قرآن علي عليه السلام

اشارة

مكتبة الطالب (2)
ناشر:مركز المصطفي للدراسات الإسلامية

مقدمة

اشاره

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وأفضلُ الصلاة وأتمُّ السلام علي سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين. وبعد، فقد تعوَّدنا نحن شيعة أهل البيت عليهم السلام علي أن نُحقق الإنجازات العظيمة فيصادرها غيرنا! تعوَّدنا ذلك منذ اخترنا أن نكون شيعة لعلي عليه السلام الذي كان عضد النبي صلي الله عليه وآله وسلم ووزيره وحامل لوائه، وقام كيان الإسلام بجهاده وتضحياته، فأقصته قريش عن خلافة النبي صلي الله عليه وآله وسلم رغم وصية النبي له، وأخذت منه ثارات بدر وأحد والأحزاب، ونصبت خلفاءها مكانه ونسبت اليهم أمجاد الجهاد، وادعت أنهم السبب في انتصار الإسلام، وجعلت ولايتهم ركناً من الدين، وسالمت الناس عليهم، وعادتهم عليهم، وقتلت من لم يعترف بهم!

قاد علي و تلاميذه الفتوحات.. فصادروها

ثم كانت الفتوحات بفعل الموجة النبوية وتبشيره صلي الله عليه وآله وسلم المسلمين من أول بعثته بأنهم سيفتحون أرض فارس والروم، لكن ولاة قريش خافوا عندما جمع لهم الروم مئة وعشرين ألف جندي في حمص وكان المسلمون أربعة وعشرين ألفاً (تاريخ دمشق:2/143) فراسل خالد أبا بكر يتخوف العاقبة فشاور علياً عليه السلام فطمأنه وأرسل لهم مدداً بقيادة مالك الأشتر وأبي ذر، فكتب أبو بكر لخالد: (وقد تقدم اليك أبطال اليمن وأبطال مكة، ويكفيك ابن معدي كرب الزبيدي، ومالك بن الأشتر). (الواقدي:1/68). ومات أبو بكر فعزل عمر خالد بن الوليد وعين مكانه أبا عبيدة، فكتب له يتخوف جمع الروم فقال عمر للصحابة: (ما تشيرون به عليَّ رحمكم الله تعالي؟ فقال له علي بن أبي طالب: أبشروا رحمكم الله تعالي فإن هذه الوقعة يكون فيها آية من آيات الله...أكتب الي عاملك أبي عبيدة كتاباً وأعلمه فيه أن نصر الله خير له من غوثنا ونجدتنا). (الواقدي:1/178). وكانت معركة اليرموك، فبرز ماهان بطل الروم وأكبر قادتهم فخافه المسلمون حتي أبو عبيدة وخالد، فبرز اليه مالك الأشتر رحمه الله فقتله: (فقال له ماهان: أنت صاحب خالد بن الوليد؟ قال: لا أنا مالك النخعي صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم)! (فتوح الواقدي:2/224وابن الأعثم:1/208) ثم برز عدة أبطال من قادتهم فبرز اليهم الأشتر رحمه الله وقتلهم، فوقع الرعب والإنكسار في جيش الروم، وحمل عليهم المسلمون وتبعوهم يأسرون ويقتلون ويغنمون، وتحققت الآية الإلهية التي وعد بها علي عليه السلام! وكان هرقل في أنطاكية فودع سوريا قائلاً: (السلام عليك ياسوريا)! واستولي عليها المسلمون، وتوغل الأشتر رحمه الله يطارد الروم في جبال اللُّكام، حتي انكمشوا مع هرقل في القسطنطينية! هذه هي معركة اليرموك التي صادرتها الخلافة وأعطت سَمْن سوريا وعَسَلها لمعاوية، ومعهما خبرة أطبائها في السُّم، فقتل به مالك الأشتر وقال: (لله جنود من عسل)! (راجع جواهر التاريخ:2/347).

و نسبوا فتح إيران الي غير علي

وفي جبهة فتح فارس جمع الفرس للمسلمين مائة وخمسين ألف جندي، وقرروا أن يهاجموا المدينة المنورة ليستأصلوا بزعمهم أصل هذا الدين! فخاف عمر، قال ابن الأعثم في الفتوح:2/290: (ذكر كتاب عمار بن ياسر إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: بسم الله الرحمن الرحيم، لعبدالله عمر أمير المؤمنين من عمار بن ياسر، سلام عليك. أما بعد فإن ذا السطوات والنقمات المنتقم من أعدائه، المنعم علي أوليائه، هو الناصر لأهل طاعته علي أهل الإنكار والجحود من أهل عداوته، ومما حدث يا أمير المؤمنين أن أهل الري وسمنان وساوه وهمذان ونهاوند وأصفهان وقم وقاشان وراوند واسفندهان وفارس وكرمان وضواحي أذربيجان قد اجتمعوا بأرض نهاوند، في خمسين ومائة ألف من فارس وراجل من الكفار، وقد كانوا أمَّروا عليهم أربعة من ملوك الأعاجم، منهم ذو الحاجب خرزاد بن هرمز، وسنفاد بن حشروا، وخهانيل بن فيروز، وشروميان بن اسفنديار، وأنهم قد تعاهدوا وتعاقدوا وتحالفوا وتكاتبوا وتواصوا وتواثقوا، علي أنهم يخرجوننا من أرضنا، ويأتونكم من بعدنا، وهم جمع عتيد وبأس شديد، ودواب فَرِهٌ، وسلاح شاك، ويد الله فوق أيديهم. فإني أخبرك يا أمير المؤمنين أنهم قد قتلوا كل من كان منا في مدنهم، وقد تقاربوا مما كنا فتحناه من أرضهم، وقد عزموا أن يقصدوا المدائن، ويصيروا منها إلي الكوفة، وقد والله هالنا ذلك وما أتانا من أمرهم وخبرهم، وكتبت هذا الكتاب إلي أمير المؤمنين ليكون هو الذي يرشدنا وعلي الأمور يدلنا، والله الموفق الصانع بحول وقوته، وهو حسبنا ونعم الوكيل، فرأي أمير المؤمنين أسعده الله فيما كتبته والسلام! قال: فلما ورد الكتاب علي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقرأه وفهم ما فيه وقعت عليه الرعدة والنفضة، حتي سمع المسلمون أطيط أضراسه! ثم قام عن موضعه حتي دخل المسجد وجعل ينادي: أين المهاجرون والأنصار! ألا فاجتمعوا رحمكم الله، وأعينوني أعانكم الله)! انتهي. هنا جاء علي عليه السلام فثبَّتَ القلوب ورفع المعنويات، وأعطي الخطة فتنفس عمر الصعداء، وأطلق يده فأدار الحرب، فبعث علي عليه السلام تلميذه النعمان بن مُقرن فقاد معركة نهاوند، وعيَّن مكانه إن استشهد حذيفة بن اليمان، فكان كما توقع عليه السلام، فاستشهد النعمان وأكمل حذيفة المعركة، وحقق النصر. وفي هذا يقول علي عليه السلام: (فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أري فيه ثلماً أوهدماً، تكون المصيبة به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان كما يزول السراب، أوكما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث، حتي زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتَنَهْنَهْ).(نهج البلاغة:3/118). قال ابن أبي الحديد في شرح النهج:20/298: (قال له قائل: يا أمير المؤمنين أرأيتَ لوكان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ترك ولداً ذكراً قد بلغ الحلم، وآنس منه الرشد، أكانت العرب تسلم إليه أمرها؟ قال: لا، بل كانت تقتله إن لم يفعل ما فعلتُ، ولولا أن قريشاً جعلت إسمه صلي الله عليه وآله وسلم ذريعةً إلي الرياسة، وسلَّماً إلي العز والإمرة، لما عبدت الله بعد موته يوماً واحداً، ولارتدت في حافرتها، وعاد قارحها جذعاً، وبازلها بكرًا! ثم فتح الله عليها الفتوح فأثْرَتْ بعد الفاقة، وتَمَوَّلَتْ بعد الجَهد والمخمصة، فحسن في عيونها من الإسلام ما كان سمجاً، وثبت في قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطرباً، وقالت: لولا أنه حق لما كان كذا، ثم نسبت تلك الفتوح إلي آراء ولاتها وحسن تدبير الأمراء القائمين بها، فتأكد عند الناس نباهة قوم وخمول آخرين، فكنا نحن ممن خمل ذكره، وخبت ناره، وانقطع صوته وصيته، حتي أكل الدهر علينا وشرب، ومضت السنون والأحقاب بما فيها، ومات كثير ممن يعرف، ونشأ كثير ممن لا يعرف! وما عسي أن يكون الولد لو كان! إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لم يقربني بما تعلمونه من القُرْب للنسب واللحمة، بل للجهاد والنصيحة، أفتراهُ لوكان له ولد هل كان يفعل ما فعلت! وكذاك لم يكن يَقْرُب ما قَرُبْتُ، ثم لم يكن عند قريش والعرب سبباً للحظوة والمنزلة، بل للحرمان والجفوة. اللهم إنك تعلم أني لم أرد الإمرة، ولا علوَّ الملك والرياسة، وإنما أردت القيام بحدودك، والأداء لشرعك، ووضع الأمور في مواضعها، وتوفير الحقوق علي أهلها، والمضي علي منهاج نبيك، وإرشاد الضال إلي أنوار هدايتك). انتهي. فتأمل هذه الشكوي، وكشْفَ الإمام عن الواقع الذي عَتَّمُوا عليه!

مصادرتهم جمع علي للقرآن و نسبته الي غيره

وأعجب من كل ما تقدم: مصادرتهم جهود علي عليه السلام لحفظ القرآن من التحريف، وعمله لفرض نسخته الصحيحة علي عثمان لتعميمها باسم مصحف الخليفة، ليكون القرآن نسخةً واحدة. فقد اخترع رواة الخلافة أن فلاناً وفلاناً هم الذين جمعوا القرآن بصعوبة بالغة! من حفظ الناس، ومما كتبوه علي رقاع الورق، والجلد، والحجارة، وسعف النخل، والعظام، فلم يستطيعوا جمعه كله، فوضعوا أشخاصاً علي باب المسجد ينادون ساعدونا يامسلمين! فكانوا يأتون بالآية مع شاهد أو اثنين يشهدان عليها فيضعونها في القرآن، وبقيت آيات ضائعة، فوجدوها عند خزيمة ولم يكن له شاهد، فقالوا إن شهادة خزيمة بشهادتين وقبلوها! لقد صادروا عمل علي عليه السلام ونسبوا فضيلة جمع القرآن الي غيره في روايات خيالية، تطعن في سند ثبوت القرآن! ثم لم يكتفوا حتي هاجموا شيعة علي عليه السلام بأنهم أعداء القرآن لأنهم يقولون بتحريفه ولايؤمنون به! وفي بلد عربي تجرَّأ شاب شيعي وناقش أستاذه في الجامعة عن أحاديث الوصية بالخلافة لعلي عليه السلام، فزجره الأستاذ وأوعز الي شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (!) فأخذوه وحاكموه وحكموا عليه بالإعدام وقتلوه، بتهمة أنه أهان القرآن وداس عليه بقدميه! وشهد عليه (شيخ) له لحية طويلة بأنه رآه بأم عينه يدوس القرآن ويقول لا نؤمن به! وهكذا يُزَوَّرونُ التاريخ، ويُمَارَسونه، ويَكتَبونه، ويَنْشَرونه، ويُنَشِّؤون عليه الأطفال والشباب والأجيال، حتي يُظهر الله وليه الموعود المذخور أرواحنا فداه، فيعيد الحق الي نصابه، ويكشف التاريخ علي حقيقته، ويصنع المستقبل بهداية ربه. أرجو أن تري في هذا الكتيِّب خلاصة قصة تدوين القرآن، ودور أمير المؤمنين عليه السلام وتلميذه حذيفة بن اليمان رحمه الله في إنقاذ القرآن من خطر محقق كان يواجهه! مركز المصطفي للدراسات الإسلامية علي الكَوْراني العاملي 3 جمادي الأولي1427

القرآن عند الشيعة والسنة مصون من التحريف

اطول معارضة في التاريخ تواجه أشرس الهجومات

تعودنا نحن الشيعة علي التعامل مع خصومنا بصَبْرٍ ونَفَس طويل، فقد بدأ اضطهادنا من يوم وفاة النبي صلي الله عليه وآله وسلم فكنا المعارضة لحكومات تحالف قريش ضد أهل البيت عليهم السلام. والمعارضة يجب أن تتحمل أذي الدولة وإعلامها وحملات اضطهادها، وهي حملاتٌ لم تختلف علينا عبر العصور إلا بين الأشد والشديد! وقد ابتلينا في عصرنا بفئة روَّجت لاتهامنا بعدم الإيمان بالقرآن، ووظفوا من يكتب ضدنا نيابة عنهم من الهند والشام، فكتب الهندي الوهابي إحسان إلهي ظهير في كتابه الشيعة والسنة/65، تحت عنوان: الشيعة والقرآن: (من أهم الخلافات التي تقع بين السنة والشيعة هو اعتقاد أهل السنة بأن القرآن المجيد الذي أنزله الله علي نبينا (ص) هو الكتاب الأخير المنزل من عند الله الي الناس كافة وأنه لم يتغير ولم يتبدل... وأما الشيعة فإنهم لايعتقدون بهذا القرآن الكريم الموجود بأيدي الناس.. مكابرين للحق وتاركين للصواب. فهذا هو الإختلاف الحقيقي الأساسي بين أهل السنة والشيعة، بين المسلمين والشيعة لأنه لايكون الإنسان مسلماً إلا باعتقاده أن القرآن هو الذي بلغه رسول الله (ص) الي الناس كافة بأمر من الله عزوجل).انتهي. والطبعة التي نقلنا منها هي الثلاثون، طبعوها في باكستان وعلي غلافها عناوين ثلاث عشرة مكتبة لتوزيعه في السعودية! ومثله عشرات الكتب والمنشورات والأشرطة، بألوف النسخ وبعضها بملايين النسخ، نشروها في أنحاء العالم الإسلامي، وفي المهجر في أوروبا وأمريكا! ووزعوا منها علي الحجاج حتي كان نصيب كل حاج حسب ما نشرته جرائدهم عشرة كتب وخمسة أشرطة! وكلها تطعن في الشيعة أو تكفِّرهم وتُخرجهم من الإسلام، وفي طليعة التُّهم أنهم كافرون بالقرآن ويلعنون الصحابة أبا بكر وعمر وعثمان وحفصة وعائشة ومعاوية! إن القضية عندهم نفسها عند أجدادهم الخوارج، أنهم يريدون أن يقاتلوا المسلمين فهم محتاجون الي تكفيرهم، وإلا فقدوا المبرر لقتالهم! ولذا تراهم يتشبثون بأي طِحْلِبٍ ليكفروك به! وقد وجدوا في مصادر الشيعة بعض روايات يفهم منها أن الخلافة حذفت من القرآن بعض آيات نزلت في أهل البيت عليهم السلام، وقد ردها علماؤنا وضعفوها، لكن (بني خصام) الراغبين في جهادنا وقتلنا، زعموا أنا نقبل تلك الروايات ونقول بتحريف القرآن! وفي نفس الوقت أغمضوا عيونهم عن أضعافها في مصادرهم، وهي صريحة في تحريف القرآن، بل في جواز تحريفه، وقد رد علماؤهم أكثرها أو أوَّلوها، كما فعل علماؤنا في رواياتهم!

خلاصة ردود علماء الشيعة

1 - أن واقع الشيعة في العالم يكذب التهمة: فالشيعة ليسوا طائفة تعيش في قرية حتي يخفي قرآنهم الذي يعتقدون به! بل هم عشرات الملايين في أكثر بلاد العالم الإسلامي، وهذه وبيوتهم ومساجدهم وحسينياتهم ومدارسهم وحوزاتهم العملية، لا يوجد فيها إلا نسخة هذا القرآن، ولو كانوا لا يعتقدون به أو يعتقدون بغيره دونه أو معه، فلماذا يقرؤونه دون غيره؟ ولماذا يدرسونه دون غيره؟! 2 - أن مذهب التشيع مبني علي التمسك بالقرآن والعترة عليهم السلام، فكيف ننكر أحد ركني مذهبنا؟! وحديث الثقلين ثابت متواتر عند الشيعة والسنة رواه أحمد:3/17:(عن أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) قال: إني أوشك أن أدعي فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء الي الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتي يردا عليَّ الحوض، فانظروني بم تخلفوني فيهما؟!). 3 - والشيعة أصحاب قاعدة عرض الأحاديث علي القرآن:ففي الكافي:1/69: (عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خطب النبي صلي الله عليه وآله وسلم بمني فقال: أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله... عن أيوب بن الحُرّ قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: كل شئ مردودٌ الي الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف). وفي التهذيب:7/275:(إذا جاءكم منا حديث فاعرضوه علي كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالفه فاطرحوه أو ردوه علينا). 4 - وكل ثقافة الشيعة مبنية علي القرآن: فهذا تاريخهم عبر القرون وفقههم وعقائدهم وتفسيرهم ومؤلفاتهم الكثيرة الغزيرة، كانت وما زالت محورها القرآن والسنة، ولا أثر فيها لقرآن آخر! 5 – وهذه تفاسيرهم ومؤلفاتهم حول القرآن: فقد أحصت دار القرآن الكريم في قم مؤلفات الشيعة في التفسير فقط، فزادت علي خمسة آلاف مؤلف، ومعناه أن مساهمتهم في تفسير القرآن أكثر من غيرهم! 6 - فقه الشيعة أكثر تشدداً في احترام القرآن: فلا يجوز عندنا مس خط القرآن لغير المتطهر، ولا القيام بأي عمل يعتبر إهانةً للقرآن ولو لم يقصد صاحبه الإهانة، كأن يضع نسخته في مكان غير مناسب، أو يرميها رمياً غير لائق، أو ينام والمصحف في مكان مواجه لقدميه، أو يضعه في متناول طفل يسئ الي قداسته.. الي آخر هذه الأحكام. 7 - وقد صدرت فتاوي علماء الشيعة جواباً علي تهمة الخصوم، بأن الشيعة يعتقدون بسلامة هذا القرآن وأنه المنزل علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم دون زيادة أو نقيصة، وهذه نماذج من فتاوي علمائهم: رأي الصدوق قدس سره: (إعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله علي نبيه محمد صلي الله عليه وآله وسلم هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة، وعندنا أن الضحي وألم نشرح سورة واحدة، ولإيلاف وألم تر كيف، سورة واحدة (في الصلاة) ومن نسب إلينا أنا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب). رأي المفيد قدس سره: (وأما الوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان وما أشبه ذلك، مما لا يبلغ حد الإعجاز، ويكون ملتبساً عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن، غير أنه لابد متي وقع ذلك من أن يدل الله عليه ويوضح لعباده عن الحق فيه. ولست أقطع علي كون ذلك بل أميل الي عدمه وسلامة القرآن عنه). رأي الشريف المرتضي قدس سره: (المحكي أن القرآن كان علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مجموعاً مؤلفاً علي ما هو عليه الآن، فإن القرآن كان يحفظ ويدرس جميعه في ذلك الزمان... وأنه كان يعرض علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم ويتلي عليه، وأن جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود وأبيّ بن كعب وغيرهما ختموا القرآن علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم عدة ختمات. وكل ذلك يدل بأدني تأمل علي أنه كان مجموعاً مرتباً غير منثور، ولا مبثوث). رأي الشيخ الطوسي قدس سره:(وأما الكلام في زيادته ونقصانه، فمما لا يليق به أيضاً، لأن الزيادة فيه مجمعٌ علي بطلانها، والنقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا، وهو الذي نصره المرتضي رحمه الله، وهو الظاهر في الروايات). رأي الشيخ الطبرسي قدس سره:(فإن العناية اشتدت، والدواعي توفرت علي نقله وحراسته، وبلغت الي حد لم يبلغه فيما ذكرناه، لأن القرآن معجزة النبوة، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتي عرفوا كل شئ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيراً، أو منقوصاً).انتهي. ويطول الكلام لو أردنا نقل كلمات علمائنا، وقد ألف عدد منهم كتباً مفردة في نفي التحريف ورد التهمة عن الشيعة، فراجع التحقيق في نفي التحريف لآية الله الميلاني، وتدوين القرآن للمؤلف , وصيانة القرآن للسيد مرتضي الرضوي...الخ.

