ام المؤمنين تأكل أولادها

اشارة

مؤلف: فياض، نبيل
موضوع اصلي: زندگاني
موضوع فرعي:
زبان: عربي
نوع مدرك: كتاب چاپي
محل نشر: لبنان، بيروت
ناشر: فياض، نبيل
تاريخ نشر: ١٩٩٩ م
نوبت چاپ: اول
تعداد صفحات: ٢٠٠
قطع و اندازه: وزيري
نوع جلد: شوميز
محل در كتابخانه: ٥٤/٦/٠/٣٥
شماره اختصاصي: « ١٥٠٨٧ »

صفحة لابد منها

قبل الدخول في «ساحة وغي» هذا الكتاب الشائك، لابد من التوقف عند بعض التوضيحات الذاتية لازالة كل لبس أو شك أو ريبة من نفوس الموضوعيين، و اغلاق أبواب الدس علي المغرضين، الذين نالنا ما يكفي من سهامهم بعد كل كتاب نقدم عليه أو نقترفه؛ و نبدأ ذلك بسرد الحادثة الشخصية التالية: فقبل سنوات، و كنت أعمل علي تلخيص ما يهمني من أمهات كتب التراث الاسلامي في واحدة من أشهر المكتبات العامة في دمشق، تفاجأت بأحد القائمين علي العمل في تلك المكتبة ممسكا بأحد أعمالي، محاولا التأكد من صدقية مصادري. تعرفت بالرجل، الذي ينتمي الي التيار السلفي؛ دارت بيننا حوارات غير مطولة، لكنها مفيدة، أوحت الي بضرورة الاستمرار في نبش التراث الاسلامي لأنه المسؤول الأول و الأخير عن تشوينها دينا و حضارة و نفوسا و تاريخا؛ و في أحد تلك الحوارات، أبديت استغرابي من الاساءات التي تلحقها كتب التراث بالنبي محمد و أهله و أصحابه، و أشرت تحديدا الي حوادث من نمط قتل العرنيين بعد سمل أعينهم و قطع أيديهم و أرجلهم أو قتل بعض الاشخاص رغم تعلقهم بأستار الكعبة أو التصرفات الأخلاقية أو الجنسية المشينة - المعزوة كلها زورا، برأينا، للنبي! و كان رد السلفي المثقف بأنكم، معشر اليسار، تريدون نبيا علي شاكلة جماعات الخضر و البيئة و الديمقراطية و حقوق الانسان!! و نبينا لم يكن كذلك!! نبينا كان يقتل و يسمل الأعين و يحب النساء... نبينا ليس كما ترون!!! و راح الرجل يكيل التهم بأن ما نقوله هو ادعاء حق يراد به باطل!! نحن، برأيه، لا نريد الدفاع عن النبي بقدر ما نريد الطعن بالتراث الاسالمي!! الآن، و مع تزايد الخبرة و تراكم الاطلاع، يمكننا القول، ان البحث عن ابرة حقيقة في جبل القش الذي يسمونه التراث الاسلامي ضرب من الخيال!! و تصورنا للمسألة يمكن ايجازه [ صفحه 8] بالقول ان المؤامرة الوحيدة الكبيرة التي هزت الاسلام هي وصول الأمويين الي الحكم، فهؤلاء لم يكونوا مسلمين بأية حال: بل كانوا، بمعني ما، أعداء للاسلام!! و منذ أن تلقفها معاوية تلقف الكرة، راح و سلالته، يعمل علي الانتقام من محمد و هاشم بكل حقد القبلي و عنفه. و زمن الأمويين كانت بدايات التدوين لما يسمي بالتراث الاسلامي و ازدهار تجارة الحديث، و هكذا بدأت صيرورة الاختلاق التشويهية لكل رموز الاسلام العظيمة: اذا كان أبوسفيان فشل في القضاء علي الدعوة المحمدية خارجيا، فلا بأس من نسف سلالته لها داخليا، عبر تقزيم كل ما هو عملاق فيها - صار مؤسس أول دولة عربية في التاريخ ذكرا لا هم له الا النساء و الطعام؛ صار الذي جاء لاتمام مكارم الأخلاق زوجا يحرض زوجاته علي بعضهن بالسباب و الشتائم؛ صار النبي الذي لا ينطق عن الهوي رجلا يمكن للشيطان أن يلقي علي لسانه بآياته؛ صار الذي عصمه الله كائنا يستطيع حتي اليهود أن يسحروه... و كانت السيدة عائشة الضحية الأولي للحملة الأموية. فقد حاول هؤلاء الافراط في اضفاء القداسة علي أم‌المؤمنين لأكثر من غاية: فمن جهة يمكن لأنوار هالة القداسة اعماء البصيرة عن تفعيل العقل في ما ينسبه الأمويون للسيدة عائشة من أحاديث مختلقة؛ و من جهة أخري يمكن لهكذا افراط في القداسة أن يكسف أنوار قداسة فعلية لأكبر أعداء التوجه الأموي و الذي حاربته أم‌المؤمنين ذاتها: علي بن أبي‌طالب!! و لعب الزمن و العباسيون الدور الأسوء في تقديس الأكاذيب و اسقاط الحقائق! و هكذا، فنحن لا نؤمن بحرف واحد مما تحبل به التراثيات الاسلامية، بما في ذلك ما يرد في هذا الكتاب؛ أما تقديمنا لهذه الأكاذيب، بحسب اعتقادنا علي الأقل، في عمل نأمل أن يكون باكورة لأشياء بعده، فهو يدخل أولا و أخيرا تحت عنوان: اما تقديس النبي و الجماعة الاسلامية الأولي أو تقديس التراث؛ و ما لهجتنا المفعمة بالسخرية و النقد الا لتحريض أعنف مشاعر السخط عند المتلقي!!! [ صفحه 9]

كلمة البداية

اشاره

هل الاله، كما تصوره تلك الأديان التي نشأت في منطقة الشرق الأدني، في كل تجلياته و مفاهيمه التي لا نملك دليلا «ماديا» علي ما هو الأكثر منطقية بينها: أقوي أم الانسان؟ هل الاله، كما تعارفت علي تصويره تلك الأديان، هو الذي يحمي الانسان: أم العكس؟ و هل يحتاج الي وصاية بشرية عليه، ككائن ضعيف، قاصر، لا حول له و لا قوة؟ الاله، كما نتلمسه في مفاهيم غالبية الاسلاميين الحاليين و تصوراتهم، أضعف من أي كائن بشري، مسلما كان أم غير مسلم - لذلك فهو بحاجة اليهم كي يدافعوا عنه، بحميتهم المعهودة، و عنفهم التقليدي، و صيحات انتصارهم المخفية. الاسلاميون عموما علي استعداد الآن لأن يقصوا كل لسان يتحدث عن الههم بما لا يعجبهم - أن يكسروا كل يد، يقطعوا كل رقبة، يحطموا كل قلم، يمزقوا كل صفحة! الاسلاميون عموما يبيحون لأنفسهم شتم كل المعتقدات - و ليس هذا بغريب، اذا كان فعلا اعتياديا شتم أمهات المؤمنين، زوجات النبي، احداهن الأخري - و الآراء التي لا تنتمي الي دوائرهم؛ لكنهم يصادرون علي الآخر أدني حق بانتقادهم، بما في ذلك الاشارة الي ما في ركامهم الأصفر الورقي من فضائح و مؤامرات و ارهاب ممنهج: لا يحق للباطل، أي الآخر، الاقتراب من الحق الاسلامي، حتي من داخله. الاله، في نهاية الأمر، فكرة تتجسد علي نحو مختلف بحسب الزمان و المكان. و ايمان المرء بهذا التجسيد دون غيره يعتمد أولا و أخيرا علي ظروف هذا المرء الحياتية. فهل يعقل أن ينحر الانسان علي مذبح الفكرة؟ و هل توجد فكرة في هذا العالم، مهما بدت عظيمة و رائعة، أهم من الانسان؟ و كيف - و متي، و أين - أعطي الاله اسلامييه هذا الحق؟ من الذي و كلهم، عن الاله، كي ينفذوا تلك الأحكام التي يعتقدون أنه أعطاها، بطريقة ما، للبشرية؟ [ صفحه 10]

الصحوة الاسلامية.. و قوة الصورة المتداولة للاسلام

في وسائل الاعلام الممولة بنقوذ أكبر كارثة عرفها العرب في تاريخهم، النفط، يتداول مصطلح تفوح منه رائحة الارهاب و المصادرة: «الصحوة الاسلامية». و كثيرا ما نري رموز الاسلاميين - خاصة المصريين الذين اشتهروا علي مر العصور بتسويق أفكار من يدفع جيدا - في محطات التلفاز النفطية تسوق، بنوع من الاهتياج غير المعقلن، هذا المصطلح، لترفع سوية الذاتية عند مستمعيهم، في وطن أمي، مستلب، مقهور، مقموع - داخليا و خارجيا - الي درجتها القصوي! و غالبا ما تربط تلك الرموز بين الصحوة المزعومة و قوة الصورة المتداولة للاسلام أيديولوجيا. بالمقابل، هنالك حديث ممل في تكراريته، مزعج في لا علميته، حول تراجع الأديان الأخري و انكماشها عالميا، نتيجة لضعفها أيديولوجيا و تضعضعها بنيويا. لكن: هل قوة الصورة المتداولة للاسلام في أيديولوجيتها، أم في أشياء أخري؟ كل المؤشرات في ما يسمي بالعالم الاسلامي تدل علي أن قوة الصورة المتداولة للاسلام تكمن في سيفها و ارهابها: و بالتالي فان أي حديث عن قوتها الأيديولوجية هو «حديث خرافة يا أم‌عمرو»! و الا: فكيف نفسر هذه المصادرات - للأفكار - المنتشرة كالسرطان في كل العالم الاسلامي.

مثال شخصي أول

هل يوجد علم دين مقارن في الأدبيات الاسلامية؟ لا! بل ان محاولاتنا البسيطة في هذا الحقل قوبلت باهتياج شديد في الكويت، و اتهمت أعمالي الثلاثة المتعلقة بالموضوع بالمس بالذات الالهية! لكن لماذا يتهمون كتب الدين المقارن بالمس بالذات الالهية؟ الدين المقارن لا يمس الذات الالهية لأنها، مفاهيهما، عصية علي المس؛ و هم يصادرونها لأنها، في اعتقادنا، تكشف، دون لبس، أن الغالبية العظمي مما يقدسونه من أفكار جاء من الخزانة الحاخامية التي لا ينفكون يسيئون الي سمعتها و يلطخون تاريخها و يشتمونه. و لا نقصد بالخزانة الحاخامية التوراة، بل التلمود أولا و المدارش ثانيا. و حين يشتم الاسلامي الصغير حاخامه الأعظم، فذلك لن ينجيه من مأساة واقع أنه لو نخز اصبعه بدبوس، لما تقطر من ذاك الاصبع الا الدم الحاخامي. [ صفحه 11]

مثال شخصي ثان

هل يمكن أن أنسي شخصيا ما حدث لكتابي «يوم انحدر الجمل من السقيفة» في أقطار عربية، مع أن العمل لا يعدو كونه أكثر من جمع، من هنا و هناك - كلها مصادر اسلامية من الدرجة الأولي - لأخبار حول الصراعات الاسلامية الداخلية التي أعقبت وفاة محمد حتي معركة الجمل؟ و لماذا يتهمون الأعمال التي تتناول التاريخ الاسلامي بالتآمر علي الاسلام و أهله، اذا كانت مصادر أصحاب تلك الأعمال هي التراث الاسلامي ذاته، و اذا كانت الصورة المتداولة للاسلام تنضح بالمؤامرات بحق؟ و من أحاط هؤلاء المقدسين بتلك الهالات الملائكية، اذا كانوا هم.نفسهم، كما يخبرنا بذلك التراث الاسلامي ذاته، في تعاملهم بين بعضهم، أبعد ما يكونون عن القداسة و هالات الملائكة؟ لقد ضاعت الحدود: امتزج الاله، بأنبيائه، بأصحابهم، بأتباعهم، بمشايخهم علي مر العصور - حتي صار مس أغبي رجل دين مسا بالذات الالهية، يستحق صاحبه القتل أو الزجر أو ما شابه! رموز التيار الاسلامي الفاعلة علي الساحة الآن، تعرف أفضل من غيرها بكثير، مصائب تاريخها و فضائحه و مآسيه - لذلك فهي تحيط بالسيوف هذا التاريخ و تحاول، بكل ما لديها من وسائل، قطع أي يد تمتد اليه بغير الطريقة التي ترغب بها تلك الرموز، كي لا تشكك العامة و الحشوية بالأسس التي تعتمد عليها هذه الرموز في بناء مجدها المادي أولا و المعنوي ثانيا. السيوف في كل مكان - و العقل وحده هو المطلوب! الدين المقارن محظور حتي لا يلقي بالشك علي مصادر العقيدة و الشرع و قصص الأنبياء..!!! النقدية التاريخية ممنوعة حتي لا يلقي بالشك علي حيوات أولئك المقدسين..!!! الآراء و التيارات الجديدة محظورة، أو تقدم بما يشوهها في عيون العامة، حتي لا ينجذب اليها المؤمنون - و الشيطان حاضر! فهل القوة في العقيدة: أم في السيف الذي يحميها؟

الاسلاميون... و التاريخ

في ظل الخرافية العمياء التي يعيشها المجتمع العربي، و نحن علي أبواب القرن الحادي و العشرين - هل هي ردة فعل علي جنون التقدم التقني و الحضاري في دول العالم الأول؟ - [ صفحه 12] صار رجال الدين المسلمون مرجع العامة في كل الأمور. فلو أراد العامي السؤال في الطب، رجع الي شيخه؛ ولو أراد التفقه في الفلسفة، سأل شيخه؛ ولو أراد التبحر في علم الفلك، عاد الي شيخه؛ بل لقد تفاجأنا بتزاحم الشيوخ، و كأنهم علي أبواب الجنة و رضوان يحاول تنظيمهم، للادلاء بآرائهم في مسألة الاستنساخ: تحولوا كلهم، بقدرة قادر، الي مراجع في الهندسة الوراثية بكافة ضروبها و فروعها. فهل يعقل، اذا، أن يتركوا لغيرهم «فسحة أمل» في امكانية مقاربة عقلانية للتاريخ الاسلامي، الذي يعتبرونه ملكهم أصلا؟! «ما دام رجل الدين هو المعيار في مسألة الصح و الخطأ - لن تكون هنالك امكانية لمعرفة الاجابة علي سؤال: ما هي الحقيقة؟». رجال الدين المسلمون لا يكتبون في علم التاريخ، بل يستخدمون التاريخ لتسويغ عقائدهم و توزيعها، كالخبز، بين العامة و الحشوية. التاريخ عند رجال الدين المسلمين ليس غرضا للدراسة بحد ذاته، بل وسيلة تمرر عبرها أفكار بعينها، تساعد في ترسيخ قبضة هؤلاء الرجال علي رقاب العامة و الحشوية. (هل قرأتم كيف تقدم كلية الشريعة في جامعة دمشق العقائد المخالفة لتلاميذها، الذين، كما يفترض، سيصبحون قادة شعبيين مستقبليين ذات يوم؟ اقرأوا اذا كتاب الشتائم الأكاديمي العقيدة الاسلامية و الفكر المعاصر)! لا يوجد علم تاريخ عند المسلمين: توجد دفاعيات عقائدية؛ مع ذلك، و كي نكون منصفين، فالسنة، في مقاربتهم للتاريخ، يختلفون تماما عن الشيعة.

السنة... و مقاربة التاريخ

منذ أن سقط المعتزلة و ساد التيار الأشعري بين السنة، استشهد العقل علي مذبح الخرافة، و صار التفكير التهمة الأبرز التي يمكن أن تودي بصاحبها الي التهلكة. و هكذا فالسنة، عموما، يتحاشون التفكير، لأنه أقوي أعدائهم. لذلك فهم يقمعون أية محاولة لاعمال العقل في أية مسألة، و يجدون مبررات لكل الأخطاء و الجرائم و المؤامرات و التناقضات التي تتحاشد في كتب التراث الاسلامي - حتي لو كانت بمستوي الجمل أو صفين أو الحرة أو كربلاء! التاريخ كله سني؛ فالتاريخ، بالنسبة للسنة، كله جيد. و رجال التاريخ، بالنسبة للسنة، كلهم [ صفحه 13] قديسون و ملائكة تمشي علي الأرض - حتي لو كانوا من نمط يزيد بن معاوية أو الوليد الثاني أو الأمين أو المتوكل حتي آخر تلك السلسلة السيئة السمعة، النتنة الرائحة! اقطعوا اليد التي تمتد اليوم الي يزيد بن معاوية و المتوكل «علي الله» و الوليد الثاني و الأمين - حتي لا تمتد غدا الي معاوية و هارون، و بعد غد الي الزبير و طلحة، و الأسبوع القادم الي عمر بن الخطاب و عائشة...!!! هذا هو منطق رجل الدين السني، الذي ينصب ذاته أيضا باحثا في علم التاريخ - و يحظر علي غيره ذلك! اقطعوا اليد التي تهز رموز هذا التاريخ، لأنها ستهز بالتالي أسسنا نحن. ارم بعقلك... و امض! Credo quia absurdum esse

الشيعة.. و مقاربة التاريخ

يصدم الشيعة، بقدراتهم الجدلية الفائقة التي اكتسبوها عبر الزمان كأقلية مستضعفة تصارع أغلبية ارهابية، السني العامي التقليدي بأدلتهم الدامغة و حججهم القوية: يعتقد المرء، للوهلة الأولي، أن مساحة العقل في الدائرة الشيعية أوسع منها في الدائرة السنية - يفرح المرء!!! يجد المرء الشيعة يكدون و يجتهدون و يطاردون الزمان في البحث عن أدلة تؤكد صحة آرائهم و اعتقاداتهم، و تؤكد عمق مفاهيمهم و معانيهم - يفرح المرء!! يتفاجأ المرء بالشيعة يكفرون يزيد بن معاوية و يجرمون الحجاج و يطعنون في شرف أم‌معاوية و أم‌عمرو بن العاص و ينتقدون طلحة و عثمان و الزبير و عائشة، و ينتقصون من خلافة أبي‌بكر و عمر - يفرح المرء! لكن الفرحة لا تدوم: فالزمن، وحده، كاف لأن يجتثها من جذورها؛ فهؤلاء الشيعة الذين ينقبون التاريخ باحثين عن خبر صغير يدين خصومهم القائديين - فيلمعونه و يكبرونه و يقدمونه لعامتهم لحمايتهم عقائديا من المعسكر الآخر - يتفهمون ذلك الركام الكبير من النصوص التي تدين رموزهم و تشير اليها بالاتهامات ذاتها التي يشيرون بها الي رموز أعدائهم العقائديين و يحاولون الطعن به، بأسلوبهم الكلامي الجدلي الشهير، الذي لا تنطلي حيلة هشاشته علي أحد؛ بل ان الشيعة يستخدمون بعض الأحاديث التي كانت في الأصل لادانة [ صفحه 14] بعض رموزهم، في ادانة رموز أعدائهم العقائديين. من ذلك، مثلا، استخدام حديث محمد، «فاطمة بضع مني فمن أغضبها فقد أغضبني»، و الذي قيل أساسا، بحق علي، للطعن علي أبي‌بكر حين أغضب فاطمة - ماديا - حين رفض اعطاءها فذك..! «اذا كان السنة يكرهون الاقتراب من الحقيقة و يحرمون ذلك، فالشيعة يقدمون و هم الحقيقة علي أنه جوهر الحقيقة». لقد أظهرت الوقائع التي أفرزتها ثورة الخميني و تجلياتها في لبنان و العراق و غيرهما، أن الحرية التي كان الشيعة يندبونها - و هم سادة الندب - حين كانوا مقموعين من السنة؛ صارت بحاجة الي ندايين أكثر خبرة من الشيعة في ظل تلك الأنظمة أو شبه الأنظمة ذات النفس الشيعي: التكفير السني الاعتباطي الشهير، صار تكفيرا منهجيا مثقفا عند الشيعة؛ اعتقال حرية المرأة، بكافة أشكاله، السني الشهير، صار اعتقالا للأنوثة في ظل الثيوقراطية الشيعية الصارمة؛ المركزية الدينية المهلهلة عند السنة، صارت كهنوتية محاكم - تفتيشية، تفحم أنفها في كل شي، عند الشيعة - كل ذلك مغلف بقشرة و هم عقلانية زائفة حفاظا علي تماسك المضمون في عيون العامة و الحشوية [1] . لكن العلمانية تتفشي، و ان ببطء، في صفوف السنة!! - صرخ الشيوخ في مصر و السعودية، قارعين أجراس الخطر علي المستقبل. ما هو الحل؟ أعيدوا اخراج التاريخ! كيف؟ قصوا من كتب التراث كل تلك الحوادث التي قد تشكك الشخص العادي بتاريخه و رموزه؛ عقموه؛ طهوره! لكن: ماذا سيتبقي أخيرا؟!!! ان عمليات «المونتاج» المدروسة التي تتم علي كتب التاريخ عموما في مصر و السعودية هي أكبر، عملية تزييف عرفها التاريخ - لكنها غير مفيدة، مادام أعداء هؤلاء العقائديين يمتلكون نصوصا أصلية و مطابع و نقود و نفط!!! [ صفحه 15]

محمد البراغماتي... و علي الدوغماتي

كما أشرنا، و كما قالت كتب التاريخ، فقد اعترض محمد علي علي بشدة، حين حاول الأخير، و كان شابا يتفجر حيوية و جنسا، أن يتزوج امرأة ثانية - و كانت الزوجة الأولي فاطمة بنت محمد ذاته. و تعدد الزوجات، كما هو معروف، كان تقليدا شائعا في ذلك الزمن. بالمقابل، فقد سمح محمد لذاته، و كان آنئذ يقارب الستين، أن يتزوج كل من وصفت له بالجمال أو الصبا، حتي تجاوز عدد اللواتي دخل بهن، خمس عشرة امرأة. قبل علي اعتراض محمد لأنه دوغماتي. و حلل محمد لنفسه ما حرمه علي غيره لأنه براغماتي. و براغماتية محمد هي التي أدت به، في نهاية الأمر، الي وضع أسس أول دولة عربية في التاريخ؛ في حين أوصلت الدوغماتية عليا - مقابل ميكافيلية معاوية - الي الاستشهاد «في سبيل العقيدة». تحكي المصادر التاريخية أيضا، أن محمدا قطع يد احدي النساء من بني‌أسد لأنها سرقت، بغض النظر ما اذا كانت سرقتها قد تمت تحت وطأة مرض نفسي أو حاجة مادية، و قال جملته الشهيرة حين حاول بعضهم مراجعته في ذلك: «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدها». و تخبرنا المصادر التاريخية أيضا، أن قوما أغاروا علي لقاح محمد، فأخذهم، فقطع أيديهم و أرجلهم و سمل أعينهم و رماهم تحت الشمس حتي ماتوا. بالمقابل، فحين أغار خالد بن الوليد علي بني‌جذيمة و قتل منهم الكثير، و كانوا آنئذ مسلمين، لا لسبب، الا لأنهم قتلوا عمه الفاكه بن المغيرة زمن الجاهلية، اكتفي محمد بأن رفع يديه الي السماء، حتي «بان بياض ابطيه» - يبدو أن هذه المسألة هامة جدا اسلاميا - و قال: «اللهم اني أبرأ اليك مما صنع خالد!!!»، قالها ثلاثا. لماذا قطع محمد يد تلك المرأة المسكينة التي سرقت، و مثل بالعرنيين و قتلهم صبرا لأنهم أغاروا علي لقاحه، في حين اكتفي فقط بأن تبرأ الي الله مما فعل خالد، الذي قتل بعض المسلمين، دون أدني ذنب، سوي أن تلك القبيلة - بنوجذيمة - قتلت عمه في الجاهلية؟ كان خالد بن الوليد قائدا هاما جدا في جيش محمد. و البراغماتية، عند الأخير، فوق الدوغماتية. لذلك، لا بأس من تقريع بسيط لسيف الله المسلول، دون غمده. [ صفحه 16] علي لم يكن كذلك. - و هذا سر اعجابنا بهذا الرجل، الذي لا يمكن مقارنته، شخصا و فكرا و نتاجا أدبيا بكل ما عرفه الاسلام الأولي من شخوص و أفكار و نتاجات أدبية - دون أدني استثناء. و الذين لا يفهمون لب اعجابنا، يخلطون بين علي و التشيع، فيشيعون علينا تهمة التشيع. علي، برأينا، شي‌ء: و التشيع شي‌ء آخر! علي، برأينا، شي‌ء: و الاسلام الذي يتداول في السوق هذه الأيام، كالمسواك و كتب الجن: شي‌ء آخر. كان محمد، كما يصفه التراث الاسلامي، براغماتيا - و ليس هذا بغريب. فالاسلام لم يأته الا بعد أن بلغ الأربعين [2] في حين أن علي بن أبي‌طالب، الذي رضع حليب الاسلام منذ الطفولة - فرسخ في قلبه و لاوعيه منذ البداية الأولي - لم يعرف حقيقة غير الاسلام: و هو ما أهله لأن يكون الدوغماتي بلا منازع، في جماعة الاسلام الأولي. علي بن أبي‌طالب: المؤمن الأول و الأخير. و حين دفن علي، دفن معه الايمان في الاسلام، و ظل وجه معاوية القبيح و سلالته المبتذلة، المعادية للاسلام، يزين جدران المساجد و أبواب التكايا! و للأسف، فنسخة الاسلام و الأموية وحدها التي تباع الآن في أروقة الأزهر و شوارع قم و بسطات الجامع الأموي. [ صفحه 19]

عائشة في البيت النبوي

الزوجة - الطفلة

اشاره

ولدت عائشة في السنة الرابعة، بعد البعثة. و أبوها، أبوبكر، أول خليفة، كان اسمه عبدالله بن أبي‌قحافة بن عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم القرشي. أما أمها فهي أم‌رومان بنت‌عامر بن عويمر. لا يوجد اتفاق شامل حول تاريخ زواج محمد منها، و ربما أنه تزوجها قبل هجرته بسنتين [3] كذلك فالأرجح أنه بني بها في شهر شوال، في الشهر الثامن عشر بعد الهجرة، بعد معركة بدر. و هكذا، فقد عاشت معه ثمانية عشر عاما تقريبا. و كانت وفاتها ليل الثلاثاء، لسبع عشر خلون من رمضان. لكن سنة وفاتها مختلف فيها: سبع و خمسون أو ثمان و خمسون [4] أو تسع و خمسون للهجرة. و صلي عليها أبوهريرة، و كان قد [ صفحه 20] خلف مروان بن الحكم، و الي المدينة آنذاك، في احدي غيباته عن ذاك المصر. و دفنت في البقيع بوصية منها مع غيرها من نساء محمد [5] .

زواجها

لا نمتلك معلومات كثيرة [6] حول عائشة قبل دخولها البيت النبوي - و هذا طبيعي: لأنها لم تكن قبل ذلك سوي طفلة. لكن الأخبار تتزاحم فجأة عند ذكر نبأ زواجها و بعده. و رغم بعض التناقضات البسيطة بين خبر و آخر، الا أنها تتفق جميعا في أن التي ذكرتها للنبي هي خولة بنت‌حكيم [7] ؛ و أن أبابكر رفض الفكرة في البداية، متذرعا، من ناحية، بأنه وعد بها المطعم بن عدي لابنه؛ و بأن النبي أخوه، من ناحية أخري. لكن محمدا رفض كل ذلك، و أصر علي زواجه من عائشة. يقول الطبري: «لم يتزوج رسول‌الله علي خديجة حتي مضت لسبيلها. فلما توفيت، تزوج بعدها؛ فاختلف فيمن بدأ بنكاحها منهن بعد خديجة. فقال بعضهم: كانت عائشة بنت أبي‌بكر؛ و قال بعضهم: بل كانت سودة بنت‌زمعة... فأما عائشة، فكانت يوم تزوجها صغيرة لا تصلح للجماع، و أما سودة فانها كانت امرأة ثيبا، قد كان لها قبل النبي (ص) زوج، و كان زوجها السكران بن عمرو... من مهاجرة الحبشة... مات، فخلف عليها رسول‌الله (ص) و هو بمكة... و لا خلاف أن رسول‌الله (ص) بني‌بسودة قبل عائشة» [8] . [ صفحه 21] في مسنده، يفصل أحمد نبأ زواج النبي من عائشة و سودة، فيقول: «لما هلكت خديجة، جاءت خولة بنت‌حكيم [9] ، امرأة عثمان بن مظعون، قالت: يا رسول‌الله! ألا تزوج؟ قال: من؟ قالت: ان شئت بكرا و ان شئت ثيبا! قال: فمن البكر [10] ؟ قالت: ابنة أحب خلق الله - عزوجل - اليك! عائشة بنت أبي‌بكر! قال: و من الثيب؟ قالت: سودة بنت‌زمعة، قد آمنت بك و اتبعتك علي ما تقول! قال: فاذهبي، فاذكريهما علي!. فدخلت بيت أبي‌بكر، فقالت: ماذا أدخل الله - عزوجل -من الخير و البركة! قالت [ام‌عائشة]: و ما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول‌الله (ص) أخطب عليه عائشة! قالت: انتظري أبابكر. فجاء أبوبكر، فقالت: ماذا أدخل الله عليكم من الخير و البركة؟ قال: و ما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول‌الله (ص) أخطب عليه عائشة! قال: و هل تصلح له [11] ؟! انما هي ابنة أخيه! فرجعت الي رسول‌الله (ص)، فذكرت له ذلك، قال: ارجعي فقولي له: أنا أخوك، و أنت أخي في الاسلام، و ابنتك تصلح لي. فرجعت، فذكرت ذلك له؛ قال: انتظري! و خرج. قالت أم‌رومان: ان مطعم بن عدي قد كان ذكرها علي ابنه، فو الله ما وعد موعدا قط فأخلفه... فدخل أبوبكر علي مطعم بن عدي، و عنده امرأته، فقالت: يابن أبي‌قحافة! لعلك مصب صاحبنا [ابنها] مدخله في دينك الذي أنت عليه اذا تزوج اليك! قال أبوبكر للمطعم= [ صفحه 22] ابن‌عدي: أقول هذه تقول؟ قال: انها تقول ذلك! فخرج من عنده، و قد أذهب الله - عزوجل - ما كان في نفسه من عدته التي وعده. فرجع، فقال لخولة: ادعي لي رسول‌الله! فدعته، فزوجها اياه، و عائشة يومئذ بنت ست سنين!. ثم خرجت، فدخلت علي سودة بنت‌زمعة، فقالت: [كما قالت لأبي بكر و زوجته]؛ فقالت [سودة]: وددت ادخلي الي أبي فاذكري ذاك له! و كان شيخا كبيرا قد أدركه السن، قد تخلف عن الحج. فدخلت عليه، فحيته بتحية الجاهلية، فقال: من هذه؟ فقالت: خولة بنت‌حكيم! قال: فما شأنك؟! قالت: أرسلني محمد بن عبدالله أخطب عليه سودة! قال كف‌ء كريم، ماذا تقول صاحبتك؟ قالت: تحب ذاك! قال ادعها لي! فدعيتها قال: أي بنية؛ ان هذه تزعم أن محمد... قد أرسل يخطبك، و هو كف‌ء كريم - أتحبين أن أزوجك به؟! قالت: نعم! قال: ادعيه لي! فجاء رسول‌الله (ص) اليه، فزوجها اياه، فجاءها أخوها عبد بن زمعة من الحج، فجعل يحثي في رأسه التراب! فقال بعد أن أسلم: لعمرك اني سفيه! يوم أحثي في رأسي التراب أن تزوج رسول‌الله (ص) سودة بنت زمعة!. قالت عائشة [12] : فقدمنا المدينة، فنزلنا في بني‌الحارث بن الخزرج في السنح. فجاء رسول‌الله (ص)، فدخل بيتنا، و اجتمع اليه رجال من الأنصار و نساء. فجاءتني أمي، و اني لفي أرجوحة بين عذقين ترجح بي، فأنزلتني من الأرجوحة ولي جميعة، ففرقتها، و مسحت وجهي بشي‌ء من ماء، ثم أقبلت تقودني، حتي وقفت بي عند الباب، و اني لأنهج، حتي سكن من نفسي. ثم دخلت بي، فاذا رسول‌الله (ص) جالس علي سرير في بيتنا، و عنده رجال و نساء من الأنصار، فأجلستني في حجره، ثم قالت: هؤلاء أهلك، فبارك الله لك فيهم، و بارك لهم فيك! فوثب الرجال و النساء، فخرجوا، و بني بي رسول‌الله (ص) في بيتنا، ما نحرت [13] علي جزور و لا ذبحت علي شاة، حتي أرسل الينا سعد ابن‌عبادة بجفنة، كان يرسل بها الي رسول‌الله (ص) اذا دار الي نسائه [14] ، و أنا يومئذ بنت تسع سنين» [15] . [ صفحه 23]

من مكة الي المدينة

يقول المنتظم [16] ، انه في السنة الهجرية الأولي، «بعث النبي (ص) الي بناته و زوجته [17] سودة بنت‌زمعة، زيد بن حارثة و أبارافع، فحملاهن من مكة الي المدينة». يروي ابن‌سعد [18] الحديث، نقلا عن عائشة ذاتها، فيقول: «لما هاجر رسول‌الله (ص) الي المدينة، خلفنا و خلف بناته؛ فلما قدم المدينة، بعث الينا زيد بن حارثة، و بعث معه أبارافع مولاه، و أعطاهما بعيرين و خمسمائة درهم، أخذها رسول‌الله (ص) من أبي‌بكر، يشتريان بها ما يحتاجان اليه من الظهر، و بعث أبوبكر معهما عبدالله بن أريقط الديلمي ببعيرين أو ثلاثة؛ و كتب الي عبدالله بن أبي‌بكر، يأمره أن يحمل أهله: أمي أم‌رومان، و أنا، و أختي أسماء، امرأة الزبير! فخرجوا مصطحبين، فلما انتهوا الي قديد، اشتري زيد بن حارثة بتلك الخمسمئة ثلاثة أبعرة، ثم رحلوا من مكة جميعا. و صادفوا طلحة بن عبيدالله، يريد الهجرة بآل أبي‌بكر، فخرجنا جميعا، و خرج زيد بن حارثة و أبورافع بفاطمة و أم‌كلثوم و سودة بنت‌زمعة. و حمل زيد أم‌أيمن و أسامة بن زيد؛ و خرج عبدالله بن أبي‌بكر بأم رومان و أختيه؛ و خرج طلحة بن عبيدالله، و اصطحبنا جميعا؛ حتي اذا كنا بالبيض من مني، نفر بعيري و أنا في محفة معي فيها أمي، فجعلت أمي تقول: و ابنتاه! و اعروساه! حتي أدرك بعيرنا، و قد هبط من لفت، فسلم الله عزوجل! و نزل آل رسول‌الله، و رسول‌الله (ص) يومئذ يبني المسجد و أبياتا حول المسجد، فأنزل فيها أهله. و مكثنا أياما في منزل أبي‌بكر، ثم قال أبوبكر: ما يمنعك من أن تبني بأهلك؟ قال رسول‌الله (ص): الصداق! فأعطاه أبوبكر اثنتي عشرة أوقية و نشا، فبعث بها رسول‌الله (ص) الينا، و بني بي رسول‌الله في بيتي هذا الذي أنا فيه، و هو الذي توفي فيه رسول‌الله (ص)، و جعل رسول‌الله لنفسه بابا في المسجد، و جاه باب عائشة. و بني رسول‌الله (ص) بسودة في أحد تلك البيوت التي الي جنبي، فكان رسول‌الله (ص) يكون عندها». [ صفحه 24]

المرأة الطفلة

كانت عائشة في علاقتها بالنبي، أقرب ما تكون الي طفلة و جدها. و يبدو أنه أدرك ذلك جيدا، فتركها تمارس طفولتها كما تشاء - و كان لهذا نتائجه الخطيرة علي نفسيتها لا حقا. تحدثنا عائشة عن أيام زواجها الأولي، فنقول [19] : «دخلت عليه و اني لألعب بالبنات [الدمي] مع الجواري، فيدخل، فينقمع منه صواحبي، فيخرجن. فيخرج رسول‌الله (ص)، فيسربهن علي» [20] و تقول أيضا: «انها كانت مع النبي في سفر؛ قالت: فسابقته، فسبقته علي رجلي؛ فلما حملت اللحم، سابقته، فسبقني، فقال: هذه بتلك السبقة» [21] و يروي أبوداود [22] عن عائشة، قولها: «قدم رسول‌الله (ص) من غزوة تبوك أو خيبر، و في سهوتها ستر، فهبت الريح، فكشفت ناحية الستر من بنات لعائشة لعب، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي! و رأي بينهن فرسا له جناحان من رقاع؛ فقال: ما هذا الذي أري وسطهن؟ قال: فرس! قال: و ما هذا الذي عليه؟ قالت: جناحان! قال: فرس له جناحان! قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة؟ فضحك حتي رأيت نواجذه». عن عائشة أيضا، يروي الحديث التالي [23] : «دخل علي رسول‌الله (ص)، و عندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث [24] ، فاضطجع علي الفراش، و حول وجهه؛ و دخل أبوبكر، فانتهرني، و قال: مزمارة الشيطان عند النبي (ص)؟! فأقبل عليه رسول‌الله (ص)، فقال: دعها! فلما غفل، غمزتهما، فخرجتا. و كان يوم عيد يلعب السودان بالدرق و الحراب، فاما سألت النبي، و اما قال: تشتهين تنظرين؟! فقلت: نعم! فأقامني وراءه، خدي علي خده، و هو يقول: دونكم يا بني أرفدة! حتي اذا مللت، قال: حسبك؟ قلت: نعم! قال: فاذهبي». و في [ صفحه 25] صحيح مسلم [25] ، تقول: «رأيت رسول الله (ص) يسترني بردائه، و أنا انظر الي الحبشة و هم يلعبون - و أنا جارية». و في رواية أخري [26] ، تقول: «جاء حبش يزفنون في المسجد، في يوم عيد، فدعاني النبي (ص)، فوضعت رأسي علي منكبه، فجعلت أنظر الي لعبهم، حتي كنت أنا التي انصرفت» [27] .

الزوجة الأثيرة

تتحدث روايات كثيرة - كلها تقريبا منقولة عن عائشة - عن حب النبي الكبير لعائشة، و تفضيله اياها علي سائر زوجاته. فهي تقول، علي سبيل المثال: «كان رسول‌الله اذا سافر، يسهم بين نسائه، فكان اذا خرج سهم غيري، عرف فيه الكراهية؛ و ما قدم من سفر قط، فدخل علي أحد من أزواجه، أول مني، يبتدئ القسم فيما يستقبل من عندي» [28] و يذكر الزمخشري [29] أن النبي «كان يقسم بين نسائه، فيعدل [30] ، و يقول: هذه قسمتي [31] . فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما تملك و لا أملك - يعني المحبة - لأن عائشة كانت أحبهن اليه». و يقال ان عمرو بن العاص سأل النبي مرة: «أي الناس أحب اليك؟ قال: عائشة. فقلت: من الرجال؟ قال: أبوها. قلت: ثم من؟ قال: عمر بن الخطاب» [32] . و هكذا، فحين «جعله نساؤه في حل: يؤثر من يشاء منهن علي من يشاء - كان يؤثر عائشة و زينب» [33] و كان يقول عنها: «كمل في الرجال كثير، و لم يكمل في النساء الا ثلاث: مريم بنت عمران، و آسية امرأة فرعون، و خديجة بنت خويلد - و فضل عائشة علي النساء كفضل الثريد علي الطعام» [34] . [ صفحه 27]

اخلاق عائشة.. و النبي

اشاره

يبدو أن فارق السن بين النبي و عائشة، و امكانيات هذه المرأة علي كافة الأصعدة، جعلها الأثيرة عنده و الأقرب الي قلبه، و جعلته بالمقابل متساهلا معها؛ يقال: «كان رسول الله (ص) رجلا سهلا، فاذا هويت [عائشة] شيئا، تابعها عليه.. أخرجه مسلم» [35] لكن هذا لم يكن ينطبق علي سائر نسائه. فقد قال عمر بن الخطاب، ذات يوم، لابنته حفصة: «لا يغرنك حب رسول الله عائشة و حسنها أن تراجعيه بما تراجعه به عائشة» [36] ، أو: «لعلك تراجعين النبي بمثل ما تراجعه عائشة - انه ليس لك مثل حظوة عائشة، و لا حسن زينب» [37] - و هذا التساهل أدي بعائشة الي التطاول علي النبي، و وصل الأمر أحيانا الي حدود لا تليق بانسان عادي: فكيف بنبي؟ ففي احدي المناسبات، «قال رسول الله (ص) لأبي بكر: يا أبابكر، ألا تعذرني في عائشة؟ فرفع أبوبكر يده، فضرب صدرها ضربة شديدة. فجعل رسول الله، يقول: غفر الله لك، يا أبابكر، ما أردت هذا» [38] و في مناسبة أخري - ربما تكون الروايتان تتعلقان بالحديث ذاته - تروي عائشة أنها قالت للنبي: «أليس تزعم أنك رسول الله؟ فهلا عدلت! فسمعني أبوبكر، و كان فيه عرب، أي: حدة، فأقبل علي، و لطم وجهي! فقال رسول الله (ص): مهلا يا أبابكر، ان الغيران لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه... أخرجه الحافظ أبوالقاسم الدمشقي» [39] . [ صفحه 28] تروي نصوص كثيرة، عن عائشة، أنها قالت للنبي: «أقصد! فرفع أبوبكر يده، فلطمني، قال: تقولين، يا بنت فلانة! لرسول الله (ص): أقصد» [40] و في مناسبة أخري. قيل انه «كان بينها و بين النبي (ص) كلام، فقال لها: من ترضين بيني و بينك؟ أترضين بعمر؟ قالت: لا أرضي - عمر قط! عمر غليظ! قال: أترضين بأبيك بيني و بينك؟ قالت: نعم! فبعث اليه رسول الله (ص)، فقال: ان هذه من أمرنا كذا و من أمرها كذا! فقلت: اتق الله و لا تقل الا حقا... فرفع أبوبكر يده، فرثم أنفها» [41] و يروي أنها قالت له: «أنت الذي تزعم أنك نبي الله!» [42] و يذكر ابن‌ماجة [43] ، عن عائشة، «أن رسول الله (ص)، انما آلي لأن زينب ردت عليه هدية، فقالت عائشة: لقد أقمأتك! فغضب، فآلي منهن». و مرة، «جاء أبوبكر يستأذن علي النبي (ص)، فسمع عائشة (رض)، و هي رافعة صوتها علي النبي (ص)، فأذن له، فدخل، فقال: يا بنت أم‌رومان! أترفعين صوتك علي رسول الله؟ و تناولها أبوها (رض)، فحال النبي (ص) بينه و بينها، فلما خرج سيدنا أبوبكر (رض)، جعل رسول الله (ص) يقول لها، يترضاها: ألا ترين أني حلت بينك و بين الرجل؟ ثم جاء سيدنا أبوبكر (رض)، فاستأذن عليه، فوجده يضاحكها، فأذن له، فقال: يا رسول الله، أشركاني في سلمكما، كما أشركتماني في حربكما» [44] و كثيرا ما كانت عائشة تغضب من النبي: يذكر مسلم [45] نقلا عنها: «قالت: قال لي رسول الله (ص): اني لأعلم اذا كنت عني راضية، و اذا كنت عني غضبي! فقلت: و من أين تعرف ذلك؟ قال أما اذا كنت عني راضية، فانك تقولين: لا و رب محمد؛ و اذا كنت غضبي، قلت: لا و رب ابراهيم. قلت: و الله يا رسول الله ما أهجر الا اسمك». و لم يذكر بعضهم جملتها الأخيرة [46] . [ صفحه 29] و في نص هام آخر، يقال: «ان رسول الله (ص)، كان يقول لها: اني أعرف غضبك اذا غضبت، و رضاك اذا رضيت! قالت: و كيف تعرف ذلك يا رسول الله؟ قال: اذا غضبت، قلت: يا محمدا!. و اذا رضيت، قلت: يا رسول الله» [47] - فهل كان غضبها يحجب عنها ايمانها بنبوته؟ بالمقابل، كان النبي بدوره يغضب منها. يذكر ذكوان مولي عائشة، عنها قولها: «دخل علي النبي (ص) بأسير، فلهوت عنه، فذهب. فجاء النبي (ص)، فقال: ما فعل الأسير؟ قالت: لهوت عنه مع النسوة، فخرج! فقال مالك، قطع الله يدك أو يديك!!! فآذن به الناس، فطلبوه، فجاءوا به، فدخل علي و أنا أقلب يدي، فقال: مالك، أجننت! قلت: دعوت علي! فأنا أقلب يدي، أنظر أيهما يقطعان! فحمد الله، و أثني عليه، و رفع يديه مدا، و قال: اللهم اني بشر أغضب كما يغضب البشر، فأيما مؤمن أو مؤمنة دعوت عليه، فاجعله له زكاة و طهورا» [48] . ظل سوء الخق و الحدة يلازمانها، في علاقتها مع النبي، حتي أيامه الأخيرة. تقول عائشة: «رجع الي رسول الله (ص) ذات يوم من جنازة بالبقيع، و أنا أجد صداعا في رأسي، و أقول: وارأساه! قال: بل أنا، و رأساه! قال: ما ضرك لو مت قبلي، فغسلتك و كفنتك، ثم صليت عليك، و دفنتك؟! قلت: لكأني بك - و الله - لو فعلت ذلك، لقد رجعت الي بيتي، فأعرست فيه ببعض نسائك! فتبسم رسول الله (ص)، ثم بدئ بوجعه الذي مات فيه» [49] .

الله... يسارع في هواك

في اشارتها الي غيرة عائشة العنيفة، حين تزوج النبي زينب بنت جحش، ذكرت بنت الشاطئ، أن عائشة قالت له، بعد ما صدق القرآن علي هذا الزواج من زينب، التي كانت اشترطت بدورها أن يتدخل الله بذاته حتي توافق: «ما أري ربك الا يسارع في هواك»!. لكن، و الحق يقال، لم نجد ما يؤكد صحة مزاعم بنت الشاطئ هذه في المصادر الاسلامية [ صفحه 30] المعروفة. لقد وجدنا قول عائشة للنبي:«ما أري ربك الا يسارع في هواك»، لكننا لم نجد ربطا بينه و بين حدث زواج النبي من زينب بنت جحش. و هنالك احتماليتان: اما أن تكون بنت الشاطئ وجدت هذا الربط في عمل لم نحظ بمصادفته حتي الآن، الأمر الذي يعني أن جملة عائشة الشهيرة تلك كانت ردة فعل اعتيادية لها علي أن زواج لا يعجبها؛ أو أن تكون بنت الشاطئ أخطأت في تقديرها، فالروايات الشهيرة في التراث الاسلامي تربط هذه الجملة حصرا باللواتي كن يمنحن أنفسهن للنبي. و تبقي غيرة عائشة العارمة القاسم المشترك بين الاحتماليتين. - أي: المضمون واحد - ينزل القرآن يأمر بتلبية احدي رغبات النبي الجنسية، فتفسر ذلك عائشة، بأن الله يسارع له في هواه. و هكذا، يروي صحيح البخاري [50] ، نقلا عنها: «كنت أغار علي اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله (ص)، و أقول: أتهب المرأة نفسها؟! فلما أنزل الله تعالي: «ترجئ من تشاء منهن و تؤوي اليك من تشاء و من ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك»، قلت: ما أري ربك الا يسارع في هواك» [51] و في نص صحيح مسلم [52] ، تقول: «و الله ما أري ربك الا يسارع لك في هواك» [53] و في نص آخر، من المرجع ذاته [54] : «كانت [عائشة تقول]: أما تستحي من امرأة تهب نفسها لرجل؟» أو: «أو تهب الحرة نفسها» [55] ؛ أو: «ألا تستحي المرأة أن تعرض نفسها بغير صداق» [56] .

اخلاقها مع الآخرين... و النبي

كانت حدة عائشة، علي ما يبدو، محط نقد النبي باستمرار. و اذا ما غضينا الطرف عن تلك الحدة في تعاملها مع نسائه الأخريات لأننا سنناقش المسألة تفصيليا لا حقا، يمكن لنا أن نتلمس بوضوح أن أحدا لم ينج من تلك الحدة - بما في ذلك الحيوانات. [ صفحه 31] يذكر مسلم في صحيحه [57] ، علي سبيل المثال، أن عائشة قالت:«أتي النبي (ص) أناس من اليهود، فقالوا: السلام عليك، يا أباالقاسم! قال: و عليكم. قالت عائشة:قلت: بل عليكم السلام و الذام! فقال رسول الله (ص): يا عائشة! لا تكوني فاحشة! فقالت: ما سمعت ما قالوا؟ فقال: أو ليس قد رددت عليهم الذي قالوا - قلت: و عليكم».و في نص آخر [58] : «ففطنت بهم عائشة، فسبتهم!!! فقال رسول الله (ص): مه، يا عائشة، فان الله لا يجب الفحش و التفحش! و زاد: فأنزل الله عزوجل: «و اذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله»، الي آخر الآية؛ و في نص ثالث [59] ، نجدها تقول: «و غضب الله اخوان القردة و الخنازير - أتحيون رسول الله بما لم يحيه به الله». بالمقابل، يروي أبوداود [60] عن عائشة الحديث التالي:«ان رجلا أستأذن علي النبي (ص)، فقال النبي (ص): بئس أخو العشيرة! فلما دخل، انبسط اليه رسول الله (ص)، و كلمه. فلما خرج، قلت: يا رسول الله، لما استأذن، قلت: بئس أخو العشيرة! فلما دخل انبسطت اليه! فقال: يا عائشة، ان الله لا يحب الفاحش المتفحش؛[أو]: ان من شرار الناس الذين يكرمون اتقاء ألسنتهم» [61] . و في مسند أحمد [62] ، «أنه سرق ثوب لها، فدعت علي صاحبها، فقال [النبي]: لا تسبخي عليه». و ركبت عائشة جملا مرة، «فلعنته، فقال لها النبي (ص): لا تركبيه» [63] و في رواية أخري [64] ، تقول: «كنت علي بعير صعب، فجعلت أضربه، فقال لي رسول الله (ص): عليك بالرفق، فان الرفق لا يكون في شي‌ء الا زانه، و لا ينزع من شي‌ء الا شانه». [ صفحه 32]

سلوك النبي بحسب عائشة

كانت اليهود تقول عن النبي «انظروا الي هذا الذي لا يشبع من طعام، و لا و الله ماله همة الا النساء» [65] و اذا كنا سنحكي عن مسألة شغف النبي بالجنس، كما تصور ذلك أحاديث عائشة، في فصل «عائشة... و الجنس»، فسوف نحاول الآن أن نظهر أن عائشة، في أحاديث لها كثيرة، صورت النبي شغوفا بالطعام أيضا. من ذلك، قولها:«كان رسول الله (ص) يعجبه من هذه الدنيا ثلاثة: الطعام و النساء و الطيب» [66] و من ثم تؤكد: «كان النبي (ص) يحب الحلواء و العسل» [67] ؛ و تقول: «كان رسول الله (ص) يأتي القدر، فيأخذ الذراع منها، فيأكلها!!!، ثم يصلي و لا يتوضأ» [68] و تخبرنا أيضا أنه «كان يأكل البطيخ بالرطب» [69] ، و «كان لا يجد اللحم الا غبا» [70] . اضافة الي ما سبق، نجد أن النبي في أحاديثها، قابل لأن يسحر: «سحر رسول الله، فمكث كذا و كذا يوما يخيل اليه أنه يأتي أهله، و لا يأتي؛ قال سفيان: هذا أشد ما يكون من السحر» [71] و في نص لها آخر، تقول: «سحر حتي كان يخيل اليه أنه صنع شيئا و لم يصنعه» [72] و الغريب أن يهود بني‌زريق هم الذين كانوا قد سحروه [73] . و هو كثير الشتم: تروي عائشة أن رجلين دخلا علي «النبي (ص)، فأغلظ لهما و سبهما، فقلت: يا رسول الله، لمن أصاب منك خيرا، ما أصاب هذان منك خيرا! فقال: أو ما علمت ما عاهدت عليه ربي عزوجل، قلت: اللهم أيما مومن سببته أو جلدته أو لعنته، فاجعلها له مغفرة و عافية و كذا و كذا» [74] . [ صفحه 33] و تؤكد عائشة علي مسألة اللعن، فتقول: «ان أمداد العرب كثروا علي رسول الله (ص) حتي غموه، و قام اليه المهاجرون و الأنصار، يفرجون دونه، حتي قام علي عتبة عائشة فرهقوه، فأسلم رداءه في أيديهم، و وثب علي العتبة، فدخل و قال: اللهم العنهم! فقالت عائشة: يا رسول الله، هلك القوم! فقال: كلا و الله يا بنت أبي‌بكر! لقد اشترطت!!! علي ربي - عزوجل -شرطا لا خلف له، فقلت: انما أنا بشر أضيق بما يضيق به البشر، فأي المؤمنين بدرت اليه مني بادرة، فاجعلها له كفارة» [75] . و هو ينشغل عن صلاته بأبسط الأمور؛ تروي عائشة: «صلي رسول الله (ص) في خميصة لها أعلام، ثم قال: شغلتني أعلام هذه، اذهبوا بها الي أبي‌جهم، و أتوني بأنبجانية» [76] . كانت عائشة تقول: «اشربوا و لا تسكروا» [77] . و تقول أيضا: «كنا ننبذ للنبي (ص) في سقاء، فنأخذ قبضة من زبيب أو قبضة من تمر، فنطرحها في السقاء، ثم نصب عليها الماء ليلا، فيشربه نهارا، أو نهارا، فيشربه ليلا» [78] . أخيرا، تحدثنا عائشة عن سلوك للنبي، قبيل وفاته، لم نجد سبيلا الي فهمه أو تبريره؛ تقول: «ان رسول الله (ص) كانت تأخذه الخاضرة فيشتد به جدا، فكنا نقول: أخذ رسول الله (ص) عرق الكلية! لا نهتدي أن نقول: الخاصرة! ثم أخذت رسول الله (ص) يوما، فاشتدت به جدا، حتي أغمي عليه، و خفنا عليه، و فزع الناس اليه فظننا أن به ذات الجنب، فلددناه، ثم سري عن رسول الله (ص) و أفاق، فعرف أنه قد لد، و وجد أثر اللدود، فقال: ظننتم أن الله عزوجل سلطها علي؟ ما كان الله يسلطها علي! و الذي نفسي بيده، لا يبقي أحد في البيت الا لد - الا عمي! فرأيتهم يلدونهم رجلا رجلا... و بلغ اللدود أزواج النبي (ص)، فلددن امرأة امرأة، حتي بلغ اللدود امراة منا؛ قال ابن أبي‌الزناد: لا أعلمها الا ميمونة؛ و قال بعض الناس: أم‌سلمة! قالت: اني و الله صائمة! فقلنا: بئسما ظننت أن نتركك، و قد أقسم رسول الله (ص)! فلددناها و الله... و انها لصائمة» [79] . [ صفحه 34]

كل هذا التناقض

ظلت هذه الحدة متمكنة من عائشة حتي مراحل متأخرة من حياتها. فقد روي، علي سبيل المثال، أن «ابن أبي‌عتيق، دخل علي أم‌المؤمنين عائشة، و هو مشتمل علي قرد، و قال لها: يا أمه، بركي مني! فقالت: بارك الله فيك! قال: و فيما معي! قالت: و فيما معك! فتكشف لها عنه، فقالت: لقد هممت أن أدعو عليك بدعوة تدخل معك قبرك» [80] . ان كل ما سبق، و غيره كثير، يدفعنا حتما الي التساؤل: هل يمكن أن تكون عائشة بالفعل أحب الناس الي قلب النبي، أو أن يكون أمر حقا أن يأخذ المسلمون شطر دينهم عنها؟ و هل قال في الواقع: ان فضلها علي النساء، كفضل الثريد علي الطعام؟ سنروي هنا بعض الأخبار التي تشكك في ما هو متعارف عليه من أن النبي كان يحبها - و يفضلها - علي سائر أهل عصره. تقول احدي الروايات، نقلا عن عائشة ذاتها، «ان رسول الله (ص) أهديت له قلادة جزع، قال: لأدفعنها الي أحب أهلي الي! فقالت النساء: ذهب بها الي ابنة أبي‌قحافة [عائشة]. فعلقها في عنق أمامة بنت زينب بنت رسول الله (ص)» [81] . أما بشأن ما ينظر اليها كأحد أهم مراجع الدين، فقد ورد في صحيح البخاري: «قام النبي (ص)، فأشار الي مسكن عائشة، فقال: ههنا الفتنة! ههنا الفتنة! حيث يطلع قرن الشيطان» [82] ؛ و ورد في صحيح مسلم: «خرج رسول الله (ص) من بيت عائشة، فقال: رأس الكفر من ههنا حيث يطع قرن الشيطان» [83] ؛ و روي عن أبي‌حاتم أن النبي، قال «: أطعمينا يا عائشة؟ قالت: ما عندنا شي‌ء! فقال أبوبكر: ان المرأة المؤمنة لا تحلف أن ليس عندها شي‌ء و هو عندها. فقال النبي: و ما يدريك أنها مؤمنة!!! ان المرأة المؤمنة كالغراب الأبقع بين الغربان» [84] . [ صفحه 35]

اخلاق عائشة.... و نساء النبي

اشاره

اذا كانت عائشة بهذه الحدة و تلك الأخلاق في تعاملها مع النبي، فكم بالحري أن تزداد تطرفا في حدتها و عنفها في التعامل مع زوجاته، اللواتي كن ينافسنها في كل شي‌ء. و لما كانت أخبار عائشة مع نساء النبي الأخريات كثيرة وهامة، ارتأينا أن نقدمها بشي‌ء من التفصيل و التصنيف، فنجعل لكل زوجة من زوجاته الهامات فصلا مستقلا، ثم نجمل الباقيات الثانويات في فصل واحد. يذكر اليعقوبي في تاريخه أن النبي تزوج باحدي و عشرين امرأة، و قيل ثلاثا و عشرين. و هن: خديجة، سودة، غزية أم‌شريك، حفصة، زينب بنت خزيمة، أم‌حبيبة، زينب بنت جحش، أم‌سلمة، جويرة بنت الحارث، صفية، ميمونة بنت الحارث، مارية أم‌ابراهيم؛ أما اللواتي لم يدخل بهن فهن: خولة بنت الهذيل و شراف أخت دحية الكلبي و سنا بنت الصلت اللواتي متن قبل و صولهن اليه، ريحانة بنت شمعون، أسماء بنت النعمان، قتيلة بنت قيس، عمرة بنت يزيد، العالية بنت ظبيان، و جونية أخري غير أسماء

عائشة و خديجة

رغم أن عائشة لم تر خديجة قط و لم تدركها، الا أن ذكر النبي اياها كان غالبا ما يجعلها محط غيرة عائشة، و بالتالي تعابيرها القاسية. و رد في أسد الغابة [85] عن عائشة، قولها: «ما غرت علي أحد من أزواج النبي، ما غرت علي خديجة [نلاحظ تكرار هذا القول بالنسبة [ صفحه 36] لأكثر من واحدة من نساء النبي]، و ما بي أن أكون أدركتها، و ما ذاك الا لكثرة ذكر رسول الله (ص) لها... ذكرها يوما من الأيام، فأدركتني الغيرة، فقلت: هل كانت الا عجوزا، أبدلك الله خيرا منها؟ فغضب حتي اهتز مقدم شعره من الغضب». و في مسند أحمد [86] ، ورد قولها عن خديجة: «لقد أعقبك الله، يا رسول الله، من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين... فتغير وجه رسول الله (ص) تغيرا لم أره الا عند نزول الوحي أو عند المخيلة حتي يعلم رحمة أو عذاب». و في نص آخر [87] من المرجع ذاته، نجد النبي يقول عن خديجة: «ما أبدلني الله خيرا منها؛ آمنت بي اذ كفر بي الناس، و صدقتني اذ كذبني الناس، و واستني بما لها اذ حرمني الناس، و رزقني الله - عزوجل - ولدها، اذ حرمني أولاد النساء». - و يبدو أن الجملة الأخيرة تختصر أحد أسباب غيرة عائشة، غير المبررة [88] !. في السمط الثمين [89] ، نصادف عائشة تقول: «ما حسدت امرأة ما حسدت خديجة... و ذلك أن رسول الله (ص) بشرها بيت في الجنة، لا صخب فيه و لا نصب». و يضيف ابن‌ماجة [90] ، «من قصب، يعني من ذهب». و في سياق حديثها عن غيرتها، تذكر عائشة أيضا، أن النبي «كان يذبح الشاة فيتتبع بها صدائق خديجة، فيهديها لهن» [91] ؛ و تضيف: «ربما ذبح نشاة ثم يقطعها أعضا ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة الا خديجة! فيقول: انها كانت و كانت و كان لي منها ولد» [92] . يبدو أن سببا آخر لغيرة عائشة من خديجة هو أن النبي لم يتزوج عليها حتي ماتت! فكثيرا ما نجدها هذه المقولة: «لم يتزوج النبي (ص) علي خديجة حتي ماتت» [93] . أخيرا، تذكر عائشة أنه حين «استأذنت هالة بنت خويلد، أخت خديجة، علي رسول الله (ص)، فعرف استئذان خديجة، فارتاع لذلك، و قال: اللهم هالة! فغرت، فقلت: ما تذكر= [ صفحه 37] من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، و أبدلك الله خيرا منها» [94] «و قال ابن‌التنين في سكوت النبي علي هذه المقالة دليل علي أفضلية عائشة علي خديجة، الا أن يكون المراد بالخيرية هنا حسن الصورة و صغر السن» [95] و يبدو أن ابن‌التنين لم يصادف الا هذا النص الذي لم نجد فيه ردا للنبي علي تلفظات عائشة!!!

