والدتي

اشارة

اسم الكتاب: والدتي

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: مركز الرسول الاعظم(ص)

مكان الطبع: بيروت

تاريخ الطبع: 1419 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

وبراً بوالدتي

ولم يجعلني

جباراً شقياً

صدق الله العلي العظيم

سورة مريم، الآية: 32

كلمة الناشر

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

في تمام الساعة التاسعة صباحاً من يوم الثلاثاء أول شهر رجب من عام 1396 ه، عند ما انتشر في الأوساط نبأ وفاة والدة المرجع الديني الكبير الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله)، انهال الناس بمختلف طبقاتهم علي دار سماحته.. بين من سمع النبأ فجاء يتأكد منه، ومن تأكد من النبأ فجاء يعزي ذوي المرحومة.

واستفسرنا الإمام الشيرازي (دام ظله) في أسئلة قصيرة كانت كما يلي:

س: هل صحيح ما سمعناه من النبأ؟

ج: نعم.

س: ومتي كان ذلك؟

ج: قبل نصف ساعة.

س: وهل كانت المرحومة الوالدة تشكو مرضاً؟

ج: نعم، كانت قد ابتليت بضغط الدم منذ عشرين عاماً، ولكنها أنهكت منذ عامين، وكان الطبيب يقول عنها: إن أجهزة بدنها عادت مرهقة ومتعبة تماما، وكانت كسراج انطفأ ضياؤها شيئاً فشيئاً.

س: وهل أتيتم لها بطبيب أخيراً؟

ج: نعم، في اليوم الماضي جئنا إليها بطبيب، وقد أعطاها العلاج، ولكن من دون جدوي، واليوم أتيناها بطبيب آخر أيضاً وكان بلا نتيجة فان أمر الله لا يؤخره شيء.

س: كم كان عمر الوالدة؟

ج: كان عمرها ثلاثة وسبعين عاماً، فقد ولدت عام 1323ه وتوفت عام 1396ه.

س: هل تدفنونها هنا؟

ج: كلا، وإنما ننقلها بوصية منها الي جوار جدها الإمام الحسين عليه السلام حيث مقبرتنا في الصحن الحسيني الشريف، وحيث يرقد هناك (أمها) و(والدي) و(أختان) لي، وهي خامسهم.

وهكذا كان الإمام الشيرازي وأخوه وأقرباؤه يتلقون التعازي من الناس، إذ وصلت سيارة الإسعاف لحمل

الجثمان الي المغتسل، وجلس سماحة الإمام من غير تكبر بجنب السائق في نفس السيارة بالرغم من وجود العشرات من سيارات المشيعين الخصوصية في خدمته، وانطلق الموكب الي (المغتسل) في صراخ الناس وعويل النساء وبكاء الرجال..

وأذاعت إذاعة الكويت وتلفزيونها النبأ عدة مرات، بهذا النص: (انتقلت الي رحمة الله تعالي والدة سماحة العلامة الشيرازي عن عمر ناهز الثمانين عاماً، وسيشيع جثمانها في الساعة الرابعة).

وفي اليوم التالي خرجت صحف الكويت وهي بين من تعلن نبأ الوفاة والفاتحة، وبين من تقدم البعض فيها بالتعزية للإمام الشيرازي وذويه.

وانهالت البرقيات الواردة من مختلف البلاد: من ايران والعراق والبحرين والباكستان والهند وأفريقيا والسعودية ومصر وبريطانيا وسائر بلاد أوروبا وغيرها، علي سماحة الإمام الشيرازي وعلي أخيه وسائر الأقرباء تعزية بوفاة الفقيدة الغالية..

التشييع

ولما أذاعت الإذاعة نبأ وفاة المرحومة جعل الناس زرافات ووحداناً ينهالون للتشيع، وكان فيهم: علماء الدين، وأئمة المساجد، وخطباء المنبر الحسيني، والنواب أعضاء مجلس الأمة، والشخصيات السياسية، والاسر التعليمية، والوجهاء، والتجار، والكسبة، ومختلف الأصناف.

ولما تم الغسل والحنوط والكفن، أخبر الإمام الشيرازي ليقيم الصلاة علي جثمان أمه التي طالما عاش في ظلها وكنفها عشرات الأعوام..

وأقيمت الصلاة، فيما كان الإمام الشيرازي يختنق بعبرته أثناء قراءته الأدعية وهو واقف علي جثمان أمه للصلاة.

وتمت الصلاة وشيع الجثمان الطاهر، ثم وضعت في سيارة المغتسل يصحبها رجلان من أبناء الكويت تبرعاً بذلك الي مثواها الأخير في الصحن الحسيني الشريف بكربلاء المقدسة.

