احترام الإنسان في الإسلام

اشارة

اسم الكتاب: احترام الإنسان في الإسلام

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

الموضوع: احترام الإنسان في الإسلام

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الظروف العصيبة التي تمر بالعالم..

والمشكلات الكبيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية..

والمعاناة السياسية والاجتماعية التي نقاسيها بمضض..

وفوق ذلك كله الأزمات الروحية والأخلاقية التي يئن من وطأتها العالم أجمع..

والحاجة الماسة إلي نشر وبيان مفاهيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العميقة التي تلازم الإنسان في كل شؤونه وجزئيات حياته وتتدخل مباشرة في حل جميع أزماته ومشكلاته في الحرية والأمن والسلام وفي كل جوانب الحياة..

والتعطش الشديد إلي إعادة الروح الإسلامية الأصيلة إلي الحياة، وبلورة الثقافة الدينية الحيّة، وبث الوعي الفكري والسياسي في أبناء الإسلام كي يتمكنوا من رسم خريطة المستقبل المشرق. كل ذلك دفع المؤسسة لأن تقوم بنشر مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها المرجع الديني الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلي الله مقامه) في ظروف وأزمنة مختلفة، حول مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، وقد قام سماحته رحمة الله عليه بتهذيبها والإضافة عليها،وقمنا بطباعتها مساهمة منا في نشر الوعي الإسلامي، وسدّاً لبعض الفراغ العقائدي والأخلاقي لأبناء المسلمين من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مجيد..

وذلك انطلاقاً من الوحي الإلهي القائل: ?لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ?(). الذي هو أصل عقلائي عام يرشدنا إلي وجوب التفقه في الدين وإنذار الأمة، ووجوب رجوع الجاهل إلي العالم في معرفة أحكامه في مواقفه وشؤونه.. كما هو تطبيق عملي وسلوكي للآية الكريمة: ?فَبَشِّرْ عِبَادِ ? الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُوا الأَلْبَابِ?().

إن مؤلفات الإمام الشيرازي (أعلي الله مقامه) تتسم ب:

أولاً: التنوّع والشمولية لأهم أبعاد الإنسان والحياة لكونها انعكاساً لشمولية الإسلام..فقد أفاض قلمه المبارك

الكتب والموسوعات الضخمة في شتي علوم الإسلام المختلفة، بدءاً من موسوعة الفقه التي بلغت المائة والستين مجلداً، حيث تعد أكبر موسوعة علمية استدلالية فقهية، مروراً بعلوم الحديث والتفسير والكلام والأصول والسياسة والاقتصاد والاجتماع والحقوق وسائر العلوم الحديثة الأخري.. وانتهاءً بالكتب المتوسطة والصغيرة التي تتناول مختلف المواضيع والتي تتجاوز بمجموعها ال (1300) كتاب وكراس.

ثانياً: الأصالة حيث إنها تتمحور حول القرآن والسنة وتستلهم منهما الرؤي والأفكار.

ثالثاً: المعالجة الجذرية والعملية المستبصرة بمشاكل الأمة الإسلامية ومشاكل العالم المعاصر.

رابعاً: التحدث بلغة علمية رصينة في كتاباته لذوي الاختصاص ك(الأصول) و(القانون) و(البيع) وغيرها، وبلغة واضحة سهلة يفهمها الجميع في كتاباته الجماهيرية مدعومة بشواهد من واقع الحياة.

نرجو من المولي العلي القدير أن يتقبل منا ذلك، إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

في البدء

قال تعالي: ?لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?.. فالناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق?().

جاء في تفسير الآية المباركة: ?لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ? التقويم بمعني تصيير الشيء علي ما ينبغي أن يكون عليه من التأليف والتعديل، يعني الإنسان مخلوق في أحسن طراز من جهة حواسه وظواهره، ومن جهة مشاعره وأجهزته().

وقيل: أراد جنس الإنسان وهو آدم وذريته، خلقهم الله في أحسن صورة.

وقيل: ?أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ? أي منتصب القامة، وسائر الحيوان مكب علي وجهه إلا الإنسان.

وقيل: أراد أنه خلقهم علي كمال في أنفسهم، واعتدال في جوارحهم، وأبانهم عن غيرهم بالنطق والتمييز والتدبير، إلي غير ذلك مما يختص به الإنسان().

لذا فإن من أهم الأمور التي أكد عليها الإسلام تأكيداً بالغاً، هو

احترام الإنسان بما هو إنسان، مع قطع النظر عن لونه ولغته وقوميته ودينه ورأيه، فالإسلام يؤكد علي احترام كل الناس حتي إذا كانوا كفاراً غير مسلمين؛ لأن الإنسان بما هو إنسان محترم؛ والقرآن الكريم يقول: ?وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَي كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً?().

وجاء في بيان قوله تعالي: ?وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ? أي: تكريماً ذاتياً بالعقل، وحسن الخلقة، وتهيئة أسباب الراحة له، وتسخير كل شيء لأجل منافعه، إلي غير ذلك من أنواع التكريم ?وَحَمَلْنَاهُمْ? أي: هيئنا لهم وسائل الركوب ?فِي الْبَرِّ? بالخيل والبغال والحمير، ومنه هذه الآلات الحديثة، فإنها تحمل الإنسان بفضل الله سبحانه، وإلا فمن خلق الحديد، ومن جعل للنار قوة السير، ومن هيّأ وسائل الآلة؟ ?وَالْبَحْرِ? بالسفن ? وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ? أكلاً وشرباً ولبساً، ونكاحاً، وغيرها، فإن كل ذلك رزق خصهم الله سبحانه بها، وإن اشترك بعض الحيوانات في بعضها، ولكن ليس بهذا العموم، والشمول، والكيفية المرفهة ?وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَي كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً? إما المراد أنهم مفضلون علي الكثير دون الكل، بأن يكون الملائكة أفضل من الإنسان جنساً، وإما المراد أن التفضيل علي كثير، فليس المراد المفهوم، بل المراد الخلق الكثير الذي ملأ ما بين السماء والأرض، أن الناس مفضل عليه، ف?من? بيانية، لا تبعيضية، ولعل هذا هو الأقرب().

أفضل الخلق

وقد اختلفت أقوال المفسرين في قوله تعالي: ?وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَي كَثِيرٍ? فهل المراد: ليس الإنسان مفضلا علي كل المخلوقات؟ فهل يوجد هناك مخلوق غير الإنسان أفضل من الإنسان؟

بعض المفسرين يعتقدون أن لله مخلوقاً آخر أفضل من الإنسان، ولكن مما لا شك فيه أن النبي الأعظم صلي الله عليه و اله وأهل بيته المعصومين عليهم السلام هم أفضل

الخلائق أجمعين.

فإن أهل البيت عليهم السلام وإن كانوا خلق كبقية البشر من حيث إنهم مخلوقون، ولكن ورد في الرواية: ?خلقكم الله أنواراً?()، فضلاً عن الروايات الكثيرة التي تصرح بأفضلية المعصومين عليهم السلام علي جميع المخلوقات بلا استثناء.

فقد ورد عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ?قال رسول الله صلي الله عليه و اله إن الله فضّل أنبياءه المرسلين علي ملائكته المقربين، وفضلني علي جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك وساق الحديث إلي أن قال ثم إن الله تبارك وتعالي خلق آدم فأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراما، وكان سجودهم لله عزوجل عبودية ولآدم إكراما وطاعة؛ لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون?().

وعن أبي محمد العسكري عليه السلام أنه قال: ?سأل المنافقون النبي صلي الله عليه و اله فقالوا: يا رسول الله، أخبرنا عن علي عليه السلام هو أفضل أم ملائكة الله المقربون؟

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: وهل شرفت الملائكة إلا بحبها لمحمد وعلي وقبولها لولايتهما، إنه لا أحد من محبي علي عليه السلام نظف قلبه من قذر الغش والدغل والغل ونجاسة الذنوب، إلا كان أطهر وأفضل من الملائكة؛ وهل أمر الله الملائكة بالسجود لآدم إلا لما كانوا قد وضعوه في نفوسهم أنه لا يصير في الدنيا خلق بعدهم إذا رفعوهم عنها، إلا وهم يعنون أنفسهم أفضل منهم في الدين فضلاً، وأعلم بالله وبدينه علماً، فأراد الله أن يعرفهم أنهم قد أخطئوا في ظنونهم واعتقاداتهم، فخلق آدم وعلمه الأسماء كلها ثم عرضها عليهم فعجزوا عن معرفتها، فأمر آدم أن ينبئهم

بها وعرفهم فضله في العلم عليهم، ثم أخرج من صلب آدم ذرية منهم الأنبياء والرسل والخيار من عباد الله أفضلهم محمد ثم آل محمد، ومن الخيار الفاضلين منهم أصحاب محمد وخيار أمة محمد، وعرف الملائكة بذلك أنهم أفضل من الملائكة?().

وعن محمد بن الحنفية عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول: قال الله تعالي: لأعذبن كل رعية دانت بطاعة إمام ليس مني، وإن كانت الرعية في نفسها برة، ولأرحمن كل رعية دانت بإمام عادل مني وإن كانت الرعية غير برة ولا تقية، ثم قال لي: يا علي، أنت الإمام والخليفة بعدي، حربك حربي وسلمك سلمي، وأنت أبو سبطي وزوج ابنتي ومن ذريتك الأئمة المطهرون، وأنا سيد الأنبياء وأنت سيد الأوصياء، وأنا وأنت من شجرة واحدة، لولانا لم يخلق الله الجنة ولا النار ولا الأنبياء ولا الملائكة.

قال: قلت: يا رسول الله، فنحن أفضل أم الملائكة؟

فقال: يا علي، نحن أفضل خير خليقة الله علي بسيط الأرض، وخيرة ملائكة الله المقربين، وكيف لا نكون خيرا منهم وقد سبقناهم إلي معرفة الله وتوحيده، فبنا عرفوا الله وبنا عبدوا الله وبنا اهتدوا السبيل إلي معرفة الله. يا علي، أنت مني وأنا منك، وأنت أخي ووزيري، فإذا مت ظهرت لك ضغائن في صدور قوم، وسيكون فتنة صيلم() صماء يسقط منها كل وليجة وبطانة، وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من ولد السابع من ولدك، يحزن لفقده أهل الأرض والسماء، فكم من مؤمن متلهف متأسف حيران عند

فقده?().

وهكذا فإن الكثير من المفسرين يعتقدون بأن الله لم يخلق مخلوقاً أفضل من الإنسان، ويقولون: إن آية ?وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَي كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً?()، أريد بالكثير فيها: الجميع، فتكون

?من? بيانية، والمعني: وفضلناهم علي من خلقنا وهم كثير، وجاءت الآية بهذه الصيغة كجملة بليغة، فإن الأديب في بعض الأحيان لا ينقل الكليات بضرس قاطع().

الإنسان المكرم

فخلاصة الكلام هو: إن الأصل في الإنسان الاحترام والتقدير، بغض النظر عن مكانته ومقامه، وبغض النظر عن دينه ومذهبه، وبغض النظر عن عرقه ولونه ولغته..

وهذا هو الأصل الأولي الذي أقره القرآن الكريم في آية التكريم: ?لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ?()، تكريماً ذاتياً بالعقل، وحسن الخلقة، وتهيئة أسباب الراحة له، وتسخير كل شيء لأجل منافعه، إلي غير ذلك من انواع التكريم، وقد جاء التكريم بصيغة الجمع ? بَنِي آدَمَ? بلا ملاحظة الجوانب الأخري.

فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ما شيء أكرم علي الله من ابن آدم?.

قيل: يا رسول الله، ولا الملائكة؟

قال: ?الملائكة مجبورون بمنزلة الشمس والقمر?.

وقال صلي الله عليه و اله: ?ليس شيء خيراً من ألف مثله إلا الإنسان?.

وعن كرامة المؤمن قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?مثل المؤمن عند الله كمثل ملك مقرب، وإن المؤمن عند الله عزوجل أعظم من الملك، وليس شيء أحب إلي الله من مؤمن تائب، أو مؤمنة تائبة?().

وقال الإمام الباقر عليه السلام: ?ما خلق الله عزوجل خلقاً أكرم علي الله عزوجل من المؤمن؛ لأن الملائكة خدام المؤمنين?().

وعن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام فقلت: الملائكة أفضل أم بنو آدم؟

فقال: ?قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: إن الله عزوجل ركب في الملائكة عقلا بلا شهوة، وركب في البهائم شهوة بلا عقل، وركب في بني آدم كلتيهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلب شهوته عقله فهو شر من

البهائم?().

الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله واحترام الإنسان

لقد حفظ لنا التأريخ أحداث ووقائع ومواقف مشرفة تحكي الأسلوب الإسلامي الحقيقي في مراعاة حقوق الإنسان كائنا من كان، مسلماً كان أو منافقاً، مشركاً كان ذلك الإنسان أو كافراً، وقد تجسد ذلك بأعظم صورة من خلال الحياة الشريفة وأسلوب المعاشرة التي كان يتبعها الرسول الأعظم عليه السلام وأمير المؤمنين عليه السلام والأئمة المعصومين عليهم السلام مع كل الناس.

