ليحج خمسون مليوناً كل عام

اشارة

اسم الكتاب: ليحج خمسون مليوناً كل عام

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: مركز الرسول الاعظم( ص)

مكان الطبع: بيروت لبنان

تاريخ الطبع: 149 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

ولله علي الناس

حج البيت

من استطاع إليه سبيلاً

سورة آل عمران، الآية: 97

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

إن فريضة الحج من اهم الفرائض الإسلامية التي أوجبها الله تعالي علي المسلمين كافة وذلك لما لها من الأهمية الكبري، بحيث ان قلوب جميع المسلمين تتجه في موسم الحج الي بيت الله الحرام حتي يجتمعوا في صف واحد لعبودية الله وللتشاور فيما بينهم وللتعريف علي بعضهم الآخر ولمعرفة مشاكلهم وحلولها، فالحج يعتبر من ميزات الدين الإسلامي حيث يجمع اكثر عدد من المسلمين في اعظم مؤتمر يعرفه البشر، قال سبحانه: ? ليشهدوا منافع لهم?.

وعندما يلبي الحاج نداء الله سبحانه وتعالي يتوجه الي ربه رافضاً كل عبودية الا عبوديته سبحانه وتعالي، فلذلك عند ما ينهي مناسكه يعيش ولادة جديدة يعاهد الله تعالي بها علي الائتمار بأوامره والانتهاء عن نواهيه، بالإضافة الي تعرفه علي اخوانه من مسلمي العالم.

لذلك أكد الإسلام علي أهمية الحج لجميع المسلمين حتي أن الروايات والأدعية المأثورة عن النبي الأكرم والائمة المعصومين (عليهم السلام) تحث علي حج يبت الله الحرام لا في العمر مرة واحدة فقط بل في كل عام كما ورد في الدعاء و بما ان المسلمين قد بلغت نفوسهم الي ملياري مسلم (2000000000) اصبح من الضروري ان تكون الأماكن المقدسة في مراسم الحج بالشكل الذي يتسع لاستضافة حجاج بيت الله الحرام بما يتناسب مع هذا العدد الهائل من المسلمين..

وقد طرح المرجع الديني الأعلي المفكر الإسلامي الكبير آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) هذه الفكرة البكر في

هذا الكتاب (ليحج خمسون مليوناً كل عام) فأشار (حفظه الله) الي ضرورة ان يحج خمسون مليوناً من الحجاج الكرام حتي يتلائم مع نفوس المسلمين حالياً.

وأشار كذلك في مقدمة الكتاب الي الخطوط العريضة التي تجعل من هذه الفكرة عملية علي ساحة الواقع ولا يخفي ان هذه الفكرة بحاجة الي ذوي الخبرة والأخصائيين لدراستها حتي تكون متكاملة.

ثم يتطرق الإمام الشيرازي الي بعض الآيات والروايات الواردة في الحج واعماله كما يبين بعض أحكامه وفلسفته وما يرتبط بالحج ومكة المكرمة والمدينة المنورة بشكل عام.

ونظراً لأهمية هذا الكتاب وما حواه من أطروحة جديدة قمنا بطبعه سائلين الله سبحانه وتعالي ان يوفقنا لما فيه خير وصلاح.

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

مركز الرسول الأعظم (ص) للتحقيق والنشر

بيروت لبنان

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.

ورد في الأدعية: (اللهم ارزقني حج بيتك الحرام في عامي هذا وفي كل عام).

وجاء في بعض الإحصاءات الأخيرة: ان عدد المسلمين ناهز (2000000000)نفر.

إضافة إلي أن التطور الصناعي وما أشبه سهل الكثير من الأمور، في سرعة نقل الحجاج وإعادتهم وترتيب شؤونهم وتلبية متطلباتهم.

خاصة وان بعض الدول الإسلامية تعيش حاليا فترة من الوفرة في الميزانية، بحيث يمكنها إجراء العديد من المشاريع الإنمائية والتطويرية.

هذا بالإضافة إلي أن تبرعات المحسنين لتوسعة وعمارة الأماكن المقدسة لا زالت تغطي العديد من المشاريع.

فلكل ذلك.. دعونا إلي إمكانية حج عشرة ملايين سابقا عندما كانت الظروف غير اليوم في كتابنا (لكي يستوعب الحج عشرة ملايين).

واليوم ندعو (ليحج خمسون مليونا كل عام) نظرا للتطورات العظيمة التي حصلت في مختلف الوسائل، والتزايد المطرد في نفوس العالم الإسلامي، والطلبات الملحة من جموع الأمة الإسلامية لأداء مناسك الحج.

ويمكن تحقق ذلك إذا اخذ العالم الإسلامي

بالسير نحو مبادئ الإسلام، وتجاوز الفواصل المادية والمعنوية التي تحول دون ذلك، حيث يحثنا القرآن الحكيم إلي:

(وحدة الأمة) والتلاحم بين المسلمين، قال تعالي: ?إن هذه أمتكم أمة واحدة ? فلا حدود جغرافية تفصل بين المسلمين.

وإلي (الحرية)، قال سبحانه: ?ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم? فلا ضغط ولا قيود تمنع من عمل المسلمين وتقدمهم، ولا كبت في شيء من المباحات.

وإلي (الاخوة)، قال تعالي: ?إنما المؤمنون اخوة? فلا فرق بين مسلم ومسلم إلا بالتقوي، قال سبحانه: ?ان أكرمكم عند الله اتقاكم? ولا تمايز بين العربي والعجمي والهندي والتركي و… في أي بلد من بلاد الإسلام، وفي جميع المجالات: من البيع والشراء والتزويج والتزوج والإقامة والسفر وكل شيء وشيء. كما قال (صلي الله عليه وآله وسلم): (أيها الناس ان ربكم واحد وان أباكم واحد، لا فضل لعربي علي عجمي ولا لعجمي علي عربي ولا لأحمر علي أسود ولا لأسود علي احمر إلا بالتقوي).

ومن الواضح اننا إن تمسكنا بقوانين الاسلام، وأخذنا بأساليبه، وألغينا القوانين والأساليب الأخري.. يهدنا الأسباب لكي ينهمر الناس الي الحج فيما لا يقل من خمسين مليونا كل عام.

ولعل سؤالا يطرح هنا ليقول: كيف تستوعب تلك المشاهد المشرفة المحدودة هذا السيل من البشر؟

والجواب: إن الأمر غير محال بل ممكن بعد الالتفات الي النقاط التالية:

1: فالمواقيت يمكن المرور منها فقط.

2: وإذا وسعنا المطارات ونقاط الدخول البرية والبحرية ويسرنا من الإجراءات …

3: وإذا جعلنا المطاف طوابق متعددة، بحيث تستوعب العدد المذكور، وكذلك مقام إبراهيم (عليه السلام) ?واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي? حيث تجوز الصلاة خلف الكعبة عند المقام أو خلفه في مختلف الطوابق.

5: وأيضا إذا جعلنا كلا من المسعي وعرفات والمشعر ومني طبقات، ولعل مما يسهل الأمر جواز

الوقوف خارجها عند الاضطرار كما في النص.

6: وكذلك إذا جعلنا الجمرات طبقات، وتوفر الجمار في جميعها.

7: وإذا أوفرنا الشياه من مختلف البلاد، إضافة الي إمكان توسعة تربية المواشي في البلد، ولو فرض عدم هذه الكثرة من الشياه ?فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ?.

8: وخاصة مع الروح الإسلامية التي يتمتع بها الحجاج حيث يختلط بعضهم ببعض كما شاهدته قبل نيف وأربعين سنة، ويكون هناك وحدة عالمية، قال تعالي: ?سواء العاكف فيه والباد ?.

9: والخيام ان لم تبن مدن الحجاج تضرب في أطراف البلدين المقدسين بقدر يستوعب الحجيج.

10: وتوفر وسائل النقل الكافية لنقل الجميع، وهذا أمر ميسور في تقدم الصناعة والتجارة الحاصلة في العالم اليوم.

إضافة الي لزوم التسهيل في أمور الحجاج ورفع القيود المصطنعة كالتأشيرة والجواز وما أشبه، كما كان أمر الحج قبل عهد الاستعمار.

ولا يستغرب من ذلك ففي زمان الإمام السجاد (عليه السلام) حج ما يزيد علي 5/4 مليون، فكيف بهذا اليوم الذي تتمتع فيه الدولة بالإمكانات النفطية الكبيرة، وخاصة اذا اهتمت البلاد الإسلامية خليجية وغيرها في ذلك وساهمت في هذه المهمة التي قد لا يستوعب إيجادها اكثر من سنوات معدودات بسبب التقنية الحديثة، مضافا الي المحسنين من تجار المسلمين وكفاءاتهم.

فإجراء هذا المشروع الحيوي ضروري، قال سبحانه: ?ليشهدوا منافع لهم? بما ينفع كل البشرية، والذي يحمل الهمة العالية لا تقف أمامه الحواجز والموانع (فان المرء يطير بهمته كما يطير الطائر بجناحيه).. والله الموفق والمستعان.

قم المقدسة

ذي القعدة / 1418 ه ق

محمد الشيرازي

الحج في القرآن الكريم

قال سبحانه: ?الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهنّ الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزوّدوا فان خير الزاد التقوي واتقون يا أولي الألباب

?.

وقال سبحانه: ?إن الذين كفروا ويصدّون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه سواءً العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم ?.

وقال تعالي: ?وإذ بوّأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً وطهرّ بيتي للطائفين والقائمين والرّكّع السجود ?.

وقال سبحانه: ?وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلي كلّ ضامر يأتين من كلّ فجّ عميق?.

وقال تعالي: ?ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيّام معلومات علي ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير?.

وقال عزوجل: ?إنّ الصفا والمروة من شعائر الله فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما ومن تطّوع خيراً فان الله شاكر عليم?.

وقال سبحانه ?يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للناس والحج?.

وقال تعالي: ?وأتموّا الحجّ والعمرة لله فان أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتيّ يبلغ الهدي محلّه فمن كان منكم مريضاً أو به أذي من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتّع بالعمرة إلي الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا لله وأعلموا أن الله شديد العقاب ?.

وقال سبحانه: ? ثمّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطّوّفوا بالبيت العتيق?.

وقال تعالي ?إن أوّل بيت وضع للناس للّذي ببكّة مباركاً وهدي للعالمين?.

وقال سبحانه ?فيه آيات بينّات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً ولله علي الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فانّ الله غني عن العالمين?.

وقال تعالي: ?أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون

عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين?.

وقال عزوجل: ?وأذان من الله ورسوله إلي الناس يوم الحجّ الأكبر أنّ الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتّم فاعلموا أنّكم غير معجزي الله وبشرّ الذين كفروا بعذاب أليم ?.

وقال سبحانه: ?يا أيّها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلّت لكم بهيمة الأنعام إلاّ ما يتلي عليكم غير محلّي الصيد وأنتم حرم إنّ الله يحكم ما يريد?.

وقال تعالي: ?يا أيهّا الذين آمنوا لا تحلّوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آميّن البيت الحرام يبتغون فضلاً من ربّهم ورضواناً وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا علي البرّ والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ?.

وقال سبحانه: ?جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أنّ الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكلّ شيء عليم ?.

وقال تعالي: ?وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكّة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيراً?.

الي غيرها من الآيات المرتبطة بالحج أو المسجد الحرام أو الكعبة المشرفة، او مكة المكرمة، أو المشاعر المقدسة..

الحج في الروايات

هناك روايات كثيرة وردت في الحج وآدابه وأحكامه و.. نذكر بعضها:

فعن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): (أيها الناس عليكم بالحج والعمرة، فتابعوا بينهما فانهما يغسلان الذنوب كما يغسل الماء الدرن، وينفيان الفقر كما ينفي النار خبث الحديد).

وعنه (صلي الله عليه وآله وسلم): (معاشر الناس، حجّوا البيت بكمال الدين والتفقّه، ولا تنصرفوا عن المشاهد، إلاّ بتوبة وإقلاع).

وعن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول (صلي الله عليه وآله

وسلم): (من أراد دنياً وآخرة فليؤم هذا البيت، ما أتاه عبد فسأل الله دنياً إلاّ أعطاه منها، أو سأله آخرة إلاّ ذخر له منها).

وعنه (عليه السلام) عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (العمرة إلي العمرة كفارة ما بينهما والحجّة المتقبّلة ثوابها الجنة، ومن الذنوب لا تغفر إلاّ بعرفات).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (الحاج والمعتمر وفد الله إن سألوه أعطاهم، وإن دعوه أجابهم، وإن شفعوا شفعهم، وإن سكتوا إبتدأهم، ويعوضّون بالدرهم ألف درهم).

وعن الإمام الباقر (عليه السلام) عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في غدير خم: (معاشر الناس أحجّوا البيت، فما ورده أهل بيت إلاّ استغنوا، ولا تخلّفوا إلاّ افتقروا، معاشر الناس! ما وقف بالموقف مؤمن إلاّ غفر الله له ما سلف من ذنبه إلي وقته).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (من حجّ حجة الإسلام فقد حلّ عقدة من النّار من عنقه، ومن حجّ حجّتين لم يزل في خير حتّي يموت، ومن حجّ ثلاث حجج متوالية، ثمّ حجّ أولم يحج فهو بمنزلة مدمن الحجّ).

وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (من خرج من مكة وهو لا يريد العود إليها اقترب أجله ودنا عذابه).

وعن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (من رجع من مكة وهو ينوي الحجّ من قابل زيد في عمره).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (الحاج والمعتمر في ضمان الله، إن مات متوجهاً غفر الله له ذنوبه، وإن مات محرماً بعثه الله ملّبياً، وإن مات بأحد الحرمين بعثه الله من الآمنين، وإن مات منصرفاً غفر الله له جميع ذنوبه).

وعن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (الحاج ثلاثة: فأفضلهم نصيباً: رجل غفر له ذنبه، ما تقدم

منه وما تأخرّ، ووقاه الله عذاب القبر، وأمّا الذي يليه: فرجل غفر له ذنبه، ما تقدم منه، ويستأنف العمل فيما بقي من عمره، وأماّ الذي يليه: فرجل حفظ في أهله وماله).

وعن عيسي بن أبي منصور قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): (يا عيسي إني أحب أن يراك الله عزّوجل فيما بين الحجّ إلي الحجّ وأنت تتهيأ للحجّ).

وعن عذافر عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال له: (ما يمنعك من الحج في كلّ سنة؟ قلت: جعلت فداك العيال. قال: فقال (عليه السلام): إذا مت فمن لعيالك؟ أطعم عيالك الخلّ والزيت، وحجّ بهم كل سنة).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (عليكم بحجّ هذا البيت فأدمنوه، فإن في إدمانكم الحجّ دفع مكاره الدنيا عنكم، وأهوال يوم القيامة).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إذا كان الرجل من شأنه الحجّ كلّ سنة، ثمّ تخلف سنة فلم يخرج، قالت الملائكة الذين علي الأرض للذين علي الجبال: لقد فقدنا صوت فلان، فيقولون: اطلبوه فيطلبوه فلا يصيبونه، فيقولون: اللّهم إن كان حبسه دين فأدّ عنه، أو مرض فأشفه، أو فقر فأغنه، أو حبس ففرّج عنه، أو فعل فافعل به، والناس يدعون لأنفسهم وهم يدعون لمن تخلّف).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن الله عزوجل ليغفر للحاج ولأهل بيت الحاج ولعشيرة الحاج، ولمن يستغفر له الحاج بقيةّ ذي الحجة والمحرّم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من ربيع الآخر).

وعنه (عليه السلام): (فإذا قضي نسكه غفر الله له ذنوبه، وكان ذا الحجة والمحرّم وصفر وشهر ربيع الأول أربعة أشهر تكتب له الحسنات، ولا تكتب عليه السيئات، إلاّ أن يأتي بموجبة فإذا مضت الأربعة الأشهر خلط بالناس).

وفي خبر آخر: (إلاّ أن يأتي بكبيرة).

وعن ابن عمّار: أنه لّما أفاض

رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) تلّقاه أعرابي بالأبطح، فقال: يا رسول الله، إني خرجت أريد الحجّ ففاتني، وأنا رجل مميل يعني: كثير المال فمرني أصنع في مالي ما أبلغ به، فالتفت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) إلي أبي قبيس فقال: لو أنّ لك زنته ذهبة حمراء أنفقته في سبيل الله، ما بلغت به ما بلغ الحاج).

وعن إسحاق بن عمار قال: قلت للصادق (عليه السلام): إنّ رجلاً استشارني في الحجّ، وكان ضعيف الحال، فأشرت إليه أن لا يحجّ، فقال (عليه السلام): ما أخلقك أن تمرض سنة. قال: فمرضت سنة.

وعنه (عليه السلام): (ليحذر أحدكم أن يعوقّ أخاه عن الحج فتصيبه فتنة في دنياه مع ما يدّخر له في الآخرة).

وعن الإمام الكاظم (عليه السلام): (إنا أهل بيت، حجّ صرورتنا ومهور نسائنا وأكفاننا من طهور أموالنا).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (ما يعبأ بمن يؤمّ هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله تعالي، وحلم يملك غضبه، وحسن الصحابة لمن صحبه).

توصية لمن يريد الحجّ

من وصايا الإمام الصادق (عليه السلام) لمن يريد الحج:

قال (عليه السلام): (إذا أردت الحجّ فجرّد قلبك لله من قبل عزمك من كل شاغل وحجاب كل حاجب، وفوّض أمورك كلّها إلي خالقك، وتوكل عليه في جميع ما يظهر من حركاتك وسكناتك، وسلّم لقضائه وحكمه وقدره، وودّع الدنيا والراحة والخلق، وأخرج من حقوق تلزمك من جهة المخلوقين، ولا تعتمد علي زادك وراحلتك وأصحابك وقوتك وشبابك ومالك، مخافة أن يصير ذلك عدوّاً ووبالاً، فان من ادّعي رضي الله واعتمد علي من سواه يصير عليه وبالاً، ليعلم أنهّ ليس له قوةّ ولا حيلة لأحد إلاّ بعصمة الله وتوفيقه.

واستعد استعداد من لا يرجو الرجوع، وأحسن

الصحبة، وراع أوقات فرائض الله وسنن نبيه (صلي الله عليه وآله وسلم) وما يجب عليك من الأدب والاحتمال والصبر والشكر والشفقة والسخاوة وإيثار الزاد علي دوام الأوقات.

ثم اغسل بماء التوبة الخالصة ذنوبك، وألبس كسوة الصدق والصفاء والخضوع والخشوع، وأحرم من كل شيء يمنعك عن ذكر الله.

ولبّ بمعني إجابة صافية خالصة زاكية لله في دعوتك متمسكاً بالعروة الوثقي.

وطف بقلبك مع الملائكة حول العرش كطوافك مع المسلمين بنفسك حول البيت.

وهرول هرولة هرباً من هواك، وتبرياً من جميع حولك وقوتّك.

واخرج عن غفلتك وزلاّتك بخروجك إلي مني، ولا تتمنّ ما لا يحل لك ولا تستحقّه.

واعترف بالخطايا بعرفات.

وجدد عهدك عند الله بوحدانيته وتقرب إلي الله واتقّه بمزدلفة، واصعد بروحك إلي الملأ الأعلي بصعودك إلي الجبل.

