حول سماع الميت و إدراكه

اشارة

مولف:خليفه عبيد الكلباني العماني
ناشر:دارالحجة البيضاء

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاه والسلام علي محمد واله الطاهرين. وبعد فان هذه سلسله كتبها الأخ العزيز الشيخ خليفه بن عبيد الكلباني العماني تتعلق بالمسائل الخلافيه التي تختلف حولها نظرات المذاهب الإسلاميه عموما والتي كانت مثارا للحوار و لم تزل كذلك... وقد راعي المؤلف أن تكون ميسره لمختلف المستويات بعيده عن التعقيد والإطاله، ومع ذلك فانه جعلها مذيله بالمصادر التاريخيه و الحديثيه التي اعتمدها أهل السنه دون ما تفرد به اتباع أهل البيت(ع) حتي تكون بالغه الحجه، قويه الدلاله.... هذا وقد جاءت هذه المقالات نتيجه تجربه عاشها المصنف وبذل فيها طاقته ووفق لأن يفتح للنورطريقا يستضيء من كان يبحث عنه. وفي هذا الكتيب يسلط المصنف الضوء علي سماع الميت وادراكه بأسلوب مبسط بديع نرجو لأن ينال إعجاب القاري، وليسرح القاري عن نفسه حجاب التعصب وليسرع الخطي حتي يصل للحقيقه وينجوبها... الناشر [ صفحه 3] بسم الله الرحمن الرحيم والصلاه والسلام علي سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين الذين طهرهم الله من الرجس وعصمهم من الخطأ. وبعد أحبتي الافاضل فاني أتواصل معكم في عدد جديد من هذه البحوث وهو العدد السابع عشر. فبعد أن انتهيت من العدد السادس عشر والذي كان مدار البحث فيه مسأله البكاء علي الميت قررت أن أتكلم في هذا العدد عن أحوال الميت بعد الموت والخروج من الدنيا.

هل أن الميت يسمع كلام الأحيا أم لا

فكان السؤال المطروح وبقوه هو هل أن الميت يسمع كلام الأحياء أم لا؟ وهذا السؤال من الأسئله المهمه جدا في المجتمع الإسلامي. وأهميته هذه تأتي من الطقوس التي نفعلها للميت ومع الميت منها تلقين الميت والسلام علي الميت وزياره الميت. فإذا تبين لنا بأن الميت لا يحس ولايشعر ولايسمع فعلينا [ صفحه 4] حينها ان أن نتركها ونبتعد عنها لأنها لا تفيد الحي ولا الميت بل فيها دلاله علي السذاجه وعدم العقلانيه. وان تبين لنا أن الميت يشعر ويحس ويدرك ويسمع فعند ذلك نتواصل في تلك الطقوس ونشجعها وننشرها في المجتمعات الإسلاميه لكي نبين للذين لا يدركون هذه الحقيقه ونسكت المعاندين الذين يكرهون الحق ويحبون التهجم علي الآخرين من دون حجه أو برهان.

و من أين سوف يكون بحثك في هذه المسأله

الجواب: سوف يكون بحثي عن الحياه البرزخيه أو الحياه في القبر. سؤال: ولماذا اخترت هذه المرحله من مراحل تنقلات الإنسان؟ [ صفحه 5] الجواب: اخترت هذه المرحله لأنها هي نقطه الخلاف بيننا وبين غيرنا ففي الدنيا لا خلاف لدي الجميع أن الإنسان يسمع ويتكلم ويمارس حياته بكل ما فيها وكذلك لا خلاف بيننا علي الآخره وهي مرحله ما بعد البرزخ فالكل يري أن الإنسان في تلك المرحله يتكلم ويتحرك ويمارس حياته كامله وانما الخلاف في مرحله البرزخ.

و ما هي مرحله البرزخ و ما هو البرزخ

الجواب: الإنسان يمر بمجموعه من المراحل مرحله عالم الذر ومرحله عالم الأصلاب والأرحام ومرحله الدنيا ومرحله القبر أو البرزخ ومرحله الآخره. وأما لماذا سمي بهذا الاسم؟ فالجواب: البرزخ في اللغه: هو الحاجز بين الشيئين، المانع من اختلاط أحدهما با لآخر. [ صفحه 6] قال تعالي: (مرج البحرين يلتقيان - بينهما برزخ لا يبغيان) [1] . وفي الاصطلاح: هي المده الفاصله بين الدنيا والآخره. قال الراغب في مفردات القرآن: قوله تعالي: (بينهما برزخ لا يبغيان) البرزخ في القيامه الحائل بين الإنسان وبين بلوغ المنازل الرفيعه في الآخره، وذلك إشاره إلي العقبه المذكوره في قوله عز وجل: (فَلا اقتحَمَ العقبه) [2] وقال تعالي:(ورائهم برزخ الي يوم يبعثون [3] وتلك العقبه مانعه من أحوال لا يصل إليها إلا الصالحون. وقيل: البرزخ ما بين الموت إلي القيامه. [ صفحه 7]

و هل الإنسان حي في هذه المرحله أم لا

الجواب: نعم الإنسان حي في هذه المرحله لأن الله يقول عن عباده أصحاب النفس المطمنه الذين يموتون وهم قسم من الأموات (يأيها النفس المطمئنه - ارجعي الي ربك راضيه مرضيه - فادخلي في عبادي - وادخلي جنتي) [4] . وهذا الكلام واضح أنه يراد منه بعد الموت مباشره وليس حين الحساب والآخره ويقول تعالي عن الشهداء والذين هم قسم من الأموات (وَلا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء و لكن لا تشعرون) [5] . [ صفحه 8]

الآيات التي تفضلت بذكرها تتكلم عن مجموعه خاصه و لا تشمل كل الأموات فلماذا عممت الحكم وأعطيته الصفه الشموليه

الجواب: أقول بأن الآيات هي التي أعطت هذا الحكم- الشمولي- فبينت أن الميت هو حي ولكن خصصت مراحل هذه الحياه ومفارقاتها فهناك حياه فيها السعاده والسرورعند الله تعالي ولذلك الله يقول عن الشهداء(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) [6] اي حياه متميزه خاصه فراجع التفاسير لهذه الآيه والآيه الأخري با أيتها النفس المطمئنه وهذا الكلام ينطبق علي الدنيا أيضا فهناك حياه سعيده طيبه وهناك حياه تشبه حياه الأنعام اولئك كالأنعام بل هم أضل بل تكون كالأموات إنك لا تسمع الموتي ولا تسمع الصم الدعاء صم بكم عمي فهم لايعقلون فهم لا يرجعون. فإذا تبين من هذا أن الحياه لا تخص الشهداء وليس الشهداء أفضل من غيرهم قاطبه فالأنبياء أفضل من الشهداء ولهم حياتهم البرزخيه الخاصه والعلماء أيضا أفضل من الشهداء لقوله(ص). ففي الفردوس للديلمي: «جابربن عبد الله يوزن حبر العلماء ودم الشهداء فيرجح ثواب حبر العلماء علي ثواب دم الشهداء». وفيه أيضا: [ صفحه 9] «أبوهريره يحاسب الناس بأعمالهم والعلماء علي حسب عملهم فيوزن عمل أحدهم مع عمله وان مداد العلماء في الميزان أثقل من دم الشهداء وأكثر ثوابا يوم القيامه» [7] . وفي فيض القدير للمناوي: «وزن حبر العلماء بدم الشهداء فرجح عليهم أي فرجح ثواب حبر العلماء علي ثواب دم الشهيدكما جاء مبينا هكذا عند الديلمي في مسنده والحديث يشرح بعضه بعضا ثم هذا خرج مخرج ضرب المثل بما يفيد أفضليه العلماء علي المجاهدين وبعد ما بين درجتيهما لأنه إذا كان مداد العلماء أفضل من دم الشهداء وأعظم ما عند المجاهد دمه وأهون ما عند العالم مداده فما ظنك بأشرف ما عند العالم من المعارف والتفكر في آلاء الله وتحقيق الحق وبيان الأحكام وهدايه الخلق» [8] . وفي الدر المنثورللسيوطي: «وأخرج المرهبي في فضل العلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يوزن يوم القيامه مداد العلماءودماء الشهداء فيرجح مداد العلماء علي دماء [ صفحه 10] الشهداء وأخرج الديلمي من حديث ابن عمروابن عمرو مثله» [9] . وهذا الحديث وأن نوقش فيه ولكن له طرق يقوي بعضها الآخروهناك تعليق لطيف للشوكاني فيقارن بين الشهداء والعلماء فيقول المدارعلي النتائج وليس علي ذات الصفه فصفه العلم بذاتها ليس لها ذلك العطاء وكذلك صفه الشهيد بذاتها فقال: فقال المناوي: «وورد ما يدل علي تساويهما في الدرجه والإنصاف أن ما ورد للشهيد من الخصائص وصح فيه من دفع العذاب وغفران النقائص لم يرد مثله للعالم لمجرد علمه ولا يمكن أحد أن يقطع له به في حكمه وقد يكون لمن هو أعلي درجه ما هو أفضل من ذلك وينبغي أن يعتبر حال العالم وثمره علمه وماذا عليه وحال الشهيد وثمره شهادته وما أحدث عليه فيقع التفضيل بحسب الأعمال والفوائد فكم من شهيد وعالم هـون أهوالا وفرج شدائد وعلي هذا فقديتجه أن الشهيد الواحد أفضل من جماعه من العلماء والعالم الواحد أفضل من كثير من الشهداء كل بحسب حاله وما ترتب علي علومه وأعماله» [10] . [ صفحه 11]

بعد أن بينت لنا في هذه المقدمه أنهم أحياء في مرحله البرزخ فماذا تريد أن تبين لنا الآن

الجواب: بعد أن بينت أن البشر كل البشر أحياء في مرحله البرزخ فلا بد وأن نتعرف علي نوع هذه الحياه هل يسمعون أم لا؟ هل يحسوا بالراحه والسرور أم لا؟ هل يحسوا بالألم والعذاب أم لا؟ هل لهم القدره في الطلب والدعاء أم لا؟ هذه مجموعه أسئله لا بد و أن نحاول أن نبحث عن أجوبه مقنعه لها أدله من الشريعه الغراء وليس من أي مصدر.

