سرشناسه : عسكري، سيدمرتضي، 1293 - 1386.
عنوان و نام پديدآور : من حديث النبي صلي الله عليه وآله: يكون هذه الامه اثناعشر قيما/ تاليف مرتضي العسكري.
مشخصات نشر : قم: مشعر، 1416 ق.= 1374.
مشخصات ظاهري : 40 ص.
فروست : علي مائده الكتاب والسنه؛ 6.
شابك : 800 ريال
وضعيت فهرست نويسي : برونسپاري
يادداشت : عربي.
يادداشت : كتابنامه به صورت زيرنويس.
عنوان ديگر : يكون لهذه الامه اثناعشر قيما.
موضوع : ائمه اثناعشر -- احاديث
رده بندي كنگره : BP36/5 1374 /ع 5م 8
رده بندي ديويي : 297/95
شماره كتابشناسي ملي : م 81-48097
ص: 1
ص: 2
ص: 3
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى» (النجم/ 3 و 4)
«وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلَ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ» (الحاقة/ 44-/ 46)
ص: 4
ص: 5
الوحدة حول مائدة الكتاب والسنّة
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
الحمد للَّه ربّ العالمين، والصَّلاة على محمّد وآله الطاهرين، والسلام على أصحابه البررة الميامين.
وبعد: تنازعنا معاشر المسلمين على مسائل الخلاف في الداخل ففرّق أعداء الإسلام من الخارج كلمتنا من حيث لا نشعر، وضعفنا عن الدفاع عن بلادنا، وسيطر الأعداء علينا، وقد قال سبحانه وتعالى: «وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» (الأنفال/ 46).
وينبغي لنا اليوم وفي كلّ يوم أن نرجع إلى الكتاب والسنّة في ما اختلفنا فيه ونوحّد كلمتنا حولهما، كما قال تعالى:
«فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ» (النساء/ 59).
وفي هذه السلسلة من البحوث نرجع إلى الكتاب والسنّة ونستنبط منها ما ينير لنا السبيل في مسائل الخلاف، فتكون بإذنه تعالى وسيلة لتوحيد كلمتنا.
راجين من العلماء أن يشاركونا في هذا المجال، ويبعثوا إلينا بوجهات نظرهم على عنوان:
بيروت- ص. ب 124/ 24 العسكري
ص: 6
ص: 7
نصّ الرسول على عدد الأئمة 9
الأئمة الاثنا عشر في التوراة 14
خلاصة الأحاديث الآنفة 19
حيرتهم في تفسير الحديث 21
أسماء الاثني عشر لدى مدرسة الخلفاء 31
تراجم الأئمة الاثني عشر بعد الرسول 33
ص: 8
ص: 9
حديث عدد الأئمة
أخبر الرسول أنّ عدد الأئمة الذين يلون من بعده اثنا عشر، كما روى عنه ذلك أصحاب الصحاح والمسانيد الآتية:
أ- روى مسلم عن جابر بن سمرة أنّه سمع النبي يقول:
«لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش».
وفي رواية:
«لا يزال أمر الناس ماضياً ...».
وفي حديثين منهما:
«إلى اثني عشر خليفة ...».
وفي سنن أبي داود:
«حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة».
وفي حديث:
ص: 10
«إلى اثني عشر» (1).
وفي البخاري، قال: سمعت النبيّ (ص) يقول:
«يكون اثنا عشر أميراً»، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي:
قال: «كلّهم من قريش».
وفي رواية:
ثمّ تكلّم النبيّ (ص) بكلمة خفيت عليّ، فسألت أبي:
ماذا قال رسول اللَّه (ص)؟ فقال: «كلّهم من قريش» (2).
وفي رواية:
«لا تضرّهم عداوة من عاداهم» (3).
ص: 11
ب- وفي رواية:
«لا تزال هذه الأُمّة مستقيماً أمرها، ظاهرة على عدوّها، حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش، ثمّ يكون المرج أو الهرج» (1).