موقف الخليفة عمر من القرآن والسنة

موقف الخليفة عمر من القرآن

هذه خلاصة موجزة جداً لما يوجد في مصادرهم من غرائب في تحريف القرآن، بأصح الأسانيد، عن أكبر الصحابة يتفق الجميع علي أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أمرهم في مرض وفاته أن يلتزموا بتنفيذ عهد يكتبه لهم ويضمن لهم أن يكونوا علي الهدي ويسودوا العالم، فقال عمر: (إن النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله! فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله كتاباً لا تضلوا بعده أبداً، ومنهم من يقول: القول ما قاله عمر. فلما أكثروا اللغو والإختلاف عند النبي قال لهم رسول الله: قوموا عني).(عدالة الصحابة للمحامي أحمد حسين يعقوب/182، عن بخاري كتاب المرضي باب قول المريض: قوموا عني: 7/9 وصحيح مسلم آخر كتاب الوصية:5/75 ومسلم بشرح النووي:11/95 ومسند أحمد:4/356 ح2992، وغيرها. وقد بحثنا انقلاب الصحابة علي نبيهم صلي الله عليه وآله وسلم في الجزء الثاني من ألف سؤال وإشكال، وغرضنا أن نشير الي أن موقف عمر من القرآن أنه المصدر الرسمي للإسلام فقط، والسنة مصدر انتقائي يختار منه زعماء قريش ما يناسب ويتركون ما لا يناسب، أو يمنعون صدوره! كما أن المفسر الرسمي للقرآن هو عمر بصفته الزعيم المقبول من قبائل قريش ما عدا بني هاشم، فله الحق أن يمنع النبي صلي الله عليه وآله وسلم من كتابة عهد قد يلزم المسلمين بمفسر رسمي هاشمي! وقد طبق عمر نظريته هذه (القرآن هو المصدر الوحيد والخليفة هو المفسر الوحيد) بأعمال، منها: 1- رفض نسخة القرآن التي عند علي عليه السلام. 2- إخضاع علي وفاطمة عليهما السلام وبني هاشم وأنصارهم ولو بالقوة، ومنعهم من أي تأثير علي الناس حتي في تعليم القرآن والسنة. 3- تكذيب أن علياً أو أحداً من الصحابة عنده القرآن كله أو تفسيره من النبي صلي الله عليه وآله وسلم، بل القرآن موزع عند الصحابة، وجمعه والمصادقة عليه من حق الخليفة فقط! 4- القرآن برأي عمر ناقص فهو أكثر من الموجود بأيدي الصحابة، فقد ضاع أكثر من ثلثيه بعد النبي صلي الله عليه وآله وسلم وتدارك عمر الأمر فكان يجمع ما يري أنه منه، ويضعه عند ابنته حفصة، وقد أدركه الأجل قبل نشره. 5- يوجد برأيه آيات من القرآن لم يكتبها الناس، وقد أمر كاتبه زيد بن ثابت بكتابة بعضها وقال عن بعضها: لولا أن يقول المسلمون إن عمر زاد في كتاب الله لأمرت بوضعها فيه! 6- قول علي وبني هاشم إن القرآن نزل علي حرف واحد، غلط! فمعني قول النبي (نزل القرآن علي سبعة أحرف) أنه يجوز تغيير لفظه فيجوز قراءته بالمعني بأي كلام عربي أو غير عربي، بشرط أن لا تغير المغفرة منه الي عذاب والعذاب الي مغفرة، فكل قراءة بهذا الشرط شرعية منزلة من عند الله تعالي! 7- تحاشياً لإحراج الخليفة المفسر الرسمي للقرآن، يغلق البحث في القرآن، ويعاقب بشدة كل من يسأل عن تفسير آية! 8- نظراً لخطورة موقع القُرَّاء وتعلق الناس بهم، فيجب تقليل عددهم الي أقل حد ممكن. 9- يحكم القضاة بفهمهم للقرآن إذا لم يتعارض مع فهم الخليفة والصحابة المرضيون عنده، ثم يحكم القاضي بظنونه، والأفضل تأخير القضية حتي يأخذ فيها رأي الخليفة! أما موقفه من السنة فيتكوَّن من خمس قرارات (راجع كتاب تدوين القرآن): 1- مَنَع رواية سنة النبي صلي الله عليه وآله وسلم منعاً باتاً تحت طائلة العقوبة! وقد ضرب عمر بعض الصحابة بجرم أنه حدَّث أشخاصاً أو شخصاً فقال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم! وبقي بعضهم في سجنه حتي قتل! 2- مَنَع تدوين سنة النبي صلي الله عليه وآله وسلم منعاً باتاً، وهو قرار كان اتخذه مع زعماء قريش من زمن النبي صلي الله عليه وآله وسلم عندما رأوا بعض شباب قريش كعبدالله بن عمرو العاص يكتبون ما يقوله النبي صلي الله عليه وآله وسلم! وطلب أبو بكر في خلافته من الناس أن يأتوا اليه بما كتبوه من السنة فأحرقه! كما جمع عمر في خلافته المكتوب من السنة وأحرقه! وأصدر مرسوماً خلافياً الي الأمصار بإحراق المكتوب من السنة أو إتلافه! 3- رفض عمر كتاب علي(الجامعة) الذي هو بإملاء النبي صلي الله عليه وآله وسلم وفيه ما يحتاج إليه الناس، وقال إن النبي صلي الله عليه وآله وسلم لم يخص علياً ولا أحداً من أهل بيته بشئ من العلم، ولم يترك علماً غير القرآن. 4- انتقي عمر روايات من سيرة النبي صلي الله عليه وآله وسلم وأحداثها، وعمل علي تعليمها للأمة علي أنها السنة والسيرة الصحيحة، دون غيرها! 5- رفع شعار (سنة النبي) التي رفضها بالأمس، وعدَّل شعاره (حسبنا كتاب الله) الي شعار: (حسبنا كتاب الله وسنة نبيه) أي كتاب الله كما يفهمه الخليفة، وسنة رسوله التي يرويها أو يمضيها! والي جنب هذه القرارات والمواقف، له قراران كان لهما تأثير واسع: 1- قراره بنشر الثقافة اليهودية والمسيحية. 2- وقراره بنشر الشعر الجاهلي، وأمره بتعلمه وكتابته.

