الفقه: المرور

اشارة

اسم الكتاب: الفقه: المرور

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت لبنان

تاريخ الطبع: 1421 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

وصلي الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين

ولعنة الله علي أعدائهم أجمعين

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الطرق والمواصلات اليوم حاجة ملحة، وضرورة من ضروريات الحياة العصرية، ومن أهم أركانها ومقوماتها.

فلولاها لما استطاع الإنسان أن يتنقل في الأرض، ولا أن يتعرف علي أخيه الإنسان المتواجد بجواره وفي محلة أخري، ناهيك عن الموجودين في بلد آخر وفي منطقة ثانية، أو قارة أخري، ولا أن يرتبط به ويشاركه في ضرائه وسرائه وجدبه وخصبه، فيعينه أو يستعين به، بل ولا أن يتعرف علي كثير من الأشياء الموجودة حوله في هذا الكون الواسع الرحيب.

فقد كان الإنسان قبل وجود المواصلات الجديدة والطرق الحديثة، يصيبه الجدب والقحط، ويموت عطشاً وجوعاً، وإلي جنبه بمسافات بعيدة اناس قد أرغد عيشهم الخصب والخير، وأغراهم كثرة الطعام والشراب، حتي راحوا يقدمونه لأنعامهم، ويتلفونه في أسواقهم، ولم يكن لهم من وسائل الحمل والنقل ما يستطيعون به من إيصال الطعام إلي جيرانهم النائين عنهم.

وقد اتفق هذا في أكثر من بلد، وتكرر في أكثر من مرة، ففي إحدي الدول وقبل ما يقارب القرن الواحد أجدبت المناطق الوسطي من ذلك البلد بشدة وسري القحط بين أهاليها بعنف، حتي قضي علي كثير من الناس جوعاً، وحتي اضطر بعضهم إلي أكل البعض عند موته.

بينما كانت مناطقه الجنوبية رغيدة بالعيش من كثرة الخصب ووفور النعمة، ولكن حيث كانت الدواب وسيلة حملهم ونقلهم وهي بحاجة إلي علوفة، فكان من اللازم لطول المسافة أن يقدم معظم حمولتها علوفة لها وزاداً لمن معها حتي تصل إلي المنطقة المنكوبة وهذا كان

مانعا من وصول الاعانة اليهم.

نعم لولا الطرق والمواصلات لما استطاع الإنسان من التواصل والترابط، ولا التعالي والتكامل الناتج من تلاقح الأفكار المتفاوتة، وتبادل الثقافات المختلفة الموجودة بين الملل والأمم، وذلك عبر اللقاءات والمعارفات، كما قال الله تعالي في كتابه الكريم: ?وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا? ()، ولكان لابد له من أن يعيش عيشة الانعزال والغربة، وعيشة الانفراد والوحشة، وعيشة النقص والحرمان، إذ الإنسان اجتماعي بالطبع، فإذا لم يستطع من أن يعيش في حياة اجتماعية وفي مجتمع مترابط لكانت حياته ناقصة ومليئة بالحرمان.

ومن هنا يظهر مدي أهمية الطرق والمواصلات في حياة الإنسان وتكامله، وخاصة الحياة العصرية المترابطة والمتطورة، كما ويعلم منها أيضا بأنها من عظيم نعم الله تعالي علي الانسان، وقد نبه القرآن الكريم علي هذه الأهمية وأشار إلي مكانة هذه النعمة بقوله: ?والله جعل لكم الأرض بساطاً? لتسلكوا منها سبلا فجاجا?() وبقوله: ?وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجاً سبلاً لعلهم يهتدون? ()، وبقوله: ?الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون?()، وبقوله: ?الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا?()، وبقوله: ?هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها? ().

فنعمة الطرق والمواصلات اذن نعمة عظيمة ويتحسس ضرورتها ويتلمس أهميتها كل انسان معاصر، والعلم بها موضوعاً، أي: العلم بنفس الطرق والمواصلات، وحكماً، أي: العلم بأحكام الطرق والمواصلات، المعروف بقوانين المرور، لا يتسني الا لذوي الأختصاص في الفقه الإسلامي مضافا إلي معرفته للعلوم الحديثة.

هذا والإسلام ورسول الإسلام وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) الذين لم يتركوا شيئاً من الموضوعات الا وبينوا لنا أسسه وأحكامه، لم يغفلوا عن موضوع الطرق والمواصلات ولاعن أحكامها وآدابها، بل بينوا كل ذلك لنا في

خطوط عريضة وفي نفس الوقت دقيقة وحكيمة.

وقد قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كما في نهج البلاغة معلناً علي منبر الكوفة وفي صفوف المسلمين: «ايها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، فلأنا بطرق السماء أعلم مني بطرق الأرض» ().

يا تري فهل كان الناس يعرفون أو يتصورون في تلك الأيام بأن للسماء طريقا، يمكن لاحد سلوكها، والعبور منها والمرور فيها، ام كانوا يرون ذلك من المستحيلات؟.

ومن المعلوم أن الإمام عليه السلام كما يعرف موضوع الطرق والمواصلات، وليست طرق الأرض ومواصلاتها فحسب، بل طرق السماء ايضاً، كذلك يعرف جميع أحكام هذه الطرق وهذه المواصلات، وكل جزئيات مسائلها وقوانينها، كيف لا وهو ربيب الرسول صلي الله عليه و اله والوحي، والاسلام والقرآن، الذي لا رطب ولا يابس الا كان فيه.

نعم ان القرآن أشار إلي موضوع الطرق والمواصلات، ونبه إلي ما سيمنحه الله تعالي للانسان من علم تطورها وتقدمها في مستقبل الزمان، ونص علي مسائلها وأحكامها، والرسول صلي الله عليه و اله والأئمة من أهل بيته عليهم السلام المفسرون للوحي والقرآن، بينوا لنا ذلك، وفسروا لنا مسائله وأحكامه، غير انه بقي كثير منها مغموراً في بطون الكتب، وظل مستورا في طيات الدفاتر والسجلات، ولم يتسن للفقهاء استخراجها واستنباطها، والتطرق إلي مختلف مواضيعها وأحكامها بشكل واف.

الا ان المرجع الديني الأعلي الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (دامت بركاته) والذي يعتبر اليوم قائد النهضة الفكرية المعاصرة ورائد الحركة الثقافية الحديثة، قد تناول برأس قلمه الشريف كثيراً من الموضوعات المحتاج إليها، والأحكام الشرعية المبتلي بها، والعديد من المجالات العصرية التي أصبحت اليوم جزءً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، مستنبطاً ذلك من الادلة الأربعة: الكتاب والسنة والاجماع والعقل، حتي كتب سماحته أكثر من ألف كتاب

وكتيب، وقد بلغت موسوعته الفقهية فقط 150 مجلداً ضخماً، ومنها هذا الكتاب الذي بين يديك، وهو (الفقه: المرور) ويحتوي علي أربعة فصول رئيسية:

1. قواعد عامة لاستنباط فروع المرور.

2. قوانين المرور

3. أحكام المرور

4. آداب المرور

فانه دام ظله، قد سد به نوعاً من الفراغ الذي كان موجوداً في هذا الباب.

ومساهمة منا في هذه النهضة الفكرية المباركة والحركة الثقافية المقدسة، قمنا بطبع هذا الكتاب القيم، سائلين الباري عزوجل التوفيق والقبول.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص.ب: 6080 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@shiacenter.com

مقدمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي محمد وآله الطاهرين.

وبعد: فيقول محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي، هذا كتاب (الفقه: المرور) كتبته لعلاج هذا الجانب من الفقه الإسلامي.

وقد ذكرت له مقدمة، لبيان الجو العام الذي يساعد علي صياغة قوانين المرور المستفادة من الأدلة الأربعة، فهذه المقدمة بمنزلة (الكبري) والقسم الثاني المرتبط بالمرور بمنزلة (الصغري).

أسأله سبحانه أن ينفع به، كما نفع ببقية أجزاء الفقه، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وهو الموفق المستعان.

قم المقدسة / 1412ه

القسم الأول المقدمة العامة وفيها مسائل

قاعدة نفي الحرج

مسألة: قد ذكرنا في الأصول مسألة الضرر، وبقي أن نذكر هنا مسألة الحرج، حيث إن العمل إذا كان حرجياً وهو واجب فتركه، أو حرام ففعله، هل فيه إثم أم لا، وهل فيه القضاء والكفارة والتوابع كالضمان وما أشبه أم لا؟

الظاهر أنه لا إثم فيه لرفع الحرج، وأما الأحكام الوضعية من القضاء وغيره، فسيأتي الكلام عنه إن شاء الله تعالي.

العسر والحرج لغة واصطلاحاً

مسألة: العسر مثل الحرج، ولا يبعد أن يكون الفرق بينهما:

إن الحرج نفسي والعسر بدني إذا ذكرا معاً، فمن يتعب أكثر من المقدار المتعارف من الحركة في الشمس يكون عسراً عليه، ولذا جاز له الاستظلال في الحج()، بينما البنت التي احتلمت وكان غسلها أمام أهلها مثار سوء الظن الشديد، وهي حيية يكون غسلها حرجاً.

نعم كل واحد منهما يطلق علي الآخر عند الانفراد.

بين أدلة التكليف ولا حرج

لا يقال: بين دليل (لا حرج) ودليل التكليف عموم من وجه، فلماذا تقدمون دليل نفي الحرج علي دليل سائر التكاليف في مورد الاجتماع؟

لأنه يقال: للأدلة الأربعة، التي بعضها مطلقة وبعضها في مورد الاجتماع، والمطلقة بقرينة ما في مورد الاجتماع يكون دليلاً علي التقديم.

هذا مضافاً إلي ما ذكر في «الأصول»: من أنه لو قدم دليل التكليف لم يبق لدليل الحرج مورد، فيكون معناه: اللغوية، كما ذكرنا مثل ذلك في كل الأدلة الثانوية بالنسبة إلي الأدلة الأولية، والتي منها (لا ضرر)() وقاعدة (الأهم والمهم)() و(التقية) المستفادة من الأدلة الأربعة، إلي غير ذلك من القواعد الثانوية.

أدلة لا حرج

أما بالنسبة إلي الأدلة، فهنا ننقل كلام (مفاتيح الأصول) حيث ذكر كثيراً منها، مما يغنينا عن غيره، وإن كان في بعض المذكورات نظر، كما إنه قد ترك بعض الأدلة الأخر التي يمكن التمسك بها للمقام، قال ما يلي:

اتفاق الأصحاب

منها: ظهور اتفاق أصحابنا عليه.

لا يقال: لا نسلم ذلك، فإن جمعاً من أعيان الأصحاب كالسيد والشيخ وغيرهما اختاروا في الفقه مذاهب مستلزمة للعسر والحرج جداً.

لانا نقول: ليس ذلك مستلزماً لمنع أصل القاعدة، لجواز أن يكون ظاهرهم مستنداً إلي أدلة خاصة، أو جمع تخصيص القاعدة.

ومن الظاهر أن هذا لا يقدح في صحة القاعدة، وإلا لارتفع الوثوق بكثير من القواعد التي تطرق التخصيص إليها، وبطلان التالي في غاية الوضوح، والمرجع فيما ذكرنا هو: إلي أن العام المخصص حجة في الباقي.

الإجماع المنقول

ومنها: ظهور عبارة المختلف في دعوي الإجماع علي ذلك، وقد صرّح به السيد الأستاذ فقال في جملة كلام له: وأما علي العموم فلإجماع المسلمين علي أن الحرج منفي في هذا الدين.

آية نفي الحرج

ومنها: ما تمسك به في المعتمد والمختلف والإيضاح والمدارك وحاشية الروضة وكشف اللثام ومصنف السيد الأستاذ وغيرها من قوله تعالي: ?وما جعل عليكم في الدين من حرج?().

ومنها: قوله تعالي: ?ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج?().

آية نفي العسر

ومنها: ما تمسك به في حاشية الروضة وكشف اللثام ومصنف السيد الأستاذ وغيرها من قوله تعالي: ?يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر?().

حديثا: السماحة ولا ضرر

ومنها: ما تمسك به في المختلف وجامع المقاصد والذخيرة وحاشية الروضة وغيرها من النبوي صلي الله عليه و اله المرسل: (لا ضرر ولا ضرار)().

ومنها: ما تمسك بها في المختلف ومصنف السيد الأستاذ وغيرهما (والمراد به صاحب الحدائق) من النبوي صلي الله عليه و اله المرسل: (بعثت بالحنيفية السمحة السهلة)().

حنيفية الدين

ومنها: ما تمسك به السيد الأستاذ فقال: لقوله عليه السلام: (دين محمد صلي الله عليه و اله حنيف)().

لا تكليف بما لا يطاق

ومنها: خبر هشام الذي عد صحيحاً عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن الله أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقون» ().

ومنها: خبره الآخر الذي عد صحيحاً عن الصادق عليه السلام قال:

«ما كلف الله العباد ما لا يطيقون، وإنما كلفهم في اليوم والليلة خمس صلوات، وكلفهم في كل مائة درهم خمسة دراهم، وكلفهم صيام شهر رمضان في السنة، وكلفهم حجة واحدة، وهم يطيقون اكثر من ذلك إنما كلفهم دون ما يطيقون» ().

لا يقال: غاية ما يستفاد من هذا الخبر انتفاء التكليف عند عدم الطاقة والقدرة، وهو ليس محل الكلام، فالرواية من أدلة امتناع التكليف بالمحال.

لأنا نقول: الظاهر صدق عدم الطاقة والقدرة حقيقة في صورة التعسر ولزوم الحرج.

ليس الدين بمضيّق

ومنها: خبر أبي بصير عن الصادق (عليه الصلاة والسلام) وقد عد من الموثق: «قال: قلت: إنا نسافر فربما بلينا بالغدير من المطر يكون إلي جانب القرية فتكون فيه العذرة، ويبول فيه الصبي، وتبول فيه الدابة وتروث؟

فقال: إن عرض في قلبك منه شيء فقل هكذا، يعني أفرج الماء بيدك، فإن الدين ليس بمضيق فإن الله عز وجل يقول: ?ما جعل عليكم في الدين من حرج?()» ().

التوسعة في الدين

ومنها: خبر محمد بن علي الحلبي عن الصادق عليه السلام وقد عد موثقاً قال: «ما أمر الله العباد إلا بوسعهم، وكل شيء أمر الناس فهم متسعون، وما لا يتسعون له فهو موضوع عنهم، ولكن الناس لا خير فيهم» ().

أقول: مراده (عليه الصلاة والسلام) من (لا خير فيهم) إن كثيراً من الناس لا يقبلون كلام الله فيرتكبون المحرمات.

حديث المرارة

ومنها: حسنة عبد الأعلي: «قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: عثرت فانقطع ظفري، فجعلت علي إصبعي مرارة، فكيف أصنع بالوضوء؟

قال: يعرف هذا

وأشباهه من كتاب الله عز وجل: ?ما جعل عليكم في الدين من حرج?()» ().

توسعة الله علي العباد

ومنها: الخبر الذي عد موثقاً: «إنما يصام يوم الشك من شعبان ولا يصومه من شهر رمضان، لأنه قد نهي أن ينفرد الإنسان بالصيام في يوم الشك وإنما ينوي من الليلة أنه يصوم من شعبان، فإن كان من شهر رمضان أجزء عنه بتفضل الله تعالي، وبما قد وسَّع علي عباده ولولا ذلك لهلك الناس» ().

من مصاديق نفي الحرج

ومنها: رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «سألته عن الجنب يحمل الركوة أو التور فيدخل إصبعه فيه؟

قال: إن كانت يده قذرة فليهرقه، وإن كان لم يصبها قذر فليغتسل منه، هذا مما قال الله تعالي: ?ما جعل عليكم في الدين من حرج?()» ().

ومنها: خبر محمد بن الميسر قال: ¬ «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل الجنب ينتهي إلي الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل منه وليس معه إناء يغرف به ويداه قذرتان؟

قال: يضع يده ويتوضأ ثم يغتسل، هذا مما قال الله تعالي: ?وما جعل عليكم في الدين من حرج?» ().

ومنها: خبر فضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «في الرجل الجنب يغتسل فينتضح من الماء في الإناء، فقال: لا بأس، ?ما جعل … في الدين من حرج?» ().

احب الدين إلي الله

ومنها: ما عن الصدوق في النهاية، قال: «سئل علي (عليه الصلاة والسلام) أيتوضأ من فضل وضوء جماعة من المسلمين أحب إليك أو يتوضأ من ركو أبيض مخمر؟

فقال: لا بل من فضل وضوء جماعة المسلمين، فإن أحب دينكم إلي الله الحنيفية السمحة السهلة» ().

الدين يأمر بالوُسع

ومنها: خبر حمزة الطيار عن أبي عبد الله عليه السلام: «ما أمروا بدون سعتهم، وكل شيء أمر الناس به فهم متسعون له، وكل شيء لا يتسعون له فهو موضوع عنهم، ولكن الناس لا خير فيهم» ().

ما أيسر التكليف؟

ومنها: ما في الحرز اليماني المنسوب إلي أمير المؤمنين عليه السلام: «فما أيسر ما كلفتني به من حقك» ().

لم يكلّفنا إلا وسعاً

ومنها: ما في الصحيفة السجادية في دعاء التحميد: «فما هكذا كانت سنّته في التوبة لمن كان قبلنا، لقد وضع عنا ما لا طاقة لنا به،

ولم يكلفنا إلا وسعاً ولم يجشمنا إلا يسراً، ولم يدع لأحد منا حجة ولا عذراً» ().

رفع الضرر المظنون

ومنها: ما تمسك به في (المعتبر) و(الحبل المتين) و(حاشية جمال الدين الخونساري) فقالوا: «لأن رفع الضرر المظنون واجب عقلاً».

سيرة العقلاء

ومنها: إن العقلاء يقبحون سيداً يكلف عبده بتكليف شاق فيه حرج وعسر، ويلومونه علي ذلك، ولولا عدم جواز ذلك عقلاً لما صح منهم ما ذكرناه.

وفي (جامع المقاصد): يقبح التكليف حينئذ.

وفي (مجمع الفائدة) الضيق منفي عقلاً.

من مستلزمات قاعدة اللطف

ومنها: ما تمسك به السيد الأستاذ فقال: ولأن التكليف بما يفضي إلي الحرج، مخالف لما عليه أصحابنا من وجوب اللطف علي الله سبحانه، فإن الغالب أن صعوبة التكليف المنتهي إلي حد الحرج، يبعّد من الطاعة ويقرّب من المعصية بكثرة المخالفة، ولأن الله تعالي أرحم بعباده وأرأف من أن يكلفهم بما لا يتحملونه من الأمور الشاقة، وقد قال الله تعالي: ?لا يكلف الله نفساً إلا وسعها?().

ثم قال: والنظر إلي الأدلة وحسن التأمل فيها آية ورواية مقتضٍ لذلك، انتهي كلامه رفع مقامه.

الكتاب ونفي العسر والحرج

وهناك آيات كثيرة في الكتاب الكريم تدل علي ما ذكر ولو إجمالا، نذكرها سرداً وتفصيل الكلام في محله.

قال الله تعالي: ?يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر?().

وقال سبحانه: ?فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي?().

وقال تعالي: ?وإن كان ذو عسرة فنظرة إلي ميسرة?().

وقال سبحانه: ?فقل لهم قولاً ميسوراً?().

وقال تعالي: ?وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاء الحسني وسنقول له من أمرنا يسراً?().

وقال سبحانه: ?ويسر لي أمري?().

وقال تعالي: ?ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر?().

وقال سبحانه: ?ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً?().

وقال تعالي: ?سيجعل الله بعد عسر يسراً?().

وقال سبحانه: ?فاقرؤوا ما تيسر من القرآن?().

وقال تعالي: ?ونيسرك لليسري?().

وقال سبحانه: ?فإن مع العسر يسرا?().

وقال تعالي: ?إن مع العسر يسراً?().

وقال سبحانه: ?فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لدا?().

وقال تعالي: ?فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون?().

وقال سبحانه: ?ثم السبيل يسره?().

وقال تعالي: ?فسنيسره لليسري?().

وقال سبحانه: ?قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا?().

وقال تعالي: ?ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما?().

وقال سبحانه: ?ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج?().

وقال تعالي: ?فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله

يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصَّعَّد في السماء?().

وقال سبحانه: ?كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه?().

وقال تعالي: ?ليس علي الضعفاء ولا علي المرضي ولا علي الذين لا يجدون ما ينفقون حرج?().

وقال سبحانه: ?وما جعل عليكم في الدين من حرج?().

وقال تعالي: ?ليس علي الأعمي حرج ولا علي الأعرج حرج ولا علي المريض حرج ولا علي أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم..?().

وقال سبحانه: ?لكي لا يكون علي المؤمنين حرج? ().

وقال تعالي: ?ما كان علي النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل?().

وقال سبحانه: ?لكي لا يكون عليك حرج وكان الله غفوراً رحيما?().

وقال تعالي: ?ليس علي الأعمي حرج ولا علي الأعرج حرج ولا علي المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار?().

وقال سبحانه: ?اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن?().

وقال تعالي: ?فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه ان الله غفور رحيم?().

وقال سبحانه: ?ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا?().

وقال تعالي: ?لا تكلّف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده?().

وقال سبحانه: ?ولا يضار كاتب ولا شهيد?().

وقال تعالي: ?أو دين غير مضار?().

وقال سبحانه: ?فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم?().

وقال تعالي: ?وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه?().

وقال سبحانه: ?فمن اضطر غير باغ ولا عاد فان ربك غفور رحيم?().

وقال تعالي: ?والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين…?().

وقال سبحانه: ?فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم?().

إلي غيرها من الآيات.

السنّة لا تقرّ العسر والحرج

كما إن هناك في السنّة إضافة إلي ما ذكر روايات كثيرة، تدل علي نفي العسر والحرج نذكر بعضها سرداً، وتفصيلها في محله.

عن عبد

الله بن ميمون عن أبي عبد الله عن أبيه عليه السلام في حديث زكاة الفطرة قال: «ليس علي من لا يجد ما يتصدق،به حرج» ().

وعن محمد بن مسلم قال: «سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان، ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام ولا قضاء عليهما، فإن لم يقدرا فلا شيء عليهما» ().

وعن الهيثم بن عروة التميمي قال: «سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يريد إسباغ الوضوء فتسقط من لحيته الشعرة أو الشعرتان؟

فقال عليه السلام: ليس بشيء، ما جعل عليكم في الدين من حرج» ().

وفي فقه الرضا عليه السلام: «وان اغتسلت من ماء الحمام ولم يكن معك ما تغرف به ويداك قذرتان، فاضرب يدك في الماء وقل: بسم الله هذا مما قال الله تبارك وتعالي: ?وما جعل عليكم في الدين من حرج?()» ().

وعن أبان عن عثمان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن الله أعطي محمداً صلي الله عليه و اله شرائع نوح، إلي أن قال: والفطرة الحنيفية السمحة لا رهبانية ولاسياحة». الخبر().

وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: «قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: جعلت فداك إن رجلاً من أصحابنا رمي الجمرة يوم النحر وحلق قبل أن يذبح.

فقال عليه السلام: إن رسول الله صلي الله عليه و اله لما كان يوم النحر أتاه طوائف من المسلمين فقالوا: يا رسول الله ذبحنا من قبل أن نرمي، وحلقنا من قبل أن نذبح، ولم يبق شيء مما ينبغي لهم أن يقدموه إلا أخروه، ولا شيء مما ينبغي لهم أن يؤخره إلا قدموه، فقال رسول الله

صلي الله عليه و اله: لا حرج لا حرج» ().

وعن أبي عبد الله عن أبيه عليه السلام قال: «زكاة الفطرة صاع من تمر، أو صاع من زبيب، أو صاع من شعير، أو صاع من إقط، عن كل إنسان حر أو عبد، صغير أو كبير، وليس علي من لا يجد ما يتصدق به من حرج» ().

وعن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاءت امرأة عثمان بن مظعون إلي النبي صلي الله عليه و اله فقالت: يا رسول الله إن عثمان يصوم النهار ويقوم الليل، فخرج رسول الله صلي الله عليه و اله يحمل نعليه حتي جاء إلي عثمان فوجده يصلي، فانصرف عثمان حين رأي رسول الله صلي الله عليه و اله فقال له: يا عثمان لم يرسلني الله تعالي بالرهبانية، ولكن بعثني بالحنيفية السهلة السمحة، أصوم وأصلي وألمس أهلي، فمن أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح» ().

وعن سدير أنه سمع علي بن الحسين عليه السلام يقول: «من قال إذا أطلي بالنورة: اللهم طيّب ما طهر مني، وطهّر ما طاب مني إلي قوله عليه السلام واجعلني ممن يلقاك علي الحنيفية السمحة ملة إبراهيم خليلك ودين محمد صلي الله عليه و اله حبيبك ورسولك عاملاً بشرائعك… طهّره الله من الأدناس في الدنيا ومن الذنوب». الحديث().

أمور في مسألة «لاحرج»

مسألة: هناك أمور في باب «لاحرج» نشير إليها اجمالاً:

مع الأحكام الوضعية

الأمر الأول: الظاهر أن دليل الحرج كدليل الضرر وقاعدة الأهم والمهم والتقية، لا ترفع الوضع، ولذا قال (عليه السلام): «أي والله أن أفطر يوماً من شهر رمضان وأقضيه أحب إلي من أن يضرب عنقي» ().

وإن كنا ناقشنا في وجوب القضاء في الفقه وقلنا إن المحتمل قريباً إن القضاء علي سبيل الاستحباب.

وكيف كان: فانه إذا كان عدم غسلها وتيممها بدل الغسل من جهة الحرج، ثم تمكنت من الغسل، وجب عليها الغسل.

وكذا إذا كان الماء ضررياً علي شخص فتيمم، نعم لا قضاء ولا إعادة.

وكذا لو كان الحرج من جهة البرد أو الحر، فاستعمل مدفئة الغير وثلاجته مثلاً وجب عليه أجرتهما، وإلي غير ذلك من الأمثلة الكثيرة.

متعلق التكليف وأقسامه

الأمر الثاني: ما يتصور لتعلق التكليف به علي ثلاثة أقسام:

الأول: ما لا يطاق، والتكليف به محال عقلاً وشرعاً، وربما يطلق (ما لا طاقة به) علي المشقة الكثيرة، قال سبحانه: ?ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به?() فإنه إن كان محالاً لم يكن وجه للدعاء كما هو واضح.

الثاني: ما يطاق لكن بمشقة وعسر، وهذا مرفوع بدليل (لا حرج) وغيره.

الثالث: السعة بدون المشقة، وهذا مورد التكاليف، قال سبحانه: ?يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر?() وقد تقدم بعض الأدلة علي ذلك في كلام السيد الطباطبائي (قدس سره) في المفاتيح.

بين الضرر والحرج

الأمر الثالث: ان بين الحرج والضرر عموماً من وجه، فإذا اجتمعا رفع كل منهما الحكم، وإن انفرد أحدهما ارتفع الحكم بسببه.

الإصر والأمم السابقة

الأمر الرابع: لا يبعد أن وجه حمل الإصر علي الأمم السابقة كما في قوله سبحانه: ?ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته علي الذين من قبلنا?() إنهم كانوا يستحقون ذلك، بمخالفتهم لأوامر الشرع والعقل، وقتلهم الأنبياء بغير حق كما في القرآن الحكيم()، فيكون من قبيل الحدود والتعزيرات والسجن، حيث إنها إصر لكن المجرم يجب أن يتحملها عقلاً وشرعاً، وعرفاً وعادة، نكالاً به، وقلعاً له عن الاجرام.

إمكان التكليف الحرجي

الأمر الخامس: حيث قد عرفت إمكان التكليف الحرجي، فليس هذه القاعدة مثل التكليف بالمحال، حيث لا يقبل التخصيص، ولذا وقع في الشرائع السابقة، وفي شريعتنا في الجملة، بتسليم المقصر نفسه للقضاء الموجب لإيقاعه في الحرج الشديد، ويؤيده قوله صلي الله عليه و اله: «رجعتم من الجهاد الأصغر وبقي عليكم الجهاد الأكبر» () إلي غير ذلك مما تزخر به الشريعة.

التكليف بالمحال محال

الأمر السادس: أن الكون بدنياه وأخراه علي نمط واحد من الحكمة وقد ثبت ان التكليف بالمحال محال مطلقاً، ومعه يمكن أن يقال: كيف يكلف العبد بالمحال في المحشر كما ورد: من عقد شعيرة لمن كذب في رؤياه()، وإحياء الصورة والمثال لمن صنع الصورة والمثال() وما أشبه ذلك؟

والجواب: إنه من قبيل ?قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نوراً?() وليس التكليف بالمحال واقعي، بل لإظهار عجز المكلف إظهاراً بهذه الصيغة، ليجزي علي فعله الحرام.

عند تعارض الضرر والحرج

الأمر السابع: لو تعارض حرج وضرر فالمقدم منهما الأهم، ولو لم يحرز الأهمية تخير بينهما، فهما في تعارضهما كتعارض ضررين أو حرجين أو تقيتين، لأن كليهما قاعدة ثانوية، وأحدهما في عرض الآخر، وهما من قبيل تعارض القاعدتين الأوليتين، حيث كانتا في عرض واحد، فيقدم الأهم منهما إذا كان علي نحو المنع من النقيض، وإلا فالمكلف مخير بينهما.

الحرج وملاك تشخيصه

الأمر الثامن: تشخيص كون الشيء عسراً أو حرجاً أو ما أشبه، منوط بفهم نفس الإنسان المكلف، ولذا أجاب الإمام عليه السلام السائل الذي سأله عن الصيام، بأن الإنسان علي نفسه بصيرة().

نعم، لو لم يفهم الإنسان نفسه ذلك رجع إلي أهل الخبرة.

الفرق بين الاحتمالين

الأمر التاسع: ليس احتمال الحرج كاحتمال الضرر حيث ذكرنا في الفقه والأصول إن محتمل الضرر مرفوع، وذلك لقيام الدليل هناك ولا دليل هنا، فاللازم دوران الأمر مدار الواقع، الذي يصل إليه الإنسان بالقطع أو ما أشبه القطع، لأن الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعية كما قرر في الأصول.

هل الحرج يتعدّي إلي الغير؟

الأمر العاشر: كما إن الضرر يتعدّي إلي غير المتضرر، فيباح له المحرم الطبيعي بسبب ضرر الغير، كالطبيب عند معالجة المرأة الأجنبية مشاهدة ولمساً، مع أن الطبيب لاضرر عليه، كذلك الحرج، فإذا كان الأمر حرجاً علي إنسان وتوقف رفعه علي إنسان آخر لا حرج عليه، جاز للآخر عمله بالنسبة إلي ذلك الإنسان الذي وقع في الحرج، كالمرأة تكون في الحرج النفسي مما تحتاج إلي طبيب نفسي في فحصها وإعطاء الدواء لها لرفع حرجها، وإلي غير ذلك.

اللا اقتضائيات ودليل لا حرج

الأمر الحادي عشر: الظاهر عدم صدق العسر والحرج في اللااقتضائيات، من المستحبات فعلاً، والمكروهات تركاً، وهذا هو الذي ألمع إليه السيد الطباطبائي (قدس سره) في المفاتيح، قال: هل يجوز عقلاً أن يستحب فعل فيه مشقة عظيمة بحيث يلزم منه الحرج لو حكم بوجوبه، أو لا يجوز كما لا يجوز أن يستحب ما لا يتعلق به القدرة؟

المعتمد هو الأول، لأنا لم نجد من العقل ما يقتضي امتناع ذلك، بل هو قاطع بجوازه.

وهل الأصل عدم جواز ذلك أم لا؟

الأقرب هو الأخير لعدم دليل علي الأول لا عقلاً ولا نقلاً، فإن الحرج والعسر المنفيين في العمومات السابقة لا يصدقان هنا، كما لا يخفي، انتهي.

وذلك لأن الإنسان له أن يختار فعله أو تركه فلا يصدق عليه أنه حرج عليه، فإذا استحبه الشرع، أو جعله مكروهاً، لا يقال أنه أوقعه في الحرج، فالحرج منفي موضوعاً لا حكماً، فلا يقال: ?وما جعل عليكم في الدين من حرج?() غير قابل للتخصيص، ولذا نشاهد المستحبات الحرجية.

الأحكام الالزامية الحرجية

الأمر الثاني عشر: إنما كُلف الإنسان بالأحكام الالزامية الحرجية من قبيل الجهاد، من جهة قانون الأهم والمهم، فلا يقال: كيف وضع الشارع الحكم الالزامي الحرجي مع أن الآية غير قابلة للتخصيص، إذ الآية في صدد بيان الأحكام التي ليست هناك أهم منها، فالحكم بذلك تخصص لا تخصيص، كما ذكره السيد الطباطبائي (قدس سره).

هل الرفع رخصة أو عزيمة؟

الأمر الثالث عشر: إذا عمل الإنسان بالحكم الحرجي المرفوع فالظاهر صحته، لأن رفعه من باب الامتنان لا من باب العزيمة، فليس الأمر في الحرج كالأمر في الضرر، حيث قسموه إلي ما لا يبطل العمل معه وما يبطل العمل معه.

نسأل الله سبحانه التوفيق لما يحب ويرضي، والكلام في الحرج طويل جداً والفروع كثيرة، لكنا اكتفينا بهذا القدر تمهيداً لبعض مسائل المرور والله المستعان.

قاعدة النظم

مسألة: من القواعد التي يمكن أن تكون موضوعاً للأحكام الثانوية مضافاً إلي كونها من الأوليات في الجملة: قاعدة النظم، وهي قاعدة منتشرة في كثير من أبواب الفقه، وقد تعرّض لها الفقهاء في مظانها من الفقه.

ومن تلك الموارد التي لو لم يراع فيها قاعدة النظم، لوقع الناس في الهرج والمرج، ولانتهي الأمر بهم إلي الفوضي والاضطراب، هو: باب المرور، حيث إن المرور أصبح اليوم من الأمور المبتلي بها، ولا يمكن لمجتمع الاستغناء عنها، فإذا لا تصاغ لها قوانين تنظيم سيرها وحركتها، وتوقفها وسكونها، وسرعتها وبطأها، وقع الناس كلهم في هرج ومرج، ولأدي الأمر إلي الفوضي والاضطراب والضرر والإضرار، ودفعاً لذلك، يلزم القيام حسب قاعدة النظم برسم خارطة للمرور، تبيّن فيها الخطوط العريضة والجزئيات المؤثرة في حفظ المجتمع من الفوضي، والمفيضة عليه السلامة والسعادة.

قال تعالي: ?والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون?().

وقال سبحانه: ?وزنوا بالقسطاس المستقيم?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: في وصيته للحسن والحسين عليه السلام: «أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوي الله ونظم أمركم» ().

إلي غير ذلك.

الإنسان بين نزعتي: الخير والشر

مسألة: إن في جبلّة كل إنسان نزعتين:

1: نزعة خير.

2: ونزعة شر.

كما قال الله تعالي: ?وهديناه النجدين?()، وقال سبحانه: ?انا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً?().

وحيث إن هناك من المغريات ما يقوّي نزعة الشر في الإنسان، ويشجع روح التعدي فيه علي نفسه وعلي المجتمع وعلي المحيط، ويدعوه إلي مخالفة الأحكام والقوانين الشرعية وغيرها من المرور وغيره، وذلك لأمور مذكورة في علم الكلام وفي علم النفس والأخلاق وما أشبه.

قال تعالي: ?والعصر ? إن الإنسان لفي خسر ? إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر?().

وقال سبحانه: ?إن الإنسان خلق هلوعاً?().

وقال تعالي: ?إنه كان ظلوماً

جهولاً?().

إلي غير ذلك من الآيات والروايات الدالة علي هذا الأمر.

لذلك جعل الإسلام ثلاثة أمور لأجل تقويم الإنسان، وتقوية نزعة الخير فيه، وتغلبه علي نزعة الشر، حتي لا يأتي بالاعتداءات المتقدمة والتي يكون جملة منها من مصاديق ما يرتبط بالمرور، والأمور الثلاثة هي كما يلي:

1: التزكية والتهذيب

الأول: جعل الإسلام للإنسان أوامر ونواهي، وآداباً وسُنناً وحِكماً ومواعظ، تؤدي إلي تزكيته وتهذيبه، والفاته إلي مضار المعصية وفوائد الطاعة في الدنيا وفي الآخرة.

قال الله تعالي: ?كل نفس بما كسبت رهينة?().

وقال سبحانه: ?كل امرء بما كسب رهين?().

وقال عزوجل: ?قد أفلح من تزكّي?().

وقال تعالي: ?قد أفلح من زكّاها ? وقد خاب من دساها?().

وقال سبحانه: ?أم نجعل المتقين كالفجار?().

وقال تعالي: ?أفنجعل المسلمين كالمجرمين?().

وقال سبحانه: ?أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض?().

وقال تعالي: ?أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون?().

وقال عزوجل: ?خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم?().

وقال سبحانه: ?جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكي?().

وقال تبارك وتعالي: ?ومن تزكي فانما يتزكي لنفسه وإلي الله المصير?().

وقال سبحانه: ?لقد من الله علي المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين?().

وفي الحديث: (إن خيراً فخير، وإن شراً فشر) ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «من رعي قلبه عن الغفلة، ونفسه عن الشهوة، وعقله عن الجهل، فقد دخل في ديوان المنتهين، ثم من رعي عمله عن الهوي، ودينه عن البدعة، وماله عن الحرام، فهو من جملة الصالحين» ().

وقال عليه السلام أيضاً: «طوبي لعبد جاهد نفسه وهواه، ومن هزم جند هواه ظفر برضا الله، ومن جاوز عقله النفس الأمارة

بالسوء بالجهد والاستكانة والخضوع علي بساط خدمة الله، فقد فاز فوزاً عظيماً، ولا حجاب أعظم وأوحش بين العبد وبين الرب، من النفس والهوي» ().

2: الرقابة الاجتماعية

الثاني: جعل الإسلام علي الإنسان الرقابة الاجتماعية، حيث أوجب إرشاد الجاهل، وهداية الضال، وإلفات المخطئ، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلي الخير.

قال الله تعالي: ?والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر?().

وقال عزوجل: ?كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر?().

وقال سبحانه: ?ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر?().

وفي الخطبة الشقشقية عن أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام): «وما أخذ الله علي العلماء ألاّ يقاروا علي كظة ظالم، ولا سغب مظلوم» ().

وعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: «لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولّي الله أموركم شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم دعاؤكم» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «ما أقرّ قوم بالمنكر بين أظهرهم لا يغيّرونه، إلا أوشك أن يعمّهم الله عزوجل بعقاب من عنده» ().

وعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في النهج: «ان الله سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم، إلا لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلعن السفهاء لركوب المعاصي، والحكماء لترك التناهي» ().

وعن الإمام الصادق عليه السلام انه قال للحرث بن المغيرة: «ما يمنعكم إذا بلغكم عن الرجل منكم ما تكرهونه مما يدخل به علينا الأذي والعيب عند الناس، ان تؤتوه فتؤنّبوه وتعظوه وتقولوا له قولاً بليغاً» ().

3: القوانين الجزائية

الثالث: جعل الإسلام أمام الإنسان المجرم عقبة العقوبات والجزاء الذي يناله بسبب القضاء ونحوه.

قال سبحانه: ?والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم?().

وقال تعالي: ?والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة

بمثلها وترهقهم ذلة مالهم من الله من عاصم?().

وقال سبحانه: ?وجزاء سيئة سيئة مثلها?().

وقال تعالي: ?الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة?().

متي وُجد القضاء؟

والكلام في هذا الصدد وفي بعض مصاديقه، حيث ان القضاء وجد من أول ما وجد الإنسان، فإن العقيدة في الشرائع السماوية كلها علي: إن أول الناس هم الأنبياء كآدم عليه السلام وليس في الإسلام أو في سائر الأديان السماوية من الإنسان القديم، أو الإنسان الأول، أو الإنسان الحجري، الذي يزعمه الطبيعيون عين ولا أثر.

وعلي هذا: فالإنسان حين وجد، وجد معه قوانين القضاء الذي أنزله الله تعالي من السماء، قال الله تعالي: ?وأنزلنا معهم الكتاب والميزان?().

فالكتاب منهج للحياة، والميزان لتطبيق الكليات القانونية علي المصاديق الخارجية، وليس خاصاً بالميزان الذي يوزن فيه، ولذا نري أن كلاً من الكيل والوزن والعد والذرع ميزان، فالميزان يصدق علي الجميع، وفي الأحاديث: أن أمير المؤمنين علياً (عليه الصلاة والسلام) ميزان الأعمال()، كما أن الأصول ميزان الفقه، والمنطق ميزان الفكر، وقد ألمع إلي ذلك المولي الفيض الكاشاني في مقدمة (الصافي).

القضاء لماذا؟

وعلي أي: فالقضاء إنما احتيج إليه لحل اختلاف الناس، سواء كان الاختلاف:

عن عمد، كمن يأكل أموال الناس بالباطل، أو يغتصب البنات، أو ما أشبه ذلك.

أو عن خطأ، كمن تصور مال زيد ماله فتصرف فيه خطأً، أو اعتقد زوجة عمرو زوجته لظلمة مثلاً فواقعها، أو غير ذلك.

أو عن اختلاف المصالح، فإن مصلحة الطبيب هو: أن لا يخرج في نصف الليل حيث وقت استراحته مع عائلته، وذلك بعد نهار طويل من الأتعاب، ومصلحة المريض هو: أن يخرج الطبيب حيث احتياجه إلي العلاج، فإذا تشاحا كان القضاء هو الفيصل، إلي غير ذلك من الأمثلة.

أو عن جهل بالواقع، وإن كان كل خاضعاً للحق، كما

إذا كان الإرث مشتركاً بين الورثة ولم يعلم كل قدر حصته، ولا كيف يقتسمون؟ أو زوّج الأخوان الوكيلان أختهما لنفرين في وقت واحد مثلاً، وإلي غير ذلك من الأمثلة مما لا يخفي.

أقسام الجزاء

مسألة: من المعلوم أن المعتدي بشيء من التعديات سواء في المرور وغيره إذا خضع للقضاء يجازي بشيء، وذلك الشيء علي أقسام:

1: إما إلهي كما في الأديان.

2: أو عقلاني كما عند من لا يأخذ بدين ويريد العدالة حسب عقله وعرفه.

3: أو سلطوي كما يفعله المستبدون.

ومن هنا اختلف ملاك التشخيص، وجنس الجزاء، وقدره.

وفي الإسلام جعل الجزاء: الحدود والتعزيرات، والقصاص والديات، والضمان والحرمان في الجملة.

ومن أمثلة الحرمان: قول الله سبحانه: ?ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً?() أي: الذين يقذفون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء، فإنه حرمان عن قبول شهادتهم.

ومن أمثلته أيضاً: انه يحرم لمن زنا بالعمة والخالة الزواج من بنتهما فإنه نوع منه، وكذلك من فعل بغلام، أمه واخته وبنته فانه نوع حرمان، كما هو الظاهر.

وهكذا ما ورد من أن من فعل كذا فعليه عتق أو صيام أو إطعام، فانه نوع من الضمان.

وكذلك الحج فيمن باشر زوجته في الحج، والتفريق بينهما من حيث الجماع في حج الكفارة.

إلي غير ذلك، مما يطلع عليه من له إلمام بالفقه.

الجزاء علي ماذا؟

مسألة: الجزاء علي التخلفات مطلقاً والبحث أعم من المرور وغيره انما هو علي ضربين:

1: قد يكون للتخلف عن حق الله.

2: وقد يكون للتخلف عن حقوق الناس.

ويبني الجزاء في الإسلام علي ما قرره الله سبحانه وتعالي، سواء علي لسان أنبيائه عليهم السلام أم أوصيائهم عليهم السلام، وذلك كما في القرآن الحكيم، والسنة المطهرة.

ولو فرض عدم وجود شيء فيهما علي نحو الجزئية والتشخيص، لا مثل دية القتل كذا، وحد السرقة كذا،

فإنه يوجد فيه علي سبيل الكلية، المكشوفة بالإجماع أو العقل ما يعيّن جزاءه، فإن أدلة الأحكام هي هذه الأمور الأربعة المذكورة، وذلك مثل دليل (لا ضرر)، وقاعدة (الأهم والمهم)، وغير ذلك.

هل يصح تطبيق العقوبات الإسلامية؟

مسألة: ثم إنا حيث نري في عصر غيبة الإمام المعصوم عليه السلام لزوم شوري الفقهاء المراجع، وأنهم المرجع الأخير في الأمة، حيث هم بمجموعهم نواب الأئمة (عليهم الصلاة والسلام)، فاللازم مراجعتهم في الامر، ولكنه بدواً نري من شروط تنفيذ قانون العقوبات: لزوم تطبيق الإسلام بكل قوانينه الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية وغيرها، وإلا فلا تجري الحدود المقررة، فمثلاً يلزم وجود الاقتصاد الإسلامي والحرية الإسلامية وما أشبه حتي تقطع يد السارق، أو يجلد الزاني، وقد ذكرنا الدليل علي ذلك في كتاب (الفقه: الدولة) () وغيره.

ومن جانب آخر حيث أنه لا يمكن إهمال الجرائم، وحيث لم يكن تطبيق للإسلام بعد، فإن ما يوجبه الجمع بين هذه الأدلة هو: عدم إجراء الحدود حالياً والرجوع إلي رادع آخر مما يقرره شوري الفقهاء المراجع().

والحاصل: إنه يجب علي الدولة الإسلامية أن لا تعمل شيئاً يوجب تنفير الناس عن الإسلام، ويسبب رغبة الناس إلي الغرب، كما ان عليها أن لا تعمل ما يوجب تصور الناس ان الغرب بحرياته أفضل من الإسلام، فان الحريات الإسلامية أضعاف حريات الغرب كما فصلناه في بعض كتبنا()، وهذا بحث طويل قصدنا الإشارة إليه لااستيعابه، فإن له محلاً آخر، والله المستعان.

الغرب وقضية المرأة

ثم انه من باب الاستطراد في الإطراد، نقول:

إن الغرب إنما التف بعض الناس حوله، في قبال عدم التفافهم حول الإسلام، الذي ينفع ديناهم واخراتهم، مع العلم بأن الناس قد التفوا حول الإسلام في زمن الرسول صلي الله عليه و اله واقبلوا عليه أكبر اقبال حيث قال عزوجل: ?ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً?()، لأن الغرب أخذ يتظاهر بأنه عالج موضوع المرأة معالجة عصرية، باعطائها الحرية، وإعطائها التساوي مع الرجل في كل الشؤون.

بينما لم يكن هذا في الواقع علاجاً

حقيقياً وواقعياً لموضوع المرأة، ولذا نري عقلاء الغرب أخذوا يتبرّمون من الفساد الذي سببه هذا العلاج الصوري، ويعتقدون بأنه فوضي يجب بتره.

بل الصحيح والمؤيّد تاريخياً وتجربياً هو: انه لما جاء الرسول صلي الله عليه و اله عالج موضوع المرأة معالجة واقعية وحقيقية، وأعطاها من الحقوق العادلة بما سبب التفاف الناس حول الإسلام، لأنه أعطاها الحرية المعقولة والمسؤولة، وأعاد إليها بذلك إنسانيتها الضائعة والمسلوبة، كما ساوي بينها وبين الرجل في جميع الأحكام إلا ما خرج بالدليل لحكمة رآها الشارع ولمصلحة المرأة نفسها.

وحيث أن الغرب قد أعطي اليوم المرأة حرية مفسدة فساداً شاملاً، وأسف بشخصيتها، وجعلها بضاعة عادية ورخيصة، وإلي غير ذلك، فاللازم إعطاء المسلمين للمرأة الحريات الإسلامية العادلة، التي منحها الإسلام إياها، لسد الباب علي الحريات الغربية التي امتزجت بالانحراف والفساد.

من عوامل صدّ الناس عن الإسلام

هذا ولا يخفي أن المرأة وشؤونها، وكذلك ما مرّ من مسألة العقوبات والقوانين الجزائية، هي من أهم العوامل التي استخدمها الأعداء لانفضاض الناس عن الإسلام، وصدّهم عنه، إلي جانب عوامل أخر ليست بهذه الأهمية.

نعم لا شك في إن سياسة الاستبداد والحزب الواحد، الرائجة في الدول الإسلامية من قبل الحكومات غير الشرعية، حيث قامت بسلب الناس اختيارهم في انتخاب الرئيس وانتخاب النواب وغيرهم، وذلك بمختلف الأسامي والسبل، ومنعهم من حرياتهم، هي من أسباب تشويه سمعة الإسلام، وانفضاض الناس عنه، والتفافهم حول الغرب المدعي للحرية والعمل بالديمقراطية، مع أن الإسلام برئ مما يعمله هؤلاء الحكام، وبريء مما يدّعونه وينسبونه اليه.

وهذا الموضوع وهو: براءة الإسلام من سياسة الاستبداد الرائجة علي يد الدكتاتوريين في الدول الإسلامية، موضوع واضح المعالم تقريباً، وإنما النقص في التطبيق، بينما موضوع القوانين الجزائية والمرأة، أمران بحاجة إلي توضيح المفهوم، وتطبيق

المعني الإسلامي في الخارج، حتي يعرفه الجميع، ويدرك رحمته وبركته، فيعمل لاستعادة الحكم الإسلامي إلي الحياة، وإلا فالأمر يطول إلي أن يبين الموضوعان إسلامياً، ويطبقان علي الحياة عملياً، فإن الناس لا يلتفون إلا حول من يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، ففي اليوم الأول كان الإسلام هكذا، وفي هذا اليوم تغيرت البلاد ومن عليها، والتبس علي البعض المفاهيم الإسلامية في المرأة وفي القوانين الجزائية وما أشبه، وبسبب عدم تطبيق الحكام للإسلام، أخذ ينفض بعض الناس عن الإسلام، ولعلنا نفصل الأمر في كتاب (الفقه: المرأة) بإذنه سبحانه().

الإسلام والمياه الإقليمية

مسألة: ما يصطلح عليه اليوم: من المياه الإقليمية بقدر اثني عشر ميلا أو ما أشبه، لا يعترف به الإسلام، فان الإسلام يري حرية الملاحة، وحرية العبور والمرور في الماء والهواء، وعلي الأرض، وتحت الماء، وكذلك حرية مطلق الاستفادة من المياه وما أشبه، إلا إذا كان هناك سبق، فالسابق أحق، نعم إذا كان فوضي في الاستفادة فالنظم أولي، ويقدّر بقدره، ثم انه لا حريم في البحر ونحوه، إذ لا دليل عليه شرعاً، والتنظير بحريم البئر والقرية ونحوهما، كما في إحياء الموات ليس أكثر من القياس.

نظرة الإسلام إلي البلاد والأرضين

مسألة: ثم إن الإسلام يري الأرض علي قسمين:

1: ارض الإسلام، فلا اعتبار بالتقسيمات الدولية والحدود الجغرافية المجعولة لكل بلدة بلدة إذا كانتا إسلاميتين.

2: أرض غير الإسلام، فلهم تقسيماتهم، وإن كان الأفضل رفع الحدود من بينهم أيضا.

وهنا تأتي فروع في باب التنازع، كالتالي:

الأول: التنازع بين بلدين إسلاميين كلاهما تحت إشراف المراجع المختلفين في الاجتهاد.

الثاني: التنازع بين أرض الإسلام وأرض غير الإسلام.

الثالث: التنازع بين بلد شيعي وآخر غير شيعي.

الرابع: التنازع بين بلدين غير إسلاميين.

أما الأول: حيث اختلاف الاجتهادات، ففي مورد التنازع يراجعان قاضياً

جامعاً للشرائط، فكلما حكم يلزم أن يعمل به، سواء حكم علي طبق أحدهما، أو علي خلاف كليهما، كما هو الحال فيما إذا راجعه مجتهدان تنازعا في أمر أو مقلدان لهما، وقد ذكرت هذه المسألة في كتاب القضاء.

وأما الثاني: فحكم الإسلام يجري إلا إذا لم يتمكن الحاكم الإسلامي من إجرائه بسبب إجراء حكم غير الإسلام أو المتوسط بين الحكمين، واللازم حينئذٍ أن تقدر الضرورة بقدرها.

وأما الثالث: فهذا أيضاً كالثاني يجري الحكم الشيعي إلا إذا لم يتمكن الحاكم الشيعي من اجرائه، وإلي آخر ما ذكرناه في الأمر الثاني.

وأما الرابع: فلهم أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم، وإذا راجعونا فنحن مخيرون بين الحكم علي طبق أديانهم، أو الحكم علي طبق ديننا.

وكذلك يأتي الكلام بالنسبة إلي الفضاء، والأرض والبحر، وسائر الأمور وقد ألمعنا إلي شمة من ذلك في بعض الكتب الفقهية.

الإسلام والاختراقات الجوية والبرية

مسألة: ما يصطلح عليه اليوم: من اختراق الأجواء، أو الدخول في أراضي أو مياه الدولة الأخري، أو ما شابه ذلك ان كان بين الدول الإسلامية بعضها مع بعض، فهو مما لا يعترف به الإسلام، وذلك لأن الأرض والجو والبحر في بلاد الإسلام وإن كانت مقسمة إلي حكومات وحدود مصطنعة، فانه يحق لكل مسلم ومسالم المرور والعبور عنها ومنها وإليها لأن المسلمين شرع سواء()، وبلد الإسلام واحد، والمسالم يفرض أنه معاهد أو مأخوذ منه الجزية، أو محايد، أو ما أشبه، والإسلام بعد ذلك منحهم الحرية، إلا إذا كان هناك محذور شرعي، فيقدر بقدر المحذور وهو استثناء لا قانون، فليس له صبغة الدوام.

وكذلك حال الاستفادة من المعادن أو المياه أو النباتات أو غيرها، وقد ذكرنا ذلك في «الفقه: كتاب البيع» في مسألة الأراضي المفتوحة عنوة، ولا حاجة إلي إعادتها، وإنما الكلام في

الأرض بما هي هي.

وإذا منع بلد إسلامي اتباع بلد إسلامي آخر من العبور والمرور ونحو ذلك فلاتجوز المقابلة بالمثل، إذ لا دليل علي المنع، بل مقتضي القاعدة إجرائنا حكم الإسلام مطلقاً، ولذا نري أن أمير المؤمنين علياً عليه السلام أعطي الماء لجيش معاوية وإن منع معاوية الماء عن جيش علي عليه السلام ().

المعتدون وتعدّياتهم

مسألة: التعديات التي تقع من الناس في مطلق الأمور خارجاً سواء في المرور أم في غيره علي أقسام:

الأول: تعدي مسلم علي مسلم، وفيه يجري قانون الإسلام، وإذا كان هناك اختلاف اجتهاد فالمرجع هو: القاضي كما سبق، سواء كان المعتدي أو المعتدي عليه من السلك الدبلوماسي أو من غير هذا السلك، وذلك لأنه لا فرق بين المسلمين في الإسلام.

الثاني: اعتداء مسلم علي كافر، وهنا يجري قانون الإسلام، إلا مع قوة الكافر وضعف المسلم فيؤخذ بالضرورة علي قدرها.

الثالث: اعتداء كافر علي مسلم، وهو كالثاني.

الرابع: اعتداء كافر علي كافر.

فإن اتحدا قانوناً فهو، وذلك لمقتضي قانون الإلزام() كما إذا تعدي الفرنسي الدبلوماسي أو غيره علي الألماني كذلك في بغداد الذي هو بلد الإسلام فرضاً.

وإن اختلفا قانوناً جاز لهما أن يعملا حسب ما يريان في مثل هذا الأمر.

كما جاز لهما في كلا الفرعين أن يراجعا القضاء الإسلامي فنحكم حسب حكمهم، أو حسب حكم الإسلام كما ذكرنا تفصيله في كتاب القضاء.

لا فرق بين موظفي الدولة وغيرهم

مسألة: لا فرق بين أعضاء المجلس والوزراء والسفراء وسائر موظفي الدولة، وبين سائر المسلمين في الحريات، وفي الواجبات والمحرمات، وفي القضاء والجزاء سواء في المرور وغيره فانه ليس قوانين الإسلام كبعض القوانين العالمية تفرق بين أعضاء الدولة وسائر الناس.

كما إن الموظف إذا كان غير مسلم وقد وظف في بلاد الإسلام وأتي بما يخالف، فالدولة الإسلامية مخيرة بين إرجاعه إلي أهل دينه أو قانونه ويطبق عليه ما يلتزمون به، أو مؤاخذته بما في ديننا، وذلك علي ما ذكرناه في كتاب القضاء.

وفي كل مورد كان قانون الإسلام يعارض قوانين العالم، فإنه يلزم أن ينفذ قانون الإسلام، فإذا لم يمكن تنفيذه أخذ بقانون العالم حسب موازين الاضطرار.

الجعل والتزوير

مسألة: الجعل والتزوير في القضايا سواء المرور وغيرها لخط شخص أو صوته أو صورته أو أوراق نقدية أو الأسناد أو نحو ذلك لا يجوز شرعاً، وإذا حدث ذلك فعلي الجاعل والمزور أمران:

الأول: التعزير حسب ما يراه حاكم الشرع، وقد ذكرنا في كتاب (الفقه: الدولة)() بعض خصوصيات التعزير وإنه ليس خاصاً بالجلد ونحوه.

الثاني: ضمان الأضرار التي سبب التزوير والجعل لها، سواء كان للدولة أو الأفراد أو الشركات.

التنازع علي الحدود

مسألة: النزاع علي الحدود كما راج في هذا العصر علي أقسام:

الأول: بين بلد الإسلام وبلد غير الإسلام.

الثاني: بين نفس بلاد الإسلام بعضها مع بعض.

الثالث: بين بلاد غير الإسلام نفسها.

فإذا وقع نزاع بين حدود بلاد الإسلام وبلاد غير الإسلام: فاللازم التحاكم، فإن أمكن عند قاضي المسلمين فهو، كما تحاكم الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام واليهودي عند شريح القاضي في مسألة الدرع()، وإلاّ عيّن مجمع قضاة من الطرفين للتحاكم، فيلزم حينئذ علي المسلمين أن يكونوا وحدة واحدة في جانب الدفاع عن حق المسلمين، لا أن يقول بعضهم إن المغصوب منه مثلاً من تركيا، فلا وجه لتدخل الباكستان في حلبة النزاع مثلاً، مما راج في هذا العصر، وهذا بطبيعة الحال مع الإمكان، وإلا فبالقدر الممكن، فإن ما لا يدرك كله لا يترك كله()، والميسور لا يسقط بالمعسور()، ولا يحق للمسلمين أن يفرطوا بشبر واحد من أرض الإسلام.

وأما إذا كان النزاع بين الكفار أنفسهم فلا شأن للمسلمين فيه، إلا إذا تمكن المسلمون من فض النزاع فإنه يحسن حينئذٍ تدخلهم، كما يتدخل قاضي المسلمين لفض النزاع بين كافرين رجعا إليه، وكما يجب علي المسلم إنقاذ المظلوم حتي من الكفار الذين ظلموا كافراً من جماعتهم، قال سبحانه: ?وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله

والمستضعفين?()، ولإطلاق أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولإطلاق قول عيسي عليه السلام: «التارك مداواة الجريح كالجارح له»، لكن ذلك بشرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأنه مصداق من مصاديقه وصغري من صغرياته.

وأما النزاع بين بلدين إسلاميين، فمن الواضح أن النزاع باطل من أصله، إذ بلد الإسلام علي ما عرفت وحدة واحدة، ولا حدود جغرافية بينهما إذ لا شأن للحدود الجغرافية المصنعة لا عقلاً ولا شرعاً، وعلي المسلمين أن لا يتقيّدوا بها اطلاقاً، فانه حتي إذا فرض صحة حاكمين إسلاميين، فإنهما يكونان كمحافظين في دولة واحدة لاحدود بينهما.

وعليه: فاللازم فض النزاع بإسقاط الحدود إطلاقاً.

وإذا فرض أن الطرفين أصرّا علي النزاع لعدم التزامهما بالإسلام عملاً، فاللازم تجنب المسلمين منهما إلا إذا انجرّ الأمر إلي محرمات، مما يجب علي المسلم دفعها ورفعها فيتدخل المسلم بقدر ذلك فقط، أما الأكثر من ذلك فهو مساعدة علي الإثم والعدوان، وتعاون علي المنكر.

ثم إن من الواضح: أن البلاد الاستعمارية هي التي تنفخ في مثل هذه المنازعات الحدودية، وذلك لتضعيف المسلمين، وتضعيف العالم الثالث، وضرب بعضهم ببعض، حتي يستفيدوا منها بأنفسهم ويسيطروا علي بلادنا.

ومما ذكرناه من حكم المنازعات الحدودية وأقسامها، يعلم حال أحكام المرور المترتبة علي الحدود بأقسامها.

تبادل المجرمين

مسألة: يصح تقرير تبادل المجرمين فيما إذا كان الجرم جرماً يقر الإسلام بأنه جرم، وتقرير تبادل المجرمين يكون بسبب العقد، والعقد يلزم الوفاء به.

كما يصح أن تعقد الدولة بينها وبين دولة أخري عقداً بموجبه تجلب مجرميها بدون تبادل بينهما في ذلك، يعني: بأن تسلم هذه الدولة مجرمي الدولة الأخري من طرف واحد.

بل يصح أن يكون العقد في قبال شيء آخر، مثل أن تعطي دولة (ألف) مجرمي دولة (باء) في قبال أن تعطي دولة (باء)

كل عام مائة دينار لدولة (ألف).

وحيث إن الإسلام لا يقر ولا يعترف بالحدود الجغرافية بين المسلمين، فإذا أجرم ساكن (بغداد) مثلاً وفر إلي (كراچي) حق للدولة الإسلامية في كراچي معاقبة المسلم هناك حسب قانون الإسلام.

مجرموا القانون دون الشرع

هذا إذا كان الجرم جرماً يقره الإسلام، وأما إذا كان الإسلام لا يري ذلك جرماً، فلا يصح مثل هذا العقد، ولا يجوز العمل به، لأنه عقد علي خلاف الإسلام، الذي يمنح الحرية للإنسان ويحترمها له.

اذن: فلا يجوز لدولة إسلامية صحيحة أن تعقد عقد تبادل المجرمين بالنسبة إلي مجرمي القانون الذين لم يكونوا مجرمين في نظر الإسلام مع دولة إسلامية غير شرعية، أو دولة غير المسلمين، مما يستلزم إعطاءهم مجرميهم حسب القانون الذين هم ليسوا مجرمين في نظر الإسلام، إلا إذا كان الأمر من باب (قانون الأهم والمهم) كما عقد رسول الله صلي الله عليه و اله الصلح في الحديبية علي أن يرد المسلم الذي يأتي من مكة من دون أن يردّوا عليه أحداً، وذلك لمصالح مذكورة في بابه().

وإذا فرض الاضطرار إلي مثل هذا العقد غير الصحيح أولاً وبالذات، فاللازم مراعاة (قانون الضرورات) حيث تقدر بقدرها.

نعم يستثني من عدم جواز استرداد مجرميهم إذا لم يكونوا مجرمين بنظر الإسلام، ما إذا شمل مجرميهم بنظرهم قانون الإلزام، فإن قانون الإلزام يجعل من غير المجرم الإسلامي مجرماً لأنه مجرم عند الكفار، وقانون الإلزام يشمله.

ولو فرض في مكان صحة رد المجرم، وكان قد أجرم بحق دولتين بيننا وبينهما معاهدة تبادل المجرمين، فانه يرد إلي أول دولة أجرم في حقها، وأول الدولتين في الطلب، أو يرد حسب القرعة إذا لم يكن في البين أهم ومهم، وإلا يرد حسب الأهمية.

ولا فرق في رد المجرم أو استرداده بين

أن يكون الجرم صغيراً أو كبيراً، وجزاؤه كبيراً أو صغيراً، إلا إذا كان الاسترداد يسبّب مؤونة كثيرة ونحوها، مما يكون عدم الاسترداد والرد أهم في نظر حاكم الشرع، حيث يدخل في قانون الأهم والمهم.

ويلزم أن يكون الرد بحكم حاكم الشرع بعد ثبوت الموضوع كاملاً، كما أن مصاريف الرد علي المجرم نفسه، وإذا لم يمكن فعلي بيت المال.

ولا يلزم أن يكون الشخص، الذي يراد رده مجرماً بمعني أنه ارتكب قتلاً أو سرقة أو ما أشبه، بل يكفي رد مثل المديون الذي يماطل في أداء دينه، مع يساره وعدم إمكان أخذ الدين منه وهو في الخارج، أو عدم إمكان التقاص في المورد المشروع فيه التقاص من ماله، وإلي غير ذلك.

طهارة القضاء

مسألة: من الواضح إن القضاء مطلقاً، سواء في مسائل المرور وغيرها، يلزم أن لا يكون بحس الانتقام، أو لطلب الاستعلاء، أو لحفظ الشخصية الاجتماعية أو ما أشبه ذلك، وان لا يكون بيد رئيس العائلة، أو بيد شيبة المحل، أو رؤساء الأقوام وما إلي ذلك. فإن كل ذلك خلاف العقل والشرع، فإن العقل يري أنه لو صار القضاء بيد هؤلاء، أو كان لحس الانتقام، أو ما أشبه يلزم الفوضي والخبال.

وعليه: فانه يلزم أن يكون القضاء مستقلاً ونزيهاً بما للكلمة من معني.

ففي الإسلام يستمد القضاء أحكامه وقوانينه من الأدلة الأربعة منهجاً، ومن القاضي العادل الجامع للشرائط تطبيقاً، ولو فرض عدم إمكانه، فيكون القضاء إلي عدول المؤمنين كما ذكره الفقهاء في بحث الولاية.

وأما ما كان من غير الأدلة الأربعة مثل قانون الأقوام في بعض البلاد، وقانون الدول في بعض البلاد الأخر، وهما من مخلفات الفوضي ومن تبعات عدم العمل بالإسلام، فيجب إزالتهما بكل حكمة وهدوء وتوئدة، حتي لا يسبب الإزالة

أضراراً أكثر.

المرأة والقضاء

ثم إن موضوع: (المرأة لا تصلح للقضاء) هو المشهور بين الفقهاء قديماً وحديثاً والمدعي عليه الإجماع.

أما بعض الأدلة التي استدلّ بها البعض علي ذلك فغير صالح للاستناد مثل قوله صلي الله عليه و اله: (ما أفلح قوم وليتهم امرأة)، إذ لعل المراد القضية الخارجية، وإن كان الأصل في أقوالهم وأفعالهم وتقريراتهم الحكم، إلا أن كون حاكم فارس آنذاك امرأة تجعل القضية غير بعيدة، فهي إشارة إلي الخارج المعاصر له (صلي الله عليه وآله وسلم).

كما انا ذكرنا في الفقه: قصة تلك المرأة التي أمرها الرسول صلي الله عليه و اله بالجلوس في دارها وعدم ذهابها إلي عيادة والدها في مرضه وعند موته، وقلنا: إنه يظهر من القرائن أنها قضية خارجية لا قضية حقيقية علي الاصطلاح المنطقي، وإلا فصلة الرحم التي هي من أهم الواجبات بالمقدار الواجب، لا يقاومها نهي الزوج عن الخروج، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، مضافاً إلي أنه ليس من المعاشرة بالمعروف، المأمور به في القرآن الكريم والسنة المطهرة:

قال تعالي: ?وعاشروهن بالمعروف?().

وقال عزوجل: ?فأمسكوهن بمعروف أو سرّحوهن بمعروف?().

بين الأحكام الشرعية والعرفية

كما إن جعل القوانين شرعية وعرفية علي ما هو في بعض بلاد الإسلام نوع هروب عن التحاكم إلي الشرع، قال سبحانه: ?فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً?().

ولا يخفي أن مثل هذا التهرب عن حكم الشرع إنما نشأ كردّ فعل من أمور تالية:

أولاً: جور حكام المسلمين من خلفاء وغيرهم في أيام الخلفاء العباسيين والأمويين والعثمانيين ومن إليهم()، فإنهم التجئوا إلي العقوبات غير الشرعية، بحسب ما تمليه عليهم ميولهم النفسية والشيطانية، ولذا كثر فيهم اعتباطاً: النفي والقتل، والتعذيب والسجن، ومصادرة الأموال

وهتك الأعراض، وغير ذلك مما فيه هتك حرمة الإنسان، واعتداء علي حقوقه، فاضطر الناس إلي طلب العدالة من غير هذا الطريق.

وثانياً: عدم توفر القضاة الصالحين في كثير من بلاد الإسلام بسبب الفوضي التي أصابت البلاد الإسلامية.

نعم إذا حكم الإسلام استناداً إلي الأدلة الأربعة، طويت كل هذه الأمور تلقائياً، إذ طبيعة بلاد الإسلام اللجوء إلي الإسلام، كما أن طبيعة الإنسان اللجوء إلي الأفضل الذي هو في قوانين الإسلام، مما يعرف ذلك لدي المقارنة().

بساطة القضاء الإسلامي

مسألة: القضاء الإسلامي المعدّ لحسم مطلق النزاعات وردّ كل الاعتداءات سواء في المرور وغيره بسيط غاية البساطة، ولذا كان قد حكم الكوفة الكبيرة، التي لا يستبعد أن يكون نفوسها في زمن الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أكثر من ستة ملايين، قاض واحد مدة تقرب من ثلاثة أرباع القرن.

ثم إن للقضاء الإسلامي بساطتين:

الأولي: في الحكم وكيفية تنفيذه.

الثانية: في أن الحريات الممنوحة في الإسلام كثيرة جداً، كما ذكرناه في كتاب (الصياغة) () وكتاب (الحرية)() وغيرهما، فانه ليس هناك محظورات وممنوعات كثيرة في الإسلام تحتاج إلي المحاكمة والجزاء وما أشبه ذلك، بخلاف ممنوعات ومحظورات القوانين الوضعية، التي هي مئات أضعاف الممنوعات والمحظورات الإسلامية، ولذا إن عاد القضاء الإسلامي علي الطريقة الصحيحة انفض الناس إليه والتفوا حوله، مما يجعل سوق غيره كساداً، كما حدث مثل هذا الشيء في أول الإسلام، بحيث إن غير المسلمين أيضاً أخذوا يتقاضون إلي حكام المسلمين.

التعددية تثمر استقلالية القضاء

مسألة(): القضاء من أعلي السلطات في الدولة الإسلامية، فان حكم القضاء نافذ في كل أحد، من رئيس وغيره، بل حتي إنه إذا تنازع فقيهان راجعا القضاء، فكلما حكم فيهما، فان حكمه نافذ عليهما، سواء علي طبق رأي أحدهما أو علي خلاف رأيهما.

وقد تقاضي رسول الله صلي الله عليه و اله في قصة الناقة() وغيرها.

وتقاضي الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إبان خلافته كما عرفت في قصة الدرع().

وقد ذكر البعض أن من أسباب قوة الغرب: قوة القضاء واستقلاليته نوعاً ما، بدون أن يكون للحكومة دخل في القضاء زيادة أو نقيصة، فان القضاء في الغرب حاكم حتي علي الرئيس، وذلك كما يشاهد في قصص كثيرة جلبت المحكمة، أو دعي القاضي فيها رؤساء الدول الغربية وحاكمتهم علنا وعلي رؤوس الأشهاد:

كما في قصة

(نيكسون) () و(وترغيت)() مما أصبح مثل ذلك مفقوداً في بلادنا الإسلامية، حيث أصبح حكامها فوق القانون وفوق القضاء ظلماً وزوراً.

نعم، يقال: انه في تحاكم غربي لمّا عفا (فورد) () عن (نيكسون) عفي جملة من القضاة عن المجرمين، ولما اعترض عليهم، قالوا: إذا جاز العفو عن المجرم الكبير يجوز العفو عن المجرم الصغير!.

وينقل عن أحد رؤساء ألمانيا واسمه (فردريك) أنه أراد أن يشتري مطحنة امرأة كانت في جوار قصره، لكن المرأة أصرت علي عدم البيع وبقاء المطحنة، فهددها الرئيس بمصادرة المطحنة وهدمها.

فقالت المرأة: انك لا تقدر علي ذلك.

فقال الرئيس: ولماذا؟

قالت المرأة: لأنك إذا فعلت ذلك يهدم عليك قصرك من هو أقوي منك.

قال (فردريك) متعجباً: ومن هو ذلك الأقوي؟

قالت: القاضي فانه أعلي منك، فلم يجرأ (فردريك) علي تنفيذ ما أراد، فبقيت المطحنة كما كانت.

وكم فرق بين موضوع القضاء في الإسلام الذي أخذه الغرب نسبياً، وبين ما نشاهده في الحال الحاضر في جملة من بلاد الإسلام، بل أكثرها، بل جميعها، حيث أصبح الملك، أو القائد، أو الرئيس فيها كل شيء، ويخرق كل قانون، والقضاء ألعوبة بيده.

