إلي أبنائنا في البلاد الأجنبية

اشارة

اسم الكتاب: إلي أبنائنا في البلاد الأجنبية

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام علي محمد وآله الطاهرين.

وبعد كتبت هذا الكتاب ليكون مرشدا لشبابنا الذين يذهبون إلي البلاد الغربية أو الشرقية، لأجل الدراسة، أو لأجل العمل، وكثيرا ما يتحيرون كيف يتصرفون ويلائمون بين متطلبات الاسلام الذين هم من اتباعه، وبين أجواء تلك البلاد التي لا تمت إلي الاسلام بصلة، فهل بالإمكان أن يعلموا ذلك فما هو السبيل اليه؟ وهل أن الالتزام بالاسلام عملا لا يضرهم في عملهم ودراستهم؟

ثم إنه يجب أن يعلم شبابنا وسائر المسلمين الذين يعيشون في البلاد الأجنبية، ان تلك البلاد صارت مراكز للمال، والقوة والسلاح، والفكر، والتكنولوجيا والاختراعات الجديدة اما بلاد الاسلام فقد فقدت كل شيء باستثناء (المبدأ الاسلام) الذي يعيش المسلمون بعيداً عنه، وهذه الظاهرة المؤلمة، وهي حصول البلاد الغربية والشرقية علي كل شيء من مقومات الحياة الحضارية (علي الطراز الحديث) وفقدان بلاد الاسلام كل شيء، هي اسباب كل بؤس وويل لا علي المسلمين فحسب، بل علي البشرية، فمن حروب إلي ثورات، إلي مظاهرات، إلي تغيرات جماهيرية، إلي سجون تعذيبية، إلي كبت للحريات، إلي جوع جماهيري، حتي أحصت منظمة (اليونسكو) قبل مدة، أن الجائعين في العالم هم (الف مليون) إلي فراغ فكري أوجب أشد القلق والاضطراب لكل العالم، إلي غلاء، إلي.. إلي.. ولا علاج لتقديم بلاد الاسلام إلي الأمام، ولا لإنقاذ البشر من براثن الحضارة المادية، إلا بالاسلام، والاسلام وحده.

وعودة المسلمين إلي الاسلام، ليزول عنهم الشقاء، ويعمم الاسلام في العالم، ليس بالتمني، فقد قال سبحانه (ليس بأمانيكم، ولا أماني أهل الكتاب، من يعمل سوءا يجز به) بل بالعمل، والعمل المخلص

المثمر له شعبتان:

العمل في بلاد الاسلام ل:

أ تعميم الرفاه والحرية.

ب إزالة المنكرات، والقوانين اللااسلامية.

ج سيطرة الاسلام الكاملة علي كل مرافق الحياة.

د- الأخذ بكل وسائل الحضارة، إلي جانب الأخذ بكل القيم الاسلامية.

2- العمل في البلاد الأجنبي ل:

أ تقوية البلاد الاسلامية، من تلك البلاد، فان مراكز القوة، دائما تكون هي السند لمراكز الضعف ومن مراكز القوة يمكن رفع الضعف عن مراكز الضعف.

ب نشر الفكر الاسلامي في تلك البلاد، ليزول العداء التقليدي الذي تحمله تلك البلاد تجاه المسلمين، منذ الحروب الصليبية، بل منذ بعثة الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم).

وليعلم المسلمون، سواء في البلاد الإسلامية، أو في البلاد الأجنبية، أن أمر إعادة البلاد إلي الاسلام، وإعادة الاسلام، إلي البلاد (بالنسبة إلي بلاد الاسلام) وإفهام البلاد الأجنبية، حقائق الاسلام، وإدخالها في الاسلام، لأجل رفاهها وسعادتها، ليس هينا، ولا يحصل ذلك بأمور بسيطة وأعمال يسيرة، مثل ما يعمله المسلمون في الحال الحاضر، فان مثل ما يعمله المسلمون، مثل أناس أتاهم سيل جارف بارتفاع عشرين متراً، ثم هم يأخذون بالأكف التراب، ويقذفونه أمام السيل، ان هذا العمل يثير الضحك والاستهزاء والرثاء علي عقول أولئك الناس، وكذلك ما يعمله المسلمون في الوقت الحاضر، إن الاستعمار الشرقي والغربي، بما ينطويان من الإلحاد، والفساد، والانحراف، سيل جارف ليس مثله أي سيل، فلا يمكن صده بأعمال يسيرة، أو بأمور بسيطة، ولذا نري هذا السيل قد جرف بلاد الاسلام بما لم يكن له في التاريخ مثيل، ولم يقتنع بذلك الجرف، بل أخذ يجرف حتي بلا قع البلاد، وجذور الإسلام.

فاللازم العمل الجاد المتواصل بحجم الكارثة فلعل الله يحدث بعد ذلك أمراً، وهو الموفق المستعان.

وحيث إني بطبيعة اختلاطي الكثير بالشباب المثقف، سُألت مئات المرات، عما ينبغي ان يعمله

الشباب إذا ذهبوا إلي البلاد الأجنبية، أردت أن اذكر هنا، بعض ما وصل إلي فكري، مما ينبغي أن يعمله الشباب في تلك البلاد، لقضية الاسلام الكبري، وهي (إنقاذ بلاد الإسلام، وتعميم الاسلام في تلك البلاد).

ومن الواضح أن ما نذكره في هذا الكتاب، ليس بقصد صرف الشباب عن دراستهم هناك، أو بقصد كف المسلمين القاطنين في تلك البلاد عن أعمالهم، بل العكس هو الصحيح، فان المقصود، أخذ المسلمين (سواء من يطلب منهم العلم في تلك البلاد أو من يطلب منهم المال والمكانة هناك) فكلا الدين الضار بالدنيا فليس من الإسلام، كما ان الدنيا الضارة بالدين ليست من الإسلام.

فقد قال سبحانه (منهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة).

وقال: (وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا).

ويروي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (أنا ذو عينين) أي انظر إلي الدنيا والي الآخرة معا.

وفي كلام الإمام الحسن (عليه السلام) (اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدأ، وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدا).

وفي حديث آخر(ليس منا من ترك آخرته لدنياه، وليس منا من ترك دنياه لآخرته).

بل إني أري (رؤية واقع) أن الدنيا بلا دين، ليست دنيا صالحة ذات رفاه وحرية واسعة، كما أن الدين بدون الدنيا، ليس دينا أنزله الله من السماء.

فعلي شبابنا وسائر المسلمين القاطنين هناك أن يجدوا في الدراسة والعمل، حتي يفوزوا بأقصي درجات العلم، وابعد منال المال والجاه، والي جانب ذلك عليهم أن يجتهدوا في تقوية بلاد الاسلام، من تلك المراكز، وان ينشروا الاسلام في تلك البلاد.

وليعلم الشباب وسائر المسلمين القاطنين هناك أن لو عملوا نجحوا، فان الله معهم، وقد قال سبحانه في القرآن الحكيم (إن تنصروا الله ينصركم

ويثبت أقدامكم) وقال تعالي (إن ينصركم الله فلا غالب لكم) ونسأل الله سبحانه أن يوفق الجميع لرضاه انه ولي ذلك وهو المستعان.

الكويت

محمد الحسيني الشيرازي

1 المحافظة علي الشخصية الاسلامية

أول الواجبات علي من يذهب إلي البلاد الأجنبية، هو الحفاظ علي شخصيته الاسلامية، عقيدة وأخلاقاً وعملا، فلا يذوب في تلك المجتمعات، ولا ينساق مع التيارات هناك ولا ينصبغ بلون تلك البلاد، بأن يترك عقيدته إلي الإلحاد، أو إلي عقيدة غير اسلامية، ولا يتخلق بأخلاق تلك المجتمعات، أي الاخلاق التي تنافي الإسلام، فإن الحفاظ علي الشخصية، بالإضافة إلي أنه دليل علي نفس قوية رزينة، وفكر أصيل ثاقب، يجلب احترام الآخرين، فان الناس يحبون الانسان الصامد المثابر، ويكرهون الانسان المايع المتلون.

وقد نقل لي أحد الاساتذة، ان شاباً كتب من أمريكا إلي ذويه، يطلب منهم كتابا فيه عقيدة المسلمين وشريعتهم، وذكر في رسالته، أنه خجل أمام الطلاب، حيث أن المدرس، سأل كل طالب عن دينه وشريعته، وقد أجاب كل واحد منهم عن الأسئلة التي وجهها المدرس إليهم، إلا هذا الطالب، حيث أن الطالب سئل: عن دينه؟ فلما أجاب بأنه دين الاسلام، قال له الأستاذ، وما هي عقيدة المسلمين؟ وما هي شريعتهم؟. فلم يجد التلميذ جوابا، وضحك عليه الطلاب، وتأثر هو من هذا الحادث ابلغ الأثر.