نقص القرآن و زيادته برأي الخليفة وخاصته

اشاره

1- يري عمر أن القرآن ضاع أكثره! قال: (القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابراً محتسباً فله بكل حرف زوجة من الحور العين). (الدر المنثور:6/422، وقال: قال بعض العلماء: هذا العدد باعتبار ما كان قرآناً ونسخ رسمه، وإلا فالموجود الآن لايبلغ هذه العدة). ومجمع الزوائد:7/163، عن الطبراني عن شيخه محمد بن عبيد ومال الي توثيقه وانتقد استنكار الذهبي له وقال: (ولم أجد لغيره في ذلك كلاماً). أقول: الرواية عن عمر موثقة، ومحاولتهم تضعيف شيخ الطبراني لاتصح، وكذا زعمهم أن عمر يقصد المنسوخ، فهل يكون المنسوخ أكثر من ثلثي القرآن! وبما أن عدد حروف القرآن ثلاث مئة ألف حرف وكسراً، أي أقل من ثلث العدد الذي قاله عمر، فيكون رأيه أنه ضاع أكثر من ثلثي القرآن! ولحديثه هذا مؤيدات عديدة صحت عنه، كقوله: (فقد فيما فقدنا من القرآن..أسقط فيما أسقط. قرآن كثير ذهب مع محمد.. رفع فيما رفع). ففي الدر المنثور:5/179، عن مصنف عبد الرزاق: فإنها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها، ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد. وفي كنز العمال:2/567 من مسند عمر، قال عمر لعبدالرحمن بن عوف: ألم نجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها، قال: أسقط فيما أسقط من القرآن). وقال في رواية أخري:... فرفع فيما رفع! وفي:6/208:(أو ليس كنا نقرأ من كتاب الله أن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم..أو ليس كنا نقرأ الولد للفراش وللعاهر الحجر،فُقِدَ فيما فَقَدْنَا من كتاب الله). 2- وقال عمر إن سورة الأحزاب ضاع منها أكثر من200 آية! ففي كنز العمال:2/480: عن حذيفة قال قال لي عمر بن الخطاب:(كم تعدُّون سورة الأحزاب؟قلت ثنتين أو ثلاثاً وسبعين، قال: إنْ كانت لتقارب سورة البقرة، وإن كان فيها لآية الرجم). ونحوه أحمد:5/132، والحاكم:2/415، و:4/359 وصححه. والبيهقي:8/211. وكنز العمال:2/567، قال: إن كانت لتضاهي سورة البقرة أو هي أطول من سورة البقرة)! فالناقص من سورة الأحزاب برأيه أكثر من200 آية!! 3- وقلَّده أبو موسي الأشعري فقال: إن سورة براءة ضاع أكثرها! ففي مجمع الزوائد:5/302: (نزلت سورة نحواً من براءة فرفعت فحفظت منها: إن الله ليؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم..فذكر الحديث). والدر المنثور:1/105، ونحوه في:7/28، والحاكم:2/330، عن حذيفة. 4- وقال عمر إن آية الرجم وآية الشيخ والشيخة،وآية لاترغبوا عن آبائكم كانتا في القرآن. روي بخاري:8/25، أن عمر بلغه أن شخصاً قال: (لو قد مات عمر لقد بايعتُ فلاناً)فغضب وقال: (فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت! إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذي يريدون أن يغصبوهم أمورهم)! ثم خطب وقال: (ثم إنه بلغني أن قائلاً منكم يقول: والله لو مات عمر بايعت فلاناً، فلا يغترَّنَّ امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقي شرها، وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر. من بايع رجلاً عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تَغِرَّةَ أن يقتلا...إن الله بعث محمداً بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فلذا رجم رسول الله ورجمنا بعده، فأخشي إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله: والرجم في كتاب الله حق علي من زني إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الإعتراف. ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم، أو إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم). ومعني:تَغِرَّةَ أن يقتلا: مخافة أن يقتلا بهذا الأمر الذي أصدره عمر. ورواه:8/113، ومسلم:5/116، وابن ماجة:1/625 و:2/853 وأبوداود:2/343، وفيه: (وأيم الله لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله عزوجل لكتبتها).والترمذي:2/442، والدر المنثور:5/179، بعدة روايات وفيها: فإنها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها، ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد)! وفي تهذيب ابن حجر:4/77: (لولا أن أزيد في كتاب الله ما ليس فيه لكتبت، إنه حق).لكن لماذا لم يكتبها في القرآن مع أنه شهد له غيره؟! 5 - آية: لاترغبوا عن آبائكم، وتقدمت مع آية الرجم برواية بخاري:8/24، وفصلها مجمع الزوائد:1/97: (أن مملوكاً كان يقال له كيْسان فسمي نفسه قيساً وادعي الي مولاه ولحق بالكوفة، فركب أبوه الي عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين ابني ولد علي فراشي، ثم رغب عني وادعي الي مولاي ومولاه! فقال عمر لزيد بن ثابت: أما تعلم أنا كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم؟ فقال زيد: بلي، فقال عمر: إنطلق فاقرن ابنك الي بعيرك ثم انطلق فاضرب بعيرك سوطاً وابنك سوطاً حتي تأتي به أهلك)! وقال عن بعض رواياته: رجاله رجال الصحيح). 6 - آية: ولو حميتم كما حموا...روي الحاكم:2/225، أن أبيّاً كان يقرأ: إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية، ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام، فأنزل الله سكينته علي رسوله.. وذكر أن ذلك بلغ عمر فناقشه ثم أقر بها وقال له: بل أقرئ الناس. وصححه علي شرط الشيخين. والدر المنثور:6/79، عن النسائي..الخ. وركَّة آيتهم واضحة، وكذا غلط معناها لأنها تقول إن قريشاً في غزوة الحديبية أخذتها حمية الجاهلية، ولو حمي المسلمون مثلها لفسد المسجد الحرام ولكنهم لانوا، بينما يقول الله تعالي: وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً. وقال في آية24: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ). 7 - آية: حق جهاده في آخر الزمان! قال في الدر المنثور:4/371: (عن عبد الرحمن بن عوف، قال لي عمر: ألسنا كنا نقرأ فيما نقرأ: وجاهدوا في الله حق جهاده في آخر الزمان كما جاهدتم في أوله؟قلت: بلي فمتي هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: إذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة الوزراء)! وفي كنز العمال:2/567، (من مسند عمر: ألم نجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها! قال: أسقط فيما أسقط من القرآن)! فهذه الرواية قولٌ من عمر بنقص القرآن! 8 - آية: الولد للفراش! فالمعروف في مصادر الشيعة والسنة أن "الولد للفراش وللعاهر الحجر"حديث نبوي صلي الله عليه وآله وسلم كما في وسائل الشيعة:13/376، وسنن الترمذي:2/313، والنسائي:6/180، وأحمد:1/25، و:4/186، بأربع روايات..الخ. لكن رووا: أن عمر قال لأبيّ: أو ليس كنا نقرأ من كتاب الله: إن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم؟ فقال: بلي، ثم قال: أو ليس كنا نقرأ: الولد للفراش وللعاهر الحجر؟ فُقِد فيما فقدنا من كتاب الله؟ قال بلي). (كنز العمال:6/208). 9 - آية: لو كان لابن آدم واديان! رواها بخاري:7/175،كحديث نبوي، ومسلم:3/100، لكن روي بعده: (بعث أبو موسي الأشعري الي قراء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم، وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها! غير أني قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدي المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة). ونحوه أحمد:4/368، عن زيد بن أرقم، ونحوه:5/219، و:6/55، عن عائشة، و:3/122، عن أنس بصيغة الشك هل هي آية أم لا؟! وفي:5/117، عن ابن عباس: جاء رجل الي عمر يسأله فجعل ينظر الي رأسه مرة والي رجليه أخري... وذكر أن ابن عباس قرأ آية التراب فسأله عنها عمر فاستشهد بأبي بن كعب فقال: هكذا أقرأنيها رسول الله! قال أفأثبتها؟ فأثبتها! وفي مجمع الزوائد:7/141: أفأثبتها في المصحف قال:نعم! رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح).ومعناه أنه كتبها في القرآن ولا بد أنه قرآن عمر الذي كان يجمعه عند حفصة، وقتل قبل أن ينشره! 10 - نقص (وهو أب لهم) من آية! في الدر المنثور:5/183: (وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وإسحق بن راهويه وابن المنذر والبيهقي عن بجالة قال: مرَّ عمر بن الخطاب بغلام وهو يقرأ في المصحف: النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم! فقال يا غلام حُكَّهَا فقال: هذا مصحف أبيّ! فذهب الي أبيّ فسأله فقال: إنه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالأسواق). وعبد الرزاق:10/181، وتاريخ المدينة:2/708 والبيهقي:7/69، والذهبي في سيره:1/397، وكنز العمال:2/569..الخ. ومعناه أنه أقرها وبقيت في المصحف، أي مصحف عمر الذي خبأه عند حفصة! 11 - آية: ذات الدين ووادي التراب! روي الحاكم:2/224: (عن أبيّ بن كعب قال: قال لي رسول الله (ص): إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ. ومن نعْتها: لو أن ابن آدم سأل وادياً من مالٍ فأعطيته لسأل ثانياً، وإن أعطيته ثانياً سأل ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله علي من تاب، وإن الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيراً فلن يكفره). وصححه، ومجمع الزوائد:7/140. وينبغي الشك في كل روايات الزيادة والنقصان التي نسبوها الي أبيّ بن كعب رحمه الله لأنه ثبت أن بعضها مكذوب عليه، وأنهم استغلوا إسمه. 12 - التسبيحات الأربع من القرآن! روي ذلك أحمد:5/11 و20، عن سمرة قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: (إذا حدثتكم حديثاً فلا تزيدن عليه، وقال: أربع من أطيب الكلام وهن من القرآن لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. ثم قال: لا تُسَمِّيَنَّ غلامك أفلحاً ولا نجيحاً ولا رباحاً ولا يساراً). والنسائي:2/143، عن أبيّ! 13 - آية: ألا بلغوا قومنا..! رواها بخاري:3/204 و208 و:4/35 و:5/42، بعدة روايات أن آية: ألا بلغوا قومنا بأنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا! نزلت في شهداء بئر معونة الذين بعثهم النبي صلي الله عليه وآله وسلم الي نجد فغدر بهم رعل وذكوان وعصية من بني لحيان، وأن المسلمين قرؤوا هذه الآية! ومسلم:2/135، وأحمد:3/109 و210 و215 و255 و 289، بروايات..وفي أكثرها أنها نسخت، وفي بعضها أنها رفعت. وقد جعلوها آية وهي فقرة ناقصة! 14 - آية عائشة التي أكلتها السخلة! فمن عجائب ما رووه عن عائشة كما في مسند أحمد وغيره، قال في:6/271: (كانت عائشة تأمر أخواتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيراً خمس رضعات ثم يدخل عليها! وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي (ص) أن يُدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحداً من الناس حتي يرضع في المهد).انتهي. ومعناه أنها كانت تبعث بالرجل الي أختها أو زوجة أخيها فتترضعه ليصير محرماً علي عائشة ويدخل عليها)! وروي بخاري:6/125، عن عائشة: (أن النبي دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك! فقالت إنه أخي، فقال: أنظرن من إخوانكن! فإنما الرضاعة من المجاعة). ونحوه:3/150، والنسائي:6/101، وأورد عبد الرزاق في مصنفه:7/458، نحو خمسين رواية تحت عنوان: باب رضاع الكبير، تذكر استنكار المسلمين لذلك، وأسماء بعض من أرضعتهم ليدخلوا عليها، وأنها تعلمت ذلك من سهيلة بنت سهيل بن عمرو قائد المشركين التي أخبرتها أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أجاز لها أن تُرضع سالم الفارسي وهو رجل ليدخل عليها، (فقالت:يا رسول الله! إن سالم مولي أبي حذيفة معنا في بيتنا، وقد بلغ ما يبلغ الرجال وعلم ما يعلم الرجال، فقال رسول الله: أرضعيه تحرمي عليه...! قال ابن أبي مليكة: فمكثت سنة أو قريباً منها لا أحدث به رهبةً له، ثم لقيت القاسم فقلت: لقد حدثتني حديثاً ما حدثته بعد، قال: وما هو؟ فأخبرته فقال حدِّث به عني أن عائشة أخبرتني به)! وكل أحاديث الرضاعة حتي حديث سهيلة عن عائشة فقط، ففي التمهيد: 8/258،قالت: (جاءت سهلة بنت سهيل إلي النبي فقالت إني لأري في وجه أبي حذيفة من دخول سالم عليَّ كراهية. قال: فأرضعيه! قالت وهو شيخ كبير؟! فقال النبي: أولست أعلم أنه شيخ كبير فأرضعيه! ثم أتته بعد فقالت: يا رسول الله ما رأيت في وجه أبي حذيفة شيئاً أكرهه). انتهي. وسالم هذا فارسي غلام لأبي حذيفة الأموي: (وكان يؤم المهاجرين بقباء فيهم عمر بن الخطاب قبل أن يقدم رسول الله (ص) المدينة). (الإستيعاب:2/567). فكانت عائشة تحتج لعملها بأنها سمعت ذلك من سهيلة، لكن يظهر أن انتقاد أزواج النبي صلي الله عليه وآله وسلم والناس كان قوياً، فقالت إن رضاع الكبير نزل فيها آيات كانت في صحيفة تحت سريرها فلما مرض النبي صلي الله عليه وآله وسلم في بيته البعيد نسبياً عن غرفتها انشغلت به ولم تقفل غرفتها جيداً فدخلت سخلة وأكلت الصحيفة! وحتي لايقال إن الآيات منسوخة أكدت عائشة أنها كانت من القرآن، وكنا نقرؤها حتي توفي النبي، ولانسخ بعد النبي صلي الله عليه وآله وسلم! قال مسلم في صحيحه:4/167: (عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يُحَرِّمْنَ ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القرآن!). والدارمي:2/157، وروي ابن ماجة:1/625: (عن عائشة قالت: لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً. ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها). والنسائي:6/100. ومعني الداجن: الحيوان الأهلي الذي يربي في المنزل وكان السائد منه في المدينة الماعز، ولذلك قلنا أكلتها السخلة! وفي هذه الرواية دليل علي أن مرض النبي ووفاته لم يكن في غرفة عائشة كما زعموا وزعمت فيما بعد، وإلا لما دخلتها السخلة! ومن طريف ما رووه أن عبدالله بن عمر ومالك بن أنس وغيرهم وافقوا عائشة وزادوا عليها بأن المصة الواحدة تكفي لتحريم الشخص! (الترمذي:2/309، والدر المنثور:2/135). لكن بعض النساء في عصرنا سألت شيخاً في برنامج من تلفزيون السعودية: هل تستطيع أن تفعل ذلك كعائشة، فلم يرخص لها بذلك! وشاهدنا منه أن عائشة تقول بنقص القرآن وأن السخلة الملعونة جعلت قرآن المسلمين ناقصاً الي يوم الدين فلعنها الله من سخلة! 15 - صحِّحُوا مصاحفَكم واكتبوا: فامضوا الي ذكر الله، وامحوا (وَاسْعَوْا)! فقد اتفقت مصادرهم علي أن عمر كان يقرأ: الآية التاسعة من سورة الجمعة (فامضوا الي ذكر الله)ويُصر علي ذلك ويأمر بمحو (فاسعوا) ويقول إنها منسوخة! لكن المسلمين لم يطيعوه والحمد لله. وسبب اجتهاده أن معني السعي في ذهنه: الركض، والمطلوب الذهاب الي صلاة الجمعة وليس الركض، فلا يصح التعبير بالسعي فهو غلط أو منسوخ فيجب تصحيحه! قال بخاري:6/63: (قوله: وآخرين منهم لما يلحقوا بهم، وقرأ عمر: فامضوا الي ذكر الله). وفي تاريخ المدينة:2/711: (عن خرشة بن الحر قال: رأي معي عمر بن الخطاب لوحاً مكتوباً فيه: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَي ذِكْرِ اللهِ، فقال: مَن أملي عليك هذا؟ قلت أبي بن كعب، فقال إن أبياً كان أقرأنا للمنسوخ، إقرأها: فامضوا الي ذكر الله). وفي البيهقي:3/227: عن سالم عن أبيه قال: ما سمعت عمر بن الخطاب يقرؤها إلا: فامضوا الي ذكر الله).والدر المنثور:6/219. ورووا أن عمر أقنع برأيه عبدالله بن مسعود فمحي من مصحفه:فاسعوا وكتب فيه: فامضوا قال: لو قرأتها فاسعوا سعيت حتي يسقط ردائي! وكان يقرؤها فامضوا)! (مجمع الزوائد:7/124، ووثقه). وقد رد علي عليه السلام هذه القراءة وبين خطأ عمر، ففي دعائم الإسلام:1/182: (عن علي عليه السلام أنه سئل عن قول الله تعالي: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَي ذِكْرِ اللهِ، قال: ليس السعي الإشتداد ولكن يمشون إليها مشياً). كما رد عليه أبو ذر رحمه الله،ففي الدر المنثور:6/219:(وأخرج البيهقي في سننه عن عبدالله بن الصامت قال خرجت الي المسجد يوم الجمعة فلقيت أباذر فبينا أنا أمشي إذ سمعت النداء فرفعت في المشي لقول الله: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَي ذِكْرِ اللهِ، فجذبني جذبة فقال: أولسنا في سعي)؟! انتهي. ولكن رواة المذهاب وفقهاءهم لم يُخَطِّئوا عمر ولعلهم يتمنون أن يتغير القرآن من أجله، فقد أفتوا بأنه يجوز أن يقرأ الناس بقراءة عمر! راجع: البيهقي:3/227، والمغني:2/143، والدر المنثور:6/219، وكنز العمال بروايات عديدة:2/591 رقم:48087 و4809 و4821 و4822 وابن جزي في التسهيل:2/445. 16- وصل التحريف الي سورة الحمد! فقد صحَّ عندهم أن عمر كان يقرأ: سراط من أنعمت عليهم..غير المغضوب عليهم وغير الضالين! ففي الدر المنثور:1/15: (أخرج وكيع وأبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر... من طرق عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ: سراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين... وكنز العمال:2/593، والبغوي:1/42، ومحاضرات الراغب:2/199. ومعني ذلك أنه استذوق أن (يصحح) في كلام الله تعالي أو يُحَسِّن في عبارته! 17- الله لاإله إلا هو الحي القيَّام! قال بخاري:6/72:(سورة إنا أرسلنا.. دياراً من دور، ولكنه فيْعال من الدوران، كما قرأ عمر: الحي القيام، وهي من قمت..). ودافع عن عمر في:8/184، بقوله: (وقال مجاهد القيوم القائم علي كل شئ. وقرأ عمر القيام، وكلاهما مدح).انتهي. ومعني كلامه أنه يجوز تغيير نص القرآن مادام بنفس المعني كما فعل عمر! ويوجد موارد أخري نقلتها مصادرهم من تغيير عمر لنص القرآن! 18- آية:عظاماً ناخرة. فالموجود في سورة النازعات: أإذا كُنَّا عِظَاماً نَخِرَة. ولو أن أحداً في عصرنا قرأها (ناخرة) بالألف لأنه يريد أن تتناسب أواخر الآيات لقالوا له: لايجوز لك أن تغير في كلام الله من عندك! أما عمر فيجوز له! قال السيوطي في الدر المنثور:6/312: (وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ: أئذا كنا عظاماً ناخرة، بألف). بعدة روايات. ومجمع الزوائد:7/133، عن ابن عمر، وصححه. قد يقال: لا فرق بين نخرة بدون ألف أو بألف. لكن بناء القرآن ليس ككلام البشر، والحرف الواحد له دوره في موضعه وفي مجموع القرآن! 19- محاولة عمر حذف واو الأنصار! في تاريخ المدينة:2/707: (قرأ عمر: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ(و)َالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ. بدون واو! فقال أبيُّ:وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ. فقال عمر: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، الذين اتبعوهم بإحسان، وقال عمر: أشهد أن الله أنزلها هكذا، فقال أبيٌّ: أشهد أن الله أنزلها هكذا ولم يؤامر فيها الخطاب ولا ابنه). انتهي. أقول: الآية في مدح المؤمنين المهاجرين والأنصار ومن جاء بعدهم واتبعهم، فالأنصار مساوون للمهاجرين القرشيين وإن ذكروا بعدهم، ومن اتبعهم أي اتبع الطرفين. لكن عمر يريد حذف الواو ليجعل الأنصار تابعين للقرشيين، وأقسم أنها هكذا نزلت! فرفض كعب تحريف الآية وقال له إن الله عندما أنزلها لم يستشر عمر ولا أباه! وفي رواية الحاكم:3/305، أن عمر أراد من شخص تغييرها فلم يقبل معه فذهبا الي أبيّ وجري بينهما نقاش حاد، وقال له كعب: (تلقيتها من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. قال عمر: أنت تلقيتها من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم؟! قال: نعم أنا تلقيتها من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. ثلاث مرات كل ذلك يقوله، وفي الثالثة وهو غضبان: نعم والله، لقد أنزلها الله علي جبريل وأنزلها جبريل علي محمد فلم يستأمر فيها الخطاب ولا ابنه! فخرج عمر وهو رافع يديه وهو يقول: ألله أكبر ألله أكبر!). وكنز العمال:2/605، و:2/597، وفيه: (فجعل كل واحد منهما يشير الي أنف صاحبه بإصبعه). وفي الدر المنثور:3/269: (فقال عمر: فنعم، إذن نتابع أبياً... قال: لقد كنت أري أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا! فقال أبيٌّ: تصديق ذلك في أول سورة الجمعة: وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ).انتهي. ومعناه أن عمر يري أن قريشاً فوق الجميع، ولا يجوز أن يساوي بها أحد! والواو في الآية تجعل الأنصار معهم علي قدم المساواة فيجب حذفها! لكن عمر تراجع عن قوله وعن قسمه! ولم يسأل عدداً من الصحابة عن الآية! وأمر بكتابتها في القرآن كما قال أبيٌّ ولم يطلب شاهداً آخر معه عليها! 20- محاولة أخري تتعلق بعلي عليه السلام في آية:قُلْ كَفَي بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ. (الرعد:43)، فقد عبَّر القرآن الكريم بإيتاء الكتاب، وهو عام للأمم وخاص للأنبياء وأوصيائهم عليهم السلام. وبتوريث الكتاب وهو أيضاً عام وخاص، وبالراسخين في العلم وهو خاص بالمعصومين عليهم السلام، ومثله تعبير: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، وهو لاينطبق إلا علي علي عليه السلام، لأن غيره لم يكن عنده، فيكون عليٌّ عليه السلام أفضل من وزير سليمان ووصيه آصف بن برخيا، الذي قال الله تعالي فيه: قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ. (النمل:40). لكن عمر حاول إبعاد الآية عن علي عليه السلام فقرأها (وَمِنْ عِنْدِهِ) فكسر مَنْ وكسر عِنْدَه! وأراد بهاتين الكسرتين أن يجعل معني الآية: قل كفي بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عند الله علم الكتاب. وهذه القراءة لا معني لها لأنها تقطع الربط بين الفقرتين! والعجيب أنه نسب ذلك الي النبي صلي الله عليه وآله وسلم! ففي الدر المنثور:4/69:(عن عمر أن النبي قرأ: ومَن عندَه علم الكتاب، قال: من عند الله علم الكتاب). وكنز العمال:2/593، وفي:12/589، أنه سمع ذلك من النبي صلي الله عليه وآله وسلم في مكة! ومجمع الزوائد:7/155. والحمد لله أن أحداً لم يطعه، ففي المصحف: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب!

