حول التوسل

اشارة

مولف:خليفه عبيد الكلباني العماني
ناشر:دارالحجة البيضاء

المقدمه

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام علي محمد واله الطاهرين. وبعد فان هذه سلسلة كتبها الأخ العزيز الشيخ خليفة بن عبيد الكلباني العماني تتعلق بالمسائل الخلافية التي تختلف حولها نظرات المذاهب الإسلامية عموما والتي كانت مثارا للحوارولم تزل كذلك... وقد راعي المؤلف أن تكون ميسرة لمختلف المستويات بعيدة عن التعقيد والإطالة، ومع ذلك فانه جعلها مذيلة بالمصادر التاريخية والحديثية التي اعتمدها أهل السنة دون ما تفرد به أتباع أهل البيت (ع) حتي تكون بالغة الحجة، قوية الدلالة.... هذا وقد جاءت هذه المقالات نتيجة تجربة عاشها المصنف وبذل فيها طاقته ووفق لأن يفتح للنور طريقا فيستضيء من كان يبحث عنه. وفي هذا الكتيب يسلط المصنف الضوء علي بحث في الدعاء والتوسل والشفاعة (ص) بأسلوب مبسط بديع نرجو لأن ينال إعجاب القاري، وليسرح القاري عن نفسه حجاب التعصب وليسرع الخطي حتي يصل للحقيقة وينجوبها... الناشر [ صفحه 3] بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي النبي الأمين الذي بعث رحمة للعالمين فقال عنه تعالي وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين فجعله بابا لمن أراد الله فقال تعالي ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما والصلاة موصولة لآله الأطهار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. وبعد فاني أتواصل معكم في بحث جديد ولعله من أهم البحوث لأنه يتناول مسألة حساسة جدا وهي مسألة تتصل بأتهام أبناء المذهب الجعفري بالشرك... موضوعنا لهذا البحث يدور حول الدعاء والتوسل والشفاعة فقد اتهمنا بأننا ندعو غير الله وأننا ننادي الأموات ونتوسل بهم فأردت أن أبحث في هذه المسألة الشائكة لعلي أجد من الأدلة ما يرفع عنا هذه التهم أو يحوِّل هذه التهم إلي أمر آخر كالإباحة والجواز بل الاستحباب. [ صفحه 4]

هل أنتم تعبدون إلله فقط أم أنكم تعبدون معه أئمتكم

سؤال: اسمح لي بان أسالك هذا السؤال - ومن دون غضب - هل أنتم تعبدون إلله فقط أم أنكم تعبدون معه أئمتكم؟ الجواب: قبل أن أجيبك علي هذا السؤال أقول لك اسال عن كل شيء ولن أغضب منك علي الإطلاق.. فالسؤال حق مشروع للجميع وينبغي علي بأن أجيبك وبصراحة تامة أيضا. فاقول في جواب سؤالك: لا بد لنا أولا أن نعرِّف العبادة فإذا عرفنا العبادة معرفة صحيحة فعند ذلك سوف تحل أكثر الإشكالات المطروحة أو التي سوف تطرح علينا لاحقا. [ صفحه 5]

ما هي العبادة عندكم و هل لها تعريف اخرغير ما نتداوله

الجواب: أولاً: ما هي العبادة عند اللغويين؟ العبادة عِندَ اللغَوِيّينَ الطاعة معَ الخضوع. قالَ الأزهَريُّ الذي هُو أحَدُ كبار اللغَوِيّينَ في كتَاب تَهذِيب اللغَة نَقلأ عَن الزجَّاج الذي هو من أشهَرِهم: العبادة في لُغَة العَرب الطاعة مَعَ الخضوع، وقالَ مثله الفرّاء كما في لسانِ العَرَب لابن منظور. وقالَ بَعَضُهُم: أقصَي غاية الخشوع والخضوع، وقالَ البعَضٌ: نِهَاية التذلل كما يفهَم ذلك في كلام شَارحِ القاموسِ مُرتَضي الزبيدي خاتمَة اللغوِيّين. وهَذا الكلام وهذه التعاريف كلها غير تامة لأن التذلل بذاته ليس عبادة. سؤال: ما الدليل علي أن مجرد التذلل ليس عبادة لغير الله؟ الجواب: أقول بأن التذلل ليس بعبادة لغَير الله والا للزم كفر الملائكة عندما سجدت لآدم فالله يقول (واذ قلنا للملئكة اسجُدُوا [ صفحه 6] لأدَم) [1] . ومن المعروف أن السجود هو غاية الخضوع والتذلل فهل هذه عبادة؟ لعل قائل يقول بأن السجود كان لله وآدم قبلة لهم كما هو في الكعبة فالصلاة لله والكعبة هي قبلة لنا لنستمع لقول أهل التفسير. يقول الفخر الرازي في تفسيره: " المسألة الثانية أجمع المسلمون علي أن ذلك السجود ليس سجود عبادة لأن سجود العبادة لغير الله كفر والأمر لا يرد بالكفر ثم اختلفوا بعد ذلك علي ثلاثة أقوال الأول أن ذلك السجود كان لله تعالي وآدم عليه السلام كان كالقبلة ومن الناس من طعن في هذا القول من وجهين الأول أنه لا يقال صليت للقبلة بل يقال صليت إلي القبلة فلو كان آدم عليه السلام قبلة لذلك السجود لوجب أن يقال اسجدوا إلي أدم فلما لم يرد الأمر هكذا بل قيل اسجدوا لآدم علمنا أن آدم عليه السلام لم يكن قبلة " [2] . ويقول الشوكاني في فتح القدير: [ صفحه 7] " وفي هذه الآية فضيلة لآدم عليه السلام عظيمة حيث اسجد الله له ملائكته وقيل إن السجود كان لله ولم يكن لآدم وانما كانوا مستقبلين له عند السجود ولا ملجيء لهذا فإن السجود للبشر قد يكون جائزا في بعض الشرائع بحسب ما تقتضيه المصالح وقد دلت هذه الآية علي أن السجود لآدم وكذلك الآية الأخري أعني قوله: (سَوَّيتُهُ و نَفَختُ فيه مِن رُّوحي فَقَعُوا لهُ سَجدين) [3] وقال تعالي: (وَرَفَع أبَويه عَلي آلعَرش وَخروَا لَهُ، سُجدا) [4] فلا يستلزم تحريمه لغير الله في شريعة نبينا محمد (ص) أن يكون كذلك في سائر الشرائع ومعني السجود هنا هو وضع الجبهة علي الأرض واليه ذهب الجمهور و قال قوم هو مجرد التذلل والانقياد " [5] . وهذا الدفع من الشوكاني بقوله لعل السجود كان جائزأ في تلك الشرائع فإن كان علي نحو العبادة فمردود لان الله لا يأمر بالشرك مطلقا وفي كل الشرائع والعبادة لغير الله شرك وقد تبين من قول الرازي فيما تقدم. وقال الجصاص في أحكام القرآن: " قال الله تعالي: (و اذ قُلنَا لِلِمَلئكة اسجُدُوا لأدم فَسَجَدُوا) [ صفحه 8] روي شعبة عن قتادة أن الطاعة كانت لله تعالي في السجود لآدم أكرمه الله بذلك وروي معمر عن قتادة في قوله وخروا له سجدا قال كانت تحيتهم السجود وليس يمتنع أن يكون ذلك السجود عبادة لله تعالي وتكرمة وتحية لآدم عليه السلام وكذلك سجود أخوة يوسف عليهم السلام وأهله له وذلك لأن العبادة لا تجوز لغير الله تعالي والتحية والتكرمة جائزان لمن يستحق ضربا من التعظيم ومن الناس من يقول إن السجود كان لله وآدم كان بمنزلة القبلة لهم وليس هذا بشيء لأنه يوجب أن لا يكون لآدم في ذلك حظ من التفضيل والتكرمة وظاهر ذلك يقتضي أن يكون آدم مفضلا مكرما فذلك كظاهر الحمد إذا وقع لمن يستحق ذلك يحمل علي الحقيقة ولا يحمل علي ما يطلق من ذلك مجازا كما يقال أخلاق فلان محمودة ومذمومة لأن حكم اللفظ أن يكون محمولا علي بابه وحقيقته ويدل علي أن الأمر بالسجود قد كان أراد به تكرمة آدم عليه السلام وتفضيله قول إبليس فيما حكي الله عنه (ءَأسجُدُ لِمَن خَلقتَ طِينا قَالَ أرءيتَكَ هَذا الذي كَرَّمتَ عليَّ) [6] فأخبر ابليس أن امتناعه كان من السجود لأجل ما كان من تفضيل الله وتكرمته بأمره إياه بالسجود له ولو كان الأمر بالسجود له علي أنه نصب قبلة للساجدين من غير تكرمة ولا فضيلة له لما كان لآدم في ذلك حظ ولا [ صفحه 9] فضيلة تحسد كالكعبة المنصوبة للقبلة " [7] . فتبين لنا بأن فعل الملائكة لم يكن فيه عبادة رغم أنه خضوع وتذلل وكذلك في أبوي يوسف واخوته فإنهم سجدوا وله فالله يقول: (إِنِّي رَأيتُ أحد عَشر كوكبا وَالشمس والقمر رأيتهم لي سَجدين) [8] ، ويقول تعالي: (وَرَفَع أبَويه عَلي الَعَرش وَخروأ لهُ سُجدا وَقال يَأبَت هذا تَأويل رءيي من قبل قد جعَلهَا ربي حَقا) [9] . وقد حاول البعض أن يقول بأن السجود هنا لله وليس ليوسف فيرد عليهم الآلوسي فيقول: " وذكر الإمام أن القول بأن السجود كان لله تعالي لا ليوسف عليه السلام حسن والدليل عليه أن قوله تعالي (وَرَفَع أبَويه عَلي العرش و خروا له سجدا) مشعر بأنهم صعدوا ثم سجدوا ولو كان السجود ليوسف عليه السلام كان قبل الصعود والجلوس لأنه أدخل في التواضع بخلاف سجود الشكر لله تعالي ومخالفة ظاهر الترتيب ظاهر المخالفة للظاهر ودفع ما يرد عليه مما علمت بما علمت ثم قال وهو متعين عندي لأنه يبعد من عقل يوسف عليه السلام ودينه أن يرضي بأن يسجد له أبوه مع سابقته في حقوق الولادة والشيخوخة [ صفحه 10] والعلم والدين وكمال النبوة وأجيب بأن تأخير الخرور عن الرفع ليس بنص في المقصود لأن الترتيب الذكري لا يجب كونه علي وفق الترتيب الوقوعي فلعل تأخيره عنه ليتصل به ذكر كونه تعبيرا لرؤياه وما يتصل به وبأنه يحتمل أن يكون الله تعالي قد أمر يعقوب بذلك لحكمة لا يعلمها إلا هو وكان يوسف عليه السلام عالما بالأمر فلم يسعه! لا السكوت والتسليم وكأن في قوله (يأبت) الخ إشارة إلي ذلك كأنه يقول يا أبت لا يليق بمثلك علي جلالتك في العلم والدين والنبوة أن تسجد لولدك إلا أن هذا أمر أمرت به وتكليف كلفت به فان رؤيا الأنبياء حق كما أن رؤيا إبراهيم ذبح ولده صار سببا لوجوب الذبح في اليقظة ولذا جاء عن ابن عباس رضي الله تعالي عنهما أنه عليه السلام لما رأي سجود أبويه واخوته له هاله ذلك واقشعر جلده منه ولا يبعد أن يكون ذلك من تمام تشديد الله تعالي علي يعقوب عليه السلام كأنه قيل له أنت كنت دائم الرغبة في وصاله والحزن علي فراقه فإذا وجدته فاسجد له ويحتمل أيضا أنه عليه السلام إنما فعله مع عظم قدره لتتبعه الإخوة فيه لأن الآفة ربما حملتهم علي الأنفة منه فيجر إلي ثوران الأحقاد القديمة وعدم عفو يوسف عليه السلام ولا يخفي أن الجواب عن الأول لا يفيد لما علمت أن مبناه موافقة الظاهر والاحتمالات المذكورة في الجواب عن الثاني قد ذكرها أيضا الإمام وهي كما تري وأحسنها احتمال أن الله تعالي قد أمره بذلك لحكمة لا يعلمها إلا هو ومن الناس من ذهب إلي أن ذلك السجود لم يكن إلا من الإخوة فرارا من [ صفحه 11] نسبته إلي يعقوب عليه السلام لما علمت وقد رد بما اشرنا إليه أولا من أن الرؤيا تستدعي العموم " [10] . ويلزم من هذا التعريف أيضا كفر الأبناء لأنهم قد أمروا من قبل الله بالخضوع للوالدين بقوله تعالي: (وَاخفض لهما جناح الذل من الرحمة و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) [11] . قد يقول لكم قائل بأن ما ذكرت ثابت بأمر من الله فهو جائز وما لم يثبت عن الله فليس بجائز. أقول قد مر عليكم القول من المفسرين بأن الله لا يأمر بالشرك والكفر والعبادة لغيره شرك وكفر. والإشكال علي هذا التعريف وارد وبشكل واضح فلا مجال للدفع والرد وعليه فلا بد لنا من تعريف أدق وأقرب ولو بإضافة قيد فنقول العبادة هي: (الخشوع والخضوع اللفظي أو الفعلي الناشئ عن الاعتقاد بالوهية المخضوع له). وعلي هذا فكل خضوع لا يوجد فيه اعتقاد بألوهية المخضوع له لا يعتبر عبادة. ومن تتبع القرآن فإنه سوف يجد وجود هذا القيد في تعامل الكفار مع أصنامهم ومن يخضعون له يقول تعالي: [ صفحه 12] (الذين يجعلون مَع الله الهل ءَاخر) [12] ويقول تعالي: (أم لهم إِله غير الله) [13] وقد ثبت أنهم كانوا يعبدونها مع الله فالله يقول: (يقوم آعبدوا الله مَا لَكم مِّن إِلَه غيره) [14] ويقول تعالي: (لآ أعبد مَا تعبدون) [15] . والآن وبعد الانتهاء من تعريف العبادة و باختصارأقول هل من إشكال يوجه إلينا كشيعة في مسألة العبادة وما هي تلك الأسئلة والإشكالات؟ [ صفحه 13]

من الإشكالات الموجهة إليكم أنكم تدعون غير الله والدعاء عبادة بلا إشكال فما هو جوابكم علي هذا الإشكال

الجواب: أقول أولا ينبغي علينا أن نعرِّف الدعاء ما هو الدعاء فإذا عرفنا الدعاء وتبين لنا المراد منه ومعناه فإننا نستطيع أن نحكم علي قول فلان أوفعله أنه دعا أم لا؟.

الدعاء في اللغة

فالدعاء في اللغة له معان متعددة كالطلب والنداء والاستغاثة والقول فراجعوا كتب اللغة سوف يتبين لكم ذلك انقل لكم أمثلة من لسان العرب فقد قال: " دعا: دعا قال الله تعالي: (وَادعَوأ شُهَدَآءَكم من دُوَنِ الله إِنَ كنتم صدِقين) [16] قال أبو إسحق يقول ادعوا من استدعيتم طاعته ورجوتم معونته في الإتيان بسورة مثله وقال الفراء وادعوا شهداءكم من دون أن يقول آلهتكم يقول استغيثوا بهم وهو كقولك للرجل إذا لقيت العدو خاليا فادع المسلمين ومعناه استغث بالمسلمين فالدعاء ههنا بمعني الاستغاثة وقد يكون الدعاء عبادة (إِن الذين تدعَونَ مِن دونِ الله عِباد أمثالكم) [17] وقوله بعد ذلك: (فادعُوهم فَليستجيبوأ لَكم) يقول ادعوهم في النوازل التي تنزل بكم إن كانوا آلهة كما تقولون يجيبوا دعاءكم فإن دعوتموهم فلم يجيبوكم فأنتم كاذبون أنهم ألهة " [18] . [ صفحه 14] وقال أيضا: " و دعا الرجل دعوا ودعاء ناداه والاسم الدعوة ودعوت فلانا أي صحت به واستدعيته فأما قوله تعالي (يَدعُوأ لَمَن ضره أقرب مِن نفعه) [19] فإن أبأ إسحق ذهب إلي أن يدعو بمنزلة يقول ولمن مرفوع بالابتداء ومعناه يقول لمن ضره أقرب من نفعه إله ورب وكذلك قول عنترة يدعون عنتر والرماح كأنها أشطان بئر في لبان الأدهم معناه يقولون يا عنتر فدلت يدعون عليها وهو مني دعوة الرجل ودعوة الرجل أي قدرما بيني وبينه " [20] . وقال أيضا: " ودعا الميت ندبه كأنه ناداه و التدعي تطريب النائحة في نياحتها علي ميتها إذا ندبت عن اللحياني والنادبة تدعو الميت إذا ندبته والحمامة تدعو إذا ناحت وقول بشر أجبنا بني سعد بن ضبة إذ دعوا ولله مولي دعوة لا يجيبها يريد ولي دعوة يجيب إليها ثم يدعي فلا يجيب وقال النابغة فجعل صوت القطا دعاء تدعوقطا وبه تدعي إذا نسبت يا صدقها حين تدعوها فتنتسب أي صوتها قطا وهي قطا ومعني تدعو تصوت قطا قطا " [21] . [ صفحه 15] وقال أيضا: " وفي الحديث أنه سمع رجلا يقول في المسجد من دعا إلي الجمل الأحمر قال لا وجدت يريد من وجده فدعا إليه صاحبه وانما دعا عليه لأنه نهي أن تنشد الضالة في المسجد وقال الكلبي في قوله عزوجل (قالوا ادعُ لَنا رَبَّك يُبَيِّن لَّنَا مَا لَؤنُهَا) [22] قال سل لنا ربك والدعوة و الدعوة و المدعاة و المدعاة ما دعوت اليه من طعام وشراب وقول الله عزوجل (وَاللهُ يَدعُوا إِلَي دَارالسَّلمِ وَيهدِي مَن يَشَآء إِلي صرطٍ مُّستقيم) [23] دار السلام هي الجنة والسلام هو الله ويجوز أن تكون الجنة دارالسلام أي دارالسلامة والبقاء ودعاء الله خلقه إليها كما يدعو الرجل الناس الي مدعاة أي إلي مأدبة يتخذها وطعام يدعو الناس اليه وفي الحديث أنه قال إذا دعي أحدكم إلي طعام فليجب فإن كان مفطرا فليأكل وان كان صائما فليصل وفلان في خير ما ادعي أي ما تمني وفي التنزيل ولهم ما يدعون معناه ما يتمنون وهو راجع إلي معني الدعاء أي ما يدعيه أهل الجنة يأتيهم وتقول العرب ادع علي ما شئت وقال اليزيدي يقال لي في هذا الأمر دعوي ودعاوي ودعاوة ودعاوة وأنشد تابي قضاعة أن ترضي [ صفحه 16] دعاوتكم وابنا نزار فأنتم بيضة البلد وقوله تعالي (تدعَوأ مَن أدبَر وَتَولي) [24] من ذلك أي تفعل بهم الأفاعيل المكروهة وقيل هو من الدعاء الذي هو النداء وليس بقوي وروي الأزهري عن المفسرين تدعو الكافر باسمه والمنافق باسمه " [25] . فتبين لكم بأنه لا مانع شرعا حسب اللغة بأن أدع فلان أي أطلب من فلان وأستغيث بفلان وأنادي فلان فهذه كلها جائزة وكلنا يفعلها.

الدعاء في القرآن

الآن نسأل عن معني الدعاء في القرآن الكريم فهل يراد بكلمة الدعاء أمر معين أم أن القرآن كاللغة يطلق كلمة الدعاء ويريد منها أكثر من معني الظاهر أن كلمة دعاء في القرآن أطلقت علي أكثر من معني ومن هذه المعاني ما يلي: 1- النداء، قال تعالي: (فقل تَعَالَوأ نَدعُ أبنَآءَنَا وَأبنَآءَكم وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكم وَأنفُسَنَا وَانفُسَكم) [26] . 2- القول، قال تعالي: (فَمَا كان دَعوئهُم إذ جَاءَهُم بَأسُنَآ) [27] . [ صفحه 17] 3- الطلب، قال تعالي: (وَإن تدعُ مُثقلَة إِلَي حِملِهَا) [28] . 4- الاستعانة، قال تعالي: (شُهَدَآءَكم مِّن دُوَنِ آللُّهِ) [29] . 5- النسبة إلي شيء، قال تعالي: (ادعُوهُم لأبَآئهم هُو أقسَط) [30] . 6- السؤال، قال تعالي: (قالوا ادعُ لَنا رَبُّك) [31] . 7- العبادة، قال تعالي: (لن نَّدعَوا مِن دُونِه إِلهًا) [32] . فعلي هذه المعاني فإنه يجوزلنا أن ندعو من نريد إلا في المعني الأخير وهو معني العبادة فلا يجوزلنا أن نعبد الا الله تعالي وعلي هذا لابد لنا أن نعرف الدعاء الذي بمعني العبادة بتعريف نصطلح عليه يتناسب والتعريف السابق الذي ذكرناه في العبادة ونسميه بالتعريف الاصطلاحي فنقول: الدعاء هو طلب الأدني للفعل من الأعلي: علي جهة الخضوع والتذلل مع الاعتقاد بانه اله. وبهذا التعريف نخرج طلب الأخ من أخيه وصديقه وما شابه ذلك لأنه ليس من باب طلب الأدني من الأعلي ونخرج طلب [ صفحه 18] الإنسان من النبي والإمام والأبوين وما شابه ذلك لأنه هنا فيه خضوع وتذلل ومن الأدني ولكنه ليس فيه اعتقاد بأنهم آلهة. وهذا ما نفعله نحن الشيعة بل ويفعله غيرنا من البشر فإننا عندما ندعو غير الله يكون بالمعني اللغوي لعدم الاعتقاد بألوهية من ندعوه ونطلب ومنه وعندما ندعو الله فإننا نعبده لأننا نعتقد بأنه إله فلايرد علينا الإشكال المتقدم.

لماذا لا تتوجهون لله مباشرة في الدعاء و الله يقول: ادعوني استجب لكم و قال تعالي: (و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)

سؤال: ولكنكم تطلبون من البشرأن يدعولكم فلماذا لا تتوجهون لله مباشرة والله يقول (ادعَونِي إستجب لَكم) [33] وقال تعالي (وإذا سَألك عِبَادِي عَني فَإنِّي قَرِيب أجيبُ دَعوة الدَّ إع إِذا دَعَإنِ)؟ [34] . الجواب: هذه الآيات لا يوجد فيها نهي عن الطلب من الغير أن يدعو [ صفحه 19] لنا وانما فيها إخبارمن المولي بأنه قريب منا يسمع دعاءنا إذا دعوناه وقد ورد في الشريعة ما يدل علي جواز طلب الدعاء من الآخرين منها هذه الآية: (يَمُوسَي لَن نصبِرَ عَلي طعَامٍ وَحِدٍ فَادعُ لَنَا رَبَّكَ يُخرج لَنَا مِمَّا تنبِتُ الأرضُ مِن بَقلِهَا وَقثآئهَا وَفومهَا وَعَدَسهَا وبصَلِهَا) [35] فيطلبون من موسي أن يدع لهم وقال تعالي: (وَلَمَّا وَقع علَيهم الرجز قالوا يموسي ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك و لنرسلن معك بني اسرءيل) [36] وقال تعالي: (و قالوا يأيه الساحر ادع لنا ربك عهد عندك اننا لمهتدون) [37] . وهناك مجموعة من الروايات وهذه عينة من تلك الروايات: النبي يطلب من عمرأن يدعو له قال في سنن البيهقي الكبري: " أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني حدثنا عبدالله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم حدثنا الفريابي وحدثنا حفص بن عمر الرقي حدثنا قبيصة قالا [ صفحه 20] حدثنا سفيان عن عاصم بن عبيدالله عن سالم عن أبيه أن عمر استأذن النبي (ص) في العمرة فقال النبي (ص) اشركنا في صالح دعائك ولا تنسنا. حدثنا عبدالله بن يوسف أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن يحيي الزهري القاضي حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ حدثنا سليمان بن حرب ح وأخبرنا أبوالحسن بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا إبراهيم بن عبدالله حدثنا سليمان بن حرب وعمرو بن مرزوق وحجاج بن منهال قالوا حدثنا شعبة أنا عاصم بن عبيد الله عن سالم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه أنه استأذن النبي (ص) في عمرة فأذن له وقال لا تنسنا يا أخي من دعائك قال فقال لي كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا قال شعبة فلقيت عاصما بعد بالمدينة فحدثنيه وقال فيه أشركنا يا أخي في دعائك وفي رواية بن يوسف قال في إسناده سمعت سالم بن عبدالله يحدث عن أبيه عن عمر وقال في متنه فقال لي كلمة ما أحب أن لي بها الدنيا واثبات أخي في أوله وأخي في آخره من جهته " [38] . وقال في سنن أبي داود: " حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن عاصم بن عبيد الله عن سالم بن عبدالله عن أبيه عن عمر رضي الله عنه قال [ صفحه 21] استأذنت النبي (ص) في العمرة فأذن لي وقال لا تنسنا يا أخي من دعائك فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا قال شعبة ثم لقيت عاصما بعد بالمدينة فحدثنيه وقال أشركنا يا أخي في دعائك " [39] . وقال في سنن الترمذي: " حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا أبي عن سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عن بن عمر عن عمر أنه استأذن النبي (ص) في العمرة فقال أي أخي أشركنا في دعائك ولا تنسنا قال أبوعيسي هذا حديث حسن صحيح " [40] . وقال في مسند أبي يعلي: " حدثنا عبدالله بن عبد الصمد أوصالح بن عبد الصمد أخوه حدثنا قاسم عن سفيان عن عاصم عن سالم عن بن عمر قال جاء عمر إلي رسول الله (ص) يستأذن في العمرة فقال يا أخي أدع ولا تنسنا في صالح الدعاء " [41] . وقال ابن حجر في المطالب العالية: " قال أبويعلي حدثنا عبدالله بن عبد الصمد حدثنا قاسم [ صفحه 22] عن سفيان عن عاصم عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما جاء عمر رضي الله عنه يستأذن في العمرة فقال رسول الله يا أخي ادع ولا تنسنا من صالح الدعاء أخرجه أبوداود من حديث عمر رضي الله عنه نفسه " [42] . وراجع المصادر التالية: وعمل اليوم والليلة ج:1 ص:342 والكامل في ضعفاء الرجال ج:5 ص: 227 والمجروحين ج:2 ص:128 وتاريخ بغداد ج: 11 ص:396 والطبقات الكبري ج:3 ص:273 وصفة الصفوة ج:1 ص:278 والأحاديث المختارة ج: 1 ص:294 وسنن ابن ماجه ج:2 ص:966 وسنن البيهقي الكبري ج:5 ص:251 ومسند الإمام أحمد بن حنبل ج:1 ص:29 ومسند الإمام أحمد بن حنبل ج:2 ص:59 ومسند البزار ج:1 ص:231 و مجمع الزوائد ج:3 ص: 211

لماذا تطلبون من الميت

سؤال: قد يقال لكم هذا الكلام جميل وعليه دليل ولكن هذا الكلام في الحي فلماذا تطلبون من الميت؟ [ صفحه 23] الجواب: الحمد لله لقد تبين لنا الآن أنه يمكن أن نطلب ذلك من الحي ولا يوجد فيه شرك ولا يوجد فيه مخالفة للقرآن ولا احتجاج بالآية (واذا سَألك عِبَادِي عَنئ فَإنِّي قرِيبُ أجيبُ دَعوة الَدَّاع إِذا دَعَانِ) [43] . فإذا انتهينا من جواز طلب الدعاء من الحي فأقول فما هو المانع أن نطلب ذلك من الميت؟ الجواب: من المستشكل يقول لأن الميت لا يسمع ولأن الميت لا يقدر علي الدعاء للحي ولأن الميت هو بنفسه محتاج إلي أن ندعو له. أقول: أما قولك بأن الميت لا يسمع فقد تبين من البحث الخاص بسماع الميت أن الميت يسمع وبينت الأدلة هناك وهذا نموذج من تلك الأدلة.

الادلة علي سماع النبي للسلام من المسلمين

ففي الدر المنثور: " أخرج البيهقي في الشعب والخطيب وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) من صلي علي عند [ صفحه 24] قبري سمعته ومن صلي علي نائيا كفي أمر دنياه وآخرته وكنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة " [44] . وقال السيوطي في شرحه لسنن النسائي: "وقد قال النبي (ص) من صلي علي عند قبري سمعته ومن صلي علي نائيا بلغته وقال ان الله وكل بقبري ملكا أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلي يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا مع القطع بأن روحه في أعلي عليين مع أرواح الأنبياء وهو الرفيق الأعلي قثبت بهذا أنه لا منافاة بين كون الروح في عليين أو الجنة أو السماء وأن لها بالبدن اتصالا بحيث تدرك وتسمع وتصلي وتقرأ" [45] . وقال في عون المعبود: " وأخرج أبوبكر بن أبي شيبة والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) من صلي علي عند قبري سمعته ومن صلي نائيا بلغته ومعني قوله نائيا أي بعيدا عني وبلغته بصيغة المجهول مشددا أي بلغته الملائكة سلامه وصلاته علي وأخرج أحمد والنسائي والدارمي عن أبي مسعود الأنصاري مرفوعا إن لله ملائكة [ صفحه 25] سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام واسناده صحيح [46] . وقال في شعب الإيمان: " أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري حدثنا عيسي بن عبدالله الطاليسي حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي حدثنا أبو عبد الرحمن عن الأعمش ح وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان أنا أبو الحسين أحمد بن عثمان الآدمي حدثنا محمد بن يونس بن موسي حدثنا الأصمعي حدثنا محمد بن مروان السدي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) من صل علي عند قبري وكل بهما ملك يبلغني وكفي بهما أمر دنياه وآخرته وكنت له شهيدا أوشفيعا هذا اللفظ حديث الأصمعي وفي رواية الحنفي قال عن النبي (ص) قال من صلي علي عند قبري سمعته ومن صلي علي نائيا أبلغته " [47] . وقال ابن حجر في فتح الباري: " وأخرجه أبوالشيخ في كتاب الثواب بسند جيد بلفظ من صلي علي عند قبري سمعته ومن صلي علي نائيا بلغته وعند أبي داود والنسائي وصححه بن خزيمة وغيره عن أوس بن أوس رفعه في فضل يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة [ صفحه 26] علي قالوا يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت قال أن الله حرم علي الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " [48] . وقال المناوي في فيض القدير: "من صلي علي عند قبري سمعته ومن صلي علي نائيا أي بعيدا عني أبلغته أي أخبرت به من أحد من الملائكة وذلك لأن لروحه تعلقا بمقر بدنه الشريف وحرام علي الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء فحاله كحال النائم الذي ترقي روحه بحسب قواها إلي ما شاء الله له مما اختص به من بلوغه غاية القدرة له بحسب قدره عند الله في الملكوت الأعلي ولها بالبدن تعلق فلذا أخبر بسماعه صلاة المصلي عليه عند قبره وذا لا ينافيه ما مرفي خبر حيثما كنتم فصلوا علي من أن معناه لا تتكلفوا المعاودة إلي قبري فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ما ذاك إلا لأن الصلاة في الحضورمشافهة أفضل من الغيبة " [49] .

الادلة علي أن الأنبياء أحيا في القبورهم

وهناك روايات كثيرة تقول بان الأنبياء أحياء في قبورهم منها: ففي صحيح مسلم: [ صفحه 27] " حدثنا هداب بن خالد وشيبان بن فروخ قالا حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني وسليمان التيمي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وأله وسلم قال أتيت وفي رواية هداب مررت علي موسي ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره. وحدثنا علي بن خشرم أخبرنا عيسي يعني بن يونس ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جريركلاهما عن سليمان التيمي عن أنس ح وحدثناه أبوبكر بن أبي شيبة حدثنا عبدة بن سليمان عن سفيان عن سليمان التيمي سمعت أنسا يقول قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مررت علي موسي وهو يصلي في قبره " [50] .

الادلة علي أن الميت ليسمع قرع نعال المشيعين

وهناك روايات تقول بان الميت ليسمع قرع نعال المشيعين منها: ففي البخاري: " حدثنا عياش حدثنا عبد الأعلي حدثنا سعيد قال وقال لي خليفة حدثنا بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله [ صفحه 28] عنه عن النبي صلي الله عليه وآله قال العبد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه حتي إنه ليسمع قرع نعالهم " [51] . وفي مسلم: " حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة حدثنا أنس بن مالك قال قال نبي الله صلي الله عليه وآله إن العبد إذا وضع في قبره وتولي عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم " [52] . وراجع هذه المصادر: سنن أبي داود ج:3 ص:217 وسنن النسائي (المجتبي) ج:4 ص:96 و السنن الكبري ج:1 ص:658 ومسند الإمام أحمد بن حنبل ج:3 ص:126 والسنن الكبري ج:1 ص:659 وصحيح ابن حبان ج:7 ص:390 وسنن أبي داود ج:4 ص:239 سنن البيهقي الكبري ج:4 ص: 80 وسنن النسائي (المجتبي) ج:4 ص:97 والمحلي ج:5 ص: 137 ومسند عبد بن حميد ج:1 ص:356 والترغيب والترهيب ج:4 ص:193 واثبات عذاب القبر ج: 1 ص:33 واثبات عذاب القبر ج: 1 ص:35 والإيمان ج:2 ص: 966 وفوائد أبي علي الصواف ج: 1 ص:12 [ صفحه 29] والإمتاع بالأربعين المتباينة السماع ج: 1 ص:89 وفتح الباري ج:3 ص: 237 وغرر الفوائد ج: 1 ص:299 وعمدة القاري ج: 8 ص: 142.

الادلة علي أن الميت في قبره كما هو الآن

وهناك روايات تقول بان الميت في قبره كما هو الآن ومن هذه الروايات ما يلي: ففي صحيح ابن حبان: " أخبرنا أحمد بن علي بن المثني قال حدثنا أحمد بن عيسي المصري قال حدثنا بن وهب قال حدثني حيي بن عبدالله المعافري أن أبا عبدالرحمن الحبلي حدثه عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله صلي الله عليه وآله ذكر فتاني القبر فقال عمر بن الخطاب أترد علينا عقولنا يا رسول الله فقال نعم كهيئتكم اليوم قال فبفيه الحجر " [53] . وفي الدر المنثور للسيوطي: " وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا والطبراني والآجري في الشريعة وابن عدي عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وآله ذكر فتاني القبر فقال عمر رضي الله عنه أترد إلينا عقولنا يا رسول الله فقال رسول الله صلي الله عليه وآله [ صفحه 30] نعم كهيئتكم اليوم فقال عمر بفيه الحجر " [54] . وراجع المصادر التالية: موارد الظمآن للهيثمي ج:1 ص:196 و مسند الإمام أحمد بن حنبل ج:2 ص:172 وونوادرالأصول في أحاديث الرسول ج: 1 ص:175 وحاشية ابن القيم ج:13 ص:68.