الدفن

قال المرافقون للجثمان الطاهر الي كربلاء المقدسة:

لما وردنا مدينة كربلاء وجدنا الناس ينتظرون الجنازة، لما كان قد بلغهم النبأ المؤسف بوفاتها من قبل، وكانوا قد أعلنوا قبل وصول الجثمان من مأذن حرم الإمام الحسين عليه السلام وسيدنا العباس عليه السلام نبأ الوفاة.

فلما علموا بورودنا أعلنوا عن وصول الجثمان من مأذن مشهد الامام الحسين عليه السلام ومأذن مشهد أبي الفضل العباس عليه السلام ومآذن المساجد والحسينيات في كل أطراف مدينة كربلاء المقدسة، كما أغلقوا الدكاكين.

فهرع الناس من كل حدب وصوب، وحملوا النعش الطاهر علي الأكتاف الي (مغتسل المخيم) حيث غسلوا الجثمان بماء الفرات ثانية، وكانت تلك أمنية الفقيدة أن تغسل بماء الفرات عند الممات.

ثم حملوها علي الأكتاف الي مرقد أبي الفضل العباس عليه السلام حيث أطافوها هناك، ثم الي مرقد الإمام الحسين عليه السلام كما طيف بالجثمان من قبل حول ضريح الإمامين الهمامين موسي بن جعفر عليه السلام ومحمد بن علي الجواد عليه السلام في الكاظمية.

ثم حملوا الجثمان الي مقبرة زوجها الفقيد آية الله العظمي المرجع الديني الكبير، مثال الورع والتقوي

السيد ميرزا مهدي الحسيني الشيرازي (قدس سره) الذي كان قد توفي منذ ستة عشر عاماً، سنة 1380 ه.

والمقبرة تقع في جهة الجنوب الشرقي من صحن سيدنا الإمام الحسين عليه السلام.

الفواتح

وقد أقيمت لها الفواتح المتعددة في الكويت …

وفي الشام حيث كان يقيم الثاني من أنجال الفقيدة المغفور لها وهو سماحة آية الله الإمام الشهيد السيد حسن الشيرازي (قدس سره) مؤسس الحوزة العلمية في سوريا، فقد أقام الفاتحة علي روح والدته في صحن سيدتنا ومولاتنا زينب الكبري (عليها السلام) بالاضافة الي الفواتح الأخري.

وفي إيران: حيث كان يقيم رابع أنجال المغفور لها سماحة آية الله السيد مجتبي الشيرازي (دام ظله)، حيث أقام الفاتحة علي روحها في (المسجد الأعظم) عند مقام السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) بقم المقدسة.

هذا بالإضافة الي الفواتح الأخري التي أقيمت في قم المقدسة أيضا، وعدة فواتح في طهران، واصفهان، وشيراز، ومشهد، والأهواز، وقزوين و..

كما أقيمت الفواتح المتعددة في كربلاء المقدسة، وفي النجف الأشرف و..

تراثها

وخير تراث خلفته المغفور لها هي أنجالها الأربعة الذين لو لم يكن لها الا واحد منهم لكفي تراثاً ضخماً وخيراً كاملاً، وكل واحد منهم آية في العلم والجهاد والخدمة الاجتماعية، يعرفهم القريب والبعيد، في كل مكان وهم كالتالي، بكل إيجاز:

1: سماحة الإمام المجدد المرجع الديني الأعلي، المجاهد الكبير آية الله العظمي الحاج السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) الذي عرف بجهاده ضد الظالمين، وبتآليفه التي تجاوزت ألف كتاب وكراس، وتأسيسه المؤسسات والمشاريع الدينية والاجتماعية، وقيادته دفة المرجعية الشيعية بمثابرة وسهر دائبين، وتأسيسه الحوزة العلمية في الكويت ومدارس للعلوم الدينية في إيران، بالإضافة الي الكثير من المؤسسات في مختلف أرجاء العالم…

2: سماحة آية الله الامام الشهيد السيد حسن الشيرازي (قدس سره) مؤسس الحوزة العلمية الدينية في سوريا في جوار السيدة زينب (عليها السلام)، ومدرسة الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه الشريف) في لبنان، ومؤسس الكثير من المراكز الإسلامية في مختلف دول

العالم كأفريقيا و.. وصاحب اكثر من خمسين مؤلفاً منها موسوعة الكلمة المتسمة بالموضوعية والأصالة.

3: سماحة آية الله العظمي السيد صادق الشيرازي (دام ظله) الذي عرف بعلمه الغزير وتآليفه العميقة في الفقه والأصول ومختلف الشئون العلمية والدينية.

4: سماحة العلامة آية الله السيد مجتبي الشيرازي، صاحب المؤلفات العديدة.

