخواتهما، بشرط أن تكون جملة الجواب (مقرونة ب «الفاء» أو «إذا» الفجائية) أي: بأن يدخل عليها «الفاء» أو يدخل عليها «إذا» الفجائية (ومحلّها) أي: محل جملة جواب الشرط الجازم (الجزم).

نحو: «مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ» ()، «وَإنْ تُصِبْهُم سَيِئَةٌ بما قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ إذا هُم يَقْنَطُونَ» ()، وأمّا

نحو: «إنْ تَقُمْ أقُمْ»، و «إنْ قُمْتَ قُمتُ» فالجزم فيه للفعل وحده.

أمّا مثال ما دخله «الفاء» فهو (نحو) قوله تعالي: («مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ») ف «لا هاديَ له» جملة إسمية محلّها الجزم لأنها وقعت جواباً ل «مَنْ» الذي هو شرط جازم، وقد دَخل الفاء علي جملة الجواب.

وأمّا مثال ما دخله «إذا» فهو كقوله تعالي: («وَإنْ تُصِبْهُم سَيِئَةٌ بما قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ إذا هُم يَقْنَطُونَ») ف «هم يقنطون» جملة إسمية ومحلّها الجزم لانها صارت جواباً ل «إنْ» وهو شرط جازم، وقد دخل «إذا» الفجائيّة علي جملة الجواب.

(وأمّا نحو: «إنْ تقُمْ أقُمْ» و «إنْ قُمْتَ قُمتُ» فالجزم فيه للِفعل وحده) لا الفعل مع الفاعل معاً يعني: «أقُمْ» وحده مجزوم، لا جملة «أقُم» مع ضمير «أنا» المستتر فيه، و «قمتُ» وحده مجزوم، لا جملة «قمتُ» مع ضمير التاء الذي هو الفاعل فيه.

ومثّل المصنف بمثالين: أحدهما للجواب المجزوم الذي يقبل الجزم لفظاً، مثل «أقُمْ» فإنّ أصله: «أقُومْ» حذفت ضمة الميم للجزم ثم حُذِف الواو

السادسة: التابعة لمفرد

ومحلّها بحسبه، نحو: «وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فيه إلي اللهِ» () ونحو: «أوَ لَمْ يَرَوْا إلي الطَّيْرِ فَوْقَهُم صافّاتٍ وَيَقْبِضْنَ» ().

الذي هو حرف علّة لإلتقاء الساكنين. والثاني: للجواب المجزوم الذي لا يقبل الجزم لفظاً، بل ينجزم محلاً، مثل «قمتُ» فلفظه غير مجزوم، ولكنه محلاً مجزوم.

«الجملة التابعة لمفرد»

الجملة (السادسة) من الجمل السبع التي لها محل من الاعراب: الجملة (التابعة لمفرد) لا لجملة (ومحلها) أي: محل الجملة التابعة لمفرد يكون (بحسبه) أي: مثل إعراب ذلك المفرد، وهذه الجُمل علي ثلاثة أنواع:

الأول: ما تقع نعتاً. (نحو) قوله تعال: («وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فيه إلي اللهِ») فجملة «تُرجَعون فيه إلي الله» محلّها نصب، لانها نَعت ل «يَوماً» و «يوماً» منصوب

علي الظرفية أو المفعولية.

(و) الثاني: ما تقع معطوفة بحرف (نحو) قوله تعالي: («أوَ لَمْ يَرَوْا إلي الطَّيْرِ فَوْقَهُم صافّاتٍ وَيَقْبِضْنَ») فجملة «يَقْبِضْنَ» محلّها نصبٌ لانها عُطفت بالواو علي «صافات» و «صافّات» منصوب بناءاً علي كونها حالاً للِطير.

السابعة: التابعة لجملة لها محلّ

ومحلّها بحسبها، نحو: «زيدٌ قامَ وقَعَد أبُوه»، بالعطف علي الصغري،

والثالث: ما تقع بدلاً، نحو قوله تعالي: «ما يُقال لك إلاّ ما قد قيل للِرسُل من قبلك إنّ ربّك لَذو مغفرةٍ وذو عقاب أليم» (). فانّ جملة «إنّ ربّكَ لَذو مغفرة وذو عقابٍ أليم» بدل من «ما» وصلتها وهو مرفوع لأنه نائب فاعل «ليقُال».

«الجملة التابعة لجملة لها محل»

الجملة (السابعة) والأخيرة من الجمل السبع التي يكون لها محل من الاعراب: الجملة (التابعة لجملة لها محل) لا التابعة لمفرد (ومحلها) أي: يكون محل الجملة التابعة (بحسبها) أي: بحسب الجملة المتبوعة، فكل إعراب يكون لمحل الجملة المتبوعة، نفس ذلك الاعراب يكون لمحل الجملة التابعة وهذه الجُمل علي نوعين:

الأول: أن تقع عطفاً بالحرف علي جملة لها محل. (نحو: زيدٌ قامَ وقَعَد أبُوه» بالعطف) أي: بعطف جملة «قَعَد أبوه» (علي الصغري) أي: علي «قام» فيكون محلّ «قعد أبوه» رفعاً، لانه عطف علي جملة «قام»، وجملة قام محلها رفع لأنها خبرٌ لِ «زيد».

وتقع بدلاً بشرط كونها أوْفي بتأدية المراد، نحو:

أقُولُ لَهُ ارْحَلْ لا تُقِيمَنَّ عندنا

وإلا فَكُنْ في السِّرِّ والجَهْرِ مُسْلِماً

وانما قال المصنف: «بالعطف علي الصغري» لِيحترز بذلك من أن تقدّر جملة «قَعَد أبوه» معطوفة علي الكبري أي: زيدٌ قام لانّها حينئذٍ لا محلّ لها، لِعطفها علي الجملة المستأنفة، ولِيحترز أيضاً مِن تقدير الواو للحِال، لأنّها حنيئذٍ لا تكون تابعة، فعلي هذين التقديرين لا شاهد فيها.

(و) الثاني: أن (تقع) الجملة التابعة لجملة أخري (بدلاً) عن تلك

الجملة الاخري (بشرط كونها) أي: كون الجملة التابعة (أوْفي بتأدية المراد) أي: مُبيِّنة لمراد المتكلم أكثر من الجملة المتبوعة (نحو) قول الشاعر:

(أقُولُ لَهُ ارْحَلْ لا تُقِيمَنَّ عندنا

وإلا فَكُنْ في السِّرِّ والجَهْرِ مُسْلِماً)

ف «لا تقيمن عندنا» جملة فِعلية، صارت بدلاً عن «إرْحَل» الذي هو جملة المفعول بها ل «أقول» ومحلّ «لا تقيمن عندنا» نصبٌ لان محل «إرحَل» نصبٌ، وإنما جاز أن تَصير هذه الجملة بدلاً عن «إرحل» لأنها تبيِّن المقصود أكثر مما تبينه «إرحل» لان «لا تقيمن عندنا» أكثر في إظهار الكراهية والتنفُر من «إرحل» فان «لا تُقيمن عندنا» مفهوم منها كراهية البقاء، بخلاف «إرحل» فانه يمكن ان يحمل علي أن المتكلم قال ذلك إشفاقاً بالسامع لامرٍ يفوته، لا أنه قاله كراهة بقاء السامع عنده.

تفصيل آخر

الاولي ممّا لا محلّ له: المستأنفة، وهي المفتتح بها الكلام أو المنقطعة عمّا قبلها، نحو: «وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إنَّ العِزّةَ لله جَميعاً» ()،

«الجمل التي لا محلّ لها»

(تفصير آخر) أي: هذا تفصيل آخر لبيان الجمل التي لا محل لها من الاعراب.

«الجملة المستأنفة»

الجملة (الأولي ممّا لا محلّ له: المستأنفة، وهي) الجملة (المفتتح بها الكلام) أي: التي صارت في أول النُطق، نحو قولك ابتداءً: «زيدٌ قائم».

(أو) الجملة (المنقطعة عمّا قبلها) أي: الجملة التي كان قبلها كلام، ولكنها كانت غير مربوطة بما قبلها (نحو) قوله تعالي: («وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إنَّ العِزّةَ لله جَميعاً») فجملة «إنّ العزّة لله جميعاً» منقطعة عن الكلام السابق، وليست مربوطة به، فلذلك كانت جملة مستأنفة، ولو كانت مربوطة بما قبلها لكانت مفعولاً بها ل «قولهم» فكان هذا الكلام إن العزة لله جميعاً يَصير مقولاً للمشركين، مع العلم بأن المشركين لا يقولون بأن العزّة لله، لأنهم مشركون والمفعول به ل «قولهم» أي:

مقول قول المشركين محذوف، والتقدير: ولا يحزنك قولهم: إنّه شاعرٌ أو مجنونٌ أو نحو ذلك.

وكذلك جملة العامل الملغي لِتأخّره، أمّا الملغي لتوسّطه فجملة معترضة.

الثانية: المعترضة

وهي المتوسّطة بين شَيئين من شأنهما عدم توسّط أجنبيّ بينهما،

(وكذلك) أي: تكون مستأنفة (جملة العامل الملغي) أي: الساقط عن العمل (لِتأخّره) أي: لتأخّر العامل الذي سقط عن العمل عن معموله نحو: «زيد قائم ظننت» ف «ظننت» جملة فعلية فعل وفاعله التاء واُلغيَت عن العمل لأنها تأخّرت عن معفولَيْه وهما: «زيد» و «قائم» إذ الاصل كان: «ظننت زيداً قائماً» فلَمّا تأخّر «ظننت» سقط عن العمل في مفعوليه، ف «ظننت» أيضاً جملة مستأنفة، لانها منقطعة عن الكلام السابق وغير مربوطة به.

(أمّا) العامل (الملغي) أي: الساقط عن العمل (لتوسّطه) أي: لصيرورتهِ وسطاً بين معموليه (فجملة معترضة) نحو: «زيد ظننتُ قائم» ف «ظننتُ» جملة فعلية سقطت عن العمل لأنها توسّطت بين معموليه وهما: «زيد» و «قائم» فهذه جملة معترضة لا مستأنفة.

«الجملة المعترضة»

الجملة (الثانية) من الجمل التي لا محل لها من الاعراب: الجملة (المعترضة: وهي) الجملة (المتوسّطة بين شيئين من شأنهما عدم توسّط أجنبيّ بينهما).

وتقع غالباً بين الفعل ومعموله، والمبتدأ وخبره، والموصول وصلته، والقسم وجوابه، والموصوف وصفته.

(وتقع) الجملة المعترضة (غالباً بين الفعل ومعموله) أي: بين الفعل وفاعله، أو بين الفعل ومفعوله، مثال الأول: «نصر واللهِ زيدٌ عمراً» ومثال الثاني: «نصر زيدٌ واللهِ عمراً» ف «وَاللهِ» جملة قسم، تقديره: أقسِم بالله، صارت متوسّطة بين «نصر» وبين فاعله وهو «زيد» في المثال الأول، وصارت متوسّطة بين «نصر» وبين مفعوله وهو: عمرو في المثال الثاني.

(و) تقع بين (المبتدأ وخبره) نحو: «زيدٌ واللهِ قائم» ف «زيد قائم» مبتدأ وخبر توسّطت بينهما جملة القسم.

(و) بين (الموصول وصلته) نحو: «زيدٌ هو الذي

والله يَفعل الخير» ف «الذي» موصول و «يَفعل الخير» صلته، توسّطت بينهما جملة القسم.

(و) بين (القسم وجوابه) نحو قوله تعالي: «قال فالحَقُّ والحَقَّ أقُولُ لأملأنَّ جنّهم» () إذ تقدير: فالحق اقسم به، ف «الحق» قسم، و «لأملأنّ» جوابه، توسّطت جملة «الحق أقول» بينهما.

(و) بين (الموصوف وصفته) نحو قوله تعالي: «وإنّه لَقَسمٌ لو تعلمون عظيمٌ» () ف «قسمٌ» موصوف و «عظيمٌ» صفته، توسّطت جملة «لو تعلمون» بينهما.

الثالثة: المفسِّرة

وهي الفضلة الكاشفة لما تليه، نحو: «إنَّ مَثَلَ عِيسي عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَه مِنْ تُرابٍ» ().

والأصحّ أنّه لا محلّ لها، وقيل: هي بحسب ما تفسِّره.

«الجملة المفسِّرة»

الجملة (الثالثة) من الجمل التي لا محل لها من الاعراب: الجملة (المفسِّرة، وهي الفضلة) أي: أنها جملة زائدة مستغني عنها (الكاشفة) أي: المبيِّنة (لما تليه) أي: للكلام الذي صارت الجملة المفسِّرة بعده (نحو) قوله تعالي: («إنَّ مَثَلَ عِيسي عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَه مِنْ تُرابٍ») ف «خَلَقه من تراب» تفسِّر وتبيِّن «مَثَل آدم» عليه السلام لانه ربما يسأل سائل: في أيّ شيء كان عيسي مثل آدم عليهما السلام، فقيل «خَلَقه مِن تراب» أي: في أن آدم عليه السلام لا أب له، وكذلك عيسي عليه السلام لا أب له. (والأصحّ أنّه) أي: أن الشأن (لا محل لها) أي: للجملة المفسِّرة.

(وقيل:) أي: قال بعض علماء النحو (هي) أي: الجملة المفسرة يكون محلها (بحسب ما تفسِّره) وذلك الشيء الذي تفسِّره هذه الجملة إن كانت جملةً ليس لها محل فالجملة المفسِّرة أيضاً لا محل لها، وإن كانت جملةً لها محل أو مفرداً فالجملة المفسرة أيضاً لها محل، ومحلّها من الاعراب يكون مثل محل إعراب ذلك الشيء، فبناءاً علي هذا القول يكون محل جملة «خلقه

الرابعة: صلة الموصول

ويشترط كونها خبريّة معلومة للمخاطب مشتملة علي ضمير مطابق للموصول.

