النضج وأثره في حياة الإنسان

اشارة

اسم الكتاب: النضج وأثره في حياة الإنسان

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

الموضوع: النضج وأثره في حياة الإنسان

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: دار المجتبي

مكان الطبع: بيروت لبنان

تاريخ الطبع: 1425 ق

الطبعة: اوا

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

يعتبر النضج العقلي هو غاية من أهم الغايات التي يلزم علي الإنسان أن يحاول الوصول إليها، واستحواذ قصب السبق في ميدانها؛ وذلك للطبيعة الذاتية في كوامن النفس الإنسانية، مما يجعل من الإنسان أن يحاول في الارتقاء والسمو.

ولا يمكن للإنسان أن يرتقي في مداركه، إن لم يكن علي مستوي عال من الإدراك والوعي المعبر عنه بالنضج والرشد. وهذا القرآن الكريم كتاب الله الناطق يأمر الإنسان المؤتمن بأن لا يدفع الأموال التي اؤتُمن عليها لأصحابها حتي يبلغوا مرحلتين، مرحلة البلوغ العمراني، وثانياً مرحلة البلوغ العقلي..

قال تعالي: وَابْتَلُواْ الْيَتَامَيَ حَتّيَ إِذَا بَلَغُواْ النّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ ().

والنضج: هو الاستواء.. يقال للفاكهة: ناضجة، إذا بلغت مبلغاً يمكن لنا أن نقطفها ونأكلها.. ولذا يقال: إن قطف الفاكهة قبل نضجها فساد لها.. وتركها بعد استحقاق جناها كذلك فساد لها.

فالنضج: حق الاستحقاق والقطاف للفواكه … والإنسان كالثمار والرواية عن المرأة خاصة والنضج للإنسان هو البلوغ الشرعي للتكليف.. أي وصول الإنسان الي مرحلة يكون مؤهلاً كي يقوم بأعباء التكليف وأداء الواجبات والمهام وفق ما أمره الله تبارك وتعالي.

وقد قال الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله: إن جبرئيل أتاني عن اللطيف الخبير فقال: إن الأبكار بمنزلة الثمر علي الشجر إذا أدرك ثمره فلم يجتني أفسدته الشمس ونثرته الرياح، وكذلك الأبكار إذا أدركن مايدرك النساء فليس لهن دواء إلا البعولة، وإلا لمن يؤمن عليهن الفساد؛ لأنهن بشر ().

والحديث عن النضج

حديث عن بدء العطاء للإنسان، والعبد المؤمن عليه أن يبدأ ببناء نفسه من تلك السنين المبكرة، قبل أن يسمك الحجاب وتكثر الذنوب، ويتلوث القلب بأمراض ومكروبات روحية قتالة، كالكبر والحسد والحقد والضغينة، وغير ذلك …

فإذن، نحن بحاجة إلي النضج سواء كنا علي مستوي أمة أو أفراد، لكي نبني حياة يعلوها السلام والأمن والاستقرار والرفاهية؛ والإسلام دين حياة ومستقبل يؤمن للإنسان مستلزمات حياته. ولذلك نري العلماء (رضوان الله تعالي عليهم) يسعون جاهدين لإخراج الأمة من الضلال إلي نور الهداية، ومن الجهل إلي نور العلم والحقيقة، لأن مسيرتهم هي امتداد مسير الأنبياء عليهم السلام فإنهم ورثةُ الأنبياء().

والنضج الذي نتناوله في هذا الكتاب: هو النضج العقلي (العالمي والعلمي) لأنهما قرينان لا يفترقان لتحصيل نتائج إيجابية في هذه الحياة.. ومن هذا النضج ينطلق الإنسان لاتخاذ قراراته العادية والمصيرية والحساسة عند الأزمات والشدائد.. وفي هذه الأخيرة يتوضح مستوي النضج العقلي بشكل جلي وواضح ومؤثر.

فالناضج هو الحكيم في تصرفاته وقراراته، والذي لا يملك هذه المادة تكون قراراته ارتجالية وسريعة أو متسرعة، ويعلم سقم قراره وتفكيره بعد حين قد يطول أو يقصر، وغالبا ما يندم حيث لاينفع الندم.

والإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلي الله درجاته) يطرح هذا الموضوع في هذا الكراس، يدعونا للسعي لامتلاك النضج والبصيرة الحقيقية للحياة التي نعيش فيها.

لأن الذي لا يملك هذا النضج يتيه في المجتمع، ويتخبط في الليالي خبط عشواء، ويحمل مع الرياح حيثما مالت، ويكون مصداقاً لقول أمير المؤمنين علي عليه السلام:..همج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا الي ركن وثيق.. ().

ومسألة النضج أوضح ما تكون واضحة في المجتمع بالنضج السياسي؛ لأن السياسة المعاصرة عادة ما تكون كاذبة

متقلبة، فإذا لم يمتلك الإنسان النضج اللازم فإنه ينجذب باتجاه أي طرح سياسي أو فكر حزبي يدعي إليه، وبذلك يكون كالقشة تتلاعب بها الرياح يميناً وشمالا، فتقرقع فوق الصفاح ولا تدري من الحقيقة شيء.

ونحن في مؤسسة المجتبي، إذ نقوم بنشر هذه المجموعة من الكتب القيمة التي أجاد بها الامام الراحل (أعلي الله مقامه) مقدمة لنضج المسلمين، لاسيما شعبنا العراقي المظلوم الذي تجري فيه تحولات كبيرة، لا يعلم إلا الله إلي أين يسير فيهم الركب إذا لم يملكوا النضج الكافي في اتخاذ القرارات الصائبة والمناسبة والتعامل مع الواقع بكل روية وبصيرة.

سائلين الله أن ينفع المؤمنين بهذا الكتاب كما نفع بغيره، وأن يتغمد إمامنا الراحل بوافر رحمته، إنه سميع قريب مجيب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

آثار النضج

قال تبارك وتعالي في كتابه الكريم: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ ().

إن من الأمور الصعبة والمهمة التي يلزم علي الإنسان السعي وراءها وتحصيلها هو النضج، بمعني أن يكون الإنسان ناضجاً في فكره وسلوكه. ولصعوبة الوصول إلي هذا المستوي نري أنه لا يستطيع كل شخص الوصول إليه، ولا يتمكن تحصيله بسهولة؛ إذ أن هذا المستوي يتحصل من أثر توالي الأحداث، وتقلب الأحوال، وممارسة الصعاب، وحفظ التجربة، وبهذه الأمور وشبهها ينقدح النضج في داخل الإنسان ويترعرع وينمو.

وفي الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: من تورط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفظعات النوائب، والتدبير قبل العمل يؤمنك من الندم، والعاقل من وعظته التجارب، وفي التجارب علم مستأنف، وفي تقلب الأحوال علم جواهر

الرجال ().

فعندما يصل

الإنسان إلي مفترق طرق، ويكون نهباً لمشاكل وصعاب، تتقاذفه من هنا وهناك، حينئذ يتبين جوهر الإنسان حيث النضج أو عدمه.

