قل هاتوا برهانكم

اشارة

قراءة في كتاب الاجوبة النجفية في الرد علي الفتاوي الوهابية
لجنة التاليف

الحركة الوهابية و تكفير المسلمين

قراءة في كتاب «الأجوبة النجفية في الرد علي الفتاوي الوهابية» لآية الله الشيخ هادي آل كاشف الغطاء كاتب من لبنان. انطلقت حركة محمد بن عبدالوهاب الحنبلي من نجد في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري، معلنة الجهاد علي المسلمين في الجزيرة العربية و أطرافها، بحجة أنهم كفار و مشركون، ارتدوا عن التوحيد و عبدوا الأولياء و الأنبياء و الصالحين، و استبدلوا المساجد بالأضرحة و المقابر و المزارات و مقامات الأئمة و العلماء قد اتخذت هذه الحركة و منظروها من مظاهر بناء الأضرحة و القباب علي القبور دليلا علي أن المسلمين قد رجعوا الي الجاهلية الأولي، فعادوا الي الشرك بعد الاسلام، لذلك فقد أصبح الجهاد مشروعا، و الدعوة الي الاسلام و عقيدة التوحيد مسؤولية عظيمة، قام بها الشيخ ابن عبدالوهاب النجدي بمساعدة أمير الدرعية آنذاك، و من تبعهم من أعراب نجد ممن انتحل دعوة الشيخ و آمن بعقيدته. و هكذا انطلقت الفتوحات من جديد لجهاد الكفار و المشركين من المسلمين الذين يشهدون الشهادتين و يصلون و يصومون و يحجون. و يرفع الأذان بين ظهرانيهم خمس مرات في اليوم معلنا أن لا اله الا الله و أن محمدا عبده و رسوله، و يتحاكمون للشريعة المنزلة، و يقلدون المذاهب الفقهية و الأصولية الاسلامية المعروفة و المعتمدة. [ صفحه 238] و في غفلة من سلطة الامبراطورية العثمانية - المسيطرة آنذاك علي الجزيرة العربية - التي أصابتها الشيخوخة و دب في أوصالها الضعف و الوهن، انطلقت الفتوحات الوهابية من قلب نجد باتجاه الحجاز و شمال الجزيرة و شرقها، حيث تمكن الجيش الوهابي من السيطرة علي الحرمين الشريفين و علي مساحات شاسعة في وسط الجزيرة و شمالها، و قتلوا في سبيل ذلك الآلاف من الرجال و النساء و الشيوخ و الأطفال، و سفكوا الدم الحرام، و نهبوا الأموال و حرقوا الزرع، و قطعوا الأشجار و النخيل، و في طريقهم هدموا و دمروا كل ما وجدوه من قباب و أضرحة و مقابر جماعية و أماكن للعبادة يوجد فيها قبر أو أي أثر اسلامي يتبرك به المسلمون أو يقصدونه للزيارة و الاعتبار. و أهم هذه المزارات و الآثار قبور أئمة أهل البيت (عليهم‌السلام) و الصحابة التابعين و العلماء الصالحين، و قبور أمهات المؤمنين و الشهداء، خصوصا مقبرة البقيع في المدينة المنورة التي هجموا عليها في الثامن من شهر شوال سنة 1344 ه / 1926 م، فهدموا قبابها و قبورها و تركوها قاعا صفصفا، أحجاره مبعثرة كأن زلزالا قد ضرب المكان، لم يعرف قبر صحابي من قبر تابعي أو شهيد أو عالم. و كانوا، قبل ذلك، قد أغاروا علي مدينة كربلاء المقدسة جنوب العراق، و قصدوا ضريح الامام الشهيد الحسين بن علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام، فهدموا قبة الضريح و المنابر لأنهم كانوا يظنون أنها مبنية بالذهب و الفضة، بعدما قتلوا - كما يقول مؤرخهم ابن بشر -: «غالب أهلها في الأسواق و البيوت» (أكثر من أربعة آلاف مسلم من الرجال و النساء و الشيوخ و الأطفال). ثم هربوا عائدين الي صحاريهم في نجد يحملون معهم الغنائم و الأسلاب و ما سرقوه نهبوه ظلما و عدوانا، و تركوا وراءهم الخراب و الدمار و النساء المسلمات يبكين قتلاهن. و أمام توارد الأخبار عن فداحة حجم الخسائر في الأوراح و الممتلكات و الآثار و معالم الحضارة الاسلامية في جزيرة العرب، قامت الحكومة العثمانية - آنذاك - بحملات عسكرية متتالية لاستئصال شأفة هذه الحركة و أتباعها، و قد حققت الجيوش التركية و المصرية انتصارات مهمة علي الوهابيين، حيث وصلت الي الدرعية عاصمتهم فدمرتها، و قثل منهم من قتل وفر آخرون و نفي أو أسر آخرون، و كان ذلك - كما يقول الشيخ محمد جواد مغنية - جزاء وفاتا لما فعلوه من قبل بأمة محمد صلي الله عليه و آله من المظالم و المآثم (هذه هي الوهابية، ص 129). [ صفحه 239] و الي جانب الحملات العسكرية، انطلقت من جهة أخري الردود الفكرية للرد علي شبهات الوهابية و نقض ما استمسكت به من أدلة لتكفير المسلمين و استباحة دمائهم و هدم قبور أئمتهم و علمائهم و أسلافهم، و الآثار التي تدل عليهم. و الرد علي الادعاء بأن ما يقوم به المسلمون من بناء القبور و زيارتها و التوسل بالأنبياء و الأئمة و الأولياء، هو من مظاهر الشرك الذي يخرج المسلم عن عقيدة التوحيد. و قد جاءت هذه الردود متنوعة، لم تقتصر علي علماء المذهب الحنبلي (الذي يقلده الشيخ ابن عبدالوهاب) و مقلدي المذاهب السنية الأخري: المالكية و الشافعية و الأحناف، بل تصدي للرد علي الوهابية كذلك عدد من علماء الشيعة