مِن تراب» جراً، لانها مفسِّرة ل «مَثَل آدم» و «مَثَل آدم» مجرور بدخول حرف الجرّ عليه.

«جملة الصلة»

الجملة (الرابعة) من الجمل التي لا محل لها من الإعراب: جملة (صلة الموصول) نحو: «جاء الذي أبوه قائمٌ» ف «الذي» موصول و «أبوه قائم» جملة صلة للموصول، ولا محلّ لها من الاعراب.

(ويشترط كونها) أي: جملة صلة الموصول (خبريّة) لا إنشائية كالأمر والنهي فلا يصحّ:

«جاءني الذي أُنصر أو لا تنصْر».

(معلومة للمخاطب) فلا يصح أن تقول: «جاء الذي أبوه قائم» لمن لا يَعرف ذلك الشخص الذي أبوه قائم.

(مشتملة) أي: جملة صلة الموصول (علي ضمير مطابق للموصول) في الإفراد والتثنية والجمع، والتذكير والتأنيث، فان كان الموصول مفرداً مذكّراً وجب أن يكون الضمير مفرداً مذكراً أيضاً، وإن كان الموصول مثنّي كان الضمير مثنّي مثله، وإن كان الموصول جمعاً مذكّراً كان الضمير جمعاً مذكراً أيضاً، وهكذا.

وعليه فجملة «أبوه قائم» في المثال مشتملة علي الهاء في «أبوه»

الخامسة: المجاب بها القسم

نحو: «يس * وَالقُرْآنِ الحَكِيمِ * إنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلينَ» (). ومتي اجتمع شرط وقسم اكتفي بجواب المتقدّم منهما،

وهو ضمير مذكّر مفرد، كما أن الموصول وهو: الذي مذكّر ومفرد. وهذا الضمير راجع إلي نفس الموصول.

«جملة جواب القسم»

الجملة (الخامسة) من الجمل التي لا محل لها من الاعراب: الجملة (المجاب بها القسم) أي: الجملة التي كانت جواباً لِقسم (نحو): قوله تعالي («يس * وَالقُرْآنِ الحَكِيمِ * إنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلينَ») فجملة «إنك لمن المرسلين» جواب ل «والقرآن الحكيم» لأن الواو فيه للقسم. (ومتي اجتمع شرط وقسم اكتفي بجواب المتقدّم منهما) أي: من الشرط والقسم، فأيّهما كان مقدماً نأتي بجواب له ونستغني به عن إتيان جواب للثاني. فإن كان الشرط مقدّماً جئنا بجواب للشرط فقط، نحو: «إن جاء زيد والله اُكْرِمْه» ف «اُكْرِمْه» جواب للشرط، وجواب القسم محذوف يُفهم من جواب الشرط، والدليل علي أنّ «اُكرمْهُ» جواب الشرط، جزم «اُكرْمهُ».

وإن كان القسم مقدماً جئنا بجواب للقسم فقط، نحو: «والله إن جاء زيد لأكرمتُه» ف «لأكرمتُه» جواب للقسم والدليل علي ذلك: اللام في

إلاّ إذا تقدّمهما ما يفتقر إلي خبر؛ فيكتفي بجواب الشرط مطلقاً.

السادسة: المجاب بها شرط غير جازم

نحو: «إذا جئتني أكرمتُك» وفي حكمها

لأكرمتُه لأنّها لام جواب القسم وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه.

(إلا إذا تقدّمهما) أي: الشرط والقسم (ما يفتقر إلي خبر) كالمبتدأ وكاسم كان فانهما يحتاجان إلي خبر (فيكتفي بجواب الشرط) يعني: نأتي بالجواب للشرط دون القسم (مطلقاً) أي: سواء كان الشرط مقدّماً علي القسم، أم كان القسم مقدّماً علي الشرط.

أمّا مثال ذلك فهو نحو: «زيدٌ واللهِ إن جاء أُكْرِمْه» ونحو: «زيدٌ إن جاء واللهِ اُكرِمْه». فجملة «اُكْرِمْه» جواب للشرط وجواب القسم محذوف في كل من المثالين، مع أن القسم في المثال الأوّل

مقدم علي الشرط، لانه تقدّم المبتدأ وهو زيد الشرطَ والقسم.

«جملة جواب الشرط غير الجازم»

الجملة (السادسة) من الجمل التي لا محل لها من الإعراب: الجملة (المجاب بها شرط غير جازم) أي: الجملة التي كانت جواباً لشرط لا يجزم، مثل «إذا» فإنّها لا تجزم (نحو: إذا جئتَني أكْرمتُك») فجملة «أكرمتُك» لا محل لها من الإعراب لأنها جواب ل «إذا» وهي شرط لا تجزم.

(و) يكون (في حكمها) أي: في حكم جملة جواب الشرط غير الجازم

المجاب بها شرط جازم ولم يقترن بالفاء ولا ب «إذا» الفجائيّة، نحو: «إن تَقُمْ أقُمْ».

السابعة: التابعة لما لا محلّ له

نحو: «جاءني زيدٌ فأكرمتُه» و «جاءني الذي زارَني وأكرمتُه»

في أنها لا محل لها: الجملة (المجاب بها شرط جازم) أي: التي كانت جواباً لِشرط جازمٍ (و) لكنها (لم تقترن بالفاء ولا ب «إذا» الفجائيّة، نحو: «إن تقُمْ أقُمْ») ف «أقُمْ» جواب لِ «إنْ» و «إنْ» شرط جازم غير أن الجواب لم يكن مع «الفاء» ولا مع «إذا» الفجائيّة، لذلك لم يكن لمجموع الجملة الذي هو: «أقم» مع فاعله «أنا» المستتر فيه محلٌ مِن الاعراب، وإن كان نفس الفعل فقط «أقم» بدون فاعله مجزوماً.

«الجملة التابعة لجملة لا محل لها»

الجملة (السابعة) من الجمل التي لا محل لها من الاعراب: الجملة (التابعة لما لا محلّ له) أي: الجملة التي كانت نعتاً، أو بدلاً، أو عطف بيان، أو عطفاً بالحرف علي جملة لا محل لها من الاعراب، كأن كانت تابعة للجملة المستأنفة، أو لجملة الصلة، أو لغيرهما (نحو: «جاءني زيد فأكرمتُه») فجملة «أكرمتُه» لا محل لها من الإعراب، لانها عطفت بواسطة الفاء علي «جاءني زيد» وهي جملة مستأنفة لا محل لها.

(و) نحو: («جاءني الذي زارَني وأكرمتُه») فجملة «أكرمتُه» لا محل لها

إذا لم يجعل الواو

للحال بتقدير «قد».

خاتمة: في أحكام الجارّ والمجرور والظرف

إذا وقع أحدهما بعد المعرفة المحضة فحال، أو النكرة المحضة فصفة،

من الإعراب، لانها عطفت بواسطة الواو علي جملة «زارَني» التي هي جملة الصلة. وجملة الصلة لا محل لها من الاعراب.

هذا (إذا) جعل الواو في «وَأكرمتُه» عاطفة، و(لم يجعل الواو للحال بتقدير «قد») فانه لو قُدّرت «قد» بين الواو وبين «أكرمته» وجعلت الواو للحال، صارت جملة «أكرمتُه» حالية، فيصير لها محل، لان الجملة الحالية محلها النصب.

«الجار والمجرور والظرف»

(خاتمة) للحديقة الرابعة: (في أحكام الجارّ والمجرور والظرف. إذا وقع أحدهما بعد المعرفة المحضة) أي: بعد إحدي المعارف الستة: الضمير، إسم الإشارة، العلم، الاسم ذو الألف واللام، الموصول، الاسم المضاف إلي إحدي هذه الخمسة المذكورة (فحال) نحو: «رَأيت زيداً أمامي» ونحو: «رأيت زيداً في الدار» ف «أمام» ظرف، و «في الدار» جارّ ومجرور، وحيث إنهما وقعا بعد المعرفة المحضة وهو: زيد فهما حالان.

(أو) وقعا بعد (النكرة المحضة) أي: النكرة الخالصة (فصفة) نحو: «رأيت رجلاً في الدار» أو «رأيت إمرأة عندي» ف «في الدار» صفة ل «رجلاً»

أو غير المحضة فمحتمل لهما.

ولابدَّ من تعلّقهما بالفعل أو بما فيه رائحته،

و «عندي» صفة ل «إمرأة» لان «رجل» و «إمرأة» نكرتان خالصتان، فالظرف أو الجار والمجرور الواقع بعدهما يكون صفة لهما.

(أو) وقعا بعد (غير المحضة) أي: بعد نكرة غير خالصة أو معرفة غير خالصة (فمحتمل لهما) أي: محتمل لأن يكون حالاً، ومحتمل لأن يكون صفة.

أمّا مثال الواقع بعد النكرة غير المحضة فهو نحو: «رأيت غلامَ رجل في الدار» أو «رأيت رجلاً عاقلاً عندي» ف «في الدار» يحتمل أن يكون صفة ل «غلام» ويحتمل أن يكون حالاً له، إذ أن «غلام» لَمّا أضيف إلي إسم نكرة خرج عن النكرة المحضة وصار نكرة

مخصوصة. و «عندي» يمكن أن يكون حالاً لِ «رجلاً» ويمكن أن يكون صفة له، إذ أن «رجلاً» لَمّا صار موصوفاً خرج عن النكرة المحضة، وصار نكرة مخصوصة.

وأمّا مثال الواقع بعد المعرفة غير المحضة فهو نحو: «أعجبني الثمرُ في الأغصان أو فوق الأغصان» لأنّ المعرّف بلام الجنس كالنكرة في المعني. ف «في الأغصان» أو «فوق الأغصان» يحتمل أن يكون صفة ل «الثمر» أو حالاً له.

(ولابدَّ من تعلّقهما) أي: تعلق الظرف، والجار والمجرور (بالفعل، أو بما فيه رائحته) أي: رائحة الفعل، كاسم الفاعل، واسم المفعول، والمصدر، والصفة المشبهة وغيرها، نحو قوله تعالي: «أنعمت عليهم، غير المغضوب

ويجب حذف المتعلّق إذا كان أحدهما صفة أو صلة أو خبراً أو حالاً،

عليهم» () ف «عليهم» الأولي متعلقة ب «أنعمت» وهو فعل، و «عليهم» الثانية متعلّقة ب «المغضوب» وهو إسم المفعول وفيه رائحة الفعل، لان اسم المفعول مأخوذ من الفعل.

(ويجب حذف المتعلَّق) بفتح اللام أي: حذف ما يتعلّق به الظرف أو الجار والمجرور (إذا كان أحدهما) أي: الظرف والجار والمجرور (صفة) نحو: «رأيت رجلاً في الدار» أو: «رأيت رجلاً عندي» فمتعلّقهما محذوف، تقديره: رأيت رجلاً إستقرّ في الدار، أو: إستقرّ عندي. لان «في الدار» صفة ل «رجلاً» وكذلك «عندي» صفة ل «رجلاً».

(أو صلة) نحو: «جاء الذي في الدار» أو: «جاء الذي عندي» ف «في الدار» و «عندي» صلة ل «الذي»، ومتعلقهما محذوف، تقديره: جاء الذي إستقرّ في الدار، وجاء الذي إستقرّ عندي.

(أو خبراً) نحو: «زيدٌ في الدار» و «زيدٌ عندي» ف «في الدار» و «عندي» خبر ل «زيد» ومتعلّقهما محذوف، تقديره: زيد إستقر في الدار، وزيد استقرّ عندي.

(أو حالاً) نحو: «ضربتُ زيداً في الدار» و: «ضربت زيداً عندي» ف «في الدار» و

«عندي» حالان ل «زيد» يعني: ضربت زيداً حال كونه في الدار، وحال كونه عندي، ومتعلّقهما محذوف تقديره: ضربت زيداً مستقراً في الدار، أو:

وإذا كان كذلك أو اعتمد علي نفي أو استفهام، جاز أن يرفع الفاعل، نحو: «جاء الذي في الدارِ أبوه» و «ما عندي أحدٌ» و «أفي اللهِ شَكٌّ» ().

مستقراً عندي.

(وإذا كان) الظرف أو الجار والمجرور (كذلك) أي: كان صفة، أو صلة، أو خبراً، أو حالاً (أو) لم يكن شيئاً من ذلك ولكنّه (إعتمد) أي: إتّكأَ (علي نفي أو استفهام) يعني: كان قبل الظرف وقبل الجار والمجرور نفي أو استفهام (جاز أن يرفع) الظرف أو الجار والمجرور (الفاعل) أي: يرفع اسماً يكون بعده بناءاً علي أن ذلك الاسم فاعل للظرف أو فاعل للجار والمجرور.

أمّا أمثلة ذلك فهي (نحو: «جاء الذي في الدار أبوه») و: «جار رجلٌ في الدار أبوه» و: «زيد عندي أبوه» و: «ضربت زيداً عندي أبوه» ف «في الدار» رفع الأب لانه صلة ل «الذي» في المثال الأوّل، وصفة ل «رَجل» في المثال الثاني، و «عندي» ظرف رفع «الأب» لانه خبر ل «زيد» في المثال الثالث، وحالٌ ل «زيد» في المثال الرابع.

(و) نحو: («ما عندي أحد») ف «عندي» ظرف رفع «أحد» لِيكون فاعلاً له، لأن «عند» إعتمد علي نفي قبله وهو «ما» النافية.

(و) نحو قوله تعالي: («أفي اللهِ شَكٌّ») ف «شك» مرفوع لِيكون فاعلاً ل «في الله»، لاِن «في الله» إعتمد علي الاستفهام الذي قبله وهو «الهمزة».

الحديقة الخامسة: في المفردات

الحديقة الخامسة: في المفردات

الهمزة: حرف يرد لنداء القريب والمتوسّط، وللمُضارَعة وللتَّسْوِية، وهي الدّاخلة علي جملة في محلّ المصدر.

