ما روي في سهو النبي صلي الله عليه وآله ونومه عن الصلاه

اشارة

پديدآور: كوراني، علي1944- م.,kurani, Ali

ما روي في سهو النبي صلي الله عليه وآله ونومه عن الصلاه

علي كوراني

مقدمة

خلط بعضهم بين روايات سهو النبي صلي الله عليه وآله ونومه عن الصلاة، وبين السهو والإسهاء، والنوم والإنامة، وبين مقام الثبوت فيها والإثبات. وهذه مسائلها: المسألة الأولي: ما روته مصادر المذاهب من نوم النبي صلي الله عليه وآله عن صلاة الصبح نوماً عادياً، حتي طلعت الشمس وأيقظه عمر. المسألة الثانية: ما ورد في مصادرنا من أن الله تعالي أنام نبيه صلي الله عليه وآله عن صلاة الصبح رحمةً للأمة حتي لايقال من تركها هلك. المسألة الثالثة: ما روته مصادر المذاهب من سهو النبي صلي الله عليه وآله في صلاته وأنواع اشتباهه فيها! المسألة الرابعة: ما ورد في مصادرنا من أن الله تعالي أسهي نبيه في صلاة واحدة رحمة بالأمة ليعرفوا أنه عبد مخلوق فلا يعبدون. المسألة الخامسة: هل نقبل أخبار الإسهاء، أم يجب ردها لأنها تنافي عصمة النبي صلي الله عليه وآله ومقامه؟

احاديث في أن النبي نام عن الصلاة و أيقظه عمر

قال بخاري في صحيحه:1/88 و:2/168: (عن عمران قال: كنا في سفر مع النبي (ص) وإنا أسْرَيْنا حتي إذا كنا في آخر الليل وقعنا وقعةً ولا وقعةَ أحلي عند المسافر منها، فما أيقظنا إلا حَرُّ الشمس، وكان أول من استيقظ فلان ثم فلان ثم فلان يسميهم أبو رجاء فنسي عوف، ثم عمر بن الخطاب الرابع، وكان النبي (ص)إذا نام لم يوقظ حتي يكون هو يستيقظ، لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه. فلما استيقظ عمر ورأي ما أصاب الناس وكان رجلاً جليداً، فكبر ورفع صوته بالتكبير، فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتي استيقظ بصوته النبي(ص)فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم، قال: لا ضير أو لا يضير، إرتحلوا، فارتحل فسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ، ونودي بالصلاة فصلي بالناس).

وهي رواية طويلة فيها قصص أخري فرعية. (ورواها مسلم:2/140، وأحمد:1/391، و:4/81، و434، و:5 /298، والبيهقي في سننه:1/218، وغيرهم). وفي هذه الرواية إشكالات، وبعضها ذكره علماء السنة أنفسهم: الاول: أنها تتحدث عن غلبة النوم العادي علي النبي صلي الله عليه وآله عن صلاة الفجر حتي طلعت الشمس، وهذا عندنا يتنافي مع العصمة! ولم أجد من اعترض عليها منهم بذلك، وذلك لأن عصمة النبي صلي الله عليه وآله عندهم محدودة ضعيفة، ولعل السبب الأهم في عدم اعتراضهم عليها أن فيها فضيلة لعمر، ومن عادتهم عدم الإشكال علي أي روابة فيها فضيلة لعمر! الإشكال الثاني كيف ينام النبي صلي الله عليه وآله عن الصلاة وقد صح عندهم وعندنا أن من خصائصه صلي الله عليه وآله أنه تنام عينه ولا ينام قلبه! فهذا يُكذِّب ما تقوله الرواية من أنه صلي الله عليه وآله نام وغلب النوم علي قلبه حتي طلعت الشمس! فقد روي بخاري في صحيحه:4/168و:8/203، في حديث طويل في المعراج: (والنبي(ص)نائمةٌ عيناه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم).(ونحوه في:1/43، و208و:2/47، ومسلم:2/180، وأحمد:6/73، والحاكم:2/431). وفي تهذيب الأسماء للنووي:1/64: (وكان لا ينام قلبه، ويري من وراء ظهره كما يري من قدامه). كما رووا أن من خصائصه صلي الله عليه وآله أنه لايبطل وضوؤه بالنوم لأنه تنام عينه ولاينام قلبه. (صحيح بخاري:1/44). بل رووا أن الدجال تنام عينه ولاينام قلبه! (أحمد:5/49، والترمذي:3/353). أما مصادرنا، فروت أوسع من ذلك في صفاته صلي الله عليه وآله ففي الكافي:8/140: (تنام عيناه ولاينام قلبه، له الشفاعة، وعلي أمته تقوم الساعة). وفي الإختصاص/113، فيما أنزله الله علي عيسي عليه السلام في وصفه صلي الله عليه وآله:(قليل الأولاد كثير الأزواج، يسكن مكة من

موضع أساس وطْيِ إبراهيم، نسله من مباركة، وهي ضُرَّة أمك في الجنة، له شأن من الشأن، تنام عيناه ولا ينام قلبه، يأكل الهدية ولا يقبل الصدقة).انتهي. بل أثبتت مصادرنا هذه الصفة لكل معصوم من عترة النبي صلي الله عليه وآله ففي الخصال/428 عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (عشر خصال من صفات الإمام: العصمة، والنصوص، وأن يكون أعلم الناس وأتقاهم لله وأعلمهم بكتاب الله، وأن يكون صاحب الوصية الظاهرة، ويكون له المعجز والدليل، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ولا يكون له فيئ، ويري من خلفه كما يري من بين يديه).(ونحوه في الكافي:1/388، عن الإمام الباقر عليه السلام، وأوسع منه في من لا يحضره الفقيه:4/418، عن الإمام الرضا عليه السلام). لذلك نعتقد أن السهو العادي والنوم العادي يتنافيان مع عصمته وصفاته صلي الله عليه وآله، ورواياتهم في سهوه ونومه عن الصلاة كلها في النوم العادي والسهو العادي، فلا يمكن قبولها، بل هي إما مكذوبة أو محرفة! وإن صح أنه صلي الله عليه وآله سها في صلاته أو نام عنها مرة، فلا بد أن يكون الله تعالي قد أسهاه فيها أو أنامه عنها، أو أنام المسلمين وسكت هو عنهم ثم خفف عليهم وعلمهم قضاءها، كما سيأتي. علي أن فقهاء المذاهب حاولوا الجمع بين حديث نومه صلي الله عليه وآله عن الصلاة وحديث لاينام قلبه، فتخبطوا فيه ولم يصلوا الي نتيجة في حل الإشكال! ومن العجيب أن جهودهم اتجهت الي تخريب حديث (تنام عينه ولاينام قلبه) ولم يمسوا حديث نومه عن صلاة الصبح، لأن فيه فضيلة لعمر! قال النووي في المجموع:2/20: (من خصائص نبينا(ص)أنه لا ينقض وضوءه بالنوم مضطجعاً، للأحاديث الصحيحة... وقال(ص): إن عينيَّ تنامان ولاينام قلبي. فإن

قيل: هذا مخالف للحديث الصحيح أن النبي نام في الوادي عن صلاة الصبح حتي طلعت الشمس ولو كان غير نائم القلب لما ترك صلاة الصبح؟! فجوابه من وجهين، أحدهما: وهو المشهور في كتب المحدثين والفقهاء أنه لا مخالفة بينهما فان القلب يقظان يحس بالحدث وغيره مما يتعلق بالبدن ويشعر به القلب، وليس طلوع الفجر والشمس من ذلك ولا هو مما يدرك بالقلب، وإنما يدرك بالعين وهي نائمة. والجواب الثاني: حكاه الشيخ أبو حامد في تعليقه في هذا الباب عن بعض أصحابنا قال: كان للنبي نومان: أحدهما ينام قلبه وعينه، والثاني عينه دون قلبه فكان نوم الوادي من النوع الأول! والله أعلم). انتهي. وترجمة كلام هذا (الإمام)الشامي الذي هو أشهر شُراح مسلم: أن الغزالي حكي عن بعضهم أن: (لاينام قلبه) ليس دائماً فقد ينام قلبه حتي تطلع الشمس كما حدث! ولم يرتضه النووي لأنه تخريبٌ صريح للنص، لكنه ارتضي تخريبه غير الصريح ففسر معني(تنام عينه)بأن لايدرك وقت الصلاة ولاطلوع الشمس حتي ينبهه عمر! فماذا صنع وماذا أبقي من: (لاينام قلبه)؟! وقد تبني ابن حجر رأي النووي فقال في فتح الباري:1/380: (وقد تكلم العلماء في الجمع بين حديث النوم هذا وبين قوله(ص):إن عينيَّ تنامان ولا ينام قلبي. قال النووي: والصحيح المعتمد هو الأول والثاني ضعيف وهو كما قال). انتهي. وتبعهما علماء المذاهب فقال المناوي في فيض القدير:3/354: (ولا ينافيه نومه بالوادي عن الصبح، لأن رؤيتها وظيفة بصرية). وقال في البحر الرائق:1/76: (وهذا هو المشهور في كتب المحدثين والفقهاء كذا في شرح المهذب). انتهي. ولذلك انتقدهم قدماء علمائنا والمتأخرون، قال السيد ابن طاووس رحمه الله في الطرائف/367 بعد أن أورد قصة نوم النبي صلي الله عليه وآله من

