الشیعة والتشیع

اشارة

اسم الکتاب: الشیعة والتشیع

المؤلف: حسینی شیرازی، محمد

تاریخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربی

عدد المجلدات: 1

الناشر: دار صادق

مکان الطبع: بیروت لبنان

تاریخ الطبع: 1422 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین

الرحمن الرحیم

مالک یوم الدین

إیاک نعبد وإیاک نستعین

اهدنا الصراط المستقیم

صراط الذین أنعمت علیهم

غیر المغضوب علیهم

ولا الضالین

صدق الله العلی العظیم

ص: 1

اشارة

الشیعة والتشیع

آیة الله العظمی

الامام السید محمد الحسینی شیرازی

(قدس سره الشریف)

الطبعة الأولی

1422ه_ 2001م

دار صادق للطباعة والنشر

بیروت _ لبنان  ص.ب: 6080 / 13 شوران

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین

الرحمن الرحیم 

مالک یوم الدین

إیاک نعبد وإیاک نستعین

اهدنا الصراط المستقیم

صراط الذین أنعمت علیهم

غیر المغضوب علیهم

ولا الضالین

صدق الله العلی العظیم

ص:2

کلمة الناشر

عرف الحوار قدیماً قبل أن تطأ أقدام الإنسان هذه الأرض، حیث الملائکة فی السماء حافین من حول العرش یسبحون بحمد ربهم لا یفترون، وعند ما شاءت إرادة الله تعالی خلق الإنسان، وإذا بباب الحوار یفتح، وکما یرسمه هذا المشهد القرآنی:

_ [وإذ قال ربک للملائکة: إنی جاعل فی الأرض خلیفة.

_ قالوا: أتجعل فیها من یفسد فیها ویسفک الدماء، ونحن نسبح بحمدک ونقدس لک؟

_ قال: إنی أعلم ما لا تعلمون](1).

ویخلق الله آدم (علیه السلام) ویهبط إلی الأرض، وهو یحمل فی داخله أفکاراً ومشاعر وحاجات، وشیئاً فشیئاً یزداد الأفراد وتکبر المجتمعات ویقف بعض أفرادها وجه لوجه یتقاتلوا ویتحاربوا من أجل تحقیق ذاتهم ومصالحهم.

وهنا نری رحمة الله جل جلاله تتجلی حیث أرسل الرسل والأنبیاء لهدایة الإنسان وانتشاله من بحر الجهل والضلالة إلی حیث السعادة والنعیم، وإذا بهذا الإنسان یقف بوجه الأنبیاء والرسل متمرداً ومن دون أن یحاورهم علی بصیرة، بل یخلق أجواء صاخبة اتخذت أشکالاً متعددة، منها صم الآذان وعدم الاستماع ورمی الحجارة والسخریة وصد الآباء للأبناء ومن أشدها القتل والفتنة.

ص:3


1- سورة البقرة: 30.

فی مقابل ذلک نری أسلوب الأنبیاء والرسل: الکلمة الطیبة ومقابلة السیئة بالحسنة وتحمل الأذی إلی غیر ذلک مما أثر فی نفس ذلک الإنسان حیث انصاع مؤمناً، رافضاً لتلک الأسالیب العنیفة.

وهکذا استمرت مسیرة الحوار إلی أن جاء الإسلام ومن خلال ما رسمه لنا القرآن الکریم من مشاهد للحوار جرت فی سالف الأزمان، تراه یدعو الإنسان إلی التفکیر والحوار الهادئ والهادف ومن خلال الرجوع إلی الفطرة ونبذ العنف فی مناقشة القضایا التی تهمه.

ونحن نلحظ دوماً فی الحوار هناک حق أحق أن یتبع، وذلک بعد إیضاح معالمه وإزالة الغبش عنه، وإعطاء الصورة الحیة له من أجل الوصول إلی الحقیقة المنشودة.

إن للحوار آداباً یجب مراعاتها خلال المناقشة، رسمها لنا القرآن الکریم فی آیات منه: کالدعوة بالحکمة والموعظة الحسنة، وإراءة الحجج والبراهین الواضحة، والإستماع ومن ثم اتباع أحسن الأقوال و...

ومن هذا المنطلق انبری سماحة المرجع الدینی الأعلی الإمام السید محمد الحسینی الشیرازی (دام ظله) الموسوعی فی علمه، والعالمی فی فکره وتطلّعه، والإسلامی فی طرحه … للتعریف بمذهب أهل البیت (علیهم السلام) حتی تعرف الدنیا نهجهم القویم ورسالة الإسلام السمحة وما تتضمن من سعادة الدنیا والآخرة.

فکان یکتب سماحته بأسلوب بسیط وشیق وتترجم کتاباته إلی عدة لغات عالمیة، وتوزع فی أکبر مؤتمر إسلامی ألا وهو موسم الحج الشریف.. وذلک قبل ثلث قرن أو أکثر، ویری سماحته أن لو أجدنا استثمار هذا المؤتمر العالمی کما یجب لقضینا علی کثیر من مشاکل العالم الإسلامی ولعادت الأمة إلی سابق عهدها من العز والکرامة والتقدم.

فکتب سماحته اثنی عشر کراساً خلال مواسم الحج الماضیة(1)، وکانت کل

ص:4


1- منذ حج عام 1382ه_ حتی الحج من عام 1396ه_

واحدة منها تطبع ما بین 50 إلی 150 ألف نسخة وتوزّع مجانا، وهی: (اعرف الشیعة،، هکذا الشیعة، أفکار الشیعة، الشیعة والشریعة، قصة الشیعة، قضیة الشیعة، مقالة الشیعة، من هم الشیعة، نظرة الشیعة، نهج الشیعة، هویة الشیعة وواقع الشیعة).

وکانت النتیجة إیجابیة جداً، وکما هو متوقع لها [وَأَمَّا مَا یَنْفَعُ النَّاسَ فَیَمْکُثُ فِی الأَرْضِ] (1)، وذلک من خلال الرسائل التی کانت تعقب موسم الحج استفساراً واستفهاماً عن مذهب أهل البیت (علیهم السلام) وشیعتهم، حیث ساعدت تلک الکتابات فی دحض الکثیر من الفتن والشبهات التی کانت تنشر حول المذهب، وأدت إلی اعتناق الکثیر لمذهب أهل البیت (علیهم السلام) بعد ما عرفوا الحقیقة کما هی.

ولقد تم طبع هذه الکراسات بعد ذلک طبعتین: فی بیروت والکویت، تحت إشراف وتحقیق مرکز الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله)، وقد ارتأینا _ عزیزی القارئ _ جمعها فی کتاب واحد بعد ما تم حذف المکرر منها وتبویبها تبویباً جدیداً، وذلک تعمیماً للفائدة، فأصبح هذا الکتاب الذی بین یدیک: (الشیعة والتشیع)، نسأل الله عزوجل أن ینفع به کما نفع بسابقه، انه سمیع مجیب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمین.

مؤسسة المجتبی للتحقیق والنشر

بیروت _ لبنان  ص.ب: 6080 / 13 شوران

البرید الإلکترونی: almojtaba@alshirazi.com

ص:5


1- سورة الرعد: 16.

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام علی محمد وآله الطاهرین.

لقد آن للمسلمین أن یتقارب بعضهم من بعض، وأن یضعوا عنهم إصرهم والأغلال الثقیلة والعصبیات التی طوقت رقابهم منذ زمن التفرقة والانحطاط.. ثم استغلها المستعمرون جریاً علی قاعدتهم (فرِّق تسد)..

فالمسلمون بنعمة الله إخوة، والقرآن الکریم دعاهم إلی الألفة والإتحاد: قال سبحانه: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بین أخویکم)(1)، وقال تعالی: (إن هذه أمتکم أمة واحدة)(2).

فصلاح المسلمین فی الرجوع إلی نُظُم الإسلام وقوانینه وشرائعه.. فقد جرّبوا الحضارة الغربیة وما تولد منها من حضارة شرقیة، أکثر من قرن ، فلم یجدوا فیهما إلا البؤس والفقر والذلّ والانحطاط والتأخّر..

ألا تکفی هذه التجربة المریرة الطویلة ؟

إن الإسلام یوم کان قابضاً بالزمام وفّر للبلاد الخاضعة لحکمه السعادة والثروة والصحة والرفاه والحریة، ومن یوم ترک المسلمون الإسلام وعملوا بما استوردوه من أنظمة وقوانین لم یروا إلا الشقاء والعبودیة..

لذا یجب علینا نحن المسلمین أن نرجع إلی الإسلام، ونستعید کرامتنا ورفاهنا فی شتّی میادین الحیاة:

ص:6


1- سورة الحجرات: 10 .
2- سورة الأنبیاء: 92.

إن من أعظم ما منی به المسلمون _ ونفخ فیه الذین یتربصون بهم الدوائر _ انشقاق المسلمین إلی فرق مختلفة متباغضة ومتناحرة، وشیوع روح اللاتفاهم بینهم.

فهلمّوا أیها المسلمون إلی لمِّ الشعث وتألیف الفُرقة.

فما زال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) یخطب فینا: (صلاح ذات البین خیر من عامة الصلاة والصیام)(1).

فإذا کان هذا شأن الإصلاح بین فردین، فکیف إذا کان بین طائفتین کبیرتین کل منهما یعتقد بالله والیوم الآخر ویقیم الصلاة ویؤتی الزکاة ویحجّ البیت ویصوم شهر رمضان..

وکل طائفة تکوّن نصف المسلمین تقریباً ولا یقل عددهم عن                      «مئات الملایین».

لقد أشار الرئیس المصری السابق (أنور السادات)(2) فی کلام له نقتله جریدة الأهرام القاهریة(3) : (اکتشفت أن المسلمین _ وأنا سکرتیر المؤتمر الإسلامی _

ص:7


1- بحار الأنوار: ج42 ص256 ب127 ح58، وفیه: (صلاح ذات البین أفضل من عامة الصلاة والصیام) وراجع (موطأ مالک) ج2 ص904 ح1608 ط دار احیاء التراث العربی مصر، وفیه: (عن یحیی بن سعید انه قال: سمعت سعید ابن المسیّب یقول: ألا أخبرکم بخیر من کثیر من الصلاة والصدقة، قالوا: بلی، قال: صلاح ذات البین). وفی صحیح الترمذی: ج4 ص663 ح2509 ط دار إحیاء التراث العربی بیروت، عن أبی الدرداء قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): (ألا أخبرکم بأفضل من درجة الصیام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلی، قال: صلاح ذات البین). وفی المعجم الکبیر: ج1 ص101 ط مکتبة العلوم والحکم بالموصل: عنه (صلی الله علیه و آله) قال: (إن صلاح ذات البین أعظم من عامة الصلاة والصیام). انظر أیضا: الأدب المفرد: ج1 ص142 باب إصلاح ذات البین، ط دار البشائر الإسلامیة بیروت. والفردوس بمأثور الخطاب: ج2 ص398 ح3771 ط دار الکتب العلمیة بیروت. وفیض القدیر: ج3 ص106 ط المکتبة التجاریة الکبری مصر.
2- أنور السادات (1918 _ 1981م) ضابط وسیاسی مصری، رئیس الجمهوریة (1970م) خلفاً لعبد الناصر، قاد الحرب المعروفة بحرب أکتوبر (1973) اغتیل عام (1981م).
3- الأهرام: تاریخ 26/12/1975 ص5.

نصفهم تقریباً من الشیعة والنصف الآخر من السنة).

وما أحرانا الیوم بأن نلبی نداء القرآن الکریم ونبی الإسلام العظیم (صلی الله علیه و آله) بالتعاون ونعرف بعضنا بعضاً لردم هذه الجفوة التی ما زالت تقض مضاجع الأمة الإسلامیة وتنخر فی کیانها.. ولنتوصل إلی الحقیقة عبر الحوار الهادف والحکمة والموعظة الحسنة، کما قال تعالی: [ادع إلی سبیل ربک بالحکمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتی هی أحسن](1).

وما أحسن أن یکون التعریف والتعارف فی مختلف المناسبات التی تجمعنا، کبیت الله الحرام ومهبط الوحی ومهجر الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله و سلم) ، فإن موسم الحج فرصة متاحة لتعارف المسلمین وإنقاذهم من سوء الظن ببعضهم ووسوسة الشکوک فیما بینهم..

قال تعالی: (واعتصموا بحبل الله جمیعاً ولا تفرّقوا)(2).

وقال عزّ شأنه _ فی أمر الحج _ (لیشهدوا منافع لهم)(3).

وأی منفعة أعظم من منفعة التعارف والتآلف، خصوصاً فی عصرٍ تکالبت فیه قوی الإلحاد والصهیونیة والصلیبیة.. لنسف قواعد الإسلام وإبادة المسلمین.

إن علماء الإسلام الأعلام ومفکری الأمة قد تنبهوا إلی هذا الخطر وشعروا بهذه الحقیقة، فانبروا لإقامة المؤتمرات الإسلامیة وعقد اللقاءات الثقافیة المتواصلة لإزالة الصدع ولمِّ الشعث، وسعوا فی التقریب بین المسلمین، ولا أدلّ علی ذلک من جهود زعیمی المسلمین:

1: (الإمام البروجردی) زعیم الحوزة العلمیة فی قم المقدسة.

2: (الشیخ الأکبر شلتوت) شیخ الجامع الأزهر فی مصر.

لتأسیس (دار التقریب) فی القاهرة..

ص:8


1- سورة النحل: 125.
2- سورة آل عمران: 103 .
3- سورة الحج: 28 .

کما أفتی الشیخ محمود شلتوت علی أن التعبّد بالمذهب الشیعی، مثل التعبّد بسائر المذاهب الإسلامیة فی جواز العمل وصحة الأخذ به (1).

وهذا الکتاب محاولة متواضعة لإلقاء الضوء علی «الشیعة والتشیع» لیطلع علیه الذین یجهلون حقیقتهم، إما جهلاً طبیعیاً أو بسبب حملات التشویه المقصودة من أناس أقل ما یقال فیهم إنهم لا یتقون الله ولا یحسبون للتاریخ حسابه..

فإن الکثیرین من أبناء الطائفة الإسلامیة السنیة، لا یعرفون إلا القلیل عن الطائفة الإسلامیة الشیعیة.

وها نحن أداءً لهذا الواجب الملقی علی عاتقنا قمنا بوضع هذه الکراسات لتنویر الرأی العام الإسلامی حول (الشیعة) ولکی تلقی الضوء علی بعض ما أخفته الظروف من أحوالهم، مما انتهزها المستعمرون لإلقاء الفتن والخلاف بینهم وبین السنَّة، والله المسؤول أن یجمع کلمة المسلمین علی التقوی، ویهدی الجمیع سواء السبیل.

ومما یحفزنا علی ذلک أن أیام العصبیات قد ولّت إلی غیر رجعة، وأن الیوم یوم اتحاد وائتلاف. وقد اهتم الإسلام بهذه الناحیة أکبر اهتمام حیث قال تعالی: (واذکروا نعمة الله علیکم إذ کنتم أعداءً فألَّف بین قلوبکم فأصبحتم بنعمته إخواناً)(2).

وقال سبحانه: (ولا تکونوا کالذین تفرَّقوا)(3) .

والمسلمون یوم کانوا سادة العالم کانوا بحاجة إلی التآلف، فکیف بهم الیوم الذی وقد أحاط بهم الأعداء من الخارج وفرّقوا صفوفهم من الداخل؟

ص:9


1- أنظر الصفحة173 من هذا الکتاب تحت عنوان (التشیع وعلماء السنة).
2- سورة آل عمران: 103 .
3- سورة آل عمران: 105 .

فلنقترب نحن المسلمون بعضنا من بعض، ولنتمسک بما أمر الله ورسوله (صلی الله علیه و آله و سلم) به، تارکین حملات التشویه التی لا تخدم إلاّ الکفار والمستعمرین.

وبحمد الله تعالی قد لاحت فی الأفق _ منذ سنوات _ بوادر الوحدة الإسلامیة، وتقاربت الفئات الإسلامیة عبر الحوار الهادف واحترام الآخر..

ولکن الطریق لازال شاقاً وطویلاً، فالواجب علی المسلمین الواعین أن یکرّسوا أنفسهم لمتابعة السیر، وذلک ب_:

الف: تعمیم الثقافة الدینیة الموحدة التی تنبع من القرآن الحکیم والسنة

المطهرة.

ب: تعمیم الثقافة الدنیویة من علوم الاقتصاد والسیاسة والتکنولوجیا والطب وغیرها، لیتمکن المسلمون من النهضة أمام القوی العالمیة، نهضة تنفض عنهم غبار التخلّف، وتلحقهم برکب الحضارة التی تمکنهم من استعادة مرکزهم فی قیادة العالم إلی خیر الدنیا وسعادة الآخرة.

فلنأت لنصحّح (الإیمان) ونقوّی (الفضیلة) ونضاعف (العمل الصالح) لنحظی _ فی أثر ذلک _ بمنافع الآخرة.

لقد ذقنا ألف مرارة ومرارة، من جرّاء ترک العمل بالإسلام، ولا یخفی علی أحد ما نحن فیه الآن من المآسی والویلات.. کما لا یخفی علی أیّ مسلم طریق النجاة وسبیل العلاج أعنی الرجوع إلی الإسلام، کما أنزله الله فی کتابه الکریم وبیّنه الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) وأهل بیته الطاهرون (علیهم السلام) .

فلنعالج أوضاعنا الفردیة والاجتماعیة علی ضوء (کتاب الله وعترة رسوله) حسب ما أودعها الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) فی الأمة حیث قال: (إنی تارک فیکم الثقلین کتاب الله وعترتی أهل بیتی ما إن تمسّکتم بهما لن تضلّوا بعدی أبدا) (1).

ص:10


1- حدیث الثقلین من الأحادیث الصحیحة والمتواترة عند الفریقین، وقد رویت بألفاظ عدیدة ولها معنی واحد وهو انه (صلی الله علیه و آله) ترک لأمته القرآن وأهل بیته، انظر: صحیح الترمذی: ج5 ص328 ح3874 و ح3876 ط دار الفکر بیروت، وج13 ص199 و200 ط مکتبة الصاوی مصر، وج2 ص308 ط بولاق مصر. مسند أحمد: ج3 ص17 و26 و59 ، وج4 ص366 و371، وج5 ص181 ط المیمنیة بمصر. وصحیح مسلم، کتاب الفضائل باب فضائل علی بن أبی طالب: ج2 ص362 ط عیسی الحلبی، وج7 ص122 ط صبیح، وج15 ص179 ط مصر بشرح النووی. ونظم درر السمطین للزرندی الحنفی ص231 و232 ط مطبعة القضاء النجف. وینابیع المودة للقندوزی الحنفی: ص29 و30 و31 و36 و38 و41 و183 و191 و296 و370 ط اسلامبول. وتفسیر ابن کثیر: ج4 ص113 ط دار احیاء الکتب العربیة مصر. ومصبابیح السنة للبغوی: ص203 و206 ط القاهرة. وج2 ص278 ط صبیح، وجامع الأصول لابن الأثیر: ج1 ص187 ح65 و66 ط مصر. والمعجم الکبیر للطبرانی: ص137. ومشکاة المصابیح: ج3 ص255 و258 ط دمشق. وإحیاء المیت للسیوطی بهامش الإتحاف: ص111 و114 و116 ط الحلبی. والفتح الکبیر للنبهانی: ج1 ص252 و451 و 503 وج3 ص385 ط دار الکتب العربیة بمصر. والشرف المؤبد للنبهانی: ص18 ط مصر. وأرجح المطالب: ص236 أو 336 ط لاهور. ورفع اللبس والشبهات للإدریسی: ص11 و15 ط مصر. والسیف الیمانی المسلول: ص10 ط الترقی بدمشق. والدر المنثور للسیوطی: ج2 ص60، وج6 ص7 و306. وذخائر العقبی ص16. والصواعق المحرقة: ص147 و226 ط المحمدیة، وص 89 ط المیمنیة مصر. المعجم الصغیر للطبرانی: ج1 ص135. أسد الغابة فی معرفة الصحابة لابن الأثیر الشافعی: ج2 ص12. وتفسیر الخازن: ج1 ص4. علم الکتاب للسید خواجة الحنفی: ص264 ط دهلی. منتخب تاریخ ابن عساکر: ج5 ص436 ط دمشق. مشکاة المصابیح للعمری: ج3 ص258. وتیسیر الوصول لابن البدیع: ج1 ص16 ط نور کشور. والتاج الجامع للأصول: ج3 ص308 ط القاهرة. مجمع الزوائد للهیثمی: ج9 ص162 و163. الجامع الصغیر للسیوطی: ج1 ص353 ط مصر. وأرجح المطالب للآمرتسری الحنفی: ص335 ط لاهور. ومناقب علی بن أبی طالب (علیه السلام) لابن المغازلی الشافعی ص234 ح281 وص235 ح283 ط طهران. والمناقب للخوارزمی الحنفی: ص223. وفرائد السمطین للحموینی الشافعی: ج2 ص143 ب33. وإسعاف الراغبین للصبان الشافعی بهامش نور الأبصار: ص108 ط السعیدیة، السیرة النبویة لزین دحلان المطبوع بهامش السیرة الحلبیة: ج3 ص330 و331 ط البهیة مصر. الطبقات الکبری لابن سعد: ج2 ص194 دار صادر بیروت. المواهب اللدنیة: ج7 ص7 ط مصر. راموز الأحادیث للشیخ احمد الحنفی: ص144 ط آستانة. الأنوار المحمدیة للنهبانی: ص435 ط الأدبیة لبنان. فرائد السمطین: ج2 ص272 ح538. وتاریخ دمشق لابن عساکر: ج2 ص36 ح534 و545. وأنساب الأشراف للبلاذری: ج2 ص110. وحلیة الأولیاء: ج1 ص355. وکن_ز العمال: ج1 ص158 ح899 و943-947 و950-953 و958 و1651 و1658 و1668. وکفایة الطالب للکنجی الشافعی: ص53 ط الحیدریة، و… أما الحدیث فی مصادر الشیعة فأکثر من ذلک، راجع مثلاً: عیون أخبار الرضا (علیه السلام) : ج2 ص62 ح259 ب31 وفیه: (قال النبی (صلی الله علیه و آله): إنی تارک فیکم الثقلین کتاب الله وعترتی ولن یفترقا حتی یردا علیّ الحوض). ومستدرک الوسائل: ج11 ص374 ب49 ح13294.

ص:11

ومن أهم الأمور بادئ ذی بدء، أن نوحّد صفوفنا ویتعرف بعضنا علی بعض، کما قال سبحانه: (وجعلناکم شعوباً وقبائل لتعارفوا)(1) ثم بعد ذلک نسیر إلی الأمام ونعید مجد الإسلام من جدید.

والمسؤول من الله سبحانه أن یوحّد کلمة المسلمین، ویعید إلی الإسلام مجده، وأن یوفّقنا جمیعاً لما یحبّ ویرضی، إنه ولیّ ذلک وهو المستعان.

                                          کربلاء المقدسة / الکویت (2)

                                          محمد بن المهدی الحسینی الشیرازی

ص:12


1- سورة الحجرات: 13 .
2- تم تألیف جزء من هذا الکتاب فی العراق / کربلاء المقدسة، والجزء الآخر فی الکویت.

فصل: الشیعة فی سطور

اشارة

ص:13

الشیعة فی سطور

- (الشیعة) هم المسلمون الذین شایعوا علیاً أمیر المؤمنین وأولاده

الطاهرین (علیهم السلام) .

- وهم أکثر من خمسمائة ملیون إنسان، منتشرون فی جمیع البلاد الإسلامیة ویشکّلون أقلّیات مختلفة العدد فی سائر بلاد العالم.. وقد تزایدوا یوماً بعد یوم وخاصة مع تبلور الأفکار الإسلامیة وفتح باب الحوار ونبذ التعصب

الأعمی.

- وهم یعتقدون بالله ربّاً، وبمحمد (صلی الله علیه و آله و سلم) نبیا، وبالإسلام دینا، وبالقرآن کتابا، وبالکعبة قبلة، وبسؤال منکر ونکیر فی القبر، وبالحساب یوم القیامة، وبالجنة والنار، وبسائر ما جاء به الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) من عند ربه.

- کما إنهم یقیمون الصلاة، ویؤتون الخمس والزکاة، ویصومون شهر رمضان، ویحجون البیت الحرام، ویوجبون الجهاد فی سبیل إعلاء کلمة الإسلام، ویأمرون بالمعروف، وینهون عن المنکر، ویوالون أولیاء الله، ویعادون أعداء الله.

- ولهم القدح المعلی فی الخیرات والمبرات، والمواظبة علی المندوبات والمستحبات، والالتزام بالفضائل، والاجتناب عن المحرمات والرذائل.

وهم یرون أن الإسلام دین کامل نزل من عند الله لسعادة البشر، فکل ما فی الإسلام یجب تطبیقه فی مختلف مجالات الحیاة، وأنه لا سعادة للبشر إلا بتطبیق قوانین الإسلام، والاستغناء عن قوانین الشرق والغرب، قال تعالی: [ومن یبتغ

ص:14

- غیر الإسلام دینا فلن یقبل منه وهو فی الآخرة من الخاسرین](1)، وفی الحدیث الشریف: (حلال محمد حلال إلی یوم القیامة، وحرامه حرام إلی یوم القیامة)(2).

- وهم یرون وجوب توحید المسلمین تحت لواء واحد، کما أمر الله سبحانه: [واعتصموا بحبل الله جمیعاً ولا تفرقوا](3)، وقال عزوجل: [ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ریحکم](4).

- کما یرون لزوم حل هذه الخلافات التی سببت الفرقة بین المسلمین علی ضوء الکتاب والسنة الصحیحة، بعیداً عن الفوارق المختلفة والعصبیات الممقوتة والأحزاب والتکتلات غیر الصحیحة بأی اسم کانت وبأی لون.

- وهم یرون أن کل قانون یخالف الإسلام حرام باطل لا یجوز العمل به، کما قال سبحانه: [ومن لم یحکم بما أنزل الله فأولئک هم الکافرون](5).

- وقد أفتی کبار علماء السنَّة بجواز الأخذ بالمذهب الشیعی(6)، ومنهم (الشیخ محمود شلتوت) شیخ الجامع الأزهر الأسبق وغیره.

- وتمتاز الشیعة بالقول بفتح باب الاجتهاد، والترکیز علی العقل فی الشریعة، مضافاً إلی الکتاب والسنة والإجماع.

- ولهم تاریخ مشرق، منذ فجر الرسالة، إلی هذا الیوم، وکان العنصر الشیعی أنشط العناصر فی تأسیس الفکر الإسلامی وبناء الحضارة الإسلامیة.

ص:15


1- سورة آل عمران: 85 .
2- بصائر الدرجات: ص148 ب13 ح7.
3- سورة آل عمران: 103 .
4- سورة الأنفال: 46 .
5- سورة المائدة: 44.
6- راجع الصفحة 173 من هذا الکتاب تحت عنوان (التشیع وعلماء السنة).

- وعندهم من المؤلفات والمصنفات(1) ما لا یدخل تحت العدّ والإحصاء.

- ولهم من المدارس والمعاهد والمکتبات والعلماء والخطباء بکثرة هائلة، فی البلاد الإسلامیة وغیر الإسلامیة.

- وقد قامت لهم دول فی مختلف البلاد(2).

- وقد بیضوا صفحات التاریخ بجهادهم الطویل ضد الکفار والصلیبیین والملحدین والصهاینة والمستعمرین.

- وکانت بینهم وبین إخوانهم السنة _ علی طول الخط _ أُخوّة وصداقة وتبادل وتآلف.

- ویتواجدون الیوم فی أکثر بلاد العالم بل فی جمیعها، ومراکز تکاثفهم هی العراق، وإیران، وبلاد الخلیج، والباکستان، والهند، وأفغانستان، ولبنان، وإندونیسیا.

- ولهم فی الحال الحاضر مراکز علمیة ومعاهد ثقافیة وعلماء بارعین فی کل من (النجف الأشرف) و(کربلاء المقدسة) و(بغداد) و(الکاظمیة) و(سامراء) و(بیروت) و(القاهرة) و(قم المقدسة) و(خراسان) و(طهران) و(کراتشی) و(بمبئی) و(جاکرتا) و(الکویت) و(قطر) و(الاحساء) و(القطیف) و(أفغانستان) و(دمشق) و(لیبیا) و(تونس) و(الجزائر) و(الأردن) و(بلاد إفریقیا) و(أوروبا) و(أمریکا) وغیرها..(3).

ص:16


1- راجع (الذریعة إلی تصانیف الشیعة) للشیخ الطهرانی.
2- راجع (دول الشیعة فی التاریخ) للشیخ مغنیة، و..
3- یمکن مراجعة المؤسسات الشیعیة وعلمائهم فی جمیع أنحاء العالم ویمکن تحصیل العناوین عبر الانترنیت أو ما أشبه.

بین الشیعة والسنة

ینقسم المسلمون فی العالم إلی شیعة هم أکثر من خمسمائة ملیون، وسنة هم بقیة المسلمین، ولا فرق بین الطائفتین فی الأصول الثلاثة التی هی:

1: التوحید

2: النبوة

3: المعاد.

فکل المسلمین یعتقدون بأن للکون إلهاً واحداً، أزلیاً أبدیاً، عالماً قادراً، حیّاً قیّوماً، لیس له شریک، وله کل الصفات الحسنة.

کما أن کل المسلمین یعتقدون بأن الله أرسل إلی البشر أنبیاء هداة مهدیین، لإرشادهم إلی الحق وإلی سعادة الدنیا والآخرة، وبأن محمد بن عبد الله (صلی الله علیه و آله)، هو خاتم الأنبیاء لا نبی بعده.

وکذلک کل المسلمین یعتقدون أن الإنسان إذا مات یفنی جسده وتبقی روحه، ثم یحیی فی یوم القیامة، فمن کان محسناً فی الدنیا کان من أهل الجنة والنعیم، ومن کان مسیئاً فی الدنیا کان من أهل العقاب والجحیم.

اما العدل فالشیعة تعتقد: أن الله سبحانه وتعالی عادل وأنه لا یظلم أحداً ولایفعل عبثاً.

وأما الإمامة فتری الشیعة أیضاً: أن نبی الإسلام محمدا (صلی الله علیه و آله و سلم) عیّن من بعده اثنی عشر خلیفة، وقال: (الخلفاء بعدی اثنا عشر)(1).

ص:17


1- انظر صحیح مسلم: ج3 ص1452 و1453 کتاب الإمارة باب الناس تبع لقریش والخلافة فی قریش. صحیح ابن حبان: ج15 ص43-45 ط2 مؤسسة الرسالة بیروت. المستدرک علی الصحیحین: ج3 ص715-716 وج4 ص546 ط دار الکتب العلمیة بیروت. مسند أبی عوانة: ج4 ص369 و370 و371 و372 و373 دار المعرفة بیروت ط1. مجمع الزوائد للهیثمی: ج5 ص190 باب الخلفاء الاثنی عشر ط دار الریان للتراث القاهرة. سنن أبی داود: ج4 ص106 ط دار الفکر. المعجم الأوسط للطبرانی: ج1 ص263 وج6 ص268 ط دار الحرمین القاهرة. مسند أحمد بن حنبل: ج5 ص86 و87 و88 و89 و90 و92 و93 و89 و100 و101 و106 و107 ط مؤسسة قرطبة مصر. مسند الطیالسی: ج1 ص106 و180 ط دار المعرفة بیروت. مسند أبی یعلی: ج13 ص456 ط دار المأمون للتراث دمشق. الآحاد والمثانی لأبی بکر الشیبانی: ج3 ص126 و128 ط دار الرایة الریاض. مسند ابن الجعد: ج1 ص390 ط مؤسسة نادر بیروت. المعجم الکبیر للطبرانی: ج2 ص195 و196 و197 و199 و206 و208 و214 و232 و253 و255 ط مکتبة العلوم والحکم الموصل. السنة لابن أبی عاصم: ج2 ص532 ط المکتب الإسلامی بیروت. السنن الواردة فی الفتن لأبی عمرو عثمان بن سعید المقرء الدانی: ج2 ص492 وج5 ص955 ط دار العاصمة الریاض. الفتن لنعیم بن حماد: ج1 ص95 ط مکتبة التوحید القاهرة. الفردوس بمأثور الخطاب لشیرویه الدیلمی: ج5 ص102 ط دار الکتب العلمیة بیروت. فتح الباری للعسقلانی الشافعی: ج13 ص211 و213 ط دار المعرفة بیروت. عون المعبود: ح11 ص245 و246 و248 ط دار الکتب العلمیة بیروت. تحفة الأحوذی للمبارکفوری: ج6 ص391 و394 ط دار الکتب العلمیة بیروت. شرح النووی علی صحیح مسلم: ج12 ص201 ط2 دار احیاء التراث العربی بیروت. تفسیر ابن کثیر: ج2 ص33 وج3 ص303 ط دار الفکر بیروت. أما فی مصادر الشیعة فورد کثیراً.

وقال (صلی الله علیه و آله و سلم) : (من مات ولم یعرف إمام زمانه مات میتةً جاهلیة)(1).

ص:18


1- مسند أحمد: ج4 ص96 ط مؤسسة قرطبة مصر، وفیه: (من مات بغیر امام مات میتة جاهلیة). ومثله فی مسند الشامیین للطبرانی: ج2 ص437 ط مؤسسة الرسالة بیروت. ومثله فی مسند الطیالسی: ج1 ص259 ط دار المعرفة بیروت. ومسند أبی یعلی: ج13 ص366 ط دار المأمون للتراث دمشق، وفیه: (من مات ولیس علیه إمام مات میتة جاهلیة). والمعجم الکبیر للطبرانی: ج19 ص388 ط مکتبة العلوم والحکم الموصل. السنة لأبی عاصم: ج2 ص503 ط المکتب الإسلامی بیروت. تفسیر ابن کثیر: ج1 ص518 ط دار الفکر بیروت، وفیه: (من مات ولیس فی عنقه بیعة مات میتة الجاهلیة). وصحح ابن حبان: ج10 ص434 ط مؤسسة الرسالة بیروت، وفیه: (من مات ولیس له إمام مات میتة جاهلیة). والأحادیث المختارة للحنبلی المقدسی: ج8 ص198 ط مکتبة النهضة الحدیثة مکة المکرمة، وفیه: (من مات ولیست علیه طاعة مات میتة جاهلیة). ومجمع الزوائد: ج5 ص218 و219 و223 و224 و225، ط دار الریان للتراث القاهرة، رواه بألفاظ مختلفة. مسند ابن أبی شیبة: ج7 ص457 ط مکتبة الرشد الریاض. المعجم الأوسط للطبرانی: ج6 ص70 وج7 ص287 ط دار الحرمین القاهرة. حلیة الأولیاء: ج3 ص224.

وهؤلاء الخلفاء سمّاهم الرسول (صلی الله علیه و آله) بأسمائهم(1)، وهم بالتسلسل:

1: الإمام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام).

2: الإمام المجتبی الحسن بن علی (علیه السلام).

3: الإمام الشهید الحسین بن علی (علیه السلام).

4: الإمام السجاد علی بن الحسین (علیه السلام).

5: الإمام الباقر محمد بن علی (علیه السلام).

6: الإمام الصادق جعفر بن محمد (علیه السلام).

7: الإمام الکاظم موسی بن جعفر (علیه السلام).

8: الإمام الرضا علی بن موسی (علیه السلام).

9: الإمام الجواد محمد بن علی (علیه السلام).

10: الإمام الهادی علی بن محمد (علیه السلام).

11: الإمام العسکری الحسن بن علی (علیه السلام).

12: الإمام المنتظر المهدی بن الحسن (علیه السلام).

والخلیفة الأخیر من هؤلاء الأطهار هو الإمام المهدی المنتظر (عجل الله فرجه) حیّ فی دار الدنیا، غائب عن الأنظار، وسیظهر فی آخر الزمان عندما یأذن الله له، لیملأها قسطاً وعدلاً، بعد ما مُلِئَتْ ظلماً وجوراً، وتتوحّد العباد والبلاد تحت لوائه فی حکومة إسلامیة واحدة مزدهرة بإذن الله تعالی، وقد ورد النص علیه متواتراً من

ص:19


1- راجع ینابیع المودة للقندوزی الحنفی، ص529 الباب السادس والسبعون فی بیان الأئمة الاثنی عشر بأسمائهم. وأیضاً فرائد السمطین: ج2 ص132 الحدیث 431. وغایة المرام : ص743 الحدیث57.

النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) (1) .

والشیعة قد أقاموا الأدلة والبراهین علی هذین الأصلین (العدل والإمامة) من العقل والنقل.

أما فروع الإسلام أعنی العبادات والمعاملات وسائر القوانین والأحکام، فقد قال المسلمون الشیعة إن مصدرها أربعة:

أ: القرآن الحکیم، وهو هذا الکتاب الذی بین یدی المسلمین لم یزد فیه ولم ینقص منه شیء.

ب: السنة المطهرة الواردة عن النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) وآله الطاهرین (علیه السلام).

ج: إجماع المسلمین.

د: العقل.

وقالوا إن باب الاجتهاد مفتوح، فمن استنبط _ بشرائطه _ من هذه المصادر الأربعة حکماً من الأحکام الشرعیة فله أن یعمل به.

ص:20


1- راجع کتاب (المهدی فی السنة) لآیة الله السید صادق الشیرازی.

فصل: التعریف بالشیعة

اشارة

ص:21

من هم الشیعة؟

الشیعة: مأخوذة من (المشایعة) بمعنی المتابعة، وأطلقت کلمة «الشیعة» فی القرآن علی أتباع نوح (علیه السلام) حیث قال تعالی: (وإن من شیعته لإبراهیم)(1).

وأطلقها النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) علی أتباع الإمام علی (علیه السلام) وسماهم بهذا الإسم، کما رواه المؤرخون والمحدثون شیعة وسنة فی کتبهم، أن النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) قال: «یا علی أنت وشیعتک الفائزون»(2).

ص:22


1- سورة الصافات: 83 .
2- قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) مشیراً إلی علی بن أبی طالب (علیه السلام) : (والذی نفسی بیده ان هذا وشیعته لهم الفائزون یوم القیامة) راجع تاریخ دمشق لابن عساکر الشافعی ج2 ص442 ح951، وص 348 ح849 و851. المناقب للخوارزمی الحنفی : ص62. شواهد التنزیل للحسکانی الحنفی: ج2 ص362 ح1139. کفایة الطالب للکنجی الشافعی: ص245 و313 و314. الدر المنثور للسیوطی الشافعی: ج6 ص379. فرائد السمطین: ج1 ص156. وانظر: کنوز الحقائق: ص92، وفیه عنه (صلی الله علیه و آله): (علی وشیعته هم الفائزون یوم القیامة). والهیثمی فی مجمعه: ج1 ص131. والصواعق المحرقة: ص96. وتذکرة الخواص للسبط ابن الجوزی الحنفی: ب2 ص56. والفردوس بمأثور الخطاب لابن شیرویه الدیلمی: ج3 ص61 ط دار الکتب العلمیة بیروت. وفی حدیث قال (صلی الله علیه و آله) (السابقون إلی ظل العرش یوم القیامة طوبی لهم، قال من هم؟ قال (صلی الله علیه و آله): هم شیعتک یا علی ومحبوک) شرح الزرقانی: ج4 ص441 ط دار الکتب العلمیة بیروت. وفی حدیث آخر قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): (یا علی ان الله قد غفرلک ولذریتک ولولدک ولأهلک ولشیعتک فأبشر فإنک الأنزع البطین) الفردوس بمأثور الخطاب لابن شیرویه الدیلمی: ج5 ص329 ط دار الکتب العلمیة بیروت. وفی حدیث قال (صلی الله علیه و آله): (فاستغفرت لعلی وشیعته) مجمع الزوائد للهیثمی: ج9 ص172 ط دار الریان للتراث القاهرة. والمعجم الأوسط للطبرانی: ج4 ص212 ط دار الحرمین القاهرة. أما ما ورد فی مصادر الشیعة فکثیر، انظر: بحار الأنوار: ج36 ص283 و284 ب41 ح106. الارشاد: ج1 ص41، وکشف الغمة: ج1 ص53.

فکان أتباع الإمام علی (علیه السلام) یعرفون بهذا الاسم منذ أیام رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ، فالرسول (صلی الله علیه و آله) هو أول من أطلق علیهم هذا الاسم علیهم.

وحیث أن کلام الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) وحی من الله تعالی إذ قال سبحانه فی القرآن الحکیم: (وما ینطق عن الهوی * إن هو إلا وحی یوحی)(1) فتسمیة الشیعة بهذا الاسم إنما هو وحی من الله تعالی.

و(الشیعة) هم المسلمون الذین شایعوا واتبعوا الإمام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام) وأولاده الطاهرین (علیهم السلام) بعد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ، إتباعاً للرسول الأکرم (صلی الله علیه و آله و سلم) حیث قال قبل وفاته: «إنی یوشک أن أدعی فأجیب، وإنی تارکٌ فیکم الثقلین، ما إن تمسکتم بهما لن تضلّوا من بعدی أبداً، کتاب الله وعترتی أهل بیتی»(2).

وقال (صلی الله علیه و آله): «علی مع الحق والحق مع علی»(3).

ص:23


1- سورة النجم: 3 _ 4 .
2- راجع صحیح مسلم، کتاب الفضائل، باب فضائل علی بن أبی طالب (علیه السلام) ج2 ص362 ط عیسی الحلبی، وج15 ص179-180 ط مصر بشرح النووی، وللتفصیل انظر الهامش فی الصفحة 12 من هذا الکتاب.
3- وردت عدة أحادیث بهذا المعنی، قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): (علی مع الحق والحق مع علی، ولن یفترقا حتی یردا علی الحوض یوم القیامة) انظر: تاریخ بغداد للخطیب البغدادی: ج14 ص321، ترجمة الإمام علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق لابن عساکر الشافعی: ج3 ص119 ح1162. غایة المرام: ص539 ب45. الإمامة والسیاسة لابن قتیبة: ج1 ص73 ط مصر، ومنتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد: ج5 ص30، فرائد السمطین للحموینی: ج1 ص177. ارجح المطالب لعبید الله الحنفی: ص598 ط لاهور. المناقب للخوارزمی: ص110 ط الحیدریة. المعجم الصغیر للطبرانی: ج1 ص55. کفایة الطالب للکنجی الشافعی ص399 ط الحیدریة. مجمع الزوائد للهیثمی: ج9 ص134. الصواعق المحرقة لابن حجر: ص74 و75 ط المیمنیة مصر. تاریخ الخلفاء للسیوطی: ص173. ط السعادة مصر. اسعاف الراغبین بهامش نور الأبصار: ص157 ط السعیدیة. نور الأبصار للشبلنجی: ص73. ینابیع المودة للقندوزی الحنفی: ص40 و90 و185 و237 و283 و285 ط اسلامبول. غایة المرام: 540 ب 45. فیض القدیر للشوکانی: ج4 ص358. الجامع الصغیر للسیوطی: ج2 ص56. فرائد السمطین للحموینی: ج1 ص177 ح140. أسنی المطالب: ص136. أرجح المطالب لعبید الله الحنفی: ص597 و598 ط لاهور. الفتح الکبیر للنبهانی: ج2 ص242 ط مصر. وقال رسول الله (صلی الله علیه و آله) مشیرا إلی علی بن أبی طالب (علیه السلام) : (الحق مع ذا، الحق مع ذا) رواه أبو سعید الخدری، انظر: ترجمة الإمام علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق لابن عساکر: ج3 ص119 ح1161. مجمع الزوائد للهیثمی: ج7 ص35. وقال (صلی الله علیه و آله): (رحم الله علیا، اللهم أدر الحق معه حیث دار)، انظر: صحیح الترمذی: ج5 ص633 ح3713 ط دار إحیاء التراث العربی بیروت. المستدرک علی الصحیحین للحاکم النیسابوری: ج3 ص134 ط دار الکتب العلمیة بیروت. المناقب للخوارزمی الحنفی: ص56. المعجم الأوسط للطبرانی: ج6 ص95 ط دار الحرمین القاهرة. ترجمة الإمام علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق لابن عساکر: ج3 ص117 ح1159 و1160. مسند البزار: ج3 ص52 ط مؤسسة علوم القرآن بیروت. غایة المرام: ص539. مسند أبی یعلی: ج1 ص418 ط دار المأمون للتراث دمشق. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: ج2 ص572 ط بیروت. منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد: ج5 ص62. ط المیمنیة مصر، الفتح الکبیر للنبهانی: ج2 ص131، جامع الأصول لابن الأثیر: ج9 ص420. فرائد السمطین للحموینی: ج1 ص176. المحاسن والمساوئ للبیهقی: ص41 ط بیروت، الانصاف للباقلانی: ص58 ط القاهرة، تاریخ الإسلام للذهبی: ج2 ص198 ط مصر. أرجح المطالب للشیخ عبید الله الحنفی: ص599 ط لاهور. وقال (صلی الله علیه و آله): (الحق مع علی بن أبی طالب حیث دار)، فرائد السمطین للحموینی: ج1 ص177 ح139.

وقال رسول الله (صلی الله علیه و آله): (ستکون من بعدی فتنة، فإذا کان ذلک فالزموا علیّ بن أبی طالب، فإنّه أوّل من یرانی وأول من یصافحنی یوم القیامة وهو معی فی السماء الأعلی وهو الفاروق بین الحق والباطل) (1).

وقال (صلی الله علیه و آله): (سیکون بعدی فتنة، فإذا کان ذلک فالزموا علیّ بن أبی طالب فإنه الفاروق بین الحق والباطل) (2).

وقال (صلی الله علیه و آله): (تکون بین الناس فرقة واختلاف فیکون هذا _ یعنی علیّاً (علیه السلام) _

ص:24


1- تاریخ دمشق لابن عساکر، ترجمة الإمام علی بن أبی طالب: ج42 ص450 الرقم: 9026.
2- المناقب للخوارزمی: ص105 الحدیث 108.

وأصحابه علی الحق) (1).

وتسمی الشیعة ب_ (الإمامیة) أیضا، لأنهم یعتقدون بإمامة علی أمیر المؤمنین وأولاده الأحد عشر (علیهم السلام) .

وتسمی ب_ (الجعفریة) لاتباعهم فی الحلال والحرام أئمة أهل البیت (علیهم السلام) ، حیث إنهم (علیهم السلام) أعلم بکتاب الله، وأدری بما قاله رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) .. وسادسهم الإمام جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام) وقد تمکّن من نشر العلوم الإسلامیة أصولاً وفروعاً وآداباً وأخلاقاً باستیعاب وشمول أکثر، بما لم تسمح الظروف لسائر الأئمة (علیهم السلام) بهذا القدر من النشر، والشیعة أخذوا منه (علیه السلام) أکثر معالم الدین ولذا نسبوا إلیه، وأما سائر الأئمة (علیه السلام) فلم تتاح لهم الفرصة بذلک المقدار، فکانوا یلاقون من الاضطراب کما فی زمان أمیر المؤمنین علی والحسن والحسین (علیهم السلام) أو الکبت والإرهاب من أیدی الخلفاء الأمویین والعباسیین، لکن الإمام الصادق (علیه السلام) عاصر فترة أفول دولة بنی أمیة وظهور دولة بنی العباس حیث اغتنم الفرصة لنشر حقائق الإسلام بصورة واسعة.

کما تسمی الشیعة ب_ (الإثنی عشریة) لأنهم یعتقدون بإمامة الأئمة الإثنی عشر (علیهم السلام) ، وقد قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): (الخلفاء بعدی اثنا عشر)(2).

فالطائفة الشیعیة: صیغة عملیة للإسلام، کما طرحه النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) وأهل بیته الطاهرون (علیهم السلام) ، وبقیة الطوائف الإسلامیة صیغ عملیة للإسلام کما طرحها

أئمتها.

ص:25


1- کنز العمال: ج6 ص157.
2- انظر الهامش  فی الصفحة 20-21 من هذا الکتاب

فصل: الإسلام فی نظر الشیعة

اشارة

الإسلام _ فی نظر الطائفة الشیعیة _ :

«عقیدة»

و«شریعة»

و«نظام»:

ص:26

1. عقیدة الشیعة

تعتقد الشیعة بالله ربّاً عادلاً لا شریک له .

وبمحمدٍ (صلی الله علیه و آله) نبیاً.

وبالإسلام دیناً.

وبالقرآن کتاباً.

وبالکعبة قبلةً.

وأنّ ما جاء به محمد (صلی الله علیه و آله) من عند ربه حقّ.

وأن الله یبعث من فی القبور.

وأن الجنة والنار حق.

وأن الإنسان مخیّر فی الحیاة (بدون جبر ولا تفویض) فإن أحسن فله الثواب وإن أساء فعلیه العقاب.

وتعتقد الشیعة أن الإسلام کامل غیر منقوص، کما أنزله الله وبلّغ عنه رسوله الأمین (صلی الله علیه و آله و سلم) وخلفاؤه الطاهرین (علیهم السلام) .

وهو الدین الوحید الذی یجب الالتزام به عقیدةً وعملاً، وأن أی انحرافٍ عنه یوجب بلاء الدنیا وعناء الآخرة، وأن الالتزام به یوجب سیادة الدنیا وسعادة

الآخرة.

وهو دین کامل یقیّم الإنسان ککل، فیعنی بتربیة الروح کما یعنی بتربیة الجسد، ویهتم بالقیم کما یهتم بالنظم.

وأصول الدین _ عند الشیعة _ خمسة:

ص:27

1: التوحید

2: العدل

3: النبوة

4: الإمامة

5: المعاد.

والتوحید: هو أن الله واحد لا شریک له ولا نظیر، کما قال تعالی: [قل هو الله أحد* الله الصمد * لم یلد ولم یولد * ولم یکن له کفواً أحد](1).

والعدل: هو أن الله عادل، لا یظلم ولا یقرّ الظلم.

والنبوة: هی أن الله بلطفه أرسل أنبیاء إلی الناس لإیضاح سبیل الخیر والشر وتوجیه الناس إلی الخیر ومنعهم من الشر.

والإمامة: هی أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) نصب _ بأمر من الله _ من بعده خلفاءه الاثنی عشر، وعیّنهم(2) واحداً بعد واحد، ونص علیهم بالاسم واللقب وأسماء الآباء والأمهات، کما عین کل إمام الإمام الذی بعده، فیجب اتباعهم وأخذ معالم الدین عنهم، وقد سبق أسماؤهم الشریفة(3).

