مواصفات القيادة الإسلامية

اشارة

اسم الكتاب: مواصفات القيادة الإسلامية

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

ركزت الشريعة الإسلامية من خلال تعاليمها الغراء علي بناء الإنسان بناءً أخلاقياً قويماً لا مثيل له علي وجه الأرض، وربما لخص نبي الإسلام محمد صلي الله عليه و اله الهدف من بعثته بقوله: ?إنما بعثت لأُتمم مكارم الأخلاق?()، بعدما وصفه رب العزة والجلال في القرآن الكريم: ?وَإِنَّكَ لَعَلي خُلُقٍ عَظِيمٍ?()، وقال هو عن نفسه صلي الله عليه و اله: ?أدّبني ربي فأحسن تأديبي?()، فقد كان صلي الله عليه و اله متخلقاً بأخلاق الإسلام وعلي طبع كريم، وقيل: (سمي خلقه عظيماً لاجتماع مكارم الأخلاق فيه)().

إن (حقيقة الخُلق ما يأخذ به الإنسان نفسه من الآداب، وإنما سمي خُلقاً لأنه يصير كالخلقة فيه. فأما ما طُبع عليه من الآداب فإنه الخيم. فالخُلق هو الطبع المكتسب، والخيم هو الطبع الغريزي. وقيل: الخُلق العظيم الصبر علي الحق، وسعة البذل، وتدبير الأمور علي مقتضي العقل بالصلاح والرفق والمداراة، وتحمل المكاره في الدعاء إلي الله سبحانه، والتجاوز والعفو، وبذل الجهد في نصرة المؤمنين، وترك الحسد والحرص، ونحو ذلك)().

ولقد تعارفت الأمم التي سبقت الإسلام علي جملة من الأخلاق ألزموا أنفسهم بها وتعاهدوها، ولكن نبي الإسلام صلي الله عليه و اله جاء ليهذب هذه الأخلاق ويتممها، فيجعل من القوي الشديد شجاعاً، وهو الذي يسيطر علي نفسه وقت الغضب لا الذي يصرع القوي، ومن الباذل كريماً وهو الذي يبذل المال والطعام وقت الحاجة إليه لا الذي يبذل المال والطعام تفاخراً وتطاولاً، ومن المطلع علي الأسرار كتوماً لا الذي يفشيها ويذيعها ويبحث عن مواضع التهم، ومن الحاكم عادلاً وهو الذي لا تأخذه في الله لومة لائم لا الذي

يري القريب ويتعامي عن البعيد، ومن الناصر أخاً وهو الذي ينصر المظلوم ويخذل الظالم لا الذي ينصر الظالم ويخذل المظلوم وهكذا.

إن مكارم الأخلاق عديدة ولا يمكن عدها وحصرها، وهي تشمل جميع الصفات والخصال الحميدة، والتي ينبغي الأخذ بها حتي لو لم يبغِ الإنسان من عمله جنة ولا يخشي ناراً ولا يطلب عليه ثواباً ولا يخاف منه عقاباً؛ لأن الله تعالي يحب مكارم الأخلاق، ولأنها تهدي الإنسان إلي السبيل القويم والطريق الصحيح وتجعل حياته هنيئة وسعيدة.

يقول الإمام الصادق عليه السلام:

?إنا لنحب من كان عاقلاً فهماً فقيهاً حليماً مدارياً صبوراً صدوقاً وفياً، إن الله عزوجل خص الأنبياء بمكارم الأخلاق، فمن كانت فيه فليحمد الله علي ذلك، ومن لم تكن فيه فليتضرع إلي الله عزوجل وليسأله إياها?. قلت: جعلت فداك، وما هن؟. قال عليه السلام: ?هن: الورع، والقناعة، والصبر، والشكر، والحلم، والحياء، والسخاء، والشجاعة، والغيرة، والبر، وصدق الحديث، وأداء الأمانة?().

وفي حديث آخر يقول عليه السلام:

?فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن، فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده، وتكون في الولد ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في الحر?().

وعليه من باب الأولي أن يتصف القائد ومن يكون أسوة بمكارم الأخلاق ويأخذ بها ويعمل بها ويدعو إليها؛ لأن الناس علي دين ملوكهم، لا يصدرون عن رأيهم ولا يأخذون إلا بقولهم، فإن كان الملك صادقاً عادلاً وفياً فاهماً محباً كانت رعيته ومن يهمه أمره كذلك عادة، والعكس بالعكس.

إن قيادة الأمة تعتبر الأخذ بزمام الدين وتوحيد نظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين، فبها تقام معالم الدين وتصان الحقوق وتحفظ الأموال وتحمي الحدود، وتحليل حلال الله وتحريم حرام الله، والذب عن دين الله والدعوة إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة

والحجة التامة.

فالقائد بمثابة الوالد الشفيق والأم البرة بولدها.

ولهذا يلزم علي القائد التحلي بالصفات التي تسمو به ليكون قائداً بحق يقود الأمة إلي ساحل البر والأمان ويأخذ بيدها إلي الخير والسلام آمنة مطمئنة، ويبتعد عن كل أساليب العنف والشر التي تجلب عليه وعلي أمته السوء والشر مقتدياً برسول الله صلي الله عليه و اله والأئمة الهادين المهديين من أهل بيته عليهم السلام فهم خير قدوة يقتدي بهم المقتدون وخير أسوة يتأسي بهم المتأسون.

قال تعالي: ?كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ?()، فقد ورد في تفسير ها قول الإمام الباقر عليه السلام: ?نحن هم?().

وفي هذا الكتاب (مواصفات القيادة الإسلامية) يجد المطالع أهم الصفات التي ينبغي أن تتحلي وتتصف بها القيادة والتي تصدت لإدارة الأمة وتشرفت بحمل هذه المسئولية الكبيرة والخطيرة، حيث عولج هذا الموضوع الحساس من جميع جوانبه مدعماً بالشواهد والآيات الكريمة والروايات الشريفة.

ومؤسسة المجتبي إذ يسرها طبع ونشر هذا السفر القيم لتضعه بين أيدي القادة والمسئولين ومن هم في زمام التصدي لحمل هذه المسئولية الخطيرة والأمانة الكبيرة، حتي تنعم الأمة بالراحة والأمان، تسأل الباري تعالي أن يمن علي الإمام الشيرازي الراحل رحمة الله عليه بالمغفرة والرضوان وعلو الدرجات إنه سميع مجيب.

والحمد لله رب العالمين.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

الأسوة الحسنة

قال الله تعالي: ?لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً?().

الأسوة: هي القدوة الصالحة للإقتداء والإتباع، يقال: لي في فلان أسوة، أي: لي به إقتداء. والأسوة من الاتساء، كما أن القدوة من الإقتداء

اسم وضع موضع المصدر().

فإن من شأن القيادة الصحيحة أن تهدي الناس إلي ما يوجب سعادتهم في الدنيا والآخرة، وتسوق الناس نحو التكامل الإنساني والأهداف الإنسانية المنشودة والتي تتلاءم مع الفطرة النقية، وهي مرحلة الكمال الروحي.

ومن هذا المنطلق أكد الله عزوجل علي وجوب إتباع الرسل واتخاذهم قادة؛ فإنهم المهديون والهادون إلي سبيل الرشاد، والعاملون علي بناء المجتمع الفاضل، فهم أفضل من يُقتدي به.

فالقيادة الصحيحة الشرعية التي توجب السعادة تتمثل برسول الله صلي الله عليه و اله والأئمة الطاهرين عليهم السلام من بعده، أما إذا انقلب الناس علي أعقابهم وتركوا التأسي بالقيادة الصحيحة التي عينها الله، فتركوا رسول الله صلي الله عليه و اله وتركوا أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة الطاهرين عليهم السلام فمصيرهم الضنك في الحياة والعذاب في الآخرة.

وهكذا أصبحت الأمة الإسلامية حيث تركت القيادة الشرعية التي عينها الله سبحانه.

قال تعالي: ?وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَي?().

الحاجة إلي القيادة

ثم إن الحاجة إلي القيادة يكاد يكون أمراً مفروغاً منه، حيث ذلك واضح من خلال تأريخ الإنسانية وكيفية نشوء الأمم والحضارات، وهي حاجة ضرورية للمجتمع الإنساني، فالمجتمع لابد له من قيادة تمتلك من الصفات الكمالية ما يؤهلها لإدارة العباد والبلاد وتطوير المجتمع الإنساني.

ولم يترك الله عزوجل أول أسرة كانت علي وجه الأرض وهي عائلة آدم عليه السلام إلا ونصب لهم قائداً، يتبعون خطواته وأقواله وهو النبي آدم عليه السلام، فكان خليفة من قبل الله تعالي في الأرض، وهكذا أخذ يشغل هذا المنصب الأنبياء عليهم السلام وأوصياؤهم المكرمون عليهم السلام تباعاً، إلي أن وصل الدور إلي نبينا الخاتم محمد صلي الله عليه و اله وأوصيائه الأئمة الطاهرين المعصومين عليهم السلام.

فكانت سلسلة الأنبياء والرسل تمثل

قيادة الهدي، قال الله تعالي: ?فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ?().

وقال سبحانه: ?إِنَّ أَوْلَي النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ?().

وقال تعالي: ?اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ?().

وقال عز وجل: ?قَالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ?().

وقال رسول الله ?: ?.. ومن مات لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية. والله، ما ترك الله الأرض منذ قبض آدم إلا وفيها إمام يُهتدي به حجة علي العباد، من تركه هلك ومن لزمه نجا?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?قال الله تعالي في بعض كتبه(): لأعذبن كل رعية أطاعت إماماً جائراً وإن كانت برة تقية، ولأعفون عن كل رعية أطاعت إماماً هادياً وإن كانت ظالمة مسيئة، ومن أم قوماً وفيهم أعلم منه لم يزل أمرهم في سفال إلي يوم القيامة، ومن صلي ولم يذكر الصلاة عليَّ وعلي آلي سلك به غير طريق الجنة، وكذلك من ذكرت عنده ولم يصل عليَّ، ومن ادعي الإمامة وليس بإمام فقد افتري علي الله وعلي رسوله?().

وعن أبي اليسع قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: حدثني عن دعائم الإسلام التي بني عليها، ولا يسع أحداً من الناس تقصير عن شي ء منها، الذي من قصر عن معرفة شي ء منها كبت عليه دينه ولم يقبل منه عمله، ومن عرفها وعمل بها صلح دينه وقبل منه عمله، ولم يضق به ما فيه بجهل شيء من الأمور جهله؟

قال: فقال: ?شهادة أن لا إله إلا الله، والإيمان برسول الله صلي الله عليه و اله، والإقرار بما جاء به من عند الله ثم قال: الزكاة والولاية شي ء دون شي ء، فضل يعرف لمن أخذ به، قال رسول الله ?: من مات لا يعرف إمامه

مات ميتة جاهلية، وقال الله عزوجل:

?يا أَيُّهَا الِّذينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ?() وكان علي عليه السلام، وقال الآخرون: لا، بل معاوية، وكان حسن عليه السلام ثم كان حسين عليه السلام، وقال الآخرون: هو يزيد بن معاوية لا سوا?. ثم قال: ?أزيدك؟?.

قال بعض القوم: زده جعلت فداك، قال: ?ثم كان علي بن الحسين عليه السلام ثم كان أبو جعفر، وكانت الشيعة قبله لا يعرفون ما يحتاجون إليه من حلال ولا حرام إلا ما تعلموا من الناس، حتي كان أبو جعفر عليه السلام فتح لهم وبين لهم وعلمهم، فصاروا يعلمون الناس بعد ما كانوا يتعلمون منهم، والأمر هكذا يكون، والأرض لا تصلح إلا بإمام، ومن مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، وأحوج ما تكون إلي هذا إذا بلغت نفسك هذا المكان وأهوي بيده إلي حلقه وانقطعت من الدنيا تقول: لقد كنت علي رأي

حسن..?().

وعن الإمام موسي بن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: ?إن رسول الله ? قال لأبي ذر وسلمان والمقداد: أشهدوني علي أنفسكم بشهادة أن لا إله إلا الله إلي أن قال وأن علي بن أبي طالب وصي محمد وأمير المؤمنين، وأن طاعته طاعة الله ورسوله والأئمة من ولده، وأن مودة أهل بيته مفروضة واجبة علي كل مؤمن ومؤمنة.. ?().

إلي غير ذلك من الآيات الكريمة والروايات الشريفة التي تؤكد علي ضرورة قيادة الأنبياء وأوصيائهم عليهم السلام. وأن الناس لو تركوا لأهوائهم لاتبعوا خطوات الشيطان، لا سيما وأن القيادة هي التي تبين للناس سبيل الحق وطريق الباطل، وعلي ضوء ذلك تسير الأمم.

وفي عصرنا الحاضر حيث انقطع وحي السماء؛ لأن النبوة ختمت بالرسول الأكرم صلي الله عليه و اله وبعده كانت

قيادة الأئمة المعصومين من أهل البيت عليهم السلام للأمة الإسلامية، بالرغم من أن الخلافة الظاهرية قد اغتصبت من قبل الأمويين والعباسيين، ولكن الأئمة عليهم السلام كانوا حجج الله علي الخلق، وكانوا يعملون علي حفظ الأمة من الانحراف، وبيان الطريق الأمثل لهم، وبث المبادئ الإسلامية الحقة التي سعت بعض الاتجاهات لمحوها، فكانت قيادة الأئمة عليهم السلام بالمرصاد لكل انحراف وبدعة وشبهة وضلالة.

وفي عصرنا الحاضر (عصر الغيبة) حيث تعددت الحكومات وتنوعت، كان لابد من السعي لإيجاد قيادة حكيمة ومخلصة وعادلة تتمثل بالفقهاء المراجع وهم نواب الإمام عليه السلام لكي تقود ركب الإنسانية نحو الأهداف السامية، وأن تتأسي بقيادة أهل البيت عليهم السلام، الذين مهما اختلفت أدوارهم وأزمانهم، إلا أنهم ساروا علي نهج واحد، وهو خط الرسالات الإلهية … خط الأنبياء وإسعاد الناس، فالقيادة التي تهدي بهذا الهدي تكون حقاً قيادة إسلامية نقية واعية، قادرة علي الوصول إلي الأهداف السامية.

ثم إن للقيادة الإسلامية مواصفات ومقومات وشروط، بالإضافة إلي لزوم تحليها بالعلم والتقوي، نشير إلي بعضها:

الكفاءة

من أهم ما يلزم اتصاف القيادة به هي: الكفاءة. حيث يلزم أن يكون القائد في أي مجال من المجالات التي يقودها كفءً.

فإن الكفاءة سر كبير من أسرار النجاح في مختلف الميادين، السياسي وغيره؛ وعدمها من أسرار الفشل، ومن أجل ذلك نري أن أعداء الإسلام من مستعمرين وغيرهم،حاولوا وما يزالوا يعملون علي إبعاد الأشخاص الكفوئين عن التصدي للحكم في الدول الإسلامية، ويركزون علي تجريد القيادات في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص عن كل مظهر من شأنه أن يحكي ويدلل علي موضوع الكفاءة.

