فاطمة الزهراء عليها السلام في القرآن

اشارة

فاطمة الزهراء عليها السلام في القرآن

المؤلف: السيد صادق الحسيني الشيرازي

عدد الصفحات: 361

القسم: كتب سيرة وفضائل المعصومين (ع) | 2011/12/08

المشاهدات: 2004 |: 1646

نوع الملف: pdf مصور

عدد التعليقات: 5

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام علي خير خلقه أجمعين محمد المصطفي صلي الله عليه و اله، وعلي ابنته الطاهرة، الأنسيّة الحوراء، فاطمة الزهراء، سيّدة نساء العالمين، زوج الوصيّ الكرّار، وأمّ الأئمّة الأطهار، المدعوّين في الكتاب العزيز ب: أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرِّجس وطهّرهم تطهيراً.

وبعد:

فهذه آيات بيّنات من القرآن الكريم وردت بحقّ سيّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام تنزيلاً، أو تفسيراً، أو تأويلاً، أو تطبيقاً، جمعتُها من كتب غير الشيعة، ولم أذكر ما تفرّد بذكره علماء الشيعة، ليكون أقوي حُجّةً، وأظهر دليلاً، وكلُّ نيّتي في ذلك: التقرُّب إلي رسول الله، و إلي أهل بيته عليهم السلام سيّما شفيعة المحشر فاطمة الزهراء عليها السلام، علّني أفوزُ بذلك، يوم لا ينفع فيه مال و لا بنون، و أكون ممّن ينطبق عليه الحديث الشريف، المتواتر نقله عن الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله:

(مثلُ أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا).

و ليكون هدايةً و نبراساً لمن أراد الحقَّ و لم يجدهُ، أو بحث عنه و لم يصل إليه، فأكونُ أيضاً مشمولاً للحديث الشّريف المروي عن النبي الأكرم صلي الله عليه و اله:

(يا علي لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك ممّا طلعت عليه الشمس).

وكلُّ ما أقوله هو أني وفّقتُ، لجمع بعض ما ورد في القرآن الحكيم عن مصادر القوم في سيّدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام.

و لعلّ هناك الآيات الكثيرة الأُخر الواردة في ذلك أيضاً، لم أُسجلها.

و لعلّ من يوفقه الله تعالي لجمع ذلك في المستقبل

فيضيفها إلي كتابي هذا، تكلمةً له، وإتماماً إياه.

والله هو وليُّ الهداية والتوفيق.

17شهر رجب المرجب/ 1408 هجرية

صادق الحسيني الشيرازي

قم المشرّفة مؤمن آباد

ملاحظات

1 جمعت في هذا الكتاب الآيات الكريمة الواردة في شأن سيّدة نساء العالمين من الأولين إلي الآخرين فاطمة الزهراء عليها السلام بالخصوص لها، أو بالعموم الشامل لها ولأبيها ولبعلها وبنيها ».

2 ذكرتُ في هذا الكتاب آيات كريمة قد فُسّرت في الأحاديث الشريفة ب(أهل البيت) أو أنّها نزلت في حقّهم، ونطقت بمدحهم و ثنائهم، أو أُوّلت بهم … و ذلك بما تواتر نقله في عامة المصادر لكلّ مذاهب المسلمين، من التفاسير، و كتب الحديث، و التواريخ، عن رسول الله صلي الله عليه و اله: من أنَّ فاطمة الزهراء عليها السلام هي من أهل البيت، بل هي و أبوها و بعلها سادة أهل البيت من الأئمة الأطهار عليهم السلام، بل ورد في مستفيض الأحاديث الشريفة أو متواترها أنّ مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام كانت أحبّ أهل البيت إلي رسول الله الله صلي الله عليه و اله.

كما عن صحيح الترمذي: أنّ رسول الله الله صلي الله عليه و اله سُئِل:

أيُّ أهلك أحبُّ إليك؟

قال صلي الله عليه و اله: (فاطمة بنت محمد).

3 حذفتُ الإسناد من الأحاديث الشريفة دوماً للاختصار، حيث إنّ مقصودي في هذا الكتاب، هو الإشارة إلي كثرة الآيات الواردة بحقِّ أهل البيت وفاطمة الزهراء عليها السلام ولكن ذكرت المصادر في نهاية الصفحات ليرجع إليها من أراد تفصيل الاسناد.

4 تركتُ التفصيل والاستيعاب، فكثيراً ما وردت أحاديث عديدة في تفسير آية من الآيات، ولكنّي توخّياً للاختصار، ورعايةً للإيجاز وإشارةً إلي سعة هذا الباب، وبعد هذا الجانب، لم أذكر غالباً إلاّ بعضاً منها.

عسي الله أنْ يهيّئ من يقوم بذلك

إنشاء الله.

سورة الفاتحة

«وفيها آيتان»

«اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ».

«صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ».

«اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ».

روي الحافظ الكبير، الحاكم الحسكاني الحذّاء (الحنفي) النيسابوري، من أعلام القرن الخامس الهجري، في كتابه (شواهد التنزيل، لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في أهل البيت):

قال: أخبرنا الحاكم الوالد أبو محمد عبد الله بن أحمد (بإسناده المذكور) عن أبي بريدة في قول الله: «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ».

قال: صراط محمد وآله.

وروي هو أيضاً قال: أخبرنا عقيل بن الحسين القسوي (باسناده المذكور) عن سفيان الثوري، عن أسباط ومجاهد، عن ابن عبّاس في قول الله تعالي: «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ».

قال: يقول: قولوا معاشر العباد اهدنا إلي حبِّ النبيّ صلي الله عليه و اله وأهل بيته ».

(أقول): آل محمد صلي الله عليه و اله وأهل بيته محورهم الصّديقة الكبري فاطمة الزهراء، ولولاها لم يكن لعليّ زوج تليق بإنجاب الأئمّة الأطهار »، وقد ورد في حديث الكساء الشريف: (هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها) فهي المحور حتّي في الحديث القدسي.

«صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ».

أخرج علاّمة الشافعيّة أبو بكر الحضرمي في كتابه (رشفة الصّادي) قال: «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ• صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ».

قال أبو العالية: هم آل رسول الله صلي الله عليه و اله.

(أقول): بما أنَّ سيّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام من «آل رسول الله صلي الله عليه و اله كما سيأتي مكرراً منّا التنبيه علي ذلك، مشفوعاً بحشد من الأدلّة المتكاثرة صحّ عدّ هذه الآية الكريمة فيما نزل في شأنها عليها السلام من القرآن الحكيم.

سورة البقرة

«وفيها إحدي عشرة آية»

«وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ … ».

«فَتَلَقَّي آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ ».

«وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ».

«وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ ».

«وَإِذِ ابْتَلي إبراهيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ ».

«وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ».

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا

فِي السِّلْمِ كَافَّةً ».

«تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلي بَعْضٍ ».

«فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقي ».

«يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ … ».

«آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إليه مِنْ رَبِّهِ ».

«وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أن لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ ».

أخرج علاّمة (الحنفيّة) الحافظ عبيد الله، المعروف بالحاكم الحسكاني (بسنده المذكور) عن ابن عبّاس قال:

ممّا نزل من القرآن خاصّةً في رسول الله وعليٍّ وأهل بيته من سورة البقرة: «وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا » الآية.

(أقول): حيث إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام هي من أهل البيت، بإجماع المسلمين قاطبةً، كانت الآية الكريمة منطبقةً عليها، والاختصاص هنا معناه أكمل الأفراد، أو أوّل الأفراد، ولا ينافي ذلك عموم الآية لسائر المؤمنين.

«فَتَلَقَّي آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ».

روي العلاّمة الحافظ ابن المغازلي (الشافعي) في مناقبه بإسناده المذكور عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عبّاس سأل النبي صلي الله عليه و اله عن الكمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه؟

قال صلي الله عليه و اله:

سأله بحقِّ محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلاّ ما تُبت عليَّ «فَتابَ عَلَيْهِ ».

وأخرج نحواً منه علاّمة الشوافع السّيوطي في تفسيره وآخرون أيضاً …

«وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ».

روي الحافظ الحنفي سليمان القندوزي، بسنده عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في تفسير هذه الآية: «وَلكِنْ كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ».

قال: فالله جلّ شأنُه، وعظُم سلطانُه، ودام كبريائه، أعزّ وأرفع وأقدس من أن يُعرض له ظلم، ولكن أدخل ذاته الأقدس فينا أهل البيت، فجعل ظلمنا ظلمه فقال: «وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانوا أَنْفُسَهُمْ

يَظْلِمُونَ ».

(أقول): المفهوم من هذا الحديث الشريف: إنّ من ظلموا فاطمة الزهراء عليها السلام فكأنّهم ظلموا الله (سبحانه وتعالي علوّاً كبيرا).

«وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ».

روي (الفقيه الشافعي) جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (السّيوطي) في تفسيره، عند قوله تعالي: «وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدا،ً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً، وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ ».

قال: وأخرج ابن أبي شيبة عن عليّ قال:

«إنّما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح، وك: باب حِطّة».

نقل قريباً من ذلك الطبري في المسترشد ضمن خطبة لعليّ عليه السلام.

ونقله أيضاً النعماني، عن الموافق والمخالف.

(أقول): في هذا الحديث الشريف «مثلنا» يعني: أهل البيت الشامل لسيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام بإجماع عامّة مذاهب المسلمين.

«وَإِذِ ابْتَلي إبراهيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ».

روي الحافظ القندوزي (الحنفي) بإسناده عن المفضّل، قال: سألتُ جعفر الصادق عليه السلام عن قوله عزّ وجلّ:

«وَإِذِ ابْتَلي إبراهيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ » الآية.

قال: هي الكلمات التّي تلّقاها آدم من ربِّه فتاب عليه.

وهو أنّه قال: (يا ربِّ أسألك بحقّ محمد، وعليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين ألاّ تبت عليَّ)

«فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ».

فقلت له: يا بن رسول الله فما يعني بقوله:

«فَأَتَمَّهُنَّ »؟

قال:

يعني: أتمّهُنَّ إلي القائم المهدي اثني عشر إماماً تسعة من الحسين.

(أقول): معني هذا الحديث الشريف والعشرات من أمثاله المرويّة في كثير من المصادر:

أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام كانت إحدي الكلمات التّي عناها القرآن الحكيم في هذه الآية المباركة، وأوجبت اختبار الله تعالي بهنَّ نبيّه العظيم إبراهيم الخليل عليه السلام.

«وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَي النَّاسِ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا محمد بن

عبد الله بن أحمد الصّوفي (بإسناده المذكور) عن سليم بن قيس، عن عليّ (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) قال:

إنّ الله ايّانا عني بقوله تعالي:

«لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَي النَّاسِ » فرسول الله شاهد علينا، ونحن شهداء علي الناس، وحجّته في أرضه، ونحن الّذين قال الله جلّ اسمه: «وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ».

(أقول): قوله: (إيّانا) يعني: نحن أهل البيت كما يدلُّ عليه نظائر كثيرة له في مختلف الكتب، وكتب الأحاديث ومنهم سيّدتنا ومولاتنا الصّديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام.

(ولا يخفي) أنّ تقديم «لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَي النَّاسِ » مع كونه متأخراً ذكره في القرآن، لعلّه من بعض الرواة، أو الكتاب الناقل عنهم.

ويمكن أن يكون ذلك في أصل الحديث، فالجهات البلاغيّة الموجبة لتأخير وتقديم الذكر، وتشويش اللفّ والنشر، وترتيبهُ كثيرة، وفي الأحاديث نظائر له غير عزيزة، يعرفها المتتبّع للموسوعات الحديثيّة.

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ».

روي الأصفهاني (يعني: أبا الفرج) الأموي في معني الآية من عدّة طرق إلي عليّ أنّه قال:

(ولايتنا أهل البيت).

(أقول): ضمير (نا) راجع إلي أهل البيت الّذين ثبت بالأدلّة الأربعة وجوب ولايتهم وأنّ بها تُقبل الأعمال وتُزّكي الأفعال، وسيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، فتكون هذه الآية ممّا نزل بشأنها وبشأن بقيّة أهلها أهل البيت » .

إذن: فالسِلْم الذي أمر الله تعالي الناس بالدخول فيه هو الاعتراف بولاية عليٍّ والزهراء وأولادهما الأحد عشر الأئمة الأطهار ».

ولعلّ تفسير (السلم) بهم لكونهم السبب الوحيد للسلامة والأمن في الدنيا والآخرة.

«تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلي بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَي ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ

آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ».

روي العلاّمة البحراني، عن ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة بإسناده المذكور عن الأصبغ بن نباتة، قال: جاء رجل إلي عليٍّ فقال: يا أمير المؤمنين، هؤلاء القوم الّذين نقاتلهم، الدعوة واحدة، والرسول واحد، والصلاة واحدة، والحجّ واحد، فمإذا نسمّيهم؟

فقال:

سمّهم بما سمّاهم الله في كتابه.

قال: وما كلُّ ما في الكتاب أعلمه.

قال:

أما سمعت الله تعالي يقول: «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلي بَعْضٍ، مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَه الله » إلي قوله «وَلَوْ شاءَ الله،ُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ، وَلكِنِ اخْتَلَفُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ ».

فلّما وقع الاختلاف، كنّا نحن أولي بالله، وبالكتاب، وبالنبيّ صلي الله عليه و اله وبالحق، فنحن الّذين آمنوا، وهم الّذين كفروا، وشاء الله قتالهم، فقاتلهم بمشيئة الله وإرادته.

(أقول): إنّما ذكرنا هذه الآية، وهذا الحديث في هذا الكتاب (فاطمة الزهراء عليها السلام في القرآن) لأنّ ظاهر قوله عليه السلام (كنّا نحن … ) أنّهم بما هم أهل بيت الرسول، وعترة النبي صلي الله عليه و اله الشاملة لبقيّة، أهل البيت وفي طليعتهم فاطمة الزهراء عليها السلام.

فنفس الحكم جار في غضب الزهراء عليها السلام وسخطها، وهي الحرب الباردة، لأنّ القتال موضوع عن النساء علي من غصبها حقّها، وابتزّها فدكاً، وأحرق عليها دارها، وكسر ضلعها عصراً بين الباب والحائط، وأسقط جنينها مُحسناً.

فالزهراء عليها السلام ومن والاها، هم الّذين آمنوا، ومن غصبها حقّها، وأسقط مُحسنها، وكسر ضلعها، ممّا أدّي إلي وفاتها، وهي في مُقتبل عمرها، وشهادتها وهي في ريعان شبابها، هم الّذين كفروا.

«فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقي لاَ انْفِصامَ لَها وَاللهُ سَمِيعٌ

عَلِيمٌ ».

روي العلاّمة البحراني، عن أبي الحسن الفقيه محمد بن عليّ بن شاذان، في المناقب المائة من طريق العامّة بحذف الإسناد عن ابن عبّاس قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول في حديث :

(معاشر الناس اعلموا أنّ لله تعالي باباً من دخله أمن من النّار ومن الفزع الأكبر) فقام إليه أبو سعيد الخدري فقال: يا رسول الله صلي الله عليه و اله اهدنا لهذا الباب حتّي نعرفه.

قال صلي الله عليه و اله:

(هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام سيّد الوصيين، وأمير المؤمنين، وأخو رسول ربّ العالمين، وخليفة الله علي النّاس أجمعين، معاشر الناس من أحبّ أن يتمسّك بالعروة الوثقي الّتي لا انفصام لها فليتمسّك بولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فإن ولايته ولايتي، وطاعته طاعتي. (معاشر الناس) من أحبّ أن يعرف الحجّة بعدي فليعرف عليّ بن أبي طالب عليه السلام (معاشر الناس) من سرّه إن يقتدي بي، فعليه أن يتوالي ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من ذرّيتي، فإنّهم خزّان علمي) الحديث.

(أقول): وحيث إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام أحبّ أهل بيت النبيّ وذرّيته إلي النبيّ صلي الله عليه و اله، وهي أمّ الأئمِّة من ذريته، فيكون ولاؤها كولايتهم، ولاءً للرسول الأعظم، وتمسُّكاً بالعروة الوثقي، وتكون الآية ممّا أشار إلي فضلها ونزل في حقّها عليها السلام.

«يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ».

روي الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) قال: وفي مُسند أحمد (إمام الحنابلة) بسنده عن حميد بن عبد الله، قال: إنّه ذكر عند النبي صلي الله عليه و اله قضاء قضي به عليّ بن أبي طالب، فأعجب وقال صلي الله عليه و اله:

(الحمدلله الذي جعل الحكمة

فينا أهل البيت).

(أقول): حيث أنّ الحديث الشريف ذكر (أهل البيت) فهو مطلق، يشمل فاطمة الزهراء عليها السلام ولا ينافي ذلك تطبيق النبي صلي الله عليه و اله ذلك علي أمير المؤمنين عليه السلام، لانطباقها علي جميع أهل البيت جماعةً، ووحداناً.

«آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إليه مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ».

أخرج العالم الشافعي محمد بن إبراهيم (الحمويني) بأسانيده المذكورة المتعدّدة، عن أبي سلمي داعي رسول الله صلي الله عليه و اله قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول:

ليلة أُسري بي إلي السماء قال لي الجليل جلّ جلالُه: «آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إليه مِنْ رَبِّهِ ».

قلت: «وَالْمُؤْمِنُونَ ».

قال: صدقت يا محمد.

قال: من خلفتَ في أمّتك؟

قلت: خيرَها.

قال: عليّ بن أبي طالب.

قلت: نعم يا ربّ.

قال: يا محمد إنّي اطّلعت إلي الأرض اطلاعة فاخترتك منها، وشققت لك اسماً من أسمائي، فلا أُذكر في موضع إلاّ ذُكرت معي، فأنا المحمود، وأنت محمّد (ثم) اطّلعت الثانية فاخترت منها عليّاً، وشققت له اسماً من أسمائي، وأنا الأعلي وهو عليّ.

يا محمد: إنّي خلقتك وخلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده، من شبح نوري، وعرضت ولايتكم علي أهل السماوات وأهل الأرض، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمد: لو أن عبداً من عبيدي عبدني حتّي يتقطّع أو يصير كالشنّ البالي، ثم أتاني جاحداً لولايتكم ما غفرت له حتّي يقرَّ بولايتكم.

يا محمد: أتحبّ أنْ تراهم؟

قلت: نعم.

فقال لي: التفت عن يمين العرش.

فالتفتّ، فإذا بعليّ وفاطمة والحسن والحسين وعليّ بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسي بن جعفر، وعليّ

بن موسي، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والمهدي في ضحضاح من نور قياماً يصلّون وهو في وسطهم يعني المهدي كأنّه كوكب درّي.

قال: يا محمد هؤلاء الحجج وهو الثائر من عترتك، وعزّتي وجلالي إنّه الحجّة الواجبة لأوليائي، والمنتقم من أعدائي.

وأخرجه بتفاوت يسير في بعض الألفاظ عديد من الأعلام:

(مثل) الإمام أخطب خطباء خوارزم موفّق بن أحمد (الحنفي) في كتاب المقتل.

والحافظ الحنفي سليمان القندوزي في ينابيعه وغيرهما.

(أقول): صريح هذا الحديث الشريف: أنّ علياً وفاطمة والأئمّة من ولدهما » هم في رأس القائمة التي أُنزلت علي الرسول صلي الله عليه و اله وآمن بما أُنزل من ربّه.

فالآية الكريمة شاملة لربيبة الوحي والرسالة، فاطمة الزهراء عليها السلام.

سورة آل عمران

«وفيها ثمان آيات»

«وَما يَعْلَمُ تأويلهُ إلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ».

«إِنَّ اللهَ اصْطَفي آدَمَ وَنُوحاً ».

«ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ».

«إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ».

«فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ».

«وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ».

«وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ».

«لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ».

«وَما يَعْلَمُ تأويلهُ إلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إلا أولوا الأَلْبابِ ».

روي الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) عن عليّ بن أبي طالب أنّه قال في خطبة خطبها:

(أين الّذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا كذباً وبغياً علينا، أنْ رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطي الهدي، وبنا يستجلي العمي).

وروي الحافظ القندوزي أيضاً قال: عن جعفر الصادق عليه السلام أنّه قرأ: «وَما يَعْلَمُ تأويلهُ إلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ».

ثم قال:

ونحن الراسخون في العلم.

(أقول): المُمارس لموسوعات الأحاديث الشريفة يعرف بكلِّ وضوح أنّ المراد بهذه

الضمائر المنفصلة (نحن إنّا): أهل البيت عامةً لا خصوص الأئمة الإثني عشر منهم، فالآية الكريمة تامة الدلالة علي نزولها في شأن فاطمة الزهراء عليها السلام ضمن أهل البيت عليهم السلام.

«إِنَّ اللهَ اصْطَفي آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَي الْعالَمِينَ ».

روي العلاّمة البحراني، عن (الثعلبي) أبي إسحاق، أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري، في تفسيره (بإسناده المذكور) عن أبي وائل في تفسير هذه الآية قال:

قرأتُ في مصحف عبد الله بن مسعود: «إِنَّ اللّهَ اصْطَفَي آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَي الْعَالَمِينَ ».

(أقول): ليس معني ثبوت (آل محمد) في مصحف عبد الله بن مسعود كونه من القرآن وقد اسقط عنه، لا، لا، كيف والقرآن لم، ولا، ولن تنله يد التحريف، والتغيير، والزيادة، والنقصان..

ولكن: حيث كان النبي صلي الله عليه و اله إذا نزل عليه الوحي بالقرآن قرأه لأصحابه، ثم ذكر تنزيله وتفسيره، وتأويله، وكان الأصحاب يثبتون القرآن والتنزيل، والتفسير، والتأويل شيئاً بعد شيء (لذا) فإنّ زيادة (آل محمد) إنّما هي من التنزيل أو التفسير، أو التأويل، لا من أصل القرآن.

والشواهد علي ذلك كثيرة، تُطلب من مظانِّها.

و(آل محمد) شامل لشفيعة الأمّة فاطمة الزهراء عليها السلام بلا إشكال.

فالآية الكريمة تعدُّ فيما نزل بشأنها من القرآن الحكيم.

«ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ».

أخرج أبو عبد الله محمد بن الحسن بن محمد بن عليّ بن إبراهيم الكاتب (عن) أبي القاسم يحيي بن سعد بن يحيي بن بوش (عن) أبي سهل، محمد بن إبراهيم بن محمد بن سعدويه (عن) أبي عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار (عن) أبي القاسم جعفر بن عبد الله بن يعقوب بن فناكي (عن) أبي بكر محمد بن هارون الروياني (عن) يحيي بن

محمد البصري (عن) عبد الرحمن بن حماد بن شعيب البصري (عن) أبي عبد الرحمن المدن (عن) محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، (عن) أبيه زين العابدين، قال في حديث: إنّ النبي صلي الله عليه و اله أهدي إلي ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام خادمةً وأوصاها بها..

إلي أن قال :

فقالت فاطمة: يا رسول الله، عليّ يوم وعليها يوم.

ففاضت عينا رسول الله صلي الله عليه و اله بالبكاء، وقال:

(الله أعلم حيث يجعل رسالته).

«ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ».

(أقول): نقلنا ذلك من كتاب مطبوع يضمُّ ثلاث رسائل، إحداها بعنوان: (تزويج فاطمة بنت الرسول للإمام الباقر) وأصلها نسخة خطيّة في المكتبة الظاهرية بدمشق رقمه (129 تصوّف)، ويضمُّ ست عشرة رسالةً خطيّةً ولا يُعرف تاريخ نسخها، لكنّ خطّه يدلُّ كما في المطبوع علي أنّه كُتب في القرن السادس الهجري (وإنّما) ذكرنا نحن السند علي غير عادتنا لندرة الكتاب.

«إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ».

روي العلاّمة السّيوطي، عن أبي يعلي، عن جابر في تفسير هذه الآية قال:

إنّ رسول الله صلي الله عليه و اله أقام أيّاماً لم يطعم طعاماً حتّي شقّ ذلك عليه، فطاف في منازل أزواجه، فلم يجد عند واحدة منهنّ شيئاً، فأتي فاطمة، فقال: يا بنيه، هل عندك شيء آكله فإنّي جائع.

فقالت: لا والله.

فلّما خرج من عندها، بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم، فأخذته منها فوضعته في جفنة لها وقالت: والله لأوثّرنّ بهذا رسول الله صلي الله عليه و اله علي نفسي ومن عندي، وكانوا جميعاً محتاجين إلي شبعة طعام.

فبعثت حسناً أو حسيناً إلي رسول الله صلي الله عليه و اله فرجع إليها.

فقالت له: بأبي أنت وأمي، قد أتي الله تعالي

بشيء قد خبّأته لك.

قال: هلُمّي يا بنيه بالجفنة.

فكشف عن الجفنة فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً، فلمّا نظرت إليها بهتت وعرفت أنّها بركة من الله تعالي، فحمدت الله تعالي وقدّمته إلي النبي صلي الله عليه و اله.

قال: من أين لك هذا يا بنيه؟

قالت: يا أبتا (يا أبة) هو من عند الله، «إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ».

فحمد الله سبحانه ثم قال: الحمد لله الذي جعلك شبيه سيّدة نساء بني إسرائيل، فإنّها كانت، إذا رزقها الله تعالي رزقاً، فسئلت عنه قالت: هو من عند الله، إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب.

«فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَي الْكاذِبِين ».

روي العلاّمة البحراني، قال: من صحيح مسلم، من الجزء الرابع في ثالث كرّاس من أوّله، في باب فضائل عليّ بن أبي طالب (بإسناده المذكور) عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أنْ تسبَّ علياً أبا تراب؟

قال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ رسول الله صلي الله عليه و اله فلن أسبّه ولأن تكون لي واحدة هنّ أحبُّ إليّ من حُمر النّعم، سمعت رسول الله يقول وقد خلّفه في بعض مغازيه فقال عليّ: خلّفتني مع النساء والصبيان؟

فقال له رسول الله صلي الله عليه و اله:

أما ترضي أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسي إلاّ أنّه لا نبي بعدي (وسمعته) يقول يوم خيبر: لأُعطيّن الرايةَ غداً رجلاً يحبُّ اللهَ ورسولَه ويحبّه اللهُ ورسولُه (قال) فتطاولنا إليها فقال صلي الله عليه و اله: ادعوا لي علياً فأتي به أرمد، فبصق في

عينيه فبرئ ودفع إليه الراية، ففتح الله علي يديه.

ولمّا نزلت هذه الآية: «قُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ » دعا رسول الله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، وقال صلي الله عليه و اله:

اللّهُم هؤلاء أهل بيتي.

وفي تفسير (الجلالين) في تفسيره هذه الآية قال:

وقد دعا (يعني: رسول الله) وفد نجران لذلك لمّا حاجّوه فيه فقالوا: حتّي ننظر في أمرنا ثم نأتيك.

ثم قال ذو رأيهم: لقد عرفتم نبوّته وأنّه ما باهل قوم نبيّاً إلاّ هلكوا، فودّعوا الرجل وانصرفوا.

(فأتوه) وقد خرج صلي الله عليه و اله ومعه الحسن والحسين فاطمة وعليّ، وقال لهم:

إذا دعوتُ فأمّنوا.

فأبوا (يعني: النصاري) أنْ يلاعنوا وصالحوه علي الجزية، رواه ابن نعيم.