الامامية، و قد اتفقت كلمة الجميع علي تبرئة المسلمين، سنة و شيعة و صوفية، من تهمة الشرك، و علي أن ما يقوم به العلماء و العوام من بناء القبور و الأضرحة و زيارتها و التوسل بأصحابها، كل ذلك، له أصل في الاسلام، و لا يخالف عقيدة التوحيد، بل هو مظهر من مظاهر الايمان بالله و رسله و اليوم الآخر، و تعظيم لشعائر الاسلام، وقد فعله المسلمون بمرأي و مسمع من الصحابة و التابعين و أئمة الدين و علماء السلف، و لم ينكر عليهم أحد، و لم يدع احد من السلف أن هذه الأفعال و الأعمال من قبيل الشرك، و لا طالبوا بهدم قبر أو قبة مبنية علي قبر امام أو صحابي أو شهيد، بل أثر عنهم احترامها و توقيرها و استحباب أهل بيته (عليهم‌السلام) و صحابته، و ليس أدل علي صحة ذلك و مشروعيته و عدم مخالفته لعقيدة التوحيد، من بقائها قائمة شاهدة، الي أن أدركتها معاول الجهل و الجفاء النجدي الوهابي، فهدمتها و خربت معالمها و جعلتها أثرا بعد عين. هذا بالاضافة الي أن آراء الشيخ ابن عبدالوهاب مخالفة لما هو عليه جمهور الحنابلة، و ليست سوي صدي لما كتبه شيخه ابن‌تيمية الحراني أواخر القرن السابع الهجري، و قد رد عليه معاصروه من فقهاء المذاهب السنية و من جاء بعدهم، و نسبوه الي الابتداع و مخالفة الاجماع و عقيدة السلف الصالح، بل اتهموه بالزندقة لنهيه عن زيارة قبر الرسول صلي الله عليه و آله و قوله ان النبي صلي الله عليه و آله لا يستغاث به، و النفاق لدفاعه عن بني‌أمية و طعنه في الامام علي عليه‌السلام و عدد من الصحابة. و قد كفره عدد من علماء السنة لذلك و لكونه أحدث في أصول العقائد و قال بالجسمية و التركيب و جواز حلول الحوادث في الذات الالهية - تعالي الله سبحانه عما يقول الجاهلون - لذلك فقد نودي في دمشق: من كان علي عقيدة ابن‌تيمية حل ماله و دمه. [ صفحه 240] (لمعرفة آراء علماء أهل السنة في ابن‌تيمية، يراجع كتاب: السلفية بين أهل السنة و الامامية، للسيد محمد الكثيري، بيروت، الغدير، ط 1997 ، 1 م. ص. 235 و ما بعدها). هذا ما جعل هذه الردود تتجاوز ما كتبه ابن عبدالوهاب و فتاوي أتباعه لترد علي أستاذه ابن‌تيمية، لأنه لم يكن سوي ناقل و مقلدله و لتلميذه ابن‌قيم الجوزية. من بين الردود الشيعية الامامية، ما كتبه سماحة آية الله العظمي هادي كاشف الغطاء (قدس سره) (1290 ه - 1361 م) و هو من الأسر العلمية النجفية المعروفة و المشهورة. و التي أخذت علي عاتقها مواجهة التضليل الوهابي، اذ كتب عدد من أعلامها ردودا مهمة مثل: «منهج الرشاد لمن أراد السداد» للشيخ جعفر كاشف الغطاء، و رسالة «نقض فتاوي الوهابية» للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، و قد كتبه سنة 1345 ه ردا علي مجموعة من الفتاوي الوهابية أطلع عليها آنذاك، فرأي تهافتها و بعدها عن الحق، و قد بقيت هذه الردود مخطوطة الي أن انبري لتحقيقها الشيخ أسعد كاشف الغطاء، و تولي مركز الغدير في بيروت طباعتها، باعتبارها أصبحت وثيقة تاريخية مهمة، لأن المؤلف - كما يقول المحقق - كان شاهد عيان علي ما اقترفته الوهابية من فظائع بحق المقدسات الاسلامية، و خصوصا هدم المشاهد و المساجد و قبور الأئمة و الصحابة و الشهداء في المدينة المنورة. و قد جاء الكتاب عبارة عن ردود علي بعض الاستفتاءات المنشورة لعلماء الوهابية، تناول فيها المسائل المختلف فيها بين الوهابية و باقي المسلمين، و هي أربع اجابات: تحدث في الاجابة الأولي عن مسائل التوحيد و ما يتفرع عنها و علي وجه الخصوص المسائل التي يكفر بسببها الوهابية أهل السنة و الشيعة الامامية و الصوفية، مثل بناء القبور و زيارتها و الصلاة و الدعاء عندها. و التوسل بأصحابها، و الموارد التي لا يجوز فيها تكفير المسلمين، و ما المقصود بالفرقة الناجية. الاجابة الثانية، طالب فيها المؤلف علماء الوهابية بتقديم الأدلة الشرعية علي صحة ما ينفردون به من آراء في التوحيد و مسائل الاجتهاد و التقليد، و البدعة و غيرها من القضايا المختلف فيها. أما في الاجابتين الثالثة و الرابعة، فناقش المؤلف مجموعة من المسائل و القضايا التي كانت مثار جدل آنذاك مثل موقف الوهابيين من بعض المخترعات التي وقفوا منها مواقف غريبة كالبرق و التلغراف، و مسألة القوانين و الأنظمة، و موقفهم من الشيعة في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية، و محاولة اكراههم علي اعتناق المذهب الحنبلي الوهابي. [ صفحه 241] في ما يأتي مراجعة سريعة - لا تغني عن قراءة الكتاب - لأهم ما جاء فيه من مناقشات لقضايا لا تزال الي يومنا هذا مثار جدل و خلاف مستمر بين الوهابية (السلفية) و مخالفيها من أهل السنة و الشيعة الامامية و أهل العرفان و أتباع الطرق الصوفية.