من هو الشاهد علي الأمة الذي عنده علم الكتاب

بعد فشل محاولة قراءة (وَمِنْ عِنْدِهِ) بكسر(مِن)يبقي السؤال من هو هذا الذي جعله الله شاهداً علي الأمة بعد نبيها صلي الله عليه وآله وسلم؟ويضاف الي الآية آية أخري بمعناها: أَفَمَنْ كَانَ عَلَي بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ. (هود:17)، فمن هو هذا الشاهد علي الأمة وهو من النبي صلي الله عليه وآله وسلم؟! أما أتباع أهل البيت عليهم السلام فرووا أن الذي عنده علم الكتاب والشاهد علي الأمة هو عليٌّ عليه السلام، ففي تفسير علي بن إبراهيم:1/367، بسند صحيح عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (الذي عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين عليه السلام. وسئل عن الذي عنده علمٌ من الكتاب أعْلَمُ أم الذي عنده علم الكتاب؟ فقال: ما كان علم الذي عنده علم من الكتاب عند الذي عنده علم الكتاب إلا بقدر ما تأخذ البعوضة بجناحها من ماء البحر.. قال أمير المؤمنين عليه السلام:ألا إن العلم الذي هبط به آدم من السماء الي الأرض وجميع ما فضلت به النبيون الي خاتم النبيين في عترة خاتم النبيين صلي الله عليه وآله وسلم). وفي نور الثقلين:2/523، عن أمالي الصدوق عن أبي سعيد الخدري قال: (سألت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عن قول الله جل ثناؤه: قُلْ كَفَي بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ؟ قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب). وفي تفسير العياشي:2/220: عن عبدالله بن عطاء قال: (قلت لأبي جعفر عليه السلام: هذا ابن عبدالله بن سلام يزعم أن أباه الذي يقول الله: قُلْ كَفَي بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ. قال: كَذِبَ.. هو علي بن أبي طالب!.. عن عبدالله بن عجلان عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قوله قُلْ كَفَي بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، فقال: نزلت في علي بعد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وفي الأئمة بعده، وعليٌّ عنده علم الكتاب). وكذلك تفسير الشاهد بعلي عليه السلام، ففي بصائر الدرجات عن الأصبغ بن نباتة قال قال أمير المؤمنين عليه السلام: والله ما نزلت آية في كتاب الله في ليل أو نهار إلا وقد علمت فيمن أنزلت، ولا مرَّ علي رأسه المواسي إلا وقد أنزلت عليه آية من كتاب الله تسوقه الي الجنة أو الي النار، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين ما الآية التي نزلت فيك؟ قال له: أما سمعت الله يقول: أَفَمَنْ كَانَ عَلَي بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ، فرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم علي بينة من ربه وأنا الشاهد التالي). (أمالي المفيد/145). وفي تفسير العياشي:2/143، عن بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: (الذي علي بينة من ربه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم والذي تلاه من بعده الشاهد منه أمير المؤمنين عليه السلام، ثم أوصياؤه واحد بعد واحد).انتهي. وقد وافقتنا بعض مصادر السنة علي أن الذي عنده علم الكتاب هو علي عليه السلام، قال السيوطي في الدر المنثور:3/324: (أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن. فقال له رجل: ما نزل فيك؟ قال أما تقرأ سورة هود: أَفَمَنْ كَانَ عَلَي بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ: رسول الله(ص)علي بينة من ربه، وأنا شاهد منه). ثم ذكر ثلاث روايات بنحوه. كما رووا في آية: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، مكذوبات تزعم أن الشاهد علي الأمة الذي يتلو النبي صلي الله عليه وآله وسلم هو عبدالله بن سلام اليهودي الذي صار (مسلماً أموياً)! فالمهم لهم إبعاد الآية عن علي عليه السلام ولو بتلبيسها ليهودي، ولو لزم أن لا يكون في الأمة الإسلامية شخص عنده علم كتابها! قال في الدر المنثور:4/69: (عن ابن عباس قال: قدم علي رسول الله (ص) أسقف من اليمن فقال له رسول الله(ص): هل تجدني في الإنجيل رسولاً؟ قال لا، فأنزل الله: قُلْ كَفَي بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ يقول: عبدالله بن سلام). انتهي. وقد فات واضع الحديث أن هذه الحادثة في المدينة والآية مكية! وقد روي السيوطي أن سعيد بن جبير رد عليهم وكذلك الشعبي وقال: (ما نزل في عبدالله ابن سلام شئ من القرآن)! وقد تخبط هنا الطبري:7/10، والفخر الرازي:17/200، واستوفينا الكلام في كتاب تدوين القرآن. وتدل ترجمة عبدالله بن سلام هذا علي أنه وأولاده كانوا من مرتزقة بني أمية وجلادهم الحجاج، كما في مجمع الزوائد:9/92. وروي الذهبي في تذكرته:1/27، ما يدل علي أن ابن سلام كان بعد إسلامه متعصباً ليهوديته وأنه كذب علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقال إنه أمره أن يقرأ القرآن ليلة والتوراة ليلة! فكيف يكون هذا عنده علم الكتاب والشاهد الرباني علي الأمة بعد نبيها عليه السلام! والعجيب أن الذهبي علق علي ذلك بقوله: (فهذا إن صح ففيه الرخصة في تكرير التوراة وتدبرها)! وعلي فتواه ينبغي أن تُوَزَّع التوراة علي المسلمين كالقرآن! 21- كان عمر يقرأ في صلاته سورتين مزعومتين! وهو من أعجب ما في مصادر المدعين له جمع القرآن وحفظه! وقد رووا ذلك ولم يتهموا عمر مع أنه كان يقرؤهما في صلاته! ولا اتهموا الذين كتبوهما في مصاحفهم من خاصته! ويتوقف فهم قصة هاتين الأختين الشقيقتين، علي فهم أمرين: الأول: حساسيتهم من سورتي المعوذتين لأن النبي صلي الله عليه وآله وسلم كان دائماً يعوِّذ بهما الحسن والحسين عليهما السلام فأرادوا أن يحذفوهما من القرآن لأنهما بزعمهم عُوذتان! ويستبدلوهما بسورتي الحفد والخلع! والثاني: غيضهم من قنوت النبي صلي الله عليه وآله وسلم لأنه كان يلعن فيه زعماء قريش! فقاموا بعدة أعمال لرفع اللعن عنهم وتخطئة النبي صلي الله عليه وآله وسلم: أ- وضعوا أحاديث تزعم أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم اعترف بخطئه في لعن الذين لعنهم لأنه بشر يخطئ ويصيب! وأنه دعا الله تعالي أن يجعل لعنته علي من لعنه أو سبه أو آذاه (صلاة وقربة، زكاة وأجراً، زكاة ورحمة، كفارة له يوم القيامة، صلاة وزكاة وقربة تقربه بها يوم القيامة، مغفرة وعافية وكذا وكذا.. بركة ورحمة ومغفرة وصلاة، فإنهم أهلي وأنا لهم ناصح) علي حد تعبير رواياتهم! فقد روي ذلك بخاري:7/157، وفيه: اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة اليك يوم القيامة. ومسلم:8/26، وفيه: اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة). وروي مسلم سبع روايات من هذا النوع. وأحمد:2/390 و488 و496 و:3/384 و:5/437 و439 و:6/45 والدارمي:2/314 والبيهقي:7/60.. الخ. وكلها تصور النبي صلي الله عليه وآله وسلم جالساً علي كرسي الإعتراف بأنه سَبَّابٌ لَعَّانٌ فَحَّاش مؤذٍ للناس، يُهينهم، ويضربهم بالسوط! وأنه تاب ودعا لمن ظلمهم من الفراعنة والأبالسة، بهذا الخير الطويل العريض!! وقد تحيَّر فقهاؤهم فيها لأن لعن النبي صلي الله عليه وآله وسلم من يلعنه لايكون إلا بأمر الله تعالي فهو طاعة ولا يحتاج الي توبة، كما لا يجوز الدعاء للملعون بالخير والبركة والرحمة! وقد نصت روايات اللعن علي أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال: والله ما أنا قلته ولكن الله قاله! (أحمد:4/48 و57 و420 و424 ومجمع الزوائد:10/46، وكنز العمال:12/68، والحاكم:4/82). ثم، لو كان اللعن بغضب بشري كما زعموا، فهو معصية كبيرة تخرج صاحبها عن العدالة وتجعله ملعوناً! لأن لعن المؤمن كقتله واللعنة إذا خرجت من في صاحبها نظرت فإن وجدت مسلكاً في الذي وجهت إليه، وإلا عادت الي الذي خرجت منه.(كنز العمال:3/614و616، وغيره). ولكنهم (مضطرون) الي نسبة هذا الذنب الي النبي صلي الله عليه وآله وسلم لتبرئة من يحبونهم من الملعونين! ب- وضعوا أحاديث أكثر جرأة علي مقام النبي صلي الله عليه وآله وسلم تزعم أن الله بعث إليه جبرئيل فوبخه وقال له: إن الله يقول لك إني لم أبعثك سبَّاباً! والقرشيون قومك وأهلك فلماذا تسبهم وتلعنهم؟! وعلمه (سورتي)الخلع والحفد العُمَريتين، فهما بزعمهم نسخة إلهية بدل قنوت اللعن! قال البيهقي في سننه:2/210: (عن خالد بن أبي عمران قال: بينا رسول الله (ص) يدعو علي مضر(قريش)إذ جاءه جبرئيل فأومأ اليه أن اسكت فسكت، فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سَبَّاباً ولا لَعَّاناً! وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذاباً، ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون. ثم علمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد ونرجو رحمتك ونخشي عذابك ونخاف عذابك الجد، إن عذابك بالكافرين ملحق. ثم قال البيهقي: هذا مرسل وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيحاً موصولاً)! وقد رووا سورتي قريش عن عمر بعشرات الروايات! ج- وضعوا أحاديث في سبب نزول قوله تعالي: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمر شَئٌْ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ، (آل عمران:128) تجعلها توبيخاً للنبي صلي الله عليه وآله وسلم لأنه لعن زعماء قريش! فتري أحاديثها في مصادرهم من كل حدب وصوب، ترفض أفكار النبي صلي الله عليه وآله وسلم وآلامه من طغاة قريش، وتخطِّؤه في دعائه عليهم ولعنه إياهم! قال الترمذي:4/295: عن عمر قال: (قال رسول الله (ص) يوم أحد: اللهم العن أبا سفيان، اللهم العن الحارث بن هشام، اللهم العن صفوان بن أمية، قال فنزلت: ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم، فتاب عليهم فأسلموا وحسن إسلامهم!... كان يدعو علي أربعة نفر فأنزل الله تبارك وتعالي: ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون، فهداهم الله للإسلام! أما بخاري فعقد في صحيحه أربعة أبواب! روي فيها أن الله رد دعاء ولعن نبيه علي المشركين والمنافقين، ولم يسم بخاري الملعونين في أكثرها حفظاً علي(كرامتهم)! قال في:5/35: (باب ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون. قال حميد وثابت عن أنس: شُجَّ النبي (ص) يوم أحد فقال كيف يفلح قوم شجوا نبيهم؟ فنزلت: ليس لك من الأمر شئ.... عن سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله (ص) إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول: اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، فأنزل الله عزوجل: ليس لك من الأمر شئ، الي قوله فإنهم ظالمون). وقال بخاري/171: (باب ليس لك من الأمر شئ... بنحوه.. رواه اسحق بن راشد عن الزهري). ثم أورد بخاري رواية أخري تجعل فلاناً وفلاناً الملعونين أحياء من قبائل العرب وليسوا قادة من قريش! قال: عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) كان إذا أراد أن يدعو علي أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع....اللهم أشدد وطأتك علي مضر واجعلها سنين كسني يوسف، يجهر بذلك. وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر: اللهم العن فلاناً وفلاناً لأحياء من العرب حتي أنزل الله: ليس لك من الأمر شئ...الآية). وقال بخاري في:8/155: (باب قول الله تعالي ليس لك من الأمر شئ... عن ابن عمر أنه سمع النبي (ص) يقول في صلاة الفجر رفع رأسه من الركوع قال اللهم ربنا ولك الحمد في الأخيرة، ثم قال: اللهم العن فلاناً وفلاناً، فأنزل الله عز وجل ليس لك من الأمر...). انتهي. والمرة الوحيدة التي سمي فيها بخاري بعض الملعونين رواية عن ابن أبي سفيان:5/35! وطبيعي أن يحذف الإبن اسم أبيه! وأورد في:7/164، روايات يوهم تسلسلها أن الآية نزلت رداً علي دعاء النبي علي أبي جهل، مع أن أبا جهل قتل في بدر والآية نزلت علي أقل تقدير بعد بدر بسنة! قال بخاري: (باب الدعاء علي المشركين. وقال ابن مسعود قال النبي(ص): اللهم أعِنِّي عليهم بسبع كسبع يوسف، وقال اللهم عليك بأبي جهل. وقال ابن عمر دعا النبي(ص) في الصلاة: اللهم العن فلاناً وفلاناً حتي أنزل الله عزوجل: ليس لك من الأمر شئ.... اللهم اشدد وطأتك علي مضر، اللهم اجعلها سنين كسنيِّ يوسف). انتهي. وحسب هذا الحشد من رواياتهم لمصلحة الملعونين تكون الآية نزلت مرات عديدة من أجل عدة أشخاص وفئات وفي أوقات متفاوتة! أما إذا أضفنا الي أسباب نزولها ما رواه غير بخاري، فقد تبلغ عشرين مناسبة متناقضة في الزمان والمكان والأشخاص الملعونين! راجع النسائي:2/203 وأحمد:2/93 و104 و118 و147 و255، و الدارمي:1/374، والبيهقي:2/197، وكنز العمال:2/379، والدر المنثور:2/70، ومسلم:2/134، وفيه: أن أبا هريرة قال: والله لأقربن بكم صلاة رسول الله (ص) فكان أبو هريرة يقنت في الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح، ويدعو للمؤمنين، ويلعن الكفار).انتهي. د- أفتوا بأن المنافقين من أهل الجنة! فعندما تقرأ القرآن تجد فراعنة قريش والمنافقين وجوداً بارزاً خطيراً ضد النبي صلي الله عليه وآله وسلم ودعوته ودولته وأمته لكن عندما تقرأ مصادر السنيين تجد صورتهم تخف وتصغر وتتلاشي! فيختفي سبب نزول الآيات والأشخاص الذين حذر الله الأمة منهم واعتبرهم مجرمين علي مستوي الأمم والشعوب! فأين غاب أبطال الكفر والنفاق، الذين لم يسعهم حلم الله العظيم فكان النبي صلي الله عليه وآله وسلم يدعو عليهم في صلاته طوال نبوته، وكشف بعضهم في مسجده وطردهم، وقال لآخرين منهم في أنفسهم قولاً بليغاً؟! لقد وجدت الخلافة القرشية لهم حلاً وجعلتهم جميعاً من أهل الجنة! روي أحمد:3/135، أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال في مالك بن الدخشم الذي كان رأس المنافقين بعد ابن أبي سلول: (أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ فقال قائل بلي وما هو من قلبه، فقال رسول الله(ص): من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فلن تطعمه النار أو قال لن يدخل النار) ونحوه في:5/449! ثم تسامحوا معهم فروي أحمد:4/44، حديثاً يكتفي بشهادة التوحيد بدون النبوة! وتبعه بخاري فحكم للمنافق بأنه من أهل الجنة ولو كفر بنبوة النبي صلي الله عليه وآله وسلم وروي:2/56،و:6/206، أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال في ابن الدخشم وغيره: (فإن الله قد حرم علي النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)!انتهي. لكن الذي لايؤمن بالشخين عندهم كافر في النار! أما مسلم فروي:1/122، قصة أسطورية لكيفية نجاة المنافقين يوم القيامة ودخولهم الجنة يوم (يتجسد) الله سبحانه وتعالي و(يضحك) للمؤمنين والمنافقين ويمشي أمامهم! جاء فيها: (فيجعلون بفناء الجنة ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتي ينبتوا نبات الشئ في السيل ويذهب حراقه ثم يسأل حتي تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها). انتهي. وكل هذا الكرم والجنة والنعيم لمنافقي المدينة ليس من أجلهم بل من أجل مشركي قريش ومنافقيها! فقد روي الذهبي قاعدة عمر في نجاة القرشيين جميعاً يوم القيامة! قال: (سمعت رسول الله (ص) يقول: سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له) (ميزان الإعتدال:3/355) والنبي صلي الله عليه وآله وسلم يقصد آل محمد صلي الله عليه وآله وسلم وعمر يقصد قريشاً. راجع الموضوع في: الدر المنثور:5/251، ومجمع الزوائد:1/108، والترمذي:5/298، والحاكم:3/129). هـ - أعطوا مناصب هامة في الدولة الإسلامية للمنافقين! وقد فتح هذا الباب عمر مع أنه روي عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم: (من استعمل فاجراً وهو يعلم أنه فاجر فهو مثله). (كنز العمال:5/761). لكنه برر عمله بقوله: (نستعين بقوة المنافق، وإثمه عليه). (كنز العمال:4/614، و:5/771) وبذلك كثر المنافقون وتجاهروا بنفاقهم حتي روي بخاري:8/100، أن حذيفة بن اليمان صاحب سر النبي صلي الله عليه وآله وسلم صاح محذراً من خطرهم فقال: (إن المنافقين اليوم شر منهم علي عهد النبي(ص)، كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون)! انتهي. و- قررت الخلافة حذف القنوت من الصلاة، لأن فيه لعن قريش! وإن كان ولا بد فالقنوت بسورتي الحفد والخلع، وحصره في صلاة الفجر وبالخليفة! وتشعر وأنت تقرأ أحاديثهم في قنوت النبي صلي الله عليه وآله وسلم أنهم لا يحبونه! حتي أفتوا بأنه كان خطأً من النبي صلي الله عليه وآله وسلم لمدة شهر، فنهاه الله عنه فهو الآن حرام وبدعة! قال النسائي:2/203: (عن أنس أن رسول الله قنت شهراً، قال شعبة: لعن رجالاً، وقال هشام: يدعو علي أحياء من أحياء العرب ثم تركه. بعد الركوع هذا قول هشام. وقال شعبة عن قتادة عن أنس: أن النبي(ص) قنت شهراً يلعن رعلاً وذكوان ولحيان... باب لعن المنافقين في القنوت... عن سالم عن أبيه أنه سمع النبي حين رفع رأسه من صلاة الصبح من الركعة الآخرة قال: اللهم العن فلاناً وفلاناً يدعو علي أناس من المنافقين فأنزل الله عز وجل ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون..ترك القنوت... عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال: صليت خلف رسول الله فلم يقنت! وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت، وصليت خلف عمر فلم يقنت، وصليت خلف عثمان فلم يقنت، وصليت خلف علي فلم يقنت، ثم قال: يا بني إنها بدعة)! ورغم حملتهم علي قنوت النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقد وصلت بعض رواياته وشهدت بأنه صلي الله عليه وآله وسلم كان الي آخر عمره يدعو في صلاته علي الكفار والمنافقين! وأن بقايا هذه السنة كانت موجودة الي عهد بني أمية! روي بخاري:1/193: (عن أبي هريرة قال: لأقربن صلاة النبي(ص) فكان أبوهريرة يقنت في الركعة الأخري من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح بعدما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار) ومسلم:2/135، والنسائي:2/202، وأبو داود:1/324، وأحمد:2/255 و337 و470، والبيهقي:2/198 و206، والدر المنثور:1/307، وقال أخرجه الدارقطني. وروي أحمد:1/211: (قال رسول الله(ص): الصلاة مثني مثني، تَشَهُّدٌ في كل ركعتين، وتضرعٌ وتخشعٌ وتمسكنٌ، ثم تُقَنِّع يديك، يقول ترفعهما الي ربك مستقبلاً ببطونهما وجهك، تقول يا رب يا رب، فمن لم يقل ذلك فقال فيه قولاً شديداً). ورواه في:4/167، وفيه: فمن لم يفعل ذلك فهي خداج أي ناقصة. والترمذي:1/238. وفي سنن البيهقي:2/198: (عن البراء بن عازب أن النبي (ص) كان لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها)! ووثقه مجمع الزوائد:2/138، ووثق معه عن عائشة قالت قال رسول الله(ص): إنما أقنت لتدعوا ربكم وتسألوه حوائجكم... وعن أنس أن رسول الله (ص) قنت حتي مات وأبو بكر حتي مات، وعمر حتي مات). وفي الموطأ:1/115: (ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان.). ز- وإذا قنتوا فالمفضل عندهم أن يقرؤوا سورتي الحفد والخلع عملاً بسنة عمر! قال النووي في المجموع:3/498:(ولو قنت بالمنقول عن عمر كان حسناً وهو الدعاء الذي ذكره المصنف رواه البيهقي وغيره، قال البيهقي: هو صحيح عن عمر، واختلف الرواة في لفظه والرواية التي أشار البيهقي الي اختيارها رواية عطاء عن عبيدالله بن عمر قنت بعد الركوع فقال: اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم وانصرهم علي عدوك وعدوهم. اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك. اللهم خالف بين كلمتهم وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين. بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولانكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد ونخشي عذابك ونرجوا رحمتك إن عذابك الجد بالكفار ملحق. هذا لفظ رواية البيهقي).انتهي. لاحظ أن عمر حصر الدعاء بالكفار ولم يذكر المنافقين. وروي الشافعي في كتاب الأم:7/148، حديث: يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً، وسورتي الخلع والحفد، وأفتي باستحباب القنوت بهما! وكذا مالك في المدونة الكبري:1/103. ثم استبدل فقهاؤهم قنوت عمر بقنوت الإمام الحسن عليه السلام الذي روته عنه عائشة! وقد أحبوه لأنه ليس فيه ركاكة السورتين المزعومتين، وليس فيه لعن المنافقين! قال النووي في المجموع:3/493: (والسنة أن يقول: اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضي عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت وتعاليت. لما روي الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم هؤلاء الكلمات في الوتر). أما مذهب أهل البيت فقد أثبت سنة القنوت النبوية في كل صلاة. قال المحقق الحلي في المعتبر:2/238: (اتفق الأصحاب علي استحباب القنوت في كل صلاة فرضاً كانت أو نفلاً مرةً، وهو مذهب علمائنا كافة، وقال الشافعي: يستحب في الصبح خاصة بعد الركوع، ولو نسيه سجد للسهو لأنه سنة كالتشهد الأول، وفي سائر الصلاة إن نزلت نازلة قولاً واحداً، وإن لم تنزل فعلي قولين. وبقوله قال أكثر الصحابة، ومن الفقهاء مالك قال: وفي الوتر في النصف الأخير من رمضان لا غير. وقال أبوحنيفة: ليس القنوت بمسنون بل هو مكروه إلا في الوتر خاصة فإنه مسنون. وقال أحمد: إن قنت في الصبح فلا بأس، وقال: يقنت أمراء الجيوش. لنا: أن القنوت دعاء فيكون مأموراً به لقوله تعالي: أدعوني أستجب لكم، وقوله: وقوموا لله قانتين، ولأن الدعاء أفضل العبادات فلا يكون منافياً للصلاة، وما رواه أحمد بن حنبل عن الفضل بن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: الصلاة مثني مثني الي آخر ما تقدم...ومن طريق أهل البيت عليهم السلام روايات، منها رواية زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع. وروي محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أيضاً قال: القنوت في كل ركعتين في التطوع والفريضة. وروي صفوان الجمال قال: صليت مع أبي عبدالله أياماً فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها ولا يجهر فيها). انتهي. ح- أضافوا سورتي الخلع والحفد الي القرآن! فقد حذف بعضهم المعوذتين من مصحفه وأضاف بعضهم سورتي الحفد والخلع المزعومتين والظاهر أن عمر وضعهما في المصحف الذي كان ينوي نشره ولم يمهله الأجل، ولم تعطه حفصة لعثمان حتي صادره من بيتها بعد دفنها وأحرقه، لئلا يقال إنه يختلف عن مصحف عثمان! ولا يتسع المجال لذكر كل رواياتهم: فمنها ما في الدر المنثور:6/420:(ذكر ما ورد في سورة الخلع وسورة الحفد: أخرج ابن الضريس عن عبدالله بن عبد الرحمن عن أبيه قال: صليت خلف عمر بن الخطاب فلما فرغ من السورة الثانية قال: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن عذابك بالكفار ملحق. وفي مصحف ابن عباس قراءه أبيٍّ وأبي موسي...قال أنس والله إن أنزلتا إلا من السماء! وأخرج محمد بن نصر عن عبدالرحمن بن أبزي قال: قنت عمر بالسورتين...جاءه جبرئيل فأومأ إليه أن أسكت فسكت فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً....ثم علمه هذا القنوت...وزعم عبيد أنه بلغه انهما سورتان من القرآن من مصحف ابن مسعود. وأخرج محمد بن نصر عن ابن إسحق قال قرأت في مصحف أبي بن كعب بالكتاب الأول العتيق...وذكر السورتين المزعومتين... وزعم أبو عبد الرحمن أن ابن مسعود كان يقرؤهم إياها ويزعم أن رسول الله (ص)كان يقرئهم إياها!... قرأ في بعض مصاحف أبي بن كعب هاتين السورتين...وأخرج محمد بن نصر عن الحسن(البصري) قال: نبدأ في القنوت بالسورتين ثم ندعو علي الكفار، ثم ندعو للمؤمنين والمؤمنات). وروي في كنز العمال:8/74 و75 و78 وغيرها كثيراً من روايات (سورتي) الخلع والحفد! وفي تاريخ المدينة:3/1009، أن أبيَّ بن كعب (كتبهن في مصحفه خمسهن: أم الكتاب والمعوذتين والسورتين، وتركهن ابن مسعود كلهن، وكتب ابن عفان فاتحة الكتاب والمعوذتين، وترك السورتين). وقال السيوطي في الإتقان:1/227: (وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي إسحاق قال: أمنا أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان فقرأ بهاتين السورتين: إنا نستعينك، ونستغفرك)!انتهي.ومعناه قرأهما علي أنهما قرآن! ورواه مجمع الزوائد:7/157، وصححه. (أمية بن عبدالله فإن عبد الملك استعمله علي خراسان).(أسد الغابة:1/116. وترجم له بخاري في تاريخه الكبير:2/7، والرازي في الجرح والتعديل:2/301، وتهذيب الكمال:3/334، وغيرهم. وهو من ندماء عبد الملك ولاه خراسان. فتكون قراءته السورتين المفتريتين في الصلاة بعد أكثر من نصف قرن من وفاة عمر! ومعناه أن السلطة الأموية كتبتهما في المصحف بدل المعوذتين! لكن قوة القرآن الذاتية نفتهما عنه كما تنفي النار خّبَثَ الذهب، وكفي الله المسلمين شرهما وشر من اخترعهما! ط - حذفوا سورتي المعوذتين من القرآن! وذنبهما ارتباطهما بالحسن والحسين عليهما السلام! فقد روي أحمد:5/130،(عن زر قال قلت لأبيٍّ: إن أخاك يحكُّهما من المصحف، فلم ينكر! قيل لسفيان: ابن مسعود؟قال نعم وليسا في مصحف ابن مسعود!كان يري رسول الله يعوذ بهما الحسن والحسين ولم يسمعه يقرؤهما في شئ من صلاته فظن أنهما عُوذتان وأصرَّ علي ظنه، وتحقق الباقون كونهما من القرآن فأودعوهما إياه)! وروي بخاري:4/119، تعويذ النبي للحسنين عليهما السلام بدعاء غير المعوذتين، قال: (كان النبي يعوذ الحسن والحسين ويقول إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامَّة). ونحوه ابن ماجة:2/1165، وأبو داود:2/421، والترمذي:3/267، والحاكم:3/167 و:4/416، وأحمد:1/236 و270...الخ. ومجمع الزوائد:5/113، بعدة روايات، وإحداها عن عبدالله بن مسعود فيها تفصيل جميل قال: كنا جلوساً مع رسول الله إذ مرَّ به الحسين والحسن وهما صبيان فقال: هاتوا ابْنَيَّ أعوِّذهما مما عوَّذ به إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق، قال: أعيذكما بكلمات الله التامَّة من كل عين لامَّة ومن كل شيطان وهامَّة. وكنز العمال:2/261 و:10/108، عن عمر: أن النبي كان يعوذ حسناً وحسيناً يقول: أعيذكما بكلمات الله التامة... وروي بخاري ذلك بعدة روايات عن عائشة بتفاوت في الدعاء، لكنها لم تسمِّ فيهما الحسنين! ونحوه أحمد:6/44 و45.إلخ. ونحوه ابن ماجة:2/1161، ولم يذكر الحسن والحسين، والترمذي:3/267، أن النبي كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان، حتي نزلت المعوذتان، فلما نزلت أخذ بهما وترك ما سواهما).انتهي. وبهذا تعرف أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم كان يهتم اهتماماً خاصاً بولديه الحسن والحسين عليهما السلام ويعوِّذهما بكلمات الله تعالي لدفع الحسد والشر عنهما، وكان يفعل ذلك أمام الناس عمداً لتركيز مكانتهما في الأمة وبيان أنهما ذريته وامتداده كإسحاق واسماعيل لابراهيم عليهم السلام! ولهذا ارتبطت السورتان في ذهن الناس بالحسنين عليهما السلام وسري اليهما الحب منهما أو الحسد والبغض! ويشك الإنسان في صحة ما رووه من أن أبيَّ بن كعب وعبدالله بن مسعود حذفا المعوذتين من قرآنيهما!كالذي رواه أحمد:5/130: (كان عبدالله يحكُّ المعوذتين من مصحفه ويقول إنهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالي)! ومجمع الزوائد:7/149، وابن شبة:3/1011. فالذين حملوا لهما العداء هم جماعة الحكومة أصحاب سورتي الحفد والخلع، فلايبعد أن يكونوا نسبوا ذلك الي ابن مسعود وأبي بن كعب ليقبله منهم الناس! قال ابن حجر في لسان الميزان:3/81: (واختلف علي أبي بن كعب في إثبات المعوذتين). وفي كنز العمال:1/601، عن ابن مسعود في فضل المعوذتين، قال: (استكثروا من السورتين يبلغكم الله بهما في الآخرة المعوذتين، ينوِّران القبر ويطردان الشيطان ويزيدان في الحسنات).انتهي. لذلك كذب الفخر الرازي والباقلاني وابن حزم وغيرهم نسبة ذلك اليه.