وعلي هذا فاللازم علي من يريد الذهاب إلي تلك البلاد، ان يهتم قبل ان يذهب بالتعرف علي دينه ومبدئه، حتي يتمكن من الحفاظ علي شخصيته الاسلامية، ولا يقع في أمثال هذه المآزق،وليجلب لنفسه احترام الآخرين.

2 الفتيات في البلاد الأجنبية

اللازم أن تفتح مدارس ومعاهد للفتيات في البلاد الاسلامية حتي لا تحتاج فتياتنا للسفر إلي البلاد الأجنبية لأجل تحصيل العلم، وغني عن القول، انه يجب ان تنزه معاهد الفتيات في بلادنا من كل مايخالف الاسلام، من الاختلاط، وتدريس الرجال لهن، إلي غير ذلك.

كما أن اللازم علي الحكومات الاسلامية أن تخصص الوظائف في البلاد الأجنبية، علي الشباب فلا توظف الفتيات،

فيما إذا كانت الوظيفة تستلزم الاختلاط والسفور وما إلي ذلك، فان رسالة المرأة في الحياة رسالة إيجابية لا يلائمها ما يقترن بالشهوات والمغريات.

أما العوامل الاسلامية التي تسكن البلاد الأجنبية، فاللازم أن تتحري لفتياتها المدارس النزيهة التي لا تفسد عقيدة الفتيات كمدارس التبشير والتي يسيطر عليها الإلحاد أو الصهيونية، أو التي توجب فساد الفتيات سلوكا أو أخلاقا (وهذا الموضوع عام حتي بالنسبة علي الشباب، لكن كلامنا في هذا الفصل حول الفتيات).

بقي الكلام فيمن يرسلون فتياتهم إلي البلاد الأجنبية، لأجل الدراسة، فإن هذا الأمر محفوف بالمخاطر، فاللازم أن يتداركوها بالتقليل من الخطر،وذلك العمل بإحدي الأمور التالية:

الأول أن لا تسافر الفتيات إلا مع بعض العائلة، مثل أن يسافر أخ الفتاة معها، أما للدراسة أو للعمل أو ما أشبه ذلك.

الثاني أن تتزوج الفتاة، وتسافر برفقة زوجها يعلم المتزوج أن وراءه من يعقد الآمال الكبيرة.

الثالث أن تذهب الفتاة إلي بلد يكون لها أقرباء أو يكون لعائلتها أصدقاء من العوائل المأمونة حتي تكون الفتاة تحت رعاية عائلة شريفة تسهر علي عقيدتها وأخلاقها.

الرابع أن تكون في البلاد الأجنبية (دور الرعاية) كما سيأتي في فصل آخر، وتكون هي المشرفة علي الفتيات، وتسهر علي الفتيات، وعلي استقامتهن عقيدة واخلاقا وسلوكا.

وإذا لم يكن كل ذلك يصل الدور إلي (أضعف الوقايات) وهي أن يسافر بعض أقرباء الفتاة معها لتهيئ الجو الملائم النزيه لها، في مدرستها، ومحل سكناها، وسائر شؤونها، ثم يعود إلي بلاده بعد ان اطمأن علي عقيدتها وسلوكها وأخلاقها.

لكن الواجب شرعا وأخلاقا، ان يتحري أهل الفتيات، الوقاية الأكيدة المضمونة مائة في مائة من البنود الأربعة التي ذكرناها، كما أن اللازم علي الحكومات الاسلامية، أن تراعي هذا الجانب المهم بكل الوسائل الممكنة، فان صحة العقيدة واستقامة

السلوك، من أهم ما يوجب بناء الأجيال الصاعدة، بناء صميمياً يستلزم العزة والقوة والتقدم.

3 رعاية الشروط الاسلامية في قضايا الجنس

ان من يلف رأسه ويغمض عينه، ولا يريد أن يتكلم حول قضايا الجنس بالنسبة إلي شبابنا في البلاد الأجنبية، ليس مثله إلا مثل من يعلم باحتياج عائلته إلي الطعام،ويعلم بأنه أن تركهم بلا طعام كان مصيرهم الموت أو الانزلاق في مساقط السرقة وما إلي ذلك،ومع ذلك لا يفكر في طعامهم.

ان الشاب لا بد له أن يفرغ طاقته الجنسية، فان أمكنه أن يفرغها بنزاهة وطهارة، سلك هذا الطريق، وإلا أفرغها في المسالك المحرمة الموجبة للأمراض والعلل.

فاللازم علي الشاب:

(1) أما أن يذهب إلي البلاد الأجنبية، للدراسة أو العمل، بعد أن تزوج هنا واصطحب زوجته إلي هناك.

(2) وإما أن يتزوج هناك زواجا دائما، بفتاة نزيهة، يبيح الشرع الاسلامي الزواج منها.

(3) وإما أن يستعمل هناك النكاح المؤقت، مع رعاية كافة الشروط الاسلامية، من (العقد) و(أن تكون المرأة غير عاهرة) و(لا ذات أخلاء) و(مراعاة العدة بعد انتهاء المدة) وغيرها وهذا العقد يسمي ب (المتعة) ذكره الله تعالي بقوله: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن).

وربما يحتمل ان (الخليفة الثاني) منع (المتعة) منعا وقتيا، لمصلحة رآها في زمانه الخاص، لا انه قصد التحريم الأبدي، ويدل علي ذلك انه قال (متعتان كانتا علي عهد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) حلال وأنا احرمهما وأعاقب عليهما) فقوله كانتا في زمن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) دليل علي أن الخليفة أراد بذلك، بيان انهما محللتان في الشريعة، وذلك لأن (حلال محمد حلال إلي يوم القيامة) وإنما (أنا أحرمهما) لمصلحة وقتية، إذا لا يحق لأحد أن يقول بحرمة المتعة بعد زمان الخليفة الثاني.

وعلي كل حال فاللازم علي شبابنا في

البلاد الأجنبية، أن لا ينزلقوا، باتخاذ الخليلات، بل يختاروا لأنفسهم فتاة نزيهة، لتكون قرينة لهم بالنكاح المؤقت كما أن الفتيات اللاتي يذهبن إلي البلاد الأجنبية، لا يحق لهن أن يتخذن أخلاء، ولا أن يتزوجن بالشباب غير المسلمين،فإنه لا يحق للمرأة المسلمة، اختيار الزوج غير المسلم، بل إذا لم تتمكن من ضبط نفسها، فاللازم عليها أن لا تنزلق باتخاذ الاخلاء، بل تختار شابا مسلما نزيها، لتكون قرينة له بالزواج الدائم، أو بالزواج المنقطع، وإذا كان لها ولي شرعي، فالاحتياط في استئذانه علي ما ذكره الفقهاء في كتبهم الفقهية.

وما ذكرناه في هذا الفصل، إنما هو علاج فردي، في مثل ظروفنا الحاضرة.

وإنما اللازم علي الحكومات والشعوب الاسلامية، أن تعالج هذه المشكلة، علاجا ملائما لظروف الدراسة في الخارج، وان لم تقم الحكومات والشعوب بالعلاج، أمكن تدارك شيء من الأمر، بتشكيل لجان وجمعيات خيرية، تتدارك ما بإمكانها وإمكانياتها من الأمر، ففي الحديث الشريف (ما لا يدرك كله، لا يترك كله) ولا يسقط الميسور بالمعسور.

4 مراعاة الطهارة والنجاسة

أمرت الشريعة الاسلامية، باجتناب النجاسات، وهي (البول) و(الغائط) و(المني) و(الميتة) و(الخمر) و(الدم) و(الكافر) و(الكلب) و(الخنزير) و(الفقاع) وهو خمر متخذ من الشعير.

كما أمرت الشريعة الاسلامية بالاجتناب عن ما يلاقي هذه الأمور برطوبة، وجوب تطهيره بالماء، فإذا مس ثوب الانسان (الكلب) وكان الثوب أو الكلب رطبا في حال الملاقاة، وجب غسل الثوب بالماء،وهكذا إذا لاقي الثوب، سائر النجاسات،وكذا إذا لاقي بدن الانسان أو طرفه، أو سائر ما يتعلق به أحد النجاسات المذكورة.

وللطهارة والنجاسة، تفصيل في كتب (فقه الاسلام).

فعلي شبابنا الذين يسافرون إلي البلاد الأجنبية، أن يلاحظوا هذه الأمور المهمة.

فقد ثبت في العلم الحديث، إضرار هذه النجاسات، وان الانسان إذا لم يبال بها، تسربت إلي بدنه مختلف المكروبات، الموجبة

لمختلف الأمراض، وبعض تلك الأمراض معدية،وبعضها غير قابل للعلاج.

فاللازم علي شبابنا ان يواظبوا علي الطهارة الشرعية، في البلاد الأجنبية.