نحو:

وهي: أربعة وعشرون:

[المفردة الأولي]

1- (الهمزة: حرف يرد) لأربعة أشياء:

أ- (نداء) الشخص (القريب والمتوسّط) تقول: «أزيدُ» إذا كان زيد قريباً منك أو كان متوسطاً بين القرب والبعد، أمّا إذا كان بعيداً عنك فلا يصح نداؤه بالهمزة.

ب- (وللمضارعة) أي: تكون حرفاً دالة علي الفعل المضارع نحو: «أنصرُ» فان الهمزة دلّت علي أن هذا الفعل مضارع، وهي صيغة المتكلم وحده.

ج- (وللتسوية) أي: لبيان تساوي الطرفين (وهي) الهمزة (الداخلة علي جملة) تكون (في محلّ المصدر) أي: علي جملة لو حذفتها وجعلت مصدر ذلك الفعل مكان تلك الجملة لا يتغير المعني (نحو) قوله تعالي:

«سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ» ().

وللاستفهام، فَيُطْلَب بها التّصور والتّصديق، نحو: «أزيدٌ في الدّارِ أمْ عمروٌ؟».

(«سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ») فالهمزة الداخلة علي «أنذرتهم» هي للتسوية، فلو حذفت الهمزة مع «أنذرتهم» وجعلت مصدر «أنذرتهم» مكانهما لا يتغير المعني، لانه يصير «سواء عليهم إنذارك إيّاهم … » ف «إنذارك إيّاهم» مع «أنذرتهم» في المعني واحد.

د- (وللاستفهام، فيطلب بها) أي: بالهمزة الإستفهامية (التصّور، والتصديق) معاً أمّا التصديق فهو: إدراك نسبة شيء إلي شيء، فمثلاً: «في الدار زيد» تصديق، لأنك نسبتَ الكَون في الدار إلي زيد، وأمّا التصوّر: فهو إدراك أحد أجزاء الكلام غير النسبة.

أمّا مثال طلب التصوّر فهو نحو قولك في طلب تصوّر المسند إليه الذي هو أحد أجزاء الكلام: (نحو: «أزيد في الدار أم عمرو؟») فان المستفهِم يعلم بأن شخصاً في الدار، ولكنه يريد أن يعرف مَن هو ذلك الشخص فيريد أن يعرف الشخص، ولا يريد أن يعرف النسبة. (و) نحو قولك في طلب تصوّر المسند الذي هو

جزءٌ آخر مِن أجزاء الكلام (أفي الدار زيد أم في السوق) فإنّ السائل يعلم أن زيداً موجودٌ في مكان ولكنّه لا يعلم أنّه في الدار أو في

و «أفي الدار زيدٌ أمْ في السوقِ» بخلاف «هَلْ» لاختصاصها بالتّصديق.

أنْ: بالفتح والتّخفيف، ترد إسميّة وحرفيّة، فالأسميّة: هي ضمير المخاطب، ك «أنْتَ» و «أنْتُما» أذ ما بعدها

السوق ولذا يريد أن يعرف تعيينه. فَعُلِم أن كلا المثالين للتصوّر ولم يذكر المصنّف مثالاً للتصديق.

وأمّا مثال طلب التصديق فهو نحو: «أزيدٌ قائمٌ؟» فالسائل يعلم بالمسند إليه وهو «زيدٌ» وبالمسند أي: القيام، لكنّه لا يعلم بالنسبة بينهما فيسأل عن النسبة.

(بخلاف «هل» لاختصاصها) أي: لاختصاص «هل» (ب) طلب (التصديق) فقط فيصح أن تقول: «هل زيدٌ قائمٌ؟» ولا يصحّ أن تقول: «هل زيدٌ في الدار أم عمرو؟» أو تقول: «هل في الدار زيدٌ أم في السوق؟» لأن المثال الأول للتصديق، والثاني والثالث للتصور، وسيأتي تفصيلات عن «هل» في آخر الكتاب.

[المفردة الثانية]

2- (أنْ: بالفتح والتخفيف) أي: بفتح الهمزة وتخفيف النون وعدم تشديدها (ترد) علي نوعين: (إسميّة وحرفية) أي: قد تكون إسماً، وقد تكون حرفاً (فالاسميّة: هي ضمير المخاطب) مفرداً وتثنية وجمعاً، مذكراً ومؤنثاً (ك «أنْتَ» و «أنْتُما») و «أنْتُم» و «أنتِ» و «أنتما» و «أنْتُنّ» (إذ ما بعدها) أي:

حرف خطاب إتّفاقاً. والحرفيّة: ترد ناصبة للمضارع، ومخفّفة من المثقّلة، ومفسِّرة، وشرطها التّوسّط بين جملتين وأولاهما بمعني القول، وعدم دخول جارّ عليها،

ما بعد «أنْ» وهو التاء (حرف خطاب إتفاقاً) بين النحويين ولعل مراده من الاتفاق هو انه مذهب الجمهور كما قال ابن هشام في المغني، إذ قال بعضٌ: «أنت» بكماله إسمٌ، وكيف كان: فتُفتح تاء أنت للمذكر وتُكسر للمؤنث، وتُضمّ في الباقي، وتوصَل بميم جمع المذكر، وتوصل بميم

والف في المثنّي، وتوصل بنون مشددة في جمع المؤنث.

(والحرفيّة ترد) علي أربعة أقسام:

أ- (ناصبة للمضارع) نحو: «أن يضربَ».

ب- (ومخفّفة من المثقّلة) وهي التي كان أصلها «أنَّ» بتشديد النون، فخففت نونها، وصارت «أنْ» كقوله تعالي: «عَلِمَ أنْ سَيَكونُ مِنكم مَرْضي» ().

ج- (ومفسِّرة) وهي التي يكون ما بعدها مبيِّناً لما قبلها (وشرطها) أي: شرط «أنْ» المفسِّرة إثنان: أحدهما (التوسّط بين جملتين) أي: أن تقع بين جملتين تكون (أُولاهما بمعني القول) يعني: تكون الجملة التي قبل «أن» بمعني القول (و) الثاني: (عدم دخول جارّ عليها) أي: علي «أن».

وزائدة، وتقع غالباً بعد «لمّا» وبين القسم و «لَوْ».

إنْ: بالكسر والتّخفيف،

أمّا مثال ذلك فهو نحو: «كتَبْتُ إليه أنْ قُمْ»، فانّ «قم» تفسير ل «للمفعول المحذوف» لأن تقديره: «كتبت إليه شيئاً هو: قم» و «أن» وقعت بين جملتين، هما: «كتَبْتُ إليه» و «قُمْ»، والجملة الأولي وهي: كتبتُ إليه بمعني القول، لان الكابة، فيها معني القول، ولم يدخل حرف جر علي «أنْ»، ولو دخل حرف الجر علي «أن» وقلت: «كتبت إليه بِأن قم» كانت «أنْ» مصدرية، ولا تكون مفسِّرة.

د- (وزائدة) وهي: التي لو حذفتها لا يحدث نقص في المعني فوجودها وعدمها بالنسبة للمعني سواء (وتقع) «أن» الزائدة (غالباً بعد «لمّا») كقوله تعالي: «فَلَمّا أنْ جاء البشير» () أي: فَلَمّا جاء البشير. (وبين القسم و «لو») كقول الشاعر:

«فأقُسِم أنْ لَو التقَيْنا وأنتم لكان لكُم يومٌ من الشرِّ مُظلم»

أي: «فاقسم لو التقينا … ».

[المفردة الثالثة]

3- (إنْ بالكسر والتخفيف) أي: بكسر الهمزة وتخفيف النون، يعني: عدم تشديدها (ترد) علي ثلاثة أنواع:

ترد شرطيّة ونافية، نحو: «إن الكافِرونَ إلاّ فِي غُرورٍ» ().

ومخفّفة من المثقّلة، نحو: «وَإنْ كُلٌّ لَما جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحضَرُونَ» () في قراءة التّخفيف. ومتي إجتمعت «إنْ»

و «ما»، فالمتأخّرة منهما زائدة.

أ- (شرطية) نحو: «إن تضربْ أضربْ».

ب- (ونافية) وهي التي كانت بمعني «ما» النافية (نحو) قوله تعالي: («إن الكافِرونَ إلاّ فِي غُرورٍ») يعني: ما الكافرون إلا في غرور.

ج- (ومخفّفة من المثقّلة) يعني: كانت أصلها «إنّ» بتشديد النون، فحذف التشديد وخففت النون (نحو) قوله تعالي: («وإنْ كلٌ لَما جميع لَدينا محضرون» في قراءة التّخفيف) أي: بناءاً علي قول مَن قرأ «لَما» بتخفيف الميم بدون التشديد.

وفائدة «إن» المخفّفة هي التأكيد وتقويه الكلام، كالمشدّدة.

(ومتي) أي: في أي كلام (إجتمعت «إن» و «ما») الحرفية (فالمتأخّرة منهما زائدة) فنحو «ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه … » ف «إنْ» فيها زائدة، لانه اجتمع «ما» و «إن» وكانت «إن» هي المتأخرة، ونحو قوله سبحانه: «وإمّا تَخافَنَّ مِنْ قَومٍ» () ف «ما» فيها زائدة، لانه إجتمع «إن» و «ما» وكانت «ما» هي المتأخرة

أنّ: بالفتح والتشّديد حرف تأكيد، وتؤوّل مع معموليها بمصدر من لفظ خبرها إن كان مشتقّاً، وبالكون إن كان جامداً، نحو: «بلغني أنّك منطلقٌ»، و «أنّ هذا زيدٌ».

والأصل فيهما: «ما أتيت بشيء» و «إن تَخافنَّ».

[المفردة الرابعة]

4- (أنّ: بالفتح والتشديد) أي: بفتح الهمزة وتشديد النون (حرف تأكيد) يعني: حرف لتأكيد الكلام الذي يأتي بعدها ولبيان أن الكلام الذي بعدها صحيح يقيناً (وتؤوّل) «أنّ» هذه (مع معموليها) أي: مع إسمها وخبرها (بمصدر من لفظ خبرها) يعني: يحذف «أنّ» مع معموليها، ويؤتي مكانها مصدر خبرها (إن كان) خبرها (مشتقّاً).

(و) تؤوّل «أنّ» وحدها (بالكون) يعني: تحذف «أنّ» فقط ويؤتي ب «الكون» الذي هو مصدر «كان» فيوضع في محل «أنّ» (إن كان) خبرها (جامداً).

أمّا مثال ذلك فهو (نحو: «بلغني أنّك منطلق») ف «أنّ» حرف تأكيد، والكاف إسمها، و «منطلق» خبرها، وحيث كان «منطلق»

مشتقاً لأنه إسم فاعل من «إنطلق ينطلق» يؤتي بمصدره وهو: «إنطلاق» فيوضَع في مكان المجموع فيقال: «بلغني إنطلاقُك» ومعني هذا، مع معني «بلغني أنك منطلق» واحد.

(و) نحو: «بَلَغني (أنّ هذا زيدٌ») ف «أنّ» حرف تأكيد، و «هذا» إسمها،

إنّ: بالكسر والتّشديد، ترد حرفَ تأكيد، تنصِب الاسم وترفع الخبر، ونصبهما لغة، وقد تنصِب ضميرَ شأنٍ مقدّراً؛ فالجملة خبرها،

و «زيد» خبرها، وحيث كان «زيد» حامداً يؤتي ب «كون» فيوضع في مكان «أنّ» فيقال: «بلغني كون هذا زيداً» ومعني هذا، مع معني «بلغني أنّ هذا زيد» واحد.

[المفردة الخامسة]

5- (إنّ: بالكسر والتشديد) أيّ: بكسر الهمزة وتشديد النون (ترد) علي نوعين:

أ- (حرف تأكيد تنصب الاسم وترفع الخبر) نحو: «إنّ زيداً قائم» تركيبه: «إنّ»: حرف تأكيد «زيداً»: إسمها، «قائم»: خبرها.

(ونصبهما) أي: نصب الاسم والخبر معاً (لغة) أي: في بعض اللغات ينصبون إسمها وخبرها معاً، كقول الشاعر:

«إنّ حُرّاسَنا أُسْداً» ف «حُرّاسَنا» إسمها، و «أُسْداً» خبرها، فنصب الاسم والخبر.

(وقد تنصب) «إنّ» (ضمير شأن مقدراً) أي: حال كون ضمير الشأن مقدّراً (فالجملة) التي تأتي بعد «إنّ» تكون (خبرها) وضمير الشأن المقدّر إسمها كقوله |: «إنّ مِن أشدّ الناسِ عذاباً يومَ القيامةِ المصوّرون» تقديره: إنّه أي: الشأن، فالضمير إسمها، والجملة كلها خبرها.

وحرفَ جواب ك «نَعَمْ». وعدّ المبرّد من ذلك قوله تعالي: «إنّ هذانِ لَساحِرانِ» () ورُدّ بامتناع اللام في خبر المبتدأ.

إذ: ترد ظرفاً للماضي،

ب- (وحرفَ جواب ك «نَعَم») أي: بمعني «نعم» فلو سألك سائل «أقام زيد؟» تقول: «إنّ» أي: نعم. (وعدّ المبرّد من ذلك) أي: من مجيء «إنّ» بمعني «نعم» (قوله تعالي: «إنّ هذانِ لَساحران») فقال المبّرد: المعني: نعم هذان لَساحران: وحيث إنّه بمعني «نَعَم» صار «هذانِ» مبتدأ، و «لَساحران» خبراً للمبتدأ.

(ورُدّ) قول المبرّد (بامتناع) مجيء

(اللام في خبر المبتدأ) يعني: خبر المبتدأ لا يَدخله لام الإبتداء، وإنما يدخل اللام في خبر «إنّ» التأكيدية، ولو كان «هذان» مبتدأ و «لَساحران» خبره لما جاز دخول اللام علي «ساحران» ولعلّ «ساحران» خبر لمبتدأ محذوف، وجملة المبتدأ والخبر جميعاً خبر ل «هذان» فالاصل كان هكذا: إنّ هذان لهما ساحران.

