معالجة الأمراض النفسية

اشارة

اسم الكتاب: معالجة الأمراض النفسية

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت لبنان

تاريخ الطبع: 1422 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ

لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ

أَفَلاَ تُبْصِرُونَ

صدق الله العلي العظيم

سورة الذاريات: 20-21

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الظروف العصيبة التي تمر بالعالم …

والمشكلات الكبيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية..

والمعاناة السياسية والاجتماعية التي نقاسيها بمضض …

وفوق ذلك كله الأزمات الروحية والأخلاقية التي يئن من وطأتها العالم أجمع …

والحاجة الماسة إلي نشر وبيان مفاهيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العميقة التي تلازم الإنسان في كل شؤونه وجزئيات حياته وتتدخل مباشرة في حل جميع أزماته ومشكلاته في الحرية والأمن والسلام وفي كل جوانب الحياة..

والتعطش الشديد إلي إعادة الروح الإسلامية الأصيلة إلي الحياة، وبلورة الثقافة الدينية الحيّة، وبث الوعي الفكري والسياسي في أبناء الإسلام كي يتمكنوا من رسم خريطة المستقبل المشرق بأهداب الجفون وذرف العيون ومسلات الأنامل..

كل ذلك دفع المؤسسة لأن تقوم بإعداد مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها سماحة المرجع الديني الأعلي آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) في ظروف وأزمنة مختلفة، حول مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، وقمنا بطباعتها مساهمة منا في نشر الوعي الإسلامي، وسدّاً لبعض الفراغ العقائدي والأخلاقي لأبناء المسلمين من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مجيد..

وذلك انطلاقاً من الوحي الإلهي القائل:

?لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ?().

الذي هو أصل عقلائي عام يرشدنا إلي وجوب التفقه في الدين وانذار الأمة، ووجوب رجوع الجاهل إلي العالم في معرفة أحكامه في كل مواقفه وشؤونه..

كما هو تطبيق عملي وسلوكي للآية الكريمة:

?فَبَشِّرْ عِبَادِ ? الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُوا الأَلْبَابِ?().

ان مؤلفات سماحة آية الله العظمي

السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) تتسم ب:

أولاً: التنوّع والشمولية لأهم أبعاد الإنسان والحياة لكونها إنعكاساً لشمولية الإسلام..

فقد أفاض قلمه المبارك الكتب والموسوعات الضخمة في شتي علوم الإسلام المختلفة، آخذاً من موسوعة الفقه التي تجاوزت حتي الآن المائة والخمسين مجلداً، حيث تعد إلي اليوم أكبر موسوعة علمية استدلالية فقهية مروراً بعلوم الحديث والتفسير والكلام والأصول والسياسة والاقتصاد والاجتماع والحقوق وسائر العلوم الحديثة الأخري.. وانتهاءً بالكتب المتوسطة والصغيرة التي تتناول مختلف المواضيع والتي قد تتجاوز بمجموعها ال(1500) مؤلفاً.

ثانياً: الأصالة حيث إنها تتمحور حول القرآن والسنة وتستلهم منهما الرؤي والأفكار.

ثالثاً: المعالجة الجذرية والعملية لمشاكل الأمة الإسلامية ومشاكل العالم المعاصر.

رابعاً: التحدث بلغة علمية رصينة في كتاباته لذوي الاختصاص ك(الأصول) و(القانون) و(البيع) وغيرها، وبلغة واضحة يفهمها الجميع في كتاباته الجماهيرية وبشواهد من مواقع الحياة.

هذا ونظراً لما نشعر به من مسؤولية كبيرة في نشر مفاهيم الإسلام الأصيلة قمنا بطبع ونشر هذه السلسلة القيمة من المحاضرات الإسلامية لسماحة المرجع (دام ظله) والتي تقارب التسعة آلاف محاضرة ألقاها سماحته في فترة زمنية قد تتجاوز الأربعة عقود من الزمن في العراق والكويت وإيران..

نرجو من المولي العلي القدير أن يوفقنا لإعداد ونشر ما يتواجد منها، وأملاً بالسعي من أجل تحصيل المفقود منها وإخراجه إلي النور، لنتمكن من إكمال سلسلة إسلامية كاملة ومختصرة تنقل إلي الأمة وجهة نظر الإسلام تجاه مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية الحيوية بأسلوب واضح وبسيط.. إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان /ص.ب: 6080/13 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@alshirazi.com

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

نعمة الابتلاء

قال تعالي: ?أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ

? وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ?().

هناك ارتباط وثيق بين أعمال الإنسان وبين النظام الكوني، فلو اتجه الإنسان إلي ما تقتضيه الفطرة من طاعة الله سبحانه وتعالي لنزلت الخيرات، وانفتحت أبواب البركات، بخلاف ما لو انحرف عن طريق العبودية، وتمادي في غيّه فانه يستوجب ظهور الفساد، ونشوب الحروب، وحدوث الكوارث الكونية كالزلازل والصواعق، فهذه الأمور كلها ترجع إلي أعمال الإنسان، فقد قال تعالي: ?وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَي آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ?().