ونعم ما قال الاستاذ الشاعر السيد محمد رضا القزويني في رثاء المغفور لها بين يدي أنجالها الكرام وبحضور الملأ من الناس:

هاكم مواساتي بلا منة

عواطفا تفيض من مهجتي

فقدتم أما.. ولكنها

فقيدة ترحل عن أمة

وان أما أنجبت مثلكم

ليست من الأموات ان عدت

وانها راحت لآبائها

قريرة العين الي الجنة

وكان هذا مختصراً عن نبأ وفاة هذه السيدة الجليلة، واليكم ما كتبه الإمام الشيرازي (دام ظله) بعد وفاة والدته المكرمة، وقد طبع هذا الكراس في مقدمة كتاب (الفضيلة الإسلامية) الجزء الرابع الطبعة الأولي دار القرآن الحكيم، قم المقدسة، ولكنه لم يطبع في الطبعة الثانية للكتاب سنة 1402ه مؤسسة الوفاء بيروت لبنان.

فرأينا من المناسب طبعه بشكل مستقل في ذكري وفاتها (رحمها الله) حتي تعم الاستفادة، فكان هذا الكراس (والدتي) نسأل الله سبحانه ان يتغمدها برحمته الواسعة، وأن يوفقنا لمراضيه، انه سميع مجيب.

مركز الرسول الأعظم (ص) للتحقيق والنشر

بيروت لبنان

رجب المرجب 1419ه

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين.

1 وفاة الوالدة

لقد ماتت (الأم) التي كنت طول حياتي، أدعو لها بالبقاء وطول العمر والصحة والسلامة والتوفيق، وبالأخص بعد أن مات أبي، حيث جمعت العواطف بالنسبة إلي الأبوين، فيها وحدها.

وقد كان ألم وفاتها أشد وقعاً علي قلبي، من ألم وفاة أبي، حيث أني فقدت بفقدها كلا الأبوين، بينما كان بقاء الأم، تعزية وسلوة، عند ما فقدت أبي.

نعم لقد ماتت الأم، في أول يوم من رجب سنة 1396ه،

في بلدة الكويت التي احتضنتنا بعد أن طردنا من العراق في 18 من شعبان سنة 1391ه.

وكان ألمي لها ولفقدها، مزيجاً من الحزن العميق لفراقها الأبدي، ومن الحزن العميق لأنها قضت نحبها في بلد غير بلدها، حيث كانت ترجو أن ترجع إلي بلدها (كربلاء المقدسة).

ومن الحزن العميق لقلبها المنكسر حيث كانت ترجو أن يجمع شملها ببنيها المبعثرين، في (النجف الاشرف) و(دمشق) و(قم المقدسة) وبأقربائها القاطنين في (كربلاء المقدسة)، فجري القدر بعكس رجائها، وخلفت ورائها أولاداً وأقارب تكويهم نار الحزن، لعدم تحقق رجائها، فماتت وفي قلبها حسرات، وفي عينيها عبرات، وعلي لسانها آهات.

لقد كنت دائماً أرجو لها البقاء، و أدعو الله سبحانه لذلك، وكنت أعرف أني مقصر وقاصر في أداء حقها، وأستعين الله في أن يشملني بلطفه فأقوم بما أقدر في خدمتها، وكنت أري أن لطف الله بي رهين رضاها وخدمتها.

وساعة غمضتُ جفنيها، وأسبلتُ يديها، ومددتُ رجليها وأطبقتُ فمها، وغطيتُ جسمها بالرداء، تذكرت الحديث القدسي الذي كنت قد سمعته من أحد الخطباء الثقاة: ان الله سبحانه أوحي إلي موسي بن عمران (عليه السلام) حين ماتت أمه: (يا موسي لقد أطفئت العين التي كانت أراك بها).

فعلمت أني بقيت في العراء، وانقطع لطف الله الذي كان يرعاني ببركة الأم ولأجلها.

وهل لي أم ثانية، لأحتمي تحت ظلها، واستدرّ عطف الله سبحانه بواسطتها؟!..

2 شريط الذاكرة

الآن وقد ماتت الأم، تذكرت الشريط الكبير الذي مرّ أمام ذاكرتي من يوم أتذكرها:

.. قبل خمس وأربعين سنة، حينما كنا في النجف الأشرف، وكنت طفلاً في الرابعة من عمري تدللني وتحوطني بعنايتها ورعايتها، بأكبر قدر ممكن، حيث كنت أول أولادها الذكور، بعد أربع بنات..