ج- وفي رواية:
«يكون لهذه الأُمّة اثنا عشر قيّماً لا يضرّهم من خذلهم كلّهم من قريش» (2).
د- «لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلًا» (3).
ه- وعن أنس:
«لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش، فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها» (4).
و- وفي رواية:
ص: 12
«لا يزال أمر هذه الأُمّة ظاهراً حتى يقوم اثنا عشر كلّهم من قريش» (1).
ز- وروى أحمد والحاكم وغيرهما واللفظ للأول عن مسروق قال:
كنّا جلوساً ليلة عند عبد اللَّه (ابن مسعود) يقرئنا القرآن، فسأله رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول اللَّه كم يملك هذه الأمّة من خليفة؟ فقال عبد اللَّه: ما سألني عن هذا أحد منذ قدمت العراق قبلك، قال: سألناه فقال: «اثنا عشر عدّة نقباء بني اسرائيل» (2).
ص: 13
ح- وفي رواية قال ابن مسعود: قال رسول اللَّه:
«يكون بعدي من الخلفاء عدّة أصحاب موسى» (1).
قال ابن كثير: وقد روي مثل هذا عن عبد اللَّه بن عمر وحذيفة وابن عباس (2).
ولست أدري هل قصد من رواية ابن عباس ما رواه الحاكم الحسكاني عن ابن عباس أو غيره.
نصّت الروايات الآنفة أنّ عدد الولاة اثنا عشر وأنّهم من قريش، وقد بيّن الإمام عليّ عليه السلام في كلامه المقصود من قريش وقال:
«إنّ الأئمة من قريش غُرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم ولا يصلح الولاة من غيرهم» (3). وقال:
«اللّهمّ بلى لا تخلو الأرض من قائم للَّه بحجّة إمّا ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً لئلّا تبطل حجج اللَّه وبيّناته ...» (4).
ص: 14
وقال ابن كثير:
وفي التوراة الّتي بأيدي أهل الكتاب ما معناه: أنّ اللَّه تعالى بشّر إبراهيم بإسماعيل، وأنّه ينمّيه ويكثّره ويجعل من ذرّيّته اثني عشر عظيماً.
وقال:
قال ابن تيميّة: وهؤلاء المبشّر بهم في حديث جابر بن سمرة وقرّر أنّهم يكونون مفرّقين في الأمّة ولا تقوم الساعة حتى يوجدوا.
وغلط كثير ممّن تشرف بالإسلام من اليهود، فظنّوا أنّهم الّذين تدعو إليهم فرقة الرافضة فاتّبعوهم (1).
قال المؤلف:
والبشارة المذكورة أعلاه في سفر التكوين، الإصحاح
ص: 15
(17/ الرقم 18- 20) من التوراة المتداولة في عصرنا، وقد جاءت هذه البشارة في الأصل العبري كالآتي:
جاء في سفر التكوين قول (الرب) لإبراهيم عليه السلام ما نصّه بالعبرية:
«قي لِيشْماعيل بيرَخْتي أوتوقي هِفْريتي أوتو
قي هِرْبيتي بِمِئوْد مِئودشنيم عَسار نِسيئيم يوليد
قي نِتتيف لِگوي گدول» (1).
وتعني حرفيّاً: «وإسماعيل أُباركه، وأُثمّره، وأكثّره جداً جداً، اثنا عشر إماماً يلد، وأجعلهُ أُمةً كبيرة».
- محل المخطوط-
«بشارات سِفر التكوين 17/ 20 (الأصل العبري) بالرسول صلى الله عليه و آله و سلم وبالأئمة عليهم السلام»
أشارت هذه الفقرة إلى أنّ المباركة، والأثمار، والتكثير إنّما يكون في صلب إسماعيل عليه السلام و «شنيم عسار» تعني «إثنا عشر»، ولفظة «عسار» تأتي في «العدد التركيبي إذا كان
ص: 16
المعدود مذكراً» (1)، والمعدود هنا «نسيئيم» وهو مذكر وبصيغة الجمع لاضافة ال (يم) في آخر الاسم، والمفرد «ناسي» وتعني: إمام، زعيم، رئيس» (2).
