حديث الدار

اشارة

سرشناسه : حسيني ميلاني، علي، - 1326

عنوان و نام پديدآور : حديث الدار/ علي الحسيني الميلاني

مشخصات نشر : قم: مركز الابحاث العقائديه، 1421ق. = 1379.

مشخصات ظاهري : ص 37

فروست : (سلسله الندوات العقائديه 9)

شابك : 964-319-251-2

يادداشت : عربي

يادداشت : كتابنامه به صورت زيرنويس

موضوع : احاديث خاص (دار)

موضوع : علي بن ابي طالب(ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- اثبات خلافت

موضوع : علي بن ابي طالب(ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- احاديث

رده بندي كنگره : BP145 /د2 ح5 1379

رده بندي ديويي : 297/218

شماره كتابشناسي ملي : م 81-4701

مقدمة المركز

بسم الله الرحمن الرحيم لا يخفي أننا لا زلنا بحاجة إلي تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والافهام المناسب لعقائدنا الحقة ومفاهيمنا الرفيعة، مما يستدعي الالتزام الجاد بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الأمة وقيمها الحقة، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطور التقني الحديث. وانطلاقا من ذلك، فقد بادر مركز الأبحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمي السيد السيستاني - مد ظله - إلي اتخاذ منهج ينتظم علي عدة محاور بهدف طرح الفكر الإسلامي الشيعي علي أوسع نطاق ممكن. ومن هذه المحاور: عقد الندوات العقائدية المختصة، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكريها المرموقين، التي تقوم نوعا علي الموضوعات الهامة، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد [ صفحه 6] والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها، ثم يخضع ذلك الموضوع - بطبيعة الحال - للحوار المفتوح والمناقشات الحرة لغرض الحصول علي أفضل النتائج. ولأجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلي شبكة الإنترنت العالمية صوتا وكتابة. كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها علي المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتي أرجاء العالم. وأخيرا،

فإن الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها علي شكل كراريس تحت عنوان سلسلة الندوات العقائدية بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنية اللازمة عليها. وهذا الكراس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحد من السلسلة المشار إليها. سائلينه سبحانه وتعالي أن يناله بأحسن قبوله. مركز الأبحاث العقائدية فارس الحسون [ صفحه 7]

تمهيد

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله علي أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين. تعرضنا في البحوث السابقة إلي بعض آيات من القرآن الكريم يستدل بها علي إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكانت الآيات المذكورة دالة علي عصمته، أو علي ولايته، أو علي أفضليته (عليه السلام) من غيره، فكانت دالة علي إمامة أمير المؤمنين بالوجوه المختلفة. ننتقل الآن إلي الحديث والبحث عن عدة من الأحاديث المستدل بها علي إمامة أمير المؤمنين، فإن الأحاديث الواردة في كتب أهل السنة الدالة علي إمامة أمير المؤمنين كثيرة لا تحصي، وهي أيضا تنقسم إلي أقسام: [ صفحه 8] منها: ما هو نص في إمامته وخلافته. ومنها: ما يدل علي أفضليته بعد رسول الله. ومنها: ما يدل علي أولويته وولايته. ومنها: ما يدل علي العصمة. [ صفحه 9]

نص حديث الدار

موضوع بحثنا في هذه الليلة حديث الانذار أو حديث الدار. لما نزل قوله تعالي (وأنذر عشيرتك الأقربين) [1] دعا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) رجال عشيرته، ودعاهم إلي الإسلام، وهذا الخبر وارد في كتب التاريخ، في كتب السيرة، في كتب التفسير، وفي الحديث أيضا. قبل كل شئ، أقرأ لكم نص الحديث عن تفسير البغوي المتوفي سنة 510 ه، يقول البغوي: روي محمد بن إسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، عن عبد الله بن عباس، عن علي بن أبي طالب قال: [ صفحه 10] لما نزلت هذه الآية علي رسول الله (صلي الله عليه وسلم) (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعاني رسول الله (صلي الله عليه