وأخرج ذلك بمضامين مختلفة في الألفاظ والإسناد والرواة، والتفصيل والإجمال، لكنّها متّفقة في المعني، والمغزي، والقصّة جمهرة كبيرة، ننوّه إليهم وإلي مواقع ذكرها من كتبهم روماً للاختصار، وفتحاً للطريق لمطالبها، وتسهيلاً للأمر علي مريدها.

(فمنهم) مسلم في (صحيحه).

(ومنهم) البيضاوي (في تفسيره).

(ومنهم) الفخر الرازي (في تفسيره).

(ومنهم) الآلوسي (في تفسيره).

(ومنهم) الترمذي (في صحيحه).

(ومنهم) البيهقي (في سننه).

(ومنهم) إمام الحنابلة أحمد بن حنبل (في مسنده).

(ومنهم) البغوي (في مصابيحه).

(ومنهم) العلاّمة الذهبي (في سيره).

(ومنهم) الزمخشري (في كشّافه).

وآخرون غيرهم كثيرون.

(أقول): المقصود من كلمة: (نساءنا) في هذه الآية المباركة سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام فحسب، فتكون هذه الآية الشريفة ممّا نزلت في شأنها وفضلها.

«وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو جعفر (بإسناده المذكور) عن جابر بن عبد الله (الأنصاري) قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله:

إنّ الله جعل عليّاً وزوجته وأبناءه حجج الله علي خلقه، وهم أبواب العلم في أمّتي، من اهتدي بهم «هُدِيَ إلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ».

وأخرج

هذا المعني بعبارة أخري الحافظ سليمان (القندوزي) الحنفي في ينابيع المودّة أيضاً إلاّ أنّه قال: (من اقتدي بهم) والمعني واحد.

(أقول): ظاهر هذا الحديث هو: إنّ الاقتداءَ بأهل البيت والاهتداء بهم من شروط الاعتصام بالله، كما أنّ من شروطه قبل هذا الشرط هو الاعتراف بالنبوّة، وبما أنّ مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، فتكون الآية المباركة ممّا نزلت بحقّها.

«وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ».

روي علاّمة الشوافع أبو بكر الحضرمي في كتابه (رشفة الصادي) بإسناده … عن جعفر بن محمد « قال:

نحن حبل الله الذي قال الله (عنه): «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ».

وأخرج ذلك من الأعلام كثيرون (كالشبلنجي) الشافعي (والصبان الحنفي) وغيرهما أيضاً.

وروي العلاّمة الشيخ عبّاس القمّي، عن عالم المعتزلة جاداش الخوارزمي، أنّه روي بإسناده عن رسول الله صلي الله عليه و اله، أنّه قال:

(فاطمة مهجة قلبي، وابناها ثمرة فؤادي، وبعلها نور بصري، والأئمّة من ولدها أمناء ربّي، حبلٌ ممدودٌ بينه وبين خلقه، من اعتصم بهم نجا، ومن تخلّف عنهم هوي).

(أقول): وحيث أنّ (نحن) في الحديث الشريف الأوّل، يُراد به أهل البيت.

وكذا تصريح الرسول صلي الله عليه و اله في الحديث الثاني باسم (فاطمة) كانت هذه الآية الكريمة ممّا نزل في فضلها عليها السلام.

«لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذيً كَثِيراً ».

روي الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري (بإسناده المذكور) عن ابن عبّاس في قوله (تعالي): «وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ».

(قال): نزلت في رسول الله خاصّة وأهل بيته.

(أقول): يعني: أنّ الآية الكريمة عنت بذلك رسول الله وأهل بيته » بما لاقوه من النصاري واليهود، ومن المشركين من السباب،

والتهم، والتطاول عليهم بألسنتهم.

وحيث أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، كانت ممّن نزلت هذه الآية المباركة في حقّها وفضلها.

ولعلّ هذا التفسير من باب المصداق الأتمّ، والفرد الأكمل لما ورد متواتراً من عموم آيات القرآن لكلّ زمان ومكان كالشمس (أو) لعلّه كان نزوله في النبي وأهل بيته » وعمومه شاملاً لبقيّة المصاديق المنطبقة في كلّ زمان ومكان.

سورة النساء

«وفيها خمس آيات»

«وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَساءلُونَ بِهِ وَالأرحام ».

«وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ».

«أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلي ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ».

«وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً ».

«ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفي بِاللهِ عَلِيماً ».

«وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ وَالأرحام أن اللهَ كان عَلَيْكُمْ رَقِيباً ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري (بإسناده المذكور) عن ابن عبّاس في قوله (تعالي): «واتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ وَالأرحام ».

(قال) نزلت في رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل بيته، وذوي أرحامه، وذلك: أنّ كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ ما كان من سببه ونسبه.

«إِنَّ اللهَ كان عَلَيْكُمْ رَقِيباً » يعني: حفيظاً.

(أقول): حيث إنّ مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، كانت الآية الشريفة شاملة لها.

«وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرونا عن القاضي أبي الحسين محمد بن عثمان النصيبي (بإسناده المذكور) عن ابن عبّاس في قوله (تعالي):

«وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ».

قال: لا تقتلوا أهل بيت نبيّكم، إنّ الله يقول: « … تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ».

وكان «أبناءنا» الحسن والحسين، وكان «نساءنا» فاطمة، و «أنفسنا» النبي صلي الله عليه و اله وعلي.

(أقول): وفاطمة الزهراء عليها السلام هي من أهل البيت، فتكون الآية الكريمة ممّا نزل بشأنها

وفضلها طبقاً لهذا الحديث الشريف، لكنّ الأمة خالفت نهي الله تعالي، فقتلت فاطمة الزهراء عليها السلام وقد قال الصادق عليه السلام حفيدها في حديث شريف له:

ثم لا يخفي أنّ هذا وأشباهه من التأويل الّذي تعلّمه ابن عبّاس عن رسول الله صلي الله عليه و اله.

(وكان سبب وفاتها أنّ قنفذاً مولي الرجل لكزها بنعلي السيف بأمره، فأسقطت محسناً ومرضت من ذلك مرضاً شديداً … ).

«أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلي ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إبراهيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ».

روي عالم الحنفيّة محمد الصبان المصري في (إسعاف الراغبين) قال: وأخرج بعضهم عن الباقر عليه السلام في قوله تعالي: «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلي ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ».

أنّه قال:

أهل البيت هم الناس.

وأخرج نحوه علاّمة الشوافع السيد الشبلنجي في نور الأبصار أيضاً.

(أقول): حيث أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام سيّدة أهل البيت كانت الآية الكريمة ممّا نزل بفضلها.

«وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً ».

روي العلاّمة البحراني، عن العالم الشافعي، محمد بن إبراهيم الحمويني، بإسناده المذكور عن خيمة الجعفي، عن أبي جعفر الباقر أنّه قال في حديث :

(نحن العلم المرفوع للخلق، من تمسّك بنا لحق، ومن تأخّر عنّا غرق، ونحن قادة الغرِّ المحجّلين، ونحن خيرة الله، ونحن الطريق الواضح والصراط المستقيم إلي الله).

(أقول): حيث إنّ المراد بالضمائر المنفصلة (نحن، ونحن) أهل البيت كما هو ظاهرٌ لمن مارس الأحاديث الشريفة وإنّ فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، كانت الآية الكريمة ممّا نزل بشأنها وفضلها.

«ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفي بِاللهِ عَلِيماً ».

أخرج الحافظ عبيد الله الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بإسناده المذكور) عن عبد الله بن عبّاس، قال في قول الله تعالي:

«وَمَنْ يُطِعِ اللهَ … » إلي أن

قال: «ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفي بِاللهِ عَلِيماً ».

منزل عليّ وفاطمة والحسن والحسين، ومنزل رسول الله صلي الله عليه و اله وهم في الجنّة واحد.

(أقول): دلّ هذا الحديث الشريف علي أنّ تفسير «الْفَضْلُ مِنَ اللهِ » في هذه الآية الكريمة هو منزل النبي وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وهو منزل واحد، ومقام واحد.

سورة المائدة

«وفيها آية واحدة»

«لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ ».

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ ».

روي الحافظ القندوزي (الحنفي) بإسناده قال: عن عليّ بن أبي طالب (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) أنّه قال في خطبة له:

(نحن الشعائر والأصحاب، والخزنة والأبواب).

(أقول): قوله: (نحن) يقصد به أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرِّجس وطهّرهم تطهيراً، وهو سيّدهم، وأوّلهم، ورئيسهم، كما أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام سيّدتهم ومحورهم، بنصّ أحاديث كثيرة مرّ بعضها، وسيأتي بعضها الآخر، فالآية مؤوّلة بحقّها أيضاً.

(ولا تنافي) بين كون المراد من (الشعائر) في الآية الكريمة هم أهل البيت، وبين كون ورودها سياقاً في بيان أحكام الحجّ، لأنّ الأوّل تأويل، والثاني تفسير، والأوّل باطن، والثاني ظاهر. وقد تواترت الأحاديث الشريفة في عامة كتب الحديث والتفسير لمذاهب المسلمين، أنّ للقرآن ظهراً وبطناً، ولبطنه بطن، ولبطن بطنه بطن، وهكذا إلي سبعة بطون، وإلي سبعين بطناً.

ويقول مشيراً إلي ذلك الإمام فخر الدين الرّازي فيما يقول : (إنّ الإعجاز يكاد ينحصر في هذا المعني الذي لا يوجد أبداً في كلام البشر).

سورة الأنعام

«وفيها خمس آيات»

«وَلَوْ تَري إِذْ وُقِفُوا عَلَي النَّارِ ».

«وَهَدَيْناهُمْ إلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ».

«اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ».

«قُلْ فَللهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ».

«وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ».

«وَلَوْ تَري إِذْ وُقِفُوا عَلَي النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين ».

روي الشيرازي في كتابه، عن أبي معاوية الضرير عن الأعشي عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله مالكاً أنْ يُسعّر النيران السبع وأمر رضوان أنْ يُزخرف الجنان الثمان ويقول يا ميكائيل مدَّ الصّراط علي متن جهنّم، ويقول: يا جبرائيل انصب ميزان العدل تحت العرش، وينادي يا محمد قرّب

أمّتك للحساب، ثم يأمر الله تعالي أنْ يعقد علي الصراط سبع قناطر، طول كلّ قنطرة سبعة عشر ألف فرسخ، وعلي كلّ قنطرة سبعون ألف ملك قيام، فيسألون هذه الأمّة نساءهم ورجالهم علي (القنطرة الأولي) عن ولاية أمير المؤمنين وحبّ أهل بيت محمد صلي الله عليه و اله فمن أتي به جازعلي القنطرة الأولي كالبرق الخاطف، ومن لم يحب أهل بيت نبيّه سقط علي أمّ رأسه في قعر جهنّم ولو كان معه من أعمال البرّ عمل سبعين صدّيقاً (الحديث).

(أقول): بما أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام هي سيّدة أهل بيت محمد صلي الله عليه و اله فتكون هي ممّن يسئل العباد عن حبّها ووّدها، فتكون الآية في فضلها وفضل أُسرتها الباقين من أهل البيت ».

«وَهَدَيْناهُمْ إلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ».

روي الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني علي بن موسي بن إسحاق (بإسناده المذكور) عن سعد، عن أبي جعفر قال:

(آل محمد الصراط الذي دلّ الله عليه).

(أقول): بما أنّ سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام هي من آل محمد صلي الله عليه و اله تكون هذه الآية الكريمة في فضلها ومنقبتها.

ولا ينافي هذا صدر الآية الكريمة من كونها في الأنبياء والمرسلين، لوجهين:

أحدهما: أنّه إذا كان الصراط الذي دلّ الله عليه محصوراً، بدلالة (ال) الداخلة علي الخبر، المفيد للحصر هم آل محمد، كان مورد الآية من مصاديق ذلك.

ثانيهما: ما ورد في الأحاديث الشريفة الدّالة علي أنّ الله تعالي أخذ علي الأنبياء تولي محمد وأهل بيته، وفرض عليهم محبّتهم، مما لا مجال لذكرها في هذا المختصر، فلتطلب من مظانِّها.

«اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ».

جاء في كتاب (تزويج فاطمة بنت الرسول صلي الله عليه و اله للإمام الباقر) بسنده عن أبي عبد الرحمن

المدني، عن محمد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه زين العابدين في حديث طويل جاء فيه:

إنّ النبي صلي الله عليه و اله أهدي خادمة إلي ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام وأوصاها بها، إلي أنْ قال:

فقالت فاطمة:

يا رسول الله، عليّ يوم، وعليها يوم.

ففاضت عينا رسول الله صلي الله عليه و اله بالبكاء وقال:

«اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ».

«ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ».

(أقول): حيث ذكرنا مفصّلاً مصدر هذا الحديث الشريف وسنده المتّصل، في سورة آل عمران آية 34 لم نكرّر ذكرهما هنا، فليراجع هناك.

«قُلْ فَللهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ».

وردت روايات عديدة عن النبي الأعظم صلي الله عليه و اله في التأكيد علي أنّ الحجّة البالغة بعده، هم أهل بيته: أمير المؤمنين، وفاطمة الزهراء، والأئمّة من ولدهما، ومن تلك الأحاديث هو:

ما أخرجه علي بن محمد بن شاذان في كتابه الذي جمع فيه مائة منقبة من طرق العامّة بسنده عن أبي سلمان راعي رسول الله صلي الله عليه و اله في قصّة المعراج، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله … :

فقال الله لي: التفت عن يمين العرش، فالتفتُّ، فإذا أنا بعلي، وفاطمة والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد الباقر وجعفر الصادق، وموسي بن جعفر، وعلي بن موسي، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي والمهدي في ضحضاح من نور، قيام يصلّون …

فقال تبارك وتعالي يا محمد: هؤلاء هم الحجّة …

«وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ».

أخرج علاّمة الأحناف الشيخ سليمان البلخي القندوزي في ينابيعه قال:

روي في (المناقب) عن محمد الباقر وجعفر الصادق عليهما السلام قالا:

الصراط المستقيم:

الإمام.

«وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ » يعني: غير الإمام.

«فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ » ونحن سبيله.

(أقول): حيث ثبت بالأحداث المتظافرة، أنّ قول واحد من الأئمّة: «نحن» «إنّا» ونحو ذلك، يريد به: «أهل البيت» عليهم السلام، وأنَّ فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، فتكون هذه الآية الشريفة مّما ينطبق عليها، وينطق بفضلها وعصمتها.

سورة الأعراف

«وفيها ست آيات»

«فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إليهمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ».

«وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ».

«وَعَلَي الأَعْرافِ رِجالٌ ».

«وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ».

«وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً ».

«وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ ».

«فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إليهمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ».

عن (الحنفي) أبي المؤيّد موفّق بن أحمد الخوارزمي في كتاب (فضائل علي) (بإسناده المذكور) عن أبي برزة قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله ونحن جلوس ذات يوم :

(والّذي نفسي بيده لا تزول قدمُ عبدٍ يوم القيامة حتّي يسأله الله تبارك وتعالي عن أربع:

عن عمره فيما أفناه؟

وعن جسده فيما أبلاه؟

وعن ماله فما اكتسبه وفيما أنفقه؟

وعن حبّنا أهل البيت؟).

(أقول): مقتضي هذا الحديث، وأحاديث أخري أيضاً أنّ الأنبياء والأمم السابقين أيضاً يسئلون عن حبّ أهل البيت عليهم السلام.

ولا شكّ في أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، فالسؤال يعمُّ حبّها أيضاً، فتكون الآية في فضلها.

«وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أن هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْرُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو سعد السّعدي (بإسناده المذكور) عن الحسن بن علي (بن أبي طالب) قال: فينا والله نزلت (قوله تعالي): «وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ » الآية.

(أقول): تكرّر منّا أنّ

هذه الضمائر، مثل (نا) و (نحن) في أمثال هذه الموارد يُراد بها أهل البيت الشامل لسيّدة النساء، البتول الزهراء عليها السلام، وهذه الآية نظير قوله تعالي: «إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ».

أي أنّ الغلّ نزعه الله تعالي عن صدور أهل البيت عليهم السلام في الدنيا والآخرة، فصدورهم طاهرة مطهّرة من كلّ عيب ونقص، ومنه الغلّ.

«وَعَلَي الأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ ».

روي العلاّمة الشيخ سليمان القندوزي عن الحاكم، (بسنده المذكور) عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنت عند علي عليه السلام فأتاه ابن الكوّاء فسأله عن هذه الآية فقال:

ويحك يا بن الكوّاء نحن نقف يوم القيامة بين الجنّة والنّار، فمن أحبّنا عرفناه بسيماه، فأدخلناه الجنّة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فدخل النّار.

(أقول): المقصود ب (نحن) هنا هم أهل البيت، أصحاب الكساء، أي: رسول الله، وعليّ، فاطمة، والحسن والحسين عليهم السلام كما نصّت بذلك روايات عديدة مرويّة في الصحاح والمسانيد.

«وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ».

روي الحافظ الحنفي سليمان القندوزي في ينابيعه بسنده عن أبي جعفر الباقر في تفسير هذه الآية: «وَلكِنْ كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ».

فالله جلّ شأنه وعظُم سلطانه، ودام كبرياؤه أعزّ وأرفع وأقدس من أن يُعرض له ظلم، ولكن أدخل ذاته الأقدس فينا أهل البيت فجعل ظلمنا ظلمه فقال: «وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ».

(أقول): حيث إنّ أهل البيت شامل لفاطمة الزهراء عليها السلام كانت الآية الكريمة تعدُّ فيما ورد في فضلها أيضاً من القرآن الحكيم.

ملاحظة: هذه الآية بنصّها قد تكررت في القرآن مرّتين:

مرةً: في سورة البقرة.

وأخري: في سورة الأعراف.

وقد ذكرناها في سورة البقرة أيضاً، ولكن حيث إنّهما آيتان من القرآن، فورودهما في القرآن بهذا التفسير، يفصح عن كونهما آيتين في

أهل البيت لا آية واحدة، ولذلك كرّرنا نحن أيضاً ذكرها في السّورتين، وذلك لأمور:

أحدهما: ما دام هما آيتين، فكونهما في أهل البيت ومنهم فاطمة الزهراء عليها السلام معناه كون آيتين في أهل البيت.

ثانيها: لعلّ من يعلم بوجودها في أحد الموردين دون الآخر، فيجده كلّما بحث عنها.

ثالثها: لما في تكرار القرآن الحكيم من الإبداع، والبلاغة المعجزة الّتي ذكرها علماء (علوم القرآن) وأوضحوا بعض جوانب عظمتها، ففي الحقيقة لا تكرار في القرآن، إذا عمل (بالتدبّر في القرآن) كم أمر القرآن نفسه.

قال الأستاذ العفيفي:

(إنّ أحكام القرآن وتفصيله هو العلم الذي يضمن لنا أننا كلّما احتجنا إلي أي مفردة قرآنية وجدناها بأيّ موضع من مواضعها، كالحرف الواحد في الكلمة يعني: المكرّر في كلمة واحدة التي تجمع حروفها جميعاً في جملتها، فإذا كل حرف بموضعه الخاص به تفصيلاً يعني: كل حرف غير الآخر، لا أنّه مكرّر وإذا الحروف جميعاً تامّة الارتباط بها كلها إجمالاً).

وفي هذا الصّدد يقول الإمام الغزالي في «إحيائه»:

(يقول بعض العارفين: إنّ القرآن يحوي سبعمائة وسبعين ألف علم، ومائتي علم (200و770) إذ كلّ كلمةٍ علمٌ).

إذن فتكرار هذه الآية هنا وفي سورة البقرة ليس تكراراً إلاّ للّفظ، وإنّما هو في كل سورة معنيً إبداعي معجز.

ولاستعلام ذلك كتب خاصة، لكننا نذكر بعض ما ذكره أساطين هذا الفن.

يقول المؤلفون عن (علوم القرآن):

التكرار اللّفظي موجود في القرآن.

أمّا التكرار الحقيقي والمعنوي فلا يوجد في القرآن.

(وذلك) لأنّ المقصود من كل كلمة (تكرّر لفظها) في القرآن، غير نفس تلك الكلمة في مكان آخر..

فإذا كُرّرت لفظة في القرآن مرتين، فاللفظ واحدٌ، لكنّ المعني والمقصود اثنان.

وإنْ كُرّرت لفظة أو آية في القرآن خمس مرّات، فاللفظ واحدٌ، لكن المعاني والمقاصد خمسة.

وهكذا دواليك..

ويسمّون ذلك ب «علم الأحكام والتفصيل».

ولا بأس

لبيان ذلك من نقل كلمات عن كتب كُتبت بهذا الصّدد لبيان هذا الموضوع المهم:

نصوص العلماء:

قال الأستاذ العفيفي المعاصر، في كتابه (القرآن القول الفصل) بصدد بيان هذا المعني، وهو: عدم التكرار المعنوي في القرآن، وإنّما التكرار لفظي فقط :

فإذا تعدّدت المواضع في القرآن كلِّه بآية، أو جملة أصغر من آية، أو كلمة، أو حرف كان كلٌّ من ذلك ثابتاً في نصّه بلا تبديل، وإنّما لكلّ مفردة منه عملٌ جديدٌ، بكلّ موضع جديد، حتّي إذا احتاج أيُّ إنسان منّا بأيّ زمانٍ أو مكانٍ إلي النظر فيما تصلنا به كل مفردة من هذه المفردات في سياقها من أي موضع، وجدنا لها حساباً، فيه تعميم إلهي معجز، من حيث تقدير جملة مواضع كلِّ مفردة، ومن حيث جملة ما تربطنا به من المقاصد.

كما أنَّ من هذا الحساب تخصيصاً معجزاً من حيثُ ربط كلِّ مفردة في سياقها من كل موضع نحتاج إليها به، بالمقصد المتفرّد الّذي يعمل معه الفارق بينه وبين أي مقصد آخر نحتاج إليه في القرآن كله، فننظر بكلِّ موضع لكلِّ مفردة، تتفق مع نوع حاجتنا إلي القرآن كأن ننظر

(بآية) مثل «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ » المكرّرة في سورة (الرحمن) عدّة مرات (أو جملة أصغر من آية) مثل تكرار جملة: «فَسْئَلُوا أهل الذِّكْرِ أن كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ » في سورة (النّحل) آية (43) وسورة (الأنبياء) آية (7).

إذ البشر عاجزون عن (التعميم) حتي يستطيعوا تثبيت القدر المطلوب من الكلام، بلا زيادة ولا نقصان.

(كما) أنّهم عاجزون عن تخصيص عدد مواضع أيِّ مفردةٍ من مفردات كلامهم كلِّه أو بعضه، علي نحو ثابت لا زيادة فيه ولا نقصان، فضلاً عن عجزهم عن تقدير جملة المقاصد التي يحتاجون إليها في كلامهم أو علمهم بذلك.

وقال

الخطيب الإسكافي في كتابه (درّة التنزيل وغرّة التأويل) في بيان مثل لاختصاص كل مفردة قرآنية بجديد من العلم وجديد من المعني:

إنَّ قوله تعالي في سورة النبأ: «كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ »

يدلُّ علي اختصاص الآية الرابعة من سورة النبأ بالعلم في الدنيا، ثم اختصاص الآية الخامسة من هذه السّورة بالعلم في الآخرة فهو إذن ليس بتكرارٍ، ولم يُرد بالتالي ما أراد بالأول …

وقال تاج القرّاء الكرماني في كتابه (أسرار التكرار في القرآن) في مقام إعطاء مَثَلٍ آخر لعدم التكرار المعنوي في القرآن، ما مؤدّاهُ:

إنَّ قوله تعالي في سورة الفاتحة (عليهم) في موضعين بهذه الآية «صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ » لا تكرار فيه، لأنّ المراد بالأول الارتباط بمعني الإنعام، أمّا المراد بالثاني فهو الارتباط بمعني الغضب.

وقال العلاّمة الزركشي في كتابه (البيان في علوم القرآن) بصدد توضيح للاصطلاح المعروف (أحكام القرآن وتفصيله) ومعناه:

«إنّ أحكام القرآن وتفصيله» هو: العلم الذي يضمن لنا أنّنا كلّما احتجنا إلي أي مفردة قرآنية، وجدناها بأيّ موضع من مواضعها كالحرف الواحد في الكلمة التي تجمع حروفها جميعاً في جملتها، فإذا كلّ حرف بموضعه الخاصّ به تفصيلاً وإذا الحروف جميعاً تامة الارتباط بها كلها إجمالاً، وليس كذلك كلام البشر، الذي نري كيف أنّنا لا نعلم له جملة كما نُقل مثل ذلك عن القاضي أبي بكر بن العربي حيث يقول:

(إنَّ ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتي تكون كالكلمة الواحدة علم عظيم فتح الله لنا فيه، فلمّا لم نجدْ له حملة ووجدنا الخلق بأوصاف البطلة ختمنا عليه وجعلناه بيننا وبين الله، ورددناه إليه.

وقال ابن القيّم أبو عبد الله محمد بن أبي بكر في كتابه (أعلام الموقعين عن ربّ العالمين) نقلاً عن

بعض الصحابة:

(حيث سُئل عن (الكلالة) فتوقّف عن إبداء رأيه في ذلك، حتي رجع إلي كلمة (كلالة) وكلمة (الكلالة) ليجدهما في موضعين، قرآنيين).

(أولهما) بقوله تعالي: «وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ ».

(وثانيهما) قوله تعالي: «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ ».. ثم قال العفيفي تعقيباً علي ذلك:

فها نحن نري أنّ النظر في كلّ موضع من الموضعين المخصّصين لكلمة (الكلالة) وكلمة (كلالة) قد وصلنا بمقصد جديد، من مقاصد القرآن، وهذا هو الشأن دائماً في ارتباط أيّ قارئ للقرآن بأيّ قول قرآني ينظر إليه بسياقه من موضعه الّذي يجده به.

وقال القاضي أبو بكر (الباقلاني) في كتابه (إعجاز القرآن) بعد تفصيل من نقل أقوال الأشاعرة والمعتزلة في المسائل المرتبطة بهذا الموضوع من قريب وبعيد، ومسألة خلق القرآن بالذات، إلي أن قال رأيه الأخير بذلك :

(لقد علمنا أنّ الله تحدي المعارضين بالسّور كلّها ولم يخصْ، فعلم أنّ جميع ذلك معجز).

وذلك: لأنّ الكلمات المكرّرة لفظاً، هي ذات معان جديدة بعد تكرارها.

وقال السّيد رشيد رضا في كتابه (الوحي المحمدي):

(لو أنّ عقائد الإسلام المنزّلة في القرآن من الإيمان بالله، وصفاته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر وما فيه من الحساب، والجزاء، ودار الثواب، ودار العقاب، جمعت مرتّبةً في ثلاث سور، أو أربع أو خمس مثلاً لكتب العقائد المدوّنة:

ولو أنّ عباداته من الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والدعاء، والأذكار، وضع كل منها في بضع سور أيضاً مبوّبة ذات فصول لكتب (الفقه) المصنفة.

إلي أنْ قال : ولو أنّ قواعده

التشريعية وأحكامه الشخصية، والسياسية والحربية والمالية، والمدنية، وحدوده وعقوباته التأديبية رتبت في عدّة سور خاصة بها كأسفار (القوانين الوضعية).

ثم لو أنّ قصص النبيّين والمرسلين وما فيها من العبر والمواعظ والسنن الإلهية سردت في سورها مرتّبة (كدواوين التاريخ).