والمعاد: هو أن الله تعالی یعید الخلق یوم القیامة لیثیب المحسن ویعاقب المسیء [فمن یعمل مثقال ذرة خیراً یره *ومن یعمل مثقال ذرة شراً یره](4).

وتفصیل هذه الأصول الخمسة مذکورة فی کتب وموسوعات شیعیة، مثل کتاب:

ص:28


1- سورة التوحید: 1_ 4.
2- راجع الهامش فی الصفحة 22 من هذا الکتاب.
3- انظر الصفحة 22 من هذا الکتاب.
4- سورة الزلزلة: 7و8.

(شرح التجرید) (1).

و (عبقات الأنوار) (2).

و (الغدیر) (3).

و (الفصول المهمة) (4).

و (المراجعات) (5).

وغیرها من ألوف الکتب التی کتبها علماء الشیعة بهذا الصدد.

ص:29


1- للعلامة الحلی رحمه الله (648 _ 726 ه_).
2- عبقات الأنوار فی إثبات إمامة الأئمة الأطهار، للعلامة میر حامد حسین الهندی (1241-1306ه_ = 1830-1888م) یقع الکتاب فی مائة مجلد حسب التجزئة الأخیرة، وقد رتبه علی منهجین : الأول فی اثبات دلالة الآیات القرآنیة علی الإمامة، والمنهج الثانی فی اثبات دلالة الأحادیث الاثنی عشر علی الإمامة.
3- للعلامة الشیخ الأمینی (1320-1390ه_) یقع الکتاب فی أکثر من عشرین مجلداً طبع منه أحد عشر مجلدا.
4- للعلامة السید عبد الحسین شرف الدین (1290-1377ه_ = 1957م).
5- للعلامة السید شرف الدین.

2: الشریعة عند الشیعة

اشارة

الشریعة عند الشیعة، هی:

ألف: العبادات، وهی الأعمال التی یُتقرّب بها إلی الله، ومنها: الصلاة، والصوم، والخمس، والزکاة، والحج، والجهاد، والطهارة، والاعتکاف، والأمر بالمعروف، والنهی عن المنکر..

ب: المعاملات، کالبیع والإجارة والوقف والرهن و..

ج: الأخلاق، وهی:

الفضائل التی ندب إلیها الإسلام وجوباً أو استحباباً، مثل: الصدق، والأمانة، والشجاعة، والمروءة، والنشاط، وأمثالها..

والرذائل تقابل الفضائل، وهی التی نفّر عنها الإسلام حرمة أو کراهة، مثل: الخیانة، والکذب، والجبن، والخمول، والإفساد، وغیرها..

د: الآداب، وهی الأعمال التی اعتبرها الإسلام أدباً، کآداب النوم، وآداب الیقظة، وآداب الزواج، وآداب المجلس، وآداب السفر، وغیرها..

ه_: الأحکام وهی مشتملة علی الواجبات والمحرمات والمستحبات والمکروهات والمباحات، کما تنقسم إلی التکلیفیة والوضعیة، مثل أحکام الزواج والطلاق والمواریث والقضاء والحدود والدیات.

ص:30

الأحکام الخمسة

والأحکام خمسة أنواع، هی:

1: الواجب.

2: الحرام.

3: المستحب.

4: المکروه.

5: المباح.

فالواجبات: هی الأمور التی فرضها الإسلام، مثل الصلاة، والصوم، والزکاة، والحج، والجهاد.

والمحرّمات: هی الأمور التی منعها الإسلام، مثل شرب الخمر، وأکل لحم الخنزیر، ولعب القمار، وتعاطی الربا، وارتکاب الزنا.

والمستحبات: هی الأمور التی ندب إلیها الإسلام مع جواز الترک، مثل النوافل الیومیة، والصدقة المستحبة، وقضاء حوائج الناس.

والمکروهات: هی الأمور التی کرهها الإسلام مع عدم المنع عن النقیض، مثل الطلاق.

والمباحات: هی الأمور التی یتساوی فعلها وترکها فی نظر الإسلام، کشرب الماء.

ص:31

مصادر الشریعة

وتعتقد الشیعة بأن مصادر التشریع التی یجب أخذ الأحکام الشرعیة عنها أربعة، هی:

1: القرآن الحکیم.

2: السنة المطهرة، وهی قول رسول الله (صلی الله علیه و آله) وفعله وتقریره، وکذلک قول أهل بیته المعصومین (علیهم السلام) وفعلهم وتقریرهم.

3: الإجماع(1).

4: العقل، حیث ورد: (إن لله حجتین: حجة ظاهرة هم الأنبیاء، وحجة باطنة هی العقل)(2).

فتأخذ الشیعة تشریعها من القرآن الکریم وروایات الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) وأهل بیته الطاهرین (علیه السلام) عملا بحدیث الثقلین(3).

وتعتبر أن هذه الأربعة مصادر التشریع الإسلامی، ولا یجوز لأی فرد أو جماعة أن یشرّع قانوناً یخالفها، فأیّ تشریع آخر یکون باطلاً، قال تعالی:(ومن لم یحکم بما أنزل الله فأولئک هم الکافرون)(4).

وقد ورد عن الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله و سلم) وآل بیته الأطهار (علیه السلام) من التفسیر والفقه

ص:32


1- أی إجماع المسلمین بما فیهم المعصوم (علیه السلام).
2- راجع الکافی: ج1 ص16 ح12، وبحار الأنوار: ج1 ص300 ب25 ح3، وفیه: (إن لله علی الناس حجتین حجة ظاهرة وحجة باطنة فأما الظاهرة: فالرسول والأنبیاء والأئمة، وأما الباطنة فالعقول).
3- انظر الهامش فی الصفحة 12 من هذا الکتاب.
4- سورة المائدة: 44 .

والحدیث، وأحوال المبدأ والمعاد، والأصول والفروع، وسائر أبواب العلم مالا یحصی کثرة من الأحادیث، حتی إن العلامة المجلسیƒ (رحمة الله) جمع جملة منها فی أکثر من مائة مجلّد وأسماه (بحار الأنوار).. وفی هذه الأحادیث غنیً وکفایة لإسعاد المسلمین بل البشر أجمع فی الدنیا والآخرة.

الحکم فی الإسلام

وتعتقد الشیعة بأن للحکم فی نظر الإسلام جانبان:

1: جانب ثابت فیما یتعلق ب_ (الحاکم) و ب_ (القانون).

فیجب أن یکون الحاکم (رجلاً) (مؤمناً) (طاهر المولد) (فقیهاً) _ بالمعنی المصطلح لکلمة الفقیه _ (قادراً علی إدارة الشؤون المنوطة به).

کما یجب أن یکون القانون (مستنبَطاً) _ بالمعنی المصطلح لکلمة الاستنباط _ من مصادر الشریعة الأربعة.

2: وجانب متطور فیما یتعلق بطریقة تنفیذ الأحکام الشرعیة.

وهذا الجانب خاضع للاجتهاد، وللفقهاء المراجع إبداء رأیهم فی ذلک حسب الموازین المقررة الشرعیة.

ص:33

القوة الإسلامیة

کما تعتقد الشیعة: بأن الجهاد واجب کفائی، والدفاع واجب عینی، فتجب علی الدولة الإسلامیة تعبئة العدد الکافی من المسلمین _ بالطرق المذکورة فی

الفقه الإسلامی _ حتی تکون لهم أمنع قوة تستطیع حمایتهم وحمایة مصالحهم أینما کانوا.

ولیست القوة التی یجب توفیرها هی القوة العسکریة فحسب، وإنما هی القوة العلمیة والاقتصادیة والصناعیة وغیرها، لیتحقق الحدیث الشریف: (الإسلام یعلو

ولا یُعلی علیه)(1).

مصادر الثروة العامة

وتعتقد الشیعة بأن مصادر الثروة العامة هی: (الخمس) و (الزکاة) و (الجزیة) و (الخراج) و (المقاسمة) و (التجارة) وما إلیها.

وتصرف فی تأمین (المصالح العامة) وسدّ (العجز الفردی) حتی لا یکون فی ظل حکم الإسلام مصلحة عامة معطلة ولا فقیر یعانی نقصاً فی حاجاته الضروریة.

وتعتقد بأن الإسلام یقرّ (الملکیة الفردیة) بشرط أن یکتسب المال من الحلال، وأن یدفع المالک حق الله علیه، فلا یجوز الاستیلاء علی أموال الناس تحت أی شعار کان.

ص:34


1- غوالی اللئالی: ج1 ص 226 ح 118، ونهج الحق: ص 515 .

وفی نفس الوقت یصون الإسلام حق العامل والفلاح إلی جانب حق صاحب العمل وصاحب الأرض، حتی لا یکون تضخم أو إقطاع، ولا تکون سخرة أو اضطهاد.

الحریة الإسلامیة

وتعتقد الشیعة بأن الحریة من الأهداف الأساسیة للإسلام، فقد بعث الله نبیه الکریم (صلی الله علیه و آله و سلم) ل_ (یضع عنهم إصرهم والأغلال التی کانت علیهم)(1).

فللمسلم الحریة الکاملة فی (إبداء رأیه لساناً وقلماً).

کما له الحریة الکاملة فی (معاملاته) و (أسفاره) و (زواجه) و (تجارته).

کما أن للمرأة الحریة المتکافئة مع ترکیبتها الجسدیة والنفسیة حسب ما قرره الشرع، حیث قال تعالی:  (ولهن مثل الذی علیهن بالمعروف)(2) .

وهذه الحریة الواسعة التی منحها الإسلام لشعوبه، هیّأ المناخ النفسی والعملی لنجاح جهوده الرامیة إلی تنمیة المجتمع الإسلامی وازدهاره.

فأولاً: کافح عوامل التخلف الأربعة، وهی:

1: الجهل، فقد عمل علی تعمیم الثقافة بجعل التعلیم إجباریاً فی مرحلة التفقه فی الدین، کما فی الحدیث: (طلب العلم فریضة علی کل مسلم ومسلمة)(3).. وبتشجیع التوسع فی العلوم المختلفة، ففی الحدیث: (لو علم الناس ما فی طلب العلم لطلبوه ولو بخوض اللجج وبسفک المهج)(4) .

ص:35


1- سورة الأعراف: 157.
2- سورة البقرة: 228.
3- کن_ز الفوائد: ج2 ص 107 .
4- غوالی اللئالی: ج4 ص 61 ح9 .

وفی الحدیث: (إن الملائکة لتضع أجنحتها لطالب العلم)(1)، إلی غیرها من الروایات الکثیرة.

2: الفقر، حیث منع من البطالة وشجّع القادرین علی العمل، وألزم الدولة بکفالة العاجزین عن العمل.

3: المرض، حیث قرر فی صلب الشریعة أحکاماً للوقایة من کثیر من الأمراض، والعلاج لکثیر من الأمراض، بالإضافة إلی أنه عمل علی تعمیم الطب، ففی الحدیث: (العلم علمان: علم الأدیان، وعلم الأبدان)(2) .

4: الرذیلة، حیث أسّس المجتمع بشکل لا یضطرّ فیه أحد إلی اقتراف الرذیلة، وجعل العقوبات الرادعة لمرتکبیها مع توفر الشروط المقررة.

وثانیاً: عمل علی إشاعة الاستقرار والسلام، حتی یتهیّأ الجو لازدهار الصناعة والتجارة والزراعة والعمارة و...

کما أن الإسلام أطلق کل الطاقات لتساهم فی تشجیع التنمیة:

فأطلق الطاقة البشریة، حیث سهّل الزواج ومنع الزنا.

وأرسی دعائم الأسرة، وشجّع تکثیر النسل، لتکون الأمة الإسلامیة أضخم أمة کما هی أقوی أمة.

وأطلق طاقات الأرض والماء، ف_ (الأرض لله ولمن عمرها)(3)، والماء لمن سبق إلی حیازته واستهلاکه، وفی وسع کل مسلم أن یعمر أو یزرع ما استطاع من الأرض.

وأطلق طاقة العمل، إذ لا حدود بین البلاد الإسلامیة، فکل الرقعة الإسلامیة من الأرض مجال فسیح لکل المسلمین، ومن حق أی مسلم أن یسافر ویعمل

ص:36


1- الکافی: ج1 ص 34 ح1 .
2- بحار الأنوار: ج1 ص 220 ب 6 ح 52 .
3- الاستبصار: ج3 ص108 ب72 ح3 .

ویسکن أینما شاء منها.

والمسلمون کلهم أخوة فی الله.

فلا طائفیة ولا إقلیمیة ولا قبلیة ولا قومیة ولا عنصریة فی الإسلام.

هذه هی الخطوط العامة لأفکار الشیعة فی مختلف المجالات، وهذه هی الأسس التی ارتفع علیها کیان المسلمین یوم ارتفع شامخاً یناطح السحاب، وواسعاً لا یجتازه السحاب..

ص:37

3: النظام الإسلامی عند الشیعة

تعتقد الشیعة بأن النظام هو الأحکام التی تقنّن حیاة الإنسان من قبل الولادة إلی ما بعد الوفاة، وتنظم المجتمع، وتسعی لعمارة الأرض، وتقدم الحیاة، وتوجب إسعاد الإنسان فی الدنیا والآخرة، مثل أحکام البیع، والإجارة، والتجارة، والسیاسة، والاقتصاد، والجیش، والدولة، والزراعة، والعمارة، والرهن، والسفر، والإقامة، والأمن، والنکاح، والطلاق، والقضاء، والشهادات، والدیات، والمواریث، وغیرها..

وللتدلیل علی شمولیة الإسلام، وتلبیته لکل حاجات الإنسان والمجتمع، نقتطف بعض نصوص القرآن والسنة التی تضع الخطوط العریضة للفکر الإسلامی فی کل مجالات الحیاة، ولنقتصر علی المجالات التالیة:

1: العقیدة

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [قولوا آمنا بالله وما أنزل إلینا وما أنزل إلی إبراهیم وإسماعیل وإسحاق ویعقوب والأسباط وما أوتی موسی وعیسی وما أوتی النبیون من ربهم](1).

ص:38


1- سورة البقرة: 136 .

2: العبادة

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [وما خلقت الجن والإنس إلا لیعبدون](1).

3: الثقافة

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [هل یستوی الذین یعلمون، والذین لایعلمون](2).

وفی الحدیث الشریف: (طلب العلم فریضة علی کل مسلم ومسلمة)(3) .

4: المساواة، فلا تفرقة عنصریة

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [إن أکرمکم عند الله أتقاکم](4).

وفی الحدیث: (الناس سواسیة کأسنان المشط)(5) .

5: السلام

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [یا أیها الذین آمنوا ادخلوا فی السّلم

کافّة](6).

6: الکرامة

ص:39


1- سورة الذاریات: 56 .
2- سورة الزمر: 9 .
3- مستدرک الوسائل: ج17 ص 249 ب4 ح21250 .
4- سورة الحجرات: 13 .
5- راجع بحار الأنوار: ج78 ص251 ح108 ب23، وفیه: (الناس سواء کأسنان المشط).
6- سورة البقرة: 208 .

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [ولقد کرّمنا بنی آدم وحملناهم فی البرّ والبحر ورزقناهم من الطیّبات](1) .

7: التجارة

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [یا أیها الذین آمنوا لا تأکلوا أموالکم بینکم بالباطل إلا أن تکون تجارة عن تراض منکم](2) .

8: السیاسة

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [وأمرهم شوری بینهم](3).

وفی الحدیث: (جعلکم... ساسة العباد)(4) .

9: الجیش والقوة

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة](5) .

10: غزو الفضاء

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [یا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لاتنفذون إلا بسلطان](6).

وفی الحدیث: (لو کان العلم فی الثریا لناله رجال)(7).

ص:40


1- سورة الإسراء: 70 .
2- سورة النساء: 29 .
3- سورة الشوری: 38 .
4- الدعاء والزیارة ص995، زیارة الجامعة الکبیرة.
5- سورة الأنفال: 60 .
6- سورة الرحمن: 33 .
7- راجع قرب الاسناد: ص52.

وفی حدیث آخر: (إنی أعلم بطرق السماء من طرق الأرض)(1).

11: المحبة

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [وجعل بینکم مودّة ورحمة](2) .

12: الحریة

قال سبحانه فی القرآن الحکیم فی وصف النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) : [ویضع عنهم إصرهم والأغلال التی کانت علیهم](3).

وفی الحدیث: (لا تکن عبد غیرک وقد جعلک الله حرّاً)(4) .

وفی القاعدة الإسلامیة: (الناس مسلّطون علی أموالهم وأنفسهم)(5) .

13: استئصال الجریمة

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [ولا تعتدوا](6).

وقال سبحانه:[فمن اعتدی بعد ذلک فله عذاب ألیم](7) .

وقال تعالی: [إنما جزاء الذین یحاربون الله ورسوله ویسعون فی الأرض فساداً أن یقتلوا أو یصلبوا أو تقطع أیدیهم وأرجلهم](8).

ص:41


1- راجع بحار الأنوار: ج39 ص108 ح13 ب76.
2- سورة الروم: 21 .
3- سورة الأعراف: 157 .
4- مستدرک الوسائل: ج7 ص231 ح8116 باب 33، فی وصیته لابنه الحسن (علیهما السلام).
5- راجع موسوعة الفقه کتاب القواعد الفقهیة : ص 135 _ 140.
6- سورة البقرة: 190، والمائدة: 87 .
7- سورة البقرة: 178، والمائدة: 94 .
8- سورة المائدة: 33 .

14: النظافة

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [إن الله یحبّ التوابین ویحبّ المتطهّرین](1).

وفی الحدیث: (النظافة من الإیمان)(2) .

15: الجمال

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [خذوا زینتکم عند کل مسجد](3).

وفی الحدیث: (إن الله جمیل یحبّ الجمال)(4) .

16: الصحّة

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [وکلوا واشربوا ولا تسرفوا](5).

وفی الحدیث: (صوموا تصحّوا)(6).

و: (حجّوا تصحّوا)(7).

و: (سافروا تصحّوا)(8).

17: الاستفادة من طاقات الکون

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [وسخّر لکم الشمس والقمر دائبین وسخّر

ص:42


1- سورة البقرة: 222 .
2- مستدرک الوسائل: ج16 باب 92 ص319 ح20016، عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) .
3- سورة الأعراف: 31 .
4- الکافی: ج6 ص438 ح1، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام).
5- سورة الأعراف: 31 .
6- مستدرک الوسائل: ج7 باب 1 ص502 ح8744، عن النبی (صلی الله علیه و آله) .
7- راجع وسائل الشیعة: ج11 ب1 ص15 ح14126، وفیه: (حجوا واعتمروا تصح أجسامکم).
8- من لا یحضره الفقیه: ج2 ص265 ح2387 باب 2، عن النبی (صلی الله علیه و آله) .

لکم اللیل والنهار  * وآتاکم من کلّ ما سألتموه](1) .

18: الصلح والإصلاح

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [والصلح خیر](2).

وقال تعالی: [وإن طائفتان من المؤمنین اقتتلوا فأصلحوا بینهما](3).

وقال سبحانه: [إن یریدا إصلاحاً یوفّق الله بینهما](4).

19: التعاون

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [وتعاونوا علی البرّ والتقوی](5).

20: الاتحاد

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [وإن هذه أمتکم أمة واحدة](6).

وقال تعالی: [ولا تفرّقوا](7).

وقال سبحانه: [ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ریحکم](8).

21: العمل

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [وقل اعملوا](9).

ص:43


1- سورة إبراهیم: 33 _ 34 .
2- سورة النساء: 128 .
3- سورة الحجرات: 9 .
4- سورة النساء: 35 .
5- سورة المائدة: 2 .
6- سورة (المؤمنون): 52 .
7- سورة آل عمران: 103 .
8- سورة الأنفال: 46 .
9- سورة التوبة: 105 .

وفی الحدیث: (الکادّ علی عیاله کالمجاهد فی سبیل الله)(1).

22: الفضیلة والأخلاق الطیبة

قال سبحانه فی القرآن الحکیم فی شأن النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) : [ویزکّیهم ویعلّمهم الکتاب والحکمة](2).

وقال تعالی: [وإنّک لعلی خلق عظیم](3).

وفی الحدیث الشریف عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) : (إنما بعثت لأتمّمَ مکارم الأخلاق)(4).

23: الاطمئنان وعدم القلق

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [ألا بذکر الله تطمئنّ القلوب](5).

وقال سبحانه: [ومن یؤمن بالله یهدِ قلبه](6).

24: العدالة

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [وإذا قلتم فاعدلوا](7).

وقال سبحانه: [کونوا قوّامین بالقسط](8).

ص:44


1- مستدرک الوسائل: ج7 ص378 ح8462 ب4، عن النبی (صلی الله علیه و آله) .
2- سورة آل عمران: 164، والجمعة: 2 .
3- سورة القلم: 4 .
4- مستدرک الوسائل: ج11 ص187 ب6 ح12701، عن النبی (صلی الله علیه و آله) .
5- سورة الرعد: 28 .
6- سورة التغابن: 11 .
7- سورة الأنعام: 152 .
8- سورة النساء: 135.

وقال تعالی: [إن الله یأمر بالعدل والإحسان](1).

25: المسؤولیة والرقابة الاجتماعیة

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [ولتکن منکم أمة یدعون إلی الخیر ویأمرون بالمعروف وینهون عن المنکر](2).

وفی الحدیث: (کلّکم راع وکلّکم مسؤول عن رعیّته)(3).

26: التقدم

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [فاستبقوا الخیرات](4).

وفی الحدیث: (من تساوی یوماه فهو مغبون)(5).

27: التوسط فی کل شیء ، فلا إفراط ولا تفریط

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [وکذلک جعلناکم أمة وسطاً](6).

28: الغنی

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [ولو أن أهل القری آمنوا واتقوا لفتحنا علیهم برکات من السماء والأرض](7).

ص:45


1- سورة النحل: 90 .
2- سورة آل عمران: 104 .
3- بحار الأنوار: ج75 ص38 ح36 ب35.
4- سورة البقرة: 148، والمائدة: 48 .
5- راجع أمالی الشیخ الصدوق: ص393، وفیه: (من استوی یوماه فهو مغبون).
6- سورة البقرة: 143
7- سورة الأعراف: 96 .

وفی الحدیث: (نعم العون علی الدین الغنی)(1) .

29: التکافل الاجتماعی

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [واعلموا انما غنمتم من شیء فأن لله خمسه](2).

وقال تعالی: [إنما الصدقات للفقراء والمساکین …](3) الآیة.

30: الیسر والتسامح

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [وأن تعفوا أقرب للتقوی](4).

وقال تعالی: [یرید الله بکم الیسر ولا یرید بکم العسر](5).

31: الحضارة

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [هو أنشأکم من الأرض واستعمرکم فیها](6).

وقال تعالی: [وجعلناکم شعوباً وقبائل لتعارفوا](7).

وفی الحدیث: «تفقّهوا وإلاّ کنتم أعراباً أجلافاً»(8).

ص:46


1- راجع بحار الأنوار: ج74 ص155 ب7 ح1. وفیه: (نعم العون علی تقوی الله الغنی).
2- سورة الأنفال: 41 .
3- سورة التوبة: 60 .
4- سورة البقرة: 237 .
5- سورة البقرة: 185 .
6- سورة هود: 61 .
7- سورة الحجرات: 13 .
8- راجع بحار الأنوار: ج78 ص346 ح4 ب26، وفیه: ( تفقهوا وإلا انتم أعراب).

32: الحیاة.. بما فی الکلمة من معنی

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [یا أیها الذین آمنوا استجیبوا لله وللرسول إذا دعاکم لما یحییکم ](1).

33: الدنیا والآخرة

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [ومنهم من یقول ربنا آتنا فی الدنیا حسنة وفی الآخرة حسنة](2).

وفی حدیث: (إعمل لدنیاک کأنّک تعیش أبداً، واعمل لآخرتک کأنّک تموت غداً) (3).

34: القانون لکل شیء

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [الیوم أکملت لکم دینکم وأتممت علیکم نعمتی](4).

وقال تعالی: [ونزلنا علیک الکتاب تبیاناً لکل شیء] (5).

35: الصناعة

ففی نهج البلاغة عن أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) : (ثم استوص بالتجار وذوی

ص:47


1- سورة الأنفال: 24 .
2- سورة البقرة: 201 .
3- من لا یحضره الفقیه : ج3 ص156 ح3569 ب2.
4- سورة المائدة: 3.
5- سورة النحل: 89.

الصناعات وأوص بهم خیراً) (1).

وقال (علیه السلام) : (ولا قوام لهم _ للمجتمع _ جمیعاً إلا بالتجار وذوی الصناعات)(2).

36: الزراعة

ففی الحدیث: (الزارعون کنوز الله فی الأرض)(3).

37: العمارة

ففی نهج البلاغة: (ولیکن نظرک _ اهتمامک _ فی عمارة الأرض أبلغ من نظرک فی استجلاب الخراج)(4).

38: النظم

ففی الحدیث: (الله الله فی نظم أمرکم)(5).

39: التعاطف بین الحکومة (القیادة الشرعیة) والشعب

قال سبحانه فی القرآن الحکیم: [أطیعوا الله وأطیعوا الرسول وأولی الأمر منکم](6).

وفی نهج البلاغة: (وأشعر قلبک الرحمة للرعیة)(7).

ص:48


1- نهج البلاغة: الکتاب53.
2- نهج البلاغة: الکتاب53.
3- راجع تهذیب الأحکام : ج6 ص384 ح259 ب22، وفیه: (الزارعون کنوز الله فی أرضه).
4- مستدرک الوسائل: ج13 باب 42 ص166 ح15018.
5- راجع نهج البلاغة: الکتاب 47، وفیه: (أوصیکما بتقوی الله ونظم أمرکم).
6- سورة النساء: 59 .
7- نهج البلاغة: الکتاب 53، وفیه: (وأشعر قلبک الرحمة للرعیة والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تکونن علیهم سبعاً ضاریاً تغتنم أکلهم).

40: و أخیراً.. فی مجال الشمول العالمی

قال تعالی فی القرآن الحکیم: [وما أرسلناک إلا رحمةً للعالمین] (1).

وقال سبحانه: [وما أرسلناک إلا کافة للناس](2).

وفی الحدیث: (فانهم _ الناس _ صنفان إما أخٌ لک فی الدین أو نظیر لک فی الخلق)(3).

وهکذا تکون الشیعة تعبیراً عملیاً أصیلاً لنهج الإسلام کما طرحه النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) وأهل بیته الطاهرون (علیهم السلام) ، وهم الصورة العملیة لکل ما ورد فی القرآن الکریم والسنة المطهرة.

فعلی کل إنسان یحبّ الخیر لنفسه ولمجتمعه أن یسعی إلی إزالة الفوارق بین الطوائف الإسلامیة تمهیداً لإعادة النظام الإسلامی إلی واقع الممارسة الحیة فی الوقت الحاضر.

والله الهادی إلی سواء الطریق.

ص:49


1- سورة الأنبیاء: 107 .
2- سورة سبأ: 28 .
3- نهج البلاغة: الکتاب 53.

فصل: المعتقدات الشیعیة

اشارة

ص:50

عقائد الشیعة

اشارة

إن عقائد الشیعة مستقاة من مصدرین أصلیین للإسلام: الکتاب والسنة، وتتلخّص فیما یلی:

التوحید

نحن الشیعة نعتقد بأن الله هو ربنا، وهو خالق هذا الکون الفسیح، الذی فیه ملایین المجرّات ..فیه کواکب أکبر من الشمس ستین ملیون مرة، والشمس أکبر من الأرض آلاف المرات..

الله الذی لا شریک له، وهو عادل فی فعله وأمره، دائم قائم، حیّ أبدی، عالم قادر، محی وممیت، بیده الخیر وهو علی کل شیء قدیر.

النبوة

ونعتقد بأن محمداً (صلی الله علیه و آله و سلم) نبینا، وهو الذی بعثه الله رحمةً للعالمین، وهو آخر الأنبیاء وخاتمهم، وهو الذی جاء إلی العالم بدین الإسلام لیکون دین الله تعالی المختار، وهو (صلی الله علیه و آله) المرشد للبشر إلی مصالح دنیاهم و آخرتهم، منذ أن بُعث فی مکة المکرمة، إلی أن تقوم الساعة، ودینه ناسخ للأدیان.

الأنبیاء (علیهم السلام)

والأنبیاء _ فی عقیدتنا_ رسل الله تعالی إلی خلقه، الذین بعثهم إلی الناس بأحکامه، وولاّهم قیادة الناس فی دنیاهم، وتوجیههم إلی الجنة فی آخرتهم ..

وعددهم مائة وأربعة وعشرون ألف نبی ورسول، أوّلهم آدم، وآخرهم وأفضلهم محمد بن عبد الله (علیهم جمیعاً صلوات الله)..

ص:51

خمسة منهم أولوا العزم _ أی الذین کانت رسالاتهم عالمیة _ وهم: نوح وإبراهیم وموسی وعیسی ومحمد (علیهم الصلاة والسلام)، والأنبیاء جمیعاً إخوة فی الله نعظمهم جمیعاً ونوالیهم جمیعاً و[لا نفرّق بین أحدٍ من رسله](1).

الإسلام

ونعتقد بأن الإسلام هو دین الله المنزل من السماء، لإنقاذ البشر من جمیع المشاکل، ولإسعاد الناس فی الدنیا والآخرة.

ونری وجوب العمل بالإسلام فی جمیع شؤون الحیاة، من السیاسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع والحرب والسلم، وفی البیت والمدرسة والمعمل والثکنة وسائر مرافق الحیاة.

 ونری الإسلام دین کامل واف بجمیع حاجیات البشر فی کل زمان ومکان، فقد قال سبحانه: (الیوم أکملت لکم دینکم وأتممت علیکم نعمتی ورضیت لکم الإسلام دیناً)(2)، فلا نقص فی الإسلام، وأنه أفضل الأدیان والمبادئ، وأن البشر لو عملوا بالإسلام [لأکلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم](3) .

فالإسلام هو الدین الحق الذی لا یُقبل غیره، ولا یسعد الإنسان فی الدنیا ولاینجو فی الآخرة إلا به، قال تعالی:(ومن یبتغِ غیر الإسلام دیناً فلن یُقبل منه وهو فی الآخرة من الخاسرین)(4).

وتطبیق الإسلام فی العالم أملنا، فإن الإسلام یوفر لکل انسان:

(صحة العقیدة)..

و (حریة الأفراد والجماعات)..

ص:52


1- سورة البقرة: 285.
2- سورة المائدة: 3 .
3- سورة المائدة: 66 .
4- سورة آل عمران: 85 .

و (سعادة الحیاة) بخلاص الإنسان من الفقر والمرض والجهل والجریمة..

و (السلام الشامل بین الأقطار والأفراد والشعوب)..

إذ أن کل إنسان له: حریة الفکر، حریة الکلام، حریة العمل، حریة السفر والإقامة، حریة الکتابة، کل ذلک فی إطار نظیف من الشریعة الإسلامیة السمحة.

ونعتقد بأن الإسلام له (أصول) و (فروع) و (أحکام) و(أخلاق).. وأن من أنکر الأصول کان کافراً نجساً، ومن أنکر شیئاً من الأقسام الثلاثة الأخری(1) بلا جهل أو شبهة کان کافراً، ویعبرون عن ذلک ب_ (المنکر للضروری)، ومن لم یلتزم بأحکام الإسلام فی مجاله الشخصی من دون انکارها فهو فاسق، کما قال الله سبحانه: [ومن لم یحکم بما أنزل الله فأولئک هم الفاسقون](2) .

وأن (أصول الإسلام) عبارة عن: (التوحید) و (النبوة) و(المعاد)، ومن توابع التوحید (العدل)، ومن توابع النبوة (الإمامة).

وأن (فروع الإسلام) عبارة عن: (الصلاة) و (الصیام) و(الخمس) و (الزکاة) و(الحج) و (الجهاد) و (الأمر بالمعروف) و(النهی عن المنکر) و (التولی لله وأولیائه) و(التبرّی من أعداء الله وأعداء أولیائه)، وما یلحق بذلک من سائر أقسام العبادات مثل (الوضوء) و (الغسل) و (التیمم) و (الاعتکاف) وما أشبه..

وأن (أحکام الإسلام) عبارة عن سائر الأنظمة والقوانین التی جاء بها الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) من عند الله تعالی، کأحکام (البیع) و(الشراء) و(الرهن) و (الإجارة) و(الطلاق) و (النکاح) و(القضاء) و (الشهادات) و (المواریث) و (القصاص) و(الدیات) وما أشبه..

کما نعتقد بأن الإسلام لم یترک شیئا إلا بیّنه، فالسیاسة، والاقتصاد، والثقافة، والتربیة، والاجتماع، والسلم، والحرب، والزراعة، والصناعة، والعائلة، والحکومة،

ص:53


1- الضروری منها.
2- سورة المائدة: 47.

وسائر الشؤون المربوطة بالإنسان من ولادته إلی یوم مماته، کلها مبیّنة فی الإسلام، ولها أنظمة خاصة، وأحکام عادلة، لو أخذ بها البشر سعدوا فی الدنیا والآخرة، وأن (حلال محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) حلال إلی یوم القیامة، وحرامه حرام إلی یوم القیامة)(1) .

القرآن

ونعتقد: بأن القرآن الکریم الذی یتلوه کافة المسلمین آناء اللیل وأطراف النهار کتابنا، وهو معجزة الرسول الأکرم (صلی الله علیه و آله و سلم) الذی لو اجتمع الجن والإنس علی أن یأتوا بمثل أقصر سورة منه لا یتمکنون من ذلک، ولو کان بعضهم لبعض ظهیراً.

والقرآن هو هذا الکتاب الموجود بین الدفتین، المنتشر فی کل الدنیا بمختلف اللغات، یتلی آناء اللیل وأطراف النهار، فی البیوت والمساجد والإذاعات وغیرها، لاتحریف فیه ولا تبدیل، ولا زیادة ولا نقیصة، وقد حفظه الله من تحریف المحرّفین، فما استطاعوا أن یزیدوا فیه حرفاً أو ینقصوا منه حرفاً، کما قال سبحانه: [إنا نحن نزّلنا الذکر وإنا له لحافظون](2).

ونعتقد بأن القرآن جُمع بهذا الأسلوب (أوله سورة الفاتحة وآخره سورة الناس) فی عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله) بأمر الله تعالی وبإشراف رسوله (صلی الله علیه و آله)، بلا تحریف ولا تبدیل، ولا تقدیم ولا تأخیر فیه، ولا یصح ما یزعمه البعض من انه جمع بعد وفاة رسول الله (صلی الله علیه و آله).

فالقرآن هو آخر کتاب سماوی أنزله الله علی رسوله محمد بن عبد الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لإخراج الناس من ظلمات الجهل والفقر والجریمة إلی نور العلم والحق والسعادة، فختم به الشرائع، وجعله دستوراً للبشریة جمعاء، إلی یوم القیامة.

وکان القرآن مصدر عزة المسلمین الأولین وسعادتهم حیث أخذوا به دستوراً

ص:54


1- بصائر الدرجات: ص148 ب13 ح7.
2- سورة الحجر: 9.

للتنفیذ.

فالأجیال المسلمة المعاصرة والصاعدة إذا أرادت التقدم والرقی، کان علیها العمل بالقرآن دستوراً للتنفیذ، وإذا ترکته تتخبط فی الشقاء والضلال، قال تعالی: [ومن أعرض عن ذکری فإن له معیشةً ضنکا ونحشره یوم القیامة أعمی](1).

والشیعة یعتنون بالقرآن الحکیم أکبر اهتمام: دراسة، وتجویدا، وتفسیرا، وحفظا، وعملا، وتمسّکا، واحتراماً.. ولهم مدارس خاصة لحفظ القرآن الحکیم، ومنهاجهم هو تطبیق القرآن فی الحیاة، ودعوة العالم إلیه.

القبلة

ونعتقد بأن القبلة هی الکعبة المکرمة زادها الله شرفاً، ولا تصح الصلاة إلا

إلیها.

الإمامة

ونعتقد بأن خلفاء الرسول (صلی الله علیه و آله) هم الأئمة الإثنی عشر الذین نص علی خلافتهم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وعینهم من بعده(2) بأمر من الله تعالی..

وقال (صلی الله علیه و آله): (من مات ولم یعرف إمام زمانه مات میتة جاهلیة) (3).

وقال (صلی الله علیه و آله): (سیکون بعدی اثنا عشر خلیفة) (4).

وهم:

1: علی بن أبی طالب: أمیر المؤمنین (علیه السلام).

ص:55


1- سورة طه: 124.
2- راجع ینابیع المودة للقندوزی الحنفی، ص529 الباب السادس والسبعون فی بیان الأئمة الاثنی عشر بأسمائهم. وأیضاً فرائد السمطین: ج2 ص132 الحدیث 431. وغایة المرام : ص743 الحدیث 57. وانظر أیضاً بحار الأنوار: ج36 ص279 ب41 ح111.
3- راجع الهامش فی الصفحة 21-22 من هذا الکتاب.
4- راجع الهامش فی الصفحة 20-21 من هذا الکتاب.

2: الحسن بن علی: المجتبی (علیه السلام).

3: الحسین بن علی: سید الشهداء (علیه السلام).

4: علی بن الحسین: زین العابدین (علیه السلام).

5: محمد بن علی: الباقر (علیه السلام).

6: جعفر بن محمد: الصادق (علیه السلام).

7: موسی بن جعفر: الکاظم (علیه السلام).

8: علی بن موسی: الرضا (علیه السلام).

9: محمد بن علی: الجواد (علیه السلام).

10: علی بن محمد: الهادی (علیه السلام).

11: الحسن بن علی: العسکری (علیه السلام).

12: المهدی بن الحسن: المنتظر (علیه السلام).

الإمام المهدی المنتظر (عجل الله تعالی فرجه الشریف)„

ونعتقد بأن الإمام الثانی عشر المهدی (عجل الله تعالی فرجه الشریف) حیّ فی دار الدنیا، وهو غائب عن الأنظار، بأمر الله تعالی، فإذا أذن الله له ظهر لیملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، کما أخبر النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) فی أحادیث متواترة(1) رواها علماء المسلمین أجمع، شیعة وسنة، فی کتبهم المعتبرة، ومن نظر

ص:56


1- راجع صحیح ابن حبان: ج15 ص236 و237 ط 2 مؤسسة الرسالة بیروت، باب ذکر البیان بأن خروج المهدی إنما یکون بعد ظهور الظلم والجور فی الدنیا وغلبهما علی الحق والجد. والمستدرک علی الصحیحین: ج4 ص600 ح8669 ط دار الکتب العلمیة بیروت. ومجمع الزوائد: ج7 ص313 و... باب ما جاء فی المهدی، ط دار الریان للتراث القاهرة. وسنن أبی داود: ج4 ص106 و... کتاب المهدی ط دار الفکر. وسنن ابن ماجه: ج2 ص1366 باب خروج المهدی ط دار الفکر بیروت. ومصنف ابن أبی شیبة: ج7 ص513 و514 ط مکتبة الرشد الریاض. والجامع لمعمر بن راشد: ج11 ص371 و373 ط المکتب الإسلامی بیروت. مسند البزار: ج8 ص256 ط مؤسسة علوم القرآن بیروت. مسند أحمد: ج3 ص26 و37 و52 ط مؤسسة قرطبة مصر. مسند الحارث: ج2 ص783 باب ما جاء فی المهدی ط مرکز خدمة السنة والسیرة النبویة، المدینة المنورة. والسنن الواردة فی الفتن: ج5 ص1032 ط دار العاصمة الریاض. عون المعبود: ج11 ص247 و250 ط دار الکتب العلمیة بیروت. تحفة الأحوذی: ج6 ص403 ط دار الکتب العلمیة بیروت. فیض القدیر: ج1 ص363 وج5 ص262 وج5 ص332 وج6 ص278. ط المکتبة التجاریة الکبری مصر. وینابیع المودة: ج2 ب56 المودة العاشرة ص318 ح917 وص100 ح258 و258 و264، ونور الأبصار: ب2 ص154، ومنتخب کنز العمال: ج6 ص29، وإسعاف الراغبین: ب2 ص137، وغرائب القرآن: فی تفسیر قوله تعالی [الذین یؤمنون بالغیب] ، والاستیعاب فی أسماء الأصحاب: ج1 ص223، والملاحم والفتن: ب27 فیما ذکره من کتاب الفتن للسلیلی و... وفی مصادر الشیعة: بحار الأنوار: ج27 ب4 ص119 ح99، وج33 ب16 ص157 ح421، ووسائل الشیعة: ج16 ب33 ص241 ح21462، ومستدرک الوسائل:ج12 ب31 ص283 ح14099، والکافی: ج1 ص338 ح7، ومن لا یحضره الفقیه: ج4 ب2 ص174 ح540، وعلل الشرائع: ص161، ومعانی الأخبار ص124 ردیف: 2067، وعیون أخبار الرضا (علیه السلام) : ج2 ص66 ردیف: 2742 ح293، وکمال الدین: ص251، وصفات الشیعة: ص49، والإرشاد: ج2 ص340 باب ذکر الإمام القائم (علیه السلام) ، والاختصاص: ص209. و...

إلی کتاب (منتخب الأثر)(1)، وکتاب (المهدی (علیه السلام) )(2)، علم الکثرة الکاثرة من الروایات الواردة عن الرسول الأکرم (صلی الله علیه و آله) وأهل بیته الأطهار (علیهم السلام) فی هذا الشأن.

فبغیتنا وطلبتنا من الله تعالی هو ظهوره الشریف، کما بشر به النبی (صلی الله علیه و آله)(3)، فاللازم علی المسلمین ترقّب ظهوره، وانتظار فرجه، والدعاء له لیل نهار، فإنه منقذ العالم من الدمار والفساد، (اللهم عجّل فرجه وسهّل مخرجه، واجعلنا من

أنصاره).

ص:57


1- (منتخب الأثر فی الإمام الثانی عشر) لآیة الله الشیخ لطف الله الصافی الکلبایکانی.
2- (المهدی) للسید صدی الدین الصدر (... -1373ه_). وانظر أیضا کتاب (المهدی فی السنة) لآیة الله السید صادق الشیرازی.
3- راجع کمال الدین: ص287 ب25 ح4، وفیه: (قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): المهدی من ولدی اسمه اسمی وکنیته کنیتی أشبه الناس بی خَلْقاً وخُلْقاً تکون له غیبة وحیدة حتی تضل الخلق عن أدیانهم فعند ذلک یقبل کالشهاب الثاقب فیملأها قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً).

هذا وقد أیّد العلم الحدیث إمکان بقاء الإنسان ألوف السنوات، وفی القرآن الحکیم فی شأن نوح (علیه السلام) :(فلبث فیهم ألف سنةٍ إلا خمسین عاماً)(1).

العصمة

ونعتقد: بأن النبی الأکرم (صلی الله علیه و آله و سلم) وفاطمة الزهراء (علیها السلام) والأئمة الاثنی عشر (علیهم السلام) معصومون عن الذنب والخطأ والنسیان، عصمهم الله منها، وعلی ذلک دلت الأدلة العقلیة والنقلیة.

فقد قال سبحانه: (إنما یرید الله لیذهب عنکم الرجس أهل البیت ویطهرکم تطهیرا)(2)، کما تجد تفسیر الآیة بهم (علیهم السلام) فی غالب التفاسیر(3).

ص:58


1- سورة العنکبوت: 14 .
2- سورة الأحزاب: 33 .
3- انظر تفسیر الطبری: ج22 ص6 _ 8. ط دار الفکر بیروت. وتفسیر القرطبی: ج14 ص182 و183 ط دار الشعب القاهرة. وتفسیر ابن کثیر: ج3 ص484-487 ط دار الفکر بیروت. وصحیح مسلم: ج4 ص1883 باب فضائل أهل بیت النبی (صلی الله علیه و آله) ط دار إحیاء التراث العربی بیروت. وصحیح ابن حبان: ج15 ص432 ط مؤسسة الرسالة بیروت. والمستدرک علی الصحیحین: ج2 ص541 وج3 ص143 و158 و159 و172 ط دار الکتب العلمیة بیروت. موارد الظمآن: ج1 ص555 باب فضائل أهل البیت ط دار الکتب العلمیة بیروت. سنن الترمذی: ج5 ص351 و352 و663 ط دار إحیاء التراث بیروت. ومجمع الزوائد: ج7 ص91 وج8 ص215 وج9 ص119 و121 و167 و168 و169 و172 ط دار الریان للتراث القاهرة. وسنن البیهقی الکبری: ج2 ص149 و150 و152 ط مکتبة دار الباز مکة المکرمة. والسنن الکبری للنسائی: ج5 ص107 ط دار الکتب العلمیة بیروت. مسند ابن أبی شیبة: ج6 ص370 و388 ط مکتبة الرشد الریاض. ومعتصر المختصر لیوسف بن موسی الحنفی: ج2 ص266 و267 ط عالم الکتب بیروت. ومسند البزار: ج6 ص210 ط مؤسسة علوم القرآن بیروت. والمعجم الأوسط للطبرانی: ج3 ص166 و380 وج4 ص134 وج8 ص112 ط دار الحرمین القاهرة. ومسند أحمد ج1 ص330 وج3 ص259 وص285 وج4 ص107 وج6 ص292 ط مؤسسة قرطبة مصر. ومسند إسحاق بن راهویه: ج3 ص678 ط مکتبة الإیمان المدینة المنورة. المعجم الصغیر للطبرانی: ج1 ص231 ط المکتب الإسلامی بیروت. ومسند الطیالسی: ج1 ص274 ط دار المعرفة بیروت. والآحاد والمثانی لأبی بکر الشیبانی: ج5 ص360 ط دار الرایة الریاض. مسند عبد بن حمید: ج1 ص173 و367 ط مکتبة السنة القاهرة. المعجم الکبیر للطبرانی: ج3 ص52 و53 و55 و56 و93 وج9 ص25 وج12 ص103 وج22 ص66 وص200 وص402 وج23 ص249 و286 و327 و333 و337 و357. والبیان والتعریف: ج1 ص150 ط دار الکتاب العربی بیروت. وفتح الباری: ج7 ص138 ط دار المعرفة بیروت. وشرح الزرقانی: ج1 ص349 ط دار الکتب العلمیة بیروت. وتحفة الأحوذی: ج9 ص48 و49 ط دار الکتب العلمیة بیروت. وشواهد التن_زیل للحسکانی الحنفی: ج2 ص11-92 الحدیث 637-641 و644 و648-653 و657-661 و663-668. وتاریخ دمشق لابن عساکر: ح1 ص185 ح 250 و272 و320 و321 و322. والاصابة لابن حجر: ج2 ص503. و…

مضافا إلی أن العقل لا یجوّز أن یکون مرجع الأحکام معرَّضا للخطأ والإثم، وإلا لم یوثق بأقواله وأفعاله.

وهؤلاء المعصومون الأربعة عشر أولیاء الله الذین من أتبعهم نجا، ومن تخلّف عنهم هلک، فیجب إتباعهم فی کل قول وفعل وتقریر، وهذا هو السنة _ حسب اصطلاح الفقهاء _ .

وقد خطط هؤلاء الأطهار للحیاة الکریمة _ بتوجیه من الله عزوجل _ وهم أفضل من جمیع المکتشفین والسیاسیین والعلماء ومن أشبه.

النبی (صلی الله علیه و آله) وعلم الغیب

ونعتقد أن النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) یعلم الغیب بإذن الله تعالی، ویعلم الماضی والحاضر والمستقبل بتعلیم الله سبحانه له، کما قال تعالی :(فلا یظهر علی غیبه أحداً * إلا من ارتضی من رسول)(1) فالله سبحانه یظهر الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) علی غیبه، والرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) یعلّم ذلک لمن یشاء بأمر الله تعالی، وقد علّم أهل بیته (علیهم السلام) ذلک.

التولی والتبری

ص:59


1- سورة الجن: 26 _ 27 .

ونعتقد: بأنه یجب «التولّی» لله ولرسوله (صلی الله علیه و آله) ولأولیائه، ویجب «التبری» من أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء أولیائه.

المعاد

ونعتقد بالمعاد فی یوم القیامة، وهو الیوم الذی ینجو فیه المؤمن المطیع ویثاب بجنةٍ عرضها السماوات والأرض، ویخسر فیه الکافر والعاصی ویعاقب بنار جهنم فی أشدّ الآلام الجسمیة والنفسیة.

البداء

ونعتقد ب_ (البداء) بالمعنی الصحیح، لقوله عز من قائل:(یمحو الله ما یشاء ویثبت)(1) .

ومعنی البداء (الإظهار بعد الإخفاء)، ولیس (البداء) بمعنی أن الله سبحانه لم یکن یعلم ثم علم، فإنه کفر صریح لا یقول به مسلم.

الجبر والتفویض

ونعتقد بأنه (لا جبر ولا تفویض بل أمر بین الأمرین)(2) کما ورد فی الحدیث الشریف، ومعناه أن الإنسان لیس مجبوراً فی أفعاله کما أنه لیس مختاراً مطلقاً، بل الأعضاء والجوارح والقوی من الله سبحانه، وإرادة فعل الخیر أو الشرّ من الإنسان.. فإن أحسن فبتوفیق من الله تعالی، وإن أساء فمن نفسه.

التقیة

ونعتقد ب_ (التقیة) فی مواردها الشرعیة، فإن التقیة بمعناها الصحیح من تعالیم الإسلام، ومعناها وجوب حفظ الإنسان لنفسه وماله وعرضه ولنفس سائر المؤمنین وأموالهم وأعراضهم عن الکفار والظالمین، وقد أمر بذلک القرآن الحکیم والرسول

ص:60


1- سورة الرعد: 39 .
2- راجع الکافی: ج1 ص154. وغوالی اللئالی: ج4 ص109 ح165.

العظیم (صلی الله علیه و آله و سلم) والأئمة الطاهرون (علیهم السلام) ، ففی القرآن الحکیم:

(لا یتّخذ المؤمنون الکافرین أولیاء من دون المؤمنین ومن یفعل ذلک فلیس من الله فی شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة)(1).

وقال سبحانه: (وما جعل علیکم فی الدین من حرج)(2).

نکاح المتعة

نکاح المتعة(3)

ونعتقد بمشروعیة نکاح المتعة الذی قال الله تعالی عنه: (فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ)(4)

وبأن (متعة الحج) التی أمر بها الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) فی حجة الوداع أصحابه.. من الإسلام.