[المفردة السادسة]

6- (إذْ: ترد ظرفاً للماضي) أي: للزمان الماضي، يعني: يكون بمعني: «في زمان» بحيث لو حذفتَ «إذ» وجعلت مكانه كلمة «في زمان» لا يتغير المعني.

وتدخل علي الجملتين، وقد يضاف إليها اسم زمان، نحو: «حينئذٍ» و «يومئذٍ» وللمفاجأة بعد «بَيْنَما» أو «بَيْنا» وهل هي حينئذٍ حرف أو ظرف؟ فيه خلاف.

(فتدخل علي الجملتين) الجملة الفعلية والجملة الاسمية.

فالاول نحو: «جئتُك إذ قام زيدٌ»، أي: في زمان قام زيد، ف «قام زيد» جملة فعلية دَخَل عليها «إذْ».

والثاني نحو: «نصرتُك إذ زيد قائم»، أي: في زمانٍ زيد قائم، ف «زيد قائم» مبتدأ وخبر جملة إسمية دخل عليها «إذ».

(وقد يضاف إليها) أي: إلي إذ (اسم زمان، نحو: «حينئذٍ» و «يومئذٍ») ف «حين» و «يوم» إسمان للزمان أضيفا إلي «إذ».

(و) قد تأتي «إذ» (للمفاجأة) فتكون بمعني «غفلة» و «دفعة» و «فُجأة» وأمثال ذلك، وتكون حينئذٍ (بعد) كلمة («بَيْنَما أو) بعد كلمة («بَيْنا») نحو: «بَيْنَما نحن نتكلم إذ دَخل زيد علينا» أي: دفعة دخل زيد علينا، ونحو: «بينا نحن نأكل إذْ ذَهَب عمرو» أي: فجأة ذهب عمرو.

(وهل هي) أي: «إذ» (حينئذٍ) أي: إذا كانت بعد «بَيْنما» أو بعد «بينا» (حرف) يدل علي المفاجأة (أو ظرف؟ فيه خلاف) بين النحويين.

إذا: ترد ظرفاً للمستقبل، فتُضاف إلي شرطها وتُنصب بجوابها وتَختصّ بالفعليّة، ونحو: «إذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ» ()

[المفردة السابعة]

7- (إذا: ترد ظرفاً للمستقبل) أي: للزمان المستقبل، وتدخل علي شرطٍ وجواب (فتضاف إلي شرطها، وتنصب بجوابها) يعني: إنها منصوبة، وجوابها هو الذي ينصبها (وتختصّ بالفعلية) أي: لا تدخل «إذا» إلاّ علي الجملة الفعلية.

أمّا مثال ذلك فهو نحو: «إذا جاءك زيدٌ فأكرْمه»، تركيبه، «إذا»: ظرف المستقبل، <جاء» فعل ماض، و «ك»: مفعوله، و «زيد»: فاعله، وجملة «جاءك زيدٌ»: الفعل

والفاعل والمفعول كلّها شرط ل «إذا» وقد أضيف «إذا» إليها و «الفاء» في «فاكرْمه» فاء الجواب، و «أكرِمْ»: فعل أمر وفاعله ضمير «أنت» مستتر فيه وجوباً، و «الهاء» مفعول «اكرم» وجملة «فأكرمْه»: الفعل والفاعل والمفعول كلها جواب ل «إذا». و «إذا» محلها نصب، وناصبها جملة «فَأكْرِمه».

(و) أمّا (نحو) قوله تعالي («إذا السّماءُ انْشَقَّتْ») الذي يتخيل أن «إذا» أضيفت إلي الجملة الاسمية، لان «السماء» مبتدأ، و «انشقت» خبره، فليس كذلك، وانما هو من باب التفسير ف «انشقت» المذكورة تفسِّر «انشقت» التي حذفت قبل السماء، وأصله: «إذا إنشقت السماء إنشقت» و «السماء» فاعل لِ «إنشقت» المحذوف فبعد «إذا» في الواقع جملة فعلية، لكن

مثل: «وَإنْ أحَدٌ مِنَ المُشْرِكينَ إسْتَجارَكَ» () وللمفاجأة فتختصّ بالاسميّة، نحو: «خرجتُ فإذا السبعُ واقفٌ»، والخلاف فيها كاُختها.

أمْ: ترد للعطف، متّصلة ومنقطعة.

فعلها محذوفٌ، فهو (مثل) قوله تعالي: («وَإنْ أحَدٌ مِنَ المُشْرِكينَ إسْتَجارَكَ») الذي تقديره: وإن استجارك أحد من المشركين إستجارك، و «إستجارك» المذكور في الكلام يفسِّر «إستجارَك» المحذوف بعد «إن» لأنّ «إنْ» الشرطية مختصة بالفعل.

(و) تكون «إذا» (للمفاجأة فتختص بالاسمية) أي: فلا تدخل إلا علي الجملة الاسمية (نحو: «خرجتُ فإذا السبعُ واقفٌ») ف «السَبع واقف» جملة اسمية، لان «السبع» مبتدأ، و «واقف» خبره.

(واخلاف فيها) أي: في «إذا» الفُجائية (كأختها) «إذْ» يعني: كما أنه اختلف النحويون في أنّ «إذْ» التي للمفاجأة هل هي ظرف أو حرف، كذلك اختلفوا في «إذا» التي للمفاجأة، فقال بعضهم: إنها حرف لها معني المفاجأة، وقال بعضهم: انها ظرف.

[المفردة الثامنة]

8- (أم: ترد) علي نوعين:

أ- (للعطف، متّصلة ومنقطعة).

فالمتّصلة: المرتبط ما بعدها بما قبلها، وتقع بعد همزة التّسوية والاستفهام.

والمنقطعة: ك «بل».

(فالمتّصلة) هي (المرتبط ما بعدها) أي: ما بعد «أمْ» (بما قبلها، وتقع) «أم» المتّصلة

هذه (بعد همزة التسوية) وهي الهمزة الدالة علي أنّ طرفي ما بعدها متساويان كقوله تعالي: «سَواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم» () فالهمزة الداخلة علي «أنذرتهم» همزة التسوية، و «أم» عطفت ما بعدها علي ما قبلها، وهي «أم» المتّصلة، لأن ما بعدها جزء لما قبلها، ومجموع ما بعدها وما قبلها كلام واحد.

(و) تقع «أم» المتصلة بعد همزة (الاستفهام) أيضاً، نحو: «أزيدٌ قام أم عمر؟» فالهمزة لِلاستفهام، و «أم» عطفت ما بعدها علي ما قبلها «وأمْ» هنا متصلة، لأن مجموع ما بعدها وما قبلها كلام واحد.

(و) أم (المنقطعة) هي التي تَعطف ما بعدها علي ما قبلها، ولكن لا يرتبط ما بعدها بما قبلها، بل يكون ما بعدها كلاماً مستقلاً، ومعناها الإضْراب عَمّا قبلها (ك «بَل») الإضرابيّة كقوله تعالي: «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَي وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ» ().

وحرف تعريف، وهي لغة حمير.

أمّا: بالفتح والتشديد حرف تفصيل غالباً، وفيها معني الشّرط للزوم الفاء، والتزم حذف شرطها،

ب- (وحرف تعريف) مثل «ال» (وهي لغة حِمْيَر) بكسر الحاء وسكون الميم وفتح الياء و «بنو حِمْيَر» قبيلة، وهي تستعمل «أمْ» مكان «ألْ» التعريف، فإذا أرادوا أن يقولوا: «غلام الرجل» قالوا: «غلام أمْ رجل»، وفي الحديث: أنّ احدهم جاء إلي رسول الله |، فقال: «أمِن أمْبرّ أمْصيامٌ في أمْسَفَر؟» يعني: «أمِن البِرِّ الصيامُ في السفر؟» فأجابه رسول الله |: «ليس من أمْبِرِّ أمْصِيامُ أمْسَفَرِ» أي: ليس مِن البر الصيام في السفر.

[المفردة التاسعة]

9- (أمّا: بالفتح والتشديد) أي: بفتح الهمزة وتشديد الميم، علي نوعين:

أ- (حرف تفصيل) أي: تنويع وتقسيم (غالباً) كقوله تعالي: «فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ» ().

(وفيها معني الشرط للزوم) مجيء (الفاء) بعدها، فمعني الآية الكريمة يكون: ان

كان يتيماً فلا تقهره، وان كان سائلاً فلا تنهره.

(والتزم حذف شرطها) أي: حذف فعل الشرط، وهو «كان» في الآية

وعُوّض بينهما عن فعلها جزء ممّا في حيّزها، وفيه أقوال.

الكريمة (وعُوّض بينهما) أي: بين «أمّا» وبين «الفاء» الذي بعدها (عن فعلها) أي: عن فعل «أمّا» المحذوف وجوباً (جزء مما في حيزها) أي: في حيز «أمّا» يعني يؤتي بكلمة هي جزء من الكلمات التي يجب ان تأتي بعد «أمّا» فتوضع تلك الكلمة بعد «أمّا»، عوضاً عن الفعل الذي حُذِف بعد «أمّا»، وذلك لِئلا يتّصل «أمّا» بالفاء الذي بعدها،و ذلك الجزء هو كلمة «اليتيم» و «السائل» في الآية.

(وفيه) أي: في هذا الجزء (أقوال) ثلاثة:

أحدها: انه جزء من أجزاء الجواب قُدّم عليه، لِيفصل بين «أمّا» وبين الفاء، ففي الآية الكريمة كان الأصل: فأمّا ان كان يتيماً فلا تقهر اليتيم، وأما إن كان سائلاً فلا تَنْهَر السائل، ف «اليتيم» و «السائل» كانا مِن أجزاء الجواب قُدِّما علي الفاء للفصل بين «أمّا» وبين «الفاء».

الثاني: أنه معمول للفعل المحذوف، الذي كان شرطاً ل «أمّا» ففي الآية الكريمة كان «اليتيم» الفاصل بين «أمّا» وبين «الفاء» هو «يَتيماً» دخل عليه الألف واللام، فحذف منه التنوين، وكذلك «السائل» الفاصل بين «أمّا» وبين «الفاء» هو كان «سائلاً» في الأصل، دخل عليه الألف واللام، فحذف منه التنوين وصار «السائل».

الثالث: ان لم يكن ما بعد الفاء ما يمتنع تقديمه، فهو جزء للجواب قُدّم علي الجواب، مثل «اليتيم» و «السائل» في الآية الكريمة.

وقد تفارق التّفصيل، كالواقعة في أوائل الكتب.

وإن كان ما بعد الفاء لا يجوز تقديمه فهو جزء الشرط المحذوف.

أمّا مثال ذلك فهو نحو: «أمّا زيداً فاني لا أنصر» ف «زيد» لا يمكن أن يكون جزءاً مما بعد الفاء، لانه

إن كان جزءاً ممّا بعد الفاء يجب ان يكون مفعولاً ل «لا اَنصر» وحيث إنّ «لا اَنصر» خبر ل «إنّ» ولا يجوز تقديمه علي «إنّ» فكذلك لا يجوز تقديم مفعوله علي «إنّ».

وانما يكون «زيداً» جزءاً من الشرط المحذوف لأنّ أصل المثال هكذا «أمّا إن كان هو زيداً فاني لا اَنصر» فحذف «كان» الذي هو فعل الشرط وحذف «هو» الذي كان اسمه، وبقي «زيداً» هو خبر «كان».

ولكل من هذه الأقوال الثلاثة تفاصيل تجدها في الشرح الكبير للمرحوم السيد علي خان +.

ب- (وقد تفارق) أمّا (التفصيل) أي: لا تكون للتفصيل والتقسيم (ك) «أمّا» (الواقعة في أوائل الكتب) نحو: «أمّا بعد فهذا شرح علي كتاب الصمدية»، و «أمّا» هذه فهي للاستيناف.

إمّا: بالكسر والتّشديد، حرف عطف علي المشهور، وترد للتفصيل، نحو: «إمّا شاكِراً وإمّا كَفُرواً» (). وللابهام والشّك

[المفردة العاشرة]

10- (إمّا: بالكسر والتشديد) أي: بكسر الهمزة وتشديد الميم (حرف عطف علي المشهور) بين علماء النحو، والمراد «إمّا» الثانية فهي التي تعطف ما بعدها علي ما قبلها، لا «إمّا» الأولي، فانها ليس قبلها شيء حتّي تعطف ما بعدها علي ما قبلها، نحو: «جاءني إمّا زيدٌ وإمّا عمرو».

(وترد) لخمسة أنواع:

أ- (للتفصيل) والتنويع (نحو) قوله سبحانه: («إمّا شاكِراً وإمّا كَفوراً») يعني: الذين هديناهم طريق الحق علي قسمين: إمّا شاكراً وإمّا كفوراً.

ب- (وللابهام) وهي تستعمل في ما إذا كان المتكلم عالماً وأراد أن يبهم الامر علي المخاطَب، لِيقع المخاطَب في الشك، نحو قوله تعالي: «وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ» () فان الله تعالي هو يعلم الذين يعذّبهم ويعلم الذين يتوب عليهم، ولكن يريد الله ان يكون ذلك مبهماً علي الناس.

ج- (والشك) وهي تستعمل في ما إذا كان المتكلم شاكّاً غير

متيقّن

والتّخيير والإباحة، و «إمّا» لازمة قبل المعطوف عليه بها، ولا تنفكّ عن الواو غالباً.

كقولك: «جاءني إمّا زيد وإمّا عمرو» إذا لم تعلم الذي جاء منهما.

د- (والتخيير) وهي تستعمل في ما لا يجوز الجمع بينهما، نحو: «تَزوَّجْ إمّا هنداً وإمّا أختها» فانه لا يجوز تزويج هند وأختها معاً، لِعدم جواز الجمع بين الأختين.

ه- (والاباحة) وهي تستعمل في ما يجوز الجمع بينهما، نحو: «إجلس إمّا مع العلماء وإما مع العُبّاد» فانه يجوز الجلوس معهما.