واذبح حنجرة الهوي والطمع عند الذبيحة.

وارم الشهوات والخساسة والدناءة، والأفعال الذميمة عند رمي الجمرات.

واحلق العيوب الظاهرة والباطنة بحلق شعرك.

وادخل في أمان الله وكنفه وستره وكلاءته من متابعة مرادك بدخولك الحرم.

وزر البيت متحقّقاً لتعظيم صاحبه ومعرفة جلاله وسلطانه، واستلم الحجر رضاءً بقسمته وخضوعاً لعزّته وودع ما سواه بطواف الوداع. واصف روحك وسرّك للقائه يوم تلقاه بوقوفك علي الصفا، وكن ذا مروه من الله نقياً أوصافك عند المروة.

واستقم علي شرط حجّتك هذه وفاء عهدك الذي عاهدت مع ربّك وأوجبت له إلي يوم القيامة، واعلم بأن الله تعالي لم يفترض الحج ولم يخصه من جميع الطاعات بالاضاقة إلي نفسه بقوله عزوجل: ?ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً? ولا شرع نبيه (صلي الله عليه وآله وسلم) سنة في خلال المناسك علي ترتيب ما شرعه إلا للاستعداد والإشارة إلي الموت والقبر والبعث والقيامة وفصل بيان السابقة من الدخول في الجنة أهلها ودخول النار أهلها بمشاهدة مناسك الحجّ من

أولها إلي آخرها لأولي الألباب وأولي النهي).

من وصايا لقمان

وقال لقمان لابنه: (إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم، وأكثر التبسم في وجوههم، وكن كريماً علي زادك بينهم، إذا دعوك فأجبهم، وإذا استعانوا بك فاعنهم.

واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك.

وإذا استشهدوك علي الحقّ فاشهد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتي تثبت وتنظر ولا تجب في مشورة حتي تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك فإن من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الأمانة.

وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم، وإذا تصدّقوا وأعطوا قرضاً فاعط معهم، واسمع لمن هو أكبر منك سناً، وإذا سألوك شيئاً فقل: نعم، ولا تقل: لا، فإن ( لا) عيّ ولؤم..

يا بني: إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرّها لشيء صلّها واسترح منها فإنّها دين، وصلّ في جماعة ولو علي رأس زجّ، ولا تنامن علي دابتك فإن ذلك سريع في دبرها وليس ذلك من فعل الحكماء إلاّ أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل.

وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك. وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لوناً وألينها تربة وأكثرها عشباً، فإذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس، وإذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض، وإذا ارتحلت فصلّ ركعتين، ثمّ ودّع الأرض التي حللت بها وسلّم عليها وعلي أهلها، فإن لكلّ بقعة أهلاً من الملائكة. وإن استطعت أن لا تأكل طعاماً حتيّ تبدأ فتصدٌق منه فافعل.

وعليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكباً، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملاً عملاً، وعليك بالدعاء ما دمت خالياً،

وإياك والسير من أول الليل وسر في آخره وإياك ورفع الصوت في مسيرك).

حج رسول الله (ص)

روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: إن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج، ثمّ أنزل الله عزّوجل? وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلي ضامر يأتين من كل فجّ عميق?.

فأمر (صلي الله عليه وآله وسلم) المؤذنين أن يؤذنّوا بأعلي أصواتهم بأن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يحجّ في عامه هذا، فعلم به من حضر المدينة وأهل العوالي والأعراب، فاجتمعوا لحجّ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وإنمّا كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون به فيتبّعونه أو يصنع شيئاً فيصنعونه.

فخرج رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في أربع بقين من ذي القعدة، فلّما انتهي إلي ذي الحليفة، فزالت الشمس اغتسل، ثمّ خرج حتيّ أتي المسجد الذي عند الشجرة فصلّي فيه الظهر، ثمّ عزم علي الحجّ مفرداً، وخرج حتي انتهي إلي البيداء عند الميل الأول، فصفّ له سماطان، فلّبي بالحجّ مفرداً وساق الهدي ستاً وستين، أو أربعاً وستين.

حتيّ انتهي إلي مكّة في سلخ أربع من ذي الحجّة، فطاف بالبيت سبعة أشواط، ثمّ صلّي ركعتين خلف مقام إبراهيم، ثمّ عاد إلي الحجر فاستلمه وقد كان استلمه في أوّل طوافه، ثمّ قال: ?إنّ الصفا والمروة من شعائر الله? فابدأ بما بدأ الله عزّوجل به، وإنّ المسلمين كانوا يظنون إنّ السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون، فأنزل الله عزّوجل: ?إنّ الصفا والمروة من شعائر الله فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوفّ بهم ?.

ثمّ أتي الصفا فصعد عليه واستقبل الركن اليماني فحمد الله وأثني عليه، ودعا مقدار ما يقرأ سورة البقرة

مترسّلاً، ثمّ انحدر إلي المروة حتيّ فرغ من سعيه.

فلمّا فرغ من سعيه وهو علي المروة أقبل علي الناس بوجهه فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: إنّ هذا جبرائيل (عليه السلام)، وأومي بيده إلي خلفه، يأمرني أن آمر من لم يسق منكم هدياً أن يحلّ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم، ولكنيّ سقت الهدي ولا ينبغي لسائق الهدي أن يحلّ حتيّ يبلغ الهدي محلّه.

قال: قال رجل من القوم: لنخرجن حجاّجاً وشعورنا تقطر.

فقال له رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): أماّ أنك لن تؤمن بهذا أبداً.

فقال له سراقة بن مالك بن جعشم الكناني: يا رسول الله علّمنا ديننا كأنّا خلقنا اليوم، فهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم لما يستقبل؟

فقال له رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): بل هو للأبد إلي يوم القيامة، ثمّ شبك أصابعه بعضها إلي بعض وقال: دخلت العمرة في الحجّ إلي يوم القيامة).

المواقيت

المواقيت جميع (ميقات) وهو المكان الذي يحرم منه، وتفصيل احكام الميقات مذكور في مناسك الحج، واليك اسماء المواقيت:

الأول: العقيق، وهو: ميقات العراقيين والنجدييّن ومن والاهم.

الثاني: مسجد الشجرة، وهو: ميقات أهل المدينة.

الثالث: الجحفة، و هو: ميقات أهل الشام، وهو أيضاً ميقات أهل مصر والمغرب.

الرابع: يلملم، وهو: ميقات أهل اليمن، ويقال: (الملم، ويرمرم): جبل علي مرحلتين من مكّة.

الخامس: قرن المنازل، بفتح القاف وسكون الراء، وهو: ميقات أهل الطائف.

السادس: مكة المكرمة، وهو: ميقات حجّ التمتع.

السابع: دويرة الأهل، ميقات من كان منزله اقرب المواقيت الخمسة إلي مكة.

الثامن: محاذات الميقات، وهو: ميقات من حجّ علي طريق لا يفضي إلي أحد المواقيت.

التاسع: أدني الحل، وهو: ميقات العمرة المفردة الواقعة بعد حجّ الإفراد والقران.

العاشر: فخّ، وهو: ميقات الصبيان في الجملة، وقد

ذكرنا تفصيل المواقيت وما يتعلق بها من الأحكام في الفقه، ومناسك الحج وجامعه.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (من تمام الحج والعمرة أن تحرم من المواقيت التي وقتّها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لا تجاوزها إلاّ وأنت محرم).

وقال محمد بن مسلم: سألت أبا جعفر (عليه السلام) هل الرجل يدخل مكّة بغير إحرام؟ فقال: لا إلاّ أن يكون مريضاً أو به بطن).

وعن عاصم بن حميد: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أيدخل أحد الحرم إلاّ محرماً؟ قال: (لا، إلاّ مريض أو مبطون).

وينبغي للحاج أن يعمل حسب ما رواه المستدرك من الإمام السجاد (عليه السلام) حيث قال (عليه السلام) للشلبي: (أنزلت الميقات وتجرّدت عن مخيط الثياب واغتسلت؟

قال: نعم.

قال (عليه السلام): فحين نزلت الميقات نويت أنّك خلعت ثوب المعصية، ولبست ثوب الطاعة؟

قال: لا.

قال (عليه السلام): فحين تجرّدت عن مخيط ثيابك نويت أنك تجرّدت من الرياء والنفاق والدخول في الشبهات؟

قال: لا.

قال (عليه السلام): فحين اغتسلت نويت إنك اغتسلت من الخطايا والذنوب؟

قال: لا.

قال (عليه السلام): فما نزلت الميقات ولا تجرّدت عن مخيط الثياب ولا اغتسلت).

أقول: لأن للأعمال أبداناً وأرواحاً، ولها مظاهر وبواطن، والروح مما يعبر عنه باللب، واللب في الإحرام وغسله ما ذكره الإمام (عليه السلام) ومن الواضح أنه لا نفع في البدن إذا تجرّد من الروح ولا فائدة في شيء تجرد عن اللب.

في دعاء الإحرام

وفي صحيحة ابن عمّار عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: فإذا انفتلت من الصلاة فأحمد الله عزّوجل وأثن عليه، وصلّ علي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) إلي قوله اللّهم فتمّم لي حجي، اللّهم إني أريد التمتع بالعمرة إلي الحجّ علي كتابك وسنّة نبيّك، صلواتك عليه وآله، فإن عرض لي عارض يحبسني فحلّني حيث حبستني

لقدرك الذي قدرّت عليّ، اللهّم إن لم تكن حجّة فعمرة، أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخّي وعصبي من النساء والثياب والطيب أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة).

وفي صحيحة حمّاد بن عثمان عنه (عليه السلام): (قال: قلت: إنيّ أريد أن أتمتّع بالعمرة إلي الحّج، فكيف أقول؟ قال (عليه السلام): اللّهم إنيّ أريد أن أتمتع بالعمرة إلي الحجّ علي كتابك وسنّة نبيّك وإن شئت أضمرت الذي تريد).

التلبية

قال سفيان بن عيينة: (حج علي بن الحسين (عليه السلام) فلمّا أحرم واستوت به راحلته اصفر لونه، ووقع عليه الرعدة، ولم يستطع أن يلبي، فقيل له: لم لا تلبي؟ فقال (عليه السلام): أخشي أن يقول ربي: لا لبيك ولا سعديك).

وعن مالك بن أنس: ( لقد حججت معه أي الصادق (عليه السلام) سنة، فلّما استوت به راحلته عند الإحرام، كان كلّما همّ بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، وكاد أن يخرّ من راحلته، فقلت: يا بن رسول الله! لابدّ لك من أن تقول، فقال: يا بن أبي عامر! كيف أجسر أن أقول: لبيك اللّهم لبيك، وأخشي أن يقول عزوجل لي: لا لبيك ولا سعديك).

وعن الحلبي، عن الإمام الصادق (عليه السلام): (سألته لم جعلت التلبية، فقال: إنّ الله عزّ وجل أوحي إلي إبراهيم (عليه السلام) ?وأذّن في الناس بالحجّ يأتوك رجالاً وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق?، فنادي فأجيب من كلّ وجه يلبّون).

وعن سليمان بن جعفر، عن الإمام أبي الحسن (عليه السلام) سألته عن التلبية وعلّتها، فقال: (إنّ الناس إذا أحرموا ناداهم الله تبارك وتعالي فقال: عبادي وإمائي لأحرمنكم علي النار كما أحرمتم لي، فقولهم: لبيك اللّهم لبيك، إجابة لله عزوجل علي ندائه لهم).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إن

رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لما أحرم أتاه جبرائيل (عليه السلام) فقال له: مر أصحابك بالعجّ والثجّ، فالعجّ،: رفع الصوت بالتلبية، والثجّ: نحر البدن).

دائرة الحرم

قال تعالي: ?أولم يرو أنّا جعلنا حرماً آمناً ويتخطّف الناس من حولهم? فانه يحيط بالكعبة ثلاث دوائر تكون حداً للحرم:

فحدّ الحرم من جهة الطائف علي طريق عرفة من بطن عرنة: 37210 ذراعاً بذراع اليد، أي 18333 متراً تقريباً وذلك من جُدُر باب بني شيبة إلي العلمين اللذين هما علامة لحد الحرم من جهة عرفة.

وحدّه من جهة العراق من جُدر باب بني شيبة إلي العلمين اللذين هما علامة لحد الحرم في طريق العراق، واللذين هما بجادّة وادي نخلة: 27252 ذراعاً بذراع اليد ويعادل 5/ 13353 متراً تقريباً.

وحدّه من جهة التنعيم، وهي طريق المدينة وما يليها: 12420 ذراعاً بذراع اليد، أي 6148 متراً تقريباً وذلك من جُدر باب العمرة إلي أعلام الحرم التي في الأرض من هذه الجهة، لا التي علي الجبل.

وحدّ الحرم من جهة اليمن من جدار باب إبراهيم (عليه السلام) إلي علامة حدّ الحرم في هذه الجهة 24509 ذراعاً بذراع اليد، ويعادل ذلك 75 / 12009 متراً تقريباً.

وعلي حدّ الحرم من جهة الجنوب: مكان يقال له (أضاة).

ومن الغرب بميل قليل إلي الشمال: قرية (الحديبية) وهي التي تمّت بها بيعة الرضوان.

ومن الشرق علي طريق الطائف: مكان يقال له (الجعرانة) أحرم منه النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) في رجوعه من الطائف بعد فتح مكة.

وهذه الدائرة جعلها الله مثابة للناس وأمناً، بل أمن فيه الحيوان والنبات، فحرّم التعرّض لصيدها ومنع أن يختلي خلاها (حشيشها) أو يعضد شجرها ومعني جعله حرماً، أنّه شرّع ذلك.

وأوّل من نصب علامات علي حدود الحرم، هو إبراهيم

الخليل (عليه السلام) بإرشاد جبرائيل تعظيماً للبيت وتشريفاً.

وإليك بعض ما ورد من الأئمة المعصومين (عليه السلام) في حرمة الحرم وحدّه:

عن ابن سنان، قال: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالي: ? ومن دخله كان آمناً? البيت عني أم الحرم؟ قال (عليه السلام): من دخل الحرم من الناس مستجيراً به فهو آمن من سخط الله، ومن دخله من الوحش والطير كان آمناً من أن يهاج أو يؤذي حتّي يخرج من الحرم).

وعنه (عليه السلام): (إذا أحدث العبد في غير الحرم جناية ثم فر إلي الحرم لم يسع لأحد أن يأخذه في الحرم، ولكن يمنع من السوق ولا يبايع ولا يطعم ولا يسقي ولا يكلّم، فإنّه إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج ويؤخذ، وإذا جني في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم، لأنه لم يدع للحرم حرمته).

ثم لا يخفي إنا ذكرنا في جملة من كتبنا إن الحدود لا تقام إلاّ بعد تطبيق كافة أحكام الإسلام، وإنّما يكون التأديب والتغريم ونحوهما.

وقال عزّ من قائل: ?غير محلّي الصيد وأنتم حرم?.

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (لا تستحلنّ شيئاً من الصيد وأنت حرام، ولا وأنت حلال في الحرم، ولا تدلّن عليه محلاً ولا محرماً فيصطاده، ولا تشر إليه فيستحلّ من أجلك، فإن فيه فداء لمن تعمّده).

وقد سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن الصيد يصاد في الحل ثمّ يجاء به إلي الحرم وهو حيّ، فقال: (إذا أدخله الحرم فقد حرّم عليه أكله وإمساكه، فلا تشترين في الحرم إلاّ مذبوحاً قد ذبح في الحلّ، ثمّ جيء به إلي الحرم مذبوحاً فلا بأس به للحلال).

وعن أبان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) مزاملة بين مكة والمدينة، فلمّا

انتهي إلي الحرم نزل واغتسل وأخذ نعليه بيديه، ثمّ دخل الحرم حافياً، فصنعت مثل ما صنع، فقال: (يا أبان من صنع مثل ما رأيتني صنعت تواضعاً لله، محا الله عنه مائة ألف سيئة، وكتب له مائة ألف حسنة، وبني الله له مائة ألف درجة، وقضي له مائة ألف حاجة).

أقول: المراد اقتضاء العمل ذلك فيكون من باب المقتضي لا العلة التامة كما ذكر في الحكمة، هذا وإذا لم تكن للشخص من السيئات حتي يغفر له كما ذكر في الرواية فيعطي بنسبته من الحسنات وما أشبه.

وعن عبيدة الحذّاء قال: زاملت أبا جعفر (عليه السلام) فيما بين مكّة والمدينة فلمّا انتهي إلي الحرم اغتسل، وأخذ نعليه بيديه، ثمّ مشي في الحرم ساعة).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (من دفن في الحرم أمن من الفزع الأكبر، فقلت له: من برّ الناس وفاجرهم، قال: من برّ الناس وفاجرهم).

وعنه (عليه السلام): ( من مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين، ومن مات بين الحرمين لم ينشر له ديوان).

وعنه (عليه السلام): (ومن دفن في الحرم أمن من الفزع الأكبر).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث: (وإذا جني في الحرم جناية أقيم عليه الحدّ لأنّه لم يرع للحرم حرمة).

قال تعالي: ?ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ?.

وقيل للصادق (عليه السلام): إنّ سبعاً من سباع الطير علي الكعبة ليس يمرّ به شيء من حمام الحرم إلاّ ضربه، فقال (عليه السلام): (أنصتوا له واقتلوه فإنه قد الحد).

وعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (أمر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بقتل الفأرة في الحرم والأفعي والعقرب والغراب الأبقع ترميه فإن أصبته فأبعده الله وكان (صلي الله عليه وآله وسلم) يسمّي الفأرة (الفويسقة)

وقال: إنّها توهي السقاء وتضرم البيت علي أهله).

أسماء مكّة المكرمة

ولهذا البلد المبارك أسماء متعددة، ونحن نقتصر علي بعض ما ورد منها في المصحف الشريف:

1: البلد الأمين: وقد أقسم الله به في قوله تعالي: ?والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين?.

2: مكّة المكرمة: قال الله تعالي: ?وهو الذي كفّ أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكّة من بعد أن أظفركم عليهم ?، سمّيت بذلك لقّلة مائها، أخذاً من قولهم: (أمتك الفصيل ضرع أمّه) إذا امتصّه، وقيل: لأنها تحكّ الذنوب أيّ تذهب بها.

3: بكّة: بالباء الموحدّة، قال سبحانه: ?إنّ أول بيت وضع للناس للذي ببكّة مباركاً وهدي للعالمين?.

4: أمّ القري: قال الله تعالي: ?ولتنذر أمّ القري ومن حولها?.

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (إنمّا سمّيت مكّة بكّة، لان الناس يتباكون فيها).

وعن الإمام الباقر (عليه السلام): (إنّما سميّت مكّة بكّة لأنه ينبك الرجال والنساء).

ومن فضل مكة المكرمة: دعاء إبراهيم (عليه السلام) لها ولأهلها، قال سبحانه حكاية عن إبراهيم (عليه السلام): ?ربّنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيت المحرّم ربّنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلّهم يشكرون ?.

من أحكام مكّة المكرمة

هناك أحكام كثيرة لمكّة المكرمة، فمنها حكم اللقطة الخاص بها وقد ذكرنا تفصيله في الفقه، ومنها جواز التمام فيها للمسافر، فيكون مخيراً بين أن يصلي قصراً أو تماماً.

