القرآن منهج وسلوك

اشارة

اسم الكتاب: القرآن منهج وسلوك

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي للتحقيق و النشر

مكان الطبع: بيروت- لبنان

تاريخ الطبع: 1424 ق

الطبعة: اول

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

يتميز المنهج القرآني عن بقية المناهج الوضعية بشموليته وتكامله في معالجة الواقع البشري، حيث قدم هذا المنهج الحلول المناسبة لكل القضايا الإنسانية، وأشرف علي بناء الإنسان بناءً روحياً وفكرياً وعملياً، وذلك عبر الكثير من الضوابط والقوانين الثابتة علي ما تقتضيه مصلحته العليا.

والله عزوجل حين خلق الخلق زودهم بالعقل والإدراك، وجعلهم يميزون بين الإصلاح والفساد، ويقفون علي المنهج الواضح المؤدي للصواب، وذلك عبر إرسال الأنبياء زبر وتنزيل الكتب السماوية أيضا، وعلي هذا الأساس يلزم علي العاقل المستنير أن يتحرك وفق المنهج الذي يؤدي إلي الأمان والاستقرار ويرقي في سلّم التطور والتقدم، ولو قرأنا القرآن الكريم قراءة تأمل وتدبر وحلّقنا في نوره اللامتناهي وجدنا إن كل حرف من حروفه يهدي للتي هي أقوم، وقد أكدّ هذا المعني رسول الإنسانية صلي الله عليه و اله حين قال صلي الله عليه و اله: «القرآن هدي من الضلال، وتبيان من العمي، واستقالة من العثرة، ونور من الظلمة، وضياء من الأحداث، وعصمة من الهلكة، ورشد من الغواية، وبيان من الفتن، وبلاغ من الدنيا إلي الآخرة، وفيه كمال دينكم».

فكمال الدين، والسعادة المطلقة، والانتصار الدائم، والحرية الشاملة، والنجاح المتواصل لا يكون إلا من خلال دراسة هذا المنهج القويم دراسة عميقة بحتة؛ باعتباره منهج الحياة بل دستور الكون كله الذي يشمل كل النظم والتنظيمات الواقعية المنظمة لشتي الجوانب الحياتية، الملبية لحاجات الإنسان الحقيقية، المهيمنة علي سائر أوجه النشاط الإنساني.

والله تعالي يعلم وهو العادل الحكيم أن هذا الإنسان لابد له من التخبط في مساراته وأفعاله،

ومن العدل أن يضع له دستوراً يلتزم به ليتحقق الغرض من وجوده، وليستبين له الرشد من الغي، وليخرجه من الظلمات إلي النور، ومن الغواية إلي الهداية، والذي يلتزم بتوجيهات هذا الدستور العظيم سوف يتحكم بسلوكه وتصرفاته اتجاه الخالق والخلق من خلال مسيرته التكاملية.

لذا يلزم علينا كمسلمين أن ننظر إلي آيات الذكر الحكيم بدقة وتفكر وتعمق؛ لنصل إلي النجاح الإلهي وإلي سمو المنزلة الرفيعة فنحرز سعادة الدارين، وذلك ببركة العمل بالقرآن الكريم.

فالقرآن الكريم في حقيقته ليس محصوراً في دائرة الاعتقاد الوجداني والتعبدي فحسب، ولم ينزل علي مجموعة من البشر في جيل من الأجيال فقط، وإنما هو المنهج الثابت الذي ارتضاه الله سبحانه لحياة البشر المتجددة.

ولما كانت مستويات تفكير الإنسان تتفاوت من شخص لآخر، فقد راعي الله عزوجل هذا التفاوت وخاطب الناس بلغة تتناسب مع درجات تفكيرهم وتنوع نظراتهم.

فالقرآن منهج الروح والفكر والسلوك إذا تحول إلي ممارسة وتطبيق، ولكنه إذا أقصي من واقع الحياة أو لم يطبق بالشكل الصحيح فإن الشقاء والتعاسة هي النتيجة الحتمية فعلاً، ويبقي الناس يدورون في متاهات الأمراض العقلية والخلقية والعصبية التي لا تعالج إلا بالتمسك الجاد بكتاب الله، واتباع الإدلاء علي نهجه القويم، وهم الأئمة الأطهار?الذين أنعم الله بهم علي هذا الوجود، لأنهم بحق كانوا تجسيداً حياً لرسالة الله تعالي في الفكر والعمل، فقد حملوا المسؤولية الكبري، وهدّموا القيم الجاهلية الفاسدة، وأقاموا المجتمع التوحيدي الصالح.

وفي هذا الكتاب يتعرض سماحة الإمام الراحل آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي? إلي الأهمية الكبري التي يقدمها كتاب الله المجيد باعتباره دستوراً شاملاً لكل نواحي الحياة ومنهجاً عظيماً تسير علي نوره الأمم.

وكذلك تعرض سماحته ? إلي أهم سبل الهداية وهي القرآن الكريم والعترة الهادية ? فالله

عزوجل فرض علي الناس العلم والعمل بما في القرآن الكريم فلا عذر في تركه بعد أن وفر لهم من يعنيهم علي ذلك وهم النبي الأكرم ? وأهل بيته ? التراجمة المفسرون له، حيث بين سماحته ? الترابط الوثيق بين القرآن والأئمة الأطهار ? ثم تعرض إلي أهم خصائص القرآن المجيد باعتباره جديد دائماً وأبداً في كلماته ومعانيه وإيماءاته، فلابد من تلاوة آياته بتأمل وإنصات وتدبر حتي تكون مقدمة لتطبيقها علي الواقع العملي.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

كربلاء المقدسة

القرآن منهج وسلوك

?الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

الدستور الكامل للبشر

قال سبحانه وتعالي: ?هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُديً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ?.

فإن ?هذا? القرآن الذي أنزل إليك ?بَصائِرُ لِلنَّاسِ? جمع بصيرة، فكما أن البصيرة في الإنسان كاشفة له طريق الفلاح، كذلك القرآن كاشف طريق السعادة، أي: بينات تبصرهم أمورهم، ?وَهُديً? أي: هداية إلي الطريق ?وَرَحْمَةٌ? أي: فضل وترحم، يرحمهم الله به إذ يريهم السعادة الأبدية ?لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ? به ويعلمون أنه الحق، وإنما خصهم لأنهم المنتفعون، أما غيرهم فهم في ضلال ونقمة.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?إِنَّ الله سُبْحَانَهُ لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وسَبَبُهُ الأَمِينُ، وفِيهِ رَبِيعُ الْقَلْبِ ويَنَابِيعُ الْعِلْمِ، ومَا لِلْقَلْبِ جِلاءٌ غَيْرُهُ?.

فقد أنزل الله سبحانه وتعالي كتابه العزيز علي رسوله الأمين صلي الله عليه و اله دستوراً دائماً لبني البشر، ملبياً فيه جميع طلباتهم علي مرّ العصور والأزمنة إلي يوم القيامة، إنه لم يدّخر صغيرة ولا كبيرة من شأنها أن تصلح بال البشر، إلاّ أحصاها لهم، وبيّنها بمختلف الحالات والسبل، لكي يتبين الرشد من الغي، وتتم الحجة لله علي الناس أجمعين، وذلك

بعد أن رسم لكل من المخلوقات طريق سلوكه وما يحتاج إليه في مختلف مجالات الحياة.

ثم إن الأسلوب الذي جاء به القرآن من بسيط في المنهج، وسلس في البيان، ومطابق للفطرة الإنسانية، إلا أنه بالنسبة إلي الأطر التي بناها قاطع وصارم، فمبانيه صارمة ومرنة في آن واحد. فمن حيث وضوح المضمون نجد أنّ إلي جانب وضوح كلّ قاعدة نوعاً من التحصين الذي يقف في مواجهة الفوضي والأهواء، ولكنّها تترك لكل فرد حرياته المشروعة، وتكيّفه في نطاقه علي مثله الأعلي، وبهذه الطريقة كان قد بلغ القرآن درجة الكمال العليا، التي لا يمكن لغيره أن يصلها، كيف لا؟ وهو الطريق الأقوم الذي رسمه الله سبحانه وتعالي للبشر.

قال سبحانه وتعالي: ?إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً?.

فإن الذي يهدي إليه القرآن أقوم وأكمل مما يهدي إليه غيره من الكتب.

قال سبحانه وتعالي: ?قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ?

فمجري السنّة الإلهية قد تمثل في القرآن من حيث هداية الإنسان إلي سبيل الحق.

قال تعالي: ?يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَي النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ?.

فإن معني: ?يَهْدِي بِهِ? أي: بكل واحد من النور والكتاب، كما قال سبحانه: ?فَانْظُرْ إِلَي طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ? أي كل واحد منهما ?اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ? أي: من اتبع رضوان الله أي رضاه بقبول القرآن ونبوة محمد? ?سُبُلَ السَّلامِ? أي: طُرُق السلامة في كل شيء، السلامة في الدين، والسلامة في الدنيا، والسلامة في الآخرة للفرد وللمجتمع،?وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَي النُّورِ? فإن الحياة ظلمات لا يدري الإنسان كيف يسير في دروبها،

وبالقرآن والنبي يهتدي إلي الحق ويُنير طريقه ?بِإِذْنِهِ? بإذن الله ولطفه ?وَيَهْدِيهِمْ إِلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ? يوصلهم إلي سعادة الدنيا والآخرة.

القرآن سبب للهداية

ورد عن علي بن عقبة عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ?اجعلوا أمركم لله ولا تجعلوه للناس؛ فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلي الله، ولا تخاصموا الناس لدينكم؛ فإن المخاصمة ممرضةٌ للقلب، إن الله تعالي قال لنبيه صلي الله عليه و اله: ?إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ? وقال: ?أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّي يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ? ذروا الناس، فإن الناس أخذوا عن الناس، وإنكم أخذتم عن رسول الله صلي الله عليه و اله إني سمعت أبي عليه السلام يقول: إن الله عزوجل إذا كتب علي عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلي وكره?.