وعلي أي حال: فلا يمكن استقلال القضاء إلا في زمان حكومة المعصومين عليهم السلام، كما في زمان رسول الله صلي الله عليه و اله والإمام أمير المؤمنين عليه السلام، أو في زمان تتحقق فيه التعددية الصادقة، وتتواجد الأحزاب الحرة في البلاد، وتكون هي مستندة إلي المؤسسات الدستورية، كما هو موجود اليوم في الغرب نسبياً، وما عدا ذلك فليس أكثر من اللفظ.

الحقوق وأقسامها

مسألة: الحقوق، ونقصد بها الأعم من الأحكام الاصطلاحية، الفردية والاجتماعية، في المرور وغيره، تنقسم إلي ما يلي:

حق فرد علي فرد أو علي الاجتماع.

أو حق الاجتماع علي الفرد أو علي اجتماع آخر، مما

يسمي بما بين الأمم.

إذ قد يكون الحق مربوطاً بفرد علي فرد، كحق زيد علي عمرو، أو بفرد علي أمة مثل حق زيد علي الجميع، أو عكسه: كحق الجميع علي زيد، حيث يلزم عليه أن لا يعمل شيئاً يسبّب إخلال النظم والنظام وما أشبه ذلك، وحق أمة علي أمة مما يوجب العمل علي مستوي ما بين الأمم.

ومثله: حقوق الدول بعضها علي بعض، أو حق الدولة علي الشعب وعكسه، ولهذه الغاية الأخيرة انعقدت: الجامعة العربية، والجامعة الإفريقية، والجامعة الإسلامية (بالاسم طبعاً)، والأمم المتحدة (كذلك)، لكن من المعلوم أن الثلاثة الأول أصغر من الرابع، سوي ما كان هناك من نواقص ظاهرة في الأمم المتحدة.

الأمم المتحدة ونواقصها

نعم، ان في الأمم المتحدة نواقص، منها: إنهم يدافعون ولو بنسبة عن الأمة المظلومة إذا تعدّت عليها أمة ظالمة أخري، كدولة تعتدي علي أخري، لكنهم لا يدافعون عن الفرد المظلوم إذا تعدت عليه دولته بحجة أنها قضية داخلية، بينما أي فرق بين أن يتعدي زيد علي جاره، أو علي عائلته؟

اذن: فمن الضروري أن يشكل هناك في منظمة الأمم فرع لأجل الدفاع عن حق المظلوم في الأمة، ومجرد قول أن هذا شأن داخلي لا يرفع المسئولية العقلية والشرعية عن المنظمة.

مثلاً: إذا اشتكي فرد عراقي علي حكومته لدي الأمم المتحدة، لزم عليها إرسال محامين لأجل تعقيب شكايته وكشف الحق والدفاع عن المظلوم، وكذلك إذا زورت الحكومة في الانتخابات، واشتكي الناس إلي الأمم المتحدة لزم إرسال مندوبين لكشف الواقع.

كما أنه يلزم أن يكون هناك مدعي العموم، سواء كان نفس القاضي أو غيره، لأجل إنقاذ حق الذين لا يتمكنون بأنفسهم من تقديم الشكوي، والمدافعة عن حقوقهم.

وعلي كل هذه الأمور أدلة شرعية من: الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو

العقل، مما لا نريد تفصيل الكلام حولها، وذلك من غير فرق بين الأمور المرتبطة بالإدارة أو الجيش أو المواطنين أو غيرهم أو غيرها، والمسألة تشمل فروع المرور وما يرتبط به أيضاً.

بين الحكم والحق

مسألة: ذكرنا في بعض كتب الفقه: الفرق بين الحكم والحق، فالحكم لا يقبل الإسقاط ولا المبادلة ولا البيع ولا الإرث ولا الهبة ولا ما أشبه ذلك، بينما الحق بعكس كل ذلك.

مثلاً: حرمة القتل حكم، فلا يصح لإنسان أن يأذن لأحد أن يقتله، وإذا أذن له لفظاً لا يحق للمأذون ذلك، فإذا قتل والحال هذه كان عليه الجزاء المعهود في الشريعة.

وكذلك لا يصح لإنسان أن يقول لآخر: اقتلني وابني يقتل عدوك، أو أهبك نفسي بألف دينار فإذا قتلتني أعط ألف دينار لورثتي، أو أعطني الآن ألف دينار في قبال أن تقتلني.

كما لا يصح أن يقول إنسان لشخص آخر: إذا مت أنا فكن أنت الذي ترث زوجتي بدون نكاح بشرائطه الشرعية، وإلي غير ذلك.

بينما الحق ليس كذلك، فمضاجعة الزوج مع الزوجة مثلاً حق، فيصح أن تقول الزوجة لزوجها: إني أسقطت هذا الحق عنك، أو تقول لزوجة ثانية: إني أبادلك حقي في المضاجعة الليلة، في قبال أن ليلتك لي، أو أبيعك هذا الحق بدينار، نعم لا إرث في ذلك لأنها إذا ماتت فلا حق لها حتي تورثه لزوجة أخري.

هذا ولا يخفي أن الفرق بين الحق والحكم إجماعي، وإنما الكلام في بعض الصغريات من المرور وغيره حيث يشك في أنه هل هو حق أو حكم؟ فاللازم مراجعة الأدلة الأربعة للكشف في عالم الإثبات، فإذا لم يعرف من الدليل في المورد ذاته أنه من أيهما؟ فالأصل أن يعامل معاملة الحكم، وقد ذكرنا وجهه في فقه البيع وغيره.

روح القانون وجسمه

مسألة: هناك أمران في القانون، مروراً كان أو غيره، لابد من التأمل فيهما، والتعرف عليهما، فانهما مما يساعد القاضي ونحوه في مهمته، وهما:

الأول: روح القانون ومغزاه.

والثاني: جسم القانون ومادته.

فإذا اتحدا فلا إشكال، أما

إذا اختلفا فهل يقدم القاضي الروح لأنه هو الذي وضع لأجله الجسم، أو الجسم لأنه القالب؟ وإذا قيل بتقديم الروح لم يكن هناك إيقاف لمن يريد أن يتحايل علي القانون باسم روح القانون.

وهذا الخلاف له مصاديق في فقه الإسلام، كما انه له مصاديق في غيره، ولذا يوجد بين علماء الحقوق اختلاف شديد فيه في القوانين الوضعية الحاضرة، ولكل جانب أنصار وأدلة.

والواقع: أنه إذا لوحظ الحق لزم تقديم الروح، وإذا لوحظ إمكان التحايل وهو ممكن وواقع وكان ذلك أهم لزم تقديم الجسم، ويختلف الأمر باختلاف القضاة والأمم في درجة وعيهم وما أشبه ذلك، وإلا فالأصل الروح الذي يوضع لأجله الجسم.

الخروج أو التحايل علي القانون

مسألة: هناك في القانون مروراً كان أو غيره أمران آخران يجدر الاشارة إليهما، وهما:

الأول: التحايل علي القانون.

الثاني: الخروج عن قانون إلي قانون آخر.

ولا يخفي أنه قد يوجد في الشرع كما في القانون الوضعي نوعان من القانون في الموضوع الواحد اجمالاً: أسهل، وأصعب.

فالأصعب بملاحظة الواقع، والأسهل بملاحظة عدم تحمل الناس.

وفي مثل هذا يصح الخروج عن الأصعب إلي الأسهل، مثل الخروج عن عقد الدوام إلي المتعة، أو عن الحضر في باب الصيام إلي السفر، ومثل الخروج عن الزكاة بتبديل بعض النصاب، وعن الخمس بصرف المال الزائد في مسجد أو مدرسة أو حسينية أو ما أشبه، وكذلك الخروج من قيود المعاملات كالبيع ونحوه إلي الصلح، فإن الصلح يغتفر فيه ما لا يغتفر في البيع ونحوه، وهكذا.

وهذا يعني: الخروج من الأصعب إلي الأسهل في موارده كما عرفت جائز وصحيح، وقد لاحظ الشرع الواقع من ناحية، وضعف الإنسان عن التطبيق في كثير من الموارد من ناحية ثانية.

أما التحايل علي القانون، فهو إلباس الباطل بلباس الحق، وهذا ما يدركه العرف ويحس به

الإنسان من باطنه، وهو لا يجوز، مثل اصطياد اليهود السمك في يوم السبت في الأحواض، فإنه كان تحايلاً علي القانون، لا خروجاً عن قانون إلي قانون.

والتمييز بين الأمرين موكول إلي ذكاء القضاة ونزاهتهم، بالإضافة إلي عرف المتشرعة.

وعليه: فالخروج جائز ويجب أن يحكم له أو عليه حسب القانون الآخر، والتحايل ممنوع فيجب ردعه ومنعه وتأديبه حسب المقرر شرعاً، وهذه المسألة تجري في المرور وغيره كما لا يخفي.

القانون بين المراد والمستفاد

مسألة: وهناك أمر ثالث في القانون، سواء المرور وغيره، يلزم ملاحظته وهو: وجود الفرق بين (المراد) و(المستفاد) من القانون، إذ قد يكون مراد المقنّن شيئاً، وقد لا يكون مراده شيئاً وإنما يستفاد من كلامه، وفي الثاني لا يصح لأن يقال: أنه مراده.

مثلاً قال الله سبحانه: ?لا تقربا هذه الشجرة? () فإن المستفاد من الآية مستثني ومستثني منه: إن المحللات أكثر من المحرمات، لكن هل يمكن أن يقال رغم عدم غفلة الشرع عنه: إن مراد القرآن الكريم بهذه الآية إفادة ذلك؟

وعليه: فاللازم لشراح القانون التمييز بين الأمرين وله آثار علمية وآثار عملية كما لا يخفي.

الدستور وشوري الفقهاء

مسألة: ذكرنا في بعض كتبنا الفقهية وغيرها: إن في الدولة الإسلامية يلزم شوري الفقهاء المراجع، ويحكمون عند الاختلاف بأكثرية الآراء، مضافاً إلي الأحزاب الحرة الإسلامية أو الوطنية التي تريد عمارة البلاد وإسعاد العباد.

وهذان يتعاونان في تعيين الدولة وتقويتها، وإرساء دعائم العدل والتقدم، فلادستور وقانون أساسي في الإسلام، بل الدستور والقانون الأساسي موجب للفوضي، وذلك لأنه هل المرجع في استنباط الأحكام المحتاج إليها، والحوادث الواقعة والمبتلي بها، هو: الأدلة الأربعة والفقهاء المراجع، أو الدستور والقانون الأساسي؟ فمع وجود الأول لا حاجة إلي الثاني، فإنه اما باطل أو لغو.

لا يقال: يستفاد من الأول الثاني.

لأنه يقال: يلزم الاستفادة من الفقهاء المراجع الاحياء، والرجوع إليهم لاغيرهم، فهم نواب الأئمة عليهم السلام في كل عصر ومصر، وهم المرجع الأعلي في الحوادث الواقعة، لا ما استفاده السابقون، حتي وإن كان القانون الأساسي وضع علي رأي السابقين من المراجع، وإلا كان من تقليد الميت الابتدائي، وفي عالم اليوم بعض الحكومات التي ليس لها دستور وقانون أساسي مع أنها تعدّ نفسها من الحكومات التقدمية.

القوي الثلاث في الدولة الإسلامية

وعلي أي: فالفقهاء المراجع هم قوة التشريع إن صح التعبير، وإلا فهي في الحقيقة قوة التطبيق، وهم قوة القضاء، وقوة التنفيذ، مما يسمي في الاصطلاح بالقوي الثلاث في الدولة الإسلامية.

والقضاء الذي نحن بصدده إنما يكون لأجل فصل الخصومات، وحسم النزاعات سواء كانت في مسائل المرور أم في غيرها ولبسط العدل في الناس، والإشراف علي حسن إجراء القوانين، وكشف الجرائم، وإجراء العقوبات علي المجرمين، والحيلولة دون وقوع الجرائم، كل ذلك حسب الإطار الإسلامي، وعلي ما طبقه الرسول وأمير المؤمنين علي (صلوات الله عليهما).

وبذلك يظهر أن ما يجري الآن بالنسبة إلي الدستور والقانون الأساسي وغيره في بلاد الإسلام إما خارج مطلقاً

عن القانون الإسلامي، وإما مزيج من الإسلام وقوانين الغرب والشرق والأهواء.

هذا بالنسبة إلي أصل القانون، وأما التطبيق في بلاد الإسلام فهو أسوأ وأسوأ بكثير، لأنهم يقولون مالا يفعلون كما يشاهد ذلك في كل بلاد الإسلام.

شوري الفقهاء والعناوين الثانوية

مسألة: إن الحكم في مطلق الأمور سواء المرور وغيره لا يتغير إلا بالموازين الشرعية، أمثال: العسر والحرج والضرر وقانون الأهم والمهم، وقانون الالزام والاضطرار وما أشبه ذلك، وتشخيص هذه الأمور حدوداً وتطبيقاً بيد الفقيه بالنسبة إلي مقلديه، وبيد شوري الفقهاء المراجع، بالنسبة إلي الدولة الإسلامية.

وقد ذكرنا في الكتب الفقهية والأصولية: أن العسر بدني كتحمل الإنسان شدة الحر.

والحرج نفسي كضيق الإنسان ضيقاً شديداً من جهة الخجل والحياء.

والضرر يشمل البدن والمال والعرض.

وقانون الأهم والمهم وإن لم يذكر بهذا اللفظ في الشريعة إلا أن له موارد كثيرة من الصغريات مما يستكشف منها كبري كلية.

منها: مثل ما ورد في حرمة الخمر حيث تقول الآية الكريمة: ?وإثمهما أكبر من نفعهما?().

ومثل القتال في الشهر الحرام حيث إن غيره أهم منه، وقد قال سبحانه: ?وإخراج أهله منه أكبر?().

ومثل فداء المرأة لطلاق الخلع، حيث قال سبحانه: ?فلا جناح عليهما فيما افتدت به?().

ومثل قوله تعالي: ?إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان?().

ومثل قول الرسول صلي الله عليه و اله: «لولا أن الناس يقولون».

ومثل قوله صلي الله عليه و اله: «لولا أن قومك حديثوا عهد بالإسلام» ().

ومثل قول علي عليه السلام: «أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس».

ومثل قول علي عليه السلام: «أما السب فسبوني» () مع وضوح أنه كان من الحكم، وإن كان الحق يطلق عليه، كما أن العكس صحيح أيضاً، حيث انهما من قبيل الجار والمجرور والظرف.

ومثل رفع أمير المؤمنين علي عليه السلام الحدّ عن امرأة زنت اضطراراً

لشرب الماء، وإلي غير ذلك من الأمثلة المتوفرة في الروايات.

وقانون الالزام فيه نص وفتوي كما ذكروه في باب الطلاق والإرث والنكاح وغيرها().

وقال علي عليه السلام: «لو ثنيت لي الوسادة..» ().

والاضطرار يسقط الأحكام أيضاً لدليل الرفع() وغيره.

العناوين الثانوية بين الاثبات والاسقاط

مسألة: ثم انا لم نستبعد في الكتب الفقهية أن للحاكم الشرعي الجامع للشرائط، أو شوري الفقهاء المراجع بالنسبة إلي الدولة الإسلامية، إذا رأوا المصلحة في الحكم الثانوي بعد دراسة الموضوع دراسة تامة، الفتوي بحكمٍ إسقاطاً أو إثباتاً، كما وضع أمير المؤمنين عليه السلام الزكاة علي الفرس()، وأخذ بعض الأئمة (عليهم الصلاة والسلام) خمسين مكان خمس واحد، وعفا أمير المؤمنين عليه السلام عن السارق لحفظه سورة البقرة، وإلي غير ذلك مما ذكرناه في كتاب (فقه الدولة) () وغيره.

وهذه المستثنيات هي التي يصطلح عليها بالعنوان الثانوي، لكن يشترط فيها أمران:

أولاً: ان تشخيصها بيد الفقيه بالنسبة إلي مقلديه، وشوري الفقهاء المراجع بالنسبة إلي الدولة الإسلامية.

ثانياً: انه ليس لها صبغة القانون الدائم، وإنما لها صبغة التوقيت والاستثناء، ولذا قال عليه السلام في أخذه خمسين (عامي هذا).

ولا يخفي إن هذه القواعد الاستثنائية كل واحد منها بحاجة إلي رسالة حول تفصيلها، كما كتبوا رسائل حول (لا ضرر) ونحوه، وذلك لكثرة فروعها وتشعبها والاختلاف في بعضها مفهوماً أو مصداقاً.

مثلاً: قانون الإلزام المرتبط بغير المسلمين وغير الموالين ما هي حدوده؟

فإنه لا إشكال في جواز بعضه، مثل الزواج من المطلقة عند العامة طلاقاً باطلاً عندنا.

كما لا إشكال في عدم جواز بعضه، مثل الزنا بامرأة كافرة لا تري الحرمة في ذلك.

وفي بعضه إشكال وخلاف، مثل ما إذا طلقت الكتابية بما يخالف دينها ويوافق قانونها، كما هي الحال الآن في الغرب، فهل يلاحظ الدين حيث يبطل الطلاق

فتكون زوجة للزوج السابق، أو يصح باعتبار أن القانون المتعارف في بلادهم يجوزه؟ أو مثلاً: هل يجوز أن نتزوج براهبة بينما دينها يحرم ذلك وإنما القانون عندهم يجوزه، أو إذا فرض العكس في بعض الفروع بأن منعه قانونهم وجوزه دينهم، وإلي غير ذلك من الأمثلة الكثيرة التي هي بحاجة إلي التنقيح المفهومي، والتطبيق المصداقي().

حق العفو والمصالحة

مسألة: المجني عليه مطلقاً، سواء في قضايا المرور وغيره، له حق العفو أو الصلح أو ما أشبه إذا كان من الحقوق المصطلحة في الفقه كما تقدم، أما إذا كان من الأحكام فلا حق له في العفو، بمعني أن عفوه لا ينفع في إسقاط الحكم الشرعي، فإذا زني مثلاً بامرأة فعفت عنه لم ينفع في رفع الحد عن الزاني، أما إذا أتلف مالاً أو عضواً أو قوة فعفي المجني عليه عن الجاني سقط حقه ولا شيء علي الجاني، إلا إذا رأي الحاكم الشرعي الصلاح في معاقبته بالحكم الثانوي.

ويؤيده ما روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام من أنه صفع صافع إنساناً عمداً بعد أن قال المجني عليه عفوت عنه، حيث قال عليه السلام: أين حق السلطان؟ والحديث ضعيف السند إلا أن الاستثناء علي القاعدة.

ولا يبعد أن يكون القتل كذلك إذا عفي المقتول عن القاتل، كما إذا ضربه ضربة قاتلة فقال قبل موته: عفوت عنك، ويدل عليه وحدة السياق في: (النفس بالنفس والعين بالعين) () وما أشبه ذلك من الآيات والروايات، بالإضافة إلي صحة براءة الطبيب مما دل عليه النص والشهرة.

وكذلك فيما إذا كان القتل من باب الأهم والمهم، مثل ما لو كان الجنين بوضعه الطبيعي يؤدي إلي قتل الأم، فللأم الحق في الدفاع عن نفسها بإسقاطه، إذ لا يشترط في الدفاع أن

يكون المهاجم عامداً أو غير عامد، عاقلاً أو غير عاقل، كبيراً أو صغيراً، أو ما أشبه ذلك، فللإنسان حق الدفاع عن نفسه وإن لم يكن المهاجم عاقلاً أو كبيراً أو ما أشبه ذلك.

من أقسام الحق

مسألة: الحق في مطلق القضايا من مرور وغيره، قد يكون لمتعدد علي واحد، أو عكسه، وقد يكون لواحد علي واحد، أو للمتعدد كذلك، فالأقسام أربعة حاصلة من ضرب المتعدد في الواحد أو المتعدد، وضرب الواحد في الواحد أو المتعدد.

وفي المتحد إما يكون بالتساوي أو بالاختلاف، كأن يكون لكل من زيد وعمرو مال علي بكر أحدهما دينار والآخر ديناران.

وفي المتعدد قد يكون قابل التطبيق كالأموال والشجاج، وقد لا يكون قابل التطبيق مثل القصاص في النفس، كما إذا قتل زيد نفرين حيث لا يمكن لوليهما القصاص من القاتل، بل لأحدهما القصاص وللآخر الدية، وإذا اشتركا في القصاص فلكل ولي نصف الدية.

ثم انه قد يكون الحق واضحاً، وقد يكون مختلفاً فيه بين الفقهاء، وحينئذٍ فإن عين شوري الفقهاء المراجع في الدولة الإسلامية أحد الطرفين بأكثرية الآراء فهو، وإن اختلفا متساويين فاللازم الصلح أو القرعة.

مثلاً: اختلف الفقهاء في تقسيم الإرث إذا كان للميت ولدان محققاً، وولد ثالث مختلف فيه، فنفي أحد الولدين الثالث المختلف فيه، وأثبته الآخر، فالنافي يأخذ النصف، لكن الكلام في المثبت: هل انه يأخذ الثلث أو الأقل؟

فإذا كان الإرث مثلاً ثلاثة دنانير فللنافي دينار ونصف، أما المثبت فهل له دينار، والنصف الزائد يعطيه للثالث، إذ نصف الدينار الآخر الذي هو حق هذا الثالث في الواقع إن كان ولداً للميت، قد أخذه أخوه النافي فلا ربط له بالأخ المثبت، أو يلزم علي المثبت أن يعطي لهذا الثالث ثلاثة أرباع الدينار، باعتبار أن الأخ النافي

يكون كالغاصب بالنتيجة، فالأخوان الآخران يكونان كأنهما قد حصلا علي إرث قدره دينار ونصف فقط؟ ومعه فاللازم عليهما التقسيم بالتساوي إذ المال الباقي مشترك بينهما، فلا حق لأحدهما أن يأخذ ديناراً ويعطي للآخر نصف الدينار، والمفروض انهما مشتركان في الإرث، إذ هذا ليس أولي من العكس بأن يأخذ الأخ الثالث ديناراً ويأخذ الأخ المثبت نصف الدينار.

ومثل هذا الكلام يأتي فيما إذا غصب الغاصب من الأخوة الثلاثة ديناراً ونصفاً فإن كل واحد منهم يأخذ نصف دينار إذ الباقي للكل بالتساوي كما إن الذاهب من الثلاثة بالتساوي أيضاً.

حكمة جزاء الجرائم

مسألة: حكمة الجزاء علي الجرائم، سواء تعلق بالمرور أم بغيره، وفرض العقوبة علي المجرمين، سواء في مجال المرور أم غيره، تظهر عند انضمام العقل الذي هو حجة باطنة إلي الشرع الذي هو حجة ظاهرة في أمور تالية:

الأول: أن يذوق المجرم وبال أمره، فإن الأعمال كالأفكار والأقوال بذور تنبت وتثمر، وتخضّر وتولد المثل.

قال سبحانه: ?ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء? ().

وقال تعالي: ?ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض?().

وقال سبحانه: ?إنما تجزون ما كنتم تعملون?().

ولا فرق في هذا بين أن يكون الجزاء بدون اختيار أحد، مثل جزاء غير المبالي بأكله حيث يصيبه المرض مثلاً، أو باختياره كعدم احترام الاجتماع لمن لا يحترمهم، والجزاء العقابي من قبيل الثاني عادة.

الثاني: أن يتوب المجرم ويصلح في المستقبل ولا يعود إلي ما كان عليه، والإصلاح منتف في قتل المجرم.

الثالث: أن يكون عبرة لغيره، فلا يقدم أحد علي مثل ما أقدم عليه.

الرابع: أن يحفظ المجتمع من المفاسد وآثارها، كالخوف واللاأمن وما أشبه ذلك، وهذا أيضاً قد ينتفي فيما إذا نُفي المجرم عن الاجتماع وعُلم

أنه لا مجرم آخر إطلاقاً حتي يكون عقاب المجرم الأول رادعاً لهذا المجرم الثاني فرضاً، أو هاجر المجتمع عن القرية مثلاً إلي مكان آخر حيث بقي المجرم وحده فيها ولا يتمكن من الالتحاق بهم، فإن عقوبته لا يترتب عليه حفظ المجتمع.

وهذه من حِكم قوانين الجزاء، وهناك حِكم أخري مذكورة في أبوابها().

أقسام المجرمين

مسألة: المجرمون علي الاطلاق سواء في المرور أم في غيره علي أقسام، حسب ما يظهر من العقل والشرع:

الأول: من كانت فطرته تساعد علي إجرامه بنحو المقتضي لا العلة التامة، فإن إجرامه ليس ناشئاً عن إرادة محضة بل هي جزء العلة، كما ورد في ولد الزنا من أنه يحن إلي الحرام، ولا يخفي أن هذا لا يكون جبراً، ولذا يصح العقاب عليه.

الثاني: المجرم اتفاقاً، أي: أن ضعف نفسه أوجب إجرامه لظرف زماني أو مكاني خاص، لا إنه تعمد عمداً كاملاً أو أنه شرير مثلاً، وهذا أيضاً كالأول ليس جرمه ناشئاً عن إرادة محضة.

الثالث: المجرم بسبب عامل مهيج بدون تخطيط مسبق، وهذا أهون ممن خطط للجرم.

الرابع: الذي اعتاد الجرم ويخطط له، كالسارق بالعادة، والزاني كذلك، وإلي غيرهما.

الخامس: المجرم اضطراراً، كالمرأة التي سلمت نفسها للزنا لأجل تحصيل الماء، حيث إن من كان عنده الماء لم يسقها إلا في مقابل الزنا بها، وخافت علي نفسها أن تموت عطشاً إذا لم تشرب الماء.

السادس: المجرم الذي هو كالسفيه والمعتوه والصغير ومن أشبه.

السابع: المجرم الذي يعاقب بعقاب أقل من جهة الضعف الاجتماعي الذي أصابه، كالإماء والعبيد، ولذا قرر الشرع قلة عقابهما.

قال الله تعالي: ?فعليهنّ نصف ما علي المحصنات من العذاب?().

وفي حديث أن أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) بيّن ستة أقسام من المجرمين، وذلك في قضية خاصة حسب ما قرره الشرع من

الأحكام.

وقد تكون هناك أقسام أخري للمجرم، حيث أن مثل هذا التصنيف الذي ذكرناه بحاجة إلي علماء النفس، وعلماء الاجتماع، مضافاً إلي علماء الشريعة، ثم استقصاء سوابق كل مجرم ثم الحكم بالعقوبة نفياً أو إثباتاً، شدة أو ضعفاً، فإن أمكن توفير كل ذلك فهو، وإلا فاللازم أن تكون شدة العقاب وخفته مضافاً إلي أصله حسب قانون (الحدود تدرء بالشبهات)() وغيره، فإنه أعم من أصل الحد أو شدته، والمتبع الشرع علي ما ذكره الفقهاء.

وإنما قسمنا هذا التقسيم إلماعاً إلي اختلاف المجرمين بالمعني الواقعي، ولعله في الآخرة يكون ذلك مورد الأخذ والعطاء في درجات العقاب، لأن الله سبحانه وتعالي يطبق العدل الكامل في الآخرة كما ورد في الأحاديث وألمعنا إليه في (فقه الدولة) وغيره.

العقوبات واختلاف الأجواء والظروف

مسألة: اللازم في تنفيذ العقوبات مطلقاً سواء كان مرتبطاً بالمرور أم بغيره، ملاحظة الجو السياسي والاجتماعي والاقتصادي وما أشبه ذلك لوضوح أن الجو إذا لم يكن صالحاً تكثر الجرائم.

مثلاً: الشاب الذي لا يتمكن من الزواج لسوء قوانين الدولة، ولأجل ضعف الاقتصاد الساري في بلده، وللقيود الكثيرة من جهة المراسيم الاجتماعية الكابتة، فانه أقرب إلي الانحراف من الشاب الذي ليس له شيء من هذه العوامل.

ومن الواضح أن يكون جرم الثاني أقوي من جرم الأول وإن كان كلاهما ارتكب عملاً شانئاً، ولذا قرر الإسلام عدم الحد علي السرقة في المخمصة، ولعل قوله سبحانه: ?ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها?() يلمع إلي مثل ذلك، وهناك شواهد أخر مذكورة في (كتاب الحدود) وغيره.

كما أن للثقافة الصحيحة تأثيراً واضحاً علي قلة الجريمة، فإن الإيمان بالله واليوم الآخر من أقوي روادع الجريمة، وكذلك العلم والجهل لهما مدخلية في قلة الجريمة وكثرتها، ولذا رفع أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) العقاب

عن شارب خمر لم يكن يعلم بأنها حرام().

العقاب الأخف والأقل

مسألة: ثم انه من اللازم فيما إذا كان للقاضي توسعة في العقاب والحدود كماً وكيفاً، وكان مخيراً بين الأقل والأكثر، أن يلاحظ الأقل فالأقل إيلاماً وخشونة، فالسجن والتبعيد والغرامات المالية والحرمان عن بعض الحقوق وما أشبه ذلك أولي من غيرها، والدرجات الأقل والأخف أولي من الأكثر والأشد.

مثلاً: السجن القليل أولي من الكثير، والتبعيد لمدة شهر أولي من التبعيد لمدة شهرين، وغرامة دينار أولي من غرامة دينارين، والحرمان عن الانتخاب منتخَباً ومنتخِباً لمدة سنة أولي من الحرمان عشر سنوات، وهكذا.

وقد كان بعض المصلحين يخرج الطفل من الصف إذا أذنب، وكان هذا إهانة اجتماعية له، فلا يضربه لأن الضرب أكثر خشونة من الإخراج عن الصف.

كما إن بعض الحكومات كان يعاقب من خالف قانون المرور بأخذ سيارته وإلقائها في مكان مجهول، حتي يتعب صاحبها في الفحص عنها، أو يمنع صاحبها عن سياقتها مدة زمنية قصيرة أو طويلة، وإلي غير ذلك.

هذا وليس المقصود هنا اتباعهم في هذه الأمور في الدولة الإسلامية، بل المراد الإلماع إلي أنه إذا صح مثل ذلك في رأي شوري الفقهاء المراجع لأدلة عامة مثل قوانين: (لا ضرر) و(الأهم والمهم) أو ما أشبه ذلك، فانه يمكن اتباعها، بل اتباع الأخف والأقل والأيسر منها، قال تعالي: ?يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر?().

من فلسفة العقوبات

مسألة: سبق ان قانون العقوبات في الإسلام سواء في المرور وغيره وضع لأجل أمور ذكرنا بعضها، ونشير إلي بعضها الآخر، وهو:

وقاية الفرد والمجتمع عن الإجرام وعن آثاره السيئة في إطار العقيدة.

لا يقال: إن البلاد المسماة بالحرة لا تهتم بالعقيدة، وإنما همها عدم وقوع الجرم، فهو بنظر العقل أقرب.

لأنه يقال: أما الجرائم الإنسانية كالقتل والسرقة، والاغتصاب والاصطدام، وما أشبه، فهما فيه سواء.

وأما الجرائم المرتبطة

بالعقيدة والشريعة مثل شرب الخمر أو الزنا برضا الجانبين أو ما أشبه، فتلك البلاد ينتقض عليهم: بأنهم سلبوا كثيراً من حريات الناس في قبال إعطائهم هذه الحريات، بينما الإسلام أعطي كثيراً من الحريات في قبال سلبه هذه الحريات المزعومة.

مضافاً إلي أن اعطاء هذه الحريات توجب الفساد الكثير كما حقق في مظانها، فإن الخمر توجب الأمراض، والزنا يوجب الفوضي في العوائل والاضطراب في الحياة الأسرية، مما يسبب كثرة العوانس، وزيادة العزّاب والعازبات، وهو إيلام علي الجانبين، فالإسلام أعطي حريات معقولة، بينما الغرب عمل بعكس ذلك.

العقاب لا يتجاوز صاحبه

مسألة: ان عقوبات الإسلام مطلقا في المرور وغيره خاصة بنفس المجرم، ولاتتعدي إلي غيره أبداً.

قال الله تعالي: ?ولا تكسب كل نفس إلا عليها، ولا تزر وازرة وزر أخري?().

وقال سبحانه عن لسان نبيه يوسف عليه السلام: ?معاذ الله أن نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده، إنا إذا لظالمون?().

وفي الخبر: ان امرأة حامل أمر عمر برجمها لأنها كانت قد زنت وثبت جرمها،، فاعترض عليه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بانها لو كانت هي المذنبة، فما ذنب الجنين الذي في بطنها، فأمر برفع الحد عنها حتي تلد وترضعه وتحتضنه، وبعد الحضانة عندما يكبر الطفل، يجري الحد عليها().

الجاهل القاصر لا يعاقب

مسألة: لا يعاقب الجاهل القاصر مطلقاً، سواء كان في قوانين المرور أم في غيره، بينما القانون الوضعي لا يهتم بالجهل والعلم مع أن الجاهل القاصر معذور عقلاً.

قال الله تعالي: ?وما كنا معذبين حتي نبعث رسولاً?().

وقال سبحانه: ?لا يكلف الله نفساً إلا ما أتاها?().

لا عقاب لهؤلاء

مسألة: لا عقاب علي المكره، أو المجبور، أو المضطر، فيما أكره، وأجبر، واضطر إليه مطلقاً، سواء في مسائل المرور أم في غيرها، بينما القانون الوضعي لم يفتح لهؤلاء حساباً خاصاً، ولم

يعبأ بعذرهم.

ثم ان الفرق بين المجبور والمضطر أن الأول يساق إلي الجريمة، بينما الثاني يفعل بنفسه الجريمة لكن اضطراراً.

قال الله تعالي: ?إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان?().

وقال سبحانه: ?وقد فصل لكم ما حرّم عليكم، إلا ما اضطررتم إليه?().

وقال عزوجل: ?فمن اضطّر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «رفع عن أمتي تسعة أشياء: الخطأ، والنسيان، وما أكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطروا إليه، والحسد، والطيرة، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطقوا بشفة» ().

المستثنون من العقاب

مسألة: الصغير والمجنون والسفيه مستثنون من العقاب، وهذا مشترك بين الإسلام وغيره إجمالاً، مع اختلاف بينهما في حد الصغر.

ومقتضي القاعدة استثناء السكران أيضاً إلا إذا سكر بقصد الإتيان بالجريمة، وفيه كلام ذكرناه في الفقه.

قانونية العقوبات

مسألة: عقوبات الجرائم مطلقاً في المرور وغيره يجب أن تدخل تحت القوانين الشرعية لا أن تكون حسب أهواء الحكام ومشتهياتهم.

قال الله تعالي: ?فلا تتبعوا الهوي ان تعدلوا?().

وقال سبحانه: ?ان يتبعون إلا الظن وما تهوي الأنفس?().

وقال عزوجل: ?أرأيت من اتخذ إلهه هواه، أفأنت تكون عليه وكيلا?().

وقال تعالي: ?ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه?().

وقال سبحانه: ?ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدي من الله?().

وقال تعالي: ?ولا تتبع الهوي فيضلك عن سبيل الله?().

وقال سبحانه: ?فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردي?().

وقال تعالي: ?بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم?().

وقال سبحانه: ?وكذّبوا واتبعوا أهواءهم?().

وقال تعالي: ?ولكنه أخلد إلي الأرض واتبع هواه?().

من وظائف الدولة

مسألة: يلزم كشف الجريمة، وتعقيب المجرم، والوقاية عن وقوع الجريمة، وهذه أمور أقرها الإسلام وأمر بها في إطار إنساني نظيف، كما أنها مقررة أيضاً ولو بنسبة فيما تسمي بالبلاد الحرة، من غير فرق بين جرائم المرور وغيرها.

ولعل من أهم عوامل الوقاية عن وقوع الجرائم هو: زهد الحكام وعدلهم.

أما عدلهم فيؤمن المظلوم الخائف، ويصدّ الظالمين عن التعدي والظلم فان العدل كما في الأحاديث أساس الملك، وانه بالعدل قامت السماوات والأرض.

وأما زهدهم فيوفّر المال علي الشعب ويرفعهم عن مزالق الفقر ومداحضه، حيث ان أكثر الجرائم وأغلبها ينتج عن الفقر، وعن عدم توفّر لقمة العيش للجميع، فان الفقر كما في الروايات كاد أن يكون كفراً() وانه سواد الوجه في الدارين() وانه من لا معاش له لا معاد له.

تساوي قانون العقوبات

مسألة: قوانين العقوبات مطلقاً، سواء عقوبات جرائم المرور أم غيرها، متساوية بالنسبة إلي الجميع إلا فيما استثني، فإن بعض الناس لهم نصف العذاب علي ما جاء وصفهم وحكمهم في القرآن الحكيم، وألمعنا الإشارة إليه سابقاً، كما انه يختلف الزاني المحصن وغير المحصن، وإلي غير ذلك من موارد الاستثناء مما هو مذكور في الفقه، وإلاّ فالأصل التساوي في قانون العقوبات.

كيفية ثبوت الجرم

مسألة: لا تثبت الجريمة مطلقاً، سواء جريمة المرور أم غير المرور، إلا بالموازين المقررة في الإسلام، مثل البينة العادلة، وشهادة أربعة رجال عدول، والإقرار مرة أو مرتين أو أربع مرات كل في مورده، إقراراً بطواعية ورغبة، ومن دون أي إكراه أو إرعاب، أو تخويف أو تعذيب، فان الإقرار إذا لم يكن عن طواعية ورغبة كان باطلاً شرعاً، ولم يترتب عليه أثر.

لا يقال: لولا الإكراه والتعذيب لم يقر أحد بجرمه.

لأنه يقال:

أولا: إن الإكراه والتعذيب يتنافي مع كرامة الإنسان وحريته التي أقرها الإسلام له.

وثانياً: هناك طرق لكشف الجريمة واعتراف المجرم برغبته ومن دون أيّ إكراه وتعذيب، يعرفها المتضلعون في علوم القضاء وعلم النفس، ومطالعة كتب قضاء الإمام أمير المؤمنين عليه السلام خير دليل علي ذلك.

هذا ولا حق لأحد في إعمال خلاف الإرادة بالنسبة إلي أحد، إلا لحكام الشرع إجمالاً، وذلك حسب ما يقرر في الفقه من موارد الاستثناء.

بين حق الله وحق الناس

مسألة: إذا كانت العقوبة علي جريمة تابعة لنقض حق من حقوق الله، فإن الفقيه الجامع للشرائط يتمكن من تخفيفها أو رفعها، وأما إذا كانت تابعة لنقض حق من حقوق الناس، وكان ذلك الحق من الحقوق الاصطلاحية، فالإنسان المجني عليه له أن يعفو عن جميعها أو بعضها، وكذلك حال وليه أو وكيله في ذلك، كولي المقتول حيث له أن يعفو عن القصاص كلاً، وعن الدية كلاً، أو يأخذ بعض الدية مثلاً، أو يصالح عليها بشيء آخر.

قال الله عزوجل: ?وأن تعفوا أقرب للتقوي?().

وقال الله تعالي: ?وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فان الله غفور رحيم?().

وقال الله سبحانه: ?وليعفوا وليصفحوا الا تحبون أن يغفر الله لكم?().

المعادلة بين الحقوق

مسألة: من الضروري المعادلة بين حقوق المجتمع، وحقوق المجرم، وحقوق أسرته، فإن الزيادة والنقيصة في أحدها خبال وخلاف العقل والشرع، قال سبحانه: ?وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط?().

وقال تعالي: ?قل أمر ربي بالقسط?().

فإن من حق المجتمع أن يعيش في أمن وسلام، ورفاه واستقرار، وهذا يقتضي أن ينال المجرم جزاءه، حتي يعتبر هو في المستقبل، ويعتبر غيره ممن تسوّل له نفسه بالجريمة ويقتلع عنها، فيعيش المجتمع آمناً مستقراً.

ومن حق المجرم بما أنه إنسان مهما كان، أن لا يضاف إلي عقابه المقرر شيء آخر، وقد ضرب قنبر إنساناً سوطاً زائداً فأخذ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام السوط وضربه قصاصاً سوطاً بسوط().

ومن حق أسرة المجرم أن لا يُشمت بهم ولا يُعيّرون بذلك، فإنهم ينالهم طبيعياً شيء من عقاب المجرم كسوء السمعة مثلاً ابناً كان المجرم أو أباً، أخاً كان أو أختاً، بنتاً كانت أو سائر الأقرباء، بل ينال الأصدقاء والجيران والمنطقة بعض رذاذ عقاب المجرم، حيث يرون أنفسهم منكسي الرأس أمام المجتمع إذا سرق أبوهم مثلاً

أو زنا ابنهم، أو ما أشبه ذلك.

فاللازم مراعاة هؤلاء أيضاً، وعدم تضييع حقوقهم، أو تعييرهم أو الشماتة بهم.

وحيث انه لا يمكن في الدنيا القضاء بصورة لا ينال شيئاً منه غير المجرم حتي في هذه الحيثيات، اضطر اليه وان كان فيه هذه الأمور الجانبية، من باب الأهم والمهم، إضافة إلي أن ذلك من سنن الكون سلباً وإيجاباً، فان الانسان الطيب مفخرة لذويه ومن أشبه.

نعم في الآخرة عدالة محضة، فلا عقاب إلا للمجرم بقدر ما يستحقه ولا يصيب شيئاً من جانبياته أحداً غيره، ولذا ورد في الدعاء (يا من عند الميزان قضاؤه) () أي: أن القضاء الكامل العادل من جميع الجهات إنما يكون عند الميزان، لأنه يلاحظ هناك كل الشؤون النفسية والجنائية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها.

أما الحدود الأعم من القصاص والتعزير بأقسامه المقررة في الإسلام فلا معدل عنها، وأما غيرها مما بيد الفقهاء فاللازم مراعاة هذه الجوانب الثلاثة فيها، وقد ذكرنا في كتاب (الفقه: الدولة) () بعض ما يرتبط بحقوق السجناء وما إلي ذلك().

مصادر القوانين الجزائية

مسألة: مصادر أحكام العقوبات والقوانين الجزائية مطلقاً من مرور وغير مرور، كغيرها من القوانين الأخري، عندنا نحن الشيعة هي الأدلة الأربعة: الكتاب والسنة والإجماع والعقل، وذلك حسب استنباط الفقهاء العدول مقيداً بالشوري في رئاسة الدولة كما ذكرناه في جملة من كتبنا.

وأما عند العامة فهم في الغالب أضافوا إليها ثلاثة مصادر أخري هي: القياس، والاستحسان، والمصالح المرسلة.

فالأول: عبارة عن تشبيه شيء لم يرد فيه حكم، بشيء ورد فيه حكم، بتعدي الحكم من فرع إلي فرع آخر.

والثاني: عبارة عن ما لا قياس فيه، لكن الفقيه يستحسن أن يكون حكمه كذا.

والثالث: عبارة عن مصلحة للأمة لم يرد فيها دليل من فعل النبي صلي الله عليه و

اله أو قوله أو تقريره، أو أحد صحابته عندهم، فإنهم يرون حجية قول الصحابة أيضاً لما رووه عنه صلي الله عليه و اله من قوله: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) لكن هذا الحديث عندنا فيه نظر سنداً ومضموناً والصحيح هو قوله صلي الله عليه و اله: (أهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) () كما ورد في كتبهم أيضا.

وعلي أي: فإذا لم يكن هناك أصل يقاس عليه، ولا أن الفقيه استحسن أن يكون حكمه كذا، فإن هنا يأتي موضوع المصلحة المرسلة عندهم، حيث يضع الفقيه من نفسه حكماً له، لا بالقياس ولا بالاستحسان، وإلا لم يحتج إلي كونه من المصالح المرسلة.

وبذلك يظهر عدم الانسجام بين هذه الثلاثة، فالمصالح المرسلة في الموضوعات والحكم يكون حسب رغبة الفقيه وموازينه، بينما القياس في الموضوع وحكمه يكون حسب المقيس عليه، والاستحسان في الحكم يكون حسب ما يراه الفقيه حسناً من حكم كذا في موضوع لا حكم له.

في الأدلة الأربعة كفاية

لكنا نري أن كل الأحكام مذكورة في الأدلة الأربعة إما خصوصاً وإما عموماً، فلا حاجة إلي هذه الثلاثة التي ذكروها.

وعلي أي: فالكتاب والسنة والإجماع متفق عليه بين المسلمين، أما العقل وهذه الثلاثة فمختلف فيه بين السنة والشيعة، أو السنة أنفسهم، أو الشيعة أنفسهم والزيدية والأباضية ومن أشبههما من فرق المسلمين، فان الزيدية مثلاً يضيفون علي مصدر الأحكام أقوال زيد الشهيد (عليه السلام) والخوارج ينقصون منها قول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وعثمان لأنهم يكرهون الصهرين.

ثم ان الشيعة لا يرون انحصار السنة في قول الرسول صلي الله عليه و اله وفعله وتقريره، بل يقولون بأن الأئمة الاثني عشر وفاطمة الزهراء (عليهم الصلاة والسلام) هم امتداد للرسول صلي الله عليه و اله بأمر من الله

تعالي، ونص من رسوله صلي الله عليه و اله وان ما صدر من قولهم وفعلهم وتقريرهم فهو من السنّة ومصدر أيضاً ().

كما أن حجية هذه الثلاثة() الواصلة إلينا عن الأنبياء السابقين عليهم السلام وأوصيائهم والملائكة ومريم البتول (عليهم الصلاة والسلام) والأحاديث القدسية الثابتة أيضاً لا نزاع فيه، ويدل عليه قوله سبحانه: ?قولوا آمنا بالله?() الآية، وفي استصحاب الشرائع السابقة توضيح لهذا الأمر، وقد ذكرناه في الأصول.

العقوبات تدرأ بالشبهات

مسألة: لا عقوبة علي من اشتبه عليه الأمر بحيث لم يعلم هل فعل الحلال أو الحرام؟ كما إذا شرب سائلاً ولم يعلم انه خمر أو ماء، ثم ظهر انه كان خمراً.

وكذا لو لم يثبت انه هل فعل الحرام اختياراً أو إكراهاً أو اضطراراً، فلو علمنا أنه فعل بالأجنبية لكنا لا نعلم وجهه وقال: أكرهت أو اضطررت مع وجود القرائن علي صحة كلامه، فانه يقبل قوله.

ولذا قبل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كلام المرأة التي رؤيت مع أجنبي علي بعض المياه وقالت أنها اضطرت لشرب الماء()،

وكذلك سأل (عليه السلام) المفطرين في رمضان هل هم مسافرون أم لا؟() مما ظاهره انهم لو أجابوا بالإثبات لم يكن عليهم بأس.

بالإضافة إلي حمل الفعل علي الصحيح، مسلماً كان أو غير مسلم، كما ذكرناه في الفقه.

أما أمره عليه السلام شارب الخمر بأن يطاف به في صفوف الصلاة، ليُعلم هل قرأ عليه أحد آية التحريم وفسرت له أم لا ()، فذلك لإمكان الفحص اللازم علي الحاكم في مرتكب الحرام ظاهراً.

ولو سب أحد شخصاً وقال: لم أقصد السب، بل قصدت معني كنائياً أو ما أشبه ذلك قبل منه إن أقام قرينة علي ذلك، ولذا قال المشهور: بأنه لو كتب البائع أنه نقد الثمن من المشتري ثم قال:

كتبت ذلك من باب التعارف لكني لم أقبضه، قبل قوله إذا أقام دليلا علي ذلك.

كما انه لا يحد الزاني إذا اشتبه بين شخصين، فلم يعلم هل زنا زيد أو عمرو ولم يستبن الحاكم.

ولو علم بأنه فعل حراماً لكن لم يعلم عين ما فعله من الحرام، فإن كان هناك جامع حد بقدر الجامع، كما إذا لم يعلم هل شرب الخمر أو زني؟ فان حدهما: ثمانون، ومائة، فيُحدّ ثمانون، لأن الثمانين مقطوع به علي أي حال، ولا يحد العشرين للشك، وإن لم يكن هناك جامع كشرب الخمر والقتل العمدي، لم يستبعد أن يؤدب بدون إجراء أي من الحدين.

ومما تقدم يُعلم أنه لو قتل شخص إنساناً بريئاً لكن لم يعلم هل انه قتله عمداً أو خطئاً؟ فإنه لا قصاص عليه إذا ادّعي الخطأ، أو لم يقل شيئاً.

وكذا لا يحد المجرم إذا لم يعلم هل انه ارتكب الجرم عالماً أو جاهلاً قاصراً؟ كما انه لا حدّ عليه لو فعل الحرام لكن لم يعلم هل كان صغيراً حال الفعل أو كبيراً؟ لكن عليه التأديب إذا كان الصغير يؤدب في مثله، كما في الزنا والسرقة وما أشبه، والمفروض أنه لا استصحاب للصغر، أما إذا كان استصحاب فهو المحكم.

وكذلك لا حد عليه إذا لم يعلم هل كان حين ارتكاب الجرم عاقلاً أو مجنوناً في المجنون الأدواري مثلاً أو لم يعلم هل كان ارتكابه له عمداً أو اشتباهاً، أو كان نائماً أو يقظاناً، كالسائق يقتل عابراً؟ أو هل كان صاحياً أو سكراناً؟ فيما إذا قيل بأنه لم يكن للسكران فيه حد، أو كان قاصراً أو مقصراً.

وهكذا بين الخطأ المحض وشبه العمد إذا شك في ذلك، فانه يحمل علي الأول لقاعدة (درء الحدود).

وإذا ارتد

شخص وادعي أنه كان في التيار() أو حدثت له شبهة، مع احتماله في حقه، لم يحد، حيث ذكرنا في باب الارتداد لزوم عدم وجود هذين الأمرين في جريان الحد.

وكذلك لا يحد إذا شك الشاهد في ان مرتكب الجرم كان زيداً أو عمرواً، أو انه شرب خمراً أو ماءً، وإلي آخر ما تقدم.

وهكذا لا يحد أحد مع اشتباه الحكم علي الحاكم، وعدم وضوحه وثبوته له بعينه، إلا إذا كان بينهما جامع وعلم بوجود أحدهما حيث يحد بالأقل لقاعدة (درء الحدود) فإنه يشمل اصل الحد كما يشمل زيادته.

القوانين وشروط صياغتها

مسألة: الواجب في الدولة الإسلامية أن يصاغ القانون في المرور وغيره مطابقاً للشريعة المقدسة، وذلك حسب نظر شوري الفقهاء المراجع، والقول بأنه يكفي في الجملة أن لا يخالف الإسلام مردود، إذ الإسلام بجزئياته وكلياته يتضمن كل فرع فرع، من مسائل المرور وغيره، وكل فرع من الفروع إما مخالف للشريعة أو موافق لها، ولا واسطة.

لا تعدي في الإسلام

مسألة: يجب علي الدولة الإسلامية صيانة أموال الناس فرداً فرداً وأعراضهم وأنفسهم وحرياتهم وأعمالهم وحيثياتهم عن أي تعد بما للكلمة من معني، إلا إذا ارتكب فرد منهم جرماً وكان قد قرر الإسلام عقوبة له، كما إذا فعل الشيء المحرم أو ما أشبه، وذلك بشروطه.

ثم إن إثبات كون الشخص قد ارتكب المحرم أو ما أشبه، يجب أن يعرف من قوانين الإسلام الذي استنبطه الفقهاء المراجع، لا بمجرد قول شخص أو ما أشبه، فان الأخذ علي التهمة والظنّة مما لا يقرّه الإسلام أبداً، وقد حاربه بكل قوة، وعاقب عليه الوشاة والمتملقين.

لا لتفتيش العقائد

مسألة: كما انه لا يجوز للدولة الإسلامية التفتيش عن عقائد الناس، فكذلك لا يجوز لها التفتيش عن سائر شؤونهم، فإذا كان رجل مع امرأة مثلاً فلا يفتش عن انها هل هي زوجته أو ذات محرمه أو لا، لأن الأصل في كل فعل من أفعال الإنسان مسلماً أو غيره، هو: أن يحمل علي الصحيح.

ثم ان المطبوعات تكون حرة في الدولة الإسلامية، إلا إذا خالفت موازين الإسلام حسب نظر شوري الفقهاء المراجع.

وكذلك الروابط الخاصة والعامة بين الأفراد والجماعات ومختلف الاتصالات، تكون حرة ومحترمة، سواء في مجالسهم العامة والخاصة، أم في مكالماتهم ومراسلاتهم كذلك، وسواء كانت عبر التلفونات والمسجلات والأشرطة والفاكس والتلكس وما أشبه، أم بغيرها.

ولا يحق لأحد ولا لدولة التجسس عن أي شيء

منها، إلا في المورد الذي أباحه الإسلام حسب نظر شوري الفقهاء المراجع.

كما أنه لا يحق للدولة أو غيرها أخذ الضرائب إلا بقدر ما قرره الإسلام من الخمس والزكاة والجزية والخراج، ولو فرض احتياج الدولة إلي المال الضروري، يلزم أن يعين ذلك شوري الفقهاء المراجع وبقدر الضرورة ويكون حينئذ أمراً وقتياً لا قانوناً أولياً.

من حقوق الرعية

مسألة: ثم إن للناس حق تشكيل الأحزاب والجمعيات، وتأسيس المنظمات والهيئات وما أشبه ذلك، ولهم حق تأسيس المؤسسات والشركات، وبناء الأبنية الخيرية والانتفاعية، واحداث الطرق وما أشبه، وفتح البنوك والمطابع، وإصدار الجرائد والمجلات، ونشر الكتب والنشرات، وتأسيس الإذاعات والتلفزيونات، واقتناء الفيديوات والكامبيوترات، ولا يحق لأحد المنع عن أي شيء من ذلك.

كما لا يحق لأي جهة جلب أحد إلي المحكمة إلا بأمر القاضي المنصوب من قبل شوري الفقهاء المراجع، وكذا لا يحق لأحد توقيف أحد إلا بذلك، كما أنه لا يحق لأحد أيضاً تفتيش بيت أحد أو محل أحد إلا بأمره، وذلك مع حفظ كل الشروط الأخلاقية التي أمر الإسلام بها، من الاستيذان، والدخول من الباب، وما أشبه ذلك.

كما انه لا يحق لأي جهة نفي أحد أو تسفيره، أو إخراجه عن محله إلي محل آخر، أو إخراجه من بيته أو دكانه أو مزرعته أو بستانه، أو قطع أي علاقة من علاقاته الفردية أو الاجتماعية إلا بذلك أيضاً.

ولا يهان أحد، ولا يضرب أحد، ولا يسجن أحد، ولا يعاقب أحد، ولا يمنع أحد عن حرياته إلا عن الممنوع شرعاً وبقدره، أو بإجازة الفقهاء المراجع.

وكل من فعل شيئاً مما ذكرناه من الممنوعات، فعليه التعزير ضرباً أو توقيفاً أو ما أشبه ذلك، مما ينص عليه شوري الفقهاء المراجع.

ولكل أحد الحق في مراجعة المحاكم الشرعية، ولا يحق لأحد

المنع عن ذلك، كما إن المحاكم يجب ان تكون موجودة بكل أقسامها: ابتدائية واستئنافية وتمييزية، وقد ذكرنا ذلك في الفقه مفصلاً.

وهكذا يحق لكل أحد مراجعة المحامين، ويحق لمن صلح لذلك أن يكون محامياً.

ضمان التطبيق

ثم إن ضمان تطبيق كل ذلك الذي ذكرناه من الحريات وحقوق الناس لا يكون إلا تحت ظل شوري الفقهاء المراجع، ووجود نظام التعددية والأحزاب الحرة، وإلا فالقانون بنفسه لا يضمن إجراء نفسه.

الأصل في الإسلام: براءة الإنسان

مسألة: كل إنسان بريء حتي تثبت إدانته، ولا يحق أخذ الاعتراف من أحد بالإكراه والإجبار، والضرب والتعذيب وما أشبه ذلك، كما أنه (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام)()، وذلك بحسب الموازين الفقهية المذكورة في محلها، ولا ربا ولا غصب، ولا رشوة ولا اختلاس، ولا سرقة ولا قمار، ولا يجوز فتح المواخير والمراقص، والحانات والملاهي، وكل فاسد أو مفسد ممنوع في الدولة الإسلامية.

الأرض لله ولمن عمّرها

مسألة: الأراضي التي لا مالك شرعي لها تكون لمن سبق إليها، ففي الحديث: (الأرض لله ولمن عمرها)().

وكذلك حال المعادن والغابات، والمراتع والمراعي، وسائر الثروات الطبيعية في إطار ?لكم?() الوارد في الآية الشريفة.

وحيازة المباحات، ومزاولة المعاملات، كلها مشروعة إلا ما نص الشرع علي خلافها، كحيازة المباح بأكثر مما يستحقه وبما يضر الآخرين، وكمعاملة الكالي بالكالي.

فلا حق لأحد أو جهة أو دولة في منع أحد من حيازة أو كسب أو تجارة أو بيع أو رهن أو إجارة أو جعله طريقاً للمرور أو غير ذلك.

ولو غصب إنسان مال آخر، أو استولي علي زوجته أو ولده، أو منع الآخرين عن الاستفادة من حقوقهم الطبيعية في التجارة أو الزراعة أو الصناعة أو الاكتساب أو حيازة المباحات أو ما أشبه ذلك، وجب علي الدولة الإسلامية رد مظلمة المظلوم، وإذا سبب الظالم خسارة علي المظلوم وجب عليه تداركه.

بين المحكمة الشرعية والقانونية

مسألة: ليس في الإسلام محكمتان: شرعية وقانونية، بل محكمة واحدة، نعم ذكرنا في الفقه أن غير المسلمين يحق لهم أن تكون لهم محكمة خاصة بهم، وذلك لقانون (الإلزام) ونحوه، فإذا راجعوا الحاكم الإسلامي حق له أن يحكم حسب حكم الإسلام أو حسب حكمهم.

الدولة الإسلامية وأعلي سلطاتها

مسألة: ثم إن أعلي سلطة في الدولة الإسلامية: شوري الفقهاء المراجع، ومنها بمعاونة كبار المستشارين الدينيين والزمنيين والأحزاب الحرة تعين القوة القضائية والقوة الإجرائية وسائر ما يرتبط بالدولة.

ولشوري المرجعية حق العفو عن المجرمين حسب ما أعطاهم الإسلام من الصلاحية مما هو مذكور في الفقه، وإذا جنت القوة الإجرائية تحال إلي المحاكم الشرعية، كما أنه إذا جنت القوة القضائية بأعلي درجاتها فشوري المرجعية تشكل محكمة خاصة لمحاكمتهم، والقضاة هم الذين يعينون صلاحية المرجع لحل الأمر الذي اختلف فيه.

الأعمال والخدمات بيد الناس

مسألة: ثم ان جميع الأعمال والخدمات في الدولة الإسلامية بيد الناس، أما الدولة فهي المشرفة عليها فقط، فالقطارات والمطارات، والموانئ والمحطات، والطرق والجسور، والمستشفيات والمستوصفات، والزراعة والتجارات، والتصدير والاستيراد، والماء والكهرباء، وغيرها كلها بأيدي الناس، وهم أحرار في أن يفعلوا أو يتركوا ما يشاءون باستثناء المحرم، والمحرم شيء قليل ومعدود جداً، كما ذكرنا تفصيله في كتاب (الفقه: الحرية) ().

الموظفون في الدولة الاسلامية

مسألة: الموظفون في الدولة الإسلامية قليلون جداً، كما ذكرناه في الفقه وغيره، وحيث أن الموظفين قليلون تتوفر الحريات للناس، وينتعش عليهم فيئهم واقتصادهم.

فإن الموظف عادة يستهلك فقط ولا ينتج، ويحد من حريات الناس، وذلك يعدّ مخالفات ثلاث للعقل والشرع:

الأولي: مخالفة الحد والتقلص من حرية الناس الممنوحة لهم من قبل الله سبحانه وتعالي.

والثانية: مخالفة إيجاد العطل وهدر للطاقات بالنسبة إلي الموظفين الزائدين عن قدر الحاجة.

والثالثة: مخالفة هدر أموال الأمة وأوقاتهم، إذ كل موظف يأخذ مال الأمة مباشرة أو بالواسطة وإلاّ فكيف يعيش؟ اضافة إلي أنه يضيّع عليهم أوقاتهم التي يصرفونها في مراجعتهم له وما أشبه.

وعلي هذا فاللازم علي الدولة الإسلامية الاكتفاء بالحد الأقل من الموظفين، وبمقدار الضرورة فقط، وهذا لا يتم إلا بأن تكون الدولة مشرفة علي الأعمال والخدمات لا شريكة في العمل ولا مباشرة فيه، فيكون كل ما ذكرناه بأيدي الناس وإنما تشرف الدولة عليها لعدم الإضرار والإجحاف.

بالإضافة إلي لزوم أن تكون الدولة سبباً لتقدم الأمة إلي الأمام لا حاجزاً عن تقدمها، وكثرة الموظفين، ومشاركة الناس في الأعمال والخدمات، من أهم الحواجز في طريق تقدم الأمة وازدهارها.

الناس أحرار في دنياهم

مسألة: في الدولة الإسلامية للكل الحرية الكاملة في أمور دنياهم ومعيشتهم وما أشبه، فلكل منهم الحق في الكسب الحلال، أو استخراج المعدن، أو فتح طريق، أو الاستفادة من النهر والبحر والغابة والأجمة وسائر المياه الأرضية والسيول وغيرها.

كما أن لكل إنسان صيد البر والبحر والجو والاستفادة من الأراضي، كل ذلك في إطار ?لكم?() علي ما فصلناه في كتب الفقه وغيرها، فله أن يأخذ من الأرض بقدر حاجته لمسكنه أو لمعمله أو لمصنعه، أو لإنشاء البستان والمزرعة، أو ما أشبه ذلك مما لايضر الآخرين.

هذا ولا حق للدولة في منع أحد

من شيء من ذلك، أو أخذ المال في قبال الأرض، نعم للدولة أخذ الأجرة في قبال الأرض المفتوحة عنوة علي ما ذكروه في الفقه.

ثم انه إذا وفّرت الدولة هذه الحريات للناس، فلا يكون حينئذ أزمة المسكن إطلاقاً، أو البطالة إطلاقاً، أو العزوبة والعنس إطلاقاً، أو ما أشبه ذلك من الأمراض الموجبة لتحطيم الحريات وخنق الكفاءات التي توجد اليوم في بلاد الإسلام وغير الإسلام من جهة ابتعاد الناس عن مناهج الأنبياء عليهم السلام حيث انهم ابتلوا علي أثر تركهم لها بضيق المعيشة، كما قال سبحانه: ?ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً?().

مهمة القوة القضائية

مسألة: القوة القضائية وضعت لحل المشكلات، وفض النزاعات، وتنفيذ أمور (الحسبة) وإحقاق الحقوق، والنظارة لحسن إجراء القوانين وكشف الجرم والمجرمين وعقوبتهم وتأديبهم وردعهم، وتزكية نفوس الناس حتي لا يقعوا في الجريمة، ولا يتحقق خارجاً وقوع الجرم في المجتمع.

ويلزم أن يكون الترافع إلي القضاء وتقديم الشكوي إلي المحكمة، بلا رسوم، ولا إبطال طوابع، ولا أخذ أجور.

كما انه يلزم أن تكون المحاكمات علنية، وبمحضر من شاء الحضور من الناس، وبدون تعويق أو مطل، أو جور، أو لف ودوران.

نعم يمكن إخفاء المحاكمة إذا كانت العلنية تنافي المصلحة العامة أو النظم العام، أو إن أطراف النزاع هم طلبوا عدم العلنية، ولكن انتقال المحاكمة من العلنية إلي السرية لا يكون إلا بموافقة شوري المرجعية.

كما انه يحق للمتهم أن يأخذ وكيلاً أو عدة وكلاء للدفاع عنه.

والقاضي لا يحكم إلا عن تثبت ودقة، وبحسب الأدلة الأربعة، نعم القاضي من العامة يحق له القضاء حسب هذه الأدلة بالإضافة إلي ما يصح في معتقدهم من القياس والاستحسان والمصالح المرسلة علي ما سبق الإلماع إليه.

ويصح تعدد القضاة في قضية واحدة، ويكون الحكم حسب

أكثرية آرائهم لو اختلفوا، ولو اختلفوا بالتساوي فالمرجع بينهما قاض آخر.

ولا فرق فيما ذكرناه بين الجرائم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية أو العسكرية أو ما يرتبط بالمرور أو غيرها.

ولو اشتبه القاضي فإن كان تقصيراً كانت الخسارة في ماله الشخصي، وإن كان قصوراً فالخسارة علي بيت المال.

والمتهم الذي أدين بغير حق يلزم إعادة شخصيته.

ثم اللازم علي القاضي النظر في النزاع ولو بقدر درهم أو أقل، اما في بعض القوانين العالمية التي سار عليها بعض البلاد الإسلامية، من التقدير بقدر خاص، فانه ليس مقبولاً من قبل الإسلام.

المصطلحات والمفاهيم الشرعية

مسألة: يلزم في الدولة الإسلامية السعي الحثيث لإرجاع المفاهيم الإسلامية ومصطلحاتها إلي الحياة العامة، ولدي جميع الناس.

ففي المساحات يعاد (الذراع) و(الميل) و(الفرسخ) وما أشبه.

وفي النقود يعاد (الدرهم) و(الدينار).

وفي الأوزان والمكاييل يعاد (المثقال) و(الرطل) و(المد) و(الصاع) و(المن) و(الكر) و(الوسق) و(القفيز) ونحوها.

وفي التاريخ يعاد التاريخ الهجري القمري في غالب الأمور، والهجري الشمسي في مثل الغلات والأنعام.

ويجب أن تكون الأشهر عربية هلالية من المحرم إلي ذي الحجة.

وفي الأعياد يعاد الأعياد الإسلامية فقط، لا ما يعبر عنه بالأعياد الوطنية، التي أسست لتقوية القوميات وتفكيك المسلمين كما حدث بالفعل في بلادنا، إلي غير ذلك مما لا يخفي().

المسلمون وغيرهم في البلد الإسلامي

مسألة: قد ذكرنا في «الفقه» أن غير المسلمين يحترم مالهم وعرضهم ونفسهم وحيثيتهم، سواء كانوا أهل كتاب أو لا، بشرطين:

الأول: أن لا يخّلوا بالنظم الإسلامي العام.

الثاني: أن يلتزموا بالمواطنة الصالحة.

أما المسلمون في بلد الإسلام فكلهم سواء في كل ما يخص المسلمين، فليس هناك مواطن وأجنبي، بل كلهم أخوة كما قرره القرآن الحكيم والسنة المطهرة، ولا اعتبار بالحدود الجغرافية وما أشبه، نعم كل واحد من الشيعة والسنة لهم أحكامهم الخاصة بهم علي مقتضي قانون (الإلزام).

قوانين البلاد غير الإسلامية

مسألة: في كل دولة غير الدولة الإسلامية الصحيحة، لا ملزم لقوانينها بما هي قوانين الدولة، إذ لا طاعة لها علي الناس، وإنما الواجب علي الناس أن يطيعوا الأوامر الشرعية.

مثلاً: في باب المرور إذا حددت الدولة غير الصحيحة حدوداً له، لم يجب علي السائق إطاعتها وإنما اللازم عليه أن يواظب أن لا يضر الناس، لوجود قانون (لا ضرر) في الإسلام، فإنه نافذ المفعول سواء في الدولة الصحيحة أو غير الصحيحة.

وكذلك إذا حددت الدولة غير الصحيحة صيد الأسماك بمائة رطل في كل يوم مثلاً كان للصائد أن يصيد ألف رطل، لكن بشرط أن لا ينافي حق الآخرين في إطار ما ذكرناه من قوله سبحانه وتعالي: ?لكم?()، وإلي غير ذلك.

وإن كان قانون الدولة الإسلامية الصحيحة وغيرها واحداً، فيلزم إطاعة الصحيحة دون غيرها إلاّ فيما سبق.

مثلاً: إذا كانت في الكوفة زمن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قوانين المرور، لزم إطاعة التي وضعها علي (عليه السلام)، فإذا كان في زمان الحجاج ووضع نفس القوانين لا تجب إطاعته علي ما ذكرناه.

ثم إن شرائط وخصوصيات العقود التي تشترطها الدولة الإسلامية الصحيحة للموظفين عموماً، سواء موظفي المرور أم غيرهم، فانه يجب عليهم التقيد بها.

وأما بالنسبة إلي الدولة غير الصحيحة،

فلا شيء ملزم علي الموظف فيها إلا بالقدر الذي ألزمه الإسلام: من قوانين الأموال والأنفس والأراضي وحيازة المباحات، ولا ضرر ولا حرج، والأهم والمهم، وغير ذلك، نعم بالنسبة إلي الأموال المجهولة يحتاج الشخص إلي إذن الحاكم الشرعي، من غير فرق بين أن تكون الدولة صحيحة أو غير صحيحة.

الإسلام يرفض الجمارك والمكوس

مسألة: ثم إن الجمارك المتعارفة في بلاد الإسلام وغير الإسلام في الحال الحاضر، وكذلك المكوس، لم يكن لها عين ولا أثر في الإسلام، بل الإسلام حرّمها وحرّم التوظيف والعمل فيها أشد التحريم، فلكل أحد الحق في إدخال البضاعة وإخراجها، وإدخال النقد وإخراجه، وإدخال الذهب والفضة والمجوهرات وإخراجها، وغيرها مما أجازه الإسلام وبما منحه من حرية الانتقال للأموال، والبيع والشراء، والتصدير والاستيراد.

نعم ذكرنا في بعض الكتب الاقتصادية: أنه يلزم أن لا يكون استيراد الأموال والأمتعة أو تصديرها مضراً بالمسلمين وباقتصادهم ليمنعه قانون (لا ضرر)، وقلنا: بأن هناك فرقاً بين (الجمرك) وبين قانون (لا ضرر) فإذا جاء الإسلام إلي الحكم ألغي الجمرك، نعم يضع ما يقتضي رفع الضرر.

هذا والبلد الذي تدخل فيه البضاعة أو تخرج منه من بلاد الإسلام أو غير بلاد الإسلام بينهما تفاوت ذكرناه في الفقه.

لا لهذه الكثرة من القوانين

مسألة: اعتادت الحكومات التي تحكم بلاد الإسلام طيلة هذا القرن من وضع القوانين مستمراً، ولذا تضاف القوانين الكابتة الجديدة إلي سابقتها علي طول الخط، وهذا بالإضافة إلي أنه غير مشروع فيه أضرار تالية:

الأول: كبت حريات الناس التي منحها الإسلام لهم، وهذا مما يسبب قيام الناس ضد الدولة.

الثاني: عدم بقاء احترام للدولة ولقوانينها، ولذا تكثر المخالفة، وفي المثل: (إذا أردت أن لا تطاع فأمر بما لا يستطاع).

الثالث: تكثير العاطلين والمشتعلين بالاشغال الكاذبة من الموظفين الذين ينفذون تلك القوانين.

الرابع: تفشي الرشوة حيث أن الناس يصلون إلي مقاصدهم المخالفة للقوانين الموضوعة عن طريق الرشوة.

الخامس: إشاعة الفساد الإداري واللعب بالأوراق والملفات، والتحايل علي القانون.

السادس: ترويج الازدواجية والالتواء في الناس واللف والدوران وتقوية حالة النفاق فيهم.

السابع: رفع نسبة البطالة، وازدياد العاطلين عن العمل بسبب القوانين الكابتة.

وإلي غير ذلك من الأضرار.

الحكم إذا اختلف فيه المحاكم

مسألة: لو اختلفت المحاكم في حكم قضية من القضايا المشكلة، فإذا كان الاختلاف في النطاق المخول إلي القضاة لم يكن بذلك بأس.

وأما إذا كان بحسب اجتهاداتهم المختلفة المستنبطة من الأدلة الأربعة، كما إذا قفز طفل أمام السيارة فسحقته السيارة ومات بدون ذنب السائق، فحكم أحدهم بأنه هدر، وحكم الآخر بأنه من قتل الخطأ وان علي العاقلة الدية، فانه يلزم في هذه الصورة مراجعة شوري الفقهاء المراجع في توحيد الحكم.

كما أن لأقرباء السائق المحكومين بإعطاء الدية من باب تحمل العاقلة أن يستأنفوا الحكم، وكذلك لذوي المقتول الحق عند الحكم بالهدر وبعد الاستئناف أن يرفعوا الحكم إلي محاكم التمييز كما تقدم.

بين قوانين الإسلام وقوانين الغرب

مسألة: من يلاحظ قوانين الإسلام وقوانين الغرب الموضوعة، والتي اتبعها حكام المسلمين في بلاد الإسلام، في مختلف أبواب الفقه من المعاملات إلي الإيقاعات، إلي الجنايات، إلي غيرها، يري الفرق الشاسع بينهما من حيث أن قوانين الغرب فيها من التشقيق غير المفيد واللف والدوران والروتين ما ليس في قوانين الإسلام إطلاقاً.

وملاحظة كتاب (الجواهر) في الفقه، وكتاب (السنهوري) في القانون، تعطي بوضوح هذا الفرق.

وللمثال نقول: إن الإسلام يري أن خيانة الأمانة، وسلب مال الناس، والتزوير لأجل الاستيلاء علي مالهم، كلها محرم، وعلي فاعله العقاب، بالإضافة إلي لزوم رد المال إلي صاحبه، والعقاب هنا هو التعزير بنظر الحاكم الشرعي الجامع للشرائط.

