الموسوعة الوهابية و الشيعة الامامية(قراءة نقدية)

اشارة

‏سرشناسه : حداد، محمد شوقي
‏عنوان و نام پديدآور : الموسوعة الوهابية و الشيعة الامامية(قراآة نقدية)/ محمد شوقي الحداد
‏مشخصات نشر : بيروت : الغدير ، ۱۹۹۸م. = ۱۴۱۸ق. = ۱۳۷۷.
‏مشخصات ظاهري : ص ۲۶۳
‏يادداشت : كتابنامه: ص. ۲۵۹ - ۲۴۹؛ هم چنين بصورت زيرنويس
‏موضوع : شيعه -- بررسي و شناخت
‏رده بندي كنگره : ‏BP۲۱۱/۵‏/ح۴م۸ ۱۳۷۷
‏شماره كتابشناسي ملي : م‌۸۱-۲۳۸۴۹

كلمة المركز

يفترض في موسوعة تصدر في هذا العصر أن تتصف بالموضوعية و بخاصة اذا كان موضوعها الأديان و المذاهب، و هدفها - كما تزعم - تقديم المعرفة و ارشاد الناس، لكن القاري‌ء للكتاب الذي أصدرته «الندوة العالمية للشباب الاسلامي» في الرياض بعنوان «الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة» سرعان ما يتبين أنها تنظر بعين واحدة فتحرف و تجتزي‌ء، و تشوه... و بخاصة عندما تتحدث عن الشيعة الامامية الاثني عشرية. و لا يخفي أن هذا الصنيع يثير النزعات الطائفية، و يمزق شمل الأمة، و يفضي الي اخفاقها في زمن هي أحوج ما تكون فيه الي الوحدة القائمة علي معرفة الآخر و حواره. و انطلاقا من وعي هذه الحاجة الي الحوار التي يحدد القرآن الكريم سبيلها، عندما يقول: (ادع الي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جدلهم بالتي هي أحسن) [النحل / 125]. كان هذا الكتاب الهادف الي بيان ما وقعت فيه «الموسوعة» من أخطاء علي غير مستوي. يعتمد المؤلف في بحثه خطة تقضي بأن يناقش القضايا كما وردت في الموسوعة و هذه القضايا التي يتفرع كل منها الي مسائل كثيرة هي: تعريف الشيعة الامامية الاثني عشرية؛ تأسيس مذهب أهل البيت و أبرز شخصياته؛ أفكار هذا المذهب و معتقداته؛ و منها: الامامة، العصمة، المهدي: غيبته و ظهوره، التقية، الزواج المؤقت «زواج المتعة»، موقف الأئمة من الغلو، [ صفحه 6] حديث غدير خم و عيد الغدير؛ الجذور الفكرية و العقائدية: تاريخ التشيع، علاقة التشيع بالفرس، علاقة الشيعة بالعقائد و الديانات الأخري، استعمال الصور في الاسلام؛ الانتشار و مواقع النفوذ. يناقش المؤلف هذه القضايا بموضوعية، مستندا علي مصادر الشيعة الامامية، ملاحظا أن الموسوعة اعتمدت مصادر و مراجع غير شيعية. و هذا ينطبق عليه قول الله تعالي: (و لا تقف ما ليس لك به‌ي علم ان السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) [الاسراء / 36]. فلنع المسؤولية، و لنتحر الحقيقة، و لنتق الله في وحدة أمتنا، و لا نكون عونا لأعدائها في تفريق شملها. و الله تعالي من وراء القصد، و به وحده التوفيق. مركز الغدير للدراسات الاسلامية بيروت [ صفحه 7]

الاهداء

الي بقية الله الأعظم... الي النور الذي لا زلنا نترقب ظهوره ليملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا... الي الامام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) اليك سيدي... أقدم هذا الجهد المتواضع... سائلا المولي عزوجل أن يجعله لي صدقة جارية و ينفعني به يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من أتي الله بقلب سليم... المؤلف [ صفحه 9]

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام علي رسوله و خير خلقه الذي بعثه للناس كافة بشيرا و نذيرا و علي آله مصابيح الدجي و سفن النجاة الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا و علي أصحابه الذين اتبعوا هديه و كانوا له كظله. أفتتح كتابي هذا (الموسوعة الوهابية و الشيعة الامامية: قراءة نقدية) بالتعريف بهذه الموسوعة و الموضوع الذي طرحته حول الشيعة محاولا أن أسلط بعض الضوء علي الأفكار التي أتت بها الموسوعة و لا أدعي بأنني جئت بشي‌ء جديد في كتابي هذا ولكن ما دعاني للكتابة أن كثيرا من قراء المسلمين ينظرون بعين واحدة و أن القاري‌ء المسلم عندما يقرأ هذا الكتاب يقف عنده و يصدق جميع ما ورد فيه دون أن يكلف نفسه عناء البحث لمراجعة هذه المعلومات في مصادرها معولا علي من تصدي للكتابة في هذه الموضوعات، خاصة اذا لم يكن هناك كتاب يناقشه و يرد عليه، اضافة لذلك فاني أحببت أن ألفت انتباه السادة العلماء أصحاب الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة الي أن الله عزوجل قال في محكم تنزيله: (ادع الي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة وجدلهم بالتي هي أحسن) [النحل /125]. فاذا كان هدفهم ارشاد الناس و تعليمهم أحكام دينهم فان طريقتهم [ صفحه 10] هذه بتكفير المسلمين و اثارة الطائفيات تكون النتيجة فيها عكسية و لا تجني منها الا الدمار و الفشل للأمة. و علي كل حال فان هذه الموسوعة تقع في جزء واحد مؤلف من 575 صفحة تعرضت فيها لجميع الطوائف الدينية تقريبا في العالم السماوية و غير السماوية و للمذاهب الوضعية و الأحزاب الحاكمة الموجودة في العالم و قد صدرت هذه الموسوعة عن الندوة العالمية للشباب الاسلامي في الرياض بالمملكة العربية السعودية باشراف و تقديم الدكتور مانع بن حماد الجهني الأمين العام للندوة و كان تاريخ صدور الكتاب عام 1409 ه- 1989 م بطبعته الثانية. و ما يهمنا من هذه الموسوعة هو الفقرة التي كتبت حول الشيعة الامامية الاثني عشرية من ص 299 حتي ص 305 لتوضيح الالتباسات و الاشتباهات التي وقعت فيها و قد اعتمدنا في ترتيب فقرات هذا الكتاب عناوين الموسوعة كما جاءت في تلك الموسوعة. آملا من أصحابها أن يرجعوا الي الله تعالي عما بدر منهم من الاساءة الي غيرهم من أصحاب الأديان و النظريات، سواء كان ذلك منهم بقصد أو دون قصد و ليعذرنا كل من يجد التقصير في عملنا أو الشطح عن مقصدنا و موضوعنا، راجيا من الله عزوجل أن يهدينا جميعا سواء السبيل، انه نعم المولي و نعم النصير. م. ح [ صفحه 13]