وسلم) فقال: يا علي، إن الله يأمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، فضقت بذلك ذرعا، وعرفت أني متي أباديهم بهذا الأمر أري منهم ما أكره، فصمت عليها، حتي جاءني جبرئيل فقال لي: يا محمد إلا تفعل ما تؤمر يعذبك ربك، فاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واملأ لنا عسا من لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتي أبلغهم ما أمرت به. ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلا، يزيدون رجلا أو ينقصونه، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب. فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعته، فجئتهم به، فلما وضعته، تناول رسول الله (صلي الله عليه وسلم) جذبة من اللحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصفحة، ثم قال: خذوا باسم الله، فأكل القوم حتي ما لهم بشئ حاجة، وأيم الله أن كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم. ثم قال: إسق القوم، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتي رووا جميعا، وأيم الله أن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله. فلما أراد رسول الله أن يكلمهم بدره أبو لهب فقال: سحركم [ صفحه 11] صاحبكم، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله (صلي الله عليه وسلم). فقال في الغد: يا علي، إن هذا الرجل قد سبقني إلي ما سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فأعد لنا من الطعام مثل ما صنعت ثم اجمعهم، ففعلت ثم جمعت، فدعاني بالطعام فقربته، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا، ثم تكلم رسول الله (صلي الله عليه وسلم) فقال: يا بني عبد المطلب، إني قد جئتكم بخيري الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالي أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني علي أمري

هذا ويكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم عنها جميعا. فقلت وأنا أحدثهم سنا: يا نبي الله، أكون وزيرك عليه. قال: فأخذ برقبتي وقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لعلي وتطيع [2] . [ صفحه 13]

رواة حديث الدار

هذا الخبر يرويه محمد بن إسحاق مسندا عن ابن عباس، وهو موجود في كتاب كنز العمال مع فرق سأذكره فيما بعد يرويه صاحب كنز العمال عن: 1 - ابن إسحاق. 2 - ابن جرير الطبري، صاحب التفسير والتاريخ. 3 - ابن أبي حاتم الرازي، صاحب التفسير المعروف. 4 - ابن مردويه. 5 - أبي نعيم الاصفهاني الحافظ. 6 - البيهقي [3] . [ صفحه 14] فرواة هذا الحديث أئمة أعلام من أهل السنة، منهم:محمد بن إسحاق صاحب السيرة، المتوفي سنة 152 ه [4] . محمد بن إسحاق يروي هذا الخبر عن عبد الغفار بن القاسم، وهو أبو مريم الأنصاري، وهو شيخ من شيوخ شعبة بن الحجاج الذي يلقبونه بأمير المؤمنين في الحديث، ويقولون بترجمته إنه لا يروي إلا عن ثقة، وشعبة بن الحجاج كان يثني علي عبد الغفار بن القاسم الذي هو شيخه، لكن المتأخرين من الرجاليين يقدحون في عبد الغفار، لأنه كان يذكر بلايا عثمان، أي كان يتكلم في عثمان، أو يروي بعض مطاعنه، ولذا نري في ميزان الاعتدال عندما يذكره الذهبي يقول: رافضي. فإذا عرفنا وجه تضعيف هذا الرجل وهو التشيع، أو نقل بعض قضايا عثمان، إذا عرفنا هذا السبب للجرح، فقد نص ابن حجر العسقلاني في مقدمة فتح الباري في شرح البخاري علي أن التشيع بل الرفض لا يضر بالوثاقة، هذا