قوانين الغرب والمأخذ عليها

بينما في القوانين الغربية الحديثة المتبعة حتي في بعض بلاد الإسلام تري أنه قد صنّفت هذه الموارد الثلاثة إلي ثلاثة أقسام ولكل منها حكم، مع انه بغض النظر عن الشرع بل بالنظر العقلي لا يختلف الأمر فيها، إلا أنهم جعلوا عناصر ثلاثة في الإجرام: العنصر المادي، والعنصر المعنوي، والعنصر الأخلاقي، وأطالوا الكلام في ذلك.

ومثل هذا التشقيق

منقوض ومحلول معاً بما يلي:

أما النقض: فهو انه لو كان الملاك الخصوصيات غير المرتبطة بسير القانون والجزاء، فلماذا لا يشقق فيها سائر الأمور، مع ان التشقيق في كثير من الأمور أولي من هذا التشقيق؟

مثلاً: هل السارق رجل أو امرأة، غني أو فقير، كبير السن أو صغيره؟

وهل هو ابن عشرين سنة أو ستين سنة أو أقل أو أكثر؟

وهل فعل السرقة في محل آمن أو في محل مضطرب؟

إلي غيرها من التشقيقات الكثيرة، التي يمكن تبريرها: بأن عقوبة الرجل يجب أن تكون أكثر لأنه عقلاني، بخلاف المرأة العاطفية، وعقوبة الغني اكثر لعدم احتياجه، بخلاف الفقير فيما لم يصل إلي حد الاضطرار وإلا فلا عقوبة للفقير، وعقوبة كبير السن أكثر لأنه أعرف بالحياة من صغير السن، وعقوبة من يكدر صفو الاجتماع السالم اكثر من غيره، وإلي غير ذلك.

وأما الحل: فإن مثل هذه التشقيقات يضر الاجتماع مضرات بالغة كالتالي:

أولاً: تشغيل واضع القوانين بالتوافه دون اللباب.

ثانياً: تكثير الموظفين، مما يثقل كاهل الدولة.

ثالثاً: تصعيب دراسة القانون علي الناشئين.

رابعاً: تصعيب التطبيق علي القضاة والحاكمين.

خامساً: جعل اللف والدوران في سير الحكم والمحاكم مما يوجب تكثير الباطل، لأن كل لف يمكن أن يختبئ فيه الباطل فيظهر عند الدوران.

سادساً: صرف وقت المترافعين بما هو غير لازم وتضييعه عليهم.

سابعاً: هدر أموالهم بما لا ينبغي، وهو اعتداء علي حقوق الناس وكرامتهم.

إلي غير ذلك مما هو مشاهد في المحاكم الحديثة، بينما المحاكم الإسلامية ليس فيها أي شيء من هذه الأمور.

وعلي هذا فاللازم علي الدولة الإسلامية الاهتمام لإرجاع أمر الحكم والقضاء، والعقوبات والجزاء، إلي حالتها الإسلامية الصحيحة.

لماذا هذا الجفاء؟

ولا يخفي أن إقبال حكام بلاد الإسلام إلي قوانين الغرب، وجفائهم في قبال قوانين الإسلام إنما هو لأسباب تالية:

أولاً: ضغط الغرب عليهم

حتي يطبق نظرياته التوسعية فيهم.

وثانياً: جهل حكام المسلمين بقوانين الإسلام الحكيمة، ومن المعلوم أن من جهل شيئاً عاداه.

وثالثاً: انبهارهم بنظام الغرب وتطور صناعته المادية الظاهرية، فزعموا أن الغرب كما تقدم في الصناعة وغيرها فهو متقدم في كل شيء، ولذا يجب أن يؤخذ القانون منهم جملة وتفصيلاً.

هذا هو أقل ما يمكن أن يقال عند حسن الظن ببعض حكام البلاد الإسلامية، أما العملاء منهم فالأمر واضح.

بينما كان سبب التفاف الناس حول الإسلام سابقاً وانفضاضهم عنه حالاً عوامل متعددة، من جملتها البساطة الإسلامية سابقاً وتعقده بما عقدوه كما ذكرناه حالاً، وهذا هو من أهم عوامل الاستعمار، حتي في بلد قد ملئ فيه الفضاء بشعارات ضد الاستعمار.

هذا ولكن الذي أراه: هو أن عقلاء الغرب لو عرفوا مزايا القضاء الإسلامي وقوانينه، لتركوا قوانينهم وقضاءهم وجاءوا إلي قوانين الإسلام وقضائه، لأن الإنسان العاقل طالب للأفضل علي كل حال.

أقسام القوانين

مسألة: القوانين مطلقاً سواء قوانين المرور أم غيرها، علي ثلاثة أقسام:

القسم الأول

الأول: القوانين المرتبطة بالمسلمين بما هم مسلمون، من غير فرق بين مسلم ومسلم، ولو كانا من قطرين أو بلغتين أو مذهبين أو ما أشبه ذلك، لأنه من الواضح أن لا حدود جغرافية بين بلاد المسلمين، وهم أخوة في جميع الخصوصيات.

فكما أن علي جميعهم الصيام والصلاة والحج والزكاة وأحكام العقود والإيقاعات وغيرها، فكذلك علي جميعهم قوانين الحدود والديات والقصاص والإرث والقضاء وغيرها.

أما ما نراه اليوم من أن هذا مسلم مواطن وهذا مسلم أجنبي، وهذا مسلم أبيض وهذا مسلم أسود، وهذا مسلم عربي، وهذا مسلم فارسي، فهو خلاف صريح للقرآن والسنة والإجماع والعقل في موارد الاتفاق، فان كل المسلمين متفقون علي القرآن والسنة وإن اختلفوا اجتهاداً في بعض الجزئيات والخصوصيات، وهذا هو من أسباب

تخلف المسلمين عن الحياة، ولا يمكن إرجاعهم إلي الحياة إلا بإعادة ما أمر به الإسلام.

قال سبحانه: ?ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم? ().

وقال تعالي: ?إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم?().

وقال سبحانه: ?واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا?() وإلي غير ذلك.

نعم اختلف المسلمون في بعض الأحكام من جهة الاجتهاد سواء بين السنة والشيعة، أو بين مجتهدي كل طائفة، وهذا لا يرتبط بالوحدة الإسلامية، كعدم ارتباط اختلافهم في خصوصيات الصلاة والصيام، لوجوبهما علي الجميع.

القسم الثاني

الثاني: القوانين المرتبطة بغير المسلمين الذين يعيشون في ظل المسلمين وبلادهم، وهذا يجري فيه قانون الإلزام بالنسبة إلي غير المسلمين، وقد بين الفقهاء في الكتب الفقهية هذا القانون.

قال سبحانه: ?وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه?().

وقال تعالي: ?إنا أنزلنا التوراة فيها هدي ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربّانيون والاحبار?()

إلي غيرها من الآيات والروايات، وقد ذكرنا جملة من أحكامه في مختلف أبواب الفقه().

القسم الثالث

الثالث: القوانين المرتبطة بالدول بعضها مع بعض، من حيث العلاقات السياسة والاقتصادية، والتجارة والزراعة والصناعة، وعمل كل طائفة في بلد الآخر، والحقوق الجنائية، واستبدال المجرمين، وما أشبه ذلك.

وفي هذا الصدد يجوز للبلد الإسلامي قبول أمثال هذه القوانين العامة، التي وضعتها الأمم المتحدة، علي شرط أن لا تنافي الأحكام الإسلامية الخاصة أو العامة، مثل قانون (لا ضرر) وقانون (الأهم والمهم) وقانون (العسر والحرج) وما أشبه ذلك.

والبحث حول ذلك يحتاج إلي ملاحظة كل واحد واحد من تلك القوانين، ودراسة نظر الإسلام فيها، سواء في دولة تقوم ضد دولة، أو فاتح يقوم بفتح دولة ولايتعدي علي أموال وأعراض ونفوس غير المحاربين، أما المحاربون فلهم القوانين المذكورة في كتاب الجهاد أو شخص يقوم بالإجرام والإرهاب بمثل اختطاف الطائرات أو السفن أو السيارات

أو اختطاف الناس، وإلي غير ذلك.

الجرائم وشكايتها إلي السلطات

مسألة: حيث إن قوانين العقوبات مطلقاً، مروراً وغيره، في بلاد الإسلام وغير الإسلام في يومنا هذا ليست إسلامية، فإذا أجرم المجرم إجراماً من قبيل القتل والسرقة وما أشبه ذلك، جاز بل لزم علي المسلم إخبار السلطة بجنايته، حتي وإن لم تطبق تلك السلطة عليه حكم الإسلام بل تطبق عليه حكماً غير إسلامي، لكن بشرط أن يكون الجرم جرماً في نظر الإسلام، لا ما هو جرم في نظر القانون وليس جرماً في نظر الإسلام.

مثلاً: المفطر في شهر رمضان عمداً حكمه الإسلامي التعزير، لكن في بعض بلاد الإسلام حكمه السجن إلي انقضاء شهر رمضان، فإنه من الواجب علي من رآه ونصحه فلم يرتدع، أن يخبر السلطة من باب النهي عن المنكر، وذلك لقانون الأهم والمهم، إذ هتك حرمة شهر رمضان وتجري الناس علي ذلك، أهم في الحرمة من سجن المفطر.

وكذلك في قتل العمد إذا كان الحاكم فيها لا يري القصاص، بل يسجن القاتل سنوات، فإنه يجب الإخبار، لأنه إن ترك القاتل وشأنه ارتكب قتلاً آخر، وهكذا يتجرأ غيره.

مع الجرائم القانونية

أما ما لم يكن في نظر الإسلام جرماً بل بنظر القانون فقط، فإنه يحرم إخبار السلطة التي تعاقبه عليه بذلك لأنه من التعاون علي الاثم والعدوان، وقد قال الله تعالي: ?ولا تعاونوا علي الاثم والعدوان?().

مثلاً: إذا دخل البلد شخص من سائر المسلمين بدون جواز وتأشيرة دخول، عده القانون جرماً، بينما هو حق طبيعي له للحرية الممنوحة له من قبل الإسلام، فإخبار السلطة بذلك مما ينجر إلي عقوبته، حرام مؤكد.

ولو سبب الاخبار ضرراً مالياً أو بدنياً للمخالف للقانون، ضمن المخبر له، لقانون (لا ضرر)، وقد ذكرنا في الأصول تفصيله وقلنا: بأن هذا القانون كما يرفع الحكم يثبت الحكم أيضاً، فإذا

سجن الحاكم، المجرم القانوني بسبب إخبار مخبر عليه شهراً، مما عطل كسبه، وكان يكتسب في كل يوم ديناراً، ضمن المخبر هذا الدينار في كل يوم، فاللازم عليه أن يعطيه ثلاثين ديناراً، وإذا غرمه الحاكم عشرة دنانير ضمنه المخبر، وإذا ضربه ضرباً فيه الدية كانت الدية علي المخبر، ولا ينافي ذلك كون الحاكم ضامناً أيضاً، فهو من قبيل تعدد الأيادي علي المغصوب.

وهكذا فيما إذا أخبر المخبر السلطة بأن فلاناً المريض عمل كذا مما يخالف القانون، فأخرجته السلطة من المستشفي، مما سبب ضرراً عليه، أو موتاً، فإن المخبر ضامن، كما ذكرناه في الفقه، وقد قال عيسي (عليه السلام): (التارك مداواة الجريح كمن يجرحه)، فهو كمن لم يعط العطشان ماءً، أو المريض دواءً، أو الجائع طعاماً، حتي مات أو فسد عضوه، أو ما أشبه ذلك.

كما أنه يحرم علي من يجري العقوبة إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجري العقوبة علي الأبرياء شرعاً، وإن كانوا مجرمين قانوناً.

أما علي المجرم الحقيقي وبقدر ما قرره الإسلام فإنه يتوقف علي إجازة مرجع التقليد.

المجرم ودوافعه الإجرامية

مسألة: المجرم إذا ارتكب جرماً عن علم وعمد، فانه ينقسم إلي أقسام ثلاثة:

الجرم بلا دافع

الأول: من أجرم بدون سبب داخلي أو محفز خارجي، وهذا هو أظهر مصاديق من يستحق العقاب.

الجرم بدافع داخلي

الثاني: من أجرم بسبب محفز داخلي، من اختلال نفسي لا بحد الجنون، أو ضعف السيطرة علي الأعصاب، أو نقص في أعضاءه سبب له عقدة الحقارة، فاندفع إلي الإجرام للتخلص من تلك العقدة وما أشبه ذلك، وهذا وإن كان عقابه أخف من الأول، إلا أن الجناية حيث وقعت والجناية بنفسها تستحق العقاب كان عقابه كالسابق.

نعم في الموارد التي لم يكن العقاب محدداً في قدر خاص (كمائة جلدة) مما

يسمي ذلك بالتعزير، يخفف الحاكم عنه، بينما لا يخفف في الأول، ولذا نري في الشريعة الإسلامية بل في القوانين الوضعية أيضاً بعض التحديدات مترجرجة بين طرفين: أقل وأكثر، حيث لا أقل من قليله ولا أكثر من كثيره، ويكون ما بينهما باختيار الحاكم، سواء في الغرامة أو السجن أو التعزير أو غيرها.

كما أنه يكون من هذا القبيل ما يوجب التخفيف لأجل المرض ونحوه، ففي الخبر: انه ضرب رسول الله صلي الله عليه و اله المريض بالعرجون بدل السياط()، كما انه قد استبدل أيوب عليه السلام السياط بالضغث في قصته مع زوجته أيضاً().

وهنا يأتي سؤال وهو: إن زوجة أيوب عليه السلام إن كانت مستحقة للسياط، فكيف بدّلها إلي الضغث، وإن لم تكن مستحقة فكيف ضربت الضغث؟ مضافا إلي أنه كيف يمكن أن ينذر النبي عليه السلام نذر معصية؟!

والجواب: ان نذره لم يكن نذر معصية بل كان صحيحاً، لأنها كانت مستحقة لذلك، حيث انها لم تعمل بما يليق بشأنها كزوجة نبي، وابنة نبي، والتخفيف إنما كان من جهة خارجية أو داخلية، ككونها بنت نبي مثلاً أو لحنوّها علي زوجها النبي، أو ما أشبه ذلك مما ليس هنا محل تفصيله.

الجرم بدافع خارجي

الثالث: من أجرم بسبب خارجي، كالجو الاقتصادي الضاغط بدون حد الإلجاء والاضطرار، وذلك كما إذا زنا، لأنه لا مال له حتي يتزوج، أو لأن الجو الاجتماعي قد صرفه عن الزواج، أو لأن الثقافة المنحرفة المسيطرة علي الاجتماع قد صرفته إليه، أو سوء التعليم، أو سوء التربية، أو سوء العائلة، أو سوء الأصدقاء والجيران، أو لوجود المشوق والمحرض علي العصيان، أو ما أشبه ذلك.

ومن المعلوم أن جرم من يزني في عائلة الزناة، أقل من جرم من يزني في عائلة

أعفاء، ولذا كان عقاب الزاني المحصن أسوأ من عقاب غير المحصن وإلي غير ذلك.

المقصود من البحث

والمقصود من هذا البحث هو: أن الحاكم الشرعي يخفف في الأخيرين بما لايخفف في الأول، وربما عفي إذا رأي العفو أصلح، كما عفا الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عن سارق() وزان() ولائط() في أحاديث مذكورة في الوسائل وغيرها، وقبله قد عفي رسول الله صلي الله عليه و اله عن الفارين عن الزحف() وغيرهم ممن استحق العقاب، وذلك لقاعدة (الأهم والمهم) وما أشبه، ولهذه القاعدة وأمثالها أيضاً نري أنه صلي الله عليه و اله قد صلي صورة علي «إبن أبُيّ» وقام علي قبره().

القاضي والمعرفة الكاملة

مسألة: يجب علي القاضي الذي يريد الحكم في مطلق المرافعات، مروراً كان أو غير مرور، معرفة الجرم والمجرم وخصوصيات الجريمة، فإذا عرف الجرم دون المجرم كما إذا رؤي قتيل ولم يعرف من قتله، أو المجرم دون الجرم كما إذا علم أن زيداً جني جناية لكن لا يعلم ما كانت جنايته، هل قتل أو جرح، أو عرفهما ولم يعرف خصوصيات الجريمة بأن لم يعرف أنه قتل عمداً أو خطأ، فحينئذ لم يتمكن من الحكم إلا بقدر ما عرف إذا كان لذلك المقدار الذي عرفه حكم.

مثلاً: إذا عرف أنه رمي زيداً وشك في أنه أعماه فقط أو قتله، فإن نصف الدية عليه إذا كان اليقين بعمي عين واحدة، وكل الدية إذا كان قد أعمي كلتا عينيه كاملاً، إذ في الأول نصف الدية قطعي وإنما لا يعرف النصف الآخر، وفي الثاني كل الدية قطعي لكن لا يعلم هل إنه لعمي العينين أو للقتل العمدي.

وهكذا إذا علم القتل ولم يعلم أنه عمد أو شبه خطأ حيث أن القصاص يرفع لدرء الحدود بالشبهات،

لكن الدية ثابتة، وحيث أن دية العمد تدفع خلال سنة، وشبه العمد تدفع خلال سنتين، ولا يعلم الضمان في سنة فإنه يؤخذ منه في سنتين، وهكذا.

ثم إنه إن كان يصح للقاضي الحكم بعلمه وعلم حكم، وإلا احتاج إلي الطرق الشرعية في الإثبات، وبدون ذلك لا يمكن من الحكم وأن علم أو ظن.

وفي مورد كفاية العلم يجب عليه التمسك بالطرق الكاشفة التي تبين صحة علمه القديمة أو الحديثة، ويؤيده كشف الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عن جملة من القضايا بالطرق الموجبة للعلم، مثل:

قصة المنشار في الأم والمدعية للولد ().

وقصة ثقبي الحائط في نزاع السيد وعبده().

وقصة اللبن في الوالدتين المتنازعتين علي الولد بادعائهما له دون البنت().

وقصة الماء الحار الذي سبّب انجماد بياض البيض في كشف كذب المرأة المدعية علي الشاب البريء انه زنا بها().

إلي غيرها، وقد ذكرنا جملة من القصص المذكورة المنسوبة إليه (عليه السلام) في كتاب القضاء().

أما الكشوف الحديثة فكثيرة ويجوز الاعتماد علي ما يوجب العلم منها، مثل الكشف عن بدن المجني عليه، والتطبيق بين سلاح الجاني وما ثبت في بدن المقتول، وكلاب الشرطة المدربة، وأخذ آثار الأصابع، وتحليل المني الباقي في موضع الذكر الملوط والأنثي المزني بها مع مني الجاني، إلي غير ذلك مما ذكر بكثرة في الكتب الحديثة، لكن اللازم أن لا يخرج في ذلك إلي غير الموازين الشرعية، فلا يكفي الظن والحدس وأخذ الإقرار بالإكراه وما أشبه ذلك.

نعم قد ذكرنا في الفقه: أن الأمر في باب حد الزنا واللواط والسحق بحاجة إلي أربعة عدول يشاهدون الأمر بشروط مذكورة، وإلا فالعلم لا يكفي إلا للتأديب، نعم في باب السرقة وما أشبه يكفي العلم في ارجاع حق الناس فقط دون اجراء الحد.

الجرائم من حيث الجزاء

مسألة: الجريمة التي

تستحق العقاب في الشريعة الإسلامية، عبارة عن فعل محرم أو ترك واجب، سواء كان ذلك في مجال العبادة ام في مجال المرور وغيره، وهو حسب القانون الإسلامي أربعة أقسام:

الأول: ما عين له الشرع عقوبة خاصة من حد أو قصاص أو ما أشبه ذلك.

الثاني: ما عين له الشارع التعزير الذي تقديره في الأغلب إلي الحاكم الشرعي.

الثالث: ما عين له الشارع كفارة ونحوها، كالقتل() وإفطار شهر رمضان وحنث اليمين والعهد والنذر وما أشبه ذلك.

الرابع: ما لم يعين له الشارع أحد الثلاثة المتقدمة، وإنما بيّن أنه حرام أو أنه واجب.

وعليه: فإذا فعل الشخص الحرام أو ترك الواجب سقط عن العدالة، فلا يكون قبل التوبة ورجوع الملكة، صالحاً للقضاء أو للشهادة أو إمامة الجماعة أو مرجعية التقليد أو ما أشبه ذلك.

والمشهور بين الفقهاء انه إن كان من الكبائر كان عليه التعزير، لكنا تأملنا في ذلك في الفقه حيث لا دليل علي إطلاق مثل كلامهم، ويدل علي ما ذكرناه عدم تطبيق النبي والوصي (صلوات الله عليهما) ذلك، اللهم إلا أن يقال: إن عدم التطبيق كان من باب الأهم والمهم فتأمل.

اختلاف الجزاء باختلاف الجرائم

مسألة: مما ذكرنا من الأقسام تبين أن بعض الجرائم له عقوبة بدنية حداً أو قصاصاً أو تعزيراً، وبعض الجرائم له عقوبة مالية كمن نكل بعبده حيث يكون عقابه عتقه، وبعض الجرائم له عقوبة اعتبارية كالفسق الذي يوجب سقوط الفاسق عن العدالة، لكن حيث ان ضمان تطبيق القانون والتزام الناس بالمقررات، بحاجة إلي جعل عقوبات لمن تخلف عنه، جعل الشارع ذلك لحكام الشرع وقد تقدم أنه بيد شوري المراجع في الدولة الإسلامية.

مثلاً: الدولة تحتاج إلي قوانين المرور، وقوانين الشرطة، وقوانين الجيش، وقوانين الموظفين، وقوانين المعاهد العلمية، وقوانين المستشفيات والمستوصفات

وما أشبه ذلك، فلشوري المراجع جعل العقوبات المناسبة للمتخلف وذلك لقانون (لا ضرر) أو قانون (الأهم والمهم) وما أشبه ذلك.

ويمكن في موظف الدولة أن يدخل عقابه تحت العقد والشرط كأن تقول الدولة للمعلم: عليك أن تحضر كل يوم من أيام التحصيل في المدرسة من ساعة كذا إلي ساعة كذا، ولك كل شهر مائة دينار، ولكن إذا خالفت يقطع من راتبك كل يوم خمسة دنانير، إلي ما أشبه ذلك.

لكن من الواضح أن العقوبة الموضوعة يجب أن لا تكون مخالفة للشرع، ولا تكون خارجة عن الإنصاف إلي حدّ الإجحاف الذي ورد في الشرع المنع عنه، بالإضافة إلي أنها ليست لها صيغة الدوام وإنما تختلف حسب نظر الفقهاء من جهة اختلاف الزمان والمكان وسائر الخصوصيات.

من شروط استحقاق الجزاء

مسألة: في استحقاق الجزاء البدني أو الحرماني أو ما أشبه ذلك اشترطوا أموراً، بينما لا يشترط في الضمانات جملة من تلك الشروط، وذلك لأن الضمان حكم وضعي والأحكام الوضعية لا يشترط فيها جملة من شروط الأحكام التكليفية، فالمشهور أنه إذا كسر إناء الغير شخص نائم أو سكران أو طفل أو مجنون أو ملجأ أو جاهل يتصور أنه إناء نفسه أو ما أشبه ذلك يكون ضامناً، بينما ليس كذلك الأحكام التكليفية.

والشروط في استحقاق الجزاء والعقوبة التي هي محل البحث أمور:

الأول: البلوغ الشرعي لا البلوغ القانوني، نعم غير البالغ يؤدب أحياناً إذا كان مميزاً، وذلك علي ما ذكرناه في الفقه فيما إذا أجرم الطفل جنايات خاصة بعد تمييزه تمييزاً كاملاً كالزنا واللواط والسرقة وما أشبه ذلك.

الثاني: العقل، فالمجنون لا حكم له في هذا الباب إلا التأديب إذا لم يكن جنونه بحد أفقده شعوره إطلاقاً، وإلا فلا تأديب له أيضاً.

الثالث: الاختيار، فلا عقوبة علي النائم كما

إذا انقلب علي طفل فقتله، ولا علي السكران، علماً بأن القدر المتيقن منه فيما إذا لم يكن سكره باختياره، كما إذا أوجر في حلقه الخمر فسكر فجني وقد فقد الشعور، أما إذا كان سكره باختياره ففيه كلام، وخصوصاً إذا كان قد شرب الخمر ليفعل الجناية في حال السكر، وكذلك لا عقوبة علي المكره والمضطر.

الرابع: القصد، فلا عقوبة علي من لا يقصد خصوصاً إذا كان قاصراً.

الخامس: البيان والبلاغ، لكن هذا هو بالنسبة إلي القوانين الأولية المذكورة في الإسلام، وقد لا يكون مجال لهذا الشرط بالنسبة إلي القوانين الثانوية التي يضعها شوري المراجع من باب (لا ضرر) أو (الأهم والمهم) أو ما أشبه ذلك في الجملة.

مثلاً: إذا جاء الوباء فحكم الحاكم الإسلامي بعدم بيع اللبن الحليب لأحد، لأنه غالباً ما توجد جراثيم الوباء في اللبن، فإنه إذا علم صاحب اللبن بهذا الحكم من الحاكم ثم باع اللبن، حق للحاكم تعزيره، أما إذا لم يعلم البائع بذلك لأنه لم يصل إليه هذا الحكم، أو أنه باع اللبن في يوم الجمعة وحكم الحاكم بعد ذلك في يوم السبت، لم يكن عليه عقاب وان كان يحق المنع عنه في المثال الأول، ومن المعلوم أنه لا تنافي بين الأمرين.

والآيات والروايات والإجماع والدليل العقلي متوفرات حول هذه الشروط الخمسة المزبورة.

قال الله سبحانه: ?لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها?().

وقال تعالي: ?لا يكلف الله نفساً إلا وسعها?().

وقال سبحانه: ?وما كنا معذبين حتي نبعث رسولاً?().

وقال تعالي: ?إلا ما اضطررتم?().

وقال سبحانه: ?إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان?().

وقال النبي صلي الله عليه و اله: (رفع القلم عن الصبي حتي يبلغ وعن النائم حتي يستيقظ وعن المجنون حتي يفيق) ().

وقوله صلي الله عليه و اله: (رفع عن

أمتي تسعة أشياء، وعد منها الخطأ والنسيان وما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون) ().

ومن الواضح أن الإلجاء ليس بفعل الشخص حتي يكون موضع الحكم كمن يوجر في حلقه خمر بعد شد يديه ورجليه، أو يزني بها أو يلاط به كذلك، ومن مسلمات الفقه قبح العقاب بلا بيان، والإجماع علي كثير من المذكورات قطعي.

أمور يتوقف الجزاء عليها

مسألة: وعلي ما ذكرناه في المسألة السابقة فاللازم في العقاب أمور:

أولاً: تحقق الجرم خارجاً، أما نيته وقصده والشروع في مقدماته ليس بجرم حتي يعاقب عليها وإن كان بعضها تجرياً.

نعم، قد اختلفوا في التجري بانه هل يوجب العقاب أم لا؟ فالشيخ المرتضي رحمة الله عليه وجماعة آخرون علي أنه ليس بحرام ولا يوجب العقاب، وإنما فيه قبح فاعلي وموجب لتنزل الدرجات.

والآخوند الخراساني رحمة الله عليه وآخرون علي أنه محرم، وأيضاً موجب للعقاب إذا ضممناه إلي قولهم الآخر: بان كل حرام يوجب العقاب.

هذا وقد ذكرنا تفصيل الكلام حول ذلك في «الأصول» وإن كان الأقرب إلي ما استظهرناه هو قول الشيخ رحمة الله عليه، نعم لا إشكال في قبحه الفاعلي وإيجابه إنحطاط الدرجة، لكن الكلام في قبح الفعل لا في قبح الفاعل، كما قد ألمعنا سابقاً إلي الإشكال في ما قاله المشهور من أن كل حرام يوجب التعزير.

وثانياً: كون الجرم مما له عقاب، فالجرم الذي ليس له عقاب لا عقاب عليه كما ذكره الفقهاء بالنسبة إلي الظهار.

وثالثاً: ما ذكرناه من البيان والبلاغ وسائر الخصوصيات.

ورابعاً: أن يكون المجرم من أهل الدين الذي يلتزم به.

مثلاً: الزواج بالأخت المحرمة في الشريعة الإسلامية عليه عقاب، أما إذا فعله المجوس فلا عقاب عليهم، لأن دينهم الذي يلتزمون به يحلل لهم ذلك، وكذلك في شرب

العامة الفقاع، فإنه ليس في مذهبهم محرماً، وقد تقدم الالماع إلي (قاعدة الإلزام) وذكرنا في الفقه أنه شامل لما له ولما عليه.

من مستثنيات قاعدة الالزام

نعم، يشرط أن لا يكون الذي التزموا به ضروري الحرمة بالنسبة إلينا، كما لو كانت أخت المسلم مجوسية، فإنه يجوز عندها زواج الأخ بها، لكن حيث لا يجوز ذلك عندنا قطعاً، لا يشمله قانون الإلزام بالنسبة لنا، وإلي غير ذلك من الأمثلة.

أما مثل الزواج بمطلقة العامة، من دون توفّر الشروط التي نشترطها نحن في صحة الطلاق، فإنه يجوز لنا الزواج بها لشمول قانون الالزام له، وعليه الروايات.

ومن المعلوم أنه يستثني من قاعدة الالزام أيضاً: القوانين العامة لبلد الإسلام، فان فيها يجب علي الجميع رعايتها.

مثلاً: القوانين العامة المقررة في المرور، فإذا قرّر الضوء الأحمر علامة لمنع السير، والضوء الأخضر علامة لجواز السير فانه يجب علي الجميع رعايته وان لم يكن في دين البعض من الأقليات الدينية ذلك.

وكذا في غير المرور، كتقرير وجوب الوفاء بالعهد، مثل ما إذا لم يلتزم غير المسلم بالوفاء بعهده مع المسلم، كما إنه كذلك في دين اليهود، فإنه لا يلزم بما يلتزم به، بل اللازم عليه الالتزام بالعهد وبقوانين البلاد العامة، لانصراف أدلة الإلزام عن مثله فالمحكم فيه هو الأدلة الأولية.

ثبوت الجرم بالطرق الشرعية

مسألة: ثم إنه لا يحق نسبة الجرم لأحد، ولا اطلاق المجرم علي أحد إلا بالثبوت الشرعي كالبينة ونحوها، أو العقلي كالعلم القطعي فيما يكفي فيه العلم، دون ما لايكفي فيه فقد ذكرنا في بعض المباحث: أنه لا يكفي العلم في مثل الزنا واللواط والسحق، إذ الشارع لم يعتبره، وإلا فقد كان يعلم رسول الله صلي الله عليه و اله بزنا ماعز، وعلم أيضا بحسب العادة من اعترافاته الثلاثة، ومع ذلك لم يرتب الحكم عليه إلا بعد الاعتراف الرابع، الذي هو أحد الطريقين الشرعيين: من الشهود الأربع والإقرارات الأربعة () في ثبوته.

وكذلك

كان يعلم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بزنا المرأة وعلم بحسب العادة بعد اعترافها عنده ثلاث مرات، ومع ذلك لم يرتب عليها الحكم إلا بعد الإقرار الرابع.

وكذا فيما يحتاج إلي الإقرار مرتين لا يرتب الحكم مع الإقرار مرة.

وعلي هذا: فالوسائل العلمية الحديثة لا تثبت الجرم شرعاً فيما جعل الشارع لاثباته طريقاً خاصاً، حتي وان حصل للحاكم العلم منها به، فإذا أظهر الكلب البوليسي الجرم وعيّن المجرم، لكن المجرم لم يعترف، فانه لابد في حقوق الناس أن يسلك معه طريق الأسئلة المتعددة حتي ينتهي إلي الإقرار بدون الإكراه.

وكذلك إذا حلّل الجهاز العلمي المني في موضع المفعول ومني الفاعل ورآهما من جنس واحد، فإنه لا يتمكن الحاكم من إجراء حد اللواط عليهما ما لم يعترفا به بأنفسهما من دون إكراه أو تعذيب، وإلي غير ذلك.

وعليه: فلا يجوز نسبة الجرم ولا اطلاق المجرم علي أحد، ولا توقيفه أو سجنه أو ما أشبه ذلك بما لا يعرفه الإسلام جرماً، إما ابتداءً كالزنا والسرقة()، أو بتطبيق حكام الشرع (لا ضرر) ونحوه علي المصداق الخارجي()، كما سبق من مثال عدم بيع اللبن في أيام الوباء، ومثال قوانين المرور والشرطة والنجدة ونحوها.

كما لا يجوز إلزام أحد بما لم يوجبه الإسلام عليه إما ابتداءً كالإنفاق علي الزوجة والأولاد()، أو بتطبيق حكام الشرع للقوانين الكلية علي المصاديق الخارجية مثل إيجاب أن يحضر الموظف أول الدوام في الدائرة().

ثم إن للقاضي أن يتخير فيما إذا كان العقاب مترجرجاً بين حدين: حد أقل، وحد أكثر، كالغرامة من دينار إلي خمسين ديناراً، فإنه يتخير الحاكم بين الحدين، لكن اللازم مراعاة الأولي بحق المجرم زماناً ومكاناً وملاحظة سائر الخصوصيات مما يكون بملاك ?هذا عطائنا فامنن أو أمسك بغير حساب?().

المقدم روح القانون بشروطه

مسألة: لو اختلف روح القانون ومغزاه الذي وضع القانون لأجله، مع مادة القانون وجسمه، فأيهما يكون المقدم؟

وذلك كما إذا ترافع اثنان عند الحاكم في زوجة، وكان لأحدهما شاهدان والآخر ليس له شاهد ولا يحلف، ولكن الحاكم علم بطريقةٍ مّا كذب المدعي وإن الشاهدين قد أغفلا، فهل يحكم حسب البينة التي هي جسم القانون وقد قال صلي الله عليه و اله: (إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان) () أو حسب علمه الذي هو روح القانون حيث إن القانون وضع لأجل إرجاع الحق لأهله، وقد قال سبحانه عن لسان نبيه: ?وأمرت لأعدل بينكم? () فإن العدل إرجاع زوجة الناس إليهم؟

احتمالان، كما سبق الالماع إليه في بعض المسائل السابقة:

الأول: من أنه إذا أخذ بروح القانون لم يكن ضابط لذلك، وبطلت الموازين القضائية، لأن طرق تحصيل العلم للناس وخصوصيات القضاة في سرعة العلم وبطئ العلم مختلفة، كما ذكروه في باب القطع.

والثاني: من أن القانون وضع للعدالة فكيف يكون سبباً للظلم؟

هذا ولا يبعد لزوم العمل بروح القانون، لكن اللازم فيه محاولة كشف الحق حتي يوافق جسم القانون مع الواقع، فإذا لم تنتج المحاولة كشفاً، عمل القاضي بالاحتياط أو التصالح أو ما أشبه ذلك، فإن محذور الهرج والفوضي في القضاء كبير جداً، وفي قضاء أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) شواهد لمحاولة الكشف عن الواقع() كما أن القضاة الأذكياء أيضا كذلك.

من قضاء الفقيه الشفتي رحمة الله عليه

ان حجة الإسلام الشفتي رحمة الله عليه كان أحد كبار العلماء في إصفهان وكان الناس يترافعون إليه في خصوماتهم، فجاءت إليه امرأة وقالت: إن جاري غصب حديقتي وهو متنفذ وليس لي أي دليل من بينة أو ورقة أو ما أشبه، فإن تمكنت من الأخذ بحقي وإلا بقي حقي إلي الآخرة.

فقال لها

الشفتي رحمة الله عليه وقد علم صدقها من القرائن: لا بأس.

ثم استدعي طرفها، فأخرج الشخص أوراقاً فيها عدة شهادات من الوجهاء بأن البستان له، ثم اشتغل حجة الإسلام بعدة قضايا اخر حضر أصحابها في مجلسه، ثم التفت إلي المدعي عليه وسأله مبتدراً: هل ورثت البستان؟

قال: لا.

وبعد مدة سأله هل اشتريته؟

قال: لا.

وبعد ساعة سأله: هل أحدثت البستان بنفسك؟

قال: لا.

وهكذا وفي غفلة منه سأله حجة الإسلام عن كل أسباب الملك، وهو في حال غفلته عن قصد حجة الإسلام كان يجيب بالنفي، وأخيراً قال له حجة الإسلام: فمن أين لك هذا البستان وأنت تعترف بأنه لا سبب لملكك له فتحير المدعي عليه، الذي غصب البستان وأجاب: بأنه سقط لي من السماء، فأبطل حجة الإسلام أوراقه وسلم البستان إلي المرأة مالكته.

ومن راجع قضايا القضاة يري فيها كثيراً من الأشباه والنظائر، والله العالم المستعان.

الآمر والمأمور إذا اختلفا

مسألة: لو اختلف حكم الآمر مع ما يراه المأمور من الدليل العقلي أو الحكم الشرعي، فما هو الحكم؟

مثلاً: إذا أمر ضابط الجيش فيما لو كان واجب الإطاعة شرعاً لأنه كان مثلاً منصوباً من قبل شوري المرجعية برمي شخص يراه عدواً، بينما رأي المأمور أنه ليس بعدو موضوعاً، أو ليس مهدور الدم حكماً، أتي هنا المحذور السابق الذي ذكرناه في التعارض بين روح القانون وجسم القانون، لأنه من طرف مأمور بإطاعة القائد وإلا لزم الفوضي، ومن جانب آخر يري أمره مخالفاً للشرع أو العقل، وهو حرام، فكيف يفعل؟

والجواب: انه يجب هنا أيضاً محاولة التوفيق بينهما، فإن لم يتمكن وكان قد علم باشتباه القائد، وجب عليه إطاعة الله أو العقل، فإنه (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)() وما حكم به العقل حكم به الشرع أيضاً، فلا يحق له

رميه.

ويذكر في قصة روتها العامة: إن بعض رؤساء الجيش ممن جعلهم النبي صلي الله عليه و اله آمراً وقائداً، أجج ناراً وأمر أصحابه أن يدخلوها، فلم يدخلوها، فلما سمع النبي صلي الله عليه و اله ذلك قال: لو دخلوها بقوا في النار إلي الأبد()، فان صحت القصة، فهي كناية عن إن إطاعة الآمر في معصية الخالق هي نار، ويخلد المأمور الذي أطاعه فيها إلي الأبد.

نعم لو لم يكن المأمور قاطعاً بخطأ الآمر موضوعاً أو حكماً، وإنما كان بينهم اختلاف الاجتهاد كان اللازم علي المأمور الاتباع لأنه الأصل ما لم يقطع بخلافه والمفروض أنه لا قطع هنا في الخلاف.

الجزاء علي الشرع أو العقل؟

مسألة: من اليقين أن الشرع لم يدع كبيرة ولا صغيرة إلا بين حكمها بالخصوصية أو بالقواعد العامة، لكن ربما لا يصل الحكم إلي الشخص من باب القصور لا التقصير، وفي هذا المورد لو خالف المكلف الحكم العقلي، وتبين بعد ذلك، انه بمخالفته للحكم العقلي كان قد خالف الشرع أيضاً فهل يعاقب أم لا؟

في القوانين العالمية الاعتبار بالقانون الموجود، سواء وصل الشخص أم لم يصله، فلا عقوبة لمن خالف العقل إذا لم يوجد قانون يوافقه يقول بكونه جرماً.

ولعل الشرع كذلك أيضا فيما لم يوجد قانون، أو وجد ولم يصل إلي المكلف قصوراً، حيث قال سبحانه: ?وما كنا معذبين حتي نبعث رسولاً? ()، وإلي غير ذلك من أدلة البراءة العقلية والشرعية.

لكن بعض الدول يأخذون من خالف عقله، ويحاسبونه حساب المجرمين، حتي وان لم يوجد قانون ينصّ علي كونه مجرماً، وقد حاكموا رؤساء الحزب النازي الذين لم يخالفوا قانون دولتهم، وانما خالفوا عقلهم في جناياتهم تحت لواء هتلر() في الحرب العالمية الثانية().

وقد انتقد البعض هذه المحاكمات وقال بأنهم ليسوا مجرمي

حرب، بل هم أناس شرفاء حيث أطاعوا أمر القيادة وإنما القائد هو المنحرف والمجرم!

وعلي أي: فالظاهر أن القانون الإسلامي إذا لم يصل لا بتقصير المكلف بل قصوراً لم يكن عقاب، قال سبحانه: ?وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً? ().

فإنهم إذا خالفوا الأحكام العقلية ثم خالفوا الأوامر الشرعية التي جاءت علي وفقها، فقد استحقوا العقاب، وأما صرف مخالفتهم للأحكام العقلية فلم يوجب عقاب الله سبحانه وتعالي، فتأمل.

لا عقاب للجاهل القاصر

مسألة: الجاهل القاصر لا يعاقب بالحدود ونحوها سواء كان قصوره في أحكام المرور أم في غيره، لا في الدنيا ولا في الآخرة بلا إشكال، نعم عليه الأحكام الوضعية، فلو خالف قصوراً أحد قوانين المرور، وأدي إلي كسر يد شخص أو رجله، أو ان شخصاً أجنب بدون علمه بأن الجنابة توجب الغسل، أو أتلف مال الناس كذلك، أو تنجست يده، فإن عليه الدية وأحكام الجنب والضمان ويده نجسة، وهكذا.

هذا في الجاهل القاصر، اما في الجاهل المقصر من حيث عقوبات الآخرة، فيستحق العقاب فيها لما ورد من قوله (هلا تعلمت؟)() كما إن عليه الأحكام الوضعية في الدنيا من ضمان وغيره أيضاً.

وأما من حيث عقوبات الدنيا مثل حد الزنا وشرب الخمر والسرقة وما أشبه ذلك، فهل تثبت في حقه أم لا؟

احتمالان:

الأول: العدم، لأن بعض الآيات والروايات تدل علي العدم وإنما عليه التعزير فقط لعدم تعلمه ما وجب عليه شرعاً مثل قوله سبحانه: ?وذروا ما بقي من الربا?() فإنه لا شيء عليه وإن كان مقصراً في عدم التعلم، ولقوله (عليه السلام) فيمن شرب الخمر: إن قرئت عليه آية الخمر وفسرت له()، ولإطلاق دليل الرفع.

الثاني: الاثبات، لأن بعض الأدلة الأخري يدل علي الثبوت، مثل إطلاق: ?الزانية

والزاني? () و?والسارق والسارقة? () وسائر الآيات والروايات المثبتة للعقوبات، فإن الخارج منها هو القاصر أما غيره فلا دليل علي الخروج.

ويؤيده صحيح الكناسي عن الصادق عليه السلام في التزويج في العدة() وإن كان يقابله قوله عليه السلام بأي الجهالتين أعذر().

ولو فرض الشك لم يجر الحد، إذ الحدود تدرء بالشبهات، وهذا من شبهة الحاكم في الحكم، فان هذا الحديث يشمل الشبهة في الحكم وفي الموضوع، للفاعل وللشاهد وللحاكم، نعم القوانين العالمية لا تفرق بين العالم والجاهل، والقاصر والمقصر، مع ان شمولها للجاهل القاصر خلاف العقل، أما للجاهل المقصر فلا يبعد أن العقلاء يرون عدم المنع عن عقوبته.

الميزان في القاصر والمقصر

مسألة: ما هو ميزان القصور والتقصير؟

الظاهر أنه العرف، وذلك علي حسب أسلوب تعامل الرسول صلي الله عليه و اله والإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام مع الناس، فإنهم كانوا يعاملونهم عرفياً لا دقياً، فإن الناس في زمانهم كانوا مثل الناس في زماننا، يحضرون مجالس الوعظ ويستفيدون الأحكام تدريجياً، فإذا كان الجاهل من هذا القبيل كان قاصراً وإلا كان مقصراً كمن يفر عن تعلم المسائل وحضور المجالس والسؤال عن الأحكام.

ولو شك في أنه قاصر أو مقصر وقلنا بعقوبة المقصر فالحدود تدرء بالشبهات.

ملاك معرفة القاصر من المقصر

مسألة: ما هو ملاك معرفة القاصر من المقصر؟ ومن أين نعلم أن الجاني الجاهل قاصر أو مقصر في جهله؟

الظاهر أنه إن كانت القرائن تدل علي أحدهما فهو، وإلا كان الجاني نفسه هو المرجع، لأنه لا يعرف إلا من قبله، وقد ذكروا أن ما لا يعرف إلا من قبله، فان قوله حجة فيه، نعم لو توفرت القرائن علي أحد الجانبين، فانه يعمل علي طبقها إذا أوجبت الاطمئنان كما هو واضح وإلا ف?إن الظن لا يغني من

الحق شيئاً? ().

إذا لم يجد القاضي حكم الجريمة

مسألة: إذا لم يجد القاضي حكم الجريمة أو حكم الدعوي مدوناً في الفقه، ولم يقدر علي استنباط حكمه من الأدلة الشرعية، أو كان النص مجملاً، أو متعارضاً، أو كان للقاضي محذور في فصل الدعوي من جهة قرابة أو صداقة أو ما أشبه ذلك، فإذا كان هناك قاض آخر حق له أن لا يحكم، إذ كونه جامعاً للشرائط ليس معناه أنه واجب تعييني عليه.

وأما إذا لم يكن قاض آخر وأمكن تأخير الدعوي أو تعليق حكم الجريمة إلي توفر قاض ثان، أو حل مشكلة نفس هذا القاضي الذي ترافعوا إليه، حق له التأخير أيضاً، وأما إذا لم يكن ذلك ولا ذاك فاللازم أن يحاول فهم حكم الدعوي والفصل بين المترافعين، أو فهم حكم الجريمة وتنفيذ القضاء فيها.

واما إذا لم يتمكن بالأخرة من التوصل إلي الحكم فاللازم علاج المشكلة في الدعوي بصلح ونحوه، وفي حكم الجريمة بالاقتصار علي القدر المتيقن إن كان، وإلا فلا عقوبة لأن الحدود تدرء بالشبهات.

وما ذكرناه هو مقتضي الأدلة الشرعية والحكم العقلي.

مثلاً: إذا ادعي اثنان زوجية امرأة وكان لكل شاهدان، أو حلف كل واحد منهما، أو لم يكن لهما لا شاهد ولا حلف، وشك القاضي في أنه هل يكون الحكم بالقرعة، أو جبرهما علي الطلاق، أو جبر أحدهما؟ فإنه يعمل كما ذكرناه.

وفي مورد الصلح كما إذا كانت دار مورد النزاع، وأمكن الإصلاح بينهما بالمهايات لكل واحد مدة، أو بيعها وتقسيم الثمن بينهما، أو جمعهما علي الاشتراك في الاستفادة منها ونحوها، فعل ذلك.

ومن ذلك يظهر حكم ما لو اختلف الفقهاء في مسألة، ولم يتمكن القاضي الذي رفعت له الدعوي من البتّ فيها، وذلك كما إذا باعه فرساً من فرسين لا علي نحو

الاشتراك، مع أن الفرسين كانا مشتركين في الملكية لشخصين، كما لو مات صاحب الفرسين وكان له ولدان فورثا الفرسين، فانهما يشتركان فيهما، لا أن لكل واحد فرساً خاصاً من الفرس الأحمر والأبيض، ورأي القاضي اختلاف الفقهاء في صحة مثل هذا البيع، حيث قال أحدهما بالصحة والآخر البطلان، فإنه لا يتمكن من البت في الحكم حتي يقضي بينهما بما يري، خصوصاً إذا كان المتنازعان مجتهدين أو مقلدين لمختلفي النظر، أحدهما يري البطلان لأنه من بيع المبهم، والآخر يري الصحة لأن المبهم لا مانع من بيعه، مما قد ذكرنا تفصيله في كتاب «الفقه: البيع».

استحقاق العقوبة وملاكها

مسألة: لا يشترط في استحقاق العقوبة مطلقاً سواء في جرائم المرور أم في غيره، علم المجرم بوجود العقوبة أو أن عقوبته كذا، بل يكفي علمه بأن الشيء الفلاني محرم، لأن علمه بأنه محرم بيان، فإذا علم بأن قتل البريء حرام ولم يعلم هل له عقوبة أم لا، أو علم أن له عقوبة لكن لم يعلم هل أن عقوبته القصاص أو الدية؟ أو علم أنه الدية، لكن لم يعلم قدر الدية؟ استحق العقوبة لإطلاق الأدلة وعدم وجود محذور شرعي أو عرفي أو عقلي من هذه الجهالات.

فاحتمال أنه لا يثبت الحد إلا إذا علم المجرم كل الخصوصيات غير تام، وإن ذكره بعض المقننين الغربيين مستدلين عليه: بأن المجرم يجب أن يوازن بين منافع الجريمة ومضار العقوبة ثم يقدم علي الجريمة، وفي صورة علمه بالخصوصيات يستحق العقوبة، أما إذا لم يكن العقاب واضحاً لديه لم تكن هناك لديه موازنة، فيكون حاله حال الجاهل المطلق الذي لا عقوبة عليه.

وفيه: بالإضافة إلي ما ذكرناه من إطلاق الأدلة، وعدم كون هذا من الشبهة الدارئة للحد، أنه من أين هذا

الشرط؟ أي: اشتراط العقوبة بالموازنة في نفس المجرم.

ومما ذكرناه يعرف: أنه لو كان المجرم جاهلاً بالخصوصيات لكنه كان عالماً بأصل التحريم، استحق العقوبة، وأجريت عليه، حتي وان كان في تصوره مثلاً أن حد الخمر خمسين سوطاً، أو ان عقوبتها غرامة مائة دينار فقط، فإنه يعاقب علي شربها، عقوبة كاملة باجراء الحد عليه، وإن لم يكن عالماً بخصوصية العقوبة ودقائقها.

لو تعددت خصال العقوبة

مسألة: ثم الظاهر أن العقوبة إذا كانت خصالاً متعددة، كان المستحق للعقوبة مخيراً في الشرع بينها، فإذا اختار هو ونحوه أحدها، لم يحق للقاضي تعيين غير مختاره.

مثلاً: إذا كانت دية قتل الخطأ أحد أشياء ستة، واختار القاتل الحُلة في شبه العمد، أو اختارت عاقلته إياها في الخطأ المحض، لم يكن للقاضي جبره بغير ما اختار لوضوح أن الشارع خيره، فمن أين للقاضي إسقاط تخييره؟

نعم إذا رأي القاضي صلاحاً من باب (الأهم والمهم) وما أشبه حق له، لكن هذا ليس باختيار القاضي، وإنما هو من إجبار الشارع للمجرم بالدليل الثانوي.

ولذا ينقل عن المحقق القمي رحمة الله عليه أنه أفتي للسلطان فتح علي شاه القاجار بلزوم كفارة صيام ستين يوماً، حيث انه كان قد أفطر يوماً عمداً في شهر رمضان، ولم يقبل منه المحقق رحمة الله عليه عتق العبد أو الإطعام، قال المحقق لبعض خواصه: إن الشاه سهل عليه العتق أو الإطعام، فيمكن أن يستهين بالإفطار في شهر رمضان، ولذا أمرته بصيام ستين يوماً حتي لا يقدم علي مثل هذا بعد ذلك أبداً.

نعم فيما جعل الشارع اختياره بيد القاضي، فانه ليس للمجرم تعيين أحدها، وذلك كما إذا خيره الشارع في التعزير بين سوط وعشرة سياط، واختار القاضي أن يضرب خمسة مثلاً، فإنه ليس للمجرم دفعه واختيار ثلاثة مثلاً.

ثم

لو اختلفت العاقلة في دية الشاة أو الإبل مثلاً، فانه لا يحق لها التبعيض، لأن الشارع جعل للولي أحد الستة، لا المركب من اثنين أو أكثر، وهنا يكون الحكم مع القرعة هل الشاة أو الإبل، أو اتباع الأكثرية من العاقلة، أو يفصل الأمر القاضي؟ ولعل هذا أقرب الثلاثة.

اختلاف القانون باختلاف المصالح

مسألة: يحق لمن بيده صياغة القانون ويملك تأطيره حسب استنباطه من الأدلة الأربعة أن يصوغ القانون مختلفاً، حسب اختلاف المصالح العامة، فلو كانت المصلحة العامة في بغداد مثلاً تقتضي جعل الوقوف في قانون المرور، عند الإشارة الحمراء، وفي البصرة عند الإشارة الخضراء، كان له ذلك، لكن إذا لم يكن هنا اختلاف مصلحة بين بغداد والبصرة، فالظاهر أنه ليس له ذلك لأنه يوجب الاضطراب والفوضي، والضرر والإضرار.

مثلاً: إذا جاء البصري إلي بغداد وكانت اشارة الوقوف فيه مختلفة عن البصرة، أخطأ، وبالعكس إذا ذهب البغدادي إلي البصرة، وربما سبب ذلك تلف النفوس وفساد الأموال.

وعلي هذا: فالاختيار بيده إذا لم يكن الاختلاف موجباً للضرر ونحوه، وقد تقرر في كتب الفقه والأصول أن احتمال الضرر العقلائي ولو واحداً في مائة يجب اجتنابه()، ولذا لا يستعد العقلاء لشرب إناء من مائة إناء أحدها مسموم مع أن الاحتمال واحد في المائة، فتأمل.

تفسير القانون

مسألة: تفسير القانون الذي أكثر علماء الحقوق البحث حوله في القوانين الغربية، ليس عندنا منه عين ولا أثر، وذلك لأن الفقيه هو المستنبط للأحكام من الأدلة الأربعة المعتمدة عند الشارع، فإذا فرض إجمال ما ذكره الفقيه من الأحكام، أو تعارض حكم في مكان وحكم في مكان آخر، وشك في أن المصداق الفلاني مصداق لحكمه هذا أو حكمه ذاك، كما إذا لم يعلم أن قوله: الماء المطلق مطهر، بان الماء الزاجي أو الكبريتي هل هو مصداق للماء المطلق أو للماء المضاف؟ فاللازم مراجعة نفس الفقيه حتي يفسر ما شك فيه، لأن التفسير هنا يرجع إلي الاستنباط الذي لا يحق لغير الفقيه ذلك، إذ هو ليس من مجال تخصص غير الفقيه.

وإذا كان الاختلاف في الموضوع لا في الحكم، فالموضوع علي قسمين:

1:

مستنبط.

2: وصِرف.

فإذا كان من المواضيع المستنبطة يكون المرجع فيه هو الفقيه، وإذا كان من المواضيع الصرفة يكون المرجع فيه العرف، لأن الموضوع يؤخذ من العرف والحكم من الشرع علي ما قرر في الأصول.

من يجري الحد؟

مسألة: لا يحق لأحد أن يجري الحد علي أحد، ولا أن ينفّذ العقوبة علي غيره مطلقاً، سواء كان في قضايا المرور أم في غيره، إلا للقاضي نفسه، أو من يكون بأمر من القاضي، أو من أجاز له الشرع، وإذا فعل ذلك من ليس له اقتص منه.

كما لا يكفي في إجراء الحد أن يحد الإنسان نفسه، كأن يضرب نفسه بالسياط أو يسجن نفسه أو ما أشبه ذلك، لأن الأدلة حاصرة لهذا الحق في القاضي فقط.

نعم في المثال الثاني لو قال له القاضي: اسجن نفسك في غرفة كذا، فسجن نفسه وألقي مفتاحها إلي الخارج، حتي لا يتمكن بعد ذلك من الوصول إليه مثلاً صح، لإطلاق الدليل من دون وجود انصراف.

النسبة بين العقوبة والردع

مسألة: لا يخفي أن ما ذكر في حكمة العقوبة من كونها لردع المجرم عن الجرم ليس علي نحو الكلية، إذ بينهما عموم من وجه حيث يفترقان في مادتين، ويجتمعان في مادة واحدة.

مثلاً: إذا اقتص من إنسان وقتل عقوبة، لا يكون القتل هذا رادعاً لنفسه، لانتفاء الموضوع، نعم يكون ردعاً للآخرين.

كما إن من ينفّذ عليه عقوبة غير القتل في السر خفية، لملاحظة أمر إذ في غير ما نص علي الإظهار حيث قال سبحانه: ?وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين? () لا يجب الإظهار يكون بخلاف عقوبة القتل رادعاً لنفسه، ولا يكون ردعاً للآخرين.

وربما يجتمعان كعقوبة غير القتل علناً.

جرائم لا عقوبة لها في الدنيا

مسألة: ثم إن هناك بعض الجرائم التي يعاقب الله تعالي مرتكبها في الآخرة، لاعقوبة لها في الدنيا وإن كان بالإمكان وضع العقوبة لها، لكن الشرع وكذلك العقلاء لم يجعلوها، وذلك مثل قتل الإنسان نفسه، فإنه حرام مؤكد قد توعّد الله عليه النار في الآخرة.

قال الله سبحانه: ?ولا تقتلوا أنفسكم? ().

وقال تعالي أيضاً: ?ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً?().

لكن بعد القتل لا يعاقب المقتول بحرق أو تمثيل أو ما أشبه وإن أمكن، بل بعض المنحرفين من الحكام كان يعاقب القتيل أيضاً بحرقه أو مثلته أو بتركه حتي ينتن أو ما أشبه ذلك()، مع ان الإسلام قد نهي عنه شديداً، حيث قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته، نقلاً عن رسول الله صلي الله عليه و اله كما في نهج البلاغة: «إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور» ().

من هو المفسر للقانون؟

مسألة: لا يصح للقاضي غير الفقيه الذي يجب عليه أن يقضي وفق فتاوي الفقيه، وإلا فلا يحق له أن يقضي بين الناس تفسير قانون القضاء، سواء كان قانون جزاء أم قانون تجارة أم غيرهما، لا توسعة، ولا تضييقاً، ولا علي نحو العموم من وجه، وسواء بنفع المتهم أم بنفع المدعي أم بضررهما، وذلك لأن الإسلام حدد الأمور تحديداً دقيقاً، فالفقهاء هم الذين يدركون مفاهيم الأدلة الأربعة وانطباقها علي الصغريات الخارجية.

نعم إذا كان القاضي مجتهداً فقيهاً وجامعاً للشرائط حق له التفسير حسب استنباطه.

فالاختلاف الذي حدث بين المقننين الغربيين في ان من حق القاضي ذلك، أو عدم حقه، وإذا كان له الحق فهل هو في التوسعة أو التضييق، وإذا كان جرماً فهل يأخذ جانب المتهم أو جانب الاجتماع، لا يتمشي في الأحكام الإسلامية.

بين القاضي وشوري الفقهاء

مسألة: ثم إذا اختلف القاضي وكان مجتهداً جامعاً للشرائط، في حكم من الأحكام مع شوري الفقهاء المراجع، الذين نصبوه في منصب القضاء، فهل اللازم اتباع رأيه أو رأيهم؟

الظاهر: الثاني، إلا إذا علم القاضي بخطئهم في هذا المقام، حيث لا يمكن له فصل القضية لا حسب رأيه لأنه يوجب الفوضي في القضاء، ولا حسب رأيهم لأنه يعلم ببطلانه فرضاً ومعلوم انه علي خلاف العلم لا يجوز أن يعمل الإنسان وقد تقدم الالماع إلي مثل ذلك.

من شروط القضاة

مسألة: يجب ضبط القضاة ضبطاً دقيقاً، بالإضافة إلي لزوم كونهم عدولاً حتي لا ينحرفوا عن جادة الصواب، وكم رأي التاريخ الغابر والمعاصر انحرافهم، فإن المعصوم عليه السلام وحده هو المأمون عن الانحراف، أما سائر الناس ولو كان لهم أقوي الملكات فيمكن انحرافهم، وفي التاريخ نماذج كثيرة من الأقوياء الذين انحرفوا، وهو خير شاهد لذلك، فبلعم بن باعوراء() وعابد برصيصيا() وإلي غيرهما، يشهدان لما ذكرناه.

وضبط القضاة يكون بأمور:

الأول: كون الحكم معتمداً علي تعدد الأحزاب لا الحزب الواحد حتي يكون كل حزب من الأحزاب الحرة المنافسة للحزب الحاكم، مراقباً للحزب الذي في الحكم، فلا يتمكن الحزب الحاكم من توجيه القضاة كما شاء، ومن جعل القضاء ألعوبة بيده.

الثاني: وجود المحامين والوكلاء الذين يدققون في الأمور.

الثالث: وجود شوري المراجع الذين يراقبون قضايا الأمة بكل دقة.

الرابع: الصحافة الحرة التي تخافها الحكام ويخاف منها القضاة، والصحفيون الأحرار الذين يحاسبون الحكام والقضاة علي كل صغيرة وكبيرة، وما أشبه ذلك.

الخامس: الإعلام الحر من محطات الراديو والتلفزيون.

السادس: إشراف قاضي القضاة علي الأمر، مع وجود قاضي القضاة الآخر المنافس لقاضي القضاة الذي في الحكم، مما يكون هذا القاضي الثاني في الظل.

السابع: استقلالية القوة القضائية، فلا تتأثر بالدولة الحاكمة والحزب الحاكم.

الثامن: جعل

محكمة التمييز والاستئناف.

وان لم تجتمع هذه الأمور، فربما ينحرف القاضي والقضاء إلي ما لا يحمد عقباه، كما أدي انحراف القاضي والقضاء في زمان نمرود إلي إصدار الأمر بإحراق إبراهيم الخليل عليه السلام حيث ورد في التاريخ أن نمرود جعل لثلاثمائة من القضاة في ذلك اليوم النظر في أمر إبراهيم عليه السلام فحكموا جميعاً لانحرافهم بوجوب إحراقه عليه السلام ().

وكما أصدر قاضي الكوفة حينما أرسلت إليه البدرات وأكياس الأموال الفتوي بقتل الإمام الحسين عليه السلام، وصدّر قاض آخر في بغداد حكماً بسجن الإمام موسي بن جعفر عليه السلام.

أو يكون قاضي القضاة مصداقاً لقول الشاعر:

متي تصلح الدنيا ويصلح أهلها إذا كان قاضي المسلمين …

إلي غير ذلك من نماذج القضاة المنحرفين، ومن أساليب القضاء المنحرف، مما سود التاريخ الغابر والحاضر في بلاد الاستبداد والدكتاتورية، التي ابتلي بها المسلمون، وتلوثت بها بلاد الإسلام، وقد أصبح علي إثرها أموال الناس ودماؤهم وأعراضهم وحيثياتهم نهب الشهوات ومطمع المستبدين والطغاة.

بين قانون الإلزام وقانون العقوبات

مسألة: لو كان قانون الإلزام يقتضي أخصية العقاب عن العقاب المقرر في الإسلام أو أشديته، أو عدمه أو وجوده، مما لم يكن موجوداً، أو لم يكن مطابقاً لما في الشريعة الإسلامية الصحيحة، سواء في العامة أو في غير المسلمين، جاز لنا أن نعاملهم حسب ما يرونه.

مثلاً: إذا كان الشروع في الجريمة بدون ارتكابها موجباً للعقوبة عندهم لا عندنا، أو كان عقاب من سقي السم لإنسان بريء فلم يمت، القتل عندهم وليس ذلك عندنا، أو كان شرب الفقاع لا عقاب عليه عندهم، بينما له عقاب عندنا، أو كان المحرم الفلاني عندهم له عقاب كذا، وليس محرماً عندنا، أو لا عقاب عليه لدينا، أجرينا الحكم في حقهم كما يرون.

وقد ذكرنا في الفقه أن القاعدة

تشمل له وعليه.

أما بالنسبة إلي القانون في بلاد الإسلام، المخالف للشريعة عندنا وعند العامة، فلا يجوز الحكم بموافقته، إذ لا يشمله قانون الإلزام، فإن قانون الإلزام لغير المسلم الشيعي، نعم بالنسبة إلي الكفار الذين يعتقدون بالقانون يشمله الإلزام، لأنهم يرون (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله).

وإذا كان النزاع بين يهودي ونصراني مثلاً، أو بين حنفي وشافعي، وكل يري قانوناً، تخير القاضي بين إجراء أي الحكمين عليهما، أو ترك القضية ليترافعوا إلي قضاتهم، أو أجري بينهم قاعدة العدل لإعطاء بعض الحكم لهذا وبعض الحكم لذاك.

الشكاية من الظلم والظالم

مسألة: تصح الشكاية عند الحاكم الشرعي من الظالم وظلمه، وقد قال سبحانه: ?لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم?()، فإذا تمكن الشاكي من إثبات مظلمته فهو، وإن لم يتمكن لم يكن عليه شيء، لأن الشارع أذن للمظلوم في الشكاية.

مثلاً: لو اغتصب أحد امرأة واشتكت المرأة ولم تتمكن من الإثبات، لم يكن عليها حد القذف، وهكذا بالنسبة إلي سائر المظالم.

نعم إذا ثبت أن الشاكي كاذب عمداً، كان للمشتكي عليه، أو الإدعاء العام معاقبة الكاذب، فاللازم علي الحاكم الفحص عنه، فإن ظهر له كذبه حق له عقابه عقاب الكاذب، وإلا فإن الحد يدرأ بالشبهات.

وفي قضية من قضايا الإمام أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام): ان امرأة اشتكت إليه من ظلم زوجها، فقال (عليه السلام) نحقق في ذلك فإذا كنت صادقة ضربناه، وإن كنت كاذبة أدبناك، ثم أخذ عليه السلام في الصلاة فهربت المرأة ()، فلم يؤاخذها أمير المؤمنين عليه السلام بشيء، ولم يعقب قضيتها، بل تركها وشأنها، مما يظهر منه ومن غيره من القضايا المشابهة: أنه لو انسحب الشاكي لم يلزم تحقيق الحال وتعقيبه، وإلا كان اللازم عليه (عليه الصلاة

والسلام) التحقيق والتعقيب، نعم إذا كان أمراً عاماً يهم الحاكم والأمة وجب التعقيب والتحقيق.

مدخلية الزمان في قانون العقوبات

مسألة: الزمان دخيل في بعض العقوبات ثبوتاً أو سقوطاً، خفة أو شدة.

مثلاً: إذا كانت القوانين التطبيقية من صغريات (لا ضرر) أو (الأهم والمهم) أو نحو ذلك مما يصوغها للبلاد شوري الفقهاء المراجع، اقتضت العقاب علي فعل أو ترك في يوم الجمعة، أو اقتضت شدة العقاب أو خفته في ذلك اليوم، لم ينسحب الحكم إلي السابق أو اللاحق.

مثلاً: لو حصل فوضي في البلاد مما اضطر الحاكم إلي سن قانون منع التجول، وجعل له في النهار عقاب دينار، وفي الليل عقاب دينارين، فإن هذا القانون ليس له حالة رجعية بالنسبة إلي السابق من وضع القانون، كما أنه لا ينسحب إلي حالة ما بعد رفع المنع، وكذلك لا ينسحب حال النهار إلي الليل ولا العكس، وكذلك ينحصر القانون في المقدار المحصور فيه، فإذا خصص منع التجول بالشباب لم يشمل الشيوخ، وكلما شك في شمول القانون لفرد من باب الشبهة المصداقية أو الصدقية لا يشمله، وفي الأصول قالوا: (ثبت العرش ثم انقش).

وواضح أن مثل هذا العقاب يجري في التحديدات المكانية، كما إذا كان منع التجول في الشارع الفلاني لا الشارع الآخر، أو جعل عقاب التجول في الشارع الفلاني ديناراً وفي شارع آخر دينارين.

ثم انه من المعلوم أن الحكم لو كان مستنداً إلي شوري الفقهاء وجبت إطاعته، وإلا فلا، بل يكون كما ذكرنا سابقاً: من انه يدور وجوبها وعدمها مدار (لا ضرر) وما أشبه بموازينه الفقهية الخاصة.

العقوبة التعليقية

مسألة: لم أجد في الأدلة الشرعية اعتبار العقوبة التعليقية، ولا وجدتها في كتب الفقهاء، لكن ربما يحتمل الصحة في ما كان للحاكم العفو، فإنه إذا كان له العفو كان له التعليق بطريق أولي.

لكن يجب أن لا يكون هذا التعليق سيفاً مشهوراً علي رأس

المجرم، بل اللازم ملاحظة الحرية الإسلامية بالنسبة لمن عُلق الحكم في حقه، كما يلاحظ في حق غيره، وذلك في جميع شؤونه، وإلا لربما كان التعليق أسوأ من الإجراء.

هذا علي أنه لا يحق لفقيه واحد اعتبار مثل هذا التعليق، وإنما يحق لشوري الفقهاء المراجع بأكثرية الآراء كما ذكرناه سابقاً.

ثم أنه من الواضح عدم نفوذ حكم فقيه علي فقيه آخر ولا علي مقلديه.

قانون الجب

مسألة: من القواعد التي ورد النص عليها أن «الإسلام يجب ما قبله» ()، فإذا أسلم الكافر شمله دليل الجب المشهور، لكن ذلك إنما هو بالنسبة إلي حقوق الله تعالي، لا حقوق الناس، مثل الأمانات والديون وما شابه ذلك، فإن دليل الجب منصرف عنه، وكذا بالنسبة إلي ما يشمله قوله سبحانه: ?فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا?() مما هو مذكور في الفقه فانه منصرف عنه أيضاً للدليل، وقد استدل به الإمام (عليه الصلاة والسلام) لعدم رفع العقاب عن الكافر الذي أسلم فراراً عن العقاب.

نعم كلما أبطله الإسلام ولم يسمح به للمسلم، بطل بالنسبة إلي الكافر الذي أسلم عليها أيضاً، ولم يشملها دليل الجب، كزوجة من هي أخته في المجوسي أو رضيعته أو ما أشبه ذلك، فانه إذا أسلم بطل زواجه منها ولزم أن ينفصل عنها، وكذلك الزائد علي الأربع دواماً وإن صح أخذهن متعة.

هذا وقد ذكرنا في الفقه مسألة: ما لو طلق باطلاً عندنا حال تسننه ثم تشيع، فهل ترجع زوجته إليه بدون نكاح جديد أم لا؟

وكذا ذكرنا: انه لو كفر المسلم ولم يقتل لأمر عام أو خاص، فانه لم يترتب عليه أحكام المسلمين بعد كفره، لعدم شمول إطلاقات أدلة المسلم له، بينما تشمله اطلاقات أدلة الكافر، نعم حيث أن الكفر علي أقسام، فإنه يشمله دليل

ولاية الكفار الذي دخل فيهم، لوضوح اختلاف اليهودي والنصراني والمجوسي وغيرهم من أقسام الكفر في الأحكام.

هذا إذا أسلم الكافر، لكن إذا كان العكس، بان كفر المسلم، فالظاهر انه لايشمله، بل تبقي عليه العقوبات السابقة لأنه لا دليل علي إسقاط الكفر لتلك العقوبات.

تبدلّ العقوبات بتبدل شوري الفقهاء أو رأيهم

مسألة: لو أن شوري الفقهاء المراجع اعتبروا عقوبة معينة علي شيء، وقد أجرم إنسان بذلك الجرم ولم ينفذ عليه العقاب بدنياً أو مالياً أو ما أشبه ذلك، ثم تبدل أشخاص الشوري أو اجتهادهم وصار علي عدم العقاب، فانه لم ينفذ علي المجرم.

وكذلك إذا خف العقاب، فانه لم يشدد عليه.

ولكن إذا شدد العقاب، فانه لم ينفذ عليه إلا الخفيف.

وفي عكسه: بأن رأي الشوري عدم العقاب، ثم رآه في تبدل أفراده أو اجتهادهم، لم ينفذ العقاب علي من ارتكب قبل التبديل، بل ولا علي من ارتكب بعد التبديل إذا لم يعلم بالتبديل قصوراً أو تقصيراً، وذلك علي كلام سبق منا مثله في القصور قطعاً، وفي التقصير احتمالاً.

العقاب بين الابتداء والوصول

مسألة: قد ذكرنا في الفقه الصور الأربع لاختلاف الأحوال في العقاب وعدمه، بين الابتداء والوصول، كما إذا رمي في الدقيقة الواحدة ووصل الرمي إلي المرمي والهدف في الدقيقة الثانية وكان انساناً فقتله، فإنه قد يكون الرامي مسلماً في حال الرمي كافراً في حال الوصول، أو كافراً في حال الرمي مسلماً في حال الوصول، والمرمي كافراً في حال الرمي مسلماً في حال الوصول، أو مسلماً في حال الرمي كافراً في حال الوصول.

وكذلك إذا ادخل في حال الزوجية وأبقاه في حال انقضاء الزوجية كالمتعة، أو بالعكس، أو أدخل في حال الزوجية وأبقي في حال عدم الزوجية واستمر الإبقاء إلي حال زوجية ثانية إذا لوحظ ثلاث حالات: أولاً ووسطاً وأخيراً.

وفي المثال السابق إعطاء السم في حال كفر المعطي أو إسلامه، فقتله في الحال المعاكس، وكذلك بالنسبة إلي حالات المسموم.

وهكذا يأتي الكلام لو رمي في حال صغره فوصل إلي المقتول حال كبره، أو جنونه وإفاقته كذلك، رمياً أو وصولاً، إلي غيرها من الأمثلة الكثيرة

المرتبطة بأمثال هذه المسائل.