هل البناء علي القبور و زيارتها و التوسل بأصحابها شرك

لا يرتاب مسلم في أن التوحيد هو أساس دين الاسلام و عماده، ولكن الكلام - يقول المؤلف -: في معرفة حقيقة التوحيد الذي أمر به الله تعالي و جعل اعتقاده محتما و معتقده مسلما، و في معرفة ما ينفيه أو ينافيه من الأقوال و الأعمال، و في معرفة العقائد التي توجب البقاء علي الشرك أو الدخول فيه، و المعتمد في كشف الحقيقة هو الرجوع الي الكتاب و السنة و أخبار أهل البيت العصمة (ص، 24). و قد أفتي الوهابية بحرمة البناء علي القبور و زيارتها و التمسح بها و الصلاة عندها، و كذلك التوسل بالأنبياء و الأئمة و الصحابة و الشهداء، ظنا منهم أن ذلك ينافي عقيدة التوحيد، و هو موجب للشرك بالله؟! و هذه الأفعال كلها، في نظر علماء أهل السنة و الشيعة الامامية، جائزة بالكتاب و السنة و الاجماع و العقل و القياس و الاستحسان، بل انها من مسلمات عقائد المذاهب الاسلامية الأصولية، باستثناء من شذ من الحنابلة مثل ابن‌تيمية و تلامذته، و قد تعرض علماء المذاهب للأحاديث و الروايات التي يستند اليها هؤلاء الشرذمة المخالفون بالشرح و التحليل، و قدموا فهما و شرحا يختلفان كثيرا عما فهمه منها ابن‌تيمية و أتباعه من الوهابية، مؤكدين علي ضرورة فهم تلك الأحاديث في اطار سياقها التاريخي عند بداية الدعوة الاسلامية، فالأمر بالهدم مثلا كان المقصود به قبور المشركين التي كان بعض منها يعبد أو تقام عليه أو بجانبه بعض الشعائر الشركية، و منها من كان قد نصب عليه بعض الأصنام من الحجارة، فتحولت الي آلهة تعبد من دون الله، لذلك طلب رسول الاسلام صلي الله عليه و آله بهدمها و انهالت الشواهد و العلامات القائمة عليها، أما قبور المسلمين، فليس هناك أي دليل علي وجوب هدمها، بل تواترت الأخبار علي زيارة الرسول صلي الله عليه و آله و أمهات المؤمنين و الصحابة و الأئمة قبور الشهداء و الموتي في أحد و البقيع، و كانوا يترحمون علي أصحابها و يقرأون عندها القرآن و يهدون ثوابه الي أهل القبور، و كانوا يعرفون كل قبر و صاحبه، و هذا يعني [ صفحه 242] أن القبور كان لها شواهد و علامات، و هي واضحة للعيان، و لم يخطر ببال أحدهم أن فعلهم هذا محرم أو منهي عنه، ناهيك عن أن يكون طريقا للشرك بالله سبحانه و تعالي! و قد ظهر ذلك جليا في اجماع المسلمين، صحابة و تابعين، علماء و مقلدين، و الي يوم الناس هذا، كما هو مشاهد للعيان و ثابت للوجدان، فقبل فتنة الوهابية و سيطرتهم علي الحجاز و الأماكن المقدسة، كان أغلب قبور الأئمة و الصحابة و العلماء مبني و عليها أضرحة و قباب، يزورها المسلمون من كل بقاع العالم، و الآن أغلب المناطق الاسلامية في مصر و العراق و بلاد الشام و المغرب و تركيا و ايران و بلاد الهند، تبني فيها القبور و الأضرحة و المراقد، أو تبني بجانبها مساجد أو زوايا تقام فيها الصلاة و يقرأ فيها القرآن، و لم يقل أحد: ان ذلك شك أو كفر، و كيف يكون ذلك كفرا و أنت لو سألت أي شخص من عوام المسلمين من زوار تلك المراقد، فسيقول لك: هذا قبر فلان، الامام أو الصحابي أو العالم، و أنه يزوره ليترحم عليه و يدعو لو أو عنده، و لن تجد من يدعي أنه الي أو شريك لله في صفة من صفاته، أو أنه يعبده ليقربه الي الله زلفي. و بجانب هذه المقامات تقام الصلوات الشرعية، و يرفع الأذان بالتوحيد، فكيف يكفر أو يشرك بالله من يوحده