نعم، ما من شك في أن الهداية من الله سبحانه، وإنما الهداة: القرآن الحكيم والرسول الكريم ? وأهل البيت الطاهرون عليهم السلام، وسيلة وظرف للفيض الإلهي ولتبليغ أوامر الله عزوجل كما قال جل وعلا: ?إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ?.

وفي تفسير هذه الآية المباركة نقول: بين الله تبارك وتعالي أن الكفار الذين لا يؤمنون ليس علي الرسول حسابهم، حتي يجهد نفسه لكي يهديهم، بل إنما عليه البلاغ ف?إِنَّكَ? يا رسول الله ?لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ? أي لا تتمكن من هداية من تحب أن يهتدي من الناس، فإن الرسول صلي الله عليه و اله كان يحب هداية عمه أبي لهب وغيره من أشراف قريش، بل الناس أجمعين، ولكنه لم يكن يتمكن من ذلك، والمراد بالهداية العمل الذي يجبرهم علي

الإسلام، لا مجرد إراءة الطريق، ?وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ? بأن يلطف به الألطاف الخفية حيث يراه مستعداً للإيمان مهيئاً نفسه للإذعان، فإرائة الطريق من الله والرسول ? عامة لكل أحد. أما الألطاف الخفية فالرسول صلي الله عليه و اله لا يقدر عليها والله قادر عليها، لكنه إنما يلطف بها علي من أعد نفسه وأخذ يأتي في الطريق. ولعل ممن تنطبق هذه الآية الكريمة عليه هو (سيد قطب) صاحب كتاب (في ظلال القرآن) الذي لم يهتد بنور الإيمان؛ إذ ملأ قلبه بالحقد والغل للرسول وآله وذويه عليهم السلام، فتراه في عرض تفسيره وطوله ينتقص من الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله وعمه عليه السلام وسائر ذوي قرابته في لفائف من الكلام المزيف بالتقليد الأعمي عن الأمويين أعداء الله والرسول ? والشجرة الملعونة في القرآن، فقد أخذ يطبق هذه الآية الكريمة علي أبي طالب عليه السلام، مع أنه قد ورد من طرق العامة والخاصة أن أبا طالب من أول المؤمنين بالرسول، ولو كان أبو طالب أباً لأحد كبرائهم لأهالوه بمقام الملائكة المكرمين، لكن ذنبه الوحيد أنه أبو علي أمير المؤمنين عليه السلام. وماذا يقال في من يطبق آية ?عَبَسَ وَتَوَلَّي? علي رسول الله صلي الله عليه و اله، ليبرئ ساحة عثمان الذي وردت فيه الآية، وهكذا وهلم جرا، وقد صدق الله سبحانه حيث يقول: ?إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ? وهل من محمل لعمل من يخوض دقائق الأمور، فيعرف الشعرة في الليل المظلم، ثم لا يري الشمس الضاحية في وسط السماء، إلا العناد، وانه استحق عليه كلمة العذاب؟ وقد كنت أريد أن أنزه هذا السفر عن مثل هذه الأمور لكن غلو (قطب) جرني إلي ذلك فإنه

اتي بكل ما لفقته الأموية النكراء، ولكن في لفائف حريرية، وقفازات براقة، فيظن الغير أنه بريء عن العصبية الجاهلية ?وَسَيعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ? و: ?وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ? أي: القابلين للهداية، أو الذين اهتدوا فيجازيهم حسب علمه.

إذن، هناك أسباب ظاهرية لهذه الهداية ومن هذه الأسباب القرآن الكريم، فقد فرض الله (جلت عظمته) علي الناس العلم والعمل بما في القرآن الكريم، فلا عذر لهم في تركه بعد أن وفر لهم من يعينهم علي ذلك وهم الرّسول وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) التراجمة والمفسرون له. فقد قال سبحانه وتعالي: ?فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ?.

وقال تبارك تعالي: ?ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا?.

وقد فرض الله علي العباد طاعتهم ولم يفرض طاعة غير من اصطفاه وطهره، فمن خالف الله تعالي ورسوله وأسند أمره إلي غير المصطفين خسر دنياه وآخرته.

قال تعالي: ?وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلي يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً?.

فإن قوله تعالي: ?يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلي يَدَيْهِ? أي: أسفاً وندماً لما سبق منه من الظلم، والعض هو الأخذ بالأسنان، وكأن المتندم إنما يفعل ذلك لإرادة إيلام جسمه انتقاماً لما صدر منه مما ألقاه في هذا الندم، والعض علي اليدين في الندم الشديد ? يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً? أي: ليتني اتبعت محمداً صلي الله عليه و اله واتخذت معه في سبيل الهداية حتي لا أبتلي بهذا اليوم العصيب.

أهل البيت عليهم السلام والقرآن

في الحديث الشريف وفي تفسير الآية التي مرت ?فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ? ورد عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: ?إن من عندنا يزعمون أن قول الله عزوجل: ?فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاتَعْلَمُونَ? أنهم اليهود و النصاري، قال: إذاً يدعونكم إلي دينهم قال: قال

بيده إلي صدره: نحن أهل الذكر ونحن المسئولون?.

وعن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: ?فسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ?

قال عليه السلام: ?قال رسول الله صلي الله عليه و اله: الذكر أنا والأئمة أهل الذكر?.

وقوله عزوجل: ?وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ?

قال أبو جعفر عليه السلام: ?نحن قومه و نحن المسئولون?.

أما وصي رسول الله صلي الله عليه و اله أمير المؤمنين عليه السلام ففي الروايات أنه المخصوص في الآية السابقة بكلمة (السبيل) حيث قال تعالي: ?يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً?، حيث قال (صلوات الله وسلامه عليه) في خطبة له عليه السلام: ?فَأَنَا الذِّكْرُ الَّذِي عَنْهُ ضَلَّ،والسَّبِيلُ الَّذِي عَنْهُ مَالَ،والإِيمَانُ الَّذِي بِهِ كَفَرَ،والْقُرْآنُ الَّذِي إِيَّاهُ هَجَرَ،والدِّينُ الَّذِي بِهِ كَذَّبَ،والصِّرَاطُ الَّذِي عَنْهُ نَكَبَ?.

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: وفد علي رسول الله صلي الله عليه و اله أهل اليمن، فقال النبي صلي الله عليه و اله: ?جاءكم أهل اليمن يبسون بسيسا ? فلما دخلوا علي رسول الله صلي الله عليه و اله قال: ?قوم رقيقة قلوبهم، راسخ إيمانهم، ومنهم المنصور يخرج في سبعين ألفا ينصر خلفي وخلف وصيي، حمائل سيوفهم المسك?.

فقالوا: يارسول الله، ومن وصيك؟

فقال: ?هو الذي أمركم الله بالاعتصام به، فقال جل و عز: ?واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا? ?.

فقالوا: يا رسول الله، بين لنا ما هذا الحبل؟

فقال: ?هو قول الله: ? إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ? فالحبل من الله كتابه والحبل من الناس وصيي?.

فقالوا: يا رسول الله، من وصيك؟

فقال: ?هو الذي أنزل الله فيه: ?أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتي عَلي ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ? ?.

فقالوا: يا رسول الله، وما جنب الله

هذا؟

فقال: ?هو الذي يقول الله فيه: ?ويَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلي يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا? هو وصيي والسبيل إلي من بعدي?.

فقالوا: يا رسول الله، بالذي بعثك بالحق نبيا أرناه فقد اشتقنا إليه؟

فقال: ?هو الذي جعله الله آية للمؤمنين المتوسمين، فإن نظرتم إليه نظر من كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد عرفتم أنه وصيي، كما عرفتم أني نبيكم، فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه، فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو؛ لأن الله عزوجل يقول في كتابه: ?فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ? أي: إليه وإلي ذريته عليهم السلام ? ثم قال: فقام أبو عامر الأشعري في الأشعريين، وأبو غرة الخولاني في الخولانيين، وظبيان وعثمان بن قيس في بني قيس، وعرنة الدوسي في الدوسيين، ولاحق بن علاقة، فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه وأخذوا بيد الأنزع الأصلع البطين، وقالوا: إلي هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله.

فقال النبي صلي الله عليه و اله: ?أنتم نجبة الله حين عرفتم وصي رسول الله قبل أن تعرفوه، فبم عرفتم أنه هو؟?

فرفعوا أصواتهم يبكون ويقولون: يا رسول الله، نظرنا إلي القوم فلم تحن لهم قلوبنا، ولما رأيناه رجفت قلوبنا ثم اطمأنت نفوسنا وانجاشت أكبادنا وهملت أعيننا وانثلجت صدورنا، حتي كأنه لنا أب ونحن له بنون.

فقال النبي صلي الله عليه و اله: ? ?وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ? أنتم منهم بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسني، وأنتم عن النار مبعدون?.

قال جابر : فبقي هؤلاء القوم المسلمون حتي شهدوا مع أمير المؤمنين عليه السلام الجمل وصفين فقتلوا بصفين رحمهم الله، وكان النبي صلي الله عليه و اله بشرهم بالجنة وأخبرهم أنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب عليه السلام.

كيف لا؟!

وهو باب مدينة العلم المتمثلة بالرسول صلي الله عليه و اله، فقد قال صلي الله عليه و اله: ?أنا مدينة العلم وعلي بابها? فاللازم التمسك بالقرآن والعترة معاً، كما صرح بذلك رسول الله صلي الله عليه و اله حيث قال: ?إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن تمسكتم بهم لن تضلوا أبداً … ?.

القرآن في الروايات

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?إن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغشّ، والهادي الذي لا يضل، والمحدّث الذي لا يكذب?.