الجمع بين الصحيحين للحميدي: (إذا نظرت أيها العاقل في وصفهم لعناية الله بنبيهم وأنه لايصح أن ينام وأن جبرئيل كانت شفقته علي نبيهم دون عنايته بعمر... وأنه قد نام قلبه حتي لم يحس بخروج الوقت، وكل ذلك يشهد عليهم بالمناقضة في رواياتهم وسوء مقالاتهم وتكذيب أنفسهم)! (والرسائل الفقهية للشيخ الأنصاري رحمه الله /319). وأجاب السيد شرف الدين رحمه الله في كتابه: أبو هريرة/108علي زعم النووي فقال: (فلا يمكن والحال هذه أن تفوته صلاة الصبح بنومه عنها، إذ لو نامت عيناه فقلبه في مأمن من الغفلة...وقد صلي مرة صلاة الليل فنام قبل أن يوتر فقالت له إحدي زوجاته يا رسول الله تنام قبل أن توتر؟ فقال لها تنام عيني ولاينام قلبي(صحيح بخاري:2/47) أراد صلي الله عليه وآله أنه في مأمن من فوات الوتر بسبب وُلوعه فيها، ويقظة قلبه تجاهها فهو هاجع في عينه يقظان في قلبه منتبه إلي وتره، وإذا كانت هذه حاله في نومه قبل صلاة الوتر فما ظنك به إذا نام قبل صلاة الصبح). انتهي. أقول: يبدو أنهم يعرفون أن أولُ ما يستوجبه نفيَ النوم عن قلب النبي صلي الله عليه وآله أن يستيقظ لصلاة الفريضة، فلا مجال للجمع بين الحديثين إلا بطرح أحدهما، ولذلك تنازلوا في عملهم وفتواهم عن حديث لاينام قلبه وتبنوا حديث نومه العادي حتي غلب علي قلبه ولم يستيقظ حتي طلعت الشمس فأيقظه عمر!! هذا، وقد حاول صاحب عون المعبود:4/150، أن يجمع بينهما علي مذهبنا فقال: (وفيه كلام! لأنه صحَّ أنه عليه الصلاة والسلام كان تنام عينه ولا ينام قلبه، نعم يجوز أن يكون فعله لإرشاد أمته وتعليمهم).انتهي. ومثله ابن المنذر كما في فتح الباري:1/380، قال: (إن القلب قد يحصل

له السهو في اليقظة لمصلحة التشريع، ففي النوم أولي). انتهي. لكن كلامهما لايصح حتي علي مذهبنا، لأن حديث بخاري وغيره في نوم النبي صلي الله عليه وآله يتحدث عن نومه العادي كبقية الناس حتي أيقظه عمر! والذي يصح علي مذهبنا أن الله تعالي أنام نبيه صلي الله عليه وآله عن الصلاة، أو أسهاه كما ستعرف. الإشكال الثالث أن رواة السلطة لم يستطيعوا تسمية الغزوة التي وقعت فيها الحادثة المزعومة! هل هي خيبر أو الحديبية أو مؤتة أو غيرها؟! ولا الأشخاص الذين كانوا فيها واستيقظوا قبل عمر أو معه؟! مع أن غزوات النبي صلي الله عليه وآله كانت بحضور المئات والألوف من أصحابه، وأخبارها مدونة، وحدثٌ من هذا النوع لابد أن ينقله كثيرون ويكون إسم الغزوة محفوظاً! فعدم قدرتهم علي تسمية الغزوة والأشخاص، يوجب الشك في صحة أصل الحديث! قال ابن حجر في فتح الباري:1/379: (اختُلف في تعيين هذا السفر، ففي مسلم من حديث أبي هريرة أنه وقع عند رجوعهم من خيبر قريب من هذه القصة. وفي أبي داود من حديث ابن مسعود أقبل النبي(ص)من الحديبية ليلاً فنزل فقال من يكلؤنا فقال بلال أنا.. الحديث. وفي الموطأ عن زيد بن أسلم مرسلاً: عرَّس رسول الله(ص)ليلة بطريق مكة ووكَّلَ بلالاً. وفي مصنف عبد الرزاق عن عطاء بن يسار مرسلاً أن ذلك كان بطريق تبوك، وللبيهقي في الدلائل نحوه من حديث عقبة بن عامر. وروي مسلم من حديث أبي قتادة مطولاً، والبخاري مختصراً في الصلاة قصة نومهم عن صلاة الصبح أيضاً في السفر لكن لم يعينه. ووقع في رواية لأبي داود أن ذلك كان في غزوة جيش الأمراء، وتعقبه ابن عبد البر بأن غزوة جيش الأمراء هي غزوة

مؤتة ولم يشهدها النبي(ص)وهو كما قال. لكن يحتمل أن يكون المراد بغزوة جيش الأمراء غزوة أخري غير غزوة مؤتة. وقد اختلف العلماء هل كان ذلك مرة أو أكثر، أعني نومهم عن صلاة الصبح فجزم الأصيلي بأن القصة واحدة، وتعقبه القاضي عياض بأن قصة أبي قتادة مغايرة لقصة عمران بن حصين! وهو كما قال..)الخ. أضف الي ذلك:اختلاف رواياتها في مَن استيقظ أولاً هل هو النبي صلي الله عليه وآله أو عمر أو أبو بكر؟ قال ابن حجر: (فقصة عمر فيها أن أول من استيقظ أبو بكر، ولم يستيقظ النبي(ص)حتي أيقظه عمر بالتكبير، وقصة أبي قتادة فيها أن أول من استيقظ النبي(ص) وفي القصتين غير ذلك من وجوه المغايرات)! وقال الزرقاني في شرحه:1/53: (فليتأمل الجامع لماذا مع هذا التغاير في الذي كلأ (حَرَس)، وأول من استيقظ، وأن العمرين معه في قصة عمران دون قصة أبي قتادة، وسبق اختلاف آخر في محل النوم... ولذا قال السيوطي لا يجمع إلا بتعدد القصة). انتهي. فكل ذلك من موجبات الشك في توظيف هذا الحديث أو تحريفه؟! وما تصوره عياض والسيوطي من تعدد القصة لايحل الإشكال بل يزيده، فلو كانتا حادثتين لتوفر رواتهما وما ندروا في واحد أو اثنين! الخ. الإشكال الرابع أنهم رووا وروينا حديثاً يكشف عن أن القصة كانت بشكل آخر وليس فيها ذكر لإيقاظ عمر للنبي صلي الله عليه وآله، ففي صحيح مسلم:2/138: (عن أبي هريرة أن رسول الله(ص)حين قفل من غزوة خيبر سار ليلة حتي إذا ادركه الكري عرس وقال لبلال إكلأ لنا الليل فصلي بلال ما قدر له ونام رسول الله (ص)وأصحابه فلما تقارب الفجر استند بلال إلي راحلته مواجه الفجر فغلبت بلالاً عيناه وهو مستند إلي

راحلته فلم يستيقظ رسول الله(ص)ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتي ضربتهم الشمس، فكان رسول الله(ص)أولهم استيقاظاً ففزع رسول الله(ص)فقال: أيْ بلال؟! فقال بلال: أخذ بنفسي الذي أخذ بأبي أنت وأمي يا رسول الله بنفسك. قال: اقتادوا فاقتادوا رواحلهم شيئاً ثم توضأ رسول الله (ص)وأمر بلالاً فأقام الصلاة فصلي بهم الصبح فلما قضي الصلاة قال: من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال أقم الصلاة لذكري، قال يونس: وكان ابن شهاب يقرؤها للذكري). (وسنن البيهقي:1/403، ومسند الشافعي/166، وكنز العمال:8/230، مختصراً عن مسند أبي جحيفة). وقال الألباني في إرواء الغليل:1/292: أخرجه مسلم(2/138)وأبو داود(435) وعنه أبو عوانة (2/253) وكذا البيهقي (2/217)، وابن ماجة (697) والسراج في مسنده (216/2) من طرق عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عنه. ورواه مالك (1/13/25) عن ابن شهاب عن سعيد مرسلاً. والصواب الموصول لاتفاق جماعة من الثقات عليه وهم يونس ومعمر وشعبان وتابعهم صالح بن أبي الأخصر عند الترمذي. ثم روي الألباني نحوه في/293، وقال: (أخرجه ابن أبي شيبة (1/190/1) بإسناد صحيح. وعن ابن مسعود قال: أقبلنا مع رسول الله (ص) من الحديبية فذكروا أنهم نزلوا دهاساً من الأرض يعني بالدهاس الرمل قال: فقال رسول الله (ص): من يكلؤنا؟ فقال بلال: أنا، فقال النبي عليه السلام: إذا تنام قال: فناموا حتي طلعت الشمس عليهم، قال: فاستيقظ ناس فيهم فلان وفلان وفيهم عمر، فقلنا: إهضبوا يعني تكلموا، قال: فاستيقظ النبي(ص)فقال: إفعلوا كما كنتم تفعلون، قال: كذلك لمن نام أو نسي. أخرجه ابن أبي شيبة (1/189/2) وأبو داود (447) والطيالسي(377) وأحمد (1/364، 386، 391) وإسناده صحيح. ثم أورد الألباني حديثاً آخر مختصراً وصححه وقال: رواه أحمد ومسلم صحيح. رواه أحمد (2/428) ومسلم