تعريف الشيعة الاثنا عشرية

الشيعة الامامية و حملات التكفير

تحت عنوان (تعريف الشيعة) أوردت الموسوعة ما يلي: (الشيعة الامامية الاثنا عشرية: هم تلك الفرقة من المسلمين الذين تمسكوا بحث علي في وراثة الخلافة دون الشيخين و عثمان رضي الله عنهم أجمعين، و قالوا باثني عشر اماما دخل آخرهم السرداب بسامراء علي حد زعمهم، انهم القسيم المقابل لأهل السنة و الجماعة في فكرهم و آرائهم المتميزة، و هم يتطلعون الي نشر مذهبهم ليعم العالم الاسلامي) [1] . ان القول بأن الشيعة الامامية الاثنا عشرية هم من المسلمين كلام صحيح لا لبس فيه لأن علماء المسلمين قد أجمعوا علي أن الاسلام عبارة عن الشهادتين، و التصديق بالبعث، و الصلوات الخمس الي القبلة، و حج البيت، و صيام شهر رمضان، و الزكاة و الخمس المفروضين. و بهذا تعلن و تصرح الصحاح الستة و غيرها. و مما جاء في هذا الجمال: 1- قول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «من شهد أن لا اله الا الله و استقبل قبلتنا و صلي صلاتنا و أكل ذبيحتنا فذلك المسلم له ما للمسلم و عليه ما علي المسلم» [2] . 2- عن ابن‌عباس (رض): أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال لمعاذ بن جبل حين بعثه الي اليمن: [ صفحه 14] «انك ستأتي قوما من أهل الكتاب فاذا جئتهم فادعهم الي شهادة أن لا اله الا الله و أني رسول الله فان هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أن الله افترض خمس صلوات في كل يوم و ليلة فان هم أطاعوك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد علي فقرائهم فان هم أطاعوا لك بذلك فاياك و كرائم أموالهم» [3] . 3- ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال في يوم خبير: «لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله و رسوله» - و في رواية أخري: «و يحبه الله و رسوله يفتح الله علي يديه». قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الامارة الا يومئذ، فتساورت لها رجاء أن أدعي لها. قال: فدعا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام فأعطاه اياها و قال: «امش و لا تلتفت»، قال: فسار علي شيئا ثم وقف و لم يلتفت، فصرخ: «يا رسول الله علي ماذا أقاتل الناس»؟ قال: «قاتلهم حتي يشهدوا أن لا اله الا الله و أن محمدا رسول الله فاذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم» [4] . 4- عن المقداد بن عمرو أنه قال: يا رسول الله أرأيت ان لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا فضرب احدي يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال: أسلمت لله، أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: [ صفحه 15] «لا تقتله فان قتلته فانه بمنزلتك قبل أن تقتله و انك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال» [5] . 5- عن الامام جعفر بن محمد عليه‌السلام في خبر سماعه: «الاسلام شهادة أن لا اله الا الله و التصديق برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و به حقنت الدماء و عليه جرت المناكح و المواريث و علي جماعة الناس [6] . 6- ذكر العارف (الشعراني) في المبحث 58 من اليواقيت و الجواهر سؤالا من الشيخ شهاب الدين الأذرعي الي الشيخ تقي الدين السبكي و صورة السؤال: ما يقول سيدنا و مولانا شيخ الاسلام في تكفير أهل الأهواء و البدع؟ فكتب اليه الشيخ تقي الدين السبكي: - اعلم يا أخي أن الاقدام علي تكفير المؤمنين عسير جدا و كل من في قلبه ايمان يستعظم القول بتكفير أهل الأهواء و البدع مع قولهم: (لا اله الا الله محمد رسول الله) فان التكفير أمر هائل عظيم الخطر... ثم يقول في آخر كلامه: فالأدب من كل مؤمن أن لا يكفر أحدا من أهل الأهواء و البدع الا أن يخالفوا النصوص الصريحة التي لا تحتمل [7] . 7- الاسلام: ما ظهر من قول أو فعل و هو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها و به حقنت الدماء و عليه جرت المواريث و جاز النكاح و اجتمعوا علي الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج فخرجوا بذلك من الكفر و أضيفوا الي الايمان [8] . [ صفحه 16] 8- لما حضرت الوفاة الشيخ أباالحسن الأشعري أمر بجمع أصحابه ثم قال لهم: اشهدوا علي أنني لا أكفر أحدا من أهل القبلة بذنب لأني رأيتهم كلهم يشيرون الي معبود واحد و الاسلام يشملهم و يعمهم [9] . و الأحاديث التي وردت بهذا المعني لا تكاد تحصي و جميعها تؤكد علي أنه من نطق بالشهادتين فقد عصم دمه و ماله و عرضه و من أراد احصاءها و دراستها أو التأكد منها و من ألفاظها و معانيها فعليه بمظانها من الصحاح الستة و غيرها من الكتب المعتبرة. فليت شعري أي عذر لمن اعتمدوا هذه الأحاديث في صحاحهم و انحصر رجوعهم اليها في أحكام الدين ثم خالفوها بعد ذلك في تنفيذ هذه الأحكام و نبذوها وراء ظهورهم [10] انهم بما يفعلون من هذا من المرجفين و هم أبعد ما يكونون عن الدين [11] و لذلك أتمني من سماحتكم يا علماء الموسوعة الميسرة [ صفحه 18] في الأديان و المذاهب المعاصرة أن تكونوا علي يقين من أقوالكم بأن الشيعة الامامية مسلمون فلا تتغير هذه الأقوال حسب تبدلات الزمان و المكان أو حسابات الربح و الخسران. و كيف يسمح لنفسه من يكون في موقع المسؤولية بين المسلمين أو يسمح لغيره سواء كان من العلماء أو القادة السياسيين أو غيرهم أن يتجرأ باطلاق الفتاوي لتفسيق غيره من المسلمين أو تكفيره من دون رادع من أخلاق أو دين متناسيا في ذلك سيرة سيد المرسلين سيدنا و نبينا محمد صلي الله عليه و آله و سلم بين قومه المشركين و مع جيرانه أهل الكتاب و المنافقين كيف كان يحاول رأب الصدع و توحيد الصف و يتجاوز عن الهفوات و سقطات اللسان مشيرا اليها لتصحيحها من دون اساءة أو تنفير انطلاقا من قوله تعالي: (فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم و استغفر لهم و شاورهم في الأمر فاذا عزمت فتوكل علي الله ان الله يحب المتوكلين) [آل عمران / 159]. [ صفحه 19]