إلا إذا كان الأمر بحسب ما تقتضيه السنة الإلهية من الاستدراج والابتلاء، فاذا نزلت بلية أو مصيبة من مرض وغيره علي فرد من الأفراد، فان كان صالحاً كانت تلك فتنة ومحنة يمتحنه الله بها، فقد قال سبحانه وتعالي: ?أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ ? وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ?() وواضح أن ذلك هو الآخر مكمّل للإنسان ومقوّم لوجوده وغايته.

وإن كان المبتلي غير صالح كان ذلك تنبيهاً له وعقاباً علي أعماله ليرجع إلي صوابه ورشده، فقد قال تعالي: ?وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَي أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ? فَلَوْلاَ إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ? فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّي إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ?().

إذن فالبلايا والمصائب من الأمراض وغيرها، هي نعم من الله علي بني الإنسان، ليتعظوا ويتذكروا بها، ويتركوا المعاصي، فهذا مقتضي الحكمة الربانية في تمييز الطيب من الخبيث.

عينة من الابتلاء

فلو أخذنا جانباً من جوانب الابتلاء، كالأمراض التي تصيب

بني الإنسان فهي علي قسمين:

القسم الأول: الأمراض الجسمانية البدنية، وهي ما تختص بجسد الإنسان وتمتاز بكون تأثيرها مباشراً.

وكما يقول الأطباء بأن الأمراض التي تؤلم الإنسان تدفعه للبحث عن علاج لها.

القسم الثاني: الأمراض النفسية، اذ لا يحس صاحبها فيها بالألم المباشر، بل هي تتولد وتنمو وتتفاقم أحياناً دون أن يلتفت الإنسان إلي خطرها وعندما لا يستشعر الإنسان بآلام الأمراض النفسية بصورة مباشرة فإنه لا يندفع للبحث عن سبل العلاج، وبالنهاية يكون تأثيرها أكبر وأخطر من الأمراض البدنية. فالأمراض النفسية أشد صعوبة في العلاج من الأمراض الجسمية، إذ كثيراً ما لا يجد الإنسان علاجاً ناجحاً لها، وعندما تستفحل مثل هذه الأمراض علي المبتلي بها ينعدم عنده صفاء وسلامة القلب؛ فيعيش في أوهام وتخيلات بعيدة عن الواقع، أو يعيش حالات الأمراض الحاجبة والمانعة عن رؤية الحقائق الغيبية الإلهية، وقد يموت قلبه بسبب هذه الأمراض الخطيرة، مثل مرض حب الدنيا وغفلة القلب وقساوته، وطغيان الغضب والحسد والتكبر والعجب وغيرها، وهذه الأمراض أخطر من الأمراض البدنية التي منشؤها نتيجة اختلالات عصبية لأن هذه الأمراض لا تتعدي آثارها وخطورتها عن هذه الحياة الدنيا بينما الأمراض النفسية كالرياء والنفاق تبقي آثارها وتبعاتها ملازمة للإنسان في حياته الاخروية.

لقد ذكر الأطباء أموراً عديدة في مجال الأمراض النفسية، والمعاناة التي ترافقها، نذكر لكم بعضاً منها علي سبيل المثال:

يحسب نفسه بقرة!!

نقل بعض الأطباء أن شخصاً قبل ألف سنة كان يتصور بأنه بقرة، وكان يصرّ علي الآخرين بذبحه.

بعض الأطباء كانوا يضحكون عليه، والبعض الآخر كانوا ينصحونه ليقنعوه بأنه ليس بقرة، ولكن كان اصراره يزداد يوماً بعد يوم، وكان يقول اذبحوني لتنتفعوا من لحمي.

آخر الأمر نقلوا الخبر إلي (ابن سينا)() الذي كان قد دخل تلك المدينة حديثاً بعد غياب

طويل، فقالوا له ما علاج هذا المرض؟

قال: أنا سوف أعالجه بشرط أن لا يتدخل أحد في عملي فقال (والكلام لابن سينا): ادعوني في أحد الأيام لوجبة غذاء، واحضروا ذلك المريض، فاذا أعطاني السكينة لأذبحه اقبلوا ذلك، ولا تأخذوا من يده السكين، وبعدها بأي أمر آمركم أطيعوني.

فجاء ابن سينا بعدما وجهوا له الدعوة، وجيء بالمريض إليه، وهو يحمل سكينة حادة بيده، وقال له: إذبحني إني بقرة.

فقال (ابن سينا): نعم، إنك بقرة ولا شك في ذلك.

ففرح المريض كثيراً عندما وجد من يصدقه بأنه بقرة بعدها قال ابن سينا لمن حوله: اربطوا رجليه ويديه وأتوني بطشت أو قدح كبير أضع لحمه فيه بعد أن أقطعه.