فكانت تقوم بكل أموري، خير قيام، يدفعها إلي ذلك ينبوع من الحب يتفجر في قلبها،

فتكلؤني نهاراً وتسهر إلي جنبي ليلاً، وتدعو لي بالتقدم في أناء الليل وأطراف النهار..

3 الأعمال المنزلية

وقد تذكرت ما لاقت من الصعوبة المنزلية، حيث كانت هي وحدها بغير مساعد تقوم بكل الشؤون البيتية، فكانت مثالاً صادقاً، لما قاله النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله وسلم)، حيث قسم أمور البيت بين علي وفاطمة (عليهما السلام) فعلي علي (عليه السلام) خارج البيت وعلي فاطمة (عليها السلام) داخل البيت.

فقد كانت تكنس، وتطبخ، وتنظف، وتغسل، وتخيط الملابس، وتهيئ كل شيء لزوجها (أبي) وأولادها الستة (أنا، وأربع أخوات قبلي، والأخ الذي كان بعدي) ووالدتها (جدتي)..

وهكذا استمرت تكدح وتعمل، بكل نشاط واندفاع طيلة ثلاثين سنة.. منذ أتذكر، وإلي أن مات أبي (رحمه الله).

كما أني سمعت عن عائلتنا أنها كانت كذلك، تعمل وتسهر قبل ذلك منذ زواجها بأبي.. وإلي أن أتذكر، أي بعد أربع سنوات من ولادتي.

لقد كان أبي رحمه الله، عازفاً عن الدنيا، زاهداً فيها، عفيفاً عما في أيدي الناس، ولذا كان نصيبه من مال الدنيا أقل من القليل، وكان بيتنا متواضعاً جداً من حيث الأثاث ومن حيث أسباب الرفاه.

وكانت والدتي (رحمها الله) تصبر علي كل ذلك بصدر رحب، وقلب ملئه الإيمان والصمود والمثابرة، وتخدم وتسهر، وتقنع بالأقل من القليل، وترجو ثواب الله والدار الآخرة.

4 صعوبة المعيشة

كانت أسرتنا الصغيرة، منحدرة عن الأثرياء:

فكان جدّ أبي من طرف أبيه (السيد محمود) ثرياً..

وجده من طرف أمه (الميرزا تقي) ثرياً..

وجد أمي من طرف أبيها هو (السيد محمود) الآنف الذكر.

وجد أمي من طرف أمها (الميرزا احمد) ثرياً..

ومع ذلك لم نرث منهم شيئاً يذكر، وورثهم قوم آخرون.

ولذا كان ما يصيبنا من المال شحاً لا يكفي لسدّ الحاجة..

فكان علي أمي أن تصبر علي هذا الحال..

وقد كانت تصبر شاكرة لله سبحانه، راجية ثوابه والدار الآخرة.

وحتي أننا كنا نلقي صعوبة بالغة من جهة إيجار الدار، ولذا لم

تكن الدور التي نسكنها رحبة واسعة، وكنا في ضيق من هذه الناحية أيضاً.

وأتذكر أنه لماّ تزوجت أختي الكبيرة (طاهرة) في النجف الأشرف، كان والداي لاقيا صعوبة بالغة من جهة تهيئة وسائل الزواج، وصعوبة أكثر من جهة استقبال المهنئين بالزواج الجديد..

5 مرض والدي

وهكذا مضت الأيام ودارت الأعوام في شدّة وضيق، حتي سقط والدي مريضاً، مرضاً يئس الأطباء من برئه، وطال به المرض واشتدت الحالة، حتي يئس الجميع من شفائه.

وكانت والدتي، تتلقي كل ذلك بصدر رحب، ووجه باسم، ورضي بقضاء الله تعالي، فكانت تكدح لأجل البيت، وتجمع شمل الأولاد، وتسهر إلي جنب زوجها المريض، وتتلقي العائدين والزائرين بكل بشاشة، ولم تكن تشتكي، ولا تظهر الجزع، ولاتقول ما يغضب الله سبحانه وتعالي.

6 الهجرة الي كربلاء المقدسة

وهكذا قضت أيامها، حتي مات زعيم أسرتنا: المرجع الديني السيد ميرزا علي آغا الشيرازي، خلف المجدد الشيرازي الكبير السيد ميرزا محمد حسن (رحمه الله).

وهاجرنا إلي كربلاء المقدسة بطلب من المرجع الديني السيد الحاج آغا حسين القمي (رحمه الله).

وكان حالنا في كربلاء المقدسة مثلها في النجف الأشرف، إلاّ أن الرخاء في البلد الجديد كان اكثر، ولكن الحالة بقيت كما كانت.. ضيق في الدار وضيق في المال، وضيق في سائر الأمور المعيشية.

وكانت الأم، مستمرة في عادتها في خدمة البيت، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا ماكنة خياطة ولا وسائل راحة..