نص عبارة الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة شرح البخاري. [ صفحه 15] فإذن، هذا الرجل لا مطعن فيه ولا مورد للجرح، إلا أنه يروي بعض مطاعن عثمان، لكن شعبة تلميذه يروي عنه ويثني عليه، وشعبة أمير المؤمنين عندهم في الحديث. فهذا عبد الغفار بن القاسم. والمنهال بن عمرو، من رجال صحيح البخاري، والصحاح الأربعة الأخري فهو من رجال الصحاح ما عدا صحيح مسلم [5] . وأما عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، فهذا من رجال الصحاح الستة كلها [6] . عن عبد الله بن العباس. عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام). فالسند في نظرنا معتبر، وعلي ضوء كلمات علمائهم في الجرح والتعديل، إلا عبد الغفار بن القاسم، الذي ذكرنا وجه الطعن فيه والسبب في جرح هذا الرجل، وهذا السبب ليس بمضر بوثاقته، استنادا إلي تصريح الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة فتح الباري [7] . [ صفحه 16] فهذا نص الخبر، وفيه كما سمعتم أن النبي يقول: فأيكم يوازرني علي أمري هذا ويكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فقال أمير المؤمنين: يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ رسول الله برقبة علي وقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لعلي وتطيع. وليست الإمامة والخلافة إلا: وجوب الإطاعة، وجوب الاقتداء، وجوب الأخذ، وجوب التمسك بالشخص، وأي نص أصرح من هذا في إمامة علي أو غير علي؟ يعني لو كان هذا اللفظ واردا في حق غير علي بسند معتبر متفق عليه لوافقنا نحن علي إمامة ذلك الشخص. فهذا هو الخبر، وهو خبر متفق عليه بين الطرفين، إذ ورد هذا

الخبر بأسانيد علمائنا وأصحابنا في كتبنا المعتبرة المشهورة. فمن رواة هذا الخبر: 1 - ابن إسحاق، صاحب السيرة.2 - أحمد بن حنبل، يروي هذا الخبر في مسنده [8] . [ صفحه 17] 3 - النسائي، صاحب الصحيح [9] . 4 - الحافظ أبو بكر البزار، صاحب المسند. 5 - الحافظ سعيد بن منصور، في مسنده. 6 - الحافظ أبو القاسم الطبراني، في المعجم الأوسط. 7 - الحافظ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، في مستدركه علي الصحيحين. 8 - عرفتم أن من رواته أبو جعفر محمد بن جرير الطبري. 9 - الحافظ أبو جعفر الطحاوي، صاحب كتاب مشكل الآثار 10 - عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، صاحب التفسير. 11 - أبو بكر بن مردويه. 12 - الحافظ أبو نعيم الاصفهاني، صاحب دلائل النبوة وكتاب حلية الأولياء. 13 - الحافظ البغوي، صاحب التفسير. 14 - الضياء المقدسي، في كتابه المختارة، وهذا الكتاب الذي التزم فيه الضياء المقدسي بالصحة، فلا يروي في كتابه هذا إلا الروايات الصحيحة المعتبرة، ولذا قدم بعض علمائهم هذا الكتاب [ صفحه 18] علي مثل المستدرك للحاكم، ومن جملة من ينص علي ذلك هو ابن تيمية صاحب منهاج السنة، ينص علي أن كتاب المختارة أفضل وأتقن من المستدرك للحاكم. 15 - الحافظ ابن عساكر الدمشقي، صاحب تاريخ دمشق 16 - أبو بكر البيهقي، صاحب دلائل النبوة. 17 - الحافظ ابن الأثير، صاحب الكامل في التاريخ. 18 - الحافظ أبو بكر الهيثمي، في كتابه مجمع الزوائد يرويهذا الحديث [10] . 19 - الحافظ الذهبي، في تلخيص المستدرك ينص علي صحة هذا الحديث. 20 - الحافظ جلال الدين السيوطي، في كتابه الدر المنثور. 21 -

