من كرامات الأولياء

اشارة

اسم الكتاب: من كرامات الأولياء

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

الموضوع: من كرامات اولياء

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت

تاريخ الطبع: 1423 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ

لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ

الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ

لَهُمُ الْبُشْرَي فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا

وَفِي الآَخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ

ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

صدق الله العلي العظيم

سورة يونس: الآيات62-64

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

ركزت الأديان الإلهية بما فيها الدين الإسلامي علي مسألة الإيمان بالغيب كأساس لعلاقة الفرد بربه، فكلما ازداد إيمانه بالقضايا غير المحسوسة المرتبطة بالله عزوجل، كلما ازداد قربه من الله، وعلت مرتبته الإيمانية، وقد أفاض القرآن الحكيم في الكثير من آياته حول هذا الأمر وجعلها من أوليات علائم المؤمن، قال تعالي: ?ألم ? ذلك الكتاب لا ريب فيه هدي للمتقين? الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون? والذين يؤمنون بما أنزل إليك من قبلك وبالآخرة هم يوقنون?()، وقال سبحانه: ?جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا?()، وقال أيضاً: ?ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك?()، وقال: ?وما كان الله ليطلعكم علي الغيب?()، إلي غيرها من الآيات المباركات.

وذلك لأن الأديان قد تناولت مواضيع وأثبتها الوحي وكثيراً ما لا يمكن إدراك حقائقها والإحساس بفلسفتها عن طريق العلم والحس والتجربة، وهي الحقائق الغيبية.

ومن تلك الأمور غير المحسوسة عادة: الملائكة والجن وإبليس، والجنة والنار، والمعاد والحساب، وضغطة القبر وعذابه، ونعيم عالم البرزخ، وسائر القضايا غير المادية والتي تم إثباتها عبر الوحي المنزل من قبل الله جل جلاله، علي أن عدم إثباتها عن طريق وسائل العلم المادية وعدم إدراكها بالحس لا ينفي عدم وجودها، فإن هناك طريقاً آخر علمياً يمكننا عن طريقه إثباتها والإيمان بها وهو الوحي

الصادق الذي ثبت بالبرهان القاطع والدليل الساطع، وهو الذي لا يمكن فيه الخطأ والسهو والنسيان، وهو طريقنا إلي منتهي العلم بهذه الأمور، فإننا إذا آمنا بخالق الكون وهو الله تعالي، وآمنا بالنبوة والوحي فلابد لنا من الإيمان بالحقائق الغيبية التي أخبرنا الوحي بها.

وكم من أمر وقضية علمية تناولها الدين الإسلامي من خلال القرآن وأحاديث النبي صلي الله عليه و اله والأئمة الأطهار عليهم السلام قبل خمسة عشر قرناً وجاء العلم الحديث متصاغراً بكل ما أوتي من قوة ووسائل وإمكانات مادية ليثبت صحة ما نطق به القرآن المجيد وروي عن النبي صلي الله عليه و اله والأئمة الأطهار عليهم السلام منها في مجال الطب والفلك والهندسة وغيرها، علي أن هناك أموراً لم يتمكن العلم الحديث من تناولها، وبقي عاجزاً عنها عسي أن تحل في المستقبل.

ومن خلال هذا نلمس أن طريق الدين والعلم في الإسلام واحد ولا تضاد بينهما بل كل يسير إلي جنب بعض ويلتقيان في نقطة واحدة ليجعلان من قضية الإيمان بالله حافزاً للإنسان علي اكتشاف الخالق من خلال اكتشافه لعظمة خلقه، فالإنسان كلما ازداد علماً ازداد معرفة بالله، وكلما ازدادت معرفته بالله ازداد تدينه وخشيته من الله وامتثاله لأوامره قال تعالي: ?إنما يخشي الله من عباده العلماء?().

إن الإنسان كلما زاد إيمانه زادت تقواه وقرب من الله ليصبح كريماً وعزيزاً علي الله، فالكريم: (هو الجامع لأنواع الخير والشرف، والفضائل ووصف يوسف عليه السلام به لأنه اجتمع له شرف النبوة والعلم والعدل ورئاسة الدنيا)()، والكريم أيضاً هو: (الذي كرّم نفسه عن التدنس بشيء من مخالفة ربه)() ومن كان بهذه الصفات يصبح ذا كرامة علي الله، وكما جاء في الحديث القدسي الشريف: «عبدي أطعني أجعلك مثلي، أنا

حي لا أموت، أجعلك حياً لا تموت، أنا غني لا أفتقر أجعلك غنياً لا تفتقر، أنا مهما أشاء يكون أجعلك مهما تشاء يكون» وفي حديث قدسي آخر: «إن لله عباداً أطاعوه فيما أراد فأطاعهم فيما أرادوا، يقولون للشيء كن فيكون» ().

وهؤلاء العباد المكرمون يصبحون ذا كرامة ووجاهة عند الله، فالكرامة: (اسم يوضع للإكرام كما وضعت الطاعة موضع الإطاعة والغارة موضع الإغارة، والمكرّم هو الرجل الكريم علي كل أحد)().

فأصحاب الكرامة يجري الله علي أيديهم أموراً خارقة للعادة يعجز الآخرون عن الإتيان بمثلها وذلك لإحقاق الحق وإزهاق الباطل، كالأنبياء والأوصياء والأولياء، قال تعالي: ?وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباده مكرمون?().

لقد أفاضت المصادر الإسلامية بذكر الكثير من كرامات الأولياء بما فيها من دروس وعبر وإثبات للحق فالرجوع إليها ومطالعتها دائماً تزيد من عقيدة الإنسان المؤمن وترفده بشحنات إيمانية وتسمو بروحه إلي مدارج الكمال وتجعله في حصن حصين مما يبثه المشككون ويفرزونه من سموم لزعزعة الإيمان في النفس، عندها سوف يتمسك بالحق وأئمة الحق ويعرف أنهم ضمن قوة الحق يمكنهم قضاء حاجات الناس بعد التوجه إلي الله بنية صادقة وقلب سليم.

ومن هذا المنطلق وكما عرف عن المرجع الديني الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس الله روحه) باعه الطويل في مجال التأليف والكتابة في شتي فروع الفكر والعلوم، فقد كتب هذا السفر الجليل (من كرامات الأولياء) لتبيين رأي الدين والشرع الحنيف بخصوص مسألة الكرامة، وقد تناولها بمعناها الأعم التي تشمل المعجزة وغيرها، فإن الكرامة بالنسبة إلي المعصوم عليه السلام معجزة لاشتمالها علي التحدي والدعوي بأنه حجة الله علي الأرض. أما بالنسبة إلي غير المعصوم من عباد الله الصالحين فهي تدل علي تكريم الله عزوجل لهذا العبد وشدة تقواه

وإيمانه.

وقد ذكر في طيات الكتاب الكثير من الآيات القرآنية الشريفة التي تعرضت لكرامات الأنبياء والأولياء (صلوات الله عليهم أجمعين) كما ذكر كرامات من الأئمة الأطهار عليهم السلام وبعض الأولياء الصالحين والعلماء العاملين (رضوان الله عليهم أجمعين) بما يجلو اللبس ويزيل الإبهام بأسلوب شيق وجذاب يميل إليه الطبع الإنساني من ميله إلي الولع بسماع وقراءة قصص الآخرين والاعتبار بها.

ومؤسسة المجتبي مساهمة منها في نشر وحفظ تراث هذا الإمام الراحل (قدس الله سره) ولإغناء المكتبة الإسلامية والعربية بعطائه المستلهم من نور الكتاب والعترة، قامت بنشر هذا الكتاب راجية أن يكون مناراً في طريق هداية المؤمنين وعوناً لهم علي فهم الحقائق الإيمانية علي ضوء القرآن المجيد والسنة الشريفة المروية عن رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل البيت عليهم السلام والحمد لله أولاً وآخراً.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص.ب: 5951 / 13

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين.

أما بعد، فهذه بعض كرامات الأولياء من الأنبياء والأئمة الطاهرين عليهم السلام والعلماء والصالحين، نسأل الله أن يوفقنا للاهتداء بهديهم، إنه سميع مجيب.

قم المقدسة

محمد الشيرازي

تعريف الكرامة

الكرامات جمع الكرامة بمعني ما يكرمه الله عزوجل أولياءه الصالحين من أنبياء وأئمة ومؤمنين مما يكون خارقا للعادة.

قال في العين: (الكرامة اسم يوضع للإكرام، كما الطاعة للإطاعة)().

وهي أعم من المعجزة: فإن المعجزة هي الأمر الخارق للعادة المطابق للدعوي المقرون بالتحدي، وقد روي لرسول الله صلي الله عليه و اله الآلاف من المعاجز، ذكرنا بعضها في كتاب (من معاجز النبي صلي الله عليه و اله).

فبين الكرامة والمعجزة عموم من وجه، فكل معجزة كرامة وليس العكس، ويمكن أن تكون بينهما نسبة أخري حسب الاعتبارات المختلفة.

قال البعض: إن الخوارق المتقدمة علي دعوي النبوة كرامات وإرهاصات أي تأسيسات للنبوة، والتي بعدها معاجز، لأن المعجزة ما يكون خارقاً للعادة لإثبات نبوة أو إمامة، والكرامة أعم من ذلك.

والمقصود في هذا الكتاب هو الكرامة بالمعني الأعم كما لا يخفي.

وقد روي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «إن الله أخفي أربعة في أربعة، أخفي رضاه في طاعته فلا تستصغرن شيئا من طاعته فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم، وأخفي سخطه في معصيته فلا تستصغرن شيئا من معصيته فربما وافق سخطه معصيته وأنت لا تعلم، وأخفي إجابته في دعوته فلا تستصغرن شيئا من دعائه فربما وافق إجابته وأنت لاتعلم، وأخفي وليه في عباده فلا تستصغرن عبدا من عبيد الله فربما يكون وليه وأنت لا تعلم» ().

وفي الحديث القدسي: «عبدي أطعني حتي اجعلك مثلي

أقول للشيء: كن فيكون، تقول للشيء كن فيكون» ().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: «إن المؤمن يخشع له كل شيء، ويهابه كل شيء، ثم قال: إذا كان مخلصا لله أخاف الله منه كل شيء حتي هوام الأرض وسباعها وطير السماء وحيتان البحر» ().

ومن هنا يعرف عدم صحة ما أنكره البعض من وجود كرامات للأولياء، وذلك بالوجدان والأدلة المتواترة والآيات والروايات المعتبرة.

علما بأنه قد أجمع علماؤنا (رضوان الله عليهم) بجواز الكرامات لعباد الله الصالحين وإن لم يكونوا من الأنبياء والأئمة الطاهرين عليهم السلام، وقال بجواز ذلك أيضا معظم علماء العامة حيث صرحوا بجواز كرامات الأولياء وثبوتها خلافا لبعض المعتزلة ومن أشبه().

والفرق بين الكرامة وما يفعله بعض السحرة والكهنة ومن أشبه، واضح، فإن الكرامة تصدر عن المؤمنين الصالحين والأتقياء المخلصين، والمتلزمين بأحكام الشريعة دون غيرهم.

الكرامات في القرآن الكريم

سارة زوجة إبراهيم عليه السلام

قال تعالي: ?وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَي قَالُوا سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ?

فَلَمَّا رَأَي أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَي قَوْمِ لُوطٍ ?

وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ?

قَالَتْ يَا وَيْلَتَي ءأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ?

قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ?().

لا كرامة للأشقياء

قال تعالي تكذيباً لما ادعاه نمرود لنفسه من الكرامات: ?أَلَمْ تَرَ إِلَي الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ?().

يا نار كوني برداً

قال تعالي: ?قَالُوا حَرِّقُوهُ

وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ?

قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَي إِبْرَاهِيمَ ?

وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأخْسَرِينَ?().

النبي إبراهيم عليه السلام وأحياء الموتي

قال تعالي: ?وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَي قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَي وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَي كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ?().

النبي زكريا عليه السلام

قال تعالي: ?هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ?

فَنَادَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَي مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ ?

قَالَ رَبِّ أَنَّي يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ?().

وقال سبحانه في سورة مريم:

?بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ? كهيعص ?

ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ?

إِذْ نَادَي رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً ?

قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً?

وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً ?

يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً ?

يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَي لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ

سَمِيّاً ?

قَالَ رَبِّ أَنَّي يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً ?

قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً?().

كرامة مريم بنت عمران عليها السلام

قال تعالي: ?كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّي لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ?().

وقد ورد أن مريم عليها السلام كانت سيدة نساء عالمها وكانت من أكبر

العابدات الناسكات المشهورات بالعبادة العظيمة والتبتل إلي الله عزوجل والزهد في الدنيا وزخارفها، وكانت في كفالة زوج خالتها زكريا عليه السلام نبي بني إسرائيل إذ ذاك وعظيمهم الذي يرجعون إليه في أمور دينهم، وقد رأي زكريا منها عدة كرامات، قالوا: إنه كان يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء، وقال ابن عباس: وجد عندها الفاكهة الغضة حين لا توجد الفاكهة، وقيل: إنه عنب في مكتل حينه.

وقال سبحانه بياناً لما أكرمها بالنبي عيسي عليه السلام من دون أب: ?إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَي ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ?

وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ ?

قَالَتْ رَبِّ أَنَّي يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَي أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ?().

وقال تعالي: ?وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيا?

فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً?

قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً ?

قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً ?

قَالَتْ أَنَّي يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً ?

قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً ?

فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً ?

فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَي جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً ?

فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ?

وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً ?

فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً?().

النبي عيسي عليه السلام

قال تعالي: ?فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ

قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ

صَبِيّاً ?

قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً ?

وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ

حَيّاً ?

وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً ?

وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْم وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ?

ذَلِكَ عيسَي ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ?

مَا كَانَ للهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَي أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ?().

وقال سبحانه: ?إِنَّ مَثَلَ عِيسَي عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ?

الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ?().

وقال تعالي: ?وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ?().

خلق الطير وإحياء الموتي

قال تعالي حكاية عن السيد المسيح عليه السلام:

?أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَي بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ?().

استجابة دعاء نوح عليه السلام

قال تعالي: ?كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ?

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلاَ تَتَّقُونَ ?

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ?

فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ?

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَ عَلَي رَبِّ الْعَالَمِينَ ?

فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ?

قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ ?

قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ?

إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَ عَلَي رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ ?

وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ ?

إِنْ أَنَا إِلاَ نَذِيرٌ مُبِينٌ ?

قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ?

قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ?

فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ?

فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ?

ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ?

إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ?

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ?().

دعوة

نوح عليه السلام

قال تعالي: ?وَنُوحاً إِذْ نَادَي مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ?

وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ?().

جزاء تكذيب النبي هود عليه السلام

قال تعالي: ?كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ ?

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتَّقُونَ ?

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ?

فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ?

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَ عَلَي رَبِّ الْعَالَمِينَ ?

أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ?

وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ?

وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ?

فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ?

وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ ?

أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ ?

وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ?

إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ?

قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ ?

إِنْ هَذَا إِلاَ خُلُقُ الأوَّلِينَ ?

وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ?

فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ?

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ?().

قوم عاد وتكذيب الرسل

قال تعالي: ?كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ?

إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ?

تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ?

فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ?().

النبي صالح عليه السلام والناقة

قال تعالي: ?كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ ?

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلاَ تَتَّقُونَ ?

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ?

فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ?

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَ عَلَي رَبِّ الْعَالَمِينَ ?

أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ ?

فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ?

وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ?

وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ ?

فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ?

وَلاَ تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ?

الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ ?

قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ?

مَا أَنْتَ إِلاَ بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ?

قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ?

وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ ?

فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ ?

فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ

إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ?

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ?().

قوم ثمود وتكذيب الرسل

قال تعالي: ?كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ?

فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ ?

أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ?

سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الأشِرُ ?

إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ ?

وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ ?

فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَي فَعَقَرَ ?

فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ?

إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ?().

إجابة دعوة النبي لوط عليه السلام

قال تعالي: ?كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ ?

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلاَ تَتَّقُونَ ?

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ?

فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ?

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَ عَلَي رَبِّ الْعَالَمِينَ ?

أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ?

وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ?

قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ ?

قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ ?

رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ ?

فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ?

إِلاَ عَجُوزاً فِي الْغَابِرِينَ ?

ثُمَّ دَمَّرْنَا الآَخَرِينَ ?

وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاء مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ ?

إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ?

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ?().

قوم لوط عليه السلام وتكذيب الرسل

قال تعالي: ?كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ ?

إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَ آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ ?

نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ ?

وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ?

وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ?

وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ ?

فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ?().

أصحاب شعيب عليه السلام وعقاب التكذيب

قال تعالي: ?كَذَّبَ أَصْحَابُ الأيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ?

إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاَ تَتَّقُونَ ?

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ?

فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ?

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَ عَلَي رَبِّ الْعَالَمِينَ

?

أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ ?

وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ?

وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ ?

وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأوَّلِينَ ?

قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ?

وَمَا أَنْتَ إِلاَ بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ?

فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ?

قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ?

فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ?

إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ?().

النبي يونس عليه السلام والحوت

قال تعالي: ?وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ?

إِذْ أَبَقَ إِلَي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ?

فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ?

فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ?

فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ?

لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَي يَوْمِ يُبْعَثُونَ ?

فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ?

وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ?

وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَي مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ?

فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَي حِينٍ?().

النبي داود عليه السلام

قال تعالي: ?وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ?

أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ?().

النبي سليمان عليه السلام

قال تعالي: ?وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ?

يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ?().

وقال تعالي: ?وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَي الأرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ?

وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ?().

منطق الطير

قال تعالي: ?وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ?

وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ

فَهُمْ يُوزَعُونَ ?

حَتَّي إِذَا أَتَوْا عَلَي وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ?

فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَي وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ?

وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لاَ أَرَي الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ ?

لاَعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لاَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ?

فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ?

إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ?

وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ?

أَلاَ يَسْجُدُوا للهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْء فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ?

اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ?

قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ?

اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ?().

عرش بلقيس وكرامة آصف بن برخيا

قال تعالي حكاية عن النبي سليمان عليه السلام: ?قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلاَ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ?

قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ?

قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي ءأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ?

قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ ?

فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ?().

أصحاب الكهف

قال تعالي: ?وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ

وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَ اللهَ فَأْوُوا إِلَي الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً ?

وَتَرَي الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً ?

وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً ?

وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَي الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَي طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً?

إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً ?

وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَي أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً?().

التابوت المنزل

قال تعالي: في قصة طالوت عليه السلام: ?وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَي وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ?().

قصة عزير

قال تعالي في قصة عزير وعزيرة: ?أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَي قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَي عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّي يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَي طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَي حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَي الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا

تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ?().

موسي عليه السلام كليم الله

قال سبحانه: ?وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَي تَكْلِيماً?().

حيث كان عزوجل يكلّمه عليه السلام بخلق الصوت وهذا من كراماته.

عصا موسي عليه السلام

قال تعالي: ?وَإِذِ اسْتَسْقَي مُوسَي لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ?().

ثعبان مبين

قال تعالي: ?قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ?

فَأَلْقَي عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ?

وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ?().

حية تسعي

قال تعالي: ?وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَي ?

قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَي غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَي ?

قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَي ?

فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَي ?

قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأولَي ?

وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَي جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَي ?

لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَي ?

اذْهَبْ إِلَي فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَي?().

سحرة بني إسرائيل

قال تعالي: ?قَالَ الْمَلاَ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ?

يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ?

قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ?

يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ?

وَجَاء السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لاَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ?

قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ?

قَالُوا يَا مُوسَي إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ ?

قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ?

وَأَوْحَيْنَا إِلَي مُوسَي أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ?

فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ?

فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ ?

وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ?

قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ?

رَبِّ مُوسَي وَهَارُونَ?().

عبور البحر

قال تعالي: ?وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ?().

وقال سبحانه: ?وَأَوْحَيْنَا إِلَي مُوسَي أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ

?

فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ?

إِنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ?

وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ ?

وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ?

فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ?

وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ?

كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ?

فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ ?

فَلَمَّا تَرَاءي الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَي إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ?

قَالَ كَلاَ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ?

فَأَوْحَيْنَا إِلَي مُوسَي أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ?

وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآَخَرِينَ ?

وَأَنْجَيْنَا مُوسَي وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ?

ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآَخَرِينَ ?

إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ?().

من آيات موسي عليه السلام

قال تعالي: ?وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ?

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ ?

وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَي ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ?

فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَي أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ?

فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ?().

غرق فرعون

قال تعالي: ?وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَي تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لاَظُنُّكَ يَا مُوسَي مَسْحُوراً ?

قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاَءِ إِلاَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لاَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً ?

فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الأرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً?().

موسي عليه السلام يدعو علي قارون

قال تعالي: ?إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَي فَبَغَي عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ?

وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ

الْمُفْسِدِينَ?

قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَي عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ?

فَخَرَجَ عَلَي قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ?

وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَا إِلاَ الصَّابِرُونَ ?

فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ?

وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاَ أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ?

تِلْكَ الدَّارُ الآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ?().

إحياء الميت

قال تعالي في قصة إحياء الميت ببعض البقرة: ?وَإِذْ قَالَ مُوسَي لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ?

قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ ?

قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ?

قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاء اللهُ لَمُهْتَدُونَ ?

قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَ شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ?

وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ?

فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللهُ الْمَوْتَي وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ?().

القرآن معجزة رسول

الإسلام صلي الله عليه و اله

قال تعالي: ?قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَي أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً?().

وقال سبحانه: ?أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ?().

وقال تعالي: ?وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَي عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ?

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ?().

كرامات أخري للرسول صلي الله عليه و اله

قال تعالي: ?وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَي?

مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَي?().

وقال سبحانه: ?اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ?

وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ?().

وقال تعالي: ?سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ?

لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ?().

نزول الملائكة علي الأولياء

قال تعالي: ?إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ?().

بكاء السماوات والأرض كرامة الأولياء

قال تعالي: ?فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ?() مما يفهم منه أنها تبكي علي المؤمن الصالح.

وفي تفسير القمي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «مر عليه رجل عدو لله ولرسوله فقال عليه السلام: ?فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ? ثم مر عليه الحسين بن علي عليه السلام فقال: لكن هذا ليبكين عليه السماء والأرض» ().

الكرامات في السنة المطهرة

أشهد أنكم أحياء عند ربكم ترزقون

الأنبياء والأئمة الطاهرون (صلوات الله عليهم أجمعين) أمواتهم كأحيائهم، وأحياؤهم كأمواتهم علي حدٍ سواء، ولهذا ورد في زيارة أمير المؤمنين عليه السلام: «أشهد يا مواليّ أنكم تسمعون كلامي وترون مقامي وتعرفون مكاني وتردون سلامي» ().

وكما ثبت لهم الكثير من الكرامات والمعجزات في حياتهم الشريفة، كذلك هي ثابتة ومستمرة بعد وفاتهم أيضاً. والقصص والتواريخ والأحاديث الصحيحة

في جزئيات هذه الأمور ومصاديقها فوق حد التواتر، مضافاً إلي الكثير من الحسيات والمشاهدات الخارجية المتكررة.

ونذكر هنا بعض الروايات الدالة علي أنهم عليهم السلام أحياء عند ربهم يرزقون، يسمعون الكلام ويبلغهم السلام ويقضون الحوائج بإذن الله تعالي.

تبلغه الصلاة والسلام

عن إسحاق بن عمار: أن أبا عبد الله عليه السلام قال لهم: «مروا بالمدينة فسلموا علي رسول الله صلي الله عليه و اله من قريب، وإن كانت الصلاة تبلغه من بعيد» ().

وفي نسخة: «وإن كان السلام يبلغه من بعيد» ().

وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن لله ملائكةً سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام» ().

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من سلم عليَّ في شي ء من الأرض اُبلغته ومن سلّم عليَّ عند القبر سمعته» ().

وعن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «صلوا إلي جنب قبر النبي صلي الله عليه و اله وإن كانت صلاة المؤمنين تبلغه أينما كانوا» ().

وعن صفوان بن يحيي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الممر في مؤخر مسجد رسول الله صلي الله عليه و اله ولا أسلم علي النبي صلي الله عليه و اله، فقال عليه السلام: «لم يكن أبو الحسن عليه السلام يصنع ذلك» قلت: فيدخل المسجد فيسلم من بعيد ولا يدنو من القبر، فقال عليه السلام: «لا» ثم قال: «سلم عليه حين تدخل وحين تخرج ومن بعيد» ().

وعن عامر بن عبد الله قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني زدت جمالي دينارين أو ثلاثة علي أن يمر بي علي المدينة، فقال: «قد أحسنت ما أيسر هذا تأتي قبر رسول

الله صلي الله عليه و اله وتسلم عليه، أما إنه ليسمعك من قريب ويبلغه عنك من بعيد» ().

وعن أبي بكر الحضرمي: قد أمرني أبو عبد الله عليه السلام أن أكثر الصلاة في مسجد رسول الله صلي الله عليه و اله ما استطعت وقال: «إنك لا تقدر عليه كلما شئت» وقال لي: «تأتي قبر رسول الله صلي الله عليه و اله»، قلت: نعم، قال: «أما إنه يسمعك من قريب ويبلغه عنك إذا كنت نائيا» ().

من زار قبري

عن موسي بن إسماعيل بن موسي بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من زار قبري بعد موتي، كان كمن هاجر إليَّ في حياتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليَّ السلام فإنه يبلغني» ().

عرض الأعمال عليهم عليهم السلام

عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سئل عن الأعمال هل تعرض علي رسول الله صلي الله عليه و اله فقال عليه السلام: «ما فيه شك» قيل له: أرأيت قول الله ?وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون?()، قال عليه السلام: «لله شهداء في أرضه» ().

وعن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن أبا الخطاب كان يقول: إن رسول الله صلي الله عليه و اله تعرض عليه أعمال أمته كل خميس، فقال أبو عبد الله عليه السلام: «ليس هكذا ولكن رسول الله صلي الله عليه و اله تعرض عليه أعمال أمته كل صباح، أبرارها وفجارها فاحذروا، وهو قول الله عزوجل: ?فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون?()» وسكت.

قال أبو بصير: إنما عني الأئمة عليهم السلام ().

وعن سماعة قال: سمعته عليه السلام، يقول: «ما لكم تسوءون رسول الله صلي الله عليه و اله» فقال رجل: جعلت فداك وكيف نسوؤه؟ قال عليه السلام: «أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه فإذا رأي فيها معصية الله ساءه ذلك فلا تسوءوا رسول الله صلي الله عليه و اله وسروه» ().

وعن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري رحمة الله عليه قال: حدثني الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح (رضوان الله عليه) قال: اختلف أصحابنا في التفويض وغيره، فمضيت إلي أبي طاهر بن بلال في أيام استقامته فعرفته الخلاف، فقال: أخرني، فأخرته أياماً،

فعدت إليه، فأخرج إليّ حديثاً بإسناده إلي أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا أراد الله أمراً عرضه علي رسول الله صلي الله عليه و اله ثم أمير المؤمنين وسائر الأئمة عليهم السلام واحداً بعد واحد إلي أن ينتهي إلي صاحب الزمان عليه السلام ثم يخرج إلي الدنيا، وإذا أراد الملائكة أن يرفعوا إلي الله عز وجل عملاً عرض علي صاحب الزمان عليه السلام ثم يخرج علي واحد بعد واحد إلي أن يعرض علي رسول الله صلي الله عليه و اله ثم يعرض علي الله عزوجل فما نزل من الله فعلي أيديهم وما عرج إلي الله فعلي أيديهم وما استغنوا عن الله عزوجل طرفة عين» ().

وعن أبي سعيد الخدري: أن عماراً قال لرسول الله صلي الله عليه و اله: وددت أنك عمرت فينا عمر نوح عليه السلام، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «يا عمار حياتي خير لكم ووفاتي ليس بشر لكم، أما في حياتي فتحدثون وأستغفر الله لكم، وأما بعد وفاتي فاتقوا الله وأحسنوا الصلاة عليَّ وعلي أهل بيتي فإنكم تعرضون عليَّ وعلي أهل بيتي وأسماؤكم وأسماء آبائكم وقبائلكم فإن يكن خيراً حمدت الله وإن يكن سوي ذلك أستغفر الله لذنوبكم» فقال المنافقون والشكاك والذين في قلوبهم مرض: يزعم أن الأعمال تعرض عليه بعد وفاته بأسماء الرجال وأسماء آبائهم وأنسابهم إلي قبائلهم إن هذا لهو الإفك فأنزل الله جل جلاله ?وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون?()، فقيل له: ومن المؤمنون، فقال: «عامة وخاصة أما الذين قال الله عزوجل ?والمؤمنون? فهم آل محمد الأئمة منهم عليهم السلام» ().

من زارنا في مماتنا

عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: «من زارنا في مماتنا فكأنما زارنا

في حياتنا، ومن جاهد عدونا فكأنما جاهد معنا، ومن تولي لمحبنا فقد أحبنا، ومن سر مؤمنا فقد سرنا، ومن أعان فقيرنا كان مكافاته علي جدنا محمد صلي الله عليه و اله» ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «يا علي من زارني في حياتي أو بعد موتي، أو زارك في حياتك أو بعد موتك، أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما، ضمنت له يوم القيامة أن أخلصه من أهوالها وشدائدها حتي أصيره معي في درجتي» ().

وعن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما لمن زار واحداً منكم؟ قال: «كمن زار رسول الله صلي الله عليه و اله» ().

وعن يونس عن أبي وهب القصري قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله عليه السلام، فقلت: جعلت فداك أتيتك ولم أزر أمير المؤمنين عليه السلام، قال: «بئس ما صنعت لولا أنك من شيعتنا ما نظرت إليك، ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون» قلت: جعلت فداك ما علمت ذلك، قال: «فاعلم أن أمير المؤمنين عليه السلام أفضل عند الله من الأئمة كلهم وله ثواب أعمالهم وعلي قدر أعمالهم فضلوا» ().

وعن بشير الدهان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ربما فاتني الحج فأعرف عند قبر الحسين عليه السلام عارفاً بحقه، فقال: «أحسنت يا بشير أيما مؤمن أتي قبر الحسين عليه السلام عارفاً بحقه في غير يوم عيد كتب الله له عشرين حجةً وعشرين عمرةً مبرورات مقبولات وعشرين غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل، ومن أتاه في يوم عيد كتب الله له مائة حجة ومائة عمرة ومائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل»، قلت: وكيف لي بمثل الموقف،

فنظر إليَّ شبه المغضب ثم قال: «يا بشير إن المؤمن إذا أتي قبر الحسين عليه السلام يوم عرفة واغتسل من الفرات ثم توجه إليه كتب الله له بكل خطوة حجةً بمناسكها» ولا أعلم إلا قال وعمرة ().

وعن يزيد بن عبد الملك قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام فمر قوم علي حمير فقال: «أين يريد هؤلاء»، قلت: قبور الشهداء، قال: «فما يمنعهم من زيارة الشهيد الغريب»، فقال رجل من أهل العراق: وزيارته واجبة، قال: «زيارته خير من حجة وعمرة وعمرة وحجة حتي عد عشرين حجةً وعمرةً» ثم قال: «مقبولات مبرورات» قال: فوالله ما قمت حتي أتاه رجل، فقال له: إني قد حججت تسع عشرة حجةً فادع الله أن يرزقني تمام العشرين حجةً، قال: «هل زرت قبر الحسين عليه السلام»، قال: لا، قال: «لزيارته خير من عشرين حجةً» ().

وعن أبي سعيد المدائني قال: دخلت علي أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه السلام، قال: «نعم، فائت قبر ابن رسول الله صلي الله عليه و اله أطيب الطيبين وأطهر الطاهرين وأبر الأبرار فإذا زرته كتب الله لك به خمساً وعشرين حجةً» ().

وعن معاوية بن وهب قال: استأذنت علي أبي عبد الله عليه السلام فقيل لي: ادخل، فدخلت فوجدته في مصلاه في بيته فجلست حتي قضي صلاته فسمعته يناجي ربه، وهو يقول:

«اللهم يا من خصنا بالكرامة ووعدنا الشفاعة وخصنا بالوصية وأعطانا علم ما مضي وعلم ما بقي وجعل أفئدةً من الناس تهوي إلينا، اغفر لي ولإخواني وزوار قبر الحسين عليه السلام الذين أنفقوا أموالهم وأشخصوا أبدانهم رغبةً في برنا ورجاءً لما عندك في صلتنا، وسروراً أدخلوه علي نبيك (صلواتك عليه وآله)،

وإجابةً منهم لأمرنا، وغيظاً أدخلوه علي عدونا، أرادوا بذلك رضاك، فكافئهم عنا بالرضوان، واكلأهم بالليل والنهار، واخلف علي أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف، واصحبهم واكفهم شر كل جبار عنيد وكل ضعيف من خلقك وشديد وشر شياطين الإنس والجن، وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم، وما آثرونا به علي أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم، اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا، خلافاً منهم علي من خالفنا فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تتقلب علي حضرة أبي عبد الله عليه السلام وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمةً لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا، اللهم إني أستودعك تلك الأبدان وتلك الأنفس حتي توفيهم علي الحوض يوم العطش الأكبر».

فما زال يدعو وهو ساجد بهذا الدعاء، فلما انصرف قلت: جعلت فداك لو أن هذا الذي سمعت منك كان لمن لا يعرف الله عزوجل لظننت أن النار لاتطعم منه شيئاً أبداً والله لقد تمنيت أني كنت زرته ولم أحج، فقال لي: «ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته» ثم قال: «يا معاوية لم تدع ذلك» قلت: جعلت فداك لم أر أن الأمر يبلغ هذا كله، فقال: «يا معاوية من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض» ().

إلي غيرها من الروايات.

من كرامات الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله

قصيدة البُردة

رأي الشاعر المشهور (البوصيري)() النبي صلي الله عليه و اله في المنام وقرء له قصيدته المعروفة (البردة)، فأعطاه رسول الله صلي الله عليه و اله رداءه، فلما قام من المنام رأي أن رداء رسول الله صلي الله عليه و اله علي كتفه، يقال: إن هذا الرداء موجود

إلي الآن في المتحف العثماني الخاص بآثار رسول الله صلي الله عليه و اله().