و يتلو كتابه آناء الليل و النهار. ان الفهم الوهابي (السلفي) للتوحيد، هو فهم ساذج بسيط، ففي الوقت الذي يستدل الوهابيون فيه بأحاديث يدعون صحتها و يوهم ظاهرها بموافقة فتاويهم، فانهم يغضون الطرف عن عشرات الأحاديث الأخري و الأخبار و الآثار و أقوال الأئمة التي تخالف آراءهم و اختياراتهم، و البحث العلمي الموضوعي و الاجتهاد الشرعي الصحيح، كل ذلك يقتضي عرض جميع الأدلة و مناقشتها و تحليلها، ثم الركون بعد ذلك الي أحسن القول. و قد تبين للمحققين، من أهل السنة و الشيعة الامامية، أن ادعاء الوهابية الاجماع علي تحريم البناء علي القبور - مثلا - هو كذب محض، و علي خلاف ادعائهم فالاجماع منعقد علي الجواز و ليس علي المنع، و لن يظهر هذا الاجماع من شذ عنه مثل ابن تيمية و تلامذته و أتباعه. و قد أشار المؤلف الي مسألة مهمة جدا في هذا السياق، و هي أن اجتهاد كل مذهب هو حجة علي أصحابه و مقلديه، لذلك فجملة من الأدلة التي يستند اليها الوهابية لا تنهض حجة علي الامامية أو غيرهم من المذاهب الأخري، و أشار مثلا الي عدم حجية أخبار [ صفحه 243] الآحاد الا اذا جمعت شرائط خاصة، و كذلك لا حجية للاجماع الا اذا كان كاشفا عن رأي الرسول صلي الله عليه و آله أو الامام المعصوم. و هذه القاعدة - أي حجية الاجتهاد لدي أصحابه - من القواعد المعترف بها لدي جميع المذاهب، و الا أنكرنا الاجتهاد في جميع الأبواب، فالحديث قد يثبت عند مالك و لا يثبت عند أبي‌حنيفة أو الشافعي، فيختلف الاجتهاد و الاستنباط و لم يكف المالكية الأحناف لأنهم لم يعملوا بالحديث الذي صححه امامهم و عمل به. و في المذهب الحنبلي هناك عشرات المسائل يروي فيها عن ابن‌حنبل روايتين أو ثلاثة، فأيهما رأي المذهب؟ و هل من أفتي بمضمون رواية منهما و خالف غيره يكون كافرا؟ اضافة الي الاختلاف في فهم الحديث و فقهه، فعلماء أهل السنة و الامامية فهموا من النهي الوارد في بعض الأحاديث و الروايات، الكراهة و ليس التحريم، ناهيك عن القول بالكفر أو الشرك. كما خص الامامية كراهة البناء في غير قبور الأنبياء و الأولياء و العلماء (ص. 28). أما بخصوص هدم ما بني من القبور أو هدم القباب المبنية عليها و الأضرحة، فقد أكد المؤلف عدم مشروعيته فضلا عن وجوبه، وجهة هدمها كحرمة نبشها لما روي عن الرسول صلي الله عليه و آله: حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا». و لم ينقل لنا في عصر من العصور السالفة صدوره من ولاة أمور المسلمين، و لو كان الهدم من الواجبات التعبدية لشاع و ذاع و سطر نشر قبل زمن هؤلاء الذين لن يرون لمؤمن ميت حرمة و لا يبالون بهتكه و تحقيره و اهانته (ص. 42). و السؤال الكبير الذي طرحه المسلمون و لا يزالون هو: لم يصر الوهابيون علي محو آثار المسلمين و معالم تاريخهم؟ فعندما تدخل مقبرة البقيع بالمدينة المنورة، اليوم، تسأل: لمن هذه القبور التي لم يبق منها الا بعض الأحجار الناتئة هنا و هناك؟ فيجيبك أحد زبانية المقبرة بخشونة و غلظة: «لا أحد يعرف». و نحن نسأل: ما يضر الوهابية لو عرف الحجاج و الزوار أن هذا القبر هو للصحابي فلان أو لأحد الأئمة أو العلماء؟! ما يضرهم لو رقمت تلك القبور و بنيت و عرف أصحابها؟! أليس في ذلك أبلغ العبرة للمسلمين اليوم، عندما يقفون أما قبر امام أو صحابي قرأوا عنه و علموا فضله و جهاده في سبيل الاسلام؟ لم كل هذا العداء للقبور و للآثار الاسلامية، و ها هي المقابر و الأضرحة منتشرة في طول العالم الاسلامي و عرضه، و لم نسمع أن أحدا من المسلمين قد اتخذها قبلة أو جعل أصحابها آلهة يعبدهم من دون الله؟ نعم هناك بعض الأفعال و الأقوال تثير بعض [ صفحه 244] الاشكالات، و قد تكون مطية أو مدخلا للشرك، مثل الصيغ غير الشرعية للنذر و التوسل و الأدعية، و الذين يخطئون فيها هم عادة من العوام الذين لا يعلمون الصيغ الشرعية للنذر و التوسل، و يقومون بذلك بقلب سليم من الشرك، و الواجب تعليمهم و ارشادهم و ليس رميهم بالشرك أو تكفيرهم أو قتلهم!! و من المسائل التي ناقشها المؤلف كذلك، مسألة الصلاة عند القبور، و قد خلص الي أن الصلاة الي القبور أو بينها، و ان قلنا: انها محرمة و باطلة، لا توجب الا الاثم و الفساد، و لا توجب كفر فاعلها و لا تستلزم شركه، فلو صلي بحضرة قبر أو قبور، لم يفعل ما يخرج به عن الاسلام و التوحيد، و لم يصدر منه ما يوجب اباحة دمه و عرضه (ص. 49). نعم، كره بعض العلماء أن يستقبل المصلي القبر في صلاته، لكن لو صلي و عن يمينه أو شماله قبر، فلا يستلزم كون القبر مسجدا، حتي لو كان في قبلة المصلي، لأن المنهي عنه، جعله قبلة يسجد اليه... (ص. 63). كذلك أفتي الوهابيون بحرمة مسح الضرائح الشريفة، و خصوصا حجرة النبي الأكرام صلي الله عليه و آله، أو الطواف بها و تقبيلها و التمسح بها، و قد رد المؤلف علي هذا التحريم مؤكدا أن مقتضي الأصل في الجميع هو الجل و الاباحة حتي يقوم الدليل علي المنع و التحريم، و لا دليل للمانعين هنا - حسب المؤلف - الا خيالات باطلة و أوهام عاطلة و وساوس شيطانية و تسويلات ابليسية يلهمها بسطاء الأمة و سذج الرعاع ليغويهم بها فيحرمهم من البركات و الخيرات و نيل القربان (ص. 81). و قد ثبت أن فاطمة عليهاالسلام جاءت الي قبر أبيها، فأخذت قبضة من التراب فوضعته علي عينيها و بكت. و روي ابن‌عساكر أن بلال جاء قبر النبي صلي الله عليه و آله فجعل يبكي و يمرغ وجهه علي القبر، كان ذلك بمحضر من الصحابة فلم ينكر عليه منهم أحد، و قد كان جل الصحابة و أئمة المذاهب يتمسحون بمنبره الشريف تبركا و يقبلونه، و ما ذاك الا لأنه محل جلوسه و موضع حلوله، و الضريح المقدس الذي ضم بدنه الشريف و صار مستقر روحانيته و مهبط جسده القدسي أولي بذلك و أجدر (ص. 83). و التمسح و التقبيل هو من مظاهر الحب و الاجلال لصاحب القبر، لقربه من الله سبحانه و تعالي، و لا علاقة له بالشرك أو الكفر، بل هو مظهر من مظاهر الايمان. كذلك الأمر النسبة للذبائح التي يذبحها المسلمون عند الضرائح و المقامات، فالموجب للشرك هو الذبح لغير الله ذبح عبادة و تقرب، كما كان يذبح أهل الأوثان لأوثانهم مع [ صفحه 245] الاهلال و رفع الصوت باسم ذلك المذبوح له، بأن يقول: اذبح باسم الولي فلان، مثلا، سواء كان ذلك باعتقاد الهيته و استحقاقه للعبادة أو لأنه يقربه زلفي عند الله. أما الذبح للصدقة أو الفداء أو لليمين و التبرك و دفع الشر، مع مشروعية ذلك و ذكر اسم الله عليه، فلا عبادة فيه أصلا للمتصدق عنه، و لا للمفدي به و لا محذور فيه، الا أن يكون مما أبطله الشارع كما في حديث «نهي عن ذبائح الجن» كانوا اذا اشتروا دارا أو بنوا بنيانا ذبحوا ذبيحة مخافة أن تصيبهم الجن، فأبطله النبي صلي الله عليه و آله. فاذا ثبت ذلك كان فعله محرما لا غير (ص. 86).

