جزئية «البسملة» من القرآن وحكمها في الصلاة

اشارة

المجمع العالمي لاهل البيت عليهم السلام (پديدآور همكار)

مقدمة

من جملة ما ظهر الخلاف فيه بين المذاهب الإسلامية مسألة البسملة، هل هي آية من سورة الحمد؟ أو من كل سورة؟ أم أنها ليست بآية لا من الحمد ولا من باقي السور. وتبعاً لذلك ظهر الخلاف في حكمها في الصلاة أثناء أداء القراءة، كما ظهر الخلاف في كيفية قراءتها، هل تقرأ جهراً أم اخفاتاً؟ وقد تكفّل هذا البحث باستبيان الحقيقة في هذه المسألة والفروع المتعلقة بها، اعتماداً علي مصادر المذاهب الأربعة بالدرجة الاُولي. ولعل أهم نتيجة ستطرق ذهن القارئ هي ما كشفت عنه الحقائق التاريخية من أن منشأ الخلاف في هذه المسألة لا علاقة له بالصحابة ولا بالفقه والاجتهاد والمذاهب، وإنّما هي اُحدوثة شاء معاوية أن يحدثها في شريعة المسلمين وعباداتهم خلافاً لسيرة النبي (صلي الله عليه وآله) وعمل الصحابة، وكان من شأن السياسة أن تؤثر في المذاهب، فتجد هذه الاُحدوثة من يمنحها توجيهاً، ويلتمس لها دليلاً، وينتحل لها نوعاً من المقبولية [1] .

البسملة آية من كل سورة

اتفقت الشيعة الإمامية علي أن البسملة آية من كل سورة بُدِئت بها، وذهب اليه ابن عباس، وابن المبارك، وأهل مكة كابن كثير، وأهل الكوفة كعاصم، والكسائي وغيرهما سوي حمزة. وذهب اليه أيضاً أغلب أصحاب الشافعي [2] وجزم به قرّاء مكة والكوفة [3] ، وحكي هذا القول عن ابن عمر، وابن الزبير وأبي هريرة، وعطاء، وطاووس، وسعيد بن جبير، ومكحول، والزهري، واحمد بن حنبل في رواية عنه، واسحاق بن راهويه وأبو عبيدالقاسم بن سلام [4] وعن البيهقي نقل هذا القول عن الثوري ومحمد بن كعب [5] ، واختاره الرازي في تفسيره ونسبه الي قرّاء مكة والكوفة وأكثر فقهاء الحجاز، والي ابن المبارك والثوري، واختاره أيضاً جلال الدين السيوطي مدّعياً تواتر الروايات

الدالة عليه معنيً [6] . وقال بعض الشافعية وحمزة: «إنها آية من فاتحة الكتاب خاصة دون غيرها» ونسب ذلك الي احمد بن حنبل، كما نسب اليه القول الأول [7] . وذهب جماعة، منهم: مالك، وأبو عمرو، ويعقوب الي أنها آية فذة وليست جزء من فاتحة الكتاب ولا من غيرها، وقد اُنزلت لبيان رؤوس السور تيمناً، وللفصل بين السورتين، وهو مشهور بين الحنفية [8] . غير أن أكثر الحنفية ذهبوا الي وجوب قراءتها في الصلاة قبل الفاتحة، وذكر الزاهدي عن المجتبي أن وجوب القراءة في كل ركعة هي الرواية الصحيحة عن أبي حنيفة [9] . وأما مالك فقد ذهب الي كراهة قراءتها في نفسها، واستحبابها لأجل الخروج من الخلاف [10] . وفي هذه المسألة أقوال اُخر شاذة لا فائدة في التعرض لها، ولكن المهم بيان الدليل علي المذهب الحق ويقع ذلك في عدة اُمور:

ادلة جزئية البسملة للقرآن

احاديث أهل البيت

وهي الروايات الصحيحة المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام) الصريحة في ذلك [11] وبها الكفاية عن تجشم أي دليل آخر بعد أن جعلهم النبي (صلي الله عليه وآله) عدلاً للقرآن في وجوب التمسك بهم والرجوع اليهم [12] . ألف _ عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): إذا قمت للصلاة أقرأ «بسم الله الرحمن الرحيم» في فاتحة القرآن؟ قال: «نعم». قلت: فإذا قرأت فاتحة القرآن أقرأ «بسم الله الرحمن الرحيم» مع السورة؟ قال: نعم [13] . ب _ عن يحيي بن أبي عمران الهمداني قال: كتبت الي أبي جعفر (عليه السلام) جُعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ب_ «بسم الله الرحمن الرحيم» في صلاته وحده في اُم الكتاب، فلمّا صار الي غير اُم الكتاب من السورة تركها؟

فقال العباسي: ليس بذلك بأس، فكتب بخطه: «يعيدها _ مرتين _ علي رغم أنفه»، يعني العباسي [14] . ج _ وفي صحيحة ابن أبي اُذينة: «... فلما فرغ من التكبير والافتتاح أوحي الله اليه سمّ باسمي، فمن أجل ذلك جعل «بسم الله الرحمن الرحيم» في أول السورة، ثم أوحي الله اليه أن احمدني فلمّ_ا قال: الحمدلله ربّ العالمين، قال النبي (صلي الله عليه وآله) في نفسه: شكراً، فأوحي الله عزّوجل اليه قطعت حمدي فسمّ باسمي، فمن أجل ذلك جعل في الحمد: الرحمن الرحيم مرتين، فلمّ_ا بلغ «ولا الضالين» قال النبي (صلي الله عليه وآله): الحمد لله ربّ العالمين، شكراً، فأوحي الله اليه: قطعت ذكري فسمّ باسمي، فمن أجل ذلك جعل «بسم الله الرحمن الرحيم» في اول السورة، ثم أوحي الله عزّوجل اليه: إقرأ يا محمد نسبة ربّك تبارك وتعالي: (قل هو الله أحد - الله الصمد - لم يلد ولم يولد - ولم يكن له كفواً أحد) [15] .

احاديث أهل السنة

وقد دلت علي ذلك أيضاً روايات كثيرة من طرق أهل السُنّة نذكر جملة منها: ألف _ ما رواه أنس قال: بينا رسول الله (صلي الله عليه وآله) ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفي إغفاءة ثم رفع رأسه متبسماً، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: «اُنزلت عليّ آنفاً سورة» فقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر...)» [16] . ب _ ما أخرجه الدارقطني بسند صحيح عن علي (عليه السلام): أنه سئل عن السبع المثاني، فقال: (الحمد لله ربّ العالمين)، فقيل له: إنّما هي ست آيات؟! فقال: «بسم الله الرحمن الرحيم آية» [17] . ج _ ما أخرجه الدارقطني أيضاً بسند صحيح عن أبي هريرة

قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): «إذا قرأتم الحمد فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم فإنها اُمّ القرآن، واُمّ الكتاب، والسبع المثاني. وبسم الله الرحمن الرحيم إحدي آياتها» [18] . د _ ما أخرجه ابن خزيمة والبيهقي بسند صحيح عن ابن عباس قال: «السبع المثاني فاتحة الكتاب، قيل: فأين السابعة؟ قال: بسم الله الرحمن الرحيم» [19] . ه_ _ ما أخرجه ابن خزيمة والبيهقي في المعرفة بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «استرق الشيطان من الناس أعظم آية من القرآن: بسم الله الرحمن الرحيم» [20] . و _ ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتي تنزل بسم الله الرحمن الرحيم، فإذا نزلت بسم الله الرحمن الرحيم علموا أن السورة قد انقضت» [21] . ز _ ما رواه سعيد عن ابن عباس: «إن النبي (صلي الله عليه وآله) كان إذا جاءه جبرائيل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم علم أن ذلك سورة» [22] . ح _ ما رواه ابن جريج قال: «أخبرني أبي أن سعيد بن جبير أخبره، قال: ولقد آتيناك سبعاً من المثاني قال: هي اُمّ القرآن، قال أبي: وقرأ عليَّ سعيد بن جبير بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة. قال سعيد بن جبير: وقرأها عليَّ بن عباس كما قرأتها عليك، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة. قال ابن عباس: فأخرجها الله لكم وما أخرجها لأحد قبلكم» [23] . ط _ عن عبدالله بن عباس قال: (بسم الله الرحمن الرحيم) آية [24] . ي _ عن طلحة بن عبيدالله قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): «من ترك

(بسم الله الرحمن الرحيم) فقد ترك آية من كتاب الله» [25] . ك _ عن ابن عمر، قال: نزلت (بسم الله الرحمن الرحيم) في كل سورة [26] . ل _ عن ابن عباس قال: كان النبي (صلي الله عليه وآله) لا يعرف فصل السورة، وفي لفظ، خاتمة السورة حتي ينزل عليه (بسم الله الرحمن الرحيم). زاد البزار والطبراني: فإذا نزلت عرف أنّ السورة قد ختمت واستقبلت أو ابتدأت سورة اُخري [27] . م _ في رواية ابن مسعود: كنّا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتي تنزل: (بسم الله الرحمن الرحيم). ن _ قال سعيد بن جبير: في عهد النبي (صلي الله عليه وآله) كانوا لا يعرفون انقضاء السورة حتي تنزل: (بسم الله الرحمن الرحيم)، فإذا نزلت علموا أن قد انقضت السورة ونزلت اُخري [28] . س _ عن ابن عباس قال: سألت عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، لِمَ لم تُكتب في براءة (بسم الله الرحمن الرحيم)؟ قال: لأنّ (بسم الله الرحمن الرحيم) أمان، وبراءة نزلت بالسيف [29] . وليس بإزاء هذه الروايات إلاّ روايتان دلّتا علي عدم جزئية البسملة للسورة: احداهما: رواية قتادة عن أنس بن مالك، قال: صليت مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحداً منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم [30] . ثانيتهما: ما رواه ابن عبدالله بن مغفل يزيد بن عبدالله، قال: «سمعني أبي وأنا أقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: أي بني! إيّاك _ قال: ولم أرَ من أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله) كان أبغض اليه حدثاً في الاسلام منه _ فإني قد صليت مع رسول الله (صلي الله عليه

وآله) ومع أبي بكر وعمر، ومع عثمان فلم أسمع أحداً منهم يقولها، فلا تقلها. إذا أنت قرأت فقل: الحمد لله رب العالمين» [31] . والجواب عن الرواية الاُولي: _ مضافاً الي مخالفتها للروايات المأثورة عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) _ أنها لا يمكن الاعتماد عليها من وجوه: الوجه الأول: معارضتها بالروايات المتواترة معنيً، المنقولة عن طريق أهل السنة، ولا سيّما أن جملة منها صحاح الأسانيد، فكيف يمكن تصديق هذه الرواية؟ مع شهادة ابن عباس،وأبي هريرة، واُم سلمة علي أن رسول الله كان يقرأ البسملة ويعدّها آية من الفاتحة، وأن ابن عمر كان يقول: «لِمَ كتبت إن لم تُقرأ!» وأن علياً (عليه السلام) كان يقول: «من ترك قراءتها فقد نقص» وكان يقول: «هي تمام السبع المثاني». الوجه الثاني: مخالفتها لما اشتهر بين المسلمين من قراءتها في الصلاة، حتي أن معاوية تركها في صلاته في يوم من أيام خلافته، فقال له المسلمون: «أسرقتَ أم نسيت؟». ومع هذا، كيف يمكن التصديق بأن رسول الله (صلي الله عليه وآله) ومن بعده لم يقرأوها؟!. الوجه الثالث: مخالفتها لما استفاض نقله عن أنس نفسه: ألف _ روي قتادة عن أنس: أن قراءة رسول الله (صلي الله عليه وآله) كانت مداً، ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، يمدّ بسم الله، ويمدّ الرحمن، ويمدّ الرحيم [32] . ب _ وروي شريك عن أنس قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يجهر ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم). قال الحاكم: رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات. ج _ وروي العسقلاني قال: صليت خلف المعتمر بن سليمان ما لا اُحصي صلاة الصبح والمغرب فكان يجهر ب_ (بسم الله الرحمن

الرحيم) قبل فاتحة الكتاب وبعدها، وسمعت المعتمر يقول: ما آلو أن أقتدي بصلاة أبي، وقال أبي: ما آلو أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك، وقال أنس بن مالك: ما آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله (صلي الله عليه وآله). قال الحاكم: رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات [33] . والجواب عن الرواية الثانية: _ وهي رواية ابن عبدالله بن مغفل _ يظهر مما تقدم في الجواب عن الرواية الاُولي، علي أنها تضمنت ما يخالف ضرورة الإسلام، فإنه لا يشكّ أحد من المسلمين في استحباب التسمية قبل الحمد والسورة، ولو بقصد التيمن والتبرك، لا لأن البسملة جزء [34] فكيف ينهي ابن مغفل عنها بدعوي أنها حدث في الإسلام؟!.

سيرة المسلمين

لقد استقرت سيرة المسلمين علي قراءة البسملة في أوائل السور غير سورة براءة، وثبت بالتواتر أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) كان يقرأها، ولو لم تكن من القرآن للزم علي الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله) أن يصرح بذلك، فإن قراءته _ وهو في مقام البيان _ ظاهرة في أن جميع ما يقرأ قرآن، ولو لم يكن بعض ما يقرأ قرآناً، ثم لم يصرح بذلك لكان ذلك منه إغراء منه بالجهل وهو قبيح، وفي ما يرجع الي الوحي الإلهي أشد قبحاً، ولو صرّح الرسول (صلي الله عليه وآله) بذلك لنقل الينا بالتواتر مع أنه لم ينقل حتي بالآحاد.

مصاحف التابعين والصحابة

مما لا ريب فيه أن مصاحف التابعين والصحابة _ قبل جمع عثمان وبعده _ كانت مشتملة علي البسملة، ولو لم تكن من القرآن لما اثبتوها في مصاحفهم، فإن الصحابة منعت أن يدرج في المصحف ما ليس من القرآن، حتي أن بعض المتقدمين منعوا عن تنقيط المصحف وتشكيله. فإثبات البسملة في مصاحفهم شهادة منهم بأنها من القرآن كسائر الآيات المتكررة فيه. وما ذكرناه يبطل احتمال أن إثباتهم إياها كان للفصل بين السور. ويبطل هذه الدعوي أيضاً إثبات البسملة في سورة الفاتحة، وعدم إثباتها في أول سورة براءة. ولو كانت للفصل بين السور، لاثبتت في الثانية، ولم تثبت في الاُولي. وذلك يدلنا قطعاً علي أن البسملة آية منزلة في الفاتحة دون سورة براءة.