وعن علي بن مهزيار، قال: كتبت إلي أبي جعفر (عليه السلام) أنّ الرواية قد اختلفت من آبائك في الإتمام والتقصير في الحرمين، إلي أن قال: فكتب بخطّه: قد علمت يرحمك الله فضل الصلاة في الحرمين علي غيرهما فإنّي أحبّ لك إذا دخلتهما أن لا تقصّر وتكثر فيهما الصلاة، فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة: إني كتبت إليك بكذا وأجبتني بكذا، فقال: نعم. أي شيء تعني

بالحرمين؟ فقال: مكّة والمدينة).

وعن الإمام الباقر (عليه السلام): (المرأة تصلي بين يديك وعن يمنيك وعن شمالك وعن يسارك ومعك ولا بأس بذلك إنما يكره في سائر البلدان).

وقال الإمام السجاد (عليه السلام): (تسبيحة بمكة أفضل من خراج العراقين ينفق في سبيل الله).

وقال (عليه السلام): (من ختم القرآن بمكة لم يمت حتي يري رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ويري منزله في الجنة).

وقال الإمام الباقر (عليه السلام): (الساجد بمكة كالمتشحط بدمه في سبيل الله).

وقال (عليه السلام): (كلّ الظلم فيها الحاد حتيّ لو ضربت خادمك).

ثم إن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) كان يحب مكة المكرمة كثيراً، فقد روي عنه (صلي الله عليه وآله وسلم) أنه قال في حق مكّة: (ما أطيبك من بلد واحبك إليّ ولولا إنّ قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك).

وفي تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): (لولا إنّ أهلك أخرجوني عنك ما آثرت عليك بلداً ولا ابتغيت عنك بدلاً).

تاريخ الرسول (ص) في مكّة المكرمة

وينبغي للمسلمين أن يعرفوا تاريخ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في مكة المكرمة.. قبل بعثته وبعد ذلك، قبل هجرته إلي المدينة وبعدها..

خصوصاً تاريخ فتح مكة المكرمة وهو مدرسة متكاملة عن أخلاقه وعفوه (صلي الله عليه وآله وسلم) حيث قال (صلي الله عليه وآله وسلم): (اذهبوا فأنتم الطلقاء)..

وعن أبي جعفر (عليه السلام) (لمّا كان يوم فتح مكة قام رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) خطيباً فحمد الله وأثني عليه ثمّ قال:

أيّها الناس ليبلغ الشاهد الغائب إن الله قد أذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهليّة والتفاخر بآبائها وعشائرها، أيها الناس إنّكم من آدم وآدم من طين ألا وإنّ خيركم عند الله وأكرمكم عليه اليوم أتقاكم وأطوعكم له، اعلموا ?إنّما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة

وتفاخر بينكم ? و?إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم?.

سواء العاكف فيه والباد

ذكر عند الامام الصادق (عليه السلام) هذه الآية المباركة: ?سواء العاكف فيه والباد ?..

فقال (عليه السلام): (كانت مكة ليس علي شيء منها باب، وكان أول من علق علي بابه مصراعين معاوية بن أبي سفيان، وليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاج شيئاً من الدور منازلها).

وعن علي (عليه السلام): (نهي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أهل مكة أن يؤاجروا دورهم، وأن يعلقوا عليها أبواباً وقال: (سواء العاكف فيه والباد) قال: فعل ذلك أبوبكر وعمر وعثمان وعلي (عليه السلام) حتي كان في زمن معاوية).

فضل المسجد الحرام

عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): ( صلاة في مسجدي تعدل عند الله عشرة آلاف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام، فإن الصلاة فيه تعدل مائة ألف صلاة).

وعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): (صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في غيره من المساجد).

النظر إلي الكعبة

عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (النظر إلي الكعبة حباً لها يهدم الخطايا هدماً).

وعن الشيخ الصدوق (قدسّ سرّه) قال: روي (النظر إلي الكعبة عبادة).

الكعبة المقدّسة

قال تعالي: ?وإذ جعلنا البيت مثابة وأمناً?.

وقال سبحانه ?وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت?.

وقال عزوجل?جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس ?.

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث: (فإذا دخلت المسجد فارفع يديك واستقبل البيت، وقل: (اللّهم إني أسألك في مقامي هذا، في أوّل مناسكي أن تقبل توبتي، وأن تجاوز عن خطيئتي، وتضع عنّي وزري، الحمدلله الذي بلغني بيته الحرام، الّلهم إني أشهد إنّ هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس وأمناً مباركاً وهدي للعالمين، اللّهم إني عبدك والبلد بلدك، والبيت بيتك جئت أطلب رحمتك وأؤمّ طاعتك، مطيعاً لأمرك، راضياً بقدرك، أسألك مسألة المضطر إليك الخائف لعقوبتك، اللّهم افتح لي أبواب رحمتك، واستعملني بطاعتك ومرضاتك).

وعن الإمام الرضا (عليه السلام): (إذا نظرت إلي البيت فقل: اللّهم أنت السّلام ومنك السلام، فحينّا ربنا بالسلام، اللّهم هذا بيتك الذي شرفت وعظمت وكرمّت، اللّهم زد له تشريفاً وتعظيماً وتكريماً وبرّاً ومهابة).

وعنه (عليه السلام): (فإذا دخلت المسجد فانظر إلي الكعبة، وقل: الحمدلله الذي عظمك وشرّفك وكرمّك وجعلك مثابة للناس وأمناً مباركاً وهدي للعالمين).

وجه التسمية بالكعبة

ورد عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في جواب سؤال اليهودي، قال: (سميت الكعبة كعبة لأنها وسط الدنيا).

ولعلّ المراد: لزوم جعله وسطاً في الالتفاف حولها، وإذا نظر الإنسان من فوق الجو إليها يري حلق الناس في كل الأرض حولها في أوقات الصلاة.

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (سميّت الكعبة كعبة لأنها مربعة.

فقيل له: ولم صارت مربّعة؟

قال: لأنها بحذاء البيت المعمور وهو مربع.

فقيل له: ولم صار البيت المعمور مربعاً؟

قال: لأنه بحذاء العرش وهو مربع.

فقيل له: ولم صار العرش مربعاً؟

قال: لأن الكلمات التي بني عليها الإسلام أربع وهي: سبحان الله والحمد لله ولا اله إلاّ الله والله أكبر).

أقول:

لعل التعليل كان حسب فهم السائل، والله العالم.

التسمية بالبيت الحرام

قال حنّان: قلت للإمام الصادق (عليه السلام): ( لم سمّي بيت الله: الحرام؟ قال (عليه السلام): لأنه حرم علي المشركين أن يدخلوه).

التسمية بالبيت العتيق

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): ( وإنمّا سمّي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق).

وعن الإمام الباقر (عليه السلام): (لأنه بيت حرّ عتيق من الناس ولم يملكه أحد).

الدخول في الكعبة

قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (الدخول فيها دخول في رحمة الله والخروج منها خروج من الذنوب، معصوم فيما بقي من عمره، مغفور له ما سلف من ذنوبه).

وعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): (دخل النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) الكعبة فصلّي في زواياها الأربع، صلّي في كلّ زاوية ركعتين).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال في حديث: (فإذا دخلته فادخله بسكينة ووقار، ثمّ ائت كلّ زاوية من زواياه ثمّ قل: اللّهم إنّك قلت ?ومن دخله كان آمناً? فآمنّي من عذاب يوم القيامة، وصلّ بين العمودين، إلي أن قال: وإن كثر الناس فاستقبل كل زاوية في مقامك حيث صلّيت، وادع الله واسأله).

ثياب الكعبة

عن عبد الملك بن عتبة قال: سألت الصادق (عليه السلام) عمّا يصل إلينا من ثياب الكعبة، هل يصلح لنا أن نلبس شيئاً منها؟ فقال: يصلح للصبيان والمصاحف والمخدّة يبتغي بذلك البركة إن شاء الله).

حلي الكعبة

وفي المناقب: (أنه همّ عمر أن يأخذ حلي الكعبة، فقال علي (عليه السلام): إنّ القرآن أنزل علي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) والأموال أربعة: أموال المسلمين فقسّمها بين الورثة في الفرائض، والفيء فقسّمه علي مستحقه، والخمس فوضعه حيث وضعه الله، والصدقات فجعلها حيث جعلها الله، وكان حلي الكعبة يومئذ فتركه علي حاله، ولم يتركه نسياً، ولم يخف عليه مكانه، فأقرّه حيث أقرّه الله ورسوله، فقال عمر: لولاك لافتضحنا وترك الحلي بمكانه).

وعن النجار عن أبي وائل، قال: جلست مع شيبة بن عثمان علي الكرسي في الكعبة، فقال: لقد جلس هذا المجلس عمر، ثمّ قال: هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلاّ قسمته، قلت: إن صاحبيك لم يفعلا، قال عمر: إنّي أقتدي بهما.

هدايا الكعبة

وفي بحار الأنوار (أوصي رجل بجاريته هدية للكعبة، فقدم الوصي إلي مكّة، ودخل المسجد الحرام، فسأل عن حكم الجارة، فقيل له: ادفعها إلي بني شيبة، وقيل له غير ذلك، فاختلف عليه القول، فقال له رجل من أهل المسجد: ألا أرشدك إلي من يرشدك إلي الحقّ؟ فقال: بلي، فأشار إلي شيخ جالس في المسجد، فإذا هو جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) فسأله وقصّ عليه القصّة، فقال (عليه السلام): إنّ الكعبة لا تأكل ولا تشرب، وما أهدي لها فهو لزوارها، بع الجارية وقم علي الحجر فناد هل من منقطع له وهل من محتاج من زوّارها؟ فإذا أتوك فاسأل عنهم وأعطهم، وأقسم فيهم ثمنها).

علّة الاستلام

روي عن الحلبي عن الصادق (عليه السلام) قال: سألته لم يستلم الحجر؟ قال (عليه السلام): (لأن مواثيق الخلائق فيه).

وعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): (علّة استلام الحجر أنّ الله تبارك وتعالي لما أخذ مواثيق بني آدم القمها الحجر، فمن ثمّ كلّف الناس بتعاهد ذلك الميثاق، ومن ثمّ يقال عند الحجر أمانتي أديّتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة).

وعن أحدهما (عليه السلام) سأل عن تقبيل الحجر، فقال: (إنّ الحجر كان درّة بيضاء في الجنة، وكان آدم يراها، فلما أنزلها الله عزّوجل إلي الأرض، نزل آدم (عليه السلام) فبادر فقبّلها، فأجري الله تبارك وتعالي بذلك السنّة).

الحجر الأسود

يستحب الوقوف عند الحجر الأسود وحمد الله تعالي، والصلاة علي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) والدعاء عنده ورفع اليدين بالدعاء، واستلام الحجر وتقبيله، وإن لم يمكن أشار إليه.

وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إذا دنوت من الحجر الأسود، فارفع يديك واحمد الله وأثن عليه، وصلّ علي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) واسأل الله أن يتقبل منك، ثمّ استلم الحجر وقبّله، فان لم تستطع أن تقبّله فاستلمه بيدك، وإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه وقل: اللّهم أمانتي أدّيتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة).

وقد روي ابن عباس عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض يصافح بها خلقه كما يصافح الرجل أخاه).

ودخل سفيان الثوري علي أبي عبد الله، فقال: أصلحك الله بلغني أنّك لم تستلم الحجر في طواف الفريضة، وقد استلمه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)؟ قال (عليه السلام): (كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يفرج له وأنا لا يفرج لي).

وفي وسائل الشيعة: قال لأبي عبد الله رجل من

موالي بني أميّة وهو في الطواف: ما تقول في استلام الحجر؟ فقال (عليه السلام): استلمه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فقال: ما أراك استلمته؟ قال: (اكره أن أؤذي ضعيفاً أو أتأذي، قال الرجل: قد زعمت أنّ رسول الله استلمه، قال: نعم، ولكن كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) إذا رأوه عرفوا له حقّه وأنا فلا يعرفون لي حقّي).

وروي عن عبد الله بن صالح أنه قال: رأيته يعني صاحب الأمر (عليه السلام) عند الحجر الأسود والناس يتجاذبون عليه، وهو يقول: ما بهذا أمروا).

ثم لا يخفي إن الحجر الأسود أزيل عن مكانه غير مرّة، ثمّ أعاده الله إليه، ووقع ذلك من (جرهم) و(أباد) و(العمالقة) و(خزاعة) و(القرامطة)، وآخر من أزاله منهم أبوطاهر القرمطي في الموسم سنة سبع عشرة وثلاثمائة، والقصة مذكورة في كتب التواريخ، وقد حصل ذلك منه في يوم التروية فنهب الحاج وسفك الدماء حتّي سأل بها الوادي، ثمّ رمي بعض القتلي في بئر زمزم، حتّي امتلأت، وصعد رجلاً علي أعلي البيت ليقلع الميزاب فتردّي علي رأسه ومات، ثمّ انصرف ومعه الحجر الأسود، فعّلقه علي الأسطوانة السابعة من جامع الكوفة، وزعم أن الحج ينتقل إليها، وقد أرادوا بذلك صرف الأموال إلي أنفسهم واستمر عنده إلي أن اشتراه منه المطيع لله أبو القاسم بثلاثين ألف دينار، ثمّ أعيد إلي مكانه سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة وكانت مدّة مكثه عندهم اثنين وعشرين سنة إلاّ شهراً.

الحطيم وباب البيت

روي أن حسن بن الجهم سأل أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن أفضل موضع في المسجد يصلي فيه، قال (عليه السلام): (الحطيم ما بين الحجر وباب البيت، قلت: والذي يلي ذلك في الفضل، فذكر أنّه عند مقام إبراهيم (عليه السلام) قلت:

ثمّ الذي يليه في الفضل، قال: في الحِجر، قلت: ثمّ الذي يلي ذلك، قال: كلّ ما دني من البيت).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: كلما انتهيت إلي باب الكعبة فصلّ علي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم).

وعن الفقيه عنه (عليه السلام): (فإذا بلغت باب البيت فقل: سائلك فقيرك مسكينك ببابك فتصدّق عليه بالجنة، اللّهم البيت بيتك، والحرم حرمك، والعبد عبدك، وهذا مقام العائذ بك المستجير بك من النّار، فاعتقني ووالدّي وأهلي وإخواني المؤمنين من النّار، يا جواد يا كريم).

وعن ابن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحطيم، فقال: (هو ما بين الحجر الأسود وباب البيت، قال: قلت له: لم سمّي الحطيم؟ قال (عليه السلام): لأن الناس يحطم بعضهم بعضاً).

وعن الصادق (عليه السلام): (إن تهيأ لك أن تصلّي صلواتك كلّها الفرائض وغيرها عند الحطيم فإنه أفضل بقعة علي وجه الأرض، وهو ما بين باب البيت والحجر الأسود، وهو الموضع الذي فيه تاب الله عزوجل علي آدم، وبعده الصلاة في الحِجر أفضل، وبعد الحِجر ما بين الركن العراقي وباب البيت، وهو الموضع الذي كان فيه المقام وبعده خلف المقام حيث هو الساعة).

أركان البيت

1: الركن الشرقي، وفي الركن الجنوبي الشرقي الحجر الأسود الذي هو مبدأ الطواف.

2: الركن الشمالي، وركن الكعبة الشمالي الشرقي يسمّي بالركن الشامي والعراقي.

3: الركن الغربي، وركن الكعبة الشمالي الغربي يسمّي بالركن الغربي.

4: الركن اليماني، وركن الكعبة الغربي الجنوبي، يسمّي بالركن اليماني.

وروي جميل بن صالح قال: رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) يستلم الأركان كلّها.

الملتزم والمستجار

وفي الجامع اللطيف لابن ظهيرة: أمّا الملتزم، فهو ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة كما ثبت عن ابن عباس.

وأمّا المستجار، فهو ما بين الركن اليماني والباب المسدود في دبر الكعبة والدعاء عنده مستجاب.

أمّا الحطيم، والحطيم هو الحِجر بكسر الحاء وسكون الجيم، وهو الموضع الذي نصب فيه ميزاب البيت، وإنّما سمّي بالحطيم، لأنه حطم من البيت أيّ كسر.

أقول: تقدم بعض المقال فيه.

والمستجار هو الموضع الذي دخلت فاطمة بنت أسد إلي الكعبة عندما أرادت أن تلد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد جعل فيه اليوم الفضة.

وأمّا المتعوذّ والمدعي، فروي عن أبن عباس: إن الملتزم والمتعوذّ والمدعي، ما بين الحجر الأسود والباب.

حجر إسماعيل عليه السلام

قال ابن عباس: سمعت أبي يقول: كان عبد المطلب أطول الناس قامة وأحسن الناس وجهاً، ما رأه شخص قط إلاّ أحبّه، وكان له مفرش في الحِجر لا يجلس عليه غيره، ولا يجلس معه عليه أحد، وكان الندي من قريش حرب بن أميّة فمن دونه يجلسون حوله دون المفرش، فجاء رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو غلام يدرج ليجلس علي المفرش فجذبوه فبكي.

فقال عبد المطلب: ما لابني يبكي؟

قالوا له: إنه أراد أن يجلس علي المفرش فمنعوه.

فقال عبد المطلب: دعوا ابني فانّه يحسّ بشرف، أرجو أن يبلغ من الشرف ما لم يبلغ عربي قط.

وتوفي عبد المطّلب والنبي (صلي الله عليه وآله وسلم) ابن ثمان سنين، وكان خلف جنازته يبكي حتي دفن بالحجون).

أستار الكعبة

وعن الأصمعي، قال: كنت أطوف حول الكعبة ليلة فإذا شابّ ظريف الشمائل وعليه ذوابتان وهو متعلّق بأستار الكعبة، وهو يقول: نامت العيون وغارت النجوم، وأنت الملك الحيّ القيوم، غلّقت الملوك أبوابها، وأقامت عليها حرّاسها، وبابك مفتوح للسائلين، جئتك لتنظر إليّ برحمتك، يا أرحم الراحمين، ثمّ أنشأ يقول:

يا من يجيب دعاء المضطر في الظلم

يا كاشف الضر والبلوي مع السقم

قد نام وفدك حول البيت قاطبة

وأنت وحدك يا قيّوم لم تنم

أدعوك ربّ دعاء قد أمرت به

فأرحم بكائي بحق البيت والحرم

إن كان عفوك لا يرجوه ذو سرف

فمن يجود علي العاصين بالنعم

قال: فاقتفيته فإذا هو زين العابدين (عليه السلام).

قصة المقام ومحلّه

روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): انه لّما أوحي الله عزّوجل إلي إبراهيم (عليه السلام) أن أذّن في الناس بالحج، أخذ الحجر الذي فيه أثر قدميه وهو المقام، فوضعه بحذاء البيت لاصقاً بالبيت بحيال الموضع الذي هو فيه اليوم، ثمّ قام عليه فنادي بأعلي صوته بما أمره الله عزوجل به. فلمّا تكلّم بالكلام لم يحتمله الحجر فغرقت رجلاه فيه.

