طريق النزاهة

اشارة

اسم الكتاب: طريق النزاهة

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت لبنان

تاريخ الطبع: 1422 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

قَدْ أَفْلَحَ

مَنْ زَكَّاهَا

وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا

صدق الله العلي العظيم

سورة الشمس: 9-10

كلمة الناشر

إن الظروف العصيبة التي تمر بالعالم..

والمشكلات الكبيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية..

والمعاناة السياسية والاجتماعية التي نقاسيها بمضض..

وفوق ذلك كله الأزمات الروحية والأخلاقية التي يئن من وطأتها العالم أجمع..

والحاجة الماسة إلي نشر وبيان مفاهيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العميقة التي تلازم الإنسان في كل شؤونه وجزئيات حياته وتتدخل مباشرة في حل جميع أزماته ومشكلاته في الحرية والأمن والسلام وفي كل جوانب الحياة..

والتعطش الشديد إلي إعادة الروح الإسلامية الأصيلة إلي الحياة، وبلورة الثقافة الدينية الحيّة، وبث الوعي الفكري والسياسي في أبناء الإسلام كي يتمكنوا من رسم خريطة المستقبل المشرق بأهداب الجفون وذرف العيون ومسلات الأنامل..

كل ذلك دفع المؤسسة لأن تقوم بإعداد مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها سماحة المرجع الديني الأعلي آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) في ظروف وأزمنة مختلفة، حول مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، وقمنا بطباعتها مساهمة منا في نشر الوعي الإسلامي، وسدّاً لبعض الفراغ العقائدي والأخلاقي لأبناء المسلمين من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مجيد..

وذلك انطلاقاً من الوحي الإلهي القائل:

?لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ?().

الذي هو أصل عقلائي عام يرشدنا إلي وجوب التفقه في الدين وانذار الأمة، ووجوب رجوع الجاهل إلي العالم في معرفة أحكامه في كل مواقفه وشؤونه..

كما هو تطبيق عملي وسلوكي للآية الكريمة:

?فَبَشِّرْ عِبَادِ ? الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُوا الأَلْبَابِ?().

ان مؤلفات سماحة آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) تتسم

ب:

أولاً: التنوّع والشمولية لأهم أبعاد الإنسان والحياة لكونها إنعكاساً لشمولية الإسلام..

فقد أفاض قلمه المبارك الكتب والموسوعات الضخمة في شتي علوم الإسلام المختلفة، بدءاً من موسوعة الفقه التي تجاوزت حتي الآن المائة والخمسين مجلداً، حيث تعد إلي اليوم أكبر موسوعة علمية استدلالية فقهية مروراً بعلوم الحديث والتفسير والكلام والأصول والسياسة والاقتصاد والاجتماع والحقوق وسائر العلوم الحديثة الأخري.. وانتهاءً بالكتب المتوسطة والصغيرة التي تتناول مختلف المواضيع والتي قد تتجاوز بمجموعها ال(1500) مؤلفاً.

ثانياً: الأصالة حيث إنها تتمحور حول القرآن والسنة وتستلهم منهما الرؤي والأفكار.

ثالثاً: المعالجة الجذرية والعملية لمشاكل الأمة الإسلامية ومشاكل العالم المعاصر.

رابعاً: التحدث بلغة علمية رصينة في كتاباته لذوي الاختصاص ك(الأصول) و(القانون) و(البيع) وغيرها، وبلغة واضحة يفهمها الجميع في كتاباته الجماهيرية وبشواهد من مواقع الحياة.

هذا ونظراً لما نشعر به من مسؤولية كبيرة في نشر مفاهيم الإسلام الأصيلة قمنا بطبع ونشر هذه السلسلة القيمة من المحاضرات الإسلامية لسماحة المرجع (دام ظله) والتي تقارب التسعة آلاف محاضرة ألقاها سماحته في فترة زمنية قد تتجاوز الأربعة عقود من الزمن في العراق والكويت وإيران..

نرجو من المولي العلي القدير أن يوفقنا لإعداد ونشر ما يتواجد منها، وأملاً بالسعي من أجل تحصيل المفقود منها وإخراجه إلي النور، لنتمكن من إكمال سلسلة إسلامية كاملة ومختصرة تنقل إلي الأمة وجهة نظر الإسلام تجاه مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية الحيوية بأسلوب واضح وبسيط.. إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص ب 6080 / 13 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@alshirazi.com

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين().

في البدء

جاء في كتاب (التوحيد) للشيخ الصدوق (قدس سره)، عن النبي صلي الله عليه و اله قال:

«قال الله جل جلاله لموسي: يا موسي، لو أن السماوات وعامريهن والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله» ().

بمعني، أن السموات والأرض لو وضعتا في كفة ميزان، ووضعت في كفته الأخري كلمة لا إله إلا الله، لكانت كلمة لا إله إلا الله أثقل في الميزان، وهذا علي سبيل التشبيه؛ وإلا فان في منطق الواقع لا يمكن أن تقاس المعنويات بالماديات، أو توضع المعنويات مقابل الماديات في ميزان؛ لأن المادة لها حجم ومكان وزمان وغير ذلك، فهي لا توزن ولا تقاس إلا بالمقياس المادي.

أما المعنويات، فهي حقائق مجردة عن مظاهر المادة من الحجم والمكان وغير ذلك، فلا يمكن أن تقاس بمقياس المادة لعدم السنخية بين الشيئين.

نعم، المعنويات تحس وتدرك بالحواس الباطنة للإنسان.

المعنويات وأثرها علي الماديات

ينقل المرحوم الوالد (قده)(): إن الألمان جاءوا ذات مرة إلي العراق من أجل القيام بالحفر والتنقيب عن الآثار القديمة في سامراء، فاستأجروا مجموعة من العمال لغرض القيام بالحفر، وكان من بين العمال شخص فقير الحال، وعند المباشرة بالتنقيب والحفر عثر هذا الشخص فجأة علي قطعة من الجواهر الثمينة بحجم بيضة الدجاجة، فذهب بها إلي بغداد لبيعها دون أن يخبر بها أحداً، فباعها بخمسين ألف روبية()، بحيث صار في ذلك الحين من التجار المعروفين في البلاد، فبالرغم من أن هذه القطعة من الجواهر الصغيرة جداً مادياً ولم يكن لها وزن محسوس، لكنها تميزت بقدمها وتراثها وتمثيلها لحضارة عريقة، فأعطتها ثقلاً معنوياً، فارتفعت قيمتها وثمنها بهذا الشكل الباهظ.

فالمعنويات تعطي الشيء قيمة أكثر بكثير مما تعطيه الماديات، ومن هنا كان اعتقادنا أن الكلمة الطيبة «لا إله إلا الله» وان لم يكن لها ثقل مادي، إلا أنها تحمل قيمة

كبيرة جداً من ناحية الروح والمعنويات، وهكذا كل شيء، إذ وإن كانت صغيرة الحجم لكنها ذات قيمة عالية بل قد لا تقدر بثمن.