وأن المتعة کسائر شرائع الإسلام باقیة إلی الأبد(5)، فإن (حلال محمد حلالٌ

ص:61


1- سورة آل عمران: 28 .
2- سورة الحج: 78 .
3- للتفصیل راجع کتاب (المتعة) لتوفیق الفکیکی.
4- سورة النساء: 24 .
5- فی تفسیر الطبری: ج2 ص388 ط دار الشعب القاهرة: ما نصه: مسلم عن عمران بن حصین قال: (نزلت آیة المتعة فی کتاب الله یعنی متعة الحج وأمرنا بها رسول الله (صلی الله علیه و آله) ثم لم تنزل آیة تنسخ آیة متعة الحج ولم ینه عنها رسول الله (صلی الله علیه و آله) حتی مات، قال رجل برأیه بعد ما شاء)، ثم قال الطبری: (وروی الترمذی: حدثنا قتیبة بن سعید عن مالک بن أنس عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل أنه سمع سعد بن أبی وقاص والضحاک ابن قیس عام حج معاویة بن أبی سفیان وهما یذکران التمتع بالعمرة إلی الحج، فقال الضحاک بن قیس: لا یصنع ذلک إلا من جهل أمر الله تعالی، فقال سعد: بئس ما قلت یا بن أخی، فقال الضحاک: فإن عمر بن الخطاب قد نهی عن ذلک، فقال سعد: قد صنعها رسول الله (صلی الله علیه و آله) وصنعناها معه) هذا حدیث صحیح، وروی ابن اسحاق عن الزهری عن سالم قال: إنی لجالس مع ابن عمر فی المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام فسأله عن التمتع بالعمرة إلی الحج، فقال ابن عمر: حسن جمیل، قال: فإن أباک کان ینهی عنها، فقال: ویلک فإن کان أبی نهی عنها وقد فعله رسول الله (صلی الله علیه و آله) وأمر به أفبقول أبی آخذ أم بأمر رسول الله (صلی الله علیه و آله) قم عنی أخرجه الدارقطنی، وأخرجه أبو عیسی الترمذی من حدیث صالح بن کیسان عن ابن شهاب عن سالم. وفی صحیح مسلم: ج2 ص900 ط دار إحیاء التراث العربی بیروت: (وحدثنا محمد بن المثنی حدثنی عبد الصمد حدثنا همام حدثنا قتادة عن مطرف عن عمران بن حصین قال: تمتعنا مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) ولم ینزل فیه القرآن قال رجل برأیه ما شاء) وقال: (حدثنیه حجاج بن الشاعر حدثنا عبید الله بن عبد المجید حدثنا إسماعیل بن مسلم حدثنی محمد بن واسع عن مطرف بن عبد الله بن الشخیر عن عمران بن حصین بهذا الحدیث قال: تمتع نبی الله (صلی الله علیه و آله) وتمتعنا معه) وقال: (حدثنا حامد بن عمر البکراوی ومحمد بن أبی بکر المقدمی قالا: حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عمران بن مسلم عن أبی رجاء قال: قال عمران بن حصین: نزلت آیة المتعة فی کتاب الله یعنی متعة الحج وأمرنا بها رسول الله (صلی الله علیه و آله) ثم لم تنزل آیة تنسخ آیة متعة الحج ولم ینه عنها رسول الله (صلی الله علیه و آله) حتی مات قال رجل برأیه بعد ما شاء) وقال: (وحدثنیه محمد بن حاتم حدثنا یحیی بن سعید عن عمران القصیر حدثنا أبو رجاء عن عمران بن حصین بمثله غیر أنه قال وفعلناها مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) ولم یقل وأمرنا بها). وفی السنن الکبری للنسائی: ج6 ص300 ح 11032 ط دار الکتب العلمیة: (حدثنا محمد بن عبد الأعلی حدثنا بشر عن عمران بن مسلم عن أبی رجاء عن عمران قال: نزلت آیة المتعة _ یعنی متعة الحج _ فی کتاب الله وأمر بها رسول الله (صلی الله علیه و آله) لم تنزل آیة تنسخ آیة متعة الحج ولم ینه عنها رسول الله (صلی الله علیه و آله) حتی مات قال رجل برأیه ما شاء قوله تعالی وتزودوا فإن خیر الزاد التقوی). وفی المعجم الکبیر للطبرانی: ج18 ص135 ح283 ط مکتبة العلوم والحکم بالموصل: (حدثنا معاذ بن المثنی حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عمران بن مسلم عن أبی رجاء قال: قال عمران بن حصین: نزلت آیة المتعة فی کتاب الله یعنی متعة الحج فأمر بها رسول الله (صلی الله علیه و آله) ولم تنزل آیة تنسخ آیة متعة الحج ولم ینه رسول الله (صلی الله علیه و آله) عنها حتی مات قال رجل برأیه ما شاء). وفی صحیح البخاری: ج2 ص569 ح1494 ط دار ابن کثیر بیروت. قال: (حدثنا قتیبة بن سعید حدثنا حجاج بن محمد الأعور عن شعبة عن عمرو بن مرة عن سعید بن المسیب قال: اختلف علی وعثمان وهما بعسفان فی المتعة فقال علی: ما ترید إلا أن تنهی عن أمر فعله النبی (صلی الله علیه و آله) فلما رأی ذلک علی أهل بهما جمیعا) وفی الحدیث 1496 قال: (حدثنا موسی بن إسماعیل حدثنا همام عن قتادة قال حدثنی مطرف عن عمران قال: تمتعنا علی عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله) فنزل القرآن قال رجل برأیه ما شاء). إلی غیر ذلک مما لا یسعه المقام.

ص:62

إلی یوم القیامة، وحرام محمد حرام إلی یوم القیامة)(1).

السجود علی التربة

السجود علی التربة(2)

ونعتقد بالسجود علی الأرض أو ما نبت منها غیر المأکول والملبوس، حیث قال الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) : (جعلت لی الأرض مسجداً وترابها طهوراً)(3) ، ونحتفظ غالباً علی قطعة من الأرض الطاهرة النظیفة لنسجد علیها لله عزوجل أوقات الصلاة، لأنه لایتیسر فی کل مکان تراب نظیف، ولا نسجد علی کل مکان لا نعلم هل إنه طاهر أو نجس.

وکثیرا ما یکون ذلک التراب من أرض (کربلاء المقدسة) مشهد الإمام الحسین

ص:63


1- راجع بصائر الدرجات: ص148 ب13 ح7، وفیه: (حلال محمد حلال إلی یوم القیامة، وحرامه حرام إلی یوم القیامة).
2- للتفصیل راجع کتاب (السجود علی التربة والجمع بین الصلاتین) للسید محمد إبراهیم الموحد.
3- تفسیر القرطبی: ج2 ص51 ط دار الشعب القاهرة. وفی تفسیر ابن کثیر: ج4 ص3 ط دار الفکر بیروت: (جعلت لنا الأرض کلها مسجداً وجعل لنا ترابها طهورا إذا لم نجد الماء) وأیضا تفسیر ابن کثیر: ج4 ص25. وفی مسند أبی عوانة: ج1 ص303 ط دار المعرفة بیروت: (جعلت الأرض لنا مسجدا وجعلت ترابها لنا طهورا). وفی مصنف عبد الرزاق: ج1 ص32 ط المکتب الإسلامی بیروت: (جعلت لی الأرض مسجدا وطهورا). ومثله فی التمهید لابن عبد البر: ج1 ص168 ط وزارة الأوقاف والشؤون الدینیة المغرب. وفی صحیح مسلم: ج1 ص370 ط دار إحیاء التراث العربی بیروت: (جعلت لی الأرض طیبة طهورا ومسجدا) وفی ج1 ص371: (جعلت لنا الأرض کلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا). وفی المنتقی لابن الجارود: ج1 ص41 ط مؤسسة الکتاب الثقافیة بیروت: (جعلت لی الأرض مسجدا وطهوراً) و(جعلت لی کل الأرض طیبة مسجدا وطهورا). وانظر أیضاً سنن الدارمی: ج1 ص374 ط دار الکتاب العربی بیروت. وسنن البیهقی الکبری: ج1 ص212 ط مکة المکرمة. وصحیح البخاری: ج1 ص128 ح328، وج1 ص168 باب قول النبی (صلی الله علیه و آله) (جعلت لی الأرض مسجداً وطهوراً)، ط دار ابن کثیر بیروت. وراجع أیضاً سنن الترمذی، وسنن النسائی، وسنن ابن ماجة، ومسند أحمد وغیرها. وفی مصادر الشیعة: وسائل الشیعة: ج3 ص423 ب1 ح5، والوسائل: ج2 ص969 ب7 ح2، ومن لا یحضره الفقیه: ج1 ص240 ح724 ، وأمالی الصدوق: ص216 ح6. وغیرها مما هو کثیر.

السبط (علیه السلام) فإنه قد ورد باستحباب الصلاة علی أرض کربلاء روایات عن أهل البیت (علیهم السلام) وهو یذکّر بوجوب نصرة الإسلام والتضحیة فی سبیل الدین، کما ثار الإمام الحسین (علیه السلام) ضد الظلم والطغیان.

الجمع بین الصلاتین

ونعتقد بجواز الجمع بین الصلاتین (الظهرین والعشائین) ونجوّز التفریق بینهما، فإن النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) کان فی بعض الأحیان یجمع بینهما کما ورد بذلک الأحادیث(1).

ص:64


1- راجع علل الشرائع: ص321 ب11 ح1، وفیه: (عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: إن رسول الله (صلی الله علیه و آله) صلی الظهر والعصر فی مکان واحد من غیر علة ولا سبب، فقال له عمر وکان أجرأ القوم علیه أحدث فی الصلاة شیء؟ قال: لا ولکن أردت أن أوسِّع علی أمتی). وفی صحیح مسلم: ج1 ص489 و490 و491 و492 ط دار احیاء التراث بیروت، باب الجمع بین الصلاتین فی الحضر، قال: حدثنا یحیی بن یحیی قال: قرأت علی مالک عن أبی الزبیر عن سعید بن جبیر عن ابن عباس قال: (صلی رسول الله (صلی الله علیه و آله) الظهر والعصر جمیعا والمغرب والعشاء جمیعا فی غیر خوف ولاسفر). وقال: حدثنا أحمد بن یونس وعون بن سلام جمیعا عن زهیر قال ابن یونس حدثنا زهیر حدثنا أبو الزبیر عن سعید بن جبیر عن ابن عباس قال: (صلی رسول الله (صلی الله علیه و آله) الظهر والعصر جمیعا بالمدینة فی غیر خوف ولا سفر، قال أبو الزبیر فسألت سعیدا لم فعل ذلک فقال: سألت ابن عباس کما سألتنی فقال: أراد أن لا یحرج أحدا من أمته). وقال: (وحدثنا أبو بکر بن أبی شیبة وأبو کریب قالا: حدثنا أبو معاویة وحدثنا أبو کریب وأبو سعید الأشج واللفظ لأبی کریب قالا: حدثنا وکیع کلاهما عن الأعمش عن حبیب بن أبی ثابت عن سعید بن جبیر عن ابن عباس قال: (جمع رسول الله (صلی الله علیه و آله) بین الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدینة فی غیر خوف ولا مطر)، فی حدیث وکیع قال: قلت لابن عباس: (لم فعل ذلک، قال: کی لا یحرج أمته)، وفی حدیث أبی معاویة قیل لابن عباس: (ما أراد إلی ذلک، قال: أراد أن لا یحرج أمته). وقال: (حدثنا أبو بکر بن أبی شیبة حدثنا سفیان بن عیینة عن عمرو عن جابر بن زید عن ابن عباس قال: (صلیت مع النبی (صلی الله علیه و آله) ثمانیا جمیعا وسبعا جمیعا، قلت: یا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء، قال: وأنا أظن ذاک)، وقال: (حدثنا أبو الربیع الزهرانی حدثنا حماد بن زید عن عمرو بن دینار عن جابر بن زید عن ابن عباس أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) صلی بالمدینة سبعا وثمانیا الظهر والعصر والمغرب والعشاء) وقال: (حدثنی أبو الربیع الزهرانی حدثنا حماد عن الزبیر بن الخریت عن عبد الله بن شقیق قال: خطبنا ابن عباس یوما بعد العصر حتی غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس یقولون الصلاة الصلاة، قال: فجاءه رجل من بنی تمیم لا یفتر ولا ینثنی الصلاة الصلاة، فقال ابن عباس: أتعلمنی بالسنة لا أم لک، ثم قال: رأیت رسول الله (صلی الله علیه و آله) جمع بین الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال عبد الله بن شقیق: فحاک فی صدری من ذلک شیء فأتیت أبا هریرة فسألته فصدق مقالته)، وقال: (حدثنا بن أبی عمر حدثنا وکیع حدثنا عمران بن حدیر عن عبد الله بن شقیق العقیلی قال: قال رجل لابن عباس الصلاة، فسکت، ثم قال: الصلاة، فسکت، ثم قال: الصلاة، فسکت، ثم قال: لا أم لک أتعلمنا بالصلاة وکنا نجمع بین الصلاتین علی عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله) ). وفی صحیح ابن حبان: ج4 ص471 ح1596 ط مؤسسة الرسالة بیروت: (أخبرنا عمر بن سعید بن سنان قال: أخبرنا أحمد بن أبی بکر عن مالک عن أبی الزبیر عن سعید بن جبیر أن ابن عباس قال: صلی رسول الله (صلی الله علیه و آله) الظهر والعصر جمیعا والمغرب والعشاء جمیعا فی غیر خوف ولا سفر). وفی ج4 ص474 ح1597 (عن ابن عباس أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) صلی بالمدینة سبعا وثمانیا الظهر والعصر والمغرب والعشاء). وفی سنن الترمذی: ج1 ص354 ط دار احیاء التراث العربی بیروت، باب ما جاء فی الجمع بین الصلاتین فی الحضر: (حدثنا هناد حدثنا أبو معاویة عن الأعمش عن حبیب بن أبی ثابت عن سعید بن جبیر عن ابن عباس قال: جمع رسول الله (صلی الله علیه و آله) بین الظهر والعصر وبین المغرب والعشاء بالمدینة من غیر خوف ولامطر، قال: فقیل لابن عباس: ما أراد بذلک، قال: أراد أن لا یحرج أمته)، ثم قال: (وفی الباب عن أبی هریرة قال: أبو عیسی حدیث ابن عباس قد روی عنه من غیر وجه رواه جابر بن زید وسعید بن جبیر وعبد الله بن شفیق العقیلی وقد روی عن ابن عباس عن النبی (صلی الله علیه و آله) غیر هذا). انظر أیضا: مجمع الزوائد للطبرانی: ج2 ص161 ط دار الریان للتراث القاهرة. وسنن أبی داود: ج2 ص4 ط دار الفکر. والسنن الکبری: ج1 ص491 ط دار الکتب العلمیة بیروت. وسنن النسائی: ج1 ص290 باب الجمع بین الصلاتین فی الحضر ط مکتب المطبوعات الإسلامیة حلب. والسنن المأثورة: ج1 ص123 ط دار المعرفة بیروت. وموطأ مالک: ج1 ص144 ط مصر باب الجمع بین الصلاتین فی السفر والحضر. وسنن البیهقی: ج3 ص168 ط مکتبة دار الباز مکة المکرمة، وفیه عن ابن عباس: (کنا نجمع بین الصلاتین فی عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله) ). إلی غیر ذلک.

ص:65

وفی الجمع تعجیل للخیر(1) ، وقد قال تعالی: (وسارعوا إلی مغفرة من ربکم)(2)، وقال سبحانه:(فاستبقوا الخیرات)(3) .

مضافاً إلی کونه تسهیلا للعباد، حیث قال تعالی: [یرید الله بکم الیسر ولایرید بکم العسر)(4).

کما لنا الأدلّة الکافیة علی مختلف الفروع الفقهیة(5) من (الوضوء بالکیفیة المتعارفة عندنا) و(الأذان) بفصولها المعتادة لدینا و(الإسبال فی الصلاة) وما أشبه من الأمور التی نقوم بها، فإننا مقیدون بأخذ أحکامنا الشرعیة صغیرها وکبیرها من الکتاب أو السنة أو ما ثبت بالإجماع أو العقل.

الشفاعة

ونعتقد بصحة (الشفاعة) کما ورد فی القرآن الحکیم والسنة المطهرة

المقطوعة(6).

ص:66


1- وقد ورد فی الحدیث الشریف عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام) والإمام العسکری (علیه السلام) : (اجمع بین الصلاتین الظهر والعصر تری ما تحب). انظر الکافی: ج3 ص287 ح6، وتهذیب الأحکام: ج2 ص263 ب13 ح86. ووسائل الشیعة: ج4 ص223 ط مؤسسة أهل البیت ح4979.  وبحار الأنوار: ج79 ص336 ب5 أوقات الصلوات.
2- سورة آل عمران: 133.
3- سورة البقرة: 148، وسورة المائدة: 48.
4- سورة البقرة: 185.
5- راجع موسوعة (الفقه) للإمام الشیرازی، حیث یقع فی أکثر من مائة وخمسین مجلداً ویحتوی علی مختلف الفروع الفقهیة مع ذکر أدلتها التفصیلیة.
6- انظر من مصادر السنة: صحیح مسلم: ج1 ص172 باب اثبات الشفاعة ط دار احیاء التراث العربی بیروت. وصحیح مسلم أیضا: ج1 ص177 ح191 وفیه: (ثم تحل الشفاعة ویشفعون حتی یخرج من النار من قال لا إله إلا الله وکان فی قلبه من الخیر...) الحدیث. وصحیح مسلم: ج1 ص183 ح193. وفی ج1 ص 188 باب فی قول النبی (صلی الله علیه و آله): (أنا أول الناس یشفع فی الجنة وأنا أکثر الأنبیاء تبعا). وفی صحیح البخاری: ج1 ص128 ح328 ط دار ابن کثیر بیروت: (عن جابر بن عبد الله أن النبی (صلی الله علیه و آله) قال: أعطیت خمسا لم یعطهن أحد قبلی نصرت بالرعب مسیرة شهر وجعلت لی الأرض مسجدا وطهورا فأیما رجل من أمتی أدرکته الصلاة فلیصل وأحلت لی المغانم ولم تحل لأحد قبلی وأعطیت الشفاعة وکان النبی یبعث إلی قومه خاصة وبعثت إلی الناس عامة)، والبخاری أیضا: ج1 ص168 ح427، وج3 ص1226 ح3182، وج4 ص1748 ح4441 وفی الأخیر: (حدثنی إسماعیل بن أبان حدثنا أبو الأحوص عن آدم بن علی قال سمعت ابن عمر یقول: إن الناس یصیرون یوم القیامة جثا کل أمة تتبع نبیها یقولون یا فلان اشفع یا فلان اشفع حتی تنتهی الشفاعة إلی النبی (صلی الله علیه و آله) فذلک یوم یبعثه الله المقام المحمود). وفی (شعب الإیمان) لأبی بکر البیهقی: ج3 ص496 ط دار الکتب العلمیة ح4180: (أخبرنا أبو الحسین بن بشران حدثنا ابو علی محمد بن أحمد الصواف حدثنا الحسن بن علی بن الولید الفارسی حدثنا ابو الحسن خلف بن عبد الحمید حدثنا ابو الصباح عبد الغفور بن سعید الأنصاری عن أبی هاشم الرهان عن زاذان عن سلمان عن النبی (صلی الله علیه و آله) أنه قال: من مات فی أحد الحرمین استوجب شفاعتی وجاء یوم القیامة من الآمنین).

قال الله تعالی:(لا یشفعون إلا لمن ارتضی)(1).

ص:67


1- سورة الأنبیاء: 28.

التوسل بالنبی وآله الأطهار (علیهم السلام)

ونعتقد بجواز التوسّل بالنبی (صلی الله علیه و آله) وآله الأطهار (علیهم السلام) ، وقد قال الله عنهم: (وابتغوا إلیه الوسیلة)(1)، وبجواز الاستمداد بهم (علیهم السلام) فی طلب الحوائج من الله عزوجل، فإنهم (علیهم السلام) أحیاء عند ربهم یرزقون، کما ورد فی الآیة الکریمة بالنسبة إلی الشهداء(2) الذین هم دون النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) منزلة(3).

ص:68


1- سورة المائدة: 35، وانظر المناقب لابن شهر آشوب :ج3 ص75، وفیه: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام) : (وابتغوا الیه الوسیلة، أنا وسیلته، أنا وولدی).
2- قال الله جلَّت قدرته: [لا تحسبن الذین قتلوا فی سبیل الله أمواتاً بل أحیاء عند ربهم یرزقون]. سورة آل عمران: 169. وقال تعالی: [ولا تقولوا لمن یقتل فی سبیل الله أموات بل أحیاء ولکن لاتشعرون] سورة البقرة: 154.
3- وقد صرح بعض علماء السنة بأن الأنبیاء (علیهم السلام) أحیاء، واعتبر السیوطی الشافعی ان الأحادیث الدالة علی حیاة الأنبیاء (علیهم السلام) متواترة، وأشار إلی حدیث إن الأنبیاء أحیاء وفی قبورهم یصلون، وقال البیهقی فی کتاب الاعتقاد الأنبیاء بعد ما قبضوا ردت إلیهم أرواحهم فهم أحیاء عند ربهم کالشهداء، وفی حدیث عنه (صلی الله علیه و آله)   قال: (ما من أحد یسلم علی إلا رد الله علی روحی حتی أرد علیه السلام)، انظر عون المعبود: ج6 ص19 باب زیارة القبور، ط دار الکتب العلمیة بیروت. وفی عون المعبود أیضا: ج6 ص21: (قال الخفاجی أقول: الذی یظهر فی تفسیر الحدیث من غیر تکلف أن الأنبیاء والشهداء أحیاء وحیاة الأنبیاء أقوی) ثم قال: (وأخرج أبو بکر بن أبی شیبة والبیهقی فی الشعب عن أبی هریرة قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) من صلی علی عند قبری سمعته ومن صلی نائیا بلغته). وقال فی ص22: (عن أبی هریرة قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) من صلی علی عند قبری سمعته ومن صلی علی من بعید أبلغته). وفی فیض القدیر: ج2 ص479 ط المکتبة التجاریة الکبری مصر: (قال السبکی: قال ابن بشار: تقدمت إلی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فسلمت فسمعت من داخل الحجرة الشریفة: وعلیک السلام) .وفی فیض القدیر أیضاً: ج6 ص386 : (قال داود: أقبل مروان بن الحکم فوجد رجلا واضعا وجهه علی القبر، أی قبر النبی فقال: أتدری ما تصنع فأقبل علیه فإذا هو أبو أیوب فقال: نعم جئت رسول الله (صلی الله علیه و آله) ولم آت الحجر).

فکما أن الصحابة کانوا یتوسّلون بالنبی (صلی الله علیه و آله و سلم) ویطلبون منه الحاجة حینما کان (صلی الله علیه و آله) حیّاً فی الدنیا (1)، کذلک یجوز للمسلمین أن یتوسّلوا به (صلی الله علیه و آله و سلم) ویطلبوا حوائجهم فی هذا الحین الذی هو حیّ فی دار الآخرة..

فالنبی (صلی الله علیه و آله) وأهل بیته الأطهار (علیهم السلام) وجهاء عند الله تعالی فنتوسل إلیهم لکی یسألوا الباری عزوجل فی قضاء حوائجنا.

وقد قال تعالی: [ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوک فاستغفروا الله واستغفر

ص:69


1- جاء فی (فتح الباری) للعسقلانی الشافعی: ج2 ص494 و495 ط دار المعرفة بیروت: (قوله باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا... إن المصنف أورد فی هذا الباب تمثل ابن عمر بشعر أبی طالب وقول أنس إن عمر کان إذا قحطوا استسقی بالعباس... وفی حدیث أنس بأن فی قول عمر کنا نتوسل إلیک بنبیک، دلالة علی أن للأمام مدخلا فی الاستسقاء... ثم روی ما أخرجه البیهقی فی الدلائل من روایة مسلم الملائی عن أنس قال: جاء رجل أعرابی إلی النبی (صلی الله علیه و آله) فقال یا رسول الله أتیناک وما لنا بعیر یئط ولا صبی یغط، ثم أنشده شعرا یقول فیه: ولیس لنا إلا إلیک فرارنا وأین فرار الناس إلا إلی الرسل، فقام یجر رداءه حتی صعد المنبر فقال اللهم اسقنا، الحدیث. وفیه: ثم قال (صلی الله علیه و آله) لو کان أبو طالب حیا لقرت عیناه، من ینشدنا قوله، فقام علی فقال: یا رسول الله کأنک أردت قوله: وأبیض یستسقی الغمام بوجهه، الأبیات. وقد ذکره بن هشام فی زوائده فی السیرة تعلیقا عمن یثق به وقوله: یئط بفتح أوله وکسر الهمزة وکذا یغط بالمعجمة والأطیط صوت البعیر المثقل والغطیط صوت النائم کذلک وکنی بذلک عن شدة الجوع لأنهما إنما یقعان غالبا عند الشبع... وفی روایة محمد بن المثنی عن الأنصاری بإسناد البخاری إلی أنس قال: کانوا إذا قحطوا علی عهد النبی (صلی الله علیه و آله) استسقوا به فیستسقی لهم فیسقون، فلما کان فی إمارة عمر، فذکر الحدیث...، وقد روی عبد الرزاق من حدیث ابن عباس: أن عمر استسقی بالمصلی، فقال للعباس: قم فاستسق، فقام العباس فذکر الحدیث، فتبین بهذا أن فی القصة المذکورة أن العباس کان مسؤولا وأنه ینزل منزلة الإمام إذا أمره الإمام بذلک، وروی ابن أبی شیبة بإسناد صحیح من روایة أبی صالح السمان عن مالک الداری وکان خازن عمر قال: أصاب الناس قحط فی زمن عمر فجاء رجل إلی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فقال: یا رسول الله استسق لامتک، فإنهم قد هلکوا، فأتی الرجل فی المنام فقیل له ائت عمر، الحدیث.

لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحیما](1).

فالتوسّل إلی الله سبحانه بجاه صاحب القبر من الأنبیاء والأولیاء جائز، لما ثبت من الأدلة القطعیة من الکتاب والسنة والإجماع وسیرة المسلمین علی ذلک کله(2).

ص:70


1- سورة النساء: 64.
2- هناک روایات کثیرة وردت عن أئمة اهل البیت (علیهم السلام) ولکنا نشیر إلی بعض ما ورد فی کتب السنة: فی سنن الدارمی: ج1 ص56 ط دار الکتاب العربی بیروت: (باب ما أکرم الله تعالی نبیه (صلی الله علیه و آله) بعد موته ح92:حدثنا أبو النعمان حدثنا سعید بن زید حدثنا عمرو بن مالک النکری حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال: قحط أهل المدینة قحطا شدیدا فشکوا إلی عائشة، فقالت انظروا قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فاجعلوا منه کووا إلی السماء حتی لا یکون بینه وبین السماء سقف، قال ففعلوا فمطرنا مطرا حتی نبت العشب وسمنت الإبل حتی تفتقت من الشحم فسمی عام الفتق). وفی مصنف ابن أبی شیبة: ج6 ص356 ح32002 ط مکتبة الرشد الریاض: (حدثنا أبو معاویة عن الأعمش عن أبی صالح عن مالک الدار قال: وکان خازن عمر علی الطعام قال: أصاب الناس قحط فی زمن عمر، فجاء رجل إلی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فقال: یا رسول الله استسق لأمتک فإنهم قد هلکوا، فأتی الرجل فی المنام فقیل له ائت عمر فأقرئه السلام وأخبره أنکم مسقیون، وقل له: علیک الکیس علیک الکیس، فأتی عمر فأخبره فبکی عمر، ثم قال یا رب لا آلوا إلا ما عجزت عنه). وفی (شعب الأیمان) لأبی بکر البیهقی: ج3 ص492 ح4168 ط دار الکتب العلمیة بیروت: (وأخبرنا أبو سعید حدثنا ابو عبد الله الصفار حدثنا ابو بکر بن أبی الدنیا حدثنی سعید بن عثمان حدثنا ابن أبی فدیک أخبرنی عمر بن حفص أن ابن أبی ملیکة کان یقول: من أحب أن یقوم وجاه النبی (صلی الله علیه و آله) فلیجعل القندیل الذی فی القبلة عند القبر علی رأسه). وقال فی الحدیث 4169: (أخبرنا ابو سعید بن أبی عمرو حدثنا ابو عبد الله الصفار حدثنا ابو بکر بن ابی الدنیا حدثنا سعید بن أبی عثمان حدثنا ابن أبی فدیک قال: سمعت بعض من أدرکت یقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فتلا هذه الآیة [إن الله وملائکته یصلون علی النبی یا أیها الذین آمنوا صلوا علیه وسلموا تسلیما]  _ سورة الأحزاب: 56 _ صلی الله علیک یا محمد، حتی یقولها سبعین مرة، فأجابه ملک: صلی الله علیک یا فلان لم یسقط لک حاجة). وفی (شعب الإیمان) أیضاً: ج3 ص495 ح4177: (أخبرنا ابو عبد الله الحافظ أخبرنی ابو محمد بن زیاد حدثنا محمد بن إسحاق الثقفی قال: سمعت أبا إسحاق القرشی یقول: کان عندنا رجل بالمدینة إذا رأی منکرا لا یمکنه أن یغیره أتی القبر فقال: أیا قبر النبی وصاحبیه، ألا یا غوثنا لو تعلمونا) وفی کتاب (المغنی) لأبی محمد المقدسی: ج3 ص298 ط دار الفکر: (ویروی عن العتبی قال: کنت جالسا عند قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فجاء أعرابی فقال: السلام علیک یا رسول الله سمعت الله یقول: [ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوک فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحیما] _ سورة النساء:64 _ وقد جئتک مستغفرا لذنبی مستشفعا بک إلی ربی ثم أنشأ یقول: یا خیر من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طیبهن القاع والأکم نفسی الفداء لقبر أنت ساکنه فیه العفاف وفیه الجود والکرم ثم انصرف الأعرابی فحملتنی عینی فنمت فرأیت النبی (صلی الله علیه و آله) فی النوم فقال: یا عتبی ألحق الأعرابی فبشره أن الله قد غفر له). روی مثله فی (شعب الإیمان ج3 ص495 ح4178. وفی شعب الإیمان أیضاً: ج7 ص343 ح10520: (أخبرنا أبو الحسین بن بشران أخبرنا الحسین بن صفوان حدثنا ابن أبی الدنیا حدثنا أبو کریب حدثنا المحاربی عن عاصم الأحول قال: بلغنی أن ابن عمر سمع رجلا یقول این الزاهدون فی الدنیا الراغبون فی الآخرة، فأراه قبر النبی (صلی الله علیه و آله) وأبی بکر وعمر فقال عن هؤلاء فسل) والظاهر ان الرجل کان یستکفف. وفی شرح سنن ابن ماجة للسیوطی وعبد الغنی والدهلوی: ص99 ط کراتشی (حدیث البیهقی وابن أبی شیبة عن مالک الدار قال: أصاب الناس قحط فی زمان عمر بن الخطاب فجاء رجل إلی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فقال: یا رسول الله استسق الله لامتک فإنهم قد هلکوا، فأتاه رسول الله (صلی الله علیه و آله) فی منامه فقال: ائت عمر... والقصة مذکورة فی الاستیعاب لابن عبد البر).

زیارة المشاهد والتبرک بها

ونعتقد باستحباب زیارة قبر النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) والأئمة الطاهرین (علیهم السلام) وجواز التبرک بها کما ورد فی الأحادیث الشریفة(1)، فإنهم أحیاء عند ربهم یرزقون، قال تعالی:

ص:71


1- هناک أحادیث کثیرة مرویة عن أئمة أهل البییت (علیهم السلام) فی استحباب زیارة قبر النبی والأئمة الطاهرین (علیهم السلام) ، ولکنا نشیر هنا إلی بعض ما ورد فی کتب السنة: فقد صرح بعض علماء السنة بالاجماع علی مشروعیة زیارة قبر النبی (صلی الله علیه و آله) حیث قال: (فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلی ذی الجلال وأن مشروعیتها محل إجماع بلا نزاع والله الهادی إلی الصواب) انظر (فتح الباری) للعسقلانی الشافعی: ج3 ص66 ط دار المعرفة بیروت. وسیأتی فی الصفحة 89 و95 و96 ما روی من زیارة فاطمة الزهراء (علیها السلام) لقبر حمزة سید الشهداء (علیه السلام) فی کل جمعة. رواه القرطبی فی تفسیره، وغیره فی غیره. وجاء فی تفسیر ابن کثیر: ج1 ص521 ط دار الفکر بیروت: عن العتبی قال: کنت جالسا عند قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فجاء أعرابی فقال: السلام علیک یا رسول الله سمعت الله یقول [ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوک فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحیما] وقد جئتک مستغفرا لذنبی مستشفعا بک إلی ربی) إلی آخر ما سبق فی الصفحة 81. وفی مصباح الزجاجة لأحمد بن أبی بکر الکنانی: ج4 ص178 ط دار العربیة بیروت: باب من ترجی له السلامة من الفتن بسنده عن زید بن أسلم عن أبیه عن عمر بن الخطاب أنه خرج یوما إلی مسجد رسول الله (صلی الله علیه و آله) فوجد معاذ بن جبل قاعدا عند قبر النبی (صلی الله علیه و آله) یبکی، فقال: ما یبکیک؟ قال: یبکینی شیء سمعته من رسول الله (صلی الله علیه و آله) سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله) یقول: إن یسیر الریاء شرک...) الحدیث رواه أیضا: ابن ماجه فی سننه: ج2 ص1320 ط دار الفکر بیروت. وفی تفسیر ابن کثیر: ج3 ص516 ط دار الفکر بیروت، عنه (صلی الله علیه و آله): (من صلی علی عند قبری سمعته ومن صلی علی من بعید بلغته). وفی سنن البیهقی: ج5 ص245 و246 ح10050 ط مکة المکرمة: (باب زیارة قبر النبی (صلی الله علیه و آله) بسنده عن أبی هریرة: إن رسول الله (صلی الله علیه و آله) قال: ما من أحد یسلم علی إلا رد الله إلی روحی حتی أرد علیه السلام) وقال فی ح10051 بسنده عن أیوب عن نافع: (أن ابن عمر کان إذا قدم من سفر دخل المسجد ثم أتی القبر فقال السلام علیک یا رسول الله ...)، وفی ح10052 قال: بسنده عن مالک عن عبد الله بن دینار أنه قال: (رأیت عبد الله بن عمر یقف علی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) ثم یسلم علی النبی (صلی الله علیه و آله) ویدعو...). وفی ح10053 قال: بسنده عن سوار بن میمون أبی الجراح العبدی قال: حدثنی رجل من آل عمر عن عمر قال سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله): یقول من زار قبری أو قال من زارنی کنت له شفیعا أو شهیدا...) وقال فی ح10054 بسنده عن مجاهد عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): (من حج فزار قبری بعد موتی کان کمن زارنی فی حیاتی). وفی نوادر الأصول فی أحادیث الرسول لأبی عبد الله الحکیم الترمذی: ج2 ص67 ط دار الجیل بیروت: (عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): من زار قبری وجبت له شفاعتی). وفی کتاب المغنی لأبی محمد المقدسی: ج3 ص297 و298 ط دار الفکر: (فصل ویستحب زیارة قبر النبی (صلی الله علیه و آله) لما روی الدارقطنی بإسناده عن ابن عمر قال قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): من حج فزار قبری بعد وفاتی فکأنما زارنی فی حیاتی، وفی روایة: من زار قبری وجبت له شفاعتی، رواه باللفظ الأول سعید حدثنا حفص بن سلیمان عن لیث عن مجاهد عن ابن عمر وقال أحمد فی روایة عبد الله عن یزید بن قسیط عن أبی هریرة أن النبی (صلی الله علیه و آله) قال ما من أحد یسلم علی عند قبری إلا رد الله علی روحی حتی أرد علیه السلام). وفی مصنف عبد الرزاق ج3 ص 576 ط المکتب الإسلامی بیروت: (باب السلام علی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) ح6724 عبد الرزاق عن معمر عن أیوب عن نافع قال کان ابن عمر إذا قدم من سفر أتی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فقال السلام علیک یا رسول الله (صلی الله علیه و آله) السلام علیک یا أبا بکر السلام علیک یا أبتاه وأخبرناه عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر. وفی مصنف ابن أبی شیبة: ج3 ص28 ط مکتبة الرشد الریاض: باب من کان یأتی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فیسلم ح 11793: (حدثنا أبو معاویة عن عبید الله عن نافع عن ابن عمر أنه کان إذا أراد أن یخرج دخل المسجد فصلی ثم أتی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فقال: السلام علیک یا رسول الله، السلام علیک یا أبا بکر السلام علیک یا أبتاه ثم یأخذ وجهه وکان إذا قدم من سفر یفعل ذلک قبل ان یدخل منزله). هذا وقد وردت روایات فی زیارة الملائکة لقبر النبی (صلی الله علیه و آله) ومن المعلوم ان الملائکة لا یعصون الله ما أمرهم ویفعلون ما یؤمرون.ففی سنن الدارمی: ج1 ص57 ح94 ط دار الکتاب العربی بیروت: حدثنا عبد الله بن صالح حدثنی اللیث حدثنی خالد وهو بن یزید عن سعید هو بن أبی هلال عن نبیه بن وهب ان کعبا دخل علی عائشة فذکروا رسول الله (صلی الله علیه و آله) فقال کعب: ما من یوم یطلع الا نزل سبعون ألفا من الملائکة حتی یحفوا بقبر النبی (صلی الله علیه و آله) یضربون بأجنحتهم ویصلون علی رسول الله (صلی الله علیه و آله) حتی إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلک حتی إذا انشقت عنه الأرض خرج فی سبعین ألفا من الملائکة یزفونه).

ص:72

(ولاتحسبنّ الذین قتلوا فی سبیل الله أمواتاً بل أحیاء عند ربهم یرزقون)(1)، ومن المعلوم أن الرسول (صلی الله علیه و آله) وذویه (علیهم السلام) أفضل من الشهداء کما تقدم.

ولذا فإننا نزور قبورهم، ونتبرّک بآثارهم(2)، ونقبّل أضرحتهم، وهذا إظهار

ص:73


1- سورة آل عمران: 169 .
2- هناک عدة روایات یستفاد منها جواز التبرک بما یتعلق بالنبی (صلی الله علیه و آله): مثل ما جاء فی کتاب (المغنی) لأبی محمد المقدسی: ج2 ص213 ط دار الفکر بیروت: (وروی عن علی رضی الله عنه أن فاطمة رضی الله عنها أخذت قبضة من تراب قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فوضعتها علی عینیها ثم قالت: ماذا علی مشتم تربة أحمد أن لا یشم مدی الزمان غوالیا صبت علی مصیبة لو أنها صبت علی الأیام عدن لیالیا وفی (المغنی) أیضاً: ج3 ص299: (عن إبراهیم بن عبد الرحمن بن عبد القاریء أنه نظر إلی ابن عمر وهو یضع یده علی مقعد النبی (صلی الله علیه و آله) من المنبر ثم یضعها علی وجهه). وفی (شعب الإیمان) لأبی بکر البیهقی: ج3 ص492-493 ح4170 ط دار الکتب العلمیة بیروت: (أخبرنا ابو بکر حدثنی محمد بن الحسین حدثنا قتیبة بن سعید أخبرنا لیث بن سعد عن خالد بن یزید عن ابن ابی هلال عن وهب بن منبه: أن کعب الأحبار قال: ما من نجم یطلع إلا نزل سبعون ألفا من الملائکة حتی یحفوا بالقبر یضربون بأجنحتهم ویصلون علی النبی (صلی الله علیه و آله) حتی إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلک حتی إذا انشقت الأرض یخرج فی سبعین ألفا من الملائکة یوقرونه) ومن المعلوم أن الملائکة لایعصون الله ما أمرهم ویفعلون ما یؤمرون کما فی سورة التحریم الآیة6.

حب وشغف بالله سبحانه وبأولیائه الطاهرین (علیهم السلام) ، ولا یکون عبادةً لغیر الله، بل هو احترام لصاحب الضریح، کما یحترم الإنسان جلد المصحف الشریف ویقبله لا لأنه جلد شاة، بل باعتبار انتسابه إلی (القرآن الکریم)، وکما أمر الإسلام باحترام (الحجر الأسود) وتقبیله لأنه من شعائر الله ولیس ذلک عبادة للحجر.

فتقبیل الأضرحة المطهرة فیه ثواب وقربة، مثله مثال تقبیل الحجر الأسود الذی قبّله رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) (1).

ص:74


1- انظر صحیح مسلم: ج2 ص925 ط دار إحیاء التراث العربی بیروت، وفیه: (باب استحباب تقبیل الحجر الأسود فی الطواف، بسنده عن سالم إن أباه حدثه قال: قبل عمر بن الخطاب الحجر ثم قال أم والله لقد علمت أنک حجر ولولا أنی رأیت رسول الله (صلی الله علیه و آله) یقبلک ما قبلتک)، و فی حدیث آخر بسنده عن نافع عن ابن عمر: أن عمر قبل الحجر وقال إنی لأقبلک وإنی لأعلم أنک حجر ولکنی رأیت رسول الله (صلی الله علیه و آله) یقبلک) وفی حدیث آخر بسنده عن عبد الله بن سرجس قال رأیت الأصلع یعنی عمر بن الخطاب یقبل الحجر ویقول والله إنی لأقبلک وإنی أعلم أنک حجر وأنک لا تضر ولا تنفع ولولا أنی رأیت رسول الله (صلی الله علیه و آله) قبلک ما قبلتک) وفی حدیث آخر بسنده عن عابس بن ربیعة قال: رأیت عمر یقبل الحجر ویقول إنی لأقبلک وأعلم أنک حجر ولولا أنی رأیت رسول الله (صلی الله علیه و آله) یقبلک لم أقبلک). وفی صحیح مسلم أیضاً: ج2 ص926: بسنده عن سوید بن غفلة قال: رأیت عمر قبل الحجر والتزمه وقال رأیت رسول الله (صلی الله علیه و آله) بک حفیا، وفی حدیث آخر بسنده عن سفیان بهذا الإسناد قال: ولکنی رأیت أبا القاسم (صلی الله علیه و آله) بک حفیا ولم یقل والتزمه). انظر أیضاً صحیح ابن خزیمة: ج4 ص212 باب تقبیل الحجر الأسود ط المکتب الإسلامی بیروت. وصحیح ابن حبان: ج9 ص130 و132 ط مؤسسة الرسالة بیروت، والتهمید لابن عبد البر: ج22 ص262 ط وزارة الأوقاف المغرب. وصحیح البخاری: ج2 ص579 ح1520 باب ما ذکر فی الحجر الأسود ط دار ابن کثیر بیروت. والمستدرک علی الصحیحین: ج1 ص328 ط دار الکتب العلمیة بیروت.

بناء الأضرحة

ونعتقد بجواز بناء القبور واستحباب بناء المساجد والقباب والأضرحة حول قبر النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) والأئمة الأطهار (علیه السلام) والصحابة المؤمنین والشخصیات الإسلامیة، فإنها من أفضل القربات إلی الله سبحانه وهی داخلة فی قوله سبحانه: (ومن یعظّم شعائر الله فإنها من تقوی القلوب)(1).

ولقوله تعالی: (قال الذین غلبوا علی أمرهم لنتّخذنّ علیهم مسجداً)(2) .

ولما ورد من الأحادیث الشریفة.

وعلی ذلک جرت سیرة المسلمین خلفاً عن سلف بالبناء والإشادة علیها منذ أول الإسلام، وقبر النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) بالمدینة المنورة وقبور الأئمة (علیهم السلام) والعلماء والصالحین فی مختلف البلاد الإسلامیة من أصدق الشواهد علی ذلک(3).

ص:75


1- سورة الحج: 32.
2- سورة الکهف: 21.
3- هناک روایات وردت فی کتب السنة یستفاد من مجموعها جواز الاهتمام بالقبور والبناء علیها، نشیر إلی بعضها: ففی سنن البیهقی: ج3 ص411 ح6528 ط مکة المکرمة: ( أنبأنی أبو عبد الله الحافظ إجازة أنبأنا أبو الولید حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا عبد العزیز عن جعفر بن محمد عن أبیه: (أن النبی (صلی الله علیه و آله) رش علی قبره _ أی قبر ابنه إبراهیم _ الماء ووضع علیه حصباء من حصباء العرصة ورفع قبره قدر شبر)، وفی سنن البیهقی أیضا: ج3 ص412: (باب إعلام القبر بصخرة أو علامة ما کانت ح6535 بسنده عن کثیر بن زید المدنی عن المطلب قال: لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن، أمر النبی (صلی الله علیه و آله) رجلا أن یأتیه بحجر فلم یستطع حمله فقام إلیها رسول الله (صلی الله علیه و آله) وحسر عن ذراعیه، قال کثیر: قال المطلب قال الذی یخبرنی ذلک عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) کأنی أنظر إلی بیاض ذراعی رسول الله (صلی الله علیه و آله) حین حسر عنها ثم حملها فوضعها عند رأسه وقال لیعلم بها قبر أخی وادفن إلیه من مات من أهلی). وفی سنن البیهقی أیضا: ج4 ص3 باب من قال بتسنیم القبور ح6551 : (بسنده عن سفیان التمار قال: رأیت قبر النبی (صلی الله علیه و آله) مسنما) وفی ح6552  بسنده عن أبی بکر بن عیاش عن سفیان التمار أنه حدثه أنه رأی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) مسنما، ورواه البخاری فی الصحیح عن محمد بن مقاتل عن عبد الله بن المبارک ... ثم قال: (فقد سقط جداره _ أی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) _ فی زمن الولید بن عبد الملک وقیل فی زمن عمر بن عبد العزیز ثم أصلح) ثم قال: (بعض أهل العلم من أصحابنا استحب التسنیم فی هذا الزمان لکونه جائزا بالإجماع وأن التسطیح صار شعارا لأهل البدع فلا یکون سببا لإطالة الألسنة فیه ورمیه بما هو منزه عنه من مذاهب أهل البدع وبالله التوفیق). وفی (فتح الباری) للعسقلانی الشافعی: ج3 ص257 ط دار المعرفة بیروت: (قوله مسنما أی مرتفعا، زاد أبو نعیم فی المستخرج وقبر أبی بکر وعمر کذلک واستدل به علی أن المستحب تسنیم القبور وهو قول أبی حنیفة ومالک وأحمد المزنی وکثیر من الشافعیة وادعی القاضی حسین اتفاق الأصحاب علیه). وفی (عون المعبود): ج9 ص29 لمحمد شمس الحق العظیم آبادی ط دار الکتب العلمیة بیروت: (وأخرج البخاری فی صحیحه عن سفیان التمار أنه رأی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) مسنما انتهی أی مرتفعا، قال: فی القاموس التسنیم ضد التسطیح، وقال سطحه کمنعه بسطه، وقد اختلف أهل العلم فی الأفضل من التسنیم والتسطیح بعد الاتفاق علی جواز الکل). وفی (تحفة الأحوذی): ج4 ص130 ط دار الکتب العلمیة بیروت: (ونقل القاضی عیاض عن أکثر العلماء أن الأفضل عندهم تسنیمها، وهو مذهب مالک انتهی کلام النووی، وأخرج البخاری فی صحیحه عن سفیان التمار أنه حدثه أنه رأی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) مسنما، قال الحافظ قوله مسنما أی مرتفعا، زاد أبو نعیم فی المستخرج وقبر أبی بکر وعمر کذلک، واستدل به علی أن المستحب تسنیم القبور، وهو قول أبی حنیفة ومالک وأحمد والمزنی وکثیر من الشافعیة، وأدعی القاضی حسین اتفاق الأصحاب علیه). وفی مصنف ابن أبی شیبة: ج3 ص28 ح11801 ط مکتبة الرشد الریاض، قال: (حدثنا إسماعیل بن علیة عن ابن عون قال سئل محمد بن سیرین هل تطین القبور فقال لا أعلم به بأسا). وفی (المحلی) لأبی محمد الظاهری: ج5 ص134 ط دار الآفاق الجدیدة بیروت: (بسنده عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد قال: سقط الحائط الذی علی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فستر ثم بنی، فقلت للذی ستره ارفع ناحیة الستر حتی أنظر إلیه فنظرت إلیه فإذا علیه جبوب ورمل کأنه من رمل العرصة). وفی (نیل الأوطار) للشوکانی: ج4 ص132 ط دار الجیل بیروت: (وعن جعفر بن محمد عن أبیه أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) رش علی قبر ابنه إبراهیم ووضع علیه حصباء) رواه الشافعی، وعن أنس أن النبی (صلی الله علیه و آله) أعلم قبر عثمان بن مظعون بصخرة، رواه ابن ماجة). وقد ذکر الحاکم فی کتابه (المستدرک علی الصحیحین) ج1 ص524 ط دار الکتب العلمیة بیروت، بعد ما ذکر روایة توهم النهی عن الکتابة علی القبور: (ولیس العمل علیها، فإن أئمة المسلمین من الشرق إلی الغرب مکتوب علی قبورهم وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف). وقال الترمذی فی سننه: ج3 ص368 ط دار إحیاء التراث العربی: (وقد رخص بعض أهل العلم منهم الحسن البصری فی تطیین القبور، وقال الشافعی لا بأس أن یطین القبر). وفی سنن البیهقی: ج4 ص54، باب ما روی فی ستر القبر بثوب ح6840 ط مکة المکرمة: بسنده عن ابن عباس، قال: (جلل رسول الله (صلی الله علیه و آله) قبر سعد بثوبه). وفی مسند ابن أبی شیبة: ج3 ص16ح11667 ط الریاض: (حدثنا یحیی بن آدم قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبی حمزة عن إبراهیم أن النبی (صلی الله علیه و آله) دخل قبر سعد فمد علیه ثوبا). وفی مسند ابن الجعد: ج1 ص196 ح1286 ط مؤسسة نادر بیروت: (قال وحدثنا أحمد حدثنا وهب حدثنا شعبة عن أبی جمرة عن ابن عباس قال وکیع جعل فی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) وقال أبو داود ووهب وضع فی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) قطیفة حمراء). وفی المعجم الکبیر للطبرانی: ج12 ص228 ح12963 ط مکتبة العلوم والحکم بالموصل، بسنده عن أبی جمرة قال: سمعت ابن عباس یقول: أدخل قبر النبی  (صلی الله علیه و آله) قطیفة حمراء). وفی سنن البیهقی: ج4 ص56 ح6860 ط مکة المکرمة، باب ما ورد فی قراءة القرآن عند القبر: (أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن یعقوب حدثنا العباس بن محمد قال: سألت یحیی بن معین عن القراءة عند القبر، فقال حدثنا مبشر بن إسماعیل الحلبی عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبیه أنه قال لبنیه: إذا أدخلتمونی قبری فضعونی فی اللحد وقولوا باسم الله وعلی سنة رسول الله (صلی الله علیه و آله) وسنوا علی التراب سنا واقرؤوا عند رأسی أول البقرة وخاتمتها فإنی رأیت ابن عمر یستحب ذلک). وفی مصنف ابن أبی شیبة: ج3 ص22 ح11726 ط الریاض: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا وکیع عن إسرائیل عن أبی إسحاق عن ابی میسرة أنه أوصی قال اجعلوا علی قبری طنا من قصب) وفی ح11727: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا قرة بن سلیمان عن هشام عن الحسن أنه کان لا یری بأسا بالساج والقصب وکره الآجر یعنی فی القبر فی اللبن ینتصب علی القبر أو یبنی بناء) وفی ح11728: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا وکیع عن سفیان عن عبد الله بن عیسی عن الزهری عن علی بن حسین قال نصب اللبن علی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) نصبا) وفی ح11729: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا معتمر بن سلیمان عن هشام عن الحسن ومحمد قالا: إن شئت بنیت القبر بناء وإن شئت نصبت اللبن نصبا) وفی ح11730: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا عبد الأعلی عن معمر عن الزهری عن علی بن حسین أنهم علی قبر رسول الله (صلی الله علیه و آله) نصبوا اللبن نصبا) وفی ح11731: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا شریک عن جابر عن أبی جعفر وسالم والقاسم قالوا کان قبر النبی (صلی الله علیه و آله) وأبی بکر وعمر جثا قبلة نصب لهم اللبن نصبا) ثم قال:  (ما قالوا فی القبر یسنم ح11732 حدثنا أبو بکر قال حدثنا شریک عن جبار عن أبی جعفر وسالم والقاسم قالوا: کان قبر النبی (صلی الله علیه و آله) وأبی بکر وعمر جثا قبلة) وفی ح11733: (حدثنا شریک عن جابر عن عامر قال رأیت قبور شهداء أحد قبلة قد بنی علیها النصباء) وفی ح11734: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا عیسی بن یونس عن سفیان التمار قال: دخلت البیت الذی فیه قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فرأیت قبر النبی (صلی الله علیه و آله) وقبر أبی بکر وعمر مسنمة) وفی ح11735: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا الأشجعی عن سفیان عن شعبة عن أبی نعامة قال: شهدت مع موسی بن طلحة جنازة فقال جهزوا یعنی سنموه) وفی ح11736: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا یحیی بن سعید عن سفیان عن أبی حصین عن الشعبی قال: رأیت قبور شهداء أحد جثا مسنمة) وفی ح11737: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا أبو داود الطیالسی عن خالد عن أبی عثمان عن رجل قال: رأیت قبر ابن عمر بعدما دفن بأیام مسنما). وفی مصنف ابن أبی شیبة: ج3 ص23 ح11740: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا ابو بکر الحنفی عن کثیر بن زید عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: لما مات عثمان بن مظعون دفنه رسول الله (صلی الله علیه و آله) بالبقیع وقال لرجل اذهب إلی تلک الصخرة فأتنی بها حتی أضعها عند قبره حتی اعرفه بها) وفی ح11745 قال: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن حماد عن إبراهیم قال ألحد للنبی (صلی الله علیه و آله) ورفع قبره حتی یعرف) وقال فی ح11746: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا وکیع عن أسامة بن زید عن عبد الله بن أبی بکر قال: رأیت قبر عثمان بن مظعون مرتفعا) وقال فی ح11747: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا یزید بن هارون قال أخبرنا إبراهیم بن عطاء بن أبی میمونة عن أبیه أن عمران بن حصین أوصی أن یجعلوا قبره مرتفعا وأن یرفعوه أربع أصابع أو نحو ذلک). وفی مصنف ابن أبی شیبة أیضا: ج3 ص 24 ح11750: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا هشیم عن عمران بن أبی عطاء قال: شهدت وفاة ابن عباس فولیه ابن الحنفیة فبنی علیه بناء ثلاثة أیام) وقال فی ح11751: (حدثنا أبو بکر قال حدثنا وکیع عن أبی معشر عن محمد بن المنکدر أن عمر ضرب علی قبر زینب فسطاطا). وفی مصنف عبد الرزاق الصنعانی: ج3 ص478 ح6389 ط المکتب الإسلامی بیروت: (عبد الرزاق عن معمر قال بلغنی أنه فرش فی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) قطیفة فدکیة). وفی ج3 ص502 باب الجدث والبنیان ح6484 قال: (عبد الرزاق عن ابن جریج قال أخبرنی أبو بکر عن خیر واحد أن قبر النبی (صلی الله علیه و آله) رفع جدثه شبرا وجعلوا ظهره مسنما لیست له حدبة) وفی ج3 ص503 ح6485 قال: (اخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أیوب عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد قال: سقط الحائط الذی علی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فستر ثم بنی، فقلت للذی ستره ارفع ناحیة الستر حتی أنظر إلیه فإذا علیه جبوب وإذا علیه رمل کأنه من رمل العرصة). وفی ج3 ص 504: (قال الثوری وأخبرنی بعض أصحابنا عن الشعبی قال: کان قبور أهل أحد جثی مسنمة). وفی ج3 ص574 ح6717: (عبد الرزاق عن البجلی عن الکلبی عن الأصبغ بن نباتة أن فاطمة بنت رسول الله (صلی الله علیه و آله) کانت تأتی قبر حمزة وکانت قد وضعت علیه علما لتعرفه، وذکر أن قبر النبی (صلی الله علیه و آله) وأبی بکر وعمر کان علیهم النقل یعنی حجارة صغارا).