فقلع إبراهيم (عليه السلام) رجليه من الحجر قلعاً، فلمّا كثر الناس وصاروا إلي الشر والبلاء ازدحموا عليه فرأوا أن يضعوه في هذا الموضع الذي هو فيه اليوم ليخلوا المطاف لمن يطوف بالبيت.

فلمّا بعث الله عزوجل محمداً (صلي الله عليه وآله وسلم) ردّه إلي الموضع الذي وضعه إبراهيم (عليه السلام) فما زال فيه حتّي قبض رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) (الحديث). وفيه ثمّ ردّ المقام إلي موضعه الآن.

فضل ماء زمزم

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (إن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) كان يستهدي ماء زمزم وهو بالمدينة).

وعنه (عليه السلام) قال: قال (صلي الله عليه وآله وسلم): (ماء زمزم دواء عما شرب له).

وفي خبر آخر: (شفاء لما شرب له).

وعن الإمام الرضا (عليه السلام): (ماء زمزم شفاء من كل داء وسقم، وأمان من كلّ خوف وحزن).

حدّ الطواف

روي عن الحلبي أنه قال: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الطواف خلف المقام، قال (عليه السلام): ما أحب ذلك وما أري به بأساً فلا تفعله إلاّ أن لا تجد بدّاً).

أقول: ولذا ذهب غير واحد من الفقهاء إلي جواز ذلك.

خدمة المؤمن افضل من الطواف المستحب

روي عن إسماعيل الخثعمي أنه قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنّا إذا قدمنا مكّة، ذهب أصحابنا يطوفون ويتركوني أحفظ متاعهم قال: (أنت أعظمهم أجراً).

وعن مرازم بن حكيم قال: زاملت محمد بن مصادف فلمّا دخلنا المدينة: اعتللت فكان يمضي إلي المسجد ويدعني وحدي، فشكوت ذلك إلي مصادف، فأخبر به أبا عبد الله (عليه السلام) فأرسل إليه: (قعودك عنده أفضل من صلاتك في المسجد).

وعن أبان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) في الطواف، فجاء رجل من إخواني، فسألني أن أمشي معه في حاجة، ففطن بي أبو عبد الله (عليه السلام) فقال: يا أبان من هذا الرجل؟ قلت: رجل من مواليك سألني أن أذهب معه في حاجته، قال: يا أبان اقطع طوافك، وانطلق معه في حاجته فاقضها له، فقلت: إني لم أتم طوافي، قال: أحص ما طفت، انطلق معه في حاجته، فقلت: وإن كان طواف فريضة، فقال: نعم وإن كان طواف فريضة، إلي أن قال: لقضاء حاجة مؤمن خير من طواف وطواف حتيّ عدّ عشرة أسابيع، فقلت: جعلت فداك فريضة أم نافلة؟ فقال: يا أبان إنمّا يسأل الله العباد عن الفرائض لا عن النوافل).

قطع الطواف

لصلاة الفريضة والاستراحة

سئل الصادق (عليه السلام) في رجل كان في طواف الفريضة فأدركته صلاة فريضة، فقال (عليه السلام): (يقطع الطواف ويصلّي الفريضة ثمّ يعود، فيتّم ما بقي عليه من طوافه).

وعن علي بن رئاب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يعيي في الطواف، أله أن يستريح؟ قال: نعم يستريح، ثمّ يقوم فيبني علي طوافه في فريضة أو غيرها، ويفعل ذلك في سعيه وجميع مناسكه).

صلاة الطواف

وعن أحدهما (عليهما السلام) قال: (لا ينبغي أن تصلّي ركعتي طواف الفريضة إلاّ عند مقام إبراهيم (عليه السلام)، فأمّا التطوّع فحيث شئت من المسجد).

أقول: قد ذكرنا في (الفقه) جواز صلاة الطواف الواجب إلي آخر الحائط الفاصل بين المسجد والمسعي، وهذه الرواية تدل علي استحباب أن تكون صلاة الفريضة عند المقام.

المسعي

والشارع الذي بين الصفا والمروة هو المسعي وطوله (405) متر، وعرضه تارة عشرة أمتار وتارة اثنا عشر متراً.

والصفا في الأصل: (العريض من الحجارة الملس) والمروة واحد المرو (وهي الحجارة البيض تقتدح بها النار) ولا تكون سوداء ولا حمراء.

والواجب في السعي استيعاب تمام المسافة الواقعة بين الجبلين، ويتحقق ذلك بالشروع من أولّ جزء من الصفا والختم بأوّل جزء من المروة، ولا يجب الصعود عليهما.

التقصير

قال تبارك وتعالي: ?لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلّقين رؤوسكم ومقصّرين ?.

ويدلّ عليه المستفيضة من الأخبار كصحيحة ابن عمّار عنه (عليه السلام): (إذا فرغت من سعيك وأنت متمتع فقصّر من شعر رأسك من جوانبه ولحيتك وخذ من شاربك، وألق أظفارك وأبق منها لحجّك، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شيء يحلّ منه المحرم).

الوقوف بعرفة

في حج التمتع بعد التقصير والإحلال من عمرته يحرم ويذهب إلي عرفات، ووجه تسميتها ب (عرفات) مختلف فيه.

فقيل: لأن إبراهيم (عليه السلام) عرفها بما تقدّم له من النعت بها والوصف، روي ذلك عن علي (عليه السلام) وابن عباس.

وقيل: إنّها سميّت بذلك لأن آدم وحواء اجتمعا فيها فتعارفا بعد أن كانا مفارقين.

وقيل: سميّت بذلك لعلوّها وارتفاعها ومنه عرف الديك.

وقيل: سميّت بذلك لأن إبراهيم (عليه السلام) كان يريه جبرائيل المناسك فيقول: عرفت.

وروي أن جبرائيل قال لآدم هناك: اعترف بذنبك وأعرف مناسكك فقال: ?ربنا ظلمنا أنفسنا? الآية، فلذلك سميّت عرفة.

وإذا ضاق الموقف

وعن سماعة قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام) إذا ضاقت عرفة كيف يصنعون؟ قال: (يرتفعون إلي الجبل).

وعنه أيضاً: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): إذا كثر الناس بمني وضاقت عليهم، كيف يصنعون؟ فقال: يرتفعون إلي وادي محسّر. قلت: فإذا كثروا بجُمع وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ فقال: يرتفعون إلي المأزمين، قلت: فإذا كانوا بالموقف وكثروا فضاق عليهم كيف يصنعون؟ فقال: يرتفعون إلي الجبل، وقف في ميسرة الجبل فإن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وقف بعرفات فجعل الناس يبتدرون اخفاف ناقته يقفون إلي جانبها، فنحاها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ففعلوا مثل ذلك، فقال: أيها الناس إنه ليس موضع اخفاف ناقتي بالموقف، ولكن هذا كلّه موقف، وأشار بيده إلي الموقف.

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إنه قال ما من رجل أهل كورة (البلد) وقف بعرفة من المؤمنين، إلاّ غفر الله لأهل تلك الكورة من المؤمنين، وما من رجل وقف بعرفة من أهل بيت من المؤمنين إلاّ غفر الله لأهل ذلك البيت من المؤمنين).

وعن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) قال: (أعظم أهل عرفات جرماً من

انصرف وهو يظن أنه لم يغفر له).

وعنه (عليه السلام): (من الذنوب ذنوب لا تغفر إلاّ بعرفات).

الوقوف بالمشعر

قال تعالي: ?فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثمّ أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ?.

في تفسير مجمع البيان: الإفاضة مأخوذة من فيض الإناء عن امتلائه، فمعني أفضتم: دفعتم من عرفات إلي المزدلفة عن اجتماع وكثرة.

والمشعر الحرام هو المزدلفة.. سميّت مشعراً: لأنه معلم للحج، والصلاة والمقام والمبيت به والدعاء عنده من أعمال الحج.

وإنمّا سمي المشعر الحرام مزدلفة: لأن جبرائيل قال لإبراهيم (عليه السلام) بعرفات: يا إبراهيم ازدلف إلي المشعر الحرام، فسمّي: مزدلفة. وسمّي جُمعاً: لأنه يجمع به بين المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد و إقامتين.

وعند الازدحام

عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): (إذا كثر الناس بجمع، وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ قال: يرتفعون إلي المأزمين).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إنمّا سميت المزدلفة لأنهم ازدلفوا إليها من عرفات).

أخذ الحصي

عن ابن عمار عنه (عليه السلام) قال: (خذ حصي الجمار من جمع، وإن أخذته من رحلك بمني أجزاك).

وعن الصادق (عليه السلام): (يجوز أخذ حصي الجمار من جميع الحرم إلاّ من المسجد الحرام ومسجد الخيف).

مني ومناسكها

ثمّ يتوجه الحاج إلي مني، سميّت بذلك لما يمني بها من الدماء أي يراق، ولما عن ابن عباس: ان جبرائيل (عليه السلام) لما أراد أن يفارق آدم (عليه السلام) قال له: تمنّ، قال: أتمني الجنة فسميت بذلك لأمنية آدم (عليه السلام).

وفي خبر ابن سنان المروي في العلل عن الرضا (عليه السلام)، لما سئل عن ذلك، قال: (لأنّ جبرائيل (عليه السلام) قال هناك لإبراهيم (عليه السلام): تمنّ علي ربك ما شئت، فتمنّي إبراهيم (عليه السلام) في نفسه أن يجعل الله مكان ولده إسماعيل كبشاً يأمره بذبحه فداء له فأعطاه الله مناه).

أقول: يجوز أن تكون أوجه متعددّة للاسم الواحد.

ثمّ إنّ مناسك مني يوم النحر ثلاثة: رمي جمرة العقبة ثمّ الذبح ثمّ الحلق أو التقصير. قال تعالي: ?ويذكروا اسم الله في أيّام معلومات علي ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير?.

وقال سبحانه: ?فمن تمتع بالعمرة إلي الحجّ فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ?.

ويجب كون الهدي من النعم، وأفضلها البدن ثمّ الغنم.

ومكانها مني، وزمانها يوم الأضحي وتصرف في الصدقة والإهداء والأكل احتياطاً، وتفصيل المسألة في مناسك الحج.

وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال: (سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يخطب يوم النحر وهو يقول: هذا يوم الثجّ والعجّ، فالثج: ما تهرقون فيه من الدماء، فمن صدقت نيّته كان أوّل

قطرة له كفارة لكلّ ذنب، والعجّ: الدعاء فعجّوا إلي الله، فوالذي نفس محمّد بيده لا ينصرف من هذا الموضع أحد إلاّ مغفوراً له، إلاّ صاحب كبيرة مصرّ عليها لا يحدث نفسه بالإقلاع عنها).

الحلق أو التقصير

قال تعالي: ?ولا تحلقوا رؤوسكم حتّي يبلغ الهدي محله ?.

وقال سبحانه: ?محلقين رؤوسكم ومقصرين?.

وقال في الجواهر: يجب أن يحلق أو يقصّر بمني، فلو أخلّ عالماً أو جاهلاً أو ناسياً رجع فحلق أو قصّر بها وجوباً بلا خلاف أجده في شيء من ذلك… فان لم يتمكن من الرجوع وان كان قد تعمّد ذلك حلق أو قصّر مكانه وجوباً بلا خلاف ولا إشكال.

وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إنّ المؤمن إذا حلق رأسه بمني، ثمّ دفنه جاء يوم القيامة وكلّ شعرة لها لسان طلق تلبي باسم صاحبها).

وعن عبد الرحمان بن الحجّاج قال: (ولد لأبي الحسن (عليه السلام) مولود بمني، فأرسل إلينا يوم النحر بخبيص فيه زعفران، وكنّا قد حلقنا، قال عبد الرحمان: فأكلت أنا، وأبي الكاهلي ومرازم أن يأكلا وقالا: لم نزر البيت، فسمع أبو الحسن (عليه السلام) كلامنا فقال لمصادف وكان هو الرسول الذي جاءنا به : في أي شيء كانوا يتكلّمون؟ قال: أكل عبد الرحمان وأبي الآخران، وقالا: لم نزر بعد، فقال (عليه السلام): أصاب عبد الرحمان، ثم قال: أما يذكر حين أوتينا به في مثل هذا اليوم فأكلت أنا منه وأبي عبد الله أخي أن يأكل منه، فلمّا جاء أبي حرّشه عليّ فقال: يا أبه إنّ موسي أكل خبيصاً فيه زعفران، ولم يزر بعد فقال أبي: هو أفقه منك أليس قد حلقتم رؤوسكم؟).

والظاهر إن الرجل مختار بين الحلق والتقصير وإن كان الحلق أفضل.

وإذا لم يكن له ثمن الهدي، فثلاثة أيّام في

الحجّ وسبعة إذا رجعتم.

وقيل لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): (رجل تمتع بالعمرة إلي الحج، في غيبته ثياب له، يبيع من ثيابه ويشتري هديه، قال: لا، هذا يتزيّن به المؤمن، يصوم ولا يأخذ شيئاً من ثيابه).

خطبة النبي (ص) في مني

خطب رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في مني في مسجد الخيف قائلاً: (نضّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها، وبلّغها من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه! ورب حامل فقه إلي من هو أفقه منه! ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب عبد مسلم: إخلاص العمل لله والنصيحة لأئمّة المسلمين واللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم، المؤمنون اخوة تتكافؤ دماؤهم يسعي بذمتّهم أدناهم).

ومن خطبة له (ص)

ومن خطبته (صلي الله عليه وآله وسلم): (أتدرون أي يوم هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا وسط أيّام التشريق، هل تدرون أيّ بلد هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال (صلي الله عليه وآله وسلم): هذا المشعر الحرام، ثمّ قال: إني لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد هذا، ألا أنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا حتيّ تلقوا ربّكم، فيسألكم عن أعمالكم ألا فليبلغ أدناكم أقصاكم).

حدّ مني

وحدّ هذا الموضع من جهة مكّة المكرمة: جمرة العقبة التي بايع الأنصار عندها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، ومن جهة المزدلفة: وادي محسّر، وظاهر كلام بعضهم أنّ العقبة ليست من مني، وغيرهم يقول هي منها.

أماّ عرضه: فعرض الوادي المحصور بين الجبال الشاهقة، وذلك 637 متراً استخراجاً من مقاس الفاسي.

فإن لم تسع الناس لكثرتهم كان بحيث ينتهي الناس الأقرب فالأقرب، كما ورد في الروايات وقد أشرنا الي ذلك فيما تقدم.

دخول مكّة لطواف الزيارة

وفي صحيح ابن عمّار عنه (عليه السلام): (فإذا أتيت البيت يوم النحر، فقمت علي باب المسجد، قلت: اللّهم أعنّي علي نسكك، وسلّمني له وسلّمه لي، أسلك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه، أن تغفر لي ذنوبي، وأن ترجعني بحاجتي، اللّهم إني عبدك والبلد بلدك، والبيت بيتك، جئت أطلب رحمتك، وأوم طاعتك، متبعاً لأمرك، راضياً بقدرك، أسألك مسألة المضطر إليك، المطيع لأمرك، المشفق من عذابك، الخائف لعقوبتك، أن تبلغني عفوك وأن تجيرني من النّار برحمتك، ثمّ تأتي الحجر الأسود فتسّلمه وتقبّله، فان لم تستطع فاستلمه بيدك وقبّل يدك، فان لم تستطع فاستقبله وكبّر، وقل كما قلت حين طفت بالبيت يوم قدمت مكّة).

ثمّ تأتي بالطواف والسعي وطواف النساء وهو واجب في الحجّ بأنواعه الثلاثة: التمتّع والإفراد والقران، وفي العمرة المفردة.

وقال في الحدائق: لا خلاف بين أصحابنا في وجوب طواف النساء علي جميع أفراد الحاج من الرجال والنساء والصبيان والخصيان.

وعن الحسين بن علي بن يقطين، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الخصيان والمرأة الكبيرة أعليهم طواف النساء؟ قال: (نعم، عليهم الطواف كلّهم).

وقال الصادق (عليه السلام) في خصوص المتمتع: (علي المتمتع بالعمرة إلي الحجّ ثلاثة أطواف بالبيت، وسعيان بين الصفا والمروة، فعليه إذا قدم مكّة طواف بالبيت وركعتان

عند مقام إبراهيم (عليه السلام) وسعي بين الصفا والمروة، ثمّ يقصر وقد أحل، (هذا للعمرة) وعليه للحجّ طوافان وسعي بين الصفا والمروة، ويصلّي عن كل طواف باليت ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السلام).

المبيت بمني

ويجب المبيت بمني ليلة الحادي عشر والثاني عشر علي كل ناسك غير معذور، وقد يجب المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً كما هو مذكور في(مناسك الحج).

والقدر الواجب من المبيت في كل ليلة هو نصف الليل فيجوز أن تغرب عليه الشمس فيها، فيبقي بها إلي أن ينتصف الليل، ويجوز أن يأتي من منتصف الليل إلي الفجر.

ويجب أن يكون في المبيت بمني ناوياً له.

ويجب رمي الجمار الثلاث علي الترتيب يوم الحادي عشر والثاني عشر، والثالث عشر إن أقام ليلته في مني.

العمرة المفردة

أمّا العمرة المفردة فأفعالها ثمانية:

1: النيّة.

2: ثمّ الإحرام من أحد المواقيت مع مروره عليه، وإلاّ فمن دويرة أهله إن كان خارج الحرم، وإلاّ فمن أدني الحل.

3: ثمّ الطواف.

4: وركعتاه.

5: ثمّ السعي.

6: ثمّ الحلق أو التقصير.

7: ثمّ طواف النساء.

8: وركعتاه، وتفصيل الكلام في (مناسك الحج).

ختم القرآن بمكّة

يستحب للحاج أن يختم القرآن مدّة إقامته بمكة المكرمة: علي الأقل مرّة واحدة، ففي الخبر: (من ختم القرآن بمكّة لم يمت حتيّ يري رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ويري منزله من الجنّة).

زيارة مولد النبي (ص)

ويستحب زيارة مولد سيّدنا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو بمكّة المكرمة في المكان المعروف بسوق الليل، وهو مشهور بمولد النبي (صلي الله عليه وآله وسلم).

وفي زماننا صار المولد بصورة بناء مربع مسقّف قدّام الصفا وفي أعلي جدارها المقابل للصفا مكتوب (مكتبة مكة المكرمّة).

مولد الزهراء(س)

كما يستحب زيارة مولد السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وهو في دار أمّها خديجة (عليها السلام) بمكّة المكرمة في الزقاق الحجر، وسماها الطبري دار خزيمة.

قال الأزرقي: وهذه الدار كان يسكنها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) مع خديجة وفيها ابتني بها، وولدت جميع أولادها وتوفّيت بها، ولم يزل النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) ساكناً بها حتّي هاجر إلي المدينة، وغالب هذه الدار الآن علي صفة المسجد، وبها قبة يقال لها: قبّة الوحي، ودار خديجة هذه أفضل موضع بمكة بعد المسجد الحرام.

وقال بعض العلماء: إنه زار هذه علي صفة المسجد قبل ثلاثين سنة، وقد نصب في جدار الزقاق معرق ومعلم منقوش عليه: (شارع فاطمة الزهراء) في السوق الذي يسمّي بسوق الذهب ملاصقاً ل(سوق أبي سفيان) وفي السنوات الأخيرة تبدّلت وانطمست كما تبدّلت وانطمست كثير من الآثار القيّمة من الدور والمساجد والأماكن المقّدسة والمزارات الشريفة.