ذكر في قصة حدثت في زمن الرسول الأعظم?: أن امرأة كانت تصر علي زوجها ليتزوج بامرأة أخري، ولكنه لم يكن يستجيب لها، بل كان يعللها ويسوفها، وبعد مدة رضخ لرأيها وتزوج بامرأة أخري، وبمجرد أن رأت الزوجة الأولي الوضع الجديد، وأن ضرة نزلت بيتها انقلب حالها واضطربت، وفجأة خرجت من البيت كاشفة شعرها مضطربة، متوجهة إلي المسجد لتعرض قضيتها علي النبي الأعظم?، وعندما رآها? بهذه الحال بادر إلي إلقاء عباءته عليها ليسترها، وجاء زوجها في إثرها إلي رسول الله? ودار بينهم كلام طويل حتي انتهي إلي توافق الزوجين وتصالحهما ثم عادا معاً إلي الدار.

والشاهد في هذه الرواية: إن المرأة هذه ربما لم تكن تمتلك النضج الكافي ولم تعلم بما سيجري عليها؛ وإنما كانت تتأثر بتقلب الأحوال بسرعة عجيبة بحيث تفقد معها عقلها وتتصرف تصرفاً غير لائق بها، كما خرجت إلي المسجد كاشفة عن رأسها؛ فلم تكن تعلم بأنها غير قادرة علي تحمل (ضرّة) تنزل عليها، ولكن عندما تحقق الأمر خرجت وهي كاشفة الرأس.

مراقبة النفس

قال أمير المؤمنين عليه السلام: من أحكم التجارب سلم من

المعاطب ().

وقال الإمام السجاد علي بن الحسين عليهم السلام: ابن آدم، إنك لاتزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وماكانت المحاسبة من همك، وما كان الخوف لك شعاراً، والحزن لك دثاراً، ابن آدم إنك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله، فأعد جواباً.()

إن الإنسان ربما يقف علي اعتاب المستقبل وهو جاهل تماماً بما تخبئ له الأيام التالية، ولا يقدر أن يكشف ذلك أو يتنبأ به ليتخذ بإزائه الموقف الصحيح المعقول؛ ولذلك عليه أن يراقب

نفسه وتصرفاته بدقة حتي لا يأتي عليه يوم يفقد فيه عقله وتوازنه أمام الحوادث والمشكلات بسبب قلة تجاربه، فيظهر أمام الآخرين وقد انكشف جوهره، وشخصيته الضعيفة المنهزمة وغير الناضجة.

وكيل السيد أبي الحسن الأصفهاني رحمة الله عليه

كان من الأساليب الحكيمة للسيد أبي الحسن الأصفهاني رحمة الله عليه() في إدارة شؤون الناس، هو أنه رحمة الله عليه كان يختار ويصطفي رجالاً من العلماء ليكونوا وكلاء عنه في البلدان المختلفة.. فيبعثهم إلي مختلف البلاد لإدارة شؤون الناس، والقيام بالمهام الدينية هناك، من الوعظ والإرشاد وتوضيح المسائل الشرعية والإجابة عنها وإجراء عقود النكاح وغير ذلك من الوظائف التي تخص العلماء ورجال الدين عادة.

وقد ذكر أنه بعث مرة أحد الأفراد وكيلاً عنه إلي إحدي المناطق، وبعد مدة حدث خلاف كبير في تلك المنطقة، ولعل وكيل السيد كان طرفاً في النزاع، وهو أمر لا يليق بوكيل المرجع الديني؛ حيث يفترض فيه أن يكون دوره دائماً الإصلاح بين الناس لا صنع الخلاف بينهم. فاستقدمه السيد ليطلع علي واقع الأمر ويعرف سبب الاختلاف، وعندما حضر هذا الوكيل عند السيد الاصفهاني قال له السيد: نحن بحاجة إلي وجودك في النجف عندنا هنا. قال ذلك من دون أن يستفسر سبب الاختلاف أو وجهه. ويلزم هنا أن نلاحظ كيف أن السيد رحمة الله عليه غيّر مهمة وكيله إلي مهام أخري باحترام حيث قال: نحن بحاجة إلي وجودك هنا.

وكان هذا أسلوباً حكيماً وسليماً ومؤدباً يستعمله فقهاؤنا في حل المشاكل؛ إذ يتجنبون دائماً الشدة والعنف والغلظة في التعامل مع الأصدقاء والأعداء، ولا يوجهون إهانة لطرف من الأطراف أبداً، وهذه أخلاق الإسلام وسياسته الصالحة في إدارة الناس، قال الله تعالي: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك ().

ثم

بعد ذلك استفسر بعض الحاضرين من السيد رحمة الله عليه عن السبب الذي دعاه إلي عزل هذا الوكيل وبهذه الطريقة الهادئة، من دون سؤاله عن تفاصيل الاختلاف وسببه؟!

فأجاب السيد: عرفت بأنه لا يليق لهذا المنصب؛ وذلك أني عندما دعوته ليجلس بجانبي حيث كان جالساً في نهاية المجلس رأيته قام وجاء إليّ مهرولاً، فعرفت أنه لا يتمتع بالوقار والنضج في السلوك، وهذه صفات لا تمنح صاحبها أهلية إدارة مثل هذا المنصب الحساس، ولذلك لم أسأله عن سبب الاختلاف، لعدم الداعي له بعد الذي رأيته منه.

ولا يخفي أن وكيل المرجع هو وجه المرجع ومرآته التي تعكس عادة أخلاقه وسلوكه.

وذكر عن بعض الفضلاء الذي كان يجالس أحد مراجعنا الكبار (قدس الله أسرارهم) قال مرة: كلما استمرت مجالستي لهذا المرجع الكبير ازددت إعجاباً به وإخلاصاً له، فضلاً عن إعجابي الشديد بعلميته القوية وتقواه وأخلاقه الفاضلة؛ وذلك لما كنت أراه من شدة ارتباطه بالناس من جهة، وشدة تأثر الناس به والتزامهم بتوجيهاته وإرشاداته، وكان سبب قوة روابطه الاجتماعية وتأثيره المتزايد في المجتمع هو النضج الكامل الذي كان يتمتع به في كل شؤونه.

النضج الاجتماعي

ذكر في قصة: أن عبداً هرب من سيده والتجأ إلي غابة، وبعد عدة أيام فوجئ بأسد ضار كان يتوثب لافتراسه وهو يزأر، فاستيقن أنه سوف يكون طعمة للأسد الذي سينهش لحمه ويفترسه بعد قليل، ولكن عندما اقترب منه الأسد جلس علي الأرض متألماً من شيئ أصابه وهو يشير إلي قدمه، فانتبه العبد إلي أن هناك شوكة كبيرة في رجل الأسد تؤلمه كثيراً أعجزته عن الوثوب عليه وافتراسه، فعمد العبد إلي تلك الشوكة وأخرجها من رجل الأسد؛ ليحظي بعد ذلك بصداقة الأسد جراء عمله هذا..