الروايات تؤكد ذلك

ومما يدل علي أهمية المعنويات، ما دل علي أنّ الأشياء العظيمة لا تحصل إلا بها.

روي في البحار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «أنه جاء أعرابي إلي النبي صلي الله عليه و اله فقال: يا رسول الله، هل للجنة من ثمن؟ قال صلي الله عليه و اله: نعم، قال: وما ثمنها؟ قال صلي الله عليه و اله: لا إله إلا الله يقولها العبد الصالح مخلصاً بها قال: وما إخلاصها؟ قال: العمل بما بعثت به في حقه وحب أهل بيتي، قال: فداك أبي وأمي وإن حب أهل البيت لمن حقّها؟ قال: إن حبهم لأعظم حقّها» ().

وفي رواية أخري، جاء رجل إلي رسول الله صلي الله عليه و اله قال: ما رأس العلم؟ قال: «معرفة الله حق معرفته..» ().

وعنه صلي الله عليه و اله قال: «ما من الكلام كلمة أحبّ إلي الله عزوجل من قول لا إله إلا الله، وما من عبد يقول: لا إله إلا الله يمدّ بها صوته فيفرغ إلا تناثرت ذنوبه تحت قدميه كما يتناثر ورق الشجر تحتها» ().

فالجنة وتناثر الذنوب لا تكون إلا بالأمور المعنوية فهذا يدل علي أهميتها؛ لأن هناك سنخية بين الأثر والمؤثر كما لا يخفي.

صفات العلماء العاملين

ثم من بعد أن ظهرت القيمة المعنوية نقول لطلاب علوم الدين:

إن النزاهة من الصفات التي يجب عليهم أن يوفروها في أنفسهم، كما يجب أن تتوفر فيهم الخفة وعدم التثاقل والتكاسل، بحيث يكون طالب العلم خفيفاً وذا همة عالية في أداء عمله ووظيفته، لا أن يكون ثقيلاً متثاقلاً كما عبر القرآن الكريم عن ذلك حيث قال تعالي: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَي الأرْضِ?() أي: أبطأتم

في أعمالكم.

والنزاهة بالمعني الأخلاقي تعني: أن لا يفعل الإنسان العمل القبيح، قلباً، وعيناً، وأذناً، وأنفاً وفماً، بل كل جوارحه وجوانحه لابد أن تكون نزيهة من فعل القبيح والمعصية.

طبعاً النزاهة الواقعية هي أمر مشكل جداً ويصعب الوصول إليها، لكن لابد من تحصيل ذلك ولا يمكن تحصيل النزاهة بالادعاء؛ إذ قد يكون يدعي ذلك وواقعه خال من أي نزاهة، ولا يلزم أن يظهر ذلك علي الآخرين حيث يخفي عليهم؛ لأن الحقيقة سوف تكشف في يوم من الأيام، وإن كان تمييز الحق من الباطل عملاً في غاية الصعوبة، إلا أنه ليس مستحيلاً، وقد قال تعالي: ?وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ?().

وقد جاء في الروايات(): أن الله ومنذ اليوم الأول لخلق الخلق خلط الحق والباطل ووضع الدنيا محلاً لهما، حتي يمتحن الناس بذلك، وإلا فإن لله القدرة بأن يعطي للناس القوة المميزة بين الحق والباطل، لكن إن تم ذلك لما كان هناك حاجة لامتحان الناس، وكانت فلسفة الاختيار تسقط لأن الناس أجمع كانوا يطلبون الحق حتي ذلك الشخص الذي يعمل خلاف الشرع يأتي في مقام إقامة الدليل بأدلة يعتقد أنها شرعية في غالب الأحيان، وان الله تعالي خاطبنا بقوله: ?الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ?().

فالآية الكريمة تخاطب جميع المكلفين من الناس، لأنهم محل الاختبار والامتحان الذي أشرنا له. فالعاملون بحقل الدين أكثر ابتلاءً بهذا الخطاب، فعليهم أن يكونوا أكثر صواباً وامتثالاً للأوامر واجتناباً عن النواهي، لتتوفر فيهم النزاهة الواقعية والروحية التي بها يتمكنون من توجيه الناس وإرشادهم.

وجاء في الروايات انه سُئل رسول الله صلي الله عليه و اله عن قوله تعالي: ?أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً? ما عني به؟ فقال: «يقول أيكم أحسن عقلاً» ثم قال

صلي الله عليه و اله: «أتمكم عقلاً وأشدكم لله خوفاً وأحسنكم فيما أمر الله به ونهي عنه نظراً وان كان أقلكم تطوعاً» ().

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «ليس يعني أكثركم عملاً ولكن أصوبكم عملاً، وإنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة ثم قال الإبقاء علي العمل حتي يخلص أشدُّ من العمل، والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عزوجل، والنية أفضل من العمل، ألا وإن النية هي العمل ثم تلا قوله عزوجل: ?قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَي شَاكِلَتِهِ?() يعني علي نيته» ().

النزاهة دروس وعبر

النزاهة عند النبي صلي الله عليه و اله والأئمة عليهم السلام

ولنا في رسول الله صلي الله عليه و اله والأئمة الأطهار عليهم السلام أسوة حسنة بالنزاهة الروحية والبساطة في العيش الواقعية لا التظاهرية، فقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: «فتأسّ بنبيّك الأطهر الأطيب صلي الله عليه و اله فإنّ فيه أسوةً لمن تأسّي، وعزاءً لمن تعزّي، وأحبّ العباد إلي اللّه تعالي المتأسّي بنبيّه، والمقتصّ لأثره، قضم الدّنيا قضماً، ولم يعرها طرقاً، أهضم أهل الدّنيا كشحاً، وأخمصهم من الدّنيا بطناً، عرضت عليه الدّنيا فأبي أن يقبلها، وعلم أنّ اللّه سبحانه أبغض شيئاً فأبغضه، وحقّر شيئاً فحقّره، وصغّر شيئاً فصغّره، ولو لم يكن فينا إلا حبّنا ما أبغض اللّه وتعظيمنا ما صغّر اللّه لكفي به شقاقاً للّه ومحاداةً عن أمر اللّه. ولقد كان صلي الله عليه و اله يأكل علي الأرض ويجلس جلسة العبد ويخصف بيده نعله ويرقع بيده ثوبه ويركب الحمار العاري ويردف خلفه، ويكون السّتر علي باب بيته فتكون فيه التّصاوير فيقول: يا فلانة لإحدي أزواجه، غيّبيه عنّي؛ فإنّي إذا نظرت إليه ذكرت الدّنيا وزخارفها. فأعرض

عن الدّنيا بقلبه وأمات ذكرها من نفسه، وأحبّ أن تغيب زينتها عن عينه؛ لكيلا يتّخذ منها رياشاً ولا يعتقدها قراراً، ولا يرجو فيها مقاماً، فأخرجها من النّفس وأشخصها عن القلب، وغيّبها عن البصر. وكذلك من أبغض شيئاً أبغض أن ينظر إليه، وأن يذكر عنده، ولقد كان في رسول اللّه صلي الله عليه و اله ما يدلّك علي مساوئ الدّنيا وعيوبها إذ جاع فيها مع خاصّته، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته.