وأما قول (الرب) لإبراهيم عليه السلام في الفقرة نفسها أيضاً:
«في نِتتيف كوي كدول»، نلاحظ أنّ «في نِتتيف» مكوّنة من حرف العطف (في)، والفعل (ناتَن) بمعنى: (أجعل، أذهب) (3)، والضمير «يف» في آخر الفعل «نِتتيف» يعود على إسماعيل عليه السلام، أي «وأجعله»، وأمّا كلمة (كوي) فتعني: «أُمّة، شعب» (4)، و «كدول» تعني: «كبير، عظيم» (5)، فتصبح (وأجعله أُمّة كبيرة).
فيتّضح من هذه الفقرة أنّ التكثير والمباركة إنّما هما في صلب إسماعيل عليه السلام، ممّا يجعل القصد واضحاً في الرسول محمّد صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام باعتبارهم امتداداً لنسل
ص: 17
إسماعيل عليه السلام، ذلك لأنّ اللَّه- تعالى- أمر إبراهيم بالخروج من بلاد «نمرود» إلى الشام، فخرج ومعه امرأته «سارة» و «لوط»، مهاجرين إلى حيث أمرهم اللَّه- تعالى-، فنزلوا أرض فلسطين.
ووسّع اللَّه- تعالى- على إبراهيم عليه السلام في كثرة المال، فقال: «ربّ ما أصنع بالمال ولا ولد لي»، فأوحى اللَّه- عزّوجلّ- إليه: «إنّي مكثّر ولدك حتى يكونوا عدد النجوم». وكانت «هاجر» جاريةً لسارة، فوهبتها لإبراهيم عليه السلام، فحملت منه، وولدت له إسماعيل عليه السلام، وإبراهيم عليه السلام يومئذٍ ابن «ست وثمانين ستة» (1).
والقرآن الكريم يشير إلى هذه الحقيقة من خلال توجّه إبراهيم عليه السلام بالدعاء إلى اللَّه تعالى: «رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الُمحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الَّثمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ» (إبراهيم/ 37).
فالآية الكريمة تؤكّد أنّ إبراهيم عليه السلام قد أسكن بعضاً من
ص: 18
ذريّته وهو اسماعيل عليه السلام ومَن ولد منه في مكّة ودعا اللَّه تعالى أن يجعل في ذريّته الرّحمة والهداية للبشرية ما بقي الدهر، فاستجاب اللَّه لدعوته بأن جعل في ذريّته محمّداً صلى الله عليه و آله واثني عشر إماماً من بعده.
وقد قال الإمام الباقر عليه السلام: «نحنُ بقيّة تلك العترة وكانت دعوة إبراهيم لنا» (1).
ص: 19
نستخلص ممّا سبق ونستنتج: أنّ عدد الأئمة في هذه الأُمّة اثنا عشر على التوالي، وأنّ بعد الثاني عشر منهم ينتهي عمر هذه الدنيا.
فقد ورد في الحديث الأوّل:
«لا يزال هذا الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة ...».
فإنّ هذا الحديث يعيّن مدّة قيام الدين ويحدّدها بقيام الساعة، ويعيّن عدد الأئمة في هذه الأُمّة باثني عشر شخصاً.
وفي الحديث الخامس:
«لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها».
ويدلّ هذا الحديث على تأييد وجود الدين بامتداد الاثني عشر وأنّ بعدهم تموج الأرض.
ص: 20
وفي الحديث الثامن: حصر عددهم باثني عشر بقوله:
«يكون بعدي من الخلفاء عدّة أصحاب موسى».
ويدلّ هذا الحديث على أنّه لا خليفة بعد الرسول عدا الاثني عشر. وأنَّ ألفاظ هذه الروايات المصرّحة بحصر عدد الخلفاء بالاثني عشر وأنّ بعدهم يكون الهرج وتموج الأرض وقيام الساعة تبيّن ألفاظ الأحاديث الأُخرى الّتي قد لا يفهم من ألفاظها هذا التصريح.