فقد روي أنه ذات يوم دخل عدد من الكفار المشرّدين المحتاجين، مسجد النبي صلي الله عليه و اله في المدينة، وسألوه صلي الله عليه و الهأن يأويهم ويلجئهم في مكان ما يستقرون فيه … فقال النبي صلي الله عليه و اله لأصحابه: كل منكم يأخذ أحدهم ضيفاً عنده، وكان أحد هؤلاء الكفار قبيح المنظر ذا شكل سيئ وكثير الأكل، فلم يأويه أحد، فبقي في المسجد، فأخذه النبي صلي الله عليه و اله إلي بيته، فكان معه في غاية الرحمة والعطف، وعندما أحضروا الطعام عنده أكل حصته وحصة أهل المنزل كلهم، فبقي النبي صلي الله عليه و اله جائعاً في ذلك اليوم، ولكنه احترم هذا الرجل كثيراً ووفر له الراحة والاطمئنان، وبعد أن رأي هذا الرجل عطف النبي صلي الله عليه و اله عليه واحترامه وتقديره له أسلم علي يده صلي الله عليه و اله.

ومثله ما روي عن ابن عباس حيث قال: خرج أعرابي من بني سليم يتبدي() في البرية، فإذا هو بضب قد نفر من بين يديه، فسعي وراءه حتي اصطاده، ثم جعله في كمه، وأقبل يزدلف نحو النبي صلي الله عليه و اله فلما أن وقف بإزائه ناداه: يا محمد يا محمد، وكان من أخلاق رسول الله صلي الله عليه و اله إذا قيل له: يا

محمد، قال: يا محمد، وإذا قيل له: يا أحمد، قال: يا أحمد، وإذا قيل له: يا أبا القاسم، قال: يا أبا القاسم، وإذا قيل له: يا رسول الله، قال: لبيك وسعديك، وتهلل وجهه.

فلما أن ناداه الأعرابي: يا محمد يا محمد، قال له النبي: يا محمد يا محمد، قال له: أنت الساحر الكذاب، الذي ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة هو أكذب منك، أنت الذي تزعم أن لك في هذه الخضراء إلها، بعث بك إلي الأسود والأبيض، واللات والعزي، لولا أني أخاف أن قومي يسمونني: العجول، لضربتك بسيفي هذا ضربة أقتلك بها، فأسود بك الأولين والآخرين.

فوثب إليه عمر بن الخطاب ليبطش به، فقال النبي صلي الله عليه و اله: ?اجلس يا با حفص؛ فقد كاد الحليم أن يكون نبيا?. ثم التفت النبي صلي الله عليه و اله إلي الأعرابي، فقال له: ?يا أخا بني سليم، هكذا تفعل العرب، يتهجمون علينا في مجالسنا يجبهوننا بالكلام الغليظ؟! يا أعرابي، والذي بعثني بالحق نبيا، إن من ضر بي في دار الدنيا هو غدا في النار يتلظي، يا أعرابي، والذي بعثني بالحق نبيا، إن أهل السماء السابعة يسمونني: أحمد الصادق، يا أعرابي، أسلم تسلم من النار، يكون لك ما لنا وعليك ما علينا، وتكون أخانا في الإسلام?.

قال: فغضب الأعرابي وقال: واللات والعزي،لا أومن بك يا محمد، أو يؤمن هذا الضب، ثم رمي بالضب عن كمه.

فلما أن وقع الضب علي الأرض ولي هاربا، فناداه النبي صلي الله عليه و اله: ?أيها الضب، أقبل إلي?.

فأقبل الضب ينظر إلي النبي صلي الله عليه و اله.

قال: فقال له النبي صلي الله عليه و اله: ?أيها الضب، من أنا؟?.

فإذا هو ينطق بلسان

فصيح ذرب غير قطع فقال: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.

فقال له النبي صلي الله عليه و اله: ?من تعبد؟?.

قال: أعبد الله عزوجل، الذي فلق الحبة وبرأ النسمة، واتخذ إبراهيم خليلا، واصطفاك يا محمد حبيبا. ثم أنشأ يقول:

ألا يا رسول الله إنك صادق

فبوركت مهديا وبوركت هاديا

شرعت لنا دين الحنيفة بعد ما

عبدنا كأمثال الحمير الطواغيا

فيا خير مدعو ويا خير مرسل

إلي الجن بعد الإنس لبيك داعيا

و نحن أناس من سليم وإننا

أتيناك نرجو أن ننال العواليا

أتيت ببرهان من الله واضح

فأصبحت فينا صادق القول زاكيا

فبوركت في الأحوال حيا وميتا

وبوركت مولودا وبوركت ناشيا

قال: ثم أطبق علي فم الضب فلم يحر جوابا، فلما أن نظر الأعرابي إلي ذلك قال: وا عجبا! ضب اصطدته من البرية، ثم أتيت به في كمي لا يفقه ولا ينقه، ولا يعقل، يكلم محمدا صلي الله عليه و اله بهذا الكلام، ويشهد له بهذه الشهادة!! أنا لا أطلب أثرا بعد عين، مد يمينك فأنا أشهد: أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فأسلم الأعرابي وحسن إسلامه.

ثم التفت النبي صلي الله عليه و اله إلي أصحابه، فقال لهم: ?علموا الأعرابي سورا من القرآن?.

قال: فلما أن علم الأعرابي سورا من القرآن قال له النبي صلي الله عليه و اله: ?هل لك شيء من المال؟?.

قال: والذي بعثك بالحق نبيا، إنا أربعة آلاف رجل من بني سليم، ما فيهم أفقر مني، ولا أقل مالا.

ثم التفت النبي صلي الله عليه و اله إلي أصحابه فقال لهم: ?من يحمل الأعرابي علي ناقة أضمن له علي الله ناقة من نوق الجنة؟?

قال: فوثب إليه سعد بن عبادة، قال: فداك أبي وأمي، عندي ناقة حمراء عشراء

وهي للأعرابي، فقال له النبي صلي الله عليه و اله: ?يا سعد، تفخر علينا بناقتك، ألا أصف لك الناقة التي نعطيكها بدلا من ناقة الأعرابي؟?..

إلي أن قال: ثم التفت النبي صلي الله عليه و اله إلي أصحابه فقال لهم: ?من يتوج الأعرابي، أضمن له علي الله تاج التقي?.

قال: فوثب إليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وقال: ?فداك أبي وأمي، وما تاج التقي؟?.

فذكر من صفته قال: فنزع علي عليه السلام عمامته فعمم بها الأعرابي.

ثم التفت النبي صلي الله عليه و اله فقال: ?من يزود الأعرابي، وأضمن له علي الله عزوجل زاد التقوي?.

قال: فوثب إليه سلمان الفارسي فقال: فداك أبي وأمي، وما زاد التقوي؟

قال: ?يا سلمان، إذا كان آخر يوم من الدنيا لقنك الله عزوجل قول شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن أنت قلتها لقيتني ولقيتك، وإن أنت لم تقلها لم تلقني ولم ألقك أبدا?.

قال: فمضي سلمان حتي طاف تسعة أبيات من بيوت رسول الله صلي الله عليه و اله فلم يجد عندهن شيئا، فلما أن ولي راجعا نظر إلي حجرة فاطمة ? فقال: إن يكن خير فمن منزل فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و اله فقرع الباب، فأجابته من وراء الباب: ?من بالباب?.

فقال لها: أنا سلمان الفارسي.

فقالت له: ?يا سلمان، وما تشاء؟?.

فشرح قصة الأعرابي والضب مع النبي صلي الله عليه و اله قالت له: ?يا سلمان، والذي بعث محمدا صلي الله عليه و اله بالحق نبيا، إن لنا ثلاثا ما طعمنا، وإن الحسن والحسين عليهما السلام قد اضطربا علي من شدة الجوع، ثم رقدا كأنهما فرخان منتوفان، ولكن لا أرد الخير إذا نزل الخير ببابي، يا سلمان،

خذ درعي هذا ثم امض به إلي شمعون اليهودي وقل له: تقول لك فاطمة بنت محمد: أقرضني عليه صاعا من تمر وصاعا من شعير، أرده عليك إن شاء الله تعالي.

إلي أن قال: وتزود الأعرابي واستوي علي راحلته، وأتي بني سليم، وهم يومئذ أربعة آلاف رجل، فلما أن وقف في وسطهم ناداهم بعلو صوته قولوا: لا إله إلا الله محمدا رسول الله، قال: فلما سمعوا منه هذه المقالة أسرعوا إلي سيوفهم فجردوها، ثم قالوا له: لقد صبوت إلي دين محمد الساحر الكذاب؟

فقال لهم: ما هو بساحر ولا كذاب، ثم قال: يا معشر بني سليم، إن إله محمد صلي الله عليه و اله خير إله، وإن محمدا صلي الله عليه و اله خير نبي، أتيته جائعا فأطعمني، وعاريا فكساني، وراجلا فحملني، ثم شرح لهم قصة الضب مع النبي صلي الله عليه و اله وأنشدهم الشعر الذي أنشد في النبي صلي الله عليه و اله ثم قال: يا معاشر بني سليم، أسلموا تسلموا من النار، فأسلم في ذلك اليوم أربعة آلاف رجل، وهم أصحاب الرايات الخضر وهم حول رسول الله صلي الله عليه و اله().

من ينجيك مني؟

كان من كريم أخلاق رسول الله صلي الله عليه و اله العظيمة هي العفو حتي عمن حاول قتله صلي الله عليه و اله، فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?نزل رسول الله صلي الله عليه و اله في غزوة ذات الرقاع تحت شجرةٍ علي شفير وادٍ، فأقبل سيل فحال بينه وبين أصحابه، فرآه رجل من المشركين والمسلمون قيام علي شفير الوادي ينتظرون متي ينقطع السيل، فقال رجل من المشركين لقومه: أنا أقتل محمداً، فجاء وشد علي رسول الله صلي

الله عليه و اله بالسيف، ثم قال: من ينجيك مني يا محمد؟

فقال صلي الله عليه و اله: ربي وربك، فنسفه جبرئيل عليه السلام عن فرسه فسقط علي ظهره، فقام رسول الله صلي الله عليه و اله وأخذ السيف وجلس علي صدره، وقال: من ينجيك مني يا غورث؟ فقال: جودك وكرمك يا محمد، فتركه فقام وهو يقول: والله لأنت خير مني وأكرم?().

أمير المؤمنين عليه السلام وأهل الذمة

وكذلك كان أمير المؤمنين علي عليه السلام راعياً لحقوق الإنسان واحترامه، كائناً من كان، كيف لا وهو ربيب رسول الله صلي الله عليه و اله الذي علمه من العلم ألف باب كل باب يفتح منه ألف باب. فقد روي في أحوال أمير المؤمنين عليه السلام أنه:

مر شيخ مكفوف كبير يسأل، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?ما هذا؟!?.

قالوا: يا أمير المؤمنين، نصراني.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?استعملتموه حتي إذا كبر وعجز منعتموه، أنفقوا عليه من بيت المال?().

ولو تمعنا في هذه القصة لكانت تصلح أن تكون قدوة في تأريخ الإنسانية في مراعاة حقوق الإنسان وكفالته.

وكذلك ورد عن أبي عبد الله عن آبائه عليه السلام: ?أن أمير المؤمنين عليه السلام صاحب رجلا ذمياً، فقال له الذمي: أين تريد يا عبد الله؟

فقال عليه السلام: أريد الكوفة.

فلما عدل الطريق بالذمي عدل معه أمير المؤمنين عليه السلام.

فقال له الذمي: أ لست زعمت أنك تريد الكوفة؟

فقال له: بلي.

فقال له الذمي: فقد تركت الطريق؟

فقال له: قد علمت!

قال: فلم عدلت معي، وقد علمت ذلك؟!

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: هذا من تمام حسن الصحبة أن يشيع الرجل صاحبه هنيئةً إذا فارقه، وكذلك أمرنا نبينا صلي الله عليه و اله.

فقال له الذمي: هكذا قال؟

قال: نعم.

قال الذمي: لا جرم إنما تبعه

من تبعه لأفعاله الكريمة، فأنا أشهدك أني علي دينك. ورجع الذمي مع أمير المؤمنين عليه السلام فلما عرفه أسلم?().

احترام جميع الناس

قال الله تبارك وتعالي: ? قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذيً وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ? يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذي كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلي شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ?().

إن من السلبيات في تعامل بعض الناس مع الفقراء، أنهم إذا تصدقوا علي فقير أو محتاج فإنهم يمنّون عليه، أو يؤلمونه بالكلام والتقريع!