فقام الأسد بإظهار تودده وحبه

للعبد، حيث كان يأتي لزيارته في مخبأه كل يوم، واستمرت الأيام علي هذه الحالة والأسد يزور الرجل كل يوم. حتي كان ذات يوم فلم يأت الأسد كعادته فاحتمل العبد بأن الأسد قد وقع في شباك الصيادين، وبعد مدة عثر عمال السيد علي الغلام فأخذوه مكتوفاً إلي مولاه في المدينة وحكم عليه بالموت، وكانت طريقة القتل في تلك المدينة تتم بإلقاء المحكوم عليه بالموت في حفرة كبيرة لا يستطيع الفرار منها، ثم يطلقون عليه أسداً جائعاً يفترسه حتي الموت، فعندما جعلوا هذا العبد في الحفرة أمام الأسد ضارٍ، وإذا بالأسد أقبل عليه يهز ذيله لإظهار حبه وصداقته له، فعرف العبد بأن هذا الأسد صاحبه السابق، وقد أدهش المنظر الناس كثيراً، وحملهم علي اعتبار ما جري مكرمة عظيمة وفضلاً للعبد، فأخذوا يصفقون له ويعظمونه، ثم جعلوه ملكاً عليهم طبقاً لما كان مرسوماً عندهم، من أن تنصيب الملك وعزله كان يتم بيدهم واختيارهم.

وشاهد كلامنا في هذه القصة وإن كانت غير واقعية ومن صنع الخيال الأدبي هو أن الناس كانوا لا يتمتعون بالنضج السياسي والثقافي في حق الانتخاب؛ فلذلك عزلوا ملكهم السابق عن منصبه وعينوا شخصاً آخر مكانه بلا داع أو مبرر. فهل يستطيع عبد غير ناضج علي إدارة المدينة؟!

فهل كان تنصيب رجل محنك صاحب تجربة وأهلية سياسية وإدارية، متمتع بالصفات التي تؤهله لمنصب الرئاسة والملوكية، أفضل؟ أم تنصيب العبد الذي لم يكن يمتلك من مؤهلات الإدارة سوي ما رأوه من علاقته بالأسد؟!

من الواضح أن المجتمع الذي لا يتصرف في شؤونه العامة طبق البصيرة والنضج، ولا يحكم العقل والمنطق السليم في أموره سوف يتردي في الحياة، وتسوء أوضاعه يوماً بعد يوم.

النضج حاجة عامة

إن النضج والوعي مسألة لا تخص أحداً دون

أحد، بل تعم وتشمل حتي الهيئات والأحزاب والتجمعات المختلفة، وهو من العوامل الرئيسية لنجاح بعض الأحزاب أو الهيئات دون الأخري؛ لأن موضوع النضج والاحتكام إلي العقل والبصيرة في السلوك من الأمور العامة التي تشمل الجميع.

وهو ليس بالأمر السهل والهين، وإنما بحاجة إلي التعب والجد والاجتهاد ليل نهار، والتحمل الكثير للصعاب والمشاكل، حتي يحصل الإنسان علي درجة من التعقل والنضج تكون علي شكل ملكة ثابتة في ذاته وكيانه، بحيث يستطيع أن يحل أكثر مشكلاته وأموره، ويتخذ مواقفه دائماً بالتي هي أحسن، وتحت ظل الحكمة والحنكة والذكاء.

الاستشارة من مقومات النضج

ومن أهم مقومات النضج هو الاستشارة، فإذا أراد الإنسان أن يكون ناضجا في قراراته فعليه باستشارة ذوي الرأي، ولا يستبد برأيه في الأمور.

علما بأن الاستشارة تبدأ بأصغر الأمور وتنتهي بأعظمها وهي إدارة البلاد والعباد، فلا يحق للحاكم غير المعصوم عليه السلام أن يتخذ قرارات بشأن الأمة من دون الاستشارة، ومن هنا رأينا ضرورة شوري الفقهاء المراجع، واستشارة الأخصائيين الزمنيين، وعقد المؤتمرات الأقليمية والعالمية، واحترام الرأي الآخر، في سبيل الإنهاض بالأمة.

عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: بعثني رسول الله صلي الله عليه و اله إلي اليمن فقال وهو يوصيني: يا علي ما حار من استخار، ولا ندم من استشار ().

وقال الإمام موسي بن جعفر عليه السلام: من استشار لم يعدم عند الصواب مادحا، وعند الخطأ عاذرا ().

وقال علي عليه السلام: ما عطب امرؤ استشار ().

وقال عليه السلام: لا رأي لمن انفرد برأيه ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: المستبد برأيه موقوف علي مداحض الزلل ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: وإن الجاهل من عد نفسه بما جهل من معرفته للعلم عالماً، وبرأيه مكتفيا ().

ضياع الجهود

كان في إحدي المناطق مجموعة من الرجال العاملين والنشطين من أجل الإسلام، يتعاهدون الموعظة والإرشاد دائماً من العلماء والخطباء، وكان العلماء ينصحونهم بالوحدة والتلاحم والانسجام، ولكنهم اتخذوا سبيل الاختلاف والاضطراب فيما بينهم، فخيم عليهم النزاع والتنافر حتي آل الأمر بهم في النهاية إلي تفرقهم وتلاشي كيانهم، فضيعوا كل الأتعاب والنشاطات التي بذلوها في هذا السبيل، وكان ذلك بسبب عدم النضج والتعقل والوعي في إدارة العمل.

ومن الواضح أنهم افتقدوا حب الناس وخسروا شعبيتهم التي قدّموا من أجلها الكثير؛ وذلك لأن الذي يعجز عن حل مشاكله ولم يتمكن من كسب وإدارة أعضائه الخاصين والعاملين معه فهو

عن كسب الآخرين أعجز.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: … احذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلاث بسوء الأفعال وذميم الأعمال، فتذكروا في الخير والشر أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم. فإذا تفكرتم في تفاوت حاليهم فالزموا كل أمر لزمت العزة به شأنهم، وزاحت الأعداء له عنهم، ومدت العافية به عليهم، وانقادت النعمة له معهم، ووصلت الكرامة عليه حبلهم، من الاجتناب للفرقة، واللزوم للألفة، والتحاض عليها، والتواصي بها. واجتنبوا كل أمر كسر فقرتهم، وأوهن منتهم، من تضاغن القلوب، وتشاحن الصدور، وتدابر النفوس، وتخاذل الأيدي.

وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم، كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء، ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباء وأجهد العباد بلاء وأضيق أهل الدنيا حالاً، اتخذتهم الفراعنة عبيداً فساموهم سوء العذاب وجرعوهم المرار، فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة وقهر الغلبة لايجيدون حيلة في امتناع ولاسبيلاً إلي دفاع حتي إذا رأي الله سبحانه جدَّ الصبر منهم علي الأذي في محبته والاحتمال للمكروه من خوفه جعل لهم من مضايق البلاء فرجاً، فأبدلهم العز مكان الذل والأمن مكان الخوف، فصاروا ملوكاً حكاماً وأئمة أعلاماً، وقد بلغت الكرامة من الله لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم. فانظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء مجتمعة، والأهواء مؤتلفة، والقلوب معتدلة، والأيدي مترادفة، والسيوف متناصرة، والبصائر نافذة، والعزائم واحدة. ألم يكونوا أربابا في أقطار الأرضين، وملوكا علي رقاب العالمين؟ فانظروا إلي ما صاروا إليه في آخر أمورهم، حين وقعت الفرقة، وتشتتت الألفة، واختلفت الكلمة والأفئدة، وتشعبوا مختلفين، وتفرقوا متحاربين، قد خلع الله عنهم لباس كرامته، وسلبهم غضارة نعمته، وبقي قصص أخبارهم فيكم عبرا للمعتبرين … ().