وهنا سؤال مطروح، وهو ان النجاسات فيها قذارة،وفيها مكروبات تسبب الأمراض، ولذا قال الاسلام بنجاستها، فهل في (الكافر) النظيف الجسد، قذارة ومكروب؟

والجواب، وهو ان قذارة الكافر أدبية ومعنوية، فان عقائده المنحرفة،ومذهبه الملتوي،أوجب ان يجعل الاسلام حوله نطاقاً من التحذير، لئلا يتسرب سلوكه وأفكاره إلي غيره، فحين نجّسه الاسلام جعله علي صعيد مشكوك فيه،حتي لا تعدي عقيدته وسلوكه إلي المسلم، كما أن تنجيسه يكون بمثابة جهاز ضغط علي نفس الكافر، فيتساءل لم انه نجس في شريعة الاسلام؟ ولماذا قال الله تعالي (إنما المشركون نجس)؟ وعند الإجابة يتبين لديه زيف عقيدته وانحراف سلوكه، فيمكن أن يطرح عقيدته المزيفة، ويترك سلوكه المنحرف، إلي عقيدة الاسلام الصحيحة، والي سلوك الاسلام المستقيم.

وقد استعملت أنا (المؤلف) هذا الاسلوب مع بعض المسيحيين، فأسفرذلك عن تقبلهم الاسلام، واليك قصة واحدة من تلك القصص:

جاءتني فتاة مسيحية، مع زوجها المسلم، وكانت فتاة مثقفة متخرجة من الجامعة بالإضافة إلي أنها كانت مثقفة بالثقافة الدينية المسيحية، وناقشتني حول قضايا الاسلام عقيدة وشريعة وسلوكا، مناقشة طويلة،واقتنعت بكل أجوبتي، ولما طلبت منها ان تُسلِم، أبت وقالت، إنها لا تسلم، ولما سألتها عن السبب؟ قالت لأن بعض المسلمين عاملوها معاملة مشينة بكرامتها، وهي أنها أرادت أن تدخل بعض روضات الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) في العراق، فحال بعض المسلمين، دون دخولها، بحجة إنها مسيحية لا يحق لها دخول الروضة، ثم أردفت، أن هذا السلوك المشين هو الذي يحول دون تقبلها الاسلام.

قلت لها:

أولا: أليس في بلادكم (ألمانيا) أماكن يحظر الدخول فيها إلا برخصة؟ قالت: بلي، قلت هذا السلوك ليس مشينا، ولا منافيا لكرامة الإنسان.

وثانيا:

أليس في بلادكم أناس جهّال، وهل ذلك يدل علي أن الشعب الألماني شعب متأخر؟ قالت، نعم في كل مكان أناس جهّال، ولا يدل عمل فرد أو أفراد علي أخلاقيات الشعب ومبادئه، قلت إذا، سلوك انسان معك بهذا السلوك الخاص، لا يدل علي أخلاقيات المسلمين ومبادئهم.

وثالثا: إن هذا الانسان الذي منعك من دخول الروضة، لم يمنعك من تلقاء نفسه، بل لأن صاحب الروضة (الإمام المدفون) هو الذي يمنعك، وهذا الانسان نفذ أمر صاحب البيت، فكما ان لك ان تمنعي انسانا عن دخول دارك، كذلك صاحب الروضة له ان يمنعك عن دخول الروضة، قالت: بكل استغراب ولماذا يمنعني صاحب الروضة عن دخول روضته،وانا كسائر الناس، لم اسئ إلي صاحب الروضة؟ قلت: بلي قد اسأت إلي صاحب الروضة أكبر الإساءة، قالت: (بإندهاش) أنا أسأت إلي صاح الروضة؟ قلت: بلي، قال: وكيف؟

قلت: الست انت مسيحية؟ وأليس المسيحيون يقولون ان نبي الاسلام محمد (صلي الله عليه واله وسلم) كاذب؟ وأليس محمد (ص) جد هذا الإمام صاحب الروضة؟ إذا لهذا الإمام صاحب الروضة ان يقول كل من يقول بأن جدي كاذب في دعواه الرسالية، فليس له الحق في ان يدخل روضتي.. ثم أردفت ألست أنت تغضبين علي من يقول بأن أباك كاذب دجال؟ وكذلك هذا الإمام (صاحب الروضة) يغضب علي من لا يقبل رسالة جده محمد (ص).

فكرت الفتاة مليا، وظهرت عليها إمارات الحيرة، ثم قالت، إذا كان هذا هو سبب منع ذاك الانسان، عن دخولي روضة الإمام فهو سبب مقبول.

فقلت إذا اسلمي، وبعد تردد، اسلمت وشهدت الشهادتين.

ثم انه ليعلم شبابنا الذين يذهبون إلي البلاد الأجنبية، ان ليس الاسلام دين عسر وحرج، وإنما هو دين يسر وسهولة، ولذا فقد قرر الاسلام قانون(كل

شيء نظيف حتي تعلم انه قذر) فكل شيء،لم يعلم وإذا لم يعلم الانسان ان الذي يكوي باشرها بحيث نجسها ام لا، فلا يحكم بنجاسته.

لكن يستثني من ذلك اللحوم والشحوم والجلود (كما يأتي في فصل آخر).

والاوراق المعدة في (دورات المياه) يصلح استعمالها لتطهير موضع الخروج، لكن بشرط ان يستعمل ثلاث قطع، أما موضع البول فلا يطهر الا بالماء.

والملابس التي تكوي عند غير المسلم، إذا لم يباشرها بيده، أو بماء نجس، فهي طاهرة، وإذا لم يعلم الانسان أن الذي يكوي، باشرها بحيث نجسها أم لا، فلا يحكم بنجاسته.

وإذا صافح الانسان، انسانا غير مسلم وكانت يد أحدهما رطبة، لزم علي المسلم أن يطهر يده بالماء، أما إذا كانت يد كليهما يابسة، فلا تنجس يد المسلم بالمصافحة.

ولا بأس بالأكل في المطاعم، إذا لم يعلم بنجاسة الطعام، لكن يتجنب أكل اللحم والأمراق المطبوخة باللحم.

5 ادخال الناس في الاسلام

من اللازم علي شبابنا الذين يذهبون إلي البلاد الأجنبية، لأجل الدراسة أو العمل، ان يهتموا لإدخال غير المسلمين في الاسلام، فان ذلك:

1- خدمة لأولئك الذين يسلمون في دنياهم، فان الاسلام يضفي علي الانسان اطمئنانا قلبيا، وسعادة نفسية، ويقلل من مشاكل الحياة، حتي إذا عاش المسلم في جو غير اسلامي.

2- وخدمة لأولئك الذين يستسلمون، بالنسبة إلي إسعادهم في آخرتهم.

3- وخدمة بالنسبة إلي البلاد الاسلامية، فان المسلم الذين يعيش في البلاد الأجنبية يساهم في دفع الحيف والظلم عن بلاد الاسلام، ويسعي في تقديم بلاد الاسلام إلي الأمام، كما يحول دون الاستعمار.

4- وخدمة بالنسبة إلي المسلمين القاطنين في البلاد الأجنبية، حيث كلما زاد عددهم قوي بعضهم ببعض.

وإدخال الناس في الاسلام يكون:

أ بنشر الكتب الاسلامية بينهم.

ب بإلقاء المحاضرات الاسلامية عليهم.

ج بالمقابلات الفردية، وذكر حقائق الاسلام، ومحاسنه، وآثاره، ونتائجه.

د بدعوتهم إلي

بلاد الاسلام، لمقابلة العلماء والمرشدين المسلمين، كي يتأثروا بالاسلام ومُثله.

ه وبالسلوك المستقيم من نفس الشاب الذي يريد إدخال غير المسلمين في الاسلام، فان سلوك المسلم من افضل وسائل الدعاية،ولذا ورد في الحديث الشريف (كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم).

وقد يستغرب الشاب من هذا الكلام، فهل يمكن أن يسلم أحد علي يد شاب ذاهب للدراسة؟

فليعلم ان كثير من شباب أصحاب رسول (صلي الله عليه وآله وسلم)، ادخلوا الناس في الاسلام، كما أن جملة من الناس دخلوا في الاسلام علي طول التاريخ علي يد التجار من المسلمين الذين ذهبوا إلي البلاد الأجنبية لأجل التجارة.

6 اللحوم

يقول الله تعالي في القرآن الحكيم (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق).

فاللحم الذي لم يذكر اسم الله عليه عند الذبح، ليس بحلال، كما انه يشترط في حلية اللحم شروط اخري، مثل أن يكون الذابح مسلماً، وان يذبح بالحديد، وان يقطع الأوداج الأربعة، ممر القصبة الهوائية، والمريئ، وعرقين يحيطان بالرقبة،وان يستقبل بذبيحته القبلة، وان يخرج الدم المتعارف، وان يكون الحيوان ذا حياة تامة عند الذبح وعلامة ذلك، ان يحرك بعد الذبح يده أو رجله أو نحوهما …

ولا فرق في هذه الشروط بين الغنم والبقر والإبل والفرس والحمام والدجاج والغزال وغيرهما، نعم لا يشترط في الأسماك إلا ان تموت خارج الماء أو أن يصطاد، ولو كان الصائد غير مسلم، فإذا مات السمك داخل الماء أو قذف السمك بنفسه إلي الشاطئ ومات، كان حراما.