وكانت تساعد الأب، في النفقة، حيث كانت تتلقي بعض المعونات من أقربائها أو الجيران بعنوان الهدية، فتصرفها في شؤون البيت وفي شؤون الأولاد الذين كبروا تدريجاً واحتاجوا إلي كل شيء.

7 عبادتها

وكانت عابدة.. تواظب علي صلاتها في أول وقتها، فتقوم أول الفجر غالباً.. ومن بعد أداء صلاتها تجلس في مصلاها، تالية لكتاب الله، ذاكرة لربها، وتقرأ الأدعية والتعقيبات، وحين طلوع الشمس تقوم لتهيئة الطعام.

كما كانت تواظب علي سائر صلواتها في أول أوقاتها..

وكانت تزور الإمام الحسين (عليه السلام) في كل يوم..

ولم يفتأ لسانها يلهج بالذكر والدعاء والصلوات..

وتواظب علي الأدعية الواردة في المناسبات..

وكان والدي رحمه الله، يقرأ مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام) لها وللأولاد، في كل يوم، عن كتاب معتبر مثل (جلاء العيون) للمجلسي (رحمه الله).

وكانت تزور الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) في النجف والكاظمية وسامراء.. في المناسبات.

8 من توفيقاتها

وقد وفقها الله سبحانه لزيارة الإمام الرضا (عليه السلام) مرتين.

كما وفقها الله سبحانه لحج بيته الحرام، وزيارة الرسول الأعظم (صلي الله عليه وآله وسلم) وأئمة البقيع (عليهم السلام).

وكانت ذات صفات حسنة، من النشاط الدائم، والخدمة المستمرة، وتربية الأولاد، والتواضع وغيرها..

وقد ذكرَت ذات مرة: انها رأت في المنام أمير المؤمنين (عليه السلام)، قائلا لها: (تواضعي)..

فكانت تجلس دون مستواها، وتعمل ما يليق بالمتواضعين، تنفيذاً لوصية الإمام (عليه السلام).

وكانت تعتني عناية فائقة بتربية أولادها، وخصوصا البنات، تربية الفضيلة والعفة والحجاب والحشمة، وتعلمهن الصلاة من صغرهن، وكانت تصحبهن الي زيارة الأئمة (عليهم السلام) وتعلمهن الشئون المنزلية..

ولما أن ذهب والدي (رحمه الله) الي خراسان بصحبة المرحوم القمي (رحمه الله) كانت هي المحور في إدارة البيت مدة غياب الوالد.. فكانت تدير شؤون البيت الداخلية، وتكلف من يشتري لهم الحاجات.

9 وفاة أخي علي

ولا أنساها.. وعينيها المتفجرتين بالدموع، حين مات أخي (علي) في النجف الأشرف، وكان ولداً يملأ البيت بهجة وسروراً، فمرض..

ولكن قلة الدواء والعناية الطبية، أوديا بحياته..

فانقلبت دارنا مأتماً..

وأني أظن الآن أنه لو توفرت الرعاية الصحيحة له، لم يمت ولكن لله سبحانه في خلقه شؤون.

وأتذكر أن أبي كيف كان يجمع ملابس وأثاث أخي المتوفي ليغيبها عن عيني والدتي، لكن هيهات أن يؤثر ذلك في نفس الوالدة شيئاً..

فقد كان كل البيت ذكريات، فها هنا كان ينام (علي).. وهاهنا كان يمشي (علي).. وهاهنا كان يلعب (علي).. وعلي متنها كانت تحمل (علياً) …

10 وفاة أختي عذراء

ولم يمض زمان إلاّ ومرضت أختي الصغيرة (عذراء) وكان سبب مرضها أن بعض شظايا الزجاج دخلت في يدها فتورمت وحيث لم نملك وسائل علاجها تمرضت..

وكانت بنتاً جميلة عابدة علي صغرها، فكانت لما تصلي في أيام مرضها، لم تقدر أن ترفع يديها للقنوت لما أصاب يدها من شظايا الزجاج، بل كانت ترفع يداً واحدة للقنوت..

ولم يمض زمان إلاّ ولبت الأخت الصغيرة نداء ربّها، فالتحقت بأخيها (علي) في رياض الخلد.

وهنا قامت قيامة الأم الحنونة، ولكن لا مّفر من قضاء الله سبحانه، ولا راد لأمره ولا مانع لحكمه، فكانت الأم لا تملك نفسها من البكاء بكل حرقة ومرارة..

وحق لها أن تبكي..

وكيف لاتبكي وقد فقدت بنتها الحلوة..

فقدتها لا لمرض عضال..