لو أنّ كل مقاصد القرآن التي أراد الله بها إصلاح شؤون البشر جُمع كلّ نوع منها وحده كترتيب أسفار (التوراة) التاريخ الذي لا يعلم أحد مرتبها، أو كتب العلم والفقه، والقوانين البشرية (لفقد) القرآن بذلك أعظم مزايا هدايته المقصودة من التشريع وحكمة التنزيل، وهو التعبّد به واستفادة كل حافظ للكثير أو للقليل من سوره، حتي القصيرة منها، كثيراً من مسائل الإيمان، والفضائل والأحكام والحكم المنبّئة في جميع السور، لأنّ السورة الواحدة لا تحوي في هذا الترتيب المفروض إلاّ مقصداً واحداً من تلك المقاصد، وقد يكون (أحكام الطلاق) أو (الحيض) فمن لم يحفظ إلاّ سورةً طويلةً في موضع واحد، يتعبد بها وحدها فلا شكّ أنّه يملُّها.

وأمّا السورة المنزلة بهذا الأسلوب الغريب والنظم العجيب فقد يكون في الآية الواحدة الطويلة، والسورة الواحدة القصيرة عدّة ألوان من الهداية وإنْ كانت في موضع واحد.

وقال العلاّمة مصطفي صادق الرافعي في كتابه (إعجاز القرآن والبلاغة النبويّة) بعد بحث طويل يذكر فيه نصوص المفردات القرآنية التي تحمل الإعجاز في مجموعها كمجموع فيقول : (إنّها هي الحروف، والكلمات، والجمل) ويقول أيضاً في أوائل كتابه:

«نزل القرآن الكريم بهذه اللغة علي نمطٍ يعجز قليله وكثيره معاً، فكان أشبه شيءٍ بالنور في جملة نسقه، إذ النورُ جملةٌ واحدةٌ، وإنّما يتجزأ باعتبار لا يخرجه من طبيعته».

وقال الشّيخ محمد عبد الله دراز في كتابه (دستور الأخلاق في القرآن) ملخّصاً بعض جوانب الإعجاز القرآني بعد تفصيلها في إيجاز فيقول :

(استطاعت الشريعة القرآنية أنْ

تبلغ كمالاً مزدوجاً لا يمكن لغيرها أنْ يحقق التوافق بين شقّيه، لطف في حزم، وتقدُّم في ثبات، وتنوّع في وحدة).

وللتوسّع الأكثر في هذا الموضوع يمكن الاستفادة من كتابين مهمّين من العلماء السابقين، وكتابين حديثين، للمتأخّرين، وهي الكتب التالية:

1 أحكام القرآن، تأليف أبي بكر أحمد بن علي الرّازي (الجصاص) الذي كان إماماً للمذهب الحنفي في زمانه.

2 الإتقان في علوم القرآن، تأليف عبد الرحمن بن أبي بكر (السّيوطي) الذي كان إماماً للمذهب الشافعي في عصره.

3 إعجاز القرآن والبلاغة النبويّة، للأستاذ مصطفي صادق الرافعي.

4 القرآن القول الفصل، للأستاذ محمد العفيفي.

(أقول): إنّما ذكرنا هذا الموجز من هذا البحث العميق الطويل، لكي يتّضح أنّ كلّ واحدة من الآيات أو الكلمات المتكرّرة ممّا ورد في

القرآن فهو في الحقيقة ليس تكراراً.

«وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ ».

أخرج الحافظ الهيثمي الشافعي في (مجمع الزوائد) عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت النبي صلي الله عليه و اله يقول:

(إنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حِطّة في بني إسرائيل من دخله غفر له).

(أقول): يعني: ومن تمسّك بأهل بيتي وأحبّهم غفر له.

وسيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت فتكون الآية في شأنها وحقّها.

«وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال:

في كتاب (فهم القرآن) عن جعفر الصادق عليه السلام في معني قوله تعالي: «وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ».

قال:

هذه الآية لآل محمد صلي الله عليه و اله.

(أقول): سيّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام من آل محمد بنصِّ الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله في متواتر الروايات.

سورة الأنفال

«وفيها أربع آيات»

«لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ ».

«وَما كان

اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأنت فِيهِمْ ».

«إِنْ أولياؤُهُ إلا الْمُتَّقُونَ ».

«فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبي ».

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأنتمْ تَعْلَمُونَ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: في العتيق، روي عن يونس بن بكار، عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي في قوله تعالي ذكره:

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ في آل محمد وَأنتمْ

تَعْلَمُونَ ».

(أقول): يعني: أنّ المراد ب (أماناتكم) هم آل محمد عليهم السلام، فإنّهم أمانات بيد الأمّة، وقد نهي الله تعالي عن خيانتها بظلمهم أو تركهم.

وقد أسلفنا مراراً أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام هي من آل محمد صلي الله عليه و اله فتكون الآية في فضلها.

وليلاحظ أنّ كلمة (في آل محمد) ليست من القرآن، بل هي من التفسير أو التأويل، الذين أعلم الناس بهما من نزل القرآن في بيوتهم ».

«وَما كان اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأنت فِيهِمْ ».

أخرج العلاّمة المير محمد الكشفي الترمذي في (مناقب مرتضوي) قال: وفي (رواية) أخري لأحمد: عن النبي صلي الله عليه و اله:

(إذا ذهب النجوم ذهب أهلُ السماء، وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض).

ثم قال: وقد يشير إلي هذا المعني قوله تعالي: «وَما كان اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأنت

فِيهِمْ ».

أقيم أهل بيته مقامه في الأمان، لأنّهم منه وهو منهم كما ورد في بعض الطرق.

(أقول): معني الحديث النبوي الّذي أشار إليه هذا العالم الحنفي (أهل بيتي منّي وأنا منهم) هو: إنّي وهُم حقيقة واحدة، وروحٌ واحدة، ونورٌ واحدٌ في قوالب متعدّدةٍ، وأشخاصٍ متغايرين.

فتكون الآية الكريمة شاملةً بنصِّ الرسول صلي الله عليه و اله لأهل بيته »، ومنهم فاطمة الزهراء عليها السلام.

«وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ

إِلاَّ الْمُتَّقُونَ ».

روي الحاكم

الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا منصور بن الحسين (بإسناده المذكور) عن أنس بن مالك، عن النبي صلي الله عليه و اله قال:

«آلُ محمد كل تقي».

(أقول): كلمة (كل تقي) إمّا يقرأ (كل) بالتنوين وكون (تقي) وصفاً لكل، والمعني: كل واحد منهم تقي، وإمّا يقرأ بالإضافة، بضمّ كل مضافة إلي (تقي) والمعني: إنّ آلَ محمد كلُّ شخصٍ تقي، وهذا المعني يحمل مقصودين:

الأول: أن يكون المقصود إخراج غير الأتقياء من أولاد الأئمّة الطاهرين عن كونهم مشمولين ل(آل محمد) في الصلوات، والتسليمات، ونحوها.

الثاني: أنْ يكون المقصود إدخال الأتقياء من غير المنتسبين إلي رسول الله صلي الله عليه و اله ادخالاً تنزيلياً، مثل قوله صلي الله عليه و اله: (سلمانٌ منّا أهل البيت) وقوله صلي الله عليه و اله لأبي ذر: (يا أبا ذر أنت منّا أهل البيت) ونحو ذلك.

والأظهر هو المعني الأول.

ولا شكّ في أنّ سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام من آل محمد عليهم السلام.

«وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبي وَالْيَتامي وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي (بإسناده المذكور) عن علي بن أبي طالب (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) في قول الله تعالي: «وَاعْلَمُوا أنّما غَنِمْتُمْ … » الآية.

قال:

لنا خاصة، ولم يجعل لنا في الصدقة نصيباً، كرامة أكرم الله تعالي نبيّه وآله بها، وأكرمنا عن أوساخ أيدي المسلمين.

وروي هو أيضاً، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق (بإسناده المذكور) عن مجاهد (في قوله تعالي):

(ولذي القربي» قال: هم أقارب النبي صلي الله عليه و اله الّذين لم يحل لهم الصدقة.

وروي هو أيضاً قال: حدثنا يوسف (بإسناده المذكور) عن مجاهد قال: كان النبي صلي الله عليه و اله وأهل بيته لا تحلّ لهم

الصدقة فجعل لهم الخمس.

وقال الإمام الغزالي: قال صلي الله عليه و اله:

لا تحلُّ الصدقةُ لآل محمد إنّما هي أوساخ الناس».

وقال العلاّمة محمد جمال الدين القاسمي في تفسيره عند ذكر هذه الآية: (أجمع العلماء علي أنّ المراد ب(ذي القربي) قرابته صلي الله عليه و اله).

وقال الإمام الشيخ محمد طاهر بن عاشور في تفسيره (التحرير والتنوير):

(وأمّا ذو القربي) ف(ال) في (القربي) عوض عن المضاف إليه … والمراد هنا هو الرسول المذكور قبله، أي ولذي قربي الرسول … وذلك إكرامٌ من الله لرسوله صلي الله عليه و اله إذ جعل لأهل قرابته حقاً في مال الله لأنّ الله حرّم عليهم أخذ الصدقات والزّكاة، فلا جرم أنّه أغناهم من مال الله، ولذلك كان حقّهم في الخمس ثابتاً بوصف القرابة.

وقال السّيد محمد رشيد رضا في تفسيره عند ذكر هذه الآية:

(ولذوي القربي)، لأنّهم أكثر الناس حميّة للإسلام، حيث اجتمع فيهم الحميّة الدينية إلي الحمية النسبية، فإنّه لا فخر لهم إلاّّ بعلوّ دين محمد صلي الله عليه و اله ولأنّ في ذلك تنويهاً بأهل بيت النبي صلي الله عليه و اله وتلك مصلحةٌ راجعةٌ إلي الملّة، وإذا كان العلماء والقرّاء يكون توقيرهم تنويهاً بالملّة، يجب أن يكون توقير ذوي القربي كذلك بالأولي.

ثم قال أيضاً: (روي عن زين العابدين علي بن الحسين أنّه قال: إنّ الخُمس لنا فقيل له: إنّ الله يقول: «واليتامي والمساكين وابن السبيل» فقال: يتامانا، ومساكيننا وأبناء سبيلنا).

وأخرج إمام (الحنابلة) أحمد بن حنبل في (مسنده) قال: إنّ نجدة الحروري سأل ابن عبّاس عن سهم ذوي القربي، فقال: هو لنا، لقربي رسول الله صلي الله عليه و اله قسّمه رسول الله لهم.

وأخرج الزمخشري في تفسيره قال:

(وعن ابن عبّاس أنّه أي الخمس

علي ستة أسهم لله، ولرسوله سهمان، وسهم لأقاربه،

حتي قبض صلي الله عليه و اله.

ولا ريب في أنّ الحوراء الإنسيّة فاطمة الزهراء عليها السلام ممّن نزلت فيها هذه الآية الكريمة بمقتضي متواتر الروايات.

سورة التوبة

«وفيها آيتان»

«يُرِيدُونَ أن يُطْفِئوُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ ».

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ».

«يُرِيدُونَ أن يُطْفِئوُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَي اللهُ إلا أن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ».

أخرج عالم الحنفية الحافظ سليمان القندوزي، في ينابيعه عن (الفقيه الشافعي) الحمويني بسنده عن سليم بن قيس الهلالي قال:

رأيتُ علياً في مسجد المدينة في خلافة عثمان، وكان جماعة المهاجرين والأنصار يتذاكرون فضائلهم، وعليٌّ ساكت، فقالوا: يا أبا الحسن تكلّم فقال:

يا معشر قريش والأنصار، أسألكم ممّن أعطاكم الله هذا الفضل أبأنفسكم أم بغيركم؟

قالوا: أعطانا الله ومنَّ علينا بمحمد صلي الله عليه و اله.

قال:

ألستم تعلمون أنّ رسول الله صلي الله عليه و اله قال: أنا وأهل بيتي كنا نوراً نسعي بين يدي الله تعالي قبل أن يخلق الله عزّ وجلّ آدم بأربعة عشر ألف سنة، فلما خلق الله آدم عليه السلام وضع ذلك النور في صلبه وأهبطه إلي الأرض، ثم حمله في السفينة في صلب نوح عليه السلام ثم قذف به في النار في صلب إبراهيم عليه السلام ثم لم يزل الله عزّ وجلّ ينقلنا من الأصلاب الكريمة إلي الأرحام الطاهرة من الآباء والأمهات، لم يكن واحدٌ منّا علي سفاح قط؟

فقال أهلُ السّابقة وأهلُ بدر وأُحد نعم قد سمعناه إلخ.

(أقول): لا شكّ في أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل بيت الرسول صلي الله عليه و اله فهي نورٌ من ذلك النور، فالآية مفسّرة بها، وبباقي أهل البيت ».

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ

وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين ».

عن ابن شهر آشوب من طريق العامّة من تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان (قال) حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: (قال الله تعالي): «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين ».

أمر الله الصحابة أن يخافوا الله، ثم قال: «وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين ».

يعني: مع محمد وأهل بيته.

(أقول): لا إشكال ولا خلاف في أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، فتشملها هذه الآية الكريمة.

وليعلم أنّ راوي هذا الحديث وهو (نافع) من أشدّ المبغضين لأهل البيت، ولكن أجري الله تعالي الحق علي لسانه في موارد عديدة «ليُحقّ الحق ويُبطل الباطل »، وإليك ما يدلّ علي بغضه وعدائه لأهل البيت، فقد روي الحافظ الحسكاني بإسناده المذكور عن أبي هارون العبدي، قال: كنت جالساً مع ابن عمر إذ جاء نافع بن الأزرق فقال: والله إنّي لأبغض علياً، قال: أبغضك الله تُبغضُ رجلاً سابقة من سوابقه خيرٌ من الدنيا وما فيها.

ومناقبٍ شَهِدَ العدوُّ بفضلها والفضلُ ما شَهِدتْ به الأعداء

سورة هود عليه السلام

«وفيها ست آيات»

«يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ (إلي) عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ ».

«وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ ».

«فَلَوْ لا كان مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أولوا بَقِيَّةٍ ».

«يَوْمَ يأت لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ• فأما الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّار لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ• خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأرض إلا ما شاءَ رَبُّكَ إنّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ• وأما الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأرض إلا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ».

عن الفقيه (الحنفي) موفّق بن أحمد الخوارزمي، (بإسناده المذكور) عن يزيد بن تبيع قال: سمعت أبا بكر عليه السلام يقول: رأيت رسول الله خيّم

خيمة وهو متكئٌ علي قوس عربية، وفي الخيمة علي وفاطمة، والحسن، والحسين « ثم قال صلي الله عليه و اله:

«يا معاشر المسلمين: أنا سلمٌ لمن سالم أهل الخيمة، وحربٌ لمن حاربهم، ووليٌ لمن والاهم، وعدوٌ لمن عاداهم، لا يحبّهم إلاّ سعيد الجدّ، طيّبُ المولد، ولا يبغضهم إلاّ شقي الجدّ، رديء المولد».

فقال رجل: يا يزيد، بالله أنت سمعت هذا من أبي بكر؟

قال: أي وربِّ الكعبة.

(أقول): القرآن الحكيم قسّم الناس إلي سعيد وشقي، ورسولُ الله صلي الله عليه و اله بنصّ هذه الرواية ونقل أبي بكر لها حصر السعداء بأداة الحصر ما، وإلاّ فيمن يحبُّ فاطمة الزهراء وأباها، وبعلها، وبنيها.

وحصر الأشقياء بأداة الحصر ما، وإلاّ أيضاً فيمن يبغض فاطمة الزهراء، وأباها، وبعلها، وبنيها.

فالآية الشريفة غير منطبقة إلاّ عليهم عليهم السلام.

«وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ ».

روي الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا فرات بن إبراهيم (بإسناده المذكور) عن ابن عبّاس في قوله تعالي: «وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ ».

يعني: بني هاشم نوفّيهم ملكهم الذي أوجب الله لهم غير منقوص.

(أقول): المقصود من بني هاشم بقرينة السّياق والمورد، وغيرهما هم أهل البيت عليهم السلام، وفاطمة الزهراء عليها السلام منهم.

ولا ينافي كون ظاهر الآية رجوع ضميري الجمع إلي صدر الآية، مع كون رجوعهما بحكم هذه الرواية إلي بني هاشم، لأنّ الأول تفسيرٌ، والثاني تأويلٌ، والالتفات بابٌ وسيعٌ في البلاغة، وفي القرآن أيضاً (لأنّ قمّة البلاغة) كما لا يخفي علي أهله. وللتوسع في الموضوع راجع ما يلي:

1 كتاب (أحكام القرآن) لإمام الأحناف في عصره أبي بكر أحمد بن علي الرازي (الجصّاص).

2 كتاب (الاتقان في علوم القرآن) لإمام الشوافع في عصره جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (السّيوطي) وغيرهما.

«فَلَوْ لا كان مِنَ الْقُرُونِ

مِنْ قَبْلِكُمْ أولوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ

فِي الأرض ».

روي الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الحسني (بإسناده المذكور) عن زيد بن علي، في قوله (تعالي): «فَلَوْ لا كان مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أولوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الأرض ».

قال:

نزلت هذه فينا.

(أقول): فينا يعني أهل البيت عليهم السلام، لمتواتر الروايات بلا إشكال ولا ريب في ذلك، وفاطمة الزهراء عليها السلام منهم بلا إشكال ولا ريب أيضاً.

فأهل البيت عليهم السلام هم البقيّة القليلة الذين كانوا ينهون عن الفساد في الأرض، وهم المصداق الأكمل لأولئك، وفاطمة الزهراء عليها السلام هي القائدة والمنادية الأولي للإلتزام الكامل بخطي النبي بعد وفاته صلي الله عليه و اله.

سورة يوسف عليه السلام

«وفيها آية واحدة»

«قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إلي اللهِ عَلي بَصِيرَةٍ ».

«قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إلي اللهِ عَلي بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ».

روي الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي)، عن فرات (بإسناده المذكور) عن أبّان بن تغلب عن جعفر بن محمد في هذه الآية: «أَدْعُوا إِلَي اللهِ عَلي بَصِيرَةٍ ».

قال:

(هي والله ولايتنا أهل البيت، لا ينكره أحدٌ إلاّ ضالّ).

(أقول): حيث إنّ سيّدتنا ومولاتنا سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت كانت الآية الكريمة في حقّها مع سائر أهل البيت عليهم السلام.

سورة الرعد

«وفيها آيتان»

«ألا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ».

«الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبي لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ».

«الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ ألا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ».

روي العلاّمة الحنفي محمود الآلوسي، عند تفسير هذه الآية الكريمة قال: وأخرج ابن مردويه عن عليّ عليه السلام أنّ رسول الله صلي الله عليه و اله لمّا نزلت هذه الآية: «أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ».

قال:

ذاك من أحبّ الله ورسوله، وأحبّ أهل بيتي صادقاً غير كاذب.

(أقول): فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت عليهم السلام، فتشملها الآية الكريمة.

«الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبي لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ».

أخرج علاّمة الحنفية الحافظ سليمان البلخي القندوزي في (ينابيع المودّة) قال: أخرج الثعلبي عن الباقر عليه السلام قال: سُئل رسول الله صلي الله عليه و اله عن قوله تعالي: «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبي لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ » فقال صلي الله عليه و اله:

«هي شجرة في الجنّة أصلها في داري وفرعها علي أهل الجنّة».

فقيل له: يا رسول الله صلي الله عليه و اله سألناك عنها فقلت: هي شجرة في الجنّة أصلها في دار عليّ وفاطمة وفرعها علي أهل الجنّة؟

فقال

صلي الله عليه و اله:

«إنّ داري ودار عليّ وفاطمة واحد غداً في مكان واحد، وهي شجرة غرسها الله تعالي وتبارك بيده، ونفخ فيها من روحه، تنبت الحليّ والحلل، وإنّ أغصانها لتُري من وراء سور الجنّة».

(أقول): الرسول صلي الله عليه و اله ينصّ علي أنّ دار فاطمة الزهراء عليها السلام وداره واحدة في الجنّة، فتكون الآية الكريمة في حقّها، وممّا نزل في القرآن الحكيم في فضلها.

سورة إبراهيم عليه السلام

«وفيها ثلاث آيات»

«أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً (إلي) لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ».

«أَلَمْ تَرَ إِلَي الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا ».

«أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أصلها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ• تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ».

روي الحاكم أبو القاسم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو عبد الله الشّيرازي (بإسناده المذكور) عن سلام الخثعمي قال: دخلتُ علي أبي جعفر محمّد بن علي فقلت: يا بن رسول الله قول الله تعالي: «أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ »؟

قال:

يا سلام، الشجرة محمّد، والفرع عليّ أمير المؤمنين، والثمر الحسن والحسين، والغصن فاطمة، وشعب ذلك الغصن الأئمّة من ولد فاطمة، والورق شيعتنا ومحبّونا أهل البيت، فإذا مات من شيعتنا رجل، تناثر من الشجرة ورقة، فإذا ولد لمحبّينا مولود، اخضرّ مكان تلك الورقة ورقة.

فقلت: يا بن رسول الله قول الله تعالي: «تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها » ما يعني؟

قال: يعني الأئمّة تفتي شيعتهم في الحلال والحرام في كلّ حجّ وعمرة.

وأخرج الحاكم النيسابوري في (المستدرك علي الصحيحين) بسنده عن مولي عبد الرحمن بن عوف قال: خذوا عنّي قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل.

سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول:

(أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعليّ لقاحها، والحسن

الحسين ثمرتها، وشيعتنا ورقها، وأصل الشجرة في جنّة عدن، وسائر ذلك في سائر الجنّة).

«أَلَمْ تَرَ إِلَي الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ».

عن مجاهد (مرسلاً) في قوله تعالي: «أَ لَمْ تَرَ إلي الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً ».

قال: العرب وبنو أميّة، محمداً وأهل بيته.

(أقول): يعني: بالّذين بدّلوا، هم: العرب من أهل الجاهليّة وبنو أميّة، وب(نعمة الله): محمداً وأهل بيته عليهم السلام.

وفاطمة الزهراء عليها السلام هي من أهل البيت.

فالآية الكريمة تعدُّ فيما ورد في فضلها.

سورة الحجر

«وفيها سبع آيات»

«إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ• ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ• وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَي سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ• لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ ».

«فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ• عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ».

«فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ».

«إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ• ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ• وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلي سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ• لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ ».

روي أحمد بن حنبل في «الفضائل» عن عبد الله (بإسناده المذكور) عن زيد بن أبي أوفي، قال: دخلت علي رسول الله صلي الله عليه و اله مسجده فذكر قصّة مؤاخاة رسول الله بين أصحابه (إلي أن قال): قال لعليّ عليه السلام:

والذي بعثني بالحق، أنت أنت معي في قصر في الجنّة مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ورفيقي، ثم تلا رسول الله صلي الله عليه و اله: «وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلي سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ».

(أقول): إنّما ذكرنا الآيات الأربع مع أنّ المذكور في الحديث واحدة منها فقط، وذلك: لأنّ مجموعها في معني واحد، فإذا كانت «ونزعنا» نازلة في الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام كان ذلك بمعني نزول جميعها فيها عليها

السلام.

«فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أجمعينَ• عَمَّا كانوا يَعْمَلُونَ ».

روي الشافعي (ابن حجر) في صواعقه، عن الواحدي في ذلك، قال:

لأنّ الله أمر نبيه صلي الله عليه و اله أنْ يعرف الخلق أنّه صلي الله عليه و اله لا يسألهم علي تبليغ الرسالة أجراً إلاّ المودّة في القربي، والمعني أنّهم يُسألون: هل والُوهم حقّ الموالاة كما أوصاهم النبي صلي الله عليه و اله أم أضاعوها وأهملوها فتكون المطالبة والتبعة؟.

(أقول): لا شك أنّ سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام، هي من قربي رسول الله صلي الله عليه و اله فتكون ممّن نزلت الآية في فضلها.

«فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ».

روي الحاكم أبو القاسم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل، (بإسناده المذكور) عن السدّي في قوله تعالي: «فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ».

قال: قال أبو صالح، قال ابن عبّاس: أمره الله أنْ يظهر القرآن، وأنْ يظهر فضائل أهل بيته كما أظهر القرآن.

(أقول): إنّ أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء عليها السلام هما في طليعة أهل بيت النبي صلي الله عليه و اله.

فيكون من تفسير ما أمر به النبي صلي الله عليه و اله إظهار فضائل علي وفاطمة عليها السلام.

سورة النحل

«وفيها أربع آيات»

«وَعَلَي اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ».

«وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ• بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ».

«يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ».

«وَعَلَي اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ».

عن الفقيه الشافعي إبراهيم بن محمد الحمويني، بإسناده المذكور عن خيثمة الجعفي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: سمعته يقول في حديث :

«ونحن السّراج لمن استضاء بنا، ونحن السبيل لمن اقتدي بنا الحديث».

(أقول): (نحن)

هنا وفي أمثاله يُراد به أهل البيت عليهم السلام وفي طليعتهم فاطمة الزهراء عليها السلام، فتكون هي من تفسير (السبيل) الّذي علي الله قصده.

«فَسْئَلُوا أهل الذِّكْرِ أن كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ• بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ ».

أخرج محمد بن جرير الطبري (في تفسيره) بسنده المذكور عن جابر، عن أبي جعفر (في قوله تعالي): «فَسْئَلُوا أهل الذِّكْرِ أن كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ عليهم السلام.

قال:

نحن أهل الذكر.

وأخرج نحواً منه ابن كثير الدّمشقي في تفسيره.

(وكذا) العلاّمة الآلوسي في (روح المعاني).

وآخرون أيضاً …

(أضف) إلي ذلك: أنّه ربّما يكون والعلم عند الله تعالي وجه التكرار هو أنّ الذكر في الآيتين بمعني النبي صلي الله عليه و اله وفي الأخري بمعني القرآن، وأهل البيت هم أهل النبي صلي الله عليه و اله وأهل القرآن كما يأتي الحديث الشريف بذلك في سورة الأنبياء؛ آية/ 7.

(أقول): هذا النص مكرّر في القرآن هنا في سورة النحل وفي سورة الأنبياء، ولذلك كرّرنا أيضاً تبعاً للقرآن الحكيم.

(هذا) بناءً علي التكرار الظاهري، وإلاّ فعلماء علوم القرآن علي أنّه لا تكرار في القرآن، وأنّ كلّما هو من هذا القبيل فهو لوجوه متعدّدة، ويسمّونه ب (أحكام القرآن وتفصيله) وسبق أن ذكرنا كلمات بعض علماء هذا الفن عند ذكر الآية رقم (160) من سورة الأعراف فليراجع هناك.

وحيث إنّ سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة، فهي من أهل الذكر، لذا كانت هذه الآية الكريمة تعدُّ فيما نزل من القرآن الحكيم في شأنها وفضلها لشمولها لها بهذا البرهان.

«يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ ».

عن الفقيه الشافعي إبراهيم بن محمد (الحمويني) بإسناده المذكور عن خيثمة، عن الباقر من أهل البيت عليه السلام أنّه قال في حديث :

«ونحن من نعمة الله عزّ وجلّ

علي خلقه».

(أقول): حيثُ إنّ مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت كانت هذه الآية الشريفة ممّا نزل بحقّها.

سورة الإسراء

«وفيها خمس آيات»

«فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَار وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً• ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًاً ».

«وَآتِ ذَا الْقُرْبي حَقَّهُ ».

«فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً ».

«يَبْتَغُونَ إلي رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ».