و بماذا سوف تكون البدايه

الجواب: البدايه سوف تكون بالسؤال هل الميت يسمع أم لا؟ وسوف أقدم للقاري هذه الطوائف من الروايات كدليل علي سماع الميت. [ صفحه 12] الطائفه الأولي التي تتكلم عن التلقين ففي سنن أبي داود: «حدثنا مسدد حدثنا بشر حدثنا عماره بن غزيه حدثنا يحيي بن عماره قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلي الله عليه واله لقنوا موتاكم قول لا إله إلا الله» [11] . وفي شعب الإيمان للبيهقي: «وقد روينا عن النبي صلي الله عليه واله أنه قال اقرأوها علي موتاكم ولقنه الشهادتين من غير أن يلح عليه بها ولكنه يذكرها عنده لعله يتلقنها وقد ذكرنا الحديث في التلقين وفيمن كان آخر كلامه لا إله إلا الله في الدعوات وغيرها. أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتاده أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج حدثنا مطين حدثنا جعفربن حميد حدثنا بن المبارك عن التيمي عن ابي عثمان وليس بالنهدي عن أبيه عن معقل بن يسارقال قال رسول الله صلي الله عليه وآله اقرأوها عند موتاكم يعني يس. أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصنعاني أخبرنا معلي بن منصور [ صفحه 13] حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عماره بن غزيه عن يحيي بن عماره عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله لقنوا موتاكم لا إله إلا الله رواه مسلم في الصحيح عن قتيبه عن عبد العزيز بن محمد بن عبد الله الدراوردي» [12] . وفي الروح لابن القيم: «وقد روي أبو داود في سننه بإسناد لا بأس به أن النبي صلي الله عليه وآله حضر جنازه رجل فلما دفن قال سلوا لأخيكم التثيب فإنه الآن يسأل فأخبر أنه يسأل حينئذ واذا كان يسأل فإنه يسمع التلقين». وفي الآيات البينات لآلوسي زاده: «قوله والمراد الذي قرب من الموت مثل لفظ القتيل في قوله عليه الصلاه والسلام من قتل قتيلا فله سلبه وأما التلقين من بعد الموت وهوفي القبر ففيل يفعل لحقيقه ما روينا ونسب لأهل السنه والجماعه وخلافه إلي المعتزله وقيل لا يؤمر به ولاينهي عنه» [13] . وفيه أيضا: «ويشكل عليهم ما في مسلم إن الميت ليسمع قرع نعالهم إذا [ صفحه 14] انصرفوا اللهم إلا أن يخصوا ذلك بأول الوضع في القبر مقدمه للسؤال جمعا بينه وبين الآيتين فإنهما تفيدان تحقيق عدم سماعهم فإنه تعالي شبه الكفاربالموتي لإفاده تعذرسماعهم وهو فرع عدم سماع الموتي إلا أنه علي هذا ينبغي التلقين من بعد الموت لأنه يكون حين إرجاع الروح فيكون حينئذ لفظ موتاكم في حقيقته وهو قول طائفه من المشايخ أو هو مجاز باعتبار ما كان نظرا إلي أنه الآن حي إذ ليس معني الحديث إلا من في بدنه الروح» [14] . تتمه في التلقين بعد الدفن «اعلم أن مسأله التلقين قبل الموت لم نعلم فيها خلافا وأما بعد الموت وهي التي تقدم ذكرها في الهدايه وغيرها فاختلف الأئمه والعلماء فيها فالحنفيه لهم فيها ثلاثه أقوال: الأول: أنه يلقن بعد الموت لعود الروح للسؤال. والثاني: لا يلقن. والثالث: لا يؤمر به ولا ينهي عنه. وعند الشافعيه يلقن كما قال ابن حجر في التحفه [ صفحه 15] ويستحب تلقين بالغ عاقل أو مجنون سبق له تكليف ولو شهيدا كما اقتضاه إطلاقهم بعد تمام الدفن لخبر فيه وضعفه اعتضد بشواهد علي أنه من الفضائل فاندفع قول ابن عبد السلام أنه بدعه انتهي. وأما عند الإمام مالك نفسه فمكروه قال الشيخ علي المالكي في كتابه كفايه الطالب الرباني لختم رساله ابن أبي زيد القيرواني ما لفظه. و أرخص بمعني استحب بعض العلماء هوابن حبيب في القراءه عند رأسه أو رجليه أوغيرهما ذلك بسوره يس لما روي أنه صلي الله عليه وآله قال ما من ميت يقرأ عند رأسه سوره يس إلا هون الله تعالي عليه ولم يكن ذلك أي ما ذكر من القراءه عند المحتضر عند مالك رحمه الله تعالي أمرا معمولا وانما هو مكروه عنده وكذا يكره عندتلقينه بعدوضعه في قبره انتهي. وأما الحنبليه فعند أكثرهم يستحب قال الشيخ عبد القادر بن عمر الشيباني الحنبلي في شرح دليل الطالب ما لفظه واستحب الأكثر تلقينه بعد الدفن انتهي. واستفيد منه أن غير الأكثر من الحنابله يقول بعدم التلقين بعد الموت أيضا» [15] . [ صفحه 16] وفي شرح الصدورللسيوطي: «وقد جزم أصحابنا الشافعيه بان الطفل لا يلقن بعد الدفن وأن التلقين يختص بالبالغ هكذا ذكره النووي في الروضه وغيرها وهو دليل علي أن الأطفال لا يسألون وقد أفتي به الحافظ إبن حجركما تقدم نقله عنه» [16] .

و هل هناك دليل آخر علي سماع الميت

وهل هناك دليل آخرعلي سماع الميت غير هذا الدليل لأن هذا الدليل قد يقال أنه قبل الموت أوفي أول حالات الموت ونحتاج إلي دليل آخر يدل علي استمرارالسماع؟ الجواب: نعم سوف أنقل لكم دليل آخر يدل علي سماع الميت للحي وهذا الدليل تنص عليه. [ صفحه 17] الطائفه الثانيه التي تتكلم عن سمع نعال المشيعيين ففي تفسير ابن كثير: «حدثنا يونس بن محمد حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتاده حدثنا أنس بن مالك قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله إن العبد إذا وضع في قبره وتولي عنه أصحابه وانه ليسمع قرع نعالهم فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له» [17] . وفي البخاري: «حدثنا عياش حدثنا عبد الأعلي حدثنا سعيد قال وقال لي خليفه حدثنا بن زريع حدثنا سعيد عن قتاده عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وآله قال العبد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه حتي إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلي الله عليه وآله فيقول أشهد أنه عبد الله يرسوله فيقال انظر إلي مقعدك من النارأبدلك الله به مقعدا من الجنه قال النبي صلي الله عليه واته فيراهما جميعا وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري كنت أقول [ صفحه 18] ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقه من حديد ضربه بين أذنيه فيصيح صيحه يسمعها من يليه إلا الثقلين» [18] . وفي مسلم: «حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتاده حدثنا انس بن مالك قال قال نبي الله صلي الله عليه وآله إن العبد إذا وضع في قبره وتولي عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم قال يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل قال فاما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله قال فيقال له انظر إلي مقعدك من النارقد أبدلك الله به مقعدا من الجنه قال نبي الله صلي الله عليه وآله فيراهما جميعا قال قتاده وذكرلنا انه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلي يوم يبعثون» [19] . وفي سنن أبي داود: «حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا عبد الوهاب يعني بن عطاء عن سعيد عن قتاده عن أنس عن النبي صلي الله عليه وآله أنه قال إن العبد إذا وضع في قبره وتولي عنه أصحابه إنه [ صفحه 19] ليسمع قرع نعالهم» [20] . وفي سنن النسائي: «أخبرنا أحمد بن أبي عبيد الله الوراق قال حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتاده عن أنس أن النبي صلي الله عليه وآله قال إن العبد إذا وضع في قبره وتولي عنه أصحابه انه ليسمع قرع نعالهم» [21] . وفي السنن الكبري للنسائي: «أنبا أحمد بن أبي عبيد الله الوراق قال حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتاده عن أنس أن النبي صلي الله عليه وآله قال إن العبد إذا وضع في قبره وتولي عنه أصحابه أنه ليسمع قرع نعالهم» [22] . وفي مسند الإمام أحمد: «حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا روح بن عباده حدثنا سعيد عن قتاده عن أنس بن مالك ويونس حدثنا شيبان حدثنا قتاده حدثنا أنس بن مالك ان نبي الله صلي الله عليه وآله قال ان [ صفحه 20] العبد إذا وضع في قبره وتولي عنه أصحابه حتي انه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل لمحمد صلي الله عليه وآله فأما المؤمن فيقول أشهد انه عبد الله ورسوله فيقال انظر إلي مقعدك من النارفقد أبدلك الله به مقعدا في الجنه قال رسول الله صلي الله عليه وآله فيراهما جميعا قال روح في حديثه قال قتاده فذكرلنا انه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلي يوم يبعثون ثم رجع إلي حديث أنس بن مالك قال وأما الكافر والمنافق فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال له لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد ضربه بين اذنيه فيصيح صيحه فيسمعها من يليه غير الثقلين وقال بعضهم يضيق عليه قبره حتي تختلف أضلاعه» [23] . وراجع هذه المصادر: السنن الكبري ج:1 ص:659، وصحيح ابن حبان ج:7 ص:390، وسنن أبي داودج:4 ص:239، سنن البيهقي الكبري ج:4 ص:80، وسنن النسائي (المجتبي) ج:4 ص:97 والمحلي ج: 5 ص:137 ومسند عبد بن حميدج:1 ص:356، والترغيب والترهيب ج:4 ص:193، واثبات عذاب القبرج: 1 ص:33 واثبات عذاب القبر [ صفحه 21] ج: 1 ص:35، والإيمان ج:2 ص: 966، وفوائد أبي علي الصواف ج:1 ص: 12، والإمتاع با لأربعين المتباينه السماع ج: 1 ص:89، وفتح الباري ج:3 ص: 237 وغررالفوائدج: 1 ص:299 وعمده القاري ج:8 ص:142.

هذه الروايات التي تفضلت بها صحيحه ولكن السماع هنا ليس دائما و انما للمسأله و دلينا هو

سؤال: هذه الروايات التي تفضلت بها صحيحه ولكن السماع هنا ليس دائما وانما للمساءله فقط وبعد إنتهاء المساءله من الملكان ينتهي الأمروترفع روحه منه أليس كذلك! وهناك بعض الروايات تشير إلي ذلك منها هذه النقولات: ففي الدر المنثورللسيوطي: «فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك» [24] . [ صفحه 22] وفي تفسير ابن كثير: «قال فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك فيقول ديني الأسلام» [25] . الجواب: أقول نعم هذا الكلام الذي تفضلت به محتمل في ذاته لو تركنا نحن وهذه الروايه ولكن هناك روايات أخري تتكلم عن نعيم القبر وعذابه وهذا يستدعي الإحساس وألا كيف نفترض الفائده من هذا النعيم أو العذاب علي من لا يشعر ولا يحس ولا يدرك. الطائفه الثالثه من الروايات تدورحول نعيم القبر وعذابه. ففي البخاري: «حدثنا عثمان بن أبي شيبه حدثنا جرير عن منصورعن أبي وائل عن مسروق عن عائشه قالت دخلت علي عجوزان من عجز يهود المدينه فقالتا لي إن أهل القبور يعذبون في قبورهم فكذبتهما [ صفحه 23] ولم أنعم ان أصدقهما فخرجتا ودخل علي النبي صلي الله عليه وآله فقلت له يا رسول الله إن عجوزين وذكرت له فقال صدقتا إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم كلها فما رأيته بعد في صلاه إلا تعوذ من عذاب القبر» [26] . وفي صحيح مسلم: «حدثنا زهير بن حرب واسحاق بن ابراهيم كلاهما عن جرير قال زهير حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عائشه قالت دخلت علي عجوزان من عجزيهود المدينه فقالتا إن أهل القبوريعذبون في قبورهم قالت فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما فخرجتا ودخل علي رسول الله صلي الله عليه وآله فقلت له يا رسول الله إن عجوزين من عجز يهود المدينه دخلتا علي فزعمتا أن أهل القبوريعذبون في قبورهم فقال صدقتا إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم قالت فما رأيته بعد في صلاه إلا يتعوذ من عذاب القبر» [27] . وفي السنن الكبري: «أنبأ هناد بن السري عن أبي معاويه عن الأعمش عن شقيق عن مسروق عن عائشه دخلت يهوديه عليها فاستوهبتها شيئا فوهبت لها عائشه فقالت أجارك الله من عذاب القبر قالت عائشه فوقع في [ صفحه 24] نفسي من ذلك حتي جاء رسول الله صلي الله عليه وآله فذكرت ذلك له فقال إنهم ليعذبون في قبورهم عذابا تسمعه البهائم» [28] . وفي المستدرك للحاكم: «أخبرنا أبوبكر بن إسحاق الفقيه أنبأ علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا المعافي بن سليمان الحراني حدثنا فليح بن سليمان حدثني هلال بن علي وهو بن أبي ميمونه عن أنس بن مالك قال بينا رسول الله صلي الله عليه وآله وبلال يمشيان بالبقيع فقال رسول الله صلي الله عليه وآله يا بلال هل تسمع ما أسمع قال لا والله يا رسول الله ما أسمعه قال ألا تسمع أهل القبوريعذبون هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ إنما اتفقا علي حديث شعبه عن قتاده عن أنس عن النبي صلي الله عليه وآله أنه قال لولا أن تدافنوا لسألت الله عنه أن يسمعكم عذاب القبر» [29] . وفي تفسير ابن كثير: «عن أبي حازم عن أبي هريره قال إذا وضع يعني الكافر في قبره فيري مقعده من النار قال فيقول رب ارجعون أتوب وأعمل صالحا قال فيقال قد عمرت ما كنت معمرا قال فيضيق عليه قبره ويلتئم فهو كالمنهوش ينام ويفزع تهوي إليه هوام الأرض وحياتها وعقاربها [ صفحه 25] وقال أيضا حدثنا أبي حدثنا عمر بن علي حدثني سلمه بن تمام حدثنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن عائشه رضي الله عنها أنها قالت ويل لأهل المعاصي من أهل القبور تدخل عليهم في قبورهم حيات سود أودهم حيه عند رأسه وحيه عند رجليه يقرصانه حتي يلتقيا في وسطه فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله تعالي: (وَمِن ورائهم برزخ الي يوم يبعثون)» [30] . وهذه الروايات واضح منها كل الوضوح أن الإنسان في قبره يحس بالعذاب ويحس بالنعيم وهذا يدل علي أنه حي ويتأثر. [ صفحه 26]