وقال عليه السلام: ?اتبعوا النور الذي لا يطفأ، والوجه الذي لا يبلي، واستسلموا وسملوا لأمره، فإنكم لن تضلوا مع التسليم?.

وقال عليه السلام: ?من اتخذ قول الله دليلاً هدي إلي التي هي أقوم? إشارة إلي الآية الشريفة: ?إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ? ومن اهتدي للتي هي أقوم عاش سعيداً ومات حميداً، فهو سعيد في الدارين?.

ومن هنا ورد في الأدعية المأثورة: ?اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ونفسي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور بصري، وشفاء صدري، وذهاب غمي، وجلاء حزني، يا أرحم الراحمين?؛ فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ما أصاب أحداً هم أو غم وتوسل بهذا الدعاء إلا أذهب الله غمه ونفّس كربه وقضي حوائجه?.

التدبر في القرآن

قال تبارك وتعالي: ? كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبابِ?.

وقال سبحانه: ? أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً?.

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ?تدبروا آيات القرآن واعتبروا به فإنه أبلغ العبر?.

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?قال أمير المؤمنين عليه السلام: ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه: من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤمنهم من عذاب الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبة عنه في غيره، ألا لا خير في علم

ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكر?.

نعم، بعد كل ذلك التأكيد والتحريض علي التدبر حري بنا أن نبذل ما بوسعنا للتدَّبر في القرآن، لا مجرد القراءة فقط، وللأسف فإن البعض في زماننا هذا، يقرأ القرآن أو يستمع إلي تلاوته، لكن كقالب بلا روح، وكحروف بلا معان، وكلمات بلا مفهوم، وبالنتيجة فإنهم لا يفهمون من القرآن شيئاً، مع أن الفهم هو المقدمة الطبيعية للعمل، خلاف ما كان يحصل لدي المسلمين القدماء الذين كانوا لا يقرأون آية إلا وتفكروا فيها حتي يفهموها الفهم الكامل؛ وذلك لأنهم كانوا يمتازون بميزات عديدة عن المسلمين في عالمنا اليوم، وممكن أن تكون هذه الميزات هي بعض أسباب الانفصال الذي يحصل بين بعض المسلمين وبين القرآن.

ومن ضمن هذه الأسباب: عدم وضوح الرؤية، فإن البعض قد ارتكزت في ذهنه فكرة: أن القرآن بعيد عن الإدراك البشري، وذلك من حيث أنه كلام الله العليم الخلاق اللامتناهي، وكلام مثله سبحانه يجلّ عن أن يدركه مخلوق ضعيف وجاهل مثل الإنسان.

ولعل هذا التصور ناتج من: عدم الاستعداد الفكري؛ إذ عدم الاستعداد للتدبر في القرآن له دور مؤثر في فصل فهم روح القرآن عند البعض، فإن من يودّ أن تأتيه اللقمة سائغة من دون أن يجهد نفسه بعض الشيء في تحصيلها لا يصل إلي ما يريد، وكذلك فإن ابتعاد الجيل المسلم المعاصر عن اللغة العربية الأصلية، كان له دور كبير في عدم فهم الآيات القرآنية.

وبما أن الفهم أساس العلم فالمسلمون حيث لم يفهموا القرآن ابتعدوا عنه كثيراً.

فهذه جملة أسباب يمكن الوقوف عندها ومعالجتها بالشكل الصحيح، كي يعود المبتعدون عن القرآن إلي رشدهم، ولكي ترتفع الشبهات التي

تجول في أذهانهم.

علماً بأن الله عزوجل قد جعل للقرآن من يفسر آياته ويبينها وهم رسول الله ? وأهل بيته الطاهرون عليهم السلام.

القرآن للجميع

قال تبارك وتعالي: ?وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ?.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام مبيناً حقيقة القرآن: ?نور لمن استضاء به، وشاهد لمن خاصم به، وفلج لمن حاج به، وعلم لمن وعي، وحكم لمن قضي?.

ولا يخفي أن القرآن الكريم هو رسالة الله للإنسان في الأرض، ومن الطبيعي أن تكون الرسالة متناسبة مع فهم المرسل إليه، وفي حدود مدركاته؛ ولذا نري أنّ معظم خطاباته جاءت موجهة لعامة الناس، من قبيل قوله تعالي: ?يا أَيُّهَا النَّاسُ? و: ?يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا? ومن الضروري أن يكون هؤلاء المخاطبون قادرين علي فهم هذه الخطابات أو بعضها إن لم نقل أجمعها ولو بالرجوع إلي من عيّنهم الله لتفسيرها، فهذا لا يعني عدم لزوم الرجوع إلي أهل الذكر في تفسير الآيات، بل المقصود أن القرآن نزل للجميع وليس لفئة خاصة محددة من البشر، وبإمكان الجميع أن يتدبروا في القرآن ويدركوا مفاهيمه بحسب تفاوت قدراتهم العلمية، نعم هناك آيات متشابهات، أو مؤولات، يكون الإنسان بحاجة إلي مراجعة الرسول صلي الله عليه و اله وأهل البيت عليهم السلام في معرفة المقصود منها.

من خصائص القرآن

إن من الميزات والخصائص التي يختص بها القرآن الكريم، أنه جديد دائماً، جديد في كلماته ومعانيه، وإيحاءاته وآياته، فحين يتلو الإنسان آيات القرآن بتأمل وإنصات، يشعر بأنه خطاب جديد: يُنذر ويحذّر، ويوجّه ويُبشّر، وفي الآيات والروايات إشارات علي تجدد القرآن وحداثته، وأنه لم يفقد يوماً تجدده، ولن يُعدم حداثته أبداً، قال الله تعالي: ? اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلي ذِكْرِ اللهِ?.

وقال عزوجل: ? تِلْكَ آياتُ اللهِ

نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ?.

وقال عليه السلام: ? إن القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لا تفني عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلا به?.

مع الفضيل بن عياض

ذكر في أحوال الفضيل بن عياض أنه كان في بداية حياته من الأشرار، وكان مجرد ذكر اسمه كافياً لإثارة الرعب في القلوب، فقد كان يقطع الطريق علي القوافل، ويسلب المسافرين كل ما يملكون من نقود وأمتعة، وفي أحد الأيام وقعت عينه علي فتاة وأخذت بمجامع قلبه، فصمم في نفسه أمراً سيّئاً، وفي نفس تلك الليلة جاء يتسلق جدار ذلك البيت الذي تسكنه الفتاة، وهو ينوي الاعتداء عليها واغتصابها، وفي هذه الأثناء تناهي إلي مسامعه صوت والد البنت الذي كان قد قام في الليل للتهجد والعبادة يعلو صوته بتلاوة هذه الآية الكريمة: ?أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ?.

فأخذ الفضيل بن عياض يتأمل في هذه الآية بضع ثوان، فهزته من الأعماق وأخذ يردد في نفسه ويتمتم: يارب بلي قد آن، ثم نزل من أعلي الجدار متذكراً تائباً، وذهب باتجاه المسجد فاعتكف فيه وصار من الأخيار إلي آخر حياته. فهذا الإنسان قد تدبر بآية واحدة من آيات القرآن، فكيف بالذي يتدبر في القرآن أجمع.

بعض آثار التلاوة

لقد كان أولياء الله المعصومون عليهم السلام يتلون القرآن بوعي وتدبر، حتي كان يظهر ذلك عليهم بوضوح، فقد كانت جلودهم تقشعر وقلوبهم ترتجف حينما يقرؤون آية، بل ربما كانوا يصعقون لعظمة وقع الآية في نفوسهم، فقد روي عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: ? والله لقد تجلي الله لخلقه في كلامه، ولكن لا يبصرون?.

وقال أيضاً عليه السلام وقد سألوه عن حالة لحقته في الصلاة حتي خر مغشياً عليه، فلما سري عنه قيل له في ذلك؟

فقال: ? مازلت أردد الآية علي قلبي وعلي سمعي حتي سمعتها من المتكلم بها فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته?.

وروي عنه عليه السلام أيضا أنه كان

يتلو القرآن في صلاته فغشي عليه، فلما أفاق سئل: ما الذي أوجب ما انتهت حالك إليه؟

فقال ما معناه : ?ما زلت أكرر آيات القرآن حتي بلغت إلي حال كأنني سمعت مشافهة ممن أنزلها علي المكاشفة والعيان?.

وهذا ما يفيضه القرآن علي المتدبر بآياته من خشوع وخشية من الله سبحانه وتعالي.

القرآن والخوف من الله

قال الله سبحانه وتعالي: ?إِنَّما يَخْشَي اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ?.

فإن معناه: ليس يخاف الله حق خوفه ولا يحذر معاصيه خوفا من عقابه إلا العلماء، الذين يعرفون حقيقة ذلك، فأما الجهال ومن لا يعرف الله فلا يخافونه مثل ذلك، وكذلك ينظر العلماء في حجج الله وبيناته ويفكرون في ما يفضي بهم إلي معرفته.

لذا فإن الاعتبار بالآيات القرآنية إنما يؤثر أثره، ويورث حقيقة الإيمان بالله، وواقع الخشية من الله وبكل معني الكلمة، في العلماء الذين يعرفون الله سبحانه وتعالي معرفة تامة، تطمئن بها قلوبهم، وتزول عبرها حيرة الشك والقلق عن نفوسهم، فيتجسد لديهم الخوف الحقيقي وهو الخوف المطلوب الخوف من الله فهو خالق الكون والإنسان، وهو القوة المسيطرة، فهو المصوّر المنشئ الخالق البارئ، الذي يمدنا بالوجود والحياة، والخيرات والنعم، ولو تركنا لحالنا أو وكلنا إلي أنفسنا لحظة واحدة، أو طرفة عين، لأصبح وجودنا عدماً محضاً.