فتارة يحاول المستعمرون أن يجعلوا الحكم قبلياً، وأخري ملكياً، وثالثة وراثياً، ليس علي أساس الكفاءة، ومرة يأتون بالحكام عبر الانقلابات العسكرية بعد أن

يختاروا الشخصيات التي تقوم بالدور المطلوب لهم، إلي غير ذلك من الصور المتعددة التي تلغي موضوع القائد الكفء الذي يستحق فعلاً أن يتصدي للحكم والحكومة، بل إنهم يجعلون القادة العملاء لتنفيذ مطامعهم وخدمة مصالحهم وتمرير مؤامراتهم في بلادنا الإسلامية.

لذا نحن اليوم نعاني من أزمة الكفاءات، ومن مشكلة عدم صلاحية الحكام، وذلك ليس في أصل وجود الكفاءات، بل في تمكنها من التواجد في مواقعها الحقيقية التي من المفروض أن تحتلها، وهذا يؤدي إلي ظهور الدكتاتوريات في أكثر البلدان الإسلامية.

إذاً، الكفاءة واحدة من تلك الصفات المهمة التي يجب أن يتحلي بها القائد المسلم، حيث لابد أن يكون في مستوي المنصب الذي يشغله، وفي مستوي القرار السياسي، لكي لا تتخبط سياسته، فيتمكن أن يقود الشعب والمجتمع نحو التقدم والرقي والتطور من خلال تهيئة أجواء الحرية والكرامة الإنسانية والتقدم العصري.

الإتقان في العمل

ولا يخفي، أن من أهم ثمار الكفاءة هي مسألة الإتقان، فإنه عندما يقال: إن فلاناً كفء، فهذا يعني أنه قادر علي الرعاية والتخطيط والتنفيذ لما يقوم به بكل دقة.

والإتقان من الأمور التي تثمر النجاح في المستقبل، وتدل علي الإخلاص في العمل، ولهذا نجد أن رسول الله صلي الله عليه و اله عندما واري ابنه إبراهيم عليه السلام في القبر رأي خللاً فسواه بيده، ثم قال: ?إذا عمل أحدكم عملاً فليتقن?().

وفي حديث عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: ?إن رسول الله صلي الله عليه و اله نزل حتي لحد سعد بن معاذ وسوي اللبن عليه وجعل يقول: ناولني حجراً، ناولني تراباً رطباً، يسد به ما بين اللبن، فلما أن فرغ وحثا التراب عليه وسوي قبره قال رسول الله?: إني لأعلم أنه سيبلي ويصل إليه البلاء، ولكن الله يحب

عبداً إذا عمل عملاً أحكمه?().

فإن الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله كان يريد أن يعطي بذلك درساً للإنسانية عامة وللمسلمين خاصة، بأن الإتقان ضروري في كل عمل، حتي في صف لبن القبر وشد بعضها إلي بعض.. وهو يريد أن يعلمنا الإتقان في كل صغيرة وكبيرة، فكيف الحال بالنسبة لمنصب القيادة وإدارة البلاد والعباد.

لذا يلزم أن تكون عملية اختيار القائد بإتقان وتمحيص ودقة، وكذلك عمل القائد نفسه يجب أن يكون متقناً ودقيقاً في الأمور،وعليه أن يعتني بكل ما تحت تصرفه فإنه مسئول أمام الله وأمام الشعب، وبهذا يكون أسوة تتأسي به الأجيال.

أما الإنسان الذي لا يري في نفسه الكفاءة لإدارة الأمور، فالأفضل له وللأمة التي يقودها، أن ينسحب ويفسح المجال لمن هو أكفأ منه، فبهذا تتقدم الشعوب والأمم نحو الكمال والرقي.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?من ضرب الناس بسيفه ودعا الناس إلي نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?من أمَّ قوماً وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلي السفال إلي يوم القيامة?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?من صلي بقوم وفيهم من هو أعلم منه، لم يزل أمرهم إلي سفال إلي يوم القيامة?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?إنَّ أَبْغَضَ الْخَلاَئِقِ إِلَي اللَّهِ رَجُلاَنِ:

رَجُلٌ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَي نَفْسِهِ، فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ، مَشْغُوفٌ بِكَلاَمِ بِدْعَةٍ وَدُعَاءِ ضَلاَلَةٍ، فَهُوَ فِتْنَةٌ لِمَنِ افْتَتَنَ بِهِ، ضَالٌّ عَنْ هَدْيِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، مُضِلٌّ لِمَنِ اقْتَدَي بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ، حَمَّالٌ خَطَايَا غَيْرِهِ، رَهْنٌ بِخَطِيئَتِهِ.

وَرَجُلٌ قَمَشَ جَهْلاً()، مُوضِعٌ فِي جُهَّالِ الأُمَّةِ، عَادٍ فِي أَغْبَاشِ() الْفِتْنَةِ، عَمٍ بِمَا فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ، قَدْ سَمَّاهُ أَشْبَاهُ النَّاسِ عَالِماً

وَلَيْسَ بِهِ، بَكَّرَ فَاسْتَكْثَرَ مِنْ جَمْعٍ، مَا قَلَّ مِنْهُ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ، حَتَّي إِذَا ارْتَوَي مِنْ مَاءٍ آجِنٍ، وَاكْتَثَرَ مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ، جَلَسَ بَيْنَ النَّاسِ قَاضِياً، ضَامِناً لِتَخْلِيصِ مَا الْتَبَسَ عَلَي غَيْرِهِ، فَإِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَي الْمُبْهَمَاتِ، هَيَّأَ لَهَا حَشْواً رَثّاً مِنْ رَأْيِهِ ثُمَّ قَطَعَ بِهِ، فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ، لاَ يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ، فَإِنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ، وَإِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ، جَاهِلٌ خَبَّاطُ جَهَالاَتٍ، عَاشٍ رَكَّابُ عَشَوَاتٍ، لَمْ يَعَضَّ عَلَي الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ، يَذْرُو الرِّوَايَاتِ ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمَ، لاَ مَلِيٌّ وَاللَّهِ بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ، وَلاَ أَهْلٌ لِمَا قُرِّظَ بِهِ، لاَ يَحْسَبُ الْعِلْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَهُ، وَلاَ يَرَي أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا بَلَغَ مَذْهَباً لِغَيْرِهِ، وَإِنْ أَظْلَمَ عَلَيْهِ أَمْرٌ اكْتَتَمَ بِهِ، لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ، تَصْرُخُ مِنْ جَوْرِ قَضَائِهِ الدِّمَاءُ، وَتَعَجُّ مِنْهُ الْمَوَارِيثُ.

إِلَي اللَّهِ أَشْكُو مِنْ مَعْشَرٍ يَعِيشُونَ جُهَّالاً، وَيَمُوتُونَ ضُلاَلاً، لَيْسَ فِيهِمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَلاَ سِلْعَةٌ أَنْفَقُ بَيْعاً وَلاَ أَغْلَي ثَمَناً مِنَ الْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلاَ عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَلاَ أَعْرَفُ مِنَ الْمُنْكَرِ?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إمام القوم وافدهم، فقدموا

أفضلكم?().

ما ضل من استشار

إن من أهم الصفات التي يلزم علي القائد التمتع بها: هي صفة المشاورة والاستشارة وتقليب الآراء المختلفة.

إذ الاستشارة في الرأي وطلب آراء الآخرين والاستفادة من تجاربهم وعقولهم، دليل علي حنكة القائد وذكائه واتساع أفقه الفكري، إذ أن المشورة وجمع وجوه الآراء والعمل بأصحها وأقومها يؤدي بالإنسان إلي التقدم نحو الأفضل، والتقليل من الأخطاء، وهي إشارة إلي صحة السياسة، عبر الابتعاد عن حالات الاستبداد والدكتاتورية التي يتبعها معظم

الساسة المنحرفين. فعلي القائد الإسلامي أن لا يستبد بقراراته، لأنه غير معصوم من الخطأ.

هذا وقد أمر الله تعالي القادة المعصومين عليهم السلام بالاستشارة فكيف بغيرهم، قال تعالي: ?وَشاوِرْهُمْ فِي الأَْمْرِ?().

وهكذا ورد الحث الكبير عن رسول الله صلي الله عليه و اله والأئمة عليهم السلام علي الاستشارة، حيث ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ?الاستشارة عين الهداية?().

وعنه عليه السلام أيضا: ?المستشير علي طرف النجاح?().

مع المعارضة

بل ربما يكون علي القائد أن يستشير الأعداء لاستكشاف ما في قلوبهم وما يراودهم من تفكير؛ فمن دلائل صلاح النظام والسياسة وعدالة القيادة، هو إعطاء الحرية للمعارضة، وإبداء رأيها، وعدم خنقها وتصفيتها.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?استشر أعداءك تعرف من رأيهم مقدار عداوتهم ومواضع مقاصدهم?().

ومن خلال سيرة النبي الأعظم صلي الله عليه و اله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام يتعلم القائد الإسلامي السير الصحيح والمنهج القويم في سياسته مع المعارضة، والاستفادة منهم، وعدم قهرهم، فقد كان أمير المؤمنين عليه السلام يصلي صلاة الصبح، فقال ابن الكواء وكان من المنافقين من خلفه: ?وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَي الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ?()، فأنصت علي عليه السلام تعظيما للقرآن حتي فرغ من الآية، ثم عاد في قراءته..

ثم أعاد ابن الكواء الآية فأنصت علي عليه السلام أيضاً ثم قرأ..

فأعاد ابن الكواء، فأنصت علي عليه السلام، ثم قال: ?فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ?() ثم أتم السورة وركع().

أما الابتعاد عن منهج الاستشارة وتعدد الآراء واحترام الرأي الآخر وتحمله، فإنه يعني الركون إلي الاستبداد بالرأي، ومصادرة آراء الآخرين، وقمع الحريات. وهذا ما لا ينسجم مع روح وتعاليم الإسلام الحنيف، الذي أرسي قواعده النبي الأعظم صلي الله

عليه و اله والأئمة الأطهار عليهم السلام، حيث إن النبي الأعظم صلي الله عليه و اله والإمام علي عليه السلام كما يذكر التاريخ كانا دائمي الاستشارة.

فاستشارة النبي صلي الله عليه و اله أصحابه في حفر الخندق مشهورة وقد ذكرتها أغلب كتب التاريخ.

قال تعالي: ?يَأَيُّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً ? إِذْ جَآءُوكُمْ مّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنّونَ بِاللهِ الظّنُونَاْ ? هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً

شَدِيداً?()..

هذه الآيات المباركات نزلت في قصة الأحزاب من قريش والعرب الذين تحزبوا علي رسول الله صلي الله عليه و اله، وذلك أن قريشاً قد تجمعت في سنة خمس من الهجرة وساروا في العرب، واستنفروهم لحرب رسول الله صلي الله عليه و اله فوافوا في عشرة آلاف، ومعهم كنانة وسليم وفزارة.. فبلغ ذلك رسول الله صلي الله عليه و اله واستشار أصحابه وكانوا سبعمائة رجل، فقال سلمان: يا رسول الله، إن القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة.

قال: ?فما نصنع؟?.

قال: نحفر خندقاً يكون بيننا وبينهم حجاباً، فيمكنك منعهم في المطاولة ولا يمكنهم أن يأتونا من كل وجه، فإنا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم من عدونا نحفر الخنادق، فيكون الحرب من مواضع معروفة.

فنزل جبرئيل علي رسول الله صلي الله عليه و اله فقال: أشار بصواب.

فأمر رسول الله صلي الله عليه و اله بمسحه من ناحية أحد إلي راتج، وجعل علي كل عشرين خطوة وثلاثين خطوة قوم من المهاجرين والأنصار يحفرونه، فأمر فحملت المساحي والمعاول، وبدأ رسول الله صلي الله عليه و اله وأخذ معولاً فحفر في موضع المهاجرين

بنفسه وأمير المؤمنين عليه السلام ينقل التراب من الحفرة حتي عرق رسول الله صلي الله عليه و اله وعيّ، وقال:

?لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم اغفر للأنصار والمهاجرين?.

فلما نظر الناس إلي رسول الله صلي الله عليه و اله يحفر اجتهدوا في الحفر ونقلوا التراب، فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلي الحفر … ? القصة().

فإذا كان المعصوم عليه السلام الذي عصمه الله تعالي عن الوقوع في الخطأ يعمل بالاستشارة، فكيف حال من هو معرض للوقوع في الخطأ في كل عمل يعمله؟. أليس الأجدر والأصح له أن يجمع آراء الآخرين إلي رأيه، ويخرج بنتيجة، وإن لم تكن صحيحة فهي أقرب إلي الصحة؟.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?من لزم المشاورة لم يعدم عند الصواب مادحاً وعند الخطاء عاذراً?().

التواضع

ومن أهم ما يلزم اتصاف القيادة به: التواضع وعدم الغرور والتكبر.

قال تبارك وتعالي: ?تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَيُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ?().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?إن من التواضع أن يجلس الرجل دون شرفه?().

فعلي القائد أن يترك كل أمر من شأنه أن يبعده عن الناس، ويجعله يعيش العزلة والجو الخاص، ويتنازل قليلاً عما بيده ليكون مع الناس.. مع الفقراء.. مع المؤمنين، لاسيما القائد الإسلامي، إذ يلزم عليه أن يربي نفسه وأفراده علي التواضع لله عزوجل ولعباد الله؛ لأن ذلك من أسباب التقدم والتفاف الجماهير حوله، والوقوف معه في الشدائد والتأسي به.

ويكون مثل القائد المتواضع كمثل البحر الذي يأتيه الماء من مئات الأنهار، لأن البحر تواضع وجعل نفسه دون مستوي الأنهار، والأنهار رفعت نفسها، بينما لو كان البحر أرفع مستوي وكان النهر أخفض لانصبت المياه من البحر في النهر.

وكم في التاريخ الإسلامي من شواهد عظيمة تبين

مدي تواضع النبي الأعظم صلي الله عليه و اله للناس جميعاً، فعن جابر بن عبد الله قال: غزا رسول الله صلي الله عليه و اله إحدي وعشرين غزوة بنفسه، شاهدت منها تسع عشرة غزوة، وغبت عن اثنتين، فبينا أنا معه في بعض غزواته إذ أعيا ناضحي() تحت الليل فبرك، وكان رسول الله صلي الله عليه و اله في أخريات الناس يزجي الضعيف ويردفه() ويدعو لهم، فانتهي إليَّ وأنا أقول: يا لهف أماه، ما زال لنا ناضح سوء.

فقال صلي الله عليه و اله: ?من هذا؟?.

فقلت: أنا جابر، بأبي أنت وأمي يا رسول الله.

قال: ?وما شأنك؟?.

قلت: أعيا ناضحي.

فقال: ?أمعك عصا؟?.

فقلت: نعم.