ص:76

ص:77

ص:78

زیارة القبور

ونعتقد بجواز زیارة القبور بل استحبابها، فإن فیه العبرة لمن أراد أن یتذکر أو یخشی، وقد ورد روایات شریفة فی هذا الباب(1).

ص:79


1- مضافاً إلی ما ورد فی روایات أهل البیت (علیهم السلام) وهی کثیرة، فقد روی علماء السنة ذلک أیضا: ففی مصنف عبد الرزاق الصنعانی: ج3 ص569 ح6708 ط المکتب الإسلامی بیروت (أخبرنا عبد الرزاق عن معمر قال أخبرنا عطاء الخراسانی قال حدثنی عبد الله بن بریدة عن أبیه قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): إنی کنت نهیتکم عن زیارة القبور فزوروها فإنها تذکر الآخرة). وفی ج3 ص570 و571 ح6709: (عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر عن نافع قال: کان ابن عمر یمر علی قبر واقد أخیه فیقف علیه فیدعو له ویصلی علیه) وفی ح6710: (عبد الرزاق عن معمر عن أیوب عن نافع عن ابن عمر مثله) وفی ح6711: (أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جریج قال أخبرنا ابن أبی ملیکة أن النبی (صلی الله علیه و آله) قال ائتوا موتاکم فسلموا علیهم وصلوا علیهم فإن لکم فیهم عبرة، قال ابن أبی ملیکة ورأیت عائشة تزور قبر أخیها عبد الرحمن بن أبی بکر ومات بالحبشی وقبر بمکة). وفی ح6712: (أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جریج قال أخبرنا محمد بن قیس بن مخرمة قال سمعت عائشة زوج النبی (صلی الله علیه و آله) تقول ألا أخبرکم عنی وعن النبی (صلی الله علیه و آله) قلنا: بلی، قالت: لما کانت لیلتی انقلب فوضع نعلیه عند رجلیه ووضع رداءه حتی بسط طرف إزاره علی فراشه فلم یلبث إلا ریث ظن أنی قد رقدت ثم انتعل رویدا وأخذ رداءه رویدا فجعلت درعی فی رأسی واختمرت ثم تقنعت بإزاری فانطلقت فی أثره حتی جاء البقیع فرفع یده ثلاث مرات وأطال القیام ثم انحرف فانحرفت فأسرع فاسرعت وهرول فهرولت وأحضر فاحضرت فسبقته فدخلت فلیس إلا أن اضطجعت، فدخل فقال: ما لک یا عائشة حشیا رابیة، قلت: لا شیء، قال: أتخبریننی أو لیخبرنی اللطیف الخبیر، قلت: یا رسول الله بأبی أنت وأمی فأخبرته الخبر، قال أنت السواد الذی رأیت أمامی، قلت: نعم، قالت: فلهز فی صدری لهزة أوجعتنی، ثم قال: أظننت أن یحیف الله علیک ورسوله، فقلت: مهما یکتم الناس فقد علم الله، نعم قال: فإن جبریل أتانی حین رأیت ولم یکن یدخل علیک وقد وضعت ثیابک فنادانی وأخفی منک فأجبته وأخفیته منک وظننت أنک قد رقدت وکرهت أن أوقظک وخشیت أن تستوحشی فأمرنی أن آتی أهل البقیع فأستغفر لهم، قالت: قلت کیف أقول، قال: قولی: السلام علی أهل الدیار من المؤمنین والمسلمین یرحم الله المستقدمین منا والمستأخرین وإنا إن شاء الله للاحقون). وفی مصنف عبد الرزاق الصنعانی: ج3 ص572 ح6714: (عبد الرزاق عن ابن جریج قال حدثت عن مسروق ابن الأجدع عن ابن مسعود قال: خرج رسول الله (صلی الله علیه و آله) یوما فخرجنا معه حتی انتهینا إلی المقابر فأمرنا فجلسنا ثم تخطینا القبور حتی انتهینا إلی قبر منها فجلس إلیه فناجاه طویلا ثم ارتفع نحیب رسول الله (صلی الله علیه و آله) باکیا فبکینا لبکائه، ثم إن النبی (صلی الله علیه و آله) أقبل فلقیه عمر بن الخطاب فقال: ما الذی أبکاک یا رسول الله (صلی الله علیه و آله) قال لقد أبکانا وأفزعنا فأخذ بید عمر ثم أومأ إلینا فأتیناه فقال: أفزعکم بکائی، فقلنا: نعم یا رسول الله، قال: فإن القبر الذی رأیتمونی عنده قبر أمی آمنة بنت وهب وإنی استأذنت ربی فی زیارتها فأذن لی). وفی ج3 ص574 باب التسلیم علی القبور ح6718: (أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن عبدالکریم الجزری عن مجاهد قال: التسلیم علی القبور السلام علی المسلمین والمسلمات والمؤمنین والمؤمنات من أهل الدیار ویرحم الله المستقدمین منا وإنا إن شاء الله بکم لاحقون، قال معمر فکان قتادة یذکر نحو هذا ویزید أنتم لنا فرطا ونحن لکم تبع وإنا إن شاء الله بکم للاحقون). وفی ج3 ص575 ح6719: (أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا مالک عن العلاء بن عبد الرحمن بن یعقوب عن أبیه عن أبی هریرة قال: مر رسول الله (صلی الله علیه و آله) بمقبرة أو قال بالبقیع، ثم قال: السلام علی أهل الدیار فیها من المسلمین دار قوم میتین وإنا فی آثارهم أو قال فی آثارکم للاحقون) وفی ح6720: (عبد الرزاق عن ابن جریج قال: حدثت أن النبی (صلی الله علیه و آله) کان ینطلق بطوائف من أصحابه إلی دفنی بقیع الغرقد فیقول: السلام علیکم یا أهل القبور لو تعلمون مما نجاکم الله مما هو کائن بعدکم ثم یلتفت إلی أصحابه وفیهم یومئذ الأفاضل فیقول أنتم خیر أم هؤلاء، فیقولون نرجو أن لا یکونوا خیرا منا هاجرنا کما هاجروا وجاهدنا کما جاهدوا، فیقول بل هم خیر منکم قد مضوا ولم یأکلوا من أجورهم شیئا وإنکم تأکلون من أجورکم فإن هؤلاء قد مضوا وقد شهدت لهم وإنی لا أدری ما تحدثون بعدی) وفی ح6721: (أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جریج عن موسی ابن عقبة عن سالم بن عبد الله أن ابن عمر کان لایمر بقبر الا سلم). وفی ج3 ص 576 ح6723: (أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا یحیی بن العلاء عن ابن عجلان عن زید بن أسلم قال: مر أبو هریرة وصاحب له علی قبر فقال أبو هریرة: سلم، فقال الرجل: أسلم علی القبر، فقال أبو هریرة: إن کان رآک فی الدنیا یوما قط إنه لیعرفک الآن). وفی المستدرک علی الصحیحین: ج1 ص526 ح1373 ط دار الکتب العلمیة بیروت: (وقد حدثنا أبو بکر بن إسحاق الفقیه أنبأ الحسن بن علی بن زیاد حدثنا إبراهیم بن موسی حدثنا هشام بن یوسف الصنعانی حدثنا عبد الله بن بحیر قال: سمعت هانئ مولی عثمان بن عفان یقول: کان عثمان بن عفان إذا وقف علی قبر بکی حتی یبل لحیته، فیقال له: قد تذکر الجنة والنار فلا تبکی وتبکی من هذا، فیقول إن رسول الله (صلی الله علیه و آله) قال: إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أیسر منه وإن لم ینج منه فما بعده أشد منه، وقال رسول الله (صلی الله علیه و آله) ما رأیت منظرا إلا والقبر أفظع منه). وفی سنن الترمذی: ج3 ص369 ط دار إحیاء التراث العربی بیروت: (باب ما یقول الرجل إذا دخل المقابر، ح1053 بسنده عن ابن عباس قال: مر رسول الله (صلی الله علیه و آله) بقبور المدینة فأقبل علیهم بوجهه فقال: السلام علیکم یا أهل القبور یغفر الله لنا ولکم أنتم سلفنا ونحن بالأثر). وقال الترمذی فی سننه: ج3 ص370 و371: (باب ما جاء فی الرخصة فی زیارة القبور ح1054 حدثنا محمد بن بشار ومحمود بن غیلان والحسن بن علی الخلال قالوا حدثنا أبو عاصم النبیل حدثنا سفیان عن علقمة بن مرثد عن سلیمان بن بریدة عن أبیه قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) قد کنت نهیتکم عن زیارة القبور فقد أذن لمحمد فی زیارة قبر أمه فزوروها فإنها تذکر الآخرة) قال: وفی الباب عن أبی سعید وابن مسعود وأنس وأبی هریرة وأم سلمة، قال أبو عیسی: حدیث بریدة حدیث حسن صحیح والعمل علی هذا عند أهل العلم لا یرون بزیارة القبور بأسا، وهو قول ابن المبارک والشافعی وأحمد وإسحاق). وفی سنن أبی داود: ج3 ص213 ط دار الفکر: (باب الجلوس عند القبر ح3212: حدثنا عثمان بن أبی شیبة حدثنا جریر عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) فی جنازة رجل من الأنصار فانتهینا إلی القبر ولم یلحد بعد فجلس النبی (صلی الله علیه و آله) مستقبل القبلة وجلسنا معه). وفی سنن أبی داود: ج3 ص217: (باب المشی فی النعل بین القبور ح3230: حدثنا سهل بن بکار ثنا الأسود بن شیبان عن خالد بن سمیر السدوسی عن بشیر بن نهیک عن بشیر مولی رسول الله (صلی الله علیه و آله) وکان اسمه فی الجاهلیة زحم بن معبد فهاجر إلی رسول الله (صلی الله علیه و آله) فقال: ما اسمک، قال: زحم، قال: بل أنت بشیر، قال: بینما أنا أماشی رسول الله (صلی الله علیه و آله) مر بقبور المشرکین، فقال: لقد سبق هؤلاء خیرا کثیرا ثلاثا، ثم مر بقبور المسلمین فقال: لقد أدرک هؤلاء خیرا کثیرا وحانت من رسول الله (صلی الله علیه و آله) نظرة فإذا رجل یمشی فی القبور علیه نعلان فقال: یا صاحب السبتین ویحک ألق سبتیک فنظر الرجل فلما عرف رسول الله (صلی الله علیه و آله) خلعهما فرمی بهما). وفی سنن أبی داود أیضا: ج3 ص218 و219: (باب فی زیارة القبور ح3234: حدثنا محمد بن سلیمان الأنباری حدثنا محمد بن عبید عن یزید بن کیسان عن أبی حازم عن أبی هریرة قال: أتی رسول الله (صلی الله علیه و آله) قبر أمه فبکی وأبکی من حوله فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله): استأذنت ربی تعالی علی أن أستغفر لها فلم یأذن لی، فاستأذنت أن أزور قبرها، فأذن لی فزوروا القبور فإنها تذکر بالموت) وفی ح3235: (حدثنا أحمد بن یونس حدثنا معرف بن واصل عن محارب بن دثار عن ابن بریدة عن أبیه قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): نهیتکم عن زیارة القبور فزوروها فإن فی زیارتها تذکرة)، ثم قال ابن داود: (باب ما یقول إذا زار القبور أو مر بها ح3237: حدثنا القعنبی عن مالک عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبیه عن أبی هریرة أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) خرج إلی المقبرة فقال: السلام علیکم دار قوم مؤمنین وإنا إن شاء الله بکم لاحقون). وجاء فی مصنف ابن أبی شیبة: ج3 ص27 ط مکتبة الرشد الریاض: (ما ذکر فی التسلیم علی القبور إذا مر بها من رخص فی ذلک، ح11782 حدثنا محمد بن فضیل عن عبد الملک بن أبی سلیمان عن أبی عبد الرحمن عن زاذان قال: کان علی (علیه السلام) إذا دخل المقابر قال السلام علی من فی هذه الدیار من المؤمنین والمسلمین أنتم لنا فرط ونحن لکم تبع وإنا بکم للاحقون وانا لله وإنا إلیه راجعون) وفی ح11783: (حدثنا ابن فضیل عن الأجلح عن عبد الله بن شریک عن جندب عن جندب الأزدی قال: خرجنا مع سلمان إلی الحرة حتی إذا انتهینا إلی القبور التفت عن یمینه فقال: السلام علیکم یا أهل الدیار من المؤمنین والمؤمنات أنتم لنا فرط ونحن لکم تبع وإنا علی آثارکم واردون) وفی ح11784: (حدثنا جریج بن عبد الحمید عن عبد الأعلی عن خیثمة والمسیب وعن لیث عن مجاهد أنهم کانوا یسلمون علی القبور) وفی ح11785: (حدثنا سهل بن یوسف عن ابن عون عن محمد قال: لا أعلم بأسا أن یأتی الرجل القبر یسلم علیه) وفی ح11786: (حدثنا یحیی بن آدم عن زهیر عن موسی بن عقبة أنه رأی سالم بن عبد الله لا یمر بلیل ولا نهار بقبر إلا یسلم علیه ونحن مسافرون معه، یقول: السلام علیکم، فقلت له فی ذلک، فأخبرنیه عن أبیه أنه کان یصنع ذلک) وفی ح11787: (حدثنا معاویة بن هشام حدثنا سفیان عن علقمة بن مرثد عن سلیمان بن بریدة عن أبیه قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) یعلمهم إذا خرجوا إلی المقابر فکان قائلهم یقول: السلام علیکم یا أهل الدیار من المؤمنین والمسلمین وإنا إن شاء الله بکم للاحقون انتم لنا فرط ونحن لکم تبع ونسأل الله لنا ولکم العافیة) وفی ح11788: (حدثنا عبید الله بن موسی عن ابن أبی ذئب عن قرة عن عامر بن سعد عن أبیه أنه کان یرجع من ضیعته فیمر بقبور الشهداء، فیقول السلام علیکم وانا بکم للاحقون، ثم یقول لأصحابه ألا تسلمون علی الشهداء فیردون علیکم) وفی ح11789: (حدثنا خالد بن مخلد عن عبد الملک بن الحسن الجاری عن عبد الله بن سعد الجاری قال: قال لی أبو هریرة: یا عبد الله إذا مررت بالقبور قد کنت تعرفهم فقل: السلام علیکم أصحاب القبور، وإذا مررت بالقبور لاتعرفهم فقل: السلام علی المسلمین) وفی ح11790: (حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا الحکم بن فضیل عن یعلی بن عطاء عن عتیک بن جبیر عن أبی مویهبة مولی رسول الله (صلی الله علیه و آله) قال: أمر رسول الله (صلی الله علیه و آله) أن یخرج إلی البقیع فیصلی علیهم أو یسلم علیهم). وفی مصنف ابن أبی شیبة ج3 ص29: باب من رخص فی زیارة القبور ح11804: (حدثنا محمد بن فضیل عن أبی سنان عن محارب بن دثار عن ابن بریدة عن أبیه قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) کنت نهیتکم عن زیارة القبور فزوروها) وفی ح11805: (حدثنا عبد الرحیم بن سلیمان عن یحیی بن الحارث عن عمرو بن عامر عن أنس بن مالک قال: نهی رسول الله (صلی الله علیه و آله) عن زیارة القبور ثم قال زوروها ولا تقولوا هجرا)، وفی ح11806: (حدثنا یزید بن هارون عن حماد بن سلمة عن علی بن زید عن ربیعة بن النافعة عن أبیه عن علی قال: نهی رسول الله (صلی الله علیه و آله) عن زیارة القبور ثم قال انی کنت نهیتکم عن زیارة القبور فزوروها تذکرکم الآخرة) وفی ح11807: (حدثنا محمد بن عبید قال حدثنا یزید بن کیسان عن أبی حازم عن أبی هریرة، قال: زار رسول الله (صلی الله علیه و آله) قبر أمه فبکی وأبکی من کان حوله، فقال استأذنت ربی أن استغفر لها فلم یأذن لی واستأذنته فی أن أزور قبرها فأذن لی فزوروا القبور فإنها تذکرکم الموت) وفی ح11808: (حدثنا محمد بن عبد الله الأسدی عن سفیان عن علقمة بن مرثد عن سلیمان بن بریدة عن أبیه قال: لما فتح رسول الله (صلی الله علیه و آله) مکة أتی حرم قبر فجلس إلیه فجعل کهیئة المخاطب وجلس الناس حوله فقام وهو یبکی، فتلقاه عمر وکان من أجرأ الناس علیه فقال: بأبی أنت وأمی یا رسول الله ما الذی أبکاک، قال: هذا قبر أمی، سألت ربی الزیارة فأذن لی وسألته الاستغفار فلم یأذن لی فذکرتها فذرفت نفسی فبکیت، قال: فلم یر یوما کان أکثر باکیا منه یومئذ) وفی ح11809: حدثنا یزید بن هارون عن حماد بن زید حدثنا فرقد السبخی حدثنا جابر بن یزید حدثنا مسروق عن عبد الله قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): إنی نهیتکم عن زیارة القبور فإنه قد أذن لمحمد فی زیارة قبر أمه فزوروها تذکرکم الآخرة) وفی ح11810: (حدثنا عیسی بن یونس عن أسامة بن زید عن نافع قال: توفی عاصم بن عمر وابن عمر غائب فلما قدم قال دلونی علی قبره فوقف علیه ساعة یدعو). وفی مصنف ابن أبی شیبة أیضا: ج3 ص30: (عن ابن عمر أنه کان إذا قدم وقد مات بعض ولده فقال دلونی علی قبره فیدلونه علیه فینطلق فیقوم علیه ویدعو له) وفی ح11813: (حدثنا عبیدة بن حمید عن أبی فروة الهمدانی عن المغیرة بن أبی سبیع عن ابن بریدة عن أبیه قال: جالست النبی (صلی الله علیه و آله) فی المجلس فرأیته حزینا، فقال له رجل من القوم: ما لک یا رسول الله کأنک حزین، قال: ذکرت أمی ثم قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): کنت نهیتکم عن لحوم الأضاحی أن تأکلوها إلا ثلاثة فکلوا وأطعموا وادخروا ما بدا لکم، ونهیتکم عن زیارة القبور فمن أراد أن یزور قبر أمه فلیزره). وفی (شعب الإیمان) لأبی بکر البیهقی ط دار الکتب العلمیة بیروت: ج3 ص484 ح4137: (أخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال سمعت: أبا عبد الله محمد بن خیران الزاهد یقول: سمعت أبا سعید الحسن بن احمد الأصطخری الشافعی یقول: سمعت یحیی بن معاذ الرازی یقول: فی مواعظه دعوة منی فیها المنی إتیان المدینة وزیارة قبر النبی (صلی الله علیه و آله) والصلاة فی مسجده وفی مسجد قباء). وفی شعب الإیمان: ج3 ص491 ح4164: (بسنده عن عبد الله بن منیب بن عبد الله بن أبی امامة عن أبیه قال: رأیت أنس بن مالک أتی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فوقف فرفع یدیه حتی ظننت أنه افتتح الصلاة فسلم علی النبی (صلی الله علیه و آله) ). وفی شرح الزرقانی: ج1 ص477 ط دار الکتب العلمیة بیروت: (عن مالک عن عبد الله بن دینار قال: رأیت عبد الله بن عمر یقف علی قبر النبی (صلی الله علیه و آله) فیصلی علی النبی وعلی أبی بکر وعمر). وفی سنن البیهقی الکبری: ج5 ص249 ط مکة المکرمة: (باب زیارة القبور التی فی بقیع الغرقد ح10077: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بکر بن إسحاق أخبرنا إسماعیل بن قتیبة حدثنا یحیی بن یحیی حدثنا إسماعیل بن جعفر المدینی عن شریک بن أبی نمر عن عطاء بن یسار عن عائشة أنها قالت: کان رسول الله (صلی الله علیه و آله) کلما کان لیلتها من رسول الله (صلی الله علیه و آله) یخرج من آخر اللیل إلی البقیع فیقول: السلام علیکم دار قوم مؤمنین وآتاکم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بکم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقیع الغرقد). زیارة قبور الشهداء وجاء فی تفسیر الطبری: ج13 ص142 ط دار الفکر بیروت: بسنده قال: کان النبی (صلی الله علیه و آله) یأتی قبور الشهداء علی رأس کل حول فیقول: السلام علیکم بما صبرتم فنعم عقبی الدار). وفی تفسیر ابن کثیر: ج2 ص512 ط دار الفکر: (وقد جاء فی الحدیث أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) کان یزور قبور الشهداء فی رأس کل حول فیقول لهم: سلام علیکم بما صبرتم فنعم عقبی الدار). وفی المستدرک علی الصحیحین: ج3 ص331 ط دار الکتب العلمیة بیروت ح4320: (حدثنا أبو بکر إسماعیل بن محمد بن إسماعیل الفقیه بالری حدثنا محمد بن المغیرة السکری حدثنا عبد الرحمن بن علقمة المروزی حدثنا العطاف بن خالد المخزومی حدثنی عبد الأعلی بن عبد الله بن أبی فروة عن أبیه أن النبی (صلی الله علیه و آله) زار قبور الشهداء بأحد فقال: اللهم إن عبدک ونبیک یشهد أن هؤلاء شهداء وأنه من زارهم وسلم علیهم إلی یوم القیامة ردوا علیه). وفی (الأحادیث المختارة) للحنبلی المقدسی: ج3 ص14 ط مکة المکرمة: (قال لی طلحة خرجنا مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) حتی أشرفنا علی حرة واقم قال: فدنونا منها فإذا قبور بمحنیة فقلنا: یا رسول الله قبور إخواننا هذه، قال: قبور أصحابنا، ثم خرجنا حتی إذا جئنا قبور الشهداء قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) هذه قبور إخواننا)، روی عن عثمان یحفظ عنه إلا هذا الحدیث عن ربیعة بن أبی عبدالرحمن عن ربیعة بن عبدالله ابن الهدیر عن طلحة بن عبید الله عن النبی (صلی الله علیه و آله) أنه أتی قبور الشهداء). وفی سنن البیهقی الکبری: ج5 ص249 ط مکة المکرمة: (قال لی طلحة بن عبید الله خرجنا مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) فلما أشرفنا علی حرة واقم تدلینا منها فإذا قبور بمحنیة، فقلنا یا رسول الله هذه قبور إخواننا، فقال هذه قبور أصحابنا، ثم خرجنا فلما جئنا قبور الشهداء، قال لی رسول الله (صلی الله علیه و آله) هذه قبور    إخواننا). وفی مصنف عبد الرزاق: ج3 ص573 ط المکتب الإسلامی بیروت ح6716: (عبد الرزاق عن رجل من أهل المدینة عن سهیل بن أبی صالح عن محمد بن إبراهیم التیمی قال: کان النبی (صلی الله علیه و آله) یأتی قبور الشهداء عند رأس الحول فیقول: السلام علیکم بما صبرتم فنعم عقبی الدار). وفی (مختصر المختصر) لأبی المحاسن الحنفی: ج2 ص349 ط عالم الکتب بیروت: (فی الأخوة والصحبة، روی عن طلحة قال: کنا مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) فی سفر فلما أشرفنا علی حرة وأقم إذا نحن بقبور قلنا یا رسول الله هذه قبور إخواننا، قال: هذه قبور أصحابنا، فلما جاء قبور الشهداء قال: هذه قبور أخواننا) ثم قال: (وعن أبی هریرة أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) خرج إلی المقبرة فقال: السلام علیکم دار قوم مؤمنین وإنا إن شاء الله بکم لاحقون وددت أنی قد رأیت إخواننا قالوا یا رسول الله لسنا بإخوانک، قال بل أنتم أصحابی، وأخوانی الذین یأتون من بعدی وأنا فرطهم علی الحوض). وفی مسند البزار: ج3 ص169 ط مؤسسة علوم القرآن بیروت: (عن طلحة قال: خرجنا مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) إلی قبور الشهداء فلما نزلنا من حرة واقم رأینا قبورا بمحنیة الجبل فقلنا یا رسول الله هؤلاء إخواننا، قال هؤلاء أصحابنا ثم خرجنا حتی جئنا قبور الشهداء، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله): هذه قبور إخواننا ودعا لهم) ورواه احمد فی مسنده: ج1 ص161 ح1387 ط مؤسسة قرطبة مصر. وروی أیضا فی التمهید لابن عبد البر: ج20 ص245 و246 ط وزارة الأوقاف المغرب.

ص:80

ص:81

ص:82

ص:83

ص:84

ص:85

النساء و الزیارة

ونعتقد بأن دخول النساء فی البقیع، أو فی سائر مراقد الأنبیاء والأئمة والصالحین (علیهم السلام) مستحب شرعاً، لاستواء الرجال والنساء فی الأحکام الشرعیة إلا ما خرج بالدلیل القطعی، ولا دلیل فی المقام علی عدم الجواز، بل الدلیل علی

الجواز(1).

ص:86


1- انظر تفسیر القرطبی: ج10 ص381 ط دار الشعب القاهرة، وفیه: (عن أبی بکر الأثرم قال حدثنا مسدد حدثنا نوح بن دراج عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد قال: کانت فاطمة بنت رسول الله (صلی الله علیه و آله) تزور قبر حمزة بن عبد المطلب کل جمعة وعلمته بصخرة، ذکره أبو عمر). وروی الترمذی فی سننه ج3 ص371 ح1055 ط دار إحیاء التراث العربی بیروت، قال: (حدثنا الحسین بن حریث حدثنا عیسی بن یونس عن بن جریج عن عبد الله بن أبی ملیکة قال: توفی عبد الرحمن بن أبی بکر بحبشی قال فحمل إلی مکة فدفن فیها فلما قدمت عائشة أتت قبر عبد الرحمن بن أبی بکر فقالت:                              وکنا کندمانی جذیمة حقبة        من الدهر حتی قیل لن یتصدعا                              فلما تفرقنا کأنی ومالکا          لطول اجتماع لم نبت لیلة معا). والترمذی أیضا فی سننه: ج3 ص371 (باب ما جاء فی کراهیة زیارة القبور للنساء ح1056 حدثنا قتیبة حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبی سلمة عن أبیه عن أبی هریرة أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) لعن زوارات القبور، قال وفی الباب عن ابن عباس وحسان بن ثابت قال أبو عیسی هذا حدیث حسن صحیح وقد رأی بعض أهل العلم أن هذا کان قبل أن یرخص النبی (صلی الله علیه و آله) فی زیارة القبور فلما رخص دخل فی رخصته الرجال والنساء، وقال بعضهم: إنما کره زیارة القبور للنساء لقلة صبرهن وکثرة جزعهن). وفی مصنف عبد الرزاق الصنعانی: ج3 ص572 ح6713: (عبد الرزاق عن ابن عیینة عن جعفر بن محمد عن أبیه قال: کانت فاطمة بنت رسول الله (صلی الله علیه و آله) تزور قبر حمزة کل جمعة). وفی ج3 ص571 ح6711: عن ابن أبی ملیکة قال: (ورأیت عائشة تزور قبر أخیها عبد الرحمن بن أبی بکر ومات بالحبشی وقبر بمکة). وفی ج3 ص 576 ح6722: (عبد الرزاق عن ابن جریج عن محمد بن قیس بن مخرمة عن عائشة قالت کنت سألت النبی (صلی الله علیه و آله) کیف نقول فی التسلیم علی القبور، فقال: قولی السلام علی أهل الدیار من المؤمنین والمسلمین ویرحم الله المستقدمین منا والمستأخرین وإنا إن شاء الله بکم للاحقون). وفی مصنف ابن أبی شیبة: ج3 ص29 ح11811 ط مکتبة الرشد الریاض: (حدثنا عیسی بن یونس عن أسامة عن ابن جریج عن عبد الله بن أبی ملیکة قال: توفی عبد الرحمن بن أبی بکر بالحبشی قال ابن جریج الحبشی إثنی عشر میلا من مکة فدفن بمکة، فلما قدمت عائشة أتت قبره فقالت:                      وکنا کندمانی جزیمة حقبة           من الدهر حتی قیل لن یتصدعا                       فلما تفرقنا کأنی ومالکا             لطول اجتماع لم نبت لیلة معا). وفی (نوادر الأصول فی أحادیث الرسول) لابی عبد الله الحکیم الترمذی: ج1 ص126 ط دار الجیل بیروت: (و روی عن فاطمة رضی الله عنها أنها کانت تأتی قبر حمزة رضی الله عنه فی کل عام فترمه وتصلحه) ثم قال: (وروی عن غیر واحدة من النساء أنها کانت تأتی قبور الشهداء فتسلم علیهم). وفی المستدرک علی الصحیحین: ج3 ص331 ط دار الکتب العلمیة بیروت ح4320: (... قال العطاف: وحدثتنی خالتی أنها زارت قبور الشهداء، قالت: ولیس معی إلا غلامان یحفظان علی الدابة، قالت: فسلمت علیهم فسمعت رد السلام، قالوا والله إنا نعرفکم کما یعرف بعضنا بعضا، قالت فاقشعررت، فقلت یا غلام ادن بغلتی فرکبت، هذا إسناد مدنی صحیح ولم یخرجاه).

الصلاة فی البقیع

ونعتقد أن الصلاة فی البقیع، أو فی مراقد الأنبیاء والأئمة والصالحین (علیهم السلام) مستحبة شرعاً، ولا دلیل علی عدم الجواز(1)..

وقد قال سبحانه فی قصة أصحاب الکهف:

ص:87


1- جاء فی (الأحادیث المختارة) للحنبلی المقدسی: ج4 ص106 ط مکة المکرمة بسنده عن صالح بن کیسان عن عبید الله قال: (رأیت أسامة قال ورأیته یصلی عند قبر رسول الله (صلی الله علیه و آله) ). وفی موارد الظمآن للهیثمی: ج1 ص485 ط دار الکتب العلمیة بیروت: (عن عبید الله بن عبد الله قال: رأیت أسامة بن زید یصلی عند قبر النبی (صلی الله علیه و آله) ). ومن هنا قال بعض علماء السنة: إن المقصود بعدم اتخاذ القبور مساجد کما فی بعض روایاتهم ما إذا ترتب علی الاتخاذ مفسدة، وقد رووا انه لما مات الحسن بن الحسن وهو من ثقات التابعین وقد روی له النسائی، ضربت امرأته علی قبره فسطاطاً فأقامت علیه سنة، والمقیم فی الفسطاط لا یخلو من الصلاة هناک فیلزم اتخاذ المسجد عن القبر، انظر فتح الباری: ج3 ص200.

(لنتخذنّ علیهم مسجداً)(1).

البکاء والعزاء علی الإمام الحسین (علیه السلام)

ونعتقد بجواز البکاء بل استحبابه علی مصائب النبی (صلی الله علیه و آله) وآله الأطهار (علیهم السلام) ولذلک نعقد المآتم وخصوصاً علی الإمام الشهید الحسین بن علی بن أبی طالب (علیهم السلام) ، فقد أمر النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) بالبکاء علی عمه (حمزة) شهید أحد(2)، وبکی علی الإمام

ص:88


1- سورة الکهف: 21.
2- انظر المستدرک علی الصحیحین: ج3 ص218 ط دار الکتب العلمیة بیروت، وفیه: (ح4893 حدثنا أحمد بن یعقوب الثقفی حدثنا محمد بن عبد الوهاب الحضرمی حدثنا هارون بن إسحاق الهمدانی حدثنا عبد الله بن نمیر عن أبی حماد الحنفی عن عبد الله بن محمد بن عقیل عن جابر رضی الله عنه قال: لما جرد رسول الله (صلی الله علیه و آله) حمزة بکی، فلما رأی إمثاله شهق). وفی المستدرک علی الصحیحین أیضا: ج1 ص537 ح1407: (أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد السماک حدثنا الحسن بن مکرم حدثنا عثمان بن عمر حدثنا أسامة بن یزید حدثنی الزهری عن أنس بن مالک قال: لما رجع رسول الله (صلی الله علیه و آله) من أحد سمع نساء الأنصار یبکین فقال: لکن حمزة لا بواکی له، فبلغ ذلک نساء الأنصار فبکین لحمزة...) ثم قال: وهو أشهر حدیث بالمدینة فإن نساء المدینة لا یندبن موتاهن حتی یندبن   حمزة وإلی یومنا هذا، ثم أشار إلی مناظرة عبد الله بن عمر وعبد الله بن العباس فی البکاء علی المیت ورجوعهما فیه إلی عائشة وقولها: والله ما قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) إن المیت یعذب ببکاء أحد ولکن رسول الله (صلی الله علیه و آله) قال: إن الکافر یزیده عند الله بکاء أهله عذابا شدیدا وأن الله هو أضحک وأبکی ولا تزر وازرة وزر أخری). وقال الحاکم النیسابوری فی المستدرک علی الصحیحین: ج1 ص537 ح1406: (حدثنا أبو بکر أحمد بن إبراهیم الفقیه الإسماعیلی حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله الحضرمی حدثنا هارون بن إسحاق الهمدانی حدثنا عبدة بن سلیمان عن هشام بن عروة عن وهب بن کیسان عن محمد بن عمرو بن عطاء عن أبی هریرة قال: خرج النبی (صلی الله علیه و آله) علی جنازة ومعه عمر بن الخطاب فسمع نساء یبکین فزبرهن عمر، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله) یا عمر دعهن فإن العین دامعة والنفس مصابة والعهد قریب) هذا حدیث صحیح علی شرط الشیخین). وفی المستدرک: ج3 ص219 ح4900 بسنده عن جابر بن عبد الله، قال: (فقد رسول الله (صلی الله علیه و آله) یوم أحد حمزة حین فاء الناس من القتال، قال فقال رجل رأیته عند تلک الشجرة وهو یقول أنا أسد الله وأسد رسوله، اللهم أنی أبرأ إلیک مما جاء به هؤلاء لأبی سفیان وأصحابه وأعتذر إلیک مما صنع هؤلاء من انهزامهم، فسار رسول الله (صلی الله علیه و آله) نحوه فلما رأی جبهته بکی ولما رأی ما مثل به شهق، ثم قال ألا کفن فقام رجل من الأنصار فرمی بثوب قال جابر فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله) سید الشهداء عند الله تعالی یوم القیامة حمزة)، ثم قال: هذا حدیث صحیح الإسناد. وفی مجمع الزوائد: ج6 ص118 وص 119 باب مقتل حمزة رضی الله عنه، ط دار الریان للتراث، القاهرة : (وعن جابر قال لما بلغ النبی (صلی الله علیه و آله) قتل حمزة بکی، فلما نظر الیه شهق) و(عن جابر قال: لما جرد رسول الله (صلی الله علیه و آله)   حمزة بکی فلما رأی مثاله شهق). وفی مصباح الزجاجة، لأبی بکر الکنانی: ج2 ص47 و48 ط دار العربیة بیروت: (باب ما جاء فی البکاء علی المیت، حدثنا سوید بن سعید حدثنا یحیی بن سلیم عن ابن خیثم عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت یزید قالت لما توفی ابن رسول الله (صلی الله علیه و آله) إبراهیم بکی رسول الله (صلی الله علیه و آله) فقال له المعزی إما أبو بکر وإما عمر: أنت أحق من عظم الله حقه، قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) تدمع العین ویحزن القلب ولا نقول ما یسخط الرب، لولا أنه وعد صادق وموعود جامع وأن الآخر تابع الأول لوجدنا علیک یا إبراهیم أفضل مما وجدنا وإنا بک لمحزونون). وقال: (حدثنا هارون بن سعید المصری حدثنا عبد الله بن وهب أنبأنا أسامة بن زید عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) مر بنساء عبد الأشهل یبکین هلکاهن یوم أحد فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله): لکن حمزة لا بواکی له فجاء نساء الأنصار یبکین حمزة). انظر أیضاً (شرح معانی الآثار): ج4 ص293 ط دار الکتب العلمیة بیروت. و(مسند الشاشی): ج2 ص413 ط المدینة المنورة، و(المعجم الکبیر) للطبرانی: ج3 ص142 ط الموصل. هذا وقد سبق قبل صفحات بکاء رسول الله (صلی الله علیه و آله) علی أمه آمنة.

الحسین (علیه السلام) قبل استشهاده(1)، کما جرت بذلک عادة المسلمین منذ صدر

ص:89


1- هناک روایات کثیرة فی فضل البکاء علی الإمام الحسین (علیه السلام) وردت عن أئمة أهل البیت (علیهم السلام) اما ما ورد فی کتب أهل السنة، فمنها: ما جاء فی (مسند احمد بن حنبل) : ج1 ص86 ح648 ط مؤسسة قرطبة مصر وفیه: (حدثنا عبد الله حدثنی أبی حدثنا محمد بن عبید حدثنا شرحبیل بن مدرک عن عبد الله بن نجی عن أبیه: انه سار مع علی (علیه السلام) وکان صاحب مطهرته فلما حاذی نینوی وهو منطلق إلی صفین فنادی علی (علیه السلام) : اصبر أبا عبد الله، اصبر أبا عبد الله بشط الفرات، قلت: وماذا؟ قال: دخلت علی النبی (صلی الله علیه و آله) ذات یوم وعیناه تفیضان، قلت: یا نبی الله أغضبک أحد ما شأن عینیک   تفیضان؟ قال: بل قام من عندی جبریل قبل فحدثنی ان الحسین یقتل بشط الفرات قال: فقال: هل لک إلی ان أشمک من تربته، قال: قلت: نعم فمد یده فقبض قبضة من تراب فأعطانیها فلم أملک عینی أن فاضتا). وفی (الأحادیث المختارة) للحنبلی المقدسی: ج2 ص375، ط مکة المکرمة: ح758 بسنده عن عبدالله بن نجی عن أبیه أنه سار مع علی (علیه السلام) وکان صاحب مطهرته فلما حاذی نینوی وهو منطلق إلی صفین فنادی علی: اصبر أبا عبدالله، اصبر أبا عبدالله بشط الفرات، قلت: وماذا؟ قال: دخلت علی النبی (صلی الله علیه و آله) ذات یوم وعیناه تفیضان، قلت: یا نبی الله أغضبک أحد، ما شأن عینیک تفیضان؟ قال: بل قام من عندی جبریل قبل فحدثنی أن الحسین یقتل بشط الفرات، قال: فقال: هل لک أن أشمک من تربته؟ قال: قلت: نعم، فمد یده فقبض قبضة من تراب فأعطانیها فلم أملک عینی أن فاضتا) ثم قال إسناده حسن. ومثله فی (مجمع الزوائد) ج: 9 ص187 ط دار الریان للتراث القاهرة، وفیه أیضاً: (عن عائشة قالت: دخل الحسین بن علی (علیه السلام) علی رسول الله (صلی الله علیه و آله) وهو یوحی إلیه فنزا علی رسول الله (صلی الله علیه و آله) وهو منکب وهو علی ظهره، قال جبریل لرسول الله: (صلی الله علیه و آله) أتحبه یا محمد، قال: یا جبریل ومالی لا أحب ابنی، قال: فإن أمتک ستقتله من بعدک، فمد جبریل (علیه السلام) یده فأتاه بتربة بیضاء فقال: فی هذه الأرض یقتل ابنک هذا واسمها الطف، فلما ذهب جبریل (علیه السلام) من عند رسول الله (صلی الله علیه و آله) خرج رسول الله (صلی الله علیه و آله) والتزمه فی یده یبکی، فقال: یا عائشة إن جبریل أخبرنی أن ابنی حسین مقتول فی أرض الطف وأن أمتی ستفتن بعدی ثم خرج إلی أصحابه فیهم علی وأبو بکر وعمر وحذیفة وعمار وأبو ذر، وهو یبکی، فقالوا: ما یبکیک یا رسول الله؟ فقال: أخبرنی جبریل (علیه السلام) أن ابنی الحسین یقتل بعدی بأرض الطف وجاءنی بهذه التربة وأخبرنی أن فیها مضجعه) رواه الطبرانی فی الکبیر والأوسط باختصار کثیر وأوله: (أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) أجلس حسینا علی فخذه فجاءه جبریل). وفی مجمع الزوائد أیضاً: ج9 ص 187: (وعن أم سلمة قالت: کان رسول الله (صلی الله علیه و آله) جالسا ذات یوم فی بیتی، قال: لا یدخل علی أحد، فانتظرت فدخل الحسین فسمعت نشیج رسول الله (صلی الله علیه و آله) یبکی، فاطلعت فإذا حسین فی حجره والنبی (صلی الله علیه و آله) یمسح جبینه وهو یبکی، فقلت: والله ما علمت حین دخل، فقال: إن جبریل (علیه السلام) کان معنا فی البیت، قال: أفتحبه؟ قلت: أما فی الدنیا فنعم، قال: إن أمتک ستقتل هذا بأرض یقال لها کربلاء، فتناول جبریل من تربتها فأراها النبی (صلی الله علیه و آله) فلما أحیط بحسین حین قتل قال: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: کربلاء، فقال صدق الله ورسوله کرب وبلاء، وفی روایة: صدق رسول الله (صلی الله علیه و آله) أرض کرب وبلاء، رواه الطبرانی بأسانید ورجال أحدها ثقات، ثم قال: (وعن أم سلمة قالت: کان الحسن والحسین یلعبان بین یدی رسول الله  (صلی الله علیه و آله) فی بیتی فنزل جبریل فقال: یا محمد إن أمتک تقتل ابنک هذا من بعدک، وأومأ بیده إلی الحسین، فبکی رسول الله (صلی الله علیه و آله) وضمه إلی صدره ثم قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) یا أم سلمة ودیعة عندک هذه التربة، فشمها رسول الله (صلی الله علیه و آله) وقال: ویح وکرب وبلاء، قالت: وقال رسول الله (صلی الله علیه و آله): یا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمی أن ابنی قد قتل، قال: فجعلتها أم سلمة فی قارورة ثم جعلت تنظر إلیها کل یوم وتقول: إن یوما تحولین دما لیوم عظیم) رواه الطبرانی. وفی مصنف ابن أبی شیبة: ج7 ص477-478 ط مکتبة الرشد، الریاض: ح37366 (حدثنا یعلی بن عبید عن موسی الجهنی عن صالح بن أربد النخعی قال: قالت أم سلمة: دخل الحسین علی النبی (صلی الله علیه و آله) وأنا جالسة علی الباب فتطلعت فرأیت فی کف النبی (صلی الله علیه و آله) شیئا یقلبه وهو نائم علی بطنه، فقلت: یا رسول الله تطلعت فرأیتک تقلب شیئا فی کفک والصبی نائم علی بطنک ودموعک تسیل، فقال: إن جبریل أتانی بالتربة التی یقتل علیها وأخبرنی أن أمتی یقتلونه) وقال فی ح37367: (حدثنا محمد بن عبید قال حدثنی شرحبیل بن مدرک الجعفی عن عبد الله بن یحیی الحضرمی عن أبیه أنه سافر مع علی وکان صاحب مطهرته حتی حاذی نینوی وهو منطلق إلی صفین فنادی صبرا أبا عبد الله صبرا أبا عبد الله، فقلت: ماذا أبا عبد الله، قال: دخلت علی النبی (صلی الله علیه و آله) وعیناه تفیضان، قال: قلت: یا رسول الله ما لعینیک تفیضان أغضبک أحد، قال: قام من عندی جبریل فأخبرنی أن الحسین یقتل بشط الفرات فلم أملک عینی أن فاضتا). انظر أیضاً مسند البزار: ج3 ص101 ط مؤسسة علوم القرآن بیروت، ومسند أبی یعلی: ج1 ص298 ط دار المأمون للتراث دمشق. والآحاد والمثانی: ج1 ص308 ط دار الرایة، الریاض. والمعجم الکبیر: ج3 ص105 ط مکتبة العلوم والحکم، الموصل. وفی المستدرک علی الصحیحین: ج3 ص194 ح4818 ط دار الکتب العلمیة بیروت، (أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علی الجوهری ببغداد حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهیثم القاضی حدثنا محمد بن مصعب حدثنا الأوزاعی عن أبی عمار شداد بن عبد الله عن أم الفضل بنت الحارث: أنها دخلت علی رسول الله (صلی الله علیه و آله) فقالت: یا رسول الله إنی رأیت حلما منکرا اللیلة، قال: ما هو؟ قالت: إنه شدید، قال: ما هو؟ قالت: رأیت کأن قطعة من جسدک قطعت ووضعت فی حجری، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله) رأیت خیرا تلد فاطمة إن شاء الله غلاما فیکون فی حجرک، فولدت فاطمة الحسین فکان فی حجری کما قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) فدخلت یوما إلی رسول الله (صلی الله علیه و آله) فوضعته فی حجره ثم حانت منی التفاتة فإذا عینا رسول الله (صلی الله علیه و آله) تهریقان  من الدموع، قالت فقلت: یا نبی الله بأبی أنت وأمی مالک؟ قال: أتانی جبریل (علیه السلام) فأخبرنی أن أمتی ستقتل ابنی هذا، فقلت هذا، فقال: نعم وأتانی بتربة من تربته حمراء) هذا حدیث صحیح علی شرط الشیخین. وفی المعجم الکبیر للطبرانی: ج23 ص289 ط الموصل: (ح637 حدثنا الحسین بن إسحاق حدثنا یحیی الحمانی حدثنا سلیمان بن بلال عن کثیر بن زید عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أم سلمة قالت: کان رسول الله (صلی الله علیه و آله) جالسا ذات یوم فی بیتی فقال: لا یدخل علی أحد فانتظرت فدخل الحسین فسمعت نشیج رسول الله (صلی الله علیه و آله) یبکی فاطلعت فإذا الحسین فی حجره أو إلی جنبه یمسح رأسه وهو یبکی، فقلت: والله ما علمته حین دخل، فقال: رسول الله (صلی الله علیه و آله) إن جبریل کان فی البیت، فقال: أتحبه؟ قلت: أما فی الدنیا فنعم، قال: إن أمتک ستقتل هذا بأرض یقال لها کربلاء، فتناول جبریل من تربتها فأراه النبی (صلی الله علیه و آله) ، فلما أحیط بالحسین حین قتل قال: ما اسم هذه الأرض قالوا: کربلاء قال: صدق رسول الله (صلی الله علیه و آله) أرض کرب وبلاء). إلی غیرها مما هو کثیر.