من صور اختلاف العقاب

وفي المقام نقول: إذا اختلف القانون الفرعي للعقوبة، المستند إلي (لا ضرر) ونحوه، مما سبق الكلام فيه وجوداً أو عدماً، أو شدة وضعفاً، مثل ارتداء الإنسان العادي لباس العسكر والشرطة مما منعه القانون الفرعي، أو إخفاء الأموال المسروقة، أو الحبس غير المشروع، أو ترك الإنفاق علي واجبي النفقة، أو تشويق الناس بالفساد والفحشاء والمنكر، أو استمرار الغصب، أو استمرار النهي عن المعروف، أو استمرار الاختلاس والارتشاء أو ما أشبه ذلك فله صور:

الأولي: أن يتفق وقوع ما ذكر من التخلفات قبل اعتبار القانون، أو قبل اعتبار القانون الأشد، وهذا لا عقاب عليه في الأول وعقابه أخف في الثاني.

الثانية: أن يتفق وقوعها بعد اعتبار القانون أو بعد اعتبار القانون الأشد، وهذا يعاقب حسب القانون أصلاً أو شدة بشرط الوصول إليه.

الثالثة: أن يتفق وقوعها قبل الغاء القانون أو قبل الغاء القانون الأشد، ثم الغي، وقد ذكرنا سابقاً أن هذا لا يعاقب في الأول ولا يعاقب بالأشد في الثاني لأنه الآن بريء في الأول ومستحق لعقوبة أخف في الثاني.

الرابعة: أن يتفق وقوعها بعد الغاء القانون أو بعد تخفيف القانون، وهذا لا شيء عليه في الأول وعقابه خفيف في الثاني لأنه أجرم في حال كون عقابه الأخف.

الخامسة: أن استمر في حال القانونين الأشد ثم الأخف، فهذا يخفف عليه.

السادسة: أن استمر في حال القانونين الأخف ثم الأشد، فهذا يشدد عليه لفرض أنه عمل بموجب العقاب الأشد في وقت اعتبار العقاب الأشد، لكن بشرط الوصول كما هو واضح.

السابعة: لو استمر في حال عدم القانون إلي حال اعتبار قانون العقاب، وهذا يعاقب لأنه اتفق الاستمرار في حال اعتبار قانون العقاب بشرط الوصول.

الثامنة: إذا استمر في حال اعتبار القانون إلي

حال الغاء القانون وهذا لا يعاقب.

إلي غير ذلك من الصور الواضح حكمها مما ذكرناه.

ولو شك في مورد الوصول للعقاب أو شدته فالأصل قاعدة درء الحدود بالشبهات.

إذا اعتبر التخفيف حين الإجراء

مسألة: لو حكم القاضي بالسجن أو الغرامة أو الحد أو ما أشبه، ثم اعتبر شوري الفقهاء المراجع القانون الأخف وقد نفذ بعض العقوبة سقط الباقي، لأن التخفيف دليل علي صلاحية الأخف لهذا الزمان، فلا يعمل بما ليس بصالح، سواء بالنسبة إلي الكل كما إذا كان الأخف قبل تنفيذ أي شيء، أو بعد البعض.

ولو فرض الشك في الأمر كان مجري درء الحدود بالشبهات.

وقد ذكروا في الفقه أن علي القاضي الجديد أن يراجع ملف السجناء ويتفقد السجون ومن فيها، ويطلق سراح البعض، أو يخفف عن البعض، أو ما أشبه ذلك.

الشك في القانون الأخف

مسألة: ثم أنه قد ذكر في المسألة السابقة أن اعتبار القانون الأخف ينسخ ما كان معتبراً من القانون الأشد.

وعليه: فإن علم الخفة والشدة كمائة دينار غرامة أو خمسين ديناراً فهو، وإن لم يعلم أيهما أخف كالتبعيد والسجن، أو السجن والغرامة، أو السوط والسجن، أو ما أشبه ذلك، فالمرجع العرف إن كان، وإلا فنفس المتهم، وإلا استصحب السابق، وذلك لأن دليل الأخذ بالأخف هو ما تقدم: من أنه أصلح، والأصلح إنما يعينه العرف، إذ هو من الموضوعات فالعرف محكم فيها.

أما بالنسبة إلي نفس المتهم فلأن الأخف اعتبر للإرفاق به، وما يراه بنفسه يكون أرفق.

وإذا لم يكن هذا ولا ذاك وتمت أركان الاستصحاب وجب الأخذ به، فإن الاستصحاب إنما يجري بعد اليأس عن الأدلة الاجتهادية كما قرر في الأصول.

وصول القانون إلي الناس

مسألة: لو وضع شوري الفقهاء المراجع قانوناً صغروياً في المرور وغيره، ينطبق عليه كبري (الأهم والمهم) أو (لا ضرر) أو ما أشبه ذلك، فالمعيار الوصول إلي الناس، لقبح العقاب بلا بيان، ولرفع ما لا يعلمون لما كان قصوراً، وقد تقدم الكلام في التقصير.

وعليه: فاعتبار أيام خاصة لتنفيذ القانون في حق الجميع، كعشرة أيام أو شهر أو ما أشبه كما يري في بعض القوانين غير ظاهر الوجه، فإن الاعتبار ليس بالأيام والأشهر وإنما بالوصول وعدم الوصول.

نعم لنفس الشوري أن يحكم حسب ما يراه الصلاح، في تحديد وقت العمل بالقانون الجديد، كأن يحددّ العمل به في نفس ذلك اليوم إذا نشر في وسائل الإعلام أو بعد شهر أو بعد أيام مثلاً فإن اعتبار وقت التنفيذ انما هو حسب الصلاح، وذلك يختلف بسبب الأزمنة والأمكنة وسائر الخصوصيات، ومن الممكن أن يكون الصلاح تطبيقه في العاصمة في نفس اليوم وبعد عشرة أيام

في سائر البلاد، وإلي غير ذلك.

الجرم إذا وقع في بلاد الإسلام

مسألة: لو أن مسلماً أجرم داخل بلاد الإسلام أو خارجها، مع توفر سائر الشرائط، عوقب بالعقاب الإسلامي، أما في داخل البلاد فواضح، وأما في الخارج فإنه إذا تمكن القاضي الإسلامي من تطبيق العقوبة في حقه، كما إذا جاء المجرم إلي بلاد الإسلام ونحوه، شمله إطلاق أدلة العقوبات.

وبلاد الإسلام كلها بلد واحد، والمسلمون كلهم سواسية، فليست الحدود الجغرافية المصطنعة معياراً، نعم لو كان محذور في إجراء الحد كما لو وجد المحذور مثلاً في العراق بالنسبة لاتباع تركيا فانه يلاحظ ذلك المحذور، لكن هذا هو استثناء لا أنه أصل كما انه قد نهي عن إجراء الحد علي المسلم في بلاد الكفار()، ومن الواضح أن الاستثناء محدود بحدوده.

ولو أن غير المسلم ارتكب الجرم داخل بلاد الإسلام، فإن كان من الجرائم العمومية مما يراه هو أيضاً جرماً مثل مخالفة المرور عوقب بالعقاب الإسلامي، سواء كان من تبعة بلاد الإسلام أو من تبعة بلاد الكفر، وإن كان من الجرائم التي لا يراها ذلك الكافر جرماً، ترك وشأنه لقاعدة الإلزام، وذلك كما إذا شرب الخمر في داره لاعلناً، أو تزوج محارمه وهو مجوسي جائز في دينه.

ومن الكلام المتقدم: يعرف الحكم في الجرم الممتد من بلد الإسلام إلي بلد غير الإسلام وبالعكس()، فإن بعض الجرم إذا وقع في بلد الإسلام كان بحكم وقوع تمام الجرم فيه من دون الامتداد إلي غيره.

ولا فرق فيما ذكرناه بين البري والجوي والبحري، في بلد الإسلام وغير بلد الإسلام.

ولو اختلف الشيعي والسني والحنفي والشافعي مثلاً في قدر العقوبة أو خصوصياتها أو أصل العقوبة، فانه يلزم أن يعامل مع كل طائفة حسب اعتقاده، لقاعدة الإلزام علي ما عرفت بالنسبة إلي غير الشيعي،

ولقاعدة التقليد بالنسبة إلي الشيعي.

غير المسلم في بلد غير إسلامي

مسألة: غير المسلم الذي يعمل في بلد غير إسلامي بما ينافي قوانين الإسلام، لايرتبط ببلد الإسلام في شيء، كما إذا زني أو ما أشبه ذلك في بلد الكفار فإنه لا يرتبط بالمسلمين.

لكن إذا عمل الكافر في بلد الكفر بما ينافي بلد الإسلام، من تزوير النقد الإسلامي، أو إشاعة ما يضعف بلد الإسلام، أو التجمع ضد الإسلام أو المسلمين أو ما أشبه ذلك، فاللازم أن يتوسل حاكم المسلمين إلي تجميده، فإن أصر وتمكن الحاكم الإسلامي من عقوبته، حق له العقوبة إذا لم يكن محذور خارجي، سواء جاء إلي بلد الإسلام، أو بقي في بلده، أو ذهب إلي بلد ثالث من بلاد الكفر.

نعم يجب ملاحظة قانون الأهم والمهم بما لا يوجب عقوبته ضرراً زائداً علي بلاد الإسلام، وإلا ترك عقابه.

ومنه يعلم حال مختلف بلاد الإسلام التي فرقتها الحدود الجغرافية بالباطل، فإنها غير صحيحة، وإنما المسلم له حكم واحد أين ما وجد، إلا إذا كان هناك قانون (الأهم والمهم) أو ما أشبه من الاستثناءات.

حرية التجارة وقانون المرور

مسألة: التجارة حرة باستثناء تجارة المحرمات، كالخمر، وتجارة المواد الضارة كالمخدرات، وليس شيء في بلاد الإسلام يسمي بالتهريب وما أشبه ذلك، نعم هناك مسألة لا ضرر حيث يلزم علي التاجر أن لا يستورد ولا يصدر ما يوجب ضرر المسلمين، أو ضرر غير المسلمين الساكنين في بلاد الإسلام، الذي يجب علي الحاكم الإسلامي رعايتهم، وذلك لأن (لا ضرر) شامل لكلا الفريقين، وقد ذكرنا في الأصول أن (لا ضرر) يشمل ثلاثة أقسام من الضرر:

الأول: إن الله سبحانه وتعالي لم يشرع الحكم الضرري.

الثاني: إن الإنسان لا يحق له أن يضر نفسه ضرراً بالغاً، كقتل نفسه، أو قطع يده

أو إذهاب نور عينه، أو ما أشبه ذلك.

الثالث: إن الإنسان لا يحق له أن يضر الآخرين ولو ضرراً خفيفاً.

وعليه: فإذا كان هناك حكم ضرري بالنسبة إلي أحد، سقط عنه، كالوضوء والصوم والغسل إذا صار ضررياً، وذلك لأن الله لم يشرعه في حقه.

وإذا أراد أحد أن يضر نفسه ضرراً بالغاً، أخذ علي يده وحيل بينه وبين ما يريد، وإن أضر عالماً عامداً عوقب كما إذا عمد إلي يده فقطعها، أو عينه ففقأها.

وإذا أضر بالآخرين عوقب ويلزم عليه إعطاء خسارة الضرر، فإن ضرر الآخرين فيه الدية وفيه الأرش وما أشبه ذلك، فإذا أعمي إنسان إنساناً وجب عليه إعطاء الدية للعينين ألف دينار في غير صورة القصاص، وعزّر أيضاً لأنه فعل حراماً شديداً فيما كان عالماً عامداً.

كما أنه لا يحق للإنسان أن يستورد ما فيه ضرر علي المسلمين كإيجابه تعطيل العاملين أو ما أشبه حسب ما يشخصه شوري الفقهاء المراجع.

وكذلك لا يحق لإنسان أن يصدّر ما يوجب ضرراً علي المسلمين أو غير المسلمين كإيجابه ارتفاع الأسعار الضار أو ما أشبه ذلك.

وقد تقدم الالماع إلي أن الجمارك والمكوس حرام قطعاً، وأخذ المال من الناس بالباطل تحت أيّ اسم كان موجب للضمان، ويعزر الفاعل بالعقوبة الإسلامية مع العلم والعمد.

وهكذا الحال في تخطيط الحدود الاقتصادية بين بلاد الإسلام وبلاد غير الإسلام، فإن الحاكم الشرعي يتمكن من تخطيط برنامج اقتصادي لتفادي الضرر في دخول البضائع أو خروج البضائع، وهذا يقدر ب(لا ضرر)، بينما الجمرك لا يقدر بلا ضرر، وإنما بالموازين الخاصة عند الحكومة، سواء صادق (لا ضرر) أو لم يصادق كما هو واضح.

ومنه يعرف مسائل المرور المرتبطة بالمقام.

إعادة الإسلام إلي الحياة

مسألة: لا يمكن إعادة حكم الإسلام إلي الحياة بما يوجب التفاف الناس حوله ورفض

كل البدائل، إلا بعد تحقيق مقدمتين:

الأولي: عرض صورة كاملة عن الإسلام الصحيح، وبيان واف عن رحمته العامة وحكمته الشاملة، حتي يعرف الناس ان الإسلام أفضل من عامة القوانين الوضعية.

الثانية: عرض صورة واضحة عن قادة الإسلام، وبيان شاف عن سيرتهم العادلة، وسياستهم الحكيمة، وأخلاقهم السامية، حتي يطمئن الناس إلي أنهم أناس مهديون يصلحون لأن يلتفوا حولهم ويعيشوا تحت لوائهم.

ولذا نري أن القرآن الكريم كان المنهج أمام الأفكار الجاهلية، التي كانت متأخرة جداً، حيث إن القرآن هو متقدم جداً، كما أن رسول الله صلي الله عليه و اله الذي وصفه الله تعالي بقوله: ?وانك لعلي خلق عظيم?()، وبقوله: ?فبما رحمة من الله لنت لهم?()، وبقوله: ?عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم?()، كان القائم بالنهج، ومن هنا التف الناس حوله وحول منهجه.

أما تحقيق المقدمة الأولي: فإنه يحتاج إلي الملايين من الكتب، المبينة للقوانين الإسلامية في الزراعة والصناعة والثقافة والعمارة والحرية والجيش والأمن والحكومة والعقوبة والمرأة وغيرها، ومقارنتها بقوانين الغرب والشرق في هذه الأمور وبيان أفضليتها.

وأما تحقيق المقدمة الثانية: فكذلك يحتاج إلي الملايين من الكتب في هذا المجال، إضافة إلي أنه يجب علي المهتمين بقيادة الأمور أن يتأسوا برسول الله صلي الله عليه و اله والإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأن يتحلّوا بما ذكره القرآن الكريم والأحاديث الشريفة في وصف القادة.

من شروط القادة

مسألة: وهنا لا بأس بالاشارة إلي بعض ما يلزم توفره في القائد الإسلامي من المواصفات الريادية:

الأول: وجود الاعتقاد العميق بالله سبحانه وتعالي واليوم الآخر فيهم، قال سبحانه: ?ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت?()، وقال تعالي وهو يأمر نبيه صلي الله عليه و اله بأن يقول للمشركين: ? قل: إني أخاف

إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم?().

الثاني: الإخلاص في الفكر والقول والعمل، قال سبحانه في سورة يوسف عليه السلام: ?إنه من عبادنا المخلصين?()، وقال تعالي في موسي عليه السلام: ?واذكر في الكتاب موسي إنه كان مخلصاً?().

الثالث: سعة الصدر، قال سبحانه: ?رب اشرح لي صدري ? ويسر لي أمري?()، وفي كلمة للإمام أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام): «آلة الرياسة سعة الصدر» ().

الرابع: الصبر والحلم، قال سبحانه: ?فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل?()، وقال تعالي: ?إن إبراهيم لحليم أواه?().

الخامس: الاستقامة وعدم النكول والانحراف، قال سبحانه: ?فاستقم كما أمرت?()، وقال تعالي: ?ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً ? إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات?().

السادس: الدفاع عن المظلوم، قال سبحانه: ?فاستغاثه الذي من شيعته علي الذي من عدوه فوكزه موسي فقضي عليه?()، وقال سبحانه عن لسان موسي عليه السلام: ?فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم?()، وفي كلام للإمام أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام): (لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله علي العلماء أن لا يقاروا علي كظة ظالم، ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها علي غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها)().

السابع: عدم مساعدة المجرم، قال سبحانه عن لسان موسي عليه السلام: ?قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين?()، قال تعالي: ?ولا تركنوا إلي الذين ظلموا فتمسكم النار?()، وقال تعالي: ?ولا تكن للخائنين خصيماً?().

الثامن: تحقيق الحرية، قال تعالي: ?ويضع عنهم اصرهم والأغلال التي كانت عليهم?().

التاسع: تطبيق العدالة، قال تعالي: ?وأمرت لأعدل بينكم?()، وقال سبحانه: ?لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط?().

العاشر: مراعاة الشوري حتي في أصغر الأمور، قال سبحانه: ?وشاورهم في الأمر?()، وقال تعالي: ?وأمرهم شوري بينهم?().

الحادي عشر:

تحري الحق والحكم به بكل دقة، قال سبحانه: ?إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله?().

الثاني عشر: طلب العلم، قال سبحانه: ?وقل رب زدني علماً?()، وفي حديث عن رسول الله صلي الله عليه و اله: «اطلب العلم من المهد إلي اللحد».

الثالث عشر: التحلي بالأخلاق الطيبة، قال سبحانه: ?وإنك لعلي خلق عظيم?().

الرابع عشر: التزام التقوي في كل الأمور، قال سبحانه: ?فاتقوا الله ما استطعتم?().

الخامس عشر: الإصلاح الدائم، قال سبحانه: ?فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم?()، وقال تعالي: ?إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت?()، وقال سبحانه: ?وقال موسي لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين?().

ولا يخفي إن هذه التي ذكرناها إجمال عن التفصيل المذكور في كتب العقائد والتفسير والفقه والأخلاق وغيرها مما يحتاج إلي مجلد ضخم، لكنا أردنا هنا الالماع إلي ذلك بمجرده والله تعالي المستعان.

هل البيعة واجبة؟

مسألة: ليست البيعة واجبة، إلا إذا فرضها النبي صلي الله عليه و اله أو الإمام عليه السلام أو الفقيه القائم مقامهم، إذ لا دليل علي وجوبها.

كما انه لا دلالة في بيعة النبي صلي الله عليه و اله أو الإمام أمير المؤمنين، أو الإمام الحسن، أو الإمام الحسين (صلوات الله عليهم أجمعين) أو الإمام المهدي عليه السلام كما ورد في الروايات من أن جبرئيل ينادي وقت ظهور الإمام المهدي (صلوات الله عليه): «هلموا إلي بيعة الله» ()، علي ان أصل البيعة مطلقاً واجبة.

ويؤيد عدم الوجوب: أن المسلمين الذين كانوا في مختلف بلاد الإسلام علي كثرتهم، لم يؤمروا ببيعة النبي صلي الله عليه و اله أو الإمام عليه السلام أو بيعة نائبهم، ولو كانت واجبة كانت مثل الصلاة والصيام واجبة علي الجميع، ولم نجد في كتب الخاصة أنهم

أفتوا بالوجوب، لكنه ذكر وجوبها جمع من العامة.

نعم في قصة غدير خم، أمر الله سبحانه نبيه صلي الله عليه و اله ان يأخذ البيعة للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أميراً للمؤمنين وخليفة من بعده.

ومن المعلوم أن بيعة الناس للمنصوب من قبل الله تعالي نبياً أو إماماً لم تكن إلا إظهاراً للطاعة، وإلا فهم مأمورون شرعاً وعقلاً أيضاً علي الإطاعة المطلقة لله ولرسوله وللأئمة المعصومين عليهم السلام حتي وإن لم يبايعوا بالشكل المتعارف، قال سبحانه: ?وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله?().

وقال الديلمي: في حق الإمام الحسين عليه السلام في قصيدة له:

وأنت وإن حاربوك الإمام برغم الأنوف وكان أبوك()

وعليه: فالبيعة للنبي صلي الله عليه و اله وللإمام عليه السلام كأنها كانت لتأكيد تلك الطاعة الواجبة.

وحيث انها لم تكن مطلقاً من الواجبات الشرعية كالصلاة والصيام وإن وجبت في الجملة كما أشرنا اليه فلا وجوب لها إذا قامت الدولة الإسلامية بقيادة شوري الفقهاء.

ويؤيد ذلك: إنا لم نجد في التاريخ عن بيعة الأصحاب بأجمعهم للأئمة الآخرين (عليهم السلام) وجوباً، كما انا لم نجد عن بيعة الأصحاب لسائر الأنبياء عليهم السلام كذلك.

وعلي أي: فلا تجب البيعة علي الناس مع مرجع التقليد أو شوري المراجع، وإنما الواجب الإطاعة بموازينها المعروفة في الفقه.

أهل الحل والعقد

مسألة: أهل الحل والعقد الذي ورد ذكرهم في الآثار، ويؤيده بعض ما جاء في نهج البلاغة وغيره، يراد به الانتخاب، إذ العشائر كانوا يتبعون رؤساءهم، وكذلك المجموعات التي كانت تتبع إنسانا واحدا، فإذا عقد شيئاً أو حل شيئاً كان الجميع تبعاً له.

وفي حديث عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أن يختاروا.

وعنه عليه السلام: (إن هذا أمركم ليس لأحد فيه حق إلا من أمرتم)().

لكن من المعلوم كما

أشرنا أن اختيار أهل الحل والعقد إنما يكون مشروعاً وحجة فيما إذا كان في زمان غيبة الإمام المعصوم عليه السلام وإلا فان مع وجود النبي صلي الله عليه و اله أو حضور الإمام المعصوم عليه السلام فلا معني له، كما ذكرناه في بعض الكتب.

وعليه: فإذا أراد المسلمون إحياء أهل الحل والعقد ليمارسوا حقهم في الانتخاب جاز، وإذا أرادوا الانتخاب الأفرادي جاز أيضاً، لكن الصيغة المتداولة في الحال الحاضر الثاني.

وإنما يسمون بأهل الحل والعقد لأنهم يحلون الحكم السابق أو الحاكم إذا ظهر منحرفاً أو وقع في الانحراف، ويعقدون الحكم اللاحق لمن كان كفوءاً قد أهلته لذلك المؤهلات، وهو مأخوذ من عقد الخيط، قال الشاعر بالنسبة إلي شجاعة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:

وضربته كبيعته بخم معاقدها من الناس الرقاب ()

ثم انه ليس المراد من العقد، عقد الوكالة وإن كان هو في الحقيقة نوع من التوكيل لتصدي الأمور.

حق الأطفال والمجانين في التصويت

ومن هنا فانا نري أن الأطفال والمجانين أيضاً لهم هذا الحق، فكيف بالنساء، غير ان الكبار يمارسون حقهم بأنفسهم ويكون حق التصويت لهم مباشرة، بينما الأطفال والمجانين يكون حق التصويت لوليهم، لأن الولي هو الذي يتصدي لأمورهم.

لو ارتكب المسلم ما فيه العقاب

مسألة: بناءاً علي وحدة بلاد الإسلام ووحدة المسلمين في الأحكام إذا أجرم مسلم في بلد الإسلام أو في بلد غير إسلامي، فرأت هيئة القضاء الإسلامي عقوبته وجب عليها عقوبته، سواء كان إجراء العقاب داخل بلاد الإسلام أو خارجه، نعم لايجري الحد في أرض العدو كما قرر في الفقه().

هذا إذا تمكنت بلاد الإسلام من اجرائه وذلك لوجوب إجراء حكم الله تعالي، ومن الواضح أن هذا الأمر تابع للتمكن وعدم التمكن، ولا يرتبط بالحدود الجغرافية المصطنعة، التي لا أساس لها في القانون الإسلامي المستند إلي الأدلة الأربعة، فالباكستاني والهندي والإيراني والمصري والعراقي والخليجي وغيرهم كلهم مسلمون لهم حكم واحد في أي بلد كانوا.

نعم يلاحظ في ذلك قانون الإلزام أيضاً، فإذا شرب السني الفقاع سواء في العراق أو في تركيا مثلاً لم يجر عليه العقاب لأنه يعتقد بالحلية.

ثم انه إذا قامت الدولة الإسلامية الواحدة فلا كلام، وإذا لم تقم وبقيت الحدود الجغرافية المصطنعة كما هي الآن وفرض أن قام في العراق دولة إسلامية صحيحة، فانه إذا أجرم أحد المسلمين في الهند جرماً يستحق عليه العقوبة شرعاً بشروطها، وتمكنت الدولة الإسلامية من إجراء الحد عليه، سواء بجلبه إلي العراق أو في نفس الهند، أم في بلد ثالث، وجب عليها الإجراء.

ومرادنا بالتمكن: التمكن المادي والمعنوي، فالمادي بامكان اجرائه، والمعنوي بأن لم يلزم محذور مسقط للحد، حيث انه لو كان هناك محذور كان من (الأهم والمهم) ويقدم الأهم علي المهم.

الكافر لو عمل ما يستلزم العقاب

مسألة: الكفار إذا قاموا بما يستلزم العقاب في نفسه، فله صورتان:

الأولي: قيامهم في بلد الإسلام بما يخرق الحرمة، وعند ذاك يعاقبون، سواء كان في العراق الذي فرض أنه قامت فيه الدولة الإسلامية الصحيحة، أم في بلد آخر إسلامي فرض أنه لم

تقم فيه الدولة الإسلامية الصحيحة، وذلك لما عرفت من وجوب إجراء الحد سواء كان الحد بالعنوان الأولي أو بالعنوان الثانوي، ونعني بالثانوي: ما طبق الفقيه كبري الحكم علي صغرياتها الشخصية.

الثانية: قيامهم في بلد الكفر بما يوجب الحد عندنا أو لا يوجبه، أو بما يوجب الحد عندهم أو بما لا يوجبه، فإنه لا شأن لنا بهم، إما من باب السالبة بانتفاء الموضوع حيث لا حد فرضاً، أو من باب أنه وإن كان له الحد عندهم وعندنا كالقتل لكن الشارع لم يكلف المسلمين بتتبع أعمال الكفار في بلادهم، وإطلاق الأدلة منصرف عن مثل ذلك، إلا أن يكون مشمولاً لقوله سبحانه: ?وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين?() كما ألمعنا إليه سابقاً.

العلاقات الديبلوماسية

مسألة: اعتادت الدول تبادل السفراء، حتي كان لكل دولة سفير في دولة أخري، وهذا لا بأس به في نفسه.

نعم الكلام في الحكم لمجموع المسلمين بالنسبة إلي مجموع غير المسلمين، حيث تقدم أن الإسلام لا يعترف بالحدود المصطنعة بين بلاد الإسلام، مما قسم المسلمين إلي دول متباغضة، وشيع متناحرة.

وحتي إذا فرضنا صحة وجود الدول الإسلامية المتعددة، فاللازم أن لا يكون بينها حدود جغرافية وإنما الحكام حالهم حال الولاة والمحافظين في دولة واحدة حيث لا حدود بين بلد وبلد آخر.

وعلي أي: فلنفرض سفارة بغداد في ألمانيا أو سفارة ألمانيا في بغداد، فحكم الجنايات التي تقع في كل سفارة علي أقسام:

الأول: إن كانا مسلمين اعتدي أحدهما علي الآخر، سواء في سفارة ألمانيا بأن استخدم الألمان في سفارتهم في بغداد مسلمين، أم في سفارة العراق في ألمانيا، فحكمهما ما يري الإسلام من العقوبة.

الثاني: وإن كانا غير مسلمين، سواء في سفارة ألمانيا ببغداد أم في سفارة بغداد بألمانيا، وذلك فيما

إذا استخدمت الدولة الإسلامية في بغداد فرضاً كافرين لسفارتها في ألمانيا، فحكمهما مع غير المسلمين.

نعم إن راجعا قاضي المسلمين كان له الحق في أن يحكم عليهما بحكم الإسلام أو بحكم دينهم.

قال الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام: «لو ثنيت لي الوسادة، لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم» ()، كما ذكرنا تفصيله في الفقه وألمعنا عليه سابقاً.

الثالث: وإن كان مسلم وكافر، بأن كان الاعتداء بين مسلم وكافر هناك أو هنا، فالحكم للمسلمين لأن الإسلام يعلو ولا يعلي عليه، سواء كان المسلم معتدياً أو معتدياً عليه.

نعم إذا كان المعتدي هو الكافر، وكان حكم الكفار علي المعتدي أشد، كما لو فرض أنهم يجعلون علي القاتل ألفي دينار، بينما في الإسلام ألف دينار، جاز أخذ الألفين منهم لقاعدة الإلزام.

وكذلك إذا كان المسلم هو المعتدي وحكم الكفار أخف، جاز جعل الأخف علي المسلم لقانون الإلزام.

بين الأحكام الأولية والثانوية

مسألة: ثم إن ما ذكرناه هو القاعدة الأولية، لكن من الممكن ملاحظة شوري الفقهاء المراجع، قاعدة (الأهم والمهم) أو قاعدة (لا ضرر) أو قواعد فقهية أخر، فيجعلون ذلك استثناءً ما دامت القاعدة الثانوية موجودة، لكن لا يخفي انه لا يكون للاستثناء حكم القانون الذي هو الأصل الأولي، وذلك علي ما سبق الالماع إليه وذكرنا تفصيله في الفقه والأصول.

ولا يخفي أن السفن والطائرات، أو السيارات والقاطرات، وغيرها من وسائل النقل وآلياتها، في رحلاتها اليومية وغير اليومية، من بلاد الإسلام إلي غير بلاد الإسلام أو بالعكس، إذا وقع الإجرام فيها، فانه يتبع فيها ما ذكرناه من الحكم أيضاً أولياً وثانوياً والله العالم.

???

وهذا آخر ما أردنا إيراده في القسم الأول من كتاب «الفقه: المرور» وإنما ذكرنا هذا البحث هنا، للإلماع إلي الأجواء الإسلامية في الحقوق

والعقوبات والنظم وما أشبه التي تكون قوانين المرور صغري من صغرياتها، وإلا فالتفصيل بحاجة إلي مباحث وسيعة جداً، وقد ذكرنا بعض ذلك في (الفقه الدولة) وغيره، والله المستعان.

القسم الثاني المرور و قوانينه الخاصة وفيه مسائل

المرور والأدلة الأربعة

مسألة: هناك أحكام خاصة وقوانين فرعية ومواضيع هامة في بحث المرور، نشير إليها في هذا الفصل، وذلك حسب ما يستظهر من الأدلة الأربعة.

وقد سبق بأن قوانين المرور إنما يجب الالتزام بها إذا استلزم عدم إطاعتها ضرراً علي نفسه ضرراً بالغاً، أو الآخرين مطلقاً، مادياً أو جسمياً أو ما أشبه، نعم إذا كانت الدولة شرعية وبإشراف شوري الفقهاء المراجع فلا تجوز المخالفة مطلقاً.

وسنتطرق في هذا القسم إلي مواضيع عديدة ():

منها: العقوبات المختلفة و سحب ترخيص القيادة ودفتر تسجيل المركبات، والغرامات والأحكام بالسجن وحجز المركبات وسائر ما يقرره شوري الفقهاء بأكثرية الآراء.

ومنها: ترخيص وتأهيل السائقين.

ومنها: قوانين التوقف والانتظار.

ومنها: ما يرتبط بالمخالفات المرورية الخطيرة وغيرها.

ومنها: مباحث الطرق المحدودة والسريعة وغيرهما.

ومنها: العلامات والإشارات المرورية وما أشبه.

ومنها: قوانين الطرق المرتبطة بحركة المركبات وسلامة المشاة.

ومنها: فحص المركبات.

ومنها: واجبات وصلاحيات هيئة الشرطة.

ومنها: ما يرتبط بالحوادث والإبلاغ عنها.

إلي غير ذلك.

هذا والأمر بحاجة إلي دراسات تخصصية ولجان استشارية للاستيفاء.

في تعيين جهة السير

مسألة: يجوز تعيين جهة السير علي جميع الطرقات علي اليمني مثلاً، وعلي الجميع اتباعه وعدم مخالفته وذلك لدفع الأضرار المحتملة ولتنظيم السير.

حالات الالتزام بأقصي اليمين

مسألة: علي السائق في حالة السير العادي أن يلتزم الجانب الأيمن من المعبد، وعليه أن يلتزم أقصاه في مثل الحالات التالية:

أ: عندما يقبل عليه من الجهة المعاكسة سائق آخر، أو أحد المشاة علي الطرق التي ليست لها أرصفة.

ب: عندما يريد سائق آخر أن يتجاوزه.

ج: عندما تكون رؤية الطريق إلي الأمام غير كافية.

د: عندما تكون سرعة مركبته دون السرعة المسموح بها علي الطريق، وخاصة في الطريق الجبلي.

إذا حصص الطريق

مسألة: إذا خصص قسم من الطريق لفئة معنية من السائقين أو المشاة، تحتم علي هذه الفئة أن تلتزمه وعلي باقي الفئات أن تتجنبه.

الأرصفة للمشاة

مسألة: تخصص الأرصفة للمشاة وللعربات المدفوعة بالأيدي الخاصة بالأطفال والمرضي والمقعدين، ويحظر إعاقة السير عليها لأي سبب كان.

من واجبات السائق

مسألة: يجب علي السائق مراعاة أمور تالية:

1: أن يكون يقظاً، ومسيطراً علي المركبة التي يقودها.

2: وأن يتأكد من استيفاء مركبته لشروط السير، المعينة من قبل شوري الفقهاء المراجع، مباشرة أو بالتسبيب.

3: وأن يتخذ علي الدوام الاحتياطات اللازمة، التي تكفل سلامته وسلامة غيره من مستعملي الطريق.

السائق وواجباته تجاه الآخرين

مسألة: يجب علي السائق أن يتجنب الاضرار بالأشخاص والأملاك العامة والخاصة، وعليه بوجه عام أن يعمل علي توفير طمأنينة وسلامة غيره من مستعملي الطريق.

عند ارادة الخروج وتغيير المسير

مسألة: علي السائق عندما يود الخروج من خط سير المركبات التي يتبعها، أو يود الدخول في هذا الخط، أو تغيير اتجاهه، أو الدخول إلي أملاك مجاورة للطريق، أو الخروج منها، أن يتأكد من أنه يستطيع ذلك، دون أن يعرّض للخطر غيره من مستعملي الطريق، آخذاً بعين الاعتبار أوضاعهم واتجاههم وسرعتهم، وأن يعلن عن رغبته في ذلك بوضوح، وقبل مسافة كافية، مستخدماً الأدوات الموجودة في مركبته والمسموح باستعمالها لهذه الغاية.

من شرائط الركوب والنزول

مسألة: يمنع التعلق بأجزاء المركبة الخارجية، أو الصعود إلي المركبة، أو النزول منها وهي في حالة السير، إذا كان ذلك ضرراً بالغاً عليه، أو ضرراً علي غيره، واحتمال الضرر العقلائي كاف في أمثال المقام.

البطأ المعرقل لحركة السير

مسألة: يحظر علي سائقي المركبات، التمهل في سيرهم بشكل يعرقل حركة السير.

للسائق تعيين الاجرة

مسألة: السائق يحق له أن يطلب أية أجرة يراها لحمل الراكب، أو المتاع، أو ما أشبه، نعم لا يجوز له الاجحاف.

آداب تخص المشاة

مسألة: علي المشاة السير علي الأرصفة، والتقيد بالإشارات، التي تعين الأماكن المخصصة لاجتيازهم الطريق، وأوقات الاجتياز، وعليهم ألا يقدموا علي اجتياز الطريق قبل التأكد من عدم وجود خطر.

مسألة: علي المشاة في حال عدم وجود ممرات خاصة لعبورهم، أن يعبروا الطريق وبكل حذر وبعد التثبت من أن بامكانهم عبورها دون أي خطر، أو إعاقة لحركة مرور المركبات، ولا يحق لهم عند عبور الطريق أن يتأخروا أو يتوقفوا دون مبرر.

مسألة: علي المشاة عند عبورهم الطريق من الممر الخاص بهم والمحدد بعلامات مميزة اتباع الآتي:

1: ملاحظة الإشارات الضوئية الخاصة بهم إذا كان الممر مجهزاً بهذه الإشارات.

2: إذا لم يكن الممر مجهزاً بإشارات ضوئية خاصة بالمشاة، ولكن كان مرور المركبات عند هذا الممر منظماً بإشارات ضوئية بالسير، أو بواسطة منظمي المرور، فعلي المشاة أن لا يعبروا طالما كانت الإشارة الضوئية أو إشارة منظم المرور تسمح للمركبات بالسير.

من واجبات الدولة تجاه المرور

مسألة: علي الدولة اضاءة الطريق بالمقدار اللازم، وكذلك تنظيفها وتوسيعها وترتيبها، كما يجوز لأي جهة من الجهات احداث طرق جديدة للناس.

أمور علي السائق رعايتها

مسألة: علي سائق المركبة أو الحيوانات، أن يكون يقظاً ومسيطرا علي سرعتها، وأن يتمكن من تحديد هذه السرعة تبعاً لظروف حركة المرور وصعوبات السير، وعليه أن يخفف من سرعتها بشكل خاص:

1: عند اجتياز المناطق المأهولة.

2: إذا ظهر له الطريق غير حر.

3: إذا كانت الرؤية غير كافية بسبب الضباب أو غيره.

4: في المنعطفات والمنحدرات وأقسام الطرقات المزدحمة، أو التي يقوم علي جانبيها بيوت سكن، وفي مفارق الطرق، وعند الاقتراب من رأس مرتفع، وعند التقاطع مع خطوط السكك الحديدية، أو عند الاقتراب من ممرات عبور المشاة.

5: عند ملاقاة مجموعة من المشاة في حالة السير، أو في حالة التوقف، أو لدي تجاوزها.

6:

عند ملاقاة حيوانات جر، أو حمل، أو ركوب، أو مواشي، أو لدي تجاوزها.

7: عند مرور الأولاد وأصحاب العاهات، وعليه أن يتوقف في هذه الحالة إذا احتاج الأمر.

السائق وحدود السرعة

مسألة: علي سائق المركبة أن يتقيد بحدود السرعة القصوي والدنيا، المحددة من قبل شوري المراجع مباشرة أو بالتسبيب، وتستثني من ذلك مركبات الطوارئ التابعة إلي قوي الأمن الإسعاف المطافئ، عند استخدامها إشارات الانذار الخاصة بها، وكذلك كل سائق مركبة ينقل شخصاً في حالة إسعاف وما أشبه ذلك.

مسألة: علي سائق المركبة الذي يسير خلف مركبة أخري أن يترك مسافة أمان كافية وراء المركبة التي تتقدمه، لضمان أمنه وتفادي تصادمه بها.

مسألة: لا يجوز استعمال المكابح فجأة إذا سبب ضرراً علي ما تقدم.

قبل شروع السائق في التجاوز

مسألة: علي السائق قبل الشروع في التجاوز مراعاة ما يلي:

أ: التأكد من عدم شروع سائق آخر في تجاوزه.

ب: التأكد من أن الطريق مكشوفة أمامه لمسافة كافية، وأن يأخذ بعين الاعتبار الفرق بين سرعة مركبته، وسرعة بقية مستعملي الطريق الذي يجري تجاوزهم، بحيث لا ينتج عن هذا التجاوز أي خطر أو عائق للمرور.

ج: تنبيه مستعملي الطريق المراد تجاوزه بإشارة ضوئية أو صوتية، والتأكد من أنهم قد أخذوا علماً بذلك.

د: أن لن يتجاوز خطاً متصلاً علي الطريق.

ه: الابتعاد أثناء التجاوز عن مستعملي الطريق الذي يجري تجاوزهم، مسافة أمان جانبية كافية.

إذا تم الاجتياز

مسألة: علي السائق المتجاوز أن يعطي الإشارة الضوئية اللازمة معلنا انتهاء التجاوز، وأن يلتزم يمين طريقه بعد اتمام التجاوز، وبعد التأكد من قيامه بذلك دون أي محذور.

وظائف السائق المراد تجاوزه

مسألة: علي السائق المراد تجاوزه:

1: أن يلتزم أقصي يمين الطريق.

2: عدم زيادة سرعة مركبته، وتخفيف سرعتها عند الضرورة لتسهيل التجاوز.

3: أن ينبه السائق الذي يشرع في التجاوز، عند وجود خطر أو عائق في الطريق يمنع ذلك.

وسائل لا يجوز تجاوزها

مسألة: يحظر علي السائق تجاوز القطارات، أو الحافلات الكهربائية أثناء وقوفها لنزول الركاب أو صعودهم، من الجانب

الذي يتم منه النزول والصعود، لاشتماله علي الخطر، أو احتمال ذلك.

موارد يحظر التجاوز فيها

مسألة: يحظر علي السائق تجاوز مركبة أخري في الموارد التالية:

1: في المنعطفات وفي رؤوس المرتفعات، إذا كان المعبد غير مقسم إلي مسالك محدودة بخطوط.

2: إذا كانت الرؤية إلي الإمام غير كافية.

3: عند ملتقي الطرقات، إلا إذا كان السائق يسير علي قسم من الطريق له حق الأفضلية فيه.

4: علي الجسور وفي الأنفاق.

5: عند التقاطع مع الخطوط الحديدية غير المحروسة.

6: عندما لا تسمح حالة المعبد بالتجاوز بسهولة وأمان.

7: في حال توقف رتل من السيارات، بسبب عرقلة السير أو لأي سبب مماثل.

8: إذا كانت المركبة المراد تجاوزها، تقوم هي بتجاوز مركبة أخري ولم يكن الطريق يستوعب ذلك.

9: في الطريق غير المسموح فيها بالتجاوز.

من وظائف السائقين

مسألة: علي سائق المركبة، أو الحيوانات، أن يكون حذراً عند اقترابه من مفترق الطرق أو تقاطعها، وأن يتثبت من أن المعبد الذي ينوي قطعه حر، وأن ينبه عند الحاجة إلي اقترابه من تقاطع أو مفترق الطرق، وأن يخفف سرعته تبعاً لسوء الرؤية، وأن يفسح مجال المرور للمركبات التي لها حق الأفضلية، وذلك مع مراعاة تعليمات السير المتخذة في المناطق المأهولة.

التأهب لتغيير المسير

مسألة: علي السائق الذي يتأهب لترك طريق من أجل سلوك طريق أخري ما يلي:

1 ان كان الطريق التي يريد سلوكها واقعة إلي يمينه، أن يشعر الآخرين بقصده، وأن يتحول إلي الطرف الأيمن من المعبد، وعليه أن يقوم بالتفافه بسرعة بطيئة.

2 وان كانت واقعة إلي يساره، أن يشعر الآخرين بقصده، وأن يميل إلي يساره دون أن يتعدي محور المعبد، ويجب في كلتا الحالتين أن يتأكد من أن قيامه بذلك لا يؤدي إلي إيقاع خطر بالآخرين أو إزعاج لهم.

لمن يكون حق التقدم؟

مسألة: عند التقاطع أو مفترق الطرق حيث يكون المرور غير منظم بواسطة الإشارات، أو بواسطة منظم المرور تكون الأفضلية في التقدم للفئات التالية:

1 مركبات قوي الأمن والإسعاف والمطافئ، التي تنبه إلي اقترابها باستعمال إشارات الإنذار الخاصة بها.

2 قوافل المركبات العسكرية، التي يزيد عددها عن خمس مركبات.

3 تلاميذ المدارس أثناء دخولهم علي مدارسهم أو خروجهم منها.

مع الاشارات الضوئية للمرور

مسألة: علي السائقين عند تقاطع الطرق أو مفترقها التقيد بما يلي:

أ: بإشارة منظم المرور في حال وجوده.

ب: بإشارات المرور الضوئية في حال وجودها، وقد اعتمد اللون الأحمر دلالة للتوقف، واللون البرتقالي للتأهب، واللون الأخضر للمرور.

ج: بإشارات المرور الأخري في حالة وجودها.

عند العبور من الخط الحديدي

مسألة: عندما يكون ممر الخط الحديدي علي الطريق غير مجهز بحاجز وغير محروس، فعلي سالكي الطريق لدي مشاهدتهم هذا الممر، أو الشاخصة الدالة عليه، ألا يشرعوا باجتيازه إلا بعد التأكد من إمكانية المرور بأمان.

وإذا كان الممر محروساً ومجهزاً بحاجز، يجب التقيد بتعليمات حارس الممر.

مواقع محظورة

مسألة: يحظر وقوف أو توقف الأشخاص والمركبات علي الخطوط الحديدية، أو علي أقسام الطريق التي تمر عليها هذه الخطوط، أو ترك الحيوانات واقفة عليها.

مسألة: يحظر استعمال الخطوط الحديدية من قبل مركبات غير معدة للسير عليها.

الوقوف علي الطريق

مسألة: يحظر إيقاف أو ترك المركبات أو الحيوانات علي الطريق، عندما يشكل ذلك خطراً أو اعاقة للسير أو اساءة استعمال الطريق.

مسألة: يلزم إيقاف المركبات أو الحيوانات في الجهة اليمني من الطريق وخارج المعبد، فان تعذر ذلك فعلي أقصي الطرف الأيمن من المعبد.

الصعود في المركبة والنزول منها

مسألة: يحظر علي سائق المركبة، أو أي من ركابها، أن ينزل منها، أو أن يفتح مخرجا من مخارجها قبل إيقاف المركبة، والتأكد من إمكانية إجراء ذلك بأمان، كما تراعي هذه القواعد عند صعود الركاب إليها.

موارد حظر الوقوف والتوقف

مسألة: يحظر الوقوف أو التوقف في الموارد الآتية:

أ. في الأماكن غير المسموح بالوقوف فيها.

ب. علي الجسور وممرات المشاة، وأمام مداخل الحدائق العامة والمساجد والمدارس والكراجات ومخارجها، وتحت الممرات العلوية، وفي الأنفاق وما أشبه.

ج. أمام مداخل الطرقات المؤدية إلي أبنية عامة أو خاصة.

د. عندما يعيق وقوف المركبة، إقلاع مركبة أخري متوقفة.

ه. علي الأرصفة وعلي الطرق، المعدة للسير السريع إذا وجب ضرراً.

و. بجوار مركبة أخري متوقفة ولم يكن المكان معداً لذلك.

إدارة المرور وصلاحياتها

مسألة: للسلطات المختصة بتنظيم المرور وضبط مخالفات السير، الحق في رفع أو نقل أية مركبة متروكة علي الطريق، لأي سبب كان، فيما إذا كان في وجودها تعطيل أو إعاقة لحركة المرور، أو تعريض سالكي الطريق للخطر.

مسألة: يلزم علي الدولة أو الجهة المعنية أن توضع الشاخصات (أي: النصب والعلامات) لتنبيه مستعملي الطرق.

محظورات علامات المرور

مسألة: يحظر وضع رموز أو رسوم أو كتابات أو بيانات أو إعلانات علي الشاخصات وعلامات المرور، وكل ما من شأنه أن يخرجها عن الغاية المخصصة لها.

مسألة: يحظر إزالة أو إلحاق الضرر بالشاخصات وبإشارات وعلامات الطرق، أو تغيير مراكزها أو اتجاهاتها.

علامات المرور وموارد نصبها

مسألة: توضع شاخصات وعلامات المرور عند الموارد الآتية:

علي مداخل ومخارج الجسور والأنفاق، وفي الأماكن الخطرة علي الطرق، كالمنعطفات الحادة، والميول الشديدة، تتضمن التعليمات الواجب مراعاتها عند السير عليها أو العبور منها حرصاً علي سلامة المرور.

الطريق وأمور محظورة فيها

مسألة: يحظر علي أيّ كان أن يرمي في الطريق أو يترك علي قارعتها كل ما من شأنه أن يعيق حركة السير، أو أن يسبب أخطاراً، أو أن يلحق ضرراً بمستعملي الطريق، كالنفايات والحجارة والتراب ومواد البناء وتطويق الطريق بالمياه أو غير ذلك، ولو فعل ذلك وأدي إلي ضرر الآخرين فهو ضامن.

أجهزة لابد منها

مسألة: يلزم أن تزود المركبات بأجهزة تنبيه وفق ما يتطلبه السير.

مسألة: يلزم تجهيز مركبات قوي الأمن والمطافئ والإسعاف وما أشبه بأجهزة انذار خاصة، اضافة الي المنبهات العادية.

الاستفادة من المنبّهات الصوتية

مسألة: ينبغي عدم استعمال المنبهات الصوتية، إلا لإعطاء التنبيهات اللازمة لمستعملي الطريق، وعند الضرورة فقط.

مسألة: ينبغي عدم استعمال المنبهات الصوتية داخل المناطق المأهولة، إلا في حالات الضرورة، علي أن تكون إشارة التنبيه متقطعة وقصيرة وكثيرة الاعتدال، وبجهاز التنبيه ذي الصوت الخفيف.

مسألة: يستعاض ليلاً عن التنبيهات الصوتية بالإشارة الضوئية، ولا يستعمل المنبهات الصوتية إلا في حالات الضرورة.

تزويد المركبة بجهاز الايقاف

مسألة: يجب أن تكون كل مركبة مجهزة بمكبح أو أكثر، لإيقافها بصورة أكيدة وسريعة مهما تكن شروط الحمولة وميل الطريق صعوداً أو نزولاً، ويفضل تجهيزها بمكبح مزدوج التأثير، بحيث يضمن كبح العجلات الخلفية في حال تعطل التأثير علي العجلات الأمامية أو العكس.

لابد من النور الكافي

مسألة: يلزم أن تكون كل سيارة مجهزة بالنور الكافي، بحيث يمكن رؤية الطريق به ليلاً، وكذلك رؤية السيارة من قبل الآخرين.

مسألة: علي السائق الذي يسير ليلاً أن يستعمل الأنوار التي يلزم استعمالها ليلاً، وفي النهار أيضاً لكن عند الاقتضاء، وخاصة وقت الضباب.

مسألة: عند التقابل مع مركبة أخري، يجب علي السائق إطفاء الأنوار التي تضر رؤية سائق المركبة الأخري، بحيث يسمح لسائق هذه المركبة بمتابعة سيرها بسهولة وبدون خطر.

الاعتناء بسلامة المحركات ونظافتها

مسألة: يلزم أن يكون الاحتراق كاملاً في المحرك، ويمنع خروج دخان كثيف مزعج، علي أن يتم تحديد ذلك بواسطة جهاز فني.

مسألة: يلزم أن تكون كل مركبة آلية مجهزة بعادم للصوت، ولتصريف الغاز مركّباً بطريقة تحول دون وقوع الغازات المنطلقة منه علي الطريق بشكل تضر الآخرين.

مسألة: لا يجوز أن تحدث المركبة ضوضاء تزعج مستعملي الطريق أو مجاوريها.

المركبة والأجهزة اللازمة لها

مسألة: يلزم أو ينبغي، كل بحسبه، أن تكون كل سيارة، وكل دراجة آلية، مجهزة أثناء سيرها علي الطرقات بأجهزة صالحة للاستعمال وفقاً لما يلي:

1 مرآة واحدة علي الأقل توضع أمام السائق بشكل تسمح له مراقبة الطريق من الخلف.

2 ماسحة زجاج أمامية واحدة علي الأقل تتحرك بشكل آلي، تسمح للسائق رؤية الطريق من مقعده بصورة جلية.

3 اطار احتياطي علي الأقل لكل سيارة أو مقطورة.

4 جهاز رافع للمركبة.

5 جهاز اطفاء حريق، للباصات ولسيارات الشحن.

6 جهاز للدلالة علي السرعة ولتحديد المسافات المقطوعة.

من مواصفات زجاجات المركبة

مسألة: يلزم أن يكون زجاج السيارة شفافاً، ولا يشوه شكل الأشياء المرئية، وألا يحدث شظايا حادة تسبب جراحاً، أو يحول دون رؤية الطريق بوضوح عند كسره.

القيام باسعاف المصابين

مسألة: إذا تعذر إسعاف المصاب بسبب هرب الفاعل، يجب علي كل شخص يمر أن يقوم بواجب نقل المصاب وتأمين إسعافه، وعلي ضباط التحقيق والقضاء تسهيل إجراءات التحقيق معه وعدم تأخيره عن عمله.

من حق المشاة علي السائقين

مسألة: يلزم علي السائق عدم تعريض المشاة للخطر، وعليه التوقف قبل الممر المحدد للمشاة، عندما يكون الطريق مغلقاً أمامه بإشارة ضوئية، أو من قبل منظم المرور، كما يلزم عليه تخفيض السرعة عند الاقتراب من ممر المشاة، والتوقف إذا اقتضي الأمر، إذا كان العبور غير منظم بإشارة ضوئية أو من قبل منظم المرور.

مسؤوليات سائقي المركبات وأصحابها

مسألة: سائق المركبة مسؤول عن الاضرار الجسدية والمادية، التي تنتج من جراء استعمال المركبة، وقد يكون المالك مسؤولاً أيضاً.

مسألة: إذا كان سبب الحادث عدة مركبات آلية فإن سائقي هذه المركبات مسؤولون بالضمان تجاه المتضرر كل بحسبه.

حجز وتوقيف المركبات

مسألة: يمنع حجز المركبة الآلية، ولا يجوز توقيفها إلا بالمقدار الذي تقتضيه حاجات التحقيق الأولي.

التزوير في الألواح

مسألة: التزوير في ألواح السيارات ونحوها من القطارات والدراجات الهوائية والدراجات البخارية والبواخر والطائرات وغيرها في الدولة الإسلامية الصحيحة يوجب التعزير، وإذا سبب ضرراً وجب علي المزور التدارك.

وكذلك التزوير في ألواح المعامل والمصانع ونحوها، فيما إذا أوجبت الدولة الإسلامية الصحيحة جعل الأرقام لها، وإنما تأمر الدولة الإسلامية الصحيحة بالترقيم ونصب ألواحه لقانون (لا ضرر) المحتمل بدون الترقيم، ولا ضرر كما أنه يشمل الضرر القطعي يشمل الضرر الاحتمالي العقلائي كما ذكره الفقهاء والأصوليون، وإلا فالأصل عدم جوازه، إذ للإنسان الحرية من هذه التقييدات وما اشبهها، وأما الترقيم بالنسبة إلي الدواب كالخيل والبغال والحمير وما أشبه فلا حاجة فيها اليه لأن الضرر المحتمل فيها قليل جداً.

تجميع السيارة وتفريقها

مسألة: إذا أراد الإنسان تجميع سيارة أو غيرها من وسائل النقل، أو تفريقها فهو حر في ذلك ولا حاجة إلي اطلاع الدولة أو غيرها، الا فيما استثني في المسألة السابقة، كما أن كل شؤون المعامل والمصانع وغيرها أيضا كذلك.

وهكذا إذا سرق لوح السيارة أو نحو السيارة فلصاحب السيارة مالكاً كان أو غيره الحرية في التعويض ولا حاجة إلي إطلاع الدولة، الا فيما سبق.

مخالفة قوانين المرور

مسألة: إذا خالف السائق ونحوه قانون المرور في الدولة الإسلامية الصحيحة، حق لشرطة المرور الذين يرتبطون بهذه الجهة تغريمه بما عينه شوري الفقهاء مباشرة أو تسبيباً، ولا يحق للسائق الهروب أو التخلف عن إعطاء الغرامة.

نعم يحق له الشكاية إلي محكمة صالحة، فلو ثبت للمحكمة عدم حق شرطي المرور في تغريم السائق أبطلت المحكمة رأي الشرطي وردت عليه الغرامة، وأما لو ثبت للمحكمة أنه تعمد الهروب أو ما أشبه حق لها زيادة الجريمة، ولو تبين للمحكمة الصالحة تعمد شرطي المرور في التغريم من غير استحقاق حق لها إصدار الحكم ضد الشرطي المذكور.

عقوبة التخلف

مسألة: التخلف عن قوانين المرور فيما يلزم اطاعتها إن كان عمداً كان علي المتخلف التعزير بالمعني الأعم الذي سيذكر، وإن كان خطأً لم يكن عليه شيء إلا إذا سبب ضرراً فيتحمل الضرر، والتعزير إنما يكون حسب نظر شوري الفقهاء كما وكيفا، بالسوط أو الغرامة المالية المقدرة قلة وكثرة، أو المنع عن السياقة مدة، أو تضليل السيارة حتي يجدها السائق، أو السجن حسب نظر شوري الفقهاء، بما يكون مشمولاً للأدلة العامة.

هذا ولا فرق في الأحكام المذكورة بين العاصمة وغيرها، وبين القري والمدن، وبين البحار والأجواء، وتحت البحار وفوق الأرض، كل ذلك لوحدة الملاك.

مبالغ التخلفات

مسألة: المبالغ المستحصلة من التخلفات الحاصلة لقانون المرور عائدة إلي بيت المال، وتصرف كما تصرف سائر الأموال الداخلة في بيت المال علي ما ذكره الفقهاء في محله من الفقه.

ارتشاء شرطة المرور

مسألة: لو تبين أن شرطي المرور أو من أشبهه ممن يرتبط بالمرور أخذ رشوة أو أخذ الغرامة اختلاساً لنفسه، حوكم في محكمة صالحة وأجري في حقه ما يراه الحاكم صلاحاً.

بالإضافة إلي لزوم استرداد الغرامة منه إلي بيت المال، وأخذ الرشوة منه، والبحث عن صاحبها، فان كان صاحب الرشوة معلوماً رد المال إليه، وإن كان مجهولاً صرف في مورد مجهول المالك، مما هو مرتبط ببيت المال، كما أن الغرامة تكون لبيت المال كما ذكرناه إذا كانت غرامة نقدية ونحوها.

المخالفة المستلزمة للجزاء

مسألة: المخالفة لقانون المرور المستلزمة للجزاء، شاملة لمخالفة المرور والعبور، أو مخالفة التوقف في محل مرور، أو مخالفة استعمال وسيلة ممنوعة من قبل شوري الفقهاء مباشرة أو تسبيباً، أو غير ذلك مما يعدّ في المرور مخالفة.

لو خالف السائق

مسألة: هل يلزم علي السائق أو غيره من الذين يقودون سيارة أو غيرها من وسائل النقل عند المخالفة أن يتوقف فوراً، ويطلع شرطي المرور بالأمر إذا كان شوري الفقهاء عين حكم المخالفة تسبيباً أو مباشرة، أم لا احتمالان.

العلائم والنصب

مسألة: يلزم علي الدولة الإسلامية الصحيحة توسعة الطريق، وتعبيدها، واحداث طرق جديدة بمقدار الكفاية، وضرب الجسور عليها لتسهيل حركة المرور فيها، وانشاء طرق متميزة للذهاب والاياب وقاية من حوادث الاصطدام، ونصب الشاخصات والعلائم المائزة، وجعل محلات التوقف، وتخطيط الطرق بما يدفع الضرر حتي المحتمل منه، ولو لم تفعل الجهة المشرفة علي الأمور المذكورة، عدّ ذلك جرماً، فإن كان مع العلم والعمد عوقب المجرم في القضية بدفع غرامة مالية أو غيرها علي حسب ما عرفت.

من أقسام التخلف

مسألة: الإنسان المتخلف عن قوانين المرور عالماً عامداً يعاقب بإحدي الغرامات المعينة، التي يراها شوري الفقهاء، ما لم يضرّ بأحد، وإلا تحمل ضرره أيضاً أما الجاهل قصوراً ونحوه فيتحمل الضرران أضر بالغير، لكن لا غرامة عليه، وإذا كان جاهلاً مقصراً غرم أيضاً، والقرائن هي التي تعيّن العلم والجهل قصوراً أو تقصيراً، ولو شك في الأمر فقول المخالف حجة، لأصالة الصحة في عمل المسلم وقوله، بل وغير المسلم كما ذكرناه في (الفقه) ولا تعزير حينئذٍ لأن الحدود تدرء بالشبهات.

إذا قصر الماشي

مسألة: إذا قصر الماشي وتعمد الخلاف وحدثت له صدمة بدون تقصير السائق إطلاقاً فهو علي الظاهر هدر، لأنه هو المقدم علي ذلك، ولو كان جاهلاً ونحوه فاللازم التصالح بين الطرفين وبيت المال الذي بيد الحاكم الشرعي.

ثم إن بيت المال هو الذي يدفع الغرامة فيما إذا كانت غرامة مالية ولم يكن ضمانه علي السائق أو عاقلته، وذلك لأن بيت المال هو المعد لمصالح المسلمين، والصغري في المقام هو دليل (لاضرر)()، ودليل: (لا يبطل دم امرئ مسلم) ()، ودليل: (لئلا يتوي حق امرئ مسلم) ()، ودليل: (لا يصح ذهاب حق امرئ مسلم)()، ودليل: (لا يصلح ذهاب حق أحد)) ()، وما أشبه.

التخلفات المتعددة

مسألة: إذا تخلف السائق تخلفات متعددة، قصوراً كان أو تقصيراً، حق للمحكمة الصالحة تغريمه فيما إذا كان عليه غرامة، بما يراه صلاحاً من تعدد التغريم أو وحدته مشددة، مثلاً إذا كان غرامة كل مخالفة ديناراً واحداً، فإن خالف خمس مرات فحق للمحكمة الصالحة تغريمه خمسة دنانير، أو دينارين مثلاً، أو غير ذلك علي حسب ما يراه صلاحاً.

الحكم بترك السياقة

مسألة: لو أمرت المحكمة الصالحة بحرمان سائق خاص من السياقة، أو من سياقة وسيلة خاصة، نفذ الحكم فيه، فإذا خالف السائق إما بنفسه أو بتلك الوسيلة عالماً عامداً، كان لها الحق في تغريمه، وقد تقدم حكم القصور.

تعريف السيارة أو السائق

مسألة: لا حاجة إلي تعريف السيارة أو السائق أو سائر وسائل النقل إلي دوائر المرور ومراكزها الخاصة بشأن التعاريف، إلا إذا انطبق علي ذلك دليل (لا ضرر) حسب رأي شوري الفقهاء المراجع، وحيث كان خوف الضرر المحتمل، فاللازم التعريف إما لشاهدين أو لمركز الشرطة، أو لدائرة المرور، أو نحوها من الجهات الحقيقية أو الحقوقية جمعاً، بين الحرية ودليل لا ضرر.

ترقيم وسائل النقل

مسألة: لا حاجة إلي ترقيم وسائل النقل، ولا إلي نصب ألواح الترقيم عليها، إلا إذا انطبق عليه قانون (لا ضرر) ولو احتمالاً، فالترقيم حينئذ يكون إما عند الدولة مع شعارها الثابت علي لوحة الترقيم، أو عند إحدي الجهات المذكورة آنفاً مع شعارهم الخاص بهم، والمخالف لا يجوز له الفرار والهروب.

عند وقوع حادثة مرورية

مسألة: يطلب من سائق المركبة التي اشتركت في حادث مروري نجم عنه إصابة بدنية، أن يترك مركبته في مكان الحادث أو قريباً منه بقدر الإمكان، لكي لا يعطل حركة السير الموجب للضرر ولو احتمالاً.

مسألة: يتعين علي السائق الإبلاغ عن الحادث فوراً في أقرب مخفر للشرطة، أو في أقرب مركز مخصص للإسعافات الأولية، إذا لم يقم غيره بهذا الدور، فهو في نفسه واجب كفائي قد يصبح عينياً إذا لم يكن غيره، كما إنه قد يكون عينياً علي غيره إذا لم يقدر السائق علي ذلك.

مسألة: في نفس الوقت الذي يتم فيه الإبلاغ عن الحادث في المراكز المعنية بالأمر، علي السائق وغيره من المتواجدين هناك التعاون معاً، والقيام بمساعدة المصاب علي نحو الكفاية.

مسألة: في حالة عدم إصابة السائق يتعين عليه أن يبقي في مكان الحادث حتي يؤذن له بالانصراف من قبل الشرطة، وذلك لئلا يضيع الحق علي أثر انهدام صورة وقوع الحادث أو تشوّشها.

اعلام جهات التأمين بالحادث

مسألة: يلزم بيان المعلومات المتعلقة بالحادث بهدف إعلام جهات التأمين، فمن المطلوب الحصول علي تحقيق الشرطة أو ما أشبه في الحادث، لإدراج اسم المؤمن له، واسم شركة التأمين، بالإضافة إلي رقم وثيقة التأمين، وذلك لأن حقوق المسلمين لاتبطل كما ورد في النص حيث قال عليه السلام: «لئلا يتوي حق امرئ مسلم» () ومن المعلوم أن غير المسلم المحترم نفسه وماله له هذه

المزية أيضاً.

مسألة: يلزم إبلاغ شركات التأمين عن الحادث خلال مدة معقولة أو مذكورة في العقد، ويطلب من المؤمن له أو من يمثله إبلاغ شركة التأمين، والتأخير في الإبلاغ عن الحادث قد يؤثر علي مسؤولية الشركة في تعويض المصاب.

ضابط التحقيق ومخوّلاته

مسألة: يحق لضابط التحقيق أن يقوم بتوقيف السائق، الذي تسبب في وقوع الحادث الذي أسفر عن إصابة بدنية أو نحوها، فضلاً عن أن ضابط التحقيق قد يقوم بتوقيف أي سائق يترك مكان الحادث، أو يحاول ذلك، أو لا ينتبه إلي الأمر الصادر عن الضابط بالتوقف، وذلك لرعاية الحقوق.

مسألة: يقوم ضابط المرور عند الكشف عن محل الحادث بحجز رخصة قيادة أحد السائقين أو كلاهما، أو دفتر تسجيل مركبته، أو مركبتيهما معاً، وعليهما تسليم ما يطلبه منهما، ثم يقدم هذه الثبوتات طي تقريره إلي الإدارة العامة للمرور في نفس الوقت الذي تم الكشف فيه مع الإمكان، وذلك لأن التأخير محتمل الضرر.

حجز وثائق السائق

مسألة: تعتبر السلطة المخولة لقاضي محكمة المرور، أو أي قاض صالح آخر، وللمدير العام للإدارة العامة للمرور، بسحب رخصة قيادة السائق سلطة مطلقة، وكذلك سحب دفتر تسجيل المركبة، واللوحات المعدنية، وما أشبه ذلك.

مسألة: المدير العام للإدارة العامة أو وكيله أو من ينصبه للمرور، مخول باحتجاز رخصة قيادة السائق، أو دفتر تسجيل المركبة واللوحات المعدنية، لأي فترة زمنية يراها صلاحاً، إذا اشتركت تلك المركبة في أي حادث ينجم عنه وفاة أو إصابة بدنية ونحوها، ولقاضي محكمة المرور الحق في أن يحدد الحد الأقصي لمدة احتجاز رخصة قيادة السائق ودفتر تسجيل المركبة.

والحد الأقصي للمدة الزمنية هو ما يقرره شوري الفقهاء، مع العلم بأن سائق المركبة التي اشتركت في الحادث قد يواجه حكماً بالسجن أو الغرامة أو كليهما في حالة إدانته بارتكاب أحد المخالفات المرورية، التي ينجم عنها إصابة بدنية، أو تلف للممتلكات حسب رأي شوري الفقهاء للمدة المذكورة.

مع السائقين المشتركين في الحادث

مسألة: يلزم أن يقوم السائقون أو الذين يستعملون الطريق والمشتركون في الحادث بالتوقف فوراً دون التسبب في

أخطار إضافية أخري لحركة السير، وأن يقوموا بإبلاغ الشرطة فيما إذا نجم عن الحادث وفاة، أو إصابة بدنية، أو تلف الأموال، وإن يبقوا في مكان الحادث حتي وصول رجال الشرطة واحداً أو أكثر حسب نظر شوري الفقهاء.

متي يصح توقيف السائق؟

مسألة: علي ضابط تحقيق الشرطة أن يقوم بتوقيف أي سائق لا يتوقف في مكان الحادث، أو لا ينتبه لأمر الضابط بالتوقف.

مسألة: يحق للضابط توقيف أي سائق لا يدلي بمعلومات معقولة، أو لا يقدم المساعدة اللازمة، فيما إذا نجم الحادث عن وفاة أو إصابة بدنية أو مالية.

مسألة: ضابط المرور مخول بتوجيه أمر للسائق للمثول أمام القضاء أو السماح له بالمغادرة، فضلاً عن أخذ السائق إلي أحد القضاة للاعتقال والتوقيف، أو سائر التغريمات المعينة من قبل شوري الفقهاء المراجع.

مسألة: في حالة إدانة السائق بعدم التوقف، أو عدم تقديمه المساعدة في التحقيق، أو عدم الإدلاء بالمعلومات اللازمة، فللضابط سحب رخصة قيادته واحالته إلي المحكمة.

واجبات السائق عند وقوع الحوادث

مسألة: في حالة وقوع حادث نجم عنه وفاة أو إصابة بدنية أو مالية، يطلب من السائق المشترك في الحادث أن يقوم بتقديم المعلومات الضرورية إلي ضابط التحقيق، وتقديم المساعدة إلي المصابين.

مسألة: علي السائق أن يذكر اسمه وعنوانه ورقم تسجيل مركبته لأي شخص مصاب، والي أي مالك أو عامل للمركبة الأخري المشترك معها في الحادث، وأن يقدم رخصته إذا طلب منه ذلك.

مسألة: يطلب نفس الواجبات والبيانات من السائق الذي اشترك في حادث نجم عنه تلف للممتلكات، وفي حالة تلف مركبات أو ممتلكات أخري لا يوجد أحد بجوارها، فاللازم علي سائق المركبة أن يخبر مالكها، وإلا فعليه أن يترك اسمه وعنوانه ورقم تسجيل المركبة التي يقودها ملصقاً علي تلك الممتلكات التالفة، كما يتعين علي السائق أن يبلغ عن الحادث في أقرب مخفر، أو جهة تابعة للشرطة، أو من له صلاحية لهذه الجهة.

إبلاغ الحادث: مسؤولية الجميع

مسألة: في حالة عجز السائق جسدياً من الإبلاغ عن الحادث، وكان هناك أحد الركاب الموجودين في المركبة، فإنه ينبغي علي ذلك الراكب

أن يقوم بالإبلاغ عن الحادث، والإدلاء بالمعلومات الضرورية من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإيصال الحقوق إلي أهلها.

الإدلاء بمعلومات غير صحيحة

مسألة: أي شخص يدلي بمعلومات غير حقيقية ومزيفة عامداً، رداً علي أية متطلبات تقريرية، عدّ مزوّراً، وكان للمحكمة الصالحة الأمر بأن يغرم أو يسجن أو يحكم عليه بكليهما، إذا ثبتت إدانته، وذلك بسبب قاض ذي صلاحية.

من نتائج عدم إبلاغ الحادث

مسألة: عدم الإبلاغ عن أي حادث مع الإمكان، سوف يؤدي إلي إعطاء الحق للجهات المسؤولة في تعليق رخصة قيادة السائق حتي تستوفي منه كافة المتطلبات التقريرية وفقاً لما تريده الجهات المعنية.

التعاون لكشف الحادث ومسبّبه

مسألة: في حالة وضع المركبة التي اشتركت في الحادث في أحد الكراجات، أو محلات تصليح المركبات، فعلي مسؤول الكراج أو المحل المذكور مع علمه، أن يقوم بإبلاغ هذه المعلومات إلي الشرطة خلال مدة معقولة بعد استلامه لهذه المركبة.

إدارة المرور وجدولة الحوادث

مسألة: ينبغي جدولة المعلومات المستخلصة من تقرير الحادث، وتحليلها من قبل الإدارة المسؤولة، بهدف تطوير البيانات التي ستساعد في تقليل عدد الحوادث، وقد تكون علي سبيل الوجوب من جهة لا ضرر ونحوه.

الحوادث ووظائف السائقين فيها

مسألة: علي سائق المركبة التي اشتركت في أحد الحوادث التي نجم عنها إصابة بدنية أو وفاة أو نحوهما، أن يترك كما تقدم المركبة في مكان الحادث، أو قريباً منه بقدر الإمكان، ليقلل من أية إمكانية لاعتراض وعرقلة حركة السير، وأن يقوم هو أو من ينوب عنه بإبلاغ الشرطة فوراً عرفياً.

مسألة: علي السائق بذل المساعدة اللازمة للمصاب إثر الحادث، سواء كان من المشاة أو من الركاب أو من اشبه، ويقوم السائق بذكر اسمه وعنوانه ورقم تسجيل المركبة التي يقودها إلي الشخص المصاب كما تقدم، أو إلي سائق المركبة الأخري التي اشترك معها في الحادث، أو إلي ذوي المصاب إن لم يتمكن المصاب من الاستلام، ويقدم عند الطلب رخصته إلي الجهات المعنية بالأمر، وإلي أي شخص اشترك في الحادث، وكذلك حال الحوادث التي ينجم عنها فقط تلف للمركبات، أو الممتلكات الأخري، وذلك مقدمة لوجوب إيصال الحقوق إلي أهلها.

لو لم يوجد السائق عند مركبته

مسألة: في حالة عدم وجود السائق بجانب المركبة الأخري التي اشتركت في الحادث، فإنه يطلب علي ما مر من السائق أن يحاول تحديد مالك المركبة أو سائقها، وإلا فعليه أن يترك هذه البيانات ملصقة في مكان مأمون علي المركبة التي لا يوجد أحد بجوارها، بحيث تشتمل هذه البيانات علي اسمه وعنوانه ورقم تسجيل المركبة التي يقودها، أو يأخذ رقم تلك المركبة، ويتصل في أقرب وقت ممكن بسائقها أو صاحبها، ان كانت الطريقة عملية.

