لا للحسد

اشارة

اسم الكتاب: لا للحسد

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت

تاريخ الطبع: 1422 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ

وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا

وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ

كَيْدُهُمْ شَيْئاً

صدق الله العلي العظيم

سورة آل عمران: 120

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي محمد أشرف الخلق أجمعين وعلي آله الطيبين الطاهرين.

أنّه مثلما يكون لهذا الجسد صحة ومرض وعلاج، فإنّ للنفس الإنسانية أيضاً صحة ومرضاً وسقماً وسلامة. إنّ صحة النفس وسلامتها هي الاعتدال في طريق الإنسانية، وإنّ الأمراض النفسية أشد فتكاً بآلاف المرات من الأمراض الجسمية، لأنها تصيب الروح.

وكما كانت الحمية تقي الإنسان من الأمراض كذلك هنا في مجال الأعمال الروحية القلبية والظاهرية البدنية، فإن التقوي بمثابة الوقاية من الأمور المضرة ومن يتهاون في الحمية تصرعه الأمراض عادة.

إذن فالإنسان الراغب في صحة نفسه من الآفات عليه الإتيان بكل ما يصلح النفس ويجعلها سليمة وكذلك الامتناع عن كل ما يضرها ويؤلمها وأهم ما يكون للروح هو التقوي من المحرمات. فانه الطريق الوحيد إلي المقامات والمدارج الإنسانية والدرجات الرفيعة، وبهذا العلاج والمواظبة عليه يكون من الناجين السعداء بإذنه تعالي.

ويعتبر الحسد الذي هو موضوع هذا الكتاب أحد الأمراض الروحية القلبية المهلكة حيث وردت الروايات في التنبيه عليه ومنها قول الإمام الصادق عليه السلام: «آفة الدين الحسد والعُجْب والفخر» ().

ومعلوم أنّ الإيمان هو ذلك النور الإلهي الذي محله القلب، فإنه يأخذ بالتراجع والضمور نتيجة ضيق الباطن الناتج عن هذه الرذيلة؛ أي الحسد. وشيء فشيء يتقهقر النور المعنوي ويقضي علي الإيمان الذي يعد وسيلة النجاة في الآخرة والباعث لحياة الروح.

يقول العلماء: إن من مفاسد الحسد ضيق القبر وظلمته؛ اذ أن ضيق

القبر أو اتساعه منوط بضيق الصدر أو انشراحه، لأن الحاسد بسبب هذه الصفة يكون باطنه ضيقاً مظلماً وصدره مختنقاً.

وكذلك ينتج عن الحسد أعمال باطلة تعتبر هي المفاسد أيضاً كالغيبة والنميمة والإيذاء وغير ذلك مما هو من الموبقات والمهلكات.

فعلي الإنسان العاقل أن يشمر عن ساعد الجد ليجنّب نفسه من كل الأسباب المؤدية إلي هذه الخصلة الذميمة لكي لا ينحرف عن طريق الآخرة وإصلاح النفس.

وهذا الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ «لا للحسد» مما أجاد به يراع المرجع الديني الأعلي السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) الذي كانت له وقفات متنوعة علي شتي المواضيع وزوّد بها المكتبة الإسلامية.

حيث تناول سماحته (دام ظله) موضوع الحسد ومنشأه وصراع قوي الخير والشر في الإنسان، وفرقه عن الغبطة. ونوّع البحث ببعض القصص المعبرة وختم البحث بما تيسر له من الآيات والمأثور من الروايات.

وإيماناً منا بأهمية هذا السفر القيم قمنا بطباعته ونشره وكذلك غيره من البحوث والمحاضرات التي ألقاها (دام ظله) في أوقات وأماكن مختلفة.

وقد راجعها سماحة الإمام وأضاف إليها بعض الإضافات فأصبحت كمؤلفاته التي تجاوزت ألف وخمسمائة كتاب وكراس.

أعزاؤنا القراء نحن نتوخي أن تتزودوا من فائدة المحتوي راجين من الله عزوجل السداد والقبول، وأن يوفقنا جميعاً للعمل الصالح إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص.ب: 6080/13 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@alshirazi.com

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

القوة الخيرة والقوة الشريرة

قال الله تعالي في محكم كتابه: ?قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ? مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ? وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ? وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ? وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ?().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «آفة

الدين الحسد» ().