بينما لو نتدبر في تفسير قوله تعالي: ?قَوْلٌ مَعْرُوفٌ? يعني: كلام حسن جميل، لا وجه فيه من وجوه القبح، يرد به السائل. وقيل: معناه دعاء صالح نحو أن يقول: صنع الله بك، وأغناك الله عن المسألة، وأوسع الله عليك الرزق، وأشباه ذلك. وقيل: إن معناه عفو المسؤول عن ظلم السائل، وعلي هذا فيكون ظلم السائل أن يسأل في غير وقته، أو يلحف في سؤاله، أو يسيء الأدب بأن يفتح الباب، أو يدخل الدار بغير إذن، فالعفو عن ظلمه، هو?خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يتبعها أذي?؛ وإنما صار القول المعروف، والعفو عن الظلم، خيرا من الصدقة التي يَتْبَعُها أَذيً لأن صاحب هذه الصدقة، لا يحصل علي خير، لا علي عين ماله في دنياه، ولا علي ثوابه في عقباه. والقول بالمعروف والعفو، طاعتان يستحق الثواب عليهما.

وقد روي في الحديث القدسي كما عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: ?كان فيما ناجي الله عزوجل به موسي عليه السلام قال: يا موسي أكرم السائل ببذل يسير أو برد جميل، لأنه يأتيك من ليس بإنس ولا

جان ملائكة من ملائكة الرحمان يبلونك فيما خولتك ويسألونك عما نولتك فانظر كيف أنت صانع يا بن عمران?().

وقوله تعالي: ?يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذي كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلي شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ? ثم أكد تعالي ما قدمه بما ضرب من الأمثال، فقال:

?يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا? أي: صدقوا الله ورسوله ?لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ? أي: بالمنة علي السائل. وقيل: بالمنة علي الله ?وَالأَذي? بمعني أذي صاحبها.

ثم ضرب تعالي مثلا لعمل المنان، وعمل المنافق جميعا، فإنهما إذا فعلا الفعل علي غير الوجه المأمور به، فإنهما لا يستحقان عليه ثوابا. وهذا هو معني الإبطال: وهو إيقاع العمل علي غير الوجه الذي يستحق عليه الثواب، فقال: ?كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ? هذا يدخل فيه المؤمن والكافر إذا أخرجا المال للرئاء. ?وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ? هذا للكافر خاصة أي: لا يصدق بوحدانية الله، ولا بالبعث والجزاء. وقيل: إنه صفة للمنافق؛ لأن الكافر معلن غير مراء، وكل مراء كافر أو منافق ?فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً? شبه سبحانه فعل المنافق والمنان، بالصفا الذي أزال المطر ما عليه من التراب، فإنه لا يقدر أحد علي رد ذلك التراب عليه، كذلك إذا دفع المنان صدقة، وقرن بها المن، فقد أوقعها علي وجه لا طريق له إلي استدراكه وتلافيه، لوقوعها علي الوجه الذي لا يستحق عليه الثواب، فإن وجوه الأفعال تابعة لحدوث الأفعال، فإذا فاتت، فلا طريق إلي تلافيها. فقد تضمنت الآية، والآي التي قبلها، الحث علي الصدقة، وإنفاق المال في سبيل الخير،

وأبواب البر، ابتغاء مرضاة الله، والنهي عن المن والأذي، والرياء والسمعة، والنفاق، والخبر عن بطلان العمل بها.

ومما جاء في معناه من الحديث ما روي عن النبي صلي الله عليه و اله: ?إذا كان يوم القيامة، نادي مناد يسمع أهل الجمع: أين الذين كانوا يعبدون الناس؟ قوموا خذوا أجوركم ممن عملتم له، فإني لا أقبل عملا خالطه شيء من الدنيا وأهلها?().

وروي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?قال رسول الله صلي الله عليه و اله: من أسدي إلي مؤمن معروفا، ثم آذاه بالكلام، أو منَّ عليه، فقد أبطل الله صدقته. ثم ضرب فيه مثلا فقال: ?كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ? إلي قوله ? الْكافِرِينَ? ?().

وها نحن قد رأينا أن عظمة الرسول الكريم صلي الله عليه و الهمع ذلك الكافر لم تتمثل في عطائه واستضافته له وعنايته به فحسب، بل بقدر ما تمثل في تحمله لأذاه ومداراته. وفي ذلك درس لنا، مفاده: أنّ علي الإنسان أن يحترم الجميع حتي الذين يخالفونه أو يعادونه، وهذا يدل علي مدي كرامة الإنسان في الإسلام.

وقد روي: أن النبي صلي الله عليه و اله في إحدي حروبه بعث اثنين من المسلمين لغرض الاستطلاع علي معسكر الأعداء ودراسة أوضاعهم، وفي أثناء الطريق كمن هذان المسلمان عند بئر ماء كانت مورداً لأفراد معسكر الأعداء، فجاء اثنان من الأعداء لأخذ الماء فهجم عليهما المسلمان وأسراهما وأخذاهما إلي النبي صلي الله عليه و اله، وكانا يضربانهما علي وجهيهما من أجل انتزاع الأخبار المرتبطة بمعسكر الكفار، وعندما وصلا كان النبي صلي الله عليه و اله في الصلاة فرأي صلي الله عليه و اله أنهما يضربانهما، فخفف صلاته وأتمها بسرعة، ثم صاح بهما وزجرهما ونهرهما وقال: لماذا

تضربانهما؟ لا يحق لكما ضربهما أبداً؟().

نعم، إن الإنسان له مقام محترم وقيمة عالية، حتي لو كان كافراً قد خرج لحرب رسول الله صلي الله عليه و اله، فلا يجوز تعذيب الخصم مهما كانت الغاية والغرض من تعذيبه، وإنما جعل الإسلام طرقاً أخري نزيهة لكسب المعلومات تنسجم مع الرحمة الإنسانية التي جاء بها الإسلام في التعامل مع الخصوم، وهي لا تخفي علي من راجع سيرة الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله والإمام أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك وخاصة في باب القضاء.

حرمة التعذيب لانتزاع الاعتراف

جاء ذات يوم رئيس منظمة الأمن العامة في العراق إلي أحد العلماء، وخلال حديثه قال: إني عذبت فلاناً حتي انتزعت منه الاعتراف بأنه سارق، فقال له ذلك العالم : لقد فعلت خلاف العقل والشرع؛ حيث إن التعذيب في دين الإسلام حرام، وهو بنظر العقل أمر قبيح()!

قال: إذن، فماذا أفعل لأجل انتزاع الاعتراف؟

فقال له: افعل ما كان يفعله أمير المؤمنين عليه السلام.. اسأل المتهم في أوقات مختلفة وبأشكال مختلفة، فإذا كذب في المرة الأولي فإنه سينسي كذبته الأولي، وهكذا حتي يصدقك في مرة، وأول من استعمل هذه الطريقة للحصول علي الحقيقة النبي دانيال عليه السلام كما نقل ذلك في الروايات.

فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?أتي عمر بن الخطاب بجارية قد شهدوا عليها أنها بغت، وكان من قصتها أنها كانت يتيمة عند رجل، وكان الرجل كثيرا ما يغيب عن أهله فشبت اليتيمة، فتخوفت المرأة أن يتزوجها زوجها، فدعت بنسوة حتي أمسكنها فأخذت عذرتها بإصبعها، فلما قدم زوجها من غيبته رمت المرأة اليتيمة بالفاحشة وأقامت البينة من جاراتها اللائي ساعدتها() علي ذلك، فرفع ذلك إلي عمر، فلم يدر كيف يقضي فيها، ثم

قال للرجل: ائت علي بن أبي طالب عليه السلام واذهب بنا إليه.

فأتوا عليا عليه السلام وقصوا عليه القصة، فقال لامرأة الرجل: أ لك بينة أو برهان؟

قالت: لي شهود، هؤلاء جاراتي يشهدن عليها بما أقول. فأحضرتهن، فأخرج علي بن أبي طالب عليه السلام السيف من غمده فطرح بين يديه، وأمر بكل واحدة منهن فأدخلت بيتا، ثم دعا بامرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها، فردها إلي البيت الذي كانت فيه، ودعا إحدي الشهود وجثا علي ركبتيه، ثم قال: تعرفيني أنا علي بن أبي طالب، وهذا سيفي، وقد قالت امرأة الرجل ما قالت ورجعت إلي الحق وأعطيتها الأمان، وإن لم تصدقيني لأملأن السيف منك.

فالتفتت إلي عمر فقالت: يا أمير المؤمنين، الأمان علي.

فقال لها أمير المؤمنين: فاصدقي.

فقالت: لا والله، إلا أنها رأت جمالا وهيئة، فخافت فساد زوجها عليها، فسقتها المسكر ودعتنا فأمسكناها فافتضتها بإصبعها.

فقال علي عليه السلام: الله أكبر، أنا أول من فرق بين الشاهدين إلا دانيال النبي. فألزم علي المرأة حد القاذف، وألزمهن جميعا العقر، وجعل عقرها أربعمائة درهم، وأمر المرأة أن تنفي من الرجل ويطلقها زوجها، وزوجه الجارية، وساق عنه علي عليه السلام المهر.

فقال عمر: يا أبا الحسن، فحدثنا بحديث دانيال؟

فقال علي عليه السلام: إن دانيال كان يتيما لا أم له ولا أب، وإن امرأة من بني إسرائيل عجوزا كبيرة ضمته فربته، وإن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان، وكان لهما صديق وكان رجلا صالحا، وكانت له امرأة بهية جميلة، وكان يأتي الملك فيحدثه، واحتاج الملك إلي رجل يبعثه في بعض أموره، فقال للقاضيين: اختارا رجلا أرسله في بعض أموري.

فقالا: فلان. فوجهه الملك.

فقال الرجل للقاضيين: أوصيكما بامرأتي خيرا.

فقالا: نعم.

فخرج الرجل، فكان

القاضيان يأتيان باب الصديق، فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها، فأبت.

فقالا لها: والله، لئن لم تفعلي لنشهدن عليك عند الملك بالزني، ثم لنرجمنك!

فقالت: افعلا ما أحببتما.

فأتيا الملك فأخبراه وشهدا عنده، أنها بغت.

فدخل الملك من ذلك أمر عظيم، واشتد بها غمه، وكان بها معجبا، فقال لهما: إن قولكما مقبول، ولكن ارجموها بعد ثلاثة أيام، ونادي في البلد الذي هو فيه: احضروا قتل فلانة العابدة؛ فإنها قد بغت، فإن القاضيين قد شهدا عليها بذلك، فأكثر الناس في ذلك.

وقال الملك لوزيره: ما عندك في هذا من حيلة؟

فقال: ما عندي في ذلك من شيء.

فخرج الوزير يوم الثالث وهو آخر أيامها، فإذا هو بغلمان عراة يلعبون وفيهم دانيال، وهو لا يعرفه، فقال دانيال: يا معشر الصبيان، تعالوا حتي أكون أنا الملك، وتكون أنت يا فلان العابدة، ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها، ثم جمع ترابا وجعل سيفا من قصب، وقال للصبيان: خذوا بيد هذا فنحوه إلي مكان كذا وكذا، وخذوا بيد هذا فنحوه إلي مكان كذا وكذا، ثم دعا بأحدهما وقال له: قل حقا، فإنك إن لم تقل حقا قتلتك، والوزير قائم ينظر ويسمع، فقال: أشهد أنها بغت.

فقال: متي؟

قال: يوم كذا وكذا.

فقال: ردوه إلي مكانه، وهاتوا الآخر.

فردوه إلي مكانه وجاءوا بالآخر، فقال له: بما تشهد؟

فقال: أشهد أنها بغت.

قال: متي؟

قال: يوم كذا وكذا.

قال: مع من؟

قال: مع فلان بن فلان.

قال: وأين؟

قال: بموضع كذا وكذا.

فخالف أحدهما صاحبه!

فقال دانيال: الله أكبر، شهدا بزور، يا فلان، ناد في الناس: أنهما شهدا علي فلانة بزور، فاحضروا قتلهما.

فذهب الوزير إلي الملك مبادرا، فأخبره الخبر، فبعث الملك إلي القاضيين، فاختلفا كما اختلف الغلامان، فنادي الملك في الناس، وأمر بقتلهما?().

الاحترام بين الزوج والزوجة

الاحترام بين الزوج والزوجة

لا شك أن أحد الأسباب التي أوجدت الاختلافات والتفرقات في

مجتمعنا الإسلامي هو افتقاد الاحترام المتبادل فيما بين الناس؛ وهذا مما نهي عنه الإسلام أشد النهي، فإنه إذا لم يحترم زيد عمرواً في مكان ما فإن عمرواً سوف لا يحترم زيداً بعد ذلك، أو إذا لم يسلّم زيد عليه فإنه لا يسلم عليه عمرو، وهكذا، وهذا ممّا يدعو إلي افتقاد المحبة والألفة بين الناس.

أما الإسلام فقد ألزم علي كل شخص أن يحترم الآخرين، سواء في المجتمع الصغير أو الكبير، بدءا من العائلة والحياة الزوجية، حيث الزوج والزوجة، والوالدين والأولاد، وانتهاءا بسائر الناس.