الشيخ علي المتقي الهندي، صاحب كنز العمال، يرويه صاحب كنز العمال عن: أحمد، والطحاوي، وابن إسحاق، ومحمد بن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم الاصفهاني، والضياء المقدسي. هذا بالنسبة إلي متن الحديث، وعدة من كبار علماء القوم [ صفحه 19] الرواة لهذا الحديث في كتبهم. وأما بالنسبة إلي سنده، فسنده في كتاب محمد بن إسحاق قد قرأته لكم وصححت السند. ويقول الحافظ الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد بعد أن يرويهعن أحمد بن حنبل يقول: رواه أحمد ورجاله ثقات [11] . ويقول بعد أن يرويه بسند آخر عن بعض كبار علمائهم من أحمد وغير أحمد يقول: رجال أحمد وأحد إسنادي البزار رجالالصحيح غير شريك وهو ثقة [12] . إذن، حصلنا علي أسانيد عديدة ينصون علي صحتها. مضافا: إلي سند الحافظ المقدسي في كتابه المختارة الملتزم في هذا الكتاب بالصحة. كما ذكر المتقي الهندي صاحب كنز العمال: أن الطبري محمد بن جرير قد صحح هذا الحديث. وأيضا، صححه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس في حديث طويل، ووافقه علي التصحيح الحافظ الذهبي في تلخيص المستدرك. [ صفحه 20] وأيضا نص علي صحة هذا الحديث الشهاب الخفاجي في شرحه علي الشفاء للقاضي عياض، حيث يذكر هناك معاجز رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، ومن جملة معاجزه هذه القضية، حيث أن الطعام كان صاعا واحدا وعليه رجل شاة فقط، فأكلوا وكلهم شبعوا، وهذا من جملة معاجز رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، ويقول الشهاب الخفاجي: إنسند هذا الخبر صحيح [13] . وعندما نراجع نصوص الحديث في الكتب المختلفة، نجد في بعضها هذا اللفظ: فأيكم يوازرني علي أمري هذا ويكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ قال علي:

أنا يا نبي الله، أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي فقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع لعلي. وهذا لفظ، وقد قرأناه عن عدة من المصادر. لفظ آخر: من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي؟ فقيل له: أنت كنت بحرا، من يقوم بهذا، فعرض ذلك علي أهل بيته واحدا واحدا، فقال علي: أنا، [ صفحه 21] فبايعه رسول الله علي هذا [14] . ومن ألفاظ هذا الحديث ما يلي: قال رسول الله: من يبايعني علي أن يكون أخي ووصيي ووليكم من بعدي؟ قال علي: فمددت يدي فقلت: أنا أبايعك. فبايعني رسول الله (صلي الله عليه وسلم) [15] . فهذه ألفاظ الحديث، وتلك أسانيد الحديث، وتلك كلمات كبار علمائهم في صحة هذا الحديث وتنصيصهم علي صحته. [ صفحه 23]

دلالة حديث الدار علي إمامة أميرالمؤمنين

اشاره

وهذا الحديث الصحيح المتفق عليه هو من جملة أدلتنا علي إمامة أمير المؤمنين الدالة علي إمامته وولايته بالنص. وإنما اخترت من بين الأحاديث التي هي نص علي إمامة أمير المؤمنين هذا الحديث في هذه الليلة، لخصوصيات موجودة في هذا الحديث، قد لا تكون في غيره، مضافا إلي صحته وكونه مقبولا بين الطرفين، بل يمكن دعوي تواتر هذا الحديث:

الخصوصية 01

صدور هذا الحديث في أوائل الدعوة النبوية، وفي بدء البعثة المحمدية، فكأن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) مأمور بأن يبلغ ثلاثة أمور في آن واحد وفي عرض واحد: مسألة التوحيد والدعوة إلي الله سبحانه وتعالي. [ صفحه 24] ومسألة رسالته. ومسألة خلافته من بعده الثابتة لعلي (عليه السلام). وقد أسفر ذلك المجلس وتلك الدعوة عن هذه الأمور الثلاثة.