وقال عليه السلام أيضاً: «اتقوا الله ولا يحسد بعضكم بعضاً» ().

يذكر علماء النفس: أن في نفس الإنسان قوتين، قوة تجره إلي طريق الخير والصلاح، وتسمي القوة الخيرة، وأخري تجره إلي طريق الضلالة وتسمي القوة الشريرة.

وبين هاتين القوتين صراع مستمر، فإذا غلبت قوة الخير قوة الشر، فان الإنسان يصبح صالحاً، وبانقلاب الكفة، تنعكس النتيجة، وبين هذا وذاك درجات، فمنهم من يكون خيره أو شره بدرجة (100%)، ومنهم من يكون بدرجة (90%) وهكذا، وكل ذلك يتبع نتائج الصراع الدائر بين القوة الخيرة والقوة الشريرة.

علماً بأن هذه القوي لا تعمل مستقلة، أي بدون تدخل الانسان، حتي تكون النتائج قسرية علية، وإنما للإنسان الدخل الأكبر، في مساندة ومناصرة احداهما للتغلب علي الأخري، ولهذا يكون الإنسان شريكاً مع نفسه في النتيجة الحاصلة خيراً كانت أم شراً.

الآثار المترتبة

وهناك مسألة أخري، من المناسب توضيحها هنا، وهي أن الآثار المترتبة، علي انتصار كل قوة من هذه القوي متعددة وكثيرة، فآثار القوة الخيرة هي جميع أعمال الخير والصلاح، ابتداءً من مساعدة المحتاجين وقضاء حوائجهم إلي بذل النفس في سبيل الله تعالي.

وكذلك آثار القوة الشريرة متعددة وكثيرة، منها: الكذب، والنفاق، والدجل، والسرقة، والحقد، والحسد؛ فإن الحسد هو من الآثار الناتجة عن انتصار قوة الشر علي قوة الخير، والكلام في هذا الكراس يكون حول الحسد باذنه تعالي.

الحسد والغبطة

قال الإمام الصادق عليه السلام: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: قال الله عزوجل لموسي بن عمران: يا ابن عمران، لا تحسدن الناس علي ما آتيتهم من فضلي، ولا تمدن عينيك إلي ذلك، ولا تتبعه نفسك، فان الحاسد ساخط لنعمي، صاد لقسمي الذي قسمت بين عبادي، ومن يك كذلك فلست منه وليس مني» ().

وقال عليه السلام: «أصول الكفر ثلاثة: الحرص والاستكبار والحسد» ().

فان الحسد معناه: أن يتمني الإنسان زوال نعمة الآخرين، وانتقالها إليه أو إتلافها، فهو من أبشع الصفات التي يمكن أن تنسب إلي الإنسان.. وهو من أسوأ الأمراض الخلقية وأخبثها التي يمكن ان تفتك بالإنسان والعياذ بالله!

فالحسود إذا رأي نعمة يتمتع بها أحد من الناس، مثلاً رأي شخصاً يملك بيتاً جميلاً أو سيارة فارهة، أو كان له أولاد وزوجة يتنعم بهم وبها، أو أي فضل أو نعمة مستمتع بها، فانه أي الحسود يسوؤه ذلك، ويتمني أن تزول هذه النعمة عن ذلك الشخص، سواء أراد ان تنقل إليه هو، أو لا، فأقل ذلك أن يتمني لها التلف من صاحبها.

قال تعالي: ?إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا?().

وهذا الفعل من أكبر رذائل الأخلاق والأمراض النفسية وقد تكون

من الأمور المحرمة في الإسلام.

وفي بعض الأحيان، قد تصل المرحلة بالشخص الحسود، إلي أن يعرض نفسه للخطر، في سبيل أن يعرض صاحب النعمة إلي الضرر، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالي.

أما الغبطة فليس كذلك، بل هي عكس الحسد تماماً، لأنها تعني أن يتمني الإنسان عندما يشاهد نعمة أنعمها الله تعالي علي أحد من الناس أن يكون له مثلها، أو أفضل منها، مع بقائها لصاحبها.