الادلة علي أن النبي كلم قتلي بدر

وهناك طائفة من الروايات تقول بان النبي (ص) كلم قتلي بدرومن هذه الروايات ما يلي: ففي صحيح البخاري: " حدثنا علي بن عبدالله حدثنا يعقوب بن ابراهيم حدثني أبي عن صالح حدثني نافع أن بن عمر رضي الله عنهما أخبره قال اطلع النبي صلي الله عليه وآله علي أهل القليب فقال وجدتم ما وعد ربكم حقا فقيل له تدعو أمواتا فقال ما أنتم بأسمع منهم ولكن لا يجيبون. حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت إنما قال النبي صلي الله عليه وآله إنهم ليعلمون الآن أن ما كنت أقول حق وقد قال الله [ صفحه 31] تعالي: (إنك لا تسمع الموتي) " [55] [56] . وفي صحيح مسلم: " حدثنا هداب بن خالد حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وآله ترك قتلي بدرثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا فسمع عمر قول النبي صلي الله عليه وآله فقال يا رسول الله كيف يسمعوا وأني يجيبوا وقد جيفوا قال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر" [57] . وراجع المصادر التالية: مسند الإمام أحمد بن حنبل ج:3 ص:287 ومسند الطيالسي ج: 1 ص:9 وإثبات عذاب القبر للبيهقي ج:1 ص:64 وصحيح ابن حبان ج:14 ص:423 و مسند أبي يعلي ج:6 ص:72 وعمدة القاري للعيني ج:8 ص: 201. [ صفحه 32]

الادلة علي أن الميت يدع للحي

اشاره

وأما قولك بان الميت لا يقدرعلي الدعاء للحي وأنه محتاج للحي فما رأيك بهذه الروايات التي تبين بان الميت يستغفر للحي ويدعو له:

دعاء النبي للأمة

ففي مسند الحارث: " حدثنا الحسن بن فتيبة حدثنا جسر بن فرقد عن بكر بن عبدالله المزني قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما كان من حسن حمدت الله عليه وما كان من سيء استغفرت الله لكم " [58] . وفي الفردوس بمأثورالخطاب للديلمي: " أبوهريرة إن لله عزوجل ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام قال وقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حياتي خير لكم تحدثون وتحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر [ صفحه 33] استغفرت الله لكم " [59] . وفي فضل الصلاة علي النبي للجهضمي: " حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا غالب القطان عن بكر بن عبدالله المزني قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خيرا لكم تعرض علي أعمالكم فإن رأيت خيرا حمدت الله وان رأيت غير ذلك استغفرت الله لكم " [60] . وفي الطبقات الكبري لابن سعد: " أخبرنا يونس بن محمد المؤدب أخبرنا حماد بن زيد عن غالب عن بكر بن عبدالله قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خيرا لكم تعرض علي أعمالكم فإذا رأيت خبرا حمدت الله وان رأيت شرا استغفرت الله لكم " [61] . وفي مجمع الزوائد للهيثمي: " عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلي الله عليه وآله [ صفحه 34] وسلم قال إن لله ملائكة سياحين يبلغون عن أمتي السلام قال وقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حياتي خير لكم تحدثون وتحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر إستغفرت الله لكم دواه البزار ورجاله رجال الصحيح " [62] .

دعاء الأنبياء الذين قد ماتوا لنبينا محمد ليلة الإسراء

ففي صحيح مسلم: " حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال أتيت بالبرإق وهودابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهي طرفه قال فركبته حتي أتيت بيت المقدس قال فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء قال ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر واناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل صلي الله عليه وآله وسلم اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلي السماء فاستفتح جبريل فقيل [ صفحه 35] من أنت قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلي السماء الثانية فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل من أنت قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة عيسي بن مريم ويحيي بن زكريا صلوات الله عليهما فرحبا ودعوا لي بخير ثم عرج بي إلي السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل من أنت قال جبريل قيل ومن معك قال محمد صلي الله عليه وآله وسلم قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بيوسف صلي الله عليه وآله وسلم إذا هو قد أعطي شطر الحسن فرحب ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلي السماء الرابعة فاستفتح جبريل عليه السلام قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قال وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب ودعا لي بخير قال الله عزوجل (وَرفعنه مّكانًا عَلِيا) [63] ثم عرج بنا إلي السماء الخامسة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بهارون صلي الله عليه وآله وسلم فرحب ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلي السماء السادسة فاستفتح جبريل عليه السلام قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال [ صفحه 36] محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بموسي صلي الله عليه وآله وسلم فرحب ودعا لي بخير إلي آخر الرواية " [64] . وراجع المصادر التالية: مسند الإمام أحمد بن حنبل ج:3 ص:148 والمسند المستخرج علي صحيح مسلم ج:1 ص:228 ومصنف ابن أبي شيبة ج:7 ص:333 وص 334 ومسند أبي يعلي ج:6 ص:217 وص 218؛ ومسند الحارث (زوائد الهيثمي) ج: 1 ص: 172 وص 173 والايمان ج:2 ص:709 وص710 وتاريخ مدينة دمشق ج:3 ص: 496 وتهذيب الاسماء ج:2 ص:434 وتغليق التعليق ج:4 ص:25 وفضائل بيت المقدس ج: 1 ص:78 وص 79 ومسند أبي عوانة 1 ج: 1 ص: 126 وص 127

دعاء غير الأنبياء من الأموات للأحياء

ففي تفسير ابن كثير: " وقد ورد أن أعمال الأحياء تعرض علي الأموات من الأقرباء والعشائرفي البرزخ كما قال أبو داود الطيالسي 1794 حدثنا الصلت بن دينارعن الحسن عن جابر بن عبدالله قال قال [ صفحه 37] رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إن أعمالكم تعرض علي أقربائكم وعشائركم في قبورهم فإن كان خيرا استبشروا به وان كان غير ذلك قالوا اللهم ألهمهم أن يعملوا بطاعتك وقال الإمام أحمد 3164 انبأنا عبد الرزاق عن سفيان عمن سمع أنسا يقول قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم إن أعمالكم تعرض علي أقاربكم وعشائركم من الأموات فإن كان خيرا استبشروا به وان كان غير ذلك قالوا اللهم لا تمتهم حتي تهديهم كما هديتنا " [65] . وفي المعجم الأوسط للطبراني: " وعن زيد بن واقد وهشام بن الغازعن مكحول عن عبد الرحمن بن سلامة عن أبي رهم السباعي عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله قال إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها أهل الرحمة من عباد الله كما تلقون البشير من أهل الدنيا فيقولون انظروا صاحبكم يستريح فإنه في كرب شديد ثم يسألونه ما فعل فلان وماذا فعلت فلانة هل تزوجت فإذا سألوه عن الرجل قد مات قبله فيقول هيهات قد مات ذاك قبلي فيقولون إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب به إلي أمه الهاوية بئست الأم وبئست المربية وقال إن أعمالكم تعرض علي أقاربكم وعشائركم من أهل الآخرة فإن كان خيرا فرحوا واستبشروا وقالوا اللهم هذا فضلك ورحمتك فأتمم نعمتك عليه وأمته عليها [ صفحه 38] ويعرض عليهم عمل المسيء فيقولون اللهم ألهمه عملا صالحا ترضي به وتقربه إليك ". وفي المعجم الكبير للطبراني: " حدثنا يحيي بن عثمان بن صالح حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق حدثنا مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول عن عبد الرحمن بن سلامة عن أبي رهم السماعي عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها من أهل الرحمة من عباد الله كما تلقون البشير في الدنيا فيقولون انظروا صاحبكم يستريح فإنه قد كان في كرب شديد ثم يسألونه ماذا فعل فلان وما فعلت فلانة هل تزوجت فإذا سألوه عن الرجل قد مات قبله فيقول أيهات قد مات ذاك قبلي فيقولون إنا لله وانا إليه راجعون ذهبت به إلي أمه الهاوية فبئست الأم وبئست المربية قال وان أعمالكم تعرض علي أقاربكم وعشائركم من أهل الآخرة فإن كان خيرا فرحوا واستبشروا وقالوا اللهم هذا فضلك ورحمتك فأتمم نعمتك عليه وأمته عليها ويعرض " [66] . وفي مسند الإمام أحمد: " حدثنا عبدالله حدثني أبي حدثنا عبد الرزاق حدثنا سفيان عمن سمع أنس بن مالك يقول قال النبي صلي الله عليه وآله [ صفحه 39] وسلم ان أعمالكم تعرض علي أقاربكم وعشائركم من الأموات فان كان خيرا استبشروا به وان كان غير ذلك قالوا اللهم لا تمتهم حتي تهديهم كما هديتنا " [67] . وفي شرح الصدور بشرح حال الموتي والقبور للسيوطي: "وأخرج الطيالسي في مسنده عن جابر بن عبدالله قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إن أعمالكم تعرض علي عشائركم وأقربائكم في قبورهم فإن كان خبرا أستبشروا بذلك وان كان غير ذلك قالوا اللهم ألهمهم أن يعملوا بطاعتك " [68] . وفي المنامات لابن أبي الدنيا: " أبوبكر شيبة الحزامي حدثنا فليح بن إسماعيل حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير عن زيد بن أسلم عن أبي صالح والمقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لا تقضحوا موتاكم بسيئات أعمالكم فإنها تعرض علي أوليائكم " [69] . وراجع المصادرالتالية: وكشف الخفاء ج:2 ص:481 ومسند الطيالسي ج:1 [ صفحه 40] ص:248 وشرح قصيدة ابن القيم ج:2 ص:173 والثبات عند الممات ج: 1 ص:73 وأطراف الغرائب والأفرادج:5 ص:335 وشرح الصدور بشرح حال الوتي والقبورج: 1 ص:258 والفردوس بماثور الخطاب ج:5 ص:29 وتهذيب الاثار مسند علي ج:2 ص:510 ومسند الشاميين ج:2 ص:383 والإمتاع بالأربعين المتباينة السماع ج: 1 ص: 87 والكني ج:1 ص:8 والكامل في ضعفاء الرجال ج:3 ص:301 والمجروحين ج:1 ص:340 فإذا ثبت بأن الميت يسمع ويحس وثبت بأن الميت ممكن أن يدعو للحي فما هو الإشكال الذي يرد علينا عندما نطلب من الميت أن يدعو لنا؟ سؤال أخير في الدعاء: قد يقول لكم قائل لماذا تتوجهون للقبور في أثناء الدعاء ولا تتوجهون للقبلة؟ الجواب: أقول بأن التوجه للقبلة عندنا مستحب بلا إشكال ولكن لا يحرم التوجه لغير القبلة سواء توجهنا لقبر أو لغيره ما لم نعتقد [ صفحه 41] بانه اله يعبد من دون الله. ولو رجعنا للأدلة لوجدنا الدليل ناقصا عن القول بوجوب التوجه للقبلة في أثناء الدعاء لأن أدلتهم في التوجه هي من مثل الروايات:

ادلة القوم علي التوجه للقبلة في الدعاء

فقد قال محمد بن محمد في سلاح المؤمن في الدعاء: " عن عباد بن تميم عن عمه رضي الله عنه قال رأيت النبي (ص) يوم خرج يستسقي قال فحول إلي الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو ثم حول رداءه ثم صلي لنا ركعتين جهر فيهما بالقراءة دواه الجماعة. وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال استقبل النبي (ص) الكعبة فدعا علي نفر من قريش علي شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة الحديث رواه البخاري ومسلم وأبوداود والنسائي. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر علي إثر كل حصاة ثم يتقدم فيستهل فيقوم مستقبل القبلة قياما طويلا فيدعو ويرفع يديه ثم يرمي الوسطي [ صفحه 42] كذلك فيأخذ ذات الشمال فيستهل ويقوم مستقبل القبلة ويرفع يديه ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ويقول هكذا رأيت رسول الله (ص) يفعل رواه البخاري والنسائي. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقا لتعفي أثرها علي سارة ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل هي ترضعه حتي وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلي المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هناك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم قفي إبراهيم منطلقا فتبعته أم إسماعيل فقالت يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء فقالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليها فقالت له الله أمرك بهذا قال نعم قالت إذا لا يضيعنا ثم رجعت فانطلق إبراهيم عليه السلام حتي إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال (ربنا اني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم) [70] حتي بلغ (يَشكرون) فذكر الحديث في قيامها علي الصفا والمروة وفيه قال ابن عباس قال النبي (ص) (فلذلك سعي الناس بينهما) ثم ذكر باقي الحديث بطوله انفرد به البخاري. [ صفحه 43] وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في حديثه الطويل في حجة النبي (ص) أن النبي (ص) قال وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلي السماء وينكتها إلي الناس (اللهم اشهد اللهم اشهد) ثلاث مرات وأن النبي (ص) ركب القصواء حتي أتي المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده وذكر الحديث رواه مسلم وأبوداود وابن ماجه. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما كان يوم بدر نظر رسول الله (ص) إلي المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمئة وسبعة عشر فاستقبل نبي الله (ص) القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه (اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض) فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتي سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبوبكر فأخذ رداءه فألقاه علي منكبيه ثم التزمه من ورائه فقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله عز وجل (إِذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم اني ممدكم بألف من الملئكة مردفين) [71] فأمده الله بالملائكة رواه مسلم والترمذي وقد اتفقا عليه من حديث ابن عباس. [ صفحه 44] وعن عبد الرحمن بن طارق عن أمه رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) كان إذا جاز مكانا من دار يعلي نسبة عبيد الله يعني ابن أبي يزيد استقبل البيت فدعا رواه أبو داود والنسائي واللفظ لاءبي داود " [72] .

تصريح القوم بأن الإستقبال للقبلة مستحب في الدعاء

فهذه الروايات التي ذكرت وغيرها لا تدل علي وجوب الاستقبال للقبلة في أثناء الدعاء وانما تدل علي الاستحباب والندب فقط فمن لم يستقبل القبلة في دعائه فليس عليه شيء حتي يسأله البعض ويقول له لماذا لم تستقبل القبلة؟ ومن تتبع كلمات القوم يجدهم يصرحون في كلماتهم بقولهم أن استقبال القبلة في الدعاء مندوب (مستحب) وهذه بعض من تلك الأقوال: استحباب استقبال القبلة عند الدعاء فقد قال البيهقي في شعب الإيمان: " وأما آدابه فمنها أن يقدم التوبة أمام الدعاء ومنها الجد في الطلب والإلحاح ومنها المحافظة علي الدعاء في الرخاء دون تخصيص حال الشدة والبلاء ومنها أن يعزم إذا سأله ومنها أن يدعو [ صفحه 45] ثلاثا ومنها أن يقتصر علي جوامع الدعاء ما لم تعرض له حاجة بعينها فينص عليها ومنها افتتاح الدعاء وختمه بالصلاة علي رسول الله (ص) ومنها أن يدعو وهو طاهر ومنها أن يدعو وهو مستقبل القبلة ومنها أن يدعو في دبرصلواته ومنها أن يرفع اليدين حتي يحاذي بهما المنكبين إذا دعا ومنها أن يخفض صوته بالدعاء ومنها أن يمسح وجهه بيديه إذا فرغ من الدعاء ومنها أن يحمد الله عزوجل إذا عرف الإجابة ومنها أن لا يخلي يوما ولا ليلة من الدعاء " [73] . وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم: " وثبت في صحيح البخاري عن بن مسعود أن يوم بدركان يوما حارا قوله (فاستقبل نبي الله (ص) القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه اللهم انجزلي ما وعدتني) أما يهتف فبفتح أوله وكسر التاء المثناة فوق بعد الهاء ومعناه يصيح ويستغيث بالله بالدعاء وفية استحباب استقبال القبلة في الدعاء ورفع اليدين فيه وأنة لابأس برفع الصوت في الدعاء " [74] . وقال الدمياطي في إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر: " وللدعاء آداب كثيرة لا بأس بذكر شيء منها بل أهمها [ صفحه 46] الإخلاص بأن يقصد الله تعالي في دعائه لوجهه ومنها تقديم عمل صالح من صدقة أوغيرها ومنها تجنب الحرام أكلا وشربا ولبسا وكسبا ومنها الوضوء لحديث فيه ومنها استقبال القبلة لحديث فيه عن ابن مسعود ومنها رفع اليدين " [75] . وقال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية: " الثاني أن قبلة الدعاء هي قبلة الصلاة فإن يستحب للداعي ان يستقبل القبلة وكان النبي (ص) يستقبل القبلة في دعائه في مواطن كثيرة فمن قال إن للدعاء قبلة غير قبلة الصلاة او أن له قبلتين إحداهما الكعبة والأخري السماء فقد ابتدع في الدين وخالف جماعة المسلمين " [76] . وقال أحمد بن إبراهيم بن عيسي في شرح قصيدة ابن القيم: " فأما قولهم إن السماء قبلة الدعاء فقول باطل لم يقله أحد من سلف الأمة ولا أنزل الله به من سلطان والذي صح أن قبلة الدعاء هي قبلة الصلاة وقد صرح العلماء بأنه يستحب للداعي أن يستقبل القبلة " [77] . [ صفحه 47]

الروايات الدالة علي دعاء النبي في الكعبة

فقد تبين لكم الآن بأن استقبال القبلة ليس بواجب ومن هنا أجازوا الدعاء داخل الكعبة واعتبروه مستحباً لأن النبي (ص) قد دعا في جوف الكعبة ولكنهم اختلفوا في صحة الصلاة في الكعبة معللين ذلك بأن الاستقبال شرط وكون الإنسان في الكعبة لا يعد مستقبلا لها وهذه رواياتهم وكلماتهم: فقد قال البخاري في صحيحه: " حدثنا إسحاق بن نصر قال حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج عن عطاء قال سمعت بن عباس قال لما دخل النبي (ص) البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل حتي خرج منه فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة وقال هذه القبلة " [78] . وقال مسلم في صحيحه: " حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد جميعا عن بن بكر قال عبد أخبرنا محمد بن بكر أخبرنا بن جريج قال قلت لعطاء أسمعت بن عباس يقول إنما أمرتم بالطواف ولم تؤمروا بدخوله قال لم يكن ينهي عن دخوله ولكني سمعته يقول أخبرني أسامة بن زيد أن النبي (ص) لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه حتي خرج فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين وقال هذه القبلة قلت له ما نواحيها أفي زواياها قال بل في كل قبلة من البيت. [ صفحه 48] حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا همام حدثنا عطاء عن بن عباس أن النبي (ص) دخل الكعبة وفيها ست سوار فقام عند سارية فدعا ولم يصل " [79] . وقال أحمد محمد سلامة في شرح معاني الآثار: " قال أبوجعفر فذهب قوم الي أنه لا يجوز الصلاة في الكعبة واحتجوا في ذلك بهذه الآثار ويقول رسول الله (ص) حين صلي خارجا من الكعبة ان هذه القبلة وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا بأس بالصلاة في الكعبة " [80] . وقال الماركفوري في تحفة الأحوذي: " قوله (وقال مالك بن أنس لا بأس بالصلاة النافلة في الكعبة) كذا أطلق الترمذي عن مالك جواز النافلة وقيده بعض أصحابه بغير الرواتب وما تشرع فيه الجماعة قاله الحافظ في الفتح (وكره أن يصلي المكتوبة في الكعبة) وروي عنه المنع وكذا عن أحمد لقوله تعالي (فولوا وجوهكم شطره) أي قبالته ومن فيه مستدبر لبعضه وأما جواز النافلة فيه فإنه يسامح في النافلة ما لا [ صفحه 49] يسامح في الفريضة (وقال الشافعي لا بأس أن يصلي المكتوبة والتطوع في الكعبة) وبه قال الحنفية وهو مذهب الجمهور. قال الحافظ في فتح الباري وفيه أي في حديث بلال استحباب الصلاة في الكعبة وهو ظاهر في النفل ويلتحق به الفرض إذ لا فرق بينهما في مسألة الاستقبال وهو قول الجمهور انتهي وقال النووي في شرح مسلم ودليل الجمهور حديث بلال واذا صحت النافلة صحت الفريضة لأنهما في الموضع سواء في الاستقبال في حال النزول وانما يختلفان في الاستقبال في حال السير في السفر انتهي. قال الحافظ وعن بن عباس لا تصح الصلاة داخلها مطلقا وعلله بأنه يلزم من ذلك استدبار بعضها وقد ورد الأمر باستقبالها فيحمل علي استقبال جميعها وقال به بعض المالكية والظاهرية والطبري انتهي. قلت والظاهر هو ما قال به الجمهور وهو أقوي المذاهب في هذا الباب والله تعالي أعلم " [81] . وقال الزرقاني في شرح الزرقاني: " وفي حديث الباب استحباب الصلاة في الكعبة وهو ظاهر في النفل وبه قال مالك لأنه الواقع من النبي (ص) ومنع الفرض داخلها [ صفحه 50] للأمر باستقبالها خص منه النفل بالسنة فلا يقاس عليه الفرض وقيد بعض الأصحاب النفل بغير الرواتب وما يطلب فيه الجماعة وألحق الجمهور به الفرض إذ لا فرق بينهما في الاستقبال للمقيم وعن ابن عباس لا تصح الصلاة دإخلها مطلقا وعلله بلزوم استدبار بعضها وقد أمر باستقبالها فيحمل استقبال جميعها، وقال به بعض المالكية والظاهرية وابن جرير. وقال المازري مشهور المذهب منع صلاة الفرض داخلها ووجوب الإعادة. وعن ابن عبد الحكم الإجزاء وصححه ابن عبد البر وابن العربي وأن الأشهر أن يعيد في الوقت. وعن ابن حبيب يعيد أبدا. وعن أصبغ إن كان متعمدا. قال الحافظ ونقل النووي في زوائد الروضة أن صلاة الفرض داخل الكعبة إن لم يرج جماعة أفضل منها خارجها مشكل لأن الصلاة خارجها متفق علي صحتها بخلاف داخلها فكيف يكون المختلف في صحته أفضل من المتفق عليه " [82] . وقال ابن رشد في بداية المجتهد: " وفي هذا الباب مسألة مشهورة وهي جواز الصلاة في داخل [ صفحه 51] الكعبة. وقد اختلفوا في ذلك فمنهم من منعه علي الإطلاق ومنهم من أجازه علي الإطلاق ومنهم من فرق بين النفل في ذلك والفرض، وسبب اختلافهم تعارض الاثار في ذلك والاحتمال المتطرق لمن استقبل أحد حيطانها من داخل هل يسمي مستقبلا للبيت كما يسمي من استقبله من خارج أم لا أما الأثر فإنه ورد في ذلك حديثان متعارضان كلاهما ثابت؛ أحدهما حديث ابن عباس قال لما دخل رسول الله (ص) البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل حتي خرج فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة وقال هذه القبلة، والثاني حديث عبدالله بن عمر أن رسول الله (ص) دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال بن رباح فاغلقها عليه ومكث فيها فسألت بلالا حين خرج ماذا صنع رسول الله (ص) فقال جعل عمودا عن يساره وعمودا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه ثم صلي. فمن ذهب مذهب الترجيح أو النسخ قال إما بمنع الصلاة مطلقا إن رجح حديث ابن عباس واما بإجازتها مطلقا إن رجح حديث ابن عمر ومن ذهب مذهب الجمع بينهما حمل حديث ابن عباس علي الفرض وحديث ابن عمر علي النفل والجمع بينهما فيه عسر فإن الركعتين اللتين صلاهما عليه الصلاة والسلام خارج الكعبة وقال هذه قبلة هي نفل. ومن ذهب مذهب سقوط الأثر عند التعارض فإن كان ممن يقول باستصحاب حكم الإجماع والاتفاق لم يجز الصلاة داخل [ صفحه 52] البيت أصلا وان كان ممن لا يري استصحاب حكم الإجماع عاد النظر في انطلاق اسم المستقبل للبيت علي من صلي داخل الكعبة فمن جوزه أجاز الصلاة ومن لم يجوزه وهو الأظهر لم يجز الصلاة في البيت " [83] .

ابن تيمية يقول لا قائل من المسلمين يقول بوجوب الاستقبال في الدعاء

ولأجل ذلك قالا ابن تيمية بأنه لا قائل من المسلمين بوجوب استقبال القبلة في الدعاء. وهذا نصّ كلامه في كتابه بيان تلبيس الجهمية: " الوجه الخامس وهو الرابع عشر أن الله تعالي قد قال (وَللهِ المشرق وَالمغرِب فَأَينمَا تولوأ فَثم وَجهُ اللَّهِ) [84] فأخبر ان العبد حيث استقبل فقد استقبل قبلة الله ليبين انه حيث أمر العبد الاستقبال والتولية فقد استقبل وولي قبلة الله ووجهته ولهذا ذكروا أن هذه الآية فيما لا يتعين فيه استقبال الكعبة كالمتطوع الراكب في السفر فانه يصلي حيث توجهت به راحلته والعاجز الذي لا يعلم جهة الكعبة أولا يقدرعلي استقبال الكعبة فانه يصلي بحسب امكانه إلي أي جهة أمكن وذكروا أيضا أنه نسخ ما تضمنته من تسويغ الاستقبال إلي بيت المقدس كما كان ذلك قبل النسخ واذا كان هذا في القبلة المعروفة للصلوات التي يجب فيها استقبال قبلة معينة في الفريضة وفي التطوع في المقام فينبغي أن يكون في قبلة الدعاء أولي [ صفحه 53] وأحري فان الدعاء لا يجب فيه استقبال قبلة معينة بإجماع المسلمين ولا يجب أن يستقبل القبلة المعروفة ولا أن يرفع يديه لا عند من يقول إن السماء والعرش قبلة الدعاء ولا عند من لا يقول بذلك واذا كان هذا لازما اقتضي جواز الإشارة في الدعاء إلي غير فوق فيجب أن تجوز الإشارة بالأيدي حين الدعاء إلي الأرض والتيامن والتياسر " [85] .

القوم يقولون بأن قبلة الدعاء هي السماء و ليس قبلة الصلاة

بل أننا وجدنا من صرح بأن قبلة الدعاء هي السماء وليس قبلة الصلاة. سؤال: قد يقال لكم بأن كون السماء قبلة للدعاء لم يقل بها أحد من العلماء كما قال أحمد بن إبراهيم بن عيسي في كتابه شرح قصيدة ابن القيم فقد قال " فأما قولهم إن السماء قبلة الدعاء فقول باطل لم يقله أحد من سلف الأمة وقال ابن ابي العز [ صفحه 54] الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية: فمن قال إن للدعاء قبلة غير قبلة الصلاة أو أن له قبلتين إحداهما الكعبة والأخري السماء فقد ابتدع في الدين وخالف جماعة المسلمين " [86] . الجواب: أقول وا أسفي علي هذا القائل كيف يستطيع أن يدعي هذه الدعوي ويقول " لم يقلها أحد من العلماء " أو من السلف الصالح وهذه كوكبة من هؤلاء العلماء وهم يصرحون بذلك منهم: فقد قال جمال الدين الغزنوي في أصول الدين: " فصل رفع الأيدي إلي السماء عند الدعاء إنما ترفع لأنها قبلة الدعاء كالتوجه إلي الكعبة في الصلاة ووضع الوجه علي الأرض عند السجود وان لم يكن الله عزوجل في الكعبة ولا تحت الأرض " [87] . وقال أبوسعيد النيسابوري المتولي في الغنية في أصول الدين: [ صفحه 55] " فإن استدلوا بعرف الناس ورفع أيديهم إلي السماء عند الدعاء فرفع اليد إلي السماء ليس لأن الله تعالي في مكان ولكن لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة في حال القيام والأرض قبلة في حال الركوع والسجود. وليعلم أن الله تعالي ليس في الكعبة ولا في الأرض وان استدلوا بقصة المعراج وان رسول الله (ص) حمل إلي جهة فوق وبقوله تعالي (ثم دَنَا فَتدلي، فَكان قاب قوسين أو أدني) [88] فليس فيها حجة لأن موسي عليه السلام سمع الكلام علي الطور وكان ميعاده الطور ولم يدل علي أن الله تعالي علي الطور. وقال في قصة ابراهيم: (إِنِّي مُهَاجرالي ربي) [89] وكانت هجرته إلي الشام ولم يكن الباري تعالي في الشام فبطل قولهم " [90] . وقال التفتازاني في شرح المقاصد: "وتوجه العقلاء إلي السماء ليس من جهة اعتقادهم أنه في السماء بل من جهة أن السماء قبلة الدعاء إذ منها تتوقع [ صفحه 56] الخيرات والبركات وهبوط الأنوار ونزول الأمطار [91] . وقال ابن حجر في فتح الباري: " قال بن بطال أجمعوا علي كراهة رفع البصر في الصلاة واختلفوا فيه خارج الصلاة في الدعاء فكرهه شريح وطائفة وأجازه الأكثرون لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة قال عياض رفع البصر إلي السماء في الصلاة فيه نوع إعراض عن القبلة وخروج عن هيئة الصلاة " [92] . وقال النووي في شرح صحيح مسلم: " قال القاضي عياض واختلفوا في كراهة رفع البصر إلي السماء في الدعاء في غير الصلاة فكرهه شريح وآخرون وجوزه الأكثرون وقالوا لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة ولا ينكر رفع الأبصار إليها. كما لا يكره رفع اليد قال الله تعالي: (وفي السَّماء رزقكم وَمَا توعَدون) " [93] [94] . [ صفحه 57] وقال العيني في العمدة: " أي هذا باب في بيان حكم رفع البصر إلي جهة السماء في الصلاة يعني يكره ذلك لدلالة حديث الباب عليه وهذا لا خلاف فيه والخلاف في خارج الصلاة في الدعاء فكرهه شريح وطائفة وأجازه الأكثرون لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة " [95] . وقال السيوطي في شرح سنن ابن ماجة: " وقال القاضي عياض اختلفوا في كراهة رفع البصر الي السماء في الدعاء في غير الصلاة فكره القاضي شريح وآخرون وجوزه الأكثرون لأن السماء قبلة الدعاء كما ان الكعبة قبلة الصلاة فلا يكره رفع البصر اليه كما لا يكره رفع اليد في الدعاء انتهي" [96] . وقال العظيم آبادي في عون المعبود: " قال القاضي عياض واختلفوا في كراهة رفع البصر إلي السماء في الدعاء في غير الصلاة فكرهه شريح وآخرون وجوزه الأكثرون وقالوا لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة ولا ينكر رفع الأبصار إليها كما لا يكره رفع اليد قال الله تعالي: (وفي السَّمآء رِزقكم وَمَا توعَدون) انتهي. [ صفحه 58] قال علي القاريء ناظرا في كلام القاضي هذا ما نصه قلت فيه أن رفع اليد في الدعاء مأثور و مأمور ورفع البصر فيه منهي عنه " [97] . وقال المناوي في فيض القدير: " واليه ذهب الإمام الرازي وأيده بما منه أنه تعالي زينها بسبعة أشياء النجوم والشمس والقمر والعرش والكرسي واللوح والقلم وسماها سقفا محفوظا وسبعا طباقا وسبعا شدادا وذكر مبدأها وغاية أمرها واستقصي استقصاء شديدا في كيفية حدوثها وبنائها وجعلها قبلة الدعاء فالأيدي ترفع إليها والوجوه تنصب نحوها" [98] . وقال أيضا: " وأما الرفع إلي السماء في غير الصلاة في نحو الدعاء فجوزه الأكثر لأن السماء قبلة الدعاء للداعين والكعبة قبلة المصلين م ن عن أبي هريرة ولم يخرجه البخاري " [99] . وقال ابن حجر في تلخيص الحبير: [ صفحه 59] " تنبيهان أحدهما قول الرافعي مستقبل القبلة لم يرد في الأحاديث التي قدمناها لكن يستأنس لها بما في لفظ رواية البزار عن ثوبان من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع طرفه إلي السماء الحديث قال بن دقيق العيد في شرح الإمام رفع الطرف إلي السماء للتوجه إلي قبلة الدعاء ومهابط الوحي ومصادر تصرف الملائكة " [100] .