ص:90

ص:91

الإسلام.

لماذا السباب والتکفیر

ولنا فی کل ذلک أدلة شرعیة وعقلیة مذکورة فی الکتب المفصّلة والمطبوعة، المنتشرة فی کل البلاد الإسلامیة، فما هذا السباب والتفسیق والتکفیر الذی یصدر من البعض تجاه الشیعة الإمامیة، فإنه لا یحقّ لمسلم أن یکفر أو یفسق أو یسبّ مسلماً، بمجرد الاختلاف فی الاجتهاد. بل علیه أن یعرف أدلة الطرف ومصادره

التشریعیة.

ألیس من اللازم أن یصرف المسلمون طاقاتهم فی جمع الکلمة لمحاربة أعداء الإسلام ولإنقاذ بلادهم من أیدی الناهبین، بدل أن یصرفوا الطاقات فی التکفیر والتفسیق والسباب؟.

الفرائض والأحکام الإسلامیة

ونعتقد بوجوب إقامة الصلاة، والصیام، وإیتاء الخمس والزکاة، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهی عن المنکر، والتولّی لأولیاء الله، والتبرّی من أعداء الله،

ص:92

والإتیان بالواجبات، وترک المحرمات، والتخلّی عن الرذائل، والتحلّی بالفضائل.

ونعتقد بوجوب العمل بکافة أحکام الإسلام وفی جمیع الأبواب: من العبادات، والمعاملات، والقضاء، والشهادات، والحدود، والدّیات، وسائر القوانین المدونة فی الفقه الإسلامی والتی تقرب من مائة ألف قانون.

کما نعتقد بلزوم تطابق جمیع الأمور الفردیة والاجتماعیة مع الإسلام، فی السیاسة والاقتصاد، والدولة والأمة، والأخلاق والآداب، والمعاملة والمعاشرة، والنکاح والطلاق، والجرائم والعقوبات، وغیرها.

الأخلاق الإسلامیة

ونعتقد بلزوم الالتزام بالأخلاق الفاضلة والآداب الإسلامیة، والاجتناب عن الأخلاق الذمیمة والمحرمات الشرعیة، فهی عادتنا، وعلیه عملنا.

فالأخلاق الإسلامیة هی التی ندب الإسلام إلیها، أو أوجبها، مثل: (الصدق)

و (الأمانة) و (الحیاء) و (العفة) و(الشجاعة) و (السخاء) و (النشاط) و (العمل)

و (حسن الخلق) و(إفشاء السلام) و (إصلاح ذات البین) و (الألفة) و (الأخوّة)

و (الزهد) وما أشبه..

والأخلاق الذمیمة هی التی حذّر عنها الإسلام، کراهة أو تحریماً، مثل: (الکذب) و (الغیبة) و (الخیانة) و (سوء الخلق) و(الکسل) و (شرب الخمر) و (أکل الحرام) و (الربا) و (السرقة) و(الزنا) و (اللواط) و (الاحتکار) و (الإفساد) و (البخل) و(الجبن) و (السفور) و (الغناء) و (النمیمة) و (البطالة) وما أشبه ذلک..

فالأخلاق هی نظرة تعدیل فی سلوک الإنسان، قرره الشارع باستحباب الصفات الفاضلة کالصدق والوفاء والاستقامة، والابتعاد عن الصفات الوضیعة

ص:93

کالکذب والخیانة والانحراف.

الأمة الواحدة

ونعتقد بأن المسلمین _ علی اختلاف مذاهبهم ورغم تعدد طوائفهم _ أمة واحدة، وهم إخوة فی الدین، کما قال سبحانه:(کنتم خیر أمة أخرجت للناس)(1).

وقال تعالی: (فأصبحتم بنعمته إخوانا)(2).

وقال عزوجل: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بین أخویکم)(3).

وأن أیّة محاولة لإلقاء التفرقة بینهم باسم الأقلیات أو القومیات أو الطائفیات أو غیرها، لا یجوز شرعاً ولا عقلاً.

ونعتقد بأن الاختلاف فی الفروع بین الطوائف الإسلامیة _ النابع عن اختلاف الاجتهادات، مع مراعاة المجتهد الالتزام بالکتاب والسنة _ لا یوجب تفرقة فی الأمة.

کما نری وجوب تظافر الجهود لتوحید کلمة المسلمین تحت لواء القرآن الحکیم والسنة المطهرة، وأن أی حکم أو قانون لا یستمدّ من هذین المصدرین، فهو باطل یجب دحضه.

وأن من الواجب تکریس الطاقات لنشر الإسلام فی مشارق الأرض ومغاربها، وتصعیده إلی مستوی الحکم، وکمقدمة لذلک یجب ما یلی:

1: تثقیف المسلمین ثقافة شاملة لأمور الدین والدنیا معاً، حتی یکون لدی المسلمین وعی عام، یؤدی بدوره إلی رأی عام.

ص:94


1- سورة آل عمران: 110 .
2- سورة آل عمران: 103 .
3- سورة الحجرات: 10 .

2: إیجاد الذهنیات الإسلامیة المندفعة نحو العمل البنّاء المستمر فی نطاق الأمة.

3: تنسیق الجهود الإسلامیة المبذولة علی مختلف الصعد، لتتحرّک نحو هدف واحد، وفی ظل نظام واحد.

4: تأسیس المؤسسات الإسلامیة فی أوسع نطاق ممکن وبمختلف ألوانها من ثقافیة واجتماعیة وتربویة وغیرها، لتکون قواعد إشعاع، ومراکز تجمّع.

5: تصنیع البلاد الإسلامیة، بالصناعات الخفیفة والثقیلة، حتی لا تحتاج إلی الأجانب، فتجرّها الحاجة إلی الانصیاع والاستسلام.

قال تعالی: [ولله العزة ولرسوله وللمؤمنین](1).

وقال (صلی الله علیه و آله و سلم) : «الإسلام یعلو ولا یعلی علیه»(2).

تطهیر البلاد من المنکرات

ونعتقد بوجوب تطهیر البلاد من المنکرات التی حرّمها الإسلام، کالخمر والغناء والقمار والزنا والربا والاحتکار والغش والسرقة والقتل وما إلی ذلک من المناهی الواردة فی الکتاب والسنة..

ونری لزوم تظافر الجهود من الحکام والشعوب لإزالة هذه المنکرات، کما

قال سبحانه: (کنتم خیر أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنکر)(3).

إعادة مجد الإسلام

ص:95


1- سورة (المنافقون): 8.
2- وسائل الشیعة: ج26 ب15 ص125 ح32640
3- سورة آل عمران: 110 .

ونعتقد بلزوم إعادة مجد الإسلام فی البلاد، وذلک ممکن، بل إن الله وعد بذلک حیث قال سبحانه: (وعد الله الذین آمنوا منکم وعملوا الصالحات لیستخلفنّهم فی الأرض کما استخلف الذین من قبلهم ولیمکّننّ لهم دینهم الذی ارتضی لهم ولیبدّلنّهم من بعد خوفهم أمناً یعبدوننی لا یشرکون بی شیئاً)(1).

لکن ذلک مشروط بالإیمان الصحیح والعمل الصالح، ومن العمل الصالح (الألفة) و(نبذ التفرقة والتشتّت) و(الجهاد فی سبیل الله بالمال واللسان والید) فإنه مهما توفّر هذان الشرطان (الإیمان والعمل الصالح) تکون النتیجة التی وعدها الله سبحانه محتومة.

الدعوة إلی الإسلام

ونعتقد بوجوب الدعوة إلی الإسلام فی شرق الأرض وغربها کما قال سبحانه: (ولتکن منکم أمة یدعون إلی الخیر ویأمرون بالمعروف وینهون عن المنکر وأولئک هم المفلحون)(2).

وإن هدایة إنسان واحد إلی الإسلام خیر عند الله مما طلعت علیه الشمس، کما قاله الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله و سلم) (3).

فمن الضروری تشکیل الهیئات، وجمع التبرّعات، وبعث المبلّغین، ونشر الکتب، والتصدی للهجمات التی یشنها الأعداء علی الإسلام، سواء فی داخل البلاد

ص:96


1- سورة النور: 55 .
2- سورة آل عمران: 104 .
3- راجع مشکاة الأنوار: ص107 الفصل التاسع فی الدین، وفیه: (قال علی (علیه السلام) : بعثنی رسول الله (صلی الله علیه و آله) إلی الیمن فقال یا علی لا تقاتل أحداً حتی تدعوه إلی الله، لئن یهدی الله علی یدیک رجلاً خیر مما طلعت علیه الشمس أو غربت).

الإسلامیة أو خارجها.

إنهاض المسلمین

ونعتقد بأن من الواجب علی کل فرد مسلم، حسب قول الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) : (کلکم راع وکلکم مسؤول عن رعیته)(1) السعی لإنهاض المسلمین حتی یکونوا هم قادة العالم کما کانوا من ذی قبل.

وذلک أمر ممکن بل میسور إذا تضافرت الجهود، فإن المسلمین یملکون:

خصوبة النسل

والمنطقة الاستراتیجیة

والثروة الطائلة

والمناهج الحیة

والدین التقدّمی الوثّاب ..

فإذا سعوا جمیعهم ل_ :

(الف): تعمیم الإیمان.

(ب): وإزالة المنکرات، التی منها القوانین غیر الإسلامیة.

(ج): وإطلاق الحریات.

(د): وفتح باب الاجتهاد من الکتاب والسنة والإجماع والعقل، وجعلها المصدر الوحید للتشریع.

(ه_): وجعل أساس الحکم الاستشارة مع الفقهاء بالشریعة العدول العارفین بالحیاة ومتطلّبات الزمن.

(و): وإرجاع الأخوة الإسلامیة، بدل القومیات والطائفیات والإقلیمیات ونحوها..

ص:97


1- جامع الأخبار: ص119 الفصل 75 .

کان رجوع السیادة إلی المسلمین کلمح البصر بإذن الله سبحانه.

قال الله تعالی: (إن تنصروا الله ینصرکم ویثبت أقدامکم)(1) وهو الموفق المستعان.

فصل: حضارة الشیعة

اشارة

ص:98


1- سورة محمد: 7 .

التعداد العام

تدل الإحصاءات الأخیرة بأن عدد الشیعة یربو علی خمسمائة ملیون نسمة(1)، وهم موجودون فی أکثر بلاد العالم، شرقها وغربها، ومنتشرون فی کافة بلاد الإسلام، وفی کثیر من البلاد غیر الإسلامیة، ولهم حضارتهم المستقاة من القرآن الکریم والسنة النبویة المطهرة وسیرة أهل بیته الأطهار (علیهم السلام) .

ولهم فی العراق وإیران والهند والباکستان والخلیج ولبنان وسوریا وأفغانستان وترکیا وإندونیسیا والسعودیة والیمن، وبعض بلاد إفریقیا وأوروبا وأمریکا وغیرها.. الکثیر من العلماء والمراجع، والمدارس الدینیة، والمعاهد العلمیة، والمساجد والحسینیات، والمؤسسات الخیریة، والمکتبات والمراکز، ومختلف أنواع الکتب، ومدارس حفظ القرآن الحکیم، وسائر الشؤون الإسلامیة، حتی أن فی قطر إسلامی واحد یوجد لهم ما یقارب ربع ملیون عالم وخطیب ومؤلف وطالب علم.

ولهم فی طول التاریخ الإسلامی: حکومات، وعلماء، وکتّاب، وشعراء، وفلاسفة، ومفکرون، ومدارس، ومؤلفات، ومکتبات، وخطباء ومرشدون.

ولهم مواقف دینیة مشرّفة منذ عهد الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله و سلم) وإلی الیوم، ومن أحبّ التوسّع فی معرفتهم فلیراجع أیّ بلد یتواجدون فیه، لیطّلع علی کنوز من المعرفة والجهاد والإخلاص.

ص:99


1- علماً بأن الإحصاءات الأخیرة تشیر إلی أن نفوس المسلمین شیعة وسنة یقارب الملیارین.

الشیعة والتاریخ الإسلامی

للشیعة أنصع الصفحات فی الفتوحات الإسلامیة، وصد تیار الهجمات علی الإسلام والمسلمین، وإرساء دعائم الإسلام فی البلاد، وبعث المبشرین والمبلّغین لهدایة الناس، وبثّ تعالیم القرآن الحکیم طیلة التاریخ الإسلامی:

أ: فملوک آل بویه لهم الید الطولی فی نشر الإسلام فی العراق وما والاها.

ب: وملوک آل حمدان لهم الأیادی البیضاء فی سوریة وأطرافها.

ج: وملوک الصفویین لهم الخدمات الجلیلة الباقیة آثارها إلی الیوم فی إیران وأفغانستان وتلک النواحی.

د: وملوک القطب شاهیة لهم المآثر الکبری فی الهند ونواحیها، إلی غیرهم وغیرهم.

ه_: کما أن أیادی آیة الله نصیر الدین الطوسیƒ (رحمة الله)(1) جلیة فی صد هجمات المغول.

و: وخدمات العلامة الحلی(2) فی حفظ البلاد عن الانحراف فی قضیة

(خدا بنده).

ص:100


1- الطوسی (597- 673ه_ = 1201-1274م) عالم بالفلک والریاضیات والکلام، أسس مرصداً مشهوراً ومکتبة کبیرة فی مراغة، له مؤلفات کثیرة منها (تجرید الاعتقاد) و(شکل القطاع) و(شرح الإشارات) و(التذکرة) و(تحریر أصول أقلیدس) و(تلخیص المحصل).
2- العلامة الحلی: هو الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر الحلی المعروف بالعلامة علی الاطلاق صاحب المؤلفات المتنوعة فی الفقه کالتذکرة والمختلف ونهایة الأحکام. (أعیان الشیعة ج1 ص145).

ز: وجهاد السید المجاهد(1) ضد الصلیبیة القیصریة الروسیة.

ح: وکفاح المجدّد(2) ضد المستعمر الغربی فی قضیة التبغ (التنباک) الشهیرة.

ط: ومجاهدات شرف الدین(3) لتطهیر أقطار سوریا ولبنان عن الاستعمار الفرنسی.

ی: وإشعال الإمام الشیرازی(4) ثورة العشرین لإخراج المستعمر عن

العراق..

إلی غیرها وغیرها.. کل ذلک من أقوی الشواهد لجهادهم المتواصل وتحفظهم علی البلاد واهتمامهم بنشر الإسلام وحفظ کیانه والوقوف والتضحیة وردّ الهجمات.

أما جهادهم فی العصر الحاضر فحدّث عنه ولا حرج، ویکفیک أن تعلم أن جملة من علماء الشیعة والبارزین منهم من أهل العلم قضوا أعمارهم فی المنافی والسجون والمعتقلات دفاعاً عن الإسلام وحفظاً لکیان المسلمین..

کما أن مساهماتهم فی الدفاع عن قضیة فلسطین والقدس الشریف وسائر الأراضی المحتلة شیء غنی عن البیان..

ص:101


1- السید المجاهد: هو السید محمد (1180 _ 1242ه_) بن السید علی (صاحب الریاض) الطباطبائی الحائری ، ولد فی کربلاء المقدسة. وله من المصنفات، مفاتیح الأصول، الوسائل فی الأصول، جامع العبائر فی الفقه... الخ، (أعیان الشیعة: ج9 ص443).
2- المیرزا محمد حسن الشیرازی نزیل سامراء انتهت إلیه الرئاسة الامامیة فی عصره وهو الذی أفتی بتحریم التبغ (التنباک) واضطر الانکلیز إلی فسخ الامتیاز. (أعیان الشیعة: ج1 ص147).
3- السید عبد الحسین بن السید یوسف شرف الدین الموسوی (1290_ 1377)، وله مؤلفات کثیرة ومنها کتابه المشهور (المراجعات)، الفصول المهمة فی تألیف الأمة، فلسفة المیثاق والولایة... الخ. (أعیان الشیعة: ج7 ص457).
4- المیرزا محمد تقی الشیرازی من مشاهیر فقهاء عصره انتهت إلیه الرئاسة بعد وفاة الیزدی عام 1338ه_ (اعیان الشیعة ج1 ص147).

ویکفیک أن تطالع کتب (کفاح العلماء الأعلام) و(موقف علماء الإسلام من الیهود) و(الحقائق الناصعة)(1) للإطلاع علی جانب صغیر من کفاحهم

وجهادهم.

أما خدمات الشیعة بالنسبة إلی (الثقافة) و(الاقتصاد) و(السلام) و(السیاسة الراشدة) و(عمران البلاد) و(الصناعة) وما أشبه فکثیرة، مما تحتاج إلی مجلدات ضخمة، وقد ذکرنا شیئاً یسیراً عن خدماتهم فی مجال الصناعة فی کرّاس (واقع الشیعة)(2).

الشیعة والعلوم الإسلامیة

وقد وضعت الشیعة أسس العلوم الإسلامیة(3)، وذلک مثل:

أبی الأسود الدؤلی(4)، أول من کتب فی النحو بإرشاد الإمام أمیر المؤمنین (علیه السلام).

والخلیل بن أحمد(5)، الذی وضع علم (العروض).

وجابر بن حیّان(6)، تلمیذ الإمام الصادق (علیه السلام) وقد اکتشف:

ص:102


1- لفریق المزهر آل فرعون حول ثورة العشرین طبع 1372ه_.
2- یقع الکتاب فی 32 صفحة من الحجم الجیبی وطبع مرتان.
3- راجع کتاب: (تأسیس الشیعة لعلوم الإسلام) تألیف العلامة السید حسن الصدر.
4- الدؤلی (35 ق ه_ _ 48ه_ = 605-688م).
5- الخلیل (_ ت نحو 170ه_ = 786م) من أهل البصرة، معلم سیبویه والأصمعی، له کتاب (العین) اول معجم عربی علی الحروف.
6- ابن حیان (_ ت 78ه_ = 697م) عاش فی الکوفة، من مؤلفاته (اسرار الکیمیاء) و(اصول الکیمیاء) و(علم الهیئة) و(الرحمة) و(المکتسب) و(مجموع رسائل) ترجمت مؤلفاته الی اللاتینیة واعتمد علیها علماء الغرب. المنجد فی الأعلام.

الکیمیاء الحدیثة، فقد تناولت کتاباته التی تربو علی السبعمائة: الفلزّات وأکاسیدها، وأملاحها، وأحماض النتریک والکبریتیک والخلیک،کما عالجت القلویات تحضیراً وتنقیة بالبلورة والتقطیر والترشیح والتصعید، وأدخل فی الکیمیاء عنصری التجربة والعمل، وبذلک یعتبره العالم (أباً للکیمیاء).

وإشعاع رادیو أکتیف (Radioactive) فی الأجسام، فقد وضعه بصورة مبهمة _ کما یقول عبد الرحمن المصری _.

کما اکتشف وجود عناصر أخری غیر التی کانت مشهورة عند القدماء، وکان یقول: لقد عرفت فی تجاربی أن هناک عناصر أخری فی التراب غیر أنی لا أملک الوسائل الکافیة لاستخراجها.

والتلفون أو التلغراف حیث یقول المؤرّخون: إنه کان لجابر بن حیان شبه صندوق صغیر یتصل طرف منه إلی صندوق آخر بالأسلاک وکان یتکلم به مع بعض الناس مع أن الفاصلة بینه وبین الطرف الآخر کانت کبیرة .

واخترع طائرة صغیرة کان (خالد البرمکی) یجلس فیها ویطیر فی الهواء، وکان بوسع هذه الطائرة أن تستقرّ فی الهواء مدة مدیدة وربما کانت من نوع الطائرات

السمتیة.

واخترع أیضاً (حاجباً) أوتوماتیکیاً من الحدید ووضعه بوّاباً علی مقرّ أحد الوزراء، وکان هذا الحاجب یتحرک ویمشی، کما کان یقتل المتسلّلین الذین لا یراعون القواعد التی وضعها (جابر) للدخول علی الوزیر.

وبکلمة: فإن لجابر بن حیان تأثیراً بالغ الأهمیة علی أکثر الاختراعات الحدیثة، وله الفضل الکبیر علی هذا العصر کله بتأسیسه علم الکیمیاء.

ونصیر الدین الطوسی(1) صاحب (مرصد مراغة) الشهیر وقد کان: أول من

ص:103


1- سبقت ترجمته ص110.

أبدی آراءً جدیدة فی الدوائر الفلکیة، وانتقد الهیئة البطلیموسیة انتقاداً علمیاً، وأول من وضع أصول علم المثلّثات، وبذلک یعتبره الغرب واضع أسس علم الصواریخ. وکانت له آراء جدیدة ونافعة فی باقی فروع علم الریاضیات. کما اخترع الأدوات الجدیدة التی کانت تستعمل فی مرصده وکانت عظیمة الفائدة.

والشیخ بهاء الدین العاملی(1) : اکتشف بعض قوانین تردد الصدی والانعکاسات الصوتیة واستعملها فی بعض مساجد أصفهان، کما استفاد من قوانین ضغط الماء وتساوی سطوحه فی حدیقة فین بکاشان. ووضع قواعد جدیدة فی الحساب.

وغیرهم من العلماء المفکرین الذین زخرت بهم الکتب.

ص:104


1- العاملی (_ ت 1031ه_ = 1622م) ولد فی بعلبک وتوفی باصفهان، أصله من جبل عامل، له مؤلفات بالعربیة والفارسیة منها: (الکشکول)، و(المخلاة) و(اسرار البلاغة) و(تشریح الأفلاک) و(خلاصة الحساب) وتعبر کتبه فی الریاضیات والفلک من المراجع الهامة.

فصل: خلفاء الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم)

اشارة

ص:105

خلفاء الرسول (صلی الله علیه و آله)

(الشیعة) تعتقد _ کما سبق _ بأن الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) عیّن من بعده اثنی عشر خلیفة، وأوجب علی الأمة اتباعهم والأخذ عنهم والرجوع إلیهم، حیث قال (صلی الله علیه و آله و سلم) فی الحدیث المتواتر عند المسلمین: (الخلفاء بعدی اثنا عشر)(1)..

وقال (صلی الله علیه و آله و سلم) : (إنی تارک فیکم الثقلین کتاب الله وعترتی أهل بیتی ما إن تمسّکتم بهما لن تضلّوا بعدی أبدا)(2) .

والخلفاء کما عیّنهم الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) فی حدیث جابر(3) وغیره(4): هم علی الترتیب المذکور فی هذا الجدول أدناه(5) مع تاریخ ولادتهم ووفاتهم ومحل قبورهم:

ص:106


1- حدیث متواتر، رواه الفریقان شیعة وسنة، انظر الهامش فی الصفحة  20-21 من هذا الکتاب.
2- حدیث متواتر، رواه الفریقان شیعة وسنة، انظر الهامش فی الصفحة 12 من هذا الکتاب.
3- ینابیع المودة للقندوزی الحنفی (1220_ 1294ه_) : ج3 ص 281 الباب السادس والسبعون فی بیان الأئمة الاثنی عشر بأسمائهم، ط دار الأسوة. وأیضاً فرائد السمطین: ج2 ص132 الحدیث 431. وغایة المرام : ص743 الحدیث57.
4- راجع کتاب دلائل الإمامة لمحمد بن جریر الطبری. وکتاب الطرائف: ج1 ص172 فی تنصیص الرسول (صلی الله علیه و آله) علی أسماء الأئمة الاثنی عشر.  وکشف الغمة: ج2 ص505 فی النص علی الأئمة الاثنی عشر من آل محمد (صلی الله علیه و آله) . و(الاستنصار فی النص علی الأئمة الأطهار) للکراجکی.
5- یحتوی هذا الجدول فی أوله علی تاریخ الرسول (صلی الله علیه و آله) وابنته فاطمة الزهراء (علیها السلام) ثم الأئمة الاثنی عشر.

جدول أسماء المعصومین والأئمة الطاهرین (علیهم السلام)

اسم المعصوم

تاریخ الولادة

تاریخ الوفاة

محل الدفن

النبی الأکرم محمد بن عبد الله (صلی الله علیه و آله و سلم)

17 ربیع الأول

28 صفر

المدینة المنوّرة

بنت الرسول فاطمة الزهراء (علیه السلام)

20 جمادی الثانیة

3 جمادی الثانیة

المدینة المنورة

الأئمة الأثنی عشر:

تاریخ الولادة

تاریخ الوفاة

محل الدفن

الأول: الإمام علی أمیر المؤمنین (علیه السلام)

13 رجب

21 رمضان

النجف الأشرف

الثانی: الإمام الحسن بن علی (علیه السلام)

15 رمضان

7 صفر

المدینة المنورة

الثالث: الإمام الحسین بن علی (علیه السلام)

3 شعبان

10 محرم

کربلاء المقدسة

الرابع: الإمام علی بن الحسین (علیه السلام)

15 جمادی الأولی

25 محرم

المدینة المنورة

الخامس: الإمام محمد بن علی الباقر (علیه السلام)

3 صفر

7 ذی الحجة

المدینة المنورة

ص:107

السادس: الإمام جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام)

17 ربیع الأول

25 شوال

المدینة المنورة

السابع: الإمام موسی بن جعفر الکاظم (علیه السلام)

7 صفر

25 رجب

الکاظمیة المشرفة

الثامن: الإمام علی بن موسی الرضا (علیه السلام)

11 ذی القعدة

آخر صفر

خراسان المقدسة

التاسع: الإمام محمد بن علی الجواد (علیه السلام)

10 رحب

آخر ذی القعدة

الکاظمیة المشرفة

العاشر: الإمام علی بن محمد الهادی (علیه السلام)

2 رجب

3 رجب

سامراء المشرفة

الحادی عشر: الإمام الحسن بن علی العسکری (علیه السلام)

10 ربیع الثانی

8 ربیع الأول

سامراء المشرفة

الثانی عشر: الحجة بن الحسن المهدی القائم„ (عجل الله تعالی فرجه الشریف)„

15 شعبان

حیّ یرزق، عجّل الله تعالی فرجه الشریف

وهؤلاء الأئمة الاثنا عشر وفاطمة الزهراء سیدة نساء العالمین بنت رسول الله (علیهم السلام) کلهم کالرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله و سلم) فی العلم والحلم، والفضیلة والأخلاق، والطهارة والعصمة، وسائر الفضائل النفسیة، والکمالات الروحیة، باستثناء النبوة التی هی خاصة بالرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) ..

وکلهم نور واحد، من تمسک بهم نجی ومن تخلّف عنهم غرق وهوی(1)،

ص:108


1- إشارة إلی الحدیث الشریف المروی عن رسول الله (صلی الله علیه و آله): (مثل أهل بیتی مثل سفینة نوح، من رکبها نجی، ومن تخلف عنها غرق) انظر: حلیة الأولیاء: ج4 ص306، ومجمع الزوائد: ج9 ص168، والجامع الصغیر للسیوطی: ج2 ص132 ط المیمنیة بمصر، إلی غیرها مما سیأتی فی الصفحة 170 من هذا الکتاب.

وفاطمة الزهراء (علیه السلام) زوجة الإمام وأم الأئمة المیامین ولیست بإمام.

مختصر فی تاریخ الأئمة

اشارة

إن الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله و سلم) وبنته الصدیقة الطاهرة (علیه السلام) والخلفاء الاثنی عشر (علیهم السلام) الذین أمر النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) بإطاعتهم وإتباعهم، قد خطّطوا للحیاة السعیدة تخطیطاً کاملاً، فهؤلاء الأطهار دستورٌ کامل للحیاة الفاضلة، وقدوة صالحة لکل شؤون الإنسان فی جمیع الأزمان.

وهم أسوة للبشریة فی مختلف المراحل، فی الشؤون الحکومیة والاقتصادیة والسیاسیة والتجاریة والأخلاقیة والعسکریة والزراعیة والصناعیة والثقافیة والقضائیة، والفردیة والعائلیة وغیرها.

وذلک لأنهم (علیهم السلام) قاموا بمختلف الأدوار الحیویة من حاکم ووزیر وقائد وجندی وثائر ومعلم ومربّ ومعتزل وتاجر وزارع ومکافح وسجین ومشرَّد ومحارب ومسالم وغیر ذلک.

وفی الیوم الذی اخذ العالم یتبع مناهج هؤلاء السادة تصبح الدنیا جنة نعیم،  وقد ادّخر الله الإمام المهدی (علیه السلام) لمثل هذا الیوم.

ولنذکر هنا مختصراً من أحوال کل واحد من الأئمة المعصومین (علیهم السلام) ؛ ونبدأ بأحوال أمهم: فاطمة (علیها السلام) بنت النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) زوج الوصی (علیه السلام).

بنت النبی (صلی الله علیه و آله)

هی: فاطمة الزهراء (علیها السلام).

أبوها: رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) محمد بن عبد الله.

ص:109

وأمها: السیدة العظیمة (خدیجة) أم المؤمنین (علیها السلام).

وزوجها: سید الأوصیاء علی أمیر المؤمنین (علیه السلام).

وأولادها وأحفادها: الأئمة الطاهرون (علیهم السلام) .

ولدت فی یوم العشرین من جمادی الآخرة سنة خمس وأربعین من مولد النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) .

وتوفیت مظلومةً یوم الثلاثاء ثالث جمادی الآخرة سنة إحدی عشرة من الهجرة، وعمرها ثمان عشرة سنة.

قام بتجهیزها أمیر المؤمنین (علیه السلام) ودفنها فی المدینة وأخفی قبرها حسب        وصیتها.

وکانت (علیها السلام) کأبیها فی العبادة والزهد والفضیلة.

وقد أنزل الله فیها آیات من القرآن الحکیم(1).

وکان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لقّبها ب_«سیدة نساء العالمین»(2)، و«سیدة نساء أهل

ص:110


1- راجع کتاب (فاطمة الزهراء (علیها السلام) فی القرآن) لآیة الله السید صادق الشیرازی، حیث ذکر من مصادر السنة عشرات الآیات النازلة فی حقها (علیها السلام).
2- راجع المستدرک علی الصحیحین: ج3 ص170 ط دار الکتب العلمیة بیروت، وفیه: (ح4740 أخبرنا زکریا بن أبی زائد عن فراس عن الشعبی عن مسروق عن عائشة أن النبی (صلی الله علیه و آله) قال وهو فی مرضه الذی توفی فیه: یا فاطمة ألا ترضین أن تکونی سیدة نساء العالمین وسیدة نساء هذه الأمة وسیدة نساء المؤمنین) هذا إسناد صحیح. وتفسیر القرطبی: ج4 ص83 ط دار الشعب القاهرة. والسنن الکبری: ج4 ص251 ط دار الکتب العلمیة بیروت، والسنن الکبری: ج5 ص146. ومعتصر المختصر: ج2 ص247 ط عالم الکتب بیروت. ومسند الطیالسی: ج1 ص196 ط دار المعرفة بیروت. وفتح الباری: ج7 ص105 ط دار المعرفة بیروت، وفتح الباری: ج7 ص136 و ج9 ص324. وعون المعبود: ج6 ص114 ط دارا لکتب العلمیة بیروت. وفیض القدیر: ج3 ص107 ط المکتبة التجاریة الکبری مصر، وفیض القدیر: ج4 ص124 وج4 ص422. ولمعرفة سائر فضائلها (علیها السلام) انظر المستدرک: ج3 ص164 باب ذکر مناقب فاطمة بنت رسول الله (صلی الله علیه و آله) . وصحیح مسلم: ج4 ص1904 باب فضائل فاطمة بنت النبی (صلی الله علیه و آله) ط دار احیاء التراث العربی بیروت. وصحیح البخاری: ج3 ص1360 باب مناقب قرابة رسول الله (صلی الله علیه و آله) ومنقبة فاطمة (علیها السلام)، ط دار ابن کثیر بیروت. وصحیح ابن حبان: ج15 ص401 باب ذکر فاطمة الزهراء ابنة المصطفی (صلی الله علیه و آله) ط مؤسسة الرسالة بیروت.  وموارد الظمآن: ج1 ص549 باب فی فضل فاطمة بنت رسول الله (صلی الله علیه و آله) ط دارالکتب العلمیة بیروت. وسنن الترمذی: ج5 698 باب فضل فاطمة بنت محمد (صلی الله علیه و آله) ط دار احیاء التراث العربی بیروت. و...

الجنة»(1).

وکان رسول الله (صلی الله علیه و آله) یحبها حبّاً کثیراً حتی أنها کانت إذا دخلت علیه (صلی الله علیه و آله و سلم) رحّب بها وقام لها وأجلسها فی محله، وربما قبّل یدیها.

وکان (صلی الله علیه و آله و سلم) یقول: «إن الله یرضی لرضا فاطمة، ویغضب لغضبها»(2).

ویقول: «فاطمة بضعة منی»(3).

ص:111


1- صحیح البخاری: ج3 ص1374 ط دار ابن کثیر بیروت.
2- انظر المستدرک علی الصحیحین: ج3 ص167 ح4730 ط دار الکتب العلمیة بیروت، بسنده عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) انه قال لفاطمة: (إن الله یغضب لغضبک ویرضی لرضاک) هذا حدیث صحیح الإسناد. رواه أیضا: الهیثمی فی مجمع الزوائد: ج9 ص203 ط دار الریان للتراث القاهرة.  وأبو بکر الشیبانی فی الآحاد والمثانی: ج5 ص363 ط الریاض. والطبرانی فی المعجم الکبیر: ج1 ص108 وج22 ص401 ط الموصل. وابن الاثیر فی اسد الغابة: ج2 ص522، وابن حجر فی إصابته: ج8 ص159، وفی تهذیب التهذیب: ج12 ص441، وکنز العمال: ج7 ص11، وکنز العمال: ج6 ص219، ومیزان الاعتدال للذهبی: ج2 ص72 وذخائر العقبی: ص39.
3- انظر صحیح مسلم: ج4 ص1902 و1903 ط دار احیاء التراث العربی بیروت وفیه عنه (صلی الله علیه و آله): (فإنما ابنتی بضعة منی  یریبنی ما رابها ویؤذینی ما آذاها) و(إنما فاطمة   بضعة منی یؤذینی ما آذاها) . وفی صحیح البخاری: ج3 ص1361 ح3510: قال (صلی الله علیه و آله): (فاطمة بضعة منی فمن أغضبها أغضبنی) ط دار ابن کثیر بیروت.  وفی ج3 ص1364 ح3523: (إن فاطمة بضعة منی  وإنی أکره أن یسوءها) وفی ج3 ص1374 ح3556: (فاطمة بضعة منی  فمن أغضبها أغضبنی) وفی ج5 ص2004 ح4932: (فإنما هی بضعة منی  یریبنی ما أرابها ویؤذینی ما آذاها). وانظر أیضا صحیح ابن حبان: ج15 ص406 وص408 وص535 ط مؤسسة الرسالة بیروت. والمستدرک علی الصحیحین: ج3 ص172ط دار الکتب العلمیة بیروت، وفیه: (فاطمة بضعة منی  یقبضنی ما یقبضها ویبسطنی ما یبسطها) والمستدرک ایضاً: ج3 ص173 وفیه: (إنما فاطمة مضغة منی فمن آذاها فقد آذانی). والأحادیث المختارة: ج9 ص315 ط مکتبة النهضة الحدیثة مکة المکرمة، وفیه: (انما فاطمة بضعة منی  یؤذینی ماأذاها وینصبنی ما أنصبها). وأیضا بألفاظ مختلفة: فی مسند أبی عوانة: ج3 ص70 و71 ط دار المعرفة بیروت. وسنن الترمذی: ج5 ص698 ط دار احیاء التراث العربی بیروت. ومجمع الزوائد: ج4 ص255 وج9 ص203 ط دار الریان للتراث القاهرة. وسنن البیهقی الکبری: ج7 ص307 و308 وج10 ص201 وص288 ط مکتبة دار الباز مکة المکرمة. وسنن أبی داود: ج2 ص226 ط دار الفکر. وسنن ابن ماجة: ج1 ص643 و ص644 ط دار الفکر بیروت. ومسند ابن أبی شیبة: ج6 ص388 ط مکتبة الرشد الریاض. ومصنف عبد الرزاق: ج7 ص301 و302 ط المکتب الإسلامی بیروت.  ومعتصر المختصر: ج1 ص307 ط عالم الکتب بیروت. ومسند الحارث: ج2 ص910 ط المدینة المنورة. ومسند أبی یعلی: ج13 ص134 ط دار المأمون للتراث دمشق. والآحاد والمثانی: ج5 ص361 و362 ط الریاض. والمعجم الکبیر: ج20 ص18 و19 وج22 ص404 و405 ط الموصل. ونوادر الأصول فی أحادیث الرسول: ج3 ص182 و183 ط دار الجیل بیروت. والفردوس بمأثور الخطاب: ج1 ص232 وج3 ص142 ط دار الکتب العلمیة بیروت. والبیان والتعریف: ج1 ص270 و271 ط دار الکتاب العربی بیروت.

وقد ولدت (علیها السلام) لأمیر المؤمنین (علیه السلام) : الإمام الحسن والإمام الحسین (علیهما السلام)، والمحسن (علیه السلام) لکنه سقط لما أصابها من الأذی، والسیدة زینب(علیها السلام)، والسیدة

أم کلثوم (علیها السلام).

الإمام الأول

اشارة

هو: الإمام علی بن أبی طالب (علیه السلام) ، وأمه: فاطمة بنت أسد.

وهو: ابن عم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ، وزوج ابنته، والخلیفة علی الناس من بعده،

أمیر المؤمنین، ووالد الأئمة الطاهرین (علیهم السلام) .

ولد (علیه السلام) فی الکعبة المعظمة بمکة، یوم الجمعة، لیلة ثالث عشر من رجب بعد ثلاثین سنة من ولادة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) .

واستشهد لیلة الجمعة فی مسجد الکوفة فی المحراب، بسیف ابن ملجم الخارجی

ص:112

(لعنه الله) لیلة التاسع عشر من شهر رمضان المبارک، ولحق بالرفیق الأعلی بعد ثلاثة أیام من ضربته، وعمره الشریف ثلاث وستون سنة.

قام بتجهیزه الإمامان الحسن والحسین (علیهما السلام) ودفن فی النجف الأشرف حیث مرقده الآن.

من فضائل أمیر المؤمنین (علیه السلام)

وللإمام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام) من الفضائل والمناقب

ما لایحصی:

فإیمانه بالله عزوجل، حیث کان أول من أسلم وآمن برسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) (1)..

ولم یسجد لصنم قط.

وجهاده فی سبیل الله تعالی یوم:

(بدر)(2)..

ص:113


1- انظر المستدرک علی الصحیحین: ج3 ص147 ح4662 و4663 وج3 ص528 ح5963 ط دار الکتب العلمیة بیروت.  ومجمع الزوائد: ج9 ص102 وص119 و220 و247 ط دار الریان للتراث القاهرة. وسنن البیهقی الکبری: ج6 ص206 ط مکة المکرمة. والمعجم الأوسط: ج3 ص166 ط دار الحرمین القاهرة. ومسند احمد بن حنبل: ج4 ص368 ح19300 ط مؤسسة قرطبة مصر. والآحاد والمثانی: ج1 ص149 و151 وج5 ص384 ط الریاض. ومسند ابن الجعد: ج1 ص87 مؤسسة نادر بیروت.  والمعجم الکبیر: ج11 ص25 وج11 ص406 وج12 ص98 وج19 ص291 وج22 ص452 ط مکتبة العلوم والحکم  بالموصل.
2- انظر صحیح البخاری: ج4 ص1459 ح3749 و3751 ط دار ابن کثیر بیروت. وفی إعلام الوری: ص191 فی ذکر مقامات الإمام علی بن أبی طالب (علیه السلام) فی غزوة بدر، قال: (و منها أنه (علیه السلام) بارزة الولید ابن عتبة فقتله، وبارز عتبة حمزة بن عبد المطلب فقتله حمزة، و بارز شیبة عبیدة بن الحارث فاختلف بینهما ضربتان قطعت إحداهما فخذ عبیدة فاستنقذه علی بضربة بدر بها شیبة فقتله، وشرکه فی ذلک حمزة، وکان قتل هؤلاء أول خوف لحق المشرکین وذلة دخل علیهم ونصرة وعزا للمؤمنین، وقتل أیضا بعده العاص بن سعید بن العاص وقتل حنظلة بن أبی سفیان وطعیمة بن عدی ونوفل بن خویلد وکان من شیاطین قریش ولما عرف النبی حضوره یوم بدر قال اللهم اکفنی نوفل بن خویلد، و لم یزل (علیه السلام) یقتل منهم واحدا بعد واحد حتی أتی علی شطر المقتولین منهم وکانوا سبعین قتیلا وختم الأمر بمناولة النبی کفا من الحصی فرمی بها فی وجوههم وقال لهم شاهت الوجوه، فولوا علی أدبارهم منهزمین وکفی الله المؤمنین شرهم.

و (أحد)(1)..

ص:114


1- انظر إعلام الوری: ص190، وفیه: (الفصل الثانی فی ذکر مقامه فی الجهاد مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) و مواقفه و مشاهده علی سبیل الجملة، الحکم بن عتیبة عن مقسم عن ابن عباس قال: کانت رایة رسول الله (صلی الله علیه و آله) مع علی (علیه السلام) فی المواقف کلها یوم بدر و یوم أحد و یوم حنین و یوم الأحزاب و یوم فتح مکة) ثم قال: (...و من مقاماته (علیه السلام) فی غزوة أحد أن الفتح کان له (علیه السلام) فی هذه الغزاة، و اختص بحسن البلاء فیها والصبر، قال أبو البختری القرشی: کانت رایة قریش ولواؤها جمیعا بید قصی بن کلاب ثم لم تزل الرایة فی ید ولد عبد المطلب یحملها منهم من حضر الحرب حتی بعث الله رسوله (صلی الله علیه و آله) فصارت رایة قریش و غیر ذلک إلی النبی فأقرها فی بنی هاشم وأعطاها علی بن أبی طالب فی غزوة (ودان) وهی أول غزوة حمل فیها رایة فی الإسلام مع النبی (صلی الله علیه و آله) ثم لم تزل معه فی المشاهد ببدر و هی البطشة الکبری و فی یوم أحد وکان یومئذ فی بنی عبد الدار فأعطاها رسول الله (صلی الله علیه و آله) مصعب بن عمیر فاستشهد ووقع اللواء من یده فتشوفته القبائل فأخذه رسول الله (صلی الله علیه و آله) ودفعه إلی علی بن أبی طالب (علیه السلام) فجمع له الرایة واللواء فهما إلی الیوم فی بنی هاشم وکان لواء المشرکین مع طلحة بن أبی طلحة وکان یدعی کبش الکتیبة فتقدم وتقدم علی (علیه السلام) وتقاربا فضربه علی ضربة علی مقدم رأسه فبدرت عیناه و صاح صیحة لم یصح مثلها وسقط اللواء من یده، فأخذه أخ له یقال له مصعب فرماه عاصم بن ثابت فقتله، ثم أخذ اللواء أخ له یقال له عثمان فرماه عاصم بسهم أیضا فقتله فأخذ عبد لهم یقال له صواب و کان من أشد الناس فضربه علی فقطع یمینه فأخذ اللواء بیده الیسری فضرب علی علی یده فقطعها فأخذ اللواء علی صدره و جمع یدیه المقطوعتین علیه فضربه علی علی أم رأسه فسقط صریعا، وانهزم القوم وأکب المسلمون علی الغنائم وقد کان رسول الله (صلی الله علیه و آله) أقام علی الشعب خمسین رجلا من الأنصار وأمر علیهم رجلا منهم وقال لهم لا تبرحوا مکانکم وإن قتلنا عن آخرنا، فلما رأی أصحاب الشعب یغتنمون قالوا لأمیرهم نرید أن نغتنم کما غنم الناس، فقال: إن رسول الله قد أمرنی أن لا أبرح من موضعی هذا، فقالوا له إنه أمرک بهذا وهو لا یدری أن الأمر یبلغ إلی ما نری ومالوا إلی الغنائم وترکوه، فحمل علیه خالد بن الولید فقتله وجاء من ظهر رسول الله یریده وقتل من أصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله) سبعون رجلا وانهزموا هزیمة عزیمة وأقبلوا یصعدون الجبال وفی کل وجه ولم یبق معه إلا أبو دجانة سماک بن خرشة وسهل بن حنیف وأمیر المؤمنین (علیه السلام) فلما حملت طائفة علی رسول الله (صلی الله علیه و آله) استقبلهم أمیر المؤمنین ع فدفعهم عنه حتی انقطع سیفه فلما رأی رسول الله (صلی الله علیه و آله) الهزیمة کشف البیضة عن رأسه وقال إنی أنا رسول الله إلی أین تفرون عن الله وعن رسوله، وثاب إلیه من أصحابه المنهزمین أربعة عشر رجلا منهم طلحة بن عبید الله وعاصم بن ثابت وصعد الباقون الجبل وصاح صائح بالمدینة قتل رسول الله فانخلعت القلوب لذلک و تحیر المنهزمون فأخذوا یمینا و شمالا. و روی عکرمة قال سمعت علیا (علیه السلام) یقول لما انهزم الناس یوم أحد عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) لحقنی من الجزع علیه ما لم أملک نفسی وکنت أمامه أضرب بسیفی بین یدیه فرجعت أطلبه فلم أره، فقلت ما کان رسول الله لیفر وما رأیته فی القتلی فأظنه رفع من بیننا، فکسرت جفن سیفی وقلت فی نفسی لأقاتلن به عنه حتی أقتل وحملت علی القوم فأفرجوا فإذا أنا برسول الله (صلی الله علیه و آله) وقد وقع علی الأرض مغشیا علیه، فقمت علی رأسه فنظر إلی فقال: ما صنع الناس یا علی، فقلت: کفروا یا رسول الله وولوا وأسلموک، فنظر إلی کتیبة قد أقبلت فقال (صلی الله علیه و آله): رد یا علی عنی هذه الکتیبة، فحملت علیها بسیفی أضربها یمینا وشمالا حتی ولوا الأدبار، فقال لی النبی: أ ما تسمع مدیحک فی السماء إن ملکا یقال له رضوان ینادی: لا سیف إلا ذو الفقار ولا فتی إلا علی، فبکیت سرورا وحمدت الله علی نعمه. وتراجع المنهزمون من المسلمین إلی النبی وانصرف المشرکون إلی مکة وانصرف النبی إلی المدینة فاستقبلت فاطمة (علیها السلام) ومعها إناء فیه ماء فغسلت به وجهه ولحقه أمیر المؤمنین ومعه ذو الفقار وقد خضب الدم یده إلی کتفه، فقال لفاطمة (علیه السلام) خذی هذا السیف قد صدقنی الیوم، وقال: أ فاطم هاک السیف غیر ذمیم فلست برعدید ولا بملیم لعمری لقد أعذرت فی نصر أحمد وطاعة رب بالعباد علیم   وقال رسول الله (صلی الله علیه و آله): خذیه یا فاطمة فقد أدی بعلک ما علیه و قد قتل الله بسیفه صنادید قریش.

و (خیبر)(1)..

ص:115


1- انظر صحیح مسلم: ج4 ص1872 ط دار إحیاء التراث العربی بیروت: (ح2406 بسنده عن سهل بن سعد أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) قال یوم خیبر: لأعطین هذه الرایة رجلا یفتح الله علی یدیه یحب الله ورسوله ویحبه الله ورسوله قال فبات الناس یدوکون لیلتهم أیهم یعطاها قال فلما أصبح الناس غدوا علی رسول الله (صلی الله علیه و آله) کلهم یرجون أن یعطاها فقال: أین علی بن أبی طالب، فقالوا هو یا رسول الله یشتکی عینیه، قال: فأرسلوا إلیه فأتی به فبصق رسول الله (صلی الله علیه و آله) فی عینیه ودعا له فبرأ حتی کأن لم یکن به وجع، فأعطاه الرایة فقال علی یا رسول الله أقاتلهم حتی یکونوا مثلنا فقال انفذ علی رسلک حتی تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلی الإسلام وأخبرهم بما یجب علیهم من حق الله فیه فوالله لأن یهدی الله بک رجلا واحدا خیر لک من أن یکون لک حمر النعم) وفی ح2407 (بسنده عن سلمة بن الأکوع قال: کان علی قد تخلف عن النبی (صلی الله علیه و آله) فی خیبر وکان رمدا فقال أنا أتخلف عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) فخرج علی فلحق بالنبی (صلی الله علیه و آله) فلما کان مساء اللیلة التی فتحها الله فی صباحها قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) لأعطین الرایة أو لیأخذن بالرایة غدا رجل یحبه الله ورسوله، أو قال یحب الله ورسوله یفتح الله علیه فإذا نحن بعلی وما نرجوه فقالوا هذا علی فأعطاه رسول الله (صلی الله علیه و آله) الرایة ففتح الله علیه).