«فَإذا جاءَ وَعْدُ أولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أولي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكان وَعْداً مَفْعُولاً• ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ».

عن إمام العامّة أبي جعفر محمد بن جرير (بسنده المذكور) عن زاذان، عن سلمان، قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه و اله:

إنّ الله تبارك وتعالي لم يبعث نبياً ولا رسولاً إلاّ جعل له اثني عشر نقيباً.

فقلت: يا رسول الله لقد عرفت هذا من أهل الكتابين.

فقال صلي الله عليه و اله:

يا سلمان هل عَلِمتَ مَنْ نقبائي ومن الاثني عشر الذين اختارهم الله للأمّة من بعدي؟

فقلت: الله ورسوله أعلم.

فقال صلي الله عليه و اله:

يا سلمان خلقني الله من صفوة نوره ودعاني فأطعته، وخلق من نوري (عليّاً) ودعاه فأطاعه، وخلق مني ومن علي (فاطمة) فدعاها فأطاعته، وخلق مني ومن علي وفاطمة (الحسن) ودعاه فأطاعه، وخلق مني ومن علي وفاطمة والحسن (الحسين) ودعاه فأطاعه، ثم سمّاه بخمسة أسماء من أسمائه، فالله المحمود وأنا محمد، والله العلي فهذا علي، والله الفاطر فهذه فاطمة، والله الإحسان، فهذا الحسن، والله المحسن فهذا الحسين.

ثم خلق منّا ومن نور الحسين تسعة أئمّة فدعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق الله سماءً مبنيّةً ولا أرضاً مدحيّة ولا ملكاً ولا بشراً دوننا، نورٌ نسبّح الله ونسمع ونطيع.

قال

سلمان: فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي فما لِمَنْ عرف هؤلاء؟

فقال صلي الله عليه و اله:

يا سلمان من عرفهم حقّ معرفتهم واقتدي بهم ووالي وليّهم وتبرأ من عدوّهم فهو والله منّا يرد حيثُ نرد، ويسكن حيث نسكن.

فقلت: يا رسول الله فهل يكون إيمانٌ بهم بغير معرفة بأسمائهم وأنسابهم؟

فقال صلي الله عليه و اله:

لا يا سلمان.

فقلت: يا رسول الله فأنّي بهم، قد عرفت إلي الحسين، قال صلي الله عليه و اله: ثم سيّد العابدين علي بن الحسين، ثم ابنه محمد بن علي باقر علم الأولين والآخرين من النبيّين والمرسلين، ثم جعفر بن محمد لسان الله الصادق، ثم موسي بن جعفر الكاظم غيظه صبراً في الله عزّ وجلّ، ثم علي بن موسي الرضا لأمر الله، ثم محمد بن علي المختار من خلق الله، ثم علي بن محمد الهادي إلي الله، ثم الحسن بن علي الصامت الأمين لسرّ الله، ثم محمد بن الحسن الهادي والمهدي الناطق القائم بحقّ الله.

قال صلي الله عليه و اله:

إنّك مدركه (يعني: مدركٌ للإمام المهدي في الرجعة) ومن كان مثلك ومن تولاّه بحقيقة المعرفة.

قال سلمان: فشكرتُ الله كثيراً ثم قلتُ: يا رسول الله وإنّي مؤجل إلي عهده؟

قال:

يا سلمان اقرأ (قوله تعالي): «فَإذا جاءَ وَعْدُ أولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أولي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكان وَعْداً مَفْعُولاً• ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ».

قال سلمان: فاشتدّ بكائي وشوقي ثم قلت: يا رسول الله بعهدٍ منك؟ (يعني: في زمانك وأنت موجود وقت الرجعة)؟

فقال صلي الله عليه و اله:

أي والله الذي أرسل محمداً بالحقّ، منّي ومن عليّ وفاطمة والحسن والحسين والتسعة وكل من هو منّا ومعنا وفينا، أي والله

يا سلمان، (إلي آخر الحديث).

(أقول): هذه الرواية الشريفة تدلّ علي أنّ تأويل الآيتين الكريمتين في رسول الله وفاطمة والأئمة الإثني عشر » حيث يكرّون ويعودون حين يأذن الله تعالي لهم (بالرجعة).

فتكون هاتان الآيتان ممّا نزل في فضل فاطمة الزهراء عليها السلام.

فهي مصداق تام ل(عباداً لنا). وهي مثل كامل ل(لكم) وما بعده.

«وَآتِ ذَا الْقُرْبي حَقَّهُ ».

عن الثعلبي في تفسيره في تفسير هذه الآية قال: عني بذلك قرابة رسول الله صلي الله عليه و اله.

وقال: ثُمّ قال الثعلبي، روي السُّدي عن أبي الديلمي، قال: قال علي بن الحسين عليه السلام لرجل من أهل الشام:

أقرأتَ القرآن؟

قال: نعم.

قال:

فما قرأتَ في بني إسرائيل «وَآتِ ذَا الْقُرْبي حَقَّهُ »؟

قال: إنّكم القرابة التي أمر الله تعالي أنْ يُؤتي حقُّه؟

قال:

نعم.

وروي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو سعد السعدي (بإسناده المذكور) عن أبي سعيد الخدري قال: لمّا نزلت علي رسول الله صلي الله عليه و اله: «وَآتِ ذَا الْقُرْبي حَقَّهُ ».

دعا فاطمة فأعطاها فدكا والعوالي، وقال صلي الله عليه و اله:

هذا قسم قسمهُ الله لك ولعقبك.

قال الياقوت الحموي في (معجمه): فدك، وهي قرية تبعد عن المدينة مسافة يومين أو ثلاثة أرضها زراعية خصبة فيها عين فوّارة ونخيلٌ كثيرة.

«وإمّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً ».

في إحقّاق الحق، عن مناقب الكاشي، عن الشيخ أبو بكر بن مؤمن الشيرازي (بإسناده المذكور) عن أبي ذر الغفاري قال:

إنّ هذه الآية نزلت في عليّ وفاطمة حيث أهدي ملك الحبشة إلي رسول الله عشر إماء.

«أولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلي رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد (بإسناده المذكور) عن عكرمة في قوله

تعالي: «أولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلي رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ».

قال: هم النبي وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.

سورة الكهف

«وفيها آيتان»

«وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلاّ إِبْلِيسَ ».

«وأمّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْني ».

«وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلا إِبْلِيسَ ».

روي العلاّمة البحراني رحمة الله عليه عن القاضي أبي عمرو عثمان بن أحمد أحد شيوخ العامة يرفعه إلي ابن عبّاس عن النبي صلي الله عليه و اله قال:

«لمّا شملت آدم الخطيئة نظر إلي أشباح تضيء حول العرش، فقال: يا ربّ، إنّي أري أشباحاً تشبه خلقي فما هي؟

قال: هذه الأنوار أشباح اثنين من ولدك اسم أحدهما (محمد) أبدأ النبوّة بك وأختمها به، والآخر أخوه وابن أخي أبيه اسمه (علي) أؤيّد محمداً به وأنصره علي يده (والأنوار) التي حولها أنوار ذرية هذا النبي من أخيه هذا يزوّجه ابنته تكون له زوجة يتصل بها أول الخلق إيماناً به وتصديقاً له سيّدة النسوان، وأفطمها وذريتها من النيران، تنقطع الأسباب والأنساب يوم القيامة إلاّ سببه ونسبه. فسجد (آدم) شكراً لله أنْ جعل ذلك في ذرّيته. فعوّضه الله عن السجود أنْ أسجد له ملائكته.

(أقول): إنّما ذكرنا هذا الحديث الشريف عند هذه الآية الكريمة لأجل أنّه يدلّ علي أنّ السبب الأساسي والأول لواقع هذه الآية كان رسول الله وأهل بيته عليهم السلام فكأنّها إشارة إليهم.

وفاطمة الزهراء عليها السلام هي من تلك الأشباح المضيئة حول العرش، فتكون هذه الآية شاملة لها أيضاً.

«وأما مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْني وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً ».

عن الفقيه (الشافعي) إبراهيم بن محمد الحمويني، بإسناده المذكور، عن عليّ بن أبي طالب (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) قال:

قال رسول الله صلي الله عليه و اله:

أتاني جبرائيل عن

ربي عزّ وجلّ وهو يقول:

ربّك يُقرؤُك السلام ويقول لك: بشّر المؤمنين الّذين يعملون الصالحات ويؤمنون بك وبأهل بيتك الجنّة، فلهم عندي جزاءً الحسني.

(أقول): طبقاً لهذا الحديث الشريف يكون المراد ب(آمن) في هذه الآية الكريمة: هو الإيمان بالنبي وبأهل بيته » وذلك من شروط الإيمان بالله تعالي، فلا يكمل الإيمان به إلاّ بالإيمان بهم، وفاطمة الزهراء عليها السلام حيثُ إنّها من أهل البيت فيكون الإيمان بها من شروط الإيمان بالله.

ومطابقة الجملة الواردة في هذا الحديث القدسي الشريف للآية الكريمة، تعطي وحدة المقصود فيهما.

سورة مريم عليها السلام

«وفيها آية واحدة»

«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ».

«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ».

روي العلاّمة الهيثمي وقال: أخرج السلفي عن محمد بن الحنفيّة في قوله عزّ وجلّ: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا » أنّه قال:

لا تلقي مؤمناً ولا مؤمنة إلاّ وفي قلبه ودٌ لعلي وأهل بيته.

وأخرج نحواً منه علاّمة الشافعية الشبلنجي في نور الأبصار أيضاً.

(أقول): فاطمة الزهراء عليها السلام حيث إنّها من أهل البيت، فتكون ممّن أُريد ب«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ » في هذه الآية، وقد جعل الرحمان لها ولهم الودّ في قلوب المؤمنين والمؤمنات.

سورة طه صلي الله عليه و اله

«وفيها أربع آيات»

«وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ».

«إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ».

«وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ ».

«فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أصحاب الصِّراطِ السويّ ».

«وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدي ».

أخرج الزرندي الحنفي محمد بن يوسف في نظم درر السّمطين عن ثابت النباني قال: قال في هذه الآية:

اهتدي إلي ولاية أهل بيت النبي صلي الله عليه و اله.

وأخرج الحافظ القندوزي عن صاحب المناقب بسنده المذكور قال: عن عليّ عليه السلام قال:

(والله لو تاب رجل وآمن، وعمل صالحاً ولم يهتدِ إلي ولايتنا وموّدتنا ومعرفة فضلنا ما أغني عنه ذلك شيئاً).

وفاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت فتكون ولايتها أيضاً من شروط حصول المغفرة من الله تعالي ف(اهتدي) في هذه الآية الكريمة نازلة بحقّها وبحقّهم، وفي شأنها وشأنهم ».

«يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ».

روي الفقيه الشافعي (ابن حجر) العسقلاني بإسناده المذكور قال: عن أبي هريرة عليه السلام عن النبي صلي الله عليه و اله أنّه قال:

من قال:

(اللّهم صلِّ علي

محمد وعلي آل محمد، كما صلّيت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، وبارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، وترحّم علي محمد وعلي آل محمد، كما ترحمت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم).

شهدت له يوم القيامة وشفعت له.

(أقول): بمقتضي هذا الحديث الشريف المتواتر نقله عن النبي صلي الله عليه و اله تكون هذه الآية الكريمة منطبقة علي النبي وأهل بيته عليهم السلام فالشفاعة تؤذن لمن يصلي عليه وعليهم، ومن جملتهم سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام.

«وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها ».

روي الفقيه (الشافعي) جلال الدين السّيوطي في تفسيره (الدرّ المنثور) قال: وأخرج ابن مردويه، وابن عساكر، وابن النجار، عن أبي سعيد الخدري قال: لمّا نزلت (قوله تعالي): «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ ».

كان النبي صلي الله عليه و اله يجيء إلي باب علي صلاة الغداة ثمانية أشهر يقول: الصّلاة رحمكم الله.

«إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ».

(أقول): صريح هذا الحديث الشريف: هو أنّ المراد ب(أهلك) في هذه الآية هم عليّ وفاطمة وأولادهما عليهم السلام.

«فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أصحاب الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدي ».

روي العلاّمة البحراني مرسلاً عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس في قوله تعالي: «فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أصحاب الصِّراطِ السَّوِيِّ ».

(قال): والله هو محمد وأهل بيته.

(أقول): فاطمة الزهراء عليها السلام هي من أهل البيت بمتواتر الروايات، فهي من أصحاب الصّراط السّوي في هذه الآية الكريمة، فالآية هذه نازلة بحقّها، وحقّ باقي أهلها ».

سورة الأنبياء عليهم السلام

«وفيها أربع آيات»

«فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ».

«إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَي أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَااشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ• لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُم

تُوعَدُونَ ».

«فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ».

أخرج الحافظ الحنفي سليمان القندوزي في ينابيعه (بسنده المذكور) قال: عن جعفر الصادق عليه السلام قال:

للذّكر معنيان: القرآن، ومحمد صلي الله عليه و اله ونحن أهل الذكر بكلا معنييه، إلخ.

(أقول): «نحن» هنا ككلّ مورد ذكر واحد من أهل البيت عليهم السلام كلمة «نحن» يُراد بها مجموع أهل البيت: عليّ وفاطمة وأبنائهما الأحد عشر عليهم السلام بنصّ الأحاديث الصحيحة المتواترة.

«إنّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْني أولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ• لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ• لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُهذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني أبو الحسن الفارسي (بإسناده المذكور) عن علي (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) قال:

قال لي رسول الله صلي الله عليه و اله:

يا عليّ فيكم نزلت هذه الآية: «إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْني أولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ».

وروي هو أيضاً، عن أبي بكر السبيعي بإسناده المذكور عن أبي عمر النّعمان بن بشير وكان من سمار علي : (أنّ علياً قال:

سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول: يا علي فيكم نزلت هذه الآية). «لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها »).

وروي هو أيضاً قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله:

يا علي فيكم نزلت: «لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ ». الناس يطلبون في الموقف وأنتم في الجنان تتنعّمون.

(أقول): الممارس للأحاديث الشريفة، المروية عن رسول الله صلي الله عليه و اله يحصل له القطع بأنّ ضمائر الجمع هذه إنّما يُقصد بها أهل البيت، ومنهم سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام.

فهي المصداق التام لهذه الآيات المباركات.

سورة الحج

«وفيها خمس آيات»

«وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَي الْقُلُوبِ ».

«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَي

نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ• الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ مَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ».

«الَّذِينَ إنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرض ».

«وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ».

«ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَي الْقُلُوبِ ».

روي الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: عن علي بن أبي طالب (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) أنّه قال في خطبة له:

«نحن الشعائر والأصحاب، والخزنة والأبواب».

(أقول): المقصود بكلمة (نحن) في هنا وغيره أهل البيت الّذين جعلهم الله تعالي مظاهر لأمره ونهيه وقدرته.

ومن أهل البيت سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام.

ولا ينافي هذا التأويل من الإمام أمير المؤمنين صلي الله عليه و اله لكلمة (الشعائر) وإنْ كان تفسيرها أو تنزيلها وارداً في الحج وشعائره، فإنّ للقرآن ظهراً، وبطناً، ولبطنه بطناً، وهكذا إلي سبعة بطون، وسبعين بطناً.

«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلي نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ• الَّذِينَ أخرجوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إلا أن يَقُولُوا رَبُّنَا الله ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو الحسين (بإسناده المذكور) عن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، في (قوله تعالي): «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا … » إلي آخر الآية.

«الَّذِينَ أخرجوا مِنْ دِيارِهِمْ … ».

قال:

نزلت فينا.

(أقول): يعني: فينا أهل البيت، وفاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، فتكون الآية الكريمة شاملة لها وفي فضلها ومقامها.

«الَّذِينَ إنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرض أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) عن فرات بن إبراهيم بإسناده المذكور عن أبي جعفر في قوله تعالي: «الَّذِينَ إنْ

مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرض » الآية.

قال:

فينا والله نزلت هذه الآية.

(أقول): يعني: فينا أهل البيت كالآية الكريمة الآنفة وسيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، فتكون من ضمن تفسير هذه الآية الشريفة، ومن الذين إنْ مكّنهم الله في الأرض أقاموا الصلاة.. إلخ.

«وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدّثني عليّ بن موسي بن إسحاق (بإسناده المذكور) عن أبي جعفر قال:

آل محمد: الصراط الذي دلَّ الله عليه.

(أقول): إذن ففاطمة الزهراء عليها السلام وهي أحبّ آل محمدٍ إلي محمد صلي الله عليه و اله الصّراط المستقيم الذي دلَّ عليه الله سبحانه في القرآن الحكيم.

فالمؤمنون يهديهم الله تعالي إلي مودّة وولاية أهل البيت، ومنهم فاطمة الزهراء عليها السلام

سورة المؤمنون

«وفيها أربع آيات»

«وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ».

«وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ ».

«فَإذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ ».

«إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا ».

«وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ».

أخرج الحافظ الحنفي سليمان القندوزي في ينابيعه عن الفقيه (الشافعي) الحمويني محمد بن إبراهيم، بسنده عن علي (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) قال:

«الصّراط: ولايتنا أهل البيت».

(أقول): حيثُ إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، فيكون المراد بالصّراط في هذه الآية الكريمة ولايتها وولاية بقيّة أهلها عليهم السلام التي يدعوهم الرسول صلي الله عليه و اله إليها.

«وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ ».

أخرج الحافظ الحنفي سليمان القندوزي في ينابيعه قال: وفي المناقب، عن زيد بن موسي الكاظم، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام في هذه الآية قال:

«عن ولايتنا أهل البيت».

(أقول): فتكون مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام ممّن ينكب عنها وعن بقيّة أسرتها غير المؤمنين

بالآخرة.

«فَإذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ ».

روي العلاّمة المناوي في (فيض القدير) بإسناده المذكور عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلي الله عليه و اله أنّه قال:

«كلُّ سببٍ ونسبٍ منقطعٌ يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي».

وروي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بإسناده المذكور) عن عطاء، عن عبد الله بن عبّاس قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله:

(كلُّ حسبٍ ونسبٍ يوم القيامة منقطعٌ إلاّ حسبي ونسبي إنْ شئتم اقرأوا: «فَإذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ »).

(أقول): فاطمة الزهراء عليها السلام هي سيّدة الحسب والنسب المتصلين برسول الله صلي الله عليه و اله فهي طليعة المستثنين من هذه الآية الكريمة.

«إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل (بإسناده المذكور) عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالي: «إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا ».

يعني: جزيتهم بالجنّة اليوم بصبر علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين في الدنيا علي الطاعات، وعلي الجوع والفقر، وصبروا علي البلاء لله في الدنيا.

«إنّهم هم الفائزون» والنّاجون من الحساب.

سورة النّور

«وفيها خمس آيات»

«اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأرض مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ».

«فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ• رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ• لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ ».

«وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض ».

«اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ

مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلي نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ ».

روي أبو بكر الحضرمي في كتابه (رشفة الصادي) بسنده المذكور عن أبي الحسن عليه السلام قال:

«كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ ». قال: المشكاة فاطمة، والمصباح الحسن والحسين.

و«الزُّجاجَةُ كانها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ». قال: كانت فاطمة كوكباً دريّاً بين نساء العالمين.

«يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ ». إبراهيم عليه السلام.

«لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ». لا يهودية ولا نصرانية.

«يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ ». قال: كاد العلم ينطق منها.

«وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلي نُورٍ ». قال: من ذريتها إمام بعد إمام.

«يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ ». (يعني) يهدي الله لولايتنا من يشاء.

«فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالآصالِ• رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصارُ• لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِوَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُبِغَيْرِ حِسابٍ ».

روي العلاّمة الآلوسي في تفسيره عن ابن مردويه، عن أنس بن مالك، وعن بريدة قالا: قرأ رسول الله صلي الله عليه و اله هذه الآية:

«فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ ».

إلي قوله: «الأبصار».

فقام إليه رجلٌ فقال: يا رسول الله أيُّ بيوتٍ هذه؟

قال:

بيوتُ الأنبياء.

فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها بيت عليّ وفاطمة ؟

قال صلي الله عليه و اله:

نعم من أفاضلها.

عن تفسير مجاهد وأبي يوسف يعقوب بن سفيان عن ابن عبّاس (قال):

إنّ دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة، فنزل عند أحجار الزيت ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه، فنفر الناس

إليه إلّا علي، والحسن والحسين وفاطمة وسلمان وأبوذر، والمقداد، وصهيب، وتركوا النبي قائماً يخطب علي المنبر، فقال النبي صلي الله عليه و اله:

لقد نظر الله إلي مسجدي يوم الجمعة، فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لأُضرمت المدينة علي أهلها ناراً، وحصبوا بالحجارة كقوم لوط، ونزل فيهم: «رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ».

(أقول): إنّما ذكرنا الآيات الثلاث مع أنّ المذكور في الحديثين منها آيتان فقط، وذلك لأنّ الآية الثالثة تتمّة للآيتين الأولتين، ونازلة فيمن نزلت فيهم الآيتان الأولتان، فلاحظها.

«وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضي لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) عن تفسير فرات بن إبراهيم (بإسناده المذكور) عن القاسم بن عوف، قال: سمعت عبد الله بن محمد يقول: «وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ».

قال: هي لنا أهل البيت.

(أقول): حيثُ إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام هي من أهل البيت كانت الآية الكريمة في شأنها وفضلها، يعني: وعد الله أهل البيت بالخلافة في الأرض.

سورة الفرقان

«وفيها أربع آيات»

«وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً ».

«وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا • أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا• خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًاً ».

«وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكان رَبُّكَ قَدِيراً ».

أخرج العالم الحنفي الحافظ سليمان القندوزي أبي نعيم الحافظ، وعن الفقيه الشافعي ابن المغازلي أنّهما أخرجا بسنديهما، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس قال: (نزلت هذه الآية في الخمسة أهل

العباء).

ثم قال (ابن عبّاس):

المُراد من (الماء) نور النبي صلي الله عليه و اله الذي كان قبل خلق الخلق، ثم أودعه في صلب آدم، ثم نقله من صلب إلي صلب، إلي أنْ وصل إلي صلب عبد المطلب فصار جزئين، جزء إلي صلب عبد الله، فولد النبي صلي الله عليه و اله وجزء إلي صلب أبي طالب، فولد عليّاً، ثم ألف النكاح فزوّج عليّاً بفاطمة فولد حسناً وحسيناً.

«وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إماماً• أولئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً• خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً ».

روي الحاكم الحسكاني (الحنفي) عن فرات (بإسناده المذكور) عن أبي سعيد (الخدري) في قوله تعالي:

«هَبْ لنا » الآية.

قال النبي صلي الله عليه و اله:

قلت: يا جبرائيل «مِنْ أَزْوَاجِنَا »؟

قال: خديجة.

قال صلي الله عليه و اله:

«وَذُرِّيَّاتِنَا »؟

قال صلي الله عليه و اله:

فاطمة.

و: قرّة أعيُن؟

قال صلي الله عليه و اله:

الحسن والحسين.

قال صلي الله عليه و اله:

«وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إماماً »؟

قال صلي الله عليه و اله:

علي عليه السلام.

(أقول): إنّما ذكرنا الآيات الثلاث مع أنّ المذكور منها في الحديث هي الآية الأولي فقط، لكون الآيتين الأخيرتين كالمحمول للموضوع، والخبر للمبتدأ، والنتيجة للقضية في القياس.

سورة الشعراء

«وفيها آيتان»

«فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ ».

«وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ».

«فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ ».

أخرج الحافظ الحنفي الحاكم الحسكاني، قال: أخبرونا عن القاضي أبي الحسين النصيبي (بإسناده المذكور) عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلتُ علي عليّ بن أبي طالب فقال:

«يا أبا عبد الله ألا أنبئُك بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنّة، وبالسيّئة التي من جاء بها أكبّه الله في النار، ولم يُقبل له معها عملاً؟».

قلت: بلي يا أمير المؤمنين.

قال: الحسنة

حبّنا، والسيّئة بغضنا.

(أقول): ضمير المتكلم مع الغير «نا» في «حبّنا» و «بغضنا» يُراد به جميع أهل البيت المعصومين: علي وفاطمة وأبنائهما الأحد عشر »، وقد نصَّ علي ذلك كما ذكرنا مراراً صحاح كتب الحديث والتفسير والتاريخ لعامّة مذاهب المسلمين.

«وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ».

(أخرج) علاّمة الشوافع الشيخ إبراهيم الحمويني في (فرائد السّمطين) (بسنده المذكور) قال: عن رسول الله صلي الله عليه و اله في حديث طويل أنّه قال:

«الحسن والحسين إماما أُمّتي بعد أبيهما، وسيدا شباب أهل الجنة، أُمُّهما سيّدة نساء العالمين، وأبوهما سيّد الوصيين، ومن ولد الحسين تسعة أئمة، تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي، ومعصيتهم معصيتي، إلي الله أشكو المُنكرين لفضلهم، والمضيّعين لحرمتهم بعدي، وكفي بالله وليّاً وناصراً لعترتي، وأئمّة أُمّتي، ومنتقماً من الجاحدين حقّهم …

ثم قرأ صلي الله عليه و اله قوله تعالي: «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ».

سورة النمل

«وفيها آيتان»

«مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ• وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ».

«مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ• وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إلا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ».

أخرج العلاّمة المير محمد صالح الترمذي (الحنفي) في كتابه: (مناقب مرتضوي) قال:

روي عن عليّ (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) في قوله تعالي: «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ• وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ».

قال:

الحسنة حبّنا أهل البيت، والسيّئة بغضنا أهل البيت، من جاء بها أكبّه الله علي وجهه في النار.

(أقول): لا ريب لكل من قرأ شيئاً ولو يسيراً من كتب الحديث الشريفة من الصحاح والمسانيد في أنّ «أهل

البيت» يُراد به كلّما ذكر علي وفاطمة والحسنان والتسعة الطيّبة من ذريّة الحسين ».

سورة القصص

«وفيها ثلاث آيات»

«وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَي عَمَّا يُشْرِكُونَ• وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ».

«مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ».

«وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كان لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالي عَمَّا يُشْرِكُونَ• وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ ».

عن محمد بن مؤمن الشيرازي، في كتابه المستخرج من التفاسير الإثني عشر وهو من مشايخ أهل السنّة في تفسير قوله تعالي: «وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كان لَهُمُ الْخِيَرَةُ ».

يرفعه إلي أنس بن مالك قال: سألتُ رسول الله صلي الله عليه و اله عن هذه الآية فقال صلي الله عليه و اله:

إنّ الله خلق آدم من الطّين، كيف يشاء ويختار.

وإنّ الله تعالي اختارني وأهل بيتي علي جميع الخلق فانتجبنا، فجعلني الرسول، وجعل علي بن أبي طالب الوصي، ثم قال تعالي: «ما كان لَهُمُ الْخِيَرَةُ ».

يعني: ما جعلت للعباد أن يختاروا، ولكني أختارُ ما أشاء، فأنا وأهل بيتي صفوته وخيرته من خلقه، ثم قال تعالي: «سُبْحانَ اللهِ ».

يعني: تنزهاً لله.

«مَّا يُشْرِكُونَ » به كفّار مكة.

ثم قال تعالي:

«وَرَبُّكَ » يعني: يا محمد.

«يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ. »

من بغض المنافقين لك ولأهل بيتك.

«وَما يُعْلِنُونَ ».

بألسنتهم من الحبّ لك ولأهل بيتك.