(2/138) وكذا أبو عوانة (2/251) والنسائي (1/102) وابن أبي شيبة في المصنف (1/89 1/2) والسراج في مسنده (117/1) والبيهقي (2/218)من طريق أبي حازم عن أبي هريرة: عرسنا مع رسول الله (ص) فلم نستيقظ حتي طلعت الشمس، فقال رسول الله(ص): ليأخذ كل رجل برأس راحلته، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان قال ففعلنا، قال فدعا بالماء فتوضأ ثم صلي ركعتين قبل صلاة الغداة ثم أقيمت الصلاة فصلي الغداة. والسياق لأحمد. وفي الباب عن أبي قتادة أن النبي(ص) كان في سفر فمال رسول الله (ص) وملت معه فقال انظر فقلت: هذا ركب هذان ركبان هؤلاء ثلاثة حتي صرنا سبعة فقال: احفظوا علينا صلاتنا يعني صلاة الفجر، فضرب علي آذانهم فما أيقظهم إلا حر الشمس فقاموا فساروا هنيهة ثم نزلوا فتوضؤوا، وأذن بلال فصلوا ركعتي الفجر ثم صلوا الفجر وركبوا فقال بعضهم لبعض: قد فرطنا في صلاتنا، فقال النبي(ص): إنه لا تفريط في النوم، إنما التفريط في اليقظة فإذا سها أحدكم عن صلاته فليصلها حين يذكرها، ومن الغد للوقت. أخرجه مسلم (2/138) وأبو عوانة (2/257) وأبو داود(444) والطحاوي (1/233) والدارقطني (148) والبيهقي (2/216) وأحمد (5/8 29) والسراج (117/1).انتهي. أما من مصادرنا فرواها الشهيد الأول رحمه الله في الذكري:2/403، وصححها قال: (روي زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: إذا دخل صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتي بدأ بالمكتوبة، قال: فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عيينة وأصحابه فقبلوا ذلك مني، فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام فحدثني أن رسول الله صلي الله عليه وآله عرَّس في بعض أسفاره فقال: من يكلؤنا فقال بلال: أنا فنام بلال وناموا

حتي طلعت الشمس، فقال: يا بلال ما أرقدك؟! فقال: يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم! فقال رسول الله صلي الله عليه وآله: قوموا فتحولوا علي مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة فقال: يا بلال أذن فأذن فصلي رسول الله صلي الله عليه وآله ركعتي الفجر وأمر أصحابه فصلوا ركعتي الفجر، ثم قام فصلي بهم الصبح ثم قال: من نسي شيئاً من الصلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله عز وجل يقول: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي. قال زرارة: فحملت الحديث إلي الحكم وأصحابه فقال: نقضت حديثك الأول، فقدمت علي أبي جعفر عليه السلام فأخبرته بما قال القوم فقال: يا زرارة ألا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان جميعاً وأن ذلك كان قضاءً من رسول الله صلي الله عليه وآله). (ورواه البقية عن الشهيد في الذكري، كجامع أحاديث الشيعة:4/269، ووسائل الشيعة(آل البيت):4/285، وبحار الأنوار:17/108، و:84/25). أقول: 1- هذا يدلك علي أن بخاري أعرض عن الحديث الصحيح عندهم وعندنا واختار بدله رواية فيها إبهام وإشكال وتناقض، لإثبات فضيلة لعمر كما هو دأبه! 2- كما أن روايتنا عن الإمام الباقر عليه السلام تدل علي أن الحادثة وقعت في رجوعهم من خيبر وزواج النبي صلي الله عليه وآله من صفية بنت حي بن أخطب اليهودي وليس فيها نص علي أن النبي صلي الله عليه وآله نام عن الصلاة مثلهم، فقد يكون صلي الفجر وتركهم يأخذهم النوم لأن الله أمره بذلك ليعلمهم كيف يقضون الصلاة، واليه يشير قوله صلي الله عليه وآله:قوموا فتحولوا علي مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة، ولم يقل أصابنا، وقد تنبه الي ذلك الشيخ الأنصار رحمه الله،كما يأتي.

هل ثبت أن الله تعالي أنام نبيه عن الصلاة

اشاره

1- تقدمت صحيحة زرارة التي رواها الشهيد في الذكري. 2- روي

الكليني رحمه الله في الكافي:3/294: (عن سعيد الأعرج قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: نام رسول الله صلي الله عليه وآله عن الصبح والله عز وجل أنامه حتي طلعت الشمس عليه وكان ذلك رحمة من ربك للناس! ألا تري لو أن رجلاً نام حتي تطلع الشمس لعيَّره الناس وقالوا: لا تتورع لصلواتك، فصارت أسوة وسنة فإن قال رجل لرجل: نمت عن الصلاة قال: قد نام رسول الله صلي الله عليه وآله فصارت أسوة ورحمة رحم الله سبحانه بها هذه الأمة). 3- روي الصدوق رحمه الله في الفقيه:1/358: (الحسن بن محبوب، عن الرباطي، عن سعيد الأعرج قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله تبارك وتعالي أنام رسوله صلي الله عليه وآله عن صلاة الفجر حتي طلعت الشمس ثم قام فبدأ فصلي الركعتين اللتين قبل الفجر ثم صلي الفجر. وأسهاه في صلاته فسلم في ركعتين، ثم وصف ما قاله ذو الشمالين. وإنما فعل ذلك به رحمةً لهذه الأمة لئلا يُعَيَّرَ الرجل المسلم إذا هو نام عن صلاته أو سها فيها فيقال: قد أصاب ذلك رسول الله صلي الله عليه وآله. قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي صلي الله عليه وآله ويقولون: لو جاز أن يسهو عليه السلام في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ لأن الصلاة عليه فريضة، كما أن التبليغ عليه فريضة. وهذا لا يلزمنا وذلك لأن جميع الأحوال المشتركة يقع علي النبي صلي الله عليه وآله فيها ما يقع علي غيره، وهو متعبد بالصلاة كغيره ممن ليس بنبي، وليس كل من سواه بنبي كهو، فالحالة التي اختص بها هي النبوة والتبليغ من

شرائطها، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة، لأنها عبادة مخصوصة والصلاة عبادة مشتركة، وبها تثبت له العبودية وبإثبات النوم له عن خدمة ربه عز وجل من غير إرادة له وقصد منه إليه نفي الربوبية عنه، لأن الذي لا تأخذه سنة ولا نوم هو الله الحي القيوم. وليس سهو النبي صلي الله عليه وآله كسهونا لأن سهوه من الله عز وجل، وإنما أسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ رباً معبوداً دونه، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متي سهوا، وسهونا من الشيطان وليس للشيطان علي النبي صلي الله عليه وآله والأئمة صلوات الله عليهم سلطان، إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَي الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ، وعلي من تبعه من الغاوين. ويقول الدافعون لسهو النبي صلي الله عليه وآله: إنه لم يكن في الصحابة من يقال له ذو اليدين، وإنه لا أصل للرجل ولا للخبر، وكذبوا لأن الرجل معروف وهو أبو محمد بن عمير بن عبد عمرو المعروف بذي اليدين، وقد نقل عن المخالف والمؤالف، وقد أخرجت عنه أخبار في كتاب وصف القتال القاسطين بصفين. وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله يقول: أول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلي الله عليه وآله ولو جاز أن ترد الأخبار الواردة في هذا المعني لجاز أن ترد جميع الأخبار، وفي ردها إبطال الدين والشريعة. وأنا أحتسب الأجر في تصنيف كتاب منفرد في إثبات سهو النبي صلي الله عليه وآله والرد علي منكريه إن شاء الله تعالي). انتهي. 4- قال القاضي النعمان في دعائم الإسلام:1/141: (وروينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي صلوات الله عليه: أن رسول

الله صلي الله عليه وآله نزل في بعض أسفاره بواد فبات فيه فقال: من يكلؤنا الليلة؟ فقال بلال: أنا يا رسول الله فنام ونام الناس معه جميعاً فما أيقظهم إلا حر الشمس، فقال رسول الله صلي الله عليه وآله: ما هذا يا بلال؟ فقال: أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفسكم يا رسول الله، فقال صلي الله عليه وآله: تنحوا من هذا الوادي الذي أصابتكم فيه هذه الغفلة، فإنكم بتُّم بوادي الشيطان، ثم توضأ وتوضأ الناس وأمر بلالاً فأذن وصلي ركعتي الفجر، ثم أقام فصلي الفجر).

رأي علمائنا في روايات نوم النبي عن الصلاة

أجمع علماؤنا علي رد روايات سهو النبي صلي الله عليه وآله سهواً عادياً، لأنها تنافي العصمة، كما خطَّأ أكثرهم الصدوق رحمه الله في تجويزه الإسهاء علي النبي صلي الله عليه وآله كما سيأتي. أما روايات إنامة الله تعالي لنبيه صلي الله عليه وآله عن الصلاة، فقبلها بعضهم لصحة سندها ودلالتها، وردها بعضهم لأنها برأيه تنافي العصمة أيضاً، بينما توقف فيها آخرون.