و (حنین)(1)..

و(الأحزاب)(2)..

ص:116


1- انظر إعلام الوری: ص198، وفیه: (ومن مقاماته (علیه السلام) فی غزوة حنین أن المسلمین انهزموا بأجمعهم فلم یبق مع النبی إلا عشرة أنفس، تسعة من بنی هاشم خاصة وعاشرهم أیمن ابن أم أیمن، فقتل أیمن وثبت التسعة الهاشمیون حتی ثاب إلی رسول الله من کان انهزم وکانت الکرة لهم علی المشرکین وذلک قوله تعالی [ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَکِینَتَهُ عَلی رَسُولِهِ وَعَلَی الْمُؤْمِنِینَ] _ سورة التوبة: 26 _ یعنی علیا (علیه السلام) ومن ثبت معه من بنی هاشم وهم ثمانیة: العباس بن عبد المطلب عن یمین رسول الله والفضل بن عباس عن یساره وأبو سفیان بن الحارث یمسک بسرجه عند نفر بغلته وأمیر المؤمنین (علیه السلام) بین یدیه بالسیف ونوفل بن الحارث وربیعة بن الحارث وعبد الله بن الزبیر بن عبد المطلب ومعتب وعتبة ابنا أبی لهب حوله، ولما رأی رسول الله (صلی الله علیه و آله) هزیمة القوم عنه قال للعباس وکان جهوریا صیتا: ناد فی القوم وذکرهم العهد، فنادی العباس بأعلی صوته: یا أهل بیعة الشجرة یا أصحاب سورة البقرة إلی أین تفرون، اذکروا العهد الذی عاهدکم علیه رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، فلم یسمعها أحد إلا رمی بنفسه الأرض، وانحدروا حتی لحقوا بالعدو وأقبل رجل من بنی هوازن علی جمل له أحمر بیده رایة سوداء وهو یرتجز: أنا أبو جرول لا براح حتی نبیح القوم أو نباح فصعد إلیه أمیر المؤمنین فضرب عجز بعیره فصرعه ثم ضربه فقطره وکانت الهزیمة بقتل أبی جرول ولما قتله وضع المسلمون سیوفهم فیهم وأمیر المؤمنین (علیه السلام) یقدمهم حتی قتل أربعین رجلا من القوم ثم کانت الهزیمة والأسر حینئذ.
2- انظر إعلام الوری: ص193-195، وفیه: (و من مقاماته المشهورة فی غزوة الأحزاب قتل عمرو بن عبد ود، فروی ربیعة السعدی قال أتیت حذیفة بن الیمان فقلت: یا أبا عبد الله إنا لنتحدث عن علی (علیه السلام) ومناقبه فیقول لنا أهل البصرة إنکم تفرطون فی علی (علیه السلام) فهل أنت محدثی بحدیث فیه، فقال حذیفة: یا ربیعة  والذی بعث محمدا (صلی الله علیه و آله) لو وضع جمیع أعمال أصحاب محمد فی کفة المیزان منذ بعث الله محمدا (صلی الله علیه و آله) إلی یوم القیامة ووضع عمل علی فی الکفة الأخری لرجح عمل علی (علیه السلام) علی جمیع أعمالهم، فقال: ربیعة هذا الذی لا یقام له ولا یقعد، فقال حذیفة: وکیف لا یحمل وأین کان أبو بکر وعمر وحذیفة وجمیع أصحاب محمد (صلی الله علیه و آله) یوم عمرو بن عبد ود وقد دعا إلی المبارزة فأحجم الناس کلهم ما خلا علی، فإنه برز إلیه فقتله الله علی یده والذی نفس حذیفة بیده لعمله ذلک الیوم أعظم أجرا من عمل جمیع أصحاب محمد إلی یوم القیامة. وروی الواقدی قال حدثنا عبد الله بن جعفر عن أبی عون عن الزهری قال: جاء عمرو بن عبد ود وعکرمة بن أبی جهل وهبیرة بن أبی وهب ونوفل بن عبد الله بن المغیرة وضرار بن الخطاب الفهری فی یوم الأحزاب إلی الخندق فجعلوا یطیفون به یطلبون مضیقا منه لیعبروا فانتهوا إلی مکان أکرهوا خیولهم فیه فعبرت وجعلوا یجولون بخیلهم فیما بین الخندق وسلع والمسلمون وقوف لا یقدم أحد منهم علیهم و جعل عمرو بن عبد ود یدعو إلی البراز و یقول:  و لقد بححت من النداء بجمعهم هل من مبارز... الأبیات، فی کل ذلک یقوم علی بن أبی طالب (علیه السلام) من بینهم لیبارزه، فیأمره رسول الله (صلی الله علیه و آله)   بالجلوس انتظارا منه لیتحرک غیره والمسلمون کان علی رءوسهم الطیر لمکان عمرو بن عبد ود ومن معه ووراءه وکان عمرو فارس قریش وکان یعد بألف فارس، فلما طال نداء عمرو بالبراز وتتابع قیام علی (علیه السلام) قال له رسول الله (صلی الله علیه و آله): ادن منی، فدنا منه فرفع عمامته عن رأسه وعممه بها وأعطاه سیفه ذا الفقار وقال له امض لشأنک، ثم قال اللهم أعنه، فسعی نحو عمرو ومعه جابر بن عبد الله لینظر ما یکون منه ومن عمرو ولما توجه إلیه قال النبی (صلی الله علیه و آله): خرج الإیمان سائره إلی الکفر سائره... قال جابر بن عبد الله وثارت بینهما غبرة فما رأیتهما وسمعت التکبیر تحتها فعلمت أن علیا قد قتله وانکشف أصحابه حتی طفرت خیولهم الخندق وتبادر المسلمون حتی سمعوا التکبیر ینظرون ما صنع القوم فوجدوا نوفل بن عبد العزی جوف الخندق فجعلوا یرمونه بالحجارة فقال لهم قتله أجمل من هذه ینزل إلی بعضکم أقاتله فنزل علی فضربه حتی قتله، قال جابر فما شبهت قتل علی عمرا إلا بما قص الله تعالی من قصة داود وجالوت حیث قال [فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ]. _ سورة البقرة: 256 _  و قال رسول الله ص بعد قتله الآن نغزوهم ولا یغزوننا. و من مواقفه فی بنی قریظة أنه ضرب أعناق رؤساء الیهود أعداء رسول الله (صلی الله علیه و آله) فی الخندق منهم حی بن أخطب و کعب بن أسد بأمر رسول الله (صلی الله علیه و آله) .

وغیرها(1).

ص:117


1- فمثلاً انظر إعلام الوری: ص195-196، وفیه: (ومن مقاماته المشهورة فی غزوة وادی الرمل ویقال إنهما تسمی غزوة السلسلة ومعه لواء النبی (صلی الله علیه و آله) بعد أن خرج غیره إلیهم ورجع عنهم خائبا ثم خرج صاحبه وعاد بما عاد به الأول فمضی علی (علیه السلام) حتی وافی القوم بسحر وصلی بأصحابه صلاة الغداة وصفهم صفوفا واتکأ علی سیفه مقبلا علی العدو وقال: یا هؤلاء أنا رسول رسول الله (صلی الله علیه و آله) أن تقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، وإلا ضربتکم بالسیف، فقالوا له: ارجع کما رجع صاحبک، قال: أنا أرجع لا والله حتی تسلموا أو لأضربنکم بسیفی هذا، أنا علی بن أبی طالب بن عبد المطلب، فاضطرب القوم وواقعهم فانهزموا وظفر المسلمون وحازوا الغنائم. فروت أم سلمة قالت: کان نبی الله (صلی الله علیه و آله) ائلا فی بیتی إذ انتبه فزعا من منامه فقلت: الله جارک، قال: صدقت الله جاری ولکن هذا جبرئیل یخبرنی أن علیا قادم ثم خرج إلی الناس فأمرهم أن یستقبلوا علیا وقام المسلمون صفین مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) فلما بصر به علی ترجل من فرسه وأهوی إلی قرب قدمیه یقبلهما، فقال له النبی (صلی الله علیه و آله): ارکب فإن الله ورسوله عنک راضیان، فبکی علی (علیه السلام) فرحا وانصرف إلی منزله وقد ذکر بعض أصحاب السیر أن فی هذا الغزاة نزل علی النبی [وَالْعادِیاتِ ضَبْحاً] _ سورة العادیات: 1 _ إلی آخرها). إلی غیر ذلک مما هو کثیر.

وکان النصر معقوداً برایته (علیه السلام) فی جمیع حروبه (صلی الله علیه و آله) ولم ینهزم قط.

ومبیته علی فراش الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) لیلة الهجرة(1).

وعلمه الکثیر حتی قال الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) : (أنا دار الحکمة وعلی بابها)(2)،

ص:118


1- ففی مستدرک الوسائل: ج3 ص5 ح4263 ط دار الکتب العلمیة بیروت: (بسنده عن ابن عباس قال: شری علی (علیه السلام) نفسه ولبس ثوب النبی (صلی الله علیه و آله) ثم نام مکانه وکان المشرکون یرمون رسول الله (صلی الله علیه و آله) وقد کان رسول الله (صلی الله علیه و آله) ألبسه بردة وکانت قریش ترید أن تقتل النبی (صلی الله علیه و آله) فجعلوا یرمون علیا ویرونه النبی (صلی الله علیه و آله) ) الحدیث، وأیضا تحت الرقم 4264 قال بسنده عن حکیم بن جبیر عن علی بن الحسین قال: إن أول من شری نفسه ابتغاء رضوان الله علی بن أبی طالب وقال علی عند مبیته علی فراش رسول الله (صلی الله علیه و آله) شعر: وقیت بنفسی خیر من وطئ الحصی ومن طاف بالبیت العتیق وبالحجر رسول إله خاف أن یمکروا به فنجاه ذو الطول الإله من المکر وبات رسول الله فی الغار آمنا موقی وفی حفظ الإله وفی ستر وبت أراعیهم ولم یتهموننی وقد وطنت نفسی علی القتل والأسر
2- صحیح الترمذی: ج5 ص637 ح3723 ط دار إحیاء التراث العربی بیروت. وتحفة الأحوذی: ج10 ص155 ط دار الکتب العلمیة بیروت، وفیض القدیر: ج3 ص46 ط المطبعة التجاریة الکبری، مصر. وتاریخ دمشق: ج2 ص459 ح983. حلیة الأولیاء: ج1 ص63.

وقال (صلی الله علیه و آله و سلم) : «أنا مدینة العلم وعلی بابها»(1)، رواه جماعة من العلماء، منهم أحمد بن حنبل فی المناقب.

وقد بلغ من حسن قضائه أنه قال فیه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) : «أقضاکم علی»(2).

ومن تلازمه الحق أن قال (صلی الله علیه و آله و سلم) فیه: «علی مع الحق والحق مع علی»(3).

وکان (علیه السلام) عادلاً فی الرعیة، قاسماً بالسویة، زاهداً فی حطام الدنیا، فکان (علیه السلام) یأتی إلی بیت المال وینظر إلی الذهب والفضة ویقول: «یا صفراء ویا بیضاء غرِّی غیری»(4)، ثم یفرقها علی الناس..

وکان (علیه السلام) یرحم المسکین، ویجالس الفقراء، ویقضی الحوائج، ویحکم بالحق،

ص:119


1- المستدرک علی الصحیحین: ج3 ص137 و138 ح4637 و4639 ط دار الکتب العلمیة بیروت. ومجمع الزوائد: ج9 ص114 باب فی علمه (علیه السلام) ط دار الریان للتراث القاهرة. والمجمع الکبیر: ج11 ص65 ح11061 ط مکتبة العلوم والحکم بالموصل. والفردوس بمأثور الخطاب: ج1 ص44 ط دار الکتب العلمیة بیروت.  وفیض القدیر: ج1 ص36 وج3 ص46 ط المکتبة التجاریة الکبری، مصر. وتاریخ بغداد: ج2 ص377 ح887 ط دار الکتب العلمیة بیروت، وج4 ص348 ح2186، وج7 ص172 ح3613، وج11 ص49 و50، وجاء فی تاریخ بغداد: ج11 ص203 بلفظ: (انا مدینة الحکمة وعلی بابها).
2- تفسیر القرطبی: ج15 ص162 وص164 ط دار الشعب القاهرة. والإحکام للآمدی: ج4 ص244 ط دار الکتاب العربی بیروت.  وراجع سنن البیهقی الکبری: ج10 ص269 ط مکة المکرمة، وفیه: (إن علیاً کان أقضاهم). وانظر المحلی: ج9 ص296 ط دار الآفاق الجدیدة بیروت. وفی المستدرک علی الصحیحین: ج3 ص616 ط دار الکتب العلمیة بیروت: (وإن أقضاها علی بن أبی طالب). ومثله فی المحلی ج9 ص296. وفی فتح الباری للعسقلانی: ج8 ص167 ط دار المعرفة بیروت: (أقضی أمتی علی بن أبی طالب) وفیه عن ابن مسعود: (کنا نتحدث ان أقضی أهل المدینة علی بن أبی طالب)، راجع أیضاً الریاض النضرة: ج2 ص198، وذخائر العقبی: ص83 و …
3- انظر الصفحة 28-29 من هذا الکتاب.
4- المناقب: ج3 ص257. وانظر مصنف ابن أبی شیبة: ج6 ص458 ط مکتبة الرشد الریاض. وفتح الباری: ج12 ص309 ط دار المعرفة بیروت.

ویقضی بالعدل.

وبالجملة.. کان (علیه السلام) کالنبی (صلی الله علیه و آله و سلم) فی جمیع الصفات، إلا النبوة، حتی جعله الله تعالی فی آیة المباهلة(1) نفس النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) (2).

ومن فضائله (علیه السلام) :

حدیث (المنزلة) الذی رواه جماعة کبیرة من العلماء:

کالبخاری(3)..

ومسلم(4)..

ص:120


1- وهی قوله تعالی: [فمن حاجَّک فیه من بعد ما جاءک من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءکم ونساءنا ونساءکم وأنفسنا وأنفسکم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علی الکاذبین] سورة آل عمران: 61.
2- انظر تفسیر ابن کثیر: ج1 ص371-372 ط دار الفکر بیروت، وفیه: (وقال أبو بکر بن مردویه: حدثنا سلیمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن داود المکی، حدثنا بشر بن مهران، حدثنا محمد بن دینار، عن داود بن أبی هند، عن الشعبی، عن جابر قال: قدم علی النبی (صلی الله علیه و آله) العاقب والطیب فدعاهما إلی الملاعنة، فواعداه علی أن یلاعناه الغداة، قال: فغدا رسول الله (صلی الله علیه و آله) فأخذ بید علی وفاطمة والحسن الحسین، ثم أرسل إلیهما فأبیا أن یجیبا وأقرا له بالخراج، قال: فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله) والذی بعثنی بالحق لو قال لا لأمطر علیهم الوادی نارا، قال جابر: وفیهم نزلت [تعالوا ندع أبناءنا وأبناءکم ونساءنا ونساءکم وأنفسنا وأنفسکم] قال جابر: [أنفسنا وأنفسکم] رسول الله (صلی الله علیه و آله) وعلی بن أبی طالب [وأبناءنا] الحسن والحسین [ونساءنا] فاطمة، وهکذا رواه الحاکم فی مستدرکه عن علی بن عیسی عن أحمد بن محمد الأزهری عن علی بن حجر عن علی بن مسهر عن داود بن أبی هند به بمعناه، ثم قال صحیح علی شرط مسلم ولم یخرجاه، هکذا قال، وقد رواه أبو داود الطیالسی عن شعبة عن المغیرة عن الشعبی مرسلا وهذا أصح وقد روی عن ابن عباس والبراء نحو ذلک.
3- صحیح البخاری: ج3 ص1359 ح3503 وج4 ص1602 ح4153 ط دار ابن کثیر بیروت.
4- صحیح مسلم: ج4 ص1870 و1871 باب من فضائل علی بن أبی طالب (علیه السلام) ط دار إحیاء التراث العربی.

وغیرهما (1).

ص:121


1- هذا الحدیث متواتر بین الشیعة والسنة، وقد رواه جماعة کبیرة من الصحابة وصرح العلماء من الفریقین بصحته، انظر، مضافاً إلی صحیح البخاری ومسلم: صحیح ابن حیان: ج15 ص15 و369 و370، ح6643 و6926 و6927 ط مؤسسة الرسالة بیروت، والمستدرک علی الصحیحین: ج2 ص367 ح3294 وج3 ص117 ح4575 وج3 ص143 ح4652 ط دار الکتب العلمیة بیروت. وسنن الترمذی: ج5 ص638 و640 و641 ط دار احیاء التراث العربی بیروت، وسنن ابن ماجة: ج1 ص42 و45 ط دار الفکر بیروت، ومسند احمد: ج1 ص173 و174 و175 و177 و179 و182 و184 و185 و330، وج3 ص32 و338 وج6 ص369 و438 ط مؤسسة قرطبة بمصر، والأحادیث المختارة: ج3 ص151 و207 ط مکة المکرمة، وموارد الظمآن: ج1 ص543 ط دار الکتب العلمیة بیروت، ومجمع الزوائد: ج9 ص109 و110 و111 ط دار الریان للتراث القاهرة. السنن الکبری للنسائی: ج5 ص44 و107 و108 و113 و119 و120 و121 و122 و123 و124 و125 و144 و240 ط دار الکتب العلمیة، وسنن البیهقی الکبری: ج9 ص40 ط مکة المکرمة، ومصنف ابن أبی شیبة: ج6 ص366 وج7 ص424 ط مکتبة الرشد الریاض، ومصنف عبد الرزاق: ج5 ص406 ط المکتب الإسلامی بیروت. مسند اسحاق بن راهویه: ج1 ص37 ط مکتبة الإیمان المدینة المنورة، ومسند البزار: ج4 ص33 و38 ط مؤسسة علوم القرآن بیروت، ومسند الشاشی: ج1 ص127 و147 و161 و165 و166 و186 و188 و195 ط المدینة المنورة، والمعجم الأوسط: ج 2 ص126 وج3 ص139 وج4 ص296 وج5 ص287 وج6 ص77 و83 وج7 ص311 وج8 ص40 ط دار الحرمین القاهرة. ومعجم أبی یعلی: ج1 ص70 وص167 وص214 ط فیصل آباد، ومسند سعد: ج1 ص51 و103 و136 و139 و176 و177 ط دار البشائر الإسلامیة بیروت، ومسند الحمیدی: ج1 ص38 ط دار الکتب العلمیة بیروت، والمعجم الصغیر: ج2 ص84 و137 ط المکتب الإسلامی بیروت، ومسند الطیالسی: ج1 ص28 و29 ط دار المعرفة بیروت، ومسند أبی یعلی: ج1 ص29 وص285 وج2 ص57 و66 و73 و86 و99 و132 وج12 ص310 ط دار المأمون للتراث دمشق، الآحاد والمثانی: ج5 ص172 ط دار الرایة الریاض، مسند ابن الجعد: ص301  ط مؤسسة نادر بیروت، والمعجم الکبیر: ج1 ص146 و148 وج2 ص247 وج4 ص17 و184 وج5 ص203 و221 وج11 ص74 و75 وج12 ص18 و98 وج19 ص291 وج24 ص146 و147 ط مکتبة العلوم والحکم بالموصل، والسنة لابن أبی عاصم: ج2 ص565 و566 و600 و601 و602 و603 و609 و610 و624 ط المکتب الإسلامی بیروت، والسنة للخلال: ج2 ص347 و407 ط دار الرایة الریاض، والفردوس بمأثور الخطاب: ج5 ص315 و327 ط دار الکتب العلمیة بیروت، وفتح الباری: ج7 ص47 وج9 ص65 ط دار المعرفة بیروت، والتمهید لابن عبد البر: ج22 ص132 ط وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامیة المغرب، وتحفة الأحوذی: ج10 ص157 و161 ط دار الکتب العلمیة بیروت، وفیض القدیر: ج4 ص358 ط المکتبة التجاریة الکبری مصر، وتفسیر القرطبی: ج1 ص266 وج7 ص277 وج8 ص280 ط دار الشعب القاهرة، إلی غیرها مما هو کثیر.

قال فی الصواعق(1): (أخرج أحمد أن رجلا سأل معاویة عن مسألة، فقال: سل عنها علیاً فهو أعلم، قال: جوابک فیها أحب إلیّ من جواب علی، قال: بئس ما قلت لقد کرهت رجلا کان رسول الله یعزه بالعلم عزّاً، ولقد قال له:«أنت منی بمنزلة هارون من موسی إلا أنه لا نبی بعدی» وکان عمر إذا أشکل علیه شیء أخذ منه) .

ومنها: حدیث (سدّ الأبواب):

فقد سدّ النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) بأمر الله تعالی أبواب الدور التی کانت مشرعة إلی المسجد إلا باب بیت علی (علیه السلام) ، فقد روی جمع من العلماء ذلک(2)، منهم: الحاکم فی

ص:122


1- الصواعق المحرقة: 107. ورواه أیضا المناوی فی فیض القدیر: ج3 ص46 ط المکتبة التجاریة الکبری مصر، وفیه: (وقد شهد له بالأعلمیة الموافق والمخالف والمعادی والمحالف، خرج الکلاباذی أن رجلا سأل معاویة عن مسألة، فقال: سل علیا هو أعلم منی، فقال: أرید جوابک، قال: ویحک کرهت رجلا کان رسول الله  (صلی الله علیه و آله) یعزه بالعلم عزا وقد کان أکابر الصحب یعترفون له بذلک، وکان عمر یسأله عما أشکل علیه جاءه رجل فسأله فقال ههنا علی فاسأله فقال: أرید أسمع منک یا أمیر المؤمنین، قال: قم لا أقام الله رجلیک ومحی اسمه من الدیوان).
2- قال ابن عباس فی حدیث طویل ذکر فیه عشرة من خصائص علی (علیه السلام) : (وسد رسول الله (صلی الله علیه و آله) أبواب المسجد غیر باب علی (علیه السلام) )، انظر مسند احمد بن حنبل: ج5 ص25 ح3062 ط دار المعارف بمصر، ومجمع الزوائد: ج9 ص120. وخصائص أمیر المؤمنین للنسائی: ص61-64 ط الحیدریة، وذخائر العقبی: ص87، وکفایة الطالب للکنجی الشافعی: ص240 ط الحیدریة، والمناقب للخوارزمی: ص72، والاصابة لابن حجر العسقلانی: ج2 ص509، وینابیع المودة للقندوزی الحنفی: ص34 ط اسلامبول، والریاض النضرة: ج2 ص269 و270، وأنساب الأشراف للبلاذری: ج2 ص106 ح43. وهناک أحادیث أخری فی قصة سد الأبواب، انظر خصائص أمیر المؤمنین (علیه السلام) للنسائی: ص73 ط الحیدریة، وکفایة الطالب: ص203، والمناقب للمغازلی: ص257، وتذکرة الخواص: ص41، والریاض النضرة: ج2 ص253.

المستدرک(1).

حتی أن عمر بن الخطاب کان یقول: (لقد أُعطی علی بن أبی طالب ثلاثا لأن تکون لی واحدة منها أحبّ إلیّ من حمر النعم: زوجته فاطمة بنت رسول الله، وسکناه المسجد مع رسول الله یحل له ما یحل له فیه، والرایة یوم خیبر) (2).

وقد أجمع المفسرون(3)أنه نزل فی علی (علیه السلام) قوله سبحانه: (إنما ولیکم الله

ص:123


1- انظر المستدرک علی الصحیحین: ج3 ص126 ط دار الکتب العلمیة بیروت: وفیه: (وأخرج رسول الله (صلی الله علیه و آله) عمه العباس وغیره من المسجد فقال له العباس: تخرجنا ونحن عصبتک وعمومتک وتسکن علیا، فقال: ما أنا أخرجتکم وأسکنته ولکن الله أخرجکم وأسکنه).
2- انظر مسند أحمد: ج7 ص21 ح4797 ط دار المعارف بمصر، وینابیع المودة للقندوزی: ص210 ط اسلامبول، والمناقب للخوارزمی الحنفی: ص238 ط الحیدریة، والصواعق المحرقة: ص776 ط المیمنیة، ومجمع الزوائد: ج9 ص120، وتاریخ الخلفاء للسیوطی: ص172، ونظم درر السمطین للزرندی الحنفی: ص129، وکن_ز العمال: ج15 ص101 ح291 ط2، والریاض النضرة: ج2 ص254.
3- انظر شواهد التن_زیل للحسکانی الحنفی: ج1 ص161-184 الحدیث 216-241. وأسباب الن_زول للواحدی: ص113 و114 ط مصر. والکشاف للزمخشری: ج1 ص649 ط بیروت. ومناقب علی بن أبی طالب (علیه السلام) لابن المغازلی: ص311 ح354-358، وکفایة الطالب للکنجی: ص228 و250 و251 ط الحیدریة، وذخائر العقبی: ص88 و102، والمناقب للخوارزمی: ص187، والفصول المهمة لابن الصباغ المالکی: ص123 و108، والدر المنثور للسیوطی: ج2 ص293، وفتح القدیر للشوکانی: ج2 ص53، والتسهیل لعلوم التنزیل: ج1 ص181، وتفسیر الطبری: ج6 ص288 و289، وزاد المسیر فی علم التفسیر لابن الجوزی: ج2 ص383، وتفسیر القرطبی: ج6 ص219-220، والتفسیر المنیر لمعالم التنزیل للجاوی: ج1 ص210، وفتح البیان فی مقاصد القرآن: ج3 ص51، وتذکرة الخواص: ص18 و208 ط النجف، ونور الأبصار للشبلنجی: ص71 ط العثمانیة، وینابیع المودة: ص115 ط اسلامبول، وتفسیر الفخر الرازی: ج12 ص26 ط البهیة بمصر، وتفسیر ابن کثیر: ج2 ص71 ط دار احیاء الکتب، وأحکام القرآن للجصاص: ج4 ص102، ومجمع الزوائد: ج7 ص17، ونظم درر السمطین: ص86-88، وشرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: ج13 ص277 ط مصر، والصواعق المحرقة: ص24 ط المیمنیة، وأنساب الأشراف: ج2 ص150، والحاوی للفتاوی للسیوطی: ج1 ص139 و140، وجامع الأصول: ج9 ص478، والریاض النضرة: ج2 ص273 و302، ومطالب السؤول لابن طلحة الشافعی: ص31، وفرائد السمطین: ج1 ص11 و190 ح 150 و151 و153، و...

ورسوله والذین آمنوا الذین یقیمون الصلاة ویؤتون

الزکاة وهم راکعون * ومن یتول الله ورسوله والذین آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)(1)  _ کما فی کنز العمال(2) _.

وقد کتب کثیر من علماء السنة کتبا فی فضائل علی (علیه السلام) مثل: (المناقب) للخوارزمی الحنفی، و(ینابیع المودة) للقندوزی الحنفی و...

ص:124


1- سورة المائدة: 55 و56.
2- کن_ز العمال: ج15 ص146 ح416، وص95 ح269 ط 2، ومنتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد: ج5 ص38.

الإمام الثانی

هو الحسن بن علی بن أبی طالب (علیه السلام) ، وأمه فاطمة الزهراء بنت محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) ، وهو سبط رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وثانی خلفائه، والإمام علی الناس بعد أبیه أمیر المؤمنین (علیه السلام).

وُلد (علیه السلام) فی المدینة المنورة یوم الثلاثاء فی منتصف شهر رمضان فی السنة الثانیة أو الثالثة من الهجرة، وتوفی شهیداً بالسم یوم الخمیس السابع من شهر صفر سنة تسع وأربعین، وقام بتجهیزه أخوه الإمام الحسین (علیه السلام) ، ودفن فی البقیع فی المدینة المنورة حیث مضجعه الآن.

وکان (علیه السلام) أعبد الناس فی زمانه، وأعلمهم، وأفضلهم، وکان أشبه الناس بالنبی (صلی الله علیه و آله و سلم) ، وکان أکرم أهل البیت (علیهم السلام) فی زمانه، وأحلم الناس(1).

وکان من کرمه (علیه السلام) :

أن قدّمت له جاریة من جواریه طاقة ریحان، فقال لها: أنت حرة لوجه الله، ثم قال: کذا أدبنا الله ..قال الله تعالی: [وإذا حُیِّیتم بتحیة فحیّوا بأحسن منها أو ردّوها](2))(3).

ومن حلمه (علیه السلام) :

أن شامیاً رآه راکباً، فجعل یلعنه، والإمام الحسن (علیه السلام) لا یرد علیه، فلما فرغ، أقبل الإمام الحسن (علیه السلام) فسلّم علیه وضحک فقال: أیها الشیخ أظنک غریباً ولعلک شبهت، فلو استعتبتنا أعتبناک، ولو سألتنا أعطیناک، ولو استرشدتنا أرشدناک، ولو

ص:125


1- للتفصیل انظر تاریخ دمشق لابن عساکر، ترجمة الإمام الحسن (علیه السلام).
2- سورة النساء: 86.
3- المناقب لابن شهر آشوب: ج4 ص18، وانظر کشف الغمة: ج2 ص31.

استحملتنا حملناک، وإن کنت جائعا أشبعناک، وإن کنت عریاناً کسوناک، وإن کنت محتاجاً أغنیناک، وإن کنت طریداً آویناک، وإن کانت لک حاجة قضیناها لک..

فلما سمع الرجل کلامه بکی، وقال: أشهد أنک خلیفة الله فی أرضه، [الله أعلم حیث یجعل رسالته] (1)) (2).

الإمام الثالث

هو الحسین بن علی بن أبی طالب (علیه السلام) ، وأمه فاطمة الزهراء بنت محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) ، وهو سبط رسول الله، وثالث خلفائه، وأبو الأئمة التسعة من بعده، والإمام علی الناس بعد أخیه الحسن (علیه السلام).

وُلد (علیه السلام) بالمدینة المنورة، ثالث شهر شعبان، فی السنة التی ولد فیها الحسن (علیه السلام) (3)، وقتل ظلماً بالسیف ظامئاً، فی واقعة عاشوراء المشهورة یوم السبت العاشر من محرم الحرام سنة إحدی وستین من الهجرة، قام بأموره بعد ثلاثة أیام ولده الإمام زین العابدین (علیه السلام) ، وواراه حیث قبره الآن فی کربلاء المقدسة، العراق.

وفضله أکثر من أن یذکر، فهو ریحانة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) :

قال (صلی الله علیه و آله و سلم) :(حسین منی وأنا من حسین)(4).

ص:126


1- سورة الأنعام: 124.
2- المناقب لابن شهر آشوب: ج4 ص19.
3- أی قبل مرور سنة کاملة علی ولادة الإمام الحسن (علیه السلام).
4- صحیح ابن حبان: ج15 ص428 ط مؤسسة الرسالة بیروت، والمستدرک علی الصحیحین: ج3 ص134 ط دار الکتب العلمیة بیروت، وموارد الظمآن: ص554 ط دار الکتب العلمیة بیروت، وسنن الترمذی: ج5 ص554 ط دار إحیاء التراث العربی بیروت، وسنن ابن ماجة: ج1 ص51 ط دار الفکر بیروت، ومسند أحمد: ج4 ص172 ط مؤسسة قرطبة مصر، ومصنف ابن أبی شیبة: ج6 ص380 ط مکتبة الرشد الریاض، والمعجم الکبیر: ج3 ص33 وج22 ص274 ط مکتبة العلوم والحکم بالموصل، وکنز العمال: ج6 ص221، وکنز العمال: ج7 ص107، وأسد الغابة لابن الاثیر: ج2 ص19، وج5 ص130، ورواه البخاری فی الأدب المفرد باب معانقة الصبی.

وقال (صلی الله علیه و آله و سلم) فیه وفی أخیه الحسن (علیه السلام) : (هما ریحانتای من الدنیا)(1).

وقال (صلی الله علیه و آله و سلم) : (الحسن والحسین سیدا شباب أهل الجنة)(2).

وقال (صلی الله علیه و آله و سلم) : (الحسن والحسین إمامان قاما أو قعدا)(3).

وکان (علیه السلام) أعلم الناس، وأعبدهم، فقد کان یصلی کل لیلة ألف رکعة کأبیه أمیر المؤمنین (علیه السلام) ، وکان یحمل فی کثیر من اللیالی جرابا من الطعام إلی الفقراء، حتی شوهد أثره بعد قتله، وکان کریماً، عظیماً، حلیماً، وإذا عصی الله تعالی شدیداً.

ص:127


1- صحیح البخاری: ج3 ص1371 وج5 ص2234 ط دار ابن کثیر بیروت، وسنن الترمذی: ج5 ص657 ط دار إحیاء التراث العربی، ومجمع الزوائد: ج9 ص181، ومسند الطیالسی: ص260 ط دار المعرفة بیروت، مسند أبی یعلی: ج10 ص106، والمعجم الکبیر: ج3 ص127 وج4 ص155، وانظر أیضاً أحمد بن حنبل فی مسنده: ج2 ص85، 93، 114، 153، ورواه أبو داود فی مسنده: ج8 ص160، وأبو نعیم فی حلیة الأولیاء : ج5 ص70 والنسائی فی الخصائص: ص37، وفتح الباری فی شرح البخاری: ج8 ص100. وانظر أیضا تاریخ دمشق لابن عساکر، ترجمة الإمام الحسن وترجمة الإمام الحسین(علیهما السلام).
2- صحیح ابن حبان: ج15 ص411 و412 و413، والمستدرک علی الصحیحین: ج3 ص182 و429 ط دار الکتب العلمیة، والأحادیث المختارة: ج1 ص99 ط مکة المکرمة، وسنن الترمذی: ج5 ص656 و660 ط دار احیاء التراث العربی، ومجمع الزوائد: ج9 ص165 وص182 و183 و184 و201 ط دار الریان للتراث القاهرة، والسنن الکبری للنسائی: ج5 ص50 و80 و95 و145 و146 148 و149 و150 ط دار الکتب العلمیة، وسنن ابن ماجة: ج1 ص44 ط دار الفکر بیروت، ومصنف ابن أبی شیبة: ج6 ص378 ط مکتبة الرشد الریاض، وانظر أیضا: تاریخ دمشق لابن عساکر، ترجمة الإمام الحسن والحسین (علیهما السلام).
3- المناقب لابن شهر آشوب: ج3 ص394. وانظر الفصول المختارة: ص303، وکشف الغمة: ج1 ص533 وج2 ص36.

ومن کرمه (علیه السلام) : أن أعرابیاً قصده مستعطیاً، وأنشد فیه:

لم یخب الآن من رجاک ومن

حرّک من دون بابک الحلقة

أنت جواد وأنت معتمد

أبوک قد کان قاتل الفسقة

لولا الذی کان من أوائلکم

کانت علینا الجحیم منطبقة

فأعطاه الإمام الحسین (علیه السلام) أربعة آلاف دینار، واعتذر قائلا:

خذها فإنی إلیک معتذر

واعلم بأنی علیک ذو شفقة

لو کان فی سیرنا الغداة عصی

أمست سمانا علیک مندفقة

لکن ریب الزمان ذو غیر

والکف منی قلیلة النفقة(1)

وقد أحیی (علیه السلام) بنهضته الجبارة _ التی لم یسبق لها فی العالم مثیل _ شریعة الإسلام، ودین جده رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ، بل وأحیی العالم کله إلی یوم القیامة، فهو (علیه السلام) سید الشهداء وأفضل الناس بعد أخیه.

الإمام الرابع

هو الإمام علی بن الحسین (علیه السلام) و أمه (شاه زنان) بنت الملک (یزدجرد)، ولد (علیه السلام) بالمدینة المنورة یوم النصف من جمادی الأولی سنة ست وثلاثین من الهجرة، یوم فتح أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) البصرة، ومات مسموماً یوم السبت الخامس والعشرین من شهر المحرم سنة خمس وتسعین، وعمره الشریف سبع وخمسون سنة، وتولی تجهیزه ولده الباقر (علیه السلام) ودفن فی المدینة المنورة بالبقیع.

وکان (علیه السلام) فی العلم، والعبادة، والفضیلة، والورع، وإغاثة الملهوفین.. أوحدی زمانه، وقد روی عنه الفقهاء ما لا یحصی کثرة وحفظ عنه من المواعظ والأدعیة، وغیرها الشیء الکثیر.

وکان (علیه السلام) یخرج فی اللیلة الظلماء فیحمل الجراب علی ظهره وفیه الصرر من

ص:128


1- انظر المناقب لابن شهر آشوب: ج4 ص65.

الدنانیر والدراهم، وربما حمل علی ظهره الطعام أو الحطب، حتی یأتی باباً باباً من دور الفقراء فیقرعه ثم یناوله من یخرج إلیه، وکان یغطی وجهه لئلا یعرفه الفقیر، فلما مات عرفه أهل المدینة أنه (علیه السلام) کان صاحب الجراب.

وکان (علیه السلام) یعجبه أن یحضر طعامه الیتامی والزمن والمساکین.

وکان من حسن أخلاقه (علیه السلام) : أن یدعو فی کل شهر خدمه(1)، ویقول: من أراد منکن التزویج زوجتها، أو البیع بعتها، أو العتق أعتقتها.

وکان (علیه السلام) إذا أتاه السائل یقول: مرحباً بمن یحمل زادی إلی الآخرة.

وکان (علیه السلام) من شدة ورعه یصلی فی الیوم واللیلة ألف رکعة، وإذا حضرت الصلاة اقشعر جلده، واصفر لونه، وارتعد کالسعفة، ومن ألقابه (ذوالثفنات) لأثر السجود فی جبهته وکفیه ورکبتیه.

وقد شتمه رجل وأسمعه ما لا یحب وهو (علیه السلام) ساکت لایتکلم، وبعد مدة مضی إلیه الإمام (علیه السلام) فظن الحاضرون أنه یرید أن یقابله بالمثل، فقرأ (علیه السلام) : [والکاظمین الغیظ والعافین عن الناس والله یحب المحسنین](2)، ثم وقف علی ذلک الرجل وقال: یا أخی إنک کنت قد وقفت علیَّ آنفاً وقلت وقلت، فإن کنت قد قلت ما فیَّ، فأنا أستغفر الله، وإن کنت قد قلت ما لیس فیّ، فغفر الله لک(3).

الإمام الخامس

هو الإمام محمد بن علی الباقر (علیه السلام) ، وأمه فاطمة بنت الإمام الحسن (علیه السلام) ، ولد یوم

ص:129


1- (الخَدَم) جمع (خادم) للجنسین، یقال: هو خادم، وهی خادم وخادمة.. راجع لسان العرب مادة (خدم).
2- سورة آل عمران : 134.
3- للتفصیل راجع کتاب (المناقب) لابن شهر آشوب، و(کشف الغمة) للإربلی، و(بحار الأنوار) للمجلسی.

الاثنین ثالث شهر صفر، ویقال: أول رجب، وکان ذلک عام سبع وخمسین، وهو أول علوی بین علویین، ومات مسموما یوم الاثنین سابع ذی الحجة سنة مائة وأربع عشرة، وله سبع وخمسون سنة، وتولی تجهیزه ولده الصادق (علیه السلام) ودفن بالبقیع فی المدینة المنورة.

وکان (علیه السلام) ذا فضل عظیم، وسؤدد، ودیانة، وعلم غزیر، وحلم واسع، وأخلاق حسنة، وعبادة وتواضع، وجود وسماحة.. وبلغ من حسن أخلاقه، أن قال له نصرانی: أنت بقر!

فقال (علیه السلام) له: أنا باقر.

قال: أنت ابن الطباخة.

فقال (علیه السلام) : ذاک حرفتها .

قال: أنت ابن السوداء الزنجیة البذیة.

فقال (علیه السلام) : إن کنت صدقت غفر الله لها، وإن کنت کذبت غفر الله لک، فأسلم النصرانی(1).

وکان (علیه السلام) فی العلم کالبحر المواج، یجیب علی کل مسألة یسأل عنه بدون توقف.

وقد قال ابن عطا المکی: ما رأیت العلماء عند أحد قط، أصغر منهم عند

أبی جعفر محمد بن علی بن الحسین (علیه السلام) ، وقد رأیت الحکم بن عتیبة _ مع جلالته فی القوم _ بین یدیه کأنه صبی بین یدی معلمه(2).

وقال محمد بن مسلم: ما شجرنی فی قلبی شیء قط إلا سألت عنه أبا جعفر (علیه السلام) ، حتی سألته عن ثلاثین ألف حدیث(3).

وکان (علیه السلام) دائم الذکر، حتی قال الإمام الصادق (علیه السلام) : (کان أبی کثیر الذکر، لقد

ص:130


1- المناقب: ج4 ص207.
2- إعلام الوری: ص269 الفصل الرابع، والإرشاد: ج2 ص160 .
3- الاختصاص: ص201.

کنت أمشی معه وإنه لیذکر الله، وآکل معه الطعام وانه لیذکر الله، ولو کان یحدث القوم وما یشغله ذلک عن ذکر الله)(1).

وکان (علیه السلام) کثیر التهجد والعبادة، غزیر الدمع.

الإمام السادس

هو جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام) ، وأمه فاطمة الملقبة ب_ (أم فروة)، ولد بالمدینة یوم الاثنین سابع عشر من شهر ربیع الأول _ یوم میلاد النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) _ وکان ذلک سنة ثلاث وثمانین، ومات مسموماً یوم الخامس والعشرین من شوال سنة مائة وثمان وأربعین، وعمره إذ ذاک خمس وستون سنة، وتولی تجهیزه ولده الکاظم (علیه السلام) ، ودفن بالبقیع فی المدینة المنورة.

له (علیه السلام) من العلم والفضل، والحکمة والفقه، والزهد والورع، والصدق والعدل، والنبل والسؤدد، والکرم والشجاعة.. وسائر الفضائل، مالا یحصیه العادّون.

ولقد قال المفید (رحمة الله)ƒ: (ولم ینقل عن أحد من أهل بیته العلماء ما نقل عنه،

ولا لقی أحد منهم من أهل الآثار ونقلة الأخبار ولا نقلوا عنهم کما نقلوا عن أبی

عبد الله _ أی الصادق (علیه السلام) _ فإن أصحاب الحدیث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقاة علی اختلافهم فی الآراء والمقالات، فکانوا أربعة آلاف رجل...) إلی آخر کلامه(2).

وکان (أبو حنیفة) إمام الحنفیة، و(مالک) إمام المالکیة، من تلامذته.

ومن زهده (علیه السلام) : أنه (علیه السلام) کان یأکل الخل والزیت، ویلبس قمیصاً غلیظاً خشناً وربما لبس المرقّع، وکان یعمل بنفسه فی بستانه.

ص:131


1- عدة الداعی: ص248 ب5.
2- الارشاد: ج 2 ص179.

ومن عبادته (علیه السلام) : أنه کان یصلی کثیراً، وربما غشی علیه فی الصلاة، وقد استدعاه هارون العباسی فی لیلة.. قال الخادم: فصرت إلی بابه، فوجدته فی دار خلوته معفراً خدیه، مبتهلا بظهر یدیه، قد أثر التراب فی وجهه وخدیه.

وکان (علیه السلام) کثیر العطاء، حسن الخلق، لین الکلام، طیب المجالسة، ظریف المعاشرة.

الإمام السابع

هو الإمام موسی بن جعفر الکاظم (علیه السلام) ، وأمه حمیدة المصفاة، ولد ب_ (الأبواء) وهو منزل بین مکة والمدینة، یوم الأحد السابع من شهر صفر سنة مائة وثمان وعشرین، وتوفی مسموماً فی حبس هارون العباسی، بعد ما طال سجنه أربعة عشر سنة ظلماً واعتداءً، وکان ذلک فی الخامس والعشرین من رجب سنة مائة وثلاث وثمانین، وتولی تجهیزه ولده الرضا (علیه السلام) ، ودفن حیث مرقده الشریف الآن فی الکاظمیة، العراق.

وکان (علیه السلام) أعلم أهل زمانه، وأفضلهم، وأسخاهم، وأشجعهم، حسن الأخلاق، لطیف الشمائل، ظاهر الفضل والعلم، کبیر القدر، عظیم الشأن، کثیر العبادة، طویل السجدة.. ولکثرة ما کظم الغیظ سمی ب_ (الکاظم)، ولعظم صلاحه کان یلقب ب_ (العبد الصالح).

وقد ظهر من علمه بمختلف العلوم ما بهر الناس، ومن ذلک حدیث (بریهة) کبیر النصاری المشهور ولما أفحمه الإمام أسلم وحسن إسلامه(1).

ومن جوده (علیه السلام) أنه سأله فقیر مائة درهم، فسأله الإمام (علیه السلام) عن مسألة اختباراً

ص:132


1- راجع بحار الأنوار: ج10 ص235 ب16 ح1، والتوحید للشیخ الصدوق: ص270، وبصائر الدرجات: ص136.

لمقدار معرفته، فلما أجاب أعطاه ألفی درهم.

وکان (علیه السلام) أحسن الناس صوتاً بالقرآن، وأکثر الناس عبادة وتلاوة، و أطولهم سجوداً، وأغزرهم دموعا، وقد توفی (علیه السلام) فی حال السجدة.

الإمام الثامن

هو الإمام علی بن موسی الرضا (علیه السلام) وأمه السیدة نجمة، ولد (علیه السلام) فی حادی عشر ذی القعدة یوم الجمعة سنة مائة وثمان وأربعین بالمدینة المنورة، وتوفی مسموما یوم آخر صفر سنة مائتین وثلاث، وتولی تجهیزه ولده الجواد (علیه السلام) ، ودفن فی خراسان حیث مرقده الآن.

وعلمه (علیه السلام) وفضله، ونبله، وسخاؤه، وحسن خلقه، وتواضعه، وعبادته، أشهر من أن یذکر.

وقد طلب المأمون منه (علیه السلام) أن یتولی أمور الخلافة الإسلامیة _ مکانه _ لکنه زهد فی الدنیا ولم یقبل، حیث علم ما فی ذلک من الغدر، کما أن جده أمیر المؤمنین (علیه السلام) لم یقبل الخلافة فی الشوری حیث کان ذلک رهن کذب واحد، وهو أن یقول: (اقبل بیعتکم علی أن أعمل بکتاب الله وسنة رسوله وسیرة الشیخین) بینما کان الإمام (علیه السلام) یری العمل حسب اجتهاده بعد الکتاب والسنة.

ولما لم یقبل الإمام الرضا (علیه السلام) الخلافة، أجبره المأمون علی قبول (ولایة العهد)، فقبل الإمام ذلک علی شرط أن لایتدخل فی أی شیء من شؤون الدولة(1).

 وقد ظهر من علومه الکثیرة بالنسبة إلی الأدیان والمذاهب والمبادئ _ فی مجلس المناظرة الذی هیأه المأمون وغیره _ ما صار حدیث الرکبان.

ومن عبادته (علیه السلام) : أنه کان یحیی أکثر اللیالی، ویختم القرآن فی ثلاثة أیام، وکثیراً ما

ص:133


1- وذلک لسلب الشرعیة عن المأمون.

کان یصلی فی الیوم واللیلة ألف رکعة، وکثیراً ما کان یسجد سجدات طویلة تستغرق ساعات، وکان (علیه السلام) کثیر الصیام .

وکان (علیه السلام) کثیر المعروف، کثیر العطاء، وأکثر صدقاته فی السر، خصوصا فی اللیالی المظلمة .

ومن آدابه (علیه السلام) : أنه ما جفا أحداً بکلام قط، ولا أغلظ فی القول، ولا اتکأ بین یدی جلیس، ولم یقهقه أبداً، ولم یبصق أمام أحد قط، وإذا نصبت المائدة أحضر جمیع أهله وخدمه(1) وأکل معهم .

الإمام التاسع

هو الإمام محمد بن علی الجواد (علیهما السلام)، وأمه السیدة سبیکة، ولد (علیه السلام) یوم العاشر من شهر رجب سنة مائة وخمس وتسعین فی المدینة المنورة، وتوفی مسموماً فی بغداد فی آخر ذی القعدة سنة مائتین والعشرین، وعمره الشریف خمس وعشرون سنة، وتولی تجهیزه ولده الهادی (علیه السلام) ودفن عند ظهر جده موسی بن جعفر (علیه السلام) بالکاظمیة _ العراق _ حیث قبره الآن.

وکان (علیه السلام) أعلم أهل زمانه، وأفضلهم، وأسخاهم کفًّا، وأطیبهم مجلساً، وأحسنهم خلقا، وأفصحهم لسانا، وکان إذا رکب یحمل ذهبا وفضة فلا یسأله أحد إلا أعطاه، وکان من یسأله من عمومته لا یعطیه أقل من خمسین دینارا، ومن سألته من عماته لا یعطیها أقل من خمسة وعشرین دیناراً.

ومن علمه الکثیر الذی ظهر للناس: أن ثمانین من علماء الأمصار اجتمعوا علیه بعد منصرفهم من الحج فسألوه عن مسائل مختلفة فأجابهم جمیعاً.

ص:134


1- مفرده: (خادم) للذکر والأنثی، فیقال: هو خادم، وهی خادم وخادمة، راجع لسان العرب مادة (خدم).

ومن غریب ما یحکی عنه (علیه السلام) أن جماعة کثیرة(1) اجتمعوا عنده وسألوه عن ثلاثین ألف مسألة فی مجلس واحد(2)، فأجابهم علیها، غیر ممتنع ولا غالط، وکان عمره إذ ذاک تسع سنین، لکن مثل هذا لیس غریبا علی أهل بیت الوحی والتنزیل (علیهم السلام) .

وزوّجه المأمون العباسی ابنته، بعد ما امتحنه بمسائل مهمة وأجاب علی الجمیع _ فی قصة مشهورة _ .

الإمام العاشر

هو الإمام علی بن محمد الهادی (علیهما السلام)، وأمه السیدة سمانة، ولد (علیه السلام) بالمدینة المنورة خامس عشر ذی الحجة، أو ثانی رجب، سنة مائتین واثنتی عشرة، وتوفی مسموماً بسامراء یوم الاثنین ثالث شهر رجب سنة مائتین وأربع وخمسین، وعمره الشریف اثنان وأربعون سنة، وتولی تجهیزه ولده العسکری (علیه السلام) ، ودفن حیث مضجعه الآن فی سامراء _ العراق .

وکان (علیه السلام) أفضل أهل زمانه، وأعلمهم، وأجمعهم للفضائل، وأکرمهم کفا، وألینهم لسانا، وأعبدهم لله، وأطیبهم سریرة، وأحسنهم أخلاقا.