فعلي شبابنا الذين يسافرون إلي البلاد الأجنبية، لأجل الدراسة، أو العمل، أن يتجنبوا اللحوم المذبوحة علي غير الطريقة الاسلامية وتحصيل اللحم الحلال بإحدي هذه الطرق:

1 ان يذبحوا هم بأنفسهم، أو يصطادوا السمك هم بأنفسهم، أو ينظرون إلي من يصطاده ولو

كان الصائد غير مسلم.

2- ان يحصلوا علي اللحم من المطاعم الاسلامية.

3- ان يكوّنوا جماعة، ويحصلوا علي (جزّار) يذبح لهم كل أسبوع شاة أو عدة فراريج مثلاً.

4- أن يشتروا المعلبات المصنوعة في البلاد الإسلامية، ولو بإرسال ذوي الشاب إليه كل فترة عددا من المعلبات، بواسطة البريد أو نحوه.

ومثل اللحم في الحرمة، إذا لم يكن بالشروط السابقة، الشحم، والدهن المأخوذ من الحيوان المذبوح علي الطريقة الشرعية..

أما اللبن، والدهن، مما لم يعلم انه أخذ من الحيوان الحي أو الميت،أو انه من الحيوان الحلال أو الحرام، فهما طاهران وحلالان، كما ورد في الشريعة الاسلامية، من قاعدة (كل شيء لك طاهر حتي تعلم انه نجس) وقاعدة (كل شيء هو لك حلال حتي تعلم انه حرام بعينه).

وعلي هذا، فالمحرم هو اللحم والشحم، إذا لم يعلم بأنه ذبح علي الطريقة الشرعية أم لا.

7 المحرمات

يجب علي شبابنا الذين يذهبون إلي البلاد الأجنبية، ان يتحفظوا كامل التحفظ علي دينهم، في أصوله وفروعه، فلا يجرفهم تيار الإلحاد، والميوعة، والفساد، فان الانجراف مع التيارات دليل ضعف الشخصية، وانعدام أهلية الإدارة، ومثل هذا الانسان يحطم مستقبله، فان الدنيا لا تعتمد علي المايعين، ولا تعطي قيادتها للمنجرفين.

فاللازم علي شبابنا في تلك البلاد:

1- عدم معاقرة الخمر، مهما كانت الظروف، وضغط الأصدقاء، فان الخمر بالإضافة إلي حرمتها الأكيدة في الشريعة الاسلامية، تسبب الأمراض المختلفة، وربما سري المرض إلي نسل الانسان كما قرره الطب الحديث .

2- عدم أكل لحم الخنزير وسائر المحرمات في الشريعة الاسلامية، فإن الاسلام لم يحرم هذه الأمور إلا لوجود أضرار بالغة فيها، وبالأخص لحم الخنزير، الذي هو مجمع المكروبات والجراثيم والوساخات، كما قرر في الطب الحديث، ومن يقول (أن لحم الخنزير إذا عُقِّم، نظف ولم يبق فيه

شيء من الأوساخ) فليرجع إلي الكتب المكتوبة بشأن لحم الخنزير. ويراجع حذاق الاطباء، ليقولوا له: إن لحم الخنزير لا ينظف ولو عُقِّم ألف مرة.

3- عدم الانزلاق إلي الزنا واللواط والعادة السرية، فان كل هذه الثلاثة محرمة في الاسلام اشد التحريم، بالإضافة إلي أنها توجب الأمراض المختلفة، كضعف الأعصاب، وضعف البصر، والأمراض الزهرية التي تلازم الانسان إلي آخر حياته، وربما سببت قطع نسله، وإني رأيت شابا، ابتلي بهذه الأمراض، من جراء الزنا، فقال له الطبيب أن المرض يلازمه طول حياته، وان نطفته سقطت بسبب ذلك عن قابلية الاخصاب، فلا يولد له.. فكان الشاب يعيش في آلام جسدية وآلام نفسية.. واللواط غالبا يورث العمي في الفاعل والمفعول، ويسبب اختلال توازن الأعصاب.

4- والرقص مع النساء هو الآخر محرم في الشريعة الاسلامية.

5- كما ارتياد السينماءات المايعة، لا يجوز في الاسلام.

فليحتفظ شبابنا في البلاد الأجنبية عن الانزلاق في هذه الآثام، فإن الله سبحانه يراقب أعمالهم ويحاسبهم عليها، وان لم يكن هناك من يراهم ممن يتحفظون أمامه، ويخافون أن يفضحهم وينكل بهم.

8 دور الرعاية

من اللازم علي الحكومات الاسلامية، والشعوب المسلمة، والجمعيات الخيرية، والأثرياء، أن يهتموا لإيجاد (دور الرعاية) في البلاد الأجنبية، بأن يؤسسوا في كل بلد يتواجد فيه الشباب المسلمون، داراً أو أكثر، لاحتوائهم، بحيث يتوفر في تلك الدور، المسكن، والمأكل، وأسباب الرفاه، إما مجانا، أو باجرة أقل من أجرة سائر الفنادق والمساكن حتي يكون مغريا.

وهذه الدور تكون بمثابة ملجأ للشباب الدارسين، عن تيارات الإلحاد والفساد والتمييع، لأنها تهيئ جواً اسلاميا، وتجعل الشباب تحت الرقابة الاجتماعية، وتقوي نفوسهم للاستمرار في طريق الإيمان والفضيلة، فان الانسان يتقوي بأمثاله، بينما يتميع في المحيط العام إذا انفرد، فان الفرد أقل مقاومة، للأجواء من المجموعة.

فمثلا إذا

هيأت حكومة أو جمعية خيرية، في لندن، فندقا ذا غرف كافية، وفيه مصلي، ومذبح، ومكوي، ومطعم، ومكتبة فيها مختلف الكتب الاسلامية، ويكون الفندق تحت إشراف إدارة حاذقة، يكون الشاب الساكن في هذا الفندق بمأمن من الخطر المتوجه إلي الشاب الذي يسكن بيتا مسيحيا، بعيدا عن أصدقائه المسلمين، فانه لا بد وأن يتكيف علي نحو حياتهم في عقيدتهم وآدابهم وسلوكهم.

(فالطبع مكتسب ممن يجاوره)

(من الفضائل والآداب والحوب)

(كالريح آخذة ممن تمر به)

(نتنا من المنتن أو طيبا من الطيب)

كما ان لندن بحاجة إلي دار رعاية، كذلك بكين، وموسكو ونيويورك، وبون، وباريس، وغيرها.. ولا يظن أن ما ذكرناه من إيجاد دور رعاية شيء صعب، فلنفرض أن البلاد التي هي بحاجة إلي مثل هذه الدور، هي مئة بلد، وبناء كل دار تحتاج إلي ثلاثة ملايين، فالمجموع ثلاثمائة مليون، ومن المعلوم ان هذا شيء سهل بالنسبة إلي الحكومات، بل تتمكن الجمعيات الخيرية ان تقدم بعض ذلك، فان أهمية ما ذكرناه، ليست أقل من أهمية بناء المساجد والحسينيات والمدارس والمكتبات وان كلا القسمين من البناء هو في سبيل الله ولأجل إنقاذ المسلمين من كالمساجد.. إلي آخره فليقوموا ببناء هذا القسم من المؤسسات (دور الرعاية) ابتغاء وجه الله سبحانه.

9 تحصيل أكبر قدر من العلم

يلزم علي شبابنا الذين يذهبون إلي البلاد الأجنبية، للدراسة، الاستمرار، في الدراسة، إلي أن يحصلوا علي أرفع درجة في العلم، فان الحضارة لا تقوم إلا بالعلم، وكل أمة كانت أكثر علماً، وارفع ثقافة، كانت احري بقيادة العالم، والمسلمون إذا قرنوا الإيمان بالعلم، تمكنوا من أن يتبوؤا مكانتهم السابقة في التاريخ، حيث كانوا يقودون العالم، وكانت تدين لهم البلاد والعباد.

ومن هذا المنطلق إني أحرّض شبابنا علي الاستمرار في الدراسة، سواء كانوا في بلاد الاسلام، أم في

البلاد الأجنبية، لا لأن لا يبقي أمّي في المسلمين، بل لأن يحصلوا علي أرقي درجات العلم، فان ذلك (واجب اسلامي) حيث إن (الاسلام يعلو ولا يعلي عليه) فلا يجوز للمسلمين ان يتخلفوا عن ركب العلم، بل لا يجوز لهم ان يبقوا في مستوي سائر الأمم في العلم، بل الواجب عليهم أن يسبقوا العالم في كل الشؤون العلمية والعملية.