بل لعدم إمكان علاجها من مرضها الطفيف.

ولذا كان ألم فراقها ألماً مضاعفاً.

فقد خلت الدار من الطفلة التي كانت تملؤها مرحاً وحبوراً، وبقي مقامها وملعبها ومسرحها ومهدها، ومحلها علي متن أمها، خالياً..

11 وفاة أخي حسين

وبعد مدة تلقت أمي صدمة ثالثة..

فقد تمرض أخي الصغير (حسين)..

وحيث سمحت لنا الإمكانات المتواضعة فقد راجعنا طبيباً مشهوراً ووصف للمريض الدواء، وأمر أن يسقي جرعات الدواء طول الليل..

وهكذا فعلت أمي، فسهرت علي الولد تسقيه الدواء جرعة جرعة.

وعند السحر سمعت أنا صوت بكاء أمي، ولمّا أن استفسرنا، علمنا أن الولد الصغير، قد صعدت روحه إلي رياض الجنة..

وهكذا تلقت والدتي هذه الصدمة بأشد ما يكون.

وحينما استفسر أبي (رحمه الله) عن الطبيب عن سبب موت الولد مع العلم أنه لم يكن مرضاً صعب العلاج بل كانت حمي عادية؟

قال الطبيب: إن اضطراب الولد عند سقيه الدواء، كان يكشف عن عدم ملائمة الدواء له.. فكان من الأفضل أن لا تعطوه الدواء، فإن الدواء سبب موته!.

وهل يملك الإنسان أن لا يعطي الدواء للمريض بعد وصف

الطبيب له؟

وبهذه البساطة البلهاء، تبرء الطبيب عن اشتباهه في إعطاء الدواء.

وما هي الحيلة؟

فالقضاء قد نفذ..

ومات الطفل.

12 وفاة والدي

وكأنّ أمي كانت هدفاً للأحزان والآلام..

فقد مات أبوها، وهي صغيرة..

وماتت عدة من إخوانها وأخواتها، وهم في عمر الزهور..

وترامت بها الكوارث من سامراء..

إلي الكاظمية..

إلي كربلاء..

إلي النجف..

ثم إلي كربلاء..

وأخيراً إلي الكويت، حيث توفيت فيها وانتقلت جثمانها إلي كربلاء المقدسة.

وذاقت مرارة العيش، أبان حياة والدها، ثم بعد يتمها، ثم بعد زواجها من أبي.

ولمّا أن استقر بها الأمر في كربلاء، حيث ألقت المرجعية زمامها إلي والدي (رحمه الله)، لم يدم الأمر طويلاً، حتي اختطف المنون والدي، بعد أن تمرض مرضاً دام سنوات.

وأخيراً تمرضت هي في (الكويت) قرابة سنتين، فابتليت (بالإقعاد) فما كانت تتمكن من المشي علي رجلها، حتي لبت نداء ربهّا، رضوان الله عليها.

13 وفاة أختي طاهرة ومرضية

وقد كانت الأقدار بمرصد لها، حين اختطفت يد المنية، والدي (رحمه الله) بالموت الفجئة، فبقيت بلا وال ولا كفيل.

ثم لم تلبث ان تمرضت أختي الكبري (الطاهرة) مرضا عضالا وهي كهلة لا يجاوز عمرها الأربعين، فعانت من ذلك اشد العناء حتي توافاها الله سبحانه، بعد ان ابتليت في حياتها بمشاكل والآم كثيرة.

ولم تلبث الآلام ان هاجمت والدتي، مرة اخري، حيث تمرضت أختي الصغيرة (مرضية) وهي لم يبلغ عمرها العشرين، ولم تتزوج بعد.. فقامت بعنايتها ورعايتها، فتحسنت صحتها.

وذات يوم قالت لي: انظر أن (مرضية) لم تقم من منامها هذا اليوم؟ ولما صعدت السطح وناديتها، لم تجب، واذا بي أفاجأ بأنها قد ماتت، وهي نائمة.

وكانت ذلك صدمة كبيرة لها ولنا جميعا.

وبعد التحقيق تبين ان الطبيب اشتبه في علاجها، وأعطاها (حبوبا) قوية المفعول لم يتحملها قلبها فصعد عندها الضغط مما سبب موتها.. ?انا لله وانا اليه راجعون ?.

14 اعتقال السيد حسن

كما ابتليت ببلاء كبير حين سجن أخي (السيد حسن) بتهمة مختلقة.. وسعي أعداؤه في إعدامه..

وما حال أم تسمع بإعدام ولدها، بعد تلك المصائب والكوارث؟..وقد جعلت من الدار (بيت الأحزان) مدة سجن الأخ، وهي قرابة عشرة أشهر، حتي فرج الله عنه.