بعدها جاء ابن سينا وأخذ السكينة بيده ووضعها أمام رقبته، وكان المريض مسروراً جداً، ثم ضرب ابن سينا قليلاً علي بطنه، ثم قال للأسف إنك بقرة ضعيفة وليس في بدنك اللحم الكافي والجيد، فلابد أن نعطيك العلف الكثير، وبعد شهر سوف نذبحك بعد أن تسمن، فقال المريض: لا بأس سوف أأكل العلف لكي أسمن. عندها أمر ابن سينا بأن يأتوا إليه بالحشائش الطبية التي كانت تنفع لمثل هذا المرض وتقضي عليه، ووضعوها أمامه، فأخذ المريض بالتناول منها بالشكل الكثير والمنتظم، وبعد شهر عادت إليه صحته بالكامل، بعدما كان يرفض تناول الأدوية ويصر علي ذبحه.

الجرة الوهمية

نقل المرحوم الوالد (قده)()، بأن شخصاً في سامراء أصيب بالجنون، وكان جنونه أنه عندما كان يمشي أو يريد الجلوس كان يهدأ ويتباطأ جداً، بحيث لا يهتز جسده، ولا يتحرك يميناً ولا شمالاً أبداً، وكان يقضي ليلة كاملة بالجلوس حتي الصباح وبصورة واحدة، وكان يقول بأن علي رأسي جرة ماء فاذا اصطدمت الجرة بشيء فسوف تنكسر علي رأسي وعندها سوف تنتهي

حياتي، فلهذا كان لا يحرك رأسه ولا جسده أبداً، وإذا جلس في مجلس كان لا يلتفت يميناً ولا شمالاً خوفاً من الموت.

فجاءوا به إلي الطبيب، فقال الطبيب: أنا أعالجه.

فأجلس المريض أمامه، وقال له: إن ما تتصوره وتقوله صحيح بالكامل، وهذا المرض مكتوب في طب (جالينوس) وإذا ما سقطت الجرة من علي رأسك انكسرت ومت بعدها، ولكن عندي الدواء الصالح لمرضك هذا.

ففرح المريض كثيراً، وأخذ يتناول الأدوية التي وضعها له الطبيب، وبعد مدة من العلاج، قال الطبيب: الجرة التي علي رأسك يمكن رفعها شيئاً فشيئاً، فان حالة الالتصاق برأسك بدأت تزول.

فقال المريض: لا بأس بذلك.

وبعد أيام هيأ الطبيب جرة بنفس تلك المواصفات التي وصفها المريض، وعلّقها بالسقف بالشكل الذي يمكن الوقوف تحتها، ثم قال للمريض: قف في هذا المكان (وهو المكان الذي فوقه الجرة) دون أن ينظر إليها، وعندما وقف بالقرب من الجرة أمر الطبيب بالقاء الجرة التي هيأها، فسقطت علي الأرض وانكسرت وأريق الماء الذي كان فيها، ثم قال للمريض: بان هذه هي الجرة التي كانت علي رأسك فسقطت الآن، وانكسرت واريق ماؤها، ولكن بقيت أنت سالماً علي قيد الحياة، ففرح المريض كثيراً من قول الطبيب وعادت إليه حالته الطبيعية.

الملوكية الوهمية

نقل أحد الخطباء هذه القصة: بانه كان في طهران مريض مصاب بكثرة التخيلات، فكان يتصور بانه ملك، وكان ينتظر من الناس أن يحترموه كثيراً، كما يحترم العبيد أسيادهم، ولابد أن ينادوه أو يلقبوه بصاحب الجلالة (الملك المعظم)، وكلما كانوا يراجعون الأطباء لم يرون له تحسناً ولا شفاءً لحالته، فكان البعض يضحكون عليه، والبعض الآخر ينصحونه، دون أن ينفعه ذلك.

قال أحد الأطباء: أنا أعالجه، ولكن بشرط أن تهيّؤا لي بيتاً جيداً، وبعض الخدم، لكي أستطيع القيام

ببعض الأعمال التي تناسب مقام الملوك والأمراء، وبهذه الطريقة أعالجه من مرضه. فلما هيّئوا له ما طلب، دخل الطبيب البيت، فأخذ ينحني للمريض معظماً له، وقام الخدم بالأفعال والأعمال التي يؤديها حاشية الملوك عادة.

وبعد مدة من ذلك العمل الذي قام به الطبيب، أخذ المريض بالاعتقاد بأن هؤلاء يتصورون بأنه ملك، وانهم مصدقون لما في نفسه، وفي تلك الفترة كان الطبيب يعطيه الأدوية المفيدة لعلاج حالته، ووصف له دواءً لابد أن يوضع علي رأسه، ويبقي ذلك لمدة أسبوع كامل لكي يشفي تماماً، ولكن المريض (الملك الخيالي) رفض أن يضعوا له ذلك الدواء، والذي كان فيه مواد صمغية علي رأسه، فابتكر الطبيب الحاذق طريقة ذكية لاستعمال الدواء، فقال الطبيب (مخاطباً المريض): يا صاحب الجلالة المعظم، لابد أن يوضع علي رأسك بعد أسبوع تاج الملوكية، ونحن سوف نهيّئ لك ذلك، ولكن قبل أن نضع التاج الذهبي علي رأسك، لابد أن نضع هذا الدواء لكي لا يتألم رأسك من التاج.