الي الآن لم يعترفوا بالمعوذتين ولا بالبسملة

احذفوا سورتي المعوذتين لأنهما ليستا من القرآن

روت مصادرهم أحاديث تثبت قرآنيتهما، وأحاديث تشكك فيها، والتشكيك في القرآنية يعني نفيها، لأنها لاتثبت للمشكوك! وعمدة الروايات المثبتة عن عقبة بن عامر الجهني، وقد رواها البيهقي:2/394، بشكل مهزوز فقال: (كنت أقود برسول الله ناقته فقال لي: يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا؟ قلت: بلي يا رسول الله. فأقرأني قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس، فلم يرني أعجب بهما فصلي بالناس الغداة فقرأ بهما، فقال لي: يا عقبة كيف رأيت؟...فلم يرني سررت بهما جداً..). ورواه مسلم:2/200، وفيه: أنزل أو أنزلت علي آيات لم ير مثلهن قط، المعوذتين. والترمذي:5/122 و:4/244، وفي مجمع الزوائد:7/148، عدة روايات في إثبات أن المعوذتين من القرآن. وبمعناه الشافعي في الأم:7/199. قال في فتح الباري:8/571: (قال النووي في شرح المهذب: أجمع المسلمون علي أن المعوذتين والفاتحة من القرآن، وأن من جحد منهما شيئاً كفر، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح، ففيه نظر، وقد سبقه لنحو ذلك أبو محمد بن حزم فقال في أوائل المحلي: ما نقل عن بن مسعود من إنكار قرآنية المعوذتين فهو كذب باطل، وكذا قال الفخر الرازي في أوائل تفسيره: الأغلب علي الظن أن هذا النقل عن ابن مسعود كذب باطل. والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل، بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل والإجماع الذي نقله إن أراد شموله لكل عصر فهو مخدوش، وإن أراد استقراره فهو مقبول). انتهي. لكن لاتقبل منهم ذلك! لأنهم رووا مقابله أحاديث تنفي قرآنيتهما بأسانيد في أعلي درجات الصحة! روي أحمد:5/129: (عن زر بن حبيش قال قلت لأبيّ بن كعب: إن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه! فقال أشهد أن رسول الله أخبرني أن جبريل قال له: قل أعوذ برب الفلق فقلتها، فقال قل أعوذ برب الناس فقلتها فنحن نقول ما قال النبي). ومجمع الزوائد:7/149، وصححه، والبيهقي:2/394 (عن أبي بن كعب قال: سألت رسول الله عن المعوذتين فقال قيل لي فقلت. فنحن نقول كما قال رسول الله)! انتهي. ومعناه أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم لم يصرح بأن المعوذتين من القرآن بل قال: قال لي جبرئيل:قل أعوذ.. فقلت! ولم ينص جبرئيل علي أنهما من القرآن، فقد تكونونان عَوْذَتين ليُعَوِّذَ بهما الحسنين عليهما السلام! ومعناه نفي قرآنيتهما لأنها القرآنية لاتثبت بالشك والظن! وهذا الحديث النافي هو الذي تبناه بخاري، وفقهاؤهم جميعاً! فقد روي بخاري رواية عقبة في تاريخه:3/353، ثم تراجع عنها في صحيحه! فلم يرو إلا روايات أبيٍّ المشككة! مع أنه عقد عنوانين للمعوذتين لكنه اقتصر علي روايات التشكيك! وقد ألف تاريخه قبل صحيحه، كما في تذكرة الحفاظ:2/555! قال في صحيحه:6/96: (سورة قل أعوذ برب الفلق..عن زر بن حبيش قال: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين فقال: سألت رسول الله فقال: قيل لي فقلت. فنحن نقول كما قال رسول الله... سورة قل أعوذ برب الناس.. وحدثنا عاصم عن زر قال: سألت أبي بن كعب: قلت أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا. فقال أبي: سألت رسول الله فقال لي: قيل لي فقلت! قال: فنحن نقول كما قال رسول الله)! انتهي. روي ذلك بخاري وهو يعرف الإختلاف في المعوذتين ووجود من ينفي قرآنيتهما، وأن أستاذه ابن خزيمة رد عليهم، وقد درس بخاري عنده صحيحه الذي قال فيه:1/266: (باب قراءة المعوذتين في الصلاة ضد قول من زعم أن المعوذتين ليستا من القرآن). وأورد الرواية التي تركها بخاري! ومع ذلك لم يرو بخاري إلا رواية التشكيك! ومما يزيد الإشكال علي بخاري أنه صرح في مواضع من صحيحه عند ذكر بعض آياتهما بقوله: قال تعالي، أي شهد بقرآنيتهما! قال في كتاب القدر: (وقوله تعالي: قل أعوذ برب الفلق. وفي كتاب الطب: باب السحر... وقوله تعالي: ومن شر حاسد إذا حسد. وفي كتاب التوحيد: باب قول الله تعالي: ملك الناس).انتهي. فإن كان يعتقد قرآنيتهما ويخالف من ينفيهما، فلماذا اقتصر علي رواية نفيهما، وترك أحاديث صحيحة علي شرطه تثبت قرآنيتهما؟! والجواب أن بخاري ينفي قرآنيتهما، ويستعمل التقية من المسلمين في القول بقرآنيتهما كغيره من علمائهم، فهم يقولون واقعاً بوقوع التحريف في القرآن بالزيادة! وقد تقدم قول ابن خزيمة:1/266: (باب قراءة المعوذتين في الصلاة ضد قول من زعم أن المعوذتين ليستا من القرآن). ونحوه في البحر الرائق:2/68. فمن هؤلاء، هل هم الشيعة؟! وما هي السنن التي تقول بزيادة المعوذتين إلا روايات بخاري وأمثالها؟! ويأخذك العجب أكثر عندما تري كافة فقهاء المذاهب اتبعوا بخاري ونفوا قرآنية المعوذتين؟! عكس ما ادعي النووي وابن حجر، فقد أفتوا بجواز ضم سورة اليهما! ومعناه الشك في قرآنيتها، كما لم يحكموا بكفر من أنكر قرآنيتها وسخر منهما! قال ابن نجيم في البحر الرائق:5/205: (ويَكْفُرُ إذا أنكر آية من القرآن أو سخر بآية منه، إلا المعوذتين ففي إنكارهما اختلاف، والصحيح كفره وقيل لا، وقيل إن كان عامياً يكفر، وإن كان عالماً: لا)! فمن هم هؤلاء الذين قالوا (لايكفر من سخر بآياتهما) ونفي قرآنيتهما؟! وهل استدلوا علي زيادتهما بأن عمر لم يثبتهما في قرآنه؟! وختاماً، من نافلة القول أن أهل بيت النبي عليهم السلام وشيعتهم يؤمنون بالمعوذتين وأنهما سورتان من القرآن، ولايعرفون سورتي الحفد والخلع المزعومتين! قال المحقق البحراني في الحدائق الناضرة:8/230: (أجمع علماؤنا وأكثر العامة علي أن المعوذتين من القرآن العزيز، وأنه يجوز القراءة بهما في الصلاة المفروضة، وروي منصور بن حازم قال: أمرني أبوعبد الله (الإمام الصادق عليه السلام) أن أقرأ المعوذتين في المكتوبة. وعن صفوان الجمال في الصحيح).

كان الطلقاء يرتعدون من البسملة فأقنعوا عمر بتركها

كانت البسملة سلاحاً من الله تعالي لنبيه صلي الله عليه وآله وسلم لطرد شياطين قريش فعندما كانوا يجتمعون علي باب جاره ليسبوه أو يؤذوه، كان يرفع صوته بالبسملة فيولون فراراً! ففي الكافي:8/266، عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (كتموا بسم الله الرحمن الرحيم، فنعم والله الأسماء كتموها، كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إذا دخل إلي منزله واجتمعت عليه قريش يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويرفع بها صوته فتولي قريش فراراً! فأنزل الله عز وجل في ذلك: وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَي أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً).انتهي.(الإسراء:46). فكان الذين يؤذون النبي صلي الله عليه وآله وسلم ترتعد فرائصهم ويرون كأن جبال مكة تميد بهم، ويولون فراراً! وفي السنة الثامنة للهجرة فاجأهم النبي صلي الله عليه وآله وسلم بعشرة آلاف مقاتل، وأجبرهم علي خلع سلاحهم والتسليم، فأسلموا مكرهين فعفا عنهم وسماهم الطلقاء! ولما تكاثروا في المدينة بقي خوفهم من البسملة فكانوا لايحبون سماعها، وبعد النبي صلي الله عليه وآله وسلم استطاعوا أن يقنعوا أبا بكر وعمر بتركها فتركاها، ثم واصلوا انتقامهم منها حتي نفوا أنها آية من القرآن نهائياً! قال السرخسي في المبسوط:1/15، (والسلف اتفقوا علي أن سورة الكوثر ثلاث آيات، وهي ثلاث آيات بدون التسمية. ولأن أدني درجات اختلاف الأخبار والعلماء إيراث الشبهة، والقرآن لا يثبت مع الشبهة فإن طريقه طريق اليقين). انتهي. وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني:1/522: (وروي عن أحمد أنها ليست من الفاتحة ولا آية من غيرها ولا يجب قراءتها في الصلاة، وهي المنصورة عند أصحابه! وقول أبي حنيفة ومالك والأوزاعي وعبد الله بن معبد الرماني). انتهي. وردَّ عليهم أهل البيت عليهم السلام فقالوا إن البسملة أعظم آية في القرآن! ففي تفسير العياشي:1/21، عن الإمام الصادق عليه السلام: (ما لهم قاتلهم الله عمدوا إلي أعظم آية في كتاب الله فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها)!