(أقول): فاطمة الزهراء عليها السلام هي من أهل البيت، فكانت هي ممّن اختارها الله تعالي، وكانت هي ايضاً ممّن تكنُّ صدورُ المنافقين ببغضها، ويعلنون حبّها، فتكون مشمولة لتنزيل الآيتين الكريمتين.

«مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَي الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إلا ما كانوا يَعْمَلُونَ ».

روي الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أحمد بن

عبد الله بن أحمد (بإسناده المذكور) عن أبي جعفر يقول: دخل أبو عبد الله الجدلي علي أمير المؤمنين فقال له:

يا أبا عبد الله ألاَ أخبرك بقول الله تعالي: «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ » إلي قوله «يَعْمَلُونَ »؟

قال: بلي جُعلتُ فداك.

قال:

الحسنة حبّنا أهل البيت، و السيّئة بغضنا ثم قرأ الآية: «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَي الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إلا ما كانوا يَعْمَلُونَ ».

(أقول): فحبُّ فاطمة الزهراء عليها السلام حسنة يجازي الله تعالي عليها بخيرٍ منها، و بغض فاطمة الزهراء عليها السلام سيّئة لا يجازي الله سبحانه عليها إلاّ بما يماثلها.

سورة العنكبوت

«و فيها آيتان»

«وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ ».

«وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ».

«وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ».

روي العلاّمة البحراني، عن الفقيه (الحنفي) موفّق بن أحمد الخوارزمي (بإسناده المذكور) عن مالك بن أنس (إمام المالكية) عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله في حديث :

«ألا ومن أبغض آلَ محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيسٌ من رحمة الله »

ثم أعقب ذلك العلاّمة البحراني فقال:

قال مؤلف هذا الكتاب: أمّا موفّق بن أحمد فهو عامّي المذهب (حنفي)، ومالك بن أنس هو الذي تنسب إليه الفرقة المالكية إحدي الفرق الأربع من العامّة، ونافع هو ابن الأزرق مولي عمر بن الخطّاب وهو من الخوارج، وابن عمر هو عبد الله وهو من رؤوس النّواصب الّذين لم يبايعوا علي بن أبي طالب، وهذه الرواية من عجيب روايتهم لأنّهم أعداؤه عليه السلام.

(أقول): أمّا نافع بن الأزرق، فهو الذي روي فيه الحاكم الحسكاني (بإسناده المذكور) عن أبي هارون العبدي قال:

كنت جالساً مع ابن عمر، إذ جاء نافع بن الأزرق فقال: والله إنّي لأبغض علياً قال (يعني ابن عمر): أبغضكَ الله تبغض رجلاً سابقة من سوابقه خيرٌ من الدنيا وما فيها.

وأمّا ابن عمر، فقد روي المحدّث القمّي عنه قال:

لمّا دخل الحجاج مكة وصلب ابن الزبير راح عبد الله بن عمر إليه وقال: (مُد يدك لأبايعك لعبد الملك، قال رسول الله صلي الله عليه و اله:

(من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية).

فأخرج الحجّاج رجله وقال: خذ رجلي فإنّ يدي مشغولة.

فقال ابن عمر: أتستهزيء منّي؟

قال الحجّاج: يا أحمق بني عدي، ما بايعت مع عليّ وتقول اليوم من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهليةً، أو ما كان علي إمام زمانك؟ والله ما جئت إليّ لقول النبي صلي الله عليه و اله، بل جئتَ مخافة تلك الشجرة التي صُلب عليها ابن الزبير.

وبمقتضي هذا الحديث الشريف الّذي ذكره العلماء في تفسير هذه الآية الكريمة والأحاديث الكثيرة الأخري يكون مصير من يبغض فاطمة الزهراء عليها السلام اليأس من رحمة الله تعالي.

«وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين ».

روي الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرني فرات بن إبراهيم (بإسناده المذكور) عن أبّان بن تغلب (عن أبي جعفر) في قوله تعالي: «لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين »

قال:

نزلت فينا أهل البيت.

(أقول): وسيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، فهي سبيلٌ إلي الله تعالي، وبقيّة أهل البيت وهم أبوها، وبعلها، وبنوها كلُّهم سبلٌ إلي الله جلّ وعلا.

سورة الرّوم

«وفيها آية واحدة»

«فَآتِ ذَا الْقُرْبي حَقَّهُ ».

«فَآتِ ذَا الْقُرْبي حَقَّهُ ».

روي الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بإسناده المذكور) عن ابن عبّاس قال: لمّا أنزل الله: «فَآتِ ذَا

الْقُرْبي حَقَّهُ ».

دعا رسول الله صلي الله عليه و اله فاطمة وأعطاها فدكاً وذلك لصلة القرابة.

(أقول): هناك طائفة كبيرة تعدّ بالعشرات من الأحاديث الشريفة في عامّة كتب الحديث والتفسير والتاريخ لمختلف مذاهب المسلمين مرويّة عن النبي صلي الله عليه و اله أنّ نزول هذه الآية الكريمة كانت لإعطاء «فدك» إلي فاطمة الزهراء عليها السلام نِحْلَةً من رسول الله صلي الله عليه و اله بأمر الله تعالي.

وقد ذكرنا حديثاً واحداً من ذلك الزخم الضخم روماً للاختصار.

وقد كتب علماء المسلمين من شتّي المذاهب كتباً خاصّة ب «فدك» أسهبوا فيها الحديث عن هذه الواقعة والقصّة الإسلأميّة التاريخية العريقة والمهمّة.

سورة الأحزاب

«وفيها آيتان»

«إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ ».

«إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَي النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ».

«إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ».

أجمع عامّة أهل التفسير، والحديث، و التاريخ علي أنّ المقصود ب (أهل البيت) هم الخمسة الطيّبون (محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، و الحسين عليهم السلام).

روي (البلاذري) قال: حدثني أبو صالح الفرّاء (بإسناده المذكور في كتابه) عن أنس بن مالك: أنّ النبي صلي الله عليه و اله كان يمرّ ببيت فاطمة ستّة أشهر وهو منطلق إلي صلاة الصبح فيقول:

«الصلاة أهل البيت».

«إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ».

وأورد الفيروزآبادي: عن الطّحاوي (الحنفي) في كتاب (مشكل الآثار) بسنده عن أمّ سلمة قالت: نزلت هذه الآية في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين: «إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ».

وأورد أيضاً عن (أبي داود الطيالسي) في مسنده بإسناده عن أنس عن النبي صلي الله عليه و اله: أنّه كان يمرّ علي باب فاطمة

شهراً قبل صلاة الصبح فيقول:

الصلاة يا أهل البيت «إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ ».

وفي مُسند الإمام أحمد بن حنبل (بإسناده المذكور) عن أمّ سلمة: أنّ رسول الله صلي الله عليه و اله قال لفاطمة:

آتيني بزوجك وابنيك، فجاءت بهم فألقي عليهم كساءً فدكياً.

ثم قال صلي الله عليه و اله:

«اللّهم إنّ هؤلاء آل محمد فاجعلْ صلواتك وبركاتك علي محمد وعلي آل

محمد إنّك حميد مجيد».

وفي مستدرك الصّحيحين كما أورد العلاّمة الفيروزآبادي بإسناده المذكور عن عامر بن سعد، عن سعد بن أبي وقّاص يقول:

لا أسبُّه (يعني علي بن أبي طالب) ما ذكرت حين نزل عليه (يعني النبي صلي الله عليه و اله الوحي فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال صلي الله عليه و اله:

«ربِّ إنّ هؤلاء أهل بيتي».

وروي (الفقيه الشافعي) جلال الدين بن أبي بكر السّيوطي في تفسيره، بإسناده عن سعد قال: نزل علي رسول الله صلي الله عليه و اله الوحي فأدخل علياً وفاطمة وابنيها تحت ثوبه ثم قال صلي الله عليه و اله:

«اللُّهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي».

وأورد العلاّمة الفيروزآبادي، عن الهيثمي في كتاب (مجمع الزوائد) عن وائلة بن الأسقع قال:

خرجتُ وأنا أريد علياً فقيل لي:

هو عند رسول الله صلي الله عليه و اله فأممت إليهم فأجدهم في حظيرة من قصب رسول الله، وعلي وفاطمة وحسن وحسين قد جعلهم صلي الله عليه و اله تحت ثوب قال:

«اللّهم إنّك جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليّ وعليهم».

وأخرج المفسّر المعاصر (محمد عزّة دروزة) في تفسيره الذي أسماه (التفسير الحديث) وقد رتّب السّور فيه علي ترتيب نزولها لا علي الترتيب المثبت عليه القرآن، قال: (ومنها حديث رواه مسلم والترمذي عن أمّ سلمة أمّ المؤمنين جاء فيه:

(نزلت

الآية «إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً » في بيتي، فدعا النبي صلي الله عليه و اله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فجللّهم

بكساء وعلي خلف ظهره. ثم قال صلي الله عليه و اله:

اللّهُم هؤلاء أهل بيتي فأذهبْ عنهم الرّجسَ وطهّرهُم

تطهيراً

(فقلت): وأنا معهم يا رسول الله؟

قال صلي الله عليه و اله:

أنتِ علي مكانكِ وأنتِ إلي خير).

وقال العلاّمة المراغي أحمد مصطفي، أستاذ الشريعة الإسلأميّة واللغة العربية بكليّة دار العلوم بمصر في تفسير: (وعن ابن عبّاس قال: شهدنا رسول الله صلي الله عليه و اله تسعة أشهر يأتي كلّ يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كل صلاة فيقول: «السلام عليكم ورحمة الله، «إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً »، الصلاة يرحمكم الله، كل يوم خمس مرّات».

وأخرج الإمام الخطيب الشربيني (الفقيه الشافعي) في تفسيره (السّراج المنير) قال:

وعن أمّ سلمة عليها السلام قالت: في بيتي نزل: «إنما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ

أهل الْبَيْتِ عليهم السلام.

قالت: فأرسل رسول الله صلي الله عليه و اله إلي فاطمة وعلي والحسن والحسين

فقال صلي الله عليه و اله:

«هؤلاء أهل بيتي».

وأخرج مثل ذلك بمعني واحد، ونتيجة واحدة، وواقع غير متناقض وإنْ كان بألفاظ عديدة، ورواة مختلفين، وأسانيد متكاثرة كثيرون غير هؤلاء، نشير إلي مواقع ذكره من مؤلفاتهم كنماذج لا كاستيعاب تسهيلاً علي الطالب، وتمكيناً للراغب:

(منهم) الإمام فخر الدين الرّازي في (تفسيره).

(منهم) النيسابوري (الشافعي) في (تفسيره).

(ومنهم) مسلم في (صحيحه).

(ومنهم) الإمام الطبري في (تفسيره).

(ومنهم) البيهقي في (سننه).

(ومنهم) أحمد بن محبّ الدين الطبري (الشافعي) في (رياضه) و(ذخائره).

(ومنهم) العلاّمة الطّحاوي الحنفي في (مشكله).

(ومنهم) الحاكم في (مستدركه).

(ومنهم) المؤرخ الكبير ابن الأثير (الشافعي) في (أسد الغابة).

(ومنهم) ابن حجر الهيثمي (الشافعي) في (مجمعه).

(ومنهم) غير

هؤلاء من الأعلام.

«إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَي النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ».

روي العلاّمة الواحد النيسابوري في تفسير هذه الآية بسنده المذكور عن كعب بن عجرة، قال:

لمّا نزلت: «إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَي النَّبِيِّ » الآية قلنا: يا رسول الله قد علمنا: السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟

قال صلي الله عليه و اله:

قولوا: اللّهم صلِّ علي محمد وآل محمد كما صلّيت علي

إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ، وبارك علي محمد وآل محمد كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ.

(ونقله) بالنصّ: العلاّمة المراغي في تفسيره أيضاً.

وأورد العلاّمة الفيروزآبادي عن البخاري في كتابه (الأدب المفرد) بسنده عن رسول الله صلي الله عليه و اله:

(من قال: «اللّهم صلِّ علي محمد وعلي آل محمد كما صلّيت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، وترحّم علي محمد وعلي آل محمّد كما ترحّمت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم» شهدت له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له).

وأورد أيضاً عن (عبد الرؤوف المناوي) في كتابه (فيض القدير) قال: روي الطبراني في الأوسط عن علي موقوفاً قال:

«كلُّ دعاء محجوب حتي يُصلّي علي محمد وآل محمد».

وأخرج المفسّر المعاصر (محمد عزّة دروزة) في تفسيره قال: (ومنها حديث عن عبد الله بن مسعود، قال إذا صلّيتم علي النبي فأحسنوا الصلاة عليه قالوا له: علّمنا، فقال: قولوا: … اللّهم صلِّ علي محمد وآل محمد كما صلّيت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ).

وقال الحافظ الإمام أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي في تفسيره المسمّي بالتسهيل لعلوم التنزيل في تفسير هذه الآية: (وروي أنّ النبي صلي الله عليه و اله قال:

نزلت

هذه الآية في خمسة: فيّ، وفي علي وفاطمة والحسن والحسين).

وأخرج علي المتّقي الهندي في (كنزه) بأسانيده العديدة عن زيد بن خارجة، عن النبي صلي الله عليه و اله أنّه قال: (قولوا: اللُّهم صلِّ علي محمد وعلي آل محمد). الخ.

(أقول): سيّدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام هي ممّن نزلت فيهم هذه الآية الكريمة، وأمرت المؤمنين بالصلاة عليهم والتسليم لهم.

سورة سبأ

«وفيها آية واحدة»

«وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَي الَّتِي بارَكْنا فِيها ».

«وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَي الَّتِي بارَكْنا فِيها قُريً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ».

روي الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) في قوله تعالي: «وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَي الَّتِي بارَكْنا فِيها قُريً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ».

عن محمد بن صالح الهمداني قال: كتبت إلي (صاحب الزمان): إنّ أهل بيتي يؤذونني بالحديث الذي روي عن آبائك أنّهم قالوا: قوّامنا شرار خلق الله، فقال:

ويحكم أما تقرؤون ما قال الله تعالي: «وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَي الَّتِي بارَكْنا فِيها قُريً ظاهِرَةً ».

فنحن والله القري التي بارك الله فيها، وأنتم القري الظاهرة.

(أقول): كلمة (نحن) ظاهرة في أهل البيت الّذين منهم سيّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام فهي تنزيل للقري التي بارك الله فيها.

سورة فاطر

«وفيها أربع آيات»

«وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَي وَالْبَصِيرُ• وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ• وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ».

«ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ».

«وَما يَسْتَوِي الأَعْمي وَالْبَصِيرُ• وَلاَ الظُّلُماتُ وَلاَ النُّورُ• وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ ».

ذكر العلاّمة المجلسي رحمة الله عليه في البحار عن مالك بن أنس (بإسناده المذكور) عن ابن عبّاس في قوله تعالي:

«وَما يَسْتَوِي الأَعْمي وَالْبَصِيرُ » الخ.

الأعمي: أبو جهل، والبصير: أمير المؤمنين عليه السلام ولا الظلمات: أبو جهل، ولا النور: أمير المؤمنين عليه السلام ولا الظلّ يعني ظلّ أمير المؤمنين في الجنّة، ولا الحرور: يعني جهنم، ثم جمعهم جميعاً فقال: وما يستوي الأحياء: «علي، وحمزة، وجعفر، والحسن، والحسين، وفاطمة، وخديجة» ولا الأموات: كفّار مكّة.

«ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ».

أخرج علاّمة الأحناف، الحافظ سليمان القندوزي في ينابيعه (بسنده المذكور) قال: عن جعفر الصادق عليه السلام كان يقول:

«قد ولدني رسول الله

صلي الله عليه و اله وأنا أعلم كتاب الله، وفيه خبر بدء الخلق، وما هو كائن إلي يوم القيامة، وفيه خبر السماء، وخبر الأرض، وخبر الجنّة وخبر النار، وخبر ما كان، وأنا أعلم ذلك كلّه كأنّما أنظر إلي كفّي.إنّ الله يقول: «فيه تبيانُ كلّ شيء ».

ويقول تعالي: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ».

فنحن الذين اصطفاهم الله عزّ وجلّ، ونحن ورثنا هذا الكتاب فيه تبيان كلّ شيء.

(أقول): فاطمة الزهراء عليها السلام بما أنّها من ضمن أهل البيت، فيشملها الضمائر التي هي للمتكلم مع الغير «نحن نا» إذ المراد بهذه الضمائر يعني: نحن أهل البيت عليهم السلام.

سورة الصّافات

«وفيها أربع آيات»

«وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ».

«وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ• إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ».

«سَلامٌ عَلي إِلْ ياسِينَ ».

«وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ».

أخرج عالم الشافعية شهاب الدين أبو بكر الحضرمي في كتابه «رشفة الصادي من بحر فضائل النبي الهادي» قال: قال الإمام الواحدي في قوله تعالي: «مَّسْئُولُونَ ».

أي: عن ولاية علي وأهل البيت.

(أقول): فولاية سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام، ممّا يُسئل عنه، وهذا تنزيل هذه الآية الكريمة.

«وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبراهيمَ• إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ».

أخرج في (إحقاق الحق) عن كتاب (الأربعين) المخطوط للحافظ أبي محمد بن أبي الفوارس (بسنده المذكور) عن رسول الله صلي الله عليه و اله أنّه قال:

لمّا خلق الله إبراهيم عليه السلام كشف الله عن بصره فنظر إلي جانب العرش نوراً فقال:

إلهي وسيدي ما هذا النور؟

قال: يا إبراهيم هذا نورُ محمدٍ صفوتي.

(قال): إلهي وسيّدي: وأري نوراً إلي جانبه.

(قال): يا إبراهيم هذا نورُ علي ناصر ديني.

(قال): إلهي وسيّدي وأري نوراً ثالثاً يلي النورين.

(قال): يا إبراهيم هذا نورُ فاطمة تلي أباها وبعلها، فطمتُ بها محبّيها من

النار.

(قال): إلهي وسيّدي وأري نورين يليا في ثلاثة انوار.

(قال): يا إبراهيم هذان الحسن والحسين يليان نور أبيهما وأمهما وجدّهما.

(قال) إلهي وسيّدي وأري تسعة أنوار قد ألحقوا بالخمسة أنوار.

(قال): يا إبراهيم هؤلاء الأئمّة من ولدهم.

(قال): إلهي وسيّدي وبمإذا يعرفون؟

(قال): يا إبراهيم: أولهم عليّ بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسي بن جعفر وعلي بن موسي ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن العسكري والمهدي محمد بن الحسن صاحب الزمان.

(قال): إلهي وسيّدي وأري أنواراً لا يحصي عددها إلاّ أنت.

(قال): يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم ومحبّوهم.

(قال): إلهي وسيّدي اجعلني من شيعتهم ومحبّيهم.

فأنزل الله في القرآن: «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبراهيمَ• إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ».

قال ابن أبي الفوارس: قال المفضّل بن عمر: أنّ أبا حنيفة لمّا أحسّ بالموت روي هذا الخبر.

«سَلامٌ عَلي إِلْ ياسِينَ ».

أخرج العلاّمة جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي في «نظم درر السّمطين» بإسناده إلي ابن عبّاس أنّه قال: في قوله تعالي: «سَلامٌ عَلي إِلْ ياسِينَ ».

علي إل محمد صلي الله عليه و اله.

(أقول): (إل) بكسر الهمزة لغة في (آل) بمدّ الهمزة، وهما بمعني واحد، وليست هي (أل) التعريف والعهد، لكون الهمزة في تلك للوصل، وفي هذه للقطع يلفظ بها وإنْ كانت في درج الكلام.

(أقول): حيثُ إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام من (آل ياسين) تكون هذه الآية الكريمة نازلةً في حقّها وحقّ بقيّة أسرتها من أهل البيت عليهم السلام.

سورة الزمر

«و فيها آيتان»

«قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ».

«فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَي اللهِ ».

«قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إنما يَتَذَكَّرُ أولوا الأَلْبابِ ».

روي الحافظ عبيد الله الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو بكر الحارثي (بإسناده المذكور) عن جابر عن أبي

جعفر في قوله الله تعالي:

«قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ » الآية.

قال:

«الَّذِينَ يَعْلَمُونَ » نحن.

«وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ » عدوّنا.

«إنّما يَتَذَكَّرُ أولوا الأَلْبابِ » شيعتنا.

(أقول): سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام هي من الّذين عناهم الله تعالي من (الّذين يعلمون) في هذه الآية الكريمة بمستفيض الروايات ومنها ما ذكرناها.

«فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَي اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْويً لِلْكافِرِينَ ».

روي العلاّمة السّيد هاشم البحراني (قده) في كتاب صغير له قال عنه في أوّله (هذه نبذة في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام نقلتها من كتب أهل السنة) قال:

في مناقب أحمد بن موسي بن مردويه في قوله تعالي: «فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَي اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ ».

عن أمير المؤمنين قال:

«الصدق ولايتنا أهل البيت».

(أقول): فالصدق في هذه الآية الكريمة هو ولاية أهل البيت، ومنهم الحوراء الإنسيّة، فاطمة الزهراء عليها السلام.

سورة غافر (المؤمن)

«وفيها آية واحدة»

«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ».

«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ».

روي الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) قال: أخرج صاحب المناقب (بالسند المذكور فيه) عن علي بن أبي طالب قال:

قال رسول الله صلي الله عليه و اله في حديث :

يا عليّ إنّ الله تبارك وتعالي فضّل أنبياءه المرسلين علي

ملائكته المقرّبين، وفضلّني علي جميع النبيّين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي، وللأئمّة من ولدك من بعدك، فإنّ الملائكة من خدّامنا وخدّام محبّينا) يا علي «الذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربِّهم، ويؤمنون به، ويستغفرون للذين آمنوا» بولايتنا الحديث.

(أقول): ففاطمة الزهراء عليها السلام بما أنّها من أهل البيت عليهم السلام فهي التي تستغفر الملائكة للمؤمنين بولايتها وولاية أسرتها

من بقيّة أهل البيت عليهم السلام، ومقصود القرآن من قوله «لِلَّذِينَ آمَنُوا » هم المؤمنون بها وبهم.

سورة فُصّلت

«وفيها آية واحدة»

«وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إلي النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ».

«وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إلي النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ».

نقل العلاّمة الفيروز آبادي عن (كنز العمال/ ج6/ ص216) عن رسول الله صلي الله عليه و اله أنّه قال:

إنّ كلّ نبي أب عصبة ينتمون إليها، إلاّ ولد فاطمة فأنا وليُّهم وأنا عصبتهم، وهم عترتي، خُلقوا من طينتي، ويلٌ للمكذِّبين بفضلهم، من أحبّهم أحبّه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله.

وروي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو يحيي الحيكاني (بإسناده المذكور) عن جابر بن عبد الله (الأنصاري) قال: خطبنا رسول الله صلي الله عليه و اله فسمعتهُ يقول:

«من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهوديّاً».

قال جابر: قلت: يا رسول الله وإنْ صلّي وصام وزعم أنّه مسلم؟

فقال صلي الله عليه و اله:

«نعم وإنْ صلّي وصام وزعم أنّه مسلم» الحديث.

(أقول): هذه الآية بالبرهان والتطبيق واردة في أعداء أهل البيت عليهم السلام، وفاطمة الزهراء عليها السلام في طليعة أهل البيت، فتكون الآية ممّا ورد في أعدائها ومناوئيها أيضاً.

سورة الشوري

«وفيها ثلاث آيات»

«مَنْ كان يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ».

«قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلاّ المودّة فِي الْقُرْبي ».

«وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ».

«مَنْ كان يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ».

أخرج الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) نقلاً عن الشيخ هاشم بن سليمان في كتابه (المحجّة) في قوله تعالي:

«مَنْ كان يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ » عن أبي بصير، عن جعفر الصادق عليه السلام قال:

«يرزق الله المودّة في القربي من يشاء من عباده، وهي حرث الآخرة، يستوفي الله نصيب من يريد المودّة في القربي».

(أقول): نصّت الأحاديث المستفيضة في ذيل آيات عديدة ذكرت «القُربي» أنّ المراد بهم قربي رسول

الله صلي الله عليه و اله وأقربهم إليه هي سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام.

«قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلا المودّة فِي الْقُرْبي ».

روي (ابن كثير) في تفسيره، عن أبي إسحاق السبيعي قال: سألت عمر بن شعيب عن قوله تعالي: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلا المودّة فِي الْقُرْبي ».

فقال: قربي النبي صلي الله عليه و اله.

وفي (تفسير الجلالين) عند تفسير هذه الآية قال:

«استثناء منقطع، أي: لكن أسألكم أنْ تؤدّوا قرابتي».

ونقل (سيّد قطب) في تفسيره عند هذه الآية قال:

قال عبد الملك بن ميسرة، سمعت طاووساً يحدث عن ابن عبّاس « أنّه سأل عن قوله تعالي: «إِلاَّ المودّة فِي الْقُرْبي ».

فقال سعيد بن جبير: (قربي آل محمد).

عن (صحيح البخاري) من الجزء السادس في تفسير قوله تعالي: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلا المودّة فِي الْقُرْبي » بإسناده المذكور عن ابن عبّاس أنّه سأل عن قوله تعالي: «إِلاَّ المودّة فِي الْقُرْبي » فقال سعيد بن جبير: قربي آل محمد صلي الله عليه و اله.

وروي هو أيضاً عن (مسند أحمد بن حنبل) بإسناده المذكور عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال: لمّا نزل قوله تعالي: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلا المودّة فِي الْقُرْبي »

قالوا: يا رسول الله من قرابتك الّذين وجبت علينا مودّتهم؟

قال صلي الله عليه و اله:

علي وفاطمة وابناهما.

وأخرج هذا النصّ بهذا السّند أيضاً إبراهيم بن معقل النسفي (الحنفي) المتوفي سنة (295) في تفسيره.

(أقول): الأحاديث الشّريفة في هذا الباب كثيرة ومتواترة، تعدُّ بالعشرات، والعشرات، وهي متوفرة في كلّ تفسير، وكتاب حديث، وتاريخ، ونحوها، فمن أرادها فعليه بمراجعة مظانّها.

وأخرج الحافظ الحنفي سليمان القندوزي في ينابيعه بسنده عن ابن عبّاس قال: لمّا نزلت: «قُلْ

لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلاّ المودّة فِي الْقُرْبي »

قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الّذين وجبت علينا مودّتهم؟

قال صلي الله عليه و اله:

علي وفاطمة وولداهما.

وأورد نحو ذلك العالم المالكي نور الدين علي بن محمد بن الصبّاغ المكّي في فصوله.

وأخرج نحوه أيضاً عالم الشافعيّة إبراهيم بن محمد الحمويني الجويني في فرائده.

وأخرجه العلاّمة البحراني في كتاب صغير له أسماه (نبذة في مناقب أمير المؤمنين من كتب السّنة).

وكذلك علاّمة الأحناف (الخوارزمي) في كتابيه (المقتل) و (المناقب).

وآخرون كثيرون.

وقال الإمام الحافظ أبو قاسم (الكلبي) الغرناطي في تفسيره عند ذكر هذه الآية:

(والمعني: إلاّ أنْ تؤدّوا أقاربي وتحفظوني فيهم، والمقصد علي هذا وصيّة بأهل البيت).

وأخرج ذلك كثيرون من الأعلام في تفاسيرهم، وتواريخهم، وكتبهم في الحديث بتعبيرات وإنْ اختلفت من جهات الراوي، وألفاظ الرواية، وغير ذلك إلاّ أنّها متّفقة ومتّحدة في المعني والمغزي، والجامع الواحد الذي يجمعها جميعاً.