وبالإضافة إلي كونه واجبا اسلاميا، وهو واجب حضاري،فان الأمة التي تريد التفوق الحضاري، لا بد لها من الأخذ بأرقي وسائل الحضارة من علم وعمل، ولا تقتنع بالوصول إلي مستوي سائر الأمم.

وأحيانا تأخذنا الدهشة والخجل، كيف وصل غيرنا إلي القمر، ونحن بعد نحبو في أول طريق التصنيع، ألم يقل القرآن الحكيم (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)؟ وقال (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)؟.

وإني أري أن من الضروري أن تكون في البلاد الاسلامية جمعيات خيرية، تعمل لرفع مستوي الشباب إلي مختلف شعب العلم، ثم تدفعهم إلي استيعاب أكبر قدر ممكن من الثقافة والمعرفة، فتهئ لهم وسائل السفر والتعلم، وتدرّ عليهم المال الكافي، وتحلّ مشاكلهم التي تحول دون تعلمهم، أو دون وصولهم أرقي الدرجات.

ومن المؤسف حقا أن نري في البلاد الاسلامية الثرية شبابا مؤهلين لأن يكونوا قادة في العلم،ومفخرة للبلاد، وقدوة للأجيال،ثم ينقصهم المال الكافي لوصولهم إلي ما يصبون إليه، أو تحول دون انطلاقهم مشاكل يمكن حلها، إذا شاء أرباب الحل والعقد أن يحلوها.

كما من المؤسف حقا أن يكون في البلاد الاسلامية الفقيرة، شباب مؤهلين متحفزين ثم لا تمدّ إليهم البلاد الثرية يد العون، فيذبل شبابهم، وتبقي بلادهم متأخرة، وقد قال الله تعالي (إنما المؤمنون اخوة) وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (ما آمن

بي من بات شبعان وجاره جائع).

10 تشكيل الجمعيات

يلزم علي شبابنا الذين يذهبون إلي البلاد الأجنبية للدراسة أو العمل، أن ينظموا بين أنفسهم (جمعية خيرية) تقوم بكل الأمور الاسلامية، التي من أبرزها:

1 بناء مسجد للصلاة والاحتفالات، وما إلي ذلك.

2- فتح مكتبة تضم مختلف الكتب الاسلامية، وغيرها مما هي محل الحاجة.

3- الاجتماع الدوري للمداولة في شؤون انفسهم، وسائر الشؤون المرتبطة بالاسلام أو ببلاد الاسلام أو بالعلاقات بين البلاد، أو بالشؤون التبشيرية، أو غير ذلك.

4- تأسيس مجلة أسبوعية أو نصف شهرية أو شهرية، أو تأسيس جريدة إن كان بإمكانهم ذلك.

5- تأسيس دار إذاعة أو تلفزيون، لبث البرامج المختلفة التي تكون من صميم الاسلام، وتنفع المسلمين في أمور دينهم أو دنياهم.

وقد يستغرب من في بلاد الاسلام (تأسيس الإذاعة والتلفزيون) لكن علينا ان نعرف ان الاذاعة، والتلفزيون، في كثير من البلاد الأجنبية تعدان من الأمور التجارية، فحالهما حال المطبعة والحانوت، ولذا كثر هذان الجهازان في تلك البلاد كثرة مدهشة، حتي انه يوجد في (أمريكا) وحدها (ستة آلاف وأربعمائة دار للإذاعة) وكثير منها تجارية.

6- الإشراف علي النشاطات الاسلامية في البلد، وعلي الشباب الدارسين والعاملين، الاهتمام لبعث روح الحركة والنشاط فيهم، حتي يتقدموا إلي الإمام.

ومن اللازم التنسيق بين الجمعية وبين مختلف النشاطات الاسلامية في بلد الجمعية وسائر البلاد الأجنبية.

كما ان من اللازم التنسيق بين الجمعية وبين مختلف النشاطات الاسلامية في سائر البلاد، فان فائدة التنسيق:

أولا عدم التضارب بين النشاطات، فان التضارب غالبا ما يقع بين النشاطات، يقول أحد الشعراء:

(وكل شيء آفة من جنسه)

(حتي الحديد سطا عليه المبرد)

وثانيا التقدم إلي الأمام، فان الناشطين إذا تكاتفا كان نتاج ذلك أضعاف أضعاف النشاطات بدون التكاتف.

واللازم أن يهتم القائمون بشؤون الجمعية، علي أن تكون نشاطاتهم رسمية، لئلا

يتورط في المشاكل الحكومية، بدون مبرر.

11 كشف أسرار الاستعمار

من اللازم علي الشباب الذين يذهبون إلي البلاد الأجنبية للدراسة أو العمل، أن يجعلوا من برامج أعمالهم، كشف أسرار الاستعمار، وكيفية نوعية تصرفهم في البلاد الاسلامية.

وذلك بقصد أعلام البلاد الاسلامية بتلك الأسرار للحيلولة دون التنفيذ، فان تفشيل خطط العدو نصف الانتصار.

وإذا كانت هناك جمعية اسلامية فاللازم أن تجعل شعبة منها لهذه الغاية.

كما أن اللازم علي الفرد أو الجمعية، الكشف عن أسرار قوة المستعمرين وكيفية ونوعية أعمالهم لأنفسهم، أو لسائر أعدائهم، فان كشف مكامن القوة والضعف في العدو، يساعد البلاد الاسلامية علي الاقتباس لمكامن القوة، والاجتناب عن مكامن الضعف.

وهكذا يلزم علي الفرد أو الجمعية الاسلامية كشف نقاط التعاون ونقاط الخلاف بين البلدان فضح البلدان الاسلامية المنحرفة التي تمر في صورة التعاون، وتعميق هوة الخلاف في صورة التخالف. أما البلدان الاسلامية المستقيمة، فالاطلاع علينقاط التعاون بينها وبين البلدان الأجنبية يوجب اسعاف البلدان الاسلامية بالتمتين والتقوية، كما ان الاطلاع علي نقاط الخلاف يوجب رأب الصدع،وسد الخلل.

وكل ذلك مما يوجب تقوية المسلمين.

وبعبارة جامعة يجب ان يجعل الشاب المسلم الذي يعيش في البلاد الأجنبية، من نفسه جنديا في جيش الاسلام، ليجلب إلي المسلمين النفع ويدفع عنهم الضرر، وهذا واجب شرعي لأنه من شعب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،والتعاون علي الخير، ودفع الضرر، بالإضافة إلي أن ما ذكرناه هو ما يفعله المستعمرون بالضبط في البلدان الاسلامية، فالعمل علي غرارهم يدخل في شعبه (فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم).

وقد يتصور انسان، أن ما ذكرناه في هذا الفصل أمرعسير، لكن الواقع واقع عكس ذلك، فان المعلومات الإذاعية والتلفزيونية والصحفية، والكتبية، في البلاد الأجنبية في متناول يد كل انسان، فليس علي الشاب المسلم إلا أن

يفتح عينيه ليري أو يصغي أذنه ليسمع،ثم يأخذ بالنافع للانتفاع به، ويقف أمام الضار، للتوقي من ضرره.

واللازم الحكمة التعقل في أعمال هذا الفصل ليأتي بأفضل النتائج.

12 استصحاب القرآن والكتب الإسلامية

واللازم الحكمة والتعقل في أعمال هذا الفصل ليأتي بأفضل النتائج. العمل ان يستصحب:

1- القرآن الكريم.

2- نهج البلاغة.

3- الصحيفة السجادية.

4- كتب في الأحاديث الواردة عن النبي وفاطمة الزهراء والائمة الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين).

5- كتاب مفاتيح الجنان، أو كتاب آخر في الأدعية والمستحبات.

6- كتاب في الاخلاق مثل (جامع السعادات) و(الفضيلة الاسلامية).

7- كتاب في الآداب الاسلامية، مثل (حلية المتقين) و(مرآة الكمال).

8- رسالة عملية لأحد الفقهاء.

9- كتب في الأديان والمذاهب، أمثال كتب الشيخ جواد البلاغي والسيد عبد الحسين شرف الدين رحمهما الله تعالي.

10- كتب حديثة في مختلف المواضيع الاسلامية، السياسية والاقتصادية وما اليها.

واللازم ان يخصص الشاب،من يومه مقدارا ولو ساعة، لقراءة القرآن والأدعية ومطالعة هذه الكتب، فإنها:

أولا: توجب سعة في الآفاق العلمية مما توجب بدورها شحن الذهن والتقدم السريع في الدراسة أو العمل، فان العلم كله من باب واحد، فإذا تفتح ذهن الانسان عليالعلم، فقد تفتح علي كل علم، ولذا تري أن من يمارس علما ما، يكون أسرع قبولا لسائر العلوم.