الخلافة بين الارث و الشوري

- أما قولكم بأنهم تمسكوا بحق علي: كذلك فان هذا الكلام صحيح لا لبس فيه و تمسكهم هذا كان بسبب الأدلة و البراهين من القرآن الكريم و السنة النبوية يعضدها سنة أهل البيت عليهم‌السلام و مواقفهم عبر التاريخ و مواقف الناس منهم تروي ذلك صحاحكم و أسانيدكم المعتبرة و سيأتي الكلام علي ذلك ان شاء الله في مواضعه من هذا الكتاب. - لكن قولكم: في وراثة الخلافة دون الشيخين و عثمان (رض): فانه أمر يستحق الوقوف عنده و دراسته بشكل جيد حتي نستطيع فهم مسألة الخلافة و ادراك قيمتها و كيفيتها و شروطها، و هل تكون بالارث أم بالشوري و الانتخاب أم أنها غير ذلك. فلو كانت الخلافة أمرا يحصل عليه الخليفة بالارث للزم أن تكون في أقرب الناس الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم أعني من يرثه و هي فاطمة الزهراء ابنته اذ لا يوجد من يرثه غيرها ولكن. و كما لا يخفي عليكم فان الخلافة ليست مسألة مادية يتملكها فلان من فلان بالارث لتصبح دمية يتناقلها هذا عن ذاك لتصبح ملكا لا يخرج من العائلة الا بفنائها كما حصل مع الدولة الأموية أيالم الأسرة السفيانية أو المروانية و نتيجة لهذا الارث فقد يستأثر الخليفة (الملك) الوارث بالخلافة مع أقاربه و يوزع عليهم بيت مال المسلمين و يتسلط علي رقاب العباد كيفما يريد و اذا خاطبه الشعب للتنازل عن هذا المنصب أجابهم: لا أخلع قميصا ألبسنيه الله. [ صفحه 20] ثم تقوده أعماله و أقاربه لثورة الأمة عليه و الجرأة علي مقام الخلافة هذا و من ثم قتل الخليفة بعد ذلك كما حصل مع عثمان بن عفان. - و قد يكون هذا الخليفة (الملك) عنصريا أو قوميا غير مبال بعالمية الدعوة الاسلامية و لا يهمه منها غير الكرسي و بيت المال و ليطحن الشعب بعضه بعد ذلك و لتقم الحروب و الخصومات و لتفترق الأمة بالاعتماد علي المسلمين العرب و نبذ المسلمين من غير العرب (الموالي) لتنشأ من جراء ذلك الحركة الشعوبية ضد العرب و ذلك كردة فعل علي التمييز و العنصرية، أو ليعتمد الخليفة علي المضريين و يساندهم علي القبائل الأخري ثم ليأتي غيره و يعتمد علي اليمانية لتفتك هي الأخري بمن سبقها من القبائل ثم تتفرق الأمة الي ثلاث و سبعين فرقة و يعود المسلمون الي الجاهلية. - و قد يكون هذا الخليفة (الملك) الذي ورث الخلافة عن أبيه فاسقا، فاجرا، شاربا للخمرة، ملاعبا للقردة، مجالسه المفضلة مع النساء و القيان، و قد يكون مع ذلك غير مصل أو حتي غير مقر بنبوة سيدنا محمد بن عبدالله صلي الله عليه و آله و سلم أمثال يزيد بن معاوية بن أبي‌سفيان الذي تفتقت قريحته عن بعض الأبيات الشعرية التي عبر بها عن عقيدته بالاسلام و رموزه و بالخلافة و ماهيتها و ذلك حين جاءه مسرف بن عقبة و معه رؤوس أهل المدينة المنورة بعد وقعة الحرة فلما ألقيت بين يديه تمثل عند ذلك يزيد بشعر ابن‌الزبعري يوم أحد قائلا: ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرع من وقع الأسل لأهلوا و استهلوا فرحا و لقالوا ليزيد لا فشل قد قتلنا الضعف من أشرافهم و عدلنا ميل بدر فاعتدل [12] . و قد روي الشعبي و غيره من العلماء و المؤرخين أن يزيد زاد علي ذلك قوله: [ صفحه 21] لعبت هاشم بالملك فلا ملك جاء و لا وحي نزل [13] . و في رواية أخري أنه قال هذا الشعر بعد مجي‌ء رأس الامام الحسين عليه‌السلام من كربلاء و سبي نسائه [14] . و غير هؤلاء كثير و كثير ممن تسموا خلفاء بالوارثة، ماذا فعلوا بالاسلام و المسلمين؟ لقد أغرقوا الأمة بالطائفيات.. أغرقوها بالتخلف و الجهل و الفقر... ثم أغرقوها بالدم و الدمار. كيف نرضي بتحكيم أمثال هؤلاء في شرع الله و في دماء المسلمين و أعراضهم و نقبلهم أئمة لنا و خلفاء و ما هو الفرق بين حكمهم و حكم اليهود و النصاري؟ أجيبوني أيها السادة العلماء!! و علي كل حال فان اخواننا من علماء السنة قد أثبتوا خلافة هؤلاء بالشوري كما يدعون و ليس بالارث علي اعتبار أنهم قالوا بأن النبي صلي الله عليه و آله و سلم لم يوص لأحد من بعده و انما اعتمدوا قول الله تعالي: (و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلوة و أمرهم شوري بينهم و مما رزقنهم ينفقون) [الشوري /38]. و هنا أقول: حول مسألة الخلافة اذا كانت بالشوري فمن الذي استشاره الخليفة الأول من وجوه المهاجرين و قبائل المسلمين المختلفة و هل كان معه في السقيفة من غير الأنصار سوي عمر بن الخطاب و أبي‌عبيدة بن الجراح، أفلا يوجد أحد لا ستشارته من جميع المهاجرين الا هذين الشخصين؟ و أين كانوا يا تري؟ و لماذا لم يحضروا هذا الأمر الجلل؟!! علي أن المجتمعين في السقيفة لم يحتجوا بنص قرآني و لا بموقف نبوي و لا برواية عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لتفسير البيعة لسعد أو لأبي‌بكر، بل احتجوا بما لكل طرف من فضل في الجهاد و خدمة للدعوة و نصرة للنبي و للرسالة، كما احتج المهاجرون بسبقهم الي الايمان بالرسول محمد صلي الله عليه و آله و سلم و قرابتهم منه. ثم اذا كانت الخلافة حصلت بالشوري فلماذا احتج كبار الصحابة [ صفحه 22] و وجوههم علي تنصيب أبي‌بكر، تعالوا لنستمع الي احتجاج بعض المعارضين للشوري. فهذا البراء بن عازب يأتي الي بني‌هاشم المنهمكين بتجهيز النبي صلي الله عليه و آله و سلم لدفنه قائلا لهم: يا بني‌هاشم بويع أبوبكر...!!. فيستغرب بعضهم قائلين: ما كان المسلمون ليحدثوا حدثا نغيب عنه و نحن أولي بمحمد صلي الله عليه و آله و سلم!. لكن العباس بن عبدالمطلب عم النبي صلي الله عليه و آله و سلم الذي خبر قومه جيدا يجيب قائلا: فعلوها و رب الكعبة!!. و اعتزل علي ولم يبايع قائلا: «أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم و أنتم أولي بالبيعة لي» و اعتزل مع علي بنوهاشم و الزبير و طلحة و تخلفوا عن البيعة [15] ولم يبايع بنوهاشم مع الامام علي حتي ماتت فاطمة الزهراء اعتقادا منهم بحق علي في الخلافة [16] . و انظم الي بني‌هاشم في بيت علي: المقداد و خالد بن سعيد بن العاص و سلمان الفارسي و أبوذر الغفاري و عمار بن ياسر و البراء بن عازب و أبي بن كعب و حذيفة بن اليمان و ابن‌التيهان و عبادة ابن‌الصامت [17] و قد أحصي بعض لمؤرخين المعارضين لبيعة أبي‌بكر فكانوا ستة عشر شخصا غير بني هاشم [18] و قال بعض الأنصار لا نبايع الا عليا [19] . [ صفحه 23] و أورد ابن‌حجر أن الأنصار كرهوا بيعة أبي‌بكر [20] . و من الأنصار المعارضين: سعد بن عبادة زعيم الخزرج و حامل راية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عن الأنصار في الغزوات أعلن عن موقفه بصراحة بالغة في السقيفة قائلا لأبي‌بكر: أما و الله لو أن بي‌قوة ما أقوي علي النهوض، لسمعت مني في أقطارها و سككها زئيرا يحجرك و أصحابك، أما و الله اذا لألحقنك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع ثم نادي أقاربه احملوني من هذا المكان، فحملوه و أدخلوه داره. و عندما بعث اليه بعد أيام أن أقبل بايع فقد بايع الناس و بايع قومك أجابهم قائلا: لا و الله حتي أرميكم بما في كنانتي من نبلي و أخضب سنان رمحي و أضربكم بسيفي ما أطاعني و أقاتلكم بأهل بيتي و من تبعني و لو اجتمع معكم و الانس و الجن ما بايعتكم حتي أعرض علي ربي [21] و أعلم حسابي [22] . و عندما يذهب أبوبكر مع عمر بن الخطاب و أبي‌عبيدة بن الجراح و المغيرة بن شعبة لمصالحة العباس بن عبدالمطلب يتكلم أبوبكر حتي يصل الي قوله: فاختاروني - أي المؤمنين - عليهم و اليا و لأمورهم راعيا و ما انفك يبلغني من طاعن يقول الخلاف علي عامة المسلمين يتخذكم لجأ فتكونون حصنه المنيع و خطبه البديع، فأجابه العباس ردا علي كلامه حتي وصل الي قوله: و ان كان هذا الأمر انما وجب لك بالمؤمنين فما وجب لك اذ كنا كارهين، و ما أبعد قولك انهم طعنوا عليك من قولك انهم اختاروك و مالوا اليك [23] و ما أبعد تسميتك خليفة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من قولك خلي علي الناس أمورهم ليختاروا [ صفحه 24] فاختاروك، و أما ما قلت أنك تجعله لي فان كان حقا للمؤمنين فليس لك أن تحكم فيه و ان كان لنا فلم نرض ببعضه دون بعض و علي رسلك فان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من شجرة نحن أغصانها و أنتم جيرانها [24] . - ان هذه المحاججة بين أبي‌بكر و العباس تظهر الأمر جليا حيث أنه لم يكن هناك شوري و لا اجماع علي هذه البيعة المزعومة لأن معظم الصحابة لم يكونوا راغبين بتنصيب أبي‌بكر بل علي العكس من ذلك كان أبوبكر و عمر يحاولان كما - مر معنا - استرضاء العباس و شراء سكوته بالمال و ليطرد من يحتمي به من المعارضين لحكم أبي‌بكر. و بعد ذلك يأتي صوت أبي‌سفيان معترضا علي هذه البيعة قائلا للامام علي عليه‌السلام: و الله لو شئت لأملانها عليه خيلا و رجالا و آخذنها عليه من أقطارها [25] . - و يأتي الفضل بن العباس خطيبا بالناس فيقول: يا معشر قريش انه ما حقت لكم الخلافة بالتمويه! و نحن أهلها دونكم و صاحبنا أولي بها منكم [26] . (و قوله صاحبنا يعني: عليا). - و يأتي دور عتبة بن أبي‌لهب منشدا يقول: ما كنت أحسب أن الأمر منصرف عن هاشم ثم منها عن أبي‌حسن عن أول الناس ايمانا و سابقة و أعلم الناس بالقرآن و السنن [27] . - أما الامام علي عليه‌السلام فقد جاءه رسول أبي‌بكر قائلا: ان خليفة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يدعوك فقال له الامام: «لسريع ما كذبتم علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم»!!. [ صفحه 25] فرجع الداعي الي أبي‌بكر فأبلغه بذلك فبكي طويلا، فقال له عمر: لا تمهل هذا المتخلف عن البيعة فبعث أبوبكر رسوله