(منهم) ابن حجر الهيثمي علاّمة الشوافع في (مجمعه).

(ومنهم) العلاّمة الشبلنجي في (نور الأبصار).

(ومنهم) محبُّ الدين الطبري في (ذخائره).

(ومنهم) السّيوطي في (تفسيره).

(ومنهم) الإمام الرازي في (تفسيره).

(ومنهم) الإمام الطّبري في (تفسيره).

(ومنهم) المتّقي الهندي في (كنزه).

(ومنهم) أبو نعيم في (حليته).

(ومنهم) غير هؤلاء من الأعلام.

«وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ».

روي العلاّمة الشيخ سليمان القندوزي قال: أخرج الثعلبي عن ابن مالك عن ابن عبّاس في قوله تعالي: «وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ».

قال: المودّة لآل محمد صلي الله عليه و اله.

(أقول): اذاً فالمودّة لابنة رسول الله صلي الله عليه و اله فاطمة الزهراء عليها السلام هي من الحسنة التي مَنْ يقترفها يُزد له الله تعالي فيها حسناً.

فتكون سيّدة النساء عليها السلام من تنزيل هذه الآية الكريمة.

سورة الزخرف

«وفيها آية واحدة»

«فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ ».

«فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ ».

أخرج

الحافظ القندوزي (الحنفي) بسنده، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام عند ذكر هذه الآية، قال:

فالله جلّ شأنُه وعظُم سلطانُه، ودام كبرياءه أعزّ وأرفع وأقدس من أنْ يُعرض له أسف، لكن أدخل ذاته الأقدس فينا أهل البيت، فجعل أسفنا أسفه فقال: «فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ ».

(أقول): هذه الآية وإنْ كانت واردة في آل فرعون، ولكنّ تأويلها في ظالمي أهل البيت، وأهل البيت أدري بما نزل في بيتهم.

فيكون الظالمون لفاطمة الزهراء عليها السلام من تأويل هذه الآية الكريمة، فاعتبرهم الله تعالي ممن آسفوه وانتقم منهم، لأنّها من أهل البيت.

سورة الدّخان

«وفيها سبع آيات»

«إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ• فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ• يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ• كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ• يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ• لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَي وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ• فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ».

«إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ• فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ• يَلْبَسُونَ مِن سُندُس وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ• كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ• يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ• لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَي وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ• فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ».

روي الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا منصور بن الحسين (بإسناده المذكور) عن أنس بن مالك عن النبي صلي الله عليه و اله قال:

(آلُ محمد كلّ تقي).

(أقول): تحتمل قراءة (كل تقي) بنحو المبتدأ والخبر برفع وتنوين (كل) و (تقي) والمعني: كل واحد من آل محمد تقي، وتحتمل قراءته بنحو الإضافة، برفع (كل) بلا تنوين، والمعني حينئذٍ: أنّ كلّ من يتّقي الله هو آل محمد، وهذا لا يكون إلاّ مجازاً بمعني الفرد الأكمل والمصداق الأتمّ، لا مجرد الإطلاق. فآل محمد عليهم السلام قمّة المتقين وسادات الأتقياء، والذين تنطبق عليهم

التقوي بالأولوية بالنسبة إلي غيرهم، وحيثُ إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت كانت هي المصداق الأكمل لتنزيل هذه الآية بالنسبة للمرأة المتّقية. نعم آية «وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ » لمناسبة الحكم والموضوع تخصّ الرجال من (آل محمد عليهم السلام)

(وإنّما) ذكرنا الآيات السبع كلها لكونها جملة واحدة، وكمبتدأ والخبر، والصفة والموصوف، لا ينفكُّ بعضه عن الآخر.

سورة الجاثية

«وفيها آية واحدة»

«أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أن نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ».

«أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أن نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ ».

روي الحافظ عبيد الله الحسكاني (الحنفي) قال: (أخبرنا) سعيد بن أبي البلخي (بإسناده المذكور) عن الضّحاك عن ابن عبّاس في قوله تعالي:

«أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ » يعني: بني أميّة.

«أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ » النبي، وعليّ، وحمزة والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام.

سورة محمد صلي الله عليه و اله

«وفيها خمس عشرة آية»

«الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ• وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَي مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ».

«ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ ».

«وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ• سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ• وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ».

«ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَي الَّذِينَ آمَنُوا ».

«إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ».

«أَ فَمَنْ كان عَلي بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ».

«مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ».

«وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّي إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَي قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ• وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًي وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ ».

«فَهَلْ عَسَيْتُمْ أن تَوَلَّيْتُمْ أن تُفْسِدُوا فِي الأرض ».

«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّي نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ ».

«فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلي السَّلْمِ وَأنتمُ الأَعْلَوْنَ ».

ورد في عديد من الأحاديث الشريفة أنّ آيات سورة محمد صلي الله عليه و اله علي نوعين:

نوع في أهل البيت وهي آيات المتّقين والصالحين وآيات الجنّة والثواب ونحو ذلك.

ونوع ثانٍ في بني أميّة وهي آيات الفاسقين والكافرين وآيات النار والعذاب ونحوها.

(ونحن) روماً للترتيب بين آيات السورة كعادتنا نذكر الآيات النّازلة من هذه السورة في أهل

البيت » (عند محلّها من السّورة حسب ترقيم الآيات في الطبعات المعروفة من القرآن والمنتشرة بين المسلمين.

«الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ• وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلي مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثونا عن أبي العبّاس بن عقدة (بإسناده المذكور) عن عبد الله بن حزن قال: سمعت الحسين بن علي بمكّة ذكر قوله تعالي: «الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ• وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلي مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ ».

ثم قال:

«نزلت فينا وفي بني أميّة».

(أقول): يعني: الآية الأولي عن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله، هي النازلة في بني أميّة، والآية الثانية عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل علي محمد هي النازلة في أهل البيت عليهم السلام باعتبارهم المصداق الأكمل للإيمان والعمل الصالح.

وفاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت فتشملها هذه الآية الكريمة تنزيلاً.

«ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ ».

روي (الفقيه الشافعي) عبد الرحمن بن أبي بكر السّيوطي قال:

وأخرج ابن مردويه عن علي عليه السلام قال:

«سورة محمد آية فينا وآية في بني أميّة».

(أقول): فبنو أميّة هم «الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ » وأهل البيت بما فيهم سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام هم «الَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ ».

«وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ• سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ• وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ (بإسناده المذكور) عن علي قال:

(سورة محمد صلي الله عليه و اله

آية فينا وآية في بني أميّة).

(أقول): فالذين قتلوا في سبيل الله هم أهل البيت، علي وفاطمة وأولادها الأئمّة الطاهرون، الذين قال الشاعر عنهم:

«وما قضي كريم لهم

إلاّ بسُمّ وصارم».

لأنّهم بين من قتلوا بالسيف أو بغير السيف كعلي وفاطمة، والحسين، وبين من سُقوا السمّ كالحسن، والباقر، والصادق عليهم السلام.

وقد ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلي الله عليه و اله أنّه قال:

«ما منّا إلاّ مقتولٌ أو مسمومٌ».

«ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَي الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلي لَهُمْ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بإسناده المذكور) عن سعيد جبير عن ابن عبّاس في قول الله تعالي:

«ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَي الَّذِينَ آمَنُوا » يعني: وليّ عليّ وحمزة وجعفر وفاطمة والحسن والحسين، ووليّ محمد صلي الله عليه و اله ينصرهم بالغلبة علي عدوّهم.

«وَأَنَّ الْكافِرِينَ » يعني: أبا سفيان بن حرب وأصحابه.

«لا مَوْلي لَهُمْ » يقول (الله): لا وليَّ لهم يمنعهم من العذاب.

«إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْويً لَهُمْ ».

روي الحافظ عبيد الله بن عبد الله الحاكم الحسكاني (الحنفي) عن السبيعي، قال:

وورد عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في هذه السورة (سورة محمد) أنّه قال:

«آية فينا وآية في بني أميّة»

(أقول): فأهل البيت بما فيهم فاطمة الزهراء عليهم السلام هم المصداق الأتمّ لقوله تعالي: «إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ ».

وبنو أميّة هم المصداق الأوضح لقوله تعالي: «وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ

وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْويً لَهُمْ ».

«أَ فَمَنْ كان عَلي بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ ».

روي عبد الرحمن بن أبي بكر السّيوطي

الفقيه الشافعي، في تفسيره، قال:

وأخرج ابن مردويه عن عليّ عليه السلام قال:

«سورة محمد صلي الله عليه و اله آية فينا وآية في بني أميّة».

«أقول) ف «من كان علي بيّنة من ربّه» هم أهل البيت ومنهم فاطمة الزهراء عليها السلام، و«زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ » هم بنو أميّة.

«مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّي وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ ».

روي الحاكم الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو سعد المعادي (بإسناده المذكور) عن جعفر بن الحسين الهاشمي، قال في هذه السورة يعني سورة محمد صلي الله عليه و اله:

«آية فينا وآية في بني أميّة».

(أقول): ف«الْمُتَّقُونَ » الذين وعدوا الجنّة هم أهل بيت رسول الله عليهم السلام بما فيهم فاطمة الزهراء عليها السلام.

و«مَنْ هُوَ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ » هم بنو أميّة.

«وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّي إذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ماذا قالَ آنِفاً أولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلي قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ• وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُديً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ ».

روي الآلوسي في تفسيره قال:

أخرج ابن مردويه عن عليّ (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) أنّه قال:

نزلت سورة محمد صلي الله عليه و اله: «آية فينا وآية في بني أميّة».

(أقول): فالذين اهتدوا هم أهل البيت علي وفاطمة وأولادهما الطاهرون.

والذين طبع الله علي قلوبهم هم بنو أميّة.

«فَهَلْ عَسَيْتُمْ أن تَوَلَّيْتُمْ أن تُفْسِدُوا فِي الأرض وَتُقَطِّعُوا أرحامكُمْ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثنا المنتصر بن نصر بن تميم الواسطي (بإسناده المذكور) عن ابن عبّاس في

تفسير هذه الآية قال:

تولّوا (يعني: بني أميّة) أمر هذه الأمّة، فعملوا بالتجبّر والمعاصي، وتقطّعوا أرحام نبيّهم محمد وأهل بيته.

وفاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، فتكون الآية الكريمة نازلة بحقّها في جانبها الإيجابي، ونازلة بحقّ بني أميّة في جانبها السلبي.

«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّي نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ (بإسناده المذكور) عن الحرث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجز، عن عليّ قال:

«سورة محمد صلي الله عليه و اله آية فينا وآية في بني أميّة».

(أقول): فالمجاهدون والصابرون هم عليّ وفاطمة وأولادهما الطاهرون، فهم المصداق الأتمّ، والفرد الأكمل لهذه الآية الكريمة.

«فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلي السَّلْمِ وَأنتمُ الأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال:

وقال الحسن بن الحسن:

«إذا أردت أنْ تعرفنا وبني أميّة فاقرأ سورة محمد صلي الله عليه و اله» (الذين كفروا) «آية فينا وآية فيهم إلي آخر السورة».

(أقول): فالأعلون هم: أهل البيت ومنهم فاطمة الزهراء عليها السلام.

والله مع أهل البيت، ومع فاطمة الزهراء عليها السلام.

ولن يَتِرَ الله أعمال أهل البيت عليهم السلام وفاطمة الزهراء عليها السلام منهم.

سورة الفتح

«وفيها آيتان»

«لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ».

«وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ».

«لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ».

روي العلاّمة المير محمد صالح الكشفي الترمذي (مرسلاً) قال: نقل عن أخطب خوارزم في المناقب عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه قال: نزول الآية في أهل البيت وأنّهم أحقّ بها من غيرهم.

(أقول): يعني: هم الذين بايعوا النبي صلي الله عليه و اله بيعةً حقيقيةً لا تردّد فيها ولا مخالفة بعدها في كبير ولا صغير، فهم بالأولوية كانوا المصداق

الأكمل لهذه البيعة، وحيث إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام هي في طليعة أهل البيت شملتها الآية الكريمة بدون أيّ تردّد.

«وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ».

أخرج الحافظ الحاكم (الحسكاني الحنفي) عن تفسير فرات بن إبراهيم(سنده المذكور) عن السّدي عن ابن عبّاس في قوله تعالي:

«وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا » إلي آخر الآية قال:

نزلت في آل محمد صلي الله عليه و اله

وفاطمة الزهراء عليها السلام حيثُ إنّها من آل محمد صلي الله عليه و اله كانت الآية الكريمة بتنزيلها منطبقة عليها.

سورة ق

«وفيها آية واحدة»

«أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ».

«أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ».

أخرج أبو الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي في كتاب (المسند) المعروف (بابن أخي تبوك) المتوفي عام (396) هجرية (بسنده المذكور) هناك عن شريك بن عبد الله، قال: كنت عند الأعمش وهو عليل، فدخل عليه أبو حنيفة، وابن شبرمة، وابن أبي ليلي، فقالوا له: يا أبا محمد إنّك في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، وقد كنت تحدثت في (فضائل) عليّ بن أبي طالب بأحداث فتُب إلي الله منها.

فقال: (الأعمش): اسندوني، اسندوني، فأسند فقال:

حدثنا أبي المتوكل النّاجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله:

«إذا كان يوم القيامة قال الله تعالي لي ولعلي: ألقيا في النار من أبغضكما، وأدخلا في الجنّة من أحبّكما» فلذلك قوله تعالي: «أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ».

قال: فقال أبو حنيفة للقوم: قوموا لا يجيء بشيء أشدّ من هذا.

وأخرج نحواً منه العالم السّني صاحب (المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة) نقله عنه العلاّمة البحراني بالسند المذكور عن ابن مسعود، وفي آخره:

قال رسول الله

صلي الله عليه و اله:

يا ابن مسعود إذا كان يوم القيامة يقول الله عزّ

وجلّ لي و لعلي: أدخلا الجنة من شئتما وأدخلا النار من شئتما، وذلك قوله تعالي: «أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ».

فالكفار من جحد نبوّتي، والعنيد من عاند علياً وأهل بيته وشيعته.

(أقول): حيث إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل بيت علي عليه السلام كان معاندوها وظالموها ممّن نزلت هذه الآية في حقّهم.

سورة الذاريات

«فيها آيتان»

«كانوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ• وَ بِالأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ».

«كانوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ• وَ بِالأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي)، قال: (حدثنا) أبو بكر بن مؤمن (بإسناده المذكور) عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عبّاس في قوله تعالي: «كانوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ ».

قال: نزلت في علي بن أبي طالب، والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام.

(أقول): حيث كانت الآية الأولي نزلت فيهم » فلابدّ أنْ تكون الثانية أيضاً فيهم، لأنّها معطوفة علي الأولي، وضمائرها ترجع إلي الأولي، وهي كالصّفة بعد الصّفة.

سورة الطّور

«فيها ثمان آيات»

»ِانَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ• فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ• كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ• مُتَّكِئِينَ عَلَي سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ».

«وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍكُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ• وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ• يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ• وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌٌ ».

«إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ• فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ• كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ• مُتَّكِئِينَ عَلَي سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثنا المنتصر بن نصر بواسط (بإسناده المذكور) عن مجاهد عن عبد الله بن عبّاس في قوله تعالي: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ ».

قال: نزلت خاصّة في عليّ وحمزة وجعفر وفاطمة.

يقول: إنّ المتّقين في الدنيا (من) الشرك والفواحش والكبائر «في جنّات» يعني: البساتين.

«وَنَعِيمٍ » في أبواب الجنان.

قال ابن عبّاس: لكل واحد منهم بستان في الجنّة العليا، في وسط خيمة من لؤلؤة، في كل خيمة سرير من الذهب واللؤلؤ، علي كلّ سرير سبعون فراشا.

(أقول): إنّما

ذكرنا الآيات التالية أيضاً، لكونها صفات لأصحاب الآية الأولي، وحيث كانت الأولي في أهل البيت عليهم السلام كانت الباقيات أيضاً في أهل البيت.

«وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ• وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ• َتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ• وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌٌ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله (بإسناده المذكور) عن أبي مالك عن ابن عبّاس في قوله تعالي:

«وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ » الآية.

قال: نزلت في النبي وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ».

وروي هو أيضاً قال: أبو النصر محمد بن مسعود بن محمد (بإسناده المذكور) عن ابن عمر قال: إنّا إذا عدّدنا قلنا: أبو بكر وعمر وعثمان، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن فعليّ؟.

قال ابن عمر: ويحك عليّ من أهل البيت لا يُقاس بهم، عليّ مع رسول الله في درجته، إنّ الله يقول: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ ».

ففاطمة مع رسول الله في درجته وعليٌّ معهما.

(أقول): هذه الأحاديث مكرّرة، ذكرت الآية الأولي فقط، لكنها مع تواليها ممّا ذكرناها كلها جملة واحدة، وحيث كان شأن نزول الأولي في أهل البيت عليهم السلام، كانت تواليها أيضاً نازلات في أهل البيت.

سورة القمر

«فيها آية واحدة»

«فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ».

«فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ».

في كشف الغمّة: أخرج الحافظ أبو بكر بن مردويه في كتابه «المناقب» عن جابر بن عبد الله عليه السلام قال: كنّا عند رسول الله صلي الله عليه و اله فتذاكر أصحابه الجنّة فقال صلي الله عليه و اله:

إنّ أول أهل الجنّة دخولاً إليها علي بن أبي طالب، قال أبو دجانة الأنصاري:

يا رسول الله أخبرتنا أنّ الجنّة محرّمة علي الأنبياء حتي تدخلها أنت، وعلي الأمم حتي تدخلها أمّتك؟ قال: بلي يا أبا دجانة، أما علمت أنّ لله لواءً من نور، وعموداً من ياقوت، مكتوب علي ذلك النور: لا إله إلا الله محمد رسولي، محمد خير البريّة، صاحب اللواء إمام القوم، وضرب بيده إلي علي بن أبي طالب، قال فسرّ رسول الله بذلك عليّاً، فقال: الحمد لله الذي كرّمنا وشرّفنا بك، فقال له: أبشر يا علي، ما من عبد ينتحل مودّتنا إلاّ بعثه الله معنا يوم القيامة ثم قرأ رسول الله صلي الله عليه و اله:

«فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ».

(أقول): الضمائر في قول علي عليه السلام: «الحمد لله الذي كرّمنا وشرّفنا بك» تشمل أهل البيت جميعاً، وسيّدتهم الحوراء الإنسيّة فاطمة الزهراء عليها السلام فتكون هي الأخري معنيّة بالآية الكريمة.

سورة الرحمن

«وفيها أربع آيات»

«مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ• بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ• فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ• يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ».

«مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ• بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ• فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ• يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ».

روي (الفقيه الشافعي) جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السّيوطي في تفسيره قال: وأخرج ابن مردويه عن ابن عبّاس في قوله تعالي:

«مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ »

قال:

علي وفاطمة.

«بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ »

قال النبي صلي الله عليه و اله:

«يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ »

قال:

الحسن والحسين.

سورة الواقعة

«وفيها تسع عشرة آية»

«وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ• أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ• فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ».

«وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ• فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ• وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ• وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ• وَمَاء مَّسْكُوبٍ• وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ• لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ• وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ• إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء• فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا• عُرُبًا أَتْرَابًا• لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ ».

«فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ• فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ».

«وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ• فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ».

«وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ• أولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ• فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الصّوفي (بإسناده المذكور) عن الضّحاك، عن ابن عبّاس قال: سألت رسول الله صلي الله عليه و اله عن قول الله: «وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ• أولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ». قال صلي الله عليه و اله:

حدثني جبرائيل بتفسيرها قال: ذاك عليّ وشيعته إلي الجنّة.

(أقول): حيثُ إنّ أهل البيت فاطمة والحسن والحسين وأبناء الحسين هم في طليعة شيعة علي، كانوا هم في طليعة من تشملهم هذه الآية الكريمة.

وأخرج الخطيب البغدادي أبو بكر أحمد بن علي في كتابه (المناقب) عن ابن عبّاس قال: سألت رسول الله صلي الله عليه و اله عن قوله تعالي: «وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ » الآية.

فقال صلي الله عليه و اله:

قال لي جبرائيل:

ذاك علي وشيعته السابقون إلي الجنّة

المقرّبون من الله بكرامته لهم.

(أقول): حيثُ إنّ أهل البيت هم طليعة شيعة علي أمير المؤمنين وخيرهم لذلك ذكرنا هذا الحديث هنا أيضاً.

«وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ• فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ• وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ• وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ• وَمَاء مَّسْكُوبٍ• وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ• لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ• وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ• إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء• فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا• عُرُبًا أَتْرَابًا• لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن الحافظ (بإسناده المذكور) عن جابر، عن أبي جعفر (الباقر)، قال:

«نحن وشيعتنا أصحاب اليمين».

(أقول): حيثُ إنّ الضمير «نحن» يرجع إلي أهل البيت، وفاطمة الزهراء عليها السلام هي من أهل البيت، كانت في الطليعة والرعيل الأول ممّن نزلت هذه الآيات الكريمة بحقّهم.

«فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ• فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ »

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدّثنا الحاكم الوالد (بإسناده المذكور) عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبي صلي الله عليه و اله في حديث أنّه قال:

« … آل محمد، وهم المقرّبون السابقون».

ثم قال:

«رسول الله، وعلي بن أبي طالب، وخديجة، وذرّيتهم الذين اتبعوهم بإيمان».

(أقول): حيث إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام من ذرّية رسول الله صلي الله عليه و اله وخديجة، كانت الآيتان الكريمتان نازلة بحقها أيضاً.

«وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ• فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني القاضي أبو بكر الحبري (بإسناده المذكور) عن جابر، عن أبي جعفر (الباقر) في حديث قال في أصحاب اليمين في القرآن:

هم شيعتنا أهل البيت.

(أقول): هنا ملاحظتان:

الأولي: إذا كان شيعة أهل البيت أصحاب اليمين فكون أهل البيت أنفسهم خيرُ من تنطبق عليهم هاتان الآيتان واضح جلي، فتكون الآيتان من الآيات في فضلهم، وسيّدتهم فاطمة الزهراء عليها السلام.

الثانية: ذكر الحافظ الحسكاني

هذا الحديث في ذيل آية أخري، لكن حيث كان تفسيراً لكلمة «أصحاب اليمين» نقلناه هنا.

سورة الحديد

«وفيها آية واحدة»

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ».

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ َيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ».

أخرج الحافظ الدولابي أحمد بن حمّاد بن سعد الرازي في (الكُني والأسماء) بسنده المذكور عن زيد بن علي، في قوله تعالي: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ » الآية قال:

هو مودّتنا أهل البيت.

(أقول): وحيثُ إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام هي سيّدة أهل البيت، فتكون الآية الكريمة ممّا ندب إلي مودّتها عليها السلام، وأمر بولايتها ومحبّتها.

سورة الحشر

«وفيها ثلاث آيات»

«ما أَفاءَ اللهُ عَلي رَسُولِهِ مِنْ أهل الْقُري ».

«وَيُؤْثِرُونَ عَلي أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كان بِهِمْ خَصاصَةٌ ».

«لا يَسْتَوِي أصحاب النَّارِ وَأصحاب الْجَنَّةِ ».

«ما أَفاءَ اللهُ عَلي رَسُولِهِ مِنْ أهل الْقُري فَللهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبي ».

عن الثعلبي في تفسيره، في تفسير هذه الآية قال: قال ابن عبّاس عليه السلام:

هي قريظة والنُّضير وهما بالمدينة، وفدك وهي في المدينة علي ثلاثة أميال وخيبر وقري عرسة وينبع جعلها الله تعالي لرسوله يحكم فيها ما أراد، واختلفوا فيها فقالوا ناس هلاّ قسّمها؟ فأنزل الله سبحانه وتعالي هذه الآية: «ما أَفاءَ اللهُ عَلي رَسُولِهِ مِنْ أهل الْقُري فَللهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبي ».

قرابة رسول الله صلي الله عليه و اله.

وروي أبو جعفر بن جرير (الطبري) في تفسيره، قال:

قوله: «وَلِذِي الْقُرْبي » يقول: ولذي قرابة رسول الله.

وقال السمهودي في (وفاء الوفا): قال المجد: قال الواقدي: كان (مخيريق) أحد بني النضير حبراً عالماً فآمن بالنبي صلي الله عليه و اله وجعل ماله وهو سبع حوائط لرسول الله صلي الله عليه و اله.

وقال: روي ابن زبالة، عن

محمد بن كعب، أنّ صدقات رسول الله صلي الله عليه و اله كانت أموالاً لمخيريق اليهودي، فلمّا كان يوم أحد قال لليهود: ألا تنصرون محمداً فوالله إنّكم لتعلمون أنّ نصرته حقٌّ (قالوا) اليوم السبت، قال: فلا سبت لكم، وأخذ سيفه فمضي مع النبي صلي الله عليه و اله فقاتل حتي أثخنته الجراح، فلّما حضرته الوفاة قال: (أموالي إلي محمد يضعها حيث يشاء) وكان ذا مالٍ، فهي عامّة صدقات النبي صلي الله عليه و اله.

وأمواله هذه التي أوصي بها هي لبساتينه السبع (وهي) الدلال، وبرقة، والصاغية، والمثيب، ومشربة أم إبراهيم، والأعواف، وحسني، وأوقفها النبي صلي الله عليه و اله علي خصوص فاطمة، وكان يأخذ منها لأضيافه وحوائجه، وعند وفاتها أوصت بهذه البساتين وكلّ ما كان لها من مالٍ إلي أمير المؤمنين.

(أقول): إذن فتكون فاطمة الزهراء عليها السلام هي المعني ب «ذي القربي» في هذه الآية الكريمة.

«وَيُؤْثِرُونَ عَلي أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كان بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي (بسنده المذكور) عن أبي هريرة (قال):

إنّ رجلاً جاء إلي النبي صلي الله عليه و اله فشكا إليه الجوع، فبعث إلي بيوت أزواجه، فقلن: ما عندنا إلاّ الماء.

فقال صلي الله عليه و اله:

من لهذا الليلة؟

فقال علي:

أنا يا رسول الله.

فأتي فاطمة فأعلمها فقالت:

ما عندنا إلاّ قوت الصبية ولكنّا نؤثر به ضيفنا.فقال علي: نوّمي الصبية، و (أنا) أطفيء للضيف السراج،

ففعلت وعشّي الضيف، فلما أصبح أنزل الله عليهم هذه الآية: «وَيُؤْثِرُونَ عَلي أَنْفُسِهِمْ » الآية.

وروي هو أيضاً قال: أخبرنا عقيل (بسنده المذكور) عن مجاهد، عن ابن عبّاس في قول الله: «وَيُؤْثِرُونَ عَلي أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كان بِهِمْ خَصاصَةٌ ».

قال: نزلت في عليّ

وفاطمة والحسن والحسين ».

«لا يَسْتَوِي أصحاب النَّارِ وَأصحاب الْجَنَّةِ أصحاب الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ ».

روي العلاّمة البحراني رحمة الله عليه عن أبي المؤيّد موفّق بن أحمد (بإسناده المذكور) عن جابر قال: كنّا عند النبي صلي الله عليه و اله فأقبل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال رسول الله صلي الله عليه و اله:

فقد أتاكم أخي، ثم إلتفت إلي الكعبة فضربها بيده ثم

قال: والّذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة.