ومن کرمه ما رواه (الاربلی) من أن الخلیفة أرسل إلیه ثلاثین ألف درهم، فوهبها لأعرابی من أهل الکوفة وقال له: إقض منه دینک وانفق الباقی علی عیالک وأهلک، واعذرنا، فقال له الأعرابی: یا بن رسول الله، والله إن أملی کان یقصر عن ثلث هذا ولکن الله أعلم حیث یجعل رسالاته، وأخذ المال وانصرف(3).

ص:135


1- من کبار العلماء والسیاسیین.
2- ربما استمر عدة أیام، کالمؤتمرات فی هذا الیوم.
3- کشف الغمة (للاربلی): ج2 ص375.

الإمام الحادی عشر

هو الإمام الحسن بن علی العسکری (علیه السلام) ، وأمه السیدة (جدة)، ولد (علیه السلام) یوم الاثنین عاشر ربیع الآخر سنة مائتین واثنتین وثلاثین، وتوفی مسموما یوم الجمعة ثامن شهر ربیع الأول، سنة مائتین وستین، وعمره الشریف ثمانیة وعشرون سنة، وقام بتجهیزه ولده الإمام الحجة (علیه السلام) ودفن عند أبیه بسامراء حیث مزاره الشریف الآن.

وفضله (علیه السلام) وعلمه، ونبله، وشرفه، وسؤدده، وعبادته، وتواضعه، وسائر مکارم أخلاقه لا یخفی علی أحد.

وکان (علیه السلام) حسن القامة، جمیل الوجه، متناسق الجسم، له مهابة وعظمة علی صغر سنه، وکان یمثل بالنبی (صلی الله علیه و آله و سلم) فی أخلاقه.

ومن أحادیث کرمه (علیه السلام) : ما رواه إسماعیل، قال: قعدت لأبی محمد (علیه السلام) علی ظهر الطریق، فلّما مرّ بی شکوت إلیه الحاجة وحلفت انه لیس عندی درهم فما فوقه ولا غداء ولا عشاء، فقال (علیه السلام) : (تحلف بالله کاذبا وقد دفنت مائتی دینار؟! ولیس قولی هذا دفعا لک عن العطیة، أعطه یا غلام ما معک) فأعطانی غلامه مائة دینار(1).

وقصده رجل _ لما سمع من سماحه وکرمه _ وکان محتاجا إلی خمسمائة درهم، فأعطاه (علیه السلام) خمسمائة درهم، وثلاثمائة درهم.

وقد شهدت النصاری بأنه (علیه السلام) مثل المسیح فی فضله وعلمه وإعجازه(2).

وکان (علیه السلام) کثیر العبادة، دائم التهجد، واضح الصلاح، کثیر الهیبة.

ص:136


1- الارشاد: ج2 ص332.
2- راجع بحار الأنوار، تاریخ الإمام الحسن العسکری (علیه السلام).

الإمام الثانی عشر

هو الإمام الحجة المهدی، محمد بن الحسن (علیه السلام) ، وأمه السیدة (نرجس)، ولد (علیه السلام) بسامراء لیلة النصف من شعبان سنة مائتین وخمس وخمسین.

وهذا الإمام هو آخر حجج الله علی الأرض، وخاتم خلفاء رسول الله (صلی الله علیه و آله)، وآخر أئمة المسلمین الإثنی عشر ، وهو بعدُ فی دار الدنیا قد أطال الله تعالی _ بمشیئته _ عمره الشریف، وهو غائب عن الأبصار، وسیظهر فی آخر الزمان بعد ما ملئت الدنیا ظلماً وجوراً، لیملأها عدلاً وقسطا، فیملک الدنیا بحذافیرها ویبسط العدل ویبید الجبابرة، کما قال تعالی:[لیظهره علی الدین کله ولو کره المشرکون](1).

وقد ورد بذلک أحادیث متواترة عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وعن الأئمة الطاهرین (علیهم السلام) رواها (2) علماء الشیعة والسنة، کما تجد الکلام حول ذلک مفصلا فی کتاب

ص:137


1- سورة التوبة: 33.
2- سنن الترمذی: ج4 ص505 باب ما جاء فی المهدی، ط دار إحیاء التراث العربی، وسنن أبی داود: ج4 ص106 کتاب المهدی، ط دار الفکر، وسنن ابن ماجه: ج2 ص1366 باب خروج المهدی، ط دار الفکر، ومسند أحمد: ج3 ص21 و26 و37 وج5 ص277 ط مؤسسة قرطبة، مصر، ومسند أبی یعلی: ج1 ص359 ط دار المأمون للتراث دمشق، وصحیح ابن حبان: ج15 ص236 باب ذکر البیان بأن خروج المهدی یکون بعد ظهور الظلم والجور فی الدنیا، ط مؤسسة الرسالة بیروت، والمستدرک علی الصحیحین: ج4 ص600 ط دار الکتب العلمیة، وموارد الظمآن: ص463 ط دار الکتب العلمیة، ومجمع الزوائد: ج7 ص313 باب ما جاء فی المهدی، ط دار الریان للتراث القاهرة، والمعجم الأوسط: ج8 ص178ط دار الحرمین القاهرة، فیض القدیر: ج5 ص262 ط مصر، والمعجم الکبیر: ج18 ص51 ط مکتبة العلوم والحکم بالموصل، وتفسیر القرطبی: ج8 ص122 وج10 ص222  ط دار الشعب القاهرة، وتفسیر الطبری: ج1 ص501 ط دار الفکر، وتفسیر ابن کثیر: جج1 ص158 ط دار الفکر، وأسد الغابة: ج2 ص259، وحلیة الأولیاء لأبی نعیم: ج3 ص177 وغیرها مما هو کثیر جداً.

(المهدی) للسید الصدر(1) .

ولا غرابة فی طول العمر بهذا المقدار، فإن قدرة الله تعالی تعمّ کل شیء (وهو علی کل شیء قدیر)(2)، ألیس نوح النبی (علیه السلام) بنص الکتاب الکریم: (فلبث فیهم ألف سنة إلا خمسین عاماً)(3).

ثم إن العلم الحدیث یؤکد هذه الحقیقة ویقول بإمکان طول العمر إلی آلاف السنوات علی تفصیل مذکور فی محله.

وحیث أن هذا الإمام العظیم، اختفی عن الأبصار بأمر الله تعالی وهو فی داره، اتخذ المسلمون المحل المنسوب إلیه _ فی سامراء _ المشتهر ب_: (سرداب الغیبة) مزاراً ومعبداً، اللّهم عجِّل فرجه، وسهِّل مخرجه، واجعلنا من أنصاره وأعوانه.

اعترافات فی حق أئمة الشیعة

وهنا ننقل طائفة من اعترافات الکبراء والزعماء _ وحتی بعض الأعداء _ بحق الأئمة الطاهرین (علیهم السلام) لیعلم بعض المکانة التی یحتلّها هؤلاء الأطهار فی نفوس المسلمین، بالإضافة إلی الآیات والأحادیث الواردة بشأنهم حتی یتبین أن من تمسک بهم (علیهم السلام) واتبع آثارهم وأخذ بأقوالهم وأفعالهم کان من الناجین السعداء فی الدنیا والآخرة:

1: الإمام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام)

ص:138


1- وکذا فی کتاب (المهدی فی السنة) لآیة الله السید صادق الشیرازی.
2- سورة المائدة: 120، سورة هود: 4، سورة الروم: 50، سورة الحدید: 2، سورة التغابن: 1، سورة الملک: 1.
3- سورة العنکبوت: 14 .

- قال أبو بکر لأمیر المؤمنین (علیه السلام) : (أمسیت یا بن أبی طالب مولی کل مؤمن ومؤمنة)، راجع کتاب (الفتوحات الإسلامیة)(1).

- قال عمر بن الخطاب: (لا أبقانی الله بعد ابن أبی طالب)، راجع کتاب (تذکرة الخواص)(2)، وقال: (إنه مولای) (3) وقال: (بخ بخ لک یا بن أبی طالب أصبحت مولای ومولی کل مسلم) (4).

- قال عثمان بن عفان: (لولا علی لهلک عثمان)، راجع (زین الفتی)(5) .

ص:139


1- الفتوحات الإسلامیة: 2 ص306 (لأحمد زینی دحلان المکی الشافعی المتوفی 1304) نقلاً عن الغدیر: ج1 ص282 وص283. وقال المناوی عن حدیث الغدیر فی کتابه (فیض القدیر) للمناوی ط مصر، ج6 ص218: (قال ابن حجر حدیث کثیر الطرق جدا استوعبها ابن عقدة فی کتاب مفرد منها صحاح ومنها حسان وفی بعضها قال ذلک یوم غدیر خم، وزاد البزار فی روایة: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله ولما سمع أبو بکر وعمر ذلک قالا فیما خرجه الدارقطنی عن سعد بن أبی وقاص: أمسیت یا ابن أبی طالب مولی کل مؤمن ومؤمنة).
2- تذکرة الخواص (للسبط ابن الجوزی/ 581 _ 645ه_) فصل فی قول عمر ابن الخطاب... ص137_ 138.
3- فیض القدیر للمناوی ط مصر، ج6 ص218.
4- تاریخ بغداد: ج8 ص289 ح4392 ط دار الکتب العلمیة بیروت، وفیه: (عن أبی هریرة قال: من صام یوم ثمان عشرة من ذی الحجة کتب له صیام ستین شهرا وهو یوم غدیر خم لما أخذ النبی (صلی الله علیه و آله) بید علی بن أبی طالب فقال: ألست ولی المؤمنین، قالوا: بلی یا رسول الله، قال: من کنت مولاه فعلی مولاه، فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لک یا بن أبی طالب أصبحت مولای ومولی کل مسلم فأنزل الله:[الیوم أکملت لکم دینکم] سورة المائدة: 3) وفی روایة: (هنیئاً لک یا بن أبی طالب، أصبحت وأمسیت مولی کل مؤمن ومؤمنة) انظر ترجمة الإمام علی بن أبی طالب من تاریخ دمشق: ج2 ص50 ح548 و549 و550، والمناقب للخوارزمی الحنفی: ص94، ومسند أحمد: ج4 ص281 ط المیمنیة، والفصول المهمة لابن صباغ المالکی: ص24. والحاوی للفتاوی للسیوطی: ج1 ص122، وتفسیر الفخر الرازی: ج3 ص63 ط الدار العامرة بمصر،
5- زین الفتی _ فی شرح سورة هل أتی _ (لأحمد بن محمد العاصمی/ 378ه_ _ ) : ج1 فصل المرجوعات ص318 ح224.

- قالت عائشة: (ما رأیت رجلاً أحبّ إلی رسول الله منه)، راجع (العقد الفرید)(1) .

- قال عبد الله بن عمر لرجلٍ _ قال أبغض علیاً _: (أبغضک الله أتبغض رجلاً سابقة من سوابقه خیر من الدنیا وما فیها)، راجع (المناقب)(2).

- وکان معاویة یکتب فیما ینزل به لیسأل له علی بن أبی طالب (علیه السلام) عن ذلک فلما بلغه قتله (علیه السلام) قال: (ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبی طالب)، راجع

(الاستیعاب)(3).

- وقال الحسن البصری: (کان (علیه السلام) والله سهماً صائباً من مرامی الله علی عدوه وربانی هذه الأمة)، راجع (الاستیعاب)(4).

2: الإمام الحسن بن علی (علیه السلام)

- قال أنس: (لم یکن فیهم أحد أشبه برسول الله من الحسن)، راجع (الاستیعاب)(5).

- قال أبو هریرة: (لا أزال أحبّ هذا الرجل یعنی الحسن بعد ما رأیت رسول الله یصنع به ما یصنع)، راجع (نور الأبصار)(6).

قال عبد الله بن الزبیر: (أنا أحدّثکم بأشبه أهله به وأحبّهم إلیه الحسن بن

ص:140


1- العقد الفرید (لابن عبد ربّه الاندلسی/ _ 327ه_): ج3 فی أخبار الخلفاء ص313.
2- المناقب: ج2 ص3.
3- الاستیعاب: ص45.
4- الاستیعاب: ص47.
5- راجع الإصابة: ص328 حرف الحاء رقم الفقرة 1719، وفیه: (عن أنس قال: لم یکن أشبه برسول الله (صلی الله علیه و آله) من الحسن).
6- نور الأبصار للشبلنجی: ص131. ط مصر 1367ه_.

- علی)، راجع (الإصابة)(1).

- قال ابن سیرین: (ربما أجاز الحسن بن علی الرجل الواحد بمائة ألف)، راجع (کتاب الحسن بن علی).

- قال واصل بن عطاء: (کان الحسن بن علی علیه سیماء الأنبیاء وبهاء الملوک)، راجع (المناقب)(2).

- قال أبو الفداء: (ولو کانوا یعلمون لعظموا ما أنعم الله به علیهم من مبایعتهم ابن بنت رسول الله سید المسلمین وأحد علماء الصحابة وحلمائهم وذوی آرائهم)، راجع (البدایة والنهایة)(3).

3: الإمام الحسین بن علی (علیه السلام)

- قال عمر بن الخطاب للإمام الحسین (علیه السلام) : (فإنما أنبت ما تری فی رؤوسنا الله ثم أنتم)، راجع (الإصابة)(4).

- قال أبو هریرة: (دخل الحسین بن علی وهو معتم فظننت أن النبی قد بعث)، راجع (البحار)(5).

- قال عبد الله بن عمرو بن العاص _ وقد مرّ علیه الإمام الحسین (علیه السلام) _: (من أحبّ أن ینظر إلی أحبّ أهل الأرض إلی أهل السماء فلینظر إلی هذا المجتاز) راجع (البحار)(6).

ص:141


1- الإصابة لابن حجر: ج2 القسم الأول: ص11
2- المناقب: ج4 ص9.
3- البدایة والنهایة (لابی الفداء ابن کثیر الدمشقی/ 701_774ه_): ج8 فی أحداث سنة 40ه_ وخلافة الحسن بن علی (علیه السلام) ص14.
4- تاریخ بغداد للخطیب البغدادی: ج1 ص141.
5- بحار الأنوار: ج43 ص293 ب12 ح54.
6- بحار الأنوار: ج43 ص297 ب12 ح59.

- قال معاویة: (وما عسیت أن أعیب حسینا و والله ما أری للعیب فیه موضعاً)، راجع (الأعیان)(1).

- قال ابن سیرین: (لم تبک السماء علی أحد بعد یحیی بن زکریا إلا علی الحسین (علیه السلام) ولما قتل اسودّت السماء وظهرت الکواکب نهاراً وسقطت تراب احم)، راجع (تاریخ ابن عساکر).

- قال یزید بن مسعود: (فأکرم به راعی رعیة وإمام قوم وجبت لله به الحجة وبلغت به الموعظة)، راجع (الأعیان)(2).

4: الإمام علی بن الحسین زین العابدین (علیه السلام)

- قال أبو حازم: (ما رأیت هاشمیاً أفضل من علی بن الحسین ولا أفقه منه) راجع (تذکرة الخواص)(3).

- قال الزهری: (ما رأیت أحداً أفقه من زین العابدین وکان إذا ذکر علی بن الحسین یبکی ویقول: زین العابدین)، راجع (تذکرة الخواص)(4).

- قال مالک إمام المالکیة: (سمّی زین العابدین لکثرة عبادته) راجع (نور الأبصار)(5).

- قال عمر بن عبد العزیز _ وقد قام من عنده علی بن الحسین (علیه السلام) _ (من أشرف الناس؟ فقالوا: أنتم، فقال: کلا إن أشرف الناس هذا القائم من عندی آنفاً)، راجع (الأعیان).

ص:142


1- أعیان الشیعة: ج1 ص583.
2- أعیان الشیعة: ج1 ص59.
3- تذکرة الخواص: ص297 ط 1401ه_.
4- راجع تذکرة الخواص: ص297، وفیه: (حکی أبو نعیم أیضاً عن الزهری: قال: ما رأیت هاشمیاً أفضل من علی بن الحسین وکذا قال أبو حازم وقال: ما رأیت أفقه منه).
5- نور الأبصار للشبلنجی: ص153.

- قال نافع مخاطباً للإمام السجاد (علیه السلام) : (أنت سید الناس وأفضلهم)، راجع (کشف الغمة)(1).

5: الإمام محمد الباقر (علیه السلام)

- قال ابن عمر _ وأشار إلی الإمام (علیه السلام) _ : (إنهم أهل بیت مفهمون)، راجع (المناقب)(2).

- قال جابر الجعفی _ یرید الروایة من الإمام _ : (حدثنی وصی الأوصیاء ووارث علم الأنبیاء محمد بن علی بن الحسین)، راجع (کشف الغمة)(3).

- قال ابن أبی الحدید: (کان محمد بن علی بن الحسین سید فقهاء الحجاز ومنه ومن ابنه جعفر تعلّم الناس الفقه)، راجع (المدخل إلی موسوعة العتبات)(4).

6: الإمام جعفر الصادق (علیه السلام)

- قال فؤاد سمعان: (کان الإمام جعفر الصادق أستاذاً لبقیة رؤساء المذاهب کمالک بن أنس وأحمد بن حنبل وأبی حنیفة والشافعی وغیرهم من أصحاب الفرق)، راجع (أشعة من حیاة الإمام الصادق (علیه السلام) ).

- قال أبو حنیفة: (ما رأیت أفقه من جعفر بن محمد)، راجع (نور الأبصار)(5).

ص:143


1- کشف الغمة: ص78.
2- المناقب: ج4 ص197.
3- کشف الغمة: ج2 ص125.
4- راجع أیضاً تذکرة الخواص: ص138.
5- انظر تذکرة الحفاظ للذهبی، والمجالس السنیة: ج5 ص463.

- قال محمد أبو زهرة: (أئمة السنة الذین عاصروه تلقوا عنه وأخذوا منه)، راجع (الإمام الصادق (علیه السلام) )(1).

- قال ابن حجر: ( نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الرکبان وانتشر صیته فی جمیع البلدان)، راجع (الصواعق المحرقة)(2).

- قال الدکتور أحمد أمین: (کان الإمام جعفر من أعظم الشخصیات ذوی الأثر فی عصره وبعد عصره)، راجع (ضحی الإسلام)(3).

7: الإمام موسی الکاظم (علیه السلام)

- قال هارون لولده: (هذا إمام الناس وحجة الله علی خلقه وخلیفته علی عباده)، راجع (الأعیان).

- قال ابن الخلال شیخ الحنابلة: (ما همنی أمر فقصدت قبر موسی بن جعفر فتوسّلت به إلا وسهّل الله تعالی لی ما أحبّ)، راجع (تاریخ بغداد) (4).

- قال الشافعی: (قبر موسی الکاظم التریاق المجرّب)، راجع (تحفة      العالم)(5).

8: الإمام علی الرضا (علیه السلام)

قال أبو الصلت: (ما رأیت أعلم من علی بن موسی الرضا ولا رآه عالم إلا

ص:144


1- حیاة الإمام الصادق (علیه السلام) لمحمد أبی زهرة: ص66.
2- الصواعق المحرقة: ص201.
3- ضحی الإسلام: ج3 ص265 من الفصل الثانی.
4- تاریخ بغداد: ج1 ص120 ط دار الکتب العلمیة.
5- تحفة العالم _ فی شرح خطبة المعالم _ (السید جعفر بن محمد باقر بحر العلوم/ 1281_1377ه_): ج2 ص22.

- شهد له بمثل شهادتی)، راجع (الأعیان)(1).

- قال المأمون: (هذا أعلم هاشمی)، راجع (البحار)(2).

- قال رجاء بن ضحاک: (فو الله ما رأیت رجلاً کان أتقی لله منه، ولا أکثر ذکراً لله فی جمیع أوقاته منه، ولا أشدّ خوفاً لله عزّوجل منه)، راجع (العیون)(3).

- قال الصولی: (إنی ما رأیت ولا سمعت بأحد أفضل من أبی الحسن الرضا، وشهدت منه ما لم أشاهد من أحد _ إلی أن قال: _ فمن زعم أنه رأی مثله فی فضله فلا تصدّقوه)، راجع (کشف الغمة)(4).

9: الإمام محمد الجواد (علیه السلام)

- قال المأمون: (فقد اخترته لتبریزه علی کافة أهل الفضل فی العلم والفضل مع صغر سنه والأعجوبة فیه بذلک وأنا أرجو أن یظهر للناس ما قد عرفته منه)، راجع (الأعیان)(5).

- قال الأسقف: (یوشک أن یکون هذا الرجل نبیّاً أو من ذریة نبی)، راجع (المناقب)(6).

- وقال ابن الجوزی: (وکان علی منهاج أبیه فی العلم والتقی والزهد والجود)، راجع (التذکرة)(7).

قال الصفدی: (وکان من الموصوفین بالسخاء ولذلک لقّب الجواد وهو أحد

ص:145


1- أعیان الشیعة: ج1 ص101.
2- بحار الأنوار: ج10 ص337 ب19 ح2.
3- عیون أخبار الرضا (علیه السلام) : ج2 ص180 ب44 ح5.
4- کشف الغمة: ج2 ص316.
5- أعیان الشیعة: ج2 ص33.
6- المناقب: ج4 ص389.
7- تذکرة الخواص: ص321 ط بیروت 1401ه_ .

- الأئمة الإثنی عشر)، راجع (الوافی)(1).

10: الإمام علی الهادی (علیه السلام)

- قال الجنیدی: (والله تعالی لهو خیر أهل الأرض وأفضل من برئه الله تعالی)، راجع (المآثر).

- قال یزداد الطبیب: (إذا کان مخلوق یعلم الغیب فهو)، راجع

(البحار)(2).

- قال الیافعی: (کان متعبداً فقیهاً إماماً)، راجع (مرآة الجنان).

- قال ابن حجر الهیتمی: (وکان وارث أبیه علماً وسخاءً)، راجع (الصواعق)(3).

- قال ابن العماد الحنبلی: (وکان فقیهاً إماماً متعبّداً)، راجع (شذرات الذهب)(4).

- قال الشبراوی الشافعی: (وکراماته کثیرة)، راجع (الإتحاف)(5).

11: الإمام الحسن العسکری (علیه السلام)

قال الوزیر ابن خاقان لابنه: (یا بنی لو زالت الإمامة عن خلفائنا بنی العباس

ما استحقّها أحد من بنی هاشم غیره لفضله وعفافه وهدیه وصیانته وزهده وعبادته

ص:146


1- الوافی بالوفیات (لخیلی بن أیبک الصفدی /696 _ 764ه_) ج4 ص105 الرقم 1587.
2- بحار الأنوار: ج50 ص161 ب3 ح50.
3- الصواعق المحرقة: ص207.
4- شذرات الذهب (لابن العماد الحنبلی _ 1089ه_):ج2 ص128 حوادث سنة 254ه_ .
5- الإتحاف بحب الأشراف (للشبراوی الشافعی / تألیف الکتاب 1154ه_): ب5 ص176.

- وجمیل أخلاقه وصلاحه)، راجع (الإرشاد)(1).

- قال بختیشوع الطبیب: (هو أعلم فی یومنا هذا ممن هو تحت السماء)، راجع (البحار)(2).

- قال انوش کاتب الخلیفة مخاطباً الإمام (علیه السلام) : (إنا وجدناکم فی هذا الإنجیل مثل المسیح عیسی بن مریم عند الله)، راجع (صحیفة الأبرار).

- قال له راهب دیر العاقول: (هذا نظیره _ أی المسیح _ فی آیاته وبراهینه)، راجع (صحیفة الأبرار).

12: الإمام المهدی المنتظر (علیه السلام)

- قال الرفاعی: (الحسن العسکری أعقب صاحب السرداب الحجة المنتظر ولی الله محمد المهدی)، راجع (صحاح الأخبار).

- قال الجامی: (المهدی قائد للعالم)، راجع (کشف الأستار)(3).

- قال ابن حجر: (أبو القاسم محمد الحجة وعمره بعد وفاة أبیه خمس سنین لکن آتاه الله فیها الحکمة ویسمی القائم المنتظر)، راجع (الصواعق)(4).

- قال ابن کثیر _ فی حدیث له _ : (إن عیسی یصلی خلف المهدی)، راجع (إرشاد الساری)(5).

قال ابن کثیر: (رایات سود تأتی صحبة المهدی)، راجع (سنن ابن

ص:147


1- الإرشاد: ج2 ص322و323.
2- بحار الأنوار: ج59 ص132 ب54 ح102.
3- کشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار (المحدث المیرزا حسین النوری الطبری/1254 _ 1320ه_) ص65.
4- الصواعق المحرقة: ص208.
5- إرشاد الساری _ لشرح صحیح البخاری _ (للقسطلانی الشافعی / 851 _ 923ه_).

- ماجه)(1).

 اللهم عجّل فرجه وسهّل مخرجه.

دور الأئمة الطاهرین (علیهم السلام) وشیعتهم

أئمة أهل البیت الطاهرون (علیه السلام) قد خدموا الإسلام والأمة الإسلامیة أکبر خدمة، وإلا لعصفت بالإسلام نفس العواصف التی عصفت بالأدیان السابقة وحرّفتها عن مجاریها الصحیحة.

کما أن الشیعة فی طول التاریخ الإسلامی جاهدوا فی سبیل الله وفتحوا فتوحات عدیدة وأدخلوا الناس فی دین الله أفواجاً، ووقفوا أمام التیارات التی لولا الشیعة لاکتسحت الإسلام والمسلمین، وکل ذلک مذکور فی التواریخ المفصّلة.

ونظرة واحدة إلی موسوعة (أعیان الشیعة) (2) و(الذریعة إلی تصانیف الشیعة)(3) تکفی لإلقاء الضوء علی هذه الحقیقة.

کما أن الحضارة الإنسانیة رهینة لخدمات الشیعة فی کثیر من أبعادها، وقد أدرک علماء الدنیا والدین هذه الحقیقة.. ولذا وضعوا الشیعة فی موضعهم اللائق بهم، ومن أولئک العلماء أکبر علماء مصر الشیخ محمود شلتوت وغیره فی فتواهم

ص:148


1- راجع سنن ابن ماجة کتاب الفتن ب34 ح4084، وفیه: (عن ثوبان قال: قال رسو ل الله (صلی الله علیه و آله): «یقتتل عند کنزکم ثلاثة کلهم ابن خلیفة ثم لا یعید إلی واحد منهم ثم تطلع الرایات السود من قبل المشرق فیقتلونکم قتلاً لم یقتله قوم» ثم ذکر شیئاً لا أحفظه فقال:«فإذا رأیتموه فبایعوه ولو حبوا علی الثلج فإنه خلیفة الله المهدی»).
2- للسید محسن الأمین العاملی، وتبحث عن حیاة علماء ورجال الشیعة، وتقع فی أکثر من عشرین مجلداً کبیراً.
3- للشیخ آغا بزرک الطهرانی، وتبحث تألیفات الشیعة، وتقع فی أکثر من 25 مجلداً.

الشهیرة علی ما سیأتی(1).

 

ص:149


1- انظر الصفحة177 من هذا الکتاب.

فصل: لماذا التشیع؟

اشارة

ص:150

أدلة الشیعة

للشیعة أدلة کثیرة فی اختیار التشیع، حتی أن العلامة الحلّی ƒ(رحمة الله) وهو من أعاظم العلماء، قد ذکر (ألفی دلیل) علی ذلک فی کتاب له أسماه (الألفین)..

وکثیر من هذه الأدلة من کتب إخوانهم (السنة) وصحاحهم، وهنا نکتفی بذکر بعض تلک الأدلة بإجمال(1):

خلافة أمیر المؤمنین علی (علیه السلام)

اشارة

لقد کان الرسول الأکرم محمد بن عبد الله (صلی الله علیه و آله و سلم) یلمح ویشیر، ویصرح ویؤکد مرة وأخری علی خلافة الإمام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه الصلاة والسلام):

یوم الإنذار

فکان من ذلک: یوم (الإنذار) کما رواه کثیر من أعلام السنّة(2): کابن

ص:151


1- للتفصیل یمکن مراجعة کتاب (المراجعات) للسید شرف الدین العاملی، وکتاب (الغدیر) للعلامة الأمینی.
2- راجع شواهد التن_زیل للحسکانی الحنفی: ج1 ص372 ح514، وص420 ح580. وتفسیر الطبری: ج19 ص74 ط بولاق، وتاریخ الطبری: ج2 ص319، ومسند أحمد بن حنبل: ج1 ص111 ط المیمنیة، وکفایة الطالب للکنجی الشافعی: ص204_206. وتذکرة الخواص للسبط بن الجوزی الحنفی: ص38. وینابیع المودة: ص105، والکامل لابن الأثیر: ج2 ص62. والدر المنثور للسیوطی: ج5 ص97. وتاریخ دمشق لابن عساکر: ج1 ص85 ح138 و140. وکن_ز العمال: ج15 ص113 ح323 و334 ط حیدر آباد،  والسیرة الحلبیة: ج1 ص286، وتاریخ أبی الفداء: ج1 ص119 ط القسطنطنیة، وشرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: ج13 ص210 ط مصر، وتاریخ الطبری: ج2 ص319-321 ط دار المعارف مصر، التفسیر المنیر لمعالم التنزیل: ج2 ص118، تفسیر الخازن لعلاء الدین الشافعی: ج3 ص371 و390 ط مصر، و…

إسحاق، وابن جریر، وابن أبی حاتم، والطبری فی الجزء الثانی من (تاریخ الأمم) (1)

وغیرهم..

وکان ذلک فی مبدأ الدعوة الإسلامیة قبل ظهور الإسلام بمکة بعد ما أنزل الله تعالی علیه: (وأنذر عشیرتک الأقربین)(2)، فدعاهم الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) إلی دار عمه أبی طالب (علیه السلام) وهم یومئذ أربعون رجلاً یزیدون رجلاً أو ینقصونه وفیهم أعمامه: (أبو طالب) و(حمزة) و (العباس) و (أبو لهب) .

وفی آخر الحدیث، قال (صلی الله علیه و آله و سلم) :«یا بنی عبد المطلب إنی والله ما أعلم شاباً فی العرب جاء قومه بأفضل مما جئتکم به، جئتکم بخیر الدنیا والآخرة، وقد أمرنی الله تعالی أن أدعوکم إلیه، فأیکم یؤازرنی علی أمری هذا، علی أن یکون أخی ووصیی وخلیفتی فیکم؟

فأحجم القوم عنها غیر علی (علیه السلام) وکان أصغرهم إذ قام فقال: أنا یا نبی الله أکون وزیرک علیه، فأخذ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) برقبته وقال: إن هذا أخی ووصیی وخلیفتی فیکم، فاسمعوا له وأطیعوا».

ص:152


1- تاریخ الأمم: ج2 ص217.
2- سورة الشعراء: 214 .

یوم الغدیر

وکان من ذلک: (یوم الغدیر) (1)، فقد روی حدیث الغدیر مائة وعشرون من

ص:153


1- انظر قصة الغدیر وتصریح النبی (صلی الله علیه و آله) بخلافة أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام) من بعده بألفاظ مختلفة وفی أحادیث متواترة رواها الأمینی فی (الغدیر) ƒ(رحمة الله) والیک بعض المصادر: صحیح ابن حبان: ج15 ص176 ط مؤسسة الرسالة بیروت، والمستدرک علی الصحیحین: ج3 ص118 و126 و613 ط دار الکتب العلمیة، ومسند أحمد: ج1 ص84 و88 و118 و119 و152 وج4 ص368 و370 ط مؤسسة قرطبة مصر، ومسند أبی یعلی: ج1 ص249 ط دار المأمون للتراث دمشق، وفضائل الصحابة لاحمد بن حنبل: ج2 ص572 و585 و586 و613 و682 و705 ط مؤسسة الرسالة بیروت، وفضائل الصحابة للنسائی: ج1 ص15 ط دار الکتب العلمیة بیروت، ومعجم ما استعجم: ج1 ص368 ط عالم الکتاب بیروت، وتفسیر ابن کثیر: ج2 ص15 ط دار الفکر، والأحادیث المختارة: ج2 ص80 و87 و105 و106 و173 و174 و274 وج3 ص213 ط مکتبة النهضة الحدیثة مکة المکرمة، وموارد الظمآن: ص544 ط دار الکتب العلمیة بیروت، ومجمع الزوائد: ج5 ص14 وج9 ص104 و105 و106 و107 و164 ط دار الریان للتراث القاهرة، والسنن الکبری للنسائی: ج5 ص45 و130 و132 و134 و135 و136 و154 ط دار الکتب العلمیة بیروت، ومعتصر المختصر: ج2 ص301 ط عالم الکتب بیروت، ومسند الشاسی: ج1 ص127 و166 ط المدینة المنورة، والمعجم الأوسط: ج2 ص257 و369 ط دار الحرمین القاهرة. ومسند البزار: ج2 ص133 و235 وج3 ص35 ط مؤسسة علوم القرآن بیروت. والمعجم الصغیر: ج1 ص119 ط المکتب الإسلامی بیروت، والمعجم الکبیر: ج2 ص357 وج4 ص16 وج5 ص166 و170 و171 و191 و192 و195 و204 ط الموصل، وأمالی المحاملی: ص162 ط الأردن، والسنة لابن أبی عاصم: ج2 ص607 ط المکتب الإسلامی بیروت، وفیض القدیر: ج6 ص218 ط مصر، والتاریخ الکبیر للبخاری: ج4 ص193 ط دار الفکر، وتهذیب التهذیب: ج7 ص296 وج8 ص106 ط دار الفکر بیروت، وتهذیب الکمال: ج11 ص99 وج20 ص484 وج22 ص398 وج33 ص283 ط مؤسسة الرسالة بیروت، وتاریخ بغداد: ج8 ص289 ط دار الکتب العلمیة بیروت، ومعجم الصحابة: ج1 ص199 ط المدینة المنورة، وصفوة الصفوة: ج1 ص313 ط دار المعرفة بیروت، والاستیعاب: ج3 ص1099 ط دار الجیل بیروت، والإصابة: ج3 ص592 و597 وج4 ص328 وج7 ص330 ط دار الجیل، ونزهة الحفاظ: ص102 ط مؤسسة الکتب الثقافیة بیروت، وتالی تشخیص المتشابه للخطیب البغدادی: ج1 ص130 ط الریاض، والعلل المتناهیة: ج1 ص226 ط دار الکتب العلمیة بیروت، وانظر تذکرة الحفاظ: ج2 ص713 ط الریاض، وسیر أعلام النبلاء: ج14 ص207 وص274 و277 ط مؤسسة الرسالة بیروت، و...

أصحاب الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) وأربعة وثمانون من التابعین، وتجاوز طبقات رواته من أئمة الحدیث ثلاثمائة وستین راویاً، وقد بلغ المؤلفون فی هذا الحدیث من علماء الشیعة والسنة أکثر من ستة وعشرین(1).

ومجمل القصة: أن الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) لما رجع من حجة الوداع وصل إلی موضع یقال له (غدیر خم) فأوقف الناس عن المسیر وصعد المنبر فی حرّ الظهیرة وخطب خطبة طویلة بمحضر أکثر من مائة ألف شخص(2)، وقال فی خطبته وهو آخذ بکف علی (علیه السلام) : (یا أیها الناس إن الله مولای وأنا مولی المؤمنین وأنا أولی بهم من أنفسهم، فمن کنت مولاه فهذا _ یعنی علیاً _ مولاه، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه، وإنی سائلکم حین تردون علیَّ عن الثقلین کیف تخلفونی فیهما، الثقل الأکبر کتاب الله عزوجل سببٌ طرفه بید الله تعالی وطرفه بأیدیکم فاستمسکوا به لا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتی أهل بیتی، فإنه قد نبأنی اللطیف الخبیر أنهما لن ینقضیا حتی یردا علی الحوض)، کما فی الصواعق المحرقة لابن حجر(3).

وذکر الإمام أحمد کما فی المسند(4): أن النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) أخذ بید علی (علیه السلام) فقال: (ألستم تعلمون أنی أولی بالمؤمنین من أنفسهم ؟ قالوا: بلی، قال: ألستم تعلمون

ص:154


1- الصواعق المحرقة: ص 25، ط القاهرة سنة 1332 ه_.
2- اختلف فی عدد من کان مع النبی (صلی الله علیه و آله) فی غدیر خم، قیل تسعون ألفا، وقیل مائة وأربعة عشر ألفا، وقیل مائة وعشرون ألفا، وقیل مائة وأربعة وعشرون الفا، وقیل أکثر من ذلک، أما الذین حجوا معه (صلی الله علیه و آله) فأکثر من ذلک، راجع تذکرة الخواص للسبط ابن الجوزی الحنفی: ص30، والسیرة الحلبیة: ج3 ص257، والسیرة النبویة لزین دحلان بهامش السیرة الحلبیة: ج3 ص3، والغدیر: ج1 ص9.
3- الصواعق المحرقة: ص43-44 ط مکتبة القاهرة ط2 عام 1965.
4- مسند أحمد بن حنبل: ج4، ص281 ح18502 ط مؤسسة قرطبة مصر.

أنی أولی بکل مؤمن من نفسه ؟ قالوا: بلی، فقال: من کنت مولاه فعلی مولاه، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه) قال: فلقیه عمر بعد ذلک فقال له: هنیئاً یا بن أبی طالب أصبحت وأمسیت مولی کل مؤمن ومؤمنة.

وقد روی الإمام الطبری فی کتابه (الولایة): (أن الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) أمر بعد ذلک أصحابه أن یسلموا علی علی (علیه السلام) بإمرة المؤمنین) ، ولذا کانت الصحابة تأتی إلیه (علیه السلام) ویقولون له: (السلام علیک یا أمیر المؤمنین) .

ثم هل یعقل أن الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) الذی کان أعقل الناس وأکثر الناس إحکاماً یترک أمته سدی بلا خلیفة وهو یرید أن یفارق الحیاة إلی لقاء ربه؟ وقد کان (صلی الله علیه و آله و سلم) یعیّن خلیفة لنفسه کلما أراد أن یخرج من المدینة لبضعة أیام، کما تجده فی مختلف التواریخ والسیر(1).

حدیث المنزلة

حدیث المنزلة وقد ذکره الإمامان (أحمد) و(النسائی) وغیرهما: أن الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) قال لعلی (علیه السلام) :«أما ترضی أن تکون منی بمنزلة هارون من موسی، إلا أنه لیس بعدی نبی»(2)، «إنه لا ینبغی أن أذهب، إلاّ وأنت خلیفتی»(3).

ص:155


1- وقد استخلف رسول الله (صلی الله علیه و آله) علیاً (علیه السلام) فی المدینة وخرج الی تبوک، وقال: (علی منی بمن_زلة هارون من موسی) انظر صحیح البخاری: ج5 ص129کتاب المغزی، باب غزوة تبوک، ط دار الفکر. وصحیح مسلم: ج3 ص360 کتاب الفضائل باب من فضائل علی بن أبی طالب. وصحیح الترمذی: ج5 ص301 ح3808. سنن ابن ماجة: ج1 ص42 ح115 و121. تاریخ الطبری: ج3 ص104، تاریخ دمشق: ج1 ح30 و125 و148-150 و251 و…
2- راجع الصفحة 130-131 من هذا الکتاب.
3- المستدرک علی الصحیحین: ج3 ص143 ط دار الکتب العلمیة بیروت، ومجمع الزوائد: ج9 ص120 ط دار الریان للتراث القاهرة، ومسند احمد: ج1 ص330 ط مؤسسة قرطبة مصر، والمعجم الکبیر: ج12 ص98 ط الموصل، والسنة لابن أبی عاصم: ج2 ص565 و566 ط المکتب الإسلامی بیروت، وفیها: (فقال له _ أی لعلی T _ نبی الله P أما ترضی أن تکون منی بمنزلة هارون من موسی إلا أنک لست بنبی إنه لا ینبغی أن أذهب إلا وأنت خلیفتی، قال وقال P له: أنت ولی کل مؤمن بعدی)

إلی غیرها وغیرها من الأدلة.

خلافة باقی الأئمة (علیهم السلام) من عترة الرسول (صلی الله علیه و آله)

اشارة

ثم إن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أخبر عن الله سبحانه بخلافة الأئمة الطاهرین من بعده (علیهم السلام) بقوله: (الخلفاء بعدی اثنا عشر)(1) کما رواه (أبو داود) و (مسلم) و(أحمد) وغیرهم.

وعیّن النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) أسماءهم فی مواطن عدیدة، کما فی (ینابیع المودّة) (2) عن الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) فی حدیث سأله شخص عن الأوصیاء من بعده، فقال: أخبرنی عن وصیک من هو؟ فقال (صلی الله علیه و آله و سلم) :

(إن وصیی علی بن أبی طالب، وبعده سبطای الحسن والحسین، تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسین، قال: یا محمد فسمّهم لی؟ قال (صلی الله علیه و آله و سلم) : إذا مضی الحسین فابنه علی، فإذا مضی علی فابنه محمد، فإذا مضی محمد فابنه جعفر، فإذا مضی جعفر فابنه موسی، فإذا مضی موسی فابنه علی، فإذا مضی علی فابنه محمد، فإذا مضی محمد فابنه علی، فإذا مضی علی فابنه الحسن، فإذا مضی الحسن فابنه الحجة محمّد المهدی).

ص:156


1- راجع الصفحة20-21  من هذا الکتاب.
2- راجع ینابیع المودة للقندوزی الحنفی، ص529 الباب السادس والسبعون فی بیان الأئمة الاثنی عشر بأسمائهم. وأیضاً فرائد السمطین: ج2ص132 الحدیث 431. وغایة المرام : ص743 الحدیث 57.

حدیث الثقلین

وقد أوصی الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) بالثقلین: الکتاب والعترة وأمر المسلمین باتباعهما، فی حدیث متواتر رواه الفریقان، حیث قال (صلی الله علیه و آله): (إنی تارک فیکم الثقلین: کتاب الله وعترتی أهل بیتی، ما إن تمسکتم بهما لن تضلوا بعدی أبدا)(1) .

وفی حدیث آخر قال (صلی الله علیه و آله): (إنی تارک فیکم خلیفتین کتاب الله حبل ممدود ما بین السماء والأرض _ أو ما بین السماء إلی الأرض _ وعترتی أهل بیتی وإنهما لن یتفرقا حتی یردا علی الحوض)(2).

وقال (صلی الله علیه و آله): (إنی تارک فیکم خلیفتین کتاب الله وأهل بیتی وإنهما لن یتفرقا حتی یردا علی الحوض جمیعا)(3).

وقال (صلی الله علیه و آله): (إنی خلفت فیکم اثنین لن تضلوا بعدهما أبدا کتاب الله ونسبی ولن یتفرقا حتی یردا علی الحوض) (4).

وقال (صلی الله علیه و آله): (إنی مقبوض وإنی قد ترکت فیکم الثقلین یعنی کتاب الله وأهل بیتی وإنکم لن تضلوا بعدهما) (5).

ص:157


1- للتفصیل راجع الصفحة 12 من هذا الکتاب.
2- مسند أحمد بن حنبل: ج5 ص181 ح21618 ط مؤسسة قرطبة بمصر. ومجمع الزوائد لأبی بکر الهیثمی: ج9 ص162 ط دار الریان للتراث، القاهرة. وفضائل الصحابة، لابن حنبل:  ج2 ص603 ط مؤسسة الرسالة بیروت.
3- مسند أحمد بن حنبل: ج5 ص189 ح21697 ط مؤسسة قرطبة بمصر.
4- مجمع الزوائد لأبی بکر الهیثمی: ج9 ص162 ط دار الریان للتراث، القاهرة.
5- مجمع الزوائد لأبی بکر الهیثمی: ج9 ص162 ط دار الریان للتراث، القاهرة.

حدیث السفینة

وقد شبه رسول الله (صلی الله علیه و آله) أهل بیته الأطهار بسفینة نوح (علیه السلام) وقال (صلی الله علیه و آله): (ألا إن مثل أهل بیتی فیکم مثل سفینة نوح، من رکبها نجا ومن تخلف عنها غرق) (1).

وقال (صلی الله علیه و آله): (النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بیتی أمان لأمتی من الاختلاف، فإذا خالفتها قبیلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبلیس)(2).

ص:158


1- راجع المستدرک علی الصحیحین: ج2 ص373 وج3 ص163 ط دار الکتب العلمیة بیروت. ومجمع الزوائد: ج9 ص168، وکفایة الطالب: ص378 ط الحیدریة، والمعجم الصغیر: ج2 ص22، ورشفة الصادی: ص79، وحلیة الأولیاء: ج4 ص306، والجامع الصغیر: ج2 ص132، ونور الأبصار: ص104 ط المیمنیة، والمناقب للمغازلی: ص132 ح174 _ 177. وعیون الأخبار لابن قتیبة: ج1 ص211، والفتح الکبیر: ج1 ص414 وج2 ص113، وشرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: ج1 ص73 ط مصر.
2- المستدرک علی الصحیحین: ج3 ص149. وانظر الصواعق المحرقة ص91 و140 ط المیمنیة، وإحیاء المیت للسیوطی بهامش الإتحاف: ص114، ومنتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد: ج5 ص93، وینابیع المودة: ص298 ط اسلامبول، وجواهر البحار للنبهانی: ج1 ص361 ط مصر.

فصل: التشیع فی نظر علماء السنة

اشارة

ص:159

التشیع و علماء السنة

اشارة

الإسلام ینص علی وجوب وحدة المسلمین، کما قال سبحانه: (إن هذه أمتکم أمة واحدة وأنا ربکم فاعبدون) (1).

فابتعاد المسلمین بعضهم عن بعض، خلاف ما أمر به الإسلام، وخلاف ما صرح به علماء السنة العظام قدیماً وحدیثاً..

وإلیک کلمات بعضهم:

العلامة الذهبی

فانظر إلی کلام العلامة الذهبی الذی هو من أعاظم العلماء ، إذ یقول فی میزان الاعتدال(2):

(فهذا _ أی التشیع _ کثر فی التابعین وتابعیهم مع الدین والورع والصدق فلو ردّ حدیث هؤلاء _ أی الشیعة _ لذهبت جملة الآثار النبویة).

وقد ذکر العلامة الأجلّ شرف الدین فی کتابه القیّم (المراجعات) (3) أسماء مائة من رجال الشیعة الذین أخذت عنهم العلماء فی کتب الحدیث وغیرها.

ص:160


1- سورة الأنبیاء: 92 .
2- میزان الاعتدال: ج1 ص5.
3- المراجعات: ص54 المراجعة رقم 16 ط دار العلوم بیروت.

الشیخ شلتوت

وقد اقتفی آثار أولئک السابقین من العلماء علماؤهم الحاضرون فی هذا الأمر، فهذا شیخ الجامع الأزهر السابق الأکبر الشیخ محمود شلتوت أفتی صریحا بأن:

(مذهب الجعفریة المعروف بمذهب الشیعة الإمامیة الإثنی عشریة، مذهب یجوز التعبد به شرعاً کسائر المذاهب، فینبغی للمسلمین أن یعرفوا ذلک وأن یتخلصوا من العصبیة بغیر الحق لمذاهب معیّنة) (1).

ص:161


1- وقد أکد علی ما أفتاه الشیخ الشلتوت، العدید من علماء السنة، وإلیک بعض أقوالهم _ علی ما ذکره مروان خلیفات فی کتابه (أکرمتنی السماء) _ : قال شیخ الأزهر الدکتور محمد محمد الفحّام : » الشیخ محمود شلتوت، أنا کنت من المعجبین به وبخلقه وعلمه وسعة اطلاعه وتمکنه من اللغة العربیة وتفسیر القرآن ومن دراسته لأصول الفقه، وقد أفتی بذلک _ أی جواز التعبد بمذهب الشیعة الإمامیة _ فلا أشک أنه أفتی فتوی مبنیة علی أساس فی اعتقادی « انظر:  (فی سبیل الوحدة الإسلامیة) للرضوی: ص8. وقال: » ورحم الله الشیخ شلتوت الذی التفت إلی هذا المعنی الکریم، فَخَلُد فی فتواه الصریحة الشجاعة، حیث قال ما مضمونه: بجواز العمل بمذهب الشیعة الإمامیة» المصدر: 59. وقال الداعیة الشیخ محمد الغزالی : » وأعتقد أنّ فتوی الأستاذ الأکبر الشیخ محمود شلتوت، قطعت شوطاً واسعاً فی هذا السبیل، واستئناف لجهد المخلصین من أهل السلطة وأهل العلم جمیعاً، وتکذیب لما یتوقعه المستشرقون، من أن الأحقاد سوف تأکل الأمة، قبل أن تلتقی صفوفها تحت رایة واحدة... وهذه الفتوی فی نظری، بدایة الطریق وأول العمل « .. » إنّ الشیعة یؤمنون برسالة محمد، ویرون شرف علی فی انتمائه إلی هذا الرسول، وفی استمساکه بسنته، وهم کسائر المسلمین، لا یرون بشراً فی الأولین ولا فی الآخرین أعظم من الصادق الأمین» (دفاع عن العقیدة والشریعة: ص257). وقال عبد الرحمن النجار مدیر المساجد فی القاهرة : » فتوی الشیخ شلتوت نفتی بها الآن حینما نُسأل بلا تقیید بالمذاهب الأربعة، والشیخ شلتوت إمام مجتهد رأیه صادف عین الحق. لماذا نقتصر فی تفکیرنا وفتاوانا علی مذاهب معینة وکلهم مجتهدون»، (فی سبیل الوحدة الإسلامیة، للرضوی: ص66). وقال الدکتور مصطفی الرافعی » هما المذهبان _ یقصد الإمامیة والزیدیة _ الوحیدان من مذاهب الشیعة اللذان یلتقیان مع مذاهب أهل السنة ویصح التعبد وفق أحکامهما « . » ولست أری ما یمنع من اعتماد المذهب الجعفری، إلی جانب المذاهب الأربعة» (إسلامنا:  ص32، 59). وقال حسن البنا : » اعلموا أنّ أهل السنة والشیعة مسلمون، تجمعهم کلمة لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله، وهذا أصل العقیدة، والسنة والشیعة فیه سواء وعلیه التقاؤهم، أمّا الخلاف بینهما فهو فی أمور من الممکن التقریب فیها بینهما) (ذکریات لا مذکرات، عمر التلمسانی:  ص249، مجلة العالم عدد 519:  ص40). وقال الأستاذ أحمد بک المصری _ أستاذ شلتوت وأبی زهرة : » والشیعة الإمامیة مسلمون، یؤمنون بالله ورسوله وبالقرآن وبکل ما جاء به محمد (صلی الله علیه و آله) .. وفی الشیعة الإمامیة قدیماً وحدیثاً فقهاء عظام جداً وعلماء فی کل علم وفن، وهم عمیقو التفکیر، واسعو الإطلاع، ومؤلفاتهم تعد بمئات الألوف، وقد اطلعت علی الکثیر منها « . وقال شیخ الأزهر سید محمد طنطاوی : » إنّ المسلمین سنة وشیعة مؤمنون بالله ونبیه، وإن اختلاف الآراء لا یقلل من درجة إیمان الأشخاص « (تاریخ التشریع الإسلامی). وقال الأستاذ محمود السرطاوی عمید کلیة الشریعة فی الجامعة الأردنیة وأحد کبار المفتین: » إننی أقول ما قاله سلفنا الصالح: الشیعة الإمامیة إخواننا فی الدین، لهم علینا حق الأخوّة، ولنا علیهم مثل مالهم علینا، ما یوجد بیننا وبینهم من اختلاف وجهات نظر، إنّما هی فی الفروع» المصدر السابق: ص90. وقال الأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود : » إنّ فی عقیدتی أنّ الشیعة هم واجهة الإسلام الصحیحة، ومرآته الصافیة، ومن أراد أن ینظر إلی الإسلام، علیه أن ینظر إلیه من خلال عقائد الشیعة ومن خلال أعمالهم، والتاریخ خیر شاهد علی ما قدّمه الشیعة من الخدمات الکبیرة فی میادین الدفاع عن العقیدة الإسلامیة. وانّ علماء الشیعة الأفاضل هم الذین لعبوا أدواراً لم یلعبها غیرهم فی المیادین المختلفة، فکافحوا وناضلوا وقدّموا أکبر التضحیات، من أجل إعلاء الإسلام ونشر تعالیمه القیمة وتوعیة الناس وسوقهم إلی القرآن» (فی سبیل الوحدة الإسلامیة).