ثانية فقال للامام علي صلي الله عليه و آله و سلم: خليفة رسول الله يدعوك لتبايع، فقال الامام علي عليه‌السلام: سبحان الله لقد ادعي ما ليس له!!. فرجع الرسول و أبلغ أبابكر فبكي طويلا، فقام عمر و مشي معه جماعة حتي أتوا بيت فاطمة عليهماالسلام فدقوا الباب فلما سمعت فاطمة أصواتهم نادت بأعلي صوتها: «يا أبت يا رسول الله لشد ما لقينا بعدك من ابن‌الخطاب و ابن أبي‌قحافة»؟!. فلما سمع القوم صوت بكائها انصرفوا باكين و كادت قلوبهم تنصدع و أكبادهم تنفطر الا عمر بن الخطاب فانه بقي مع قلة و أخرجوا عليا و مضوا به الي أبي‌بكر فقال له: بايع. فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبايع و أنتم أولي بالبيعة لي. فقيل له: لست متروكا حتي تبايع. فقال: ان أنا لم أفعل فم؟! قالوا: اذن و الله الذي لا اله الا هو نضرب عنقك. فقال: اذن تقتلون عبدالله و أخا لرسوله. فقال عمر: أما عبدالله فنعم، و أما أخو رسوله فلا، و أبوبكر ساكت. فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟! فقال أبوبكر: لا أكرهه علي شي‌ء ما كانت فاطمة الي جانبه. فلحق الامام علي عليه‌السلام بقبر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يصيح و ينادي: [ صفحه 26] (ابن أم ان القوم الستضعفوني و كادوا يقتلونني) [28] [الأعراف/150]. و كان الامام عليه‌السلام من خلال قوله هذا يريد أن يعرف المسلمين و يذكرهم بمقامه من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أنه بمنزلة هارون من موسي. و في رواية أخري غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي‌بكر منهم علي بن أبي‌طالب و الزبير بن العوام و طلحة و آخرون فبعث أبوبكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة و قال له: ان أبوا فقاتلهم. أما عن علي فقد قال أبوبكر لعمر: ائتني به بأعنف العنف [29] . فانطلق عمر و خالد بن الوليد الي بيت فاطمة حتي هجموا علي الدار [30] فخرج عليهم الزبير مصلتا سيفه فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه و كان الزبير يقول: لا أحد أولي بهذا الأمر من علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام [31] . و يذكر عروة بن الزبير انه أرهب بنوهاشم و جمع لهم الحطب لتحريقهم اذا هم أبوا البيعة في ما سلف [32] . و أخيرا دخلوا الدار فخرجت فاطمة فقالت: «و الله لتخرجن أو لأكشفن شعري و لأعجن الي الله فخرجوا و خرج من كان في الدار» [33] . و تقول فاطمة الزهراء في اعتراضها علي الخلفاء: [ صفحه 27] «و يحهم أني زحزحوها - أي الخلافة - عن رواسي الرسالة و قواعد النبوة و مهبط الروح الأمين الطبين بأمور الدنيا و الدين ألا ذلك الخسران المبين و ما الذي نقموا من أبي‌الحسن...؟ نقموا و الله منه نكير سيفه و شدة و طأته و نكال وقعته و تنمره في ذات الله» [34] . - و يقول الامام علي في حديث له حول مسألة الخلافة: أما و الله لقد تقمصها فلان و انه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحي ينحدر عني السيل و لا يرقي الي الطير... حتي يصل الي قوله: فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته اذ عقدها لآخر بعد وفاته!! لشد ما تشطرا ضرعيها فصبرت علي طول المدة و شدة المحنة... حتي اذا مضي الأول لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم فيالله و للشوري متي اعترض الريب في مع الأول حتي صرت أقرن الي هذه النظائر [35] . كما أن الامام عليا عليه‌السلام لم يدع موقفا من المواقف أو مناسبة من المناسبات الا و عرج فيها علي موضوع الخلافة و الامامة و طعن فيما يسمي بالشوري و الاجماع بتوجيه الخطب العامة و من خلال المناظرات مع الخصوم حتي لا يبقي أمام كل من كانت علي عينه غشاوة أي أثر لذلك و ليعلم المسلمون بأن هذه الشوري المزعومة ان هي الا و هم و خيال كما أنها أنزلت من قدره و منزلته حين وضع فيها مع من هم أقل شأنا و علما و تقوي و تقديرا للمسؤولية. و اذا أردنا أن نعرف عن بيعة أبي‌بكر و سبب تفشيها بين الناس قبل اتساع المعارضة فلنقرأ ذلك الأسلوب الاعلامي التمويهي و المسرحي الذي فعله عمر= [ صفحه 28] ابن‌الخطاب - مع المسلمين الذين غابوا عن معرفة ما كان يدور في السقيفة لايهامهم بقصة الشوري فقد أخذ يهرول عمر بين يدي أبي‌بكر في شوارع المدينة - بعد خروجه من السقيفة و هو يقول: ألا ان الناس قد بايعوا أبابكر [36] . و في رواية أخري: أقبلت الجماعة التي بايعت أبابكر تزفه الي مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فصعد المنبر فبايعه الناس حتي أمسي و شغلوا عن دفن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حتي كانت الثلاثاء [37] . كما برز من المبايعين الأوائل من أكره المسلمين علي المبايعة أمثال خالد ابن‌الوليد و سالم مولي أبي‌حذيفة و لذلك يقول عمر بن الخطاب عندما حضرته الوفاة: لو كان سالم مولي أبي‌حذيفة حيا لوليته [38] . و مع حصول هذه الأمور فاننا لا نستغرب قول الامام الحسن عليه‌السلام في يوم من الأيام لأبي‌بكر و هو يخطب علي المنبر: انزل عن مجلس أبي، فيرد أبوبكر قائلا: صدقت و الله! انه لمجلس أبيك. و قول الامام الحسين عليه‌السلام لعمر: انزل عن مجلس أبي... فقال له: منبر أبيك لا منبر أبي [39] . و علي كل حال فان مسألة الشوري التي حصلت في سقيفة بني ساعدة غاب عنها أهل الحل و العقد و فرض الأمر علي المسلمين و لذلك نقول لاخواننا من أهل السنة الذين أثبتوا خلافة الأول بالشوري و قالوا بأن النبي صلي الله عليه و آله و سلم لم ينص من بعده علي أحد و ذلك نزولا علي حكم الآية المباركة: (و أمرهم شوري بينهم) [الشوري: 38]. [ صفحه 29] ثم ان الشوري التي جرت في السقيفة لم تكن تمثل الا عددا قليلا من الصحابة لا يمثلون الأمة جميعها، كما أن الخلافة بعد أبي‌بكر قد نقلت الي الخليفة عمر بعهد من أبي‌بكر، و أن عمر أوصي بها الي ستة أشخاص مقيدة بقيود كان من افرازها لخلافة عثمان بن عفان أمر حتمي، فهي شبيهة بالنص عليه، و العهد اليه. لقد حصل التعارض بين الفعلين: 1- فان كانت الوصية التي أثبتوا بها خلافة الثاني و الثالث حقا و أمرا شرعيا فقد أخطأ بهذا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اذ لم يوص لمن بعده لعدم امتثاله لهذا الأمر الشرعي و هو المشرع و المعصوم الذي لا ينطق عن الهوي كما تكون خلافة الأول باطلة لأنها قامت دون وصية. 2- و ان كانت الشوري التي ادعوا أنها حصلت و ثبتت بها خلافة الأول هي الحق و الأمر الشرعي فقد حكموا ببطلان خلافة الثاني الذي أوصي له أبوبكر، و بطلان تعيين الستة الذين أوصي عمر قبل موته بانتخاب الخليفة من بينهم و كان عليهم في هذه الحالة أن يتبعوا شرع النبي صلي الله عليه و آله و سلم اذ زعموا أنه لم يخلف أحدا أو ينص علي من بعده. هذان أمران لا ثالث لهما: اما أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم يخالف الشرع و لا يعمل به (وحاشاه ذلك) فلا يوصي لمن بعده و يكون الخلفاء مصيبين بوصيتهم عاملين بالشرع و الدين. و اما أن هؤلاء الخلفاء هم المخالفون للشرع و يوصون لمن يريدون و هذا الكلام أقرب للصواب لأن النبي صلي الله عليه و آله و سلم المعصوم الذي لا ينطق عن الهوي من المحال أن يخالف الشرع لأنه بمجرد صدق المخالفة عليه تنتفي عنه النبوة و لا يجوز أن يختار الله عزوجل من لا يصح لها. و لذلك من الأجدر بالانسان المؤمن أن يترك هؤلاء الخلفاء الذين يخطئون و يصيبون و يتمسك بقول الله عزوجل: (و مآ ءاتكم الرسول فخذوه و ما نهكم عنه فانتهوا) [الحشر/7]. [ صفحه 30] ان هذه الشوري التي ما فتي‌ء بعض المتعصبين لها يدافعون عنها و يتبجحون بها علي أنها (الديمقراطية) التي جاء بها الاسلام الي الناس قبل أن يعرف مفهوم (الديمقراطية). و اذا استعرضنا آراء الخلفاء أنفسهم حول خلافتهم هذه و كيف و صلوا اليها نسمع منهم العجائب حول ذلك فهذا الخليفة الأول يصرح ان بيعتي كانت فلتة و قي الله المسلمين شرها [40] . و يقول في مقام آخر: لقد قلدت أمرا عظيما ما لي به طاقة [41] . أما الخليفة الثاني فقد كان يقول: ان بيعة أبي‌بكر كانت فلتة [42] لكن وقي الله شرها [43] فمن عاد لمثلها فاقتلوه [44] . و عندما يسأل كيف تمت البيعة في مقام آخر يقول: ان الرجل ماكرني فماكرته [45] . و في محاورة بين عمر بن الخطاب و عبدالله بن عباس يصرح عمر قائلا: لقد كان علي فيكم أولي بهذا الأمر مني و من أبي‌بكر، و في رواية أخري: يا ابن‌عباس أما و الله ان صاحبك هذا (يشير الي الامام علي) لأولي الناس بالأمر بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الا انا خفناه علي اثنين - الي أن قال ابن‌عباس - ما هما يا أميرالمؤمنين... قال عمر: خفناه علي حداثة سنه و حبه بني [ صفحه 31] عبدالمطلب [46] . و مع ذلك و علي فرض حصول الشوري و علي فرض أن فكرتها سليمة و لم ينزل نص قرآني حول الخلافة فمن نختار و ننتخب لقيادة الأمة؟ أليس الأكفأ و الأفضل هو الذي ينتخب لقيادة الأمة ليستطيع أن يهديها سبل الخيرات فهل توفرت شروط (ديموقراطيتكم) و شوراكم يا من تقولون بأن في الحكم الاسلامي شوري و (ديموقراطية)؟! اسألوا كل من درس القانون و انظروا في خلافتكم هذه: هل توفر فيها شرط واحد من شروطها..؟ اللهم الا شرط مخالفة النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقد توفر هذا الشرط في خلافتكم التي تتبجحون بها بترك وصية النبي صلي الله عليه و آله و سلم و تنحية أعلم الأمة و أفضلها و أقضاها و أشجعها و من نص عليه الله و رسوله و هو الامام علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام.