سئل أبو عبد الله عليه السلام: ما كان في وصية لقمان؟

قال عليه السلام: ?كان فيها الأعاجيب، وكان أعجب ما كان فيها أن قال لابنه: خف الله خيفةً لو جئته ببر الثقلين لعذبك، وارج الله رجاءً لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك? ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: ?كان أبي يقول: ليس من عبدٍ مؤمنٍ إلا وفي قلبه نوران: نور خيفة ونور رجاء، لو وزن هذا لم يزد علي هذا، ولو وزن هذا لم

يزد علي هذا?.

طبيعة الخوف

إن الخوف الذي هو من طبيعة الإنسان وفطرته في الجملة ليس نقصاً أو عيباً، فلو نظر الإنسان إلي حيوان مفترس لانتابه شيء من الشعور بالخوف، الخوف من أن ينقضَّ عليه ويؤدي به إلي الموت، وهذا شعور طبيعي لدي الإنسان، والقرآن لا ينكره ولا يعتبره نقصاً أو عيباً، وإنما النقص والعيب في الخوف مما لا يُخاف منه، وفي الإفراط أو التفريط في الشعور بالخوف من غير الله سبحانه، فإن الخوف من الله سبحانه لا إفراط فيه وهو ممدوح، وإنما الخوف المذموم هو الذي يحصل من الأشياء التي لا تستحق أن يخافها الإنسان، وفي الحالة التي يقف فيها الخوف عقبة في طريق تقدم الإنسان وحريته وكرامته، فإنها هي الحالة المرفوضة بالأساس وهي التي تسمي بالجبن، لا تلك الحالة الطبيعية، التي يمرَّ بها حتي الأنبياء والأولياء، من ذوي النفوس المختارة الزَّكية، الطاهرة النقية، الذين أشار الله سبحانه وتعالي في كتابه العزيز إلي بعض منهم.

نموذجان قرآنيان للخوف الممدوح

النموذج الأول

لقد أشار الله تعالي إلي النبي موسي عليه السلام ذلك الرسول الذي أعده الله تعالي لمواجهة الطاغية المتجبر: فرعون، وزوّده بالآيات والمعجزات، ولكنه رغم ذلك كله يقول سبحانه: ?فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسي ?.

وذلك حينما ألقي السحرة الحبال والعصيّ، فتحولت إلي حيّات كادت تلتهم جموع المتفرجين، ولكنه تدارك الموقف بعد أن أسعفته السماء بتوجيهها وعنايتها، فكسر هذا الهاجس لديه وتحدي السحرة بكل ثبات، وقد جاء في بعض التفاسير قوله تعالي: ?أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ? أي: وجد في نفسه ما يجده الخائف، ويقال: أوجس القلب فزعا،أي: أضمر، والسبب في ذلك أنه خاف أن يلتبس علي الناس أمرهم فيتوهموا أنهم فعلوا مثل ما فعله، ويظنوا المساواة فيشكوا ولا يتبعونه، وقيل: إنه خوف الطباع إذا رأي الإنسان أمرا

فظيعا فإنه يحذره ويخافه في أول وهلة، وقيل: إنه خاف أن يتفرق الناس قبل إلقائه العصا، وقبل أن يعلموا ببطلان السحرة فيبقوا في شبهة، وقيل: إنه خاف لأنه لم يدر أن العصا إذا انقلبت حية هل تظهر المزية؛ لأنه لم يعلم أنها تتلقفها وكان ذلك موضع خوف، لأنها لو انقلبت حية ولم تتلقف ما يأفكون ربما ادعوا المساواة لا سيما والأهواء معهم والدولة لهم، فلما تلقفت زالت الشبهة.

فإن قيل: فمن أي شي ء خاف موسي عليه السلام حتي حكي الله تعالي عنه من الخيفة في قوله تعالي الآية أو ليس خوفه يقتضي شكه في صحة ما أتي به؟

الجواب: لم يخف من الوجه الذي تضمنه السؤال، وإنما رأي من قوة التلبيس والتخييل ما أشفق عنده من وقوع الشبهة علي من لم يمعن النظر، فأمنه الله تعالي من ذلك وبين له أن حجته ستتضح للقوم بقوله تعالي: ? قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلي?.

إذن، خوف موسي عليه السلام كان لأجل هداية الناس وفي سبيل الله تعالي وليس خوفاً لمصلحة شخصية.

النموذج الثاني

وهكذا في قصة رسول الله صلي الله عليه و اله مع ما قد أمده الله تعالي بالعزيمة وعدم الخوف، فإنه صلي الله عليه و اله عندما علم من قبل الله سبحانه أن ربيبه: زيد بن حارثة الذي رباه ورعاه سيطلّق زوجته: زينب بنت جحش، وأن الله سيزوجه إياها، كان صلي الله عليه و اله يؤكد علي زيد لكي لا يطلقها خوفاً من الاتهامات والشائعات، التي يمكن أن تحاك من قبل المنافقين ضدّه صلي الله عليه و اله، لكن الوحي نزل علي الرسول صلي الله عليه و اله وقال: ?وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ

زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَي النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضي زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً?.

ولقد ورد في تفسير الآية المباركة: أنه لما تزوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش، ثم أراد الله سبحانه أن يزيل العقبة التي كانت بعد أمام المسلمين في أمر التزوج من نساء أدعيائهم، فقد كانوا يرون أن ذلك من قبيل نكاح الأب زوجة ابنه؛ ولذا لما طلق زيد زينبا ولعله كان لما نقل أنها كانت حادة المزاج، فلم يتلائم الزوجان نكحه رسول الله صلي الله عليه و اله تتميماً للتشريع الذي سبق في أول السورة ?وَما جَعَلَ أَدْعِياءكُمْ أَبْناءكُمْ ? ومن غريب الأمر: أن جماعة من الناس اختلقوا حول هذه القصة روايات تنافي أصول الإسلام والعقيدة، حتي أن علي بن إبراهيم القمي علي جلالته لم يسلم من الوقوع ضحية ذلك الاختلاف، كما لم يسلم من الوقوع ضحية قول المعاندين في آية: ? إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ?، فسبحان من لم يخلق الإنسان معصوماً إلا الأنبياء والأئمة عليهم السلام ومن إليهم، ?وَ? اذكر يا رسول الله ?إِذْ تَقُولُ? لزيد بن حارثة الذي دعوته ابناً لك قبل نزول آية: ?وما جَعَلَ أَدْعِياءكُمْ أَبْناءكُمْ ? ? لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ ?بالإسلام والإيمان، ومصاحبة الرسول ? وَأَنْعَمْتَ? أنت ?عَلَيْهِ? بالكفاية والتربية والتحرير والتعليم، وتزويجه بزينب الشريفة الهاشمية ?أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ? ولا تطلقها، فقد وقعت بينهما المشاجرة، فأراد زيد طلاقها وقد تقدم أنها كانت ذات حدة في أخلاقها، كما ذكروا والإتيان بلفظ ?عَلَيْكَ? لما في الإمساك من الثقل، حتي كأنه حمل علي الإنسان

? وَاتَّقِ اللهَ? يا زيد في مفارقتها ومضارتها، ومعاشرتها، فلا تعاشرها إلا حسناً جميلاً ?وَ? قد كان الله سبحانه أخبر الرسول أنه سيطلق زينبا، وان الرسول صلي الله عليه و اله يتزوجها لتحطيم قاعدة ?البنوة? الجاهلية، ولما كان الرسول صلي الله عليه و اله يعلم ما يحدثه هذا العمل من الضجة، في ذلك المجتمع الجديد العهد بالإسلام، خشي إظهاره؛ ولذا قال سبحانه له صلي الله عليه و اله و ?وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ? يا رسول الله، إرادتك زواجها بأمر الله بعد طلاقها ? مَا اللهُ مُبْدِيهِ? أي الشيء الذي الله يظهره بعد ذلك ?وَتَخْشَي النَّاسَ?.

وقد قال بعض: كيف يخشي النبي الناس؟

فلنقل: هل كان النبي يخشي من العقرب أن تلدغه، أو السبع أن يفترسه؟ فإن قالوا: نعم، قلنا: ما الفرق حتي جوزتم تلك الخشية، ولم تجوزوا هذه الخشية، من كلام الناس وطعنهم؟ وإن قالوا: لا، قلنا: فأي دليل علي أنه ينافي مقام العصمة الخشية من الضار والمؤذي، فإن ما ثبت هو أن الرسول صلي الله عليه و اله معصوم، لا أنه مسلوب عنه صفات البشرية من خشية واضطراب، وجوع وعطش، وفي قصة موسي عليه السلام: ? إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا? و: ? فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً?، وأما قوله: ?وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ? فهو من باب الجناس المليح، نحو قوله: ?وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ? وقول الرضا عليه السلام: ?إن كنت باكياً لشيء، فابك للحسين عليه السلام? فإن الإنسان إذا هاج به وصف نفسي، قيل له: وجّه هذا الوصف إلي جهة أصلح، فمن هاجت به العاطفة نحو جادة، قلنا له: اعطف علي ولدك، أو نقول: إن ولدك أحق بالعطف، ولا نريد بذلك أن

العاطفة نحو الجار غير حسنة، وإنما نريد توجيهه نحو ما هو الأصلح بحاله ? فَلَمَّا قَضي زَيْدٌ مِنْها? أي: من زوجته زينب ?وَطَراً? أي: حاجة، بأن تم حاجته فيها، وطلقها، حيث لم يتلائما ? زَوَّجْناكَها? أي: أمرنا بتزويج زينب ? لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ? أي: لتكون أنت أول من ينقض هذه العادة الجاهلية عملاً؛ حتي لا يتحرج المؤمنون بعدك من أخذ زوجة المتبني لهم ? إِذا قَضَوْا? أولئك الأدعياء ? مِنْهُنَّ? أي: من زوجاتهم ?وَطَراً? أي: حاجة، بأن طلقوهن، فإن الطلاق لا يكون إلا بعد عدم الرغبة، والحاجة في الزوجة ?وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً? أي: أن الشيء الذي يريده الله لابد وأن يُفعل ويُؤتي في الخارج، فتزوجها رسول الله صلي الله عليه و اله وضمها إلي نسائه.