عائشة و سودة

رغم اتفاق الروايات علي أن زواجي النبي من سودة و عائشة لم يفصل بينهما زمن طويل، فالاختلاف بين تلك الروايات كبير في تحديد التواريخ علي نحو دقيق. مع ذلك، يمكن أن نستشف من أخبارة سودة في التراث الاسلامي أن تلك المرأة كانت مجرد أرملة أقرب الي السذاجة، متقدمة في السن، مقارنة بعائشة أو جويرية أو صفية، لكنها ليست أكبر من النبي، ضخمة، غير جميلة الي حد ما. و قد تزوجها النبي في مرحلة صعبة، حرجة من حياته - اضطراريا ربما - قبيل انتقاله من مكة الي المدينة؛ أي: في مرحلة التحول من الدوغماتية الي البراغماتية. لا نمتلك سوي معلومات ضئيلة عن سودة، مقارنة بغيرها من نساء النبي البارزات. و أهم ذلك أنها كانت ضمن حزب عائشة، المواجه للحزب الآخر الذي تزعمته الزوجة البارزة الاخري، أم‌سلمة. من الأمور المعروفة عن سودة، أن النبي، لما أسنت، طلقها، أو أراد طلاقها، فوهبت «ليلتها» لعائشة، فراجعها. يذكر المنتظم [96] ، علي سبيل المثال، «أن رسول الله (ص) طلق سودة، فجعلت يومها لعائشة، فراجعها». أما المحلي [97] ، فيذكر أن سودة «وهبت يومها و ليلتها، لما أسنت، لعائشة (رض). و جاء أنه - عليه الصلاة و السلام - أراد فراقها، فلما رغبت اليه - عليه الصلاة و السلام - في امساكها، و تجعل يومها و ليلتها [ صفحه 38] لعائشة، لم يفارقها». لكن هداية الباري [98] يزعم أنها «وهبت يومها و ليلتها لعائشة، تبتغي بذلك رضا رسول الله (ص)». روي أيضا، أن النبي «كان يسوي مع ما أطلق له و خير فيه، الا سودة، فانها وهبت ليلتها لعائشة، و قالت: لا تطلقني حتي أحشر في زمرة نسائك» [99] . و في حديث ابن‌عباس، أن «سودة خشيت أن يطلقها رسول الله (ص)، فقالت يا رسول الله، لا تطلقني، و امسكني و اجعلني حتي أحشر في زمرة نسائك» [100] و في حديث عائشة: «ما كان رسول الله (ص) يفضل بعضنا علي بعض في القسم. و كان قل يوم الا و هو يطيف بنا و يدنو من كل واحدة منا من غير مسيس، حتي ينتهي الي التي هي يومها، فيبيت عندها. و لقد قالت له سودة بنت زمعة، و قد أراد أن يفارقها: يومي منك و نصيي لعائشة! فقبل ذلك منها» [101] يقدم ابن‌سعد [102] ، تفاصيل أخري، نقلا عن عائشة: «كانت سودة بنت زمعة قد أسنت، و كان رسول الله (ص) لا يستكثر منها، و قد علمت مكاني من رسول الله (ص)، و أنه يستكثر مني، فخافت أن يفارقها، و ضنت مكانها عنده، فقالت: يا رسول الله (ص)، يومي الذي يصيبني لعائشة، و أنت منه في حل. فقبله النبي (ص)، و في ذلك نزلت: «و ان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا» (نساء 128) « [103] يذكر المرجع ذاته تفاصيل أخري، فيقول: «قال رسول الله (ص) لسودة بنت زمعة: اعتقدي! فقعدت له علي طريقه ليلة، فقالت: يا رسول الله! ما بي حب الرجال، و لكني أحب أن أبعث في أزواجك، فأرجعني. فأرجعها رسول الله (ص)» [104] و في رواية أخري أن «النبي (ص) بعث الي سودة بطلاقها، فلما أتاها، جلست علي طريقة لبيت عائشة، فلما رأته، قالت: أنشدك بالذي أنزل عليك كتابه و اصطفاك علي خلقه! لم طلقني؟ ألموجودة وجدتها في؟ قال: لا! قالت: فاني أنشدك بمثل الأولي، أما راجعتني، و قد كبرت، و لا حاجة لي في [ صفحه 39] الرجال، و لكني أحب أن أبعث في نسائك يوم القيامة. فراجعها النبي (ص). قالت: فاني قد جعلت يومي و ليلتي لعائشة، حبة رسول الله (ص)» [105] و في نص آخر يقال: «لما أسنت سودة عند رسول الله (ص)، هم بطلاقها؛ قالت: لا تطلقني، و أنت في حل من شأني» [106] و هكذا، «كان رسول الله (ص)يقسم لعائشة يومين: يومها و يوم سودة [107] فكانت عائشة تقول: «ما رأيت امرأة أحب الي أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة: امرأة فيها حدة، فلما كبرت، جعلت يومها من رسول الله (ص) لعائشة» [108] و في رواية أخري، تقول عائشة عن سودة: «انها امرأة فيها حسد» [109] . فلماذا طلق (أو أراد طلاق) النبي سودة، و هل كانت بالفعل مسنة؟ من المتعارف عليه أن سودة بنت زمعة «توفيت سنة أربع و خمسين بالمدينة، في خلافة معاوية» [110] هذا يعني أنها عاشت بعد النبي أربعين عاما علي الأقل: و نعرف أن النبي توفي في السنة الحادية عشرة للهجحرة. و لو أنها توفيت و عمرها مئة عام، فالنتيجة الحتمية التي لا مفر من الوصول اليها هي أنها لم تكن تتجاوز الستين من العمر حين توفي النبي - أي: كانت أصغر منه. اذن، لم تكن سودة مسنة مقارنة بالنبي، خاصة اذا ما أخذنا بعين الاعتبار زواجه الطويل من خديجة التي كانت تكبره بحوالي خمسة عشر عاما - فلماذا طلقها؟ اضافة الي «الحدة» و «الحسد»، اللذين وصفمتها بهما عائشة - و لا يوجد في ما بين أيدينا من أحاديث ما يشير الي شي‌ء من ذلك - يمكن أن نستنتج من الروايات القليلة المتعلقة بسودة صفات أخري في هذه المرأة، لا تجعلها مرغوبة من رجل عادي، فكيف برجل قوي متنفذ متمكن!؟ مشكلة سودة، كما أشرنا، أنها كانت زوجة من مرحله انتقالية صعبة، و كان لا بد من التخلص منها مع زوال تلك المرحلة. [ صفحه 40] عن صفات سودة الأخري غير المرغوبة، تتحدث احدي الروايات، نقلا عن عائشة - الحديث هنا عن سبب نزول آية الحجاب، و الأمر غير متفق عليه - فنقول: «كان أزواج رسول الله (ص) يخرجن بالليل، الي حوائجهن بالمناصع. فكان عمر [بن الخطاب] يقول لرسول الله: أحجب نساءك!!! فلم يكن يفعل!!! فخرجت سودة ليلة من الليالي، و كانت امرأة طويلة، فناداها عمر بصوته الأعلي: قد عرفناك يا سودة! حرصا!!! علي أن ينزل الحجاب» [111] . كانت سودة «امرأة يفرع الناس من جسمها» [112] ، و كانت «ثبطة، ثقيلة»، لطالما استأذنت التي «في الافاضة قبل الصبح من جمع» [113] . اضافة الي ضخامة سودة التي، علي ما يبدو، لم تكن طبيعية، فالمصادر الاسلامية توحي أيضا بأنها كانت تمتلك صفات أخري جعلتها غير مذغوبة: من ذلك البساطة التي قد تلامس السذاجة أحيانا. يروي أسد الغابة الحدث التالي: «أن عائشد و حفصة (رض) كانتا جالستين تتحدثان، فأقبلت سودة زوج النبي (رص)، فقالت احداهن للأخري: أما ترين سودة ما أحسن حالها! لنفسدن عليها! و كانت من أحسنهن حالا! كانت تعمل ال.ديم الطائفي. فلما دنت منهما، قالتا لها: يا سودة، أما شعرت؟ قالت: و ما ذلك؟ قالتا: خرج الأعمور الدجال! ففزعت، و خرجت حتي دخلت خيمة لهم، يوقدون فيها، و كان في مائتيها زعفران، فأقبل النبي (ص) فلما رأتاه استضحكتا، و جعلتا لا تستطيعان أن تكلماه، حتي أومأت اليه، فذهب حتي قام علي باب الخمية، فقالت: يا نبي الله» خرج الأعمور الدجال؟ فقال: لا، و لا كان قد خرج! فخرچت، و جعلت تنفض عنها نسيج العنكبوت» [114] - لا بدأن نلاحظ هنا جملة «كانت من أحسنهن حالا». [ صفحه 41] و تقول رواية أخري، نقلا عن عائشة: «أتيت رسول الله (ص) بجريرة، طبختها له، فقلت السودة، و النبي (ص) بيني و بينها: كلي! فأبت. فقلت لها: كلي، و الا لطخت وجهك! فأبت، فوضعت يدي علي الحريرة فطليت بها وجهها، فضحك النبي (ص)، و وضع فخذه لها، و قال لسودة: ألطخي وجهها! فلطخت وجهي، فضحك النبي» [115] - لا بد أن نلاحظ هنا أيضا فرق السن المفترض بين الاثنتين. صراعات لا بد منها: رغم أن سودة كانت من حلف عائشة، فهذا لم يمنع الأخيرة أن تكيد لها و تضايقها - لكن ليس بأسلوب تعاملها مع الحلف المعادي. يحكي أحد المصادر أن عائشة «سمعت سودة تنشد: عدي و تيم تبتغي من تحالف. فقالت عائش لحفصة: ما تعرض ال بي و بك يا حفصة، فاذا رأيتني أخذت برأسها، فأغينيني! فقالت: فأخذت برأسها، و خافت حفصة، فأعانتها. و جاءت أم‌سلمة، فأعانت سودة. فأتي النبي (ص)، فأخبر و قيل له: أدرك نساءك يقتتلن! فقال: و يحكن! مالكن؟ فقالت عائشة: يا رسول الله، ألا تسمعها، تقول: عدي و تيم تبتغي من تحالف؟ فقال: و يحكن! ليس عديكن و لا تيمكن؛ انما هو عدي تميم و تيم تميم» [116] . لا يبدو ن سوة استطاعت أن تنجو من برائن أسطورة المغافير الشهيرة. ففي احدي نسخ الأسطورة، نجدها مستهدفة من عائشة و حفصة: «كان رسول الله (ص) يشرب عند سودة العسل، فدخل علي عائشة، فقالت: اني أجد ريحا! حتي دخل علي حفصة، فقالت له مثل ذلك، فقال: أراه من شراب شربته عند سودة، و الله لا أشربه! فنزلت: «يا أيهي النبي لم تحرم ما أحل الله لك»» [117] . نسخة ثانية، أكثر أهمية، تقدمها لنا عائشة، التي تقول: «كان رسول الله (ص) يحب الحلوي و يحب العسل. و كان اذا صلي العصر، دار علي نسائه، فيدنو منهن. فدخل علي حفصة، فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس، فسألت علي ذلك، فقيل لي: أهدت [ صفحه 42] لها امرأة من قومها عكة عسل، فسقت رسول الله (ص) منه. فقلت: أما - و الله - لنحتالن له!!! فذكرت ذلك لسودة و قلت: اذا دخل عليك، فانه سيدنو منك، فقولي له: يا رسول الله! قد أكلت مغافير؟ فانه سيقول لك: لا! فقولي له: ما هذه الريح؟ و كان رسول الله (ص) يشتد عليه أن يوجد منه ريح. فانه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل. فقولي له: جرست نحله العرفط. و سأقول له ذلك. فقولي له أنت يا صفية. فلما دخل علي سودة، قالت سودة: و الله الذي لا اله الا هو، لقد كدت أن أبادئه بالذي قلت لي، و انه لعلي اللباب، فرقا منك. فلما دنا رسول الله (ص)، قلت: يا رسول الله، أكلت مغافير؟ قال: لا! قلت: فما هذه الريح؟ قال: جرست نحلة العرفط. فلما دخل علي، قلت له مثل ذلك. ثم دخل علي صفية، فقالت له مثل ذلك. فلما دخل علي حفصة، قالت: يا رسول الله، ألا أسقيك منه؟ قال: لا حاجة لي به! قالت: تقول سودة: سبحان الله، و الله لقد حرمناه!! قلت لها: اسكتي» [118] . أسطورة المغافير، رغم تبعثرها في معظم زوايا التراث الاسلامي، مخترعة في اعتقادنا، للتغطية علي القصة الحقيقية الكامنة خلف سورة التحريم، و التي سنناقشها لا حقا في فصل «عائشة و مارية».

عائشة... و حفصة

كانت حفصة بنت عمر بن الخطاب أقرب نساء النبي الي عائشة، و احدي أهم ركائر حزبها. لكن يبدو أن محبة النبي لها لم تكن بقدر محبته لنسائه الأخريات. و احتفاظه بها ضمن نسائه، علي ما يبدو، كان فقط لانها ابنة الرجل القوي، عمر بن الخطاب. و ذكرها القليل نسبيا في التراث الاسلامي، ارتبط علي نحو شبه مستمر بقصص مؤامراتها مع عائشة ضد التي أو ضد نسائه الأخريات. و اذا ما تجاهلنا أسطورة المغافير الشهيرة، فان نصوص تفاسير سورة التحريم تتضمن أكثر الارشاات الي حفص في التراث الاسلامي، حيث الكلام عن تكليف الله «عائشة [ صفحه 43] و حفصة بالتوبة» [119] ، بعد الذي بدا منهما حين اكتشفتا أن النبي يضاجع مارية القبطية، جاريته، في فراش حفصة. (لا يوجد اتفاق شامل في المصادر الاسلامية حول ما اذا كان فعل المضاجعة حدث في فراش حفصة أم في فراش عائشة) - والقصة ستناقش في فصل «عائشة و مارية». يبدو أن مشاكل حفصة مع النبي كانت كثيرة، حتي أنه طلقها - علي الأرجح - أكثر من مرة. فيقال ان عمر «دخل علي حفصد، و هي تبكي. فقال: ما بيكيك؟ لعل رسول الله (ص) طلقك؟ ان كان طلقك مرة ثم راجعك من أجلي! و الله لئن طقلك مرة أخري، لا أكلمك أبدا» [120] و يؤكد القرطبي أن النبي «تزوجها ثم طلقها» [121] و تقول رواية أخري، ان النيب طلق «حفسة، فأتت أهلها، فأنزل الله تعالي: «يا أيها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن» [طلاق 1]؛ فقيل له: راجعها، فانها صادقة قوامة، و هي من أزواجك و نسائك في الجنة» [122] . يبدو أن مشكلة حفصة، كانت عائشة: فقد أرادت أن تلعب في حياة النبي و نسائه دور عائشة، دون أن تمتلك ما يؤهلها لذلك. و كما أشرنا، فقد كان عمر، أبوها، يقول لها: «لا يغرنك حب رسول الله عائشة و حسنها أن تراجعيه بما تراجعه عائشة» [123] ؛ أو: «لعلك تراجعين التي بمثل ما تراجعه به عائشة؛ نه ليس لك مثل حظوة عائشة، و لا حسن زينب» [124] . فيلة جدا هي الأخبار حول علاقة عائشة بحفصة: اذا ما استثينا قصة مارية. من ذلك، ما قالته عائشة: «أهديت لحصة شاة، و نحن صائمتان، ففطرتني، فكانت ابنة أبيها. فلما دخل علينا رسول الله (ص)، ذكرنا ذلك له، فقال: أبدلا يوما مكانه» [125] و مرة أخري، «دخلت حفصة علي عائشة، زوج النبي (ص)، و علي حفصة خمار رقيق، فشقته عائشة، و كستها خمارا كثيفا» [126] - و لا نعرف اذا كان ذلك يوحي برقة الدين عنه حفصة: أم بشي‌ء آخر!! [ صفحه 44] رغم العلاقة الحميمة الشهيرة التي ربطت عائشد بحفصة، فقد كان لا بد من حضور غير الأولي، خاصة اذا كان الأمر يتعلق بالتنافس علي قلب النبي: «قالت عائشة: كان رسول الله (ص) اذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة علي عائشة و حفصة، فخرجتا معه جميعا. و كان رسول الله (ص) اذا كان بالليل، سار مع عائشة يتحدث معها، فقالتحفصة لعائشة: ألا تركبين الليلة بعيري و أركب بعيرك، فتنظرين و أنظر؟ قالت: بلي! فركبت عائشة علي عير حفصة، و ركبت حفصة علي بعير عائشة، فجاء رسول الله (ص) الي حمل عائشة و عليه حفصة، فسلم ثم سار معها، حتي نزلوا و اديا، فافتقدته عائشة، فغارت، فلما نزلوا جعلت تجعل رجليها بين الأذخر، و تقول: يا رب، سلط علي عقربا أو حية تلدغني؛ رسولك و لا أستطيع أن أقول شيئا» [127] .

عائشة... و أم سلمة

في السنة الرابعة للهجرة علي الأرجح، «تزوج رسول الله (ص) أم‌سلمة بنت أبي‌أمية، و دخل بها» [128] «و اسمها هند... و كانت قبلة عند أبي سلمة بن عبد الأسد... [و الذي] شهد بدرا... و أصابته جراح يوم أحد، فمات منها، و كان ابن‌عمة رسول الله و رضيعه... فتزوجها [النبي] قبل الأحزاب سنة ثلاث» [129] للهجرة. لقد أحدث زواج النبي بأم سلمة شرخا في علاقته بعائشة. يذكر المنتظم [130] عن النبي قوله: «ان لعائشة مني شعب ما نزلها مني أحد. فلما تزوج أم‌سلمة، سئل، فقيل: يا رسول الله! ما فعلت الشعب؟ فسكت، فعرف أن أم‌سلمة قد نزلت عنده». بالمقابل، تقول عائشة ذاتها: «لما تزوج رسول الله (ص) أم‌سلمة، حزنت حزنا شديدا، لما ذكر الناس جمالها. فتلطفت حتي رأيتها، فرأيتها و الله أضعاف ما وصفت لي في الحسن و الجمال، فذكرت ذلك [ صفحه 45] لحفضة، و كانتا يدا واحدة، فقالت: و الله ان هذه الا الغيرة؛ ما هي كما تقولين! فتلطفت لها حفصة حتي رأتها، فقالت: و الله ما هي كما تقولين و لا قريب، و انها لجميلة» [131] و يضيف مصدر آخر، أن عائشة قالت، ردا علي ما ذكرته لها حفصة: «فرأيتها بعد، فكانت - لعمري - كما قالت حفصة، و لكني كنت غيري» [132] . من أبرز سمات الغيرة عند عائشة، تكسيرها لصحف نساء النبي الأخريات. يذكر النسائي [133] ، علي سبيل المثال، عن أم‌سلمة، «أنها أتت بطعام في صحفة لها الي رسول الله (ص). أصحابه، فجاءت عائشة (رض) مستترة بكساء، و معها فهر، فتلقت به الصحفة، فكسرتها، فجمع رسول الله (ص) بين فلقتي الصحفة، يقول: غارت أمكم، غارت أمكم». بالمقابل، فان أم‌سلمة اعتذرت بادئ ذي بدء عن الزواج بالنبي، متذرعة أيضا بأنها «غيري» [134] . يروي ابن سعد [135] الحكاية التالية، نقلا عن عائشة: «دخل علي يوما رسول الله (ص)، فقلت: أين كنت منذ اليوم؟ قال: يا حميراء، كنت عند أم‌سلمة! فقلت: ما تشبع من أم‌سلمة! فتبسم، فقلت: يا رسول الله، ألا تخبرني عنك لو أنك نزلت بعدوتين احداهما لم ترع و الأخري قد رعيت، أيهما كنت ترعي؟ قال: التي لم ترع. قلت: فأنا ليس كأحد من نسائك». بالمقابل، فعلي ما يبدو لم تكن أم‌سلمة ترتاح لعائشة. فذات مرة قال لها النبي: «يا أم‌سلمة، لا تؤذيني [في عائشة]، و الله ما نزل علي الوحي و أنا في لحاف امرأة منكن غيرها» [136] . و هكذا يذكر البخاري في صحيحه [137] «أن نساء رسول الله (ص) كن حزيين: فحزب فيه عائشة و حفصة و صفية و سودة؛ و الحزب الآخر، أم‌سلمة و سائر نساء رسول الله [ صفحه 46] (ص). و في الصراع المادي بين الحزيين، كانت أم‌سلمة الناطق باسم حزبها ضد عائشة، التي كان المسلمون يخصمون التي بهداياهم في يومها [138] . المغافير... أيضا: يبدو أن أسطورة المغافير، التي لم تنج من براثنها معظم نساء النبي، طاولت أيضا، في احدي نسخها، أم‌سلمة. روي ابن‌سعد في طبقاته (55)، نقلا عن عائشة: «كان رسول الله قل يوم الا و هو يطوف علي نسائه، فيدنو من أهله، فيضع يده! و يقبل كل امرأة من نسائه! حتي يأتي علي آخرهن، فان كان يومها قعد عندها، و الا قام! فكان اذا دخل بيت أم‌سلمة، يحتبس عندها. فقلت [عائشة]، أنا و حفصة، و كانتا جميعا يدا واحدة: ما نري رسول الله يمكث عندها الا أنه يخلو عندها - تعنيان الجماع! - و اشتد ذلك علينا حتي بعثنا من يطلع لنا ما يحبسه عندها، فاذا هو صار اليها، أخرجت له عكة من عسل، فتحت له فمها، فيلعق منه لعقا: كان العسل يعجبه. فقالتا: ما من شي‌ء نكرهه اليه حتي لا يلبث في بيت أم‌سلمة. فقالتا:ليس شي‌ء أكره اليه من أن يقال له: نجد منك ريح. فاذا جاءك فدنا منك، فقول: اني أجد منك ريح شي؛ فانه يقول: من عسل أصبته عند أم‌سلمة. فقولي له: ما أري نحله الا جرس عرفطا! فلما دخل علي عائشة، فدنا منها، قالت: اني لأجد منك شيئا، ما أصبت؟ فقال: عسل من بيت أم‌سلمة. فقالت: يا رسول الله! أري نحله جرس عرفطا. ثم خرج من عندها، فدخل علي حفصة، فدنا منها، فقالت مثل الذي قالت عائشة. فلما قالتا جميعا، اشتد عليه، فدخل علي أم‌سلمة بعد ذلك، فأخرجت له العسل، فقال: أخريه عني، لا حاجة لي فيه. فقالت [عائشة]: فكنت و الله أري أن قد أتينا أمرا عظيما - منعنا رسول الله شيئا كان يشتهيه». و مضات أخلاقية: حدث آخر يذكره أحمد في مسنده [139] نقلا عن عائشة، يلقي بعض الضوء علي السوية الأخلاقية الرفيعة التي كانت سائدة في البيت النبوي. قالت عائشة: «كانت [ صفحه 47] عندنا أم‌سلمة، فجاء النبي (ص) عند جنح الليل فذكرت شيئا صنعه بيده، و جعل لا يفطن لأم سلمة، و جعلت أومئ اليه، حتي فطن. قالت أم سلمة: أهكذا الآن! أما كانت واحدة منا عندك الا في خلابة كما أري! و سبت عائشة!!! و جعل النبي (ص) ينهاها، فتأبي!!! قال النبي(ص) [عائشة]: سبيها!!!! فسبتها!!!! حتي غلبتها [140] !!!! فانطلقت أم‌سلمة الي علي و فاطمة، فقالت: ان عائشة سبتها، و قالت لكم و قالت لكم. فقال علي لفاطمة: اذهبي اليه، فقولي، ان عائشة قالت لنا، و قالت لنا! فأنته، فذكرت ذلك له! فقال لها النبي (ص): انها حبة أبيك و رب الكعبة. فرجعت الي علي، فذكرت ذلك له! فقال لها النبي (ص): انها حبة أبيك و رب الكعبة. فرجعت الي علي، فذكرت له الذي قال لها فقال: أما كفاك ألا أن قال لنا عائشة و قالت لنا، حتي أنتك فاطمة فقلت لها: انها حبة أبيك، و رب الكعبة». - و الواقع أن علي و فاطمة كانا من أكبر الداعمين لحزب أم‌سلمة، التي ظلت بجانبه حتي موته. أخيرا، يبدو أن أم‌سلمة ظلت تنافس عائشة علي قلب النبي حتي لحظاته الأخيرة. اذ لما «هم رسول الله أن يطلق بعضهن [نساؤه]، جعلنه في حل لما خشي أزواج النبي أن يفارقهن، لن: ارض لنا من نفسك و مالك ما شئت! فأمره الله، فأرجأ خمسا، و آواي أربعا» [141] . و كان الأمر في آية: «ترجئ من تشاء منهن» [142] [أحزاب 51]. و رغم الاختلاف في اللاتي عزلهن، الا أن هنالك شبه اجماع علي أنه ظل يأتي «عائشة و أم‌سلمة» [143] .

عائشة... و زينب بنت جحش

في السنة الخامس للهجرة، «تزوج رسول الله (ص) زينب جحش» [144] و «كانت ممن هاجر مع -رسول الله (ص)، و كانت امرأة جميلة [145] » [146] كانت زينب متزوجة قبل النبي من زيد بن حارثة: فمن هو زيد، و كيف تزوجته زينب؟ [ صفحه 48] زيد بن حارثة هو «رجل من بني كلب سبي صغيرا. و كانت العرب في جاهليتها يتغاورون و يتسابون. فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خدجية. فلما تزوجها محمد (ص)، و هبته له. و طلبه أبوه و عمه، فخير، فاختار رسول الله (ص)، فأعتقه. و كانوا يقولون: زيد بن محمد» [147] «خطب رسول الله (ص) زينب بنت جحش، بنت عمته أميمة بنت عبدالمطلب، علي مولاه زيد بن حارثة، فأبت، و أبي أخوها عبدالله، فنزلت! [الآية 36 من الأحزاب: «و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضي الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم. من بعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا»]، فقالا: رضينا يا رسول الله! فأنكحه اياها، و ساق عنه اليها مهرها: ستين درهما، و خمارا و ملحفة و ازارا،و خمسين مدا من طعام، و ثلاثين صاعا من تمر» [148] و تؤكد رواية أخري الأحداث السابقة، فتقول: «و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة: زينب أخته، في الزواج من زيد» [149] و يفصل ابن‌كثير المسألة في تفسيره [150] ، فيقول: «و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة»، و ذلك أن رسول الله (ص) انطلق خطب علي فناه، زيد بن حارثة (رض)، فدخل علي زينب بنت جحش الأسدية (رض)، فخطبها، فقالت: لست بناكحته! فقال رسول الله (ص): بل فانكحيه! قالت: يا رسول الله، أؤامر في نفسي؛ فبينما هما يتحدثان، أنزل الله هذه الآية علي رسول الله... فقالت: قد رضيته لي يا رسول الله منكحا... [و في رواية]، قالت: أنا خير منه حسبا. و كانت امرأة فيها حدة». و «أصدقها عشرة دنانير و ستين درهما، و خمارا و ملحفة و درعا، و خمسين مدا من طعام، و عشرة أمداد من تمر» [151] و يضيف القرطبي في تفسيره للآية 36 من الأحزاب ما [ صفحه 49] يلي: «أن رسول الله (ص) خطب زينب بنت جحش، و كانت بنت عمته، فظنت أن الخطبة لنفسه. فلما تبين أنه يريدها لزيد، كرهت و أبت و امتنعت، فنزلت الآية، فأذعنت زينت و تزوجته. و في رواية [أخري]: فامتنعت و امتنع أخوها عبدالله لنسبها من قريش، و أن زيدا كان بالأمس عبدا، الي أن نزلت هذه الآية». و رغم أن ذلك يتناقض تماما مع سياق آيات السورة، الا أن القرطبي يضيف في الموضع ذاته رواية تقول: «انها نزلت في أم كلثوم بنت أبي معيط [152] ، و كانت و هبت نفسها للنبي (ص)، فزوجها من زيد بن حارثة، فكرهت ذلك هي و أخوها». و يذكر الطبري في تفسيره للآية الآنفة الذكر نصا مطابقا لنص ابن‌كثير؛ و نصا آخر قريبا من نص رواية القرطبي الأولي. دون أن ينسي طبعا اشارة سريعة لحكاية أم كثلوم بنت عقبة بن أبي معيط. زواجها من النبي: يبعد أن تزوج زيد من زينب، «جاء رسول الله (ص) بيت زيد بن حارثة، و كان زيد ابن حارثة انما يقال له: زيد بن محمد! فربما فقده رسول الله (ص) الساعة، فيثقول: أين زيد؟ فجاء منزله يطلبه، فلم يجده، و قامت اليه زينب بنت جحش فضلا، فأعرض عنها رسول الله (ص، فقالت: ليس هئو هاهنا! يا رسول الله! ادخل!... فأبي... و انما عجلت زينب أن تلبس حين قيل لها: رسول الله (ص) علي الباب، فوثبت عجلة، فأعجبت!! رسول الله (ص)، فولي و هو يهمهم بشي‌ء لا يكاد يفهم، الا أنه أعلن: سبحان الله العظيم! سبحان الله مصرف القلوب!... فجاء زيد... فقال له: لعل زينب عجبتك؟.. فقال رسول الله (ص): أمسك عليك زوجك... ففارقها زيد، و اعتزلها، و حلت... فبينا رسول الله (ص) يتحدث مع عائشة، اذ أخذت رسول الله (ص) غشية فسري عنه و هو يبتسم، و يقول: من يذهب الي زينب يبشرها، يقول: ان الله!!! زوجنيها؟» [153] و تقول رواية أخري: «كان النبي (ص) قد زوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش، ابنة عمته، فخرج رسول الله (ص) قوما يريده، و علي الباب ستر من شعر، فرفعت الريح الستر، فانكشفت و هي في حجرتها حاسرة، فوقع [ صفحه 50] اعجابها في قلب النبي (ص)، فلما وقع ذلك، كرهت الي الآخر... فجاء، فقال: يا رسول الله! اني أريد أن أفارق صاحبتي» [154] و تقول رواية ثالثة: «ان رسول الله (ص) أبصرها بعدما أنكحها اياه [زيد بن حارثة]، فوقعت في نفسه، فقال: سبحان الله مقلب القلوب! و ذلك أن نفسه كانت تجفو عنها قبل ذلك لا تريدها، و لو أرادتها لاختطبها، و سمعت زينب بالتسبحة، فذكرتها لزيد، ففطن و ألقي الله! في نفسه كراهة صحبتها و الرغبة عنها لرسول الله (ص)، فقال لرسول الله (ص): اني أريد أن أفارق صاحبي! فقال [النبي]: مالك، أرابك منها شي‌ء؟ قال: لا و الله، ما رأيت منها الا خيرا، و لكنها تتعظم علي لشرف و تؤذيني. فقال: أمسك عليك زوجك و اتق الله! ثم طلقها بعد؛ فلما اعتدت، قال رسول الله (ص) [لزيد]: ما أجد أجدا أوثق في نفسي منك، اخطب علي زينب! قال زيد: فانطلقت، فاذا هي تخمر عجينتها، فلما رأيتها عظمت في صدري حتي ما أستطيع أن أنظر اليها [هذا يناقض ما قيل حول ايقاع الله لكراهيتها في صدره]، حين علمت أن رسول الله (ص) ذكرها، فوليت ظهري، و قلت: يا زينب! ابشري! ان رسول الله يخطبك. ففرحت، و الت: ما أنا بصانعة شي‌ء حتي أؤامر ربي [كذا]! فقامت الي مسجدها، و نزل القرآن «زوجناكها»، فتزوجها رسول الله (ص)، و دخل بها، و ما أو لم علي امرأة من نسائه ما أو لم عليها: ذبح شاة و أطعم الناس الخبز و اللحم حتي امتد النهار» [155] . يذكر الطبري أيضا، «أن زينب بنت جحش، فيما ذكر، رآها رسول الله (ص) فأعجبته، و هي في حبال مولاه، فألقي في نفس زيد كراهتها» [156] و يقول المرجع ذاته في رواية أخري، «كان النبي (ص) قد زوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش، ابنة عمته، فخرج رسول الله (ص) يوما يريده، و علي الباب ستر من شعر، فرفعت الريح الستر، فانكشفت، و هي في حجرتها حاسرة، فوقع اعجابها في قلب النبي (ص)» [157] . من ناحية أخري، يضيف القرطبي تفاصيل أخري، فيقول: «انه عليه السلام، أتي زينب يوما يطلبه [زيد]، فأبصر زينب قائمة، و كانت بيضاء جميلة جسيمة، من أتم نساء قريش، [ صفحه 51] فهويها، و قال: سبحان الله مقلب القلوب! فسمعت زينب بالتسبحة، فذكرتها لزريد... و قيل ان الله بعث ريحا فرفعت الستر، و زينب متفضلة في منزلها، فرأي زينب، فوقعت في نفسه» [158] . اذن، بحسب القرطبي، فان النبي «وقع منه استحسان لزينب بنت جحش، و هي في عصمة زيد، و كان حريصا علي أن يطلقها زيد، فيتزوجها هو» [159] لكن الغريب، أن تقول زينب، بحسب القرطبي ذاته: «و لم يستطعني زيد، و ما امتنع منه غير ما منعه الله مني فلا يقدر علي. و في بعض الروايات: أن زيدا تورم (!!!) منه ذلك، حين.راد أن يقربها» [160] . تقول رواية رابعة عن أنس: «لما انقضت عدة زينب (رض)، قال رسول الله (ص) لزيد بن حارثة: اذهب فاذكرها علي! فانطلق حتي أتاها، و هي تخمر عجينتها، قال: فلما رأيتها، عظمت في صدري حتي ما أستطيع أن أنظر اليها؛ و أقول: ان رسول الله (ص) ذكرها! فوليتها ظهري، و نكصت علي عقبي، و قلت: يا زينب! ابشري! أرسنلي رسول الله (ص) يذكرك! فقالت: ما أنا بصانعة شيئا حتي أؤامر ربي عزوجل!!! فقامت الي مسجدها، فنزل القرآن، و جاء رسول الله (ص) فدخل عليها بلا اذن! و لقد رأيتنا حين دخلت علي رسول الله (ص) و أطعمنا عليها الخبز و اللحم. فخرج الناس و بقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام. فخرج رسول الله (ص) و اتبعته، فجعل (ص) يتتبع حجر نسائه، يسلم عليهن، و يقلن: يا رسول الله، كيف وجدت أهلك؟ فما أدري: أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبر؛ فانطلق حتي دخل البيت، فذهبت أدخل معه، فألقي الستر بيني و بينه، و نزل الحجاب و وعظ القوم بما وعظوا به: «لا تدخلوا بيوت النبي الا أن يؤذن لكم»» [161] . لكن الطبري [162] يذكر أن التي بشرتها بتدخل الله ذاته في الأمر هي «سلمي خادم رسول الله (ص)... فأعطتها أوضاحا عليها». أخيرا، تبسط احدي الروايات القصة كلها باختصار مفيد، فتقول: «كان النبي خطبها [زينب] أولا لمولاه زيد بن حارثة، فترفعت عليه لشرف نسبها و جمالها، و ساعدها أخوها، [ صفحه 52] عبدالله بن جحش، فأنزل الله عزوجل فيهما: «و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضي الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا». فلما سمعت بذلك، رضيا طاعة لله و لرسوله، فأنكحها النبي (ص) زيدا، فمكثت عنده ما شاء الله. ثم رآها النبي (ص) يوما متزينة، فأعجبته، و رغب في نكاحها، لو طلقها زيد. فأوقع الله كراهيتها في قلب زيد، فجاء الي النبي (ص) يستأمره في فراقها، فقال له: أمسك عليك زوجك، و اتق الله في طلاقها من سبب. فأبي الا طلاقها، و طلقها... و لما انقضت عدتها، بعثه النبي (ص) اليها ليخطبها له. قال زيد: ما أستطيع النظر اليها اجلالا للنبي (ص)! فوليتها ظهري، و قلت: يا زينب! أرسلني رسول الله (ص) اليك يذكرك. فقالت: ما أنا بصانعة شيئا... أو أمر ربي. فقامت الي مسجدها، تصلي الاستخارة... و أنزل القرآن: «فلما قضي زيد منها وطرا زوجناكها»» [163] . نسف التبني: كان طبيعيا بالتالي أن يكمل الله معروفه، بعدما زوج زينب مرتين في زمن قياسي، بأن يلغي التبني، مرة و الي الأبد: حتي لا يقال ان محمدا تزوج زوجة ابنه. يروي النسائي [164] : «بني رسول الله (ص) زيدا، و كان من تبني رجلا في الجاهلية دعاه الناس ابنه، فورث في ميراثه»؛ ثم يكمل [165] : «فلما أنزل الله عزوجل: «ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله»، رد كل أحد ينتمي من أولئك الي أبيه، فان لم يكن يعلم أبوه رده الي مواليه». و يروي مسلم [166] عن عائشة، قولها: «لو كان رسول الله (ص) كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية: «و اذ تقول للذي أنعم الله عليه» - يعني: بالاسلام؛ «و أنعمت عليه» - يعني: بالعتق، فأعتقته؛ «أمسك عليك زوجك و اتق الله و تخفي في نفسك ما الله مبديه و تخشي الناس و الله أحق أن تخشاه»؛ الي قوله: «و كان أمر الله مفعولا». و ان رسول الله (ص) لما تزوجها [زينب]، قالوا: تزوج حليلة ابنه! فأنزل الله: «ما [ صفحه 53] كان محمد أبا أحد من رجالكم و لكن رسول الله و خاتم النبيين». و كان رسول الله تبناه و هو صغير، فلبث حتي صار رجلا، يقال له: زيد بن محمد! فأنزل الله: «ادعوهم لآبائهم هو أقسط عندالله، فان لم تعلموا آباءهم فاخوانكم في الدين و مواليكم»، فلان مولي فلان و فلان أخو فلان، «هو أقسط عند الله»، يعني: أعدل». و يقول القرطبي ان الآية السابقة نزلت «لما تزوج [النبي] زينب بنت جحش، قال الناس: تزوج امرأة ابنه» [167] و يقول ابن‌كثير [168] في تفسيره للآية 40 من سورة الأحزاب: «و ما جعل أدعياءكم أنبياءكم»: «نزلت في شأن زيد بن حارثة (رض)، مولي النبي (ص)، كان النبي قد تبناه قبل النبوة، فكان يقال له: زيد بن محمد! فأراد الله تعالي أن يقطع هذا الالحاق و هذه النسبة». و برأي ابن‌كثير [169] أيضا، أن الله قال: «لكيلا يكون علي المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم اذا قضوا منهن وطرا»، انها نزلت حين «تزوج رسول الله (ص) بزينب بنت جحش مطلقة زيد بن حارثة (رض)». هنا، لابد من تقديم الملاحظات التالية: 1- زينب بنت جحش هذه ليست سوي امرأة بيضاء سمينة، جميلة بمعايير ذلك الزمان - و تلك هي ميزتها الوحيدة. و زواج النبي بها لم تكن له أدني فائدة ان علي الصعيد الاجتماعي أو السياسي. 2- تدخل الاله مرتين علي الأقل في الشؤون العاطفية لهذه المرأة غير المتميزة. بل يقال انه تدخل ثلاث مرات، اذا ما أضفنا الي ما سبق، تدخله في مسألة الحجاب، بعد أن تزوجها النبي و أراد الخلو بها، و تابع بعض الثقلاء جلوسهم [170] لكن المسألة الأخيرة غير متفق عليها بالكامل اسلاميا كعلة لفرض الحجاب. [ صفحه 54] 3- كان زواج زينب من زيد و طلاقها منه ثم زواجها من النبي سريعا للغاية، اذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الآيات المواكبة لتلك الأحداث تنتمي كلها الي نص موحد، صغير في سورة الأحزاب (39 - 36). 4- نلاحظ أيضا أن النبي أرسل زوج زينب السابق اليها كي يخطبها عليه؛ و في هذا، برأينا، نوع من الاذلال لزيد لا يضاهي. 5- يبدو أن زينب كانت متأكدة، بدورها، من أن الله لن يعاند النبي في أي شي‌ء. و هكذا، كان منطقيا أن تشترط، بعناد غريب، أنها لن تتزوجه حتي يأمرها ربها. فكما أمرها بالزواج من زيد، لابد أن يأمرها بالزواج من والده بالتبني و نبيه و سيده. و هذا ما كان. صراع الامرأتين: ما أن أعلن أن الله بذاته هو الذي يأمر النبي بالزواج من زينب، حتي قالت عائشة كالعادة: «و أخذني ما قرب و ما بعد لما يبلغنا من جمالها، و أخري هي أعظم الأمور و أشرفها، ما صنع لها: زوجها الله عزوجل من السماء! و قلت: هي تفخر علينا بذلك» [171] و استدارت عائشة من ثم الي النبي، قائلة: «ما أري ربك الا يسارع في هواك» [172] . باتت عائشة، ليلة زواج النبي من زينب، «فريسة الغيرة» [173] و اذا كانت عائشة تفخر دائما علي نساء النبي الأخريات بما اختصت به من صفات، فقد جاءت زينب تتباهي بصفة تفوقت بها علي كل من عداها من نساء النبي. يروي ابن‌كثير: «أن زينب بنت جحش (رض) كانت تفخر علي أزواج النبي (ص)، فتقول: زوجكن أهاليكن و زوجني الله - تعالي - من فوق سبع سماوات» [174] ؛ أو: «ان آباءكن أنكحكن، و ان الله أنكحني اياه» [175] و هكذا، كانت تختال دائما، بقولها: «أنا أكرمكن وليا، و أكرمكن سفيرا» [176] - فوليها هو الله و سفيرها جبريل. [ صفحه 55] و كانت زينب تقول للنبي: «ان لأدل عليك بثلاث ما من نسائك تدل بهن: ان جدي و جدك واحد، و اني أنكحنيك الله من السماء، و ان السفير لجبرائيل (ع)» [177] . اذن، كان لدور الاله في حياة أزواج النبي أهميته الفائقة كمصدر للتفاخر: «روينا عن أم‌المؤمنين زينب و عائشة (رض) أنهما تفاخرتا، فقالت زينب: زوجني الله و زوجكن أهاليكن! و قالت عائشة: نزلت براءتي من السماء [في حادثة الافك التي سنناقشها لا حقا]! فسلمت لها زينب» [178] و يقدم لنا القرطبي عرضا آخر للتفاخر، فيقول: «قالت عائشة: أنا التي جاء بي الملك الي النبي (ص) في سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك [أخرجه الصحيح]. و قالت زينب: أنا التي زوجني الله الله من فوق سبع سماوات» [179] ، ثم يضيف: «كانت زينب تفخر علي نساء النبي (ص) تقول: ان الله عزوجل أنكحني من السماء، و فيها نزلت آية بحجاب» و كانت عائشة تقول: «لم يكن أحد من نساء النبي (ص) تساميني في المنزلة عنده الا زينب بنت جحش» [180] . لقد أدي التنافس علي قلب النبي و أموال الجماعة الأولي بين المرأتين الي حوادث شتي: كانت المادة [181] أهم سبب للصراع بين أزواج النبي، و هو ما تجلي في الصراع بين عائشة و زينب. و كان عامة الناس، كما أشرنا، «يتحرون بهداياهم يوم عائشة، يبتغون بذلك مرضاة رسول الله (ص)» [182] بشأن هذه المسألة، يورد البخاري في صحيحه [183] ، نقلا عن عائشة، الحديث التالي: «ان نساء رسول الله (ص) كن حزبين: فحزب فيه عائشة و حفصة و صفية و سودة، و الحزب الآخر، أم‌سلمة و سائر نساء رسول الله (ص). و كان المسلمون قد علموا حب رسول الله (ص) عائشة، فاذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها الي رسول الله (ص)، أخرها حتي اذا كان رسول الله (ص) في بيت [ صفحه 56] عائشة، بعث صاحب الهدية بها الي رسول الله (ص) في بيت عائشة. فكلم حزب أم‌سلمة، فقلن لها: كلمي رسول الله (ص) يكلم الناس، فيقول: من أراد أن يهدي الي رسول الله (ص) هدية، فليهده اليه حيث من بيوت نسائه. فكلمته أم‌سلمة بما فقلن، فلم يقل لهن شيئا. فسألنها، فقالت: ما قال لي شيئا! [و لما كررت فعلتها مرتين]، قال لها: لا تؤذيني في عائشة، فان الوحي لم يأتني و أنا في ثوب امرأة الا عائشة. فقالت: أتوب الي الله من أذاك يا رسول الله! ثم أنهن دعون فاطمة بنت رسول الله (ص)، فأرسلت الي رسول الله (ص)، تقول: ان نساك يندشنك العدل في بنت أبي‌بكر! فكلمته، فقال: يا بنية، ألا تحبين ما أحب؟ قالت: بلي! فرجعت اليهن، فقلن: ارجعي اليه! فأبت أن ترجع. فأرسلن زينب بنت جحش، فأتته، فأغلظت [184] و قالت: ان نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي‌قحافة! فرفعت صوتها، حتي تناولت عائشة و هي قاعدة، فسبتها! حتي أن رسول الله(ص) لينظر الي عائشد: هل تكلم! فتكلمت عائشة ترد علي زينب حتي أسكنتها». و في نص النسائي [185] تقول عائشة: «فأرسلن زينب بنت جحش و هي التي كانت تساميني من أزواج النبي (ص)، فقالت: أزواجك أرسلنني، و هن ينشدن العدل في ابنة أبي‌قحافة. ثم أقبلت علي تشتمني!، فجعلت أراقب النبي (ص) و أنظر طرفه: هل يأذن لي من أن أنتصر منها، فاستقبلتها، فلم ألبث أن أفحمتها، فقال لها النبي: انها ابنة أبي‌بكر». و في مسند أحمد [186] ، تقول عائشة: «دخلت علي زينب بغير اذن - و هي غضبي - ثم قالت لرسول الله (ص): أحسبك اذا قلبت لك ابنة أبي‌بكر ذريعيها؟!» [187] و يروي ابن‌كثير في تفسيره الحدث السابق بطريقته تختلف قليلا، نقلا عن عائشة: «دخل علينا رسول الله (ص) و عندنا زينب بنت جحش (رض)، فجعل النبي (ص) يصنع بيده شيئا فلم يفطن لها، فقلت بيده حتي فطنته لها فأمسك، و أقبلت زينب (رض) تفحم لعائشة (رض) فنهاها، فأبت أن تنتهي، فقال لعائشة: [ صفحه 57] سبيها! فسبتها!! فغلبتها؛ و انطلقت زينب (رض) فأتت عليا (رض)، فقالت: ان عائشة تقع بكم و تفعل بكم!! فجاءت فاطمة (رض)، فقال (ص) لها: انها حبة أبيك، و رب الكعبة» [188] و نلاحظ، بالمناسبة، أن الحديث ذاته مروي عن أم‌سلمة و عائشة!. نقلا عن عائشة، يقدم ابن‌كثير في تفسيره تفاصيل أخري في رواية، تقول: «ما علمت حتي دخلت علي زينب بغير اذن، و هي غضبي، ثم قالت لرسول الله (ص): حسبك اذا ما قلبت لك ابنة أبي‌بكر درعها، ثم أقبلت الي فأعرضت عنها، حتي قال النبي (ص): دونك فانتصري! فأقبلت عليها حتي رأيت ريقها قد يبس في فمها، ما ترد علي شيئا، فرأيت النبي (ص) يتهلل وجهه!!!» [189] و في الكشاف [190] ، يقال: «ان زينب أسمعت عائشة بحضرته، و كان ينهاها فلا تنتهي، فقال لعائشة: دونك فانتصري». و يورد ابن‌سعد [191] عن عائشة، قولها: «انه أهدي الي رسول الله هدية في بيتها، فأرسل الي كل امرأة من نسائه بنصيبها، و أرسل الي زينب بنت جحش، فلم ترض، ثم زاودها مرة أخري، فلم ترض، فقالت عائشة: لقد أقمأت وجهك أن ترد عليك الهدية. فقال رسول الله: لأنتن أهون علي من أن تقمئني - لا أدخل عليكن شهرا». و تضيف عائشة [192] : «قلت كلمة لم ألق لها بالا، فغضب علي». و في ذلك يورد ابن‌الجوزي [193] الرواية التالية: «قال (ص): ما أنا بداخل عليكن شهرا. قال مؤلف الكتاب: و في سبب ذلك، قولان: أحدهما - أنه حين حرم أم‌ابراهيم، أخبر بذلك حفصة، و استكتمها، فأخبرت بذلك [و هو ما سنناقشه لا حقا أيضا]. و الثاني، أنه ذبح ذبحا، فقسمته عائشة بين أزواجه، فأرسلت الي زينب بنت جحش نصيبها فردته، فقال: زيدوها! فزادوها، ثلاثا - كل ذلك ترده، فقال لا أرضي عليكن شهرا. فاعتزل في مشربة له، ثم نزل لتسع و عشرين، فبدأ بعائشة (رض)، فقالت: يا رسول الله، كنت أقسمت ألا تدخل علينا شهرا، و انما أصبحت من تسع و عشرين أعدها عدا! فقال: الشهر تسع و عشرون - و كان [ صفحه 58] ذلك الشهر تسعا و عشرين». و كانت زينب، برأي عائشة، «فيها سورة من حدة كانت تسرع فيها الفينة» [194] - و هذا واضح. لم تترك الاثنتان فرصة تمر، دون أن تنال احداهما من الأخري. و من تلك الحوادث النادرة التي وصلت الينا، ما أخبرنا به ابن‌هشام من أنه في حادث الافك، الذي اتهمت فيه عائشة بالزنا، قامت «حمنة بنت جحش [أخت زينب] فأشاعت من ذلك ما أشاعت، تضاري لأختها، فشقيت [عائشة] بذلك» [195] و بعدما أنزل الله براءة عائشة من السماء أمر التي بدوره بضرب حمنة هذه، لأنها كانت «ممن أفصح بالفاحشة» [196] . المغافير... أيضا: لا نعرف مدي أهمية حدث المغافير في التاريخ العربي - الاسلامي حتي دون بكل هذه الكثافة في كتب التراث، لكننا نعرف تماما أن هذا الحدث، و ان اختلف في تفاصيله بين مصدر و آخر، تظل عائشة و العسل قاسما مشتركا أعظما في كل رواياته. و كالعادة، أدخلت زينب في احدي النسخ. فعلي سبيل المثال، أورد النسائي [197] ، نقلا عن عائشة: «أن النبي (ص) كان يمكث عند زينب و يشرب عندها عسلا، فتواصيت و حفصة، أيتنا ما دخل عليها النبي (ص)، فلتقل: اني أجد منك ريح مغافير! فدخل علي احديهما، فقالت ذلك له، فقال: بل شربت عسلا عند زينب؛ و قال: لن أعود له! فنزل: «يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك»، «ان تتوبا»، لعائشة و حفصة، «و اذا أسر النبي الي بعض أزواجه حديثا»؛ لقوله: بل شربت عسلا» [198] . [ صفحه 59] و ماتت زينب. و كانت - لا كما قال البخاري [199] - أول من توفي من نساء النبي بعده. و في موتها، يذكر مسلم [200] ، نقلا عن عائشة، قالت: «قال رسول الله (ص): أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا. قالت: فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا! قالت: فكانت أطولنا يدا زينب، لأنها كانت تعمل بيدها و تصدق». و يروي ابن‌سعد [201] : «قال النبي لأزواجه: يتبعني أطولكن يدا! قالت عائشة: فكنا اذا اجتمعنا في بيت احدانا بعد النبي (ص)، نمد أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتي توفيت زينب، يرحمها الله، و لم تكن أطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبي (ص) أراد بطول اليد: الصدقة. قالت: و كانت زينب امرأة صناع اليد، فكانت تدبغ و تخرز و تتصدق في سبيل الله». يقال ان النبي قبيل وفاته، جعل له الخيار في ترك «مضاجعة من يشاء منهن [نسائه] و تضاجع من تشاء. أو تطلق من تشاء و تمسك من تشاء. أو لا تقسم لأيهن شئت، و تقسم لمن شئت. أو تترك تزوج من شئت من نساء أمتك، و تتزوج من شئت» [202] و ذلك تفسيرا لجملة «ترجئ و تؤوي» في القرآن. و يضيف الزمخشري: «كان النبي (ص) اذا خطب امرأة لم يكن لأحد أن يخطبها حتي يدعها، و هذه قسمة جامعة لما هو الغرض: لأنه اما أن يطلق، و اما أن يمسك؛ فاذا أمسك ضاجع أو ترك و قسم أو لم يقسم؛ و اذا طلق و عزل، فاما أن يخلي المعزولة لا يبتغيها، أو يبتغيها؛ روي أنه أرجئ منهن: سودة و جويرية و صفية و ميمونة و أم‌حبيبة؛ فكان يقسم لهن ما شاء، كما شاء، و كانت ممن آوي اليه: عائشة و حفصة و أم‌سلمة و زينب (رض). أرجا خمسا و آوي أربعا» [203] . [ صفحه 60] بعد موت زينب، لم يبق أمام عائشة سوي امتداحها - لكن دون أن تنسي الطعن بها، و ان بأسلوب ملطف. كانت عائشة تقول: «لم ار قط خيرا في الدين من زينب، و أتقي الله عزوجل و أصدق حديثا و أوصل للرحم و أعظم صدقة و أشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به و تقرب به. ما عدا سورة من حدة [204] كانت تسرع منها الفينة» [205] .

عائشة... و جويرية

جويرية بنت الحارث، شابة ساحرة الجمال، سبيت في السنة السادسة للهجرة، في غزوة بني المصطلق. تحدثنا عائشة عن هذا الحدث، فتقول: «كان رسول الله (ص) قد أصاب منهم [بني‌المصطلق] سبيا كثيرا، فشا قسمه في المسلمين، و كان فيمن أصيب من السبايا، جويرية بنت الحارث بن ضرار» [206] ؛ و تكمل: «لما قسم رسول الله (ص) سبايا بني‌المصطلق، وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس، أو لابن عم له، فكاتبته علي نفسها. و كانت امرأة حلوة ملاحة، لا يراها أحد لا أخذت بنفسه [207] فأتت رسول الله (ص) تستعينه في كتابتها... فو الله ما هو الا رأيتها علي باب حجرتي، فكرهتها، و عرفت أنه سيري منها (ص) ما رأيت. فدخلت عليه، فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي‌ضرار، سيد قومه، و قد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له، فكاتبته علي نفسي، فجئتك أستعين علي كتابتي! قال: فهل لك في خير من ذلك؟ قالت: و ما هو يا رسول الله؟ قال: أقضي عنك [ صفحه 61] كتابك و أتزوجك! قالت: نعم! يا رسول الله! قال: قد فعلت» [208] و كان عمر جويرية، آنذاك، عشرين سنة [209] . حول نظر النبي الي جويرية، المرأة الغربية علي آنذاك، حتي «عرف من حسنها ما عرف»، يجد لنا السهيلي التبرير السهل التالي: «و أما نظره (ع) لجويرية حتي عرف من حسنها ما عرف، فانما كان ذلك لأنها امرأة مملوكة، ولو كانت حرة، ما ملأ عينه منها، لأنه لا يكره النظر الي الاماء» [210] .

عائشة... و صفية بنت حيي

صفية بنت حيي بن أحطب، يهودية، كانت زوجة لسلام بن مكشم، ثم تزوجها بعده كنانة بن أبي‌الحقيق، فقتل عنها يوم خيبر، فسباها التي و تزوجها و ذلك في العام السابع للهجرة. كان دحية الكلبي يرغب بسبيها قبل أن يأخذها محمد. لكن النبي، حين نظر اليها، و هي الشابة الجميلة، أمر دحية بأن يأخذ جارية من السبي غيرها. صفية بنت حيي: اليهودية الجميلة، التي لم ير «بين النساء أضوأ منها» [211] و كان النبي يحب الجميلات فقد «اختار لنفسه عائشة (رض)، و كانت مستحسنة؛ و رأي زينب فاستحسنها و تزوجها؛ و كذلك اختار صفية. و كان اذا وصفت له امرأة، بعث يخطبها» [212] . «كان مهره لنسائه اثنتي عشرة أوقية و نش... الا أم‌حبيبة، فانه أمهرها عند النجاشي... أربعمائة دينار، و الا صفية بنت حيي، فانه اصطفاها من سبي خيبر، ثم [ صفحه 62] أعقتها و جعل عتقها صداقها؛ و كذلك جويرية بنت الحارث المصطلقية، أدي عنها كتابتها الي ثابت بن قيس بن شماس، و تزوجها» [213] . لما قدم النبي بصفية الي «المدينة، و قد اتخذها لنفسه زوجة و عرس بها في الطريق (!)، قالت عائشة (رض): تنكرت و خرجت أنظر، فعرفني، فأقبل الي، فانقلبت، فأسرع المشي، فأدركني، فاحتضنني، و قال: كيف رأيتها؟ قلت: يهودية بين يهوديات - تعني: السبي» [214] و في نص آخر: «لما اجتلي النبي (ص) صفية، رأي عائشة منتقبة في وسط الناس، فعرفها، فأدركها، فأخذها بثوبها، فقال: يا شقيراء، كيف رأيت؟ قالت: رأيت يهودية بين يهوديات! قال: لا تقولي هذا يا عائشة، فانها أسلمت و حسن اسلامها» [215] و يهودية صفية، التي أسلمت و حسن اسلامها في وقت قياسي، ظلت عارا طاردتها به عائشة حتي لحظاتها الأخيرة. و تخبرنا عن ذلك صفية ذاتها؛ فتقول: «دخلت علي النبي (ص)، و قد بلغني عن عائشة و حفصة كلام، فذكرت ذلك له، فقال: ألا قلت: و كيف تكونان خيرا مني، و زوجي محمد (ص) و أبي‌هارون و عمي موسي؟ و كان الذي بلغها أنهن قلن: نحن أكرم علي رسول الله (ص) و خير منها، نحن أزواجه و بنات عمه. و عن أنس: بلغ صفية أن حفصة قالت: بنت يهودي! فبكت»××زيرنويس الزمخشري، الكشاف 370: 4، هامش 2؛ راجع ايضا: المستدرك علي الصحيحين 29: 4؛ أسد الغابة 491: 5.@. و تروي عائشة، خبرا آخر، فتقول: «خرجت مع رسول الله (ص) في حجة الوداع، و خرج معه نساؤه... و كان متاعي فيه خف.. و كان متاع صفية بنت حيي فيه ثقل.. فقال رسول الله (ص): حولوا متاع عائشة علي جمل صفية، و حولوا متاع صفية علي جمل عائشة حتي يمضي الركب... فلما رأيت ذلك، قلت: يا لعباد الله، غلبتنا هذه اليهودية علي رسول الله (ص)... أخرجه الحافظ أبوالقاسم الدمشقي» [216] - و نلاحظ هنا أن تلك الرواية تعود الي زمن حجة الوداع. [ صفحه 63] غيرة و شتائم و سخرية: مع ذلك، فقد كانت صفية، كما رأينا، في حزب عائشة مع سودة و حفصة؛ ضد حزب أم‌سلمة و بقية أمهات المؤمنين الأخريات [217] لكن هذا لم يمنع، كالعادة، أن تجتاحها غيرة عائشة بين حين و آخر و أن ينسكب عليها غضبها من آن لآن. من ذلك ما ذكرته عائشة ذاتها، حيث قالت: «كنت أستب (!!) أنا و صفية، فسببت اباها (!!)، فسبت أبي (!!)، و سمعه رسول الله (ص)، فقال: يا صفية، تسبين أبابكر!!! يا صفية، تسبين أبابكر!!!» [218] - نلاحظ هنا أن النبي لم يهتم لوالد صفية، و أن عائشة هي التي بدأت بالسباب. و يقال أيضا: «استبت (!!) عائشة و صفية، فقال رسول الله (ص) لصفية: ألا قلت: أبي‌هارون و عمي موسي؟ و ذلك أن عائشة فخرت عليها» [219] . كان قصر صفية محط سخرية عائشة. يذكر أنها قالت للنبي ذات يوم: «حسبك من صفية كذا و كذا [تعني قصيرة] [220] ، فقال لها النبي (ص): لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته - تغير بها طعمه، أدركه لشدة نتنها» [221] و في نص آخر، يروي عن عائشة قولها: «حكيت للنبي (ص) رجلا. فقال: ما يسري أنه حكيت رجلا و أن لي كذا و كذا. فقلت: يا رسول الله، ان صفية امرأة، و قالت بيدها هكذا، كأنها تعني قصيرة. فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بها ماء البحر لمزج» [222] و يذكر أن «امرأة دخلت علي عائشة (رض)، فلما قامت لتخرج، أشارت عائشة (رض) عنها بيدها الي النبي (ص)، أي أنها قصيرة، فقال النبي: اغتبتها» [223] . تكسير آنية... و مغافير: بشأن تكسير الآنية، تروي عائشة أن صفية «أهدت الي النبي (ص) اناء فيه طعام، فما ملكت نفسي أن كسرته» [224] . [ صفحه 64] كالعادة، لم تخل حكاية المغافير من ذكر لصفية. تقول عائشة: «كان رسول الله (ص) يحب الحلواء و العسل. فكان اذا صلي العصر دار علي نسائه، فيدنو منهن. فدخل علي حفصة، فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس؛ فسألت علي ذلك، فقيل لها: أهدت لها امرأة من قومها عكة من عسل، فسقت رسول الله (ص) منه شربة. فقلت: أما و الله لنحتالن له! فذكرت ذلك لسودة، و قلت: اذا دخل عليك، فانه سيدنو منك! فقولي له: يا رسول الله (ص)، أكلت مغافير؟ فانه سيقول لك: لا! فقولي له: ما هذه الريح؟ و كان رسول الله (ص) يشتد عليه أن توجد منه الريح، فانه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل! فقولي له: جرست نحله العرفط. و سأقول له ذلك، و قولي له أنت يا صفية..» [225] . أخيرا، فقد كانت عائشة تظهر بعض الود حيال صفية كواحدة من حزبها. تقول عائشة: «وجد رسول الله (ص) علي صفية بنت حيي، فقالت لي: هل لك أن ترضي رسول الله (ص) عني و أجعل لك يومي قلت: نعم! فأخذت خمارا لها مصبوغا بزعفران، فرشته بالماء، ثم اختمرت به. قال عفان: ليفوح ريحه! ثم دخلت عليه في يومها، فجلست الي جنبه، فقال: اليك يا عائشة، فليس هذا يومك! فقلت: فضل الله يؤتيه من يشاء! ثم أخبرته خبري... فرضي عني» [226] لكنها قبضت سلفا ثمن ذلك: «أجعل لك يومي»!!!