ولا يخفي أن هذه الأماكن في مكة المكرمة وفي المدينة المنورة وفي الطرق والمشاعر من أهم ما يلزم الاحتفاظ بها للتبرك والتماس الأجر، قال سبحانه: ?فقبضت قبضة من أثر الرسول ?. فإذا كان أثر قدم فرس جبرائيل له ذلك الأثر المحيي حتّي صار?عجلاً جسداً له خوار? فآثارهم (عليه السلام) أفضل من ذلك وأكثر تأثيراً بكثير.

فاللازم علي المسلمين إحياؤها كيفما تمكنوا حتّي لا تحرم الأجيال الآتية من أجرها

وآثارها وثوابها.

ومن الواضح أن الزمان يمر مر السحاب ويبقي الواقع، إنّ خلفاء الجور زعموا أنهم قابلوا الأئمة الأطهار (عليه السلام) علماً بمثل ابن أكثم وابن سماك ومن أشبه، وأعجازاً بمثل ذلك الهندي الساحر ونحوه، وزهداً بمثل سفيان الثوري وغيره لكن أبي الله إلاّ أن يتم نوره ولو بعد ألوف السنوات.

وقد اكتشف بعض علماء الغرب ألواح سفينة نوح (عليه السلام) التي ظهرت بعد الملايين من السنين، فهل سفينة نوح (عليه السلام) بعد هذا الزمان المتطاول إلاّ أثراً من آثار الله التي أظهرها لعباده سبحانه وتعالي: ?فأما الزبد فيذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض?.

وسيأتي يوم يظهر كل ذلك بإذن الله سبحانه فلا يكون إلاّ الذكر والثواب لأولئك، والله المستعان.

غار حراء

أول ما نزل الوحي علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) نزل عليه وهو في غار حراء في جبل يسمّي بجبل النور.

وكان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) كثيراً ما يجاور فيه ويتعبد الله فيه منعزلاً عن الناس، والغار الذي في جبل النور يكون مستقبلاً الكعبة من غير انحراف، وليس غيره كذلك، وبه نزلت أول سورة من القرآن الذي هو نور وهدي للناس وفيه شفاء لما في الصدور، وهذا الغار عبارة عن فجوة بابها نحو الشمال، تَسَع نحو خمسة أشخاص جلوساً، وارتفاعه قامة متوسّطة، والواقف فوق هذا الجبل يري مكة المكرمة وأبنيتها العظيمة كما يري جبل ثور.

غار ثور

يقع هذا الغار في الجبل الذي يقال له جبل ثور، لنزول ثور ابن مناف فيه، وقد صحّ أنّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) اختفي في غاره الذي ذكره الله في كتابه: ?ثاني اثنين إذ هما في الغار? وقد أمر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) علياً (عليه السلام) لينام في مكانه حتيّ يشتبه الأمر علي الكفّار الذين أرادوا قتله (صلي الله عليه وآله وسلم).

وروي أن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) لمّا دخل الغار أمر الله العنكبوت فنسجت علي بابه، وأمر شجرة فنبتت، وإلي حمامتين فعششتا علي بابه، وكان مكثه في الغار المذكور ثلاثاُ.

فلمّا أصبحت قريش، وثبوا إلي حجرة الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) وقصدوا الفراش، فوثب علي (عليه السلام) في وجوههم فقال (عليه السلام): ما شأنكم؟

قالوا له: أين محمد؟

قال: ألستم قلتم: نخرجه من بلادنا، فقد خرج عنكم.

فتفرقّوا في الجبال، وكان فيهم رجل من خزاعة، يقال له: أبوكرز يقفو الآثار.

فقالوا: يا أبا كرز اليوم اليوم، فوقف بهم علي باب حجرة رسول الله (صلي

الله عليه وآله وسلم) فقال: هذه قدم محمّد، والله أنها لأخت القدم التي في المقام، وهذه قدم أبي قحافة أو ابنه فمازال بهم حتّي أوقفهم علي باب الغار، ثمّ قال: ما جازوا هذا المكان إمّا يكونوا صعدوا إلي السماء، أو دخلوا تحت الأرض، فلمّا رأوا علي باب الغار نسج العنكبوت والحمامتين انصرفوا، وتفرقّوا في الشعاب وصرفهم الله عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم).

وكان أبو جهل قد أمر منادياً ينادي بأعلي مكّة وأسفلها: من جاء بمحمد (صلي الله عليه وآله وسلم) أو دل عليه فله مائة بعير.

فدعا النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) للحمام وفرض جزاء لهن وانحدرن في الحرم، ونهي عن قتل العنكبوت وقال: هي جند من جنود الله تعالي.

محل انشقاق القمر

قال تعالي: ?اقتربت الساعة وانشق القمر* وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ?.

وقعت هذه الآية العظيمة في جبل أبي قبيس، وهذا الجبل مشرف علي الصفا وهو مشهور.

قيل: إنّ قبر آدم (عليه السلام) في هذا الجبل، ولكن الظاهر أن آدم (عليه السلام) مدفون في النجف الأشرف كما نقرأ في زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام): (وعلي ضجيعيك آدم ونوح عليهما السلام).

وهناك الأخبار الكثيرة التي تنقل هذه المعجزة متواتراً في كل الطبقات: انه انشق القمر علي عهد النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة، فقالوا: انتظروا ما يأتيكم به السفار فإن محمداً لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فجاء السفار فسألوهم، فقالوا: نعم رأيناه فأنزل الله: ?اقتربت الساعة وانشق القمر ?.

أقول: أبان كنت في الكويت رأيت جريدة كويتية نقلت: إنّ الذين وصلوا إلي القمر رأوا آثار التصاق نصف القمر بنصفه الآخر مما تدل علي الانشقاق والالتيام.

المساجد في مكّة وحولها

1: المسجد الحرام: وهو أشرف المساجد وتعدّ الصلاة فيه بمائة ألف صلاة.

2: مسجد الراية: هذا المسجد يقع بأعلي مكة عند الردم الردم: الحاجز للسيل وقد أمر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بنصب راية النصر في هذا المكان، ثمّ أسس في موضعه مسجداً سمي بمسجد الراية، وهذا المسجد الآن وقع في طريق المعابدة قبل أن تدخل ميدان المعابدة.

3: مسجد الجنّ: يقع بالقرب من مقبرة الحجون، وهو محل نزول سورة الجن علي الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله وسلم)، حيث تكلّم (صلي الله عليه وآله وسلم) مع الجن، ويسمّيه أهل مكّة: مسجد الحرس، لأنّ صاحب الحرس كان يطوف بمكّة حتّي إذا انتهي إليه وقف حتّي يتوافي عنده حرسه وعرفاؤه، فإذا توافوا رجع منحدراً إلي مكّة.

4:

مسجد المختبي: هو مسجد بسوق الليل بالقرب من مولد النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، يقال: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يختبي فيه من الكفّار.

5: مسجد الإجابة: هذا المسجد يقع الآن في ميدان المعابدة علي يسار الذاهب إلي مني، يقال: إنّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) صلي فيه.

6: مسجد النوق: سمي بذلك لأن ناقة النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) بركت في هذا المكان، وهو أيضاً واقع في المعابدة علي يمين الذاهب إلي مني وعرفات، وقد ذكرنا المساجد في مكّة في كتاب (الحاج في مكة والمدينة).

7: مسجد التنعيم: واشتهر في عصرنا بمسجد العمرة، وقيل وجه التسمية بالتنعيم: لأن علي يمينه جبلاً يقال له: نعيم، وعن يساره جبلاً يقال له: ناعم، والوادي بينهما: نعمان.

8: مسجد الجعرانة: وهو الذي أحرم منه النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) بعمرة عند مرجعه من الطائف بعد فتح مكّة المكرمة.

قيل: احرم من هذا المسجد ثلاثمائة نبيّ.

ونقل أنّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) غرز رمحه في ذلك المحل فنبع الماء، فشرب منه النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) وسقي الناس.

وقيل في وجه التسمية: إنّ جعرانة اسم امرأة من قريش، وعن ابن عباس: أنها هي التي نزل فيها قوله تعالي: ?ولا تكونوا كالتّي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً?.

9: مسجد الخيف: هذا المسجد بمني في الجهة الجنوبية، وهو مسجد وسيع، وفي صحن المسجد قبّة عظيمة أقيمت علي ثمانية عقود، وبها محراب، وهي موضع خيمة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في حجّة الوداع، وقد صلّي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) بمكانها، ويقال: إنه صلّي فيه سبعمائة نبّي، وفي بعض الآثار: دفن في هذه الأرض جمّ غفير

من الأنبياء (عليه السلام).

10: مسجد البيعة: وهي التي بايع فيها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) الأنصار بحضرة عمّه العباس، وهو بقرب العقبة التي هي حدّ مني من جهة مكّة المكرمة.

11: مسجد النحر: الذي وقع بين الجمرتين، الأولي والوسطي، يقال: نحر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) هديه عنده، وربما يقال: إنّ هذا هو مسجد الكبش، والمراد بالكبش: هو الذي فدي به الذبيح إسماعيل(عليه السلام)، ويؤيّد ذلك ما رواه ابن عباس بأن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) نحر هديه في منحر الخليل (عليه السلام) الذي نحر فيه الكبش المفدي به.

12: مسجد الجنّ: وهو مسجد آخر غير ما ذكرناه أولاً، كما ذكرناه في كتاب(الحاج في مكة والمدينة).

الآثار في مكّة المكرمة وحولها

هناك آثار كثيرة في مكة المكرمة وحولها، ذكرناها في كتاب (الحاج في مكة والمدينة)..

منها: (المعلاة) مقبرة أهل مكّة، ويشقّها الطريق شقّين عن اليمين والشمال، وبها قبور كثيرة من الصحابة، وبالشّق الأيسر قّبة شاهقة علي قبر السيّدة خديجة أمّ المؤمنين (عليها السلام) وبه أيضاً جملة قباب، مثل: مقابر عبد مناف، وعبد المطلب، وهاشم، أجداد النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، وكذلك قبّة علي قبر عمّه: أبي طالب (عليه السلام).

ومنها: قبر ميمونة بنت الحارث زوجة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وقبرها في مقابر سرف علي بعد فرسخين من مكّة.

ومنها: وقبر آمنة بنت وهب، والدة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وقبرها في أبواء، وهي قرية بين مكّة والمدينة، وقيل غير ذلك.

ومنها: قبر عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، وقبره في الطائف.

ومنها: وقبر السيد الطاهر والسيد الطيب، ابنا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) دفنا في الطائف.

ومنها: قبر عبد الله بن إسماعيل بن بزيغ

من أصحاب الباقر والصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام) وقبره في (فيل) قرية قرب مكة المكرمة.

ومنها: قبر الشهيد حسين بن علي (عليه السلام) الحسني، الشهيد في أرض فخ، مع من استشهد معه.

وعن الإمام الجواد (عليه السلام) أنه قال: (لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخّ).

ومشهده واقع في طريق التنعيم والحال داخل في مكّة المكرمة.

بين الكعبة وكربلاء

عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إنّ ارض الكعبة قالت: من مثلي وقد بني بيت الله علي ظهري، يأتيني الناس من كلّ فجّ عميق، وجعلتُ حرم الله وأمنه؟

فأوحي الله تعالي إليها: أن كفّي وقرّي، ما فضل ما فضّلت به فيها أعطيت أرض كربلاء إلاّ بمنزلة الإبرة غرست في البحر فحملت من ماء البحر، ولولا تربة كربلاء ما فضلتك ولولا من تضمنته أرض كربلاء ما خلقتك ولا خلقت البيت الذي به افتخرت).

وإلي هذا الخبر أشار العلامة الطباطبائي بقوله:

ومن حديث كربلاء والكعبة لكربلاء بان علوّ الرتبة

ولّما مرّ أميرالمؤمنين (عليه السلام) بكربلاء في مسيره إلي صفّين نزل فيها وأومأ بيده إلي موضع منها قائلاً:

(ههنا موضع رحالهم ومناخ ركابهم، ثمّ أشار إلي موضع آخر وقال: ههنا مهراق دمائهم، ثقل لآل محمد، ثمّ قال: واهاً لك يا تربة ليحشرنّ منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب، وأرسل عبرته وبكي من معه لبكائه، وأعلم الخواص من صحبه بأنّ ولده الحسين عليه السلام يقتل ههنا في عصابة من أهل بيته وصحبه هم سادة الشهداء، لا يسبقهم سابق ولا يلحقهم لاحق).

زيارة الرسول (ص)

عن صفوان بن سليمان عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) قال: (من زارني في حياتي وبعد موتي كان في جواري يوم القيامة).

وعنه (صلي الله عليه وآله وسلم): (من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إليّ في حياتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليّ السلام فإنّه يبلغني).

وعن عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (أتمّوا برسول الله حجّكم إذا خرجتم إلي بيت الله الحرام، فإنّ تركه جفاء وبذلك أمرتم).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: (من أتي مكّة حاجاً ولم يزرني إلي المدينة جفوته يوم القيامة، ومن

أتاني زائراً وجبت له شفاعتي، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة).

وعن عليّ بن يقطين: (سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الممرّ بالمدينة في البدأة أفضل أو في الرجعة، قال: لا بأس بذلك أية كان).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إنّ زيارة قبر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) تعدل حجّة مع رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) مبرورة).

الروضة الشريفة

عن مرازم: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عمّا يقول الناس في الروضة؟ فقال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): فيما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري علي ترعة من ترع الجنة، فقلت له: جعلت فداك فما حدّ الروضة، فقال: بعد أربع أساطين من المنبر إلي الظلال).

وعنه (صلي الله عليه وآله وسلم): (إنّ مكّة حرم الله حرمّها إبراهيم (عليه السلام) وإنّ المدينة حرمي ما بين لابتيها حرم، لايعضد شجرها، وهو ما بين ظل عاير إلي ظل وعير، وليس صيدها كصيد مكّة، يؤكل هذا ولا يؤكل ذلك وهو بريد).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (ائت مقام جبرائيل وهو تحت الميزاب، فإنه كان مقامه إذا استأذن علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وقل: أي جواد أي كريم أي قريب أي بعيد أسألك أن تصلّي علي محمّد وأهل بيته وأسألك أن ترد عليّ نعمتك).

وعن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: مكة حرم الله، والمدينة حرم رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) والكوفة حرمي لايريدها جبار بحادثة إلاّ قصمه الله).

ثم اللازم علي المسلمين كافة أن يهتموا بهذين البلدين المباركين: مكة المكرمة والمدينة المنورة:

ببناء المساجد والمدارس والحسينيّات والمكتبات والمبرّات وما أشبه فيهما، كما كان السابق كذلك قبل زهاء ثمانين سنة، واللازم ترك

النزاعات المذهبيّة إطلاقاً، ومن ذلك تعمير قباب البقيع الغرقد وسائر القباب الطاهرة في مكة والمدينة وحواليهما.

ولا يخفي أن إعادة بناء تلك القباب الزاكية ينتفع منه المسلمون جميعاً من ناحية، والحكومة من ناحية ثانية، فإن الديمقراطية نفع لكل الأطراف، أما أن يبقي هذا البلد الطاهر جزيرة مستقلة في بحر العالم الإسلامي المتموّج بجميع أطرافه، فذلك ما يضرّ الجميع وهو خلاف القرآن الكريم الذي يصرح بقوله تعالي: ?ان هذه امتكم أمّة واحدة ? و?إنمّا المؤمنون اخوة?.

الهجرة

قيل: إن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) هاجر في أول ليلة من شهر ربيع الأول إلي المدينة المنورة سنة 13 من مبعثه، وفيها كان مبيت علي (عليه السلام) علي فراشه، وكانت ليلة الخميس.

وفي ليلة الرابع منه كان خروجه (صلي الله عليه وآله وسلم) من الغار متوجهاً إلي المدينة، وخلّف علياً (عليه السلام) لقضاء ديونه وردّ الودائع التي كانت عنده.

ودخل (صلي الله عليه وآله وسلم) المدينة يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول مع زوال الشمس، فنزل ب (قبا) وأقام عندهم بضعة عشر يوماً وكان ينتظر علياً (عليه السلام)، وكتب إليه كتاباً يأمره فيه بالمسير إليه، ولما وصل إليه الكتاب تهيّأ عليه السلام للخروج والهجرة، وخرج (عليه السلام) بفاطمة بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأمّه فاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب وتبعهم أيمن بن أم أيمن مولي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأبو واقد رسولُ رسولِ الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فساروا منزلاً بعد منزل حتي قدموا المدينة، ونزلوا علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم).

وبقي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بعد قدوم علي (عليه السلام) يوماً أو

يومين ثم عزم علي الذهاب إلي المدينة.

وعن الطبرسي في قوله تعالي: ?وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك?: أنها نزلت في قصة دار الندوة، وذلك أنّ نفراً من قريش اجتمعوا فيها وتشاوروا في أمر النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) فأظهر كلّ رأيه، فقال أبو جهل: ما هذا برأي، ولكن اقتلوه بأن يجتمع عليه من كل بطن رجل فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد، فترضي حينئذ بنو هاشم بالدية، فصوّب إبليس هذا الرأي، ودخل معهم في ذلك أبو لهب عمّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) فاتفقوا علي هذا الرأي، وأعدّوا الرجال والسلاح فجاء جبرائيل فأخبر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فخرج إلي الغار، وأمر علياً (عليه السلام) فبات علي فراشه وفيه عليه السلامنزلت الآية: ?ومن الناس من يشري نفسه إبتغاء مرضات الله?.

أما قوله تعالي: ?ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ الله معنا?:

فأراد بالغار هنا غار ثور وهو جبل بمكة، ولمّا دخل رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأبو بكر الغار، أرسل الله زوجاً من الحمام حتي باضا في أسفل الثقب والعنكبوت حتي نسج بيتاً. فلمّا جاء الذي يقفوا الآثار كما ذكرنا سابقاً وقف بقريش علي باب الغار، ثم قال: ما جازوا هذا المكان، إمّا أن يكونوا صعدوا إلي السماء أو دخلوا تحت الأرض، فلمّا نظروا إلي بيض الحمام وبيت العنكبوت قالوا: لو دخله أحد لأنكسر البيض، وتفسّخ بيت العنكبوت، فانصرفوا وجعلوا يضربون يميناً وشمالاً حول الغار، وصرفهم الله عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ثم أذن لنبيه في الهجرة.

ثم إنه (صلي الله عليه وآله وسلم) كان مقامه في الغار ثلاثاً، حتي

سكن عنه الطلب فخرج متوجّهاً إلي المدينة، ونزل في قبا قريب من المدينة في جهة الجنوب الغربي، القصة.

مسجد قبا

وعن الشموس بنت نعمان، قالت: (نظرت إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) حين أسس هذا المسجد (مسجد قبا) فرأيته يأخذ الحجر أو الصخرة حتي يصهره الحجر، وأنظر إلي بياض التراب علي بطنه أو سرتّه، فيأتي الرجل من أصحابه ويقول: بأبي وأميّ يا رسول الله أعطني أكفك، فيقول (صلي الله عليه وآله وسلم): لا، خذ مثله، حتي أسسه.