لماذا تتركون الأمر المستحب و تتوجهوا بالدعاء باتجاه القبور كقبر الرسول و قبور أئمتكم

سؤال: لقد تبين لنا بأن الاستقبال مستحب وأنه لم يقل أحد بوجوبه ولكن السؤال المطروح لماذا تتركون الأمر المستحب وتتوجهوا بالدعاء باتجاه القبور كقبر الرسول وقبور أئمتكم؟ الجواب: بعد أن تبين لكم أنه لا يشترط استقبال القبلة فنقول بأنه علي أقل التقدير بأن ما نفعله جائز وانما فيه ترك الاستحباب فقط وهذا لا إشكال فيه ومع ذلك نقول بأن الاستحباب هنا لعله هو التوجه لجهة القبر. [ صفحه 60] سؤال: لماذا وما هي العلة في ذلك؟ الجواب: لأننا ونحن نتوسل إلي الله بالرسول (ص) فإننا في حالة الإشارة للرسول أو الخطاب معه وليس من الآداب أن نجعل الرسول (ص) أوالإمام خلف ظهورنا ونحن نتوسل بهم أو نخاطبهم ولنا في ذلك شواهد من فعل الفقهاء والأتباع بل وحتي الروايات:

الادلة علي استقبال قبر الرسول عند الدعاء

فهذا تقي الدين الحصني الدمشقي في دفع شبه من شبه وتمرد نراه يرد علي ابن تيمية بقوله: " وقوله ولا دعاء هناك قضية سياقه أن الإجماع علي أنه لا يدعو عند القبر وهي دعوي عريضة ثم أكد ذلك بقوله إنما يفعلونه في المسجد ثم أردف ذلك بقوله وكان السلف من الصحاية والتابعين إذا سلموا عليه وأرادوا الدعاء دعوا مستقبلي القبلة ولم يستقبلوا القبر ثم قال وأما وقت السلام فقال أبوحنيفة يستقبل القبلة ولا يستقبل القبر وقال أكثر الأئمة يستقبل القبر عند السلام خاصة ولم يقل أحد من الأئمة أنه لا يستقبل القبلة عند الدعاء إلا في [ صفحه 61] حكاية مكذوبة عن مالك ومذهبه بخلافها ثم أردف هذا بأمور يجسر بها علي الأغمار يتخيل الواقف عليها من العوام حسم باب الزيارة لقبره عليه الصلاة والسلام والحاصل من كلامه أنه لا يدعي عند القبر بالاتفاق ولا يستقبل القبر عند الدعاء بالإجماع وأن الحكاية التي وقعت بين مالك وأبي جعفر المنصور كذب سبحانك هذا بهتان عظيم وهذا من الفجورالذي لا أعلم أحدا فاه به ولا رمز إليه لا من العلماء ولا من غيرهم أما قضية مالك مع المنصور فقد ذكرتها في الكلام علي التوسل فإنها صحيحة بلا نزاع وأما الدعاء عند القبر فقد ذكره خلق ومنهم الأمام مالك وقد نص علي أنه يقف عند القبر ويقف كما يقف الحاج عند البيت للوداع ويدعو وفيه المبالغة في طول الوقوف والدعاء وقد ذكره إبن المواز في الموازية فأفاد ذلك أن إتيان قبر النبي (ص) والوقوف عنده والدعاء عنده من الأمور المعلومة عند مالك وأن عمل الناس علي ذلك قبله وفي زمنه لو كان الأمر علي خلاف ذلك لأنكره فضلا عن أن يفتي به أو يقره عليه وقال مالك في رواية ابن وهب إذا سلم علي النبي (ص) ودعا يقف ووجهه إلي القبر لا إلي القبلة ويدعو ويسلم ولا يمس القبر بيده نعم في المبسوطة لا أري أنه يقف عنده ويدعو ولكن يسلم ويمضي وانما ذكرت كلام المبسوطة لأن من حق العالم الذي يؤخذ بكلامه أن يذكر ماله وما عليه لأن ذلك من الدين وقال أبوعبدالله محمد بن عبد الله السمري في كتاب المستوعب في باب زيارة قبر النبي (ص) واذا قدم مدينة رسول الله (ص) استحب له أن يغتسل لدخوله ثم يأتي [ صفحه 62] مسجد رسوله الله (ص) ويقدم رجله اليمني في الدخول ثم يأتي حائط القبر فيقف ناحيته ويجعل القبر تلقاء وجهه والقبلة خلف ظهره والمنبر عن يساره ثم ذكر كيفية السلام والدعاء وأطال ومنه اللهم أنك قلت في كتابك لنبيك عليه الصلاة والسلام (وَلوأنَّهُم إِذ ظلمُوا أنفُسَهُم جآءوَك) [101] الآية وأني قد أتيتك مستغفرا فأسألك أن توجب لي المغفرة كما أوجبتها لمن أتاه في حال حياته اللهم إني أتوجه إليك بنبيك وذكر دعاء طويلا ثم قال واذا أراد الخروج عاد إلي القبر فودع وهذا أبوعبدالله من أئمة الحنابلة وساق هذا الكلام سياق المتفق عليه ومن جملة ما أفاد أنه يتوسل بالنبي (ص) ويتوجه به بعد وفاته كما في حياته وأن الآية عامة وشاملة للحياة وبعد الوفاة فتنبه لذلك وكذلك ذكره أبو منصور الكرماني من الحنفية أنه يدعو ويطيل الدعاء عند القبر المكرم وقال الأمام أبو زكريا النووي في مناسكه وغيره فصل في زيارة قبر النبي (ص) وذكر كلاما مطولا ثم قال فإذا صلي تحية المسجد أتي القبر فاستقبله واستدبر القبلة علي نحو أربعة إذرع من جدار القبر وسلم مقتصدا لا يرفع صوته وذكر كيفية السلام ثم قال ويجتهد في إكثار الدعاء ويغتنم هذا الموقف الشريف إلخ فهذه نقول الأئمة بتطويل الدعاء عند القبر المكرم وقد خاب من افتري وكل أحد تلحقه الخيبة علي قدره " [102] . [ صفحه 63] وهذا ابن تيمية بنفسه يؤكد النقل عن الإمام مالك فقد قال في كتابه الرد علي الأخنائي: " وقال مالك رضي الله عنه ذلك لأن هذا هو المنقول عن ابن عمر أنه كان يقول السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبت أو يا أبتاه ثم ينصرف ولا يقف يدعو فرأي مالك ذلك من البدع قال وقال مالك في رواية ابن وهب إذا سلم علي النبي (ص) ودعا يقف ووجهه إلي القبر لا إلي القبلة ويدنو ويسلم ولا يمس القبر بيده فقوله في هذه الرواية إذا سلم ودعا قد يريد بالدعاء السلام فانه قال يدنو ويسلم ولا يمس القبر بيده ويؤيد ذلك أنه قال في رواية ابن وهب يقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وقد يريد أنه يدعو له بلفظ الصلاة كما ذكر في الموطأ من رواية عبدالله بن دينارعن ابن عمر أنه كان يصلي علي النبي (ص) وعلي أبي بكر وعمر وفي رواية يحيي بن يحيي وقد غلطه ابن عبد البر وغيره وقالوا إنما لفظ الرواية ما ذكره ابن القاسك والقعنبي وغيرهما يصلي علي النبي (ص) وعلي أبي بكر وعمر قال أبو الوليد الباجي وعندي أنه يدعو للنبي (ص) بلفظ الصلاة ولأبي بكر وعمر لما في حديث ابن عمر من الخلاف قال القاضي عياض وقال في المبسوط لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج إلي سفر أن يقف علي قبر النبي (ص) فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر فان كان أراد بالدعاء السلام أو الصلاة فهو موافق لتلك [ صفحه 64] الرواية وان كان أراد دعاء زائدا فهي رواية أخري وبكل حال فانما أراد الدعاء اليسير وأما ابن حبيب فقال ثم يقف بالقبر متواضعا موقرا فيصلي عليه ويثني بما يحضر ويسلم علي أبي بكر وعمر فلم يذكر إلا الثناء عليه مع الصلاة والإمام أحمد ذكر الثناء عليه بلفظ الشهادة بذلك مع الدعاء له بغير الصلاة مع دعاء الدإعي لنفسه أيضا ولم يذكر أن يطلب منه شيئا ولا يقرأ عند القبر قوله تعالي: (وَلوأنَّهُم إِذ ظلمُوا أنفسَهُم جآءوَكَ فَآستغفروَا الله وَاستغفر لهُم إلرسُول لوجَدوَا الله توابا رحِيمًا) ولم يذكر ذلك أحمد والمتقدمون من أصحابه ولا جمهورهم بل قال في منسك المروذي ثم أئت الروضة وهي بين القبر والمنبر فصل فيها وادع بما شئت ثم ائت قبر النبي (ص) فقل السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا محمد بن عبدالله أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله وأشهد أنك بلغت رسالة ربك ونصحت لأمتك وجاهدت في سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة وعبدت الله حتي أتاك اليقين فجزاك الله أفضل ما جزي نبيا عن أمته ورفع درجتك العليا وتقبل شفاعتك الكبري وأعطاك سؤلك في الآخرة والأولي كما تقبل من ابراهيم اللهم احشرنا في زمرته وتوفنا علي سنته وأوردنا حوضه واسقنا بكأسه مشربا رويا لا نظمأ بعدها أبدا " [103] . فمن تتبع كلمات ابن تيمية المتقدمة يجد فيها المحاولة [ صفحه 65] المستميتة منه لكي يهر من الحقيقة فتارة يقول الدعاء بمعني السلام فلما عجز قال المراد من الدعاء للرسول وليس للداع ولما عجز قال الدعاء هنا دعاء قصير ولكنه سلم أنه دعا وأنه مستقبل القبر بالدعاء.

محمد بن المكندر و استقباله للقبر عند الدعاء

وهذا محمد بن المكندر يستقبل القبر في الدعاء فقد قال ابن عساكر في تاريخ دمشق: " أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت أنا أبوطاهر بن محمود أنا أبوبكر بن المقريء نا محمد بن جعفر الزراد نا عبيد الله بن سعد نا يعقوب بن إبراهيم عن أبيه قال رأيت محمد بن المنكدر يصلي في مقدم المسجد فإذا انصرف مشي قليلا ثم استقبل القبلة فمد يديه ودعا ثم يمشي ثم ينحرف عن القبلة ويشهريديه ويدعو قال كان يفعل ذلك حتي يخرج من المسجد فعل المودع " [104] . وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: " وقال ابراهيم بن سعد رأيت ابن المنكدر يصلي في مقدم المسجد فإذا انصرف مشي قليلا ثم استقبل القبلة ومد يديه ودعا ثم ينحرف عن القبلة ويشهر يديه ويدعو يفعل ذلك حين يخرج فعل [ صفحه 66] المودع " [105] .

تصريح القوم باستقبال من نحترمه في حال الجلوس

وأما كلماتهم حول احترام من يجلس أمامهم فقد قالوا كما في تهذيب الآثار مسند علي: " فأحب المجالس إلينا أن يجلسه المرء ما كان مقابل القبلة في بعض الأحوال وذلك إذا كان منفردا في مجلسه ولم يكن شيء يدعوه إلي إستدبارها، ولست و ان اخترت ذلك أكره الجلوس مستدبر القبلة لمن جلسه في الحال التي به حاجة إلي الجلوس كذلك لسبب يدعوه إليه. أما الجلوس بين يدي عالم أو ذي سلطان أو حاكم أو بين يدي من به الحاجة إلي الجلوس بين يديه كذلك عند انصرإفه من صلاته في حال يكون فيها إمام قوم وإنما اخترت الجلوس بين يدي العالم أو ذي سلطان أو بين يديه من دعا المرء إلي الجلوس بين يديه كذلك للذي ذكر البراء في حديثه أنهم جلسوا حول رسول الله (ص) إذ جلس رسول الله (ص) مستقبل القبلة فمعلوم أنهم إذ جلسوا حوله وهو جالس مستقبل القبلة أن من كان منهم بين يديه جالسا كان لا شك جلوسه مستدبر القبلة لإنهم لم يكونوا يولون رسول الله (ص) ظهورهم إذا جلسوا بين يديه بل كانوا يستقبلونه بوجوههم وفي استقبالهم إياه بوجوههم في حال ما كان رسول الله (ص) مستقبل القبلة بوجهه استدبارهم القبلة بأدبارهم في مجالسهم وفي ذلك [ صفحه 67] دليل علي صحة ما قلنا من أن استقبال القبلة بالوجه إنما هو اختيار لمن كان لا يدعوه سبب من الأسباب التي ذكرنا وما أشبهه إلي استدبارها. وأما اختياري للامام الذي يصلي بقوم أن يستقبلهم بوجهه بعد فراغه من صلاته أن ينحرف عن القبلة بوجهه فالذي حدثنا به مجاهد بن موسي حدثنا يزيد بن هرون أنبأنا جرير ابن حازم قال سمعت أبا رجاء العطاردي يحدث عن سمرة بن جنذب قال كان رسول الله (ص) إذا صلي الغداة أقبل علينا بوجهه " [106] . وقال الشرواني في الحواشي: " قوله (ولو في الدعاء) وقال الصيمري وغيره يستقبلهم بوجهه في الدعاء وقولهم من أدب الدعاء استقبال القبلة مرادهم غالبا لا دائما " [107] . وقال الشربيني في مغني المحتاج: " قال في المجموع وغيره ويستحب للامام أن يقبل عليهم في الذكر والدعاء والأفضل جعل يمينه إليهم ويساره إلي المحراب وقيل عكسه وقال الصيمري وغيره يستقبلهم بوجهه في الدعاء. وقولهم من أدب الدعاء استقبال القبلة مرادهم غالبا [ صفحه 68] لا دائما " [108] . فإذا ثبت هذا في صلاة الجماعة أو الجمعة أو في مخاطبة العلماء والأعاظم فرسول الله (ص) هو أعظم العظماء فهل أجعله خلف ظهري في أثناء الدعاء أو الجلوس أم أنه لا حرمة له عند القوم؟!! سؤال: قد يقال لكم ولكنكم تتوسلون بغير الله وهذا نوع من العبادة وهي لا تجوز لغير الله سبحانه وتعالي فلماذا تفعلون ذلك وبما ذا تجيبون. الجواب: لا بد لنا أولا من أن نعرف التوسل ثم بعد ذلك نقسم السؤال إلي عدة أسئلة ونجيب علي كل سؤال من هذه الأسئلة المتعددة. [ صفحه 69]

ما هو التوسل

الجواب: التوسل هو طلب حصول منفعة أو دفع مضرة من الله ومن الغير بذكر اسم نبي أو ولي أو عزيز إكراما للمتوسل به.

هل يجوز لنا أن نتوسل إلي الله بحق أحدا من خلقه أم أن هذا الفعل شرك لا يجوز

الجواب: عندما بحثنا في الأدلة الشرعية وجدنا فيها ما يدل علي جواز التوسل إلي الله بأحد من خلقه أو بعمل من الأعمال قال تعالي: (يَأيهَا الذين ءامَنوا اتقوا الله وَابتغوا إِلَيهِ الَؤسيلَة وَجهدوأ في سَبِيله - لَعَلكم تفلِحُونَ) [109] ومن هذه الأدلة المجوزة للتوسل بالعمل [ صفحه 70] الصالح توسل الثلاثة الذين وقعت عليهم الصخرة وهم في الغار: فقد قال البخاري في صحيحه: " حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري حدثني سالم بن عبدالله أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله (ص) يقول انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتي أووا المبيت إلي غار فدخلوه فا نحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فقال رجل منهم اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا فنأي بي في طلب شيء يوما فلم أرح عليهما حتي ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا فلبثت والقدح علي يدي أنتظر استيقاظهما حتي برق الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج قال النبي (ص) وقال الآخر اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إلي فأردتها عن نفسها فامتنعت مني حتي ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينارعلي أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت حتي إذا قدرت عليها قالت لا أحل لك أن تفض الخاتم الا بحقه فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها اللهم إن كنت فعلت ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة غير [ صفحه 71] أنهم لا يستطيعون الخروج منها قال النبي (ص) وقال الثالث اللهم إني استأجرت أجراء فاعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتي كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال يا عبدالله أد إلي أجري فقلت له كل ما تري من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال يا عبدالله لا تستهزيء بي فقلت إني لا أستهزيء بك فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون " [110] . وقال الإمام أحمد في المسند: " حدثنا عبدالله حدثني أبي حدثنا يحيي بن حماد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس عن النبي (ص) ان ثلاثة نفر فيما سلف من الناس انطلقوا يرتادون لأهلهم فأخذتهم السماء فدخلوا غارا فسقط عليهم حجر متجاف حتي ما يرون منه حصاصة فقال بعضهم لبعض قد وقع الحجر وعفا الأثر ولا يعلم بمكانكم الا الله فادعوا الله بأوثق أعمالكم قال فقال رجل منهم اللهم ان كنت تعلم انه قد كان لي والدان فكنت أحلب لهما في إنائهما فآتيهما فإذا وجدتهما راقدين قمت علي رؤوسهما كراهية ان أرد سنتهما في رؤوسهما حتي يستيقظا متي استيقظا اللهم ان كنت تعلم اني إنما [ صفحه 72] فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك ففرج عنا فزال ثلث الحجر وقال الآخر اللهم ان كنت تعلم اني إستأجرت أجيرأ علي عمل يعمله فأتاني يطلب أجره وأنا غضبان فزبرته فانطلق فترك أجره ذلك فجمعته وثمرته حتي كان منه كل المال فأتاني يطلب أجره فدفعت إليه ذلك كله ولو شئت لم أعطه الا أجره الأول اللهم ان كنت تعلم اني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك ففرج عنا قال فزال ثلثا الحجر وقال الثالث اللهم ان كنت تعلم انه أعجبته امرأة فجعل لها جعلا فلما قدر عليها وقر لها نفسها وسلم لها جعلها اللهم ان كنت تعلم اني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك ففرج عنا فزال الحجر وخرجوا معانيق يتماشون قال أبوعبيد بن عبدالله حدثنا أبو بحر حدثنا أبوعوانة عن قتادة قال عبدالله عن أنس فذكر نحوه " [111] . وراجع المصادر التالية: تاريخ واسط ج: 1 ص 168 ص:169 و الدر المنثورج: 5 ص:364 و مسند الشاميين ج:4 ص:228 و الترغيب والترهيب ج:1 ص: 21 وشعب الإيمان ج:4 ص:298 و مجمع الزوائد ج:8 ص:140 ونوادر الأصول في أحاديث الرسول ج:3 ص:158 و الدعاء ج: 1 [ صفحه 73] ص:243 وسلاح المؤمن في الدعاء ج:1 ص:179 والفوائد ج:1 ص: 167 والعشرات من المصادر.

توسل آدم بالنبي قبل ولادته

ومن أدلة التوسل بالرسول توسل آدم بالنبي (ص) قبل ولادته: فقد قال الحاكم في المستدرك: " حدثنا أبوسعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل حدثنا أبوالحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي حدثنا أبو الحارث عبدالله بن مسلم الفهري حدثنا إسماعيل بن مسلمة أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) لما اقترف ادم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت علي قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلي اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك هذا حديث صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب " [112] . [ صفحه 73] وقال محمد بن محمد في سلاح المؤمن في الدعاء: " وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت علي قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلي اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله تعالي صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي أما إذ سألتني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما غفرت لك وما خلقتك). رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد " [113] . وقال ابن تيمية في التوسل والوسيلة: " الحديث الذي رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب مرفوعا وموقوفا عليه إنه لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي قال وكيف عرفت محمدا قال لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك، رفعت رأسي فرأيت علي قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلي اسمك إلا أحب الخلق إليك قال صدقت يا آدم ولولا محمد ما خلقتك وهذا الحديث رواه الحاكم في [ صفحه 75] مستدركه من حديث عبدالله بن مسلم الفهري عن إسماعيل بن سلمة عنه وقال الحاكم وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن في هذا الكتاب وقال الحاكم هو صحيح ورواه الشيخ أبوبكر الآجري في الشريعة موقوفا علي عمر من حديث عبدالله بن إسماعيل بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم موقوفا ورواه الآجري أيضا من طريق آخر من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه موقوفا عليه وقال حدثنا هارون بن يوسف التاجر حدثنا أبو مروان العثماني حدثني أبو عثمان بن خالد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال من الكلمات التي تاب الله بها علي آدم قال اللهم إني أسألك بحق محمد عليك قال الله تعالي وما يدريك ما محمد قال يا رب رفعت رأسي فرأيت مكتوبا علي عرشك لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه أكرم خلقك " [114] . وكعادته حاول الطعن في الرواية وتضعيفها وعدم الاعتماد عليها ولكنه ومن حيث لا يدري وفي كتاب آخر نجده يستشهد بالرواية ذاتها ولكن في مسألة أخري غير التوسل وهذا نص كلامه فقد قال ابن تيمية في توحيد الألوهية: " وقد تقدم لفظ الحديث الذي في المسند عن ميسرة الفجر لما قيل له متي كنت نبيا قال (وآدم بين الروح والجسد) وقد رواه أبو [ صفحه 76] الحسين بن بشران من طريق الشيخ أبي الفرج بن الجوزي في (الوفا بفضائل المصطفي) حدثنا أبوجعفر محمد بن عمرو حدثنا احمد بن اسحاق بن صالح حدثنا محمد ابن صالح حدثنا محمد بن سنان العوفي حدثنا إبراهيم بن طهمان عن يزيد بن ميسرة عن عبدالله بن سفيان عن ميسرة قال قلت يا رسول الله متي كنت نبيا قال (لما خلق الله الأرض واستوي إلي السماء فسواهن سبع سموات وخلق العرش كتب علي ساق العرش محمد رسول الله خاتم الأنبياء وخلق الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء فكتب اسمي علي الأبواب والأوراق والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد فلما أحياه الله تعالي نظر الي العرش فرأي اسمي فأخبره الله انه سيد ولدك فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعنا (واستشفعا) باسمي إليه). وروي أبونعيم الحافظ في كتاب دلائل النبوة ومن طريق الشيخ أبي الفرج حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا أحمد بن رشدين حدثنا أحمد بن سعيد الفهري حدثنا عبدالله بن اسماعيل المدني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله (لما أصاب آدم الخطيئة رفع رأسه فقال يا رب بحق محمد إلا غفرت لي فأوحي اليه وما محمد ومن محمد فقال يا رب إنك لما أتممت خلقي رفعت رأسي الي عرشك فإذا عليه مكتوب لا إله الا الله محمد رسول الله فعلمت أنه أكرم خلقك عليك إذ قرنت اسمه مع اسمك فقال نعم قد غفرت لك وهو آخرالأنبياء من ذريتك ولولاه [ صفحه 77] ما خلقتك (فهذا الحديث يؤيد الذي قبله وهما كالتفسير للأحاديث الصحيحة) " [115] . وقال تقي الدين الحصني الدمشقي في دفع شبه من شبه وتمرد: " وهذا آدم عليه السلام توسل به كما هو مشهور ورواه غير واحد من الأئمة منهم الحاكم في مستدركه علي الصحيحين من حديث عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) لما إقترف آدم الخطيئة قال يا رب بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمد ولم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت علي قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلي إسمك إلا أحب الخلق إليك فقال يا آدم إنه لأحب الخلق إلي واذا سألتني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد لما خلقتك قال الحاكم صحيح الإسناد ورواه الطبراني وزاد وهو آخر الأنبياء من ذريتك ورواه الحاكم أيضا من حديث إبن عباس رضي الله عنهما بزيادة بلفظ أوحي الله إلي عيسي يا عيسي آمن بمحمد ومرمن أدركه من أمتك أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار. ولقد خلقت العرش علي الماء فأضطرب فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول [ صفحه 78] الله فسكن قال الحاكم في مستدركه هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه يعني البخاري ومسلم فهذا الإمام الحافظ قد كفانا المؤنة وصحح الحديث وقد رواه غير واحد من الحفاظ وأئمة الحديث بألفاظ منهم أبو محمد مكي وأبو الليث السمرقندي وغيرهما أن آدم عليه السلام عند إقترافه قال اللهم بحق محمد عليك إغفر لي خطيئتي ويروي نفيل فقال الله من أين عرفت محمدا قال رأيت في كل موضع من الجنة مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله. ويروي محمد عبدي ورسولي فعلمت أنه أكرم خلقك عليك فتاب الله عليه وغفر له وفي رواية الحافظ الآجري فقال آدم لما خلقتني رفعت رأسي إلي عرشك فإذا فيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه ليس أحد أعظم قدرا عندك ممن جعلت اسمه مع اسمك فأوحي الله إليه وعزتي وجلالي أنه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك قال وكان آدم عليه السلام يكني أبا محمد. بدا مجده من قبل نشأة آدم وأسماؤه في العرش من قبل تكتب [116] .

توسل الأعمي بالرسول

ومن تلك الأدلة توسل الأعمي بالرسول (ص): فقد قال الحاكم في المستدرك: [ صفحه 79] " أخبرنا حمزة بن العباس العقبي ببغداد حدثنا العباس بن محمد الدوري حدثنا عون بن عمارة البصري حدثنا روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن رجلا ضرير البصر أتي النبي (ص) فقال يا رسول الله علمني دعاء أدعوبه يرد الله علي بصري فقال له قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة يا محمد إني قد توجهت بك إلي ربي اللهم شفعه في وشفعني في نفسي فدعا بهذا الدعاء فقام وقد أبصر تابعه شبيب بن سعيد الحبطي عن روح بن القاسم زيادات في المتن والإسناد والقول فيه قول شبيب فإنه ثقة مأمون " [117] . وقال أيضا: " أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه حدثنا الحسن بن مكرم حدثنا عثمان بن عمرو حدثنا شعبة وأخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي جعفر المدني قال سمعت عمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن رجلا ضريرا أتي النبي (ص) فقال ادع الله تعالي أن يعافيني قال إن شئت أخرت ذلك و ان شئت دعوت قال فادعه قال فأمره أن يتوضأ فيحسن الوضوء [ صفحه 80] ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء اللهم أسألك وأتوجد إليك بنبيك محمد (ص) نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربك في حاجتي هذه فتقضيها لي اللهم شفعه في وشفعني فيه هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه " [118] . وقال أيضا: " حدثنا أبوالعباس محمد بن يعقوب حدثنا العباس بن محمد الدوري حدثنا عثمان بن عمر حدثنا شعبة عن أبي جعفر المديني قال سمعت عمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضريرا أتي النبي (ص) فقال ادع الله أن يعافني فقال إن شئت أخرت ذلك وهو خير وان شئت دعوت قال فادعه قال فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء فيقول اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه فتقضي لي اللهم شفعه في وشفعني فيه هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه " [119] . وقال ابن خزيمة في صحيحه: " حدثنا محمد بن بشار و أبو موسي قالا حدثنا عثمان بن عمر حدثنا شعبة عن أبي جعفر المدني قال سمعت عمارة بن خزيمة [ صفحه 81] يحدث عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير أتي النبي (ص) فقال أدع الله أن يعافيني قال إن شئت أخرت ذلك وهو خير وان شئت دعوت قال أبوموسي قال فادعه وقالا فأمره أن يتوضأ قال بندار فيحسن وقالا ويصلي ركعتين ويدعوا بهذا الدعاء اللهم إني أسالك وأتوجد إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه فتقضي لي اللهم شفعه في زاد أبوموسي وشفعني فيه قال ثم كأنه شك بعد في وشفعني فيه " [120] . وقال النسائي في السنن الكبري: " أخبرنا محمود بن غيلان قال حدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا شعبة عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتي النبي (ص) فقال ادع الله تعالي أن يعافيني قال إن شئت دعوت وان شئت صبرت فهو خير لك قال فادعه فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء اللهم إني أسالك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه فتقضي لي اللهم شفعه في خالفهما هشام الدستوائي وروح بن القاسم فقالا عن أبي جعفر عمير بن يزيد بن خراشة عن أبي أمامة بن سهل عن عثمان بن حنيف " [121] . [ صفحه 82] راجع المصادر التالية: المجروحين ج:2 ص:197 وسنن الترمذي ج:5 ص:569 ومسند الإمام أحمد بن حنبل ج:4 ص:138 ومسند عبد بن حميد ج:1 ص:147 وسلاح المؤمن في الدعاء ج:1 ص:451 وعمل اليوم والليلة ج: 1 ص: 417 و البيان والتعريف ج: 1 ص: 141 وفيض القدير ج:2 ص:134 و تهذيب الكمال ج:19 ص:359 و تاريخ مدينة دمشق ج:64 ص: 94 والمعرفة والتاريخ ج:3 ص: 295 والترغيب والترهيب ج:1 ص:272. وفي النصوص الآتية محاولة للهروب من الحديث تارة بالسند وأخري بالدلالة: " فقد قال سليمان بن عبد بن محمد بن عبد الوهاب: ولكن لعباد القبورعلي هذا شبهات ذكر المصنف كثيرا منها في كشف الشبهات ونحن نذكر هنا ما لم يذكره فمن ذلك أنهم احتجوا بحديث رواه الترمذي في جامعه حيث قال حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عثمان بن عمرو حدثنا شعبة عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتي النبي (ص) فقال ادع الله أن يعافيني قال إن شئت دعوت وان شئت صبرت فهو خير لك قال فادعه فأمره أن يتوضا ويحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء اللهم إني أسالك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة إني [ صفحه 83] توجهت به إلي ربي في حاجتي هذه لتقضي اللهم فشفعه في قال هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من رواية أبي جعفر وهو غير الخطمي هكذا رواه الترمذي ورواه النسائي وابن شاهين والبيهقي كذلك وفي بعض الروايات يا محمد إني أتوجه إلي آخره وهذه اللفظة هي التي تعلق بها المشركون وليست عند هؤلاء الأئمة قالوا فلو كان دعاء غير الله شركا لم يعلم النبي (ص) الأعمي هذا الدعاء الذي فيه نداء غير الله والجواب من وجوه الأول أن هذا الحديث من أصله وان صححه الترمذي فإن في ثبوته نظرا لأن الترمذي يتساهل في التصحيح كالحاكم لكن الترمذي أحسن نقدا كما نص علي ذلك الأئمة ووجه عدم ثبوته أنه قد نص أن أبا جعفر الذي عليه مدار هذا الحديث هو غير الخطمي واذا كان غيره فهو لا يعرف ولعل عمدة الترمذي في تصحيحه أن شعبة لا يروي إلا عن ثقة وهذا فيه نظر فقد قال عاصم بن علي سمعت شعبة يقول لو لم أحدثكم إلا عن ثقة لم أحدثكم إلا عن ثلاثة وفي نسخة عن ثلاثين ذكره الحافظ العراقي وهذا اعتراف منه بأنه يروي عن الثقة وغيره فينظر في حاله ويتوقف الاحتجاج به علي ثبوب صحته الثاني أنه في غير محل النزاع فأين طلب الأعمي من النبي (ص) أن يدعو له وتوجهه بدعائه مع حضوره من دعاء الأموات والسجود لهم ولقبورهم والتوكل عليهم " [122] . [ صفحه 84] فأقول بأن تضعيفه لرواية الترمذي غير ممكن فأن شعبة يقول لو لم أحدثكم إلا عن ثقة لم أحدثكم إلا عن ثلاثة وفي نسخة عن ثلاثين وهذا لا يدل علي أن شعبة يروي عن غير الثقاة وانما يدل علي عدم الرواية عن غير الثقاة ولذلك بين وقال لو حدثتكم عن غير الثقة لن أحدثكم إلا عن هؤلاء. وأما النقاش في الدلالة وقوله فأين هذا من التوكل علي الأموات والسجود لهم فنقول له نحن لا نريد التوكل علي الأموات ولا السجود لهم و انما نريد التوسل فقط بهم. وقال حافظ بن أحمد حكمي في معارج القبول: " وأما حديث الأعمي الذي يحتج به المجوزون للتوسل بالمقبور فلا حجة لهم فيه بحمد الله لوفهموا معناه ووضعوه موضعه ولكنهم أخطأوا في تأويله ولم يوفقوا لفهم مدلوله فإن هذا الحديث بجميع الفاظه هو بمعزل عن مدعاهم وهذه الفاظه من الكتب التي خرج فيها قال الترمذي رحمه الله تعالي حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عثمان بن عمر حدثنا شعبة عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتي النبي (ص) فقال أدع الله أن يعافيني قال إن شئت دعوت و ان شئت صبرت فهو خير لك قال فادعه قال فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي [ صفحه 84] الرحمة إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه لتقضي لي اللهم فشفعه في هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهوغير الخطمي ا ه قلت الظاهر بالاستقراء أن أبا جعفر هذا هو الرازي التيمي مولاهم مشهور بكنيته وهو من رجال الأربعة واسمه عيسي بن أبي عيسي عبدالله بن ماهان وأصله من مرو كان يتجر إلي الري روي عن عطاء وعمرو بن دينار وقتادة وعنه أبوعوانة وشعبة كما في هذا الحديث قال ابن معين ثقة وقال ابن المديني ثقة يخلط عن المغيرة وقال الفلاس سيء الحفظ وقال أبو حاتم ثقة صدوق صالح الحديث وقال في التقريب صدوق سيء الحفظ خصوصا عن المغيرة من كبار السابعة مات في حدود الستين ومائة والظاهر من عباراتهم أن تخليطه عن المغيرة خاصة وهو ثبت فيمن سواه وبهذا يجمع بين قول من يضعفه وقول من يوثقه كيف ومن الموثقين له شيخا البخاري يحيي بن معين وعلي بن المديني وهما هما والله أعلم. وروإه النسائي عن عثمان بن حنيف ولفظه أن رجلا أعمي قال يا رسول الله أدع الله أن يكشف لي عن بصري قال فانطلق فتوضأ ثم صلي ركعتين ثم قال اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبي محمد (ص) نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي أن يكشف عن بصري اللهم فشفعه في قال فرجع وقد كشف الله بصره. وقال أحمد رحمه الله تعالي في مسنده حدثنا روح حدثنا [ صفحه 86] شعبة عن عمير بن يزيد الخطمي المديني قال سمعت عمارة بن خريمة بن ثابت يحدث عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضريرا أتي النبي (ص) فقال يا نبي الله أدع الله أن يعافيني فقال إن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك وان شئت دعوت لك قال بل ادع الله لي فأمره أن يتوضأ وأن يدعو بهذا الدعاء اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي في حاجتي هذه فتقضي لي اللهم فشفعني فيه وشفعه في قلت عمير بن يزيد الخطمي هذا هو أبو جعفر الذي فرق الترمذي بينه وبين أبي جعفر المذكور في روايته وقد قلنا الظاهر أنه هو الرازي التيمي وكلاهما شيخ لشعبة وكلاهما صدوق فيحتمل أن كلا منهما سمعه من عمارة وسمعه شعبة من كليهما وحدث به مرة عن هذا ومرة عن هذا فرواه عثمان بن عمر عن شعبة عن أبي جعفر الرازي التيمي وسمعه روح منه عن الخطمي فحدث به كذلك والله عزوجل اعلم والمقصود أن هذا الحديث إن جزمنا بصحته فليس فيه لهم حجة ولا دليل علي ما انتحلوه بأفكارهم الخاطئة " [123] . فنلاحظ هنا أن الرجل لم يستطع أن يهرب من صحة الرواية علي كل الطرق فسلم بها ولكنه حاول التلاعب بالدلالة والتي هي أوضح من أن يردها أي شخص لوضوحها التام. [ صفحه 87] ولأجل أن نكمل الطريق بهذه الرواية فإننا سوف ننقل لكم اعتماد ابن تيمية علي هذه الرواية في كتابه الجواب الصحيح وهو يسرد مكانة النبي (ص) واستجابة الله لدعائه. فقد قال ابن تيمية في الجواب الصحيح: " وفي الترمذي وغيره عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضريرا أتي رسول الله (ص) فقال ادع الله تعالي ان يعافيني قال ان شئت صبرت فهو خير لك وان شئت دعوت الله قال فادعه قال فأمره أن يتوضأ فيحسن الوضوء فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء اللهم إني اسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي في حاجتي هذه فتقضيها لي اللهم فشفعه في وفي رواية قال يا رسول الله ليس لي قائد وقد شق علي وذكر الحديث فقال عثمان والله ما تفرقنا ولا طال الحديث بنا حتي دخل الرجل وكأنه لم يكن به ضر قط قال الترمذي حديث صحيح " [124] . وقال ابن تيمية في التوسل والوسيلة: " وقد روي الترمذي حديثا صححه عن النبي (ص) أنه علم رجلا أن يدعو فيقول اللهم غني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلي ربي في حاجتي ليقضيها لي اللهم شفعه في وروي النسائي نحو هذا الدعاء [ صفحه 88] وفي الترمذي وابن ماجه عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضريرا أتي النبي (ص) فقال ادع الله يعافيني فقال إن شئت دعوت وان شئت صبرت فهو خير لك فقال فادعه فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء اللهم إني أسالك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا رسول الله محمد إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه لتقضي اللهم شفعه في قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح ورواه النسائي عن عثمان بن حنيف ولفظه أن رجلا أعمي قال يا رسول الله ادع الله أن يكشف عن بصري قال فانطلق فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي فهذا الحديث فيه التوسل به إلي الله في الدعاء فمن الناس من يقول هذا يقتضي جواز التوسل به مطلقا حيا وميتا... الخ الرواية " [125] . سؤال: قد يقال لك بأن هذا التوسل الذي ذكرته كان بحضور النبي (ص) فما الدليل علي جواز التوسل بالنبي (ص) وهو غائب أوبعد وفاته؟ [ صفحه 89] الجواب: أقول بأن الإشكال كان حول جواز جعل الواسطة بيننا وبين الله هل هي جائزة أم لا؟ فتبين لنا من الأدلة المتقدمة جواز ذلك وليس فيه أي شرك علي الإطلاق ولا فرق هنا في باب العقيدة والمعتقد بين الحي والميت فإذا كان التوسل إلي الله بالحي جائز وليس بشرك فكذلك في التوسل بالميت ليس بشرك. نعم يحق لكم السؤال في الجواز الشرعي من الناحية الفقهية وليس من الناحية العقائدية.