أمِن تذكّر جيرانٍ بذي سَلم

مزجت دمعاً جري من مقلة بدمِ

أم هبّت الريح من تلقاء كاظمة

وأومض البرق في الظلماء من أضم

فما لعينيكَ إن قلتَ اكفُفا همتا

وما لقلبكَ إن قلت استفق يَهِم

أيحسب الصبّ أن الحب منكتم

ما بين منسجم منه ومضطرم

لولا الهوي لم ترق دمعاً علي طلل

ولا أرقت لذكر البان والعلم

فكيف تنكر حبّاً بعدما شهِدت

به عليك عدول الدمع والسقم

وأثبت الوجد خطي عبرة وضني

مثل البهار علي خديك والعنم

نعم سري طيف من أهوي فأرَّقني

والحب يعترض اللذات بالألم

يا لائمي في الهوي العذريّ معذرة

مني إليك ولو أنصفت لم تلم

عدتك حالي لا سرّي بمستتر

عن الوشاة ولا دائي بمنحسم

محضتني النصح لكن لست أسمعه

إن المحب عن العُذال في صمم

إني اتهمت نصيح الشيب في عذلي

والشيب أبعد في نصح عن التُهم

فإن أمّارتي بالسوء ما اتعظت

من جهلها بنذير الشيب والهرم

ولا أعدّت من الفعل الجميل قِري

ضيف ألمَّ برأسي غير محتشم

لو كنتُ أعلم أني ما أوقره

كتمتُ سراً بدا لي منه بالكتم

من لي بردّ جموح من غوايتها

كما يرد جماح الخيل باللجم

فلا ترم المعاصي كسر شهوتها

إن الطعام يقوّي شهوة النهم

والنفس كالطفل إن تهمله شبّ علي

حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

فاصرف هواها وحاذر أن تولّيه

إن الهوي ما تولي يصْم أو يصِم

وراعها وهي في الأعمال سائمة

وإن هي استحلت المرعي فلا تسم

كم حسّنت لذة للمرء قاتلة

من حيث لم يدرِ أن السم في الدسم

واخشَ الدسائس من جوع ومن شبع

فرب مخمصة شر من التُخم

واستفرغ الدمع من عينٍ قد امتلأت

من المحارم والزم حمية الندم

وخالف النفس والشيطان وأعصهما

وإن هما محضاك النُصح فاتّهم

ولا تُطع منهما خصماً ولا حَكَماً

فأنت تعرف كيد الخصم والحكَم

استغفرُ اللهَ من قول بلا عمل

لقد نسبتُ به نسلاً لذي عقم

أمرتُكَ الخير لكن ما ائتمرتُ به

وما استقمتُ

فما قولي لك استقم

ولا تزودتُ قبل الموت نافلة

ولم أصلِّ سوي فرضي ولم أصُم

ظلمتُ سنّة من أحيا الظلام إلي

أن اشتكت قدماه الضُرّ من وَرَم

وشدَّ من سَغَب أحشاءه وطوي

تحت الحجارة كشحاً مترف الأدم

وروادته الجبال الشمّ من ذهب

عن نفسه فارآها أيما شمم

وأكدت زهده فيها ضرورته

إن الضرورة لا تعدو علي العِصم

وكيف تدعو إلي الدنيا ضرورة مَن

لولاه لم تخرج الدنيا من العدم

محمد سيد الكونين والثقلين

والفريقين من عُرب ومن عَجَم

نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ

أبرّ في قولِ لا منه ولا نعم

هو الحبيب الذي ترجي شفاعته

لكل هول من الأهوال مُقتحم

دعا إلي الله فالمستمسكون به

مستمسكون بحبلٍ غير منفصم

فاق النبيين في خَلقٍ وفي خُلُقٍ

ولم يُدانوه في علم ولا كرم

وكلهم من رسول الله ملتمس

غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم

وواقفون لديه عند حدّهم

من نقطة العلم أو من شكلة الحكم

فهو الذي تم معناه وصورته

ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسم

منزّه عن شريك في محاسنه

فجوهر الحُسن فيه غير منقسم

دَعْ ما ادّعته النصاري في نبيهم

واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم

وانسب إلي ذاته ما شئتَ من شرف

وانسب إلي قدره ما شئتَ من عِظَم

فإنّ فضلَ رسولِ الله ليس له

حدّ فيعرب عنه ناطق بفم

لو ناسبتَ قدره آياته عظماً

أحيا اسمه حين يدعي دارس الرمم

لم يمتحنّا بما تعيا العقول به

حرصاً علينا فلم نرتبْ ولم نهم

أعيا الوري فَهمُ معناه فليس يري

في القرب والبُعد فيه غير منفحم

كالشمس تظهر للعينين من بُعدٍ

صغيرة وتكلّ الطرف من أمَم

وكيف يُدرك في الدنيا حقيقته

قومٌ نيامٌ تسلّوا عنه بالحلم

فمبلغ العلم فيه أنه بشر

وأنه خير خلق الله كلهم

وكلّ آي أتي الرُسل الكِرام بها

فإنما اتصلت من نوره بهم

فإنه شمسُ فضلٍ هم كواكبها

يظهرن أنوارها للناس في الظُلَم

أكرِمْ بخَلق نبي زانه خُلُق

بالحسن مشتمل بالبِشر متّسم

كالزهر في تَرفٍ والبَدر في شرفٍ

والبحر في كَرَم والدهر في هَمَم

كأنهُ وهو فرد من

جلالته

في عسكرٍ حين تلقاه وفي حشم

كأنما اللؤلؤ المكنون في صدف

من معدنَي منطق منه ومبتسم

لا طيبَ يعدل تُرباً ضمّ أعظُمه

طوبي لمنتشق منه وملتثم

أبان مولده عن طيب عنصره

يا طيب مبتدأٍ منه ومختتم

يوم تفرّس فيه الفرس إنهم

قد أنذروا بحلول البؤس والنقم

وبات إيوان كسري وهو منصدع

كشمل أصحاب كسري غير ملتئم

والنار خامدة الأنفاس من أسفٍ

عليه والنهر ساهي العين من سدم

وساء ساوة أن غاضت بحيرتها

وردّ واردها بالغيظ حين ظمي

كأنّ بالنار ما بالماء من بلل

حُزناً وبالماء ما بالنار من ضرم

والجنّ تهتف والأنوار ساطعة

والحقّ يظهر من معني ومن كَلَم

عمّوا وصمّوا فإعلان البشائر لم

تسمع وبارقة الإنذار لم تشم

من بعد ما أخبر الأقوامُ كاهنهم

بأنّ دينهم المعوجّ لم يقم

وبعد ما عاينوا في الأفق من شُهبٍ

منقضة وفق ما في الأرض من صنم

حتي غدا عن طريق الوحي منهزم

من الشياطين يقفو أثر منهزم

كأنهم هرباً أبطال أبرهة

أو عسكر بالحصي من راحتيه رُمي

نبذاً به بعد تسبيح بنطقهما

نبذ المسبّح من أحشاء ملتقم

جاءت لدعوته الأشجار ساجدة

تمشي إليه علي ساقٍ بلا قدم

كأنما سُطّرت سطراً لما كتبت

فروعها من بديع الخط في اللقم

مثل الغمامة أنَّي سار سائرة

تقيه حرّ وطيسٍ للهجير حمي

أقسمتُ بالقمر المنشقّ أن له

من قلبه نسبة مبرورة القسم

وما حوي الغار من خير ومن كرم

وكل طرف من الكفار عنه عمي

ظنوا الحمامَ وظنوا العنكبوتَ علي

خير البرية لم تنسج ولم تحم

وقاية الله أغنت عن مضاعفة

من الدروع وعن عال من الأطم

ما سامني الدهر ضيماً واستجرت به

إلا ونلت جِواراً منه لم يضم

ولا التمست غني الدارين من يده

إلا استلمتُ الندي من خير مستلم

لا تنكر الوحي من رؤياه إنّ له

قلباً إذا نامت العينان لم ينم

وذاك حين بلوغٍ من نبوته

فليس ينكر فيه حال محتلم

تبارك الله ما وحي بمكتسب

ولا نبي علي غيب بمتهم

كم أبرأت وصباً باللمس راحته

وأطلعت أرباً من ربقة اللمم

وأحيت السنة الشهباء دعوته

حتي

حكت غرة في الأعصر الدهم

بعارض جاد أوخلت البطاح بها

سيبٌ من اليمّ أو سيل من العَرَم

دعني ووصفي آيات له ظهرت

ظهور نار القري ليلاً علي عَلَم

فالدرّ يزداد حُسناً وهو منتظم

وليس ينقص قدراً غير منتظم

فما تطاول آمال المديح إلي

ما فيه من كرم الأخلاق والشئم

آيات حقٍ من الرحمن محدثة

قديمة صفة الموصوف بالقدم

لم تقترن بزمان وهي تخبرنا

عن المعاد وعن عادٍ وعن إرم

دامت لدينا ففاقت كل معجزة

من النبيين إذ جاءت ولم تدم

محكمات فما يبقين من شبه

لذي شقاق وما يبغين من حَكَم

ما حوربت قط إلا عاد من حرب

أعدي الأعادي إليها ملقي السلم

رَدّت بلاغتها دعوي معارضها

رد الغيور يد الجاني عن الحرم

لها معان كموج البحر في مدد

وفوق جوهره في الحسن والقيم

فما تُعدّ ولا تحصي عجائبها

ولا تسام علي الإكثار بالسأم

قرت بها عين قاريها فقلتُ له

لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم

إن تتلها خيفة من حرّ نار لظي

أطفأت حر اللظي من وردها الشيم

كأنها الحوض تبيض الوجوه به

من العصاة وقد جاءوه كالحمم

وكالصراط وكالميزان معدلة

فالقسط من غيرها في الناس لم يقم

لا تعجبن لحسود راح ينكرها

تجاهلاً وهو عين الحاذق الفهم

قد تنكر العين ضوءَ الشمس من رمد

وينكر الفم طعمَ الماء من سقم

يا خير من يمّم العافون ساحته

سعياً وفوق متون الأينق الرسم

ومن هو الآية الكبري لمعتبر

ومن هو النعمة العظمي لمغتنم

سريتَ من حرم ليلاً إلي حرم

كما سري البدر في داج من الظُلَم

وبتَّ ترقي إلي أن نلتَ منزلة

مِن قاب قوسين لم تدرك ولم تُرم

وقدّمتك جميع الأنبياء بها

والرسل تقديم مخدوم علي خَدَم

وأنت تخترق السبع الطباق بهم

في موكب كنت فيه صاحب العَلَم

حتي إذا لم تدع شأواً لمستبقٍ

من الدنو ولا مرقي لمُستَنم

خفضتَ كل مقام بالإضافة إذ

نوديتَ بالرفع مثل المفرد العلم

كيما تفوز بوصل أيّ مستتر

عن العيون وسرّ أيّ مكتتم

فحُزتَ كل فخارٍ غير مشترك

وجزت كل مقام غير مزدحم

وجل مقدار ما

وليت من رُتبٍ

وعزّ إدراك ما أوليت من نِعَم

بُشري لنا معشر الإسلام أنّ لنا

من العناية ركنا غير منهدم

لما دعا الله داعينا لطاعته

بأكرم الرسل كنا أكرمَ الأمم

راعت قلوب العدي أنباء بعثته

كنبأة أجفلت غفلاً من الغنم

مازال يلقاهم في كل معترك

حتي حكوا بالقَنا لحماً علي وضم

ودّوا الفرار فكادوا يغبطون به

أشلاء شالت مع العُقبان والرُخم

تمضي الليالي ولا يدرون عدتها

ما لم تكن من ليالي الأشهر الحُرُم

كأنما الدّين ضيف حلّ ساحتهم

بكل قرم إلي لحم العدي قَرم

يجرّ بحر خميس فوق سابحة

يرمي بموج من الأبطال ملتطم

من كل منتدب لله محتسب

يسطو بمستأصل للكفر مصطلم

حتي غدت ملة الإسلام وهي بهم

من بعد غربتها موصولة الرحم

مكفولة أبداً منهم بخير أب

وخير بعل فلم تيتم ولم تئم

هم الجبال فسل عنهم مصادمهم

ماذا رأي منهم في كل مصطدم

وسل حنيناً وسل بدراً وسل أحداً

فصول حتف لهم أدهي من الوخم

المصدري البيض حمراً بعدما وردت

من العدي كل مسود من اللمم

والكاتبين بسمر الخط ما تركت

أقلامهم حرف جسم غير منعجم

شاكي السلاح لهم سيما تميزهم

والورد يمتاز بالسيما عن السلم

تهدي إليك رياح النصر نشرهم

فتحسب الزهر في الأكمام كل كمي

كأنهم في ظهور الخيل نبت رُباً

من شدة الحزم لا من شدة الحزم

طارت قلوب العدي من بأسهم فرقاً

فما تفرّق بين البَهم والبُهم

ومن تكن برسول الله نصرته

إن تلقه الأسد في آجامها تجم

ولن تري من ولي غير منتصر

به ولا من عدو غير منفصم

أحلّ أمته في حرز ملته

كالليث حلّ مع الأشبال في أجم

كم جدّلت كلمات الله من جدل

فيه وكم خصم البرهان من خصم

كفاك بالعلم في الأميّ معجزة

في الجاهلية والتأديب في اليتم

خدمته بمديح استقيل به

ذنوب عمر مضي في الشعر والخدم

إذ قلداني ما تخشي عواقبه

كأنني بهما هدي من النعم

أطعت غيّ الصبا في الحالتين وما

حصلت إلا علي الآثام والندم

فيا خسارة نفسي في تجارتها

لم تشتر الدّين بالدنيا ولم تسم

ومن

يبع آجلاً منه بعاجله

يبن له الغبن في بيع وفي سلم

أن آت ذنباً فما عهدي بمنتقض

من النبي ولا حبلي بمنصرم

فإن لي ذمة منه بتسميتي

محمداً وهو أوفي الخلق بالذمم

إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي

فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم

حاشاه أن يحرم الراجي مكارمه

أو يرجع الجار منه غير محترم

ومنذ ألزمتُ أفكاري مدائحه

وجدته لخلاصي خير ملتزم

ولن يفوت الغني منه يداً تربت

إن الحيا ينبت الأزهار في الأكم

ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت

يدا زهير بما أثني علي هرم

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به

سواك عند حلول الحادث العمم

ولن يضيقَ رسول الله جاهك بي

إذا الكريم تحلّي باسم منتقم

فإن من جودك الدنيا وضرتها

ومن علومك علم اللوح والقلم

يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت

إن الكبائر في الغفران كاللمم

لعلّ رحمة ربي حين يقسمها

تأتي علي حسب العصيان في القسم

يا رب واجعل رجائي غير منعكس

لديك واجعل حسابي غير منخرم

والطف بعبدك في الدارين إن له

صبراً متي تدعه الأهوال ينهزم

وأذن لسحب صلاة منك دائمة

علي النبي بمنهل ومنسجم

وما رنحت عذبات البان ريح صبا

وأطرب العيس حادي العيس بالنغم

العوسجة المباركة

عن هند بنت الجون قالت: نزل رسول الله صلي الله عليه و اله خيمة خالتها أم معبد فقام من رقدته فدعا بماء فغسل يديه ثم تمضمض ومج في عوسجة إلي جانب الخيمة فأصبحنا وهي كأعظم دوحة وجاءت بثمر كأعظم ما يكون في لون الورس ورائحة العنبر وطعم الشهد ما أكل منها جائع إلا وشبع، ولا ظمآن إلا روي، ولا سقيم إلا برئ، وما أكل من ورقها بعير ولا شاة إلا در لبنها، وكنا نسميها المباركة، وينتابنا من البوادي من يستشفي بورقها، ويتزود منها، حتي أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها وصغر ورقها ففزعنا فما راعنا إلا نعي رسول الله صلي الله

عليه و اله.

ثم إنها بعد ثلاثين سنة أصبحت ذات شوك من أسفلها إلي أعلاها وتساقط ثمرها فذهب، فما شعرنا إلا بمقتل أمير المؤمنين عليه السلام فما أثمرت بعد ذلك، وكنا ننتفع بورقها.

ثم أصبحنا وإذا بها قد نبع من ساقها دم عبيط وقد ذبل ورقها فبينا نحن فزعون مهمومون إذ أتانا مقتل الحسين عليه السلام ويبست الشجرة علي أثر ذلك وذهبت().

اللهم بارك لها في شاتها

قالت أم معبد: لما هاجر النبي صلي الله عليه و اله إلي المدينة فطلبوا ما يشربون فلم يجدوه، فنظر رسول الله صلي الله عليه و اله في كسر خيمتها فقال: «ما هذه الشاة يا أم معبد».

قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم.

فقال: «هل بها من لبن».

فقالت: هي أجهد من ذلك.

قال: «أتأذنين لي أن أحلبها».

قالت: نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا فاحلبها.

فدعا رسول الله صلي الله عليه و اله بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله، وقال: «اللهم بارك لها في شاتها» فتفاجت ودرت، فدعا رسول الله صلي الله عليه و اله بإناء لها يريض الرهط فحلب فيه ثجاً حتي علقه الثمال فسقاها فشربت حتي رويت ثم سقي أصحابه فشربوا حتي رووا، فشرب صلي الله عليه و اله آخرهم وقال: «ساقي القوم آخرهم شربا» فشربوا جميعا عللا بعد نهل حتي أراضوا، ثم حلب ثانيا عودا علي بدء فغدوا عندها ثم ارتحلوا منها، فقلما لبث أجاء زوجها أبو معبد ويسوق عنزاً عجافاً هزلاً ومخاجهن قليل، فلما رأي اللبن قال: من أين لكم هذا والشاة عازب ولا حلوبة في البيت، قالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت الخبر().

عادت كما كانت

أصيبت يوم أحد عين قتادة بن النعمان حتي وقعت علي وجنته، قال: فجئت إلي النبي صلي الله عليه و اله وقلت: يا رسول الله إن تحتي امرأة شابة جميلة أحبها وتحبني، فأنا أخشي أن تقذر مكان عيني.

فأخذها رسول الله صلي الله عليه و اله فردها، فأبصرت وعادت كما كانت، لم تؤلمه ساعة من ليل أو نهار، فكان يقول بعد أن أسن: هي أقوي عيني وكانت أحسنهما().

وإن ثوابها الجنة

عن أبي عوف عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخلت عليه فألطفني، وقال عليه السلام: «إن رجلا مكفوف البصر أتي النبي صلي الله عليه و اله فقال: يا رسول الله ادع الله لي أن يرد عليَّ بصري.

وقال: فدعا الله له، فرد عليه بصره.

ثم أتاه آخر فقال: يا رسول الله صلي الله عليه و اله ادع الله لي أن يرد عليَّ بصري.

قال: فقال صلي الله عليه و اله: الجنة أحب إليك أو يرد عليك بصرك.

قال: يا رسول الله وإن ثوابها الجنة؟

فقال صلي الله عليه و اله: إن الله أكرم من أن يبتلي عبده المؤمن بذهاب بصره ثم لا يثيبه الجنة» ().

امسح به جسدك

روي: أنه أتاه صلي الله عليه و اله رجل من جهينة يتقطع من الجذام، فشكا إليه، فأخذ قدحا من الماء فتفل فيه، ثم قال صلي الله عليه و اله: «امسح به جسدك» ففعل فبرأ حتي لايوجد منه شي ء().

الطفل المريض

ورد: أن أسامة بن زيد قال: خرجنا مع النبي صلي الله عليه و اله في حجته التي حجها حتي إذا كنا ببطن الروحاء نظر إلي امرأة تحمل صبيا فقالت: يا رسول الله هذا ابني ما أفاق من خناق منذ ولدته إلي يومه هذا، فأخذه رسول الله صلي الله عليه و اله وتفل في فيه فإذا الصبي قد برأ().

ضربة خيبر

روي: أن سلمة بن الأكوع أصابه ضربة يوم خيبر فأتي النبي صلي الله عليه و اله فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكاها حتي الممات().

علماً بأن لرسول الله صلي الله عليه و اله آلافاً من الكرامات والمعجزات، وعلي رأسها القرآن الكريم، وقد جمعنا بعضها في كتاب (من معاجز النبي صلي الله عليه و اله)().

من كرامات أمير المؤمنين عليه السلام

جمجمة أنو شيروان

ذكر المحدث الجليل الشيخ عباس القمي (رضوان الله عليه)() في سفينة البحار مادة العدل() أنه:

قدم أمير المؤمنين عليه السلام إلي المدائن ونزل بإيوان كسري، وانه أحيا أنوشيروان وسأله عن حاله؟

فأخبر: إنه محروم من الجنة بسبب كفره، ولا يعذب بالنار ببركة عدله وإنصافه بين الرعية.

وقد ورد في النبوي الشريف أنه صلي الله عليه و اله قال: «ولدت في زمن الملك العادل أنو شيروان» ().

وإليك تفصيل القصة علي ما في بحار الأنوار():

عن عمار الساباطي قال: قدم أمير المؤمنين عليه السلام المدائن فنزل بإيوان كسري وكان معه دلف بن مجير فلما صلي قام وقال لدلف: «قم معي» وكان معه جماعة من أهل ساباط فما زال يطوف منازل كسري ويقول لدلف: «كان لكسري في هذا المكان كذا وكذا».

ويقول دلف: هو والله كذلك، فما زال كذلك حتي طاف المواضع بجميع من كان عنده ودلف يقول: يا سيدي ومولاي كأنك وضعت هذه الأشياء في هذه المساكين.

ثم نظر عليه السلام إلي جمجمة نخرة فقال لبعض أصحابه: «خذ هذه الجمجمة» ثم جاء عليه السلام إلي الإيوان وجلس فيه ودعا بطشت فيه ماء فقال للرجل: «دع هذه الجمجمة في الطشت» ثم قال: «أقسمت عليك يا جمجمة لتخبريني من أنا ومن أنت؟».

فقالت الجمجمة بلسان فصيح: أما أنت فأمير المؤمنين وسيد الوصيين وإمام المتقين، وأما أنا فعبد الله وابن أمة الله كسري أنوشيروان.

فقال

له أمير المؤمنين عليه السلام: «كيف حالك؟».

قال: يا أمير المؤمنين إني كنت ملكا عادلا شفيقا علي الرعايا رحيما لا أرضي بظلم ولكن كنت علي دين المجوس، وقد ولد محمد صلي الله عليه و اله في زمان ملكي فسقط من شرفات قصري ثلاث وعشرون شرفة ليلة ولد فهممت أن أؤمن به من كثرة ما سمعت من الزيادة من أنواع شرفه وفضله ومرتبته وعزه في السماوات والأرض ومن شرف أهل بيته ولكني تغافلت عن ذلك وتشاغلت عنه في الملك، فيا لها من نعمة ومنزلة ذهبت مني حيث لم أؤمن فأنا محروم من الجنة بعدم إيماني به ولكني مع هذا الكفر خلصني الله تعالي من عذاب النار ببركة عدلي وإنصافي بين الرعية وأنا في النار والنار محرمة عليّ، فوا حسرتا لو آمنت لكنت معك يا سيد أهل بيت محمد صلي الله عليه و اله ويا أمير أمته.

قال: فبكي الناس وانصرف القوم الذين كانوا من أهل ساباط إلي أهلهم، الحديث.

لا يقتل منا عشرة

أخبر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه في حرب الخوارج بأنه لا يقتل منا عشرة ولا يسلم منهم عشرة، فقُتل من أصحاب علي عليه السلام تسعة بعدد من سلم من الخوارج وهذه من جملة كراماته (صلوات الله عليه) ().

نور من القبر الشريف

في بحار الأنوار عن فرحة الغري قال: ذكر إبراهيم بن علي بن محمد بن بكروس الدينوري في كتاب نهاية الطلب وغاية السؤال في مناقب آل الرسول عليهم السلام:

لقد كنت في النجف ليلة الأربعاء ثالث عشر ذي الحجة سنة سبع وتسعين وخمسمائة ونحن متوجهون نحو الكوفة بعد أن فارقنا الحاج بأرض النجف وكانت ليلة مصحية كالنهار وكان من الوقت ثلث الليل فظهر نور دخل القبر في ضمنه ولم يبق له الأثر وكان يسير إلي جانبي بعض الأجناد وشاهد ذلك أيضا فتأملت سبب ذلك وإذا علي قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عمود من نور يكون عرضه في رأي العين نحو الذراع وطوله حدود عشرين ذراعا وقد نزل من السماء وبقي علي ذلك حدود ساعتين ما زال يتلاشي علي القبة حتي اختفي عني وعاد نور القمر علي ما كان عليه وكلمت الجندي الذي كان إلي جانبي فوجدته قد ثقل لسانه وارتعش فلم أزل به حتي عاد لما كان عليه و أخبرني أنه شاهد مثل ذلك().

جزاء الكذب مع الإمام عليه السلام

روي في كرامات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أن رجلا حدث علي ابن أبي طالب عليه السلام بحديث، فقال علي عليه السلام: «ما أراك إلا قد كذبتني»!.

قال الرجل: لم أفعل.

ثم قال عليه السلام: «أدعو الله عليك إن كنت كذبت؟».

قال: ادع.

فدعا، فما برح حتي عمي().

ألف رجل لا أقل ولا أكثر

ورد أنه لما بويع أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار قال: «يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا ينقصون رجلا ولا يزيدون رجلا يبايعون علي الموت آخرهم أويس القرني».

قال ابن عباس: (فأحصيت المقبلين فنقصوا واحدا فبينما أنا أفكر إذ أقبل أويس القرني)().

أيكم المولود في الحرم؟

في الفضائل: عن أبي جعفر ميثم التمار قال: بينما نحن بين يدي مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام بالكوفة وجماعة من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و اله محدقون به كأنه البدر في تمامه بين الكواكب في السماء الصاحية إذ دخل عليه من الباب رجل طويل، عليه قباء خز أدكن، متعمم بعمامة أتحمية صفراء، وهو متقلد بسيفين، فدخل من غير سلام ولم ينطق بكلام.

فتطاول الناس بالأعناق ونظروا إليه بالآماق وشخصوا إليه بالأحداق ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لا يرفع رأسه إليه فلما هدأت من الناس الحواس فحينئذ أفصح عن لسانه كأنه حسام جذب من غمده ثم قال: أيكم المجتبي في الشجاعة والمعمم بالبراعة والمدرع بالقناعة؟

أيكم المولود في الحرم، والعالي في الشيم، والموصوف بالكرم؟

أيكم الأصلع الرأس، والثابت الأساس والبطل الدعاس والآخذ بالقصاص والمضيق للأنفاس؟

أيكم غصن أبي طالب الرطيب وبطله المهيب والسهم المصيب والقسم النجيب؟

أيكم خليفة محمد صلي الله عليه و اله الذي نصر به في زمانه وعز به سلطانه وعظم به شأنه؟

أيكم قاتل العمرين وآسر العمرين؟

فعند ذلك رفع أمير المؤمنين عليه السلام رأسه إليه فقال عليه السلام له: «ما لك يا أبا سعد ابن الفضل بن الربيع بن مدركة بن نجيبة بن الصلت بن الحارث بن الأشعث بن السميمع الدوسي سل عما بدا لك، فأنا كنز الملهوف وأنا الموصوف بالمعروف، أنا الذي أفرعتني الصم الصلاب وأنا المنعوت في

كل كتاب، أنا الطود والأسباب أنا ق والقرآن المجيد، أنا النبأ العظيم، أنا الصراط المستقيم، أنا علي مؤاخي رسول الله صلي الله عليه و اله وزوج ابنته ووارث علمه وعيبة حكمته والخليفة من بعده».

فقال الأعرابي: بلغنا عنك أنك معجز النبي صلي الله عليه و اله والإمام الولي ليس لك مطاول فيطاولك ولا ممانع فيصاولك أهو كما بلغنا عنك يا فتي قومه؟

قال علي عليه السلام: «قل ما بدا لك».

فقال إني رسول إليك من ستين ألف رجل يقال لهم العقيمة وقد حملوا معي رجلا ميتا قد مات منذ مدة وقد اختلف في سبب موته وهو علي باب المسجد فإن أحييته علمنا أنك وصي رسول الله صلي الله عليه و اله صادق نجيب الأصل وتحققنا أنك حجة الله في أرضه وخليفته في عباده، وإن لم تقدر علي ذلك رددته علي قومه وعلمنا أنك تدعي غير الصواب وتظهر من نفسك ما لا تقدر عليه.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «يا أبا جعفر وهو ميثم التمار اركب بعيرا وطف في شوارع الكوفة ومحلاتها وناد من أراد أن ينظر إلي ما أعطي الله عليا أخا رسول الله صلي الله عليه و اله بعل فاطمة عليها السلام مما أودعه رسول الله من العلم فيه فليخرج إلي النجف غدا».

فهرع الناس إلي النجف فلما رجع ميثم من النداء قال له علي عليه السلام: «خذ الأعرابي إلي ضيافتك، فغداة غد سيأتيك الله بالفرج».

قال ميثم: فأخذت الأعرابي ومعه محمل فيه ميت فأنزلته منزلي وأخدمته أهلي، فلما صلي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الفجر خرج وخرجت معه ولم يبق في الكوفة بر ولا فاجر إلا وخرج إلي النجف.

فقال عليه السلام: «يا أبا جعفر عليّ بالأعرابي

وصاحبه الميت».

فخرجت من عنده وإذا أنا بالأعرابي وهو راجل تحت القبة التي فيها الميت فأتي بهما إلي النجف.

فعند ذلك قال عليه السلام: «يا أهل الكوفة قولوا فينا ما ترونه وارووا عنا ما تسمعونه وأوردوا ما تشاهدونه منا» ثم قال: «يا أعرابي أبرك جملك وأخرج صاحبك أنت وجماعة من المسلمين».

قال ميثم: فأخرج تابوتا من الساج وفيه من قصب وطاء ديباج فحله وإذا تحته بدرة من اللؤلؤ وفيها غلام قد تم عذاره بذوائب كذوائب المرأة الحسناء.

فقال عليه السلام: «ما كان سبب موته؟».

فقال الأعرابي: يا فتي أهله يريدون أن تحييه ليخبرهم من قتله فيعلموه، لأنه بات سالما وأصبح مذبوحا من الأذن إلي الأذن.

فقال عليه السلام له: «من يطلب بدمه» قال: خمسون رجلا من قومه يعضد بعضهم بعضا في طلب دمه فاكشف الشك والريب يا أخا رسول الله.

فقال عليه السلام: «هذا الميت قتله عمه لأنه تزوج ابنته فخلاها وتزوج غيرها فقتله حنقا عليه».

فقال الأعرابي: لسنا نرضي بقولك وإنما نريد أن يشهد هذا الغلام بنفسه عند أهله من قتله حتي لا يقع بينهم السيف والفتنة والقتال.

فعند ذلك قام علي عليه السلام فحمد الله وأثني عليه وذكر النبي صلي الله عليه و اله فصلي عليه، ثم قال: «يا أهل الكوفة ما بقرة بني إسرائيل بأجل من علي أخي رسول الله صلي الله عليه و اله وإنها أحيت ميتا بعد سبعة أيام» ثم دنا من الميت فقال: «إن بقرة بني إسرائيل ضرب بعضها الميت فعاش وأنا أضربه ببعضي فإن بعضي عند الله خير من البقرة كلها» ثم هزه برجله اليمني وقال: «قم بإذن الله تعالي يا مدرك بن حنظلة بن غسان بن يحيي بن سلامة بن الطبيب بن الأشعث، فها قد أحياك

الله تعالي علي يدي علي بن أبي طالب».

قال ميثم التمار: فنهض غلام أحسن من الشمس أوصافا ومن القمر أضعافا وقال: لبيك لبيك يا حجة الله تعالي علي الأنام والمتفرد بالفضل والإنعام.

فقال له علي عليه السلام: «من قاتلك».

فقال قاتلي: عمي الحاسد حبيب بن غسان.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «انطلق إلي أهلك يا غلام».

قال: لا حاجة بي إلي أهلي.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «ولم» قال: أخاف أن أقتل ثانية ولا تكون أنت فمن يحييني؟.

فالتفت الإمام عليه السلام إلي الأعرابي وقال: «امض أنت إلي أهلك وأخبرهم بما رأيت».

فقال الأعرابي: وأنا أيضا قد اخترت المقام معك إلي أن يأتي الأجل، فلعن الله تعالي من اتجه له الحق ووضح وجعل بينه وبين الحق سترا.

فأقاما مع علي عليه السلام إلي أن قتلا معه بصفين وسار أهل الكوفة إلي منازلهم واختلفوا في أقاويلهم فيه عليه السلام().

استجابة دعائه عليه السلام

قال الإمام أبو محمد العسكري عليه السلام في تفسير قوله تعالي: ?ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم?(): «يعني اليهود» وذكر التفسير إلي أن قال: «قال الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام: لما كاعت اليهود عن هذا التمني، وقطع الله معاذيرها، قالت طائفة منهم وهم بحضرة رسول الله صلي الله عليه و اله وقد كاعوا وعجزوا: يا محمد فأنت والمؤمنون المخلصون لك مجاب دعاؤكم، وعلي أخوك ووصيك أفضلهم وسيدهم؟

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: بلي.

قالوا: يا محمد، فإن هذا كما زعمت فقل لعلي يدعو الله لابن رئيسنا هذا، فقد كان من الشباب جميلا نبيلا وسيما قسيما، قد لحقه برص وجذام، وقد صار حمي لا يقرب، ومهجورا لا يعاشر، يتناول الخبز علي أسنة الرماح.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ائتوني به.

فأتي به،

ونظر رسول الله صلي الله عليه و اله وأصحابه منه إلي منظر فظيع سمج قبيح كريه.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: يا أبا حسن ادع الله له بالعافية، فإن الله تعالي يجيبك فيه.

فدعا له، فلما كان بعد فراغه من دعائه إذ الفتي قد زال عنه كل مكروه، وعاد إلي أفضل ما كان عليه من النبل والجمال والوسامة والحسن في المنظر.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله للفتي: يا فتي آمن بالذي أغاثك من بلائك.

قال الفتي: قد آمنت، وحسن إيمانه.

فقال أبوه: يا محمد ظلمتني وذهبت مني بابني، ليته كان أجذم وأبرص كما كان ولم يدخل في دينك، فإن ذلك كان أحب إليًّ.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: لكن الله عزوجل قد خلصه من هذه الآفة وأوجب له نعيم الجنة.

قال أبوه: يا محمد ما كان هذا لك ولا لصاحبك، إنما جاء وقت عافيته فعوفي، فإن كان صاحبك هذا يعني عليا عليه السلام مجابا في الخير فهو أيضا مجاب في الشر، فقل له يدعو عليَّ بالجذام والبرص، فإني أعلم لأنه لا يصيبني ليتبين لهؤلاء الضعفاء الذين قد اغتروا بك أن زواله عن ابني لم يكن بدعائه.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: يا يهودي اتق الله وتهنأ بعافية الله إياك ولا تتعرض للبلاء ولما لا تطيقه وقابل النعمة بالشكر فإن من كفرها سلبها ومن شكرها امتري مزيدها.

فقال اليهودي: من شكر نعم الله تكذيب عدو الله المفتري عليه! وإنما أريد بهذا أن اعرف ولدي أنه ليس مما قلت له وادعيته قليل ولا كثير وأن الذي أصابه من خير لم يكن بدعاء عليّ صاحبك.

فتبسم رسول الله صلي الله عليه و اله وقال: يا يهودي

هبك قلت أن عافية ابنك لم تكن بدعاء عليّ عليه السلام فإنما صادف دعاؤه وقت مجيء عافيته، أرأيت لو دعا عليك عليّ عليه السلام بهذا البلاء الذي اقترحته فأصابك، أتقول إن ما أصابني لم يكن بدعائه ولكن لأنه صادف دعاؤه وقت مجيء بلائي؟

قال: لا أقول هذا، لان هذا احتجاج مني علي عدو الله في دين الله واحتجاج منه عليَّ، والله أحكم من أن يجيب إلي مثل هذا فيكون قد فتن عباده ودعاهم إلي تصديق الكاذبين.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: فهذا في دعاء علي لابنك كهو في دعائه عليك، لا يفعل الله تعالي ما يلبس به علي عباده دينه ويصدق به الكاذب عليه.

فتحير اليهودي لما أبطل صلي الله عليه و اله شبهته، وقال: يا محمد ليفعل عليّ هذا بي إن كنت صادقا.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام: يا أبا الحسن قد أبي الكافر إلا عتوّاً وطغيانا وتمرداً فادع عليه بما اقترح، وقل: اللهم ابتله ببلاء ابنه من قبل.

فقالها عليه السلام، فأصاب اليهودي داء ذلك الغلام مثل ما كان فيه الغلام من الجذام والبرص واستولي عليه الألم والبلاء وجعل يصرخ ويستغيث ويقول: يا محمد قد عرفت صدقك فأقلني.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: لو علم الله تعالي صدقك لنجاك، ولكنه عالم بأنك لا تخرج عن هذا الحال إلا ازددت كفرا، ولو علم أنه إن نجاك آمنت به لجاد عليك بالنجاة فإنه الجواد الكريم.

قال عليه السلام: فبقي اليهودي في ذلك الداء والبرص أربعين سنة آية للناظرين وعبرة للمتفكرين وعلامة وحجة بينة لمحمد صلي الله عليه و اله باقية في الغابرين، وبقي ابنه كذلك معافي صحيح الأعضاء والجوارح ثمانين

سنة عبرة للمعتبرين وترغيباً للكافرين في الإيمان وتزهيداً لهم في الكفر والعصيان.

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله حين حل ذلك البلاء باليهودي بعد زوال البلاء عن ابنه: عباد الله إياكم والكفر لنعم الله فإنه مشوم علي صاحبه، ألا وتقربوا إلي الله بالطاعات يجزل لكم المثوبات، وقصروا أعماركم في الدنيا بالتعرض لأعداء الله في الجهاد، لتنالوا طول أعمار الآخرة في النعيم الدائم الخالد، وابذلوا أموالكم في الحقوق اللازمة ليطول غناكم في الجنة.

فقام ناس فقالوا: يا رسول الله نحن ضعفاء الأبدان قليلو الأموال لا نفي بمجاهدة الأعداء ولا تفضل أموالنا عن نفقات العيالات فماذا نصنع؟

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ألا فلتكن صدقاتكم من قلوبكم وألسنتكم.

قالوا: كيف يكون ذلك يا رسول الله؟

قال صلي الله عليه و اله: أما القلوب فتقطعونها علي حب الله وحب محمد رسول الله وحب علي ولي الله ووصي رسول الله وحب المنتجبين للقيام بدين الله وحب شيعتهم ومحبيهم وحب إخوانكم المؤمنين، والكف عن اعتقادات العداوة والشحناء والبغضاء، وأما الألسنة فتطلقونها بذكر الله تعالي بما هو أهله والصلاة علي نبيه محمد وآله الطيبين، فإن الله تعالي بذلك يبلغكم أفضل الدرجات وينيلكم به المراتب العاليات» ().

من كرامات فاطمة الزهراء عليها السلام

خدم من الملائكة

عن أبي ذر الغفاري قال: بعثني النبي صلي الله عليه و اله أدعو عليا عليه السلام فأتيت بيته وناديته فلم يجبني، فأخبرت النبي صلي الله عليه و اله قال: «عد إليه فإنه في البيت» فأتيت ودخلت عليه فرأيت الرحي تطحن ولا أحد عندها، فقلت لعلي عليه السلام: إن النبي يدعوك، فخرج متوشحا حتي أتي النبي صلي الله عليه و اله فأخبرت النبي صلي الله عليه و اله بما رأيت، فقال: «يا أبا ذر لا تعجب،

فإن لله ملائكة سياحون في الأرض موكلون بمعونة آل محمد» ().

وتدور الرحي

عن عمار وميمونة قال كل منهما: وجدت فاطمة نائمة والرحي تدور، فأخبرت رسول الله صلي الله عليه و اله بذلك، فقال: «إن الله علم ضعف أمته فأوحي إلي الرحي أن تدور فدارت» ().

شكراً لربي

وقد نظم ابن حماد هذه الكرامة شعراً فقال:

وقالت أم أيمن جئت يوما

إلي الزهراء في وقت الهجير

فلما أن دنوت سمعت صوتا

وطحنا في الرحي له الهدير

فجئت الباب أقرعه مليا

فما من سامع أو من مجير

إذ الزهراء نائمة سكوت

وطحن للرحاء بلا مدير

فجئت المصطفي فقصصت شأني

وما عاينت من أمر ذعور

فقال المصطفي شكرا لربي

بإتمام الحباء لها جدير

رآها الله متعبة فألقي

عليها النوم ذو المن الكبير

ووكل بالرحي ملكا مديرا

فعدت وقد ملئت من السرور()

المهد المتحرك

روي: أن فاطمة الزهراء عليها السلام ربما اشتغلت بصلاتها وعبادتها، فربما بكي ولدها فرؤي المهد يتحرك وكان ملك يحركه().

إن الله يرزق من يشاء

عن جابر بن عبد الله: إن النبي صلي الله عليه و اله أقام أياما لم يطعم طعاما، وجاء إلي منازل أزواجه فلم يصب شيئا، فجاء إلي فاطمة فإذا جفنة تفور فيها طعام، فقال صلي الله عليه و اله: «أني لك هذا»؟

قالت عليها السلام: «هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب».

فقال النبي صلي الله عليه و اله: «الحمد لله الذي لم يمتني حتي رأيت في ابنتي ما رآه زكريا لمريم، كان إذا دخل عليها وجد عندها رزقا، فيقول لها: يا مريم أني لك هذا، فتقول: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب» ().

ما هذه الأنوار في دارنا؟

روي: أن فاطمة الزهراء عليها السلام رهنت كسوة لها عند امرأة زيد اليهودي في المدينة واستقرضت الشعير، فلما دخل زيد داره، قال: ما هذه الأنوار في دارنا؟

قالت: لكسوة فاطمة.

فأسلم في الحال وأسلمت امرأته وجيرانه حتي أسلم ثمانون نفسا ().

حيطان المسجد

عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: «لما استُخرج أمير المؤمنين عليه السلام من منزله، خرجت فاطمة عليها السلام خلفه، فما بقيت امرأة هاشمية إلا خرجت معها، حتي انتهت قريباً من القبر، فقالت لهم: خلوا عن ابن عمي فو الذي بعث محمداً أبي صلي الله عليه و اله بالحق، إن لم تخلوا عنه لأنشرن شعري، ولأضعن قميص رسول الله صلي الله عليه و اله علي رأسي، ولأصرخن إلي الله تبارك وتعالي، فما صالح بأكرم علي الله من أبي، ولا الناقة بأكرم مني، ولا الفصيل بأكرم علي الله من ولدي.

قال سلمان (رضوان الله عليه): كنت قريباً منها فرأيت والله أساس حيطان مسجد رسول الله صلي الله عليه و اله تقلعت من أسفلها، حتي لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها لنفذ، فدنوت منها فقلت: يا سيدتي ومولاتي إن الله تبارك وتعالي، بعث أباك رحمة فلا تكوني نقمة، فرجعت ورجعت الحيطان حتي سطعت الغبرة من أسفلها فدخلت في خياشيمنا» ().

بورك فيها وفي نسلها

قال الإمام الصادق عليه السلام: «إن خديجة لما تزوج بها رسول الله صلي الله عليه و اله هجرها نساء مكة، فاستوحشت لذلك، فلما حملت بفاطمة كانت فاطمة تحدثها من بطنها، فسمع ذلك يوما رسول الله صلي الله عليه و اله، فقال: يا خديجة هذا جبرئيل يبشرني أنها ابنتي، وأنها النسمة الطاهرة الميمونة، وأن الله سيجعل نسلي منها.

قال: فلما حضرت ولادتها اغتمت، فدخل عليها أربع نسوة سمر طوال، فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة، فإنا رسل ربك ونحن أخواتك، وأنا سارة وهذه آسية وهذه مريم وهذه كلثوم أخت موسي.

فجلسن عندها فوضعت فاطمة طاهرة، فأشرق منها النور حتي دخل بيوتات مكة، ودخل عشر من الحور العين معهن الأباريق

والطاس، وفي الأباريق ماء من الكوثر، فغسلتها به ولففتها في خرقتين بيضاوين، أشد بياضا من اللبن وأطيب ريحا من المسك، فنطقت فاطمة وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء، وأن بعلي سيد الأوصياء، وولدي سادة الأسباط، ثم سلمت عليهن وسمت كل واحدة باسمها، وتباشرت الحور العين، فقلن: خذيها يا خديجة، طاهرة مطهرة زكية ميمونة، بورك فيها وفي نسلها، فكانت تنمو في اليوم كما ينمي الصبي في الشهر» ().