(و «إمّا» لازمة قبل المعطوف عليه بها) أي: بإمّا، يعني: إذا أردتَ عطف شيء علي شيء، وكان العاطف «إمّا» فيجب ذكر «إمّا» قبل الشيء المعطوف عليه، مثل جميع الأمثلة السابقة، فلا يصحّ أن تقول: «جاءني زيدٌ وإمّا عمرو» بل يجب أن تأتي ب «إمّا» أيضاً قبل «زيد» الذي هو المعطوف عليه.

(ولا تنفك) «إمّا» (عن الواو غالباً) يعني: غالباً يذكر الواو مع «إمّا» العاطفة، كالأمثلة السابقة كلها، وقد تجيء قليلاً بدون الواو كقول الشاعر: «إيما إلي جنة، إيما إلي نار» و «إيما» هذه أصلها «إمّا» قلبت الميم الأولي ياءاً، فصارت «إيماً».

أيّ: بالفتح والتّشديد، ترد إسم شرط، نحو: «أيّاً ما تَدْعُوا فَلَهُ الأسْماءُ الْحُسْني» ().

وإسم استفهام نحو: «أيُّ الرَجُلينِ قامَ؟»،

ودالّة علي معني الكمال، نحو: «مررتُ برجلٍ أيَّ رَجُلٍ»

[المفردة الحادية عشرة]

11- (أيّ: بالفتح والتشديد) أي: بتفح الهمزة وتشديد الياء (ترد) علي خمسة أوجه:

أ- (إسم شرط: نحو: أيّاً ما تَدْعُوا فَلَهُ الأسْماءُ الْحُسْني») ويدل علي أنّها للشرط: جزُم «تَدْعُوا» فانه لو لم يكن مجزوماً وجب ذكر النون معه، بأن يقال «تَدعونَ»، وكذلك دخول الفاء علي الجملة الاسمية التي هي جواب الشرط، وهي: «فله الأسماءُ الحسني» فان الفاء لا تدخل إلا علي جواب شرط جازم.

ب- (وإسم استفهام نحو: «أيُّ الرَجُلينِ

قامَ؟»).

ج- (ودالّة علي معني الكمال) يعني: قد تأتي «أيّ» للدلالة علي معني الكمال فتكون صفةً للنكرة (نحو: «مررتُ برَجُلٍ أيِّ رَجُلٍ») يعني: مررت برجل كامل في صفات الرجولية وتكون حالاً للمعرفة نحو: «مررتُ بزيدٍ أيَّ رجل» أي: حالكونه كاملاً في صفات الرجولية.

ووصلة لنداء ذي اللام، نحو: «يا أيّها الرّجل»

وموصولة، ولا يعرب مِن الموصلات سواها، نحو: «أكْرِمْ أيّاً أكْرَمَك».

د- (ووصلة لنداء ذي اللام) إعلم: أنه لا يدخل حرف النداء علي إسم فيه الألف واللام، وإذا دخل وجب أن يتّصل «أيّ» بحرف النداء، حتّي يجوز دخول حرف النداء علي ذلك الاسم المحلّي بالألف واللام، ولذا تسمّي «أيّ» في هنا «وصلة لِنداء ذي اللام» يعني: تصير «أيّ» سبباً لِصحة نداء ذي اللام (نحو: «يا أيُّها الرجل») فانه لما لم يصح «يا الرجل» جيء ب «أيّ» بين حرف النداء، وبين الألف واللام، فصار «يا أيها الرجل» والهاء للتنبيه.

ه- (وموصولة) فتكون بمنزلة الذي، والتي، واخواتهما (ولا يعرب من الموصولات سواها) أي: غير «أيّ» فالموصلات كلها مبنيّة إلا «أيّ» فانها تُعرب، بمعني أنّها تُرفع إن كانت مبتدأً أو فاعلاً، وتُنصب، إن كانت مفعولاً أو حالاً، وتُجرّ ان صارت مضافاً إليها أو دخل عليها حرف الجر، وهكذا.

أمّا مثال ذلك فهو: (نحو: «أكْرِمْ أيّاً أكْرَمَك») ف «أيّ» في هذا المثال صارت مفعولاً ل «أكْرِم» ولذلك صدرت «أيّ» منصوبةً، فاعل «أكرم» ضمير مستتر فيه وجوباً، ونحو: «جاءني أيٌّ هو قائم» ف «أيٌّ» هنا مرفوع، لانه صار فاعلاً ل «جاءني»، ونحو: مررتُ بأيٍّ يَقوم» ف «أيّ» هنا مجرور،

بَلْ: حرف عطف، وتُفيد بعدَ الاثبات صرف الحكم عن المعطوف عليه إلي المعطوف، وبعدَ النّهي والنَّفي تقريرَ حكم الأوّل، وإثباتَ ضدّه للثاني، أو نقلَ حكمه إليه عند بعض.

لِدخول

حرف الجر وهو الباء عليه.

[المفردة الثانية عشرة]

12- (بل: حرف عطف، وتفيدُ) إن جاءت (بعد الإثبات) أي: بعد كلام موجب (صرفَ الحكم عن المعطوف عليه إلي المعطوف) يعني: الحكم الذي نُسب إلي ما قبلها، تجعله لما بعدها وتجعل ما قبلها في حكم المسكوت عنه فلا يُحكم عليه بشيء، نحو: «جاء زيد بل عمرو» فان «بَلْ» تجعل الحكم الذي نُسِب إلي «زيد» وهو المجيء ل «عمرو».

(و) إن جاءت «بل» (بعد النّهي والنّفي) فتفيد (تقرير حكم الأول) أي: حكم ما قبلها (وإثبات ضدّه) أي: ضد حكم الأول (للثاني) أي: لما بعدها، يعني: أنّ «بل» تُفيد أنّ الحكم الذي نسب إلي ما قبلها صحيح، وضِدّ ذلك الحكم ثابتٌ لما بعدها، نحو: «ما نصر زيد بل عمرو» و «لا تنصر زيداً بل عمراً» فالمعني: زيد ما نصر وعمرو نصر، ولا تنصر زيداً وانصر عمراً.

(أو) تفيد «بل» إذا كانت بعد نفي أو نهي (نقلَ حكمه إليه) أي: نقل حكم الأول إلي الثاني (عند بعض) يعني: قال بعض النحويين: إنّ «بل» حينئذٍ تنقل الحكم مما قبلها إلي ما بعدها، فمثل «ما نصر زيد بل عمرو» معناه: عمرو ما نصر، لان الحكم الذي كان لما قبل «بل» وهو سلب النصر عن زيد،

13- حاشا: ترد للاستثناء حرفاً جاراً، أو فعلاً جامداً، وفاعلها مستتر عائد إلي مصدر مصاغ ممّا قبلها، أو اسم فاعل،

نقل إلي ما بعدها، ونحو: «لا تنصر زيداً بل عمراً» معناه: لا تنصر عمراً، لأن الحكم الذي كان لما قبل «بل» وهو النهي عن نصر زيد نُقل إلي ما بعدها، فصار نصر عمرو مَنهياً عنه.

[المفردة الثالثة عشرة]

13- (حاشا: ترد) علي وجهين:

أ- (للاستثناء) فتكون (حرفاً جاراً) تجرّ المستثني نحو: «جاءني القوم حاشا زيدٍٍ».

(أو) تكون (فعلاً) متعدّياً (جامداً) أي: غير مشتق، وليس

لها مضارع واسم فاعل وأمر وغيرها (وفاعلها) أي: فاعل «حاشا» حينئذٍ ضمير (مستتر) في «حاشا» (عائد إلي مصدر مصاغ) أي: مصنوع (مما قبلها) أي: مِن الفعل الذي قبلها.

فمثلاً: «قام القوم حاشا زيداً» تقديره: قام القوم جانَبَ هو زيداً و «هو» هذا يرجع إلي «قيامهم» الذي هو مصدر «قام»، فيكون المعني: قامَ القوم جانَبَ قيامُهم زيداً.

(أو) يكون الضمير الذي هو فاعل «حاشا» عائداً إلي (إسم فاعل) مفهوم مما قبل «حاشا» فيصير تقدير المثال هكذا: قام القوم جانَبَ القائمُ منهم زيداً.

أو بعضٍ مفهوم ضمناً منه،

وللتّنزيه، نحو: «حاشا لله»، وهل هي إسم بمعني «براءة»، أو فعل بمعني «برئتُ» أو اسم فعل بمعني أُبرِّئ؟» خلاف.

حَتّي: ترد عاطفةً لجزء

(أو) يرجع الضمير إلي (بعض مفهوم ضمناً منه) أي: ممّا قبلها، فانه إذا قيل «قام القوم حاشا زيداً» عرف أن بعض القوم قام، لا كلّهم، لان زيداً كان منهم ولم يَقم، فيجعل ذلك البعض الذي يُفهم مِن الكلام انه هو الذي قام مرجعاً للضمير الذي هو فاعل لِ «حاشا»، ويجعل زيداً مفعولاً «لحاشا» فيكون: «قام القوم حاشا هو زيداً» معناه: قام القوم جانَبَ بعضُهم زيداً.

ب- (وللتنزيه) أي: التبرئة (نحو: «حاشا لله») يعني: تنزيهاً لله، ونحو: «حاشا لزيدٍ أن يفعل المنكرات» يعني: زيد منزّه عن فِعْل المنكرات.

(وهل هي) أي: «حاشا» التي للتنزيه (إسم بمعني «براءة» أو فعل بمعني «برأت» أو اسم فعل بمعني «أُبَرِّئ») بضم الهمزة وفتح الباء وتشديد الراء المكسورة؟ (خلاف) بين علماء النحو فقال بعضهم بالأول، وقال بعضهم بالثاني، وقال بعضهم بالثالث.

[المفردة الرابعة عشرة]

14- (حتّي: ترد) علي ثلاثة أوجه:

أ- (عاطفة لجزء) من المعطوف عليه علي المعطوف عليه، يعني: تعطف

أقوي، أو أضعف، بمهلة ذهنيّة. وتختصّ بالظاهر عند بعض،

وحرفَ إبتداء فتدخل علي الجمل،

جزءاً مما

قبلها عليها، نحو: «أكلتُ السمكةَ حتّي رأسَها» فالرأس جزء من السمكة، عطفته «حتي» علي نفس «السمكة».

هذا وقد يكون الجزء الذي تعطفه حتّي (أقوي) من بقية الأجزاء، كهذا المثال، فان رأس السمكة أقوي من بقية أجزائها.

(أو) يكون الجزء الذي تعطفه حتّي (أضعف) نحو: «أكلتُ السمكة حتّي ذيلَها» فالذيل أضعف من بقية أجزائها.

(بمهلة ذهنية) يعني: يجب في العطف ب «حتّي» أن يكون ما بعد «حتي» مترتباً علي ما قبلها ترتيباً ذهنياً وذلك بأن يدخل في الذهن ما بعد «حتي» بعد دخول ما قبلها في الذهن، فانه لو قيل: «أكلت السمكة حتّي رأسها» فيأتي في الذهن السمكة أولاً ثمّ رأسها، ولو قيل: «أكلت السمكة حتّي ذيلها» يأتي في الذهن السمكة أولاً ثمّ ذيلها، ولا يلزم أن يكون ترتيب في الخارج، فلو كان قد أكل رأس السمكة أو ذيلها أولاً ثمّ أكل بقية السمكة يصحّ أن يقول: «حتّي رأسها» و «حتّي ذيلها».

(وتختصّ) «حتي» العاطفة (بالظاهر عند بعض) يعني: قال بعض النحاة: لا تدخل إلا علي الاسم الظاهر، فلا تعطف الضمير.

ب- (وحرف ابتداء) أي: هي حرف تكون الجملة بعدها مستأنفة، غير مرتبطة بما قبلها في الاعراب، وان كانت مرتبطة بما قبلها في المعني (فتدخل علي الجمل) فقط، ولا يكون بعدها مفرد.

وترد جارّةً فتختصّ بالظّاهر خلافاً للمبرّد.

وقد يُنصب بعدها المضارع ب «أن» مضمرة لابها،

فتدخل علي الجملة الاسمية كقول الشاعر:

«فما زالت القتلي تمج دماءها

بدجلة حتّي ماء دجلة أشكل»

ف «ماء دجلة» مضاف ومضاف إليه مبتدأ، و «أشكل» خبره فهذه جملة اسمية دخلت «حتّي» عليها.

وقد تدخل علي الجملة الفعلية، نحو: «تضارَبَ العسكران حتّي فازَ عسكر علي بن أبي طالب عليهما السلام» ف «فاز» فعل ماض، و «عسكر علي» فاعله، والجملة فعليه دخلت «حتّي» عليها.

ج-

(وترد جارّة) أي: قد تكون حرف جر (فتختص بالظاهر) أي: تدخل علي الاسم الظاهر وتجره، ولا تدخل علي الضمير، نحو: «سِرتُ من البصرة حتّي الكوفة» (خلافاً للمبرّد) فانه قال: «حتّي» الجارّة تدخل علي الضمير أيضاً، نحو: «نصرتُ الناس حَتّاك».

(وقد يُنصب بعدها) أي: بعد «حتي» الجارة (المضارع) يعني: قد يأتي الفعل المضارع بعد «حتي» الجارة ويصير منصوباً، ويكون نصب المضارع بعدها (ب «أن» مضمرة لا بها) يعني: أن ناصب المضارع لا يكون نفس «حتّي»، بل يقدّر «أنْ» بعد «حتّي»، وتكون «أنْ» المقدّرة ناصبة للمضارع نحو: «حارَبْنا الكفار حتّي يَدخلَ المسلمون بلادَهم» أي: حتّي أن يدخل.

خلافاً للكوفييّن.

الفاء: ترد رابطة للجواب الممتنع جعله شرطاً، وحصر في ستة مواضع،

(خلافاً للكوفيين) حيث قالوا: إنّ «حتّي» هي بنفسها تَنصب المضارعَ الواقع بعدها.