وبعد هذه الكارثة، انهدّ ركنها، وظهرت النحافة والضعف والوحشة عليها. وهكذا كانت حتي سافرت الي الكويت.

وهنا في الكويت، جاءها نبأ وفاة والدتها (جدتي) عصمة الشريعة.. وقد اثر ذلك في صحتها تأثيرا بالغا.. فلم تزل حزينة الي أن تمرضت مرضها الأخير.

وقد شاءت الأقدار أن تفرق بينها وبين أولادها: فأحدهم في العراق.. والآخر في إيران.. والثالث في الشام.. والرابع في لبنان.

وهكذا بقيت تعاني ألم الأمراض، وألم الفراق، حتي توفاها الله سبحانه.

15 نسبها

أما نسبها، فهي العلوية (حليمة) بنت (السيد عبد الصاحب) ابن (آقا بزرك) وأمه (آغا بي بي) بنت (السيد المجدد الكبير الشيرازي).

16 أولادها

وأما أولادها فهم:

ستة من الذكور: محمد، وعلي، والحسن، والحسين، والصادق، والمجتبي.

وسبعة من الإناث.

وقد توفي منهم (علي) و(الحسين) و(العذراء) و(الطاهرة) و(المرضية).

وأما البقية فهم في قيد الحياة.

17 أحفادها

وأما أحفادها فهم:

من أولادها الذكور:

1. من محمد:

(الرضا) و(المرتضي) و(جعفر) و(مهدي) وست من البنات.

2. من الصادق:

(علي) و(الحسين) و(احمد) و(جعفر) وبنت واحدة.

3. من المجتبي:

(المصطفي).

ومن أولادها الإناث، من أصهارها:

4. من السيد عبد الحسين الطهراني:

(احمد) و(المرتضي) و(المجتبي) وبنت واحدة.

5. من السيد كاظم المدرسي:

(التقي) و(الهادي) و(العباس) و(الحسين) و(علي الأكبر) و(علي الأصغر) و(الباقر) وأربع بنات.

6. من السيد عبد الحسين القزويني:

(علي) و(محمد) و(الحسن) و(جعفر) وبنتان.

7. من السيد كاظم القزويني:

(إبراهيم) و(محمد علي) و(المصطفي) و(المحسن) و(جعفر) وثلاث بنات.

هذا غير من توفي منهم، وغير أولاد الأحفاد.

18 وصيتها

قبل أشهر من وفاتها وصتني بأن أقوم بشؤونها، وان أبعث بجنازتها الي كربلاء المقدسة لتدفن في مقبرتنا، مع (أمها) و(الوالد) وبنتيها: (الطاهرة) و(المرضية).

وهكذا عملت..

فبعد مراسيم التشييع الي المغتسل، والغسل والكفن، صليت عليها وبعثت جنازتها الي كربلاء المقدسة، حيث تلقاها الأهالي بكل حفاوة واحترام، وأغلقوا الحوانيت، وغسلوها بماء الفرات، مرة ثانية، وأطافوا بجثمانها حول ضريح سيدنا الإمام الحسين (عليه السلام) وسيدنا العباس (عليه السلام).

وأخيرا واروها في مقبرتنا، الي جنب زوجها (الوالد) وأمها وبنتيها.

19 احسن الذكري

19 احسن الذكري

وقد رأيت أن أحسن (الذكري) لها أن أطبع كتابا باسمها، ليكون ثوابه لها.

وقد اخترت لذلك كتاب (الفضيلة الإسلامية) جزئها الرابع الذي لم يكن مطبوعاً الي هذا التاريخ.

فان هذا الكتاب حيث يشتمل علي روايات المعصومين (عليهم السلام) لابد وان يتفضل الله سبحانه بقبول حسن، فانهم (عليهم السلام) هم محور الكون، الذين بهم بدء الله وبهم يختم، وبهم يتقبل الأعمال.

من الكرامات الحسينية

وقد روي لي أحد تلاميذ الميرزا النائيني (قدس سره) وهو المرجع الديني الشيخ محمد (رحمه الله) انه روي له.. قال:

ذهبت أنا وصديق لي إلي كربلاء المقدسة، من النجف الأشرف، مشياً علي الأقدام، فتمرضت في الطريق، حتي اذا وصلت الي كربلاء، أغمي عليّ، وفي تلك الحالة كشف عن بصري، واذا بي أري المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام)، قد أحاطوا بي، وقد سلب مني كل شيء يرتبط بالدنيا، حتي ان العلوم الدنيوية انمحت عن خاطري، ولم يبق عندي الا ما كنت حملته من علوم أهل البيت (عليهم السلام)..