الخصوصية 02

إن القوم من أبي لهب وغيره قالوا - وهم يضحكون - لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع لابنك علي. هذا مما يؤيد استنتاجنا من هذا الحديث واستظهارنا من هذا الكلام، إنه حتي أولئك المشركون أيضا فهموا من هذا الحديث ومن هذا اللفظ ومن كلام رسول الله: إنه يريد أن ينصب عليا إماما مطاعا من بعده لعموم الناس. الخصوصية الثالثة: استدلال أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا الخبر في جواب سائل، يروي هذا الحديث النسائي في صحيحه [16] يقول: إن رجلا قال لعلي: يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمك دون عمك؟ أي، بأي دليل [ صفحه 25] أصبحت أنت وارثا لرسول الله ولم يكن العباس وارثا لرسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)؟ فذكر الإمام (عليه السلام) حديث الانذار، وجاء في هذا الحديث بهذا اللفظ وقال: أنت أخي ووارثي ووزيري. فذكر أمير المؤمنين في جواب هذا السائل هذا الخبر ثم قال: فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي. إذن، يصبح علي (عليه السلام) بحكم هذا الحديث القطعي المتفق عليه خليفة لرسول الله ووزيرا له ووارثا ووصيا وقائما مقامه ووليه من بعده، والناس كلهم مأمورون لأن يطيعوه ويسمعوه. أو ليست الخلافة والإمامة هذا؟ وأي شئ يريدون منا عند إقامتنا الأدلة علي إمامة أمير المؤمنين أوضح وأصرح

من مثل هذه الأحاديث الواردة في كتبهم وبأسانيد معتبرة ينصون هم علي صحتها؟ وهل ورد مثل هذا في حق أحد غير علي مع هذه الخصوصيات من حيث السند والدلالة والقرائن الموجودة في لفظه؟ [ صفحه 27]

مع علماء أهل السنة في حديث الدار

اشاره

حينئذ يأتي دور مواقف العلماء من أهل السنة، الذين يريدون - في الحقيقة - أن يبرروا ما وقع، الذين يحاولون أن يوجهوا ما كان!! اختلفت مواقفهم أمام هذا الحديث الصحيح سندا، الصريح دلالة علي إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام).

مع الفضل ابن روز بهان

يقول الفضل ابن روزبهان: [17] إن كلمة خليفتي التي هي مورد الاستدلال غير موجودة في مسند أحمد، وهي من إلحاقات الرافضة. [ صفحه 28] لو لم يكن مسند أحمد موجودا بين أيدينا، لو لم ينظر أحد في كتاب مسند أحمد، لأمكن للفضل أن يتفوه بمثل هذه الكلمة ويقول هذا الكلام ويتركه علي عواهنه، إذا لم يراجع أحد المسند، أو كان كتاب المسند غير موجود بين أيدينا، ولكن يقتضي أن يكون الإنسان عندما يتكلم يتصور الآخرين يسمعون كلامه، ويلتفت إلي أنهم سيراجعون إلي المصادر التي يحيل إليها، إما إثباتا وإما نفيا، وإلا فمن العيب للإنسان العاقل عندما يريد أن يتكلم يتصور الناس كأنهم لا يسمعون، أو لا يفهمون، أو سوف لا يراجعون إلي تلك المصادر أو الكتب التي يذكرها. إن هذا الحديث موجود في غير موضع من مسند أحمد بن حنبل والكلمة أيضا موجودة في رواية مسند أحمد، وقد راجعناه نحن، ومسند أحمد بن حنبل موجود الآن بين أيدينا [18] . فالتكلم بهذا الأسلوب، إما أن يكون من التعصب وقلة الحياء، وإما أن يكون من الجهل وعدم الفهم، وإلا فكيف يكذب الإنسان مثل العلامة الحلي الذي هو في مقام الاستدلال علي العامة بكتبهم، ينقل عنهم ليستدل بما يروونه، فيلحق كلمة أو كلمات في حديث، [ صفحه 29] وهو في مقام الاحتجاج والاستدلال؟! هذا شئ لا يكون من مثل العلامة وأمثاله. هذا بالنسبة إلي الفضل ابن روزبهان،

وقد أراد أن يريح نفسه بهذا الأسلوب.