اسطورة نزول القرآن علي سبعة أحرف

قال أهل البيت: القرآن واحد نزل من عند واحد

في الكافي:2/630، عن الإمام الباقر عليه السلام قال: (إن القرآن واحدٌ نزل من عند واحد، ولكن الإختلاف يجئ من قبل الرواة... عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: إن الناس يقولون إن القرآن نزل علي سبعة أحرف، فقال: كذبوا أعداء الله، ولكنه نزل علي حرف واحد من عند الواحد!). انتهي. بدعة عمر بأن القرآن نزل علي سبعة أحرف: إذا كنت سُنِّيّاً وكنت من أعلم العلماء فلن تستطيع أن تقنع أطفالك بنظرية عمر، بأن القرآن نزل علي سبعة حروف! بل سوف تتحير من أول الأمر هل تقول لهم إن الله تعالي أنزل القرآن بسبعة نصوص؟ يعني أنزل سبعة قرائين؟ أو أنزله بسبع طبعات منقحة؟ وماذا تُجيب إذا سألك ولدك الناشئ فقال: يا أبتي نحن نعرف أن الملك أو رئيس الجمهورية يصدر المرسوم بنسخة واحدة ونصٍّ واحد! وأنت تقول إن جبرئيل كان يضبط نص القرآن علي النبي كل سنة مرة، فهل تقصد أنه نزل علي النبي من الأول سبع نسخ، وكان جبرئيل يضبط عليه سبعة نسخ؟! ولماذا السبع نسخ، ألا تكفي نسخة واحدة؟ وما هو الفرق بين هذه النسخ؟! تقول لابنك: لا يا ولدي، القرآن نسخة واحدة، ومعني السبعة حروف أن الله تعالي استعمل فيه سبعة أنواع من لغات العرب. فيقول لك: ولكن هذا لا يقال له نزل علي سبعة حروف، بل يقال إنه نصٌّ واحد، وألفاظه مختارة من كلمات سبع قبائل! ثم تقول له..ويقول لك.. حتي تعجز أمام ابنك! وتقول له: أسكت فهذه المقولة حديث نبوي رواه عنه الفاروق عمر، فيجب عليك أن تقبلها حتي ولو لم تفهمها ولم يفهمها أبوك وعلماؤك! وقد يسكت ابنك لكن يبقي السؤال في نفسه: هل يمكن أن يتكلم النبي صلي الله عليه وآله وسلم بغير المعقول؟ ألا يمكن أن يكون عمر مشتبهاً أو مخطئاً؟! لقد تحير كبار علماء السنة ومفسروهم وما زالوا متحيرين إلي اليوم والي غد في أحرف عمر السبعة! فلا هم يستطيعون أن يردوها لأنها بتصورهم حديث نبوي رواه عمر! ولا يستطيعون أن يقتنعوا بها! وسيظلون متحيرين إلي آخر الدهر لأنهم يبحثون عن معني معقول لمقولة ليس لها معني معقول! من كبار العلماء المتحيرين الإمام ابن جزي المشهود له في التفسير وعلوم القرآن، فقد نقل في تاريخ القرآن/87 قوله: (ولا زلت أستشكل هذا الحديث(نزول القرآن علي سبعة أحرف) وأفكر فيه وأمعن النظر، من نحو نيف وثلاثين سنة، حتي فتح الله عليَّ بما يمكن أن يكون صواباً إن شاء الله تعالي، وذلك أني تتبعت القراءات صحيحها وضعيفها وشاذها، فإذا هي يرجع اختلافها إلي سبعة أوجه)! انتهي. فقد توصل هذا المسكين بعد تفكير أكثر من ثلاثين سنة غير مطمئن إلي ما توصل إليه! الي أن نسخة القرآن نزلت من عند الله تعالي مفصلةً علي حسب قراءات سوف يولد أصحابها! وسوف يكون اختلافهم في سبعة وجوه لا أكثر! فكيف تَعَقَّلَ هذا العالم أن نسخة القرآن نزل بها جبرئيل عليه السلام مفتوحة لاجتهادات القراء الذين سوف يأتون! ثم اعتبر ذلك فتحاً علمياً؟! بالله عليك هل تتعقل أن مؤلفاً يؤلف كتاباً بسبعة نصوص ستظهر علي يد أشخاص بعد نشره! قال السيوطي في الإتقان:1/176: (قال ابن حبان: فهذه خمسة وثلاثون قولا لأهل العلم واللغة في معني إنزال القرآن علي سبعة أحرف، وهي أقاويل يشبه بعضها بعضاً وكلها محتملة ويحتمل غيرها).انتهي. وقد صدق فجميع هذه الأقاويل احتمالات إستنسابية غير مقنعة! ثم نقل قول المرسي: (هذه الوجوه أكثرها متداخلة، ولا أدري مستندها ولا عمن نقلت، ولا أدري لم خص كل واحد منهم هذه الأحرف السبعة بما ذكر، مع أن كلها موجودة في القرآن فلا أدري معني التخصيص! وفيها أشياء لا أفهم معناها علي الحقيقة، وأكثرها يعارضه حديث عمر مع هشام بن حكيم الذي في الصحيح فإنهما لم يختلفا في تفسيره ولا أحكامه، إنما اختلفا في قراءة حروفه. وقد ظن كثير من العوام أن المراد بها القراءات السبع، وهو جهل قبيح). إن أقوال كبار علمائهم هذه دليل كاف علي أن مقولة عمر غير قابلة للتعقل، فلا يجوز نسبتها الي الله تعالي ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم؟! أما السبب الذي جعل عمر يبتدعها ويورط فيها من بعده، فهو أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم كان في حياته يُصَحِّحُ نصَّ القرآن لمن يقرؤه، فكان مصدر نص القرآن واحداً مضبوطاً، أما بعد وفاته صلي الله عليه وآله وسلم وأحداث السقيفة وبيعة أبي بكر، فقد جاءهم عليٌّ بنسخة القرآن بخط يده حسب أمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم فرفضوا اعتمادها، لأنههم خافوا أن يكون فيها تفسير لمصلحة علي والعترة عليهم السلام! فأخذها علي عليه السلام وقال: لهم لن تروها بعد اليوم، إني مأمور بحفظها وأن أقرأ النسخة التي تعتمدونها حتي لا يكون في أيدي الناس نسختان للقرآن! ففي الكافي:2/633: (عن سالم بن سلمة قال: قرأ رجل علي أبي عبد الله عليه السلام وأنا أستمع حروفاً من القرآن ليس علي ما يقرؤها الناس، فقال أبو عبد الله: كف عن هذه القراءة، إقرأ كما يقرأ الناس حتي يقوم القائم فإذا قام القائم قرأ كتاب الله عز وجل علي حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام! وقال: أخرجه علي إلي الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم: هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله الله علي محمد صلي الله عليه وآله وسلم وقد جمعته من اللوحين فقالوا: هو ذا عندنا مصحفٌ جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه! فقال: أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً، إنما كان عليَّ أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه)! انتهي. ومن ذلك اليوم ولدت أرضية التفاوت في النص القرآني، فالناس يقرؤون ولا يستطيع عمر أن يصحح لهم كما كان الرسول صلي الله عليه وآله وسلم يفعل، فيقول لهم كله صحيح! وزاد التفاوت بينهم، ثم تحول إلي اختلاف بين القراء في هذه الكلمة وتلك، وهذه الآية وتلك، فهذا يقرأ في صلاته أو يعلم المسلمين بنحو وذاك بنحو آخر! وكلٌّ يؤكد صحة قراءته وخطأ ماخالفها، ووقع الخلاف فكان لابد أن تتدخل الدولة لحل المشكلة، وأن يختار عمر نسخة من القرآن ويعتمدها، من علي عليه السلام أو من غيره كما فعل عثمان، ولكنه لم يفعل بل اختار حل المشكلة بتوسيع نص القرآن! وأخذ حديثاً للنبي صلي الله عليه وآله وسلم في معاني القرآن وأنه نزل علي سبعة أحرف أي أقسام من المعني، فجعلها لألفاظ القرآن وقال إن ألفاظه نزلت علي سبعة وأفتي بصحة كل القراءات المختلف عليها! روي النسائي:2/150:(عن ابن مخرمة أن عمر بن الخطاب قال: سمعت هشام بن حكيم بن حزام(من الطلقاء)يقرأ سورة الفرقان فقرأ فيها حروفاً لم يكن نبي الله أقرأنيها قلت من أقرأك هذه السورة؟!قال رسول الله قلت كذبت! ما هكذا أقرأك رسول الله! فأخذت بيده أقوده إلي رسول الله وقلت: يا رسول الله إنك أقرأتني سورة الفرقان وإني سمعت هذا يقرأ فيها حروفاً لم تكن أقرأتنيها! فقال رسول الله: إقرأ يا هشام فقرأ كما كان يقرأ، فقال رسول الله: هكذا أنزلت! ثم قال إقرأ يا عمر فقرأت فقال: هكذا أنزلت! ثم قال رسول الله: إن القرآن أنزل علي سبعة أحرف)! وبخاري:6/100 و:6/110 و:3/90 و: 8/215، ومسلم: 2/201 بروايتين، وأبو داود:1/331، والترمذي:4/263، والبيهقي:2/383، وأحمد:1/24 و39 و45 و264). وكلام عمر صريح في أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال: نزلت من عند الله هكذا وهكذا! أي بلفظين مختلفين بل بسبعة ألفاظ! وقد تصور عمر أنه بذلك حلَّ مشكلة التفاوت في القراءة بزعمه التفاوت في أصل النص القرآني! ولكنه سكَّن المشكلة آنياً ثم حيَّر أتباعه أربعة عشر قرناً في تصور معني معقول لنظريته المزعومة عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم!

قبلوا رواية عمر غير المعقولة وردوا الصحيح المعقول

فقد ردوا أحاديث اهل البيت عليهم السلام في وحدة نص القرآن، والأحاديث الصحيحة عندهم التي توافقها، وتمسكوا ببدعة عمر غير المعقولة! روي الحاكم:1/553 و:2/289: (عن ابن مسعود أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال: نزل الكتاب الأول من باب واحد علي حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب علي سبعة أحرف: زاجراً وآمراً وحلالاً وحراماً ومحكماً ومتشابهاً وأمثالاً، فأحِلُّوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نُهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا). والدر المنثور:2/6، عن الحاكم وصححه والسجزي في الإبانة، والطبراني وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر، ونحوه شعب الإيمان عن أبي هريرة، والإتقان/170 ونحوه مجمع الزوائد:7/152، عن البزار وأبي يعلي والطبراني، ووثقه. وروي المجلسي في بحار الأنوار:90/3، عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث: (إن الله تبارك وتعالي أنزل القرآن علي سبعة أقسام كل منها شاف كاف، وهي أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل ومثل وقصص. وفي القرآن ناسخ ومنسوخ، ومحكم ومتشابه، وخاص وعام، ومقدم ومؤخر، وعزائم ورخص، وحلال وحرام، وفرائض وأحكام ومنقطع معطوف، ومنقطع غير معطوف، وحرف مكان حرف، ومنه ما لفظه خاص، ومنه ما لفظه عام محتمل العموم، ومنه مالفظه واحد ومعناه جمع، ومنه ما لفظه جمع ومعناه واحد، ومنه ما لفظه ماض ومعناه مستقبل، ومنه ما لفظه علي الخبر ومعناه حكاية عن قوم أخر، ومنه ما هو باق محرف عن جهته، ومنه ما هو علي خلاف تنزيله، ومنه ما تأويله في تنزيله، ومنه ما تأويله قبل تنزيله، ومنه ما تأويله بعد تنزيله، ومنه آيات بعضها في سورة وتمامها في سورة أخري، ومنه آيات نصفها منسوخ ونصفها متروك علي حاله، ومنه آيات مختلفة اللفظ متفقة المعني، ومنه آيات متفقه اللفظ مختلفة المعني، ومنه آيات فيها رخصة وإطلاق بعد العزيمة..الخ.),انتهي. لاحظ أنه عليه السلام استعمل لفظة أقسام بدل حروف حتي لايحرف كلامه. ومما يدل علي بطلان أسطورة السبعة أحرف أيضاً: أن صاحب المقولة لم يطبقها! فلم يسمح عمر لأحد بذلك، وكان يتدخل في القراءات ويحاسب عليها، ويرفض منها ويقبل، ويأمر بمحو هذا وإثبات ذاك! وكم وقعت مشاكل بينه وبين أبي بن كعب وغيره من القراء، بسبب أنه قرأ آية بلفظ لم يعجب عمر! فقد كانت هذه التوسعة المزعومة خاصة به دون غيره! ثانياً: أن عثمان نقضها وألزم المسلمين بأن يقرؤوا القرآن بالحرف الذي كتب عليه مصحفه! فأين صارت السبعة أحرف التي قلتم إن حديثها صحيح متواتر؟! صار معناها أن القرآن نزل من عند الله تعالي علي سبعة أحرف، ثم صار في زمن عثمان علي حرف واحد! فيكون حديث عمر مُفَصَّلاً لمشكلة اضطراب القراءة في زمنه فقط! فهل رأيتم حديثاً نبوياً لا دور له إلي يوم القيامة إلا أداء وظيفة خاصة، وهي تسكين مشكلة اختلاف القراءات آنياً؟! ثالثاً: بسبب بدعة عمر أفتي فقهاؤهم بجواز تحريف القرآن: أثمرت بدعة عمر في فقه المذاهب السنية فأفتي فقهاؤهم بجواز التغيير في نص القرآن، وفي نص التشهد في الصلاة لأنه أخف من نص القرآن! قال الشافعي في اختلاف الحديث/489، وكتاب الأم:1/142: (وقد اختلف بعض أصحاب النبي(ص) في بعض لفظ القرآن عند رسول الله ولم يختلفوا في معناه فأقرهم وقال: هكذا أنزل إن هذا القرآن أنزل علي سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه. فما سوي القرآن من الذكر أولي أن يتسع، هذا فيه إذا لم يختلف المعني)! وقال البيهقي:2/145: (قال الشافعي: فإذا كان الله برأفته بخلقه أنزل كتابه علي سبعة أحرف، معرفة منه بأن الحفظ قد نَزُرَ ليجعل لهم قراءته وإن اختلف لفظهم فيه، كان ما سوي كتاب الله أولي أن يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يُخِلَّ معناه)! والمغني:1/575، والمحلي:3/253. وستري أن نظرية التسامح في نص القرآن لم تقف عند حد التفاوت في بعض الحروف والكلمات في الآيات، بل أخذت نموها السرطاني حتي وصلت الي نظرية تعويم نص القرآن وجواز قراءته بالمعني بدون التقيد بألفاظه! هذا، وقد أوردنا إشكالات أخري في تدوين والقرآن وألف سؤال في المسألة74.

عمر يفتي بنسف النص القرآني

ماذا يقول علماء المذاهب في الفتوي التالية: (لا يجب علي المسلمين أن يتقيدوا في قراءة القرآن بنصه! لا في صلاتهم ولا في غيرها، بل يجوز أن يقرؤوه بالمعني حسب تصورهم بأي ألفاظ شاؤوا! والشرط الوحيد أن لايَقْلِبُوا المعني رأساً علي عقب فتصير آية الرحمة آية عذاب وآية العذاب آية رحمة! فإذا قرؤوا بهذا الشرط فقراءاتهم صحيحة شرعاً! وكلها قرآن أنزله الله تعالي! فهو الذي اجاز قراءة كتابه بأي لفظ بهذا الشرط؟! لابد أنهم سيصبُّون غضبهم علي هذه الفتوي وصاحبها أياً كان، وقد يقولون إنه رافضي كافر بالقرآن! لكن إذا كان صاحبها عمر الذي سموه الفاروق فسيختلف الحال! ويتحمسون لتفسير نظريته، ويكثرون من ذكر الوجوه والإحتمالات، ويفكر بعضهم نيفاً وثلاثين سنة حتي يفتح الله عليه بوجه جديد معقول! بينما يسكت آخرون طالبين من الله الستر والسلامة للخليفة!! روي أحمد في مسنده:4/30: (قرأ رجل عند عمر فَغَيَّر عليه فقال: قرأت علي رسول الله (ص) فلم يغيِّر عليَّ! قال فاجتمعنا عند النبي قال فقرأ الرجل علي النبي(ص) فقال له: قد أحسنت! قال فكأن عمر وَجَدَ من ذلك فقال النبي: يا عمر إن القرآن كله صواب، ما لم يجعل عذابٌ مغفرةً أو مغفرةٌ عذاباً). ونحوه في:5/41، و51، و124، وفيه: (إن قلت غفوراً رحيماً أو قلت سميعاً عليماً أو عليماً سميعاً فالله كذلك، مالم تختم آية عذاب برحمة أوآية رحمة بعذاب)! وقال في مجمع الزوائد:7/150، عن رواية أحمد الأولي: (رواه أحمد ورجاله ثقات) ثم وثق حديث: (كل شاف كاف مالم يختم آية عذاب برحمة أو رحمة بعذاب نحو قولك تعال وأقبل وهلم واذهب وأسرع واعجل)! ونحوه بخاري في تاريخه:1/382، وفي أسد الغابة:5/156: أبوجارية الأنصاري، روي عن النبي (ص) أنه قال: القرآن كله صواب، وقال السيوطي في الإتقان:1/168، عن أبي هريرة (من حديث عمر: أن القرآن كله صواب، ما لم تجعل مغفرة عذاباً أو عذاباً مغفرة. أسانيدها جياد)! وفي كنز العمال:1/618: (أَنْفِرِ الشيطان أنفر الشيطان أنفر الشيطان. يا عمر القرآن كله صواب ما لم يجعل المغفرة عذاباً والعذاب مغفرة). و/619، و:2/52 و/603..الخ. تعني هذه الروايات الصحيحة عندهم: أولاً: أن نص القرآن مفتوح لقراءة من يريد بالألفاظ التي يريد، بشرط واحد خفيف جداً، هو أن لا تقلب المعني من رحمة ومغفرة الي عذاب، وبالعكس! وتعني ثانياً: أن عمر يقول: إذا رأيت أحداً يقرأ القرآن غلطاً فلا تغيِّر عليه! فلقد غيَّرت يوماً علي شخص قراءته فلم يقبل فاحتكمنا للنبي فصحح قراءته فتأذيتُ، وفي رواية: ما شككت في نبوة محمد منذ الجاهلية مثل ذلك اليوم! فقال لي: لا تشك فنص القرآن هكذا أنزله الله تعالي مفتوحاً لكل قراءة بالمعني! وتعني ثالثاً: أن بدعة تعويم نص القرآن هي النتيجة الطبيعية لبدعة السبعة أحرف، بل هي نفسها، فالأحرف السبعة (أميبا) التعويم! فلو طبق المسلمون بدعة الأحرف السبعة لهدمت لبنات القرآن واحدة واحدة، أما هذه فتؤدي الي هدم صرح القرآن سورة سورة! وتعني رابعاً: أن عمر روي مقولة الأحرف السبعة، لكن لم يسمح بها للناس ولا لقراء القرآن، ولم يستفد منها أحد إلا هو نفسه! وتعني خامساً: أن عمر أعطي للناس حقاً لم يعطه الله لرسوله صلي الله عليه وآله وسلم! فقد علَّم النبي صلي الله عليه وآله وسلم صحابياً دعاء فغيَّر كلمة نبيك برسولك، فنهاه ولم يرخص له! قال بخاري:1/67: (عن البراء بن عازب قال قال لي النبي: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع علي شقك الأيمن ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك الا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت علي الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به قال فرددتها علي النبي فلما بلغت اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت: ورسولك، قال: لا ونبيك الذي أرسلت). وكذلك لم يرخص الله تعالي لرسوله صلي الله عليه وآله وسلم أن يغير حرفاً في القرآن فقال تعالي: قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَي إِلَيَّ،(يونس: 15). فاعجب لعمر يعطي لنفسه الحق في أن يرخص للناس بما لم يرخص به النبي صلي الله عليه وآله وسلم، ولا الله تعالي! وأخيراً، فإن الناظر في سياسة عمر تجاه القرآن يجد فيها غرائب تبعث علي التساؤل عن هدفه، فلا يجد الجواب حتي عند ابن جزي الذي فكر في الأحرف السبعة بضعاً وثلاثين سنة! فقد تعمد عمر تغييب النص القرآني الواحد في عهد أبي بكر وعهده، وشكل لجنة لجمعه وأعطي رئاستها لشاب صغير السن يقال إنه يهودي هو زيد بن ثابت، وأبعد منها كل الذين شهد هو بأن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أمر المسلمين أن يأخذوا القرآن منهم! وأعلن أنه ضاع من القرآن أكثره، وأن (لجنته) تبذل جهوداً كبيرة لجمعه من الناس والمكتوبات..الخ. لكن القرآن الذي تجمعه اللجنة العتيدة لم يَرَهُ المسلمون، بل خبأه لهم عند أمهم حفصة ولم يُطلع عليه أحداً وكان يواصل جمعه وتنقيحه، حتي أحرقه مروان يوم وفاة حفصة، والحمد لله! فالحمد لله الذي جعل الأعمال والنظريات المنافية لحفظ كتابه حبراً علي ورق، وهواءً في شبك! وساعد الأمة علي تجاوز تلك الظروف الخطيرة علي نص القرآن، والتي استمرت بضع عشرة سنة وسببت اختلاف الأمة في نصه، حتي نهض الغياري علي الإسلام، وكتبوا نسخته علي نسخة علي عليه السلام كما ستعرف، فتجلَّت فاعلية قوله تعالي: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ. (الحجر:9)