ولكن قد يقال لكم بأن الذي تسمعه البهائم ليس صراخ الموتي و انما تسمع العذاب فلا دليل علي حياه الميت وألمه

الجواب: نقول إذا كان الميت لا يحس فما فائده النعيم والعذاب والروايات صريحه في إحساسه بذلك، بل لقد صرحت الروايات انه يصيح وأنه كما هو الآن وبكامل عقله ووعيه وهذه بعض منها: ففي البخاري: «حدثنا عياش بن الوليد حدثنا عبد الأعلي حدثنا سعيد عن قتاده عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه حدثهم أن رسول الله صلي الله عليه وآله قال إن العبد إذا وضع في قبره وتولي عنه أصحابه وانه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل لمحمد صلي الله عليه واله فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال له انظر إلي مقعدك من النارقد أبدلك الله به مقعدا من الجنه فيراهما جميعا قال قتاده وذكر لنا أنه يفسح في قبره ثم رجع إلي حديث أنس قال وأما المنافق والكافر فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ويضرب بمطارق من حديد ضربه فيصيح صيحه يسمعها من يليه غير الثقلين» [31] . وفي كتاب الروح لابن القيم: «قال رسول الله فيراهما جميعا قال قتاده وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا يملأ عليه خضرا إلي يوم يبعثون ثم رجع إلي حديث أنس قال فاما الكافر والمنافق فيقولان له ما كنت [ صفحه 27] تقول في هذا الرجل فيقول لا ادري كنت أقول ما يقول الناس فيقولان لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحه فيسمعها من عليها غير الثقلين « [32] . وفي معارج القبول: «ثم يضرب بمطرقه من حديد ضربه بين اذنيه فيصيح صيحه يسمعها من يليه إلا الثقلين ورواه مسلم من طرق عن قتاده بنحوه وزاد فيه قال قتاده وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا يعني المؤمن ويملا عليه خضرا إلي يوم يبعثون» [33] . وراجع المصادر التا ليه: قطف الثمر ج:1 ص:132 وصحيح ابن حبان ج:7 ص:390 وإثبات عذاب القبر ج: 1 ص:34 و اثبات عذاب القبرج: 1 ص:35 ومعارج القبول ج:2 ص: 725 ومعارج القبول ج:2 ص:735 والعقيده الواسطيه ج: 1 ص: 32 و النبوات ج: 1 ص: 41 والسنه- ابن أبي عاصم ج:2 ص: 416 واعتقاد أهل السنه ج: 6 ص:1132 وقصيده ابن أبي داودج:1 ص:52 وشرح الصدوربشرح حال الموتي والقبورج: 1 ص:122 والسنه- عبدالله بن أحمد بن حنبل ج:2 ص:599 وتوحيد الألوهيه ج:3 ص:145. [ صفحه 28]

و هل هناك دليل أكثر وضوحا علي حياه الإنسان في قبره و أنه بكامل وعيه وادراكه

الجواب: نعم فهذه الطائفه وهي الطائفه الرابعه من الروايات فيها الرد الكافي الشافي لمن يريد البحث عن الحقيقه واليكم هذه النقولات: ففي الدر المنثورللسيوطي: «وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا والطبراني والآجري في الشريعه وابن عدي عن عبد الله بن عمرورضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وآله ذكرفتاني القبر فقال عمر رضي الله عنه أترد إلينا عقولنا يا رسول الله فقال رسول الله صلي الله عليه وآله نعم كهيئتكم اليوم فقال عمر بفيه الحجر» [34] . وفي صحيح ابن حبان: «أخبرنا أحمد بن علي بن المثني قال حدثنا أحمد بن [ صفحه 29] عيسي المصري قال حدثنا بن وهب قال حدثني حيي بن عبد الله المعافري أن أبا عبد الرحمن الحبلي حدثه عن عبد الله بن عمروأن رسول الله صلي الله عليه وآله ذكر فتاني القبر فقال عمر بن الخطاب أترد علينا عقولنا يا رسول الله فقال نعم كهيئتكم اليوم قال فبفيه الحجر» [35] . وفي موارد الظمان للهيثمي: «أخبرنا أحمد بن علي بن المثني حدثنا أحمد بن عيسي المصري حدثنا ابن وهب حدثني حيي بن عبد الله المعافري أن أبا عبد الرحمن الحبلي حدثه عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلي الله عليه وآله ذكر فتاني القبر فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أترد علينا عقولنا يا رسول الله قال نعم كهيئتكم اليوم قال فبفيه الحجر» [36] . وفي مسند الإمام أحمد: «حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن حدثنا بن لهيعه حدثني حيي بن عبد الله ان أبا عبد الرحمن حدثه عن عبد الله بن عمرو ان رسول الله صلي الله عليه وآله ذكر فتان القبور فقال عمر أترد علينا عقولنا يا رسول الله فقال رسول الله صلي الله عليه وآله [ صفحه 30] نعم كهيئتكم اليوم فقال عمر بفيه الحجر» [37] . بعد أن انتهينا من عرض هذه الاخبار الداله علي سماع الميت لنعل المشيعيين له وانه يرد علي أسئله الملكين وانه يحس بالعذاب وبالنعيم في قبره وهذه الأموركلها تدل بوضوح علي كون ان الميت يسمع كلامنا لوكلمناه. وقد ثبت أن الأنبياء السابقين قد تكلموا مع أقوامهم بعد هلاكهم وكذلك الرسول الاكرم ثبت انه تكلم معهم وهذه طائفه من الآيات والروايات.

كلام الأنبياء مع قومهم

1- النبي صالح يكلّم قومه بعد هلاكهم: قال تعالي: (فأخذتهم الرجفه فأصبحوا في دارهم جاثمين- فتولي عنهم و قال يقوم لقد أبلغتكم رساله ربي و نصحت لكم و لكن لا تحبون النصحين [38] . [ صفحه 31] 2- النبي شعيب يخاطب قومه الهالكين: قال تعالي:(فأخذتهم الرجفه فأصبحوا في دارهم جاثمين - الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخسرين - فتولي عنهم و قال يقوم لقد أبلغتكم رسالات ربي و نصحت لكم فكيف ءاسي علي قوم كافرين) [39] 3- النبي الأكرم محمد صلي الله عليه و آله و سلم يكلم أهل القليب. ففي الدر المنثور للسيوطي: «الخامس من حديثه من طريق عبد القدوس عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله(فإنك لا تسمع الموتي [40] (وَمَآ أنت بمسمع من في القبور) [41] قال كان النبي صلي الله عليه و آله يقف علي القتلي يوم بدر و يقول هل وجدتم ما وعد ربكم حقا يا فلان بن فلان ألم تكفر بربك ألم تكذب نبيك ألم تقطع رحمك ففالوا يا رسول الله أيسمعون ما نقول قال ما أنتم باسمع منهم لما أقول» [42] . [ صفحه 32] وفي صحيح البخاري: «حدثنا علي بن عبد الله حدثنا يعقوب بن ابراهيم حدثني أبي عن صالح حدثني نافع أن بن عمر رضي الله عنهما أخبره قال اطلع النبي صلي الله عليه واله علي أهل القليب فقال وجدتم ما وعد ربكم حقا فقيل له تدعو أمواتا فقال ما أنتم بأسمع منهم ولكن لا يجيبون. حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سفيان عن هشام بن عروه عن أبيه عن عائشه رضي الله عنها قالت إنما قال النبي صلي الله عليه وآله إنهم ليعلمون الآن أن ما كنت أقول حق وقد قال الله تعالي: (انك لا تسمع الموتي)» [43] [44] . وفي صحيح مسلم: «حدثنا هداب بن خالد حدثنا حماد بن سلمه عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وآله ترك قتلي بدرثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أميه بن خلف يا عتبه بن ربيعه يا شيبه بن ربيعه أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا فسمع عمر قول النبي صلي الله عليه وآله فقال يا رسول الله كيف يسمعوا [ صفحه 33] وأني يجيبوا وقد جيفوا قال والذي نفسي بيده ما أنتم باسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمربهم فسحبوا فالقوا في قليب بدر» [45] . وفي مسند الإمام أحمد: «حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفان حدثنا حماد عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلي الله عليه وآله ترك قتلي بدر ثلاثه أيام حتي جيفوا ثم أتاهم فقام عليهم فقال يا أميه بن خلف يا أبا جهل بن هشام يا عتبه بن ربيعه يا شيبه بن ربيعه هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا قال فسمع عمر صوته فقال يا رسول الله أتناديهم بعد ثلاث وهل يسمعون يقول الله عز وجل(إِنك لا تسمع الموتي) فقال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا» [46] . وفي مسند الطياليسي: «حدثنا أبوداود قال حدثنا سليمان بن المغيره عن ثابت البناني عن أنس قال ترائينا الهلال فما من الناس أحد يزعم أنه رآه غيري فقلت لعمريا أمير المؤمنين أما تراه فجعلت أريه إياه فلما أعيي أن يراه قال سأراه وأنا مستلق علي فراشي ثم أنشا يحدثنا عن يوم [ صفحه 34] بدر فقال إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ليخبرنا بمصارع القوم بالأمس هذا مصرع فلان إن شاء الله غدا فوالذي بعثه بالحق ما أخطأوا تلك الحدود وجعلوا يصرعون عليها ثم ألقوا في القليب وجاء النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقال يا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فقد وجدت ما وعدني ربي حقا فقلت يا رسول الله أتكلم أجسادا لا أرواح فيها فقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يردوا علي» [47] . وفي إثبات عذاب القبر للبيهقي: «أخبرنا أبوعبد الله محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو الحسين علي بن محمد بن سختويه حدثنا محمد بن أيوب أخبرنا موسي بن إسماعيل و علي بن عثمان وهدبه بن خالد قالوا حدثنا حماد بن سلمه عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ترك قتلي بدرثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أميه بن خلف يا عتبه بن ربيعه با شيبه بن ربيعه أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربي حقا فسمع عمررضي الله عنه قول النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله كيف يسمعون وأني يجيبوا وقد [ صفحه 35] جيفوا فقال و الذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر رواه مسلم في الصحيح عن هداب ابن خالد» [48] . وفي صحيح ابن حبان: «أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا هدبه بن خالد حدثنا حماد بن سلمه عن ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لما ورد بدرا أومأ فيها إلي الأرض فقال هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان فوالله ما أماط واحد منهم عن مصرعه وترك قتلي بدرثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أميه بن خلف يا عتبه بن ربيعه يا شيبه بن ربيعه أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني وجدت ما وعد ربي حقا قال فسمع عمر قول النبي صلي الله عليه وآله وسلم فتال يا رسول الله كيف يسمعون قولك أو يجيبون وقد جيفوا فقال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون ان يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فالقوا في قليب بدر» [49] . وفي مسند أبي يعلي: «حدثنا هدبه حدثنا حماد عن ثابت عن أنس أن رسول الله [ صفحه 36] صلي الله عليه وآله وسلم ترك قتلي بدرثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أميه بن خلف ياعتبه بن ربيعه ياشيبه بن ربيعه هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا فسمع عمر قول النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله كيف سمعوا وأني يجيبوا صلي الله عليه وآله وسلم قال والذي نفسي بيده ما أنتم باسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا إلي قليب بدر» [50] . وفي عمده القاري للعيني: «قوله فقيل له أي للنبي صلي الله عليه وآله والقائل هو عمر رضي الله تعالي عنه وصرح به في روايه مسلم في روايه أنس رضي الله تعالي عنه أن رسول الله صلي الله عليه وآله ترك قتلي بدرثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال يا أبا جهل ابن هشام با اميه بن خلف يا عتبه بن ربيعه يا شيبه بن ربيعه أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا فسمع عمررضي الله تعالي عنه قول النبي صلي الله عليه وآله فقال يا رسول الله كيف يسمعواوأني يجيبوا صلي الله عليه وآله وسلم فقال صلي الله عليه وآله والذي نفسي بيده ما أنتم باسمع لما أقول [ صفحه 37] منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدرقوله ولكن لا يجيبون أي لا يقدرون علي ابواب فعلم أن في القبر حياه فيصلح العذاب فيه» [51] .