المجوزون لإنامة الله تعالي لنبيه لحكمة

1- الشيخ المفيد رحمه الله، وهو أول المتشددين في رد الصدوق رحمه الله وقد ألف رسالة في نفي سهو النبي صلي الله عليه وآله رد علي الصدوق فيها وهاجمه بلا هوادة، ولكنه قَبِلَ فيها أن الله تعالي قد ينيم أنبياءه عليهم السلام عن الصلاة لمصلحة، فقال: (فصل: والخبر المروي أيضاً في نوم النبي عليه السلام عن صلاة الصبح من جنس الخبر عن سهوه في الصلاة، وإنه من أخبار الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً ومن عمل عليه فعلي الظن يعتمد في ذلك دون اليقين، وقد سلف قولنا في نظير ذلك بما يغني عن إعادته في هذا الباب. مع أنه يتضمن خلاف ما عليه عصابة الحق لأنهم لا يختلفون في أنه من فاتته صلاة فريضة فعليه أن يقضيها أي وقت ذكرها من ليل أو نهار ما لم يكن الوقت مضيقاً لصلاة فريضة حاضرة. وإذا حرم علي الإنسان أن يؤدي فريضة قد دخل وقتها ليقضي فرضاً قد فاته، كان حظر النوافل عليه قبل قضاء ما فاته من الفرض أولي. هذا مع الرواية عن النبي عليه السلام أنه قال: لا صلاة لمن عليه صلاة، يريد أنه لا نافلة لمن عليه فريضة. فصل: ولسنا ننكر بأن يغلب النوم الأنبياء عليهم السلام في أوقات الصلوات حتي تخرج

فيقضوها بعد ذلك، وليس عليهم في ذلك عيب ولا ذلك عيب ولا نقص، لأنه ليس ينفك بشر من غلبة النوم، ولأن النائم لا عيب عليه وليس كذلك السهو، لأنه نقص عن الكمال في الإنسان، وهو عيب يختص به من اعتراه. وقد يكون من فعل الساهي تارة، كما يكون من فعل غيره، والنوم لا يكون إلا من فعل الله تعالي، وليس من مقدور العباد علي حال، ولو كان من مقدورهم لم يتعلق به نقص وعيب لصاحبه، لعمومه جميع البشر، وليس كذلك السهو لأنه يمكن التحرز منه. ولأنا وجدنا الحكماء يجتنبون أن يودعوا أموالهم وأسرارهم ذوي السهو والنسيان ولا يمتنعون من إيداع ذلك من يغلبه النوم أحياناً، كما لا يمتنعون من إيداعه من يعتريه الأمراض والأسقام. ووجدنا الفقهاء يطرحون ما يرويه ذووا والسهو من الحديث، إلا أن يشركهم فيه غيرهم من ذوي التيقظ والفطنة والذكاء والحصافة. فعلم فرق ما بين السهو والنوم بما ذكرناه). انتهي. أقول: إشكال المفيد رحمه الله ليس علي إمكان أن ينيم الله رسوله صلي الله عليه وآله عن الصلاة، بل علي روايتهم التي رووها في ذلك وأنها من أخبار الآحاد، وإلا لقبلها. وإشكاله عليها لأنها تضمنت السهو الذي لايصح نسبته الي النبي صلي الله عليه وآله، فلو لم تتضمن ذلك لقبلها. ومعناه أن يقبل الكبري ويناقش في الصغري، ويقر المبدأ في عالم الثبوت ويناقش في الإثبات. 2- الشهيد الأول رحمه الله قال في الذكري:2/403: (وقد ذكر فيما تقدم التصريح بأن قاضي الفريضة يصلي أمامها نافلة ركعتين وأن النبي صلي الله عليه وآله فعل ذلك، قال الكليني والصدوق: الله أنام النبي صلي الله عليه وآله عن صلاة الصبح رحمة للأمة). (الكافي:3/294، الفقيه:1/234). 3- المحقق

النراقي رحمه الله قال في مستند الشيعة:7/280: (والقدح في هذه الأخبار، بإيجابها القدح في النبي باعتبار رقوده عن فرض، سيما مع أنه لا ينام قلبه، وسيما مع تضمن بعضها لقوله عليه السلام:إنما نمتم بوادي الشيطان، الدال علي أن منشأ نومهم تسلط الشيطان مع أن سلطانه علي الذين يتولونه لا علي المؤمنين الذين معه. مخدوشٌ جداً لمنع كون رقوده قدحاً فيه بل رحمةً للأمة كما ورد في بعض هذه الأخبار. وإنامته سبحانه له لمصلحة لا توجب قدحاً فيه أصلاً ولاتنافي تيقظ قلبه. وكونه وادي الشيطان لا يدل علي تسلطه علي الجميع، غايته إنامته لبعض منهم وهذا ليس بمنفي إذ لم يكن الجميع من أهل العصمة، بل لعل أهل النفاق كانوا فيهم أيضاً. 4- الفقيه الهمداني فقد قَبِلَ المبدأ كالمفيد ودافع عنه،قال في مصباح الفقيه:2/64: (ثم إن صاحب الحدائق قد ناقش أيضاً في الإستدلال بالصحيحة المتقدمة ونظائرها من الأخبار المتضمنة لنوم النبي صلي الله عليه وآله بأن مقتضي ما انعقد عليه إجماع الأصحاب من عدم تجويزهم السهو علي النبي صلي الله عليه وآله رد هذه الأخبار أو حملها علي التقية، وقد تعجب من الأصحاب كل العجب كيف تلقوا هذه الأخبار بالقبول مع إجماعهم علي عدم جواز السهو والخطأ علي الأنبياء عليهم السلام، ونقل عن شيخنا المفيد رحمه الله في بعض كلماته التصريح بان الأخبار الواردة في نوم النبي صلي الله عليه وآله أو سهوه في الصلاة من أخبار الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً، وطعن بذلك علي الشهيد في مقالته بأني لم أقف علي راد لهذا الخبر. وأنت خبير بأن غلبة النوم غير مندرجة في موضوع السهو والخطأ حتي تندرج في معقد إجماعهم فيشكل دعوي امتناعها

علي الأنبياء عليهم السلام إذ لا شاهد عليها من نقل أو عقل عدا ما قد يقال من أن نومهم عن الفريضة نقص يجب تنزيههم عنه، وهو غير مسلم خصوصاً إذا كان من قبل الله تعالي رحمةً علي العباد لئلا يعير بعضهم بعضا كما في بعض الأخبار التصريح بذلك. وربما يستشهد له بما روي من أنه صلي الله عليه وآله كان تنام عيناه ولا ينام قلبه وانه صلي الله عليه وآله كان له خمسة أرواح منها روح القدس وأنه لا يصيبه الحدثان ولا يلهو ولا ينام فإن مقتضي هذه الروايات عدم صدور فوت الصلاة منه عند منامه أيضاً لولا السهو المجمع علي بطلانه. وفيه نظر: إذ الظاهر أن الاعمال الظاهرية الصادرة من النبي والأئمة عليهم السلام لم تكن مربوطة بمثل هذه الإدراكات الخارجة عن المتعارف فالإنصاف أن طرح تلك الأخبار مع ظهور كلمات الأصحاب في قبولهم لها بمثل هذه الأخبار ونظائرها مما دل علي أن عندهم علم ما كان وما يكون إلي يوم القيامة أو نحو ذلك، مشكل. نعم، قد يقال بأنه لا يجوز التعويل علي أخبار الآحاد في مثل هذه المسألة التي هي من العقائد، لكن لايمنع ذلك عن الأخذ بما تضمنتها من الأحكام الفرعية عند اجتماع شرائط الحجية كما في المقام). ثم عاد وتوقف فيها، قال في مصباح الفقيه:2ق2/ 606: (ولكن ربما نوقش في هذه الصحيحة بمنافاة ما تضمنته من نوم النبي صلي الله عليه وآله عن الصلاة الواجبة لمرتبة النبوة، فلا بد من حملها علي التقية. وأجيب بأن النوم ليس كالسهو نقصاً كي يجب تنزه الأنبياء عليهم السلام عنه، خصوصاً مع ما في بعض الأخبار الواردة في نوم النبي صلي الله عليه وآله

من الإشارة إلي كونه من قبل الله تعالي رحمة بالعباد. وفيه تأمل. ومنها الأخبار، وهي طوائف منها المستفيضة الواردة في نوم النبي صلي الله عليه وآله كصحيحة زرارة المتقدمة وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إن رسول الله صلي الله عليه وآله رقد فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتي أذاه حر الشمس ثم استيقظ فعاد ناديه ساعته وركع ركعتين ثم صلي الصبح. وخبر سعيد الأعرج قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن الله أنام رسوله عن صلاة الفجر حتي طلعت الشمس ثم قام فبدء فصلي الركعتين قبل الفجر ثم صلي الفجر ومضمرة سماعة قال سألته عن رجل نسي أن يصلي الصبح حتي طلعت الشمس قال يصليها حين يذكرها، فإن رسول الله صلي الله عليه وآله رقد عن صلاة الفجر حتي طلعت الشمس ثم صلاها حين استيقظ ولكنه تنحي عن مكانه ذلك ثم صلي، ولكنك عرفت فيما سبق أن الاعتماد علي هذه الأخبار لا يخلو من اشكال فالأولي رد علمها إلي أهله).