وبناءً على هذا لابدّ أن يكون عمر أحدهم طويلًا خارقاً للعادة في أعمار البشر كما وقع فعلًا في مدّة عمر الثاني عشر من الأئمة أوصياء النبيّ صلى الله عليه و آله.
ص: 21
لقد حار علماء مدرسة الخلفاء في بيان المقصود من الاثني عشر في الروايات المذكورة وتضاربت أقوالهم.
فقد قال ابن العربي في شرح سنن الترمذي:
فعددنا بعد رسول اللَّه (ص) اثني عشر أميراً فوجدنا:
أبابكر، عمر، عثمان، عليّاً، الحسن، معاوية، يزيد، معاوية بن يزيد، مروان، عبد الملك بن مروان، الوليد، سليمان، عمر بن عبد العزيز، يزيد بن عبد الملك، مروان بن محمد بن مروان، السفاح ....
ثمّ عدّ بعده سبعاً وعشرين خليفة من العباسيّين إلى عصره، ثمّ قال:
وإذا عددنا منهم اثني عشر انتهى العدد بالصورة إلى سليمان، وإذا عددناهم بالمعنى كان معنا منهم خمسة، الخلفاء الأربعة وعمر بن عبد العزيز، ولم أعلم للحديث معنى (1).
ص: 22
وقال القاضي عياش في جواب القول: أنّه ولي أكثر من هذا العدد:
هذا اعتراض باطل، لأنّه (ص) لم يقل: لا يلي إلّااثنا عشر، وقد ولي هذا العدد، ولا يمنع ذلك من الزيادة عليهم (1).
ونقل السيوطي في الجواب:
أنّ المراد: وجود اثني عشر خليفة في جميع مدّة الإسلام إلى القيامة يعملون بالحقّ وإن لم يتوالوا (2).
وفي فتح الباري:
وقد مضى منهم الخلفاء الأربعة ولابدّ من تمام العدة قبل قيام الساعة (3).
وقال ابن الجوزي:
وعلى هذا فالمراد من «ثمّ يكون الهرج»: الفتن المؤذنة بقيام الساعة من خروج الدجال وما بعده (4).
ص: 23
قال السيوطي:
وقد وجد من الاثني عشر الخلفاء الأربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز، هؤلاء ثمانية، ويحتمل أن يضمّ إليهم المهديّ العباسي لأنّه في العباسيّين كعمر بن عبد العزيز في الأمويّين، والطاهر العباسي أيضاً لما أوتيه من العدل ويبقى الاثنان المنتظران أحدهما المهديّ لأنّه من أهل البيت (1).
وقيل:
المراد: أن يكون الاثنا عشر في مدّة عزّة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره، ممّن يعزّ الإسلام في زمنه، ويجتمع المسلمون عليه (2).
وقال البيهقي:
وقد وجد هذا العدد بالصفة المذكورة إلى وقت الوليد ابن يزيد بن عبد الملك، ثمّ وقع الهرج والفتنة العظيمة، ثمّ
ص: 24
ظهر ملك العباسيّة، وإنّما يزيدون على العدد المذكور في الخبر إذا تركت الصفة المذكورة فيه، أو عدّ منهم من كان بعد الهرج المذكور (1).
وقالوا:
والذين اجتمعوا عليه: الخلفاء الثلاثة ثمّ عليّ إلى أن وقع أمر الحكمين في صفّين فتسمّى معاوية يومئذٍ بالخلافة، ثمّ اجتمعوا على معاوية عند صلح الحسن، ثمّ اجتمعوا على ولده يزيد ولم ينتظم للحسين أمرٌ بل قتل قبل ذلك، ثمّ لمّا مات يزيد اختلفوا إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير، ثمّ اجتمعوا على أولاده الأربعة: الوليد، ثمّ سليمان، ثمّ يزيد، ثمّ هشام، وتخلل بين سليمان ويزيد، عمر ابن عبد العزيز، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك، اجتمع الناس عليه بعد هشام تولى أربع سنين (2).