فلينظر ناظرٌ بعقله، أ أكرم اللّه محمّداً صلي الله عليه و اله بذلك أم أهانه؟ فإن قال: أهانه، كذب وأتي بالإفك العظيم، وإن قال: أكرمه، فليعلم أنّ اللّه قد أهان غيره حيث بسط الدّنيا له وزواها عن أقرب النّاس، فتأسّي متأسّ بنبيّه واقتصّ أثره وولج مولجه، وإلا فلا يأمن الهلكة؛ فإنّ اللّه جعل محمّداً صلي الله عليه و اله علماً للسّاعة ومبشّراً بالجنّة و منذراً بالعقوبة، خرج من الدّنيا خميصاً وورد الآخرة سليماً لم يضع حجراً علي حجر حتّي مضي لسبيله وأجاب داعي ربّه إلي آخره» ().

وكان رسول اللّه صلي الله عليه و اله يعود المريض، ويتبع الجنازة، ويجيب دعوة المملوك، ويركب الحمار، وكان يوم خيبر ويوم قريظة والنّضير علي حمار مخطوم بحبل من ليف تحته إكافٌ من ليف.()

وروي عن أحد أصحاب الإمام علي عليه السلام سويد بن غفلة فقال: دخلت علي أمير المؤمنين عليه السلام بعد ما بويع بالخلافة وهو جالس علي حصير صغير وليس في البيت غيره فقلت:

يا أمير المؤمنين، بيدك بيت المال ولست أري في بيتك شيئاً مما يحتاج إليه البيت؟ فقال عليه السلام: «يا ابن غفلة ان البيت (العاقل) لا يتأثث في دار النقلة، ولنا داراً قد نقلنا إليها خير متاعنا،

وأنا عن قليل إليها صائرون» ().

و من كتاب له عليه السلام إلي عثمان بن حنيف الأنصاري، وكان عامله علي البصرة، وقد بلغه أنه دعي إلي وليمة قوم من أهلها، فمضي إليها فكتب عليه السلام إليه:

«أمّا بعد يا ابن حنيف، فقد بلغني أنّ رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلي مأدبة فأسرعت إليها، تستطاب لك الألوان، وتنقل إليك الجفان، وما ظننت أنّك تجيب إلي طعام قوم عائلهم مجفوٌّ، وغنيّهم مدعوٌّ فانظر إلي ما تقضمه من هذا المقضم فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه. ألا وإنّ لكلّ مأموم إماماً يقتدي به ويستضي ء بنور علمه، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفي من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه. ألا وإنّكم لا تقدرون علي ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفّة وسداد. فواللّه، ما كنزت من دنياكم تبراً ولا ادّخرت من غنائمها وفراً، ولا أعددت لبالي ثوبي طمراً، ولا حزت من أرضها شبراً، ولا أخذت منه إلا كقوت أتان دبرة، ولهي في عيني أوهي و أوهن من عفصة مقرة. بلي كانت في أيدينا فدكٌ من كلّ ما أظلّته السّماء، فشحّت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس قوم آخرين، ونعم الحكم اللّه، وما أصنع بفدك وغير فدك والنّفس مظانّها في غد جدثٌ، تنقطع في ظلمته آثارها، وتغيب أخبارها، وحفرةٌ لو زيد في فسحتها، وأوسعت يدا حافرها لأضغطها الحجر والمدر، وسدّ فرجها التّراب المتراكم، وإنّما هي نفسي أروضها بالتّقوي لتأتي آمنةً يوم الخوف الأكبر و تثبت علي جوانب المزلق، ولو شئت لاهتديت الطّريق إلي مصفّي هذا العسل، و لباب هذا القمح ونسائج هذا القزّ، ولكن هيهات، أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلي تخيّر الأطعمة ولعلّ بالحجاز أو اليمامة من

لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشّبع. أو أبيت مبطاناً وحولي بطونٌ غرثي وأكبادٌ حرّي أو أكون كما قال القائل:

وحسبك داءً أن تبيت ببطنة

وحولك أكبادٌ تحنّ إلي القدّ

أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدّهر أو أكون أسوةً لهم في جشوبة العيش؟

فما خلقت ليشغلني أكل الطّيّبات كالبهيمة المربوطة، همّها علفها، أو المرسلة شغلها تقمّمها، تكترش من أعلافها وتلهو عمّا يراد بها، أو أترك سدي أو أهمل عابثا، أو أجرّ حبل الضّلالة أو أعتسف طريق المتاهة.

وكأنّي بقائلكم يقول: إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضّعف عن قتال الأقران ومنازلة الشّجعان، ألا وإنّ الشّجرة البرّيّة أصلب عوداً و الرّواتع الخضرة أرقّ جلوداً والنّابتات العذية أقوي وقوداً و أبطأ خموداً. و أنا من رسول اللّه كالضّوء من الضّوء والذّراع من العضد، واللّه، لو تظاهرت العرب علي قتالي لما ولّيت عنها، ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها. وسأجهد في أن أطهّر الأرض من هذا الشّخص المعكوس و الجسم المركوس حتّي تخرج المدرة من بين حبّ الحصيد.

ومن هذا الكتاب و هو آخره :

إليك عنّي يا دنيا، فحبلك علي غاربك، قد انسللت من مخالبك، و أفلتّ من حبائلك، واجتنبت الذّهاب في مداحضك. أين القرون الّذين غررتهم بمداعبك، أين الأمم الّذين فتنتهم بزخارفك؟ فها هم رهائن القبور و مضامين اللّحود.

واللّه، لو كنت شخصاً مرئيّا وقالبا حسّيّا، لأقمت عليك حدود اللّه في عباد غررتهم بالأمانيّ، وأمم ألقيتهم في المهاوي، وملوك أسلمتهم إلي التّلف، وأوردتهم موارد البلاء، إذ لا ورد ولا صدر، هيهات من وطئ دحضك زلق، ومن ركب لججك غرق، ومن ازورّ عن حبائلك وفّق، والسّالم منك لا يبالي إن ضاق

به مناخه، والدّنيا عنده كيوم حان انسلاخه. اعزبي عنّي، فواللّه لا أذلّ لك فتستذلّيني، و لا أسلس لك فتقوديني، وأيم اللّه، يميناً أستثني فيها بمشيئة اللّه، لأروضنّ نفسي رياضةً تهشّ معها إلي القرص إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوماً، و لأدعنّ مقلتي كعين ماء نضب معينها، مستفرغةً دموعها، أتمتلئ السّائمة من رعيا فتبرك، وتشبع الرّبيضة من عشبها فتربض، ويأكل عليٌّ من زاده فيهجع، قرّت إذاً عينه، إذا اقتدي بعد السّنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة والسّائمة المرعيّة.