فوافق المريض بوضع الدواء علي رأسه، ومن ثم صنعوا له تاجاً من الورق السميك (الكارتون) وفيه شيء من المواد الطبية، وبعدها حلقوا رأسه كاملاً فوضع الطبيب التاج الورقي علي رأس الملك المريض، وقال له: لابد أن تبقي التاج علي رأسك لمدة أسبوع كامل، حتي عند ذهابك إلي النوم، لكي يعلم الجميع بأنك ملك حقاً. (وهذا الكلام قاله الطبيب بعد ان انتهت مراسيم الاحتفال البهيج الذي أقامه الطبيب لهذا الأمر).

وبعد أن قدموا التهاني والتبريك، وبعد أسبوع كامل، أثّر ذلك الدواء الذي وضعه علي رأسه بواسطة التاج الورقي، وذهب الجنون من رأسه كاملاً.

الطبيب الحاذق

ان هذا النوع من البلايا التي تصيب البعض قد تصيب الأمة بأجمعها، فتكون الأمة مبتلاة إلي أن يتهيأ لها

من ينقذها، كما هو شأن الطبيب الحاذق الذي يعالج هذه الحالات المرضية الصعبة لينقذ أصحابها مما كانوا مبتلين.

وخير مثال لنا الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله في إبلاغ رسالته السمحاء إلي الأمة أجمع، فقد ابتلي بأناس سيطر الجهل والكفر عليهم، وسيطرت عليهم الأمراض القلبية والنفسية بحيث قست قلوبهم، وماتت أرواحهم، فلم تكن لهم قلوب يعقلون بها، أو آذان يسمعون بها، ?فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَي الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَي الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ?().

ونبينا الأكرم صلي الله عليه و اله هو الطبيب الدوار كما قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يحمل أدويته ومياسمه ومراهمه ليداوي أمراض القلوب ويحيي ميّت النفوس ويعالج جميع الآفات والأدران التي أصابت قلوب الناس().

علاج القلوب

وهذه هي مهمة الأنبياء عليهم السلام بل هي أشرف وأعظم المهام التي يضطلع بها الأنبياء (صلوات الله عليهم)، فأول مهمة شرع بها رسولنا الأكرم صلي الله عليه و اله هي المهمة المتعلقة بعلاج القلوب وشفائها؛ لتكون مستعدة لتقبّل مبادئ الوحي وأحكام الشريعة السمحاء، فان القلب المريض بأمراض الزيغ والرين وحجاب الظلمات لا يستطيع أن يبصر أنوار الحق ومصابيح الهداية الإلهية، ولذلك فان رسولنا الأكرم صلي الله عليه و اله ابتدأ أولاً بتطهير القلوب وتزكيتها وتصفيتها عما علق بها من آفات وأدران الجاهلية الجهلاء، فقد عالج أمراض القلوب بأسلوب إعجازي تظهر فيه حكمة النبوّة وألطاف الوحي ليشفي الصدور بأصدق عاطفة، وأرق رحمة، ليخرجهم من ظلمات الجهل وأمراض القلب إلي نور العلم وشفاء الصدور وراحة الضمير وطمأنينة النفس وطهارة الروح، وفي سبيل ذلك تعرض لأقسي الشدائد وأجلّها من الضرب والادماء حتي قال صلي الله عليه و اله: «ما أوذي نبي مثل ما أوذيت» ()، وفي مقابل ذلك لم يقل فيهم إلا خيراً،

حيث قال صلي الله عليه و اله: «اللهم اغفر لقومي إنهم لا يعلمون» ().

لأن الطبيب غايته ابراء المرضي وشفائهم؛ فلذلك يتحمل كل المشاق، فمنذ بداية الدعوة تجسدت شخصية الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله الذي استطاع أن يكسب الكثير من الذين وقفوا معه صفاً واحداً لإعلاء كلمة الله، وتوسيع نطاق الدعوة الإسلامية، حتي قال عنه تعالي: ?وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً?() وذلك لتحقيق الهدف الذي جاء من أجله، وهو تجسيد الإنسانية، وإظهار كنوزها، والارتفاع بالإنسان إلي مستوي الجدارة الحقيقية بتمثيل خلافة الله علي الأرض، كما أشار في قوله تعالي إلي ذلك، حيث يقول: ?وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً?() وذلك ذروة العلاج ومنتهاه وأسمي منزلة ولا شيء فوقها، وهي الغاية فبالاضافة إلي تبليغ رسالة الله لهم، وقد أشار إلي هذا أيضاً في قوله تعالي: ?هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ?().

وقد ذكرنا في تفسير هذه الآية الكريمة أن: ?هُوَ ? الله ?الَّذِي بَعَثَ ? أي أرسل ?فِي الأمِّيِّينَ? الأمي المنسوب إلي الأم المراد بهم العرب، سموا بذلك إما لأنهم من (أم القري) أي مكة المكرمة المسماة بذلك لأن القري دحيت من تحتها وأما لأن الغالب منهم لم يكونوا يعرفون القراءة والكتابة فهم في جهلهم كالذي خلق من الأم لا يعرف شيئاً، والبعث في الأميين لا يلازم أن يكون لهم وحدهم، حتي تدل الآية علي خصوص نبوته (عليه الصلاة والسلام) ?رَسُولاً? لأجل هدايتهم ?مِنْهُمْ? أي من أنفسهم ومن أهل بلدهم. ? يَتْلُو? أي يقرأ ?عَلَيْهِمْ? أي علي أولئك الأميين ?آيَاتِهِ? أي أدلته. أو آيات القرآن ?وَيُزَكِّيهِمْ?