قد يقول قائل من القوم ان السيده عائشه احتجت علي هذه الروايه فقالت في ردها ما يلي

ففي البخاري: «حدثني عثمان حدثنا عبده عن هشام عن أبيه عن بن عمر رضي الله عنهما قال وقف النبي صلي الله عليه وآله وسلم علي قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ثم قال إنهم الآن يسمعون ما أقول فذكرلعائشه فقالت إنما قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هوالحق ثم قرأت (إِنك لا تسمع الموتي) حتي قرأت الآيه» [52] . وفي مسند الإمام أحمد: [ صفحه 38] «حدثنا عبد الله حدثنا أبي حدثنا عبده بن سليمان أبو محمد الكلابي حدثنا هشام عن أبيه عن بن عمر أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم وقف علي قليب بدرفقال هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ثم قال إنهم ليسمعون ما أقول فذكرذلك لعائشه فقالت وهل يعني بن عمر إنما قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم لهو الحق» [53] . وفي اعتقاد أهل السنه للآلكائي: «أخبرنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا محمد بن مخلد قال حدثنا أحمد ابن منصور قال حدثنا أبوبكر بن أبي شيبه قال حدثنا عبده عن هشام عن أبيه عن ابن عمر أن النبي وقف علي قليب بدر فقال(هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ثم قال إنهم يسمعون ما أقول فذكرت ذلك لعائشه فقالت وهل ابن عمر إنما قال ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق) أخرجه البخاري عن عثمان عن عبده ومسلم من حديث هشام» [54] . الجواب: علي السيده عائشه أتركه لهذا العالم غير الشيعي حيث قال الشنقيطي: «اعلم أن الذي يقتضي الدليل رجحانه هو أن [ صفحه 39] الموتي في قبورهم يسمعون كلام من كلمهم وأن قول عائشه رضي الله عنها ومن تبعها إنهم لا يسمعون استدلالا بقوله تعالي (إِنك لا تسمع الموتي) وما جاء بمعناها من الآيات غلط منها رضي الله عنها وممن تبعها. وايضاح كون الدليل يقتضي رجحان ذلك مبني علي مقدمتين؛ الأولي منهما أن سماع الموتي ثبت عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم في أحاديث متعدده ثبوتا لا مطعن فيه ولم يذكر صلي الله عليه وآله وسلم أن ذلك خاص بإنسان ولا بوقت. والمقدمه الثانيه هي أن النصوص الصحيحه عنه صلي الله عليه وآله وسلم في سماع الموتي لم يثبت في الكتاب ولا في السنه شيء يخالفها وتأويل عائشه رضي الله عنها بعض الآيات علي معني يخالف الأحاديث المذكوره لا يجب الرجوع إليه لأن غيره في معني الآيات أولي بالصواب منه فلا ترد النصوص الصحيحه عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم بتأول بعض الصحابه بعض الآيات وسنوضح هنا إن شاء الله صحه المقدمتين المذكورتين واذا ثبت بذلك أن سماع الموتي ثابت عنه صلي الله عليه واله وسلم من غير معارض صريح علم بذلك رجحان ما ذكرنا أن الدليل يقتضي رجحانه. أما المقدمه الأولي وهي ثبوت سماع الموتي عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقد قال البخاري في صحيحه حدثني عبد الله بن محمد سمع روح بن عباده حدثنا سعيد بن أبي عروبه عن قتاده [ صفحه 40] قال ذكرلنا أنس بن مالك عن أبي طلحه أن نبي الله صلي الله عليه وآله وسلم أمر يوم بدر بأربعه وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدرخبيث مخبث وكان إذا ظهر علي قوم أقام بالعرصه ثلاث ليال. فلما كان ببدراليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشي واتبعه أصحابه وقالوا ما نري ينطلق إلا لبعض حاجته حتي قام علي شفه الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قال فقال عمريا رسول الله- ص- ما تكلم من أجساد لا أرواح لها فقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم قال قتاده أحياهم الله له حتي أسمعهم تؤبيخا وتصغيرا ونقمه وحسره وندما. فهذا الحديث الصحيح أقسم فيه النبي صلي الله عليه وآله وسلم أن الأحياء الحاضرين ليسوا بأسمع لما يقول صلي الله عليه وآله وسلم من أولئك الموتي بعد ثلاث «وهونص صحيح صريح في سماع الموتي ولم يذكرصلي الله عليه وآله وسلم في ذلك تخصيصا وكلام قتاده الذي ذكره عنه البخاري اجتهاد منه فيما يظهر. وقال البخاري في صحيحه أيضا حدثني عثمان حدثني [ صفحه 41] عبده عن هشام عن أبيه عن ابن عمررضي الله عنهما قال وقف النبي صلي الله عليه وآله وسلم علي قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ثم قال إنهم الآن يسمعون ما أقول. فذكرلعائشه فقالت إنما قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت (إنك لا تسمع الموتي) حتي قرأت الآيه انتهي من صحيح البخاري وقد رأيته أخرج عن صحابيين جليلين هما ابن عمرو أبو طلحه تصريح النبي صلي الله عليه وآله وسلم بان أولئك الموتي يسمعون ما يقول لهم ورد عائشه لروايه ابن عمر بما فهمت من القرءان مردود كما ستري إيضاحه إن شاء الله تعالي... إلي أن يقول: وقال البخاري في صحيحه أيضا حدثنا عياش حدثنا عبد الأعلي حدثنا سعيد قال وقال لي خليفه حدثنا ابن زريع حدثنا سعيد عن قتاده عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال إن العبد إذ وضع في قبره وتولي عنه أصحابه وانه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلي الله عليه وآله وسلم فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال أنظر إلي مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا في الجنه الحديث. وقد رأيت في هذا الحديث الصحيح تصريح النبي صلي الله [ صفحه 42] عليه وآله وسلم بأن الميت في قبره يسمع قرع نعال من دفنوه إذا رجعوا وهو نص صحيح صريح في سماع الموتي ولم يذكرصلي الله عليه وآله وسلم فيه تخصيصا. وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه حدثني إسحاق بن عمر بن سليط الهذلي حدثنا سليمان بن المغيره عن ثابت قال قال أنس كنت مع عمر(ح) وحدثنا شيبان بن فروخ واللفظ له حدثنا سليمان بن المغيره بن ثابت عن أنس بن مالك قال كنا مع عمر بين مكه والمدينه فتراءينا الهلال الحديث وفيه فقال إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس يقول هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله قال فقال عمر فوالذي بعثه بألحق ما أخطأوا الحدود التي حد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فجعلوا في بئر بعضهم علي بعض فانطلق رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حتي انتهي إليهم فقال يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقا فإني قد وجدت ما وعدني الله حقا قال عمريا رسول الله- ص- كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها قال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لايستطيعون أن يردوا علي شيئا. حدثنا هداب بن خالد حدثنا حماد بن سلمه عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ترك قلتي بدرثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال يا أبا [ صفحه 43] جهل بن هشام يا أميه بن خلف يا عتبه بن ربيعه يا شيبه بن ربيعه أليس قد وجدتم ما وعدكم الله حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا فسمع عمر قول النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله كيف يسمعوا وأني يجيبوا وقد جيفوا قال والذي نفسي بيده ما أنتم باسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر. ثم ذكر مسلم بعد هذا روايه أنس عن أبي طلحه التي ذكرناها عن البخاري. فتري هذه الأحاديث الثابته في الصحيح عن عمر وابنه وأنس وأبي طلحه رضي الله عنهم فيها التصريح من النبي صلي الله عليه وآله وسلم بان الأحياء الحاضرين ليسوا بأسمع من أولئك الموتي لما يقوله صلي الله عليه وآله وسلم وقد أقسم صلي الله عليه واته وسلم علي ذلك ولم يذكرتخصيصا. وقال مسلم رحمه الله في صحيحه أيضا حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد حدثنا شيبان بن عبد الرحمان عن قتاده حدثنا أنس بن مالك قال قال نبي الله صلي الله عليه وآله وسلم إن العبد إذا وضع في قبره وتولي عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم قال باتيه ملكان فيعقدانه الحديث وفيه تصريح النبي صلي الله عليه وآله وسلم بسماع الميت في قيره قرع النعال وهو نص [ صفحه 44] صحيح صريح في سماع الموتي وظاهره العموم في كل من دفن وتولي عنه قومه كما تري. ومن الأحاديث الداله علي عموم سماع الموتي ما رواه مسلم في صحيحه حدثنا يحيي بن يحيي التميمي ويحيي بن أيوب وقتيبه بن سعيد قال يحيي بن يحيي أخبرنا وقال الآخران حدثنا إسماعيل بن جعفر عن شريك وهو ابن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن عائشه رضي الله عنها أنها قالت كان رسول الله صلي الله عليه واله وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يخرج من آخر الليل إلي البقيع فيقول(السلام عليكم دارقوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وانا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الفرقد ولم يقم قتيبه قوله وأتاكم ما توعدون). وفي روايه في صحيح مسلم عنها قالت كيف أقول لهم يا رسول الله- ص- قال قولي:) السلام علي أهل الديارمن المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وانا إن شاء الله بكم للاحقون). ثم قال مسلم رحمه الله حدثنا أبوبكر بن أبي شيبه وزهير بن حرب قالا حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن سفيان عن علقمه بن مرثد عن سليمان بن بريده عن أبيه قال كان رسول الله [ صفحه 45] صلي الله عليه وآله وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلي المقابر فكان قائلهم يقول في روايه أبي بكر السلام علي أهل الديار. وفي روايه زهير السلام عليكم أهل الديارمن المؤمنين والمسلمين وانا إن شاء الله بكم للاحقون نسأل الله لنا ولكم العافيه انتهي من صحيح مسلم. وخطابه صلي الله عليه وآله وسلم لأهل القبوربقوله السلام عليكم وقوله وانا إن شاء الله بكم ونحو ذلك يدل دلاله واضحه علي أنهم يسمعون سلامه لأنهم لو كانوا لا يسمعون سلامه وكلامه لكان خطابه لهم من جنس خطاب المعدوم ولا شك أن ذلك ليس من شان العقلاء فمن البعيد جدا صدوره منه صلي الله عليه وآله وسلم وسيأتي إن شاء الله ذكرحديث عمروبن العاص الدال علي أن الميت في قبره يستانس بوجود الحي عنده. واذا رأيت هذه الأدله الصحيحه الداله علي سماع الموتي فاعلم أن الآيات القرءانيه كقوله تعالي(إِنك لا تسمع الموتي) وقوله(و ما انت بمسمع من في القبور) لا تخالفها وقد أوضحنا الصحيح من أوجد تفسيرها وذكرنا دلاله القرائن القرءانيه عليه وان استقراء القرءان يدل عليه. وممن جزم بأن الآيات المذكوره لا تنافي الأحاديث الصحيحه التي ذكرنا أبوالعباس ابن تيميه فقد قال في الجزء الرابع [ صفحه 46] من مجموع الفتاوي من صحيفه خمس وتسعين ومائتين إلي صحيفه تسع وتسعين ومائتين ما نصه وقد تعاد الروح إلي البدن في غير وقت المسأله كما في الحديث الذي صححه ابن عبد البر عن النبي صلي الله عليه واله وسلم أنه قال ما من رجل يمر بقبر الرجل الذي كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلارد الله عليه روحه حتي يرد عليه السلام وفي سنن أبي داود وغيره