عائشة... و مارية القبطية

عن مارية القبطية، يقال: «بعث المقوقس، صاحب الاسكندرية، الي رسول الله (ص)، سنة 7 ه، بمارية و أختها سيرين، و ألف مثقال من ذهب، و عشرين ثوبا لينا، و بغلته دلدل، و حماره عفير، و يقال: يعفور؛ و معهم خصي، يقال له: مابور [227] ، و كان أخا لمارية... [و بعث بذلك كله مع حاطب بن أبي‌بلتعة، فعرض حاطب علي مارية الاسلام، و رغبها فيه] [228] .. فأسلمت، و أسلمت أختها، و أقام الخصي علي دينه، حتي [ صفحه 65] أسلم في المدينة [في عهد رسول الله (ص)] [229] و كان رسول الله (ص) معجبا بأم ابراهيم [مارية]، و كانت بيضاء جميلة، فأنزلها رسول الله (ص) في العالية، في المال الذي يقال له اليوم: مشربة أم‌ابراهيم. و كان رسول الله يختلف اليها هناك، و ضرب عليها الحجاب، و كان يطأها بملك اليمين [230] ، فلما حملت، وضعت هناك [و قبلتها سلمي، مولاة رسول الله (ص)] [231] ... فجاء أبورافع، [زوج سلمي] [232] ، فبشر رسول الله (ص) بابراهيم، فوهب له عبدا، و ذلك في [ذي‌الحجة] [233] سنة 8 ه؛ و تنافست الأنصار في ابراهيم، و أحبوا أن يفرغوا مارية للنبي (ص)، لما يعلمون من هواه فيها... و كانت أخت مارية، يقال لها: سيرين. فوهبها النبي (ص) لحسان بن ثابت، فولدت له عبدالرحمن... كان أبوبكر ينفق علي مارية حتي توفي، ثم صار عمر ينفق عليها حتي توفيت في خلافته، سنة 16 ه» [234] . في البداية و النهاية [235] ، تقدم الرواية تفاصيل أخري، فتقول: «كانت له عليه السلام سريتان: احداهما مارية بنت شمعون القبطية، أهداها له صاحب الاسكندرية، و اسمه جريج بن مينا، و أهدي معها أختها شيرين [ذكر أبونعيم أنه أهداها في أربع جوار] و غلاما خصيا اسمه مابور، و بغلته يقال لها: الدلال؛ فقبل هديته و اختار لنفسه مارية، و كانت من قرية ببلاد مصر، يقال لها: حفن من كورة أنصنا... و كانت مارية جميلة بيضاء، أعجب بها رسول الله (ص) و أحبها، و حظيت عنده؛ و لا سيما بعد أن وضعت ابراهيم، ولده. و أما أختها شيرين، فوهبها رسول الله (ص) لحسان بن ثابت= [ صفحه 66] فولدت له عبدالرحمن... أما الغلام الخصي، و هو مابور، فقد كان يدخل علي مارية و شيرين، بلا اذن، كما جرت به عادته بمصر». و في رواية أخري [236] ، منقولة عن عائشة، نعرف تفاصيل أخري، حيث يقال: «أهدي ملك من بطارقة الروم، و يقال له: المقوقس؛ جارية قبطية من بنات الملوك، يقال لها: مارية؛ و أهدي معها ابن‌عم لها، شابا، فدخل رسول الله (ص) منها ذات يوم يدخل خلوته، فأصابها فحملت بابراهيم». «كان رسول الله (ص) يعجب بمارية، و كانت بيضاء جعدة جميلة، فأنزلها و أختها علي أم‌سليم بنت ملحان، فدخل عليها رسول الله (ص)، فعرض عليهما الاسلام، فأسلمنا هناك، فوطئ مارية بالملك، و حولها الي مال له بالعالية، و كان من أموال بني‌النضير، فكانت فيه في الصيف، و في خرافة النخل» [237] . الصراع الاعتيادي: كالعادة، تقول عائشة: «ما غرت من امرأة الا دون ما غرت علي مارية، و ذلك أنها كانت جميلة من النساء، جعدة، فأعجب بها رسول الله (ص)، و كان أنزلها أول ما قدم بها، بيت الحارث بن نعمان. و كانت جارتنا. و كان رسول الله (ص) عامة الليل و النهار عندها. قذعنا لها، فجزعت، فحولها الي العالية، و كان يختلف اليها هناك، و كان ذاك أشد علينا، ثم رزقه الله منها الولد، و حرمنا منه» [238] اذن، لقد «ثقلت مارية علي نساء النبي (ص)، و غرن عليها، و لا مثل عائشة» [239] . سورة التحريم: يقول الزمخشري في الكشاف [240] ، في تفسيره للآيتين الأولي و الثانية من سورة التحريم: «روي أن رسول الله (ص) خلا بمارية في يوم عائشة، و علمت بذلك حفصة، فقال لها: اكتمي علي، و قد حرمت مارية علي نفسي، و أبشرك أن أبابكر و عمر يملكان [ صفحه 67] بعدي أمر أمتي!!! فأخبرت به عائشة و كانتا متصادقتين. و قيل: خلا بها في يوم حفصة، فأرضاها بذلك، و استكتمها فلم تكتم، فطلقها واعتزل نساءه، و مكث تسعا و عشرين ليلة في بيت مارية. و روي أن عمر قال لها: لو كان في آل الخطاب خير لما طلقك! فنزل جبريل (ع)!، و قال: راجعها صوامة قوامة، و انها لمن نسائك في الجنة». و في رواية تنسب لابن عباس، يقال: «خرجت حفصة من بيتها، و كان يوم عائشة، فدخل رسول الله (ص) بمارية القبطية ببيت حفصة. فجاءت حفصة و الباب مجاف [241] ، فدفعته حتي خرجت الجارية! فقالت: أما اني قد رأيت ما صنعت! فقال: اكتمي علي، و هي علي حرام! فانطلقت حفصة الي عائشة، فأخبرتها، فأنزل الله: «يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله»! فأمر، فكفر [242] عن يمينه، و حبس نساءه» [243] و يقال ان النبي «أعتق رقبة في تحريم مارية» [244] . و تقول رواية منسوبة لأبي هريرة: «دخل رسول الله (ص) بمارية القبطية ببيت حفصة بنت عمر، فوجدتها معه، فقالت: يا رسول الله! في بيتي و تفعل هذا بي من دون نسائك [245] فقال: فانها علي حرام أن أمسها يا حفصة! ألا أبشرك؟! فقالت بلي! قال: يلي هذا الأمر من بعدي أبوبكر، و يليه من بعده أبوك: و اكتمي هذا علي. فخرجت حتي أتت عائشة، فذكرت ذلك كله، و فيه قوله: و كان أدي السرور أن حرمها علي نفسه، فأنزل الله تعالي: «يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك»» [246] . يقدم ابن‌سعد في طبقاته [247] الرواية الأولي التالية: «خرجت حفصة من بيتها، فبعث رسول الله الي جاريته، فجاءته في بيت حفصة [في نص آخر: «أرسل رسول الله الي مارية، [ صفحه 68] فظل معها في بيت حفصة، و ضاجعها»] [248] ، فدخلت عليه حفصة و هي معه في بيتها، فقالت: يا رسول الله! في بيتي و في يومي و علي فراشي! فقال رسول الله: اسكتي! فلك الله لا أقربها و لا تذكريه! فذهبت حفصة فأخبرت عائشة [249] ، فأنزل الله: «يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك» [تحريم 1]. فكان ذلك التحريم حلالا، ثم قال: «قد فرض لكم تحلية ايمانكم» (تحريم 2) فكفر رسول الله عن يمينه حين آلي، ثم قال: «و اذ أسر النبي الي بعض أزواجه شيئا»، يعني: حفصة! «فلما نبأت به»: حين أخبرت به! «و أظهره الله عليه عرف بعضه و أعرض عن بعض، فلما نبأها به»، يعني: حفصة لما أخبره الله، قالت حفصة: «من أنبأك هذا؟ قال: نبأني العليم الخبير. ان تتوبا الي الله فقد صغت قلوبكما»، يعني: حفصة و عائشة! «و ان تظاهرا عليه»، لعائشة و حفصة» [250] . تقول رواية ثانية [251] لابن سعد: «خرجت حفصة من بيتها، و كان يوم عائشة. فدخل رسول الله بجاريته و هي مخمر وجهها، فقالت حفصة لرسول الله: أما اني قد رأيت ما صنعت! فقال لها رسول الله: فاكتمي علي و هي حرام [252] فانطلقت حفصة الي عائشة، فأخبرتها و بشرتها بتحريم القبطية؛ فقالت له عائشة: أما يومي فتعرس فيه بالقبطية! و أما سائر نسائك فتسلم لهن أيامهن! فأنزل الله: و اذا أسر النبي الي بعض أزواجه حديثا»: لحفصة؛ «فلما نبأت به و أظهره الله عليه، عرف بعضه و أعرض عن بعض، فلما نبأها به قالت: من أنبأك هذا؟ قال نبأني العليم الخبير! ان تتوبا فقد صغت قلوبكما»، يعني: حفصة و عائشة! «فان الله هو مولاه و جبريل و صالح المؤمنين بعد ذلك ظهير، عسي ربه ان طلقكن» [تحريم 4 - 3]. فتركهما رسول الله (ص) تسعا و عشرين ليلة، ثم نزل: «يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك، تبتغي مرضاة أزواجك و الله غفور رحيم» (تحريم 1)! فأمر، فكفر يمينه و حبس نساءه عليه». لكن القرطبي بعد ذكره [ صفحه 69] لرواية مشابهة، يضيف أن النبي «هم بطلاقها [حفصة]، حتي قال له جبريل: لا تطلقها فانها صوامة قوامة و انها من نسائك في الجنة! فلم يطلقها» [253] من ناحية أخري، يؤكد الطبري أن النبي جازاها «علي ذلك من فعلها بأن طلقها» [254] . يقدم لنا ابن‌كثير [255] ، في تفسيره، رواية تلقي ببعض الضوء علي تفاصيل اضافية، فيقول: «بدء الحديث في شأن أم‌ابراهيم، مارية القبطية، أصابها النبي (ص) في بيت حفصة، في نوبتها، فوجدت حفصة، فقالت: يا نبي الله، لقد جئت الي شيئا ما جئت الي أحد من أزواجك! في يومي و في دوري و علي فراشي!! فقال: ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها؟ قالت: بلي! فحرمها، و قال لها: لا تذكري ذلك لأحد! فذكرته لعائشة، فأظهره الله عليه، فأنزل الله تعالي: «يا أيهاالنبي، لم تحرم ما أحل الله لك، تبتغي مرضاة أزواجك» (تحريم 1). فبلغنا أن رسول الله (ص) كفر عن يمينه، و أصاب جاريته». و تقول رواية أخري من المرجع ذاته [256] : «دخلت حفصة علي النبي (ص) و هو يطأ مارية، فقال لها رسول الله (ص): لا تخبري عائشة حتي أبشرك ببشارة! ان أباك يلي هذا الأمر بعد أبي‌بكر اذا أنا مت!!! فذهبت، فأخبرت عائشة... فقالت عائشة: لا أنظر اليك حتي تحرم مارية!!! فحرمها، فأنزل الله تعالي...». يقدم الطبري في تفسيره [257] الحكاية ذاتها بأسلوب مختلف، فيقول: «كانت حفصة و عائشة متحابتين... فذهبت حفصة الي أبيها، فتحدثت عنده، فأرسل النبي (ص) الي جاريته، فظلت معه في بيت حفصة. و كان اليوم الذي يأتي فيه عائشة. فرجعت حفصة [258] ، فوجدتهما في بيتها، فجعلت تتنظر خروجها. و غارت غيرة شديدة، فأخرج رسول الله (ص) جاريته. و دخلت حفصة، فقالت: قد رأيت من كان عندك، و الله لقد سوءتني! فقال النبي (ص): و الله اني لأرضينك، فاني مسر اليك سرا، فاحفظيه! قالت: [ صفحه 70] و ما هو؟! قال: اني أشهدك أن سرتي هذه علي حرام رضا لك. و كانت حفصة و عائشة تظاهران علي نساء النبي (ص). فانطلقت حفصة الي عائشة، فأسرت اليها [259] ، أن ابشري، ان النبي (ص) حرم عليه فتاته. فلما أخبرت بسر النبي (ص)، أظهر الله عزوجل النبي (ص)، فأنزل علي رسوله لما تظاهرتا عليه: «يا أيها النبي لم تحرم» - الي قوله تعالي - «و هو العليم الحكيم». و يضيف في رواية أخري عن أبي‌عثمان، «أن النبي (ص) دخل بيت حفصة، فاذا هي ليست ثم، فجاءته فتاته [مارية]، فألقي عليها سترا، فجاءت حفصة، فقعدت له علي الباب حتي قضي رسول الله (ص) حاجته، فقالت: و الله، لقد سوتني، جامعتها في بيتي...» [260] . اذن، فالمرأتان اللتان تظاهرتان علي رسول الله، كما قال عمر بن الخطاب [261] لابن عباس، هما «عائشة و حفصة» [262] و يدعم ذلك ابن‌كثير حين يقول، ان آية «ان تتوبا الي الله فقد صغت قلوبكما» [تحريم 4] نزلت في «عائشة و حفصة» [263] و يؤكد الزمخشري [264] أن الآية العاشرة من سورة التحريم، التي تضرب مثلا للذين كفروا، امرأة نوح و امرأة لوط [265] ، هي «تعريض بأمي المؤمنين المذكورتين في أول السورة [أي: عائشة و حفصة]، و ما فرط منهما من التظاهر علي رسول الله (ص) بما كرهه، و تحذير لهما علي أغلظ وجه و أشده، لما في التمثيل من ذكر الكفر... و التعريض بحفصة [266] أرجح، لأن امرأة لوط أفشت [ صفحه 71] عليه، كما أفشت علي رسول الله». و يقول القرطبي مفسرا الآية: «ان تتوبا: يعني حفصة و عائشة. فقد صغت قلوبكما: أي زاغت و مالت عن الحق، و هو أنهما أحبتا ما كره النبي (ص) من اجتناب مارية و اجتناب العسل، و كان (ع) يحب العسل و النساء. و ان تظاهرا عليه: أي تتظاهرا و تتعاونا علي النبي (ص) بالمعصية و الايذاء» [267] . لماذا اعتزل النبي نساءه؟ اذا أسقطنا أسطورة المغافير المتناقضة، و التي تبدو و كأنها لفقت للتغطية علي أحداث أخري، فان اعتزال النبي زوجاته شهرا، كما أشار ابن‌الجوزي [268] ، له أحد سببين: الأول، تصرفات عائشة و حفصة مع النبي بعد انفضاح أمره مع مارية؛ و الثاني، رفض زينب لحصتها من ذبيحة عائشة، الذي أشرنا اليه في فصل عائشة و زينب. لكن سياق الحديث يوحي أن السبب الأول هو الأقرب للمنطق. مع ذلك، فحتي لو أثبتنا بالدليل القاطع أن السبب الأؤل هو الباعث علي الاعتزال، تبقي لدينا مهمة التوفيق بين تلك الروايات المتضاربة حول الاعتزال، و التي لا سبيل بأية حال للتوفيق بينها. فعلي سبيل المثال، أورد الترمذي [269] ، حديثا طويلا مسندا لابن عباس، يقول فيه الأخير: «ثم أزل حريصا أن أسأل عمر [بن الخطاب] عن المرأتين من أزواج النبي (ص) اللتين قال الله - عزوجل - [عنهما]: «ان تتوبا الي الله فقد صغت قلوبكما... و ان تظاهرا عليه فان الله مولاه»... فقال: هي عائشة و حفصة... ثم أنشأ يحدثني الحديث، فقال: كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما وصلنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فتغضب علي امرأتي يوما، فاذا هي تراجعني، فقالت: ما تنكر من ذلك، فو الله ان أزواج النبي (ص) يراجعنه، و تهجره احداهن اليوم الي الليل... و كان لي جار من ألأنصار... فجاءني يوما، فقال طلق رسول الله (ص) نساءه... انطلقت حتي دخلت علي حفصة، فاذا هي تبكي، فقلت: أطلقكن رسول الله؟ قالت: لا أدري، هو ذا معتزل في هذه المشربة... فدخلت... فقلت: يا رسول الله، أطلقت نساءك؟ قال: لا! قلت: الله أكبر! لقد رأيتنا يا [ صفحه 72] رسول الله، و كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة... فقلت لحفصة: أتراجعين رسول الله (ص)؟ قالت: نعم! و تهجره احدانا اليوم الي الليل! فقلت: قد خابت من فعلت ذلك منكن و خسرت! أتأمن احداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله، فاذا هي قد هلكت؟! فتبسم النبي، فقلت لحفصة: لا تراجعي رسول الله (ص) و لا تسأليه شيئا، و سليني ما بدا لك، و لا يغرنك ان كانت صاحبتك [عائشة] أوسم منك و أحب الي رسول الله (ص)... قالت [عائشة]: فلما مضت تسع و عشرون يوما، دخل علي النبي (ص)، فبدأ بي، قال: اني ذاكر لك شيئا فلا تعجلي حتي تستأمري أبويك... ثم قرأ هذه الآية: «يا أيها النبي قل لأزواجك»... قالت [عائشة]: علم - و الله - أن أبوي لم يكونا يأمراني بغرامته! فقلت: أفي هذا أستأمر أبوي؟ فاني أريد الله و رسوله و الدار الآخرة... يا رسول الله! لا تخبر أزواجك أني اخترتك! فقال النبي (ص): انما بعثني الله مبلغا و لم يبعثني متعنتا» [270] . اذن، فقد هجر النبي نساءه شهرا لأنهن كن يراجعنه، في حين وجدناه سابقا يهجرهن بسبب حكاية مارية و حفصة و عائشة. فهل هجرهن أكثر من مرة؛ أم أن الحكاية السابقة لفقت - كالعادة - للتغطية علي حكايته الشهيرة مع مارية؟. [ صفحه 73] في نص لابن كثير [271] ، نجد أن المال هو لب المشكلة. و هنا، يقول النبي لعمر عن نسائه: «هن حولي يسألنني النفقة! فقام أبوبكر (رض) الي عائشة ليضربها! و قام عمر الي حفصة! كلاهما يقولان: تسألان النبي ما ليس عنده!!! فنهاهن رسول الله (ص)، فقلن: و الله لا نسأل رسول الله (ص) بعد هذا المجلس ما ليس عنده، و أنزل الله الخيار». يقدم ابن‌سعد [272] نصا مشابها، يقول فيه عمربن الخطاب: «فخرجت فلقيت أبابكر الصديق، فحدثته الحديث، فدخل علي عائشة، فقال: قد علمت أن رسول الله لا يدخر عنكن شيئا، فلا تسألنه ما لا يجد، انظري حاجتك فاطلبيها الي! و انطلق عمر الي حفصة، فذكر لها مثل ذلكن ثم اتبعا أمهات المؤمنين، فجعلا يذكران لهن مثل ذلك، حتي دخلا علي أم‌سلمة، فقالا لها مثل ذلك، فقالت:... من نسأل اذا لم نسأل رسول الله؟ هل يدخل بينكما و بين أهليكما أحد؟. فقال أزواج النبي (ص) لأم سلمة: جزاك الله خيرا حين فعلت ما فعلت، ما قدرنا أن نرد عليهما شيئا... فأنزل الله في ذلك: «يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا و زينتها فتعالين أمتعكن و أسرحكن سراحا جميلا» [أحزاب 28 ]، يعني: متعة الطلاق؛ و يعني بتسريحهن: تطليقهن طلاقا جميلا! «و ان كنتن تردن الله و رسوله و الدار الآخرة تخترن الله و رسوله فلا تنكحن بعده أحدا» [أحزاب 29]». و تستكمل القصة كالسابق. و تنتهي بتعليق عائشة حين دخل النبي عليهن بعد تسع و عشرين يوما، و كان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرا: «لقد أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا». و كان رد النبي، بأن الشهر تسع و عشرون يوما [273] . و نظل نتساءل: هل كان ابتعاده عن نسائه شهرا مرتبطا بسورة التحريم أم بالأحزاب، و ما هو السبب الفعلي لذلك - تظل الأجوبة الاسلامية مشوشة؟! ابراهيم بين مارية... و عائشة: رغم أسطول النساء الجميلات الشابات اللواتي كن يملأن حجرات البيت النبوي، فالنبي لم يرزق بولد منهن قط - في حين أنجب، كما تزعم المصادر [ صفحه 74] الاسلامية، عددا لا بأس به من الأولاد من المرأة الكهلة التي كانت زوجته الأولي: خديجة بنت خويلد. المفاجأة هنا، هو أن تلك الجارية الجميلة الشابة وحدها أنجبت من النبي طفله الأخير: ابراهيم. ففي السنة الثامنة للهجرة، أي بعد وصولها الي المدينة بعام تقريبا، «ولدت مارية ابراهيم، و غار نساء النبي (ص) و عظم عليهن، حين رزقت مارية منه ولدا» [274] . رغم معاناة عائشة الهائلة من مأساة الافك قبل عامين علي ولادة ابراهيم، فهي لم تتوان للحظة، بدافع الحسد علي الأرجح، عن رمي القبطية به - خاصة و أنها كانت تسكن بعيدا عن المقر النبوي، و أن رفيقها مابور كان يتردد عليها باستمرار. نقلا عن عائشة، قدم ابن‌سعد [275] الرواية القائلة: «لما ولد ابراهيم، جاء به رسول الله الي؛ فقال: انظري الي شبهه بي. فقلت: ما أري شبها!!! فقال رسول الله (ص): ألا ترين بياضه و لحمه؟ فقلت: انه من قصر عليه اللقاح ابيض و سمن. [أو]: من سقي ألبان الضان سمن و ابيض. و كانت لرسول الله (ص) قطعة غنم تروح عليه، و لبن لقاح له. فكان جسمه و جسم مارية حسنا» [276] . و في البداية و النهاية [277] ، يقال: «لما استبان حملها [مارية]، جزعت [عائشة] من ذلك، فسكت رسول الله (ص)، فلم يكن لها لبن، فاشتري لها ضأنة لبونا تغذي منها الصبي، فصلح اليه جسمه و حسن لونه... فجاءته ذات يوم تحمله علي عاتقها، فقال: يا عائشة، كيف ترين الشبه؟ فقلت [عائشة] أنا و غيري: ما أري شبها! فقال: و لا اللحم؟! فقلت: لعمري من تغذي بألبان الضأن يحسن لحمه». و في نص آخر: «حملني ما يحمل النساء من الغيرة، أن قلت: ما أري شبها» [278] . [ صفحه 75] اذن! لقد اتهمت عائشة مارية بالزنا، و ان بطريقة غير مباشرة! و لم يكن علي الساحة رجل يمكن اتهامه سوي مابور. و كالعادة، جاء النفي حاسما علي يدي علي، عدو عائشة اللدود. روي محمد بن الحنفية عن أبيه علي: «كان قد كثر علي مارية القبطية، أم‌ابراهيم، ابن‌عم لها يزورها [أو: «كان قبطي يأوي اليها، و يأتيها بالماء و الحطب، فقال الناس في ذلك: علج يدخل علي علجة! فبلغ ذلك رسول الله (ص)» [53] ]، فقال لي النبي (ص): خذ السيف، فلما اقبلت نحوه، عرف أني أريده، فأتي نخلة، فرقي اليها، ثم رمي بنفسه علي قفاه، و شفر برجليه، فاذا هو أجب أمسح، ماله مما للرجال قليل و لا كثير... فغمدت السيف، و رجعت الي النبي (ص)» [279] و يروي أنس ابن‌مالك القصة بتبديل طفيف، فيقول: «ظاهر هذا الحديث أن عليا (رض) أراد قتله؛ و قد روي في حديث آخر صريحا، و أن رسول الله (ص)، قال له: يا علي! خذ السيف، فان وجدته عندها فاقتله! فكيف يجوز القتل علي التهمة؟!» [280] . يقدم ابن‌قيم الجوزية [281] القصة ذاتها، لكنه يستبدل هنا علي بن أبي‌طالب بعمر ابن‌الخطاب، مسند الخبر الي ابنه عبدالله بن عمر. و ينهي المسألة علي النحو التالي: «فلما رأي عمر (رض)، رجع الي رسول الله (ص)، فأخبره، فقال: ان جبريل أتاني فأخبرني أن الله عزوجل قد برأها و قريبها مما وقع في نفسي، و بشرني أن في بطنها غلاما و أنه أشبه الخلق بي!!! و أمرني أن أسميه ابراهيم» [282] . من ناحية أخري، فالقصة التي بطلها علي، تعطي جبريل أيضا دورا مطمئنا حين يأتي النبي، ليقول له: «السلام عليك يا أباابراهيم! فاطمأن رسول الله (ص) الي [ صفحه 76] ذلك» [283] و ربما أن هذا شكل الأساس الذي اعتمده بعض الشيعة في اعتبار «أن البراءة في سورة النور هي في السيدة مارية القبطية لا في السيدة عائشة» [284] . تخبرنا عائشة، أخيرا: «لقد توفي ابراهيم، ابن‌رسول الله، و هو ابن‌ثمانية عشر شهرا، فلم يصل عليه» [285] .

عائشة... و باقي نساء النبي

عائشة... و أم حبيبة بنت أبي سفيان

لا نعرف الكثير عن علاقة عائشة بأم حبيبة. لكن حدثنا هاما، هو قتل معاوية، أخو أم‌حبيبة، لمحمد بن أبي‌بكر، أخي عائشة، و احراقه اياه في بطن حمار ميت! فجر نار الصراعات بين الضرتين. يقول المنتظم [286] ، علي سبيل المثال: «أمرت أم‌حبيبة بنت أبي‌سفيان بكبش مشوي، و قالت: هكذا شوي أخوك [لابد أن نلاحظ - بالمناسب - أن الاثنتين تحملان في التراث الاسلامي اللقلب التقديسي «أم‌المؤمنين»]!!! فلم تأكل عائشة شواء حتي لحقت بالله عزوجل». و في رواية أخري [287] ، قالت لها عائشة: «قاتل الله ابنة العاهرة!!! و الله لا أكلت شواء بعده أبدا».

عائشة... و زينب بنت خزيمة

يخبرنا الزمخشري [288] أن عائشة «كانت تسخر من زينب بنت خزيمة الهلالية: و كانت قصيرة و عن ابن‌عباس (رض)، أنها ربطت حقويها بسبيبة، و سدلت طرفها خلفها، و كانت تجره. فقالت عائشة لحفصة: انظري ما تجر خلفها كأنه لسان كلب». [ صفحه 77] مكائد عائشة للواتي حاول النبي الزواج بهن تتبدي أخلاق عائشة، بأوضح ما يمكن، في تعاملها مع النسوة اللواتي أراد النبي الزواج بهن: و لم يتم هذا الزواج - لسبب أو لآخر. فقد استعملت عائشة كل ما هو مباح و غير مباح لافشال خططه. و كانت تقول، محذرة نسائه الأخريات: «قد وضع يده في الغرائب يوشكن أن يصرفن وجهه عنا» [289] لقد اختلف كثيرا، كالعادة، في أسماء هؤلاء النسوة و الحوادث المتعلقة بهن. و من ركام هذا الخلط المبعثر، استطعنا، بشق النفس، سل الأسماء و الحوادث التالية: أسماء بنت النعمان الجونية... و عائشة: يقول أبوأسيد الساعدي: «تزوج رسول الله (ص) أسماء بنت النعمان الجونية، فأرسلني، فجئت بها، فقالت حفصة لعائشة: أخضبيها أنت، و أنا أمشطها! ففعلتا، ثم قالت لها احداهما: ان النبي (ص) يعجبه من المرأة اذا دخلت عليه، أن تقول: أعوذ بالله منك!!!... فلما دخلت عليه، و أغلق الباب، و أرخي الستر، مد يده اليها، فقالت: أعوذ بالله منك! فقال رسول الله (ص) لكمه علي وجهه، فاستتر به، و قال: عذت بمعاذ! ثلاث مرات! ثم خرج الي أبي‌أسيد، فقال: يا أباأسيد، ألحقها بأهلها و معها برازقيتين! يعني: كرباسين. [و طلقها] فكانت تقول: ادعوني الشقية. و قال ابن‌عمر: قال هشام بن محمد: فحدثني زهير بن معاوية الجعفي: انها ماتت كمدا» [290] «و كانت تقول: خدعت» [291] و اذا كان صغر سن عائشة و حفصة و غيرتهما يبرران لهما - الي حد ما - كذبهما و مكائدهما و أخلاقهما، فكيف نبرر موقف النبي من هذه البريئة التي أودت بها تلك الخديعة الي الموت كمدا؟! [ صفحه 78] لم تهتم عائشة لموت هذه البريئة بسبب ما حصل لها - و لم يكن ذلك بالأمر السهل في مجتمع معقد ضد النساء: كل ما كان يهمها تسلطها علي البيت النبوي. و هكذا، نقل عنها قولها [292] عن أسماء: «كانت من أجمل النساء، فخفن أن تغلبهن عليه، فقلن لها» [293] ما قلن. جمال أسماء قتلها. و كان قد ذكر أنها «لما قدمت المدينة... دخل عليها نساء الحي فرحين بها، و خرجن من عندها، فذكرن جمالها، فشاع بالمدينة قدومها» [294] .

الكلابية... و عائشة

هنالك عدة نساء من بني‌كلب، تميزن أيضا بالجمال، قيل ان النبي خطط للزواج منهن، لكن مخططاته فشلت كلها. و هؤلاء النسوة، هن: فاطمة بنت الضحاك، عمرة بنت زيد، عالية بنت ظبيان، سنا بنت سفيان، و شراف أخت دحية الكلبي. و هن اما كلابية واحدة اختلف في اسمها؛ أو مجموعة من نساء من بني‌كلب لكل واحدة قصة غير قصة صاحبتها. تذكر احدي الروايات أنه «يوم أراد رسول الله (ص) أن يخطب لنفسه شراف أخت دحية الكلبي، و ذلك أنه (ص) بعث عائشة تنظر اليها، فذهبت ثم رجعت، فقال لها رسول الله (ص): ما رأيت؟ فقالت: ما رأيت طائلا!!! فقال لها رسول الله: لقد رأيت خالا تجدها أقشعرت منه ذوائبك! فقالت: يا رسول الله، ما دونك سر، و من يستطيع أن يكتمك!» [295] و يقال أيضا، «ان الكلابية لما دخلت علي النبي (ص)، قالت: أعوذ بالله منك!!! فقال رسول الله (ص): لقد عذت بعظيم - الحقي بأهلك» [296] .

مليكة الليثية... و عائشة

و كانت هذه - كالعادة - «تذكر بجمال بارع، فدخلت عليها عائشة (رض)، فقالت: أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك!! [يعني النبي]! فاستعاذت من رسول الله [ صفحه 79] (ص)، فطلقها، فجاء قومها النبي (ص)، فقالوا: يا رسول الله! انها صغيرة، و انها لا رأي لها، و انها خدعت، فارتجعها. فأبي رسول الله (ص)» [297] و كان أبوها قد قتل علي يد خالد بن الوليد يوم الفتح. - لكن: من الذي أوحي لها بالاستعاذة؛ و من الذي خدعها - و كيف؟!!!

ام شريك... و عائشة

أم‌شريك، هي احدي اللواتي وهبن أنفسهن للنبي؛ و كالعادة، «كانت جميلة، و قد أسنت، فقالت: اني أهب نفسي لك، و أتصدق!!! بها عليك! فقبلها النبي (ص). فقالت عائشة: ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير! قالت أم‌شريك: فأنا تلك! فسماها الله!!! مؤمنة، فقال: «و امرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي» [أحزاب 50]. فلما نزلت هذه الآية، قالت عائشة: ان الله يسرع لك في هواك» [298] . [ صفحه 81]

وفاة النبي... و عائشة

تقول احدي الروايات، ان النبي اشتد مرضه «في بيت ميمونة، فجمع نساءه، فاستأذنهن أن يمرض في بيت عائشة» [299] «فأذن له» [300] . رغم أن فاطمة، كما رأينا، كانت حليفة الحزب المناوئ لعائشة و حزبها، فعائشة تزعم، أنه «لما مرض رسول الله مرضه الذي توفي فيه، طافت فاطمة علي نسائه، تقول: ان رسول الله يشق عليه أن يطوف عليكن! فقلن: هو في حل. فكان يكون في بيت عائشة» [301] و تقول رواية أخري، لا ذكر فيها لفاطمة: «لما ثقل رسول الله (ص) في مرضه الذي توفي فيه، قال: أين أنا غدا؟ قالوا: عند فلانة! قال: أين بعد غد؟ قالوا: عند فلانة! فعرف أزواجه أنه يريد عائشة، فقلن: يا رسول الله، قد وهبنا أيامنا لأختنا عائشة» [302] . مع ذلك، لدينا نصوص تناقض ما سبق، تؤكد أن النبي كان «قد هم أن يطلق من نسائه، فلما رأين ذلك، جعلنه في حل يؤثر من يشاء منهن علي من يشاء... فكان يؤثر عائشة و زينب» [303] و في قول منسوب لعلي، نلاحظ أنه «لم يمت رسول الله (ص) حتي أحل له أن يتزوج من النساء ما شاء، و هو قوله «ترجئ من تشاء منهن» [أحزاب 51]» [304] و الحديث ذاته مروي عن عائشة أيضا [305] . حول ساعات النبي الأخيرة، تقدم عائشة روايات كثيرة، سوف نلاحظ لا حقا أن هنالك من يكذبها: تقول احدي الروايات، نقلا عنها: «كان رسول الله (ص)، اذا مر ببابي مما يلقي الكلمة ينفع الله عزوجل. فمر ذات يوم، فلم يقل شيئا، ثم مر أيضا، فلم [ صفحه 82] يقل شيئا - مرتين أو ثلاثا. قلت: يا جارية! ضعي لي و سادة علي الباب! و عصبت رأسي. فمر بي، فقال: يا عائشة ما شأنك؟ فقلت: أشتكي رأسي! فقال: أنا، و رأساه! فلم يلبث الا يسيرا، حتي جي‌ء به محمولا في كساء، فدخل علي، و بعث الي النساء، فقال: اني قد اشتكيت، و اني لا أستطيع أن أدور بينكن، فأذن لي، فلأكن عند عائشة أو صفية. و لم أمرض أحدا قبله؛ فبينما رأسه ذات يوم علي منكبي، اذ مال رأسه نحو رأسي، فظننت أنه يريد من رأسي حاجة، فخرجت من فيه نطفة باردة، فوقعت علي ثغرة نحري، فاقشعر لها جلدي، فظننت أنه غشي عليه، فسجيته ثوبا، فجاء عمر و المغيرة ابن‌شعبة، فاستأذنا، فأذنت لهما، و جذبت الي الحجاب، فنظر عمر اليه، فقال: و اغشياه، ما أشد ما غشي رسول الله (ص)! ثم قاما، فلما دنوا من الباب، قال المغيرة: يا عمر، مات رسول الله (ص). قال: كذبت، بل أنت رجل تحوسك فتنة؛ ان رسول الله (ص) لا يموت حتي يفني الله عزوجل المنافقين. ثم جاء أبوبكر، فرفعت الحجاب، فنظر اليه، فقال: انا لله و انا اليه راجعون! مات رسول الله (ص)...» [306] . تقول رواية أخري أكثر شهرة، نقلا عن عائشة أيضا: «مات رسول الله (ص) في بيتي و يومي، و بين سحري و نحري، فدخل عبدالرحمن بن أبي‌بكر، و معه سواك رطب، فظننت أن له فيه حاجة... فأخذته، فمضغته و نفضته و طيبته، ثم دفعته اليه، فاستن كأحسن ما رأيته مستنا قط، ثم ذهب يرفعه الي، فسقط من يده، فأخذت أدعو الله عزوجل بدء كان يدعو به جبريل (ع)؛ و كان هو يدعو به اذا مرض، فلم يدع به في مرضه ذلك، فرفع بصره الي السماء، و قال: الرفيق الأعلي، الرفيق الأعلي! يعني و فاضت نفسه! فالحمد لله الذي جمع بين ريقي و ريقه آخر يوم من أيام الدنيا» [307] . و في رواية ثالثة، تقول عائشة أيضا: «مات في اليوم الذي كان يدور فيه علي في بيتي، فقبضه الله و ان رأسه بين نحري و سحري، و خالط ريقه ريقي» [308] . كان عمرها، آنذاك، كما أشرنا، «ثمان عشرة سنة» [309] تقريبا. [ صفحه 85]

عائشة... و الخلفاء

عائشة... زمن أبي بكر و عمر

اشاره

كانت خلافتا أبي‌بكر و عمر، المرحلة الأهداء في حياة عائشة. - و كان هذا طبيعيا. فقد حققت عائشة أثناءها الكثير مما كانت تطمح اليه، معنويا و ماديا: فأبوها كان يمسك بزمام الخلافة، و هي «استقلت بالفتوي»؛ و تميزها المادي عن بقية نساء النبي تشهد عليه مصادر كثيرة. لقد أشرنا في كتابنا، «يوم انحدر الجمل من السقيفة»، الي الكيفية التي صار بها أبوبكر خليفة. و قد قامت عائشة بدور هام في بث أحاديث، لا نعرف مدي دقتها، تأييدا لخلافة والدها، و انتقاما - و هذا أهم - من ألد أعدائها: علي بن أبي‌طالب. ففي فضل أبي‌بكر، تروي عائشة أحاديث كثيرة. من ذلك، زعمها أنها قالت للنبي، مرة: «يا رسول الله، أكل الناس تقف للحساب يوم القيامة؛ قال نعم، الا أبابكر، فان شاء مضي، و ان شاء وقف» [310] . لقد استغلت عائشة حدث موت النبي أفضل استغلال، لتقديم حكايا غير مؤكدة داعمة لخلافة أبيها. من ذلك، مثلا، ما أورده ابن‌ماجة [311] نقلا عنها: «لما مرض رسول الله (ص) مرضه الذي مات فيه - و قال أبومعاوية: لما ثقل - جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: مرو أبابكر، فليصل بالناس، قلنا: يا رسول الله، ان أبابكر رجل أسيف - تعني: رقيق - و متي ما يقوم مقامك يبكي، فلا يستطيع، فلو أمرت عمر، فصلي بالناس! فقال: مروا أبابكر، فليصل، فانكن صواحب يوسف! فأرسنا الي أبي‌بكر، فصلي بالناس. فوجد رسول الله (ص) في نفسه خفة، فخرج الي الصلاة يهادي بين رجلين، و رجلاه تخطان في الأرض. فلما أحس به أبوبكر، ذهب ليتأخر. فأومئ اليه النبي (ص) [ صفحه 86] أن مكانك؛ فجاء حتي أجلساه الي جنب أبي‌بكر. فكان أبوبكر يأتم بالنبي (ص)، و الناس يأتمون بأبي بكر». و في رواية أخري [312] منقولة عن عبدالله بن عمر، نجد عائشة تقول للنبي: «ان أبابكر رجل رقيق كثير البكاء حين يقرأ القرآن، فمر عمر، فليصل بالناس. فراجعته عائشة بمثل مقالتها، فقال رسول الله (ص): ليصل بالناس أبوبكر! انكن صواحب يوسف». و تدعي عائشة، أن النبي قالها لها في مرضه الأخير: «ادعي أبابكر أباك، و أخاك، حتي أكتب كتابا، فاني أخاف أن يتمني متمن، و يقول قائل: أنا أولي! و يأبي الله و المؤمنون الا أبابكر» [313] . و يروي عنها أيضا، أنه «لما ثقل رسول الله (ص)، قال لعبد الرحمن بن أبي‌بكر: ائتني بكتف و لوح حتي أكتب لأبي بكر، لا يختلف عليه! فلما ذهب عبدالرحمن ليقوم، قال: أبي الله و المؤمنون أن يختلف عليك، أبابكر» [314] . و يروي عنها أيضا، أنه «لما ثقل رسول الله (ص)، قال لعبدالرحمن بن أبي‌بكر: ائتني بكتف و لوح حتي أكتب لأبي‌بكر، لا يختلف عليه! فلما ذهب عبدالرحمن ليقوم، قال: أبي الله و المؤمنون أن يختلف عليك، أبابكر» [315] لكن: ألم يكن بين كل المسلمين من يستأهل حمل هذه المهمة المصيرية غير عبدالرحمن الذي لم يكن عطر السمعة اسلاميا بأية حال؟ من أحاديث كهذه، يمكن أن نتلمس محاولة عائشة كي تظهر أن النبي هو الذي اختار أبابكر اماما بعده، و أنها من ناحيتها كانت معترضة علي ذلك! كما أشرنا، فالكلام عن عائشة شبه نادر في حقبة خلافة أبي‌بكر: فمن جهة، كانت عائشة ذاتها هادئة و قد تحقق لها أقصي ما تشتهي؛ و من جهة أخري، كانت خلافة أبي‌بكر ملأي بالصراعات الداخلية و المصاعب الكبيرة: حدث السقيفة و خروج سعد بن معاذ علي الخليفة؛ و الحروب التي شنت ضد كل من ارتد عن الدين أو رفض خلافة أبي‌بكر من العرب - و عبر عن ذلك بامتناعه عن دفع الزكاة. [ صفحه 87]

عمر بن الخطاب... و عائشة

و مات أبوبكر، و «أقامت عائشة علي النوح، فنهاهن عن البكاء عمر، فابين أن ينتهين، فقال لهشام بن الوليد: ادخل، فأخرج لي ابنة أبي‌قحافة، أخت أبي‌بكر! فقالت عائشة لهشام حين سمعت ذلك من عمر: اني أحرج عليك بيتي! فقال عمر لهشام: ادخل فقد أذنت لك. فدخل هشام، فأخرج اليه فروة بنت أبي‌قحافة، فعلاها بالدرة ضربات، فتفرق النوح حين سمعن ذلك». [316] . كذلك، فمن المتعارف عليه عموما، أن عمر بن الخطاب منع زوجات النبي - و ضمنهن عائشة - من الحج و العمرة. و لم يسمح لهن بذلك حتي سنته الأخيرة. مقابل هذا الحزم غير المبرر الذي أظهره عمر بن الخطاب تجاه عائشة، فقد استخدم أيضا الوجه الآخر للعملة فاستطاع استقطاب أم‌المؤمنين، كما لم يستقطبها أحد قبله. و يبدو أن ابن‌الخطاب كان يعرف نقطتي ضعفها الكبيرتين: السلطة و المادة: فمن ناحية، كما أشرنا من قبل، «استقلت [عائشة] بالفتوي في عهد أبي‌بكر و عمر و عثمان، و هلم جرا، الي أن ماتت» [317] ؛ و من ناحية أخري، يخبرنا كثير من المصادر الاسلامية، أن عمر ابن‌الخطاب «فرض لأمهات المؤمنين عشرة آلاف، و زاد عائشة ألفين؛ و قال: انها حبيبة رسول الله (ص)» [318] أما اللواتي «جري عليهن الملك، فلم يحظين حتي بالآلاف العشرة» [319] ، «فقد فرض لهما [جويرية و صفية] في ستة آلاف ستة آلاف» [320] - دون أن يكون لديه أي سند شرعي لذلك. أموال... أموال... أموال!!! تذكر الروايات أنه «قدم درج من العراق، فيه جوهر الي عمر، فقال لأصحابه: أتدرون ما ثمنه؛ فقالوا: لا! و لم يدروا كيف يقسمونه! فقال: أتأذنون أن أرسل به الي [ صفحه 88] عائشة، لحب رسول الله اياها؟ فقالوا: نعم. فبعث به اليها. فقالت: ماذا فتح الله علي عمر بن الخطاب، اللهم لا تبقين عطية لقابل» [321] . هذا كله كان يخلق نوعا من التذمر في صفوف الجماعة الاسلامية الأولي. تقول احدي الروايات، ان عمر بن الخطاب «كان يعطي من بيت‌المال ما لا يجوز، حتي أنه كان يعطي عائشة و حفصة عشرة آلاف درهم، و منع أهل البيت خمسهم الذي يجري مجري الواصل اليهم من قبل رسول الله (ص)» [322] بل يقال ان عائشة ذاتها احتجت مرة علي هذا «اللاعدل» [323] العمري؛ ورد في الكشاف: «روي أن عمر بن الخطاب (رض) بعث الي أزواج رسول الله (ص)، فقالت عائشة (رض): أالي كل أزواج رسول الله (ص) بعث عمر مثل هذا؟ قالوا: لا! بعث الي القرشيات بمثل هذا و الي غيرهن غيره. فقالت: ارفع رأسك، فان رسول الله (ص) كان يعدل بيننا في القسمة بماله و نفسه! فرجع الرسول، فأخبره، فأتم لهن جميعا» [324] مع ذلك فهذا لم يمنع أن يكون رضي عائشة علي خلافة عمر كاملا. سئلت ذات مرة «من كان رسول الله مستخلفا لو استخلفه؟ قالت: أبوبكر! فقيل لها: ثم من بعد أبي‌بكر؟ قالت: عمر! ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت أبوعبيدة بن الجراح. ثم انتهت الي هذا» [325] .

الحج الأخير... و الأول

عام وفاته، 23 ه، استأذن نساء النبي عمر بن الخطاب في الحج، باستثناء سودة و زينب، اللتين لم تحجا بعد النبي، و قالتا: لا يحركنا ظهر بعير! و قالت سودة: قد حججت و اعتمرت فأنا أقعد في بيتي [326] كما أمرني الله. فأمر عمر لهن، و أمر [ صفحه 89] بجهازهن، فحملن في الهوادج، عليهم الأكسية الخضر - الطيالسة الخضر - و هن حجرة من الناس، و بعث معهن عبدالرحمن بن عوف، و عثمان بن عفان. كان التحريص علي نساء النبي، و هن في طريقهن الي الحج، مبالغا به. - و ليس هذا بالأمر غير العادي، خاصة اذا ما أخذنا بعين الاعتبار تحايل عائشة علي النص الديني لادخال الرجال عليها - كما سنلاحظ في بحث الحجاب و رضاع الكبير - و تداولها العلني و الصريح للأحاديث الجنسية مع الكثير من الرجال.لكننا نتساءل أيضا، هل كان ابن‌الخطاب، في تحريصه المبالغ به هذا، يضع نصب عينيه محنة الافك و صفوان و قصة طلحة بن عبيدالله مع عائشة (راجع الفصل المتعلق بذلك لا حقا) - هذا ما وصلنا علي الأقل - خاصة و أن امكانية التبري‌ء انتهت مع توقف الوحي و انفصال الملائكي عن البشري، مرة و الي الأبد؟! فقد «كان عثمان يسير علي راحلة أمامهن، و ينادي: ألا يدنو اليهن أحد، و لا ينظر اليهن أحد! فلا يدع أحدا يدنو منهن و لا يراهن الا من مد البصر. فاذا دنا منهن أحد، يصيح: اليك؟! اليك؟! و كان عبدالرحمن [بن عوف] يسير علي راحته من ورائهن، يفعل مثل ذلك» [327] . و في رواية المسور بن مخرمة، يقال: «ربما رأيت الرجل ينيخ علي الطريق لاصلاح رحل أو بعض ما يصلح من جهازه، فيلحقه عثمان و هو أمام أزواج النبي (ص)، فاذا كان الطريق سعة، أخذ يمين الطريق أو يساره؛ فيبعد عنه؛ و ان لم يجد سعة، وقف ناحية حتي يرحل الرجل أو يقضي حاجته. و قد رأيته يلقي الناس مقبلين في وجهه من مكة علي الطريق، فيقول لهم: يمنة أو يسرة! فينيخهم حتي يكونوا مد البصر حتي يمضين؛ و كن ينزلن مع عمر كل منزل، و كانا ينزلان بهن في الشعاب و ينزلان في في‌ء الشعاب، و لا يتركان أحدا يمر عليهن» [328] و في رواية أخري: «ينزلان بصدر الشعب، و ينزلان بذنب الشعب، و لا يصعد اليهن أحد؛ [و في ثالثة]: ينزلهن في الشعب الذي ليس له منفذ؛ [أو]: و قد ستروا عليهن الشجر من كل ناحية» [329] . [ صفحه 90]

وفاة عمر... و عائشة

بعد أن طعن عمر، و قبيل وفاته، قال لابنه: «يا عبيدالله... انطلق الي عائشة، أم‌المؤمنين فقل [لها]: يقرأ عليك عمر السلام... و قل: يستأذن عمر أن يدفع مع صاحبيه [النبي و أبي‌بكر في حجرتها]. فسلم، فاستأذن، ثم دخل عليها، فوجدها قاعدة تبكي، فقال، يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام، و يستأذن أن يدفن مع صاحبيه. فقالت: كنت أريده لنفسي، و لأؤثرن به علي نفسي. فلما أقبل... قال [عمر] ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أميرالمؤمنين، أحب الي منه» [330] و كان عمر قد «استأذن في حياته [من عائشة] فأذنت له، فقال: دعوها، فاني أخشي أن تكون لي لسلطاتي» [331] . و الغريب أن عائشة، و هي التي كانت ترضع الرجال من قريباتها كي يحرموا عليها بزعم الرضاع كما سنلاحظ تفصيليا لاحقا، صارت تتحجب لوجود رجل غريب، هو عمر بن الخطاب، في حجرتها: رغم أن هذا الغريب... ميت!!! تقول عائشة: «ما زلت أضع خماري و أتفضل في ثيابي في بيتي حتي دفن عمر بن الخطاب فيه، فلم أزل متحفظة في ثيابي حتي بنيت بيني و بين القبر جدارا، فتفضلت بعد» [332] . و في رواية أخري: «كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول الله (ص) و أبي (رض)، و أضع ثوبي، و أقول: انما هو زوجي و أبي، فلما دفن عمر (رض)؛ و الله ما دخلته الا مشدودة علي ثيابي، حياء من عمر (رض)» [333] بيتها بالذات، بيت عائشة، كان الموضع اختاره عمر لانتخاب الخليفة الجديد. «قال عمر لأهل الشوري: اجتمعوا الي حجرة عائشة، باذنها، فتشاوروا، و اختاروا منكم رجلا» [334] . [ صفحه 91]

عثمان بن عفان... و عائشة

اشاره

لا شك أن علاقة عائشة بعثمان بن عفان، الخليفة الثالث، هي واحدة من أصعب العلاقات - ظاهريا - فهما و أكثرها عصيا علي التحليل. فالروايات التي تتحدث عن علاقتها به في نصف خلافته الأول نادرة. في حين أن الروايات حول تلك العلاقة في نصف خلافته الثاني كثيفة و متراكمة - و أحيانا: متناقضة - الي حد محرج. مع ذلك، فقليل من الغوص في أعماق تلك العلاقة يمكن أن يكشف الكثير من خفاياها و تناقضاتها.

النصف الأول من خلافته

كما سبق و أشرنا، فقد منع عمر بن الخطاب نساء النبي عن الحج و العمرة، حتي سنة الأخيرة، حيث حججن معه؛ و لما توفي عمر و ولي عثمان، اجتمع نساء النبي - عائشة و أم‌سلمة و ميمونة و أم‌حبيبة - و أرسلن اليه يستأذنه في الحج فقال: قد كان عمر بن الخطاب فعل ما رأيتن، و أنا أحج بكن، فمن أراد منكن أن تحج، فأنا أحج بها. فجمع بهن عثمان جميعا، الا امرأتين: زينب بنت جحش، توفيت في خلافة عمر، و لم يحج بها عمر، و سودة بنت زمعة، لم تخرج من بيتها بعد النبي [335] . يقول ابن‌قتيبة الدينوري: «كان عثمان (رض) ست ستين من ولايته، و هو أحب الي الناس من عمر بن الخطاب (رض) [336] ، و كان عمر رجلا شديدا [337] قد ضيق علي [ صفحه 92] قريش أنفاسها، لم ينل معه أحد من الدنيا شيئا، اعظاما له و اجلالا، و تأسيسا به و اقتداء، فلما وليهم عثمان، ولي رجل لين... [و كان عثمان يخطب بالقوم، فيقول]: أيها الناس، اغدوا علي أعطياتكم! فيأخذونها وافية؛ اغدوا علي كسوتكم! فيغدون، فيجاء بالكسوة، فتقسم بينهم... يا معشر المسلمين، اغدوا عن السمن و العسل!... يا معشر المسلمين، اغدوا علي الطيب!... فلم يزل المال متوفرا، حتي لقد بيعت الجارية بوزنها ورقا، و بيع الفرس بعشرة آلاف دينار، و بيع البعير بألف، و النخلة الواحدة بألف» [338] . كان عثمان يقارن نفسه بعمر. و يزعم أن قسوة عمر هي سبب سكوت الناس عنه، في حين أنهم لم يجترأوا علي عثمان الا للينه: «لقد عبتم علي أشياء و نقمتم أمورا قد أقررتم لابن الخطاب مثلها، و لكنه و قمكم و قمعكم و لم يجترئ أحد يملأ بصره منه و لا يشير بطرفه اليه» [339] و في نص آخر: «و لكنه وطئكم برجله و ضربكم بيده و قمعكم بلسانه، فدنتم له علي ما أحببتم أو كرهتم» [340] . في النصف الأول من خلافة عثمان، كانت عائشة تبث أحاديت في مدحه؛ من ذلك، قولها: «استأذن أبوبكر رسول الله (ص)، و أنا معه في مرط واحد... فأذن له! فقضي اليه حاجته، و هو معي في المرط، ثم خرج؛ ثم استأذن عليه عمر، فأذن له، فقضي اليه حاجته علي تلك الحال، ثم خرج؛ فاستأذن عليه عثمان، فأصلح عيله ثيابه و جلس، فقضي اليه حاجته، ثم خرج!... فقلت له: يا رسول الله، استأذن عليك أبوبكر فقضي اليك حاجته علي حالك تلك؛ ثم استاذن عليك عمر فقضي اليك حاجته علي حالك تلك؛ ثم استأذن عليك عثمان فكأنك احتفظت. فقال: ان عثمان رجل حيي، ولو أذنت له علي تلك الحال، خشيت ألا يقضي الي حاجته» [341] و في رواية [ صفحه 93] أخري أنه قال لعائشة، حين أراد عثمان الدخول عليهما: «اجمعي عليك ثيابك!» [342] و في رواية أخري، نجد عائشة تسأله حين اراد عثمان الدخول عليهما: «يا رسول الله، استأذن عليك أبوبكر و عمر، فأذنت لهما، و أنت علي حالك، فلما استأذن عثمان، أرخيت عليك ثيابك؟ فقال: يا عائشة، ألا أستحي من رجل - و الله - ان الملائكة تستحي منه» [343] . لكن أسئلة كثيرة تتدافع ذاتيا، تحيط الروايات السابقة بنوع من الربية. فقد دخل عمر بن الخطاب علي النبي و عائشة - بحسب الرواية - معه في المرط؛ و لما أراد عثمان الدخول عليهما، طلب منها النبي أن تجمع عليها ثيابها: فكيف كانت حالة عائشة حين دخل عمر، و هل يعقل أن يدخل عليها في تلك الحالة، في حين أنها كانت تحتجب منه و هو ميت، كما لاحظنا في الفصل السابق؟! من ناحية أخري، فروايات كثيرة تحبل بها التراثيات الاسلامية، تظهر دون أدني لبس، أن عثمان كان سليط اللسان؛ فقد نقل عنه أنه قال لعمار بن ياسر: «يا عاض أير أبيه» [344] ؛ و شتمه أيضا بقوله: «يا ابن‌المتكاء» [345] - و المتكاء هي البظراء المفضاة التي لا تمسك البول: فهل يعقل أن يكون رجلا كهذا حييا الي درجة أن الملائكة ذاتها كانت تسحي منه؟

خطأ البداية

رغم كل روايات فضائل عثمان و حجزه لموضع في جنة الاسكاتولوجيا الاسلامية، فقد بدأ هذا الرجل خلافته بخطأ كبير لم تغفره له عموما الجماعة الاسلامية الأولي، مع انه حاول استمالتها بأموال الأراضي الغنية التي غزتها جحافل المسلمين،في عهد عمر بن الخطاب: «كان تعطيل الحد علي عبيدالله بن عمر، أول دواعي النقمة علي عثمان» [346] فحين قتل عمر بن الخطاب، قال عبدالرحمن بن ابي‌بكر، شقيق عائشة، [ صفحه 94] لعبيدالله بن عمر: «رأيت عشية أمس الهرمزان و أبالؤلؤة و جفنية... فلما رأوني ثاروا، و سقط منهم خنجر... الذي ضرب به عمر، فقتلهم عبيدالله» [347] فقال علي لعثمان: «أري أن تقتله» [348] لكن عثمان رفض ذلك؛ و لما «أكثر الناس في دم الهرمزان و امساك عثمان عبيدالله بن عمر، صعد عثمان المنبر، فخطب الناس، ثم قال: ألا اني وليت دم الهرمزان و تركته لدم عمر! فقام المقداد بن عمرو، فقال: ان الهرمزان مولي لله و لرسوله، و ليس لك أن تهب ما كان الله و لرسوله... ثم أخرج عثمان عبيدالله بن عمر من المدينة الي الكوفة، و أنزله دارا، فنسب الموضع اليه: كويفة ابن‌عمر» [349] و بالمناسبة، فقد كان عبيدالله في جيش معاوية ضد علي، و كان ممن قتل بصفين [350] و رغم الصخب الذي صاحب جريمة ابن‌عمر و سكوت عثمان عنه، فنحن لم نسمع عن اعتراض لعائشة أو تحريض منها للناس علي الثورة.

النصف الثاني من خلافته

تميز النصف الثاني من خلافة عثمان بالصراعات المتعاقبة بينه و بين الجماعة الاسلامية الأولي عموما، و بينه و بين عائشة بشكل خاص، و التي انتهت بقتله - دون أن يعني ذلك أنها كانت تهدف الي قتله حتما. و لا نعتقد أن حرص عائشة علي الصالح العام الذي ضرب به عثمان الحائط كان السبب الفعلي لمواقفها السلبية من الخليفة: لأن ذلك لو كان يعنيها بشي‌ء لسمعنا صوتها و ان همسا في مسألة عبيدالله بن عمر المشار اليها آنفا. لكننا نعتقد أنها استغلت أخطاء عثمان العامة، بذكائها الحاد، لصالحها الشخصي. و يمكن اجمال دواعيها الشخصية للثورة علي الخليفة في شقين رئيسين: 1- الشق المادي: تذكر الروايات أنه «كان بين عثمان و عائشة منافرة، و ذلك أنه نقصها مما كان يعطيها عمر بن الخطاب، و صيرها أسوة غيرها من نساء رسول [ صفحه 95] الله» [351] لكن لا يوجد بين أيدينا شي‌ء حول أسباب ذلك النقص؛ و يمكن لنا أن نخمن أن ملاسنة ما اندلعت بين الاثنين، و الاثنان، كما هو معروف، عاطفيان حاد الطباع، و هكذا قطع عثمان الألفين الزيادة اللذين أمر لها بهما عمر بن الخطاب، و صارت مثلها مثل غيرها من نساء النبي الأخريات. 2- الشق المعنوي: فكما سنري في فصل علي بن أبي‌طالب و عائشة، كانت أم‌المؤمنين تطمح الي اعادة الخلافة الي بني‌تيم - أهلها؛ و تحديدا: الي طلحة بن عبيدالله ابن‌عمها الذي سنتحدث عنه في عرضنا لحكاية الافك.