الائمة الاثنا عشر

و أما قولكم: (قالوا باثني عشر اماما دخل آخرهم السرداب بسامراء علي حد زعمهم) [47] . ان الشيعة الامامية لم يكن قولها باثني عشر اماما بدعة من عندهم و انما كان ذلك قول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من خلال الأخبار المتواترة و الأحاديث الشريفة الدالة علي ذلك من طرق الخاصة و العامة. و الأحاديث التي تروي عن امامة اثني عشر اماما هي علي نوعين: الأول ما ينص علي حصر الخلافة أو الامارة أو القيمين، بالعدد (اثني عشر) دون ذكر أسمائهم. [ صفحه 32] و الثاني ما ينص علي عدد الخلفاء أو الأئمة و حصرهم باثني عشر اماما بأسمائهم و أعيانهم. و الأول من هذين النوعين متواتر معني، قد رواه الفريقان السنة و الشيعة بطرق كثيرة جدا. فممن رواه من محدثي السنة: البخاري، و مسلم، و الترمذي، و أبوداود، و أحمد، و الحاكم النيسابوري في المستدرك، و ابن عبدالبر في الاستيعاب، و التقي الهعندي في منتخب كنز العمال و غيرهم الكثير. و ممن رواه من محدثي الشيعة، الكليني في الكافي، و الخراز في كفاية الأثر، و الصدوق القمي في: اكمال الدين، و الخصال، و عيون الأخبار و غيرهم الكثيرون أيضا. و قد رواه كل من هؤلاء و هؤلاء عن جماعة كثيرة من الصحابة، كجابر بن سمرة، و عبدالله بن مسعود، و أبي‌سعيد الخدري، و سلمان الفارسي، و أنس ابن‌مالك، و أبي‌هريرة، و وائلة بن الأسفع، و أبي‌قتادة، و ابن‌الطفيل، و أم‌سلمة، و عبدالله بن عباس، و أبي‌ذر الغفاري، و جابر بن عبدالله الأنصاري، و عثمان بن عفان، و زيد بن أرقم، و أبي‌أمامة أسعد بن زرارة و عمران بن الحصين، و حذيفة بن اليمان و غيرهم. و قد روي لفظ النص بصيغ عديدة، منها: «يكون اثنا عشر أميرا، كلهم من قريش» كما في البخاري. و «يكون من بعدي اثنا عشر أميرا، كلهم من قريش» كما في صحيح مسلم و (ان هذا الأمر لا ينقضي حتي يمضي فيهم اثنا عشر خليفة» كما في رواية مسلم الأخري. و «يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيما لا يضرهم من خذلهم، كلهم من قريش» كما هو لفظ منتخب كنز العمال للمتقي الهندي، أو «لا يضرهم عداوة من عاداهم» كما هو لفظ مجمع الزوائد، و غير ذلك من الصيغ و التعابير التي لا يتخلف فيها المضمون [48] . [ صفحه 33] و قد وجد الشيعة في هذه الأحاديث اشارة واضحة، تؤيد و جهتهم حول امامة الأئمة الاثني عشر، و تنسجم معها، دون حاجة الي تكلف التأويلات، و بخاصة ما اشتمل عليه الحديث في رواية منتخب كنز العمال و مجمع الزوائد، و هو قوله صلي الله عليه و آله و سلم فيهم: (لا يضرهم خذلان من خذلهم) أو (لا يضرهم عدواة من عاداهم)، الذي لا ينطبق الا علي أئمة الشيعة الاثني عشر، الذين كانوا هدفا لنقمة الظالمين و عسف الطغاة الجائرين في أكثر عهودهم. و هناك الأحاديث الكثيرة الدالة علي الأئمة الاثني عشر بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و وجوب اتباعهم و قد راعينا الاختصار في هذا البحث فمن أراد المزيد فليراجعها في مظانها من الكتب المعتبرة عند المسلمين. اختلاف الأقوال في الأئمة الاثني عشر: لقد حاول بعض علماء السنة التعليق علي حديث الأئمة الاثني عشر و تأويلة بطريقة يصرفون مفهوم الحديث عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام و وقعوا في حيرة و اختلاف كبير مما أدي أن يقر بعضهم بالعجز عن تطبيق الحديث. 1- فهذا القاضي عياض يقول: لعل المراد بالاثني عشر في هذه الأحاديث و ما شابهها أنهم يكونون في مدة عزة الخلافة وقوة الاسلام و استقامة أموره و الاجتماع علي من يقول بالخلافة [49] . و قال في جواب هذا القول أنه ولي أكثر من هذا العدد: هذا اعترض باطل لأنه صلي الله عليه و آله و سلم لم يقل لا يلي الا اثنا عشر، و قد ولي هذا العدد و لا يضر كونه وجد بعدهم غيرهم [50] . 2- أما ابن‌الجوزي فقال: قد أطلت البحث عن معني هذا الحديث و تطلبت مظانه وسألت عنه فلم أقع علي المقصود به لأن ألفاظه مختلفة و لا [ صفحه 34] شك ان التخبط فيها من الرواة. ثم قال: يحتمل أن يكون هذا بعد المهدي الذي يخرج في آخر الزمان فقد وجدت في كتاب دانيال: اذا مات المهدي ملك بعده خمسة رجال من ولد السبط الأكبر ثم خمسة من ولد السبط الأصغر ثم يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر ثم يملك بعده ولده فيتم بذلك اثنا عشر ملكا كل واحد منهم امام مهدي [51] . و قد وافقه علي هذا الكلام أبوالحسين بن المنادي في الجزء الذي جمعه في المهدي [52] . - و قال ابن‌حجر العسقلاني: قريب من هذا الكلام ردا علي ابن‌المنادي و ابن‌الجوزي بقوله: ان الذي ذكره ابن‌المنادي بواضح و يعكر عليه ما أخرجه الطبراني من طريق قيس بن جابر عن أبيه عن جده رفعه: سيكون بعدي خلفاء، ثم من بعد الخلفاء مراء، و من بعد الأمراء ملوك، و من بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج من أهل بيتي من يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، ثم يؤمر القحطاني. فهذا يرد علي ما نقله ابن‌المنادي من كتاب دانيال و أما ما ذكره عن أبي‌صالح فواه و كذا عن كعب [53] . - أما ابن‌حجر الهيتمي فقال في كتابه «الصواعق المحرقة»: ان هذه الرواية واهية جدا فلا يعول عليها. 3- و قال السيوطي في الأئمة الاثني عشر: و قد وجد من الاثني عشر: الخلفاء الأربعة، و الحسن، و معاوية، و ابن‌الزبير، و عمر بن عبد العزيز هؤلاء ثمانية و يحتمل أن يضم اليهم المهدي [ صفحه 35] العباسي لأنه في العباسيين كعمر بن عبد العزيز في الأمويين و الطاهر العباسي لما أوتيه من العدل و يبقي المنتظران أحدهما المهدي لأنه من أهل بيت محمد صلي الله عليه و آله و سلم [54] . 4- و قال ابن‌كثير الدمشقي: ان الذي سلكه البيهقي و وافقه عليه جماعة من أن المراد هم الخلفاء المتتابعون الي زمن الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق الذي قدمنا الحديث فيه بالذم و الوعيد فانه مسلك فيه نظر و بيان ذلك أن الخلفاء الي زمن الوليد بن يزيد هذا أكثر من اثني عشر علي كل تقدير، و برهانه أن الخلفاء الأربعة أبوبكر و عمر و عثمان و علي خلافتهم محققة ثم بعدهم الحسن بن علي كما وقع لأن عليا أوصي له و بايعه أهل العراق حتي اصطلح هو و معاوية ثم ابنه يزيد بن معاوية، ثم ابنه معاوية بن يزيد، ثم مروان بن الحكم، ثم ابنه عبدالملك بن مروان، ثم ابنه الوليد بن عبدالملك، ثم سليمان بن عبدالملك، ثم عمر بن عبدالعزيز، ثم يزيد بن عبدالملك، ثم هشام بن عبدالملك، فهؤلاء خمسة عشر ثم الوليد بن يزيد بن عبدالملك فان اعتبرنا ولاية ابن‌الزبير قبل عبد الملك صاروا ستة عشر، و علي كل تقدير فهم اثنا عشر قبل عمر بن عبدالعزيز و علي هذا التقدير يدخل في الاثني عشر يزيد بن معاوية و يخرج عمر بن عبدالعزيز الذي أطبق الأئمة علي شكره و علي مدحه و عدوه من الخلفاء الراشدين... الي أن ذكر: - أن بعضهم عد: معاوية و ابنه يزيد و ابن‌ابنه معاوية بن يزيد و لم يقيد بأيام مروان و لا ابن‌الزبير لأن الأمة لم تجتمع علي واحد منهما... الي أن يقول: و يلزمه منه اخراج علي و ابنه الحسن، و هو خلاف ما نص عليه أئمة السنة بل الشيعة [55] . ثم يخلص ابن‌كثير بعد أن يعدد معظم الآراء التي قيلت في الأئمة الاثني [ صفحه 36] عشر حتي عصره الي أن المراد أنهم في جميع مدة الاسلام الي يوم القيامة يعملون بالحق و ان لم تتوال أيامهم و تابعه علي ذلك ابن‌تيمية [56] و بعض العلماء. و علي كل حال بعد النظر في آراء علماء السنة حول الأئمة و الخلفاء الاثني عشر وردودهم علي بعضهم و حيرتهم في هذا الشأن اذا دققنا النظر في هذا الكلام فلا نري بأن أحدا يتفق أو يصل الي حل لتفسير هذا الحديث و تطبيقه الا الشيعة الامامية الذين قالوا باثني عشر اماما أولهم الامام علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام و آخرهم الامام المهدي (عج) و ذلك بعيدا عن الأهواء و رائحة السياسة، اعتمادا علي ما أنزل الله عزوجل في قرآنه و ما أنطق به رسوله و سيأتي الكلام عن ذلك في حينه، و ان اجتماع الأمة الاسلامية علي أن الأئمة الاثني عشر لم يتفق علي عددهم و وجودهم الا عند الشيعة الامامية لهو من الأدلة علي شرعية مذهبهم.

القول بكلمتي السنة و الجماعة

أما قولكم (بأنهم القسيم المقابل لأهل السنة و الجماعة في فكرهم و آرائهم المتميزة) [57] . من المعلوم عقلا و شرعا أنه قبل الدخول في الحكم بأية قضية أو الخوض فيها أن نعلم من هم الذين نحكم بينهم و ما هي القضية التي نخوض فيها، فتعالوا نعرف من أين جاءت عبارة أهل السنة و الجماعة، و هل أن استعمالها صحيح لنقول بعد ذلك أن الشيعة الامامية هم القسيم المقابل. ان أول استخدام لكلمة الجماعة كان في عهد معاوية بن أبي‌سفيان، فحتي استشهاد الامام علي عليه‌السلام سنة 40 ه- و مجي‌ء الامام الحسن عليه‌السلام للخلافة ستة أشهر لم يكن هنا أي تفريق مذهبي فالكل مسلمون رغم الحروب [ صفحه 37] التي دارت بينهم، و بعد صلح الامام الحسن عليه‌السلام مع معاوية بن أبي‌سفيان و تنازله عن الخلافة للثاني، دخل الأخير الي الكوفة عاصمة الامام علي عليه‌السلام و وقف خطيبا بالمسلمين قائلا لهم: اني و الله ما قاتلتكم لتصلوا و لا لتصوموا، و لا لتحجوا، و لا لتزكوا، انكم لتفعلون ذلك و انما قاتلتكم لأتأمر عليكم و قد أعطاني الله ذلك و أنتم كارهون، ثم قال: ألا كل شي‌ء أعطيته الحسن فتحت قدمي هاتين [58] . ثم أطلق علي ذلك العام (عام الجماعة) فمن تبعه فيه كان من أهل الجماعة و من خالفه و رفض شتم علي بن أبي‌طالب و الدخول تحت طاعة الحكام و مبايعتهم سمي رافضيا أو شيعيا. وروي أبوالحسن علي بن محمد أبي‌سيف المدائني في كتاب الأحداث قال: كتب معاوية نسخة واحدة الي عماله بعد عام الجماعة: (أن قد برئت الذمة ممن روي شيئا من فضل أبي‌تراب و أهل بيته). فقام الخطباء في كل كورة و علي كل منبر يلعنون عليا و يبرأون منه و يقعون فيه و في أهل بيته [59] هذا بالنسبة لكلمة الجماعة أما كلمة السنة فلم تظهر مقترنة بها في البداية بل ظهرت كلمة الجماعة بمفردها كما أسلفنا و عندما تتالت الثورات علي بني‌أمية و ظهرت الآراء التي طرحوها لتبرير أفعالهم ظهرت كلمة السنة لأول مرة علي لسان ابن‌سيرين سنة 110 ه- و ذلك في قوله: لما وقعت الفتنة سألوا عن الاسناد ليحدت حديث أهل السنة و يترك حديث أهل البدعة. ثم ظهرت الكلمة بشكل أكبر و تكلم بها الناس في زمن المتوكل العباسي الذي سمي (ناصر السنة) لأنه وضع حدا للمعتزلة و آرائهم [ صفحه 38] و أخرج أحمد بن حنبل من السجن ليسمي هو الآخر (امام السنة) و رغم أن المتوكل العباسي الذي كان شديد البغض لأهل البيت عليه‌السلام أشد من معاوية بن أبي‌سفيان و بني‌أمية و رغم أنه هدم قبر الامام الحسين عليه‌السلام و هدم ما حوله من المنازل و أمر أن تحرث و تزرع حتي يمنع الناس من زيارة الامام، رغم هذا فقد نقل صاحب الشذرات قوله فيه: هو الذي أحيا السنة و أمات التجهم [60] . و نقل عنه الذهبي: أظهر السنة و تكلم بها في مجلسه و كتب الي الآفاق برفع المحنة و بسط السنة. اذا فان هذا التقسيم هو من فعل معاوية بن أبي‌سفيان و من نهج نهجه، فرقوا من خلالها الأمة الي 73 فرقة الله المشتكي انه نعم المولي و نعم النصير. المعني الشرعي لكلمتي السنة و الجماعة: سئل الامام علي عليه‌السلام: ما السنة؟ و ما البدعة؟ و ما الجماعة؟ و ما الفرقة؟ فقال عليه‌السلام: أما السنة فسنة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و أما البدعة فما خالفها و أما الفرقة فأهل الباطل و ان كثروا، و أما الجماعة فأهل الحق و ان قلوا [61] . و في جواب آخر قال: فأما أهل الجماعة: فأنا و من تبعني و ان قلوا، و ذلك الحق عن أمر الله و أمر رسوله صلي الله عليه و آله و سلم. و أما أهل الفرقة: فالمخالفون لي و من اتبعني و ان كثروا. و أما أهل السنة: فالمتمسكون بما سنة الله لهم و رسوله و ان قلوا. و أما أهل البدعة: [ صفحه 39] فالمخالفون لأمر الله و لكتابه و رسوله، العاملون برأيهم و أهوائهم و ان كثروا و قد مضي منهم الفوج الأول و بقيت أفواج [62] . أما الأفكار و الآراء المتميزة التي أشرتم اليها عند الشيعة فليس فيها أي عيب أو نقص و الحمدلله لأنه أفكار الاسلام و آراؤه الذي استقينا أصوله و فروعه من كتاب الله و سنة رسوله صلي الله عليه و آله و سلم عن طريق أهل بيت النبوة، و معدن الرسالة، و مختلف الملائكة، و مهبط الوحي و التنزيل، متبعين في ذلك قول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «تركت فيكم ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي: كتاب الله و عترتي أهل بيتي» [63] .