طوبي لنفس أدّت إلي ربّها فرضها، وعركت بجنبها بؤسها، وهجرت في اللّيل غمضها، حتّي إذا غلب الكري عليها افترشت أرضها، وتوسّدت كفّها في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم، وهمهمت بذكر ربّهم شفاههم، وتقشّعت بطول استغفارهم ذنوبهم، أولئك حزب اللّه ألا إنّ حزب اللّه هم المفلحون.

فاتّق اللّه يا ابن حنيف، ولتكفف أقراصك ليكون من النّار خلاصك» ().

القول مع العمل

روي عن أحد علماء شيراز: أن قسيساً جاء إلي شيراز لجذب الشباب المسلمين إلي المسيحية، وفعلاً استقطب عدداً من الشباب حوله.

يستمر ذلك العالم قائلاً: لقد تعجبت من عمل هذا المسيحي وأردت أن يكون لي لقاء معه؛ حتي أعرف السر الذي أدي إلي نجاحه في عمله، فذهبت إليه الساعة الثانية بعد الظهر، وعندما طرقت الباب وفتح الباب كان يرتدي ملابس النوم (بجامة)، ثم لما رآني بدا عليه الخجل من ارتدائه هذه الملابس أمام الضيف، فسارع إلي داخل المنزل ولبس لباساً آخر، وحينما دخلت المنزل تعجبت لبساطة المعيشة عند هذا الرجل، فسألته: هل لك راتب شهري تعيش من خلاله؛ لأني أري أنك تعيش حياة بسيطة؟ فقال: في الحقيقة إني استلم راتباً شهرياً قدره ستين ألف تومان وفي ذلك الزمان كان مبلغ أربعين

ألف تومان يعادل راتب عشرين معلماً أو أكثر فكيف بستين ألف!!، إلا أنني أنفقه كله في طريق مساعدة المحتاجين.

وأضاف العالم قائلاً: إن غرفة ذلك القسيس كانت نظيفة جداً، ومفروشة بالحصران العادية، وكان قد وضع أمامه نسخة من الإنجيل كتبت بخط جميل !!.

ومن هذه القصة وأمثالها تظهر لنا أهمية النزاهة الروحية، حيث أنها الطريق لجذب الناس، وبهذه السياسة دخل هذا القس واستخدم النزاهة والزهد في التعرف الظاهري لأجل المصالح السياسية للاستعمار والكنيسة فتمكن من خداع الناس وكسب الشباب المسلم والرأي العام، لتحقيق مآرب الاستعمار الغربي، وقد كان بعض الرهبان يمهّدون الطريق للاستعمار في بلادنا، في حين أن النزاهة الواقعية والزهد ليس لمصلحة دنيوية كما في هذا القسيس المسيحي بل من أجل نيل رضا الله تعالي في الدرجة الأولي والفوز بالآخرة في الدرجة الثانية.

ابن ميثم البحراني() رحمة الله عليه

نقل بعض العلماء قصة عن ابن ميثم البحراني، وهو من علماء البحرين التي كانت تعد في ذلك الزمان من مراكز الإسلام العلمية، حيث خرجت مجموعة من العلماء الذين كان لهم دور كبير في تأريخ الشيعة، أمثال صاحب الحدائق() الفقيه الكبير وغيره، قال: أرسل أهل إحدي مدن العراق التي كانت مركزاً للحوزات العلمية آنذاك رسالة إلي ابن ميثم يدعونه فيها ليأتي إلي النجف، فأراد ابن ميثم البحراني أن يختبر بعض المدرسين؛ لذلك قام بتبديل لباسه ودخل المدينة متنكراً ثم حضر درساً لأحد المدرسين وطرح سؤالاً علي الأستاذ، وكان سؤاله ينبئ عن فضله ومعرفته وعلميته، أي كان إشكاله في محله، إلا أن الأستاذ لم يحترمه ولم يعط له جواباً، وفي اليوم الثاني ارتدي ابن ميثم البحراني ملابساً جيدة، وحضر نفس الدرس وعند نفس الأستاذ، فرأي أن الحاضرين في ذلك الدرس قد تفسحوا له وأجلسوه المكان

المناسب، كما أنه طرح سؤالاً آخر ولكنه لم يكن في محله، ولعله لم يتناسب مع الموضوع، إلا أن الأستاذ أعطي لسؤاله أهمية بالغة وأجابه عليه.

فقال ابن ميثم: يظهر أن الأستاذ ظاهري لا أكثر، وتؤثر فيه المظاهر لا الواقعيات، وهذا مؤشر يدل علي أن أكثر الناس عقولهم مرهونة بما تراه أعينهم من مظاهر؛ لذلك هم لا يستطيعون أن يدركوا المعنويات وأن يعيشوا بنزاهة، فيجب أن يكون عملهم واقعياً لا ظاهرياً.

وفي قوله تعالي: ?يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ?().

دلالة علي أن من كان يريد الظاهر فقط فهو جاهل وغافل عن أمور الدين والآخرة، كما فيه دلالة علي أن قيمة الإنسان في جوهره وباطنه، وليس بما يلبسه وبما يتظاهر به، فعلي الإنسان الاعتناء بباطنه وظاهره معاً؛ أما الباطن فلأن الله تعالي يحاسب الناس علي ما في قلوبهم، وأما الظاهر فمن أجل إبراز نعم الله تعالي: ?وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ?().

والي ذلك أشار رسول الله صلي الله عليه و اله بقوله: «ثلاث من كن فيه أو واحدة منهن كان في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله: …، ورجل لم يقدم رجلاً حتي يعلم أن ذلك لله رضاً أو يحبس..» ().

وعنه صلي الله عليه و اله أيضاً قال: «أن أولي الناس أن يقضي يوم القيامة عليه: رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه() فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتي استشهدت. قال: كذبت، لكنك قاتلت ليقال جريء، فقد قيل ذلك، ثم أمر به فسحب علي وجهه حتي ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرّفه نعمة() فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلَّمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت،

ولكنك تعلمت ليقال: عالم وقرأت القرآن ليقال: قارئ القرآن، فقد قيل، ثم أمر به فسحب علي وجهه حتي ألقي في النار» ().