فجعل علي الزوجة أن تحترم زوجها، وهكذا علي الزوج أن يحترم ويقدر مشاعر زوجته.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ? من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنةً من عملها حتي تعينه وترضيه، وإن صامت الدهر وقامت وأعتقت الرقاب وأنفقت الأموال في سبيل الله، وكانت أول من ترد النار إلي أن قال صلي الله عليه و اله وعلي الرجل مثل ذلك الوزر والعذاب إذا كان لها مؤذياً ظالماً. ومن صبر علي سوء خلق امرأته واحتسبه أعطاه الله (بكل مرةٍ) يصبر عليها من الثواب مثل ما أعطي أيوب علي بلائه، وكان عليها من الوزر في كل يوم وليلة مثل رمل عالج، فإن ماتت قبل أن تعتبه، وقبل أن يرضي عنها حشرت يوم القيامة منكوسةً مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار..?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?ألا خيركم خيركم لنسائه، وأنا خيركم لنسائي?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?عيال الرجل أسراؤه، وأحب العباد إلي الله عزوجل أحسنهم صنعاً إلي أسرائه?().

ونقل عن سيرة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه عندما

كان يخرج من الدار يرجع إلي الوراء القهقري احتراماً وتقديراً للسيدة الطاهرة سيدة نساء العالمين فاطمة?، وكانت الزهراء? بدورها تحترم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام غاية الاحترام إلي درجة أنها لم تكن تعترض عليه أبداً، ولو بالإشارة غير المباشرة، ولم تكن تتذمر من جشوبة العيش وبساطة الغذاء والمسكن والملبس، حتي إذا لم يدخل دارها أو جوفها طعام لعدة أيام.

فقد ذكر أنه لما مرضت فاطمة عليه السلام مرضاً شديداً بعد ما اعتدي عليها المعتدون الظلمة، ومكثت أربعين ليلة في مرضها الذي توفيت فيه (صلوات الله عليها) فلما نعيت إليها نفسها دعت أم أيمن وأسماء بنت عميس ووجهت خلف علي عليه السلام وأحضرته، فقالت: ?يا ابن عم، إنه قد نعيت إلي نفسي، وإني لا أري ما بي إلا أنني لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي؟?.

قال لها علي عليه السلام: ?أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله صلي الله عليه و اله ?.

فجلس عليه السلام عند رأسها وأخرج من كان في البيت، ثم قالت?: ?يا ابن عم، ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني؟?.

فقال عليه السلام: ?معاذ الله، أنت أعلم بالله وأبر وأتقي وأكرم وأشد خوفا من الله من أن أوبخك بمخالفتي، قد عز علي مفارقتك وتفقدك، إلا أنه أمر لابد منه، والله جددت عليَّ مصيبة رسول الله صلي الله عليه و اله وقد عظمت وفاتك وفقدك، فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة، ما أفجعها وآلمها وأمضها وأحزنها،هذه والله مصيبة لا عزاء لها،ورزية لا خلف لها?.

ثم بكيا جميعا ساعة، وأخذ علي عليه السلام رأسها وضمها إلي صدره، ثم قال عليه السلام: ?أوصيني بما شئت؛ فإنك تجديني فيها أمضي كما أمرتني به،

وأختار أمرك علي أمري?.

ثم قالت عليها السلام: ?جزاك الله عني خير الجزاء يا ابن عم رسول الله صلي الله عليه و اله، أوصيك أولا: أن تتزوج بعدي بابنة أختي أمامة؛ فإنها تكون لولدي مثلي؛ فإن الرجال لابد لهم من النساء?.

قال الراوي : فمن أجل ذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام: أربع ليس لي إلي فراقه سبيل: بنت أبي العاص أمامة، أوصتني بها فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و اله..

ثم قالت عليها السلام: ?أوصيك يا ابن عم أن تتخذ لي نعشا، فقد رأيت الملائكة صوروا صورته?.

فقال لها: ?صفية لي?.

فوصفته، فاتخذه لها، فأول نعش عمل علي وجه الأرض ذاك وما رأي أحد قبله، ولا عمل أحد.

ثم قالت: ?أوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني، وأخذوا حقي؛ فإنهم عدوي وعدو رسول الله صلي الله عليه و اله ولا تترك أن يصلي علي أحد منهم ولا من أتباعهم، وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار?.

ثم توفيت صلوات الله عليها وعلي أبيها وبعلها وبنيها، فصاحت أهل المدينة صيحة واحدة واجتمعت نساء بني هاشم في دارها، فصرخوا صرخة واحدة كادت المدينة أن تتزعزع من صراخهن، وهن يقلن: يا سيدتاه يا بنت رسول الله، وأقبل الناس مثل عرف الفرس إلي علي عليه السلام وهو جالس و الحسن و الحسين عليهم السلام بين يديه يبكيان، فبكي الناس لبكائهما.. ()

نعم، فهذا أعظم نموذج وأفضل مثال لعلاقة الاحترام والمودة والرحمة بين الزوجين التي أمر بها الإسلام، وهكذا كان رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام فهم أعظم أسوة لنا في ذلك، وفي احترام الإنسان بما هو إنسان.

المحدود واحترامه

لقد جسد الإسلام العزيز بتعاليمه وأوامره أسمي درجات

الاحترام للإنسان، فقد أوصي الإسلام باحترام الجميع حتي لو كان فاسقاً أقيم عليه حد من حدود الله، وفي ذلك الشأن قصص عديدة ومشهورة، منها قصة (ماعز) واعترافه بالزنا، فقد روي عن أبي الحسن عليه السلام: ?أن ماعز بن مالك أقر عند رسول الله صلي الله عليه و اله بالزنا، فأمر به أن يرجم، فهرب من الحفيرة، فرماه الزبير بن العوام بساق بعيرٍ فعقله، فسقط فلحقه الناس فقتلوه، ثم أخبروا رسول الله صلي الله عليه و اله بذلك، فقال لهم: فهلا تركتموه إذا هرب يذهب؛ فإنما هو الذي أقر علي نفسه، وقال لهم: أما لو كان علي عليه السلام حاضراً معكم لما ضللتم، قال: ووداه رسول الله صلي الله عليه و اله من بيت مال المسلمين?().

وفي رواية أخري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?أتي النبي صلي الله عليه و اله رجلٌ فقال: إني زنيت فطهرني، فصرف النبي صلي الله عليه و اله وجهه عنه، فأتاه من جانبه الآخر، ثم قال مثل ما قال، فصرف وجهه عنه، ثم جاء الثالثة فقال له: يا رسول الله، إني زنيت، وعذاب الدنيا أهون لي من عذاب الآخرة. فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: أ بصاحبكم بأسٌ؟ يعني: جنةً. فقالوا: لا، فأقر علي نفسه الرابعة، فأمر به رسول الله صلي الله عليه و اله أن يرجم، فحفروا له حفيرةً، فلما وجد مس الحجارة خرج يشتد، فلقيه الزبير فرماه بساق بعيرٍ فسقط، فعقله به، فأدركه الناس فقتلوه، فأخبروا رسول الله صلي الله عليه و اله بذلك، فقال: هلا تركتموه؟! ثم قال: لو استتر ثم تاب كان خيراً له?().

وفي هذه القصة نقطتان لابد لنا من التأمل فيهما:

1 النبي الأكرم

صلي الله عليه و اله صنع مجتمعاً يفيض بالفضائل والمكرمات والأخلاق الحسنة، إلي درجة أن المذنب يأتي ويعترف بنفسه بما فعله من الجرم، مع أنه يعلم بأنه ليس وراء اعترافه إلاّ الموت، بل الموت رجماً.

2 إن علم الحاكم والقاضي لا يكفي في باب الزنا وليس بحجة، فالنبي صلي الله عليه و اله وإن كان يعلم بفعل هذا الشاب (ماعز)، لكنه صلي الله عليه و اله في المرحلة الأولي لم يتخذ أي قرار برجمه، بل اتخذ ذلك بعد الاعتراف الرابع وبعد تحقق الشروط المقررة شرعا.

وذات يوم اطلع رسول الله صلي الله عليه و اله علي شخصين كانا يتكلمان معاً حول قصة ماعز، فقد روي: أنه لما رجم رسول الله صلي الله عليه و اله الرجل في الزنا قال رجل لصاحبه: هذا قعص كما يقعص الكلب، فمر النبي صلي الله عليه و اله معهما بجيفة فقال صلي الله عليه و اله: ?انهشا منها!!?.

قالا: يا رسول الله، ننهش جيفةً؟!

قال: ?ما أصبتما من أخيكما أنتن من هذه?.

وقيل: إنه صلي الله عليه و اله قال لهما: ?وقد أكلتم لحم ماعزٍ وهو أنتن من هذه، أما علمتما أنه يسبح في أنهار الجنة?().

نعم، فالإسلام يحترم حتي الإنسان الزاني والذي أجري عليه الحد.

وفي أخبار أمير المؤمنين عليه السلام أنه لما رجم سراجة الهمدانية كثر الناس، فأغلق أبواب الرحبة، ثم أخرجها، فأدخلت حفرتها، فرجمت حتي ماتت، ثم أمر بفتح أبواب الرحبة، فدخل الناس، فجعل كل من كان يدخل يلعنها، فلما سمع ذلك عليه السلام أمر منادياً فنادي: ?أيها الناس، لم يقم الحد علي أحد قط إلا كان كفارة ذلك الذنب، كما يجزي الدين

بالدين?().

وفي قصة أخري عن بشير بن المهاجر عن أبيه قال: كنت جالسا

عند النبي صلي الله عليه و اله فجاءته امرأة من غامد فقالت: يا نبي الله، إني قد زنيت وأريد أن تطهرني.

فقال لها النبي صلي الله عليه و اله: ?ارجعي?.

فلما كان من الغد أتته فاعترفت عنده بالزنا، فقالت: يا رسول الله، إني قد زنيت وأريد أن تطهرني.

فقال لها: ?فارجعي?.

فلما أن كان من الغد أتته فاعترفت عنده بالزنا فقالت: يا نبي الله، طهرني، فلعلك تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك، فو الله إني لحبلي.

فقال لها النبي صلي الله عليه و اله: ?ارجعي حتي تلدين?.

فلما ولدت جاءت بالصبي تحمله، قالت: يا نبي الله، هذا قد ولدت؟

قال: ?فاذهبي فأرضعيه حتي تفطميه?.

فلما فطمته جاءت بالصبي في يده كسرة خبز قالت: يا نبي الله هذا فطمته، فأمر النبي صلي الله عليه و اله بالصبي فدفع إلي رجل من المسلمين، وأمر بها فحفر لها حفرة فجعلت فيها إلي صدرها، ثم أمر الناس أن يرجموها، فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمي رأسها، فنضح الدم علي وجنة خالد، فسبها، فسمع النبي صلي الله عليه و اله سبه إياها، فقال: ?مهلا يا خالد، لاتسبها؛ فو الذي نفسي بيده، لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له? فأمر بها فصلي عليها فدفنت().

ولا يخفي أن الإسلام قد حدد ضوابط وشروط كثيرة لإجراء الحدود بحيث لا يمكن إقامتها بشكل عشوائي، وهي مذكورة في الفقه، ويظهر للمتتبع من خلالها مدي احترام الإنسان حتي المجرم في ظل الإسلام، فإن الأصل في الإسلام هو براءة الإنسان حتي تثبت إدانته بالدليل الشرعي والطرق المقررة شرعا، فلا يجوز الأخذ بالظن والتهمة وما أشبه.

وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه نظر إلي امرأة يسار بها، فقال: ?ما هذه؟?.

قالوا: أمر بها

عمر لترجم، إنها حملت من غير زوج.

قال: ?أو حاملٌ هي؟!?.

قالوا: نعم.

فاستنقذها من أيديهم ثم جاء إلي عمر، فقال: ?إن كان لكم عليها سبيل، فليس لك سبيلٌ علي ما في بطنها?.

فقال عمر: لو لا علي لهلك عمر! ().

احترام الأعداء

العدو إنسان، فله حقوقه واحترامه، هذا ما يؤكد عليه الإسلام، وقد كان النبي صلي الله عليه و اله يحترم حتي أعدائه، فهذا عبد الله بن أبيّ بن سلول قائد المنافقين ورئيسهم() وكان يحوك الدسائس ضد النبي صلي الله عليه و اله ويخطط ضد الدولة الإسلامية، وكان له ابن صالح يدعي عبد الله، وذات يوم طلب من النبي صلي الله عليه و اله أن يعطيه من ريقه الشريف ليسقيه أباه عله يهتدي ببركة النبي صلي الله عليه و اله، فقبل النبي صلي الله عليه و اله ذلك، وجاء بإناء فيه ماء شرب بعضه وترك الباقي وأعطاه لعبد الله، فأخذه فرحاً وذهب به إلي أبيه، وأعطاه ليشربه بعد أن نقل له القصة، فلم يكتف أبوه برفض شرب ذلك الماء للتبرك به، بل سبّ النبي صلي الله عليه و اله وأهانه، فجاء عبد الله إلي النبي صلي الله عليه و اله ونقل له ما حدث ثم قال: يا رسول الله، إئذن لي بقتل أبي؛ ليرتاح الجميع من شره ودسائسه!

لكن النبي صلي الله عليه و اله لم يأذن له في ذلك وقال له: ?دار أباك!?.