عالمية الاسلام

- و قولكم بأن الشيعة: (يتطلعون الي نشر مذهبهم ليعم العالم الاسلامي). ان الشيعة الامامية لم تقل في يوم من الأيام عبر تاريخ الاسلام الطويل أنها صاحبة مذهب تنفرد به عن الاسلام و القرآن مقتدين في ذلك بقول الله عزوجل: - (ان الدين عندالله الاسلم) [آل عمران/19]. - (و من يبتغ غير الاسلم دينا فلن يقبل منه) [آل عمران/85]. - (ربنا و اجعلنا مسلمين لك و من ذريتنآ أمة مسلمة) [البقرة/128]. فأي ضير بعد ذلك لمن يعتنق هذا الدين القيم - الذي أمر الله باتباعه - أن يقوم بنشره حسب استطاعته و يكون عنده الطموح الكافي ليقوم بهذا العمل المبارك الذي هو عمل الأنبياء و الرسل، و لذلك فان الشيعة الامامية تري أنه من واجبها القيام بهذا العمل لتعم مبادي‌ء الاسلام العالم بأجمعه و ليس بلاد [ صفحه 40] المسلمين فحسب باعتبار أن الله عزوجل يقول: - (و ما أرسلنك الا كافة للناس بشيرا و نذيرا) [سبأ/28]. - (و لتكن منكم أمة يدعون الي الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر) [آل عمران/104]. - (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر) [آل عمران/110]. و نحن - في نشر الاسلام - لا يهمنا الكم بقدر ما يهمنا الكيف فلا نريد اسلاما مشوها ممسوخا يكون أتباعه عبئا علي المسلمين عالة عليهم أو أتباعا و أذنابا للمستكبرين أو أفيونا للشعوب. بل نريد اسلاما أصيلا حرا من كل تبعية محرضا علي طلب العلم و التقوي مثيرا دفائن العقول لتعمل هذه العقول بما أمر الله كما ذكر ذلك الامام علي عليه‌السلام في سبب بعثة الأنبياء و المرسلين اذ يقول: فبعث فيهم رسله، و واتر اليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، و يذكروهم منسي نعمته، و يحتجوا عليهم بالتبليغ، و يثيروا لهم دفائن العقول، و يروهم آيات المقدرة [64] . و طالما أن الدين الاسلامي للبشرية قاطبة و النبي صلي الله عليه و آله و سلم جاء يبشر كافة الناس و بعث رحمة للعالمين كذلك فان الامامة انما هي تابعة للنبوة و امتداد لها بشموليتها و عموميتها و ليست مسألة خاصة بالمسلمين الشيعة فقط لأنهم هم الذين أخذوا بها و لم يحذفوها من حياتهم الدينية كما فعل غيرهم فينطبق عليهم قول الله تعالي: - (أفتؤمنون ببعض الكتب و تكفرون ببعض فما جزآء من يفعل ذلك [ صفحه 41] منكم الا خزي في الحيوة الدنيا و يوم القيمة يردون الي أشد العذاب و ما الله بغفل عما تعملون) [البقرة/85]. من أجل ذلك يعمل المسلمون الشيعة لنشر الاسلام من خلال فكر أهل البيت عليهم السلام و هديهم. [ صفحه 45]

التأسيس و أبرز الشخصيات

اشاره

أوردت الموسوعة تحت عنوان: «التأسيس و أبرز الشخصيات» ما يلي: الاثنا عشر اماما الذين يتخذهم الشيعة الامامية أئمة لهم يتسلسلون علي النحو التالي: علي بن أبي‌طالب... ثم عددت بقية الأئمة عليهم‌السلام مع ولاداتهم و استشهادهم و بعض ألقابهم قائلة بأن الشيعة يلقبونهم، ثم تطرقت في النهاية الي غيبة الامام الثاني عشر في السرداب مطلقة في ذلك بعض الآراء و الأفكار غير الموجودة أصلا و لا نقلت في كتب الشيعة أو السنة. أقول: ان القول باثني عشر اماما لم تتخذه الشيعة الامامية عقيدة و مثلا يحتذي به من أنفسهم كما أسلفنا ذلك فيما مضي بل ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم هو الذي نص عليهم و أمرنا بطاعتهم و حبهم و التمسك بهم و هو الذي جعلهم يتسلسلون بهذا الشكل: 1- الامام علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام. 2- الامام الحسن بن علي المجتبي عليه‌السلام. 3- الامام الحسين بن علي الشهيد بكربلاء عليه‌السلام. 4- الامام علي بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام. 5- الامام محمد بن علي الباقر عليه‌السلام. 6- الامام جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام. [ صفحه 46] 7- الامام موسي بن جعفر الكاظم عليه‌السلام. 8- الامام علي بن موسي الرضا عليه‌السلام. 9- الامام محمد بن علي الجواد عليه‌السلام. 10- الامام علي بن محمد الهادي عليه‌السلام. 11- الامام الحسن بن علي العسكري عليه‌السلام. 12- الامام المهدي المنتظر عليه‌السلام.