ورأيت في ذلك الحال أن صديقي السيد، واقف عند الضريح المقدس، طرف الرأس الشريف ويطلب شفائي من الله سبحانه ويقسم عليه بحق الإمام الحسين عليه السلام..

ثم شعرت بان الله قبل دعاءه، بشفاعة الإمام عليه السلام، واذا بي أري نفسي في مكاني من البيت مشافي، وليس بي علة، فقمت وتوضئت، وذهبت الي الزيارة..

وفي الإيوان المقدس، التقيت بالسيد وهو يخرج عن الحرم الشريف، ولما رآني تعجب تعجبا بالغا وقال: إني تركتك وأنت في حالة الاحتضار.. وجئت لأطلب شفاءك من الإمام (عليه السلام)، فكيف أراك هنا؟

فنقلت له قصة المكاشفة.. ففرح فرحا كبيراً..

ثم قال: الحمد لله الذي شافاني، وأراني ما رأيت لازداد بذلك إيمانا وعقيدة.

نعم ان لهم (عليهم السلام) عند الله عزوجل شأناً من الشأن..

اسأل الله

سبحانه، ان يجعل قبر (الام) روضة من رياض الجنة، ويوصل اليها ثواب هذا الكتاب، ببركتهم (عليهم السلام).

20 الخاتمة

ومن غريب الصدف، اني طبعت الجزء الأول من هذا الكتاب، باسم والدي رحمه الله، الذي كان قد توفي قبل طبع الجزء الأول، بأيام معدودات.

وقد أهديت ثواب الجزء الاول الي (أبي).

ثم أهديت ثواب الجزء الثاني الي أختي (الطاهرة).

وأهديت ثواب الجزء الثالث الي أختي (المرضية).

وأهديت ثواب الجزء الرابع الي (أمي).

والله الموفق المستعان.

الكويت تحريرا في سابع وفاة الأم

7 / رجب / 1396 ه

ابنك محمد

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

- أي في الكويت.

- هو آية الله العظمي السيد ميرزا مهدي الشيرازي (قدس سره).

- عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: تقاضي علي وفاطمة (عليهما السلام) الي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في الخدمة، فقضي علي فاطمة (عليها السلام) بخدمتها ما دون الباب، وقضي علي علي عليه السلام بما خلفه، فقالت فاطمة (عليها السلام): فلا يعلم ما دخلني من السرور الا الله بإكفائي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) تحمل رقاب الرجال. قرب الإسناد: ص25. وعنه في بحار الأنوار ج43 ص81 ب4 ح1.

- هو آية الله العظمي السيد ميرزا مهدي الشيرازي (قدس سره).

- العلامة الورع السيد ميرزا علي آقا خلف آية الله المجدد، ولد سنة 1287ه واخذه والده الي سامراء سنة 1291ه وهو خماسي، وفيها شب ونما واحتضنته حجور علمية من تلمذة أبيه حتي حكي عن العلامة السيد محمد الفشاركي قال: انه تربي في حجر خمسين مجتهداً. توفي في النجف الأشرف 18 ع2 سنة 1355ه. الكني والألقاب ج3 ص224-225.

- المعروف بصاحب التنباك والذي قاد نهضة التنباك ضد الاستعمار البريطاني في إيران، استلم المرجعية العليا بعد الشيخ الأنصاري (قدس سره)، ولد في شيراز 1230ه وتوفي في سامراء 24 شعبان 1312ه. ونقل جثمانه الي النجف الأشرف.

- توفي

في 14 ربيع الأول 1366ه النجف الأشرف.

- العلامة المحقق المدقق محمد باقر بن محمد تقي علي المجلسي، صاحب التصانيف الكثيرة وعلي رأسها (موسوعة بحار الأنوار) في 110 مجلداً. ولد سنه 1037 ه وتوفي سنة 1110 ه في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان وقيل سنة 1111. وعمره 73 سنة.

- هو آية الله العظمي السيد الحاج آغا حسين القمي (قدس سره).

- سورة البقرة: 156.

- سبقت الإشارة الي ترجمته في الصفحة 24 من هذا الكتاب.

- وقد رزق الامام الشيرازي بولدين آخرين أيضاً هما: (محمد علي) و(محمد حسين).

- وبنتان أيضاً.

- يقع هذا الكتاب في 155 صفحة من الحجم المتوسط ويشتمل علي مباحث أخلاقية مهمة.

- إشارة الي ما ورد في زيارة الجامعة الكبيرة: (بكم فتح الله وبكم يختم) راجع بحار الأنوار ج99 ص131 ب8 ح4.

- أي كتاب (الفضيلة الإسلامية) الجزء الرابع.

- أي كتاب (الفضيلة الإسلامية).

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.