تواتر القول بجزئية «البسملة» من السورة في مدرسة الخلفاء

قال الرازي: إن النقل المتواتر ثابت، بأن (بسم الله...) كلام أنزله الله علي محمد (صلي الله عليه وآله) وبأنّه مثبت في المصحف بخطّ القرآن [35] . وقال: وكل ما ليس من القرآن [36] غير مكتوب بخطّ القرآن، ألا تري أنهم منعوا من كتابة أسامي السور في المصحف، ومنعوا من العلامات علي الأعشار والأخماس. والغرض من ذلك كلّه أن يمنعوا من أن يختلط بالقرآن ما ليس منه، فلو لم تكن التسمية من القرآن لما كتبوها بخطّ القرآن، ولمّا أجمعوا علي كتبها بخط القرآن علمنا أنها من القرآن [37] . وقال السيوطي في ردّ من أنكر تواتر جزئية البسملة من السورة: ويكفي في تواترها إثباتها في مصاحف الصحابة فمن بعدهم بخطّ المصحف مع منعهم أن يكتب في المصحف ما ليس منه، كأسماء السور وآمين والأعشار، فلو لم تكن قرآناً لما استجازوا إثباتها بخطّه من غير تمييز، لأن ذلك يحمل علي اعتقادها قرآناً، فيكونون مغررين بالمسلمين

حاملين لهم علي اعتقاده ما ليس بقرآن قرآناً، وهذا ممّا لا يجوز اعتقاده في الصحابة. فإن قيل: لعلها اُثبتت للفصل بين السور، اُجيب بأنّ هذا فيه تغرير ولا يجوز ارتكابه لمجرد الفصل، ولو كانت له لكتبت بين براءة والأنفال [38] . وقد أفرد عدّة من العلماء كتباً في وجوب قراءة البسملة، مثل: ألف _ كتاب البسملة لابن خزيمة (ت: 311 ه_). ب _ كتاب الجهر بالبسملة للخطيب البغدادي (ت: 463 ه_). ج _ كتاب الجهر بالبسملة لأبي سعيد البوشنجي (ت: 536 ه_). د _ كتاب الجهر بالبسملة لجلال الدين المحلي الشافعي (ت: 864 ه_). ه_ _ كتاب في «بسم الله الرحمن الرحيم» لعلي بن عبدالعزيز الدولابي من أصحاب الطبري المؤرخ. و _ وكتب الدارقطني (ت: 385 ه_) جزءً في البسملة وصحّحه [39] .

ادلة نفاة جزئية البسملة وردودها

واستدلّ القائلون بأن البسملة ليست جزءً من السورة بوجوه: الوجه الأول: إن طريق ثبوت القرآن ينحصر بالتواتر، فكل ما وقع النزاع في ثبوته فهو ليس من القرآن، والبسملة مما وقع النزاع فيها. والجواب: أولاً: إن كون البسملة من القرآن مما تواتر معناه عن النبي (صلي الله عليه وآله) كما تقدم عن كثير من أهل العلم، وقد تواتر عن أهل البيت (عليهم السلام) أيضاً ولا فرق في التواتر بين أن يكون عن النبي (صلي الله عليه وآله) وبين أن يكون عن أهل بيته الطاهرين بعد أن ثبت وجوب اتّباعهم. وثانياً: إن ذهاب الأقل من الفقهاء الي عدم كون البسملة من القرآن لشبهة لا يضرّ بالتواتر، مع شهادة جمع كثير من الصحابة بكونها من القرآن، ودلالة الروايات المتواترة عليه معنيً. وثالثاً: أنه قد تواتر أن النبي (صلي الله عليه وآله) قرأ البسملة حينما

يقرأ سورة من القرآن وهو في مقام البيان، ولم يبين أنها ليست منه، وهذا يدل دلالة قطعية علي أن البسملة من القرآن. نعم، لا يثبت بهذا أنها جزء من السورة. ويكفي لإثباته ما تقدم من الروايات، فضلاً عما سواها من الأخبار الكثيرة المروية من الطريقين. والجزئية تثبت بخبر الواحد الصحيح، ولا دليل علي لزوم التواتر فيها أيضاً. الوجه الثاني: ما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: قال الله تعالي: «قسّمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل: فإذا قال العبد: الحمدلله رب العالمين، قال الله تعالي: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثني عليّ عبدي وإذا قال: مالك يوم الدين، قال الله تعالي: مجّدني عبدي، وإذا قال العبد: إياك نعبد وإيّاك نستعين، قال الله تعالي: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل» [40] . وتقريب الاستدلال في هذه الرواية أنها تدل _ بظاهرها _ علي أن ما بعد آية «إياك نعبد وإياك نستعين» يساوي ما قبلها في العدد، ولو كانت البسملة جزءً من الفاتحة لم يستقم معني الرواية، وذلك: لأن سورة الفاتحة _ كما عرفت _ سبع آيات، فإن كانت البسملة جزءً كان ما بعد آية: «إياك نعبد وإياك نستعين» آيتين، ومعني ذلك إنما قبل هذه الآية ضعف ما بعدها، فالفاتحة لا تنقسم الي نصفين في العدد. والجواب عنه: أولاً: إن الرواية مروية عن العلاء، وقد اختلف فيه بالتوثيق والتضعيف [41] . ثانياً: أنه لو تمت دلالتها، فهي معارضة بالروايات الصحيحة المتقدمة الدالة علي

أن الفاتحة سبع آيات، مع البسملة لا بدونها. ثالثاً: أنه لا دلالة في الرواية علي أن التقسيم بحسب الألفاظ، بل الظاهر أنه بحسب المعني، فالمراد أن أجزاء الصلاة بين ما يرجع الي الرب وما يرجع الي العبد بحسب المدلول. رابعاً: أنه لو سلمنا أن التقسيم إنما هو بحسب الألفاظ فأي دليل علي أنه بحسب عدد الآيات، فلعله باعتبار الكلمات، فإن الكلمات المتقدمة علي آية «إياك نعبد وإياك نستعين» والمتأخرة عنها، مع احتساب البسملة وحذف المكررات عشر كلمات. الوجه الثالث: ما رواه أبو هريرة: «من أن سورة الكوثر ثلاث آيات [42] ، وأن سورة الملك ثلاثون آية» [43] فلو كانت البسملة جزءً منها، لزاد عددها علي ذلك. والجواب: إن رواية أبي هريرة في سورة الكوثر علي فرض صحة سندها معارضة برواية أنس، وقد تقدمت آنفاً، وهي رواية مقبولة روتها جميع الصحاح غير موطأ مالك [44] ، فرواية أبي هريرة مطروحة أو مؤولة بإرادة الآيات المختصة، فإن البسملة مشتركة بين جميع السور، وهذا هو جواب روايته في سورة الملك.