من أكاذيب الحكومة.. جمع فلان و فلان للقرآن

اشاره

زعمت روايات الخلافة أن القرآن لم يكن مجموعاً في (مصحف) في عهد النبي صلي الله عليه وآله وسلم وأنه كان موزعاً سُوَراً وآيات عند هذا وذاك علي (العسب والرقاق واللخاف وصدور الرجال)،كما في رواية بخاري:8/119. غير أن المتتبع لمصادر الحديث والتاريخ يجزم بأنه لم يكن يوجد شئ إسمه مشكلة جمع القرآن! فقد كان مجموعاً ونُسَخُهُ موجودة في بيت النبي صلي الله عليه وآله وسلم ومسجده وعند كثيرين، كما كان محفوظاً في صدور عدد من الصحابة من أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله وسلم وغيرهم! وقبل ذلك كله أن علياً عليه السلام أكمل كتابة النسخة النهائية التي أمره النبي صلي الله عليه وآله وسلم بإعدادها وعلَّمه كيف يكتبها، وجاء بها الي الدولة فلم يقبلوها، لأنهم خافوا أن يكون فيها تفسير ليس في مصلحتهم! فالمشكلة كانت أن الدولة (والدولة هنا تعني عمر فقط) خافت من اعتماد نسخة مكتوبة، سواء نسخة علي عليه السلام أو النسخة التي أراد جمعها حُفَّاظ الأنصار فنهاهم عمر وقال إنه سيكتب نسخة، فقام بتشكيل لجنة منه ومن كاتبه زيد، وكان يضع ما يكتبه أمانة عند حفصة، وطال عمله ولم يقدم الي المسلمين النسخة الموعودة! فبقيت الدولة الإسلامية بلا نسخة رسمية للقرآن طول عهد أبي بكر وعمر وشطراً من خلافة عثمان! وكان عمر يجيب علي اختلاف الناس في نص القرآن بتصحيح قراءاتهم جميعاً بحجة أنه نزل علي سبعة أحرف، حتي تفاقمت المشكلة وانفجرت في عهد عثمان، فجاء حذيفة من أرمينية شاكياً، مطالباً عثمان بتوحيد نسخة القرآن وأيده علي عليه السلام فاقتنع عثمان ونهض معه حذيفة بالأمر، وكتبوا نسخة القرآن الفعلية في سنة25 هجرية! والأدلة علي أن القرآن كان مجموعاً من عهد النبي صلي الله عليه وآله وسلم كثيرة، أوردناها في كتاب تدوين القرآن، نذكر منها: أولاً، أن الكتابة كانت ميسرة في عهد النبي صلي الله عليه وآله وسلم بل وقبله، خاصة في المدن، وليس كما زعم الباقلاني وغيره من أن الكتابة لم تكن ميسرة في عهد النبي صلي الله عليه وآله وسلم والخليفتين أبي بكر وعمر، ثم تيسرت في عهد عثمان! كلا، فالنبي صلي الله عليه وآله وسلم أول من دَوَّنَ الدواوين(ونسبوه الي عمر) وكان عنده صلي الله عليه وآله وسلم ديوان فيه أسماء كل المسلمين، وديوان فيه أسماء المجاهدين! قال بخاري:4/33: (قال النبي(ص): أكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس، فكتبنا له ألفاً وخمسمائة رجل... جاء رجل الي النبي (ص) فقال يا رسول الله إني كُتبْتُ في غزوة كذا وكذا، وامرأتي حاجَّة قال: إرجع فحُجَّ مع امرأتك). وكان البدوي يطلب كتابة خطبة النبي صلي الله عليه وآله وسلم فيكتبونها له: (فجاء رجل من أهل اليمن فقال أكتب لي يا رسول الله، فقال: أكتبوا لأبي فلان). (صحيح بخاري:1/36 و:3/95). وكان الرجل يأتي بالورق الي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فيأمر الصحابة فينسخوا له القرآن: (ابن عباس قال: كانت المصاحف لاتباع، كان الرجل يأتي بورقه عند النبي صلي الله عليه وآله وسلم فيقوم الرجل فيحتسب فيكتب، ثم يقوم آخر فيكتب، حتي يفرغ من المصحف). (سنن البيهقي:6/16). وفي مصادرنا: (عن رَوْح بن عبد الرحيم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن شراء المصاحف وبيعها؟ فقال: إنما كان يوضع الورق عند المنبر وكان ما بين المنبر والحائط قدر ما تمرُّ الشاة أو رجلٌ منحرف قال: فكان الرجل يأتي ويكتب من ذلك. ثم إنهم اشتروا بعد ذلك. قلت: فما تري في ذلك؟ قال لي: أشتري أحب إليَّ من أن أبيعه، قلت: فما تري أن أعطي علي كتابته أجراً؟ قال: لا بأس، ولكن هكذا كانوا يصنعون). (الكافي:5/121، والتهذيب:6/366). ويؤيده ما رواه مسلم أنه كان يوجد مكان في مسجد النبي صلي الله عليه وآله وسلم يسمي (مكان المصحف)، قال:2/59: (ابن الأكوع أنه كان يتحري موضع مكان المصحف يسبح فيه، وذكر أن رسول الله (ص)كان يتحري ذلك المكان، وكان بين المنبر والقبلة قدر ممر الشاة). ورواه بخاري:1/127، لكن جعل المكان عند الأسطوانة ولم يذكر مكان المصحف، وفي ابن ماجة:1/459: (كان يأتي الي سبحة الضحي فيعمد الي الأسطوانة دون المصحف). وقال ابن قدامة في المغني:4/277: (والصحابة أباحوا شراء المصاحف وكرهوا بيعها، وإن أعطي صاحب العمل هدية أو أكرمه من غير إجارة جاز، وبه قال الشافعي لما روي عن أنس عن النبي (ص) أنه قال: إذا كان إكراماً فلا بأس).انتهي. ومعناه أن كتابة القرآن كانت رائجةً في زمن النبي صلي الله عليه وآله وسلم حتي أن بعضهم اتخذها تجارة! وروي الحاكم:2/611:(عن زيد بن ثابت قال كنا عند رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم نؤلف القرآن من الرقاع. هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه، وفيه دليل واضح أن القرآن إنما جمع في عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم). انتهي. وهي شهادةٌ من الحاكم علي أن عمر لم يجمع القرآن أبداً، وأن أبا بكر جمع القرآن المجموع! وأن عثمان كتب القرآن المجموع! وسيأتي أنه كتبه عن نسخة علي عليه السلام. فكيف يريد منا مداحو الحكومات أن نُغمض عيوننا عن هذا الواقع، ونقبل زعمهم أن نسخة القرآن كانت تواجه خطر الضياع الكامل، لأنها كانت مكتوبة بشكل بدائي ساذج علي العظام وصفائح الحجارة وسعف النخل.. وأن الدولة شمرت عزيمتها ونهضت لإنقاذ كتاب الله من الإندثار، وشكلت لجنة تاريخية، بذلت جهوداً مضنية لجمعه، حتي أنها استعطت آياته علي باب المسجد! لكن المهم عندهم أن يمدحوا الصحابة وجهودهم لخدمة الدين والقرآن، ولو بتوهين الدين والقرآن والرسول صلي الله عليه وآله وسلم، مع الأسف!

مخالفة عمر لوصية النبي بشأن القرآن

صح عند الشيعة والسنة أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أوصي أمته بأن تتمسك بعده بالقرآن والعترة عليهم السلام، في حديث الثقلين الصحيح المتواتر عند الجميع الذي أكده النبي صلي الله عليه وآله وسلم مراراً، ومن نصوصه ما رواه أحمد:3/17: (عن أبي سعيد الخدري عن النبي(ص) قال: إني أوشك أن أدعي فأجيب وإني تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء الي الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتي يردا عليَّ الحوض، فانظروا بم تخلفوني فيهما).انتهي. وهي برأينا حاكمةٌ علي كل وصية، ومعناها أن علي الأمة أن تطيعهم وتأخذ القرآن والدين منهم. أما لو صرفنا النظر عن هذه الوصية كما فعلت السلطة، فقد كان واجبها أن تأخذ القرآن من أحد أربعة صحَّ عندهم أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أمر بأخذ القرآن منهم: أبيُّ بن كعب وعبدالله بن مسعود ومعاذ بن جبل وسالم الفارسي. ففي بخاري:6/102، و:4/228: (خذوا القرآن من أربعة: من عبدالله بن مسعود وسالم ومعاذ وأبيّ بن كعب). ومسلم:7/148 و149، ومجمع الزوائد:9/311 و:9/52: (من أربعة: من ابن أم عبد ومعاذ وأبيّ وسالم، ولقد هممت أن أبعثهم في الأمم كما بعث عيسي بن مريم الحواريين في بني إسرائيل). انتهي. فبأي الوصيتين أخذ عمر؟ الجواب: ولا بواحدة منهما، بل دخل في صراع مع الأربعة شبيه بصراعه مع العترة! (راجع تدوين القرآن). ولو صرفنا النظر عن كل هذا، فلماذا منع حفاظ الأنصار أن ينسخوه في نسخة واحدة؟! ولماذا لم يعتمد نسخة أي شخص يثق به، أو يكتب هو نسخة وينشرها؟! والجواب: أنه كان عنده حسابات خاصة أوجبت أن تبقي الدولة طيلة عهد أبي بكر وطيلة عهده بلا نسخة قرآن رسمية! كما أبقاها بلا نسخة مدونة من الحديث النبوي، بل منع حتي رواية الحديث! قال عمر بن شبة في تاريخ المدينة:2/705: (جاءت الأنصار الي عمر فقالوا: نجمع القرآن في مصحف واحد، فقال: إنكم أقوام في ألسنتكم لحن، وإني أكره أن تحدثوا في القرآن لحناً، فأبي عليهم...قال عمر: لا يملينا في مصاحفنا إلا فتيان قريش وثقيف)! كان عمر يريد إبقاء نص القرآن مفتوحاً لاجتهاداته ولا يحصره في نسخة واحدة، حتي يهئ النسخة العتيدة! ولكن الأجَل لم يُمهله.

تحريم عمر البحث العلمي و حتي السؤال عن القرآن

في الدر المنثور:6/317، أن رجلاً سأل عمر عن: وَفَاكِهَةً وَأَبّا، فلما رآهم يقولون أقبل عليهم بالدرة! وفي رواية: فقال هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأبَ؟ ثم قال: نهينا عن التكلف! وفي الحاكم:2/290:(دَعُونا من هذا، آمنا به كلٌّ من عند ربنا... وفي/514 ثم نفض عصا كانت في يده فقال: هذا لعمر الله التكلف). وصححهما علي شرط الشيخين. والأبُّ الحشيش! لكن هذا سهلٌ يسيرٌ عند محنة صبيغ التميمي البصري، الذي سأل عمر عن معني قوله تعالي: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً! فنزلت عليه لعنة عمر! فضربه علي رأسه بحَزْمةٍ من عراجين النخل الرطبة حتي سال الدم علي رأسه وظهره ووصل الي عقبيه، ثم أرسله الي السجن وأمر بإعادته اليه بعد أن تبرأ جراحه! فعاود ضربه بنفس الطريقة! ثم أمر أن يُلبس تَبَّاناً (مثل الكيس) ويحمل علي جمل الي البصرة ويطاف به في قبيلته والقبائل الأخري ويشهَّر به وينادي عليه: إن صبيغاً ابتغي العلم فأخطأه، وتكلف ما كفي وما خفي! وأن يُحرم رزقه وعطاءه من بيت المال، ولا يجالسه ولايبايعه أحد، وإن مرض فلا يعوده أحد، وإن مات فلا يشهد جنازته أحد! وقد بحثنا في تدوين القرآن. والعجيب أن فقهاء المذاهب الي يومنا يدافعون عن عمر ويُفتون بصحة تحريمه السؤال عن تفسير آيات القرآن! ولو طبقوا ذلك لوجب عليهم أن يفتوا بجمع كتب التفسير وإحراقها، وإقامة الحد علي المفسرين وطلبة العلوم القرآنية، وجلدهم حتي تسيل دماؤهم علي رؤوسهم وظهورهم وأعقابهم، ثم إلباسهم تبابين وإركابهم في شاحنات وتطويفهم في مدنهم وقراهم، وتحذير الناس من شرهم.. الي آخر أحكام الخليفة!

حقيقة جمع القرآن في عهد أبي بكر و عمر و عثمان

اشاره

كان زيد بن ثابت صغير السن عند وفاة النبي صلي الله عليه وآله وسلم فجعله عمر كاتبه، والمعروف أنه أنصاري لكن عبد الله بن مسعود اعترض علي جعله كاتب القرآن وقال إنه يهودي! ففي تاريخ المدينة:3/1006: (لقد قرأت علي رسول الله (ص) سبعين سورة فقال لي لقد أحسنت، وإن الذي يسألوني أن أقرأ علي قراءته في صلب رجل كافر... مالي ولزيد ولقراءة زيد، لقد أخذت من في رسول الله (ص) سبعين سورة، وإن زيد بن ثابت ليهودي له ذؤابتان). وحذف النسائي:8/134، وأحمد:1/389، من الرواية كلمة يهودي، وقالا: (وإن زيداً مع الغلمان له ذؤابتان). وفي رواية الحاكم:2/228: (أقرأني رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم سبعين سورة أحكمتها قبل أن يسلم زيد بن ثابت). ويبدو أن أباه يهودي وأمه أنصارية، لأنا بحثنا فلم نجد له نسباً معقولاً في الأنصار! والمهم أن زيداً هذا، زعم أن أبا بكر ثم عمر ثم عثمان كلفوه بجمع القرآن، فتقبل المسؤولية علي مضض ونهض بها، وجمعه أربع مرات في ربع قرن! قال بخاري في صحيحه:5/210، نقلاً عن زيد: (أرسل إليَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحرَّ يوم اليمامة بالناس، وإني أخشي أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن إلا أن تجمعوه، وإني لأري أن تجمع القرآن. قال أبو بكر قلت لعمر كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله (ص)؟ فقال عمر هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتي شرح الله لذلك صدري ورأيت الذي رأي عمر. قال زيد بن ثابت: وعمر عنده جالس لا يتكلم، فقال أبو بكر إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك (في رواية أحمد:5/188: غلام شاب) كنتَ تكتب الوحي لرسول الله (ص)، فتَتَبَّع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليَّ مما أمرني به من جمع القرآن.. فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال، حتي وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ..).انتهي. وبالغ زيد في وصف الصعوبات التي واجهها والجهود التي بذلها في جمع القرآن، حتي أنه جلس هو وعمر علي باب المسجد يستعطيان آيات القرآن من المسلمين! ففي كنز العمال:2/573: (لما استحرَّ القتل بالقراء فَرِقَ أبو بكر علي القرآن أن يضيع، فقال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت: أقعدا علي باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين علي شئ من كتاب الله فاكتباه...أجلسا علي باب المسجد فلا يأتينكما أحد بشئ من القرآن تنكرانه يشهد عليه رجلان إلا أثبتماه).انتهي. وقد علل الزهري هذا العمل بأن كثيراً من القرآن قتل حفاظه يوم اليمامة (ولم يوجد مع أحد بعدهم)! لذا قرر الخليفة أن يعلنوا للمسلمين: رحم الله من كان من عنده آية، فليأت بها لنكتبها في المصحف! (عن ابن شهاب قال: بلغنا أنه كان أنزل قرآن كثير فقتل علماؤه يوم اليمامة الذين كانوا قد وعوه، ولم يعلم بعدهم، ولم يكتب! فلما جمع أبو بكر وعمر وعثمان القرآن ولم يوجد مع أحد بعدهم وذلك فيما بلغنا حملهم علي أن تتبعوا القرآن فجمعوه في الصحف في خلافة أبي بكر). (كنز العمال:2/584 عن المصاحف لابن أبي داود). ثم قلد المؤلفون بخاري فرووا روايته هذه وأمثالها من بطولات زيد، وبلاهة المسلمين، وغياب أهل البيت عليهم السلام وحُفَّاظ القرآن! أما عن نتيجة هذه الجهود الجبارة والسنوات الطويلة، وعن السبب في أن المسلمين لم يروا نسخة القرآن الموعودة؟ فقال زيد: (فكانت الصحف عند أبي بكر حتي توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر). (صحيح بخاري:5/211 و:6/98، و:8/119). نعم، هذه هي أكذوبة جمع أبي بكر وعمر للقرآن! وهذه نتيجتها بعد سنين طويلة: صحيفة مخبأة عند حفصة، رفضت أن تعطيها لعثمان ليكتب عنها القرآن، فصادرها مروان بعد أن رجع من دفن حفصة، وأحرقها حتي لايقال إن فيها فرقاً عن مصحف عثمان! لكن تعالَ وانظر الي كلام علمائهم المقلدين لأسماء الرجال بدون تفكير.. قال الدكتور صبحي الصالح في (مباحث في علوم القرآن) ص77: (وقد تمَّ لأبي بكر جمع القرآن كله خلال سنة واحدة تقريباً، لأن أمره زيداً بجمعه كان بعد واقعة اليمامة، وقد حصل الجمع بين هذه الواقعة ووفاة أبي بكر. وحين نتذكر كيف جمع هذا القرآن من الرقاع والعسب واللخاف والأقتاب والجلود في هذه المدة القصيرة، لا يسعنا إلا أن نكبر عزيمة الصحابة الذين بذلوا أنفسهم لله، ولا يسعنا إلا أن نقول مع علي بن أبي طالب: رحم الله أبا بكر هو أول من جمع كتاب الله بين اللوحين(البرهان:1/239، المصاحف لابن أبي داوود/5)أما عمر فقد سجل له التاريخ أنه صاحب الفكرة،كما سجل لزيد أنه وضعها موضع التنفيذ.. وقد أثارت (دائرة المعارف الإسلامية) شبهة حول هذا الموضوع فتساءلت: ألم يكن عثمان أجدر أن تودع هذه الصحف عنده(أنظر Encyclopedia Islam II,P 1130) ونجيب: بل حفصة أولي بذلك وأجدر لأن عمر أوصي بأن تكون الصحف مودعة لديها، وهي زوجة رسول الله أم المؤمنين).انتهي. لاحظ أنهم يحتاجون في مدح أبي بكر لأن يكذبوا عن لسان علي عليه السلام ثم يذكرون أقل شبهات المستشرقين ويجيبون عنها بسطحية وانتهي الأمر! وهنيئاً لأبي بكر الصديق بفضيلة السبق في جمع القرآن ولعمر الفاروق بأنه صاحب الفكرة، ولزيد صاحب البطولات والتضحيات حتي أنه ضاعت منه آيات مرات فقبض عليها والحمد لله! ومبارك لكم أيها المسلمون، فقد صبرتم خمس عشرة سنة، وهذا هو القرآن قد جُمع، لكنه مخبأ لكم عند أمكم حفصة! أما الواقع، فهو ما رواه السيوطي في الإتقان:1/194: (أخرج ابن أشته في المصاحف بسند صحيح عن محمد بن سيرين قال: مات أبو بكر ولم يجمع القرآن، وقتل عمر ولم يجمع القرآن). وابن سعد:3/211، و294. وقد حاولوا جعل المعني أنهما لم يحفظا القرآن كما في أنساب الأشراف/2529 و2685: قال روْح يعني أنه لم يحفظه). لكن المتبادر من نفي ابن سيرين وغيره أنهما لم يجمعاه في مصحف، لأن عدم حفظهما له معروف!