عن أوس بن أبي أوس الثقفي عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال إن خير أيامكم يوم الجمعه فأكثروا علي من الصلاه يوم الجمعه وليله الجمعه فإن صلاتكم معروضه علي قالوا يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت. فقال إن الله حرم علي الأرض أن تاكل أجساد الأنبياء وهذا الباب فيه من الأحاديث والآثار ما يضيق هذا الوقت عن استقصائه مما يبين أن الأبدان التي في القبورتنعم وتعذب إذا شاء الله ذلك كما يشاء وأن الأرواح باقيه بعد مفارقه البدن ومنعمه أومعذبه ولذا أمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم بالسلام علي الموتي كما ثبت في الصحيح والسنن أنه كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبورأن يقولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وانا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافيه اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم وقد انكشف لكثير من الناس ذلك حتي سمعوا صوت المعذبين في [ صفحه 47] قبورهم ورأوهم بعيونهم يعذبون في قبورهم في آثاركثيره معروفه ولكن لا يجب أن يكون دائما علي البدن في كل وقت بل يجوز أن يكون في حال. وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم ترك قتلي بدرثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أميه بن خلف يا عتبه بن ربيعه يا شيبه بن ربيعه أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربي حقا فسمع عمررضي الله عنه قول النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله كيف يسمعون وقد جيفوا فقال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمربهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر. وقد أخرجاه في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم وقف علي قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا وقال إنهم ليسمعون الآن ما أقول فذكر ذلك لعائشه فقالت وهم ابن عمر إنما قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إنهم ليعلمون الآن أن الذي قلت لهم هو الحق ثم قرأت قوله تعالي (إنك لا تسمع الموتي) حتي قرأت الآيه وأهل العلم بالحديث اتفقوا علي صحه ما رواه أنس وابن عمر وان كانا لم يشهدا بدرا فإن أنسا روي ذلك عن أبي طلحه وأبوطلحه شهد بدرا كما روي أبوحاتم في صحيحه عن أنس عن أبي طلحه رضي الله عنه أن النبي [ صفحه 48] صلي الله عليه وآله وسلم أمر يوم بدر بأربعه وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدروكان إذا ظهر علي قوم أحب أن يقيم في عرصتهم ثلاث ليال فلما كان اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها فحركها ثم مشي وتبعه أصحابه وقالوا ما نراه ينطلق إلا لبعض حاجته حتي قام علي شفاء الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان بن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا قال عمر بن الخطاب يا رسول الله- ص- ما تكلم من أجساد ولا أرواح فيها فقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم والذي نفسي بيده ما أنتم باسمع لما أقول منهم قال قتاده أحياهم الله حتي أسمعهم توبيخا وتصغيرا ونقمه وحسره وتنديما وعائشه قالت فيما ذكرته كما تأولت والنص الصحيح عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم مقدم علي تأويل من تأول من أصحابه وغيره وليس في القرءان ما ينفي ذلك فإن قوله تعالي (انك لا تسمع الموتي) إنما أراد به السماع المعتاد الذي ينفع صاحبه. فإن هذا مثل ضربه الله للكفار و الكفارتسمع الصوت لكن لا تسمع سماع قبول بفقه واتباع كما قال تعالي (و مثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع الا دعاء و نداء) [55] فهكذا الموتي الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفي عنهم جميع أنواع السماع بل [ صفحه 49] السماع المعتاد كما لم ينف ذلك عن الكفار بل انتفي عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به وأما سماع آخرفلا ينفي عنهم وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن الميت يسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين فهذا موافق لهذا فكيف يرفع ذلك. انتهي محل الغرض من كلام ابي العباس ابن تيميه وقد تراه صرح فيه بان تأول عائشه لا يرد به النص الصحيح عنه صلي الله عليه وآله وسلم وأنه ليس في القرآن ما ينفي السماع الثابت للموتي في الأحاديث الصحيحه. واذا علمت به أن القرآن ليس فيه ما ينفي السماع المذكور علمت أنه ثابت بالنص الصحيح من غير معارض. والحاصل أن تأول عائشه رضي الله عنها بعض آيات القرءان لا ترد به روايات الصحابه العدول الصحيحه الصريحه عنه صلي الله عليه وآله وسلم ويتأكد ذلك بثلاثه أمور: الأول: هو ما ذكرناه الآن من أن روايه العدل لا ترد بالتأويل. الثاني: أن عائشه رضي الله عنها لما أنكرت روايه ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم إنهم ليسمعون الآن ما أقول قالت إن الذي قاله صلي الله عليه وآله وسلم إمهم ليعلمون الآن أن الذي كنت أقول لهم هو الحق فأنكرت السماع ونفته عنهم وأثبتت لهم العلم ومعلوم أن من ثبت له العلم صح منه السماع كما نبه عليه بعضهم. [ صفحه 50] الثالث: هوما جاء عنها ممايقتضي رجوعها عن تأويلها إلي الروايات الصحيحه قال ابن حجر في فتح الباري ومن الغريب أن في المغازي لابن إسحاق روايه يونس بن بكير بإسناد جيد عن عائشه مثل حديث أبي طلحه وفيه ما أنتمع بأسمع لما أقول منهم وأخرجه أحمد بإسناد حسن فإن كان محفوظا فكأنها رجعت عن الإنكار لما ثبت عندها من روايه هؤلاء الصحابه لكونها لم تشهد القصه انتهي منه واحتمال رجوعها لما ذكر قوي لأن ما يقتضي رجوعها ثبت بإسنادين. قال ابن حجر إن أحدهما جيد والآخر حسن ثم قال ابن حجر قال الإسماعيلي كان عند عائشه من الفهم والذكاء وكثره الروايه والغوص علي غوامض العلم ما لا مزيد عليه لكن لا سبيل إلي رد روايه الثقه إلا بنص مثله يدل علي نسخه أوتخصيصه أو استحالته انتهي محل الغرض من كلام ابن حجر. وقال ابن القيم في أول كتاب الروح المسأله الأولي وهي هل تعرف الأموات زياره الأحياء وسلامهم أم لا قال ابن عبد البر ثبت عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال ما من مسلم يمر علي قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلارد الله عليه روحه حتي يرد عليه السلام فهذا نص في أنه يعرفه بعينه ويرد عليه السلام. وفي الصحيحين عنه صلي الله عليه وآله وسلم من وجوه [ صفحه 51] متعدده أنه أمربقتلي بدر فألقوا في قليب ثم جاء حتي وقف عليهم وناداهم بأسمائهم يا فلان بن فلانه ويا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربي حقا فقال له عمر يا رسول اللها ما تخاطب من أقوام قد جيفوا فقال والذي بعثني بألحق ما أنتم باسمع لما أقول منهم ولكنهم لايستطيعون جوابا. وثبت عنه صلي الله عليه وآله وسلم أن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا عنه وقد شرع النبي صلي الله عليه وآله وسلم لأمته إذا سلموا علي أهل القبوران يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول السلام عليكم دارقوم مؤمنين وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزله خطاب المعدوم والجماد والسلف مجمعون علي هذا وقد تواترت الآثارعنهم أن الميت يعرف زياره الحي له ويستبشر له قال أبوبكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا في كتاب القبور. باب في معرفه الموتي بزياره الأحياء حدثنا محمد بن عون حدثنا يحيي بن يمان عن عبد الله بن سمعان عن زيد بن أسلم عن عائشه رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به ورد عليه حتي يقوم حدثنا محمد بن [ صفحه 52] قدامه الجوهري حدثنا معن بن عيسي القزاز أخبرنا هشام بن سعد حدثنا زيد بن أسلم عن أبي هريره رضي الله تعالي عنه قال إذا مر الرجل بقبر أخيه يعرفه فسلم عليه رد عليه السلام وعرفه واذا مر بقبر لايعرفه فسلم عليه رد عليه السلام. وذكر ابن القيم في كلام أبي الدنيا وغيره آثارا تقتضي سماع الموتي ومعرفتهم لمن يزورهم وذكر في ذلك مرائي كثيرا جدا ثم قال وهذه المرائي وان لم تصلح بمجردها لإثبات مثل ذلك فهي علي كثرتها وأنها لا يحصيها إلا الله قد تواطأت علي هذا المعني وقد قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم أري رؤياكم قد تواطأت علي أنها في العشر الأواخريعني ليله القدرفإذا تواطأت رؤيا المؤمنين علي شيء كان كتواطيء روايتهم له ومما قاله ابن القيم في كلامه الطويل المذكور. وقد ثبت في الصحيح أن الميت يستانس بالمشيعين لجنازته بعد دفنه فروي مسلم في صحيحه من حديث عبد الرحمان بن شماسه المهري قال حضرنا عمروبن العاص وهوفي سياق الموت فبكي طويلا وحول وجهه إلي الجدارالحديث وفيه فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحه ولا نار فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنا ثم أقيموا حول قبري قدرما تنحر الجزور و يقسم لحمها حتي أستانس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي. [ صفحه 53] فدل علي أن الميت يستانس بالحاضرين عند قبره ويسر بهم اهـ. ومن المعلوم أن هذا الحديث له حكم الرفع لأن استئناس المقبوربوجود الأحياء عند قبره لا مجال للرأي فيه ومما قاله ابن القيم في كلامه الطويل المذكورويكفي في هذا تسميه المسلم عليهم زائرا ولولا أنهم يشعرون به لما صح تسميته زائرا فإن المزورإن لم يعلم بزياره من زاره لم يصح أن يقال زاره وهذا هو المعقول من الزياره عند جميع الأمم وكذلك السلام عليهم أيضا فإن السلام علي من لا يشعر ولا يعلم بالمسلم محال وقد علم النبي صلي الله عليه وآله وسلم أمته إذا زاروا القبورأن يقولوا السلام عليكم أهل الديارمن المؤمنين والمسلمين وانا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافيه وهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب ويعقل ويرد وان لم يسمع المسلم الرد. ومما قاله ابن القيم في كلامه الطويل قوله وقد ترجم الحافظ أبومحمد عبد الحق الاشبيلي علي هذا فقال ذكرما جاء أن الموتي يسألون عن الأحياء ويعرفون أقوالهم وأعمالهم ثم قال ذكر أبوعمر بن عبد البر من حديث ابن عباس عن النبي صلي الله عليه واله وسلم ما من رجل يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام. [ صفحه 54] ويروي من حديث أبي هريره مرفوعا قال فإن لم يعرفه وسلم عليه رد عليه السلام قال ويروي من حديث عائشه رضي الله عنها أنها قالت قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ما من رجل يزور قبر أخيه فيجلس عنده إلا استانس به حتي يقوم. واحتج الحافظ أبو محمد في هذا الباب بما رواه أبو داود في سننه من حديث أبي هريره قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتي أرد عليه السلام. ثم ذكر ابن القيم عن عبد الحق وغيره مرائي وآثارا في الموضوع ثم قال في كلامه الطويل ويدل علي هذا أيضا ما جري عليه عمل الناس قديما والي الآن من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائده وكان عبثا وقد سئل عنه الإمام أحمد رحمه الله فاستحسنه واحتج عليه بالعمل. ويروي فيه حديث ضعيف ذكر الطبراني