فضربه ثم بعثه، ثم أناخه ووطئ علي ذراعه، وقال: ?اركب? فركبت وسايرته، فجعل جملي يسبقه، فاستغفر لي تلك الليلة خمساً وعشرين مرة، فقال لي: ?ما ترك عبد الله من الولد؟? يعني: أباه.

قلت: سبع نسوة.

قال: ?أبوك عليه دَين؟?.

قلت: نعم.

قال: ?فإذا قدمت المدينة فقاطعهم، فإن أبوا فإذا حضر جداد نخلكم فآذني?.

فقال: ?هل تزوجتَ؟?.

قلت: نعم.

قال: ?بمن؟?.

قلت: بفلانة بنت فلان، بأيم كانت بالمدينة.

قال: ?فهلا فتاة تلاعبها وتلاعبك؟?.

قلت: يا رسول الله، كن عندي نسوة خرق يعني: أخواته فكرهت أن آتيهن بامرأة خرقاء، فقلت: هذه أجمع لأمري.

قال: ?أصبت ورشدت?.

فقال: ?بكم اشتريت جملك؟?.

فقلت: بخمس أواق من ذهب.

قال: ?بعنيه ولك ظهره إلي المدينة?.

فلما قدم المدينة أتيته بالجمل، فقال: ?يا بلال، أعطه خمس أواق من ذهب يستعين بها في دَين عبد الله وزده ثلاثاً، ورد عليه جمله?.

قال: ?هل قاطعت غرماء عبد الله؟?.

قلت: لا، يا رسول الله.

قال: ?أ ترك وفاء؟?.

قلت: لا.

قال: ?لا عليك فإذا حضر جداد نخلكم فآذني?.

فآذنته، فجاء فدعا لنا فجددنا، واستوفي كل غريم ما كان يطلب تمراً وفاء، وبقي لنا ما كنا نجد وأكثر.

فقال رسول

الله صلي الله عليه و اله: ?ارفعوا ولا تكيلوا، فرفعناه وأكلنا منه زماناً?().

هذه القصة تعطينا أكثر من درس، فهي بهيكلها العام تدل علي التواضع العظيم الذي كان الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله يتحلي به، حيث كان مع آخر مقاتل من جيشه، ليتفقد رعيته ويرعي القافلة بأكملها، فيعين ضعيفها ومحتاجها، ويأخذ بأطراف الحديث مع جابر، فيسأله عن وضعه الاجتماعي والاقتصادي، ويقوم بإعانته علي قضاء حوائجه.

والدرس الآخر الذي نستلهمه من القصة هو أن القائد الإسلامي مع مسؤولياته الجسام وكثرة انشغاله بكبريات الأمور، أمثال: الحرب والسياسة، فإنه يلزم عليه أن لا يترك الأمور الجزئية تحت ذريعة الانشغال بالأمور الكبيرة.

فالرسول الأعظم صلي الله عليه و اله يريد أن يعلّم كل واحد منا، فضلاً عن الذين يتصدون للقيادة، أنه لابد من الاهتمام بالأمور الصغيرة أيضا، كالسؤال عن حال الأخ المؤمن، وهل هو في ضائقة مالية أو معيشية أم لا، والاهتمام بالأخلاقيات والاجتماعيات فضلاً عن بعض العبادات المستحبة مع الفرائض والواجبات؛ إذ أن البعض يتصور أن قيامه بالأمور الكبيرة يغنيه عن الاهتمام ببعض التفاصيل ومراعاة الجزئيات.

ولكن ترك بعض الأمور الصغيرة وعدم الاهتمام بها ربما يوجب أن تصبح هذه الأمور الصغيرة أمراً كبيراً لا يمكن معالجته، فبعض القياديين وبحجة الانشغال بالعلاقات العامة مع أقرانه من السياسيين، أو انشغاله بأمور الدولة المهمة، فإنهم وللأسف تراهم يعرضون عن طلبات الجماهير، ويصفونها بالأمور الصغيرة، بل في بعض الأحيان ينصبون من لا يكون كفءً ليقوم مقامهم، وربما يكون سلوك الأخير غير سلوك القائد، وتأثيره غير تأثير القائد، مما يؤدي إلي اتساع الهوة بين القيادة والقاعدة.

ورد فيما كتب أمير المؤمنين عليه السلام لمالك الأشتر() حين ولاه مصر، وهو أطول عهد وأجمعه للمحاسن:

?..ثم تفقد من أمورهم

ما يتفقده الوالد من ولده، ولا يعظمن في نفسك شيء أعطيتهم إياه، ولا تحقرن لهم لطفاً تلطفهم به؛ فإنه يرفق بهم كل ما كان منك إليهم وإن قل، ولا تدعن تفقد لطيف أمورهم اتكالاً علي نظرك في جسيمها؛ فإن للطيف موضعاً ينتفع به، وللجسيم موضعاً لا يستغني فيه عنه.. واخصص أهل الشجاعة والنجدة بكل عارفةٍ، وامدد لهم أعينهم إلي صور عميقات ما عندهم، بالبذل في حسن الثناء وكثرة المسألة عنهم رجلاً رجلاً، وما أبلي في كل مشهدٍ، وإظهار ذلك منك عنه؛ فإن ذلك يهز الشجاع ويحرض غيره.. ولا تفسدن أحداً منهم عندك علةٌ عرضت له أو نَبوَةٌ كانت منه قد كان له قبلها حسن بلاءٍ؛ فإن العز بيد الله يعطيه إذا شاء ويكفه إذا شاء، ولو كانت الشجاعة تفتعل لافتعلها أكثر الناس، ولكنها طبائع بيد الله ملكها وتقدير ما أحب منها، وإن أصيب أحدٌ من فرسانك وأهل النكاية المعروفة في أعدائك فاخلفه في أهله بأحسن ما يخلف به الوصي الموثوق به، في اللطف بهم وحسن الولاية لهم؛ حتي لا يري عليهم أثر فقده ولا يجدوا لمصابه، فإن ذلك يعطف عليك قلوب فرسانك ويزدادون به تعظيماً لطاعتك، وتطيب النفوس بالركوب لمعاريض التلف في تسديد أمرك، ولا قوة إلا بالله?().

الجماهيرية

ومن أهم ما يلزم اتصاف القيادة به: الجماهيرية.

الجماهير هم الذين يشكلون مجموع الأمة وسدها المنيع، ودرعها الحصين، والدولة تعتمد في أصل وجودها علي الجماهير، فلا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزهم وتجاهلهم وعدم الاهتمام بهم، فالقائد لابد أن يكون جماهيرياً، وأن يلاحظ الجماهير علي طول الخط، فإنهم هم الذين ينقذون بلاد الإسلام والمسلمين، وليس فقط الجماعة الخاصة المحيطة بالقائد أو الأقارب أو العشيرة أو النخب من المجتمع

كالمثقفين أو أصحاب الكفاءات الخاصة فحسب، ولا يخفي أن لهؤلاء مهاماً وأهمية خاصة في حياة القائد ومسيرته ولكنهم ليسوا هم كل شيء.

إن مثل الجماهير كمثل الماء، إذا انعدم لم يبق شيء حي علي الإطلاق، فالقائد والدولة مثلهم كمثل السمكة. فعلي القائد أن يكون في خدمة الجماهير، وأن لا يغيب عنهم فترات طويلة، وأن يلهمهم المعنويات، ويبث فيهم الأمل وروح التعاون.

أما أصحاب النفسيات السلبية الذين يتصورون أنهم الأفضل ويقولون: نحن أكثر فهماً، وأن الجماهير لا تفهم، وهي غير واعية، إلي غير ذلك من العبارات التي تصدر عن القادة المستبدة والتي تدل علي ابتعادهم عن الجماهير والساحة، فإن النتيجة تكون انفضاض الجماهير من حولهم، وبالتالي لا يستطيع هكذا قائد أن يكون ناجحاً، وكثيرا ما تكون الجماهير سبباً لإسقاط حكمه، لأنه ليس لديه أي نقطة يشترك فيها مع الأمة، فلا يشاركهم آلامهم، ولا يعاني بمعاناتهم.

التحلي بوصايا أمير المؤمنين عليه السلام

ومن أهم ما يلزم اتصاف القيادة الإسلامية به: التحلي بما أمر به أمير المؤمنين علي عليه السلام في وصاياه لولاته وعماله.

لقد كان أمير المؤمنين عليه السلام كثيراً ما يوصي الولاة والأمراء بالتعاليم الإسلامية، إبان خلافته وحكومته، حيث كان يوجههم بالتوجيهات المحمدية والعلوية، مبيناً صفات الوالي والأمير الذي يرضاه الله ورسوله صلي الله عليه و اله، فمما جاء في كتابه عليه السلام لمالك الأشتر النخعي لما ولاه مصر:

? … وإن الناس ينظرون من أمورك مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك، ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم، وإنما يستدل علي الصالحين بما يجري الله لهم علي ألسن عباده، فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح، فاملك هواك وشح بنفسك عما لا يحل لك؛ فإنَّ الشح بالنفس الإنصاف منها فيما أحبت وكرهت، وأشعر

قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم؛ فإنهم صنفان: إما أخٌ لك في الدين وإما نظيرٌ لك في الخلق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتي علي أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضي أن يعطيك الله من عفوه وصفحه؛ فإنك فوقهم ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولاك، وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم..?.

إلي أن قال عليه السلام:

?وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق وأعمها في العدل وأجمعها لرضا الرعية؛ فإن سخط العامة يجحف برضا الخاصة، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضا العامة، وليس أحدٌ من الرعية أثقل علي الوالي مئونةً في الرخاء، وأقل معونةً له في البلاء، وأكره للإنصاف، وأسأل بالإلحاف، وأقل شكراً عند الإعطاء، وأبطأ عذراً عند المنع، وأضعف صبراً عند ملمات الدهر من أهل الخاصة، وإنما عماد الدين وجماع المسلمين والعدة للأعداء العامة من الأمة، فليكن صغوك() لهم وميلك معهم..

وليكن أبعد رعيتك منك وأشنأهم عندك أطلبهم لمعايب الناس؛ فإن في الناس عيوباً الوالي أحق من سترها، ولا تكشفن عما غاب عنك منها، فإنما عليك تطهير ما ظهر لك، والله يحكم علي ما غاب عنك، فاستر العورة ما استطعت يستر الله منك ما تحب ستره من رعيتك..

أطلق عن الناس عقدة كل حقدٍ واقطع عنك سبب كل وترٍ، وتغاب() عن كل ما لا يضح() لك..?().

وفيه أيضاً:

?.. وأما بعد، فلا تطولن احتجابك عن رعيتك؛ فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبةٌ من الضيق وقلة علم بالأمور، والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه، فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير، ويقبح الحسن ويحسن القبيح، ويشاب الحق بالباطل، وإنما الوالي بشرٌ لا يعرف ما تواري

عنه الناس به من الأمور، وليست علي الحق سماتٌ تعرف بها ضروب الصدق من الكذب، وإنما أنت أحد رجلين: إما امرؤٌ سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك من واجب حق تعطيه، أو فعل كريم تسديه أو مبتلي بالمنع، فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك، مع أن أكثر حاجات الناس إليك مما لا مئونة فيه عليك، من شكاة مظلمة، أو طلب إنصاف في معاملة، ثم إن للوالي خاصة وبطانة، فيهم استئثارٌ وتطاولٌ وقلة إنصاف في معاملة، فاحسم مادة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال، ولا تقطعن لأحد من حاشيتك وحامتك قطيعة، ولا يطمعن منك في اعتقاد عقدة تضر بمن يليها من الناس في شرب أو عمل مشترك، يحملون مئونته علي غيرهم فيكون مهنأ ذلك لهم دونك وعيبه عليك في الدنيا والآخرة، وألزم الحق من لزمه من القريب والبعيد، وكن في ذلك صابراً محتسباً واقعاً ذلك من قرابتك وخاصتك حيث وقع، وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه، فإن مغبة ذلك محمودةٌ، وإن ظنت الرعية بك حيفاً فأصحر لهم بعذرك، واعدل عنك ظنونهم بإصحارك؛ فإن في ذلك رياضة منك لنفسك، ورفقاً برعيتك، وإعذاراً تبلغ به حاجتك من تقويمهم علي الحق?().

ومن كتاب له عليه السلام إلي قثم بن العباس وكان عامله علي مكة:

?أما بعد، فأقم للناس الحج ?وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ?()، واجلس لهم العصرين، فأفت المستفتي وعلم الجاهل وذاكر العالم، ولا يكن لك إلي الناس سفيرٌ إلا لسانك، ولا حاجبٌ إلا وجهك، ولا تحجبن ذا حاجةٍ عن لقائك بها، فإنها إن ذيدت عن أبوابك في أول وردها لم تحمد فيما بعد علي قضائها، وانظر إلي ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفه إلي من قبلك من

ذوي العيال والمجاعة، مصيباً به مواضع الفاقة والخلات، وما فضل عن ذلك فاحمله إلينا لنقسمه فيمن قبلنا، ومر أهل مكة أن لا يأخذوا من ساكنٍ أجراً؛ فإن الله سبحانه يقول: ?سَوَآءً الْعَاكِفُ فِيهِ

وَالْبَادِ?()، فالعاكف المقيم به، والبادي الذي يحج إليه من غير أهله، وفقنا الله وإياكم لمحابه والسلام?().

وقال عليه السلام: ?واخفض للرعية جناحك، وابسط لهم وجهك، وألن لهم جانبك، وآس بينهم في اللحظة والنظرة، والإشارة والتحية؛ حتي لا يطمع العظماء في حيفك، ولا ييأس الضعفاء من عدلك، والسلام?().

قائد ثورة العشرين

نقل لي أحد المراجع: إن قائد ثورة العشرين الإمام الشيخ محمد تقي الشيرازي رحمة الله عليه() التفت حوله الجماهير بصورة واسعة، من شيوخ وأفراد العشائر، كباراً وصغاراً، سنة وشيعة، ضد بريطانيا، وكان الازدحام كبيراً حول الميرزا، ورغم تصديه لأمور الثورة والمرحلة الحساسة في تاريخ العراق والأمة الإسلامية، لم يكن ينسي طلبته ورواد درسه، ونظراً لضيق وقته نتيجة مسؤولياته الجسام حيث كان لا يجد الوقت الكافي لمداراتهم ومعرفة شؤونهم ومعالجة مشاكلهم التي كانت تعترضهم، قال لهم مرة: أيها الطلبة، إني قبل الثورة كنت أتمكن من قضاء حوائجكم وألتقي بكم علي انفراد، ولكنكم الآن لا تتمكنون أن تصلوا إليَّ للزحام الذي حولي، فإذا كانت لأحدكم حاجة فإني أخرج في كل يوم بعد صلاة الصبح إلي الشارع الممتد بامتداد النهر() في أطراف كربلاء، فيتمكن كل طالب علم، أو أي شخص آخر يريد لقائي علي انفراد أن يأتي في ذلك الوقت.