النضج الطبي

أصيب شخص في العراق بألم شديد في قدمه، فراجع الكثير من الأطباء لأجل العلاج

ولكنه لم يجد عندهم شفاء ولا فائدة، وفي النهاية يئسوا من معالجته والقضاء علي آلامه إلا بقطع رجله، فلم يستجب المريض لذلك.

وفي ذات يوم سافر هذا المريض إلي مدينة الكوفة فصادف علي جسر الكوفة رجلاً من البدو، وبعدما تعرف عليه وصادقه، شكا له مرضه الشديد، فوصف له ذلك البدوي علاجا، فقال: خذ عدة ضفادع وشق بطونها من الوسط، وضعها علي موضع الألم وشدها برباط.

يقول صاحب القصة: فعلت ذلك كما قال لي البدوي، وبعد أربع وعشرين ساعة فقط ارتفع الألم وارتحت منه، ولم يعد ليّ ذلك الألم أبداً!

والشاهد في هذه القصة هو: الإشارة إلي أن أهمية العلوم ليست فقط بالتعلم وفهم مسائلها، بل الأهم من ذلك هو النضج، وهكذا في الطب، حيث من الضروري النضج الطبي لدي الأطباء، وعدم التسرع واليأس من علاج المريض لمجرد ممارسة العلاج معه لفترة معينة، بلا تأكد تام وكامل من طرق العلاج؛ إذ أن بعض الأطباء ربما لا يتمتع بالتجارب الكافية التي تمنحه القدرة اللازمة علي مكافحة الأمراض وتشخيص العلاج لها، ولا يمتاز بالنضج والمهارة الكافية في عمله، الأمر الذي يدعو أحياناً إلي التسرع في الحكم علي المريض بعلاجات صعبة وعسيرة، كان من الممكن علاجه بطرق أسهل وأيسر لو تأني ودقق وفحص أكثر، كما حكم بعضهم علي هذا المريض بقطع ساقه بلا تحقيق أو تدقيق في احتمال وجود علاج آخر، أو بالاعتقاد بأن هذا العلاج القطع هو الوحيد.

النضج العلمي لدي الشيخ الأنصاري رحمة الله عليه

لقد امتاز الشيخ المرتضي الأنصاري رحمة الله عليه() بالعمق والنضج العلمي الشديد في آرائه، فقد كان يتابع أقوال وآراء سائر الفقهاء، قولاً قولاً ورأياً ورأياً، ويفسرها ويوضحها، ويقلب وجوهها، ولايقبلها أو يؤيدها أو يردها بدون تدقيق وتحقيق.

مثلاً:

قاعدة: علي اليد ما أخذت حتي تؤدي

()، وقاعدة: ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده () وغيرها من القواعد الفقهية المهمة، كان يدقق النظر فيها ويقلب وجوه النظر والرأي حتي ينتهي إلي النتيجة قبولاً أو رداً، بتحقيق ودقة، وبلا تسرع وملل؛ ولذا نجد أن كتابيه (الرسائل) في الأصول() و(المكاسب) في فقه التجارة()، أصبحا من أهم المحاور التي تدور حولها الدراسة الدينية في الحوزات العلمية، بسبب نضج مؤلفها وضلوعه في العلم، وقوته في التدقيق والتحقيق، وشمولها لأدق الآراء وأعمقها في هذين العلمين.

نظرة إلي التاريخ العباسي

كان هارون العباسي أحد سلاطين بني العباس()، وللأسف يعتبره بعض الغربيين الملك الأكبر للبلاد الإسلامية، حيث جعلوا منه شخصية عالمية مهمة؛ تشويها للإسلام. ولولا وجود الحوزة العلمية في إيران لسري ذلك التشويه حتي إلي إيران أيضاً في تقديس هذا السلطان الظالم، كما نواجه ذلك في صلاح الدين الأيوبي() حيث يقدسه البعض مع ما ارتكب من الجرائم الكبيرة في حق الإسلام والمسلمين.

يذكر أنه في إحدي السنين عزل هارون واليه علي خراسان (الفضل بن يحيي البرمكي) () ونصب مكانه (علي بن ماهان) وكان ابن ماهان رجلاً متملقاً وظالماً وقاسي القلب؛ ولذلك كان يمعن في أخذ الضرائب والأموال من الناس، ويجحف في ذلك كثيراً ويرسلها إلي بغداد محملة علي آلاف النياق.

وذات يوم قال هارون ليحيي وهو أبو جعفر البرمكي سائلاً: أين كانت تذهب هذه الأموال في زمن ولاية ابنك علي خراسان، ولم يكن يبعثها إلي بغداد؟

وكان هارون يريد بقوله هذا أن يشير إلي عدم أهلية الفضل البرمكي وكفاءته في الولاية؟!

فقال له يحيي: سوف يأتي يوم تضطر إلي صرف عشرة أضعاف هذه الأموال التي بعثها إليك (علي بن ماهان) من خراسان لتعيد سلطانك علي أهلها وتخضعها لحكمك، ومع ذلك

لا يعود الأمر إلي ما كان عليه أولاً! وكان يحيي صادقا في كلامه هذا وذلك لكثرة توغله في القضايا السياسية، وكانت رؤيته هذه نتيجة نضجه السياسي.

وهكذا صار الأمر حيث ثار أهل خراسان ضد ظلم وإجحاف (علي بن ماهان)، مما اضطر هارون إلي تعبئة جيش كامل من أجل السيطرة علي تلك الثورة الناشبة في خراسان وإخمادها، وقاد بنفسه ذلك الجيش وقد مرض في أثناء ذلك ومات هناك ودفن بخراسان، بعدما صرف أضعاف أضعاف ما أخذه (علي بن ماهان) من أهل خراسان!!

والانتهاء إلي هذه النتيجة كان واضحاً؛ لأن الحاكم الذي يضغط علي الناس ويكرههم علي دفع الضرائب والأموال يخرج حبه من قلوب الناس، ويفقد مكانته عندهم، الأمر الذي يعجل في سقوطه.

نضج الميرزا الشيرازي رحمة الله عليه

ينقل المرحوم السيد علي شبر رحمة الله عليه بأنه أرسل مجموعة من العلماء رسالة إلي الميرزا الشيرازي رحمة الله عليه في العراق() تنص علي أن وكيل الميرزا في المكان الفلاني، أصبح متبطراً معتنياً بالأمور الدنيوية والمادية، وهو لا يليق بأن يكون وكيلاً عن المرجع الأعلي للطائفة، فطلبوا من الميرزا عزله عن هذا المنصب الحساس.

ولكن الميرزا تأني في قراره وتصبر في اتخاذ الموقف، حتي فاتحه بعض علماء سامراء المقدسة بهذا الشأن وطلبوا منه بيان وجه توقف الميرزا في عزل هذا الوكيل؟

فأجابهم الميرزا: بأن هذا الوكيل كانت له قبل أن يكون وكيلنا شخصية اجتماعية بين الناس بدرجة خمسين بالمائة مثلا، وعندما أصبح وكيلاً عني بلغت شخصيته الاجتماعية مائة بالمائة، ولو عزلته عن الوكالة فأكون سبباً لذهاب كل شخصيته وسقوطه اجتماعياً، ولا يجوز لي أن آخذ نصف شخصيته التي كانت له قبل الوكالة، وإنني الآن في تفكير متواصل لأجد طريقة جيدة عن كيفية استرجاع النصف المكمل لشخصيته فقط من

دون المس بنصفه الأول!!