فاذا شاهد عند صديقه، أو جاره، أو أي إنسان، شيئاً جميلاً، كالبيت الواسع الجميل، فانه يتمني أن يكون له بيت مثله، أو أجمل منه، ولكن لا يتمني أن تزول هذه النعمة من صديقه أو تنتقل إليه، بل يطمح أن يكون له بيت مثله.

قال الإمام الصادق عليه السلام: «إن المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط» ().

مضار الحسد

قال الإمام الباقر عليه السلام: «.. ان الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب» ().

ذكر علماء الأخلاق وعلماء النفس أن للحسد مضاراً وخيمة، تضر بالإنسان والمجتمع، وهذه المضار تظهر نتائجها علي الإنسان الحسود بالدرجة الأولي، فبالاضافة إلي العقوبة الإلهية أي العقاب الأخروي الذي سوف يناله، هناك أضرار دنيوية بالغة، نذكر بعضاً منها علي سبيل الإيجاز، سائلين الله عزوجل أن يصفي النفوس ويطيبها، ويجنبنا مضار الحسد:

أولاً: العزلة وكراهية الناس، وهي من المضار المشهورة التي تلاحق الحسود، حيث ينبذه المجتمع، وتزيد كراهية الناس له، ويحاولون تجنب مصاحبته أو الاجتماع به، أو إجراء أي نوع من أنواع المعاملة معه، وهذا مما يسبب تعكر صفو حياة الحسود، فيجعله قرين الحزن والهم والآلام، بعد طرده عن الناس، واعتزاله تقوقعه علي نفسه.

ثانياً: الاكتئاب وغيره من الأمراض، وهو كذلك من العوارض المعروفة التي تطرأ علي الحسود في أغلب الأحيان، وربما وصلت

الحالة به إلي مرحلة الجنون، وذلك لشعوره بالنقص، والخذلان، والمقاطعة من قبل المجتمع، وقد أجاد الشاعر حين قال:

اصبر علي حسد الحسود

فان صبرك قاتله

فالنار تأكل بعضها

إن لم تجد ما تأكله() وسعيد

إن الإنسان مجبول علي الاجتماع والعيش فيه، وكما قيل: هو مخلوق اجتماعي، يألف الناس ويألفونه وفي الحديث الشريف: «المؤمن مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف» ().

ان الإنسان قد يصبر علي كثير من أنواع البلاء والمحن، دون أن يجد لذلك حزازة في نفسه، أما أن يخرج إلي الشارع فيفاجأ بالأبواب كلها مؤصدة في وجهه، والوجوه كلها مشيمة عنه، فذلك عقاب لا يحتمله ولا يطيقه عادة، ولشدة وقع هذا العقاب علي الإنسان، لذلك اختارته قريش للرسول الأعظم صلي الله عليه و اله وصحبه الأقربين بعدما جرّبوا مختلف الأساليب اللإنسانية معه، فقرروا حصاره صلي الله عليه و اله في شعب أبي طالب عليه السلام، في قصة مفصلة()، وكذلك قرر الثلاثة الذين خلفوا أن يلجأوا إلي الجبل، ليبتعدوا عن أعين الناس، ووشوشاتهم، وإعراضهم حتي نزلت الآيات بقبول توبتهم().

ومن أجل ذلك كله يعرف أن الحسود هو أول من يتأذي بحسده، فكم من الأذي والأمراض والصعوبات، التي يمكن أن تحيق بالمطرود من المجتمع ومن أوساط الناس وكم هي تلك الآثار السلبية التي تكون لمن يأكل نفسه بنفسه، وخير تعبير لهذا كله؛ قول الإمام الصادق عليه السلام: «الحاسد مضر بنفسه قبل أن يضر بالمحسود..» ().

من حفر بئراً لأخيه

يقول المثل المشهور: «من حفر بئراً لأخيه وقع فيه».