أي يطهرهم تطهيراً علمياً، فإن المعلم الرقيب يطهر تلاميذه عن أدران القلوب والجوارح بحفظهم عن الرذائل والأعمال المنكرة.? وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ? أي أحكامه وشرائعه ?وَالْحِكْمَةَ? بأن يعرفوا وضع الأشياء مواضعها، فإن الحكمة هي وضع الشيء موضعه. ?وَإِنْ كَانُوا? أي هؤلاء الأميون. ?مِنْ قَبْلُ? أي قبل أن يأتيهم الرسول صلي الله عليه و اله ?لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ? أي في إنحراف ظاهر، فلا عقائد صحيحة، ولا أعمال صالحة، ولا عادات طيبة، ولا أخلاق فاضلة، يعني أنه يوصلهم إلي أرقي مراقي الكمال، وإن كانوا قبل ذلك في أبعد متاهات الضلالة().

فقد كان صلي الله عليه و اله يدعوهم إلي العلم والعمل، لانقاذهم من الضلالة، ونقلهم إلي عالم النور والفضيلة.

التمويه والكذب

إن التاريخ البشري احتوي علي نماذج من الأنظمة والسلطات الداعية إلي العيش الهانئ والسعادة الشاملة، وكل من هؤلاء الدعاة يريد أن يصل إلي مبتغاه بالطريقة التي يراها مناسبة له، وعن طريقها يمكنه السيطرة علي المجتمع، الفئة الأولي من تلكم الأنظمة والسلطات هي فئة كاذبة في دعواها، وقد تغلبت علي البشرية في أكثر الأدوار، واستخدمت التمويه والكذب والخداع، ولم تفكر ولو للحظة في مصلحة الفرد والأمة، أو في الحقوق الشخصية الإنسانية، وأفراد تلكم الفئة ما يزالون مقبلين علي الظلم والتسلط علي رقاب الشعوب المسلمة خاصة، بشتي وسائل الجناية والعدوان، وحتي إذا بدر منهم ما يدل علي عدالتهم فهو مجرد تمويه وسلوك عرضي للوصول إلي غايتهم المنشودة ومآربهم الخبيثة.

وهؤلاء هم السلاطين، الذين يسعون وراء مصالحهم الشخصية، ضاربين عرض الجدار جميع المصالح الإنسانية للمجتمع، كابحين جماح التطلع للعيش السليم لدي الجماهير صيانة لمنافعهم غير المشروعة.

يقولون ما لا يفعلون

فعلي سبيل المثال في مجتمعنا هذا؛ البعض يقول: نحن أتباع الدين الإسلامي، ولا نريد الميل إلي الأفكار الخارجية المريضة، مع انهم في نفس الوقت يطبقون القوانين الغربية في بلادهم. نحن لسنا ضد التقدم والتطور ولكن ضمن حدود القوانين الإسلامية، والرسالة السماوية السمحاء، فالعقل والشرع لا يمنعان الاستفادة من التقدم، ولو من أهل الكفر والفسوق،فقد نقل عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «الحكمة ضالة المؤمن، فالتقفها ولو من أفواه المشركين» ().

ولكن ذلك ضمن ضوابط وأطر معينة، حيث وضع الإسلام شروطاً واضحة لا يمكن تجاوزها، ولا يمكن تعليق الأمل علي هؤلاء في إصلاح حال المجتمع، وحل الكثير من قضايا المسلمين المستعصية علي بعض القوي المهيمنة علي مقدرات الشعوب الإسلامية وطموحاتها، فقد جاء في الحديث القدسي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال

أوحي الله تعالي إلي بعض أنبيائه في بعض وحيه إليه: «وعزتي وجلالي وعظمتي وارتفاعي لأقطعن رجاء أمل كل مؤمل يأمل غيري باليأس، ولأكسونه ثوب المذلة في الناس، ولأبعدنه من فرجي وفضلي، أيؤمل عبدي غيري في الشدائد والشدائد بيدي، ويرجو سواي وأنا الغني الجواد، أبواب الحوائج عندي وبيدي مفاتيحها، وهي مغلقة» الحديث().