الرادون لأحاديث إنامة الله تعالي لنبي والمتوقفون فيها

المحقق البحراني رحمه الله قال في الحدائق الناضرة:6/270: (استدل القائلون بالجواز(تأخير قضاء الصلاة)بما رواه الشيخ عن أبي بصير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل نام عن الغداة حتي طلعت الشمس؟ قال يصلي ركعتين ثم يصلي الغداة. وما روي بطرق عديدة منها الصحيح وغيره من نومه صلي الله عليه وآله عن صلاة الصبح حتي آذاه حر الشمس ثم استيقظ وركع ركعتي الفجر ثم صلي الصبح بعدهما. ومن تلك الأخبار ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول إن

رسول الله صلي الله عليه وآله رقد فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتي آذاه حر الشمس ثم استيقظ فعاد ناديه ساعة فركع ركعتين ثم صلي الصبح. الحديث.... ومن روايات هذه المسألة ما رواه شيخنا الشهيد في الذكري في الصحيح عن زرارة بنحو أبسط من الخبر المتقدم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتي يبدأ بالمكتوبة. قال فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحاب فقلبوا ذلك مني، فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام فحدثني أن رسول الله صلي الله عليه وآله عرس في بعض أسفاره وقال من يكلؤنا؟ فقال بلال أنا. فنام بلال وناموا حتي طلعت الشمس، فقال يا بلال ما أرقدك فقال يا رسول الله صلي الله عليه وآله أخذ بنفسي ما أخذ بأنفاسكم. فقال رسول الله صلي الله عليه وآله قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أخذتكم فيه الغفلة، وقال يا بلال أذن فأذن فصلي رسول الله صلي الله عليه وآله ركعتي الفجر وأمر أصحابه فصلوا ركعتي الفجر ثم قام فصلي بهم الصبح، ثم قال من نسي شيئاً من الصلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله عز وجل يقول: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي. قال زرارة: فحملت الحديث إلي الحكم وأصحابه فقالوا: نقضت حديثك الأول فقدمت علي أبي جعفر عليه السلام فأخبرته بما قال القوم فقال: يا زرارة ألا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان جميعاً، وأن ذلك كان قضاء من رسول الله صلي الله عليه وآله. وهذه الرواية لم نقف عليها إلا في كتاب الذكري وكفي به ناقلاً. قال شيخنا الشهيد قدس سره في الذكري بعد ذكر الخبر المذكور: إن

فيه فوائد.... ومنها، ما تقدم من أن الله أنام نبيه صلي الله عليه وآله لتعليم أمته ولئلا يعير بعض الأمة بذلك. ولم أقف علي راد لهذا الخبر من حيث توهم القدح في العصمة به). انتهي. ثم قال صاحب الحدائق رحمه الله: (ثم العجب كل العجب من أصحابنا رضوان الله عليهم مع إجماعهم واتفاقهم علي عدم جواز السهو علي النبي صلي الله عليه وآله حتي أنهم لم ينقلوا الخلاف في ذلك إلا عن ابن بابويه وشيخه ابن الوليد، وقد طعنوا عليهما في ذلك وشنعوا عليهما أتم التشنيع حتي صنفوا في ذلك الرسائل وأكثروا من الدلائل، ومنها رسالة الشيخ المفيد وربما نسبت إلي السيد المرتضي وهي عندي وفيها ما يقضي منه العجب من القدح في ابن بابويه، فكيف تلقوا هذه الأخبار بالقبول واعتمدوا علي ما فيها من المنقول في مثل هذا الحكم المخالف لاعتقاداتهم؟ فمن كلامه في تلك الرسالة المشار إليها ما صورته: والخبر المروي أيضاً في نوم النبي صلي الله عليه وآله عن صلاة الصبح من جملة الخبر عن سهوه في الصلاة فإنه من أخبار الآحاد التي لاتوجب علماً ولا عملاً، ومن عمل عليه فعلي الظن معتمد في ذلك بدون اليقين، وقد سلف قولنا في نظير ذلك ما يغني عن إعادته في هذا الباب، مع أنه يتضمن خلاف ما عليه عصابة الحق لأنهم لا يختلفون في أن من فاتته صلاة فريضة فعليه أن يقضيها في أي وقت ذكرها من ليل أو نهار ما لم يكن الوقت مضيقاً لصلاة فريضة حاضرة، فإذا حرم أن يؤدي فيه فريضة قد دخل وقتها ليقضي فرضاً قد فاته كان حظر النوافل عليه قبل قضاء ما فاته من الفرض أولي، هذا مع

أن الأخبار عن النبي صلي الله عليه وآله قال: لا صلاة لمن عليه صلاة يريد لا نافلة لمن عليه صلاة فريضة. انتهي. وهو جيد وجيه، كما لا يخفي علي الفطن النبيه. وقال شيخنا البهائي قدس سره في كتاب الحبل المتين بعد نقله صحيحتي ابن سنان وزرارة المذكورتين ما صورته: وربما يظن تطرق الضعف إليهما لتضمنهما ما يوهم القدح في العصمة، لكن قال شيخنا في الذكري إنه لم يطلع علي راد لهما من هذه الجهة. وهو يعطي تجويز الأصحاب صدور ذلك وأمثاله من المعصوم. وللنظر فيه مجال واسع. انتهي. أقول: قد عرفت صراحة كلام شيخنا المفيد عليه السلام في رد الأخبار المذكورة فكيف يدعي أنه لا راد لهما؟ وعدم اطلاعه عليه لا يدل علي العدم. وبالجملة فمقتضي عدم تجويز السهو عليه صلي الله عليه وآله كما هو ظاهر اتفاقهم رد هذه الأخبار ونحوها أو حملها علي التقية، كما يشير إليه ما نقله من رواية العامة الخبر المذكور عن أبي قتادة وجماعة من الصحابة، إذ لا يخفي ما بين الحكمين من التدافع والتناقض، لكنهم من حيث قولهم بهذا الحكم واختيارهم له يغمضون النظر عما في أدلته من تطرق القدح ويتسترون بالأعذار الواهية كما لايخفي علي من مارس كلامهم في الأحكام، كما نبهنا عليه في غير مقام). انتهي. أما صاحب الجواهر فقد مال الي قبولها، فقال في:7/251: (كما أنه لا يخفي عليك أولوية جواز التطوع لمن عليه فائتة بناء علي المواسعة من الحاضرة، بل لعل الجواز ظاهر المتن والقواعد، بل صرح به الصدوق في ركعتي الصبح الفائتة مع الفريضة، بل حكاه في الذخيرة عن ابن الجنيد والشهيدين، بل لعله ظاهر الكليني أيضاً وغيره ممن روي أخبار نوم النبي

صلي الله عليه وآله، خصوصاً مع قوله كالصدوق فيما حكي عنهما إن الله أنام النبي صلي الله عليه وآله عن صلاة الصبح رحمة للأمة... والأخبار المشتملة علي رقود النبي صلي الله عليه وآله عن صلاة الصبح ونافلتها وأنه قضاهما مقدما للنافلة علي الفريضة سيما صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام منها المشتمل علي قصته مع الحكم ابن عتيبة وأصحابه، وأنه لما ذكر له قضاء النبي صلي الله عليه وآله كذلك قال له: نقضت حديثك الأول مشيراً به إلي ما رواه زرارة لهم أيضاً عن أبي جعفر عليه السلام: إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتي تبدأ بالمكتوبة، فحكي ذلك لأبي جعفر عليه السلام فقال له: ألا أخبرتهم أنه قد فاته الوقتان جميعاً، وأن ذلك كان قضاء من رسول الله صلي الله عليه وآله! والمناقشة في هذه الأخبار باحتمال كون الركعتين اللتين صلاهما النبي صلي الله عليه وآله فريضة فائتة لا نافلة، وبمنافاتها لمرتبة النبوة يدفعها ظهور بعضها أو جميعها بل صراحة آخر في التطوع، وعدم إحاطة العقل بحكم ذلك ومصالحه، وقد ذكرنا بعض الكلام فيه في باب القضاء، ولعله لذا لم أقف علي راد لها من هذه الجهة، كما اعترف به في الذكري). ثم مال رحمه الله الي ردها فقال في:13/71: (ومنها ما يستفاد من المروي من قصة نوم النبي صلي الله عليه وآله عن صلاة الصبح من عدم تلك المبادرة والفورية للقضاء التي يدعيها الخصم، خصوصاً علي ما في الذكري وغيرها من روايته في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتي يبدأ بالمكتوبة، قال: فقدمت

الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحابه فقبلوا ذلك مني...ثم ذكر روايات نوم النبي صلي الله عليه وآله عن صلاة الصبح وقال: (والمناقشة فيها بأن الواجب طرحها لمنافاتها العصمة كالأخبارالمتضمنة للسهو منه أو من أحد الأئمة عليهم السلام يدفعها ظهور الفرق عند الأصحاب بينه وبين السهو، ولذا ردوا أخبار الثاني ولم يعمل بها أحد منهم عدا ما يحكي عن الصدوق وشيخه ابن الوليد والكليني وأبي علي الطبرسي في تفسير قوله تعالي: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا. (الأنعام:68) وإن كان ربما يظهر من الأخير أن الإمامية جوزوا السهو والنسيان علي الأنبياء في غير ما يؤدونه عن الله تعالي مطلقاً ما لم يؤد ذلك إلي الإخلال بالعقل، كما جوزوا عليهم النوم والإغماء الذين هما من قبيل السهو، بخلاف أخبار الأول كما عن الشهيد في الذكري الإعتراف به حيث قال: لم أقف علي راد لهذا الخبر من حيث توهم القدح في العصمة. بل عن صاحب رسالة نفي السهو وهو المفيد أو المرتضي التصريح بالفرق بين السهو والنوم، فلا يجوز الأول ويجوز الثاني، بل ربما يظهر منه أن ذلك كذلك بين الإمامية كما عن والد البهائي رحمه الله في بعض المسائل المنسوبة إليه أن الأصحاب تلقوا أخبار نوم النبي صلي الله عليه وآله عن الصلاة بالقبول، إلي غير ذلك مما يشهد لقبولها عندهم، كرواية الكليني والصدوق والشيخ وصاحب الدعائم وغيرهم لها، حتي أنه عقد في الوافي بابا لما ورد أنه لا عار في الرقود عن الفريضة مورداً فيه جملة من الأخبار المشتملة علي ذلك، معللة له بأنه فعل الله بنبيه صلي الله عليه وآله ذلك رحمة للعباد، ولئلا يعير بعضهم بعضاً. لكن ومع ذلك كله فالإنصاف أنه لا يجترأ