إذن، هذه الحالة من الخوف الممدوح هي حالة طبيعية لدي كل إنسان، ويظهر منه أن عظمة الرجال الأشداء ليست في أنهم لا يخافون، وإنما لأنهم يكسرون حاجز الخوف ولا يتركونه يسيطر عليهم في تقييد أفعالهم، فالخوف الذي يحدّد الإنسان ويجبّنه هو الخوف المذموم ولابد من تجاوزه والتخلي عنه بشتي الوسائل، أما الخوف الممدوح والمطلوب بقاؤه فهو: الخوف من الله سبحانه وتعالي؛ إذ أية قوة تستحق أن يخشاها الإنسان في هذا الوجود، لا تساوي أي شيء أمام قوة الله تبارك وتعالي.

تخويف القرآن من العذاب

قال الله تبارك وتعالي: ?أَ فَلَمْ يَرَوْا إِلي ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ?.

فإنه ليس بإمكاننا أن نقدّر مدي احتياجنا إلي رحمة الله تبارك وتعالي، فإن وجودنا كله مرتبط بمشيئته عزوجل، فإذا اقتضت مشيئته

أن نكون عدماً محضاً فلا مانع يمنع من ذلك.

قال تعالي: ?وَللهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرْضِ وَكَفي بِاللهِ وَكِيلاً? إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللهُ عَلي ذلِكَ قَدِيراً?.

ومن المعلوم: أن هذه الأرض التي نحن عليها، نتغذي منها ونستمد مما بثّ الله تعالي فيها من مختلف النعم، تغمر مياه المحيطات والبحار أكثر من ثلاثة أرباعها، فمالذي يمنع هذه البحار والمحيطات أن تزحف بطوفانها علي الربع المسكون فتغرقه وتجعله كأن لم يكن لولا إرادة الله؟

قال سبحانه وتعالي: ?وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ?.

نعم، هذا نزرٌ يسير من مظاهر احتياجنا إلي رحمة الله في الحياة الدنيا، فكيف بنا إذا غادرنا هذه الحياة وانتقلنا إلي الحياة الآخرة؟!

القرآن ومستدعيات الخوف الحقيقي

إن الارتباط بمشيئة الله ورحمته في الحياة الأخري، سوف يكون أشد وأقوي بكثير مما عليه في الحياة الدنيا، فهناك حيث الوحشة والوحدة والحساب والعقاب، حتي إن الإنسان يفرّ من عائلته ذويه، وأقربائه وأصدقائه، ويكون همه النجاة بنفسه.

قال سبحانه وتعالي: ?فَإِذا جاءتِ الصَّاخَّةُ ? يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ? وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ? وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ? لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ? وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ? ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ? وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ? تَرْهَقُها قَتَرَةٌ? أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ?.

إذن، هناك ما يستدعي الخوف الحقيقي؛ إذ كل ما كان يحذره الإنسان في الحياة الدنيا ويخافه لا يكون أمام أخطار الآخرة وصعوباتها إلا كلا شيء، فلتكن لدينا وقفة تأمَّل نستحث بها أفكارنا، ونسأل: لماذا يتولد لدينا الخوف ويسيطر علي تصرفاتنا بسبب قوي زائفة، ومن أجل قدرات زائلة، لا تملك أيّ اعتبار أمام تلك القوة الحقيقية والقدرة الذاتية، ألا وهي قوة الله سبحانه وتعالي وقدرته الأزلية؟

فإن الله سبحانه وتعالي يذكّر بهذه الحقيقية في كتابه

العزيز بقوله عزوجل: ?ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ?.

وقال سبحانه وتعالي: ?أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ?.

فعلي الإنسان أن يدرك هذه الحقيقة، ويعلم أن جميع أعماله سوف تعرض عليه يوم القيامة، وأن هذه الدنيا وصعوباتها هي محطة للابتلاء والاختبار لمقدار قوة إرادة الإنسان وكيفية سلوكه، يقول الله سبحانه وتعالي: ?الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ?.

ثمرة الخوف من الله تعالي

فالخوف من الله ومن عذاب الآخرة، الذي يحصل عليه الإنسان من خلال التدبر في آيات القرآن، يدفع بالإنسان إلي العمل الصالح، الذي يرضي الله ورسوله، ويسعد المؤمن في هذه الدنيا ويوم القيامة، ويجنبه العذاب والشقاء في الدارين.

إذن، فالخوف من الله منهج سديد وسلوك قويم، يزرع في صاحبه العفة والتقوي ويدعوه إلي الالتزام بحدود الله، وترك المعاصي والذنوب، والابتعاد عن الظلم والاعتداء علي الآخرين.

فهذا هابيل ابن آدم ? لم يقتل أخاه قابيل لأنّ الخشية من الله ملأت قلبه، علي العكس من قابيل الذي بادر إلي قتله، قال تعالي: ?وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قالَ لأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ? لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ?.

وهكذا يكون الإنسان عضواً نافعاً في المجتمع إن خاف الله تبارك وتعالي خوفاً صادقاً، فإن الخوف من الله عزوجل هو من الأسباب التي تدعو الإنسان إلي احترام بني نوعه، وإلي تحمل جزء من ا لمسؤولية تجاه نفسه والمجتمع.

الدنيا والآخرة في القرآن

ثم إن الذي يفصل بين حياته اليوم، وبين حياته غداً، لا يستطيع أن يؤمن بتأثير عمله وسلوكه الفعلي في حياته المستقبلية.

كما إن الذي يفصل بين نفسه، وبين الطبيعة والمجتمع، لا يستطيع أن يفهم التأثير المتبادل بينهما، فكما أن الطبيعة والمجتمع لهما تأثير عليه، فكذلك أعماله لها تأثير علي الطبيعة والمجتمع، والتدبر في القرآن يورث وجداناً واعياً يعي هذا التأثير والترابط، والوجدان الواعي يدعو إلي الإيمان، الذي هو أعلي درجات الكمال والوعي، فالإيمان بالله يقف في أعلي درجات الكمال الإنساني؛ لأنه يولّد لدي الإنسان شعوراً خاصاً بقدرة الله سبحانه وتعالي، وإحساساً كبيراً

بتحقق اليوم الآخر اليوم الذي تعرض فيه الأعمال ويكون به الحساب والجزاء، ثم الثواب أو العقاب وبذلك يسعي الإنسان لاكتساب الفضائل واجتناب الرذائل؛ لأنه لا يري أحداث الحياة من خلال محيطه ومجتمعه أو المجتمع البشري وحده، بل يراها من خلال الكون وحركته المنتظمة الهادفة، كما أنه لا يري مسيرة حياته إلي حين الموت فقط، وإنما يراها متعدية إلي ما بعد الموت والمراحل العليا للحياة الآخرة، السائرة في اتجاه الكمال المطلق، يعني إلي الله سبحانه وتعالي.

فمن هنا تكون مسؤولية المؤمن بالله واليوم الآخر أكبر وأوسع من غيره؛ لأنها تتجاوز حدود الحياة الدنيا لتصل إلي الحياة الآخرة، وهذا الاعتقاد الصحيح يحمله علي أن يضحي بالمصالح الآنية الزائفة كسباً للمصالح الأخروية الكبري الآتية، وحيث إنه يري سعادته من سعادة المجتمع وشقاءه من شقائه فيسعي جادّاً في سبيل تحقيق الأهداف العليا المتمثلة برعاية مصالح الآخرين، علي أن يضحي بشهواته الرخيصة ومصالحه الآنية ولا يكون كل ذلك إلا بالتعمق والتدبر في القرآن الحكيم والعمل بجميع أوامره، والانتهاء عن كل نواهيه.

القرآن يدعو إلي الأفضل

كان هناك تلميذان يسيران في طريقهما إلي المدرسة صباحاً، فشاهدا رجلاً كان قد تسلّق نخلة له ليجني الرطب، فقال أحدهما وكان بعيداً عن تعاليم القرآن : لنسخر من هذا الفلاح!

فقال الآخر: وكيف؟

قال: تعال معي لنخفي حذاءه وننتظره حتي ينزل، وعندما لا يجد حذاءه فسيذهب ويفتش عنه هنا وهناك فنسخر منه!

اشمأز التلميذ الآخر الذي كان متأدباً بآداب القرآن وتعاليمه لسماعه هذا الاقتراح وقال: لدي عمل أفضل من هذا.

فقال له الأول: وما هو؟

قال: أن نضع النقود التي أخذناها من أبوينا هذا الصباح في داخل حذاء هذا المزارع، وحين ينزل ويجدها في حذائه فإنه سيفرح كثيراً. وعندها نفرح نحن لفرحه. أليس هذا العمل

أفضل من الأول؟

اقتنع التلميذ الأول بكلام زميله وأختار العمل الثاني وذلك لإدراكهما المصلحة الكبري التي تحصل من وراء هذا العمل، وهي: مصلحة تعود ليس إليهما فقط، وإنما للرجل المزارع كذلك.

فهذه النتيجة طبيعية تحصل لأناس يعيشون في مجتمع متأدب بآداب القرآن، ويعتقدون بأن الأعمال تعرض يوم القيامة علي أصحابها فيجازون بها، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وهذا الاعتقاد القرآني حقيقة ناصعة، تدفع الإنسان إلي ترك الأعمال الشريرة وفعل الأعمال الخيرة.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ما من رجلٍ علّم ولده القرآن إلا توّج الله أبويه يوم القيامة تاج الملك وكسيا حلّتين لم ير الناس مثلهما?.

وقال صلي الله عليه و اله: ?إنّ هذا القرآن مأدبة الله فتعلّموا مأدبته ما استطعتم، إنّ هذا القرآن حبل الله، وهو النور البيّن والشفاء النافع، عصمة لمن تمسّك به و نجاة لمن تبعه?.