المعرفة بالإنسان طريق الإصلاح

أما الفئة الثانية من تلكم الأنظمة والسلطات فهي فئة غير كاذبة، ولكنها لم تأت بما كان كافياً لتحقيق أهدافها، وهم بعض المصلحين، أو الذين ادعوا الاصلاح، فهم رغم طرحهم الصادق في الغالب لدعواهم وأهدافهم، إلا أنهم لم يستطيعوا تحقيق أهدافهم من خدمة المجتمع البشري وتلبية حاجاته المادية والمعنوية؛ وذلك لأنهم لم يعرفوا حقيقة المتطلبات والحاجات الفطرية والروحية لهذا الإنسان، حيث إنهم غالباً يبحثون جانباً واحداً من هذه الحاجات، ويقتصرون علي تلبية الجانب المادي للإنسان ويتركون الجوانب الأصلية والأساسية؛ ولهذا تبقي البشرية تعيش حالة من الفراغ الروحي، فهم لم يسدوا هذا الفراغ الحاصل، ولم يأتوا بالتعاليم الكافية لحل مشاكل المجتمع البشري. ولا فرق في ذلك بين المجتمع القديم والمجتمع الحديث، إلا أن مجتمعنا اليوم أصبح لديه نظرة واسعة، وبات أكثر تفتحاً وتحفزاً نحو الإصلاح.

أما المجتمع القديم فإنه رغم الجهل الشديد، إلا أن خاتم الأنبياء والمرسلين صلي الله عليه و اله استطاع أن يأخذ بيد الإنسانية ويهديها إلي الصراط القويم، رغم الآلام والمصاعب التي تعرض لها من المجتمع، فضلاً عن الأذي والمشاكل التي كان يواجهها من الأعداء.

العلاج الناجع لمشكلاتنا المعاصرة

أما مجتمعنا اليوم فقد ابتلي بحالة من اليأس، والسؤال هنا هو كيف يتم علاج هذه الحالة؟ والجواب علي ذلك: ان العلاج لا يتم إلا بإيجاد ذلك الطبيب الماهر المطيع لله ولرسوله صلي الله عليه و اله، حتي يتسني له استئصال ذلك المرض من أساسه، وبالتالي يسهل عليه قيادة الأمة إلي بر الأمان.

وهذا العمل ليس بالأمر الهيّن، حيث يتطلب منه أن يوجد أسلوب معالجة دقيقة وفعّالة للفرد الإنساني من خلال اتباع العقيدة الألهية، والشريعة الإسلامية، التي فرضت علي الإنسان أن ينظر إلي الحياة نظرة تفاؤلية إيجابية، بأن يراها مثمرة باعتبار أنها

مزرعة الآخرة، فعليه أن يستغلها أحسن استغلال، ويخلص نفسه من الكسل واليأس والتشاؤم، ويسعي للاستفادة من جميع أوقاته ولحظاته، ومواهبه وقواه وامكاناته، ويسخرها لتطوير ذاته من النواحي الفكرية والروحية والثقافية؛ ليساهم بعد ذلك بتطوير مجتمعه، والي هذا المعني أشار الإمام السجاد عليه السلام في بعض أدعيته وهو يدعو ربه، حيث يقول: «ولا تؤيسني من الأمل فيك، فيغلب عليّ القنوط من رحمتك» ().

وحيث قال الله تعالي في كتابه العزيز: ?لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ?(). فما دام الإنسان بطبيعته لدية ملكة حب الاستطلاع والتفحص، فإنه لابد أن يعلم أن الله قد خلق كل ما في العالم بعضه لبعض، وخلق الكل للإنسان «عبدي! خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي» ()، وأن كل ما في الوجود منقاد لله تعالي، فعندما يحس بانجذابه إلي الطبيعة التي غدت ساجدة لله سبحانه وتعالي، فإنه حينئذ يتجاوب معها ويستفيد منها للوصول إلي الغاية المثلي التي من أجلها خلق، وبذا تكون نظرته إلي الحياة نظرة إيجابية واقعية، وهذا لا يحصل إلا لمن يحرز الاعتقاد الإيماني الإلهي، وبعكسه فإنه لا يري غاية ولا حكمة ولا واجباً ولا تجاوباً، فنراه استولي علي نفسه اليأس، وعندما يستولي اليأس علي النفس الإنسانية يجعلها خائرة القوي ضعيفة الإرادة متشائمة لا تري في هذه الحياة الدنيا أملاً أو بريقاً من التفاؤل.

فعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل …، يُعجَب بنفسه إذا عوفي، ويقنط إذا ابتلي، … إن استغني بطر وفُتن، وان افتقر قَنِط ووهن» ().

اللهم بحق محمد وآل محمد اصرف عني الآفات والعاهات واقض بالحسني في أموري كلها ولا تكلني إلي نفسي طرفة عين

أبداً اصلح لي في سريرتي. اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي علي دينك واعصمني من همزات الشياطين يا أرحم الراحمين بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين.

من هدي القرآن الحكيم

النفس الإنسانية

قال تعالي: ?وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لاَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَ مَا رَحِمَ رَبِّي?().

وقال سبحانه: ?وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي?().

وقال عزوجل: ?وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ?().

وقال جل وعلا: ? فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ?().

معرفة النفس

قال تعالي: ? وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ? وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ?().

وقال سبحانه: ?سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الأفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّي يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ?().

وقال عزوجل: ?يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ? ارْجِعِي إِلَي رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ? فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ? وَادْخُلِي جَنَّتِي ?().

وقال جل وعلا: ? وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ? فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ? قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ? وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا?().

آثار الاستغفار

قال تعالي: ?وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً?().