الحرام الفاضح

روي أن أحد الضباط الكبار من ذوي الرتب العسكرية العالية دعا رضا خان بهلوي() أيام حكمه إلي منزله، وبعد أن دخل رضا خان إلي المنزل رأي البيت واسعاً وجميلاً جداً، فتعجب لذلك كثيراً، فقرر أن يأتي بحديث يفهم من خلاله أن الضابط من أين جاء بهذه الأموال؛ لذا قال له: أنت صاحب ذوق وقد اخترت منزلاً جيداً، إلي أن وصل الكلام بينهما، حتي قال الضابط: إن هذا المال لم يحصل لي من التجارة ولا إرث من الآباء أو الأمهات.

وبما أن رواتبه من الجيش لم تكن تكفي لبناء هذا البيت الجميل أو شراءه، فقال له رضا خان: إذن من أين حصلت علي هذه الأموال؟

فلم يعط الضابط جواباً، فتوضح أنه حصل علي الأموال، إما من طريق الغصب، أو الرشوة والعياذ بالله أو من طريق آخر غير مشروع؛ لأن المال إذا لم يأتك عن طريق الحق والحلال فهو من طريق الحرام، إذ لا فاصلة بين الحلال والحرام والحق والباطل().

الطلاب وبساطة العيش

الشاهد من هذه القصة ومن غيرها هو ما يختص بطلاب العلوم الدينية؛ لأن طالب العلم غالباً ليس لديه كسب أو تجارة، فإذا عاش معيشة طاغوتية تسبب ابتعاد الناس عنه وعن حياته؛ لأنها تجعل الطالب مورد الاتهام، والناس ينفضون عن المتهم، وعن غير النزيه، وان كان ما حصل عليه هو من الرزق الحلال.

بل يلزم علي طالب العلم والعامل به، وان كان غنياً أن يجتنب الأشياء المحللة له شرعاً إن كان العرف لا ولم يتحملها. كأن يعيش في قصر، أو يركب سيارة فخمة، أو يأكل طعاماً راقياً، وغير ذلك من الأمور التي تجعل بينه وبين عامة الناس بعداً وفوارق كبيرة، وإلا فكيف يمكن أن يكون قدوة للناس بحيث يأخذون منه تعاليم

الإسلام؟! والي ذلك أشار أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بقوله: «ولقد كان في رسول الله صلي الله عليه و اله كاف لك في الأسوة()، ودليل لك علي ذم الدنيا وعيبها، وكثرة مخازيها ومساويها، إذ قبضت عنه أطرافها، ووطئت لغيره أكنافها()، وفطم رضاعها وزوي عن زخارفها.

وان شئت ثنيت بموسي كليم الله (علي نبينا وآله وعليه السلام) حيث يقول: ?رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ?(). والله ما سأله إلا خبزاً يأكله، لأنه كان يأكل بقلة الأرض، ولقد كانت خضرة البقل تري من شفيف() صفاق() بطنه؛ لهزاله وتشذب لحمه().

وان شئت ثلثت بداود عليه السلام صاحب المزامير، وقارئ أهل الجنة، فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده() ويقول لجلسائه: أيكم يكفيني بيعها؟ ويأكل قرص الشعير من ثمنها.

وان شئت قلت في عيسي بن مريم عليه السلام فلقد كان يتوسّد الحجر، ويلبس الخشن ويأكل الجشب، وكان إدامه الجوع، وسراجه بالليل القمر، وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها()، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم..» ().

وأشار عليه السلام أيضاً إلي الصفات السيئة في بعض قادة المجتمع وذكر عليه السلام حرمة الرشوة في الحكام بشكل خاص بقوله عليه السلام:

«وقد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي علي الفروج والدماء والمغانم والأحكام، وإمامة المسلمين البخيل فتكون في أموالهم نهمته، ولا الجاهل فيضُلهم بجهله، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه، ولا الحائف للدول فيتخذ قوماً دون قوم، ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق، ويقف بها دون المقاطع() ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة» ().

فاللازم علي الطلاب أن يراعوا النزاهة الواقعية لا الظاهرية؛ ولا النزاهة لأجل الناس؛ ذلك ليستفيد الناس بهم وليكونوا مصداقاً واقعياً لقول الرسول صلي الله عليه و اله: «اللهم ارحم خلفائي»، قيل:

يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال: «الذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي» ().

النزاهة والمراتب العليا

كان الشيخ عبد الكريم الحائري رحمة الله عليه() ابناً لكاسب بدخل بسيط، لكنه وبسبب علمه ونزاهته وطهارة قلبه وصل إلي مرتبة استطاع بها أن يوفق لتأسيس الحوزة العلمية في قم المقدسة.

وهناك جملة من علمائنا الماضين الذين امتازوا بنزاهتهم وطهارة القلب، فوصلوا إلي مرتبة عالية من الشرف والتقدير، كالشيخ أبي منصور أحمد بن علي الطبرسي() صاحب كتاب الاحتجاج وكان فاضلاً وعالماً بل من أجل العلماء ومشاهير الفضلاء وهو غير أبي علي الطبرسي() صاحب تفسير مجمع البيان وان كانا في عصر واحد والذي هو أيضاً كان من جملة علمائنا الفاضلين وتمتع بالنزاهة والإخلاص، وكالشيخ جمال الدين المعروف بابن فهد الحلي() والذي امتاز بزهده وورعه العظيم القدر وعلمه، وكان من الثقاة وله مؤلفات كثيرة منها: المهذب، وعدة الداعي، وشرح الألفية والدر الفريد في التوحيد، وغيرها().

وليست نزاهة الإنسان مع الله هي المعيار فقط، بل لابد وأن تكون في المجتمع فانها معيار آخر أيضاً، وبهذا يكون الإنسان موضع تقدير عند أولياء الله المعصومين عليهم السلام وعند الناس؛ لأن الابتعاد عن الشيء القبيح هو المطلوب عند الله وبالتالي هو فوز دنيوي وأخروي.

البساطة في العيش

إن انجذاب الناس إلي شخص، واكنانهم المحبّة والصداقة له يأتي بسبب النزاهة، فكما أن الإنسان لا يصدّق كل أحد إلاّ من أحرز أنه منزه عن الكذب، كذلك الناس لا يسلمون أموره وأموالهم وعواطفهم لكل أحد، إلا لمن تنزه عن القبائح وكان لائقاً بذلك؛ لذلك أعطي الله منصب تبليغ الرسالة إلي أنزه الناس، حيث نعتقد نحن أن الأنبياء عليهم السلام وعلي رأسهم النبي صلي الله عليه و اله هم أنزه البشر، وقد جاء في الدعاء: «اللهم لك الحمد علي ما جري به قضاؤك في أوليائك الذين استخلصتهم لنفسك ودينك، إذا()

اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها، فشرطوا لك ذلك، وعلمت منهم الوفاء به فقبلتهم وقربتهم..» ().

وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام ان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: «طوبي لمن أخلص لله العبادة والدعاء، ولم يشغل قلبه بما تري عيناه، ولم ينسي ذكر الله بما تسمع أذناه، ولم يحزن صدره بما أعطي غيره» ().

وفي رواية عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قال رجل للنبيّ صلي الله عليه و اله: يا رسول الله، علمني شيئاً إذا أنا فعلته أحبني الله من السماء، وأحبني أهل الأرض، قال صلي الله عليه و اله: ارغب فيما عند الله يحبك الله، وأزهد فيما عند الناس يحبك الناس» ().

ومن هنا نعرف أن الأنبياء والأئمة الأطهار عليهم السلام بالإضافة إلي أداء واجبهم كانوا مكلّفين بانتهاج أسلوب البساطة في العيش ولولا اختيارهم لهذا النوع من العيش ما كان الناس يعتقدون بهم وبرسالاتهم؛ فلهذا لم يكن الأنبياء عليهم السلام يملكون السلطة الظاهرية عدا يوسف وسليمان ?، وهم كذلك كانوا علي أعلي درجات الكمال والزهد والتقوي وفي غاية النزاهة من كل الجهات.

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «قال عيسي بن مريم عليه السلام في خطبة قام بها في بني إسرائيل: أصبحت فيكم وإدامي الجوع، وطعامي ما تنبت الأرض للوحوش والأنعام، وسراجي القمر، وفراشي التراب، ووسادتي الحجر، ليس لي بيت يخرب، ولا مال يتلف، ولا ولد يموت، ولا امرأة تحزن، أصبحت وليس لي شيء، وأمسيت وليس لي شيء، وأنا أغني ولد آدم» ().

نزاهة الشيخ علي القمي() رحمة الله عليه

إن الشيخ علي القمي وبالرغم من انه لم يكن مرجعاً معروفاً في

النجف الأشرف آنذاك، لكنه وبسبب نزاهته وزهده وطهارته، كان العلماء وحتي بعض المراجع يصلون خلفه صلاة الجماعة، فإن هذه المنزلة الرفيعة التي نالها الشيخ هي ثمرة من ثمرات الزهد والنزاهة، ويذكر في أحواله أنه كان قد تشرف إلي رؤية الإمام الحجة عليه السلام.

من وصية لرسول الله صلي الله عليه و اله إلي أبي ذر رحمة الله عليه قال: «يا أبا ذر ما زهد عبد في الدنيا إلا أنبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وبصره عيوب الدنيا وداءها ودواءها وأخرجه منها سالماً إلي دار السلام.

يا أبا ذر، إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاستمع منه فانه يلقي إليك الحكمة» ().

نعم، إن الزهد والنزاهة يجعلان من طلبة العلم قادة يتأسي بهم الناس لنيل رضا الله تعالي والأمن في الآخرة.

إذن فعلينا أن نحمل هذه الصفات بروحية قوية ونعمل بها ظاهراً وباطناً؛ لأن العلم بلا عمل يؤدي إلي الهلاك والعقاب، وقد أشار رسول الله صلي الله عليه و اله إلي ذلك بقوله: «إن العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل» ().

«الهي، لولا الواجب من قبول أمرك لنزهتك من ذكري إياك، علي أن ذكري لك بقدري لا بقدرك، وما عسي أن يبلغ مقداري حتي أجعل محلاً لتقديسك ومن أعظم النعم علينا جريان ذكرك علي ألسنتنا، وإذنك لنا بدعائك وتنزيهك وتسبيحك» ().

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.

قم المقدسة

محمد الشيرازي

من هدي القرآن الحكيم

الطريق إلي النزاهة

1. الأخلاق

قال تعالي: ?وَإِنَّكَ لَعَلي خُلُقٍ عَظِيمٍ?().

وقال عزوجل: ?خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ?().

وقال سبحانه: ?وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً?().

وقال جل وعلا: ?فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ?().

2. الصدق

قال تعالي: ?يَا أَيُّهَا

الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ?().

وقال عزوجل: ?وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ?().

وقال سبحانه: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً?().

وقال جل وعلا: ?وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآَخِرِينَ?().

3. محاسبة النفس

قال تعالي: ?وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ?().

وقال عزوجل: ?وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَي اللهِ ثُمَّ تُوَفَّي كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ?().

وقال سبحانه: ?وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ? فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ? قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ? وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا?().

وقال جل وعلا: ?وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ?().

4. التواضع

قال تعالي: ?أَذِلَّةٍ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَي الْكَافِرِينَ?().

وقال عزوجل: ?وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ?().

وقال سبحانه: ?وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ?().

وقال جل وعلا: ?وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَي الأرْضِ هَوْناً?().

5. الزهد

قال تعالي: ?لِكَيْلاَ تَحْزَنُوا عَلَي مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ?().

وقال سبحانه: ?وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَي مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَي?().

وقال جل وعلا: ?وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلاَ مَتَاعٌ?().

وقال عزوجل: ?وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَ مَتَاعُ الْغُرُورِ?().

وقال تعالي: ?زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ?().

وقال سبحانه: ?زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ?().

من هدي السنة المطهرة

الطريق إلي النزاهة

1. الأخلاق

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «أربع من كنّ فيه وكان من قرنه إلي قدمه ذنوباً بدلها الله حسنات: الصدق والحياء وحسن الخلق

والشكر» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «حسن الخلق يثبت المودة» ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «نعم الإيمان جميل الخلق» ().

وقال الإمام أبي عبد الله عليه السلام: «ما يقدم المؤمن علي الله عزوجل بعمل بعد الفرائض أحب إلي الله تعالي من أن يسع الناس بخلقه» ().

2. الصدق

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «..زينة الحديث الصدق» ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «الصدق حياة التقوي» ().

وقال الإمام أبي عبد الله عليه السلام: «ان الله عزوجل لم يبعث نبياً إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة إلي البر والفاجر» ().

وقال الإمام أبي جعفر عليه السلام للربيع بن سعد: «يا ربيع، إن الرجل ليصدق حتي يكتبه الله صديقاً» ().

3. محاسبة الصدق

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «..إن أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه» ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «من حاسب نفسه وقف علي عيوبه، وأحاط بذنوبه، واستقال الذنوب وأصلح العيوب» ().

وقال الإمام أبي عبد الله عليه السلام: «ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا» ().

وقال عليه السلام: «من لم يجعل لله له من نفسه واعظاً فان مواعظ الناس لن تغني عنه شيئاً» ().

4. التواضع

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «ما تواضع أحد إلا رفعه الله» ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «بكثرة التواضع يتكامل الشرف» ().

وقال الإمام أبي عبد الله عليه السلام: «إن في السماء ملكين موكّلين بالعباد، فمن تواضع لله رفعاه ومن تكبر وضعاه» ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «التواضع كل شرف نفيس ومرتبة رفيعة، ولو كان للتواضع لغة يفهمها الخلق لنطق عن حقائق ما في مخفيات العواقب.. ولأهل التواضع سيماء يعرفها أهل السموات من الملائكة.. ولا يعرف ما في معني حقيقة التواضع إلا المقربون من عباده المتصلين بوحدانيته» ().