علي نسبته إليهم عليه السلام لما دل من الآيات والأخبار كما نقل علي طهارة النبي وعترته عليهم الصلاة والسلام من جميع الأرجاس والذنوب، وتنزههم عن القبائح والعيوب، وعصمتهم من العثار والخطل في القول والعمل، وبلوغهم إلي أقصي مراتب الكمال، وأفضليتهم عمن عداهم في جميع الأحوال والأعمال، وأنهم تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم، وأن حالهم في المنام كحالهم في اليقظة، وأن النوم لا يغير منهم شيئاً من جهة الإدراك والمعرفة، وأنهم لا يحتلمون ولا يصيبهم لمة الشيطان، ولا يتثاءبون ولا يتمطون في شئ من الأحيان، وأنهم يرون من خلفهم كما يرون من بين أيديهم، ولا يكون لهم ظل، ولا يري لهم بول ولا غائط، وأن رائحة نجوهم كرائحة المسك، وأمرت الأرض بستره وابتلاعه، وأنهم علموا ما كان وما يكون من أول الدهر إلي انقراضه، وأنهم جعلوا شهداء علي الناس في أعمالهم، وأن ملائكة الليل والنهار كانوا يشهدون مع النبي صلي الله عليه وآله صلاة الفجر، وأن الملائكة كانوا يأتون الأئمة عليهم السلام عند وقت كل صلاة، وأنهم ما من يوم ولا ساعة ولا وقت صلاة إلا وهم ينبهونهم لها ليصلوا معهم، وأنهم كانوا مؤيدين بروح القدس يخبرهم ويسددهم، ولا يصيبهم الحدثان، ولا يلهو ولا ينام ولا يغفل، وبه علموا ما دون العرش إلي ما تحت الثري ورأوا ما في شرق الأرض وغربها، إلي غير ذلك مما لا يعلمه إلا الله، كما ورد أنهم لا يعرفهم إلا الله ولا يعرف الله حق المعرفة إلا هم، وليسوا هم أقل من الديكة التي تصرخ في أوقات الصلوات وفي أواخر الليل لسماعها صوت تسبيح ديك السماء الذي هو من الملائكة وعرفه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة، وجناحاه يجاوزان

المشرق والمغرب، وآخر تسبيحه في الليل بعد طلوع الفجر (ربنا الرحمن لا إله غيره) ليقم الغافلون. تعالوا عن ذلك علوا كبيراً. نعم لو أمكن دعوي ثبوت تكاليف خاصة لهم تقوم مقام هذه التكاليف اتجه دعوي جواز نومهم عنها، وربما يومي إليه قول النبي صلي الله عليه وآله: أصابكم فيه الغفلة، وقوله صلي الله عليه وآله: نمتم بوادي الشيطان، والله أعلم بحقيقة الحال. قال العلامة قدس سره في التذكرة: خبر ذي الشمالين عندنا باطل لأن النبي صلي الله عليه وآله لا يجوز عليه السهو مع أن جماعة أصحاب الحديث طعنوا فيه، لأن راويه أبو هريرة وهو أسلم بعد الهجرة بسبع سنين، وذو الشمالين قتل يوم بدر. وكيف كان، اتفق علماؤنا قديماً وحديثاً سوي الصدوق وشيخه ابن الوليد والكليني علي الظاهر علي عدم جواز السهو والإسهاء علي المعصومين عليهم السلام محتجين بأنه إذا جوز السهو عليهم لاسيما الأنبياء عليهم السلام فلا يأمن المكلف من سهوهم في كل حكم وتنتفي فائدة البعثة، لكن الأخبار الواردة فيه سهوه صلي الله عليه وآله كثيرة من طرق العامة والخاصة. قال في التكملة في ترجمة ابن أورمة: أصل الغلو في كلامهم غير معلوم المراد إذ يجوز أن يكون من قبيل قول ابن الوليد من الغلو نفي السهو والنسيان عن النبي صلي الله عليه وآله، فإنه بهذا المعني عين الصواب بل هو المشهور بين الأصحاب). انتهي. أما الشيخ الأنصاري رحمه الله فقد مال الي ردها فقال في رسائل فقهية/319: (الطائفة الثالثة: ما دل علي الأخبار علي جواز النفل أداء وقضاء لمن عليه فائتة، فمن جملة ذلك: ما استفاض من قصة نوم النبي صلي الله عليه وآله عن صلاة الصبح حتي طلعت الشمس، فقام

فصلي هو وأصحابه أولا نافلة الفجر ثم صلي الصبح. ولا إشكال في سندها ودلالتها إلا من جهة تضمنها نوم النبي صلي الله عليه وآله. ثم نقل الشيخ الأنصاري كلام الشهيد الأول والمفيد والبهائي ثم رد رواية بخاري مستشهداً بكلام ابن طاووس في ذلك، ثم قال في/322: (والإنصاف أن نوم النبي صلي الله عليه وآله أو أحد المعصومين صلوات الله عليهم عن الواجب سيما آكد الفرائض نقصٌ عليهم، ينفيه ما دل من أخبارهم علي كمالهم وكمال عناية الله تعالي بهم في تبعيدهم من الزلل، بل الظاهر بعد التأمل أن هذا أنقص من سهو النبي صلي الله عليه وآله عن الركعتين في الصلاة. وما تقدم من صاحب رسالة نفي السهو(للمفيد) ممنوع، بل العقل والعقلاء يشهدون بكون السهو عن الركعتين في الصلاة أهون من النوم عن فريضة الصبح وأن هذا النائم أحق بالتعيير من ذلك الساهي، بل ذاك لايستحق تعييراً. وكون نفس السهو نقصاً دون نفس النوم لا ينافي كون هذا الفرد من النوم أنقص، لكشفه عن تقصير صاحبه ولو في المقدمات. وبالجملة، فصدور هذا مخالف لما يحصل القطع به من تتبع متفرقات ما ورد في كمالاتهم وعدم صدور القبائح منهم فعلاً وتركاً، في الصغر والكبر، عمداً أو خطأً. ولعله لذا تنظَّر في الأخبار بعض المتأخرين علي ما حكي عنهم منهم شيخنا البهائي بعد اعترافه بأن المستفاد من كلام الشهيد المتقدم عن الذكري تجويز الأصحاب لذلك. وعرفت أيضاً ما عن المنتهي وغيره. اللهم إلا أن يقال بإمكان سقوط أداء الصلاة عنه صلي الله عليه وآله في ذلك الوقت لمصلحة علمها الله سبحانه، فإن اشتراكه صلي الله عليه وآله مع غيره في هذا التكليف الخاص ليس الدليل عليه أوضح

من الأخبار المذكورة حتي يوجب طرحها، خصوصاً بملاحظة بعض القرائن الواردة في تلك الأخبار، منها قوله عليه السلام في رواية سعيد الأعرج: إن الله تعالي أنام رسول الله صلي الله عليه وآله إلي أن قال: وأسهاه في صلاته فسلم في الركعتين. إلي أن قال: وإنما فعل ذلك رحمة لهذه الأمة، لئلا يعير الرجل المسلم إذا هو نام علي صلاته أو سها...الخبر.. فتأمل. وقوله صلي الله عليه وآله لأصحابه مخاطباً لهم: نمتم بوادي الشيطان، ولم يقل نمنا فعلم أن النوم كان زللاً منهم لا منه صلي الله عليه وآله). وقد توقف فيها الشيخ الأصفهاني رحمه الله فقال في صلاة الجماعة/24: (وأما استحباب الجماعة في القضاء فليس فيه نص معتبر إلا ما ورد في حكاية نوم النبي صلي الله عليه وآله وقضاء صلاة الصبح جماعة ومع ما فيه من الإشكال، يشكل به الإستدلال في هذا المجال). كما توقف فيها السيد الخوئي قدس سره فقال في كتاب الصلاة:5 ق 1/197: (فالنصوص الواردة في نوم النبي صلي الله عليه وآله عن صلاة الفجر وقد تقدم ذكر بعضها تكون حجة عليهم، بناء علي الأخذ بها والإلتزام بمضمونها. فإنا تارة نبني علي عدم العمل بالنصوص المذكورة وإن صحت أسانيدها لمنافاتها لمقام النبوة سيما مع ملاحظة ما ورد في الأخبار في شأنه صلي الله عليه وآله من أنه كانت تنام عينه ولا ينام قبله، فكيف يمكن أن ينام عن فريضة الفجر؟ فلا محالة ينبغي حملها علي التقية أو علي محمل آخر. وأخري، نبني علي العمل بها بدعوي: أن النوم من غلبة الله وليس هو كالسهو والنسيان المنافيين لقام العصمة والنبوة، ولا سيما بعد ملاحظة التعليل الوارد في بعض هذه النصوص من أن