وجوب قراءة البسملة في الصلاة

والذي يطالع سيرة النبي (صلي الله عليه وآله) وعمل الصحابة والتابعين والجيل الأول من الفقهاء يتجلّي له بوضوح لزوم قراءة البسملة في الصلاة. وفي ذلك روايات وأخبار عديدة نقتصر علي أبرزها مثل: ألف _ عن اُم سلمة قالت: إن النبي (صلي الله عليه وآله) كان يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم - الحمدُ لله رب العالمين - الرحمن الرحيم - مالك يوم الدين - إياك نعبد وإياك نستعين - اهدنا الصراط المستقيم - صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالّين) [45] . وفي رواية، سُئلت اُم سلمة عن قراءة رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فقالت:

كان يُقطِّع قراءته آية آية: (بسم الله الرحمن الرحيم - الحمدُ لله رب العالمين - الرحمن الرحيم - مالك يوم الدين - إياك نعبد وإياك نستعين - اهدنا الصراط المستقيم - صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) [46] . ب _ عن ابن عباس قال: كان النبي (صلي الله عليه وآله) يفتتح صلاته ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) [47] . ج _ عن جابر، قال: قال لي رسول الله (صلي الله عليه وآله): كيف تقرأ إذا قمت الي الصلاة؟ قلت: أقرأ، الحمد لله ربّ العالمين، قال: (بسم الله الرحمن الرحيم) [48] . د _ عن نافع، أنّ ابن عمر كان إذا افتتح الصلاة يقرأ ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) في اُمّ القرآن وفي السورة التي تليها. ويذكر أنّه سمع ذلك من رسول الله (صلي الله عليه وآله) [49] . ه_ _ عن أبي هريرة أنّ النبي (صلي الله عليه وآله) كان إذا قرأ وهو يؤمّ الناس، افتتح ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم)، قال أبو هريرة: هي آية من كتاب الله، اقرأوا إن شئتم فاتحة الكتاب فإنّها الآية السابعة [50] . و _ عن قتادة، قال: سُئل أنس بن مالك، كيف كانت قراءة رسول الله (صلي الله عليه وآله)؟ قال: كانت مدّاً ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) يُمدّ (بسم الله) ويُمدّ (الرحمن) ويُمدّ (الرحيم) [51] . ز _ عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إذا قرأتم الحمد فاقرأوا (بسم الله الرحمن الرحيم)، إنّها اُمّ القرآن واُمّ الكتاب والسبع المثاني، و (بسم الله الرحمن الرحيم) إحدي آياتها [52] . وفي رواية: أنّ النبي (صلي الله

عليه وآله) كان يقول: «الحمدلله رب العالمين» سبع آيات، إحداهن: (بسم الله الرحمن الرحيم)... ويعدّه كالحديث السابق [53] . ح _ عن أبي هريرة قال: كنت مع النبي (صلي الله عليه وآله) في المسجد إذ دخل رجل يصلي، فافتتح الصلاة وتعوّذ، ثم قال: الحمدلله رب العالمين فسمع النبي (صلي الله عليه وآله) فقال له: يا رجل قطعت علي نفسك الصلاة، أما علمت أنّ (بسم الله الرحمن الرحيم) من الحمد؟ فمن تركها فقد ترك آية ومن ترك آية فقد أفسد عليه صلاته [54] . وعلي هذا جرت أقوال الصحابة والتابعين والفقهاء: ألف _ قال البيهقي، عن عبد خير قال: سئل علي (عليه السلام) عن السبع المثاني، فقال: الحمدلله، فقيل له: إنّما هي ستّ آيات، فقال: (بسم الله الرحمن الرحيم) آية [55] . ب _ وعن عليّ (عليه السلام) أنّه كان إذا افتتح السورة في الصلاة يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم)، وكان يقول: من ترك قراءتها فقد نقص، وكان يقول: هي تمام السبع المثاني [56] . ج _ وجاءت عن ابن عباس روايات متعددة في ذلك في بعضها بيان وتأكيد علي البعض الآخر، نذكر موجز روايتين منها: 1 _ قال: (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني) هي اُم القرآن، وأنّه قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) الآية السابعة، وقال: أخرجها _ الله _ لكم وما أخرجها لأحد قبلكم. قال الحاكم: صحيح علي شرط الشيخين، أي: البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأيّده علي ذلك الذهبي [57] . 2 _ قال: إن السبع المثاني هي فاتحة الكتاب، وأنّه قرأها ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) سبعاً، فسُئل الراوي هل أخبرك أنّه قال (بسم الله الرحمن الرحيم) آية من كتاب الله؟ قال: نعم، ثمّ

قال: قرأها ابن عباس ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) في الركعتين معاً [58] . د _ عن نافع عن عبدالله بن عمر، كان يفتتح اُم الكتاب ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) [59] ، وأنّه كان إذا افتتح الصلاة كبّر ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم - الحمدلله...)، فإذا فرغ قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم)، قال: وكان يقول: لم كتبت في المصحف إن لم تقرأ؟! [60] . ه_ _ عن محمد بن كعب القرظي، قال: فاتحة الكتاب سبع آيات ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) [61] . و _ وقال البيهقي: (وروينا) الجهر بها عن فقهاء مكّة، عطاء وطاووس ومجاهد وسعيد بن جبير [62] . ز _ في مصنف عبدالرزاق، باب قراءة البسملة: (... عن أبي وآخرين من الصحابة والتابعين أنّهم كانوا يقرأونها) [63] . وقد أجمع أتباع مدرسة أهل البيت تبعاً لأئمتهم في ما يروون عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) علي أنّ البسملة آية من كلّ سورة. وأنّ قراءتها واجبة في الحمد والسورة في كلّ صلاة. ويجب الجهر بها في الجهرية [64] .

وجوب الجهر بالبسملة في الصلاة

ألف _ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): علّمني جبرائيل الصلاة فقام فكبّر لنا ثمّ قرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم) فيما يجهر به في كلّ ركعة [65] . ب _ عن عائشة، أنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) كان يجهر ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) [66] . ج _ عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كان النبيّ (صلي الله عليه وآله) يجهر ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) في السورتين جميعاً [67] . د _ عن أبي الطفيل قال: سمعتُ عليّ بن أبي

طالب وعمّاراً يقولان: إنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) كان يجهر في المكتوبات ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) في فاتحة الكتاب [68] . ه_ _ عن أبي هريرة قال: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يجهر ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) في الصلاة، فترك الناس ذلك [69] . ز _ عن أبي الطفيل قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يجهر ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) [70] . ح _ عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يجهر ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) [71] . ط _ عن ابن عمر، قال: صلّيتُ خلف النبي (صلي الله عليه وآله) وأبي بكر وعمر فكانوا يجهرون ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) [72] . ي _ عن محمد بن أبي السري العسقلاني، قال: صليتُ خلف المعتمر بن سليمان مالا اُحصي صلاة الصبح والمغرب، فكان يجهر ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) قبل فاتحة الكتاب وبعدها. وسمعت المعتمر يقول: ما آلوا أن أقتدي بصلاة أبي، وقال أبي: ما آلوا أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك، وقال أنس بن مالك: ما آلوا أن أقتدي بصلاة رسول الله (صلي الله عليه وآله) [73] . ك _ روي الحاكم عن أنس قال: صليت خلف النبي (صلي الله عليه وآله) وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف عليّ فكلّهم كانوا يجهرون بقراءة (بسم الله الرحمن الرحيم). قال الحاكم: (إنّما ذكرت هذا الحديث شاهداً لما تقدمه، ففي هذه الأخبار التي ذكرناها معارضة لحديث قتادة الذي يرويه أئمتنا عنه، وقد بقي في الباب عن أمير المؤمنين عثمان) وذكر أسماء جمع من الصحابة ترك إيراد حديثهم وقال: (كلّها مخرجة