هل يجوز التوسل إلي الله بالميت أو الغائب

سؤال: نسألكم هل يجوز لكم التوسل إلي الله بالميت أوالغائب الذي لا يسمعنا ولا يرانا؟ الجواب: سوف تجده في هذه الباقة من الروايات والتي يتبين منها بأن التوسل لم يكن أمام النبي (ص) وأن الأعرابي ذهب وتوسل ورجع للمسجد وهو مبصر لأن الراوي يقول فو الله ما تفرقنا ولاطال بنا الحديث حتي دخل الرجل وكأنه لم يكن به ضر قط. إليك الآن بعضا من تلك المصادر: [ صفحه 90] قال الحاكم في المستدرك: " أخبرنا أبومحمد عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سهل الدباس بمكة من أصل كتابه حدثنا أبوعبدالله محمد بن علي بن زيد الصائغ حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي حدثني أبي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المدني وهو الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف قال سمعت رسول الله (ص) وجاءه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال يا رسول الله ليس لي قائد وقد شق علي فقال رسول الله (ص) ائت الميضاة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه. إليك بنبيك محمد (ص) نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربك فيجلي لي عن بصري اللهم شفعه في وشفعني في نفسي قال عثمان فو الله ما تفرقنا ولاطال بنا الحديث حتي دخل الرجل وكأنه لم يكن به ضر قط هذا حديث صحيح علي شرط البخاري ولم يخرجاه و انما قدمت حديث عون بن عمارة لأن من رسمنا أن نقدم العالي من الأسانيد " [126] . وقال السيوطي في شرح سنن ابن ماجه: " فقال بن حنيف والله ما كلمته ولكني شهدت رسول الله (ص) واتاه ضرير فشكي اليه ذهاب بصره فقال له النبي (ص) أو [ صفحه 91] تصبر فقال يا رسول الله ليس لي قائد وقد شق علي فقال له النبي (ص) ايت الميضاة وتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات قال بن حنيف فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتي دخل علينا الرجل كان لم يكن به ضرر قط ورواه البيهقي من طريقين نحوه وأخرج الطبراني في الكبير والمتوسط بسند فيه روح بن صلاح وثقة بن حبان والحاكم وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح " [127] . وهذه الرواية التي سوف أقدمها لك الآن تبين الأمرين معا أي الدعاء في غياب النبي وفي وفاته (ص): قال السيوطي في شرح سنن ابن ماجه: " وأما بعد مماته فقد روي الطبراني في الكبير عن عثمان بن حنيف المقدم ان رجلا كان يختلف الي عثمان بن عفان رض في حاجة له فكان لا يلتفت اليه ولا ينظر في حاجته فلقي بن حنيف فشكي اليه ذلك فقال له بن حنيف ائت الميضاة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل ركعتين ثم قل اللهم اني أسألك واتوجه إليك بنبينا محمد (ص) بني الرحمة يا محمد إني اتوجه إليك الي ربك فتقضي حاجتي وتذكر حاجتك فانطلق الرجل فصنع ما قال ثم أتي باب عثمان فجاء البواب حتي أخذه بيده فأدخله علي عثمان فأجلسه معه علي الطنفسة فقال حاجتك فذكر حاجته فقضاها له ثم قال ما [ صفحه 92] ذكرت حاجتك حتي كان الساعة وقال ما كانت لك من حاجة فاذكرها ثم ان الرجل خرج من عنده فلقي بن حنيف... " [128] . وقال في تحفة الأحوذي: " تنبيه قال الشيخ عبد الغني في إنجاح الحاجة ذكر شيخنا عابد السندي في رسالته والحديث يدل علي جواز التوسل والاستشفاع بذاته المكرم في حياته وأما بعد مماته فقد روي الطبراني في الكبير عن عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلي عثمان بن عفان في حاجة له فذكر الحديث قال وقد كتب شيخنا المذكور رسالة مستقلة فيها التفصيل من أراد فليرجع إليها انتهي. وقال الشوكاني في تحفة الذاكرين وفي الحديث دليل علي جواز التوسل برسول الله إلي الله عزوجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالي وأنه المعطي المانع ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن انتهي" [129] . وقال الطبراني في المعجم الكبير: " حدثنا طاهر بن عيسي بن قيرس المصري المقري حدثنا [ صفحه 93] أصبغ بن الفرج حدثنا بن وهب عن أبي سعيد المكي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي المدني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلي عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي بن حنيف فشكي ذلك إليه فقال له عثمان بن حنيف ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل اللهم اني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد (ص) نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي فتقضي لي حاجتي وتذكر حاجتك ورح حتي أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال له ثم أتي باب عثمان بن عفان رضي الله عنه فجاء البواب حتي أخذ بيده فأدخله علي عثمان بن عفان رضي الله عنه فأجلسه معه علي الطنفسة فقال حاجتك فذكر حاجته وقضاها له ثم قال له ما ذكرت حاجتك حتي كان الساعة وقال ما كانت لك من حاجة فأذكرها ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتي كلمته في فقال عثمان بن حنيف والله ما كلمته ولكني شهدت رسول الله (ص) وأتاه ضرير فشكي إليه ذهاب بصره فقال له النبي (ص) فتصبر فقال يا رسول الله ليس لي قائد وقد شق علي فقال النبي (ص) ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم أدع بهذه الدعوات قال بن حنيف فو الله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتي دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به [ صفحه 94] ضرقط " [130] . وقال الطبراني في المعجم الصغير: " حدثنا طاهر بن عيسي بن قيرس المصري التميمي حدثنا أصبغ بن الفرج حدثنا عبدالله بن وهب عن شبيب بن سعيد المكي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي المدني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلي عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه فقال له عثمان بن حنيف إئت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصلي فيه ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد (ص) نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربك ربي جل وعز فيقضي لي حاجتي وتذكر حاجتك ورح إلي حتي أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال له عثمان ثم أتي باب عثمان فجاء البواب حتي أخذ بيده فأدخله عثمان بن عفان فأجلسه معه علي الطنفسة وقال حاجتك فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له ما ذكرت حاجتك حتي كانت هذه الساعة وقال ما كانت لك من حاجة فأتنا ثم ان الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتي كلمته في فقال عثمان بن [ صفحه 95] حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله (ص) وأتاه ضرير فشكا عليه ذهاب بصره فقال له النبي صلي الله عليه وآله وسلم أفتصبر فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي فقال له النبي (ص) إئت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات قال عثمان فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتي دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضررقط لم يروه عن روح بن القاسم إلا شبيب بن سعيد أبوسعيد المكي وهو ثقة وهو الذي يحدث عن بن أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس بن يزيد الأبلي وقد روي هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر الخطمي واسمه عمير بن يزيد وهوثقة تفرد به عثمان بن عمر بن فارس بن شعبة والحديث صحيح وروي هذا الحديث عون بن عمارة عن روح بن القاسم عن محمد بن النكدرعن جابر رضي الله عنه وهم فيه عون بن عمارة والصواب حديث شبيب بن سعيد [131] . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: وعن عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلي عثمان بن عفان في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولاينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه فقال له عثمان بن حنيف ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل اللهم إني [ صفحه 96] أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد (ص) نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي فيقضي لي حاجتي وتذكر حاجتك ورح إلي حين أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال له ثم أتي باب عثمان فجاء البواب حتي أخذ بيده فأدخله علي عثمان بن عفان فأجلسه معه علي الطنفسة وقال حاجتك فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له ما ذكرت حاجتك حتي كانت هذه الساعة وقال ما كانت لك من حاجة فائتنا ثم أن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له جزإك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلفت إلي حتي كلمته في فقال عثمان بن حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله (ص) وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبي (ص) أو تصبر فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي فقال له النبي (ص) ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الكلمات فقال عثمان بن حنيف فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتي دخل عليه رجل كأنه لم يكن به ضررقط قلت روي الترمذي وابن ماجه طرفا من آخره خاليا عن القصة وقد قال الطبراني عقبة والحديث صحيح بعد ذكر طرقة التي روي بها باب الاستخارة " [132] . فبهذا الحديث بطل زعمهم أنه لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر، لأن هذا الأعمي لم يكن حاضرا في المجلس حين توسل [ صفحه 97] برسول الله بدليل أن راوي الحديث عثمان بن حنيف قال لما روي حديث الأعمي: " فوالله ما تفرقنا ولاطال بنا المجلس حتي دخل علينا الرجل وقد أبصر "، فمن قوله: " حتي دخل علينا "، علمنا أن هذا الرجل لم يكن حاضرا في المجلس حين توسل برسول الله ومما يثبت ذلك ويؤكده القصة المتعلقة بالرجل الذي كان يريد أن يدخل علي عثمان فهنا الأمر واضح لأن القصة حصلت في زمن خلافة عثمان. وعلي هذا فلا إشكال في التوسل إلي الله بالنبي (ص) في حضوره وفي غيبته وبعد وفاته.

هل من دليل علي جواز التوسل بأهل البيت و بالصالحين

سؤال: سلمنا معكم أنه يجوز التوسل إلي الله برسوله حيا وميتا ولكن هل هناك من دليل عندكم علي جواز التوسل بأهل البيت و بالصالحين؟ الجواب: نعم عندنا أدلة علي ذلك ومن مصادركم تقول بأن عمر بن الخطاب قد توسل إلي الله بالعباس بن عبد المطلب عم الرسول (ص) واليك المصادر: [ صفحه 98] فقد قال في البخاري: " حدثنا الحسن بن محمد حدثنا محمد بن عبدالله الأنصاري حدثني أبي عبدالله بن المثني عن ثمامة بن عبدالله بن أنس عن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا إستسقي بالعباس بن عبد المطلب فقال اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا (ص) فتسقينا وأنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال فيسقون " [133] . وقال ابن خزيمة في صحيحه: " أخبرنا أبوطاهر حدثنا أبوبكر نا محمد بن يحيي نا محمد بن عبدالله الأنصاري حدثني أبي عن ثمامة عن أنس بن مالك قال كان عمر بن الخطاب إذا قحطوا خرج يستسقي بالعباس فيقول اللهم إنا كنا إذا قحطنا إستسقينا بنبيك فتسقينا وإنا نستسقيك اليوم بعم نبيك أونبينا فاسقنا فيسقون قال الأنصاري كذا وجدت في كتابي بخطي فيسقون " [134] . وقال الطبراني في المعجم الأوسط: " حدثنا أبومسلم قال حدثنا محمد قال حدثني أبي عن [ صفحه 99] ثمارة بن عبدالله بن أنس (أن عمر خرج يستسقي وخرج بالعباس معه يستسقي فيقول اللهم إنا كنا إذا قحطنا علي عهد نبينا توسلنا إليك بنبيك اللهم وأنا نتوسل إليك بعم نبيك (ص))" [135] . وقال الطبري اللالكائي في كرامات الأولياء: " أخبرنا الحسين بن محمد بن خلف العطار ومحمد بن أحمد الصفار قالا حدثنا الحسين بن إسماعيل قال حدثنا عبدالله بن أبي سعد قال حدثنا أحمد بن يحيي بن جابر قال حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن جده عن أبي صالح عن ابن عباس قال استسقي عمر بن الخطاب بالعباس عام الرمادة فقال إن هؤلاء عبادك وبنو إمائك أتوك راغبين اليك متوسلين إليك بعم نبيك فاسقنا سقيا نافعة تعم العباد وتحيي البلاد اللهم إنا نستسقيك بعم نبيك (ص) ونستشفع إليك بشيبته " [136] . وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: " وروينا من وجوه عن عمر أنه خرج يستسقي وخرج معه بالعباس فقال اللهم أنا نتقرب إليك بعم نبيك ونستشفع به فأحفظ فيه نبيك كما حفظت الغلامين لصلاح أبيهما واتيناك مستغفرين [ صفحه 100] ومستشفعين " [137] . وقال الشوكاني في نيل الأوطار: " عن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقي بالعباس بن عبد المطلب فقال اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا (ص) فتسقينا و انا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا فيسقون رواه البخاري " [138] . وقال ابن عبد البر القرطبي في الاستذكار: " وروينا من وجوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خرج يستسقي فخرج معه العباس فقال اللهم إنا نتقرب إليك بعم نبيك ونستشفع به فاحفظ فينا نبيك كما حفظت الغلامين لصلاح أبيهما وأتيناك مستغفرين مستشفعين " [139] . وراجع المصادر التالية: الطبقات الكبري ج:3 ص: 321 وصحيح ابن حبان ج:7 ص:111 وتأويل مختلف الحديث ج:1 ص:253 وعمدة القاري ج:7 ص:32 والتمهيد ج:23 ص:434 وسير أعلام النبلاء ج:2 ص:91 [ صفحه 101] وتهذيب الكمال ج:14 ص:228 وتاريخ مدينة دمشق ج: 26 ص:355 وأخبار المدينة ج: 1 ص:392 وفضائل الصحابة ج:2 ص:932 والنهاية في غريب الأثر ج:4 ص:94 وسنن البيهقي الكبري ج:3 ص:352.

قد يقال لكم بأن عمر لم يتوسل بالعباس و إنما طلب منه أن يدع لهم

سؤال: قد يقول لكم القائل بأن الخليفة عمر طلب من العباس أن يدعو إلله لهم وعلي أقل تقدير قد يقال لكم بأنهم لم يتخذوه وسيلة من دون الله فما هو جوابكم؟ الجواب: أولاً أقول بأنه ومن قال لكم بأن هناك من المسلمين من يجوز أن يجعل شخصا مهما كان موقعه نبيا كان أوغير ذلك واسطة من دون الله؟ الجواب لا أحد وانما الموجود هو جعل النبي (ص) ومن صلح من العباد وسيلة إلي الله. ثانيا: أقول لقد صرحت الروايات السابقة بان عمر ومن كان معه تقربوا إلي الله بالعباس فراجع الروايات المتقدمة تجد ذلك [ صفحه 102] واضحا جليا، بل لقد صرحت بعض الروايات بالتوسل بالعباس بقولهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك أو بقولهم اتخذوه وسيلة إلي الله فتابعوا معي هذه المصادر: فقد قال الحاكم في المستدرك: " أخبرنا أبوزكريا يحيي بن محمد العنبري حدثنا الحسن بن علي بن نصر حدثنا الزبير بن بكار حدثني ساعدة بن عبيدالله المزني عن داود بن عطاء المدني عن زيد بن أسلم عن بن عمر أنه قال استسقي عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فقال اللهم هذا عم نبيك العباس نتوجه إليك به فاسقنا فما برحوا حتي سقاهم الله قال فخطب عمر الناس فقال أيها الناس إن رسول الله (ص) كان يري للعباس ما يري الولد لوالده يعظمه ويفخمه ويبر قسمه فاقتدوا أيها الناس برسول الله (ص) في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلي الله عزوجل فيما نزل بكم " [140] . وقال سليمان الطبراني في الدعاء: " حدثنا أبومسلم الكشي حدثنا محمد بن عبدالله الأنصاري حدثني أبي عن ثمامة بن عبدالله بن أنس عن أنس بن مالك ح وحدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا الزبير بن بكار حدثنا ساعدة بن عبيدالله عن داود بن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر [ صفحه 103] قال خرج عمر بن الخطاب يستسقي للناس عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فقال اللهم إن هذا عم نبيك عليه السلام نتوجه به إليك فاسقنا فما برحوا حتي سقاهم الله عزوجل فخطب عمر الناس فقال أيها الناس إن رسول الله (ص) كان يري للعباس ما يري الولد للولد ويعظمه ويفخمه فاقتدوا أيها الناس برسول الله (ص) في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلي الله فيما نزل بكم واللفظ لحديث الزبير بن بكار" [141] . وقال ابن حجر في فتح الباري: " وفيه فخطب الناس عمر فقال إن رسول الله (ص) كان يري للعباس ما يري الولد للوالد فاقتدوا أيها الناس برسول الله (ص) في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلي الله وفيه فما برحوا حتي سقاهم الله " [142] . وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: " الزبير بن بكارحدثنا ساعدة بن عبيدالله عن داود بن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال استسقي عمر عام الرمادة بالعباس فقال اللهم هذا عم نبيك نتوجه إليك به فاسقنا فما برحوا [ صفحه 104] حتي سقاهم الله فخطب عمر الناس فقال إن رسول الله (ص) كان يري للعباس ما يري الولد لوالده فيعظمه ويفخمه ويبر قسمه فاقتدوا أيها الناس برسول الله (ص) في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلي الله فيما نزل بكم " [143] . وقال ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق: " وأخبرناه أبومحمد بن طاوس وعبدالله بن المبارك بن طالب بن نبال وآباء الحسن علي بن عبد الكريم بن الكعكي وعلي بن عبد العزيزبن الحسين السماك وعلي بن الحسين بن الحسن بن الدنينير وكافور بن عبدالله الخصي وأبو القاسم صدقة بن محمد بن السياف وعبيدالله بن علي بن عبيدالله بن شاشير وأبوعامر محمد بن سعدون بن مرجا العبدري وأبوعبدالله محمد بن الحسن بن هبة الله وأبوحفص عمر بن ظفر بن أحمد وأبوالبقاء أحمد بن محمد بن عبد العزيز وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان وأبو منصور مبارك بن عثمان بن الحسين بن الشواء وأبوالمظفر محمد بن أحمد بن محمد بن الدباس وأبوالفتح عبد الرحمن بن محمد بن مرزوق ببغداد وأبو الرضا حيدر بن محمد بن أبي زيد وأبو سعد بنداربن محمد بن علي بن مما بأصبهان قالوا أنا أبوعبدالله مالك بن أحمد [ صفحه 105] قالوا أخبرنا أحمد بن محمد بن موسي حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي حدثنا الزبير بن بكار قاضي مكة حدثنا ساعدة بن عبيدالله عن داود بن عطاء المري عن زيد بن أسلم عن ابن عمر أنه قال استسقي عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فقال اللهم إن هذا عم نبيك نتوجه به إليك فاسقنا فما برحوا حتي سقاهم الله فخطب عمر الناس فقال يا أيها الناس إن رسول الله (ص) كان يري للعباس ما يري الولد لوالده فيعظمه ويفخمه ويبر قسمه ولا تناله يمينه فاقتدوا أيها الناس برسول الله (ص) في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلي الله فيما نزل بكم " [144] . وقال الشوكاني: " وأخرج أيضا من طريق داود بن عطاء عن زيد بن أسلم عن بن عمر قال استسقي عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب وذكر الحديث وفيه فخطب الناس عمر فقال إن رسول الله (ص) كان يري للعباس ما يري الولد للوالد فاقتدوا أيها الناس برسول الله (ص) في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلي الله وفيه فما برحوا حتي أسقاهم الله " [145] . [ صفحه 106]

قد يقال لكم بأن عمل عمر هذا دليل علي عدم جواز التوسل بالأموات

سؤال: قد يستشكل عليكم المستشكل هنا ويقول لكم بأن عمل الخليفة عمر هذا وقبول الصحابة وسكوتهم علي ذلك دليل علي عدم جوازالتوسل إلي الله بالميت وإلا لاستشكلوا علي عمر فطالبوه بالتوسل بالنبي (ص) وليس بالعباس؟ الجواب: أقول بأن فعل عمر لا يدل علي ما تفضلتم به وانما يدل علي أمر آخر وهو جواز التوسل بغير النبي (ص)، ولا يدل علي عدم جواز التوسل بالميت ففعل عمر ساكت عن هذه الجهة وتقرير الصحابة لا يستكشف منه إلا جواز التوسل بغير النبي (ص) ولا يستكشف منه غير ذلك فجواز التوسل بالميت مسكوت عنه هنا فتأتي تلك الروايات المتقدمة والمروية عن عثمان بن حنيف فتبين لنا جواز التوسل بالنبي (ص) بعد موته فلا تعارض في البين بين فعل عمر وعثمان حتي نرجح فعل وقول أحدهما علي الآخر. [ صفحه 107]

لماذا تتوسعون في من تتوسلون بهم و لم تقتصروا علي من توسل بهم الصحابة

الجواب: أولاً بهذا العمل من الصحابة علمنا بأنه لا مانع من أن نتخذ إلي الله بعض خلقه وسيلة لنا في الدعاء لأنه ثبت جواز ذلك من الصحابة وبهذا لا مجال لأن يقول القائل لماذا لا تتوجهون مباشرة إلي الله وأن اتخاذ الواسطة حرام. ثانيا: علمنا من هذا الفعل الصادر من الصحابة أنهم لا يريدون من العباس بذاته وانما صلته بالله وبرسوله وهذا الأمر يشمل كل الصالحين من عباده وبالخصوص أهل البيت كالإمام علي والسيدة الزهراء والإمامين الحسين والحسين وبقية أهل البيت الأطهار (ع) لما ثبت لنا بأن الرسول صلي الله عليه وآله وسلم كان يحبهم وأمرنا بمحبتهم في أكثر من رواية وأكثر من موقف ومكان. وقولي هذا قاله مجموعة من العلماء أذكر لكم منهم: فقد قال العيني في عمدة القال: " وفيه من الفوائد استحباب الاستشفاع بأهل الخير [ صفحه 108] والصلاح وأهل بيت النبوة وفيه فضل العباس وفضل عمر رضي الله تعالي عنهما لتواضعه للعباس ومعرفته بحقه قال ابن بطال وفيه أن الخروج إلي الاستسقاء والاجتماع لا يكون إلاً بإذن الإمام لما في الخروج والاجتماع من الآفات الداخلة علي السلطان وهذه سنن الأمم السالفة قال تعالي وأوحينا إلي موسي إذ استسقاه قومه " [146] . وقال ابن حجر في فتح الباري: " ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته بحقه " [147] . وقال الصنعالي في سبل السلام: " وفي هذه القصة دليل علي الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وبيت النبوة وفيه فضيلة العباس وتواضع عمر ومعرفته لحق أهل البيت رضي الله عنهم ورضي الله عنه " [148] . وقال الشوكاني في نيل الأوطار: " قال ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل [ صفحه 109] الخير والصلاح وأهل بيت النبوة وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته بحقه انتهي كلام الفتح. وظاهر قوله كان إذا قحطوا استسقي بالعباس أنه فعل ذلك مرارا كثيرة كما يدل عليه لفظ كان " [149] . وقال المناوي في فيض القدير: " وأصل هذا أن عمر لما أراد أن يستسقي عام الرمادة خطب فقال أيها الناس إن رسول الله كان يري للعباس ما يري الولد لوالده فاقتدوا برسول الله واتخذوا العباس وسيلة إلي الله فما برحوا حتي سقاهم الله وفيه ندب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته حقه ك في الفضائل " [150] .

لماذا تنادون الأموات و تتوسلون بهم

سؤال: لقد وجدنا بعضا من الشيعة إن لم يكونوا كلهم ينادون الأموات [ صفحه 110] ويستغيثون بهم بذواتهم ويطلبون منهم قضاء حوائجهم فما هو ردكم؟ الجواب: سوف نقسم هذا الإشكال علي الأسئلة المتقدمة فالسؤال الأول عن نداء الميت هل هو جائز أم لا؟ فنقول: في الجواب ما هو المانع من هذا الفعل وهل نداء غير الله يعتبر شركا في الإسلام حتي يشكل علينا بهذا الإشكال؟ فمن تتبع حياة البشر فإنه سوف يجد كل البشر ينادون بعضهم بعضا ولم يستشكل عليهم أحد من الناس فلماذا الإشكال علينا عندما ننادي الحسن أو الحسين أو الرسول والإمام علي والسيدة الزهراء وغيرهم. قد يقال لكم بأن غيركم ينادي الأحياء وأنتم تنادون الأموات والفارق أن الحي يسمع والميت لا يسمع والحي يقدرأن يحقق هدفك والميت لا يقدر. أقول: أولاً: هذا الفارق لا يسمن ولا يغني من جوع فكيف أكون مشركا إذا ناديت من لا يسمع ولا يقدرعلي الرد ولا أكون مشركا لو [ صفحه 111] ناديت من يسمع؟ من أين لكم هذا التفريق؟ فالعبادة لغير الله محرمة مطلقا للحي والميت فلا فرق في ذلك؟ ثانيا: أقول وهل يعتبر في شرعكم حرمة نداء الحي المريض الذي لا يسمع ولا يتحرك ولا يقدرعلي أي شيء؟ لم نسمع بمن حرمه علي الإطلاق فلماذا هو حلال رغم وجود سبب الحرمة وعلتها وهوعدم السماع وعدم القدرة علي قضاء الحاجة. ثالثا: العلة التي تفضلتم بذكرها لا تنطبق علي الميت كما مر بالأدلة القطعية الثابتة فقد ثبت بأن الميت يسمع وأن الميت يمكن له أن يدعو للحي فأنتفي التعليل الذي تقضلتم به كدليل علي الحرمة. رابعا: لقد وجدنا في الروايات السابقة وجود نداء للنبي (ص) وهوغير موجود في مكان النداء فلا يسمع نداء المنادي (كما تزعمون أنتم) وقد مرت عليكم وهذا لفظها: " فقال رسول الله (ص) ائت الميضاة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد (ص) نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربك فيجلي لي عن بصري اللهم شفعه في وشفعني في نفسي قال عثمان فو الله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتي دخل الرجل وكانه لم يكن به ضر قط هذا حديث صحيح علي شرط البخاري ولم يخرجاه وانما قدمت حديث عون بن عمارة لأن من رسمنا أن نقدم [ صفحه 112] العالي من الأسانيد " [151] . فلاحظوا معي هذا الكلام " يا محمد إني أتوجه " فهذا نداء من الإعرابي في عدم حضور النبي (ص) ثم وجدنا في الروايات الأخري أن الصحابة كانوا يستخدمون هذا الدعاء بعد وفاة النبي (ص) وعلموه لغيرهم وحتي هذا اليوم فلماذا لا يكون شركا يا تري.

نقل الروايات الدالة علي نداء الميت

بل إن من تتبع الروايات فإنه سوف يجد مسألة نداء النبي (ص) من بعد وفاته يعمل به عند الصحابة فمثلا تابعوا معي الروايات التالية: فقد قال ابن السني في عمل اليوم والليلة: " حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي وعمرو بن الجنيد بن عيسي قالا حدثنا محمود بن خداش حدثنا أبوبكر بن عياش حدثنا أبوإسحاق السبيعي عن أبي سعيد قال كنت أمشي مع ابن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله فجلس فقال له رجل أذكر أحب الناس إليك فقال يا محمداه فقام فمشي. حدثنا جعفر بن عيسي أبوأحمد حدثنا أحمد بن عبدالله بن روح حدثنا سلام بن سليمان حدثنا غياث بن إبراهيم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما [ صفحه 113] قال خدرت رجل رجل عند إبن عباس فقال ابن عباس أذكر أحب الناس إليك فقال محمد (ص) فذهب خدره. حدثنا محمد بن خالد بن محمد البردعي حدثنا حاجب ابن سليمان حدثنا محمد بن مصعب حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الهيثم بن حنش قال كنا عند عبدالله بن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله فقال له رجل أذكر أحب الناس إليك فقال يا محمد (ص) قال فقام فكأنما نشط من عقال " [152] . وقال أيضا: " أخبرني أحمد بن الحسين الصوفي حدثنا علي بن الجعد حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال كنت عند ابن عمر فخدرت رجله فقلت يا أبا عبد الرحمن ما لرجلك قال اجتمع عصبها من ههنا قلت أدع أحب الناس إليك فقال يا محمد فانبسطت " [153] . وقال المزي في تهذيب الكمال: " وقد وقع لنا عاليا عنه أخبرنا به أبوالحسن بن البخاري وزينب بنت مكي قالا أخبرنا أبوحفص بن طبرزذ قال أخبرنا الحافظ [ صفحه 115] أبو البركات الأنماطي قال أخبرنا أبو محمد الصريفيني قال أخبرنا أبوالقاسم بن حبابة قال أخبرنا عبدالله بن محمد البغوي قال حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال كنت عند عبدالله بن عمر فخدرت رجله فقلت له يا أبا عبد الرحمن ما لرجلك قال اجتمع عصبها من ها هنا قال قلت ادع أحب الناس إليك فقال يا محمد فانبسطت رواه عن أبي نعيم عن سفيان عن أبي إسحاق مختصرا " [154] . وقال في مسند أبي الجعد: " وبه عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال كنت عند عبدالله بن عمر فخدرت رجله فقلت له يا أبا عبد الرحمن ما لرجلك قال اجتمع عصبها من ها هنا قلت أدع أحب الناس إليك قال يا محمد فانبسطت " [155] . وقال ابن عساكر في مدينة دمشق: " أخبرنا أبوعبدالله محمد بن طلحة بن علي الرازي وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد قالا أخبرنا أبو محمد الصريفيني أخبرنا أبو القاسم بن حبابة حدثنا أبو القاسم البغوي حدثنا علي بن الجعد أخبرنا زهير عن ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال كنت [ صفحه 115] عند عبدالله بن عمر فخدرت رجله فقلت له يا أبا عبد الرحمن ما لرجلك قال اجتمع عصبها من ها هنا قال قلت ادع أحب الناس إليك فقال يا محمد فانبسطت " [156] . السيدة زينب تنادي جدها رسول الله في كربلاء فقد قال ابن كثير في البداية والنهاية: " وأما بقية أهله ونسائه فان عمر بن سعد وكل بهم من يحرسهم ويكلؤهم ثم أركبوهم علي الرواحل في الهواد ج فلما مروا بمكان المعركة ورأوا الحسين وأصحابه مطرحين هنالك بكته النساء وصرخن وندبت زينب أخاها الحسين وأهلها فقالت وهي تبكي يا محمداه يا محمداه صلي عليك الله ومليك السماه هذا حسين بالعراء مزمل بالدماه مقطع الأعضاء يا محمده وبناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفي عليها الصبا قال فأبكت والله كل عدو وصديق " [157] . [ صفحه 116] وقال الطبري في تاريخه: " قال أبو مخنف فحدثني أبوزهير العبسي عن قرة بن قيس التميمي قال نظرت إلي تلك النسوة لما مررن بحسين وأهله وولده صحن ولطمن وجوههن قال فاعترضتهن علي فرس فما رأيت منظرا من نسوة قط كان أحسن من منظر رأيته منهم ذلك اليوم والله لهن أحسن من مهايبرين قال فما نسيت من الأشياء لا أنس قول زينب ابنة فاطمة حين مرت بأخيها الحسين صريعا وهي تقول يا محمداه يا محمداه صلي عليك ملائكة السماء هذا الحسين بالعراء مرمل بالدماء مقطع الأعضاء يا محمداه وبناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفي عليها الصبا قال فأبكت والله كل عدو وصديق قال وقطف ورؤوس الباقين فسرح باثنين وسبعين رأسا مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الاشعث وعمرو بن الحجاج وعزرة بن قيس " [158] . أهل البصرة ينادون يا محمداه عندما هاجمهم جيش الحجاج قال الطبري في تاريخه: "وذكرضمرة بن ربيعة عن أبي شوذب أن عمال الحجاج [ صفحه 117] كتبوا إليه إن الخراج قد انكسروان أهل الذمة قد أسلموا ولحقوا بالأمصار فكتب إلي البصرة وغيرها أن من كان له أصل في قرية فليخرج إليها فخرج الناس فعسكروا فجعلوا يبكون وينادون يا محمداه يا محمداه وجعلوا لا يدرون أين يذهبون فجعل قراء أهل البصرة يخرجون إليهم متقنعين فيبكون لما يسمعون منهم ويرون قال فقدم ابن الأشعث علي تفيئة ذلك واستبصر قراء أهل البصرة في قتال الحجاج مع عبدالرحمن بن محمد بن الأشعث " [159] . وقال ابن الأثير في الكامل في التاريخ: " فأقبل عبد الرحمن حتي دخل البصرة فبايعه جميع أهلها قراؤها وكهولها مستبصرين في قتال الحجاج ومن معه من أهل الشام وكان السبب في سرعة إجابتهم إلي بيعته أن عمال الحجاج كتبوا اليه أن الخراج قد انكسر وان أهل الذمة قد أسلموا ولحقوا بالأمصار فكتب إلي البصرة وغيرها أن من كان له أصل من قرية فليخرج إليها فأخرج الناس لتؤخذ منهم الجزية فجعلوا يبكون وينادون يا محمداه يا محمداه ولا يدرون أين يذهبون وجعل قراء البصرة يبكون لما يرون فلما قدم ابن الأشعث عقيب ذلك بايعوه علي حرب الحجاج وخلع عبد الملك وخندق الحجاج علي نفسه وخندق عبد الرحمن علي البصرة وكان دخول عبد الرحمن البصرة في آخر [ صفحه 118] ذي الحجة " [160] . وقال أبو الفرج ابن الجوزي في المنتظم: "وهؤلاء مجموعة من المؤمنين في حرب القسطنطينية ينادون يا محمداه: فقاتلوا فقهروا الروم فقال ملك الروم لمن معه من البطارقة من جاءني برجل من هؤلاء قدمته وبطرقته فألقت الروم أنفسها عليهم فأخذوهم أسري لم يصب رجل منهم كلم فقال ملك الروم لا غنيمة ولا فتح أعظم من أخذ هؤلاء فرحل بهم حتي نزل بهم القسطنطينية فعرض عليهم النصرانية وقال إني أجعل فيكم الملك وأزواجكم بناتي فأبوا عليه ونادوا يا محمداه فقال الملك ما يقولون قالوا يدعون نبيهم فقال لهم إن أنتم أجبتموني والا أغليت قدورا ثلاثة فيها الزيت حتي إذا بلغت أناها ألقيت كل واحد منهم في قدر فأبوا فأمر بثلاث قدور فنصبت ثم صب فيها الزيت ثم أمر أن يوقد تحتها ثلاثة أيام يعرضون في كل يوم علي تلك القدور ويدعوهم إلي النصرانية والي أن يزوجهم بناته ويجعل الملك فيهم فيأبون أن يجيبوه وأقاموا علي الإسلام فنادي الأكبر ودعاه إلي دينه فأبي فناشده وقال إني ملقيك في هذه القدر فأبي فألقاه في قدر منها فما هو إلا أن سقط فيها فارتفعت عظامه تلوح ثم فعل بالثاني مثل [ صفحه 119] ذلك فلما رأي صبرهم علي ما فعل بهم وحفظهم لدينهم ندم الملك " [161] . وسوف يأتي مزيد بيان في قصة الأعرابي الآتية. سؤال: لقد أثبت لنا بالروايات الصحيحة بأن نداء الرسول (ص) قد ثبت عن بعض الصحابة ومجموعة من المؤمنين القريبين من عهد النص ولا يوجد مانع شرعي علي منع ذلك. ولكن هناك سؤال وهو:

هل عندكم دليل علي جواز طلب شيء من النبي بذاته و ليس بالتوسل به إلي الله

الجواب: قد نجد أيضا لكم ذلك وان كان عدم وجود الدليل لا يدل علي الحرمة لأن الأصل الإباحة ما لم يكن هناك دليل علي الحرمة [ صفحه 120] فالذي يحرم هو الذي ينبغي عليه تقديم الدليل، ولكن مع ذلك سوف نتحرك في البحث عن الدليل لإقامة الحجة عليكم فقط.