عرس السماء

عن مالك بن حمامة قال: طلع علينا رسول الله صلي الله عليه و اله متبسما يضحك، فقام إليه عبد الرحمن بن عوف فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله صلي الله عليه و اله ما الذي أضحكك؟.

قال: «بشارة أتتني من عند الله عزوجل في ابن عمي وأخي وابنتي، إن الله تعالي لما زوج فاطمة عليها السلام أمر رضوان فهز شجرة طوبي فحملت رقاقا يعني بذلك صكاكا بعدد محبينا أهل البيت ثم أنشأ من تحتها ملائكة من نور من بعد فأخذ كل ملك رقا فإذا استوت القيامة بأهلها ماجت الخلائق والملائكة فلا يلقون محبا لنا أهل البيت محضا إلا أعطوه رقا فيه براءة من النار، فنثار أخي وابن عمي وبنتي فكاك رقاب رجال ونساء من أمتي من النار» ().

طيبة لطيب

وقد قال ابن حماد في ذلك شعراً:

زوجه بفاطم

بأمر رب العالم

علي اغترام الراغم

أبرأ إلي الله أنا

والله لم يرض لها

في الخلق إلا شكلها

ومن يضاهي فعلها

وهو علي ذو الحجي

طيبة لطيب

تفرغا لمنصب

مطهر مهذب

قد شرفا علي الوري()

مطهرة من كل رجس

عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلي الله عليه و اله وقد كنت شهدت فاطمة عليها السلام قد ولدت بعض ولدها فلم يُر لها دم، فقلت: يا رسول الله صلي الله عليه و اله

إن فاطمة ولدت فلم نر لها دماً، قال صلي الله عليه و اله: «إن فاطمة خلقت حورية

إنسية» ().

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: «لما ولدت فاطمة عليها السلام أوحي الله إلي ملك فأنطق به لسان محمد صلي الله عليه و اله فسماها فاطمة ثم قال: إني فطمتك بالعلم وفطمتك من الطمث» ثم قال أبو جعفر عليه السلام: «والله لقد فطمها الله تبارك وتعالي بالعلم وعن الطمث في الميثاق» ().

النار حرام علي محبيها

عن أبي جعفر عليه السلام قال: «لفاطمة عليها السلام وقفة علي باب جهنم فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كل رجل مؤمن أو كافر فيؤمر بمحب قد كثرت ذنوبه إلي النار فتقرأ فاطمة بين عينيه محبا، فتقول: إلهي وسيدي سميتني فاطمة وفطمت بي من تولاني وتولي ذريتي من النار ووعدك الحق وأنت لا تخلف الميعاد، فيقول: الله عزوجل صدقت يا فاطمة إني سميتك فاطمة وفطمت بك من أحبك وتولاك وأحب ذريتك وتولاهم من النار ووعدي الحق وأنا لا أخلف الميعاد، وإنما أمرت بعبدي هذا إلي النار لتشفعي فيه فأشفعك وليتبين لملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقعك مني ومكانتك عندي فمن قرأت بين عينيه مؤمنا فخذي بيده وأدخليه الجنة» ().

من كرامات الإمام الحسن عليه السلام

دعوة مستجابة

عن الكناسي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «خرج الحسن بن علي عليه السلام في بعض عمره ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بإمامته، فنزلوا في منهل من تلك المناهل تحت نخل يابس قد يبس من العطش، ففرش للحسن عليه السلام تحت نخلة، وفرش للزبيري بحذاه تحت نخلة اخري.

قال: فقال الزبيري ورفع رأسه: لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه.

فقال له الحسن عليه السلام: وإنك لتشتهي الرطب؟

فقال الزبيري: نعم.

فرفع عليه السلام يده إلي السماء فدعا بكلام لم أفهمه فاخضرت النخلة، ثم صارت إلي حالها فأورقت وحملت رطبا.

فقال الجمال الذي اكتروا منه: سحر والله.

قال: فقال الحسن عليه السلام: ويلك ليس بسحر، ولكن دعوة ابن نبي مستجابة.

قال: فصعدوا إلي النخلة فصرموا ما كان فيه فكفاهم» ().

الملائكة في تغسليه عليه السلام

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «لما قُبض رسول الله صلي الله عليه و اله هبط جبرئيل عليه السلام ومعه الملائكة والروح الذين كانوا يهبطون في ليلة القدر، قال: ففتح لأمير المؤمنين عليه السلام بصره فرآهم في منتهي السماوات إلي الأرض يغسلون النبي صلي الله عليه و اله معه ويصلون معه عليه ويحفرون له والله ما حفر له غيرهم، حتي إذا وضع في قبره، نزلوا مع من نزل، فوضعوه فتكلم وفتح لأمير المؤمنين عليه السلام سمعه فسمعه يوصيهم به، فبكي وسمعهم يقولون: لا نألوه جهدا وإنما هو صاحبنا بعدك إلا إنه ليس يعايننا ببصره بعد مرتنا هذه.

حتي إذا مات أمير المؤمنين عليه السلام رأي الحسن والحسين عليهما السلام مثل ذلك الذي رأي، ورأيا النبي صلي الله عليه و اله أيضا يعين الملائكة مثل الذي صنعوه بالنبي صلي الله عليه و اله.

حتي إذا مات الحسن عليه السلام رأي

منه الحسين عليه السلام مثل ذلك ورأي النبي صلي الله عليه و اله وعليا عليه السلام يعينان الملائكة.

حتي إذا مات الحسين عليه السلام رأي علي بن الحسين عليه السلام منه مثل ذلك ورأي النبي صلي الله عليه و اله وعليا والحسن عليهما السلام يعينون الملائكة.

حتي إذا مات علي بن الحسين عليه السلام رأي محمد بن علي عليه السلام مثل ذلك ورأي النبي وعليا والحسن والحسين عليهم السلام يعينون الملائكة.

حتي إذا مات محمد بن علي عليه السلام رأي جعفر عليه السلام مثل ذلك ورأي النبي وعليا والحسن والحسين وعلي بن الحسين عليهم السلام يعينون الملائكة.

حتي إذا مات جعفر عليه السلام رأي موسي عليه السلام منه مثل ذلك، هكذا يجري إلي آخرنا» ().

الملائكة موكلون بحفظه عليه السلام

عن عبد الله بن عباس قال: بينما نحن عند رسول الله صلي الله عليه و اله إذ أقبلت فاطمة عليها السلام تبكي، فقال لها النبي صلي الله عليه و اله: «ما يبكيك»؟

قالت: «يا رسول الله إن الحسن والحسين خرجا فو الله ما أدري أين سلكا».

فقال النبي صلي الله عليه و اله: «لا تبكين فداك أبوك، فإن الله جل وعز خلقهما وهو أرحم بهما، اللهم إن كانا أخذا في بر فاحفظهما وإن كانا أخذا في بحر فسلمهما».

فهبط جبرئيل عليه السلام فقال: يا أحمد لا تغتم ولا تحزن هما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة، وأبوهما خير منهما، وهما في حظيرة بني النجار نائمين، وقد وكل الله بهما ملكا يحفظهما.

قال ابن عباس: فقام رسول الله صلي الله عليه و اله وقمنا معه حتي أتينا حظيرة بني النجار، فإذا الحسن معانق الحسين وإذا الملك قد غطاهما بأحد جناحيه، فحمل النبي صلي الله عليه و اله الحسن وأخذ

الحسين الملك، والناس يرون أنه حاملهما، فقال له أبوبكر وأبو أيوب الأنصاري: يا رسول الله ألا نخفف عنك بحمل أحد الصبيين؟

فقال: «دعاهما فإنهما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة وأبوهما خير منهما».

ثم قال: «والله لأشرفنهما اليوم بما شرفهما الله» فخطب فقال: «أيها الناس ألا أخبركم بخير الناس جدا وجدة».

قالوا: بلي يا رسول الله.

قال: «الحسن والحسين جدهما رسول الله صلي الله عليه و اله وجدتهما خديجة بنت خويلد، ألا أخبركم أيها الناس بخير الناس أبا وأما».

قالوا: بلي يا رسول الله.

قال: «الحسن والحسين أبوهما علي بن أبي طالب وأمهما فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و اله، ألا أخبركم أيها الناس بخير الناس عما وعمة».

قالوا: بلي يا رسول الله.

قال: «الحسن والحسين عمهما جعفر بن أبي طالب وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب، ألا أيها الناس ألا أخبركم بخير الناس خالا وخالة».

قالوا: بلي يا رسول الله.

قال: «الحسن والحسين خالهما القاسم بن رسول الله صلي الله عليه و اله وخالتهما زينب بنت رسول الله صلي الله عليه و اله، ألا إن أباهما في الجنة وأمهما في الجنة وجدهما في الجنة وجدتهما في الجنة وخالهما في الجنة وخالتهما في الجنة وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنة وهما في الجنة ومن أحبهما في الجنة ومن أحب من أحبهما في الجنة» ().

زينة الفردوس

عن عائشة عن النبي صلي الله عليه و اله: «سألت الفردوس من ربها فقالت: أي رب زيني فإن أصحابي وأهلي أتقياء أبرار، فأوحي الله عز وجل إليها ألم أزينك بالحسن والحسين» ().

وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «قالت: الجنة يا رب أليس قد وعدتني أن تسكني ركنا من أركانك، قال: فأوحي الله إليها

أما ترضين أني زينتك بالحسن والحسين، فأقبلت تميس كما تميس العروس» ().

وعن جابر قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن الجنة تشتاق إلي أربعة من أهلي، قد أحبهم الله وأمرني بحبهم: علي بن أبي طالب والحسن والحسين والمهدي عليه السلام الذي يصلي خلفه عيسي ابن مريم عليه السلام» ().

مع حبابة الوالبية

روي: أن حبابة الوالبية أتت عليا عليه السلام في رحبة المسجد، فقالت: يا أمير المؤمنين ما دلالة الإمامة رحمك الله؟

فقال عليه السلام: «ايتيني بتلك الحصاة» وأشار بيده إلي حصاة.

فأتيته بها فطبع لي فيها بخاتمه وقال: «يا حبابة إن ادعي مدع الإمامة وقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة، والإمام لا يعزب عنه شي ء يريده».

قالت: ثم انصرفت حتي قبض أمير المؤمنين عليه السلام فأتيت الحسن عليه السلام وهو في مجلس أمير المؤمنين والناس يسألونه فقال لي: «حبابة الوالبية».

فقلت: نعم يا مولاي.

قال: «هات ما معك».

قلت: فأعطيته الحصاة فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين عليه السلام.

قالت: ثم أتيت الحسين عليه السلام وهو في مسجد الرسول صلي الله عليه و اله فقرب ورحب بي ثم قال لي: «إن في الدلالة دليلاً علي ما تريدين أفتريدين دلالة الإمامة».

فقلت: نعم يا سيدي.

فقال: «هات ما معك».

فناولته الحصاة فطبع لي فيها.

قالت: ثم أتيت علي بن الحسين عليه السلام وقد بلغ بي الكبر إلي أن أعييت وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة فرأيته راكعا وساجدا مشغولا بالعبادة فيئست من الدلالة، فأومأ إلي بالسبابة فعاد إلي شبابي.

قالت: فقلت يا سيدي كم مضي من الدنيا وكم بقي.

فقال: «أما ما مضي فنعم وأما ما بقي فلا».

قالت: ثم قال لي: «هاتي ما معك».

فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها.

ثم أتيت أبا جعفر عليه السلام

فطبع لي فيها.

ثم أتيت أبا عبد الله عليه السلام فطبع لي فيها.

ثم أتيت أبا الحسن موسي بن جعفر عليه السلام فطبع فيها.

ثم أتيت الرضا عليه السلام فطبع لي فيها.

ثم عاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر علي ما ذكره عبد الله بن هشام().

من كرامات الإمام الحسين عليه السلام

بكاء السماء والأرض

روي صاحب كامل الزيارات عن كثير بن شهاب الحارثي قال: بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه السلام بالرحبة إذا طلع الحسين عليه السلام، قال: فضحك علي عليه السلام حتي بدت نواجده.

ثم قال عليه السلام: إن الله ذكر قوما فقال ?فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ?() والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليقتلن هذا ولتبكين عليه السماء والأرض» ().

شفاء السيد البروجردي رحمة الله عليه

أصيب آية الله العظمي السيد حسين البروجردي رحمة الله عليه () بضعف في بصره، وكانت مواكب عزاء الإمام الحسين عليه السلام تأتي إلي بيته في يوم عاشوراء لإقامة العزاء، وكان يقف في استقبالهم، فأخذ شيئاً من تراب أقدامهم ومسح به عينه، فشافاه الله ببركة الإمام الحسين عليه السلام ولم يشتك من ضعف العين إلي آخر عمره الشريف.

أنين النساء

في أيام الانتفاضة المباركة وبعد ما قام صدام وجلاوزته بمقتلة عظيمة حيث قتلوا فيها أكثر من خمسة آلاف شخص في كربلاء المقدسة، نقل لي عدة أشخاص بأنه كان يسمع من حرم العباس عليه السلام ومن ضريح الإمام الحسين عليه السلام في الليل أو النهار أنين النساء بدون أن يري شخصهن ولم يعلم من هي صاحبة الأنين وبعد أيام من المقتلة خفي الصوت.

سبع في كربلاء

وروي أن عليا بن عاصم الزاهد كان يزور الإمام الحسين عليه السلام بكربلاء قبل عمارة مشهده بالناس فدخل سبع إليه فلم يهرب منه ورأي كف السبع منتفخة بقصبة قد دخلت فيها فأخرج القصبة منه وعصر كف السبع وشده ببعض عمامته ولم يقف من الزوار لذلك بسوء().

أتيت إلي صاحب المعجزات

قال الشيخ الكفعمي رحمة الله عليه في مصباحه:

أتيت الإمام الحسين الشهيد

بقلب حزين و دمع غزير

أتيت ضريحا شريفا به

يعود الضرير كمثل البصير

أتيت إمام الهدي سيدي

إلي الحائر الجار للمستجير

أرجي الممات ودفن العظام

بأرض طفوف بتلك القبور

لعلي أفوز بسكني الجنان

وحور قصرن أعالي القصور

أتيت إلي صاحب المعجزات

قتيل الطغاة ودامي النحور

أتيت أستقيل ذنوبا مضت

من المستقال الإله الغفور

فإني رأيت عريب الفلاة

يوفوا الإجارة للمستجير

فكيف بسبط النبي الشهيد

يضل لديه عقال البعير

ففطرس سمي عتيق الحسين

لرد الجناحين بعد الحصور

أتي لزيارته قاصدا

فأضحي صحيحا لفضل المزور

أقام بحضرته دائما

بمر السنين و مر الشهور

وإني بحائركم قد نزلت

وما لي سواءكم من نصير

مقامي عندك أهني مقام

وسيري وتركك أشقي مسير

وإن ودادي لكم خالص

مقيم وحقك وسط الضمير

نشأت عليه من الوالدين

فكان غذاء لطفل صغير

وصلي الإله علي المصطفي

وعترته الأطهرين البدور

بكل أوان وفي كل حين

ووقت العشاء و وقت البكور()

زينة الجنان

روي عن رسول الله صلي الله عليه و اله أنه قال: «إن الحسن والحسين شنفا العرش، وإن الجنة قالت: يا رب أسكنتني الضعفاء والمساكين، فقال لها الله تعالي: ألا ترضين أني زينت أركانك بالحسن والحسين، قال: فماست كما تميس العروس فرحا» ().

هذا جبرئيل

وروي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «اصطرع الحسن والحسين عليهما السلام بين يدي رسول الله صلي الله عليه و اله فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: إيهاً حسن خذ حسينا، فقالت فاطمة عليها السلام: يا رسول الله أتستنهض الكبير علي الصغير، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: هذا جبرئيل عليه السلام يقول للحسين: إيهاً حسين خذ الحسن» ().

حمرة السماء

روي يوسف بن عبيدة قال: سمعت محمد بن سيرين يقول: لم نر هذه الحمرة في السماء إلا بعد قتل الحسين عليه السلام ().

سلم له الأمر ولا تشك

عن جابر بن عبد الله قال: لما عزم الحسين عليه السلام علي الخروج إلي العراق أتيته، وقلت له: أنت ولد رسول الله صلي الله عليه و اله وأحد سبطيه، لأري أنك تصالح كما صالح أخوك الحسن عليه السلام، فانه كان موفقا رشيدا.

فقال عليه السلام لي: «يا جابر قد فعل ذلك أخي بأمر الله تعالي وأمر رسوله، وإني أيضا أفعل بأمر الله تعالي وأمر رسوله، أتريد أن استشهد رسول الله صلي الله عليه و اله وأبي وأخي كذلك الآن».

ثم نظرت فإذا السماء قد انفتح بابها وإذا رسول الله صلي الله عليه و اله وعلي أمير المؤمنين والحسن عليهم السلام وحمزة وجعفر وزيد، نازلين منها قد استقروا علي الأرض، فوثبت فزعا مذعورا.

فقال لي رسول الله صلي الله عليه و اله: «يا جابر، ألم أقل لك في أمر الحسن قبل الحسين عليهما السلام، إنك لا تكون مؤمنا حتي تكون لأئمتك مسلّما ولا تكون معترضا، أتريد أن تري مقعد معاوية ومقعد الحسين ابني ومقعد يزيد (لعنه الله) قاتله؟».

قلت: بلي يا رسول الله.

قال: فضرب برجله الأرض فانشقت وظهر بحر فانفلقت ثم ظهرت أرض فانشقت، هكذا حتي انشقت سبع أرضين وانفلقت سبعة أبحر، فرأيت من تحت ذلك كله النار وقد قرن في سلسلة الوليد بن مغيرة وأبوجهل ومعاوية الطاغية ويزيد وقرن بهم مردة الشياطين فهم أشد أهل النار عذابا.

ثم قال صلي الله عليه و اله: «أرفع رأسك».

فرفعت رأسي فإذا أبواب السماء مفتحة وإذا الجنة أعلاها ثم صعد رسول الله صلي الله عليه و اله ومن معه إلي السماء

فلما صار في الهواء صاح بالحسين: «يا ابني ألحقني».

فلحقه الحسين عليه السلام وصعدوا حتي رأيتهم دخلوا الجنة من أعلاها، ثم نظر إليَّ من هناك رسول الله صلي الله عليه و اله وقبض علي يد الحسين عليه السلام وقال: «يا جابر هذا ولدي معي هاهنا فسلم له أمره ولا تشك لتكون مؤمنا».

قال جابر: فعميت عيناي إن لم اكن رأيت ما قلت من رسول الله صلي الله عليه و اله ().

ارفعي رأسك

عن صالح بن ميثم الأسدي قال: دخلت أنا وعباية بن الربعي علي امرأة من بني والبة قد احترق وجهها من السجود، فقال لها عباية: يا حبابة هذا ابن أخيك.

قالت: وأيهم؟

قال: صالح بن ميثم.

قالت: ابن أخي والله حقا، يا ابن أخي ألا أحدثك بحديث سمعته من الحسين بن علي عليه السلام؟

قال: قلت: بلي يا عمة.

قالت: كنت زوارة للحسين عليه السلام قالت: فحدث بين عيني وضح فشق ذلك عليَّ، واحتبست عنه أياما، فسأل عني: «ما فعلت حبابة الوالبية؟»

قالوا: حدث ما بين عينيها حدث منعها.

فقال عليه السلام لأصحابه: «قوموا بنا إليها».

فدخل عليَّ في مسجدي هذا، وقال عليه السلام: «يا حبابة ما أبطابك عليَّ؟»

قلت: يا ابن رسول الله ما منعني إلا ما اضطررت به إلي التخلف، وهو هذا الذي حدث بي وكشفت القناع، فنظره ونفث وقال: «يا حبابة أحدثي لله شكرا، فإن الله قد أذهبه عنك».

فخررت ساجدة لله شكراً.

فقال عليه السلام: «يا حبابة ارفعي رأسك وانظري في مرآتك».

فرفعت رأسي ونظرت في المرآة فلم أجد منه أثراً.

فقال عليه السلام: «يا حبابة نحن وشيعتنا علي الفطرة وسائر الناس منها

براء» ().

طاعة الخلق لهم عليهم السلام

عن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام، يحدث عن آبائه عليهم السلام: «إن مريضا شديد الحمي، عاده الحسين عليه السلام، فلما دخل من باب الدار طار الحمي عن الرجل، فقال له: رضيت بما أوتيتم به حقا حقا والحمي يهرب عنكم.

فقال له الحسين عليه السلام: والله ما خلق الله شيئا إلا وقد أمره بالطاعة لنا.

قال: فإذا نسمع الصوت، ولا نري الشخص يقول: لبيك.

قال عليه السلام: أليس أمير المؤمنين أمرك أن لا تقربي إلا عدوا أو مذنبا لتكوني كفارة لذنوبه، فما بال هذا» ().

مسح بيده علي عيني

عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «حدثني نجاد مولي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام يرمي نصالا ورأيت الملائكة يردون عليه أسهمه، فعميت، فذهبت إلي مولاي الحسين عليه السلام فذكرت ذلك إليه، فقال: لعلك رأيت الملائكة ترد علي أمير المؤمنين عليه السلام سهمه؟ فقلت: أجل، فمسح بيده علي عيني فرجعت بصيرا بقوة الله تعالي» ().

من كرامات زين العابدين عليه السلام

أنت زين العابدين حقا

روي أن سبب لقب الإمام علي بن الحسين عليه السلام بزين العابدين أنه كان ليلة في محرابه قائما في تهجده، فتمثل له الشيطان في صورة ثعبان ليشغله عن عبادته، فلم يلتفت إليه.

فجاء إلي إبهام رجله فالتقمها، فلم يلتفت إليه، فألمه فلم يقطع صلاته، فلما فرغ منها وقد كشف الله له فعلم أنه شيطان فسبه ولطمه وقال له: «اخسأ يا ملعون».

فذهب وقام عليه السلام إلي إتمام ورده، فسُمع صوت لا يري قائله وهو يقول: أنت زين العابدين حقا ثلاثا، فظهرت هذه الكلمة واشتهرت لقبا له عليه السلام().

ما ألهاك عنها

وفي الحديث: انه وقع الحريق والنار في البيت الذي كان الإمام زين العابدين عليه السلام فيه وكان ساجدا في صلاته فجعلوا يقولون له: يا ابن رسول الله، يا ابن رسول الله، النار النار!!.

فما رفع رأسه من سجود حتي أطفئت، فقيل له: ما الذي ألهاك عنها؟ فقال: «نار الآخرة» ().

من ظلم بني مروان

عن ابن شهاب الزهري أنه قال: شهدت علي بن الحسين عليه السلام يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلي الشام فأثقله حديدا ووكل به حفاظا في عدة وجمع، فاستأذنتهم في التسليم عليه والتوديع له، فأذنوا فدخلت عليه والأقياد في رجليه والغل في يديه فبكيت وقلت: وددت أني في مكانك وأنت سالم.

فقال: «يا زهري أو تظن هذا مما تري عليّ وفي عنقي مما يكربني أما لو شئت ما كان، فإنه وإن بلغ بك وبأمثالك غمر ليذكر عذاب الله» ثم أخرج يديه من الغل ورجليه من القيد ثم قال: «يا زهري لا جزت معهم علي ذا منزلتين من المدينة».

فما لبثنا إلا أربع ليال حتي قدم الموكلون به يطلبونه من المدينة فما وجدوه.

فكنت فيمن سألهم عنه فقال لي: بعضهم إنا نراه متبوعا أنه لنازل ونحن حوله لا ننام نرصده إذ أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلا حديدة. فقدمت بعد ذلك علي عبد الملك بن مروان، فسألني عن علي بن الحسين عليه السلام فأخبرته فقال لي: إنه جاءني في يوم فقده الأعوان فدخل عليّ فقال: «ما أنا وأنت»؟

فقلت: أقم عندي.

فقال: «لا أحب». ثم خرج فو الله لقد امتلأ ثوبي منه خيفة.

قال الزهري: فقلت: ليس علي بن الحسين عليه السلام حيث تظن أنه مشغول بنفسه.

فقال: حبذا شغل مثله، فنعم ما شغل به().

هذا الخضر ناجاك

قال أبو حمزة الثمالي: أتيت باب علي بن الحسين عليه السلام فكرهت أن أصوت فقعدت حتي خرج، فسلمت عليه ودعوت له، فرد عليّ ثم انتهي إلي حائط، فقال: «يا أبا حمزة ألا تري هذا الحائط»؟

فقلت: بلي يا ابن رسول الله.

قال: «فإني اتكأت عليه يوما وأنا حزين وإذا رجل حسن الوجه حسن الثياب ينظر في تجاه وجهي

ثم قال: يا علي بن الحسين ما لي أراك كئيبا حزينا أعلي الدنيا فهو رزق حاضر يأكل منها البر والفاجر.

فقلت: ما عليها أحزن وأنه لكما تقول.

فقال: أعلي الآخرة فإنه وعد صادق يحكم فيه ملك قاهر.

قال: قلت ما علي هذا أحزن وأنه لكما تقول.

فقال: وما حزنك يا علي؟.

فقلت: ما أتخوف من فتنة ابن الزبير.

فقال لي: يا علي هل رأيت أحدا سأل الله فلم يعطه.

قلت: لا.

قال: فخاف الله فلم يكفه.

قلت: لا، فغاب عني فقيل لي: يا علي بن الحسين هذا الخضر عليه السلام ناجاك» ().

منطق الطير

قال أبوحمزة الثمالي: كنت يوما عند علي بن الحسين عليه السلام فإذا عصافير يطرن حوله ويصرخن، فقال لي: «يا أبا حمزة هل تدري ما تقول هذه العصافير»؟

قلت: لا.

قال: «فإنها تقدس ربها وتسأله قوت يومها» ().

عند استلامه للحجر

حج هشام بن عبد الملك فلم يقدر علي الاستلام من الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه وأطاف به أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليه السلام وعليه إزار ورداء من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة، بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز، فجعل يطوف، فإذا بلغ إلي موضع الحجر تنحي الناس حتي يستلمه هيبة له.

فقال شامي: من هذا يا أمير؟

فقال: لا أعرفه، وكان يعرفه حق المعرفة لئلا يرغب فيه أهل الشام.

فقال الفرزدق: وكان حاضرا لكني أنا أعرفه.

فقال الشامي: من هو يا أبا فراس.

فأنشأ قصيدة هي هذه:

يا سائلي أين حل الجود والكرم

عندي بيان إذا طلابه قدموا

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا الذي أحمد المختار والده

صلي عليه إلهي ما جري القلم

لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه

لخر يلثم منه ما وطئ القدم

هذا علي رسول الله والده

أمست بنور هداه تهتدي الأمم

هذا الذي عمه الطيار جعفر

والمقتول حمزة ليث حبه قسم

هذا ابن سيدة النسوان فاطمة

وابن الوصي الذي في سيفه نقم

إذا رأته قريش قال قائلها

إلي مكارم هذا ينتهي الكرم

يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

وليس قولك من هذا بضائره

العرب تعرف من أنكرت والعجم

ينمي إلي ذروة العز التي قصرت

عن نيلها عرب الإسلام والعجم

يغضي حياء ويغضي من مهابته

فما يكلم إلا حين يبتسم

ينجاب نور الدجي عن نور غرته

كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم

بكفه خيزران ريحه عبق

من كف أروع في عرنينه شمم

ما قال لا قط

إلا في تشهده

لولا التشهد كانت لاؤه نعم

مشتقة من رسول الله نبعته

طابت عناصره والخيم والشيم

حمال أثقال أقوام إذا فدحوا

حلو الشمائل تحلو عنده نعم

إن قال قال بما يهوي جميعهم

وإن تكلم يوما زانه الكلم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله

بجده أنبياء الله قد ختموا

الله فضله قدما وشرفه

جري بذاك له في لوحه القلم

من جده دان فضل الأنبياء له

وفضل أمته دانت لها الأمم

عم البرية بالإحسان وانقشعت

عنها العماية والإملاق والظلم

كلتا يديه غياث عم نفعهما

يستوكفان ولا يعروهما عدم

سهل الخليفة لا تخشي بوادره

يزينه خصلتان الحلم والكرم

لا يخلف الوعد ميمونا نقيبته

رحب الفناء أريب حين يعترم

من معشر حبهم دين وبغضهم

كفر وقربهم منجي ومعتصم

يستدفع السوء والبلوي بحبهم

ويستزاد به الإحسان والنعم

مقدم بعد ذكر الله ذكرهم

في كل فرض ومختوم به الكلم

إن عد أهل التقي كانوا أئمتهم

أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم

ولا يدانيهم قوم وإن كرموا

هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت

والأسد أسد الشري والبأس محتدم

يأبي لهم أن يحل الذم ساحتهم

خيم كريم وأيد بالندي هضم

لا يقبض العسر بسطا من أكفهم

سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا

أي القبائل ليست في رقابهم

لأولية هذا أو له نعم

من يعرف الله يعرف أولية ذا

فالدين من بيت هذا ناله الأمم

بيوتهم في قريش يستضاء بها

في النائبات وعند الحكم إن حكموا

فجده من قريش في أرومتها

محمد وعلي بعده علم

بدر له شاهد والشعب من أحد

والخندقان ويوم الفتح قد علموا

وخيبر وحنين يشهدان له

وفي قريظة يوم صيلم قتم

مواطن قد علت في كل نائبة

علي الصحابة لم أكتم كما كتموا

فغضب هشام ومنع جائزته، وقال: ألا قلت فينا مثلها.

قال: هات جدا كجده وأبا كأبيه وأما كأمه حتي أقول فيكم مثلها.

فحبسوه بعسفان بين مكة والمدينة، فبلغ ذلك علي بن الحسين عليه السلام فبعث إليه باثني عشر ألف درهم، وقال: «أعذرنا يا أبا

فراس فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به».

فردها وقال: يا ابن رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله وما كنت لأرزأ عليه شيئا.

فردها إليه وقال: «بحقي عليك لما قبلتها فقد رأي الله مكانك وعلم نيتك».

فقبلها، فجعل الفرزدق يهجو هشاما وهو في الحبس فكان مما هجاه به قوله:

أ يحبسني بين المدينة والتي

إليها قلوب الناس يهوي منيبها

يقلب رأسا لم يكن رأس

سيد وعينا له حولاء باد عيوبها

فأخبر هشام بذلك فأطلقه، وفي رواية أنه أخرجه إلي البصرة().

ذاك علي بن الحسين عليه السلام

عن زرارة بن أعين قال: سمع قائل في جوف الليل وهو يقول: أين الزاهدون في الدنيا الراغبون في الآخرة؟، فهتف هاتف من ناحية البقيع يسمع صوته ولا يري شخصه: ذاك علي بن الحسين عليه السلام ().

إنه أرحم بعبده

روي: أن الإمام زين العابدين عليه السلام كان قائما يصلي، حتي زحف إبنه محمد، وهو طفل إلي بئر، كانت في داره بعيدة القعر، فسقط فيها، فنظرت إليه أمه، وأقبلت تضرب بنفسها من حوالي البئر وتستغيث به، وتقول: يا ابن رسول الله، غرق ابني محمد، وكل ذلك لا يسمع قولها ولا ينثني عن صلاته، وهو يسمع اضطراب ابنها في قعر البئر في الماء، فلما طال عليها ذلك قالت له جزعا علي ابنها: ما أقسي قلوبكم؟

فأقبل علي صلاته ولم يخرج عنها إلا بعد كمالها وتمامها، ثم أقبل عليها، فجلس علي رأس البئر ومد يده إلي قعرها، وكانت لا تنال إلا برشاء طويل، فأخرج ابنه محمدا بيده، وهو يناغيه ويضحك ولم يبتل له ثوب ولا جسد بالماء، فقال عليه السلام لها: «هاك يا قليلة اليقين بالله».

فضحكت لسلامة ابنها، وبكت لقوله: يا قليلة اليقين، فقال عليه السلام لها: «لاتثريب عليك، لو علمت أني كنت بين يدي جبار لو ملت بوجهي عنه لمال بوجهه عني، أفمن تري أرحم لعبده منه؟» ().

من كرامات الإمام الباقر عليه السلام

لا إلي هؤلاء ولكن إلينا

عن حمزة بن محمد الطيار قال: أتيت باب أبي جعفر أستأذن عليه فلم يأذن لي وأذن لغيري فرجعت إلي منزلي، وأنا مغموم فطرحت نفسي علي سرير في الدار فذهب عني النوم، فجعلت أفكر وأقول: إلي من إلي المرجئة يقول كذا، والقدرية تقول كذا، والحرورية تقول كذا، والزيدية تقول كذا، فيفسد عليهم قولهم، فأنا أفكر في هذا حتي نادي المنادي فإذا الباب يدق، فقلت: من هذا.

فقال: رسول أبي جعفر عليه السلام.

فخرجت إليه فقال: أجب.

فأخذت ثيابي عليّ ومضيت فلما دخلت إليه، قال: «يا ابن محمد لا إلي المرجئة ولا القدرية ولا إلي الزيدية ولا إلي الحرورية ولكن إلينا إنما حجبتك لكذا

وكذا» ففعلت وقلت به().

الأمر أعظم مما فكرت

عن مالك الجهني قال: كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام فنظرت إليه وجعلت أفكر في نفسي وأقول: لقد عظمك الله وكرمك وجعلك حجة علي خلقه، فالتفت إلي وقال: «يا مالك الأمر أعظم مما تذهب إليه» ().

مع مؤمني الجن

عن سعد الإسكاف قال: طلبت الإذن علي أبي جعفر الباقر عليه السلام فقيل لي: لا تعجل فعنده قوما من إخوانكم، فما ألبث أن خرج عليّ اثنا عشر رجلا يشبهون الزط وعليهم أقبية طبقات وبتوت وخفاف، فسلموا ومروا.

فدخلت علي أبي جعفر عليه السلام فقلت له: ما أعرف هؤلاء، فمن هم؟

قال: «هؤلاء قوم من إخوانكم الجن»

قال: قلت: ويظهرون لكم؟.

فقال: «هم يغدون علينا في حلالهم وحرامهم كما تغدون» ().

منطق الحيوان

عن محمد بن مسلم قال: سرت مع أبي جعفر عليه السلام ما بين مكة والمدينة وهو علي بغلة وأنا علي حمار له، إذ أقبل ذئب يهوي من رأس الجبل حتي دنا من أبي جعفر، فحبس البغلة ودنا الذئب حتي وضع يده علي قربوس سرجه، وتطاول بخطمه إليه، وأصغي إليه أبو جعفر عليه السلام بإذنه مليا، ثم قال: «اذهب فقد فعلت».

فرجع الذئب وهو يهرول.

فقال لي: «تدري ما قال»؟

فقلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم.

قال: «إنه قال لي يا ابن رسول الله إن زوجتي في ذلك الجبل وقد عسر عليها ولادتها فادع الله أن يخلصها ولا يسلط أحدا من نسلي علي أحد من شيعتكم، قلت: قد فعلت» ().

حديثي عن الله

روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه سئل عن الحديث يرسله ولا يسنده، فقال: «إذا حدثتكم بالحديث فلم أسنده فسندي فيه أبي عن جدي عن أبيه عن جده رسول الله صلي الله عليه و اله عن جبرئيل عن الله تعالي» ().

في طريق مكة المكرمة

قال الراوي: كنت بين مكة والمدينة فإذا أنا بشبح يلوح من البرية يظهر تارة ويغيب أخري حتي قرب مني، فتأملته فإذا هو غلام سباعي أو ثماني، فسلم عليّ فرددت عليه السلام، وقلت: من أين؟

قال: «من الله».

فقلت: وإلي أين؟

قال: «إلي الله».

قال: فقلت فعلامَ؟

فقال: «علي الله».

فقلت: فما زادك؟

قال: «التقوي».

فقلت: ممن أنت؟

قال: «أنا رجل عربي».

فقلت: أبن لي.

قال: «أنا رجل قرشي».

فقلت: أبن لي.

فقال: «أنا رجل هاشمي».

فقلت: أبن لي.

قال: «أنا رجل علوي.

ثم أنشد:

فنحن علي الحوض ذواده

نذود ويسعد وراده

فما فاز من فاز إلا بنا

وما خاب من حبنا زاده

فمن سرنا نال منا السرور

ومن ساءنا ساء ميلاده

ومن كان غاصبنا حقنا

فيوم القيامة ميعاده

ثم قال: أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام»

قال عباد: ثم التفت فلم أره، فلا أعلم أهل صعد إلي السماء أم نزل في الأرض().

الملائكة تطوف بنا

وعن أبي الهذيل قال: قال لي أبو جعفر: «يا أبا الهذيل إنه لا تخفي علينا ليلة القدر، إن الملائكة يطيفون بنا فيها» ().

النخلة المقبلة

عن عباد بن كثير البصري قال: قلت للباقر عليه السلام: ما حق المؤمن علي الله؟

فصرف وجهه.

فسألته عنه ثلاثا.

فقال عليه السلام: «من حق المؤمن علي الله أن لو قال لتلك النخلة أقبلي لأقبلت».

قال عباد: فنظرت والله إلي النخلة التي كانت هناك قد تحركت مقبلة، فأشار إليها «قري فلم أعنك» ().

لا تعاود إلي مثلها

روي عن أبي الصباح الكناني قال: صرت يوما إلي باب محمد الباقر عليه السلام فقرعت الباب فخرجت إلي وصيفة ناهد فضربت بيدي إلي رأس ثديها، وقلت لها: قولي لمولاك إني بالباب.

فصاح عليه السلام من داخل الدار: «ادخل لا أم لك».

فدخلت فقلت: يا مولاي ما قصدت ريبة ولا أردت إلا زيادة ما في نفسي.

فقال: «صدقت لئن ظننتم أن هذه الجدران تحجب أبصارنا كما تحجب أبصاركم إذن فلا فرق بيننا وبينكم، فإياك أن تعاود إلي مثلها» ().

إنه يلي أمر هذا الخلق

روي عن أبي بصير قال: كنت مع الباقر عليه السلام في مسجد رسول الله صلي الله عليه و اله قاعدا … إذ دخل المنصور وداود بن سليمان قبل أن أفضي الملك إلي ولد العباس وما قعد إلي الباقر عليه السلام إلا داود، فقال الباقر عليه السلام: «ما منع الدوانيقي أن يأتي»؟

قال: فيه جفاء.

قال الباقر عليه السلام: «لا تذهب الأيام حتي يلي أمر هذا الخلق ويطأ أعناق الرجال ويملك شرقها وغربها ويطول عمره فيها حتي يجمع من كنوز الأموال ما لم يجتمع لأحد قبله».

فقام داود وأخبر الدوانيقي بذلك فأقبل إليه الدوانيقي، وقال: ما منعني من الجلوس إليك إلا إجلالك فما الذي أخبرني به داود؟.

فقال: «هو كائن».

قال: وملكنا قبل ملككم.

قال: «نعم».

قال: يملك بعدي أحد من ولدي.

قال: «نعم».

قال: فمدة بني أمية أكثر أم مدتنا.

قال: «مدتكم أطول وليتلقفن هذا الملك صبيانكم ويلعبون به كما يلعبون بالكرة هذا ما عهده إليّ أبي».

فلما ملك الدوانيقي تعجب من قول الباقر عليه السلام ().