عندي إيثاراً للتخفيف...) [74] . وبالاضافة الي الروايات السابقة التي رويت عمن صلّي خلف النبيّ (صلي الله عليه وآله) والخلفاء وأجهروا بالبسملة، في ما يأتي روايات عمن صلّي خلف بعض الخلفاء وسمعهم يجهرون بالبسملة: 1 _ عمر بن الخطاب: روي عبدالرحمن بن أبزي وقال: صلّيتُ خلف عمر بن الخطاب فجهر ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) [75] . 2 _ الإمام علي بن أبي طالب: روي الشعبي وقال: رأيت علي بن أبي طالب وصلّيت وراءه فسمعته يجهر ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم). وفي تفسير الرازي بسنده أنّ الإمام عليّاً كان إذا افتتح السورة في الصلاة يقرأ (بسم الله...)، وكان يقول من ترك قراءتها فقد نقص [76] . 3 _ عبدالله بن الزبير: روي الأزرق بن قيس وقال: صلّيت خلف ابن الزبير فقرأ فجهر ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم). قال البيهقي: وروينا عن أبي هريرة بإسناد صحيح عنه [77] . ويتبع هذا الباب ما جاء في تفسير ابن كثير، قال: وروي النسائي في سننه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في مستدركه عن أبي هريرة أنّه صلّي فجهر بقراءته بالبسملة، وقال _ بعد أن فرغ _: إنّي لأشبهكم صلاة برسول الله (صلي الله عليه وآله) وصحّحه الدارقطني والخطيب والبيهقي وغيرهم [78] . وروي الدارقطني في سننه عن يحيي بن حمزة قال: صلّي بنا المهدي المغرب فجهر ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم)، قال: فقلت: يا أمير المؤمنين ما هذا؟ فقال: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن ابن عباس: إن النبي (صلي الله عليه وآله) جهر ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم). قال: فقلت: نأثره عنك؟ قال: نعم [79] . وإضافة الي ذلك روي البيهقي عن ابن عباس

أنّ النبي (صلي الله عليه وآله) كان يستفتح القراءة ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم)، يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) في الصلاة، يعني كان يجهر بها. قال: وله شواهد عن ابن عباس ذكرناها في الخلافيات [80] . ويؤيّد قول البيهقي (يستفتح القراءة... يعني كان يجهر بها)، ما رواه هو والذهبي عن ابن شهاب أنّه قال: من سنّة الصلاة أن يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم)، ثمّ فاتحة الكتاب، ثمّ يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم)، ثم يقرأ سورة، فكان ابن شهاب يقرأ أحياناً بسورة مع فاتحة الكتاب يفتتح كلّ سورة منها ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم)، وكان يقول: أول من قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) سرّاً بالمدينة عمرو بن سعيد بن العاص وكان رجلاً حييّاً [81] . فإنّ ابن شهاب لما قال: «يفتتح كلّ سورة منها ب_ «بسم الله...» وأوّل من قرأ بسم الله... سرّاً بالمدينة عمرو»، جعل «يفتتح كل سورة» مقابل «قرأ سرّاً». وبناءً علي هذا، كلّ ما جاء في الحديث: «يفتتح، أو يستفتح القراءة بالبسملة»، يعني يقرأُها جهراً مثل الرواية الآتية: عن بكر بن عبدالله قال: كان ابن الزبير يستفتح القراءة في الصلاة ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) ويقول: ما يمنعهم منها إلاّ الكبر [82] .

معاوية منشأ الخلاف في القضية

مع كلّ تلكم الروايات الصحيحة والموثقة والصريحة بأنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) والخلفاء وجمع من الصحابة والتابعين أجهروا بقراءة البسملة في الصلاة وقالوا إنّها جزء من الحمد وأمروا بقراءتها الي زمن فقهاء الحرمين، نجد في كتب صحاح الحديث روايات تناقض الروايات المتواترة السابقة مثل رواية مسلم في صحيحه والنسائي في سننه وأحمد في مسنده عن قتادة عن أنس بن مالك، قال: صلّيت مع رسول الله (صلي الله

عليه وآله) وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحداً منهم يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) [83] . ومثل ما رواه الثلاثة _ أيضاً _: عن أنس أنه قال: صليت خلف النبي (صلي الله عليه وآله) وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله ربّ العالمين لا يذكرون (بسم الله الرحمن الرحيم) في أول قراءة، ولا في آخرها [84] . وما رواه الترمذي في سننه وأحمد في مسنده عن يزيد بن عبدالله، قال: سمعني أبيوأنا أقول: (بسم الله الرحمن الرحيم)، فقال: أيّ بني إياك! قال: ولم أر أحداً من أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله) ومع أبي بكر وعمر ومع عثمان فلم أسمع أحداً منهم يقولها فلا تقلها. إذا أنت قرأت فقل: الحمدلله ربّ العالمين [85] . وعبدالله المذكور هو الصحابي عبدالله بن مغفل المزني، سكن المدينة ثم بعثه عمر عاشر عشرة الي البصرة ليفقهوا الناس، توفي سنة (59 أو 60 ه_) في البصرة أيام ولاية ابن زياد، ترجمته في الاستيعاب واُسد الغابة والإصابة وابنه الراوي عنه مجهول الحال عندنا. من الطبيعي أن يؤدي تناقض الروايات الآنفة في شأن البسملة الي اختلاف مدرسة الخلفاء في وجوب قراءة البسملة أو عدمه، وفي الجهر بها أو عدمه. فقد قال الشافعي: إنّها آية من أوّل سورة الفاتحة ويجب قراءتها معها. وقال مالك والأوزاعي: أنّه ليس من القرآن ولا يقرأ لا سرّاً ولا جهراً إلاّ في قيام شهر رمضان. وقال أبو حنيفة: تقرأ ويسرّ بها، ولم يقل: إنّها آية من السورة أم لا. قال يعلي: سألت محمد بن الحسن عن (بسم الله...) فقال: ما بين الدفتين قرآن، قال: قلت فلم تسرّه _ أي تقرأُه سرّاً _ قال: فلم يجبني

[86] . وهذه الأحاديث التي رويت مناقضة لروايات وجوب قراءة البسملة علل تكشف عن عدم صحتها. وقد أفاض القول في دراية أحاديث البسملة، كل من البيهقي في سننه والحاكم في مستدركه والرازي في تفسيره، كل واحد منهم تحدث باسلوبه الخاص به. وأشار إليها الذهبي في تلخيص المستدرك، وأقام الشافعي الدليل علي ما اختاره في كتاب الاُم. وإذا بحثنا عن منشأ اختلاف الروايات في قراءة البسملة؛ أدركنا بعد دراسة بعض الملابسات التي حصلت في قراءتها اُسّ علل الروايات المناقضة للروايات المتواترة في وجوب قراءتها.