وأضاف هذا العالم الراوي للقصة فقال: إني شخصياً ذهبت إليه مراراً وتكراراً وعندي حاجة، فكنت أري الإمام الشيرازي رحمة الله عليه يمشي وحده علي ضفاف ذلك النهر في الشارع الممتد بامتداده، فأعرض حاجتي وكنت أطلب من الإمام الشيرازي قضاءها.

نعم، هكذا يلزم

أن يكون القائد الإسلامي، ذا روح جماهيرية، يحتوي قلبه كل الطبقات في الأمة. ويستوعب كل الآراء والتوجهات. هذا هو خط وسلوك ومنهج أهل البيت عليهم السلام فالرسول الأكرم صلي الله عليه و اله وهو صاحب دولة عالمية كبيرة آنذاك، كان يمشي في الأسواق ويتفقد أحوال الناس، وكذلك الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حيث كانت دولته أكبر دولة في العالم، كان يوصي عماله بهذا الأمر، وعدم الظلم وعدم الاحتجاب عن الجماهير، كما مر.

الدراهم المباركة

قال الإمام الصادق عليه السلام في حديث: ?.. فنظر رسول الله صلي الله عليه و اله إلي جارية قاعدة علي الطريق تبكي، فقال لها رسول الله صلي الله عليه و اله: وما شأنكِ؟.

قالت: يا رسول الله، إن أهلي أعطوني أربعة دراهم لأشتري لهم حاجة فضاعت، فلا أجسر أن أرجع إليهم.

فأعطاها رسول الله صلي الله عليه و اله أربعة دراهم، وقال: ارجعي إلي أهلكِ.

ومضي رسول الله صلي الله عليه و اله إلي السوق فاشتري قميصاً بأربعة دراهم ولبسه، وحمد الله عزوجل، فرأي رجلاً عرياناً يقول: من كساني كساه الله من ثياب الجنة، فخلع رسول الله ? قميصه الذي اشتراه وكساه السائل، ثم رجع عليه السلام إلي السوق فاشتري بالأربعة التي بقيت قميصاً آخر فلبسه وحمد الله عزوجل، ورجع إلي منزله، فإذا الجارية قاعدة علي الطريق تبكي، فقال لها رسول الله ?: ما لكِ لا تأتين أهلك؟! قالت: يا رسول الله، إني قد أبطأت عليهم أخاف أن يضربوني.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: مري بين يدي ودليني علي أهلك، وجاء رسول الله صلي الله عليه و اله حتي وقف علي باب دارهم، ثم قال: السلام عليكم يا أهل الدار، فلم يجيبوه! فأعاد السلام

فلم يجيبوه! فأعاد السلام، فقالوا: وعليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته.

فقال عليه السلام: ما لكم تركتم إجابتي في أول السلام والثاني؟!

فقالوا: يا رسول الله، سمعنا كلامك فأحببنا أن نستكثر منه.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: إن هذه الجارية أبطأت عليكم فلا تؤذوها. فقالوا: يا رسول الله، هي حرة لممشاك.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: الحمد لله ما رأيت اثني عشر درهماً أعظم بركة من هذه، كسا الله بها عاريين وأعتق نسمة?().

وفي وقت القيظ

عن الإمام الباقر عليه السلام في خبر: ?أنه رجع علي عليه السلام إلي داره في وقت القيظ، فإذا امرأة قائمة تقول: إن زوجي ظلمني وأخافني وتعدي علي وحلف ليضربني. فقال عليه السلام: يا أمة الله، اصبري حتي يبرد النهار، ثم أذهب معكِ إن شاء الله؟.

فقالت: يشتد غضبه وحرده عليَّ. فطأطأ رأسه ثم رفعه، وهو يقول: لا والله، أو يؤخذ للمظلوم حقه غير متعتع، أين منزلكِ؟.

فمضي عليه السلام إلي بابه، فقال: السلام عليكم. فخرج شاب، فقال علي عليه السلام: يا عبد الله اتق الله؛ فإنك قد أخفتها وأخرجتها.

فقال الفتي: وما أنت وذاك، والله لأحرقنها لكلامك.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: آمرك بالمعروف وأنهاك عن المنكر، تستقبلني بالمنكر وتنكر المعروف؟! قال: فأقبل الناس من الطرق، ويقولون: سلام عليكم يا أمير المؤمنين. فسقط الرجل في يديه، فقال: يا أمير المؤمنين أقلني عثرتي؛ فو الله لأكونن لها أرضاً تطؤني، فأغمد علي عليه السلام سيفه، وقال: يا أمة الله ادخلي منزلكِ، ولا تلجئي زوجكِ إلي مثل هذا?().

أصلح أمرك

روي: أن أمير المؤمنين عليه السلام مر بأصحاب التمر فإذا هو بجارية تبكي، فقال: ?يا جارية، ما يبكيكِ؟?.

فقالت: بعثني مولاي بدرهم فابتعت من هذا تمراً، فأتيتهم به

فلم يرضوه، فلما أتيته به أبي أن يقبله.

قال عليه السلام: ?يا عبد الله، إنها خادم وليس لها أمر فاردد إليها درهمها، وخذ التمر?.

فقام إليه الرجل فلكزه()..

فقال الناس: هذا أمير المؤمنين، فربا الرجل واصفر وأخذ التمر وردّ إليها درهمها.

ثم قال: يا أمير المؤمنين، ارض عني.

فقال: ?ما أرضاني عنك إن أصلحت أمرك?().

الإصلاح

ومن أهم ما يلزم اتصاف القيادة به: روح الإصلاح الدائم.

مما لاشك فيه أن كل مظاهر الحياة معرضة للهدم والفساد والتلف، ما لم تراع بعناية وحرص من قبل الإنسان..

والأمة هي الأخري معرضة لأن يصيبها الانحلال والانحراف والابتعاد عن القيم، والانقسام علي نفسها إلي عدة انقسامات، وهنا يبرز دور القائد الإسلامي المحنك، والمعبأ بالثقافة الإسلامية الحقيقية المستلهمة من سيرة رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل البيت عليهم السلام، والمتنور بنور الإيمان.. حيث يبدأ في سد الثغور، وردم المواقع التي تستقطب الفساد، وتسعي نحوه، فيعمل علي إصلاح الوضع الاجتماعي، وأخذ الاحتياطات اللازمة والواقية للأمة، من أن يصيبها مرض اجتماعي ما.

وللإصلاح صور وأشكال متعددة، كل حسب مجاله، فيعمل القائد أولاً علي إصلاح جهاز الدولة من كل عطب، وتنظيف كافة فروع الدولة من المفاسد والمحسوبيات والمرتشين، لكي تكون حكومته منتجة وإيجابية، ومن ثم يعمد إلي إصلاح أحوال الرعية، أي الجماهير الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل الأرض والدين والعرض والتراث.. ويسير معهم بسيرة الرسول

الأكرم صلي الله عليه و اله وأهل بيته (صلوات الله عليهم) الذين كانوا يعملون علي سد حاجات الرعية، وإيجاد فرص العمل لهم، وإلغاء حالة الطبقية التي تعشعش في الأمة، وتريد أن تفرض نفسها علي الجماهير، لتمتص أتعابها، وتصادر جهودها.

كما يلزم علي القائد الإسلامي أن لا يستمع إلي الوشاة، فإنهم أداة التخريب في المجتمع، وهم الذين

يوسعون الهوة بين القائد والأمة، ويعملون علي إيجاد الكتل والكيانات السلبية داخل جهاز الدولة، وهم أول من يتآمر علي نظام الحكم مع الأعداء؛ لأن عادتهم التلون والميل مع المصالح والأهواء.

فقد كتب أمير المؤمنين عليه السلام في عهده لمالك الأشتر: ?..وليكن أبعد رعيتك منك وأشنأهم عندك أطلبهم لمعايب الناس؛ فإن في الناس عيوباً الوالي أحق من سترها، ولا تكشفن عما غاب عنك منها؛ فإنما عليك تطهير ما ظهر لك والله يحكم علي ما غاب عنك، فاستر العورة ما استطعت يستر الله منك ما تحب ستره من رعيتك، أطلق عن الناس عقدة كل حقد، واقطع عنك سبب كل وتر، وتغاب عن كل ما لا يضح لك، ولا تعجلن إلي تصديق ساع فإن الساعي غاش وإن تشبه بالناصحين، ولا تدخلن في مشورتك بخيلاً يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر، ولا جباناً يضعفك عن الأمور، و لا حريصاً يزين لك الشره بالجور، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتي يجمعها سوء الظن بالله?().

العلاقات الدولية

وهكذا يتوجه القائد إلي إصلاح بقية الأجهزة في الدولة وغيرها، ولعل من أهمها هي مسألة العلاقات الدولية، أي إعلان الرغبة بإصلاح العلاقات المتوترة مع جميع الدول، وإرساء السلم والسلام والود مع الدول الجارة والصديقة وغيرها، لاسيما المسلمة منها، وخلق جو إقليمي ودولي مفعم بالأمن والأمان، لكي تعيش الرعية في استقرار، وتأخذ حقها من الحريات، لكي تكون أمة منتجة ومتطورة ومحافظة علي نفسها وحضارتها.

وقد كان الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله السبّاق لإشاعة المحبة والألفة بين القبائل التي كانت في مكة وما جاورها حتي قبل إعلان الرسالة الإسلامية، كما حدث في مسألة تجديد بناء الكعبة ونزاع القبائل علي من ينال شرف وضع الحجر الأسود في مكانه، فعمد

صلي الله عليه و اله علي حل النزاع، وإصلاح الأمر، والمحافظة علي الحجر المقدس، وعلي دماء القبائل، فقد ورد في قصة تجديد بناء الكعبة المشرفة:

لما بلغ البناء إلي موضع الحجر الأسود تشاجرت قريش في وضعه، فقال كل قبيلة: نحن أولي به، نحن نضعه، فلما كثر بينهم تراضوا بقضاء من يدخل من باب بني شيبة، فطلع رسول الله صلي الله عليه و اله فقالوا: هذا الأمين قد جاء فحكموه، فبسط رداءه وقال بعضهم: كساء طاروني كان له، ووضع الحجر فيه ثم قال: ?يأتي من كل ربع من قريش رجل?، فكانوا عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، والأسود بن المطلب من بني أسد بن عبد العزي، وأبو حذيفة بن المغيرة من بني مخزوم، وقيس بن عدي من بني سهم، فرفعوه ووضعه النبي صلي الله عليه و اله في موضعه?().

وكذا قام رسول الله صلي الله عليه و اله بالإصلاح بين قبيلتي الأوس والخزرج في المدينة بعدما كان بينهم من شديد الحرب والعدواة والبغضاء وطولها، حيث زرع صلي الله عليه و اله في كل واحدة من القبيلتين بذور الخير والسلام والصلاح.

محاسبة القائد نفسه

ومن أهم ما يلزم اتصاف القيادة به: محاسبة النفس.

أحياناً يتصور بعض القادة أنهم أصبحوا مسئولين فوق الآخرين، ولا مسئول فوقهم، أي إنهم يحاسبون ويعاقبون الأفراد، بينما هم لا يُحاسَبون ولا يُعاتبون، فلا يقبلون حتي بنصائح الأصدقاء، فضلاً عن محاسبتهم.

وهذا في الواقع مرض عضال يصيب الإنسان الذي يشعر بالتفوق ويتصور أنه في كل الأحوال والأدوار أعلي من الآخرين ولا مسئول عليه، فيبدأ يتسرب إليه الكبر والتعالي، إلي أن تصبح حكومته دكتاتورية في كل معالمها، فهي توجه العقوبة إلي أي شخص تشاء دون أن تقبل من الآخرين رداً أو رأياً.

قال

تعالي: ?إِنَّ الإِْنْسانَ لَيَطْغي عليهم السلام أَنْ رَآهُ اسْتَغْني?().

لذا فعلي القائد الإسلامي ولكي لا يقع في هذا المرض النفسي الخطير أن يراقب نفسه، ويحاسبها قبل أن يحاسب الآخرين، ويبدأ بمراقبة كل حركاته وأقواله، ويعنّف نفسه ويعاقبها في موضع التقصير، ويركن إلي إتمام ما قصر عنه أو قصر فيه.

وهذا مبدأ رسمه ووضع خطوطه أئمتنا الهداة (صلوات الله عليهم) فقد جاء في الحديث المروي عن أبي الحسن عليه السلام الماضي

الإمام الكاظم عليه السلام قال: ?ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فإن عمل حسناً استزاد الله، وإن عمل سيئاً استغفر الله منه وتاب إليه?().

وعن الإمام الصادق عليه السلام: ?اجعل قلبك قريناً براً أو ولداً واصلاً، واجعل عملك والداً تتبعه، واجعل نفسك عدواً تجاهدها، واجعل مالك عارية تردها?().

نعم، هكذا يريد أهل البيت عليهم السلام من كل واحد منا وإن

لم يكن في موقع القيادة، فكيف بقائد المسلمين الذي يدير شؤون الآلاف أو الملايين من الجماهير التي تسلمه أمرها وتنقاد لأمره، فكيف لا يحاسب نفسه ويؤدبها ويحرص علي تربيتها؟

كيف يتكلم نيابة عن الأمة ولا يكون معبراً عنها وعن أهدافها؟

فإن العقل لاشك يستقبح هذه الظاهرة.. ظاهرة استغلال المنصب للتمرد والتعالي علي الضعفاء والمساكين.

وقد أكد أهل البيت عليهم السلام علي مبدأ المحاسبة والمراقبة للنفس، كي لا يطلق لها العنان، وبذلك يكون القائد الإسلامي المحاسب لنفسه أسوة حسنة للآخرين، فينتشر مبدأ الشعور بالمسؤولية ومحاسبة الأفراد أنفسهم، قبل أن تحاسبهم الدولة أو القيادة، وهذا المنهج القويم يقرب الفرد والأمة من الله عزوجل، ويهدم الحواجز التي تحول بين الفرد وبين التقرب من ربه أو مجتمعه.

قال الإمام الصادق عليه السلام: ?إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئاً إلا أعطاه، فلييأس من الناس كلهم،

ولا يكون له رجاء إلا من عند الله عزوجل، فإذا علم الله تعالي ذلك من قلبه، لم يسأله شيئاً إلا أعطاه، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فإن للقيامة خمسين موقفاً، كل موقف مقام ألف سنة ثم تلا : ?فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ?()?().

ومما يلزم علي القائد الإسلامي أن يراقب نفسه فيه أمران:

الأول: أن يراقب ما يقوله وما يعد به الجماهير، وأن لا تختلف أفعاله عن أقواله، حتي لا يصبح هناك تضاد بين الأمرين، فتتصور الجماهير أنه مخادع أو كذاب، أو أن أقواله مجرد وعود لتهدئة الوضع العام، فتصبح العلاقة بين القائد والأمة علاقة سيئة قائمة علي الجدل والمغالطة وانعدام الثقة.

الثاني: أن يراقب نفسه ويوطنها علي الحلم وسعة الصدر والتحلي باللاعنف، ويظل يتابعها ويحرص علي هذه الأمور، لكي يستوعب الجماهير، ويتحمل المتاعب والصعوبات وما يجري علي البلاد من بلاء أو حروب، أو ما شابه ذلك.