ذكر قصة الرسل المتوسل بقبر النبي و قصة الأعرابي

رجل يطلب من ذات الرسول ويناديه وهو ميت في قبره فقد قال ابن الأثير في الكامل في التاريخ: " فقال أهل بيت من مزينة لصاحبهم وهو بلال بن الحارث قد هلكنا فاذبح لنا شاة قال ليس فيهن شيء فلم يزالوا به حتي ذبح فسلخ عن عظم أحمر فنادي يا محمداه فأري في المنام أن رسول الله أتاه فقال أبشر بالحياة ائت عمر فأقرئه مني السلام وقل له إني عهدتك وأنت وفي العهد شديد العقد فالكيس الكيس يا عمر فجاء حتي أتي باب عمر فقال لغلامه استأذن لرسول رسول الله فأتي عمر فأخبره ففزع وقال رأيت به مسا قال لا قال فأدخله فدخل وأخبره الخبر فخرج فنادي في الناس وصعد المنبر فقال نشدتكم الله الذي هداكم هل رأيتم مني شيئا تكرهونه قالوا اللهم لا ولم ذاك فأخبرهم ففطنوا ولم يفطن عمر فقالوا إنما استبطأك في الاستسقاء فاستسق بنا فنادي في الناس وخرج معه العباس ماشيا فخطب وأوجز وصلي ثم جثا لركبتيه وقال اللهم عجزت عنا أنصارنا وعجز عنا حولنا وقوتنا وعجزت عنا أنفسنا ولا حول ولا [ صفحه 121] قوة إلا بك اللهم أسقنا وأحي العباد والبلاد " [162] . وقال في البداية والنهاية: " وقال الحافظ ابوبكر البيهقي اخبرنا ابو نصر بن قتادة وابوبكر الفارسي قالا حدثنا ابوعمر بن مطر حدثنا ابراهيم بن علي الذهلي حدثنا يحيي بن يحيي حدثنا ابومعاوية عن الأعمش عن ابي صالح عن مالك قال اصاب الناس قحط في زمن عمر بن الخطاب فجاء رجل إلي قبر النبي (ص) فقال يا رسول الله استسق الله لامتك فانهم قد هلكوا فأتاه رسول الله (ص) في المنام فقال ايت عمر فاقره مني السلام واخبرهم انه مسقون وقل له عليك بالكيس الكيس فاتي الرجل فاخبر عمر فقال يا رب ما آلوا الا ما عجزت عنه وهذا إسناد صحيح " [163] . وقال في دفع شبه من شبه وتمرد: " وروي البيهقي بسنده إلي الأعمش عن ابن صالح قال أصاب الناس قحط في زمن عمر رضي الله عنه فجاء رجل إلي قبر النبي (ص) فقال يا رسول الله هلك الناس استسق لأمتك فأتاه رسول الله (ص) في المنام فقال ائت عمر فاقرأه مني السلام وأخبره أنهم مسقون وقل له عليك الكيس قال فأتي الرجل عمر فأخبره [ صفحه 122] فبكي عمر رضي الله عنه وقال يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه فهذا رجل مبارك قد أتي قبره (ص) وطلب الإستسقاء منه (ص) فلو كان ذلك جهلا وضلالا وشركا لمنعه عمر رضي الله عنه الذي احتج الزائغ باستسقائه بالعباس " [164] . وقال البيهقي في دلائل النبوة: " أخبرنا أبونصر بن قتادة وأبوبكر الفارسي قالا أخبرنا أبو عمرو بن مطر أخبرنا أبوبكر بن علي الذهلي أخبرنا يحيي أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن مالك قال أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب فجاء رجل إلي قبر النبي فقال يا رسول الله استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتاه رسول الله في المنام فقال ائت عمر فأقرئه السلام وأخبره أنكم مسقون وقل له عليك الكيس الكيس فأتي الرجل عمر فأخبره فبكي عمر ثم قال يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه. أخبرنا أبوعبدالله الحافظ قال أخبرنا علي بن حمشاذ العدل أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي أخبرنا مسلم بن إبراهيم أخبرنا وهيب بن خالد عن موسي بن عقبة قال أخبرنا أبو علقمة مولي عبد الرحمن بن عوف قال أخبرنا كثير بن الصلت قال أغفي عثمان بن عفان في اليوم الذي قتل فيه فأستيقظ فقال لولا أن يقول [ صفحه 123] الناس تمني عثمان أمنية لحدثتكم قال قلنا أصلحك الله حدثنا فلسنا نقول ما يقول الناس فقال إني رأيت " [165] . وقال في مصنف ابن أبي شيبة: " حدثنا أبومعاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن مالك الدار قال وكان خازن عمر علي الطعام قال أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلي قبر النبي (ص) فقال يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتي الرجل في المنام فقيل له إئت عمر فأقرئه السلام وأخبره أنكم مسقيون وقل له عليك الكيس عليك الكيس فأتي عمر فأخبره فبكي عمر ثم قال يا رب لا آلو إلا ما عجزت عنه " [166] . وقال السيوطي في شرح سنن ابن ماجة: " وقد كتب شيخنا المذكور (يقصد عابد السندي) رسالة مستقلة فيها التفصيل من أراد فليراجع إليها وذكر فيها حديث البيهقي وابن أبي شيبة عن مالك الدار قال أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب فجاء رجل الي قبر النبي (ص) فقال يا رسول الله استسق الله لامتك فإنهم قد هلكوا فأتاه رسول الله (ص) في منامه فقال ائت عمر فاقرأه السلام وأخبره والقصة مذكورة في [ صفحه 124] الاستيعاب لابن عبد البر والمسئلة المذكورة قد شغفت فيها الناس في زماننا وفيها تفصيل حسن ولكن لا يليق بهذا المقام والحديث ما قل وكفي خير مما كثر والهي " [167] . وقال ابن حجر في الإصابة: " مالك بن عياض مولي عمر هو الذي يقال له مالك الدار له إدراك وسمع من أبي بكر الصديق وروي عن الشيخين ومعاذ وأبي عبيدة روي عنه أبوصالح السمان وابناه عون وعبدالله ابنا مالك وأخرج البخاري في التاريخ من طريق أبي صالح ذكوان عن مالك الدار أن عمر قال في قحوط المطريا رب لا آلو إلا ما عجزت عنه وأخرجه بن أبي خيثمة من هذا الوجه مطولا قال أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلي قبر النبي (ص) فقال يا رسول الله استسق الله لأمتك فأتاه النبي (ص) في المنام فقال له ائت عمر فقل له إنكم مستسقون فعليك الكفين قال فبكي عمر وقال يا رب ما آلوا إلا ما عجزت عنه. ذكر بن سعد في الطبقة الأولي من التابعين في أهل المدينة قال روي عن أبي بكر وعمر وكان معروفا وقال أبو عبيدة ولاه عمر كيلة عيال عمر فلما قدم عثمان ولاه القسم فسمي مالك الدار [ صفحه 125] وقال إسماعيل القاضي عن علي بن المديني كان مالك الدار خازنا لعمر" [168] . وقال ابن عبد البر في الإستيعاب: " وروي أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن مالك الدار قال أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلي قبر النبي (ص) فقال يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا قال فأتاه النبي (ص) في المنام وقال إيت عمر فمره أن يستسقي للناس فانهم سيسقون وقل له عليك الكيس الكيس فأتي الرجل عمر فأخبره فبكي عمر وقال يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه " [169] . وقال ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق: " مالك بن عياض المعروف بمالك الدار المدني مولي عمر بن الخطاب ويقال الجبلاني سمع ابابكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وروي عنه أبو صالح السمان وعبدالرحمن بن سعيد بن يربوع وابناه عون بن مالك وعبدالله بن مالك وقدم مع عمر بن الخطاب الشام وشهد معه فتح بيت المقدس وخطبته بالجابية. [ صفحه 126] أخبرنا أبوغالب وأبو عبدالله ابنا البنا قالا أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي أخبرنا أحمد إبن عبيد بن الفضل إجازة أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد حدثنا ابن أبي خيثمة حدثنا أبي حدثنا محمد بن خازم أبومعاوية الضرير حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن مالك الدار قال أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب فجاء رجل إلي قبر النبي (ص) فقال يا رسول الله استسق لأمتك فأتاه النبي (ص) في المنام فقال ائت عمر فأقرئه السلام وقل له إنكم مسقون فعليك بالكيس قال فبكي عمر وقال يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه " [170] . وقال الخليل بن عبدالله في الإرشاد: " مالك الدار مولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه تابعي قديم متفق عليه اثني عليه التابعون وليس بكثير الرواية روي عن ابي بكر الصديق وعمر وقد انتسب ولده الي جبلان ناحية حدثني محمد بن احمد بن عبدوس المزكي أبوبكر النيسابوري حدثنا عبد الله ابن محمد بن الحسن الشرقي حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال قلت لعلي بن عثام العامري الكوفي لم سمي مالك الدار فقال الداري المتطيب حدثنا محمد بن الحسن بن الفتح حدثنا عبدالله بن محمد البغوي حدثنا ابوخيثمة حدثنا محمد بن خازم الضرير حدثنا [ صفحه 127] الأعمش عن ابي صالح عن مالك الدار قال أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب فجاء رجل إلي قبر النبي (ص) فقال يا نبي الله استسق الله لأمتك فرآي النبي (ص) في المنام فقال ائت عمر فأقرئه السلام وقل له إنكم مسقون فعليك بالكيس الكيس قال فبكي عمر وقال يا رب ما آلو الا ما عجزت عنه " [171] . وقال البخاري في التاريخ الكبير: " مالك بن عياض الدار أن عمر قال في قحط يا رب لا آلو الا ما عجزت عنه قاله علي عن محمد بن خازم عن أبي صالح عن مالك الدار" [172] . وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: " مالك بن عياض مولي عمر بن الخطاب روي عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما روي عنه أبو صالح السمان سمعت أبي يقول ذلك " [173] . وقال ابن حبان في الثقات: " مالك بن عياض الدار يروي عن عمر بن الخطاب روي عنه [ صفحه 128] أبوصالح السمان وكان مولي لعمر بن الخطاب أصله من جبلان [174] . الأعرابي الذي جاء لقبر النبي وطلب منه الاستغفار فقد قال ابن قدامة في المغني: " ويروي عن العتبي قال كنت جالسا عند قبر النبي (ص) فجاء أعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول: (وَلَو أنَّهُم إِذ ظلمُوا أنفُسَهُم جَآءُوَكَ فَاستَغفَرُوَا الله واستَغفَر لَهُمُ الرَّسُولُ لَؤجَدُوَا الله تَوَّإبًا رَّحِيمًا) [175] وقد جئتك مستغفرا لذنبي مستشفعا بك إلي ربي ثم أنشأ يقول يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم ثم انصرف الأعرابي فحملتني عيني فنمت فرأيت النبي (ص) في النوم فقال يا عتبي الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له " [176] . [ صفحه 129] وقال في تفسير ابن كثير: " وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي قال كنت جالسا عند قبر النبي (ص) فجاء أعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول (وَلَو أنهُم إِذ ظلموا أنفُسَهُم جَآءُوكَ فَاستَغفَرُوا الله وَاستَغفَر لَهُمُ الرَّسولُ لَوجَدُوَا الله توَّإبا رَّحِيمًا) وقد جئتك مستغفرا لذنبي مستشفعا بك إلي ربي ثم أنشأ يقول: يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والاكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبي (ص) في النوم فقال يا عتبي الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له " [177] . قال القرطبي في تفسيره: " روي أبوصادق عن علي قال قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول الله (ص) بثلاثة أيام فرمي بنفسه علي قبر رسول الله (ص) [ صفحه 130] وحثا علي رأسه من ترابه فقال قلت يا رسول الله فسمعنا قولك ووعيت عن الله فوعينا عنك وكان فيما أنزل الله عليك ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم الآية وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر أنه قد غفر لك " [178] . وقال تقي الدين الدمشقي في دفع من شبه وتمرد: " وذكر القرطبي في تفسيره عن علي رضي الله عنه أنه قال قدم علينا أعرابي بعد ما دفن رسول الله (ص) بثلاثة أيام فرمي بنفسه علي قبر رسول الله (ص) وحثا علي رأسه من ترابه ثم قال قلت يا رسول الله فسمعنا قولك ووعيت عن الله عزوجل فوعينا عنك وكان فيما أنزل عليك (وَلو أنَّهُم إِذ ظلمُوا أنفُسَهُم جَآءُوَكَ) الآية وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر قد غفر لك " [179] . [ صفحه 131]

عائشة تطلب من الصحابة التوسل بقبر النبي

ففي سنن الدارمي: " حدثنا أبوالنعمان حدثنا سعيد بن زيد حدثنا عمرو بن مالك النكري حدثنا أبوالجوزاء أوس بن عبدالله قال قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلي عائشة فقالت انظروا قبر النبي (ص) فاجعلوا منه كووا إلي السماء حتي لا يكون بينه وبين السماء سقف قال ففعلوا فمطرنا مطرا حتي نبت العشب وسمنت الإبل حتي تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق " [180] . وفي دفع شبه من شبه وتمرد: " وروي عن أبي الجوزاء قال قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكو إلي عائشة رضي الله عنها ذلك فقالت امضوا إلي القبر واجعلوا منه كوة إلي السماء حتي لايكون بينها و بين السماء شيء ففعلوا فمطروا حتي نبت العشب وسمنت الإبل حتي تفتقت من الشحم فسمي عام التفتق " [181] .

هل يجوز الطلب من شخص أن يستغفر له

سؤال: هل يجوز للإنسان المسلم أن يأتي للنبي (ص) أو لأحد المسلمين و يقول له [ صفحه 132] اسأل إلله أن يغفرلي؟ الجواب: نعم يجوز ذلك وعليه الدليل من الكتاب والسنة وعمل الصحابة ففي الكتاب يقول تعالي: (قَالُوأ يَأَبَانَا استغفِر لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كنَّا خطينَ، قَالَ سَوفَ إستَغفِرُ لَكم ربي إِنَّهُ، هُو إلَّغَفُورالرَّحِيمُ) [182] . وقال تعالي: (وَمَآ أرسَلنَا مِن رَّسُولٍ إِلا لِيُطاعَ بِإذنِ الله وَلو أنَّهُم إِذ ظلَمُوا أنفُسَهُم جَآءُوكَ فَاستَغفَرُوَا الله وَ استَغفَر لهُمُ الرَّسُولُ لَوجَدُوا الله تَوَّابًا رحيما) [183] . فقد قال الإمام أحمد في المسند: " حدثنا عبدالله حدثني أبي حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن اسير بن جابر قال لما أقبل أهل اليمن جعل عمر رضي الله عنه يستقري الرفاق فيقول هل فيكم أحد من قرن حتي أتي علي قرن فقال من أنتم قالوا قرن فوقع زمام عمر رضي الله عنه أو زمام أويس فناوله أحدهما الآخر فعرفه فقال عمر ما اسمك قال أنا أويس فقال هل لك والدة قال نعم قال [ صفحه 133] فهل كان بك من البياض شيء قال نعم فدعوت الله عزوجل فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سرتي لأذكر به ربي قال له عمر رضي الله عنه استغفر لي قال أنت أحق أن تستغفر لي أنت صاحب رسول الله (ص) فقال عمر رضي الله عنه أني سمعت رسول الله (ص) يقول إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به بياض فدعا الله عزوجل فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم في سرته فاستغفر له ثم دخل في غمار الناس فلم يدر أين وقع قال فقدم الكوفة قال وكنا نجتمع في حلقة فنذكر الله وكان يجلس معنا فكان إذا ذكر هو وقع حديثه من قلوبنا موقعا لا يقع حديث غيره فذكر الحديث " [184] . وقال أيضا: " حدثنا عبدالله حدثني أبي حدثنا يونس وعفان المعني قالا حدثنا حماد بن سلمة عن برد أبي العلاء قال عفان قال أخبرنا برد أبوالعلاء عن عبادة بن نسي عن غضيف بن الحرث انه مربعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال نعم الفتي غضيف فلقيه أبوذر فقال أي أخي استغفر لي قال أنت صاحب رسول الله (ص) وأنت أحق ان تستغفر لي فقال اني سمعت عمر بن الخطاب يقول نعم الفتي غضيف وقد قال رسول الله (ص) ان الله عزوجل ضرب بالحق علي [ صفحه 134] لسان عمر وقلبه قال عفان علي لسان عمر يقول به " [185] .

عمر يطلب من أويس أن يستغفر له

وقال الحاكم في المستدرك: " أخبرناه أبو عبدالله محمد بن يعقوب الشيباني حدثنا يحيي بن محمد بن يحيي حدثنا مسدد حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن زرارة بن أوفي عن أسير بن جابر قال كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أتت عليه امداد اليمن سألهم أفيكم أويس بن عامر حتي أتي عليه أويس فقال أنت أويس بن عامر قال نعم قال من مراد ثم قرن قال نعم قال كان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم قال نعم قال ألك والدة قال نعم قال عمر سمعت رسول الله (ص) يقول يأتي عليكم أويس بن عامر مع إمداد اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هوبها بر لو أقسم علي الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل قال فاستغفر لي فاستغفر له ثم قال عمر أين تريد قال الكوفة قال ألا أكتب لك إلي عمالها فيستوصوا بك خيرا فقال لا لأن أكون في غبراء الناس أحب إلي فلما كان في العام المقبل حج رجل من أشرافهم فسأل عمر عن أويس كيف تركته فقال تركته رث البيت قليل المتاع قال سمعت رسول الله (ص) يقول يأتي عليكم أويس بن عامر مع إمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه [ صفحه 135] إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم علي الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل فلما قدم الرجل أتي أويسا فقال استغفر لي فقال أنت أحدث الناس بسفر صالح فاستغفر لي فقال لقيت عمر بن الخطاب فقال نعم قال فاستغفر له قال ففطن له الناس فانطلق علي وجهه قال أسير فكسوته بردا فكان إذا رآه عليه إنسان قال من أين لأويس هذا هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة. حدثنا علي بن حمشاد العدل حدثنا الحسين بن الفضل البجلي ومحمد بن غالب الضبي قالا حدثنا عفان بن مسلم حدثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أسير بن جابر قال لما أقبل أهل اليمن جعل عمر رضي الله عنه يستقري الرفاق فيقول هل فيكم أحد من قرن حتي أتي عليه قرن فقال من أنتم قالوا قرن فرفع عمر بزمام أوزمام أويس فناوله عمر فعرفه بالنعت فقال له عمر ما اسمك قال أنا أويس قال هل كان لك والدة قال نعم قال هل بك من البياض قال نعم دعوت الله تعالي فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سرتي لأذكر به ربي فقال له عمر استغفر لي قال أنت أحق أن تستغفر لي أنت صاحب رسول الله (ص) فقال عمر إني سمعت رسول الله (ص) يقول إن خير التابعين رجل يقال له أويس القرني وله والدة وكان به بياض فدعا ربه فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم في سرته قال فاستغفر له قال ثم دخل في أغمار [ صفحه 136] الناس فلم يدر أين وقع قال ثم قدم الكوفة فكنا نجتمع في حلقة فنذكر الله وكان يجلس معنا فكان إذ ذكرهم وقع حديثه من قلوبنا موقعا لايقع حديث غيره ففقدته يوما فقلت لجليس لنا ما فعل الرجل الذي كان يقعد إلينا لعله اشتكي فقال رجل من هو فقلت من هو قال ذاك أويس القرني فدللت علي منزله فأتيته فقلت يرحمك الله أين كنت ولم تركتنا فقال لم يكن لي رداء فهو الذي منعني من إتيانكم قال فألقيت إليه ردائي فقذفه إلي قال فتخاليته ساعة ثم قال لوأني أخذت رداءك هذا فلبسته فرآه علي قومي قالوا انظروا إلي هذا المرائي لم يزل في الرجل حتي خدعه وأخذ رداءه فلم أزل به حتي أخذه فقلت انطلق حتي أسمع ما يقولون فلبسه فخرجنا فمر بمجلس قومه فقالوا انظروا إلي هذا المرائي لم يزل بالرجل حتي خدعه وأخذ رداءه فقبلت عليهم فقلت ألا تستحيون لم تؤذونه والله لقد عرضته عليه فأبي أن يقبله قال فوفدت وفود من قبائل العرب إلي عمر فوفد فيهم سيد قومه فقال لهم عمر بن الخطاب أفيكم أحد من قرن فقال له سيدهم نعم أنا فقال له هل تعرف رجلا من أهل قرن يقال له أويس من أمره كذا ومن أمره كذا فقال يا أميرالمؤمنين ما تذكر من شأن ذاك ومن ذاك فقال له عمر ثكلتك أمك أدركه مرتين أو ثلاثا ثم قال إن رسول الله (ص) قال لنا إن رجلا يقال له أويس من قرن من أمره كذا ومن أمره كذا فلما قدم الرجل لم يبدأ بأحد قبله فدخل عليه فقال استغفر لي فقال ما بدا لك قال إن عمر قال لي كذا وكذا قال ما أنا بمستغفر لك حتي تجعل لي ثلاثا قال وما [ صفحه 137] هن قال لا تؤذيني فيما بقي ولا تخبر بما قال لك عمر أحدا من الناس ونسي الثالثة " [186] . وقد قال تقي الدين الدمشقي في دفع شبه من شبه وتمرد: قال أبو حميد ناظر أبوجعفر أميرالمؤمنين مالكا في مسجد رسول الله (ص) فقال له مالك لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله عزوجل أدب أقواما فقال:(لا ترفَعوا أصواتكم فَوق صوت النبِيّ) [187] الآية ومدح قوما فقال: (إِن إلذين يَغضُّون أصواتَهُم عِندَ رَسُول اللهِ) [188] الآية وذم قوما فقال: (إِن الذين يُنَادُونَك مِن وَرَآء الحجرات أكثرهُم لا يعقلونَ) [189] وان حرمته ميتا كحرمته حيا فإستكان لها أبو جعفر فقال يا أبا عبدالله أستقبل القبله وأدعو أم استقبل رسول الله (ص) فقال ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلي يوم القيامة بل إستقبله و استشفع به فيشفعك الله عزوجل قال الله تعالي: (وَلوأنَّهُم إِذ ظَّلَمُوا أنفُسَهُم جَآءُوَكَ فَإستَغفَرُوَا الله وَاستغفَر لَهُمُ الرَّسُولُ لَوجَدُوَا الله تَوَّابًا رَّحيما) القصة معروفة مشهورة ذكرها غير واحد من المتقدمين والمتأخرين بأسانيد جيدة ومنهم [ صفحه 138] القاضي عياض في أشهر كتبه وهو الشفاء المشهور بالحسن والإتقان في سائر البلدان ومنهم الإمام العلامة هبة الله في كتابه توثيق عري الإيمان " [190] . وقد ذكر هذه القصة مجموعة من الأعلام منهم: سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب في شرح كتاب التوحيد: " المبسوط قال مالك لا أري أن يقف عند قبر النبي (ص) ولكن ليسلم ويمضي والحكاية التي رواها القاضي عياض بإسناده عن مالك في قصته مع المنصور وأنه قال لمالك يا أبا عبدالله استقبل القبلة وأدعو أم استقبل رسول الله (ص) فقال ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلي الله يوم القيامة بل استقبله واستشفع به يشفعه الله فيك " [191] . وقال ابن تيمية في توحيد الألوهية: " ثم ذكر حكاية بإسناد غريب منقطع رواها عن غير واحد إجازة قالوا حدثنا أبو العباس أحمد بن عمر بن دلهات قال حدثنا أبوالحسن علي بن فهر حدثنا أبوبكر محمد بن أحمد بن الفرح حدثنا أبوالحسن عبدالله بن المنتاب حدثنا يعقوب بن اسحاق بن أبي إسرائيل حدثنا ابن حميد قال ناظر أبوجعفر أميرالمؤمنين مالكا [ صفحه 139] في مسجد رسول الله فقال له مالك يا أميرالمؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله أدب قوما فقال: (لا تَرفَعوا أصواتَكم فَوق صوت النبي) الآية ومدح قوما فقال: (إِنَّ الَّذين يَغضون أصواتَهُم عِندَ رسُولِ الله) الآية وذم قوما فقال: (إنَّ الذين يُنادُونَكَ مِن وَرَآءِ الحُجُراتِ) الآية وإن حرمته ميتا كحرمته حيا فاستكان لها أبوجعفر فقال يا أبا عبدالله استقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله فقال ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام الي الله يوم القيامة بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله قال الله تعالي (وَلو أنَّهُم إِذ ظَّلَمُوا أنفُسَهُم جَآءُوَكَ فَاستَغفَرُوَا الله وَاستغفَر لَهُمُ الرَّسُولُ لَوجَدُوا الله توَّابًا رَّحيمًا) " [192] . ونقل القصة أيضا في التوسل والوسيلة، ولكنه أسقطها سندا وقال عنها أنها مكذوبة وأن محمد بن حميد ضعيف لايؤخذ بقوله ورواياته ونسي أن هناك عدد من العلماء وثقوا الرجل وأمتد حوه ولا أريد هنا أن أصحح الرواية أو أضعفها ولكن كلام ابن تيمية ببطلان الرواية فيه تأمل وهذه أقوال مجموعة من العلماء في محمد بن حميد الرازي منهم: الهيثمي في مجمع الزوائد: [ صفحه 140] " محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات وعن ابن عباس قال نهي رسول الله (ص) ابقاء علي الظهر رواه الطبراني في الأوسط " [193] . وقال أيضا: " وفي إسناد البزار محمد بن حميد الرازي وهو ثقة وفيه خلاف " [194] . وهذا الدار قطني ينقل رواية في سندها محمد بن حميد و يقول عنها حسنة: " حدثنا بن منيع قراءة عليه حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا إبراهيم بن المختار حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن سعيد بن ثوبان عن أبي هند عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال من لم يطهره ماء البحر فلا طهره الله إسناد حسن " [195] . وهذا عبد الرؤف المناوي ينقل توثيق الهيثمي ولا يعلق عليه بالمخالفة: [ صفحه 141] " قال الهيثمي وفيه محمد بن حميد الرازي وهو ثقة وبقية رجاله وثقوا" [196] . وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: " محمد بن حميد الرازي أبوعبدالله روي عن بن المبارك ويعقوب بن عبدالله الأشعري وجرير بن عبد الحميد وابراهيم بن المختار ومهران ومحمد بن المعلي وحكام بن سلم وهارون بن المغيرة وعبدالله بن عبد القدوس روي عنه بياض حدثنا عبد الرحمن أخبرنا أبوبكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي قال سئل يحيي بن معين عن محمد بن حميد الرازي فقال ثقة ليس به بأس رازي كيس حدثنا عبد الرحمن حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد قال سمعت يحيي بن معين يقول بن حميد ثقة وهذه الأحاديث التي يحدث بها ليس هو من قبله إنما هومن قبل الشيوخ الذي يحدث به عنهم حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول سألني يحيي بن معين عن بن حميد من قبل أن يظهر منه ما ظهر فقال أي شيء تنقمون عليه فقلت يكون في كتابه الشيء فنقول ليس هذا هكذا إنما هوكذا وكذا فيأخذ القلم فيغيره علي ما نقول قال بئس هذه الخصلة قدم علينا بغداد فأخدنا منه كتاب يعقوب القمي ففرقنا الأوراق بيننا ومعنا احمد بن حنبل [ صفحه 142] فسمعناه ولم نر الا خيرا " [197] . وقال أبوحفص الواعظ في تاريخ أسماء الثقات: " وقال احمد بن حنبل لا يزال بالري علم ما دام بها محمد بن حميد يعني الرازي حيا قال أبوعبد الرحمن قدم علينا محمد بن حميد يعني الرازي وكان أبي بالعسكر فلما خرج قدم أبي وكان أصحابه يسألونه عن بن حميد فقال لي ما لهؤلاء يسألوني عن بن حميد قلت قدم ها هنا فحدثهم بأحاديث لا يعرفونها قال لي كتبت عنه قلت نعم كتبت عنه جزءا قال اعرض علي فعرضتها عليه فقال أما حديثه عن بن المبارك وابن جريج فهو صحيح فاما حديثه عن أهل الري فهو أعلم نا الحسن بن صدقة نا بن أبي خيثمة قال سئل يحيي بن معين عن محمد بن حميد الرازي فقال ثقة ليس به بأس ذا رأي كيس " [198] . وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: " قال أبوزرعة من فاته محمد بن حميد يحتاج ان ينزل في عشرة آلاف حديث وقال عبدالله بن أحمد سمعت أبي يقول لا يزال بالري علم ما دام محمد بن حميد حيا وقال أبوقريش الحافظ قلت لمحمد بن يحيي ما تقول في محمد بن حميد فقال ألا تراني أحدث [ صفحه 143] عنه وقال أبوقريش وكنت في مجلس محمد بن إسحاق الصاغاني فقال حدثنا ابن حميد فقلت تحدث عنه فقال ومالي لا احدث عنه وقد حدث عنه أحمد ويحيي بن معين " [199] . وقال ابن حجر في لسان الميزان: " بن حميد الرازي هو محمد بن حميد بن حيان التميمي الرازي أبو عبدالله الحافظ عن يعقوب القمي وجرير وابن مالك وطائفة وعنه أبوداود والترمذي وابن ماجة قال يحيي بن معين ثقة كيس " [200] . وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب: " قال أبوزرعة الرازي من فاته بن حميد يحتاج أن ينزل في عشرة آلاف حديث وقال عبدالله بن أحمد عن أبيه لا يزال بالري علم ما دام محمد بن حميد حيا قال عبدالله قدم علينا محمد بن حميد حيث كان أبي بالعسكر فلما خرج قدم أبي وجعل أصحابه يسألونه عنه فقال لي ما لهؤلاء قلت قدم ها هنا فحدثهم بأحاديث لا يعرفونها قال لي كتبت عنه قلت نعم فاريته إياه فقال أما حديثه عن بن المبارك وجرير فصحيح وأما حديثه عن أهل الري فهو أعلم وقال أبوقريش محمد بن جمعة كنت في مجلس الصاغاني فحدث عن [ صفحه 144] بن حميد فقلت تحدث عن بن حميد فقال وما لي لا أحدث عنه وقد حدث عنه أحمد ويحيي قال وقلت لمحمد بن يحيي الذهلي ما تقول في محمد بن حميد قال ألا تراني هوذا أحدث عنه وقال بن أبي خيثمة سئل بن معين فقال ثقة لا بأس به رازي كيس وقال علي بن الحسين بن الجنيد عن بن معين ثقة وهذه الأحاديث التي يحدث بها ليس هو من قبله إنما هومن قبل الشيوخ الذين يحدث عنهم وقال أبوالعباس بن سعيد سمعت جعفر بن أبي عثمان الطيالسي يقول بن حميد ثقة كتب عنه يحيي وروي عنه من يقول فيه هو أكبر منهم " [201] . ومن أراد المزيد فعليه بمراجعة كتب التراجم.

الكلام في الشفاعة

أعتقد انه لا خلاف علي ثبوت الشفاعة وأن الأمة الإسلامية متفقة علي ذلك وان كان هناك اختلاف في كيفيتها وماهيتها وهل هي زيادة ثواب وتخفيف عقاب أم هي غفران للسيئات؟ [ صفحه 145] وسوف أنقل أولاً بعضا من الروايات ومن ثم بعضا من الأقوال

الروايات المتكلمة عن الشفاعة

فقد قال البخاري في صحيحه: " حدثنا إسحاق بن نصر حدثنا محمد بن عبيد حدثنا أبو حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا مع النبي (ص) في دعوة فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة وقال أنا سيد القوم يوم القيامة هل تدرون بم يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي وتدنو منهم الشمس فيقول بعض الناس ألا ترون إلي ما أنتم فيه إلي ما بلغكم ألا تنظرون إلي من يشفع لكم إلي ربكم فيقول بعض الناس أبوكم آدم فيأتونه فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك وأسكنك الجنة ألا تشفع لنا إلي ربك ألا تري ما نحن فيه وما بلغنا فيقول ربي غضب غضبا لم يغضب قبلة مثله ولا يغضب بعده مثله ونهاني عن الشجرة فعصيته نفسي نفسي اذهبوا إلي غيري اذهبوا إلي نوح فيأتون نوحا فيقولون يا نوح أنت أول الرسل إلي أهل الأرض وسماك الله عبدا شكورا أما تري إلي ما نحن فيه ألا تري إلي ما بلغنا ألا تشفع لنا إلي [ صفحه 146] ربك فيقول ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبلة مثله ولا يغضب بعده مثله نفسي نفسي ائتوا النبي (ص) فيأتوني فأسجد تحت العرش فيقال يا محمد ارفع رأسك واشفع تشفع وسل تعطه قال محمد بن عبيد لا أحفظ سائره " [202] . وقال أيضا: " حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) يجمع الله الناس يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا علي ربنا حتي يريحنا من مكاننا فيأتون آدم فيقولون أنت الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك فاشفع لنا عند ربنا فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته ويقول ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله فيأتونه فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته ائتوا إبراهيم الذي إتخذه الله خليلا فيأتونه فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته إئتوا موسي الذي كلمه الله فيأتونه فيقول لست هناكم فيذكر خطيئته ائتوا عيسي فيأتونه فيقول لست هناكم ائتوا محمدا (ص) فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فاستاذن علي ربي فإذا رأيته وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله ثم يقال لي ارفع رأسك سل تعطه وقل يسمع واشفع تشفع فارفع رأسي فاحمد ربي بتحميد يعلمني ثم أشفع فيحد لي حدا ثم [ صفحه 147] أخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أعود فأقع ساجدا مثله في الثالثة أو الرابعة حتي ما يبقي في النار الا من حبسه القرآن وكان قتادة يقول عند هذا أي وجب عليه الخلود " [203] . وقال السيوطي في الدر المنثور: " وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال يأذن الله تعالي في الشفاعة فيقوم روح القدس جبريل عليه السلام ثم يقوم إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام ثم يقوم عيسي أو موسي عليهما السلام ثم يقوم نبيكم (ص) واقفا ليشفع لايشفع أحد بعده أكثر مما شفع وهو المقام المحمود الذي قال الله (عَسَي أن يَبعَثَك رَبُّك مَقامًا مَّحمُودًا) [204] . وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) إذا أالتم الله فاسألوه أن يبعثني المقام المحمود الذي وعدني. وأخرج البخاري عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال من قال حين يسمع النداء الله رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة. [ صفحه 148] وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان رضي الله عنه قال يقال له سل تعطه - يعني النبي (ص) - واشفع تشفع وادع تجب فيرفع رأسه فيقول أمتي مرتين أو ثلاثا فقال سلمان رضي الله عنه يشفع في كل من في قلبه مثقال حبة حنطة من إيمان أو مثقال شعيرة من إيمان أو مثقال حبة خردل من إيمان قال سلمان رضي الله عنه فذلكم المقام المحمود " [205] . وقال الطبراني في المعجم الأوسط: " حدثنا محمد بن العباس المؤدب قال حدثنا عبيد بن إسحاق العطار قال حدثنا القاسم بن محمد بن عبدالله بن محمد بن عقيل قال حدتني أبي عبدالله بن محمد بن عقيل قال وكنت أدعو جدي أبي قال حدثنا جابر بن عبدالله قال كان لآل رسول الله (ص) خادم تخدمهم يقال لها برة فلقيها رجل فقال لها يا برة غطي شعيفاتك فإن محمدا لن يغني عنك من الله شيئا فأخبرت النبي (ص) فخرج يجر رداءه محمرة وجنتاه وكنا معشر الأنصار نعرف غضبه بجر ردائه وحمرة وجنتيه فأخذنا السلاح ثم أتيناه فقلنا يا رسول الله مرنا بما شئت فوالذي بعثك بالحق لو أمرتنا بامهاتنا وآبائنا وأولادنا لأمضينا قولك فيهم فصعد المنبر فحمد الله وأثني عليه وقال من أنا فقلنا أنت رسول الله قال نعم ولكن من أنا فقلنا [ صفحه 149] أنت محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف قال أنا سيد ولد ادم ولا فخر وأول من تنشق عنه الأرض ولا فخر وأول من ينفض التراب عن رأسه ولا فخر وأول داخل الجنة ولا فخر ما بال اقوام يزعمون ان رحمي لا تنفع ليس كما زعموا أني لأشفع وأشفع حتي أن من اشفع له ليشفع فيشفع حتي ان إبليس ليتطاول في الشفاعة " [206] . وقال الإمام أحمد في المسند: " حدثنا عبدالله حدثني أبي حدثنا يزيد أنا زكريا عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) قال قد أعطي كل نبي عطية فكل قد تعجلها وأني أخرت عطيتي شفاعة لأمتي وان الرجل من أمتي ليشفع للفئام من الناس فيدخلون الجنة وان الرجل ليشفع للقبيلة وان الرجل ليشفع للعصبة وان الرجل ليشفع للثلاثة وللرجلين وللرجل " [207] . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: " وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله (ص) إن الرجل ليشفع للرجلين والثلاثة رواه البزار ورجاله رجال الصحيح " [208] . [ صفحه 150] وقال البيهقي في شعب الإيمان: " وأخبرنا أبوسعد أنا أبوأحمد بن عدي حدثنا أحمد بن محمد بن عنبسة حدثنا كثير بن عبيد الجمي حدثنا بقية عن مقاتل بن سليمان قال حدثني أبو الزبير وشرحبيل بن سعد عن جابر بن عبدالله قال قال رسول الله (ص) يبعث العالم والعابد فيقال للعابد أدخل الجنة ويقال للعالم أثبت حتي تشفع للناس بما أحسنت أدبهم تفرد به مقاتل بن سليمان " [209] . وقال عبد العظيم المنذري في الترغيب والترهيب: " وروي عن أبي أمامة قال قال رسول الله (ص) يجاء بالعالم والعابد فيقال للعابد ادخل الجنة ولقال للعالم قف حتي تشفع للناس رواه الأصبهاني وغيره. وروي عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال قال رسول الله (ص) يبعث العالم والعابد فيقال للعابد ادخل الجنة ويقال للعالم اثبت حتي تشفع بما أحسنت أدبهم رواه البيهقي وغيره " [210] .