القاب أئمة أهل البيت و بعض ما اختصوا به من الفضائل

لقد نقل هذا التسلسل السابق لأئمة أهل البيت عليهم‌السلام بألقابهم كثير من العلماء و المؤرخين كما ترجموا حياتهم و سيرهم في كتب خاصة بهم [65] فذكروا أحوالهم و أخبارهم و ألقابهم المتعددة التي لقبهم بها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و علي الرغم من كثرة الذين كتبوا عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام من السنة و الشيعة فلم [ صفحه 47] يرد عن هؤلاء الكتاب و المؤرخين قول بأن الشيعة هم الذين لقبوا الأئمة بألقابهم المتعددة بل كانت بنصوص من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. و اليكم بعض هذه الألقاب طبق الأحاديث الشريفة و من مصادر التاريخ المعتبرة: 1- مما جاء في الامام علي عليه‌السلام من فضائل و ما اختص به عن سائر البرية من الألقاب و الكني: الصديق الأكبر و الفاروق الأعظم و المرتضي و حيدرة و يعسوب الدين و يعسوب المؤمنين و أبوتراب و أبوالحسن و الحسين و أبوالحسنين و أبوالسبطين و سيد المسلمين و ولي المؤمنين - أمير المؤمنين باب مدينة العلم، وصي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و وزيره و أخوه، و باب حطة و امام المتقين، و قائد الغر المحجلين، صاحب اللواء، و قاتل الناكثين و المارقين، الأنزع البطين سيف الله في أرضه، سيد العرب راية الهدي، و امام الأولياء و سيد الأوصياء مفرج الكروب ذو قرني هذه الأمة. و قد ورد في كل من هذه الألقاب أحاديث عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: - فعن ابن‌عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «الصديقون ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون و حبيب النجار صاحب آل ياسين و علي بن أبي‌طالب و هو أفضلهم» [66] . و عن أبي‌ذر الغفاري قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول لعلي بن أبي‌طالب عليه‌السلام: «أنت الصديق الأكبر و أنت الفاروق الذي يفرق بين الحق و الباطل» [67] . [ صفحه 48] و قد أخرج القرشي في كتابه شمس الأخبار أن الله سمي الامام عليا عليه‌السلام الصديق الأكبر في ليلة الاسراء [68] . - قول النبي صلي الله عليه و آله و سلم و قد أشار بيده الي الامام علي عليه‌السلام: ان هذا أول من آمن بي و أول من يصافحني يوم القيامة و هذا الصديق الأكبر و فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق و الباطل و هذا يعسوب المؤمنين [69] ... الحديث. و كان علي بن أبي‌طالب يقول: «أنا عبدالله و أخو رسوله، و أنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي الا كاذب» [70] . - و عن عبد الرحمن بن عثمان قال: سمعت جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو آخذ بضبع علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام و هو يقول: هذا أمير البررة قاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله، ثم مد بها صوته [71] . - و قوله صلي الله عليه و آله و سلم: «أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب» [72] . و هذا الحديث سنده صحيح علي شرط الشيخين. [ صفحه 49] و قد أقام الامام أحمد بن محمد بن الصديق المغربي المتوفي سنة 1380 ه- /1960 م أدلة قاطعة لتصحيح هذا الحديث في كتاب أسماه: فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي و في ذلك يقول شمس الدين المالكي شعرا: و قال رسول الله: اني مدينة من العلم و هو الباب و الباب فاقصد و من كنت مولاه علي وليه و مولاك فاقصد حب مولاك ترشد - قوله صلي الله عليه و آله و سلم: «علي باب علمي و مبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به حبه ايمان و بغضه نفاق» [73] . - قوله صلي الله عليه و آله و سلم: «علي يعسوب المؤمنين و المال يعسوب المنافقين» [74] . - و عن عباية بن ربعي عن جابر بن عبدالله الأنصاري أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: «أنا سيد النبيين و علي سيد الوصيين و ان أوصيائي من بعدي اثنا عشر أولهم علي عليه‌السلام و آخرهم المهدي عليه‌السلام [75] . - و أخرج الدار قطني عن ابن‌عباس قول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «علي بن أبي‌طالب باب حطة من دخله كان مؤمنا و من خرج منه كان كافرا» [76] . [ صفحه 50] - و عن أسعد بن زرارة عن أبيه قال: قال صلي الله عليه و آله و سلم: «أوحي الي في علي ثلاث: أنه سيد المسلمين و امام المتقين و قائد الغر المحجلين» [77] . أخرجه الحاكم في مستدركه الجزء الثالث ثم قال: هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه. و كان علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام يقول في حياة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «و الله اني لأخوه و وليه و ابن‌عمه و وارث علمه فمن أحق به مني». أخرج هذا الحديث الحاكم النيسابوري في مستدركه بسند صحيح علي شرط الشيخين، و اعترف الذهبي في تلخيصه بذلك [78] . - و قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «ان عليا راية الهدي، و امام أوليائي، و نور من أطاعني» [79] . - و قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «يا علي ان لك كنزا في الجنة و انك ذو قرنيها»، قال عنه الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه و وافقه الذهبي علي ذلك في التلخيص [80] . و قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «لكل نبي وصي و وارث و ان عليا وصيي و وارثي» [81] . - أما لقب حيدرة: فهو الاسم الذي سمي به الامام علي عليه‌السلام من قبل= [ صفحه 51] أمة فاطمة بنت أسد اذ أنها سمته بهذا الاسم ثم جاء أبوطالب فأسماه عليا. و حول هذا الاسم يقول الامام علي عليه‌السلام شعرا أثناء مبارزته لمرحب اليهودي في معركة خيبر بين اليهود و المسلمين عام (7 ه- / 628 م): أنا الذي سمتني أمي حيدره ضرغام آجام و ليث قسوره عبل الذراعين غليظ القصره أوفيهم بالصاع كيل السندره [82] . و عن الامام علي عليه‌السلام أنه كسرت يده يوم أحد فسقط اللواء من يده فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «ضعوه في يده اليسري فانه صاحب لوائي في الدنيا و الآخرة» [83] . و في ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي: عن أنس بن مالك قال: صعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم المنبر فذكر قولا كثيرا ثم قال: أين علي بن أبي‌طالب؟ فوثب اليه، فقال: ها أنا ذا يا رسول الله، فضمه الي صدره و قبل بين عينيه و قال بأعلي صوته: «معاشر المسلمين هذا أخي و ابن‌عمي و ختني، هذا لحمي و دمي و شعري، هذا أبوالسبطين الحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة، هذا مفرج الكروب عني، هذا أسدالله و سيفه في أرضه علي أعدائه، علي مبغضه لعنة الله و لعنة اللاعنين، و الله منه بري‌ء و أنا منه بري‌ء، فمن أحب أن يبرأ من الله و مني فليبرأ من علي، و ليبلغ الشاهد الغائب، ثم قال: اجلس يا علي قد عرف الله لك ذلك». قال: أخرجه أبوسعيد في شرف النبوة [84] . [ صفحه 52] و قد أورد النووي عن الامام علي عليه‌السلام، قال: كنية علي (رضي الله عنه) أبوالحسن و كناه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أباتراب فكان أحب ما ينادي به اليه و هو أخو رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بالمؤاخاة و صهره علي فاطمة سيدة نساء العالمين، و أبوالسبطين و أول ولد بين هاشميين و أول خليفة من بني‌هاشم الي أن قال: و أما علمه من العلوم بالمحل العالي و سؤال كبار الصحابة له و رجوعهم الي فتاويه و أقواله في المواطن الكثيرة و السمائل المعضلات مشهور و أما زهده فهو من الأمور المشهورة التي اشترك في معرفتها الخاص و العام... حتي وصل الي قوله: و أحوال علي (رضي الله عنه) و فضائله في كل شي‌ء مشهورة غير منحصرة [85] . و قال عنه الذهبي: و مناقبه جمة قد أفردتها في مجلد [86] تحت عنوان: فتح المطالب في مناقب علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام. و قال عنه ابن عبد البر: و قد أجمعوا أنه أول من صلي القبلتين و هاجر و شهد بدرا و أحدا و سائر المشاهد، و أنه أبلي ببدر و الخندق و خيبر البلاء العظيم، و كان لواء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بيده في مواطن كثيرة [87] . أما قولكم: بأن الامام عليا عليه‌السلام هو صهر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فهذا من جملة المكرمات التي خصه الله بها اذ أن كبار الصحابة تقدموا لخطبة فاطمة الزهراء عليه‌السلام فلم يعطهم النبي صلي الله عليه و آله و سلم كلاما في ذلك بل كان ينتظر أمر تزويجها من خالقها، فقد أخرج ابن أبي‌حاتم عن أنس قال: جاء أبوبكر و عمر يخطبان فاطمة من أبيها فسكت النبي صلي الله عليه و آله و سلم و لم يقل اليهما شيئا فانطلقا الي علي ينبهانه الي ذلك... الخ. و قد تم ما أراده الله عزوجل و رسوله للسيدة الزهراء عليهماالسلام فتزوجت من الامام علي عليه‌السلام بعد أن عرفها أبوها بخبر السماء. [ صفحه 53] و كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بعد هذا اذا ألم بسيدة النساء فاطمة الزهراء عليه‌السلام أي مرض أو تعب ذكرها بنعمة الله و رسوله عليها اذ زوجها من علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام قائلا لها: «أما ترضين أني زوجتك أول المسلمين اسلاما و أعلمهم علما، و أنك سيدة نساء أمتي كما سادت مريم نساء قومها، أما ترضين يا فاطمة أن الله اطلع علي أهل الأرض فاختار منهم رجلين فجعل أحدهما أباك و الآخر بعلك» [88] . - «و أخرج الطبراني في الكبير بالاسناد الي أبي‌أيوب الأنصاري أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال لابنته فاطمة الزهراء عليهماالسلام: «يا فاطمة أما علمت أن الله عزوجل اطلع الي أهل الأرض اطلاعه فاختار منهم أباك نبيا، ثم اطلع ثانية، فاختار بعلك، فأوحي الي فأنكحته و اتخذته وصيا» [89] . - أما استشهاده عليه‌السلام فكان في عام 40 ه- يوم (21) من شهر رمضان و ليس في (17) كما ذكرت الموسوعة و ذلك بعد ليلتين قضاهما يعتصره ألم الجرح الذي دخله