ص:162

وهذا نص فتواه:

قیل لفضیلته:

إن بعض الناس یری أنه یجب علی المسلم لکی تقع عباداته ومعاملاته علی وجه صحیح أن یقلّد أحد المذاهب الأربعة المعروفة، ولیس من بینها مذهب الشیعة الإمامیة ولا الشیعة الزیدیة، فهل توافقون فضیلتکم علی هذا الرأی علی إطلاقه فتمنعون تقلید مذهب الشیعة الإثنی عشریة مثلا؟

فأجاب فضیلته:

1: إن الإسلام لا یوجب علی أحد من أتباعه، اتباع مذهب معین،بل نقول: إن لکل مسلم الحق فی أن یقلِّد بادی ذی بدء أیّ مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحیحا، والمدونة أحکامها فی کتبها الخاصة، ولمن قلّد مذهباً من هذه المذاهب أن ینتقل إلی غیره، أیّ مذهب کان، ولا حرج علیه فی شیء من ذلک.

2: إن مذهب الجعفریة المعروف بمذهب الشیعة الإمامیة الإثنی عشریة، مذهب یجوز التعبّد به شرعا، کسائر مذاهب أهل السنة، فینبغی للمسلمین أن یعرفوا ذلک، وأن یتخلصوا من العصبیة بغیر الحق لمذاهب معینة، فما کان دین الله وما کانت شریعته بتابعة لمذهب أو مقصورة علی مذهب، فالکل مجتهدون مقبولون عند الله تعالی، یجوز لمن لیس أهلا للنظر والاجتهاد تقلیدهم، والعمل بما یقررونه فی فقههم، ولا فرق فی ذلک بین العبادات والمعاملات.

                                                           التوقیع

                                                           محمود شلتوت

ص:163

نص الفتوی

اشارة

نص الفتوی التی أصدرها صاحب الفضیلة الأستاذ الأکبر الشیخ محمود شلتوت شیخ الجامع الأزهر فی شأن جواز التعبد بمذهب الشیعة الإمامیة:

                    /// یجعل هنا صورة الفتوی ///

ص:164

شیخ الأزهر

وهذا شیخ الجامع الأزهر الحالی یقول فی فتواه التی نشرتها مطبعة (دار البصری ببغداد) سنة (1385 ه_) فی کتاب (المؤتمر الإسلامی العراقی) ما نصه:

(فقد عملت منذ تقلیدی منصبی فی العام الماضی علی جمع کلمة المسلمین وإزالة ما بینهم من خلافات مذهبیة… وقد سرّنی أن یلبّی الدعوة (أی دعوة المؤتمر) علماء خمس وثلاثین دولة إسلامیة وفی مقدمتهم علماء العراق) .

ثم ذکر أنه تشرف برئاسته موسوعة فی الفقه تعدّ موسوعة فقهیة للمذاهب الإسلامیة بما فیها المذاهب الأربعة المعروفة ومذهب الزیدیة والشیعة الإمامیة.

مفتی الأردن

وقال الشیخ عبد الله القلقیلی المفتی العام لمملکة الأردن فی کلام له فی نفس المصدر السابق:

(وإن الذین قاموا فی مصر من العلماء والفضلاء بتألیف جمعیة للتقارب بین الفریقین، قد سلکوا بذلک سبیل الرشاد ونهجوا نهج السداد) .

ص:165

مصادر للتعرف علی الشیعة

ومن أراد التعرّف علی الشیعة وعلی أدلتهم فی الأصول والفروع، فهناک جمهرة کبیرة من الکتب مبذولة فی الأسواق لهذه الشؤون مثل کتاب:

(المراجعات)(1) .

و(الفصول المهمة)(2) .

و(الغدیر)(3) .

و(الذریعة)(4) .

و(شرح التجرید)(5) .

و(حق الیقین)(6) .

و(وسائل الشیعة)(7) .

و(جواهر الکلام)(8) .

ص:166


1- للمرحوم السید عبد الحسین شرف الدین (1290 _ 1377ه_).
2- للمرحوم السید عبد الحسین شرف الدین (1290 _ 1377ه_).
3- للعلامة الشیخ الأمینی ƒ(رحمة الله) ( _ 1390ه_) ویقع الکتاب فی أکثر من عشرین مجلداً، طبع منه أحد عشر مجلداً فی حیاة المؤلف.
4- (الذریعة إلی تصانیف الشیعة) للشیخ آقا بزرک الطهرانی ( _ 1389ه_) ویقع الکتاب فی خمسة وعشرین مجلداً.
5- للعلامة الحلّی (شرح استدلالی لکتاب: تجرید الاعتقاد للفیلسوف والحکیم الالهی خواجه نصیر الدین الطوسی).
6- للسید عبد الله شبّر (دراسة استدلالیة مسهبة فی اصول الدین عقلاً ونقلاً عن الکتاب والسنة) .
7- للشیخ الحر العاملی ویقع فی عشرین مجلداً (فی الحدیث الشریف).
8- للشیخ محمد حسن النجفی ،ویقع فی خمس وأربعین مجلداً (فی الفقه الاستدلالی).

و(المتعة)(1) .

و(أصل الشیعة وأصولها)(2) .

و(العقائد الإسلامیة)(3) .

و(علی من المهد إلی اللحد)(4) .

و(أعیان الشیعة)(5) .

و(عقائد الإمامیة)(6) .

وغیرها من الکتب الکثیرة جداً (7).

ص:167


1- لتوفیق الفکیکی (1321ه_ - ) (بحث فی مشروعیة الزواج المؤقت).
2- للشیخ محمد حسین کاشف الغطاء (فی حقیقة المذهب الشیعی: نقلاً وعقلاً وتاریخاً).
3- للامام السید محمد الشیرازی (بحث مبسط فی العقائد)، طبع عدة مرات.
4- للسید محمد کاظم القزوینی (سیرة الإمام علی (علیه السلام) ).
5- للعلامة السید محسن الامین العاملی، فی أکثر من عشرین مجلداً (عن حیاة علماء ورجال الشیعة).
6- للشیخ محمد رضا المظفر (عن المعتقدات الأساسیة لدی الشیعة).
7- کموسوعة الفقه للإمام الشیرازی، التی تقع فی أکثر من 150 مجلداً، وهی دراسة تفصیلیة فی الفقه الشیعی وأقوال علمائهم.

فصل: أسئلة وأجوبة

فصل(1)

أسئلة وأجوبة

حول الشیعة والتشیع

ص:168


1- هذا الفصل هو نص کتاب (هکذا الشیعة) للإمام الشیرازی (دام ظله) نقلناه بالنص تتمیماً للفائدة.

أسئلة وأجوبة

س: ما معنی کلمة (الشیعة)؟

ج: (الشیعة) من (المشایعة) بمعنی المتابعة.

س: لماذا سمیت (الشیعة) بهذا الاسم؟

ج: لأنهم یشایعون علیاً (علیه السلام) وأهل بیت الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) .

س: من سماهم ب_ (الشیعة)؟

ج: سماهم الرسول الأعظم محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) ، کما ورد فی کتب (السنة والشیعة)(1).

س: کم هم الشیعة؟

ج: أکثر من خمسمائة ملیون.

س: فی أی قطر یسکنون؟

ج: هم منتشرون فی کل البلاد الإسلامیة وغیر الإسلامیة، إلاّ أن معظمهم فی (العراق) و(إیران) و(لبنان) و(الهند) و(إندونیسیا) و (أفغانستان) و(ترکیا) وبلاد الخلیج: (الکویت) و(مسقط) و(البحرین) وغیرها...

س: هل لهم حکومة فعلاً باسمهم؟

ج: نعم.. حکومة إیران وغیرها..

س: هل کانت لهم فی التاریخ الماضی حکومات؟

ج: حکومات کثیرة جداً مثل (الصفویین) و(البویهیین) و(الحمدانیین)

ص:169


1- راجع الصفحة 27 من هذا الکتاب.

و(الإدریسیین) و(القاجار) و(الفاطمیین) (1) وغیرهم..

س: هل للشیعة علماء؟

ج: نعم.. عدد نجوم السماء، قدیماً وحدیثاً (2).

س: هل للشیعة کتب مطبوعة؟

ج: نعم... عدد الرمل والحصی والتراب (3).

ص:170


1- الصفویون: سلالة إسلامیة شیعیة فارسیة حکمت ایران (1501_1736م) مؤسسها شاه إسماعیل الأوّل (1501_1524م) ومن أعظم ملوکها شاه عباس الأوّل (1588_ 1629م) الذی عزز التجارة ورعی الفنون فبلغت الحرکة الفنیة الفارسیة أوجها فی عهده. (موسوعة المورد: الموضوع رقم 7776) · البویهیون: أسرة شیعیة فارسیة حکمت (932_1055م) سیطرت علی الجزء الغربی من ایران وعلی العراق، تنسب إلی (أبی شجاع بویه) ولکن مؤسسیها الحقیقیین هم أبناؤه الثلاثة: 1_ علی (الملقب بعماد الدولة) 2_ الحسن (الملقب برکن الدولة) 3_ أحمد (الملقب بمعز الدولة). (موسوعة المورد: الموضوع رقم 3308) · الحمدانیون: أسرة عربیة علویة بسطت سلطانها خلال القرن العاشر للمیلاد (905_ 1004م) علی الموصل وحلب والمناطق المحیطة بهما، مؤسسها (أبو الهجاء بن حمدان بن حمدون) أبرز أعلامهم: (سیف الدولة) أمیر حلب. (موسوعة المورد: الموضوع رقم 4823) · القاجار: أسرة مالکة حکمت ایران (1794_ 1925م) أول ملوکها (آقا محمد خان) وآخرهم (أحمد شاه) فی عهدها دخلت ایران فی مدار السیاسة الأوروبیة وخسرت باکو وجورجیا ومعظم أرمینیا الفارسیة بعد أن استولت علیها دولة القیاصرة فی روسیا. (موسوعة المورد: الموضوع رقم: 996) · الفاطمیون: سلالة إسلامیة شیعیة (909_ 1171م) حکمت شمال أفریقیا ومصر، أسسها (عبید الله المهدی) کانت المهدیة فی تونس عاصمة الفاطمیین ثم أصبحت القاهرة. (موسوعة المورد: الموضوع رقم: 8918)
2- راجع (طبقات أعلام الشیعة) للشیخ الطهرانی، وعشرات الکتب الأخری فی الرجال والاعلام الشیعیة.
3- راجع (الذریعة إلی تصانیف الشیعة) للشیخ آغا بزرک الطهرانی، و..

س: هل إنهم یتمکنون من أن یعیشوا مع سائر المسلمین، فی أخوَّة وألفة ووداد؟

ج: نعم.. والشواهد علی ذلک کثیرة، ففی کل من (بغداد) و(القاهرة) و(دمشق) و(بیروت) وغیرها... ما لا یحصی من الشیعة والسنة، وهم یعیشون إخوة.

س: هل للشیعة مدارس؟

ج: نعم.. بما لا یحصی، فی (النجف) و(کربلاء) و(الکاظمیة) و(سامراء) و(قم) و(خراسان) و(طهران) و(اصفهان) و (بیروت) و(شیراز) و(دمشق) وغیرها...

س: هل إنهم یکفّرون المسلمین؟

ج: هذا کذب وافتراء من الدسّاسین.

س: هل صحیح أنهم یکفّرون الصحابة ویلعنونهم؟

ج: هذا کذب وافتراء ودسّ، ولا یقوله إلا من یرید التفرقة.

س: هل صحیح أنهم یسجدون علی الصنم؟

ج: هذا کذب وتهمة، وإنما یجوّزون السجود علی (الأرض) و(ما ینبت منها) غیر ما یؤکل أو یلبس.

س: فی أیّ البلاد تکون المدارس العلمیة الدینیة للشیعة وأین مجمع علمائهم؟

ج: هی کثیرة جداً، ومن أشهرها: (النجف الأشرف) و(کربلاء المقدسة) و(قم) و(خراسان)(1).

ص:171


1- النجف الأشرف: مدینة فی وسط العراق تقع غربی نهر الفرات مباشرة، وفیها ضریح الإمام علی (علیه السلام) ومن هنا اعتبرت أولی العتبات المقدسة فی العراق. کربلاء المقدسة : مدینة فی وسط العراق تقع علی 88کیلو متراً إلی الجنوب الغربی من العاصمة بغداد، استشهد فیها سید الشهداء الحسین بن علی (علیه السلام) فی العاشر من محرم سنة 61 للهجرة (العاشر من اکتوبر سنة 680للمیلاد) وبها ضریحه (علیه السلام). قم المقدسة: مدینة فی الجزء الشمالی الغربی من وسط ایران تقوم فیها وفی جوارها اضراحة أربعمائة من الأولیاء وعلی رأسهم السیدة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسی بن جعفر (علیه السلام). خراسان: مقاطعة شاسعة أو ولایة کبیرة تقع فی آسیا الصغری موزعة علی ثلاثة دول حسب خریطة الیوم، فی مرکزها مدینة (طوس) أو (مشهد الإمام الرضا (علیه السلام) ) وقد یطلق علیها _ أیضاً _ خراسان تسمیة الکل علی الجزء... ومدینة (مشهد المقدسة) هذه تضم ضریح الإمام الرضا (علیه السلام) (148_ 203ه_) وکانت منذ القدیم ولا زالت مرکزاً للتعلیم والتربیة الدینیة وفیها کثرة من علماء الدین والمراجع، کما فیها المدارس ومعاهد التعلیم والمکتبات والحوزات الدینیة... یؤمها سنویاً ملایین المسلمین سنة وشیعة من انحاء العالم لزیارة قبر الإمام الرضا (علیه السلام) ومراجعة علماء الدین فی شؤونهم الدینیة. وهذه المدن الأربعة، تشتمل علی اضخم الحوزات العلمیة الشیعیة منذ مئات السنین وبعضها اکثر من ألف سنة.

س: کیف یمکن الاتصال بالشیعة لتحصیل المعلومات منهم؟

ج: بمراجعة البلاد المذکورة، وغیرها (1).

ص:172


1- لا یخفی ان هذه العناوین المذکورة قدیمة وربما تغیر بعضها أما الیوم فیمکن الاتصال بآلاف بل بعشرات الألوف من المراکز الشیعیة فی مختلف بقاع العالم من دون استثناء، وعبر الانترنیت أیضا، منها: _ مکتبة الإمام الرضا (علیه السلام) ، مشهد ایران _ مکتبة المرعشی النجفی، قم ایران _ الحوزة العلمیة فی مشهد ایران _ الحوزة العلمیة فی قم المقدسة ایران _ الحوزة العلمیة فی اصفهان ایران _ الحوزة العلمیة فی النجف الأشرف العراق _ الحوزة العلمیة فی کربلاء المقدسة العراق _ مکاتب العلماء ومراجع التقلید فی قم المقدسة ایران _ مکاتب العلماء ومراجع التقلید فی مشهد ایران _ مکاتب العلماء ومراجع التقلید فی لبنان _ مکاتب العلماء ومراجع التقلید فی سوریة / السیدة زینب (علیها السلام) _ الحوزة العلمیة الزینبیة فی دمشق _ مکاتب العلماء ومراجع التقلید فی لندن _ مکاتب العلماء ومراجع التقلید فی الکویت _ مساجد وحسینیات ومراکز الشیعة فی کل بقعة من بقاع العالم. ویمکن تحصیل هذه العناوین وغیرها عبر الانترنیت وما أشبه، کما یمکن مراجعة علماء الشیعة فی ذلک. اما ما ذکره الإمام الشیرازی للمراسلة فکالتالی: العراق النجف الأشرف : مکتبة الإمام الحکیم النجف الأشرف : مکتبة الإمام الشاهرودی النجف الأشرف : مکتبة الإمام الخوئی النجف الأشرف : مکتبة الإمام الشیرازی النجف الأشرف : کلیة الفقه النجف الأشرف : مکتبة الإمام أمیر المؤمنین (علیه السلام) النجف الأشرف : جامعة النجف النجف الأشرف : مدرسة الإمام البروجردی کربلاء المقدسة : رابطة النشر الإسلامی کربلاء المقدسة : مکتب منابع الثقافة الإسلامیة کربلاء المقدسة : لجنة الثقافة الدینیة کربلاء المقدسة : مدرسة حفّاظ القرآن الحکیم کربلاء المقدسة : مؤسسة الأعلمی للمطبوعات الإسلامیة بغداد : مکتبة الخلانی العامة الکاظمیة : مکتبة الجوادین سامراء : مدرسة الإمام الشیرازی ایران قم : مکتب إسلام قم : مکتبة الإمام الشریعتمداری قم : مکتبة الإمام الکلبایکانی قم : مکتبة الإمام النجفی خراسان : مکتبة الإمام المیلانی خراسان : مکتبة الإمام القمی طهران : مکتبة الإمام الخونساری لبنان بیروت : مکتبة الحجة الشیخ محمد جواد مغنیة صور : مکتبة الحجة السید موسی الصدر بعلبک : مکتبة الحجة الشیخ إبراهیم         مضافاً إلی: دمشق سوریا : المدرسة المحسنیة. لکنهو الهند: مدرسة الواعظین. کراتشی الباکستان: مکتبة الحجة الشیخ محمد شریعت القاهرة مصر: دار التقریب بین المذاهب الإسلامیة. إلی غیرها مما لا تعد ولا تحصی..

ص:173

س: لماذا تسمی (الشیعة) ب_ (الجعفریة)؟

ج: لأن الإمام (جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام) ) وهو سادس أئمة أهل البیت (علیهم السلام) قد نشر من علوم القرآن والرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) مقداراً کبیراً، حتی أن معظم الأحادیث الموجودة عند الشیعة فی مختلف أبواب الفقه والتفسیر والمعارف، قد ورد من هذا الإمام الهمام(1).

س: ما هی اعتقادات الشیعة؟

ج: تعتقد الشیعة بأصول ثلاثة.

س: ما هی تلک الأصول؟

ص:174


1- کما أن بعضاً من رؤساء المذاهب الإسلامیة الأخری تتلمذوا عند الإمام جعفر الصادق (علیه السلام) : قال أبو حنیفة: (لولا السنتان لهلک النعمان)، یشیر الی تلمذته علی الإمام الصادق (علیه السلام) سنتین. وقال مالک بن أنس: (ما رأت عین ولا سمعت أذن ولا خطر علی قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد فضلاً وعلماً وعبادة وورعاً وکان کثیر الحدیث طیب المجالسة، کثیر الفوائد). راجع المجالس السنیة: جزء 5، ص462و463. نقلاً عن حیاة الإمام الصادق (علیه السلام) : ص93.

ج: هی :

1: المبدأ ولوازمه

2: الرسالة وتوابعها

3: المعاد وشؤونه.

س: ما هو تفصیل اعتقاد الشیعة حول المبدأ؟

ج: تعتقد الشیعة: بأن للکون إلهاً، خالقاً، رازقاً، محییاً، ممیتاً، عالماً، قادراً، حیّاً، مریداً، مدرکاً، قدیماً، أزلیاً، متکلماً، صادقاً، لیس بمرکّب، ولا بجسم، ولابمرئی، ولا بمحل للحوادث، لا شریک له، وهو عادل فی أفعاله، وفی أوامره، وفی خلقه:[وما ربک بظلاّم للعبید](1).

س: ما هو تفصیل اعتقاد الشیعة حول الرسالة؟

ج: تعتقد الشیعة: بأن الله تعالی أرسل إلی البشر أنبیاء لیرشدوهم من الضلالة، وینقذوهم من الجهالة ویهدوهم إلی الحق وإلی صراط مستقیم، وعددهم کثیر جداً، أوّلهم (آدم) أبو البشر (علیه السلام) ، وآخرهم نبی الإسلام (محمد بن عبد الله (صلی الله علیه و آله و سلم) )، وأن (موسی) و(عیسی) و(نوح) و(إبراهیم) وغیرهم من الأنبیاء الذین ذکروا فی القرآن الکریم، أو فی السنة المطهرة، کلهم من عند الله، وأنهم معصومون، وأنهم أدّوا رسالات ربهم کاملة غیر منقوصة.

س: ما هو عقیدة الشیعة فی (الإمامة)؟

ج: تعتقد الشیعة بأن الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) عیّن _ بأمر الله تعالی _ لنفسه اثنی عشر خلیفة، وسمّاهم بأسمائهم، وهم معصومون کالنبی (صلی الله علیه و آله و سلم) عن کل خطأ وزلة، کما قال تعالی فی شأن نبیه: [وما ینطق عن الهوی * إن هو إلاّ وحی یوحی](2).

س: من هم الأئمة خلفاء الرسول؟

ص:175


1- سورة فصلت: 46.
2- سورة النجم: 3و4.

ج: هم :

1. علی أمیر المؤمنین (علیه السلام)

2. الحسن (علیه السلام)

3. الحسین (علیه السلام)

4. علی بن الحسین (علیه السلام)

5. محمد الباقر (علیه السلام)

6. جعفر الصادق (علیه السلام)

7. موسی الکاظم (علیه السلام)

8. علی الرضا (علیه السلام)

9. محمد الجواد (علیه السلام)

10. علی الهادی (علیه السلام)

11. الحسن العسکری (علیه السلام)

12. محمد المهدی (علیه السلام).

وهذه الأسماء وکونهم خلفاء الرسول (صلی الله علیه و آله)، بنص من الرسول (صلی الله علیه و آله)، موجودة فی کتب (السنًّة) (1).. کما هی موجودة فی کتب (الشیعة)(2).

س: أین مدفن هؤلاء الأئمة؟

ج: الإمام علی (علیه السلام) فی النجف _ العراق.

ص:176


1- راجع الصفحة 22 من هذا الکتاب.
2- فمثلاً انظر بحار الأنوار: ج36 ص283 ب41 ح106. والصراط المستقیم: ج2 ص144، وفیه: قال رسول الله (ص): (وصیی علی بن أبی طالب ، وبعده سبطای الحسن والحسین، تتلو تسعة من صلب الحسین ائمة ابرار، فاذا مضی الحسین فابنه علی، فاذا مضی فابنه محمد، فاذا مضی فابنه جعفر، فاذا مضی فابنه موسی، فاذا مضی فابنه علی، فاذا مضی فابنه محمد، فاذا مضی فابنه علی، فاذا مضی فابنه الحسن، فاذا مضی فالحجة بن الحسن).

الإمام الحسن، وعلی بن الحسین، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق (علیهم السلام) : المدینة المنورة _ الحجاز.

الإمام الحسین (علیه السلام) : کربلاء _ العراق.

الإمام  موسی الکاظم ومحمد الجواد (علیهما السلام): الکاظمیة _ العراق.

الإمام علی الرضا (علیه السلام) :خراسان _ ایران.

الإمام علی الهادی، والحسن العسکری (علیهما السلام): سامراء _ العراق.

س: هل لهؤلاء الأئمة (علیهم السلام) مرقد یزار؟

ج: نعم.. رفع المسلمون للأئمة (علیهم السلام) أضخم القباب وبنوا حول قبورهم أضخم الأبنیة، ویزارون بالملایین سنویاً.

س: ما هو اعتقاد الشیعة حول الإمام المهدی (علیه السلام) ؟

ج: إن الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) أخبر بأن (المهدی (علیه السلام) ) یبقی حیّاً حتی یظهر _ بعد غیبة طویلة _ لیملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً، کما هو موجود فی کتب(السنة) (1) وکتب (الشیعة) (2).

س: هل صحیح أن الشیعة تغلو فی هؤلاء الأئمة؟

ج:کلا، وإنما تعتقد الشیعة: أنهم عباد لله سبحانه، وخلفاء لرسوله.

س: ما هو اعتقاد الشیعة حول فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ؟

ج: اعتقادهم: أنها صدیقة طاهرة نزلت فی شأنها وشأن أبیها وبعلها وبنیها

(آیة التطهیر)(3).

س: ما هو اعتقاد الشیعة حول القرآن؟

ص:177


1- راجع الصفحة 65-66 من هذا الکتاب.
2- راجع کتاب (کمال الدین)، و(الغیبة) و(بحار الأنوار)، مجلد حیاة الإمام الحجة (علیه السلام).
3- قوله تعالی فی سورة الأحزاب: 33 [إنما یرید الله لیذهب عنکم الرجس أهل البیت ویطهرکم تطهیرا]. للتفصیل راجع الصفحة 67-68 من هذا الکتاب.

ج: اعتقاد الشیعة: أن القرآن کلام الله المنزل علی نبیه بقصد الإعجاز والتحدی، وأنه الکتاب الذی لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه، ونعتقد أنه مصدر الأحکام، وأنه لم یزد فیه ولم ینقص أبدا وهو مصون من التحریف(1)، قال تعالی: [إنا نحن نزلنا الذکر وإنا له لحافظون] (2).

س: ما هو اعتقاد الشیعة حول الإسلام؟

ج: اعتقاد الشیعة: أن الإسلام هو دین الأنبیاء جمیعاً، وإنما أکمل الرسالة نبی الإسلام محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) ، وأنه باق إلی یوم القیامة [ومن یبتغ غیر الإسلام دیناً فلن یقبل منه، وهو فی الآخرة من الخاسرین] (3).

س: ما هو اعتقاد الشیعة حول الجبر والتفویض؟

ج: اعتقاد الشیعة: أن الله سبحانه خلق الإنسان ورکّب فیه القوی، وأرشده إلی الخیر وبیّن له السبل، فمن عصی أو کفر کان من نفسه، ومن آمن واهتدی وأطاع کان بفضل الله وحسن اختیاره، کما ورد فی الحدیث : «لا جبر ولا تفویض، بل أمر بین الأمرین »(4).

س: ما هو اعتقاد الشیعة حول التقیة؟

ج: اعتقاد الشیعة هو ما بیّنه القرآن الحکیم بقوله :[إلاّ أن تتقوا منهم      تقاة](5) وقوله :[إلاّ من أُکره وقلبه مطمئن بالإیمان](6) .

فعلی الإنسان أن یعمل حسب قوانین الإسلام، إلا إذا کان هناک ضرر أو

ص:178


1- راجع کتاب (متی جمع القرآن؟) للإمام المؤلف.
2- سورة الحجر: 9.
3- سورة آل عمران: 85
4- الاحتجاج: ص451.
5- سورة آل عمران: 28.
6- سورة النحل: 106.

حرج، مما أباح الشارع خلاف ذلک، کما قال سبحانه : [یرید الله بکم الیسر ولا یرید بکم العسر](1)، وقال الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) : «لا ضرر ولا ضرار فی الإسلام»(2).

س: ما هو اعتقاد الشیعة حول الکفر والإسلام؟

ج: اعتقاد الشیعة:

إن (المسلم) هو من شهد الشهادتین:« أشهد أن لا إله إلا الله » و « أشهد أن محمداً رسول الله » والتزم بأحکام الإسلام التی جاء بها النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) من عند ربّه، وإن هذا الشخص محقون دمه، محفوظ ماله وعرضه، طاهر، له ما للمسلمین وعلیه ما علیهم.

وأن (الکافر) هو من أنکر إحدی الشهادتین، أو ضروریاً من ضروریات الإسلام، مما علم انه من دین النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) .

س: ما معنی العصمة؟

ج: معنی العصمة أن الشخص یکون منزّهاً من المعاصی کبیرها وصغیرها إطلاقاً.

س: من هم المعصومون عند الشیعة؟

ج: هم الأنبیاء، والأئمة، والصدیقة الطاهرة فاطمة الزهراء، والملائکة (صلوات الله علیهم أجمعین) کما قال سبحانه بالنسبة إلی الملائکة [لا یعصون الله ما أمرهم ویفعلون ما یؤمرون ](3).

س: ما هو تفصیل اعتقاد الشیعة حول المعاد؟

ج: اعتقاد الشیعة، أن الإنسان إذ خرجت منه الروح لا یبطل ولا یفنی _ کما

ص:179


1- سورة البقرة: 185.
2- دعائم الإسلام: ج2 ص499 ح1781.
3- سورة التحریم: 6.

یقول بذلک الدهریون _ وإنما ینتقل من هذا العالم إلی عالم آخر یسمی : (برزخاً).. وأن القبر روضة من ریاض الجنة لمن آمن وأطاع، وحفرة من حفر النیران لمن کفر وعصی.. وأن الله سبحانه یعید هذه الأبدان فی یوم القیامة، ویحاسبهم، فمن کان محسناً جزاه بجنّات النعیم، ومن کان مسیئاً ألقاه فی درکات الجحیم، وهناک: (الصراط) و(المیزان) و(الکتب) و(الحوض) و(الجنة) و(النار)..

س: ما هو اعتقاد الشیعة حول الشفاعة(1)؟

ج: اعتقاد الشیعة أن الله سبحانه یأذن لمن شاء من الأنبیاء والأئمة والعلماء والشهداء والصلحاء وغیرهم، لیشفعوا بعض المذنبین، کما قال سبحانه: [ولایشفعون إلا لمن ارتضی](2) وقال النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) : «ادخرت شفاعتی لأهل الکبائر من أمّتی»(3).

س: ما هی العبادات التی تأتی الشیعة بها؟

ج: هی العبادات التی أمر بها الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) والأئمة (علیه السلام) وهی: (الطهارة) و(الصلاة) و(الزکاة) و(الصوم) و(الاعتکاف) و(الحج) و(الجهاد) و(الخمس) و(الأمر بالمعروف) و(النهی عن المنکر).

س: هل هناک اختلافات جوهریة بین (الشیعة) و (السنة) فی أداء هذه

العبادات؟

ج: لا اختلافات جوهریة بین (الشیعة) و(السنة) فی هذه العبادات، وإنما الاختلافات الموجودة إنما هی فی مسائل فقهیة فرعیة، کما یوجد مثل هذه الاختلافات بین (الحنفیة) و(الشافعیة) و(الحنبلیة) و(المالکیة).

ص:180


1- للتفصیل أنظر الصفحة 76 من هذا الکتاب.
2- سورة الأنبیاء: 28.
3- نزهة النواظر وتنبیه الخواطر: ج1 ص299.

س: هل تواظب الشیعة علی العبادات؟

ج: إن الشیعة من أشد المسلمین مواظبة علی جمیع أقسام الطاعة

والعبادة:

فمساجدهم من أهم الأبنیة وأنظفها، وصلوات الجماعة تقام فیها فی الأوقات الثلاثة بجمعیات هائلة، والأذان والإقامة یخترقان الأجواء فی أوقات الصلاة..

ویواظبون علی الصیام فی شهر رمضان أشد مواظبة.

والحج یأتی إلیه کل مستطیع، ولذا یشکلون کمیة کبیرة، نسبتها إلی مجموعهم أکثر من نسبة الحجاج من سائر المسلمین إلی مجموعهم.

 أما الخمس والزکاة فأداؤهم إلیهما بنسبة عالیة جداً، حتی أن علماء الشیعة وطلابهم الذین ینوفون علی مئات الألوف یرتزقون من هذه الحقوق، ولذا لا یقبلون الرواتب من الدول إطلاقاً، وکذلک بالنسبة إلی سائر مشاریعهم من المدارس الدینیة، والمساجد والحسینیات، وطبع الکتب، والهیئات التبلیغیة، ومدارس حفظ القرآن الحکیم، وغیرها..

أما الجهاد فصفحة الشیعة من أنصع الصفحات فی التاریخ، فقد جاهدوا طول الخط وبالأخص مع المستعمرین الذین دخلوا البلاد بعد سقوط الدولة الإسلامیة، حتی ضحوا بکل ما لدیهم فی سبیل الله، وسبیل إبقاء الإسلام، فی قضایا مفصلة ذکرتها التواریخ..

وأما الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، فهم یواظبون علیهما، لیل نهار، وفی المحاضر، وعلی ذروة المنابر، وفی الصحف والکتب، بما لا یتصور فوقه..

أما السنن من النوافل، وصیام الأیام المندوب، والاعتکاف، والصدقات، والأوقاف، والمبرّات، والطاعات، وسائر العبادات، فحدّث عنها ولا حرج.

س: ما هی الأحکام التی تعمل بها الشیعة فی سائر أبواب المعاملات والجنایات وغیرها؟

ص:181

ج: الفرق بین (الشیعة) و(السنة) فی سائر الأحکام الفقهیة، إنما هو کالفرق بین المذاهب المختلفة من (السنة)، ف_ (البی_ع) و(الش_راء) و(الره__ن) و(الإجارة) و(الطلاق) و(النکاح) و(المزارعة) و(المساقات) و(الضمان) و(الودیعة) و(العاریة) و(الخلع) و(المبارات) و(العدة) و(الصید) و(الذباحة) و(الأطعمة) و(الأشربة) و(أحکام الأرضین) و(القضاء) و(الشهادة) و(الحدود) و(القصاص) و(الدیات) وغیرها... کلها مأخوذة عن الکتاب والسنة، لا یجوز غیر ذلک عندهم.

س: النکاح المنقطع هل یصح عند الشیعة؟

ج: نعم یصح، ودلیلهم فی ذلک الکتاب والسنة، کما هو مشروح مفصلا فی کتاب (المتعة)(1).

س: ما هو رأی الشیعة فی الأمور الحادثة فی الحضارة الجدیدة؟

وهل أن القوانین الإسلامیة تتغیر بالنسبة إلی الظرف الحاضر تمشیاً مع هذه المدنیة أم لا ؟

ج: رأی الشیعة أن الإسلام لیس بناقص حتی یحتاج إلی استیراد الأنظمة والقوانین من بلاد الغرب أو الشرق، وإنما القوانین الإسلامیة مرنة قابلة للتطبیق فی کل زمان ومکان وأمّة وجیل، فهو الدین الکامل الذی لا یحتاج إلی غیره إلی الأبد، فالاقتصاد، والسیاسة، والاجتماع، والثقافة، والتجارة، والزراعة، والعمارة، والصناعة، واستخراج المعادن، والملاحة البحریة والجویة، والعائلة، والبیت، والمدرسة، والمعمل، والحرب، والسلم، والمعاهدات الدولیة، وسائر الشؤون التی یحتاج إلیها الفرد والجماعة، من ابتداء وجوده إلی أن یقبر.. کلها متکاملة فی الإسلام بأحسن

ص:182


1- راجع أیضا موسوعة الفقه کتاب النکاح: ج65 ص211_392، وکتاب (المتعة) لتوفیق الفکیکی، ومؤلفات أخری فی هذا الموضوع. وانظر أیضاً ما مر فی هذا الکتاب صفحة 71-72.

نظام..

وأنه لو أخذت الأمم بالإسلام فی جمیع شؤون حیاتهم سعدوا

أجمعین..

والکتب التی کتبت الشیعة لتجلی هذا الجانب من الحیاة المتحضرة الفعلیة، کثیرة ومنتشرة فی کل مکان.

وبالجملة إنهم یرون وجوب تطبیق الإسلام فی جمیع مجالات الحیاة، کما بیّن الله ورسوله والأئمة (علیهم السلام) ، وکما هو مذکور فی الکتاب والسنة.

س: ما هی الفضائل والرذائل عند الشیعة؟

ج: إن الفضائل هی الصفات الحمیدة والملکات والأعمال الحسنة، مما ندب إلیها الإسلام إیجاباً أو ترغیباً، والرذائل عکسها…

فالفضائل هی: الصدق، الأمانة، الوفاء، صلة الرحم، الحیاء، الشجاعة، السخاء، الغیرة، العدل، التقوی، الورع، الزهد، النظافة، بر الوالدین، العلم، الحلم، الصبر، القناعة، الإخلاص، المواساة، حسن العشرة، لین الکلام، العفو، الإغماض، الألفة، الإصلاح، الإرشاد، الإحسان، تفقد المحتاجین، المداومة علی العمل الصالح، وغیرها..

والرذائل هی: الکذب، الخیانة، النکث، الوقاحة، الجبن، البخل، عدم الغیرة، الظلم، عدم المبالاة، الوساخة، الجهل، العجلة، الطمع، الحرص، الجشع، الریاء، العجب، السمعة، الاستیثار، الخرق، خشونة الکلام، الانتقام، الافساد، السرقة، التبرج، السفور، الخلاعة، الفسوق، الفتنة، الغرور، السب، قطیعة الرحم، عقوق الوالدین، الإیذاء، وغیرها...

ص:183

خاتمة

إن الإسلام نظام حیاة کامل وشامل أسعد البشریة قروناً، ثم حصروه عقیدةً فی الأذهان، ولکن فی الفترة الأخیرة توالت بشائر تشیر إلی قرب عودة الإسلام نظام حیاة، فقد تعب المسلمون من التفرقة الطائفیة، وتعبوا من تجربة المبادئ والأفکار، ولم یبق أمامهم إلا:

1: توحید الطوائف الإسلامیة تحت لواء «کتاب الله وعترة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ».

2: انتشار الإسلام _ فی صیغته العملیة _ فی الأرض.

وعندئذ یکون الخلاص من الحروب والقلق والفراغ والبطالة ویکون التقدّم فی جمیع المجالات.

ونحن الیوم أحوج ما نکون إلی الأُلفة والتفاهم، فمن الضروری لمن یؤمن بالله والیوم الآخر، ویتخذ القرآن منهجا، والسنة دستوراً، أن یجاهد لرفع هذه الخلافات، لتجری المیاه فی مجاریها، ولیعود إلی المسلمین ما فقدوه من ائتلاف ووحدة، وإلا کنا [کالتی نقضت غزلها من بعد قوة أنکاثا](1).

لقد نکب الإسلام بنکبات وکاد له الکفار علی طول الخط، منذ بعثة الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله و سلم) ، ولعل من أعظمها غزو المغول لبلاد الإسلام.

لکن الإسلام حطّم کل کید ومکر ومشی إلی الأمام وإلی الأمام بخطوات کبیرة وثابتة حتی صار هذا القرن المظلم.. وقویت دولة الکفر وضعفت قوة المسلمین وإذا بالکفار یهاجمون بلاد الإسلام من جدید مهاجمة فکریة ومادیة یریدون استئصال جذور الإسلام وردّ الأمة الإسلامیة إلی أعقابهم القهقری.

وهذه المحالفة التی نجدها بین الصلیبیة والصهیونیة لیست إلا جزءً من المخطط

ص:184


1- سورة النحل: 92.

العام الذی خطّطه الکفار منذ عشرات السنوات للإجهاز علی الإسلام وبلاد المسلمین، کل ذلک والمسلمون فی رقدة طویلة ونوم عمیق کأنّ الأمر لا یعنیهم وکأنهم لیسوا(خیر أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنکر)(1) .

فمرارة اغتصاب القدس الشریف وسائر البلاد المحتلة فی أفواهنا، فلننهض لتوحید الصفوف ول_مّ الشعث وجمع الکلم لنردّ الاعتداء ونستردّ الکرامة والسیادة (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ریحکم)(2)..

ومن أحسن الفرص الإسلامیة للتعارف والتعرّف ورتق الفتق وشعب الصدع والتفاهم هو الحج، (لیشهدوا منافع لهم)(3).

کی لا یستغلّ المأجورون وعملاء الکفار الموقف وینفثوا بأقلامهم وألسنتهم الملتویة ویسببوا التفرقة بین المسلمین بما یلفقونه من الأکاذیب والأباطیل(4).

ص:185


1- سورة آل عمران: 110 .
2- سورة الأنفال: 46 .
3- سورة الحج: 28 .
4- وبما أن هذه الکراسات کانت توزع فی الحج، فقد أشار الإمام المؤلف فی إحداها إلی ما ینبغی الاهتمام به فی تلک البلاد المقدسة، وهذا نصه: ویلزم علی کافة المسلمین أن یخدموا مهابط الوحی والتنزیل خدمات تلیق بها، وهی تنقسم إلی الخدمات المعنویة والمادیة وهی: أ: إعطاء الحریات لکافة المسلمین لیؤدوا الشعائر حسب اجتهاداتهم الإسلامیة، والتی منها السماح لإقامة الجماعة فی الحرمین الشریفین. ب: بناء القباب الفخمة علی أضرحة الأئمة الطاهرین (علیه السلام) وأقرباء الرسول (صلی الله علیه و آله) الأقربین وصحابته الأخیار والذین اتبعوهم بإحسان. ج: نصب سفینة من نور أو ما أشبه فوق الکعبة المشرفة بمسافة عالیة جداً تشعّ إلی أکبر دائرة ممکنة لیری أهل البلدان مکان الکعبة فی اللیل من أبعد المسافات الممکنة. د: فتح أبواب البلاد طول السنة لکل من یرید الحج أو العمرة أو الزیارة، والسماح لکل من یرید السکن فی تلک البلاد سواء العاکف فیه والباد. ه_: نشر ملایین الکتب والخرائط والنشرات والصور والأشرطة بمختلف اللغات لتعریف العالم بالإسلام ودعوتهم إلیه. و: تنظیم المؤتمرات الدائمة لکافة المسلمین والسماح لهم لإبداء آرائهم لاتخاذ القرارات حول شؤونهم الدینیة والدنیویة.. وإلی الخدمات المادیة، التی منها: أ: بناء طبقات حول الکعبة المشرفة والمسعی والجمرات لتسهیل الطواف والسعی والرمی. ب: بناء البنایات فی عرفات والمشعر ومنی لسکن الحجاج. ج: تنظیم السیر تنظیماً دقیقاً وتوفیر کافة وسائل الراحة للحجاج. د: تعلیب لحوم الأضاحی والاستفادة من سائر أجزائها.

وهذا الکتاب محاولة متواضعة للتعریف بالإسلام من وجهة نظر الشیعة، مع مقدمة تُعرّف الشیعة إلی الرأی العام العالمیّ، مساهمة فی تقریب وجهات النظر وتمهیداً لعودة الإسلام إلی الحیاة.

وهو مختصر مجمل فی هذا الباب، ومن أراد التفصیل فلیرجع إلی علماء الشیعة وکتبهم، لیرشدوه إلی ذلک.

أما ما یبثّه الجاهلون والمغرضون حول (الشیعة) فلیست له قیمة، بعد أن عرف العالم زیفه، وعرف أنهم لا یریدون من وراء ذلک إلا إیجاد الفرقة لمنفعة الذین أسسوا حضارتهم علی قاعدة (فرّق تسد)..

وإلا فما المبرّر لتحریف الأحادیث التی یروونها عن الشیعة؟  وما المبرّر للاتهامات الواضحة؟

وما المبرّر لجعل بعض الکتب والأقوال الضعیفة حجةً، والحال أن عند أولئک الجهال والمغرضین من أمثال هذه الکتب، وأبشع من الأقوال المنسوبة إلی الشیعة، أضعافاً مضاعفة؟

وإننی الیوم أکرّر ندائی إلی جمیع المسلمین بتوحید أمرهم وإزالة سوء التفاهم

ص:186

بینهم وعدم نبذ بعضهم بعضاً وعدم التراشق بالتهم، من أجل استعادة کل الأراضی الإسلامیة المغتصبة، مهما کانت الأسباب والوسائل لاغتصابها، وبکل الوسائل المشروعة التی یمکن استعادتها بها.

کما أهیب بشباب المسلمین الذین تستهویهم أنظمة الغرب أو الشرق أن یعلموا أن مجدهم فی الإسلام، وأنهم إذا اتبعوا الغرب أو الشرق لا یکونون إلا أیتاماً علی موائد اللئام.

فالشرق لا یعطی لأبنائه إلا (نصف الخبز فقط). وأن الغرب لا یعطی لأبنائه إلا (نصف الخبز ونصف الحریة) فکیف بغیرهم ؟

وأما الخبز الکامل والحریة التامة وإنسانیة الإنسان فهی فی الإسلام وفی الإسلام وحده.

والله سبحانه المسؤول أن یوفقنا جمیعاً لاتباع الحق والصراط المستقیم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمین.

                                              کربلاء المقدسة / الکویت(1)

                                              محمد بن المهدی الحسینی الشیرازی

ص:187


1- تم تألیف جزء من هذا الکتاب فی العراق / کربلاء المقدسة، والجزء الآخر فی الکویت.

الفهرس

کلمة الناشر.................................................... 5

المقدمة......................................................... 8

فصل: الشیعة فی سطور........................................ 15

بین الشیعة والسنة.............................................. 20

فصل: التعریف بالشیعة......................................... 25

فصل: الإسلام فی نظر الشیعة................................... 31

1. عقیدة الشیعة.............................................. 33

2: الشریعة عند الشیعة......................................... 36

الأحکام الخمسة.............................................. 37

مصادر الشریعة................................................ 38

الحکم فی الإسلام............................................. 39

القوة الإسلامیة................................................ 40

مصادر الثروة العامة............................................ 40

الحریة الإسلامیة............................................... 41

3: النظام الإسلامی عند الشیعة................................. 44

فصل: المعتقدات الشیعیة........................................ 57

التوحید....................................................... 59

النبوة......................................................... 59

الأنبیاء....................................................... 60

ص:188

الإسلام...................................................... 60

القرآن........................................................ 62

القبلة........................................................ 64

الإمامة....................................................... 64

الإمام المهدی المنتظر(عجل الله تعالی فرجه الشریف)„„....................................... 65

العصمة...................................................... 67

النبی (صلی الله علیه و آله) وعلم الغیب........................................... 68

التولی والتبری.................................................. 69

المعاد........................................................ 69

البداء........................................................ 69

الجبر والتفویض................................................ 69

التقیة........................................................ 70

نکاح المتعة .................................................. 70

السجود علی التربة ............................................ 72

الجمع بین الصلاتین............................................ 73

الشفاعة...................................................... 76

التوسل بالنبی وآله الأطهار (علیهم السلام) ................................... 77

زیارة المشاهد والتبرک بها........................................ 80

بناء الأضرحة.................................................. 84

زیارة القبور.................................................... 88

النساء و الزیارة................................................ 94

الصلاة فی البقیع............................................... 95

البکاء والعزاء علی الإمام الحسین (علیه السلام)............................. 96

لماذا السباب والتکفیر......................................... 100

الفرائض والأحکام الإسلامیة.................................. 101

ص:189

الأخلاق الإسلامیة........................................... 101

الأمة الواحدة................................................ 102

تطهیر البلاد من المنکرات..................................... 104

إعادة مجد الإسلام........................................... 104

الدعوة إلی الإسلام........................................... 105

إنهاض المسلمین.............................................. 105

فصل: حضارة الشیعة......................................... 107

التعداد العام ................................................ 109

الشیعة والتاریخ الإسلامی..................................... 110

الشیعة والعلوم الإسلامیة...................................... 112

فصل: خلفاء الرسول (صلی الله علیه و آله) ..................................... 115

جدول أسماء المعصومین والأئمة الطاهرین (علیهم السلام) ..................... 118

مختصر فی تاریخ الأئمة (علیهم السلام) ..................................... 119

بنت النبی (صلی الله علیه و آله)................................................ 120

الإمام الأول................................................. 123

من فضائل أمیر المؤمنین (علیه السلام).................................... 123

الإمام الثانی................................................. 135

الإمام الثالث................................................ 136

الإمام الرابع................................................. 138

الإمام الخامس............................................... 140

الإمام السادس............................................... 141

الإمام السابع................................................ 142

ص:190

الإمام الثامن................................................ 143

الإمام التاسع................................................ 145

الإمام العاشر................................................ 146

الإمام الحادی عشر.......................................... 146

الإمام الثانی عشر............................................ 147

اعترافات فی حق أئمة الشیعة.................................. 149

دور الأئمة الطاهرین (علیهم السلام) وشیعتهم.............................. 159

فصل: لماذا التشیع؟.......................................... 161

خلافة أمیر المؤمنین علی (علیه السلام).................................... 163

یوم الإنذار.................................................. 163

یوم الغدیر................................................... 165

حدیث المنزلة................................................ 167

خلافة باقی الأئمة (علیهم السلام) من عترة الرسول (صلی الله علیه و آله)...................... 168

حدیث الثقلین............................................... 169

حدیث السفینة.............................................. 170

فصل: التشیع فی نظر علماء السنة.............................. 171

العلامة الذهبی............................................... 173

الشیخ شلتوت............................................... 174

نص الفتوی................................................. 176

شیخ الأزهر................................................. 178

مفتی الأردن................................................. 178

ص:191

مصادر للتعرف علی الشیعة................................... 179

فصل: أسئلة وأجوبة حول الشیعة والتشیع........................ 181

خاتمة....................................................... 199

الفهرس..................................................... 203

وللمزید من التعرف علی المنابع الأصیلة

وتنویر الأفکار ومعرفة الحقائق

نهیب بمطالعة کتاب

(المراجعات)

للسید شرف الدین العاملی

وکتاب (لیالی بیشاور)

لسلطان الواعظین الشیرازی

ص:192

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.