في معجمه من حديث أبي أمامه قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم علي رأس قبره فيقول يا فلان ابن فلانه الحديث وفيه اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهاده ألا إلاه إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرءان إماما الحديث ثم قال ابن [ صفحه 55] القيم فهذا الحديث وان لم يثبت فاتصال العمل به في سائر الأمصار والأعصارمن غير إنكاركاف في العمل به وما أجري الله سبحانه العاده قط بأن أمه طبقت مشارق الأرض ومغاربها وهي أكمل الأمم عقولا وأوفرها معارف تطبق علي مخاطبه من لايسمع وتستحسن ذلك لا ينكره منها منكر بل سنه الأول للآخر ويقتدي فيه الآخر بالأول فلولا أن الخطاب يسمع لكان ذلك بمنزله الخطاب للتراب والخشب والحجر والمعدوم وهذا وان استحسنه واحد فالعلماء قاطبه علي استقباحه واستهجانه. وقد روي أبوداود في سننه بإسناد لا باس به أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم حضر جنازه رجل فلما دفن قال سلوا لأخيكم التثبيت فإنه الآن يسأل فأخبر أنه يسأل حينئذ واذا كان يسال فإنه يسمع التلقين وقد صح عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أن الميت يسمع قرع نعالهم إذا ولوا مدبرين ثم ذكر ابن القيم قصه الصعب بن جثامه وعوف بن مالك وتنفيذ عوف لوصيه الصعب له في المنام بعد موته وأثني علي عوف بن مالك بالفقه في تنفيذه وصيه الصعب بعد موته لما علم صحه ذلك بالقرائن وكان في الوصيه التي نفذها عوف إعطاء عشره دنانير ليهودي من تركه الصعب كانت دينا له عليه ومات قبل قضائها. قال ابن القيم وهذا من فقه عوف بن مالك رضي الله عنه وكان من الصحابه حيث نفذ وصيه الصعب بن جثامه بعد موته وعلم [ صفحه 56] صحه قوله بالقرائن التي أخبره بها من أن الدنانير عشره وهي في القرن ثم سأل اليهودي فطابق قوله ما في الرؤيا فجزم عوف بصحه الأمر فاعطي اليهودي الدنانير وهذا فقه إنما يليق بأفقه الناس وأعلمهم وهم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ولعل أكثر المتأخرين ينكر ذلك ويقول كيف جازلعوف أن ينقل الدنانير من تركه صعبه وهي لأيتامه وورثته إلي يهودي بمنام ثم ذكر ابن القيم تنفيذ خالد وأبي بكر الصديق رضي الله عنهما وصيه ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه بعد موته وفي وصيته المذكوره قضاءدين عينه لرجل في المنام وعتق بعض رقيقه وقد وصف للرجل الذي رآه في منامه الموضع الذي جعل فيه درعه الرجل الذي سرقها فوجدوا الأمر كما قال وقصته مشهوره. واذا كانت وصيه الميت بعد موته قد نفذها في بعض الصور أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فإن ذلك يدل علي أنه يدرك ويعقل ويسمع ثم قال ابن القيم في خاتمه كلامه الطويل والمقصود جواب السائل وأن الميت إذا عرف مثل هذه الجزئيات وتفاصيلها فمعرفته بزياره الحي له وسلامه عليه ودعائه له أولي وأحري اهـ. فكلام ابن القيم هذا الطويل الذي ذكرنا بعضه جمله وبعضه تفصيلا فيه من الأدله المقنعه ما يكفي في الدلاله علي سماع الأموات وكذلك الكلام الذي نقلنا عن شيخه أبي العباس بن تيميه [ صفحه 57] وفي كلامهما الذي نقلنا عنهما أحاديث صحيحه وآثاركثيره ومرائي متواتره وغير ذلك ومعلوم أن ما ذكرنا في كلام ابن القيم من تلقين الميت بعد الدفن أنكره بعض أهل العلم وقال إنه بدعه وأنه لا دليل عليه ونقل ذلك عن الإمام أحمد وأنه لم يعمل به إلا أهل الشام. وقد رأيت ابن القيم استدل له بادله منها أن الإمام أحمد رحمه الله سئل عنه فاستحسنه واحتج عليه بالعمل ومنها أن عمل المسلمين اتصل به في سائر الأمصار و الأعصار من غير إنكارومنها أن الميت يسمع قرع نعال الدافنين إذا ولوا مدبرين واستدلاله بهذا الحديث الصحيح استدلال قوي جدا لأنه إذا كان في ذلك الوقت يسمع قرع النعال فلأن السماع للكلام الواضح بالتلقين من أصحاب النعال أولي وأحري واستدلاله لذلك بحديث أبي داود سلوا لأخيكم التثبيت فإنه الآن يسال له وجد من النظر لأنه إذا كان يسمع سؤال السائل فإنه يسمع تلقين الملقن والله أعلم. والفرق بين سماعه سؤال الملك وسماعه التلقين من الدافنين محتمل احتمالا قولا وما ذكره بعضهم من أن التلقين بعد الموت لم يفعله إلا أهل الشام يقال فيه إنهم هم أول من فعله ولكن الناس تبعوهم في ذلك كما هو معلوم عند المالكيه والشافعيه قال الشيخ الحطاب في كلامه علي قول خليل بن إسحاق المالكي في مختصره وتلقينه الشهاده وجزم النووي باستحباب التلقين بعد الدفن وقال الشيخ زروق في شرح الرساله والإرشاد وقد سئل عنه أبو بكر بن [ صفحه 58] الطلاع من المالكيه فقال هو الذي نختاره ونعمل به وقد روينا فيه حديثا عن أبي أمامه ليس بالقوي ولكنه اعتضد بالشواهد وعمل أهل الشام قديما إلي أن قال وقال في المدخل ينبغي أن يتفقده بعد انصراف الناس عنه من كان من أهل الفضل والدين ويقف عند قبره تلقاء وجهه ويلقنه لأن الملكين عليهما السلام إذ ذاك يسألانه وهو يسمع قرع نعال المنصرفين. وقد روي أبوداود في سننه عن عثمان رضي الله عنه قال كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل إلي أن قال وقد كان سيدي أبوحامد بن البقال وكان من كبارالعلماء والصلحاء إذا حضر جنازه عزي وليها بعد الدفن وانصرف مع من ينصرف فيتوالي هنيهه حتي ينصرف الناس ثم يأتي إلي القبر فيذكر الميت بما يجاوب به الملكين عليهما السلام انتهي محل الغرض من كلام الحطاب وما ذكره من كلام أبي بكر بن الطلاع المالكي له وجه قوي من النظر كما ستري إيضاحه إن شاء الله تعالي ثم قال الحطاب واستحب التلقين بعد الدفن أيضا القرطبي والثعالبي وغيرهما ويظهر من كلام الأبي في أول كتاب الجنائز يعني من صحيح مسلم وفي حديث عمروبن العاص في كتاب الإيمان ميل إليه انتهي من الحطاب وحديث عمرو بن العاص المشارإليه هو الذي ذكرنا محل الغرض منه في كلام ابن القيم الطويل المتقدم. [ صفحه 59] قال مسلم في صحيحه حدثنا محمد بن المثني العنزي وأبو معن الرقاشي واسحاق بن منصور كلهم عن أبي عاصم واللفظ لابن المثني حدثنا الضحاك يعني أبا عاصم قال أخبرنا حيوه بن شريح قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسه المهري قال حضرنا عمروبن العاص وهو في سياقه الموت فبكي طويلا وحول وجهه إلي الجدار الحديث وقد قدمنا محل الغرض منه بلفظه في كلام ابن القيم المذكور و قدمنا أن حديث عمرو هذا له حكم الرفع وأنه دليل صحيح علي استئناس الميت بوجود الأحياء عند قبره. وقال النووي في روضه الطالبين ما نصه ويستحب أن يلقن الميت بعد الدفن فيقال يا عبد الله ابن أمه الله اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهاده ألا إلاه إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الجنه حق وأن النارحق وأن البعث حق وأن الساعه آتيه لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأنت رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلي الله عليه وآله وسلم نبيا وبالقرءان إماما وبالكعبه قبله وبالمؤمنين إخوانا ورد به الخبر عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم. قلت هذا التلقين استحبه جماعات من أصحابنا منهم القاضي حسين وصاحب التتمه والشيخ نصر المقدسي في كتابه التهذيب وغيرهم ونقله القاضي حسين عن أصحابنا مطلقا والحديث الوارد فيه ضعيف لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم من المحدثين وغيرهم وقد اعتضد هذا الحديث بشواهد من الأحاديث [ صفحه 60] الصحيحه كحديث اسألوا له التثبيت ووصيه عمروبن العاص أقيموا عند قبري قدرما تنحر جزورويقسم لحمها حتي أستانس بكم وأعلم ماذا أراجع به رسل ربي رواه مسلم في صحيحه ولم يزل أهل الشام علي العمل بهذا التلقين من العصر الأول وفي زمن من يقتدي به اهـ محل الغرض من كلام النووي. وبما ذكر ابن القيم وابن الطلاع وصاحب المدخل من المالكيه والنووي من الشافعيه كما أوضحنا كلامهم تعلم أن التلقين بعد الدفن له وجد قوي من النظرلأنه جاء فيه حديث ضعيف واعتضد بشواهد صحيحه وبعمل أهل الشام قديما ومتابعه غيرهم لهم. وبما علم في علم الحديث من التساهل في العمل بالضعيف في أحاديث الفضائل ولا سيما المعتضد منها بصحيح وايضاح شهاده الشواهد له أن حقيقه التلقين بعد الدفن مركبه من شيئين أحدهما سماع الميت كلام ملقنه بعد دفنه والثاني انتفاعه بذلك التلقين وكلاهما ثابت في الجمله أما سماعه لكلام الملقن فيشهد له سماعه لقرع نعل الملقن الثابت في الصحيحين وليس سماع كلامه بأبعد من سماع قرع نعله كما تري وأما انتفاعه بكلام الملقن فيشهد له انتفاعه بدعاء الحي وقت السؤال في حديث سلوا لأخيكم التثبيت فإنه يسأل الآن واحتمال الفرق بين الدعاء والتلقين قوي جدا كما تري فإذا كان وقت السؤال ينتفع بكلام الحي الذي هو دعاؤه له فإن ذلك يشهد لانتفاعه بكلام الحي الذي هوتلقينه إياه وارشاده إلي [ صفحه 61] جواب الملكين فالجميع في الأول سماع من الميت لكلام الحي وفي الثاني انتفاع من الميت بكلام الحي وقت السؤال وقد علمت قوه احتمال الفرق بين الدعاء والتلقين. وفي ذلك كله دليل علي سماع الميت كلام الحي ومن أوضح الشواهد للتلقين بعد الدفن السلام عليه وخطابه خطاب من يسمع ويعلم عند زيارته كما تقدم إيضاجه لأن كلا منهما خطاب له في قبره وقد انتصر ابن كثير رحمه الله في تفسير سوره الروم في كلامه علي قوله تعالي(فأنك لا تسمع الموتي و لا تسمع الصم الدعاء) إلي قوله(فَهُم مُّسلِمون) لسماع الموتي و أورد في ذلك كثيرا من الأدله التي قدمنا في كلام ابن القيم وابن أبي الدنيا وغيرهما وكثيرا من المرائي الداله علي ذلك وقد قدمنا الحديث الدال علي أن المرائي إذا تواترت أفادت الحجه ومما قال في كلامه المذكوروقد استدلت أم المؤمنين عائشه رضي الله عنها بهذه الآيه(فانك لا تسمع الموتي) علي توهيم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في روايته مخاطبه النبي صلي الله عليه وآله وسلم القتلي الذين ألقوا في قليب بدر بعد ثلاثه أيام إلي أن قال والصحيح عند العلماء روايه عبد الله بن عمررضي الله عنهما لما لها من الشواهد علي صحتها من أشهر ذلك ما رواه ابن عبد البر مصححا له عن ابن عباس مرفوعا ما من أحد يمر بقبر أخيه المسلم كان يعرفه الحديث. [ صفحه 62] وقد قدمناه في هذا المبحث مرارا وبجميع ما ذكرنا في هذا المبحث في الكلام علي آيه النمل هذه تعلم أن الذي يرجحه الدليل أن الوتي يسمعون سلام الأحياء وخطابهم سواء قلنا إن الله يرد عليهم أرواحهم حتي يسمعوا الخطاب ويردوا الجواب أو قلنا إن الأرواح أيضا تسمع وترد بعد فناء الأجسام لأنا قد قدمنا أن هذا ينبني علي مقدمتين ثبوت سماع الموتي بالسنه الصحيحه وأن القرءان لا يعارضها علي التفسير الصحيح الذي تشهد له القرائن القرءانيه واستقراء القرآن. واذا ثبت ذلك بالسنه الصحيحه من غير معارض من كتاب ولا سنه ظهر بذلك رجحانه علي تأول عائشه رضي الله عنها ومن تبعها بعض آيات القرءان كما تقدم إيضاحه وفي الأدله التي ذكرها ابن القيم في كتاب الروح علي ذلك مقنع للمنصف وقد زدنا عليها ما رأيت والعلم عند الله» [56] . لقد تبين لكم من رد الشنقيطي علي السيده عائشه ما فيه الوضوح التام علي سماع الأموات وأن السيده عائشه كانت علي خطأ واشتباه. [ صفحه 63]