الاسباب العامة للثورة علي عثمان

لقد أورث عمر عثمانا أراض مغزوة و شعوبا مقهورة و أموالا لا تحصي. و كان طبيعيا بالتالي أن يتحول أعيان الجماعة الاسلامية الأولي، و علي رأسهم بعض من أولئك الذين حجزوا أماكنهم في الجنة، الي طغمة من الرأسماليين الفاحشي الغني، مقابل أصحاب الأراضي المغزوة - و سائر بقية المسلمين - المدقعي الفقر. و من تلك الطغمة الرأسمالية، نذكر: - الزبير بن العوام: «خلف ألف فرس و ألف عبد و ألف أمة و خططا» [352] و خلف «احدي عشر دارا بالمدينة، و دارين بالبصرة، و دارا بالكوفة و دارا بمصر. و كان له أربع نسوة، فأصاب كل امرأة، بعد رفع الثلث، ألف ألف و مائتا ألف... فجميع ماله ألف ألف و مائتا ألف» [353] و قال ابن‌الهائم: «الصواب أن جميع ماله، حسبما فرض: تسعة و خمسون ألف ألف، و ثمانمائة ألف» [354] و بذكر ابن‌سعد في طبقاته [355] أنه: «كان للزبير بمصر خطط، و بالاسكندرية خطط، و بالكوفة خطط، و بالبصرة دور؛ و كانت له غلات تقدم عليه من أعراض بالمدينة». و قد قيد ابن‌كثير ثروته بالدرهم في تاريخه [356] . [ صفحه 96] - طلحة بن عبيدالله: ترك مائة بهار، في كل بهار، ثلاث قناطر ذهب. و قيل ان البهار جلد ثور. و ذكر أيضا أن طلحة خلف ثلاثمائة جمل ذهبا [357] . ابتني طلحة دارا بالكوفة، تعرف بدار الطلحتين؛ و كانت غلته من العراق، كل يوم، ألف دينار، و قيل أكثر من ذلك. و له بناحية سراة أكثر من ذلك؛ و شيد دارا بالمدينة، و بناها بالآجر و الجص و الساج. و كان يغل بالعراق مابين أربعمائة ألف الي خمسائة ألف؛ و يغل بالسراة عشرة آلاف دينار أو أكثر أو أقل. و كان غلته كل يوم ألف وافيا، و الوافي وزنه وزن الدينار... و ترك ألفي ألف درهم، و مائتي ألف درهم، و مائتي ألف دينار. و كان قيمة ما ترك طلحة من العقار و الأموال، و ما ترك من الناض [درهم و دينار] ثلاثين ألف ألف درهم؛ ترك من العين ألفي ألف و مائتي ألف درهم، و مائتي ألف دينار، و الباقي عروض. و قد قتل طلحة و في يد خازنه ألف ألف درهم، و مائتا ألف درهم، و قومت أصوله و عقاره، ثلاثين ألف ألف درهم. و وجدوا في تركته ثلاثمائة بهار ن ذهب و فضة [358] و كان عثمان [359] قد أعطي طلحة في خلافته مائتي ألف دينار. فلما ثار عليه طلحة، قال: ويلي علي ابن‌الحضرمية، أعطيته كذا و كذا بهارا ذهبا، و هو يروم دمي، يحرض علي نفسي [360] . - عبدالرحمن بن عوف: ترك عبدالرحمن بن عوف ألف بعير، و ثلاثة آلاف شاة، و مائة فرس ترعي بالبقيع، و كان يزرع بالجرف علي عشرين ناضحا. و كان فيما خلفه ذهب قطع بالفؤوس حتي مجلت أيدي الرجال منه؛ و ترك أربع نسوة، فأصاب كل امرأة ثمانون الفا. و قد صولحت امرأة لعبد الرحمن كان طلقها في مرضه من ربع الثمن، بثلاثة و ثمانين ألفا. و قيل انه ابتني دارا و وسعها [361] . [ صفحه 97] - سعد بن أبي‌وقاص: ترك سعد يوم مات مائتي ألف و خمسين ألف درهم؛ و مات في و الضياع، بقيمة مائة ألف دينار [362] . - عثمان بن عفان: «كان قد صار له أموال عظيمة (رض)، و له ألف مملوك» [363] و كان له «عند خازنه يوم قتل ثلاثون ألف ألف درهم، و خمسمائة ألف درهم، و خمسون و مائة ألف دينار، فانتهبت و ذهبت. و ترك ألف بعير بالربذة، و صدقات ببراديس، و خيبر، و وادي القري، قيمة مائة ألف دينار» [364] و تقول رواية أخري ان عثمان «يوم قتل، كان عند خازنه في المال خمسون و مائة ألف دينار، و ألف ألف درهم، و قيمة ضياعه بوادي القري و حنين و غيرهما، مائة ألف دينار، و خلف خيلا كثيرا و ابلا» [365] و تقول رواية ثالثة، ان عثمان بن عفان «كان في نهاية الجلود و الكرم و السماحة، في القريب و البعيد، فسلك عماله و كثير من أهل عصره طريقته، و تأسوا به في فعلته، و بني‌داره في المدينة، و شيدها بالحجر و الكلس، و جعل أبوابها من الساج و الوعر، و اقتني أموالا و جنانا و عيونا بالمدينة» [366] . لقد كان وضع عثمان المالي عاديا تماما بالنسبة لوجوه بني‌أمية، الذين ساهم هو ذاته بقسط وافر في ايصالهم الي هذا الغني الفاحش. فكان علي، يقول: «ان بني‌أمية ليفوقونني تراث محمد (ص) تفويقا» [367] ؛ و نلاحظ هنا أن عليا يعتبر تراث محمد، الذي لا يعطيه بني‌أمية من ماله الا القليل، ملكا خاصا به. لذلك، حين صار علي خليفة، قال: «ألا أن كل قطيعة أقطعها عثمان، و كل مال أعطاه من مال الله، فهو مردود في بيت‌المال... ولو وجدته قد تزوج به النساء، و فرق في البلدان» [368] . اذن: باستثناء علي و زيد و عبدالرحمن و من في حكمهم، ما هو مبرر المذكورين آنفا في الثورة علي عثمان؟ ألا يبدو أن الطموح الي ما هو أكثر من الأموال و الثروة سببا وجيها للثورة؟ [ صفحه 98]

اهم دواعي الثورة

علي ما يبدو، فان هذا الثراء المادي الذي ضرب الأمة علي حين غفلة، زعزع كيانها، فراحت تفقد شيئا فشيئا أسس علتها الأولي. و ظهر ذلك، بادئ ذي بدئ، علي شكل تجليات بسيطة. و «كان أول منكر ظهر بالمدينة، حين فاضت الدنيا، طيران الحمام و الرمي علي الجاهقلات - و هي قوس البندق - و استعم عليها عثمان رجلا من بني‌ليث، سنة ثمان من خلافته، فقنص الطيور و كسر الجاهقلات» [369] لكن هذه المنكرات سرعان ما تطورت الي فضائح و جرائم، كان لعثمان اليد الطولي في اذكاء نارها. و من ذلك نذكر: 1- فضيحة الوليد بن عقبة: و هذا الرجل سي‌ء السمعة اسلاميا. فقد قال القرآن عنه: «اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا» (حجرات 6) [370] - اذ بعدما أرسله النبي لأخذ صدقات بني‌المصطلق!!! عاد ليقول، كذبا، انهم رفضوا اعطاءها؛ و كالعادة، كادت الحرب أن تنشب لولا تدخل عقلاء تلك القبيلة، و شرحهم حقيقة الأمر للنبي [371] . الوليد هذا هو أخو عثمان لأمه. و قد عينه الخليفة واليا علي الكوفة، بعدما عزل [372] عنها مؤسسها سعد بن أبي‌وقاص. و هو ما أزعج عامة الناس، الذين قالوا: «بئسما ابتدلنا عثمان: عزل أبااسحق، الهين اللين الحبر، صاحب رسول الله (ص)، و ولي أخاه الفاسق الفاجر الأحمق الماجن» [373] . حين قدم الوليد الكوفة، كان فيها ابن‌مسعود، يعلم الناس القرآن و يفقههم في الدين. و كان أيضا يتولي مسؤولية بيت‌المال، و هذا أهم بكثير. و لما استقرض الوليد من= [ صفحه 99] بيت‌المال، و أراد ابن‌مسعود استرداد النقود بعد ذلك، كتب الوليد الي عثمان، الذي كتب بدوره الي ابن‌مسعود، يقول: «انما أنت خازن لنا، فلا تعرض للوليد فيما أخذ من المال». فترك ابن‌مسعود رعاية بيت‌المال، لكنه لم يترك الكوفة [374] من الكوفة، راح ابن‌مسعود يطعن علي عثمان، فكتب الوليد الي الخليفة بذلك و فرد عليه عثمان بأن يرسل ابن‌مسعود اليه. و لما قدم ابن‌مسعود المدينة، كان عثمان يخطب علي المنبر، فلما رآه، قال: «الا أنه قد قدمت عليكم دويبة سوء، من يمشي علي طعامه يقي‌ء و يسلح! [لابد أن نلاحظ هنا أسلوب التخاطب بين كبار الصحابة، خاصة ذلك الذي تستحي منه الملائكة!]. فقال ابن‌مسعود: لست كذلك، و لكني صاحب رسول الله (ص) يوم بدر و يوم بيتة الرضوان! [و هو بذلك يعرض بعثمان الذي غاب عن الحدثين]. و نادت عائشة: أي عثمان! أتقول هذا لصاحب رسول الله؟... فقال عثمان: اسكتي!!! ثم أمر عثمان به، فأخرج من المسجد اخراجا عنيفا، و ضرب به عبدالله بن زمعة [أخو سودة زوجة النبي] الأرض؛ و يقال: بل احتمله يحموم، غلام عثمان، و رجلاه تختلفان علي عنقه، حتي ضرب به الأرض؛ فدق ضلعاه. فقال علي: يا عثمان! أتفعل هذا بصاحب رسول الله (ص) بقول الوليد بن عتبة؟» و منع ابن‌مسعود من مغادرة المدينة، ثلاث سنوات، حتي مات [375] . هنالك رواية أخري تورد سببا مختلفا للصراع بين عثمان و ابن‌مسعود؛ و ربما أن السببين اجتمعا معا: «كان من عمل [عثمان] أنه عمد الي جمع القرآن الكريم في مصحف واحد، فألفه و صيره، الطوال مع القصار، و كتب في جميع المصاحف من الآفاق حتي جمعت، ثم سلقها بالماء الحار و الخل؛ و قيل: أحرقها! فلم يبق مصحف الا فعل به ذلك، خلا مصحف ابن‌مسعود بالكوفة؛ فامتنع أن يدفع مصحفه الي عبدالله بن عامر، و كتب اليه عثمان أن أشخصه... فدخل المسجد، و عثمان يخطب، فقال عثمان، انه قد قدمت عليكم دابة سوء. فكلمه ابن‌مسعود بكلام غليظ، فأمر به عثمان، فجر برجليه [ صفحه 100] حتي كسر له ضلعان؛ فتكلمت عائشة، و قالت قولا كثيرا» [376] و تضيف احدي الروايات أن «ابن‌مسعود كره جمع عثمان الناس علي قراءة زيد [بن ثابت، الذي أوكل اليه عثمان مهمة المصحف الشهيرة]، و احراقه المصاحف. قال ابن‌مسعود: لقد أخذت القرآن من في رسول الله (ص) سبعين سورة؛ و ان زيد بن ثابت لغلام يقرأ في الكتاب له ذؤابة» [377] بعد وفاة ابن‌مسعود، دفن دون أن يصلي عليه عثمان، بوصية منه [378] - أي، من ابن‌مسعود. بعودة الي فضائح الوليد بن عقبة، نقول: ان أكثر ما أثار سخط الناس علي هذا الوالي، تصرفاته المنافية لأبسط قواعد الأخلاق و الدين. فقد «روي أن الوليد بن عقبة كان يشرب مع ندمائه و مغنيه من أول الليل الي الصباح، فلما آذنه المؤذنون بالصلاة، خرج متفضلا في غلائله، فتقدم الي المحراب في صلاة الصبح، فصلي بهم أربعا، و قال: أتريدون أن أزيدكم؟ [379] و قيل: انه قال في سجوده، و قد أطال: اشرب و اسقني! فقال له بعض من كان خلفه في الصف الأول: ما تزيد! لا زادك الله من الخير! و الله لا أعجب الا ممن بعثك الينا واليا و علينا أميرا» [380] «فكان أن خرج رهط من أهل الكوفة الي عثمان في أمر الوليد، فقال: أكلما غضب رجل منكم علي أميره، رماه بالباطل! لئن أصبحت لأنكلن بكم! فاستجاروا بعائشة، و أصبح عثمان فسمع من حجرتها صوتا و كلاما فيه بعض الغلظة، فقال: أما يجد مراق العراق و فساقهم ملجأ الا بيت عائشة! [ صفحه 101] فسمعت، فرفعت نعل رسول الله (ص)، و قالت: تركت سنة رسول الله (ص) صاحب هذا النعل! فتسامع الناس، فجاءوا حتي ملأوا المسجد، فمن قائل: أحسنت! و من قائل: ما للنساء و لهذا! حتي تحاصبوا و تضاربوا بالنعال. و دخل رهط من أصحاب رسول الله (ص) علي عثمان، فقالوا له: اتق الله و لا تعطل الحدود، و اعزل أخاك عنهم! فعزله عنهم» [381] و في نص البلاذري، يقال «ان عائشة أغلظت لعثمان، و أغلظ لها، و قال: و ما أنت و هذا؟ انما أمرت أن تقري في بيتك! فقال قوم مثل قوله؛ و قال آخرون. و من أولي بذلك منها؟! فاضطربوا بالنعال، و كان ذلك أول قتال بين السملمين بعد النبي (ص)» [382] . لما طلب اقامة الحد من الوليد، امتنعت الجماعة عن ذلك «توقيعا لغضب عثمان لقرابته منه؛ فأخذ علي السوط و دنا منه، فلما أقبل نحوه، سبه (!!!) الوليد، و قال: يا صاحب مكس... فاجتذبه [علي]، فضرب به الأرض، و علاه بالسوط» [383] لكن عثمان، بعث أخاه الوليد، بعد اقامة الحد عليه، علي صدقات كلب و بلقين [384] . 2- مشكلة أبي‌ذر: كان أبوذر من أشد الناس علي عثمان؛ فرحل الي الشام. و هناك أثار المتاعب لمعاوية. فكتب معاوية الي عثمان بذلك. فأجابه عثمان: «ابعث به الي و احمله علي أغلظ المراكب و أوعرها. و ابعث معه دليلا يسير به الليل مع النهار حتي يغلبه النوم، و ينسي ذكري و ذكرك». فحمله علي شارف من الابل بغير مطاء، و بعث معه دليلا عنيفا يعنف عليه. فوصل أبوذر المدينة، و قد سقط لحم فخذيه. فنفاه عثمان الي أبغض مكان الي قلب أبي‌ذر: الربذة [385] و في رواية [386] أن مروان بن الحكم أخرجه علي جمل و معه امرأته و ابنته، فلم يزل أبوذر بالربذة حتي مات. بالمناسبة، يفترض أن عثمان و أباذر صحابيان!!! [ صفحه 102] 3- مشاكل عمار بن ياسر: كانت علاقة الصحابيين، عثمان و عمار، سيئة عموما. و تخبرنا المصادر أنه منذ البداية الأولي في المدينة، حين كان النبي يؤسس مسجده، اصطدم عثمان بعمار، حين ارتجز الأخير: لا يستوي من يعمر المساجدا يدأب فيها قائما و قاعدا و من يري عن الغبار حائدا «فلما أكثر، ظن رجل من أصحاب رسول الله (ص) أنه انما يعرض به» - كما جاء في سيرة [387] ابن‌هشام؛ و قال أبوذر الخشني في شرحه؛ نقلا عن ابن‌اسحق: ان هذا الرجل هو عثمان بن عفان. و في رواية أخري، يقال ان عثمان رد عليه، بقوله: قد سمعت ما تقول منذ اليوم يابن سمية، و الله اني لأراني سأعرض هذه العصا لأنفك! [و كان] في يده عصا!... فغضب رسول الله، ثم قال: مالهم و لعمار؟! يدعوهم الي الجنة و يدعونه الي النار! ان عمارا جلدة مابين عيني و أنفي، فاذا بلغ ذلك من الرجل، فلم يستبق، فاجتنبوه [388] . اصطدم الصحابيان بعنف في خلافة عثمان. و تتضارب الآراء حول أسباب ذلك الصدام. و ربما أن الصدامات كانت كثيرة، متنوعة الأسباب. علي أية حال، يمكن تلخيص ذلك علي النحو التالي: يقال انه كان في بيت‌المال بالمدينة سفط فيه حلي و جوهر، فأخذ منه عثمان ما حلي به بعض أهله، فأظهر الناس الطعن عليه في ذلك. و كان منهم عمار. فقال عثمان: أعلي يا ابن‌المتكاء [- نذكر هنا بضرورة ملاحظة لغة حوار الصاحبة -] تجترئ! خذوه! فأخذوه، و دخل عثمان، فدعا به، فضربه حتي غشي عليه، ثم أخرج حتي أتي به منزل أم‌سلمة، زوجة النبي، فقال هشام بن المغيرة المخزومي، و كان عمار حليفا لبني مخزوم: يا عثمان! أما علي فاتقيته و بني أبيه، و أما نحن فاجترأت علينا و ضربت أخانا حتي أشفيت به علي التلف؛ أما و الله لئن مات لأقتلن به رجلا من بني‌أمية عظيم السرة. و بلغ عائشة ما صنع بعمار، فغضبت و أخرجت - كالعادة - شعرا من شعر رسول الله (ص) و ثوبا من ثيابه و نعلا من [ صفحه 103] نعاله، ثم قالت [389] : ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم، و هذا ثوبه و شعره و نعله لم يبل بعد! فغضب عثمان غضبا شديدا، حتي ما دري ما يقول [390] . تقول رواية أخري ما مفاده أن نفرا من أصحاب النبي اجتمعوا و كتبوا كتابا لعثمان، ذكروا فيه كل حدث أحدثه عثمان منذ ولي الخلافة حتي ذلك اليوم، و خوفوه فيه و أعلموه أنه ان لم ينزع عما هو عليه، خلعوه و استبدلوا به غيره. و لما أرادوا حمل الكتاب الي عثمان، تلكأ الجميع باستثناء عمار، الذي ذهب اليه وحده. فدخل عليه، و عنده مروان بن الحكم، الذي قال: ان هذا العبد الأسود (!!!) قد جرأ عليك الناس! و انك ان قتلته نكلت به من وراءه! قال عثمان: اضربوه! فضربوه، و ضربه عثمان معهم (!!!) حتي فتقوا بطنه، فغشي عليه، فجروه حتي طرحوه علي باب الدار، فأمرت به أم‌سلمة فأدخل منزلها [391] . عزم عثمان علي نفي عمار. فتدخل بنومخزوم عند علي، الذي تدخل بدوره مع عثمان، فقال له الأخير: لأنت أحق بالمسير منه، فو الله ما أفسد علي عمارا و غيره سواك! فرجع علي، و قال لعمار، اجلس في بيتك، و لا تبرح منه! [392] . 4- أزمة قراء الكوفة: بعد أن عزل عثمان الوليد بن عقبة عن الكوفة، و عين مكانه سعيد بن العاص، أمر الأخير بمداراة أهل ذلك المصر. لكن سرعان ما تفجرت المشاكل بين قراء الكوفة و الوالي الجديد لأسباب - كالعادة - مادية. و لما عرف عثمان بالأمر، طلب من سعيد أن يسيرهم الي معاوية الذي سجنهم. أمر عثمان معاوية بردهم الي الكوفة، فأطلقوا هناك ألسنتهم في ذم الخليفة. فكتب عثمان الي سعيد بن العاص أن يرسلهم الي حمص. و هناك مكثوا شهرا، ثم ردوا الي الكوفة [393] . [ صفحه 104] أزمة قراء الكوفة، جعلت بعضهم يكتب الي عثمان، قائلا: ان سعيدا أكثر علي قوم، من أهل الورع و الفضل و العفاف، فحملك في أمرهم ما لا يحل في دين، و لا يحسن في سماع، و انا نذرك الله في أمة محمد (ص)،فقد خفنا أن يكون فساد أمرهم علي يديك، أنك قد حملت بني أبيك علي رقابهم! و بعثوا بالكتاب مع رجل من عنزة، يدعي أباربيعة [394] . لكن أحدهم، و هو كعب بن عبيدة الهندي، أضاف كتابا آخر، قال فيه: اني نذير لك من الفتنة، متخوف عليك فراق هذه الأمة، و ذلك أنك قد نفيت خيارهم، و وليت أشرارهم، و قسمت فيئهم في عدوهم، و استأثرت بفضلهم، و مزقت كتابهم، و حميت قطر السماء و نبت الأرض، و حملت بني أبيك علي رقاب الناس، حتي أوغرت صدورهم، و اخترت عداوتهم [395] . و عندما جاء العنزي بالكتابين، أراد عثمان جلده، فمنعه علي، و منعه أيضا عن سجنه [396] . كتب عثمان الي سعيد بن العاص أن يرسل اليه كعب بن عبيدة مع سائق عنيف [397] . و ما أن وصل كعب، حتي قال مروان بن الحكم لعثمان: حلمك أغري مثل هذا بك و جرأه عليك! فأمر عثمان بكعب، فجرد و ضرب عشرين سوطا و سيره الي دباوند. ثم أن طلحة و الزبير وبخا عثمان في أمر كعب و غيره. فكتب في رد كعب، فلما قدم عليه، نزع ثوبه، و قال: يا كعب! اقتص! فعفا عنه [398] .

المصيبة الكبري: بنوأمية

تذكر المصادر الاسلامية أن عثمان بن عفان آثر بني‌أمية و حملهم علي رقاب المسلمين، رغم أنهم أخذوا عليه يوم بيعته عهدا بأن لا يفعل ذلك. و لما ازداد النقد علي أفعاله، دعا عثمان جماعة من صحابة النبي، فيهم عمار بن ياسر، و قال لهم: اني سائلكم و أحب أن تصدقوني: نشدتكم بالله، أتعلمون أن رسول الله (ص) كان يؤثر قريشا [ صفحه 105] علي سائر الناس، و يؤثر بني‌هاشم علي سائر قريش؟ فسكت القوم! فقال عثمان: لو أن بيدي مفاتيح الجنة، لأعطيتها بني‌أمية حتي يخلوا نن عند آخرهم [399] . و كما رأينا حين تحدثنا عن أزمة عمار مع عثمان، فان مجموعة من الصحابة كتبت الي عثمان كتابا، ذكرت فيه ما خالف فيه الخليفة سنة النبي و صاحبيه، أبي‌بكر و عمر. و يمكن تلخيص تلك المآخذ كما يلي: 1- اعطاء مروان بن الحكم خمس غنائم أفريقيا (خمسمئة ألف دينار). 2- تطاول عثمان في البنيان، اذ بني‌سبع [400] دور بالمدينة، كانت احداها لعائشة. 3- بناء مروان للقصور بذي خشب بأموال من الخمس. 4- افشاؤه العمل و الولايات في‌أهله و بني‌عمه من بني‌أمية، و هم أحداث و غلمان، لا صحبة لهم و لا تجربة. 5- مشكلة الوليد بن عقبة. 6- تركه المهاجرين و الأنصار، لا يستعملهم علي شي‌ء و لا يستشيرهم، و استغناؤه برأيه عن رأيهم. 7- حمي المراعي كلها حول المدينة عن مواشي المسلمين جميعا، عدا بني‌أمية. 8- اداره القطائع و الأرزاق و الأعطيات علي أقوام ليست لهم صحبة. 9- كان عثمان أول من ضرب ظهور الناس بالسياط! و كانوا قبله يضربون بالدرة و الخيزران [401] .

اضافة الي كل ما سبق، تذكر بعض المراجع مآخذ أخري، أبرزها

1- رده الحكم بن أبي‌العاص الي المدينة، بعد أن طرده النبي منها؛ و برر ذلك بادعائه أنه كلم النبي في رده، فوعد بأن يأذن له، و مات قبل ذلك. و الحقيقة أن أبابكر و عمر رفضا رده رغم توسط عثمان له. [ صفحه 106] 2- اعطاؤه فدك [402] لمروان بن الحكم، و كان زوج ابنته أم‌أبان؛ و فدك هي التي كانت أشعلت الصراع بين فاطمة و علي من ناحية، و أبي‌بكر من ناحية أخري. 3- اعطاؤه صدقات قضاعة للحكم بن أبي‌العاص. 4- اعطاؤه عبدالله بن أبي‌سرح جميع ما أفاء الله عليه من غزو أفريقيا بالمغرب. 5- اعطاؤه مئة ألف لمروان من بيت‌المال؛ و هو ما دفع يزيد بن أرقم، صاحب بيت‌المال، بأن يأتي بالمفاتيح، ليقول: لو أعطيت مروان مائة درهم لكان كثيرا. فقال له عثمان: ألق بالمفاتيح، فاننا سنجد غيرك. 6- اعطاؤه ثلاثمائة ألف درهم (أو مئة ألف) للحارث بن الحكم، أخي مروان، و زوج عائشة بنت عثمان بن عفان. 7- اعطاؤه مئة ألف درهم للوليد بن عقبة بن أبي‌معيط، أخيه لأمه، كان استقرضها من بيت‌المال، كما رأينا، يوم جاء الي الكوفة. و عزله لعبد الله بن مسعود، خازن بيت مال الكوفة، لاعتراضه علي عدم رد المال. 8- اعطاؤه عبدالله بن خالد بن أسيد ثلاثمائة ألف درهم (أو أربعمئة الف)؛ و لكل رجل من قومه، مئة ألف درهم. 9- اعطاؤه مئتي ألف درهم من بيت‌المال لأبي سفيان. 10- اعطاؤه الحارث بن الحكم مهروز (و هي سوق بالمدينة تصدق بها النبي علي المسلمين). 11- أتاه أبوموسي الأشعري بأموال كثيرة من العراق، فقسمها كلها في بني‌أمية [403] . 12- لما أتي عمر بجوهر كسري، قال لخازنه: ارفعه، فأدخله بيت‌المال. و قتل عمر و هو بحاله، فأخذه عثمان لما ولي الخلافة، فحلي به بناته [404] . [ صفحه 107] 13 - أعطي سعيد بن العاص مئة ألف [405] .

مشكلة مصر

كان عثمان قد عين أخاه من الرضاعة، عبدالله بن سعد بن أبي‌سرح، مكان عمرو بن العاص [406] علي خراج مصر، و استخدم عمرو بن العاص علي الصلاة، ثم جمع الأمرين بيد عبدالله. و كان النبي قد أهدر دم عبدالله هذا، و أمر بقتله ولو كان معلقا بأستار الكعبة، لأنه ارتد عن الاسلام، و هرب من المدينة الي مكة قبل فتحها؛ و كان يعمل قبل ردته كاتبا للنبي؛ فكان اذا أملي الأخير عليه: عزيز حكيم، يدونها عبدالله: عليم حكيم؛ فيقول النبي: كل صواب! و هكذا، اكتشف عبدالله أن لا فارق في مسألة الوحي بينه و بين النبي، فارتد. و كالعادة، كان الله له بالمرصاد. فنزلت بحقه الآيات تتهمه بالافتراء، و تتهدده و تتوعده (أنعام 93). هذا الرجل، هو الذي فتح أفريقيا بعد أن عينه عثمان واليا علي مصر عام 25 ه، فأعطاه عثمان خمس ما جنوه من غزوتها الأولي. و ظل واليا علي مصر حتي ثار ابن أبي‌حذيفة ضده عام 34 ه فهرب الي فلسطين. يروي البلاذري [407] أن محمد بن أبي‌بكر و محمد بن أبي‌حذيفة قدما مصر، بعد أن ازداد الشغب علي عثمان في المدينة، و راحا يظهران العيب عليه هناك، و كيف عين واليا علي مصر رجلا أباح النبي دمه، و نزل القرآن بكفره، بعدما قال: «سأنزل مثلما أنزل الله» - أي عبدالله بن سعد بن أبي‌سرح. و ساعدهما في ذلك تذمر أهل مصر من هذا الرجل و ظلمه، الذي بلغ به الحال أن ضرب بعض من شكاه الي عثمان حتي الموت. و كان قد جاء وفد منهم الي المدينة، و ذكروا علي نحو خاص، استثناء عبدالله بغنائم [ صفحه 108] المسلمين [408] ؛ فكتب اليه عثمان كتابا يتهدده فيه، فأبي أن ينتهي عما نهاه عنه، بل ضرب بعض من شكاه الي عثمان حتي قتله [409] .

بداية الثورة

هذا كله أدي بجماعة المسلمين الأولي، خاصة من تبقي من صحابة النبي، أن يكتبوا لأخوانهم في البلدان يدعونهم لغزو عثمان. يروي الطبري [410] : «لما رأي الناس ما صنع عثمان، كتب من بالمدينة من أصحاب النبي (ص) الي من بالآفاق منهم، و كانوا قد تفرقوا بالثغور: انكم انما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عزوجل، تطلبون دين محمد، فان دين محمد قد أفسده من خلفكم و ترك فهلموا، فأقيموا دين محمد (ص)». و في رواية ابن‌الأثير، «فان دين محمد قد أفسده خليفتكم» [411] . و في رواية ابن أبي‌الحديد، «فاخلعوه» [412] . اجتماع عموم المهاجرين و غيرهم، و أوكلوا الي علي مهمة التحدث الي عثمان و وعظه. و دارت بين الاثنين حوارات هامة فعلا، حاول فيها عثمان أن يدافع عن نفسه بقوله، ان عمر بن الخطاب كانت له تصرفات مماثلة و لم يجرؤ أحد علي تحديه [413] .

محمد بن أبي بكر القشة التي قصمت ظهر البعير

يروي [414] أن أهل الكوفة و البصرة ومصر التقوا في مكة، لدراسة أمر عثمان. و اتفقوا علي اللقاء بعد عام لمكاشفة الخليفة في كل شي‌ء: فان قبل، و الا. و كانت مصر أشد الثائرين علي عثمان [415] . أرسل الأخير الي ابن‌حذيفة بأموال و غيرها لتخفيف حدة ثورة الشعب عليه، فاعتبرها ابن أبي‌حذيفة رشوة، و استغل الأمر بعكس ما كان يرغب عثمان [416] . و هكذا، خرج المصريون مع محمد بن أبي‌بكر لموافاة أهل المدن الأخري بحسب الاتفاق المكي [417] . [ صفحه 109] أرسل المصريون بكتاب الي عثمان مع أحدهم. فاستدعي الخليفة علي بن أبي‌طالب، و طلب منه محاولة تهدئتهم و ارضائهم. فوافق علي، شريطة أن يفي عثمان لهم بكل ما يضمنه لهم عنه. فوافق. فأخذ منه كتابا بذلك، وقعه كبار الصحابة [418] . يبدو أن عثمان كتب للمصرين كتابا عزل فيه عبدالله بن أبي‌سرح، و ولي مكانه محمد بن أبي‌بكر [419] ؛ و ذلك بعد أن «قام طلحة الي عثمان فكلمه بكلام شديد» [420] ؛ و قالت له عائشة: «قد تقدم اليك أصحاب رسول الله و سألوك عزل هذا الرجل، فأبيت الا واحدة، فهذا قد قتل رجلا، فأنصفهم من عاملك» [421] . «و دخل عليه علي بن أبي‌طالب، و كان متكلم القوم، فقال: انما يسألك الناس رجلا مكان رجل... فاعزله عنهم و اقض بينهم» [422] . فقال عثمان: «اختاروا رجلا أوليه عليهم» [423] . فأشاروا عليه بمحمد ابن أبي‌بكر. طلب علي من عثمان أن يعتذر من الناس جهارا، ففعل. و لما عاد الي منزله، وجد فيه مروان بن الحكم و جمع من بني‌أمية. فاعترض مروان علي خطبة عثمان،و قال له: «و الله لاقامة علي خطيئة يستغفر الله منها أجمل من توبة تخوف عليها، و انك ان شئت تقربت بالتوبة، و لم تقرر بالخطيئة؛ و قد اجتمع عليك بالباب مثل الجبال من الناس! فقال عثمان: فاخرج اليهم فكلمهم، فاني أستحي أن أكلمهم... فخرج مروان الي الباب، و الناس يركب بعضهم بعضا، فقال: ما شأنكم: قد جئتم للنهب! شاهت الوجوه! كل انسان آخذ باذن صاحبه الا من أريد! جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا! اخرجوا عنا! أما و الله لئن رمتمونا ليمرن عليكم أمر يسؤكم و لا تحمدوا غبه رأيكم! ارجعوا الي منازلكم، فان و الله ما نحن مغلوبين علي ما في أيدينا» [424] . [ صفحه 110] لما سمع علي بما حصل، ثارت ثائرته. و تفجر أيضا ضد مروان غضب زوجة عثمان، نائلة بنت الفرافصة. قال علي: «عياذ الله، يا للمسلمين! اني ان قعدت في بيتي، قال [عثمان] لي: تركتني و قرابتي و حقي! و اني ان تكلمت، فجاء ما يريد، يلعب به مروان، فصار سيقة له، يسوقه حيث يشاء، بعد كبر السن و صحبة رسول الله (ص)» [425] . و لما أرسل عثمان الي علي كي يأتيه، رفض الأخير ذلك. فجاءه عثمان، و دارت بين الاثين المحاورة التالية؛ قال عثمان لعلي: «قطعت رحمي و خذلتني و جرأت الناس علي». فرد عليه علي: «و الله اني أول الناس ذبا عنك، و لكني كلما جئت بشي‌ء أظنه لك رضا، جاء مروان بعده بغيره، فسمعت قوله و تركت قولي» [426] . لكن ما حصل لمحمد بن أبي‌بكر، كان القشة التي قصمت ظهر البعير. فبعدما أخذ المصريون، و علي رأسهم محمد بن أبي‌بكر، كتابا من عثمان بعزل عبدالله و تولية محمد مكانه، صادفوا في طريقهم غلاما، و لما سألوه، قال: أنا غلام مروان، مرة؛ و قال: أنا غلام أميرالمؤمنين، مرة أخري؛ حتي عرفه رجل، هو أبوالأعور بن سفيان السلمي [427] ، أنه غلام عثمان. و كان مع الغلام كتاب لعبدالله بن أبي‌سرح، يقول: «اذا أتاك محمد بن أبي‌بكر و فلان و فلان، فاقتلهم! و أبطل كتابهم! وقر علي عملك حتي يأتيك رأيي» [428] . و في رواية أخري: «و احبس من يجي‌ء اليك متظلما منك ان شاء الله» [429] . عاد الجمع الي المدينة؛ و لم يبق أحد الا و حنق علي عثمان. فحصره الناس، و أجلب عليه محمد بن أبي‌بكر ببني تيم و غيرهم، و أعانه علي ذلك طلحة بن عبيدالله. و كانت عائشة تقرصه كثيرا. [ صفحه 111] نفي عثمان أية معرفة له بالكتاب. و زعم أمام علي أنه زور عليه. و عرف الناس الخط بأنه خط مروان بن الحكم، و أنه كتبه دون علم عثمان. و كان مروان كاتب عثمان، و كان خاتم عثمان في اصبع مروان [430] .

اقتلوا نعثلا فقد... كفر

«كان أشد الناس علي عثمان طلحة و الزبير و محمد بن أبي‌بكر و عائشة، و خذله المهاجرون و الأنصار، و تكلمت عائشة في أمره، و أطلعت عائشة شعرة من شعرات رسول الله (ص) و نعله و ثيابه، و قالت: سرعان ما نسيتم سنة نبيكم! فقال عثمان في آل أبي‌قحافة [أسرة أبي‌بكر]... و غضب حتي ما كان يدري ما يقول» [431] . و تقول رواية أخري «كان عثمان يخطب، اذ دلت عائشة قميص رسول الله، و نادت: يا معشر المسلمين! هذا جلباب رسول الله لم يبل، و قد أبلي عثمان سنته. فقال عثمان: رب اصرف عني كيدهن، ان كيدهن عظيم» ×× زيرنويس تاريخ اليعقوبي 175: 2.@ و في رواية ثالثة، ان عائشة قالت له: «أي عثمان، خصصت بيت مال المسلمين لنفسك، و أطلقت أيدي بني‌أمية علي أموال المسلمين، و وليتهم البلاد، و تركت أمة محمد في ضيق و عسر، قطع الله عنك بركات السماء، و حرمك خيرات الأرض، و لولا أنك تصلي الخمس لنحروك (!!!) كما تنحر الابل! فقرأ عليها عثمان: ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح و امرأة لوط، كانتا تحت عبدين من عبادنا الصالحين، فخانتناهما فلم يغنينا عنهما من الله شيئا، و قيل ادخلا النار مع الداخلين» [432] . كانت الآية السابقة، التي أشرنا اليها في فصل مارية و عائشة، أسوأ تعريض بعائشة. هذا كله - و غيره - دفع عائشة الي القول عن عثمان بصريح العبارة: «اقتلوا نعثلا فقد كفر» [433] . و كانت عائشة، علي ما يبدو، أول من لقبت عثمان نعثلا [434] ، [435] . فانتشرت هذه العبارة كالنار في الهشيم، لتصبح علي لسان كل من يعادي عثمان. [ صفحه 112]

حصار عثمان

يقدم ابن أبي‌الحديد رواية تختلف قليلا اذ يقول، ان مروان بن الحكم «لما حصر عثمان الحصر الأخير، أتي زيد بن ثابت فاستصحبه الي عائشة ليكلمها في هذا الأمر، فمضيا اليها و هي عازمة علي الحج، فكلماها في أن تقيم و تذب عنه، فأقبلت علي زيد بن ثابت، فقالت: و ما منعك يا ابن‌ثابت و لك الأشاريف فقد اقتطعكها عثمان و لك كذا و كذا، و أعطاك عثمان من بيت‌المال عشرة آلاف دينار! قال زيد: فلم أرجع عليها حرفا واحدا» [436] فأتيا عائشة، و هي تريد الحج - دون أن تطلب أذن الخليفة طبعا - فقالا لها: لو أقمت، فلعل الله يدفع بك هذا الرجل؟ [- و قال مروان: «و يدفع لك بكل درهم أنفقتيه درهمين» [4] -]. فقالت: قد قرنت ركائبي و أوجبت الحج علي نفسي، و الله لا أفعل! فنهض مروان و صاحبه و مروان يقول: [ صفحه 113] و حرق قيس علي البلا د، فلما اضطرمت أحجما [437] . فقالت عائشة: يا مروان [«ألعلك تري أني في شك من صاحبك؟»]، و الله لوددت أنه في غرارة من غرائري هذه، و اني طوقت حمله حتي ألقيه في البحر [438] . و في موقف مناقض تماما لما كان يحصل أيام عمر، الذي منعها من الحج حتي عامه الأخير، خرجت عائشة - حاجة!!! - الي مكة؛ و خرج أيضا ابن‌عباس، أمير عثمان علي الحج. و لما التقيا في احدي ضواحي المدينة، قالت له: يا ابن‌عباس! أنشدك الله، فانك أعطيت لسانا ازعيلا [أو: ازميلا] أن تخذل هذا الرجل [أو: اياك أن ترد عن هذا الطاغية]. و قد رأيت طلحة بن عبيدالله قد اتخذ من بيوت الأموال و الخزائن مفاتيح، فان يك يسير بسيرة ابن‌عمه أبي‌بكر. فرد عليها ابن‌عباس: لو حدث بالرجل حدث، ما فزع الناس الا الي صاحبنا - يقصد علي بن أبي‌طالب! فقالت: ايها عنك! لست أريد مكابرتك و لا مجادلتك [439] . كان علي عند حصر عثمان في خيبر. فقدم المدينة، و الناس مجتمعون عند طلحة. فذهب علي الي بيت‌المال، و لما لم يستطع الحصول علي المفاتيح، قال: اكسروه! فكسر باب بيت‌المال. فقال: أخرچوا المال! فجعل يعطي الناس، فبلغ الذين في دار طلحة ما فعل علي، فتسللوا اليه حتي بقي طلحة وحده!!! و بلغ عثمان ما حدث، فسر بذلك. فأقبل طلحة الي دار عثمان، و قال له: يا أميرالمؤمنين، أستغفر الله و أتوب اليه! أردت أمرا، فحال الله بيني و بينه! فقال عثمان: انك و الله ما جئت تائبا، و لكنك جئت مغلوبا، الله حسيبك يا طلحة! [440] .

مقتل عثمان

استمر حصار عثمان أربعين ليلة، كان طلحة يصلي بالناس أثناءها [441] . و لم يكن أحد من أصحاب النبي أشد علي عثمان من طلحة [442] . و كما رأينا، فقد منع دخول [ صفحه 114] الماء عليه [443] ؛ فأرسل علي اليه ثلاث قرب مملوءة ماء، فما كادت تصل اليه، حتي قال طلحة: ما أنت و هذه! [444] . كان علي يعرف أنهم يريدون قتل عثمان، فأرسل ابنيه، الحسن و الحسين، و قال لهما: اذهبا بسيفيكما حتي تقوما علي باب عثمان، فلا تدعا أحدا يصل اليه. و بعث الزبير ابنه علي كره، و بعث طلحة ابنه أيضا. لذلك، تسور محمد بن أبي‌بكر، الذي كان حنقه علي عثمان قد بلغ ذروته بعد قصة الكتاب الذي وجه الي مصر، و اثنان من أصحابه، من دار رجل من الأنصار، حتي دخلوا علي عثمان، و ما يعلمهم أحد ممن كان معه، لأنهم كانوا فوق البيوت، و لم يكن معه الا امرأته؛ فقال محمد بن أبي‌بكر لصاحبيه: أنا أبدأكما بالدخول، فاذا أنا ضبطته، فادخلا فتوجآه حتي تقتلاه. فدخل محمد، فأخذ بلحيته، فقال له عثمان: لو رآك أبوك لساءه مكانك مني! فتراخت يده. و دخل الرجل، فتوجآه حتي قتلاه [445] . و قد اختلف أهل السير فيمن قتله و في كيفية قتله [446] . تقول احدي الروايات، انه «لما قتل عثمان (رض)، أرادوا حز رأسه، فوقعت عليه نائلة و أم‌البنين فمنعنهم، و صحن و ضربن الوجوه و مزقن ثيابهن. و أقبيل عمير بن ضابئ [447] ، و عثمان موضوع علي باب، فنزا عليه، فكسر ضلعا من أضلاعه. و قال: سحنت ضابئا حتي مات في السجن» [448] . اتفقت الروايات علي أن عثمان ترك ثلاثا لم يدفن حتي توسط علي في دفنه. تقول احدي الروايات «انهم كلموا عليا في دفنه، و طلبوا اليه أن يأذن لأهله ذلك، ففعل و أذن [ صفحه 115] لهم علي، فلما سمع بذلك، قعدوا له في الطريق بالحجارة [449] ، و خرج به ناس يسير من أهله، و هم يريدون حائطا بالمدينة، يقال له: حش كوكب! كان اليهود تدفن فيه موتاهم» [450] . و يروي أن أحد الأنصار رفض أن يصلي عليه [451] . و اسمه الحجاج بن عمرو بن غزية الأنصاري [452] و رفض أنصاري آخر، هو جبلة بن عمر الساعدي، دفنه في البقيع أو الصلاة عليه؛ فدفنوه، كما أشرنا، في حش كوكب [453] . و «لم يلحدوه بلبن، و حثوا عليه التراث حثوا» [454] . لما خرجت جنازة عثمان، قام بعض الناس وهموا بطرحها، فبلغ ذلك عليا، فأرسل اليهم يعزم عليهم ليكفن عنه، ففعلوا. و لم يشهد جنازته الا مروان بن الحكم و ثلاثة من مواليه، و ابنته؛ و لما ناحت ابنته، و رفعت صوتها تندبه، أخذ الناس الحجارة، و قالوا: نعثل! نعثل! فكادت ترجم. [ صفحه 117]

علي بن أبي طالب... و عائشة

حرب أميرالمؤمنين... و أمهم

قال سعد بن أبي‌وقاص: «قتل [عثمان] بسيف سلته عائشة و صقله طلحة و سمه علي» [455] و قال محمد بن طلحة بن عبيدالله: «دم عثمان علي ثلاثة أثلاث: ثلث علي صاحبة الهودج [عائشة]، و ثلث علي صاحب الجمل الأحمر [طلحة]، و ثلث علي علي ابن أبي‌طالب» [456] . «لما قتل عثمان، كانت عائشة بمكة، و حين بلغها قتله، لم تكن تشك في أن طلحة هو صاحب الأمر؛ فقالت: بعدا لنعثل و سحقا!! ايه ياذ الاصبع [طلحة]!! ايه أباشبل! ايه يابن عم! لكأني أنظر الي اصبعه و هو يبايع» [457] و في رواية أخري، أن عائشة لما بلغها قتل عثمان «و هي بمكة، أقبلت مسرعة، و هي تقول: ايه يا ذا الاصبع! لله أبوك! أما أنهم قد وجدوا طلحة لها كفوءا.. و قد روي قيس بن أبي‌حازم أنه حج في العام الذي قتل فيه عثمان، و كان مع عائشة... فسمعها تقول في بعض الطريق: ايه ذا الاصبع! و اذا ذكرت عثمان، قالت: أبعده الله! و روي عن طريق آخر أنها قالت، لما بلغها قتله: أبعده الله! قتله ذنبه، و أقاده الله بعمله! يا معشر قريش! لا يسوءنكم قتل عثمان كما ساء أو حيمر ثمود قومه! أحق الناس بهذا الأمر لذو الاصبع - يعني طلحة... فلما جاءت الأخبار ببيعة علي (ع)، قالت: تعسوا! تعسوا! لا يردون الأمر في تيم أبدا» [458] - يعني أهلها. حشت عائشة الخطي باتجاه المدينة. و لما وصلت الي سرف، و لقيها عبد ابن أم‌كلاب، و هو عبد أم‌سلمة، ينسب الي أمه، فقالت له: مهيم؟ قال: قتلوا عثمان، فمكثوا [ صفحه 118] ثمانيا! قالت: ثم صنعوا ماذا؟ قال: أخذها أهل المدينة بالاجماع، فجازت بهم الأمور الي خير مجاز - اجتمعوا علي علي بن أبي‌طالب! فقالت: و الله ليت أن هذه انطبقت علي هذه ان تم الأمر لصاحبك، ردوني ردوني! فارتدت الي مكة، و هي تقول: قتل - و الله - عثمان مظلوما! و الله لأطلبن بدمه! فقال لها ابن أم‌كلاب [459] : و لم؟ فو الله ان أول من أمال حرفه لأنت؛ و قد كنت تقولين: اقتلوا نعثلا فقد كفر! فقالت: انهم استتابوه ثم قتلوه، و قد قلت و قالوا، و قولي الأخير خير من قولي الأول! فقال لها ابن أم‌كلاب: فمنك البداء و منك الغير و منك الرياح و منك المطر و أنت أمرت بقتل الامام و قلت لنا انه قد كفر... فانصرفت الي مكة، فنزلت علي باب المسجد، فقصدت الحجر، و اجتمع الناس اليها، فقالت: يا أيها الناس! ان عثمان قتل مظلوما، و الله لأطلبن بدمه» [460] . اذن، لقد كان هدف عائشة اعادة الخلافة الي أسرتها: بني‌تيم. و رغم أن طلحة [461] ، هذا الذي أرادته خليفة، كان من أشد المؤلبين علي عثمان، فقد تبدلت مواقفها بالكامل من مقتل الخليفة الثالث، حين بويع لعلي بالخلافة: بدأت ترثي عثمان القتيل المظلوم!!! تحفل الروايات بمبررات و آراء حول هذا التبدل المفاجئ - غير العصي علي الفهم - في موقف عائشة. يقول ابن‌سعد في طبقاته [462] ، ان عائشة رثت عثمان بعد قتله، فقالت: «تركتموه كالثوب النقي من الدنس، ثم قربتموه تذبحونه، كما يذبح الكبش. فقال لها مسروق: هذا عملك، أنت كتبت الي الناس تأمرينهم بالخروج اليه! فقالت عائشة: لا و الذي آمن به المؤمنون و كفر به الكافرون، ما كتبت اليهم بسوداء في بيضاء حتي جلست مجلسي هذا! قال الأعمش: فكانوا يرون أنه كتب علي لسانها». [ صفحه 119]

العداء الأصيل

لماذا كانت عائشة مسكونة، و هي أم‌المؤمنين و المرجع الكبير في أمور الدين بكل هذا العداء لأميرالمؤمنين علي بن أبي‌طالب، و هو صهر النبي و ابن‌عمه؟ يقول ابن أبي‌الحديد في شرح النهج [463] : «أول بدء الضغن، كان بينها و بين فاطمة (ع)، و ذلك لأن رسول الله (ص) تزوجها عقب موت خديجة... و البنت تكره ميل أبيها الي امرأة غريبة... و اذا كانت قد ماتت، ورثت ابنتها تلك العداوة... مال [الي عائشة] زوجها و أحبها، فازداد ما عند فاطمة بحسب زيادة ميله، و أكرم رسول الله (ص) فاطمة اكراما عظيما... فكان هذا و أمثاله يزيد الضغينة عند الزوجة. ثم حصل عند بعلها [علي] ما هو حاصل عندها... و كانت تكثر الشكوي من عائشة... و كما كانت فاطمة تشكو الي بعلها، كانت تشكو عائشة الي أبيها، [أبي‌بكر]، فحصل في نفس أبي‌بكر من ذلك أثر ما، ثم تزايد تقريظ رسول الله (ص) لعلي (ع)... فأحدث ذلك حسدا له و غبطة في نفس أبي‌بكر منه، و هو أبوها، و في نفس طلحة، و هو ابن‌عمها؛ و كانت تجلس اليهما، و تسمع كلامهما، و هما يجلسان اليها، و يحادثانها، فأعدي اليها منهما كما أعدتهما... علي... كان ينفس علي أبي‌بكر سكون النبي (ص) اليه و ثناءه عليه، و يحب أن ينفرد هو بهذه المزايا و الخصائص دونه و دون الناس أجمعين... ثم كان من أمر القذف [464] [الافك] ما كان، و لم يكن علي (ع) من القاذفين، و لكنه كان من المشيرين علي رسول الله (ص) بطلاقها... قال له لما استشاره: اتن هي الا شسع نعلك!... و نقل النساء اليها [عائشة] كلاما من علي و فاطمة، و أنهما قد أظهرا الشماتة!!! جهارا و سرا بوقوع هذه الحادثة لها، فتفاقم الأمر و غلظ... نزل القرآن ببراءتها... فاشتدت الحال و غلظت، و طوي كل من الفريقين قلبه علي الشنآن لصاحبه... ثم اتفق أن فاطمة ولدت أولادا كثيرة... و لم تلد هي ولدا، و أن رسول الله (ص) كان... يسمي الواحد منهم «ابني». ثم اتفق أن رسول الله (ص)، [ صفحه 120] سد باب أبيها الي المسجد، و فتح باب صهره، ثم بعث أباها ببراءة الي مكة، ثم عزله عنها بصهره، فقدح ذلك أيضا في نفسها؛ و ولد لرسول الله (ص) ابراهيم من مارية، فأظهر علي (ع) بذلك سرورا كثيرا، و كان يتعصب لمارية... و جرت لمارية نكبة مناسبة لنكبة عائشة، فبرأها علي منها... و كان ذلك كشفا محسا بالبصر، لا يتهيأ للمنافقين أن يقولوا فيه ما قالوه في القرآن، المنزل ببراءة عائشة - و كل ذلك كان يوغر صدر عائشة عليه، و يؤكد ما في نفسها منه... ثم مات ابراهيم، فأبطنت شماتة، و ان أظهرت كآبة، و وجم علي (ع) من ذلك و كذلك فاطمة، و كانا... يريدان أن تتميز مارية عليها بالولد... مرض رسول الله (ص) المرض الذي توفي فيه، و كانت فاطمة (ع) و علي (ع) يريدان أن يمرض في بيتهما، و كذلك كان أزواجه كلهن (؟)، فمال الي بيت عائشة، بمقتضي المحبة التي كانت لها دون نسائه، و كره أن يزاحم فاطمة و علي بيتهما... فغبطت علي ذلك، و لم يمرض رسول الله (ص) منذ قدم المدينة مثل هذا المرض، و انما كان مرضه الشقيقة يوما أو بعض يوم، ثم يبرأ. [اتهم علي عائشة بأنها] أمرت بلالا، مولي أبيها، أن يأمره [لأبيها]: فليصل بالناس! لأن رسول الله (ص)، كما روي، قال: ليصل بهم أحدهم! [ذكر علي، أن النبي لم يقل[: انكن لصويحبات يوسف! الا... لأنها و حفصة بادرتا الي تعيين أبويهما... بايع [علي أبابكر]، و كان يبلغه و فاطمة عنها ما يكرهانه منذ مات رسول الله (ص) الي أن توفيت فاطمة، و هما صابران علي مضض و رفض؛ و استظهرت بولاية أبيها، و استطالت و عظم شأنها، و انخذل علي و فاطمة قهرا، و أخذت فدك، و خرجت فاطمة تجادل في ذلك مرارا [3] فلم تظفر بشي‌ء، و في ذلك تبلغها النساء... عن عائشة كل كلام يسوءها. [ صفحه 121] ثم ماتت فاطمة [4] ، فجاء نساء رسول الله (ص) كلهن الي بيت بني‌هاشم في العزاء، الا عائشة، فانها لم تأت و أظهرت مرضا، و نقل الي علي (ع) عنها كلاما يدل علي السرور... و استمرت علي هذا مدة خلافة أبيها و خلافة عمر و عثمان، و القلوب تغلي، و الأحقاد (!!!) تذيب الحجارة، و كلما طال الزمن علي علي تضاعفت همومه، و باح بما في نفسه، الي أن قتل عثمان، و قد كانت عائشة من أشد الناس عليه تأليبا و تحريضا؛ فقالت: أبعده الله! لما سمعت قتله، و أملت أن تعود الخلافة في طلحة، فتعود الامرة تيمية كما كانت أولا، فعدل الناس عنه الي علي بن أبي‌طالب، فلما سمعت ذلك، صرخت: و اعثماناه! قتل عثمان مظلوما! و ثار ما في الأنفس، حتي تولد من ذلك يوم الجمل و ما بعده». كانت تلك صورة مختصرة سريعة لرموز ذلك المجتمع الذي يسوق الآن «كمجتمع قديسين». فكيف كانت تفاصيل صورة ذلك «المجتمع القديسي»؟!.

صراع قمة الهرم

لقد كشف الصراع الخفي بين أميرالمؤمنين و أمهم عن وجهه السافر بعد وفاة النبي. و كانت الخلافة، قمة الهرم، بؤرة الصراع بين الطرفين. و يبدو أن عائشة، عقب وفاة النبي مباشرة، راحت تبث أحاديث، تنفي فيها علي نحو مطلق أن يكون النبي أوصي [ صفحه 122] لعلي بالخلافة؛ من ذلك، مثلا: «ذكروا عند عائشة أن عليا كان وصيا، فقالت: متي أوصي اليه؟ فقد كنت مسندته الي صدري - أو قالت: في حجري - فدعا بالطست، فلقد انحنث في حجري و ما شعرت أنه مات، فمتي أوصي اليه؟» [465] . بالمقابل، كانت عائشة أحيانا، في بعض أحاديث بثتها، تقول ان النبي لمح الي أبي‌بكر كخليفة بعده [466] : «لما كان وجع النبي (ص) الذي قبض فيه، قال: ادعوا لي أبابكر و ابنه، فليكتب لكيلا يطمع في أمر أبي‌بكر طامع، و لا يتمني متمن! ثم قال: يأبي الله ذلك و السملون - مرتين!... قالت عائشة: فأبي الله و السلمون!... الا أن يكون أبي، فكان أبي» [467] . أدخلت عواطف النبي حيال هذا الطرف أو ذاك في الصراع الدموي بين أميرالمؤمنين و أمهم. فمن جهة، كانت عائشة تقول: ان أحب الناس الي قلب النبي هو «أبوبكر ثم عمر» [468] - نقل عنها أيضا، أنها قالت في المسألة ذاتها: «فاطمة و زوجها» [469] - و من جهة أخري، تم تقديم أحاديث أقحمت فيها عائشة و أبوها، تجعل عليا أحب الناس الي قلب النبي: يروي أحمد في مسنده [470] أن أبابكر استأذن «علي رسول الله (ص). فسمع صوت عائشة عاليا، و هي تقول: و الله لقد عرفت أن عليا أحب اليك من أبي و مني - مرتين أو ثلاثا»؛ و يسند أسد الغابة [471] الي معاذة الغفارية قولها، انها سمعت «النبي (ص)، يقول لعائشة: ان هذا أحب الرجال الي، و أكرمهم علي، فاعرفي له حقه، و أكرمي له مثواه». - و هذا ما لم يحصل قط! و كل محاولات النبي لم تجد نفعا عند أم‌المؤمنين: كانت عائشة تكره حتي مجرد ذكر اسم علي. يخبرنا البخاري في صحيحه [ صفحه 123] نقلا عن عائشة، أنه «لما ثقل النبي (ص)، و اشتد وجعه، استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي، فأذن له! فخرج بين رجلين، تخط رجلاه في الأرض. و كان بين العباس و رجل آخر قال عبيدالله [بن عمر]: فذكرت ذلك لابن عباس ما قالت عائشة؛ فقال لي: و هل تدري من الرجل الذي لم تسم عائشة؟ قلت: لا! قال: هو علي بن أبي‌طالب» [472] و في نص الطبقات [473] ، قال ابن‌عباس: «هو علي، ان عائشة لا تطيب له نفسا». و في تاريخ الطبري [474] ، يقول ابن‌عباس: «لا تقدر علي أن تذكره بخير، و هي تستطيع» [475] . استخدم مكان موت النبي كعنصر أساسي في الصراع الدموي بين أميرالمؤمنين و أمهم؛ خاصة و أن مكان موته، كما رأينا، يمكن أن يساهم في تحديد ما اذا كان أوصي لعلي أم لم يوص. فمن جهة، تلمح عائشة علي موت النبي بين سحرها و نحرها [476] ؛ و من جهة أخري، ينفي ابن‌عباس ذلك بقوة، قائلا: «أتعقل! و الله لتوفي رسول الله (ص) و هو لمستند الي صدر علي، و هو الذي غسله و أخي الفضل بن عباس، و أبي أبي أن يحضر، و قال: ان رسول الله (ص) كان يأمرنا أن نستتر» [477] و كانت النتيجة، كالعادة، ركاما هائلا من نصوص متناقضة تظهر دون أدني لبس شيوع التلفيق في ذلك الزمن دعما لهذا الموقف أو ذاك. و علي سبيل المثال، نجد في طبقات ابن‌سعد فصلين، يحمل الأول عنوان: ذكر من قال: ان رسول الله (ص) لم يوص، و أنه توفي و رأسه في حجر عائشة [478] ؛ و يحمل الثاني عنوان: ذكر من قال: توفي رسول الله (ص) في حجر علي بن أبي‌طالب [479] . [ صفحه 124]

حرب الجمل

لما كنا قد ناقشنا «حرب الجمل» في أكثر من عمل لنا، فسوف نكتفي هنا باستعراض سريع لمجريات تلك الحرب، مع بعض التوقف عند مرتكزاتها الأساسية. فبعد مقتل عثمان، أكثر الناس علي طلحة و الزبير و اتهموهما بقتله. احتدم النقاش بشأن مسألة خلافة عثمان؛ فقال الزبير: قد تشاورنا فرضينا عليا، فبايعوه. فقال علي: ليس ذلك اليكم، انما هو لأهل الشوري و أهل بدر، فمن رضي به أهل الشوري و أهل بدر فهو الخليفة. لكن ما أمضي علي خليفة، هو قول عامة الناس: يمضي قتل عثمان في الآفاق و البلاد فيسمعون بقتله، و لا يسمعون أنه بويع لأحد فيثور كل رجل منهم في ناحية، فلا نأمن أن يكون في ذلك الفساد، فارجعوا الي علي [480] . يتحدث ابن‌سعد في طبقاته [481] عن بيعة علي، فيقول: «بويع لعلي بن أبي‌طالب (رض) بالمدينة، الغد من يوم قتل عثمان، بالخلافة؛ بايعة طلحة و الزبير، و سعد بن أبي‌وقاص و سعيد بن زيد بن عمرو [482] ... و عمار بن ياسر و أسامة بن زيد و سهل بن حنيف و أبوأيوب الأنصاري و محمد بن مسلمة و زيد بن ثابت و خزيمة بن ثابت و جميع من كان بالمدينة من أصحاب رسول الله (ص) و غيرهم، ثم ذكر طلحة [483] و الزبير أنهما بايعا كارهين غير طائعين، و خرجا الي مكة و بها عائشة». و يقال في أسد الغابة [484] عن بيعة علي: «كان أول من بايعه طلحة بلسانه و سعد بيده، فلما رأي علي ذلك، خرج الي المسجد، فصعد المنبر، فكان أول من صعد اليه فبايعه، طلحة، تابعه الزبير». لكن لماذا انضم طلحة و الزبير الي عائشة في مكة في ثورتها ضد علي؟ [ صفحه 125] يبدو أن العامل المادي هو السبب المباشر لذلك. فقد أراد طلحة امارة الكوفة، و أراد الزبير امارة البصرة، فرفض الخليفة؛ تقول احدي الروايات: «كان الزبير لا يشك في ولاية العراق، و طلحة في اليمن... قال الزبير: هذا جزاؤنا من علي، قمنا له في أمر عثمان، حتي أثبتنا عليه الذنب و سببنا له القتل، و هو جالس في بيته، و كفي الأمر. فلما نال ما أراد، جعل دوننا غيرنا. [و برر علي لابن عباس سبب رفضه لطلبيهما، بقوله]: ان العراقين بهما الرجال و الأموال، و متي تملكا رقاب الناس، يستميلا السفيه بالطمع، و يضربا الضعيف بالبلاء، و يقويا علي القوي بالسلطان» [485] - و نلاحظ، كالعادة تضارب الروايات بشأن الأمصار التي طلب الاثنان من علي ولايتها. اضافة الي ما سبق، زاد علي بأن ساوي بينهما و بين سائر المسلمين في العطاء، مخالفا بذلك سنة عمر، التي يبدو أنه اخترعها دون سند شرعي. چاء الاثنان الي علي يزعمان أنهما يريدان العمرة في مكة؛ فقال علي: «و الله ما أرادا العمرة، و لكن أرادا الغدرة» [486] و لحق بالاثنين بنوأمية، الذين وافاهم الي مكة ولاة عثمان الذين عزلهم علي.

الامويون

اشاره

كان الأمويون المستفيد الأول و الأخير من حرب الجمل. فهم،: من جهة، قتلوا رموزا اسلامية هامة كان يمكن أن تنافسهم مستقبليا علي الخلافة؛ و أضعفوا، من جهة أخري، عليا بحيث استطاعوا، مع تراكم الضربات و المؤامرات، اسقاط خلافته و بالتالي خطه - مرة و الي الأبد. ان عائشة هي المسؤولة الأولي - و ربما الأخيرة - عن هذه السلسلة من المآسي المتراكمة. فقد قادتها عاطفتها القبلية - و ربما غير القبلية - الي الاستماتة في ايصال ابن‌عمها، طلحة، الي رأس الهرم في الدولة الفتية. و كانت النتيجة أن خسرت عائشة كل [ صفحه 126] شي‌ء: كادت أن تسبي لولا سماحة أخلاق علي؛ قتل ابن‌عمها طلحة؛ قتل زوج أختها الزبير؛ و معمها ألوف مؤلفة من خيار المسلمين. و كان هم الأمويين في معسكر عائشة:

مروان بن الحكم

«لما خرج طلحة و الزبير و عائشة من مكة، يريدون البصرة [لحرب علي]، خرج معهم سيد بن العاص و مروان بن الحكم... [فقال سعيد]: قد زعمتم، أيها الناس، أنكم انما تطلبون بدم عثمان، فان كنتم تريدون، فان قتلة عثمان علي صدور هذه المطي و أعجازها، فميلوا بأسيافكم و الا فانصرفوا الي منازلكم و لا تقتلوا في رضي المخلوقين أنفسكم... فقال مروان بن الحكم: بل نضرب بعضهم ببعض، فمن قتل كان الظفر فيه، و يبقي الباقي، فنطلبه و هو ضعيف» [487] . رغم أن طلحة و مروان كانا في المعسكر ذاته المعادي لعلي، فقد قتل مروان [488] طلحة. تقول رواية الطبقات [489] : «كان مروان مع طلحة في الخيل، فرأي فرجة في درع طلحة، فرماه بسهم فقتله». و يفصل أسد الغابة [490] المسألة، فيقول: «كان سبب قتل طلحة أن مروان بن الحكم رماه بسهم في ركبته، فجعلوا اذا أمسكوا فم الجرح، انتفخت رجله، و اذا تركوه جري. فمات منه. فقال مروان: لا أطلب بثأري [لعثمان] بعد اليوم. و التفت الي أبان بن عثمان، فقال: قد كفيتك بعض قتلة أبيك» [491] . في حرب الجمل، «ثبتت عائشة، و حماها مروان في عصابة، فأحدق بهم علي... و [كان] كلما وثب رجل يريد الجمل، ضربه مروان بالسيف و قطع يده، حتي قطع نحو عشرين يدا من أهل المدينة و الحجاز و الكوفة، حتي أتي مروان من خلفه، فضرب ضربة فوقع، و عرقب الجمل الذي عليه عائشة، و انهزم الناس، و أسرت عائشة، و أسر مروان بن [ صفحه 127] الحكم و عمرو بن عثمان و موسي بن طلحة و عمرو بن سعيد بن العاص. فقال عمار لعلي: أقتل هؤلاء الأسري!!! فقال علي: لا أقتل أسير أهل القبلة اذا رجع و نزع» [492] .

يعلي بن أمية

«استعمله عثمان علي صنعاء... و أعان الزبير [في حرب الجمل] بأربعمائة ألف؛ و حمل سبعين رجلا من قريش، و حمل عائشة علي الجمل الذي شهدت القتال عليه، و اسم الجمل عسكر» [493] و في رواية أخري: «جهزهم يعلي بن أمية بستمائة بعير و ستمائة ألف درهم» [494] و في رواية ثالثة أن يعلي بن أمية اشتري عسكر «بثمانين دينارا» [495] و أخرج الطبري عن الزهراني، قوله: «ثم ظهرا، يعني طلحة و الزبير، الي مكة، بعد قتل عثمان بأربعة أشهر، و ابن‌عامر يجر الدنيا؛ و قدم يعلي بن أمية معه بمال كثير، و زيادة عن أربعمئة بعير، فاجتمعوا في بيت عائشة (رض)، فأداروا الرأي، فقالوا: نسير الي علي فنقاتله. فقال بعضهم: ليس لكم طاقة بأهل المدينة، و لكنا نسير حتي ندخل البصرة و الكوفة؛ و لطلحة بالكوفة شيعة و هوي و للزبير بالبصرة هوي و معونة. فاجتمع رأيهم علي أن يسيروا الي البصرة و الي الكوفة، فأعطاهم عبدالله بن عامر مالا كثيرا و ابلا، فخرجوا في سبعمائة رجل من أهل المدينة و الكوفة، و لحقهم الناس حتي كانوا ثلاثة آلاف رجل» [496] .