النذر للضرائح و الأموات و التوسل بهم

أما النذور للضرائح و القبور و الأولياء و الصالحين، فهي في أغلبها تكون بمعني جعل الجزاء له كأن يقول: ان رزقني الله ولدا أو فرج ما بي، فلله علي أن أقرأ علي قبر فلان كذا سورة من القرآن، أو أسرج علي قبره أو أذبح شاة و أطعمها زواره أو سدنته، و غيرها من الطاعات التي تشرع فيها النيابة عن الأموات. و هذه النذور لا محذور فيها و لا شائبة شرك تعتريها، و قد أشار المؤلف الي بعض الصيغ الخاطئة مع القصد السليم للزائر يقول: و قد اتفق لنا مرارا أن أعلمنا من لا يعلم منهم أن النذر لا ينعقد بقول: هذا نذر للولي الفلاني، و لا يجب الوفاء به شرعا (ص. 88). و الخلاصة: فكل استعانة، أو استفادة أو استنصار و نحو ذلك، سواء كانت بالأموات أم بالأحياء، اذا كانت علي نحو طلب استعانة المربوب من الرب و المخلوق من الخالق كانت شركا و كفرا. أما الحكم بأن مطلق الاستغاثة بغير الله كفر و اشراك بديهي البطلان، لا يحكم به انسان الا اذا لم يكن ذا وجدان (ص. 92). و بخصوص التوسل، فقد أكد المؤلف أنه يجوز التوسل اليه تعالي بكل محبوب له وكل مقرب لديه، و كذلك التوسل الي اجابة الدعاء باختيار الأماكن الشريفة، مثل المساجد و مراقد الأئمة كذلك و اختيار الأوقات التي دلت الروايات أنها أوقات يرجي فيها قبول الدعاء، و قد توسل الصحابة بالرسول، و ثبت أن عمر بن الخطاب توسل بالعباس عم النبي صلي الله عليه و آله، و لم ينكر ذلك سوي أتباع ابن‌تيمية و ابن عبدالوهاب. كذلك ناقش المؤلف مسألة الشفاعة، فأكد أن ثبوتها للنبي صلي الله عليه و آله مما اتفقت عليه الأمة [ صفحه 246] سلفا و خلفا لجوازها عقلا و نقلا. و قد ميزوا فيها بين شفاعة الشريك في الألوهية، و شفاعة العبد المأمور الذي لا يفعل شيئا الا بأمر مولاه، و لو دققت النظر - كما يقول المؤلف - في كلام هؤلاء - أي الوهابية - في الشفاعة، لوجدتهم يؤمنون بلفظها و يكفرون بمعناها، فيثبتونها و هم لها نافون، و يعترفون بها و هم في الحقيقة لها منكرون (ص. 104) و قد ختم المؤلف أجوبته الأربعة الأولي بفائدتين: الأولي تحدث فيها عن بيان المسلم الذي لا يجوز تكفيره أو غيبته أو انتهاك حرمته و يجب احترام دمه و عرضه و ماله، المسلم الذي قتاله كفر و سبابه فسق، و هم المعتصم بالشهادتين و يؤذي الفرائض الخمس التي بني عليها السلام، و جميع المسلمين الذين يكفرهم الوهابية و يبيحون دماءهم هم معتصمون بالشهادتين، و يقيمون الصلاة و يؤدون الزكاة و يصومون رمضان و يحجون و يفعلون الطاعات الكثيرة فكيف يحكم بكفرهم؟! الفائدة الثانية ناقش فيها المؤلف فكرة الفرقة الناجية، فتعرض للأحاديث المروية عن الفرقة الناجية، و ذكر أن كل فرقة من الفرق الاسلامية أدعت أنها الفرقة الناجية و أن غيرها في النار، و هذا ما تفعله الآن الوهابية عندما تكفر الأشاعرة من أهل السنة و الصوفية و الشيعة الامامية، و بعد مناقشة ما يتشبث به الوهابية من أدلة، خلص المؤلف الي أن الفرقة الناجية هي من اتبع الرسول صلي الله عليه و آله و أهل بيته، فهم أهل السنة و أتباع القرآن، لأنهم عملوا بالأمر الوارد في أحاديث الرسول صلي الله عليه و آله التي تحت علي موالاة أئمة أهل البيت عليه‌السلام و أتباعهم و اتخاذهم قدوة في الدين و الدنيا، مصداقا لقوله صلي الله عليه و آله في الحديث الذي رواه أصحاب السنن و في مسند أحمد بن حنبل. قال رسول الله صلي الله عليه و آله: «اني تارك فيكم خليفتين، كتاب الله و أهل بيتي، و أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض جميعا». و قد ورد هذا الحديث في كتب الأحاديث بطرق مختلفة.

قل هاتوا برهانكم

في القسم الثاني من الكتاب، طالب المؤلف أهل الافتاء من الوهابية بتقديم الأدلة علي صحة افتائهم بهدم القبور و المشاهد و المراقد في مكة و المدينة، هذه الفتاوي التي لم يقم عليها عند عموم المسلمين دليل يعتمد علي ظهوره و يقطع بدلالته و صدور، و الاستناد الي أدلة غير واضحة في الدلالة، و لا صريحة في المطلوب، و لا قوية في الاسناد، لم يعمل بها نقاد [ صفحه 247] الأحاديث و محققو الأخبار. (ص. 132). كما تساءل عن فحوي ادعائهم بأن مرجعهم القرآن و السنة، فهذا قول يجهر به كل مسلم و يعتمده كل موحد، لذلك لابد من بيان الوجه في الاعتماد علي ما ينفردون بالاعتماد عليه، في تعريفهم للتوحيد، و ما هي العبادة التي لا تكون الا لله تعالي، و لو أتي بها لغيره كان الآتي بها مشركا خارجا عن الاسلام؟ و ما الفرق بين الاطاعة و العبادة؟ و ما هي البدعة المحرمة في الدين؟ و ما الدليل علي هدم القبور و تسويتها بالأرض؟ و لماذا يمنعون النساء من زيارة القبور؟ و تحريمهم لعدد من الأفعال المرتبطة بالتطور الحضاري. و قد أعاد المؤلف استعراض بعض الأدلة مما كان قد أورده في القسم الأول و أحال عليه. كما أكد خطورة الافتاء من دون علم مشيرا الي التناقض الذي وقع فيه الوهابيون، فهم في الوقت الذي يتحرجون فيه من الافتاء في قضايا بسيطة بحجة أنهم لم يجدوا لها ذكرا في كلام القدماء، يسارعون الي تكفير المسلمين و الاعتداء علي آثارهم و هدمها، و يخاطبون الموحدين المسلمين بالآيات الواردة في حق المشركين و الكفار الجاهليين؟!