نعم، بهذه الخصائص النبيلة تمكن علماؤنا من قيادة الناس وإنقاذهم من الاستعمار في أيام المحن والآلام، والحفاظ علي الإسلام في كل عصر().

والمسلمون إذا أوجدوا في أنفسهم البصيرة وبلغوا مرتبة سامية من النضج في العلم والعمل، سوف يتمكنون من نشر الإسلام وتطبيقه في العالم، وعند ذلك يدخل الناس في دين الله أفواجاً أفواجا، وتعود للمسلمين سيادتهم وعزتهم التي كانت لهم في الصدر الأول بإذن الله تعالي.

كان المجدد الشيرازي رحمة الله عليه من كبار العلماء الناضجين، ويتبين ذلك من خلال مواقفه الحكيمة في قصة التبغ (التنباك)، وقصة يهود همدان، وقصة شراء أراضي طوس من قبل الروس، وقصة إنقاذ شيعة أفغانستان حيث قام السلطان المخالف المتعصب بذبحهم حتي جعل منائر من رؤوسهم.

وعندما هاجر الميرزا الكبير إلي سامراء المقدسة انتقلت الحوزة العلمية إليها وتجمع فيها العلماء والفضلاء وانتشرت تعاليم أهل البيت (عليهم السلام) وقوي أتباعهم وشيعتهم.

أسس مدرستين علميتين في سامراء، وبني جسرا علي شط سامراء، وبني حمامين للمدينة للرجال وللنساء، قام بترميم روضة العسكريين عليهما السلام المطهرة، بني سوقا كبيرا للمدينة، وبني حسينية لإقامة مجالس عزاء الإمام الحسين عليه السلام فيها، بني دورا كثيرة للفقراء، وكان ينفق حتي علي فقراء السنة، في عام 1311ه قام بعض أيادي الاستعمار بإشعال نار الفتنة بين الشيعة والسنة، فقام الميرزا بإخماد تلك النيران بنضجه وحكمته ودرايته، فلما أرادت الوالي العثماني ببغداد والقنصلية البريطانية التدخل فيها أخبرهم بأن المسألة بسيطة وسنقوم بحلها ولا حاجة لتدخلهم فيها.

الهجمات الاستعمارية

إن العالم الغربي والشرقي المعادي للإسلام يشن في هذا اليوم هجمات دعائية كاذبة ضد الإسلام والمسلمين، ويتهمهم بأنهم أمة متأخرة تنشر التفرقة والحرب والانحطاط أينما حلت، وقد نجح في تشويه صورة الأمة إلي حد كبير

بحيث أصبح العالم بعضه لا يقيم للإسلام والمسلمين قيمة أو أهمية، وهذا بسبب قلة الوعي والنضج والحكمة التي أصبحت في المسلمين، فعلينا أن نزيح عن أفكار العالم هذه النظرة الخاطئة بنشر الموازين العلمية والتقدمية والأحكام الإلهية المنسجمة مع الفطرة الإنسانية في العالم.

وهذا ليس بالأمر الهين والسهل الممكن إلا بالعمل بموازين الإسلام، وإيجاد النضج الكامل والوعي التام في أنفسنا لنصل إلي درجة نكون فيها قادرين علي هداية العالم أجمع، ونشر العدل والرفاه والصلاح والاستقرار في كل البقاع والأرجاء.

قال تبارك وتعالي: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ().

نور المؤمنين في القيامة

جاء في الآيات الكريمة والروايات الشريفة الواردة عن أهل البيت عليهم السلام أن المؤمن يأتي يوم القيامة وتشع جبهته نوراً، وهو يحمل في يده اليمني صحيفة أعماله الصالحة فرحا ومستبشرا، كما أنه ينظر بنوره هذا إلي مسافات تختلف بحسبه() وذلك حسب أعماله الصالحة في الدنيا. فمنهم من يكون نوره مثل الجبل العظيم يسعي بين يديه.. ومنهم من يكون نوره كشجرة، ومنهم من يكون نوره مثل الرابة بيده، ومنهم من يعطي أصغر من ذلك، وبعض لا يعطي إلا علي إبهام قدميه يضيء مرة ويطفأ أخري.

قال تعالي: يَوْمَ تَرَي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَي نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: إنما المؤمنون يوم القيامة نورهم يسعي بين أيديهم حتي ينزلوا منازلهم في الجنان ().

وفي تفسير القمي: يقسم النور بين الناس يوم القيامة علي قدر إيمانهم، يقسم للمنافق فيكون نوره بين إبهام رجله اليسري فينظر نوره، ثم يقول للمؤمنين: مكانكم حتي أقتبس من نوركم فيقول المؤمنون لهم: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً () فيرجعون ويضرب بينهم بسور له باب فينادون من وراء السور للمؤمنين

أَلَمْ

نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَي وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ ()، قال: بالمعاصي وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ قال: أي شككتم..

فالعمر قصير جداً والإنسان في كل آن معرض لزيارة ملك الموت له لأخذ روحه ونقله إلي عالم الأموات وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ().

لذا علي الإنسان أن يجمع ذرات النور ليوم الآخرة ما أمكنه، بواسطة الطاعات والأعمال الصالحة، ومن أهم الطاعات التي سعي إليها الأنبياء والنبي الأعظم والأئمة الطاهرون (صلوات الله عليهم أجمعين) هو نشر أحكام الله وتطبيق أحكام الإسلام، فلذا علينا أن نجعل معظم جهودنا في هذه الطاعة المهمة، ونهيئ لأنفسنا النضج الكامل حتي نستطيع أن نؤدي واجباتتنا ومسؤولياتنا علي أتم صورة وأحسن وجه لكي ننجح في إصابة الأعمال الحسنة وحتي لا نكون مسيئًين من حيث نتصور أننا محسنين.

كما قال الله تعالي: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً? الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ().

اللهم ارزقنا توفيق الطاعة وبعد المعصية، وصدق النية وعرفان الحرمة، وأكرمنا بالهدي والاستقامة، وسدد ألسنتنا بالصواب والحكمة، وأملأ قلوبنا بالعلم والمعرفة، وطهر بطوننا من الحرام والشبهة، واكفف أيدينا عن الظلم والسرقة، واغضض أبصارنا عن الفجور والخيانة، واسدد أسماعنا عن اللهو والغيبة، وتفضل علي علمائنا بالزهد والنصيحة، وعلي المتعلمين بالجهد والرغبة، وعلي المستمعين بالاتباع والموعظة ().

من هدي القرآن الحكيم

النضج الفكري والحرية

قال تعالي: فَبَشِّرْ عِبَادِ ? الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الألْبَابِ ().

وقال عزوجل: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَي لاَ انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ().

النضج وعواقب الأمور

قال سبحانه: وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَي الدَّارِ ().

وقال جل وعلا: قَالَ مُوسَي لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ().

نور المؤمن في القيامة

قال عزوجل: أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَي نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ().

وقال تعالي: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ

نُور ().