(أقول): وفي طليعة من شايع علياً عليه السلام، وعادي من عاداه، وتبرأ ممّن غصبه حقّه، هي سيّدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، فاطمة الزهراء عليها السلام، فتكون الآية ممّا نزل في شأنها وفضلها عليها السلام، وذمّ مناوئيها ومسخطيها.

سورة الجمعة

«وفيها آية واحدة»

«وَإذا رَأَوْا تِجارَةً أو لَهْواً انْفَضُّوا إليها ».

«وَإذا رَأَوْا تِجارَةً أو لَهْواً انْفَضُّوا إليها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْ وِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ».

عن تفسير مجاهد وأبي يوسف يعقوب بن سفيان، قال ابن عبّاس في قوله تعالي:

«وَإذا رَأَوْا تِجارَةً أو لَهْواً انْفَضُّوا إليها وَتَرَكُوكَ قائِماً ». (قال): إنّ دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالحيرة، فنزل عند أحجار الزيت، ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه، فنفر الناس إليه إلاّ علي، والحسن والحسين، وفاطمة، وسلمان، وأبوذر، والمقداد، وصهيب، وتركوا النبي صلي الله عليه و اله قائماً يخطب علي المنبر، فقال النبي صلي الله عليه و اله:

(لقد نظر الله إلي مسجدي يوم الجمعة فلولا هؤلاء الثمانية الّذين جلسوا في مسجدي لأُضرمت المدينة علي أهلها ناراً، وحصبوا بالحجارة كقوم لوط).

ونزل فيهم «رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ».

(أقول): القطعة الأولي من الآية إشارة إلي النافرين، والقطعة الثانية منها إشارة إلي الجالسين الثمانية،

فهم الذين يرزقهم الله تعالي بجلوسهم هناك، وحيث إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام كانت من جملة الثمانية، تكون الآية الكريمة ممّا نزل بفضلها وشأنها.

سورة التغابن

«وفيها آية واحدة»

«فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا ».

«فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ».

نقل العلاّمة القبيسي، قال: وروي الإمام الحافظ الطبري أبو جعفر محمد بن جرير في كتابه (الولاية) بسنده عن زيد بن أرقم، قال: لمّا نزل النبي صلي الله عليه و اله بغدير خُمّ في رجوعه من حجة الوداع وكان في وقت الضحي وحرّ شديد أمر بالدوحات فقمّت ونادي: الصلاة جامعة، فاجتمعنا، فخطب خطبة بالغة وسرد الخطبة إلي أنْ قال قال صلي الله عليه و اله:

(معاشر الناس آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا).

ثم قال صلي الله عليه و اله:

النّور من الله فيّ، ثم في علي، ثم في النّسل منه إلي القائم المهدي.

(أقول): حسب هذا الحديث الشريف، تكون هذه الآية الكريمة ممّا يُستشهد بها علي فضل الصّديقة الكبري فاطمة الزهراء عليها السلام لأنّ الآية الكريمة التي أطرافها أبوها، وبعلها، وبنوها، تكون هي محورها ومركزها، والتعبير بأنزلنا إنّما هو باعتبار كونه من قبل الله، والله أعلي من كلّ شيء فكلّ شيء من قبله إلي الناس يجب أن ينزل حتي يصل إليهم، ولذلك نظائر في القرآن، كقوله تعالي: «وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ » وقوله تعالي: «وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي » وقوله تعالي: «وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً » إلي غير ذلك.

سورة التحريم

«وفيها آيتان»

«وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ».

«يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ».

«وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ».

روي الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: عن أسماء بنت عميس، قالت: لمّا نزل قوله تعالي: «وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ ».

قال النبي صلي الله عليه

و اله لعلي:

ألا أبشرّك؟ أنت قرنت بجبرئيل

ثم قرأ هذه الآية، فقال صلي الله عليه و اله:

فأنت والمؤمنون من أهل بيتك الصالحون.

(أقول): حيثُ إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام أولي أهل بيت علي عليه السلام، كانت الآية الكريمة ممّا نزل بحقّها وحقّ بعلها وحقّ بنيها ».

«يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِإيمانهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلي كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ ».

عن ابن شهر آشوب من تفسير مقاتل عن عطاء، عن ابن عبّاس في قوله تعالي: «يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ » لا يعذّب الله محمداً. «وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ » لا يعذّب علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر.

«نُورُهُمْ يَسْعي » يضيء علي الصّراط بعلي وفاطمة مثل الدنيا سبعين مرة فيسعي نورهم: «بَيْنَ أَيْدِيهِمْ » ويسعي.

«وَبِإيمانهِمْ » وهم يتبعونه، فيمضي أهل بيت محمد أول الزمرة علي الصّراط مثل البرق الخاطف، ثم يمضي قوم مثل الريح، ثمّ قوم مثل عدو الفرس، ثم قوم مثل شدّ الرجل، ثم قوم مثل الحبو، ثم قوم مثل الزحف، ويجعله الله علي المؤمنين عريضاً، وعلي المذنبين دقيقاً، قال الله تعالي: «يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا » حتي نجتاز به علي الصراط.

قال: فيجوز أمير المؤمنين في هودج من الزّمرد الأخضر، ومعه فاطمة علي نجيب من الياقوت الأحمر، وحولها سبعون ألف حور كالبرق اللامع.

سورة المزّمل

«وفيها آية واحدة»

«إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إلي رَبِّهِ سَبِيلاً ».

«إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إلي رَبِّهِ سَبِيلاً ».

روي الحافظ الفقيه (الشافعي) ابن حجر الهيثمي بسنده قال: عن النبي صلي الله عليه و اله أنّه قال:

(أنا وأهل بيتي شجرة في الجنّة وأغصانها في الدّنيا، فمن تمسّك بنا «اتَّخَذَ

إلي رَبِّهِ سَبِيلاً »).

أقول البتول الزهراء عليها السلام هي في طليعة أهل بيت النبي صلي الله عليه و اله فتكون من ضمن تنزيل هذه الآية الكريمة.

وهذا الحديث الشريف حيث ذكر نفس الجملة التي ذكرها القرآن الكريم في هذه الآية الشريفة، فكأنّه أشار إليها، والجمع بين الآية والحديث يعطي أنّ القران وأهل البيت لا يفترقان، فكلّما كان أحدهما كان الآخر، وكلّما لم يكن أحدهما لم يكن الاخر، كما هو صريح الحديث النبوي الشريف، المتواتر نقله عنه صلي الله عليه و اله «لن يفترقا».

سورة المدّثر

«وفيها ست آيات»

«فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ• فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ• عَلَي الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ».

«كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ• إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ• فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ ».

«فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ• فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ• عَلَي الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ».

روي الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: روي عن المفضّل بن عمر، عن الصادق عليه السلام في قوله تعالي: «فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ• فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ• عَلَي الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ».

قال:

إذا نودي في اذن القائم بالاذن في قيامه فيقوم، فذلك اليوم عسير علي الكافرين.

قال الصادق عليه السلام:

والقرآن ضرب فيه الأمثال ونحن نعلمه فلا يعلمه غيرنا.

(أقول): الضمائر: (نحن، نا) اشارة إلي عامة أهل البيت، وسيّدتهم ومحورهم فاطمة الزهراء عليها السلام، ثم إنّهم إنّما يعلمونها ولا يعلمها غيرهم، لأنّهم أهل البيت، وليس غيرهم أهل البيت، وأهل البيت يعلم الذي جري في البيت، وغير أهل البيت لا علم له بذلك، ففاطمة الزهراء عليها السلام هي ممّن اختصّ بعلم ذلك.

«كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ• إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ• فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ ».

روي الحافظ عبيد الله بن عبد الله الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن الحافظ (بسنده المذكور) عن أبي

جعفر (الباقر) عليه السلام في قوله تعالي: «إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ ».

قال:

نحن وشيعتنا أصحاب اليمين.

(أقول): مرّ ذكر هذا الحديث سابقا أيضاً.

وفي حديث آخر نقله هو أيضاً عن أبي جعفر

قال:

هم شيعتنا أهل البيت.

وحيث أنّ كلمة (نحن) يُراد بها أهل البيت عليهم السلام كما مرّ منّا مراراً، ودلّت عليه الأخبار المتواترة الشريفة والصدّيقة الكبري فاطمة الزهراء عليها السلام من أهل البيت، كانت هي وأسرتها هم المعنيّون ب: (أصحاب اليمين) ومعهم شيعتهم.

سورة الدّهر (الإنسان)

«وفيها إحدي وثلاثون آية»

«هَلْ أَتي عَلَي الإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً• إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً• إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً• إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً• إِنَّ الأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً• عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً• يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً• وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلي حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً• إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً• إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً• فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً• وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً• مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَي الأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً• وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً• وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا• قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً• وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً• عَيْناً فِيها تُسَمَّي سَلْسَبِيلاً• وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً• وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً• عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً• إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً• إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً• فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً•

وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً• وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً• إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً• نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً• إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلي رَبِّهِ سَبِيلاً• وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً• يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً ».

«هَلْ أَتي عَلَي الإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (الي قوله) وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً ».

روي العلاّمة الآلوسي (بإسناده المذكور) عن ابن عبّاس قال (في شأن نزول سورة الدّهر): إنّ الحسن والحسين مرضا فعادهما جدّهما محمد ومعه أبو بكر وعمر، وعادهما من عادهما من الصحابة، فقالوا لعلي (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) يا أبا الحسن لو نذرتَ علي ولديك نذراً وكلُّ نذر لايكون له وفاء فليس بشيء فقال علي: إنْ برء ولداي ممّا بهما صمت ثلاثة أيام شكراً، وقالت فاطمة مثل ذلك، وقالت جارية يقال لها فضّة: إنْ برء سيّداي ممّا بهما صمتُ لله ثلاثة أيام شكراً، فألبس الله الغلامين ثوب العافية وليس عند آل محمد عليهم السلام قليل ولا كثير، فانطلق عليّ (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) إلي شمعون اليهودي الخيبري، فاستقرض منه ثلاثة أصواع من الشعير فجاء بالشعير، فقامت فاطمة عليها السلام إلي صاع فطحنته واختبزت منه خمسة أقراص، علي عددهم، وصلي عليّ (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) مع النبي صلي الله عليه و اله المغرب، ثم أتي المنزل فوضع الطعام بين يديه، فوقف بالباب سائل فقال: (السلام عليكم يا أهل بيت محمد صلي الله عليه و اله، أنا … مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة). قال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم

يذوقوا شيئاً إلاّ الماء القراح وأصبحوا صياماً.

فلمّا كان في اليوم الثاني، قامت فاطمة عليها السلام إلي صاع آخر فطحنته وخبزته وصلي عليّ (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) مع النبي صلي الله عليه و اله المغرب، ثم أتي المنزل فوضع الطعام بين يديه، فوقف يتيم بالباب وقال: (السلام عليكم يا أهل بيت محمد صلي الله عليه و اله أنا يتيم من أولاد المهاجرين استُشهد والدي يوم العقبة، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة)، (قال: فأعطوه الطعام ولم يذوقوا شيئاً إلاّ الماء القراح وأصبحوا صياماً أيضاً.

فلمّا كان في اليوم الثالث قامت فاطمة عليها السلام إلي الصاع الثالث فطحنته وخبزته وصلي عليّ (كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ) مع النبي صلي الله عليه و اله المغرب، فأتي المنزل فوضع الطعام بين يديه، فوقف أسير بالباب وقال: (السلام عليكم يا أهل بيت محمد صلي الله عليه و اله، أنا أسير محمد صلي الله عليه و اله أطعموني … أطعمكم الله علي موائد الجنّة) (قال): فأعطوه ولم يذوقوا شيئاً إلاّ الماء القراح.

فلمّا أنْ كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ عليّ كرّم الله تعالي وجهه بيده اليمني الحسن وبيده اليسري الحسين وأقبل نحو رسول الله صلي الله عليه و اله وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع فلمّا بصر به النبي صلي الله عليه و اله قال: يا أبا الحسن ما أشدّ ما يسوؤني ما أري بكم، ننطلق إلي ابنتي فاطمة، فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلّي، وقد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع، وغارت عيناها، فلما رآها رسول الله صلي الله عليه و اله قال:

واغوثاه، يا الله، أهل بيت محمد يموتون جوعاً، فهبط جبرائيل فأقرأه «هَلْ أَتي عَلَي الإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ

شَيْئاً مَذْكُوراً » إلي قوله تعالي: «إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً » إلي آ خر السورة.

وأخرج (القرطبي) في تفسيره (الجامعة لأحكام القرآن) ما يُشبه هذا الحديث، بل أكثر تفصيلاً عن النّقاش، والثعلبي والقشيري، وغير واحد من المفسّرين بإسنادهم عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس.

وقال (نظام الدين) النيسابوري، في تفسيره (غرائب القرآن، ورغائب الفرقان):

(إنّ سورة الدهر نزلت في أهل بيت النبي صلي الله عليه و اله ثم سرد الرواية في ذلك إلي أنْ قال: ويروي أنّ السائل في الليالي جبرائيل أراد بذلك ابتلاءَهم بإذن الله سبحانه.

(الخازن) في تفسيره (لباب التأويل في معاني التنزيل) في تفسير هذه الآيات قال:

روي عن ابن عبّاس أنّها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام وذلك أنّه عمل ليهودي بشيء من شعير فقبض ذلك الشعير، فطحن منه ثلثه، وأصلحوا منه شيئاً يأكلونه فلمّا فرغ أتي مسكين، فسأل فأعطوه ذلك، ثم عمل الثلث الثاني، فلمّا فرغ أتي يتيم فسأل فأعطوه ذلك، ثم عمل الثلث الباقي فلمّا تمّ نضجه أتي أسير من المشركين فسأل فأعطوه ذلك، وطووا يومهم وليلتهم فنزلت هذه الاية.

وفي تفسير (البغوي) الشافعي المسمّي (معالم التنزيل) تأليف أبي محمد الحسين الفرّاء البغوي، روي عن مجاهد وعطاء عن ابن عبّاس، (أنّ سورة الدهر) نزلت في علي بن أبي طالب، وذلك أنّه عمل ليهودي بشيء من شعير، فقبض الشعير، فطحن ثلثه، فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه، فلما تمّ انضاجه أتي مسكين فسأل فأخرجوا إليه الطعام ثم عمل الثلث الثاني، فلمّا تمّ انضاجه أتي يتيم فسأل فأطعموه ثم عمل الثلث الباقي فلمّا تم انضاجه أتي أسير من المشركين فسأل فأطعموه، وطووا يومهم ذلك إلخ.

وأخرج عالم الأحناف الحافظ القندوزي، عن

البيضاوي والآلوسي في تفسيريهما وعن غيرهما أيضاً عن مرض الحسنين عليهما السلام ، ونذر علي وفاطمة عليها السلام الصوم (إلي أنْ قال): فلمّا أنْ كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ علي بيده اليمني الحسن، وبيده اليسري الحسين عليه السلام وأقبل نحو رسول الله صلي الله عليه و اله وهما يرتعشان كالفراخ من شدّة الجوع، فلمّا بصرهم النبي صلي الله عليه و اله انطلق إلي ابنته فاطمة عليها السلام فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلي، وقد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع، وغارت عيناها فلمّا رآها رسول الله صلي الله عليه و اله قال:

(واغوثاه يا الله، أهل بيت محمد يموتون جوعاً).

فهبط جبرائيل عليه السلام فأقرأه: «هَلْ أَتي عَلَي الإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً » إلي اخرالسورة.

وقال الإمام الحافظ أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي في تفسيره المعروف (بالتسهيل لعلوم التنزيل) عند قوله تعالي: «وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ ».

نزلت هذه الآية وما بعدها في عليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام الخ.

سورة المرسلات

«وفيها أربع آيات»

«إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ• وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ• كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ• إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ ».

«إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ• وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ• كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ• إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بسنده المذكور) عن مجاهد عن ابن عبّاس (في تنزيل هذه الآية الكريمة): «إِنَّ الْمُتَّقِينَ » الّذين اتقوا الشرك والذنوب والكبائر علي والحسن والحسين. «فِي ظِلَالٍ » يعني: ظلال الشجر والخيام من اللؤلؤ.

«وَعُيُونٍ » يعني: ماءاً طاهراً يجري.

«وَفَوَاكِهَ » يعني: ألوان الفواكه.

«مِمَّا يَشْتَهُونَ » يقول: ممّا يتمنون.

«كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا » لا

موت عليكم في الجنّة ولا حساب.

«بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ » يعني: تُطيعون الله في الدنيا.

«إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ » أهل بيت محمد في الجنّة.

(أقول): هذا الحديث الشريف يُشير في أوله إلي: «عليّ والحسن والحسين عليهم السلام » ومعلوم بحسب الروايات أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام محورهم، ويشير في آخره إلي «أهل بيت محمد صلي الله عليه و اله» وبديهي أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام هي سيّدة أهل بيت محمد صلي الله عليه و اله فتكون الآيات صادعةً بمدحها والثناء عليها.

سورة المطفّفين

«وفيها آيتان»

«وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ• عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ».

«وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ• عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدّثنا الحاكم الوالد، بسنده المذكور، عن جابر بن عبد الله (الأنصاري) عن النبي صلي الله عليه و اله في قوله تعالي: «وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ ».

قال صلي الله عليه و اله:

«هو أشرف شراب الجنّة يشربه آل محمد وهم المقرّبون» الحديث.

(أقول): آل محمد عليهم السلام في طليعتهم مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام فهي وأسرتها المعنّيون في هذه الآية الكريمة ب«يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ».

سورة البروج

«وفيها آية واحدة»

«وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ ».

«وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ ».

روي الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: روي عن الأصبغ بن نباتة عن ابن عبّاس في قوله تعاي: (والسّماء ذات البروج)

قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله:

أنا السماء، وأمّا البروج فالأئمّة من أهل بيتي وعترتي أوّلهم علي عليه السلام، وآخرهم المهدي عليه السلام، وهم اثنا عشر.

(أقول): في هذا الحديث الشريف اشارة إلي فضل السيّدة الكبري، فاطمة الزهراء عليها السلام، وذلك لما تحتله من مقام كبير بين أبيها الرسول وأولادها الأئمّة الطاهرين »، أذهي بحسب الروايات الكثيرة المركز والمحور لهم، فتكون الآية ممّا نوّه بفضلها، وعظم شأنها.

سورة البلد

«وفيها ثلاث آيات»

«وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ».

«فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ• وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ».

«وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثنا إسحاق بن محمد البصري (بسنده المذكور) عن جابر، قال: سألت أبا جعفر من قول الله: «وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ».

قال:

عليّ وما ولد.

(أقول): وحيثُ إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام هي الكفؤ الذي لولاها لم يكن لعلي عليه السلام كفؤٌ كما نصّت به روايات كثيرة احتلت منهم محل القطب من الرحي، وكانت الآية تنوّه بفضلها، وتشير إلي منزلتها عليها السلام أيضاً.

«فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ• وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ».

عن محمد بن الصباح الزعفراني، عن المزني، عن الشافعي، عن مالك بن حميد عن أنس، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله في قوله تعالي: «فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ».

إنّ فوق الصراط عقبة كؤوداً طولها ثلاثة آلاف عام، ألف عام هبوط، وألف عام شوك وحسك وعقارب وحيّات، وألف عام صعود، أنا أول من يقطع تلك العقبة، وثاني من يقطع تلك العقبة علي بن أبي طالب وقال بعد كلام : لا يقطعها في غير مشقّة

إلاّ محمد وأهل بيته الخبر.

(أقول): حيث أنّ ابنة النبي المختار عليهما السلام هي سيّدة أهل بيته، كانت في طليعة من تشملهم هذه الآية الكريمة، بل في طليعة من نزلت في حقّهم.

سورة الشّمس

«وفيها أربع آيات»

«وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا• وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا• وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا• وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ».

«وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا• وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا• وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا• وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: فرات بن إبراهيم (بسنده المذكور) عن ابن عبّاس في قول الله تعالي: «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا » قال رسول الله صلي الله عليه و اله:

«وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا » قال:

علي بن أبي طالب.

«وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا » قال:

الحسن والحسين.

«وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا » قال:

بنو أميّة.

(أقول): من تتّبع الروايات الشريفة في مجال أهل البيت عليهم السلام، قطع بأنّ هذه الآيات الكريمة وأمثالها من الآيات التي تشير إلي فضل الرسول وعلي والحسن والحسين عليهم السلام تُشير إلي فضل سيّدة النساء الزهراء عليها السلام أيضاً، لأنّها هي المركز والمحور لهم.

سورة الضّحي

«وفيها آية واحدة»

«وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَي ».

«وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَي ».

أخرج علاّمة الأحناف الحافظ الحاكم الحسكاني (بسنده المذكور) عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:

«دخل النبي صلي الله عليه و اله علي فاطمة وعليها كساء من جلد الإبل وهي تطحن، فدمعت عيناه فقال:

يا فاطمة تعجّلي مرارة الدنيا لحلاوة الآخرة.

قال: فأنزل الله: «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَي ».

سورة الانشراح

«وفيها آية واحدة»

«وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ».

«وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ».

قال العلاّمة الشيخ إسماعيل حقي (البروسوي) في تفسيره (روح البيان) في قوله تعالي: «وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ».

قال: وذلك أنّه تعالي أعطاه صلي الله عليه و اله نسلاً يبقون علي مرّ الزمان، فانظر كم قُتل من أهل البيت ثم العالم ممتلئ منهم.

(أقول): حيث إنّ نسل النبي الأعظم صلي الله عليه و اله إنّما هو من ابنته الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام فيكون المراد ب«وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ » أي: بواسطة ابنتك فاطمة الزهراء عليها السلام.

فهي عليها السلام لبّ تنزيل هذه الآية الكريمة.

سورة التّين

«وفيها ثماني آيات»

«وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ• وَطُورِ سِينِينَ• وَهذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ• لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ• ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ• إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ• فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ• أَ لَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ ».

«وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ• وَطُورِ سِينِينَ• وَهذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ• لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ• ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ• إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ• فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ• أَ لَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: فرات (بسنده المذكور) عن محمد بن الفضيل الصّيرفي، قال: سألتُ موسي بن جعفر عليه السلام عن قول الله:

«وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ».

قال:

أمّا التّين فالحسين عليه السلام، وأمّا الزيتون فالحسن عليه السلام.

«وَطُورِ سِينِينَ » أمير المؤمنين عليه السلام.

«وَهذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ » رسول الله صلي الله عليه و اله:

هو سبيل آمن الله به الخلق في سبلهم، ومن النار إذا أطاعوه.

«إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ » ذاك أمير المؤمنين عليّ عليه السلام وشيعته.«فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ».

وروي الخطيب البغدادي في (تاريخه) (بسنده المذكور) عن أنس بن مالك، قال: لمّا نزلت سورة (والتين) علي رسول الله

صلي الله عليه و اله فرح لها فرحاً شديداً حتي بانَ لنا شدّةُ فرحه، فسألنا ابن عبّاس بعد ذلك عن تفسيرها فقال (وسرد الحديث طويلاً، إلي أنْ قال):

«فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ».يعني علي بن أبي طالب.

(أقول): وفاطمة الزهراء عليها السلام حيث إنّها المحور لأسرتها المباركة من أبيها، وبعلها، وبنيها » فتكون الآيات الكريمة هذه ممّا تشير إلي فضلها، وتنوّه بكرامتها علي الله تعالي أيضاً.

سورة البيّنة

«وفيها آيتان»

«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ• جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ».

«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ• جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني ابن فنجويه (بسنده المذكور) عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:

بينما رسول الله صلي الله عليه و اله يوماً في مسجد المدينة وذكر بعض أصحابه الجنّة فقال رسول الله صلي الله عليه و اله:

إنّ لله لواءً من نور، وعموداً من زبرجد خلقهما قبل أن يخلق السماوات بألفي سنة، مكتوبٌ علي رداء ذلك اللواء: «لا اله إلا الله، محمد رسول الله، آل محمد خير البريّة» صاحب اللواء إمام القوم.

فقال علي:

الحمد لله الذي هدانا بك وكرّمنا بك وشرّفنا.

فقال له النبي صلي الله عليه و اله:

يا علي أما علمت أنّ من أحبّنا، وانتحل محبّتنا أسكنه الله معنا، وتلا صلي الله عليه و اله هذه الآية «فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ».

وروي هو أيضاً، عن سعيد بن أبي سعيد البلخي (بإسناده المذكور) عن الضّحاك عن ابن عبّاس

في قوله تعالي: «أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ».

قال: نزلت في عليّ وأهل بيته.

وروي الآلوسي في تفسيره، بسنده عن ابن عبّاس: أنّ هذه الآية نزلت في عليّ وأهل بيته.

(أقول): الروايات في هذا الباب كثيرة تعدُّ بالعشرات، مثبوتة في مختلف كتب الحديث، والتفسير، والسير، من أرادها فليرجع إلي مظانّها إلاّ أنا كعادتنا في الاقتباس لا الاستيعاب ذكرنا هذه الأحاديث الثلاثة.

(وإنّما) ذكرنا الآية التالية أيضاً، لكونها مع الآية الأولي كالصنوين لا يفترقان، والجملة الواحدة لا تتبعّض.

وحيثُ إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام هي سيّدة أهل البيت كانت بحقّ ممّن نزلت بشأنها هاتان الآيتان الكريمتان.

سورة التكاثر

«وفيها آية واحدة»

«ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ».

«ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ».

أخرج العلاّمة الآلوسي قال: ومن رواية العياشي أنّ أبا عبد الله عليه السلام قال لأبي حنيفة في الآية:

ما النعيم عندك يا نعمان؟

فقال: القوت من الطعام والماء البارد،

فقال أبو عبد الله:

لئن أوقفك الله تعالي بين يديه حتي يسألك عن كلّ أكلة أكلتها أو شربة شربتها ليطولنّ وقوفك بين يديه،

فقال أبو حنيفة: فما النعيم؟

قال:

نحن أهل البيت النعيم، أنعم الله تعالي بنا علي العباد وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا أعداء، وبنا هداهم إلي الإسلام، وهو النعمة التي لا تنقطع والله تعالي سائلهم عن حقّ النعيم الذي أنعم سبحانه به عليهم وهو محمد وعترته ».

(أقول): كلمة (أهل البيت عليهم السلام) شمولها لفاطمة الزهراء عليها السلام بالأولوية، والأولية كلتيهما، ثم لأولادها الأئمة الطاهرين »، فهي وأسرتها هم المراد ب: (النعيم) في هذه الآية الكريمة.

سورة العصر

«وفيها آية واحدة»

«إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ».

«إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ».

روي الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثنا أبو نعيم، (بسنده المذكور) عن ابن عبّاس قال: جمع الله هذه الخصال كلّها في علي عليه السلام حيث قال تعالي: «إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ».

وكان أول من صلي وعبد الله من أهل الأرض مع رسول الله صلي الله عليه و اله.

«وَتَواصَوْا ».

وأوصاه رسول الله صلي الله عليه و اله بقضاء دينه بغسله بعد موته (إلي أنْ قال):

وأوصاه بحفظ الحسن والحسين عليهما السلام فذلك قوله تعالي: «وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ».

(أقول): هذا الحديث الشريف يدلّ بالأولوية علي الوصية بمن هي أحب أهل بيته إليه صلي الله عليه و اله فتكون الآية ممّا أشار إليها، وأمر بحفظها، وجلب رضاها عليها السلام.