منشأ تناقض الروايات في البسملة

ألف _ روي الشافعي في الاُمّ والحاكم في المستدرك بسندين والبيهقي في سننه بثلاثة أسانيد، وتبعهم الرازي والسيوطي في تفسيرهما، عن أنس بن مالك واللفظ للحاكم: أنّ أنس بن مالك قال: صلّي معاوية بالمدينة صلاة، فجهر فيها بالقراءة، فقرأ فيها (بسم الله الرحمن الرحيم) لاُمّ القرآن ولم يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) للسورة التي بعدها حتي قضي تلك القراءة، فلمّا سلّم ناداه من سمعه ذلك من المهاجرين والأنصار من كلّ مكان، يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت؟ فلما صلّي بعد ذلك قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) للسورة التي بعد اُمّ القرآن وكبّر حين يهوي ساجداً. هذا حديث صحيح علي شرط مسلم... قال الحاكم _ أيضاً _ وهو علّة لحديث شعبة وغيره من قتادة علي علوّ قدره، يدلّس ويأخذ عن كلّ أحد وإن كان قد أدخل في الصحيح حديث قتادة، فإنّ في ضدّه شواهد، أحدها ما ذكرناه، ومنها...، ثمّ ذكر الأحاديث التي رواها في قراءة البسملة والتي ذكرناها سابقاً. وقد أيّد الذهبي قول الحاكم في قتادة، وقال: (فإنّ قتادة يدلّس). وقال الرازي بعد ذكر الحديث: وهذا الخبر يدلّ علي اجماع الصحابة رضي

الله عنهم علي أنّه من القرآن ومن الفاتحة، وعلي أ نّ الأولي الجهر بها [87] . ب _ روي البيهقي بثلاثة أسانيد والشافعي بسندين عن عبدالله ابن عثمان عن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه: أن معاوية قدم المدينة فصلّي بهم فلم يقرأ ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) ولم يكبّر إذا خفض وإذا رفع، فناداه المهاجرون حين سلّم والأنصار: _ أن _ يا معاوية! أسرقت صلاتك! أين (بسم الله الرحمن الرحيم)؟ وأين التكبير إذا خفضت ورفعت؟ فصلّي بهم صلاة اُخري، فقال: ذلك فيها الذي عابوا عليه [88] .

الصلاة التي لم يقرأ فيها معاوية البسملة

قال عبدالله بن أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد: إنّ معاوية صلّي بالمدينة للناس العتمة، فلم يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم)، فلما انصرف ناداه من سمع ذلك من المهاجرين والأنصار، فقالوا: يا معاوية! أسرقت الصلاة أم نسيت؟ أين (بسم الله الرحمن الرحيم)... الحديث [89] . إن هذا الخبر يوضّح لنا ما غمض من بعض الروايات التي سبق إيرادها، منها قول ابن الزبير: ما يمنعهم منها إلاّ الكبر. وقول ابن شهاب: أول من قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) سرّاً بالمدينة عمرو بن سعيد بن العاص، وكان رجلاً حيياً [90] . لست أدري ممّ حياؤه في الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية التي يقرأ فيها الحمد والسورة جهراً؟ لعلّه الحياء من معاوية وعصبة الاُمويين أن يجهر بها مع ما بدر من معاوية من عدم قراءتها، والحياء من المهاجرين والأنصار أن يترك قراءتها. ومنها قول ابن عباس كما نقله السيوطي في الاتقان، قال: أخرج ابن خزيمة والبيهقي في المعرفة بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: استرق الشيطان من الناس أعظم

آية من القرآن: (بسم الله الرحمن الرحيم) [91] . وفي لفظ البيهقي في السنن: أنّ الشيطان استرق من أهل القرآن أعظم آية في القرآن [92] . وقال يحيي بن جعدة: قد اختلس الشيطان من الأئمة آية (بسم الله...) [93] . وكان الزهري يفتتح ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) ويقول: آية من كتاب الله تعالي تركها الناس [94] . يقصدون من سرقة الشيطان البسملة واختلاسه إيّاها، ترك الناس إيّاها في الصلاة. إذا جمعنا الروايات في البسملة وأخبارها، بعضها الي بعض، نري فيها مصداق قول ابن عباس كالآتي: كان المسلمون في الحرمين الشريفين مذ عصر الرسول (صلي الله عليه وآله) حتي خلافة معاوية يقرأون البسملة مع السور، كما يكتبونها كذلك في المصاحف، وكان معاوية لا يقرأُها مع السورة في الصلاة وهو خليفة المسلمين بالشام، فلمّ_ا جاء الي المدينة وأمّ المهاجرين والأنصار بمسجد الرسول (صلي الله عليه وآله) تركها في الصلاة علي عادته، فناداه من سمعه من المهاجرين والأنصار من كلّ مكان: «أسرقت الصلاة أم نسيت؟» فلما صلّي بعد ذلك قرأ البسملة للسورة وكان ذلك في المدينة، ويظهر من استعراض الأخبار أنّه عاد الي تركها في صلاته بالشام وتبعه علي ذلك الخلفاء من آل اُمية من بعده. ويقول ابن الزبير في وصف فعلهم: (ما يمنعهم إلاّ الكبر)، ويقول ابن عمر محتجّاً عليهم (لم كتبت في المصحف إن لم تقرأ)؟! واستمرّ علي قراءتها أهل الحرمين فلما ولي عمرو بن سعيد بن العاص الاُموي والي الحرمين، كان أوّل من قرأها سرّاً في المدينة، راعي في قراءته كرامة معاوية من جانب ورأي المهاجرين والأنصار والتابعين من جانب آخر. ثم قويت شوكة الاُمويين بعد قتل منافسهم ابن الزبير بمكة. ورويت بعض الأحاديث

تأييداً لمعاوية وصوناً لكرامته. واختلف المسلمون في مدرسة الخلفاء بعد ذلك، فمنهم من يقرأُها، ومنهم من اتّبع سنّة معاوية وترك قراءتها سواء من كان منهم في الحرمين الشريفين أم في غيرها.

خلاصة البحث

وهكذا عرفنا أن البسملة آية وجزء من كل سورة، وإيرادها في الصلاة في أول الحمد والسورة واجب، وبنحو الجهر في الصلاة الجهرية، وعلي هذا جرت سيرة الرسول (صلي الله عليه وآله) والصحابة، وإن منشأ الخلاف في هذه المسألة هو معاوية بن أبي سفيان حينما كان يصلي في الشام بلا بسملة، وقد صلي في المدينة أيضاً ذات مرّة بلا بسملة فأنكر عليه المسلمون بقولهم: أسرقت الصلاة أم نسيت؟ وانكارهم هذا خير دليل علي ثبوت سيرة المسلمين في الصدر الأول علي جزئية البسملة بلا ريب ولا ترديد، وأن معاوية هو منشأ الخلاف فيه.

پاورقي

[1] البحث مستفاد بنحو أساسي من كتاب البيان في تفسير القرآن لآية الله السيد الخوئي: 438 _ 448، وكتاب القرآن الكريم وروايات المدرستين للعلامة السيد مرتضي العسكري: 2 / 37 _ 67.

[2] تفسير الآلوسي: 1/39.

[3] تفسير الشوكاني: 1/7.

[4] تفسير ابن كثير: 1/16.

[5] تفسير الخازن: 1/13.

[6] الاتقان، النوع: 22 _ 27 ج 1 ص 270.

[7] تفسير الآلوسي: 1/39.

[8] المصدر السابق.

[9] المصدر السابق. [

[10] الفقه علي المذاهب الأربعة: 1/257.

[11] وللاطلاع علي الروايات المذكورة يراجع فروع الكافي باب قراءة القرآن: 86، والاستبصار باب الجهر بالبسملة: 1/311، والتهذيب باب كيفية الصلاة وصفتها 1/153، 218، ووسائل الشيعة باب أن البسملة آية من الفاتحة: 1/352.

[12] تقدم بعض مصادر هذا البحث في الصفحة: 18، 398 من كتاب البيان في تفسير القرآن لآية الله السيد الخوئي.

[13] الكافي: 3/312 ط دار الكتب الإسلامية.

[14] الكافي: 3 /313.

[15] الكافي ج 3 ص 485.

[16] صحيح مسلم باب حجة من قال: البسملة آية 2/12، وسنن النسائي باب قراءة البسملة: 1/143، وسنن أبي داود باب الجهر بالبسملة: 1/125.