ذلك إنما كان بفعل الله سبحانه رحمة علي العباد، كي لايشق علي المؤمن لو نام اتفاقاً عن صلاة الفجر، وعليه فتكون هذه النصوص منافية للتضييق الحقيقي لدلالتها علي أنه صلي الله عليه وآله بعد انتباهه من النوم واعتراضه علي بلال واعتذار هذا منه، أمر بالارتحال من المكان المذكور، ثم بعد ذلك أذن بلال فصلي النبي صلي الله عليه وآله ركعتي الفجر ثم قام فصلي بهم الصبح، ومعلوم: أن هذه الأمور السابقة علي صلاة الصبح تستغرق برهة من الوقت، فلم يقع إذا قضاء الصبح أول آن التذكر، بل تأخر عنه بمقدار ينافي الضيق الحقيقي). وقال في كتاب الصلاة:5 ق 2/10: (منها: الأخبار الصحيحة الواردة في رقود النبي صلي الله عليه وآله وأصحابه عن صلاة الفجر حتي طلعت الشمس ثم قضائه صلي الله عليه وآله بهم جماعة بعد الانتقال إلي مكان آخر، فإنها وإن أشكل التصديق بمضمونها من حيث الحكاية عن نوم النبي صلي الله عليه وآله ومن الجائز أن تكون من هذه الجهة محمولة علي التقية كما مرت الإشارة إليه سابقاً، لكنها من حيث الدلالة علي مشروعية الجماعة في القضاء لامانع من الأخذ بها بعد قوة أسانيدها، وعدم المعارض لها). وقال في/202: (رابعها: وهو العمدة الأخبار الواردة ولنذكر المهم منها معرضين عن الباقي الذي منه: ما ورد في نوم النبي صلي الله عليه وآله عن صلاة الفجر، وأمره صلي الله عليه وآله بالارتحال بعد الانتباه عن ذلك المكان والقضاء في مكان آخر، وقد مرت الإشارة إلي بعض ذلك، وقلنا: إن هذه الروايات وإن تمت دلالة وسنداً مما يشكل الإعتماد عليها والتصديق بمضمونها، فلا بد من رد علمها إلي أهلها أو حملها علي بعض المحامل كالتقية ونحوها).

انتهي. أقول: لاشك في بطلان ما رووه من سهو النبي صلي الله عليه وآله في صلاته، وكذلك ما رروه من سهوه عنها، أما إنامة الله لرسوله عنها فهو أمرٌ ممكن وجعله محالاً من الغلو كما ذكر الصدوق واستاذه قدس سرهما، لكن لادليل علي وقوعه، والقدر الثابت أن الله تعالي أنام المسلمين عنها وعلمهم النبي صلي الله عليه وآله كما تقدم.

احاديث بخاري في سهو و نومه عن الصلاة

روايتهم أن النبي نسي و صلي العشاء ركعتين

في صحيح بخاري:1/123: (عن أبي هريرة قال صلي بنا رسول الله(ص)احدي صلاتي العشي، قال ابن سيرين: قد سماها أبو هريرة ولكن نسيت أنا، قال: فصلي بنا ركعتين ثم سلم! فقام إلي خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمني علي اليسري وشبك بين أصابعه ووضع خده الأيمن علي ظهر كفه اليسري! وخرجت السرعان من أبواب المسجد فقالوا: قُصرت الصلاة! وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول يقال له ذو اليدين قال: يا رسول الله أنسيتَ أم قَصُرت الصلاة؟ قال: لم أنس ولم تَقْصُر، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم، فتقدم فصلي ما ترك ثم سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، فربما سألوه فيقول نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم). وفي بخاري:1/175: (عن أبي هريرة ان رسول الله(ص)انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله(ص)أصدق ذو اليدين؟ فقال الناس: نعم، فقام رسول الله(ص)فصلي اثنتين أخريين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول). وفي بخاري:2/66: (عن أبي هريرة قال صلي النبي(ص)إحدي صلاتي العشي قال محمد

وأكثر ظني العصر ركعتين ثم سلم، ثم قام إلي خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فهابا أن يكلماه وخرج سرعان الناس فقالوا أقصرت الصلاة ورجل يدعوه النبي(ص)ذو اليدين فقال: أنسيت أم قصرت؟ فقال لم أنس ولم تقصر، قال: بلي قد نسيت! فصلي ركعتين ثم سلم، ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه فكبر ثم وضع رأسه فكبر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر). روايتهم أن النبي صلي الله عليه وآله صلي ركعتين فصحح له ذو اليدين! في بخاري: 7/85: (عن أبي هريرة قال صلي بنا النبي(ص)الظهر ركعتين ثم سلم ثم قام إلي خشبة في مقدم المسجد ووضع يده عليها وفي القوم يومئذ أبو بكر وعمر فهابا ان يكلماه وخرج سرعان الناس فقالوا قصرت الصلاة وفي القوم رجل كان النبي(ص)يدعوه ذا اليدين فقال يا نبي الله أنسيت أم قصرت فقال لم انس ولم تقصر قال بل نسيت يا رسول الله قال صدق ذو اليدين فقام فصلي ركعتين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر ثم وضع مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر). وفي بخاري:2/66: (عن أبي هريرة قال صلي بنا النبي(ص)الظهر أو العصر فسلم فقال له ذو اليدين الصلاة يا رسول الله أنَقَصَتْ؟ فقال النبي(ص)لأصحابه: أحق ما يقول؟ قالوا: نعم، فصلي ركعتين أخريين، ثم سجد سجدتين.... عن أبي هريرة أن رسول الله(ص)انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله(ص)أصدق ذو اليدين؟ فقال الناس نعم، فقام رسول الله(ص)فصلي اثنتين أخريين ثم سلم، ثم كبر فسجد مثل

سجوده أو أطول، ثم رفع). روايتهم أن النبي صلي الله عليه وآله نسي فصلي ركعتين وفي بخاري:8/133: (عن أبي هريرة أن رسول الله(ص)انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال: أصدق ذو اليدين؟ فقال الناس: نعم، فقام رسول الله(ص)فصلي ركعتين أخريين، ثم سلم ن ثم كبر ثم سجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع ثم كبر فسجد مثل سجوده).

روايتهم أن الشك في عدد الركعات من الشيطان

في البخاري:2/66: (عن أبي هريرة أن رسول الله(ص)قال إن أحدكم إذا قام يصلي جاء الشيطان فلبس عليه حتي لا يدري كم صلي فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس....عن أبي هريرة قال قال رسول الله(ص)إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتي لا يسمع الأذان، فإذا قضي الأذان أقبل، فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل، حتي يخطر بين المرء ونفسه يقول: أذكر كذا وكذا، ما لم يكن يذكر، حتي يظل الرجل إن يدري كم صلي! فإذا لم يدر أحدكم كم صلي ثلاثا أو أربعا، فليسجد سجدتين وهو جالس). انتهي.

روايتهم أن النبي صلي الظهر خمس

في بخاري:2/65: (عن عبد الله أن رسول الله(ص)صلي الظهر خمسا فقيل له أزيد في الصلاة! فقال: وما ذاك؟ قال: صليت خمسا فسجد سجدتين بعد ما سلم). وفي:8/133: (عن عبد الله قال صلي بنا النبي(ص)الظهر خمسا فقيل أزيد في الصلاة؟ قال وما ذاك؟ قالوا: صليت خمسا فسجد سجدتين بعدما سلم).

روايتهم أن النبي صلي الظهر و نسي التشهد

في بخاري:2/66: (عن عبد الله ابن بحينة الأسدي حليف بني عبد المطلب أن رسول الله(ص)قام في صلاة الظهر وعليه جلوس فلما أتم صلاته سجد سجدتين فكبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم، وسجدهما الناس معه، مكان ما نسي من الجلوس. تابعه ابن جريج عن ابن شهاب في التكبير). انتهي.وقد اقتصرنا علي ما رواه البخاري فقط، وقد روي غيره أكثر منه!

تحير فقهاء المذاهب في روايات سهو النبي

لم يناقش أحد منهم في أسانيد رواياتها، لأنها عندهم صحيحة بأعلي درجات الصحة حيث رواها بخاري الذي تبنوا صحة ما فيه من الجلد الجلد! ولم يعترض أحد منهم عليها لما تنسبه الي النبي صلي الله عليه وآله من سهو وغلط في صلاته وسذاجة وتحير وتناقض! ومعني ذلك أنهم قبلوا الطعن في عصمته صلي الله عليه وآله في صلاته التي كان يؤم فيها المسلمين! بل قبلوا الطعن في ذاكرته صلي الله عليه وآله ومستواه الذهني حيث جعلته هذه الأحاديث أقل من إمام جماعة ذكي جيد الإنتباه! ولكنهم مع ذلك اختلفوا في أحاديث السهو في الصلاة لأنها تضمنت ورطة أخري، فردها أكثرهم بسببها وأفتوا ضدها، وقليل منهم قبلها وأفتي بها! والورطة أن أحاديث بخاري وغيره تقول إن النبي صلي الله عليه وآله بعد أن أخطأ وأنهي صلاته، تكلم وغضب، وذهب الي ناحية المسجد، وذهب الي خشبة معترضة ووضع يديه ورأسه عليها، أو ذهب الي منزله، ثم رجع وأتمَّ صلاته من حيث تركها ولم يُعِدْها! وتساءلوا كيف يمكن أن يكون النبي صلي الله عليه وآله قطع صلاته ثم رجع وأتمها وهو الذي يقول صلي الله عليه وآله:(إن هذه الصلاة لايصلح فيها شئ من كلام الناس). (صحيح مسلم:2/70، وأحمد:5/447 وغيرهما). ومع أن بعضهم تجرأ وأفتي بأن