ما يحق لضابط التحقيق؟

مسألة: يحق لضابط التحقيق توقيف أي سائق يشترك في أي حادث ينجم عنه إصابة بدنية أو وفاة أو تلف الممتلكات، ومن لا يتوقف في مكان الحادث، أو لا ينتبه للأمر الصادر له من الضابط المختص بالتوقف، يجوز تغريمه حسب المقرر، وكذلك له

توقيف أولئك السائقين الذين لا يدلون بالمعلومات الضرورية، أو لا يقدمون المساعدة المعقولة للأشخاص المصابين، وللشرطة توقيف أي سائق يترك مكان الحادث، الذي ينجم عنه تلف الأنفس أو الممتلكات، ولا يدلي بالمعلومات اللازمة، وذلك من جهة لزوم الفحص عن الحوادث.

مع المشتبه بهم

مسألة: يقوم ضابط التحقيق بتوقيف أي سائق يشتبه فيه بأنه تسبب في وقوع الحادث، كما يحق لشرطة المرور أن تقوم باحتجاز رخصة قيادة سائق المركبة وتصريح تسجيل المركبة وتقديمها إلي الإدارة العامة للمرور، وذلك لدفع الضرر، لكن إذا تحقق عدم جرم الموقوفين فاللازم تدارك بيت المال لأضرارهم.

وظائف إدارة التحقيق

مسألة: علي إدارة التحقيق أن تحدد الأسباب، التي تساهم في إجراء التحسينات اللازمة علي تصميم وسلامة الطرق وتحصينها، وخصوصاً السريعة منها، وكذلك تزويد بعض المعلومات عند الطلب لأي سائق آخر اشترك في الحادث إن وجد، وإلي أي راكب مصاب، بحيث تشتمل تلك المعلومات علي اسم السائق، وعنوانه، ورقم تسجيل مركبته، واسم شركة التأمين التي تغطي مركبته، ورقم وثيقة التأمين.

مسوغات معاقبة السائق

مسألة: يعاقب السائق علي عدم الإدلاء بالمعلومات اللازمة، ويفرض عليه عقوبة إضافية علي الإدلاء بأية بيانات كاذبة عمداً، وتأخذ هذه العقوبة شكل دفع غرامة، أو سحب ترخيص القيادة، أو كلاهما، أو شيء آخر، حيث انه من المنتظر أن تشجع مثل هذه العقوبات علي التبليغ الفوري والدقيق للمعلومات المطلوبة، وذلك من باب مقدمة الواجب.

مسألة: يلزم علي الإدارة العامة للمرور تحرير كافة تقارير الحادث، وإصدار في أوقات مناسبة بيانات إحصائية عن عدد وظروف حوادث المركبات، فإن نشر هذه المعلومات المتعلقة بالحوادث سوف يساهم في دراسة البيانات التي تؤدي إلي إجراء التحسينات اللازمة علي تصميم الطرق السريعة وغيرها، كما ستزيد من حرص الناس لأهمية السلامة علي الطرق السريعة وغيرها.

مع رجال شرطة المرور

مسألة: هناك أمور تتعلق برجال الشرطة التابعين للإدارة العامة للمرور، الذين جري تعيينهم لتنظيم حركة المرور، وتنفيذ قانون المرور، وتوقيف المخالفين.

فإن كل رجل من رجال شرطة المرور مفوض بأن يطلب في أي وقت يشاء دفتر ملكية السيارة، ورخصة القيادة من

أي سائق، وعلي كافة السائقين والمشاة أن يراعوا توجيهات رجال شرطة المرور حتي بالنسبة إلي علامات أو إشارات مرورية، أو أية خطوط أرضية أو نحوها.

مسألة: علي شرطة المرور إزالة العقبات والموانع التي تعيق حركة السير، ما لم تكن تلك العقبات جزءاً من أعمال مشروع حفريات تم الحصول علي التصريح اللازم بذلك، علماً بأنه من اللازم علي أصحاب هذه المشاريع وبتحريض من الحاكم الشرعي، القيام بحفرياتهم ليلاً عند خفة حركة السير، وتكثير العمال وتزويدهم بوسائل الحفر السريع، حتي يتم المشروع بأسرع وقت ممكن، وأقصر مدة متصورة.

شرطة المرور ومخوّلاتهم القانونية

مسألة: شرطي المرور مخول بالتحقيق في الحوادث في النطاق الذي تسمح به مسؤوليته، التي تشتمل علي مد يد المساعدة إلي المصابين ونحوهم، والحصول علي المعلومات من السائقين، وتبليغ معلومات الحوادث إلي المعنيين في القضاء، وشركات التأمين والإدارة العامة.

مسألة: كل رجل من رجال شرطة المرور مفوض بسحب رخصة القيادة من السائقين، أو سحب دفتر تسجيل مركباتهم، واللوحات المعدنية، في مكان وقوع الحادث الذي ينجم عنه إصابة بدنية أو وفاة أو تلف ممتلكات، وتقديم هذه المستندات إلي القضاء، أو المدير العام للإدارة العامة للمرور في أقرب فرصة ممكنة.

توقيف السائق أو المركبة

مسألة: يمكن توقيف أحد السائقين أو كليهما، من قبل أحد رجال شرطة المرور، فيما إذا اشتبه رجل شرطة المرور بأن هذا السائق أو غيره تسبب في وقوع الحادث كما تقدم.

مسألة: هناك مخالفات أخري قد يقوم رجل شرطة المرور بتوقيف السائق، منها:

1 عدم الانتباه لأوامر شرطي المرور بالتوقف.

2 ترك مكان الحادث والفرار.

3 السباق في الأماكن الممنوعة.

4 قيادة المركبة أثناء وقوع السائق تحت تأثير المشروبات المحرمة أو المخدرة.

توجيهات شرطي المرور

مسألة: يعتبر شرطي المرور مخولاً بتوجيه وتنظيم حركة السير، وتوقيف الأشخاص لانتهاكهم علائم ونظم المرور. وضمن هذا الإطار فإن أوامر شرطي المرور تبطل وتلغي أية لوائح أو علامات أو إشارات أو أية خطوط أرضية، وعلي كافة السائقين والمشاة أن يتقيدوا بذلك.

مسألة: أي شخص يرفض متعمداً، أو لا يتقيد بأمر شرطي المرور أو توجيهه، فانه يعرض نفسه للعقاب، وإذا ما طلب الشرطي الوثائق فعلي السائق أن يبرز تصريح تسجيل مركبته ورخصته.

شرطي المرور وبعض مهامه

مسألة: من مهام شرطي المرور هو: إزالة المركبات التي لا يوجد سائق بجوارها وقد أوقفها في مكان محظور، أو مزدحم بالمرور، من مجري الطريق إلي مكان بعيد عن الطريق،

كما انه لا يحق لصاحب المركبة الوقوف في مجري الطريق وفي هذه المقامات المذكورة.

مسألة: يعتبر شرطي المرور مخولاً بإجراء التوقيف فيما إذا كان سائق المركبة قد ارتكب أياً من هذه المخالفات الآتية:

1 الهروب المتعمد، أو محاولة مراوغة الشرطي.

2 السباق علي الطرق السريعة.

3 القيادة بإهمال وتهور.

4 عدم الوقوف، وعدم الإدلاء بالبيانات الصحيحة، وعدم تقديم المساعدة اللازمة في حالة اشتراكه في حادث نجم عنه إصابة بدنية أو وفاة أو نحو ذلك.

السائق وتقديمه إلي القضاء

مسألة: حالة توقيف شرطي المرور لأحد الأشخاص بسبب ارتكابه أياً من المخالفات المرورية، فسيتلقي الموقوف أمراً قضائياً بالمثول أمام المحكمة، لكن يجوز للقاضي أن يطلق سراحه ليستمر في حياته طبيعياً.

مسألة: علي شرطي المرور التحقيق في حوادث المركبات، وعندما يصل إلي مكان الحادث يتعين عليه أن يقدم كافة أسباب المساعدة إلي المصابين، وأن يوجه أمراً قضائياً للمثول أمام المحكمة إلي السائق، الذي يعتقد بأنه قد ارتكب مخالفة تتعلق بهذا الحادث أو يشتبه به، وعليه أن يقوم بتجميع المعلومات اللازمة في نموذج تقرير الحادث، وأن يقدم نسخة عنه إلي إدارة المرور أو القضاء.

من وظائف شرطي المرور

مسألة: علي شرطي المرور القيام بما يلي:

1 أن يقوم بفحص المركبات التي يعتقد عن قناعة بأنها غير سليمة بشكل تضر، أو غير مجهزة بشكل سليم وكانت ضارة.

2 ويقوم بإزالة المركبات التي لا يوجد كما سبق أحد بجوارها من مجري الطريق إلي مكان بعيد عنه.

3 ويقوم بإزالة المركبات المهجورة من الطريق.

4 ويقوم بوزن المركبات ويطلب إزالة الحمولة الزائدة، إذا كان ذلك ضرراً بالغاً علي مالكها، أو ضرراً علي الآخرين مطلقاً.

5 وإذا وجد في المركبات ما يلزم تعويضها وتبديلها، مثل أجهزة تخفيف السرعة والتوقف التالفة، أو الأضواء المعطلة، أو زيادة حمولة المركبة، أو عدم توازن

حمولتها وكانت ضارة كما ذكرناه، فعليه التنبيه والإرشاد إلي ما يصلح المركبة.

مسألة: شرطي المرور مخول بمنع المركبات من التشغيل بأكثر من قوتها الذاتية، أو أن يطلب بأن تتوجه تلك المركبة إلي أقرب محطة خدمة، لعمل الإصلاح اللازم عليها، وذلك عندما يعتقد بأن السلامة قد تتعرض للخطر نتيجة استمرار تلك المركبة في العمل.

مسألة: يقدم كل تقرير حادث مكتوب من قبل شرطي المرور إلي قسم معلومات الحوادث، التابع للإدارة العامة للمرور، أو للقضاء، فإن دراسة المعلومات المتعلقة بالحادث، تعتبر الجزء المقوم لتحسين عوامل السلامة، خصوصاً في الطرق السريعة، فيكون اللزوم من باب (لا ضرر) الشامل حتي للمحتمل منه.

فحص المركبات والاطمئنان منها

مسألة: لا يتم تسجيل أي مركبة إلا بعد أن تكون مستوفاة لشروط الأمن والمتانة، ومعرفة سلامتها ميكانيكياً، ويستثني من ذلك: الفحص للمركبات الجديدة، ويتم فحص المركبات من قبل الإدارة العامة للمرور، وذلك في زمان ومكان حددته هذه الإدارة، وفي حالة عدم صلاحية المركبة، يتم تبليغ مالكها عن الأسباب التي أدت إلي اتخاذ مثل هذا القرار.

مسألة: الإدارة العامة للمرور مخولة بالسماح لوكالات المركبات الخصوصية، والجهات ذات الصلاحية، بأن تقوم بهذا الفحص.

مسألة: لا يحق لأي سائق تشغيل مركبته في حال تعطيل الكوابح، وهي أجهزة تخفيف السرعة وإيقاف المركبة، أو في حالة عدم صلاحيتها من الناحية الميكانيكية.

وعليه: فاللازم أن تكون المركبة سليمة ومتينة، وصالحة من الناحية الميكانيكية، كما يتعين التأكد من مدي قدرة المركبة علي تحصين الركاب، ووضع الحمولة نوعاً وقدراً.

مسألة: إذا أخفقت المركبة عند الفحص وثبت أنها غير صالحة، لكن مالكها يراها صالحة، يحق لمالكها عندئذٍ تعبئة شكوي وتظلم لدي إدارة المرور أو القضاء، علي أن يتم فحص المركبة من قبل فاحص آخر.

مسألة: إذا قام مالك المركبة بتغيير أي جزء أساسي

في هذه المركبة، كالهيكل، أو الماكنة، أو جسم المركبة، فعليه أن يتأكد من أن المركبة لازالت صالحة من الناحية الميكانيكية، سواء لدي إدارة المرور أو أية جهة صالحة.

مسألة: علي سائق المركبة أن يقوم بتدقيق مركبته باستمرار، للتأكد من سلامتها وصلاحيتها ميكانيكياً، وإذا اعتقد بأن مركبته أصبحت غير مأمونة، يتوجب علي السائق أن يزيح مركبته بعيداً عن سير المركبات.

من مسائل فحص المركبات

مسألة: إذا وجد شرطي المرور بأن المركبة غير صالحة، أو غير مأمونة، يقوم بتقديم إنذار إلي السائق، يشتمل علي الأسباب التي بني عليها قراره، ويكون لدي السائق مهلة مدة معقولة لإصلاح المركبة، وفحصها في إحدي المحطات التي يراها، وإذا اعتقد الشرطي بأن المركبة غير صالحة البتّة للتشغيل، يتعين علي السائق عدم تشغيل المركبة، أو التوجه بها نحو أقرب كراج، أو أي مكان آخر مخصص لسلامة المركبات، أو الشكاية إلي محكمة صالحة لنقض الحكم.

مسألة: يتعين فحص كل مركبة بشكل رسمي علي أساس دوري، بأن يتم فحص المركبة مرة كل عام أو اقل من ذلك أو أكثر حسب اللزوم من غير فرق بين أن يتم في محطات مخصصة من قبل الحكومة، أو أن يتم في محطات خصوصية، وعلي الجهة المذكورة أن تقرر بموجب اللوائح البنود، أو المعدات التي ينبغي فحصها، والطريقة التي يجب أن يتم بموجبها هذا الفحص، ويلزم أن يتم الفحص طبقاً للمواصفات، التي نص عليها معهد القياسات والمواصفات العالمية، فإنه من الرجوع إلي أهل الخبرة.

مسألة: في حالة اجتياز المركبة للفحص بنجاح، تصدر لها شهادة بذلك يتم إرفاقها بالمركبة، وتظل سارية المفعول، حتي موعد انتهائها المحدد بموجب الفحص القادم.

مسألة: من الضروري علي الإدارة العامة للمرور إيجاد مقاييس محددة، لضبط عملية الفحص علي بنود المعدات المطلوب إجراء

الفحص عليها، علي أن تكون هذه المقاييس وفقاً لما تحدده إحدي الجهات العالمية المعترف بها، ولكي تقوم بإجراء فحص فعال فإن الفاحصين يحتاجون إلي مقاييس معينة، ليحكموا بموجبها فيما إذا كانت المركبة صالحة من الناحية الميكانيكية أو لا.

من مخوّلات شرطي المرور

مسألة: يخول شرطي المرور للقيام بفحص فوري عندما يكون هناك مبرر معقول، وحيثما يعتقد بأن المركبة غير صالحة من الناحية الميكانيكية، أو غير مأمونة، أو غير مجهزة بشكل سليم.

كما ينبغي أن يخول الشرطي بإصدار إنذار بشأن المركبة، المراد إصلاحها وإعادة فحصها من قبل الإدارة العامة للمرور خلال مدة معقولة.

ويخول الشرطي أيضاً بإزالة المركبات التي يعتقد إنها تشكل خطراً عند تشغيلها وسيرها علي الطريق.

بعض وظائف السائقين والمشاة

مسألة: علي السائقين والمشاة توخي الحرص والعناية وعدم إحداث إصابات بدنية، أو ما تسبب أي أذي إلي الآخرين، أو تعطيل أو التدخل في شؤون كافة الأفراد الآخرين الذين يستعلمون الطريق، إلا إذا كان التدخل برضاهم فيما لا يكون ضرر بالغ، وإلا كان حراماً حتي برضي المتضرر.

مسألة: يلزم ملاحظة قواعد الطريق واتباعها، وتوجيهات وسائل تنظيم المرور، وأوامر ضباط وأفراد شرطة المرور، بما في ذلك إطاعة الأوامر بالتوجيه فوراً نحو مكان معين للوقوف ونحو ذلك.

علي رعاة الماشية

مسألة: بالنسبة للأشخاص الذين يرعون قطعان من الماشية بالقرب من الطرق، يتعين عليهم السيطرة التامة علي هذه القطعان لكي لا تعترض سبيل سير المركبات، ولكي لا يتعرض الحيوان للأذي.

من واجبات مستعملي الطريق

مسألة: يجب أن يلتزم السائقون والأشخاص الآخرون الذين يستعملون الطريق: الجانب الأيمن من الطريق عند مرور مركبة الإسعاف أو الطوارئ، التي تستعمل الإضاءة التحذيرية، أو صفارات الإنذار لئلا يستلزم الضرر.

مع مركبات الاسعاف والحرائق

مسألة: إن سائقي مركبات الإسعاف أو الطوارئ مسموح لهم التغاضي عن قواعد الطريق وتوجيهات وسائل تنظيم المرور والإشارات أثناء توجههم لأداء المهام المنوطة بهم، شريطة استعمالهم الإشارات التحذيرية وبذل الحرص الشديد أثناء ذلك، لعدم إصابة الناس وغيرهم بالأذي، ولا يجوز لهم التغاضي في غير حال أداء المهمة.

التقيّد بقانون المرور وأول شروطه

مسألة: إن التقيد بالتوجيهات والإشارات التي يعطيها شرطي المرور، لابد أن يكون أول الشروط المتعلقة بالتقيد بقواعد حركة السير، وبإشارات المرور الضوئية، أو اتباع المسارات الأرضية، أو العلامات الأرضية التي تنظم حركة السير علي الطريق.

مسألة: علي المارة التقيد بقوانين المرور، وكذلك علي رعاة المواشي.

الدولة والمستثنون من قوانين المرور

مسألة: للدولة الإسلامية الصحيحة أن تحدد درجة عدم التزام الأشخاص أو السائقين بقواعد الطريق (كأولئك الأشخاص الذين يقومون بإنشاءات أو إصلاح الطريق)، لكن عليهم توخّي الحرص التام علي عدم الاصطدام ونحوه.

مع راكبي الدّواب والفرس

مسألة: تنطبق الشروط الواردة في هذه المباحث بشكل عام، علي أي شخص يركب حماراً، أو حصاناً، أو يسوق عربة يجرها حيوان، ويستثني من ذلك الأشخاص والسائقون العاملون علي الطرق السريعة، مع توخي عدم إصابة أناس أو حيوان أو ممتلكات بأذي.

الاستثناءات في قوانين المرور

مسألة: تشتمل الحالات الاستثنائية علي القواعد المتعلقة بالانتظار والوقوف، في الأماكن التي يحذر الوقوف أو الانتظار فيها، وعلي حدود السرعة المقررة، وعلي توجيهات وسائل تنظيم حركة السير، وعلي اللوائح المتعلقة بتوجيه حركة السير، والانعطاف وعمل المناورات اللازمة إذا قررت الدولة ذلك للجيش، أو الأعياد، أو الوفيات التي يخرج فيها الموكب السرورية أو العزائية أو نحو ذلك.

مسألة: إذا لم تستعمل الوسائل الاستثنائية كسيارات الإسعاف أو الطوارئ، الأضواء والإشارات التحذيرية، وصار عطب في إنسان أو حيوان أو مال، كان سائق السيارة ضامناً، إلا مع التفات المصاب وعدم تحذره بتنكب الطريق، فيما لم يتمكن السائق من التنحي لكي لا يصاب شيء بأذي.

مركبات الطوارئ وواجبات سائقيها

مسألة: يتعين علي السائق العامل علي أحد مركبات الطوارئ المصرح بها أمور:

1 الاستجابة لأي طلب طارئ، أو عند ملاحقته لأي مخالف، أو مشكوك في أمره، أو عند قيامه بمهمته، ولكن ليس عند عودته بعد قضاء مهمته، أن يمارس الامتيازات المنصوص عليها آنفاً، بل يلزم أن يعمل طبقاً للشروط الواردة، والمنصوص عليها في قواعد المرور وكذلك في الحالات العادية.

2 يوقف مركبته أو يصفّها، بصرف النظر عن الشروط الواردة في قوانين المرور.

3 يجتاز الإشارة الحمراء، أو يجتاز الإشارة الدالة علي الوقوف، ولكن بعد تهدئة السرعة وفق ما تقتضيه عوامل السلامة.

4 يزيد من سرعته فوق المعدل المحدد، طالما أنه لا يعرض حياة الآخرين أو ممتلكاتهم للخطر.

5 يتغاضي عن اللوائح التي تنظم حركة واتجاه السير، أو الانعطاف في

اتجاهات محددة مع حالة استعمال هذه المركبات لإشارات التحذير السمعية والبصرية.

شروط تلزم السائق أبداً

6 لا تعفي الشروط الواردة آنفاً سائق المركبة المصرح بها للطوارئ، من القيام بواجبه، والقيادة مراعياً سلامة الأشخاص الآخرين وأموالهم، سواء كانت جوامد أو مواشي، ولا تحميه مثل هذه الشروط من النتائج المترتبة علي إهماله، وعدم اكتراثه لسلامة الآخرين، وإن لم يراع فهو ضامن حسب القواعد المقررة في الحدود والديات والضمانات.

رعاية ارشادات المرور

مسألة: علي كافة السائقين والمشاة مراعاة الإرشادات، التي تدل عليها علامات وإشارات المرور، المستعملة لتنظيم وتنبيه وإرشاد حركة السير ما لم تنسخها توجيهات شرطي المرور، أو يضطر إلي المخالفة.

مسؤولية نصب العلامات

مسألة: مسؤولية تعيين وتحديد النقاط التي يلزم فيها إقامة علامات، وإشارات، وخطوط تنظيم المرور، ملقاة علي عاتق الإدارة العامة للمرور، وعند تركيب وإقامة ووضع وتشغيل هذه العلامات والإشارات والخطوط، يتعين علي السائقين والمشاة مراعاة التوجيهات التي تدل عليها.

مسألة: لا يملك أحد السلطة علي تغيير مواقع أو إرشادات العلامات، أو الإشارات المرورية، أو علي تلف أحد هذه العلامات أو الإشارات، ولو فعل ذلك غرم، ومع إتلافه يكون ضامناً، نعم لإدارة المرور ذلك فيما إذا رأت غيره أصلح.

عندما تتعارض العلامات والاشارات

مسألة: يلزم التقيد بالعلامات والإشارات والخطوط الأرضية الرسمية للمرور، ولهذه الأمور الأسبقية علي ما يناقضها من لوائح مرورية، وللإشارات الضوئية الأسبقية علي العلامات التي تنظم أولوية الطريق.

السائق واشارة الضوء الأصفر

مسألة: بالنسبة للإشارة الضوئية الصفراء من الثابت علي السائق أن يتوقف، إلا إذا لم يتمكن من الوقوف بأمان، كما تنص علي ذلك وجود إشارة لمرور المشاة علي شكل رجل واقف أو ماش أو ما أشبه ذلك، لكن يلزم أن يأتي بالقرائن لعدم تمكنه من الوقوف إذا لم يقف.

علي كافة السائقين والمشاة

مسألة: يلزم أن يستجيب كافة السائقين والمشاة إلي الإشارات الضوئية التي تنظم حركة السير، بما في ذلك الإشارات الحمراء والصفراء والخضراء، والإشارات التي تبين أسهماً باللون الأخضر، وإشارات مرور المشاة، والإشارات التي تتوهج باللونين الأحمر والأصفر، والإشارات الدالة علي استعمال المسار المخصص، كالانعطاف إلي اليمين عند الإشارة الحمراء، التي تتيح للسائقين بالانعطاف في حالة خلو الطريق وأمانه، ولكن بعد أن يتوقفوا تماماً، ويتعين علي السائق أن يذعن إلي كافة المشاة، الذين يسيرون في منطقة عبور مشاة مجاورة للطريق، وإذا حدث عطب (لا سمح الله) فلمحتمل العطب ونحوه الأولوية.

مسألة: توجيهات ضابط الشرطة تلغي وسائل تنظيم المرور كما تقدم.

مع الاشارات الممنوعة

مسألة: تمنع وجود أي إشارات بارزة غير مصرح بها تتعلق بعلامات المرور، أو الإشارات الضوئية، أو الخطوط الأرضية، ومن فعل ذلك فعليه المسؤولية.

من وظائف مهندس المرور

مسألة: يتعين علي مهندس المرور بالتعاون مع كافة الجهات المعنية الأخري، تحديد نوعية ومكان ووضعية كافة وسائل تنظيم المرور المراد استعمالها وفق ما يراه مناسباً، مما يوجب عدم الإضرار والاصطدام وإعاقة السير.

عند اشارة الضوء الأخضر

مسألة: بإمكان حركة سير المركبات، التي تواجه إشارة ضوئية خضراء مستديرة، أن تستمر في سيرها بشكل مستقيم، أو تنعطف يميناً أو يساراً، ما لم يكن هناك إشارة تمنع الانعطاف إلي أحد الاتجاهات، أو لم يكن هناك خطر.

ما ينبغي للسائقين رعايته

مسألة: ينبغي للسائقين بالنسبة لحركة سير المركبات بما في ذلك الانعطاف يميناً أو يساراً، أن يتركوا حينئذ الجانب الأيمن للمشاة، الذين يعبرون من المنطقة المخصصة لعبور المشاة، المحاذية في حالة إنارة تلك الإشارة الضوئية.

مسألة: بإمكان حركة سير المركبات، التي تواجه إشارة ضوئية خضراء علي شكل سهم منفردة أو مجتمعة مع أي إشارة أخري، أن تدخل في تقاطع الطريق بحذر، لكي تنعطف إلي الجهة التي يدلّ عليها ذلك السهم، أو أي انعطاف لأية جهة أخري تسمح بها الإشارات الأخري المضيئة في ذلك الوقت.

مسألة: علي حركة السير أن تترك الجانب الأيمن من الطريق، لعبور المشاة الموجودين في منطقة عبور المشاة.

المشاة والاشارة الضوئية الخاصة بهم

مسألة: ما لم يتم التوجيه بواسطة إشارة ضوئية خاصة بعبور المشاة، فإن مواجهة السائق إلي أية إشارة خضراء عدا ما إذا كانت هذه الإشارة عبارة عن سهم يدل علي وجهة سير محددة أو انعطاف معين يعني استمراره في السير قدماً باتجاه الإشارة عبر ممر عبور المشاة سواء كان هذا الممر مخططاً أو غير مخطط.

بين الضوئين: الأحمر والأخضر

مسألة: يجب أن تنتبه المركبات التي تواجه إشارة ضوئية صفراء مستديرة مضيئة باستمرار، أو سهماً مضيئاً باللون الأحمر، بأن الضوء الأخضر قد انتهي تواً أو أن اللون الأحمر سيظهر فوراً بعد ذلك ويجب علي كافة المركبات التوقف قبل الدخول في تقاطع الطرق كلما أمكن ذلك.

مسألة: ليعلم أولئك المشاة الذين يواجهون إشارة ضوئية صفراء مضيئة باستمرار، أو سهماً مضيئاً باللون الأصفر ما لم يتم التوجيه بواسطة إشارة ضوئية خاصة لعبور المشاة بأنه لا يوجد وقت كاف لعبور الطريق قبل ظهور الإشارة الحمراء فيلزم علي المشاة عدم البدء في عبور الطريق.

المركبات واشارة الضوء الأحمر

مسألة: يتعين علي المركبات التي تواجه إشارة مستديرة مضيئة باللون الأحمر بشكل مستمر، أن تتوقف عند الخط المحدد للوقوف، وفي حالة عدم وجود ذلك الخط، عليها أن تتوقف قبل الدخول في المجال المخصص لعبور المشاة عند الجانب المجاور لحد التقاطع، وإلا فينبغي التوقف قبل الدخول بشكل تام في مجال تقاطع الطريق، ويتعين أن تظل واقفة حتي تظهر الإشارة الدالة علي التحرك.

مسألة: يتعين علي المركبات التي تواجه إشارة علي شكل سهم مضيء باللون الأحمر بشكل مستمر، عدم الدخول في مجال تقاطع الطريق لتقوم بالحركة التي يشير إليها السهم، ويسمح للمركبات بالدخول في مجال تقاطع الطريق لتقوم بالحركة التي تسمح بها إشارة ضوئية أخري.

وإلا فعلي تلك المركبات أن تقف عند الخط المحدد

للوقوف، وإذا لم يكن هذا الخط موجودا، فينبغي أن تقف هذه المركبات قبل الدخول في مجال الممر المخصص لعبور المشاة عند الجانب المجاور للتقاطع، وفي حالة عدم وجود هذا الممر فيتعين أن تقف هذه المركبات قبل الدخول في مجال التقاطع، وأن تظل واقفة حتي تظهر الإشارة الدالة علي التحرك، الصادرة من ذلك السهم المضيء باللون الأحمر، إلا إذا جري غير ذلك.

مسألة: ما لم يتم التوجيه بواسطة إشارة خاصة بعبور المشاة فإنه يحذر علي المشاة الذين يواجهون إشارة مستديرة ثابتة مضيئة باللون الأحمر، أو إشارة دالة علي سهم مضيء باللون الأحمر فقط الدخول في مجال الطريق.

الاشارات الخاصة بعبور المشاة

مسألة: يلزم أن تكون الإشارات الخاصة بعبور المشاة ذات لونين، بحيث تشتمل كل إشارة علي ضوئين: إحداهما أحمر، والآخر أخضر، بحيث يضيئان علي التوالي ولا يضيئان معاً في وقت واحد.

مسألة: ينبغي ترتيب الأضواء عمودياً بحيث يكون الضوء الأحمر فوق الضوء الأخضر دائماً، ويفضل أن يكون الضوء الأحمر عبارة عن شخص أو أشخاص واقفون، ويكون الضوء الأخضر عبارة عن شخص أو أشخاص يمشون.

مسألة: يتعين أن يتم تصميم وتركيب إشارات عبور المشاة بشكل لا يجعل السائقين يخطئون، ويعتقدون بأنها إشارات تتعلق بحركة سير المركبات.

الاشارات الضوئية ذات الدلالة الخاصة

مسألة: هناك إشارات ضوئية ذات دلالات خاصة، وهي كالآتي:

أ تدل الإشارة الخاصة بعبور المشاة، والمضيئة باللون الأخضر علي السماح للمشاة بعبور الشارع.

ب تدل الإشارة الخاصة بعبور المشاة، والمضيئة باللون الأخضر المنقطع علي أن الفترة المسموح بها لعبور الشارع قد أوشكت علي الانتهاء.

ج تدل الإشارة الخاصة بعبور المشاة، والمضيئة باللون الأحمر علي عدم السماح للمشاة بعبور الشارع.

الاشارات الضوئية المتقطعة

مسألة: في الإشارات الضوئية المتقطعة ما يلي:

1 الضوء الأحمر المتقطع (إشارة قف) فانه عند إضاءة الإشارة الحمراء بشكل متقطع سريع، يتعين علي السائقين التوقف عند الخط المبين لوقوف المركبات، وفي حالة عدم وجود هذا الخط، فينبغي علي السائقين التوقف قبل الدخول في مجال الممر المخصص لعبور المشاة أو قرب حدود التقاطع، وفي حالة عدم وجود هذه الحدود، فيتعين علي السائقين التوقف عند أقرب نقطة في تقاطع الطرق، حيث يتمكن السائق من رؤية كافة حركة السير التي تقترب منه في التقاطع قبل الدخول فيه.

2 الضوء الأصفر المتقطع (إشارة التحذير) فانه عند إضاءة الإشارة الصفراء بشكل متقطع سريع، يتعين علي السائقين التقدم باتجاه تقاطع الطرق واجتياز ذلك التقاطع، شريطة اتخاذ الحذر والانتباه.

3 النور الأخضر (اشارة الحركة) وعنده يمكن

للسائق أن يسير في أي مسار يريد، حيث يكون النور الأخضر مضيئاً.

أمور تتعيّن علي السائقين رعايتها

مسألة: يتعين علي كل سائق أن يقود مركبته في اتجاه حركة السير، وليس عكس السير، وأن يظل ملتزماً بالجانب الأيمن من الطريق في حالة قيادته لمركبته.

مسألة: علي السائق الالتزام بسرعة أقل من الحد الأعلي المقرر للسرعة المسموح به، في حالة انعدام الرؤية، أو عند الاقتراب من مركبة أخري قادمة، أو عند وجود مركبة أخري تسير في نفس الاتجاه علي وشك أن تجتاز مركبته، أو عندما يعتزم السائق الانعطاف إلي جهة اليمين.

ما يمنع السائق منه

مسألة: يمنع السائق من عبور الطريق، أو قيادة مركبته فوق خط متصل مخصص لفصل مسارين مروريين في الطريق.

وعلي أية حال بعد الانتباه جيداً، فإنه بإمكان السائق أن يغير المسار الذي يسير فيه، إذا كان هناك خطوط متقطعة في المسار الموجود في الطريق ذو المسار الواحد.

عند القيام بتغيير المسارات

مسألة: يجوز القيام بتغيير المسارات، شريطة ألا تعرّض مركبات السائقين الآخرين أو حركة السير للخطر، ويتعين أن يتم ذلك بعد إعطاء الإشارة الضوئية الواضحة في المركبة وأن يترك السائق المجال لأية مركبات أخري قادمة أو مقتربة من الخلف.

لتفادي الحوادث والأخطار

مسألة: يجب ألا يقوم أي سائق بقيادة مركبته خلف أي مركبة أخري ملاصقة لها، لكي لا يتعرض إلي توقف مفاجئ من المركبة التي تكون أمامه مباشرة، فانه يتعين عليه أن يترك مسافة كافية بين مركبته والمركبة التي أمامه، ليتفادي الاصطدام بها، ويتفادي وقوع الأخطار، وتكون هذه المسافة كافية لوصول مركبة مجتازة فيها.

مسألة: عند اقتراب أي مركبة من الناحية المقابلة، ينبغي أن يلتزم السائق الجانب الأيمن من الطريق، لكي يعطي الفرصة أمام السائق الآخر بالمرور، وفي حالة وجود أي عائق أو مانع في الطريق، يجب علي السائق أن يخفف من سرعته أو أن يتوقف إذا لزم الأمر لكي يسمح للسائق الآخر القادم من الجهة المقابلة بالمرور ويتفادي بذلك حادث الاصطدام.

من موارد التجاوز المحظور

مسألة: سبق بعض الموارد التي يحظر التجاوز فيها، وهناك موارد أخري ينبغي عدم قيام السائق بالتجاوز فيها:

أ: انعدام الرؤية.

ب: أو في حالة أيّ سائق آخر يتجاوزه.

ج: أو في حالة ما إذا كان من الصعب الوصول إلي نفس السرعة التي تسير بها تلك المركبة التي أمامه.

د: أو في حالة وجود مركبات قادمة من الناحية المقابلة.

ه: أو عند الاقتراب أو الدخول في أحد التقاطعات أو الدوارات أو الميادين العامة.

و: أو في حالة توقف حركة المرور عند أحد الإشارات الضوئية أو العلامات المرورية.

ز: أو عند أحد الموانع التي تسد مجري الطريق.

أمور يلزم رعايتها عند التجاوز

مسألة: ويلزم علي السائق أن يراعي وجود المنحنيات والتلال أو الطرق المنزلقة.

مسألة: ويتعين عدم التجاوز في حالة الاقتراب من الممرات المخصصة لعبور المشاة، وفي حالة فصل المسارات بخطوط متصلة، وعندما يكون السائق في منطقة تمنع التجاوز.

مسألة: يلزم علي السائق الذي يعتزم تجاوز مركبة واقفة في مكان الانتظار الموجود علي جانب الطريق، أو القادمة من الجهة اليسري، أن يترك الطريق للمركبات القادمة من الجهة الأخري، أما بالنسبة للباصات والشاحنات، فإنه يحظر تجاوز بعضها البعض داخل المناطق المدينية، وفي حالة وجودها خارج هذه المناطق فيمكن لها أن تتجاوز، إذا سمحت لها ظروف التجاوز ذلك، شريطة ألا تعطل حركة تدفق السير.

ملازمة النصف الأيمن من الطريق

مسألة: علي السائق أن يسير بمركبته في النصف الأيمن من الطريق، ويمكن للمركبات أن تسير في أي مسار متاح لها في هذا الاتجاه الذي تقصده، ويحق استعمال كافة مسارات الطريق المتوفرة، بغض النظر عن ازدحام السير، ولا يجوز تغيير المسارات، إلا إذا تأكد السائق من أنه سيقوم بتغير المسار بشكل مأمون.

المركبات التي تسير ببطأ

مسألة: عندما يكون هناك مسار واحد فقط، ينبغي علي المركبات التي تسير ببطئ أن تلتزم بالحافة اليمني من الطريق، لتسهيل حركة مرور المركبات الأخري، أما إذا كان هناك أكثر من مسار واحد، فينبغي أن تلتزم المركبات البطيئة بالمسار الأيمن، ولكن ليس بالقرب من حافة الطريق اليمني.

من شرائط الاجتياز

مسألة: يتعين علي السائق الاجتياز من علي يسار المركبة المجتازة، بعد التأكد من أن الاجتياز سيتم بأمان، ويلزم أن تكون هناك مسافة كافية بعيداً عن المركبة المجتازة، وفي حالة ما إذا كان الاجتياز سيتم عبر أحد المسارات المخصصة للمركبات القادمة من الاتجاه الآخر، ولا يلزم العودة إلي المسار الأيمن بعد انجاز الاجتياز.

مسألة: لا يجوز القيام بالرجوع إلي اليمين، إلا بعد إنجاز اجتياز المركبة تماماً، ويتعين علي سائق المركبة المجتازة أن يلزم يمين الطريق عند سماعه صوت المنبه الصادر من المركبة.

مسألة: عندما يكون الاجتياز ضمن جزء من الطريق المخصص للمركبات القادمة من الاتجاه المعاكس، يحظر التدخل في حركة سير المركبات القادمة تلك، وتتطلب ضرورة الرجوع إلي المسار الأيمن، قبل قدوم المركبة من الاتجاه المعاكس بحوالي مائة ذراع علي الأقل، ولا يجوز اجتياز مركبة ما في أماكن خطرة، مثل المنحنيات وتقاطعات الطريق.

مسألة: يجوز اجتياز المركبات في كافة التقاطعات، عندما لا يتم الاجتياز عبر المسار المخصص للمركبات القادمة من الجهة المقابلة.

مسألة: لا يجوز أن تسير المركبات خلف بعضها مباشرة وقريبة جداً، وبالنسبة لسائقي الشاحنات والحافلات المقطورة فإن عليها ترك مسافة كافية فيما بينهم، للسماح للمركبات التي تجتازهم من أخذ المكان فيما بينهم بشكل مأمون.

مسألة: لا يجوز اجتياز المركبات من الناحية اليمني، إلا في حالة انعطاف المركبة التي قامت بالاجتياز إلي الناحية اليسري.

الاجتياز عند تقاطع الطرق

مسألة: يحظر القيام بأية تجاوزات في مجال تقاطع الطرق، بما في ذلك الاجتياز الذي يتم عبر مسارات غير مخصصة لمرور المركبات القادمة من الاتجاه المقابل، إلا في هذه الحالات:

1 إذا كان تنظيم المرور في التقاطع يتم بواسطة أحد ضباط الشرطة، أو بواسطة إشارة ضوئية.

2 إذا كانت المركبات تسير عبر أحد الطرق السريعة.

3 إذا كانت المركبة المراد

اجتيازها عبارة عن دراجة نارية.

السماح لمرور مركبات الطوارئ

مسألة: ينبغي علي السائقين العاملين علي الطرق، ومستعملي الطريق الآخرين، أن يلتزموا بالجانب الأيمن، للسماح لمركبات الطوارئ بالمرور، وذلك بتخفيف سرعتهم أو الاتجاه نحو الجانب الأيمن من الطريق والوقوف.

الدخول والخروج إلي الطريق

مسألة: علي السائق الذي يريد الدخول، أو عبور طريق خاص، أو زقاق أو درب، أن يقف أولاً، ويلتزم بالجانب الأيمن من الطريق، للسماح للمركبات الموجودة في الطريق السريع بالمرور، وعند اقترابه من أحد التقاطعات يجب علي السائق أن يتوخي الحرص، وأن يقود مركبته علي سرعة معينة، تتيح له التوقف، أو الالتزام بالجانب الأيمن من الطريق، للسماح لأي مركبة أخري لها أولوية المرور بالسير أمامه.

أولوية حق المرور لمن؟

مسألة: لتحديد أولوية حق المرور عند الدوارات والميادين والتقاطعات، التي لايتم تنظيم المرور فيها بواسطة أحد ضباط شرطة المرور، أو أحد الإشارات يراعي هذه الأمور:

1 عند التقاطعات التي يمر عبرها طرق سريعة مشابهة: للمركبة القادمة من الناحية اليمني حق أولوية المرور.

2 عند التقاطع الذي يمر عبره أحد الطرق السريعة والطريق الجانبي: للمركبة التي تسير في الطريق السريع أولوية حق المرور.

3 عند التقاطعات: للمركبة التي تسير في التقاطع أولوية حق المرور.

4 عند الدوارات والميادين: للمركبة التي تسير في الدوار أو الميدان أولوية حق المرور، أي المركبة القادمة من الناحية اليسري للدوار أو الميدان.

عند الانعطاف إلي اليسار واليمين

مسألة: يتعين علي السائق الذي يعتزم الانعطاف إلي اليسار أو اليمين، أن يلتزم بأولوية حق المرور إلي المركبات القادمة من الناحية الأخري.

مسألة: يشترط علي السائق القادم من اليسار، عند التقاطعات التي لا يتم تنظيم المرور فيها بواسطة وسائل تنظيم المرور، أن يذعن إلي أولوية المرور للمركبة القادمة من الجهة اليمني، ولا تنطبق هذه القاعدة عندما تكون هناك إشارة ضوئية تحدد أولوية المرور، علماً بأن تركيب ووضع الإشارات والعلامات سيعمل علي تعديل هذه القاعدة علي كافة الطرق السريعة.

مسألة: بالنسبة للسائق الذي يود الانعطاف إلي اليسار أو اليمين، يتعين عليه أن يذعن إلي المركبات القادمة من الاتجاه الآخر، وإذا اقترب سائقان كل يسير باتجاه يغاير السائق الآخر، وأراد أحدهما الانعطاف إلي اليمين والآخر إلي اليسار فإنه يحتم علي كل منهما أن يترك الآخر يمر.

المكانات المتعينة لإيقاف المركبة

مسألة: فيما يتعلق بالمكان الذي يتعين علي السائق إيقاف مركبته، إطاعة وتقيداً بعلامة المرور، التي تبيّن (قف) أو (خفّف السرعة) فإن الاتفاقية المتعلقة بعلامات وإشارات الطرق، تقتضي من السائق ضرورة الوقوف علي الخط المخصص لذلك، أو الوقوف قبل الدخول في تقاطع الطريق، في حين أن إتفاقية المرور علي الطرق، تقتضي من السائقين القادمين من المناطق غير المرصوفة والمحاذية للطريق أن يتوقفوا قبل الدخول في مجري الطريق.

عند اقتراب مركبات الطوارئ

مسألة: عند اقتراب إحدي مركبات الطوارئ أو الإسعاف، فان اللازم علي السواق ترك مجال لهذه المركبات للمرور، أو الوقوف إذا لزم الأمر، ويحظر علي السائق من الدخول في مجال تقاطع الطريق إذا كان مزدحماً، خشية أن تتبدل إشارة المرور أمامه وتضعه في مفترق التقاطع.

مسألة: تختلف الاستجابة المطلوبة من السائق لمركبات الإسعاف والطوارئ، حيث يعطي الحرية للسائق في أن يخفّف من سرعته وإفساح المجال أمام تلك

المركبات، أو الاتجاه نحو جانب الطريق، والوقوف تمهيداً لمرور مركبات الطوارئ، وأن يقود مركبته إلي جانب الطريق الأيمن ويتوقف ليترك الفرصة أمام تلك المركبات للمرور.

الأولوية للمشاة

مسألة: المكان الذي ينبغي أن يتوقف عليه السائق، إطاعة وتقيداً بالعلامة المرورية (قف) أو (خفّف السرعة) فإن اللازم علي السائق الوقوف عند الخط المخصص لذلك، أو عند الممر المخصص لعبور المشاة، أو قبل الدخول في مجال تقاطع الطريق، وينبغي علي السائق أن يعطي الأولوية للمشاة الموجودين علي الرصيف المحاذي.

الطرق المحظورة في المرور

مسألة: يحظر علي السائق الدخول في مجال تقاطع الطريق المزدحم بالمركبات، بغض النظر عن إشارة المرور، التي تعطيه الحق في التقدم والسير.

ما المراد من حق الطريق؟

مسألة: المراد بحق الطريق المذكور في قوانين المرور هو: حق التقدم، وأولوية أيّ سائق في التقدم والسير بطريقة مشروعة قبل أيّ سائق.

من هم المشاة؟

مسألة: يعتبر أي شخص يسير علي قدميه واحداً من المشاة، ويشمل الأشخاص الذين يدفعون أو يركبون علي أو داخل وسائل النقل، كالدراجات الهوائية، أو كراسي المقعدين، أو عجلات اليد.

المشاة ولوائح المرور

مسألة: يلزم علي المشاة أن يراعوا كافة اللوائح المتعلقة بحركة المرور، وأن يتقيدوا باطاعة إرشادات رجال الشرطة ووسائل تنظيم حركة السير.

أمور تخص سلامة المشاة

مسألة: يمكن تقسيم الأمور المتعلقة بسلامة المشاة إلي ثلاثة مسؤوليات وواجبات، منها:

السير علي الرصيف، والسير علي الجهة اليسري من الطريق، وعلي أقصي اليسار إذا كانوا يسيرون في مجموعات، ثم استعمال الجانب الأيسر من الطريق مبتعدين إلي أقصي اليسار، ومستخدمين الإشارات المناسبة الدالة علي وجودهم، والعبور من الأماكن المخصصة للعبور في حالة رغبتهم في عبور الطريق أو الطريق السريع.

ولكن في حالة عدم وجود المكان الخاص بعبور المشاة، يتعين عليهم العبور من أي مكان علي طول الشارع، أو الطريق السريع، مراعين الحذر والانتباه، وعدم التدخل في حركة المرور، ومتقيدين بالإشارات التي تنظم عمليات العبور، وفي حالة عدم وجود هذه الإشارات أو العلامات، يتعين عليهم العبور عند توقف حركة المرور علي الطريق تماماً، للسماح للمشاة بالعبور بأمان.

توصيات لذوي الكراسي المتحركة

مسألة: يتعين علي المقعدين الذين يستعملون كراسي متحركة، استعمال الأرصفة، أو السير علي جانب الطريق، ويحظر السير والعبور أثناء مرور المواكب العسكرية، أو المواكب الرسمية المصرح بها.

ما يجب علي السائق تجاه المشاة

مسألة: يجب علي السائق بذل الحرص الشديد، وعدم تعريض حياة أي من المشاة الذين يسيرون علي الرصيف، أو علي جانب الطريق، أو حتي علي الطريق للخطر.

مسألة: يتعين علي السائق عند الاقتراب من أحد الأماكن المخططة، المخصصة لعبور المشاة عند تقاطع الطرق، أن يخفّف من سرعته.

مسألة: في كافة الحالات المنوّه عنها، يتعين علي السائق أن يقف تماماً لكي يسمح بمرور المشاة.

الطلب بالتوقف الاضطراري

مسألة: يطلب من السائقين ضرورة التوقف، للسماح للمشاة بعبور الطريق إذا كان ذلك الأمر ضرورياً، علماً بأن هذه القاعدة تنطبق فقط عند الممرات التي تتحكم فيها إشارات ضوئية، أو أن تكون مخططة ومحددة، وبالنسبة للأماكن الأخري التي لا تعتبر ممرات لعبور المشاة، فإن الاتفاقية تطلب من المشاة التأكد من أن عبورهم سوف لن يعيق حركة السير، وذلك قبل الدخول في مجال الطريق.

تعليمات ترتبط بالمشاة

مسألة: يلزم الالتفات إلي الاخطار المصاحبة لعبور المشاة علي طول الطريق، ويطلب إليهم العبور من أماكن مأمونة، إذا كان أحد المشاة مجبراً علي العبور، أو كان سيره علي طول الطريق ضرورياً يلزم تحري الأماكن الأكثر أماناً.

مسألة: للمشاة الذي ينقلون أشياء ضخمة، ولمجموعات المشاة، أن تسير علي طول الطريق، ويحظر علي المشاة التسكع في الطرقات، أو الوقوف فيها، وتطلب إليهم عبور الطريق بأسرع وقت ممكن.

مسألة: يمنع السائقين من السير عبر طوابير الجند، أو طوابير طلاب المدارس، أو المواكب الرسمية المصرح بها، كمواكب العزاء والفرح والكشافات.

للمشاة أولوية المرور

مسألة: لدي عبور الشارع أو الطريق السريع عند الممر المخصص، فإن للمشاة حق أولوية المرور، ويجب علي السائق أن يخفّف من السرعة ويتوقف، إذا لزم الأمر للسماح بعبور المشاة، وإذا عبر أحد المشاة من أي مكان غير المكان المخصص لعبور المشاة، فينبغي أن يعطي ذلك الفرد الحق والأولوية لحركة مرور المركبات.

طريق لا يدخله المشاة

مسألة: يحظر علي الماشي، أن يدخل في مجال الطريق المخصص للمركبات القادمة من الناحية الأخري، إذا كان سائق تلك المركبة لا يستطيع أن يتوقف تماماً قبل الوصول إليه.

للمشاة الأرصفة وأكناف الطريق

مسألة: يتعين علي المشاة أثناء السير علي طول الطريق السريع، استعمال الأرصفة إذا توفرت، وفي حالة عدم توفر الأرصفة يتعين علي المشاة السير علي كنف الطريق بقدر المستطاع، وإذا كان الطريق ذا اتجاهين، يتعين عليه أن يسير علي الجانب الأيسر من الطريق السريع.

المشاة وواجب السائقين تجاههم

مسألة: يجب علي كل سائق أن يراعي الحرص التام لتفادي الاصطدام بأي من المشاة، أو الحيوانات الماشية في الطريق، كما أن علي السائق الذي يكون علي وشك عبور أحد الممرات المخصصة للمشاة، أن يراعي أولوية مرور أي من المشاة الموجودين علي الرصيف.

إذا أراد السائق الانعطاف

مسألة: يتعين علي السائق الذي يوشك أن ينعطف، التأكد أولاً من إمكانية انعطافه، دون تعريض نفسه أو السائقين الآخرين للخطر، ويتعين عليه إعطاء الإشارة المناسبة، وعدم الاستمرار في سيره حتي ينجز عملية الانعطاف.

الانعطاف يميناً وشمالاً

مسألة: للانعطاف يميناً إلي شارع، أو طريق سريع آخر، يجب أن تكون المركبة بجانب حافة الطريق قبل البدء في عملية الانعطاف، أما بالنسبة للانعطاف إلي جهة اليسار إلي طريق ذي اتجاهين، يتعين علي السائق أن يظل ملتزماً بيمين منتصف الطريق، وبالنسبة للانعطاف يساراً إلي طريق ذي اتجاه واحد، يجب علي السائق

أن يتقدم ناحية الجهة اليسري من الطريق.

أمور ترتبط بانطلاق المركبة

مسألة: علي السائق الذي ينطلق من أية بناية، أو من داخل أية مملتكات أخري، أو من مكان مخصص لانتظار المركبات، أن يتأكد أولاً من إمكانية دخوله إلي حركة السير بأمان، ودون خطر علي الآخرين الذين يستعملون الطريق، ومن ثم يجب عليه أن يعطي الإشارة الواضحة، وتنطبق هذه القاعدة عند ارادة الدخول إلي الأمكنة المذكورة أيضاً، مضافاً إلي كل ذلك يتعين علي السائق تخفيف سرعة المركبة.

الرجوع بالمركبة إلي الخلف

مسألة: لا يسمح لأي سائق بالرجوع إلي الخلف، ما لم يتأكد من أن ذلك يتم بشكل آمن، مع ضرورة إعطاء الإشارة الواضحة، وإذا دعت الحاجة يتعين عليه أن ينجز ذلك بمساعدة أحد الأشخاص.

مسألة: يجب علي السائق إعطاء الإشارة الواضحة، عندما يكون علي وشك تخفيف سرعته وإيقاف مركبته استعداداً للرجوع إلي الخلف، وعدم الوقوف بغتة وبشكل مفاجئ.

مسألة: السائق الذي يوشك أن ينعطف بمركبته انعطافاً تماماً للخلف، يتعين عليه التأكد من أن انعطافه سيتم بأمان، وأن يتأكد بان ما يقوم به يتم بشكل سليم، علي أن يعطي الإشارة الواضحة الكافية والمستمرة خلال الانعطاف، وأن يقوم بإلغاء الإشارة فوراً بعد إتمام العملية مباشرة.

الوقوف المفاجئ

مسألة: يمنع السائق من الوقوف بشكل مفاجئ، ما لم يكن مطلوباً منه ذلك لأسباب تتعلق بالسلامة، وبالنسبة للسائق الذي يرغب في التوقف يجب عليه أن يتأكد من عدم إزعاجه لحركة المرور، أو تعريضها للخطر قبل المضي في ذلك التوقف.

مسألة: علي السائق في حالة تعطل إشارة المركبة، استعمال يده للإشارة.

الانعطاف المحظور

مسألة: يمنع الانعطاف للخلف عند الأماكن الخطرة، وعلي السائق أن يتأكد من سلامة انعطافه قبل البدء في تشغيل المركبة الموجودة في مكان الانتظار.

الاشارة قبل التوقف

مسألة: يلزم إعطاء الإشارة الدالة علي التوقف قبل قيام السائق بالتوقف، أو تخفيف السرعة بشكل مباشر، والأفضل إعطاء الإشارة قبل أي توقف أو تهدئة للسرعة.

مسألة: عندما ينوي السائق أن يتوقف، عليه أن يتأكد من أن توقفه سيتم بشكل سليم وآمن ودون إزعاج الآخرين.

علي السائق تحاشي الاصطدام

مسألة: يتعين علي السائق الذي يقود مركبته خلف مركبة أخري تسير أمامه بشكل مباشر، أن يتحاشي الاصطدام الذي وقع فيه من يسبقه من السائقين.

الحد الأقصي للسرعة

مسألة: تعتبر الإدارة العامة للمرور مفوضة بوضع الحد الأقصي للسرعة، ويكون وضع هذا الحد الأقصي في لوحة معدنية مثبتة علي طول الطريق، وعند تحديد السرعة القصوي يلزم مراعاة ظروف نوعية الطريق، وحجم حركة المرور عليه، وموقعه داخل المنطقة المدينية أو السكنية أو القروية أو غيرها.

مسألة: لا يسمح لأي سائق أن تفوق سرعته الحد الأقصي، إلا بالنسبة لسائقي مركبات الطوارئ أو الحالات الطارئة، ويتعين علي كل سائق أن يعدل سرعته طبقاً لظروف وحالات حركة المرور، وذلك فيما يتعلق بوضوح الرؤية، وحجم حركة المركبة، وحالات الطقس والطريق.

موارد مطلوبية تخفيض السرعة

مسألة: يطلب إلي السائق أن يقود مركبته علي معدل معين من السرعة، بحيث يمكنه أن يتوقف خلال المسافة اللازمة للوقوف، كما إن قيادة المركبة علي سرعة مخفضة تعتبر مطلوبة في حالات تالية:

1 السير خلال المناطق السكنية.

2 عدم وضوح الرؤية.

3 الاقتراب من تقاطع الطرق.

4 الاقتراب من ممرات عبور المشاة والمدارس.

5 الاقتراب من قطعان الماشية، أو اجتياز مرور الحيوانات.

6 أماكن الخطر.

البطأ غير مطلوب

مسألة: يتعين علي السائق عدم قيادة مركبته بسرعة أقل من الحد الأدني للسرعة، مما يؤدي إلي إعاقة حركة تدفق المرور.

مسألة: لا يجوز قيادة المركبات ببطء قد يعيق الحركة العادية للمركبات دون سبب، وتنطبق هذه القاعدة علي كافة السائقين وفي كل أقسام المركبات.

السرعة العادلة والسياقة المأمونة

مسألة: يطلب من السائق أن يقوم بتشغيل مركبته علي معدل للسرعة، يمكّنه من قيادة مركبته بأمان عند تقاطعات الطرق، وعند منحنياتها، وعند السير في طريق ضيقة أو متموجة، وعند السير في ظروف غير ملائمة بسبب عوامل الطقس، أو حركة السير، أو حالات الطريق، أو الازدحام، أو اصطدام السيارات بعضها ببعض أمامه.

من وظائف إدارة المرور

مسألة: من الضروري وجود دراسات مرورية وهندسية، للتأكد من تناسب حدود السرعة، بما في ذلك اختلاف حدود السرعة علي اختلاف أنواع المركبات، وبموجب حجم المرور، واختلاف أوقات اليوم الواحد وأحوال الطقس، وعلي الإدارة العامة للمرور أن تضع الحدود القصوي للسرعة لكافة المناطق الجغرافية وفي كافة الأماكن.

لو أُدين السائق

مسألة: إذا أدين السائق لأول مرة بقيادة مركبته، أو محاولة قيادة مركبته وهو تحت تأثير المشروبات المحرمة أو المخدرات، فإنه يعاقب بالحبس مدة يراها القاضي صلاحاً، أو بغيرها مما تقدم، وللقاضي أن يأمر بسحب رخصة القيادة منه لمدة معقولة، وفي حالة العودة تكون مدة السحب أكثر والغرامة أكبر.

المخالفات المرورية والجزاء عليها

مسألة: المخالفات المرورية قد تؤدي إلي الغرامة أو السجن أو نحوهما، ومن تلك المخلفات ما يأتي:

1 قيادة مركبة آلية غير مرخص بها، أو كان التأمين غير ساري المفعول، هذا إذا رأي شوري الفقهاء المراجع لزوم الرخصة أو التأمين، مباشرة أو بالتسبيب.

2 قيادة المركبة بلوحات معدنية مزورة، أو بدون لوحات معدنية مصرح بها من جهة ذات صلاحية، وهذا كالسابق أيضاً.

3 قيادة المركبة بدون رخصة قيادة، أو برخصة تقرر سحبها، أو إيقاف سريانها، وهذا أيضاً كذلك.

4 إثبات خلاف الحقيقة في أحد البيانات والنماذج والطلبات الرسمية، وإعطاء معلومات كاذبة أو مضللة، بقصد الحصول علي دفتر ترخيص مركبة، أو رخصة قيادة، أو تصريح تعليم، أو لتجديد أو استخراج صورة من أي منها.

حالات التوقف والانتظار

مسألة: لا يوقف المركبة لفترة زمنية لا تستلزمها ضرورة السير، أو نزول أو ركوب الأشخاص، أو تحميل أو تفريغ البضائع، أما الانتظار فهو عبارة عن وجود المركبة في مكان ما لفترة زمنية محددة أو غير محددة، لغير الأسباب المذكورة، ويحظر وقوف أو انتظار المركبات ليلاً علي الطرق السريعة، أو الطرق غير المضاءة، دون إنارة الأضواء الكاشفة والأضواء الخلفية.

مسألة: في حالة ترك المركبة علي الطريق ينبغي استعمال أضواء تحذيرية، علماً بأن ترك المركبة علي الطرق، أو علي أحد المسارات المخصصة لمرور العجلات الهوائية، أو علي ممرات عبور المشاة، غير مسموح به ما لم تكن المركبة معطلة تماماً، ويسمح للمركبات بالانتظار في الأوقات والأماكن المحددة، فيما عدا الحالات التي تقتضي تحميل أو تفريغ البضائع أو الركاب، ويسمح الانتظار بشكل متوازي عند الجانب الأيسر من الطريق ذو الاتجاه الواحد، وبخلاف ذلك، فإن الانتظار يعتبر مسموحاً به عند الجانب الأيمن من الطريق.

مسألة: عند التوقف يتعين علي السائق استعمال الإشارة باليد، أو

استعمال الإشارة الضوئية، مخيراً بينهما.

التوقف والانتظار المحظوران

مسألة: تشتمل الأمور المحظورة المتعلقة بالانتظار والتوقف علي ما يلي:

1 الوقوف بالقرب من تقاطع الطرق علي مسافة غير معقولة، أو عند مدخل ميدان عام، أو دوار، أو محطة للباصات.

2 الوقوف في الأماكن التي يمنع فيها الانتظار رسمياً.

3 الوقوف بجانب المركبات الأخري المنتظرة أو المتوقفة.

4 السير باتجاه عكس سير المركبات الأخري ومنع حركتها.

5 الوقوف عند مداخل أو مخارج المرافق العامة.

6 مخالفة العلامات المرورية، والإشارات الضوئية، أو الخطوط الأرضية.

7 الوقوف بقرب العلامات أو الخطوط الأرضية، التي تحظر الوقوف أو تجاوز المركبات.

8 الوقوف بقرب المنحنيات أو قمة التلال.

9 الوقوف فوق الجسور، أو تحت الأنفاق، إلا في حالة عدم تحديد أماكن للانتظار أو التوقف.

10 الوقوف فوق الممرات المخصصة لعبور المشاة، أو علي الأرصفة، ولاينطبق هذا علي المناطق السكنية أمام بيت سائق المركبة ونحوه.

الأماكن الخاصة لحمل ونزول الراكبين

مسألة: يسمح للباصات فقط أن تتوقف في الأماكن المخصصة لتحميل وتنزيل الركاب، ويسمح لمركبات الأجرة (التاكسي) أن تتوقف في أي مكان للغرض ذاته، شريطة أن يتم ذلك علي يمين الطريق، وللوقوف علي يمين الطريق، يتعين علي سائقي مركبات الأجرة (التاكسي) عدم الانحراف فجأة بشكل يعرض حياة أو ممتلكات الآخرين للخطر.

مسألة: يجب علي الإدارة العامة تعيين أماكن انتظار ووقوف مركبات التاكسي، ويجب علي السائقين التوقف أو ترك الجانب الأيمن لباصات نقل التلاميذ، لتأمين عملية تحميل أو تنزيل طلاب المدارس.

أماكن محظورة للوقوف

مسألة: لا يجوز وقوف المركبات إلا لفترات مؤقتة، لتحميل أو تفريغ البضائع أو الركاب أمام مداخل الطرق، بالقرب من التقاطعات ولمسافة محددة وبالقرب من وسائل تنظيم المرور، أو في مكان يؤدي إلي إغلاق مخارج الطرق المخصصة للمركبات الأخري.

مع باصات نقل التلاميذ

مسألة: عند وقوف أحد الباصات المخصصة لنقل التلاميذ، لتحميل أو تنزيل تلاميذ المدارس، ولدي قيام سائق الباص بتشغيل الأضواء الدالة علي ذلك، يتعين علي كافة السائقين الآخرين في كافة الاتجاهات الوقوف تماماً، حتي يقوم سائق الباص بإطفاء تلك الأضواء، وتحريك وتسيير الباص.

الطريق السريع المقسم

مسألة: ما تقدم جار في الطريق السريع المقسم، وهو الطريق المقسم إلي طريقين أو أكثر، منفصلين عن بعضهما بوجود فسحة بينهما، أو حاجز طبيعي، أو بفاصل واضح مصمم، بحيث يعترض سبيل حركة المركبات.

مسألة: في حالة انتظار المركبات أو توقفها يلزم وضع المركبة بعيداً عن الطريق قدر المستطاع.

مسألة: يلزم أن تتم قيادة المركبات علي الطريق السريع المقسم، إلي مسارات علي الجانب الأيمن من الطريق، ما لم يتم ذكر غير ذلك.

مسألة: للإدارة العامة تحديد بعض أنواع المركبات، من المرور علي هذه الطرق السريعة، وإبلاغ الجمهور عن نوعية هذه المركبات، بوضع علامات مناسبة دالة علي ذلك.

مسألة: فيما يتعلق بقيادة المركبات بسرعة عالية علي هذه الطرق السريعة، من المفيد استثناء مرور المركبات البطيئة عليها، مثل الدراجات الهوائية.

ادارة المرور واجازات السياقة

مسألة: للإدارة العامة أن تعطي إجازة عامة أو خاصة لمختلف أنواع الوسائل التعليمية:

كإجازة القيادة الخاصة.

وإجازة القيادة العامة.

وإجازة قيادة دراجة نارية.

وإجازة قيادة مركبة تعمل في حقل الصناعة، أو الإنشاءات، أو الزراعة، أو غيرها.

مواصفات المستحقين للاجازة

مسألة: الإجازة تمنح للبالغ، العاقل، الرشيد، السليم الجسم، بأن لا يكون ذا رعشة جسدية أو ما أشبه.

مسألة: مدة صلاحية الإجازة حسب ما تراه الإدارة العامة من سنة إلي ما فوق ذلك.

مسألة: الفحص المتعلق باللياقة البدنية منوطة بقوة الإبصار، والحالة الصحية العامة، وصحة الأذن وغيرها، ويمكن وضع النظارات الطبية عند إجراء الفحص، مع ضرورة لصق صورة المتقدم أثناء وضعه تلك النظارات الطبية علي إجازة القيادة، ويتعين أن يتم اختيار اللياقة البدنية في أحدي الوحدات الصحية الحكومية أو الأهلية، بحيث تكتب البيانات المتعلقة بحالة الطالب علي نموذج محدد.

مسألة: عدم اجتياز الفحص اللازم لاختبار اللياقة البدنية، لن يؤهل المتقدم لعمل فحص آخر لمدة يعينه الطبيب، ورسوبه لثلاث مرات متتالية، سيؤدي إلي تأخير عمل فحوصات أخري لمدة معقولة، قبل أن يتمكن الطالب من تقديم طلب جديد.

اختبار اللياقة البدنية للسائقين

مسألة: تعتبر اختبارات اللياقة البدنية لازمة في الحالات التالية:

1 التقدم بطلب للحصول علي رخصة قيادة لأول مرة.

2 تجديد رخصة القيادة، خصوصاً لمركبات التاكسي أو الباصات.

3 عندما يبلغ عمر حامل رخصة قيادة خاصة، أو حامل رخصة قيادة الدراجة الخمسين عاماً، فإنه يجب إجراء الكشف الطبي عليه كل مدة معقولة، فإذا بلغ فوق ذلك يجري عليه الكشف كذلك في أزمنة متقاربة.

4 التقدم بطلب للحصول علي إجازة قيادة عامة، أو إجازة لقيادة المركبات الصعبة القيادة.

وتطلب الإدارة العامة للمرور إجراء اختبار آخر لأي سائق، بعد وصول معلومات حول حالته الصحية.

حول اختبارات القيادة

مسألة: تشرف الإدارة العامة للمرور علي اختبارات القيادة، ويتعين اجتيازه بنجاح قبل

صدور تلك الإجازة، حيث يكون هذا الاختبار علي نظرية تحريرية كتابية مثلاً، ويكون الاختبار النظري حول قواعد وآداب المرور وعلاماته وإشاراته، والمبادئ الأولية في ميكانيكية المركبة وطريقة استعمالها، أما الجزء العملي من الاختبار فيتضمن المبادئ حول تشغيل المحرك.

مسألة: يتعين أن تكون المركبة التي يجري بواسطتها الاختبار من النوع المطلوب، وان يتم الحصول علي رخصة لقيادتها بعد التأكد من سلامة المركبة وصلاحيتها من الناحية الميكانيكية.

مسألة: يعطي لكل بند من بنود الاختبار، وكل حركة أو إشارة، درجة معينة، ويعتبر الشخص راسباً إذا ارتكب أحد الأخطاء الواردة في قائمة المخالفات.

للراسبين في الاختبار

مسألة: يحدد من أجري الاختبار لمن رسب فيه ميعاداً لإعادة اختباره بعد مدة معقولة، وبعد اجتياز الاختبار بنجاح يمنح الطالب الرخصة المطلوبة، ويمكن الحصول بعد ذلك علي تصريح لقيادة مركبة أجرة (تاكسي) أو باص، أو عربات تجرها الحيوانات، أو شاحنات لنقل الركاب، وعلي ترخيص لتعليم الآخرين قيادة المركبات.

السائق إذا تغير محل اقامته

مسألة: ينبغي علي صاحب رخصة القيادة، إخطار الإدارة العامة أو الجهة ذات الصلاحية للمرور عند تغيير محل إقامته.

إذا انتهت مدة الاجازة أو فقدت

مسألة: ينبغي أن يتم تقديم طلب التجديد خلال ثلاثين يوماً مثلاً من تاريخ انتهاء إجازة القيادة، مشفوعاً بمستندات تثبت عنوان إقامته وبيانات حول هويته.

مسألة: إذا فقدت رخصة القيادة أو تلفت، يلزم علي صاحبها أن يتقدم خلال مدة معقولة بطلب بدل منها، وتسلم الرخصة التالفة إلي إدارة المرور، وكذلك المفقودة إذا عثر عليها بعد ذلك.

لابد للسائق من اجازة

مسألة: لا يسمح لأي شخص قيادة أي مركبة دون الحصول علي رخصة قيادة صالحة، وهذا انما يكون لازم الاجراء كغيره من سائر أحكام المرور إذا قرره شوري الفقهاء المراجع مباشرة أو بالتسبيب، أو كان عدم اجرائه موجباً للضرر علي نفسه أو الآخرين، علي ما مر مكرراً.

مواصفات الاجازة وشروطها

مسألة: لدي صدور إجازة القيادة، فإن اللائحة تقتضي ذكر نوع المركبة التي يجوز لحامل تلك الإجازة قيادتها، وقبل صدور الإجازة، يتعين اختبار الطالب للتأكد من كفاءته وقدرته علي تشغيل هذا النوع من المركبات المراد إصدار إجازة لقيادته.

مسألة: يشتمل الاختبار للحصول علي إجازة لقيادة المركبات علي فحص للنظر، ومعرفة مدي القدرة علي قراءة وفهم الإشارات والعلامات المرورية، ومعرفة مدي الاطلاع علي سلامة القيادة وقوانين المرور، فضلاً عن إجراء اختبار عملي، لمعرفة قدرة الطالب علي التحكم في المركبة المراد إصدار إجازة لقيادتها، كما تقدمت الإشارة إلي بعض ذلك.

مسألة: تظل الإجازة سارية طيلة الفترة المنصوص عليها في قانون الولاية التابع لها، ويمكن تجديدها لدي أو قبل التاريخ المحدد للإنتهاء، وعلي كل من يتقدم بطلب لتجديد إجازته أن يجتاز فحصاً آخر للبصر والصحة، وفحصاً آخر لمعرفة مدي إلمامه ومعرفته لقوانين المرور.

ادارة التراخيص وملفات المراجعين

مسألة: يلزم أن يشتمل الملف الموجود في إدارة التراخيص أو الجهات الصالحة علي المعلومات التالية:

1 الطلبات المقبولة للحصول علي إجازات لقيادة المركبات.

2 الطلبات المرفوضة مع بيان أسباب الرفض.

3 أسماء الأشخاص الموقوفة أو المسحوبة إجازاتهم، وأسباب التوقيف أو السحب.

4 كافة نماذج تقرير الحادث.

بين المجلس الطبي وادارة التراخيص

مسألة: يتعين إيجاد مجلس استشاري طبي، لتقديم المشورة إلي إدارة التراخيص حول المعايير الطبية، والمقاييس التي تتعلق بالبصر والسمع والصحة الجسمية، ويمكن للإدارة المذكورة أن تطلب المشورة من المجلس، للتأكد من الحالة الصحية لطالب إجازة القيادة.

مسألة: إذا رغب حامل الإجازة لقيادة سيارة شخصية، قيادة مركبة أجرة (تاكسي) أو (باص) أو أية مركبة تجارية أخري، فينبغي عليه الحصول علي تصريح مستقل لقيادة ذلك النوع من المركبات، ويتعين أن يحمل السائق كافة تلك الرخص أو التصاريح أثناء قيادته للمركبة.

من صلاحيات محكمة المرور

مسألة: يجوز بأمر من قضاة محكمة المرور، أو مدير عام الإدارة العامة للمرور، سحب رخصة القيادة، ويجوز لهما أيضاً سحب دفتر تسجيل الملكية للمركبة واللوحات المعدنية، كما يجوز لهما سحب رخصة القيادة مدة معقولة، من كل من قاد مركبة أو حاول قيادتها وهو تحت تأثير المشروبات المحرمة والمخدرات.

مسألة: إن مدير عام الإدارة العامة للمرور، يعتبر مفوضاً بسحب إجازة القيادة، إذا ارتكب صاحبها خلال السنة الأولي، مخالفة من المخالفات التي يعتقد بأنها تعرض حياة أو أملاك الناس للخطر، ولا يمنح رخصة جديدة إلا بعد مدة معقولة من تاريخ السحب، وبعد اجتيازه من جديد اختبار قيادة المركبات بنجاح.

مسألة: للمحكمة إذا أدانت متهماً في جريمة تتعلق بقيادة مركبة، أن تأمر بسحب رخصة القيادة، أو ترخيص المركبة مع لوحاتها، أو جميعها مدة معقولة، وفي حالة العودة والتكرار للمحكمة أن تزيد مدة السحب.

مسألة: للمحكمة أن تحكم علي كل من قاد أو حاول قيادة مركبة آلية، وهو تحت تأثير المشروبات المحرمة أو المخدرات، بسحب رخصة القيادة منه لمدة معقولة، وفي حالة العودة والتكرار تكون مدة السحب أكثر.