عبدالله بن عامر

يحدثنا عنه ابن‌سعد في طبقاته [497] ، فيقول: «ابن‌خال عثمان [- أو: «خال عثمان بن عفان و ابن عمة النبي (ص) - [2] ]، ولاه البصرة، فافتتح خراسان كلها و أطراف خراسان و سجستان و كرمان و زابلستان... قدم علي عثمان بالمدينة، فقال له [ صفحه 128] عثمان: صل قرابتك و قومك! ففرق في قريش و الأنصار شيئا عظيما من الأموال و المكسوات... و ظل واليا علي البصرة الي أن قتل عثمان؛ فلما سمع ابن‌عامر بقتله، حمل ما في بيت‌المال، و سار الي مكة، فوافي بها طلحة و الزبير و عائشة، و هم يريدون الشام؛ فقال: بل ائتوا البصرة، فان لي بها صنائع، و هي أرض أموال، و بها عدد الرجال». لكن سعيد بن العاص، يقول: «أما الأموال فعنده، و أما الرجال فلا رجل» [498] و كان عبدالله قد هرب ليلا من البصرة، بعدما بايع أهلها عليا؛ و قد جهز الرجل معسكر عائشة، علي ما قاله المسعودي [499] ، بألف ألف درهم، و مائة من الابل، و غير ذلك [500] .

نساء النبي الأخريات

باستثناء عائشة، فقاموس حرب أميرالمؤمنين و أمهم، لا يذكر سوي اسم أم‌سلمة المخزومية، زعمية الحلف المعادي لعائشة و حلفها، و حفصة بنت عمر، يد عائشة اليمني و صديقتها اللدود - و ذلك من بين نساء النبي. و كان طبيعيا بالتالي أن تقف أم‌سلمة بجانب علي و حلفه، و حفصة بجانب عائشة و معسكرها. فقبيل حرب الجمل، كتبت أم‌سلمة، و كانت في مكة، الي علي، تقول: «أما بعد! فان طلحة و الزبير و أشياعهم، أشياع الضلالة؛ يريدون أن يخرجوا بعائشة، و معهم عبدالله بن عامر؛ يذكرون أن عثمان قتل مظلوما؛ و الله كافيهم بحوله و قوته! و لولا ما نهانا الله عن الخروج، و أنت لم ترض به، لم أدع الخروج اليك و النصرة لك. و لكني باعثة اليك بابني، و هو عدل نفسي، عمر بن أبي‌سلمة، يشهد مشاهدك كلها، فاستوص به، يا أميرالمؤمنين، خيرا... فلما قدم علي علي أكرمه، و لم يزل معه حتي شهد مشاهده كلها» [501] و في رواية أخري، يقال: «فلما قدم عمر علي علي (ع) أكرمه، و لم يزل معه حتي شهد مشاهده كلها. و وجهه أميرا علي البحرين» [502] من ناحية أخري، فقد قالت أم‌سلمة لعائشة لما همت [ صفحه 129] الأخيرة بالخروج الي حربها مع أميرالمؤمنين: «يا عائشة! انك سدة بين رسول الله (ص) و بين أمته، حجابك مضروب علي حرمته، و قد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه، و سكن الله عقيرك فلا تصحريها، الله من وراء هذه الأمة، قد علم رسول الله مكانك لو أراد أن يعهد فيك عهدا، بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد؛ ما كنت قائلة لو أن رسول الله (ص) قد عارضك بأطراف الفلوات ناصة قلوصك مقودا من منهل الي منهل؟! ان بعين الله مثواك! و علي رسول الله (ص) تعرضين، ولو أمرت بدخول الفردوس لاستحييت أن ألقي محمدا هاتكة حجابا جعله الله علي، فاجعليه سترك، وقاعة البيت قبرك، حتي تلقيه و هو عنك راض... فقالت عائشة: يا أم‌سلمة، ما أقبلني لوعظك، و أعرفني بنصحك، ليس الأمر كما تقولين، و لنعم المطلع مطلعا أصلحت فيه بين فئتين متناحرتين» [503] بالمناسبة، فالمصادر الاسلامية لا تذكر شيئا عن الوسيلة التي تم بها تسجيل هذا الحديث، المفخم للغاية، الخاص للغاية، بين اثنتين من أمهات المؤمنين!! تخبرنا تلك المصادر أيضا، أنه لما جاءتها عائشة تطلب منها الخروج معا للمطالبة بالثأر لعثمان، ردت أم‌سلمة: «انك كنت بالأمس تحرضين علي عثمان، و تقولين فيه أخبث القول، و ما كان اسمه عندك الا نعثلا، و انك لتعرفين مكانة علي عند رسول الله (ص)» [504] . بالمقابل، فقد «أرادت حفصة المسير معهم [لقتال علي]، فمنعها [505] أخوها عبدالله» [506] لكن مشاعر حفصة كانت دائما مع عائشة. ذكر أبومخنف أنه لما نزل علي ذا قار، كتبت عائشة الي حفصة بنت عمر: «أما بعد! فاني أخبرك أن عليا نزل ذا قار و أقام بها مرعوبا خائفا لما بلغه من عدتنا و جماعتنا، فهو بمنزلة الأشقر: ان تقدم عقر، و ان تأخر نحر!! فدعت حفصة جواري لها يتغنين و يضربن بالدفوف؛ فأمرتهن أن يقلن في غنائهن: ما الخبر! ما الخبر! علي في السفر؛ [ صفحه 130] كالفرس الأشقر؛ ان تقدم عقر، و ان تأخر نحر. و جعلت بنات الطلقاء [507] يدخلن علي حفصة، و يتجمعن لسماع ذلك الغناء! فبلغ أم‌كلثوم بنت علي [زوجة أبيها]، فلبست جلابيبها، و دخلت عليهن في نسوة متنكرات، ثم أسفرت عن وجهها؛ فلما عرفتها حفصة، خجلت و استرجعت؛ فقالت أم‌كلثوم: لئن تظاهرتما عليه منذ اليوم، لقد تظاهرتما علي أخيه [النبي] من قبل، فأنزل الله فيكما ما أنزل! فقالت حفصة: كفي، رحمك الله! و أمرت بالكتاب فمزق، و استغفرت الله» [508] .

محمد بن أبي بكر

قد يكون محمد بن أبي‌بكر الحلقة الضعيفة الوحيدة في معسكر علي. فهو متهم فعلا بقتل عثمان. و يبدو أن الأحداث المتلاحقة لم تتح أمام علي مجالا كي يولي مسألة قتل عثمان ما تستحقه من الأهمية. تقول احدي الروايات: «جاء علي الي امرأة عثمان، فقال لها: من قتل عثمان؟ قالت: لا أدري؛ دخل عليه رجال لا أعرفهم، الا أن أري وجوههم، و كان معهم محمد بن أبي‌بكر... فقال [محمد]: صدقت! قد و الله دخلت عليه، فذكر لي أبي، فقمت عنه، و أنا تائب الي الله تعالي! و الله ما قتلته، و لا أمسكته! فقالت: صدق، و لكن هو أدخلهم» [509] لكن هذا لا ينفي التهمة، بأية حال، عن محمد بن أبي‌بكر. و كثير مما تبقي لنا من شواهد، يؤكد دور محمد في قتل الخليفة. فعلي سبيل المثال، كان الحسن، بسبب دور محمد في قتل عثمان، «لا يسميه باسمه، انما كان يسميه الفاسق» [510] كذلك فربما تكون طريقة قتل محمد بن أبي‌بكر الدليل الأفضل علي اعتقاد الناس عموما، و بني‌أمية خصوصا، علي أنه قاتل عثمان. ورد في المروج: «أخذه معاوية بن خديج و عمرو بن العاص و غيرهما، فجعلوه في جلد حمار و أضرموه بالنار... و قيل انه فعل به ذلك و به شي‌ء من الحياة؛؛ و بلغ [ صفحه 131] معاوية [بن أبي‌سفيان] قتل محمد و أصحابه، فأظهر الفرح و السرور» [511] و كان معاوية بن خديج قال لمحمد قبل أن يقتله: «قتلت ثمانين من قومي في دم الشهيد عثمان، و أتركك، و أنت صاحبه» [512] أخيرا، كانت عائشة ذاتها غاضبة علي أخيها محمد لسعيه علي عثمان [513] - و ربما لوجوده في معسكر علي - و كانت تسميه مذمما، و تقول: «قتل الله مذمما بسعيه علي عثمان» [514] .

حرب المبشرين بالجنة

خرج أصحاب الجمل... من مكة، و أذن مروان... ثم جاء حتي وقف عليهما [طلحة و الزبير]، فقال: علي أيكما أسلم بالأمرة و أؤذن بالصلاة؟ فقال عبدالله بن الزبير: علي أبي عبدالله! و قال محمد بن طلحة: علي أبي‌محمد! فأرسلت عائشة الي مروان، فقالت: مالك؟ أتريد أن تفرق أمرنا! ليصل ابن‌أختي، [عبدالله بن الزبير]، فكان يصلي بهم حتي قدم البصرة، فكان معاذ بن عبيدالله، يقول: و الله لو ظفرنا لافتتنا، ما خلي الزبير بين طلحة و الأمر، و لا خلي طلحة بين الزبير و الأمر» [515] . «لما خرج طلحة و الزبير الي البصرة، كتبت أم‌الفضل بنت الحارث، يعني زوجة العباس ابن عبدالمطلب (رض) الي علي بخروجهم؛ فقال: علي: العجب! وثب الناس علي عثمان فقتلوه و بايعوني غير مكرهين، و بايعني طلحة و الزبير، و قد خرجا بالجيش الي العراق» [516] . لما اقتريت عائشة من البصرة، أرسل و اليها، عثمان بن حنيف، أباالأسود الدؤلي، ليستعلم منها عن سبب مجيئها، فقالت انها جاءت تطلب الثأر لعثمان. و لما أجابها بأن قتلة عثمان ليسوا في البصرة، قالت بأنها قادمة كي تستنهض أهل البصرة كي يغضبوا لدم عثمان من قتلته الموجودين ضمن معسكر علي [517] لكن أباالأسود زعم بأن [ صفحه 132] خروجها هو خروج علي كتاب الله و سنة نبيه، و أن أبناء عثمان أولي بالثأر لأبيهم منها. و عندما اكتشف الدؤلي أن طلحة و الزبير يحملان رأي عائشة ذاته، عاد الي عثمان ابن‌حنيف [518] ، و قال له: انها الحرب، فتأهب لها [519] . كان كثيرون من أبرز وجوه المجتمع الاسلامي آنذاك يرفضون خروج عائشة لحرب علي جملة و تفصيلا، معتبرين اياه، كغيرهم، خروجا علي الكتاب و السنة. و كان ضمن هؤلاء: زيد بن صوحان العبدي [520] ، جارية بن قدامة السعدي [521] ، و الأحنف بن قيس [522] في حين استنكر عبدالله بن حكيم علي طلحة خروجه مطالبا بدم عثمان و هو الذي خلعه و دعا الي قتله، و بايع من بعده علي بن أبي‌طالب [523] . اندلعت الحرب بين جيش عائشة و جماعة عثمان بن حنيف، لكن الطرفين عادا للصلح، و أرجئ الأمر الي ما بعد وصول علي الي البصرة، و كتب عهد بين المتحاربين [524] لكن حزب عائشة نقض العهد. فقد خرجوا في ليلة مظلمة ذات ريح و مطر، بعدما تأكدوا من أن ابن‌حنيف لا يشك فيهم، و قد ليسوا الدروع و ظاهروا فوقها الثياب، فانتهوا الي المسجد وقت صلاة الفجر، و كان ابن‌حنيف سبقهم الي المسجد، فلما تقدم ليصلي، أخره أصحاب طلحة و الزبير و قدموا الزبير، و تشاحن الطرفان حتي كادت الشمس تطلع. ثم غلب الزبير، فصلي بالناس. و لما فرغ من صلاته، صاح بأصحابه المسلحين، أن خذوا عثمان بن حنيف، فلما أسر ضرب و تنف شعر وجهه و رأسه، و أخذوا الشرطة و حراس بيت‌المال، و هم سبعون رجلا، فانطلقوا بهم و بعثمان بن حنيف الي عائشة، التي قالت لأبان بن عثمان: اخرج اليه فاقتله فان الأنصار قتلوا أباك! [ صفحه 133] لكن عثمان بن حنيف هدد عائشة و فريقها بأخيه، خليفة علي علي المدينة، و قال انهم ان قتلوه، فسيقتل أخوه كل أهلهم هناك! فكفوا عنه! و أمرت عائشة الزبير بقتل الشرطة و حراس بيت‌المال، فذبحهم الزبير كما تذبح الغنم. بقيت طائفة منهم مستمسكين بيت‌المال، و قالوا: لا ندفعه اليكم حتي يقدم أميرالمؤمنين! أي علي! فسار اليهم الزبير في جيشه ليلا، فأوقع بهم و أخذ منهم خمسين أسيرا، فقتلهم صبرا! فكان هذا الغدر بعثمان بن حنيف أول غدر في الاسلام، و كان قتل الشرطة و حراس بيت‌المال أول قوم ضربت أعناقهم في الاسلام صبرا، و كانوا مئة و عشرين رجلا [525] ؛ و قيل: كانوا أربعمائة رجل [526] ثم طردوا عثمان بن حنيف، فلحق بعلي، فلما رآه بكي، و قال له: فارقتك شيخا و جئتك أمردا! فقال علي: انا لله و انا اليه راجعون [527] .

الجمل الأصغر

لما بلغ حكيم بن جبلة، سيد عبدالقيس، ما صنع القوم بعثمان بن حنيف و خزان بيت مال المسلمين و غير ذلك، خرج في ثلاثمائة من قومه؛ فتصدي له جيش عائشة، التي حملوها علي جمل، فسمي ذلك اليوم يوم الجمل الأصغر، مقارنة بيومها مع علي، يوم الجمل الأكبر. و انجلت المعركة عن مقتل كل بني عبدالقيس، بمن فيهم حكيم بن جبلة و أخوته الثلاثة و ابنه. من الجدير بالذكر، أن طلحة و الزبير اختلفا في من يصلي بالناس هنا أيضا؛ فأصلحت بينهما عائشة، فجعلت يوما لعبدالله بن الزبير و يوما لمحمد بن طلحة. و قيل انهم لما دخلوا بيت المال، و رأوا ما فيه من الأموال، قرأ الزبير، و قد استفزه الفرح: وعدكم الله مغانم كثيرة فجعل لكم هذه! فنحن أحق بها من أهل البصرة [528] .

حوارات المبشرين... بالجنة

تروي المصادر أن عليا ذكر الزبير بقول النبي لعلي: ليقتلنك ابن‌عمتك [الزبير] هذا، و هو لك ظالم؛ فرجع الزبير رافضا قتاله. و لما استفزه ابنه عبدالله، متهما اياه [ صفحه 134] بالجبن، رد الزبير: ويحك! اني قد حلفت له أن لا أقاتله! فقال له ابنه: كفر عن يمينك بعتق غلامك سرجس. فأعتقه، و قام في الصف الأول معهم [529] . تذكر رواية أخري أن عليا قال للزبير: أتطلب مني دم عثمان و أنت قتلته؟ لسلط الله علي أشدنا عليه اليوم ما يكره! و دعا علي طلحة، فقال: يا طلحة، جئت بعرس رسول الله (ص) تقاتل بها، و خبأت عرسك في البيت؟ أما بايعتني؟ قال: باعيتك و علي عنقي اللج و أصر طلحة علي الحرب [530] .

الوغي

حاول علي منع الحرب عن طريق الالتجاء الي حكم المصحف. لكن يبدو أن حزب عائشة كان مصرا علي الحرب. و لعبت عائشة الدور الأبرز في تحريض الناس علي القتال. «كانت جهورية الصوت» [531] . و ظلت تستفز حميتهم حتي عقر الجمل، بعد أن قتل علي خطامه أربعون رجلا [532] و ما أن هوي الجمل حتي آواه علي، و فيه عائشة، الي وارف من ظله منيع، و جعل معها أخاها محمدا، و أطلق سراح الأسري. كانت معركة الجمل يوم الخميس، لعشرين خلون من جمادي‌الآخرة، سنة 36 للهجرة. كان عدد القتلي، من حزب عائشة، ثلاثة عشر ألفا، بمن فيهم طلحة و الزبير [533] ؛ أما من حزب علي، فقتل نحو من ألف شخص [534] . [ صفحه 135]

ذيول الحرب... و طرائفها

تخبرنا احدي الروايات أن عليا «أمر المنادي، فنادي: ما كان لهم من مال في أهليهم فهو ميراث علي فرائض الله! فقام رجل، فقال: كيف تحل لنا أموالهم، و لا تحل لنا نساؤهم و لا أبناؤهم؟ فقال: لا يحل لكم ذلك! فلما أكثروا عليه في ذلك، قال: اقترعوا، هاتوا بسهامكم! ثم قال: أيكم يأخذ أمكم عائشة في سهمه؟» [535] . الطريف، أن عائشة التي أدت بخروجها هذا الي فتنة لم تغلق أبوابها قط - بغض النظر عن ألوف القتلي و الجرحي من خيار المسلمين - تضايقت للغاية حين «جاء أعين ابن‌ضبة بن أعين المجاشعي حتي اطلع في الهودج، فقالت: اليك لعنة الله! فقال: و الله ما أري الا حميراء! فقالت له: هتك الله سترك و قطع يدك و أبدي عورتك! فقتل بالبصرة، و سلب و قطعت يده، و رمي به عريانا في خربة من خرب الأزد» [536] ؛ الأطرف، أن يستجيب لها الاله بمباشرية مخيفة زعم كل أعمالها التي تخالف أبسط أوامر هذا الاله! رغم كل المبررات التي يلفقها الاسلاميون المعاصرون لعائشة، لغسلها من مصائب الجمل و ذيولها، فقد كانت هي ذاتها مسكونة بشعور الاثم بسبب فعائلها. تورد احدي الروايات أنه «ذكر لعائشة يوم الجمل فقالت: وددت لو جلست كما جلس صواحبي» [537] ؛ أو: «كان أحب الي من أن أكون ولدت من رسول الله بضع عشرة رجال كلهم مثل عبدالرحمن بن الحارث بن هشام أو مثل عبدالله بن الزبير» [538] و يقول أحد الرواة: «حدثني من سمع عائشة (رض)، اذا قرأت هذه الآية، «و قرن في بيوتكن» [أحزاب 33]، بكت حتي تبل خمارها» [539] يذكر أيضا، أن عائشة قالت: [ صفحه 136] «اذا مر ابن‌عمر فأرونيه. فلما مر، قيل لها: هذا ابن‌عمر! قالت: يا أبا عبدالله، ما منعك أن تنهاني عن مسيري [يوم الجمل]؟ قال: رأيت رجلا قد غلب عليك و ظننت أنك لا تخالفينه - يعني ابن‌الزبير! قالت: أما لو أنك نهيتني ما خرجت - تعني: مسيرها في فتنة يوم الجمل» [540] و قيل: «ان ابن‌عباس دخل علي عائشة قبل موتها، فأثني عليها، فلما خرج، قالت لابن الزبير، أثني علي عبدالله بن عباس و لم أكن أحب أن أسمع أحد اليوم يثني علي، لوددت أني كنت نسيا منسيا» [541] ؛ أو «وددت أني اذا مت، كنت نسيا منسيا [542] ؛ أو: «يا ليتني كنت ورقة من هذه الشجرة» [543] ؛ و قيل أيضا «ان عائشة لما احتضرت جزعت، فقيل لها: أتجزعين يا أم‌المؤمنين، و ابنته أبي‌بكر الصديق؟ فقالت: ان يوم الجمل لمعترض في حلقي! ليتني مت قبله، أو كنت نسيا منسيا» [544] لذلك طلبت قبيل وفاتها أن لا تدفن مع النبي، قائلة: «اني قد أحدثت بعد رسول الله (ص)، فادفنوني مع أزواج النبي (ص)» [545] قال الذهبي: «تعني بالحديث: مسيرها يوم الجمل» [546] - كيف لا، و كانت لعنة الجمل تلاحقها في كل الأفواه باستمرار؟ يروي «أن رجلا نال من عائشة (رض) عند عمار بن ياسر؛ فقال: أغرب مقبوحا منبوذا، أتؤذي حبيبة رسول الله (ص)؟» [547] . لكن كل هذا الندم لم يغسل قلبها، و هي أم‌المؤمنين، من كراهية أميرهم: علي بن أبي‌طالب. فقد ظلت تكرهه حتي بعد مماته. تحدثنا روايات كثيرة، أن عائشة، لما بلغها «قتل علي (رض)، قالت: فألقت عصاها و استقر بها النوي كما قر عينا بالاياب المسافر [ صفحه 137] فمن قتله؟ رجل من مراد! فقالت: فان يك نائيا فلقد نعاه غلام ليس في فيه التراب» [548] . و في رواية أخري، أنها «سجدت لله شكرا، و أظهرت السرور و تمثلت... فقالت زينب بنت أم‌سلمه: ألعلي تقولين هذا؟ فقالت: اني أنسي، فاذا نسيت فذكروني» [549] و في نص مقاتل الطالبيين [550] يقال ان الذي جاءها بنعيه هو سفيان بن أبي‌أمية. [ صفحه 139]

معاوية بن أبي‌سفيان... و عائشة

اشاره

لا شك أن عائشة هي التي مهدت الطريق لوصول الأمويين الي الحكم، و ذلك عبر اضعافها لعلي و اثارتها للقلاقل في وجهه من جهة، و عبر تصفية أبرز منافسين لمعاوية في الأمر، الزبير و طلحة، من جهة أخري. و بعكس سلوكها في أيام علي، فهي لم تحرك ساكنا في هذه المرحلة، رغم كل جرائم معاوية و فظائعه. كانت أولي جرائم معاوية التي مست عائشة شخصيا، قتله لأخيها محمد عام 38 ه، أي قبل تسلمه الخلافة، بعد حيلة المصاحف في صفين. فقد ولي علي محمدا مصر، فدخلها عام 37 ه؛ لكن معاوية أرسل عمرو بن العاص الي مصر عام 38 ه، فتغلب علي محمد، ثم قتله معاوية بن خديج، كما أشرنا، صبرا، و أدخلوا جثته في بطن حمار ميت، و أحرقوه [551] «و لما بلغ ذلك عائشة، جزعت عليه جزعا شديدا، و قنتت في دبر كل صلاة، تدعو علي معاوية بن أبي‌سفيان و عمرو بن العاص و معاوية بن خديج، و قبضت عيال محمد أخيها اليها، فكان القاسم بن محمد من عيالها... و حلفت عائشة لا تأكل شواء أبدا بعد قتل محمد، فلم تأكل شواء حتي لحقت بالله، و ما عثرت قط حتي قالت: تعس معاوية بن أبي‌سفيان و عمرو بن العاص و معاوية بن خديج» [552] .

حجر بن عدي

كان حجر بن عدي متعاطفا مع علي، و كان ينتقد المغيرة بن شعبة، عامل معاوية ابن أبي‌سفيان علي الكوفة، الذي أمره أمير مؤمني عصره بشتم علي من فوق المنابر. و جاء بعده [ صفحه 140] زياد بن أبيه الذي لم يكن أقل سوءا من سابقه. و تروي الأخبار أن زيادا أطال يوما الخطبة، و أخر الصلاة [553] ، فنادي عدي: الصلاة! و لما لم يأبه زياد به و بالناس، ثار الحاضرون. فأرسل حجر يطلب من معاوية الي الشام. و في مرج عذراء، ثم قتله مع مرافقيه. تضايقت عائشة من قتل حجر، لكنها لم تثر لذلك - خاصة و أنها كانت قد تدخلت لمنع هذه الجريمة. و تروي الأخبار أن عائشة بعثت عبدالرحمن بن الحرث بن هشام الي معاوية في حجر و أصحابه، فقدم عليه و قد قتلهم... و كانت عائشة تقول: لولا أنا لم نغير شيئا الا آلت الأمور الي أشد مما كنا فيه، لغيرنا قتل حجر، أما و الله ان كان لمسلما ما علمته، حاجا معتمرا [554] . تقول احدي الروايات، ان معاوية أقبل «و معه خلق كثير من الشام... حتي أتي عائشة أم‌المؤمنين، فأذنت له وحده... و عندها مولاها ذكوان؛ فقالت عائشة: أكنت تأمن أن أقعد لك رجلا فأقتلك كما قتلت أخي محمد بن أبي‌بكر؟ فقال معاوية: ما كنت لتفعلي ذلك... لأني في بيت آمن. [و تكلمت عائشة]... فلم يخطب معاوية، و خاف أن لا يبلغ ما بلغت... ثم قام معاوية، فلما قام، قالت عائشة: يا معاوية، قتلت حجرا و أصحابه العابدين المجتهدين؟... فقال: دعينا و اياههم حتي نلقي ربنا... [ثم أكمل]: تأ لله ان رأيت كاليوم قط خطيبا أبلغ من عائشة بعد رسول الله (ص)» [555] .

عبدالرحمن بن أبي بكر

شقيق عائشة. لم تكن سمعة هذا الرجل طيبة اسلاميا حتي مراحل متأخرة من تاريخ الدعوة. و يذكر الزمخشري [556] أن الآية السبعين من سورة الأنعام، «أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم و عذاب أليم بما كانوا يكفرون»، «نزلت في أبي‌بكر [ صفحه 141] الصديق (رض)، حين دعاه ابنه، عبدالرحمن، الي عبادة الأوثان». و في سيرة [557] ابن‌هشام، يقال: «نادي أبوبكر الصديق ابنه عبدالرحمن، و هو يومئذ [يوم يدر] من المشركين، فقال: أين مالي يا خبيث؟ فقال عبدالرحمن: لم يبق غير مشكة و يعبوب و صارم يقتل ضلالا الشيب» و يذكر الزمخشري [558] أيضا، أن الآية السابعة عشرة من سورة الأحقاف، «و الذي قال لوالديه أف لكما، أتعدانني أن أخرج و قد خلت القرون من قبلي، و هما يستغيثان الله: ويلك! آمن ان وعد الله حق! فيقول: ما هذا الا أساطير الأولين»، «نزلت في عبدالرحمن بن أبي‌بكر قبل اسلامه، و قد دعاه أبوه أبوبكر و أمه أم‌رومان الي الاسلام، فأفف بهما، و قال: ابعثوا لي جدعان بن عمرو و عثمان بن عمرو، و هما من أجداده، حتي أسألها عما يقول محمد». و لما أراد معاوية أخذ البيعة ليزيد، و كان مروان عامله علي المدينة، «خطب مروان، فقال: ان الله تعال قد أري أميرالمؤمنين في يزيد رأيا حسنا، و أن يستخلفه؛ فقد استخلف أبوبكر عمر (رض)! فقال عبدالرحمن بن أبي‌بكر (رض): أهرقلية؟ ان أبابكر (رض) - و الله - ما جعلها في أحد من ولده و لا أحد من أهل بيته، و لا جعلها معاوية في ولده الا رحمة و كرامة لولده! فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه: أف لكما؟ فقال عبدالرحمن (رض): ألست ابن‌اللعين الذي لعن رسول الله (ص) أباه؟! و سمعتهما عائشة (رض)، فقالت: يا مروان! أنت القائل لعبدالرحمن كذا و كذا؟ [و نفت أن يكون كلامه لشقيقها صحيحا، و أكملت]: ولو شئت أن أسمي الذي نزلت فيه لسميته؛ و لكن رسول الله لعن أبامروان، و مروان في صلبه، فمروان فضض من لعنة الله» [559] و في نصوص كثيرة نجدها تنفي تهمة التأفف عن شقيقها، و تضيف مقسمة، «و الله ما هو به» [560] لكن الحقيقة أن كثيرا من التفاسير تخبرنا، كما لاحظنا، أن الذي قال لوالديه أفا، هو عبدالرحمن بن أبي‌بكر تحديدا. [ صفحه 142] حاول معاوية شراء ضمير عبدالرحمن بمئة ألف درهم [561] ، فرفض. و مات عبدالرحمن فجأة بموضع شمال مكة، قريب منها.

الحسن بن علي

بعدما اشتري معاوية الحسن بن علي بالمال، اشتري احدي زوجاته، اللواتي يستحيل احصاؤهن، بالمال و بوعد زواج من يزيد ابنه ان هي قتلت زوجها. و هذا ما كان - لكنه لم يكمل وعده بتزويجها من ابنه، خوفا عليه منها [562] . يروي أن الحسن، «لما حضرته الوفاة، أرسل الي عائشة يطلب منها أن يدفن مع النبي (ص)، فأجابته الي ذلك، فقال لأخيه: اذا أنا مت فاطلب الي عائشة أن أدفن مع النبي (ص)، فلقد كنت طلبت منها، فأجابت الي ذلك، فلعلها تستحي مني! فاذا أذنت، فادفني في بيتها، و ما أظن القوم - يعني: بني‌أمية، - الا سيمنعونك،فان فعلوا، فلا تراجعهم في ذلك، و ادفني في بقيع الغرقد! فلما توفي، جاء الحسين الي عائشة، فقالت: نعم و كرامة! فبلغ ذلك مروان و بني‌أمية، فقالوا: لا يدفن هنالك أبدا. فبلغ ذلك الحسين، فلبس هو و من معه السلاح، و لبسه مروان. فسمع أبوهريرة، فقال: و الله انه لظلم - يمنع الحسن أن يدفن مع أبيه، و الله انه لابن رسول الله (ص)! ثم أتي الحسين، فكلمه، و ناشده الله، و قال: أليس قد قال أخوك: ان خفت فردني الي مقبرة المسلمين! ففعل، فحمله الي البقيع، و لم يشهده أحد من بني‌أمية الا سعيد بن العاص، كان أميرا علي المدينة، فقدمه الحسين للصلاة عليه» [563] . لكن مراجع أخري تروي الخبر ذاته بطريقة مختلفة. ففي روضة الأوائل لابن شحنة، بهامش ابن‌الأثير، يقال: «كان أوصي أن يدفن عند جده (ص)، فمنعت من ذلك عائشة» [564] و في مرجع آخر، يقال ان الحسن طلب «عند وفاته: ادفنوني عند قبر= [ صفحه 143] رسول الله (ص) [فقالت عائشة]: البيت بيتي و لا آذن لأحد أن يدفن فيه... فدفنوه في البقيع» [565] . و في رواية ثالثة، يقال: «ركب مروان بن الحكم و سعيد بن العاص، فمنعا من ذلك؛ و ركبت عائشة بغلة شهباء، و قالت: بيتي و لا آذن فيه لأحد! فأتاها القاسم بن محمد بن أبي‌بكر، فقال: يا عمة! ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الأحمر؛ أتريدين أن يقال: يوم البغلة الشهباء؟ فرجعت، و اجتمع مع الحسين بن علي جماعة من الناس، فقالوا له: دعنا و آل مروان، فو الله ما هم عندنا الا كأكلة رأس؛ فقال: ان أخي أوصاني ألا أريق فيه محجمة؛ فدفن الحسين في البقيع» [566] . و ورد في مقاتل الطالبين [567] . [ صفحه 144] و كان يقال لها: تجملت تبغلت ولو عشت تفيلت لك التسع من الثمن و في الكل تصرفت و ربما كان هنالك... بغلتان!!!

السكوت المشتري‌

لقد اشتهر عن عائشة حبها للمال. و يبدو أن معاوية كان يعرف نقطة ضعف أم‌المؤمنين هذه جيدا. و بين أيدينا روايات كثيرة تثبت ذلك. منها، علي سبيل المثال، أن معاوية بعث «الي عائشة (رض) بطبق من ذهب فيه جوهر، قوم بمائة ألف» [568] و أخرج أبونعيم: «أهدي معاوية لعائشة ثيابا و ورقا و أشياء توضع في أسطوانة [569] و روي عروة «أن معاوية بعث الي عائشة بمئة ألف» [570] و قيل: «بعث معاوية الي عائشة، و هي بمكة، بطوق قيمته مئة ألف، فقبلته» [571] و قيل: «قضي معاوية عن عائشة، أم‌المؤمنين، ثمانية عشر ألف دينار، و ما كان عليها من الدين الذي كانت تعطيه الناس» [572] . روي أن المنكدر بن عبدالله، دخل «علي عائشة، فقالت: لك ولد؟ قال: لا! فقالت: لو كان عندي عشرة آلاف درهم لوهبتها لك! فما أمست حتي بعث اليها معاوية بمال، فقالت: ما أسرع ما ابتليت! و بعثت الي المنكدر بعشرة آلاف درهم، فاشتري منها جارية» [573] . أورد بن سعد في طبقاته، أن «معاوية اشتري من عائشة منزلها... بمائة و ثمانين ألف درهم [أو] بمائتي ألف درهم، و شرط لها سكناها حياتها، و حمل الي عائشة المال، فما رامت من حملها حتي قسمته. و يقال: اشتراه ابن‌الزبير، بعث اليها، يقال: خمسة أجمال بخت تحمل المال، فشرط لها سكناها، حياتها فما برحت حتي قسمت ذلك، فقيل لها: لو خبأت لنا منه درهما! فقالت عائشة: لو ذكرتموني لفعلت» [574] . [ صفحه 145]

ملحق: عائشة... و حب المال

لقد رأينا كم كانت عائشة تحب المال، و كيف كان جوهر ثورتها علي عثمان انقاصه اياها العطاء الذي اعتاد أن يعطيها، عمر بن الخطاب! و تخبرنا الروايات أنها منذ عهد النبي، كانت مجبولة علي حب المال. فحين فتحت خيبر، قالت عائشة بفرح: «الآن نشبع من التمر» [575] و كان النبي قد أعطاها من أموال خيبر، ثمانين و سقا من التمر، و عشرين و سقا شعير؛ و قيل: قمح [576] . يبدو أن حياتها في البيت النبوي لم تكن تقشفية اطلاقا، بعكس ما يحاول الاسلاميون الحاليون ترويجه الآن. تقول عائشة في احدي الروايات، علي سبيل المثال: «خرجنا مع رسول الله (ص) حتي اذا كنا بالقاحة سال علي وجهي من رأسي من الطيب حين خرجت، فقال النبي (ص): ان لونك يا شقيراء لحسن» [577] ؛ و يروي أن النبي، قبيل وفاته، «قال لعائشة - و هي مسندته الي صدرها: يا عائشة، ما فعلت تلك الذهب؟ قالت: هي عندي! قال: فأنفقيها» [578] . و اذا كان الاستيلاء علي خيبر من اليهود أشبع عائشة و قومها التمر أيام النبي، فانها - بعد النبي - شبع من كل شي‌ء، خاصة مع تحول كبار الصحابة الي رأسماليين و اقطاعيين، بعد غزو البلاد الغنية المحيطة بجزيرة العرب و قهر أهلها و استعبادهم و سرقة أراضيهم. يبقي زمن أبي‌بكر استثناء: فظروف أبي‌بكر لم تمكنه من غزو البلاد المحيطة، بعد أن تفجرت أمام خلافته مشاكل ما عرف بحروب الردة. مع ذلك، فقد وجد أبوبكر وقتا و أموالا - لليهود أيضا - كي يعطي ابنته، عائشة. تقول احدي الروايات: «كان [ صفحه 146] المال الذي نحل [أبوبكر] عائشة بالعالية من أموال بني‌النضير: بشر حجر؛ كان النبي (ص) أعطاه (رض) ذلك المال، فأصلحه بعد ذلك أبوبكر، و غرس فيه وديا» [579] . كان الاقطاعي الكبير، طلحة بن عبيدالله، عزيزا علي عائشة، مقربا منها. و يذكر أنه كان «يرسل الي عائشة، اذا جاءت غلته كل سنة، بعشرة آلاف» [580] أما ابن‌عوف، الاقطاعي الكبير الآخر، فيذكر أنه «باع أرضا له من عثمان بأربعين ألف دينار.. فأتيت عائشة بنصيبها من ذلك. فقالت: ان رسول الله (ص)، قال: لا يحسن عليكن بعدي الا الصابرون، سقي الله ابن‌عوف من سلسبيل الجنة» [581] . و بعد حرب الجمل، «أعطت عائشة من بشرها بأن عبدالله [بن الزبير] لم يقتل.. عشرة آلاف درهم» [582] . و وصل الأمر بها الي درجة أن عروة، قال: «رأيت عائشة تقسم سبعين ألفا» [583] ؛ أو: «كانت تتصدق بسبعين ألفا» [584] . كان لعائشة «كساء خز تلبسه» [585] ؛ و»«كانت تلبس المعصفر» [586] ، و «كانت تلبس الأحمرين: المذهب و المعصفر، و هي محرمة» [587] ؛ و قال القاسم بن محمد: «رأيت عائشة تلبس المعصفرات و تلبس خواتم الذهب» [588] و يذكر البخاري في صحيحه [589] : «لبست عائشة المعصفرات و هي محرمة». و قالت معاذة العدوية: «رأيت علي عائشة ملحفة صفراء» [590] ؛ و قيل انها كانت تلبس «ثيابا حمراء كأنها الشرر - و هي محرمة» [591] ؛ [ صفحه 147] أو «درعا مضرجة» [592] و روي عطاء: «كنت آتي عائشة، أنا و عبيد بن عمير، و هي مجاورة في جوف ثبير، في قبة لها تركية، عليها غشاؤها، و لكن قد رأيت عليها درعا معصفرا - و أنا صبي» [593] . حين أراد عبدالله بن الزبير أن ينافس علي الخلافة، لم يجد أمامه سوي المال وسيلة يكسب بها ود خالته. و تروي المصادر أن ابن‌الزبير بعث «الي عائشة بمال في غرارتين، يكون مائة ألف، [أو «مائة و ثمانين ألف» [20] ]، فجعلت تقسم بين الناس، فلما أمست، قالت: يا جارية: هاتي فطرتي. فقالت أم‌ذرة: يا أم‌المؤمنين، أما استطعت أن تشتري بدرهم لحما مما أنفقت؟! فقالت: لا تعنفيني، لو أذكرتني لفعلت» [594] و قيل أيضا، ان عائشة «ساقت بدنتين، فضلتا، فأرسل لها ابن‌الزبير مكانهما، فوجدت البدنتين الأولين، فنحرتهما أيضا» [595] . لكن ابن‌الزبير كان بخيلا شحيحا. فقد روي عنه أنه «قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة (رض): و الله لتنتهي عائشة أو لأجحر عليها! فقالت: أهو قال هذا؟! قالوا: نعم! قالت: فلله علي نذر ألا أكلم ابن‌الزبير أبدا. فاستشفع ابن‌الزبير و كلم المسور بن مخرمة و عبدالرحمن بن الأسود... قال: أنشد كما الله لما أدخلتماني علي عائشة (رض) فانه لا يحل لها أن تنذر قطيعتي... فأقبلا... علي عائشة، فقالت: ادخلوا كلكم! و لا تعلم أن معهم ابن‌الزبير، فاعتنق عائشة (رض) فطفق يناشدها و يبكي... و طفق المسور و عبدالرحمن يناشداها ألا ما كلمته، و قبلت منه، و يقولان: ان النبي (ص) ينهي عما قد عملت من الهجر، و انه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث! فلما أكثروا علي عائشة (رض) من التذكير و التحريج، طفقت تذكرها و تبكي، و تقول: اني نذرت، و النذر شديد! فلم يزالا بها حتي كلمت ابن‌الزبير، و أعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة... أخرجه البخاري» [596] . امرأة بمثل هذه الذاكرة: كيف نصدق أنها روت كل هذا الكم من الأحاديث؟ [ صفحه 151]

عائشة... و الجنس و المصحف

الجنس في البيت النبوي... و عائشه

اشاره

كانت عائشة عذراء، حين تزوجها النبي، و الأمر طبيعي حتما اذا ما أخذنا بعين الاعتبار سنها آنذاك. بالمقابل كانت كل نسائه الأخريات غير عذراوات حين تزوج بهن - باستثناء مارية القبطية التي لا نمتلك معلومات دقيقة حول بكارتها - و كان لبعضهن أكثر من تجربة. و رغم أن زواج رجل بامرأة عذراء مسألة أكثر من عادية، فقد كان ذلك شغل عائشة الشاغل: الشي‌ء الأبرز (و ربما الأوحد) التي استطاعت أن تتباهي به علي غيرها من نساء النبي. من هذا الانشغال الهاجسي بالعذرية، ذلك النص الذي أورده الطبري في تاريخه [597] ، و الذي تقول فيه عائشة: «تزوجني بكرا: لم يشركه في أحد من الناس، و كان يأتيه الوحي و أنا و هو في فراش واحد»؛ و في السمط الثمين [598] يروي عنها قولها: «انني لأفخر علي أزواج النبي (ص) بأربع: ابتكرني و لم يبتكر غيري...». و في تفسير ابن‌كثير [599] ، يقال: «لم ينزل علي رسول الله (ص) الوحي في فراش امرأة سواها... قال بعض العلماء: لأنه لم يتزوج بكرا سواها، و لم ينم معها رجل في فراشها سواه». - لكننا لم نفهم سر العلاقة بين جبريل و العذرية!!! كانت عائشة، كما لاحظنا في فصل أم‌سلمة، تشبه جسدها بمزرعة - أو حقل أو ما شابه - لم يؤكل منها، و أجساد نساء النبي الأخريات بمزارع رعيت، و تسأل النبي بعدها: أين كنت ترتع بعيرك؟: «قالت: يا رسول الله! أرأيت لو نزلت واديا و فيه شجرة قد أكل منها، [ صفحه 152] و وجدت شجرا لم يؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال: في الذي لم يرتع منها. تعني أن رسول الله (ص) لم يتزوج بكرا غيرها» [600] - لكن ما الذي تعنيه ببعير رسول الله؟ الميثولوجيا... و الجنس! لقد خص التراث الميثولوجي الاسلامي عائشة بنصيب وافر من أساطيره. و الكثير من تلك الأساطير يدور حول محور مركزي: الجنس! تقول عائشة، علي سبيل المثال: «لقد أعطيت تسعا ما أعطيتهن امرأة: لقد نزل جبريل (ع) بصورتي في راحته، حين أمر!!! رسول الله (ص) أن يتزوجني... و ان الوحي لينزل عليه في أهله، فيتفرقون عنه، و ان كان لينزل عليه و أنا معه في لحافه... و لقد نزل عذري [في مسألة الافك، الجنسية الطابع] من السماء... لقد وعدت مغفرة و رزقا كريما» [601] - لا داع طبعا للاشارة الي تناقض الفقرة الأولي من التسع المعطاة لها مع روايات زواجها من النبي المشار اليها آنفا. لقد صورت للنبي «قبل أن تصور في بطن أمها» [602] فجبريل، كما تروي هي ذاتها، «أتاه بصورتي مرتين قبل أن يملك عقدي» [603] و يؤكد النبي لها: «أريتك في المنام ثلاث ليال، جاءني بك الملك في سرقة من حرير، فيقول: هذه امرتك [أو]: هذه زوجتك في الدنيا و الآخرة... فأقول: ان يكن من عند الله، يمضه» [604] - تناقض آخر. و رغم أنه في قصة التفاخر بين عائشة و زينب لم تتحدث الأولي عن تزويج الله اياها حين تفاخرت الثانية بذلك، فبعض المراجع تدعي أن الله بذاته (كذا) هو الذي زوجه اياها [605] . و ينسب الي النبي، قوله: «زوجني ربي عائشة في السماء، و أشهد عقدها [ صفحه 153] الملائكة، و أغلقت أبواب النيران، و فتحت أبواب الجنة أربعين مساء، مسها مس الريح، و ريحها ريح المسك» [606] - لا تعليق!!! بعد الزواج الالهي [607] ، كان لعائشة حوادث كثيرة مع جبريل. فحين خاصمها النبي مرة، جاءه جبريل، و قال له: «ارجع و صالح عائشة» [608] - قاله أيضا حين طلق النبي حفصة -؛ و لما صالحها، عاد جبريل حاملا صحن حلوي (كذا)، و قال: «الله يقول لك: كان الصلح منا، و طعام الصلح علينا» [609] كان جبريل «يقريها السلام» [610] لكن بعد محنة الافك الشهيرة، كف الله يد جبريل كي يخبر النبي ببراءتها مما اتهمت به زورا، فا لله بذاته هو الذي أخبره بذلك، لأن الشدة منه، و الفرج منه أيضا [611] . من ناحية أخري، فمن بين كل الصحابة و التابعين، لم نصادف أحدا تمكن من رؤية جبريل سوي عائشة. فقد رأته «من خلل الباب قد عصب رأسه الغبار» [612] ؛ و رأته مرة أخري «عند معرفة فرس دحية الكلبي، و النبي يضع يده عليه و يكمله» [613] ؛ و رأته أيضا بصورة «رجل واقف و عليه عمامة بيضاء بين كتفيه» [614] «. تنسب الروايات الي عمر بن الخطاب، قوله: «ان الله عصمها من وقع الذباب علي جلدها، لأنه يقع علي النجاسة» [615] - و معروف أن عمر توفي قبل يوم الدار و حرب الجمل. و قيل ان رجلا ذكرها بسوء، فجاءه النبي في المنام، فأومأ باصبعه الي عينيه، فأعماه [616] - لكن المعروف أيضا أنها انتقدت كما لم ينتقد غيرها بعد دورها في الفتن التي عرفتها آخر سنوات العهد الراشدي، دون أن تكون هنالك أزمة عميان بين الجماعة الاسلامية الأولي!! [ صفحه 154] رغم كل شي‌ء، فعائشة ضمنت مكانها في الجنة. فقد قال عمار بن ياسر لرجل نال منها أو شتمها بعد حرب الجمل، «انها زوجته [النبي] في الدنيا و الآخرة» [617] ، أي: «في الجنة» [618] و تقول: انها سألته مرة عن أزواجه في الجنة، فقال: «أنت منهن». جنس أم‌شبق كانت عائشة أقرب الي الطفلة حين تعرفت علي الجنس للمرة الأولي، علي يد رجل أقرب الي الكهولة، أمضي بدوره شبابه بجوار امرأة تكبره بخمسة عشر عاما تقريبا، و لم يكن باستطاعته أن يتزوج عليها أو يطلقها، لأنها كانت المسؤولة عنه و عن بيته ماديا. تلك العجوز - كما وصفتها عائشة - الغنية، كما هو معروف، كانت أيضا صاحبة تجارب سابقة. مع ذلك يبدو أنها رغم عظمتها الأخلاقية و العقائدية، فهي لم تكن كسائر أزواجه الأخريات علي الصعيد الجنسي. ففي طبقات [619] ابن‌سعد، نجد حديثا منسوبا للنبي، يقول: «كنت أقل الناس في الجماع، حتي أنزل الله علي الكفيت، فما أريده من ساعة الا وجدته... [و كانت له] قوة أربعين رجلا في الجماع». و اذا ما رفعنا العنصر الميثولوجي من الرواية السابقة، أي الكفيت، فتفسيرها السهل، يقول: كان الجماع بالنسبة للنبي عنصرا ثانويا للغاية في احدي المراحل، ثم في مرحلة أخري، صار عنصرا في غاية الأهمية و المحورية. و ربما تكون المرحل الأولي هي الحقبة المكية، حين كان زوجا لعجوز ترملت مرتين علي الأقل: حقبة صراع و فقر و عذاب؛ و المرحلة الثانية هل الحقبة المدينية، حين صار رجل دين و دولة، غنيا، قادرا، لا يكاد يمر عام دون أن يكلله بزوجة جديدة شابة، ساحرة الجمال. لقد دخلت عائشة، ابنة السنوات الثمان أو التسع، فراش هذا الرجل الذي له «قوة أربعين رجلا في الجماع»: دخلت مبكرة جدا. لكن سرعان ما راحت نساء أخريات [ صفحه 155] يزاحمنها ذاك الفراش. و راح حقدها الجنسي يجد قنوات مختلفة ينفس عن ذاته عبرها. و هكذا نجدها تصرح باستمرار بأن أحب نساء النبي اليها سودة [620] ، لأنها أعطتها ليلتها. و نجد أيضا أنها أكثر نساء النبي عرضة للشائعات الجنسية الطابع، كقصتها مع صفوان ابن‌المعطل السلمي أو طلحة بن عبيدالله - هذا ما وصلنا علي الأقل. بل ان عائشة هي الوحيدة بين كل نساء النبي، التي لم تتورع قط عن اتهام مارية القطبية، جارية الرسول، بعلاقة جنسية غير مشروعة - كما رأينا من قبل. هذا الانشغال الهاجسي بالجنس، الذي يلامس أحيانا تخوم الشبق، تعكسه تلك الأحاديث الكثيرة، المتناثرة في كتب التراث الاسلامي، المروية عنها، و التي لا هم لها سوي الجنس:

مضاجعة الحائض

عن مضاجعة النبي عائشة و هي حائض، توجد روايات كثيرة؛ من ذلك ما ذكره البخاري [621] في صحيحه، نقلا عن عائشة: «كانت احدانا اذا كانت حائضا، فأراد رسول الله (ص) أن يباشرها، أمرها أن تتزر في فور حيضها، ثم يباشرها! قلت: و أيكم يملك اربه كما كان النبي (ص) يملك اربه!». في رواية أخري [622] ، «سئلت عائشة: ما يحل للرجل من امرأته و هي حائض؟ قالت: ما فوق الازار». و في نص ثالث [623] ، «قالت: كان النبي (ص) يباشرني و أنا حائض، و يدخل معي في لحافي و أنا حائض؛ و لكنه كان أملككم لاربه». قالت عائشة أيضا: «حضت مع رسول الله (ص) علي فراشه، فانسللت، فقال أحضت؟ فقلت: نعم! قال: فشدي عليك ازارك ثم عودي» [624] في المسألة ذاتها، قالت عائشة: «كان يأمرنا اذا حاضت احدانا أن تتزر بازار واسع، ثم يلتزم صدرها و ثدييها» [625] و في ردها علي شخص، سألها: «ما يحل لرجل من امرأته اذا كانت حائضا؟ قالت: كل شي‌ء الا [ صفحه 156] الجماع» [626] و في نص غيره يسألها أحدهم: «ما للرجل من أهله و هي حائض؟! فقالت: كل شي‌ء الا فرجها» [627] و ردت علي ميمون ابن‌مهران، حين طرح عليها السؤال ذاته، بقولها: «ما فوق الازار» [628] و يذكر السمط الثمين [629] أنها «كانت تنام مع رسول الله (ص) في لحاف واحد، و هي حائض». و في رواية أخري، نقل عنها قولها: «كانت احدانا اذا حاضت، اتزرت و دخلت مع رسول الله (ص) في شعاره، دل ذلك علي أنه انما أراد الجماع» [630] و تخبرنا عائشة ذاتها بالحادثة التالية: «دخل [النبي]، فمضي الي مسجده - قال أبوداود: تقصد مسجد بيتها - فما انصرف حتي غلبتني عيني، فأوجعه البرد، فقال: ادني مني! فقلت: اني حائض! قال: اكشفي عن فخذيك! فكشفت فخذي، فوضع خده و صدره علي فخذي، و حنيت عليه حتي دفئ و نام» [631] . هنا، نتساءل: هل كانت العاطفة الجنسية عند النبي قوية الي درجة أنه لم يكن يتمالك نفسه أمام امرأة حيت و ان كانت حائضا؟ يمكننا تقديم رأيين بشأن هذه المسألة: اما أن النبي كان بالفعل مسكونا بالجنس الي درجة متطرفة؛ و هذا ما تدعمه روايات كثيرة؛ من ذلك ما تقوله عائشة: «قل يوم الا و رسول الله (ص) يطوف علينا، فيقبل و يلمس» [632] و في رواية أخري، أن النبي «كان يدور علي نسائه في الساعة الواحدة في الليل و النهار، و هن احدي عشرة؛ و في رواية: تسع نسوة. قيل: أو كان يطيق ذلك؟ [قال الراوي]: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين» [633] و تتحدث سلمي، مولاة النبي، فتقول: «طاف رسول الله (ص) علي نسائه [ صفحه 157] ليلا، التسع اللواتي توفي عنهن و هن عنده، كلما خرج من عند امرأة، قال لسلمي: صبي لي غسلا! فيغتسل قبل أن يأتي الأخري. فقلت: يا رسول الله، أما يكفيك غسل واحد؟! فقال النبي (ص): هذا أطيب و أطهر» [634] ؛ أو أن كلام عائشة هذا لا صحة له، لأنه يناقض القرآن و تعاليمه، بل يناقض ما قالته عائشة ذاتها في مواضع أخري. فتعاليم القرآن، نقول: «يسألونك عن المحيض؛ قل: هو أذي! فاعتزلوا النساء في المحيض، و لا تقربوهن حتي يطهرن، فاذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله» (222: 2). من ناحية أخري، تقول عائشة ذاتها: «كنت اذا حضت نزلت عن المثال [الفراش] علي الحصير، فلم تقرب رسول الله (ص) و لم ندن منه حتي نطهر» [635] و في نص ابن‌كثير [636] ، بالاشارة الي النبي، يضاف: «فهو محمول علي التنزه و الاحتياط». و عند الدارمي [637] ، تقول عائشة: «المستحاضة لا يأتيها زوجها». يمكن أن نجد أحد أشكال التسوية بين الرأيين في رواية منسوبة لعائشة، يسألها فيها أحدهم - لابد أن نلاحظ صيغة السؤال -: «أكان رسول الله يضاجعك و أنت حائض؟!»؛ فردت: «نعم! اذا شددت علي ازاري، و لم يكن لنا اذ ذاك غير فراش واحد، فلما رزقني الله - عزوجل - فراشا آخر، اعتزلت رسول الله (ص)» [638] . مع ذلك، هنالك شي‌ء من التناقض في زعم عائشة بأن النبي كان يضاجعها و هي حائض - أقله أنه كان بامكانه تلبية رغبته الجنسية عبر نسائه الأخريات، اللواتي لا يعقل أن يحضن بشكل جماعي، تضامنا مع عائشة!!!

مص اللسان الذي لا يفطر و لا ينقض الوضوء

مص النبي لسان عائشة، و هو صائم و هي صائمة، معلم جنسي آخر روجت له عائشة حول علاقتها بالنبي. يورد أحمد في مسنده [639] عن عائشة، قولها: «كان رسول [ صفحه 158] الله (ص) يقبلها، و هو صائم، و يمص لسانها». و في نص أبي‌داود [640] : «كان رسول الله (ص) يقبل و هو صائم، و يباشر و هو صائم، و لكنه كان أملك لاربه». كما أشرنا، يبدو أن النبي لم يكن وحده الصائم حين تقبيل عائشة. فهي تقول: «أراد رسول الله (ص) أن يقبلني، فقلت: اني صائمة. فقال: و أنا صائم! ثم قبلني» [641] و تقول أيضا: «كان رسول الله (ص) ليظل صائما، فيقبل أين شاء من وجهي، حتي يفطر» [642] . من ناحية أخري، يبدو أن قبلة عائشة لم تكن تنقض وضوء النبي. ذكر عروة عنها: «أن رسول الله (ص) قبل بعض نسائه ثم خرج الي الصلاة، و لم يتوضأ. فقلت [عروة]: و من هي الا أنت؟! فضحكت» [643] و ذكر عنها قولها أيضا: «كان النبي (ص) ينال مني القبلة بعد الوضوء، ثم لا يعيد الوضوء» [644] ، أي، «يتوضأ، ثم يقبل، ثم يصلي» [645] . رغم صراحة عائشة، أم‌المؤمنين، و جرأتها في الحديث عن الجنس، فقد كان بعض من أولئك المؤمنين يتحرج من حديث كهذا، معتبرا اياه أحد أنواع الرفث: «خرج علقمة و أصحابه حجاجا، فذكر بعضهم الصائم: يقبل و يباشر! فقام رجل منهم، قد قام سنتين و صامهما: هممت أن آخذ قوسي فأضربك بها، فكفوا حتي تأتي عائشة، فسألوها عن ذلك، فقالت عائشة: كان رسول الله (ص) يقبل و يباشر، و كان أملككم لاربة! قالوا يا أباشبل، سلها! قال: لا أرفث عندها اليوم! فسألوها، فقالت: كان يقبل و يباشر و هو صائم» [646] و قالت عائشة، مرة، لأخيها عبدالرحمن: «ما يمنعك أن تدنو [ صفحه 159] من أهلك، فتقبلها و تلاعبها؟ فقال: أقبلها و أنا صائم! قالت: نعم» [647] و حين سئلت: «ما يجل للرجل من امرأته صائما؟ قالت: كل شي‌ء الا الجماع» [648] .

تفاصيل أخري

تفاصيل جنسية أخري، توردها عائشة، تملأ صفحات كثيرة من كتب التراث الاسلامي. من ذلك، علي سبيل المثال: حديثها عن واجب الاغتسال علي الذي يجامع دون أن ينزل [649] : «فعلناه مرة، فاغتسلنا! يعني: الذي يجامع و لا ينزل» [650] . و عنها أيضا: «قال رسول الله (ص): اذا قعد بين الشعب الأربع، ثم ألزق الختان بالختان، فقد وجب الغسل» [651] .؛ و في نص آخر: «اذ مس الختان الختان» [652] ؛ و في نص ثالث: «اذا التقي الختانان، فقد وجب الغسل، فعلته أنا و رسول الله (ص)، فاغتسلنا» [653] لكن الأمر غير واضح: فنحن لا نعرف علي وجه الدقة، هل يتوجب الغسل لمجرد من الختان الختان، أو لابد من تجاوز الختان الختان؟ فعائشة تقول: «اذا جاوز الختان الختان، فقد وجب الغسل - فعلته أنا و رسول الله (ص)، فاغتسلنا» [654] . يبدو، كما أشرنا، أنه كان هنالك بين الجماعة الاسلامية الأولي من يتحرج من الحديث في مسائل كهذه. لكن عائشة، بجرأتها، كانت تزيل كل حرج. روي سعيد بن المسيب «أن أباموسي، قال لعائشة: أريد أن أسألك عن شي‌ء، و أنا أستحي منك! فقالت: سل، و لا تستح، فأنا أمك! فسألها عن الرجل، يغشي و لا ينزل،فقالت: عن النبي (ص)، اذا أصاب الختان الختان، فقد وجب الغسل» [655] . [ صفحه 160] يبدو أيضا أن هذه المسائل الهامة، كانت تشغل حيزا كبيرا من تفكير الجماعة الاسلامية الأولي. و يبدو أيضا، أن عائشة كانت المرجع الأول و الأخير في مسائل من هذا النوع: «قال زهير: كنت عند عمر، فقيل له: ان زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد؛ قال زهير: في حديثه الناس برأيه، في الذي يجامع و لا ينزل. فقال: أعجل به! فأتي به، فقال: يا عدو نفسه! أو قد بلغت ن تفتي الناس في مسجد رسول الله (ص) برأيك؟! قال: ما فعلت، و لكن حدثني عمومتي عن رسول الله (ص)! قال: أي عمومتك؟! قال: أبي بن كعب... قال: كنا نفعله فلا نغتسل... فجمع الناس (!!!!) و اتفق الناس علي أن الماء لا يكون الا من الماء، الا رجلين: علي بن أبي‌طالب و معاذ بن جبل، قالا: اذا جاوز الختان الختان، فقد وجب الغسل! فقال علي: يا أميرالمؤمنين! ان أعلم الناس بهذا أزواج النبي (ص) فأرسل الي حفصة، فقالت: لا علم لي!!! فأرسل الي عائشة، فقالت: اذا جاوز الختان الختان، وجب الغسل!!! فتحطم عمر! يعني تغيظ! ثم قال: لا يبلغني أن أحدا فعله و لا يغسل الا أنهكته عقوبة» [656] . الغسل من الجنابة و قضايا الافرازات الجنسية، أمور أخذت أيضا حيزا لا بأس به من تفكير عائشة. فهي تقول مثلا: «كنت أغتسل أنا و النبي(ص) من اناء واحد، من جنابة» [657] اذن، كانت عائشة، حسب قولها، تغتسل من الجناب، مع النبي، من اناء واحد - و لا ندري أهمية هذا الأمر حتي تناولته كتب التراث بتلك الكثافة. تقول رواية أخري منقولة عنها: «كنت أغتسل، أنا و رسول الله (ص)، من اناء واحد، بيني و بينه، فيبادرني، حتي أقول: دع لي، دع لي! قالت: و هما جنبان» [658] و كانت عائشة تغسل سائل النبي المنوي، و تتحدث عن ذلك بشي‌ء من الاهتمام: «كان همام بن الحارث عند عائشة (رض)، فأبصرته جارية لعائشة و هو يغسل أثر الجنابة من ثوبه أو يغسل ثوبه، فأخبرت عائشة، فقالت: لقد رأيتني و أنا أفركه من ثوب رسول الله (ص)» [659] لكن همام بن الحارث ذاته، يحاول أن ينفي عن نفسه تهمة احتلامه عند عائشة، فيقول مقدما رواية أخري: «نزل بعائشة ضيف، فأمرت له= [ صفحه 161] بملحفة فاحتلم بها، فاستحيا أن يرسل بها و فيها أثر الاحتلام، فغمسها في الماء، ثم أرسل بها! فقالت عائشة: لم أفسد علينا ثوبنا؟ انما كان يكفيه أن يفركه باصبعه، ربما فركته من ثوب رسول الله (ص) باصبعي» [660] و في المحلي [661] ، نجدها تقول: «كنت أفركه [المني] من ثوب رسول الله». بالنسبة لافرازات الحيض، تقول عائشة: «كنت و رسول الله (ص) في الشعار الواحد، و أنا حائض طامث، فان أصابه مني شي‌ء، غسل مكانه لم يعده، و ان أصابه - يعني: ثوبه - شي‌ء غسل مكانه، لم يعد، و صلي فيه» [662] .