أنتم ورثة الأنبياء

عن مثني الحناط، عن أبي بصير قال: دخلت علي أبي جعفر عليه السلام فقلت له: أنتم ورثة رسول الله صلي الله عليه و اله؟ قال عليه السلام: «نعم».

قلت: رسول الله صلي الله عليه و اله وارث الأنبياء علم كلما علموا؟

قال عليه السلام لي: «نعم».

قلت: فأنتم تقدرون علي أن تحيوا الموتي وتبرؤا الأكمه والأبرص؟

فقال عليه السلام: «بلي، بإذن الله». ثم قال عليه السلام: «ادن مني يا أبا محمد»، فمسح علي وجهي وعلي عيني، فأبصرت الشمس والسماء والأرض والبيوت وكل شئ في الدار، فقال عليه السلام: «أتحب أن تكون هكذا، ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة، أو تعود كما كنت ولك الجنة خالصا؟».

قلت: أعود كما كنت.

قال: فمسح عليه السلام

علي عيني فعدت كما كنت.

قال الراوي: فحدثت ابن أبي عمير بهذا، فقال: أشهد أن هذا لحق كما أن النار والجنة حق().

صح الجسم أدخل

عن محمد بن مسلم قال: خرجت إلي المدينة، وأنا وجع فقيل له: محمد بن مسلم وجع فأرسل إليَّ أبو جعفر عليه السلام شراباً مع غلام، مغطي بمنديل، فناولينه الغلام، وقال لي: اشربه، فإنه قد أمرني أن لا أبرح حتي تشربه.

فتناولته، فإذا رائحة المسك منه، وإذا بشراب طيب الطعم بارد، فلما شربته قال لي الغلام: يقول لك مولاك: «إذا شربت فتعال».

ففكرت فيما قال لي، وما أقدر علي النهوض قبل ذلك علي رجلي، فلما استقر الشراب في جوفي فكأنما نشطت من عقال، فأتيت بابه، فاستأذنت عليه، فصوت بي: «صح الجسم أدخل».

فدخلت عليه وأنا باك، فسلمت عليه وقبلت يده ورأسه، فقال عليه السلام لي: «وما يبكيك يا محمد؟».

قلت: جعلت فداك، أبكي علي اغترابي، وبعد الشقة، وقلة القدرة علي المقام عندك أنظر إليك.

فقال عليه السلام لي: «أما قلة القدرة فكذلك جعل الله أوليائنا وأهل مودتنا، وجعل البلاء إليهم سريعا، وأما ما ذكرت من الغربة، فإن المؤمن في هذه الدنيا غريب، وفي هذا الخلق المنكوس حتي يخرج من هذه الدار إلي رحمة الله، وأما ما ذكرت من بعد الشقة، فلك بأبي عبد الله عليه السلام أسوة، بأرض نائية عنا بالفرات، وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر إلينا وأنك لا تقدر علي ذلك، فالله يعلم ما في قلبك، وجزاؤك عليه» إلي أن قال: «يا محمد إن الشراب الذي شربته فيه من طين قبر الحسين عليه السلام وهو أفضل ما استشفي به، فلا تعدل به فإنا نسقيه صبياننا ونساءنا فنري فيه كل خير» ().

من كرامات الإمام الصادق عليه السلام

استجابة دعائه عليه السلام

حدث عبد الله بن الفضل بن الربيع عن أبيه قال: حج المنصور سنة سبع وأربعين ومائة فقدم المدينة وقال للربيع: ابعث إلي جعفر بن محمد من يأتينا

به متعبا، قتلني الله إن لم أقتله، فتغافل الربيع عنه لينساه.

ثم أعاد ذكره للربيع وقال: ابعث من يأتنا به متعبا، فتغافل عنه، ثم أرسل إلي الربيع رسالة قبيحة أغلظ فيها وأمره أن يبعث من يحضر جعفرا.

ففعل فلما أتاه، قال له الربيع: يا أبا عبد الله اذكر الله فإنه قد أرسل إليك بما لا دافع له غير الله.

فقال جعفر: «لا حول ولا قوة إلا بالله».

ثم إن الربيع أعلم المنصور بحضوره فلما دخل جعفر عليه السلام عليه أوعده وأغلظ له، وقال: أي عدو الله اتخذك أهل العراق إماما يجبون إليك زكاة أموالهم وتلحد في سلطاني وتبغيه الغوائل، قتلني الله إن لم أقتلك.

فقال له: «يا أمير، إن سليمان عليه السلام أعطي فشكر، وإن أيوب ابتلي فصبر، وإن يوسف ظلم فغفر، وأنت من ذلك السنخ».

فلما سمع ذلك المنصور منه قال له: إليّ وعندي أبا عبد الله أنت البريء الساحة، السليم الناحية، القليل الغائلة، جزاك الله من ذي رحم أفضل ما جزي ذوي الأرحام عن أرحامهم، ثم تناول يده فأجلسه معه علي فرشه ثم قال: عليّ بالطيب، فأتي بالغالية فجعل يغلف لحية جعفر بيده حتي تركها تقطر، ثم قال: قم في حفظ الله وكلاءته.

ثم قال: يا ربيع ألحق أبا عبد الله جائزته وكسوته، انصرف أبا عبد الله في حفظه وكنفه، فانصرف.

قال الربيع: ولحقته فقلت له: إني قد رأيت قبلك ما لم تره ورأيت بعدك ما لا رأيته، فما قلت يا أبا عبد الله حين دخلت؟

قال: «قلت: اللهم احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لايرام واغفر لي بقدرتك عليّ ولا أهلك وأنت رجائي، اللهم أنت أكبر وأجل مما أخاف وأحذر، اللهم بك أدفع في نحره وأستعيذ بك من شره،

ففعل الله بي ما رأيت» ().

سلة من العنب

قال الليث بن سعد: حججت سنة ثلاث عشرة ومائة فأتيت مكة فلما صليت العصر رقيت أبا قبيس وإذا أنا برجل جالس وهو يدعو فقال: «يا رب، يا رب» حتي انقطع نفسه..

ثم قال: «رب، رب» حتي انقطع نفسه.

ثم قال: «يا الله، يا الله» حتي انقطع نفسه.

ثم قال: «يا حي، يا حي» حتي انقطع نفسه.

ثم قال: «يا رحيم، يا رحيم» حتي انقطع نفسه.

ثم قال: «يا أرحم الراحمين» حتي انقطع نفسه سبع مرات.

ثم قال: «اللهم إني أشتهي من هذا العنب فأطعمنيه، اللهم وإن بردي قد أخلقا».

قال الليث: فو الله ما استتم كلامه حتي نظرت إلي سلة مملوءة عنبا وليس علي الأرض يومئذ عنب، وبردين جديدين موضوعين فأراد أن يأكل، فقلت له: أنا شريكك.

فقال لي: «ولم»؟

فقلت: لأنك كنت تدعو وأنا أؤمن.

فقال لي: «تقدم فكل ولا تخبئ شيئا».

فتقدمت فأكلت شيئا لم آكل مثله قط، وإذا عنب لا عجم له، فأكلت حتي شبعت والسلة لم ينقص.

ثم قال لي: «خذ أحد البردين إليك».

فقلت: أما البردان فإني غني عنهما.

فقال لي: «توار عني حتي ألبسهما» فتواريت عنه فاتزر بالواحد وارتدي بالآخر، ثم أخذ البردين اللذين كانا عليه فجعلهما علي يده ونزل فاتبعته حتي إذا كان بالمسعي لقيه رجل فقال: اكسني كساك الله، فدفعهما إليه فلحقت الرجل، فقلت: من هذا؟

قال: هذا جعفر بن محمد.

قال الليث: فطلبته لأسمع منه فلم أجده().

مع بكير بن أعين

عن جميل بن دراج قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه بكير بن أعين وهو أرمد، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: «الظريف يرمد»؟

فقال: وكيف يصنع؟

قال: «إذا غسل يده من الغمر مسحها علي عينيه».

قال: ففعلت ذلك فلم أرمد().

ما أراني أبقي

عن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد عن أبيه قال: دخل جعفر بن محمد عليه السلام علي أبي جعفر المنصور فتكلم فلما خرج من عنده أرسل إلي جعفر بن محمد عليه السلام فرده! فلما رجع حرك شفتيه بشيء.

فقيل له: ما قلت؟

قال: «قلت: اللهم إنك تكفي من كل شي ء ولا يكفي منك شي ء فاكفينه».

فقال له: ما يقرك عندي.

فقال له أبو عبد الله: «قد بلغت أشياء لم يبلغها أحد من آبائي في الإسلام وما أراني أصحبك إلا قليلا ما أري هذه السنة تتم لي».

قال: فإن بقيت؟

قال: «ما أراني أبقي».

قال: فقال أبو جعفر عليه السلام احسبوا له، فحسبوا فمات في شوال().

وكان وفاته عليه السلام بسبب السم الذي سقاه الدوانيقي، وذلك بعد مضي سنتين من ملكه، فقُبض عليه السلام في شوال سنة 148ه، وقيل: يوم الاثنين النصف من رجب().

لأدعون الله عليك

روي أن داود بن علي بن عبد الله بن العباس قتل المعلي بن خنيس مولي جعفر بن محمد عليه السلام وأخذ ماله، فدخل عليه جعفر عليه السلام وهو يجر ردائه، فقال له: «قتلت مولاي وأخذت مالي، أما علمت أن الرجل ينام علي الثكل ولا ينام علي الحرب، أما والله لأدعون الله عليك».

فقال له داود بن علي: أتهددنا بدعائك، كالمستهزئ بقوله.

فرجع أبو عبد الله عليه السلام إلي داره فلم يزل ليله كله قائما وقاعدا حتي إذا كان السحر سمع وهو يقول في مناجاته: «يا ذا القوة القوية، ويا ذا المحال الشديد، ويا ذا العزة التي كل خلقك لها ذليل، اكفني هذه الطاغية وانتقم لي منه».

فما كانت إلا ساعة حتي ارتفعت الأصوات بالصياح وقيل: قد مات داود بن علي الساعة().

بيوت الأنبياء لا يدخلها جنب

روي أبو بصير قال: دخلت المدينة وكانت معي جويرية لي فأصبت منها ثم خرجت إلي الحمام فلقيت أصحابنا الشيعة وهم متوجهون إلي أبي عبد الله جعفر عليه السلام فخفت أن يسبقوني ويفوتني الدخول إليه، فمشيت معهم حتي دخلت الدار، فلما مثلت بين يدي أبي عبد الله عليه السلام نظر إليّ ثم قال: «يا أبا بصير أما علمت أن بيوت الأنبياء وأولاد الأنبياء لا يدخلها الجنب».

فاستحييت فقلت له: يا ابن رسول الله إني لقيت أصحابنا فخشيت أن يفوتني الدخول معهم ولن أعود إلي مثلها وخرجت().

أنا ابن أعراق الثري

عن المفضل بن عمر قال: وجه أبو جعفر المنصور إلي الحسن بن زيد وهو واليه علي الحرمين أن أحرق علي جعفر بن محمد عليه السلام داره، فألقي النار في دار أبي عبد الله عليه السلام، فأخذت النار في الباب والدهليز، فخرج أبو عبد الله عليه السلام يتخطي النار ويمشي فيها ويقول: «أنا ابن أعراق الثري، أنا ابن إبراهيم خليل الله عليه السلام» ().

لعله لم يمت

عن جميل بن دراج قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخلت عليه امرأة فذكرت أنها تركت ابنها وقد قالت بالملحفة علي وجهه ميتا، فقال عليه السلام لها: «لعله لم يمت، فقومي فاذهبي إلي بيتك واغتسلي وصلي ركعتين وادعي وقولي: يا من وهبه لي ولم يك شيئا، جدد لي هبته ثم حركيه ولا تخبري بذلك أحدا».

قال: ففعلت فحركته، فإذا هو قد بكي().

دعوه فإن له حاجة

عن محمد بن عمرو بن ميثم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام: أنه خرج إلي ضيعة له مع بعض أصحابه، فبينا هم يسيرون إذا ذئب قد أقبل عليه، فلما رأي غلمانه أقبلوا عليه.

قال عليه السلام: «دعوه فان له حاجة».

فدنا منه حتي وضع كفه علي دابته وتطاول بخرطمه، وطأطأ رأسه أبو عبد الله عليه السلام فكلمه الذئب بكلام لا يعرف، فرد عليه أبو عبد الله عليه السلام مثل كلامه فرجع يعوي.

فقال له أصحابه: قد رأينا عجبا.

فقال عليه السلام: «إنه أخبرني أنه خلف زوجته خلف هذا الجبل في كهف، وقد ضربها الطلق وخاف عليها، فسألني الدعاء لها بالخلاص، وأن يرزقه الله ذكرا يكون لنا وليا ومحبا، فضمنت له ذلك».

قال: فانطلق أبو عبد الله عليه السلام وانطلقنا معه إلي ضيعته وقال: «إن الذئب قد ولد له جرو ذكر».

قال: ومكثنا في ضيعته معه شهرا، ثم رجع مع أصحابه، فبيناهم راجعون إذا هم بالذئب وزوجته وجروه يعووا في وجه أبي عبد الله عليه السلام فأجابهم.

ورأوا أصحاب أبي عبد الله عليه السلام الجرو وعلموا أنه قد قال لهم الحق.

وقال لهم أبو عبد الله عليه السلام: «تدرون ما قالوا؟».

قالوا: لا.

قال عليه السلام: «كانوا يدعون الله لي ولكم بحسن الصحابة، ودعوت لهم بمثله، وأمرتهم أن لا يؤذون

لي ولا لأهل بيتي فضمنوا لي ذلك» ().

ألبسها من عفوك وعافيتك

عن سدير الصيرفي قال: جاءت امرأة إلي أبي عبد الله عليه السلام فقالت له: جعلت فداك أبي وأمي وأهل بيتي يتولونكم، فقال عليه السلام لها: «صدقت فما الذي تريدين؟».

قالت: يا ابن رسول الله أصابني وضح في عضدي، فادع الله لي أن يذهب به عني.

قال أبو عبد الله عليه السلام: «اللهم إنك تبرئ الأكمه والأبرص وتحيي العظام وهي رميم، ألبسها عفوك وعافيتك ما تري إثر إجابة دعائي؟».

فقالت المرأة: والله قمت وما بي منه قليل ولا كثير().

من كرامات الإمام الكاظم عليه السلام

مع السيد عبد الله الشبر()

المرحوم السيد عبد الله الشبّر رحمة الله عليه رأي الإمام موسي بن جعفر عليه السلام في المنام، فأعطاه الإمام عليه السلام قلماً، فلما قام من منامه رأي القلم بيده، وكان يكتب مؤلفاته القيمة بهذا القلم إلي حين وفاته، ولما توفي رأوا أن القلم لا زال مبللاً بالحبر لم يجفّ بعد.

لا تحلف كاذباً

يقول الشيخ النراقي (قدس سره) (): أنه سافر لزيارة الإمامين الهمامين: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليه السلام والإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام، ولما كان في الروضة المباركة رأي جماعة متنازعين دخلوا إلي الروضة، ثم قدموا امرأة من بينهم نحو الضريح لتحلف علي براءتها، لأنها كانت متهمة بالخيانة وقد أنكرت، فجاء أحد خدمة الروضة وحذّرها من أن تحلف كاذبة أشد التحذير، ثم قال لها: احلفي هكذا، وعلمها كيفية الحلف، فلما حلفت إذا بها ترتفع عن الأرض عدة أذرع ثم تُضرب وبكل قوة علي الأرض ضرباً عنيفاً، ثم ارتفعت مرة ثانية عن الأرض وبقدر تلك المرة وضربت للمرة الثانية أيضاً ضرباً قاسياً علي الأرض بحيث غشي عليها، وانخمد صوتها بعدما كانت تصرخ في كل مرة صراخاً عالياً، وتصيح صيحة منكرة. عندها تبين لأهلها وللناس جميعاً أنها كانت كاذبة في حلفها، فجاءوا إليها وأخذوها إلي خارج الحرم، ثم ماتت في اليوم الثاني.

لقد آذيتني بمجاورة هذا الظالم

قيل: إن أحد الحكام كان له نائب كبير الشأن وكان ذا سطوة وجبروت فلما مات النائب اقتضت عناية الحاكم له أن يدفن في ضريح مجاور لضريح الإمام موسي بن جعفر عليه السلام بالمشهد المطهر، وكان بالمشهد المطهر نقيب معروف ومشهود له بالصلاح كثير التودد والملازمة للضريح والخدمة له قائم بوظائفها، فذكر هذا النقيب أنه بعد دفن هذا المتوفي في ذلك القبر بات بالمشهد الشريف فرأي في منامه أن القبر قد انفتح والنار تشتعل فيه وقد انتشر منه دخان ورائحة قتار ذلك المدفون فيه، إلي أن ملأت المشهد وأن الإمام موسي عليه السلام واقف فصاح لهذا النقيب باسمه وقال له: تقول للحاكم يا فلان، وسماه باسمه لقد آذيتني بمجاورة هذا الظالم، وقال كلاما خشنا.

فاستيقظ

ذلك النقيب وهو يرعد فرقا وخوفا ولم يلبث أن كتب ورقة وسيرها منهيا فيها صورة الواقعة بتفصيلها، فلما جن الليل جاء الحاكم إلي المشهد المطهر بنفسه واستدعي النقيب ودخلوا إلي الضريح وأمر بكشف ذلك القبر ونقل ذلك المدفون إلي موضع آخر خارج المشهد فلما كشفوه وجدوا فيه رماد الحريق ولم يجدوا للميت أثرا().

سلّم علي مولاك

عن يعقوب السراج قال: دخلت علي أبي عبد الله عليه السلام وهو واقف علي رأس أبي الحسن موسي وهو في المهد فجعل يساره طويلا فجلست حتي فرغ فقمت إليه، فقال: «ادن إلي مولاك فسلم عليه» فسلمت عليه، فرد عليّ السلام بلسان فصيح ثم قال لي: «اذهب فغير اسم ابنتك التي سميتها أمس فإنه اسم يبغضه الله تعالي»، الحديث().

الشجرة المقبلة

عن الرافعي قال: كان لي ابن عم يقال له الحسن بن عبد الله، وكان زاهدا وكان من أعبد أهل زمانه، وكان السلطان يتقيه لجده في الدين واجتهاده، وربما استقبل السلطان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يغضبه، فيحتمل ذلك له لصلاحه.

فلم تزل هذه حاله حتي دخل يوما المسجد وفيه أبو الحسن موسي عليه السلام فأومأ إليه فأتاه، فقال له: «يا أبا علي ما أحب إليّ ما أنت فيه وأسرني به إلا أنه ليست لك معرفة فاطلب المعرفة».

فقال له: جعلت فداك وما المعرفة؟

قال: «اذهب تفقه واطلب الحديث».

قال: عمّن؟

قال: «عن فقهاء المدينة ثم أعرض عليّ الحديث».

قال: فذهب فكتب ثم جاء فقرأه عليه فأسقط كله.

ثم قال: «اذهب فاعرف».

وكان الرجل معنياً بدينه قال: فلم يزل يترصد أبا الحسن حتي خرج إلي ضيعة له فلقيه في الطريق، فقال له: جعلت فداك إني أحتج عليك بين يدي الله عزوجل فدلني علي ما تجب عليّ معرفته.

قال: فأخبره أبو الحسن بأمر أمير المؤمنين عليه السلام وحقه وما يجب له وأمر الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم السلام ثم سكت.

فقال له: جعلت فداك فمن الإمام اليوم.

قال: «إن أخبرتك تقبل».

قال: نعم.

قال: «أنا هو».

قال: فشيء أستدل به.

قال: «اذهب إلي تلك الشجرة وأشار إلي بعض شجر أم غيلان وقل لها يقول لك:

موسي بن جعفر أقبلي».

قال: فأتيتها فرأيتها والله تخد الأرض خدا حتي وقفت بين يديه، ثم أشار إليها بالرجوع فرجعت.

قال: فأقر به ثم لزم الصمت والعبادة وكان لا يراه أحد يتكلم بعد ذلك().

أسد يتذلل لهيبته

روي علي بن أبي حمزة البطائني قال: خرج أبو الحسن موسي الكاظم عليه السلام في بعض الأيام من المدينة إلي ضيعة له خارجة عنها فصحبته وكان عليه السلام راكبا بغلة وأنا علي حمار لي فلما صرنا في بعض الطريق اعترضنا أسد فأحجمت خوفا فأقدم أبو الحسن موسي عليه السلام غير مكترث به فرأيت الأسد يتذلل لأبي الحسن عليه السلام.

فوقف له أبو الحسن عليه السلام كالمصغي إلي همهمته ووضع الأسد يده علي كفل بغلته وقد همتني نفسي من ذلك خفت خوفا عظيما.

ثم تنحي الأسد إلي جانب الطريق وحول أبو الحسن موسي عليه السلام وجهه إلي القبلة وجعل يدعو ويحرك شفتيه بما لم أفهمه، ثم أومأ بيده إلي الأسد أن امض، فهمهم الأسد همهمة طويلة وأبو الحسن عليه السلام يقول: «آمين آمين» وانصرف الأسد حتي غاب من أعيننا، ومضي أبو الحسن عليه السلام لوجهه واتبعته.

فلما بعدنا عن الموضع لحقته فقلت له: جعلت فداك ما شأن هذا الأسد فلقد خفته عليك والله وعجبت من شأنه معك؟

فقال لي أبو الحسن عليه السلام: «إنه خرج يشكو عسر الولادة علي لبوته وسألني أن أسأل الله عزوجل أن يفرج عنها، ففعلت ذلك وألقي في روعي أنها تلد له ذكرا فخبرته بذلك، فقال لي: امض في حفظ الله، فلا سلط الله عليك ولا علي ذريتك ولا علي أحد من شيعتك شيئا من السباع، فقلت: آمين، آمين» ().

اجتنبوا كثيراً من الظن

قال شقيق البلخي: خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومائة فنزلنا القادسية فبينا أنا أنظر إلي الناس في زينتهم وكثرتهم، فنظرت إلي فتي حسن الوجه شديد السمرة ضعيف، فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفردا، فقلت في نفسي: هذا الفتي

من الصوفية يريد أن يكون كلا علي الناس في طريقهم والله لأمضين إليه ولأوبخنه.

فدنوت منه، فلما رآني مقبلا، قال: «يا شقيق ?اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم?()»، ثم تركني ومضي.

فقلت في نفسي: إن هذا الأمر عظيم قد تكلم بما في نفسي ونطق باسمي، وما هذا إلا عبد صالح لألحقنه ولأسألنه أن يحللني فأسرعت في أثره، فلم ألحقه، وغاب عن عيني، فلما نزلنا واقصة وإذا به يصلي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري، فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه وأستحله، فصبرت حتي جلس وأقبلت نحوه.

فلما رآني مقبلا، قال: «يا شقيق اتل ?وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدي?()» ثم تركني ومضي.

فقلت: إن هذا الفتي لمن الأبدال، لقد تكلم علي سري مرتين، فلما نزلنا زبالة إذا بالفتي قائم علي البئر وبيده ركوة يريد أن يستقي ماء فسقطت الركوة من يده في البئر، وأنا أنظر إليه، فرأيته وقد رمق السماء وسمعته يقول:

أنت ريي إذا ظمئت إلي الماء

وقوتي إذا أردت الطعاما

اللهم سيدي ما لي غيرها فلا تعدمنيها.

قال شقيق: فو الله لقد رأيت البئر وقد ارتفع ماؤها، فمد يده وأخذ الركوة وملأها ماء، فتوضأ وصلي أربع ركعات، ثم مال إلي كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحركه ويشرب، فأقبلت إليه وسلمت عليه، فرد عليّ السلام فقلت: أطعمني من فضل ما أنعم الله عليك.

فقال: «يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة وباطنة فأحسن ظنك بربك».

ثم ناولني الركوة فشربت منها فإذا هو سويق وسكر فو الله ما شربت قط ألذ منه ولا أطيب ريحا فشبعت ورويت وبقيت أياما لا أشتهي طعاما ولا شرابا، ثم إني لم أره حتي دخلنا مكة فرأيته ليلة إلي جنب قبة الشراب في نفس

الليل قائما يصلي بخشوع وأنين وبكاء فلم يزل كذلك حتي ذهب الليل، فلما رأي الفجر جلس في مصلاه يسبح ثم قام فصلي الغداة وطاف بالبيت أسبوعا وخرج فتبعته وإذا له غاشية وموال وهو علي خلاف ما رأيته في الطريق ودار به الناس من حوله يسلمون عليه، فقلت لبعض من رأيته يقرب منه: من هذا الفتي.

فقال: هذا موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام.

فقلت: قد عجبت أن تكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد.

قال الشاعر:

سل شقيق البلخي عنه وما

عاين منه وما الذي كان أبصر

قال لما حججت عاينت شخصا

شاحب اللون ناحل الجسم أسمر

سائرا وحده وليس له زاد

فما زلت دائما أتفكر

وتوهمت أنه يسأل الناس

ولم أدر أنه الحج الأكبر

ثم عاينته ونحن نزول

دون فيد علي الكثيب الأحمر

يضع الرمل في الإناء ويشربه

فناديته وعقلي محير

اسقني شربة فناولني منه

فعاينته سويقا وسكر

فسألت لحجيج من يك هذا

قيل هذا الإمام موسي بن جعفر()

احتفظ بهذه الدراعة

روي انه حمل هارون العباسي في بعض الأيام إلي علي بن يقطين ثيابا أكرمه بها وكان في جملتها دراعة خز سوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب، فأنفذ علي بن يقطين جل تلك الثياب إلي أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام وأنفذ في جملتها تلك الدراعة وأضاف إليها مالا كان أعده علي رسم له فيما يحمله إليه من خمس ماله، فلما وصل ذلك إلي أبي الحسن عليه السلام قبل المال والثياب ورد الدراعة علي يد الرسول إلي علي بن يقطين وكتب إليه: «احتفظ بها ولا تخرجها عن يدك فسيكون لك بها شأن تحتاج إليها معه».

فارتاب علي بن يقطين بردها عليه ولم يدر ما سبب ذلك واحتفظ بالدراعة.

فلما كان بعد ذلك بأيام تغير علي

بن يقطين علي غلام كان يختص به فصرفه عن خدمته، وكان الغلام يعرف ميل علي بن يقطين إلي أبي الحسن عليه السلام ويقف علي ما يحمله إليه في كل وقت من مال وثياب وألطاف وغير ذلك، فسعي به هارون وقال: إنه يقول بإمامة موسي بن جعفر ويحمل إليه خمس ماله في كل سنة وقد حمل إليه الدراعة التي أكرمه بها الأمير في وقت كذا وكذا.

فاستشاط هارون من ذلك وغضب غضبا شديدا وقال: لأكشفن عن هذه القضية الحال، فإن كان الأمر كما تقول أزهقت نفسه، وأنفذ في الوقت وطلب علي بن يقطين فلما مثل بين يديه، قال له: ما فعلت الدراعة التي كسوتك بها؟

قال: هي يا أمير عندي في سفط مختوم فيه طيب وقد احتفظت بها وقل ما أصبحت إلا وفتحت السفط ونظرت إليها تبركا بها وقبلتها ورددتها إلي موضعها، وكلما أمسيت صنعت مثل ذلك.

فقال: أحضرها الساعة.

قال: نعم يا أمير، فاستدعي بعض خدمه، فقال له: امض إلي البيت الفلاني من داري فخذ مفتاحه من جاريتي وافتحه وافتح الصندوق الفلاني فجئني بالسفط الذي فيه بختمه.

فلم يلبث الغلام أن جاء بالسفط مختوما فوضع بين يدي هارون، فأمر بكسر ختمه وفتحه فلما فتح نظر إلي الدراعة فيه بحالها مطوية مدفونة في الطيب، فسكن هارون من غضبه، ثم قال لعلي بن يقطين: ارددها إلي مكانها وانصرف راشدا، فلن نصدق عليك بعدها ساعيا، وأمر أن يتبع بجائزه سنية، وتقدم بضرب الساعي ألف سوط فضرب نحو خمسمائة سوط فمات في ذلك().

توضأ هكذا

روي عن محمد بن الفضل قال: اختلفت الرواية بين أصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء أهو من الأصابع إلي الكعبين أم من الكعبين إلي الأصابع، فكتب علي بن يقطين إلي أبي

الحسن موسي عليه السلام: جعلت فداك إن أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين فإن رأيت أن تكتب بخطك بما يكون عملي عليه فعلت إن شاء الله.

فكتب إليه أبو الحسن عليه السلام: «فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء والذي آمرك به في ذلك أن تمضمض ثلاثا وتستنشق ثلاثا وتغسل وجهك ثلاثا وتخلل شعر لحيتك وتغسل يديك إلي المرفقين ثلاثا وتمسح رأسك كله وتمسح ظاهر أذنيك وباطنهما وتغسل رجليك إلي الكعبين ثلاثا ولا تخالف ذلك إلي غيره» فلما وصل الكتاب إلي علي بن يقطين تعجب مما رسم له فيه مما جميع العصابة علي خلافه، ثم قال: مولاي أعلم بما قال وأنا ممتثل أمره.

فكان يعمل في وضوئه علي هذا الحد ويخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالا لأمر أبي الحسن عليه السلام، وسعي بعلي بن يقطين وقيل إنه رافضي مخالف لك.

فقال هارون: لبعض خاصته قد كثر عندي القول في علي بن يقطين والقرف له بخلافنا وميله إلي الرفض ولست أري في خدمته لي تقصيرا وقد امتحنته مرارا فما ظهرت منه علي ما يقرب به وأحب أن أستبرئ أمره من حيث لايشعر بذلك فيحترز مني، فقيل له: إن الرافضة يا أمير تخالف الجماعة في الوضوء فتخففه ولا تري غسل الرجلين فاستمحنه من حيث لا يعلم بالوقوف علي وضوئه.

فقال: أجل إن هذا الوجه يظهر به أمره، ثم تركه مدة وناطه بشيء من الشغل في الدار حتي دخل وقت الصلاة وكان علي بن يقطين يخلو في حجرة في الدار لوضوئه وصلاته، فلما دخل وقت الصلاة، وقف هارون من وراء حائط الحجرة بحيث يري علي بن يقطين ولا يراه هو فدعا بالماء للوضوء فتوضأ كما تقدم، وهارون ينظر إليه فلما رآه قد

فعل ذلك لم يملك نفسه حتي أشرف عليه بحيث يراه ثم ناداه: كذب يا علي بن يقطين من زعم أنك من الرافضة، وصلحت حاله عنده.

وورد عليه كتاب أبي الحسن عليه السلام: «ابتدئ من الآن يا علي بن يقطين توضأ كما أمر الله تعالي اغسل وجهك مرة فريضة وأخري إسباغا واغسل يديك من المرفقين كذلك وامسح بمقدم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما كنا نخاف عليك والسلام» ().

الإمام عليه السلام بمنزلة البحر

عن علي بن أبي حمزة، قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام إذ دخل عليه ثلاثون مملوكا من الحبش، وقد اشتروهم له، فكلم غلاما منهم وكان من الحبش جميلا فكلمه بكلامه ساعة حتي أتي بجميع ما يريد، وأعطاه درهما، فقال: «أعط أصحابك هؤلاء كل غلام منهم كل هلال ثلاثين درهما»، ثم خرجوا.

فقلت: جعلت فداك، لقد رأيتك تكلم هذا الغلام بالحبشية، فما ذا أمرته؟

قال عليه السلام: «أمرته أن يستوصي بأصحابه خيرا، ويعطيهم في كل هلال ثلاثين درهما، وذلك إني لما نظرت إليه علمت أنه غلام عاقل من أبناء ملكهم، فأوصيته بجميع ما أحتاج إليه، فقبل وصيتي، ومع هذا غلام صدق» ثم قال: «لعلك عجبت من كلامي إياه بالحبشية؟

لا تعجب فما الذي خفي عليك من أمر الإمام أعجب وأكثر، وما هذا من الإمام في علمه إلا كطير أخذ بمنقاره من البحر قطرة من ماء، أفتري الذي أخذه بمنقاره ينقص من البحر شيئا؟».

قال: «فإن الإمام بمنزلة البحر لا ينفذ ما عنده، وعجائبه أكثر من ذلك، والطير حين أخذ من البحر قطرة لم ينقص من البحر شيئا، كذلك العالم لا ينقص من علمه شيئا، ولا تنفذ عجائبه» ().

لعله لم يمت

قال علي بن أبي حمزة: أخذ بيدي موسي بن جعفر عليه السلام يوما فخرجنا من المدينة إلي الصحراء فإذا نحن برجل مغربي علي الطريق يبكي وبين يديه حمار ميت، ورحله مطروح، فقال له موسي عليه السلام: «ما شأنك؟».

قال: كنت مع رفقائي نريد الحج فمات حماري هاهنا، وبقيت ومضي أصحابي وقد بقيت متحيراً ليس لي شئ أحمل عليه.

فقال موسي عليه السلام: «لعله لم يمت !».

قال: أما ترحمني حتي تلهو بي!

قال: «إن عندي رقية جيدة».

قال الرجل: ليس يكفيني ما أنا فيه حتي تستهزئ

بي.

فدنا موسي عليه السلام من الحمار وتكلم بشيء لم أسمعه، وأخذ قضيبا كان مطروحا فنخسه به وصاح عليه، فوثب الحمار قائماً صحيحا سليما، فقال: «يا مغربي تري هاهنا شيئا من الاستهزاء؟ إلحق بأصحابك»، ومضينا وتركناه.

قال علي بن أبي حمزة: فكنت واقفا علي زمزم بمكة وإذا المغربي هناك، فلما رآني عدا إليّ وقبّلني فرحا مسرورا، فقلت له: ما حال حمارك؟

فقال: هو والله صحيح سليم، ولا أدري من أين منَّ الله به عليَّ فأحيا لي حماري بعد موته؟

فقلت له: قد بلغت حاجتك فلا تسأل عما لا تبلغ معرفته().

هذا رسول من الجن

قال أحمد بن حنبل: دخلت في بعض الأيام علي الإمام موسي بن جعفر عليه السلام حتي أقرأ عليه وإذا بثعبان قد وضع فمه علي إذن موسي عليه السلام كالمحدث له، فلما فرغ حدثه موسي عليه السلام حديثا لم أفهمه، ثم انساب الثعبان.

فقال عليه السلام: «يا أحمد هذا رسول من الجن قد اختلفوا في مسألة، فجاءني يسألني عنها فأخبرته، فبالله عليك يا أحمد لا تخبر بهذا إلا بعد موتي»، فما أخبرت به حتي مات().

من كرامات الإمام الرضا عليه السلام

مع الشيخ الكلبايكاني

الشيخ حبيب الله الكلبايكاني رحمة الله عليه كان من خيار علماء مشهد الإمام الرضا عليه السلام وقد توفي قبل ما يقارب من أربعين سنة وقد رأيت بعض تلاميذه، كان الشيخ رحمة الله عليه يأتي كل ليلة وفي السحر إلي حرم الإمام الرضا عليه السلام لكي يصلي صلاة الليل هناك فكان يشتغل بالتهجد والعبادة حتي الفجر، ثم كان يصلي صلاة الصبح جماعةً في مسجد كوهر شاد، وذات ليلة لم يتمكن من التشرف للحرم الرضوي الشريف وذلك لوجع شديد في رجله حيث منعه عن التحرك، فقام في السحر وتوجه إلي الإمام الرضا عليه السلام معتذراً وقال: يا بن رسول الله إنك تعلم أني كنت في هذه الأربعين سنة أحضر كل ليلة في حرمك المقدس قبل الفجر، ولكني اعتذر هذه الليلة حيث لم أتمكن من الحضور إلي حرمك!

وإذا به يري نوراً في نفس غرفته، ورأي في ذلك النور الإمام الرضا عليه السلام وهو ينظر إليه مبتسماً.

نعم ابتسم الإمام عليه السلام وأعطاه وردة.

فأخذ الشيخ الوردة من الإمام عليه السلام بيده اليمني، وإذا به غاب عنه كل شيء فلم ير النور ولا الإمام ولا الوردة، ولكنه ببركة الإمام أصبحت أنامله شفاءً، فبعد ذلك اليوم كان إذا يمسح

بيده علي مريض يبرأ المريض بإذن الله سبحانه.

وقد رأيت بعض تلاميذه الذي نقل لي قصصاً مرتبطة بشفاء الله سبحانه المريض علي يد هذا الشيخ الجليل.

الريح المسخرة

كان الإمام الرضا عليه السلام إذا جاء إلي دار المأمون ليدخل عليه يبادر من الدهليز من حاشية المأمون إلي السلام عليه ورفع الستر بين يديه ليدخل. فلما حصلت لهم النفرة عنه تواصوا فيما بينهم، وقالوا: إذا جاء ليدخل علي المأمون أعرضوا عنه ولا ترفعوا الستر له.

فاتفقوا علي ذلك فبينا هم قعود إذ جاء الإمام الرضا عليه السلام علي عادته فلم يملكوا أنفسهم أن سلموا عليه ورفعوا الستر علي عادتهم.

فلما دخل أقبل بعضهم علي بعض يتلاومون كونهم ما وقفوا علي ما اتفقوا عليه، وقالوا: النوبة الآتية إذا جاء لا نرفعه له.

فلما كان في ذلك اليوم جاء فقاموا وسلموا عليه ووقفوا ولم يبتدروا إلي رفع الستر فأرسل الله ريحا شديدة دخلت في الستر فرفعته أكثر مما كانوا يرفعونه فدخل، فسكنت الريح، فعاد إلي ما كان فلما خرج عادت الريح ودخلت في الستر فرفعته حتي خرج ثم سكنت فعاد الستر، فلما ذهب أقبل بعضهم علي بعض، وقالوا: هل رأيتم، قالوا: نعم، فقال بعضهم لبعض: يا قوم هذا رجل له عند الله منزلة ولله به عناية ألم تروا أنكم لما لم ترفعوا له الستر أرسل الله الريح وسخرها له لرفع الستر كما سخرها لسليمان فارجعوا إلي خدمته فهو خير لكم فعادوا إلي ما كانوا عليه وزادت عقيدتهم فيه().

قصيدة دعبل التائية

قال دعبل: لما قلت (مدارس آيات) قصدت بها أبا الحسن علي بن موسي الرضا عليه السلام وهو بخراسان ولي عهد المأمون فوصلت المدينة، وحضرت عنده وأنشدته إياها فاستحسنها وقال لي: «لا تنشدها أحدا حتي آمرك» واتصل خبري بالخليفة المأمون فأحضرني وساءلني عن خبري ثم قال: يا دعبل أنشدني: (مدارس آيات خلت من تلاوة).

فقلت: ما أعرفها يا أمير.

فقال: يا غلام أحضر أبا

الحسن علي بن موسي الرضا.

قال: فلم تكن إلا ساعة حتي حضر، فقال له: يا أبا الحسن سألت دعبلا عن (مدارس آيات) فذكر أنه لا يعرفها.

فقال لي أبو الحسن: «يا دعبل أنشد الأمير»

فأخذت فيها فأنشدتها فاستحسنها وأمر لي بخمسين ألف درهم وأمر لي أبو الحسن علي بن موسي الرضا بقريب من ذلك، فقلت: يا سيدي إن رأيت أن تهبني شيئا من ثيابك ليكون كفني.

فقال: «نعم».

ثم دفع إليّ قميصا قد ابتذله ومنشفة لطيفة، وقال لي: «احفظ هذا تحرس به».