وثانياً: تسبب نضج الانسان، فان الاسلام بقرآنه وسنته، هو خلاصة فلسفة الكون والحياة،والطريق الواضح للسلوك المستقيم، والحياة السعيدة، مما لا تصل اليها الأعمار بل عمر واحد حتي بعد التجارب الكثيرة، فمثل الانسان الآخذ بالاسلام، ومثل غيره الذي يريد ان يصل بنفسه وتجاربه إلي هذه النتائج، مثل انسان يركب الطائرة (الكونكورد) ويسافر إلي مقصده، والانسان الذي يريد أن يصنع بنفسه وسيلة نقلية للوصول إلي مقصده.

وثالثاً: تبعث إلي قوة الانسان الفكرية، ممال تساعده علي السير في الحياة مرفوع الرأس، وليس علي الشاب (إذا شك

في ذلك) ان يقارن بين الانسان المزود بالاسلام، وبين الانسان غير المزود به، ليري الفرق الواضح، وانه كيف يكون الانسان المزود قديرا شجاعا مرفوع الرأس، بينما الانسان الثاني ضعيف خاو، مهزوم أمام القوي الفكرية.

وبكلمة واحدة، فان المتزود بالاسلام، يساعد الشاب علي النجاح في دراسته وعمله.

13 تبوء المراكز الحساسة

من اللازم علي الانسان المسلم الذي يعيش في البلاد الأجنبية، سواء كان ذاهبا للدراسة، أو لكسب المال، أو سائر الأعمال، أن يجعل أكبر همه، تبوء المراكز الحساسة.

فإذا كان طالبا عليه أن يهتم ليكون عضوا في جمعية طلابية،وان تمكن فأمين السر وإن تمكن، فرئيساً لها وكذلك إذا كان هناك تنظيم أو منصب فعليه الانضمام والترقي إن لم يزاحم دراسته.

وإن كان رجل مال، اهتم لأن يتبوء أكبر مركز مالي ممكن، ولا يقتنع بما وصل إليه من الثروة مهما كانت كثيرة، فإذا حصل علي مئة مليون، ضاعف جهوده، ليكون له مئتي مليون، وهكذا، وذلك لأن:

(1)- الاسلام تقدمي، ومن الكلمات الاسلامية (من استوي يوماه فهو مغبون).

(2)- ولأن الاسلام يجب أن يكون الأعلي في كل شؤونه مما عداه، فان الاسلام يعلو ولا يعلي عليه.

والآن يوجد في (أمريكا) رجل واحد من عائلة (روكفلر) يملك (الف مليون دولار) فاللازم أن يوجد في المسلمين من يملك أكثر من ذلك.

(3)- ولأن الثروة قوة، وقد قال تعالي (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة).

(4)- ولأن الثري أمكن من خدمة الاسلام والمسلمين من غيره، وفي الحديث الشريف (نعم العون علي تقوي الله الغني).

وإذا كان من قبيل (المهندس) و(المحامي) و(الطبيب) وغيرهم عليه أن يهتم إلي أكبر مركز ممكن لهذا المسلك، وكلام الامام أمير المؤمنين(عليه السلام) (لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا) تشمل بالمناط ما ذكرناه فلا تكن مرؤوس غيرك وقد جعلك

الله بحيث تتمكن أن تكون رئيسا.

كما أنه إذا تمكن من إدارة جبهتين، كان اللازم عليه أن لا يقتنع بجبهة واحدة، مثلا إذا تمكن أن يكون (مهندسا) و(تاجرا) لم يقتنع بأحدهما.

وهذه نصيحتي إلي كل المسلمين، من في البلاد الأجنبية،ومن في البلاد الاسلامية.

ولذا فإني أري لزوم أن يتجنس كل ساكن في بلد ما، بجنسية ذلك البلد، ليتمكن من الاستفادة من مزايا ذلك البلد الذي هو فيه.

أما من يزعم كما زعم الشاعر حيث قال:

(بلادي وان جارت عليَّ عزيزة)

(وقومي وإن هانوا علي كرام)

فليعلم انه خلاف قوله تعالي: (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن ارض الله وساعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا).

وإنه خلاف قوله (عليه السلام)(خير البلاد ما حملك) فاللازم العمل بقول الشاعر:

(بلادي إذا جارت عليَّ تركتها)

(واعززت قومي أن أصاب هوانا)

14 التعريف بالاسلام

من اللازم علي شبابنا الذين يذهبون إلي البلاد الأجنبية، لأجل الدراسة، أو العمل، أن يهتموا بتعريف الاسلام إلي غير المسلمين، فان ذلك بالإضافة إلي أنه واجب شرعي، خدمة انسانية، وتقوية لبلاد الاسلام والمسلمين، ويكون ذلك:

1- بالقيام الشخصي، بالمقابلات الفردية، وإلقاء الخطب في الجماهير،والتكلم في مختلف وسائل الاعلام.

أ- وقد كان لنا صديق شاب، يدرس في أمريكا، يستغل أوقات فراغه، للذهاب اليالكنائس، ومناقشة القساوسة، لالقاء الخطاب من علي منبر الكنيسة كلما سنحت له الفرصة.

ب- كما أن صديقا آخر، كان يدرس في باريس، كان يلقي المحاضرات حول الاسلام، من منبر الاذاعة كل شهر مرة أو أكثر.

ج- وانسان ثالث، كان يخاطب الجماهير، في (هايد بارك) في لندن.

2- بنشر الكلمات في الصحف، أو تأليف الكتب وطبعها.

3- باغراء المؤلفين والمذيعين والمدرسين وأصحاب الصحف، بنشر المقالات والكلمات، لقاء مال أو صداقة أو قضاء

حاجة أو ما أشبه ذلك.

4- بمساعدة القائمين بتعريف الاسلام، بالمال أو سائر ما يوجب توسيع نشاطاتهم.

5- تأسيس المؤسسات الاسلامية، التي تخدم هذا الشأن. إلي غيرها من وسائل نشر الاسلام.

وقد حدثني رجل أفغاني، انه كان لوالده، سبعة أولاد ذكور، وتسعة أولاد إناث، فزوج كل بناته من رجال خارج المذهب، كما زوج الأولاد بفتيات، خارجات عن المذهب، وذلك بداعي أن يقوم أولاده ذكورا واناثاً، بهداية أزواجهم، قال الرجل المتحدث وحصل بالفعل ما اراده الوالد.

وإني ذكرت هذا المثال لبيان أن طرق التعريف والهداية كثير، وأكثر منها، طريق هذا الرجل الافغاني، الذي لم يكن له شيء من العلم، ولكنه كان مزودا بقدر كبير من الذكاء والفطنة، فخدم مذهبه بهذه الطريقة.

وغني عن البيان ان هذا الفصل غير الفصل الخامس الذي سبق ذكره، وان كان كلاهما من باب واحد.

ولأجل لزوم الاهتمام، بكل واحد من الأمرين، جعلناهما فصلين، وإلا فالمقدمات والنتائج والأسباب، في كلا الفصلين واحد.

15 اتاخذ أكبر قدر من الأصدقاء

الصديق درع وجنة وجناح، فكلما تمكن شبابنا الذاهبين إلي البلاد الأجنبية من تحصيل الأصدقاء، لزم عليهم اغتنام الفرصة بذلك.. فالصداقات أساس التفاهم، والتفاهم أساس التقدم، فان الانسان إذا لم يتفاهم مع العدو، لا يأمن كيده، وإذا لم يتفاهم مع غير العدو لا يمكن من التعاون معه.

وذات مرة سألت احد نواب مجلس الأمة، عن رحلة نيابية قام بها وفد من نواب بلاد الاسلام إلي لندن، عن سبب فوز اليهود، في ذلك المؤتمر البرلماني، دون المسلمين، علي كثرة المسلمين وقلة اليهود؟ فأجاب بأن السبب يعود إلي أن لليهود أصدقاء هناك، يمهدون الجو لهم، بينما ليس للمسلمين أصدقاء، فكأنهم يعيشون في عراء، ومن المعلوم أن الصديق يتأثر بصديقه ولا يتأثر بأناس آخرين وان كانوا متعددين.

ومرة أخري سألت رجل سياسي

كبيرة عن سبب بقاء الاستعمار البريطاني في كثير من البلاد،وقد افلت شمس بريطانيا، وعن سبب تمكنهم من الانقلاب،والحال ان الانقلاب يحتاج إلي مؤهلات كثيرة، قال السبب هو أن لهم اصدقاء كثيرين في كل القطاعات، مما يساعدهم علي ابقاء انفسهم في البلاد، مثلا لهم اصدقاء في الجيش يعتمدون عليهم في معاملات السلاح، ولهم اصدقاء في السياسة يعتمدون عليهم في بقاء سياستهم في البلاد ولهم اصدقاء من التجار، يعتمدون عليهم في تجارتهم،وهكذا.. قال ثم انهم يصادقون الحزب الحاكم، والحزب غير الحاكم، فإذا بقي الأول في الحكم، كان اتصالهم به كفيلا ببقائهم. وإذا جاء الثاني إلي الحكم، فقد كفلوا سلفا بقائهم في البلاد، ولهذا السبب نفسه يتمكنون من الانقلابات متي شعروا بأن أزمة البلاد أخذت تنفلت من أيديهم.