كلمات العلماء عن الشفاعة

وأما كلمات القوم فهذه بعضها: فقد قال ابن حجر في فتح الباري: [ صفحه 151] " الاستشفاع طلب الشفاعة وهي انضمام الأدني إلي الأعلي ليستعين به علي ما يرومه وفي حديث حذيفة وأبي هريرة معا يجمع الله الناس يوم القيامة فيقوم المؤمنون حتي تنزلف لهم الجنة فيأتون آدم وحتي غاية لقيامهم المذكور ويؤخذ منه أن طلبهم الشفاعة يقع حين تنزلف لهم الجنة ووقع في أول حديث أبي نضرة عن أبي سعيد في مسلم رفعه انا أول من تنشق عنه الأرض الحديث وفيه فيفزع الناس ثلاث فزعات فيأتون آدم الحديث قال القرطبي كأن ذلك يقع إذا جيء بجهنم فإذا زفرت فزع الناس حينئذ وجثوا علي ركبهم قوله حتي يريحنا في رواية مسلم فيريحنا وفي حديث بن مسعود عند بن حبان ان الرجل ليلجمه العرق يوم القيامة حتي يقول يا رب أرحني ولو إلي النار وفي رواية ثابت عن أنس يطول يوم القيامة علي الناس فيقول بعضهم لبعض انطلقوا بنا إلي آدم أبي البشر فليشفع لنا إلي ربنا فليقض بيننا وفي حديث سلمان فإذا رأوا ما هم فيه قال بعضهم لبعض ائتوا أباكم آدم قوله حتي يريحنا من مكاننا هذا في رواية ثابت فليقض بيننا وفي رواية حذيفة وأبي هريرة فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة قوله فيأتون آدم في رواية شيبان فينطلقون حتي يأتوا آدم فيقولون أنت الذي في رواية مسلم يا آدم أنت أبو البشر وفي رواية همام وشيبان أنت أبو البشر وفي حديث أبي هريرة نحو رواية مسلم وفي حديث حذيفة فيقولون يا أبانا قوله خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه زاد في رواية همام وأسكنك جنته وعلمك أسماء كل شيء وفي حديث أبي هريرة وأمر [ صفحه 152] الملائكة فسجدوا لك وفي حديث أبي بكر أنت أبو البشر وأنت اصطفاك الله قوله فاشفع لنا عند ربنا في رواية مسلم عند ربك وكذا لشيبان في حديث أبي بكر وأبي هريرة اشفع لنا إلي ربك وزاد أبوهريرة ألا تري ما نحن فيه الا تري ما بلغنا قوله لست هناكم قال عياض قوله لست هناكم كناية عن أن منزلته دون المنزلة المطلوبة قاله تواضعا واكبارا لما يسألونه قال وقد يكون فيه إشارة إلي أن هذا المقام ليس لي بل لغيري قلت وقد وقع في رواية معبد بن هلال فيقول لست لها وكذا في بقية المواضع وفي رواية حذيفة لست بصاحب ذاك وهو يؤيد الإشارة المذكورة قوله ويذكر خطيئته زاد مسلم التي أصاب والراجع إلي الموصول محذوف تقديره أصابها زاد همام في روايته أكله من الشجرة وقد نهي عنها وهو بنصب اكله بدل من قوله خطيئته وفي رواية هشام فيذكر ذنبه فيستحي وفي رواية بن عباس اني قد أخرجت بخطيئتي من الجنة وفي رواية أبي نضرة عن أبي سعيد واني اذنبت ذنبا فأهبطت به إلي الأرض وفي رواية حذيفة وأبي هريرة معا هل اخرجكم من الجنة الا خطيئة أبيكم آدم وفي رواية ثابت عند سعيد بن منصور إني أخطأت وأنا في الفردوس فإن يغفر لي اليوم حسبي وفي حديث أبي هريرة ان ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وانه نهاني عن الشجرة فعصيت نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلي غيري قوله ائتوا نوحا فيأتونه في رواية مسلم ولكن ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله إلي أهل الأرض فياتون نوحا وفي رواية هشام فإنه أول رسول بعثه الله إلي أهل [ صفحه 153] الأرض وفي حديث أبي بكر انطلقوا إلي أبيكم بعد أبيكم إلي نوح ائتوا عبدا شاكرا وفي حديث أبي هريرة اذهبوا إلي نوح فيأتون نوحا فيقولون يا نوح أنت أول الرسل إلي أهل الأرض وقد سماك الله عبدا شكورا وفي حديث أبي بكر فينطلقون إلي نوح فيقولون يا نوح اشفع لنا إلي ربك فإن الله اصطفاك واستجاب لك في دعائك ولم يدع علي الأرض من الكافرين ديارا ويجمع بينهما بأن آدم " [211] . وقال ابن تيمية في التوسل والوسيلة: " وأما شفاعته ودعاؤه للمؤمنين فهي نافعة في الدنيا والدين باتفاق المسلمين وكذلك شفاعته للمؤمنين يوم القيامة في زيادة الثواب يرفع الدرجات متفق عليها بين المسلمين وقد قيل إن بعض أهل البدعة ينكرها وأما شفاعته لأهل الذنوب من أمته فمتفق عليها بين الصحابة والتابعين بإحسان وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم " [212] . وقال الخطابي في الغنية عن الكلام وأهله: " التشفع بالمخلوق وأما التشفع بالمخلوق فلا خلاف بين المسلمين أنه يجوز طلب الشفاعة من المخلوقين فيما يقدرون عليه من أمور الدنيا وثبت بالسنة المتواترة واتفاق جميع الأمة أن نبينا هو [ صفحه 154] الشافع المشفع وأنه يشفع للخلائق يوم القيامة وأن الناس يستشفعون به ويطلبون منه أن يشفع لهم إلي ربه ولم يقع الخلاف إلا في كونها لمحو ذنوب المذنبين أو لزيادة ثواب المطيعين ولم يقل أحد من المسلمين بنفيها قط وفي سنن أبي داود أن رجلا قال للنبي أنا نستشفع بالله عليك ونستشفع بك علي الله فقال شأن الله أعظم من ذلك أنه لا يستشفع به علي أحد من خلقه فأقره علي قوله نستشفع بك علي الله وأنكر عليه قوله نستشفع بالله عليك وسيأتي تمام الكلام في الشفاعة " [213] . وقال الخطابي أيضا: " فإن قلت فقد ورد الحديث الصحيح بأن الخلائق يوم القيامة يأتون آدم فيدعونه ويستغيثونه ثم نوحا ثم إبراهيم ثم موسي ثم عيسي ثم محمدا وسائر إخوانه من الأنبياء قلت أهل المحشر إنما يأتون هؤلاء الأنبياء يطلبون منهم أن يشفعوا لهم إلي الله سبحانه ويدعوا لهم بفصل الحساب والإراحة من ذلك الموقف وهذا جائز فإنه من طلب الشفاعة والدعاء المأذون فيهما وقد كان الصحابة يطلبون من رسول الله في حياته أن يدعو لهم كما في حديث يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم لما أخبرهم بأنه يدخل الجنة سبعون ألفا وحديث سبقك بها عكاشة وقول أم سليم يا رسول [ صفحه 155] الله خادمك أنس ادع الله له وقول المرأة كانت تصرع يا رسول الله أدع الله لي وآخر الأمر سألته الدعاء بألا تنكشف عند الصرع فدعا لها ومنه إرشاده لجماعة من الصحابة بأن يطلبوا الدعاء من أويس القرني إذا أدركوه ومنه ما ورد في دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب وغير ذلك مما لا يحصر حتي إن رسول الله قال لعمر لما خرج معتمرا لا تنسني يا أخي من دعائك " [214] . وقال أيضا: " والحاصل أن طلب الحوائج من الأحياء جائز إذا كانوا يقدرون عليها ومن ذلك الدعاء فأنه يجوزاستمداده من كل مسلم بل يحسن ذلك وكذلك الشفاعة من أهلها الذين ورد الشرع بأنهم يشفعون ولكن ينبغي أن يعلم أن دعاء من يدعو له لا ينفع إلا بأذن الله وارادته ومشيئته وكذلك شفاعة من يشفع لا تكون الا بأذن الله كما ورد بذلك القرآن العظيم فهذا تقييد للمطلق لا ينبغي العدول عنه بحال " [215] . والآن وبعد الانتهاء من مجموع الإشكالات سوف أنقل مجموعة من الكلمات لبعض الأعلام فيها فائدة حول التوسل والتبرك والتقبيل للآثار الإسلامية. [ صفحه 156]

محمد بن المكندر و وضع خده علي قبر النبي و تمرغه في مكان وجده فيه

محمد بن المكندر ووضع خده علي قبر النبي (ص) وتمرغه في مكان وجد النبي (ص) فيه فقد قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: " وقال مصعب بن عبدالله حدثني إسماعيل بن يعقوب التيمي قال كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه فكان يصيبه صمات فكان يقوم كما هو حتي يضع حذه علي قبر النبي (ص) ثم يرجع فعوتب في ذلك فقال إنه يصيبني خطر فإذا وجدت ذلك استعنت بقبر النبي (ص) وكان يأتي موضعا من المسجد يتمرغ فيه ويضطجع فقيل له في ذلك فقال إني رأيت النبي (ص) في هذا الموضع " [216] . وقال أبن عساكر في تاريخ مدينة دمشق: " قرأنا علي أبي غالب وأبي عبدالله ابني البناء عن أبي الحسن بن مخلد أخبرنا أبوالحسن بن خزفة أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد حدثنا بن أبي خيثمة حدثنا مصعب بن عبدالله حدثني إسماعيل بن يعقوب التيمي قال كان محمد بن المنكدر يجلس مع أصحابه قال فكان يصيبه صمات فكان يقوم كما هو حتي يضع خده علي قبر النبي (ص) ثم يرجع فعوتب في ذلك فقال إنه يصيبني خطرة فإذا وجدت ذلك استغثت بقبر النبي (ص) وكان يأتي موضعا [ صفحه 157] من المسجد في السحر يتمرغ فيه ويضطجع فقيل له في ذلك فقال إني رأيت رسول الله (ص) في هذا الموضع أراه قال في النوم " [217] .

فتوي الإمام أحمد حول التمسح بالمنبر

فقد قال ابن تيمية في الرد علي الأخنائي: " قلت لأحمد بن حنبل قبر النبي (ص) يمس ويتمسح به فقال ما أعرف هذا قلت له فالمنبر قال أما المنبر فنعم قد جاء فيه قال أبوعبدالله شيء يروونه عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن عمر أنه كان يتمسح علي المنبر وقال ويروونه عن سعيد بن المسيب في الرمانة قلت ويروونه عن يحيي بن سعيد أنه حيث أراد الخروج إلي العراق جاء إلي المنبر فمسحه ودعا فرأيته استحسنه ثم قال لعله عند الضرورة والشيء " [218] . وقال أيضا: " روي القاضي إسماعيل بن إسحاق في المصنف الي له في [ صفحه 158] فضل الصلاة علي النبي (ص) قال حدثني إسحاق بن محمد الفروي حدثنا عبيدالله بن عمر حدثنا نافع أن ابن عمر كان إذا قدم من سفر صلي السجدتين في المسجد ثم أتي النبي (ص) فيضع يده اليمني علي قبر النبي (ص) ويستدبر القبلة ثم يسلم علي النبي (ص) ثم يسلم علي أبي بكر وعمر " [219] .

ابن عمر و وضع يده علي قبر النبي عند السلام عليه

فقد قال الجهضمي القاضي المالكي في فضل الصلاة علي النبي: " حدثني إسحاق بن محمد قال حدثنا عبدالله بن عمر عن نافع أن ابن عمر كان إذا قدم من سفر صلي سجدتين في المسجد ثم يأتي النبي (ص) فيضع يده اليمين علي قبر النبي (ص) ويستدبر القبلة ثم يسلم علي النبي (ص) ثم 85 علي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما " [220] . [ صفحه 159]

اصحاب النبي و مسحهم علي رمانة المنبر

فقد قال ابن أبي شيبة في المصنف: " حدثنا أبو بكر قال نا زيد بن الحباب قال حدثني أبو مودودة قال حدثني يزيد بن عبد الملك بن قسيط قال رأيت نفرا من أصحاب النبي (ص) إذا خلا لهم المسجد قاموا إلي رمانة المنبر القرعا فمسحوها ودعوا قال ورأيت يزيد يفعل ذلك " [221] . وقال ابن تيمية في الرد علي الأخنائي: " قال القاضي عياض وعن ابن قسيط والقعنبي كان اصحاب رسول الله (ص) إذا دخلوا المسجد مسوا رمانة المنبر التي تلي القبر بميامينهم ثم استقبلوا القبلة يدعون فهذا " [222] . وقال ابن حجر في فتح الباري: " وأما غيره فنقل عن الإمام أحمد أنه سئل عن تقبيل منبر النبي (ص) وتقبيل قبره فلم ير به بأسا واستبعد بعض أتباعه صحة ذلك ونقل عن بن أبي الصيف اليماني أحد علماء مكة من الشافعية [ صفحه 160] جواز تقبيل المصحف وأجزاء الحديث وقبور الصالحين وبالله التوفيق " [223] . وقال الزرقاني في شرحه: " وروي الحاكم عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال حججنا مع عمر فلما طاف استقبل الحجر فقال إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله (ص) قبلك ما قبلتك ثم قبله فقال له علي بلي إنه يضر وينفع قال بم قال بكتاب الله (وإِذ أخذ ربُّك مِن بَني ءادَمَ مِن ظُهُورِهِم ذرّيَّتَهُم و أشهَدهُم عَلي انفُسِهِم ألَستُ بربِّكم قَالُوا بَلي) [224] خلق الله آدم ومسح علي ظهره فقررهم بأنه الرب وأنهم العبيد وأخذ عهودهم ومواثيقهم وكتب ذلك في رق وكان لهذا الحجر عينان ولسان فقال افتح ففتح فاه فألقمه ذلك الرق وقال اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة واني أشهد لسمعت رسول الله (ص) يقول يؤتي يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان ذلق يشهد لمن يستلمه بالتوحيد فهو يا أميرالمؤمنين يضر وينفع فقال عمر أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا حسن قال الحاكم ليس من شرط الشيخين فإنهما لم يحتجا بأبي هارون عمارة بن جوين العبدي قال غيره ولا من شرط غيرهما فأبو هارون ضعفه [ صفحه 161] الناس كلهم ونسبه إلي الكذب جماعة من الأئمة واستنبط بعضهم من مشروعية تقبيل الحجر جواز تقبيل من يستحق التعظيم من آدمي وغيره ونقل عن أحمد لا بأس بتقبيل منبر النبي (ص) وقبره واستبعد بعض أتباعه صحة ذلك عنه ونقل عن ابن أبي الصيف اليماني الشافعي جواز تقبيل المصحف وقبور الصالحين " [225] . وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: " قلت أين المتنطع المنكر علي أحمد وقد ثبت أن عبدالله سأل أباه عمن يلمس رمانة منبر النبي (ص) ويمس الحجرة النبوية فقال لا أري بذلك بأسا أعاذنا الله واياكم من رأي الخوارج ومن البدع " [226] . وقال ابن حنبل في العلل والمعرفة: " سألته عن الرجل يمس منبر النبي (ص) ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلي الله جل وعز فقال لا بأس بذلك " [227] . وقال الشوكاني في نيل الأوطار: [ صفحه 162] " وعن مالك في رواية لا يقبل يده وبه قال القاسم بن محمد بن أبي بكر وفي رواية عند المالكية يضع يده علي فمه من غير تقبيل وقد استنبط بعضهم من مشروعية تقبيل الحجر وكذلك تقبيل المحجن جواز تقبيل كل من يستحق التعظيم من آدمي وغيره وقد نقل عن الإمام أحمد أنه سئل عن تقبيل منبر النبي (ص) وتقبيل قبره فلم ير به بأسا واستبعد بعض أصحابه صحة ذلك إلي أن يقول: وعن بن عمر أن النبي (ص) كان لا يدع أن يستلم الحجر والركن اليماني في كل طوافه روإه أحمد وأبوداود وعن بن عباس قال كان رسول الله (ص) يقبل الركن اليماني ويضع خده عليه رواه الدار قطني وعن بن عباس قال كان النبي (ص) إذا استلم الركن اليماني قبله رواه البخاري في تاريخه حديث بن عمر الأول في إسناده عطاء بن السائب وهوثقة ولكنه اختلط وحديثه الثالث في إسناده عبد العزيز بن أبي رواد وفيه مقال قال يحيي إن سليم الطائفي كان يري الإرجاء وقال يحيي القطان هوثقة لا يترك لرأي أخطأ فيه " [228] . [ صفحه 163]

انقل لكم كلاما وجدته في تحفة الأحوذي جامع شامل لما تقدم

وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي: " تنبيه قال الشيخ عبد الغني في إنجاح الحاجة ذكر شيخنا عابد السندي في رسالته والحديث يدل علي جواز التوسل والاستشفاع بذاته المكرم في حياته وأما بعد مماته فقد روي الطبراني في الكبير عن عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلي عثمان بن عفان في حاجة له فذكر الحديث قال وقد كتب شيخنا المذكور رسالة مستقلة فيها التفصيل من أراد فليرجع إليها انتهي وقال الشوكاني في تحفة الذاكرين وفي الحديث دليل علي جواز التوسل برسول الله إلي الله عزوجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالي وأنه المعطي المانع ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن انتهي وقال فيها في شرح قول صاحب العمدة ويتوسل إلي الله بأنبيائه والصالحين ما لفظه ومن التوسل بالأنبياء ما أخرجه الترمذي من حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن أعمي أتي النبي فذكر الحديث ثم قال وأما التوسل بالصالحين فمنه ما ثبت في الصحيح أن الصحابة استسقوا بالعباس رضي الله عنه عم رسول الله وقال عمر رضي الله عنه اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبينا الخ انتهي وقال في رسالته الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد وأما التوسل إلي الله سبحانه بأحد من خلقه في مطلب يطلبه العبد من ربه فقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام إنه لا يجوز التوسل إلي الله تعالي إلا بالنبي إن صح الحديث فيه ولعله يشير إلي الحديث الذي أخرجه النسائي في سننه والترمذي وصححه بن ماجه وغيرهم أن أعمي أتي النبي فذكر الحديث قال وللناس في معني هذا قولان [ صفحه 164] أحدهما أن التوسل هو الذي ذكره عمر بن الخطاب لما قال كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا إليك فتسقينا وانا نتوسل إليك بعم نبينا وهو في صحيح البخاري وغيره فقد ذكر عمر رضي الله عنه أنهم كانوا يتوسلون بالنبي (ص) قي حياته في الاستسقاء ثم توسل بعمه العباس بعد موته وتوسلهم هو استسقاؤهم بحيث يدعو ويدعون معه فيكون هووسيلتهم إلي الله تعالي والنبي كان في مثل هذا شافعا وداعيا لهم والقول الثاني أن التوسل به يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه ولا يخفاك أنه قد ثبت التوسل به في حياته وثبت التوسل بغيره بعد موته بإجماع الصحابة اجماعا سكوتيا لعدم إنكار أحد منهم علي عمر رضي الله عنه في توسله بالعباس رضي الله عنه وعندي أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي كما زعمه الشيخ عز الدين بن عبد السلام لأمرين الأول ما عرفناك به من اجماع الصحابة رضي الله عنهم والثاني أن التوسل إلي الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة إذ لا يكون الفاضل فاضلا إلا بأعماله فإذا قال القائل اللهم إني أتوسل إليك بالعالم الفلاني فهو باعتبار ما قام به من العلم وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي حكي عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل إلي الله بأعظم عمل عمله فارتفعت الصخرة فلو كان التوسل بالأعمال الفاضلة غير جائز أو كان شركاكما يزعمه المتشددون في هذا الباب كابن عبد السلام ومن قال بقوله من أتباعه لم تحصل الإجابة لهم [ صفحه 165] ولا سكت النبي عن إنكارما فعلوه بعد حكايته عنهم وبهذا تعلم أن ما يورده المانعون من التوسل بالأنبياء والصلحاء من نحو قوله تعالي: (مَا نَعبدُهُم إِلأ ليقربونَآ إِلَي اللُّهِ زُلفي) [229] ونحو قوله تعالي: (فلآ تَدعُوا مَع الله احداً) [230] ونحو قوله تعالي: (له دَعوَة آلحق وَالذين يَدعَون مِن دُوَنِهِ لا يَستَجيبون لَهُم بِشَيءٍ) [231] ليس بوارد بل هو من الاستدلال علي محل النزاع بما هو أجنبي عنه فإن قولهم (مَا نَعبُدُهُم اِلا لِيُقَرِّبُونا الَي الله زُلفَي) مصرح بأنهم عبدوهم لذلك والمتوسل بالعالم مثلا لم يعبده بل علم أن له مزية عند الله بحمله العلم فتوسل به لذلك وكذلك قوله: (فَلا تدعُوا مَع اللهِ أحَدًا) فإنه نهي عن أن يدعي مع الله غيره كأن يقول بالله وبفلان والمتوسل بالعالم مثلا لم يدع إلا الله فإنما وقع منه التوسل عليه بعمل صالح عمله بعض عباده كما توسل الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة بصالح أعمالهم وكذلك قوله: (وَالذين يَدعَون مِن دُوَنِهِ) الآية فإن هؤلاء دعوا من لايستجيب لهم ولم يدعوا ربهم الذي يستجيب لهم والمتوسل بالعالم مثلا لم يدع إلا الله ولم يدع غيره دونه ولا دعا غيره معه واذا عرفت هذا لم يخف عليك دفع ما يورده المانعون للتوسل من الأدلة الخارجة عن محل النزاع خروجا زائدا علي [ صفحه 166] ما ذكرناه كاستدلالهم بقوله تعالي: (وَمآ أدرَئك مَا يَوم إلدين، ثم مَآ أدرَئك مَا يوم الدِّين، يَومَ لَا تَملِكُ نَفسٍ لِنَفسٍ شَيئًا و الأمرُ يَؤمَئذ لِلّهِ) [232] فإن هذه الآية الشريفة ليس فيها إلا أنه تعالي المنفرد بالأمر في يوم الدين وأنه ليس لغيره من الأمر شيء والمتوسل بنبي من الأنبياء أوعالم من العلماء هو لا يعتقد أن لمن توسل به مشاركة لله جل جلاله في أمر يوم الدين ومن اعتقد هذا العبد من العباد سواء كان نبيا أوغير نبي فهو في ضلال مبين وهكذا الاستدلال علي منع التوسل بقوله: (ليس لَك مِن الأمرِ شيءُ) [233] ، (قل لآ أملك لنفسي نَفعا وَلا ضرا) [234] فإن هاتين الآيتين مصرحتان بأنه ليس لرسول الله من أمر الله شيء وأنه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فكيف يملك لغيره وليس فيهما منع التوسل به أو بغيره من الأنبياء أو الأولياء أو العلماء وقد جعل الله لرسوله المقام المحمود لمقام الشفاعة العظمي وأرشد الخلق إلي أن يسألوه ذلك ويطلبوه منه وقال له سل تعطه واشفع تشفع وقيل ذلك في كتابه العزيز بأن الشفاعة لا تكون إلا بإذنه ولا تكون إلا لمن ارتضي وهكذا الاستدلال علي منع التوسل بقوله لما نزل قوله تعالي: (وَأنذر عَشيرتَك [ صفحه 167] الأقربين) [235] يا فلان بن فلان لا أملك لك من الله شيئا يا فلانة بنت فلان لا أملك لك من الله شيئا فإن هذا ليس فيها إلا التصريح بأنه لا يستطيع نفع من أراد الله ضره ولا ضر من أراد الله تعالي نفعه وأنه لا يملك لأحد من قرابته فضلا عن غيرهم شيئا من الله وهذا معلوم لكل مسلم وليس فيه أنه لا يتوسل به إلي الله فإن ذلك هوطلب الأمر ممن له الأمر والنهي وانما أراد الطالب أن يقدم بين يدي طلبه ما يكون سببا للأجابة ممن هو المنفرد بالعطاء والمنع وهومالك يوم الدين انتهي كلام الشوكاني " [236] .