ثمار التدبر في القرآن

كان أبو عبد الله الصادق عليه السلام إذا أخذ مصحف القرآن قبل أن يقرأ القرآن وقبل أن ينشره يقول حين يأخذه بيمينه: ?بسم الله، اللهم إني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك علي رسولك محمد بن عبد الله ? وكتابك الناطق علي لسان رسولك، فيه حكمك وشرائع دينك، أنزلته علي نبيك، وجعلته عهدا منك إلي خلقك وحبلا متصلا فيما بينك وبين عبادك، اللهم إني نشرت عهدك وكتابك، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة، وقراءتي تفكرا، وفكري اعتبارا، واجعلني ممن اتعظ ببيان مواعظك فيه، واجتنب معاصيك، ولا تطبع عند قراءتي كتابك علي قلبي ولا علي سمعي، ولا تجعل علي بصري غشاوة، ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبر فيها، بل اجعلني أتدبر آياته وأحكامه، آخذا بشرائع دينك ولا تجعل نظري فيه غفلة ولا قراءتي هذرمة، إنك أنت الرؤوف

الرحيم?.

نعم، إن التعاليم الحقة التي جاء بها القرآن الكريم، إنما تحصل بالتدّبر في آياته والغوص في معانيه، علماً بأن الاعتبار بها حقّ الاعتبار، والاستفادة منها حق الاستفادة، تبدي آثارها وتعطي ثمارها لا علي الفرد نفسه، بل علي عموم المجتمع ككل.

فالقرآن إذن هو منهج وسلوك، وهو يؤدي بالفرد الإنساني إلي أن يكون عضواً نافعاً في المجتمع، بعد أن ترتكز في ذهنه حالة الخوف من الله التي تؤدي إلي أن تكون كل أعماله محسوبة ومدروسة، سواء في وحدته وانفراده، أم في مجتمعه وذويه.

فعن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: ?يا إسحاق! خف الله كأنك تراه، وإن كنت لا تراه فإنه يراك، وإن كنت تري أنه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم انه يراك ثم برزت له بالمعصية، فقد جعلته من أهون الناظرين عليك?.

فالإنسان عندما يكون لديه تفكير كهذا، يجعل الله أمامه في كل صغيرة وكبيرة، ومن البديهي أن تكون أعماله حينئذ صالحة ونواياه خيرة، فتصب في خدمة الآخرين ومصلحة المجتمع مادام ارتباطه بالمجتمع، والتلميذ الذي نمت في قلبه نيَّة الخير كما أشرنا إليه آنفاً لابد وأن يكون قد استقاها من مجتمعه الخيّر ومن أبويه الصالحين.

إذن، فليكن لنا القرآن دليلاً ونوراً نستنير به في هذه الدنيا الزائلة، للفوز بالأخري الأبدية والباقية. قال الإمام الحسن عليه السلام: ?ما بقي في الدنيا بقية غير هذا القرآن فأتخذوه إماماً يدلكم علي هداكم، وإن أحق الناس بالقرآن من عمل به وإن لم يحفظه، وأبعدهم منه من لم يعمل وإن كان يقرؤه?.

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إنّ هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد وإن جلاها قراءة القرآن?.

وقال ابن عباس: ?قارئ القرآن التابع له، لا يضل في

الدنيا ولا يشقي في الآخرة?.

وفي الختام نسأل الله تعالي وندعوه بالمأثور من دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام مردّدين: ?اللهم اجعل القرآن وسيلة لنا إلي أشرف منازل الكرامة، وسلماً نعرج فيه إلي محل السلامة، وسبباً نجزي به النجاة في عرصة القيامة، وذريعة نقدم بها علي نعيم دار المساحة، اللهم واحطط بالقرآن عنا ثقل الأوزار، وهب لنا حسن شمائل الأبرار، اللهم صلّ علي محمد وآل محمد «.

من هدي القرآن الحكيم

?القرآن دستور الحياة:

قال الله تعالي: ?قَدْ جاءكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ? يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَي النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ?.

وقال سبحانه: ?وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ?.

وقال عزوجل: ?وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ?.

وقال جلّ وعلا: ?هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُديً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ?.

وقال تبارك وتعالي: ?وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ?.

? القرآن كتاب هدي ورحمة:

قال سبحانه: ?وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ?.

وقال عزوجل: ?الم ? ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُديً لِلْمُتَّقِينَ?.

وقال جلا وعلا: ?وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلي عِلْمٍ هُديً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ?.

وقال تبارك وتعالي: ?وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ وَهُديً وَرَحْمَةً وَبُشْري لِلْمُسْلِمِينَ?.

? التدبر في القرآن:

قال تعالي: ?أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلي قُلُوبٍ أَقْفالُها?.

وقال سبحانه: ?كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبابِ?.

وقال عزوجل: ?أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءهُمُ الأَوَّلِينَ?.

وقال جلّ وعلا: ?أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً?.

? الخوف الحقيقي في القرآن:

قال سبحانه: ?تَتَجافي جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً?.

وقال عزوجل: ?فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ?.

وقال جل وعلا: ?الَّذِينَ

يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلي جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ?.

وقال تبارك وتعالي: ?لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ?.

وقال سبحانه: ?قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ?.

من هدي السنة المطهرة

?القرآن دستور الحياة:

قال رسول الله صلي الله عليه و اله:» القرآن علي خمسة أوجه: حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فاعملوا بالحلال، واجتنبوا بالحرام، واتبعوا المحكم، وآمنوا بالمتشابه، واعتبروا بالأمثال، وما آمن بالقرآن من استحل محارمه. وشر الناس من يقرأ القرآن ولا يرعوي شيء به «.

وقالت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في خطبتها المعروفة في أمر فدك:» لله فيكم عهد قدّمه إليكم، وبقية استخلفها عليكم: كتاب الله بيّنة بصائرها، وآي منكشفة سرائرها، وبرهان متجلية ظواهره، مديم للبريّة استماعه، وقائداً إلي الرضوان اتّباعه، ومؤدياً إلي النجاة أشياعه، فيه تبيان حجج الله المنيرة، ومحارمه المحرمّة، وفضائله المدوّنة، وجمله الكافية، ورخصه الموهوبة، وشرائطه المكتوبة، وبيناته الجالية «.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام:» من اتخذ قول الله دليلاً هدي إلي التي هي أقوم «.

? القرآن إمام ورحمة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله:» عليكم بالقرآن فاتخذوه إماماً وقائداً، فإنه كلام رب العالمين الذي هو منه وإليه يعود، فآمنوا بمتشابهه واعتبروا بأمثاله «.

وقال ?:» نعم الشفيع القرآن لصاحبه يوم القيامة «.

وقال?:» القرآن هدي من الضلالة، وتبيان من العمي، واستقالة من العثرة، ونور من الظلمة، وضياء من الأحزان، وعصمة من الهلكة، ورشد من الغواية، وبيان من الفتن، وبلاغ من الدنيا، إلي الآخرة، وفيه كمال دينكم «.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام:» واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدي، أونقصان من عمي «.

? التدبر في القرآن

قال الإمام الكاظم موسي بن جعفر عليه السلام عن آبائه عليهم السلام:» سئل رسول الله صلي الله عليه و اله في قوله تعالي: ?وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً? قال بيّنه تبياناً، ولا تنثره نثر الرمل، ولا تهذّه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكون هم أحدكم آخر السورة «.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام:» ألا لا خير في قراءة ليست فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه «.

? القرآن والخوف الحقيقي من الله

قال رسول الله صلي الله عليه و اله:» من خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء «.

وقال صلي الله عليه و اله:» ما من عبد مؤمن تخرج من عينيه دمعة وإن كانت مثل رأس الذباب من خشية الله تعالي ثم تصيب شيئاً من حر وجهه، إلا حرّمه الله تعالي علي النار «.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام:» إن المؤمن لا يصبح إلا خائفاً وأن كان محسناً، ولا يمسي إلا خائفاً وإن كان محسناً، لأنه بين أمرين: بين وقت قد مضي لا يدري ما الله صانع به، وبين أجل قد اقترب لا يدري ما يصيبه من الهلكات «.

وقال أبو عبد الله عليه السلام: في قول الله عزوجل: ?وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ? قال:» من علم أن الله يراه ويسمع ما يقول ويعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك من القبيح من الأعمال فذلك الذي خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوي «.

وقال لقمان عليه السلام لابنه:» يا بني خف الله خوفاً لو أتيته بعمل الثقلين خفت أن يعذبك، وأرجه رجاء لو أتيته بذنوب الثقلين رجوت أن يغفر لك «.

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

الكافي: ج3 ص600 كتاب فضل القرآن ح8

سورة الجاثية: 20.

انظر تفسير (تقريب القرآن إلي الأذهان): ج25 ص142 سورة الجاثية.

نهج البلاغة، الخطب: 176 من خطبة له? وفيها يعظ ويبين فضل القرآن وينهي عن البدعة.

سورة الإسراء: 9.

سورة الأنعام: 161.

سورة المائدة: 16.

سورة البقرة: 259.

انظر تقريب القرآن إلي الأذهان: ج6 ص66 سورة المائدة.

سورة القصص: 56.

سورة يونس: 99.

الكافي: ج1 ص166 باب الهداية أنها من الله ح3.

سورة القصص: 56.