[المفردة الخامسة عشرة]

15- (الفاء: ترد) علي وجهين:

أ- (رابطة للجواب الممتنع جعله شرطاً) اعلم: ان جواب الشرط قد يمكن أن يصير شرطاً نحو: «إن تنصر أنصر» ف «تنصر» فعل الشرط، و «أنصر» جواب الشرط، فيجوز قلب المثال، وجعل الجواب في محل الشرط، وتقول: «إن أنصر تَنصر».

وقد لا يمكن أن يصير الجواب في محل الشرط، كما إذا كان الجواب جملة إسمية، نحو: «ان تَنصر فأنا ناصر» ف «تَنصر» فعل الشرط، و «أنا ناصر» جواب الشرط، ولا يمكن أن يوضع جملة «أنا ناصر» في محل «تنصر» لانه لا معني لأن يقال: «ان انا ناصر تنصر» لان حرف الشرط لا يدخل علي اسم، فكل جواب شرط يمتنع ان يصير شرطاً يؤتي بالفاء علي ذلك الجواب لربط الجواب بالشرط.

(وحصر) ما يمتنع جعله شرطاً (في ستة مواضع):

و لربط شبه الجواب، نحو: «الذي يأتيني فله درهمٌ». وعاطفةً، فتفيد التّعقيب

أحدهما: ان يكون الجواب جملة اسمية، نحو: «إن تنصرني فأنا

ناصرك».

الثاني: ان يكون جملة انشائية، نحو: «ان تُحِبّ أن أنصرُكَ فَانصُرني».

الثالث: ان يكون فعلاً جامداً، نحو: «ان تنصرني فعسي ان انصرك».

الرابع: ان يكون فعلاً ماضياً دخل عليه «قد»، نحو: «ان تنصرني فقد كمُل عقلك».

الخامس: ان يكون فعلاً مضارعاً دخل عليه حرف الاستقبال نحو: «من يَنصرني فسأنصره».

السادس: ان يكون مقروناً بحرف له الصدر، ك «ما» النافية، نحو: «إن تنصرني فما يضيع نصرك»، وقد مرّ شيء من التفصيل حول ذلك في أول فصل من الحديقة الثالثة.

(و) تأتي الفاء أيضاً (لربط شبه الجواب، نحو: «الذي يأتيني فله درهم») فجملة «له درهم» ليست جواباً، لانه ليس قبلها شرط حتّي تصير جواباً للشرط، ولكن مضمون «الذي يأتيني» يشبه الشرط، لان «الذي يأتيني فله درهم» مع «إن يأتِني أحد فله درهم» في معني واحد، لذا وجب دخول الفاء علي جملة «له درهم» حيث إنها شبه جواب لربطها بما قبلها.

ب- (وعاطفة فتفيد التعقيب) وهو وقوع المعطوف بعد وقوع المعطوف

والتّرتيب بنوعيه. فالحقيقيّ نحو: «قام زيدٌ فعمروٌ»، والذكريّ نحو: «وَنادي نوحٌ رَبَّه فَقالَ» ().

وقد تفيد ترتّب لاحقها علي سابقها فتسمّي فاء السببيّة، نحو:

عليه بفاصلة قليلة.

(و) تفيد (الترتيب) وهو وقوع المعطوف بعد المعطوف عليه، لا قبله ولا معه (بنوعَيه) أي: بنوعي الترتيب، وهما: الترتيب الحقيقي، والترتيب الذكري.

(ف) الترتيب (الحقيقي) وهو أن يقع المعطوف بعد المعطوف عليه في الواقع (نحو: «قام زيدٌ فَعمرو») والمعني: أنَّ عمراً قام بعد أن قام زيد.

(و) الترتيب (الذكري) وهو أن يكون المعطوف بعد المعطوف عليه في الكلام والذكر، وإن كان مقارناً له في الخارج (نحو) قوله تعالي: («ونادي نوحٌ رَبَّه فَقالَ») فان «قال» هو نفس النداء الذي نادي به نوح ربه، فهما شيء واحد، وفي وقت واحد، ولكن في الآية ذكر

«قال» بعد «ونادي نوح ربه».

(وقد تفيد) الفاء (ترتّب لاحقها) أي: ما بعدها وهو المعطوف (علي سابقها) أي: ما قبلها وهو المعطوف عليه يعني: يكون معني الفاء أنّ ما قبلها سبب لحصول ما بعدها (فتسمّي فاء السببيّة،نحو) قوله تعالي: «ألَمْ تَرَ أنّ

«فَتُصْبِحُ الأرْضُ مُخْضَرَّةً» () وقد تختصّ حينئذٍ باسم «النّتيجة» و «التّفريع»، وقد تُنبئ عن محذوف فتسمّي فصيحة عند بعض نحو: «اِضْرِب بِعَصاك الحَجَرَ فَانْفَجَرتْ» ().

الله أنْزَل مِن السَّماء ماءاً (فتُصْبِح الأرْضُ مُخْضَرَّةً») فالفاء الداخلة علي «تُصبح» تدل علي أنّ نزول الماء من السماء سبب لأنْ تَخضرّ الأرض أي: تصير خضراء، كناية عن نبات الزرع.

(وقد تختص) الفاء (حينئذٍ) أي: إذا كان ما قبلها سبباً لما بعدها (باسم «النّتيجة» و «التّفريع») يعني يقال لها: «فاء النتيجة» و «فاء التفريع» لان ما بعدها نتيجة لما قبلها، وفَرع علي ما قبلها، فان خروج الزرع نتيجة لنزول المطر، وفرع لنزول المطر.

(وقد تُنبئ) الفاء العاطفة (عن محذوف) يعني: تُخبر أنّ هناك شيئاً محذوفاً (فتسمّي فصيحة عند بعض) النحويين و «الفصيحة» أي: الدالّة، لأنّ الإفْصاح بمعني الدلالة والإظهار.

أمّا مثال ذلك فهو (نحو: «اِضْرِب بِعَصاك الحَجَرَ فَانْفَجَرتْ») فإنّ «إنفجرت» ليست معطوفة علي «اضرب» لان «اضْرِب» فعل أمر، و «انفجرت» فعل ماض ولا يعطف فعل الماضي علي فعل الأمر.

قدْ: ترد إسماً بمعني «يَكْفِي» أو «حَسْبُ»، نحو: «قَدْني وقَدي دِرْهمٌ»، وحرف تقليل مع المضارع،

وليس هذا الفاء فاء التفريع، لانه ليس ما قبله سبباً وعلة لما بعده، إذ الأمر بالضرب ليس علة لانفجار الأرض بالمياه، وإنّما الضرب بالارض هو الذي يُسبّب خروج الماء، فالفاء الداخلة علي «انفجرت» تدل علي أن هناك فعلاً ماضياً محذوفاً عطف عليه «إنفجرت»، تقديره: فضرب فانفجرت.

[المفردة السادسة عشرة]

16- (قد: ترد) علي وجهين:

أ- (إسماً

بمعني «يَكْفِي» أو) بمعني («حَسْبُ» نحو: «قَدْني) درهمٌ» بمعني: يَكفيني درهمٌ، (و «قَدْي درهمٌ») بمعني حَسْبي درهم.

والفرق بينهما: أنه إذا كانت بمعني «يكفي» فهي مبنيّة علي السكون وتدخلها نون الوقاية عند الإضافة إلي ياء المتكلّم كما تدخل نون الوقاية علي «يَكفي».

وإذا كانت بمعني «حَسْب» فتستعمل علي وجهين:

مبنيّة وهو الغالب نحو: «قَدْزيدٍ درهمٌ» و «قَدْني».

ومعربة وهو قليل يقال: قدي درهمٌ بغير نون، كما يقال حَسْبي، و «قَدُ زيدٍ درهمٌ» كما يقال «حَسْبهُ درهمٌ».

ب- (وحرف تقليل) أي: دالة علي القلة والاحتمال إذا كانت (مع) الفعل (المضارع) نحو: «قد يصدق الكذوب» أي: قليلاً يصدق أو يحتمل أن يصدق.

وتحقيق مع الماضي غالباً، قيل: وقد تقرّ به من الحال، ومِن ثَمَّ إلتُزمت في الحاليّة المصدّرة به، وفيه بحث مشهور.

(و) تكون حرف (تحقيق) أي: دالة علي وقوع ما بعدها يقيناً وتحقيقاً، إذا كانت (مع) الفعل (الماضي غالباً) أي: غالباً إذا كانت مع المضارع تدل علي التقليل، وغالباً إذا كانت مع الماضي تدل علي التحقيق لا دائماً، فنحو قوله تعالي: «قد أفلح من زكّيها» معناه: أن من زكّي نفسه أفلح يقيناً وتحقيقاً.

(قيل: وقد تقرّبه) أي: تقرب «قد» فعلَ الماضي (من الحال) أي: من الزمن الحاضر، فلو قلتَ: «نصر زيد» كان المعني: ان النصر صدر من زيد في الزمان الماضي، سواء كان الزمان الماضي قريباً من الحال الحاضر، أم بعيداً عنه.

أما لو قلت: «قد نصر زيد» فيفيد دخول «قد» أنّ الضرب صدر من زيد في الزمان الماضي القريب من الحال الحاضر.

(ومِن ثَمّ) أي: من أجل أنّ دخول «قد» علي الماضي تقرّب الماضي إلي الحال الحاضر (إلتُزمت) أي: وجبت «قد» (في) الجملة (الحاليّة المصدّرة به) أي: التي أولّها فعل ماض، وذلك لكي تقرّبُ الماضي

إلي الزمن الحاضر.

(وفيه) أي: في كون دخول «قد» علي الجملة الحالية المصدّرة بالماضي لأجل التقريب إلي الحال (بحث مشهور) وهو: أن الجملة الحالية لا تكون دائماً للزمن الحاضر، فقد تكون لزمن ماض، نحو: «جاء زيد قبل سنة وقد مات أبوه» ف «مات أبوه» جملة حالية، ولكن موت أبيه وقع في الزمان

قط: ترد إسم فعل بمعني «إنْتَهِ»، وكثيراً ما تحلّي بالفاء، نحو: «قامَ زيدٌ فَقَطْ». وظرفاً لاستغراق الماضي منفياً، وفيها

الماضي قبل سنة بالنسبة لوقت التكلم، وقد تكون الجملة الحالية للزمن المستقبل، نحو: «سيأتيني زيد بعد سنة وقد مات ابنه» ف «مات ابنه» جملة حالية، ولكن موت ابنه يقع في الزمان المستقبل بعد سنة من حين التكلم، وكلمة «قد» إذا دخلت علي الماضي إنّما تقرّبه من الزمن الحاضر في حال التكلم لا من الزمن الحالي بالنسبة للجملة الحالية، سواء كانت للماضي أم للمضارع، أم للحال.

وعليه: فتبيّن: أن دخول «قد» علي الجملة الحالية المصدرة بالماضي ليس لاجل تقريب «قد» الماضي إلي الحال فما ذُكر في «قيل» سهو نشأ من اشتراك لفظ الحال بين الزمان الحاضر وبين ما يبيّن كيفيّة الفعل، فتفكّر.

[المفردة السابعة عشرة]

17- (قط: ترد) علي وجهين:

أ- (إسم فعل بمعني «إنْتَهِ» وكثيراً ما تُحلّي بالفاء) أي: تدخله الفاء (نحو: «قام زيد فَقَطْ») يعني: إذا عرفت أن زيداً قام فانْتَه عن السؤال مِن قيام غير زيد.

ب- (وظرفاً لاستغراق) زمان (الماضي) حال كونه (منفياً)، ومعني الإستغراق أن «قط» تدل علي أن النفي شامل لجميع الأزمنة الماضية، حتّي الزمان الحاضر، نحو: «ما رأيت زيداً قَط» أي: إلي الآن لم أره (وفيها) أي:

خمس لغات، ولا تجامع مستقبلاً.

كم: ترد خبريّة وإستفهاميّة،

في قط (خمس لغات) بل أكثر مِن خمسة لغات، ولكننا نذكر خمساً منها وهي:

الأولي:

«قَطٌّ» بفتح القاف وتشديد الطاء المضمومة، وهي أفصحها وأشهرها.

الثانية: «قَطِّ» بفتح القاف وتشديد الطاء المكسورة.

الثالثة: «قُطُّ» بضم القاف وضمّ الطاء المشددة.

الرابعة: «قَطُ» بفتح القاف وضم الطاء المخفّفة.

الخامسة: «قَطْ» بفتح القاف وسكون الطاء.

(ولا تجامع) «قط» (مستقبلاً) أي: لا تذكر مع الفعل المستقبل فلا يقال: «لا ينصر زيد قَط».

[المفردة الثامنة عشرة]

اشارة

18- (كم: ترد) علي وجهين:

أ- (خبريّة) بمعني: كثير، نحو: «مات زيد وكَمْ أموالٍ تركها» يعني: أموالاً كثيرة تركها.

ب- (واستفهامية) بمعني: أيّ مقدار أو أيّ عدد ونحو ذلك، نحو: «كم درهماً عندك؟، وكم بيضاً تملك؟» أي: أيُّ مقدار من الدراهم عندك؟ وايّ عدد من البيض تملكها؟

وتشتركان في البناء، والافتقار إلي التمييز، ولزوم الصدر،

وتختصّ الخبرية بجرّ التمييز مفرداً أو مجموعاً، والاستفهامية بنصبه ولزوم إفراده.

(وتشتركان) أي: كم الخبرية وكم الاستفهامية في ثلاثة أمور:

1- (في البناء) يعني: كلاهما مبنيّان علي السكون.

2- (والافتقار) أي: الاحتياج (إلي التمييز) فكلاهما لا تَصيران معلومين إلا إذا جيء لهما بتمييز، وتمييزهما هو الشيء الذي يُبيِّنهما، ففي «كَمْ أموالٍ ترك»: «أموال» تمييزها، وفي «كم درهماً عندك؟» «درهماً» تمييزها.