[17] الاتقان، النوع 22 _ 27 ج1 ص 136، ورواهما

البيهقي في سننه باب الدليل علي أن البسملة آية تامة: 2/45.

[18] المصدر السابق.

[19] المصدر السابق، ورواه الحاكم في المستدرك: 1/551.

[20] الاتقان: 1/ 135، ورواه البيهقي في سننه باب افتتاح القراءة في الصلاة: 2/50.

[21] مستدرك الحاكم 1/232 قال الحاكم: هذا صحيح علي شرط الشيخين.

[22] مستدرك الحاكم 1/231.

[23] مستدرك الحاكم / فضائل القرآن: 550.

[24] الدر المنثور: 1/7، عن ابن الضريس.

[25] الدر المنثور: 1/7 عن الثعلبي.

[26] الدر المنثور: 1/7، عن الواحدي.

[27] سنن ابي داود، كتاب الصلاة، باب من جهر بها: 1/209؛ وسنن البيهقي: 2/43؛ ومستدرك الحاكم: 1/232، وقال هذا حديث صحيح ولم يخرجاه. وقال الذهبي: أما هذا فثابت؛ وراجع مجمع الزوائد للهيثمي: 6/310؛ وفي الدر المنثور: 1/7، عن الطبراني والبيهقي.

[28] رواية ابن مسعود في الدر المنثور: 1/7، عن البيهقي في شعب الايمان. والواحدي وخبر سعيد بن جبير فيه عن ابي عبيد ومصنف عبدالرزاق: 2/92.

[29] الدر المنثور بتفسير سورة التوبة اخرج ابو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس.

[30] مسند احمد: 3/177، 273، 278. وصحيح مسلم باب حجة من لا يجهر بالبسملة: 2/12، وسنن النسائي باب ترك الجهر بالبسملة: 1/144. وروي قريباً منه عن عبدالله ابن مغفل.

[31] مسند احمد: 4/85، ورواه الترمذي باختلاف يسير في باب ما جاء في ترك الجهر بالبسملة: 2/43.

[32] سنن البيهقي _ باب افتتاح القراءة في الصلاة ب_ (بسم الله): 2/46، والمستدرك، حديث الجهر ب_ (بسم الله): 1/233.

[33] المستدرك: 1 / 233 - 234.

[34] التفسير الكبير: 1/209.

[35] تفسير الرازي: 1/195.

[36] في النسخة (من القرآن فإنه غير مكتوب) خطأ مطبعي، والصواب ما اثبتناه.

[37] تفسير الرازي: 1/197.

[38] الاتقان للسيوطي: 1 / 80.

[39] أ _ في الدر المنثور: 1/7، واخرج سعيد بن منصور في سننه، وابن خزيمة في كتاب

البسملة والبيهقي عن ابن عباس قال: استرق الشيطان من الناس... الحديث ب _ في ترجمة الخطيب البغدادي من طبقات الشافعية للشيخ جمال الدين عبدالرحيم بن حسن الأشنوي (ت: 772 ه_)، 1 / 201، سمي من تصانيفه: الجهر بالبسملة. ج _ في مادة الجهر من ذيل كشف الظنون: 1/388 (الجهر بالبسملة) لأبي سعيد اسماعيل بن عبدالواحد البوشنجي الهروي الشافعي. د _ في مادة الجهر من كشف الظنون: 1/623، الجهر بالبسملة لجلال الدين محمد بن احمد المحلي الشافعي. ه_ _ فهرست النديم: 299. و _ قال القرطبي بتفسير البسملة من تفسيره 1/95، روي جماعة قرآنيتها، وقد تولّي الدارقطني جمع ذلك في جزء وصححه. وذكره الدارقطني في سننه: 1/311.

[40] صحيح مسلم باب قراءة الفاتحة في كل ركعة: 2/9، وسنن ابي داود _ باب من ترك القراءة في صلاته: 1/130، وسنن النسائي باب ترك قراءة البسملة في فاتحة الكتاب: 1/144.

[41] انظر ترجمته في تهذيب التهذيب: 8/335 _ 336.

[42] لم أعثر علي هذه الرواية في كتب الروايات.

[43] مستدرك الحاكم: 1/565، وصحيح الترمذي باب ما جاء في فضل سورة الملك: 11/30، وكنز العمال، فضائل السور والآيات: 1/516، 525.

[44] تيسير الوصول: 1/199.

[45] مستدرك الحاكم وتلخيصه: 2/232، ولفظه: يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم - الحمدلله رب العالمين) يقطعها حرفاً حرفاً. قال الحاكم: هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه. وأيّده الذهبي في تلخيصه والفخر الرازي، أخرجها بسندين في تفسيره: 1/19.

[46] مسند أحمد: 6/302؛ وسنن أبي داود: 4/371،كتاب القراءات والحروف؛ وسنن البيهقي: 2/44، وفي 53 منه بايجاز. وأضاف السيوطي في الدر المنثور: 1/7 وقال: أخرج أبو عبيد وابن سعد في الطبقات وابن أبي شيبة وابن خزيمة وابن الأنباري في المصاحف والدارقطني والخطيب وابن

عبدالبر، كلاهما في كتاب المسألة عن اُم سلمة... وفي آخره: وعدّ (بسم الله الرحمن الرحيم) آية.

[47] سنن الترمذي: 2/44، أبواب الصلاة، باب ما جاء في الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. والدر المنثور: 1/8، عن الدارقطني وأبي داود كتاب الصلاة، باب من جهر بها _ البسملة _ ح: 778، 1/209.

[48] في الدر المنثور: 1/8، عن الدارقطني والبيهقي في شعب الإيمان.

[49] سنن البيهقي: 2/47؛ والسيوطي: 1/8 عن الطبراني في الأوسط والدارقطني والبيهقي واللفظ للسيوطي لإيجازه. وفي لفظ البيهقي: أنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) كان إذا افتتح الصلاة يبدأ ببسم الله...

[50] في سنن البيهقي: 2/47 وفي الدر المنثور: 1/3 نقله عن الدارقطني _ أيضاً _.

[51] صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب مدّ القراءة: 3/156؛ وسنن البيهقي، باب افتتاح القراءة في الصلاة ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم) والجهر بها إذا أجهر بالفاتحة: 2/43.

[52] الحديثان بسنن البيهقي: 2/45 وفي الدر المنثور: 1/3، قال عن الحديث الأوّل: أخرج الدارقطني وصحّحه، وقال عن الحديث الثاني: أخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه في تفسيره.

[53] الحديثان بسنن البيهقي: 2/45 وفي الدر المنثور: 1/3، قال عن الحديث الأوّل: أخرج الدارقطني وصحّحه، وقال عن الحديث الثاني: أخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه في تفسيره ونقل الأوّل بايجاز، كلّ من الرازي في تفسيره: 1/196؛ والمتقي في كنز العمال، ط. الثانية: 1/497؛ والسيوطي في الإتقان: 1/81.

[54] في الدر المنثور: 1/7 قال: اخرجه الثعلبي....

[55] في سنن البيهقي: 2/45؛ والدر المنثور: 1/3، قال: أخرج الدارقطني والبيهقي بسند صحيح والاتقان: 1/81 وكنز العمال: 1/191.

[56] في الدر المنثور: 1/7، قال: أخرج الثعلبي عن علي (عليه السلام) الحديث، وكنز العمال: 2/191، 375.

[57] مستدرك الحاكم وتلخيصه: 1/550 _ 551؛ وكنز العمال: 2/192.