سيد قطب: كاتب مصري، من مواليد قرية (موشا) في أسيوط، ولد عام 1906م تخرج

بكلية دار العلوم بالقاهرة سنة 1353 وعمل في جريدة الأهرام، كتب في مجلتي (الرسالة) و(الثقافة) وعين مدرساً للعربية، ثم موظفاً في ديوان منارة المعارف، وأوفد في بعثة لدراسة (برامج التعليم) في أمريكا عام 1948م ولما عاد انضم إلي الإخوان المسلمين،فترأس قسم نشر الدعوة وتولي تحرير جريدتهم سنة 1953 وسجن معهم ثم أصدر الأمر بإعدامه سنة 1967، قال خالد محي الدين (أحد أقطاب الثورة المصرية) في ما كتبه عن سيد قطب: من العجيب أن سيد قطب انقلب بعد قيام الثورة ناقماً متمرداً علي كل ما يحدث حوله لا يراه إلا جاهلية مظلمة، ومن مؤلفاته (النقد الأدبي أصول ومناهجه / العدالة الاجتماعية / مشاهد القيامة في القرآن / في ظلال القرآن / معالم في الطريق) أنظر الأعلام لخير الدين الزركلي: ج3 ص137.

للتفصيل راجع (إيمان أبي طالب) الشمس الدين أبي علي بن فخار بن معد الموسوي المتوفي (630ه)

سورة عبس: 1.

سورة الشعراء: 227.

تقريب القرآن الي الأذهان: ج20 ص75 سورة القصص.

سورة النحل: 43.

سورة فاطر: 32.

سورة الفرقان: 27.

انظر تفسير تقريب القرآن إلي الأذهان: ج19 ص14 سورة الفرقان.

سورة النحل: 43.

الكافي: ج1 ص211 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة? ح7.

سورة الزخرف: 44.

الكافي: ج1 ص211 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة? ح1.

تفسير القمي: ج2 ص112 سورة الفرقان.

الكافي: ج8 ص27 خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي خطبة الوسيلة.

الأبساسي بالشفتين دون اللسان والنقر باللسان دون الشفتين، وقيل: إن يمسح ضرع الناقة يسكتها لتدر، وكذلك تبُس الريح بالسحابة، انظر لسان العرب:: ج6 ص28 مادة (بئس).

سورة آل عمران: 103.

سورة آل عمران: 112

سورة الزحر: 56.

سورة الفرقان: 27

سورة إبراهيم: 37

سورة آل عمران: 7.

الغيبة للنعماني: ص39 ب2 ح1.

وسائل الشيعة: ج27 ص34

ح33146.

مستدرك الوسائل: ج11 ص272 ب49 ح13294.

نهج البلاغة، الخطب: 176 من خطبة له عليه السلام فيهما يعظ ويبين فضل القرآن وينهي عن البدعة.

غرر الحكم ودرر الكلم: ص111 ق1 ب4 ف4 ح1972.

غرر الحكم ودرر الكلم: ص111 ق1 ب4 ف4 ح1974.

سورة الإسراء: 9.

إرشاد القلوب: ج1 ص81 ب20.

إرشاد القلوب: ج1 ص81 ب20.

سورة ص: 29.

سورة النساء: 82.

غرر الحكم ودرر الكلم: ص111 ق1 ب4 ح1985.

منية المريد: ص162 الباب الأول في آداب المعلم والمتعلم.

لمزيد الاستفادة والتفصيل راجع كتاب (التدبر في القرآن) لآية الله السيد محمد رضا الشيرازي (دام ظله) ففيه من روائع ما كتب في هذا المجال.

سورة الروم: 58.

غرر الحكم ودرر الكلم: ص110 ق1 ب4 ف4 ح1967.

سورة الجاثية: 6.

سورة الزمر: 23.

نهج البلاغة والخطب: 18 من كلام له عليه السلام في ذم اختلاف العلماء في الفتيا وفيه يذم أهل الرأي.

هو أبو علي الفضل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمي الفنديني (105 187ه) الزاهد المشهور، ولد بأبيورد من بلاد خراسان وقيل: بسمرقند، ونشأ بأبيورد، قدم الكوفة وسمع الحديث بها، ثم انتقل إلي مكة وجاور بها إلي أن مات في المحرم سنة (187) وقبره بها. وله كلمات ومواعظ مشهورة. قال عنه النجاشي في رجاله: الفضيل بن عياض بصري، ثقة، روي عن أبي عبد الله ? نسخة، أخبرنا علي بن أحمد، عن محمد بن الحسن، عن سعد، عن القاسم بن محمد الاصبهاني قال: حدثنا سليمان بن داود، عن فضيل بكتابه. انظر رجال النجاشي: ص310 الرقم 847. والأعلام لخير الدين الزركلي: ج5 ص153.

سورة الحديد: 16.

سفينة بحار الأنوار: ج7 ص103 باب الفاء بعده الضاد.

مفتاح الفلاح: ص372 خاتمة.

انظر تفسير الصافي: ج1 ص73 المقدمة11 في نبذة مما جاء في كيفية التلاوة وآدابها.

فلاح السائل: ص107 ف17 ذكر أدب العبد في

قراءة القرآن …

سورة فاطر: 28.

التبيان في تفسير القرآن: ج8 ص427 سورة فاطر.

وسائل الشيعة: ج15 ص216 ب13 ح20311.

يعتبر الخوف حالة نفسية ناتجة عن الشعور بانعدام الأمن، ولعله من أبرز الانفعالات الإنسانية، وهو استجابة الفعالية التي تنتج عن خلل طارئ يخرج بالإنسان عن مسار سلوكه الاعتيادي، أو هو حالة تتبلور علي صورة دافع يعرقل اندفاع الإنسان نحو مقارعة المشاكل وإزالة العوائق التي تعترض سبيله في الحياة، فيسلب القدرة علي السعي نحو العمل الدؤوب، وتتلاشي علي أثر ذلك قدرته الإدارية فيفقد القدرة علي الفعل والحركة، بل حتي علي الكلام والدفاع عن نفسه في بعض الاحيان. فالخوف استجابة لخطر آني واضح من مظاهر خارجية أو مشهودة، أو يمكن رؤيتها وتصورها. وهو أنه استجابة لتهديدات واقعية أو وهمية، تظهر لدي الإنسان حينما يجد نفسه معرّضاً للإصابة بالضرر أو الفناء، فتثير فيه الرغبة نحو حفظ وجوده وصيانة ذاته. ولا يختص الخوف بفئة معينة دون سواها، ولا يوجد هناك شخص أو جماعة في معزل عنه أو خارجين عن نطاق تأثيره، فالخوف موجود لدي جميع الناس مع تفاوت في الشدة والضعف. وللخوف أعراض الظاهرية منها: ارتعاش الجسم وشحوب اللون واصفرار الوجه والذهول، وربما نضوح قطرات من العرق علي الوجه، والقشعريرة وغير ذلك. أما الآثار الداخلية فهي: اضطراب المزاج، والشعور بالحيرة، وفقدان الشهية، وتقلص الأوتار الصوتية، والشعور بوجود ثقل علي الصدر، والشعور بألم في القلب وجوانبه، وضعف قواه العقلية، وفقدان الحنان والعاطفة كما عبر عنه في القرآن الكريم: ?يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَي النَّاسَ سُكاري وَما هُمْ بِسُكاري وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيد? سورة الحج: 2.

والخوف ليس كالجبن بمعناه النفسي والانفعالي؛ لأن الجبن من الناحية الواقعية رذيلة

قد تكون علي صلة بالخوف ولكنها أمر مرضي من جهة، وعلي صلة وثيقة بالأخلاق والمفاهيم السلاكية من جهة أخري، أما الخوف فهو انفعال علي صلة بالعقل والإدراك والجسد، فالإنسان لا ينتابه الخوف إلا إذا أدرك وجود خطر يهدد حياته، والذي لا يدرك وجود الخطر، إما عن جهل أو عن سهو وعدم انتباه لا يخاف، وقد يستثار الخوف علي وجه العموم بأي موقف يهدد تكامل الإنسان. راجع (الأطفال ومشاعر الخوف والقلق) لعلي قائمي: ص9 24. و(في سبيل موسوعة نفسية، تغلب علي الخوف): ص6.

سورة طه: 67.

راجع تفسير مجمع البيان: ج7 ص39 سورة طه.

انظر تنزيه الأنبياء: ص71 في تنزيه موسي?.

أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رباب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، أمها: عمة رسول الله صلي الله عليه و اله أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. كانت ممن هاجر مع رسول الله صلي الله عليه و اله إلي المدينة، تزوجها زيد بن حارثة، ثم طلقها وتزوجها النبي الأكرم صلي الله عليه و اله، كان ذلك في سنة خمس من الهجرة، قالت زينب بنت جحش: لما جاءني الرسول بتزويج رسول الله صلي الله عليه و اله إياي جعلت لله علي صوم شهرين، وقالت يوما: يا رسول الله، إني والله ما أنا كأحد من نسائك؛ ليست امرأة من نسائك إلا زوجها أبوها أو أخوها وأهلها غيري زوجنيك الله من السماء. وعن أم سلمة قالت: ذكرت بعض ما كان يكون بينها زينب وبين عائشة فقالت زينب: إني والله ما أنا كأحد من نساء رسول الله صلي الله عليه و اله إنهن زوجهن بالمهور وزوجهن الأولياء

وزوجني الله رسوله، وأنزل فيّ الكتاب يقرأ به المسلمون لا يبدل ولا يغير، توفيت (رضوان الله عليها) سنة (20ه) وهي في الخمسين من عمرها وهي أول نساء رسول الله صلي الله عليه و اله لحوقاً به، قال النبي صلي الله عليه و اله لأزواجه: ?يتبعني أطولكن يدا? قالت عائشة: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد النبي صلي الله عليه و اله نمد أيدينا في الجدار نتطاول فلم نزل نفعل ذلك حتي توفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأة قصيرة يرحمها الله ولم تكن أطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبي صلي الله عليه و اله إنما أراد بطول اليد الصدقة، وقالت: وكانت زينب امرأة صناع اليد فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق في سبيل الله. توفيت زينب بنت جحش وهي ابنة ثلاث وخمسين سنة.

انظر أعيان الشيعة: ج7 ص132، والطبقات الكبري: ج8 ص101 115 ذكر أزواج رسول الله صلي الله عليه و اله، زينب بنت جحش.