اللاعنف

ومن أهم ما يلزم اتصاف القيادة به التحلي باللاعنف في التعامل مع الشعب وسائر الحكومات، وفي جميع مجالات الحياة.

أما إذا اتخذ القائد سياسة خشنة بعيدة عن الرحمة الإسلامية فهذا معناه السقوط، كما نري في حكام البلاد الإسلامية حيث الاعتقالات والسجون والتعذيب والنفي ومصادرة الأموال وقتل الأبرياء، والسب والشتائم، وإثارة الدول المجاورة وغير المجاورة وما أشبه من مصاديق العنف وعدم التعقل.

قال تعالي: ?فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّناً?().

وعن الإمام موسي بن جعفر عليه السلام في سؤال محمد بن أبي عمير حول هذه الآية قال: ?أما قوله: ?فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّناً? أي كنّياه وقولا له: يا أبا مصعب، وكان كنية فرعون أبا مصعب?().

وقال عيسي بن مريم عليه السلام لأصحابه يوماً: ?ما لا تحب أن يفعل بك فلا تفعله بأحد، وإن لطم خدك

الأيمن فأعط الأيسر?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام في عهده إلي مالك الأشتر: ?وإياك والدماء وسفكها بغير حلها، فإنه ليس شيء أدعي لنقمة ولا أعظم لتبعة ولا أحري بزوال نعمة وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقها، والله سبحانه وتعالي مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام، فإن ذلك مما يضعفه ويوهنه ويزيله وينقله ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد لأن فيه قود البدن، وإن ابتليت بخطأ وأفرط عليك سوطك أو يدك بالعقوبة فإن في الوكزة فما فوقها مقتلة فلا تطمحن بك نخوة سلطانك عن أن تؤدي إلي أولياء المقتول

حقهم?().

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?أول ما يحكم الله فيه يوم القيامة الدماء، فيوقف إبنا آدم فيفصل بينهما، ثم الذين يلونهما من أصحاب الدماء حتي لا يبقي منهم أحد، ثم الناس بعد ذلك حتي يأتي المقتول يقاتله فيتشخب في دمه وجهه، فيقول: هذا قتلني. فيقول: أنت قتلته؟. فلا يستطيع أن يكتم الله حديثاً?().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?لا يدخل الجنة سافك للدم، ولا شارب الخمر، ولا مشاء بنميم?().

وقال تعالي: ?مِنْ أجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ

جَمِيعاً?().

وكتب أمير المؤمنين الإمام عليه السلام إلي حذيفة بن اليمان بعد مقتل عثمان: ?بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلي حذيفة بن اليمان، سلام عليكم، فإني وليتك ما كنت تليه لمن كان قبل حرف المدائن إلي أن قال وإني آمرك بتقوي الله وطاعته في السر

والعلانية فاحذر عقابه في المغيب والمشهد، وأتقدم إليك بالإحسان إلي المحسن والشدة علي المعاند، وآمرك بالرفق في أُمورك واللين والعدل في رعيتك فإنك مسئول عن ذلك، وإنصاف المظلوم والعفو عن الناس وحسن السيرة ما استطعت فالله يجزي

المحسنين?().

وقال عليه السلام لطلحة والزبير حين استأذناه في الخروج إلي العمرة: ?لا والله ما تريدان العمرة ولكن تريدان البصرة?().

وفي بعض الروايات: ?لكن تريدان الغدرة?().

وقال عليه السلام لابن عباس وهو يخبره عن استئذانهما له في العمرة: ?إنني أذنت لهما مع علمي بما قد انطويا عليه من الغدر واستظهرت بالله عليهما، وإن الله تعالي سيرد كيدهما ويظفرني بهما?().

وقال عليه السلام في خطبة له في ذي قار: ?وبايعني طلحة والزبير وأنا أعرف الغدر في وجهيهما والنكث في عينيهما، ثم استأذنا في العمرة فأعلمتهما أن ليس العمرة يريدان، فسارا إلي مكة واستخفا عائشة وخدعاها وشخص معها أبناء الطلقاء فقدموا البصرة وقتلوا بها المسلمين وفعلوا المنكر، ويا عجباً لاستقامتهما لأبي بكر وعمر وبغيهما عليَّ وهما يعلمان أني لست دون أحدهما ولو شئت أن أقول لقلت، ولقد كان معاوية كتب إليهما من الشام كتاباً يخدعهما فيه فكتما عني وخرجا يوهمان الطغام أنهما يطلبان بدم عثمان?().

وقالت صفية بنت الحارث زوجة عبد الله بن خلف الخزاعي للإمام علي عليه السلام بعد واقعة الجمل: يا قاتل الأحبة، يا مفرق الجماعة. فقال الإمام عليه السلام: ?إني لا ألومك أن تبغضيني يا صفية، وقد قتلت جدك يوم بدر، وعمك يوم اُحد، وزوجك الآن، ولو كنت قاتل الأحبة لقتلت من في هذه البيوت?، ففتش فكان فيها مروان وعبد الله بن الزبير().

وعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ?كان رسول الله صلي الله عليه و اله إذا أراد أن يبعث سرية

دعاهم فأجلسهم بين يديه، ثم يقول: سيروا

بسم الله وبالله، وفي سبيل الله، وعلي ملة رسول الله. لا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تغدروا. ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا صبياً، ولا امرأة. ولا تقطعوا شجراً إلا أن تضطروا إليها. وأيما رجل من أدني المسلمين أو أفضلهم نظر إلي رجل من المشركين فهو جار حتي يسمع كلام الله، فإن تبعكم فأخوكم في الدين، وإن أبي فأبلغوه مأمنه، واستعينوا بالله عليه?().

وفي وصية لأمير المؤمنين عليه السلام أوصي بها عسكره قبل لقاء العدو فقال: ?لا تقاتلوهم حتي يبدؤوكم، فإنكم بحمد الله علي حجة، وترككم إياهم حتي يبدؤوكم حجة أُخري لكم عليهم. فإذا كانت الهزيمة بإذن الله فلا تقتلوا مدبراً، ولا تصيبوا معوراً، ولا تجهزوا علي جريح. ولا تهيجوا النساء بأذي، وإن شتمن أعراضكم، وسببن اُمراءكم، فإنهن ضعيفات القوي والأنفس والعقول. إنا كنا لنؤمر بالكف عنهن وإنهن مشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالقهر أو الهراوة فيعير بها وعقبه من بعده?().

وعن الشعبي قال: لما أسر علي عليه السلام الأسري يوم صفين وخلي سبيلهم أتوا معاوية، وقد كان عمرو بن العاص يقول لأسري أسرهم معاوية: اقتلهم. فما شعروا إلا بأسراهم قد خلي سبيلهم علي عليه السلام، فقال معاوية: يا عمرو، لو أطعناك في هؤلاء الأسري لوقعنا في قبيح من الأمر، ألا تري قد خلي سبيل أسرانا. فأمر بتخلية من في يديه من أسري علي عليه السلام، وقد كان علي عليه السلام إذا أخذ أسيراً من أهل الشام خلي سبيله إلا أن يكون قد قتل من أصحابه أحداً().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?بعثني رسول الله صلي الله عليه و اله إلي اليمن، قال: يا علي، لا تقاتل أحداً حتي تدعوه إلي

الإسلام، وأيم الله لئن يهدي الله علي يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت، ولك ولاؤه يا علي?().

وعن الزهري أنه قال: دخل رجال من قريش علي علي بن الحسين عليه السلام فسألوه كيف الدعوة إلي الدين؟. قال: ?تقول: بسم الله الرحمن الرحيم، أدعوكم إلي الله عزوجل وإلي دينه، وجماعه أمران: أحدهما معرفة الله عزوجل، والآخر العمل برضوانه. وإن معرفة الله عزوجل أن يعرف: بالوحدانية والرأفة والرحمة، والعزة والعلم والقدرة، والعلو علي كل شيء، وأنه النافع الضار، القاهر لكل شيء، الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير. وأن محمداً عبده ورسوله، وأن ما جاء به هو الحق من عند الله عزوجل وما سواه باطل، فإذا أجابوا إلي ذلك فلهم ما للمسلمين وعليهم ما علي المسلمين?().

مدرسة الدعاء

?اللهم صل علي محمد وآله، ولا ترفعني في الناس درجة إلا حططتني عند نفسي مثلها، ولا تحدث لي عزاً ظاهراً إلا أحدثت لي ذلةً باطنة عند نفسي مثلها، اللهم صل علي محمد وآل محمد، ومتعني بهدي صالح لا أستبدل به، وطريقة حق لا أزيغ عنها، ونية رشد لا أشك فيها?().

خاتمة

روايات في باب القيادة والحكومة

أخذنا هذه المجموعة المباركة من روايات أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب (غرر الحكم ودرر الكلم) للآمدي.

الباب الأول: في الشؤون السياسية والنظامية

الفصل الأول: في الرئاسة والسياسة()

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?الجود رئاسة، الملك سياسة?.

وقال عليه السلام: ?الرئاسة عطب?.

وقال عليه السلام: ?الاحتمال زين السياسة?.

وقال عليه السلام: ?حسن السياسة قوام الرعية?.

وقال عليه السلام: ?حسن السياسة يستديم الرئاسة?.

وقال عليه السلام: ?حسن التدبير وتجنب التبذير من حسن السياسة?.

وقال عليه السلام: ?فضيلة الرئاسة حسن السياسة?.

وقال عليه السلام: ?من حسنت سياسته وجبت طاعته?.

وقال عليه السلام: ?من حسنت سياسته

دامت رئاسته?.

وقال عليه السلام: ?من ساس نفسه أدرك السياسة?.

وقال عليه السلام: ?من بذل معروفه استحق الرئاسة?.

وقال عليه السلام: ?من سما إلي الرئاسة صبر علي مضض السياسة?.

وقال عليه السلام: ?من قصر عن السياسة صغر عن الرئاسة?.

وقال عليه السلام: ?من اتخذ الحق لجاماً اتخذه الناس إماماً?.

وقال عليه السلام: ?ملاك السياسة العدل?.

وقال عليه السلام: ?لا رئاسة كالعدل في السياسة?.

وقال عليه السلام: ?نعم السياسة الرفق?.

وقال عليه السلام: ?أصعب السياسات نقل العادات?.

الباب الثاني: في الحكومة

الفصل الأول: في الحاكم والحكومة العادلة()

الحكومة العادلة و فضيلتها:

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?العدل فضيلة السلطان?.

وقال عليه السلام: ?الملوك حماة الدين?.

وقال عليه السلام: ?إمام عادل خير من مطر وابل?.

وقال عليه السلام: ?العدل أفضل السياستين?.

وقال عليه السلام: ?أفضل الملوك العادل?.

وقال عليه السلام: ?أجل الملوك من ملك نفسه وبسط العدل?.

وقال عليه السلام: ?إن الزهد في ولاية الظالم بقدر الرغبة في ولاية العادل?.

وقال عليه السلام: ?تاج الملك عدله?.

وقال عليه السلام: ?جمال السياسة العدل في الإمرة، والعفو مع القدرة?.

وقال عليه السلام: ?خير السياسات العدل?.

وقال عليه السلام: ?دولة العادل من الواجبات?.

وقال عليه السلام: ?دولة الأكابر (الأكارم) من أفضل المغانم?.

وقال عليه السلام: ?دولة العاقل كالنسيب يحن إلي الوصلة?.

وقال عليه السلام: ?زين الملك العدل?.

وقال عليه السلام: ?زمان العادل خير الأزمنة?.

وقال عليه السلام: ?غريزة العقل تحدو علي استعمال العدل?.

وقال عليه السلام: ?ليس ثواب عند الله سبحانه أعظم من ثواب السلطان العادل والرجل المحسن?.

وقال عليه السلام: ?من أعود الغنائم دولة الأكارم (المكارم)?.

وقال عليه السلام: ?سياسة العدل ثلاث: لين في حزم، واستقصاء في عدل، وأفضال في قصد?.

آثارها وفوائدها:

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?العدل يصلح البرية?.

وقال عليه السلام: ?العدل نظام الإمرة?.

وقال عليه السلام: ?العدل قوام الرعية?.

وقال عليه السلام: ?العدل قوام البرية?.

وقال عليه السلام: ?الإمامة نظام الأمة?.

وقال عليه

السلام: ?الطاعة تعظيم الإمامة?.

وقال عليه السلام: ?الرعية لا يصلحها إلا العدل?.

وقال عليه السلام: ?العادل راع ينتظر أحد الجزاءين?.

وقال عليه السلام: ?الطاعة جنة الرعية، والعدل جنة الدول?.

وقال عليه السلام: ?العدل قوام الرعية، وجمال الولاة?.

وقال عليه السلام: ?إذا بني الملك علي قواعد العدل ودعم بدعائم العقل، نصر الله مواليه وخذل معاديه?.

وقال عليه السلام: ?بالعدل تصلح الرعية?.

وقال عليه السلام: ?اعدل تدم لك القدرة?.

وقال عليه السلام: ?ثبات الدول بإقامة سنن العدل?.

وقال عليه السلام: ?سلطان العاقل ينشر مناقبه?.

وقال عليه السلام: ?صلاح الرعية العدل?.

وقال عليه السلام: ?عدل السلطان حياة الرعية وصلاح البرية?.

وقال عليه السلام: ?في العدل الإقتداء بسنة الله وثبات الدول?.

وقال عليه السلام: ?كل مستسلم موقي?.

وقال عليه السلام: ?ليكن مركبك العدل فمن ركبه ملك?.

وقال عليه السلام: ?لن تنقطع سلسلة الهذيان حتي يدرك الثأر من الزمان?.

وقال عليه السلام: ?لن تحصن الدول بمثل استعمال العدل فيها?.

وقال عليه السلام: ?من عدل تمكن?.

وقال عليه السلام: ?من عدل نفذ حكمه?.

وقال عليه السلام: ?من كثر عدله حمدت أيامه?.

وقال عليه السلام: ?من عدل في البلاد نشر الله عليه الرحمة?.

وقال عليه السلام: ?من عدل في سلطانه استغني عن أعوانه?.

وقال عليه السلام: ?من عمل بالعدل حصن الله ملكه?.

وقال عليه السلام: ?من عدل في سلطانه، وبذل إحسانه، أعلي الله شأنه، وأعز أعوانه?.

وقال عليه السلام: ?من أحسن إلي رعيته نشر الله عليه جناح رحمته وأدخله في مغفرته?.

وقال عليه السلام: ?ما عمرت البلدان بمثل العدل?.

وقال عليه السلام: ?ما حصن الدول بمثل العدل?.

الفصل الثاني: شرائط الحاكم()

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?يحتاج الإمام إلي قلب عقول، ولسان قئول، وجنان علي إقامة الحق صئول?.

وقال عليه السلام: ?أفضل الملوك سجيةً من عمَّ الناس بعدله?.