ومرة ثالثة سألت انسانا خبيرا في بلد إسلامي، كان مرضاه يذهبون إلي لندن، للعلاج، فقلت: لماذا يذهب المرضي إلي لندن، دون ما سواها، ومن المعروف ان الطب في بعض البلاد الآخر أكثر تقدما من الطب في لندن؟ قال السبب هو علاقات الصداقة بين الحكومة وبين بريطانيا.

وقد ذكرت هذه الأمثلة، ليعرف شبابنا قيمة الصداقة مع مختلف شخصيات البلاد الأجنبية، فان صداقتنا معهم، إذا كانت صداقة واعية تنفعنا في استفادة الخبرات عنهم، وفي كفّ أذاهم، وفي درء بعضهم ببعض إذا عرضنا إلي اعتدائهم، وفي تمشية أمورنا الاقتصادية … إلي غير ذلك، لكن بشرط ان تكون صداقة واعية، لا صداقة استعمارية، كصداقة الفأرة مع الهرة، وإلا كانت الصداقة مجلبة للمشاكل، ومدعاة إلي الاستعمار.

16 الاجتماعات

من أهم ما يلزم علي المسلمين في البلاد الأجنبية، هو الحضور في الاجتماعات الدينية،من غير فرق بين الشباب والشيوخ،والرجال والنساء، والدارسين وغير الدارسين، وكالحضور في ايام الجمعة لصلاة الجماعة، وفي الاعياد

الاسلامية كالفطر والأضحي والغديروالمولدالنبوي الشريف والمبعث، وفي الوفيات كوفاة الرسول والزهراء والائمة الطاهرين (عليهم افضل الصلاة والسلام)، وفي المناسبات الإسلامية،كليالي شهر رمضان المبارك،وايام عاشوراء، ويوم الأربعين للإمام الحسين (عليه السلام).

فان الاجتماع دين وقوة وثقافة وتعارف ورقي.

كما ان اللازم عليهم، السفر إلي الحج،والي العتبات المقدسة، في المناسبات، حسب القدرة، فان هذه الاسفار بمنزلة الوقود الروحي للانسان، تدفعه إلي الاستمرار في التمسك بالمثل السامية.

وقد قال (كلادستون) الزعيم البريطاني المشهور، إذا اردتم ان ترسخ اقدامكم في بلاد الإسلام، فامنعوا الحج، وارفعوا القرآن من بين المسلمين.

وقال (ستالين) الزعيم الشيوعي المشهور (بعد أن اخبروه بأنهم قتلوا الملايين من المسلمين، والالوف من العلماء) ليس المهم أن تقتلوا المسلمين والعلماء، ان المهم ان تقتلوا الحسين (عليه السلام) وكربلاء فإنه ما دام الحسين وكربلاء موجودين، لا تتمشي الشيوعية، فان الحسين يبعث العلماء والخطباء ويكونهم، وكربلاء تجمعهم وتعطيهم الوقود.

فاللازم تقوية الاجتماعات الدينية، بكل ألوانها وصورها.

كما ان اللازم الاستفادة الانتاجية من الاجتماعات الدينية.

مثلا يمكن:

1- جمع المال لأجل المشاريع.

2- وبذر بذرة مؤسسة دينية في الاجتماع مثل أن تكون هناك (جمعية) لأجل بناء مدرسة أو مسجد أو حسينية.

3- ونشر الكتب والمناشير الدينية.

4- وتشكيل المؤتمرات التي تنفع المسلمين في دنياهم وآخرتهم.

5- واصلاح ذات البين بين الافراد والجماعات، والشعوب (في الاجتماعات الكبيرة،كالحج، مثلا).

ثم ان اللازم التهيؤ للاجتماع،ووضع جدول للأعمال، حتي يعطي الاجتماع ثمره الكامل، كما أن المجتمعين يجب أن يتصفوا، بروح (الاخوة) و(الاقدام) و(حب الصالح العام) ومن لا يجد في نفسه ذلك، فالأفضل له ان ينسحب عن الاجتماع، كما أن المجتمعين إذا وجدوا فيهم من بخلاف هذه الصفات، فالأفضل لهم أن يشاركوه في اجتماعهم.

17 الزواج

إذا تمكن الشاب من الزواج في بلاده واستصحاب زوجته إلي البلاد الأجنبية، حين الذهاب اليها

لأجل الدراسة، أو العمل، لزم عليه أن يعمل لذلك، فان الزواج أمر طبيعي للانسان، وهو شأن من شؤون الحياة، والاحتياج اليه، في كل من الشاب والفتاة،كالاحتياج إلي اللباس والطعام والماء، والانسان الذي لم يتزوج لا يخلو من أحد حالين:

1- ان يحفظ نفسه ويكبت تطلبه الجنسي، ومثل هذا الانسان لابد وأن يصاب بالمرض الجسمي، والمرض النفسي، مما يخلف فيه عقدا نفسية، فان الرواسب المنوية، كالرواسب البولية، إذا بقيت في الجسم توجب خبالاً.

2- أن يفرغ طاقته الجنسية في الموارد المحرمة، وذلك معرض للأمراض كما ذكرناه في فصل سابق .

واذ لم يتمكن الشاب من الزواج هنا واستصحاب زوجته، فعليه أن يصرف طاقته الجنسية بالطريق الصحيح المحلل كما ذكرناه في فصل سابق .

وأني أري أن تزوج شبابنا من فتيات البلاد الأجنبية، أمر غير منطقي:

1- فان المرأة الأجنبية لا تتمكن أن تعيش في وسط البيئة الاسلامية بعد رجوعها إلي بلاد الزوج فان تقاليد وعادات المسلمين، لا تلائم تقاليد وعادات غير المسلمين.

2- التزوج بالفتيات الأجنبيات، يوجب بقاء الفتيات الاسلاميات بذلك العدد بدون الزواج، وهذه مشكلة لا يستهان بها، إذا لاحظنا حق الملاحظة.

3- حنين الفتاة الأجنبية إلي بلدها، دائما، مما يجعل العيش معها مشكلا ومتذبذباً.

4- كل ذلك مع الغض من ارتباط بعض الفتيات بالاستخبارات، مما يشكل خطرا علي كيان بلاد الإسلام واستقلالها، وقد يقع الشاب فريسة لهذا الامر، فيكون قد هدم بلاده من حيث لا يشعر.

ثم ان علي الشاب الذي يريد التزوج من فتاة اجنبية، ان يعلم،ان التزوج من غير الكتابية كالوثنية والملحدة وعباد النار والبقر واشباههن لا يجوز في شريعة الاسلام، اطلاقا، فاذا أراد التزوج، يجب ملاحظة أن تكون الزوجة كتابية.

اما بالنسبة إلي فتياتنا المسافرات إلي البلاد الأجنبية لأجل الدراسة أو

العلم، فالأمر أكثر اشكالا، ويجب أن يعلمن أن التزوج من غير المسلمات لا يجوز شرعا، وإذا تزوجت فالنكاح باطل، بغير خلاف فإذا أرادت التزوج، فعليها أن تعمل لاسلام الشاب الأجنبي، فإذا أسلم جاز لها أن تتزوج به، والله العاصم.

18 المسلم في البلاد الشيوعية

البلاد الأجنبية كلها تشترك في كونها:

1- بلاد استعمارية.

2- وتعمل حكوماتها لاجتثاث جذور المسلمين وتحطيم بلاد الإسلام.

3- وإنها بؤرة المفاسد الأخلاقية.

4- وإنها تعلم الشباب أسلوب خاص من الحياة السياسية الاجتماعية والأخلاقية والثقافية وغيرها، مما ينافي أسلوب الإسلام في الحياة.

ولكن تختلف البلاد الشيوعية بأمور:

أ فإنها تربي الناشئة علي الإلحاد، في ابشع صورة.

ب وتعلم الشباب كبت الحريات، والإرهاب، وإهدار كرامة الإنسان.

ج- وتنمي في أذهانهم الحقد والبغضاء إلي ابعد حد.

د- وبالإضافة إلي كل ذلك، أنها تنشر شبكات لاصطياد الشباب الذين يذهبون إلي تلك البلاد للدراسة، فتنظمهم في منظمات استعمارية، ليس القصد منها، إلا أن تجعلهم آلة بيدها لتحطيم دينهم وأخلاقهم، وبلادهم، إذا رجعوا إلي أوطانهم، تحت اسامي براقة، من (مكافحة الاستعمار) و(النضال لتحرير الشعوب) و(أنصار السلام) و(محاربة الرجعية) … إلي آخره .