إلي أن قال دعبل: ثم كررت راجعا إلي العراق فلما صرت في بعض الطريق خرج علينا الأكراد فأخذونا وكان ذلك اليوم يوما مطيرا فبقيت في قميص خلق وضر جديد وأنا متأسف من جميع ما كان معي علي القميص والمنشفة ومتفكر في قول سيدي الرضا عليه السلام، إذ مر بي واحد من الأكراد الحرامية وهو ينشد: (مدارس آيات خلت من تلاوة) ويبكي، فلما رأيت ذلك منه عجبت من لص من الأكراد يتشيع ثم طمعت في القميص والمنشفة.

فقلت: يا سيدي لمن هذه القصيدة؟

فقال: وما أنت وذاك ويلك.

فقلت: لي فيه سبب أخبرك به.

فقال: هي أشهر بصاحبها إن تجهل.

فقلت: من هو، قال: دعبل بن علي الخزاعي شاعر آل محمد جزاه الله خيرا.

فقلت له: والله يا سيدي أنا دعبل وهذه قصيدتي.

فقال: ويلك ما تقول.

قلت: الأمر أشهر من ذلك، فأرسل إلي أهل القافلة فاستحضر منهم جماعة وسألهم عني، فقالوا بأسرهم: هذا دعبل بن علي بن الخزاعي.

فقال: قد أطلقت كلما أخذ من القافلة خلالة فما فوقها كرامة لك، ثم نادي في أصحابه: من أخذ شيئا فليرده، فرجع علي الناس جميع ما أخذ منهم ورجع إليّ جميع ما كان معي، ثم شايعنا إلي المأمن فحرست أنا والقافلة

ببركة القميص والمنشفة.

وهذه قصيدة دعبل:

تجاوبن بالأرنان والزفرات

نوائح عجم اللفظ والنطقات

يخبرن بالأنفاس عن سر أنفس

أساري هوي ماض وآخر آت

فأسعدن أو أسعفن حتي تقوضت

صفوف الدجي بالفجر منهزمات

علي العرصات الخاليات من المها

سلام شج صب علي العرصات

فعهدي بها خضر المعاهد مألفا

من العطرات البيض والخفرات

ليالي يعدين الوصال علي القلي

ويعدي تدانينا علي العزبات

وإذ هن يلحظن العيون سوافرا

ويسترن بالأيدي علي الوجنات

وإذ كل يوم لي بلحظي نشوة

يبيت بها قلبي علي نشوات

فكم حسرات هاجها بمحسر

وقوفي يوم الجمع من عرفات

ألم تر للأيام ما جر جورها

علي الناس من نقض وطول شتات

ومن دول المستهزئين ومن غدا

بهم طالبا للنور في الظلمات

فكيف ومن أني بطالب زلفة

إلي الله بعد الصوم والصلوات

سوي حب أبناء النبي ورهطه

وبغض بني الزرقاء والعبلات

وهند وما أدت سمية وابنها

أولو الكفر في الإسلام والفجرات

هم نقضوا عهد الكتاب وفرضه

ومحكمه بالزور والشبهات

ولم تك إلا محنة كشفتهم

بدعوي ضلال من هن وهنات

تراث بلا قربي وملك بلا هدي

وحكم بلا شوري بغير هداة

رزايا أرتنا خضرة الأفق حمرة

وردت أجاجا طعم كل فرات

وما سهلت تلك المذاهب فيهم

علي الناس إلا بيعة الفلتات

وما قيل أصحاب السقيفة جهرة

بدعوي تراث في الضلال بنات

ولو قلدوا الموصي إليه أمورها

لزمت بمأمون علي العثرات

أخي خاتم الرسل المصفي من القذي

ومفترس الأبطال في الغمرات

فإن جحدوا كان الغدير شهيده

وبدر وأحد شامخ الهضبات

وآي من القرآن تتلي بفضله

وإيثاره بالقوت في اللزبات

وعز خلال أدركته بسبقها

مناقب كانت فيه مؤتنفات

مناقب لم تدرك بخير ولم تنل

بشيء سوي حد القنا الذربات

نجي لجبريل الأمين وأنتم

عكوف علي العزي معا ومنات

بكيت لرسم الدار من عرفات

وأجريت دمع العين بالعبرات

وبان عري صبري وهاجت صبابتي

رسوم ديار قد عفت وعرات

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

لآل رسول الله بالخيف من مني

وبالبيت والتعريف والجمرات

ديار لعبد الله بالخيف من مني

وللسيد الداعي إلي الصلوات

ديار علي والحسين وجعفر

وحمزة والسجاد ذي الثفنات

ديار لعبد الله والفضل

صنوه

نجي رسول الله في الخلوات

وسبطي رسول الله وابني وصيه

ووارث علم الله والحسنات

منازل وحي الله ينزل بينها

علي أحمد المذكور في السورات

منازل قوم يهتدي بهداهم

وتؤمن منهم زلة العثرات

منازل كانت للصلاة وللتقي

وللصوم والتطهير والحسنات

منازل لا تيم يحل بربعها

ولا ابن صهاك فاتك الحرمات

ديار عفاها جور كل منابذ

ولم تعف للأيام والسنوات

قفا نسأل الدار التي خف أهلها

متي عهدها بالصوم والصلوات

وأين الأولي شطت بهم غربة النوي

أفانين في الأقطار مفترقات

هم أهل ميراث النبي إذا اعتروا

وهم خير سادات وخير حمات

إذا لم نناج الله في صلواتنا

بأسمائهم لم يقبل الصلوات

مطاعيم للأعسار في كل مشهد

لقد شرفوا بالفضل والبركات

وما الناس إلا غاصب ومكذب

ومضطغن ذو إحنة وترات

إذا ذكروا قتلي ببدر وخيبر

ويوم حنين أسبلوا العبرات

فكيف يحبون النبي ورهطه

وهم تركوا أحشاءنا وغرات

لقد لاينوه في المقال وأضمروا

قلوبا علي الأحقاد منطويات

فإن لم تكن إلا بقربي محمد

فهاشم أولي من هن وهنات

سقي الله قبرا بالمدينة غيثه

فقد حل فيه الأمن بالبركات

نبي الهدي صلي عليه مليكه

وبلغ عنا روحه التحفات

وصلي عليه الله ما ذر شارق

ولاحت نجوم الليل مستدرات

أفاطم لوخلت الحسين مجدلا

وقد مات عطشانا بشط فرات

إذا للطمت الخد فاطم عنده

وأجريت دمع العين في الوجنات

أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي

نجوم سماوات بأرض فلاة

قبور بكوفان وأخري بطيبة

وأخري بفخ نالها صلواتي

وأخري بأرض الجوزجان محلها

وقبر بباخمرا لدي الغربات

وقبر ببغداد لنفس زكية

تضمنها الرحمن في الغرفات

وقبر بطوس يا لها من مصيبة

ألحت علي الأحشاء بالزفرات

إلي الحشر حتي يبعث الله قائما

يفرج عنا الغم والكربات

علي بن موسي أرشد الله أمره

وصلي عليه أفضل الصلوات

فأما الممضات التي لست بالغا

مبالغها مني بكنه صفات

قبور ببطن النهر من جنب كربلاء

معرسهم منها بشط فرات

توفوا عطاشا بالفرات فليتني

توفيت فيهم قبل حين وفاتي

إلي الله أشكو لوعة عند ذكرهم

سقتني بكأس الذل والقصعات

أخاف بأن أزدادهم فتشوقني

مصارعهم بالجزع والنخلات

تقسمهم ريب المنون فما تري

لهم عقرة مغشية الحجرات

خلا أن منهم بالمدينة

عصبة

مدينين أنضاء من اللزبات

قليلة زوار سوي أن زورا

من الضبع والعقبان والرخمات

لهم كل يوم تربة بمضاجع

ثوت في نواحي الأرض مفترقات

تنكبت لأواء السنين جوارهم

ولا تصطليهم جمرة الجمرات

وقد كان منهم بالحجاز وأرضها

مغاوير نحارون في الأزمات

حمي لم تزره المذبنات وأوجه

تضيء لدي الأستار والظلمات

إذا وردوا خيلا بسمر من القنا

مساعير حرب أقحموا الغمرات

فإن فخروا يوما أتوا بمحمد

وجبريل والفرقان والسورات

وعدوا عليا ذا المناقب والعلي

وفاطمة الزهراء خير بنات

وحمزة والعباس ذا الهدي والتقي

وجعفرها الطيار في الحجبات

أولئك لا منتوج هند وحزبها

سمية من نوكي ومن قذرات

ستسأل تيم عنهم وعديها

وبيعتهم من أفجر الفجرات

هم منعوا الآباء عن أخذ حقهم

وهم تركوا الأبناء رهن شتات

وهم عدلوها عن وصي محمد

فبيعتهم جاءت علي الغدرات

وليهم صنو النبي محمد

أبو الحسن الفراج للغمرات

ملامك في آل النبي فإنهم

أحباي ما داموا وأهل ثقاتي

تخيرتهم رشدا لنفسي إنهم

علي كل حال خيرة الخيرات

نبذت إليهم بالمودة صادقا

وسلمت نفسي طائعا لولاتي

فيا رب زدني في هواي بصيرة

وزد حبهم يا رب في حسناتي

سأبكيهم ما حج لله راكب

وما ناح قمري علي الشجرات

وإني لمولاهم وقال عدوهم

وإني لمحزون بطول حياتي

بنفسي أنتم من كهول وفتية

لفك عناة أو لحمل ديات

وللخيل لما قيد الموت خطوها

فأطلقتم منهن بالذربات

أحب قصي الرحم من أجل حبكم

وأهجر فيكم زوجتي وبناتي

وأكتم حبيكم مخافة كاشح

عنيد لأهل الحق غير موات

فيا عين بكيهم وجودي بعبرة

فقد آن للتسكاب والهملات

لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها

وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي

ألم تر أني مذ ثلاثون حجة

أروح وأغدو دائم الحسرات

أري فيئهم في غيرهم متقسما

وأيديهم من فيئهم صفرات

وكيف أداوي من جوي بي والجوي

أمية أهل الكفر واللعنات

وآل زياد في الحرير مصونة

وآل رسول الله منهتكات

سأبكيهم ما ذر في الأفق شارق

ونادي مناد الخير بالصلوات

وما طلعت شمس وحان غروبها

وبالليل أبكيهم وبالغدوات

ديار رسول الله أصبحن بلقعا

وآل زياد تسكن الحجرات

وآل رسول الله تدمي نحورهم

وآل زياد ربة الحجلات

وآل رسول الله تسبي حريمهم

وآل

زياد آمنوا السربات

وآل زياد في القصور مصونة

وآل رسول الله في الفلوات

إذا وتروا مدوا إلي واتريهم

أكفا عن الأوتار منقبضات

فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد

تقطع نفسي أثرهم حسرات

خروج إمام لا محالة خارج

يقوم علي اسم الله والبركات

يميز فينا كل حق وباطل

ويجزي علي النعماء والنقمات

فيا نفس طيبي ثم يا نفس فابشري

فغير بعيد كل ما هو آت

ولا تجزعي من مدة الجور إنني

أري قوتي قد آذنت بثبات

فإن قرب الرحمن من تلك مدتي

وأخر من عمري ووقت وفاتي

فيا رب عجل ما أؤمل فيهم

لأشفي نفسي من أسي المحنات

شفيت ولم أترك لنفسي غصة

ورويت منهم منصلي وقناتي

فإني من الرحمن أرجو بحبهم

حياة لدي الفردوس غير تبات

عسي الله أن يرتاح للخلق إنه

إلي كل قوم دائم اللحظات

فإن قلت عرفا أنكروه بمنكر

وغطوا علي التحقيق بالشبهات

تقاصر نفسي دائما عن جدالهم

كفاني ما ألقي من العبرات

أحاول نقل الصم عن مستقرها

وأسماء أحجار من الصلدات

فحسبي منهم أن أبوء بغصة

تردد في صدري وفي لهواتي

فمن عارف لم ينتفع ومعاند

تميل به الأهواء للشهوات

كأنك بالأضلاع قد ضاق ذرعها

لما حملت من شدة الزفرات

ولما وصل إلي قوله: (وقبر ببغداد) قال عليه السلام له: «أ فلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك».

قال: بلي يا ابن رسول الله.

فقال عليه السلام: «وقبر بطوس» والذي يليه.

قال دعبل: يا ابن رسول الله لمن هذا القبر بطوس.

فقال: عليه السلام: «قبري ولا ينقضي الأيام والسنون حتي تصير طوس مختلف شيعتي فمن زارني في غربتي كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له» ().

جارية دعبل

وكانت لدعبل جارية لها من قلبه محل، فرمدت رمدا عظيما، فأدخل أهل الطب عليها فنظروا إليها فقالوا: أما العين اليمني فليس لنا فيها حيلة وقد ذهبت، وأما اليسري فنحن نعالجها ونجتهد ونرجو أن تسلم.

فاغتم لذلك دعبل غما شديدا وجزع عليها جزعا عظيما،

ثم إنه ذكر ما كان معه من فضلة الجبة التي أعطاها الإمام الرضا عليه السلام فمسحها علي عيني الجارية وعصبها بعصابة منها من أول الليل فأصبحت وعيناها أصح مما كانتا وكأنه ليس لها أثر مرض قط ببركة مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام ().

إخراج الماء من الصخرة

عن وكيع قال: رأيت علي بن موسي الرضا عليه السلام في آخر أيامه، فقلت: يا ابن رسول الله أريد أن احدث عنك معجزة فارنيها، فرأيته أخرج لنا ماء من صخرة، فاسقانا فشربنا ().

تبن أم ذهب؟

قال عمارة بن زيد: رأيت علي بن موسي الرضا عليه السلام فكلمته في رجل أن يصله بشيء، فأعطاني مخلاة تبن، فاستحيت أن أراجعه، فلما وصلت باب الرجل فتحتها فإذا كلها دنانير، فاستغني الرجل وعقبه، فلما كان من غد أتيته فقلت: يا ابن رسول الله إن ذلك تحول ذهبا، قال عليه السلام: «لهذا دفعناه إليك» ().

شهادة الجماد

عن سعد بن سلام قال: أتيت علي بن موسي الرضا عليه السلام … فسمعت الجماد الذي من تحته يقول: هو إمامي وإمام كل شيء، وإنه عليه السلام دخل المسجد الذي في المدينة يعني مدينة أبي جعفر، فرأيت الحيطان والخشب تكلمه وتسلم عليه().

من كرامات الإمام الجواد عليه السلام

أنت ابن الرضا حقا

خرج المأمون يوما إلي الصيد، فاجتاز بطرف البلد في طريقه والصبيان يلعبون، ومحمد بن علي الجواد عليه السلام واقف معهم وكان عمره يومئذ إحدي عشرة سنة فما حولها، فلما أقبل المأمون انصرف الصبيان هاربين، ووقف أبو جعفر محمد عليه السلام فلم يبرح مكانه، فقرب منه المأمون فنظر إليه وكان الله عز وعلا قد ألقي عليه مسحة من قبول فوقف المأمون، وقال له: يا غلام ما منعك من الانصراف مع الصبيان؟

فقال له محمد مسرعا: «يا أمير لم يكن بالطريق ضيق لأوسعه عليك بذهابي، ولم تكن لي جريمة فأخشاها، وظني بك حسن أنك لا تضر من لا ذنب له».

فوقفت فأعجبه كلامه ووجهه، فقال له: ما اسمك؟

قال: «محمد».

قال: ابن من أنت؟

قال: «يا أمير أنا ابن علي الرضا».

فترحم المأمون علي أبيه وساق إلي وجهته، وكان معه بزاة فلما بعد عن العمارة أخذ بازيا فأرسله علي دراجة، فغاب عن عينه غيبة طويلة ثم عاد من الجو وفي منقاره سمكة صغيرة وبها بقايا الحياة، فتعجب المأمون من ذلك غاية التعجب، ثم أخذها في يده وعاد إلي داره في الطريق الذي أقبل منه، فلما وصل إلي ذلك المكان وجد الصبيان علي حالهم، فانصرفوا كما فعلوا أول مرة، وأبو جعفر لم ينصرف ووقف كما وقف أولا، فلما دنا منه المأمون، قال: يا محمد.

قال: «لبيك يا أمير».

قال: ما في يدي، فألهمه الله عز وعلا أن قال: «يا أمير إن الله تعالي خلق

بمشيته في بحر قدرته سمكا صغارا تصيدها بزاة الملوك والخلفاء فيختبرون بها سلالة أهل بيت النبوة»!.

فلما سمع المأمون كلامه عجب منه وجعل يطيل نظره إليه، وقال: أنت ابن الرضا حقا، وضاعف إحسانه إليه().

من بركة ماء وضوئه عليه السلام

لما توجه أبو جعفر عليه السلام من بغداد، منصرفا من عند المأمون ومعه أم الفضل قاصدا بها المدينة، صار إلي شارع باب الكوفة ومعه الناس يشيعونه، فانتهي إلي دار المسيب عند مغيب الشمس، نزل ودخل المسجد وكان في صحنه نبقة لم تحمل بعد، فدعا بكوز فيه ماء فتوضأ في أصل النبقة، وقام فصلي بالناس صلاة المغرب، فقرأ في الأولي الحمد وإذ جاء نصر الله والفتح، وقرأ في الثانية الحمد وقل هو الله أحد، وقنت قبل ركوعه فيها، وصلي الثالثة وتشهد وسلم، ثم جلس هنيئة يذكر الله تعالي، وقام من غير تعقيب فصلي النوافل أربع ركعات، وعقب بعدها وسجد سجدتي الشكر، ثم خرج فلما انتهي إلي النبقة رآها الناس وقد حملت حملا حسنا، فتعجبوا من ذلك وأكلوا منها، فوجدوه نبقا حلواء لا عجم له، وودعوه ومضي عليه السلام من وقته إلي المدينة().

هل تنبأ الرجل الشامي؟

عن علي بن خالد قال: كنت بالعسكر فبلغني أن هناك رجلا محبوسا، أتي به من ناحية الشام مكبولا بالحديد، وقالوا: إنه تنبأ.

قال: فأتيت الباب ودفعت شيئا للبوابين حتي وصلت إليه، فإذا رجل له فهم وعقل، فقلت له: ما قضيتك؟

قال: إني رجل كنت بالشام أعبد الله في الموضع الذي يقال إنه نصب فيه رأس الحسين عليه السلام، فبينا أنا ذات ليلة في موضعي مقبل علي المحراب أذكر الله تعالي، إذ رأيت شخصا بين يدي فنظرت إليه، فقال لي: قم، فقمت معه فمشي بي قليلا، فإذا أنا في مسجد الكوفة.

فقال لي: «أتعرف هذا المسجد؟».

فقلت: نعم هذا مسجد الكوفة.

قال: فصلي وصليت معه.

ثم انصرف وانصرفت معه، ومشي قليلا فإذا نحن بمسجد الرسول صلي الله عليه و اله فسلم علي رسول الله صلي الله عليه و اله وسلمت، وصلي

وصليت معه، ثم خرج وخرجت معه فمشي بي قليلا، فإذا نحن بمكة فطاف بالبيت وطفت معه، وخرج فخرجت معه فمشي بي قليلا، فإذا أنا بموضعي الذي كنت أعبد الله فيه بالشام، وغاب الشخص عني فتعجبت مما رأيت.

فلما كان في العام المقبل رأيت ذلك الشخص، فاستبشرت به ودعاني فأجبته، ففعل كما فعل في العام الماضي، فلما أراد مفارقتي بالشام، قلت: سألتك بالحق الذي أقدرك علي ما رأيت منك إلا أخبرتني من أنت؟

فقال: «أنا محمد بن علي بن موسي بن جعفر».

فحدثت من كان يصير إليَّ بخبره، فرقي ذلك إلي محمد بن عبد الملك الزيات، فبعث إليَّ من أخذني وكبلني في الحديد وحملني إلي العراق، وحبست كما تري وادعي عليَّ المحال.

فقلت له: أرفع عنك قصة إلي محمد بن عبد الملك الزيات.

قال: افعل.

فكتبت عنه قصة، شرحت أمره فيها ورفعتها إلي الزيات، فوقع في ظهرها: قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلي الكوفة، وإلي المدينة، وإلي مكة، أن يخرجك من حبسي هذا.

قال علي بن خالد: فغمني ذلك من أمره ورققت له، وانصرفت محزوناً، فلما كان من الغد باكرت الحبس، لأعلمه بالحال وآمره بالصبر والعزاء، فوجدت الجند وأصحاب الحرس وصاحب السجن وخلقا عظيما من الناس يهرعون، فسألت عنهم وعن حالهم فقيل: المحمول من الشام المتنبئ، افتقد البارحة من الحبس فلا يدري، خسفت الأرض أو اختطفته الطير، وكان هذا الرجل أعني علي بن خالد زيديا، فقال بالإمامة لما رأي ذلك وحسن اعتقاده().

إنه يعلم ما في النفوس

قال الراوي: دخلت علي أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام صبيحة عرسه ببنت المأمون، وكنت تناولت من الليل دواء، فأول من دخل عليه في صبيحته أنا، وقد أصابني العطش وكرهت أن أدعو بالماء.

فنظر أبو جعفر عليه السلام في

وجهي، وقال: «أراك عطشان».

قلت: أجل.

قال: «يا غلام اسقنا ماء».

فقلت في نفسي: الساعة يأتونه بماء مسموم، واغتممت لذلك.

فأقبل الغلام ومعه الماء فتبسم في وجهي، ثم قال: «يا غلام ناولني الماء» فتناول فشرب ثم ناولني وتبسم فشربت.

وأطلت عنده فعطشت فدعا بالماء، ففعل كما فعل في المرة الأولي، وشرب ثم ناولني وتبسم.

قال الراوي: والله إني لأظن أن أبا جعفر يعلم ما في النفوس كما تقول الرافضة().

إخبار بالغيب بإذن الله تعالي

عن داود بن القاسم الجعفري قال: دخلت علي أبي جعفر عليه السلام ومعي ثلاث رقاع غير معنونة، واشتبهت عليَّ فاغتممت، فتناول أحدها وقال: «هذه رقعة ريان بن شبيب»، ثم تناول الثانية فقال: «هذه رقعة فلان» فبهت أنظر إليه فتبسم، وأخذ الثالثة فقال: «هذه رقعة فلان» فقلت: نعم جعلت فداك.

فأعطاني ثلاثمائة دينار وأمرني أن أحملها إلي بعض بني عمه، ثم قال: «أما إنه سيقول لك دلني علي حريف يشتري لي بها متاعا فدله عليه». فكان كما قال عليه السلام().

ذهب عنك أكل الطين

قال أبو هاشم: ودخلت مع الإمام أبو جعفر الجواد عليه السلام يوما بستانا، فقلت له: جعلت فداك إني مولع بأكل الطين فادع الله لي، فسكت ثم قال لي بعد أيام ابتداء منه: «يا أبا هاشم قد أذهب الله عنك أكل الطين» قال أبو هاشم: فما من شي ء أبغض إليّ ().

من كرامات الإمام الهادي عليه السلام

خذ هذا الدواء

روي زيد بن علي بن الحسين بن زيد قال: مرضت فدخل الطبيب عليَّ ليلا، ووصف لي دواء آخذه في السحر كذا وكذا يوما، فلم يمكني تحصيله من الليل، وخرج الطبيب من الباب وورد صاحب أبي الحسن عليه السلام في الحال ومعه صرة فيها ذلك الدواء بعينه، فقال أبو الحسن: يقرئك السلام، ويقول: «خذ هذا الدواء كذا وكذا يوما» فأخذته وشربته فبرأت().

خان الصعاليك

عن صالح بن سعيد قال: دخلت علي أبي الحسن عليه السلام يوم وروده، فقلت له: جعلت فداك في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك، حتي أنزلوك هذا الخان الأشنع خان الصعاليك.

فقال: «ها هنا أنت يا ابن سعيد»، ثم أومأ بيده فإذا بروضات آنقات، وأنهار جاريات، وجنات بينها خيرات عطرات، وولدان كأنهم اللؤلؤ المكنون، فحار بصري وكثر عجبي، فقال لي: «حيث كنا فهذا لنا يا ابن سعيد لسنا في خان الصعاليك» ().

تكفي أمره إلي شهرين

أيوب بن نوح قال: كتبت إلي أبي الحسن عليه السلام، قد تعرض لي جعفر بن عبد الواحد القاضي، وكان يؤذيني بالكوفة أشكو إليه ما ينالني منه من الأذي، فكتب إليَّ: «تكفي أمره إلي شهرين» فعزل عن الكوفة في شهرين، واسترحت منه().

إنه مات

عن الوشاء عن خيران الأسباطي قال: قدمت علي أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام بالمدينة فقال لي: «ما خبر الواثق عندك»؟

قلت: جعلت فداك خلفته في عافية، أنا من أقرب الناس عهدا به وعهدي به منذ عشرة أيام.

قال: فقال لي: «إن أهل المدينة يقولون إنه مات».

فقلت: أنا أقرب الناس به عهدا.

قال: فقال لي: «إن الناس يقولون إنه مات».

فلما قال لي: إن الناس يقولون، علمت أنه يعني نفسه.

ثم قال لي: «ما فعل جعفر»؟

قلت له: تركته أسوء الناس حالا في السجن.

قال: فقال: «أما إنه صاحب الأمر».

ثم قال لي: «ما فعل ابن الزيات»؟

قلت: الناس معه والأمر أمره.

فقال: «أما إنه شؤم عليه».

قال: ثم سكت وقال لي: «لا بد أن يجري مقادير الله وأحكامه، يا خيران مات الواثق، وقد قعد جعفر المتوكل، وقد قتل ابن الزيات» قلت: متي جعلت فداك، قال: «بعد خروجك بستة أيام» ().

وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

عن علي بن إبراهيم بن محمد الطائفي قال: مرض المتوكل من خراج خرج به، فأشرف منه علي الموت فلم يجسر أحد أن يمسه بحديد، فنذرت أمه إن عوفي أن تحمل إلي أبي الحسن عليه السلام، مالا جليلا من مالها، وقال الفتح بن خاقان للمتوكل: لو بعثت إلي هذا الرجل يعني أبا الحسن فإنه ربما كان عنده صفة شي ء يفرج الله تعالي به عنك.

فقال: ابعثوا إليه فمضي الرسول فرجع، فقال: «خذوا كسب الغنم فدفوه بماء الورد، فوضعوه علي الخراج، فإنه نافع بإذن الله». فجعل من يحضر المتوكل يهزأ من قوله، فقال لهم: الفتح وما يضر من تجربة ما قال، فو الله إني لأرجو الصلاح به. فأحضر الكسب وديف بماء الورد، ووضع علي الخراج فخرج منه ما كان فيه، وبشرت أم المتوكل بعافيته، فحملت إلي أبي

الحسن عشرة ألف دينار تحت خاتمها، واستقل المتوكل من علته.

فما كان بعد أيام سعي البطحائي بأبي الحسن عليه السلام إلي المتوكل، وقال: عنده أموال وسلاح، فتقدم المتوكل إلي سعيد الحاجب، أن يهجم عليه ليلا ويأخذ ما يجده عنده من الأموال والسلاح ويحمله إليه.

قال إبراهيم: قال لي سعيد الحاجب: صرت إلي دار أبي الحسن عليه السلام بالليل ومعي سلم فصعدت منه علي السطح ونزلت من الدرجة إلي بعضها في الظلمة، فلم أدر كيف أصل إلي الدار، فناداني أبو الحسن عليه السلام من الدار: «يا سعيد مكانك حتي يأتوك بشمعة» فلم ألبث أن أتوني بشمعة فنزلت، فوجدت عليه جبة صوف وقلنسوة منها، وسجادته علي حصير بين يديه، وهو مقبل علي القبلة، فقال لي: «دونك البيوت»، فدخلتها وفتشتها فلم أجد فيها شيئا، ووجدت البدرة مختومة بخاتم أم المتوكل وكيسا مختوما معها.

فقال لي أبو الحسن عليه السلام: «دونك المصلي» فرفعته فوجدت سيفا في جفن غير ملبوس، فأخذت ذلك وصرت إليه، فلما نظر إلي خاتم أمه علي البدرة، بعث إليها فخرجت إليه فسألها عن البدرة، فأخبرني بعض خدم الخاصة أنها قالت: كنت نذرت في علتك إن عوفيت أن أحمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار، فحملتها إليه وهذا خاتمي علي الكيس ما حركها، وفتح الكيس الآخر فإذا فيه أربعمائة دينار، فأمر أن يضم إلي البدرة بدرة أخري، وقال لي: احمل ذلك إلي أبي الحسن واردد السيف والكيس، فحملت ذلك واستحييت منه، فقلت: يا سيدي عز عليَّ دخولي دارك بغير إذنك ولكني مأمور، فقال لي: ?وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون? ()» ().

أجمع أمرك

قال محمد بن الفرج الرخجي: إن أبا الحسن عليه السلام كتب إليَّ: «يا محمد اجمع أمرك وخذ حذرك»

فقال: أنا في جمع أمري لست أدري ما أراد بما كتب إليَّ، حتي ورد عليَّ رسول حملني من مصر مصفدا بالحديد، وضرب علي كلما أملك فمكثت في السجن ثماني سنين.

ثم ورد عليَّ كتاب منه وأنا في السجن: «يا محمد لا تنزل في ناحية الجانب الغربي» فقرأت الكتاب وقلت في نفسي: يكتب أبو الحسن بهذا إليّ وأنا في السجن، إن هذا لعجب فما مكثت إلا أياما يسيرة، حتي أفرج عني وحلت قيودي وخلي سبيلي.

قال: فكتبت إليه بعد خروجي أسأله أن يسأل الله أن يرد ضياعي عليَّ، قال فكتب إليَّ: «سوف ترد عليك وما يضرك أن لا ترد عليك».

قال علي بن محمد النوفلي: فلما شخص محمد بن الفرج الرخجي إلي العسكر كتب له برد ضياعه عليه فلم يصل الكتاب حتي مات().

كشف الله عنك وعن أبيك

علي بن محمد الحجال قال: كتبت إلي أبي الحسن، أنا في خدمتك وأصابني علة في رجلي، لا أقدر علي النهوض والقيام بما يجب، فإن رأيت أن تدعو الله أن يكشف علتي، ويعينني علي القيام بما يجب عليَّ وأداء الأمانة في ذلك، ويجعلني من تقصيري من غير تعمد مني، وتضييع مال أتعمده من نسيان يصيبني في حل، ويوسع عليَّ وتدعو لي بالثبات علي دينه، الذي ارتضاه لنبيه صلي الله عليه و اله فوقع: «كشف الله عنك وعن أبيك» قال: وكان بأبي علة ولم أكتب فيها، فدعا له ابتداء().

الصقلابية

عن علي بن مهزيار قال: أرسلت إلي أبي الحسن الثالث عليه السلام غلامي وكان صقلابياً، فرجع الغلام إليّ متعجبا، فقلت له: ما لك يا بني، قال: وكيف لا أتعجب ما زال يكلمني بالصقلابية كأنه واحد منا ().

رجل من اصفهان

حدث جماعة من أهل أصفهان، منهم أبو العباس أحمد بن النصر وأبو جعفر محمد بن علوية، قالوا: كان بأصفهان رجل يقال له عبد الرحمن وكان شيعيا، قيل له: ما السبب الذي أوجب عليك القول بإمامة علي النقي، دون غيره من أهل الزمان؟

قال: شاهدت ما أوجب عليَّ ذلك، وذلك أني كنت رجلا فقيرا وكان لي لسان وجرأة، فأخرجني أهل أصفهان سنة من السنين مع قوم آخرين إلي باب المتوكل متظلمين، فكنا بباب المتوكل يوما إذ خرج الأمر بإحضار علي بن محمد ابن الرضا عليه السلام، فقلت لبعض من حضر: من هذا الرجل الذي قد أمر بإحضاره؟

فقيل: هذا رجل علوي تقول الرافضة بإمامته، ثم قيل ويُقدّر أن المتوكل يحضره للقتل.

فقلت: لا أبرح من هاهنا حتي أنظر إلي هذا الرجل أي رجل هو، قال: فأقبل راكبا علي فرس وقد قام الناس صفين يمنة الطريق ويسرته ينظرون إليه فلما رأيته وقع حبه في قلبي فجعلت أدعو له في نفسي بأن يدفع الله عنه شر المتوكل.

فأقبل يسير بين الناس وهو ينظر إلي عرف دابته لا ينظر يمنة ولا يسرة وأنا دائم الدعاء له، فلما صار بازائي أقبل إليَّ بوجهه، وقال: «استجاب الله دعاءك وطول عمرك وكثر مالك وولدك».

قال: فارتعدت من هيبته ووقعت بين أصحابي فسألوني وهم يقولون: ما شأنك؟

فقلت: خير ولم أخبرهم، فانصرفنا بعد ذلك إلي أصفهان ففتح الله عليَّ الخير بدعائه ووجوها من المال حتي أنا اليوم أغلق بابي علي ما قيمته

ألف ألف درهم سوي مالي خارج داري ورزقت عشرة من الأولاد وقد بلغت من عمري نيفا وسبعين سنة وأنا أقول بإمامة هذا الذي علم ما في قلبي واستجاب الله دعاءه فيَّ ولي().

عسكر الإمام عليه السلام

روي إن المتوكل عرض عسكره وأمر أن كل فارس يملأ مخلاة فرسه طينا ويطرحوه في موضع واحد فصار كالجبل واسمه تل المخالي وصعد هو وأبو الحسن عليه السلام وقال: إنما طلبتك لتشاهد خيولي وكانوا لبسوا التجافيف وحملوا السلاح وقد عرضوا بأحسن زينة وأتم عدة وأعظم هيئة، وكان غرضه كسر قلب من يخرج عليه، وكان يخاف من أبي الحسن عليه السلام أن يأمر أحدا من أهل بيته بالخروج عليه.

فقال له أبوالحسن: «فهل أعرض عليك عسكري»؟

قال: نعم.

فدعا الله سبحانه فإذا بين السماء والأرض من المشرق إلي المغرب ملائكة مدججون، فغشي علي المتوكل فلما أفاق، قال له أبوالحسن: «نحن لا ننافسكم في الدنيا فإنا مشغولون بالآخرة فلا عليك شي ء مما تظن» ().

في جواب شيعتهم

عن محمد بن الفرج قال: قال لي علي بن محمد عليه السلام: «إذا أردت أن تسأل مسألة فاكتبها وضع الكتاب تحت مصلاك ودعه ساعة ثم أخرجه وانظر فيه».

قال: ففعلت فوجدت ما سألته عنه موقعا فيه().

من كرامات الإمام العسكري عليه السلام

سبيكة ذهب

عن أبي هاشم الجعفري قال: «شكوت إلي أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام الحاجة، فحك بسوط الأرض فأخرج منها سبيكة نحو الخمسمائة دينار وقال: خذها يا أبا هاشم وأعذرنا» ().

تصلي الظهر في منزلك

حدث أبو هاشم الجعفري قال: شكوت إلي أبي محمد عليه السلام ضيق الحبس وكلب القيد، فكتب إليّ: أنت مصلي اليوم الظهر في منزلك، فأخرجت وقت الظهر فصليت في منزلي كما قال، وكنت مضيقا فأردت أن أطلب منه معونة في الكتاب الذي كتبته فاستحييت، فلما صرت إلي منزلي وجه إليَّ بمائة دينار وكتب إليّ: «إذا كانت لك حاجة فلا تستحي ولا تحتشم واطلبها تأتك علي ما تحب إن شاء الله» ().

معرفة اللغات

عن أبي حمزة نصير الخادم قال: سمعت أبا محمد عليه السلام غير مرة يكلم غلمانه بلغاتهم، ترك وروم وصقالبة، فتعجبت من ذلك وقلت: هذا ولد بالمدينة ولم يظهر لأحد حتي مضي أبو الحسن ولا رآه أحد فكيف هذا، أحدث نفسي بذلك فأقبل عليَّ فقال: إن الله تبارك وتعالي بيَّن حجته من سائر خلقه بكل شيء ويعطيه اللغات ومعرفة الأنساب والآجال والحوادث ولولا ذلك لم يكن بين الحجة والمحجوج فرق» ().

جوابه علي السؤال المنسي

قال الحسن بن طريف اختلج في صدري مسألتان أردت الكتاب بهما إلي أبي محمد عليه السلام فكتبت أسأله عن القائم إذا قام بم يقضي وأين مجلسه الذي يقضي فيه بين الناس؟ وأردت أن أكتب أسأله عن شيء لحمي الربع فأغفلت ذكر الحمي.

فجاء الجواب: سألت عن القائم وإذا قام قضي في الناس بعلمه كقضاء داود عليه السلام لايسأل عن بينه، وكنت أردت أن تسأل عن حمي الربع فأنسيت فاكتب في ورقة وعلقه علي المحموم: ?يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلي إِبْراهِيمَ?() فكتبت ذلك و علقته علي محموم فأفاق وبرأ ().

الزم ما حدثتك نفسك

قال أبو هاشم: سمعت أبا محمد عليه السلام يقول: «من الذنوب التي لا تغفر قول الرجل ليتني لا أؤخذ إلا بهذا» فقلت في نفسي: إن هذا لهو الدقيق ينبغي للرجل أن يتفقد من أمره ومن نفسه كل شيء، فأقبل عليَّ أبو محمد عليه السلام فقال: «يا أبا هاشم صدقت، فألزم ما حدثت به نفسك، فإن الإشراك في الناس أخفي من دبيب الذر علي الصفا في الليلة الظلماء ومن دبيب الذر علي المسح الأسود» ().

أهل المعروف

عن أبي هاشم قال: سمعت أبا محمد عليه السلام يقول: «إن في الجنة لبابا يقال له المعروف لا يدخله إلا أهل المعروف» فحمدت الله في نفسي وفرحت بما أتكلف من حوائج الناس.

فنظر إليَّ وقال: «نعم، فدم علي ما أنت عليه فإن أهل المعروف في دنياهم هم أهل المعروف في أخراهم جعلك الله منهم» ().

من كرامات الإمام المهدي عليه السلام

نور الحجة عليه السلام

نقل عن المولي عبد الرحيم الدماوندي الذي ليس لأحد كلام في صلاحه وسداده أنه قال: إني رأيت الإمام المهدي عليه السلام في داري في ليلة مظلمة جدا بحيث لا تبصر العين شيئا، وكان واقفا في جهة القبلة وكان النور يسطع من وجهه المبارك حتي أني كنت أري نقوش الفراش بهذا النور().

هؤلاء رفقاؤك

ويذكر أن رجلاً من أهل الإيمان ممن يوثق به حج مع جماعة علي طريق الأحساء في ركب قليل، فلما رجعوا كان معهم رجل يمشي تارة ويركب أخري فاتفق أنهم أولجوا في بعض المنازل أكثر من غيره ولم يتفق لذلك الرجل الركوب فلما نزلوا للنوم واستراحوا ثم رحلوا من هناك لم يتنبه ذلك الرجل من شدة التعب الذي أصابه ولم يفتقدوه هم وبقي نائما إلي أن أيقظه حر الشمس.

فلما انتبه لم ير أحدا فقام يمشي وهو موقن بالهلاك فاستغاث بالإمام المهدي عليه السلام فبينما هو كذلك فإذا هو برجل في زي أهل البادية راكب ناقته قال: فقال: «يا هذا أنت منقطع بك؟»

قال: فقلت: نعم.