سورة الكوثر

«وفيها آية واحدة»

«إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ».

«إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ».

أخرج أصحاب العديد من التفاسير، نزول هذه السورة بشأن فاطمة الزهراء، بنت الرسول عليهما السلام وإليك عدداً منهم:

منهم البيضاوي في تفسيره، عند تفسير كلمة: «الكوثر» قال:

«وقيل: أولاده».

ومنهم الفخر الرّازي، في تفسيره الكبير، قال:

«الكوثر أولاده صلي الله عليه و اله لأنّ هذه السورة إنّما نزلت ردّاً علي من عابه صلي الله عليه و اله بعدم الأولاد، فالمعني: أنّه يعطيه نسلاً يبقون علي مرّ الزمان، فانظر كم قُتل من أهل البيت عليهم السلام ثم العالم ممتلئ منهم، ولم يبقَ من بني أميّة في الدنيا أحدٌ يعبأ به.

ومنهم شيخ زاده في حاشيته علي تفسير البيضاوي عند تفسير سورة الكوثر:

«إنّ المفسّرين ذكروا في تفسير الكوثر أقوالاً كثيرة (منها): أنّ المراد بالكوثر: أولاده صلي الله عليه و اله، ويدلّ عليه أنّ هذه السورة نزلت ردّاً علي من قال

في حقّه صلي الله عليه و اله: إنّه أبتر ليس له من يقوم مقامه».

ومنهم: شهاب الدين في حاشيته علي تفسير البيضاوي.

ومنهم: عثمان بن حسن المشتهر ب(كوسة زاده) في كتاب له في تفسير بعض آيات من القرآن أسماه ب(المجالس).

ومنهم: العلاّمة أبو بكر الحضرمي في كتابه (القول الفصل).

ومنهم: غير هؤلاء.

أهم مصادر الكتاب

القرآن الحكيم كلام الله المجيد

صحيح البخاري لمحمد بن إسماعيل

الصحيح للترمذي محمد بن عيسي

صحيح مسلم بن الحجاج القيثري

سنن المصطفي لأبي داود السجستاني

سنن بن الحجاج القيثري

سنن النسائي

مسند أحمد بن حنبل أمام الحنابلة

تاريخ دمشق لابن عساكر (الشافعي)

كنز العمال للمتقي الهندي (الحنفي)

تذكرة خواص الأمة لسبط ابن الجوزي (الحنفي)

مصابيح السنة للبغوي

أقرب الموارد للشرتوني

القاموس المحيط للفيروز آبادي

السيرة الحلبية لعلي بن إبراهيم (الشافعي)

عقد الدرر لجمال الدين السلمي (الشافعي)

الاستيعاب لابن عبد البر

المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري

تيسير الوصل إلي جامع الأصول للجزري (الشافعي)

ينابيع المودة للحافظ القندوزي (الحنفي)

الفصول المهمة لابن الصباغ المكي (المالكي)

الجامع الصغير للسيوطي (الشافعي)

نور الأبصار للمؤمن الشبلنجي (الشافعي)

شرح النهج لابن أبي الحديد (المعتزلي)

اسعاف الراغبين للشيخ محمد الصبان (الحنفي)

المنجد لمعلوف اليسوعي

مجمع البحرين للشيخ الطريحي

مختار الصحاح للفيومي

لسان العرب لابن منظور

البيان للكنجي (الشافعي)

مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الاصفهاني

البرهان في علامات مهدي آخر الزمان للمتقي الهندي (الحنفي)

كنوز الحقائق للعلامة المناوي

وغيرها.. وغيرها.. مما ذكر في محلها.

. سيأتي ذكر شمّة من هذه الأحاديث في سورة الأحزاب عند قوله تعالي:

«إنما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

پي نوشتها

. صحيح الترمذي: ج13 ص219 طبع الصاوي بمصر، وللتوسّع في هذا المجال انظر ما يلي:

أ مسند الحافظ الطياليسي: ص88.

ب تاريخ بغداد: ج9 ص62.

ج المستدرك علي الصحيحين، للحاكم النيسابوري: ج2 ص418.

د الحافظ ابن كثير في تفسيره: ج8 ص85.

ه الحافظ ابن عساكر في التاريخ الكبير: ج2 ص393.

و تاريخ الإسلام، للذهبي: ج2 ص354 وغيرها كثيرة تعدّ بالعشرات تجدها في إحقاق الحق: ج10 ص176 182.

. سورة الفاتحة، الآية: 6.

. شواهد التنزيل: ج1 ص57 58.

. شواهد التنزيل: ج1 ص57 58.

. سورة الفاتحة، اية: 7.

. رشفة الصادي: ص25.

. سورة البقرة، الآية: 25.

. شواهد التنزيل: ج1 ص74.

. سورة البقرة، اية: 37.

. مناقب علي بن أبي طالب: ص63.

. الدر المنثور:

ج1 ص60.

. سورة البقرة، الآية: 57.

. ينابيع المودّة: ص358.

. سورة البقرة، الآية: 58.

. الدرّ المنثور: ج1: تفسير سورة البقرة.

. المسترشد للطبري: ص76.

. الغيبة للنعماني: ص18.

. سورة البقرة، الآية: 124.

. ينابيع المودّة: ص25.

. سورة البقرة، الآية: 143.

. شواهد التنزيل: ج1 ص92.

. سورة البقرة: اية 208.

. الصراط المستقيم: ج1 النباطي العاملي ص296.

. سورة البقرة، الآية: 253.

. شرح نهج البلاغة: ج5 ص 285.

. سورة البقرة، الآية: 256.

. غاية المرام: ص244.

. سورة البقرة، الآية: 269.

. ينابيع المودّة: ص75.

. سورة البقرة، الآية: 285.

. مائة منقبة: ص39.

مقتل الحسين للخوارزمي: ج1 ص95.

. ينابع المودّة: ص486.

. سورة آل عمران، الآية: 7.

. ينابيع المودّة: ص75 و139.

. ينابيع المودّة: ص75 و139.

. سورة آل عمران، الآية: 33.

. العمدة: ص55 ح55 عن الثعلبي، وشواهد التنزيل: ج1 ص152 ح165.

. سورة آل عمران، الآية: 34.

. كتاب تزويج فاطمة بنت الرسول عليهما السلام: ص58.

. سورة آل عمران، الآية: 37.

. الدرّ المنثور: ج2 ص20.

. سورة آل عمران، الآية: 61.

. غاية المرام: ص300.

. تفسيرالجلالين (عند تفسير سورة آل عمران).

. صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة.

. تفسير البيضاوي: ص76.

. تفسير الفخر الرازي: ج2 ص699.

روح البيان: ج1 ص457.

. صحيح الترمذي: ج2 ص166.

. سنن البيقي: ج7 ص63.

. مسند أحمد بن حنبل: ج1 ص185.

. مصابيح السّنة: ج2 ص201.

. سير أعلام النبلاء: ج3 ص193.

. الكشاف: ج1 ص193.

. سورة آل عمران، الآية: 101.

. شواهد التنزيل: ج1 ص58.

. ينابيع المودّة: ص63.

. سورة آل عمران، الآية: 103.

. رشفة الصادي: ص70.

. نور الأبصار: ص112.

. إسعاف الراغبين: ص109.

. سفينة البحار: ج1 ص193.

. سورة آل عمران، الآية: 186.

. شواهد التنزيل: ج1 ص134.

. سورة النساء، الآية: 1.

. شواهد التنزيل: ج1 ص135.

. سورة النساء، الآية: 29.

. شواهد التنزيل: ج1 ص142.

. وفي بعض المصادر التصريح بهذا الإسم،

مثل: العوالم: ج11 ص225.

. دلائل الإمامة للطبري: ص45.

. سورة النساء، الآية: 54.

. إسعاف الراغبين: ص109.

. نور الأبصار: ص112.

. سورة النساء، الآية: 68.

. فرائد السمطين: ج2 ص253 ب48 ح523.

. سورة النساء، الآية: 70.

. سورة المائدة، الآية: 2.

. ينابيع المودّة: ص213.

. التفسير الكبير، للفخر الرازي، إشارات كثيرة بهذا المعني.

. سورة الأنعام، الآية: 27.

. مناقب آل أبي طالب: ج2 ص3 4.

. سورة الأنعام، الآية: 87.

. شواهد التنزيل: ج1 ص61.

. سورة الأنعام، الآية: 124.

. كتاب تزويج فاطمة بنت الرسول عليهما السلام: ص58.

. سورة الأنعام، الآية: 149.

. المناقب المائة: المنقبة 32 ص21.

. سورة الأنعام، الآية: 153.

. ينابيع المودّة: ص111.

. سورة الأعراف، الآية: 6.

. المناقب: ص 76 ح59.

. سورة الأعراف، الآية: 43.

. شواهد التنزيل: ج1 ص200 201.

. سورة الأعراف، الآية: 46.

. ينابيع المودّة: ص102.

. سورة الأعراف، الآية: 160.

. ينابيع المودّة: ص358.

. القرآن القول الفصل: ص55.

. إحياء علوم الدين: ج1 ص523.

. أنظر تقديم (الشيخ عطية صقر) الأمين بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، علي كتاب (القرآن القول الفصل) تأليف الأستاذ المعاصر الحصفي المحقق محمد العفيفي: ص7.

. أو (كلمة) مثل تكرار كلمة «عَلَيهِمْ» في سورة الفاتحة «صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ» (أو حرف) مثل واو العطف المتكرّر في سورة الفاتحة في آيتين «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» و«غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ» وهكذا أشباههما.

. القرآن القول الفصل: ص16.

. سورة النبأ: ايتان: 4 5.

. درّة التنزيل وغرّة التأويل: ص516.

. أسرار التكوين في القرآن: ص21.

. البيان في علوم القرآن: ج1 ص36.

. سورة النساء، الآية: 12.

. سورة النساء: اية 176.

. أعلام الموقعين عن ربّ العالمين: ج1 ص82.

. القرآن القول الفصل: ص214.

. اعجاز القرآن بهامش الإتقان للسيوطي ج2 ص152.

. الوحي المحمدي: ص142.

. إعجاز القرآن والبلاغة النبوية: ص211

و47.

. إعجاز القرآن والبلاغة النبوية: ص211 و47.

. دستور الأخلاق في القرآن: ص11.

. الأعراف، الآية: 161.

. مجمع الزوائد: ج 9 ص168.

. سورة الأعراف، الآية: 181.

. شواهد التنزيل: 1ج ص204.

. سورة الأنفال، الآية: 27.

. شواهد التنزيل: ج1 ص205.

. سورة الأنفال، الآية: 33.

. مناقب مرتضوي: ص45.

. سورة الأنفال، الآية: 34.

. شواهد التنزيل: ج1 ص216 و217.

. سورة الأنفال، الآية: 41.

. شواهد التنزيل: ج1 ص218 221.

. شواهد التنزيل: ج1 ص218 221.

. شواهد التنزيل: ج1 ص218 221.

. إحياء علوم الدين: ج3 ص410.

. تفسير القاسمي: ج8 ص3001.

. تفسير التحرير والتنوير: ج10 ص9.

. تفسير المنار: ج10 ص14 15.

. مسند أحمد: ج1 ص320.

. تفسير الكشاف: سورة الأنفال: آية الخُمس.

. سورة التوبة، الآية: 32.

. ينابيع المودّة: ص114.

. سورة التوبة، الآية: 119.

. مناقب آل أبي طالب: ج2 ص288.

. سورة انفال، الآية: 8.

. شواهد التنزيل: ج1 ص20.

. سورة هود، الآية: 105 108.

. مناقب الخوارزمي: ص297، الرياض النضرة: ج2 ص154.

. سورة هود، الآية: 109.

. شواهد التنزيل: ج1 ص283.

. أحكام القرآن: ج2 ص280 وما بعدها.

. الإتقان: ج2 ص2 58.

. سورة هود، الآية: 116.

. شواهد التنزيل: ج1 ص284.

. سورة يوسف عليه السلام، الآية: 108.

. شواهد التنزيل: ج1 ص286.

. سورة الرعد، الآية: 28.

. روح المعاني: ج13 ص134.

. سورة الرعد، الآية: 29.

. ينابيع المودّة: ص131.

. سورة إبراهيم، الآية: 24 25.

. شواهد التنزيل: ج1 ص311 312.

. المستدرك علي الصحيحين: ج3 ص160.

. سورة إبراهيم، الآية: 28.

. مناقب آل أبي طالب: ج2 ص295.

. سورة الحجر، الآيات: 45 48.

. الفضائل: ص106.

. سورة الحجر، الآيتان: 92 93.

. الصواعق المحرقة: ص89.

. سورة الحجر، الآية: 94.

. شواهد التنزيل: ج1 ص325.

. سورة النحل، الآية: 9.

. فرائد السمطين: ج2 ص253 ب48 ح523.

. سورة النحل، الآيتان: 43 44.

. جامع البيان في تفسير

القرآن: ج14 ص108.

. تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ج2 ص570.

. روح المعاني: ج14 ص134.

. سورة النحل: ص83.

. فرائد السمطين: ج2 ص253 ب48 ح523.

. سورة الإسراء، الآيتان: 5 6.

. دلائل الإمامة محمد بن جرير الطبري: ص448449، الهداية الكبري الحسين بن حمدان الخصيبي: ص375.

. سورة الإسراء، الآية: 26.

. العمدة: ص28، والبحار: ج23 ص252 ح31 كلاهما عن الثعلبي.

. شواهد التنزيل: 1 ص340 341.

. معجم البلدان: مادّة (فدك).

. سورة الإسراء، الآية: 28.

. إحقاق الحق: ج3 ص550.

. سورة الإسراء، الآية: 57.

. شواهد التنزيل: ج1 ص343.

. سورة الكهف، الآية: 50.

. غاية المرام: ج4 ص174.

. سورة الكهف، الآية: 88.

. فرائد السمطين: ج1 ص308 و264.

. سورة مريم، الآية: 96.

. الصواعق المحرقة: ص170.

. نور الأبصار: ص112.

. سورة طه، الآية: 82.

. نظم درر السمطين: ص86.

. ينابيع المودّة: ص110.

. سورة طه، الآية: 109.

. فضائل الخمسة عن (فتح الباري): ج2.

. سورة طه، الآية: 132.

. الدر المنثور: ج4 ص313.

. سورة طه، الآية: 135.

. غاية المرام: ج4 ص216.

. سورة الأنبياء، الآية: 7.

. ينابيع المودّة: ص119.

. سورة الأنبياء، الآيات: 100 102.

. شواهد التنزيل: ج1 ص384 385.

. بين المعقوفين فراغ في مطبوع شواهد التنزيل، والظاهر أن المحذوف هو ما ابتناه وإن لم يكن بلفظه فبمعناه، بقرينة روايات أُخر.

. شواهد التنزيل: ج1 ص384 385.

. شواهد التنزيل: ج1 ص384.

. سورة الحج، الآية: 32.

. ينابيع المودّة.

. سورة الحج، الآيتان: 39 40.

. شواهد التنزيل: ج1 ص399.

. سورة الحج، الآية: 41.

. شواهد التنزيل: ج1 ص400.

. سورة الحج، الآية: 54.

. شواهد التنزيل: ج1 ص61.

. سورة المؤمنون، الآية: 73.

. ينابيع المودّة: ص114.

. سورة المؤمنون، الآية: 74.

. ينابيع المودّة: ص114.

. سورة المؤمنون، الآية: 101.

. فضائل الخمسة: ج2.

. شواهد التنزيل: ج1ص 407.

. سورة المؤمنون، الآية: 111.

. شواهد التنزيل: ج1 ص408.

.

سورة النّور، الآية: 35.

. رشفة الصادي: ص28.

. سورة النور، الآيتان: 36 38

. روح المعاني: ص18 و157.

. مناقب آل أبي طالب: ج1 ص407.

. سورة النّور، الآية: 55.

. شواهد التنزيل: ج1 ص413.

. سورة الفرقان، الآية: 54.

. ينابيع المودّة: ص118.

. سورة الفرقان، الآيتان: 74 76.

. شواهد التنزيل: ج1 ص416.

. سورة الشعراء، الآية: 94.

. شواهد التنزيل: ج1 ص426.

. سورة الشعراء، الآية: 227.

. فرائد السمطين: ج2 ص89.

. سورة النمل، الآيتان: 89 90.

. مناقب مرتضوي: ص60.

. القصص، الآيتان: 68 69.

. مناقب آلْ أبي طالب: ج1 ص220، بحار الأنوار: ج32 ص47 ذيل ح152.

. سورة القصص، الآية: 84.

. شواهد التنزيل: ج1 ص425 426.

. سورة العنكبوت، الآية: 23.

. غاية المرام: ج3 ص61، مناقب الخوارزمي: ص51 73.

. شواهد التنزيل: ج1 ص20.

. سفينة البحار: ج2 ص136.

. سورة العنكبوت: ص69

. شواهد التنزيل: ج1 ص442.

. سورة الروم، الآية: 38.

. شواهد التنزيل: 1ج ص443.

. سورة الأحزاب، الآية: 33.

. أنساب الإشراف: ج2 ص104.

. فضائل الخمسة: ج2 ص219.

. فضائل الخمسة: ج2.

. مسند أحمد بن حنبل: ج4 ص107.

. فضائل الخمسة: ج2.

. الدرّ المنثور: عند تفسير هذه الآية من سورة الأحزاب.

. فضائل الخمسة: ج2.

. التفسير الحديث: ج8 ص261.

. تفسير المراغي: ج22 ص7.

. تفسير السراج المنير: ج3 ص245.

. تفسير الفخر الرازي: ج6 ص783.

. تفسير النيسابوري: في تفسير سورة الأحزاب (هامش تفسير الطبري).

. صحيح مسلم: ج2 ص331.

. تفسير جامع البيان: ج22 ص5.

. سنن البيهقي: ج2 ص150.

. الرياض النضرة: ج2 ص188 و(ذخائر العقبي) ص24.

. مشكل الآثار: ج1 ص334.

. المستدرك علي الصحيحين: ج2 ص416.

. أسد الغابة في معرفة الصحابة: ج5 ص521.

. مجمع الزوائد 9ج ص169.

. سورة الأحزاب، الآية: 56.

. أسباب النزول: ص271.

. تفسير المراغي: ج22 ص34.

. فضائل الخمسة: ص2.

. فضائل الخمسة: 2.

. التفسير الحديث: ج8 ص286.

. تفسير

الكلبي: ج3 ص299.

. كنز العمال: ج1 ص439.

. سورة سبأ، الآية: 18.

. ينابيع المودّة: ص511.

. سورة فاطر، الآيات: 19 21.

. نهج الإيمان لإبن جبر: ص567، بحار الأنوار: ج9 ص75.

. سورة فاطر، الآية: 32.

. ينابيع المودّة ص479.

. سورة الصافات، الآية: 24.

. رشفة الصادي: ص24.

. سورة الصافات، الآيتان: 83 84.

. احقاق الحق: ج 13 ص59 60.

. سورة الصّافات، الآية: 130.

. نظم درر السمطين: ص94.

. سورة الزّمر، الآية:.9

. شواهد التنزيل: ج2 ص116.

. سورة الزّمر، الآية: 32.

. كشف الغمّة الأربلي: ج2 ص25، نبذة عن مناقب أمير المؤمنين عليه السلام: ص109.

. سورة غافر، الآية: 7.

. ينابيع المودّة: ص485.

. سورة فُصلّت، الآية: 19.

. فضائل الخمسة: ج2 ص78.

. شواهد التنزيل: ج2 ص 379.

. سورة الشوري، الآية: 20.

. ينابيع المودّة: ص427.

. سورة الشوري، الآية: 23.

. تفسير القرآن العظيم: ج3 عند تفسير سورة الشوري.

. تفسير الجلالين: عند تفسير سورة الشوري.

. في ظلال القرآن: ج7 عند تفسير سورة الشوري.

. صحيح البخاري: ج6 ص37.

. غاية المرام: ص306.

. تفسير النسفي بهامش تفسير الخازن: ج4 ص94.

. ينابيع المودّة: ص368.

. الفصول المهمة: المقدمة.

. فرائد السمطين: ج1 الباب الثاني.

. نبذة من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام: ص28.

. المقتل للخوارزمي: ج1 ص27، والمناقب للخوارزمي ص39.

. تفسير الكلبي: ج4 ص35.

. مجمع الزوائد: ج7 ص 103.

. نور الأبصار: ص101.

. ذخائر العقبي: ص25.

. الدرّ المنثور: في تفسير سورة الشوري.

. تفسير الفخر الرازي: عند تفسير سورة الشوري.

. جامع البيان: ج25 ص16.

. كنز العمال: ج1 ص218.

. حلية الأولياء: ج3 ص201.

. الشوري: ص23.

. ينابيع المودّة: ص118.

. سورة الزخرف، الآية: 55.

. ينابيع المودّة: ص358.

. سورة الدّخان، الآيات: 51 57.

. شواهد التنزيل: ج1 ص217.

. سورة الجاثية، الآية: 21.

. شواهد التنزيل: ج2 ص170.

. سورة محمد صلي الله عليه و آله و

سلم، الآيتان: 1 2.

. شواهد التنزيل: ج2 ص171 172.

. سورة محمد صلي الله عليه و آله و سلم ، الآية: 3.

. تفسيرالدر المنثور: ج6 ص46.

. سورة محمد صلي الله عليه و آله و سلم ، الآيتان: 4 6.

. شواهد التنزيل: ج2 ص171.

. سورة محمد صلي الله عليه و آله و سلم ، الآية: 11.

. شواهد التنزيل: ج2 ص 174.

. سورة محمد صلي الله عليه و آله و سلم ، الآية: 12.

. شواهد التنزيل: ج2 ص 172.

. سورة محمد صلي الله عليه و آله و سلم ، الآية: 14.

. تفسير الدر المنثور: ج6 ص46.

. سورة محمد صلي الله عليه و آله و سلم ، الآية: 15.

. شواهد التنزيل: ج2 ص172.

. سورة محمد صلي الله عليه و آله و سلم ، الآيتان: 16 17.

. تفسير روح المعاني: عند تفسير سورة محمد.

. سورة محمد صلي الله عليه و آله و سلم ، الآية: 22.

. شواهد التنزيل: ج2 ص176 177.

. سورة محمد صلي الله عليه و آله و سلم ، الآية: 31.

. شواهد التنزيل: ج2 ص171.

. سورة محمد صلي الله عليه و آله و سلم ، الآية: 35.

. شواهد التنزيل: ج2 ص172.

. أي: ينقصهم أجرها.

. سورة الفتح، الآية: 18.

. مناقب مرتضوي: ص54.

. سورة الفتح، الآية: 28.

. شواهد التنزيل: ج1 ص413.

. سورة ق، الآية: 24.

. اثنان وثلاثون حديثاً من كتاب (المسند) المطبوع في آخر المناقب لابن المغازلي: ص427.

. غاية المرام: ج4 ص164، مائة منقبة: ص47.

. الذاريات، الآيتان: 17 18.

. شواهد التنزيل: ج2 ص195.

. سورة الطور، الآيات: 17 20.

. شواهد التنزيل: ج2 ص196.

. سورة الطّور، الآيات: 21 24.

. شواهد التنزيل: ج2 ص197.

. شواهد التنزيل: ج2 ص197 198.

. سورة القمر، الآية: 55.

.

كشف الغمة: ص95.

. سورة الرحمن، الآيات: 19 22.

. تفسير الدر المنثور: ج6 ص142.

. سورة الواقعة، الآيات: 10 12.

. شواهد التنزيل: ج2 ص216.

. مناقب الخطيب البغدادي: ص187.

. سورة الواقعة، الآيتان: 27 38.

. شواهد التنزيل: ج2 ص293.

. سورة الواقعة، الآيتان: 88 89.

. شواهد التنزيل: ج2 ص326.

. سورة الواقعة، الآيتان: 90 91.

. سورة الحديد، الآية: 28.

. الكني والأسماء: ج1 ص170.

. سورة الحشر، الآية: 7.

. العمدة: ص55 56 عن الثعلبي.

. جامع البيان في تفسيرالقرآن: عند تفسير سورة الحشر.

. وفاء الوفا: ج2 ص153.

. سورة الحشر، الآية: 9.

. شواهد التنزيل: ج2 ص246.

. شواهد التنزيل: ج2 ص247.

. سورة الحشر، الآية: 20.

. غاية المرام: ج3 ص328.

. سورة الجمعة، الآية: 11.

. مناقب آل أبي طالب: ج1 ص407.

. سورة التغابن، الآية: 8.

. ماذا في التاريخ: ج3 ص145 147.

. سورة الحديد، الآية: 25.

. سورة المؤمنون، الآية: 29.

. سورة الفرقان، الآية: 25.

. سورة التحريم، الآية: 4.

. ينابيع المودة: ص93.

. سورة التحريم، الآية: 8.

. الحبو: المشي علي أربع.

. مناقب آل أبي طالب: ج2 ص7.

. سورة المزمل، الآية: 19.

. الصواعق المحرقة: ص90.

. سورة المدّثر، الآيات: 8 10.

. ينابيع المودّة: ص151.

. سورة المدثر، الآيات: 38 40.

. شواهد التنزيل: ج2 ص293.

. شواهد التنزيل: ج2 ص293.

. سورة الدهر: ايات: 1 31.

. روح العماني: ج29 ص157.

. تفسير القرطبي: تفسير سورة الدهر..

. تفسير النيسابوري بهامش من تفسيرالطبري تفسير سورة الدهر.

. تفسيرالخازن: تفسيرسورة الدهر.

. تفسير البغوي: عند تفسيرسورة الدهر

. ينابيع المودّة: ص94.

. تفسير الكلبي: ج4 ص318.

. سورة المرسلات، الآيات: 41 44.

. شواهد التنزيل: ج2 ص316.

. سورة المطفّفين، الآيتان: 27 28.

. شواهد التنزيل: ج2 ص326.

. سورة البروج، الآية: 1.

. ينابيع المودّة: ص515.

. سورة البلد، الآية: 3.

. شواهد التنزيل: ج2 ص331.

. سورة البلد، الآيتان: 11 12.

. مناقب

آل أبي طالب: ج2 ص6.

. سورة الشمس، الآيات: 1 4.

. شواهد التنزيل: ج2 ص333.

. سورة الضّحي، الآية: 5.

. شواهد التنزيل: ج2 ص342.

. سورة الانشراح، الآية: 4.

. تفسير روح البيان: عند تفسير سورة الكوثر.

. سورة التّين، الآيات: 1 8.

. شواهد التنزيل: ج2 ص351.

. تاريخ بغداد: ج2 ص97.

. سورة البيّنة، الآيتان: 7 8.

. شواهد التنزيل: ج2 ص364.

. شواهد التنزيل: ج2 ص366.

. تفسير (روح المعاني): ج30 عند تفسير سورة البيّنة.

. سورة التكاثر، الآية: 8.

. تفسير روح المعاني: ج30 ص226.

. سورة العصر، الآية: 3.

. شواهد التنزيل: ج2 ص374.

. سورة الكوثر، الآية: 1.

. أنوار التنزيل وأسرار التأويل، مخطوط: ص1156.

. التفسير الكبير: ج3 تفسير سورة الكوثر.

. صحيح شرح العقيدة الطحاوية حسن بن علي السقاف: ص564.

. حاشية الشهاب المسمّاة ب (عناية القاضي): ص403.

. المجالس ل «كوسة زاده»: ص222.

. القول الفصل: ص457.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.