3- (ولزوم الصدر) فكلاهما يجب أن تكونا لفظاً في صدر الكلام، وعاملهما يتأخّر عنهما دائماً، ففي مثل: «كم أموالٍ ترك» العامل في «كم» هو «تَرَك» لكنه يجب أن يتأخر عن «كم»، وفي «كم بيضاً تَملك» العامل في «كم» هو «تملك» وهكذا.

(وتختصّ) «كم» (الخبريّة بجرّ التمييز) يعني: يجب جرّ تمييزها بإضافة «كم» إلي تمييزها (مفرداً) كان التمييز (أو مجموعاً) أي: جمعاً، نحو: «كم كافرٍ قتلتُه» و «كم كافرينَ قتلتُهم» (و) تختصّ «كم» (الاستفهامية بنصبه) أي: بوجوب نصب تمييزها (ولزوم إفراده) أي: لزوم كون تمييزها مفرداً، تقول: «كم درهماً عندك؟» بنصب «درهماً» وإفراده ولا يصح أن تقول: «كم دراهمَ عندك؟».

كَيْفَ: ترد شرطيّة فتجزم

الفعلين عند الكوفييّن.

واستفهاميّة، فتقع خبراً في نحو: «كَيفَ زيدٌ؟» و «كيفَ أنتَ؟» ومفعولاً في نحو: «كَيْفَ ظَنَنْتَ زيداً؟» وحالاً في نحو: «كَيْفَ جاءَ زيدٌ؟».

[المفردة التاسعة عشرة]

19- (كَيْفَ: ترد) علي وجهين:

أ- (شرطية، ف) تدخل علي فعلين متفقين في اللفظ والمعني، الأول شرطه، والثاني جوابه، نحو: «كيفَ تقُمْ أقُمْ» و(تجزم الفعلين عند الكوفيين) فلا يقولون: «كيفَ تقومُ أقومُ».

ب- (وإستفهامية، فتقع خبراً) للمبتدأ (في نحو: «كيف زيدٌ؟») ف «كيف» خبر مقدّم، و «زيد» مبتدأ مؤخر (و «كيف أنت؟») ف «كيف» خبر مقدم، و «أنت» مبتدأ مؤخر.

(و) تقع (مفعولاً في نحو: «كيفَ ظننتَ زيداً؟») ف «ظَننتَ» فعل قلبي وفاعل، و «زيداً» مفعوله الأول، و «كيف» مفعوله الثاني.

(و) تقع (حالاً في نحو: «كيفَ جاء زيدٌ؟») ف «جاء» فعل و «زيد» فاعله، و «كيف» حال لزيد أي: في أيّ حالة جاء زيدٌ؟

وفي جميع ذلك قُدّم «كيف» لأنها دائماً تكون في صدر الكلام، ولا تتأخر.

لو: ترد شرطية فتقتضي إمتناع شرطها، واستلزامه لجوابها، وتختصّ بالماضي ولو مؤوّلاً.

[المفردة العشرون]

20- (لو: ترد) علي أربعة أوجه:

أ- (شرطية) فتدخل علي جملتين، الأولي: شرطها، والثانية: جوابها (فتقتضي إمتناع شرطها، واستلزامه) أي: استلزام الشرط (لجوابها) أي: لجواب «لو»، يعني: أن «لو» تفيد أن شرطها إلي الآن لم يحصل، وان حصل الشرط، فيقيناً يحصل الجواب أيضاً.

وأمّا مثال ذلك فهو نحو: «لو جاءك زيد فأنا أكرمه» ف «جاءك زيد» شرط ل «لو»، و «فأنا أكرمه» جواب لها، فالمعني: أنّ زيداً إلي الآن لم يجئك، فان حصل المجيء من زيد في المستقبل فيحصل الاكرام مني له.

(وتختص) «لو» (ب) الدخول علي الفعل (الماضي) يعني: يجب أن يكون شرطها فعلاً ماضياً (ولو مؤوّلاً) يعني: انه لو كان هناك كلام دخل «لو» فيه علي الفعل المضارع فيجب أن نؤوّله بالماضي، وإلا لا يصح دخول «لو» علي غير الماضي، كقوله تعالي: «ولو تَري إذ المُجرِمون ناكِسُوا رُؤسِهم عندَ ربّهم» () ف

«لو» دخل علي «تري» الذي هو فعل مضارع، ولكن حيث إن أقوال الله تعالي صادقة يقيناً، فحين أنه يخبر عن شيء، يقع ذلك يقيناً، فمن

وبمعني «إنْ» الشّرطيّة، وليست جازمة، خلافاً لبعضهم،

وبمعني «لَيْتَ»، نحو: «لَوْ أنّ لَنا كَرَّةً» ().

ومصدريّة، وقد مضت.

شدة الصدق كان حكمه حكم الإخبار عن شيء واقع في الماضي، لذلك صح دخول «لو» علي الفعل المضارع.

ب- (وبمعني «إنْ» الشرطيّة، وليست جازمة) أي: لا تجزم شرطها وجوابها كما تجزم «إنْ» نحو: «لو يقوم زيد أقوم أنا» يعني: إن يقم زيد أقم أنا (خلافاً لبعضهم) أي: لبعض النحويين حيث قالوا: إنّ «لو» الشرطية تجزم كما تجزم «إن» الشرطية، فيقولون: «لو يقمْ زيد أقمْ أنا».

ج- (وبمعني ليت) أي: للتمنّي (نحو: «لَوْ أنّ لَنا كَرَّةً») أي: ليت كان لنا رجوع إلي الدنيا.

د- (ومصدرية) وهي التي تؤوّل مع الفعل الذي بعدها إلي مصدر ذلك الفعل، يعني: يكون معناها كما لو حذفتها مع الفعل الذي بعدها، وجعلت مكانهما مصدر ذلك الفعل، نحو: «أيَودُّ أحدكم لو يُعمَّر ألف سنة» أي: تعمير ألف سنة (وقد مضت) «لو» المصدريّة في «الموصول» في باب «المبنيات».

لولا: حرف ترد لربط إمتناع جوابه بوجود شرطه، وتختصّ بالاسميّة ويغلب معها حذفُ الخبر إن كان كوناً مطلقاً.

[المفردة الحادية والعشرون]

21- (لولا: حرف ترد) علي ثلاثة أوجه:

أ- (لربط إمتناع جوابه بوجود شرطه) أي: لبيان أن جوابه ممتنع لان شرطه موجود وتُسمّي لولا الإمتناعيّة كقول عمر: «لولا عليٌ لَهَلَك عمرُ» ف «علي» شَرطه، و «لهلك عمر» جوابه، والمعني: لو لم يكن علي× موجوداً، لكان عمر هالكاً، فهلاك عمر ممتنع، لأنّ علياً موجود.

(وتختصّ ب) الجملة (الاسميّة) فلا تدخل علي الجملة الفعليّة، فلا يصحّ أن يقال: «لولا نصر» و «لولا ينصر» ونحوهما.

(ويغلب معها) أي: والغالب

مع «لولا» الإمتاعية. ولعل الأصح: «ويجب معها» إذ لا خلاف في وجوب (حذف الخبر) أي: حذف الخبر مع لولا الامتناعية من جملة شرطها (إن كان) الخبر (كوناً مطلقاً).

إعلم أن الكون علي نوعين: «كون مطلق» و «كون خاص».

فالكون المطلق هو الذي ليس له معني سوي الوجود، وهو كما يقال: أربعة: «الوجود» و «الثبوت» و «الكون» و «الحصول» وكلّ ما يشتق عن هذه الأربعة من الماضي والمضارع وإسم الفاعل وغيرها. وإنما قيل له «الكون المطلق» لان كلّ واحد منها ينسجم مع كلّ فعل وكلّ حدث، ويصحّ إطلاقه علي كلّ فعل، تقول: «كون زيد ناصراً» و «حصول المجيء لزيد»

وللتّوبيخ؛ فتختصّ بالماضي.

و «ثبوت القيام لعمرو، و «وجود الذهاب لباقر» ونحو ذلك.

والكون الخاص هو الذي كان له بالاضافة إلي معني الوجود معني آخر، مثل الضَرب، فانه حدث خاص بالاضافة إلي أن له ثبوتاً ووجوداً، والقيام حدث خاص بالاضافة إلي أنه حاصل وموجود وثابت وكائن في كلّ مَن يتصف بالقيام، وهكذا غير ذلك.

وعليه: فان كان الخبر في جملة شرط «لولا» الإمتناعية كوناً مطلقاً، نحو: «لولا علي لهلك عمر» الذي اصله: لولا عليٌ موجود لهلك عمر، ف «علي» مبتدأ، و «موجود» خبره، فالغالب علي قول المصنف + و «فيجب» علي قول غيره حذف هذا الخبر، ولا يجوز ذكره بأن تقول: لولا علي موجود لهلك عمر.

وان كان الخبر في جملة شرط «لولا» الإمتناعية كوناً خاصاً لم يجز حذفُه، نحو: «لولا زيد قائم لأتيتك» ف «قائم» كون خاص، ولا يجوز حذفه ويقال: لولا زيد لأتَيتُك، قاصداً: لولا زيد قائم لأتَيتُك.

ب- (وللتوبيخ) وهو اللوم علي ترك الفعل في الزمان الماضي (فتختصّ ب) الدخول علي الفعل (الماضي) نحو: «إن كنت تحب زيداً فلولا أكرمته» تريد بذلك

ملامته علي ترك اكرام زيد في الزمن الماضي، ولا تدخل علي غير الماضي، لا علي المستقبل، ولا علي الجملة الاسمية، ولا علي غيرهما.

وللتّحضيض والعَرْض؛ فتختصّ بالمضارع ولو تأويلاً.

لمّا: ترد لربط مضمون جملة بوجود مضمون اُخري،

ج- (وللتحضيض والعَرْض) فالتحضيض: هو طلب شيء بشدّة وقوة، والعرض: هو الطلب بلين وعَطْف (فتختصّ ب) الدخول علي الفعل (المضارع ولو تأويلاً) أي: لو دخلت علي غير المضارع وجب تأويله بالمضارع ليصحّ الكلام.

أمّا مثال ذلك فالتحضيض نحو: «لَوْلا تَسْتَغْفِرونَ الله لَعَلّكم تُرْحَمون» () أي: استغفروا الله.

والعَرْض نحو: «لولا تَنْزلُ عندنا فَتُصِيبَ خيراً» أي: انزل عندنا.

ولو دخلت علي الماضي وجب تأويل الماضي بالمضارع، نحو قوله تعالي: «لَوْلا أخَّرْتَني إلي أجَلٍ قَرِيب» () أي: لولا تُؤخِّرني، بمعني: أخِّرْني.

[المفردة الثانية والعشرون]

22- (لمّا: ترد) علي ثلاثة أوجه:

أ- (لربط مضمون جملة بوجود مضمون) جملة (أخري) يعني: أنها تفيد أن وجود مضمون الجملة الثانية كان سببه وجود مضمون الجملة الأولي

نحو: «لمّا قُمْتَ قمْتُ»، وهل هي حرف أو ظرف؟ خلاف.

وحرف إستثناء، نحو: «إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظٌ» ().

وجازمة للمضارع ك «لَمْ» وتفترقان في خمسة اُمور.

(نحو: «لما قُمتَ قُمْتُ») فقيامي وُجِد لأجل أن قيامك وُجِد.

(وهل هي) أي: «لمّا» (حرف أو ظرف؟ خلاف) قال سيبويه: إنها حرف وجودٍ لوجودٍ وقال بعض: إنها ظرف بمعني «حين» وقال بعض آخر: انها ظرف بمعني «إذ».

ب- (وحرف إستثناء) مثل «إلاّ» (نحو) قوله تعالي: («إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظٌ») فإنّ «إنْ» بمعني النفي، يعني: ما كلّ نفس إلاّ عليها حافظ.

ج- (وجازمة للمضارع ك «لَمْ») نحو: «لمّأ ينصر زيدٌ» أي: ما نصر زيد، لكن «لمّا» الجازمة و «لم» تشتركان في أربعة أمور: الحرفيّة والنفي والجزم والقلب إلي الماضي. (وتفترقان في خمسة أمور):

الأول: أنّ «لمّا» لا

تقترن بأداة الشرط، لا يقال: إنّ لمّا تقُمْ» ولكنّ «لم» تقترن بأداة الشرط نحو قوله تعالي: «وإنْ لم تَفْعَل فَما بَلّغْتَ رِسالَتَهُ» ().

الثاني: أنّ منفيّ «لمّا» يتصّل بالحال، فمعني «لمّا ينصر زيدٌ» هو: أن زيداً ما نصر في الزمان الماضي وإلي الآن، بخلاف «لَم» فانّ منفيها يحتمل الاتصال

إلي الآن ويحتمل الإنقطاع، فمعني «لم ينصر زيد» يمكن أن يكون عدم النصر قبل يومين، ويمكن أن يكون عدم النصر مستمراً إلي زمان التكلم، ولاجل ذلك لا يجوز أن تقول: «لمّا يضرب زبدٌ أمسِ»، لأنّ منفيها يتصل بزمان التكلم ويجوز أن تقول: «لم يضرب زيدٌ أمس».

الثالث: أنّ منفيّ «لمّا» لا يكون إلا الماضي القريب من الحال، فلا يجوز أن تقول: «لمّا ينصر زيد منذ العام الماضي»، ومنفيّ «لم» قد يكون الماضي البعيد، فيصح أن تقول: «لم ينصر زيد منذ عشر سنوات».

الرابع: أنّ منفيّ «لمّا» يُتوقع ثبوته، فقولك «لمّا ينصر زيد» معناه: أن زيداً إلي الآن ما نصر ولكن يتوقع صدور النصر منه في المستقبل، بخلاف «لم» فانها تنفي ما بعدها في الزمان الماضي، مِن دون أن يتوقع ثبوته، فنحو «لم ينصر زيدٌ» معناه: زيد ما نصر في الزمان الماضي، وليس في معناه: أنه يتوقع صدور النصر منه في المستقبل.