وقال سبحانه: أَوَ مَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ().

وقال جل وعلا: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ().

المؤمن وقور

قال تعالي: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَي الأرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً ().

وقال عزوجل: وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ

صَوْتِكَ ().

وقال سبحانه: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ().

من هدي السنة المطهرة

النضج الفكري والحرية

وفي حديث المعراج قال تعالي لحبيبه المصطفي صلي الله عليه و اله: «يا أحمد! استعمل عقلك قبل أن يذهب فمن استعمل عقله لا يخطئ ولا يطغي» ().

وقال الإمام الجواد عليه السلام: «الرأي مع الأناة، وبئس الظهير الرأي الفطير» ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «إنما يهلك الناس لأنهم لايسألون» ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ» ().

النضج وعواقب الأمور

قال الإمام الباقر عليه السلام: «قال رسول الله: إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته فإن يك خيراً ورشداً اتبعته وإن يك شرا أو غياً تركته» ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لولده الحسين عليه السلام: «من تورط في الأمور بغير نظر في العواقب فقد تعرض للنوائب، التدبير قبل العمل يؤمنك الندم» ().

وقال عليه السلام: الفكر في العواقب ينجي من المعاطب» ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «قف عند كل أمر حتي تعرف مدخله من مخرجه قبل أن تقع فيه فتندم» ().

وفيما أوصي آدم عليه السلام إلي ابنه شيث: «إذا عزمتم علي أمر فانظروا إلي عواقبه فإني لو نظرت في عاقبة أمري لم يصبني ما أصابني» ().

المؤمن وقور

قال رسول الله: «أحسن زينة الرجل السكينة مع الإيمان» ().

عن الحلبي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: «أي الخصال بالبر أكمل؟ قال: وقار بلا مهابة، وسماح بلا طلب مكافأة، وتشاغل بغير متاع الدنيا» ().

نور المؤمن في القيامة

قال الإمام السجاد عليه السلام في الدعاء: «اللهم وما أجريت علي ألسنتنا من نور البيان وإيضاح البرهان فاجعله نوراً لنا في قبورنا ومبعثنا ومحيانا ومماتنا» ().

النضج والتعلم في الشباب

قال رسول الله: «من تعلم في شبابه كان بمنزلة النقش في الحجر ومن تعلم وهو كبير كان بمنزلة الكتاب علي وجه الماء» ().

وقال الإمام الكاظم عليه السلام: «لو أتيت بشاب من شبّاب الشيعة لا يتفقه لأدبته» ().

وفي حديث قال عليه السلام: لأوجعته» ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «لست أحب أن أري الشاب منكم إلا غادياً في حالين: إما عالماً أو متعلما،ً فإن لم يفعل فرط، فإن فرط ضيع، فإن ضيع أثم، وإن أثم سكن النار، والذي بعث محمداً بالحق» ().

مواقع جديرة بالمراجعة:

www.s-alshirazi.com

www.alshirazi.com

www.annabaa.org

www.14masom.com

پي نوشتها

() سورة النساء: 6.

() الكافي: ج5 ص337 باب ما يستحب من تزويج النساء عند بلوغهن ح2.

() إشارة إلي الحديث الشريف: (إن العلماء ورثة الأنبياء) الكافي: ج1 ص32 باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء ح2.

() نهج البلاغة، الحكم: 147.

() سورة الأنبياء: 105.

() من لا يحضره الفقيه: ج4 ص388 باب النوادر ح5834.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص444 ق6 ب4 ف3 ح10161.

() وسائل الشيعة: ج16 ص95 ب96 ح21076.

() هو السيد أبو الحسن بن السيد محمد بن السيد عبد الحميد الموسوي الأصفهاني، ولد سنة (1284ه) في أصفهان، ورد إلي النجف الأشرف أواخر القرن الثالث عشر وأقام في كربلاء المقدسة مدة، وبعد وفاة السيد محمد كاظم اليزدي رشح رحمة الله عليه للزعامة الدينية، وبعد وفاة الشيخ أحمد كاشف الغطاء رحمة الله عليه والشيخ الميرزا حسين النائيني رحمة الله عليه تهيأ له الظهور بالمرجعية العامة. توفي رحمة الله عليه في ذي الحجة عام (1365ه) في الكاظمية ونقل جثمانه إلي النجف الأشرف ودفن في الصحن الغروي الشريف. انظر معارف الرجال: ج1 ص46 الرقم 21.

() سورة آل عمران: 159.

() وسائل الشيعة: ج8 ص78 ب5 ح10125.

() مستدرك الوسائل: ج8 ص342 ب20 ح9611.

()

مستدرك الوسائل: ج8 ص341 ب20 ح9606.

() كنز الفوائد: ج1 ص367 فصل من كلام أمير المؤمنين عليه السلام وآدابه وحكمه.

() بحار الأنوار: ج72 ص105 ب48 ضمن ح41.

() مستدرك الوسائل: ج8 ص342 ب20 ح9612.

() نهج البلاغة، الخطب: 192 من خطبة له عليه السلام تسمي القاصعة.

() هو الشيخ مرتضي محمد أمين الدزفولي الأنصاري، ينتهي نسبه إلي جابر بن عبد الله الأنصاري (رضوان الله عليه)، ولد بدزفول سنة (1214ه) وتوفي سنة (1281ه) ودفن في المشهد الغروي. وهو الأستاذ الإمام المؤسس شيخ مشايخ الإمامية، قدم العراق وهو في العشرين من عمره، فورد كربلاء المقدسة وكانت الأستاذية والرياسة العلمية فيها لكل من السيد محمد المجاهد، وشريف العلماء، فرغّب الأول إلي والده أن يتركه في كربلاء المقدسة للتحصيل، علي إثر مذاكراته وظهور قابليته، فبقي آخذاً عن الأستاذين، خرج إلي الكاظمية المقدسة وعاد إلي وطنه واختلف إلي شريف العلماء. مر بكاشان عند خروجه لزيارة مشهد الرضا عليه السلام ففاز بلقاء أستاذه النراقي رحمة الله عليه، مما دعاه للإقامة ثلاث سنين في كاشان، وحكي عن النراقي قوله: لقيت خمسين مجتهداً لم يكن أحد منهم مثل الشيخ مرتضي، ورد النجف الأشرف عام

(1249ه) أيام الشيخ علي بن الشيخ جعفر وصاحب الجواهر، ثم انفرد بالتدريس واستقل، ووضع أساس علم الأصول الحديث عند الشيعة الإمامية، إلي أن انتهت إليه رياسة الإمامية العامة بعد وفاة الشيخين، وصار علي كتبه ودراستها معول أهل العلم، وكان رحمة الله عليه يملي دروسه في الفقه والأصول كل يوم في الجامع الهندي حيث يغص فضاؤه بما ينيف علي الأربعمائة من العلماء والطلاب، وقد تخرج علي يديه أكثر الفحول من علماء الإمامية، مثل الميرزا الشيرازي والميرزا حبيب الله الرشتي، والسيد حسين الترك، والشرابياني والمامقاني والميرزا

أبي القاسم الكلانتري.