[58]

مستدرك الحاكم وتلخيصه: 1/551 وسنن البيهقي: 2/47 _ 48. وباقي روايات ابن عباس، فقد أخرج الحاكم في باب فضائل القرآن من مستدرك الحاكم: 1/550 _ 552، سبعاً منها. وقال السيوطي في الإتقان: 1/80 _ 81: أخرج ابن خزيمة والبيهقي بسند صحيح وفي الاُم للشافعي: 1/107.

[59] سنن البيهقي: 2/48، 49.

[60] سنن البيهقي: 2/44؛ والدر المنثور: 1/7. وفي رواية أنّ العبادلة، أبناء عباس وعمر ?والزبير كانوا يجهرون بها.

[61] في الدر المنثور: 1/8، عن أبي عبيد.

[62] سنن البيهقي: 2/50.

[63] المصنف، كتاب الصلاة، باب قراءة (بسم الله الرحمن الرحيم)، 1/90 _ 91.

[64] الخلاف للشيخ الطوسي: 1/328، جواهر الكلام: 9/296 وقد مرّت الإشارة الي مصادر روايات أهل البيت في ذلك في الهامش الثامن من الصفحة السادسة.

[65] في الدر المنثور: 1/7، قال أخرجه الدارقطني، وعلي هذه الرواية يحمل ما رواه الدارقطني عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): «أ مَّني جبرائيل (عليه السلام) عند الكعبة فجهر ب_ (بسم الله الرحمن الرحيم)».

[66] في الدر المنثور: 1/8، قال: أخرج الدارقطني عن عائشة. وفي الثانية عن عليّ (عليه السلام).

[67] في الدر المنثور: 1/8، قال: أخرج الدارقطني عن عائشة. وفي الثانية عن عليّ (عليه السلام).

[68] في الدر المنثور: 1/8، قال: أخرج البزار والدارقطني والبيهقي في شعب الإيمان من طريق أبي الطفيل.

[69] سنن البيهقي: 2/47؛ وفي مستدرك الحاكم: 1/232؛وفي الدر المنثور: 1/8 عنهما وعن الدارقطني، ولفظهم: الي... فترك الناس ذلك.

[70] في الدر المنثور: 1/8، قال: أخرج الطبراني والدارقطني والبيهقي في شعب الإيمان عن طريق أبي الطفيل....

[71] مستدرك الحاكم: 1/233، وقال: رواة الحديث عن آخرهم ثقات، وأ يّده الذهبي في تلخيصه، ورواه في الدر المنثور عن الدارقطني أيضاً.

[72] في الدر المنثور: 1/8،

عن الدارقطني.

[73] مستدرك الحاكم وتلخيصه: 1/234، وقال الحاكم: رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، وأ يّده الذهبي.

[74] مستدرك الحاكم 1/234، وكذّب الخبر الذهبي في تلخيصه اعتباطاً دون أن يذكر للحديث علّة من ضعف السند وما شابهه وفي الباب عن الحكم بن عمير أو عمرو الثمالي، وكان بدريّاً، أنّه صلي خلف النبي (صلي الله عليه وآله) صلاة الليل والغداة والجمعة فأجهر بالبسملة. رواه عنه بترجمة الحكم في اُسد الغابة: 2/37، وقال: (يعدّ في الشاميين، سكن حمص). ونقله السيوطي عن الدارقطني في الدر المنثور: 1/8؛ ونقل الرواية _ أيضاً _ ابن حجر بترجمة موسي بن أبي حبيب في لسان الميزان: 6/115.وإنّما تركناه لأنّهم تكلّموا في رواية موسي بن أبي حبيب. وكذلك تركنا حديث الصحابي بريدة في الدر المنثور: 1/7، عن أبي حاتم والطبراني والدارقطني والبيهقي في سننه: (أ نّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) سأله عما يفتتح به من القرآن في الصلاة، فقال: بسم الله... فقال النبي (صلي الله عليه وآله) له: هي هي)، لأن السيوطي ضعّف سنده.

[75] سنن البيهقي: 2/48.

[76] المصدر السابق: 2/49؛ وفي تفسير الرازي: 1/196.

[77] المصدر السابق: 2/49.

[78] تفسير ابن كثير: 1/16.

[79] سنن الدارقطني: 1/203 و 204.

[80] سنن البيهقي: 2/47، وقال في كشف الظنون: 721 وخلافيات البيهقي جمع فيه المسائل الخلافية بين الشافعي وأبي حنيفة. ورواه الشافعي في الاُم: 1/107، الي قوله: يفتتح القراءة.

[81] سنن البيهقي: 2/50 وتذكرة الحفاظ: 1/110 والدر المنثور: 1/8. وقول ابن شهاب من سنّة الصلاة، أي: من سنّة رسول الله (صلي الله عليه وآله) في الصلاة.

[82] سنن البيهقي: 2/49.

[83] صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب حجّة من قال لا يجهر بالبسملة، الحديث رقم 50 و52 وسنن النسائي، باب ترك الجهر بالبسملة

من كتاب افتتاح الصلاة: 1/144 ومسند أحمد: 3/177 و 273 و 278.

[84] صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة الحديث 52 وسنن النسائي، كتاب افتتاح الصلاة الباب 20 ومسند أحمد: 3/203 و 205 و 223 و 255 و273 و 278 و 286 و 289.

[85] راجع سنن الترمذي: 2/43؛ ومسند أحمد: 4/85؛ والمصنف لعبدالرزاق: 2/88.

[86] راجع أقوال العلماء المذكورين في بحوث من تفسير الرازي: 1/194 وكتاب الاُم للشافعي: 1/107، ومختصر المزني: 14؛ والعدّة للصنعاني: 2/410 والاتقان في علوم القرآن _ طبعة بيروت: 1/78 _ 79، والبيان للسيد الخوئي ط3 ص 467 _ 468 و 552؛ والمنتقي: 1/151، وسُبل السلام في شرح بلوغ المرام للكحلاني: 1/172.

[87] الاُم للشافعي: 1/108؛ ومستدرك الحاكم وتلخيصه للذهبي: 1/233؛ وسنن البيهقي: 2/49 _ 50؛ وتفسير الرازي: 1/198 _ 199؛ والدر المنثور: 1/8.

[88] سنن البيهقي: 2/49 _ 50؛ والشافعي في الاُم: 1/108.

[89] المصنف لعبدالرزاق: 2/92؛ وراجع كنز العمال ج4، الحديث 4494 وعتمة الليل: ظلامه، ظلام أ وّله بعد زوال نور الشفق، يقصد أنّه صلّي صلاة المغرب وهي جهرية فلم يقرأ بها البسملة.

[90] تذكرة الحفاظ: 1/110 وحذف الذهبي جملة: (وكان رجلاً حيياً).

[91] الاتقان: 1/80، وقال في الدر المنثور: 1/7 وأخرج سعيد بن منصور في سننه وابن خزيمة في كتاب البسملة والبيهقي عن ابن عباس... الحديث.

[92] سنن البيهقي: 2/50 ؛ وراجع قول مجاهد في مصنف عبدالرزاق: 2/92.

[93] المصنف لعبد الرزاق: 2/91.

[94] وكان يقول: من سنّة الصلاة أن يقرأ «بسم الله الرحمن الرحيم» ثم فاتحة الكتاب ثم «بسم الله الرحمن الرحيم» ثم سورة. تذكرة الحفاظ: 1/110 ومصنف عبدالرزاق: 2/91.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.