5. الزهد

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «الزاهد في الدنيا يريح قلبه وبدنه» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «إذا رأيتم الرجل قد أعطي الزهد في الدنيا فاقتربوا منه فانه يلقي الحكمة» ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «الزهد أصل الدين» ().

وقال الإمام أبو عبد الله عليه السلام: «من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها وأخرجه من الدنيا سالماً إلي دار السلام» ().

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

() سورة التوبة: 122.

() سورة الزمر: 17-18.

() ألقيت هذه المحاضرة بتاريخ: 9/ جمادي الثانية/1406ه.

() التوحيد: ص30 ب1 ح34.

() هو السيد الميرزا مهدي الحسيني الشيرازي (قده) ولد في كربلاء المقدسة (1304ه) كان رحمة الله عليه عالماً تقياً، ورعاً عابداً، زاهداً كثير الحفظ جيد الخط، وكان صاحب كرامات، وهو (قده) من خيرة تلاميذ الشيخ محمد تقي الشيرازي (قائد ثورة العشرين في العراق)، توفي في (28 شعبان عام 1380ه) ودفن في الحرم الحسيني الشريف.

() الروبية: العملة المتداولة في ذلك الوقت في العراق إبان الحكم العثماني.

() بحار الأنوار: ج3 ص13 ب1 ح30.

() جامع الأخبار: ص5 الفصل 1 في معرفة الله تعالي.

() التوحيد للصدوق: ص21 ب1 ح14.

() سورة التوبة: 38.

() سورة البقرة: 148.

() أنظر الاحتجاج: ج2 ص387 احتجاج أبي إبراهيم موسي بن جعفر عليه السلام وفيه: عن الحسن بن علي العسكري عليه السلام: «أن أبا الحسن موسي بن جعفر عليه السلام قال: إن الله خلق الخلق فعلم ما هم إليه صائرون، فأمرهم ونهاهم، فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلي الأخذ به، وما نهاهم عنه من شيء فقد جعل لهم السبيل إلي تركه، ولا يكونون آخذين ولا تاركين إلا بإذنه، وما

جبر الله أحداً من خلقه علي معصيته بل اختبرهم بالبلوي، وكما قال: ?ليبلوكم أيّكم أحسن عملاً?».

() سورة الملك: 2.

() مجمع البيان: ج10 ص322 في تفسير سورة الملك الآية 2.

() سورة الإسراء: 84.

() الكافي: ج2 ص16 باب الإخلاص ح4.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص55 ب63 ح13498.

() مستدرك الوسائل: ج8 ص269 ب13 ح9417.

() عدة الداعي: ص121.

() نهج البلاغة، الكتب: 45 كتابه عليه السلام إلي واليه علي البصرة عثمان بن حنيف.

() هو في الأغلب الشيخ كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني المتوفي سنة (679ه) وقيل (690ه)، الحكيم الفاضل المعاصر لخواجة نصير الدين الطوسي. وهو صاحب شروح نهج البلاغة المعروفة بالكبير والصغير والوسيط وغيره. أنظر رياض العلماء: ج6 ص33 باب الميم.

() هو الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم الدرازي البحراني صاحب كتاب (الحدائق الناضرة والدرر النجفية ولؤلؤة البحرين وغيرها) ولد رحمة الله عليه في قرية (ماحوز) في البحرين حيث كان هاجر والده عام (1107ه) تتلمذ علي الشيخين أحمد بن عبد الله والشيخ عبد الله بن علي البلاديين البحرانيين وبعد رحلة مضنية محفوفة بالمخاطر والويلات من بلاد إلي بلاد استقر رحمة الله عليه في كربلاء المقدسة. توفي في كربلاء عام (1186ه) للمزيد راجع مقدمة كتابه الحدائق، وكتاب روضات الجنات: ج8 ص203 باب ما أوله الياء الرقم (750).

() سورة الروم: 7.

() سورة الضحي: 11.

() المحاسن: ج1 ص4 الأول من الأشكال والقرائن ح8.

() في بحار الأنوار: ج67 ص249 ب54 ح24، وردت (نعمه) وليس (نعمة).

() أيضاً في بحار الأنوار: (نعمه).

() منية المريد: ص134 الباب الأول في المعلم والمتعلم.

() رضا بهلوي (1878-1944م) شاه ايران 1925م، حكم بالظلم والجور والاستبداد، ونشر الفساد، تنازل لابنه محمد 1941م.

() حيث جعل الشارع طرقاً لانتقال الملكية إلي الغير

وبدون سير هذه الأسباب والطرق كان حصول المال من الأكل بالباطل.

() الأسوة: القدوة.

() الأكناف: الجوانب، وزوي: قبض.

() سورة القصص: 24.

() شفيف: رقيق، يستشف ما وراءه.

() الصفاق: علي وزن (كتاب) الجلد الباطن الذي فوقه الجلد الظاهر من البطن.

() تشذب اللحم: تفرقه.

() السفائف: جمع سفيفة وسف من (سف الخوص) إذا نسجه، أي منسوجات الخوص.

() ظلاله جمع ظل بمعني الكِن والمأوي. ومن كان كنه المشرق والمغرب فلا كِنّ له.

() نهج البلاغة، الخطبة: 160.

() المقاطع الحديد التي عينها الله لها.

() نهج البلاغة، الخطبة: 131 وفيها يبين عليه السلام سبب طلبه الحكم ويصف الإمام الحق.

() من لا يحضره الفقيه: ج4 ص420 باب النوادر ح5919.

() هو الشيخ عبد الكريم بن المولي محمد جعفر المهرجردي اليزدي الحائري القمي، فقيه جليل وعالم كبير وزعيم ديني شريف، ولد سنة (1276ه). جاور مدينة سامراء بعد إكماله السطوح فحضر فيها علي أبرز علمائها، مثل السيد المجدد الشيرازي والسيد محمد الفشاركي الأصفهاني والميرزا محمد تقي الشيرازي وغيرهم. وسافر رحمة الله عليه إلي النجف الأشرف وكربلاء المقدسة مستمراً علي الدرس والتدريس والإفادة. وكان الميرزا محمد تقي الشيرازي يبجله ويشير إليه ويعترف بفضله ومكانته، حتي أنه أرجع احتياطاته إليه، فلفت ذلك إليه الأنظار وأحله مكانة سامية في النفوس، وفي رجب سنة (1340ه) هبط مدينة قم المشرفة بدعوة من رجال العلم فيها فأسس الحوزة العلمية فيها، بعدما أظهر عزمه الشديد علي جعلها مركزاً علمياً له شأنه في خدمة الإسلام وإشادة دعائمه.