العسيلة

«العسيلة» واحدة من أطرف الحكايا الجنسية في التراث الاسلامي و أكثرها اثارة للاستغراب! و كالعادة، فان عائشة هي أشهر من يروي هذه الحكاية. - فما هي العسيلة؟. باختصار شديد، و كما تنقل عائشة عن النبي، «العسيلة هي الجماع» [663] و مفادها أنه اذا طلق رجل زوجته ثلاث مرات - لا نعرف سر قدسية هذا الرقم - لابد لهذه المرأة أن تتزوج رجلا آخر، اذا ما أرادت العودة الي زوجها الأصلي، شريطة أن يذوق هذا الأخير «عسيلتها» - أي: يضاجعها!! و في صحيح مسلم [664] ، ورد عن عائشة الحديث التالي: «جاءت امرأة رفاعة [أو: رفاعة القرظي [3] ] الي النبي (ص)، فقالت: كنت عند رفاعة، فطلقني، فبت طلاقي، فتزوحت عبدالرحمن بن الزبير: ان ما معه مثل هدية الثوب [أو: انما عنده مثل هدبتي [4] ]! فتبسم رسول الله (ص)، فقال: أتريدين أن ترجعي الي رفاعة؛ لا! حتي تذوقي عسيلته و يذوق عسيلتك» [665] و يضيف لسان العرب [ صفحه 162] تفاصيل أخري، حين يقول: «و قال النبي (ص) لامرأة رفاعة القرظي، و قد سألته عن زوج تزوجته لترجع به الي زوجها الأول الذي طلقها، فلم ينتشر ذكره للايلاج: أتريدين أن ترجعي الي رفاعة؟ لا، حتي تذوفي عسيلته و يذوق عسيلتك! يعني جماعها لأن الجماع هو المستحلي من المرأة، شبه لذة الجماع بذوق العسل» [666] .

روايات العري المتناقضة

رغم زعم عائشة أنها كانت تغتسل و النبي «من اناء واحد من الجنابة» [667] ، الا أنها افتخرت باستمرار ربما بأنها «ما نظرت الي فرج رسول الله قط» [668] مع ذلك، تقول انه «قام ليلة عريانا، فما رأيت جسمه قبلها» [669] و تضيف رواية أخري، ترويها عائشة، تفاصيل أخري: «قدم زيد بن حارثة المدينة، و رسول الله (ص) في بيتي، فأتاه، فقرع الباب، فقام اليه رسول الله (ص) عريانا يجر ثوبه - و الله ما رأيته عريانا قبله و لا بعده - فاعتنقه و قبله» [670] - لا نعرف، طبعا، ما اذا كان «اعتنقه و قبله»، و هو عار، حسب رواية أم‌المؤمنين، أم لا!! حين قال النبي لعائشة: «انكم تحشرون الي الله يوم القيامة حفاة عراة غرلا. قالت عائشة: يا رسول الله، الرجال و النساء ينظر بعضهم الي بعض؟! قال: يا عائشة، ان الأمر أشد من أن يهمهم ذاك» [671] .

اسكاتها لأبي هريرة في الأمور النسائية

في احدي المناسبات، قالت عائشة لأبي هريرة: «انك لتحدث عن النبي (ص) حديثا ما سمعته منه؛ فقال أبوهريرة: يا أمة! طلبتها، و شغللك عنها المرآة و المكحلة، و ما كان يشغلني عنها شي‌ء» [672] لكن أحمد يروي في مسنده [673] ، «أن رجلين دخلا علي عائشة، فقالا: ان [ صفحه 163] أبي‌هريرة يحدث، أن نبي الله (ص)، كان يقول: انما الطيرة في المرأة و الدابة و الدار. فطارت شقة منها [عائشة] في السماء و شقة في الأرض، فقالت: و الذي أنزل القرآن علي أبي‌القاسم، ما هكذا كان يقول! و لكن نبي الله (ص)، كان يقول: كان أهل الجاهلية، يقولون: الطيرة في المرأة و الدار و الدابة! ثم قرأت عائشة: «ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم الا في كتاب» الي آخر الآية» [674] و في رواية أخري [675] ، يقال: «انه قد بلغ عائشة عن أبي‌هريرة، أنه قال: قال رسول الله (ص): يقطع الصلاة المرأة و الحمار و الكلب. فقالت عائشة: معنفة مصححة: شبهتمونا بالحمير و الكلاب! و الله لقد رأيت رسول الله يصلي، و أنا في السرير، بينه و بين القبلة، مضطجعة، فتبدو لي الحاجة، فأكره أن أجلس، فأؤذي رسول الله، فأنسل من عند رجليه». و اذا كانت عائشة قادرة علي تكذيب أبي‌هريرة - و قد كذبه تكثيرون غيرها - في مسائل نسائيه عامة، فكم بالحري أن تسكته - مرة والي الأبد - في تلك الأمور الحميمة؟ و يروي أحمد في مسنده، أن أباهريرة قال: «من أصبح جنبا فلا صوم له. فأرسل مروان أبابكر بن عبدالرحمن الي عائشة، يسألها، فقال لها: ان أباهريرة، يقول: من أصبح جنبا فلا صوم له. فقالت عائشة: قد كان رسول الله (ص) يجنب، ثم يتم صومه. فأرسل الي أبي‌هريرة، فأخبره أن عائشة قالت: ان رسول الله (ص) كان يجنب ثم يتم صومه! فكف أبوهريرة» [676] لذلك، كان طبيعيا أن يجيب مسروق، حين سئل: «هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال: و الذي لا اله غيره، لقد رأيت الأكابر من أصحاب محمد، يسألونها عن الفرائض» [677] .

الغيرة... و الجنس

كانت الغيرة تسري في عائشة كالدم، و يبدو أن السبب الرئيس لتلك الغيرة هو الجنس. الجنس وحده. و كانت اذا غاب النبي عنها، تلاحقه، تتحسس شعره و جسده [ صفحه 164] لتتأكد من عدم رطوبته. يروي عنها، قولها: «فقدت رسول الله (ص)، فطننت أنه أتي بعض جواريه، فطلبته، فاذا هو ساجد، يقول: رب اغفر لي [أو]: فتحسست، فاذا هو راكع» [678] و في رواية أخري، قيل ان رسول الله «خرج من عندها ليلا، قالت: فغرت عليه! فجاء، فرأي ما صنعت، فقال: مالك يائسة؟ أغرت! فقلت: و مالي لا يغار مثلي علي مثلك؟ قال رسول الله (ص): أفأخذك شيطانك؟!» [679] و في رواية ثالثة، تقول: «التمست رسول الله (ص)، فأدخلت يدي في شعره، فقال: قد جاءك شيطانك! فقلت: أما لك شيطان؟ فقال: بلي، و لكن الله أعانني عليه، فأسلم!» [680] . رغم كل ما سبق، لم تنجب عائشة - و لا غيرها من قافلة النساء الجميلات الفتيات: باستثناء مارية - من النبي. و رغم ادعاء ابن‌كثير [681] «أنها أسقطت منه ولدا سماه رسول الله (ص): عبدالله! و لهذا كانت تكني بأم عبدالله»، فالأرجح أنها «كانت تكني بعبد الله بن الزبير، ابن أختها» [682] . هذه المرأة المتفجرة، حرم عليها الزواج، الهيا هذه المرة، بعد النبي - و لم تكن آنذاك قد تخطت الثامنة عشرة!!! فهل يمكن أن يساعدنا ذلك في فهم خلفية ثوراتها العنيفة المتلاحقة؟ سؤال غير مشروع!!! [ صفحه 165]

عائشة... و الافك

اشاره

كان حديث الافك في السنة السادسة [683] للهجرة، في عزوة بني‌المصطلق [684] و القصة أوردها بنوع من التفصيل، مسلم في صحيحه [685] ، حيث قال، نقلا عن عائشة: «كان رسول الله (ص) اذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها، خرج بها رسول الله (ص) معه... فأقرع بنا في عزوة غزاها [686] ، فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله (ص)، و ذلك بعدما أنزل الحجاب. فأنا أحمل في هودجي و أنزل فيه مسيرنا، حتي اذا فرغ رسول الله (ص) من غزوه و دنونا من المدينة، آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتي جاوزت الجيش، فلما قضيت من شأني، أقبلت الي الرجل، فلمست صدري، فاذا عقدي من جزع ظفار، قد انقطع، فرجعت، فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه. و أقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي، فحملوا هودجي، فرحلوه علي بعيري الذي كنت أركب، و هم يحسبون أني فيه. كانت النساء اذ ذاك خفافا [687] لم يهبلن و لم يغشهن اللحم؛ انما يأكلهن العقلة من الطعام. فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه و رفعوه. و كنت جارية حديثة السن. فبعثوا الجمل و ساروا. و وجدت عقدي بعدما استمر الجيش. فجئت منازلهم و ليس بها [ صفحه 166] داع و لا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه، و ظننت أن القوم سيفقدوني، فيرجعون الي. فبينا أنا جالسة في منزلي، غلبتني عيني، فنمت. و كان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأي سواد انسان نادم، فأتاني، فعرفني حين رآني. و قد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي. فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي. و و الله ما يكلمني كلمة، و لا سمعت منه كلمة، غير استرجاعه، حتي أناخ راحلته، فوطئ علي يدها، فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتي أتينا الجيش، بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة، فهلك من هلك في شأني [688] . و كان الذي تولي كبره عبدالله بن أبي بن سلول. فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمنا المدينة شهرا، و الناس يفيضون في قول أهل الافك، و لا أشعر بشي‌ء من ذلك، و هو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله (ص) اللطف الذي كنت أري منه حين أشتكي؛ انما يدخل رسول الله (ص) يسلم، ثم يقول: كيف تيكم؟ فذاك يربيني، و لا أشعر بالشر! حتي خرجت بعدما نقهت، و خرجت معي أم‌مسطح قبل المناصع، و هو مبرزنا، و لا نخرج الا ليلا الي ليل، و ذلك قبل أن نتخذ الكنف قريب من بيوتنا. و أمرنا أمر العرب الأول في التنزه. و كنا نتأذي بالكنف أن نتخذها بيوتنا. فانطلقت أنا و أم‌مسطح، و هي بنت أبي‌رهم بن عبدالمطلب بن عبدمناف، و أمها ابنة صخر بن عامر، خالة أبي‌بكر الصديق، و ابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن عبدالمطلب. فأقبلت أنا و بنت أبي‌رهم قبل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم‌مسطح في مطرها، فقالت: تعس مسطح [689] ! فقلت لها: بئس ما قلت! أتسبين رجلا قد شهد بدرا؟ قالت: أي هنتاه! أو لم تسمعي ما قال؟ قلت: و ماذا قال؟ فأخبرتني بقول أهل الافك، فازددت مرضا الي مرضي. فلما رجعت الي بيتي، فدخل علي رسول الله (ص)، فسلم، ثم قال: كيف تيكم؟ قلت: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ - و أنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما - فأذن لي رسول الله (ص). [ صفحه 167.] . فجئت أبوي، فقلت لأمي: يا أمتاه! ما يتحدث الناس؟ فقالت: يا بنية، هوني عليك، فو الله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها، و لها ضرائر، الا كثرن عليها. قلت: سبحان الله! و قد تحدث الناس بهذا؟ فبكيت تلك الليلة، حتي أصبحت لا يرقأ لي دمع، و لا أكتحل بنوم. ثم أصبحت أبكي. و دعا رسول الله (ص) علي بن أبي‌طالب و أسامة بن زيد، حين استلبث الوحي، يستشيرهما في فراق أهله. فأما أسامة بن زيد، فأشار علي رسول الله (ص) بالذي يعلم من براءة أهله، و بالذي يعلم في نفسه لهم من الود، فقال: يا رسول الله، هم أهلك و لا نعلم الا خيرا. و أما علي بن أبي‌طالب، فقال: لم يضيق الله عليك، و النساء سواها كثير، و ان تسأل الجارية تصدقك. فدعا رسول الله (ص) بريرة، فقال: أي‌بريرة! هل رأيت من شي‌ء يريبك من عائشة؟ فقالت له بريرة: و الذي بعثك بالحق، ان رأيت أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام علي عجين أهلها، فتأني الداجن [690] ، فتأكله. فقام رسول الله (ص) علي المنبر، فاستعذر من عبدالله بن أبي بن سلول، فقال رسول الله (ص) و هو علي المنبر: يا معشر المسلمين! من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي؟ فو الله ما علمت علي أهلي الا خيرا! و لقد ذكروا رجلا ما علمت عليه الا خيرا، و ما كان يدخل علي أهلي الا معي [691] ! فقام سعد بن أبي‌معاذ الأنصاري، فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله، ان كان من الأوس ضربنا عنقه، و ان كان من أخوتنا الخزرج [692] ، أمرتنا ففعلنا أمرك! فقام سعد بن عبادة، و هو سيد الخزرج - و كان رجلا صالحا و لكن اجتهلته الحمية [693] - فقال لسعدبن معاذ: كذبت! لعمر الله لا تقتله، و لا تقدر علي قتله [694] ! و قام أسيد بن حضير، و هو ابن‌عم [ صفحه 168] سعد بن معاذ، فقال لسعد بن عبادة: كذبت! لعمر الله لنقتلنه، فانك منافق تجادل عن المنافقين! فثار الحيان الأوس و الخزرج، حتي هموا أن يقتتلوا. و رسول الله قائم علي المنبر. فلم يزل رسول الله يخفضهم حتي سكتوا. [و أخيرا... تدخل الله] و بكيت يومي ذلك، لا يرقأ لي دمع و لا أكتحل بنوم. ثم بكيت ليلتي المقبلة، لا يرقأ لي دمع و لا أكتحل بنوم، و أبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي. فبينما هما جالسان عندي و أنا أبكي، استأذنت علي امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي. فبينا نحن علي ذلك، دخل علينا رسول الله (ص)، ثم جلس. و لم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل. و قد لبث شهرا لا يوحي اليه في شأني بشي‌ء. فتشهد رسول الله (ص) حين جلس، ثم قال: أما بعد، يا عائشة، فانه قد بلغني عنك كذا و كذا، فان كنت بريئة، فسيبرئك الله، و ان كنت ألممت بذنب [695] ، فاستغفري الله و توبي اليه، فان العبد اذا اعترف بذنب ثم تاب، تاب الله عليه. فلما قضي رسول الله (ص) مقالته، قلص دمعي حتي ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب عني رسول الله (ص) فيما قال! فقال: و الله ما أدري ما أقول لرسول الله (ص)! فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله (ص)! فقالت: و الله ما أدري ما أقول لرسول الله (ص)! فقلت؛ و أنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن: اني - و الله - لقد عرفت أنكم سمعتم بهذا حتي استقر في نفوسكم و صدقتم به؛ فان قلت لكم اني بريئة! لا تصدقون بذلك! و ان اعترفت لكم بأمر، و الله يعلم أني بريئة، لتصدقونني. و اني و الله ما أجد لي و لكم مثلا الا كما قال [696] أبويوسف: «فصبر جميل و الله المستعان علي ما تصفون». ثم تحولت، فاضطجعت علي فراشي، و أنا - و الله - حينئذ أعلم أني بريئة، و أن الله مبرئي ببراءتي. و لكن - و الله - ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يوحي، و لشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله عزوجل في بأمر يتلي. و لكني - و الله - كنت أرجو أن يري رسول الله (ص) رؤيا، يبرئني الله بها. فو الله، ما رام رسول الله (ص) مجلسه، [ صفحه 169] و لا خرج من أهل بيته أحد، حتي أنزل الله عزوجل علي نبيه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي، حتي أنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشتات من ثقل القول الذي أنزل عليه. فلما سري عن رسول الله (ص)، و هو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها، أن قال: أبشري يا عائشة! أما الله فقد براك! فقالت لي أمي: قومي اليه؛ فقلت: و الله لا أقوم اليه و لا أحمد الا الله، هو الذي أنزل براءتي [697] . فأنزل الله عزوجل «ان الذين جاءوا بالافك عصبة منكم»، عشر آيات [698] فأنزل الله عزوجل هؤلاء الآيات [699] ، براءتي. فقال أبوبكر، و كان ينفق علي مسطح لقرابته منه و فقره: و الله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة؛ فأنزل الله عزوجل «و لا يأتل أولو الفضل منكم و السعة أن يؤتوا أولي القربي»، الي قوله، «ألا تحبون أن يغفر الله لكم» - قال حبان بن موسي: قال عبدالله بن المبارك: هذه أرجي آية في كتاب الله - فقال أبوبكر: اني لأحب أن يغفر الله لي! فرجع الي مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، و قال: لا أنزعها منه أبدا [700] . قالت عائشة: و كان رسول الله (ص) سأل زينب بنت جحش، زوج النبي (ص) عن أمري: ما علمت؟ أو: ما رأيت؟ فقالت: يا رسول الله! أحمي سمعي و بصري، و الله ما علمت الا خيرا! قالت عائشة: و هي التي كانت تساميني من أزواج النبي (ص)، فعصمها الله بالورع. و طفقت أختها حمنة بنت جحش، تحارب لها، فهلكت فيمن هلك [701] . [ صفحه 170]

الافكيون

كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان [بن ثابت، و هو أحد الذين ساهموا في نشر القصة]، و تقول: فانه قال: فان أبي و والده و عرضي لعرض محمد منكم وقاء و زاد أيضا... قالت عائشة: و الله ان الرجل الذي قيل له ما قيل، [أي: صفوان بن المعطل]، ليقول: سبحان الله! فو الذي نفسي بيده، ما كشفت عن كنف أنثي قط! ثم قتل بعد ذلك شهيدا، في سبيل الله!... و كان الذي تكلموا به، مسطح و حمنة و حسان [702] ، و أما المنافق عبدالله بن أبي، فهو الذي يستوشيه و يجمعه، و هو الذي تولي كبره، و حمنة [703] » [704] . و يضيف ابن‌هشام [705] ، ان النبي «خرج الي الناس، فخطبهم، و تلا عليهم ما أنزل الله عليه في القرآن من ذلك، ثم أمر بمسطح بن أثاثة و حسان بن ثابت، و حمنة بنت جحش، و كانوا ممن أفصح بالفاحشة، فضبروا حدهم» [706] . لكن ألا يحق لنا أن نتساءل: ما هو سر تدخل الله الغريب هذا في تهمة تخص مراهقة لم تبلغ الخامصة عشر من العمر - تهية عادية في ذلك الزمان - (و قد صوبتها عائشة بعد ذلك، كما لاحظنا، لمارية ذاتها، لكن الغريب أن النبي لم يضربها الحد) نظرا لنوعية العلاقات في المجتمع الاسلامي الأول؟ و هل مسألة الافك التي يبذل التراثيون الاسلاميون أقصي جهدهم لازالة كل ملابساتها عن عائشة، و التي لا تتعدي كونها علاقة عابرة بين رجل و امرأة لم تؤذ أحدا، أكثر شناعة من يوم الدار و حرب الجمل [ صفحه 171] حيث قتل ألوف المسلمين و تحطم النظام الراشدي؟ و لماذا لم يتدخل الاله أيضا لازالة الشبهات عن عائشة في تلك الحوادث الرهبية؟

ذيول افكية

قال ابن‌عباس: «من أذنب ذنبا، ثم تاب منه، قبلت توبته: الا من خاض في أمر عائشة! و هذه منه مبالغة و تعظيم لأمر الافك». و كان النبي يقول عن صفوان بن المعطل: «ان صفوان خبيث اللسان، طيب القلوب» [707] . من ناحيتة، كان حسان، شاعر النبي، قد هجا [708] صفوان بقوله: «أمسي الجلابيب قد عزوا و قد كثروا و ابن‌الفريعة أمسي بيضة البلد» [709] . تقول احدي الروايات، «ان ثابت بن عيسي بن الشماس وثب علي صفوان بن المعطل، حين ضرب حسان، فجمع يديه الي عنقه بحبل، ثم انطلق به الي دار بني‌الحارث ابن‌الخزرج، فلقيه عبدالله بن رواحة، فقال: ما هذا؟ قال: أما أعجبك ضرب حسان بالسيف؟! و الله ما أراه الا قد قتله؛ قال له عبدالله بن رواحة هل علم رسول الله (ص) بشي‌ء مما صنعت؟ قال: لا و الله! قال: لقد اجترأت، أطلق الرجل! فأطلقه. ثم أتوا رسول الله (ص)، فذكروا له ذلك، فدعا حسان و صفوان بن المعطل؛ فقال ابن‌المعطل: يا رسول الله، آذاني و هجاني، فاحتملني الغضب، فضربته! فقال رسول الله (ص) لحسان: أحسن يا حسأن، أتشوهت علي قومي اذ هداهم الله للاسلام؟! ثم قال: أحسن يا حسان في الذي أصابك! قال: هي لك يا رسول الله» [710] . و يذكر ابن‌كثير [711] : «ثم أن صفوان بن المعطل اعترض حسان بن ثابت بالسيف، حين بلغه ما كان يقول فيه، فضربه ثم قال [712] : [ صفحه 172] تلق ذباب السيف عني فانني غلام اذا هوجيت لست بشاعر فذكر ذلك لرسول الله (ص)، فدعا حسان و صفوان بن المعطل، فقال صفوان: هجاني يا رسول الله و آذاني، فضربته؛ فقال رسول الله (ص) لحسان: أحسن يا حسان. قال: هي لك يا رسول الله؛ فأعطاه رسول الله (ص) عوض عنها بيرحاء، و هي قصر بني‌حديلة [713] ؛ و أعطاه سيرين، أمة قبطية، و هي أخت مارية، أم‌ابراهيم ابن‌رسول الله، فولدت له عبدالرحمن [714] . و في رواية من أسد الغابة [715] ، يقال: «ان رسول الله (ص) جلد الذين قالوا لعائشة ما قالوا، ثمانين جلدة: حسان بن ثابت، و مسطح بن أثاثة، و حمنة بنت جحش [716] . و كان حسان ممن خاض في الافك، فجلد فيه في قول بعضهم: و أنكر قوم ذلك، و قالوا: ان عائشة كانت في الطواف و معها أم‌حكيم بن خالد بن العاص، و أم‌حكيم بن عبدالله... فذكرتا حسان، فسبتاه، فقالت عائشة: اني لأرجو أن يدخله الله الجنة بذبه عن النبي (ص) بلسانه! أليس هو القائل: فان أبي و والده و عرضي لعرض محمد منكم وقاء و برأته من أن يكون افتري عليها. فقالتا: ألم يقل فيك؟ فقالت: لم يقل شيئا؛ لكنه الذي يقول: حسان رزان ما تزن بريبة و تصبح غرثي من لحوم الغوافل فان كان ما قد قيل عني قلته فلا رفعت سوطي الي أناملي» [ صفحه 173] و في نص ابن‌هشام [717] ، «أن امرأة مدحت حسان بن ثابت عند عائشة، فقالت: حسان رزان ما تزن بريبة و تصبح غرثي من لحوم الفوافل فقالت عائشة: لكن أبوها».

شبق ابن المعطل

مقابل أسطور بتولية ابن‌المعطل التي زوجت لها عائشة، تذكر لنا مصادر اسلامية نصا معارضا، يقدم ابن‌المعطل، كائنا مسكونا بالشبق. يقول ابن‌منظور [718] ، علي سبيل المثال: «جاءت امرأة الي -رسول الله (ص)، فقالت: يا رسول الله، ان زوجي صفوان بن المعطل... يفطرني اذا صمت... و صفوان عنده... فسأله عما قالت، فقال: يا رسول الله... أما قولها يفطرني اذا صمت، فانها تنطلق فتصوم، و أنا رجل شاب فلا أصبر». و يكمل أبوداود [719] : «فقال رسول الله (ص): لا تصوم امرأة الا باذن زوجها».

ادخال الله في تفاحر النساء

كما أشرنا، فان تدخل الله في القضايا الشخصية لزوجات النبي، كان موضع تفاخر بينهن. يذكر ابن‌كثير في تفسيره [720] : «تفاخرت زينب و عائشة (رض)، فقالت زينب: أنا التي نزل تزويجي من السماء!!! و قالت عائشة: أنا التي نزل عذري في كتاب الله!!! حين حملني صفوان بن المعطل علي الراحلة! فقالت لها زينب: يا عائشة! ما قلت حين ركبتها؟ قالت، قلت: حسبي الله و نعم الوكيل!». من ناحية أخري، يبدو أنه كان يحق لعائشة تفاخر اضافي في حديث غير افكي، لعب فيه ضياع العقد، الذي كان سبب المشكلة في الحدث الافكي، و الاله، الذي حل المشكلة الافكية، الدورين الرئيسين. يذكر النسائي [721] عن عائشة، قولها: «خرجنا مع رسول الله (ص) في بعض أسفاره، حتي اذا كنا بالبيداء أو ذات الجيش، انقطع عقد لي. فأقام رسول [ صفحه 174] الله (ص) علي التماسه، و أقام الناس معه، و ليسوا علي ماء، و ليس معهم ماء. فأتي الناس أبابكر (رض)، فقالوا: ألا تري ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله (ص) و بالناس و ليسوا علي ماء، و ليس معهم ماء. فجاء أبوبكر (رض) و رسول الله (ص) واضع رأسه علي فخذي، قد نام، فقال: حبست رسول الله (ص) و الناس، و ليسوا علي ماء و ليس معهم ماء... فعاتبني أبوبكر، و قال ما شاء أن يقول، و جعل يطعن بيده في خاصرتي، فما منعني من التحرك الا مكان رسول الله (ص) علي فخذي. فنام رسول الله (ص) حتي أصبح علي غير ماء، فأنزل الله آية التيمم. فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي‌بكر. قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته» [722] . رواية أخري، تقدم تفاصيل اضافية، نجدها في المرجع ذاته [723] : تقول عائشة «انها استعارت من أسماء [أختها] قلادة، فهلكت، فأرسل النبي (ص) أناسا في طلبها، فأدركتهم الصلاة، فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي، شكوا ذلك اليه، فنزلت آية التيمم. فقال أسيد بن حضير: جزاك الله خيرا! فو الله ما نزل بك أمر قط الا جعل الله!!! لك مخرجا و جعل للمسلمين فيه بركة» [724] .

ذكر آخر: تدخل اضافي لله

طلحة بن عبيدالله هو ابن‌عم لعائشة؛ و هو الذي حاولت ايصاله، بكل الطرق، الي سدة الخلافة، و حاربت لأجل ذلك، كما لاحظنا، علي بن أبي‌طالب، في حرب الجمل. يروي [725] «أن طلحة، لما نزلت آية الحجاب، قال بمحضر نقل عنه الي رسول الله (ص): ما الذي يغنيه من حجابهن اليوم؟ فسيموت غدا، فننكحهن». و ذكر الزمخشري في الكشاف [726] ، ان بعضهم قال بعد نزول آية الحجاب: «أننهي أن نكلم بنات عمنا الا من وراء حجاب؟ لئن مات محمد لأتزوجن عائشة... [و هو] طلحة، قال: لو قد مات محمد، لأتزوجن عائشة (رض). فأنزل الله تعالي: «و ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله» [ صفحه 175] [أحزاب 53]». و يفسر ابن‌كثير [727] الآية السابقة، فيقول: «نزلت في رجل [يقول ابن‌سعد: «نزلت في طلحة بن عبيدالله لأنه قال: اذا توفي رسول الله تزوجت عائشة»]، هم أن يتزوج بعض النساء النبي (ص) بعده؛ فقال رجل لسفيان: أهي عائشة؟ قال: ذكروا ذلك.. و ذكروا بسنده عن السدي أن الذي عزم علي ذلك طلحة [728] بن عبيدالله». و تقول رواية أخري [729] : «ان رجلا أتي بعض أزواج النبي (ص)، فكلمها و هو ابن عمها،: فقال النبي له: لا تقومن هذا المقام بعد يومك هذا. فقال: يا -رسول الله! انها ابنة عمي، و الله ما قلت منكرا و لا قالت لي. قال النبي (ص): قد عرفت أنه ليس أغير من الله، و ليس أحد أغير مني. فمضي الرجل، ثم قال: يمنعني من كلام ابنة عمي، و الله لأتزوجنها من بعده. و سمت الروايات الرجل و هو طلحة بن عبيدالله، و سمت أم‌المؤمنين عائشة... و بلغ النبي (ص) أن رجلا، يقول: لو قد توفي النبي (ص)، تزوجت فلانة بعده، فنزلت آية: «و ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله». و قال ابن‌عباس: نزلت في رجل هم أن يتزوج بعض نساء النبي (ص) بعده. و ذكروا أنها عائشة؛ و أخرج عن السدي، قال: بلغنا أن طلحة بن عبيدالله، قال: أيحجبنا عن بنات عمنا و يتزوج نساءنا! لئن حدث به ما حدث، لنتزوجن نساءه بعده». [ صفحه 177]

الحجاب، و رضاع الكبير، و مصحف عائشة

اشاره

الحجاب، كمعظم القضايا الاسلامية، مسألة لا سبيل الي استيعابها أو فهمها أو الاحاطة بكافة جوانبها. الحجاب، في الاسلام، هو التناقض بعينه: و لا يبدو أن هنالك مقاربة عقلانية لهذه القضية حتي الآن! الحجاب، في مذاهب المسلمين الخمسة، ينطبق فقط علي المرأة المسلمة «الحرة»: علي كل مسمة «حرة» أن تغطي سائر جسدها عدا الوجه و الكفين. و تتشدد بعض المذاهب في اعتبار أنه حتي الوجه و الكفين «عورة» يفضل تغطيتهم. بالمقابل، فان حجاب المسلمة «الأمة»، هو بين السرة و الركبة. بل ان بعض المذاهب تجعل عورتها محصورة في فتحتي القبل و الدبر. و تزداد المسألة تعقيدا، اذا ما عرفنا أن بعض المذاهب - راجع ابن‌عابدين في حاشيته [730] ، مثلا - تفرض الحجاب علي الشاب المسلم الجميل. فكيف يمكن حل تناقضات الحجاب هذه؟ باختصار شديد، نقول: ان الاسلام، كدين ذكوري بلا منازع، يهمه تلبية غريزتي التملك و الجنس عند الذكر الي الدرجة القصوي - و غالبا ما يكون ذلك علي حساب الأنثي. فالأنثي الملفعة بالسواد، الحرة، التي لا تراها الشمس، هي التلبية المثلي لغريزة التملك عند الذكر؛ بالمقابل، فالجارية العارية، اتي تنتقل من ذكر الي ذكر، و التي تنحصر وظيفتها في اشباع أعمق رغبات الذكر الجنسية، هي التلبية المثلي لغريزة الجنس عند الذكر. المرأة في الاسلام أنثي، متاع، شي‌ء - و لا شي‌ء غير ذلك! لكن: ما هي ظروف فرض الحجاب؟ يقول القرطبي: «لما كانت عادة العربيات التبذل، و كن يكشفن وجوههن كما يفعل الاماء، و كان ذلك داعية الي نظر الرجال اليهن و تشعب الفكرة فيهن، أمر الله رسوله (ص) أن [ صفحه 178] يأمرهن بارتداء الجلابيب عليهن اذا أردن الخروج الي حوائجهن، و كن يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكنف، فيقع الفرق بينهن و بين الاماء... و كانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تتبرز للحاجة فيتعرض لها بعض الفجار يظن أنها أمة، فتصيح به فيذهب، فشكوا ذلك الي النبي (ص)، فنزلت الآية» [731] . اذا، رغم الملائكية التي يطبع بها كتاب هذا العصر من الاسلاميين مجتمع الجماعة الاسلامية الأولي، فالحقيقة مغايرة تماما. يخبرنا ابن‌كثير في تفسيره [732] : «و كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل، حين يختلط الظلام، الي طرق المدينة، فيعرضون للنساء. و كانت مساكن أهل المدينة ضيقة، فاذا كان الليل، خرج النساء الي الطرق يبتغين حاجتهن. فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن. فاذا رأوا المرأة عليها جلباب، قالوا: هذه حرة! فكفوا عنها. و اذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب؛ قالوا: هذه أمة! فوثبوا عليها». و يزداد الأمر سوءا حين تعلمنا احدي الروايات، أنه «كان نساء النبي (ص) يخرجن بالليل لحاجتهن؛ و كان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين، فشكوا ذلك، فقيل ذلك للمنافقين، فقالوا:انما نفعله بالاماء! فنزلت هذه الآية» [733] - آية الحجاب (أحزاب 59). و يؤكد ذلك الطبري، حين يقول: «يا أيها النبي قل لأزواجك و بناتك و نساء المؤمنين لا يتشبهن بالاماء في لباسهن اذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن و وجوههن، و لكن ليدنين عليهن من جلابيبهن، لئلا يتعرض لهن فاسق، اذا علم أنهن حرائر، بأذي» [734] و هكذا، لما «كانت الحرة تخرج فتحسب أنها أمة فتؤذي... أمرهن الله أن يخالفن زي الاماء، و يدنين عليهن من جلابيبهن، تخمر وجهها الا احدي عينيها» [735] . و يؤكد ذلك قتادة، بقوله: «كانت المملوكة اذا مرت تناولوها بالايذاء، فنهي الله الحرائر أن يتشبهن بالاماء» [736] و. و يضيف مجاهد: «يتجلببن فيعلم أنهن حرائر فلا يعرض لهن فاسق بأذي من قول و لا ريبة» [737] . [ صفحه 179] يذكر الزمخشري في تفسير للآية 59 من سورة الأحزاب: «ان النساء كن في أول الاسلام علي هجيراهن في الجاهلية متبذلات، تبرز المرأة في درع و خمار، فصل بين الحرة و الأمة؛ و كان الفتيان و أهل الشطارة يتعرضون اذا خرجن الي مقاضي حوائجهن في النخيل و الغيطان للاماء، و ربما تعرضوا للحرة بعلة الأمة؛ يقولون: حسبنا أمة! فأمرن أن يخالفن بزيهن علي زي الاماء، بلبس الأردية و الملاحف و ستر الرؤوس و الوجوه، ليحتشمن فلا يطمع فيهن طامع؛ و ذلك لقوله: «ذلك أدني فلا يعرفن»؛ أي: أولي و أجدر بأن يعرفن، فلا يتعرض لهن و لا يلقين ما يكرهن» [738] . و كان سفيان الثوري، يقول: «لا بأس بالنظر الي زينة نساء أهل الذمة؛ و انما نهي عن ذلك لخوف الفتنة، لا لحرمتهن. و استدل بقوله تعالي: «و نساء المؤمنين»؛ و قوله: «ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين» - أي؛ اذا فعلن ذلك عرفهن أنهن حرائر، لسن باماء و لا عواهر» [739] . و كان عمر بن الخطاب يطوف في طرقات المدينة، فاذا رأي أمة محجبة، ضربها بالدرة حتي يسقط الحجاب عن رأسها، و يقول: فيم الاماء يتشبهن بالحرائر؟ [740] .

حجاب نساء النبي

يبدو أن حجاب نساء النبي كان يختلف عن حجاب سائر نساء المسلمين. و الأرجح أنه لم يكن يسمح لهن برؤية أحد، عدا النبي و المحارم، فعلي سبيل المثال، تخبرنا أم‌سلمة، أنها منعت حتي عن رؤية الأعمي، ابن أم‌مكتوم، الذي كان النبي يأمر النساء بأن تعتد عنده. تقول انها كانت عند النبي، هي و ميمونة، «فبينا نحن عنده، أقبل ابن‌مكتوم، فدخل عليه - و ذلك بعد أن أمر بالحجاب - فقال النبي (ص): احتجبن منه! قلنا: يا رسول الله، أليس هو أعمي لا يبصر و لا يعرفنا؟ قال: أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟» [741] و يقول اسحق الأعمي: «دخلت علي عائشة، فاحتجبت مني، فقلت: [ صفحه 180] تحتجبين مني و لست أراك؟ قالت: ان لم تكن تراني، فأنا أراك» [742] - لكنها لم تفسر لنا بالمقابل، كيف أرضت ضميرها برؤية كل هؤلاء المبصرين في حرب الجمل؟ تقول عائشة أيضا: «كان عتبة بن أبي‌وقاص عهد الي أخيه سعد أن ابن‌وليدة زمعة [والدة سودة زوجة النبي] مني، فاقبضه! فلما كان عام الفتح، أخذه سعد... فقام عبد بن زمعة، فقال: أخي، و ابن‌وليدة أبي، ولد علي فراشه. فتساوقا الي النبي (ص)، فقال سعد، يا رسول الله! ابن أخي، كان قد عهد الي فيه. فقال عبد بن زمعة: أخي و ابن‌وليدة أبي، ولد علي فراشه! فقال رسول الله (ص): هو لك يا عبد بن زمعة؛ ثم قال النبي: الولد للفراش، و للعاهر الحجر! ثم قال لسودة بنت زمعة، زوج النبي (ص): احتجبي منه! لما رأي من شبهه بعتبة، فما رآها حتي لقي الله» [743] .

كيف نزلت آية الحجاب: تناقضات

كما سبق و أشرنا، فان عمر بن الخطاب، كان يقول للنبي: «أحجب نساءك! فلم يكن رسول الله (ص) ليفعل. فخرجت سودة بنت زمعة، زوج رسول الله (ص)، و كانت امرأة طويلة، فناداها عمر بصوته الأعلي: قد عرفناك يا سودة! حرصا (!!!) علي أن ينزل الله الحجاب... فأنزل الله الحجاب» [744] . بالمقابل، ثمة روية أخري منقولة عن عائشة، تقول: «كنت آكل حيسا مع النبي «ص» في مقب، فمر عمر فدعاه فأكل، فأصابت اصبعه اصبعي، فقال: حس! حس!؟ أو: أوه! لو أطاع ما رأتكن عين! فنزل الحجاب» [745] و يدعم ذلك ابن عباس، فيقول: «نزل حجاب نساء رسول االه (ص) في عمر: أكل مع النبي (ص) طعاما، فأصابت يده بعض أيدي نساء النبي، فأمر بالحجاب» [746] . هنالك رواية بطالها عمر بن الخطاب و زينب بنت جحش هذه المرة، تقول: «روي أنه مر [عمر بن الخطاب] عليهن [نساء النبي] و هن مع النساء في المسجد، فقال: [ صفحه 181] لئن احتجبتن، فان لكن علي النساء فضلا، كما أن لزوجكن علي الرجال الفضل! فقالت زينب (رض): يا ابن‌الخطاب! انك لتغار علينا و الوحي ينزل في بيوتنا [كذا]! فلم يلبثوا الا يسيرا حتي نزلت» [747] . رواية أخري، أكثر عمومية، تقول: «ان عمر بن الخطاب كان يحب [كذا] ضرب الحجاب عليهن [نساء النبي] محبة شديدة، و كان يذكره كثيرا، و يود أن ينزل فيه؛ و كان يقول: لو أطاع فيكن ما رأتكن عين! و قال: يا رسول الله، يدخل عليك البر و الفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب! فنزلت» [748] . مع ذلك، فان حكاية زواج النبي من زينب بنت جحش و بعض الثقلاء الذين استمروا في جلوسهم طمعا في الطعام، هي أكثر الحكايا تداولا في التراث الاسلامي، كسبب لنزول آية الحجاب. يقول أنس: «لما أصبح رسول الله عروسا بزينب [بنت جحش]، دعا القوم، فأصابوا من الطعام ثم خرجوا، و بقي منهم رهط عند النبي (ص)، فأطالوا عنده القعود. فقام رسول الله، فخرج، و خرجت معه، حتي جئنا عتبة حجرة عائش. ثم ظن أنهم خرجوا، فرجع، و رجعت معه، حتي دخل بيت زينب. فاذا هم قعود. ثم ظن أنهم خرجوا، فرجع و رجعت معه؛ فاذا هم قد خرجوا. فضرب بيني و بينه سترا، و نزل الحجاب... [و كان ذلك] سنة خمس [للهجرة]» [749] . لكن النساء النبي لم يكن يحتجبن من العبيد و المكاتبين، رغم أن هؤلاء لم يكونوا فاقدين لقدراتهم الجنسية. يقول ابن‌سعد في طبقاته: «نساء النبي كن لا يحتجبن من المملوكين و المكاتبين، فاذا اعتقوا [كذا] احتجبن منهم» [750] و نعرف أيضا أن «عائشة (رض) أباحت النظر اليها لعبدها، و قالت لذكوان: انك اذا وضعتني في القبر و خرجت، فأنت حر» [751] . [ صفحه 182] بالمقابل، فقد كانت تحتجب من الحسن بن علي [752] ؛ و لما بلغ ابن‌عباس ذلك، قال: «ان رؤيته لها لحل» [753] . اذن، نؤكد ثانية أن مسألة الحجاب في الاسلام، مسألة طبقية فحسب: أحرار و عبيد، زوجات و جوار. - هذا كله كان في قرن النبي، الذي قيل انه كان أفضل القرون!!!. من الذين أبيح لهم الدخول علي نساء النبي: المخنثون. تخبرنا مصادر كثيرة.أن مخنثا يدعي هيث، «كان يدخل علي أزواج النبي (ص)... و كانوا يعدونه من غيرأولي الاربة، فدخل النبي (ص) و هو عند بعض نسائه [- في نص ابن‌منظور [11] ، هي أم‌سلمة -]، و هو ينعت لها امرأة، فقال: انها اذا أقبلت، أقبلت بأربع، و اذا أدبرت، أدبرت بثمان! فقال النبي (ص): لا أري هذا يعلم ما ها هنا، لا يدخل عليكن هذا! فحجبوه» [754] . لكن يبدو أن الأمور اختلطت بعد حرب الجمل، و خروج عائشة علي النص القرآني. يذكر أنه «لما دخل ابن‌عباس بعد الجمل علي عائشة، بغير اذنها، قالت: يا ابن‌عباس، أخطأت السنة المأمور بها، دخلت علينا بغير اذننا... فقال لها: لو كنت في البيت الذي خلفك فيه رسول الله (ص)، ما دخلنا الا باذنك» [755] .

عائشة... و تحقير النساء

لقد ساهمت أحاديث عائشة في الاساءة الي النساء [756] ، بكافة طبقاتهن. و لا يمكن فهم هذا الكم من الأحاديث المعادية للأنوثة المنسوية للنبي عبر عائشة، الا اذا دخلنا الي عائشة من بابها النفسي. فرغم مشاعرها الأنثوية المشتعلة، كانت عائشة علي ما يبدو، [ صفحه 183] في نوع من التناقض الضدي، تكره هذه الأنوثة و تحقد عليها لأنها كانت تقف حائلا بينها و بين تحقيق مطامحها المادية - السلطوية. و ربما أن الندم الذي أطاح بها، بعد أن خسرت معركة الجمل، انعكس في دواخلها رغبة عارمة في التشدد علي الأنوثة، لأنها في لاوعيها، علي ما يبدو، كانت مسكونة بعقدة الدونية الأنثوية، التي تمتصها الأنثي في المجتمع الذكوري بطواعية مخيفة، و التي تتجلي في الاعتقاد بأن المرأة لا تضع يدها في شي‌ء الا أفسدته. رغم أن تجاوزات عائشة في مراحل حياتها المختلفة ترجح علي تجاوزات كل نساء جيلها و تزيد؛ نجدها تقول: «لو أدرك رسول الله (ص) ما أحدث النساء، لمنعهن المساجد، كما منع نساء بني‌اسرائيل» [757] و في روايةأخري، تقول «بينما رسول الله (ص) جالس في المسجد، اذ دخلت امراة من مزينة، ترفل في زينة لها، في المسجد؛ فقال النبي (ص): يا أيها الناس، ارفعوا نساءكم من لبس الزينة و التبختر في المسجد، فان بني‌اسرائيل لم يلعنوا حتي لبس نساؤهم الزينة و تبخترن في المساجد» [758] . تنسب عائشة للنبي حديثا آخر، مفاده: «لا خير في جماعة النساء الا في مسجد أو جنازة» [759] - لا تذكر هنا ركوب الجمل و محاربة الخليفة؛ لكنها قد تكون مشمولة بهذا الحديث علي اعتبار أنها أخرجت أكبر كم من الجنازات في عصرها؟! البنات، بحديث آخر تزعم عائشة أن النبي قاله، بلاء: «من ابتلي من البنات بشي‌ء فأحسن حجتهن، كن له سترا من النار» [760] . تنسب عائشة للنبي حديثا آخر، يحط من قيمة المرأة حتي الحضيض، يقول: «المرأة كالضلع ان أقمتها كسرتها، و هي يستمع بها [كذا] علي عوج فيها» [761] لذلك، فهو يقول، كما تزعم: «لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، [ صفحه 184] ولو أن رجلا أمر امرأته أن تنقل من جبل أحمر الي جبل أسود، و من جبل أسود الي جبل أحمر، لكان نولها أن تفعل» [762] . تروي عائشة، أنه كان لها غلام و جارية، فأرادت أن تعتقهما، فذكرت ذلك للنبي، فقال لها: «ابدئي بالغلام قبل الجارية» [763] . رغم خروجها علي عثمان و علي، حجها دون اذن الخليفة، و حرب جملها الشهيرة، فهي تصر علي أن النبي قال: «لا يصلح للمرأة أن تسافر الا و معها ذو محرم لها» [764] و تزعم أيضا أنه قال للنساء: «عليكن بالبيت فانه جهادكن» [765] و أخيرا فهي تورد حديثا تنسبه للنبي، يتناقض بالكامل مع تصرفاتها، يقول: «أيما امرأة مؤمنة (؟) وضعت خمارها علي غير بيتها، هتكت الحجاب بينها و بين ربها» [766] !

رضاع الكبير، و الدجاجة التي أكلت... الآية

امرأة من نمط عائشة، يستحيل عليها أن تجاهد في بيتها، و أن لا تهتك الحجاب بينها و بين ربها. و من هنا، جاءت أسطورة رضاع الكبير، مخرجا ممتازا، أتاح لها فرصة لقاء من تشاء، تحت مظلة شرع مطاطية. تقول احدي الروايات، شارحة أسطورة رضاع الكبير: «كانت عائشة تأمر من يريد أن يدخل عليها أن يرضع خمس رضعات [بحيث يحرم عليها]؛ و بهذا قال الشافعي و أصحابه» [767] و «كانت عائشة تفتي بهذه الفتيا. أخبرني سالم أنه دخل علي أم‌كلثوم بنت أبي‌بكر لترضعه خمس رضعات، فأرضعته رضعتين أو ثلاثا، فلم يدخل عليها. و أبي أزواج النبي (ص) أن يأخذن بها، و قلن: انما هي رخصة من رسول الله (ص) لسهلة بنت سهيل» [768] و سالم هذا هو «سالم بن عبدالله بن عمر» [769] . [ صفحه 185] يبدو أن سالما هو محور كل هذه الأسطورة، فقبل أن تطلب عائشة ارضاعه من أم‌كلثوم كي يحرم عليها، كانت له أسطورة أخري مع سهلة بنت سهيل في موقف مشابه؛ و السند، كالعادة، عائشة: «جاءت سهلة بنت سهيل الي النبي (ص) فقالت يا رسول الله! اني أري في وجه أبي‌حذيفة من دخول سالم، و هو حليفة! فقال النبي (ص): أرضعيه! قالت: و كيف أرضعه و هو رجل كبير؟ فتبسم رسول الله (ص)، و قال: قد علمت أنه رجل! و زاد عمر في حديثه: و كان قد شهد بدرا. و في رواية ابن أبي‌عمر: فضحك رسول الله (ص)» [770] . و في رواية أخري، عن عائشة أيضا: «أن سالما، مولي أبي‌حذيفة، كان مع أبي‌حذيفة و أهله في بيتهم، فأتت، تعني، ابنةسهيل، النبي (ص)، فقالت: ان سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال و عقل ما عقلوا، و ان ليدخل علينا، و اني أظن أن في نفس أبي‌حذيفة من ذلك شيئا! فقال لها النبي (ص): أرضعيه تحرمي عليه، و يذهب الذي في نفس أبي‌حذيفة. فرجعت، فقالت: اني قد أضعته!!! فذهب الذي في نفس أبي‌حذيفة» [771] . و في رواية، تقول سهلة: «ان سالما مولي أبي‌حذيفة معنا في بيتنا، و قد بلغ ما يبلغ الرجال، و علم ما يعلم الرجال. قال: أرضعيه!!! تحرمي عليه» [772] ؛ و في نص آخر، يقال ان سهلة قالت للنبي: «انه لذو لحية؟! فقال: أرضعيه!!! يذهب ما في وجه أبي‌حذيفة» [773] . في رواية منقولة عن عائشة، نحظي بتفاصيل اضافية: «أتت سهلة بنت سهيل بن عمرو، و كانت تحت أبي‌حذيفة بن عتبة، رسول الله (ص)، فقالت: ان سالما مولي أبي‌حذيفة يدخل علينا، و أنا فضل!!!، و انا كنا نراه ولدا، و كان أبوحذيفة تبناه، كما تبني رسول الله (ص) زيدا، فأنزل الله «ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله». فأمرها رسول الله (ص) عند ذلك أن ترضع سالما، فأرضعته خمس رضعات، و كان بمنزلة ولدها من الرضاعة. فبلغ ذلك عائشة، فكانت تأمر أخواتها و بنات أخوتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها و يدخل عليها، و ان كان كبيرا!!! خمس رضعات، ثم يدخل عليها، [ صفحه 186] و أبت أم‌سلمة و سائر أزواج النبي (ص) أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحدا من الناس، حتي يرضع من المهد، و قلن لعائشة؛ و الله ما ندري! لعلها كانت رخصة من رسول الله (ص) لسالم ما دون الناس!» [774] و يضيف نص آخر تفصيلا هاما، يقول: «ان عائشة زوج النبي (ص)، كان يدخل عليها من أرضعته أخواتها و بنات أخيها، و لا يدخل عليها من أرضعته نساء اخوتها» [775] في رواية أخري، نجد النبي يقول لسهلة: «فأرضعيه عشر رضعات ليدخل عليك كيف شاء، فانما هو ابنك! فكانت عائشة تراه عاما للمسلمين، و كان من سواها من أزواج النبي (ص) يري أنها كانت خاصة لسالم مولي أبي‌حذيفة، و الذي ذكرت سهلة في شأنه، رخصة له» [776] و في نص، يقال: «كانت رخصة لسالم» [777] بالمقابل، تقول أم‌سلمة: «أبي سائر أزواج رسول الله (ص) أن يدخل عليهن أحد بهذا الرضاع؛ و قلن: انما هذا رخصة من رسول الله (ص) لسالم خاصة!!! و عائشة أخذت بذلك من بين أزواج النبي (ص)» [778] و كانت أم‌سلمة تقول لها: «انه ليدخل عليك الغلام الأيفع!!! الذي ما أحب أن يدخل علي! فعلمت عائشة: أما لك في رسول الله أسوة حسنة؟! قالت: ان امرأة أبي‌حذيفة، قالت: يا رسول الله، ان سالما يدخل علي، و هو رجل، و في نفس أبي‌حذيفة منه شي‌ء! فقال رسول الله (ص): أرضعيه حتي يدخل عليك» [779] . هنا، لابد أن نتساءل: هل يعقل أن تكشف امرأة عن نهدها لرجل بالغ غير محرم بالنسبة لها، في حين أن الاسلام يحرم علي المرأة كشف حتي شعرها علي الرجل الغريب؟ و أي ذكر هذا الذي يمص نهد امرأة بالغة، في مجتمع مسكون بالجنس، دون أن تتحرك مشاعره أو يحرك مشاعرها؟. [ صفحه 187]

من أكل الآية

لكن عائشة لا تكتفي بما تذكره من حديث نبوي لتبرير فعلتها في ادخال «الغلمان اليافعين عليها» عبر مصهم لنهود أخواتها و بنات أخواتها، بل تجد للمسألة بعدا قرأنيا، فتزعم أنه «أنزل في القرآن [آية تقول] «عشر رضعات معلومات»، فنسخ من ذلك الي خمس، و صار الي خمس رضعات معلومات. فتوفي رسول الله (ص) و الأمر علي ذلك... و بهذا كانت عائشة تفتي و بعض أزواج النبي (ص)، و هو قول الشافعي و اسحق. و قال أحمد بحديث النبي (ص): لا تحرم المصة و لا المصتان؛ و قال: ان ذهب ذاهب الي قول عائشة في خمس رضعات، فهو مذهب قوي؛ و جين عنه أن يقول فيه شيئا! و قال بعض أهل العلم من أصحاب النبي (ص) و غيرهم: يحرم قليل الرضاع و كثيره اذا وصل الي الجوف! و هو قول سفيان الثوري و مالك بن أنس و الأوزاعي و عبدالله بن المبارك و وكيع و أهل الكوفة...» [780] . تؤكد عائشة وجود هذه الآية في القرآن، فتقول: «كانت فيما أنزل الله عزوجل من القرآن: عشر رضعات يحرمن. ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن. فتوفي النبي (ص) و هن مما يقرأ من القرآن» [781] - فأين ذهبت هذه الآية الهامة للغاية؟! تقول عائشة: «لقد نزلت آية الرجم و رضاعة الكبير عشرا، و لقد كانت في صحفية تحت سريري، فلما مات رسول الله (ص) و تشاغلنا بموته، دخل داجن فأكلها» [782] و في نص آخر: «لقد أنزلت آية الرجم و رضعات الكبير عشرا، فكانت في ورقة تحت سريري في بيتي، فلما اشتكي رسول الله (ص)، تشاغلنا بأمره، و دخلت دويبة لنا، فأكلتها» [783] من ناحية أخري، يقول ابن‌جزم: «و هذا حديث صحيح، و ليس علي ما ظنوا، لأن آية الرجم اذا نزلت حفظت و عرفت و عمل بها رسول الله (ص)، الا أنه لم يكتبها نساخ القرآن في المصاحف، و لا أثبتوا لفظها في القرآن» [784] . [ صفحه 188] بالمقابل، فالزمخشري، الذي ينتمي الي التيار المعتزلي العقلاني الذي انقرض في الاسلام - ربما لأنه عقلاني؟ - يرفض المسألة برمتها، فيقول: «أما ما يحكي أن تلك الزيادة [في القرآن] كانت في صحيفة في بيت عائشة (رض) فأكلتها الدواجن، فمن تأليفات الملاحدة و الروافض» [785] لكن الهامش الذي يفسر النص، يرفض مزاعم الزمخشري، اذ يقول: «بل روايها ثقة غير متهم. قال ابراهيم الحربي في الغريب: حدثنا هارون بن عبدالله أن الرجم أنزل في سورة الأحزاب، مكتوبا في خوخة في بيت عائشة. فأكلتها شاتها. و روي أبويعلي و الدارقطني و البزار و الطبراني في الأوسط و البيهقي في المعرفة، كلهم من طريق محمد بن اسحق بن عبدالله بن أبي‌بكر عن عائشة، و عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة، انتهي! و كأن المصنف منهم أن ثبوت هذه الزيادة يقتضي ما تدعيه الروافض: أن القرآن ذهب منه أشياء، و ليس هذا بلازم، بل هذا مما نسخت تلاوته و بقي حكمه، و أكل الدواجن لها وقع بعد النسخ» [786] . من ناحية أخري، فعمر بن الخطاب [787] ، في روايات كثيرة، يدعم ما تقوله عائشة، حين يتحدث عن وجود آية الرجم، التي أسقطت من القرآن، و التي يري أبي بن كعب أنها كانت موجودة في سورة الأحزاب؛ فقد قال: «كم تعدون سورة الأحزاب؛ قلت [زر]: ثلاثا و سبعين آية! قال: فو الذي يحلف به أبي بن كعب، ان كانت لتعدل سورة البقرة أو أطول. و لقد قرأنا آية الرجم: الشيخ و الشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله و الله عزيز حكيم» [788] . لكن عائشة لم تكتف بادعاء سقوط آية الرضاع من القرآن فحسب، بل ادعت ايضا أن بعض آياته تختلف في محتواها عن القرآن المتداول حاليا؛ يقول أبويونس، مولي عائشة: «أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا، ثم قالت: اذا بلغت هذه الآية، فآذني: «حافظوا علي الصلوات و الصلاة الوسطي و قوموا لله قانتين»؛ فلما بلغتها، آذنتها، [ صفحه 189] فأملت علي: «حافظوا علي الصلوات و الصلاة و الوسطي و صلاة العصر و قوموا لله قانتين»؛ قالت عائشة: سمعتها من رسول الله (ص) [789] . و روي عروة بن الزبير، أن عائشة قالت: «كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي (ص) مئتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف، لم نقدر الا ما هو الآن» [790] - أي: ثلاث و سبعون آية. و روت حميدة بنت أبي‌يونس: «قرأ علي أبي، و هو ابن‌ثمانين سنة، في مصحف عائشة! ان الله و ملائكته يصلون علي النبي، يا أيها الذين امنوا صلوا عليه و سلموا تسليما. و علي الذين يصلون الصفوف الأولي. قالت: قبل أن يغير عثمان الصماحف» [791] . من ناحية أخري، تذكر عائشة أن رجلا «قام من الليل، فرفع صوته بالقرآن، فلما أصبح، قال رسول الله (ص): يرحم الله فلانا، كائن من آية أذكرنيها، كنت أسقطتها» [792] و تؤكد عائشة أيضا أن النبي كان كثير النسيان، فتقول: «ان النبي (ص) كان اذا أشفق من الحاجة، يعني ينساها، ربط في خنصره أو في خاتمه الخيط» [793] . [ صفحه 191]

مصحف عائشة

اشاره

[794] . (58 ه) ثمة مجموعة صغيرة من القراءات تسند الي عائشة ابنة أبي‌بكر و زوجة النبي الصغيرة. و باستثناء قراءة واحدة، ففي الحالات جميعا نجد أن القراءات مدعومة من قبل المصادر القديمة الآخري. لكن كل ما نعرفه من التقليد لا يدع أدني شك بأن معرفة عائشة بالقرآن عند وفاة النبي كانت ضئيلة جدا. و هكذا، فكل القصص حول تعلمها القرآن باملاء النبي، أو أنها واحدة من مجموعة صغيرة حفظت القرآن عن ظهر قلب أثناء حياة النبي، يجب اسقاطها باعتبارها تلفيقات لأناس لاحقين. لكن من المحتمل أنها حفظت عن ظهر قلب بضع مقاطع كانت تستخدمها الجماعة في صلاتها. و من المحتمل أيضا أن النبي علمها مقاطع قليلة. و يمكن أيضا أن اختلافات القراءة التي تعزا لها مأخوذة عن الطريقة التي تعلمت أن تقرأ بها مقاطع بعينها قبل نشر النص العثماني؛ مع أنها، من ناحية أخري، ربما لا تكون غير اختلافات قراءة ربطت باسمها كي تعطي موثوقية. تبدو احتمالية أن تكون امتلكت مصحفا خاصا بها بالاعتماد علي مجموعة من المواد سابقة للنص العثماني بعيدة جدا. و قصة مصحف عائشة في كتاب ابن أبي‌داود، ص 83 و ما بعد، انما تشير بوضوح الي نسخة عثمانية معيارية اختطتها لنفسها و التي ألحت أنه أقحم فيها بضع تفاصيل اعتقدت أنها حذفت بغير وجه حق من قبل عثمان و لجنته. و قصة البخاري [795] حول الرجل العراقي الذي سألها أن تريه مصحفها لأنه أراد ترتيب صفحاته بحسب ترتيبها لمصحفها تبدو و كأنها تشير الي نسخة من النص العثماني مرتبة مواده بحسب زمن النزول. و القرآن في السورة 56: 23، مع اضافة «و الذين يصلون في الصفوف الأولي»، التي يقدمها ابن أبي‌داود (ص 85) من مصحفها، ربما تشير الي مصحف مستقل، لكن الأرجح أنها قراءة قديمة عزيت لعائشة لاحقا. [ صفحه 192]

القراءات المختلفة

السورة الأولي: الآية 4: «مالك» قرأتها «ملك»، مثل سعد بن أبي‌وقاص. السورة الثانية: الآية 184: «يطيقونه»، قرأتها: «يطوقونه»، مثل مجاهد و ابن‌عباس، لكن بعضهم قال: «يطوقونه». الآية 238: «و الصلوة الوسطي»، قرأتها: «و الصلوة الوسطي و صلوة العصر»، مثل أبي و حفصة. السورة الرابعة: الآية 117: «اناثا»، قرأتها «أنثا» مثل ابن‌عباس، لكن آخرين، قالوا: «أوثانا» مثل أبوسوار، و قال غيرهم «وثنا» مثل أيوب السختياني، و قال غيرهم: «أنثا». السورة الخامسة: الآية 69: «و الصابئون»، قرأتها: «و الصابئين» مثل أبي و آخرين. لكن هذا قد لا يعني غير أنها لاحظت الخطأ القواعدي الموجود في القرآن هنا. السورة العاشرة: الآية 63: «ان هذان»، قرأتها: «ان هذين»، مثل قراءة أبوعمر. و هذا أيضا يعني أنها أدركت الخطأ القواعدي الموجود في القرآن هنا. السورة الحادية عشرة: الآية 98: «حصب»، قرأتها: «حطب»، مثل علي، ابن‌الزبير و غيرهما. السورة الثالثة عشر: الآية 60: «يؤتون ما آتوا»، قرأتها: «يأتون ما أتوا»، مثل ابن‌عباس، قتادة و النخعي. السورة الثالثة و الثلاثون: الآية 56: «علي النبي»، «علي النبي و الذين يصلون الصفوف الأولي»، و قال بعضهم: «يصفون» بدل «يصلون». السورة السادسة و الثلاثون: الآية 72: «ركوبهم»، قرأتها «ركوبتهم» مثل أبي. السورة السادسة و السبعون: الآية 21: «عاليهم»، قرأتها: «علتهم». السورة الحادية و الثمانيون: الآية 24: «بضنين»، قرأتها: «بظنين»، مثل ابن‌مسعود، ابن‌عباس و غيرهما. السورة الثانية بعد المئة: الآية 1: «ألهكم «، قرأتها: «أألهكم» مثل ابن‌عباس و ابن‌الجوزاء. [ صفحه 193]