عطاء الرسول صلي الله عليه و اله

عطاء الرسول صلي الله عليه و اله

لقد كان رسول الله صلي الله عليه و اله المثل الأعلي في إكرام الإنسان واحترام الناس وكذلك في خدمة الآخرين وقضاء حوائجهم والعطاء والكرم والجود، حتي قيل فيه: إنه يعطي عطاء من لا يخاف الفقر()، فكان يعطي المهاجرين والأنصار وجميع المسلمين، بل وكان يعطي المنافقين والكفار أيضاً، تأليفاً لقلوبهم وردعاً لهم عن كيد المؤامرات ضد الإسلام والمسلمين …

وقد حفظ التاريخ للنبي الأكرم صلي الله عليه و اله عطايا فريدة في بابها لأعدائه وأعداء الإسلام أمثال: أبي سفيان وأولاده وغيرهم، فقد ورد: أنه صلي الله

عليه و اله أجزل العطاء من غنائم حنين حتي لأعداء الإسلام: أمثال أبي سفيان، وابنة معاوية، وعكرمة ابن أبي جهل، وصفوان ابن أمية، والحرث بن هشام، وسهيل بن عمرو، والأقرع بن حابس، وعيينة بن حصين، وهمام أخي سهيل، ومالك بن عوف، وعلقمة بن علاثه، فكان صلي الله عليه و اله يعطي الواحد منهم مائة من الإبل، وأكثر من ذلك وأقل().

وفي البحار: ثم رجع رسول الله صلي الله عليه و اله إلي الجعرانة بمن معه من الناس، وقسم بها ما أصاب من الغنائم يوم حنين في المؤلفة قلوبهم من قريش ومن سائر العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء قليل ولا كثير، وقيل: إنه جعل للأنصار شيئاً يسيراً، وأعطي الجمهور للمتألفين، قال محمد بن إسحاق: وأعطي أبا سفيان بن حرب مائة بعير، ومعاوية ابنه مائة بعير، وحكيم بن حزام من بني أسد بن عبد العزي مائة بعير، وأعطي النضر بن الحارث بن كلدة مائة بعير، وأعطي العلاء بن حارثة الثقفي حليف بني وهدة مائة بعير، وأعطي الحارث بن هشام من بني مخزوم مائة، وجبير بن مطعم من بني نوفل بن عبد مناف مائة، ومالك بن عوف النصري مائة، فهؤلاء أصحاب المائة.

وقيل: إنه أعطي علقمة بن علاثة مائة، والأقرع بن حابس مائة، وعيينة بن حصن مائة، وأعطي العباس بن مرداس أربعا، فتسخطها وأنشأ يقول:

أتجعل نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع

فما كان حصن ولا حابس يفوقان مرداس في مجمع

وما كنت دون امرئ منهما ومن تضع اليوم لا يرفع

وقد كنت في الحرب ذا تدرأ فلم أعط شيئا ولم أمنع

فقال له رسول الله صلي الله عليه و اله: ?أنت القائل: أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة؟? فقال أبو بكر:

بأبي أنت وأمي لست بشاعر، قال: ?كيف قال؟?. فأنشده أبو بكر، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?يا علي، قم إليه فاقطع لسانه?.

قال عباس: فو الله، لهذه الكلمة كانت أشد علي من يوم خثعم، فأخذ علي عليه السلام بيدي فانطلق بي وقلت: يا علي، إنك لقاطع لساني؟

قال: ?إني ممض فيك ما أمرت? حتي أدخلني الحظائر فقال: ?اعقل ما بين أربعة إلي مائة?. قال: قلت: بأبي أنتم وأمي، ما أكرمكم وأحلمكم وأجملكم وأعلمكم؟!

فقال لي: ?إن رسول الله صلي الله عليه و اله أعطاك أربعا وجعلك مع المهاجرين، فإن شئت فخذها، وإن شئت فخذ المائة وكن مع أهل المائة?.

فقال: فقلت لعلي عليه السلام: أشر أنت علي؟

قال: ?فإني آمرك أن تأخذ ما أعطاك وترضي?.

قال: فإني أفعل().

مع ذي الخويصرة

قال أبو سعيد الخدري: بينا نحن عند رسول الله صلي الله عليه و اله وهو يقسم، إذ أتاه ذو الخويصرة رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله، اعدل.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ويلك، من يعدل إن أنا لم أعدل، وقد خبت أو خسرت إن أنا لم أعدل?.

فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، ائذن لي فيه أضرب عنقه.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?دعه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته، وصيامه مع صيامه، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، ينظر إلي نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلي رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلي نضيه وهو قدحه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في قذذه فلا فيه شيء قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود إحدي عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل

البضعة تدردر، يخرجون علي خير فرقة من الناس?.

قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله صلي الله عليه و اله وأشهد أن علي بن أبي طالب عليه السلام قاتلهم وأنا معه، وأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد، فأتي به حتي نظرت إليه علي نعت رسول الله الذي نعت().

وهذا نموذج بسيط من سياسة العطاء التي كان يمارسها رسول الله صلي الله عليه و اله تجاه أعدائه ومعارضيه.

فكان رسول الله صلي الله عليه و اله فريداً من نوعه في تاريخ البشرية عامة؛ فإن البعير الواحد ذلك اليوم كان يعد ثروة جيدة.. تماماً مثلما يمتلك اليوم بعض الناس مجموعة من السيارات الراقية.

بل البعير الواحد كان سيارة وكان مأكلاً وكان مشرباً وكان ملبساً؛ إذ أنه يستفاد من ظهره للركوب ومن لحمه للأكل ومن لبنه للشرب ومن وبره للملبس.

فهل يجد التاريخ الإنساني مثل هذه السياسة الحكيمة في احترام الأعداء واحتوائهم وتأليف قلوبهم؟!

وهذا كله من مصاديق احترام الإنسان بما هو إنسان.

العفو حتي في ميدان القتال

روي أنه في اليوم الثامن من معركة صفين، جاء رجل من عسكر الشام إلي ميدان الحرب وطلب المبارزة.

فبرز إليه رجل من عسكر العراق، فلما اشتدت مبارزتهما وضع العراقي يده في عنق الشامي وجذبه إليه حتي سقطا عن فرسيهما، وفر الفرسان، وفي آخر الأمر طرح العراقي خصمه الشامي أرضا فجلس علي صدره وكشف المغفر عنه يريد ذبحه، فلما رآه عرفه فإذا هو أخوه لأبيه وأمه، فصاح به أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: أجهز علي الرجل! فقال: إنه أخي، قالوا: اتركه، قال: لا حتي يأذن لي أمير المؤمنين عليه السلام فأخبر أمير المؤمنين عليه السلام بذلك، فأرسل إليه: ? دعه?. فتركه فقام فعاد الشامي إلي صف معاوية. ورجع العراقي إلي عسكر

الإمام عليه السلام().

مالك الأشتر قائد الجيوش

روي أن مالك الأشتر (رضوان الله عليه)() كان يجتاز يوماً في سوق الكوفة، فشتمه رجل وأظهر عليه السفاهة والإهانة.

فلم يقل في جوابه شيئا ولم يتعرض عليه وجاوزه.

فقال رجل للشاتم: أما عرفته؟ هذا مالك، أمير عسكر أمير المؤمنين عليه السلام وذكر له نبذاً من أوصافه.

فلما عرف الرجل أنه مالك دخله الرعب الشديد وظن أنه ينتقم منه، فذهب إلي أثره ليعتذر منه ليسلم من عقوبته..

فوجده في المسجد يصلي، فجلس في زاوية حتي يفرغ من صلاته.

فلما فرغ من صلاته نظر فرآه أنه يطلب من الله المغفرة للرجل المستهزئ.

فجاءه وأعتذر منه.

فقال مالك: لا بأس عليك، فوالله ما دخلت المسجد إلا لأستغفر لك!().

من أخلاق الآخوند الخراساني رحمة الله عليه

نقل أحد تلاميذ الآخوند الخراساني رحمة الله عليه() بعض أحوال أستاذه، فذكر منها: أنه كان يقوم احتراماً لكل من يدخل عليه في مجلسه ويرحب به، عالماً كان الداخل عليه أم طالباً مبتدئاً، وهذا ديدنه طوال حياته، ومنها: أنه كان يسلّم علي الجميع صغيراً أو كبيراً، ويقول: إن الإنسان يجب أن يكون مورداً للاحترام والتقدير.

وكان الآخوند الخراساني رحمة الله عليه يتمتع بهذه الصفات رغم ما اشتهر من شجاعة وجرأة في مواجهة الظالمين، فقد روي أنه رحمة الله عليه بعث برقية احتجاج وتهديد إلي السطان العثماني عبد الحميد() لاقترافه الأعمال المنافية للشريعة المقدسة.

عندما انتشر خبر البرقية في الأوساط، توجه البعض إلي الشيخ الخراساني وقالوا له: هل تدري ماذا فعلت يا شيخنا؛ إنّ البرقية ستكون وبالاً علينا، ستصبح النجف الأشرف والحوزة العلمية هدفاً لقذائف العثمانيين. فهل تظن إن هذا كسلطان العجم يخاف منكم؟ ألا تدري أنه بإشارة واحدة قتل سبعين ألفاً من الأرمن؟ ألا تعلم إنّ هذا السلطان رجل جزّار لا يخاف الله ولا يرعي حرمة لأحد، وليس مهماً لديه

أن تفني النجف بأهلها.

أجابهم الشيخ بكل هدوء وطمأنينة: إنكم تخافون السلطان وأنا لا أهابه، وقد استخرت الله سبحانه في إرسال البرقية، وإن الخير ما اختاره الله سبحانه وهو معنا وسينصرنا. وكان الأمر كما ذكره الشيخ رحمة الله عليه، فإن مواقف الشيخ من السلطان العثماني والتفاف الناس حوله أضعف السلطان.

وهكذا نري الشيخ الخراساني رحمة الله عليه كان يحارب الروس والعثمانيين وسلاطين إيران في وقت واحد، وقد سبّب ذلك إنقاذ إيران والعراق من الأفكار التي كانت تهددهما آنذاك().

المرجع لسمح

نعم، إن سياسة الإسلام الإنسانية والحكيمة في احترام الناس وتقديرهم والرحمة بهم من أهم الأساليب التي ساعدت وبشكل كبير علي انتشاره بين الناس وجلب قلوب الأعداء نحوه، حتي اليهود والنصاري والمنافقين، فجعلتهم يسلمون.. فما أحوجنا اليوم إلي هذه المبادئ الحقة التي جاء بها رسول الله صلي الله عليه و اله لهداية الناس وإعادة الأمن والسلام في كل العالم، بعد أن أصبح الإنسان أرخص شيء في هذه الدنيا، وما أحوجنا إلي اتباع سيرة الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله والإمام أمير المؤمنين عليه السلام في التعامل مع الأعداء والأصدقاء، كي نتمكن من أن نرفع راية الإسلام عالية في كل مكان… كما قال تعالي: ?لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُله وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ?().

وقد كان أحد العلماء المعاصرين للآخوند الخراساني رحمة الله عليه مخالفاً لبعض آراء الآخوند الخراساني رحمة الله عليه ومظهراً لمخلافته له.

قال: جاءني ذات يوم رجل غريب وهو يحمل كيساً مملواً بليرات ذهبية وقال: من هو المرجع هنا؟

قلت: إنّ فلاناً هو من المراجع، وأنا موافق له لكنه لا يعطي، والآخوند هو من المراجع أيضاً وأنا مخالف له لكنه يعطي.

قال الرجل الغريب: ليس لي حاجة بمن لا يعطي، فاذهب بي إلي من

يعطي.

قال: فأخذته إلي دار الآخوند رحمة الله عليه وأنا فقير معدم محتاج إلي ليرة واحدة منها، فدخلنا علي الآخوند فرأيناه يتوضأ، فقلت للرجل الغريب: إنّ هذا الذي يتوضأ هو الآخوند، فالتفت إليه الرجل الغريب وقال: إنّ هذا المال هو ثلث ميّت، وقد جئت به إليك.

فقال له الآخوند: تقبّل اللّه منه ومنك ورحمه وايّاك، نعم ضعه علي الحصير، ثمّ أتمّ وضوئه، وقد ذهب الرجل.

عندها قال لي الآخوند: خذ هذا المال لك.

فتعجبت من كلامه وقلت: لا إنّما آخذ بعضه.

فقال الآخوند: كلا، بل كلّه لك، وبالتالي وبإصرار كثير أعطاني المال كلّه ولم يرضَ لي بغيره، ممّا صار ذلك سبباً لأن ارفع اليد عن مخالفتي له، وأن أكون بعد اظهار الخلاف له ممّن يظهر الوفاق له ويعلن بالمحبّة والإجلال والمدح والثناء عليه.

نسأل الله تعالي أن يوفقنا للاهتداء بسنّة نبيه صلي الله عليه و الهوأوليائه المعصومين عليهم السلام في القول والعمل، وخاصة فيما يرتبط باحترام الإنسان وحقوق الناس.

?الحمد لله مالك الملك، مجري الفلك، مسخّر الرياح، فالق الأصباح، ديّان الدين، ربّ العالمين، الحمد لله علي حلمه بعد علمه، والحمد لله علي عفوه بعد قدرته، والحمد لله علي طول أناته في غضبه، وهو قادرٌ علي ما يريد، الحمد لله خالق الخلق، باسط الرزق، فالق الإصباح، ذي الجلال والإكرام?() وصلي الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين.