بناءً على هذا فإنّ خلافة هؤلاء الاثني عشر كانت صحيحة، لإجماع المسلمين عليهم، وكان الرسول قد بشِّرَ
ص: 25
المسلمين بخلافتهم له في حمل الإسلام إلى الناس.
قال ابن حجر عن هذا الوجه: إنّه أرجح الوجوه.
وقال ابن كثير:
إنّ الّذي سلكه البيهقي ووافقه عليه جماعة: من أنّ المراد هم الخلفاء المتتابعون إلى زمن الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق الّذي قدمنا الحديث فيه بالذمّ والوعيد، فإنّه مسلك فيه نظر، وبيان ذلك: أنّ الخلفاء إلى زمن الوليد بن يزيد هذا أكثر من اثني عشر على كلّ تقدير، وبرهانه أنّ الخلفاء الأربعة:
أبوبكر وعمر وعثمان وعليّ خلافتهم محقّقة ... ثمّ بعدهم الحسن بن عليّ كما وقع، لأنّ عليّاً أوصى إليه وبايعه أهل العراق ... حتى اصطلح هو ومعاوية .. ثمّ ابنه يزيد بن معاوية، ثمّ ابنه معاوية بن يزيد، ثمّ مروان بن الحكم، ثمّ ابنه عبد الملك بن مروان، ثمّ ابنه الوليد بن عبد الملك، ثمّ سليمان بن عبد الملك، ثمّ عمر بن عبد العزيز، ثمّ يزيد بن عبد الملك، ثمّ هشام بن عبد الملك، فهؤلاء خمسة عشر، ثمّ الوليد بن يزيد بن عبد الملك، فإن اعتبرنا ولاية ابن الزبير قبل عبد الملك صاروا ستّة عشر، وعلى كلّ تقدير فهم اثنا عشر قبل
ص: 26
عمر بن عبد العزيز، وعلى هذا التقدير يدخل في الاثني عشر يزيد بن معاوية ويخرج عمر بن عبد العزيز، الّذي أطبق الأئمة على شكره وعلى مدحه وعدُّوهُ من الخلفاء الراشدين، وأجمع الناس قاطبة على عدله، وأنّ أيّامه كانت من أعدل الأيام حتى الرافضة يعترفون بذلك. فإنْ قال: أنا لا أعتبر إلّا من اجتمعت الأمّة عليه لزمه على هذا القول أن لا يعدّ عليّ بن أبي طالب ولا ابنه، لأنّ الناس لم يجتمعوا عليهما، وذلك أنّ أهل الشام بكمالهم لم يبايعوهما.
وذكر: أنّ بعضهم عدّ معاوية وابنه يزيد وابن ابنه معاوية بن يزيد، ولم يقيد بأيام مروان ولا ابن الزبير، لأنّ الأمّة لم تجتمع على واحد منهما، فعلى هذا نقول في مسلكه هذا عادّاً للخلفاء الثلاثة، ثمّ معاوية، ثمّ يزيد، ثمّ عبد الملك، ثمّ الوليد ابن سليمان، ثمّ عمر بن عبد العزيز، ثمّ يزيد، ثمّ هشام، فهؤلاء عشرة، ثمّ من بعدهم الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق، ويلزمه منه إخراج عليّ وابنه الحسن، وهو خلاف ما نصّ عليه أئمة السنّة بل الشيعة (1).