كلمة النهاية

لاجد أن يتساءل المرء عن سر كل هذه الكتابات النقد - اسلامية التي «تفيض» عنا بكرم غير مسبوق! هل هو العداء للاسلام؟ لا، فالعدائية بين ذات و موضوع أقرب ما تكون الي العبث!!! هل هي العدائية للمسلمين؟ هنا، لابد أن نقف! ان مقولة العدائية للمسلمين لا يمكن أن تنطبق علينا بأية حال! فالي جانب انتمائنا الشخصي الي الأرومة الاسلامية - رغم أن هذا ليس كاف بحد ذاته كحجة غير مرفوضة في سياق من تلك النوعية - فنحن نتمسك بالانتماء الي منطقة ذات غالبية اسلامية بأصابعنا و أسناننا، و نرفض أي وطن علماني بديل مهما بدت المغويات مبهرة، و المنفرات في أرض الوطن مقززة - و هذا هو تحديدا سر نقديتنا الاسلامية العنيفة التي تناخم أحيانا حدود التهكم. ان انغماسنا في وطن اسلامي هو تحديدا سبب نقديتنا العنيفة للاسلام. فنحن لم نشعر قط باللاانتماء الي هذا الوطن: و ربما لن نشعر؟ و لأن هذا الانتماء يمتصنا، فنحن ممتلكون من مسؤولية لا تحد حيال شعب الوطن الذين هم في غالبيتهم، كما قلنا، من المسلمين. و المسلمون كلهم في خطر: هنالك مؤامرة تسحقهم كل يوم - مؤامرة متواصلة - اسمها، للأسف، الصورة المتداولة للاسلام. الصورة المتداولة للاسلام عدوة للمسلمين؟ سؤال غريب مستهجن لابد أنه سيفتح شهية التكفير عند المستفيدين من تواصلية متحف الشمع السقيم في اغتصاب عقول منفعلة لملايين «الأحياء» من المسلمين! الصورة المتداولة للاسلام عدوة للمسلمين - مقولة مخيفة! ربما تثير كل ما هو عدائي في أعصاب كل من هو مسلم! لكننا سنتساءل بواقعية: ماذا لو فتحت دول الغرب (أو اليابان) المتحضرة «الكافرة» أبوابها للمسلمين؟ كم سيبقي منهم في ديار الاسلام و تحت راياته؟ [ صفحه 194] باستثناء تلك الدول القابعة علي نفط لم تصنعه أو تخترعه، و التي ستعود الي سابق عهدها من البداوة مع نضب النفط من عروقها و استنزاف موارده في جيوب مستورديه، لأنها دول تستهلك الحضارية لا تبدعها (البدعة ضلالة)، فلا أعتقد أنه سيبقي مسلم - الا ما ندر - في بلاده، و تحت رايات اسلامه. أليس هذا أحد أشكال التناقض الذاتي؟ المسلمون يكرهون الغرب و يكفرونه و يبذلون الغالي و الرخيص في الوقت ذاته كي يجدوا لأنفسهم «مرقد معزة» تحت شمس حضارته! المسلم، في تناقض ذاتي قاتل، يشتم الغرب و يحلم بحريته! المسلم، في أسوأ أنواع الفصام، يقرف من التحلل الأخلاقي (كذا) في مجتمعات الغرب، و يتمني لو استطاع أن يمتلك يوما الحد الأدني من حقوق الانسان في تلك المجتمعات. و تزداد المأساة شمولية حين نعرف أن شيوخ المسلمين - و هم المسيطرون الفعليون منذ مئات السنين علي مجتمعات متحف الشمع - يفسرون، كذبا، لعوامهم أن سبب انتقال الحضارة من العالم الاسلامي (كذا) الي عالم الكفر هو الابتعاد عن الاسلام. فهل هذا صحيح؟ الصحيح هو العكس تماما: فكلما زاد اقتراب المسلم من الصورة المتداولة لاسلام، زاد ابتعاده عن الحضارة! و اسأل أفغانيا! هل نفصل ببعض أمثله؟ سنحاول. الحضارة لها «مقوماتها»: فما هو موقف الصورة المتداولة للاسلام من مقومات الحضارة؟ الحريات العامة و الخاصة مسألة بالغة الأهمية في خلق مجتمع متحضر - حر: فالي أي مدي يمكن القول ان الصورة المتداولة للاسلام تقر بالحريات عموما؟ لا بأس من ذكر محطات تاريخية حرجة و مفاهيم أصلت اسلاميا للاجابة علي سؤال كهذا؟ حروب الردة؛ حادثة سقيفة بني‌ساعدة؛ قتل ابن‌الوليد لبني جذيمة؛ ما حدث لبعض الأفراد في فتح مكة، الذين قتلوا رغم تعلقهم بأستار الكعبة؛ قتل كل من راودت له نفسه هجاء النبي أثناء حكم الأخير في المدينة؛ حرب الجمل؛ كربلاء؛ صفين؛ الحرة... مفاهيم علي شاكلة ديار الاسلام و ديار الكفر؛ أحكام أهل الذمة؛ الموقف من أتباع الديانات غير اليهودية أو المسيحية؛ الموقف من الالحاد أو اللاأدرية؛ الموقف من العقل - كل ذلك [ صفحه 195] يشير في اتجاه رفض الصورة المتداولة للاسلام الكامل للرأي الآخر (حتي ضمن الاسلام ذاته)؛ و دون رأي آخر لا حركية فكرية و بالتالي لا تقدم في ارتقائية العقل التصاعدية. الاقتصاد؟ الصورة المتداولة الاسلام معادية لكل ضروب الاقتصاد الحضاري. هل ثمة من يجادل بعقم الأزمة الاقتصادية في معظم بلاد الاسلام و تدافع أبناء تلك البلاد علي الهجرة الي دار الكفر حتي و ان اقتضي الأمر المخاطرة بحياتهم؟ هل عند الصورة المتداولة للاسلام بديل لمقولة «تناكحوا فاني مفاخر بكم الأمم»؟! هل يوجد مسلم أوحد لا يعتقد أن الطفل يطل علي هذا العالم و تحت ابطه رزقه؟ أليس هذا الاعتقاد السوداوي هو علة العلل في الوضع الاقتصادي المتراجع الذي تعيشه المنطقة العربية عموما هذه الأيام؟ و أية حكومة عبقرية تلك التي باستطاعتها علاج أزمات شعب يتضاعف كل عشر سنوات، يصحر الأراضي و يجفف الأنهار و الموارد؟ حقوق الانسان ركيزة أخري من ركائز الحضارة. لكن حقوق الانسان جملة سيئة السمعة في أذني كل شيخ، لأنها تعني ببساطة سحب البساط من تحت ساقيه. و الأدهي أن المسلم، في تناقض ذاتي لا حل له، يطالب بحقوقه كانسان حيثما حل - جوقة الندب الاسلامية ناشطة في كل دول العالم المتحضر، و التي تتبرع محطات النفط التنلفزيونية في نقل حفلات زارها الي كل بيت - و يندب مصادرة تلك الحقوق من الفيلبين الي الولايات المتحدة؛ في حين يري ببراءة ساذجة أنه من البديهي أن لا يمتلك الآخر المخالف في الرأي أي حق انساني (الا اذا تفضل عليه المسلم بذلك) في دار الاسلام. مثال 1: السعوديون يملأون الكون ضجيجا، كعادة البدائيين في التعبير عن ذواتهم، بأنهم يعمرون بيوتا لله في كل مكان من دار الكفر؛ بل لقد بلغت الوقاحة بهم أنهم اشتكوا من أن الايطاليين رفضوا أن يجعلوهم يعلون احدي مآذنهم المتاخمة للفاتيكان فوق قبة احدي كنائس عاصمة المسيحية الأشهر؛ في حين يحرمون علي من هو غير مسلم للتعبير عن ايمانه علنا، بأية طريقة كانت، في مملكتهم المقدسة! [ صفحه 196] مثال 2: في ايران الخمينية، التي تحاول خلق انطباع ديمقراطية من نوع معين (- الديمقراطية الموجهة أسوأ أنواع الدكتاتورية -) للادعاء، زورا، بديمقراطية الصورة المتداولة للاسلام، فتحت أبواب ندب الديمقراطية - و هم، ارثيا، سادة الندب كما قلنا في «كلمة البداية» - علي مصراعيها حين طردت فتاتان «محجبتان» من احدي المدارس الفرنسية العلمانية [و هما غير فرنسيتين أصلا؛ و موجودتان مع أسرتيهما في فرنسا للاستفادة من ظروف هذا البلد العلماني الاقتصادية] لرفضهما خلع الحجاب، الهوية الفعلية الاسلام السياسي الأنثوي؛ بالمقابل، فان هذا الحجاب، سيد القضايا المتناقضة في الاسلام، مفروض دون مبرر في ايران الخمينية الزائفة الديمقراطية علي الجميع،يمن فيهم الزرادشتية، المواطنة الايرانية الأصيلة، أو أية زائرة غريبة، رماها سوء قدرها في ذلك البلد - بغض النظر عن أرضيتها الثقافية. «شرعهم، الذي يعتقدون بألوهة مصادره - لأنهم لا يعرفون الهالاخا جيدا - أكبر من الديمقراطية و أكثر أهمية: بما لا يقارن». مثال 3: كل وسائل الاعلام الاسلامية، عربية و غير عربية، تشارك في كربلاء متواصلة، حدادا علي أوضاع المسلمين و اضطهادهم في الفليبين. و رغم أن كربلاء مورو هذه لا تدعم بأية أدلة و الا لكانت وسائل الاعلام تلك عممتها لكب الأبهة الشعورية لرفع سوية هياج العامة الي أعلي مستوياتها، الا أن الجميع يطالبون بمنح هؤلاء المستضعفين - لديهم حركة قتالية ذات توجه متطرف ارهابي تسعي الي زعزعة النظام و الاقتصاد بكل الوسائل الممكنة - دولة مستقلة أو علي الأقل حكما ذاتيا ضمن الكيان الفليبيني، رغم ضآلة عددهم و تفاهة نسبتهم المئوية قياسا الي باقي الشعب هناك. بالمقابل، فان الاضطهادين الشعبي و الرسمي للأقباط في مصر - و هو اضطهاد نمتلك شخصيا أدلة دامغة عليه، بغض النظر عما تذكره الصحف المصرية بين الفينة و الأخري - يصل أحيانا الي حدود تذكرنا بأيام العبودية و تبعاتها: أيام اعتبار أحدهم أن الآخر ملكه؛ أنه شي‌ء، متاع - أي: التطبيق الحرفي لأحكام أهل الذمة السيئة الصيت. و الأقباط المصريون هم [ صفحه 197] السكان الأصليون، أصحاب الوطن الفعليون (من قبط، جاءت كل تسميات مصر، التي هي، بالمناسبة، التسمية الحاخامية اليهودية التي لم يستعرها منهم شعب الا نحن)، و نسبتهم العددية غير قليلة، رغم كل قسريات الردة و الاكراه علي ترك الدين - هذا كله رغم أنف الاعلام الرسمي المصري، الذي نعتقد أن القائمين عليه مصريون مسلمون عموما، و لم يستوردوا من احدي الدول المتحضرة التي تؤمن بحق الانسان في الاعتقاد و ممارسة ذلك الاعتقاد. المرأة، التي تشكل نصف المجتمع، و التي هي الرحم الذي تخرج منه تربية الجيل و التحكم في ميوله المستقبلية و أسلوب نظرته للحياة، تعتبر أحد المعايير التي تستخدم لقياس مدي التحضر أو العكس. فما هي المرأة في الصورة المتداولة للاسلام؟ المرأة، باختصار، هي «متاع»؛ «ضلع أعوج يجب الاستمتاع به كما هو لأن تقويمه يكسره»؛ المرأة بنصف عقل و شهادتها بنصف شهادة - و حتي الآن، لا تسمح دولة الكويت الديمقراطية للمرأة بأن تنتخب، و لا تسمح لها معظم الدول الاسلامية بالوصول الي مناصب بعينها لأنها غير كفؤ عقليا. مع ذلك، فالمشايخ الذين يتحاشدون ليل نهار في محطات النفط التلفزيونية لا يملون الحديث عن تكريم الاسلام للنساء و اذلال الحضارات الغربية لهن. الصدورة المتداولة للاسلام، عدوة للحضارة، و هي بالتالي عدوة للمسلمين - لأنه، باستثناء المختلين عقليا و نفسيا، لا يوجد من يرفض الحضارة. المسلمون... و نحن نحن، بالفعل، نشعر بانتمائنا العميق الي المسلمين من أهل الوطن، مثلما نشعر بانتمائنا الي غير المسلمين. و حين نبحث عن تحرير المسلمين من قيود الصورة المتداولة للاسلام، فذلك فقط لأننا نشعر برغبة لا ضوابط لها في انتقال المسلمين من صحراء التخلف و الارهاب الي واحات الحضارة و الحرية. كان باستطاعتنا أخذ موقف اللامبالاة؛ كان باستطاعتنا ترك الوطن و الهجرة - و الأمر أسهل من أن يوصف! لكن عمق احساسنا بالانتماء يفرض علينا البقاء و المواجهة و تحمل كل الشتائم و الاهانات و الاتهامات لوضع لبنة واحدة في صرح الحضارة. [ صفحه 198] بسم الله الرحمن الرحيم أخي القارئ ما أحوجنا أن نعيد قراءة تاريخنا القديم الجديد... ما أحوجنا أن نحرق الكثير من كتب التاريخ بعد أن حرقنا بنار التفرقة بين المذاهب الاسلامية. سيدي العالم... نحن في القرن الواحد و العشرين و ما زلنا نحتفظ بكثير من أمهات كتب التاريخ، و فيها ما يشيب له رأس الطفل قبل الشيخ... سيدي العالم... انقذوا الاسلام من براثن الجاهلية... انقذوا المسلمين من التخلف الذي ما زال يعشش في العقول قراءة جديدة لبعض كتب التاريخ. أتمني أن تعطي دفعا في الماسر الصحيح لمستقبل منير.. و نحن اذ نقوم بطبع هذا الكتاب نحترم رأي الكاتب.. نتمني علي المهتمين بالاسلام الرد المنطقي حتي نصل جميعا الي شاطئ الأمان. و الله ولي التوفيق دار الفنون 4 / 4 / 1999