توفي رحمة الله عليه في شهر ذي القعدة سنة (1355ه) وجري له تشييع عظيم ودفن في رواق حرم المعصومة فاطمة عليها السلام. انظر طبقات أعلام الشيعة، نقباء البشر: ج3 ص1158 الرقم (1692).

() هو الشيخ أحمد بن علي بن أبي طالب

الطبرسي، أبو منصور من علماء القرن السادس الهجري ويقال بأنه رحمة الله عليه توفي سنة (620ه) يروي عنه ابن شهر آشوب، وهو رحمة الله عليه عالم فقيه فاضل محدث ثقة كما وصفه الحر العاملي ويعتبر من أجلاء العلماء المتقدمين. له عدة كتب غير الاحتجاج، مثل: الكافي في الفقه أو الكافي من فقه الشيعة وتأريخ أئمة الإسلام وفضائل الزهراء عليها السلام وكثير غيرها.

() هو الشيخ الفضل بن الحسن الطبرسي أمين الإسلام أبو علي، قيل إنه ولد في (470ه) وتوفي في (552ه) أو (548ه) له كتاب مجمع البيان في تفسير القرآن والفرقان وجوامع الجامع وتاج المواليد وغيرها للمزيد راجع ترجمته رحمة الله عليه في مقدمة تفسيره بقلم السيد محسن الأمين العاملي.

() هو أبو العباس أحمد بن محمد بن فهد الأسدي الحلي (757 841ه) ولد في الحلة قبره في كربلاء، كان رحمة الله عليه متبحراً في البحث وبارعاً في المناظرة. وقد حاور بعض أتباع فقه أهل السنة وخصوصاً في مسألة الإمامة والقيادة، وقد تغلب علي كثير من علماء أهل السنة، حتي أن حاكم العراق غير مذهبه بعد أن أذعن لأدلة ابن فهد وصار في عداد شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، له المهذب البارع إلي شرح النافع والموجز الحاوي المحرر كلها في الفقه وعدة الداعي. له رحمة الله عليه ترجمة وافية في مقدمة كتابه (عدة الداعي).

() لمعرفة المزيد من أحوال العلماء والعظماء راجع كتب التراجم، مثل: كتاب روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات تأليف الميرزا محمد باقر الموسوي الخونساري الأصبهاني، وكتاب طبقات أعلام الشيعة، نقباء البشر والكرام البررة للشيخ آغا بزرك الطهراني، وأعيان الشيعة، للسيد محسن الأمين وغيرها من كتب الرجال.

() في بحار الأنوار: ج99 ص104 ب7 ورد: إذ

اخترت، ولعله هو الأصح.

() الإقبال: ص295 دعاء آخر بعد صلاة العيد ويدعي به في الأعياد الأربعة.

() الكافي: ج2 ص16 باب الإخلاص ح3.

() تهذيب الأحكام: ج6 ص377 ب93 ح223.

() معاني الأخبار: ص252 باب معني الزهد ح5.

() هو الشيخ علي بن الشيخ محمد إبراهيم بن محمد علي القمي فقيه بارع وعالم جليل وزاهد معروف كان والده من علماء عصره. ولد في طهران سنة (1273ه) عرف رحمة الله عليه بالورع والتقي والزهد في حطام الدنيا منذ نعومة أظفاره، وكان سالكاً طريق النجاة دائم الاشتغال بمجاهدة النفس والمراقبة لها، يزهد في كثير من المباحات ويعمد غالباً إلي اجتناب الأطعمة اللذيذة والألبسة الجيدة، والأفرشة الوثيرة. فقد كان يأكل الجشب ويلبس الخشن ويفترش ما يصنع من سعف النخل. كان رحمة الله عليه شديداً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم. كان يقيم الجماعة في مسجد الهندي فتأتم به الجموع الغفيرة ويتسابق إلي درك صلاته صفوة العلماء وأهل الفضل ونخبة الصلحاء والمعروفين بالتقوي والنسك والعبادة توفي رحمة الله عليه سنة (1371ه) ودفن في مقبرة الشيخ الحويزي في محلة العمارة في النجف الأشرف، راجع طبقات أعلام الشيعة نقباء البشر في القرن الرابع عشر: ج4 ص1323 الرقم (1859).

() الأمالي للشيخ الطوسي رحمة الله عليه: ص531 المجلس 19 ح1162.

() غوالي اللئالي: ج4 ص66 الجملة الثانية في الأحاديث المتعلقة بالعلم وأهله وحامليه ح26.

() بحار الأنوار: ج91 ص151 ب32 المناجاة الثالثة عشر من مناجاة الإمام زين العابدين عليه السلام مناجاة الذاكرين .

() سورة القلم: 4.

() سورة الأعراف: 199.

() سورة الفرقان: 63.

() سورة المائدة: 13.

() سورة التوبة: 119.

() سورة الزمر: 33.

() سورة الأحزاب: 70.

() سورة الشعراء: 84.

() سورة البقرة: 235.

() سورة البقرة: 281.

()

سورة الشمس: 7-10.

() سورة إبراهيم: 22.

() سورة المائدة: 54.

() سورة الحجر: 88.

() سورة الشعراء: 215.

() سورة الفرقان: 63.

() سورة آل عمران: 153.

() سورة طه: 131.

() سورة الرعد: 26.

() سورة آل عمران: 185.

() سورة البقرة: 212.

() سورة آل عمران: 14.

() الكافي: ج2 ص107 باب الحياء ح7.

() تحف العقول: ص45 ما روي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص255 الفصل 2 موجبات عزة النفس ح5369.

() الكافي: ج2 ص100 باب حسن الخلق ح4.

() الأمالي للشيخ الصدوق رحمة الله عليه: ص487 المجلس 74 ح1.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص218 الفصل 3 ح4336.

() الكافي: ج2 ص104 باب الصدق ح1.

() الكافي: ج2 ص105 باب الصدق ح8.

() وسائل الشيعة: ج15 ص163 ب1 ح20216

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص236 الفصل 1 في النفس ح4748.

() أمالي الشيخ الطوسي رحمة الله عليه: ج1 ص36 المجلس 2 ح38.

() أمالي الشيخ المفيد رحمة الله عليه: ص28 المجلس 3 ح10.

() أمالي الشيخ الطوسي رحمة الله عليه: ص56 المجلس 2 ح80.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص249 الفصل 2 في موجبات عزة النفس ح5178.

() الكافي: ج2 ص122 باب التواضع ح2.

() مصباح الشريعة: ص72 الباب 32.

() إرشاد القلوب: ج1 ص18 ب2.

() روضة الواعظين: ج2 ص437 مجلس في الزهد والتقوي.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص275 الفصل 6 في الزهد والشكر ح6046.

() الكافي: ج2 ص128 باب ذم الدنيا والزهد فيها ح1.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.