وقال سبحانه: ?وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ?().

وقال عزوجل: ?وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً?().

قال تعالي: ?وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَي أَجَلٍ مُسَمًّي وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ?().

عوامل انحراف النفس

وقال سبحانه: ?أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ … خَتَمَ عَلَي سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَي بَصَرِهِ غِشَاوَةً?().

وقال عزوجل: ?كَلاَ بَلْ رَانَ عَلَي قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ?().

قال تعالي: ?وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَ الْفَاسِقِينَ?().

وقال سبحانه: ?كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ?().

عوامل صلاح النفس

وقال عزوجل: ?الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ?().

قال تعالي: ?فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ?().

وقال سبحانه: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ?().

وقال عزوجل: ?وَالَّذِينَ

جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا?().

من هدي السنة المطهرة

النفس الإنسانية

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «أعدي عدوك نفسك التي بين جنبيك» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «إن النفس لجوهرة ثمينة من صانها رفعها ومن ابتذلها وضعها» ().

وقال عليه السلام: «أكرم نفسك عن كل دنية وإن ساقتك إلي الرغائب، فإنك لن تعتاض عما تبذل من نفسك عوضاً» ().

وقال الإمام الجواد عليه السلام: «من أطاع هواه أعطي عدوه مناه..» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «أكرم نفسك ما أعانتك علي طاعة الله» ().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: «احذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم فليس شيء أعدي للرجال من اتباع أهوائهم وحصائد ألسنتهم» ().

معرفة النفس

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من عرف نفسه فقد عرف ربه» ().

سئل رسول الله صلي الله عليه و اله: كيف الطريق إلي معرفة الحق؟ فقال صلي الله عليه و اله: «معرفة النفس».

فقال: يا رسول الله، كيف الطريق إلي موافقة الحق؟ قال صلي الله عليه و اله: «مخالفة النفس»، قال: يا رسول الله، فكيف الطريق إلي رضاء الحق؟ قال صلي الله عليه و اله: «سخط النفس»، فقال: يا رسول الله، فكيف الطريق إلي وصل الحق؟ قال صلي الله عليه و اله: «هجر النفس»، فقال: يا رسول الله، فكيف الطريق إلي طاعة الحق؟ قال صلي الله عليه و اله: «عصيان النفس»، فقال: يا رسول الله، فكيف الطريق إلي ذكر الحق؟ قال صلي الله عليه و اله: «نسيان النفس»، فقال: يا رسول الله، فكيف الطريق إلي قرب الحق؟ قال صلي الله عليه و اله: «التباعد عن النفس»، فقال: يا رسول الله، فكيف الطريق إلي أنس الحق؟ قال صلي الله عليه و اله: «الوحشة من النفس»، فقال: يا رسول الله، كيف الطريق إلي

ذلك؟ قال صلي الله عليه و اله: «الاستعانة بالحق علي النفس» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «من عرف نفسه فقد انتهي إلي غاية كل معرفة وعلم» ().

وقال عليه السلام: «أفضل الحكمة معرفة الإنسان نفسه ووقوفه عند قدره» ().

وقال الإمام الباقر عليه السلام: «سد سبيل العجب بمعرفة النفس» ().

آثار الاستغفار

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «لكل داء دواء ودواء الذنوب الاستغفار» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «استغفر ترزق» ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «إذا أكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته وهي تتلألأ» ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من كثرت همومه فعليه بالاستغفار» ().

عوامل انحراف النفس

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «حبك للشيء يعمي ويصم» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «ومن عشق شيئاً أعشي بصره، وأمرض قلبه، فهو ينظر بعين غير صحيحة، ويسمع بأذن غير سميعة» ().

وقال الإمام علي بن الحسين عليه السلام: «إلهي إليك أشكو نفساً بالسوء أمارة، والي الخطيئة مبادرة، وبمعاصيك مولعة، ولسخطك متعرضة، تسلك بي مسالك المهالك.. كثيرة العلل طويلة الأمل إن مسها الشر تجزع وإن مسها الخير تمنع.. ميالة إلي اللعب واللهو، مملوّة بالغفلة والسهو تسرع بي إلي الحوبة وتسوفني بالتوبة» ().

وقال الإمام موسي بن جعفر عليه السلام: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: من لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوي» ().

عوامل صلاح النفس

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «وعودوا قلوبكم الرقة، وأكثروا من التفكر والبكاء من خشية الله» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «إذا أحب الله تعالي عبداً نصب في قلبه نائحة من الخوف، وإذا أبغض عبداً جعل في قلبه مزماراً من الضحك» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «غالبوا أنفسكم علي ترك العادات تغلبوها وجاهدوا أهواءكم تملكوها» ().

وقال عليه السلام: «دواء النفس الصوم عن الهوي والحمية عن لذات الدنيا» ().

وقال عليه السلام أيضاً: «حاسبوا أنفسكم بأعمالها، طالبوها بأداء المفروض عليها والأخذ من فنائها لبقائها، وتزودوا وتأهبوا قبل أن تبعثوا» ().