لو سالكم سائل و قال ما هو ردكم علي قوله تعالي: (انك لا تسمع الموتي)

النحل الآيه80. أقول لقد مر عليكم في رد الشنقيطي علي عائشه وأضيف بهذه الأقوال. ففي تفسير ابن أبي حاتم: «حدثنا ابي حدثنا هشام بن خالد حدثنا شعيب بن اسحاق حدثنا سعيد عن قتاده قوله انك لا تسمع الموتي قال هذا مثل ضربه الله للكافر كما لا يسمع الميت كذلك لا يسمع الكافر ولا ينتفع به وفي قوله ولا تسمع الصم الدعاء اذا ولوا مدبرين يقول لو ان اصما ولي مدبرا ثم ناديته لم يسمع كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يسمع قوله تعالي: (و ما أنت بهد العمي عن ضللتهم» [57] [58] . وفي الدر المنثورللسيوطي: «قوله تعالي: (انك لا تسمع الموتي و لا تسمع الصم الدعاء اذا ولوا مدبرين - و ما أنت بهدي العمي عن ضللتهم ان تسمع الا من [ صفحه 64] يؤمن باياتنا فهم مسلمون) أخرج عبد بن حميد وابن المنذر و ابن أبي حاتم عن قتاده في قوله (انك لا تسمع الموتي) قال هذا مثل ضربه الله للكافر كما لا يسمع الميت كذلك لايسمع الكافر ولا ينتفع به (و لا تسمع الصم الدعاء اذا و لوا مدبرين) يقول لو أن أصم ولي مدبرا ثم ناديته لم يسمع كذلك الكافر لايسمع ولاينتفع بما يستمع والله أعلم» [59] . وفي تفسير ابن كثير: «كل آيه ولهذا قال تعالي: (انك لا تسمع الموتي) أي لا تسمعهم شيئا ينفعهم فكذلك هؤلاء علي قلوبهم غشاوه وفي آذانهم وقر الكفر ولهذا قال تعالي: (و لا تسمع الصم الدعاء اذا و لوا مدبرين - و ما أنت بهدي العمي عن ضللتهم ان تسمع الا من يؤمن باياتنا فَهُم مُّسلِمونَ) أي إنما يستجيب لك من هو سميع بصير السمع والبصر النافع في القلب والبصيره الخاضع لله ولما جاء عنه علي ألسنه الرسل عليهم السلام» [60] . وفي تهذيب الآثارلابن جرير الطبري: وقوله: (انك لا تسمع الموتي) محتملا من التأويل أوجها [ صفحه 65] سوي التأويل الذي تأوله الموجه تأويله إلي أنه لا ميت يسمع من كلام الأحياء شيئا فمن ذلك أن يكون معناه فإنك لا تسمع الموتي بطاقتك وقدرتك إذ كان خالق السمع غيرك ولكن الله تعالي ذكره هو الذي يسمعهم إذا شاء إذ كان هو القادرعلي ذلك دون من سواه من جميع الأنبياء وذلك نظير قوله (وَمَا أنت بهدِي العمي عَن ضلَلَتهم وذلك أن الهدايه من الكفر إلي الإيمان والتوفيق للرشاد بيد الله دون من سواه فنفي جل ثناوه عن محمد صلي الله عليه وآله وسلم أن يكون قادرا أن يسمع الموتي إلا بمشيئته كما نفي أن يكون قادرا علي هدايه الضلال إلي سبيل الرشاد إلا بمشيئته. وذلك يبين أنه كذلك في قوله:(إِن الله يسمع من يشاء و ما أنت بِمسمع مَّن في القبور) أنه جل ثناؤه أثبت لنفسه من القدره علي إسماع من شاء من خلقه بقوله (إِن الله يسمع من يشاء) ثم نفي عن محمد صلي الله عليه وآله وسلم القدره علي ما أثبته وأوجبه لنفسه من ذلك فقال له (و ما أنت بِمسمع مَّن في القبور) ولكن الله هو المسمع لهم دونك وبيده الإفهام والإرشاد والتوفيق وانما أنت نذير فبلغ ما أرسلت به فهذا أحد أوجهه والثاني أن يكون معناه فإنك لا تسمع الموتي إسماعا ينتفعون به لإنهم قد انقطعت عنهم الأعمال وخرجوا من دارالأعمال إلي دارالجزاء فلا ينفعهم دعاؤك إياهم إلي الإيمان بالله والعمل بطاعته فكذلك هؤلاء الذين كتب ربك عليهم أنهم لا يؤمنون لا يسمعهم دعاؤك إلي الحق إسماعا ينتفعون به لأن [ صفحه 66] الله تعالي ذكره قد ختم عليهم أن لا يؤمنوا كما ختم علي أهل القبورمن أهل الكفر أنهم لا ينفعهم بعد خروجهم من دارالدنيا إلي مساكنهم من القبور إيمان ولا عمل لأن الآخره ليست بدارامتحان وانما هي دارمجازاه وكذلك تاويل قوله تعالي) ان الله يسمع من يشاء و ما أنت بمسمع من في القبور) وغير ذلك من وجوه المعاني فإذ كان ذلك محتملا من المعاني ما وصفنا فليس لموجهه إلي أنه معني به أنه لا يسمع ميت شيئا بحال حجه إذ كان لا خبر بذلك عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يصححه ولا في الفعل شاهد بحقيقته بل تأويل مخالفيه في ذلك علي ما ذكرنا أولي بالصحه لما روينا عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من الأخبارالوارده عنه أنهم يسمعون كلام الأحياء علي يردت به عنه الآثار... الخ الرد» [61] . وفي تهذيب الآثار مسند علي: «والثاني أن يكون معناه فإنك لا تسمع الموتي إسماعا ينتفعون به لأنهم قد انقطعت عنهم الأعمال وخرجوا من دار الأعمال إلي دارالجزاء فلا ينفعهم دعاؤك إياهم إلي الإيمان بألله والعمل بطاعته فكذلك هؤلاء الذين كتب ربك عليهم أنهم لا يؤمنون لا يسمعهم دعاؤك إلي الحق إسماعا ينتفعون به لأن الله تعالي ذكره قد ختم عليهم أن لا يؤمنوا كما ختم علي أهل القبور من [ صفحه 67] أهل الكفر أنهم لا ينفعهم بعد خروجهم من دارالدنيا إلي مساكنهم من القبورإيمان ولا عمل لأن الآخره ليست بدار امتحان و انما هي د ار مجازاه» [62] . وفي مسند الإمام أحمد: «حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفان حدثنا حماد عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ترك قتلي بدرثلاثه أيام حتي جيفوا ثم أتاهم فقام عليهم فقال يا أميه بن خلف يا أبا جهل بن هشام يا عتبه بن ربيعه يا شيبه بن ربيعه هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا قال فسمع عمر صوته فقال يا رسول الله أتناديهم بعد ثلاث وهل يسمعون يقول الله عزوجل(إنك لا تسمع الموتي) فقال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع منهم ولكنهم لايستطيعون أن يجيبوا» [63] . وفي تأويل مختلف الحديث لابن قتيبه: «واما قوله تعالي إنك لا تسمع الموتي وما أنت بمسمع من في القبورفليس من هذا في شيء لأنه أراد بالموتي ههنا الجهال وهم أيضا أهل القبوريريد إنك لا تقدرعلي إفهام من جعله الله تعالي [ صفحه 68] جاهلا ولا تقدرعلي إسماع من جعله الله تعالي أصم عن الهدي وفي صدرهذه الآيات دليل علي ما نقول لأنه قال لا يستوي الأعمي والبصير يريد بالأعمي الكافر وبالبصير المؤمن ولا الظلمات ولا النور يعني بالظلمات الكفر وبالنورالإيمان ولا الظل ولا الحرور يعني بالظل الجنه وبالحرورالنار» [64] . وفي فتح الباري لابن حجر: «قوله صلي الله عليه وآله وسلم ما أنتم باسمع لما أقول منهم أورده هنا مختصرا وسياتي مطولا في المغازي وصالح المذكورفي الإسناد هوبن كيسان ثالثها حديث عائشه قالت إنما قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم إنهم ليعلمون الآن ما أن كنت أقول لهم حق وهذا مصير من عائشه إلي رد روايه بن عمر المذكوره وقد خالفها الجمهورفي ذلك وقبلوا حديث بن عمر لموافقه من رواه غيره عليه وأما استدلالها بقوله تعالي: انك لا تسمع الموتي فقالوا معناها لا تسمعهم سماعا ينفعهم أولا تسمعهم الا أن يشاء الله وقال السهيلي عائشه لم تحضر قول النبي صلي الله عليه وآله وسلم فغيرها ممن حضر أحفظ للفظ النبي صلي الله عليه وآله وسلم وقد قالوا له يا رسول الله اتخاطب قوما قد جيفوا فقال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم قال واذا جاز أن يكونوا في تلك الحال عالمين جاز أن [ صفحه 69] يكونوا سامعين إما باذان رؤوسهم كما هو قول الجمهورأو باذان الروح علي رأي من يوجد السؤال إلي الروح من غير رجوع إلي الجسد» [65] . وفي حاشيه السندي: «وهل ابن عمر بكسر الهاء أي غلط وزنا ومعني كذا قاله السيوطي إنك لا تسمع الموتي الحديث لا يقتضي أنه المسمع لهم بل يقتضي أنهم يسمعون فليكن المسمع لهم في تلك الحاله هو الله تعالي لا هو صلي الله تعالي عليه وسلم علي أنه يمكن أن الله تعالي أحياهم فلا يلزم أسماع الموتي بل الاحياء كما قال قتاده وأيضا الآيه في الكفره والمراد أنك لا تجعلهم منتفعين بمايسمعون منك كالموتي والحديث لا يخالفه ولا يثبت الانتفاع للميت وبالجمله فالحديث صحيح وقدجاءبطريق فتخطئته غير متجهه والله تعالي أعلم قوله» [66] . وفي شرح السيوطي لسنن النسائي: «وهل بن عمر بكسر الهاء أي غلط وزنا ومعني وانما قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم أنهم الآن يعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت قوله إنك لا تسمع الموتي قال البيهقي العلم لا يمنع من السماع والجواب عن الآيه أنهم لايسمعهم وهم موتي [ صفحه 70] ولكن الله أحياهم حتي سمعوا كما قال قتاده ولم ينفرد بن عمر بحكايه ذلك بل وافقه والده عمر وأبوطلحه وبن مسعود وغيرهم بل يرد أيضا من حديث عائشه أخرجه أحمد بإسناد حسن فان كان محفوظا فكأنها رجعت عن الإنكار لما ثبت عندها من روايه هؤلاء الصحابه لكونها لم تشهد القصه» [67] . وفي فيض القدير للمناوي: «وأخذ ابن تيميه من مخاطبته للموتي أنهم يسمعون إذ لا يخاطب من لايسمع ولايلزم منه أن يكون السمع دائما للميت بل قد يسمع في حال دون حال كما يعرض للحي فإنه قد لايسمع الخطاب لعارض وهذا السمع سمع إدراك لايترتب عليه جزاء ولا هوالسمع المنفي في قوله (انك لا تسمع الموتي) إذ المراد به سمع قبول وامتثال أمرجاء في كثير من الروايات كان إذا وقف علي القبور قال السلام عليكم دارقوم مؤمنين وانا إن شاء الله بكم لاحقون قال البطليوسي وهذا مما استعملت فيه إن مكان إذا فإن كلا منهما يستعمل مكان الآخر» [68] . وفي غريب الحديث للخطابي: [ صفحه 71] «وعلي هذا المعني يتأول قوله تعالي(فانك لا تسمع الموتي) يريد والله أعلم الكفارأي إنك لا تقدرأن تهديهم وتوفقهم لقبول الحق وقد كانوا يسمعون كلام الله باذانهم إذا تلي عليهم إلا أنهم إذ لم يقبلوه صاروا كأن لم يسمعوه قال الشاعر أصم عما ساءه سميع» [69] . كلمات مهمه لابن القيم وابن تيميه لأخذتها من احد الأعزاء وهو أبوأحمد (الحزب) فأثبتها هنا للذكري الحلوه الطيبه. «وسئل رحمه الله- ابن تيميه- هل الميت يسمع كلام زائره ويري شخصه وهل تعاد روحه إلي جسده في ذلك الوقت أم تكون ترفرف علي قبره في ذلك الوقت وغيره... الخ فاجاب: الحمد لله رب العالمين نعم يسمع الميت في الجمله كما ثبت في الصحيحين عن النبي أنه قال (يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه) وثبت عن النبي (أنه ترك قتلي بدرثلاثا ثم أتاهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أميه بن خلف ياعتبه بن ربيعه يا شيبه بن ربيعه هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربي حقا) فسمع عمر رضي الله عنه ذلك فقال يا رسول الله كيف يسمعون وأني يجيبون وقد جيفوا فقال (والذي نفسي بيده ما أنت بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا) ثم أمر [ صفحه 72] بهم فسحبوا في قليب بدروكذلك في الصحيحين عن عبد الله بن عمر (أن النبي صلي الله عليه وسلم وقف علي قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا وقال إنهم يسمعون الآن ما أقول). وقدثبت عنه في الصحيحين من غير وجه أنه كان يأمر بالسلام علي أهل القبورويقول (قولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وانا ان شاء الله بكم لاحقون ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافيه اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفرلنا ولهم (فهذا خطاب لهم وانما يخاطب من يسمع وروي ابن عبد البر عن النبي) ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلارد الله عليه روحه حتي يرد عليه السلام). وفه السنن عنه أنه قال (أكثروا من الصلاه علي يوم الجمعه وليله الجمعه فإن صلاتكم معروضه علي فقالوايا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت يعني صرت رميما فقال إن الله تعالي حرم علي الأرض أن تاكل لحوم الأنبياء) وفي السنن أنه قال) إن الله وكل بقبري ملائكه يبلغوني عن أمتي السلام). فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع في الجمله كلام الحي ولا يجب أن يكون السمع له دائما بل قد يسمع في حال دون حال كما قد يعرض للحي فإنه قديسمع أحيانا خطاب من [ صفحه 73] يخاطبه وقد لايسمع لعارض يعرض له وهذا السمع سمع إدراك ليس يترتب عليه جزاء وليس هو السمع المنفي بقوله (انك لا تسمع الموتي) فإن المراد بذلك سمع القبول والامتثال فان الله جعل الكافر كالميت الذي لا يستجيب لمن دعاه وكالبهائم التي تسمع الصوت ولا تفقه المعني فالميت وان سمع الكلام وفقه المعني فإنه لا يمكنه إجابه الداعي ولا امتثال ما أمر به ونهي عنه فلا ينتفع بالأمر والنهي وكذلك الكافر لا ينتفع بالأمر والنهي وان سمع الخطاب وفهم المعني كما قال تعالي ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم» [70] .