في بعض الأحيان، ونتيجة للحسد الكامن في نفس الإنسان فانه يقدم علي أعمال مخالفة للشرع ومنفرة للطبع، وخطيرة جداً في نفس الوقت، فيسمح لنفسه أن تخرج عن حد دائرة الأماني والهوي والرغبات إلي الخارج، فيحاول أن يطبقها علي

ساحة الواقع ولو كلفه ذلك الكثير والكثير، بل في بعض الأحيان يقوده إلي خسارة نفسه، أو أحد أفراد عائلته أو ماء وجهه ومكانته الاجتماعية أو أمواله وما يملكه، إلي غير ذلك والأخطر من كل شيء أنه يخسر إيمانه ودينه، ولا بأس هنا بذكر القصص لتكون عبرة في هذا الباب.

اقتلني!!

ينقل المحدث المقدس الشيخ عباس القمي (رحمة الله عليه)()، قصة عن الحسد مجملها:

كان أحد الناس يحسد جاره كثيراً، حتي وصل به الحال إلي أن يعمل أعمالاً غريبة وعجيبة، بحيث أنه في أحد الأيام، قال لعبده: إن لي عليك فضلاً كثيراً، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، وإني أطلب منك طلباً مهماً، وأريد منك أن تنفذه.

فقال له العبد: ما هو طلبك وسأنفذه؟

قال له الحسود: سوف نذهب إلي سطح الجيران، فاذبحني هناك، وبعد ذلك سوف يطلع الناس علي أنني قتلت، ويتهموا جارنا بقتلي ويقتلونه قصاصاً!!

في البداية رفض العبد أمر سيده، ولكن إصرار المولي علي عبده جعله يوافق، فقتل سيده كما أمره، وبعد ذلك عرف الناس بأن فلاناً قُتل، وجثته وجدت في بيت الجيران، فجاءت الشرطة، وألقت القبض علي الجار بتهمة القتل، ولكن قبل أن ينفّذ القصاص، جاء العبد، واعترف بكل ما حدث.

فأطلق سراح الشخص الذي أراد الحاسد الإيقاع به!

فكانت النتيجة أن قتل الحسود، دون أن يحقق شيئاً من أمانيه الخبيثة، فخسر نفسه في الدنيا والآخرة، وصدق عز من قائل: ?نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ?().

فالحسود يعميه الحسد ويسوّد قلبه، بحيث يصبح لا يفرح إلا بمضرة الآخرين وزوال نعمهم، حتي ولو كلفه ذلك حياته، ومن هنا لا يستغرب عمل هذا الشخص الذي أعماه الحسد، فقتل نفسه في سبيل مضرة غيره، والتاريخ ينقل لنا نماذج شبيهة بهذا العمل أو أبشع منه لا لسبب

سوي إشباع غرائزهم الشيطانية، واستجابة لنفوسهم المريضة بداء الحسد وغيره من الرذائل.

التاجر والقروي

ينقل في كتب التاريخ، أن تاجراً كان يذهب إلي إحدي القري المجاورة لمدينته، ويشتري منهم الدجاج والبيض، وفي أحد الأيام، أخذ التاجر معه مبلغاً كبيراً ليعطيه إلي أحد القرويين، وكان هذا الأخير يملك حقلاً، يبيع فيه الدجاج والبيض، فأعطاه النقود، وطلب منه أن يرسل له الدجاج والبيض إلي مكانه في المدينة، وحيث وصل ليلاً أراد أن ينام في بيت القروي، وفي الصباح يرجع إلي مدينته.

فهيأ القروي للتاجر غرفة لكي ينام فيها، وعندما رجع القروي إلي زوجته، أخذ الشيطان يوسوس لهما بقتل التاجر، وأخذ أمواله، دون أن يرسلا الدجاج والبيض فقررا أن يقتلاه، ويدفناه في بيتهما.

ولكن التاجر لم يستطع النوم في تلك الليلة، وفجأة ألقي بنظرة إلي الخارج، فرأي القروي وزوجته يحفرون قبراً في وسط الدار، فخاف من الأمر كثيراً، وأوجس ريبة من عملهما، فخرج من الغرفة بهدوء، وذهب إلي حظيرة الحيوانات، وأخفي نفسه بين الأغنام والبقر التي كان القروي يمتلكها.