من موارد الغاء رخصة القيادة

مسألة: يجوز إلغاء رخصة القيادة، إذا ساد اعتقاد حول المرخص له بأنه غير مؤهل

للحصول علي مثل هذه الرخصة، إذا لم يكن مجرد إشاعة أو إذا لم يقدم المرخص له المعلومات الصحيحة المطلوبة.

مسألة: عند ارتكاب إحدي المخالفات المرورية، تقوم المحكمة بتقديم نتيجة ارتكاب تلك المخالفة إلي إدارة التراخيص للإطلاع.

الفرق بين الإلغاء والسحب

مسألة: فرق واضح ما بين السحب والإلغاء، حيث إن السحب يؤدي إلي وقف الإجازة لمدة محددة وتعاد إلي صاحبها بعد انقضاء تلك المدة، أما في حالة الإلغاء فإن الإجازة لا تعاد إلي صاحبها، وإذا انتهت مدة الإلغاء، لزم تقديم طلب للحصول علي إجازة من جديد.

مخالفات توجب سحب الاجازة أو إلغائها

مسألة: المخالفات التي توجب إلغاء الإجازة أو سحبها هي: قيادة المركبات أو محاولة قيادتها تحت تأثير المشروبات المحرمة أو المخدرات، والاقتتال باستعمال المركبات، وقيادة المركبات أثناء انتهاء سريان وثيقة تأمينها، وعدم الوقوف، وعدم تقديم المساعدة اللازمة، أو تقديم الإثباتات اللازمة في حالة وقوع حوادث ينجم عنها وفيات أو إصابات بدنية ومالية، أو تقديم بيانات كاذبة إلي الإدارة المختصة، فيما يتعلق بملكية أو تشغيل المركبة، وعدم التفويض له باستعمال مركبة يمتلكها شخص آخر. وقد يكون من ذلك السباق علي الطرق السريعة، والهرب أو محاولة التهرب من رجال الشرطة، والإهمال أو عدم الاكتراث لدي قيادة المركبات.

مسألة: المخالفات المرورية تؤدي إلي تسجيل نقاط علي السائق، وإدارة التراخيص تقوم بتقييم تلك النقاط، وتراجع سجله لتحديد عدد النقاط المسجلة عليه، وفي حالة تسجيل عدد كبير من النقاط عليه، فإن إدارة التراخيص تعتبر مفوضة لسحب إجازة قيادته لمدة محدودة أو إلغائها.

من صلاحيات ادارة التراخيص

مسألة: إذا رأت إدارة التراخيص بأن أحد السائقين غير قادر علي قيادة المركبة، أو غير كفؤ لأن يقود مثل هذه المركبة المرخص له بقيادتها، يكون لهذه الإدارة الحق في أن تطلب إليه اجتياز فحص آخر، وبناء علي النتائج فقد تمتنع الإدارة عن اتخاذ أي إجراء، أو سحب الترخيص، أو إصدار رخصة قيادة جديدة مع فرض بعض القيود عليها.

مسألة: لو رفض السائق التقدم إلي اجتياز فحص أو امتحان آخر، فانه يؤدي إلي سحب رخصة

القيادة الصادرة له، ولكن يكون له الحق في استئناف أي قرار صادر عن الإدارة بشأن سحب رخصة القيادة منه، ويتعين علي المحكمة النظر في هذه القضية خلال مدة معقولة.

مع المؤسسات التدريبية ومدارسها

مسألة: يتعين علي صاحب المؤسسة التدريبية أو مديرها، أن يبين بأن المدرسة قد أعدت منهجاً تعليمياً لإرشاد المتدربين، مع تجهيز مركبات مزودة بأجهزة تشغيل، وأجهزة تخفيف السرعة أو التوقف، وعجلات قيادة، إضافية، وإن المدرسة قد خصصت مدرباً فنياً أو أكثر، مصرح لهم بالتدريب من قبل الإدارة العامة للمرور، أو الجهة ذات الصلاحية، مع كون المدرس لديه القدرة علي شرح قانون المرور، وقواعد وآداب المرور، وتقوم المدرسة بتزويد المتدربين لديها، بعد انتهاء فترة تدريبهم، بشهادة تفيد انتهاء فترة التدريب، واستعدادهم لأداء الاختبار الذي تجريه الإدارة العامة للمرور.

ادارة المرور والمدارس التدريبية

مسألة: يتعين علي الإدارة العامة للمرور معاينة موقع المدرسة، والمركبات، والأجهزة، والمعدات، ومراجعة المناهج واعتمادها، والتأكد من توافر جميع الشروط الأخري، وفي حالة مخالفة المدرسة لأي من هذه الشروط، أو مخالفة أي حكم من أحكام قانون المرور وقراراته التنفيذية، يجوز لمدير الإدارة العامة للمرور التنبيه لتكميل النواقص، وإذا لم تكمل كان له غلق المدرسة أو إلغاء ترخيصها.

مسألة: علي كافة المشرفين والمدربين العاملين في مدارس تعليم قيادة المركبات، أن يكونوا مرخصين للقيام بذلك.

إذا تكدست النقاط علي السائق

مسألة: يمكن بعد اتخاذ قرار الرموز بالنقطة، ووضعها مقابل كل خلاف مروري للسائق أن يتم التفويض بتوقيف إجازة القيادة، في حالة تكديس (اثنتي عشرة) نقطة علي السائق أو يزيد، نتيجة ارتكابه للمخالفات خلال 12 شهراً متتالية، مع العلم أنه تختلف المخالفات شدة وضعفاً، ويكون الحكم حسبها.

مسألة: يتيح نظام النقاط للإدارة العامة للمرور، القدرة علي الإشراف علي سلوك وتصرفات السائقين، الذين أدينوا بارتكاب مخالفات مرورية، كما يساعد هذا النظام علي إبلاغ السائق بعدد النقاط التي تكدست عليه، وتحثه علي الاستقامة، علي أمل عدم ارتكاب أية مخالفات أخري قد تؤدي إلي سحب رخصة قيادته.

مع مدارس تعليم قيادة المركبات

مسألة: يجوز إنشاء مدارس لتعليم قيادة المركبات، تحت اشراف من الإدارة العامة للمرور، أو جهة ذات صلاحية، وهل يجوز لأحد ممارسة تعليم الغير علي قيادة المركبات من دون الحصول علي ترخيص بذلك من الإدارة العامة للمرور، أو جهة ذات صلاحية؟ الظاهر جواز ذلك إذا لم يشتمل علي ضرر.

مسألة: اللوائح المتعلقة بالمدربين، تشتمل علي المتطلبات اللازمة بشأن: حسن السيرة، والسمعة، والحالة الجسدية، ومدي معرفته بالإرشادات، وقوانين المرور، ومبادئ السلامة، وسجل القيادة.

قضاة المرور: شرعيتهم وصلاحياتهم

مسألة: ينشأ نفوذ وسلطة قضاة محكمة المرور من قوانين المرور المعمول بها في الإسلام، ويطلب إلي المتهم بارتكاب أحد المخالفات المرورية المثول أمام قاضي محكمة المرور، شريطة ألا يكون ذلك المتهم قد دفع أية غرامة، ولم يتم أي تصالح بذلك الشأن، وتحدد المحكمة بعد ذلك فيما إذا كان المتهم بريئاً أو يستحق الإدانة، وذلك بناء علي الدليل المقدم إليها.

مسألة: يكون الدليل عادة عبارة عن تقرير صادر عن الشرطي، الذي قام بتحرير المخالفة، ويوضع ذلك التقرير في الملف المقدم إلي قاضي محكمة المرور، الذي ينظر في القضية، وسيبلغ الشخص الذي تسلم الدعوة للحضور أمام المحكمة في موعد محدد، وفي حالة عدم حضوره فستنظر القضية غيابياً إذا لم يكن عدم حضوره لعذر عقلي أو شرعي، وإلا فسيؤجل القضية ويشهد علي دفاع المتهم، وبعد ذلك يصدر الحكم حسب موازين القضاء.

مسألة: إذا أدين المتهم فإن المحكمة تحكم بفرض عقوبة معينة، وتتراوح شدة هذه العقوبة حسب حالة المخالفة التي ارتكبها المتهم، وطبقاً لسجل المخالفات التي ارتكبها فيما قبل.

مسألة: يحق للمحكمة في معظم المخالفات المرورية ان تفرض غرامة مالية، كما ويحق للمحكمة أن تحكم علي المتهم بالحبس، أو أي عقوبة أخري لا تنافي الشريعة.

مسألة: يحق للمحكمة أن تسحب إجازة القيادة، وتصريح

تسجيل المركبة، واللوحات المعدنية للمركبة من المتهم معاً، بحيث لا يتجاوز ذلك السحب إفراطاً، وفي حالة تكرار المخالفة تكون العقوبة أشد.

مسألة: لدي إدانة المتهم بقيادة المركبة تحت تأثير المشروبات المحرمة أو المخدرات، يحق للمحكمة أن توقف إجازة القيادة لمدة معقولة، وفي حالة تكرار المخالفة تكون مدة السحب أكثر.

مسؤولية صياغة قوانين المرور

مسألة: تقع مسؤولية صياغة قوانين المرور الجديدة أو تعديلها، علي عاتق الإدارة التي تعينها شوري الفقهاء المراجع، من الأخصائيين الزمنيين والدينيين.

تطهير المرور من المحرمات الشرعية

مسألة: يلزم إلغاء الروتين الإداري الموجود في (دائرة المرور)، فليس كل شيء بحاجة إلي رخصة، ولا تكون الرخصة إزاء رسومات، بل الأصل إباحة الأشياء إلا ما استثناه الشرع بالحكم الأولي أو الثانوي، مما يعينه شوري الفقهاء المراجع.

???

هذا وقد اعتمدنا في القسم الثاني من الكتاب علي بعض القوانين العالمية للمرور، التي وضعها الأخصائيون، مع تعديلها بما لا يخالف الإسلام، وقد جعلنا القوانين مرنة بحيث تكون وسطاً بين الإفراط والتفريط، ولا يخفي أن ما ذكرناه في هذا الكتاب ليس إلا جزءاً مما تتطلبه سلامة المرور، وذلك بقصد عرض النموذج لاالاستيعاب، والله المسؤول أن يجعله معيناً للأمة في هذه الناحية، كما إنا لم نذكر في هذا الكتاب قوانين البواخر والقطارات والطائرات ولعلنا نكملها في كتاب آخر من الفقه، وهو الموفق المستعان.

فصل في بعض أحكام المرور

فصل في بعض أحكام المرور

وفيه مسائل:

أحكام المرور

هناك مسائل كثيرة ترتبط بالمرور والسير بالمعني الأعم، وقد تطرق الفقهاء إلي بعضها في العديد من الأبواب الفقهية كالصلاة والصوم وإحياء الموات والصلح وما أشبه، وهي بين احكام الزامية وغيرها.

كيف يتحقق الطريق العام؟

مسألة: يتحقق الطريق العام بأسباب منها:

الأول: أن يجعل أحد ملكه طريقاً عاماً.

الثاني: أن يحيي جماعة أرضاً ثم يجعلوا مسلكاً فيها طريقاً لها.

الثالث: أن يستعمل الناس أرضاً عاطلة للمرور والعبور حتي يعرف تدريجاً بكونها طريقاً عاماً، وحينئذ لا يجوز لأحد أن يحيي من أطرافه بمقدار ما يحتاج إليه الطريق.

وهكذا الحكم إذا قام شخص أو شركة أو جماعة أو دولة بإنشاء طريق.

إذا سقط الطريق عن الطريقية

مسألة: إذا سقط الطريق عن الطريقية أي لم يعد يمر فيه أحد، انتفي عنه حكم الطريق، وعاد إلي حالته الأولية.

الحكم الشرعي وقالب القانون

مسألة: يجوز صب الأحكام الإسلامية الكلية مما اشرنا إلي بعضها في القسم الأول من هذا الكتاب في قالب القوانين المدنية الحديثة، وصياغة الفروع الفقهية، المحتاج إليها والمبتلي بها من مرور وغيره، علي شرط عدم تغيير الأحكام بالزيادة والنقيصة.

سياقة النساء

مسألة: تجوز السياقة للنساء بشرط مراعاة الموازين الشرعية من عدم التكشف وما أشبه.

سد الطريق

مسألة: لا يجوز سد الطريق، وقد ذكرنا في مقدمة المسائل الإسلامية: ان من المحرمات سد طريق المسلمين.

فعن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي، عن أبي عبد الله ? قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ثلاث من فعلهن ملعون: المتغوط في ظل النزال، والمانع الماء المنتاب، وساد الطريق المسلوك» ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «ثلاث ملعونات، ملعون من فعلهن: المتغوط في ظل النزال، والمانع الماء المنتاب، والساد الطريق المعربة» ().

وفي حديث آخر قال صلي الله عليه و اله: «والساد الطريق المسلوك» ().

وفي رواية أخري: «من الذنوب التي تعجل الفناء: سدّ طريق المسلمين» ().

لا لعمليات الاختطاف

مسألة: لا يحق لإنسان أن يختطف طائرة أو سيارة أو قطارا أو غواصة أو ما أشبه، فإنها من أعمال العنف والإرهاب وهو محرم أشد الحرمة في الشريعة الإسلامية.

الحريات وقانون المرور

مسألة: هل يحق للدولة منع استعمال جهاز التنبيه، أو اجتياز الشاحنات، أو سير العربيات في الشوارع، أو ما أشبه ذلك؟

الظاهر الجواز إذا كانت بإشراف شوري الفقهاء المراجع، أو كان ذلك من صغريات قانون (لا ضرر) وقانون (الأهم والمهم) وقانون (نفي العسر والحرج) وقانون (النظم) وما أشبه. والا فالاصل حرية الإنسان ولا يحق لأحد أو جهة منعه عن حرياته.

نظافة الطرق والشوارع

مسألة: ينبغي رعاية نظافة الطرق والشوارع، وقد تجب إذا أضرت وساختها بالمارين، وهناك روايات كثيرة تدل علي ذلك:

في الوسائل عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في حديث المناهي قال: «نهي رسول الله صلي الله عليه و اله أن يبول أحد تحت شجرة مثمرة، أو علي قارعة الطريق» ().

وفي المستدرك: عنهم عليهم السلام: «ان رسول الله صلي الله عليه و اله نهي عن الغائط فيه، أي في الماء القائم، وفي النهر، وعلي شفير البئر يستعذب من مائها، وتحت الشجرة المثمرة، وبين القبور، وعلي الطرق والأفنية» (). الحديث

التخلي في الطرق

مسألة: يحرم التخلي في الأزقة غير السالكة (المسدودة)، إذا لم يأذن أصحابها بذلك، وهكذا في الطرق السالكة (غير المسدودة) في صورة الإضرار بالمارة.

كراهة الصلاة في الطريق

مسألة: من الأماكن التي تكره الصلاة فيها: الشارع والجادة والزقاق إذا لم يزاحم المارة والعابرين، أما إذا زاحمهم فتحرم وتبطل الصلاة علي الأحوط وجوباً.

فعن الإمام الرضا عليه السلام: «كل طريق يوطأ ويتطرق كانت فيه جدارة أو لم تكن لاينبغي الصلاة فيه، قلت: فأين أصلي، قال يمينه ويساره» ().

وعنه عليه السلام: «كل طريق يوطأ فلا تصل فيه» ().

الطرق والاستفادة منها

مسألة: يجوز النوم والصلاة والمعاملة في الطرق، ولا إشكال في جعل محل فيها للتعامل، بشرط أن لا يكون ذلك مضراً بالمارة، ولا يكون الطريق ملكاً لمن لا يرضي بهذه الأمور.

الأجنحة والرواشن

مسألة: يجوز احداث الأجنحة والرواشن علي الطريق العام ما لم تضر المارة، وفي صورة الضرر لا يجوز.

فتح الأبواب والنوافذ علي الطريق

مسألة: يجوز فتح الأبواب إلي الطريق العام وكذلك النوافذ، لكن بشرط أن لا يضر المارة.

الترتيب بين السيارات

مسألة: هل يحق فرض الترتيب علي السواق في تقبل المسافرين، الظاهر العدم إلا إذا كان من باب (من سبق إلي ما لم يسبق اليه مسلم فهو أحق به)() أو ما اشبه من القواعد الشرعية التي مر ذكرها في القسم الأول من الكتاب.

إحداث الطرق الواسعة

مسألة: ينبغي إحداث طرق جديدة وواسعة، كما ينبغي توسعة الشوارع والطرق الموجودة، وقد يجب ذلك كما لا يخفي، قال تعالي: ?يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر?().

والتوسعة قد تكون عرضية، وقد تكون طولية أي شوارع فوق بعض.

من أحكام توسيع الطرق

مسألة: إذا اشتمل توسعة الطريق والشارع علي ملك أحد فاللازم استرضاؤه، أما التوسعة بدون إرضائه فلا يجوز، نعم إذا كانت هناك مصلحة عامة أهم من عدم رضاية المالك الذي لا يرضي بكل صورة، أو من هدم المسجد الذي يقع في الطريق، فالمتبع قاعدة (الأهم والمهم)، حسب تقرير شوري الفقهاء المراجع. وحينئذ يلزم تبديل المسجد بمسجد آخر، كما يلزم إعطاء أصحاب الأملاك ما يرضون به من ثمن أملاكهم المهدومة، بل الزيادة علي ذلك، وتعويض ما تضرروا بسببه.

تجميل الشوارع والطرق

مسألة: يستحب بعد الاهتمام بنظافة الطريق، تجميل الشوارع والطرق والأرصفة وما أشبه ذلك بما لا يعد إسرافاً، «فإن الله جميل يحب الجمال» ().

أخلاقيات السير

مسألة: ينبغي مراعاة الأخلاق والآداب حال السير، ولا يجوز ارتكاب ما يسبب إيذاء الآخرين، أو ما يؤدي إلي خوفهم ورعبهم، كاستعمال المنبه العالي الصوت، أو التوقف المفاجئ، أو المرور السريع بمحاذات المشاة، أو غير ذلك.

قال تعالي: ?والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من آذي مؤمنا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذي الله، ومن آذي الله فهو ملعون في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان» ().

وفي خبر آخر: «فعليه لعنة الله وملائكته والناس أجمعين» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «من نظر إلي مؤمن نظرة يخيفه بها، أخافه الله تعالي يوم لا ظل الا ظله، وحشره في صورة الذر بلحمه وجسمه وجميع أعضائه وروحه حتي يورده مورده» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «من أحزن مؤمنا ثم أعطي الدنيا لم يكن ذلك كفارته ولم يؤجر عليه» ().

الطرق الآمنة

مسألة: يلزم توفير الأمن، وتأمين السلامة في الطريق، وذلك بأن تكون الطرق آمنة من حيث الإصابات ومن حيث قطاع الطرق.

قال تعالي: ?بسم الله الرحمن الرحيم لايلاف قريش ? إيلافهم رحلة الشتاء والصيف? فليعبدوا رب هذا البيت? الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف?().

وفي الدعاء: «وأعطنا منك الأمان، واستعملنا بحسن الإيمان» ().

وأيضا: «اللهم اعطني السعة في الرزق والأمن في الوطن» ().

وفي نهج البلاغة: «لابد للناس من أمير … وتأمن به السبل» () أي الطرق.

وقال عليه السلام: «خمس خصال من فقد واحدة منهن لم يزل ناقص العيش زائل العقل مشغول القلب، فأولها صحة البدن، والثانية الأمن، والثالثة السعة في الرزق…» الحديث().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «لا خير في الوطن الا مع الأمن والمسرة» ().

وقال عليه السلام: «لا نعمة أهنأ من الأمن» ().

ومعلوم أن الأمن في هذه الأحاديث عامة

تشمل أمن الطريق وسلامتها أيضا.

المرور والتأمين

مسألة: يجوز التأمين علي وسائل النقل الحديثة كالسيارة والطيارة والقطار وما اشبه، وذلك للاطلاقات، قال تعالي: ?اوفوا بالعقود?().

وقال عليه السلام: (المؤمنون عند شروطهم) ().

المرور ووسائل النقل القديمة

مسألة: من ركب حيواناً من جمل وناقة وما أشبه ذلك، فلو فعل ما أضر الحيوان بشخص، ضمن الراكب ذلك الضرر، ولو فعل شخص ثان ما جعل الحيوان يضر براكبه أو بشخص آخر، ضمن ذلك الثاني الضرر، ومن ركب حيوان غيره إذا أضر الحيوان ضمن. وهكذا الحكم في وسائل النقل الأخري.

السفر بوسائل النقل الحديثة

مسألة: حكم السفر بوسائل النقل الحديثة نفس حكم السفر بالوسائل البدائية، فلو سافر الصائم بالطائرة أو الباخرة أو القطار أو السيارة أو المركبة الفضائية مثلاً إلي مسافة ثمانية فراسخ وجب عليه الإفطار، ووجب عليه قصر الصلاة بعد وصوله إلي حد الترخص.

وقف وسائل النقل

مسألة: يصح وقف وسائل النقل الحديثة كالسيارة والطيارة والقطار وما أشبه، وذلك لاطلاق قوله ?: «الوقوف علي حسب ما يقفها أهلها» ().

من أحكام وسائل النقل

مسألة: يجوز اجراء مختلف المعاملات العقلائية الشرعية علي وسائل النقل الحديثة، من البيع والاجارة والصلح والرهن والوديعة والعارية والمضاربة والهبة والتأمين وما أشبه. ولا فرق في ذلك بين الطائرة والسفينة والقاطرة والغواصة والسيارة وغيرها.

وسائل النقل والعمل فيها

مسألة: لا بأس بالعمل في السفينة والقطار والطائرة وما أشبه كسائق أو غيره، وإن كان ذلك يستلزم الاتيان بصلاة المضطر في بعض الأحيان.

لا تترك في الطريق آثارا سيئة

مسألة: يكره أو يحرم كل بحسبه أن يمر الإنسان في طريق ويترك فيها آثاراً سيئة، كالسيارات التي يقطر منها الوقود، أو تبعث دخاناً كثيفاً في الهواء.

فعن أبي جعفر عليه السلام قال: «كان في رسول الله صلي الله عليه و اله ثلاثة لم تكن في أحد غيره: لم يكن له فيء، وكان لا يمر في طريق فيمر فيه بعد يومين أو ثلاثة الا عرف أنه قد مر فيه لطيب عرفه، وكان لا يمر بحجر ولا شجر إلا سجد له» ().

الطريق وإحداث المساجد فيها

مسألة: يستحب اتخاذ المسجد في الطريق، أي علي قارعته بشكل لا يوجب ضيق الطريق ومزاحمة السير.

فعن هشام بن الحكم عن أبي عبيدة الحذاء قال: «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من بني مسجداً بني الله له بيتاً في الجنة. قال أبو عبيدة: فمر بي أبو عبد الله عليه السلام في طريق مكة وقد سويت باحجار مسجداً، فقلت له: جعلت فداك نرجو أن يكون هذا من ذلك فقال: نعم» ().

إماطة الأذي عن الطريق

مسألة: يستحب إماطة الأذي عن الطريق، فعن رسول الله صلي الله عليه و اله انه قال: «دخل عبد الجنة بغصن من شوك كان علي طريق المسلمين فأماطه عنه» ().

وعنه صلي الله عليه و اله أيضا: «من أماط عن طريق المسلمين ما يؤذيهم كتب الله له أجر قراءة أربعمائة آية، كل حرف منها بعشر حسنات» ().

وعنه صلي الله عليه و اله: «ان علي كل مسلم في كل يوم صدقة، قيل: من يطيق ذلك؟ قال: إماطتك الأذي عن الطريق صدقة، وإرشادك الرجل إلي الطريق صدقة…» ().

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «لقد كان علي بن الحسين عليه السلام يمر علي المدرة في وسط الطريق، فينزل عن دابته حتي ينحيها بيده عن الطريق» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من أماط أذي عن طريق مكة، كتب الله له حسنة ولم يعذبه» ().

اصلاح الطريق وترميمها

مسألة: يلزم معاهدة الطرق ورفع نواقصها، وترميم خرابها وإصلاحها، وفي ذلك روايات عديدة:

فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «مر عيسي بن مريم عليه السلام بقبر يعذب صاحبه، ثم مر به من قابل فإذا هو ليس يعذب، فقال: يا رب مررت بهذا القبر عام أول، فكان صاحبه يعذب، ثم مررت به العام فإذا هو ليس يعذب؟ فأوحي الله عزوجل إليه: يا روح الله إنه أدرك له ولد صالح، فأصلح طريقا، وآوي يتيما، فغفرت له بما عمل ابنه» ().

لا للحدود الجغرافية

مسألة: لا يعترف الإسلام بالحدود الجغرافية المصطنعة، التي تمنع الناس من حرية التنقل من بلد إلي بلد، فالذهاب والمجيء والسفر والإقامة من بلد إلي آخر، بوسائل النقل العامة، ام بسيارته الخاصة، كلها من حق المسلم، كما اشرنا إلي ذلك في القسم الأول من الكتاب.

منع التجول

مسألة: لا يحق للدولة ولا أي جهة أخري أن تمنع التجول والعبور والمرور، وأن تحظر علي الناس الذهاب والإياب في الطرق والشوارع، فإنه مناف لقانون الحرية الإسلامية، إلا إذا كانت هناك مصلحة أهم وقررتها شوري الفقهاء المراجع.

الطريق وبعض أحكامها

مسألة: من أحكام الطريق ما روي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «لا شفعة في سفينة ولا في نهر ولا في طريق» ().

الإضرار بالطريق

مسألة: لو أضر شخص بسبب سيارته أو بغير ذلك بالطريق فهو له ضامن، قال أبو عبد الله عليه السلام: «من أضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن» ()، هذا بالاضافة إلي أدلة (لا ضرر).

الطريق وما يضمن فيها

مسألة: لو أحدث إنسان شيئاً في الطريق فتضرر به أحد فهو له ضامن.

فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من أخرج ميزاباً، أو كنيفاً، أو أوتد وتداً، أو أوثق دابة، أو حفر بئراً في طريق المسلمين، فأصاب شيئاً فعطب، فهو له ضامن» ().

وعن سماعة قال: «سألته عن الرجل يحفر البئر في داره أو أرضه؟ فقال: أما ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان، وأما ما حفر في الطريق أو في غير ما يملكه فهو ضامن لما يسقط فيه» ().

وعن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «سألته عن الشيء يوضع علي الطريق فتمر الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره، فقال: كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه» ().

وسئل أبو عبد الله عليه السلام: «عن رجل يسير علي طريق من طرق المسلمين علي دابته فتصيب برجلها؟ فقال: ليس عليها ما أصابت برجلها، وعليه ما أصابت بيدها، وإذا وقفت فعليه ما أصابت بيدها ورجلها، وان كان يسوقها فعليه ما أصاب بيدها ورجلها أيضاً» ().

حريم الطريق

مسألة: للطريق حريم كما للدار والبئر وغيرها، كل بحسبه، فعن أبي عبدالله عليه السلام عن رسول الله صلي الله عليه و اله: «والطريق إذا تشاح أهله، فحده سبعة أذرع» ().

وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام كان يقول: «حريم البئر العادية خمسون ذراعاً، إلا أن يكون إلي عطف أو إلي طريق، فيكون أقل من ذلك إلي خمسة وعشرين ذراعاً» ().

لكل شيء حد

مسألة: لكل شيء في هذه الحياة صغيراً كان أم كبيراً حد، وقد بينه الإسلام وعينه، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «ما خلق الله حلالاً ولا حراماً إلا له حد كحد الدار، فما كان من الطريق فهو من الطريق وما كان من الدار فهو من الدار، حتي أرش الخدش والجلدة ونصف الجلدة» ().

الطريق والضال فيه

مسألة: يستحب إرشاد الضال في الطريق، وفي حديث: إن نفراً من المسلمين خرجوا إلي سفر لهم فضلوا في الطريق، فأصابهم عطش شديد، فجاءهم مسلم من الجن ورواهم وأرشدهم ثم قال: «سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول: المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله» ().

الطريق والتساهل فيها

مسألة: التسامح في الطهارة والنجاسة يجري في الطريق أيضاً، فعن الكاهلي عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: «أمر في الطريق فيسيل علي الميزاب في أوقات أعلم أن الناس يتوضؤون؟ قال: قال: ليس به بأس لا تسأل عنه» ().

الطريق الواسع

مسألة: للطريق أحكام سواء كان ضيقاً أم واسعا، ومن جملة أحكام الطريق الواسع ما ورد عن أبي عبد الله عليه السلام، قال الراوي: قلت له: «الطريق الواسع هل يؤخذ منه شيء إذا لم يضر بالطريق؟ قال: لا» ().

طريق المشاة والركاب

مسألة: ينبغي تخصيص قسم من الطريق للمشاة وقسم منه للركاب، كما سبق في القسم الثاني من الكتاب، وفي الحديث عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: «إذا قام قائمنا عليه السلامقال: يا معشر الفرسان سيروا في وسط الطريق، يا معشر الرجال سيروا علي جنبي الطريق، فأيما فارس أخذ علي جنبي الطريق فأصاب رجلاً عيب ألزمناه الدية، وأيما رجل أخذ في وسط الطريق فأصابه عيب فلا دية له» ().

السفر إلي الفضاء

مسألة: يجوز السفر إلي الفضاء فيأتي بالصلاة والصوم حسب موازين تلك الجهات لا حسب موازين الأرض، فإن الصلاة والصوم تابعان للحالة التي يصلي الإنسان في تلك الحالة من سفر أو حضر أو اختيار أو اضطرار أو ما أشبه.

القطبان والسفر إليهما

مسألة: يجوز السفر إلي القطبين ويأتي بالصلاة والصوم حسب موازين جهة القطب، فان كل سفر جائز ما لم يشتمل علي المحرم.

السفر إلي الكواكب الأخري

مسألة: يجوز السفر إلي القمر أو إلي أي كوكب آخر، وإن استلزم فقدان الصلاة لبعض الشرائط والأجزاء، فانها تؤتي بالحالة التي يتمكن الإنسان منها، وذلك كالسفر في الأرض بالطائرة أو القطار أو السفينة أو ما أشبه، حيث يستلزم فقد الصلاة لبعض الشرائط والأجزاء، من الاستقرار و الطمأنينة.

الأحكام الشرعية في الكواكب

مسألة: لا تختلف الأحكام الشرعية في سائر الكواكب عن الأرض، إلا ما اختلف باختلاف موضوعه، وعليه: فلو فرض السفر اليهما، لزم علي الإنسان فيها كل ما كان يلزمه من الأحكام في الأرض.

المسافة الشرعية

مسألة: لا اعتبار بالزمان في تحقيق السفر الشرعي ولزوم أحكامه، وإنما الاعتبار بالمسافة وهي ثمانية فراسخ فقط.

فيتحقق السفر الشرعي بقطع مسافة ثمانية فراسخ، سواء في خط أفقي أو عمودي أو مؤرب، في الأرض أو في الماء أو في الفضاء أو في سائر الكواكب، فإذا سافر شخص بمركبة ثمانية فراسخ ارتفاعاً في خط عمودي في الفضاء ذهاباً، أو ملفقاً من الذهاب والإياب، لزمه الإفطار في الصيام والقصر في الصلاة، ولو غاص شخص مسافة ثمانية فراسخ انحداراً في خط عمودي فرضاً في الماء ذهاباً أو ملفقاً من الذهاب والإياب لزمه الإفطار في الصيام والقصر في الصلاة.

منع المواصلات وقطعها

مسألة: لا يحق للدولة ولا أي جهة أخري أن تغلق المطارات والقطارات وتمنع المواصلات، إلا إذا اقتضت الضرورة الشرعية ذلك، وحينئذ يقدر المنع بقدر الضرورة، ويلزم ان يكون المنع بإشراف شوري الفقهاء المراجع.

تقييدات قوانين المرور

مسألة: يجوز للدولة أن تفرض اتجاها خاصا لسير السيارات، أو تحدد سرعة معينة لها، أو تعين طريقاً خاصاً للمشاة، وطريقاً خاصاً للراكبين وهكذا، إذا كانت بإشراف شوري الفقهاء المراجع، أو كان ذلك من مصاديق (لا ضرر) و(الأهم والمهم) و(نفي العسر والحرج) و(النظم) وما أشبه. والا فالاصل في الإسلام حرية الإنسان ولا يجوز لأحد أو جهة المنع عن حرياته.

قوانين المرور غير الاسلامية

مسألة: لا يجوز وضع وتطبيق قوانين المرور غير الإسلامية، فإنه مشمول لقوله سبحانه: ?ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون?(). ولقوله تعالي: ?سأنزل مثل ما أنزل الله?().

موارد جواز المخالفة

مسألة: في كل مورد فرضت الدولة قانونا في المرور وغيره بدون أن يكون فرضها نافذاً شرعاً()، لا يجب علي الإنسان اتباع ذلك القانون، بل تجوز المخالفة، إلا إذا اشتمل علي ضرر الغير مطلقا، أو ضرره ضررا بالغا.

جهاز التنبيه

مسألة: لا يجوز استعمال جهاز التنبيه عند إنسان فجأة مما يسبب إيذاءه، وإلا فالظاهر الكراهة، وكذا استعمال التنبيه ذي الصوت العالي، إلا إذا اضطر إليه، وذلك لأن الإيذاء حرام مطلقاً، وقد جاء في الروايات كراهة رفع الصوت في السفر()، وقال تعالي: ?ان أنكر الأصوات لصوت الحمير?().

الاصطدام وحوادث المرور

مسألة: لو دهس السائق انساناً فسبب وفاته أو جرحه أو كسر عضو منه فعلي السائق الدية وإن لم يكن عن علم أو عمد، وذلك للصدق العرفي بأنه القاتل أو الكاسر أو الجارح، والدية تكون حسب الموازين المذكورة في محلها، ففي الخطأ المحض علي العاقلة، وفي العمد وشبه العمد علي القاتل والجارح، والتسديد يتم خلال سنة في العمد، وسنتين في شبهه، كما انه يحق للولي القصاص بدل الدية في العمد.

الضمانات المالية

مسألة: لو اصطدم السائق بسيارة أو بناء أو مال محترم كان ضامنا، وإن كان عن جهل أو خطأ أو غفلة أو ما أشبه، وذلك لصدق: (من أتلف مال الغير فهو له ضامن)().

القطار وحوادث السير

مسألة: لو دهس القطار انساناً أو دابة أو أتلف مالاً كان علي السائق الدية أو الضمان، وان لم يكن السائق قادراً علي ايقاف القطار، إلا أن يكون المدهوس هو السبب.

دية القتل بالاصطدام

مسألة: دية القتل بالاصطدام أو الجرح خطأ أو عمدا أو شبهه كما ذكر في كتاب الديات، ويجوز التصالح علي الدية، لأن الحق لا يعدوهما، والتصالح قد يكون بالزيادة، أو النقيصة، أو تغيير الدية إلي شيء آخر، حسب موازين الصلح المذكورة في الفقه.

من أحكام الطائرات

مسألة: لا يحق للطائرات أن تنزل في مطار لم يأذن بنزولها فيه من قبل صاحب المطار، كما لا يحق للسيارات ان تقف في كراجات لم يؤذن لها من قبل أربابها، و إن خالفت فعليها أجرة المثل، وكذلك لا يجوز للطائرات اختراق الجدار الصوتي في الأجواء السكنية، فان فعلت وتضرر أحد لخوف ونحوه، ضمن المرتكب لذلك.

الاجتياز بالطائرة من المواقيت

مسألة: الظاهر انه لا يجب الإحرام لراكب الطائرة القاصد من مكان إلي مكان آخر غير مكة المكرمة، أو راكب القمر الصناعي إذا اجتاز من الميقات، لانصراف الأدلة عن مثله.

إجازة السوق ودفتر السياقة

مسألة: يجوز للانسان أن يقود السيارة أو ما أشبه، بدون تحصيل الموافقة من الدولة غير الشرعية، نعم إذا كان لا يعرف السياقة بما كان محلاً للضرر والخطر اشكلت له السياقة، وقد سبق في القسم الأول من الكتاب انه يلزم التقيد بقوانين الدولة الشرعية التي تكون بإشراف شوري الفقهاء المراجع.

من محظورات الطريق

مسألة: لا ينبغي وقد يحرم إيقاف المركبة من سيارة أو دراجة أو ما أشبه في الطريق مما يضيق بالمارة أو يضرهم.

اتخاذ المركب

مسألة: يستحب اتخاذ المركب الأعم من السيارة فانه من أسباب سعادة الإنسان وعزته، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من سعادة المؤمن دابة يركبها في حوائجه، ويقضي عليها حقوق إخوانه» ().

المركب الهنيء

مسألة: يستحب اتخاذ المركب الهنيء، فعن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «من سعادة المرء المسلم المركب الهنيء» ().

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: «من شقاء العيش المركب السوء» ().

التوسط في المركب

مسألة: يستحب اختيار الأوسط من الأمور، ومن صغرياته المركب وما أشبه، وقد ورد انه خرج عبد الصمد بن علي ومعه جماعة فبصر بأبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام مقبلاً راكباً بغلاً، فقال لمن معه: «مكانكم حتي أضحككم من موسي بن جعفر، فلما دني منه قال له: ما هذه الدابة التي لا تدرك عليها النار ولا تصلح عند النزال، فقال له أبو الحسن عليه السلام: تطأطأن عن سمو الخيل وتجاوزن قمؤ العير، وخير الأمور أوسطها، فأفحم عبد الصمد فما أحار جواباً» ().

ولا يخفي انه لا تنافي بين ما ذكر في هذه المسألة وما جاء في المسألة السابقة، فإن للمركب الهنيء درجات والأفضل اختيار اوسطها، كما لا يخفي.

خاتمة في بعض آداب الطريق والسير والسفر

استحباب السفر

مسألة: السفر من المستحبات في الإسلام وفيه نصوص وروايات عديدة، وربما كان واجباً كسفر الجهاد الواجب والتجارة الواجبة وما أشبه، وقد يكون محرماً كسفر المعصية ولها أحكام خاصة مذكورة في باب الصلاة والصوم.

قال تعالي: ?فسيروا في الأرض?().

وقال سبحانه: ?قل سيروا في الأرض فانظروا?().

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «سافروا تصحّوا، وجاهدوا تغنموا، وحجوا تستغنوا» ().

وقال النبي صلي الله عليه و اله: «سافروا فإنكم إن لم تغنموا مالاً، أفدتم عقلاً» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «السفر ميزان القوم» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «مكتوب في حكمه آل داود عليه السلام: لا يظعن() الرجل إلا في ثلاث: زاد لمعاد، أو مرمة لمعاش، أو لذة في غير محرم، ثم قال: من أحب الحياة ذل» ().

وعنه عليه السلام قال: «قال زين العابدين عليه السلام: حجوا واعتمروا تصح أبدانكم، وتتسع أرزاقكم، وتكفوا مؤوناتكم ومؤونات عيالكم» ().

متي تسافر؟

مسألة: هناك أوقات يستحب اختيارها للسفر لمن أراده.

عن أبي عبد الله عليه

السلام: «من أراد سفراً فليسافر يوم السبت، فلو أن حجراً زال عن جبل في يوم السبت لرده الله عزوجل إلي مكانه، ومن تعذرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء، فانه اليوم الذي ألان الله عزوجل فيه الحديد لداود عليه السلام» ().

وعن أبي جعفر عليه السلام: «كان رسول الله صلي الله عليه و اله يسافر يوم الخميس» ().

وقال عليه السلام: «يوم الخميس يوم يحبه الله ورسوله وملائكته» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «لا بأس بالخروج في السفر يوم الجمعة» ().

وعن أنس قال: «كان أحب الأيام إلي رسول الله صلي الله عليه و اله أن يسافر فيه: يوم الجمعة، وكان إذا أراد سفراً لغزو، ورّي بغيره» ().

وكتب بعض البغداديين إلي أبي الحسن الثاني عليه السلام يسأله عن الخروج يوم الأربعاء لا يدور؟ فكتب عليه السلام: «من خرج يوم الأربعاء لا يدور خلافاً علي أهل الطيرة، وقي من كل آفة وعوفي من كل عاهة وقضي الله له حاجته» ().

وفي بعض الروايات: أن اليوم الرابع من الشهر، ويوم الحادي والعشرين صالحان للأسفار().

السفر والسير ليلاً

مسألة: ربما يستفاد من بعض الأدلة استحباب السفر والسير ليلاً، فعن رسول الله صلي الله عليه و اله: «عليكم بالسير بالليل، فإن الأرض تطوي بالليل» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «الأرض تطوي من آخر الليل» ().

وفي نهج البلاغة: «فعند الصباح يحمد القوم السري» (). أي السير بالليل.

أوقات يكره فيها الخروج والسفر

مسألة: يكره السفر في بعض الأوقات، فعلي الإنسان ان لا يختارها لسفره، نعم من اراد ان يسافر فيها يدفع صدقة ثم يسافر، كما ورد: «تصدق واخرج أي يوم شئت» ().

فعنه عليه السلام قال: «لا تخرج يوم الجمعة في حاجة، فإذا كان يوم السبت

وطلعت الشمس فاخرج في حاجتك» ().

وسئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: ?فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله?()؟ فقال: «الصلاة يوم الجمعة والانتشار يوم السبت» ().

وعن أبي أيوب الخزّار قال: «أردنا أن نخرج فجئنا نسلم علي أبي عبد الله عليه السلام، فقال: كأنكم طلبتم بركة الاثنين؟

قلنا: نعم.

قال: فأي يوم أعظم شؤماً من يوم الاثنين، فقدنا فيه نبيّنا وارتفع الوحي عنا، لا تخرجوا يوم الاثنين واخرجوا يوم الثلاثاء» ().

وجاء رجل إلي الإمام موسي بن جعفر عليه السلام فقال له: «جعلت فداك إني أريد الخروج فادع الله لي.

قال: ومتي تخرج؟

قال: يوم الاثنين.

فقال له: ولم تخرج يوم الاثنين؟

قال: أطلب فيه البركة لأن رسول الله صلي الله عليه و اله ولد يوم الاثنين.

فقال: كذبوا ولد رسول الله صلي الله عليه و اله يوم الجمعة، وما من يوم أعظم شؤماً من يوم الاثنين، يوم مات فيه رسول الله صلي الله عليه و اله وانقطع فيه وحي السماء، وظلمنا فيه حقنا، ألا أدلك علي يوم سهل لين ألان الله تبارك وتعالي لداود عليه السلام فيه الحديد؟

فقال الرجل: بلي، جعلت فداك.

قال: أخرج يوم الثلاثاء» ().

وقال عليه السلام: «لا تسافروا يوم الاثنين() ولا تطلبوا فيه حاجة» ().

وعنه عليه السلام قال: «من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسني» ().

وكان أمير المؤمنين عليه السلام يكره أن يسافر الرجل أو يزوج والقمر في المحاق» ().

قال السيد بن طاووس رحمة الله عليه: أما الأيام التي يكره فيها الابتداء بالسفر في الأسبوع: يوم الاثنين().

ويكره السفر والقمر في برج العقرب().

وعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: «يكره السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة بكرة من أجل الصلاة فأما بعد

الصلاة فجائز يتبرك به» ().

وأما الأيام المكروهة في الشهر للسفر، ففي بعض الروايات اليوم الثالث منه، والرابع منه، والخامس، والثالث عشر، والسادس عشر، والعشرون والحادي والعشرون، والرابع والعشرون، والخامس والعشرون، والسادس والعشرون.

وفي رواية أن ثامن الشهر والثالث والعشرين منه مكروهان للسفر().

الصدقة لدفع نحوسة السفر

مسألة: إذا أراد الإنسان ان يسافر في الأوقات التي يكره السفر فيها، فالصدقة والدعاء ترفع المحذور من أيام الأكدار والأخطار ان شاء الله تعالي، كما جاء في الروايات:

فعن الإمام الصادق عليه السلام: «سافر أي يوم شئت وتصدّق بصدقة» ().

وفي كتاب المحاسن عن حماد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: «أيكره السفر في شيء من الأيام المكروهة مثل يوم الأربعاء والاثنين؟ فقال: افتتح سفرك بالصدقة، واقرأ آية الكرسي واخرج إذا بدا لك» ().

وفي المحاسن أيضاً عن أحدهما عليه السلام قال: «كان أبي عليه السلام إذا خرج يوم الأربعاء من آخر الشهر، وفي يوم يكره الناس من محاق أو غيره، تصدق ثم خرج» ().

وفي المحاسن عن سفيان بن أبي عمر قال: كنت أنظر في النجوم وأعرفها وأعرف الطالع، فيدخلني من ذلك، فشكوت ذلك إلي أبي عبد الله عليه السلام فقال: «إذا وقع في نفسك شيء فتصدق علي أول مسكين، ثم امض فإن الله تعالي يدفع عنك» ().

وروي السيد ابن طاووس() أنه إذا أردت التوجه في وقت يكره فيه السفر فقدّم أمام توجهك قراءة سورة الحمد، والمعوذتين، وآية الكرسي، وسورة إنا أنزلناه، وآخر آل عمران: ?إن في خلق السماوات والأرض? إلي آخر السورة، ثم قل:

«اللهم بك يصول الصائل، وبك يطول الطائل، ولا حول لكل ذي حول إلا بك، ولا قوة يمتازها ذو القوة إلا منك، أسألك بصفوتك من خلقك، وخيرتك من بريتك، محمد نبيك

وعترته وسلالته عليه وعليهم السلام، صل عليه وعليهم، واكفني شر هذا اليوم وضره، وارزقني خيره ويمنه، واقض لي في منصرفي بحسن العافية، وبلوغ المحبة والظفر بالأمنية، وكفاية الطاغية الغوية، وكل ذي قدرة لي علي أذية، حتي أكون في جنة وعصمة من كل بلاء ونقمة، وأبدلني فيه من المخاوف أمناً، ومن العوائق فيه يسراً، حتي لا يصدني صاد عن المراد، ولا يحل بي طارق من أذي العباد، إنك علي كل شيء قدير، والأمور إليك تصير، يا من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير» ().

الدعاء عند صدقة السفر

مسألة: يستحب للمسافر قراءة هذا الدعاء عند ما يتصدق لسفره: «اللهم إني اشتريت بهذه الصدقة سلامتي، وسلامة سفري وما معي، اللهم احفظني واحفظ ما معي، وسلمني وسلم ما معي، وبلغني وبلغ ما معي، ببلاغك الحسن الجميل» ().

وفي بعض الروايات أنه يقرأ عند الصدقة وقبل سفره هذا الدعاء: «اللهم إني اشتريت بهذا الصدقة سلامتي، وسلامة سفري وما معي، فسلمني وسلم ما معي، وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل، وبعد التصدق تقول: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب الأرضين السبع، وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم، وسلام علي المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين، اللهم كن لي جاراً من كل جبار عنيد، ومن كل شيطان مريد، بسم الله دخلت، وبسم الله خرجت، اللهم إني أقدّم بين يدي نسياني وعجلتي بسم الله وما شاء الله في سفري هذا ذكرته أم نسيته، اللهم أنت المستعان علي الأمور كلها، وأنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم هوّن علينا سفرنا وأطو لنا الأرض، وسيرنا فيها

بطاعتك وطاعة رسولك، اللهم أصلح لنا ظهرنا، وبارك لنا فيما رزقتنا، وقنا عذاب النار، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد، اللهم أنت عضدي وناصري، اللهم اقطع عني بعده ومشقته، واصحبني فيه، واخلفني في أهلي بخير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» ().

من مستحبات السفر

مسألة: يستحب رعاية مكارم الأخلاق في السفر، وحسن الصحبة، ومراقبة الحقوق، وطلب الرفقة.

فعن أبي ربيع الشامي قال: «كنا عند أبي عبد الله عليه السلام والبيت غاص بأهله، فقال عليه السلام: ليس منا من لم يحسن صحبة من صحبه، ومرافقة من رافقه، وممالحة من مالحه، ومخالقة من خالقه» ().

وعنه عليه السلام قال: «كان أبي يقول: ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: خلق يخالق به من صحبه، وحلم يملك به غضبه، وورع يحجزه عن محارم الله تعالي» ().

وعن عمار بن مروان قال: «أوصاني أبو عبد الله عليه السلام فقال: أوصيك بتقوي الله، وأداء الأمانة، وصدق الحديث، وحسن الصحبة لمن صحبك، ولا قوة إلا بالله» ().

السفر وبعض آدابه

مسألة: يكره أو يحرم كل بحسبه التحدث بكل ما لقيه المسافر من إخوانه في سفره من خير وشر، فلا يذكر ما لا مصلحة فيه، أو ما فيه المفسدة كالغيبة وما أشبه، بل ينبغي التحلي بالكتمان علي قومه بعد مفارقتهم إياهم.

فعنه عليه السلام قال: «ليس من المرؤة أن يحدث الرجل بما يلقي في السفر من خير أو شر» ().

وفي المحاسن قال الصادق عليه السلام: «ليس من المرؤة أن يحدث الرجل بما يلقي في سفره من خير أو شر» ().

وعن الصادق عليه السلام قال: «المروة في السفر: … وكتمانك علي القوم أمرهم بعد

مفارقتك إياهم» () الحديث.

اصطحاب النظراء في السفر

مسألة: يستحب للمسافر أن يخرج في السفر مع نظرائه ومن يماثله في النفقة وما أشبه، فعن ابن عمير، عن أبي عبد الله عليه السلام: «أنه كان يكره للرجل أن يصحب من يتفضل عليه، وقال: اصحب مثلك» ().

وعن شهاب بن عبد ربه قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قد عرفت حالي، وسعة يدي، وتوسعي علي اخواني، فأصحب النفر منهم في طريق مكة فأتوسع عليهم؟ قال: لا تفعل، يا شهاب إن بسطت وبسطوا اجحفت بهم، وإن هم أمسكوا أذللتهم، فاصحب نظراءك، اصحب نظراءك» ().

اليد العليا

مسألة: يستحب للإنسان أن تكون يده العليا في السفر وغيره بالنسبة إلي من يخالطه من المسافرين وغيرهم، فينفق عليهم ويقوم بخدمتهم أكثر من غيره.

فعن أبي جعفر عليه السلام قال: «من خالطت فإن استطعت أن تكون يدك العليا عليهم فافعل» ().

واليد العليا: المعطية والمتعففة، واليد السفلي: المانعة والسائلة.

الصاحب ثم السفر

مسألة: يستحب اتخاذ الصاحب المناسب للسفر، فقد ورد عن النبي صلي الله عليه و اله قال: «الرفيق ثم السفر» ().

وفي الحديث: «سل عن الرفيق قبل الطريق» ().

وفي كتاب الشهاب: «الرفيق قبل الطريق» ().

لا تسافر وحدك

مسألة: يكره ان يسافر الإنسان وحده وبمفرده، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ألا أنبئكم بشر الناس؟ قالوا: بلي، يا رسول الله، قال: من سافر وحده، ومنع رفده، وضرب عبده» ().

وعنه عليه السلام قال: «قال النبي صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام: يا علي: لا تخرج في سفرك وحدك، فان الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد» ().

وعن الكاظم عليه السلام قال: «لعن رسول الله صلي الله عليه و اله ثلاثة: الآكل زاده وحده، والنائم في بيت وحده، والراكب في

الفلاة وحده» ().

وفي الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: عن المحاسن، عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: «لعن رسول الله صلي الله عليه و اله ثلاثة: أحدهم راكب الفلاة وحده»» ().

وعن إسماعيل بن جابر قال: «كنت عند الصادق عليه السلام بمكة إذ جاءه رجل من المدينة، فقال عليه السلام له: من صحبك؟ فقال: ما صحبت أحداً، فقال له الصادق عليه السلام: أما لو كنت تقدمت إليك لأحسنت أدبك، ثم قال: واحد شيطان، واثنان شيطانان، وثلاثة صحب، وأربعة رفقاء» ().

وعنه عليه السلام قال: «البائت في البيت وحده شيطان، والاثنان لمة، والثلاثة أنس» ().

لا ترافق هؤلاء في سفرك

مسألة: يكره للمسافر أن يصحب بعضا في سفره، فقد قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «لا تصحبن في سفرك من لا يري لك من الفضل عليه كما تري له عليك» ().

رفقاء السفر وعددهم

مسألة: يستحب علي ما في بعض الروايات اختيار عدد خاص من المصاحبين للسفر، فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «أحب الصحابة إلي الله عزوجل أربعة، وما زاد قوم علي سبعة إلا كثر لغطهم» ().

الرفق في السفر

مسألة: يستحب الرفق مع الناس مطلقا، وفي السفر مع المصاحبين بصورة خاصة، قال عليه السلام: «ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجراً وأحبهما إلي الله عزوجل أرفقهما بصاحبه» ().

كن لأصحابك موافقا

مسألة: يستحب للمسافر أن يكون لأصحابه موافقا ولا يخالفهم، إلا في معصية الله عزوجل.

قال لقمان في وصيته لابنه فيما يخص السفر وآدابه: «يا بني … وكن لأصحابك موافقاً إلا في معصية الله عزوجل» ().

من آداب السفر

مسألة: من آداب السفر ما ورد في قول رسول الله صلي الله عليه و اله: «من السنة إذا خرج القوم في سفر أن يخرجوا نفقتهم، فإن ذلك أطيب لأنفسهم، وأحسن لأخلاقهم» ().

السفر إذا استوجب المذلة

مسألة: يكره وقد يحرم ما يوجب ذل المؤمن في السفر، فقد قال أبو جعفر عليه السلام: «إذا صحبت فاصحب نحوك، ولا تصحبنّ من يكفيك، فان ذلك مذلّة للمؤمن» ().

وعن أبي بصير قال: «قلت للصادق عليه السلام: يخرج الرجل مع قوم مياسير وهو أقلّهم شيئاً، فيخرجون النفقة ولا يقدر هو أن يخرج مثل ما أخرجوا؟ قال: ما أحب أن يذل نفسه، ليخرج مع من هو مثله» ().

إذا مرض المسافر

مسألة: من حق المسافر أخلاقاً أنه إذا مرض أن يقيم عنده إخوانه المسافرين أياماً، فعن الإمام الصادق عليه السلام: «حق المسافر أن يقيم عليه إخوانه إذا مرض ثلاثاً» ().

السفر وسخاء النفس

مسألة: يكره البخل مطلقا، ويشتد في السفر كراهته، ويستحب سخاء النفس والقصد في الإنفاق فيه، نعم في سفر الحج وما أشبه يستحب كثرة الإنفاق، فعنه عليه السلام قال: «قال النبي صلي الله عليه و اله: ما من نفقة أحب إلي الله عزوجل من نفقة قصد، وإن الله يبغض الإسراف إلا في حج أو عمرة» ().

لا تسافر مع سيئ الخلق

مسألة: يكره في

السفر أن يكون الإنسان سيئ الخلق، كما يكره ان يصحب المسافر معه سيئ الخلق، فقد قال صلي الله عليه و اله في سفر خرج حاجاً: «من كان سيئ الخلف والجوار فلا يصحبنا» ().

المزاح في السفر

مسألة: يستحب المزاح في السفر وذلك مع رعاية الموازين الشرعية، فقد روي عن الصادق عليه السلام وهو يصف علامات المرؤة في السفر، قال: «المروة في السفر… وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عزوجل» ().

انفاق الموسر علي غيره

مسألة: يستحب للمسافر الموسر ان ينفق علي غيره من المسافرين ان لم يستلزم ذلهم، فعن الحلبي قال: «سألت الصادق عليه السلام عن القوم يصطحبون فيكون فيهم الموسر وغيره، أينفق عليهم الموسر؟ قال: إن طابت بذلك أنفسهم» ().

سيد المسافرين

مسألة: يستحب للمسافر أن يخدم قومه في سفره، فقد قال صلي الله عليه و اله: «سيد القوم خادمهم في السفر» ().

ومن كتاب شرف النبي صلي الله عليه و اله، روي عن النبي صلي الله عليه و اله «أنه أمر أصحابه بذبح شاة في سفر، فقال رجل من القوم: عليّ ذبحها، وقال الآخر: عليّ سلخها، وقال الآخر: عليّ قطعها، وقال الآخر: عليّ طبخها.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: عليّ أن القط لكم الحطب.

فقالوا: يا رسول الله صلي الله عليه و اله لا تتعبنّ بآبنائنا وأمهاتنا أنت نحن نكفيك.

قال صلي الله عليه و اله: أعرف أنكم تكفوني، ولكن الله عزوجل يكره من عبده إذا كان مع أصحابه أن ينفرد من بينهم، فقام صلي الله عليه و اله يلتقط الحطب لهم» ().

النظافة في السفر

مسألة: يستحب للمسافر أن يأخذ معه المشط والسواك والمكحلة، فقد كان النبي صلي الله عليه و اله إذا سافر يصحب مع نفسه المشط والسواك والمكحلة، كما ورد().

الاستشارة في السفر

مسألة: تستحب الاستشارة بل الإكثار منها في السفر، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم… وأجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتي تتثبت وتنظر، ولا تجب في مشورة، حتي تقوم فيها وتقعد، وتنام وتأكل، وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك، فإن من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه، ونزع عنه الأمانة» ().

من آداب السفر

مسألة: يستحب للمسافر رعاية آداب السفر من التبسم في وجوه إخوانه، وأن يكون كريما، وأن يستجيب دعوة أصحابه، وأن يعينهم إذا استعانوه، وأن يتحلي بطول الصمت، وكثرة الصلاة، وسخاء النفس.

فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قال لقمان لابنه: إذا سافرت … أكثر التبسّم في وجوههم، وكن كريماً علي زادك بينهم، وإذا دعوك فأجبهم، وإذا استعانوا بك فأعنهم، واغلبهم بثلاث: بطول الصمت، وكثرة الصلاة، وسخاء النفس بما معك من دابة أو ماء أو زاد» (). الحديث.

لا تنفرد عن أصحابك

مسألة: يستحب للمسافر أن لا ينفرد في الطريق عن أصحابه، بل يكون معهم.. فيمشي إذا مشوا، ويعمل إذا عملوا، ويقف إذا وقفوا وهكذا.

فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (وهو يوصيه بآداب السفر): «وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم، وإذا تصدّقوا وأعطوا قرضاً فاعط معهم» ().

أخلاقيات السفر

مسألة: يستحب للمسافر أن يسمع في السفر لمن هو أكبر منه، وإذا أمره أصحابه بشيء أن يقول: نعم.

فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان

لابنه (في وصيته له فيما يخص السفر): «واسمع لمن هو أكبر منك سناً، وإذا أمروك بأمر أو سألوك شيئاً فقل: نعم، ولا تقل: لا، فإن لا، عيّ ولؤم» ().

الحيرة في الطريق

مسألة: يستحب لمن تحير في الطريق أن يكون حذراً، فيتأكد في معرفة الطريق، ولا يعتمد علي أي كان.

فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (وهو يوصيه ببعض ما يلزم المسافرين فيما لو ضلوا عن الطريق): «وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا، وإذا رأيتم شخصاً واحداً فلا تسألوه عن طريقكم ولاتسترشدوه، فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب، لعله يكون عين اللصوص، أو يكون هو الشيطان الذي حيركم، واحذروا الشخصين أيضاً، إلا أن تروا ما لا أري، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئاً عرف الحق منه، والشاهد يري ما لا يري الغائب» ().

لا تؤخر صلاتك في السفر

مسألة: يستحب للمسافر أن يقيم صلواته في أول وقتها ولا يؤخرها، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (في وصيته بالصلاة في السفر): «يا بنيّ: إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء، وصلّها واسترح منها فإنها دين» ().

صلاة الجماعة في السفر

مسألة: يستحب للمسافر أن يصلي صلواته جماعة، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (وهو يوصيه بصلاة الجماعة في السفر): «وصل في جماعة ولو علي رأس زجّ» ().

النوم علي الدابة

مسألة: يكره النوم علي الدابة إذا لم تكن مهيأة لذلك، وأما إذا كانت مهيئة له فلا بأس به، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (وهو يوصيه بآداب الركوب في السفر): «ولا تنامن علي دابتك، فإن ذلك يسرع في دبرها وليس ذلك من فعل الحكماء، إلا

أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل» ().

الاهتمام بمركبة السفر

مسألة: يستحب الاهتمام بالمركبة والدابة التي يركبها الإنسان في سفره، فإذا نزل يبدأ بعلفها قبل نفسه.

فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (وهو يوصيه بما يجب عليه تجاه مركوبه الذي يسافر عليه): «فإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك» ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «للدابة علي صاحبها ست خصال: يبدأ بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضرب وجهها فإنها تسبح بحمد ربها، ولا يقف علي ظهرها الا في سبيل الله عزوجل، ولا يحملها فوق طاقتها، ولا يكلفها من المشي الا ما تطيق» ().

إذا أردت النزول في الطريق

مسألة: يستحب للمسافر إذا اراد النزول أن يختار من بقاع الأرض أحسنها لونا، وألينها تربة، وأكثرها عشبا، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (في وصيته له بآداب النزول في الطريق): «وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لوناً وألينها تربة وأكثرها عشبا» ().

الصلاة عند النزول

مسألة: يستحب للمسافر أن يصلي ركعتين إذا نزل للاستراحة في الطريق وذلك قبل أن يجلس، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (وهو يوصيه بمستحبات النزول في الطريق للاستراحة): «وإذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس» ().

عند قضاء الحاجة

مسألة: يستحب لمن أراد قضاء حاجته في السفر، أن يبتعد عن أنظار المسافرين بالمقدار المناسب، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (في وصيته له ببعض آداب السفر): «فإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الأرض» ().

الصلاة لدي الرحيل

مسألة: يستحب للمسافر الذي نزل في مكان إذا أراد أن يرتحل منها أن يصلي ركعتين، ويودع الارض، ويسلم عليها وعلي أهلها، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (وهو يوصيه بالصلاة فيما إذا أراد الرحيل عن منزله): «وإذا ارتحلت فصلّ ركعتين ثم ودّع الأرض التي حللت بها وسلم عليها وعلي أهلها، فإن لكل بقعة أهلاً من الملائكة» ().

الصدقة قبل الطعام

مسألة: يستحب للمسافر إذا استطاع، أن يتصدق قبل أن يبدأ بالطعام، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (في وصيته له بآداب الأكل في السفر): «وإن استطعت أن لا تأكل طعاماً حتي تبدأ فتتصدق منه فافعل» ().

قراءة القرآن في السفر

مسألة: يستحب للمسافر أن يقرأ القرآن حين ركوبه، والتسبيح حين العمل، والدعاء حين الفراغ، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (وهو يوصيه بتلاوة القرآن طول الركوب في الطريق): «وعليك بقراءة كتاب الله عزوجل ما دمت راكباً، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملاً عملاً، وعليك بالدعاء ما دمت خالياً» ().

السير المكروه

مسألة: يكره السير من أول الليل إلي آخره، فانه يوجب التعب والنصب وما أشبه ذلك، فعن أبي عبد الله

عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (في وصية له بآداب السير في السفر): «وإياك والسير من أول الليل إلي آخره» ().

لا ترفع صوتك

مسألة: يكره للإنسان أن يرفع صوته في سيره، وقد يستفاد منه كراهة استعمال المنبه في غير موارد الضرورة.

فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه (وهو يوصيه بآداب السفر): «إياك ورفع الصوت في مسيرك» ().

زاد السفر

مسألة: يستحب اتخاذ الزاد واختيار أطيبها للسفر، فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفر» ().

و «كان علي بن الحسين عليه السلام إذا سافر إلي مكة للحج أو العمرة تزود من أطيب الزاد، من اللوز والسكر والسويق المحمّض والمحلّي» ().

قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: «إذا سافرتم فاتخذوا سفرة وتنوقوا() فيها» ().

قال الإمام الصادق عليه السلام: «تبرّك بأن تحمل الخبز في سفرتك وزادك» ().

وروي أنه قام أبو ذر (رضوان الله عليه) عند الكعبة فقال: «أنا جندب بن السكن، فاكتنفه الناس، فقال: لو أن أحدكم أراد سفراً لاتخذ فيه من الزاد ما يصلحه، فسفر يوم القيامة أما تزودون فيه ما يصلحكم؟

فقام إليه الرجل فقال: أرشدنا؟

فقال: صم يوماً شديد الحر للنشور، وحج حجة لعظائم الأمور، وصلّ ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، اجعلوا الكلام كلمتين: كلمة خير تقولونها وكلمة شر تسكتون عنها، وصدقة منك علي مسكين لعلك تنجو يا مسكين من يوم عسير، أجعل الدنيا درهمين اكتسبتهما: درهما أنفقته علي عيالك، ودرهماً قدمته لآخرتك، والثالث يضر ولا ينفع لا ترده، واجعل الدنيا كلمتين: كلمة في طلب الحلال، وكلمة للآخرة، والثالثة تضرّ ولا تنفع لا تردها، ثم قال: قتلني همّ يوم لا أدركه» ().

الزاد في زيارة الإمام الحسين عليه السلام

مسألة: يستثني من اتخاذ السفرة والتنوق فيها، واختيار أطيب الزاد للسفر، السفر إلي زيارة الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام فانه يكره فيه اختيار ذلك، قال الإمام الصادق عليه السلام: «بلغني أن قوماً زاروا الحسين عليه السلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء والأخصبة وأشباهه، لو زاروا قبور أحبائهم ما حلموا معهم هذا» ().

وقال عليه السلام لبعض أصحابه: «تأتون قبر أبي عبد

الله صلوات الله عليه؟

فقال له: نعم.

قال: تتخذون لذلك سفرة؟

قال: نعم.

قال: لو أتيتم قبور آبائكم وأمهاتكم لم تفعلوا ذلك.

قال قلت: فأي شيء نأكل؟

قال: الخبز واللبن» ().

أشياء تستصحب في السفر

مسألة: يستحب اصطحاب بعض الأشياء في السفر، قال لقمان لابنه: «يا بني إن الدنيا بحر عميق وقد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الإيمان بالله عزوجل، واجعل شراعها التوكل علي الله، واجعل زادك فيها تقوي الله، فإن نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك، يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك وسقائك وخيوطك ومخرزك، وتزود معك من الأدوية ما تنتفع به أنت ومن معك» ().

وكان النبي صلي الله عليه و اله لا يفارقه في أسفاره قارورة الدهن، والمكحلة، والمقراض، والمرآة، والمسواك، والمشط، وفي رواية أخري: «يكون معه الخيوط، والإبرة، والمخصف، والسيور، فيخيط ثيابه، ويخصف نعله» ().

وعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: «من أراد أن تطوي له الأرض، فليتخذ النقد من العصا، والنقد: عصا لوز مرّ» ().

قال السيد ابن طاووس رحمة الله عليه: واعلم ان اتخاذ الآلات في الأسفار إنما هي بحسب حال ذلك السفر، وبحسب حال الإنسان، وبحسب الأزمان، فإن سفر الصيف ما هو مثل سفر الشتاء، وسفر الضعفاء ما هو كسفر الأقوياء، ولا سفر الفقراء كسفر الأغنياء، ولكل إنسان حال في أسفاره، يكون بحسب مصلحته ومساره ويساره().

وعن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «أيعجز أحدكم أن يتخذ في يده عصا في أسفله عكازة، يدعم عليها إذا أعيا، ويجرّ بها الماء، ويميط بها الأذي عن الطريق، ويقتل بها الهوام، ويقاتل بها السباع، ويتخذها قبلة بأرض فلاة» ().

وقال عليه السلام: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: حمل العصا ينفي الفقر، ولا يجاوره الشيطان» ().

وقال صلي الله

عليه و اله: «تعصّوا، فانها من سنن أخواني النبيين عليهم السلام. وكانت بنو إسرائيل، الصغار والكبار يمشون علي العصا، حتي لا يختالوا في مشيهم» ().

كتب الأدعية في السفر

مسألة: قال السيد ابن طاووس رحمة الله عليه: ينبغي أن يحمل المسافر معه بعض كتب الأدعية لمختلف أسفاره، سواء كانت بمقدار نهار، أو يوم وليلة، أو اسبوع، أو شهر، أو شهور،أو سنة().

السفر والتحلي بالمروة

مسألة: يستحب للمسافر أن يراعي المروة في سفره.

فعن الإمام الصادق عليه السلام: «سئل عن أمر الفتوة؟ فقال: تظنون أن الفتوة بالفسق والفجور؟ وإنما الفتوة والمروة طعام موضوع، ونائل مبذول، وبشر معروف، وأذي مكفوف، فأما تلك فشطارة وفسق.

ثم قال عليه السلام: ما المروة؟

فقال الناس: لا نعلم.

قال عليه السلام: ليس المروة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره، والمروة مروتان: مروة في الحضر، ومروة في السفر:

فأما التي في الحضر: فتلاوة القرآن، ولزوم المساجد، والمشي مع الإخوان في الحوائج، والنعمة تري علي الخادم، فإنهما تسرّ الصديق وتكبت العدو.

وأما التي في السفر: فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك، وكتمانك علي القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم، وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عزوجل، ثم قال: والذي بعث محمداً صلي الله عليه و اله بالحق إن الله عزوجل ليرزق العبد علي قدر المروة، فإن المعونة تنزل علي قدر المؤونة، وإن الصبر ينزل علي قدر شدة البلاء» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد بن الحنفية: «واعلم أنه مروءة المرء المسلم مروءتان: مروءة في الحضر ومروءة في سفر:

وأما مروءة الحضر: فقراءة القرآن، ومجالسة العلماء، والنظر في الفقه، والمحافظة علي الصلاة في الجماعات.

وأما مروءة السفر: فبذل الزاد، وقلة الخلاف علي من صحبك، وكثرة ذكر الله عزوجل في كل مصعد

ومهبط ونزول وقيام وقعود» ().

النوافل في السفر

مسألة: قال السيد ابن طاووس: وأما النوافل، فيسقط عن المسافر منها نوافل الزوال، ونوافل العصر، ولعل ذلك لأنه وقت المسير والسلوك في الطرقات، ويصلي نوافل المغرب، وما شاء من النوافل المروية بين العشائين، وبعدهما، ونافلة الليل، علي عادته في الحضر، ويهتم بخلاص نفسه من كل خطر.

ثم قال: وإياه أن يأتي بفرائضه في الأسفار علي عجلة تقتضي ترك الاستظهار().

تزيين المركبة بالأسماء المباركة

مسألة: يستحب أن يزين الإنسان مركبه من سيارة أو ما أشبه، بأسماء الخمسة الطيبة عليهم السلام وأسماء سائر أهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين) فانها أمان من الأخطار، كما في الروايات.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «لما أراد الله عزوجل أن يهلك قوم نوح عليه السلام أوحي الله إليه، أن شق ألواح الساج، فلما شقها لم يدر ما يصنع بها، فهبط جبرئيل عليه السلام فأراه هيئة السفينة، ومعه تابوت فيه مائة ألف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار، فسمر بالمسامير كلها السفينة إلي أن بقيت خمسة مسامير، فضرب بيده إلي مسمار منها فأشرق في يده وأضاء، كما يضيء الكوكب الدري في أفق السماء، فتحير من ذلك نوح، فأنطق الله ذلك المسمار بلسان طلق ذلق فقال: علي اسم خير الأنبياء محمد بن عبد الله صلي الله عليه و اله، فهبط عليه السلام جبرئيل فقال له: يا جبرئيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله؟

قال: هذا باسم خير الأولين والآخرين محمد بن عبد الله صلي الله عليه و اله، أسمره في أولها علي جانب السفينة اليمين.

ثم ضرب بيده علي مسمار ثان، فأشرق وأنار، فقال نوح عليه السلام: وما هذا المسمار؟

قال: مسمار أخيه وابن عمه علي بن أبي طالب عليه السلام، فأسمره علي

جانب السفينة اليسار في أولها.

ثم ضرب بيده إلي مسمار ثالث، فزهر وأشرق وأنار، فقال: هذا مسمار فاطمة عليها السلام، فأسمره إلي جانب مسمار أبيها.

ثم ضرب بيده إلي مسمار رابع، فزهر فقال: هذا مسمار الحسن عليه السلام، فأسمره إلي جانب مسمار أبيه.

ثم ضرب بيده إلي مسمار خامس، فأشرق وأنار وبكي، فقال: يا جبرئيل ما هذه النداوة؟

فقال: هذا مسمار الحسين بن علي سيد الشهداء عليه السلام، فأسمره إلي جانب مسمار أخيه.

ثم قال النبي صلي الله عليه و اله: ?وحلمناه علي ذات ألواح ودسر?() قال النبي صلي الله عليه و اله: الألواح خشبة السفينة، ونحن الدسر، لولانا ما سارت السفينة بأهلها» ().

احفظ نفقة سفرك

مسألة: يلزم علي الإنسان أن يحفظ نفقته من دراهم ودنانير في سفره من السرقة وما أشبه، فعن صفوان الجمال قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن معي أهلي وأنا أريد الحج أشد نفقتي في حقوي؟ قال: نعم إن أبي كان يقول: من فقه المسافر حفظ نفقته» ().

وعن يعقوب بن سالم قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام: تكون معي الدراهم فيها تماثيل وأنا محرم، فأجعلها في همياني وأشده في وسطي؟ قال: لا بأس هي نفقتك، وعليها اعتمادك بعد الله عزوجل» ().