الاكراه المذهبي

من القضايا المهمة كذلك التي ناقشها المؤلف، قضية الاكراه المذهبي، لأن الجزيرة العربية فيها أتباع السنية و الشيعية، و لما استولي الوهابيون علي الحجاز و الأماكن المقدسة حاربوا كل من لا يقلدهم في العقائد و الفقه، و قتلوا عددا من علماء أهل السنة، و لم يعترفوا بأي مذهب، الا مذهبهم الخاص، و هو مذهب ابن‌تيمية، و لم يسمحوا لمخالف بابداء رأيه. و قد تعرض الشيعة الامامية، في مناطق الأحساء و القطيف في المنطقة الشرقية من الجزيرة - و هي منطقة أغلب أهلها شيعة امامية - الي اضطهاد مذهبي و لا يزالون يعانون منه الي الآن، حيث حاول الوهابيون اكراهم علي اعتناق الوهابية بالقوة، و طلبوا من أميرهم الزامهم بالبيعة للوهابية، و منعوهم من بناء المساجد الصلاة فيها وفق مذهبهم بل ألزموهم بالصلاة جماعة وراء أئمة من الوهابية، كما منعوهم من اقامة شعائرهم مثل الاحتفالات بمناسبة مولد الرسول صلي الله عليه و آله و أئمة أهل البيت عليه‌السلام و وفياتهم. و قد دافع المؤلف عن قناعة الامامية بعقائدهم، و خصوصا ارتباطهم بأئمة أهل البيت عليه‌السلام مؤكدا أنه لا يجوز اكراه أي مسلم علي اعتناق مذهب معين أو اتباع مجتهد بعينه، لعدم وجود دليل علي ذلك، [ صفحه 248] فلكل مذهب أدلة و براهين من الكتاب و السنة، و الشيعة الامامية رغم اقتناعهم بصحة اعتقادهم بأن الامامة من أصول الدين، فانهم لا يرون أن مخالفيهم كفار، بل يحكمون و يفتون بصحة أعمالهم وفقا للمذاهب التي يقلدونها، و لا وجه و لا دليل لتكفير من يعمل وفق ما يقتضيه مذهبه، لأنه يتدين بما يراه حجة في مذهبه، اللهم، الا اذا كان ذلك مما يلزم به أهل المذهبين معا.