إنه لا شك في وجوب كل ذلك لكن اللازم ان يعرف الشباب أن (الاستعمار) هو كل من البلاد الشرقية والغربية، وانه يجب (تحرير الشعوب) من نير كلا الاستعمارين وان (السلام) إنما هو في الإسلام وان (الرجعية) هي الشيوعية الشرقية والرأسمالية الغربية..

وان المسلمين اذا أرادوا خير أنفسهم وخير بلادهم، وخير البشرية اجمع فاللازم أن يعملوا لإرجاع الاسلام إلي العالم.

وعلي هذا فاللازم علي شبابنا الذين يذهبون إلي البلاد الشيوعية:

1- أن يتحصنوا ضد الأفكار الملحدة، وما ينجم عنها من أنظمة وقوانين، ولا يمكن ذلك بدراسة (الاسلام) ودراسة (الشيوعية) ولو بمطالعة بضع كتب، في هذين الشأنين.

2- أن يحفظوا في تلك البلاد أنفسهم، عن

الانزلاق في متاهات شبكاتهم الاستعمارية، وعن الانجراف إلي ما ينشرونه من الأفكار البراقة،لان يجعلوا من الشباب عملاء ووسائل لاستعمارهم لبلاد الاسلام.

19 معرفة نقاط الفساد والضعف

علي شبابنا الذين يذهبون إلي البلاد الأجنبية لأجل الدراسة أو العمل، أن يتبعوا مكامن الضعف، ونقاط الفساد والانحلال في تلك البلاد، وذلك بقصد تجنب بلادهم من الوقوع في مثلها والانسياق إليها، وبقصد جعلها وسيلة لحفظ بلاد الاسلام عن تسرب المستعمرين إليها.

فإن البلاد الغربية والشرقية، وجهين، الوجه الأول هو الوجه الناصع، الذي تشكله: الصناعة والنظام والنظافة، والوجه الثاني هو الوجه القاتم، الذي تشكله الجرائم والفساد والاستعمار.

فاذا عرف شبابنا الوجهين أفاد ذلك أمرين:

الأول وقاية البلاد الاسلامية من الانزلاق إلي الوجه الثاني البشع، مثلا ان من لا يعرف مفاسد (المواخير) ربما يفكر إذا لم يكن مزودا بالايمان أن فتح المواخير في البلاد، يوجب، جمع مرضي البغاء في مكان واحد، بينما عدم فتح المواخير، يوجب انتشار المرض، مما لا يؤمن منه علي الشريفات.

(وقد رأيت أنا هذه الدعوة من طلاب الفساد والشهوات في بعض البلاد الإسلامية، فكانوا يطالبون بفتح المواخير بهذه الحجة المزعومة).

أما من رأي البلاد المفتوحة فيها المواخير، ورأي ويلاتها، من:

(1) كثرة أمراض الزهري وما أشبه.

(2) وكثرة الجرائم التي تنشأ من هذه المواخير.

(3) انتشار مرض البغاء والسقوط بالنسبة إلي الشريفات.

(4) تهدم العوائل وكثرة الطلاق من جراء ذلك.

(5) بقاء الفتيات عوانس في البيوت، لأجل اكتفاء الشباب بالمتع الرخيصة التي لا مسؤولية وراءها. و.. ولا بد وأن يقف دون فتح المواخير في بلاد الاسلام.

الثاني وقاية البلاد الاسلامية من الاستعمار.

فقد ثبت في علم الاجتماع ان السبب الأول للاستعمار،هو نظرة الشعوب الضعيفة إلي الشعوب القوية، بنظرة العظمة والرفعة، فإذا حصل ذلك تبعه أمران:

1 محاكاة البلاد الضعيفة للبلاد القوية في السلوك والنهج.

2 ربط

الشعوب الضعيفة أنفسها بصلات ومعاهدات، بالشعوب القوية.

وبذلك يحصل الاستعمار إذا عرف الشعب الضعيف، وجه القوة، ووجه الضعف في الشعوب القوية، لم تنظر إليها بالعظمة المطلقة، فلا يحصل الاستعمار، مثلا أن الانسان إذا نظر إلي طعام شهي رغب أن يأكله، أما إذا عرف ان هذا الطعام يورث المرض تجنب تناوله، وهكذا …

20 نبذ التقليد الأعمي

يقال، أن رجلا، دخل في الاسلام جديدا وصلي جماعة خلف امام، فسمع المأمومين، يقولون بعد انتهاء الإمام من سورة (التوحيد): كذلك الله ربي.. فصلي ذات مرة مع إمام قرأ سورة (أرأيت الذي يكذب بالدين..) ولما انتهي الإمام من القراءة، قال المأموم الجديد: كذلك الله ربي!!.

وذات مرة كان رجل يسوق دابة عليها حمل من الملح، وخلفه آخر يسوق دابة عليها حمل من الاسفنج، وصل الرجل الأول إلي حفرة ماء، فدخلها، بدابته لعلمه أن الملح إذا لقي الماء ذاب ولم يورث عنت الدابة، فقلده الرجل الثاني، وإذا بدابته ترتطم وتسقط في الماء، لأن الإسفنج حمل ماء كثيرا مما بهضت الدابة به!!.

ان مثل شبابنا الذين يهبون إلي البلاد الأجنبية للدراسة أوالعمل، ثم يقلدون أولئك، بدون وعي وملاحظة، هو مثل هذين الرجلين المقلدين.

مثلا ان البلاد الأجنبية ثارت علي الكنيسة، لأن الكنيسة كانت مجموعة خرافة، وكانت سيفا مسلطا علي رقاب العلماء والمفكرين، ولم يكن كذلك الاسلام، فإنه مجموعة حقائق، وهو الدين الذي حرّر الشعوب.

والإقطاع كان في الغرب والشرق عبارة من استيثار الملاك بالأرض، عن الطرق غير المشروعة، وبنظامه يتخم أفراد قلائل من الشعب ويجوع ملايين منه، ولذا وضعوا أنظمة (الإصلاح الزراعي).

ولم يكن كذلك الاسلام، فلا فقير في الاسلام، ولا يحق للملاك أن يحصل الأرض من الطريق الحرام، ولا أن يعربد إذا اثري، ولا أن يستثمر جهود الآخرين بالجبر والإكراه.

إلي

غير هذا من الأمثلة.

فعلي شبابنا أن ينبذوا التقليد الأعمي، ويقيسوا كل شيء بمقياس العقل والمنطق، فإذا رأوه صلاحا أخذوا به، وإلا لفظوه، وان شكوا في صلاحه وفساده، وقفوا حتي يتبين لهم الأمر فإن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة.

وأخيرا.. فالمسؤول من الله سبحانه ان يحفظ شبابنا من الانزلاق، ويأخذ بأيديهم إلي الرفعة والسمو، وينقذ بلاد الاسلام، والمسلمين، من كافة اشكال الاستعمار، ويجعلها بلادا مستقلة ذات سيادة ورفعة وعزة، وما ذلك علي الله بعزيز، وهو الموفق المستعان.

الكويت

1390 ه

محمد الحسيني الشيرازي

پي نوشتها

- سورة النساء آية رقم 123.

- سورة البقرة آية 201.

- سورة القصص آية 77.

-- وسائل الشيعة ج/6 صفحة 49.

- جامع السعادات ج/2 صفحة 20.

- سورة محمد آية /7.

- سورة آل عمران آية160.

- سورة النساء آية/24.

- الأمثال النبوية صفحة 378.

- الأمثال النبوية صفحة 378.

-- مجمع البحرين ج/3 صفحة 521.

- سورة التوبة آية 28.

- راجع كتاب (كيف ولماذا اسلموا) للمؤلف الناشر.

- وسائل الشيعة ج/2 صفحة 1054.

- بحار الأنوار ج/67 صفحة 303.

- وللمزيد راجع كتاب (كيف انتشر الاسلام؟).

- سورة الأنعام آية/121.

- وقد ذكرنا فلسفة ذلك في بعض كتبنا الاستدلالية من الفقه المؤلف.

- وسائل الشيعة ج/12 صفحة 60.

- سورة الزمر آية 9.

- سورة المجادلة آية 11.

- سورة الحجرات آية10.

- وسائل الشيعة ج/8 صفحة 490.

-- سورة البقرة آية 194.

- الوسائل ج/11 صفحة 376.

- سورة الأنفال آية 60.

- تحف العقول صفحة 41.

- نهج البلاغة (صبحي الصالح) صفحة 401.

- المتنبي.

- سورة النساء آية 97.

- سجع الحمام في حكم الامام صفحة/181.

- سورة الماعون آية/1.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.