الخامس: أن منفيّ «لمّا» يجوز حذفه في الشعر والنثر دليلٍ، تقول: «قَرُب الموت ولَمّا» أي: ولَمّا يقعْ، ولا يجوز حذف منفيّ «لم» إلاّ لضرورة الشعر.

ما: ترد

إسميّة وحرفيّة.

فالاسميّة ترد موصولة ونكرة موصوفة، نحو: «مررتُ بما مُعجِبٍ لك»، وصفة لنكرة، نحو: «لأمْرٍ مّا جَدَعَ قصيرٌ أنْفَه»،

[المفردة الثالثة والعشرون]

23- (ما: ترد) علي وجهين:

(إسميّة وحرفيّة)

أ- (فالاسميّة ترد) علي ستة أنواع:

الأول: (موصولة) بمعني الذي والتي وفروعهما كقوله تعالي: «إنَّكُم وَما تَعْبدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهنَّمَ»

() يعني: والاشياء التي تَعبدونها.

(و) الثاني: (نكرة موصوفة) أي: نكرة جيء لها بصفة (نحو: «مررتُ بما مُعجِبٍ لك») أي: مررتُ بشيء يُعجِبك، ف «ما» نكرة، لانه ليس المراد منها شيئاً معلوماً، و «معجب لك» صفة ل «ما» يعني: مررت بشيء صفته أنه يُعجبك.

(و) الثالث: (صفة لنكرة) ومثال ذلك (نحو: «لأمْرٍ مّا جَدعَ قصيرٌ أنفَه») أي: لأمر عظيم قَطَع قَصيرٌ أنْفَه، ف «ما» صار بمعني «عَظيم» صفة ل «أمر» الذي هو نكرة، و «قَصير» إسم شخص.

وشرطية زمانية وغير زمانية، واستفهامية.

والحرفيةُ ترد

مشبّة ب «ليس»، ومصدرية زمانية

(و) الرابع: (شرطية زمانية) أي: تدل علي الزمان، كقوله تعالي «فَمَا استَقامُوا لكم فَاسْتَقِمُوا لهم» () أي: استقيموا لهم مدة استقامتهم لكم، فإنّ «ما» صارت بمعني الزمان والمدة، وهي متضمنة معني «إن» الشرطية.

(و) الخامس: شرطية (غير زمانية) أي: غير دالة علي الزمان، كقوله تعالي: «وما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْه اللهُ» () فإنّ «ما» شرطية، ولكن ليس فيها معني الزمان يعني: إن تفعلوا خيراً يعلمه الله. ولا يخفي أنّ «ما» الشرطية جازمة، و «تفعلوا» في الآية كانت «تفعلون» فحُذف النون للجزم.

(و) السادس: (استفهامية) أي: دالة علي الإستفهام، نحو: «ما قال لك زيد؟» يعني: أيّ شيء قال لك زيد؟

ب- (والحرفيّة: ترد) علي خمسة أنواع:

الأول: (مشبّهة ب «ليس») مِن حيث المعني والعمل، فتنفي كما أن «ليس» ينفي، وترفع الاسم وتنصب الخبر كما أن «ليس» يرفع الاسم وينصب الخبر، نحو: «ما زيدٌ قائماً» أي: ليس زيد قائماً.

(و) الثاني: (مصدرية زمانية) أي: تُؤَوَّل هي ومعمولها إلي مصدر

وغير زمانية، وصلة وكافّة.

معمولها، وتدلّ علي الزمان، كقوله تعالي: «ما دُمْتُ حيّاً» () أي: مدة زمان دَوامي حياً.

(و) الثالث: مصدرية (غير زمانية) أي: لا تدل علي الزمان ولكنها تُؤَوَّل هي ومعمولها

إلي مصدر معمولها، كقوله تعالي: «حتّي إذا ضاقَتْ عليهم الأرضُ بما رَحُبَت» () أي: بِرَحْبِها، فأُوِّلت «رَحُبَت» إلي المصدر، وهو «الرَّحْب» لأجل «ما» وليس فيها معني الزمان.

(و) الرابع: (صلة) وهي زائدة يؤتي بها لِيوصل بها إلي وزن الشعر أو حسن السجع أو تزيين اللفظ كما قيل ولذا يقال لها: «صلة» نحو قوله تعالي: «فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لهم» (). أي: بِرحمةٍ و «ما» زائدة.

(و) الخامس: (كافّة) أي: تكف العامل عن العمل، فمثلاً تدخل بعد كاف الجر، فلا تجُرّ الكاف، نحو قول الشاعر:

«أخ ماجد لم يخزني يوم مشهدٍ

كما سيفُ عمرو لم تخنه مضاربه»

أي: كسيف عمرو، فكان «سيف» مجروراً بالكاف، فلمّا دخلت «ما» بعد الكاف لم تعمل «الكاف» في «السيف» وصار «السيف» مرفوعاً.

هل: حرف إستفهام، وتفترق عن الهمزة: بطلب التصديق وحده، وعدم الدخول علي العاطف،

[المفردة الرابعة والعشرون]

24- (هل: حرف إستفهام) تقول: «هل قام زيد؟» للاستفهام عن قيام زيد.

(وتفترق) أي: تختلف «هل» (عن الهمزة) التي للاستفهام بخمسة أمور:

الأول: (يطلب التصديق وحده) يعني: أن «هل» تأتي لطلب التصديق فقط، ولا تأتي لطلب التصور، تقول «هل قام زيد؟» ولا تقول: «هل زيد قام أم عمرو» لأن الأول للتصديق، والثاني للتصور، بخلاف الهمزة فانها تأتي لِطلب التصديق ولطلب التصوّر، وقد سبق في أول الحديقة الخامسة معني التصديق والتصور.

(و) الثاني: (عدم الدخول علي العاطف) يعني: إذا كان مع هل حرف عطف فلا يتقدم «هل» علي حرف العطف، بل يتقدم حرف العطف علي هل، كقوله تعالي: «فَهَلْ يُهْلَكُ إلاّ القومُ الفاسِقُونَ» () ف «الفاء» حرف عطف إجتمع مع «هل» وتأخّر «هل» عن العاطف بخلاف الهمزة، فانها إن اجتمعت مع حرف العطف تتقدّم علي حرف العطف، كقوله تعالي: «أفَلَمْ يَسيروا في الأرض فَيَنظُرُوا» ()

فالهمزة إستفهامية والفاء حرف عطف، تقدمت الهمزة علي الفاء.

والشرط، وإسمٍ بعده فعل، والاختصاص بالإيجاب، فلا يقال: «هل لم يَقُم زيدٌ؟» بخلاف الهمزة، نحو: «ألَمْ نَشْرَح لك صَدْرَكَ» ().

(و) الثالث: عدم دخول «هل» علي (الشرط) يعني: إذا اجتمعت «هل» مع أداة الشرط فلا يتقدّم «هل» علي أداة الشرط بل أداة الشرط هي التي تتقدّم علي «هل»، نحو: «إنْ جاء زيد هل تُكرمني؟» بخلاف الهمزة فانها إن اجتمعت مع أداة الشرط تتقدم هي علي أداة الشرط، نحو قوله تعالي: «أفإنْ مِتَّ فهم الخالدونَ» (). فالهمزة للإستفهام و «إنْ» أداة الشرط، تقدمت الهمزة علي «إن».

(و) الرابع: عدم دخول «هل» علي (إسمٍ بعده فعل) فلا يقال: «هل زيدٌ ضربتَه» برفع زيد بل يجب نصب زيد، بناءاً علي أنّ قبله فعل مقدّر نَصَب ذلك الفعل «زيداً»، حتّي تكون «هل» في الحقيقة داخلة علي ذلك الفعل المقدّر لا علي الاسم، بخلاف الهمزة فانها تدخل علي الاسم الذي بعده فعل، تقول: «أزيدٌ ضربتَه؟» برفع زيد، ف «زيد» مبتدأ، وجملة «ضربته» خبره.

(و) الخامس: (الاختصاص بالايجاب) يعني: أن هل تختص بالدخول علي كلام موجَب، ولا تدخل علي النفي (فلا يقال: هل لَمْ يقُم زيدٌ؟» بخلاف الهمزة) فانها تدخل علي النفي كما تدخل علي الايجاب (نحو) قوله سبحانه: («ألم نَشْرَحْ لك صَدْرَك».

اللهمّ اشرح صدورنا بأنوار المعارف، ونوّر قلوبنا بحقائق اللطائف، واجعل ما أوردناه في هذه الورقات خالصاً لِوجهك الكريم، وتقبّله منّا، إنّك أنت السميع العليم، فانّا نتوسّل إليك بحبيبك محمّد سيّد المرسلين وآله الأئمّة المعصومين، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، والحمد لله ربّ العالمين.

اللهمّ اشرح صدورنا بأنوار المعارف، ونوّر قلوبنا بحقائق اللطائف، واجعل ما أوردناه في هذه الورقات) جمع ورقة (خالصاً لوجهك الكريم، وتقبّله منّا،

إنّك أنت السميع العليم، فإنّا نتوسّل إليك بحبيبك محمّد سيّد المرسلين وآله الأئمّة المعصومين، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) هذا كان آخر ما أورده المصنف + في هذا الكتاب.

سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون، وسلام علي المرسلين، (والحمد لله ربّ العالمين). تمّ كتاب «شرح الصمدية» في يوم السبت العشرين من شهر شوال سنة ألف وثلاثمائة وإثنين وثمانين = بنشغ» في جوار سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي عليهما الصلاة والسلام بكربلاء المقدسة.

* * *

پي نوشتها

() راجع كتاب (الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية) للعالم الشيعي السيد عليخان (رحمه الله) ص5، وكتاب (السيوطي) في شرِح الفية ابن مالك في النحو للعالم السني جلال الدين السيوطي ص5 وكتاب (الامام علي صوت العدالة الإنسانية) للكاب المسيحي جورج جرداق الجزء الأول ص103. (الشارح).

() قال السيد عليخان (قدّس سرّه): مراده بالأخ الأخ الجسماني، لا الأخ الديني فحسب. (الشارح).

() أي: مع كسبه

() السويق: الناعم من دقيق الحنطة أو الشعير. والملتوت بمعني المخلوط. والمعني: أكثر شربي الدقيق المخلوط بشيء من الماء أو السمن.

() النحل 16: 58.

() الروم 30: 17.

() مريم 19: 20.

() هود 11: 107 و 108.

() الحج: 22: 63.

() النساء 4: 137.

() النازعات 79: 26.

() العنكبوت: 29: 51.

() مريم 19: 30.

() إبراهيم 14: 10.

() ص 38: 3.

() البقرة 2: 71.

() الإسراء 17: 8.

() محمدّ 47: 4.

() الرحمان 55: 10.

() الأعراف 7: 63.

() البقرة 2: 135.

() مريم 19: 4.

() مريم 19: 4.

() الأنفال 8: 26.

() التفسير الكبير 1: 205.

() المائدة 5: 83.

() النساء: 4: 66.

(). يوسف 12: 29.

() الحاقّة 69: 7.

() النساء 4: 11.

() التوحيد 112: 1.

() طه 20: 63.

() العنكبوت 29: 51.

() البقرة 2: 184.

() ص 38: 26.

() الأحزاب: 33: 37.

()

البقرة 2: 96.

() المرسلات 77: 38.

() الرعد 13: 23.

() الأنعام 6: 148.

() الفاتحة 1: 6 و7.

() البقرة 2: 217.

() إنما أضيف كلمة «حاصل أو خطأ» إلي هذا المثال والأمثلة الآتية، لان المصدر مع معمولاته جميعاً يكون بمنزلة كلمة واحدة، لاضافة المصدر إلي معموله، والمضاف مع المضاف إليه أيضاً كلمة واحدة، فيكون المصدر مع معمولاته جميعاً مبتدأ، و «حاصل أو خطأ» يكون خبراً له.

() البقرة 2: 251.

() الكهف: 18، 18.

() المزمّل 73: 20.

() الأنفال: 8، 33.

() لقمان: 31، 13.

() الصّافات 37: 69.

() التغابن 64: 7.

() المعارج 70: 6 و7.

() الكهف 18: 12.

() البقرة 2: 184.

() التوبة 9: 6.

() الحاقّة: 69: 1-2.

() الأعراف 7: 26.

() الإخلاص 112: 1.

() الصف 61: 5.

() يوسف 12: 65.

() مريم 19: 30.

() الكهف 18: 12.

() مريم 19: 33.

() الأنفال 8: 26.

() الأعراف 7: 186.

() الروم 30: 36.

() البقرة 2: 281.

() المُلك 67: 19.

() فصّلت 41: 43..

() يونس 10: 65.

() ص 38: 84.

() الواقعة: 56: 76.

() آل عمران 3: 53.

() يس 36: 1-3.

() فاتحة الكتاب 1: 7.

() إبراهيم 14: 10.

() البقرة 2: 6.

() المزمّل 73: 20.

() يوسف 12: 96.

() الملك 67: 20.

() يس 36: 32.

() الأنفال 8: 58.

() طه 20: 63.

() الانشقاق 84: 1.

() التّوبة 9: 6.

() البقرة 2: 6.

() الرّعد 13: 16.

() الضّحي 93: 9 و10.

() الإنسان 76: 3.

() التوبة 9: 106.

() الإسراء: 17: 110.

() هود 11: 45.

() الحجّ 22: 63.

() البقرة 2: 60.

() السجدة 32: 12.

() الشعراء 26: 102.

() النمل 27: 46.

() المنافقون 63: 10.

() الطارق 86: 4.

() المائدة 5: 67.

() الأنبياء 21: 98.

() التوبة 9: 7.

() البقرة 2: 197.

() مريم 19: 31.

() التوبة 9: 118.

() آل عمران 3: 159.

() الاحقاف

46: 35.

() يوسف 12: 109.

() الانشراح 94: 1.

() الأنبياء 21: 34.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.