و يستمر الهدم و التخريب

ان أهم ما يميز هذا الكتاب هو منهجه في معالجة القضايا المختلفة، فليس هناك سب أو تحقير أو تكفير أو شتم للمخالف، كما هي عادة الوهابية، و انما هناك عرض للأدلة بلغة عالم مجتهد يتقن أصول الحوار و المناظرة، همه عرض الدليل و الرد علي الخصم بلغة علمية برهانية، ثم يترك للقاري حرية الاختيار و التأمل في قوة الأدلة أو ضعفها. و قد تبين لنا من خلال هذه القراءة السريعة للكتاب أن أهل السنة من الأشاعرة و الشيعة الامامية متقاربون كثيرا في القضايا المختلف فيها مع أتباع ابن‌تيمية و تلميذه ابن عبدالوهاب. لذلك علي المسلمين ان ينتبهوا لهذه الملاحظة، فما يروج له الوهابية أو ما يطلق عليهم اليوم السلفية من عقائد و آراء، انما هو اجتهاد لفقيه حنبلي له آراء كثيرة شذ فيها عن مذهبه و عن مذاهب المسلمين الأخري سنة و شيعة، و أن هناك اجتهادات أخري لعلماء آخرين هي من القوة و القرب من الحقيقة الاسلامية لدرجة أن أي مسلم أو باحث بمجرد ما يطلع عليها ينظر الي الآراء الوهابية أو السلفية نظرة احتقار، ويتهم أصحابها بالسذاجة و البعد عن العقلانية و عظمة الاسلام و بعد نظره و عمق قيمه و مبادثه. لقد كتب الكثير في الرد علي الوهابية، و لو جمع ما كتبه علماء أهل السنة و علماء الشيعة الامامية، لوجدنا تراثا ضخما لو أطلع عليه المسلمون لما وجد من يقلد أو يتبع الآراء و العقائد الوهابية، لكن مع الأسف، الكتابات السلفية تغرق الأسواق و توزع مجانا و خصوصا في موسم الحج، و علماء باقي المذاهب ركنوا الي الصمت خوفا أو طمعا، و الحرب السلفية علي الرأي الآخر مستمرة، فأي مخالف من أهل السنة يكفرونه و يحاربونه في وسائل الاعلام حتي تضيق به الأرض بما رحبت. أما الشيعة فهم كفار سلفا، و الخاسر الأكبر في هذه المعركة المذهبية هي الحقيقة الاسلامية و الآثار الاسلامية في الجزيرة العربية [ صفحه 249] و الحرمين، فرغم النداءات الكثيرة و الردود المتنوعة لم يعر الوهابيون آذانهم لأي أحد، و استمروا في الهدم و التخريب بحيث لن يتركوا أثرا يدل علي الأجداد و سلف هذه الأمة مع أنهم دعاة السلف. ان الحجاز، و خصوصا المدينتين المقدستين، من أكثر البقاع زخرا بالآثار الاسلامية، مقابر و مساجد و مواقع مرتبطة بأحداث مهمة في تاريخ الاسلام و المسلمين، ولكن الوهابية يعادون كل ما يمت بصلة الي هذه الآثار، بحجة الخوف من الشرك و الكفر. لا أعرف كيف تهدم المساجد التاريخية خوفا من الشرك، و في الوقت الذي ينقب العالم فيه بان الأرض بحثا عن حجر أو قطعة قماش أو حديد أو أي شي‌ء يكشف عن حياة القدماء و تاريخهم، و تصرف علي ذلك الملايين!؟ لم يهدم الوهابيون آثار العرب و المسلمين التي حافظت عليها الأجيال السابقة؟ انه تساؤل لا يمكن أن أجيب عنه أو أجد له تفسيرا منطقيا، فهل هدم هذه الآثار هو للدفاع عن عقيدة التوحيد خوفا من عدو لا يعرفه أحد يسميه الوهابية «شرك»، أو أن هدم هذه الآثار و المعالم الاسلامية يخفي وراءه مؤامرة يمثل فيها هؤلاء الأعراب النجديون دور المعول و الفأس الصماء التي لا ارادة لها و انما هي مفعول به؟ لا أستطيع الجزم لأن الحيرة تتملكني كما تتملك غيري، و هو ينظر الي الآثار الاسلامية تخرب بأيدي المسلمين في الوقت الذي يصرف فيه الصهاينه ملايين الدولارات للبحث في باطن الأرض الفلسطينية عن قطعة حجر تدل علي أن أجدادهم المزعومين قد مروا من هنا، و لو وجدوها لطلعوا علي العالم و عرضوها بوصفها أدلة تسوغ استعمارهم لفلسطين و تجعل وجودهم شرعيا. عن نكبة الآثار في جزيرة العرب و هدم البقيع و مقابر المسلمين في مكة و غيرها من مدن الحجاز لا تماثلها فظاعة سوي نكبة بغداد علي يد المغول، و التراث العلمي الذي ضاع في دجلة و الفرات؟!! ان الهدم و التدمير لا يزال مستمرا، فقد أفني الوهابيون آثار النبي صلي الله عليه و آله و الصحابة و الأئمة في المدينة المنورة و مكة، حتي كاد - كما يقول يوسف بن السيد هاشم الرفاعي و هو من أهل السنة في الكويت - لا يبقي منها الا المسجد النبوي الشريف وحده، في حين أن الأمم تعتز و تحتفظ بآثارها ذكري و عبرة و دليلا علي ماضيها التليد. بل انهم ينتهزون كل عام فرصة صيانة و صباغة و ترميم المسجد النبوي لازالة الكثير من المعالم الاسلامية الموجودة في خلوة المسجد الشريف من الآثار و المدائح، مثل محاولتهم طمس أبيات البردة [ صفحه 250] النبوية المكتوبة علي الشباك لولا تدخل السلطة التي منعتهم من ذلك. و الآن، انهم يتربصون بالقبة الخضراء، قبة القبر النبوي الشريف، فقد طالب ناصر الألباني باخراج قبر المصطفي صلي الله عليه و آله من المسجد النبوي و زعم أن ابقاء القبر النبوي في المسجد من بدع المدينة المنورة، كما اعتبر مقبل بن هادي الوادعي كذلك - و هو من عتاة السلفية و أشدهم سبا و شتما لمن خالفهم - وجود القبر و القبة الشريفة، بدعة كبيرة و طالب بازالتها و هدمها و اخراج القبر الشريف من المسجد، فليعذر المسلمون، ان الوهابية يتربصون بالقبر النبوي الشريف ليهدموه و يهدموا القبة الخضراء المبنية فوقه، و لو لا خوف ساستهم من العواقب لأصبحت الآن اثرا بعد عين، لكنهم ينتظرون الفرصة فقط؟! لذلك نجدد نداءنا للمسلمين في كافة بقاع العالم، و نطالب بارسال رسائل تحذيرية للسلطات السياسية هناك من عواقب الانجرار وراء الفتاوي الوهابية و السلفية المتطرفة الداعية الي هدم ما تبقي من الآثار السلامية، و خصوصا قبة قبر الرسول صلي الله عليه و آله، و نذكر من يقرأ الفكر الوهابي المعادي لبناء القبور و القباب و الأضرحة، بأن الصحابة و التابعين هم من دفن الرسول صلي الله عليه و آله حيث هو الآن، و قد وسعوا مسجده و لم نسمع عن أحد منهم أنه طالب باخراج قبره صلي الله عليه و آله من المسجد أو طالب بهدم قبره أو هدم القبة المبنية عليه، و هم من بني القبور و القباب و حافظ عليها، و هؤلاء هم سلف هذه الأمة، فأين الاتباع للسلف يا أدعياه السلفية؟! انه ابتداع محض، و اعتداء صارخ علي الاسلام و معالم حضارته و مقوماتها، فهل من مذكرا؟

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.