من هدي القرآن الحكيم

كرامة الإنسان

قال تبارك وتعالي: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ?().

وقال سبحانه: ?مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً?().

وقال عزوجل: ?وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ

الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلها وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً?().

احترام جميع الناس:

قال جل ثناؤه: ?وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً?().

وقال تبارك وتعالي: ?وَاعْبُدُوا الله وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَي وَالْيَتَامَي وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَي وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ الله لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً?().

وقال عزوجل: ?وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين?().

الاحترام بين الزوج والزوجة

قال سبحانه: ?وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ?().

وقال تعالي: ?وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا?().

وقال عزوجل: ?وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْله بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ?().

وقال تبارك وتعالي: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تُلهكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ الله وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ?().

في ذم العداوة

قال سبحانه وتعالي: ?فَإِنْ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاّ عَلَي الظَّالِمِينَ?().

وقال عزوجل: ?..وَتَعَاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَالتَّقْوَي وَلا تَعَاوَنُوا عَلَي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ?().

وقال تبارك وتعالي: ?وَتَرَي كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلهمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ?().

وقال سبحانه: ?أَلَمْ تَرَ إِلَي الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَي ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ?().

وقال تعالي: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَي?().

الإسلام يدعو إلي السلم

قال سبحانه: ?فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِله وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَالله بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ?().

وقال عزوجل: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ?().

وقال تبارك وتعالي: ?وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لها وَتَوَكَّلْ عَلَي الله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ?().

وقال جل ثناؤه: ?فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ

فَمَا جَعَلَ الله لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً?().

وقال سبحانه: ?وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَي الله وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ?().

من هدي السنة المطهرة

في ذم العداوة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله قال: ?إياكم ومشاجرة الناس فإنها تظهر الغرّة وتدفن العزّة?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?رأس الجهل معاداة الناس?().

وقال الإمام الباقر عليه السلام: ?إياكم والخصومة فإنها تفسد القلب وتورث النفاق?().

وقال الإمام أبو عبد الله عليه السلام: ?من زرع العداوة حصد ما بذر?().

وقال عليه السلام: ?إياكم والخصومة فإنها تشغل القلب وتورث النفاق وتكسب الضغائن?().

احترام جميع الناس

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ليس منّا من لم يوقّر كبيرنا ويرحم صغيرنا، ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?التودد إلي الناس نصف العقل?().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ?خالطوا الناس مخالطة إن متّم معها بكوا عليكم وإن عشتم حنّوا إليكم?().

وقال لقمان لابنه يوصيه: ?يا بني لا تكالب الناس فيمقتوك، ولا تكن مهيناً فيضلوك، ولا تكن حلواً فيأكلوك، ولا تكن مرّاً فيلفظوك?().

وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: ?إنّ إعرابياً من بني تميم أتي النبي صلي الله عليه و اله فقال له: أوصني فكان مما أوصاه: تحبب إلي الناس يحبوك?().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?مجاملة الناس ثلث العقل?().

الاحترام بين الزوج والزوجة

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في الزوج والزوجة: ?من أساء إلي أهله لم يتصل به تأميل?().

وقال عليه السلام: ?من سعادة المرء أن يصنع معروفه عند أهله?().

وقال عليه السلام: ?الزوجة الموافقة إحدي الراحتين?().

وقال عليه السلام: ?أنعم الناس عيشاً من منحه الله سبحانه القناعة وأصلح له زوجه?().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?إن المرء يحتاج في منزله وعياله إلي ثلاث خصال يتكلفها وإن لم يكن في طبعه ذلك: معاشرة جميلة وسعة بتقدير وغيرة بتحصن?().

الإسلام يدعو إلي السلم

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?لأنسبن الإسلام نسبة لم ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي إلاّ بمثل ذلك: إن الإسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو العمل، والعمل هو الأداء?().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: ?قال رسول الله صلي الله عليه و اله: الإسلام عريان فلباسه الحياء، وزينته الوقار، ومروءته العمل الصالح، وعماده الورع، ولكل شيء أساس، وأساس الإسلام حبنا أهل البيت عليهم السلام ? ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ?الحمد لله الذي شرع الإسلام فسهل شرائعه لمن ورده، وأعز أركانه علي من غالبه، فجعله أمناً لمن علقه، وسلماً لمن دخله، وبرهاناً لمن تكلم به … ?().

وقال عليه السلام: ?إن الله تعالي خصّكم بالإسلام واستخلصكم له؛ وذلك لأنه اسم سلامة وجماع كرامة، اصطفي الله منهجه وبيّن حججه … لا تفتح الخيرات إلاّ بمفاتيحه، ولاتكشف الظلمات إلا بمصابيحه?().

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

() سو عليه السلامة التوبة: 122.

() سو عليه السلامة الزم عليه السلام: 17-18.

() سو عليه السلامة التين: 4.

() نهج البلاغة، الكتب: 53 عهده عليه السلام لمالك الأشت عليه السلام لما ولاه مص عليه السلام.

() تق عليه السلاميب الق عليه السلامآن إلي الأذهان: ج30 ص182 سو عليه السلامة التين.

() عليه السلاماجع تفسي عليه السلام مجمع البيان: ج10 ص393 سو عليه السلامة التين.

() سو عليه السلامة الإس عليه السلاماء: 70.

() تق عليه السلاميب الق عليه السلامآن إلي الأذهان: ج15 ص71 سو عليه السلامة الاس عليه السلاماء.

() من لا يحض عليه السلامه الفقيه: ج2 ص613 من الزيا عليه السلامة الجامعة لجميع الأئمة عليهم السلام.

() بحا عليه السلام الأنوا عليه السلام: ج11 ص139 ب2 ح6.

() بحا عليه السلام الأنوا عليه السلام:

ج26 ص339 ب8 ح4.

() الصيلم: الداهية، وأم عليه السلام صيلم، شديد مستأصل، لسان الع عليه السلامب: ج12 ص340 مادة ?صلم?.

() بحا عليه السلام الأنوا عليه السلام: ج26 ص349 ب8 ح23.

() سو عليه السلامة الإس عليه السلاماء: 70.

() قال العلامة المجلسي في بيان قوله تعالي: ?عَلي كَثِي عليه السلام مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلا? لم يقل تبا عليه السلامك وتعالي : (وفضلناهم علي الكل) فهذا يدل علي أنه حصل في مخلوقات الله تعالي شيء لا يكون الإنسان مفضلا عليه، وكل من أثبت هذا القسم قال: إنه هو الملائكة، فلزم القول: بأن الملك أفضل من الإنسان، وهذا القول مذهب ابن عباس واختيا عليه السلام الزجاج علي ما عليه السلامواه الواحدي في (البسيط). واعلم أن هذا الكلام مشتمل علي بحثين: أحدهما: أن الأنبياء أفضل أم الملائكة؟ وقد سبق القول فيه في سو عليه السلامة البق عليه السلامة. والثاني: أن عوام الملائكة وعوام المؤمنين، أيهما أفضل؟

منهم من قال بتفضيل المؤمنين علي الملائكة؛ واحتجوا عليه بما عليه السلاموي عن زيد بن أسلم، أنه قال: قالت: الملائكة عليه السلامبنا إنك أعطيت بني آدم دنيا يأكلون فيها ويتنعمون، ولم تعطنا ذلك في الآخ عليه السلامة؟ فقال تعالي: وعزتي وجلالي لا أجعل ذ عليه السلامية من خلقت بيدي كمن قلت له: كن فكان. فقال أبو ه عليه السلامي عليه السلامة: المؤمن أك عليه السلامم علي الله من الملائكة الذين عنده، هكذا أو عليه السلامده الواحدي في (البسيط).

وأما القائلون: بأن الملك أفضل من البش عليه السلام علي الإطلاق فقد عولوا علي هذه الآية، وهو في الحقيقة تمسك بدليل الخطاب، انتهي.

وقال الطب عليه السلامسي عليه السلامحمة الله عليه: استدل بعضهم بهذا علي أن الملائكة أفضل من الأنبياء،

قال: لأن قوله ?عَلي كَثِي عليه السلام? يدل علي أن هاهنا من لم يفضلهم عليه، وليس إلا الملائكة؛ لأن بني آدم أفضل من كل حيوان سوي الملائكة، بالاتفاق، وهذا باطل من وجوه: أحدها: أن التفضيل هاهنا لم ي عليه السلامد به الثواب؛ لأن الثواب لا يجوز التفضيل به ابتداء، وإنما الم عليه السلاماد بذلك ما فضلهم الله به من فنون النعم التي عددنا بعضها. وثانيها: أن الم عليه السلاماد بالكثي عليه السلام الجميع، فوضع الكثي عليه السلام موضع الجميع، والمعني: أنا فضلناهم علي من خلقنا وهم كثي عليه السلام، كما يقال: بذلت له الع عليه السلاميض من جاهي، وأبحته المنيع من ح عليه السلاميمي، ولا ي عليه السلاماد بذلك أني بذلت له ع عليه السلاميض جاهي، ومنعته ما ليس بع عليه السلاميض، وأبحته منيع ح عليه السلاميمي ولم أبحه ما ليس منيعا، بل المقصود أني بذلت له جاهي الذي من صفته أنه ع عليه السلاميض، وفي الق عليه السلامآن ومحاو عليه السلامات الع عليه السلامب من ذلك ما لا يحصي ولا يخفي ذلك علي من ع عليه السلامف كلامهم. وثالثها: أنه إذا سلم أن الم عليه السلاماد بالتفضيل زيادة الثواب، وأن لفظة (من) في قوله: ?مِمَّنْ خَلَقْنا? تفيد التبعيض، فلا يمتنع أن يكون جنس الملائكة أفضل من جنس بني آدم؛ لأن الفضل في الملائكة عام لجميعهم أو أكث عليه السلامهم، والفضل من بني آدم يختص بقليل من كثي عليه السلام، وعلي هذا فغي عليه السلام منك عليه السلام أن يكون الأنبياء أفضل من الملائكة، و إن كان جنس الملائكة أفضل من جنس بني آدم. انتهي. وأقول المجلسي : كلامه عليه السلامحمة الله عليه في هذه

الآية مأخوذ مما سننقله عن السيد الم عليه السلامتضي عليه السلامضي الله عنه إلي أن قال :

فائدة: اعلم أن المسلمين اختلفوا في تفضيل الملائكة علي البش عليه السلام أو العكس، فذهب أكث عليه السلام الأشاع عليه السلامة إلي أن الأنبياء أفضل من الملائكة، وص عليه السلامح بعضهم بأن عوام البش عليه السلام من المؤمنين أفضل من عوام الملائكة، وخواص الملائكة أفضل من عوام البش عليه السلام أي غي عليه السلام الأنبياء، وذهب أكث عليه السلام المعتزلة إلي أن الملائكة أفضل من جميع البش عليه السلام، ولا خلاف بين الإمامية في أن الأنبياء والأئمة عليهم السلام أفضل من جميع الملائكة، والأخبا عليه السلام في ذلك مستفيضة أو عليه السلامدناها في كتاب النبوة، وسائ عليه السلام مجلدات الحجة، وأما سائ عليه السلام المؤمنين ففي فضل كلهم أو بعضهم علي جميع الملائكة، أو بعضهم، فلا يظه عليه السلام من الآيات والأخبا عليه السلام ظهو عليه السلاماً بينا يمكن الحكم بأحد الجانبين، فنحن فيه من المتوقفين.

قال الشيخ المفيد عليه السلامحمة الله عليه في كتاب (المقالات): اتفقت الإمامية علي أن أنبياء الله و عليه السلامسله من البش عليه السلام أفضل من الملائكة، ووافقهم علي ذلك أصحاب الحديث. وأجمعت المعتزلة علي خلاف ذلك، وزعم الجمهو عليه السلام منهم: أن الملائكة أفضل من الأنبياء وال عليه السلامسل، وقال نف عليه السلام منهم سوي من ذك عليه السلامناه بالوقف في تفضيل أحد الف عليه السلاميقين علي الآخ عليه السلام، وكان اختلافهم في هذا الباب علي ما وصفناه، وإجماعهم علي خلاف القطع بفضل الأنبياء علي الملائكة، حسب ما ش عليه السلامحناه. ثم قال: أما ال عليه السلامسل من الملائكة والأنبياء عليهم السلام فقولي فيهم

مع أئمة آل محمد عليهم السلام كقولي في الأنبياء وال عليه السلامسل عليهم السلام وأما باقي الملائكة فإنهم وإن بلغوا بالملائكة فضلا فالأئمة من آل محمد عليهم السلام أفضل منهم وأعظم ثوابا عند الله عز وجل بأدلة ليس موضعها هذا الكتاب، انتهي.

وقال صاحب (الياقوت): الأنبياء أفضل من الملائكة لاختصاصهم بش عليه السلامف ال عليه السلامسالة مع مشقة التكليف. وقال العلامة الحلي في ش عليه السلامحه: اختلف الناس في ذلك فذهب الإمامية وجماعة من الأشاع عليه السلامة إلي أن الأنبياء عليهم السلام أش عليه السلامف من الملائكة، وقالت المعتزلة والفلاسفة: بل الملائكة أش عليه السلامف.