وقال عليه السلام: ?أجل الأمراء من لم يكن الهوي عليه أميراً?.

وقال عليه السلام: ?أفضل

الملوك من حسن فعله ونيته، وعدل في جنده ورعيته?.

وقال عليه السلام: ?أحسن الملوك حالاً من حسن عيش الناس في عيشه، وعمَّ رعيته بعدله?.

وقال عليه السلام: ?أعقل الملوك من ساس نفسه للرعية بما يسقط عنه حجتها، وساس الرعية بما تثبت به حجته عليها?.

وقال عليه السلام: ?حق علي الملك أن يسوس نفسه قبل جنده?.

وقال عليه السلام: ?خير الأمراء من كان علي نفسه أميراً?.

وقال عليه السلام: ?خور السلطان أشد علي الرعية من جور السلطان?.

وقال عليه السلام: ?فليصدق رائد أهله وليحضر عقله، وليكن من أبناء الآخرة فمنها قدم وإليها ينقلب?.

وقال عليه السلام: ?من أحسن الكفاية استحق الولاية?.

وقال عليه السلام: ?من حق الملك أن يسوس نفسه قبل جنده?.

وقال عليه السلام: ?من أمارات الدولة اليقظة (التيقظ) لحراسة الأمور?.

وقال عليه السلام: ?من دلائل الدولة قلة الغفلة?.

وقال عليه السلام: ?السيد: من لا يصانع، ولا يخادع، ولا تغره المطامع?.

الفصل الثالث: وظائف الحكام()

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?استعن علي العدل بحسن النية في الرعية، وقلة الطمع، وكثرة الورع?.

وقال عليه السلام: ?أقم الناس علي سنتهم ودينهم، وليأمنك برئهم، وليخفك مريبهم، وتعاهد ثغورهم وأطرافهم (أطراف بلادهم)?.

وقال عليه السلام: ?إن السلطان لأمين الله في الأرض، ومقيم العدل في البلاد والعباد، ووزعته (و زرعته) في الأرض?.

وقال عليه السلام: ?إن هذا المال ليس لي ولك، وإنما هو للمسلمين وجلب أسيافهم، فإن شركتهم في حربهم شركتهم فيه، وإلا فجنا أيديهم لا يكون لغير أفواههم?.

وقال عليه السلام: ?إذا وليت فاعدل?.

وقال عليه السلام: ?إذا أردت أن تطاع فاسأل ما يستطاع?.

وقال عليه السلام: ?خير الملوك من أمات الجور وأحيا العدل?.

وقال عليه السلام: ?ذد عن (ذر عن) شرائع الدين، وحط ثغور المسلمين، وأحرز دينك، وأمانتك بإنصافك من نفسك والعمل بالعدل في رعيتك?.

وقال عليه السلام: ?زكاة

السلطان إغاثة الملهوف?.

وقال عليه السلام: ?من لم ينصف المظلوم من الظالم عظمت آثامه?.

وقال عليه السلام: ?من لم ينصف المظلوم من الظالم سلبه الله قدرته?.

وقال عليه السلام: ?لا تؤيس الضعفاء من عدلك?.

وقال عليه السلام: ?عليكم بالإحسان إلي العباد، والعدل في البلاد، تأمنوا عند قيام الأشهاد?.

وقال عليه السلام: ?علي الإمام أن يعلم أهل ولايته حدود الإسلام والإيمان?.

وقال عليه السلام: ?في حمل عباد الله علي أحكام الله استيفاء الحقوق وكل الرفق?.

وقال عليه السلام: ?فضيلة السلطان عمارة البلدان?.

وقال عليه السلام: ?كما تُدين تُدان?.

وقال عليه السلام: ?لو استوت قدماي من هذه المداحض لغيرت أشياء?.

وقال عليه السلام: ?من النبل أن تتيقظ لإيجاب حق الرعية إليك، وتتغابي عن الجناية عليك?.

الفصل الرابع: أخلاق الحاكم()

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?الحلم رأس الرئاسة?.

وقال عليه السلام: ?العفو زين القدرة?.

وقال عليه السلام: ?الإنصاف زين الإمرة?.

وقال عليه السلام: ?اضرب خادمك إذا عصي الله، واعف عنه إذا عصاك?.

وقال عليه السلام: ?تجاوز مع القدرة، وأحسن مع الدولة، تكمل لك السيادة?.

وقال عليه السلام: ?ذو الشرف لا تبطره منزلة نالها وإن عظمت، كالجبل الذي لا تزعزعه الرياح، والدني تبطره أدني منزلة (نزلة) كالكلأ الذي يحركه مر النسيم?.

وقال عليه السلام: ?ذاك ينفع سلمه، ولا يخاف ظلمه، إذا قال فعل، وإذا ولي عدل?.

وقال عليه السلام: ?زكاة القدرة الإنصاف?.

وقال عليه السلام: ?العفو زكاة القدرة?.

وقال عليه السلام: ?الظفر شافع المذنب?.

وقال عليه السلام: ?الطمع يذل الأمير?.

وقال عليه السلام: ?آلة الرئاسة سعة الصدر?.

وقال عليه السلام: ?العفو مع القدرة جُنة من عذاب الله سبحانه?.

وقال عليه السلام: ?أفضل الملوك أعفهم نفساً?.

وقال عليه السلام: ?دولة اللئيم تكشف مساويه ومعايبه?.

وقال عليه السلام: ?دولة الكريم تظهر مناقبه?.

وقال عليه السلام: ?رأس السياسة استعمال الرفق?.

وقال عليه السلام: ?زين الرئاسة الأفضال?.

وقال عليه السلام: ?عند كمال القدرة

تظهر فضيلة العفو?.

وقال عليه السلام: ?من تجبر علي من دونه كسر?.

وقال عليه السلام: ?من استطال علي الناس بقدرته سلب القدرة?.

الفصل الخامس: مواعظ للحكام()

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?يستدل علي إدبار الدول بأربع: تضييع الأصول، والتمسك بالغرور، وتقديم الأراذل، وتأخير الأفاضل?.

وقال عليه السلام: ?ولئن أمهل الله تعالي الظالم فلن يفوته أخذه، وهو له بالمرصاد علي مجاز طريقه، وموضع الشجا من مجاز ريقه?.

وقال عليه السلام: ?القدرة تنسي الحفيظة?.

وقال عليه السلام: ?الولايات مضامير الرجال?.

وقال عليه السلام: ?الملك المنتقل الزائل حقير يسير?.

وقال عليه السلام: ?القدرة تظهر محمود الخصال ومذمومها?.

وقال عليه السلام: ?الدولة كما تقبل تدبر?.

وقال عليه السلام: ?المحاسن في الإقبال هي المساوي في الإدبار?.

وقال عليه السلام: ?الشركة في الملك تؤدي إلي الاضطراب?.

وقال عليه السلام: ?الذل بعد العزل (العز) يوازي عز الولاية?.

وقال عليه السلام: ?المرء يتغير في ثلاث: القرب من الملوك، والولايات، والغناء من (بعد) الفقر. فمن لم يتغير في هذه فهو ذو عقل قويم وخلق مستقيم?.

وقال عليه السلام: ?التسلط علي الضعيف والمملوك من لزوم (لؤم) القدرة?.

وقال عليه السلام: ?اجعل لكل إنسان من خدمك عملاً تأخذه به، فإن ذلك أحري أن لا يتواكلوا في خدمتك?.

وقال عليه السلام: ?إذا تغيرت نية السلطان تغير (فسد) الزمان?.

وقال عليه السلام: ?إذا رأيت الله سبحانه يتابع عليك النعم مع المعاصي فهو استدراج لك?.

وقال عليه السلام: ?إذا نفذ حكمك في نفسك تداعت أنفس الناس إلي عدلك?.

وقال عليه السلام: ?تكبرك في الولاية ذل في العزل?.

وقال عليه السلام: ?جود الولاة بفيء المسلمين جور وختر?.

وقال عليه السلام: ?حسن الشهرة حصن القدرة?.

وقال عليه السلام: ?داووا الجور بالعدل، وداووا الفقر بالصدقة والبذل?.

وقال عليه السلام: ?رب عادل جائر?.

وقال عليه السلام: ?رحمة من لا يرحم تمنع الرحمة، واستبقاء من لا يبقي يهلك (تهلك)

الأمة?.

وقال عليه السلام: ?زلة الرأي تأتي علي الملك وتؤذن بالهلك?.

وقال عليه السلام: ?زوال الدول باصطناع السفل?.

وقال عليه السلام: ?سلطان الدنيا ذل، وعلوها سفل?.

وقال عليه السلام: ?ستة تختبر بها عقول الرجال (الناس) المصاحبة والمعاملة والولاية والعزل والغني والفقر?.

وقال عليه السلام: ?ساهل الدهر ما ذل لك قعوده، ولا تخاطر بشيء رجاء أكثر منه?.

وقال عليه السلام: ?صواب الرأي بالدول، ويذهب بذهابها?.

وقال عليه السلام: ?صير الدين حصن دولتك، والشكر حرز نعمتك، فكل دولة يحوطها الدين لا تُغلب، وكل نعمة يحرزها الشكر لا تُسلب?.

وقال عليه السلام: ?ظلم المستسلم أعظم الجرم?.

وقال عليه السلام: ?ظلم الضعيف أفحش الظلم?.

وقال عليه السلام: ?قد يعذر المتحير المبهوت?.

وقال عليه السلام: ?ظلامة المظلومين يمهلها الله سبحانه ولا يهملها?.

وقال عليه السلام: ?قلما يعود الإدبار إقبالاً?.

وقال عليه السلام: ?قوة سلطان الحجة أعظم من قوة سلطان القدرة?.

وقال عليه السلام: ?كيف يهتدي الضليل مع غفلة الدليل?.

وقال عليه السلام: ?لكل دولة برهة?.

وقال عليه السلام: ?لكل كبد حرقة (حرمة)?.

وقال عليه السلام: ?لئن آمر الباطل لقديماً فعل، لئن قل الحق لربما ولعل، لقلما أدبر شيء فأقبل?.

وقال عليه السلام: ?لن يتمكن العدل حتي يزل البخس?.

وقال عليه السلام: ?لن يهلك من اقتصد?.

وقال عليه السلام: ?من بذل جاهه استحمد?.

وقال عليه السلام: ?من أحسن الملكة أمن الهلكة?.

وقال عليه السلام: ?من ضعفت آراؤه قويت أعداؤه?.

وقال عليه السلام: ?من وثق بإحسانك أشفق علي سلطانك?.

وقال عليه السلام: ?من خاف سوطك تمني موتك?.

وقال عليه السلام: ?من حمد علي الظلم مكر به?.

وقال عليه السلام: ?من شكر علي الإساءة سخر به?.

وقال عليه السلام: ?من أطاع أمرك أجل قدرك?.

وقال عليه السلام: ?من أساء إلي رعيته سر حساده?.

وقال عليه السلام: ?من رفع بلا كفاية وضع بلا جناية?.

وقال عليه السلام: ?من أشفق علي سلطانه قصر عن عدوانه?.

وقال

عليه السلام: ?من لم يستظهر باليقظة لم ينتفع بالحفظة?.

وقال عليه السلام: ?من جعل ملكه خادماً لدينه انقاد له كل سلطان?.

وقال عليه السلام: ?من جعل دينه خادماً لملكه طمع فيه كل إنسان?.

وقال عليه السلام: ?من رباه الهوان أبطرته الكرامة?.

وقال عليه السلام: ?من لم يحسن في دولته خذل في نكبته?.

وقال عليه السلام: ?من حق الراعي أن يختار لرعيته ما يختاره لنفسه?.

وقال عليه السلام: ?لا تظلمن من لا يجد ناصراً إلا الله?.

وقال عليه السلام: ?لا تبسطن يدك علي من لا يقدر علي دفعها عنه?.

وقال عليه السلام: ?لا تحارب من يعتصم بالدين فإن مغالب الدين محروب?.

وقال عليه السلام: ?لا تنقضن سنة صالحة عمل بها، واجتمعت الألفة لها، وصلحت الرعية عليها?.

وقال عليه السلام: ?لا ينجع تدبير من لا يطاع?.

وقال عليه السلام: ?أين العمالقة وأبناء العمالقة?.

وقال عليه السلام: ?أين الجبابرة وأبناء الجبابرة?.

وقال عليه السلام: ?أين أهل مدائن الرس الذين قتلوا النبيين وأطفئوا نور المرسلين?.

وقال عليه السلام: ?أين الذين كانوا أحسن آثاراً، وأعدل أفعالاً، وأكبر (أكثر) ملكاً?.

وقال عليه السلام: ?أين الذين قالوا: من أشد منا قوة وأعظم جمعاً?.

وقال عليه السلام: ?أين الذين عسكروا العساكر ومدنوا المدائن?.

وقال عليه السلام: ?أين الذين هزموا الجيوش وساروا بالألوف?.

وقال عليه السلام: ?أين الذين شيدوا الممالك ومهدوا المسالك وأغاثوا الملهوف وقروا الضيوف?.

وقال عليه السلام: ?أين من سعي واجتهد وأعد واحتشد?.

وقال عليه السلام: ?أين من حصن وأكد وزخرف ونجد?.

وقال عليه السلام: ?أين من جمع فأكثر، واحتقب واعتقد، ونظر بزعمه للولد?.

وقال عليه السلام: ?أين من ادخر واعتقد، وجمع المال علي المال فأكثر?.

وقال عليه السلام: ?أين كسري وقيصر، وتبع وحمير?.

وقال عليه السلام: ?أين من بني وشيد، وفرش ومهد، وجمع وعدّد?.

وقال عليه السلام: ?أين من كان منكم أطول أعماراً أو أعظم آثاراً?.

وقال

عليه السلام: ?أين من كان أعد عديداً وأكنف جنوداً وأعظم آثاراً?.

وقال عليه السلام: ?أين الملوك والأكاسرة?.

وقال عليه السلام: ?أين بنو الأصفر (الأصغر) والفراعنة?.

وقال عليه السلام: ?أين الذين استذلوا الأعداء وملكوا نواصيها?.

وقال عليه السلام: ?أين الذين بلغوا من الدنيا أقاصي الهمم?.

وقال عليه السلام: ?أين الذين دانت لهم الأمم?.

وقال عليه السلام: ?أين الذين ملكوا من الدنيا أقاصيها?.

الفصل السادس: عمال الدولة()

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?الأعمال تستقيم بالعمال?.

وقال عليه السلام: ?احرس منزلتك عند سلطانك، واحذر أن يحطك عنها التهاون عن حفظ ما رقاك إليه?.

وقال عليه السلام: ?الق دواتك، وأطل جلفة قلمك، وفرق بين سطورك، وقرمط بين حروفك؛ فإن ذلك أجدر بصباحة الخط?.

وقال عليه السلام: ?أطع من فوقك يطعك من دونك، وأصلح سريرتك يصلح الله علانيتك?.

وقال عليه السلام: ?آفة الأعمال عجز العمال?.

وقال عليه السلام: ?تولي الأراذل والأحداث الدول دليل انحلالها وإدبارها?.