رسالة حول زيارة الرسول و شد الرحال لزيارته

وقبل نهاية البحث سوف أختم برسالة حول زيارة الرسول (ص) وشد الرحال لزيارته. ولنا وقفة هنا حول زيارة خاصة وهي زيارة النبي الأكرم (ص) لنري الموقف الشرعي من هذه الزيارة وهل هي مطلوبة بشكل خاص أم لا؟ وللاجابة علي هذا السؤال لابد وأن نتوجه للشريعة مباشرة فنسأل النبي (ص) عن ذلك فنجد الجواب في هذه الروايات: ففي تحفة المحتاج للواد ياشي الأندلسي: [ صفحه 168] " وعنه أيضا قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من جاءني زائرا لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقا علي أن أكون له شفيعا يوم القيامة رواه ابن السكن في كتابه المسمي بالصحاح. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتي أرد عليه السلام رواه أبوداود بإسناد علي شرط الصحيح لا جرم ذكره ابن السكن في سننه الصحاح وحميد بن زياد المذكور في إسناده أخرجه له مسلم وقال أحمد " [237] . وفي نيل الأوطار للشوكاني: " قال الحافظ وأصح ما ورد في ذلك ما رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة مرفوعا ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتي أرد عليه السلام وبهذا الحديث صدر البيهقي الباب ولكن ليس فيه ما يدل علي اعتبار كون المسلم عليه علي قبره بل ظاهره أعم من ذلك وقال الحافظ أيضا أكثر متون هذه الأحاديث موضوعة وقد رويت زيارته صلي الله عليه وآله وسلم عن جماعة من الصحابة منهم بلال عند بن عساكر بسند جيد وبن عمر عند مالك في الموطأ وأبو أيوب عند أحمد وأنس ذكره عياض في الشفاء وعمر عند البزار وعلي عليه السلام عند الدار قطني وغير هؤلاء ولكنه لم ينقل عن أحد [ صفحه 169] منهم أنه شد الرحل لذلك إلا عن بلال لأنه روي عنه أنه رأي النبي صلي الله عليه وآله وسلم وهو بداريا يقول له ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني روي ذلك بن عساكر واستدل القائلون بالوجوب بحديث من حج ولم يزرني فقد جفاني " [238] . قوله أكثر متون هذه الأحاديث موضوعة يدل علي أن هناك أحاديث غير موضوعة فانتبه لذلك. وفي الدر المنثور: " وأخرج ابن حبان في الضعفاء وابن عدي في الكامل والدار قطني في العلل عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال من حج ولم يزرني فقد جفاني وأخرج سعيد بن منصور وأبويعلي والطبراني وابن عدي والدار قطني والبيهقي في الشعب وابن عساكر عن ابن عمر قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كم زارني في حياتي وأخرج الحكيم الترمذي والبزار وابن خزيمة وابن عدي والدار قطني والبيهقي عن ابن عمر قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من زار قبري وجبت له شفاعتي وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من جاءني زائرا لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقا علي أن أكون له شفيعا يوم القيامة [ صفحه 170] وأخرج الطيالسي والبيهقي في الشعب عن عمر قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول من زار قبري كنت له شفيعا أو شهيدا ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله في الآمنين يوم القيامة وأخرج البيهقي عن حاطب قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة وأخرج العقيلي في الضعفاء والبيهقي في الشعب عن رجل من آل الخطاب عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال من زارني متعمدا كان في جواري يوم القيامة ومن سكن المدينة وصبر علي بلائها كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين يوم القيامة وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال من زارني بالمدينة محتسبا كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة " [239] . وفي كشف الخفاء للعجلوني: " (من حج ولم يزرني فقد جفاني) يأتي في من لم يزرني وقال الصغاني كابن الجوزي موضوع لكن ذكره بلفظ من حج البيت الحديث لكن قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث مسند الفردوس أسنده عن ابن عمر وهو عند ابن عدي وابن حبان في [ صفحه 171] الضعفاء وفي غرائب مالك للدار قطني وفي الرواة عن مالك للخطيب انتهي ومع هذا فلا ينبغي الحكم عليه بالوضع فتدبر " [240] . وفيه أيضا: " (من زار قبري وجبت له شفاعتي) قال في الأصل رواه أبو الشيخ وابن أبي الدنيا وغيرهما عن ابن عمر وهو في صحيح ابن خزيمة وأشار الي تضعيفه وعند أبي الشيخ والطبراني وابن عدي والدار قطني والبيهقي ولفظهم كان كمن زارني في حياتي وضعفه البيهقي وقال الذهبي طرقه كلها لينة لكن يتقوي بعضها ببعض لأن ما في رواتها متهم بالكذب قال ومن أجودها اسناد حديث حاطب الذي أخرجه ابن عساكر وغيره من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي وللطيالسي عن عمر مرفوعا من زار قبري كنت له شفيعا او شهيدا وللسبكي شفاء السقام في زيارة خبر الأنام وذكر فيه أحاديث كثيرة في هذا المعني وكذا ذكر ابن حجر المكي في كتابه الجوهر المنظم أحاديث من هذا النمط منها قوله عليه الصلاة والسلام من زارني أو من زار قبري الي المدينة كنت له شفيعا وشهيدا وروي البيهقي عن أنس رضي الله تعالي عنه من زارني في المدينة محتسبا كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة " [241] . [ صفحه 172] وقال عمر بن الملقن في خلاصة البدر المنير: " حديث من زار قبري فله الجنة رواه الدار قطني من رواية ابن عمر بلفظ من زار قبري وجبت له شفاعتي سكت عنه عبد الحق وتعقبه ابن القطان لكن أخرجه ابن خزيمة في صحيحه " [242] . وفي المغني لابن قدامة: "فصل ويستحب زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم لما روي الدار قطني بإسناده عن ابن عمر قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي وفي رواية من زار قبري وجبت له شفاعتي رواه باللفظ الأول سعيد حدثنا حفص بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر" [243] . وفي تلخيص الحبيرلابن حجر: " فائدة طرق هذا الحديث كلها ضعيفة لكن صححه من حديث بن عمر أبو علي بن السكن في إيراده إياه في أثناء السنن الصحاح له وعبد الحق في الأحكام في سكوته عنه والشيخ تقي الدين السبكي من المتأخرين باعتبار مجموع الطرق وأصح ما ورد في ذلك ما رواه أحمد وأبوداود من طريق أبي صخر حميد بن زياد عن [ صفحه 173] يزيد بن عبدالله بن قسيط عن أبي هريرة مرفوعا ما من أحد يسلم علي الا رد الله علي روحي حتي أرد عليه السلام وبهذا الحديث صدر البيهقي الباب " [244] . وفي نيل الأوطار: " ومنها أحاديث خاصة بزيارة قبره الشريف أخرج الدار قطني عن رجل من آل حاطب عن حاطب قال قال صلي الله عليه وآله وسلم من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي وفي إسناده الرجل المجهول وعن بن عمر عند الدار قطني أيضا قال قال فذكر نحوه ورواه أبويعلي في مسنده وبن عدي في كامله وفي إسناده حفص بن أبي داود وهو ضعيف الحديث وقال أحمد فيه إنه صالح وعن عائشة عند الطبراني في الأوسط عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم مثله قال الحافظ وفي طريقه من لايعرف وعن بن عباس عند العقيلي مثله وفي إسناده فضالة بن سعد المازني وهو ضعيف وعن بن عمر حديث آخر عند الدار قطني بلفظ من زار قبري وجبت له شفاعتي وفي إسناده موسي بن هلال العبدي قال أبوحاتم مجهول أي العدالة ورواه بن خزيمة في صحيحه من طريقه وقال إن صح الخبر فإن في القلب من إسناده شيئا وأخرجه أيضا البيهقي وقال العقيلي لايصح حديث موسي ولا يتابع عليه ولا يصح في هذا الباب شيء [ صفحه 174] وقال أحمد لا بأس به وأيضا قد تابعه عليه مسلمة بن سالم كما رواه الطبراني من طريقه وموسي بن هلال المذكور رواه عن عبيدالله بن عمر عن نافع وهو ثقة من رجال الصحيح وجزم الضياء المقدسي والبيهقي وبن عدي وبن عساكر بأن موسي رواه عن عبدالله بن عمر المكبر وهو ضعيف ولكنه قد وثقه بن عدي وقال بن معين لا بأس به وروي له مسلم مقرونا بآخر وقد صحح هذا الحديث بن السكن وعبد الحق وتقي الدين السبكي وعن بن عمر عند بن عدي والدار قطني وبن حبان في ترجمة النعمان بلفظ من حج ولم يزرني فقد جفاني وفي إسناده النعمان بن شبل وهو ضعيف جدا ووثقه عمران بن موسي وقال الدار قطني الطعن في هذا الحديث علي بن النعمان لا عليه ورواه أيضا البزار وفي إسناده إبراهيم الغفاري وهو ضعيف ورواه البيهقي عن عمر قال واسناده مجهول وعن أنس عند بن أبي الدنيا بلفظ من زارني بالمدينة محتسبا كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة وفي إسناده سليمان بن زيد الكعبي ضعفه بن حبان والدار قطني وذكره بن حبان في الثقات وعن عمر عند أبي داود الطيالسي بنحوه وفي إسناده مجهول وعن عبدالله بن مسعود عن أبي الفتح الأزدي بلفظ من حح حجة الإسلام وزار قبري وغزا غزوة وصلي في بيت المقدس لم يسأله الله فيما افترض عليه وعن أبي هريرة بنحو حديث حاطب المتقدم " [245] . [ صفحه 175] وفي تاريخ جرجان: " وروي بن أبي الدنيا عبدالله بن محمد في كتاب القبور يقول حدثني سعيد بن عثمان الجرجاني حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أخبرني أبو المثني سليمان بن يزيد الكعبي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال من زارني بالمدينة محتسبا كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة " [246] . وفي سنن الدار قطني: " حدثنا عبدالله بن محمد بن عبد العزيز حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حفص بن أبي داود عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن بن عمر قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي. حدثنا أبوعبيد والقاضي أبو عبدالله وابن مخلد قالوا حدثنا محمد بن الوليد البسري حدثنا وكيع حدثنا خالد بن أبي خالد وأبو عون عن الشعبي والأسود بن ميمون عن هارون أبي قزعة عن رجل من آل حاطب عن حاطب قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة. [ صفحه 176] حدثنا القاضي المحاملي نا عبيد الله بن محمد الوراق نا موسي بن هلال العبدي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من زار قبري وجبت له شفاعتي " [247] . وفي مجمع الزوائد: " وعن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال من حج فزار قبري في مماتي كان كمن زارني في حياتي رواه الطبراني في الكبير والاوسط وفيه حفص بن ابي داود القاريء وثقة احمد وضعفه جماعة من الأئمة وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من زار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه عائشة بنت يونس ولم أجد من ترجمها باب وضع الوجه علي قبر سيدنا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عن أبي داود بن أبي صالح قال أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه علي القبر فقال أتدري ما يصنع فاقبل عليه فاذا هو أبو أيوب فقال نعم جنت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ولم أر الحجر وهو بتمامة في كتاب الخلافة دواه أحمد وداود ابن أبي صالح قال الذهبي لم يروعنه غير الوليد بن كثير وروي عنه كثير [ صفحه 177] ابن زيد كما في المسند ولم يضعفه أحد " [248] . وفي الكامل في الضعفاء: " موسي بن هلال حدثنا محمد بن موسي الحلواني حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة حدثنا موسي بن هلال عن عبدالله العمري عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من زار قبري وجبت له شفاعتي وقد روي غير بن سمرة هذا الحديث عن موسي بن هلال فقال عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر قال وعبدالله أصح ولموسي غير هذا وأرجو أنه لا بأس به " [249] . وفي تحفة المحتاج: " وعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال من زار قبري وجبت له شفاعتي رواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث موسي بن هلال العبدي عن عبدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر به. وعنه أيضا قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من جاءني زائرا لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقا علي أن أكون له [ صفحه 178] شفيعا يوم القيامة رواه ابن السكن في كتابه المسمي بالصحاح " [250] . هذه هي الروايات في مسألة زيارة الرسول الاكرم (ص) وهي كما تري فيها الضعيف وفيها الحسن وفيها ما صح من قبل العلماء وعلي هذا يثبت لنا استحباب زيارة الرسول (ص). ولكن قد يقول لنا قائل بأن زيارته لا إشكال فيها وانما الإشكال هو حول شد الرحال لزيارته (ص) أو لزيارة أي قبر من القبور والدليل علي المنع ما صح عن النبي (ص) أنه قال لا تشد الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والسجد الأقصي فما هو الرد علي هذا الإشكال. والرواية في البخاري وغيره الكثير من المصادر. الجواب: نعم لقد وردت الرواية في البخاري وغيره ولكن لابد لنا أولا أن نعرف ما هي الألفاظ التي صدرت بها الرواية ومن ثم البحث عن جواب لها. فمن تتبع هذه الرواية فإنه سوف يجدها أنها وردت بثلاثة ألفاظ و هي لا تشد الرحال: ففي البخاري قال: " حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة قال أخبرني عبد الملك [ صفحه 179] عن قزعة قال سمعت أبا سعيد رضي الله عنه أربعا قال سمعت من النبي صلي الله عليه وآله وسلم وكان غزا مع النبي صلي الله عليه وآله وسلم ثنتي عشرة غزوة ح حدثنا علي حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال لا تشد الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول صلي الله عليه وآله وسلم ومسجد الأقصي " [251] . وفي مسلم: " حدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب جميعا عن بن عيينة قال عمرو حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلي الله عليه وآله وسلم لا تشد الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصي " [252] . وهناك لفظ ثاني وهو تشد الرحال. ففي مسلم: " وحدثناه أبوبكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلي عن [ صفحه 180] معمر عن الزهري بهذا الإسناد غير أنه قال تشد الرحال إلي ثلاثة مساجد. وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب حدثني عبد الحميد بن جعفر أن عمران بن أبي أنس حدثه أن سلمان الأغر حدثه أنه سمع أبا هريرة يخبر أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال إنما يسافر إلي ثلاثة مساجد مسجد الكعبة ومسجدي ومسجد إيلياء" [253] . وفي سنن البيهقي الكبري: " عن أبي هريرة: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد أنبأ أبوسهل بن زياد القطان حدثنا إسماعيل بن اسحاق القاضي حدثنا مسدد وعلي بن عبدالله قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال لا تشد الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد رسول الله والمسجد الأقصي قال بن المديني هكذا حدثنا به سفيان هذه المرة علي هذا اللفظ وأكثر لفظه تشد الرحال إلي ثلاثة مساجد رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني ورواه مسلم عن عمرو الناقد عن سفيان " [254] . [ صفحه 181] وفي مسند الإمام أحمد عن أبي سعيد: " حدثنا عبدالله حدثني أبي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا سعيد وعبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن قزعة عن أبي سعيد الخدري ان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال إنما تشد الرحال إلي ثلاثة مساجد مسجد إبراهيم ومسجد محمد صلي الله عليه وآله وسلم وبيت المقدس " [255] . وفي أخبار مكة عن عمر بن دينار: " حدثني جدي قال حدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن عمرو بن دينار أن رسول الله قال تشد الرحال إلي ثلاثة مساجد إلي مسجد ابراهيم ومسجد محمد ومسجد إيليا " [256] . وفي مصنف عبد الرزاق عن ابن عمر: " عبد الرزاق عن معمر عن رجل من غفارعن سعيد بن أبي سعيد قال لقي رجل من أصحاب النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقيل من أين جئت قال من الطور قال لولقيتك ما تركتك تذهب ثم حدثه قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم تشد الرحال إلي ثلاثة مساجد مسجد الحرام والمسجد الأقصي ومسجدي هذا. [ صفحه 182] عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني عمرو بن دينارعن طلق بن حبيب أن بن عمر كان يقول تشد الرحال إلي ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم والمسجد الأقصي قال بن جريج وأقول أنا كان بن عطاء يقول تشد الرحال إلي ثلاثة مساجد وذكر مثله كان عطاء ينكر الأقصي ثم عاد فعده معها " [257] . وهناك لفظ ثالث للرواية وهو قول النبي(ص) انما يسافر إلي ثلاثة مساجد. ففي صحيح مسلم قال: " وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب حدثني عبد الحميد بن جعفر أن عمران بن أبي أنس حدثه أن سلمان الأغر حدثه أنه سمع أبا هريرة يخبر أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال إنما يسافر إلي ثلاثة مساجد مسجد الكعبة ومسجدي ومسجد إيلياء " [258] . وقال في سنن البيهقي الكبري: " أخبرنا أبو عبدالله الحافظ أخبرني أبو النضر الفقيه [ صفحه 183] حدثنا إبرإهيم بن اسماعيل العنبري حدثنا هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب حدثني عبد الحميد بن جعفر أن عمران بن أبي أنس حدثهم أن سلمان الأغر حدثه أنه سمع أبا هريرة يخبر أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال إنما يسافر إلي ثلاثة مساجد مسجد الكعبة ومسجدي ومسجد إيلياء والصلاة في مسجدي أحب إلي من ألف صلاة في غيره إلا مسجد الكعبة رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن سعيد الأيلي وثبت في ذلك عن أبي سعيد الخدري وغيره عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم " [259] . الرواية بلفظ إنما الرحلة إلي ثلاثة مساجد: ففي صحيح ابن حبان: " أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص قال حدثنا كثير بن عبيد قال حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إنما الرحلة إلي ثلاثة مساجد إلي مسجد الحرام ومسجدكم هذا وإيلياء " [260] فعلي هذا النقل يكون عندنا ثلاثة ألفاظ للرواية فعلي اللفظ الثاني والثالث لا يوجد نهي فلا مانع من الزيارة وشد الرحال [ صفحه 184] لأي مكان والروإية تثبت استحباب الزيارة لهذه المساجد الثلاثة ولا تنهي عن غيرها من المساجد فضلا عن الأماكن الأخري. وانما الإشكال في الرواية الأولي والتي لم تروي إلا عن أبي هريرة فقط، فيرد عليها: أولا: يحتمل أنها لم تصدر بهذا اللفظ وانما صدرت باللفظ الآخر واذا تطرق الاحتمال بطل الاستدلال هذا أولا. وثانيا: وجدنا أن هناك لفظ آخر وهو خير ما ركبت إليه الرواحل وهذا يدل بوضوح علي عدم النهي عن شد الرحال لغير هذه المساجد وانما يدل علي أفضليتها فقط. ففي مجمع الزواند: " وعن جابر قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول خير ما ركبت إليه الرواحل مسجد إبراهيم عليه السلام ومسجدي رواه أحمد والطبراني في الأوسط واسناده حسن [261] . وثالثا: وجدنا هذه الرواية والتي تبين لنا عمل النبي [ صفحه 185] (ص) من زيارة مسجد قبا وهو خارج المدينة وهناك ما هو أقرب منه فلماذا النبي (ص) يخرج من المدينة إليه إذا كان لا يجوز أن يسافر الإنسان الا لهذه المساجد الثلاثة. والتعليل من البعض حيث قال بأن النبي لم يركب الرواحل للذهاب إلي مسجد قباء. أقول وهل ركوب الرواحل شرط في السفر وقد ثبت عن مجموعة من الأصحاب وغيرهم أنهم قد حجوا ماشين ولم يركبوا الرواحل أفلا يعتبر ذلك من السفر وشد الرواحل. بل أننا وجدنا التصريح في بعض الأخبار أن النبي كان يأتي الي قباء راكبا كما في البخاري وغيره فمن أين قال القائل لا نعلم بأنه كان يأتي راكبا. واليكم الروايات الآن: ففي صحيح البخاري: " حدثنا أبونعيم حدثنا سفيان عن عبدالله بن دينار عن بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم كان يأتي قباء ماشيا وراكبا " [262] . [ صفحه 186] وقال في صحيح مسلم: " حدثنا أبوجعفر أحمد بن منيع حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أيوب عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كان يزور قباء راكبا وماشيا. وحدثنا أبوبكر بن أبي شيبة حدثنا عبدالله بن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله ح وحدثنا محمد بن عبدالله بن نمير حدثنا أبي حدثنا عبيد الله عن نافع عن بن عمر قال كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يأتي مسجد قباء راكبا وماشيا فيصلي فيه ركعتين قال أبوبكر في روايته قال بن نمير فيصلي فيه ركعتين. وحدثنا محمد بن المثني حدثنا يحيي حدثنا عبيد الله أخبرني نافع عن بن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كان يأتي قباء راكبا وماشيا. وحدثني أبومعن الرقاشي زيد بن يزيد الثقفي بصري ثقة حدثنا خالد يعني بن الحارث عن بن عجلان عن نافع عن بن عمر عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم بمثل حديث يحيي القطان. وحدثنا يحيي بن يحيي قال قرأت علي مالك عن عبدالله بن دينار عن عبدالله بن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كان يأتي قباء راكبا وماشيا. [ صفحه 187] وحدثنا يحيي بن أيوب وقتيبة وبن حجر قال بن أيوب حدثنا إسماعيل بن جعفر أخبرني عبدالله بن دينار أنه سمع عبد الله بن عمر يقول كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يأتي قباء راكبا وماشيا " [263] . وقال أيضا: " وحدثني زهير بن حرب حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن دينار أن بن عمر كان يأتي قباء كل سبت وكان يقول رأيت النبي صلي الله عليه وآله وسلم يأتيه كل سبت. وحدثناه بن أبي عمر حدثنا سفيان عن عبدالله بن دينار عن عبدالله بن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كان يأتي قباء يعني كل سبت كان يأتيه راكبا وماشيا قال بن دينار وكان بن عمر يفعله " [264] . فبعد ما رأينا هذه الرواية وفهمنا المراد منها فلا بد وأن ندفع اخر إشكال متوقع أن يقال في هذه الرواية وحاصله بأن النبي (ص) يفعل ذلك لأنه قريب من المسجد وذهابه إليه بسبب القرب [ صفحه 188] وليس من باب شد الرحال. فأقول تأملوا معي الروايات الماضية فإنكم سوف تجدون بأن القوم استفادوا من هذه الرواية جواز بل استحباب زيارة هذا المسجد ولم يحددوا ذلك بمسافة معينة وانما أطلقوا الحكم بالاستحباب لسكان المدينة وغيرهم فقد قالوا: ففي الاستذكار قال: " ذكر بن أبي شيبة عن أبي خالد الأحمر عن سعد بن إسحاق عن سليط بن سعد قال سمعت بن عمر يقول من خرج يريد مسجد قباء لا يريد غيره يصلي كانت كعمرة وهذا عن بن عمر تفسير حديثه في هذا الباب والله الموفق للصواب وليس في إتيان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قباء راكبا ما يعارض قوله عليه السلام لا تعمل المطي إلا إلي ثلاثة مساجد لأن قوله ذلك معناه عند العلماء فيمن نذر علي نفسه الصلاة في أحد الثلاثة المساجد أنه يلزمه إتيانها دون غيرها وأما إتيان قباء وغيرها من مواضع الرباط تطوعا دون نذرفلا بأس بإتيانها بدليل حديث قباء هذا " [265] . و يقول في عون المعبود؟: " (كان يأتي قباء ماشيا وراكبا) وفي رواية لمسلم أن بن [ صفحه 189] عمر كان يأتي مسجد قباء كل سبت وكان يقول رأيت النبي صلي الله عليه وآله وسلم يأتيه كل سبت أما قباء فالصحيح المشهور فيه المد والتذكير والصرف وهو قريب من المدينة من عواليها وفيه بيان فضله وفضل مسجده والصلاة فيه وفضيلة زيادته وأنه يجوز زيارته راكبا وماشيا وقوله كل سبت فيه جواز تخصيص بعض الأيام بالزيارة وهذا هو الصواب وقول الجمهور وكره بن مسلمة المالكي ذلك قالوا لعله لم يبلغه هذا الحديث قاله النووي " [266] . بل لقد صرح ابن حجر عن عمر بن الخطاب بأنه قال يشد إليه من أي مكان وفي أي مصر من الأمصار فقد قال ابن حجر في كتابه المطالب العالية. وقال مسدد: " حدثنا سفيان عن الوليد بن كثير عن رجل قال أتي عمر رضي الله عنه مسجد قباء فأمر أبا ليلي فقال له اجتنب العواهن واكنس المسجد بسعفة قال ولو كان هذا المسجد في أفق من الآفاق أو مصر من الأمصار لكان ينبغي لنا أن نأتيه " [267] . ورابعا: لنستمع لقول العلماء والشراح لهذه الرواية: [ صفحه 190] فقد قال ابن حجر في فتح الباري: " ومنها أن المراد حكم المساجد فقط وأنه لا تشد الرحال إلي مسجد من المساجد للصلاة فيه غير هذه الثلاثة وأما قصد غير المساجد لزيارة صالح أو قريب أو صاحب أو طلب علم أو تجارة أو نزهة فلا يدخل في النهي ويؤيده ما روي أحمد من طريق شهر بن حوشب قال سمعت أبا سعيد وذكرت عنده الصلاة في الطور فقال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لا ينبغي للمصلي أن يشد رحاله إلي مسجد تبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصي ومسجدي وشهر حسن الحديث وأن كان فيه بعض الضعف " [268] . وقال ابن حجر أيضا: " وذكر عن محمد بن مسلمة المالكي أنه يلزم في مسجد قباء لأن النبي صلي الله عليه وآله وسلم كان يأتيه كل سبت كما سيأتي قال الكرماني وقع في هذه المساله في عصرنا في البلاد الشاميه مناظرات كثيرة وصنف فيها رسائل من الطرفين قلت يشير إلي ما رد به الشيخ تقي الدين السبكي وغيره علي الشيخ تقي الدين بن تيميه وما انتصر به الحافظ شمس الدين بن عبد الهادي وغيره لابن تيميه وهي مشهوره في بلادنا والحاصل إنهم الزموا بن تيميه [ صفحه 191] بتحريم شد الرحل إلي زيارة قبر سيدنا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وانكرنا صورة ذلك وفي شرح ذلك من الطرفين طول وهي من ابشع المسائل المنقوله عن بن تيميه ومن جملة ما استدل به علي دفع ما ادعاه غيره من الإجماع علي مشروعية زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم ما نقل عن مالك أنه كره أن يقول زرت قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنه كره اللفظ ادبا لا أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال واجل القربات الموصلة إلي ذي الجلال وأن مشروعيتها محل اجماع بلا نزاع والله الهادي إلي الصواب قال بعض المحققين قوله إلا إلي ثلاثة مساجد المستثني منه محذوف فأما أن يقدر عاما فيصير لا تشد الرحال إلي مكان في أي أمر كان إلا إلي الثلاثة أو أخص من ذلك لا سبيل إلي الأول لافضائه إلي سد باب السفر للتجاره وصلة الرحم وطلب العلم وغيرها فتعين الثاني. والأولي أن يقدر ما هو أكثر مناسبة وهو لا تشد الرحال إلي مسجد للصلاة فيه إلا إلي ارزثة فيبطل بذلك قول من منع شد الرحال إلي زيارة القبر الشريف وغيره من قبورالصالحين والله أعلم وقال السبكي الكبير ليس في الأرض بقعه لها فضل لذاتها حتي تشد الرحال إليها غير البلاد الثلاثة ومرادي بالفضل ما شهد الشرع باعتباره ورتب عليه حكما شرعيا وأما غيرها من البلاد فلا تشد إليها لذاتها بل لزيارة أو جهاد أوعلم أو نحو ذلك من المندوبات او [ صفحه 192] المباحات قال وقد التبس ذلك علي بعضهم فزعم أن شد الرحال إلي الزيارة لمن في غير الثلاثة داخل في المنع وهو خطا لأن الاستثناء إنما يكون من جنس المستثني منه. فمعني الحديث لا تشد الرحال إلي مسجد من المساجد أو إلي مكان من الأمكنة لأجل ذلك المكان إلا إلي الثلاثة المذكورة وشد الرحال إلي زيارة أوطلب علم ليس إلي المكان بل إلي من في ذلك المكان والله أعلم " [269] . وقال العيني في عمدة القاري: " (ذكر معني حديث أبي هريرة) قوله لا تشد الرحال علي صيغة المجهول بلفظ النفي بمعني النهي بمعني لا تشدوا الرحال ونكتة العدول عن النهي الي النفي لإظهار الرغبة في وقوعه أو لحمل السامع علي الترك أبلغ حمل بألطف وجه وقال الطبري النفي أبلغ من صريح النهي كأنه قال لا يستقيم أن يقصد بالزيارة إلا هذه البقاع لاختصاصها بما اختصت به ووقع في رواية لمسلم تشد الرحال إلي ثلاثة مساجد فذكره من غير حصر وليس في هذه الرواية منع شد الرحل لغيرها إلا علي القول بحجية مفهوم العدد والجمهور علي أنه ليس بحجة ثم التعبير بشد الرحال خرج مخرج الغالب في ركوب المسافر وكذلك قوله في بعض الروايات لا يعمل المطي والا فلا [ صفحه 193] فرق بين ركوب الرواحل والخيل والبغال والحمير والمشي في هذا المعني ويدل عليه قوله في بعض طرقه في الصحيح إنما يسافر إلي ثلاثة مساجد والرحال بالحاء المهملة جمع رحل وهو للبعير كالسرج للفرس وهو أصغر من القتب وشد الرحل كناية عن السفر لأنه لازم للسفر والاستثناء مفرغ فتقدير الكلام لا تشد الرحال إلي موضع أو مكان فإن قيل فعلي هذا يلزم أن لا يجوز السفر إلي مكان غير المستثني حتي لا يجوز السفر لزيارة ابراهيم الخليل صلوات الله تعالي وسلامه عليه ونحوه لأن المستثني منه في المفرغ لا بد أن يقدر أعم العام وأجيب بأن المراد بأعم العام ما يناسب المستثني نوعا ووصفا كما إذا قلت ما رأيت إلا زيدا كان تقديره ما رأيت رجلا أوأحدا إلا زيدا لا ما رأيت شيئا أوحيوانا إلا زيدا فههنا تقديره لا تشد إلي مسجد إلا إلي ثلاثة " [270] . وقال في شرح سنن ابن ماجة: " لا تشدوا الرحال هو كناية عن السفر أي لا يقصد موضع بنية التقرب إلي الله إلا إلي هذه الثلاثة تعظيما لشأنها واختلف في شدها الي قبور الصالحين والي المواضع الفاضلة فمحرم ومبيح كذا في المجمع قال بن حجر قال الشيخ أبو محمد الجويني يحرم عملا بظاهر الحديث وأشار القاضي حسين إلي اختياره وبه قال عياض [ صفحه 194] وطائفة ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكارأبي بصري الغفاري علي أبي هريرة خروجه إلي الطور وقال له لو أدركتك قبل أن تخرج ما خرجت واستدل بهذه الحديث ووافقه أبو هريرة والصحيح عند إمام الحرمين وغيره من الشافعية أنه لا يحرم وأجابوا عن الحديث بأجوبة منها أن المراد أن الفضيلة التامة في شد الرحال إلي هذه المساجد بخلاف غيره فإنه جائز ومنها أن المراد أنه لا تشد الرحال إلي مسجد من المساجد للصلاة فيه غير هذه وأما قصد زيارة قبر صالح ونحوها فلا يدخل تحت النهي ويؤيده ما في مسند أحمد قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لا ينبغي للمصلي أن يشد رحاله إلي مسجد غير المسجد الحرام والمسجد الأقصي ومسجدي انتهي قال القاري الرحال جمع رحلة وهو كور البعير والمراد نفي فضيلة شدها ومربطها إلا ثلاثة مساجد قيل نفي معناه نهي أي لا تشد الرحال إلي غيرها لأن ما سوي الثلاثة متساوفي الرتبة غير متفاوت في الفضيلة وكان الترحل إليه ضائعا عيشا وفي شرح مسلم للنووي قال أبو محمد يحرم شد الرحال إلي غير الثلاثة وهو غلط وفي الاحياء ذهب بعض العلماء الي إلاستدلال به علي المنع من الرحلة لزيارة المشاهد وقبور العلماء والصالحين وما تبين الي ان الأمر كذلك بل الزيارة مامور بها بخبر كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فروروها والحديث إنما ورد نهيا عن الشد بغير المساجد لتماثلها بل لا بلد الا وفيها مسجد فلا معني للرحلة الي مسجد آخر وأما المشاهد فلا تساوي بل بركة زيارتها علي قدر درجاتهم عند الله ثم [ صفحه 195] ليت شعري هل يمنع ذلك القائل شد الرحال لقبور الأنبياء كابراهيم وموسي ويحيي والمنع من ذلك في غاية الاحالة واذا جوز ذلك لقبور الأنبياء والأولياء في معناهم فلا يبعد أن يكون ذلك من أغراض الرحلة كما أن زيارة العلماء في الحياة من المقاصد مرقاة " [271] . وقال في تحفة الأحوذي: " قوله لا تشد علي البناء للمفعول بلفط النفي والمراد النهي قال الطيبي هو أبلغ من صريح النهي كأنه قال لا يستقيم أن يقصد بالزيارة إلا هذه البقاع لاختصاصها بما أختصت به الرحال جمع رحل وهو كور البعير كني بشد الرحال عن السفر لأنه لازمه وخرج ذكرها مخرج الغالب في ركوب المسافر والا فلا فرق بين ركوب الرواحل والخيل والبغال والحمير والمشي في المعني المذكور ويدل عليه قوله في بعض طرقه إنما يسافر أخرجه مسلم إلا إلي ثلاثة مساجد الاستثناء مفرغ والتقدير لا تشد الرحال إلي موضع ولازمه منع السفر إلي كل موضع غيرها لأن المستثني منه في المفرغ مقدر بأعم العام لكن يمكن أن يكون المراد بالعموم هنا الموضع المخصوص وهو المسجد... إلي أن يقولوا اختلف في شد الرحال إلي غيرها كالذهاب إلي زيارة الصالحين أحياء وأمواتا والي المواضع الفاضلة لقصد التبرك لها والصلاة فيها فقال الشيخ أبو محمد الجويني [ صفحه 196] يحرم شد الرحال إلي غيرها عم بظاهر هذا الحديث وأشار القاضي حسين إلي أختياره وبه قال عياض وطائفة ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكارنضرة الغفاري علي أبي هريرة خروجه إلي الطور وقال له لو أردكتك قبل أن تخرج ما خرجت وأستدل بهذا الحديث فدل علي أنه يري حمل الحديث علي عمومه ووافقه أبو هريرة والصحيح عند إمام الحرمين وغيره من الشافعية أنه لا يحرم وأجابوا عن الحديث بأجوبة منها أن المراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلي هذه المساجد بخلاف غيرها فإنه جائز وقع في رواية لأحمد بلفظ لا ينبغي للمطي أن تعمل وهو لفظ ظاهر في غير التحريم ومنها أن النهي مخصوص بمن نذرعلي نفسه الصلاة في مسجد من سائرالمساجد غير الثلاثة فإنه لا يجب الوفاء به ومنها أن المراد حكم المساجد فقط وأنه لا تشد الرحال إلي مسجد من المساجد للصلاة فيه غير هذه الثلاثة وأما قصد غير المساجد لزيارة صالح أو قريب أوطلب علم أو تجارة أو نزهة فلا يدخل في النهي ويؤيده ما روي أحمد من طريق شهر بن حوشب قال سمعت أبا سعيد وذكر عنده الصلاة في الطور فقال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لا ينبغي للمصلي أن يشد رجاله إلي مسجد تبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الاقصي ومسجدي وشهر حسن الحديث وان كان فيه بعض الضعف ومنها أن المراد قصدها بالاعتكاف فيما حكاه الخطابي عن بعض السلف أنه قال لا يعتكف في غيرها وهو أخص من الذي قبله كذا في فتح الباري ثم قال ففي ثبوت لفظ مسجد في هذا [ صفحه 197] الحديث كلام فظاهر الحديث هو العموم وأن المراد لا يجوزالسفر إلي موضع للتبرك به والصلاة فيه إلا إلي ثلاثة مساجد وأما السفر إلي موضع للتجارة أو لطلب العلم أو لغرض آخر صحيح مما ثبت جوازه بأدلة أخري فهو مستثني من حكم هذا الحديث هذا ما عندي والله تعالي أعلم " [272] . واستغرب هنا من الأحوذي فأقول ماذا بقي لم يشمله الحكم إذا أخرجنا زيارة الرحم والتجارة وطلب العلم والجهاد وما شاكلها من هذه المباحات أو المستحبات والواجبات. بقي عندنا زيارة المساجد والقبور ثم أن احتمال تقدير مسجد هو المتبادر لأن الكلام عن المساجد لا عن غيرها وعلي هذا تكون رواية أحمد الآتية مقوية لهذا التقدير ومرجحة له علي غيره. فقد قال الإمام أحمد: " حدثنا عبدالله حدثني أبي حدثنا هاشم حدثنا عبد الحميد حدثني شهر قال سمعت أبا سعيد الخدري وذكرت عنده صلاة في الطور فقال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لا ينبغي للمطي ان تشد رحاله إلي مسجد ينبغي فيه الصلاة غير المسجد [ صفحه 198] الحرام والمسجد الأقصي ومسجدي هذا " [273] . وقال في مجمع الزوائد: "وعن جابر قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول خير ما ركبت إليه الرواحل مسجد ابراهيم عليه السلام ومسجدي دواه أحمد والطبراني في الاوسط واسناده حسن وعن شهر قال سمعت أبا سعيد الخدري وذكر عنده صلاة في الطور فقال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلي مسجد يبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الاقصي ومسجدي هذا " [274] . وأختم كلامي حول جواز شد الرحال لزيارة قبر الحبيب المصطفي بهذه الكلمات التي رد فيها مصنفها علي ابن تيمية فقال: " وقوله وقالوا لأن السفر إلي زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة لم يفعلها أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أمر بها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ولا إستحب ذلك أحد من أئمة المسلمين فمن اعتقد ذلك عبادة وفعلها فهو مخالف للسنة ولإجماع الأمة قلت لما وقف بعض الأئمة علي هذا الكلام الباطل قال هذا من البهت الصريح وصدق رضي الله عنه لما اذكره وفيه أيضا [ صفحه 199] تدليس من الفجور وبيان التدليس قوله قالوا فإنه يوهم أن هذا الذي قاله لم يقله من عند نفسه وانما نقله عن أئمة المسلمين وأنه مجمع عليه وهذا شأنه يدلس في الإغراء ليحمل الناس علي عقيدته الفاسدة المفسدة لأنه لو عزاه إلي نفسه لما انتظم له ذلك لعلم الحذاق النقاد بسوء فهمه وكثرة خلطه مما عرفوه منه في بحثه وتدوينه إذا انفرد فقوله لأن السفر إلي قبور الأنبياء يشمل قبر الخليل والكليم وقبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم وغيرهم وقوله والصالحين يشمل قبور الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم وهو مطالب بتصحيح ما عزاه إلي أئمة المسلمين وأنه مجمع عليه وهو لا يجد إلي ذلك سبيلا بل المنقول خلاف ذلك كما تراه وقوله أن السفر إلي قبور الأنبياء والصالحين بدعة لم يفعلها أحد من الصحابة ولا التابعين هذا من الفجور والإفك المبين ولم تزل الناس علي زيارة قبر الخليل والكليم وغيرهما في سائر الأعصار من جميع الأمصار. وهذا بلال مؤذن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم سافر من الشام إلي المدينة الشريفة لزيارة قبر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وممن ذكر ذلك الحافظ ابن عساكر والحافظ عبد الغني المقدسي في كتابه الإكمال في ترجمة بلال وقال فيه ولم يؤذن لأحد بعد النبي صلي الله عليه وآله وسلم فيما يروي إلا مرة واحدة في قدمه قدمها إلي المدينة لزيارة قبر رسول الله صلي الله عليه وآله [ صفحه 200] وسلم طلب إليه الصحابة رضي الله عنهم ذلك فأذن لهم ولم يتم الأذان وقيل أنه أذن لأبي بكر رضي الله عنه في خلافته أهو ممن ذكر ذلك أيضا أماهم الأئمة في الحديث أبو الحجاج الشهير بالمزي وسبب سفر بلال رفي الله عنه لزيارة قبره صلي الله عليه وآله وسلم أنه رأي النبي صلي الله عليه وآله وسلم في المنام فقال له ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزوري يا بلال فانتبه من نومه حزينا وجاء وجلا خائفا فقعد علي راحلته من حينه وقصد المدينة فأتي قبره صلي الله عليه وآله وسلم فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما إليه فجعل يضمهما ويقبلهما ثم قالا له يا بلال نشتهي أن نسمع أذانك الذي كنت تؤذن النبي صلي الله عليه وآله وسلم في المسجد فعلا سطح المسجد ووقف موقفه الذي كان يقف فلما أن قال الله أكبر ارتجت المدينة فلما قال أشهد أن لا إله إلا الله ازدادت رجتها فلما قال أشهد أن سيدنا محمدا رسول الله خرجت العواتق من خدورهن وقالوا أبعث رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فما رؤي يوم أكثر باكيا ولا باكية بالمدينة بعد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من ذلك اليوم فهذا بلال من سادات الصحابة رضي الله عنهم قد شد رحله من الشام وسافر لزيارة قبره صلي الله عليه وآله وسلم فقط وأعلم بذلك الحسن والحسين وطار بذلك الخبر في المدينة وكان في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم ينكر عليه ولا أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولو كان السفر لزيارة قبره مخالفا للسنة ولإجماع الأمة [ صفحه 201] لأنكروا عليه لأنهم ينكرون أدني شيء من المخالفات ولا سيما عمر وهو أميرالمؤمنين وأشد الناس في الإنكار وأبطشهم يدا وأحدهم لسانا ووقوفا مع الحق ولا تأخذه في الله لومة لائم وأيضا فمن الشائع الذائع أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كا يبرد البريد من الشام لأجل السلام علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فقط ذكر هذا غير واحد منهم القاضي عياض في أشهر كتبه وهو الشفاء وذكره الإمام هبة الله في كتابه توثيق عري الإيمان وذكره الإمام العلامة بن الجوزي في كتابه مثير الغرام الساكن إلي أشرف الأماكن وذكره الإمام أبو بكر أحمد بن النبيل في مناسك له لطيفة جردها من الأسانيد والتزم فيها الثبوت ولفظه وكان عمر بن عبد العزيز يبعث بالرسول قاصدا من الشام إلي المدينة ليقريء النبي صلي الله عليه وآله وسلم السلام ثم يرجع وهذا الإمام أبوبكر قديم توفي في سنة سبع وثمانين ومائتين فهذا السيد الجليل عمر بن عبد العزيز يبعث الرجل لأجل السلام فقط لا لقصد آخر وكان ذلك في زمن صدر التابعين وكان سفر بلال في زمن صدر الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر ذلك أحد فدل علي أن السفر لأجل زيارة قبره صلي الله عليه وآله وسلم ولأجل السلام عليه مجمع عليه بين الصحابة والتابعين فأين دعوي ابن تيمية أن ذلك مخالف للسنة ولإجماع الأمة وقد تقدم قول عمر رضي الله عنه لكعب الأحبار ألا تسافر لتزور قبر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وتتمتع بزيارته فقال نعم يا أميرالمؤمنين أفعل وهذا أو بعضه كاف في إبطال [ صفحه 202] دعوي ابن تيمية واثبات فجوره وأتبرع بزيادة وأقتصر غاية الاقتصار قال بعض الأئمة وأما زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم فلم ينكرها أحد ولم يقع في السفر إليها نزاع ولم يزل سفر الحجيج إليه في السلف والخلف وصدق رضي الله عنه وهذه كتب العلماء من جميع المذاهب مصرحة بذلك وقد تقدم قول القاضي عياض زيارة قبره صلي الله عليه وآله وسلم سنة من سنن المرسلين ومجمع عليها ومرغب فيها واحتج بحديث ابن عمر وأنس رضي الله عنهم وقد ذكر غير القاضي عياض ما ذكره واذا تقرر ذلك ففي ذكري ما أتبرع به مع غاية الإقتصار تتحقق أن ابن تيمية من أعظم الكذبة والفجار وقد انكشف لك ذلك كما انكشف ضوء النهار فمن ذلك ما ذكره القاضي أبوالطيب وهو من أئمة الشافعية قال ويستحب أن يزور قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم بعد أن يحج ويعتمر أهو كيف يزور من غير سفر سواء كان راكبا أوماشيا وقال المحاملي في كتابه التجريد ويستحب للحاج إذا فرغ من مكة أن يزور قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم أهو وقال الحليمي في كتابه المنهاج عند ذكر تعظيم النبي صلي الله عليه وآله وسلم وذكر جملة ثم قال وهذا كان من الذين رزقوا مشاهدته وصحبته وأما اليوم فمن التعظيم بيان تعظيمه وزيارته وقال الماوردي في كتابه الحاوي أما زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم فمأموربها ومندوب إليها وقال في كتابة الأحكام السلطانية في باب الولاية علي الحجيح وذكر كلاما يتعلق بأمير الحاج ثم قال واذا قضي الناس الحج أمهلهم [ صفحه 203] الإمام الأيام التي جرت عادتهم بها فإذا رجعوا ساربهم علي طريق المدينة للنبي صلي الله عليه وآله وسلم ليجمع بين حج بيت الله عزوجل وزيارة قبر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم رعاية لحرمته وقياما ببعض حقوق طاعته وذلك وان لم يكن من فروض الحج فهو من مندوبات الشرع المستحبة وعبادات الحجيج المستحسنة فتأمل هذه العبارة من هذا الإمام وما اشتملت عليه من الفوائد الجليلة وقال الإمام العلامة المتفق علي دينه وكثرة علومه وعلو قدره الشيخ أبوإسحاق الشيرازي ويستحب زيارة قبره صلي الله عليه وآله وسلم وذكر القاضي حسين نحوه وكذا الروياني ولا حاجة إلي الإطالة بذكر من قال بزيارة قبره صلي الله عليه وآله وسلم سواء في ذلك قبل الحج أو بعده وذكر السير إليه كثير من أصحاب الشافعي من جملتهم السيد الجليل أبوزكريا يحيي النووي قدس الله روحه قال في كتابه المناسك وغيرها فصل في زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم سواء كان ذلك علي طريقه أم لا فإن زيارته صلي الله عليه وآله وسلم من أهم القربات وأربح المساعي وأفضل الطلبات أهو إذا عرفت هذا فأتبرع إليك بزيادة أخري مع زيادة فائدة قالت الحنفية إن زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم من أفضل المندوبات والمستحبات بل تقرب من درجة الواجبات وممن صرح بذلك الإمام أبو منصور محمد الكرماني في مناسكه والإمام عبد الله بن محمود في شرح المختار و قال الإمام أبو العباس السروجي واذا انصرف الحاج من مكة شرفها الله تعالي فليتوجه إلي طيبة [ صفحه 204] مدينة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لزيارة قبره فإنها من أنجح المساعي وكلامهم في ذلك يطول وأتبرع بزيادة هي أبلغ في تكذيب هذا الفاجر لأنها من كلام أئمة الحنابلة قال ابن الخطاب محفوظ الكاوذي الحنبلي في كتابه الهداية في آخر باب صفة الحج استحب له زيارة قبره صلي الله عليه وآله وسلم وصاحبيه وفيه فائدة وهي استحباب شد الرحل إلي زيارة الصديقين رضي الله عنهما وقال الإمام بن أحمد بن حمدان في الرعاية الكبري ويستحب لمن فرغ من نسكه زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهما وذلك بعد فراغ الحج وان شاء قبله وذكر نحو ذلك غيرهم ومنهم الإمام أبو الفرج بن الجوزي في كتابه مثير الغرام وعقد له بابا في زيارة قبره عليه الصلاة والسلام واستدل بحديث إبن عمر وأنس رضي الله عنهم وذكر بن قدامة في المغني فصلا في ذلك فقال يستحب زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم واستدل بحديث بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم ولا أطول بذكري من ذكره من أئمة الحنابلة تبعا لإمامهم رضي الله عنهم وأتبرع بزيادة لفوائد جمة ومهمة فمن ذلك ما في كتابي تهذيب الطالب لعبد الحق الصقلي عن أبي عمران المالكي أن زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم واجبة وفال عبد الحق في هذا الكتاب رأيت في بعض المسائل التي سئل عنها أبومحمد بن أبي زيد قيل له في رجل استؤجر بمال ليحج به وشرطوا عليه الزيارة فلم يستطع تلك السنة أن يزور لعذر منعه من ذلك فقال يرد من الأجرة بقدر مسافة [ صفحه 205] الزيارة وهي مسألة حسنة وفي كتاب النوادر لابن أبي زيد فائدة أخري فانه بعد أن حكي في زيارة القبور من كلام إبن حبيب ومن المجموعة عن مالك " [275] . وقال أيضا: " الحمد لله هذا المنقول باطنها جواب عن السؤال عن قوله إن زيارة الأنبياء والصالحين بدعة وما ذكره من نحو ذلك وأنه لا يرخص بالسفر لزيارة الأنبياء باطل مردود عليه وقد نقل جماعة من العلماء أن زيارة النبي صلي الله عليه وآله وسلم فضيلة وسنة مجمع عليها وهذا المفتي المذكور ينبغي أن يزجر عن مثل هذه الفتاوي الباطلة عند الأئمة والعلماء ويمنع من الفتاوي الغريبة ويجلس إذا لم يمتنع من ذلك ويشهر أمره ليحتفظ الناس من الإقتداء به وكتبه محمد بن إبراهيم إبن سعد الله بن جماعة الشافعي وكذلك يقول محمد بن الجريري الأنصاري الحنفي لكن يحبس الآن جزما مطلقا وكذلك يقول محمد بن أبي بكر المالكي ويبالغ في زجره حسبما تندفع به المفسدة وغيرها من المفاسد وكذلك أحمد بن عمر المقدسي الحنبلي ووجدوا صورة فتوي أخري يقطع فيها بأن زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم وقبور الأنبياء معصية بالإجماع مقطوع بها وهذه الفتوي هي التي وقف عليها الحكام وشهد بذلك [ صفحه 206] القاضي جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني فلما رأوا خطه عليها تحققوا فتواه فغاروا لرسول صلي الله عليه وآله وسلم غيره عظيمة وللمسلمين الذين ندبوا إلي زيارته وللزائرين من أقطار الأرض واتفقوا علي تبديعه وتضليله وزيغه وأهانوه ووضعوه في السجن " [276] . " وقوله إنما ذكروه من الأحاديث في زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم فكلها ضعيفة باتفاق أهل العلم بل هي موضوعة لم يرو أحد من أهل السنن المعتمدة شيئا منها أعوذ بالله من مكر الله عزوجل أنظر أدام الله لك الهداية وحماك من الغواية إلي فجور هذا الخبيث كيف جعل الأحاديث المروية في زيارة قبر خير البرية كلها ضعيفة ثم أردف ذلك بقوله باتفاق أهل العلم بالحديث ولم يجعل الأئمة الذين أذكرهم من أهل الحديث والعجب أنه روي عنهم في مواضع عديدة من كتبه وهذا من جهله وبلادة ذهنه وعمارة قلبه من أنه لا يعلم تناقض كلامه ونقضه بذلك ثم انه لم تخمد نار خبثه بما ذكره من الفجور حتي أردف ذلك بأن الأحاديث المروية في زيارة القبر المكرم موضوعة يعني أنها كذب وهذا شيء لم ير أحد من علماء المسلمين ولا من عوامهم فاه به ولا رمز إليه لا من عصره ولا من قبله قاتله الله تعالي ولقد أسفرت هذه القضية عن زندقته بتجرئه علي الإفك علي العلماء وعلي انه لا يعتقد حرمة الكذب [ صفحه 207] والفجور ولا يبالي بما يقول وإن كان فيه عظائم الأمور واذا عرفت هذا فينبغي أيها المؤمن الخالي من البدعة والهوي أن لا تقلده فيما يقوله ولا فيما يقوله بل تفحص عن ذلك وتسأل غير أتباعه ممن له رتبة في العلوم والا هلكت كما هلك هو وأتباعه ولنذكر بعض الأحاديث الواردة في زيارة قبره صلي الله عليه وآله وسلم وأذكر من رواها وأحذف الأسانيد لأنها لا تليق بهذه الأوراق وقد رويت من طرق بلغت بها منزلة الصحيح أو قاربت أو منزلة الحسن وأذكر من صحح بعضها وأبين أنه من الأئمة الأعلام بالحديث وأنه يعتمد تصحيحه وبالله التوفيق فمن الأحاديث في زيارة قبره صلي الله عليه وآله وسلم قوله صلي الله عليه وآله وسلم من زار قبري وجبت له شفاعتي رواه غير واحد من أئمة الحديث منهم الدار قطني والبيهقي وغيرهما والحديث مروي بهذا اللفظ في عدة نسخ معتمدة وهو من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وخرجه أبواليمن في كتابه إيجاف الزائر وأطراف المغنم للسائر في زيارة سيدنا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وخرجه الحافظ بن عساكر في تاريخه في زيارة قبره صلي الله عليه وآله وسلم بعد وفاته كان كمن زاره في حياته وخرجه العقيلي وغيره فلا نطول بذكر من رواه من أئمة الحديث المعتبرين وهو مروي من طرق تبلغ الحسن قال أئمة الحديث والحديث أو الأحاديث وأن لانت أسانيد مفرداتها فمجموعها يقوي بعضها بعضا ويعتبر الحديث حديثا حسنا ويحتج به وممن ذكر ذلك أبوزكريا النووي ذكره في شرح المهذب في كتاب الحج وهي فائدة [ صفحه 208] جليلة ينبغي معرفتها ليعلم بها جهل هذا الفاجر المبالغ في فجوره وقوله صلي الله عليه وآله وسلم وجبت له شفاعتي معناه حقت ولا بد منها بوعده الصادق وفي ذلك بشاره عظيمة لزوار قبره الشريف وهي أن من زاره محتسبا مات علي التوحيد وهذه البشارة العظيمة من ثمرة زيارة قبره المكرم وفي قوله صلي الله عليه وآله وسلم وجبت له شفاعتي تحقيق لما قلته لأجل إضافة الشفاعة إليه ولأنه صلي الله عليه وآله وسلم مشفع لا ترد شفاعته لا في حياته ولا بعد وفاته ولا في عرصات القيامة وقال صلي الله عليه وآله وسلم من زار قبري حلت له شفاعتي رواه الحافظ البزار في مسنده وهو بهذا اللفظ في نسخة معتمدة وسمعها الحافظ أبو الحسين الصدفي علي الإمام أبي عبدالله مورتش سنة ثمانين وأربعمائة ومعني حلت وجبت وقد عز عبد الحق هذا الحديث إلي البزار و الداقطني وقال صلي الله عليه وآله وسلم من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي رواه الدار قطني في سننه وغيرها وفي رواية ومن مات بأحد الحرمين بعث في الآمنيين يوم القيامة ورواه غير واحد وهو من حديث إبن عمر رضي الله عنهما وروي من طرق ورواه الحافظ بن عدي في كتابه الكامل بزيادة قال صلي الله عليه وآله وسلم من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي وصحبني وذكر البيهقي في سننه أنه ذكره بن عدي وخرجه هو بدون هذه الزيادة وخرجه الحافظ بن عساكر من حديث إبن عمر رضي الله عنهما قال قال صلي الله عليه وآله وسلم من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن [ صفحه 209] زارني في حياتي زاد السهمي وصحبني ورواه الحافظ بن الجوزي بهذه الزيادة وقال صلي الله عليه وآله وسلم من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني رواه بن عدي في كتابه الكامل وغيره وهو من حديث إبن عمر رضي الله عنهما وخرجه الدار قطني في أحاديث مالك التي ليست في الموطأ وهو كتاب ضخم وقال إبن الجوزي إن هذا الحديث موضع وقد نسب إبن الجوزي في ذلك إلي السرف فأعرف ذلك وقال صلي الله عليه وآله وسلم من زار قبري أو زارني كنت له شفيعا أو شهيدا رواه أبو داود الطيالسي في مسنده وهو من حديث إبن عمر رضي الله عنهما ورواه إمام الأئمة إبن خزيمة ورواه البيهقي وابن عساكر من جهة الطيالسي وروي بزيادة قال أبو داود الطيالسي حدثنا سوار إبن ميمون أبو الفرج العبدي قال حدثني رجل من آل عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول من زار قبري أو قال من زارني كنت له شفيعا أو شهيدا ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله في الآمنيين يوم القيامة وقال صلي الله عليه وآله وسلم من زارني متعمدا كان في جواري يوم القيامة رواه أبو جعفر العقيلي وغيره ومنهم الحافظ إبن عساكر وفي رواية السحاي قال حدثنا هالمن بن قزعة عن رجل من آل الخطاب عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال من زارني متعمدا كان في جواري يوم القيامة ومن سكن المدينة وصبر علي بلائها كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة ومن مات في أحد الحرمين بعث في الآمنين يوم القيامة ومن هو في جواره فهو في الآمنين لا محالة صلي الله عليه [ صفحه 210] وآله وسلم وقال صلي الله عليه وآله وسلم من حج حجة الإسلام وزار قبري وغزا غزوة وصلي في بيت المقدس لم يسأله الله فيما افترض عليه ورواه الحافظ أبو الفتح الأزدي في فوائده وهذا أبو الفتح اسمه محمد بن الحسين وكان حافظا من أهل العلم والفضل وصنف كتبا في علوم الحديث ذكره الخطيب البغدادي في تاريخه وابن السمعاني في الأنساب وأثني عليه محمد بن جعفر بن غيلان وذكره بالحفظ وحسن المعرفة بالحديث وقال عليه الصلاة والسلام من زارني محتسبا كنت له شفيعا أوشهيدا وفي رواية من زارني محتسبا إلي المدينة كان في جواري يوم القيامة وهو من رواية أنس رضي الله عنه ورواه غير واحد وممن ذكره ابن الجوزي في كتابه مثير الغرام الساكن وهو من طريق ابن أبي الدنيا وروي من طرق وقال عليه الصلاة والسلام من زارني ميتا فكأنما زارني حيا من زارني وجبت له شفاعتي يوم القيامة وما من أحد من أمتي له سعة ثم لم يزرني فليس له عذر رواه الحافظ أبو عبدالله محمد بن محمود النجار في كتابه الدرة اليتيمة في فضائل المدينة وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام قال من زارني في مماتي كان كمن زارني في حياتي ومن زار قبري حتي ينتهي إلي قبري كنت له يوم القيامة شهيدا خرجه العقيلي ورواه إبن عساكر من جهته إلا أنه قال من زارني في المنام كان كمن زارني في حياتي وهي فائدة جليلة وعن علي كرم الله وجهه أنه عليه الصلاة والسلام قال من زار قبري بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ومن لم يزرني فقد جفاني رواه [ صفحه 211] الحسين بن يحيي بن جعفر في كتاب أخبار المدينة و رواه الحافظ أبو عبدالله بن النجار في كتابه الدرة اليتيمة من لم يزرني فقد جفاني ورواه الحافظ أبوسعيد عبد الملك بن محمد النيسابوري في كتابه شرف المصطفي صلي الله عليه وآله وسلم وهذا الكتاب في ثمان مجلدات وأبوسعيد هذا له مصنفات في علوم الشريعة توفي سنة ست وأربعمائة بنيسابوروقبره بها مشهور ويتبرك به وكان ينتفع بكلامه وبوعظه وتنجلي بكلامه القلوب قدس الله روحه ونور ضريحه وقال عليه الصلاة والسلام من جائني زائرا لا تعمله حاجة الا زيارتي كان حقا علي أن أكون له شفيعا يوم القيامة وفي رواية من جاءني زائرا لم تنزعه حاجة الا زيارتي إلا زيارتي رواه غير واحد من الأئمة الحفاط المشهورين من حديث إبن عمر رضي الله عنهما ومنهم الطبراني في معجمه الكبير ومنهم الدار قطني في أماليه ومنهم أبو بكر إبن المقري في معجمه ومنهم العلامة الحافظ أبوعلي سعيد بن عثمان بن السكن ذكره في كتابه المسمي بالصحاح المؤثرة عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يا هذا إنتبه لما أذكره قال في خطبة كتابه هذا أما بعد فإنك سألتني أن أجمع لك ما صح عندي من السنن المأثورة التي نقلها الأئمة من أهل البلدان اللذين لا يطعن فيهم طاعن مما نقلوه فتدبرت ما سألتني عنه فوجدت جماعة من الأئمة قد تكلفوا ما سألتني من ذلك وقد وعيت جميع ما ذكروه وحفظت عنهم أكثر ما نقلوه واقتديت بهم وأجبتك إلي ما سألتني من ذلك وجعلته أبوابا في جميع ما يحتاج إليه في أحكام المسلمين [ صفحه 212] فأول من نصب نفسه لطلب الصحيح البخاري وتابعه مسلم وأبوداود والنسائي وقد تصفحت ما ذكروه وتدبرت ما نقلوه فوجدتهم مجتهدين فيما طلبته فما ذكرته في كتابي هذا مجملا فهو مما أجمعوا علي صحته وما ذكرته بعد ذلك مما أختاره أحد الأئمة الذين سميتهم فقد ثبتت حجته في قبول ما ذكره ونسبته إلي اختياره دون غيره وما ذكرته فيما ينفرد به أحد أهل النقل للحديث فقد بينت علته ودللت علي إنفراده دون غيره وبالله التوفيق فانظر اه أرشدك الله تعالي هذا الاتفاق من هذا الأمام والحرص علي تحقيق ما وضعه في كتابه لم يقنع بوضع البخاري ومسلم وغيرهما مع جلالتهم بل تتبع ما وضعوه حتي وضع في كتابه وهذا شأن الأئمة الخائفين من الله عزوجل من أن يقع منهم زلل في الأخبارعن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ثم أنه رضي الله تعالي عنه ذكر في هذا الكتاب في كتاب الحج في باب ثواب من زار قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من جائني زائرا لم ينزعه إلا زيارتي كان حقا علي الله أن أكون له شفيعا يوم القيامة ولم يذكر في هذا الباب غير هذا الحديث وهذا حكم منه بأن هذا الحديث مجمع علي صحته بمقتضي الشرط الذي شرطه في الخطبة وهو رضي الله عنه إمام جليل حافظ متقن كثير الحديث واسع الرحلة سمع بالعراق وخراسان وما وراء النهر وسمع بالشام ومصر وسمع من خلائق من أئمة الحديث والأجلاء أهل الدين وهو من القدماء أصله بغدادي وسكن [ صفحه 213] مصر ومات بها في نصف المحرم سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة رحمة الله تعالي عليه وعلي أمثاله ماذا كان هذا حديث صحيح فكيف يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجعله ضعيفا فضلا عن أن يجعله كذبا وأقل درجات الثقة الخائف أن يقول صححه فلان وأما القول بوضعه وبتكذيب هذا الآمام وأمثاله فلا يصدر إلا من زنديق محقق الزندقة بهذه القرينة وغيرها عائذا بالله عز وجل من ذلك واذا تقرر لك ذلك فانظر أرشدك الله تعالي وعافاك هذا الخبيث الطوية كيف طعن في هذه الأئمة الأعلام في علوم الحديث الذين بهم يقتدي وعليهم يعول وعند ذكرهم تتنزل الرحمة ورماهم بالوضع علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وطعن في هذه الأخبار المروية عن هذه الأئمة وهذا شأنه قاتله الله تعالي كلما جاءإلي شئ لا غرض له فيه طعن فيه وان كان مشهورا ومعمولا به بين الأئمة ولا عليه لا من الله عزوجل ولا من رسوله صلي الله عليه وآله وسلم ولا من الناس وتنبه لشيء عظيم رمي به هذه الأئمة وهو أن من قاعدته أن من كذب علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم متعمدا كفر فعليه من الله عزوجل ما يستحقه وهذا وغيره يدل علي أن عنده ضغينة للنبي صلي الله عليه وآله وسلم ولصاحبيه وكذا لأمته ليفوت عليهم هذا الخير الذي رتبه علي زيارة قبره عليه أفضل الصلاة والسلام فاحذروه واحذروا تزويق مقالته المطوي تحتها أخبث الخبائث فإنها لا تجوز إلا علي عامي أو بليد الذهن كالحمار [ صفحه 214] يحمل أسفارا أو خال من العلوم وأخبار الناس وبالله تعالي التوفيق والله أعلم " [277] . والحمد لله رب العالمين لقد تم هذا البحث بنعمة الله علي وبفضله واحسانه نفعني الله ونفع من أراد الحقيقة به وصلي الله علي سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين. تم البحث بتاريخ 29 / 10 / 1427 هجري الموافق 21 / 11 / 2006 م أبوحسام خليفة بن عبيد الكلباني العماني