الدخول الي المدينة

ثم جاء رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) إلي المدينة وكل قوم يقولون: يا رسول الله أنزل إلينا..

لكن الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) قال: دعوها فإنها مأمورة، فجاءت الناقة حتي بركت بباب أبي أيوب الأنصاري، وجاء أبوأيوب والقوم يكلّمونه في النزول عليهم، فأخذ رحله فأدخله بيته، فنظر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) إلي رحله وقد حطّ فقال: (المرء مع رحله) وبيته أقرب البيوت بمحل المسجد، فنزل رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في منزل أبي أيوب وقرّ قراره، وفرح أهل المدينة بمقدمه (صلي الله عليه وآله وسلم) إليهم فرحاً شديداً.

ومن حديث البراء: ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء مثل فرحهم برسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وصعد البعض علي سطح المنازل قائلين:

طلع البدر علينا من ثنيّات الوداع

وجب الشكر علينا ما دعا لله داع

أيّها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع

وخرج علي (عليه السلام) إلي المدينة ماشياً علي رجليه، فتورمّت قدماه، فلمّا قدم المدينة رآه النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) فاعتنقه وبكي رحمة مما رأي بقدميه من الورم وهما يقطران دماً، فدعا له بالعافية ومسح رجليه فلم يشكهما بعد ذلك.

بناء المسجد النبوي

وكان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في المربد بأصحابه، فقال لأسعد بن زرارة: اشتر هذا المربد من أصحابه، فساوم اليتيمين المالكين عليه فقالا: هو لرسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): لا إلاّ بثمن، فاشتراه بعشرة دنانير..

وأمر النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) بناء المسجد، فكان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بنفسه ينقل الحجر، وعمل فيه المهاجرون والأنصار.

وبني رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) منازله ومنازل أصحابه حول

المسجد، وخط لأصحابه خططاً فبنوا فيه منازلهم، وكلّ شرع منه باباً إلي المسجد، وخطّ لحمزة وشرع بابه إلي المسجد، وخطّ لعلي (عليه السلام) مثل ما خطّ لهم، وكانوا يخرجون من منازلهم فيدخلون المسجد، إلي أن أمر الله نبيه بسد الأبواب إلاّ باب علي (عليه السلام).

المساجد الأخر في المدينة

مسجد الجمعة: فإن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) لما خرج من قبا مقدمة المدينة أدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاّها في بطن الوادي.

قال بعض: إن المسجد الموجود في غرب مسجد النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) هو مسجد الجمعة، ويسمّي فعلاً بمسجد الغمامة.

مسجد الفضيخ: ويعرف اليوم بمسجد الشمس، وهو شرقي مسجد قبا، فلمّا نزلت حرمة الخمر، خرج الخبر إلي عدّة من الأنصار وهم يشربون فيه فضيخاً، فحلّوا وكاء السقاء، وكبوها فبذلك سمّي الفضيخ.

مسجد الشمس: قد كان رأس النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) في حجر علي (عليه السلام) وهو يوحي إليه، فغربت الشمس ولم يكن علي (عليه السلام) صلّي العصر، فقال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): أصلّيت يا علي؟

فقال: لا.

فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): اللّهم إنّه كان في طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس، فطلعت بعد ما غربت ووقعت علي الجبال والأرض وذلك بالصهباء في خيبر.

أقول: الكون كلّه تحت إرادته سبحانه، فلا مانع من ذلك وقد تواتر الخبر بذلك وتأخير صلاة علي (عليه السلام) كان لأمر أهم وكان في طاعة الله تبارك وتعالي.

مسجد الإجابة: وهو مسجد وقع في شمالي البقيع، قيل في وجه التسمية: إنّه صلي فيه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ودعا طويلاً ثم انصرف، وقال لمن صحبه: (سألت ربّي ثلاثاُ فأعطاني اثنين ومنعني واحدة، سألته أن لا يهلك أمتّي

أي: كلّهم بالسنة فأعطاني، وسألته أن لا يهلك أمتّي بالغرق كقصة نوح عليه السلام فأعطاني، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها).

فينبغي فيه الدعاء والمسألة فإن فيه مظان الإجابة إن شاء الله.

(مسجد الفتح): ويقال له: مسجد الأحزاب أيضاً، وهذا المسجد واقع علي قطعة من جبل سلع، وقيل في وجه التسمية بالفتح: إنه نزل خبر الفتح علي الأحزاب، والنصر للمسلمين هناك.

وفي قبلة مسجد الفتح في سفح الجبل مسجد سلمان (رضوان الله عليه) وفي قبلته علي التلّ مسجد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعن يمينه مسجد صغير يقال له: مسجد فاطمة (سلام الله عليها)، ينبغي للزائر أن يصلي في كلّ هذه المساجد صلاة التحية.

مسجد القبلتين: هذا هو المسجد الذي وقع فيه تحويل القبلة فقيل: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) صلّي صلاة الظهر بأصحابه في مسجد القبلتين، فلمّا أن صلّي ركعتين أمر أن يتوجه إلي الكعبة فاستدار رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) إلي الكعبة، واستقبل الميزاب، فهي القبلة التي قال الله تعالي: ?فلنولينّك قبلة ترضاها?..

فسمّي ذلك المسجد مسجد القبلتين، وكان هذا في طائفة بني سلمة، ووقع هذا المسجد في الجانب الغربي من مسجد الفتح.

مسجد العسكر: يقال: إن هذا المسجد مصرع حمزة (عليه السلام) وإنه مشي بطعنته من الموضع الأول إلي هناك فصرع، وقد ورد أن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وقف علي حمزة وقد قتل ومثّل به، فلم ير منظراً كان أوجع لقلبه منه، فقال: رحمك الله يا عمّ فلقد كنت وصولاً للرحم فعولاً للخيرات.

مسجد أبي ذر الغفاري: مسجد صغير علي يمين السالك إلي أحد بعد ما جاوز البقيع.

مسجد الشجرة: ويقال له: مسجد ذي الحليفة ويعرف اليوم ببئر

علي (عليه السلام).

مسجد غدير خم: وهو واقع علي أربعة أميال من الجحفة، وفي هذا المكان نصب الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) علياً أميراً للمؤمنين من بعده وخليفة للمسلمين.

وقيل: إن المسجد الشريف لم يكن له محراب في عهده (صلي الله عليه وآله وسلم) ولا في عهد من بعده، وأن أول من أحدثه عمر ابن عبد العزيز في عمارة الوليد.

مشربة ام ابراهيم

ومن الآثار: مشربة ام ابراهيم، وإنمّا سمّيت مشربة أمّ إبراهيم (عليه السلام) لأن أم إبراهيم ولدت إبراهيم في تلك المشربة.

وهذا الموضع بالعوالي من المدينة بين النخيل والمشربة البستان وانه كان بستاناً لمارية القبطية أم إبراهيم بن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم).

الاسطوانات

1: اسطوان المخلّق: وهو الذي وقع موقع المصلّي الشريف.

2: اسطوان القرعة: ويعرف باسطوان المهاجرين، قيل: إن الدعاء عندها مستجاب وهي الأسطوانة التي هي واسطة بين القبر والمنبر، عن يمينها إلي المنبر إسطوانتان، وبينها وبين القبر اسطوانتان.

3: اسطوان التوبة: ويعرف باسطوان أبي لبابة، سميت به لأنه ربط نفسه في السارية، وحلف أن لا يحلّ نفسه حتي يحلّه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وكان سببه قضيّة بني قريظة واستشارتهم إياه.

أقول: للصلاة عند الأسطوانة والدعاء عندها آداب مذكورة في محالّها.

4: اسطوان السرير: وهذه الإسطوانة هي اللاصقة بالشباك اليوم في شرقي اسطوان التوبة، فإنه كان للنبي (صلي الله عليه وآله وسلم) سرير من جريد فيه سعفة يوضع هناك ويضطجع عليه.

5: اسطوان المحرس: ويسمّي اسطوان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قيل في وجه التسمية: إن هذه المحرس كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يجلس في صفحتها التي تلي القبر مما يلي باب رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يحرس النبي (صلي الله عليه وآله وسلم).

6: اسطوان الوفود: هي خلف اسطوان المحرس من جهة الشمال، كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يجلس إليها لوفود العرب إذا جاءته، وكانت مما يلي رحبة المسجد.

7: اسطوان مربّعة القبر: ويقال له أيضاً: مقام جبرائيل (عليه السلام) وكان باب بيت فاطمة بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في المربعة التي في القبر.

قال سليمان

بن سالم: قال لي مسلم بن أبي مريم: لا تنس حظّك من الصلاة إليها، فإنها باب فاطمة الذي كان علي (عليه السلام) يدخل عليها منه.

وعن أبي الحمراء قال: شهدت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أربعين صباحاً يجيء إلي باب علي وفاطمة وحسن وحسين (عليه السلام) يأخذ بعضادتي الباب، ويقول: السلام عليكم أهل البيت، ?إنمّا يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً?.

وفي رواية أخري سبعة أشهر، يقول: الصلاة الصلاة ثلاث مرات ?إنمّا يريد الله? الآية.

8: اسطوان التهجد: وجه التسمية أنه كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يخرج حصيراً كلّ ليلة إذا انصرف الناس إلي منازلهم، فيطرح وراء بيت علي (عليه السلام) ثم يصلّي صلاة الليل، وهي خلف بيت فاطمة (عليه السلام) والواقف إليها يكون باب جبرائيل وقد كتب فيها بالرخام: هذا متهجد النبي (صلي الله عليه وآله وسلم).

الصفة

الصفّة: مكان في مؤخر المسجد النبوي (صلي الله عليه وآله وسلم) مظلّل، أعدّه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لنزول الغرباء فيه ممن لا مأوي له ولا أهل، وكانوا يكثرون فيه ويقّلون بحسب من يتزوج منهم أو يموت أو يسافر، وقد ذكر المؤرخّون: أنّ أصحاب الصفة وصلوا إلي أربعمائة.

وعن فضالة: كنّا نصلّي مع رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فيخرّ قوم من قامتهم من الخصاصة حتي يقول الأعرابي: مجانين وهم أهل الصفة، فإذا صلّي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أتاهم فوقف عليهم، فقال: لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تزدادوا فقراً وحاجة، وكان يقول (صلي الله عليه وآله وسلم): من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس.

وروي بعضهم فقال: لقد

رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم رجل عليه رداء إمّا إزار وإمّا كساء، قد ربطوه، فمنها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن تري عورته.

وعن الإمام (عليه السلام): كان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يأتي أهل الصفة وكانوا ضيوفاً علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وقد هاجروا من أهاليهم وأموالهم إلي المدينة فأسكنهم رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) صفة المسجد وهم أربعمائة رجل وكان يسلم عليهم بالغداة والعشي، فأتاهم ذات يوم فمنهم من يخصف نعله ومنهم من يرقع ثوبه، ومنهم من يتفلي ينقي ثوبه أو رأسه من الدواب وكان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يرزقهم مداً مداً من تمر في كل يوم، فقام رجل منهم فقال: يا رسول الله التمر الذي ترزقنا قد أحرق بطوننا.

فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): أما أنيّ لو استطعت أن أطعمكم الدنيا لأطعمتكم ولكن من عاش منكم من بعدي فسيغدي عليه بالجفان، ويراح عليه بالجفان، ويغدو أحدكم في قميصه ويروح في أخري، وتنجدون بيوتكم كما تنجد الكعبة.

فقام رجل فقال: يا رسول الله إنّا إلي ذلك الزمان بالأشواق فمتي هو؟

قال (صلي الله عليه وآله وسلم): زمانكم هذا خير من ذلك الزمان، انكم إن ملأتم بطونكم من الحلال توشكون أن تملؤوها من الحرام.

وكان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يعلمهم القرآن والأحكام وهم يصلّون خلفه أو يحضرون جهاده ويكونون المنادين له في الناس إذا شاء.

وروي انه مرّ الملأ من قريش علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو قاعد مع جمع من ضعفاء المؤمنين وفقرائهم مثل: بلال وصهيب وعمّار وسلمان فحقروهم، قالوا: يا رسول

الله لو نحيّت هؤلاء عنك حتي نخلوا بك فإنّ وفود العرب تأتيك فنستحي أن يرونا مع هؤلاء الأعبد.

فنزل جبرائيل بقوله سبحانه: ?ولا تطرد الذين يدعون ربّهم?.الآية.

الحجرات الطاهرات

قال العطاء الخراساني: فيما بين القبر والمنبر أدركت حجرات أزواج النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) من جريد علي أبوابها المسوح من شعر أسود، فحضرت كتاب الوليد بن عبد الملك يقرأ ويأمر بهدم حجر أزواج النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، فما رأيت يوماً كان أكثر باكياً من ذلك اليوم.

وعن سعيد بن المسيب: يقول: والله لوددت أنّه تركوها علي حالها ينشأ ناشيء من المدينة، ويقدم قادم من الآفاق فيري ما اكتفي به رسول الله في حياته، ويكون ذلك مما يزهد الناس في التكاثر والتفاخر فيها.

ومن الباكين علي تخريب الحجرات أبو أمامة بن سهل، قال: يومئذ: ليتها تركت حتي ينقص الناس من البنيان ويروا ما رضي الله لنبيه (صلي الله عليه وآله وسلم) ومفاتيح خزائن الدنيا بيده.

سد الأبواب

وفي حديث سعد بن أبي وقاص، قال: أمر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بسدّ الأبواب الشارعة في المسجد، وترك باب علي (عليه السلام).

فقالوا: يا رسول الله سددت أبوابنا.

فقال (صلي الله عليه وآله وسلم): ما أنا سددتها ولكن الله سدّها.

البقيع

البقيع: محل مستطيل شرقي المدينة: كان خارجاً عن سورها وطوله 150 متراً في عرض 100 متر، ويقال له: بقيع الغرقد، لأن هذا النوع من الشجر كان كثيراً فيه ولكنه قطع.

وهذا المكان المقدس به قبور كثير من الصحابة، ولا يعرف قبور كثير منهم إلاّ أفراد معدودة أقيمت علي قبور بعضهم قباب، ومن أهمها قبور الأئمة الطاهرين (عليهم افضل الصلاة والسلام) كما سيأتي.

وعن أبي هريرة: ان رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) خرج إلي المقبرة، فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنّي قد رأيت إخواننا.

قالوا: يا رسول الله ألسنا إخوانك؟

قال (صلي الله عليه وآله وسلم): أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم علي الحوض.

قالوا: يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتّك؟

قال: أريتم لو كان لرجل خيل غرّ محجّلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟

قالوا: بلي.

قال (صلي الله عليه وآله وسلم) فإنهّم يأتون يوم القيامة غرّاً محجّلين من الوضوء، وأنا فرطهم علي الحوض، وليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، فأناديهم ألا هلمّ ألا هلمّ ألا هلمّ فيقال: إنهم قد بدّلوا فأقول: فسحقاً فسحقاً.

وعن أبي مويهبة مولي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) قال: أهبني رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) من جوف الليل، فقال: إني أمرت أن استغفر لأهل البقيع فانطلق معي، فانطلقت معه، فلمّا وقف بين أظهرهم، قال: (السلام

عليكم يا أهل المقابر، ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم) ثم استغفر لهم طويلاً ورجع، ثم قال: يا أبا مويهبة انّي قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربّي ثم الجنة، قلت: بأبي وأميّ خذ مفاتيح الدنيا والخلد ثم الجنة، قال: لا، والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربّي ثم الجنة، ثم رجع رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فبدأ به وجعه الذي قبض فيه.

وذكر الطبراني في الكبير، عن أم قيس: أنها خرجت مع النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) إلي البقيع، فقال (صلي الله عليه وآله وسلم): يحشر من هذه المقبرة سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب وكأن وجوههم القمر ليلة البدر، فقام رجل، فقال: يا رسول الله وأنا، فقال: وأنت، فقام آخر، فقال: يا رسول الله وأنا، قال: سبقك بها عكاشة، قال الراوي: قلت لها: لم لم يقل للآخر؟ فقالت: أراه كان منافقاً.

أقول: الظاهر أن السبعين كان من باب المثال، مثل ما ورد في وادي السلام في النجف الأشرف.

أعلام قبور البقيع

منهم: الإمام الحسن بن علي (عليه السلام)، وفي قبة الحسن (عليه السلام) ابن أخيه الإمام زين العابدين والإمام أبو جعفر الباقر والإمام جعفر الصادق (عليهم السلام).

وقبة إبراهيم بن الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم).

وفاطمة بنت أسد.

وعبد الله بن مسعود.

وممن علم قبره العباس بن عبد المطلب وأخته صفية.

وأبوسفيان ابن الحارث، وسعد بن معاذ، وأبو سعيد الخدري.

وزوجات الرسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) إلاّ خديجة وميمونة.

وبنات الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) زينب ورقية وأم كلثوم.

وإسماعيل بن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام).

وقد هدّمها الوهابيون.

وإليك بعض التفصيل عمن دفنوا في البقيع:

1: إبراهيم

بن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): مات إبراهيم ابن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو ابن ستة عشر شهراً، فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): ادفنوه في البقيع فإن له مرضعة في الجنة تتم رضاعه.

2: عثمان بن مظعون، فقد ورد أن أول من دفن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بالبقيع عثمان بن مظعون، فلمّا توفّي ابنه إبراهيم قالوا: يا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أين نحفر له؟ فقال: عند فرطنا عثمان بن مظعون.

وكان عثمان بن مظعون أول من مات من المهاجرين، قالوا: يا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أين ندفنه؟ قال (صلي الله عليه وآله وسلم): بالبقيع، قال: فلحّد له رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وفضل حجر من حجارة لحده، فحمله رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فوضعه عند رجليه، وقال (صلي الله عليه وآله وسلم): أتعلّم به قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي، فلمّا ولّي مروان بن الحكم المدينة مرّ علي ذلك الحجر، فأمر به فرمي به، وقال: والله لا يكون علي قبر عثمان بن مظعون حجر يعرف به، فأتته بنو أميّة فقالوا: بئس ما صنعت، عمدت إلي حجر وضعه النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) فرميت به.

3: بنات الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم): زينب ورقيّة وأم كلثوم، وكانت عليهنّ قبّة وقد هدموها.

4: ومن القباب: قبّة كبيرة لآل البيت، وبها قبر العبّاس بن عبد المطلب، والإمام الحسن بن علي، والإمام عليّ بن الحسين زين العابدين، والإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر، والإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهم السلام)، تجمعهم قبّة واحدة هي أعلي القباب.

وهناك قبّة

لزوجات النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، وكلّ زوجات الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) دفنّ بالمدينة إلاّ خديجة فبمكّة المكرمة، وإلاّ ميمونة فبسرف.

وهناك قبّة إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام).

وهناك قبّة تسمّي (قبّة الحزن) يقال: إنها البيت الذي آوت إليه فاطمة بنت النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) والتزمت الحزن فيه بعد وفاة أبيها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم).

وكانت بالبقيع قباب كثيرة هدمّت كلها.