قال: فقال: «أتحب أن ألحقك برفقائك؟»

قال: قلت: هذا والله مطلوبي لا سواه.

فقرب مني وأناخ ناقته وأردفني خلفه ومشي فما مشينا خطا يسيرة إلا وقد أدركنا الركب، فلما قربنا منهم أنزلني وقال: «هؤلاء رفقاؤك» ثم تركني وذهب().

الدعاء الذي أعطيتكه

وعن كتاب (الكلم الطيب والغيث الصيب) للسيد علي خان شارح الصحيفة عن الشيخ الصالح التقي المتورع الشيخ الحاج عليا المكي قال:

إني ابتليت بضيق وشدة ومناقضة خصوم حتي خفت علي نفسي القتل والهلاك، فوجدت الدعاء المسطور بعد في جيبي من غير أن يعطينيه أحد فتعجبت من ذلك وكنت متحيرا فرأيت في المنام أن قائلا في زي الصلحاء والزهاد يقول لي: إنا أعطيناك الدعاء الفلاني فادع به تنج من الضيق والشدة، ولم يتبين لي من القائل، فزاد تعجبي فرأيت مرة أخري الحجة المنتظر عليه السلام فقال: «ادع بالدعاء الذي أعطيتكه وعلّم من أردت» ().

الدعاء الشريف

عن الشيخ إبراهيم الكفعمي في كتاب البلد الأمين عن الإمام المهدي عليه السلام قال: من كتب هذا الدعاء في إناء جديد بتربة الحسين عليه السلام وغسله وشربه شفي من علته «بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله دواء والحمد لله شفاء ولا إله إلا الله كفاء، هو الشافي شفاء، وهو الكافي كفاء، اذهب البأس برب الناس، شفاء لايغادره سقم، وصلي الله علي محمد وآله النجباء».

وروي أن هذا الدعاء تعلمه رجل كان مجاورا بالحائر (علي مشرفه السلام) عن المهدي (سلام الله عليه) في منامه وكان به علة فشكاها إلي القائم (عجل الله فرجه) فأمره بكتابته وغسله وشربه ففعل ذلك فبرأ في الحال().

في مسجد الكوفة

كان في النجف الأشرف رجل مؤمن يسمي الشيخ محمد حسن السريرة وكان في سلك أهل العلم ذا نية صادقة وكان معه مرض السعال إذا سعل يخرج من صدره مع الأخلاط دم، وكان مع ذلك في غاية الفقر والاحتياج لا يملك قوت يومه، وكان يخرج في أغلب أوقاته إلي البادية إلي الأعراب الذين في أطراف النجف الأشرف ليحصل له قوت ولو شعير، وما كان يتيسر ذلك علي وجه يكفيه مع شدة رجائه، وكان مع ذلك قد تعلق قلبه بتزويج امرأة من أهل النجف، وكان يطلبها من أهلها وما أجابوه إلي ذلك لقلة ذات يده وكان في هم و غم شديد من جهة ابتلائه بذلك.

فلما اشتد به الفقر والمرض وأيس من تزويج البنت عزم علي ما هو معروف عند أهل النجف من أنه من أصابه أمر فواظب الرواح إلي مسجد الكوفة أربعين ليلة الأربعاء فلابد أن يري صاحب الأمر (عجل الله فرجه) من حيث لا يعلم ويقضي له مراده.

قال الشيخ محمد: فواظبت علي ذلك أربعين ليلة بالأربعاء،

فلما كانت الليلة الأخيرة وكانت ليلة شتاء مظلمة وقد هبت ريح عاصفة فيها قليل من المطر وأنا جالس في الدكة التي هي داخل في باب المسجد وكانت الدكة الشرقية المقابلة للباب الأول تكون علي الطرف الأيسر عند دخول المسجد ولا أتمكن الدخول في المسجد من جهة سعال الدم ولا يمكن قذفه في المسجد وليس معي شيء أتقي فيه عن البرد، و قد ضاق صدري واشتد عليَّ همي وغمي وضاقت الدنيا في عيني وأفكر أن الليالي قد انقضت وهذه آخرها وما رأيت أحدا ولا ظهر لي شيء، وقد تعبت هذا التعب العظيم وتحملت المشاق والخوف في أربعين ليلة أجيء فيها من النجف إلي مسجد الكوفة ويكون لي الإياس من ذلك.

فبينما أنا أفكر في ذلك وليس في المسجد أحد أبدا وقد أوقدت نارا لأسخن عليها قهوة جئت بها من النجف لا أتمكن من تركها لتعودي بها وكانت قليلة جدا، إذا بشخص من جهة الباب الأول متوجها إليَّ، فلما نظرته من بعيد تكدرت وقلت في نفسي: هذا أعرابي من أطراف المسجد قد جاء إليَّ ليشرب من القهوة وأبقي بلا قهوة في هذا الليل المظلم ويزيد عليَّ همي و غمي.

فبينما أنا أفكر إذا به قد وصل إليَّ وسلّم عليَّ باسمي وجلس في مقابلي، فتعجبت من معرفته باسمي وظننته من الذين أخرج إليهم في بعض الأوقات من أطراف النجف الأشرف، فصرت أسأله من أي العرب يكون؟

قال: من بعض العرب.

فصرت أذكر له الطوائف التي في أطراف النجف.

فيقول: لا، لا..

وكلما ذكرت له طائفة قال: لا، لست منها.

فأغضبني وقلت له: أجل أنت من طريطرة مستهزئا وهو لفظ بلا معني.

فتبسم من قولي ذلك وقال: لا عليك من أينما كنت، ما الذي جاء بك إلي

هنا؟

فقلت: وأنت ما عليك السؤال عن هذه الأمور؟

فقال: ما ضرك لو أخبرتني.

فتعجبت من حسن أخلاقه وعذوبة منطقه، فمال قلبي إليه وصار كلما تكلم ازداد حبي له، فعملت له السبيل من التتن وأعطيته.

فقال: أنت اشرب، فأنا ما أشرب.

وصببت له في الفنجان قهوة وأعطيته، فأخذه وشرب شيئا قليلا منه ثم ناولني الباقي وقال: أنت اشربه.

فأخذته وشربته ولم ألتفت إلي عدم شربه تمام الفنجان، ولكن يزداد حبي له آنا فآنا.

فقلت له: يا أخي أنت قد أرسلك الله إليَّ في هذه الليلة تأنسني أفلا تروح معي إلي أن نجلس في حضرة مسلم عليه السلام ونتحدث.

فقال: أروح معك، فحدث حديثك.

فقلت له أحكي لك الواقع: أنا في غاية الفقر والحاجة مذ شعرت علي نفسي، ومع ذلك معي سعال أتنخع الدم وأقذفه من صدري منذ سنين ولا أعرف علاجه، وما عندي زوجة وقد علق قلبي بامرأة من أهل محلتنا في النجف الأشرف ومن جهة قلة ما في اليد ما تيسر لي أخذها، وقد غرني هؤلاء الملائية وقالوا لي: اقصد في حوائجك صاحب الزمان عليه السلام وبت أربعين ليلة الأربعاء في مسجد الكوفة، فإنك تراه ويقضي لك حاجتك وهذه آخر ليلة من الأربعين وما رأيت فيها شيئا وقد تحملت هذه المشاق في هذه الليالي، فهذا الذي جاء بي هنا وهذه حوائجي.

فقال لي وأنا غافل غير ملتفت: أما صدرك فقد برأ، وأما الامرأة فتأخذها عن قريب، وأما فقرك فيبقي علي حاله حتي تموت، وأنا غير ملتفت إلي هذا البيان أبدا.

فقلت: ألا تروح إلي حضرة مسلم؟

قال: قم.

فقمت وتوجه أمامي فلما وردنا أرض المسجد قال: ألا تصلي صلاة تحية المسجد؟

فقلت: أفعل.

فوقف هو قريبا من الشاخص الموضوع في المسجد وأنا خلفه بفاصلة فأحرمت الصلاة وصرت أقرأ الفاتحة،

فبينما أنا أقرأ وإذا يقرأ الفاتحة قراءة ما سمعت أحدا يقرأ مثلها أبدا، فمن حسن قراءته قلت في نفسي لعله هذا هو صاحب الزمان وذكرت بعض كلمات له تدل علي ذلك، ثم نظرت إليه بعد ما خطر في قلبي ذلك وهو في الصلاة وإذا به قد أحاطه نور عظيم منعني من تشخيص شخصه الشريف وهو مع ذلك يصلي وأنا أسمع قراءته وقد ارتعدت فرائصي ولا أستطيع قطع الصلاة خوفا منه فأكملتها علي أي وجه كان، وقد علا النور من وجه الأرض فصرت أندبه وأبكي وأتضجر وأعتذر من سوء أدبي معه في باب المسجد، وقلت له: أنت صادق الوعد وقد وعدتني الرواح معي إلي مسلم.

فبينما أنا أكلم النور وإذا بالنور قد توجه إلي جهة المسلم فتبعته فدخل النور الحضرة وصار في جو القبة ولم يزل علي ذلك ولم أزل أندبه وأبكي حتي إذا طلع الفجر عرج النور.

فلما كان الصباح التفت إلي قوله: أما صدرك فقد برأ، وإذا أنا صحيح الصدر وليس معي سعال أبدا، وما مضي أسبوع إلا وسهل الله عليّ أخذ البنت من حيث لا أحتسب، وبقي فقري علي ما كان كما أخبر صلوات الله وسلامه عليه وعلي آبائه الطاهرين().

في السرداب المقدس

ينقل عن الشيخ الأجل الحاج المولي علي بن الحاج ميرزا خليل الطهراني رحمة الله عليه أنه كان يزور أئمة سامراء عليهم السلام في أغلب السنين ويأنس بالسرداب المغيب ويستمد فيه الفيوضات ويعتقد فيه رجاء نيل المكرمات.

وكان يقول: إني ما زرت مرة إلا ورأيت كرامة ونلت مكرمة وقد ذكر أنه كثيرا ما وصل إلي باب السرداب الشريف في جوف الليل المظلم وحين هدوء من الناس فرأي عند الباب قبل النزول من الدرج نورا يشرق من سرداب

الغيبة علي جدران الدهليز الأول ويتحرك من موضع إلي آخر وكان بيد أحد هناك شمعة مضيئة وهو ينتقل من مكان إلي آخر فيتحرك النور هنا بحركته، ثم كان ينزل الشيخ ويدخل في السرداب الشريف فما يجد أحدا و لا يري سراجا().

ستعيش 26 سنة

في البحار عن كتاب (إثبات الهداة بالنصوص و المعجزات) للشيخ المحدث الجليل محمد بن الحسن الحر العاملي رحمة الله عليه قال: قد أخبرني جماعة من ثقات الأصحاب أنهم رأوا صاحب الأمر عليه السلام في اليقظة وشاهدوا منه معجزات متعددات وأخبرهم بعدة مغيبات ودعا لهم بدعوات مستجابات وأنجاهم من أخطار مهلكات.

قال رحمة الله عليه: وكنا جالسين في بلادنا في قرية مشغر في يوم عيد ونحن جماعة من أهل العلم والصلحاء فقلت لهم: ليت شعري في العيد المقبل من يكون من هؤلاء حيا ومن يكون قد مات؟

فقال لي رجل كان اسمه الشيخ محمد وكان شريكنا في الدروس: أنا أعلم أني أكون في عيد آخر حيا وفي عيد آخر حيا وعيد آخر إلي ست وعشرين سنة، وظهر منه أنه جازم بذلك من غير مزاح.

فقلت له: أنت تعلم الغيب؟

قال: لا، ولكني رأيت الإمام المهدي عليه السلام في النوم وأنا مريض شديد المرض فقلت له: أنا مريض وأخاف أن أموت وليس لي عمل صالح ألقي الله به.

فقال عليه السلام: لا تخف فإن الله تعالي يشفيك من هذا المرض و لا تموت فيه بل تعيش ستا وعشرين سنة، ثم ناولني كأسا كان في يده فشربت منه وزال عني المرض وحصل لي الشفاء وأنا أعلم أن هذا ليس من الشيطان.

فلما سمعت كلام الرجل كتبت التأريخ، وكان سنة ألف وتسعة وأربعين ومضت لذلك مدة وانتقلت إلي المشهد المقدس سنة ألف واثنين وسبعين

فلما كانت السنة الأخيرة وقع في قلبي أن المدة قد انقضت فرجعت إلي ذلك التأريخ وحسبته فرأيته قد مضي منه ست وعشرون سنة، فقلت: ينبغي أن يكون الرجل قد مات.

فما مضت مدة نحو شهر أو شهرين حتي جاءتني كتابة من أخي وكان في البلاد يخبرني أن الرجل المذكور مات().

ستعمر طويلاً

في كتاب إثبات الهداة للحر العاملي رحمة الله عليه قال: إني كنت في عصر الصبي وسني عشر سنين أو نحوها أصابني مرض شديد جدا حتي اجتمع أهلي وأقاربي وبكوا وتهيئوا للتعزية وأيقنوا أني أموت تلك الليلة. فرأيت النبي صلي الله عليه و اله والأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) وأنا فيما بين النائم واليقظان فسلمت عليهم وصافحتهم واحدا واحدا وجري بيني وبين الصادق عليه السلام كلام ولم يبق في خاطري إلا أنه دعا لي.

فلما سلمت علي الصاحب عليه السلام وصافحته بكيت وقلت: يا مولاي أخاف أن أموت في هذا المرض ولم أقض وطري من العلم والعمل.

فقال عليه السلام: لا تخف فإنك لا تموت في هذا المرض بل يشفيك الله تعالي وتعمر عمرا طويلا.

ثم ناولني قدحا كان في يده فشربت منه وأفقت في الحال وزال عني المرض بالكلية وجلست وتعجب أهلي وأقاربي ولم أحدثهم بما رأيت إلا بعد أيام().

ما لك ولزواري؟

كان رجل من أهل سامراء من أهل الخلاف يسمي مصطفي الحمود وكان من الخدام الذين ديدنهم أذية الزوار وأخذ أموالهم وكان أغلب أوقاته في السرداب المقدس علي الصفة الصغيرة خلف الشباك الذي وضعه هناك.

فرأي ليلة في المنام الحجة عليه السلام فقال له: إلي متي تؤذي زواري ولا تدعهم أن يزوروا ما لك وللدخول في ذلك، خل بينهم وبين ما يقولون، فانتبه وقد أصم الله أذنيه، فكان لا يسمع بعده شيئا واستراح منه الزوار وكان كذلك إلي أن مات().

الحمزة بن الكاظم عليه السلام

ينقل عن السيد مهدي القزويني الحلي (أعلي الله مقامه) أنه قال: لازمت الخروج إلي الجزيرة مدة مديدة لأجل إرشاد عشائر بني زبيد إلي مذهب الحق وكانوا كلهم علي رأي أهل السنة، وقد وفقه الله لذلك فأرشدهم إلي مذهب الإمامية كما هم عليه الآن وهم عدد كثير، وكان في الجزيرة مزار معروف بقبر الحمزة بن الكاظم يزوره الناس ويذكرون له كرامات كثيرة وحوله قرية تحتوي علي مائة دار تقريبا.

قال (قدس سره): فكنت أستطرق الجزيرة وأمر عليه ولا أزوره لما صح عندي أن الحمزة بن الكاظم مقبور في الري مع عبد العظيم الحسني عليه السلام فخرجت مرة علي عادتي ونزلت ضيفا عند أهل تلك القرية فتوقعوا مني أن أزور المرقد المذكور فأبيت وقلت لهم: لا أزور من لا أعرف، وكان المزار المذكور قلت رغبة الناس فيه لإعراضي عنه.

ثم ركبت من عندهم وبت تلك الليلة في قرية المزيدية عند بعض ساداتها فلما كان وقت السحر جلست لنافلة الليل وتهيأت للصلاة فلما صليت النافلة بقيت أرتقب طلوع الفجر وأنا علي هيئة التعقيب إذ دخل عليَّ سيد أعرفه بالصلاح والتقوي من سادة تلك القرية فسلم وجلس. ثم قال: يا مولانا بالأمس تضيفت

أهل قرية الحمزة وما زرته؟

قلت: نعم.

قال: ولم ذلك؟

قلت: لأني لا أزور من لا أعرف، والحمزة بن الكاظم مدفون بالري.

فقال: رب مشهور لا أصل له، ليس هذا قبر الحمزة بن موسي الكاظم وإن اشتهر أنه كذلك، بل هو قبر أبي يعلي حمزة بن القاسم العلوي العباسي أحد علماء الإجازة وأهل الحديث وقد ذكره أهل الرجال في كتبهم وأثنوا عليه بالعلم والورع.

فقلت في نفسي: هذا السيد من عوام السادة وليس من أهل الاطلاع علي الرجال والحديث فلعله أخذ هذا الكلام عن بعض العلماء، ثم قمت لأرتقب طلوع الفجر، فقام ذلك السيد وخرج وأغفلت أن أسأله عمن أخذ هذا لأن الفجر قد طلع وتشاغلت بالصلاة.

فلما صليت جلست للتعقيب حتي طلع الشمس وكان معي جملة من كتب الرجال فنظرت فيها وإذا الحال كما ذكر فجاءني أهل القرية مسلمين عليَّ وفي جملتهم ذلك السيد، فقلت: جئتني قبل الفجر وأخبرتني عن قبر الحمزة أنه أبو يعلي حمزة بن القاسم العلوي فمن أين لك هذا وعمن أخذته؟

فقال: والله ما جئتك قبل الفجر ولقد كنت ليلة أمس بائتا خارج القرية في مكان سماه وسمعنا بقدومك فجئنا في هذا اليوم زائرين لك.

فقلت لأهل القرية: الآن لزمني الرجوع إلي زيارة الحمزة فإني لا أشك في أن الشخص الذي رأيته هو صاحب الأمر عليه السلام.

قال: فركبت أنا وجميع أهل تلك القرية لزيارته، ومن ذلك الوقت ظهر هذا المزار ظهورا تاما علي وجه صار بحيث تشد الرحال إليه من الأماكن البعيدة().

شفاء المريض

ينقل أحد الصالحين أنه أصاب ولده واسمه محمد بمرض وكان يزداد آنا فآنا ويشتد فيورثه أحزانا و أشجانا إلي أن حصل للناس من برئه اليأس وكانت العلماء والطلاب والسادات الأنجاب يدعون له بالشفاء في مظان استجابة

الدعوات كمجالس التعزية وعقيب الصلوات.

يقول والده: فلما كانت الليلة الحادية عشرة من مرضه اشتدت حاله وثقلت أحواله وزاد اضطرابه وكثر التهابه فانقطعت بي الوسيلة ولم يكن لنا في ذلك حيلة، فالتجأت بسيدنا القائم (عجل الله ظهوره وأرانا نوره) فخرجت من عنده وأنا في غاية الاضطراب ونهاية الالتهاب وصعدت سطح الدار وليس لي قرار وتوسلت به عليه السلام خاشعا وانتدبت خاضعا وناديته متواضعا وأقول:

يا صاحب الزمان أغثني

يا صاحب الزمان أدركني

متمرغا في الأرض ومتدحرجا في الطول والعرض، ثم نزلت ودخلت عليه وجلست بين يديه فرأيته مستقر الأنفاس مطمئن الحواس قد بله العرق لا بل أصابه الغرق فحمدت الله و شكرت نعماءه التي تتوالي فألبسه الله تعالي لباس العافية ببركته عليه السلام ().

من كرامات أبي الفضل العباس عليه السلام

الكرامات الكثيرة

معاجز أبي الفضل العباس عليه السلام وكراماته كثيرة جداً، كما أن لبقية أولاد الأئمة الطاهرين عليهم السلام كرامات عديدة، مثل السيدة معصومة عليها السلام والسيدة زينب الكبري عليها السلام والسيدة نفيسة عليها السلام وسائر أولادهم عليهم السلام مما ذكرت في كتب خاصة أو عامة.

ولو أحصيت كرامات أبي الفضل العباس عليه السلام في كتاب لكان أكثر من ألف صفحة، وحينما كنا في كربلاء المقدسة كنا نسمع كل يوم عن العباس عليه السلام كرامة أو أكثر، وكل هذه الكرامات متواترة ومشهورة.

عند ما مرض الوالد رحمة الله عليه

نقل صهرنا المرحوم السيد كاظم القزويني رحمة الله عليه أنه في أيام شدة مرض والدي رحمة الله عليه () حيث مرض الوالد رحمة الله عليه قبل وفاته بثمان سنوات بمرض الكبد مما سبب له شرب الماء بكثرة، وكلما عالجنا الوالد وراجعنا أطباء كربلاء المقدسة وأطباء بغداد لم ينفع ووصلت حالته بحيث ما كان يتمكن من النوم لشدة المرض.

قال السيد كاظم رحمة الله عليه: في ذات ليلة من شهر رمضان المبارك ذهبت سحراً إلي حرم مولانا العباس عليه السلام وكان الحرم فارغاً من الناس لذهابهم إلي بيوتهم لتناول السحور، فجلست قرب الضريح المقدس وأخذت الشباك بيدي وتضرعت إلي الله سبحانه وتعالي بحق أبي الفضل العباس عليه السلام حتي يشفي الوالد.

وفي تلك اللحظات كأنه مر أمام عيني قبر العباس عليه السلام الموجود تحت الضريح وإذا بي سمعت صوتاً شديداً لم أفهم معناه قال: فارتعشت ارتعاشاً شديدا، ومرة ثانية سمعت الصوت وكان صوتاً مهيباً كصوت الأسد ومن شدة الخوف خرجت من الروضة المقدسة وذهبت إلي الدار ولم أتمكن من تناول السحور حتي أذن أذان الفجر فصليت وأخذني النوم وفي المنام رأيت أنه أعطيت بيدي ورقة صغيرة وفيه سطران: إنا

قد شفعنا للسيد ميرزا مهدي إلي الله تعالي ليشفيه من مرضه.

قال: لما انتبهت من المنام ذهبت إلي بيت السيد، وكنت حاضراً وقت مجيئه إلي بيت والدنا فأخذ يبشر الوالد بالشفاء ونقل القصة التي رآها في الحرم المقدس وفي المنام.

فبكي الوالد فرحاً، وشوفي والحمد لله في نفس ذلك اليوم وعمّر بعد هذه القصة ثمان سنوات، ثم أصيب بعد ذلك بمرض ضغط الدم وتوفي رحمة الله عليه بسكتة قلبية.

شدة العلاقة بالعباس عليه السلام

كان السيد الوالد (رحمة الله عليه) كثير العلاقة بأبي الفضل العباس عليه السلام وروضته المقدسة، فكان في كل ليلة يذهب إلي حرمه الشريف ليصلي صلاة المغرب والعشاء هناك، وذلك قبل أن يؤم صلاة الجماعة في صحن الإمام الحسين عليه السلام، أما بعد إمامته فقد كان يذهب إلي حرم العباس عليه السلام بعد صلاتي المغرب والعشاء من كل ليلة وذلك لما كان يري من علو شأنه وجلالة قدره وكثرة الكرامات التي ظهرت في الصحن الشريف.

قمر بني هاشم

كان أبو الفضل العباس عليه السلام يلقب بقمر بني هاشم لوضاءته وجمال هيئته، وقد ذكر بعض في كراماته أنه لم يكن بحاجة إلي الضياء في الليلة الظلماء مع وجود العباس، كما كان كذلك رسول الله صلي الله عليه و اله

وقد كان العباس عليه السلام وسيماً جميلاً، يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان في الأرض خطاً، وكان بين عينيه أثر السجود.

وكان يكني (صلوات الله عليه) بأبي الفضل لأن ولده كان يسمي بالفضل، كما كان يكني أيضاً بأبي القاسم ولم نعلم هل أن ذلك لوجود ولدٍ له بهذا الاسم لم يثبته التاريخ أو من جهة أخري.

فقد خاطب جابر الأنصاري العباس عليه السلام في زيارة الأربعين بقوله: «السلام عليك يا أبا القاسم، السلام عليك يا عباس بن علي» ().

وله ألقاب أخري تدل علي عظيم شأنه وعلو مقامه عند الله عزوجل، منها باب الحوائج علي ما هو مشهور بين المؤمنين.

الجزاء الدنيوي لقاتل العباس عليه السلام

روي عن القاسم بن الأصبغ بن نباته قال: رأيت رجلاً من بني أبان بن دارم أسود الوجه، وكنت أعرفه جميلاً شديد البياض، فقلت له: ما كدت أعرفك ولماذا أصبحت هكذا؟

قال: إني قتلت شاباً مع الحسين عليه السلام كان بين عينيه أثر السجود، فما نمت ليلة إلا أتاني فيأخذ بتلابيبي حتي يأتي بي إلي جهنم فيدفعني فيها فأصيح بصوت عال فما يبقي أحد في الحي إلا يسمع صياحي، وقد اسود وجهي بعد ذلك، وكان المقتول هو العباس بن علي عليه السلام().

حرملة بن كاهل وجزاء عمله

روي الأصبغ أيضاً قال: لما أوتي بالرؤوس المطهرة إلي الكوفة وإذا بفارس أحسن الناس وجهاً قد علق في عنق فرسه رأس غلام كأنه القمر ليلة البدر، وكان الفرس يمرح فإذا طأطأ رأسه أصاب الرأس الشريف الأرض.

فقلت: رأس من هذا؟

قال: رأس العباس بن علي؟

قلت: ومن أنت؟

قال: أنا حرملة بن كاهل أسدي.

فلبثت أياماً فإذا بحرملة ووجهه أشد سواداً من القار، فرأيته وقلت له: رأيتك يوم حملت الرأس الشريف وما في العرب أنضر وجهاً منك ولا أري اليوم أقبح ولا أسود وجهاً منك.

فبكي وقال: والله منذ حملت الرأس وإلي اليوم ما تمر عليَّ ليلة إلا واثنان يأخذان بذراعي ثم يرميان بي في نار تؤجج وأنا منكوس فأصبحت كما تري.

ثم قُتل حرملة علي أقبح حال وقد ذكرنا قصته في جزاء قتلة سيد الشهداء عليه السلام ().

ضريح العباس عليه السلام

أصبح قبر أبي الفضل العباس عليه السلام وروضته المباركة علماً لهذه الأمة وملاذاً لها، فإن الناس يأتوه من كل حدب وصوب للدعاء والزيارة والتضرع إلي الله عزوجل والتوسل إليه ليشفع لهم عند الله في قضاء حوائجهم الدنيوية والأخروية، كما لسائر قبور أولاد الأئمة المعصومين عليهم السلام مثل قبر السيدة زينب عليها السلام والسيدة معصومة عليها السلام والسيد عبد العظيم الحسني عليه السلام والسيد شاه جراغ عليه السلام وغيرهم وهم كثيرون في مختلف البقاع المطهرة بهم، وفي الزيارة: «طبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم» ().

العبودية كرامة من الله عزوجل

لُقب أبو الفضل العباس عليه السلام ب (العبد الصالح) وهكذا العديد من أولياء الله من ذوي الكرامات، وقد ورد ذلك في زيارة العباس عليه السلام حيث زاره الإمام الصادق عليه السلام بهذه الزيارة فيما رواه أبو حمزة الثمالي عنه عليه السلام.

قال عليه السلام: «ثم ادخل فانكب علي القبر، وقل: السلام عليك أيها العبد الصالح المطيع لله ولرسوله ولأمير المؤمنين والحسن والحسين صلي الله عليهم، السلام عليك ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه، علي روحك وبدنك، أشهد وأشهد الله أنك مضيت علي ما مضي به البدريون والمجاهدون في سبيل الله، المناصحون له في جهاد أعدائه، المبالغون في نصرة أوليائه الذابون عن أحبائه، فجزاك الله أفضل الجزاء وأكثر الجزاء وأوفر الجزاء وأوفي جزاء أحد ممن وفي بيعته واستجاب له دعوته وأطاع ولاة أمره، أشهد أنك قد بالغت في النصيحة وأعطيت غاية المجهود فبعثك الله في الشهداء وجعل روحك مع أرواح السعداء وأعطاك من جنانه أفسحها منزلا وأفضلها غرفا ورفع ذكرك في عليين وحشرك مع النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين وحسن أولئك رفيقاً أشهد أنك لم تهن ولم تنكل وأنك مضيت علي بصيرة من أمرك مقتديا

بالصالحين ومتبعا للنبيين فجمع الله بينا وبينك وبين رسوله وأوليائه في منازل المخبتين فإنه أرحم الراحمين» ().

وهذا اللقب (عبودية الله) هو من أفضل الألقاب، وكان يلقب به الأنبياء والمرسلون عليهم السلام.

ففي القرآن الحكيم: ?وإن كنتم في ريب مما نزلنا علي عبدنا فأتوا بسورة من مثله?().

وقال سبحانه: ?سبحان الذي أسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي?().

وقال تعالي: ?وما أنزلنا علي عبدنا يوم الفرقان يوم التقي الجمعان?().

وقال سبحانه: ?واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب?().

وقال تعالي: ?ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب?().

وقال سبحانه: ?واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار?().

وقال تعالي: ?واذكر عبدنا أيوب إذ نادي ربه إني مسني الشيطان بنصب وعذاب?().

وقد تكلم السيد المسيح عليه السلام عن نفسه وأخبر بكونه عبداً لله عزوجل حيث: ?قال إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبياً?().

وفي آية أخري قال سبحانه: ?لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله

ولا الملائكة المقربون?().

وفي التشهد نقول: «اشهد أن محمداً عبده ورسوله».

إلي غيرها من الآيات والروايات.

ومن هنا يظهر أن تسمية أبي الفضل العباس عليه السلام بالعبد الصالح بيان لعظيم مرتبته، فالكل عبد لله، لكن إطلاق العبد عليهم بهذا الإطلاق الذي ذكر في هذه الآيات والروايات إطلاق له دلالته الخاصة.

عظمة أرادها الله عزوجل

وسبب هذه العظمة وكثرة التجاء الناس إلي هؤلاء الأطهار عليهم السلام والالتفاف حولهم، أن الله عزوجل من وراء هذا الأمر وهو الذي أراد ذلك لأوليائه المكرمين (صلوات الله عليهم أجمعين).

قال الراوي: أتيت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام فقلت له: يابن رسول الله ما لمن زار قبره يعني قبر أمير المؤمنين عليه السلام وعمر تربته؟ قال: «يا أبا عامر حدثني أبي عن أبيه عن جده الحسين بن علي عن علي عليهم

السلام أن النبي صلي الله عليه و الهقال: والله لتقتلن بأرض العراق وتدفن بها.

قلت: يا رسول الله صلي الله عليه و اله ما لمن زار قبورنا فعمّرها وتعاهدها.

فقال لي: يا أبا الحسن إن الله تعالي جعل قبرك وقبر ولدك بقاعاً من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها، وإن الله تعالي جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوته من عباده تحنّ إليكم وتحتمل المذلة والأذي فيكم، فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقرباً منهم إلي الله مودة منهم لرسوله، أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي والواردون حوضي وهم زواري غداً في الجنة، يا علي من عمّر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود علي بناء بيت المقدس، ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجة بعد حجة الإسلام وخرج من ذنوبه حتي يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه، أبشر وبشر أولياءك ومحبيك من النعيم وقرة العين بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر، ولكن حثالة من الناس يعيّرون زواركم كما تعير الزانية بزناها أولئك شرار أمتي لا نالتهم شفاعتي ولايردون حوضي» ().

ما يبكيك يا رسول الله؟

وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين صلي الله عليه و اله: «زارنا رسول الله صلي الله عليه و اله وقد أهدت لنا أم أيمن لبنا وزبدا وتمرا فقدمناه فأكل منه، ثم قام النبي صلي الله عليه و اله إلي زاوية البيت فصلي ركعات فلما كان في آخر سجوده بكي بكاء شديدا فلم يسأله أحد منا إجلالا له، فقام الحسين عليه السلام فقعد في حجره فقال: يا أبت لقد دخلت بيتنا فما سررنا بشيء كسرورنا بدخولك، ثم بكيت بكاء غمنا فلم بكيت؟

فقال: يا بني أتاني جبرئيل آنفا فأخبرني أنكم قتلي

وأن مصارعكم شتي.

فقال: يا أبت فما لمن يزور قبورنا علي تشتتها؟

فقال: يا بني أولئك طوائف من أمتي يزورونكم يلتمسون بذلك البركة وحقيق عليَّ أن آتيهم يوم القيامة حتي أخلصهم من أهوال الساعة من ذنوبهم ويسكنهم الله الجنة» ().

وفي حديث آخر قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «طوائف من أمتي يريدون بذلك بري وصلتي أتعاهدهم في الموقف وآخذ بأعضادهم فأنجاهم من أهواله وشدائده» ().

من حق الإمام عليه السلام علي أوليائه

عن ابن عيسي عن الوشاء قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: «إن لكل إمام عهدا في عنق أوليائه وشيعته وإن من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة» ().

افزعوا عندهم بحوائجكم

عن حسان بن مهران الجمال قال: قال جعفر بن محمد: «يا حسان أتزور قبور الشهداء قبلكم؟»

قلت: أي الشهداء؟

قال: «علي وحسين».

قلت: إنا لنزورهما فنكثر.

قال: «أولئك الشهداء المرزوقون فزوروهم وافزعوا عندهم بحوائجكم فلو يكونون منا كموضعهم منكم لاتخذناهم هجرة» ().

من زار إماماً مفترض الطاعة

وعن هارون بن مسلم عن عيسي بن راشد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك ما لمن زار قبر الحسين عليه السلام وصلي عنده ركعتين؟

قال: «كتبت له حجة وعمرة».

قال: قلت له: جعلت فداك وكذلك كل من أتي قبر إمام مفترض طاعته؟

قال: «وكذلك كل من أتي قبر إمام مفترض طاعته» ().

الملائكة زوار قبورهم عليهم السلام

وقال أبو عبد الله عليه السلام: ¬ «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ما من شيء مما خلق الله أكثر من الملائكة، وإنه ليهبط في كل يوم أو في كل ليلة سبعون ألف ملك فيأتون البيت الحرام فيطوفون به ثم يأتون رسول الله صلي الله عليه و اله ثم يأتون أمير المؤمنين عليه السلام فيسلمون عليه ثم يأتون الحسين عليه السلام فيقيمون عنده فإذا كان عند السحر وضع لهم معراج إلي السماء ثم لا يعودون أبدا» ().

وعن داود الرقي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة وإنه لينزل من السماء كل مساء سبعون ألف ملك يطوفون بالبيت ليلتهم حتي إذا طلع الفجر انصرفوا إلي قبر النبي صلي الله عليه و اله فسلموا عليه ثم يأتون قبر أمير المؤمنين عليه السلام فيسلمون عليه ثم يأتون قبر الحسن عليه السلام فيسلمون عليه ثم يأتون قبر الحسين عليه السلام فيسلمون عليه ثم يعرجون إلي السماء قبل أن تطلع الشمس ثم تنزل ملائكة النهار سبعون ألف ملك فيطوفون بالبيت الحرام نهارهم حتي إذا دنت الشمس للغروب انصرفوا إلي قبر رسول الله صلي الله عليه و اله فيسلمون عليه ثم يأتون قبر أمير المؤمنين عليه السلام فيسلمون عليه ثم يأتون قبر الحسن عليه السلام فيسلمون عليه ثم

يأتون قبر الحسين عليه السلام فيسلمون عليه ثم يعرجون إلي السماء قبل أن تغيب الشمس» ().

أي الزيارات أفضل؟

وعن عبد الرحمن بن مسلم قال: دخلت علي الكاظم عليه السلام فقلت له: أيما أفضل الزيارة لأمير المؤمنين صلوات الله عليه أو لأبي عبد الله عليه السلام أو لفلان أو فلان و سميت الأئمة واحدا واحدا؟

فقال لي: «يا عبد الرحمن بن مسلم، من زار أولنا فقد زار آخرنا، ومن زار آخرنا فقد زار أولنا، ومن تولي أولنا فقد تولي آخرنا، ومن تولي آخرنا فقد تولي أولنا، ومن قضي حاجة لأحد من أوليائنا فكأنما قضاها لجميعنا، يا عبد الرحمن أحببنا وأحبب فينا وأحبب لنا وتولنا وتول من يتولانا وأبغض من يبغضنا، ألا وإن الراد علينا كالراد علي رسول الله صلي الله عليه و اله جدنا ومن رد علي رسول الله صلي الله عليه و اله فقد رد علي الله، ألا يا عبد الرحمن من أبغضنا فقد أبغض محمدا ومن أبغض محمدا فقد أبغض الله جل وعلا، ومن أبغض الله جل وعلا كان حقا علي الله أن يصليه النار وما له من نصير» ().

عرش الرحمن وزوار قبور الأئمة عليهم السلام

عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: «إذا كان يوم القيامة كان علي عرش الرحمن أربعة من الأولين و أربعة من الآخرين، فأما الأربعة الذين هم من الأولين فنوح وإبراهيم وموسي وعيسي عليهم السلام، وأما الأربعة من الآخرين محمد وعلي والحسن والحسين عليهم السلام ثم يمد المضمار فيقعد معنا من زار قبور الأئمة، ألا إن أعلاهم درجة و أقربهم حبوة زوار قبر ولدي عليه السلام» ().

من زار أحداً من ذريتي

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من زارني أو زار أحدا من ذريتي زرته يوم القيامة فأنقذته من أهوالها» ().

الجنة والله

عن البرقي عن الوشاء قال: قلت للرضا عليه السلام ما لمن زار قبر أحد من الأئمة؟

قال: «له مثل من أتي قبر أبي عبد الله عليه السلام».

قال: قلت له: وما لمن زار قبر أبي عبد الله عليه السلام.

قال: «الجنة والله» ().

ما كان لله ينمو

ومن المعلوم أن الله لو أراد لشيء البقاء والبركة والنمو كان كذلك، قال سبحانه: ?والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملا?().

ومن هنا فإن الإمام الحسين عليه السلام والأئمة الطاهرين عليهم السلام بقيت معالمهم وآثارهم حتي في مثل تاريخ ولاداتهم ووفاتهم ولهذا يقوم المسلمون بأفراحهم وأحزانهم في كل نقاط العالم حتي في موسكو وتل أبيب وعواصم الغرب وما أشبه من بلاد الكفر.

من كرامات ربيبات الوحي عليه السلام

من كرامات السيدة زينب عليها السلام

المال المسروق

قبل ما يقارب خمسين سنة سافرت مع السيد الوالد() (قدس سره) من العراق إلي الحج عن طريق سوريا، فلبثنا بضعة أيام في دمشق، وكانت زيارتنا الأولي للسيدة زينب عليها السلام وكانت بقعتها في منطقة نائية خالية من الأبنية وما أشبه، وبينها وبين دمشق اكثر من فرسخ، وقد شاهدنا في سفرتنا هذه بعض الكرامات منها:

إن امرأة عراقية سرقت منها أموالها في دمشق فالتجأت إلي حرم السيدة زينب عليها السلام تضج إلي الله وتتوسل ببنت أمير المؤمنين عليه السلام في أمرها.

فكانت تقول: سيدتي! كيف أرجع إلي العراق وليست لي نفقة السفر ولاأملك زاداً ولا راحلة؟ ومن أين آتي بالمال؟.

سيدتي! أريد منك أن تردي عليّ أموالي.

فمن كثرة ضجتها اجتمع حولها الناس، وسألها إنسان خيّر: كم مقدار المال الذي سرق منك؟.

قالت: كمية كبيرة.