پاورقي

[1] يقول تفسيرنا النفسي المبسط، في تعليل هذا التشدد الشيعي، ذي النكهة الوهابية، في تطبيق ما يعتقد بأنه شريعة، ان التاريخ اضطهاد الشيعة و تكفيرهم و اخراجهم من حظيرة الدين هو سبب الأول و الأخير لهذا التشدد. فهؤلاء، الذين يسكن في لاوعيهم الجمعي لا اسلاميتهم في نظر المسلم الآخر، يحاولون أن يثبتوا، بشتي السبل، هذه الاسلامية - أولا: لذواتهم؛ و ثانيا: لغيرهم.
[2] تجهل أي شي‌ء، باستثناء بعض التفاصيل الثانوية، حول محمد بن العشرين و الأربعين: سن التكون الفكري عند المرء.
[3] يقول الطبري في حوادث السنة الهجرية الأولي: «فيها بني رسول‌الله (ص) بعائشة، بعد مقدمه المدينة... و كان تزوجها بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين، بعد وفاة خديجة،. و هي ابنة ست سنين؛ و قد قيل: تزوجها و هي ابنة سبع» (تاريخ 118 - 117: 2). و يقول ابن‌هشام: «تزوج رسول‌الله (ص) عائشة بنت أبي‌بكر الصديق بمكة، و هي بنت سبع سنين، و بني بها بالمدينة، و هي بنت تسع سنين أو عشر» (سيرة 644: 2).
[4] عائشة و هي بنت ست سنين، ثم بني بها و هي بنت تسع سنين» (329: 2) - و في طبقات ابن‌سعد، قيل: «تزوجها رسول‌الله (ص) و هي بنت تسع سنين، و مات عنها و هي ابنة ثماني عشرة» (8: 48). و في أسد الغابة، قيل «كان عمرها لما تزوجها رسول‌الله (ص) ست سنين؛ و قيل: سبع سنين؛ و بني بها و هي بنت تسع سنين بالمدينة» (502: 5). و في رواية أخري من صحيح البخاري، قيل: «تزوجها و هي بنت ست سنين، و أدخلت عليه و هي بنت تسع، و مكثت عنده تسعا» (نكاح 4738) (راجع: السمط الثمين 33). و في مسند أحمد، تقول عائشة: «تزوجني رسول‌الله (ص)، متوفي خديجة، قبل مخرجة الي المدينة، بسنتين أو ثلاث، و أنا بنت سبع سنين، فلما قدمنا المدينة، جاءتني نسوة و أنا ألعب في أرجوحة، و أنا مجممة، فهيأنني و صففنني، ثم أتين بي رسول‌الله (ص)، فبني بي، و أنا بنت تسع سنين» (مسند الأنصار 25193).
[5] راجع: الاستيعاب، ترجمة عائشة: نسب قريش ص 237؛ الاصابة 40 - 38؛ المستدرك 14. حين صلي عليه ابوهريرة، قال «بعض من حضر: صلي عليها أعدي الناس لها» (تاريخ اليعقوبي 238: 2).
[6] من ذلك، مثلا، ما أورده البخاري في صحيحه، نقلا عنها: «لم أعقل أبوي الا و هما يدينان الدين، و لم يمر علينا يوم الا يأتينا رسول‌الله (ص) طرفي النهار: بكرة و عشية. ثم بدا لأبي بكر، فابتني مسجدا بفناء داره، فكان يصلي فيه و يقرأ القرآن، فيقف عليه نساء المشركين و أبناؤهم، يعجبون منه و ينظرون اليه. و كان أبوبكر رجلا بكاء لا يملك عينيه اذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين» (الصلاة 456). و في المرجع ذاته، نجدها تقول: «لقد أنزل علي محمد (ص) بمكة، و اني لجارية ألعب، «بل الساعة موعدهم أدهي و أمر» (تفسير القرآن 4498). و ما أورده الطبري في تاريخه عنها: «كان رسول‌الله (ص) لا يخطئه أحد طرفي النهار أن يأتي بيت أبي‌بكر اما بكرة و اما عشية» (377: 2).
[7] يتناقض هذا مع قول عائشة: «بأن جبرئيل (ع) نزل بصورتي في راحة حين أمر رسول‌الله (ص) أن يتزوجني» (الكشاف 225: 3).
[8] تاريخ 411 - 410: 2؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 7: 9: 129: 19. لكن المرجع السابق في احدي رواياته، 2: 7: 194: 22 يقول: ان النبي تزوج بعد خديجة، سودة ثم أم‌سلمة ثم عائشة.
[9] في نص ابن‌سعد، يقال: «جاءت خولة بنت‌حكيم... فقالت: يا رسول‌الله! كأني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة!؟ فقال: أجل! كانت أم‌العيال و ربة البيت! قالت: أفلا أخطب عليك؟ قال: بلي، فانكن معشر النساء أرفق بذلك» (طبقات 46: 8). [
[10] هو الذي أتاه بصورتها؟!.
[11] عائشة بنت أبي‌بكر، فقال له أبوبكر: انما أنا أخوك! فقال: أنت أخي في دين الله و كتابه، و هي لي حلال» (البداية و النهاية 131: 3).
[12] في رواية السمط، تقول عائشة: «تزوجني، ثم لبست سنتين، فلما قدمنا المدينة، نزلنا بالسنح، في دار بني‌الحرث بن الخزرج، قالت: فان لأرجح بين عذقين، و أنا ابنة تسع، فجاءت أمي، فأنزلتني، ثم مشت بي، حتي انتهت بي الي الباب و أنا أنهج، فمسحت وجهي بشي‌ء من ماء، و فرقت جميعة كانت لي» (32 - 31).
[13] في سيرة ابن‌هشام (644: 2)، يقال انه أصدقها «أربع مئة درهم».
[14] هذا النص يمكن أن يعني أن عائشة لم تكن زوجته الأولي بعد خديجة.
[15] مسند الأنصار 24587؛ راجع أيضا: المنتظم 18 - 16: 3؛ البداية و النهاية 132 - 131: 3؛ أسد الغابة 502: 5؛ تاريخ الطبري 413 - 411: 2.
[16] 7: 3؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 5: 11: 18: 19.
[17] نلاحظ في هذا النص أن عائشة غير مذكورة ضمن أسرة النبي.
[18] طبقات 50 - 49: 8.
[19] ابن‌سعد، طبقات: 47: 8.
[20] ورد أيضا في مسند أحمد، مسند الأنصار 24169، قول عائشة: «كنت ألعب باللعب، فيأتيني صواحبي. فاذا دخل رسول‌الله (ص)، فررن منه، فيأخذهن رسول‌الله (ص)، فيردهن الي».
[21] أبوداود، الجهاد 2214؛ راجع: تفسير ابن‌كثير 735: 1.
[22] أدب 4284.
[23] صحيح البخاري، الجمعة 897؛ راجع: السمط الثمين 49 - 48.
[24] في مسند أحمد، مسند الأبصار 22920، يقال: «تضربان بدفين». و بعاث اسم لمنطقة. راجع أيضا، محلي ابن‌جزم 92: 5.
[25] صلاة العيدين 1480.
[26] محلي ابن‌حزم 246: 4.
[27] راجع أيضا، صحيح مسلم 243: 1.
[28] طبقات 136: 8.
[29] الكشاف 572: 1.
[30] اذا علمن أن ذلك من الله».
[31] عند القرطبي، تفسير الآية 51 من سورة الأحزاب، وردت: «هذه قدرتي... لايثاره عائشة».
[32] القرطبي، تفسير الآية 51 من سورة الأحزاب.
[33] طبقات 135: 8.
[34] تفسير ابن‌كثير 569: 1.
[35] السمط الثمين 46.
[36] طبقات ابن‌سعد 152: 8.
[37] طبقات ابن‌سعد 153: 8.
[38] طبقات ابن‌سعد 64: 8.
[39] السمط الثمين 45.
[40] ابن‌منظور 76: 13؛ راجع أيضا: كنز العمال ح 1020؛ الغزالي، احياء القلوب، آداب النكاح 35: 2.
[41] السمط الثمين 44 - 43.
[42] الغزالي، المرجع السابق.
[43] طلاق 2050.
[44] السمط الثمين 43.
[45] صحيح مسلم، فضائل الصحابة 4469.
[46] راجع: السمط الثمين 45؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 23182؛ صحيح البخاري، نكاح 28549؛ صحيح مسلم، فضائل الصحابة 2439؛ تاريخ الاسلام للذهبي، عهد معاوية 252 - 251.
[47] مسند أحمد، مسند الأبصار 22885؛ طبقات ابن‌سعد 558: 8.
[48] مسند أحمد، مسند الأبصار 24696 - 23125؛ السمط الثمين 78. نلاحظ هنا أن القصة تروي عن سودة أيضا؛ أنظر: الكشاف 651: 2.
[49] مسند أحمد، مسند الأنصار 2470؛ راجع أيضا: الدرامي، المقدمة 80؛ ابن‌ماجه، ما جاء في الجنائز 1454؛ السمط الثمين 55؛ تاريخ الطبري 433: 2؛ سيرة ابن‌هشام 643: 2؛ البداية و النهاية 525 - 524: 5؛ شرح النهج 28: 13.
[50] صحيح البخاري، تفسير القرآن 4414؛ راجع أيضا:تفسير القرطبي و الطبري للآية 51 من الأحزاب.
[51] راجع: السمط الثمين 82 - 81.
[52] صحيح مسلم، رضا ع 2658.
[53] راجع: تفسير ابن‌كثير 825: 3.
[54] صحيح مسلم، رضا ع 2659.
[55] النسائي، نكاح 3148.
[56] مسند أحمد، مسند الأنصار 24091. راجع أيضا بشأن هذه المسألة: القرطبي، الجامع 208: 14؛ السمط الثمين 125؛ ابن‌ماجة، نكاح 1990؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 23877، 23336، 25050؛ صحيح مسلم، طلاق 2697؛ أبوداود، نكاح 23877، 1824.
[57] السلام 4028؛ من أجل مرجع شيعي، أنظر الكافي 1: 648: 2.
[58] الترمذي، الاستئذان و الآداب 2625.
[59] مسند أحمد، مسند الأنصار، 23880. راجع أيضا: أبوداود، أدب 5570؛سيرة ابن‌هشام 64: 2.
[60] أدب 1460؛من أجل مرجع شيعي، أنظر: الكافي 1: 326؛ وسائل الشيعة 15689: 78: 49:12.
[61] راجع: مسند أحمد، مسند الأنصار 24093؛ صحيح البخاري، أشربة 5572؛ راجع، مستدرك الوسائل، 13568: 78: 70: 12.
[62] مسند الأنصار 23901؛ راجع شرح النهج لابن أبي‌الحديد 75: 27: 2.
[63] مسند أحمد، مسند الأنصار 23923.
[64] مسند أحمد، مسند الأنصار 23791.
[65] طبقات ابن‌سعد 163: 8.
[66] صحيح البخاري، أشربة 5170؛ راجع: ابن‌ماجة، أطعمة 3314؛ ترمذي، أطعمة 1754.
[67] مسند أحمد، مسند الأنصار 23302؛ راجع مستدرك الوسائل 9832: 412: 66: 8.
[68] مسند أحمد، مسند الأنصار 25094.
[69] ترمذي، أطعمة 3339، 1766.
[70] ترمذي، أطعمة 1761.
[71] صحيح البخاري 60، 21: 4.
[72] البخاري، الجزية و الوداعة 2939. راجع أيضا: طبقات ابن‌سعد 151: 2؛مسند أحمد، مسند الأنصار 23104.
[73] طبقات ابن‌سعد 193: 2؛ مصنف عبدالرزاق 19761؛ تفسير الطبري 766: 1.
[74] مسند أحمد، مسند الأنصار 23049.
[75] مسند أحمد، مسند الأنصار 23620.
[76] النسائي، قبلة 763.
[77] صحيح البخاري، أشربة 5584.
[78] مسند أحمد، مسند الأنصار 23067.
[79] مسند أحمد، مسند الأنصار 23725؛ راجع ايضا: تاريخ الطبري 195: 3.
[80] ابن‌منظور 293: 13.
[81] مسند أحمد، مسند الأنصار 25048. راجع أيضا: ابن‌ماجه، لباس 3634؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 23563، 23734: طبقات ابن‌سعد 32: 8؛ السمط الثمين 164.
[82] باب ما جاء في بيوت أزواج التي، كتاب الجهاد و السير 125: 2: راجع أيضا: بحارالأنوار 6: 241: 287: 32.
[83] كتاب الفتن و أشراط الساعة 503: 2.
[84] علل الحديث 341: 1.
[85] 438: 5؛ راجع: روضة المحبين 298.
[86] مسند الأنصار 24054؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 5: 12: 8: 16.
[87] مسند الأنصار 23719؛ راجع: السمط الثمين 25؛ البداية و النهاية 428: 3.
[88] راجع: المنتظم: 18: 3؛ طبقات ابن‌سعد 984: 1: 1؛ تاريخ الطبري 280: 2؛ البداية و النهاية 127: 3.
[89] السمط الثمين 24.
[90] نكاح 1987.
[91] الترمذي، مناقب 3810.
[92] صحيح البخاري، مناقب 3534؛ راجع: الترمذي، البر و الصلة 1940؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 25183.
[93] صحيح مسلم، فضائل الصاحبة 4466؛ راجع أيضا، النص ذاته 4465.
[94] أسد الغابة 558 - 557: 5؛ البداية و النهاية 128: 3.
[95] الآداب المرعية 281 - 280.
[96] 344: 3.
[97] 192: 10.
[98] 36: 2؛ راجع أيضا: طبقات ابن‌سعد 43: 8.
[99] الزمخشري، الكشاف 552: 3. [
[100] الزمخشري، الكشاف 552: 3، هامش 3. راجع أيضا: أسد الغابة 485 - 484: 5.
[101] الزمخشري، الكشاف 552: 3، هامش 2.
[102] الطبقات 43: 8.
[103] أنظر تفسير الآية، مثلا، عند ابن‌كثير 853 - 852: 1؛ أو في تفسير الجلالين أو تفسير القرطبي أو تفسير الطبري.
[104] الطبقات 43:، 8.
[105] الطبقات 43: 8.
[106] السمط الثمين 103.
[107] السمط الثمين 37 - 36؛ راجع: ابن‌ماجة، نكاح 1962؛ أبوداود، نكاح 1826؛ صحيح البخاري 363: 3.
[108] السمط الثمين 103؛ صحيح مسلم، رضا ع 2657.
[109] طبقات ابن‌سعد 44: 8.
[110] طبقات ابن‌سعد 44: 8؛ السمط الثمين 105.
[111] طبقات ابن‌سعد 140: 8. راچع: مسند أحمد، مسند الأنصار 25126، 24682، 23155؛ صحيح مسلم، سلام 4034؛ تفسير الجلالين، سورة الأحزاب 59؛ صحيح مسلم، جهاد و سير 4035، 4034؛ صحيح البخاري، استنذان 5771؛ صحيح البخاري، نكاح 4836؛ صحيح البخاري حيض 526؛ صحيح البخاري، وضوء 143.
[112] صحيح مسلم 4034.
[113] نسائي، مناسك الحج 4987؛ صحيح مسلم، الحج 2271؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 22888؛ ابن ماجة، مناسك 3018؛ صحيح البخاري، الحج 1568؛ الدارمي، مناسك 1810؛ مناسك 1810؛ السمط الثمين 105؛ طبقات ابن‌سعد 45: 8: تفسير ابن‌كثير 833: 3.
[114] 440: 5.
[115] السمط الثمين 47.
[116] الاصابة 18.
[117] تفسير الجلالين، تفسير سورة التحريم، الآية 2.
[118] مسند أحمد، مسند الأنصار 23180.
[119] راجع تفسير الآية في أغلب التفاسير..نظر.يضا فصل «عائشة... و مارية».
[120] تفسير ابن‌كثير 829: 3.
[121] تفسير الآية 28 من الأحزاب.
[122] تفسير ابن‌كثير 620: 4.
[123] طبقات ابن‌سعد 152: 8.
[124] طبقات ابن‌سعد 153: 8.
[125] مسند أحمد، مسند الأنصار 23942؛ أنظر: السمط الثمين 86.
[126] مالك: 1420.
[127] صحيح مسلم، فضائل الصحابة 4477؛ هداية الباري 44: 2؛ السمط الثمين 47 - 46.
[128] تاريخ الطبري 230: 2؛ راجغ أيضا ترجمتها في: الاستيعاب؛ أسد الغابة؛ الاصابة؛ و طبقت ابن‌سعد.
[129] تاريخ الطبري 414: 2.
[130] 208: 3.
[131] المنتظم 208: 3.
[132] طبقات 75: 8.
[133] 159: 2؛ راجع أيضا: السمط الثمين 81.
[134] عيون الأثر 304: 2.
[135] طبق5ات 64 - 63: 8.
[136] تاريخ الاسلام للذهبي، عصر معاوية. راجع: صحيح البخاري، فضائل النبي 84: 7 باب فضائل عائشة، الهبة، باب من أهدي الي صاحبه و تحري بعض نسائه دون بعض؛ صحيح مسلم، فضائل الصحابة 2441 مختصرا، 2442 مطولا.
[137] هبة 2393. راجع أيضا: السمط الثمين 40 - 39.
[138] أنظر علي سبيل المثال: الترمذي، مناقب 3814؛ أسد الغابة 503: 5؛ البخاري، وصايا 2536. راجع أيضا فصل «عائشة و زينب بنت جحش».
[139] مسند الأنصار 23838؛ أنظر السمط الثمين 35.
[140] في نص النسائي (عشرة النساء 3887)، تقول عائشة: «قال رسول الله (ص): يا أم‌سلمة، لا تؤذبني في عائشة، فانه و الله ما يأتيني الوحي في لحاف امرأة منكن الا هي».
[141] طبقات ابن‌سعد 158: 8.
[142] المرجع السابق.
[143] أنظر: الكشاف 552: 3؛ طبقات ابن‌سعد 159 - 158: 8.
[144] تاريخ الطبري 231: 2.
[145] راجع ما ذكرناه سابقا من حديث عمر بن الخطاب لابنته، بعد أن طلقها النبي، بأنه ليس لها «حسن زينب» (طبقات ابن‌سعد 153: 8).
[146] الطبري، المنتخب من كتاب ذيل المذيل 99.
[147] الزمخشري، الكشاف 520: 3.
[148] المصدر السابق: 539: 3؛ يقول المرجع الشيعي، الميزان في تفسير القرآن: «خطب رسول الله (ص) زينب بنت جحش لزيد بن حارثة، فاستنكفت منه، و قالت: أنا خير منه حسبا! و كانت امرأة فيها حدة - فأنزل الله «و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة»، الآية كلها» (326: 325: 16).
[149] أبوالفرج الجوزي، زاد المسير 385: 6.
[150] 808 - 807: 3.
[151] تفسير ابن‌كثير 810: 3.
[152] هذا ما يذكره أيضا المكرجع الشيعي، الميزان في تفسير القرآن 326: 16.
[153] تاريخ الطبري 232 - 231: 2. راجع: المنتخب من كتاب ذيل المذيل.
[154] تاريخ الطبري 232: 2.
[155] الزمخشري، الكشاف 541 - 540: 3.
[156] تفسير الآية 37 من سورة الأحزاب في تفسير القرطبي.
[157] المرجع السابق.
[158] تفسير الةية 37 من سورة الأحزاب في تفسير القرطبي.
[159] المرحع السابق.
[160] المرجع السابق.
[161] تفسير ابن‌كثير 811: 3.
[162] تاريخ 232 - 231: 2.
[163] ابن‌الربيع الشيباني الشافعي، حدائق الأنوار و مطالع الأسرار في سيرة النبي المختار 602 - 600: 2.
[164] نكاح 3171.
[165] نكاح 3172.
[166] تفسير القرآن 3131؛ راجع أيضا: السمط الثمين 107؛ يقول الميزان في تفسير القرآن: «أنعم النبي عليه زيد بن حارثة، الذي كان عبدا للنبي (ص)، ثم حرره، و اتخذه ابنا له» (322: 16).
[167] تفسير الآية.
[168] 770: 3.
[169] 771: 3.
[170] فأخبرت النبي (ص)، أنهم قد انطلقوا، فجاء حتي دخل، فذهبت أدخل، فألقي الحجاب بيني و بينه، فأنزل الله تعالي (أحزاب 53) «(تفسير ابن‌كثير 831: 3).
[171] المنتخب من كتاب ذيل المذيل 100؛ المنتظم 226: 3؛ طبقات ابن‌سعد 81 - 80 - 8 - 72 - 71: 2.
[172] بنت الشاطئ، نساء النبي 167.
[173] المصدر السابق.
[174] تفسير 812 - 811: 3.
[175] أسد الغابة 464: 5.
[176] طبقات ابن‌سعد 73: 8.
[177] تفسير القرطبي للآية 37 من الأحزاب. يذكر أيضا المرجع الشيعي، الميزان في تفسير القرآن، أن زينب كانت تفتخر بأن جدها و جد النبي واحد و أن الله هو الذي زوجها و أن السفير كان جبريل (327: 16).
[178] تفسير ابن‌كثير 677: 1.
[179] تفسير سورة الأحزاب الآية 37.
[180] أسد الغابة 464: 5؛ قريب منه، سيرةابن هشام 311: 3.
[181] جاء في طبقات ابن‌سعد (130: 8): «كان عامة الناس يتحرون يوم يصير رسول الله الي عائشة، فيهدون اليه، و يسر الأضياف يوم يكون رسول الله (ص) في بيت عائشة، للهداية التي تصير اليها».
[182] صحيح مسلم، فضائل الصحابة 4471؛ السمط الثمين 39.
[183] الهبة 2393؛ السمط الثمين 40 - 39.
[184] في نص آخر من صحيح البخاري (الوصايا 2536)، تقول عائشة: «فأرسن زينب بنت جحش، فأغلظت».
[185] عشرة النساء 3884؛ راجع: طبقات ابن‌سعد 137: 8.
[186] مسند الأنصار 23476، 23436.
[187] راجع: السمط الثمين 39؛ طبقات ابن‌سعد 137: 8؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 24019.
[188] 189: 4؛ راجع: الكشاف 230: 4؛ قريب من ذلك في السمط الثمين 80. في أبي‌داود، الأدب 4252، مع اضافة: و جاء علي (رض) الي النبي (ص) فكلمه في ذلك.
[189] 189: 4.
[190] الزمخشري، الكشاف 230: 4.
[191] طبقات 152: 8.
[192] طبقات ابن‌سعد 153: 8.
[193] المنتظم 362 - 361: 3.
[194] السمط الثمين 108.
[195] سيرة ابن‌هشام 312: 3.
[196] تاريخ الطبري 270: 2.
[197] طلاق 3367. أنظر أيضا: تفسير الطبري 156 - 28 - ط 2؛ الدر المنثور 239: 6؛ الكشاف 564: 4؛ تفسير القرطبي 177: 18؛ تفسير الفخر الرازي 213: 8 ط العامرة؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 2: 11: 292: 66.
[198] راجع أيضا:النسائي، عشرة النساء 899؛ الايمان و النذور 3735؛ الأشربة 3227 باضافة: «كان رسول الله (ص) يحب الحلواء و العسل، فذكر بعض هذا الخبر. و كان النبي (ص) يشتد عليه أن توجد منه الريح». راجع أيضا: صحيح مسلم، طلاق 2694، حيث يقال: فتواطيت أنا و حفصة. مثله أيضا، صحيح البخاري، تفسير القرآن 4531. راجع: طبقات ابن‌سعد 85: 8؛ هداية الباري 191 - 100: 2؛ الكشاف 563 - 562: 4؛ السمط الثمين 81.
[199] سودة سنة أربع و خمسين» (ص 104).
[200] صحيح مسلم، فضائل الصحابة 4490؛ راجع: السمط الثمين 111.
[201] طبقات 86: 8؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 11: 18: 111: 18.
[202] الشكاف 552 - 551: 3.
[203] الكشاف 552: 3؛ راجع أيضا، تفسير القرطبي للآية 59 من الأحزاب؛ تاريخ اليعقوبي 85: 2.
[204]، و في ابل زينب فضل، فقال لها رسول الله (ص): ان بعيرا لصفية اعتل، فلو أعطيتها بعيرا من ابلك! فقالت: أنا أعطي تلك اليهودية!؟ فتركها رسول الله (ص) ذا الحجة و محرم، شهرين أو ثلاثة، لا يأتيها؛ قالت: حتي يئست منه و حولت سريري! قالت: فبينما أنا يوما بنصف النهار، اذا أنا بظل رسول الله (ص) مقبل».
[205] النسائي، عشرة النساء 3883؛ راجع صحيح البخاري، الوصايا 2563؛ السمط الثمين 38.
[206] سيرة ابن‌هشام 294: 2.
[207] بالنسبة لجمال جويرية الساحر، أنظر: تاريخ الاسلام، عصر معاوية، للذهبي 190؛ مسند أحمد 277: 6؛ الروض الآنف للسهيلي 19: 4؛ تاريخ ابن‌خياط 46؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 18: 3: 295: 12.
[208] سيرة ابن‌هشام 295 - 294: 2؛ راجع أيضا: طبقات ابن‌سعد 93 - 92: 8؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 25161؛ المنتظم 220 - 219: 3؛ ابوداود، العتق 3429؛ السمط الثمين 116؛ البداية و النهاية 155: 2؛ أسد الغابة 420: 5؛ المنتخب من كتاب ذيل المذيل 101 - 100؛ تاريخ الطبري 264: 2؛ الكامل في التاريخ 81: 4؛ تاريخ اليعقوبي 53: 2.
[209] المنتخب 101.
[210] سيرة ابن‌هشام 295: 2، هامش 1؛ راجع: الروض الآنف 19: 3.
[211] الاصابة 126: 8.
[212] صيد الخاطر 130.
[213] تفسير ابن‌كثير 823: 3.
[214] روضة المحبين 299؛ راجع: السمط الثمين 81؛ ابن‌ماجه، نكاح 1970.
[215] طبقات ابن سعد 100 - 99: 8.
[216] السمط الثمين 45 - 44. لكن عائشة ذاتها، تروي حكاية مشابهة في مرجع آخر بطريقة مختلفة. راجع الهامش 14 من فصل عائشة و زينب بنت جحش؛ راجع أيضا: مسند أحمد، مسند الأنصار 23853.
[217] أنظر: صحيح البخاري، هبة 2393؛ السمط الثمين 40: 39؛ طبقات ابن‌سعد 137: 8.
[218] طبقات ابن‌سعد 64: 8؛ راجع أيضا، المرجع الشيعي، بحارالانوار (56: 10: 144: 75).
[219] طبقات ابن‌سعد 127: 8؛ سنين ابن‌ماجه، ك النكاح 1980؛ راجع: السمط الثمين 121.
[220] الجملة من تفسير ابن‌كثير 345: 3؛ قريب منه في المرجع الشيعي، بحارالأنوار، 14: 20: 61: 66.
[221] الزركشي في الاجابة 73 عن الترمذي.
[222] الترمذي، صفة القيامة و الرقائق و الورع 4226.
[223] تفسير ابن‌كثير 354: 3.
[224] السمط الثمين 81.
[225] صحيح مسلم، طلاق 2695؛ طبقات ابن‌سعد 68: 8.
[226] مسند أحمد، مسند الأنصار 23969؛ راجع تفسير القرطبي للآية 128 من سورة النساء.
[227] يصفه المنتظم (229: 3)، فيقول: «شيخ كبير».
[228] المنتظم (300 - 299: 3).
[229] المصدر السابق.
[230]، لكنها حظيت دونهن جميعا بشرف أمومتها لابنه ابراهيم» (الاستيعاب 1912: 4).
[231] المنتظم (300 - 299: 3).
[232] المصدر السابق.
[233] المصدر السابق.
[234] الطبري، المنتخب من ذيل المذيل من تاريخ الصحابة و التابعين ص 109. أنظر أيضا: أنساب 450 - 449: 1؛ طبقات ابن‌سعد 171: 8: 153: 8؛ السمط الثمين 135؛ ذيل المذيل 80، 9؛ أسد الغابة 543: 5؛ الاصابة 984؛ الأعلام 255: 5.
[235] البداية و النهاية 305 - 303: 5؛ راجع أيضا، تفسير القرطبي للآية 1 من سورة التحريم، حيث يورد النص عن أبن‌اسحاق.
[236] المصدر السابق.
[237] البداية و النهاية 303: 5.
[238] السمط الثمين 140؛ راجع: طبقات ابن‌سعد 171: 8، 107: 1؛ أنساب الأشراف 450 - 449: 1؛ الاصابة، ترجمة مارية.
[239] المنتظم 345: 3؛ راجع طبقات ابن‌سد 108: 1.
[240] 563 - 562: 4؛ راجع أيضا: بحارالانوار 4: 5: 241: 22: 29: 2: 27: 36.
[241] و في رواية أخري لابن عباس: «و هو يطأ مارية». و تضيف أنه أخبرها خلافة أبي‌بكر و عمر بعده. و تجعل عائشة تقول له: لا أنظر اليك حتي تحرم مارية!!! فحرمها (الكشاف 563: 4).
[242] يقول الحسن: «لم يكفر، لأنه كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر، و انما هو تعليم للمؤمنين» (الكشاف 563: 4). و يقول مقاتل: «ان رسول الله أعتق رقبة في تحريم مارية» (المرجع السابق).
[243] الكشاف 563: 4، هامش 1.
[244] تفسيذر القرطبي لسورة التحريم، الآية 2.
[245] في رواية أخري، عن بعض آل عمر، تقول حفصة: «لقد جئت أمرا ما جئته الي أحد من نسائك! في بيتي و علي فراشي و في دولتي!» (كشاف 563: 4، هامش 2).
[246] الكشاف 563: 4.
[247] 151 - 150 - 8.
[248] طبقات 151: 8.
[249] في احدي الروايات، تقول عائشة: «لا أقبل دون أن تخلف لي! قال: و الله، و لا أمسها أبدا» (طبقات 151: 8).
[250] طبقات 151 - 150: 8.
[251] طبقات ابن‌سعد 150 - 149: 8؛ راجع السمط الثمين 189 - 188.
[252] قال مالك بن أنس: «الحرام حلال في الاماء!!! فاذا قال رجل لجاريته؛ أنت حرام علي! فليس ذلك بشي‌ء! و اذا قال: و الله لا أقربك! فعليه الكفارة» (طبقات 150: 8).
[253] تفسير سورة التحريم، الآية 3.
[254] تفسير سورة التحريم، الآية 3.
[255] 634: 4.
[256] 641: 4.
[257] 101: 28.
[258] في مستدرك الوسائل، يقال: «كان رسول الله (ص) قد خلا بمارية القبطية قبل أن تلد ابراهيم، فاطلعت عليه عائشة، فوجدت عليه، فحلف لها ألا يقربها بعد» (8291: 294: 14: 15).
[259] «قال رسول الله (ص): اكتمي علي و لا تذكري لعائشة! فذكرت حفصة لعائشة، فغضبت عائشة، فلم تزل بنبي الله (ص) حتي حلف أن لا يقربها» (طبقات 125: 8 ط أوروبا).
[260] تفسير سورة الأحزاب، الآية 1.
[261] يذكر هذا أيضا تفسير الجلالين و تفسير القرطبي و تفسير الطبري في تفسير الآية.
[262] راجع: تفسير ابن‌كثير 639: 1؛ الكشاف 566: 4؛ التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي 131: 4؛ فتح البيان لصديق حسن خان 480: 9 تفسير الرازي 332: 8؛ تفسير أبي‌السعود بهامش تفسير الرازي 332: 8؛ الدر المنثور 239: 6 و 432؛ تفسير القرطبي 177: 18 و 188؛ فتح القدير للشوكاني 250: 5؛ تفسير الطبري 105 - 104: 28؛ صحيح البخاري 137: 3 و 138 ك التفسير ب 2 و ب 22: 4 - 3 ك اللباس، ب ما كان يتجوز رسول الله في اللباس و الزينة؛ صحيح مسلم ك الطلاق ح 31 و 32 و 33 و 34؛ مسند أحمد 48: 1.
[263] تفسير 638: 4.
[264] الكشاف 571: 4.
[265] أنظر ايضا بشأن هذه المسألة: الكشاف 566: 4؛ التسهيل لعلوم التنزيل 131: 4؛ تفسير الرازي 332: 8؛ تفسير القرطبي 202: 18؛ فتح القدير 252: 5؛ تفسير ابن‌كثير 388: 5.
[266] و أمر حفصة و ما جري لهما مع رسول الله (ص) في الأمر الذي أسره علي احداهما، ما قد نطق الكتاب العزيز به. و اعتزل رسول الله (ص) نساءه كلهن، و اعتزلهما معهن، ثم صالحهن. و طلق حفصة، ثم راجعها» (شرح نهج 23: 14).
[267] تفسير الآية 4 من سورة التحريم.
[268] المنتظم 262 - 261: 3.
[269] أدب 3240؛ راجع أيضا: تفسير ابن‌كثير 638: 4.
[270]...». و يناقش الطباطبائي صاحب الميزان هذه القصة بعقلانية مشهودة فيؤكد أن حكاية قول النبي لحفصة بأن أباها و أبابكر الخليفتان بعده مختلقة تماما؛ و يدعم رأيه هذا بنص مفاده أن عمر بن الخطاب حين سأله ابن‌عباس عن المرأتين قال انهما عائشة و حفصة، دون أن يذكر مسألة الخلافة لا من قريب و لا من بعيد. كذلك ينفي أن تكون لقصة عمر بن الخطاب حول نساء قريش اللواتي تعلمن من نساء المدينة كيف يغلبن أزواجهن أدني علاقة بسورة التحريم معتمدا في ذلك علي حجة منطقية، تفيد بأن التحريم في قصة عمر كان لعامة أزواجه في حين أن التوبة طلبت من اثنتين فقط؛ راجع الميزان في تفسير القرآن 339 - 337: 19.
[271] تفسير 795 - 794: 3.
[272] طبقات 146: 8.
[273] راجع أيضا: تفسير ابن‌كثير 419: 1؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 22921.
[274] الكامل في التاريخ 145: 2؛ راجع: تاريخ الطبري 362: 2.
[275] طبقات 109: 1.
[276] راجع: أنساب الأشراف 450 - 449: 1؛ تاريخ اليعقوبي 87: 2؛ المنتظم 346: 3؛ في نص بحارالأنوار، تقول عائشة للنبي: «ان ابراهيم ليس منك، و انه من فلان القبطي» 67: 4: 301: 38.
[277] 305 - 304: 5؛ يقول مستدرك وسائل الشيعة: «ان عائشة قالت لرسول الله (ص) ان مارية يأتيها ابن‌عم لها، فلطختها بالفاحشة، فغضب رسول الله (ص) و قال: ان كنت صادقة فأعلميني اذا دخل، فمر صدقة فلما دخل عليها أعلمت رسول الله (ص)، فدعا أميرالمؤمنين (ع) و قال: خذ هذا السيف... الخ» (96: 220: 76: 42: 18).
[278] الحاكم، المستدرك 39: 4؛ راجع: صحيح مسلم 119:% 8، ط مشكول؛ الاستيعاب بهامش الاصابة 411: 4 و 412 الأصابة 334: 3؛ السيرة الحلبية 309: 3 و 312؛ الكامل في التاريخ 212: 2؛ أسد الغابة 268: 2 - 544 - 542: 5؛ معجم الزوائد 161: 9 الدر المنثور 240: 6؛ تاريخ اليعقوبي 87: 2؛ من أجل مصادر للشيعة؛ راجع: تفسير القمي 99: 2 و 318؛ تفسير البرهان 126: 3 و 205: 4؛ تفسير نور الثقلين 581: 3؛ تفسير الميزان 103: 15.
[279] السمط الثمين 142 - 141.
[280] أمالي المرتضي ق 58 - 57: 1؛ راجع: الكامل في التاريخ 178: 2؛ تاريخ الطبري 421: 2.
[281] المنتظم 300: 3.
[282] روضة المحبين 297.
[283] ذكره الحافظ بن حجر العسقلاني في الاصابة، و قال: أخرجه ابن عبدالحكم في فتوح مصر و الطبراني في المعجم الكبير.
[284] شرح النهج لابن أبي‌الحديد 296: 3.
[285] مسند أحمد، مسند الانصار 25101؛ يقول بحارالأنوار: ««ان الذين جاؤوا بالافك» أن العامة روت أنها نزلت في عائشة و ما رميت به في غزوة بني‌المصطلق من خزاعة، و أما الخاصة فانهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية و ما رمتها به عائشة» 19: 1: 316: 20.
[286] مسند أحمد، باقي مسند الأنصار 25101؛ قريب منه أيضا: سنن أبي‌داود 2772.
[287] 152 - 151: 5.
[288] التمهيد و البيان 209؛ تذكرة خواص الأمة 114؛ راجع أيضا، بحارالأنوار 30: 722: 562: 33.
[289] الكشاف 370: 4.
[290] طبقات ابن‌سعد 115: 8.
[291] طبقات ابن‌سعد 115: 8 أخرجه ابن‌جرير و غيره؛ راجع: السمط الثمين 128؛ ابن‌حاكم، المستدرك، ترجمة أسماء بنت النعمان 17: 4؛ المحبر 95 - 94؛ تاريخ الطبري 614: 11؛ الطبري في ذيل المذيل 79: 13؛ تاريخ اليعقوبي 85: 2 لكن الرواية هنا تختلف قليلا حيث يقال ان أسماء استعاذت منه و جونية أخري زينتها عائشة و حفصة: يذكر المرجع الشيعي، الكافي، الحدث لكنه يدعو المرأة بالعامرية (3: 421: 5)؛ أما المرجع الشيعي الآخر، مستدرك الوسائل، فيقول ان اسمها ساه من عامر من بني‌صعصعة، 17009: 278: 2: 14؛ و يقول ان ابنة الجون من كندة، قالت: «لو كان نبيا ما مات ابنه» (المرجع السابق).
[292] طبقات ابن‌سعد 116: 8.
[293] السمط الثمين 126.
[294] راجع أيضا: ابن‌ماجة، طلاق 2027 - 2040، حيث يرد اسمها «عمرة بنت الجون». و يقال ان النبي «أمر أسامة أو أنسا فمتعها بثلاثة أثواب رازقية»؛ أنظر: البخاري، طلاق 4852؛ المنتخب من كتاب ذيل الميذل 106 - 104.
[295] المنتخب من كتاب ذيل المذيل 105.
[296] المتقي الهندي، كنز العمال 294: 6، ح 5084؛ راجع: طبقات ابن‌سعد 115: 8: أسد الغابة 486: 5؛ السمط الثمين 132.
[297] النسائي، طلاق 3364.
[298] راجع طبقات ابن‌سعد 148: 8؛ تاريخ الذهبي 335: 1؛ تاريخ ابن‌كثير 299: 5؛ تاريخ الطبري 596: 11 - 340: 2؛ الاصابة 392: 4؛ أنساب الأشراف 458: 1.
[299] طبقات ابن‌سعد 154: 8؛ راجع: ابن‌حجر، الاصابة 362: 4 و 784 و 1347 لكن الاسم مختلف؛ مسند أحمد 261، 132: 6؛ المحبر 411.
[300] الكامل في التاريخ 180: 2.
[301] البداية 225: 5.
[302] طبقات ابن سعد 135: 8.
[303] طبقات ابن‌سعد 135: 8.
[304] طبقات ابن‌سعد 135: 8.
[305] طبقات ابن‌سعد 156: 8.
[306] اظنر، مثلا: النسائي، نكاح 2153؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 24293 - 24472؛ الترمذي، أدب 3140.
[307] مسند أحمد، مسند الأنصار 24658.
[308] مسند أحمد، مسند الأنصار 23083؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 275: 59 باب 25.
[309] هداية الباري 98 - 97: 2.
[310] شرح النهج لابن أبي‌الحديد 22: 14؛ الاستيعاب 474.
[311] ابن‌منظور 71: 13.
[312] اقامة الصلوة و السنة فيها 1222؛ من أجل مرجع شيعي، أنظر: بحارالأنوار 3: 1: 135: 28.
[313] طبقات ابن‌سعد 168: 2.
[314] صحيح مسلم 110: 7، باب فضائل أبي‌بكر؛ مسند أحمد 45: 6 و 144؛ طبقات ابن‌سعد 128 - 127: 2 ط لايدن؛ كنز العمال 317، 139: 6، ح 5283؛ منتخب الكنز 342: 3.
[315] صحيح البخاري، باب قول المريض اني وجع و رأساه؛ 146: 4 باب الاستخلاف من القاسم؛ راجع: تاريخ الاسلام للذهبي، زمن معاوية 256؛ صحيح البخاري، نكاح 240 - 220: 9؛ صحيح مسلم، فضائل الصحابة 2448.
[316] صحيح البخاري، باب قول المريض اني وجع و رأساه؛ 146: 4 باب الاستخلاف من القاسم؛ راجع: تاريخ الاسلام للذهبي، زمن معاوية 256؛ صحيح البخاري، نكاح 240 - 220: 9؛ صحيح مسلم، فضائل الصحابة 2448.
[317] الكامل 268 - 267: 2؛ طبقات ابن‌سعد 156: 3.
[318] طبقات ابن‌سعد 175: 8.
[319] طبقات ابن‌سعد 67: 8؛ الزركشي في الاصابة 71 و 75؛ كنز العمال 116: 7؛ منتخب كنز العمال 118: 5؛ الاصابة، ترجمة عائشة 349: 4؛ تاريخ الطبري 161: 4؛ ابن‌الأثير 247: 2؛ المستدرك 8: 4؛ شرح النهج لابن أبي‌الحديد 154: 3؛ البلاذري، فتوح البلدان 454 و 457 و 446؛ الماوردي، الأحكام السلطانية 222.
[320] الكامل 351: 2.
[321] طبقات ابن‌سعد 321: 3.
[322] سير أعلام النبلاء 133: 2؛ مستدرك الحاكم 8: 4.
[323] لأمهات المؤمنين ستة آلاف، و لعائشة و أم‌حبيبة في اثني عشر ألفا، و لصفية و جويرية في خمسة آلاف خمسة آلاف». راجع أيضا: البداية 296 - 295: 5. و يقول كتاب الأموال ان عمر «حين دون الدواوين، فرض لأزواج رسول الله (ص)، اللاتي نكح نكاحا، في اثني عشر ألف درهم اثني عشر ألف درهم، و فرض لجويرية و صفية ستة آلاف ستة آلاف... فرفضت الأخيرتان أن تقبلا» (321 - 320).
[324] شرح النهج لابن أبي‌الحديد 260: 12.
[325] 573: 1.
[326] صحيح مسلم 110: 7؛ طبقات ابن‌سعد 128: 2؛ مسند أحمد 63: 6؛ المستدرك 78: 3؛ كنز العمال 428: 6 ح 6385.
[327] يروي أن النبي قال لهن «أيكن اتقت الله، و لم تأت بفاحشة مبينة، و لزمت ظهر حصيرها، فهي زوجني في الآخرة» (طبقات ابن‌سعد 208: 8).
[328] طبقات ابن‌سعد 208: 8.
[329] المرجع السابق.
[330] المرجع السابق.
[331] طبقات ابن‌سعد 337: 3؛ أسد الغابة 75: 4؛ صحيح البخاري 70 - 66: 4 ط بومباي 1270.
[332] طبقات ابن‌سعد 277 - 276: 3.
[333] السمط الثمين 80.
[334] السمط الثمين 80.
[335] العقد الفريد 277 - 275: 4؛ تاريخ الطبري 34: 3؛ شرح النهج 189: 3: 1.
[336] براجع: طبقات ابن‌سعد 166: 8.
[337] يروي ابن أبي‌الحديد (شرح النهج 3: (13 - 12: 11 و كان عمر قد حجر علي أعلام قريش من المهاجرين الخروج في البلدان الا باذن و أجل... فلما ولي عثمان، لم يأخذهم بالذي كان عمر يأخذهم به... فخالطهم الناس و أفسدوهم، و حببوا اليهم الملك و الرئاسة - لا سيما مع ثروة العظيمة التي حصلت لهم و الثراء مفسدة، و أية مفسدة! و حصل لطلحة و الزبير من ذلك ما لم يحصل لغيرهما ثروة و يسارا».
[338] روي عامر عن الشعبي: «ما قتل عمر بن الخطاب حتي ملته قريش و استطالت خلافته، و قد كان يعلم فتنتهم، فحصرهم في المدينة، و قال لهم: ان أخوف ما أخاف علي هذه الأمة انتشاركم في البلاد. و ان كان الرجل ليستأذن في الغزو، فيقول: ان لك في غزوك مع رسول الله (ص) ما يكفيك، و هو خير لك ألا تري الدنيا و تراك. فكان يفعل هذا بالمهاجرين من قريش، و لم يكن يفعله بغيرهم من أهل مكة. فلما ولي عثمان، خلي عنهم، فانتشروا في البلاد، و خالطهم الناس، و أفضي الأمر الي ما أفضي اليه. و كان عثمان أحب الي الرعية من عمر»)(شرح نهج البلاغة 159: 2).
[339] الامامة و السياسة 45: 1.
[340] الامامة و السياسة 46: 1.
[341] تاريخ الطبري 97: 5.
[342] مسند أحمد 167: 6؛ منتخب كنز العمال 2: 5؛ راجع: صحيح مسلم، فضائل الصحابة 4415.
[343] صحيح مسلم 117: 7؛ باب فضائل عثمان؛ مسند أحمد 105: 6.
[344] صحيح مسلم 116: 7؛ مسند أحمد 62: 6؛ كنز العمال 148: 6 - 376: 6، ح 2413 و 2417 و 5094؛ منتخب الكنز 2: 5 و 17؛ تاريخ ابن‌عساكر، ترجمة عثمان.
[345] أنساب الأشراف 54: 5؛ راجع أيضا: تاريخ اليعقوبي 150: 2؛ طبقات ابن‌سعد 168: 4؛ المسعودي 438: 1.
[346] البلاذري 28: 5.
[347] الكامل 75: 3؛ تاريخ الطبري 239: 4.
[348] الكامل 75: 3.
[349] المصدر السابق.
[350] تاريخ اليعقوبي 164: 2.
[351] الكامل 75: 3؛ تاريخ الطبري 239: 4.
[352] تاريخ اليعقوبي 132: 2؛ تاريخ أكتم 155.
[353] مروج المسعودي 434: 1.
[354] صحيح البخاري، كتاب الجهاد، باب بركة المغازي 21: 5.
[355] شذرات الذهب 43: 1.
[356] 77: 3 ط لايدن.
[357] 249: 7.
[358] راجع طبقات ابن‌سعد 158: 3 ط لايدن.
[359] أنساب البلاذري 7: 5؛ مروج الذهب 434: 1؛ العقد الفريد 279: 2؛ الرياض النضرة 258: 2؛ دول الاسلام 18: 1: الخلاصة للخزرجي 152.
[360] روي الطبري أن عثمان كان له علي طلحة خمسون ألفا... فقال له طلحة: قد تهيأ مالك فاقبضه! فقال: هو لك يا أبامحمد، معونة لك علي مروءتك. تاريخ الطبري 404: 4؛ شرح النهج 5: 10.
[361] شرح النهج 35: 9.
[362] طبقات ابن‌سعد 96: 3 ط لايدن؛ مروج الذهب 434: 1؛ تاريخ اليعقوبي 146: 2؛ صفة الصفوة لابن الجوزي 138: 1؛ الرياض النضرة للمحب الطبري 291: 2.
[363] مروج الذهب 434: 1.
[364] الذهبي، دول الاسلام 12: 1.
[365] طبقات ابن‌سعد 53: 3 ط لايدن؛ راجع: ابن‌منظور 248: 16.
[366] مروج الذهب 433: 1.
[367] المصدر السابق 433: 1.
[368] نهج‌البلاغة 126: 1.
[369] نهج‌البلاغة 46: 1؛ شرح نهج‌البلاغة 90: 1.
[370] الكامل 70: 3.
[371]: خذ السيف... الخ» (بحارالأنوار 1: 8: 153: 22).
[372] راجع: سيرة ابن‌هشام 25: 2: 385: 1؛ تفسير الآية عند: الطبري، القرطبي، الزمخشري، ابن‌كثير، الدر المنثور، النيسابوري، الرازي. راجع أيضا: امتاع الأسماع ص ص 61 و 90.
[373] لم يعزل عثمان سعدا فقط، بل عزل أيضا كل الولاة الذين كان عمر قد عينهم، باستثناء قريبه معاوية: عين ابن‌خاله عبدالله بن عامر بن كريز واليا علي البصرة، و كان عمره خمسة و عشرين عاما؛ و عين أخاه في الرضاعة عبدالله بن سعد بن أبي‌سرح علي مصر.
[374] راجع: أنساب الأشراف 31، 29: 5؛ الاستيعاب 604: 2؛ مروج الذهب 336 - 335: 2.
[375] راجع: أنساب الأشراف 36: 5؛ العقد الفريد 272: 2.
[376] راجع ترجمة ابن‌مسعود في كل من: الاستيعاب؛ طبقات ابن‌سعد؛ البلاذري، أنساب الشراف 36: 5؛ العقد الفريد 272: 2؛ تاريخ اليعقوبي 167: 2؛ تاريخ ابن‌كثير 163: 7؛ المستدرك 13: 3.
[377] تاريخ اليعقوبي 170: 2.
[378] شرح النهج 45: 3. لابد أن نلاحظ هنا، أن مصحف ابن‌مسعود، يختلف كثيرا عن المصحف العثماني، كما يخبرنا بذلك التقليد الاسلامي ذاته.
[379] راجع: تاريخ الخميس 268: 2؛ شرح النهج 237 - 236: 1؛ فضائل ابن‌مسعود في المستدرك 213: 3؛ كنز العمال 54: 7.
[380] في ذلك يقول الحطيئة: «شهد الحطيئة يوم يلقي ربه أن الوليد أحق بالعذر نادي و قد نفدت صلاتهم أأزيدكم؟ ثملا و ما يدري ليزيدهم خيرا ولو قبلوا منه لزادهم علي عشر فأبوا أباوهب ولو فعلوا لقرنت بين الشفع و الوتر حبسوا عنانك اذ جريت ولو خلوا عنانك لم تزل تجري» (شرح النهج 18: 43: 3).
[381] مروج الذهب 342: 2.
[382] الأغاني 180: 4؛ راجع: مروج الذهب 435: 1؛ أنساب الأشراف 33: 5.
[383] البلاذري 33: 5؛ راجع: تاريخ اليعقوبي 203: 2.
[384] أنساب الأشراف 35: 5.
[385] تاريخ اليعقوبي 142: 2.
[386] راجع: فتوح البلدان 375 - 373: 1.
[387] راجع: تاريخ اليعقوبي 173 - 172: 2.
[388] 114: 2.
[389] العقد الفريد 343 - 342: 4.
[390] يظهر أن عائشة و حفصة كانتا متعاونتين أيضا ضد عثمان. يقول أبي‌الحديد: «ثم أقيت الصلاة، فتقدم عثمان، فصلي بهم، فلما كبر، قالت امرأة من حجرتها: يا أيها الناس! ثم تكلمت... ثم قالت: تركتم أمر الله و خالفتهم عهده! ثم صمتت و تكلمت امرأة أخري بمثل ذلك. فاذا هما عائشة و حفصة؛ فسلم عثمان، ثم... قال: ان هاتين لفتانتان! يحل بي سبهما!!! و أنا بأصلهما عالم» (شرح النهج 5: 9).
[391] راجع: أنساب الأشراف 49: 5؛العقد الفريد 272: 2؛ فتوح البلدان 372: 1؛ الامامة و السياسة 51: 1.
[392] راجع: الامامة و السياسة 51: 1.
[393] راجع: فتوح البلدان 378 - 377: 1.
[394] راجع: فتوح البلدان 387 - 384: 1؛ أنساب الأشراف 40 - 39: 5؛ شرح النهج 131 - 130: 2.
[395] راجع: أنساب الأشراف 42- 41: 5.
[396] راجع: فتوح البلدان 391: 1.
[397] راجع المصدرين السابقين.
[398] راجع:فتوح البلدان 392: 1.
[399] راجع: أنساب الأشراف 43: 5؛ فتوح البلدان 392: 1.
[400] راجع: أسد الغابة 380: 3؛ تاريخ مدينة دمشق، ترجمه 246.
[401] لما بني‌عثمان داره بالمدينة، أكثر الناس عليه في ذلك... فقال: ان النعمة اذا حدثت، حدث لها حساد حسبها... و هبوني بنيت منزلا من بيت‌المال: أليس هو لي و لكم؟ (شرح نهج‌البلاغة 6: 9).
[402] راجع:الامامة و السياسة 50: 1؛ تاريخ الطبري 93: 5؛ طبقات ابن‌سعد 64: 3؛ العقد الفريد 283: 4؛ مروج الذهب 374 - 372: 2؛ البداية و النهاية 192: 7.
[403] فدك، باختصار، هي أرض استولي عليها النبي من اليهود. و لما مات، جاءت فاطمة تطالب بها كحصة من ارت والدها، فرفض أبوبكر اعطاءها اياها، بحجة أن الأنبياء لا يورثون. و ماتت فاطمة «غاضة عليه». راجع أيضا: الهامش 10 من فصل عائشة و علي.
[404] أنظر: شرح نهج‌البلاغة 199 - 198: 1؛ معارف ابن‌قتيبة 195؛ أنساب الأشراف 30: 5.
[405] شرح نهج‌البلاغة 16: 9.
[406] شرح نهج‌البلاغة 35: 3.
[407] علي أهل الاسكندرية أنهم نقضوا العهد الذين كان عاهدهم، فعمد اليها، فحارب أهلها و افتتحها، و قتل المقاتلة و سبي الذرية، فنقم ذلك عليه عثمان، و لم يصح عنده نقضهم العهد، فأمر برد السبي الذي سبوا من القري الي مواضعهم، و ولي عبدالله بن سعد بن أبي‌سرح العامري مصر بدله» (شرح النهج 321 - 320: 6). لذلك، لعب عمرو بن العاص دورا هاما في قتل عثمان. يروي أن الحسن قال له: «أما ما ذكرت من أمر عثمان، فأنت سعرت عليه الدنيا نارا، ثم لحقت بفلسطين، فلما أتاك قتله، قلت: أنا أبو عبدالله، اذا أنكأت قرحة أدميتها» (شرح النهج 462: 2).
[408] راجع: أنساب الأشراف 50: 5.
[409] راجع: تاريخ الطبري 118: 5؛ ابن‌الأثير 70: 3؛ تاريخ أكثم 47 - 46.
[410] أنساب الأشراف 46 - 45: 5.
[411] تاريخ 115: 5.
[412] 70: 5.
[413] 165: 1.
[414] راجع: أنساب الأشراف 60: 5؛ تاريخ الطبري 97 - 96: 5؛ ابن‌الأثير 63: 3؛ شرح النهج لابن أبي‌الحديد 303: 1؛ ابن‌كثير 168: 7؛ تاريخ أبي‌الفداء: 168: 1.
[415] أنساب الأشراف 59: 5.
[416] راجع: تاريخ الطبري 115 - 114: 5.
[417] أنساب الأشراف 51: 5.
[418] تاريخ الطبري 109: 5.
[419] راجع: تاريخ الطبري 112، 111: 5؛ البلاذري 65 64: 5؛ ابن‌الأثير 68: 3؛ شرح النهج لابن أبي‌الحديد 164 - 163: 1؛ ابن‌كثير 172: 7؛ ابن‌خلدون 397 - 396: 2.
[420] أنساب الأشراف 62: 5.
[421] المرجع السابق.
[422] الامامة و السياسة 55: 1.
[423] المرجع السابق.
[424] أنساب الأشراف 62: 5.
[425] تاريخ الطبري 112: 5؛ راجع أيضا: البداية و النهاية 173 - 172: 7.
[426] تاريخ الطبري 112: 5؛ راجع: ابن‌الأثير 96: 3؛ أنساب الأشراف 65: 5.
[427] شرح نهج‌البلاغة: 148 - 147: 2: راجع: تاريخ الطبري 139: 5.
[428] راجع: تاريخ الطبري 115: 5؛ البداية و النهاية 196: 7.
[429] الامامة و السياسة 56 - 55: 1؛ راجع أيضا: تاريخ الطبري 115: 5؛ فتوح ابن‌أعثم 211: 2؛ أنساب الأشراف 69 - 26: 5 و 95؛ الرياض النضرة 125 - 123: 2؛ معارف ابن‌قتيبة 84؛ العقد الفريد 263: 2؛ ابن‌الأثير 71 - 70: 3؛ شرح نهج ابن أبي‌الحديد 166 - 165: 1؛ ابن‌كثير 189 - 173: 7؛ تاريخ الخميس 259: 2.
[430] أنساب الأشراف 68: 5.
[431] راجع: فتوح ابن‌أعثم 213: 212: 2؛ تاريخ الطبري 117: 5؛ مروج الذهب 338: 2؛ الامامة و السياسة 56: 1.
[432] البدء و التاريخ 205: 5.
[433] تاريخ ابن‌أعثم 155.
[434] تاريخ الطبري 477: 4 ط القاهرة عام 1357؛ تاريخ ابن‌أعثم 155؛ ابن‌الأثير 87: 3؛ شرح النهج لابن أبي‌الحديد 77: 2؛ نهاية ابن‌الأثير 458: 2: 156: 4؛ من أجل مرجع شيعي، أنظر: بحارالأنوار 1: 116: 142: 32.
[435] قيل ان نعثلا كان يهيوديا بالمدينة شبه به عثمان. (راجع: كلمة نعثل في نهاية ابن‌الأثير، القاموس، تاج العروس و لسان العرب). و قد ظلت اللفظة مستخدمة من قبل أعداء عثمان حتي بعد مماته. يقول الأعور السني، علي سبيل المثال: برئت الي الرحمن من دين نعثل و دين ابن‌صخر، أيها الرجلان راجع: أنساب الأشراف 105: 5. و يقول محمد بن أبي‌سيرة بن أبي‌زهير العرشي: فنحن قتلنا نعثلا بالسيرة اذ صد عن أعلامنا المنيرة راجع: مضر بن مزاحم، صفين 436. و في نص الامامة 72: 1: «اقتلوا نعثلا فقد فجر». راجع أيضا: فتوح ابن‌الأعثم 249: 2؛ بحارالأنوار 1: 112: 136: 32.
[436] نهاية ابن‌الأثير 80: 5، تاج العروس 141: 8؛ لسان العرب 183: 14؛ شرح النهج 77: 2 ط 1؛ شيخ المضيرة 181.
[437] الامامة و السياسة 57: 1.
[438] أنساب الأشراف 81: 5.
[439] (شرح النهج 18: 43: 3 - 4: 43: 3).
[440] تاريخ اليعقوبي 124: 2.
[441] تاريخ اليعقوبي 124: 2.
[442] راجع: أنساب الأشراف 75: 5؛ تاريخ ابن‌أعثم 155؛ ابن‌سعد في الطبقات ط لايدن 25: 5، ترجمة مروان.
[443] تايرخ الطبري 140: 5؛ تاريخ ابن‌أعثم 156؛ الأنساب 75: 5. في الأخبار الطوال يقال ان عائشة «خرجت قبل ذلك معتمرة، و عثمان محصور، و ذلك قبل مقتله بعشرين يوما، فلما قضت عمرتها أقامت، فوافاها طلحة و الزبير» (141).
[444] راجع: أنساب الأشراف 78: 5؛ تاريخ الطبري 154: 5؛ تاريخ ابن‌أعثم 157 - 156؛ ابن‌الأثير 64: 3؛ كنز العمال 380: 6 ح 5965؛ الكامل للمجرد ص 11 ط لايدن؛ زهر الآداب 75: 1 ط الرحمانية.
[445] تاريخ الطبري 117: 5.
[446] أنساب الأشراف 81: 5.
[447] أنساب الأشراف 90: 5.
[448] الامامة و السياسة 57: 1.
[449] أنساب الأشراف 69: 5؛ تاريخ الطبري 118: 5؛ الامامة و السياسة 59: 1؛ راجع أيضا رواية موته في كتابنا «يوم اخدر الجمل من السقيقة».
[450] تاريخ الطبري 132 - 130: 5؛ مروج الذهب 382: 2؛ البداية و النهاية 185: 7؛ فتوح 231: 2؛ الكامل 231: 2؛ تاريخ اليعقوبي 176: 2؛ طبقات ابن‌سعد 73 - 72: 3؛ الامامة و السياسة 63 - 62: 1.
[451] عن سبب سجن ضابئ بن الحارث الرجمي، يقال؛ انه «استعار في زمن الوليد بن عقبة من قوم من الأنصار كلبا (!!!) يدعي قرمان، يصيد الظباء، فحبسه عنهم، فانتزعه الأنصاريون منه قهرا، فهجاهم و قال: فكلبكم لا تتركوا فهو أمكم فان عقوق الأمهات كبير فاستعدوا عليه عثمان، فعزره و حبسه، فما زال في السحن حتي مات». (الكامل 73 - 72: 3).
[452] تاريخ الطبري 440 - 439: 3.
[453] جعل طلحة ناسا هناك، أكمنهم كمينا، فأخذتهم الحجارة، و صاحوا، نعثل! نعثل!... و قال طلحة: يدفن بدير سلع، يعني: مقابر اليهود (شرح النهج 7: 10).
[454] تاريخ الطبري 144 - 143: 5؛ راجع: الكامل: 70 - 69: 3.
[455] الامامة و السياسة 64: 1.
[456] فتوح ابن‌الأعثم 240: 2.
[457] دفن عثمان عبدان اليهود (شرح النهج 7 - 6: 10).
[458] الامامة و السياسة 65: 1. من أجل علاقة عائشة بعثمان، راجع أيضا: تاريخ ابن‌خياط 104 و ما بعد.
[459] الامامة و السياسة 67: 1.
[460] الامامة و السياسة 84: 1.
[461] أنساب الأشراف 217: 2.
[462] شرح نهج‌البلاغه ط 77: 21. راجع أيضا عرض هذه الحوادث باختصار في تاريخ ابن‌خياط، ص. ص 108 و ما بعد.
[463]: بالأمس كنت تحرضين الناس عليه، و اليوم تبكينه».
[464] راجع: تاريخ الطبري 172: 5؛ الكامل 105: 3؛ فتوح ابن‌الأعثم 248: 2؛ تذكرة الخواص 64؛ من أجل مرجع شيعي، أنظر: بحارالأنوار 1: 112: 136: 32.
[465] راجع مثلا: تاريخ الطبري 165، 154، 143، 139: 5؛ الكامل 87: 3؛ الكامل 87: 3 ط بيروت؛ تاريخ ابن‌خلدون 397: 2؛ أنساب الأشراف 90، 81، 76، 27، 44: 5؛ الامامة و السياسة 34: 1.
[466] 60: 3.
[467] 199 - 191: 9.
[468] سنقدم الموضوع بتفاصيله لا حقا.
[469] ورد في مسند أحمد، مسند العشرة المبشرين بالجنة 25، عن عائشة، قولها: «ان فاطمة بنت رسول الله (ص) سألت أبابكر (رض) بعد وفاة النبي (ص) أن يقسم لها ميراثها مما ترك رسول الله (ص) مما أفاء الله عليه! فقال لها أبوبكر (رض): ان رسول الله (ص)، قال: لا نورث، ما تركناه صدقة! فغضبت فاطمة (ع)، فهجرت أبابكر (رض)، فلم تزل مهاجرته حتي توفيت... و عاشت بعد وفاة النبي (ص) ستة اشهر... و كانت فاطمة تسأل أبابكر نصيبها مما ترك رسول الله (ص) من خيبر و فدك و صدقته بالمدينة، فأبي أبوبكر عليها ذلك، و قال: لست تاركا شيئا كان رسول الله (ص) يعمل به الا عملت به، و اني أخشي ان تركت شيئا من أمره أن أزيغ! فأما صدقته بالمدينة، فدفعها عمر الي علي و عباس، فغلبه عليها علي!! و اما خيبر و فدك، فأمسكهما عمر (رض)، و قال: هما صدقة رسول الله (ص)، كانتا لحقوقه التي تعروه و نوائبه، و أمرهما الي من ولي الأمر... فهما علي ذلك اليوم». (راجع مثلا: صحيح البخاري، فرض الخمس 2862؛ طبقات ابن‌سعد 23: 8؛ السمط الثمين 157). و يقول ابن‌سعد في طبقاته (241: 2)، ان عليا قال لأبي‌بكر: «ورث سليمان داود، و قال زكريا: يرثني و يرث من آل يعقوب. فقال أبوبكر: هو هكذا، و أنت و الله تعلم مثلما أعلم! فقال علي: هذا كتاب الله ينطق! فسكتوا، و انصرفوا». و في شرح نهج‌البلاغة (214: 16)، يقال ان فاطمة قالت لأبي‌بكر: «ان أم‌أيمن تشهد لي بأن رسول الله (ص) أعطاني فدك... قال أبوبكر: ان هذا المال لم يكن للنبي (ص) وحده، و انما كان من أموال المسلمين! فقالت: و الله لا كلمتك أبدا».
[470]: أجدني - و الله - كارهة لدنياكم، مسرورة لفراقكم، ألقي الله و رسوله بحسرات منكن، فما حفظ لي الحق، و لا رعيت مني الذمة، و لا قبلت الوصية، و لا عرفت الحرمة». و في رواية أخري، نجدها تقول لأسماء بنت عميس: «اذا أنا مت، فاغسليني أنت و علي، و لا تدخلي علي أحدا. فلما توفيت، جاءت عائشة، فمنعتها أسماء» (أسد الغابة 524: 5).
[471] مسند أحمد، مسند الأنصار 22911؛ راجع: صحيح مسلم، الوصية 3088؛ طبقات ابن‌سعد 19: 8؛ شرح النهج لابن أبي‌الحديد: 52: 26: 2.
[472] تقول عائشة أيضا: «قبض رسول الله (ص) و لم يستخلف أحدا، ولو كان مستخلفا أحدا، لاستخلف أبابكر و عمر» (مسند أحمد 23210).
[473] مسند أحمد، مسند الأنصار 23608.
[474] الترمذي، مناقب 3830.
[475] المرجع السابق 3809.
[476] 275: 4.
[477] 548: 5.
[478] صحيح البخاري، أذان 625؛ راجع: سيرة ابن‌هشام 649: 2؛ صحيح البخاري، وضوء 191، آذان 624؛ تاريخ الطبري 433: 2.
[479] 179: 2.
[480] تاريخ الطبري 1801: 1 ط أوروبا.
[481] كان علي يقول عن عائشة: «أما فلانة فقد أدركها ضعف رأي النساء، و ضغن غلا في صدرها، كمرجل القين. ولو دعيت لتنال من غيري، ما أتت الي، لم تفعل!» (شرح النهج 460 - 456: 2). أو: «و أما عائشة، فقد أدركها رأي النساء و شي‌ء كان في نفسها علي، يغلي كالمرجل. ولو دعيت لتنال من غيري، ما أتت الي، لم تفعل» (كنز العمال 217 - 215: 8؛ منتخب الكنز 316 - 315: 6).
[482] صحيح البخاري، جنائز 130.
[483] طبقات ابن‌سعد 202:، 2.
[484] 202: 2 يجب أن لا ننسي قول الطبري في تاريخه ان النبي «مات و هو في بيت زينب» زوجته 187: 3.
[485] 202 - 201: 2.
[486] راجع: الامامة و السياسة 65: 1.
[487] 22: 3.
[488] تقول مصادر أخري، ان عبدالله بن عمر، محمد بن مسملة، اسامة بن زيد، حسان بن ثابت، و سعد بن أبي‌وقاص، تخلفوا عن البيعة. راجع مثلا، تاريخ ابن‌أعثم 163. من أجل مبايعة الأمويين له، راجع: تاريخ اليعقوبي 125: 2؛ تاريخ ابن‌أعثم 164 - 163.
[489] طلحة هو الذي حامت حوله الشبهات برفض المبايعة. مع ذلك، هنالك رأيان في المسألة: الأول، أنه بايع بلسانه و منع يده؛ و الثاني، أنه أول من صعد المنبر، فبايع عليا بيده، و كانت أصابعه شلاء، فتطير منها علي، و قال: ما أخلقها أن تنكث. راجع: الامامة و السياسة 66: 1. من أجل بيعة علي عموما، راجع: تاريخ الطبري 144 - 143: 5؛ ابن‌الأثير 76: 3؛ تاريخ أعثم 159 و ما بعد؛ الرياض النضرة 132 - 131: 2؛ كنز العمال 161: 3؛ الأنساب 70: 5؛ الحاكم في المستدرك 114: 3.
[490] 32: 4.
[491] الامامة و السياسة 71: 1.
[492] الجملة من تاريخ اليعقوبي 127: 2؛ راجع أيضا: تاريخ ابن‌أعثم 167 - 166؛ تاريخ الطبري 153: 5؛ ابن‌كثير 228 - 227: 7؛ فتوح ابن‌أعثم 248: 2؛ شرح نهج‌البلاغة 173 - 170: 2؛ الامامة و السياسة 71: 1.
[493] طبقات ابن‌سعد 26: 5.
[494] في رواية أخري في الطبقات (28: 5): يقول مروان: «و الله ان دم عثمان الا عند هذا، هو كان أشد الناس عليه، و ما أطلب أثرا بعد عين! ففرق له بسهم، فرماه به، فقتله».
[495] 27: 5.
[496] 61: 3.
[497] من أجل قتل طلحة، راجع: تاريخ الطبري 204: 5؛ تاريخ اليعقوبي 158: 2؛ المستدرك 371: 3؛ ابن عبدالبر في الاستيعاب 208 - 207؛ اصابة ابن‌حجر 222: 2؛ الذهبي في النبلاء 83 - 82: 1؛ العقد الفريد 321: 4؛ ابن‌عساكر في تهذيب تاريخه 87 - 84: 7.
[498] الامامة و السياسة 97: 1.
[499] أسد الغابة 129 - 128: 5.
[500] الكامل 102: 3.
[501] تاريخ الطبري 167: 5؛ راجع أيضا: ابن‌الأثير 313: 2؛ شرح النهج 80: 2 ط 1؛ نور الأبصار 82؛ تذكرة الخواص للسبط ابن‌الجوزي 65؛ الامامة و السياسة 79: 1.
[502] تاريخ الطبري 168: 5؛ من أجل مرجع شيعي، أنظر: بحارالأنوار 3: 166: 211: 32.
[503] 36 - 35: 5؛ راجع أيضا: أسد الغابة 193 - 192: 3.
[504] الجملة بين قوسين من تاريخ الاسلام للذهبي، عصر معاوية، ص 258.
[505] الامامة و السياسة 78: 1.
[506] مروج الذهب 394: 2.
[507] راجع: الامامة و السياسة: 79: 1.
[508] راجع: تاريخ الطبري 167: 5؛ تذكرة الخواص 65؛ المعيار و الموازنة للاسكافي 30؛ الكامل في التاريخ 113: 3.
[509] شرح نهج‌البلاغة 219: 6.
[510] ابن‌طيفور، بلاغات النساء 8؛ راجع: الفائق للزمخشري 290: 1؛ العقد الفريد 69: 3؛ شرح نهح‌البلاغة 79: 2.
[511] شرح نهج‌البلاغة 217: 6؛ من أجل مرجع شيعي، أنظر: بحارالأنوار 2: 123: 149: 32.
[512] يقال انه لم يستجب لها من نساء النبي للخروج الي البصرة الا حفصة، لكن أخاها عبدالله أتاها، فعزم عليها بترك الخروج، فحطت رحلها بعد أن همت. راجع: تاريخ الطبري 169 - 167: 5؛ الكامل في التاريخ 106: 3؛ شرح نهج‌البلاغة 80: 2.
[513] الكامل في التاريخ 106: 3.
[514] الطلقاء تسمية مستمدة من عبارة قالها النبي لبني أمية الذين ظلوا معادين له حتي استيلائه علي مكة: فقد أجابهم، عندما جاؤوه مستسلمين، متوقعين منه أحد أشكال الانتقام: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». و العبارة مستخدمة للغاية في الدوائر الشيعية للانتقاص من الأمويين عموما.
[515] الطلقاء تسمية مستمدة من عبارة قالها النبي لبني أمية الذين ظلوا معادين له حتي استيلائه علي مكة: فقد أجابهم، عندما جاؤوه مستسلمين، متوقعين منه أحد أشكال الانتقام: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». و العبارة مستخدمة للغاية في الدوائر الشيعية للانتقاص من الأمويين عموما.
[516] الامامة و السياسة 66: 1.
[517] طبقات ابن‌سعد 61: 3.
[518] مروج الذهب 409: 2؛ راجع: طبقات ابن‌سعد 61: 3.
[519] سير أعلام النبلاء 482: 3.
[520] سعيد الأفغاني، عائشة و السياسة 72.
[521] أنساب الأشراف 102: 5؛ العقد الفريد 98: 3؛ بلاغات النساء 12؛ البيان و التبيين 209: 2.
[522] بمكة قبل الهجرة».
[523] أسد الغابة 179: 2.
[524] أنظر ما ذكرناه سابقا بشأن محمد بن أبي‌بكر.
[525] تدعوه ليقاتل معها، فقالت له: بم تعتذر الي الله تعالي من جهاد قتلة عثمان أميرالمؤمنين؟ فقال: يا أم‌المؤمنين! تقولين فيه و تنالين منه؟ قالت: ويحك يا أحنف، انهم ماصوه مص الاناء ثم قتلوه! قال: يا أم‌المؤمنين، اني آخذ بقولك و أنت راضية، و أدعه و أنت ساخطة».
[526] راجع: الامامة و السياسة 57: 1؛ شرح نهج‌البلاغة 81: 2؛ العقد الفريد 278: 2.
[527] راجع: الكامل 110: 3؛ تاريخ الطبري 188، 183: 5.
[528] راجع: تاريخ الطبري 176: 5؛ الامامة و السياسة 60: 1؛ تذكرة الخواص 67.
[529] راجع: البيهقي، المحاسن و المساوئ 35: 1.
[530] راجع: شرح النهج 500: 2.
[531] راجع: شرح النهج 500: 2؛ الكامل 110: 3؛ مروج الذهب 358: 2.
[532] مروج الذهب 358: 2.
[533] شرح النهج 501: 2.
[534] راجع: تاريخ الطبري 186: 5.
[535] راجع: طبقات ابن‌سعد 40: 5؛ شرح نهج‌البلاغة 501: 2؛ مروج الذهب 357: 2.
[536] راجع: تاريخ الطبري 519: 3 و ما بعد؛ الكامل 123: 3؛ مروج الذهب 363: 2؛ تذكرة الخواص 70؛ المستدرك للحاكم 366: 3؛ أغاني أبي‌الفرج 132، 131: 16؛ العقد الفريد 279: 2؛ مطالب المسؤول 41؛ الرياض النضرة 273: 2؛ مجمع الزوائد 235: 7؛ فتح الباري لابن حجر 46: 13؛ المواهب اللدنية للقسطاني 195: 2؛ شرح المواهب للزرقاني 318 3 و 217: 7؛ الخصائص الكبري للسيوطي 137: 2؛ السيرة الحلبية 315: 3؛ شرح الشفا للخفاجي 165: 3.
[537] تاريخ الطبري 520: 3؛ الامامة و السياسة 95: 1.
[538] الكامل 105: 3. يقال في الأخبار الطوال ان «عائشة كانت في هودجها أمام القوم.. أصاب ساعدها خدش سهم دخل بين صفائح الحديح» (151، 147).
[539] «حمل الأشتر النخعي، و هو يريد عائشة، فلقيه عبدالله بن الزبير، فضربه، و اعتنقه عبدالله فصرعه، و قعد علي صدره، ثم نادي عبدالله: اقتلوني و مالكا» (الامامة و السياسة 96: 1).
[540] فطعنه، ثم رجع برأسه و سلبه الي قومه» (الامامة و السياسة 94 - 93: 1).
[541] راجع: مروج الذهب 360 - 359: 2؛ أسد الغابة 286، 146، 143: 5 - 100، 46: 4 - 1178، 114 2 - 385: 1؛ الاصابة 395: 2، 248: 1؛ تاريخ الطبري 163: 5؛ كامل ابن‌الأثير 97 - 96: 3؛ تاريخ خليفة 185؛ سير أعلام النبلاء 26: 1؛ فتوح ابن‌الأعثم 326: 2؛ ابتداية و النهاية 275: 7.
[542] الامامة و السياسة 97: 1؛ راجع أيضا: شرح النهج لابن أبي‌الحديد: 249: 12: 1؛ مستدرك الوسائل، 12422: 58: 23: 11 - 12417: 56: 23: 11؛ بحارالأنوار 4: 173: 211: 32.
[543] الكامل 142: 3.
[544] أسد الغابة 284: 3.
[545] طبقات ابن‌سعد 1: 5؛ فتوح ابن‌أعثم 342 - 341: 2؛ راجع: تاريخ الاسلام للذهبي، زمن معاوية 264؛ الأخبار الطوال 147.
[546] أسد الغابة 284: 3؛ طبقات ابن‌سعد 64: 8؛ راجع: أيضا: تفسير الآية في: الدر المنثور؛ الاصابة 701؛ السمط الثمين 29؛ تاريخ الطبري 67: 3؛ ذيل المذيل 43: 2؛ تاريخ الخميس 475: 1؛ صبح الأعشي 435: 5؛ منهاج السنة 198، 192، 186، 182: 2؛ الأعلام 240: 3؛ تاريخ الذهبي 253.
[547] تاريخ الاسلام للذهبي، عهد معاوية 246.
[548] طبقات ابن‌سعد 59: 8؛ راجع: صحيح البخاري 11: 3 في تفسير سورة النور؛ حلية الأولياء، ترجمة عائشة، مسند أحمد 349، 276: 1؛ تاريخ الذهبي، عهد معاوية 253.
[549] طبقات ابن‌سعد 74: 8؛ تاريخ الذهبي 253.
[550] المرجعان السابقان.
[551] بلاغات النساء 8؛ راجع: تذكرة الخواص 46
[552] طبقات ابن‌سعد 49:8؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 8:316:327:32.
[553] النبلاء 135 134: 2؛ راجع أيضا:المستدرك 6: 4؛ المعارف 59.
[554] تاريخ الذهبي، عهد معاوية 247؛ طبقات ابن‌سعد 65: 8؛ أبونعيم في الحلية 44: 2؛ أسد الغابة 504 - 503: 5؛؛ السمط الثمين 34؛ صحيحة أيضا لترمذي في المناقب 3975.
[555] تاريخ الطبري 115: 4؛ راجع: مروج الذهب 259: 3؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 8: 324: 338: 32.
[556] أبوالفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبين 43؛ راجع ايضا: مجمع الرجال 14: 4؛ طبقات ابن‌سعد 40: 3؛ ابن‌الأثير 157: 3.
[557] ص 55؛ راجع: ابن‌الأثير 171: 3.
[558] راجع حوادث عامي 37 و 38 ه عند كل المؤرخين. أنظر أيضا: الاستيعاب 329 - 328: 3؛ الاصابة 451: 3.
[559] شرح نهج‌البلاغة 88: 6؛ راجع أيضا: تاريخ الطبري 79: 4؛ أسد الغابة 325 - 324: 4؛ الكامل 230: 3؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 30: 722: 555: 33.
[560] قبل الصلاة، و ذلك أن الناس اذا صلوا، انصرفوا لئلا يسمعوا لعن علي». - نلاحظ هنا أن الاثنين يعتبران من الصحابة و من أمراء «المؤمنين»!!!!.
[561] راجع: تاريخ الطبري 192: 4؛ ابن‌الأثير 209: 3؛ الأغاني 16: 10.
[562] الامامة و السياسة 206 - 205: 1؛ راجع أيضا: ترجمة حجر في الاستيعاب و أسد الغابة؛ تاريخ الطبري 64: 5؛ مسند أحمد 92: 4؛ تاريخ الاسلام للذهبي 248 - عصر معاوية؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 11: 36: 23: 18.
[563] الكشاف 36: 2؛ و رد في الهامش 3 من الصفحة ذاتها: «قال محمود: نزلت في أبي‌بكر (رض) حين دعاه ابنه عبدالرحمن الي عبادة الأوثان».
[564] 638: 1.
[565] الكشاف 304 - 303: 4؛ راجع: تفسير ابن‌كثير 256: 3.
[566] الكشاف 257 - 256: 4؛ راجع: أيضا: بحارالأنوار 5: 15: 236: 65؛ شرح النهج لابن ألي الحديد 150: 72: 6.
[567] راجع: الكشاف 304: 3؛ ابن‌الأثير 199: 3؛ حوادث عام 53 ه؛ ابن‌كثير 89: 8؛ الاصابة 141، ترجمة عبدالرحمن عند ابن‌عساكر 226: 4؛ ترجمة الحكم في: الاستيعاب، أسد الغابة، الاصابة؛ المستدرك 481: 4؛ راجع: تفسير سورة الأحقاف عند البخاري 126: 3؛ تاريخ الاسلام للذهبي عصر معاوية 148.
[568] الاستيعاب 393: 2 ترجمة عبدالرحمن بن أبي‌بكر؛ أسد الغابة 306: 3؛ الاصابة 400: 2؛ شذرات الذهب، عام 53 ه؛ المستدرك 476: 3.
[569] راجع: تاريخ اليعقوبي 225: 2؛ مروج الذهب بهامش الكامل 55: 6؛ مقاتل الطالبيين 73؛ ترجمة الحسن في الاستيعاب؛ سبط ابن‌الجوزي في التذكرة؛ و ابن‌عساكر 226: 4؛ ابن‌الأثير 197: 2؛ ابن‌شحنة بهامش ابن‌الأثير 132: 11؛ ابن‌كثير 43: 8؛ شرح نهج‌البلاغة 4: 4.
[570] أسد الغابة 15: 2.
[571] 133: 11.
[572] شرح نهج‌البلاغة 14 - 13: 16.
[573] تاريخ اليعقوبي 200: 2؛ راجع: تذكرة خواص الأمة 122 و مروج الذهب.
[574] عن بيتي، فانه لا يدفن في بيتي و يهتك علي رسول الله حجابه. فقال لها الحسين (ع): قديما هتكت أنت و أبوك حجاب رسول الله (ص) و أدخلت عليه بيته من لا يحب قربه و ان الله سائلك عن ذلك يا عائشة» (1: 300: 1). «ثم تكلم محمد بن الحنفية و قال: يا عائشة يوما علي بغل و يوما علي جمل، فما تملكين نفسك و لا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم». (المرجع السابق 3: 302: 1). لكن بحارالأنوار يجعل ابن‌عباس يقول لعائشة: «يا حميراء ليس يومنا منك بواحد، يوم علي الجمل و يوم علي البغلة» (22: 7: 140: 44)؛ و يكمل المصدر السابق فيقدم رواية أخري لابن عباس أيضا تقول: «يوما تجملت و يوما تبغلت، و ان عشت تفيلت. فأخذه ابن‌الحجاج الشاعر البغدادي، فقال: يا بنت أبي‌بكر لا كان و لا كنت لك التسع من الثمن و بالكل تملكت تجملت تبغلت و ان عشت تفيلت» (22: 24: 154: 44). و يجعل البغلة لمروان بن الحكم؛ راجع أيضا: وسائل الشيعة 15362: 497: 20: 11.
[575] السمط الثمين 76.
[576] حلية أبي‌نعيم 48: 2.
[577] حلية أبي‌نعيم 47: 2.
[578] حلية أبي‌نعيم 47: 2؛ سير أعلام النبلاء 131: 2؛ ابن‌كثير 137 - 136: 7؛ المستدرك 13: 4.
[579] ابن‌كثير 136: 8؛ سير أعلام النبلاء 131: 2؛ تاريخ الذهبي، عصر معاوية 248.
[580] طبقات ابن‌سعد 20: 5؛ راجع: الجرح و التعديل 125: 5.
[581] طبقات ابن‌سعد 131: 8؛ راجع: أبونعيم في الحلية 47: 2؛ تاريخ الذهبي، عصر معاوية 248.
[582] ابن‌منظور 199: 18.
[583] طبقات ابن‌سعد 55: 8.
[584] طبقات ابن‌سعد 57: 8.
[585] طبقات ابن‌سعد 183 - 182: 2.
[586] طبقات ابن‌سعد 166: 3.
[587] طبقات ابن‌سعد 145: 3.
[588] طبقات ابن‌سعد 170: 8 - 98: 3.
[589] شرح النهج لابن أبي‌الحديد 111: 416: 20.
[590] السمط الثمين 76.
[591] تاريخ الذهبي، عصر معاوية 250.
[592] طبقات ابن‌سعد 55: 8؛ راجع: مالك، الجامع 1419.
[593] طبقات ابن‌سعد 55: 8.
[594] طبقات ابن‌سعد 55: 8؛ تاريخ الذهبي، عصر معاوية 252.
[595] طبقات ابن‌سعد 56: 8.
[596] 195: 1، باب طواف النساء من كتاب الحج.
[597] راجع ترجمتها في نبلاء الذهبي 132: 2؛ طبقات ابن‌سعد 71: 8؛ تاريخ الذهبي، عصر معاوية 252.
[598] طبقات ابن‌سعد 70: 8.
[599] تاريخ الذهبي، عصر معاوية 252.
[600] المرجع السابق 256؛ راجع أيضا: طبقات ابن‌سعد 68: 8.
[601] السمط الثمين 76.
[602] تاريخ الذهبي، عصر معاوية 251؛ راجع أيضا: طبقات ابن‌سعد 67: 8؛ حلية الأولياء 47: 2.
[603] السمط الثمين 77.
[604] السمط الثمين 79 - 78.
[605] 18: 2.
[606] 42: 2.
[607] 803: 3.
[608] صحيح البخاري، نكاح 4687.
[609] الزمخشري، الكشاف 245: 3. و يقول الطبري في تاريخه نقلا عنها ايضا: «خلال في تسع لم تكت في أحد من النساء الا ما أتي الله مريم بنت عمران، و الله ما أقول هذا فخرا علي أحد من صواحبي... نزل الملك بصورتي، و تزوجني رسول الله (ص) لسبع سنين، و أهديت اليه لتسع سنين، و تزوجني بكرا و لم يشركه في أحد من الناس، و كان يأتيه الوحي و أنا و هو في لحاف واحد، و كنت من أحب الناس اليه، و نزل في آية من القرآن كاددت الأمة أن تهلك، و رأيت جبريل و لم يره أحد من نسائه غيري، و قبض في بيتي و لم يله أحد الا الملك» (399: 2).
[610] الصفوري، نزهة المجالس 521.
[611] السمط الثمين 42.
[612] السمط الثمين 30؛ راجع أيضا: صحيح البخاري، ك النكاح 119: 6؛ صحيح مسلم 2438: 4، طبقات ابن‌سعد 67: 8؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 23012؛ أنظر أيضا: بحارالأنوار 6: 237: 285: 32؛ شرح النهج لابن أبي‌الحديد 190: 156: 9.
[613] السمط الثمين 31.
[614] الصفوري، نزهة المجالس 521.
[615] هذا الكلام يتناقض تماما مع ما ذكر في فصل سابق من أن النبي لم تخطر بباله عائشة حتي ذكرتها له خولة بنت حكيم؛ و مع رفض أبي‌بكر لفكرة زواجه منها في البداية.
[616] الصفوري، نزهة المجالس 521.
[617] الصفوري، نزهة المجالس 521.
[618] السمط الثمين 42.
[619] الصفوري، نزهة المجالس 522 - 521.
[620] السمط الثمين 61.
[621] السمط الثمين 61.
[622] السمط الثمين 61؛ راجع أيضا: طبقات ابن‌سعد 67: 8؛ كتاب الأربعين 73.
[623] الصفوري، ترهة المجالس 523.
[624] الصفوري، نزهة المجالس 523.
[625] السمط الثمين 42.
[626] صحيح البخاري 221: 4؛ جامع الأصول 138: 9؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 23925؛ يقول ابن أبي‌الحديد: «عائشة موعودة أن تكون زوجة رسول الله (ص) في الآخرة» (شرح النهج 56: 92: 7).
[627] 155: 8.
[628] مسند أحمد، مسند الأنصار 2337؛ راجع أيضا: فصل سودة و عائشة.
[629] تيمم 324291؛ راجع: صحيح مسلم، حيض 441؛ الألباني، آداب الزفاف في السنة المطهرة 35؛ ابن‌ماجة، طهارة 627؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 24114، 23823؛ أبوداود، طهارة 239، 234؛ صحيح البخاري، حيض 291؛ النسائي، طهارة 238؛ الدارمي، طهارة 1015؛ تفسير الطبري للآية 222 من سورة البقرة.
[630] الدارمي، طهارة 1020؛ أنظر أيضا: الدارمي، طهارة 1019.
[631] مسند أحمد، مسند الأنصار 22918، 23680؛ راجع: مالك، طهارة 116؛ الترمذي، طهارة 122؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 22918، 23299، 24952، 23145.
[632] مسند أحمد، مسند النصار 24339.
[633] النساني، حيض و استحاضة 372؛ راجع أيضا: المحلي 181، 177: 2، الكشاف 265: 1.
[634] الدارمي، طهارة 1029.
[635] تفسير ابن‌كثير 405: 1؛ و في تفسير القرطبي للآية 222 من سورة البقرة نجد أن مسروقا هو الشخص الذي يطرح علي عائشة هذا السؤال.
[636] المرجع السابق.
[637] 58 - 57.
[638] تفسير ابن‌كثير 406: 1.
[639] تفسير ابن‌كثير 405: 1؛ يقول المرجع الشيعي، وسائل الشيعة: «ان النبي (ص) كان يصلي و عائشة مضطجعة بين يديه و هي حائض، و كان اذا أراد أن يسجد، غمز رجليها فرفعت رجليها حتي يسجد» (6096: 122: 4: 5).
[640] تفسير ابن‌كثير 796: 1. في مسند أحمد، مسند الأنصار 23621، يروي عن عائشة قولها: «كان رسول الله (ص) قل يوم الا و هو يطوف علينا جميعا، امرأة امرأة، فيدنو و يلمس من غير مسيس، حتي يفضي الي اللتي هي يومها، فيبيت عندها». راجع أيضا: السمط الثمين 7.
[641] هداية الباري 96 - 95: 2؛ راجع: السمط الثمين.
[642] طبقات ابن‌سعد 138: 8.
[643] المحلي 167: 2.
[644] تفسير 405: 1.
[645] طهارة 818.
[646] مسند الأنصار 23465.
[647] مسند الأنصار 24775؛ راجع أبوداود، الصوم 2038؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 23769؛ صيد الخاطر 304.
[648] الصوم 2034؛ راجع أيضا: صحيح البخاري، الصوم 1792؛ الدارمي، مقدمة 632؛ ابن‌ماجة، الصيام 1674؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 24550، 23769، 24284، 22981، 24071، 23873؛ الترمذي، الصوم 661؛ هداية الباري 115: 2؛ المحلي 206 - 205: 6؛ صحيح مسلم 305: 1.
[649] مسند أحمد، مسند الأنصار 25116؛ تقول عائشة أيضا: «كان رسول الله (ص) يصيب من رؤوس نسائه و هو صائم، كنت بذلك عن القبلة» (شرح النهج 15: 59: 5).
[650] السمط الثمين 42.
[651] تفسير ابن‌كثير 796: 1.
[652] المصدر السابق.
[653] المصدر السابق.
[654] مسند أحمد، مسند الأنصار 23000. حديث هام آخر، يورده المرجع السابق (23940) نقلا عن عائشة، بأن «رجلا أتي النبي (ص) فقال: انه قد احترق! فسأله ما شأنه، فقال: أصاب أهله في رمضان! فأتاه مكتل يدعي العرق فيه ثمر، فقال: أين المحترق؟ فقام الرجل! فقال: تصدق بهذا!!!».
[655] المحلي 211: 6.
[656] المحلي 211: 6.
[657] في نص الترمذي (طهارة 101)، تقول عائشة: «ان رجلا سأل رسول الله (ص)، عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل، هل عليهما الغسل؟ - و عائشة جالسة!!! - فقال رسول الله (ص): اني لأفعل ذلك، أنا و هذه، ثم نغتسل».
[658] مسند أحمد، مسند الأنصار 23648، 23257.
[659] مسند أحمد، مسند الأنصار 23673، 23075.
[660] مالك، طهارة 92.
[661] ابن‌ماجة، طهارة 600؛ راجع: مسند أحمد، مسند الأنصار 24714.
[662] مسند أحمد، مسند الأنصار 24120، 23886.
[663] مسند أحمد، مسند الأنصار 23514.
[664] مسند حمد، مسند الأنصار 20182.
[665] صحيح البخاري، الغسل 255؛ من أجل مراجع شيعية، أنظر علي سبيل المثال: الكافي 2: 10: 3؛ التهذيب 10: 16: 222: 1؛ وسائل الشيعة 600: 234: 7: 1.
[666] الترمذي، أدب 2726.
[667] أبوداود، طهارة 316؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 50: 12: 105: 80.
[668] ابن‌ماجة، الطهارة و سننها 531.
[669] 125: 1 راجع: ابن‌منظور 158: 18.
[670] تفسير ابن‌كثير 405: 1؛ في نص آخر، يقال: «كنت و رسول الله (ص) في الشعار الواحد، و أنا حائض، فان أصابه مني شي‌ء غسله، لم يعد الي غيره، و صلي فيه، ثم يعود معي». راجع: المحلي 182: 2؛ أبوداود 110: 1؛ النسائي 54: 1.
[671] مسند أحمد، مسند الأنصار 23195؛ ابن‌منظور 51: 22.
[672] نكاح 2587.
[673] عند كل من: الترمذي، نكاح 1037؛ تفسير ابن‌كثير 436: 1 أبوداود، الطلاق 2167؛ ابن‌ماجه، النكاح 1922؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 22929.
[674] مسندأحمد، مسند الأنصار 22929.
[675] راجع أيضا: النسائي، نكاح 3231، طلاق 3354؛ مسند أحمد مسند الأنصار 24426؛ الكشاف 275: 1؛ الترمذي، نكاح 1037؛ الدارمي، طلاق 2167؛ ابن‌ماجة، نكاح 1922؛ أبوداود، طلاق 1965؛ مالك، نكاح 976.
[676] راجع: لسان العرب، فقرة عسل.
[677] طبقات ابن‌سعد 156، 51 - 50: 8.
[678] طبقات ابن‌سعد 156: 8؛ راجع أيضا: ابن‌ماجة، نكاح 1912، طلاق 654؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 24392، 23208.
[679] صيد الخاطر 407.
[680] الترمذي، استئذان و أدب 2656.
[681] تفسير ابن‌كثير 34: 3.
[682] طبقات ابن‌سعد 278: 2؛ ابن‌منظور 196: 29.
[683] مسند أحمد، مسند الأنصار 24894.
[684] في نص ابن‌منظور (196: 29)، يقال: «فغضبت في ذلك غضبا شديدا... فقالت: كذب».
[685] حسن الأسوة 280؛ راجع: طبقات ابن‌سعد 51 - 50: 8.
[686] مسند أحمد، مسند الأنصار 25059؛ راجع الحديث بتفاصيل أخري في صحيح مسلم، صيام 1864؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 7: 40: 186: 64.
[687] الدارمي، فرائض 2735.
[688] مسند أحمد، 221، 151، 147: 6؛ الحديث موجود في اختلاف يسير في النسائي، عشرة النساء 3899؛ يذكر المرجع الشيعي، الكافي، الحدث بأسلوب مختلف قليلا: «كان رسول الله (ص) عند عائشة ذات ليلة فقام يتنفل، فاستقيظت عائشة، فضربت يدها فلم تجده، فظنت أنه قام الي جاريتها، فقامت تطوف عليه، فوطئت عنقه (ص) و هو ساجد» (12: 324: 3)؛ و في بحارالأنوار يقال، «قام من جنبها فوجأت عنقه» (4: 14: 245: 22).
[689] مسند أحمد، 111، 76، 115: 6؛ مسند الطيالسي ح 1429؛ صحيح مسلم، صفة القيامة و الجنة و النار 5035؛ السمط الثمين 80.
[690] النسائي، عشرة النساء 3898 راجع: مسند أحمد، مسند الأنصار 23701.
[691] البدايد 294: 5.
[692] السمط الثمين 29؛ يقول ابن أبي‌الحديد: «و لم تحمل عائشة من رسول الله (ص) و لا ولد له ولد من مهيرة الا من خديجة، و من السراري من مارية» (شرح النهج، 190: 156: 9).
[693] أنظر: أسد الغابة 221: 2؛ سيرة ابن‌هشام 307: 2؛ راجع أيضا: تاريخ اليعقوبي 53: 2؛ تاريخ ابن‌خياط 46؛ من أجل مرجع شيعي تفصيلي، أنظر: بحارالأنوار 19: 8: 309: 20.
[694] الكامل 81: 2.
[695] توبة 4. القصة وردت أيضا، باختلافات لا تذكر، في تفسير ابن‌كثير 446 - 443: 3. راجع القصة في تاريخ الطبري 270 - 264: 2.
[696] في الكامل (86 - 83: 2): «غزوة بني‌المصطلق».
[697] كما لاحظنا في فصل سابق، قالت عائشة انها لما حملت اللحم سبقها النبي. فهل كان حملها للحم بعد حدث الافك؟.
[698] في الكامل (المرجع السابق)، يقال: «فارتجع العسكر و لم أعلم بشي‌ء من ذلك».
[699] في سيرة ابن‌هشام (300: 2)، يقال: «مسطح لقب، و اسمه عرف».
[700] في مسند أحمد (مسند الأنصار 23181، تقول بريرة: «و الله ما أعلم عليها عبيا، الا أنها كانت تنام حتي تدخل الشاة فتأكل خميرتها أو عجينتها». - نلاحظ، بالمناسبة، أن الخلاف في مسألة «داجن أو شاة» يمتد أيضا الي آية رضاع الكبير، كما سنلاحظ في فصل «رضاع الكبير».
[701] في سيرة ابن‌هشام (302 - 300: 2)، يقال: «و كان قبل ذلك يري رجلا صالحا».
[702] في مسندأحمد (مسند الأنصار 23181)، يقال: «و لا دخل بيتي قط الا و أنا حاضر، و لا غبت في سفر الا غاب معي». - أي أنه كان كثير التردد علي البيت النبوي. دون أن ننسي أن الرواية هي عائشة!.
[703] في مسند أحمد، (النص السابق)، يقال: «كانت أم‌حسان بن ثابت من رهط ذلك الرجل».
[704] هذا ما يقوله أناس يفترض أن الاسلام غسل ما بينهم من أحقاد. و الدفاع هنا، بالمناسبة، هو عن أحد ألد أعداء الاسلام، عبدالله بن أبي - دون أن ننسي أن كل ذلك تم، و النبي فوق المنبر.
[705] لابد أن نتساءل هنا: لماذا الصبر هذا كله علي عائشة، في حين يطلب من علي قتل مابور لمجرد الشبهة؟!.
[706] في نص ابن‌هشام (المصدر السابق)، يقال: «فالتمست اسم يعقوب، فما أذكره».
[707] في البداية و النهاية، يرد: «و الله لا أقوم اليه و لا أحمده و لا أحمد كما، و لكن أحمد الله الذي أنزل براءتي. لقد سمعتموه فما غيرتموه و لا أنكرتموه». (67: 5). - مثله أيضا في مسند أحمد، النص السابق. في نص آخر في مسند أحمد (مسند الأنصار 22886)؛ تقول عائشة «لما نزل عذري من السماء، جاءني النبي (ص)، فأخبرني بذلك، فقلت: نحمد الله عزوجل لا نحمدك». و في تفسير ابن‌كثير (449 - 448: 3)، يذكر عن عائشة قولها: «و كنت أشد ما كنت غضبا، فقال لي أبواي: قومي اليه، فقلت: لا! و الله لا أقوم اليه و لا أحمده و لا أحمدكما، و لكن أحمد الله الذي أنزل براءتي؛ لقد سمعتموه فما أنكرتموه و لا غيرتموه... فقال لها أبوها: تقولين هذا لرسول الله (ص)؟ قالت: نعم».
[708]؛ نزلت في حسان بن ثابت، حين قال في عائشة (رض)».
[709] و انما نزلت في مارية القبطية، و ما قذفت به مع الأسود القبطي».
[710] راجع أيضا: الكشاف 222: 3.
[711] في البداية (163: 4)، يقال: «و ذلك أن زينت أختها كانت عند رسول الله (ص)، فأشاعت من ذلك تضاري لأختها».
[712] ورد في الكشاف (221: 3): «ضرب رسول الله (ص) عبدالله بن أبي و حسانا و مسطحا، و قعد صفوان لحسان، فضربه بالسيف، و كف بصره».
[713] ورد في تاريخ اليعقوبي (53: 2): «جلد رسول الله حسان بن ثابت، و مسطح بن أثاثة، و عبدالله بن أبي‌سلول، و هو الذي تولي كبره، و حمنة بنت جحش، أخت زينب بنت جحش».
[714] راجع أيضا: السمط الثمين 70 - 66.
[715] سيرة 302: 2.
[716] ورد في مسند أحمد، مسند الأنصار 22937: «لما نزل عذري، قام رسول الله (ص) علي المنبر، فذكر ذلك، و تلا القرآن، فلما نزل، أمر برجلين و امرأة، فضربوا حدهم»؛ راجع أيضا: تفسير ابن‌كثير 448: 3؛ البداية و النهاية 163: 4؛ ابن‌ماجة، حدود 2557؛ أبوداود، حدود 3880.
[717] ابن‌منظور 103: 11.
[718] في سيرة ابن‌هشام (304: 2)، يقال: «ثم أن صفوان بن المعطل اعترض حسان بن ثابت بالسيف، حين بلغه ما كان يقوله فيه، و قد كان حسان قال شعرا مع ذلك يعرض بابن المعطل فيه، و بمن أسلم من العرب من مضر».
[719] ابن‌منظور 104: 11.
[720] سيرة ابن‌هشام 305: 2.
[721] تفسير 86: 2.
[722] ورد في أسد الغابة (26: 3): «لما بلغ صفوان أن حسان ممن قال فيه، ضربه بالسيف، و قال: تلق ذباب السيف عني فانني غلام اذا هوجت لست شاعر و لكني أحمي حماي و أشتفي من الباهت الرامي البراء الظواهر فشكي حسان الي النبي (ص)، فعوضه حائطا من نخل و سيرين، جارية، فولدت له عبدالرحمن بن حسان».
[723] يقول ابن‌منظور (105 - 104: 11): «أعطاه أرضا كانت لأبي طلحة، تصدق بها علي رسول الله». و في سيرة ابن‌هشام (306: 2)، يقال: «بيرحاء، و هي قصر بني‌حديلة اليوم بالمدينة، كانت مالا لبي طلحة بن سهل، تصدق بها علي آل رسول الله (ص)».
[724] في البداية و النهاية (163: 4)، تقول عائشة: «سئل عن ابن‌المعطل، فوجده رجلا حصورا ما يأتي النساء». راجع: أخبار حسان 31؛ سيرة ابن‌هشام 306: 2. و الحصور، كما قال لسان العرب، مادة حصر: «هو الذي لا يشتهي النساء و لا يقربهن... و هو... المحبوب الذكر و الانثيين، و ذلك ابلغ في الحصر لعدم آلة النكاح».
[725] 202.
[726] يقول أسد الغابة (428: 5)؛ «حمنة بنت جحش: كانت ممن قال في الافك علي عائشة (رض)، فعلت ذلك حمية لأختها زينب، الا أن زينب (رض) لم تقل فيها شيئا؛ و قال بعضهم: انها جلدت مع من جلد؛ و قيل: لم يجلد أحد». راجع أيضا: البداية و النهاية 161: 4.
[727] سيرة 307: 2.
[728] 103: 11.
[729] الصوم 2013. ذكره أيضا يوسف بن رافع بن شداد في دلائل الأحكام 93 - 92: 13، ح 2459؛ أنظر أيضا: الخطابي، معالم السنن 137 - 136: 2.
[730] 450: 3.
[731] طهارة 308.
[732] راجع أيضا: البداية و النهاية 8 00: 1.
[733] النسائي، طهارة 561.
[734] أنظر أيضا: السمط الثمين 62.
[735] ابن أبي‌حديد، شرح النهج 170: 3 - 62: 1.
[736] 556: 3.
[737] تفسير 834: 3.
[738] الذي نزلت في أمره، «ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله و لا أن تنكحوا نساءه من بعده»، و ذلك أنه قال: لئن مات رسول الله (ص) لأتزوجن عائشة».
[739] ابن‌عباس: قال رجل من سادات قريش من العشرة الذين كانوا مع رسول الله (ص) علي حراء - في نفسه - لو توفي رسول الله (ص) لتزوجت عائشة و هي بنت عمي. قال مقاتل: هو طلحة بن عبيدالله. قال ابن‌عباس: و ندم هذا الرجل علي ما حدث به في نفسه، فمشي الي مكة علي رجليه و حمل علي عشرة أفراس في سبيل الله، و أعتق رقيقا فكفر الله عنه؛ و حكي مكي عن معمر انه قال: هو طلحة بن عبيدالله» (تفسير الآية). أما ابن‌كثير فيذكر في تفسيره للآية أنه «عزم علي ذلك طلحة بن عبيدالله (رض)».
[740] «اذا بلغ الغلام مبلغ الرجال و لم يكن صبيحا فحكمه حكم الرجال في الساتر في الصلاة، بعكس الصبيح فحكمه حكم النساء من فرقه الي قدمه» (285، 1). - لكن ابن‌عابدين لا يخبرنا ما اذا كان الغلام حرا أم عبدا.
[741] تفسير سورة الأحزاب 59.
[742] 855: 3.
[743] طبقات ابن‌سعد 141: 8.
[744] تفسير سورة الأحزاب 59.
[745] طبقات ابن‌سعد 141: 8.
[746] تفسير الطبري للآية 59 من الأحزاب.
[747] تفسير الطبري للآية 59 من الأحزاب.
[748] الكشاف 559: 3 و ما بعد.
[749] تفسير ابن‌كثير 855: 3.
[750] راجع: طبقات ابن‌سعد 127: 7؛ النهاية 114: 4.
[751] طبقات ابن‌سعد 141: 8؛ راجع، الكافي، 2: 534: 5؛ وسائل الشيعة 25508: 232: 129: 20؛ بحارالأنوار 4: 12: 244: 22، مع ملاحظة أن المرأتين هنا هما حفصة و عائشة.
[752] طبقات ابن‌سعد 55: 8.
[753] صحيح البخاري، بيوع 1912.
[754] تفسير ابن‌كثير 833: 3.
[755] تفسير ابن‌كثير 833:3؛ راجع أيضا: الكشاف 555: 3.
[756] طبقات ابن‌سعد 140: 8؛ راجع أيضا: تفسير الجلالين لسورة الأحزاب؛ شرح نهج‌البلاغة 58: 12؛ الرياض النضرة 202: 1.
[757] الكشاف 556 - 555: 3.
[758] الكشاف 555: 3.
[759] طبقات ابن‌سعد 139: 8.
[760] طبقات ابن‌سعد 143: 8.
[761] الكشاف 232: 3؛ يقول المرجع الشيعي، مستدرك الوسائل، ان النبي قال: «لا يحل لامرأة أن تدخل بيتها من قد بلغ الحلم... الا أن يكون محرما عليها... فقالت عائشة: و ان كان مملوكا؟ فقال: و ان كان مملوكا» 16734: 286: 96: 14.
[762] الكشاف 113: 8.
[763] «كان حسن و حسين لا يدخلان علي أزواج النبي» (طبقات 58: 8).
[764] » 225: 20.
[765] النص في مسند أحمد، مسند الأنصار 24029؛ راجع أيضا: تفسير ابن‌كثير 471: 3؛ أسد الغابة 269 268: 4؛ صحيح مسلم، سلام 4049؛ شقائق الأترنج 60 - 59؛ غريب الحديث لأبي عبيد 259: 2؛ في أخبار النساء من العقد الفريد 54 - 53 اسمه أبوالحر؛ محاضرات الأدباء 115: 2؛ المنتظم 242: 3.
[766] مروج 368: 2.
[767]: ذم عائشة و توبيخ من تبعها و ارشاد الناس الي ترك طاعة النساء» 4: 195: 248: 32.
[768] مالك، طهارة 418؛ راجع: مسند أحمد، مسند الأنصار 22901 - 23461؛ صحيح البخاري آذان 822 أبوداود 482؛ صحيح ميلم 130: 1؛ المحلي 132: 3 تفسير ابن‌كثير 486: 3؛ ذم الهوي 154؛ الشوكاني 161: 3.
[769] أبوداود 3991.
[770] مسند أحمد، مسند الأنصار 23240.
[771] المرجع السابق 24866؛ راجع: المرجع السابق 23433، 22926، 24167؛ صحيح مسلم البر و الصلة و الآداب 4763.
[772] ابن‌ماجه، نكاح 1842.
[773] مسند أحمد، مسند الأنصار 25810.
[774] أبوداود، طلاق 1910؛ نسائي، طلاق 3392.
[775] مسند أحمد، باقي مسند المكثرين 11200.
[776] مسند أحمد، مسند الأنصار 23257.
[777] أسد الغابة 504: 5.
[778] تفسير ابن‌كثير 840: 1.
[779] طبقات ابن‌سعد 212: 8؛ راجع أيضا: المصدر السابق 338: 8؛ أسد الغابة 757: 2.
[780] راجع: المراجع السابقة.
[781] صحيح مسلم رضاع 2637؛ راجع: طبقات ابن‌سعد 63: 3؛ نسائي، نكاح 3268؛ ابن‌ماجة 1933.
[782] صحيح مسلم، رضاع 2637.
[783] صحيح مسلم، رضاع 2638؛ راجع: نساني، نكاح 3271، 3270.
[784] نسائي، نكاح 3267؛ راجع تفسير ابن‌كثير 63: 3.
[785] مسند أحمد، مسند الأنصار 52125؛ راجع: المصدر السابق 24469؛ أسد الغابة 246: 2.
[786] مسند أحمد، مسند الأنصار 25111.
[787] نسائي، نكاح 3269.
[788] مالك، رضاع 1109. من أجل حكاية سالم، راجع: مسند أحمد، مسند الأنصار 24920، 24983، 24480، المغازي 1021، 498، 345، 245، 154، 28: 9؛ تاريخ الطبري 227: 4، 291، 288: 3؛ سيرة ابن‌هشام 708، 679، 479: 1؛ المعارف 273؛ الدارمي، نكاح 2157؛ صحيح مسلم، رضاع 2639.
[789] طبقات ابن‌سعد 64: 3.
[790] مسند أحمد، مسند الأنصار 24245.
[791] ترمذي، رضاع 1070.
[792] أبوداود، نكاح 1765. راجع أيضا: الدارمي، نكاح 1932، 2153؛ صحيح مسلم، رضاع 2635، 2634؛ مالك، رضاع 1118؛ تفسير ابن‌كثير 840: 1؛ مصنف الصنعاني 467: 7.
[793] ابن‌ماجة، نكاح 1934؛ راجع: المحلي 236 - 235: 11.
[794] مسند أحمد، مسند الأنصار 25112.
[795] المحلي 236: 11.
[796] الكشاف 518: 3.
[797] الكشاف 518: 3.
[798] راجع: صحيح البخاري 26: 8؛ صحيح مسلم 116: 5: الاتقان في أحكام القرآن 101: 1؛ تاريخ اليعقوبي 160: 2 مسند أحمد 47: 1.
[799] المحلي 235 - 234: 11.
[800] مالك، الندء للصلاة 288؛ راجع: النسائي، الصلاة 468؛ مسند أحمد، مسند الأنصار 24278، 23309؛ أبوداود، الصلاة 347؛ تاريخ الطبري 668: 11؛ راجع أيضا: بحارالأنوار 3: 5: 287: 82.
[801] الاتقان في أحكام القرآن 41 - 40: 2.
[802] الاتقان في أحكام القرآن 41 - 40: 2.
[803] أبوداود، الحروف و القراءات 30456؛ راجع: أبوداود، صلاة 1134؛ صحيح البخاري، فضائل القرآن 4649؛ صحيح مسلم، صلاة المسافرين 1311؛ مسند أحمد مسند الأنصار 23918.
[804] طبقات ابن‌سعد 294: 1؛ راجع: سنن أبوداود، الصيام باب 59؛ النسائي، الصيام، باب 69؛ ابن‌ماجه 1750؛ مسند أحمد 287: 6، 209، 206، 205: 5؛ الدارمي 20: 2؛ معجم الزوائد 117: 3؛ المعجم الكبير للطبراني 19: 10؛ مصنف ابن أبي‌شيبة 42: 3؛ الرغيب و الترهيب 125 - 124: 2؛ مشكاة المصابيح 2055؛ آمالي الشجري 272: 1؛ كنز العمال 24577، 24560، 18073.
[805] هذا النص مأخوذ عن الكتاب: Arthur jeffery Materials of the History of the Text of the Quran Leiden E.J.Brill937.pp.231-233.
[806] ابن‌كثير، فضائل القرآن، ص 38.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.