وبعد فترة، جاء ابن القروي، وكان مسافراً خارج المنزل، ودخل البيت وذهب علي رسله إلي غرفة الضيوف فرأي فراشاً معداً ومهيئاً للنوم، فاستلقي فيه لكي ينام ويستريح.

وبعد ما أكمل القروي وزوجته حفر القبر، جاءا إلي غرفة الضيوف لقتل التاجر، فأخذ القروي سكيناً، وطعن الشخص النائم في الفراش فقتله، وكل ظنه أنه التاجر، ولكن بعد أن انتبه إلي الجثة، وعرف أنها لولده فلم تقو رجلاه علي حمله، فعض أصبع الندم ولات ساعة مندم، ودفن ابنه في الحفرة التي أعدها للتاجر، وعند منتصف الليل، خرج التاجر سراً من مخبئه، وهرب نحو المدينة، وعندما وصل، أخبر الشرطة بتفاصيل الحادث، فجاءت الشرطة، وألقت القبض علي القروي، وأخذت الأموال

التي استلمها وأعادتها للتاجر، وبهذا العمل خسر القروي نفسه وولده، وماله، وسمعته، وسمعة عائلته، هذا في الدنيا، أما جزاء الآخرة فأعظم وأشد، وكان كل ذلك بفعل الحسد الذي أجج نار الطمع في قلبه، وقاده إلي هذا العمل الجنوني.

وهناك كثير من القصص مسجلة في التاريخ، وكذلك في يومنا هذا يقوم أصحابها بأفعال اجرامية كبيرة تؤدي إلي خسائر فادحة، يكون الحسد الدافع الأساس ورائها.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما هي الأسباب والدوافع، التي تؤدي إلي الحسد عند الإنسان؟ وكيف يمكن علاجه؟

منشأ الحسد

الحسد ينشأ بفعل عوامل عديدة، أهمها وأخطرها هو خبث الباطن والعياذ بالله، فهو لا يتحمل أن يري نعمة موفورة عند أحد، فيسعي لازالتها وافنائها بكل ما أوتي من فهم وقوة، ومهما كانت الوسيلة والطريق. وهناك عوامل أخري ذكرها العلماء كالعداوة والبغضاء والإحساس بالنقص والهزيمة أمام الآخرين.

فبعض الناس إذا ساءت علاقتهم بشخص، فانهم يتمنون زوال نعمته، بل في بعض الأحيان يخرج من مجرد التمني إلي العمل في سبيل زوال هذه النعمة، ومنها: الفقر، قال الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله: «كاد الفقر أن يكون كفراً وكاد الحسد أن يغلب القدر» ().

فالفقر من العوامل الرئيسية والمهمة، لاصابة بعض الناس بهذا المرض الخبيث.

وقلنا (بعض الناس) ولم نعمم علي جميع الفقراء؛ لأن من الفقراء من يتصفون بالكمالات الأخلاقية ولا يجرهم فقرهم إلي حسد الآخرين؛ فانهم يملكون حصناً حصيناً لا تؤثر فيه جميع العوامل والأعراض، وهو إيمانهم بالله تعالي، والاقتناع بما رزقهم من النعم.

ومن عوامل الحسد أيضاً: التنافس غير المشروع في أمور الدنيا، وهو من البواعث التي تساعد علي نمو هذا المرض في نفس الإنسان، وان التنافس الحاصل اليوم في أغلب بقاع العالم بين بعض الأحزاب والمنظمات وبعض الأفراد

للحصول علي السلطة السياسية وما أشبه أو بعض المطالب الدنيوية الزائلة، هو من هذا القبيل … فمن أجل الإثراء السريع، أو الوصول إلي الكرسي في احدي الدوائر أو الحكومات، أو الحصول علي زوجة جميلة، أو الحيازة علي لقب من الألقاب المغرية، ترتكب المنكرات والجرائم، وتنتهك الحرمات، من دون رادع من ضمير أو دين.. لأن دينهم ورائدهم ساعتها أن الغاية تبرر الوسيلة، مهما كانت رذيلة وشنيعة نعود بالله من ذلك.