پاورقي

[1] البقرة الآية 34.
[2] التفسير الكبير للرازي، ج 2، ص 194.
[3] الحجر الآية 29.
[4] يوسف الآية 100.
[5] فتح القدير للشوكاني، ج 1، ص 66.
[6] الإسراء الآيتان 61 و62.
[7] أحكام القرآن للجصاص، ج 1، ص 37.
[8] يوسف الآية 4.
[9] يوسف الآية 100. [
[10] روح المعاني للألوسي، ج 13، ص 58.
[11] الإسراء الآية 24.
[12] الحجر الآية 96.
[13] الطور الآية 42.
[14] الأعراف الآية 59.
[15] الكافرون الآية 2.
[16] البقرة الآية 22.
[17] الأعراف الآية 194.
[18] لسان العرب، ج 14، ص 257.
[19] الحج الآية 13.
[20] لسان العرب، ج 14، ص 258.
[21] المصدر نفسه، ج 14، ص 259.
[22] البقرة الآية 69.
[23] يونس الآية 25.
[24] المعارج الآية 17.
[25] لسان العرب، ج 14، ص 260.
[26] آل عمران الآية 61.
[27] الأعراف الآية 5.
[28] فاطر الآية 18.
[29] البقرة الآية 23.
[30] الأحزاب الآية 5.
[31] البقرة الآية 69.
[32] الكهف الآية 14.
[33] غافر الآية 60.
[34] البقرة الآية 186.
[35] البقرة الآية 61.
[36] الأعراف الآية 134.
[37] الزخرف الآية 49.
[38] سنن البيهقي الكبري، ج 5، ص 251.
[39] سنن أبي داود، ج 2، ص 80.
[40] سنن الترمذي، ج 5، ص 559.
[41] مسند أبي يعلي، ج 9، ص 376.
[42] المطالب العالية، ج 6، ص 346.
[43] البقرة الآية 186.
[44] الدر المنثور، ج 6، ص 654.
[45] شرح السيوطي لسنن النسائي، ج 4، ص 110.
[46] عون المعبود، ج 6، ص 21.
[47] شعب الإيمان، ج 2، ص 218.
[48] فتح الباري، ج 6، ص 488.
[49] فيض القدير، ج 6، ص 170.
[50] صحيح مسلم، ج 4، ص 1845؛ صحيح ابن حبان، ج 1، ص 241؛ السنن الكبري، ج 1، ص 419؛ الدر المنثور، ج 5، ص 110 و 211؛ عون المعبود، ج 3، ص 261.
[51] صحيح البخاري، ج 1، ص 448.
[52] صحيح مسلم، ج 4، ص 2200.
[53] صحيح ابن حبان، ج 7، ص 384.
[54] الدر المنثور، ج5، ص 36.
[55] النمل الآية 80.
[56] صحيح البخاري، ج 1، ص 462.
[57] صحيح مسلم، ج 4، ص 2203.
[58] مسند الحارث (زوائد الهيثمي)، ج 2، ص 884.
[59] الفردوس بمأثور الخطاب، ج 1، ص 183.
[60] فضل الصلاة علي النبي، ج 1، ص 38.
[61] الطبقات الكبري، ج 2، ص 194.
[62] مجمع الزوائد، ج 9، ص 24؛ الفردوس بمأثور الخطاب، ج 1، ص 183؛ مسند البزار، ج 5، ص 308.
[63] مريم الآية 57.
[64] صحيح مسلم، ج 1، ص 145، ص 146.
[65] تفسير ابن كثير، ج 2، ص 388.
[66] المعجم الكبير، ج 4، ص 129.
[67] مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 3، ص 164.
[68] شرح الصدور بشرح حال الوتي والقبور، ج 1، ص 257.
[69] المنامات، ج 1، ص 7.
[70] ابراهيم الآية 37.
[71] الأنفال الآية 9.
[72] سلاح المؤمن في الدعاء، ج 1، ص 101 و104.
[73] شعب الإيمان، ج 3، ص 45.
[74] شرح النووي علي صحيح مسلم، ج 12، ص 84.
[75] إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر للدمياطي، ج 1، ص 618.
[76] شرح العقيدة الطحاوية، ج 1، ص 327.
[77] شرح قصيدة ابن القيم، ج 1، ص 400.
[78] صحيح البخاري، ج 1، ص 155.
[79] صحيح مسلم، ج 3، ص 968؛ تقسير الطبري، ج 2، ص 23؛ مصنف عبد الرزاق، ج 5، ص 78؛ صحيح ابن حبان، ج 7، ص 482.
[80] شرح معاني الآثار، ج 1، ص 389.
[81] تحفة الأحوذي، ج 3، ص 522.
[82] شرح الزرقاني، ج 3، ص 472.
[83] بداية المجتهد، ج 1، ص 81 و 82.
[84] البقرة الآية 115.
[85] بيان تلبيس الجهمية، ج 2، ص 461 و462.
[86] شرح العقيدة الطحاوية، ج 1، ص 327.
[87] أصول الدين، ج 1، ص 71.
[88] النجم الآيتان 8 و9.
[89] العنكبوت الآية 26.
[90] الغنية في أصول الدين، ج 1، ص 79.
[91] شرح المقاصد في علم الكلام، ج 2، ص 67.
[92] فتح الباري، ج 2، ص233.
[93] الذاريات الآية 22.
[94] شرح النووي علي صحيح مسلم، ج 4، ص 152.
[95] عمدة القاري، ج 5، ص 308.
[96] شرح سنن ابن ماجه، ج 1، ص 73.
[97] عون المعبود، ج 3، ص 127.
[98] فيض القدير، ج 1، ص 506.
[99] فيض القدير، ج 5، ص 398. [
[100] تلخيص الحبير، ج 1، ص 102.
[101] النساء الآية 64.
[102] دفع شبه من شبه وتمرد، ج 1، ص114 و 115.
[103] الرد علي الأخنائي، ج 1، ص 104 و 105.
[104] تاريخ مدينة دمشق، ج 56، ص 48.
[105] سير أعلام النبلاء، ج 5، ص 358.
[106] تهذيب الآثار مسند علي، ج 2، ص 338 و539.
[107] حواشي الشرواني، ج 2، ص 105.
[108] مغني المحتاج، ج 1، ص 182.
[109] المائدة الآية 35.
[110] صحيح البخاري، ج 2، ص 793.
[111] مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 3، ص 142.
[112] المستدرك علي الصحيحين، ج 2، ص 672.
[113] سلاح المؤمن في الدعاء، ج 1، ص 130.
[114] التوسل والوسيلة، ج 1، ص 84 و 85.
[115] توحيد الألوهية، ج 2، ص 150 و 151.
[116] دفع شبه من شبه وتمرد، ج 1، ص 72 و73.
[117] المستدرك علي الصحيحين، ج 1، ص 707.
[118] المستدرك علي الصحيحين، ج 1، ص 700.
[119] المستدرك علي الصحيحين، ج 1، ص 458.
[120] صحيح ابن خزيمة، ج 2، ص 225.
[121] السنن الكبري، ج 6، ص 169.
[122] شرح كتاب التوحيد، ج 1، ص 207 و 208.
[123] معارج القبول، ج 2، ص 519-521.
[124] الجواب الصحيح، ج 6، ص 207.
[125] التوسل والوسيلة، ج 1، ص 132.
[126] المستدرك علي الصحيحين، ج 1، ص 707. وقد تابعه الذهبي في التصحيح.
[127] شرح سنن ابن ماجه، ج 1، ص 99.
[128] شرح سنن ابن ماجه، ج 1، ص 99.
[129] تحفة الأحوذي، ج 10، ص 25.
[130] المعجم الكبير، ج 9، ص 30.
[131] المعجم الصغير، ج 1، ص 306.
[132] مجمع الزوائد، ج 2، ص 279. وراجع: الترغيب في الدعاء، ج 1، ص 108؛ الدعاء، ج 1، ص 320؛ تحفة الأحوذي، ج 0 1، ص 24.
[133] صحيح البخاري، ج 3، ص 1360.
[134] صحيح إبن خزيمة، ج 2، ص 337.
[135] المعجم الأوسط، ج 3، ص 49.
[136] كرامات الأولياء، ج 1، ص 136.
[137] الاستيعاب، ج 2، ص 815.
[138] نيل الأوطار، ج 4، ص 32.
[139] الاستذكار، ج 2، ص 434.
[140] المستدرك علي الصحيحين، ج 3، ص 377.
[141] الدعاء، ج 1، ص 607.
[142] فتح الباري، ج 2، ص 497.
[143] سير أعلام النبلاء، ج 2، ص 92.
[144] تاريخ مدينة دمشق، ج 26، ص 328.
[145] نيل الأوطار، ج 4، ص 32.
[146] الأعراف الآية 61. عمدة القاري، ج 7، ص 33.
[147] فتح الباري، ج 2، ص 497.
[148] سبل السلام، ج 2، ص 82.
[149] نيل الأوطار، ج 4، ص 33.
[150] فيض القدير، ج 5، ص 215.
[151] المستدرك علي الصحيحين، ج 1، ص 707.
[152] عمل اليوم والليلة، ج 1، ص 141.
[153] عمل اليوم والليلة، ج 1، ص 142.
[154] تهذيب الكمال، ج 17، ص 142.
[155] مسند ابن الجعد، ج 1، ص 369.
[156] تاريخ مدينة دمشق، ج 31، ص 177؛ فيض القدير، ج 1، ص 399؛ الطبقات الكبري، ج 4، ص 154؛ النهاية في غريب الأثر، ج 2، ص 13؛ غريب الحديث، ج 2، ص 674؛ لسان العرب، ج 4، ص 233؛ الأدب المفرد، ج 1، ص 335.
[157] البداية و النهاية، ج 8، ص 193.
[158] تاريخ الطبري، ج 3، ص 336.
[159] تاريخ الطبري، ج 3، ص 648.
[160] الكامل في التاريخ، ج 4، ص 200.
[161] المنتظم، ج 8، ص 329.
[162] الكامل في التاريخ، ج 2، ص 397؛ تاريخ الطبري، ج 2، ص 509.
[163] البداية والنهاية، ج 7، ص 91.
[164] دفع شبه من شبه وتمرد، ج 1، ص 93.
[165] دلائل النبوة للبيهقي، ج 7، ص 47.
[166] مصنف ابن أبي شيبة، ج 6، ص 356.
[167] شرح سنن ابن ماجه، ج 1، ص 99.
[168] الإصأبة في تمييز الصحابة، ج 6، ص 274.
[169] الاستيعاب، ج 3، ص 1149.
[170] تاريخ مدينة دمشق، ج 56، ص 489.
[171] الإرشاد، ج 1، ص 313.
[172] التاريخ الكبير، ج 7، ص 304.
[173] الجرح والتعديل، ج 8، ص 213.
[174] الثقات، ج 5، ص 384.
[175] النساء الآية 64.
[176] المغني، ج 3، ص 298.
[177] تقسير ابن كثير، ج 1، ص 520 و 521.
[178] تفسير القرطبي، ج 5، ص 265.
[179] دفع شبه من شبه وتمرد، ج 1، ص 74.
[180] سنن الدارمي، ج 1، ص 56.
[181] دفع شبه من شبه وتمرد، ج 1، ص 93؛ النهاية في غريب الأثر، ج 3، ص 409؛ لسان العرب، ج 10، ص 298.
[182] يوسف الآيتان 97 و 98.
[183] النساء الآية 64.
[184] مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 1، ص 38.
[185] المصدر نفسه، ج 5، ص 145.
[186] المستدرك علي الصحيحين، ج 3، ص 456؛ سير أعلام النبلاء، ج 3، ص 454؛ سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 20؛ تهذيب الكمال، ج 23، ص 114.
[187] الحجرات الآية 2.
[188] الحجرات الآية 3.
[189] الحجرات الآية 4.
[190] دفع شبه من شبه وتمرد، ج 1، ص 73.
[191] شرح كتاب التوحيد، ج 1، ص 312.
[192] توحيد الألوهية، ج 1، ص 227.
[193] مجمع الزوائد، ج 5، ص 47.
[194] المصدر نفسه، ج 9، ص 290.
[195] سنن الدار قطني، ج 1، ص 35.
[196] فيض القدير، ج 4، ص 33.
[197] الجرح والتعديل، ج 7، ص 232.
[198] تاريخ أسماء الثقات، ج 1، ص 208.
[199] سير أعلام النبلاء، ج 11، ص 503.
[200] لسان الميزان، ج 7، ص 492.
[201] تهذيب التهذيب، ج 9، ص 111 و112.
[202] صحيح البخاري، ج 3، ص 1215.
[203] صحيح البخاري، ج 5، ص 2401.
[204] الإسراء الآية 79.
[205] الدر المنثور، ج 5، ص 327.
[206] المعجم الأوسط، ج 5، ص 202.
[207] مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 3، ص 20.
[208] مجمع الزوائد، ج 10، ص 382.
[209] شعب الإيمان، ج 2، ص 268.
[210] الترغيب والترهيب، ج 1، ص 57.
[211] فتح الباري، ج 11، ص 433.
[212] التوسل والوسيلة، ج 1، ص 10.
[213] الغنية عن الكلام وأهله، ج 1، ص 7.
[214] الغنية عن الكلام وأهله، ج 1، ص 45.
[215] المصدر نفسه، ج 1، ص 46.
[216] سير أعلام النبلاء، ج 5، ص 358.
[217] تاريخ مدينة دمشق، ج 56، ص 50.
[218] الرد علي الأخنائي، ج 1، ص 169.
[219] الرد علي الأخنائي، ج 1، ص 169.
[220] فضل الصلاة علي النبي، ج 1، ص 84.
[221] مصنف ابن أبي شيبة، ج 3، ص 450.
[222] الرد علي الأخنائي، ج 1، ص 167.
[223] فتح الباري، ج 3، ص 475.
[224] الأعراف الآية 172.
[225] شرح الزرقاني، ج 2، ص 408.
[226] سير أعلام النبلاء، ج 11، ص 212.
[227] العلل ومعرفة الرجال، ج 2، ص 492.
[228] نيل الأوطار، ج 5، ص 115.
[229] الزمر الآية 3.
[230] الجن الآية 18.
[231] الرعد الآية 14.
[232] الانفطار الآيات 17-19.
[233] آل عمران الآية 128.
[234] الأعراف الآية 188.
[235] الشعراء الآية 214.
[236] تحفة الأحوذي، ج 10، ص 25- 28.
[237] تحفة المحتاج، ج 2، ص 190.
[238] نيل الأوطار، ج 5، ص 180.
[239] الدر المنثور، ج 1، ص 569.
[240] كشف الخفاء، ج 2، ص 320.
[241] المصدر نفسه، ج 2، ص 328 و329.
[242] خلاصة البدر المنير، ج 2، ص 27.
[243] المغني، ج 3، ص 297.
[244] تلخيص الحبير، ج 2، ص 266 و 267.
[245] نيل الأوطار، ج 5، ص 179 و 180.
[246] تاريخ جرجان، ج 1، ص 220.
[247] سنن الدار قطني، ج 2، ص 278.
[248] مجمع الزوائد، ج 4، ص 2.
[249] الكامل في ضعفاء الرجال، ج 6، ص 351.
[250] تحفة المحتاج، ج 2، ص 189 و190.
[251] صحيح البخاري، ج 1 ص 398.
[252] صحيح مسلم، ج 2، ص 1014.
[253] صحيح مسلم، ج 2، ص 1015.
[254] سنن البيهقي الكبري، ج 10، ص 82.
[255] مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 3، ص 45.
[256] أخبار مكة، ج 1، ص 64.
[257] مصنف عبد الرزاق، ج 5، ص 132.
[258] صحيح مسلم، ج 2، ص 1015.
[259] سنن البيهقي الكبري، ج 5، ص 244.
[260] صحيح ابن حبان، ج 4، ص 509.
[261] مجمع الزوائد، ج 4، ص 3؛ صحيح ابن حبان، ج 4، ص 495؛ موارد الظمآن، ج 1، ص 252؛ المعجم الأوسط، ج 1، ص 225؛ مسند أبي يعلي، ج 4، ص 182؛ مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 3، ص 336؛ مسند عبد بن حميد، ج 1، ص 320؛ السنن الكبري، ج 6، ص 411.
[262] صحيح البخاري، ج 6، ص 2671.
[263] صحيح مسلم، ج 2، ص 1016.
[264] صحيح مسلم، ج 2، ص 1017؛ صحيح ابن حبان، ج 4، ص 510؛ سنن أبي داود، ج 2، ص 318؛ سنن البيهقي الكبري، ج 5، ص 248؛ موطأ مالك، ج 1، ص 167؛ المعجم الأوسط، ج 4، ص 357؛ المطالب العالية، ج 7، ص 164.
[265] الاستذكار، ج 2، ص 330 و 331.
[266] عون المعبود، ج 6، ص 18.
[267] المطالب العالية، ج 7، ص 165.
[268] فتح الباري، ج 3، ص 65.
[269] فتح الباري، ج 3، ص 66.
[270] عمدة القا ري، ج 7، ص 252 و253.
[271] شرح سنن ابن ماجه، ج 1، ص 102.
[272] تحفة الأحوذي، ج 2، ص 239 و 242.
[273] مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 3، ص 64.
[274] مجمع الزوائد، ج 4، ص 3.
[275] دفع شبه من شبه وتمرد، ج 1، ص 103 و 106.
[276] دفع شبه من شبه وتمرد، ج 1، ص 47.
[277] دفع شبه من شبه وتمرد، ج 11، ص 107 و112.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.