5: قبر فاطمة بنت أسد، قيل: دفنت في موضع المسجد الذي يقال له اليوم: قبر فاطمة، في أول مقابر بني هاشم التي في دار عقيل، أما قبر فاطمة الزهراء (عليها السلام) فهو مجهول.

6: قبر عبد الله بن مسعود، روي أن ابن مسعود قال: ادفنوني عند قبر عثمان بن مظعون.

7: قبر أبي سفيان بن عبد المطلب، وهو الذي حفر قبره بنفسه قبل موته بثلاثة أيّام، رآه عقيل بن أبي طالب يجول بين المقابر، فقال: يا بن عم مالي أراك هنا؟ قال: أطلب موضع قبر، فأدخله داره وأمر بقبر فحفر، وقعد عليه ساعة، ثمّ انصرف فلم يلبث إلاّ يومين حتّي دفن فيه، والظاهر أنّه في المشهد المنسوب إلي عقيل اليوم، وفيه قبر ابن أخيه عبد الله بن جعفر الطيّار وهو الجواد المشهور، وهذه البقعة وقعت في أوّل البقيع.

8: قبر سعد بن معاذ: صلّي عليه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ودفنه في طرف الزقاق المجاور لدار المقداد بن الأسود في أقصي البقيع.

9: قبر إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، وقد كان مشهد إسماعيل (عليه السلام) خارج البقيع قبل سنوات، ولكن في العصر الحاضر لم يبق من المشهد والمسجد أثراً، ويقال: إنّهم نقلوا مشهده إلي داخل البقيع قريباً من

بقعة الحليمة السعديّة (رضوان الله عليها).

ولا يخفي أنّ هناك روضتين أيضاً:

10: روضة منسوبة إلي أمّهات المؤمنين.

11: وأخري منسوبة إلي بنات رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهما غربي مشهد عقيل.

ثمّ إن روضة بنات الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) وقعت في عصرنا بين قبور أمهّات المؤمنين وبقعة العباس والأئمةّ (عليهم السلام) مقابل الباب الكبير، وهّن زينب وأم كلثوم ورقيّة (رضوان الله تعالي عليهن) ولايخفي إنهّن تشرفّن بشرف الإسلام، وكنّ من النساء الطاهرات المؤمنات، ويشهد علي ذلك عناية الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) والصدّيقة الطاهرة بهنّ وفي الدعاء ذكرهنّ بإجلال، كما في أدعية شهر رمضان.

ومن أمّهات المؤمنين وزوجات الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) في البقيع:

(أمّ سلمة) بنت عاتكة بنت عبد المطلب عمّة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأنها من أفضل أمهات المؤمنين.

و(زينب بنت جحش) وكانت قديمة الإسلام، ومن المهاجرات، وكانت كثيرة الخير والصدقة، كانت تعمل بيدها، وتتصّدق به في سبيل الله.

و(مارية القبطية) وهي أمّ ولده إبراهيم بن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) أهداها المقوقس صاحب الإسكندريّة، وأهدي معها أختها سيرين وخصيّاً وبغلة شهباء وحلّة من حرير، وتوفيّت في المدينة سنة ستّ عشرة.

و(صفيّة بنت حي) بن أخطب من بني إسرائيل، من سبط لاوي بن يعقوب، وهي من سبايا خيبر، فقيل: إنّها سيدّة قريظة والنضير، لا تصلح إلاّ لرسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) فأخذها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) واصطفاها وحجبّها وأعتقها وزوجّها وقسّم لها، وكانت عاقلة من عقلاء النساء.

و(سودة) بنت زمعة بن قيس، تزوجّها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بمكّة بعد وفاة خديجة (عليه السلام)، وكانت سودة عفيفة أشدّ العفاف، ومن عفافها أنّه قيل لها:

لم لم تحجّين؟ فقالت: قد أدّيت الواجب، والواجب بعد ذلك القعود في البيت، كما قال الله تعالي: ?وقرن في بيوتكنّ? وإني عزمت أن لا أخرج من حجرة الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) حتي أموت، وكانت علي هذا حتّي ماتت.

و(جويرية) بنت الحارث الخزاعية، سابها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في غزوة بني المصطلق.

و(أم حبيبة) بنت أبي سفيان بن حرب، خرجت من مكّة مهاجرة إلي أرض الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحش، فتنصّر ومات في الحبشة، وثبتت هي علي الإسلام، وتزوجّها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بعد موت زوجها.

ومن المدفونين فيها: عائشة وحفصة.

ومن المدفونين في البقيع أيضاً: صفيّة بنت بعد المطلب، وقد ذكر أهل السير أن من القباب المنهدمة في البقيع قبّة عمتّي الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) صفيّة وعاتكة.

وأم البنين (عليه السلام) والدة أبي الفضل العباس (عليه السلام) فإنها مدفونة في البقعة المنسوبة إلي صفيّة بنت عبد المطلب.

وحليمة السعديّة وهي أمّ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) الرضاعية، كانت لها بقعة معروفة في أقصي البقيع.

وشهداء أحد: خنيس بن حذاقة، نالته جراحة يوم أحد، فمات بسببها بالمدينة ودفن بالبقيع عند عثمان بن مظعون وكان ناس من المسلمين قد احتملوا قتلاهم إلي المدينة فدفنوهم بها، فنهي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) عن ذلك وقال: ادفنوهم حيث صرعوا.

شهداء احد

وأكثر شهداء أحد مدفونون في أحد كما أنّ هناك قبر حمزة سيّد الشهداء، وقبر النفس الزكية، وهو السيدّ الشريف محمّد الملّقب بالمهدي من أولاد عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قتل في أيّام المنصور، وهذا المشهد في شرقي جبل سلع، وهو داخل مسجد كبير مهجور، وهذا المشهد معروف بين أهل المدينة.

ومشهد

مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري في غربي المدينة، قيل: إنّه ممّن استشهد في أحد ونقل جسده إلي هذا المكان.

وقد أمر النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) بدفن حمزة في الربوة التي هو بها اليوم، وكفّنه في بردة، وكفّن مصعب بن عمير في أخري،و قيل: إنه (صلي الله عليه وآله وسلم) دفنهما في قبر واحد.

وعمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصارييّن كانا في قبر واحد، وكانا ممّن استشهدا يوم أحد، وكان قبرهما ممّا يلي السيل، فحفر عنهما ليغيرا عن مكانهما، فوجدوهما لم يتغيرا كأنمّا ماتا بالأمس.

مدفن ابي ذر

ومدفن أبي ذر الغفاري (رضوان الله تعالي عليه) بالربذة، وقد سميت في الحال بالواسط، وهو أشهر من أن يذكر.

مدفن آمنة أم الرسول (ص)

وفي مجمع البحرين: أبواء مكان بين الحرمين سمّي بذلك لتبوّء السيل ونزوله فيه، وفيه قبّة آمنة أم النبي (صلي الله عليه وآله وسلم).

وفي سفينة البحار: توفيّت آمنة في الأبواء بين مكّة والمدينة ورسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ابن ستّ سنين، وكانت قدمت به إلي المدنية علي أخواله من بني النجّار، ومعها رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأم أيمن حاضنة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم).

وكانت آمنة (عليها السلام) مؤمنة بدين إبراهيم (عليه السلام) كما هو الحال في الصالحين والصالحات من أقرباء الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم).

مدفن عبد الله والد النبي (ص)

وقد كانت في جانب الغربي من الحرم النبوي (صلي الله عليه وآله وسلم) قبّة علي قبر والد النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) وكانت حجرته الشريفة قريبة من السوق السابق، ولكن في التوسعة الأخيرة وقعت في عرصة المصلّي قريباً من باب السلام ولم يبق منها أثر.

وفي الختام

وليعلم أنّه من الضروري جعل العلائم علي كلّ هذه الأماكن التي دخلت في المسجد أو ما أشبه ذلك، وما أكثرها في البلدين وأطرافهما، فإنه من التاريخ الذي ورد فيه: (من ورّخ مؤمناً فقد أحياه)، بالاضافة الي انها من شعائر الله وشعائر الاسلام وآثار رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم).

أمّا الأماكن الخارجة عن المسجد ونحوه كقبور ائمة البقيع (عليهم السلام) وقبور شهداء أحد، فاللازم إعادة بنائه وتجديده تجديداً مناسباً لهذا الزمان.

كما يلزم علي الحكومات وغيرها تسهيل الأمور وتوفير المقدمات ليحج خمسون مليوناً كل عام، والله الموفّق المستعان.

سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون وسلام علي المرسلين والحمدلله ربّ العالمين.

قم المقدّسة

محمد الشيرازي

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

- سورة الحج: 28.

- راجع (مفاتيح الجنان) و(الدعاء والزيارة) في ادعية شهر رمضان وفيها: (اللهم ارزقني حج بيتك الحرام في عامي هذا وفي كل عام).

- من أدعية شهر رمضان بعد كل فريضة: راجع (الإقبال) ص 24 و(مفاتيح الجنان) و(الدعاء والزيارة) في أعمال شهر رمضان.

- راجع كتاب (عندما يحكم الإسلام) الصفحة الأخيرة لعبد الله فهد النفيسي، فانه يذكر ان عدد المسلمين بلغ المليارين.

- (لكي يستوعب الحج عشرة ملايين) كراس كتبه الإمام الشيرازي في الكويت 20 / ذي الحجة / 1394 ه وطبع مكررا، كما طبع ضمن كتاب (الحاج في مكة والمدينة) الطبعة الثالثة 1399ه دار القرآن الحكيم قم المقدسة.

يشتمل هذا الكراس علي فصول خمسة:

الفصل الأول: (تطوير العمران في المشاعر) وفيه 30 نقطة.

الفصل الثاني: (تعمير المشاهد المتبركة) وفيه 15 نقطة.

الفصل الثالث: (إعطاء الحريات لكافة المسلمين) وفيه نقطتان.

الفصل الرابع: (التبليغ في الحج) وفيه 10 نقاط.

الفصل الخامس: (مساعدة المسلمين لأجل الحج) وفيه 12 نقطة.

- سورة الأنبياء: الآية 92.

- سورة الأعراف: الآية 157.

- سورة الحجرات: الآية 10.

- سورة

الحجرات: الآية 13.

- معدن الجواهر: ص21 لأبي الفتح محمد بن علي الكراجكي. وفي تحف العقول عنه (صلي الله عليه وآله): (أيها الناس ان ربكم واحد وان أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب ان أكرمكم عند الله اتقاكم وليس لعربي علي عجمي فضل الا بالتقوي).

- عند الضرورة. راجع (مناسك الحج) و(جامع مناسك الحج) و(الحاج في مكة والمدينة) و.. للإمام المؤلف (دام ظله).

- سورة البقرة: الآية 125.

- راجع موسوعة الفقه: كتاب الحج، للإمام المؤلف (دام ظله).

- سورة البقرة: الآية 196.

- وهذا أمر قد يسهّل مسالة السكن، بالإضافة إلي لزوم بناء الفنادق الكبيرة بحيث يحتوي كل فندق علي عشرة آلاف غرفة او ما أشبه، مع ملاحظة ان تكون الأجور زهيدة والأسعار رخيصة بما يتناسب مع حال الزائرين الكرام، فان رخص الأسعار وانخفاض قيمة الأجور يوجب كثرة المقبلين، كما يوجب ارتفاع الاقتصاد أيضا.

- سورة الحج: الآية 25.

- سورة الحج: الآية 28.

- سورة البقرة: 197.

- سورة الحج: 25.

- سورة الحج: 26.

- سورة الحج: 27.

- سورة الحج: 28.

- سورة البقرة: 158.

-سورة البقرة: 189.

- سورة البقرة: 196

- سورة الحج: 29.

- سورة آل عمران: 96.

- سورة آل عمران: 97.

- سورة التوبة: 19.

- سورة التوبة: 3.

- سورة المائدة: 1.

- سورة المائدة: 2.

- سورة المائدة: 97.

- سورة الفتح: 24.

- مستدرك الوسائل ج 8 ص47 باب29 ح9041.

- مستدر الوسائل ج 8 ص45 باب25 ح9034. والمستدرك ج10 ص174 باب17 ح11772.

- مستدرك الوسائل ج 8 ص37 باب24 ح9012.

- مستدرك الوسائل ج 8 ص37 باب24 ح9010.

- وسائل الشيعة ج11 ص99 باب 38 ح14340. والكافي ج4 ص255 ح14، والتهذيب ج 5 ص24 باب1 ح17.

- مستدرك الوسائل ج 8 ص44 باب24 ح9032.

- من لا يحضره الفقيه ج2 ص216 باب2 ح2205.

-

الكافي ج4 ص281 ح3، ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص220 باب2 ح2223، ووسائل الشيعة ج11 ص151 باب57 ح14499 وح14497.

- وسائل الشيعة ج11 ص151 باب 57 ح14499 والكافي ج4 ص270 ح1 و2، والتهذيب ج5 ص444 باب 16 ح191، ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص220 باب2 ح2224.

- الكافي ج4 ص256 ح18. ووسائل الشيعة ج11 ص99 باب38 ح14341.

- الكافي ج4 ص262 ح39. وشبهه في مستدرك الوسائل ج8 ص36 باب 24 ح9008. ووسائل الشيعة ج11 ص101 باب38 ح14348.

- الكافي ج4 ص281 ح1. ووسائل الشيعة ج11 ص150 باب56 ح14496.

- الكافي ج4 ص264 ح47، ووسائل الشيعة ج11 ص134 باب 46 ح14449.

- مستدرك الوسائل ج8 ص49 باب30 ح9045.

- الكافي ج4 ص264 ح4. ووسائل الشيعة ج11 باب46 ص134 ح14451.

- وسائل الشيعة ج11 ص103 باب 38 ح14357. وثواب الأعمال وعقابها ص46 باب ثواب الحج والعمرة.

- الكافي ج4 ص254 ح9. والتهذيب ج5 ص19 باب1 ح1. والتهذيب ج5 ص19 باب1 ح1.

- التهذيب ج5 ص19 باب1 ح2. ووسائل الشيعة ج11 ص105 باب 38 ح14364 والوسائل ج11 ص114 باب42 ح14385.

- اسم جبل.

- وسائل الشيعة ج11 ص116 باب42 ح14391.

- الكافي ج4 ص271 ح1. والتهذيب ج5 ص450 باب16 ح215. ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص221 باب2 ح2234.

- من لا يحضره الفقيه ج2 ص221 باب2 ح2235 ومستدرك الوسائل ج 8 ص17 باب5 ح 8949.

- من لا يحضره الفقيه ج1 ص189 ح577، ومستدرك الوسائل ج2 ص231 باب26 ح1873، والمستدرك ج 8 ص52 باب33 ح9052.

- الخصال: ص148 ح180.

- سورة آل عمران: 97.

- بحار الأنوار ج96 ص124 باب21 ح1، وشبهه في مصباح الشريعة ص47 الباب الواحد والعشرون في الحج. والمحجة البيضاء: ج2 ص207.

- من لا يحضره الفقيه ج2 ص296 باب2 ح2505. وشبهه في المحجة

البيضاء ج2 ص74.

- سورة الحج: 27.

- سورة البقرة: 158.

- التهذيب ج5 ص455 باب 16 ح234، وشبهه في فقه القرآن ج1 ص266 باب في أنواع الحج.

- راجع مناسك الحج: ص53-59. للإمام المؤلف (دام ظله).

- موسوعة الفقه ج 41 كتاب الحج ص367.

- يحتوي هذا الكتاب علي 525 مسألة وطبع مكرراً. راجع ص 53-59 منه.

- أي (جامع مناسك الحج) يحتوي علي 1986 مسألة. طبع ثلاث مرات.

- الكافي ج4 ص318 ح1 والتهذيب ج5 ص54 باب1 ح12، والتهذيب ج5 ص283 باب16 ح1.

- التهذيب ج5 ص165 باب1 ح76، والاستبصار ج2 ص245 باب 165 ح2، ووسائل الشيعة ج12 ص403 باب50 ح16624.

- التهذيب ج5 ص165 باب1 ح75، والتهذيب ج5 ص468 باب16 ح485، والاستبصار ج2 ص245 باب165 ح1.

- مستدرك الوسائل ج10 ص166 باب17 ح11770.

- من لا يحضره الفقيه ج2 ص318 باب2 ح2558.

- الكافي ج4 ص332 ح3، والتهذيب ج5 ص79 باب1 ح69، والاستبصار ج2 ص167 باب99 ح1، ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص319 باب2 ح2560.

- بحار الأنوار: ج99 ص182.

- مستدرك الوسائل ج9 ص197 باب 39 ح 10656.

- سورة الحج: 27.

- الكافي ج4 ص335 ح1، وسائل الشيعة ج12 ص374 باب36 ح16550، والوسائل ج12 ص377 باب36 ح16557.

- الكافي ج4 ص97 ح4، ووسائل الشيعة ج12 ص75 باب36 ح16552.

- الكافي ج4 ص336 ح5، والتهذيب ج5 ص92 باب1 ح110، ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص325 باب2 ح3579.

- سورة العنكبوت: 67.

- راجع كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم) ج2 ص13.

-راجع مستدرك الوسائل ج9 ص 367 باب 29 ح11097.

- سورة آل عمران: 97.

- الكافي ج4 ص226 ح1. والتهذيب ج5 ص449 باب16 ح212. ومستدرك الوسائل ج9 ص329 باب9 ح11020.

- الكافي ج4 ص226 ح2. وشبهه في التهذيب ج10 ص216 باب4 ح6. ومن لايحضره الفقيه

ج4 ص115 باب2 ح5229. وفيهما: (عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يجني في غير الحرم ثم يلجأ في الحرم؟ فقال: لا يقام عليه الحد ولا يطعم ولا يسقي ولا يكلم ولا يبايع فإنه إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيقام عليه الحد وإن جني في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم فإنه لم ير للحرم حرمة.

- قد أشار الإمام الشيرازي في كتاب (إذا قام الإسلام في العراق) بعدم إجراء الحدود في مثل هذا الزمان الا بعد تطبيق كافة القوانين الإسلامية، فراجع. كما ذكر سماحته (دام ظله) في الفقه: إن لإجراء الحدود عشرات الشرائط فمثلاً هناك أكثر من أربعين شرط لإجراء حد السرقة، انظر (موسوعة الفقه: ج 101 كتاب الدولة الإسلامية).

- سورة المائدة: 1.

-الكافي ج4 ص381 ح1، ووسائل الشيعة ج13 ص43 باب 17 ح 17194.

- الكافي ج4 ص233 ح4، والتهذيب ج5 ص376 باب 16 ح226، والاستبصار ج2 ص214 باب 138 ح5 وفيهما اختلاف بسيط بدلاً عن كلمة يصاد كلمة رمي.

- الكافي ج4 ص398 ح1، والتهذيب ج5 ص97 باب1 ح1، ووسائل الشيعة ج13 ص195 باب1 ح 17552.

- الكافي ج4 ص398 ح2، ووسائل الشيعة ج13 ص196 باب1 ح17553.

- الكافي ج4 ص228 ح26، ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص229 باب2 ح2272، ووسائل الشيعة ج3 ص162 باب13 ح3291، ووسائل الشيعة ج13 ص287 باب44 ح17762.

-بحار الأنوار ج7 ص302 باب 15 ح57.