إشارة

فان قيل: ان التنافس من مبادئنا الإسلامية ومن المستحبات الشرعية، وفيه آيات وروايات عديدة، أشارت إلي العمل به، مثل قوله تعالي: ?وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ?()، فكيف يتماشي هذا مع قولكم بأن التنافس يولد الحسد؟

قلنا في جوابه: ان التنافس الذي يولد الحسد، هو التنافس غير المشروع، أي الصراع الذي لا يستند إلي المبادئ السليمة، وانما همّ صاحبه الوحيد هو الفوز علي خصمه وبكل الطرق، وهذا هو جوهر الفرق بين التنافس المشروع، والذي أقره الإسلام، وبين التنافس غير المشروع، والذي نهت وحذرت منه الشريعة السماوية السمحاء.

ومن عوامل الحسد: الجهل، وهو أخطر الأسباب والبواعث، التي بسببها يصبح الإنسان حسوداً، بل إن أغلب العادات والتقاليد السيئة ناجمة عن الجهل، لأن الإنسان الجاهل هو التربة الخصبة لنمو العادات والتقاليد السيئة، فالجاهل لا يتحسب للعواقب، ولا يعتبر بالتجارب، فتجده غالباً يحسد الناس إما لكونهم أكثر علماً منه أو أكثر مالاً أو ما شابه ذلك. فقد قال الإمام موسي بن جعفر عليه السلام لهشام: «يا هشام، من أراد الغني بلا مال وراحة القلب من الحسد، والسلامة في الدين فليتضرع إلي الله عزوجل في مسألته بأن يكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه ومن قنع بما يكفيه استغني … » ().

ثم إن هناك، عوامل

أخري أيضاً، من شأنها أن تزرع في النفس بذرة هذا المرض الخبيث، مثل الأنانية والازدراء والكبر والعجب.. وربما اجتمعت أكثر من خصلة في شخص واحد، فيكون إنساناً جاهلاً وفقيراً ومغروراً، وحينئذ تصبح نسبة تعرضه للحسد أكبر، فيغدو مثل بركان ينفجر حسداً وغيضاً وبغياً، فلا يمكنه كتمان ذلك، فتتحول حياته إلي مستنقع من الحقد والجريمة، وسائر مفردات الشر، والعياذ بالله.

الوقاية من الحسد

الأمراض التي يتعرض لها الإنسان عديدة، منها: ما يصيب البدن، مثل الزكام، والكوليرا، وما شابه، وتسمي الأمراض العضوية أي: التي تصيب أعضاء الإنسان.

ومنها: ما يصيب روح الإنسان ونفسه مثل الغيبة، والحسد، وما شابه، وتسمي هذه: بالأمراض النفسية.

وكما أن للأمراض العضوية طرق وقاية وعلاج، فالأمراض النفسية ومنها الحسد، لها طرق وقاية وعلاج أيضاً. وقد ذكر علماء الأخلاق أموراً، لمواجهة الحسد والتخلص منه، من أهمها:

أولاً: الابتعاد عن مسببات الحسد، وهي تلك العوامل التي ذكرنا بعضها، من قبيل: الكبر والأنانية، وحب المال والسلطة، والعداوة.. وما شاكل ذلك.

ثانياً: ترويض النفس علي فعل المضاد للحسد، فمثلاً: الإنسان عندما تسول له نفسه في تمني زوال نعمة الآخرين، أو العمل علي زوالها، عليه أن يعمل المضاد لهذه الأمنية، ويتمني زيادة نعمة الآخرين، أو يعمل هو بنفسه علي زيادة هذه النعمة، وبتكرار هذا العمل عدة مرات سوف تروض نفسه علي فعل الخير، ويتجنب الحسد، وهذا النوع من العلاج يسمي العلاج العملي.

ثالثاً: تذكير النفس بمضار الحسد: إن الإنسان الحسود تلحقه أضرار في الدنيا والآخرة، كما جاء عن الإمام الصادق عليه السلام: «الحاسد مضر بنفسه قبل أن يضر بالمحسود» (). فتذكير الإنسان نفسه بهذه المضار والنتائج المترتبة عليها، يساعده في الابتعاد عن الحسد.

رابعاً: مطالعة أحوال الحاسدين وما حلّ بهم من الخسائر الدنيوية والاخروية، فانها تكون سبباً

لابتعاده عن ذلك.