إعانة المسافر

مسألة: من المستحب إعانة المسافر وقضاء حوائجه، فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من أعان مؤمناً مسافراً نفس الله عنه ثلاثاً وسبعين كربة، وأجاره في الدنيا من الغمّ والهمّ، ونفس عنه كربه العظيم، قيل: يا رسول الله صلي الله عليه و اله ما كربه العظيم، قال: حيث يغشي بأنفاسهم، وفي خبر آخر: حيث يتشاغل الناس بأنفاسهم» ().

لا تنزل إلي الأودية

مسألة: يكره للمسافر أن ينزل للاستراحة وغيرها في الأودية، قال النبي صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام: «يا علي، إذا سافرت فلا تنزل الأودية، فإنهما مأوي السباع والحيّات» ().

وروي السكوني بأسناده قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إياكم والتعريس علي ظهر الطريق وبطون الأودية فإنها مدارج السباع ومأوي الحيّات» ().

والتعريس: بمعني النزول للاستراحة في السفر ثم الارتحال.

هدية السفر

مسألة: يستحب للمسافر أن يرجع إلي أهله وذويه بالهدايا والطرف، وقد جاء الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عند رجوعه من اليمن بأربعة أفراس منها، هدية إلي رسول الله صلي الله عليه و اله وعندها قال النبي صلي الله عليه و اله له: «انما يمن الخيل في ذوات الأوضاح» ().

قال النبي صلي الله عليه و اله: «إذا خرج أحدكم إلي سفر ثم قدم علي أهله، فليهدهم وليطرفهم ولو حجارة» ().

لا تماكس في سفر الحج

مسألة: يكره المماكسة في سفر الحج والذهاب إلي مكة المكرمة، فعن الصادق عليه السلام قال: «قال أبو جعفر عليه السلام: لا تماكس في أربعة أشياء: في شراء الأضحية، وفي الكفن، وفي ثمن نسمة، وفي الكري إلي مكة» ().

وكان الامام علي بن الحسين عليه السلام يقول لقهرمانه()إذا أراد أن يشتري حوائج الحج: «اشتر ولا تماكس» ().والمماكسة: استحطاط الثمن.

السفر وسجدة الشكر

مسألة: يستحب للإنسان أن يشكر ربه بسجدته() إذا بشر بنعمة، حتي ولو كان في السفر، أو علي الناقة، أو في السيارة وما أشبه.

فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن رسول الله صلي الله عليه و اله كان في سفر يسير علي ناقة إذ نزل فسجد خمس سجدات، فلما ركب قالوا: يا رسول الله رأيناك صنعت شيئاً لم تصنعه؟ فقال صلي الله عليه و اله: نعم، استقبلني جبريل صلي الله عليه و اله فبشرني ببشارات من الله عزوجل، فسجدت لله شكراً، لكل بشري سجدة» ().

وعن إسحاق بن عمار قال: «خرجت مع أبي عبد الله عليه السلام وهو يحدث نفسه، ثم استقبل القبلة فسجد طويلاً، ثم ألزق خده الأيمن بالتراب طويلاً، قال: ثم مسح وجهه ثم ركب.

فقلت له: بأبي أنت وأمي لقد صنعت شيئاً ما رأيته قط.

قال:

يا إسحاق إني ذكرت نعمة من نعم الله عزوجل عليّ، فأحببت أن أذلل نفسي. ثم قال: يا إسحاق، ما أنعم الله علي عبده بنعمة، فشكرها بسجدة يحمد الله فيها ففرغ منها، حتي يؤمن له بالمزيد من الدارين» ().

لا تتأمر علي أصحابك

مسألة: يكره أن يتأمر المسافر علي قومه في السفر، فيقول لهم: انزلوا ههنا ولا تنزلوا ههنا.

قال الإمام الصادق عليه السلام: «إنك ستصحب أقواماً فلا تقل: انزلوا ههنا ولا تنزلوا ههنا، فإن فيهم من يكفيك» ().

اعمل بنفسك

مسألة: يكره للمسافر أن يلقي كلّه علي غيره، ففي كتاب المحاسن: إنه ذكر عند النبي صلي الله عليه و اله رجل، فقيل له: خير، قالوا: يا رسول الله خرج معنا حاجاً، فإذا نزلنا لم يزل يهلل حتي نرتحل، فإذا ارتحلنا لم يزل يذكر الله حتي ننزل، فقال النبي صلي الله عليه و اله: فمن كان يكفيه علف ناقته وصنع طعامه؟ قالوا: كلنا، فقال صلي الله عليه و اله: كلكم خير منه» ().

المشي وآدابه

مسألة: يكره الاسراع في المشي، بل ينبغي المشي بتؤدة ووقار، فعن أبي عبدالله عليه السلام قال: «سرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن» ().

وعنه عليه السلام أيضاً قال: «سرعة المشي نكس» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «سرعة المشي تذهب ببهاء المرء» ().

القصد في المشي

مسألة: يستحب القصد في السير وعدم التسرع فيه، سواء في حركة الماشي، ام في حركة السيارات وما اشبه، وقد يجب إذا أضر بالغير مطلقا، أو أضر الإنسان بنفسه ضررا بالغاً، قال تعالي: ?واقصد في مشيك?().

المشي لمن يقدر عليه

مسألة: يستحب المشي لمن يقدر عليه، وخاصة في سفر الحج.

قال تعالي: ?فامشوا في مناكبها?().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «ما عبد الله بشيء أفضل من المشي» ().

وعن الحلبي قال: «سألت أبا عبد الله: عن فضل المشي، فقال: إن الحسن بن علي عليه السلام قاسم ربه ثلاث مرات، حتي نعلاً ونعلاً وثوباً وثوباً وديناراً وديناراً، وحج عشرين حجة ماشياً» ().

ولقد كان أكثر من حج مع رسول الله صلي الله عليه و اله مشاة().

هذا وفي بعض الأحاديث أن الركوب أفضل، فعن رفاعة قال: «سأل أبا عبدالله عليه السلام رجل: الركوب أفضل أم المشي؟ فقال عليه السلام الركوب أفضل من المشي لأن رسول الله صلي الله عليه و اله ركب» ().

قال في التهذيب: الوجه في هذه الأخبار أن من قوي علي المشي.. فان المشي أفضل، ومن أضعفه المشي فلا().

الحج ولو مشيا

مسألة: يستحب الذهاب الي مكلة للحج مشياً، لمن يستطيع ذلك، فعن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قلت له: قول الله عزوجل: ?ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا?()، قال: يخرج فيمشي إن لم يكن عنده شيء، قلت: لا يقدر علي المشي، قال عليه السلام:

يمشي ويركب، قلت: لا يقدر علي ذلك، قال عليه السلام: يخدم القوم ويخرج معهم» ().

الهرولة

مسألة: يستحب الهرولة في المشي أحياناً، كمن أتعبه المشي وأعياه، فعن النبي صلي الله عليه و اله انه قال: «اذا أعيي أحدكم فليهرول» ().

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «جاءت المشاة إلي رسول الله صلي الله عليه و اله فشكوا إليه الإعياء، فقال صلي الله عليه و اله: عليكم بالنسلان، ففعلوا فذهب عنهم الإعياء» ().

والنسلان: الاسراع في المشي.

وعنه عليه السلام قال: «سيروا وانسلوا فإنه أخف عليكم» ().

وروي أن قوماً مشاة أدركهم النبي صلي الله عليه و اله، فشكوا إليه شدة المشي، فقال صلي الله عليه و اله لهم: «استعينوا بالنسل» ().

وعنه عليه السلام قال: «راح رسول الله صلي الله عليه و اله من كراع الغميم، فصف له المشاة وقالوا: نتعرض لدعوته، فقال صلي الله عليه و اله: اللهم أعطهم أجرهم وقوهم، ثم قال: لو استعنتم بالنسلان لخفت أجسامكم وقطعتم الطريق، ففعلوا فخفت أجسامهم» ().

ولقد مر رسول صلي الله عليه و اله بكراع الغميم فشكوا إليه الجهد والطاقة والإعياء، فقال صلي الله عليه و اله: «شدّوا أزركم واستبطنوا، ففعلوا فذهب عنهم ذلك» ().

وعن الإمام الصادق عليه السلام عن أبيه الإمام الباقر عليه السلام: «أن رسول الله صلي الله عليه و اله رأي قوماً قد جهدهم المشي، فقال: أخببوا أنسلوا ففعلوا فذهب عنهم الإعياء» ().

وفي رواية أخري أنه قال صلي الله عليه و اله: «عليكم بالنسلان فإنه يذهب بالإعياء()، ويقطع الطريق» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أراد سفراً أدلج» ().

وعن أبي اسحاق المكي قال: «تعرضت المشاة للنبي صلي الله عليه و اله بكراع الغميم

ليدعوا لهم فدعا لهم، وقال خيراً، وقال: عليكم بالنسلان والبكور() وشيء من الدلج، فإن الأرض تطوي بالليل» ().

من آداب المشي

مسألة: للمشي آداب مذكورة في الآيات والروايات، نشير إلي بعضها:

قال سبحانه: ?ولا تمش في الأرض مرحاً?().

وقال عزوجل: ?وعباد الرحمان الذين يمشون علي الأرض هونا?().

وقال تعالي: ?أفمن يمشي مكبا علي وجهه أهدي أمن يمشي سوياً علي صراط مستقيم?().

وعن أبي عبد الله عليه السلام عن رسول الله صلي الله عليه و اله: «سيروا سيراً جميلاً، لا توطئوا ضعيفاً، ولا توطئوا مسلماً، واقتصدوا في السير» ().

المرأة والطريق

مسألة: اهتم الإسلام بالمرأة غاية الاهتمام، وأكرهمها أكبر تكريم، ورعي حقوقها أعظم رعاية، ولم يغفل حتي عن مشيها لو خرجت من البيت، وقد عين لمشيها علي نحو الاستحباب حكماً ينسجم مع حالها وحرمتها، ويقرب من سلامتها وعافيتها، فجعل لها المشي علي حافة الطريق، ففي الحديث عن أبي الحسن عليه السلام قال: «لا ينبغي للمرأة أن تمشي في وسط الطريق، ولكنها تمشي إلي جانب الحائط» ().

وعنه عليه السلام قال: «ليس للمرأة أن تمشي وسط الطريق ولكن تمشي في جانبيه» ().

وعنه عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ليس للنساء من سروات الطريق يعني من وسطه وإنما لهن جوانبه» ().

الأكل حالة المشي

مسألة: يكره للإنسان الأكل في حالة المشي، بل ينبغي له الجلوس علي الأرض حين الأكل، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «لا تأكل وأنت تمشي إلا ان تضطر إلي ذلك» ().

نعمة المشي والطريق

مسألة: ينبغي للإنسان أن يشكر نعمة المشي، ونعمة الطريق، فانها من نعم الله تعالي عليه، فلقد أنعم الله علي الإنسان بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصي، وعلي الإنسان أن يشكر الله عليها، ويتذكرها دائماً وأبداً، حيث إنه

لا يخلو منها ما دامت له الحياة، ومن تلك النعم: نعمة المشي ونعمة الطريق، قال تعالي: ?وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون?().

والفجاج هو الطريق الواسع بين جبلين، والسبل بدل منه … والجبل إذا لم يكن فيه فجاج، كان سبباً لقطع الاتصال بين طرفين، فنعمة جعل الطريق فيها عظيمة().

وقال عزوجل: ?والله جعل لكم الأرض بساطاً? لتسلكوا منها سبلاً فجاجاً?().

(بساطاً) أي مبسوطة لتتمكنوا من المشي عليها، و(لتسلكوا): يقال سلك في الطريق إذا مشي فيه، و(سبلاً): أي طرقاً، و(فجاجاً): الطرق المتسعة المتفرقة().

وقال سبحانه: ?وأذن في الناس بالحج، يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق?().

(رجالا): جمع راجل، وهو الماشي الذي لا مركب له، ويسعي علي قدميه، و(فج): أي طريق، و(عميق): أي بعيد().

وقال عزوجل: ?هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور?()

(المناكب): جمع منكب والمراد به الطريق.

وعن رسول الله صلي الله عليه و اله انه قال: «من لم يعلم فضل نعم الله عليه الا في مطعمه ومشربه، فقد قصر علمه، ودنا عذابه» ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من أصبح وأمسي وعنده ثلاث، فقد تمت عليه النعمة في الدنيا: من أصبح وأمسي معافاً في بدنه، آمنا في سربه، عنده قوت يومه، فان كانت عنده الرابعة، فقد تمت عليه النعمة في الدنيا والآخرة، وهو الإيمان» ().

و(السرب) هو الطريق.

حق الراجل والراكب

مسألة: هناك حقوق للراكب، وحقوق للراجل، قد سبق التطرق إلي بعضها في قوانين المرور، ينبغي الالتزام بكل منهما، وفيها روايات.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «الراكب أحق بالجادة من الماشي، والحافي أحق من المنتعل» ().والجادة وسط الطرق.

الراكب والمشي خلفه

مسألة: يكره مشي الماشي مع الراكب، بان يركب الإنسان ويمشي خلفه الناس، كما يفعله البعض مع الأمراء والرؤساء.

فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «خرج أمير المؤمنين عليه السلام علي أصحابه وهو راكب، فمشوا خلفه فالتفت إليهم فقال: لكم حاجة؟

فقالوا: لا يا أمير المؤمنين، ولكنا نحب أن نمشي معك.

فقال لهم: انصرفوا، فإن مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب، ومذلة للماشي.

قال: وركب مرة أخري فمشوا خلفه، فقال: انصرفوا، فإن خفق النعال خلف أعقاب الرجال مفسدة لقلوب النوكي» ().

الوقار في المشي

مسألة: يستحب الوقار والطمأنينة في المشي، قال أبو عبد الله عليه السلام: «كان علي ابن الحسين (صلوات الله عليه) يمشي مشية كأن علي رأسه الطير، لا يسبق يمينه شماله» ().

لا تمش متبخترا

مسألة: يكره المشي بالتبختر، فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إذا تصامت أمتي علي سائلها، ومشت بتبخترها، حلف ربي جلّ وعزّ بعزته فقال: وعزتي لأعذبن بعضهم ببعض» ().

من آداب السير والسفر

مسألة: من آداب السير والسفر الذي ينبغي مراعاته علي كل أحد، هو ما ورد في هذا الحديث الشريف:

قال الإمام الصادق عليه السلام: «إن كنت عاقلاً فقدّم العزيمة الصحيحة، والنية الصادقة في حين قصدك إلي أي مكان أردت، وانه النفس من التخطي إلي محذور، وكن متفكراً في مشيك، ومعتبراً لعجائب صنع الله عزوجل أينما بلغت، ولا تكن مستهتراً ولا متبختراً في مشيتك، وغض بصرك عما لا يليق بالدين، واذكر الله كثيراً، فانه قد جاء في الخبر:

إن المواضع التي يذكر الله فيها وعليها تشهد بذلك عند الله يوم القيامة، وتستغفر لهم إلي أن يدخلهم الجنة، ولا تكثر الكلام مع الناس في الطريق، فإن فيه سوء الأدب، وأكثر الطرق مراصد الشيطان ومتجرته، فلا تأمن كيده، واجعل ذهابك

ومجيئك في طاعة الله، والمشي في رضاه، فإن حركاتك كلها مكتوبة في صحيفتك، قال الله تعالي: ?يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون?() وقال الله عزوجل: ?وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه?()» ().

تغيير الطريق ذهاباً وإيابا

مسألة: يستحب فيما اذا تعددت الطرق: الذهاب من طريق والرجوع من طريق آخر غير الذي ذهب منه، في الجملة، فعن موسي بن عمر بن بزيع، قال: «قلت للرضا عليه السلام: جعلت فداك ان الناس ردوا ان رسول الله صلي الله عليه و اله كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره، فكذا كان يفعل؟ قال: فقال: نعم، وأنا أفعله كثيراً، فافعله، ثم قال لي: أما أنه أرزق لك» ().

الطريق وآدابها

مسألة: ينبغي لكل إنسان التحلي بالأخلاق والآداب في كل شيء، ومنها آداب الطريق، فعن أبي عبد الله عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: «يا أهل العراق نبئت أن نسائكم يدافعن الرجال في الطريق أما تستحيون» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام: «ان من الحق أن يقول الراكب للماشي: الطريق» ().

وفي نسخة أخري: «أن من الجور أن يقول الراكب للماشي: الطريق» ().

والرواية علي النسخة الثانية فيما إذا كان الراكب يزاحم الماشي، أي: بأن كان حق الطريق للماشي، لا الراكب، كما هو معني الرواية علي النسخة الأولي.

ومن آداب الطريق ما روي أنه صلي الله عليه و اله: «نهي أن يجامع الرجل أهله مستقبل القبلة، وعلي ظهر طريق عامر، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» ().

لا ترفع صوتك في الطريق

مسألة: يكره رفع الإنسان صوته عند مسيره، بل ينبغي له أن يخفض صوته مطلقا، في سفر كان أم في غيره.

قال تعالي: ?واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات

لصوت الحمير?().

وفي الحديث: «وإياك ورفع الصوت في مسيرك» ().

تشييع المسافر

مسألة: من الآداب الإسلامية أن يقوم أهل المسافر وذووه، بل وأصدقاؤه أيضا بتشييعه اذا أراد السفر، فقد شيّع النبي صلي الله عليه و اله ابن عمه جعفر الطيار (رضوان الله عليه) لما وجهه إلي الحبشة، وزوده بهذه الكلمات: «اللهم ألطف به في تيسير كل عسير، فان تيسير العسير عليك يسير، إنك علي كل شيء قدير، أسألك اليسر والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة» ().

وقد شيع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام الصحابي الجليل أبا ذر (رضوان الله عليه) عند ما نفاه عثمان الي الربذة، وشيّعه الإمامان الحسن والحسين عليه السلام، وعقيل بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر (رضوان الله عليهم)، وعند الانصراف قال أمير المؤمنين عليه السلام للمشيعين: «ودّعوا أخاكم، فإنه لابد للشاخص أن يمضي وللمشيع أن يرجع».

وقال عليه السلام لأبي ذر كما في نهج البلاغة: «يا أباذر، إنك غضبت لله، فارج من غضبت له… لا يؤنسنك الا الحق، ولا يوحشنك الا الباطل، فلو قبلت دنياهم لأحبوك، ولو قرضت منها لأمنوك».

ثم تكلم كل رجل منهم علي حياله:

فقال الحسين بن علي عليه السلام: رحمك الله يا أبا ذر، إن القوم إنما امتهنوك بالبلاء، لأنك منعتهم دينك فمنعوك دنياهم، فما أحوجهم غداً إلي ما منعتهم وأغناك عما منعوك.

فقال أبو ذر رحمة الله عليه: رحمكم الله من أهل بيت، فما لي شجن في الدنيا غيركم، إني إذا ذكرتكم ذكرت بكم جدكم رسول الله صلي الله عليه و اله» ().

الطريق وآداب المتصاحبين

مسألة: يستحب لكل مصاحب أن يشيع صاحبه هنيئة اذا فارقه في الطريق، ولايختص هذا الحكم بالمسلم، بل يعم غيره أيضا، فعن مسعدة بن صدقة عن أبي عبدالله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام: «ان أمير المؤمنين عليه

السلام صاحب رجلاً ذمياً، فقال له الذمي: أين تريد يا عبد الله؟

فقال: أريد الكوفة.

فلما عدل الطريق بالذمي عدل معه أمير المؤمنين عليه السلام فقال الذمي: ألست زعمت أنك تريد الكوفة؟

فقال له: بلي.

فقال الذمي: فقد تركت الطريق.

فقال له: قد علمت.

قال: فلم عدلت معي وقد علمت ذلك؟

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: هذا من تمام حسن الصحبة أن يشيع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه، وكذلك أمرنا نبينا صلي الله عليه و اله.

فقال له الذمي: هكذا قال؟

قال: نعم.

قال الذمي: لا جرم إنما تبعه من تبعه لأفعاله الكريمة فأنا أشهدك أني علي دينك، ورجع الذمي مع أمير المؤمنين عليه السلام فلما عرفه أسلم» ().

وفي حديث آخر: «من حسن الصحبة مشايعة الرجل هنيئة إذا فارقه» ().

سرعة الرجوع إلي الأهل

مسألة: يستحب للمسافر إذا قضي وطره من السفر، وبلغ حاجته منه أن يسرع في الإياب إلي أهله والعودة اليهم.

ففي الحديث عنه عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: السفر قطعة من العذاب، وإذا قضي أحدكم سفره فليسرع الإياب إلي أهله» ().

لا تطرق أهلك ليلا

مسألة: يكره للمسافر أن يطرق أهله وأن يدخل عليهم من سفره ليلاً إذا لم يؤذنهم، وترتفع الكراهة بإخبارهم بذلك، فعن جابر بن عبد الله قال: «نهي رسول الله صلي الله عليه و اله أن يطرق الرجل أهله ليلاً إذا جاء من الغيبة حتي يؤذنهم» ().

استقبال المسافر

مسألة: يستحب لأهل المسافر وذويه، بل ولأصدقائه أيضا، ان يستقبلوا مسافرهم عند رجوعه من السفر، في الجملة.

وفي الحديث: «ان النبي صلي الله عليه و اله استقبل ابن عمه جعفر بن أبي طالب عليه السلام المشهور بجعفر الطيار لما انصرف من الحبشة، اثنتي عشرة خطوة» ().

وفي مصباح الكفعمي: «يستحب للمزور استقبال الزائر، واعتناقه، ومصافحته، وتقبيل موضع السجود من كل منهما…» ().

ومثله في البلد الأمين().

مع القادم من السفر

مسألة: يستحب مصافحة القادم من السفر ومعانقته، وإذا كان قادماً من الحج فيستحب أيضاً تقبيل موضع سجوده ووجهه، والدعاء له بالقبول والغفران، والعود والسعة، وبذلك عدة روايات:

وقد ورد انه لما رجع جعفر الطيار من الحبشة ضمه رسول الله صلي الله عليه و اله إلي صدره وقبّل ما بين عينيه وقال: ما أدري بأيهما أسر بقدوم جعفر أم بفتح خيبر().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: (إذا قدم أخوك من مكة فقبل بين عينيه، وفاه الذي قبل به الحجر الأسود، الذي قبله رسول الله (ص)، والعين التي نظرت الي بيت الله عزوجل، وقبل موضع سجوده ووجهه…)()

وقال الصادق عليه السلام: «من عانق حاجاً بغباره كان كمن استلم الحجر الأسود» ().

وكان أصحاب رسول الله صلي الله عليه و اله يصافح بعضهم بعضا، فإذا قدم الواحد منهم من سفره فلقي أخاه عانقه» ().

تهنئة القادم من الحج

مسألة: يستحب تهنئة القادم من حج بيت الله الحرام، وأن يقال له في تهنئته: (تقبل الله منك وأخلف عليك نفقتك وغفر ذنبك).

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «إن النبي صلي الله عليه و اله كان يقول للقادم من الحج: (تقبل الله منك، وأخلف عليك نفقتك، وغفر ذنبك)» ().

وعن أمير المؤمنين عليه السلام فيما يقال في تهنئة الحاج، قال: (واذا هنيتموه فقولوا: قبل الله

نسكك ورحم سعيك، وأخلف عليك نفقتك، ولا يجعله آخر عهدك ببيته الحرام)().

الغسل للسفر والدعاء عنده

مسألة: يستحب لمن أراد السفر أن يغتسل قبل سفره، فقد روي السيد ابن طاووس (عليه الرحمة): أن الإنسان يستحب له إذا أراد السفر أن يغتسل() ويقول عند الغسل: «بسم الله وبالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وعلي ملة رسول الله، والصادقين عن الله صلوات الله عليهم أجمعين، اللهم طهر قلبي، واشرح به صدري، ونوّر به قبري، اللهم اجعله لي نوراً وطهوراً، وحرزاً وشفاءً من كل داء وآفة، وعاهة وسوء، مما أخاف وأحذر، وطهر قلبي وجوارحي وعظامي ودمي وشعري وبشري ومخي وعصبي، وما أقلّت الأرض مني، اللهم اجعله لي شاهداً يوم حاجتي وفقري وفاقتي إليك، يا رب العالمين، إنك علي كل شيء قدير» ().

صلاة ركعتين قبل السفر

مسألة: يستحب لمن يريد السفر أن يصلي ركعتين قبل سفره، فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «ما استخلف رجل علي أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلي سفره ويقول عند التوديع: (اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذريتي ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي)، إلا أعطاه الله ما سأل» ().

ونقل ابن طاووس بأنه يقرأ في الركعة الأولي ?قل هو الله أحد? وفي الركعة الثانية ?إنا أنزلناه في ليلة القدر?.

وفي الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام: «إذا أجمع رأيك علي الخروج وأردته، فاسبغ الوضوء، واجمع أهلك، ثم قم إلي مصلاّك فصل ركعتين، تقرأ فيهما ما شئت من القرآن، فإذا فرغت منهما وسلّمت فقل: (اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وولدي ودنياي وآخرتي وخاتمة عملي، اللهم احفظ الشاهد منا والغائب، اللهم احفظنا واحفظ علينا، اللهم اجعلنا في جوارك، اللهم لا تسلبنا نعمتك،

ولا تغير ما بنا من عافيتك وفضلك)» ().

السفر والصلاة قبله

مسألة: في بعض الروايات انه يستحب لمن أراد السفر أن يصلي أربع ركعات قبل السفر، يقرأ في كل ركعة بعد الحمد سورة التوحيد، ولا تنافي بين الروايتين كما هو واضح لإمكان الجمع بينهما، ففي الخبر انه جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه و اله فقال: «إني أريد سفراً، وقد كتبت وصيتي، فإلي أيّ الثلاث تأمرني أن أدفع، إلي أبي أو ابني أو أخي؟ فقال النبي صلي الله عليه و اله: ما استخلف العبد في أهله من خليفة إذا هو شدّ ثياب سفره خير من أربع ركعات يضعهن في بيته، يقرأ في كل ركعة منهن بفاتحة الكتاب و?قل هو الله أحد? ويقول: اللهم إني أتقرب بهن إليك، فاجعلهن خليفتي في أهلي ومالي، قال: فهن خليفته في أهله وماله وداره، حتي يرجع إلي أهله» ().

افتتاح السفر بالصدقة

مسألة: يستحب أن يتصدق الإنسان في ابتداء سفره، ليضمن بها سلامته، وبذلك روايات كثيرة:

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «افتتح سفرك بالصدقة» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام: «قال: تصدق واخرج أي يوم شئت» ().

وعن أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام قال: «إذا وقع في نفسك شيء فتصدق علي أول مسكين، ثم امض، فإن الله عزوجل يدفع عنك» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من تصدق بصدقة حين يصبح دفع الله عنه نحس ذلك اليوم» ().

وعنه عليه السلام قال: «إذا أردت سفراً فاشتر سلامتك من ربك بما طابت به نفسك، ثم تخرج وتقول: (اللهم إني أريد سفر كذا وكذا وإني قد اشتريت سلامتي في سفري هذا بهذا) وتضعه حيث يصلح. وتفعل مثل ذلك إذا وصلت شكراً» ().

آية الكرسي وابتداء

السفر بتلاوتها

مسألة: يستحب ابتداء السفر بقراءة آية الكرسي، وفي ذلك نصوص وروايات:

فعن حماد بن عثمان قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أيكره السفر في شيء من الأيام المكروهة مثل يوم الأربعاء وغيره؟

فقال: افتتح سفرك بالصدقة واخرج إذا بدا لك، واقرأ آية الكرسي واحتجم إذا بدا لك» ().

وعن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «يكره السفر في شيء من الأيام المكروهة، الأربعاء وغيره، وقال: افتتح سفرك بالصدقة واقرأ آية الكرسي إذا بدا لك» ().

كما يستحب قراءة آية الكرسي للحفظ مطلقاً في السفر وغيره، ابتداء السفر واستدامته، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «من قرأ آية الكرسي في السفر في كل ليلة سلم وسلم ما معه» ().

توديع العيال

مسألة: يستحب لمن أراد السفر أن يودع أهله وعياله، وفي ذلك روايات عديدة، وقد سبق فيما ذكرنا إن الإمام الباقر أبا جعفر عليه السلام كان إذا أراد سفراً جمع عياله في بيت ثم قال: «اللهم إني أستودعك نفسي ومالي وأهلي وولدي، الشاهد منا والغائب، اللهم احفظنا واحفظ علينا، اللهم اجعلنا في جوارك، اللهم لا تسلبنا نعمتك ولا تغير ما بنا من عافيتك وفضلك» ().

العيال و آداب توديعهم

مسألة: يستحب توديع العيال للسفر، بالصلاة والدعاء والابتهال وصواب المقال، وبذلك روايات عديدة، وقد ذكرنا فيما سبق عن رسول الله صلي الله عليه و اله انه قال: «ما استخلف رجل علي أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلي سفره ويقول عند التوديع: (اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذريتي ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي)، إلا أعطاه الله ما سأل» ().

وفي الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام: أنه إذا أجمع رأيك علي الخروج وأردته فاسبغ الوضوء واجمع أهلك، ثم

قم إلي مصلاّك فصل ركعتين تقرأ فيهما ما شئت من القرآن فإذا فرغت منهما وسلّمت فقل: (اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وولدي ودنياي وآخرتي وخاتمة عملي، اللهم احفظ الشاهد منا والغائب، اللهم احفظنا واحفظ علينا، اللهم اجعلنا في جوارك، اللهم لا تسلبنا نعمتك، ولا تغير ما بنا من عافيتك وفضلك)» ().

وروي السيد الجليل ابن طاووس رحمة الله عليه بأنه يقرأ بعد الصلاة هذا الدعاء: «اللهم إني أستودعك اليوم نفسي وأهلي ومالي وولدي، ومن كان مني بسبيل الشاهد منهم والغائب، اللهم احفظنا واحفظ علينا، اللهم اجمعنا في رحمتك، ولا تسلبنا فضلك، إنا إليك راغبون، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد في الدنيا والآخرة، اللهم إني أتوجه إليك هذا التوجه طلباً لمرضاتك، وتقرباً إليك، فبلغني ما أؤمله وأرجوه فيك وفي أوليائك يا أرحم الراحمين» ().

وإن شئت فاقرأ أيضاً هذا الدعاء: «اللهم خرجت في وجهي هذا، بلا ثقة مني لغيرك، ولا رجاء يأوي بي الا إليك، ولا قوة أتكل عليها، ولا حيلة ألجأ إليها، إلا طلب رضاك وابتغاء رحمتك، وتعرضاً لثوابك وسكوناً إلي حسن عائدتك، وأنت أعلم بما سبق لي في علمك في وجهي مما أحب وأكره، اللهم فاصرف عني مقادير كل بلاء، ومقضي كل لأواء، وابسط علي كنفاً من رحمتك ولطفاً من عفوك وسعة من رزقك وتماماً من نعمتك وجماعاً من معافاتك، ووفق لي فيه يا رب جميع قضائك عليّ موافقة هواي وحقيقة عملي، وادفع عني ما أحذر وما لا أحذر علي نفسي مما أنت أعلم به مني، واجعل ذلك خيراً لي لآخرتي ودنياي مع ما أسألك أن تخلفني فيمن خلّفت ورائي من ولدي وأهلي ومالي وإخواني

وجميع حزانتي بأفضل ما تخلف فيه غائباً من المؤمنين، في تحصين كل عورة وحفظ كل مضيعة وتمام كل نعمة ودفاع كل سيئة وكفاية كل محذور وصرف كل مكروه وكمال ما يجمع لي به الرضا والسرور في الدنيا والآخرة، ثم ارزقني ذكرك وشكرك وطاعتك وعبادتك حتي ترضي وبعد الرضا، اللهم إني أستودعك اليوم ديني ونفسي وأهلي ومالي وذريتي وجميع اخواني، اللهم احفظ الشاهد منا والغائب، اللهم احفظنا واحفظ علينا، اللهم اجعلنا في جوارك ولا تسلبنا نعمتك ولا تغير ما بنا من نعمتك وعافية وفضل» ().

قال السيد بن طاووس رحمة الله عليه: اعلم أننا نحضر عيالنا، ونوصيهم بالمحافظة علي ما يعملونه وقت حضورنا، من الصلوات في أوائل الأوقات، ومن دارسة القرآن، ومن صيانة أبوابهم وأسبابهم بغاية الإمكان، ونذكرهم أن الله جل جلاله خليفتنا عليهم، وأنه حاضر عندهم وناظر إليهم().

من أدعية التوديع

مسألة: يستحب قراءة بعض الأدعية في توديع المسافر، وقد ودّع النبي صلي الله عليه و اله رجلاً فقال: «زوّدك الله التقوي وغفر ذنبك ووجهك للخير حيث ما كنت» ().

وكان رسول الله صلي الله عليه و اله إذا ودّع المؤمنين قال: «زوّدكم الله التقوي ووجّهكم إلي كل خير وقضي لكم كل حاجة وسلم لكم دينكم ودنياكم وردّكم إليّ سالمين» ().

وعن ابن إسباط، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «ودّع عليه السلام رجلاً فقال: (أستودع الله نفسك وأمانتك ودينك وزودك زاد التقوي، ووجهك الله للخير حيث توجهت) ثم قال: التفت إلينا أبو عبد الله عليه السلام فقال: هذا وداع رسول الله صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام إذا وجهه في وجه من الوجوه» ().

وعن الحسين بن موسي قال: «دخلنا علي أبي عبد الله عليه السلام نودعه

فقال: (اللهم اغفر لنا ما أذنبنا، وها نحن مذنبون، وثبتنا وإياهم بالقول الثابت في الآخرة والدنيا، وعافنا وإياهم من شر ما قضيت في عبادك وبلادك في سنتنا هذه المستقبلة، وعجل نصر آل محمد ووليهم، واخز عدوهم عاجلاً)» ().

وفي خبر آخر عن أبي جعفر عليه السلام قال: «كان رسول الله صلي الله عليه و اله إذا ودّع مسافراً أخذ بيده ثم قال: أحسن الله لك الصحابة، وأكمل لك المعونة، وسهل لك الحزونة، وقرّب لك البعيد، وكفاك المهم، وحفظ لك دينك وأمانتك وخواتيم عملك، ووجهك لكل خير، عليك بتقوي الله، أستودع الله نفسك، سر علي بركة الله عزوجل» ().

وقد ورد ان من أراد أن يودع رجلاً فليقل: «أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، أحسن الله لك الصحابة وأعظم لك العافية وقضي لك الحاجة وزودك التقوي ووجهك للخير حيثما توجهت وردّك الله سالماً غانماً» ().

وفي كتاب المحاسن، عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «ودّع رسول الله صلي الله عليه و اله رجلاً فقال له: سلمك الله وغنمك والميعاد إليه» ().

وودع النبي صلي الله عليه و اله جعفر الطيار وقال: «اللهم ألطف به في تيسير كل عسير، فان تيسير العسير عليك يسير، إنك علي كل شيء قدير، أسألك اليسر والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة» ().

المسافر وسورة القدر

مسألة: يستحب قراءة سورة القدر عندما يريد المسافر أن يركب راحلته.

قال عليه السلام: «ما يقرأ أحد ?إنا أنزلناه? ()حين يركب دابته إلا نزل منها سالماً مغفوراً له، ولقارؤها أثقل علي الدواب من الحديد» ().

وعنه عليه السلام قال: «لو حج رجل ماشياً فقرأ ?إنا أنزلناه? ما وجد ألم المشي» ().

وقال أبو جعفر عليه السلام: «لو كان شيء يسبق القدر لقلت: إن قارئ ?إنا أنزلناه?

حين يسافر أو يخرج من منزله سيرجع إليه سالماً إن شاء الله تعالي» ().

آيات يبتدأ بها السفر

مسألة: يستحب للمسافر أن يقرأ بعض الآيات المباركة عند خروجه إلي السفر، وذلك كما في المأثور عنهم (صلوات الله عليهم أجمعين).

منها: قوله تعالي: ?ولما توجه تلقاء مدين قال عسي ربي أن يهديني سواء السبيل ? ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتي يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير ? فسقي لهما ثم تولي إلي الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ? فجاءته إحداهما تمشي علي استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين ? قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ? قال إني أريد أن أنكحك إحدي ابنتي هاتين علي أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشراً فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين ? قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله علي ما نقول وكيل?()» ().

المسافر والاستغفار

مسألة: يستحب للمسافر أن يستغفر الله عزوجل في سفره، فعن الأصبغ بن نباته أنه قال: «أمسكت لأمير المؤمنين عليه السلام بالركاب وهو يريد أن يركب، فرفع رأسه فتبسم، فقلت: يا أمير المؤمنين (عليك سلام الله) رأيتك رفعت رأسك وتبسمت، قال: نعم، يا أصبغ أمسكت لرسول الله صلي الله عليه و اله كما أمسكت لي فرفع رأسه وتبسم فسألته كما سألتني وسأخبرك بما أخبرني: أمسكت لرسول الله صلي الله عليه و اله الشهباء، فرفع رأسه إلي السماء وتبسم، فقلت: يا رسول الله رفعت رأسك إلي السماء وتبسمت؟ فقال: يا علي إنه ليس

من أحد يركب ما أنعم الله عليه ثم يقرأ آية السخرة: ?إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام? إلي آخرها()، ثم يقول: (استغفر الله الذي إلا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، اللهم اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) إلا قال السيد الكريم: (يا ملائكتي عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه)» ().

القرآن الكريم خير مصاحب

مسألة: يستحب للمسافر أن يصحب معه القرآن الكريم، أو بعض أجزائه، فانه مضافاً إلي كونه حفظا من الأخطار، يمكن له أن يقرأ منها ويتدبر فيها.

فعن الإمام الصادق عليه السلام: «إن كل من يكتب سورة عبس علي ورقة بيضاء، ويحتفظ بها عند خروجه إلي أي مكان، فإنه لن ير إلا الحسني، ويحفظ من كل مفاسد الطريق» ().

وعنه عليه السلام: «من كتبها في رق بياض، وجعلها معه حيث ما توجه، لم ير في طريقه إلا خيراً، وكفي غائلة طريقه تلك بإذن الله تعالي» ().

وقال السيد ابن طاووس رحمة الله عليه: فإذا كان من فضائل هذه السور المعظمات، ما تضمنته الرواية من الأمان والسعادات، فإن حمل المصحف الكريم جامع لفوائد حملها وشرف فضلها().

المداومة علي ذكر الله في السفر

مسألة: يستحب للإنسان مطلقا، وللمسافر بصورة خاصة، المداومة علي ذكر الله، وتسبيحه وتحميده وتهليله، وبذلك روايات ونصوص كثيرة:

قال تعالي: ?يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً?().

وقال سبحانه: ?فاذكروني أذكركم?().

وقال عزوجل: ?واذكر ربك كثيراً وسبح بالعشي والإبكار?().

وقال تعالي: ?لتستووا علي ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ? وإنا إلي ربنا لمنقلبون?().

وعن الإمام الصادق عليه السلام: «أنه أي المسافر يسبح الله سبعاً، ويحمد الله

سبعاً، ويهلل الله سبعاً» ().

التسمية في السفر

مسألة: يستحب لكل إنسان وللمسافر خاصة أن يسمي الله عزوجل، حين خروجه من المنزل، وحين ركوبه علي مركبه، وغير ذلك، وفي ذلك نصوص وروايات كثيرة:

قال تعالي: ?وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها?().

وقال سبحانه: ?واذكر اسم ربك وتبتل اليه تبتيلا?().

وقال عزوجل: ?واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا?().

وعن الإمام الرضا عليه السلام قال: «إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل: (بسم الله، آمنت بالله، توكلت علي الله، ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله) فتلقاه الشياطين فتنصرف، وتضرب الملائكة وجوهها وتقول: ما سبيلكم عليه وقد سمي الله وآمن به وتوكل عليه، وقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله» ().

وعن الإمام الرضا عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: إذا ركب الرجل الدابة فسمي، ردفه ملك يحفظه حتي ينزل، واذا ركب ولم يسم ردفه شيطان فيقول له: تغنّ، فإن قال له: لا أحسن، قال: تمن، فلا يزال يتمني حتي ينزل» ().

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «إن علي ذروة كل جسر شيطاناً، فإذا انتهيت إليه فقل: (بسم الله) يرحل عنك» ().

المسافر والتوكل علي الله

مسألة: يستحب للإنسان مطلقا، وللمسافر خاصة أن يتوكل علي الله في أموره، وبذلك نصوص وروايات كثيرة:

قال تعالي عن لسان نبيه الكريم صلي الله عليه و اله: ?وما توفيقي الا بالله عليه توكلت وإليه أنيب?().

وقال سبحانه: ?ان الحكم الا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون?().

وقال عزوجل: ?وتوكل علي الله وكفي بالله وكيلا?().

وقال تعالي: ?ومن يتوكل علي الله فهو حسبه?().

وقد مر في استحباب البسملة للمسافر عن الإمام الرضا عليه السلام انه قال: «إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل: (بسم

الله، آمنت بالله، توكلت علي الله، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله) فتلقاه الشياطين فتضرب الملائكة وجوهها وتقول: ما سبيلكم عليه وقد سمي الله وآمن به وتوكل عليه، وقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله» ().

تختم المسافر بالعقيق

مسألة: يستحب للمسافر أن يتختم في سفره بخاتم من العقيق فإنه أمان في السفر.

قال الإمام الصادق عليه السلام: «الخاتم العقيق أمان في السفر» ().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: «الخاتم العقيق حرز في السفر» ().

وفي حديث آخر، عن الإمام الباقر عليه السلام، وذكر العقيق وأجناسه ثم قال: «فمن تختم بشيء منها، وهو من شيعة آل محمد عليهم السلام، لم ير إلا الخير، والحسني والسعة في الرزق، والغني عن الناس، والسلامة من جميع أنواع البلاء، وهو أمان من السلطان الجائر، ومن كل ما يخافه الإنسان ويحذره» ().

اتخاذ الحرز للخروج والسفر

مسألة: ينبغي لمن أراد أن يخرج إلي سفر وغيره وهو خائف من شيء، ان يتخذ حرزاً من الأحراز المأثورة عن النبي صلي الله عليه و اله وأهل بيته عليهم السلام وان يتختم بخاتم مناسب لذلك، كما روي عن المعصوم عليه السلام انه قال: «كل من يريد الخروج من بيته، ويخاف علي نفسه من الملوك أو من غيرهم، فليتخذ لنفسه حرزاً يدفع به شرهم، ويلبس الخواتيم المناسبة في السفر معه» ().

افتتاح السفر بالدعاء

مسألة: يستحب للمسافر قراءة هذا الدعاء إذا أراد السفر، فقد ورد ان الإمام الصادق عليه السلام إذا أراد سفرا قال: «اللهم خلّ سبيلنا، وأحسن تسييرنا، وأعظم عافيتنا» ().

فاتحة الكتاب قبل السفر

مسألة: يستحب لمن أراد السفر أن يقرأ فاتحة الكتاب أمامه وعن يمينه وعن شماله، كما ورد.

فعن صباح الحذّاء قال: «سمعت موسي بن جعفر عليه السلام يقول: لو كان الرجل منكم إذا أراد سفراً، قام علي باب داره تلقاء الوجه الذي يتوجّه إليه، فقرأ (فاتحة الكتاب) أمامه وعن يمينه وعن شماله، و(آية الكرسي) أمامه وعن يمينه وعن شماله، ثم قال: (اللهم احفظني واحفظ ما معي، وسلّمني وسلم ما معي،

وبلّغني وبلّغ ما معي، ببلاغك الحسن الجميل) لحفظه الله تعالي وحفظ ما معه، وسلمه الله وسلم ما معه، وبلغه الله وبلغ ما معه، قال: ثم قال: يا صباح أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه، ويسلم ولا يسلم ما معه، ويبلغ ولا يبلغ ما معه؟ قلت: بلي، جعلت فداك» ().

من الأدعية المأثورة للسفر

مسألة: يستحب قراءة الأدعية المأثورة عند العزم علي السفر، قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «ما استخلف رجل علي أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما، إذا أراد الخروج إلي سفره، ويقول عند التوديع: (اللهم إني أستودعك ديني ونفسي، ومالي وأهلي، وولدي وجيراني، وأهل حزانتي، الشاهد منا والغائب، وجميع ما أنعمت به عليّ، اللهم اجعلنا في كنفك ومنعك، وعياذك وعزك، عز جارك، وجل ثناؤك، وامتنع عائذك، ولا إله غيرك، توكلت علي الحي الذي لا يموت، والحمد لله الذي لم يتخذ ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل وكبّره تكبيراً، الله اكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلا» ().

الدعاء حين الخروج من المنزل

مسألة: يستحب قراءة ما ورد من الأدعية المأثورة عندما يخرج الإنسان من منزله إلي السفر، قال عليه السلام: «من قال حين يخرج من منزله: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، باسم الله دخلت، وباسم الله خرجت، وعلي الله توكلت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلي الله علي محمد وآله أجمعين، اللهم افتح لي في وجهي هذا بخير، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر غيري، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي علي صراط مستقيم). كان في ضمان الله حتي يرجع إلي منزله.

قال: ثم يقول: (توكلت علي الله،

ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك خير ما خرجت له، وأعوذ بك من شر ما خرجت له، اللهم أوسع عليّ من فضلك، وأتمم عليّ من نعمتك، واجعل رغبتي فيما عندك، وتوفني في سبيلك، علي ملتك وملة رسولك).

ثم اقرأ (آية الكرسي)() و(المعوذتين) ()، ثم اقرأ (سورة الاخلاص) بين يديك ثلاثة مرات، ومن فوقك مرة، ومن تحتك مرة، ومن خلفك ثلاث مرات، وعن يمينك ثلاث مرات، وعن شمالك ثلاث مرات، وتوكل علي الله» ().

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: «من قال حين يخرج من باب داره: (أعوذ بما عاذت به ملائكة الله ورسوله، من شر هذا اليوم الجديد، الذي إذا غابت شمسه لم تعد، من شر نفسي، ومن شر غيري، ومن شر الشياطين، ومن شر من نصب لأولياء الله، ومن شر الجن والإنس، ومن شر السباع والهوام، ومن شر ركوب المحارم كلها، أجير نفسي بالله من كل سوء)، غفر الله له وتاب عليه، وكفاه المهمّ، وحجزه عن السوء، وعصمه من الشر» ().

وعن الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام إن النبي صلي الله عليه و اله قال: «إذا خرج الرجل من بيته فقال: (بسم الله) قالت الملائكة له: سلمت، فإذا قال: (لا حول ولا قوة إلا الله) قالت الملائكة له: كفيت، فإذا قال: (توكلت علي الله) قالت الملائكة له: وقيت» ().

وعن الإمام الرضا عليه السلام قال: «كان أبي عليه السلام إذا خرج من منزله قال: (بسم الله الرحمن الرحيم، خرجت بحول الله وقوته لا بحولي وقوتي، بل بحولك وقوتك يا رب، متعرضاً لرزقك، فأتني به في عافية» ().

وقال عليه السلام: «إذا أراد أحدكم حاجة فليبكر في طلبها يوم الخميس، فإن رسول الله

صلي الله عليه و اله قال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها يوم الخميس) وليقرأ إذا خرج من بيته، الآيات من آخر آل عمران، وآية الكرسي، وإنا أنزلناه، وأمّ الكتاب، فإن فيها قضاء حوائج الدنيا والآخرة» ().

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «إذا خرجت من منزلك فقل: (بسم الله، توكلت علي الله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك خير ما خرجت له، وأعوذ بك من شر ما خرجت إليه، اللهم أوسع عليّ من فضلك، وأتم عليّ نعمتك، واستعملني في طاعتك، واجعلني راغباً فيما عندك، وتوفّني في سبيلك وعلي ملّتك، وملة رسولك صلي الله عليه و اله» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من قرأ ?قل هو الله أحد? حين يخرج من منزله عشر مرات آمنه الله وكان في حفظه وكلائه، حتي يرجع إلي منزله» ().

وعن أبي خديجة قال: «كان أبو عبد الله عليه السلام إذا خرج يقول: (اللهم بك خرجت، وبك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، اللهم بارك لي في يومي هذا، وارزقني قوته ونصره، وفتحه وطهوره، وهداه وبركته، واصرف عني شره وشر ما فيه، بسم الله، والله أكبر، والحمد لله رب العالمين، اللهم إني خرجت، فبارك لي في خروجي وانفعني به) وإذا دخل منزله يقول مثل ذلك» ().

وعن الصادق عليه السلام قال: «إذا أراد شخص الخروج من بيته فليقل: (الله أكبر) وثلاث مرات: (بالله أخرج، وبالله أدخل، وعلي الله أتوكل) ويقول ثلاث مرات أيضاً: (اللهم افتح لي في وجهي هذا بخير، واختم لي بخير، وقني شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي علي صراط مستقيم» ().

وعن الثمالي قال: «استأذنت علي أبي جعفر عليه السلام فخرج عليّ وشفتاه تتحركان، فقلت:

جعلت فداك خرجت وشفتاك تتحركان فقال: وألهمنا ذلك يا ثمالي، فقلت: نعم، فأخبرني به، فقال: نعم يا ثمالي، من قال حين يخرج من منزله: (بسم الله، حسبي الله، توكلت علي الله، اللهم إني أسألك خير أموري كلها، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة) كفاه الله ما أهمه من أمر دنياه وآخرته» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «كان أبو جعفر عليه السلام إذا خرج من بيته يقول: (بسم الله خرجت، وبسم الله ولجت، وعلي الله توكلت، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «من خرج من بيته، وقلب خاتمه إلي بطن كفيه، وقرأ إنا أنزلناه، ثم قال: (آمنت بالله وحده لا شريك له، آمنت بسر آل محمد وعلانيتهم) لم يرَ في يومه ذلك شيئاً يكرهه» ().

وفي الحديث: من أراد الخروج من بيته فليقل عند خروجه: «بسم الله وبالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، توكلت علي الله» ويقرأ الحمد، والمعوذتين، و?قل هو الله أحد?، وآية الكرسي: من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن يساره وفوقه وتحته، وإذا أراد الرجوع إلي بيته فليقل حين يدخل: «بسم الله وبالله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله» ثم يسلم علي أهله إن كان في البيت أهل، فإن لم يكن في البيت أحد فليقل بعد الشهادتين: «السلام علي محمد بن عبد الله خاتم النبيين، السلام علي الأئمة الهادين المهديين، السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين» ().

الدعاء عند الركوب

مسألة: يستحب للمسافر الدعاء بالمأثور عند الركوب، فإذا وضع رجله في الركاب يقرأ ما ورد عن الامام الصادق عليه السلام، والظاهر جريان الحكم في كل وسائل

النقل الحديثة من مثل السيارة والطائرة والقاطرة وغيرها أيضاً، قال عليه السلام: «إذا وضع رجله في الركاب يقول: ?سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين?() ويسبح الله سبعاً، ويحمد الله سبعاً، ويهلل الله سبعاً» ().

وفي رواية أخري يقال عند الركوب: (الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وعلمّنا القرآن، ومنّ علينا بمحمد صلي الله عليه و اله ?سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين ? وإنا إلي ربنا لمنقلبون?() والحمد لله رب العالمين، اللهم أنت الحامل علي الظهر، والمستعان علي الأمر، وأنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل والمال والولد، اللهم أنت عضدي وناصري)().

كما يستحب أن يقرأ عند ركوبه: «الحمد لله الذي هدانا للإسلام، ومن علينا بمحمد وآله ?سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ? وإنا إلي ربنا لمنقلبون? والحمد لله رب العالمين، اللهم أنت الحامل علي الظهر، والمستعان علي الأمر، اللهم بلغنا بلاغاً يبلغ به إلي خير، بلاغاً يبلغ به إلي رحمتك ورضوانك ومغفرتك، اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا حافظ غيرك» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «إذا ركبتم الدواب فاذكروا الله عزوجل وقولوا: ?سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ? وإنا إلي ربنا لمنقلبون? ()» ().

وعن علي بن ربيعة الأسدي قال: «ركب عليّ عليه السلام فلما وضع رجله في الركاب قال: (بسم الله) فلما استوي علي الدابة قال: (الحمد لله الذي كرّمنا وحملنا في البر والبحر، ورزقنا من الطيبات، وفضّلنا علي كثير ممن خلق تفضيلاً ?سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين?، ثم سبح الله ثلاثاً، وحمد الله ثلاثاً، وكبّر ثلاثاً، ثم قال: (رب اغفر لي فإنه لا يغفر

الذنوب إلا أنت) ثم قال: فعل هذا رسول الله صلي الله عليه و اله وأنا رديفه» ().

وفي رواية صفوان الجمال أن الصادق عليه السلام لما ركب الجمل قال: «بسم الله، ولاحول ولا قوة إلا بالله ?سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ? وإن إلي ربنا لمنقلبون?» ().

تعويذة السفر

مسألة: يستحب للمسافر ان يصطحب معه تعويذات للسفر، كما ورد في الروايات، ومن تلك التعويذات المأثورة: التعويذة التي روي أن رسول الله صلي الله عليه و اله كان يضعها في قبضة السيف وهي:

«بسم الله الرحمن الرحيم، يا الله يا الله يا الله، أسألك يا ملك الملوك، الأول القديم، الأبدي الذي لا يزول ولا يحول، أنت الله العظيم، الكافي لكل شيء المحيط بكل شيء، اللهم اكفني باسمك الأجل الأعظم، الأجل الواحد، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، واحجب شرورهم، وشرور الأعداء كلهم، وسيوفهم وبأسهم، والله من ورائهم محيط، اللهم احجب عني شر من أرادني بحجابك، الذي احتجبتَ به، فلم ينظر إليه أحد من شر فسقة الجن والانس، ومن شر سلاحهم، ومن الحديد، ومن كل ما يتخوف ويحذر، ومن شر كل شدة وبلية، ومن شر ما أنت به أعلم، وعليه أقدر، إنك علي كل شيء قدير، وصلي الله علي نبيه محمد وآله، وسلم تسليماً» ().

تعويذات من القرآن

ومن العوذ التي توضع وسط العمامة للحفظ وللتذكر بأن القرآن منهاج عملنا، وسبب عزنا وكرامتنا إن نحن أخذنا به، وطبقناه في حياتنا، هو آيات تالية:

قوله تعالي: ?أقبل ولا تخف إنك من الآمنين?().

وقوله سبحانه: ?لا تخف نجوت من القوم الظالمين?().

وقوله تعالي: ?لا تخافا إنني معكما أسمع وأري?().

وقوله سبحانه: ?لا تخاف دركاً ولا تخشي?().

وقوله تعالي: ?الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف?().

وقوله سبحانه: ?فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم?().

وقوله تعالي: ?فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين?().

وقوله سبحانه: ?لا تخف إنك أنت الأعلي?().

وقوله تعالي: ?أدخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلي الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين?().

تعويذة للسفر قبل الليل

مسألة: يستحب التعوذ بهذه العوذة، التي كان يتعوذ بها رسول الله

صلي الله عليه و اله إذا سافر قبل الليل: «يا أرض ربي وربك الله، وأعوذ بالله من شرك، وشر ما فيك، وسوء ما خلق فيك، وسوء ما يدبّ عليك، وأعوذ بالله من أسد وأَسَود، ومن شر الحية والعقرب، ومن شر ساكن البلد، ومن شر والد وما ولد، اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الرياح وما ذرين، ورب الشياطين وما أضللن، أسألك أن تصلي علي محمد، وآل محمد وأسألك خير هذه الليلة، وخير هذا اليوم، وخير هذا الشهر، وخير هذه السنة، وخير هذا البلد وأهله، وخير هذه القرية وأهلها، وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إني ربي علي صراط مستقيم» ().

تعويذة للمركب

مسألة: يستحب أن يربط المسافر بدابته أو مركبته هذه التعويذة: «اللهم احفظ عليّ ما لو حفظه غيرك لضاع، واستر عليّ ما لو ستره غيرك لكاع، واجعل عليّ ظلاً ظليلاً أتوقي به من كل قادر عليّ، اللهم احفظني كما حفظت به كتابك المنزل، علي قلب نبيك المرسل، اللهم إنك قلت وقولك الحق: ?إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون?()» ().

أدعية الحفظ

مسألة: يستحب للراكب قراءة بعض الأدعية المأثورة للحفظ ففي الخبر: إنه قال عليه السلام: «من قال إذا ركب الدابة: (بسم الله، ولا قوة إلا بالله، الحمدلله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) حفظت له نفسه ودابته حتي ينزل» ().

الدعاء لحفظ المسافر ومتاعه

مسألة: يستحب قراءة هذا الدعاء المأثور لحفظ النفس والمتاع في السفر، فعن الإمام الصادق عليه السلام انه قال: «من قرأ (آية الكرسي) في السفر في كل ليلة، سلم وسلم ما معه، ويقول: (اللهم اجعل مسيري عبراً، وصمتي تفكراً، وكلامي ذكراً)» ().

تربة الإمام الحسين عليه السلام أمان

مسألة: يستحب للمسافر ان يأخذ معه شيئا من تربة الإمام الحسين عليه السلام فانه أمان من كل خوف وخطر.

ففي مكارم الأخلاق: عن رجل قال: «بعث إليّ أبو الحسن عليه السلام من خراسان ثياب رزم وكان بين ذلك طين، فقلت للرسول: ما هذا؟ قال: طين قبر الحسين عليه السلام، ما كان يوجّه شيئاً من الثياب ولا غيره، إلا ويجعل فيه الطين ويقول: هو أمان بإذن الله تعالي» ().

وفي رواية أخري قال: «وقل إذا أخذتها: اللهم هذه طينة قبر الحسين عليه السلام وليك وابن وليك، اتخذتها حرزاً لما أخاف وما لا أخاف» ().

وروي من طريق آخر: «اللهم إني أخذته من قبر وليك وابن وليك، فاجعله لي أمناً وحرزاً، مما أخاف وممّا لا أخاف» ().

وروي: أن من خاف سلطانا أو غيره وخرج من منزله، واستعمل ذلك كان حرزاً له().

قال العلامة المجلسي رحمة الله عليه في حلية المتقين: واعلم انه من الأشياء التي يلزم أن يحملها المسافر معه: مسبحة من التربة المباركة للإمام الحسين عليه السلام حيث ورد في الحديث: أن الإمام الصادق عليه السلام زار العراق في أحد الأيام، فاستقبله الناس وسألوه فقالوا: «نحن نعلم بأن تربة الإمام الحسين عليه السلام فيها الشفاء من المرض، ولكن هل هي تؤمن حاملها من الخوف؟

فقال عليه السلام: كل من يريد الأمان من كل خوف، فعليه أن يحمل معه تربة من هذه التربة الحسينية، ويقرأ هذا الدعاء ثلاث مرات:

(أصبحت اللهم معتصماً

بذمامك وجوارك المنيع، الذي لا يطاول ولا يحاول، من شر كل غاشم وطارق، من سائر من خلقت من خلقك الصامت والناطق، في جُنة من كل مخوف، بلباس سابغة ولاء أهل بيت نبيك، محتجباً من كل قاصد إليّ أذية، بجدار حصين الإخلاص، في الاعتراف بحقهم، والتمسك بحبلهم، موقناً أن الحق لهم ومعهم، وفيهم وبهم، أوالي من والوا، وأجانب من جانبوا، فأعذني اللهم من شر كل ما أتقيه يا عظيم، حجزت الأعادي عني ببديع السماوات والأرض، إنا جعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون).

ثم قبل التربة وضعها علي عينيك وقل: (اللهم إني أسألك بحق هذه التربة المباركة، وبحق صاحبها، وبحق جده، وبحق أبيه، وبحق أخيه، وبحق ولده الطاهرين، اجعلها شفاءً من كل داء، وأماناً من كل خوف، وحفظاً من كل سوء]، فإذا كنت في الصباح فإنك تبقي في أمان بالله إلي الليل، وإذا كنت في الليل فإنك تبقي في أمان بالله إلي الصباح)» ().

تسبيح الزهراء عليها السلام في السفر

مسألة: يستحب للمسافر أن يسبح الله تعالي بتسبيحة الزهراء عليها السلام للحفظ، مضافا إلي قراءة آية الكرسي، كما ورد ذلك في الحديث الشريف.

فعنه عليه السلام قال: «أتي أخوان إلي رسول الله صلي الله عليه و اله فقالا: يا رسول الله إنا نريد الشام في تجارة، فعلمّنا ما نقول؟

قال صلي الله عليه و اله: بعد إذ آويتما إلي منزل، فصليا العشاء الآخرة، فإذا وضع أحدكما جنبه علي فراشه بعد الصلاة، فليسبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام، ثم ليقرأ (آية الكرسي) فإنه محفوظ من كل شيء.

وإن لصوصاً تبعوهما حتي نزلا، فبعثوا غلاماً لهم ينظر كيف حالهما، ناموا أم مستيقظون، فانتهي الغلام إليهم وقد وضع أحدهما جنبه علي فراشه وقرأ (آية

الكرسي) وسبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام، قال: فإذا عليهما حائطان مبنيان، فجاء الغلام فطاف بهما، فكلما دار لم ير إلا حائطين، فرجع إلي أصحابه فقال: لا والله ما رأيت إلا حائطين مبنيين.

فقالوا: أخزاك الله، لقد كذبت، بل ضعفت وجبنت.

فقاموا فنظروا فلم يجدوا إلا حائطين مبنيين، فداروا بالحائطين فلم يروا إنساناً، فانصروا إلي موضعهم، فلما كان من الغد جاؤوا إليهما، فقالوا: أين كنتما؟

فقالا: ما كنا إلا ههنا، ما برحنا.

فقالوا: لقد جئنا فما رأينا إلا حائطين مبنيين، فحدثانا ما قصتكما؟

فقالا: أتينا رسول الله صلي الله عليه و اله فعلمنا (آية الكرسي) وتسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام، ففعلنا.

فقالوا: انطلقا فوالله لا نتبعكما أبداً ولا يقدر عليكما لص بعد هذا الكلام» ().

الدعاء في طريق السفر

مسألة: يستحب للإنسان أن يدعو في طريق سفره بالأدعية المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام في هذا الباب، علما بأن هناك باباً في الكافي الشريف تحت عنوان: (باب الدعاء في الطريق)().

وقد ذكر فيما مرّ عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام دعاءاً في هذا الخصوص وهو: «إذا خرج أحدكم في سفر فليقل: (اللهم أنت الصاحب في السفر، والحامل علي الظهر، والخليفة في الأهل والمال والولد» ().

وروي السيد ابن طاووس رحمة الله عليه () أنه إذا أراد السفر، وقف علي باب داره وبعدما يسبح تسبيح الزهراء عليها السلام ويقرأ الحمد وآية الكرسي، يقول:

«اللهم إليك وجهّت وجهي، وعليك خلّفت أهلي ومالي وما خولتني، وقد وثقت بك، فلا تخيبني يا من لا يخيّب من أراده، ولا يضيّع من حفظه، اللهم صلّ علي محمد وآل محمد، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلي نفسي يا أرحم الراحمين، اللهم بلّغني ما توجهت له، وسبّب لي المراد، وسخّر لي عبادك وبلادك،

وارزقني زيارة نبيك، ووليك أمير المؤمنين عليه السلام، والأئمة من ولده، وجميع أهل بيته (عليه وعليهم السلام)، ومدني منك بالمعونة في جميع أحوالي، ولا تكلني إلي نفسي، ولاإلي غيري، فأكل وأعطب، وزودّني التقوي، واغفر لي في الآخرة والأولي، اللهم اجعلني أوجه من توجه إليك».

ويقول أيضاً: «بسم الله وبالله، وتوكلت علي الله، واستعنت بالله، وألجأت ظهري إلي الله، وفوّضت أمري إلي الله، رب آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيّك الذي أرسلت، لأنه لا يأتي بالخير إلهي إلا أنت، ولا يصرف السوء إلا أنت، عزّ جارك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، وعظمت آلاؤك، ولا إله غيرك»، فقد روي: أن من خرج من منزله مصبحاً ودعا بهذا الدعاء لم يطرقه بلاء حتي يمسي ويؤب إلي منزله، وكذلك من خرج في المساء ودعا به لم يطرقه بلاء حتي يصبح ويؤب إلي منزله» ().

من أدعية الطريق

عن أبي سعيد المكاري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا خرجت في سفر فقل: اللهم إني خرجت في وجهي هذا بلا ثقة مني بغيرك، ولا رجاء آوي إليه إلا إليك، ولا قوة أتكل عليها، ولا حيلة ألجأ إليها، إلا طلب فضلك، وإبتغاء رزقك، وتعرضاً لرحمتك، وسكوناً إلي حسن عادتك، وأنت أعلم بما سبق لي في علمك في سفري هذا، مما أحب أو أكره، فما أوقعت عليه من قدرك، فمحمود فيه بلاؤك، ومنتصح عندي فيه قضاؤك، وأنت تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب، اللهم فاصرف عني مقادير كل بلاء، ومقضي كل لاواء، وأبسط عليّ كنفاً من رحمتك، ولطفاً من عفوك، وسعة من رزقك، وتماماً من نعمتك، وجماعاً من معافاتك، وأوقع عليّ فيه جميع قضائك علي موافقة جميع هواي، في حقيقة أحسن أملي، وادفع ما أحذر فيه

وما لا أحذر علي نفسي وديني ومالي، مما أنت أعلم به مني، واجعل ذلك خيراً لآخرتي ودنياي، مع ما أسألك يارب أن تحفظني فيمن خلفت ورائي، من ولدي وأهلي ومالي ومعيشتي وحزانتي وقرابتي واخواني، بأحسن ما خلفت به غائباً من المؤمنين، في تحصين كل عورة، وحفظ من كل مضيعة، وتمام كل نعمة، وكفاية كل مكروه، وستر كل سيئة، وصرف كل محذور، وكمال كل ما يجمع لي الرضا والسرور، في جميع أموري، وافعل ذلك بي بحق محمد وآل محمد، وصلي الله علي محمد وآل محمد والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته» ().

وعن أنس بن مالك قال: «كان رسول الله صلي الله عليه و اله لم يرد سفراً إلا قال حين ينهض من مجلسه أو من جلوسه: (اللهم بك انتشرت، وإليك توجّهت، وبك اعتصمت، أنت ثقتي ورجائي، اللهم اكفني ما أهمّني وما لا أهتم له وما أنت أعلم به مني، اللهم زودني التقوي، واغفر لي، ووجهني إلي الخير حيثما توجهت)، ثم يخرج» ().

وكان أبو عبد الله عليه السلام يقول إذا خرج في سفره: «اللهم احفظني واحفظ ما معي، وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن، بالله استفتح وبالله أستنجح وبمحمد صلي الله عليه و اله أتوجه، اللهم سهل لي كل حزونة، وذلّل لي كل صعوبة، وأعطني من الخير كله أكثر مما أرجو، واصرف عني من الشر أكثر مما أحذر، في عافية يا أرحم الراحمين» ().

وكان عليه السلام يقول أيضاً: «أسأل الله الذي بيده ما دقّ وجلّ، وبيده أقوات الملائكة والناس أجمعين، أن يهب لنا في سفرنا أمناً وإيماناً، وسلامة وإسلاماً، وفقهاً وتوفيقاً، وبركة وهدي، وشكراً وعافية، ومغفرة وعزماً لا يغادر ذنبا» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«قل: اللهم إني أسألك لنفسي اليقين والعفو والعافية في الدنيا الآخرة، اللهم أنت ثقتي، وأنت رجائي، وأنت عضدي، وأنت ناصري، بك أُحل وبك أسير» ().

اذا مضت بك الراحلة

مسألة: كما انه يستحب الدعاء في ابتداء السفر، فكذلك يستحب الدعاء إذا مضت بالمسافر راحلته أو مركبته، ففي الحديث: «إذا مضت بك راحلتك فقل في طريقك: (خرجت بحول الله وقوته، بغير حول مني ولا قوة، ولكن بحول الله وقوته، برئت إليك يا رب من الحول والقوة، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا وبركة أهله، اللهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقاً حلالاً طيباً، تسوقه إلي وأنا خافض في عافية، بقوتك وقدرتك، اللهم إن سرت في سفري هذا بلا ثقة مني بغيرك، ولا رجاء لسواك، فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك، ووفقّني لطاعتك وعبادتك، حتي ترضي وبعد الرضا، يا ذا الجلال والاكرام برحمتك يا أرحم الراحمين) ().

الدعاء عند الصعود والهبوط

مسألة: يستحب للمسافر التسبيح إذا هبط في سفره والتكبير إذا صعد وبذلك روايات عديدة:

فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «كان رسول الله صلي الله عليه و اله في سفره إذا هبط سبّح، وإذا صعد كبّر» ().

وعن حذيفة بن منصور قال: «صحبت أبا عبد الله عليه السلام وهو متوجه إلي مكة، فلما صلي قال: (اللهم خل سبيلنا، وأحسن تسييرنا، وأحسن عافيتنا) وكلما صعد أكمة قال: (اللهم لك الشرف علي كل شرف)» ().

وروي السيد ابن طاووس رحمة الله عليه: أنه من أراد الصعود إلي تلة، أو إلي مكان عال، أو صعد علي سلم، فليقرأ ما يلي: «الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، والحمد لله رب العالمين، لك الشرف علي كل شرف» ().

عند هبوط الوادي

مسألة: يستحب للمسافر

أن يقرأ هذا الدعاء اذا هبط وادياً، قال النبي صلي الله عليه و اله: «من هبط وادياً فقال: (لا إله إلا الله والله أكبر)، ملأ الوادي حسنات، فليعظم الوادي بعداً وليصغر» ().

اذا أشرف المسافر علي علوّ

مسألة: يستحب التهليل والتكبير إذا أشرف المسافر علي شرف من الأشراف، قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «والذي نفس أبي القاسم بيده ما هلل مهلل، ولا كبر مكبر، علي شرف من الأشراف، إلا هلل ما خلفه، وكبّر ما بين يديه بتهليله وتكبيره، حتي يبلغ مقطع التراب» ().

الدعاء عند الجسر

مسألة: يستحب للمسافر إذا بلغ جسراً أن يقول حين يضع قدميه عليه كما ورد في الخبر: «بسم الله، اللهم ادحر عني الشيطان الرجيم» ().

فعن حفص بن القاسم قال: «قال أبو عبد الله عليه السلام: إن علي ذروة كل جسر شيطان، فإذا انتهيت إليه فقل: (بسم الله) يرحل عنك» ().

لدفع شؤم السفر

مسألة: يستحب قراءة هذا الدعاء إذا رأي المسافر ما يتشاءم منه في طريقه، فعن موسي بن جعفر عليه السلام قال: «الشؤم للمسافر في طريقه في ستة: الغراب الناعق عن يمينه، والكلب الناشر لذنبه، والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل وهو مقطع علي ذنبه يعوي ثم يرتفع ثم ينخفض ثلاثاً، والظبي السائح من يمين إلي شمال، والبومة الصارخة. والمرأة الشمطاء يري وجهها، والأتان العضباء، يعني: الجدعاء()، فمن أوجس في نفسه منهن شيئاً فليقل: (اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك)، قال: فيعصم من ذلك..» ().

دعاء من يسافر وحده

مسألة: ذكرنا فيما سبق: أنه يكره للإنسان أن يسافر وحده، فإذا سافر كذلك فيستحب له أن يقرأ هذا الدعاء المأثور، المروي عن الإمام موسي بن جعفر عليه السلام قال: «من خرج وحده في سفر فليقل: (ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم آنس وحشتي، وأعني علي وحدتي، وأدّ غيبتي» ().

وعن أبي الحسن عليه السلام قال: «ومن بات في بيته وحده، أو في دار أو في قرية وحده، فليقل: اللهم آنس وحشتي، وأعني علي وحدتي» ().

دعاء الضال عن الطريق

مسألة: يستحب لمن ضل عن الطريق أن يقرأ هذه الأدعية المنقولة عن أهل البيت عليهم السلام.

فعن أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا ضللت الطريق فناد: (يا صالح، يا أبا صالح، أرشدونا إلي الطريق رحمكم الله)، فقال الراوي: فأصابنا ذلك فأمرنا بعض من معنا أن يتنحي وينادي كذلك، قال: فتنحي فنادي، ثم أتانا فأخبرنا أنه سمع صوتاً يرد دقيقاً يقول: الطريق يمنة أو قال: يسرة، فوجدناه كما قال» ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «من ضل منكم في سفر أو خاف علي نفسه فليناد: (يا صالح أغثني) فإن في إخوانكم من الجن جنياً يسمي: صالحاً، يسبح في البلاد لمكانكم، محتسباً نفسه لكم، فإذا سمع الصوت أجاب، وأرشد الضال منكم، وحبس عليه دابته» ().