مع ابن تيمية

اشاره

وأما ابن تيمية، فقد أراح نفسه بأحسن من هذا، وأراد أن يريح الآخرين أيضا، قال: هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث، فما من عالم يعرف الحديث إلا وهو يعلم أنه كذب موضوع، ولهذا لم يروه أحد منهم في الكتب التي يرجع إليها في المنقولات، لأن أدني من له معرفة بالحديث يعلم أن هذا كذب [19] . إن هذا الأسلوب من الكلام يدل بشكل آخر علي صحة هذا الحديث، وتمامية الاستدلال بهذا الحديث، أي لولا صحة هذا الحديث ولولا تمامية دلالة هذا الحديث علي مدعي الإمامية، لما التجأ ابن تيمية إلي أن يقول بهذا الشكل، وأن يتهجم علي العلماء من الشيعة والسنة أيضا لروايتهم هذا الحديث، لأنه يقول: إن أدني [ صفحه 30] من له معرفة بالحديث يعلم أن هذا كذب. إذن، فأحمد بن حنبل مع علمه بكون هذا الحديث كذبا يرويه أكثر من مرة في مسنده! ومحمد بن جرير الطبري في تاريخه يروي هذا الخبر مع علمه بأنه كذب! والنسائي أيضا! وأبو بكر البزار كذلك! و و... إلي آخره، وهؤلاء كبار علمائهم وأعلام محدثيهم، يروون مثل هذا الحديث وهم يعلمون أنه كذب!! ولو أمكن للإنسان أن يرتاح بمثل هذه الأساليب، فلكل منكر أن ينكر في أي بحث من البحوث، في أي مسألة من المسائل، سواء في أصول الدين أو في فروع الدين، أو في قضايا أخري وعلوم أخري، يكتفي بالإنكار، بالنفي، والتكذيب. لكن هذا الأسلوب ليس له قيمة في سوق الاعتبار، هذا الأسلوب لا يسمع ولا يعتني به، ولا جدوي له ولا فائدة، لذلك لا بد من أساليب أخري.

تحريف الحديث

من جملة الأساليب: تحريف الحديث، فالطبري يروي هذا الحديث في تاريخه وفي تفسيره أيضا،

إن رجعتم إلي التاريخ لرأيتم الحديث كما ذكرناه، ورووه عنه في كتبهم كصاحب كنز [ صفحه 31] العمال [20] وغيره، وأيضا السيوطي في الدر المنثور [21] يروي (1) مجمع الزوائد 9 / 113، كنز العمال 13 / 131. (2) الدر المنثور 6 / 324 - 329 - دار الفكر - بيروت - 1403 ه. هذا الحديث عن الطبري، وينص صاحب كنز العمال علي أن الطبري قد صحح هذا الحديث، فالحديث في تاريخه كما رأيتم وسمعتم. أما في تفسيره، إذا لاحظتم تفسير الطبري في ذيل هذه الآية المباركة: (وأنذر عشيرتك الأقربين) تأتي العبارة بهذا الشكل: إن هذا أخي وكذا وكذا [22] ، وأصل العبارة: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، جاء بدل هذه العبارة: إن هذا أخي وكذا وكذا. لكننا لا نعلم هل هذا من صنع الطبري نفسه، أو من النساخ لتفسيره، أو من الطابعين؟ هذا لا نعلمه، ولا يمكننا أن نرمي الطبري نفسه، لأنه يكون من باب الرجم بالغيب، لا نتمكن أن نقول، أو أن نتهم الطبري نفسه، فربما كان هذا من النساخ للتفسير، أو كان من الطابعين، والله العالم. هذا أسلوب، أسلوب التحريف. وأيضا، إذا راجعتم الدر المنثور للسيوطي، ففي الدر المنثور [ صفحه 32] ينقل نفس الحديث عن نفس الأشخاص من ابن إسحاق، وابن جرير الطبري، وأبي نعيم، والبيهقي، وابن مردويه، وغيرهم، عندما يصل إلي هذه الجملة التي هي محل الاستدلال، تأتي الجملة في الدر المنثور بهذا الشكل: فأيكم يوازرني علي أمري هذا، فقلت وأنا أحدثهم سنا: أنا، فقام القوم يضحكون [23] ، ولا يوجد أكثر من هذا، يعني حذف من اللفظ جملة: ويكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم. هذا حذف. وأيضا حذفوا منه:

قام القوم يضحكون وقالوا لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع لعلي. هذا أيضا محذوف. وهل هذا من السيوطي نفسه؟ لا نعلم، من النساخ؟ لا نعلم، من الناشرين للكتاب؟ لا نعلم.