ص: 27
ونقل ابن الجوزي في «كشف المشكل» وجهين في الجواب:
أولًا: أنّه (ص) أشار في حديثه إلى ما يكون بعده وبعد أصحابه، وإنّ حكم أصحابه مرتبط بحكمه، فأخبر عن الولايات الواقعة بعدهم، فكأنّه أشار بذلك إلى عدد الخلفاء من بني أميّة، وكأنّ قوله: «لا يزال الدين» أي الولاية إلى أن يلي اثنا عشر خليفة، ثمّ ينتقل إلى صفة أخرى أشدّ من الأولى، وأوّلُ بني أميّة يزيد بن معاوية وآخرهم مروان الحمار، وعدّتهم ثلاثة عشر، ولا يعدّ عثمان ومعاوية ولا ابن الزبير لكونهم صحابة، فإذا أسقطنا منهم مروان بن الحكم للاختلاف في صحبته، أو لأنّه كان متغلّباً بعد أن اجتمع الناس على عبد اللَّه بن الزبير، صحّت العدّة، وعند خروج الخلافة من بني أميّة وقعت الفتن العظيمة والملاحم الكثيرة حتى استقرّت دولة بني العباس فتغيّرت الأحوال عمّا كانت عليه تغييراً بيّناً (1).
ص: 28
وقد ردّ ابن حجر في فتح الباري على هذا الاستدلال.
ونقل ابن الجوزي الوجه الثاني عن الجزء الذي جمعه أبو الحسين بن المنادي في المهدي، وأنّه قال:
يحتمل أن يكون هذا بعد المهدي الذي يخرج في آخر الزمان، فقد وجدت في كتاب دانيال: إذا مات المهدي، ملك بعده خمسة رجال من ولد السبط الأكبر، ثمّ خمسة من ولد السبط الأصغر، ثمّ يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر، ثمّ يملك بعده ولده، فيتمّ بذلك اثنا عشر ملكاً كلّ واحد منهم إمام مهديّ. قال: وفي رواية: ... ثمّ يلي الأمر بعده اثنا عشر رجلًا: ستّة من ولد الحسن، وخمسة من ولد الحسين، وآخر من غيرهم، ثمّ يموت فيفسد الزمان.
علّق ابن حجر على الحديث الأخير في صواعقه وقال:
إنّ هذه الرواية واهية جدّاً فلا يعول عليها (1).
وقال قوم:
يغلب على الظنّ أنّه عليه الصلاة والسلام أخبر- في هذا الحديث- بأعاجيب تكون بعده من الفتن حتى يفترق الناس
ص: 29
في وقت واحد على اثني عشر أميراً، ولو أراد غير هذا لقال:
يكون اثنا عشر أميراً يفعلون كذا، فلمّا أعراهم عن الخبر عرفنا أنّه أراد أنّهم يكونون في زمن واحد ... (1).
قالوا:
وَقَعَ وَقْعٌ في المائة الخامسة، فإنّه كان في الأندلس وحدها ستّة أنفس كلّهم يتسمّى بالخلافة ومعهم صاحب مصر والعباسية ببغداد إلى من كان يدّعي الخلافة في أقطار الأرض من العلوية والخوارج (2).
قال ابن حجر:
وهو كلام من لم يقف على شي ء من طرق الحديث غير الرواية التي وقعت في البخاري هكذا مختصرة ... (3). وقال:
إنّ وجودهم في عصر واحد يوجد عين الافتراق فلا يصحّ أن يكون المراد (4).
***
ص: 30
قال المؤلف:
هكذا لم يتّفقوا على رأي في تفسير الروايات السابقة، ثمّ إنّهم أهملوا إيراد الروايات الذي ذكر الرسول صلى الله عليه و آله فيها أسماء الاثني عشر، لأنّها كانت تخالف سياسة الحكم بمدرسة الخلفاء مدى القرون. وخرّجها المحدّثون بمدرسة أهل البيت عليهم السلام في تآليفهم بسندهم إلى أبرار الصحابة عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ونقتصر هنا على إيراد يسير منها في ما يأتي ممّا رواه الفريقان.
ص: 31
أ- الجويني (1) عن عبد اللَّه بن عباس، قال: قال رسول اللَّه (ص): «أنا سيّد النبيّين وعليّ بن أبي طالب سيّد الوصيّين، وأنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر، أوّلهم عليّ بن أبي طالب وآخرهم المهدي».
ب- الجويني- أيضاً- بسنده عن ابن عباس، قال: قال رسول اللَّه (ص): «إنّ خلفائي وأوصيائي وحجج اللَّه على الخلق بعدي الاثني عشر أوّلهم أخي وآخرهم ولدي».