الصلاة لاتبطل بالكلام حسب هذه الروايات؟! لكن عامة أتباع المذاهب إذا سهوْا في صلاتهم يعيدونها، ولا يأخذون بهذه الفتوي، ولا يستحلون فعل ما نسبه رواتهم وفقهاؤهم الي رسول الله صلي الله عليه وآله! لقد كتب فقهاؤهم مئات الصفحات في النقض والإبرام محاولين التخلص من هذه الورطة! وقد كان الشافعي أجرأهم فأفتي بأن من تخيَّل أن أتم صلاته وأتي بمبطل، يبني عليها ولا يعيدها! قال في كتاب الأم:1/147: (ومن تكلم في الصلاة وهو يري أنه قد أكملها أو نسي أنه في صلاة فتكلم فيها بني علي صلاته وسجد للسهو، لحديث ذي اليدين)! (وذهب إلي مثل قول الشافعي أبو هريرة، ومكحول، والزهري، وغيرهم). (سبل السلام1:/206). وكان عروة بن الزبير أجرأ من الجميع فصلي المغرب ركعتين وسلم، سهواً أو عمداً، ثم قطع صلاته عمداً بالكلام، ثم أتمها من حيث قطعها وقال: هكذا فعل النبي صلي الله عليه وآله! (قال سعد: ورأيت عروة بن الزبير صلي من المغرب ركعتين فسلم وتكلم! ثم صلي ما بقي وسجد سجدتين وقال: هكذا فعل النبي). (بخاري:2/66). وفي مغني ابن قدامة:1/704: (من سلَّمَ عن نقص من صلاته يظن أنها قد تمت ثم تكلم، ففيه ثلاث روايات: إحداهن: أن الصلاة لا تفسد إذا كان الكلام في شأن الصلاة مثل الكلام في بيان الصلاة، مثل كلام النبي(ص)وأصحابه في حديث ذي اليدين لأن النبي وأصحابه تكلموا ثم بنوا علي صلاتهم، ولنا في رسول الله أسوة حسنة! والرواية الثانية: تفسد صلاتهم، وهو قول الخلال وصاحبه ومذهب أصحاب الرأي لعموم أحاديث النهي. والثالثة: أن صلاة الإمام لا تفسد، لأن النبي(ص)كان إماماً فتكلم وبني علي صلاته! وصلاة المأمومين الذين تكلموا تفسد). انتهي. وقال ابن حزم في المحلي:4/5: (فغلط في هذا

الخبر صنفان: أحدهما أصحاب أبي حنيفة، والثاني ابن القاسم ومن وافقه! فأما أصحاب أبي حنيفة فإنهم قالوا لعل هذا الخبر كان قبل تحريم الكلام في الصلاة، وقالوا: الرجل المذكور قتل يوم بدر.... وهذا كله باطل وتمويه وظن كاذب.... وأما ابن القإسم ومن وافقه فإنهم أجازوا بهذا الخبر كلام الناس مع الإمام في إصلاح الصلاة). وقال في الدر المختار:1/663: (وحديث ذي اليدين منسوخ بحديث مسلم: إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الناس). ورده ابن عابدين:1/663. وقال الكحلاني في شرح سبل السلام:1/203:(هذا الحديث قد أطال العلماء الكلام عليه وتعرضوا لمباحث أصولية وغيرها، وأكثرهم استيفاء لذلك القاضي عياض، ثم المحقق ابن دقيق العيد في شرح العمدة، وقد وفينا المقام حقه في حواشيها، والمهم هنا الحكم الفرعي المأخوذ منه، وهو أن الحديث دليل علي أن نية الخروج من الصلاة وقطعها إذا كانت بناء علي ظن التمام، لا يوجب بطلانها ولو سلم التسليمتين، وأن كلام الناسي لا يبطل الصلاة، وكذا كلام من ظن التمام، وبهذا قال جمهور العلماء من السلف والخلف، وهو قول ابن عباس وابن الزبير وأخيه عروة وعطاء والحسن وغيرهم، وقال به الشافعي وأحمد وجميع أئمة الحديث. وقال به الناصر من أئمة الآل. وقالت الهادوية والحنفية: التكلم في الصلاة ناسياً أو جاهلاً يبطلها، مستدلين بحديث ابن مسعود، وحديث زيد بن أرقم في النهي عن التكلم في الصلاة، وقالوا: هما ناسخان لهذا الحديث. وأجيب: بأن حديث ابن مسعود كان بمكة متقدما علي حديث الباب بأعوام، والمتقدم لا ينسخ المتأخر....الخ.).انتهي. وقصده بحديث ابن مسعود ما رواه النسائي:3/19: (قال: كنا نسلم علي النبي (ص)فيرد علينا السلام حتي قدمنا من أرض الحبشة فسلمت عليه فلم يردَّ عليَّ فأخذني ما

قرب وما بعد، فجلست حتي إذا قضي الصلاة قال إن الله عز وجل يحدث من أمره ما يشاء، وإنه قد أحدث من أمره أن لا يتكلم في الصلاة). ونحوه في مصنف عبد الرزاق:2/335، ونحوه في مسلم:2/85 وزاد في طينه بَلَّة وبخاري:1/104، وزاد فيه بلتان: (قال عبد الله صلي النبي(ص) قال إبراهيم لا أدري زاد أو نقص، فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شئ؟ قال وما ذاك؟ قالوا صليت كذا وكذا! فثني رجله واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم، فلما أقبل علينا بوجهه قال: إنه لو حدث في الصلاة شئ لنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم، أنسي كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني). انتهي. وبذلك أبطلوا بكل سهولة قوله تعالي: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَي. (الأعلي:6). وقصد الكحلاني بالهادوية ما قاله يحيي بن الحسين في الأحكام:1/114: (لا أدري ما صحة هذا الحديث عن النبي صلي الله عليه وآله في الصلاة بعد التسليم، ولا أري أنه صحيح عن رسول الله(ص)! بل القول عندي فيمن نسي فسلم في غير موضع التسليم، ثم ذكر قبل أن يتكلم بكلام أو يحرف وجهه عن ذلك المقام، أن صلاته قد انقطعت، ويجب عليه الإستيناف لها فليبتد صلاته، وليؤدها علي ما فرضت عليه من حدودها). انتهي. وكلامه موافق لمذهبنا. وقد حاولوا أن يتخلصوا من أحاديث ابن مسعود التي تنهي عن الكلام في الصلاة، بأن زمنها قبل حديث ذي اليدين، لكن مشكلتهم أن حديث ذي الدين متأخر لأن راويه أبو هريرة الذي أسلم في السنة السابعة، وهو يقول: (صلي بنا أو صلي لنا رسول الله) صلي الله عليه وآله. كما ردوا قول الزهري وغيره إن ذي اليدين أنصاري استشهد في بدر فلا

يصح حديث أبي هريرة عنه، وأجابوا بأن الشهيد في بدر ذو الشمالين، أما ذو اليدين فهو الخرباق وهو أنصاري عاش الي زمن معاوية وكان معه، وكان يسكن بذي خشب علي مسيرة يوم من المدينة باتجاه الشام. قال النووي في شرح مسلم:5/71: (واعلم أن حديث ذي اليدين هذا فيه فوائد كثيرة وقواعد مهمة! منها جواز النسيان في الافعال والعبادات علي الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وأنهم لا يقرون عليه... ثم قال وهو ينقل خلاصة دفاع ابن عبد البر عن الحديث: (فذوا اليدين الذي شهد السهو في الصلاة سُلَمي، وذو الشمالين المقتول ببدر خزاعي يخالفه في الإسم والنسب، وقد يمكن أن يكون رجلان وثلاثة يقال لكل واحد منهم ذو اليدين وذو الشمالين لكن المقتول ببدر غير المذكور في حديث السهو هذا قول أهل الحذق والفهم من أهل الحديث والفقه)انتهي. (راجع ثقات ابن حبان:3/301، والجرح والتعديل للرازي:4/386). وقد اضطروا لمهاجمة الزهري لقوله إن ذي اليدين قتل في بدر، وإن سهو النبي صلي الله عليه وآله في صلاته كان قبل بدر، قبل أن يستقر تشريع الصلاة! قال الزهري: (وكان ذلك قبل بدر ثم استحكمت الأمور بعد)! فعلق عليه شارح موطأ مالك:1/94: (قال ابن عبد البر: لا أعلم أحداً من أهل العلم بالحديث المصنفين فيه عوَّل علي الزهري في قصة ذي اليدين، وكلهم تركوه لاضطرابه! وأنه لم يقم له لا إسناداً ولا متناً، وإن كان إماماً عظيماً في هذا الشأن. فالغلط لايسلم منه بشر). انتهي. أقول: 1- ينبغي للزهري أن يقبل تغليطهم له، لأنه غلَّط معهم النبي صلي الله عليه وآله في صلاته! 2- هذا غيضٌ من بحوثهم المطولة في الدفاع عن رواتهم الذين أرادوا تبرير غلطهم أو غلط

الخلفاء في صلاتهم، فرموا بذلك رسول الله صلي الله عليه وآله وأشهدوا عليه بدوياً من أهل ذي خشب! لكنهم وقعوا في كذبتهم فقالوا إن النبي صلي الله عليه وآله قطع صلاته وغضب وذهب ثم عاد وأتمها! فصدق عليهم المثل: لاحافظة لكذوب!

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.