خامساً: تذكير النفس بقبح الحسد؛ لأن الحسد سمة (قبيحة) غير جيدة وهي صفة مذمومة عند عامة الناس، حتي عند الإنسان الحسود نفسه، فإذا ما وجه له هذا السؤال: ما هو رأيك بالحسد؟ فإنه دون شك سوف يجيب بأنه من الخصال المذمومة.

وجوابه هذا هو ليس بتمويه، وإنما هو نابع من وجدانه؛ لأن الحسد وعلي رأي أغلب العلماء، هو صفة القلب لا صفة الفعل، فما دام الحسد قبيحاً حتي بالنسبة للإنسان الحاسد وان لم يظهر علي أفعاله، والإنسان السليم بطبيعته ينفر من القبيح، فان تذكير النفس بقبح الحسد، هو من العوامل المساعدة لتجنب الوقوع في الحسد، أو للخلاص منه.

وهناك نقطة مهمة، تجدر الإشارة إليها وهي: أن أحسن طريق للوقاية والعلاج من هذا المرض وغيره هو الإيمان الخالص بالله عزوجل والدعاء طلباً في النجاة منه، فانه دواء لكل داء.

عن أبي جعفر عليه السلام قال: «ما أخلص العبد الإيمان بالله عزوجل أربعين يوماً أو قال: ما أجمل عبد ذكر الله عزوجل أربعين يوماً إلا زهده الله عزوجل في الدنيا وبصّره داءها ودواءها فأثبت الحكمة في قلبه..» ().

وكانت هذه بعض الطرق والعوامل، والتي إذا ما اتبعها الإنسان، فانه قد يتمكن من أن يحصن نفسه من الوقوع في هذا الداء الفتاك.

«اللهم إني أعوذ بك من هيجان الحرص، وسورة الغضب وغلبة الحسد، وضعف الصبر، وقلة القناعة، وشكاسة الخلق، وإلحاح الشهوة، وملكة الحمية، ومتابعة الهوي، ومخالفة الهدي، وسنة الغفلة، وتعاطي الكلفة، وإيثار الباطل علي الحق، والإصرار علي المآثم، واستصغار المعصية، واستكبار الطاعة، ومباهات المكثرين والإزراء بالمقلين، وسوء الولاية لمن تحت أيدينا، وترك الشكر لمن اصطنع العارفة عندنا؛ أو أن نعضد ظالماً، أو نخذل ملهوفاً، أو نروم ما ليس لنا بحق، أو

نقول في العلم بغير العلم» ().

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.

قم المقدسة

محمد الشيرازي

من هدي القرآن الحكيم

النفس

قال تعالي: ?وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ? فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا?().

وقال عزوجل: ?إِنَّ النَّفْسَ لاَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَ مَا رَحِمَ رَبِّي?().

الحسد

قال تعالي: ?أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَي مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ?().

وقال عزوجل: ?وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ?().

وقال سبحانه: ?وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً?().

مضار الحسد

وقال تعالي: ?وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ?().

وقال سبحانه: ?إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً?().

من هدي السنة المطهرة

النفس

قال الإمام زين العابدين عليه السلام في المناجاة: «إلهي إليك أشكو نفساً بالسوء أمّارة، والي الخطيئة مبادرة وبمعاصيك مولعة، وبسخطك متعرضة، تسلك بي مسالك المهالك، وتجعلني عندك أهون هالك، كثيرة العلل، طويلة الأمل، إن مسها الشر تجزع، وان مسها الخير تمنع، ميالة إلي اللعب واللهو، مملوة بالغفلة والسهو، تسرع بي إلي الحوبة، وتسوفني بالتوبة» ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «إن النفس لجوهرة ثمينة من صانها رفعها ومن ابتذلها وضعها» ().

وعنه عليه السلام: «ان النفس لأمارة بالسوء والفحشاء فمن ايتمنها خانته، ومن استنام إليها أهلكته، ومن رضي عنها أوردته شر الموارد» ().

وقال أبو جعفر عليه السلام: في تفسير آية ?وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ? فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا?() قال: «بين لها ما تأتي وما تترك» ().