فأخذوا يجمعون لها المال من بينهم، ثم قدّموه إليها بعنوان الهدية.

لكن المرأة أبت قبول ذلك أشد الإباء، قائلة: إني لا أريد إلا المال المسروق، فان السيدة زينب عليها السلام تعلم بالسارق، فاللازم أن ترده إليّ.. وأخذت ثانية في الضجة والبكاء.

وبعد ساعات قريب الظهر علمنا بان المال المسروق أعيد إليها، حيث جاء شخص إلي حرم السيدة عليها السلام فزعاً وأعطاها المال المصرور في كيس قائلاً:

إن السارق لهذه الصرَّة، كان قد نام، وإذا به يري السيدة زينب

عليها السلام في المنام تقول له: «قم واذهب إلي حرمي ورد المال لصاحبته وهي ملتصقة بضريحي وتتوسل إليّ»، ثم هددته إن لم يفعل ذلك!، فقام من المنام فزعاً، خوفاً منها.. وأرسل بالمال..

عندما أصبت بأزمة قلبية

قبل عدة سنوات أصبت بشبه أزمة قلبية في وسط شهر محرم الحرام، فأحضروا لي بعض الأطباء.

فقال أحدهم: كيف أحضرتموني علي رأس ميت؟!..

وأخيراً قرروا نقلي إلي المستشفي، فنقلت علي سرير.. كنت في وعي كامل حيث وضعت علي سريري في المستشفي فأخذني النوم، فرأيت في المنام أن السيدة زينب عليها السلام واقفة متصلة بسريري وهي تنظر أليَّ!.

وبعد أن صحوت من النوم تعجبت من هذا الحلم، فإني لم أرَ السيدة زينب عليها السلام قبل ذلك طيلة عمري، ثم لم يكن يتبادر إلي ذهني أن أتوسل بها عليها السلام، حتي يحتمل أنه بسبب ذلك …

وبعد ساعة جاء أخي() إلي زيارتي فنقلت له الرؤيا.

فقال: نعم، لقد طلبت قبل مجيئي من الأهل والأولاد أن يتوسلوا بالسيدة زينب عليها السلام في شفائك، فتوسلوا بها وأخذوا يقرؤون القرآن إهداءً لها، ولعل ذلك هو السبب().

من كرامات السيدة معصومة عليها السلام

الجسد الطري

نقل لي العالم المشهور آية الله العظمي السيد النجفي المرعشي رحمة الله عليه() أنه قبل ستين سنة هُدم قبر السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام بنت الإمام موسي بن جعفر عليه السلام في قم المقدسة، فذهب هو وشخص آخر من العلماء إلي داخل الحرم ليروا أساس البناء وكيف يمكن ترميمه، وإذا به يري البدن الطاهر طرياً فكانت السيدة معصومة عليها السلام مكفنة في الكفن ووجهها خارج الكفن مستقبل القبلة، قال: فكانت كبنات المدينة المنورة سمراء، وكان في طرفيها وصيفتان سوداوتان لم يعرفهما أحد وكان جسديهما طريين أيضاً.

من كرامات أم البنين عليها السلام

وكرامات أم البنين عليها السلام كثيرة ومتواترة من شفاء المرضي وأداء الديون وكشف الهموم وتحقيق الأماني وكلما يصعب علي الإنسان تحقيقه.

فكم من مريض توسل بها إلي الله عزوجل وشوفي.

وكم من رجل عقيم أو امرأة عقيمة رزقوا طفلاً ببركتها (صلوات الله عليها).

وكم ذي حاجة قُضيت حاجته من حيث لا يحتسب عندما جعلها عليها السلام شفيعة إلي قاضي الحاجات سبحانه وتعالي.

من كرامات السيد محمد عليه السلام

وقد سمعنا مكرراً عن السيد محمد عليه السلام () الذي هو قريب الدجيل كرامات عديدة أيضاً، وكل هذه الكرامات متواترات، وقد ذكرت جملة منها في بعض الكتب.

قال السيد الوالد (قدس سره) (): كنت كثيراً ما أتشرف بزيارة السيد محمد عليه السلام، وذات مرة وأنا داخل في الروضة المباركة، ومشتغل بالزيارة، إذا بأحد الزائرين وكان رجلاً جسيماً ووسيماً، صار في حالة شبيهة بالغيبوبة وبدأ يتكلم بأمور شبيهة بالغيب، مما يسمّي العرب هذه الحالة ويعبر عنها: (بأن السيد محمد صاح برأسه).

قال والدي رحمة الله عليه: فأخذ هذا الرجل يخاطب بعض الناس بأسمائهم ويقول: يا فلان لماذا جئتني وأنت مديون؟

ويقول لآخر: يا فلان لماذا لم تف بنذرك؟

ويقول لثالث: يا فلان أين الذبيحة التي عزمت علي ذبحها عند مشهدي؟.

وكان في الروضة الخطيب الحسيني المشهور عبد علي النجفي، وإذا بالرجل المتكلم يخاطبه باسمه ويقول: وأنت أيها الشيخ الخطيب عبد علي، لماذا لم تأت بنذرك الشيء الكذائي؟

فما أن سمع الشيخ عبد علي بهذا الكلام من الرجل إلا وارتعدت فرائصه، ورجف قلبه، وخاف خوفاً كبيراً، لأنه كان قد نذر ذلك الشيء ثم تباطأ في أدائه.

يقول صاحب كتاب (النجم الثاقب): لقد رأينا مراراً أن المنكر لأموال شخص مثلاً إذا طلبوا منه القسم بأبي جعفر كان يرد المال ولا يقسم، وذلك لتجربتهم أن الكاذب لو

حلف به يصيبه الضر.

من كرامات حمزة عم النبي صلي الله عليه و اله

تغسله الملائكة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «لقد رأيت الملائكة تغسل حمزة».

أفضل الشهداء حمزة

قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث له يوم افتتح البصرة: «ألا وإن أفضل الخلق بعد الأوصياء الشهداء ألا وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب» ().

هذا في زمانه عليه السلام وإلا فالإمام الحسين عليه السلام هو سيد الشهداء وأفضلهم.

أسد الله وأسد رسوله صلي الله عليه و اله

قال أبو محمد الحسن عليه السلام في حديث له: «أول من صلي عليه من المسلمين عمنا حمزة بن عبد المطلب، أسد الله وأسد الرسول، فإنه لما قتل، قلق رسول الله صلي الله عليه و اله وحزن وعدم صبره وعزاؤه علي عمه حمزة،فقال وكان قوله حقاً :

لأقتلن بكل شعرة من حمزة سبعين رجلاً من مشركي قريش.

فأوحي الله إليه: ?وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهوخير للصابرين ? واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون?().

وإنما أحب الله جل اسمه أن يجعل ذلك سنةً في المسلمين فإنه لو قتل بكل شعرة من عمه حمزة سبعين رجلاً من المشركين ما كان في قتله حرج، وأراد دفنه وأحب أن يلقاه الله مضرجاً بدمائه وكان قد أمر أن تغسل موتي المسلمين، فدفنه بثيابه فصارت في المسلمين سنةً أن لا يغسل شهيدهم، وأمر الله أن يكبر عليه خمساً وسبعين تكبيرةً ويستغفر له ما بين كل تكبيرتين منها، فأوحي الله إليه أني فضلت حمزة بسبعين تكبيرةً لعظمه عندي وكرامته عليَّ» ().

من كرامات العلماء والصالحين

المشي علي الماء

قال أبو عبد الله عليه السلام: «إن إبراهيم عليه السلام خرج مرتادا لغنمه وبقره مكانا للشتاء، فسمع شهادة أن لا إله إلا الله فتبع الصوت حتي أتاه فقال: يا عبد الله من أنت، أنا في هذه البلاد مذ ما شاء الله ما رأيت أحدا يوحّد الله غيرك؟

قال: أنا رجل كنت في سفينة غرقت، فنجوت علي لوح فأنا هاهنا في جزيرة.

قال: فمن أي شيء معاشك؟

قال: أجمع هذه الثمار في الصيف للشتاء.

قال: انطلق حتي تريني مكانك؟

قال: لا تستطيع ذلك لأن بيني وبينها ماء بحر.

قال: فكيف تصنع أنت؟

قال: أمشي عليه حتي أبلغ.

قال: أرجو الذي أعانك

أن يعينني.

قال: فانطلق فأخذ الرجل يمشي وإبراهيم عليه السلام يتبعه، فلما بلغا الماء أخذ الرجل ينظر إلي إبراهيم عليه السلام ساعة بعد ساعة يتعجب منه حتي عبرا، فأتي به كهفا، قال: هاهنا مكاني.

قال: فلو دعوت الله وأمنت أنا.

قال: أما إني أستحيي من ربي ولكن ادع أنت وأؤمن أنا.

قال: وما حياؤك؟

قال: أتيت الموضع الذي رأيتني فيه فرأيت غلاما أجمل الناس كأن خديه صفحتا ذهب له ذؤابة مع غنم وبقر كان عليهما الدهن، فقلت له: من أنت؟

قال: أنا إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن.

فسألت الله أن يريني إبراهيم منذ ثلاثة أشهر وقد أبطأ ذلك عليَّ.

قال: قال عليه السلام: فأنا إبراهيم خليل الرحمن، فاعتنقا.

قال أبو عبد الله عليه السلام: هما أول اثنين اعتنقا علي وجه الأرض» ().

ومن يتق الله يجعل له مخرجا

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: خرج ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يرتادون لأهلهم، فأصابتهم السماء، فلجئوا إلي جبل، فوقعت عليهم صخرة، فقال بعضهم لبعض: عفا الأثر ووقع الحجر ولا يعلم مكانكم إلا الله، ادعوا الله بأوثق أعمالكم.

فقال أحدهم: اللهم إن كنت تعلم أنه كانت امرأة تعجبني فطلبتها فأبت عليَّ فجعلت لها جعلا فطابت نفسها، فلما جلست منها اشتد ارتعادها من خشيتك، فتركتها، فإن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك وخشية عذابك فافرج عنا.

قال صلي الله عليه و اله: فزال ثلث الجبل.

وقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي والدان وكنت أحلب لهما، فأتيتهما ليلة وهما نائمان فقمت قائما حتي طلع الفجر فلما استيقظا شربا، فإن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء ثوابك وخشية عذابك فافرج عنا.

فزال ثلث الحجر.

فقال الثالث: اللهم إن كنت تعلم أني استأجرت يوما أجيرا، فعمل إلي نصف النهار فأعطيه أجرته فسخط ولم

يأخذه، فصرفت ذلك إلي التجارة والمواشي وغيرها، فلما جاء يطلب أجره، قلت: خذ هذا كله لك ولو شئت لم أعطه إلا أجره، فإن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك وخشية عذابك فافرج عنا.

فزال ثلث الحجر وخرجوا يتماشون().

الحدّاد المؤمن

قال أبو عبد الله عليه السلام: «إن موسي صلوات الله عليه انطلق ينظر في أعمال العباد، فأتي رجلا من أعبد الناس فلما أمسي حرك الرجل شجرة إلي جنبه فإذا فيها رمانتان، قال: فقال: يا عبد الله من أنت، إنك عبد صالح، أنا هاهنا منذ ما شاء الله ما أجد في هذه الشجرة إلا رمانة واحدة ولولا أنك عبد صالح ما وجدت رمانتين.

قال عليه السلام: أنا رجل أسكن أرض موسي بن عمران.

قال: فلما أصبح قال موسي بن عمران علي نبينا وآله وعليه السلام: تعلم أحدا أعبد منك؟

قال: نعم، فلان الفلاني.

قال: فانطلق إليه، فإذا هو أعبد منه كثيرا، فلما أمسي أوتي برغيفين وماء، فقال: يا عبد الله من أنت، إنك عبد صالح أنا هاهنا منذ ما شاء الله وما أوتي إلا برغيف واحد، ولولا أنك عبد صالح ما أوتيت برغيفين فمن أنت؟

قال: أنا رجل أسكن أرض موسي بن عمران.

ثم قال موسي: هل تعلم أحدا أعبد منك؟

قال: نعم فلان الحداد في مدينة كذا وكذا.

قال: فأتاه فنظر إلي رجل ليس بصاحب عبادة بل إنما هو ذاكر لله وإذا دخل وقت الصلاة قام فصلي، فلما أمسي نظر إلي غلته فوجدها قد أضعفت، قال: يا عبد الله من أنت إنك عبد صالح، أنا هاهنا منذ ما شاء الله غلتي قريب بعضها من بعض والليلة قد أضعفت فمن أنت؟

قال: أنا رجل أسكن أرض موسي بن عمران عليه السلام.

قال: فأخذ ثلث غلته فتصدق بها

وثلثا أعطي مولي له وثلثا اشتري به طعاما، فأكل هو وموسي.

قال: فتبسم موسي عليه السلام.

فقال: من أي شيء تبسمت؟

قال: دلني نبي بني إسرائيل علي فلان فوجدته من أعبد الخلق، فدلني علي فلان فوجدته أعبد منه، فدلني فلان عليك وزعم أنك أعبد منه ولست أراك شبيه القوم.

قال: أنا رجل مملوك أليس تراني ذاكرا لله، أو ليس تراني أصلي الصلاة لوقتها، وإذا أقبلت علي الصلاة أضررت بغلة مولاي وأضررت بعمل الناس، أتريد أن تأتي بلادك؟

قال: نعم.

قال: فمرت به سحابة، فقال الحداد: يا سحابة تعالي.

قال: فجاءته.

قال: أين تريدين؟

قالت: أريد أرض كذا وكذا.

قال: انصرفي، ثم مرت به أخري فقال: يا سحابة تعالي، فجاءته، فقال: أين تريدين؟

قالت: أريد أرض موسي بن عمران.

فقال: احملي هذا حمل رفيق وضعيه في أرض موسي بن عمران وضعا رفيقا.

قال: فلما بلغ موسي بلاده، قال: يا رب بما بلغت هذا ما أري؟

قال: إن عبدي هذا يصبر علي بلائي ويرضي بقضائي ويشكر نعمائي» ().

حنظلة غسيل الملائكة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله «إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بين السماء والأرض بماء المزن في صحاف الفضة» فكان يسمي غسيل الملائكة().

قال أبو أسيد الساعدي: فذهبنا فنظرنا إليه فإذا رأسه يقطر ماء، وفيه أن امرأته قالت: رأيت كأن السماء فرجت له فدخل فيها، ثم أطبقت، فقلت: هذه الشهادة ().

أنصاريان

وفي التاريخ: إن أنصاريين من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و اله جاءا يتحدثان مع النبي صلي الله عليه و اله في حاجة لهما حتي ذهب من الليل ساعة وكانت الليلة شديدة الظلمة، ثم خرجا من عند رسول الله صلي الله عليه و اله ينقلبان وبيد كل واحد منهما عصية، فأضاءت عصا أحدهما لهما حتي مشيا في ضوئها، حتي إذا افترقت لهما الطريق، أضاءت للآخر عصاه، فمشي كل واحد منهما في ضوء عصاه حتي بلغ أهله().

علي نهر دجلة

وفي تاريخ المسلمين أنهم لما وصلوا إلي دجلة وهي مادة وكان الأعداء خلفها فتحيروا ماذا يفعلون؟ فقال رجل من المسلمين: باسم الله، ثم أقحم فرسه، فارتفع علي الماء باسم الله، ثم اقتحموا فارتفعوا علي الماء، فلما نظر إليهم الأعاجم قالوا: ديوان ديوان، ثم ذهبوا علي وجوههم فما فقدوا إلا قدحا كان معلقا بعذبة سرج، فلما خرجوا أصابوا من الغنائم وافتتحوا فجعل الرجل يقول: من ينال صفراء بيضاء.

العبور من النهر

قال بعض المسلمين: خرجنا مع أبي مسلم الخولاني في جيش فأتينا علي نهر عجاج منكر، فقلنا لأهل القرية أين المخاضة؟

فقالوا: ما كانت ههنا مخاضة قط ولكن المخاضة أسفل منكم علي ليلتين.

فقال أبو مسلم: اللهم أجزت بني إسرائيل البحر وإنا عبادك في سبيلك فأجزنا هذا النهر اليوم، ثم قال: اعبروا بسم الله، ودخل الماء.

قال الراوي: فوالله ما بلغ الماء بطون الخيل حتي عبر الناس كلهم ثم وقف فقال: يا معشر المسلمين هل ذهب لأحدكم شيء فأدعوا الله تعالي يرده؟.

أويس القرني

أويس القرني من خيار التابعين ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام الأوفياء، ويكفيه كرامة أن رسول الله صلي الله عليه و اله قال في حقه: «ليشفعن رجل من أمتي في أكثر من مضر، ثم قال: ليشفعن رجل من أمتي لأكثر من بني تميم ومن مضر وإنه أويس القرني»

وقال صلي الله عليه و اله: «تفوح روائح الجنة من قبل قرن الشمس، وا شوقاه إليك يا أويس القرني، ألا من لقيه فليقرئه عني السلام» فقيل: يا رسول الله ومن أويس القرني؟ فقال صلي الله عليه و اله: «إن غاب لم تفتقدوه وإن ظهر لكم لم يكترثوا له، يدخل في شفاعته إلي الجنة مثل ربيعة ومضر، آمن بي وما رآني، ويقتل بين يدي خليفتي أمير المؤمنين في صفين» ().

ولما جاء أويس القرني إلي الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ليبايعه، قال له الإمام عليه السلام: وعلي ما تبايعني؟

قال: علي السمع والطاعة والقتال بين يديك أو يفتح الله عليك.

فقال له: ما اسمك؟

قال: أويس القرني.

قال: نعم، الله أكبر، فإنه أخبرني حبيبي رسول الله صلي الله عليه و اله: أني أدرك رجلاً من أمته يقال له أويس القرني يكون من حزب الله، يموت علي

الشهادة، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر» ().

وقد قتل أويس في معركة صفين دفاعاً عن أمير المؤمنين علي عليه السلام.

يا رب أتعطشني

عن علي بن معمر قال: خرجت أم أيمن إلي مكة لما توفيت فاطمة عليها السلام، وقالت: لا أري المدينة بعدها، فأصابها عطش شديد في الجحفة حتي خافت علي نفسها، قال: فكسرت عينيها نحو السماء ثم قالت: يا رب أ تعطشني وأنا خادمة بنت نبيك؟

قال: فنزل إليها دلو من ماء الجنة فشربت ولم تجع ولم تطعم سنين().

من أنتِ؟

عن مالك بن دينار قال: رأيت في مودع الحج امرأة ضعيفة علي دابة نحيفة، والناس ينصحونها لتنكص، فلما توسطنا البادية كلت دابتها فعذلتها في إتيانها، فرفعت رأسها إلي السماء وقالت: لا في بيتي تركتني ولا إلي بيتك حملتني، فوعزتك وجلالك لو فعل بي هذا غيرك لما شكوته إلا إليك، فإذا شخص أتاها من الفيفاء وفي يده زمام ناقة، فقال لها: اركبي، فركبت وسارت الناقة كالبرق الخاطف، فلما بلغت المطاف رأيتها تطوف فحلفتها: من أنتِ؟، فقالت: أنا شهرة بنت مسكة بنت فضة خادمة الزهراء عليها السلام ().

أفعي علي رقبته

روي أن بعض خواص مولانا علي عليه السلام من شيعته كان قد سجد فتطوق أفعي علي حلقه فلم يتغير عن حال سجوده ومراقبة معبوده حتي انفصل الأفعي من رقبته بغير حيلة منه، بل بفضل الله جل جلاله ورحمته().

شدة الخشوع في الصلاة

روي عن علي الزاهد بن الحسن بن الحسن بن الحسن السبط عليه السلام أنه كان قائما في الصلاة، فانحدر أفعي من رأس جبل فصعد علي ثيابه و دخل من زيقه وخرج من تحت ثيابه، فلم يتغير عن حال صلاته ومراقبته لمالك حياته().

مات البنَّاء

جاء قوم إلي جابر الجعفي() فسألوه أن يعينهم في بناء مسجدهم، قال: ما كنت بالذي أعين في بناء شيء ويقع منه رجل مؤمن فيموت، فخرجوا من عنده وهم يبخلونه ويكذبونه، فلما كان من الغد أتموا الدراهم ووضعوا أيديهم في البناء، فلما كان عند العصر نزلت قدم البنّاء فوقع فمات().

كلام النعجة

قال الراوي: خرجت مع جابر لما طلبه هشام حتي انتهي إلي السواد، قال: فبينا نحن قعود وراع قريب منا إذ ثغت نعجة من شائه إلي حمل، فضحك جابر، فقلت له: ما يضحكك يا أبا محمد؟

قال: إن هذه النعجة دعت حملها فلم يجئ.

فقالت له: تنح عن ذلك الموضع، فإن الذئب عام أول أخذ أخاك منه.

فقلت: لأعلمن حقية هذا أو كذبه.

فجئت إلي الراعي فقلت: يا راعي تبيعني هذا الحمل؟

قال: فقال: لا.

فقلت: ولم؟

قال: لأن أمه أفره شاة في الغنم وأغزرها درة، وكان الذئب أخذ حملا لها منذ عام الأول من ذلك الموضع، فما رجع لبنها حتي وضعت هذا، فدرت.

فقلت: صدق.

ثم أقبلت فلما صرت علي جسر الكوفة نظر إلي رجل معه خاتم ياقوت فقال له: يا فلان خاتمك هذا البراق أرنيه.

قال: فخلعه فأعطاه فلما صار في يده رمي به في الفرات.

قال الآخر: ما صنعت؟

قال: تحب أن تأخذه.

قال: نعم.

قال: فقال بيده إلي الماء، فأقبل الماء يعلو بعضه علي بعض حتي إذا قرب تناوله وأخذه().

من أطاع الله اُطيع

قيل: أتي رجل جابر بن يزيد فقال له جابر: تريد أن تري أبا جعفر عليه السلام؟

قال: نعم.

قال الراوي: فمسح علي عيني فمررت وأنا أسبق الريح حتي صرت إلي المدينة، قال: فبقيت أنا كذلك متعجب إذ فكرت فقلت ما أحوجني إلي وتد أتده، فإذا حججت عاما قابلا نظرت هاهنا هو أم لا، فلم أعلم إلا وجابر بين يدي يعطيني وتدا! قال: ففزعت.

قال: فقال جابر: هذا عمل العبد بإذن الله، فكيف لو رأيت السيد الأكبر.

قال: ثم لم أره.

قال: فمضيت حتي صرت إلي باب أبي جعفر عليه السلام فإذا هو يصيح بي: «ادخل لا بأس عليك»، فدخلت فإذا جابر عنده، فقال: «من أطاع الله أطيع» ().

يحفر هاهنا نهر

عن عروة بن موسي قال: كنت جالسا مع أبي مريم الحناط وجابر عنده جالس، فقام أبو مريم فجاء بدورق من ماء بئر مبارك بن عكرمة، فقال له جابر: ويحك يا أبا مريم كأني بك قد استغنيت عن هذه البئر واغترفت من هاهنا من ماء الفرات؟

فقال له أبو مريم: ما ألوم الناس أن يسمونا كذابين وكان مولي لجعفر: كيف يجيء ماء الفرات إلي هاهنا؟

قال: ويحك إنه يحفر هاهنا نهر أوله عذاب علي الناس وآخره رحمة يجري فيه ماء الفرات، فتخرج المرأة الضعيفة والصبي فيغترف منه ويجعل له أبواب في بني رواس وفي بني موهبة وعند بئر بني كندة وفي بني فزارة حتي تتغامس فيه الصبيان().

رحم الله جابراً

روي محمد بن أحمد عن علي بن الحكم عن زياد بن الخلال قال: اختلف في جابر بن يزيد الجعفي وعجائبه وأحاديثه، فدخلت علي أبي عبد الله عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عنه، فابتدأني من غير أن أسأله، فقال عليه السلام: «رحم الله جابر بن يزيد الجعفي فإنه كان يصدق علينا» ().

وافق الدعاء الرضا

عن أبي حمزة قال: كانت بنية لي سقطت فانكسرت يدها، فأتيت بها التيمي فأخذها فنظر إلي يدها فقال: منكسرة، فدخل يخرج الجبائر وأنا علي الباب، فدخلتني رقة علي الصبية فبكيت ودعوت، فخرج بالجبائر فتناول بيد الصبية فلم ير بها شيئا، ثم نظر إلي الأخري فقال: ما بها شيء.

قال: فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه السلام فقال: «يا أبا حمزة وافق الدعاء الرضاء، فاستجيب لك في أسرع من طرفة عين» ().

الفضيل بن يسار

عن ربعي بن عبد الله قال: حدثني غاسل الفضيل بن يسار قال: إني لأغسل الفضيل بن يسار وإن يده لتسبقني إلي عورته، فخبرت بذلك أبا عبد الله عليه السلام قال لي: «رحم الله الفضيل بن يسار وهو منا أهل البيت» ().

صرير السرير

قال أبو النضر سمعت علي بن الحسن يقول: مات يونس بن يعقوب بالمدينة فبعث إليه أبو الحسن الرضا عليه السلام بحنوطه وكفنه وجميع ما يحتاج إليه، وأمر مواليه وموالي أبيه وجده أن يحضروا جنازته، وقال لهم: «هذا مولي لأبي عبد الله عليه السلام كان يسكن العراق وقال لهم : احفروا له في البقيع، فإن قال لكم أهل المدينة: إنه عراقي لا ندفنه في البقيع، فقولوا لهم: هذا مولي أبي عبد الله عليه السلام وكان يسكن العراق، فإن منعتمونا أن ندفنه في البقيع منعناكم أن تدفنوا مواليكم في البقيع».

فدفن في البقيع ووجه أبو الحسن علي بن موسي عليه السلام إلي زميله محمد بن الحباب وكان رجلا من أهل الكوفة: «صل عليه أنت».

قال علي بن الحسن: حدثني محمد بن الوليد قال: رآني صاحب المقبرة وأنا عند القبر بعد ذلك، فقال لي: من هذا الرجل صاحب هذا القبر، فإن أبا الحسن علي بن موسي عليه السلام أوصاني به وأمرني أن أرش قبره أربعين شهرا أو أربعين يوما في كل يوم قال أبو الحسن: الشك مني .

قال: وقال لي صاحب المقبرة: إن السرير عندي يعني سرير النبي صلي الله عليه و اله فإذا مات رجل من بني هاشم صر السرير()، فأقول: أيهم مات حتي أعلم بالغداة، فصر السرير في الليلة التي مات فيها هذا الرجل، فقلت: لا أعرف أحدا منهم مريضا فمن ذا الذي مات، فلما كان من

الغد جاءوا فأخذا مني السرير وقالوا: مولي لأبي عبد الله كان يسكن العراق().

شكوناكم إلي الأمير عليه السلام

ونقل عن بعض الصالحين انه قال: في ليلة جاءني بعض الجوار والعيال وهم منزعجون وكنت إذ ذاك مجاورا بعيالي لمولانا علي عليه السلام فقالوا: قد رأينا مسلخ الحمام تطوي الحصر الذي فيه وتنشر وما ننظر من يفعل ذلك؟

فحضرت عند باب المسلخ وقلت: سلام عليكم، قد بلغني عنكم ما قد فعلتم ونحن جيران مولانا علي عليه السلام وأولاده وضيفانه وما أسأنا مجاورتكم فلاتكدروا علينا مجاورته ومتي فعلتم شيئا من ذلك شكوناكم إليه. قال: فلم نعرف منهم تعرضا لمسلخ الحمام بعد ذلك أبدا ().

سلام عليكم أيها الروحانيون

ونقل عن أحد الصالحين أنه قال: إن ابنته كانت تسمع سلاما عليها ممن لاتراه!.

قال: فوقفت في الموضع، فقلت: سلام عليكم أيها الروحانيون، فقد عرفتني ابنتي بالتعرض لها بالسلام وهذا الإنعام مكدر علينا، نحن نخاف منه أن ينفر بعض العيال منه، ونسأل أن لا تتعرضوا لنا بشيء من المكدرات وتكونوا معنا علي جميل العادات.

قال: فلم يتعرض لها أحد بعد ذلك بكلام().

في رثاء الشيخ المفيد رحمة الله عليه ()

روي عن السيد القاضي نور الله الشوشتري() في مجالس المؤمنين أنه قال: وجد هذه الأبيات بخط صاحب الأمر عليه السلام مكتوبا علي قبر الشيخ المفيد رحمة الله عليه:

لا صوت الناعي بفقدك إنه

يوم علي آل الرسول عظيم

إن كنت قد غيبت في جدث الثري

فالعدل و التوحيد فيك مقيم

والقائم المهدي يفرح كلما

تليت عليك من الدروس علوم

وهذه كرامة عظيمة للشيخ المفيد (رضوان الله عليه) ().

السيد أبو الحسن الإصفهاني رحمة الله عليه ()

ذكر لي المرحوم الشيخ محمد علي المدرس الأفغاني(قدس سره) () وكان من الأساتذة المعروفين في النجف الأشرف وقم المقدسة، أنه قصد النجف الأشرف لدراسة العلوم الدينية من بلدته في أفغانستان ووصل إليها بصعوبة بالغة، وبما أنه لم يملك داراً ولم تكن له غرفة في مدرسة وما أشبه ولم يكن له من المال ما يستأجر به منزلا، كان يأتي أحياناً إلي وادي السلام ويتخذ من ظل بعض القبور العالية مكاناً يأوي إليه في شدة الحر، وذلك لأن أبواب الحرم الشريف كانت تغلق.

قال رحمة الله عليه: وذات مرة استيقظت وأنا في الوادي وكنت في غاية العطش، فأخذت أبحث عن الماء، حتي وصلت إلي ماء يسيل فشربت منه، ثم أخذت أفحص عن مصدر الماء، وإذا بي أري أنه يجري من مغتسل الأموات وهو خليط بالسدر والكافور، فتأثرت تأثراً كبيراً وبكيت علي حالي وأخذت أخاطب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بقلب منكسر: سيدي كيف ترضي لضيوفك هذه الحالة؟

ثم خرجت من الوادي وأنا باك، وبعد ذلك جاءني خادم المرحوم السيد أبو الحسن الإصفهاني (قدس سره الشريف) وقال: إن السيد يريدك.

فذهبت إلي السيد فأعطاني غرفة وقرر لي راتباً شهرياً وقال: يا شيخ إذا احتجت إلي أمر فعليك بمراجعتي ولا يحتاج أن تشكو ذلك إلي الإمام أمير المؤمنين عليه السلام!.

ولا أدري

من أين علم السيد بقصتي؟

لبناء المسجد الأعظم

عند ما عزم آية الله العظمي السيد حسين البروجردي() رحمة الله عليه بناء المسجد الأعظم بجوار روضة السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام بقم المقدسة، جاءه المشرف علي البناء وقال: إن هذا المسجد يكلف كثيراً فهل لديكم من الأموال ما يكفي لذلك؟

فرفع السيد البروجردي رحمة الله عليه الستار في غرفة كتبه وقال له: هل هذا يكفي؟

فنظر المشرف علي البناء ورأي الرفوف مليئة بالأموال، فقال: نعم سيدي.

وبعد ما خرج السيد من الغرفة، رفعوا الستار فكانت مليئة بالكتب.

في صحبة أمير المؤمنين عليه السلام

ينقل أن نادر شاه()لما توجه لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف، زاره علماء النجف غير واحد منهم، فغضب عليه وأراد قتله، ولكن وزيره أقنعه بأن يقوم هو بزيارة هذا العالم في بيته، لأن هكذا علماء يبتعدون عن الدنيا وأهلها، فزاره الشاه ودخل إلي بيته المتواضع، فلما وقعت عينا الملك عليه أكبره ووقره وتواضع له واحترمه أشد الاحترام، ثم قال له بكل تواضع: لو كانت لكم حاجة فأمروني بتنفيذها.

فقال العالم: ليست لي حاجة ولكن لا تظلم الناس خاصة أهالي النجف الأشرف.

فقال الملك: سمعاً وطاعة.

فتعجب الوزير من شدة تواضع الملك، فسأله عن السبب؟

فقال الملك: إني قبل الدخول إلي العراق رأيت الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في المنام وكان هذا العالم جالساً إلي جنبه.

لم يفعل مكروها في أربعين سنة

سألوا الشيخ جعفر كاشف الغطاء رحمة الله عليه() عن أنه كيف يمكن للنبي صلي الله عليه و اله والإمام عليه السلام أن لا يعصي الله طيلة عمره؟

فأجاب: وهل في ذلك عجب، فإني لست بمعصوم ولم أفعل حتي مكروهاً واحداً طيلة أربعين سنة، فكيف بالمعصوم عليه السلام.

الزهراء عليها السلام والحسنان عليهما السلام

ذكروا: أن الشيخ المفيد رحمة الله عليه () رأي ذات ليلة في المنام الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام وهي آخذة بيد الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام فتقدمت وقالت: يا شيخ علّمهما الفقه!.

فتعجب الشيخ كثيراً من هذه الرؤيا ولم يفهم معناها.

وفي الصباح أتت والدة السيدين الرضي() والمرتضي() بأبنيها إليه وقالت: يا شيخ علمهما الفقه.

عند ذلك عرف الشيخ معنا الرؤيا وعلم جلالة هذين السيدين.

كرامة للموالين

روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «ما يموت موال لنا مبغض لأعدائنا إلا ويحضره رسول الله صلي الله عليه و اله وأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام فيسروه ويبشروه وإن كان غير موال لنا يراهم بحيث يسوؤه» ().

وروي عن رسول الله صلي الله عليه و اله أنه قال: «ما من مؤمن إلا وله باب يصعد منه عمله وينزل منه رزقه، فإذا مات بكيا عليه، وذلك قول الله عزوجل: ?فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ?()» ().

خاتمة

ثم إن التقوي والعمل الصالح هو السر في هذه الكرامات، كما قال عليه السلام: «من أطاع الله أطيع» ().

وقد خطب الناس الحسن بن علي عليه السلام فقال: «أيها الناس إنما أخبركم عن أخ لي كان من أعظم الناس في عيني، وكان رأس ما عظم به في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجا من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد، و لا يكثر إذا وجد، كان خارجا من سلطان فرجه فلا يستخف له عقله ولا رأيه، كان خارجا من سلطان الجهالة فلا يمد يده إلا علي ثقة لمنفعة، كان لا يتشهي ولا يتسخط ولايتبرم، كان أكثر دهره صماتا، فإذا قال: بذ القائلين كان لا يدخل في مراء و لايشارك في دعوي و لا يدلي بحجة حتي يري قاضيا، وكان لا يغفل عن إخوانه ولا يخص نفسه بشيء دونهم، كان ضعيفا مستضعفا، فإذا جاء الجد كان ليثا عاديا كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله حتي يري اعتذارا، كان يفعل ما يقول ولا يقول ما لا يفعل، كان إذا ابتزه أمران لا يدري أيهما أفضل نظر إلي أقربهما إلي الهوي فخالفه، وكان لا يشكو وجعا

إلا عند من يرجو عنده البرء ولايستشير إلا من يرجو عنده النصيحة كان لا يتبرم ولا يتسخط ولا يتشكي ولايتشهي ولا ينتقم ولا يغفل عن العدو، فعليكم بمثل هذه الأخلاق الكريمة إن أطقتموها، فإن لم تطيقوها كلها فأخذ القليل خير من ترك الكثير، ولا حول و لاقوة إلا بالله» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قال النبي صلي الله عليه و اله: ألا أخبركم بأشبهكم بي؟

قالوا: بلي يا رسول الله.

قال: أحسنكم خلقا، وألينكم كنفا، وأبركم بقرابته، وأشدكم حبا لإخوانه في دينه، وأصبركم علي الحق وأكظمكم للغيظ، وأحسنكم عفوا، وأشدكم من نفسه إنصافا في الرضا والغضب» ().

???

وهذا آخر ما أردنا بيانه في هذا الكتاب، والله الموفق للصواب.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين.

قم المقدسة

محمد الشيرازي

پي نوشتها

() سورة البقرة: 1-4.

() سورة مريم: 61.

() سورة آل عمران: 44.

() سورة آل عمران: 179.

() سورة فاطر: 28.

() مجمع البحرين: ج6 ص152 مادة (كرم).

() لسان العرب: ج12 ص513 مادة (كرم).

() الجواهر السنية للحر العاملي: ص361.

() لسان العرب: ج12 ص512 مادة (كرم).

() سورة الأنبياء: 26.

() كتاب العين: ج5 ص368 مادة كرم.

() وسائل الشيعة: ج1 ص116-117 ب28 ح291.

() شجرة طوبي: ج1 ص33 للشيخ محمد مهدي الحائري.

() الأمان: ص127 ب9 ف13.

() قال بعض علماء العامة: إن كرامات الأولياء قد تقع باختيارهم وطلبهم، ومنهم من قال: بأنها لاتقع باختيارهم وطلبهم.

وقال آخرون منهم: إن الكرامات قد تكون بخوارق العادات علي جميع أنواعها، ولكن منعه البعض الآخر وادعي أنها تختص بمثل إجابة دعاء ونحوه، وأجابوا بأن هذا الكلام إنكار للحس بل الصواب جريانا بقلب الأعيان وإحضار الشيء من العدم ونحوه.

وقال بعضهم: كما فرض

الله علي الأنبياء إظهار الآيات والمعجزات ليؤمنوا بها كذلك فرض علي الأولياء كتمان الكرامات حتي لا يفتنوا بها

وقال بعضهم: لا شك أن كرامات الأولياء من جنس معجزات أنبيائهم فمن طعن علي الكرامات فقد طعن علي المعجزات.

وقال بعضهم: في قصة سليمان: ?قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك? (سورة النمل: 40) إن آصف لم يكن نبيا وإنما لا يجوز ظهور الكرامات علي الكاذبين فأما علي الصادقين فإنه يجوز ويكون ذلك دليلا علي صدق من صدقه من أنبياء الله عزوجل.

وقال بعضهم: وأما الكلام في كرامات القوم وإخبارهم بالمغيبات وتصرفهم في الكائنات فإنه وإن مال البعض إلي إنكارها فليس ذلك من الحق وما احتج به بعض أئمة الأشعرية علي إنكارها لالتباسها بالمعجزة فقد فرق المحققون بينهما بالتحدي وهو دعوي وقوع المعجزة علي وفق ما جاء به … مع أن الوجود شاهد بوقوع الكثير من هذه الكرامات وانكارها نوع مكابرة وقد وقع للصحابة وأكابر السلف كثير من ذلك وهو معلوم مشهور.

وقال بعضهم: وأما ما يحدث من أولياء الله سبحانه وتعالي من الكرامات الظاهرة التي لا شك فيها ولا شبهة فهو حق صحيح لا يمتري فيه من له أدني معرفة بأحوال صالحي عباد الله المخصوصين بالكرامات التي أكرمهم بها وتفضل بها عليهم، ومن شك في شيء من ذلك نظر في كتب الثقات المدونة في هذا الشأن، ويغني عن ذلك كله ما قصه الله إلينا في كتابه العزيز عن صالحي عباده الذين لم يكونوا أنبياء كقصة ذي القرنين وما تهيأ له مما تعجز عنه الطباع البشرية، وقصة مريم كما حكاه الله تعالي، ومن ذلك قصة أصحاب الكهف فقد قص الله علينا فيها أعظم كرامة،

وقصة آصف بن برخيا حيث حكي عنه قوله: ?أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك? (سورة النمل: 40)، وغير ذلك والجميع ليسوا بأنبياء وقد ثبت ذلك في الاحاديث الثابتة في الصحيح مثل حديث الثلاثة الذي انطبقت عليهم الصخرة وما أشبه.