- بحار الأنوار ج7 ص302 باب 15 ح54، والبحار ج99 ص387 باب 4 ح2.

- الكافي ج4 ص226 ح2، والتهذيب ج10 ص216 باب4 ح6، ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص115 باب2 ح5229.

- سورة الحج: 25.

- الكافي ج4 ص227 ح1. ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص251 باب2 ح2328. والوسائل ج13

ص84 باب42 ح17294.

- من لا يحضره الفقيه ج2 ص363 باب2 ح2718، ووسائل الشيعة ج12 ص547 باب81 ح 17045.

- سورة التين: 1-3.

- سورة الفتح: 24.

- راجع كتب اللغة.

- سورة آل عمران: 96.

- سورة الأنعام: 92.

- وسائل الشيعة ج13 ص280 باب 38 ح17747.

- وسائل الشيعة ج5 ص126 باب5 ح 6109.

- سورة إبراهيم: 37.

- راجع موسوعة الفقه ج81 ص247، كتاب اللقطة في لقطة الحرم.

- الكافي ج4 ص525 ح 8، والتهذيب ج5 ص 428 باب16 ح133، والاستبصار ج2 ص333 باب 228 ح12.

- علل الشرائع ص397 باب137 العلة التي من اجلها سميت مكة بكة.

- التهذيب ج5 ص468 باب16 ح286، ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص227 باب2 ح2258.

- التهذيب ج5 ص468 باب16 ح286، ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص227 باب2 ح2257.

- من لا يحضره الفقيه ج2 ص228 باب2 ح2262، ووسائل الشيعة ج13 ص231 باب15 ح17621، والوسائل ج13 ص290 باب45 ح17770.

- التهذيب ج5 ص420 باب16 ح103، ووسائل الشيعة ج13 ص231 باب16 ح17622. وفيها: (كل الظلم فيه).

- مستدرك الوسائل ج9 ص334 باب11 ح11029، ومستدرك الوسائل ج10 ص208 باب12 ح11869.

- مستدرك الوسائل ج9 ص334 باب11 ح11030، ومستدرك الوسائل ج9 ص346 باب 13 ح11046.

- للتفصيل راجع كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم) ج2 ص81 فصل لائحة حقوق الإنسان.

- سورة الحديد: 20.

- سورة الحجرات: 13.

- سورة الحج: 25.

- وسائل الشيعة ج13 ص269 باب32 ح17719.

- وسائل الشيعة ج13 ص269 باب32 ح17721 وقرب الإسناد ص52.

- بحار الأنوار: ج99 ص241.

- بحار الأنوار: ج99 ص241.

- مستدرك الوسائل ج13 ص265 باب29 ح17707، والمحاسن ص69 باب 111 ح135.

- الكافي ج4 ص240 ح5، ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص205 باب2 ح2144، ومستدرك الوسائل ج4 ص269 باب17 ح4668، ومستدرك الوسائل ص153 باب 145 ح10531.

-

سورة البقرة: 125.

- سورة البقرة: 127.

- سورة المائدة: 97.

- الكافي ج4 ص401 ح1، ووسائل الشيعة ج13 ص204 باب 8 ح17574، ومستدرك الوسائل ج9 ص320 باب 5 ح11004.

- مستدرك الوسائل ج9 ص320 باب5 ح11003، وشبهه ورد في فقه الرضا ص115 وفيه: (اللهم أنت السلام ومنك السلام ولك السلام وإليك يعود السلام سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين).

- من لا يحضره الفقيه ج2 ص53 باب2 ح4، ومستدرك الوسائل ج9 ص321 باب 5 ح11004، ومستدرك الوسائل ج9 ص380 باب 8 ح 11128.

- من لا يحضره الفقيه ج2 ص190 باب2 ح2109، وعلل الشرائع ص398 باب العلة التي من أجلها سميت الكعبة كعبة ح1.

- علل الشرائع ص398 باب العلة التي من أجلها سميت الكعبة كعبة ح2، وشبهه في (من لا يحضره الفقيه) ج2 ص190 باب2 ح2110.

- وسائل الشيعة ج13 ص236 باب 17 ح17634، وعلل الشرائع ص398 باب العلة التي من أجلها سمي البيت الله الحرام ح1.

- علل الشرائع ص399 باب العلة التي من أجلها سمي البيت العتيق ح1.

- علل الشرائع ص399 باب العلة التي من أجلها سمي البيت العتيق ح3 والكافي4 ص189 ح6.

- الكافي ج4 ص527 ح2. والتهذيب ج5 ص275 باب16 ح2. ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص206 باب2 ح2149.

- الكافي ج4 ص529 ح8. والتهذيب ج5 ص278 باب16 ح7. ووسائل الشيعة ج13 ص276 باب36 ح17738.

- سورة آل عمران: 97.

- الكافي ج4 ص529 ح6. والتهذيب ج5 ص277 باب16 ح5. ومثله في وسائل الشيعة ج13 ص278 باب36 ح17742.

- الكافي ج4 ص229 ح1. والتهذيب ج5 ص449 باب16 ح213. ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص252 باب2 ح2333.

- مستدرك الوسائل ج9 ص351 باب17 ح11055. ووسائل الشيعة ج13 ص255

باب23 ح17680. والمناقب ج2 ص368 فصل في ذكر قضاياه (ع) في عهد عمر.

- الجامع اللطيف ص93.

- بحار الأنوار ج96 ص67 باب6 ح3.

- من لا يحضره الفقيه ج2 ص191 باب2 ح2114. والوسائل ج13 ص319 باب13 ح 17838.

- وسائل الشيعة ج13 ص319 باب13 ح17837. وفيه: (التقمه الحجر).

- وسائل الشيعة ج13 ص322 باب13 ح17846.

- وسائل الشيعة ج13 ص313 باب12 ح17826.

-راجع مستدرك الوسائل ج9 ص384 باب11 ح11136 وفيه: (دخل سفيان الثوري علي أبي عبد الله (ع) فقال أصلحك الله بلغني أنك صنعت أشياء خالفت فيها النبي (ص). قال: وما هي؟ قال: بلغني أنك أحرمت من الجحفة وأحرم رسول الله (ص) من الشجرة، وبلغني أنك لم تستلم الحجر في طواف الفريضة وقد استلمه رسول الله (ص)؟ الي ان قال (ع): وأما استلام الحجر فكان رسول الله (ص) يفرج له وأنا لا يفرج لي).

- وسائل الشيعة ج13 ص327 باب16 ح17860.

- الكافي ج1 ص331. ووسائل الشيعة ج13 ص327 باب16 ح17861.

- الكافي ج4 ص525 ح1. ووسائل الشيعة ج5 ص273 باب53 ح6527.

- الكافي ج4 ص406 ح1. ووسائل الشيعة ج13 ص333 باب20 ح17876.

- من لا يحضره الفقيه ج2 ص531 باب2 ح1.

- الكافي ج4 ص527 ح12. والتهذيب ج5 ص451 باب16 ح221.

- من لا يحضره الفقيه ج2 ص209 باب2 ح217. وشبهه ورد في وسائل الشيعة ج5 ص275 باب53 ح6532 وفيه: (ما بين الركن الشامي وباب البيت) بدلاً من الركن العراقي.

- بحار الأنوار ج71 ص327 باب20 ح97. ودعائم الإسلام ج1 ص314 فصل في ذكر الطواف.

- علل الشرائع ص400 باب141 العلة التي من أجلها سمي الحطيم حطيماً.

- بحار الأنوار ج46 ص80 باب5 ح75، والبحار ج96 ص197 باب35 ح11.

- مستدرك الوسائل ج9 ص429 باب63 ح11265.

- التهذيب ج5 ص471 باب16 ح302،

ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص208 باب2 ح2166، ووسائل الشيعة ج13 ص245 باب20 ح 17658، والوسائل ج13 ص245 باب20 ح17661.

- الكافي ج6 ص387 ح5. ووسائل الشيعة ج25 ص261 باب16 ح31861.

- من لا يحضره الفقيه ج2 ص208 باب2 ح2164 ووسائل الشيعة ج13 ص245 باب20 ح17659.

- مستدرك الوسائل ج9 ص347 باب14 ح11050. ومستدرك الوسائل ج17 ص17 باب13 ح20616.

- الوافي: ج2 ص129 كتاب الحج.

- راجع مناسك الحج للإمام المؤلف (دام ظله) ص103 المسألة 321، وفيه: (الأحوط استحباباً ان لا يجعل الإنسان مقام ابراهيم ? داخل المطاف، بل يجعله علي اليمين والبيت علي اليسار ويكون الطواف بينهما، مراعياً بذلك القدر من البعد في جميع الجوانب، وهي المسافة التي قدرت بستة وعشرين ذراعاً ونصف الذراع تقريباً بذراع اليد.

وفي المسألة 322: الظاهر جواز الطواف حول الكعبة المشرفة أبعد من ستة وعشرين ذراعاً مطلقاً، خصوصاً في حالة الاضطرار.

- الكافي ج4 ص545 ح26 وشبهه ورد في وسائل الشيعة ج13 ص313 باب11 ح17824.

- الكافي ج4 ص545 ح27 ووسائل الشيعة ج13 ص313 باب11 ح17825.

- وسائل الشيعة ج9 ص448.

- وسائل الشيعة ج13 ص384 باب43 ح18019.

- الكافي ج2 ص416 ح4، ووسائل الشيعة ج13 ص388 باب46 ح18026.

- الكافي ج4 ص424 ح8، وشبهه في التهذيب ج5 ص137 باب1 ح124.الكافي ج4 ص545 ح27. ووسائل الشيعة ج13 313 باب11 ح17825.

- راجع مناسك الحج ص 109 المسألة 340. وراجع موسوعة الفقه كتاب الحج.

- سورة الفتح: 27.

- الكافي ج4 ص438 ح1، والتهذيب ج5 ص157 باب1 ح46، ومن لايحضره الفقيه ج2 ص375 باب2 ح2741.

- سورة الأعراف: 23.

- علل الشرائع ص436 باب5173 ح1.

- الكافي ج4 ص466 ح11، ووسائل الشيعة ج13 ص535 باب11 ح18389.

- التهذيب ج5 ص180 باب1 ح 8، ووسائل الشيعة ج13 ص535 باب11 ح18390.

-

من لا يحضره الفقيه ج2 ص211 باب2 ح2181.

- مستدرك الوسائل ج10 ص29 باب17 ح11379.

- مستدرك الوسائل ج8 ص37 باب24 ح9010، ومستدرك الوسائل ج10 ص30 باب17 ح11382.

- سورة البقرة: 198و199.

- بحار الأنوار ج12 ص109 باب5 ح28، والبحار ج96 ص266 باب48 ح1.

- الكافي ج4 ص471 ح7، ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص545 باب2 ح9، ووسائل الشيعة ج14 ص19 باب9 ح18486.

- التهذيب ج5 ص190 باب1 ح10، ووسائل الشيعة ج14 ص17 باب8 ح18478.

- الكافي ج4 ص477 ح1و3، والتهذيب ج5 ص195 باب1 ح27 و28.

-الكافي ج4 ص478 ح8، والتهذيب ج5 ص196 باب1 ح29.

- بحار الأنوار ج12 ص108 باب5 ح26، والبحار ج99 ص272 باب49 ح4.

- سورة الحج: 28.

- سورة البقرة: 196.

- مناسك الحج: ص 141 المسألة 446.

- بحار الأنوار ج96 ص301 باب52 ح39.

- سورة البقرة: 196.

- سورة الفتح: 27.

- الكافي ج4 ص502 ح1، والتهذيب ج2 ص214 باب2 ح2198.

- الكافي ج4 ص506 ح4، والتهذيب ج5 ص246 باب16 ح26، والاستبصار ج2 ص288 باب197 ح5.

- راجع مناسك الحج ص143 المسألة 454.

- إشارة الي قوله تعالي في سورة البقرة: 196 وهو ?فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ?.

- الكافي ج4 ص508 ح5، والتهذيب ج5 ص238 باب16 ح141.

- الكافي ج1 ص403 ح1، ومستدرك الوسائل ج11 ص45 باب18 ح12390.

- المراد المعني اللغوي.

- راجع الكافي ج7 ص273 ح12، وفيه: (أيّها الناس اسمعوا ما اقول لكم واعقلوه عنّي فاني لا أدري لعلّي لا ألقاكم في هذا الموقف بعد عامنا هذا، ثم قال: اي يوم أعظم حرمة؟ قالوا: هذا اليوم، قال: فأي شهر أعظم حرمة؟ قالوا: هذا الشهر، قال: فأي بلد أعظم حرمة؟ قالوا: هذا البلد، قال: فان دماءكم= =واموالكم حرام عليكم، حرام

كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا الي يوم تلقونه فيسألكم عن أعمالكم، ألا هل بلّغت؟.. الحديث).

- الكافي ج4 ص511 ح4، والتهذيب ج5 ص252 باب16 ح13.

- الكافي ج4 ص295 ح1، والتهذيب ج5 ص35 باب1 ح33.

- مناسك الحج ص151-152 المسألة 480-482.

- مناسك الحج: ص159 – 162. المسألة 501 – 509.

- من لا يحضره الفقيه ج2 ص227 باب2 ح2257، وشبهه في التهذيب ج5 ص468 باب16 ح286 وفيه: (ويري منزله في الجنة)، ووسائل الشيعة ج13 ص288 باب45 ح17766، والوسائل ج13 ص290 باب45 ح1771.

- سورة طه: 96.

- سورة الأعراف: 148.

- في قصة الإمام الرضا (ع) والمأمون، راجع: بحار الانوار ج49 ص182 باب14 ح16.

- سورة الرعد: 17.

- سورة التوبة: 40.

- سورة القمر: 1-2.

- جمال الأسبوع: ص31 زيارة أمير المؤمنين ?.

- سورة القمر: 1.

- الكافي ج4 ص526 وح5و6، والتهذيب ج6 ص21 باب16 ح2.

- سورة النحل: 92.

- مستدرك الوسائل ج10 ص82 باب3 ح1517.ومستدرك الوسائل ج10 ص128 باب53 ح11667.

- الحاج في مكة والمدينة: ص91 الطبعة الثالثة دار القرآن الحكيم، قم المقدسة، 1399ه. وفيه: (15-16: مسجدان كل واحد منهما يعرف ب (مسجد الجن) حيث تكلم الرسول الأعظم (ص) مع الجن في هذا الموضع.

- بحار الانوار ج 48 ص165 باب7 ح6.

- بحار الانوار ج98 ص106 باب12 ح3.

- العلامة السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي (قده) في منظومته المسماة ب (الدرة النجفية).

- راجع كامل الزيارات.

- التهذيب ج6 ص3 باب16 ح2، ووسائل الشيعة ج14 ص334 باب3 ح19339.

- التهذيب ج6 ص3 باب16 ح1، ووسائل الشيعة ج14 ص337 باب4 ح19334.

- بحار الانوار ج10 ص94 باب7 ح1، والبحار ج97 ص139 باب ح3.

- الكافي ج4 ص548 ح5، والتهذيب ج6 ص4 باب16 ح5، ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص565 باب2 ح3157.

-

الاستبصار ج2 ص329 باب226 ح3، والتهذيب ج5 ص440 باب16 ح174.

- وسائل الشيعة ج14 ص335 باب3 ح19341.

- الكافي ج4 ص554 ح5، ووسائل الشيعة ج14 ص345 باب7 ح19360.

- وسائل الشيعة ج14 ص362 باب17 ح19391، والكافي ج4 ص564 ح5، والتهذيب ج6 ص12 باب16 ح3.

- الكافي ج4 ص557 ح1، والتهذيب ج6 ص8 باب16 ح10، ومن لايحضره الفقيه ج2 ص568 باب2 ح3158.

- الكافي ج4 ص563 ح1، والتهذيب ج6 ص12 باب16 ح15.

- سورة الأنبياء: 92.

- سورة الحجرات: 10.

- راجع الكافي ج1 ص439 ح1، والكافي ج8 ص339 باب8 ح536.

- سورة الأنفال: 30.

- سورة البقرة: 207.

- سورة التوبة: 40.

- وعلة اصطحاب رسول الله (ص) لأبي بكر مذكورة في المفصلات فراجع.

- راجع بحار الأنوار ج17 ص358 باب3 ح13 وفيه: (اللّهم إنه كان في طاعتك وفي طاعة رسولك فاردد عليه الشمس قالت أسماء: فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت ووقعت علي الأرض وذلك بالصهباء في خيبر). ومن لايحضره الفقيه ج1 ص203 ح610، والبحارج21 ص43 باب23 ح2، والبحار ج41 ص170 باب109 ح6، والبحار ج41 ص174 باب109 ح10، والبحار ج41 ص184 باب109 ح22.

- سورة البقرة: 144.

- راجع (الحاج في مكة والمدينة) للامام المؤلف (دام ظله).

- سورة الأحزاب: 33.

- بحار الانوار ج35 ص207 باب5 ح2، والبحار ج35 ص209 باب5 ح 8، والبحار ج35 ص214 باب5 ح 18، والبحار ج35 ص223 باب5 ح30.

- مستدرك الوسائل ج15 ص203 باب77 ح18014، ومستدرك الوسائل ج16 ص302 باب72 ح19953.

- سورة الأنعام: 52.

- راجع بحار الأنوار ج21 ص409 باب36 ح41 وفيه: (روي عن أبي مويهبة مولي رسول الله (ص) قال أهبني رسول (ص) في المحرم مرجعه من حجه ولم أدر ما مضي من الليل أو ما بقي فقال انطلق فإني أمرت أن

استغفر لأهل هذا البقيع فخرجت معه فاستغفر لهم طويلاً ثم قال ليهنكم ما أصبحتم فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها، الآخرة شر من الأولي، يا أبا مويهبة أعطيت خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة فخيرت بين ذلك والجنة وبين لقاء ربي والجنة فقلت بأبي أنت وأمي خذ خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة).

- روي أبو عبد الله العلوي الحسني في كتاب فضل الكوفة بإسناده إلي عقبة بن علقمة قال: (اشتري أمير المؤمنين (ع) أرضاً ما بين الخورنق إلي الحيرة إلي الكوفة، وفي خبر آخر ما بين النجف الأشرف إلي الحيرة إلي الكوفة من الدهاقين بأربعبين ألف درهم وأشهد علي شرائه، قال فقلت يا أمير المؤمنين تشتري هذا بهذا المال وليس ينبت حظاً، فقال سمعت رسول الله (ص) يقول= =كوفان كوفان يرد أولها علي آخرها يحشر من ظهرها سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب فاشتهيت أن يحشروا علي ملكي)، وسائل الشيعة ج3 ص161 باب12 ح3290.

- راجع بحار الأنوار ج21 ص409 باب36 ح41 وفيه: (إبراهيم بن رسول الله (ص) ولد في ذي الحجة من سنة ثمان وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة ودفن بالبقيع) الحديث.

- بحار الأنوار ج19 ص132 باب7 ح9، والبحار ج 48 ص297.

- بحار الانوار ج19 ص132 باب7 ح9 والبحار ج48 ص297.

- سورة الأحزاب: 33.

- راجع كتاب (تاريخ المدينة المنورة) لأبن شبه النميري وكنز الفوائد ج1 ص383 مما روي في القبور والدفائن.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.