الحسد صفة مذمومة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «يا علي، أنهاك عن ثلاث خصال عظام: الحسد والحرص والكذب» ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «الحسد لا يجلب إلا مضرة وغيظاً، يوهن قلبك، ويمرض جسمك، وشر ما استشعر قلب المرء الحسد» ().

وقال عليه السلام: «رأس الرذائل الحسد» ().

وقال (عليه الصلاة والسلام) في خطبة له يبين فيها صفة المحتضرين عند الموت: « … ويزهد فيما كان يرغب فيه أيام عمره، ويتمني أن الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها قد حازها دونه!» ().

الحسد أحد المهلكات

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «ألا انه قد دب إليكم داء الأمم من قبلكم وهو الحسد، ليس بحالق الشعر لكنه حالق الدين، وينجي منه أن يكف الإنسان يده ويخزن لسانه، ولا يكون ذا غمز علي أخيه المؤمن» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد، نفس دائم، وقلب هائم، وحزن لازم» ().

وقال عليه السلام: «الحسد أحد العذابين» ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «إياكم أن يحسد بعضكم بعضاً، فإن الكفر أصله الحسد» ().

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

() الكافي: ج2 ص307 ح5.

() سورة الفلق: 1/ 5.

() الكافي: ج2 ص307 باب الحسد ح5.

() الكافي: ج2 ص306 باب الحسد ح3.

() الكافي: ج2 ص307 باب الحسد ح6.

() الأمالي للشيخ الصدوق: ص419 المجلس 65 ح7.

() سورة آل عمران: 120.

() الكافي: ج2 ص307 باب الحسد ح7.

() الكافي: ج2 ص306 باب الحسد ح1.

() بحار الأنوار: ج70 ص258 باب الحسد ح31.

() تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص25 عن النبي صلي الله عليه و اله.

() أنظر المناقب: ج1 ص174.

() أنظر تفسير نور الثقلين: ج2 ص278 ح390 في تفسير سورة التوبة: 118.

() كشف الريبة: ص53 الفصل الرابع.

() هو الشيخ عباس محمد رضا القمي عالم عامل ثقة عدل متتبع بحاثة عصره أمين مهذب زاهد عابد صاحب المؤلفات المفيدة، تتلمذ علي الشيخ حسين النوري صاحب مستدرك الوسائل، له ? مؤلفات كثيرة منها كتاب هداية الأحباب وكتاب الفوائد الرضوية وكتاب الكني والألقاب ومفاتيح الجنان في الأدعية والزيارات لأئمة الهدي عليهم السلام، توفي ? في (1359ه).

() سورة الحشر: 19.

()الكافي: ج2 ص307 ح4.

() سورة المطففين: 26.

()الكافي: ج1 ص13 ح12.

() كشف الريبة: ص53 الفصل الرابع.

() الكافي: ج2 ص16 كتاب الإيمان والكفر ح6.

() الصحيفة السجادية: ص57 من

دعاء الإمام السجاد عليه السلام في الاستعاذة من المكاره وسيء الأخلاق.

() سورة الشمس: 7 و8.

() سورة يوسف: 53.

() سورة النساء: 54.

() سورة البقرة: 109.

() سورة النساء: 89.

() سورة آل عمران: 69.

() سورة آل عمران: 120.

() بحار الأنوار: ج91 ص143 كتاب الذكر والدعاء ب32 ح21.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص231 الفصل الأول في النفس ح4616.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص237 الفصل الأول في النفس ح4782.

() سورة الشمس: 7.

() مجمع البيان: ج5 ص498 في تفسير سورة الشمس الآية 8.

() الخصال: 124 ح121.

() كنز الفوائد: ج1 ص137 فصل.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص300 الفصل الرابع في الحقد والحسد ح6803.

() نهج البلاغة، الخطبة: 109.

() أمالي الشيخ المفيد: ص344 المجلس 40 ح8.

() كنز الفوائد: ج1 ص136 فصل.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص301 الفصل الرابع في الحقد والحسد ح6853.

() تحف العقول: ص315 رسالته عليه السلام إلي جماعة شيعته.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.