قيل: يا رسول اللَّه، ومن أخوك؟
قال: «عليّ بن أبي طالب».
قيل: فمن ولدك؟
قال: «المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلًا كما ملئت
ص: 32
جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحقّ بشيراً ونذيراً لو لم يبق من الدنيا إلّايوم واحد لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح اللَّه عيسى بن مريم فيصلّي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربّها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب».
ج- الجويني- أيضاً- بسنده قال: سمعت رسول اللَّه (ص) يقول: «أنا وعليّ والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهّرون معصومون» (1).
*** اقتضت سياسة الحكم لدى مدرسة الخلفاء مدى القرون إخفاء أمثال الأحاديث الآنفة عن أبناء الأمة الإسلامية وإسدال الستار عليها. وجاهد القسم الأكبر من أتباع مدرستهم في هذا السبيل كما مرّ بنا فعلهم بأمثالها في بحث دراسة عمل مدرسة الخلفاء بنصوص سنّة الرسول صلى الله عليه و آله الّتي تخالف اتّجاهها.
وليس هذا مجال إيراد تلكم الأحاديث، وإنّما نورد ما يأتي تراجم الاثني عشر الذين تواترت الإشارة إليهم والتنصيص على أسمائهم في أحاديث الرسول صلى الله عليه و آله.
ص: 33
الإمام الأوّل:
أمير المؤمنين عليّ عليه السلام.
أبوه: أبو طالب بن عبد المطّلب بن هاشم.
أمّه: فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.
كنيته: أبو الحسن والحسين، أبو تراب.
لقبه: الوصيّ، أمير المؤمنين.
مولده: وُلد في الكعبة بيت اللَّه الحرام (1)، سنة ثلاثين بعد عام الفيل.
وفاته: قتله الخارجي عبد الرحمن بن ملجم بالكوفة في رمضان سنة أربعين للهجرة. ودفن خارج الكوفة في النجف الأشرف.
ص: 34
الإمام الثاني:
الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
أمّه: فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.
كنيته: أبو محمد.
لقبه: السبط الأكبر، المجتبى.
مولده: ولد في المدينة في النصف من رمضان سنة ثلاث بعد الهجرة.
وفاته: توفّي لخمس ليال بقين من ربيع الأول سنة خمسين للهجرة. ودفن بالبقيع في المدينة المنوّرة.
الإمام الثالث:
الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
أمّه: فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.
كنيته: أبو عبد اللَّه.
لقبه: السبط، شهيد كربلاء.
مولده: ولد في المدينة في شعبان سنة أربع للهجرة.
وفاته: قتله جيش يزيد مع أهل بيته وأنصاره في محرم
ص: 35
سنة إحدى وستّين. وقبره في كربلاء من مدن العراق (1).
الإمام الرابع:
عليّ بن الحسين الشهيد عليه السلام.
أمّه: غزالة، وقيل: شاه زنان.
كنيته: أبو الحسن.
لقبه: زين العابدين، السجّاد.
مولده: ولد في المدينة سنة ثمان وثلاثين أو سبع وثلاثين أو ثلاث وثلاثين.
وفاته: توفي سنة أربع وتسعين للهجرة. ودفن في البقيع إلى جانب عمّه الحسن السبط (2).
ص: 36
الإمام الخامس:
محمّد بن عليّ السجاد عليه السلام.
أمّه: أمّ عبد اللَّه بنت الحسن بن عليّ.
كنيته: أبو جعفر.
لقبه: الباقر.
مولده: ولد في المدينة سنة خمس وأربعين للهجرة.
وفاته: توفي سنة سبع عشرة ومائة للهجرة. ودفن في البقيع إلى جانب أبيه (1).
الإمام السادس:
جعفر بن محمّد الباقر عليه السلام.
أمّه: أمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر.
كنيته: أبو عبد اللَّه.
لقبه: الصادق.