وقال عليه السلام: «طوبي لمن غلب نفسه ولم تغلبه، وملك هواه ولم يملكه» ().

وقال عليه السلام أيضاً: «كفاك في مجاهدة نفسك أن لا تزال أبداً لها مغالباً وعلي أهويتها محارباً» ().

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

() سورة التوبة: 122.

() سورة الزمر: 17-18.

() سورة العنكبوت: 23.

() سورة الأعراف: 96.

() سورة العنكبوت: 23.

() سورة الأنعام: 42 - 44.

()أبو علي ابن سينا (980م 1037م) فيلسوف وطبيب وعالم من كبار فلاسفة الإسلام وأطبائهم، عرف بالشيخ الرئيس، ولد في أفنشة قرب بخاري وتوفي في همدان، من مؤلفاته المطبوعة: كتاب القانون في الطب، والشفاء، والنجاة، والإشارات والتنبيهات، والحدود في الفلسفة والمنطق. انظر المنجد في الأعلام: حرف (أ).

() هو السيد الميرزا مهدي الحسيني الشيرازي (قده) ولد في كربلاء المقدسة (1304ه) عالماً تقياً، ورعاً عابداً، زاهداً كثير الحفظ جيد الخط، وكان صاحب كرامات، وهو (قده) من خيرة تلاميذ الشيخ محمد تقي الشيرازي (قائد ثورة العشرين في العراق)، توفي في (28 شعبان عام 1380ه) ودفن في الحرم الحسيني الشريف.

() سورة الحج: 46.

() أنظر نهج البلاغة، الخطبة: 108، وفيها قوله عليه السلام: «طبيب دوار بطبه، قد أحكم

مراهمه وأحمي مواسمه، يضع من ذلك حيث الحاجة إليه، من قلوب عمي، وآذان صم، وألسنة بكم، متتبع بدوائه مواضع الغفلة، ومواطن الحيرة، لم يستضيئوا بأضواء الحكمة، ولم يقدحوا بزناد العلوم الثاقبة، فهم في ذلك كالأنعام السائمة والصخور القاسية..

() المناقب: ج3 ص247 فصل مساواته عليه السلام أمير المؤمنين يعقوب ويوسف?.

() تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج1 ص99 باب تهذيب الأخلاق و ص186.

() سورة النصر: 2.

() سورة البقرة: 30.

() سورة الجمعة: 2.

() تفسير تقريب القرآن: ج28 ص98 سورة الجمعة.

() تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج1 ص81 باب العتاب.

() إرشاد القلوب: ص122 ب35.

() الصحيفة السجادية، دعاءه عليه السلام يوم عرفة، الدعاء: 47.

() سورة الزمر: 53.

() مشارق أنوار اليقين: ص179.

() نهج البلاغة، قصار الحكم: الرقم 150.

() سورة يوسف: 53.

() سورة طه: 96.

() سورة العنكبوت: 6.

() سورة إبراهيم: 22.

() سورة الذاريات: 20-21.

() سورة فصلت: 53.

() سورة الفجر: 2730.

() سورة الشمس: 710.

() سورة النساء: 110.

() سورة الأنفال: 33.

() سورة النساء: 64.

() سورة هود: 3.

() سورة الجاثية: 23.

() سورة المطففين: 14.

() سورة البقرة: 26.

() سورة غافر: 34.

() سورة الرعد: 28.

() سورة الأنعام: 125.

() سورة يونس: 57.

() سورة العنكبوت: 69.

() تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج1 ص59 باب العتاب.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص231 ح4616 الفصل الأول في النفس.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص231 ح4615 الفصل الأول في النفس.

() أعلام الدين: ص309 فصل من كلام سيدنا رسول الله ?.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص231 ح4607 الفصل الأول في النفس.

() الكافي: ج2 ص335 باب اتباع الهوي ح1.

() بحار الأنوار: ج20 ص32 ب9 ح22.

() غوالي اللئالي: ج1 ص246 الفصل العاشر ح1.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص232 ح4638 الفصل الأول في النفس.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص232 ح4632 الفصل

الأول في النفس.

() تحف العقول: ص284 وصيته عليه السلام لجابر بن يزيد الجعفي.

() اعلام الدين: ص294 فصل من كلام سيدنا رسول الله ?.

() ثواب الأعمال: ص164 ثواب الاستغفار.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص195 ح3824 الفصل الخامس في التوبة.

() عدة الداعي: ص265 فصل.

() تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص136.

() غوالي اللئالي: ج1 ص124 ح57 الفصل السابع.

() نهج البلاغة، الخطبة: 109.

() الصحيفة السجادية: المناجاة الثانية، مناجاة الشاكرين.

() معاني الأخبار: ص198 باب معني الغايات ح4.

() اعلام الدين: ص146 باب صفة المؤمن.

() اعلام الدين: ص146 باب صفة المؤمن.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص243 ح4934 الفصل الأول في النفس.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص235 ح4718 الفصل الأول في النفس.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص236 ح4740 الفصل الأول في النفس.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص243 ح4931 الفصل الأول في النفس.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص243 ح4938 الفصل الأول في النفس.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.