مع الندوي

ومن علماء العامة المؤلفين المعروفين في هذا الزمان: أبو الحسن الندوي. هذا الرجل الذي هو من كبار علماء السنة، يسكن في الهند، [ صفحه 33] وعنده دار الندوة مدرسة كبيرة يعلم هناك الطلبة ويدربهم، وله ارتباطات ببعض الجهات الكذائية، له كتب، ومن جملة مؤلفاته كتاب المرتضي سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وكرم الله وجهه، وهو كتاب صغير في حجمه جدا، وكثير من مطالب هذا الكتاب لا علاقة لها بأمير المؤمنين أصلا، لعل مائة صفحة أو مائة وخمسين صفحة من هذا الكتاب - الذي هو في مائتين وخمسين صفحة تقريبا - يتعلق بأمير المؤمنين، وأصبح كتاب سيرة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وكرم الله وجهه!! في مائة وخمسين صفحة تقريبا!! فهناك عندما يصل إلي هذه القضية يقول: وتكلم ابن كثير في بعض رواة القصة، وفيها ما يشكك في صحتها وضبطها. انتهي، وهذا غاية ما حققه هذا الرجل العالم في نظرهم الذي له أتباع وأنصار في مختلف البلاد.

مع هيكل

وأما محمد حسين هيكل، فقد قامت القيامة عليه عندما نشر كتابه حياة محمد، وذكر القصة كما هي في كتب القوم في كتابه المذكور، قامت القيامة ضده حتي ألجأوه إلي حذف القصة في الطبعة الثانية من كتابه. [ صفحه 34]

مع البوطي

ويأتي محمد سعيد رمضان البوطي، فيؤلف كتابا في السيرة النبوية يسميها فقه السيرة النبوية، يكتب السيرة النبوية كما يشاء له هواه، وهناك إذا راجعتم لا يشير إلي هذه القصة لا من قريب ولا من بعيد، وهذا أيضا له أنصار وأتباع وأعوان، ويذكر كعالم من علمائهم في هذا الزمان. [ صفحه 35]

خاتمة المطاف

فتلخص مما ذكرنا: إن الحديث حديث متفق عليه بين الطرفين، مقطوع الصدور، وقد يمكن دعوي أن هذا الخبر قد بلغ إلي حد الدراية ولا يحتاج إلي رواية، ورواه كبار علماء القوم في كتبهم ونصوا علي صحته كما ذكرت لكم بعض الكلمات. كما أني حاولت أن أحصل علي سند محمد بن إسحاق نفسه كي أري مدي اعتبار هذا السند، وقد قرأته لكم ووثقت رجاله، إلا عبد الغفار بن القاسم الذي تكلموا فيه، لأنه كان يذكر بعض معايب عثمان ورموه بالتشيع والرفض، وقد قلنا: إن التشيع والرفض لا يضران بالوثاقة كما نص الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة شرح البخاري، مضافا إلي أن هذا الرجل يثني عليه شعبة ويروي عنه، وشعبة عندهم أمير المؤمنين في الحديث. فإذا تم سنده، وكانت دلالته صريحة، ورأينا أنهم ليس لهم [ صفحه 36] كلام معقول في الجواب عن هذا الاستدلال. مثلا: إذا تراجعون منهاج السنة يقول في الإشكال علي هذا الخبر: بأن رجال قريش في ذلك العهد لم يكونوا يبلغون الأربعين، وهذا من علائم كذب هذا الخبر. هذا وجه يقوله ابن تيمية، لا أدري من الذي يرتضي هذا الكلام من مثل هذا الشخص الذي هو شيخ إسلامهم!؟ وأيضا: إنه يشكل علي هذا الخبر بأن العرب لم يكونوا أكالين بهذا المقدار، بحيث أن هؤلاء أكلوا وشبعوا والطعام كفاهم كلهم، فهذا