وقال عليه السلام: ?شر الولاة من يخافه البري ء?.

وقال عليه السلام: ?شر الوزراء من كان للأشرار وزيراً?.

وقال عليه السلام: ?كذب السفير يولد الفساد، ويفوت المراد، ويبطل الحزم، وينقض العزم?.

وقال عليه السلام: ?من خانه وزيره فسد تدبيره?.

وقال عليه السلام: ?وزراء السوء أعوان الظلمة وإخوان الأثمة?.

وقال عليه السلام: ?طلب السلطان من خداع الشيطان?.

الفصل السابع: آفات الحكومة()

البغي:

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?آفة الاقتدار البغي والعتو?.

وقال عليه السلام: ?ألأم البغي عند القدرة?.

وقال عليه السلام: ?الأمل يخدع، البغي يصرع?.

وقال عليه السلام: ?البغي يسلب النعمة?.

وقال عليه السلام: ?البغي يوجب الدمار?.

وقال عليه السلام: ?البغي يصرع الرجال ويدني الآجال?.

وقال عليه السلام: ?إياكم وصرعات البغي، وفضحات الغدر، وإثارة كامن الشر المذمم?.

وقال عليه السلام: ?إذا استشاط السلطان تسلط الشيطان?.

وقال عليه السلام: ?للباغي صرعة?.

وقال عليه السلام: ?من نال استطال?.

وقال عليه السلام: ?من بغي كسر?.

وقال عليه السلام: ?من بغي عجلت هلكته?.

وقال عليه

السلام: ?من سل سيف البغي غمد في رأسه?.

وقال عليه السلام: ?ما أعظم عقاب الباغي?.

وقال عليه السلام: ?ما أسرع صرعة الطاغي?.

وقال عليه السلام: ?ما أعظم وزر من ظلم واعتدي، وتجبر وطغي?.

وقال عليه السلام: ?ما أقرب النقمة من أهل البغي والعدوان?.

وقال عليه السلام: ?ويل للباغين من أحكم الحاكمين وعالم ضمائر المضمرين?.

وقال عليه السلام: ?لا ظفر مع بغي?.

الانتقام:

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?دع الانتقام فإنه من أسوء أفعال المقتدر، ولقد أخذ بجوامع الفضل من رفع نفسه عن سوء المجازاة?.

وقال عليه السلام: ?أقبح أفعال المقتدر الانتقام?.

وقال عليه السلام: ?المبادرة إلي الانتقام من شيم اللئام?.

وقال عليه السلام: ?سوء العقوبة من لؤم الظفر?.

وقال عليه السلام: ?من انتقم من الجاني أبطل فضله في الدنيا وفاته ثواب الآخرة?.

وقال عليه السلام: ?لا سؤدد مع انتقام?.

التكبر:

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?آفة الرئاسة الفخر?.

وقال عليه السلام: ?الهيبة مقرونة بالخيبة?.

وقال عليه السلام: ?قرنت الهيبة بالخيبة?.

وقال عليه السلام: ?التكبر في الولاية ذل في العزل?.

وقال عليه السلام: ?من تكبر في سلطانه صغره?.

وقال عليه السلام: ?من تكبر في ولايته كثر عند عزله (غزله) ذلته?.

وقال عليه السلام: ?من اختال في ولايته أبان عن حماقته?.

الظلم والجور:

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?آفة العمران جور السلطان?.

وقال عليه السلام: ?بئس السياسة الجور?.

وقال عليه السلام: ?القدرة يزيلها العدوان?.

وقال عليه السلام: ?في احتقاب المظالم زوال القدرة?.

وقال عليه السلام: ?من جارت أقضيته (قضيته) زالت قدرته?.

وقال عليه السلام: ?من طال عدوانه زال سلطانه?.

وقال عليه السلام: ?من جارت ولايته زالت دولته?.

وقال عليه السلام: ?من عامل رعيته بالظلم أزال الله ملكه وعجل بواره وهلكه (هلاكه)?.

وقال عليه السلام: ?الظلم بوار الرعية?.

وقال عليه السلام: ?في الجور هلاك الرعية?.

وقال عليه السلام: ?راكب الظلم يدركه البوار?.

وقال عليه السلام: ?ليس شيء أفسد للأمور ولا أبلغ في

هلاك الجمهور من الشر?.

وقال عليه السلام: ?من جار ملكه عظم هلكه?.

وقال عليه السلام: ?من جار في سلطانه وأكثر عدوانه، هدم الله بنيانه وهد أركانه?.

وقال عليه السلام: ?من جار في سلطانه وعد من عوادي زمانه?.

وقال عليه السلام: ?للظالم انتقام?.

وقال عليه السلام: ?السلطان الجائر يخيف البريء?.

وقال عليه السلام: ?بئس الظلم ظلم المستسلم?.

وقال عليه السلام: ?قلوب الرعية خزائن راعيها فما أودعها من عدل أو جور وجده?.

وقال عليه السلام: ?من ظلم رعيته نصر أضداده?.

وقال عليه السلام: ?ما جار شريف?.

الاستبداد:

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?بئس الاستعداد الاستبداد?.

وقال عليه السلام: ?لله سبحانه حكم بين في المستأثر والجازع?.

وقال عليه السلام: ?من ملك استأثر?.

وقال عليه السلام: ?من قنع برأيه فقد هلك?.

وقال عليه السلام: ?من استغني بعقله ضل?.

وقال عليه السلام: ?من استبد برأيه زل?.

وقال عليه السلام: ?من استبد برأيه خفت وطأته علي أعدائه?.

وقال عليه السلام: ?من استبد برأيه (فقد) خاطر وغرر?.

آفات متفرقة:

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?آفة الملك سوء السيرة?.

وقال عليه السلام: ?آفة الوزراء خبث السريرة?.

وقال عليه السلام: ?آفة الزعماء ضعف السياسة?.

وقال عليه السلام: ?آفة الرعية مخالفة الطاعة?.

وقال عليه السلام: ?آفة القوي استضعاف الخصم?.

وقال عليه السلام: ?آفة العدول قلة الورع?.

وقال عليه السلام: ?آفة الملك ضعف الحماية?.

وقال عليه السلام: ?آفة القدرة منع الإحسان?.

وقال عليه السلام: ?الدولة ترد خطأ صاحبها صواباً، وصواب ضده خطاء?.

وقال عليه السلام: ?إذا زادك السلطان تقريباً فزده إجلالاً?.

وقال عليه السلام: ?ثلاثة مهلكة: الجرأة علي السلطان، وائتمان الخوان، وشرب السم للتجربة?.

الفصل الثامن: في الحاكم والحكومة الجائرة()

ذم الحكومة الجائرة:

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?أقبح شيء جور الولاة?.

وقال عليه السلام: ?السلطان الجائر والعالم الفاجر أشد الناس نكاية?.

وقال عليه السلام: ?الجائر ممقوت مذموم وإن لم يصل من جوره إلي ذامه شيء، والعادل ضد ذلك?.

وقال عليه السلام:

?أحق الناس أن يحذر السلطان الجائر، والعدو القادر، والصديق الغادر?.

وقال عليه السلام: ?آفة العدل الظالم القادر?.

وقال عليه السلام: ?إذا فسد الزمان ساد اللئام?.

وقال عليه السلام: ?دولة الجاهل كالغريب المتحرك إلي النقلة?.

وقال عليه السلام: ?دولة الجائر من الممكنات?.

وقال عليه السلام: ?دولة الأوغاد مبنية علي الجور والفساد?.

وقال عليه السلام: ?دول اللئام من نوائب الأيام?.

وقال عليه السلام: ?زمان الجائر شر الأزمنة?.

وقال عليه السلام: ?سبع أكول حطوم خير من وال ظلوم غشوم?.

وقال عليه السلام: ?شر الملوك من خالف العدل?.

وقال عليه السلام: ?شر الأمراء من كان الهوي عليه أميراً?.

وقال عليه السلام: ?شر الأمراء من ظلم رعيته?.

وقال عليه السلام: ?غضب الملوك رسول الموت?.

وقال عليه السلام: ?فقدان الرؤساء أهون من رئاسة السفل?.

وقال عليه السلام: ?ويل لمن ساءت سيرته، وجارت ملكته، وتجبر واعتدي?.

وقال عليه السلام: ?ولاة الجور شرار الأمة وأضداد الأئمة?.

وقال عليه السلام: ?لا جور أفظع (أقطع) من جور حاكم?.

وقال عليه السلام: ?لا خير في حكم جائر?.

وقال عليه السلام: ?مجاملة أعداء الله في دولتهم تقية (تقاة) من عذاب الله وحذر من معارك البلاء في الدنيا?.

وقال عليه السلام: ?مجاهدة الأعداء في دولتهم ومناضلتهم مع قدرتهم ترك لأمر الله وتعرص لبلاء الدنيا?.

وقال عليه السلام: ?لئن أمر الباطل لقديماً فعل، لئن قل الحق لربما ولعل، لقلما أدبر شيء فأقبل?.

وقال عليه السلام: ?أمارات الدول إنشاء (إنساء) الحيل?.

وقال عليه السلام: ?من آثر رضا رب قادر فليتكلم بكلمة عدل عند سلطان جائر?.

آثار الحكومة الجائرة:

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?يأتي علي الناس زمان لا يقرب فيه إلا الماحل، ولا يستظرف فيه إلا الفاجر، ولا يضعف فيه إلا المنصف، يعدون الصدقة غرماً، وصلة الرحم مناً، والعبادة استطالة علي الناس، ويظهر عليهم الهوي ويخفي بينهم الهدي?.

وقال عليه السلام: ?الملوك (الملول) لا مودة

له?.

وقال عليه السلام: ?الأمير السوء يصطنع البذي?.

وقال عليه السلام: ?المتجبر (المتجر) الظالم توبقه آثامه?.

وقال عليه السلام: ?الظالم طاغ ينتظر (ينظر) إحدي النقمتين?.

وقال عليه السلام: ?استكانة الرجل في العزل بقدر شره (أثره) في الولاية?.

وقال عليه السلام: ?إذا ملك الأراذل هلك الأفاضل?.

وقال عليه السلام: ?إذا استولي اللئام اضطهد الكرام?.

وقال عليه السلام: ?إذا ساد السفل خاب الأمل?.

وقال عليه السلام: ?دولة اللئام مذلة الكرام?.

وقال عليه السلام: ?دول الفجار مذلة الأبرار?.

وقال عليه السلام: ?دول الأشرار محن الأخيار?.

وقال عليه السلام: ?راكب الظلم يكبو به مركبه?.

وقال عليه السلام: ?سلطان الجاهل يبدي معايبه?.

وقال عليه السلام: ?طاعة الجور توجب الهلك وتأتي علي الملك?.

وقال عليه السلام: ?ظلم المرء يوبقه ويصرعه?.

وقال عليه السلام: ?للظالم بكفه عضة?.

وقال عليه السلام: ?من عمل بالجور عجل الله هلكه?.

وقال عليه السلام: ?من جار ملكه تمن الناس هلكه?.

وقال عليه السلام: ?من سل السيف العدوان سلب عز السلطان?.

وقال عليه السلام: ?لا يكون العمران حيث يجور السلطان?.

انتهي ما رويناه من كتاب (غرر الحكم ودرر الكلم) عن مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام.

من هدي القرآن الحكيم

علي القائد أن يكون عادلاًً قبل كل شيء:

قال الله تعالي: ?إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلي أَهْلِها وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً?().

وقال سبحانه: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَي أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوي?().

وقال عزوجل: ?إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبَي وَيَنْهَي عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ?().

وقال جل وعلا: ?وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللهُ رَبُّنا

وَرَبُّكُمْ?().

القائد من الناس وإليهم ومعهم:

قال الله تعالي: ?لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ

وَالْحِكْمَةَ?().

وقال سبحانه: ?فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ?().

وقال عز وجل: ?وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ?().

وقال جل وعلا: ?وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ?().

وقال الله تعالي: ?نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ?().

مؤهلات القائد:

1) الإيمان:

قال سبحانه: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ?().

2) الكمال في العلم والجسم:

قال عزوجل: ?إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ?().

3) الأمانة:

قال جل وعلا: ?قَالَ اجْعَلْنِي عَلَي خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ?().

4) هداية الناس إلي النجاة:

قال الله تعالي: ?وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ?().

5) الصبر الكبير:

قال سبحانه: ?وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ?().

من صفات القيادة الباطلة:

1) حب النفس:

قال عزوجل: ?وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ?().

2) إضلال الناس:

قال جل وعلا: ?وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَي الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ?().

3) الإفساد وإذلال الناس وسفك دمائهم بغير حق:

قال الله تعالي: ?إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ?().

4) الاستبداد بالرأي:

قال سبحانه: ?قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَي وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ?().

5) اتخاذ عباد الله خولاًً وما الله دولاًً:

قال الله سبحانه: ?أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي?().

من هدي السنة المطهرة

علي القائد أن يكون عادلاًً قبل كل شيء:

قال النبي الأعظم صلي الله

عليه و اله: ?عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة، قيام ليلها وصيام نهارها، وجور ساعة في حكم أشد وأعظم عند الله من معاصي ستين سنة?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?ستة أشياء حسن ولكن من ستة أحسن: العدل حسن وهو من الأمراء أحسن … ? ().

وقال الإمام الصادق صلي الله عليه و اله: ?اتقوا الله واعدلوا؛ فإنكم تعيبون علي قوم لا يعدلون?().

القائد من الناس وإليهم ومعهم:

عن أبي ذر قال: كان رسول الله صلي الله عليه و اله يجلس بين ظهراني أصحابه فيجئ الغريب فلا يدري أيهم هو، حتي يسأل، فطلبنا إلي النبي صلي الله عليه و اله أن يجعل مجلساً يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دكاناً من طين، فكان يجلس عليه، ونجلس بجانبيه().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?.. ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلي تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطاناً وحولي بطونٌ غرثي وأكبادٌ حري، أو أكون كما قال القائل:

وحسبك داء أن تبيت ببطنة وحولك أكبادٌ تحن إلي القد

أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش..? ().

وقال عليه السلام في كتابه إلي الأشتر النخعي (رضوان الله عليه):

?.. واجعل لذوي الحاجات منك قسماً تفرغ لهم فيه شخصك! وتجلس لهم مجلساً عاماً فتتواضع فيه لله الذي خلقك، وتقعد عنهم جندك وأعوانك من أحراسك، وشرطك حتي يكلمك متكلمهم غير متتعتع؛ فإني سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول في غير موطن: لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متتعتع … ? ().

من صفات

القائد:

قال رسول الله صلي الله عليه و اله في وصيته لمعاذ بن جبل لما بعثه إلي اليمن: ?.. وأوصيك بتقوي الله، وصدق الحديث، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، ولين الكلام، وبذل السلام، وحفظ الجار، ورحمة اليتيم، وحسن العمل، وقصر الأمل، وحب الآخرة، والجزع من الحساب، ولزوم الإيمان، والفقه في القرآن … ?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه إلي أهل مصر، لما ولي عليهم الأشتر: ?..أما بعد فقد بعثت إليكم عبداً من عباد الله، لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء ساعات الروع..? ().