وقال الصدوق عليه السلامحمة الله عليه في (عليه السلامسالة العقائد): اعتقادنا في الأنبياء وال عليه السلامسل والحجج عليهم السلام أنهم أفضل من الملائكة، ثم ذك عليه السلام الدلائل وبسط القول فيها كما ذك عليه السلامناه في كتاب (الإمامة). وقال السيد الش عليه السلاميف الم عليه السلامتضي (عليه السلامضي الله عنه) في كتاب (الغ عليه السلام عليه السلام والد عليه السلام عليه السلام) في تفضيل الأنبياء علي الملائكة عليهم السلام: اعلم أنه لا ط عليه السلاميق من جهة العقل إلي القطع بفضل مكلف علي الآخ عليه السلام؛ لأن الفضل الم عليه السلاماعي في هذا الباب هو زيادة استحقاق الثواب ولا سبيل إلي مع عليه السلامفة مقادي عليه السلام الثواب من ظواه عليه السلام فعل الطاعات؛ لأن الطاعتين قد تتساوي في ظاه عليه السلام الأم عليه السلام حالهما، وإن زاد ثواب واحدة علي الأخ عليه السلامي زيادة عظيمة، وإذا لم يكن للعقل في ذلك مجال فالم عليه السلامجع فيه إلي السمع، فإن دل سمع مقطوع به من ذلك علي شيء عول عليه، وإلا كان

الواجب التوقف عنه والشك فيه، وليس في الق عليه السلامآن ولا في سمع مقطوع علي صحته ما يدل علي فضل نبي علي ملك ولا ملك علي نبي، وسنبين أن آية واحدة مما يتعلق به في تفضيل الأنبياء علي الملائكة عليهم السلام يمكن أن يستدل بها علي ض عليه السلامب من الت عليه السلامتيب نذك عليه السلامه. والمعتمد في القطع علي أن الأنبياء أفضل من الملائكة علي إجماع الشيعة الإمامية علي ذلك؛ لأنهم لا يختلفون في هذا بل يزيدون عليه ويذهبون إلي أن الأئمة عليهم السلام أفضل من الملائكة أجمعين، وإجماعهم حجة؛ لأن المعصوم في جملتهم وقد بينا في مواضع من كتبنا كيفية الاستدلال بهذه الط عليه السلاميقة، و عليه السلامتبناه و أجبنا عن كل سؤال يسأل عنه فيها، وبينا كيف الط عليه السلاميق مع غيبة الإمام إلي العلم بمذاهبه وأقواله، وش عليه السلامحنا ذلك، فلا معني للتشاغل به هاهنا، ويمكن أن يستدل علي ذلك بأم عليه السلامه تعالي للملائكة بالسجود لآدم عليه السلام وأنه يقتضي تعظيمه عليهم وتقديمه وإك عليه السلامامه، وإذا كان المفضول لايجوز تعظيمه وتقديمه علي الفاضل علمنا أن آدم عليه السلام أفضل من الملائكة، وكل من قال: إن آدم أفضل من الملائكة ذهب إلي أن جميع الأنبياء عليهم السلام أفضل من جميع الملائكة، ولا أحد من الأمة فصل بين الأم عليه السلامين. فإن قيل: ومن أين أنه أم عليه السلامهم بالسجود علي جهة التقديم والتعظيم؟. قلنا: لا يخلو تعبدهم بالسجود له من أن يكون علي سبيل القبلة والجهة من غي عليه السلام أن يقت عليه السلامن به تعظيم وتقديم، أو يكون علي ما ذك عليه السلامناه، فإن كان الأول لم يجز أنفة

إبليس من السجود وتكب عليه السلامه عنه وقوله: ?أَ عليه السلامأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَ عليه السلاممْتَ عَلَيَّ? سو عليه السلامة الإس عليه السلاماء: 62، وقوله: ?أَنَا خَيْ عليه السلام مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نا عليه السلام وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ? سو عليه السلامة الأع عليه السلاماف: 12، والق عليه السلامآن كله ناطق: بأن امتناع إبليس من السجود إنما هو لاعتقاده التفضيل به والتك عليه السلاممة، فلو لم يكن الأم عليه السلام علي هذا لوجب أن ي عليه السلامده الله تعالي عنه، ويعلمه أنه ما أم عليه السلامه بالسجود علي وجه تعظيمه له، ولا تفضيله، بل علي الوجه الآخ عليه السلام الذي لا حظ للتفضيل فيه، وما جاز إغفال ذلك، وهو سبب معصية إبليس وضلالته، فلما لم يقع ذلك دل علي أن الأم عليه السلام بالسجود لم يكن إلا علي جهة التفضيل والتعظيم. وكيف يقع شك في أن الأم عليه السلام علي ما ذك عليه السلامنا وكل نبي أ عليه السلاماد تعظيم آدم عليه السلام ووصفه بما اقتضي الفخ عليه السلام والش عليه السلامف نفسه بإسجاد الملائكة له، وجعل ذلك من أعظم فضائله وهذا مما لا شبهة فيه. إلي آخ عليه السلام ما أو عليه السلامد العلامة المجلسي ? من تفصيل ليس هذا محله.

انظ عليه السلام بحا عليه السلام الأنوا عليه السلام: ج57 ص275 ب39 فضل الإنسان وتفضيله علي الملك. وانظ عليه السلام تفسي عليه السلام مجمع البيان: ج6 ص274 سو عليه السلامة الإس عليه السلاماء.

ويستفاد من مجموع الأحاديث: أن بإمكان الإنسان أن يكون أفضل من الملائكة، كما أن بإمكانه أن يكون ش عليه السلاما من البهائم، كما و عليه السلامد في حديث مولانا أمي عليه السلام

المؤمنين عليه السلام: ? إن الله عزوجل عليه السلامكب في الملائكة عقلا بلا شهوة، و عليه السلامكب في البهائم شهوة بلا عقل، و عليه السلامكب في بني آدم كلتيهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خي عليه السلام من الملائكة، ومن غلب شهوته عقله فهو ش عليه السلام من البهائم?. ومن هنا فلا شك في تفضيل الأنبياء والأئمة المعصومين ? علي الملائكة، بل الملائكة تفتخ عليه السلام بخدمتهم، كما هو المأثو عليه السلام.

() سو عليه السلامة الإس عليه السلاماء: 70.

() وسائل الشيعة: ج16 ص75 ب86 ح21021.

() الكافي: ج2 ص33 باب أن الإيمان قبل الإسلام ح2.

() وسائل الشيعة: ج15 ص209 ب9 ح20298.

() تبدي ال عليه السلامجل: أقام بالبادية، وتبادي: تشبه بأهل البادية، انظ عليه السلام الصحاح للجوه عليه السلامي: ج6 ص2278 ?بدا?.

() بحا عليه السلام الأنوا عليه السلام: ج43 ص69 ب3 ح61.

() الكافي: ج8 ص127 حديث ناد عليه السلام ح97.

() تهذيب الأحكام: ج6 ص293 ب92 ح18.

() الكافي: ج2 ص670 باب حسن الصحابة وحق الصاحب في السف عليه السلام ح5.

() سو عليه السلامة البق عليه السلامة: 263 264.

() وسائل الشيعة: ج9 ص419 ب22 ح12377.

() عليه السلاموضة الواعظين: ج2 ص414.

() مجمع البيان في تفسي عليه السلام الق عليه السلامآن: ج2 ص182 185 سو عليه السلامة البق عليه السلامة.

() انظ عليه السلام تفسي عليه السلام القمي: ج1 ص260 سو عليه السلامة الأنفال غزوة بد عليه السلام، وفيه: وأقبلت ق عليه السلاميش فنزلت بالعدوة اليمانية، وبعثت عبيدها تستعذب من الماء، فأخذهم أصحاب عليه السلامسول الله صلي الله عليه و اله وحبسوهم، فقالوا لهم: من أنتم؟ قالوا: نحن عبيد ق عليه السلاميش، قالوا: فأين العي عليه السلام؟ قالوا: لا علم لنا بالعي

عليه السلام، فأقبلوا يض عليه السلامبونهم، وكان عليه السلامسول الله صلي الله عليه و اله يصلي فانفتل من صلاته فقال: ?إن صدقوكم ض عليه السلامبتموهم، وإن كذبوكم ت عليه السلامكتموهم! علي بهم?، فأتوا بهم فقال لهم: ?من أنتم؟? قالوا: يا محمد نحن عبيد ق عليه السلاميش، قال: ?كم القوم؟? قالوا: لا علم لنا بعددهم، قال: ?كم ينح عليه السلامون في كل يوم جزو عليه السلاما؟? قالوا: تسعة أو عش عليه السلامة، فقال صلي الله عليه و اله: ?تسعمائة أو ألف?.. فأم عليه السلام عليه السلامسول الله صلي الله عليه و اله بهم فحبسوهم، و بلغ ق عليه السلاميشا ذلك فخافوا خوفا شديدا..

() الفقه، كتاب الحقوق: ج100 ص366، باب لا تعذيب في الإسلام.

() و عليه السلامد في تهذيب الأحكام: ج6 ص308 ب92 ح59: (ساعدْنَها).

() الكافي: ج7 ص425 باب النواد عليه السلام ح9.

() وسائل الشيعة: ج20 ص163 ب82 ح25315.

() من لا يحض عليه السلامه الفقيه: ج3 ص555 باب النواد عليه السلام ح4908.

() وسائل الشيعة: ج20 ص171 ب88 ح25340.

() من لا يحض عليه السلامه الفقيه: ج3 ص555 باب النواد عليه السلام ح4909.

() عليه السلاموضة الواعظين: ج1 ص151 مجلس في ذك عليه السلام وفاة فاطمة?.

() وسائل الشيعة: ج28 ص101 ب15 ح34322. و عليه السلاماجع موسوعة الفقه، كتاب القضاء، للإمام ال عليه السلاماحل (أعلي الله مقامه).

() الكافي: ج7 ص185 باب صفة ال عليه السلامجم ح6.

() مستد عليه السلامك الوسائل: ج9 ص120 ب132 ح10415.

() مستد عليه السلامك الوسائل: ج18 ص52 ب12 ح22004.

() بحا عليه السلام الأنوا عليه السلام: ج21 ص366 ب35 ح2.

() مستد عليه السلامك الوسائل: ج18 ص55 ب14 ح22011.

() عبد الله بن أبي بن سلول الخز عليه السلامجي الأنصا عليه

السلامي، وسلول أم عليه السلامأة من خزاعة وهي أم أبي والد عبد الله وهو عليه السلامأس المنافقين وزعيمهم في المدينة. كان عبد الله بن أبي بن سلول من عليه السلامؤساء الخز عليه السلامج قبل الإسلام، وكانت الخز عليه السلامج قد اجتمعت أن يتوجوه ويسندوا أم عليه السلامهم إليه، فلما جاء عليه السلامسول الله صلي الله عليه و اله بالإسلام إلي المدينة أسلم ظاه عليه السلاماً ولم يخلص للإسلام وأضم عليه السلام النفاق حسداً وبغياً. وهو الذي قال في غزوة تبوك: ?لَيُخْ عليه السلامجَنّ الأعَزّ مِنْهَا الأذَلّ?، وكان يعني الأذل عليه السلامسول الله صلي الله عليه و اله والأعز هو والمنافقين، فلما نزلت هذه الآية توبخهم قال ابنه عبد الله ل عليه السلامسول الله صلي الله عليه و اله: هو الذليل يا عليه السلامسول الله وأنت العزيز. وابنه هو الذي قال ل عليه السلامسول الله ? أيضاً: إن أذنت لي في قتله قتلته، فقال عليه السلامسول الله صلي الله عليه و اله: ?لا، يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه ولكن ب عليه السلام أباك وأحسن صحبته? مات في المدينة علي نفاقه وحقده ل عليه السلامسول الإسلام صلي الله عليه و اله.

وكان عبد الله بن أبي بن سلول يثبط الناس، ويعمل علي إضعاف الدولة الإسلامية التي أ عليه السلامسي دعائمها عليه السلامسول الله صلي الله عليه و اله، وكان معه عصبة من المنافقين يأتم عليه السلامون بأم عليه السلامه، يعملون ليلاً ونها عليه السلاماً في معاداة الإسلام وتثبيط الناس عنه، ويز عليه السلامعون بينهم العداوة والبغضاء. واتهام ال عليه السلامسول صلي الله عليه و اله بشتي التهم والتخطيط لاغتياله، كما تآم عليه السلاموا في قصة تنفي عليه السلام

ناقة عليه السلامسول الله صلي الله عليه و اله قبل أن يصل إلي المدينة، ذلك في منطقة العقبة، وقد أنزل الله تعالي اث عليه السلام هذه الحادثة ق عليه السلامآناً فقال: ?وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ?.