وعلي الرغم من المكانة السامية التي وصل إليها في المرجعية العامة، إلا أنه عاش مواسيا الفقراء، حريصا علي مساعدة المعوزين والمساكين من كل ما يصله من الحقوق الشرعية، كان رحمة الله عليه قمة في الأخلاق والفضائل والكمالات لا يحب الظهور والمباهاة، باذلا وسعه في تحصيل الكمال الروحي.

أبرز صفاته الزهد والورع والتقوي والتواضع الي أقصي حد.

أبرز مصنفاته رحمة الله عليه: الرسائل وكتاب المكاسب، علق عليهما الكثير من مشاهير العلماء. وكتاب الطهارة المعروف بطهارة الشيخ، وكتاب الصوم والزكاة والخمس، ورسائله الخمس المشهورة، وكثير غيرها. قال فيه أستاذه النراقي صاحب المناهج: لقيت خمسين مجتهداً لم يكن أحدهم مثل الشيخ الأنصاري.

انظر أعيان الشيعة: المجلد 10 ص117 حرف (الميم).

() قاعدة فقهية شهيرة، مستنبطة من الحديث الشريف لرسول الله ?: ?علي اليد ما أخذت حتي تؤدي?. غوالي اللئالي: ج1 ص224 ف9 ح106. أي: أن كل من استولي علي مال غيره ووقع تحت يده كان ضامناً له، تلف عنده أو عند غيره. للمزيد راجع القواعد الفقهية للإمام الراحل (أعلي الله مقامه): الفصل الأول قاعدة اليد، ضمان اليد.

() المراد منه: أن كل عقد يوجب الضمان في فرض الصحة يكون كذلك في فرض الفساد، والمراد منه هو الذي يتعلق بالمعاملة المادية، وهي قاعدة استقرائية حصلت

في باب العقود التي تنبثق منها القاعدة، ووجد الفقهاء أن كل عقد مثل البيع والجعالة وغيرهما، الذي يحقق الضمان في صحيحه يتحقق الضمان في فاسده، ولكل من الموارد دليل خاص مذكور في محله.

() قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في الذريعة الي تصانيف الشيعة: ج61 ص132 تحت الرقم293: فرائد الاصول، المشهور بالرسائل، للشيخ المرتضي الانصاري م

(1281ه) وهو مشهور متداول لم يكتب مثله في الآواخر والأوائل. محتو علي خمسة رسائل

في القطع والظن والبرائة والاستصحاب والتعادل. أسس في هذه المباحث تأسيسا نسخ به الأصول الكربلائية، ونسج علي منواله المتأخرون حتي صار الفخر في فهم مراده، وكتب كل شرحا أو حاشية عليه، بقدر ما غمر فيه فكره ودري.

() المتاجر أو المكاسب، كتاب جليل لم يكتب مثله في التحقيق والدقة، عكف عليه عامة من تأخر عنه من تلاميذه وتلاميذهم وعلقوا عليه الحواشي والتعليقات، انظر الذريعة: ج19 ص61 تحت الرقم322.

() هو هارون بن محمد المهدي بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، أحد حكام بني العباس، ولد في الري سنة (145ه)، أمه الخيزران وهي أم ولد يمانية، تولي الحكم في دولة بني العباس بعد أخيه الهادي سنة

(170ه)، لم يشتهر من العباسيين أحد شهرته، حيث نسجت حوله الأساطير والقصص الخيالية بشكل كبير، أما شهرته في إدارة الدولة فلعله تعزي إلي البرامكة الذين كانت مهام الدولة الكبري موكلة اليهم خلال سبعة عشر سنة، يقول عنه صاحب شافية أبي نواس: إن الرشيد وهذا لقبه أول خليفة لعب بالصولجان والشطرنج والنرد. أما سياسة التنكيل بالعلويين فهو مما لا يخفي، حيث كان مصمما علي استئصالهم وملاحقتهم تحت كل حجر ومدر، وكان قد سجن الامام الكاظم عليه السلام وقتله بالسم. هلك هارون سنة 193في خراسان مخلفاً تأريخاً يضج بالظلم واحتقار الرسالة المحمدية والإنسانية. للمزيد راجع: الشيعة والحاكمون: ص155، وعيون أخبار الرضا عليه السلام: ج1 ص109.

() صلاح الدين الايوبي (532 589 ه) (1137 1193م) يوسف بن أيوب بن شاذي وقيل: شادي، كان أبوه وأهله من قرية دوين في أواخر إقليم أذربيجان، من قبيلة الهذانية من الأكراد، نزلوا بتكريت، وولد بها صلاح الدين، وتوفي فيها جده شاذي. ولي أبوه (أيوب) أعمالا

في بغداد والموصل ودمشق. نشأ يوسف بن أيوب في دمشق، دخل مع أبيه وعمه (شيركوه) في خدمة نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي (صاحب دمشق وحلب والموصل) واشترك صلاح الدين مع عمه شيركوه في حملة وجهها نور الدين للاستيلاء علي مصر سنة (559 ه) فكانت وقائع ظهرت فيها مزايا صلاح الدين العسكرية. وتم لشيركوه الظفر بعدة معارك وحملات باسم السلطان نور الدين، فاستولي علي زمام الامور بمصر. وذكر أن العاضد الفاطمي هو الذي استنجد بنور الدين يستنصره علي الفرنج الذين يغزون مصر، فاستوزر شيركوه لما وصل مصر، وكتب له عهدا لم يعهد مثله لوزير، ولكن شيركوه ما لبث أن مات. فاختار العاضد للوزارة وقيادة الجيش صلاح الدين، ولقبه بالملك الناصر. استقل صلاح الدين بملك مصر، بعد أن غدر بالعاضد الفاطمي، وتمرد علي سيادة نور الدين زنكي. قطع صلاح الدين الخطبة للعاضد الفاطمي، وخطب للعباسيين، وذكر أن سبب مرض وموت العاضد هو لما رأي من صلاح الدين من محاصرته وتجريده لصلاحياته وأخيرا قطع الخطبة باسمه، فكان موت العاضد وانتهي بذلك أمر الدولة الفاطمية. وعلي الرغم من أن العاضد كان قد استوزر صلاح الدين الأيوبي ولقبه بالملك الناصر، وأكرمه غاية الإكرام، إلا أن صلاح الدين كان حاقداً علي الدولة الفاطمية يتحين الفرص للانقضاض عليها، فتعاضد مع القاضي عبد الرحيم بن علي البيساني علي إزالة الدولة الفاطمية، وقام بعزل قضاة الشيعة ولما تم له ذلك استبد بالسلطة، وأسس الدولة الأيوبية سنة (564ه) وامتد سلطانها من النيل إلي دجلة، وعرفت الدولة الأيوبية بطابعها المتعصب المجافي لأتباع أهل البيت ?، كما قبض صلاح الدين علي أسر ة العاضد وحبسهم وأنزل أصحابه في دورهم، وفرق بين النساء والرجال حتي لا

يتكاثروا.