وعن عمر بن يزيد قال: «ضللنا سنة من السنين، ونحن في طريق مكة، فأقمنا ثلاثة أيام نطلب الطريق فلم نجده، فلما أن كان في اليوم الثالث وقد نفد ما كان معنا من الماء، عمدنا إلي ما كان معنا من ثياب الاحرام ومن الحنوط، فتحنطنا وتكفنّا بإزار إحرامنا، فقام رجل من أصحابنا فنادي: (يا صالح يا أبا الحسين) فأجابه مجيب من بعد، فقلنا له: من أنت يرحمك

الله؟ فقال: أنا من النفر الذين قال الله عزوجل في كتابه ?وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن?() إلي آخر الآية، ولم يبق منهم غيري، فأنا مرشد الضال إلي الطريق، قال: فلم نزل نتبع الصوت حتي خرجنا إلي الطريق» ().

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «إذا ضللت عن الطريق فناد: (يا صالح أو يا أبا صالح أرشدونا إلي الطريق يرحمكم الله)، وروي أن البر موكل به صالح، والبحر موكل به حمزة» ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إذا أخطأتم الطريق فتيامنوا» ().

وعن أبي عبيدة الحذاء قال: «كنت مع الباقر عليه السلام فضل بعيري، فقال عليه السلام: صل ركعتين ثم قل: كما أقول: (اللهم راد الضالة، هادياً من الضلالة، ردّ عليّ ضالتي، فإنها من فضلك وعطائك) ثم قال عليه السلام: يا أبا عبيدة تعال فاركب، فركبت مع أبي جعفر عليه السلام فلما سرنا إذا سواد علي الطريق، فقال عليه السلام: يا أبا عبيدة هذا بعيرك، فإذا هو بعيري» ().

عند الخوف في السفر

مسألة: يستحب للمسافر إذا خاف في سفره من شيء، أن يقرأ الأدعية المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام في هذا الباب:

قال الإمام الصادق عليه السلام: «إذا كنت في سفر أو مفازة فخفت جنيّا أو آدمياً، فضع يمينك علي أم رأسك واقرأ برفيع صوتك: ?أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون?()» ().

قال: وقال له قائل: «إنا صاحب صيد، فربما يعرّض لي سبع، أو أبيت بالليل في الخرابات والمكان الموحش، فقال عليه السلام: إذا دخلت فقل: بسم الله، وأدخل رجلك اليمني، وإذا خرجت فأخرج اليسري وسم الله، فإنك لا تري مكروها، إن شاء الله تعالي» ().

وروي: أنه

إذا خفت سبعاً فقل: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو علي كل شيء قدير، اللهم يا ذارئ ما في الأرض كلها بعلمه، والسلطان القاهر علي كل شيء دونه، يا عزيز يا منيع، أعوذ بقدرتك من كل شيء يضر، من سبع أو هامة أو عارض أو سائر الدواب، يا خالقها بفطرته، إدرأها عني، واحجزها ولا تسلّطها عليّ، وعافني من شرها يا الله يا عظيم، إحفظني بحفظك من مخاوفي، يا رحيم» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا دخلت مدخلاً تخافه فاقرأ هذه الآية: ?رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً?()» ().

وعن زرارة قال: «سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن العفاريت من أولاد الأبالسة تتخلل وتدخل بين محامل المؤمنين، فتنفّر عليهم إبلهم، فتعاهدوا ذلك بآية الكرسي» ().

وعن داود الرقي، عن موسي بن جعفر عليه السلام قال: «من كان في سفر وخاف اللصوص والسبع، فليكتب علي عرف دابته: ?لا تخاف دركاً ولا تخشي?() فإنه يأمن بإذن الله عزوجل، قال داود الرقي: فحججت فلما كنا بالبادية جاء قوم من الأعراب فقطعوا علي القافلة وأنا فيهم، فكتبت علي عرف جملي ?لا تخاف دركاً ولاتخشي? فوالذي بعث محمد صلي الله عليه و اله بالنبوة، وخصه بالرسالة، وشرّف أمير المؤمنين بالإمامة، ما نازعني أحد منهم، أعماهم الله عني» ().

السفر والأمان من أخطاره

ومن الأدعية المروية للأمان في السفر من خطر العدو أو اللص، فيما إذا خاف المسافر شيئاً من ذلك، أن يقول: «يا آخذاً بنواصي خلقه، والسافع بها إلي قدرته، المنفذ فيها حكمه، وخالقها وجاعل قضائه لها غالباً، وكلهم ضعيف عند غلبته، وثقت بك

يا سيدي عند قوتهم، لضعفي، وبقوتك علي من كادني فسلمني منهم، اللهم فإن حلت بيني وبينهم فذاك أرجو، وان أسلمتني إليهم غيروا ما بي من نعمتك، يا خير المنعمين صل علي محمد وآل محمد، ولا تجعل تغيّر نعمتك علي يد أحد سواك، ولا تغيّرها أنت، فقد تري الذي يراد بي، فحل بيني وبين شرهم بحق ما به تستجيب، يا الله رب العالمين» ().

قال ابن عباس: «قلت لأمير المؤمنين عليه السلام ليلة صفين، أما تري الأعداء قد أحدقوا بنا؟ فقال: فقد راعك هذا؟ قلت: نعم، فقال قل: (اللهم إني أعوذ بك أن أضل في هداك، اللهم إني أعوذ بك أن أفتقر في غناك، اللهم إني أعوذ بك أن أضيع في سلامتك، اللهم إني أعوذ بك أن أغلب والأمر لك)().

وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: «إذا صادفك الغولان في طريقك، فأذّن آذان الصلاة» ().

وعنه عليه السلام قال: «إذا تغولت لكم الغيلان فأذّنوا» ().

وروي: «وإذا خفت في منزلك شيئاً من هوام الأرض، فقل في المكان الذي تخاف ذلك فيه، وهو من أدعية السر: «يا ذارئ من في الأرض كلها، لعلمك بما يكون مما ذرأت، لك السلطان علي كل من دونك، إني أعوذ بقدرتك علي كل شيء يضر من الضر في بدني، من سبع أو هامة أو عارض من سائر الدواب، يا خالقها بفطرته إدرأها عني، واحجزها، ولا تسلطها علي، وعافني من بأسها، يا الله العلي العظيم احفظني بحفظك، وأجنبني بسترك الواقي من مخاوفي يا رحيم» ().

إذا عثرت الدابة

مسألة: يستحب قراءة هذا الدعاء إذا عثرت الدابة بالمسافر أو حدث ما شابهه في المركبة بالنسبة إلي الراكبين والمسافرين:

عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «كان علي عليه السلام إذا

عثرت به دابته قال: (اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، ومن تحويل عافيتك، ومن فجأة نقمتك» ().

الدعاء في منازل الطريق

مسألة: يستحب للمسافر قراءة بعض الأدعية المأثورة عند النزول في شيء من منازل الطريق.

قال النبي صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام: «يا علي، إذا نزلت منزلاً فقل: ?رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين?(). وفي رواية: (وأيدني بما أيدت به الصالحين، وهب لي السلامة والعافية في كل وقت وحين، أعوذ بكلمات الله التامات كلها، من شر ما خلق وذرأ وبرأ) ثم صل ركعتين وقل: (اللهم ارزقنا خير هذه البقعة، وأعذنا من شرها، اللهم أطعمنا من جناها، وأعذنا من وبائها، وحببنا إلي أهلها، وحبب صالحي أهلها إلينا)» ().

قال السيد بن طاووس رحمة الله عليه: ثم يقول: (اشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن علياً أمير المؤمنين والأئمة من ولده أئمة أتولاهم، وأبرأ من أعدائهم، اللهم إني أسألك خير هذه البقعة، وأعوذ بك من شرها، اللهم اجعل أول دخولنا هذا صلاحاً، وأوسطه فلاحاً، وآخره نجاحا) ().

وإذا أردت الرحيل فصل ركعتين وادع الله بالحفظ والكلاءة وودع الموضع وأهله، فإن لكل موضع أهلاً من الملائكة وقل: (السلام علي ملائكة الله الحافظين، السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين ورحمة الله وبركاته) ().

عند دخول البلد

مسألة: يستحب للمسافر كما في الخبر قراءة بعض الأدعية المأثورة عندما يشرف علي المدينة أو القرية التي قصدها في سفره:

قال النبي صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام: «إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها: (اللهم إني أسألك خيرها، وأعوذ بك من شرها، اللهم حببنا إلي أهلها، وحبب صالحي أهلها إلينا)» ().

المسافر إذا رجع

مسألة: يستحب بعد

الانصراف من السفر: أن يحمد الله عزوجل علي سلامته، ويشكره عليها، ويتصدق بما تيسر له، وبذلك روايات عديدة.

فعن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «كان علي بن الحسين عليه السلام إذا أراد الخروج إلي بعض أمواله اشتري السلامة من الله عزوجل بما تيسر به، ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب، وإذا سلمه الله وانصرف، حمد الله عزوجل وشكره وتصدق بما تيسر له» ().

وعنه عليه السلام قال: «إذا أردت سفراً فاشتر سلامتك من ربك بما طابت به نفسك، ثم تخرج وتقول: (اللهم إني أريد سفر كذا وكذا، وإني قد اشتريت سلامتي في سفري هذا بهذا) وتضعه حيث يصلح. وتفعل مثل ذلك إذا وصلت شكراً» ().

دعاء الرجوع من السفر

مسألة: يستحب للمسافر قراءة بعض الأدعية المأثورة عند ما يرجع من سفره:

فقد روي عن النبي صلي الله عليه و اله أنه لما رجع من خيبر قال: «آئبون تائبون إن شاء الله، عابدون راكعون ساجدون لربنا حامدون، اللهم لك الحمد علي حفظك إياي في سفري وحضري، اللهم اجعل أوبتي هذه مباركة ميمونة، مقرونة بتوبة نصوح، توجب لي بها السعادة يا أرحم الراحمين» ().

إذا دخل المسافر منزله

مسألة: يستحب للمسافر إذا دخل منزله، ان لا يشتغل بشيء حتي يصب الماء علي نفسه، ويصلي ركعتين لله تعالي، ويشكر الله مائة مرة.

قال عليه السلام: «وإذا قدم الرجل من السفر ودخل منزله، ينبغي أن لا يشتغل بشيء حتي يصبّ علي نفسه الماء، ويصلي ركعتين، ويسجد ويشكر الله مائة مرة» ().

أدعية الدخول في المنزل

مسألة: يستحب للمسافر قراءة الأدعية المأثورة عند ما يدخل منزله.

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «إذا دخل أحدكم منزله فليسّلم علي أهله يقول: (السلام عليكم) فإن لم يكن له

أهل فليقل: (السلام علينا من ربنا) وليقرأ ?قل هو الله أحد? حين يدخل منزله فإنه ينفي الفقر» ().

ركوب البحر وآدابه

مسألة: لركوب البحر أحكام كثيرة، وآداب خاصة، وتفصيل الكلام في محله().

فعن الإمام الرضا عليه السلام قال لبعض أصحابه: «إذا عزم الله لك علي البحر فقل الذي قال الله عزوجل: ?بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم?() فإذا اضطرب بك البحر، فاتك علي جانبك الأيمن وقل: (بسم الله، إسكن بسكينة الله، وقر بقرار الله، واهدأ بإذن الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله)().

وقد سئل أبو عبد الله عليه السلام عن ركوب البحر في هيجانه؟ فقال: ¬ «ولم يغرّر الرجل بدينه» ().

وقال الصدوق رحمة الله عليه: «نهي رسول الله صلي الله عليه و اله عن ركوب البحر في هيجانه» ().

وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «من خاف الغرق ليقل: ?بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم?() بسم الله الحق ?وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالي عما يشركون?()» ().

وفي حديث آخر عنه عليه السلام قال: «إذا خفت الغرق فقل: ?إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولي الصالحين?()، ?وما قدروا الله حق قدره?() إلي آخر الآية» ().

وفي حديث آخر عنه عليه السلام: قال: «من أراد ركوب السفينة فليقل مائة مرة: (الله أكبر) ومائة مرة: (اللهم صل علي محمد وآل محمد) والعن من ظلم آل محمد مائة مرة بهذا النحو: (اللهم العن من ظلم آل محمد) ثم قل: (بسم الله وبالله والصلاة علي محمد رسول، الله وعلي الصادقين من آله، اللهم أحسن مسيرنا، وعظم أجورنا، اللهم بك انتشرنا، وإليك توجهنا، وبك آمنا، وبحبلك اعتصمنا، وعليك توكلنا، اللهم أنت ثقتنا

ورجاؤنا وناصرنا، لا تحل بنا ما لا نحب، اللهم بك نحل، وبك نسير، اللهم خل سبيلنا، وأعظم عافيتنا، أنت الخليفة في الأهل والمال، وأنت الحامل في الماء وعلي الظهر ?وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم?() ?وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالي عما يشركون?()، اللهم أنت خير من وفد إليه الرجال، فأنت سيدي أكرم مزور، وأكرم مقصود، وقد جعلت لكل زائر كرامة، ولكل وافد تحفة، فأسألك أن تجعل تحفتك إياي فكاك رقبتي من النار، واشكر سعيي، وارحم مسيري من أهلي، بغير منّ مني عليك، بل لك المنّة عليّ أن جعلت لي سبيلاً إلي زيارة وليك، وعرفتني فضله، وحفظتني في ليلي ونهاري، حتي بلغتني هذا المكان، وقد رجوتك فلا تقطع رجائي، وأملتك فلا تخيب أملي، واجعل مسيري هذا كفارة لذنوبي، يا أرحم الراحمين)» ().

مسألة: يستحب للمسافر علي ما روي أن يقرأ هذا الدعاء المشتمل علي آيات كريمة من القرآن عند ركوبه في السفينة: «بسم الله الملك الحق ?وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويّات بيمينه سبحانه وتعالي عما يشركون?()، ?بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم? ()» ().

وهناك آيات وأدعية أخري ترتبط بالطريق والسفر والمسافر، ذكرها السيد بن طاووس في كتابه: (الأمان من أخطار الأسفار والأزمان)، وغيره في غيره.

???

وهذا آخر ما أردنا بيانه في هذا الكتاب، نسأل الله سبحانه الفائدة والقبول، والله الموفق المستعان، ?سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين?()، وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.

قم المقدسة

18 / صيام / 1412 ه

محمد الشيرازي

من مصادر التهميش

? القرآن الكريم

? نهج البلاغة

? الصحيفة السجادية

?

إذا قام الإسلام في العراق / للإمام الشيرازي

? إلي نهضة ثقافية إسلامية / للإمام الشيرازي

? أمالي الشيخ المفيد

? الإرشاد

? الإقبال

? الأمان من أخطار الأسفار والأزمان

? الاختصاص

? الاستبصار

? الافصاح

? البلد الأمين

? التوحيد

? الحدائق الناضرة

? الحرية الإسلامية / للإمام الشيرازي

? الخصال

? السرائر

? السيدة زينب عليها السلام عالمة غير معلمة / للإمام الشيرازي

? الصراط المستقيم

? الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام / للإمام الشيرازي

? العمدة

? الفقه: الأسرة / للإمام الشيرازي

? الفقه: الحج / للإمام الشيرازي

? الفقه: الحدود والتعزيزات / للإمام الشيرازي

? الفقه: الحريات / للإمام الشيرازي

? الفقه: الدولة الإسلامية / للإمام الشيرازي

? الفقه: الديات / للإمام الشيرازي

? الفقه: القانون / للإمام الشيرازي

? الفقه: القصاص / للإمام الشيرازي

? الفقه: القضاء / للإمام الشيرازي

? الفقه: القواعد الفقهية / للإمام الشيرازي

? الفقه: من فقه الزهراء عليها السلام / للإمام الشيرازي

? القوميات في خمسين سنة / للإمام الشيرازي

? الكافي

? المحاسن

? بحار الأنوار

? تقريب القرآن إلي الأذهان / للإمام الشيرازي

? تنبيه الخواطر ونزهة النواظر

? تنزيه الأنبياء

? تهذيب الأحكام

? ثواب الأعمال وعقاب الأعمال

? جامع الأخبار

? جامع مناسك الحج / للإمام الشيرازي

? حلية المتقين

? دعائم الإسلام

? رسالة في قاعدة لا ضرر

? سفينة البحار

? شرائع الإسلام

? شهاب الأخبار

? صحيفة الإمام الرضا عليه السلام

? غرر الحكم ودرر الكلم

? غوالي اللئالي

? قصص الأنبياء للجزائري

? قصص الأنبياء للراوندي

? كيف ينظر الإسلام إلي السجين / للإمام الشيرازي

? مستدرك الوسائل

? مصباح الزائر

? مصباح المتهجد

? مكارم الأخلاق

? ممارسة التغيير لانقاذ المسلمين / للإمام الشيرازي

? من قصص المستبدين / للإمام الشيرازي

? من لا يحضره الفقيه

? مناسك الحج / للإمام الشيرازي

? مناقب آل أبي طالب عليهم السلام

? موجز عن الدولة العثمانية / للإمام الشيرازي

? نهج الحق

? وسائل الشيعة

? ولأول مرة في تاريخ العالم

/ للإمام الشيرازي

401

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

() سورة الحجرات: 13.

() سورة نوح: 19-20.

() سورة الأنبياء: 31.

() سورة الزخرف: 10.

() سورة طه: 53.

() سورة الملك: 15.

() نهج البلاغة: الخطبة 189.

() راجع موسوعة الفقه: كتاب الحج، وكتاب (جامع مناسك الحج) و(مناسك الحج) للإمام المؤلف (دام ظله).

() راجع (رسالة في قاعدة لا ضرر) للإمام المؤلف.

() راجع موسوعة الفقه: كتاب القواعد الفقهية، مبحث قاعدة الأهم والمهم.

() سورة الحج: 78.

() سورة المائدة: 6.

() سورة البقرة: 185.

() الكافي: ج5 ص280 ح4.

() راجع الكافي: ج5 ص494 ح1، وفيه: «بعثني…».

() الكافي: ج3 ص395 ح8.

() الكافي: ج1 ص160 ح14.

() راجع التهذيب: ج4 ص153 ب1 ح9.

() سورة الحج: 78.

() مستدرك الوسائل: ج1 ص188 ب3 ح310، ووسائل الشيعة: ج1 ص120 ب9 ح14.

() راجع التوحيد: ص347.

() سورة الحج: 78.

() الكافي: ج3 ص33 ح4.

() الكافي: ج4 ص82 ح6.

() سورة الحج: 78.

() تهذيب الأحكام: ج1 ص38 ب3 ح42.

() الكافي: ج3 ص4 ح2.

() الكافي: ج3 ص13 ح7.

() من لا يحضره الفقيه: ج1 ص12 ح16.

() راجع الكافي: ج1 ص165 ح4.

() البلد الأمين: ص346.

() الصحيفة السجادية: الدعاء 1.

() سورة البقرة: 286.

() سورة البقرة: 185.

() سورة البقرة: 196.

() سورة البقرة: 280.

() سورة الإسراء: 28.

() سورة الكهف: 88.

() سورة طه: 26.

() سورة القمر: 17 و22 و32 و40.

() سورة الطلاق: 4.

() سورة الطلاق: 7.

() سورة المزمل: 20.

() سورة الأعلي: 8.

() سورة الشرح: 5.

() سورة الشرح: 6.

() سورة مريم: 97.

() سورة الدخان: 58.

() سورة عبس: 20.

() سورة الليل: 7.

() سورة الكهف: 73.

() سورة النساء: 65.

() سورة المائدة: 6.

() سورة الأنعام: 125.

() سورة الأعراف: 2.

() سورة التوبة: 91.

() سورة الحج: 78.

() سورة النور: 61.

() سورة الأحزاب: 37.

() سورة الأحزاب: 38.

() سورة الأحزاب: 50.

() سورة الفتح: 17.

() سورة الطلاق:

6.

() سورة البقرة: 173.

() سورة البقرة: 231.

() سورة البقرة: 233.

() سورة البقرة: 282.

() سورة النساء: 12.

() سورة المائدة: 3.

() الأنعام: 119.

() سورة الأنعام: 145.

() سورة التوبة: 107.

() سورة النحل: 115.

() وسائل الشيعة: ج6 ص223 ب2 ح2.

() وسائل الشيعة: ج7 ص149 ب15 ح1.

() وسائل الشيعة: ج9 ص299 ب16 ح6.

() سورة الحج: 78.

() مستدرك الوسائل: ج1 ص483 ب35 ح1226.

() مستدرك الوسائل: ج8 ص114 ب1 ح9195.

() الكافي: ج4 ص504 ح2.

() تهذيب الأحكام: ج4 ص81 ب1 ح5.

() الكافي: ج5 ص494 ح1.

() الكافي: ج6 ص507 ح15.

() الكافي: ج4 ص82 ح7، وراجع بحار الأنوار: ج47 ص210 ب6 ح53.

() سورة البقرة: 286.

() سورة البقرة: 185.

() سورة البقرة: 286.

() قال تعالي: ?وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق?. سورة آل عمران: 112.

وقال سبحانه: ?وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق? سورة البقرة: 61.

() راجع الكافي: ج5 ص12 ح3، وفيه قال صلي الله عليه و اله: «مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي الجهاد الأكبر…» الحديث.

() راجع الكافي: ج6 ص528 ح10، وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام: «ثلاثة معذبون يوم القيامة: رجل كذب في رؤياه يكلف أن يعقد بين شعيرتين…» الحديث.

() راجع الكافي: ج6 ص528 ح10.

() سورة الحديد: 13.

() إشارة إلي قوله تعالي في سورة القيامة: 13.: ?بل الإنسان علي نفسه بصيرة?.

() سورة الحج: 78.

() سورة الحجر: 19.

() سورة الشعراء: 182.

() مستدرك الوسائل: ج13 ص441 ب1 ح15849.

() سورة البلد: 10.

() سورة الانسان: 3.

() سورة العصر: 1-3.

() سورة المعارج: 19.

() سورة الأحزاب: 72.

() سورة المدثر: 38.

() سورة الطور: 21.

() سورة الأعلي: 14.

() سورة الشمس: 9 10.

() سورة ص:

28.

() سورة القلم: 35.

() سورة ص: 28.

() سورة الجاثية: 21.

() سورة التوبة: 103.

() سورة طه: 76.

() سورة فاطر: 18.

() سورة آل عمران: 164.

() راجع الكافي: ج2 ص294 ح5، وفيه: «ما عمل أحد عملا إلا رداه الله، ان خيراً فخير، وان شراً فشر».

() سفينة البحار: ج2 ص603 مادة: نفس، الطبعة القديمة.

() سفينة البحار: ج2 ص603 مادة: نفس، الطبعة القديمة.

() سورة التوبة: 71.

() سورة آل عمران: 110.

() سورة آل عمران: 104.

() نهج البلاغة: الخطبة 3.

() سفينة البحار: ج2 ص630 مادة: نهي، الطبعة القديمة.

() سفينة البحار: ج2 ص630 مادة: نهي، الطبعة القديمة.

() سفينة البحار: ج2 ص630 مادة: نهي، الطبعة القديمة.

() سفينة البحار: ج2 ص630 مادة: نهي، الطبعة القديمة.

() سورة المائدة: 38.

() سورة يونس: 27.

() سورة الشوري: 40.

() سورة النور: 2.

() سورة الحديد: 25.

() راجع مستدرك الوسائل: ج10 ص222 ب21 ح11900.

() سورة النور: 4.

() موسوعة الفقه: ج101-102 كتاب: (الدولة الإسلامية).

() أشار الامام المؤلف إلي هذا المبحث في عدة من كتبه: منها ما جاء في كتاب (إذا قام الإسلام في العراق) ص50 تحت عنوان (نظام العقوبات) وفيه:

ان النظام والأمن لا يستتب إلا بعقاب المجرم، والعقوبات المقررة في الشريعة الإسلامية علي قسمين:

الأول: لأجل انتهاك حق الله، مثل شرب الخمر والزنا.

الثاني: لأجل انتهاك حق الإنسان، مثل القتل والقذف.

وقد قررت الشريعة كلا العقابين مما ذكر في كتاب الحدود والقصاص، والذي أري وإن كان اللازم مراجعة شوري الفقهاء المراجع وأخذ آرائهم في الأمر: ان الدولة الإسلامية إذا قامت يلزم إرجاء العقوبات في القسمين إلي التأديب لمدة خمس سنوات مثلا، وانما تبد ل إلي التأديب بالسجن ونحوه مما يصلح أن يكون رادعا حسب رأي أكثرية شوري الفقهاء المراجع منضمين إلي الخبراء كما وكيفا حتي تستولي

الحكومة علي مقاليد الأمور وحتي يطبق الإسلام في جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها مما يرتبط بالعقوبات وذلك لأمور:

الأول: ان الرسول صلي الله عليه و اله لم يطبق العقوبات إلا بعد تطبيقه الإسلام في المدينة المنورة وهو صلي الله عليه و اله أسوة [راجع سورة الاحزاب: 21] فالرسول صلي الله عليه و اله طبق القوانين ككل لا يتجزأ.

الثاني: قوله سبحانه: ?ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها? [سورة الاعراف: 56]وقبل التطبيق الكامل للإسلام لا يكون إصلاح بالحمل الشائع فتأمل.

الثالث: قانون الأهم والمهم وهو قانون عقلي وعقلائي وقد أشار إليه القرآن الحكيم بقوله تعالي: ?ولولا أن يكون الناس أمة واحدة? [سورة الزخرف: 33].

والرسول صلي الله عليه و اله حيث قال ما مضمونه: (لولا ان الناس يقولون…)، وفي حديث عنه صلي الله عليه و اله: (لولا ان قومك حديثوا عهد بالإسلام لهدمت الكعبة وجعلت لها بابين)، وقول علي عليه السلام: (لانهدم طرف من عسكري)، وترك عليه السلام شريحا علي منصبه، وترك القائمين بصلاة البدعة رغم انه صلي الله عليه و اله نهي عن ذلك مجرد نهي ولم يرتدعوا، والرسول صلي الله عليه و اله لم يعاقب الفارين عن الزحف وفاعلي جملة من المنكرات.

وحتي لا تشوه سمعة الإسلام وغير ذلك ولذا لا يجري الحد في أرض العدو كما ذكرنا تفصيله في كتاب (الفقه: القواعد الفقهية) وغيره، إضافة إلي ان (الحدود تدرأ بالشبهات) وان الإسلام جعل للحدود شرائط كثيرة قد تكون بعضها تعجيزية في بعض الأحيان وذلك لأن الإسلام يقلع الفساد من جذوره، فلا فقر ولا.. فتقل الجرائم طبيعياً..

والتاريخ الإسلامي أفضل دليل علي ذلك، أما ما نراه اليوم من كثرة المشاكل وزيادة الفساد في كثير من البلاد الإسلامية فلترك القوانين الإسلامية

وكبت حريات الناس والظلم الكثير وما إلي ذلك، فلا يمكن تطبيق نظام العقوبات ما لم تطبق قوانين الإسلام الأخري بحيث توفر الدولة كل مستلزمات الحياة السليمة والصحيحة للناس.

() راجع كتاب (الصياغة الجديدة) للإمام المؤلف.

() سورة النصر: 2.

() صدر من الإمام الشيرازي كتاب تحت عنوان (الفقه: الأسرة).

() قال تعالي: ?إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون?. سورة الأنبياء: 92، وعن زرارة قال: «سمعت أبا جعفر عليه السلام: يقول أصل المرء دينه، وحسبه خلقه، وكرمه تقواه، وان الناس من آدم شرع سواء». مستدرك الوسائل: ج12 ص89 ب75 ح13597.

() راجع بحار الأنوار: ج32 ص447 ب12 ح394.

() راجع موسوعة الفقه: كتاب القواعد الفقهية، مبحث قانون الالزام.

() راجع موسوعة الفقه: ج101-102 كتاب الدولة.

() راجع بحار الأنوار: ج41 ص56 ب105 ح6.

() بحار الأنوار: 56 ص283 ب25.

() بحار الأنوار: ج81 ص101 ب12 ح2.

() سورة النساء: 75.

() انظر كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم ج1 2) للإمام الشيرازي (دام ظله).

() سورة النساء: 19.

() سورة البقرة: 231.

() سورة النساء: 65.

() راجع كتاب (موجز عن الدولة العثمانية) و(ممارسة التغيير لانقاذ المسلمين) و(تلخيص تاريخ امبراطوري عثماني) للإمام المؤلف (دام ظله).

() راجع موسوعة الفقه: كتاب القانون.

() (الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام)، يشتمل الكتاب علي تسعة فصول ويضم 736 صفحة من الحجم الكبير، طبع عدة مرات في لبنان وايران.

() (الحرية الإسلامية) يشتمل الكتاب علي بيان الحريات العامة الاسلامية، ويقع في 126 صفحة من الحجم المتوسط، طبع مكررا في بيروت وإيران. وانظر ايضاً (الفقه: الحريات) ويبحث عن جوانب من الحريات الإسلامية في مختلف الأبواب الفقهية، يقع في 328 صفحة من الحجم الكبير، طبع في لبنان.

() هنا صفحتان ناقصتان في النسخة التي كانت عندنا، نسأل الله أن

يوفقنا للعثور عليها في الطبعات القادمة.

() راجع من لا يحضره الفقيه: ج3 ص106 ب2 ح3426.

() راجع بحار الأنوار: ج41 ص56 ب105 ح6.

() نيكسون (ريشارد ميلهو): (1913-1994م) سياسي أمريكي، رئيس الجمهورية 1969م، أعيد انتخابه عام 1972م، استقال سنة 1974م إثر فضيحة وترغيت السياسية.

() مركز الحزب الديمقراطي الأمريكي في واشنطن عام 1972م، أثيرت حوله فضيحة تجسس سياسي في انتخاب الرئاسة لمصلحة الجمهوريين مما اضطر الرئيس نيكسون إلي الاستقالة عام 1974م.

() فورد جيرالد: سياسي أمريكي، ولد عام 1913م، رئيس الولايات المتحدة من بعد استقالة نيكسون، 1974-1977.

() سورة البقرة: 35.

() سورة البقرة: 219.

() سورة البقرة: 217.

() سورة البقرة: 229.

() سورة النحل: 106.

() راجع العمدة ص 317 ح532 حديث حريق الكعبة. وفيه: (حديثوا عهد بالشرك).

() بحار الأنوار: ج39 ص325 ب88 ح27.

() راجع موسوعة الفقه كتاب القواعد الفقهية، مبحث قانون الالزام.

() راجع بحار الأنوار: ج10 ص118 ب8 ح1.

() راجع الكافي: ج2 ص463 ح2، والكافي: ج2 ص462 ح1.

() قال في الشرائع، كتاب الزكاة: (الخيل إذا كانت إناثاً سائمة وحال عليها الحول، ففي العتاق عن كل فرس ديناران، وفي البراذين عن كل فرس دينار، استحبابا. شرائع الاسلام، ج1 ص124-125 مع تعليقات آية الله السيد صادق الشيرازي.

() موسوعة الفقه: ج101- 102.

() لقد تطرق الإمام الشيرازي إلي كثير من مباحث هذه القواعد وفروعها في كتابه القيم (القواعد الفقهية).

() إشارة إلي قوله تعالي: ?وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص?. سورة المائدة: 45.

() سورة إبراهيم: 24.

() سورة إبراهيم: 26.

() سورة التحريم: 7.

() راجع موسوعة الفقه: ج87-88 كتاب (الحدود والتعزيزات) وج89 كتاب (القصاص) وج90-91 كتاب (الديات).

() سورة النساء: 25.

() مستدرك الوسائل: ج18 ص26 ب21 ح21911.

() سورة الأعراف: 56.

()

راجع وسائل الشيعة: ج18 ص324 ب14 ح4.

() سورة البقرة: 185.

() سورة الأنعام: 164.

() سورة يوسف: 79.

() راجع بحار الأنوار: ج4 ص250 ب97 ح25.

() سورة الإسراء: 15.

() سورة الطلاق: 7.

() سورة النحل: 106.

() سورة الأنعام: 119.

() سورة البقرة: 173.

() وسائل الشيعة: ج11 ص295 ب56 ح1.

() سورة النساء: 135.

() سورة النجم: 23.

() سورة الفرقان: 43.

() سورة الكهف: 28.

() سورة القصص: 50.

() صورة ص: 26.

() سورة طه: 16.

() سورة الروم: 29.

() سورة القمر: 3.

() سورة الأعراف: 176.

() غوالي اللئالي: ج1 ص40 ح40، وبحار الأنوار: ج69 ص29 ب94 ح26، وفيه عن الصادق عليه السلام: «كاد الفقر أن يكون كفراً» الحديث.

() غوالي اللئالي: ج1 ص40 ح41.

() سورة البقرة: 237.

() سورة التغابن: 14.

() سورة النور: 22.

() سورة الحديد: 25.

() سورة الأعراف: 29.

() راجع دعائم الإسلام: ج2 ص444 ح1552، وتهذيب الأحكام: ج10 ص148 ب18 ح587. وفيه: «عن أبي جعفر عليه السلام: ان أمير المؤمنين عليه السلام أمر قنبراً أن يضرب رجلا حداً، فغلط قنبر فزاده ثلاثة أسواط، فأقاده علي عليه السلام من قنبر ثلاثة أسواط».

() راجع مصباح الكفعمي: ص25.

() موسوعة الفقه: ج101-102.

() انظر أيضاً (كيف ينظر الإسلام إلي السجين) للإمام المؤلف.

() غوالي اللئالي: ج4 ص86 ح100، وراجع الافصاح للشيخ المفيد: ص49.

() راجع كتاب (من فقه الزهراء عليها السلام) المجلد الأول، و(السيدة زينب عليها السلام عالمة غير معلمة) للإمام المؤلف.

() أي القول والفعل والتقرير.

() سورة البقرة: 136.

() راجع الارشاد للشيخ المفيد: ج1 ص207.

() راجع وسائل الشيعة: ج7 ص157 ب20 ح7.

() راجع وسائل الشيعة: ج18 ص324 ب14 ح5.

() أي حصلت شبهة جماعية ارتد علي أثرها جماعة، فإن في مثل ذلك لا تجري أحكام الارتداد.

() وسائل الشيعة: ج17 ص376 ب1 ح10.

() وسائل الشيعة: ج17 ص328

ب3 ح1.

() سورة البقرة: 29، قال تعالي: ?هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً?.

()راجع موسوعة الفقه: كتاب الحريات، يقع في 328 صفحة من الحجم الكبير، وطبع في لبنان، مؤسسة الفكر الإسلامي عام 1414ه.

() سورة البقرة: 29.

() سورة طه: 124.

() للتفصيل راجع (القوميات في خمسين سنة) و(إلي نهضة ثقافية إسلامية)، للإمام المؤلف.

() سورة البقرة: 29.

() سورة الأنفال: 46.

() سورة الأنبياء: 92.

() سورة آل عمران: 103.

() سورة المائدة: 47.

() سورة المائدة: 44.

() كما أشار إلي بعض تفصيله الإمام المؤلف في كتابه (القواعد الفقهية).

() سورة المائدة: 2.

() راجع مستدرك الوسائل: ج18 ص17 ب11 ح81877.

() قال تعالي: ?وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث? سورة ص: 44.

() راجع وسائل الشيعة: ج18 ص331 ب18 ح3.

() راجع وسائل الشيعة: ج18 ص331 ب18 ح2.

() راجع وسائل الشيعة: ج18 ص331 ب18 ح4.

() راجع كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم، ج1-2) للإمام المؤلف.

() حيث قال تعالي: ?ولا تصل علي أحد منهم مات أبداً ولا تقم علي قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون? سورة التوبة: 84.

() راجع الإرشاد: ج1 ص205، وفيه:

إن امرأتين تنازعتا علي عهد عمر في طفل ادعته كل واحدة منهما ولداً لها بغير بينة ولم ينازعهما فيه غيرهما، فالتبس الحكم في ذلك علي عمر، وفزع فيه إلي أمير المؤمنين عليه السلام، فاستدعي عليه السلام المرأتين ووعظهما وخوفهما، فأقامتا علي التنازع والاختلاف، فقال عليه السلام عند تماريهما في النزاع: ائتوني بمنشار، فقال له المرأتان: ما تصنع؟ فقال عليه السلام: أقده نصفين لكل واحدة منكما نصفه، فسكتت احديهما وقالت الأخري: الله الله يا أبا الحسن إن كان لابد من ذلك فقد سمحت به لها، فقال عليه السلام: الله أكبر هذا ابنك دونها

ولو كان ابنها لرقت عليه وأشفقت، فاعترفت المرأة الأخري بأن الحق مع صاحبتها دونها والولد لها دونها.

() راجع مناقب آل أبي طالب: ج2 ص380، وفيه:

«انه انفذ رجل غلاماً مع ابنه إلي الكوفة فتخاصما، فضربه الابن فنكل عنه الغلام وسبه حتي ادعي أنه مملوكه فتحاكما إلي أمير المؤمنين عليه السلام، فقال لقنبر: اثقب في الحائط ثقبين، ثم قال لكل منهما: ادخل رأسك في هذا الثقب، ثم قال: يا قنبر عليّ بالسيف سيف رسول الله صلي الله عليه و اله، عجل.. أضرب رقبة العبد منهما، قال: فأخرج الغلام رأسه مبادراً ومكث الآخر في الثقب، فأدب الغلام علي ما صنع، ثم رده إلي مولاه».

() راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: ج2 ص367، وفيه:

«عن تميم بن حزام الأسدي انه دفع إلي عمر منازعة جاريتين تنازعتا في ابن وبنت، فقال: أين أبو الحسن مفرج الكرب. فدعي له به، فقص عليه القصة، فدعا عليه السلام بقارورتين فوزنهما، ثم أمر كل واحدة فحلبت في قارورة، ووزن القارورتين، فرجحت احداهما علي الأخري، فقال عليه السلام: الابن للتي لبنها أرجح، والبنت للتي لبنها أخف، فقال عمر: من أين جعلت ذلك يا أبا الحسن، فقال عليه السلام: لأن الله تعالي جعل للذكر مثل حظ الأنثيين».

() راجع الارشاد: ج1 ص218 وفيه:

إن امرأة هويت غلاماً فراودته عن نفسه فامتنع الغلام فمضت وأخذت بيضة فألقت بيضها علي ثوبها ثم علقت بالغلام ورفعته إلي أمير المؤمنين عليه السلام وقالت: ان هذا الغلام كابرني علي نفسي وقد فضحني ثم أخذت ثيابها فأرت بياض البيض، وقالت: هذا ماؤه علي ثوبي، فجعل الغلام يبكي ويبرأ مما ادعته ويحلف، فقال أمير المؤمنين عليه السلام لقنبر: مر من يغلي ماء حتي تشتد

حرارته ثم لتأتني به علي حاله، فجيء بالماء، فقال: القوه علي ثوب المرأة، فألقوه عليه فاجتمع بياض البيض والتأم، فأمر بأخذه ودفعه إلي رجلين من أصحابه فقال: تطعماه والفظاه، فتطعماه فوجداه بيضاً، فأمر بخلية الغلام وجلد المرأة عقوبة علي ادعائها الباطل.

() موسوعة الفقه: ج84-85 كتاب القضاء.

() وكفارة القتل تكون مضافاً إلي حق القصاص أو الدية.

() سورة الطلاق: 7.

() سورة البقرة: 286.

() سورة الإسراء: 15.

() سورة الأنعام: 119.

() سورة النحل: 106.

() نهج الحق: ص456، وراجع مستدرك الوسائل: ج1 ص84 ب3 ح39، وفيه: «عن أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله عزوجل رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتي يستيقظ وعن المجنون حتي يفيق وعن الصغير حتي يكبر…» الحديث.

() راجع مستدرك الوسائل: ج6 ص423 ب26 ح7136.

() مستدرك الوسائل: ج18 ص55 ب14 ح22013.

() هذا مثال للجرم الابتدائي الأولي.

() هذا مثال للجرم الثانوي.

() هذا مثال مما أوجبه الإسلام ابتداءً، كما لا يخفي.

() هذا مثال لما أوجبه الإسلام بتطبيق القوانين الثانوية.

() سورة ص: 39.

() وسائل الشيعة: ج18 ص169 ب2 ح1.

() سورة الشوري: 15.

() راجع الارشاد: ج1 ص205 وج1 ص218، والمناقب: ج2 ص380 وص368.

() وسائل الشيعة: ج8 ص111 ب59 ح7.

() راجع مستدرك الوسائل: ج13 ص141 ب42 ح15017.

() سورة الإسراء: 15.

() هتلر أدلوف (1889-1945م) سياسي ألماني، ولد في النمسا، دخل الحزب العمالي الألماني 1919م، ثم أصبح زعيمه وسماه الحزب الوطني الاشتراكي أي النازي 1921م، حاول القيام بعصيان مسلح في مونيخ 1923م ففشل وسجن، وضع كتابه (كفاحي) في السجن وعرض فيه مذهبه العرقي العنصري الذي اصبح شعار النازية. صار مستشارا 1933 ثم رئيس الدولة 1934، أقام نظاما دكتاتوريا، ادت به سياسته التوسعية الظالمة إلي احتلال بلاد عديدة، أشعل الحرب العالمية الثانية 1932م، هزم وانتحر

في برلين 30 نيسان 1945.

() نشبت بين قوات المحور ألمانيا وايطاليا واليابان من جهة والحلفاء فرنسا وانكلترا والاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة والصين من جهة ثانية، من أسبابها ارهاق الاقتصاد الألماني بعد الحرب العالمية الأولي، مما أدي إلي ظهور النازية ودكتاتورية هتلر وسياسته العنصرية والعدوانية التوسعية، اشترك في الحرب 92 مليون مجند ومساعد، وكان القتلي ما يقارب أو يتجاوز 49 مليون حسب اختلاف الاحصاءات.

() سورة الإسراء: 16.

() راجع أمالي الشيخ المفيد: ص228.

() سورة البقرة: 278.

() راجع الإرشاد: ج1 ص205.

() سورة النور: 2.

() سورة المائدة: 38.

() راجع مستدرك الوسائل: ج14 ص394 ب17 ح17072.

() راجع مستدرك الوسائل: ج14 ص394 ب17 ح17072.

() سورة يونس: 36.

() إذا كان مما يعتني به العرف.

() سورة النور: 2.

() سورة النساء: 29.

() سورة النساء: 30.

() راجع كتاب (من قصص المستبدين) و(الصياغة الجديدة) و(تاريخ امبراطوري عثماني) للإمام المؤلف.

() راجع مستدرك الوسائل: ج18 ص256 ب51 ح22680.

() راجع قصص الأنبياء للراوندي: ص173.

() راجع قصص الأنبياء للجزائري: ص460.

() راجع قصص الأنبياء: ص103.

() سورة النساء: 148.

() راجع المناقب: ج2 ص381.

() مستدرك الوسائل: ج7 ص448 ب15 ح8625.

() سورة غافر: 84.

() قال المحقق رحمة الله عليه في الشرائع: ولا يقام الحد في شدة الحر ولا في شدة البرد … ولا في أرض العدو مخافة الالتحاق. شرائع الإسلام ج4 ص401 مع تعليقة آية الله السيد صادق الشيرازي.

() كما إذا اختطف في بلد الإسلام إنساناً وقتله في غيره، فقد وقع قسماً من الجرم في بلد الإسلام وامتد قسماً منه في غيره، وكذلك يكون العكس، وهناك أمثلة أخري من نمط آخر.

() سورة القلم: 4.

() سورة آل عمران: 159.

() سورة التوبة: 128.

() سورة النحل: 36.

() سورة الأنعام: 15.

() سورة يوسف: 24.

() سورة مريم: 51.

() سورة

طه: 25 و26.

() نهج البلاغة قصار الحكم: 176.

() سورة الأحقاف: 35.

() سورة هود: 75.

() سورة هود: 112.

() سورة الاسراء: 74 و75.

() سورة القصص: 15.

() سورة طه: 47.

() نهج البلاغة: الخطبة 3.

() سورة القصص: 17.

() سورة هود: 113.

() سورة النساء: 105.

() سورة الأعراف: 157.

() سورة الشوري: 15.

() سورة الحديد: 25.

() سورة آل عمران: 159.

() سورة الشوري: 38.

() سورة النساء: 105.

() سورة طه: 114.

() سورة القلم: 4.

() سورة التغابن: 16.

() سورة الأنفال: 1.

() سورة هود: 88.

() سورة الأعراف: 142.

() المناقب: ج4 ص52.

() سورة النساء: 64.

() العمدة لشمس الدين الحلي: ص407.

() بحار الأنوار: ج32 ص7 ب1 ح2.

() الصراط المستقيم: ج1 ص259، والشعر لعمرو بن العاص.

() قال المحقق رحمة الله عليه في الشرائع: ولا يقام الحد في شدة الحر ولا في شدة البرد … ولا في أرض العدو مخافة الالتحاق. شرائع الإسلام ج4 ص401 مع تعليقة آية الله السيد صادق الشيرازي.

() سورة النساء: 75.

() راجع تنزيه الأنبياء: ص114.

() ولا بأس هنا بالاشارة إلي بعض المصطلحات في باب المرور، وذلك لما يتوقف عليها العديد من المسائل الآتية:

مصطلحات في باب المرور:

1 المركبة: كل وسيلة نقل، تسير بقوة آلية أو جسمية.

2 المركبة الآلية: كل مركبة، تسير بقوة آلية.

3 السيارة: مركبة آلية ذات عجلات معدة لنقل الأشخاص، أو الأشياء، أو كليهما، أو مجهزة بآلات ذات استعمال خاص، وتقسم إلي: سيارة ركوب صغيرة، سيارة ركوب متوسطة، سيارة ركوب كبيرة، سيارة الركوب والنقل معاً، سيارة نقل (شاحنة كبيرة أو صغيرة)، سيارة ذات استعمال خاص، كالسيارات المجهزة بآلات ومعدات للتصوير السينمائي والتلفزيوني، وورش تصليح متنقلة، وروافع سيارات التحقيق في حوادث الأمن الجنائي والمرور، وسيارات الاسعاف، وما أشبه.

4 الدراجة الآلية: هي مركبة آلية:

أ: ذات عجلتين أو ثلاث،

مزودة أو غير مزودة بسلة لنقل الأشخاص.

ب: ذات ثلاث عجلات، مزودة بصندوق لنقل الأشياء دون الأشخاص.

ج: ذات ثلاث أو أربع عجلات، مجهزة خصيصاً يقودها أصحاب العاهات الجسدية.

5 الدراجة العادية: مركبة ذات عجلتين أو أكثر، تسير بقوة راكبها، ويمكن أن تزود بسلة لنقل الأشياء.

6 المركبة الزراعية: مركبة آلية، صنعت لتستخدم في العمل الزراعي وما يتصل به.

7 العربة: مركبة ذات عجلات، تسير بقوة جسمية.

8 القطار: مركبة آلية تسير علي خط حديدي، يمكن أن يجر مقطورة أو أكثر.

9 الراكب: كل شخص يوجد في مركبة أو عليها عدا السائق.

10 المقعد: المكان المخصص في المركبة لجلوس الراكب.

11 السائق: كل شخص يسوق مركبة أو حيوانات.

12 عابر الطريق: هو كل مستعمل للطريق، سواء كان يسير علي قدميه، أو يقود مركبة، أو حيوانات.

13 الوزن الفارغ: هو وزن المركبة، أو مجموعة مركبات مقطورة ببعضها بدون حمولة، بما فيها وزن السائق وعدة التصليح والإطارات الاحتياطية والمحروقات والأدوات اللازمة لتسييرها واستعمالها.

14 الوزن الإجمالي: مجموع الوزن الفارغ مع الحمولة.

15 الحمولة: الفرق بين الوزنين الإجمالي والفارغ.

16 المشيرة: وسيلة موجودة في المركبة لتعيين اتجاه سيرها.

17 المكبح: أداة تستعمل لإيقاف المركبة، أو تخفيف سرعتها.

18 الطريق: سبيل مفتوح للمرور العام، من مشاة وحيوانات ومركبات، بما في ذلك الشوارع والساحات والجسور أو ما يشابهها.

19 المعبد: قسم من الطريق معد لسير المركبات.

20 المسلك: جانب من المعبد معد للسير في جهة واحدة.

21 المسرب: قسم من المسلك محدد الجوانب، ويسمح عرضه بمرور المركبات بالتتابع.

22 الخط: هو الحيز الذي يقسم المسلك إلي مسربين ويكون:

أ: متصلاً.

ب: متقطعاً.

ج: عمودياً علي محور الطريق، وفي هذه الحالة يلزم التوقف عنده، حتي خلو الطريق أو تبديل الإشارة.

23 المدرج: قسم من الطريق خاص بسير الدراجات، وينفصل عنه انفصالاً بيناً.

24 الطريق العريض: طريق

ذو مواصفات معينة، مخصص لمرور السيارات فقط.

25 طريق دولي: طريق يربط الدول بعضها ببعض.

26 الشاخصة وتسمي النصب أيضاً: وهو كل ما يقام في الطريق من: أعمدة ولوحات وإشارات ضوئية أو ركائز حجرية أو غيرها، لتنظيم حركة المرور، بما في ذلك بيان حدود السرعة القصوي، أو الدنيا، أو للدلالة علي المدن، أو الأبعاد والمنعطفات، أو لتنبيه مستعملي الطرق.

27 التقاطع: هو مكان تلاقي طريقين علي مستوي واحد، أو تلاقي طريق مع خط حديدي، مهما كانت درجة زاوية تقاطع محوري الطريقين.

28 المفترق: هو مكان تلاقي أكثر من طريقين في مستوي واحد، مهما كانت درجة زاوية محاور الطرق.

29 التجاوز: تخطي مركبة لأخري باتجاه واحد، أو تخطي مركبة لمستعملي الطريق.

30 التوقف: الوقوف فترة محددة من الوقت، تستلزمها ضرورات السير دون إطفاء المحرك.

31 المشاة: هم الأشخاص الذين يسيرون علي أقدامهم، ويعتبر في حكم المشاة العربات المعدة لنقل الأطفال والمرضي والمقعدين.

() الكافي: ج5 ص280 ح4.

() الاستبصار: ج4 ص261 ب152 ح3. من لا يحضره الفقيه: ج4 98 ب2 ح5175.

() مستدرك الوسائل: ج17 ص447 ب46 ح21826 و21828.

() تهذيب الأحكام: ج6 ص253 ب22 ح59.

() تهذيب الأحكام: ج9 ص180 ب4 ح10.

() مستدرك الوسائل: ج17 ص447 ب46 ح21826 و21828.

() وسائل الشيعة: ج1 ص229 ب15 ح4.

() الكافي: ج2 ص292 ح11.

() الكافي: ج2 ص292 ح12.

() سفينة البحار: ج2 ص82 مادة (طرق)، ط القديمة.

() من لا يحضره الفقيه: ح4 ص3 ب2 ح4968، ووسائل الشيعة: ج1 ص230 ب15 ح10.

() مستدرك الوسائل: ج1 ص261 ب12 ح545، وراجع تهذيب الأحكام: ج1 ص353 ب15 ح11.

() الكافي: ج3 ص389 ح8.

() تهذيب الأحكام: ج2 ص22 ب23 ح78.

() غوالي اللئالي: ج3 ص480 ح4.

() سورة البقرة: 185.

() وسائل الشيعة: ج3 ص340 ب1 ح4.

() سورة الأحزاب: 58.

() جامع الأخبار:

ص148.

() جامع الأخبار: ص148.

() مستدرك الوسائل: ج9 ص147 ب142 ح15011.

() جامع الأخبار: ص148.

() سورة قريش: 1-4.

() مصباح المتهجد: ص 813.

() الإقبال: ص103.

() نهج البلاغة:: الخطبة 40.

() الخصال: ص 484.

() الاختصاص: ص244.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص447 ح10254.

() سورة المائدة: 1.

() مستدرك الوسائل: ج13 ص301 ب5 ح15424.

() الكافي: ج7 ص37 ح34.

() الكافي: ج1 ص442 ح11.

() الكافي: ج3 ص368 ح1.

() سفينة البحار: ج2 ص82 مادة (طرق) ط القديمة.

() سفينة البحار: ج2 ص82 مادة (طرق) ط القديمة.

() سفينة البحار: ج2 ص82 مادة (طرق) ط القديمة.

() سفينة البحار: ج2 ص82 مادة (طرق) ط القديمة.

() الكافي: ج4 ص547 ح34.

() سفينة البحار: ج2 ص73 مادة (يتم) ط القديمة.

() الكافي: ج5 ص282 ح11.

() الكافي: ج7 ص350 ح3.

() الكافي: ج7 ص350 ح8.

() الكافي: ج7 ص349 ح1.

() الكافي: ج7 ص349 ح2.

() تهذيب الأحكام: ج10 ص225 ب4 ح19.

() الكافي: ج5 ص295 ح2.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص101 ب2 ح3417.

() الكافي: ج1 ص59 ح3.

() راجع الكافي: ج2 ص167 ح10.

() الكافي: ج3 ص13 ح3.

() تهذيب الأحكام: ج7 ص129 ب22 ح37.

() تهذيب الأحكام: ج10 ص314 ب47 ح10.

() سورة المائدة: 44.

() سورة الأنعام: 93.

() سبق في القسم الأول من الكتاب انه متي تكون قوانين الدولة لازمة الاتباع ومتي لاتكون.

() راجع مكارم الأخلاق: ص253 ب9 الفصل4، وفيه: «وإياك ورفع الصوت في مسيرك».

() سورة لقمان: 19.

() راجع دعائم الإسلام: ج2 ص419، وعيون أخبار الرضا عليه السلام: ج2 ص198.

() الكافي: ج6 ص536 ح7.

() الكافي: ج6 ص536 ح8.

() الكافي: ج6 ص537 ح10.

() الكافي: ج6 ص540 ح18.

() سورة آل عمران: 137.

() سورة العنكبوت: 20.

() دعائم الإسلام: ج1 ص343.

() مكارم الأخلاق: ص240 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الأول.

() مكارم الأخلاق: ص240 الباب التاسع

في آداب السفر، الفصل الأول.

() ظعن: ذهب وسار.

() الخصال: ص120، باب الثلاثة ح110.

() الحدائق الناضرة: ج14 ص17.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص173 ح766. وبحار الأنوار: ج73 ص224 ح6.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص173 ح768.

() مكارم الأخلاق: ص240 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الأول.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص173 ح767.

() مكارم الأخلاق: ص241 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الأول.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص266 ح2393.

() وسائل الشيعة: ج8 ص296 ب27 ح6.

() مكارم الأخلاق: ص241 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الأول.

() وسائل الشيعة: ج8 ص264 ب10 ح1.

() نهج البلاغة: الخطبة رقم 160.

() وسائل الشيعة: ج8 ص272 ب15 ح1.

() مكارم الأخلاق: ص241 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الأول.

() سورة الجمعة: 10.

() مكارم الأخلاق: ص241 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الأول.

() وسائل الشيعة: ج8 ص254 ب4 ح1.

() بحار الأنوار: ج73 ص223 ح2.

() وربما كان النهي لمن طلب البركة والتبرك بيوم الاثنين، ويؤيده: ما ورد في الصحيفة المروية عن الإمام الرضا عليه السلام من قوله: «كان رسول الله صلي الله عليه و اله يسافر يوم الاثنين ويوم الخميس، ويقول: فيهما ترفع الأعمال إلي الله تعالي وتعقد الألوية». صحيفة الإمام الرضا عليه السلام: ص66 ح166.

() مكارم الأخلاق: ص241 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الأول.

() مكارم الأخلاق: ص242 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الأول.

() مكارم الأخلاق: ص242 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الأول.

() وراجع السرائر: ج3 ص647، باب الأيام التي يكره فيها السفر.

() راجع مستدرك الوسائل: ج8 ص121 ب9 ح9214.

() الخصال: ص393، باب السبعة ح95.

() بحار الأنوار: ج73 ص227 ح18.

() بحار الأنوار: ج73 ص226 ح14.

() المحاسن: ص348.

() المحاسن: ص348.

() راجع

الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص38.

() الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص42.

() بحار الأنوار: ج73 ص238 ح19.

() بحار الأنوار: ج76 ص236. ومصباح الزائر: ص9.

() بحار الأنوار: ج73 ص236 ح20.

() مكارم الأخلاق: ص250 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع. ومستدرك الوسائل: ج8 ص316 ب2 ح9536.

() مكارم الأخلاق: ص250 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص274 ح2426.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص274 ح2425.

() مكارم الأخلاق: ص253 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() الحدائق الناضرة: ج10 ص17.

() بحار الأنوار: ج73 ص269 ح18.

() بحار الأنوار: ج73 ص268 ح11.

() الكافي: ج2 ص637 ح1.

() مكارم الأخلاق: ص251 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() الكافي: ج8 ص24 ح4.

() شهاب الأخبار: ص319 ح512.

() وسائل الشيعة: ج8 ص300 ب30 ح4.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص277 ح 2433.

() مكارم الأخلاق: ص259 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص53، عن المحاسن: ص356.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص277 ح2435.

() مكارم الأخلاق: ص251 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص278 ح2438.

() مكارم الأخلاق: ص251 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() من لا يحضره الفقيه: ح2 ص278 ح2437.

() مكارم الأخلاق: ص254 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص278 ح2439.

() الكافي: ج4 ص286 ح6.

() مكارم الأخلاق: ص250 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() الكافي ج2 ص670 ج4.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص279 ح2446.

() مكارم الأخلاق: ص251 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص294 ح2498.

() مكارم الأخلاق: ص251 الباب التاسع في آداب

السفر، الفصل الرابع.

() بحار الأنوار: ج73 ص272 ب49 ح31.

() مكارم الأخلاق: ص251 252 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() بحار الأنوار: ج73 ص235 ب48 ح18.

() مكارم الأخلاق: ص252 253 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() الكافي: ج8 ص348 ب8 ح547.

() مكارم الأخلاق: ص252 253 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() مكارم الأخلاق: ص252 253 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() مكارم الأخلاق: ص252 253 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() الكافي: ج8 ص348 ب8 ح547.

() الكافي: ج8 ص348 ب8 ح547.

() مكارم الأخلاق: ص252 253 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() مكارم الأخلاق: ص252 253 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() الخصال: ص330.

() المحاسن: ص375 باب آداب المسافر.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص 296 ب2 ح2505.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص 296 ب2 ح2505.

() الكافي: ج8 ص348 ب8 ح547.

() مكارم الأخلاق: ص252 253 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() الحدائق الناضرة: ج14 ص58.

() مكارم الأخلاق: ص252 253 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() مكارم الأخلاق: ص252 253 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() وسائل الشيعة: ج8 ص310 ب42 ح1.

() مكارم الأخلاق: ص253 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() تنوقوا فيها: أي ضعوا أجود أنواع الطعام فيها.

() بحار الأنوار: ج73 ص270 ح22.

() بحار الأنوار: ج73 ص270 ح24.

() مكارم الأخلاق: ص253 254 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() حلية المتقين: ص689 690 في آداب الأكل وحمل الزاد في السفر، الفصل الخامس.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص184.

() مكارم الأخلاق: ص254 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() بحار الأنوار: ج73 ص232 ح13.

() بحار الأنوار:

ج73 ص234 ح14.

() الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص55.

() مكارم الأخلاق: ص244 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثاني.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص270 ح2409.

() مكارم الأخلاق: ص245 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثاني.

() الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص91، الفصل السادس.

() مكارم الأخلاق: ص254 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الرابع.

() بحار الأنوار: ج73 ص266 ح1.

() الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص92، الفصل الثامن.

() سورة القمر: 13.

() بحار الأنوار: ج26 ص332 ح14.

() بحار الأنوار: ج73 ص270 ح25.

() بحار الأنوار: ج73 ص274 ح28.

() بحار الأنوار: ج73 ص287 ح1.

() مكارم الأخلاق: ص265 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثامن.

() من لا يحضره من لا يحضره الفقيه: ج2 ص294 ب2 ح2499.

() الكافي: ج6 ص536 ح13010.

() مكارم الأخلاق: ص266 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثامن.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص225 ب2 ح2250.

() القهرمان: أمين الدخل والخرج أو الوكيل.

() مكارم الأخلاق: ص266 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثامن.

() أي بسجدة الشكر.

() الكافي: ج2 ص98 ح24.

() مكارم الأخلاق: ص265 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثامن.

() المحاسن: ص364 ح102.

() مكارم الأخلاق: ص265 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثامن.

() الخصال: ص9 ح30.

() مكارم الأخلاق: ص257 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() مكارم الأخلاق: ص257 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() سورة لقمان: 19.

() سورة الملك: 15.

() تهذيب الأحكام: ج5 ص12 ب1 ح30.

() تهذيب الأحكام: ج5 ص11 ب1 ح29.

() بحار الأنوار: ج96 ص359 ب63 ح38.

() تهذيب الأحكام: ج5 ص12 ب1 ح31.

() تهذيب الأحكام: ج5 ص12 ب1 ح31.

() سورة آل عمران: 97.

() بحار الأنوار: ج96 ص111 ب13 ح19.

() مكارم الأخلاق: ص266 الباب التاسع في آداب

السفر، الفصل الثامن.

() مكارم الأخلاق: ص258 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() مكارم الأخلاق: ص257 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() بحار الأنوار: ج73 ص276 ب50 ح1.

() بحار الأنوار: ج73 ص276 ب50 ح5.

() مكارم الأخلاق: ص258 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() بحار الأنوار: ج73 ص276 ح3.

() النسلان: سرعة المشي شبه العدو.

() بحار الأنوار: ج73 ص276 ح4.

() بحار الأنوار: ج73 ص278 ح11.

() البكور: أي غدوة، والسري: سار ليلاً، والدلج: السير من أول الليل.

() بحار الأنوار: ج73 ص277 ح6.

() سورة لقمان: 18. والإسراء: 37.

() سورة الفرقان: 63.

() سورة الملك: 22.

() الكافي: ج4 ص467 ح2، وتهذيب الأحكام: ج5 ص187 ب1 ح6.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص561 ب2 ح4927.

() مكارم الأخلاق: ص258 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() مكارم الأخلاق: ص259 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() من لا يحضره من لا يحضره الفقيه: ج3 ص354 ب2 ح4247.

() سورة الأنبياء: 31.

() تقريب القرآن إلي الأذهان: سورة الأنبياء، الآية 31.

() سورة النوح: 19-20.

() تقريب القرآن إلي الأذهان: سورة النوح: 20.

() سورة الحج: 27.

() راجع تقريب القرآن إلي الأذهان: سورة الحج 27.

() سورة الملك: 15.

() سفينة البحار: ج2 ص599 مادة (نعم) ط القديمة.

() سفينة البحار: ج2 ص599 مادة (نعم) ط القديمة.

() مكارم الأخلاق: ص258 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() بحار الأنوار: ج73 ص299 ح39.

() بحار الأنوار: ج73 ص304 ح11.

() بحار الأنوار: ج73 ص302 ح7.

() سورة النور: 24.

() سورة الاسراء: 13.

() بحار الأنوار: ج73 ص301 ح1.

() الكافي: ج5 ص314 ح41.

() الكافي: ج5 ص536 ح6.

() الكافي: ج6 ص540 ح15.

() الكافي: ج6 ص540 ح15.

() من لا يحضره من لا يحضره الفقيه: ج4 ص3 ب2 ح4968.

()

سورة لقمان: 19.

() من لا يحضره من لا يحضره الفقيه: ج2 ص296 ب2 ح2505.

() مكارم الأخلاق: ص249 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() نهج البلاغة: الخطبة: 130.

() الكافي: ج2 ص670 ح5.

() الكافي: ج2 ص670 ح5 اكتب الحديث كاملة.

() مكارم الأخلاق: ص226 الباب التاسع.

() مكارم الأخلاق: ص266 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثامن.

() الخصال: ص484.

() مصباح الكفعمي: ص507.

() البلد الأمين: ص310.

() مكارم الأخلاق: ص261 262 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() سفينة البحار: ج1 ص217 مادة (حج) ط القديمة.

() بحار الأنوار: ج73 ص282 ب52 ح2.

() مكارم الأخلاق: ص261 262 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() مكارم الأخلاق: ص261 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() سفينة البحار: ج1 ص217 مادة (حج) ط القديمة. ووسائل الشيعة: ج8 ص328 ب55 ح7.

() راجع وسائل الشيعة: ج8 ص268 ب13 ح2.

() بحار الأنوار: ج73 ص236 ح19.

() بحار الأنوار: ج73 ص244 ح27.

() بحار الأنوار: ج73 ص261 ح57.

() الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص43 44 الصلاة عند توديع العيال، الباب الأول.

() وسائل الشيعة: ج8 ص272 ب15 ح2.

() مكارم الأخلاق: ص243 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثاني.

() وسائل الشيعة: ج8 ص273 ب15 ح1.

() وسائل الشيعة: ج6 ص273 ب8 ح2.

() مكارم الأخلاق: ص244 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثاني.

() وسائل الشيعة: ج8 ص272 ب15 ح1.

() الحدائق الناضرة: ج14 ص44.

() مكارم الأخلاق: ص254 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الخامس.

() الكافي: ج4 ص283 ح2.

() بحار الأنوار: ج73 ص244 ح27.

() بحار الأنوار: ج73 ص261 ح57.

() بحار الأنوار: ج73 ص236 ح20.

() بحار الأنوار: ج73 ص237 ح20.

() الامان من أخطار الأسفار: ص40.

() تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص78.

() من لا يحضره الفقيه: ج2

ص276 ح2429.

() بحار الأنوار: ج73 ص281 ح6.

() بحار الأنوار: ج73 ص281 ح9.

() البلد الأمين: ص310.

() مكارم الأخلاق: ص249 250 الباب في آداب السفر، الفصل الثالث.

() وسائل الشيعة: ج8 ص298 ب29 ح5.

() مكارم الأخلاق: ص249 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() سورة القدر: 1.

() الحدائق الناضرة: ج14 ص51.

() مكارم الأخلاق: ص242 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الأول.

() مكارم الأخلاق: ص243 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الأول.

() سورة القصص: 22-28.

() مكارم الأخلاق: ص244 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثاني.

() سورة الأعراف: 54.

() مكارم الأخلاق: ص248 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() راجع الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص90

() الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص90 حمل المصحف الشريف وبعض ما يروي في دفع الأمر المخوف، الباب السادس.

() راجع الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص90

() سورة الأحزاب: 41.

() سورة البقرة: 152.

() سورة آل عمران: 41.

() سورة الزخرف: 13-14.

() راجع مكارم الأخلاق: ص247 248 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() سورة هود: 41.

() سورة المزمل: 8.

() سورة الإنسان: 25.

() الكافي: ج2 ص543 ح12.

() الكافي: ج6 ص540 ح17.

() الكافي ج4 ص287 ح3.

() سورة هود: 88.

() سورة يوسف: 67.

() سورة الأحزاب: 3.

() سورة الطلاق: 3.

() مكارم الأخلاق: ص246 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() الكافي: ج6 ص470 ح5.

() ثواب الأعمال: ص208 ح4.

() وسائل الشيعة: ج3 ص401 ب52 ح1.

() حلية المتقين: ص687 في آداب السفر الفصل الرابع.

() مكارم الأخلاق: ص246 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() مكارم الأخلاق: ص245 246 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() مكارم الأخلاق: ص245 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() وهي الآية: 255 257 من سورة البقرة.

() وهما

سورة الفلق وسورة الناس.

() مكارم الأخلاق: ص247 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() بحار الأنوار: ج73 ص170 ح17.

() بحار الأنوار: ج73 ص168 ح10.

() بحار الأنوار: ج73 ص169 ح13.

() بحار الأنوار: ج73 ص170 ح15.

() بحار الأنوار: ج73 ص170 ح16.

() بحار الأنوار: ج73 ص168 ب34 ح9

() بحار الأنوار: ج73 ص171 ح18.

() الكافي: ج2 ص540، ح1.

() بحار الأنوار: ج73 ص171 ح20.

() بحار الأنوار: ج73 ص171 ح19.

() بحار الأنوار: ج73 ص172 ح23.

() بحار الأنوار: ج73 ص168 ح8.

() سورة الزخرف: 13.

() مكارم الأخلاق: ص247 248 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() سورة الزخرف: 14.

() راجع الحدائق الناضرة: ج14 ص49 وراجع الكافي: ج4 ص284 ح2.

() الوسائل: ج8 ص282 باب 20 من أبواب السفر إلي الحج وغيره، ح1.

() سورة الزخرف: 13 14.

() بحار الأنوار: ج73 ص295 ح22.

() بحار الأنوار: ج73 ص295 ح23.

() بحار الأنوار: ج73 ص298 ح34.

() الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص 64 الفصل الثاني.

() سورة القصص: 31.

() سورة القصص: 25.

() سورة طه: 46.

() سورة طه: 77.

() سورة قريش: 4.

() سورة البقرة: 137.

() سورة يوسف: 64.

() سورة طه: 68.

() سورة المائدة: 23.

() مكارم الأخلاق: ص247 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() سورة الحجر: 9.

() الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص87، الفصل الرابع.

() الكافي: ج6 ص540 ح17.

() مكارم الأخلاق: ص254 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الخامس.

() المزار: ص144.

() تهذيب الأحكام: ج6 ص75 ح146.

() الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص47 الصلاة عند توديع العيال، الباب الثاني.

() أخرجه في مصباح الزائر: 10.

() حلية المتقين: ص686 687 في آداب السفر الفصل الرابع.

() مكارم الأخلاق: ص255 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الخامس.

() الكافي: ج4 ص287.

() بحار الأنوار: ج73 ص234 ح15.

() الأمان

من أخطار الأسفار والأزمان: ص106.

() بحار الأنوار: ج73 ص241 ح20.

() الكافي: ج4 ص288 ح5.

() مكارم الأخلاق: ص246 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() مكارم الأخلاق: ص246 247 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() مكارم الأخلاق: ص247 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() الكافي: ج4 ص288 ح4.

() مكارم الأخلاق: ص248 249 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثالث.

() الكافي: ج4 ص287 ح2.

() الكافي: ج4 ص287 ح1.

() بحار الأنوار: ج73 ص254 ح49.

() بحار الأنوار: ج73 ص244 ح26.

() بحار الأنوار: ج73 ص246 ب48 ح33.

() مكارم الأخلاق: ص261 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() الكافي: ج4 ص287 ح3.

() الأتان: الحمارة، والعضباء والجدعاء: المقطوعة الأذن أو الأنف.

() مكارم الأخلاق: ص242 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الأول.

() بحار الأنوار: ج73 ص228 ب43 ح9.

() بحار الأنوار: ج73 ص201 ب44 ح18.

() بحار الأنوار: ج73 ص247 ح35.

() بحار الأنوار: ج73 ص235 ح15.

() سورة الاحقاف: 29.

() بحار الأنوار: ج73 ص247 ح36.

() مكارم الأخلاق: ص259 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() بحار الأنوار: ج73 ص279 ح21.

() بحار الأنوار: ج73 ص253 ب48 ح48.

() سورة آل عمران: 83.

() مكارم الأخلاق: ص261 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() المحاسن: ص360 ح122.

() بحار الأنوار: ج73 ص264 ح57.

() سورة الإسراء: 80.

() بحار الأنوار: ج73 ص247 ح37.

() بحار الأنوار: ج73 ص249 ح44.

() سورة طه: 77.

() بحار الأنوار: ج73 ص249 ح45.

() بحار الأنوار: ج73 ص265 ح57.

() بحار الأنوار: ج73 ص259 ح52.

() بحار الأنوار: ج73 ص148 ح2.

() مكارم الأخلاق: ص259 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() بحار الأنوار: ج73 ص261 ب48 ح56.

() بحار الأنوار: ج73 ص296 ح24.

() سورة المؤمنون: 29.

() مكارم الأخلاق: ص260 الباب التاسع في

آداب السفر، الفصل السادس.

() الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص136. ومصباح الزائر: ص11.

() بحار الأنوار: ج73 ص253 ب48 ح48.

() بحار الأنوار: ج73 ص248 ب48 ح41.

() دعائم الإسلام: ج1 ص346.

() مكارم الأخلاق: ص244 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل الثاني.

() مكارم الأخلاق: ص260 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() بحار الأنوار: ج73 ص282 ب52 ح2.

() بحار الأنوار: ج73 ص170 ح15.

() تطرق الفقهاء الي بعض أحكامه في كتاب الطهارة والصلاة والأطعمة والأشربة وما أشبه.

() سورة هود: 41.

() الوسائل: ج8 ص334 ب61، من أبواب آداب السفر إلي الحج وغيره، ح1.

() الوسائل: ج8 ص333 ب60، من أبواب آداب السفر إلي الحج وغيره، ح2.

() الوسائل: ج8 ص333 ب60، من أبواب آداب السفر إلي الحج وغيره، ح3.

() سورة هود: 41.

() سورة الزمر: 67.

() بحار الأنوار: ج73 ص248 ح40.

() سورة الأعراف: 196.

() سورة الزمر: 67.

() بحار الأنوار: ج73 ص257 ح50.

() سورة هود: 41.

() سورة الزمر: 67.

() بحار الأنوار: ج73 ص255 ح50.

() سورة الزمر: 67.

() سورة هود: 41.

() مكارم الأخلاق: ص261 الباب التاسع في آداب السفر، الفصل السادس.

() سورة الصافات: 180 182.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.