من قرائن كذب هذا الخبر. ليس عندهم كلام معقول يذكر في مقام رد الاستدلال بهذا الحديث، لذا تراهم يلتجئون إلي التحريف، يلتجئون إلي التصرف في الحديث. وإنني علي يقين بأن الباحث الحر المنصف، إذا وقف علي هذا المقدار من البحث، أي باحث يكون، سواء كان مسلما أو خارجا عن الدين الإسلامي، ويريد أن يحقق في مثل هذه القضايا، لو أعطي هذا الحديث مع مصادره، وعرف رواة هذا الحديث، وأنهم كبار علماء السنة في العصور المختلفة، ثم لاحظ متن الحديث ولفظه بدقة، ثم راجع كلمات المناقشين في هذا الحديث [ صفحه 37] والمعارضين لهذا الاستدلال، من مثل ابن تيمية والفضل ابن روزبهان وأمثالهما، وثم تصرفات هؤلاء في متن هذا الحديث لو أن هذا الباحث الحر المنصف يحقق هذه الأمور، وفي ما يتعلق بهذا الحديث وحده فقط، أنا علي يقين بأن الباحث الحر المنصف يكفيه هذا الحديث للاعتقاد بإمامة علي بعد رسول الله، كما أني أعتقد أن الذين يأخذون معارف دينهم ومعالم دينهم من مثل الفضل ابن روزبهان أو من مثل ابن تيمية أو الندوي أو البوطي، لو دققوا النظر وراجعوا القضايا علي واقعياتها، واستمعوا القول لاتباع الأحسن، لرفعوا اليد عن اتباع مثل هؤلاء الأشخاص، وعن أن يقلدوهم في أصولهم وفروعهم. ولكن الله سبحانه وتعالي إذا أراد أن يهدي أحدا يهديه، وما تشاءون إلا أن يشاء الله. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.

پاورقي

[1] سورة الشعراء: 214.

[2] معالم التنزيل 4 / 278 - 279 - طبعة دار الفكر - بيروت - 1405 ه.

[3] كنز العمال 13 / 131 رقم 36419 - مؤسسة الرسالة - بيروت - 1405 ه، تفسير

الطبري 19 / 74 - دار المعرفة - بيروت، السنن الكبري 9 / 7 - دار المعرفة - بيروت، تفسير ابن أبي حاتم 9 / 2826 رقم 16015 باختلاف - مكتبة نزار الباز - مكةالمكرمة - 1417 ه.

[4] من رجال البخاري - في المتابعات - ومسلم والأربعة. تقريب التهذيب 2 / 144.

[5] من رجال البخاري والأربعة، تقريب التهذيب 2 / 278.

[6] تقريب التهذيب 1 / 408.

[7] مقدمة فتح الباري: 382، 398، 410.

[8] مسند أحمد 1 / 111 رقم 885 - دار إحياء التراث العربي - بيروت - 1414 ه.

[9] سنن النسائي 6 / 248 - دار إحياء التراث العربي - بيروت. [

[10] مجمع الزوائد 9 / 113، وفيه: وإسناده جيد - دار الكتاب العربي - بيروت - 1403 ه.

[11] مجمع الزوائد 8 / 302 - باب معجزاته صلي الله عليه وسلم في الطعام.

[12] مجمع الزوائد 8 / 303.

[13] نسيم الرياض - شرح الشفاء للقاضي عياض 3 / 35.

[14] تفسير ابن كثير 6 / 168 - دار طيبة - الرياض - 1418 ه، كنز العمال 13 / 128رقم 36408 - مؤسسة الرسالة - بيروت - 1405 ه.

[15] كنز العمال 13 / 149 رقم 36465.

[16] خصائص أمير المؤمنين: 86، ط الغري، وهو من صحيحه كما ثبت في محله.

[17] أنظر: دلائل الصدق 2 / 359.

[18] مسند أحمد 1 / 111.

[19] منهاج السنة 7 / 302.

[20] مجمع الزوائد 9 / 113، كنز العمال 13 / 131.

[21] الدر المنثور 6 / 324 - 329 - دار الفكر - بيروت - 1403 ه.

[22] تفسير الطبري 19 / 75 - دار المعرفة - بيروت.

[23] الدر المنثور 6 / 324 و 329.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.