وكان صلاح الدين قد بعث إلي أبيه وإخوته وأهله فاستقدمهم مصر، واستولي علي دور الأمراء الفاطميين واقطاعاتهم ووهبها لأقاربه، ثم عزل قضاة الشيعة واستناب عنهم قضاة شافعية، وأبطل من الأذان (حي علي خير العمل) وحمل الناس علي التسنن وعقيدة الأشعري ومن خالف ضربت عنقه، وحارب الشيعة والتشيع بشدة حتي قتل منهم خلقا كثيرا، وأمر أن لا تقبل شهادة أحد ولا يقام للخطابة ولا للتدريس إلا إذا كان مقلداً لأحد المذاهب الأربعة، وأعاد يوم قتل الحسين عليه السلام عيداً الذي كان قد سنه الحجاج وبنو أمية، وأباد كل المكتبات ودور العلم والتراث الديني والإسلامي، قال الخفاجي في كتاب الأزهر في ألف عام، ج1 ص58: غالي الأيوبيون في القضاء علي كل أثر للشيعة.

وذكر: أنه لما مات نور الدين سنة (569ه) الذي كان قد أحس بوحشة من صلاح الدين حتي ذكر أنه قرر المسير إليه، فاضطربت البلاد الشامية والجزيرة لموته، وما لبث أن سار صلاح الدين إلي دمشق فاستولي عليها، وذلك سنة

(570ه). وانصرف إلي ما وراءها، فاستولي علي بعلبك وحمص وحماة وحلب. انقطع عن مصر بعد رحيله عنها (سنة 578ه) إذ تتابعت أمامه الحوادث، وفي أيامه وقعت عدة حروب مع الصليبيين.

قال أبو زهرة: دخل صلاح الدين إلي حلب (579ه) وحمل الناس علي التسنن وعقيدة الأشعري، ولم يقدم للخطابة ولا التدريس إلا من كان مقلداً لأحد المذاهب الأربعة ووضع السيف علي الشيعة، فقتلهم وأبادهم مثل عمله في مصر.

انظر الشيعة والحاكمون: ص190 نقلا عن مصادر العامة، والأزهر في ألف عام، وأعيان الشيعة المجلد الأول، وتاريخ الشيعة للمظفر، وانظر المواعظ والاعتبار في الخطط والآثار للمقريزي: ج2 ص233. وغنية النزوع: ص10. والأعلام للزركلي: ج8 ص220 صلاح الدين الأيوبي. وسير أعلام النبلاء: ج21

ص284.

() أبو العباس الفضل بن يحيي بن خالد بن برمك (147 193) أخو هارون من الرضاعة، قلده هارون العباسي الوزارة وتولي خراسان، والبرامكة أسرة عريقة من بلخ ينتسبون إلي جدهم برمك الذي كان عالما في الطب والتنجيم. وقد تقلدت هذه الأسرة منصب الوزارة للعباسيين فترة طويلة وكان لهم دوراً بارزاً في سياسة الدولة العباسية. وان أول من اتصل من البرامكة بالعباسيين هو خالد بن برمك، الذي عرف بحصافة الرأي وشدة البأس، ولما تسلم الحكم هارون العباسي، بوأ البرامكة مكانة رفيعة حيث أوكل لهم الوزارة، وفي سنة (189ه) تبدل طالعهم وأفل نجم ونزلت بهم النكبة التي عرفت بنكبة البرامكة، فقتل أغلب رجالهم وسجن الباقين حتي ماتوا في السجون، وصودرت أموالهم. انظر المنتهي في تاريخ الخلفاء للشيخ عباس القمي: ص249.

() هو الشيخ محمد تقي بن الميرزا محب علي بن أبي الحسن الميرزا محمد علي الحائري الشيرازي زعيم الثورة العراقية، ولد بشيراز عام 1256ه ونشأ في الحائر الحسيني الشريف، فقرأ فيه الأوليات ومقدمات العلوم، وحضر علي أفاضلها حتي برع وكمل، فهاجر إلي سامراء في أوائل المهاجرين، وحضر علي المجدد الشيرازي رحمة الله عليه حتي صار من أجلاء تلاميذه وأركان بحثه، وبعد أن توفي أستاذه الجليل تعين للخلافة بالاستحقاق والأولوية والانتخاب، فقام بالوظائف من الإفتاء والتدريس وتربية العلماء. ولم تشغله مرجعيته العظمي وأشغاله الكثيرة عن النظر في أمور الناس خاصهم وعامهم، وحسبك من أعماله الجبارة موقفه الجليل في الثورة العراقية، وإصداره تلك الفتوي الخطيرة التي أقامت العراق وأقعدته لما كان لها من الوقع العظيم في النفوس. فهو رحمة الله عليه فدي استقلال العراق بنفسه وأولاده وكان أفتي من قبل بحرمة انتخاب غير المسلم. وكان العراقيون طوع إرادته لايصدرون إلا

عن رأيه وكانت اجتماعاتهم تعقد في بيته في كربلاء المقدسة مرات عدة. توفي رحمة الله عليه في الثالث عشر من ذي الحجة عام (1338ه) ودفن في الصحن الحسيني الشريف ومقبرته فيه مشهورة. راجع طبقات أعلام الشيعة، نقباء البشر: ج1 ص261 الرقم 561.

() كما أن من أهم الأسباب التي جعلت العالم الغربي اليوم يتقدم ويحكم الدنيا هو بعض ما امتلك من النضج العلمي والعملي الذي يتمتعون به وإن كان لأهدافهم الدنيوية!!

() سورة التوبة: 33.

() أي بحسب النور وشدته وضعفه.

() سورة الحديد: 12.

() تفسير نور الثقلين: ج3 ص612 سورة النور ح199.

() سورة الحديد: 13.

() سورة الحديد: 14.

() سورة لقمان: 34.

() سورة الكهف: 104.

() مصباح الكفعمي: ص280 ف29 دعاء مروي عن الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف).

() سورة الزمر: 17-18.

() سورة البقرة: 256.

() سورة الرعد: 22.

() سورة الأعراف: 128.

() سورة الزمر: 22.

() سورة النور: 40.

() سورة الأنعام: 122.

() سورة الحديد: 28.

() سورة الفرقان: 63.

() سورة لقمان: 19.

() سورة الفتح: 4.

() إرشاد القلوب: ج1 ص205 ب54.

() كشف الغمة: ج2 ص349 ذكر الإمام التاسع عليه السلام، وأما مناقبه.

() الكافي: ج1 ص40 باب سؤال العالم ح2.

() نهج البلاغة: قصار الحكم 171.

() من لا يحضره الفقيه: ج4 ص410-411 ح5894.

() مستدرك الوسائل: ج11 ص306 ب33 ح13110.

() مستدرك الوسائل: ج11 ص307 ب33 ح13115.

() تحف العقول: ص303 وصيته عليه السلام لعبد الله بن جندب.

() بحار الأنوار: ج75 ص452 ب33 ح19 عن الدرة الباهرة.

() الأمالي للصدوق: ص487-488 المجلس74 ح1.

() التمحيص: ص68 ب9 ح166.

() بحار الأنوار: ج91 ص126 ب32 مناجاة له أخري له صلي الله عليه تعرف بالصغري.

() دعائم الإسلام: ج1 ص82 ذكر الرغائب في العلم والحض عليه وفضائل طالبيه.

() المحاسن: ج1 ص228 ب15 ح161.

() انظر مشكاة الأنوار:

ص133 الفصل 8 وفيه: ?لو أتيت بشاب من شباب الشيعة لا يتفقه في دينه لأوجعته?.

() الأمالي للطوسي: ص303 المجلس11 ح51.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.