وقال الإمام زين العابدين عليه السلام: ?.. وأقم به كتابك وحدودك وشرائعك وسنن رسولك (صلواتك اللهم عليه وآله) وأحي به ما أماته الظالمون من معالم دينك.. وأمحق به بغاة قصدك عوجاً، وألن جانبه لأوليائك، وأبسط يده علي أعدائك..? ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?.. يحقن الله عزوجل به الدماء، ويصلح به ذات البين، ويلم به الشعث، ويشعب به الصدع، ويكسو به العاري، ويشبع به الجائع، ويؤمن به الخائف.. ?().

ما يجب علي القائد أن يتجنبه:

قال أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه للأشتر النخعي لما ولاه مصر: ?.. إياك ومساماة الله في عظمته، والتشبه به في جبروته، فإن الله يذل كل جبار، ويهين كل مختال..? ().

وقال عليه السلام أيضاً في الكتاب المذكور: ?.. وإياك والإعجاب بنفسك، والثقة بما يعجبك منها، وحب الإطراء، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه..? ().

وقال أيضاً في الكتاب المذكور: ?.. وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم.. أنصف الله وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك ومن لك هوي من رعيتك … وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في

الحق وأعمها في العدل، وأجمعها لرضا الرعية … إياك والدماء وسفكها بغير حلها، فإنه ليس شيء أدعي لنقمة، ولا أعظم لتبعة، ولا أحري بزوال نعمة، وانقطاع مدة، من سفك الدماء بغير حقها … ? ().

پي نوشتها

() مستدرك الوسائل: ج11 ص187 ب6 ح12701.

() سورة القلم: 4.

() بحار الأنوار: ج68 ص382 ب92 ضمن ح17.

() تفسير مجمع البيان: ج10 ص86 سورة القلم.

() تفسير مجمع البيان: ج10 ص86 سورة القلم.

() الكافي: ج2 ص56 باب المكارم ح3.

() وسائل الشيعة: ج15 ص183 ب4 ح20230.

() سورة آل عمران: 110.

() المناقب لابن شهر آشوب: ج4 ص130 فصل في المقدمات.

() سورة الأحزاب: 21.

() تفسير مجمع البيان: ج8 ص144 سورة الأحزاب.

() سورة طه: 124.

() سورة البقرة: 38.

() سورة آل عمران: 68.

() سورة الأعراف: 3.

() سورة يس: 20.

() أعلام الدين: ص400 باب ما جاء من عقاب الأعمال.

() أي الكتب السماوية التي أنزلها الله علي الأنبياء عليهم السلام.

() أعلام الدين: ص400 باب ما جاء من عقاب الأعمال.

() سورة النساء: 59.

() رجال الكشي: ص424- 426 في أبي اليسع عيسي بن السري ح799.

() وسائل الشيعة: ج9 ص553 ب4 ح12695.

() وسائل الشيعة: ج3 ص229 ب60 ح3483.

() وسائل الشيعة: ج3 ص230 ب60 ح3484.

() مستدرك الوسائل: ج11 ص29 ب8 ح12353.

() تهذيب الأحكام: ج3 ص56 ب3 ح106.

() من لا يحضره الفقيه: ج1 ص378 باب الجماعة وفضلها ح1102.

() قمش جهلا: أي جمعه.

() جمع غبش، وأغباش الليل: بقايا ظلمته.

() نهج البلاغة، الخطب: 17 من كلام له عليه السلام في صفة من يتصدي للحكم بين الأمة وليس لذلك بأهل.

() من لا يحضره الفقيه: ج1 ص377 باب الجماعة وفضلها ح1100.

() سورة آل عمران: 159.

() نهج البلاغة، قصار الحكم: 211.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص442 ق6 ب4 ف1

ح10069.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص442 ق6 ب4 ف1 ح10071.

() سورة الزمر: 65.

() سورة الروم: 60.

() بحار الأنوار: ج41 ص49 ب104 ضمن ح1.

() سورة الأحزاب: 9 11.

() بحار الأنوار: ج20 ص216-218 ب17 ح3.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص442 ق6 ب4 ف1 ح10064.

() سورة القصص: 83.

() الكافي: ج2 ص123 باب التواضع ح9.

() الناضح: البعير أو الثور أو الحمار الذي يستقي عليه الماء، والأنثي بالهاء ناضحة. لسان العرب: ج2 ص619 مادة ?نضح?.

() الردف: ما تبع الشيء، والراكب خلفك، وردفته إذا ركبت خلفه.

() مكارم الأخلاق: ص20 ب1 ف2 في الرفق بأمته.

() هو مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن سلمة بن ربيعة ين حذيمة بن سعد بن مالك بن النخع، وكان حارساً شجاعاً رئيساً من أكابر الشيعة وعظمائها، شديد التحقق بولاء أمير المؤمنين عليه السلام ونصره، وقال الإمام فيه بعد موته: ?يرحم الله مالكاً فلقد كان لي كما كنت لرسول الله صلي الله عليه و اله?. ولقد قاتل مع أمير المؤمنين عليه السلام في جميع حروبه من الجمل إلي صفين إلي النهروان، وهو صاحب العهد الذي كتبه الإمام عليه السلام له حين ولاه مصر وقال فيه: ?أما بعد، فقد وجهت إليكم عبداً من عباد الله لا ينام أيام الخوف ولا ينكل عن الأعداء، حذار الدوائر أشد علي الكفار من حريق النار، وهو مالك بن الحارث الأشتر أخو مذحج، فاسمعوا له وأطيعوا، فإنه سيف من سيوف الله لا نابي الضريبة ولا كليل الحد، فإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، وإن أمركم أن تنفروا فانفروا، وإن أمركم أن تحجموا فاحجموا؛ فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري وقد آثرتكم به علي نفسي؛ لنصيحته وشدة شكيمته علي عدوه، عصمكم الله بالحق وثبتكم

باليقين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته?.

وعن صعصعة بن صوحان قال: فلما بلغ علياً عليه السلام موت الأشتر قال: ?إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين، اللهم إني أحتسبه عندك، فإن موته من مصائب الدهر، فرحم الله مالكاً فقد وفي بعهده وقضي نحبه ولقي ربه، مع أنا قد وطنا أنفسنا علي أن نصبر علي كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله صلي الله عليه و اله فإنها أعظم المصائب?. الغارات: ص166 خبر قتل الأشتر. وانظر بحار الأنوار: ج42 ص176 ب124 ضمن ح35.

() مستدرك الوسائل: ج13 ص149 ب42 ح 15018. وشبهه في نهج البلاغة، الرسائل: 53 من كتاب له عليه السلام كتبه للأشتر النخعي لما ولاه علي مصر وأعمالها.

() صغوك إليه: ميلك إليه. كتاب العين: ج4 ص432 مادة ?صغو?.

() تغاب: تغافل.

() يضح: يظهر.

() نهج البلاغة، الرسائل: 53 من كتاب له عليه السلام كتبه للأشتر النخعي لما ولاه علي مصر وأعمالها.

() نهج البلاغة، الرسائل: 53 من كتاب له عليه السلام كتبه للأشتر النخعي لما ولاه علي مصر وأعمالها.

() سورة إبراهيم: 5.

() سورة الحج: 25.

() نهج البلاغة، الكتب: 67 من كتاب له عليه السلام إلي قثم بن العباس وهو عامله علي مكة.

() نهج البلاغة، الكتب: 46 من كتاب له عليه السلام إلي بعض عماله.

() هو الشيخ محمد تقي بن الميرزا محب علي بن أبي الحسن الميرزا محمد علي الحائري الشيرازي، زعيم الثورة العراقية ثورة العشرين، ولد بشيراز عام

(1256ه) ونشأ في كربلاء المقدسة، فقرأ فيها الأوليات ومقدمات العلوم، وحضر علي أفاضلها حتي برع وكمل، فهاجر إلي سامراء في أوائل المهاجرين، فحضر علي المجدد الكبير الشيرازي رحمة الله عليه حتي صار من أجلاء تلاميذه وأركان بحثه، وبعد أن توفي أستاذه

الجليل تعين للخلافة بالاستحقاق والأولوية والانتخاب، فقام بالوظائف من الإفتاء والتدريس وتربية العلماء. ولم تشغله مرجعيته العظمي وأشغاله الكثيرة عن النظر في أمور الناس خاصهم وعامهم، وحسبك من أعماله الجبارة موقفه الجليل في الثورة العراقية، وإصداره تلك الفتوي الخطيرة التي أقامت العراق وأقعدته لما كان لها من الوقع العظيم في النفوس. وهذا نص الفتوي: (مطالبة الحقوق واجبة علي العراقيين ويجب عليهم في ضمن مطالبتهم رعاية السلم والأمن، ويجوز لهم التوسل بالقوة الدفاعية إذا امتنع الإنجليز عن قبول مطالبهم). فهو ? فدي استقلال العراق بنفسه وأولاده وكان أفتي من قبل بحرمة انتخاب غير المسلم. وكان العراقيون طوع إرادته لا يصدرون إلا عن رأيه، وكانت اجتماعاتهم تعقد في بيته بكربلاء المقدسة. توفي ? في الثالث عشر من ذي الحجة عام (1338ه) مسموماً ودفن في الصحن الحسيني الشريف ومقبرته فيه مشهورة.

() نهر الحسينية المتفرع من نهر الفرات وهو النهر الذي يسقي كربلاء المقدسة.

() الخصال: ج2 ص490 أبواب الإثني عشر ح69.

() المناقب: ج2 ص106 في المسابقة في التواضع.

() اللكز: الضرب بالجمع علي الصدر، يقال: لكزه لكزاً من باب قتل: ضربه بجمع كفه في صدره، ويقال: اللكز الضرب بجميع الجسد. مجمع البحرين:

ج4 ص33 مادة ? لكز?.

() بحار الأنوار: ج41 ص48 ب104 ح1.

() نهج البلاغة، الرسائل: 53 من كتاب له عليه السلام كتبه للأشتر النخعي لما ولاه علي مصر وأعمالها.

() الكافي: ج4 ص218 باب ورود تبع وأصحاب الفيل البيت.. وهدم قريش الكعبة وبنائهم إياها ح4.

() سورة العلق: 6- 7.

() الكافي: ج2 ص453 باب محاسبة العمل ح2.

() الكافي: ج2 ص454 باب محاسبة العمل ح7.

() سورة المعارج: 4.

() تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص145.

() سورة طه: 44.

() تفسير نور الثقلين: ج4 ص415 416.

()

بحار الأنوار: ج14 ص287 ب21 ح10.

() نهج البلاغة، الرسائل: 53 من كتاب له عليه السلام كتبه للأشتر النخعي لما ولاه علي مصر وأعمالها.

() وسائل الشيعة: ج29 ص12 ب1 ح35026.

() وسائل الشيعة: ج29 ص13 ب1 ح35029.

() سورة المائدة: 32.

() بحار الأنوار: ج28 ص87 88 ب3 ح3.

() الخرائج والجرائح: ج1 ص199 ب2.

() بحار الأنوار: ج97 ص365-366 ب5. وانظر الاحتجاج: ج1 ص161 احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام علي الزبير بن العوام وطلحة بن عبد الله لما أزمعا علي الخروج عليه.

() الإرشاد، للشيخ المفيد: ج1 ص315.

() الجمل، للشيخ المفيد: ص268 خطبة أخري لأمير المؤمنين عليه السلام بذي قار.

() بحار الأنوار: ج31 ص310 ب114.

() الكافي: ج5 ص27 28 باب وصية رسول الله صلي الله عليه و اله وأمير المؤمنين عليه السلام في السرايا ح1.

() نهج البلاغة، الرسائل: 14 من وصية له عليه السلام لعسكره قبل لقاء العدو بصفين.

() مستدرك الوسائل: ج11 ص50 ب21 ح12406.

() الكافي: ج5 ص28 باب وصية رسول الله صلي الله عليه و اله وأمير المؤمنين عليه السلام في السرايا ح4.

() الكافي: ج5 ص36 باب الدعاء إلي الإسلام قبل القتال ح1.

() الصحيفة السجادية: الدعاء 20 وكان من دعائه عليه السلام في مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص331 ق4 ب1 ف1 ح7613-7630.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص339-340 ق4 ب2 ف1 ح7729-7779.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص340-341 ق4 ب2 ف2 ح7780-7794.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص341 ق4 ب2 ف3 ح7795-7813.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص342 ق4 ب2 ف4 ح7814-7834.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص342-345 ق4 ب2 ف5 ح7835-7919.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص345 ق4 ب2 ف6 ح7920-7931.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص345-347 ق4 ب2 ف7 ح7932-8003.

() غرر

الحكم ودرر الكلم: ص347-348 ق4 ب2 ف8 ح8004-8050.

() سورة النساء: 58.

() سورة المائدة: 8.

() سورة النحل: 90.

() سورة الشوري: 15.

() سورة آل عمران: 164.

() سورة آل عمران: 159.

() سورة التوبة: 61.

() سورة الشعراء: 215.

() سورة ق: 45.

() سورة المائدة: 55.

() سورة البقرة: 247.

() سورة يوسف: 55.

() سورة غافر: 38.

() سورة السجدة: 24.

() سورة البقرة: 206.

() سورة البقرة: 257.

() سورة القصص: 4.

() سورة غافر: 29.

() سورة الزخرف: 51.

() جامع الأخبار: ص154 ف116 في الظلم.

() إرشاد القلوب: ج1 ص193 ب52.

() الكافي: ج2 ص147 باب الإنصاف والعدل ح14.

() مكارم الأخلاق: ص16 ب1 ف2.

() نهج البلاغة، الرسائل: 45 من كتاب له عليه السلام إلي عثمان بن حنيف الأنصاري وكان عامله علي البصرة.

() نهج البلاغة، الرسائل: 53 من كتاب له عليه السلام كتبه للأشتر النخعي لما ولاه علي مصر وأعمالها.

() تحف العقول: ص26 وصيته صلي الله عليه و اله لمعاذ بن جبل لما بعثه إلي اليمن.

() نهج البلاغة، الرسائل: 38 من كتاب له عليه السلام إلي أهل مصر لما ولي عليهم الأشتر.

() الصحيفة السجادية: الدعاء 47 وكان من دعائه عليه السلام في يوم عرفة.

() الكافي: ج1 ص314 كتاب الحجة باب الإشارة والنص علي الإمام الرضا عليه السلام ح14.

() نهج البلاغة، الرسائل: 53 من كتاب له عليه السلام كتبه للأشتر النخعي لما ولاه علي مصر وأعمالها.

() نهج البلاغة، الرسائل: 53 من كتاب له عليه السلام كتبه للأشتر النخعي لما ولاه علي مصر وأعمالها.

() نهج البلاغة، الرسائل: 53 من كتاب له عليه السلام كتبه للأشتر النخعي لما ولاه علي مصر وأعمالها.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.