احرف عمر السبعة تنفجر في عهد عثمان

أبقي عمر الدولة الإسلامية بدون قرآن رسمي خمس عشرة سنة، في عهد أبي بكر وعهده وشطرٌ من عهد عثمان! فلم يتبنَّ نسخة علي عليه السلام ولا مصاحف الأربعة الذين شهدوا أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أمر بأخذ القرآن منهم، ومَنَعَ حفاظ الأنصار وغيرهم من تدوين القرآن، ووعد المسلمين بأنه سيقوم هو بتدوين القرآن ويعمم نسخته. ولم يفعل، بل كان يأمر زيد بن ثابت بكتابة ما يراه قرآناً ويخبؤه عند حفصة! وفي نفس الوقت أعطي الشرعية لكل القراءات فتمسك كل مقرئ بقراءته وانقسم الناس أحزاباً يتعصبون للقراء والقراءات، حتي كفَّر بعضهم بعضاً بسببها، ولم يبق إلا أن يقتتلوا بالسلاح! هنا كان لابد لعلي عليه السلام أن يتدخل، فحرَّك الناس في الحجاز والعراق ليضغطوا علي عثمان لتوحيد نسخة القرآن، وكان من أهم عوامل الضغط حذيفة الذي كان يقود فتح أرمينيا، فجاء خصيصاً الي المدينة وضغط علي عثمان لإيقاف الإختلاف بين جيش الفتح، فاستجاب عثمان وشكل لجنة برئاسة سعيد بن العاص، وتابع حذيفة عملها، فأخذ نسخة محمد بن أبيّ بن كعب وأعطاها لسعيد، وذهب الي البصرة وصادر بنفوذه نسخة أبي موسي الأشعري المحرفة وأعطاها لسعيد، وتابع سعيه مع حفصة وعبدالله بن مسعود فلم يسلما نسختيهما، وتابع حذيفة عمله مع رئيس اللجنة سعيد حتي تمت كتابة القرآن الفعلي علي نسخة علي عليه السلام، وكتبوا منه عدة نسخ وأرسلوها الي الأمصار، ومعها رسالة من عثمان تبشر المسلمين بأنه كتب القرآن عن قرآن (كتب عن فم رسول الله (ص) حين أوحاه الله الي جبريل، وأوحاه جبريل الي محمد وأنزله عليه)! ولم يقل عثمان إنه قرآن علي عليه السلام، بل نسبه الي عائشة!

مكانة حذيفة المميزة و دوره في توحيد نسخة القرآن

قال الذهبي في سيره:2/361: (حذيفة بن اليمان، من نجباء أصحاب محمد، وهو صاحب السر...كان يقول: ما أدرك هذا الأمر أحد من الصحابة إلا قد اشتري بعض دينه ببعض! قالوا: وأنت؟ قال: وأنا والله)! وكان خبيراً بالمنافقين خاصة الذين أرادوا قتل النبي صلي الله عليه وآله وسلم ليلة العقبة في عودته من تبوك! قال أحمد:5/390: (كان بين حذيفة وبين رجل من أهل العقبة ما يكون بين الناس فقال: أنشدك الله كم كان أصحاب العقبة؟ فقال له القوم: أخبره إذ سألك، قال: إن كنا نخبر أنهم أربعة عشر. وقال أبو نعيم فقال الرجل كنا نخبر أنهم أربعة عشر قال: فإن كنت منهم وقال أبونعيم فيهم، فقد كان القوم خمسة عشر. وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله (ص) في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)! وكما كان من حواريي النبي صلي الله عليه وآله وسلم وموضع سره (بخاري:4/215 و:7/139) صار بعده من خاصة شيعة علي(كنز العمال:13/532) وكان لا يقوم بعمل مهم إلا بأمره، وهذا يعني أن علياً عليه السلام كان وراء حركة توحيد نسخة القرآن! وقد صرح بذلك عبدالله بن الزبير وذم علياً عليه السلام لأنه كان يحثُّ عمر علي توحيد نسخة القرآن ثم واصل حثه لعثمان حتي وحَّد القرآن! (فكان عمر قد هم أن يجمع المصاحف فيجعلها علي قراءة واحدة، فطعن طعنته التي مات فيها، فلما كان في خلافة عثمان قام ذلك الرجل فذكر له فجمع عثمان المصاحف). (تاريخ المدينة:3/990). روي أحمد:1/445: (عن فلفلة الجعفي قال: فزعتُ فيمن فزع الي عبدالله في المصاحف، فدخلنا عليه فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين ولكن جئناك حين راعنا هذا الخبر)! (عن أبي قلابة قال: لما كان في خلافة عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يتلقون فيختلفون حتي ارتفع ذلك الي المعلمين، حتي كفَر بعضهم بقراءة بعض، فبلغ ذلك عثمان، فقام خطيباً فقال: أنتم عندي تختلفون وتلحنون، فمن نأي عني من الأمصار أشد اختلافاً وأشد لحناً! فاجتمعوا يا أصحاب محمد فاكتبوا للناس إماماً).(كنز العمال:2: 582). وفي تاريخ المدينة:3/991: (عن أنس بن مالك أن حذيفة بن اليمان قدم علي عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق وأفزع باختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصاري، فأرسل عثمان أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة الي عثمان (لم ترسلها) فأمر عثمان زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما أنزل بلسانهم ففعلوا ذلك، حتي إذا نسخ المصحف رد عثمان الصحف الي حفصة، وأرسل الي كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق). وقال عمر بن شبة في تاريخ المدينة أيضاً:3/991: (عن ابن شهاب قال حدثني أنس بن مالك أنه اجتمع لغزوة أرمينية وأذربيجان أهل الشام وأهل العراق، فتذاكروا القرآن فاختلفوا فيه حتي كاد يكون بينهم فتنة، فركب حذيفة بن اليمان الي عثمان لما رأي من اختلافهم في القرآن، فقال: إن الناس قد اختلفوا في القرآن حتي والله إني لأخشي أن يصيبهم ما أصاب اليهود والنصاري من الاختلاف! ففزع لذلك عثمان فزعاً شديداً...أن حذيفة بن اليمان قدم من غزوة غزاها بفرج أرمينية فحضرها أهل العراق وأهل الشام، فإذا أهل العراق يقرؤون بقراءة عبدالله بن مسعود ويأتون بما لم يسمع أهل الشام، ويقرأ أهل الشام بقراءة أبي بن كعب ويأتون بما لم يسمع أهل العراق، فيكفرهم أهل العراق...أن ناساً كانوا بالعراق يسأل أحدهم عن الآية فإذا قرأها قال فإني أكفر بهذه! ففشا ذلك في الناس واختلفوا في القراءة، فكلم عثمان بن عفان في ذلك فأمر بجمع المصاحف فأحرقها، وكتب مصاحف ثم بثها في الأجناد). انتهي. (عن محمد بن أبيّ بن كعب أن ناساً من أهل العراق قدموا عليه فقالوا إنا تحملنا إليك من العراق فأخرج لنا مصحف أبيٍّ، فقال محمد قد قبضه عثمان قالوا: سبحان الله أخرجه، قال: قد قبضه عثمان).(كنز العمال:2/585). وقال في تاريخ المدينة:3/998: (استأذن رجل علي ابن مسعود فقال الآذن: إن القوم والأشعري(أي جالسين معه)وإذا حذيفة يقول لهم: أما إنكما إن شئتما أقمتما هذا الكتاب علي حرف واحد، فإني قد خشيت أن يتهون الناس فيه تهون أهل الكتاب، أما أنت يا أبو موسي فيطيعك أهل اليمن، وأما أنت يا ابن مسعود فيطيعك الناس. قال ابن مسعود: لو أني أعلم أن أحداً من الناس أحفظ مني لشددت رحلي براحلتي حتي أنيخ عليه، قال: فكان الناس يرون أن حذيفة رضي الله عنه ممن عمل فيه حتي أتي علي حرف واحد.. أتيت دار أبي موسي الأشعري فإذا حذيفة بن اليمان وعبدالله بن مسعود وأبو موسي الأشعري فوق إجار(دكة) فقلت: هؤلاء والله الذين أريد، فأخذت أرتقي لهم فإذا غلام علي الدرجة فمنعني أن أرتقي إليهم فنازعته حتي التفت إليَّ بعضهم فأتيتهم حتي جلست إليهم، فإذا عندهم مصحف أرسل به عثمان فأمرهم أن يقيموا مصاحفهم عليه، فقال أبوموسي: ما وجدتم في مصحفي هذا من زيادة فلا تنقصوها، وما وجدتم من نقصان فاكتبوه فيه! فقال حذيفة رضي الله عنه: فكيف بما صنعنا، والله ما أحد من أهل هذا البلد يرغب عن قراءة هذا الشيخ يعني ابن مسعود، ولا أحد من أهل اليمن يرغب عن قراءة هذا الآخر يعني أبا موسي. وكان حذيفة هو الذي أشار علي عثمان أن يجمع المصاحف علي مصحف احد). انتهي.

اعضاء لجنة تدوين المصحف الإمام

رووا أن أعضاء لجنة التدوين الذين عينهم عثمان أربعة: سعيد بن العاص، مملي، وزيد بن ثابت، كاتب، وعبدالله بن الزبير، عضواً وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام، عضواً. ففي صحيح بخاري:4/156: (أن عثمان دعا زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان: للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا ذلك). وفي:6/97: (فأمر عثمان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبدالله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف وقال لهم إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فأكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن أنزل بلسانهم ففعلوا). انتهي. وذكرت الروايات أعضاء آخرين، فقال ابن شبة في تاريخ المدينة:3/993: (فحدثني كثير بن أفلح أنه كان فيمن يكتب لهم، فكانوا كلما اختلفوا في شئ أخروه. قلت لم أخروه؟ قال لا أدري. قال محمد: فظننت أنا فيه ظناً ولا تجعلوه أنتم يقيناً، ظننت أنهم كانوا إذا اختلفوا في الشئ أخروه حتي ينظروا آخرهم عهداً بالعرضة الأخيرة فكتبوه علي قوله... قال محمد فأرجو أن تكون قراءتنا هذه آخرتها عهداً بالعرضة الأخيرة). وفي تهذيب الكمال:2/272:(عن محمد بن سيرين: أن عثمان بن عفان جمع اثني عشر رجلاً من قريش والأنصار، فيهم (محمد بن) أبي بن كعب، وزيد بن ثابت في جمع القرآن). انتهي. وجاء في رسالة عثمان الي الأمصار أسماء ثلاثة كُتَّاب وإشارة الي آخرين، فالصحيح أن الأعضاء الكتاب والنساخين كانوا كثيرين أيضاً، وكان رئيس اللجنة سعيد بن العاص وأبرز الكتاب زيد بن ثابت، وكان حذيفة الساعي بين أصحاب النسخ واللجنة، وهو الذي أتاهم بالنسخة التي أعجب بها عثمان ووصفها في رسالته الي الأمصار وهي نسخة علي عليه السلام ونسبها عثمان الي عائشة. ورسالة عثمان هذه الي الأمصار من أقوي الأدلة علي أن نسخة القرآن الفعلية هي نسخة علي عليه السلام. قال في تاريخ المدينة:3/997: (أن عثمان بن عفان كتب الي الأمصار: أما بعد فإن نفراً من أهل الأمصار اجتمعوا عندي فتدارسوا القرآن، فاختلفوا اختلافاً شديداً، فقال بعضهم قرأت علي حرف أبي الدرداء، وقال بعضهم قرأت علي حرف عبدالله بن مسعود، وقال بعضهم قرأت علي حرف عبدالله بن قيس، فلما سمعت اختلافهم في القرآن والعهد برسول الله (ص) حديثٌ، ورأيت أمراً منكراً فأشفقت علي هذه الأمة من اختلافهم في القرآن، وخشيت أن يختلفوا في دينهم بعد ذهاب من بقي من أصحاب رسول الله (ص) الذين قرأوا القرآن علي عهده وسمعوه من فيه، كما اختلفت النصاري في الإنجيل بعد ذهاب عيسي بن مريم! وأحببت أن نتدارك من ذلك فأرسلت الي عائشة أم المؤمنين أن ترسل إليَّ بالأدم الذي فيه القرآن الذي كتب عن فم رسول الله (ص) حين أوحاه الله الي جبريل وأوحاه جبريل الي محمد وأنزله عليه وإذا القرآن غضٌّ، فأمرت زيد بن ثابت أن يقوم علي ذلك، ولم أفرغ لذلك من أجل أمور الناس والقضاء بين الناس، وكان زيد بن ثابت أحفظنا للقرآن، ثم دعوت نفراً من كتَّاب أهل المدينة وذوي عقولهم، منهم نافع بن طريف، وعبدالله بن الوليد الخزاعي، وعبد الرحمن بن أبي لبابة، فأمرتهم أن ينسخوا من ذلك الأدم أربعة مصاحف وأن يتحفظوا). ولاتصح نسبة النسخة المكتوبة بإملاء النبي صلي الله عليه وآله وسلم الي عائشة، كما يأتي.

قرآننا الفعلي كتب من نسخة علي

عرفتَ مكذوبات أتباع الخلافة في نسبة جمع القرآن لأبي بكر وعمر، وأن حصيلة عملهما كانت صحفاً مخبأة عند حفصة! فأصرَّ عثمان علي مصادرتها وإحراقها، وامتنعت حفصة أن تسلمها حتي ماتت، ولعلها كانت تطعن في نسخة عثمان التي أرسلها الي الأمصار! وقد رووا بسند صحيح عندهم عن الزهري: (أخبرني سالم بن عبدالله أن مروان كان يرسل الي حفصة يسألها الصحف التي كتب فيها القرآن، فتأبي حفصة أن تعطيه إياها، فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها أرسل مروان بالعزيمة (باليمين المؤكد) الي عبدالله بن عمر ليرسل اليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر، فأمر بها مروان فشققت، وقال مروان إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذا المصحف مرتاب، أو يقول إنه قد كان فيها شئ لم يكتب). (كنز العمال:2/573، عن كتاب المصاحف لابن داود. ونحوه تاريخ المدينة:3/1003، بعدة روايات وفي بعضها: فساعة رجعوا من جنازة حفصة أرسل بها ابن عمر فشققها ومزقها مخافة أن يكون في شئ من ذلك خلاف لما نسخ عثمان، ورواه مجمع الزوائد عن الطبراني وقال رجاله رجال الصحيح). وعلي فرض أنها سلَّمَتْهَا الي اللجنة فلم ينسخوا القرآن عنها، لأن القراءات الثابتة عن عمر لا توجد في نسختنا والحمد لله! كما لايصح قولهم إن عثمان كتب المصحف الأم عن مصحف عائشة، فلو صح ذلك لكان فيه آية الرضاع وغيرها مما كانت عائشة تصرُّ علي أنه من القرآن! ولو كان عند عائشة نسخة القرآن (الذي كتب عن فم رسول الله (ص) حين أوحاه الله الي جبريل)،كما ذكرت رسالة عثمان (تاريخ المدينة:3/997) لكان تكذيباً لأبي بكر وعمر، ولقيل: ما عدا مما بدا حتي صار القرآن مدوناً في مصحف كامل من عهد النبي صلي الله عليه وآله وسلم عند عائشة؟! وأين المشكلة العظيمة التي زعموها ووقوفهم علي باب المسجد لتجميع الآيات! ومنقبة جمع القرآن لأبي بكر وعمر، وعشرات الروايات والنظريات؟! إن أقوي دليل علي أن قرآننا نسخة علي عليه السلام أن الأوصاف التي رووها بأسانيد صحيحة لمصحف عبدالله بن مسعود، وأبيّ بن كعب وأبي موسي الأشعري، ومصحف عمر أو صحف حفصة، ومصحف زيد بن ثابت، لاتوجد في قرآننا. وكل الأوصاف التي ذكروها لقرآن علي عليه السلام وقراءاته توجد فيه! وأن جميع القراء السبعة يرجعون الي قراءته عليه السلام. والحمد لله رب العالمين.

نسختان للقرآن عند علي

وهما النسخة التي بأيدينا والنسخة التي كتبها بأمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم وعرضها عليهم فلم يقبلوها، فجمعها وقال لهم: (أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً، إنما كان عليَّ أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه)! (الكافي:2/633). والفرق بين النسختين إنما هو في الترتيب، وهو مؤثر في فهم القرآن وتفسيره. وقد ورد عن أهل البيت عليهم السلام أن نسخة أمير المؤمنين عليه السلام عندهم وأن الإمام المهدي يظهرها للناس. وقد وصفت هذه النسخة روايات السنيين فقال ابن جزِّي في التسهيل:1/6: (وكان القرآن علي عهد رسول الله (ص) متفرقاً في الصحف وفي صدور الرجال، فلما توفي رسول الله (ص) قعد علي بن أبي طالب رضي الله عنه في بيته فجمعه علي ترتيب نزوله. ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير، ولكنه لم يوجد). انتهي. ولا يتسع المجال للإفاضة، فراجع ابن سعد:2/ق2/101، والإستيعاب:3/974، وأنساب الأشراف:1/587، ومناقب آل أبي طالب:1/319، وكنز العمال:2/588. وبذلك تفهم معني أحد أبعاد قول الصادق الأمين صلي الله عليه وآله وسلم: (عليٌّ مع القرآن والقرآنُ مع عَلِيّ، لَنْ يَتَفَرَّقا حَتَّي يَردَا عَلَيَّ الحَوْض). (الحاكم:3/124، وصححه هو، وكذلك الذهبي، الذي لايصحح حديثاً في علي عليه السلام إلا مضطراً! أنظر الحق المبين/133).

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.