أما ابنه عبد الله الذي كان أسمه الحباب، وسماه عليه السلامسول الله صلي الله عليه و اله عبد الله، ف عليه السلامغم أن أباه كان عليه السلامأس المنافقين في المدينة، لكنه كان هو من أش عليه السلاماف الخز عليه السلامج ومن خيا عليه السلام الصحابة، شهد بد عليه السلاماً وأحداً والمشاهد كلها مع عليه السلامسول الله صلي الله عليه و اله، استشهد عبد الله يوم اليمامة سنة اثنتي عش عليه السلامة للهج عليه السلامة.

() كشف الغمة: ج1 ص10 باب ذك عليه السلام أسمائه صلي الله عليه و اله.

() انظ عليه السلام بحا عليه السلام الأنوا عليه السلام: ج16 ص118 ب6 ضمن ح44. وفيه: ومن أسمائه صلي الله عليه و اله القثم، وله معنيان أحدهما: من القثم، وهو الإعطاء؛ لأنه كان أجود بالخي عليه السلام من ال عليه السلاميح الهابة، يعطي فلا يبخل، ويمنح فلا يمنع، وقال الأع عليه السلامابي للذي سأله: إن محمدا يعطي عطاء من لا يخاف الفق عليه السلام، و عليه السلاموي: أنه أعطي يوم هوازن من العطايا ما قوم خمسمائة ألف ألف، وغي عليه السلام ذلك مما لا يحصي. والوجه الآخ عليه السلام أنه من القثم وهو الجمع، يقال لل عليه السلامجل: الجموع للخي عليه السلام، قثوم وقثم، كذا حدث به الخليل، فإن كان هذا الاسم من هذا فلم تبق منقبة عليه السلامفيعة ولا خلة جليلة ولا فضيلة نبيلة إلا وكان لها جامعا، قال ابن

فا عليه السلامس: والأول أصح وأق عليه السلامب.

() بحا عليه السلام الأنوا عليه السلام: ج21 ص169 ب28.

() إعلام الو عليه السلامي: ص121 ب4 في ذك عليه السلام مغازي عليه السلامسول الله صلي الله عليه و اله.

() وقعة صفين: ص271 باب مبا عليه السلامزة عليه السلامجل لأخيه.

() قال الشيخ الأميني عليه السلامحمة الله عليه في الغدي عليه السلام: مالك بن الحا عليه السلامث الأشت عليه السلام، أد عليه السلامك النبي الأعظم صلي الله عليه و اله وقد أثني عليه كل من ذك عليه السلامه، ولم أجد أحدا يغمز فيه، وثقه العجلي، وذك عليه السلامه ابن حبان في الثقات، ولا يحمل عدم عليه السلامواية أي إمام عنه علي تضعيفه. وكفاه فضلا ومنعة كلمات مولانا أمي عليه السلام المؤمنين عليه السلام في الثناء عليه في حياته وبعد المنون، وإليك بعض ما جاء في ذلك البطل العظيم: من كتاب لمولانا أمي عليه السلام المؤمنين كتبه إلي أهل مص عليه السلام لما ولي عليهم الأشت عليه السلام: ?أما بعد: فقد بعثت إليكم عبداً من عباد الله لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء ساعات ال عليه السلاموع، أشد علي الفجا عليه السلام من ح عليه السلاميق النا عليه السلام. وهو: مالك بن الحا عليه السلامث أخو مذحج فاسمعوا له وأطيعوا أم عليه السلامه فيما طابق الحق، فإنه سيف من سيوف الله، لا كليل الظبة، ولا نابي الض عليه السلاميبة، فإن أم عليه السلامكم أن تنف عليه السلاموا فانف عليه السلاموا، وإن أم عليه السلامكم أن تقيموا فأقيموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم، ولا يؤخ عليه السلام ولا يقدم إلا عن أم عليه السلامي، وقد آث عليه السلامتكم به علي

نفسي لنصيحته لكم، وشد شكيمته علي عدوكم?.

ولما بلغ أمي عليه السلام المؤمنين عليه السلام موت الأشت عليه السلام قال: ?إنا لله وإنا إليه عليه السلاماجعون والحمد لله عليه السلامب العالمين، اللهم إني أحتسبه عندك، فإن موته من مصائب الده عليه السلام. ثم قال: عليه السلامحم الله مالكا فقد كان وفي بعهده، وقضي نحبه، ولقي عليه السلامبه، مع أنا قد وطنا أنفسنا أن نصب عليه السلام علي كل مصيبة بعد مصابنا ب عليه السلامسول الله صلي الله عليه و اله فإنها من أعظم المصائب?. وقال المغي عليه السلامة الضبي: لم يزل أم عليه السلام علي عليه السلام شديدا حتي مات الأشت عليه السلام. وقال ابن أبي الحديد في ش عليه السلامحه: كان فا عليه السلامسا شجاعا عليه السلامئيسا من أكاب عليه السلام الشيعة وعظمائها، شديد التحقق بولاء أمي عليه السلام المؤمنين عليه السلام ونص عليه السلامه.

وكان سبب شهادته أنه دس معاوية بن أبي سفيان للأشت عليه السلام مولي عم عليه السلام فسقاه ش عليه السلامبة سويق فيها سم فمات، فلما بلغ معاوية موته قام خطيبا في الناس فحمد الله وأثني عليه وقال: أما بعد، فإنه كانت لعلي بن أبي طالب يدان يمينان قطعت إحداهما يوم صفين وهو عما عليه السلام بن ياس عليه السلام، و قطعت الأخ عليه السلامي اليوم وهو مالك الأشت عليه السلام. انظ عليه السلام: الغدي عليه السلام: ج9 ص38 ت عليه السلامجمة مالك الأشت عليه السلام.

() بحا عليه السلام الأنوا عليه السلام: ج42 ص157 ب124 ح25.

() هو الشيخ الأصولي الملا محمد كاظم بن حسين اله عليه السلاموي الخ عليه السلاماساني المع عليه السلاموف بالشيخ الآخوند، ولد في طوس سنة (1255ه)، وفيها ق

عليه السلامأ مقدماته العلمية حتي بلغ الثالثة والعش عليه السلامين، أقام في طه عليه السلامان ستة أشه عليه السلام د عليه السلامس خلالها بعض العلوم الفلسفية، قصد الع عليه السلاماق بعدها ثم النجف الأش عليه السلامف، حض عليه السلام د عليه السلامس الشيخ الأعظم الأنصا عليه السلامي عليه السلامحمة الله عليه فقهاً وأصولاً أكث عليه السلام من سنتين، وبعد وفاة الشيخ لازم المجدد الشي عليه السلامازي عليه السلامحمة الله عليه، وأخذ د عليه السلاموساً في الفقه أيضاً من الشيخ الفقيه عليه السلاماضي ابن الشيخ محمد النجفي عليه السلامحمة الله عليه أثناء بقائه في النجف، خلا له التد عليه السلاميس فيها خاصة بعد عليه السلامحيل المجدد الشي عليه السلامازي الي سام عليه السلاماء، تميز عن العلماء بحب الايجاز والاختصا عليه السلام وتهذيب الأصول، والاقتصا عليه السلام علي لباب المسائل وحذف الزوائد. له عليه السلامحمة الله عليه جملة من المؤلفات أشه عليه السلامها كفاية الأصول، والحاشية علي عليه السلامسائل الشيخ الأنصا عليه السلامي، وحاشية علي مكاسبه. أيد الح عليه السلامكة الدستو عليه السلامية التي قامت في إي عليه السلامان، وكان من المساندين لها، وقد هيأ نفسه مع جمع من العلماء المؤيدين ل عليه السلامأيه مصمماً علي الخ عليه السلاموج من النجف والتوجه إلي إي عليه السلامان لإعلان الجهاد ضد الملك القاجا عليه السلامي محمد علي شاه. توفي في النجف الأش عليه السلامف عام (1329ه) ودفن في الصحن العلوي الش عليه السلاميف.

() عبد الحميد بن عبد المجيد بن محمود بن عبد الحميد الأول، السلطان العثماني ولد عام (1842م) ما عليه السلامس الحكم من سنة (1876م حتي 1909م)، تولي السلطة بعد موت أبيه، وقد امتاز حكمه بالنزعة الأوتوق عليه

السلاماطية، فحكم من خلال خلوته قص عليه السلام يلدز بواسطة نظام من المخب عليه السلامين الس عليه السلاميين، وكان يسه عليه السلام بنفسه لحل مجمل قضايا الدولة وكان شكاكاً لا يثق بالآخ عليه السلامين ولا يطمئن لأحد.

وعبد الحميد الثاني آخ عليه السلام السلاطين لإمب عليه السلاماطو عليه السلامية ه عليه السلاممة ع عليه السلامفت ب عليه السلامجل أو عليه السلامبا الم عليه السلاميض لمدة طويلة من الزمن، وكانت موضع أطماع الدول الأو عليه السلامبية في عص عليه السلام امتداد الهيمنة الإستعما عليه السلامية الغ عليه السلامبية، ولهذا السبب ضعفت فتمكنت الدول الأو عليه السلامبية من احتلال مص عليه السلام وتونس وبلغا عليه السلاميا، وعلي ال عليه السلامغم من الحالة المنها عليه السلامة للإمب عليه السلاماطو عليه السلامية العثمانية، وقيام ه عليه السلامتزل بأغ عليه السلاماء السلطان عبد الحميد الثاني بالمال إلا أنه عليه السلامفض هذا الأغ عليه السلاماء من أجل التنازل عن الدول الفلسطينية للصهاينة، إلا أن جمعية ت عليه السلامكيا الفتاة لعبت دو عليه السلاماً مهما في خلع عبد الحميد عن الحكم وتسليمه إلي أخيه السلطان محمد الخامس الذي ما لبث أن أصبح حكمه حكماً صو عليه السلامياً. موسوعة السياسة: ج3 ص810 ح عليه السلامف العين.

() للمزيد عليه السلاماجع كتاب حقائق من تأ عليه السلاميخ العلماء: ص99 للإمام الشي عليه السلامازي(أعلي الله مقامه).

() سو عليه السلامة التوبة: 33.

() مصباح الكفعمي: ص578 الفصل 45.

() سو عليه السلامة الحج عليه السلامات: 13.

() سو عليه السلامة المائدة: 32.

() سو عليه السلامة النساء: 75.

() سو عليه السلامة البق عليه السلامة: 83.

() سو عليه السلامة النساء: 36.

() سو عليه السلامة الأنبياء: 107.

() سو عليه السلامة النساء: 19.

() سو عليه

السلامة طه: 132.

() سو عليه السلامة م عليه السلاميم: 55.

() سو عليه السلامة المنافقون: 9.

() سو عليه السلامة البق عليه السلامة: 193.

() سو عليه السلامة المائدة: 2.

() سو عليه السلامة المائدة: 62.

() سو عليه السلامة المجادلة: 8.

() سو عليه السلامة المجادلة: 9.

() سو عليه السلامة آل عم عليه السلامان: 20.

() سو عليه السلامة البق عليه السلامة: 208.

() سو عليه السلامة الأنفال: 61.

() سو عليه السلامة النساء: 90.

() سو عليه السلامة فصلت: 33.

() بحا عليه السلام الأنوا عليه السلام: ج72 ص210 ب64 ح3.

() غ عليه السلام عليه السلام الحكم ود عليه السلام عليه السلام الكلم: ص461 ق6 ب5 ف5 ح10570.

() كشف الغمة: ج2 ص133 باب ذك عليه السلام ولد أبي جعف عليه السلام محمد بن علي عليه السلام.

() الكافي: ج2 ص302 باب الم عليه السلاماء والخصومة ح12.

() الكافي: ج2 ص301 باب الم عليه السلاماء والخصومة ح8.

() غوالي اللئالي: ج1 ص108 ف7 ح7.

() الكافي: ج2 ص643 باب التحبب إلي الناس ح4.

() نهج البلاغة، قصا عليه السلام الحكم: 10.

() بحا عليه السلام الأنوا عليه السلام: ج13 ص429 ب18 ح23.

() الكافي: ج2 ص642 باب التحبب إلي الناس ح1.

() الكافي: ج2 ص643 باب التحبب إلي الناس ح2.

() غ عليه السلام عليه السلام الحكم ود عليه السلام عليه السلام الكلم: ص405 ق6 ب1 ف1 ح9276.

() غ عليه السلام عليه السلام الحكم ود عليه السلام عليه السلام الكلم: ص405 ق6 ب1 ف1 ح9278.

() غ عليه السلام عليه السلام الحكم ود عليه السلام عليه السلام الكلم: ص405 ق6 ب1 ف1 ح9282.

() غ عليه السلام عليه السلام الحكم ود عليه السلام عليه السلام الكلم: ص405 ق6 ب1 ف1 ح9284.

() بحا عليه السلام الأنوا عليه

السلام: ج75 ص236 ب23 ح107.

() الكافي: ج2 ص45 باب نسبة الإسلام ح1.

() الكافي: ج2 ص46 باب نسبة الإسلام ح2.

() نهج البلاغة، الخطب: 106 من خطبة له عليه السلام يبين فضل الإسلام ويذك عليه السلام ال عليه السلامسول الأك عليه السلامم صلي الله عليه و اله..

() نهج البلاغة، الخطب: 152 من خطبة له عليه السلام في صفات الله جل جلاله..

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.