وقال بعضهم: وقد ظهر علي أصحاب رسول الله صلي الله عليه و اله في زمانه وبعد وفاته ثم علي الصالحين من أمته ما يوجب الاعتقاد بجواز كرامات الأولياء.

وقال بعضهم: وأما الكرامات فهي من قبيل التلويح واللمحات وليسوا في ذلك كالأنبياء. وقد جزم بعضهم بأن كرامات الأولياء لا تضاهي ما هو معجزة للأنبياء.

وقال بعضهم: الأنبياء مأمورون بإظهارها والولي يجب عيه إخفاؤها، والنبي يدعي ذلك بما يقطع به بخلاف الولي فإنه لا يأمن الاستدراج.

وبعضهم توسط بين من يثبت الكرامة ومن ينفيها فجعل الذي يثبت ما قد تجري به العادة لآحاد الناس أحيانا والممتنع ما يقلب الأعيان مثلا ولكن المشهور عن علماء العامة إثبات الكرامات مطلقا.

وأما من استشكل فقال: إن الخارق قد يظهر علي يد المبطل من ساحر وكاهن وراهب فيحتاج من يستدل بذلك علي ولاية أولياء الله تعالي إلي فارق، فأجابوا عنه بأنه يختبر حال من وقع له ذلك فان كان متمسكا بالأوامر الشرعية والنواهي كان ذلك علامة ولايته ومن لا فلا.

() سورة هود: 69-73.

() سورة البقرة: 258.

() سورة الأنبياء: 68-70.

() سورة البقرة: 260.

() سورة آل عمران: 38-40.

() سور مريم: 1-9.

() سورة آل عمران: 37.

() سورة آل عمران: 45-47.

() سورة مريم: 16-26.

() سورة مريم: 29-35.

() سورة آل عمران: 59-60.

() سورة آل عمران: 46.

() سورة آل عمران: 49.

() سورة الشعراء: 105-122.

() سورة الأنبياء: 76-77.

() سورة الشعراء: 123-140.

() سورة القمر: 18-21.

() سورة الشعراء: 141-159.

() سورة القمر: 23-31.

() سورة الشعراء:

160-175.

() سورة القمر: 33-39.

() سورة الشعراء: 176-190.

() سورة الصافات: 139-148.

() سورة سبأ: 10-11.

() سورة سبأ: 12-13.

() سورة الأنبياء: 81-82.

() سورة النمل: 16-28.

() سورة النمل: 38-42.

() سورة الكهف: 16-21.

() سورة البقرة: 248.

() سورة البقرة: 259.

() سورة النساء: 164.

() سورة البقرة: 60.

() سورة الأعراف: 106-108.

() سورة طه: 17-24.

() سورة الأعراف: 109-122.

() سورة الأعراف: 138، سورة يونس: 90.

() سورة الشعراء: 52-67.

() سورة الأعراف: 132-136.

() سورة الإسراء: 101-103.

() سورة القصص: 76-83.

() سورة البقرة: 67-73.

() سورة الإسراء: 88.

() سورة هود: 13.

() سورة البقرة: 23-24.

() سورة النجم: 1-2.

() سورة القمر: 1-2.

() سورة المعارج: 1-2.

() سورة فصلت: 30.

() سورة الدخان: 29.

() تفسير القمي: ج2 ص291 سورة الدخان.

() بحار الأنوار: ج97 ص345 ب4 ح33.

() الكافي: ج4 ص552 باب دخول المدينة وزيارة النبي صلي الله عليه و اله ح5.

() وسائل الشيعة: ج14 ص338 ب4 ح19346.

() الأمالي للصدوق: ص312 المجلس51 ح11.

() بحار الأنوار: ج97 ص182 ب3 ح4.

() تهذيب الأحكام: ج6 ص7 ب3 ح4.

() الكافي: ج4 ص552 باب دخول المدينة وزيارة النبي صلي الله عليه و اله ح6.

() بحار الأنوار: ج97 ص182 ب3 ح6.

() وسائل الشيعة: ج14 ص338-339 ب4 ح19349.

() مستدرك الوسائل: ج10 ص189 ب4 ح11820.

() سورة التوبة: 105.

() تفسير العياشي: ج2 ص108 من سورة البراءة ح119.

() سورة التوبة: 105.

() معاني الأخبار: ص392 باب نوادر المعاني ح37.

() الأمالي للمفيد: ص196 المجلس23 ح29.

() الغيبة للطوسي: ص387 ف6.

() سورة التوبة: 105.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص163-164 ب100 ح13788.

() مستدرك الوسائل: ج10 ص183 ب2 ح11801.

() الكافي: ج4 ص579 باب فضل الزيارات وثوابها ح2.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص578 باب ثواب زيارة النبي والأئمة(صلوات الله عليهم أجمعين) ح3163.

() فرحة الغري: ص74-75 ب6.

() تهذيب الأحكام: ج6 ص46 ب16 ح16.

() الكافي: ج4

ص581 باب فضل زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام ح3.

() وسائل الشيعة: ج14 ص448 ب45 ح19571.

() كامل الزيارات: ص116-117 ب40 ح2.

() الشيخ شرف الدين أبو عبد الله محمد البوصيري المتوفي سنة 694هجرية، نظم قصيدة شهيرة في مدح النبي صلي الله عليه و اله وسماها (الكواكب الدرية في مدح خير البرية صلي الله عليه و اله).

وذكر حاجي خليفة: أنه أصاب سعد الدين الفارقي رمد عظيم أشرف منه علي العمي فرأي في منامه قائلاً يقول: امضِ إلي الصاحب بهاء الدين وخذ منه البردة وأجعلها علي عينيك، فنهض من ساعته وجاء إليه وأخبره، فقال: ما عندي شيء يقال له البردة، وإنما عندي مديح النبي صلي الله عليه و اله أنشأها البوصيري، فنحن نستشفي بها فأخرجها ووضعها سعد الدين علي عينيه فشفي رمده.

وفي فوات الوفيات: «قال البوصيري: كنت قد نظمت قصائد في مدح رسول الله صلي الله عليه و اله منها ما كان اقترحه عليّ الصاحب زين الدين يعقوب بن الزبير ثم اتفق بعد ذلك أنه أصابني فالج أبطل نصفي ففكرت في عمل قصيدتي هذه (البردة) فعملتها واستشفعت بها إلي الله تعالي في أن يعافيني وكررت إنشادها، وبكيت ودعوت وتوسلت ونمت، فرأيت النبي صلي الله عليه و اله فمسح علي وجعي بيده المباركة وألقي عليّ بردة، فانتبهت ووجدت فيّ نهضة فقمت وخرجت من بيتي، ولم أكن أعلمت بذلك أحداً فلقيني بعض الفقراء، فقال لي: أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله صلي الله عليه و اله، فقلت: أيُّها، فقال: التي أنشأتها في مرضك وذكر أولها، وقال: والله لقد سمعتها البارحة وهي تنشد بين يدي رسول الله صلي الله عليه و اله، فرأيت رسول الله صلي الله

عليه و اله يتمايل وأعجبته وألقي علي من أنشدها بردة، قال: فأعطيته إياها وذكر الفقير ذلك فشاع خبرها إلي أن اتصل بالصاحب بهاء الدين بن حنا فبعث إليّ وأخذها وحلف أن لا يسمعها إلا قائماً حافياً مكشوف الرأس وكان يحب سماعها هو وأهل بيته ثم انه بعد ذلك أدرك سعد الدين الفارقي الموقّع رمد» فكان ما تقدم.

ومن أبيات هذه القصيدة 12 في المطلع و16 في ذكر النفس وهواها و30 في مدائح النبي و19 في مولده و10 فيمن دعا به و17 في مدح القرآن و13 في ذكر المعراج و22 في جهاده صلي الله عليه و اله و14 في الاستغفار و9 في المناجاة، وهي قصيدة غراء في ذكرها غني عن وصفها، وكثيراً ما كان الناس يتبركون بها، حتي أنه من العادة الجارية في هذه الأيام عند المسلمين والدروز أن ينشدوها وراء الجنائز تبركاً واستفغاراً للميت، وعلي هذه القصيدة شروح كثيرة من أشهرها: شرح عبيد الله بن يعقوب الفناري وابن هشام النحوي وخالد بن عبد الله الأزهري وشهاب الدين القسطلاني والملا صالح المازندراني، وشرحت أيضاً بالفارسية والتركية وترجمت إلي التركية، والإنجليزية بعنوان the poem of the mantle، وقد اعتني جماعة بتخميسها وتسبيعها وبالجملة فقد اعتبرت هذه القصيدة فريدة في الشعر.

() وقيل: البردة النبوية الشهيرة هي البردة التي كانت علي رسول الله صلي الله عليه و اله لما أنشده كعب بن زهير قصيدته فرمي إليه بها بعدما فرغ من إنشادها، فلما كان زمن معاوية دفع فيها 10 آلاف درهم فلم يبعها كعب، فلما مات بعث معاوية إلي أولاده بعشرين ألف درهم وأخذ منهم البردة، ثم كانت هذه البردة عند الحكام الأمويين والعباسيين يتوارثونها خلفاً عن سلف، وكان الحاكم يطرحها

علي أكتافه في المواكب والأعياد جالساً وراكباً وكانت علي المعتصم لما خرج لملاقاة هولاكو التتري وقضيب النبي بيده فأخذهما منه هولاكو وأحرقهما في طبق وألقي رمادهما في دجلة وقال: إني ما أحرقتهما استهانة بهما بل تطهيراً لهما.

وقيل: إن النبي صلي الله عليه و اله أعطي هذه البردة في غزوة تبوك لأهل ايلة مع كتابه الذي كتبه لهم فاشتراها أبو العباس السفاح بثلاثمائة دينار.

وقيل: إنها هي البردة التي وصلت إلي سلاطين بني عثمان، فهي اليوم عندهم يتباركون بها ويسقون ماءها لمن به ألم فيبرأ بإذن الله تعالي، واتخذ لها السلطان مراد خان صندوقاً من ذهب فوضعها فيه تعظيماً لها.

() كشف الغمة: ج1 ص25 وأما ما ظهر من معجزاته وآياته صلي الله عليه و اله.

() إعلام الوري: ص23-24 الركن الأول ب2.

() بحار الأنوار: ج20 ص101-102 ب12 ضمن ح29.

() راجع بصائر الدرجات: ص272 ب3 ح8.

() الخرائج والجرائح: ج1 ص36 ب1 فصل من روايات العامة.

() الخرائج والجرائح ج1 ص45-46 ب1 فصل من روايات العامة.

() بحار الأنوار: ج18 ص9 ب6 ح12.

() يقع الكتاب في خمسة مجلدات.

() الشيخ عباس بن محمد رضا القمي، باحث محدث، من العلماء بالتراجم والتاريخ، مولده ووفاته بالنجف الأشرف، عاش مدة في طهران، من كتبه: (هدية الأحباب في ذكر المعروفين بالكني والألقاب والأنساب) 3ج، و(الفوائد الرضوية في أحوال عملاء المذهب الجعفرية) و(سفينة بحار الأنوار ومدينة الحكم والآثار) 8ج ط جديدة، علي نسق دوائر المعارف في التاريخ والفقه، جعله فهرساً لكتاب (بحار الأنوار) للعلامة المجلسي ?، ومن أشهر مؤلفاته (مفاتيح الجنان).

() سفينة البحار: ج2 ص167.

() المناقب: ج1 ص172 فصل في احواله وتواريخه صلي الله عليه و اله.

() بحار الأنوار: ج41 ص213 ب110 ح27.

() راجع كشف الغمة: ج1 ص267

حروبه في زمن خلافته عليه السلام.

() بحار الأنوار: ج42 ص332 ب129 ح18.

() راجع خلاصة عبقات الأنوار: ج9 ص33 للسيد حامد النقوي.

() إرشاد القلوب: ج2 ص224-225 في فضائل ومناقب أمير المؤمنين عليه السلام.

() الفضائل: ص1-5.

() سورة البقرة: 95.

() تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ص444-448 ح295.

() المناقب: ج3 ص337 فصل في معجزاتها عليها السلام.

() بحار الأنوار: ج43 ص45 ب3 ضمن ح44.

() المناقب: ج3 ص338 فصل في معجزاتها عليها السلام.

() المناقب: ج3 ص337 فصل في معجزاتها عليها السلام.

() المناقب: ج3 ص339 فصل في معجزاتها عليها السلام.

() بحار الأنوار: ج43 ص47 ب3 ح46.

() الاحتجاج: ج1 ص86-87 ذكر طرف مما جري بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه و اله.

() المناقب: ج3 ص340 فصل في معجزاتها عليها السلام.

() كشف الغمة: ج1 ص457-458.

() المناقب: ج3 ص340-341 فصل في معجزاتها عليها السلام.

() دلائل الإمامة: ص53 وص55 أخبار في مناقبها.

() الكافي: ج1 ص460 باب مولد الزهراء فاطمة عليها السلام ح6.

() علل الشرائع: ج1 ص179 ب142 ح6.

() الكافي: ج1 ص462 باب مولد الحسن بن علي عليه السلام ح4.

() بصائر الدرجات: ص225 ب3 ح17.

() بحار الأنوار: ج43 ص302-303 ب12 ضمن ح65.

() كشف الغمة: ج1 ص525 الخامس فيما ورد في حقه من رسول الله صلي الله عليه و اله.

() بحار الأنوار: ج43 ص304 ب12 ضمن ح65.

() كشف اليقين: ص328 ف3 ب2 المبحث التاسع عشر.

() راجع كمال الدين: ج2 ص536-537 ب49 ح1.

() سورة الدخان: 29.

() كامل الزيارات: ص92 ب28 ح19.

() السيد حسين بن السيد علي بن السيد أحمد بن السيد علي تقي بن السيد جواد الطباطبائي البروجردي، ولد عام 1292ه ثم هاجر إلي النجف الأشرف عام 1320ه. اتجهت الأنظار إليه بعد وفاة السيد أبو الحسن الأصفهاني في

عام 1365ه. بني مدرسة علمية كبيرة في النجف الأشرف عام 1373ه وقد هيئ لها مكتبة كبيرة تحوي بعض الأسفار النفيسة والآثار النادرة. توفي في عام 1380ه في قم المقدسة ودفن في المسجد الأعظم الذي بناه بالقرب من مقام السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام.

() بحار الأنوار: ج66 ص286 ب37 ضمن ح20.

() المصباح للكفعمي: ص710-711 ف49.

() إعلام الوري: ص221 الركن الثالث ب2 ف3 في ذكر بعض خصائصه ومناقبه وفضائله عليه السلام.

() الإرشاد: ج2 ص128 باب طرف من فضائل الحسين عليه السلام.

() كشف الغمة: ج2 ص9 الخامس في إمامته وما ورد في حقه من النبي صلي الله عليه و اله قولاً وفعلاً.

() مدينة المعاجز: ج3 ص382-384 ح937/99.

() دلائل الإمامة: ص77 ذكر ولده عليه السلام.

() المناقب: ج4 ص51 فصل في معجزاته عليه السلام.

() مدينة المعاجز: ج3 ص514-515 ح1030/83.

() بحار الأنوار: ج46 ص5 ب1 ح6.

() راجع كشف الغمة: ج2 ص74-75 وأما مناقبه ومزاياه وصفاته.

() راجع المناقب: ج4 ص132 فصل في معجزاته عليه السلام.

() كشف الغمة: ج2 ص76-77 وأما مناقبه ومزاياه وصفاته.

() كشف الغمة: ج2 77 وأما مناقبه ومزاياه وصفاته.

() بحار الأنوار: ج46 ص124-128 ب8 ح17.

() العدد القوية: ص64 اليوم الخامس عشر.

() العدد القوية: ص62-63 اليوم الخامس عشر.

() كشف الغمة: ج2 ص139-140 باب ذكر ولد أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام.

() بحار الأنوار: ج46 ص270 ب5 ح73.

() الخرائج والجرائح: ج1 ص283 ب6.

() كشف الغمة: ج2 ص138 باب ذكر ولد أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام.

() كشف الغمة: ج2 ص128 وأما عمره.

() بحار الأنوار: ج46 ص270-271 ب5 ضمن ح73.

() بحار الأنوار: ج46 ص270 ب5 ضمن ح73.

() الخرائج والجرائج: ج1 ص272 ب6 في معجزات الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام.

()

كشف الغمة: ج2 ص141-142 باب ذكر ولد أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام.

() بحار الأنوار: ج46 ص249 ب5 ح41.

() إعلام الوري: ص267 الركن الثالث ب4 ف3 في ذكر بعض دلائله.

() راجع كامل الزيارات: ص275-277 ب91 ح7.

() بحار الأنوار: ج47 ص182 ب6 ح28، والبحار: ج92 ص223-224 ب107 ح22.

() كشف الغمة: ج2 ص160 وأما مناقبه وصفاته.

() مستدرك الوسائل: ج16 ص272 ب47 ح19851.

() كشف الغمة: ج2 ص165-166 ذكر من روي من أولاده عليه السلام.

() المناقب: ج4 ص280 فصل في تواريخه وأحواله.

() الإرشاد: ج2 ص184-185 باب ذكر الإمام القائم بعد أبي جعفر عليه السلام.

() وسائل الشيعة: ج2 ص211 ب16 ح1953.

() الكافي: ج1 ص473 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد صلي الله عليه و اله ح2.

() وسائل الشيعة: ج8 ص137-138 ب30 ح10248.

() دلائل الإمامة: ص119-120 ذكر معجزاته عليه السلام.

() المناقب: ج4 ص232 فصل في استجابة دعواته عليه السلام.

() السيد عبد الله شبر (1188-1242ه): ابن السيد محمد رضا من أسرة علوية يتصل نسبها بالإمام السجاد عليه السلام وآل شبر من أعرق العائلات العراقية والده علاّمة كبير أفاد منه فيما بعد، علماً جماً ومعرفة متنوعة، اتصل بحوزة العلامة الأعرجي، صاحب (الوسائل) و(شرح الوافية) ولازمها ليتتلمذ أخيراً علي يدي وحيد عصره الشيخ جعفر صاحب (كاشف الغطاء)، أربت مؤلفاته علي السبعين وهو لما يتجاوز الرابعة والخمسين من عمره المبارك، فلقب ب (المجلسي الثاني) لوفرة إنتاجه وغزرة تأليفه وتصانيفه وثبات مواقفه، لقد ظل (قده) منكباً علي التصنيف والتأليف ومتصدراً مجالس التعليم والتدريس، حتي وافته المنية في المشهد الكاظمي سنة1242ه فدفن إلي جانب والده المبرور في الحجرة الشرقية من رواق الإمامين المعصومين عن أربعة وخمسين عاماً، له (تفسير شبر) و(طب الأئمة) و(تسلية الفؤاد)

وغيرها.

() هو المولي أحمد بن مهدي بن أبي ذر النراقي الكاشاني، ولد في قرية نراق بكاشان إيران، سنة 1185ه وأخذ مقدمات دروسه في النحو والصرف وغيرها في بلده حتي برع فيها، ثم قرأ الفقه والأصول والحكمة والكلام عند والده المولي النراقي، امتاز? بحدة الذهن والذكاء الوقاد وهذا ما أهله لتسلم مراحل الفضل والعلم بسرعة، رحل إلي العراق فحضر درس السيد محمد مهدي بحر العلوم والشيخ كاشف الغطاء، وقصد كربلاء فحضر درس السيد الطباطبائي صاحب الرياض، والميرزا الشهرستاني. انتهت إليه الرئاسة بعد وفاة والده حتي أنه حضر درسه الشيخ الأعظم مرتضي الأنصاري، توفي في نراق إثر الوباء الذي اجتاح تلك البلاد في عام 1245ه فحمل إلي النجف الأشرف حيث دفن في الصحن العلوي الشريف بجانب والده جهة باب الطوسي.

() كشف الغمة: ج2 ص215-216 وأما مناقبه.

() الكافي: ج1 ص310 باب الإشارة والنص علي أبي الحسن موسي عليه السلام ح11.

() الإرشاد: ج2 ص223-224 باب ذكر طرف من دلائل أبي الحسن موسي عليه السلام وآياته وعلاماته ومعجزاته.

() روضة الواعظين: ج1 ص214-215 مجلس في ذكر إمامة أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام ومناقبه.

() سورة الحجرات: 12.

() سورة طه: 82.

() بحار الأنوار: ج48 ص80-82 ب4 ح102.

() كشف الغمة: ج2 ص224-225 باب ذكر طرف من دلائل أبي الحسن موسي عليه السلام وآياته ومعجزاته وعلامته

() الإرشاد: ج2 ص227-229 باب ذكر طرف من دلائل أبي الحسن موسي عليه السلام وآياته وعلاماته ومعجزاته.

() قرب الإسناد: ص144 ما جاء في الشهادات.

() كشف الغمة في معرفة الأئمة: ج2 ص247-248.

() مدينة المعاجز: ج6 ص340 ح2036/106.

() بحار الأنوار: ج49 ص61 ب3 ح79.

() راجع كشف الغمة: ج2 ص318-328 باب مولد الرضا عليه السلام.

() كمال الدين: ج2 ص376 ب35 ضمن

ح6.

() مدينة المعاجز: ج7 ص22 ح2118/16.

() دلائل الإمامة: ص186 ذكر معجزاته عليه السلام.

() دلائل الإمامة: ص186 ذكر معجزاته عليه السلام.

() بحار الأنوار: ج50 ص91 ب5 ح6.

() الإرشاد: ج2 ص288-289 باب طرف من الأخبار عن مناقب أبي جعفر ودلائله ومعجزاته عليه السلام.

() الخرائج والجرائح: ج1 ص381-382 ب10 في معجزات الإمام محمد بن علي التقي عليه السلام.

() كشف الغمة: ج2 ص360 وأما مناقبه.

() راجع كشف الغمة: ج2 ص361 وأما مناقبه.

() إعلام الوري: ص349 الركن الثالث ب8 ف3 في ذكر طرف من دلائله ومعجزاته عليه السلام.

() الإرشاد: ج2 ص308.

() المناقب: ج4 ص411 فصل في معجزاته عليه السلام.

() بحار الأنوار: ج50 ص177 ب3 ضمن ح55.

() كشف الغمة: ج2 ص378 باب طرف من دلائل أبي الحسن علي بن محمد وأخباره وبراهينه ومعجزاته وبيناته عليه السلام.

() سورة الشعراء: 227.

() إعلام الوري: ص361-362 الركن الثالث ب9 ف3 في ذكر طرف من دلائله ومعجزاته وبيناته.

() كشف الغمة: ج2 ص380 باب طرف من دلائل أبي الحسن علي بن محمد وأخباره وبراهينه وبيناته.

() بحار الأنوار: ج50 ص181 ب3 ضمن ح56.

() الاختصاص: ص289 حديث في زيارة المؤمن لله.

() الخرائج والجرائح: ج1 ص292-293 ب11.

() كشف الغمة: ج2 ص395 باب ذكر ورود أبي الحسن عليه السلام من المدينة إلي العسكر.

() الخرائج والجرائح: ج1 ص419 ب11.

() كشف الغمة: ج2 ص412 باب ذكر طرف من أخبار أبي محمد عليه السلام ومناقبه وآياته ومعجزاته.

() الإرشاد: ج2 ص330 باب ذكر طرف من أخبار أبي محمد عليه السلام ومناقبه وآياته ومعجزاته.

() الكافي: ج1 ص509 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام ح11.

() سورة الأنبياء: 69.

() إعلام الوري: ص376 الركن الثالث ب10 ف3 في ذكر طرف من آياته ومعجزاته عليه السلام.

() بحار

الأنوار: ج50 ص250 ب3 ح4.

() الخرائج والجرائح: ج2 ص689 ب14 فصل في أعلام الحسن بن علي العسكري عليه السلام.

() بحار الأنوار: ج53 ص306 الحكاية 56.

() بحار الأنوار: ج53 ص299 الحكاية 52.

() بحار الأنوار: ج53 ص225-226 الحكاية 5.

() بحار الأنوار: ج53 ص226-227 الحكاية 6.

() بحار الأنوار: ج53 ص240-243 الحكاية 15.

() بحار الأنوار: ج53 ص257 الحكاية 27.

() بحار الأنوار: ج53 ص273-274 الحكاية 37.

() بحار الأنوار: ج53 ص274 الحكاية 38.

() بحار الأنوار: ج53 ص274-275 الحكاية 39.

() بحار الأنوار: ج53 ص286-287 الحكاية 45.

() بحار الأنوار: ج53 ص298-299 الحكاية 51.

() السيد ميرزا مهدي الشيرازي: ولد في كربلاء (1304ه) كان عالماً تقياً، ورعاً عابداً، زاهداً كثير الحفظ، جيد الخط، وكان صاحب كرامات، يعتبر من خيرة تلاميذ الشيخ محمد تقي الشيرازي? قائد ثورة العشرين في العراق، توفي بتاريخ 28 شعبان عام 1380ه ودفن في الحرم الحسيني الشريف.

() بحار الأنوار: ج98 ص330 ب25 ح1.

() راجع بحار الأنوار: ج45 ص306 ب46 ضمن ح5.

() انظر كتاب قتلة الإمام الحسين عليه السلام والجزاء الدنيوي.

() مصباح المتهجد: ص723 دعاء الموقف لعلي بن الحسين عليه السلام.

() بحار الأنوار: ج98 ص277-278 ب20 ح1.

() سورة البقرة: 23.

() سورة الإسراء: 1.

() سورة الأنفال: 41.

() سورة ص: 17.

() سورة ص: 30.

() سورة ص: 45.

() سورة ص: 41.

() سورة مريم: 30.

() سورة النساء: 172.

() تهذيب الأحكام: ج6 ص22 باب فضل زيارته عليه السلام ح7.

() الأمالي للطوسي: ص669 المجلس 36 ح1404.

() كامل الزيارات: ص59 ب16 ح7.

() الكافي: ج4 ص567 ح2.

() فرحة الغري: ص79 ب6.

() بحار الأنوار: ج97 ص119-120 ب2 ح18.

() تفسير القمي: ج2 ص206 سورة فاطر.

() وسائل الشيعة: ج14 ص421 ب37 ح19504.

() بحار الأنوار: ج97 ص121-122 ب2 ح26.

() الكافي: ج4 ص585 باب فضل زيارة

أبي الحسن الرضا عليه السلام ح4.

() كامل الزيارات: ص11 ب1 ح4.

() مستدرك الوسائل: ج10 ص183 ب2 ح11800.

() سورة الكهف: 46.

() آية الله العظمي السيد ميرزا مهدي الحسيني الشيرازي، وقد مرت ترجمته في الصفحة 217 من هذا الكتاب.

() آية الله العظمي السيد صادق الشيرازي (دام ظله) ولد في 20 ذي الحجة عام 1360ه بمدينة كربلاء المقدسة، آلت إليه المرجعية بعد رحيل أخيه المجدد الثاني آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلي الله درجاته) في الثاني من شوال عام 1422ه.

() يقول الناشر: وفي يوم أربعين الإمام الحسين عليه السلام وليلته من هذه السنة 1423ه/ 2002م شوهد شفاء أكثر من عشرة من المرضي في حرم السيدة زينب عليها السلام الذين عجز الأطباء عن معالجتهم وقد شوفوا وأخذ الناس يصلون علي محمد وآل محمد ويتبركون بثياب المرضي المعافين، وكان بعضهم مقعداً والبعض الآخر أعمي والبعض منهم أصم وأبكم، علماً بأن الناس يأتون في ليلة أربعين الإمام الحسين عليه السلام من كل أنحاء العالم للاستشفاء بقبر عقيلة الهاشميين السيدة زينب (سلام الله عليها) الواقع بالقرب من مدينة دمشق سوريا.

() السيد شهاب الدين بن السيد محمود بن علي بن محمد بن طاهر بن عبد الفتاح بن محمد بن محمد صادق بن محمد طاهر بن علي بن الحسين الشهير بخليفة سلطان الحسيني المرعشي النجفي التبريزي، عالم فاضل جليل، ولد في النجف الأشرف في 20 شعبان 1318ه قرأ بها بعض السطوح والمقدمات علي والده وغيره، ثم سكن سامراء برهة والكاظمين كذلك، واستجاز كثيراً من العلماء الأعلام الذين لاقاهم، ومن لم يلاقه استجازه في الرواية كتابة أينما كان لشدة رغبته بذلك، وقد كثرت عنده الإجازات، فكوّن منها مجموعة، وفي عام 1342ه سافر إلي

طهران وهو ابن أربع وعشرين سنة ثم هبط قم فحضر فيها بحث الحجة الشيخ عبد الكريم الحائري مؤسس الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة، وكان من أئمة الجماعة في صحن السيدة معصومة عليها السلام، كان له ولع شديد بجمع الكتب والمخطوطات، وقد اجتمعت لديه مكتبة ضخمة سميت باسمه في قم المقدسة، وكان له رغبة في الأنساب أيضاً ألف فيها بعض المجاميع، توفي في مدينة قم المقدسة ودفن في مكتبته العامة.

() هو السيد محمد المكني بأبي جعفر أكبر ولد الإمام الهادي عليه السلام، المعروف بجلالة القدر وعظم الشأن حتي زعم بعض الناس أنه الإمام من بعد أبيه، ولكنه توفي قبل أبيه عليه السلام، يقع مزاره قرب قضاء الدجيل والذي يبعد عن سامراء ثمانية فراسخ، وهو من أجلاء أولاد الأئمة ? وصاحب كرامات شهيرة حتي عند أبناء العامة، وله هيبة جليلة فإن الناس لا يحلفون به كاذباً ويقسمون بحقه لفصل النزاعات.

() آية الله العظمي السيد ميرزا مهدي الشيرازي ?، وقد مرت ترجمته في الصفحة 217.

() الكافي: ج1 ص450 باب مولد النبي صلي الله عليه و اله ووفاته ح34.

() سورة النحل: 126-127.

() مستدرك الوسائل: ج2 ص257-258 ب5 ح1909.

() الدعوات للراوندي: ص42-43 ب1 ف2 ح103.

() بحار الأنوار: ج66 ص287 ب37 ضمن ح37.

() مستدرك الوسائل: ج15 ص484-486 ب52 ح18940.

() بحار الأنوار: ج20 ص58 ب12.

() راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج14 ص269-272 ف3 قصة غزوة أحد.

() راجع الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي: ص98 ح88-3.

() الفضائل: ص107 خبر عن ابن مسعود.

() بحار الأنوار: ج41 ص300 ب114 ح29.

() المناقب: ج3 ص338 فصل في معجزاتها عليها السلام.

() بحار الأنوار: ج43 ص46 ب3 ح46.

() الأمان: ص127 ب9 ف13.

() الأمان: ص127 ب9 ف13.

()

قال النجاشي: جابر بن يزيد، أبو عبد الله وقيل: أبو محمد الجعفي، عربي قديم، نسبه: ابن الحرث ابن عبد يغوث بن كعب بن الحرث بن معاوية ابن وائل بن مرار بن جعفي، لقي أبا جعفر وأبا عبد الله ? ومات في أيامه، سنة ثمان وعشرين ومائة.

() بحار الأنوار: ج66 ص270 ب37 ح1.

() بحار الأنوار: ج66 ص271 ب37 ح2.

() رجال الكشي: ج3 ص197 في جابر بن يزيد الجعفي ح347.

() بحار الأنوار: ج66 ص280-281 ب37 ح16.

() دلائل الإمامة: ص133 ذكر معجزاته عليه السلام.

() رجال الكشي: ج3 ص201-202 في أبي حمزة الثمالي ح355.

() رجال الكشي: ج3 ص213-214 في الفضيل بن يسار ح381.

() صر يصر صرا و صريرا وصرصر: صوَّت وصاح أشد الصياح. لسان العرب: ج4 ص450 مادة (صرر).

() بحار الأنوار: ج66 ص282-283 ب37 ح18.

() راجع الأمان: ص128 ب9 ف13.

() راجع الأمان: ج128 ب9 ف13.

() أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام العكبري الملقب بالشيخ المفيد، من أجل مشايخ الشيعة، ولد ? في عام 336ه، بأطراف بغداد، في أسرة عريقة في التشيع معروفة بالإحسان والطهارة، وقد أنهي دراساته الابتدائية في أسرته ومسقط رأسه، ثم سافر إلي بغداد واشتغل بتحصيل العلم عند الأساتذة والعلماء ليصبح بعد ذلك المقدم في علم الكلام والفقه والأصول، وكان من تلامذة ابن عقيل. وفضله أشهر من أن يوصف انتهت رئاسة الإمامية إليه في وقته. من أساتذته: ابن قولويه القمي، والشيخ الصدوق، وابن وليد القمي، وأبو غالب الزراري، وابن الجنيد الإسكافي، وأبو علي الصولي البصري، وأبو عبد الله الصفواني. ومن تلامذته: السيد المرتضي علم الهدي، والسيد الرضي، والشيخ الطوسي، والنجاشي، وأبو الفتح الكراجكي، وأبو يعلي جعفر بن سالار. وتبلغ مؤلفات الشيخ المفيد

طبقاً لما ذكر تلميذه البارز الشيخ الطوسي 200 مؤلف منها: المقنعة، الفرائض الشرعية، أحكام النساء، الكلام في دلائل القرآن، وجوه إعجاز القرآن، النصرة في فضل القرآن، أوائل المقالات، نقض فضيلة المعتزلة، الإفصاح، الإيضاح. توفي الشيخ المفيد في عام 413 ه ببغداد عن 75 عاما قضاها بالعلم والعمل، ودفن في الحرم المطهر بجوار الإمام الجواد عليه السلام قريباً من قبر أستاذه ابن قولويه. وقد حظي بتعظيم الناس وتقدير العلماء والفضلاء. يذكر الشيخ الطوسي الذي حضر تشييعه بأن يوم وفاته كان يوما لا نظير له لكثرة من حضر لأداء الصلاة علي جنازته والبكاء عليه من الصديق والعدو، حيث شيّعه ثمانون ألفاً وصلي عليه السيد المرتضي علم الهدي (رضوان الله عليهم أجمعين).

() نور الله الشوشتري: فاضل عالم محقق، علامة محدث، له كتب منها: إحقاق الحق، كبير في جوانب من رد نهج الحق للعلامة وكتاب الصوارم المهرقة في جواب الصواعق المحرقة، وكتاب مصائب النواصب، ورسالة في نجاسة الماء القليل بالملاقاة، وله أيضاً حاشية علي شرح المختصر للعضدي، وحاشية علي تفسير البيضاوي، ومجموعة مثل الكشكول، وكتاب في مجالس المؤمنين وغير ذلك، كان معاصراً لشيخنا البهائي، قتل في الهند بسبب تأليف إحقاق الحق.

() بحار الأنوار: ج53 ص255 الحكاية 25.

() السيد أبو الحسن بن السيد محمد بن السيد عبد الحميد الموسوي الأصفهاني النجفي (1284-1365ه) مرجع الطائفة في زمانه، ولد في بعض قري أصفهان، وقرأ المقدمات فيها ثم هاجر إلي العراق، وكان وروده إلي النجف الأشرف في أواخر القرن الثالث عشر، وأقام في كربلاء مدة، ولما توفي المرجع الكبير السيد محمد كاظم اليزدي عام 1337 اجتمع أهل الفضل والعلماء علي ترشيح السيد الأصفهاني للزعامة الدينية فتصدي للمرجعية بكل كفاءة. فُجع بقتل ولده الفاضل

السيد حسن في الصحن الشريف سنة 1349 وكان يصلي خلف أبيه جماعة، من أساتذته: الميرزا حبيب الله الرشتي، الشيخ ملا محمد كاظم الآخوند الخراساني، وتلامذته كثيرون، ومن مؤلفاته (وسيلة النجاة) وحاشية علي العروة الوثقي، وله شرح علي كفاية الأصول وعدة رسائل عملية.

() الشيخ محمد علي المدرس الأفغاني: ولد في ولاية غزنه بأفغانستان، وبدأ دراسته الابتدائية في أوائل سني عمره، ثم هاجر في شبابه إلي النجف الأشرف، وتابع دراسته هناك في حوزتها العلمية، بالرغم من بعض المشاكل التي واجهته كالسكن والفقر، بلغ مرتبة الاجتهاد وحصل عليها من أربعة من كبار الفقهاء. تتلمذ علي يديه آلاف من الطلبة من شتي الأقطار الإسلامية، وتشهد له بذلك حوزات النجف وقم ومشهد. توفي (رضوان الله عليه) ليلة 21 من شهر ذي الحجة، علي أثر نوبة قلبية في إحدي مستشفيات مدينة قم المقدسة. ألف العديد من الكتب وفي شتي العلوم المختلفة، كالنحو والمنطق والمعاني والبيان والتفسير.

() انظر ترجمته في الصفحة107 من هذا الكتاب.

() نادر شاه (1688- 1747): قائد إيراني خدم الشاه حسين الصفوي، طرد الأفغان من أصفهان واستقل بالحكم وأعلن نفسه ملكاً عام 1736 فقضي علي الصفويين. فتح أفغانستان وغزا الهند وسلب كنوز المغول وتغلب علي العثمانيين واستعاد السيطرة علي حدود بلاده الواسعة.

() الشيخ جعفر كاشف الغطاء (1156-1227ه/1743-1812م) جعفر بن خضر بن شلال الحلي الجناجي الأصل، النجفي المسكن والوفاة، فقيه إمامي، كان شيخ مشايخ النجف والحلة في زمانه، وهو أبو الأسرة (الجعفرية) من آل كاشف الغطاء والجناجي نسبه إلي جناجة وهي أحدي قري العذار في الحلة، وأشهر تصانيفه: (كشف الغطاء عن مبهمات شريعة الغراء)، (الحق المبين)، وكان متواضعاً وقوراً مهيباً.

() سبقت ترجمته في الصفحة 260 من هذا الكتاب.

() الشريف الرضي أبو

الحسن محمد بن أبي أحمد الحسين بن موسي بن محمد بن موسي بن إبراهيم بن الإمام موسي الكاظم عليه السلام، المولود عام 359ه، المتوفي عام 406ه، قام بجمع بعض كلام الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب (نهج البلاغة).

() الشريف المرتضي أبو القاسم علي بن الحسين بن موسي بن محمد بن موسي بن إبراهيم بن الإمام موسي الكاظم عليه السلام المشهور ب (السيد المرتضي) و(علم الهدي)، ولد ? عام 355ه، يعتبر سيد علماء الأمة ومحيي آثار الأئمة، وهو شقيق الشريف الرضي، جمع من العلوم ما لم يجمعه أحد، له تصانيف مشهورة منها: (الشافي في الإمامة) وكتاب (الطيف والخيال) وكتاب (الغرر والدرر)، وله ديوان شعر فيه أكثر من عشرين ألف بيت، قيل أنه ? خلف بعد وفاته 80 ألف مجلداً من مقروآته ومصنفاته ومحفوظاته، توفي عام 436ه ببغداد، ودفن في بيته.

() تفسير القمي: ج2 ص265 سورة حم السجدة حضور المعصومين ? عند الموت.

() سورة الدخان: 29.

() مستدرك الوسائل: ج2 ص469 ب75 ح2485.

() بحار الأنوار: ج66 ص280 ب37 ح15.

() الكافي: ج2 ص237-238 باب المؤمن وعلاماته وصفاته ح26.

() وسائل الشيعة: ج15 ص193 ب4 ح20254.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.