مولده: ولد في المدينة سنة ثلاث وسبعين للهجرة.
ص: 37
وفاته: توفي سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة. ودفن في البقيع إلى جانب أبيه (1).
الإمام السابع:
موسى بن جعفر الصادق عليه السلام.
أمّه: حميدة.
كنيته: أبو الحسن.
لقبه: الكاظم.
مولده: ولد في المدينة سنة ثمان وعشرين ومائة للهجرة.
وفاته: توفّي سنة ثلاث وثمانين ومائة للهجرة في سجن الخليفة هارون الرشيد ببغداد. ودفن في مقابر قريش في الجانب الغربي من بغداد يومذاك، وفي مدينة الكاظمية في العراق اليوم (2).
ص: 38
الإمام الثامن:
عليّ بن موسى الكاظم عليه السلام.
أمّه: الخيزران.
كنيته: أبو الحسن.
لقبه: الرضا.
مولده: ولد سنة ثلاث وخمسين ومائة للهجرة في المدينة المنوّرة.
وفاته: توفّي سنة ثلاث ومائتين. ودفن بطوس خراسان (1).
الإمام التاسع:
محمّد بن عليّ الرضا عليه السلام.
أمّه: سكينة.
كنيته: أبو عبد اللَّه.
ص: 39
مولده: ولد سنة خمس وتسعين ومائة للهجرة في المدينة المنوّرة.
وفاته: توفّي سنة مائتين وعشرين للهجرة ببغداد. ودفن إلى جانب جدّه موسى بن جعفر بمقابر قريش (1).
الإمام العاشر:
عليّ بن محمّد الجواد عليه السلام.
أمّه: سمانة المغربية.
كنيته: أبو الحسن العسكري.
لقبه: الهادي.
مولده: سنة أربع عشرة ومائتين للهجرة في المدينة المنوّرة.
وفاته: توفّي سنة أربع وخمسين ومائتين. ودفن بمدينة سامراء (سر من رأى) بالعراق (2).
ص: 40
الإمام الحادي عشر:
الحسن بن عليّ الهادي عليه السلام.
أمّه: أمّ ولد اسمها سوسن.
كنيته: أبو محمد.
لقبه: العسكري.
مولده: ولد الحسن إحدى وثلاثين ومائتين في سرّ من رأى.
وفاته: توفي سنة ستّين ومائتين. ودفن في سرّ من رأى (1).
وقبور جميع الأئمة الأحد عشر المذكورين يزورها المسلمون اليوم وعليها قباب عالية، عدا الأئمة الأربعة المدفونين في البقيع بالمدينة المنوّرة، فإنّ الحكم الوهّابي لما دخل المدينة هدمها مع سائر قبور أزواج الرسول صلى الله عليه و آله وقبور صحابته.
ص: 41
الإمام الثاني عشر:
الحجّة محمّد بن الحسن العسكري عجّل اللَّه فرجه.
أمّه: أمّ ولد يقال لها نرجس، وقيل: صيقل.
كنيته: أبو عبد اللَّه، أبو القاسم.
لقبه: القائم، المنتظر، الخلف، المهدي، صاحب الزمان.
مولده: ولد في سامراء سنة خمس وخمسين ومائتين.
وهو آخر الأئمة، وهو حيّ يُرزق (1).
تنبى 0 ه مهم
ورد في إحدى الروايات الماضية:
«... يمضي منهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش، ثمّ يكون المرج والهرج».
وفي أخرى:
«لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش، فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها».
وكلا اللّفظين يدلّان على نهاية العالم بعد الثاني عشر
ص: 42
ممّن يأتون من بعد النبيّ صلى الله عليه و آله، وعلى هذا فلابدّ أن يطول عمر أحد الاثني عشر إلى نهاية الدنيا، وهذا ما وقع فعلًا بطول عمر الوصيّ الثاني عشر المهدي، محمّد بن الحسن العسكري عليه السلام، فإنّ مجموع الروايات يصدق على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام المذكورين ولا يصدق على من سواهم. والحمد للَّه.