كلمات مهمة لابن القيم و ابن تيمية حول سماع الميت

قال ابن القيم: «المسأله الأولي وهي هل تعرف الأموات زياره الأحياء وسلامهم أم لا؟ قال ابن عبد البر ثبت عن النبي انه قال: ما من مسلم يمر علي قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتي يرد عليه السلام فهذانص في أنه بعينه ويرد عليه السلام. وقد شرع النبي لأمته إذا سلموا علي أهل القبورأن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول السلام عليكم دارقوم مؤمنين [ صفحه 74] وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزله خطاب المعدوم والجماد والسلف مجمعون علي هذا وقد تواترت الآثارعنهم بان الميت يعرف زياره الحي له ويستبشر به» [71] . ثم قال ابن القيم في ص 8: «ويكفي في هذا- سماع الأموات للأحياء- تسميه المسلم عليهم زائرا ولولا أنهم يشعرين به لما صح تسميته زائرا فإن المزور إن لم يعلم بزياره من زاره لم يصح أن يقال زاره هذا هو المعقول من الزياره عند جميع الأمم وكذلك السلام عليهم أيضا فإن السلام علي من لا يشعر ولايعلم بالمسلم محال وقد علم النبي أمته إذا زاروا القبورأن يقولوا سلام عليكم أهل الديارمن المؤمنين والمسلمين وانا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافيه. وهذا السلام والخطاب والنداء لموجوديسمع ويخاطب ويعقل ويردو إن لم يسمع المسلم الرد واذا صلي الرجل قريبا منهم شاهدوه وعلموا صلاته وغبطوه علي ذلك. فصل ويدل علي هذا أيضا ما جري عليه عمل الناس قديما والي الآن من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم [ صفحه 75] يكن فيه فائده وكان عبثا وقد سئل عنه الإمام أحمد رحمه الله فاستحسنه واحتج عليه بالعمل» [72] . فابن تيميه يقول: «فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع في الجمله كلام الحي ولا يجب أن يكون السمع له دائما بل قد يسمع في حال دون حال كما قديعرض للحي فإنه قديسمع أحيانا خطاب من يخاطبه وقد لا يسمع لعارض يعرض له وهذا السمع سمع إدراك». وابن القيم يقول: «وقد شرع النبي لأمته إذا سلموا علي أهل القبورأن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول السلام عليكم دارقوم مؤمنين وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزله خطاب المعدوم والجماد والسلف مجمعون علي هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زياره الحي له ويستبشر به [73] . إن بعض أهل العلم شكك في نسبه كتاب الروح لابن القيم المنقول منه النصوص السالفه، إلا أنه قد درس الكتاب وحقق في رساله دكتوراه في جامعه الإمام محمد بن سعود الإسلاميه علي يد [ صفحه 76] الدكتور/ بسام علي سلامه العموش في عام 1410 هجريه، وأثبت أن الكتاب لابن القيم كما قال بعض أهل العلم. ذكر محقق الكتاب- يوسف علي بديوي- العديد من المصادر المعاصره لابن القيم والمتاخره عنه التي ترجمت ابن القيم ونسبت الكتاب اليه ومنها مصادرابن القيم نفسه. نذكر الأعيان منهم الذهبي في المعجم المختص بالمحدثين مخطوط ورقه 145، صلاح الدين الصفدي في الوافي بالوفيات 170/2- 172، ابن كثير في بدايته 234/14، ابن حجر في الدرر الكامنه 3/ 400. فمن شكك بنسبه الكتاب إلي ابن القيم- كما ادعي- لا يعقل من العلم شيئا. وبهذا انتهيت من الإجابه علي مسأله سماع الميت للحي وثبت أن الميت يسمع الحي ويبقي سؤال آخر؛ وهو: ما هي العلاقه بين الحي والميت وهل هناك تواصل بين الاثنين أم لا؟ الجواب: نعم هناك تواصل بين الاثنين في نقاط متعدده سوف [ صفحه 77] أتعرض لذكرها في العدد القادم إن شاء الله تعالي. وبهذا أختم هذا البحث المختصر حول مسأله إحساس الميت وسماعه أسال الله أن يكون الهدف خالصا لوجهه وأن ينفع به من أراد أن يصل للحقيقه إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين علي نعمته علي وصلي الله علي سيدنا محمد وآله الأطهار. تم في يوم الخميس 29 شوال 1406 هجري الموافق 2 / 12 / 2005 م أبوحسام خليفه بن عبيد الكلباني العماني

پاورقي

[1] الرحمن الآيتان 19 و20.
[2] البلد الآيه 11.
[3] المؤمنون الآيه 100.
[4] الفجر الآيات 27- 30.
[5] البقره الآيه 154.
[6] آل عمران الآيه 169.
[7] الفردوس بمأثورالخطاب، ج 5، ص 486.
[8] فيض القدير، ج 6، ص 362.
[9] الدر المنثور، ج 3، ص 423. [
[10] فيض القدير، ج 6، ص 466.
[11] سنن أبي داود، ج 3، ص 190.
[12] شعب الإيمان، ج 6، ص 545.
[13] الآيات البينات في عدم سماع الأموات، ج 1، ص 16.
[14] الروح، ج 1، ص 13.
[15] الآيات البينات في عدم سماع الأموات، ج 1، ص20-22.
[16] تفسير ابن كثير، ج 2، ص 533؛ شرح الصدور بشرح حال الموتي والقبور، ج 1، ص 152.
[17] تفسير ابن كثير، ج 2، ص 533.
[18] صحيح البخاري، ج 1، ص 448.
[19] صحيح مسلم، ج 4، ص 2200.
[20] سنن أبي داود، ج 3، ص 217.
[21] سنن النسائي (المجتبي)، ج 4، ص 96.
[22] السنن الكبري، ج 1، ص 658.
[23] مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 3، ص 126.
[24] الدرالمنثور، ج 3، ص 455.
[25] تفسير ابن كثير، ج 2، ص532.
[26] صحيح البخاري، ج 5، ص 2341.
[27] صحيح مسلم، ج 1، ص 411.
[28] السنن الكبري، ج 1، ص 662.
[29] المستدرك علي الصحيحين، ج 1، ص 98.
[30] تفسير ابن كثير، ج 3، ص 256 و257؛ المسند المستخرج علي صحيح مسلم، ج 2، ص 184؛ سنن النسائي (المجتبي)، ج 4، ص 105.
[31] صحيح البخاري، ج 1، ص 462.
[32] الروح، ج 1، ص 55.
[33] معارج القبول، ج 2، ص 722.
[34] الدرالمنثور، ج 5، ص 36.
[35] صحيح ابن حبان، ج 7، ص 384.
[36] موارد الظمآن، ج 1، ص 196.
[37] مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 2، ص 172؛ نوادرالأصول في أحاديث الرسول، ج 1، ص 175؛ حاشيه ابن القيم، ج 13، ص 68؛ نوادرالأصول في أحاديث الرسول، ج 4، ص 159.
[38] الأعراف الآيتان 78 و 79.
[39] الأعر اف الآيات 90- 93.
[40] الروم الآيه 52.
[41] فاطر الآيه 22.
[42] الدر المنثور، ج 7، ص 18.
[43] النمل الآيه 80.
[44] صحيح البخاري، ج 1، ص 462.
[45] صحيح مسلم، ج 4، ص 2203.
[46] مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 3، ص 287.
[47] مسند الطيالسي، ج 1، ص 9.
[48] إثبات عذاب القبر، ج 1، ص 64.
[49] صحيح ابن حبان، ج 14، ص 423.
[50] مسند أبي يعلي، ج 6 ص 72.
[51] عمده القاري، ج 8، ص 201.
[52] صحيح البخاري، ج 4، ص 1462.
[53] مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 2، ص 38.
[54] اعتقاد أهل السنه، ج 6، ص 1156.
[55] البقره الآيه 171.
[56] أضواء البيان للشنقيطي، ج 6، ص 129-142.
[57] الروم الآيه 53.
[58] فسير ابن أبي حاتم، ج 9، ص 2921.
[59] الدر المنثور، ج 6، ص 376.
[60] تفسير ابن كثير، ج 3، ص 375.
[61] تهذيب الآثار، ج 2، ص 519 و520.
[62] تهذيب الآثارمسند علي، ج 2، ص 520.
[63] مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 3، ص 287.
[64] تأويل مختلف الحديث، ج 1، ص 152.
[65] فتح الباري، ج 3، ص 234.
[66] حاشيه السندي، ج 4، ص 111.
[67] شرح السيوطي لسنن النسائي، ج 4، ص 111.
[68] فيض القدير، ج 5، ص 131.
[69] غريب الحديث، ج 1، ص 342.
[70] كتاب مجموع الفتاوي، ج 24، ص 362.
[71] كتاب الروح، 1/ 5.
[72] الروح، 1/ 13.
[73] كتاب الروح، 1/ 5.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.