زيد الحب بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزي بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود، أمه سعدي بنت ثعلبة بن عبد عامر من بني معن من طي، زارت سعدي أم زيد بن حارثة قومها وزيد معها، فأغارت خيل لبني القين بن جسر في الجاهلية فمروا علي أبيات بني معن رهط أم زيد فاحتملوا زيدا إذ هو يومئذ غلام يفعة قد أوصف، فوافوا به سوق عكاظ فعرضوه للبيع فاشتراه منهم حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد لعمته خديجة بنت خويلد بأربع مائة درهم، فلما تزوجها رسول الله صلي الله عليه و اله وهبته له فقبضه رسول الله صلي الله عليه و اله وقد كان أبوه حارثة بن شراحيل حين

فقده قال:

بكيت علي زيد ولم أدر ما فعل أحي فيرجي أم أتي دونه الأجل

فوالله ما أدري وإن كنت سائلا أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل

فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل

فحج ناس من كلب فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه فقال: بلغوا أهلي هذه الأبيات فإني أعلم أنهم قد جزعوا علي، وقال:

ألكني إلي قومي وإن كنت نائيا بأني قطين البيت عند المشاعر

فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم ولا تعملوا في الأرض نص الاباعر

فإني بحمد الله في خير أسرة كرام معد كابرا بعد كابر

قال: فانطلق الكلبيون وأعلموا أباه، فقال: ابني ورب الكعبة، ووصفوا له موضعه وعند من هو، فخرج حارث وكعب ابنا شراحيل بفدائه وقدما مكة، فسألا عن النبي صلي الله عليه و اله فقيل: هو في المسجد فدخلا عليه، فقالا: يا بن عبد الله، يا بن عبد المطلب، يا بن هاشم، يا بن سيد قومه، أنتم أهل الحرم وجيرانه، وعند بيته تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه، فإنا سنرفع لك في الفداء. قال: ?من هو؟?. قالوا: زيد بن حارثة. فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?فهل أنتم لغير ذلك؟?. قالوا: ما هو؟ قال: ?دعوه فخيروه، فإن اختاركم فهو لكما بغير فداء، وإن اختارني، فو الله، ما أنا بالذي أختار علي من اختارني أحدا?. قالا: قد زدتنا علي النصف وأحسنت. قال: فدعاه، فقال: ?هل تعرف هؤلاء؟?. قال: نعم، قال: ?من هما?. قال: هذا أبي وهذا عمي، قال: ?فإنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك، فاخترني أو اخترهما?. فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا؛ أنت مني بمكان الأب والأم، فقالا: ويحك

يا زيد، أتختار العبودية علي الحرية، وعلي أبيك وعمك وأهل بيتك؟! قال: نعم؛ إني قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا، فلما رأي رسول الله صلي الله عليه و اله ذلك أخرجه إلي الحجر، فقال صلي الله عليه و اله: ?يا من حضر، اشهدوا أن زيدا ابني أرثه ويرثني?. فلما رأي ذلك أبوه وعمه طابت أنفسهما وانصرفا، فدعي: زيد بن محمد حتي جاء الله بالإسلام، وزوجه رسول الله صلي الله عليه و اله زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية وأمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم، فطلقها زيد بعد ذلك فتزوجها رسول الله صلي الله عليه و اله. وكان بين رسول الله صلي الله عليه و اله وبين زيد بن حارثة عشر سنين فإن رسول الله صلي الله عليه و اله أكبر منه، وكان زيد رجلا قصيرا آدم شديد الأدمة في أنفه فطس، وكان يكني: أبا أسامة. وآخي رسول الله صلي الله عليه و اله بين زيد بن حارثة وحمزة بن عبد المطلب، وآخي رسول الله صلي الله عليه و اله بين زيد بن حارثة وأسيد بن حضير، زوجه رسول الله صلي الله عليه و اله أم أيمن حاضنة رسول الله صلي الله عليه و اله ومولاته، وجعل له الجنة، فولدت له أسامة، فكان يكني به، وشهد زيد بدراً وأحداً واستخلفه رسول الله صلي الله عليه و اله علي المدينة حين خرج النبي صلي الله عليه و اله إلي المريسيع، وشهد الخندق، والحديبية، وخيبر، وكان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و اله. روي: ما بعث رسول الله صلي الله عليه و اله زيد بن

حارثة في جيش قط إلا أمّره عليهم، وأول سرية خرج فيها زيد سريته إلي القردة، ثم سريته إلي الجموم، ثم سريته إلي العيص، ثم سريته إلي الطرف، ثم سريته إلي حسمي، ثم سريته إلي أم قرفة، ثم عقد له رسول الله صلي الله عليه و اله علي الناس في غزوة مؤتة وقدمه علي الأمراء، فلما التقي المسلمون والمشركون كان الأمراء يقاتلون علي أرجلهم فأخذ زيد بن حارثة اللواء فقاتل وقاتل الناس معه والمسلمون علي صفوفهم، فقتل زيد طعنا بالرماح شهيدا فصلي عليه رسول الله صلي الله عليه و اله وقال: ?استغفروا له وقد دخل الجنة وهو يسعي? وكانت مؤتة في جمادي الأولي سنة ثمان من الهجرة، وقتل زيد يومئذ وهو ابن خمس وخمسين سنة.

انظر: الطبقات الكبري: ج3 ص40 الطبقة الأولي ذكر زيد الحب.

سورة الأحزاب: 37.

سورة الأحزاب: 4.

علي بن ابراهيم بن هاشم القمي صاحب التفسير المعروف باسمه، ولد في عائلة تعرف بالتدين والإيمان والمحبة لآل البيت?. والده من كبار رواة الشيعة، وهو منذ طفولته بدأ بالدراسة علي يديه، سمع الحديث من كثير من الرواة والمحدثين، وأصبح هو أيضاً بعد ذلك من المحدثين البارزين في مدينة قم المقدسة، وهو أول من أشاع روايات أهل الكوفة في هذه المدينة، و يعد في الحقيقة شيخ قم ووجيهها. نقلت عنه الموسوعات الروائية الشيعية أحاديث كثيرة روي أكثرها عن والده، يحظي باحترام خاص من علماء الشيعة وفقهائها، وقد أورد الشيخ الكليني في كتابه الكافي كثيراً من رواياته المستندة إليه. يعتبر من أوائل رواة الحديث الكبار في مدينة قم و يطلق عليه الفقهاء عنوان أستاذ مشايخ قم، كما يعدونه من أكبر الشخصيات في تلك المدينة.

مؤلفاته: نوادر القرآن، الناسخ والمنسوخ، قرب الإسناد، الشرايع،

الحيض، التوحيد والشرك، فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، المغازي، الأنبياء، و …، إضافة إلي تفسيره الشهير الذي يعتبر من أقدم التفاسير التي تكشف القناع عن وجه أسرار الآيات النازلة في حق أهل البيت ? وحظي هذا التفسير باهتمام بالغ بين مفسري الشيعة، وتوجد نسخ خطية من هذا التفسير في مكتبة آية الله السيد الحكيم في النجف الأشرف. ونسخة أخري في مكتبة آية الله كاشف الغطاء في النجف الأشرف، توفي سنة (329ه) انظر رجال النجاشي: ج2 ص86.

سورة القصص: 56.

سورة طه: 45.

سورة القصص: 21.

سورة الروم: 55.

وسائل الشيعة: ج14 ص502 ب66 ح19694.

راجع تفسير (تقريب القرآن إلي الأذهان): ج22 ص18 سورة الأحزاب.

سورة سبأ: 9.

سورة النساء: 132133.

سورة يس: 43.

سورة عبس: 3342.

سورة آل عمران: 175.

سورة التوبة: 13.

سورة الملك: 2.

سورة المائدة: 2728.

وسائل الشيعة: ج6 ص168 ب1 ح7643.

وسائل الشيعة: ج6 ص168 ب1 ح7648.

هذرمة: السراع في الكلام.

مستدرك الوسائل: ج4 ص372 ب45 ح4977.

بحار الأنوار: ج67 ص355 باب 59 ح2.

إرشاد القلوب: ج1 ص79 ب19.

إرشاد القلوب: ج1 ص78 ب19.

إرشاد القلوب: ج1 ص78 ب19.

الصحيفة السجادية: من دعاء ختم القرآن.

سورة المائدة: 1516.

سورة الأنعام: 155.

سورة النحل: 44.

سورة الجاثية: 20.

سورة الزمر: 27.

سورة الإسراء: 82.

سورة البقرة: 12.

سورة الأعراف: 52.

سورة النحل: 89.

سورة محمد: 24.

سورة ص: 29.

سورة المؤمنون: 68.

سورة النساء: 82.

سورة السجدة: 16.

سورة آل عمران: 175.

سورة آل عمران: 191.

سورة المائدة: 28.

سورة الأنعام: 15.

إرشاد القلوب: ج1 ص78 ب19.

بحار الأنوار: ج89 ص13 ب1 ح5.

غرر الحكم ودرر الكلم: ص111 ق1 ب4 ف4 ح1974.

كشف الغمة: ج2 ص164 ذكر الإمام السادس جعفر الصادق عليه السلام.

نهج الفصاحة: ص633 ح3134.

الكافي: ج2 ص600 كتاب فضل القرآن ح8.

بحار الأنوار: ج89 باب 1 ح24 ص24. مستدرك الوسائل: ج4 ص239 ب3 ح4594.

بحار الأنوار: ج89 ص215 ب26 ح17.

بحار الأنوار: ج89 باب 26 ح4 ص211. وسائل الشيعة:

ج6 ص173 ب3 ح7661.

جامع السعادات: ج1 ص225.

المحجة البيضاء: ج7 ص279. كتاب الخوف والرجاء.

بحار الأنوار: ج76 ص382 ب59 ح34.

الكافي: ج2 ص70 باب الخوف والرجاء ح10.

إرشاد القلوب: ج1 ص105 ب28.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.