السم عن طريق السيف الذي ضربه به عبد الرحمن بن ملجم المرادي في محراب جامع الكوفة بالعراق و هو يصلي الصبح. و قد شاء الله عزوجل أن تكون ولادة الامام علي عليه‌السلام في أشرف بقاع الأرض (الكعبة المشرفة) بيت الله الحرام و نهايته في بيت من بيوت الله في الكوفة/العراق، تكذيبا لمعاوية بن أبي‌سفيان و بني‌أمية الذين كانوا يقولون للمسلمين و يشيعون بينهم بأن علي بن أبي‌طالب لا يصوم و لا يصلي حتي أنه حين استشهد (سلام الله عليه) في ذلك المكان و وصل الخبر الي أهل الشام قال قائلهم: أو كان علي يصلي؟! [ صفحه 54] 2- مما جاء في الامامين الحسنين عليه‌السلام من فضائل و مما اختصا به عن سائر البرية من الألقاب: كان النبي صلي الله عليه و آله و سلم ينادي الامامين الحسنين عليه‌السلام: أ- «أللهم اني أحبهما فأحبهما» [90] . ب- «الحسن و الحسين امامان ان قوما و ان قعدا». ج- «الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة». قال عنه الترمذي: حديث حسن صحيح و علق عليه الألباني بقوله: و هو كما قال [91] . د- «ان الحسن و الحسين هما ريحانتاي من الدنيا». قال عنه الألباني: حديث حسن صحيح [92] . ه- «حسين مني و أنا من حسين أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط» [93] قال عنه الحاكم في مستدركه: هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه. و- «الحسن و الحسين سبطان من الأسباط» [94] . [ صفحه 55] ز- «الحسين امام ابن امام أخو امام أبوأئمة تسعة أطهار تاسعهم قائمهم» [95] . ح- في جواهر العقدين روي حذيفة بن اليمان حديث طويل عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يصف فيه الامام الحسين عليه‌السلام ختمه بقوله: «انه لم يؤت أحد من ذرية النبيين ما أوتي الحسين بن علي ما خلا يوسف بن يعقوب» عليه‌السلام [96] . ط- عن رسوله الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال في الامامين الحسنين عليه‌السلام: «سميتهم بأسماء ولد هارون شبر و شبير» [97] . صححه ابن‌حبان ج 9 الحديث 2227 كما صححه الحاكم في مستدركه ج 3. ي- قول النبي صلي الله عليه و آله و سلم في أولاد علي عليه‌السلام: «انما سميتهم بأسماء ولد هارون: شبر - شبير - مشبر» [98] . و يعني بذلك الحسن و الحسين و محسن السقط. و قال الحاكم عن هذا الحديث صحيح علي شرط الشيخين و أورده الذهي مسلما بصحته في التلخيص. و الامام الحسين عليه‌السلام ليس شهيدا فحسب، بل هو سيد الشهداء، فقد كان عم أبيه الحمزة بن عبدالمطلب سيد الشهداء عندما استشهد في غزوة أحد [99] و لما استشهد الحسين عليه‌السلام حل في الجنة كما أراد الله له و للشهداء [ صفحه 56] من قبله و من بعده و باعتبار أنه سيد شباب أهل الجنة مع أخيه الحسن عليه‌السلام فلزم بذلك أن يكونا سيدا الشهداء. 3- مما ورد في الامام علي بن الحسين حول ميلاده و وفاته و ما اختص به من الألقاب و الفضائل: ورد اشتباه في الموسوعة حول تاريخ ولادته عليه‌السلام اذ أنه ولد في 5 شعبان 38 ه-/658 م و توفي 25 محرم 95 ه-/678 م و ليس كما أوردت الموسوعة 122-80 ه- لأن وفاته كانت قبل وفاة ابنه محمد الباقر عليه‌السلام المتوفي سنة 114 ه-. من ألقابه عليه‌السلام: الامام زين العابدين و سيد العابدين أو سيد الساجدين، و الامام السجاد و ذو الثفنات و ابن‌الخيرتين لأن أباه الامام الحسين عليه‌السلام كان خيرة العرب قاطبة في عصره، و أمه شاه زنان خيرة الفرس و في ذلك يقول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «لله تعالي من عباده خيرتان فخيرته من العرب قريش و من العجم فارس» [100] . و روي جابر بن عبدالله الأنصاري أنه كان جالسا عند النبي صلي الله عليه و آله و سلم و الحسين في حجره يداعبه فقال: «يا جابر يولد له مولود اسمه علي اذا كان يوم القيامة نادي مناد ليقم سيد العابدين فيقوم ولده» [101] . و قال عنه عليه‌السلام مالك بن أنس: بلغني أنه كان يصلي في كل يوم و ليلة ألف ركعة الي أن مات، و كان يسمي زين العابدين لعبادته [102] . و قال عنه ابن‌الجوزي: هو أبوالأئمة و كنيته أبوالحسن و يلقب بزين العابدين و سماه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سيد العابدين... و السجاد و ذي الثفنات [ صفحه 57] و الزكي و الأمين [103] . و قال الذهبي في ترجمته عليه‌السلام: علي بن الحسين السيد الامام زين العابدين الهاشمي العلوي المدني [104] . و قال ابن‌حبان: كان يقال بالمدينة: ان علي بن الحسين سيد العابدين في ذلك الزمان [105] . و قال الشبراوي الشافعي: و كان زين العابدين (رضي الله عنه) عابدا زاهدا ورعا متواضعا حسن الأخلاق [106] . و قال ابن‌خلكان عن الامام زين العابدين: و هو أحد الأئمة الاثني عشر و من سادات التابعين و فضائل زين العابدين و مناقبه أكثر من أن تحصر [107] . 4- مما ورد في الامام محمد الباقر عليه‌السلام 114-57 ه-: روي جابر بن عبدالله الأنصاري أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: «يا جابر يوشك أن تلحق بولد من ولد الحسين اسمه كاسمي يبقر العلم بقرا» أي يفجره تفجيرا «فاذا رأيته فاقرأه مني السلام». قال جابر فأخر الله مدتي حتي رأيت الباقر فقرأته السلام، عن جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و كان خليفة أبيه من بين اخوته و وصيه و القائم بالأمر من بعده [108] . و قال عنه عليه‌السلام الزبير بن بكار: كان يقال لمحمد (باقر العلم) [109] . و قال ابن‌كثير: سمي الباقر لبقره العلوم و استنباط الحكم، كان ذاكرا [ صفحه 58] خاشعا صابرا، و كان من سلالة النبوة [110] . و قال ابن‌خلكان: كان الباقر عالما سيدا كبيرا، و انما قيل له الباقر لأنه تبقر في العلم أي توسع [111] . و قال الذهبي: محمد بن علي بن الحسين الامام الثبت الهاشمي العلوي المدني... الي أن قال: اشتهر بالباقر من قولهم بقر العلم يعني: شقه فعلم أصله و خفيه [112] . و قال ابن‌تيمية في كتابه (منهاج السنة): أبوجعفر محمد بن علي من خيار أهل العلم والدين، و قيل: انما سمي الباقر لأنه بقر العلم [113] . و قال الشبراوي الشافعي: أشرف آل البيت و أنبلهم و أعزهم و أكملهم الخامس من الأئمة: محمد الباقر بن علي زين العابدين و لقب بالباقر لبقره العلم... الي أن قال: و مناقبه (رضي الله عنه) باقية علي ممر الأيام، و فضائله قد شهد بها الخاص و العام [114] . 5- مما ورد في الامام جعفر الصادق عليه‌السلام 84-83 ه-: عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: «يخرج من صلبه - أي من صلب محمد الباقر - كلمة الحق و لسان الصدق» فقال ابن‌مسعود: و ما اسمه يا رسول الله؟! قال: «جعفر صادق في قوله و فعله، الطاعن عليه كالطاعن علي و الراد عليه كالراد علي» [115] . [ صفحه 59] و قال عنه الامام مالك بن أنس: «و من أصدق قولا ممن لقبه الخصوم و الأولياء و التاريخ كله بالصادق، و هو الامام الصادق أبو عبدالله (رضي الله تعالي عنه) و عن آبائه الأكرمين الأبرار و الأطهار» [116] . - و قال عنه الذهبي: جعفر بن محمد بن علي بن الشهيد الحسين بن علي بن أبي‌طالب الهاشمي الامام أبوعبدالله العلوي المدني الصادق... الي أن قال: أحد الأئمة الأعلام، بر صادق كبير الشأن [117] . و قال الساجي: «كان صدوقا مأمونا، اذا حدث عنه الثقات فحديثه مستقيم [118] . و يقول أبوزكريا الحافظ البغدادي: روي عن الصادق: محمد بن اسحاق و يحيي الأنصاري و مالك بن أنس و سفيان الثوري و سفيان بن عيينة و ابن‌جريج و شعبة بن الحجاج و يحيي القطان و أيوب السجستاني و آخرون و اتفقوا علي امامته و جلالته و سيادته [119] . و قال ابن‌تيمية: «و جعفر الصادق رضي الله عنه من خيار أهل العلم و الدين» [120] . و قال ابن‌العماد الحنبلي في أحداث سنة 148 ه-: «و فيها توفي الامام سلالة النبوة أبو عبدالله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي العلوي» [121] . و قال عنه ابن‌خلكان: «كان من سادات أهل البيت، و لقب بالصادق لصدقه في مقالته، و فضله أشهر من أن يذكر» [122] . [ صفحه 60] و قال الشبراوي الشافعي: «أبو عبدالله، السادس من الأئمة جعفر الصادق ذو المناقب الكثيرة و الفضائل الشهيرة» [123] . و قال ابن أبي‌حاتم: سمعت أبي يقول: جعفر بن محمد ثقة لا يسأل عن مثله [124] . 6- و مما ورد في الامام موسي الكاظم عليه‌السلام 183-128 ه-: قال عنه الذهبي: «أجل آل جعفر و أشرفهم موسي الكاظم، الامام القدوة السيد أبوالحسن والد الامام علي بن موسي الرضا، مدني نزل بغداد» [125] . و قال عنه ابن‌حجر في تقريب التهذيب: «موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أبوالحسن الهاشمي، المعروف بالكاظم، صدوق عابد». و قال يحيي بن الحسن بن الجعفر النسابه: «كان موسي بن جعفر يدعي بالعبد الصالح من عبادته و اجتهاده» [126] . و قال السويدي: «هو الامام الكبير القدر الكثير الخير كان يقوم ليله و يصوم نهاره و سمي كاظما لفرط تجاوزه عن المعتدين و كانت له كرامات ظاهرة و مناقب لا يسع مثل هذا الموضع ذكرها» [127] . 7- مما ورد في الامام علي الرضا عليه‌السلام 203-148 ه-: قال عنه الذهبي: «علي الرضا الامام السيد أبوالحسن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين الهاشمي العلوي المدني» [128] . [ صفحه 61] و قال ابن‌تيمية: «علي بن موسي له من المحاسن و المكارم المعروفة و الممادح المناسبة للحالة اللائقة به ما يعرفه بها أهل المعرفة» [129] . و قال ابن‌حبان: «علي بن موسي الرضا من سادات أهل البيت و عقلائهم و جلة الهاشميين و نبلائهم يجب أن يعتبر حديثه لأنه في نفسه أجل من أن يكذب» [130] . و قال السمعاني: «و الرضا كان من أهل العلم و الفضل مع شرف النسب» [131] . و قال الشبراوي الشافعي: «كان لموسي الكاظم من الأولاد سبعة و ثلاثون و لدا ما بين ذكر و أنثي، أجلهم و أفضلهم و أشرفهم و أكملهم الثامن من الأئمة علي الرضا، و كان رضي الله عنه كريما جليلا مهابا» [132] . و قال السويدي: «علي الرضا كانت أخلاقه علية و صفاته سنية و كراماته كثيرة و مناقبه شهيرة» [133] . 8- مما ورد في الامام محمد الجواد عليه‌السلام 220-195 ه-: قال عنه ابن‌تيمية: «محمد بن علي الجواد كان من أعيان بني‌هاشم و هو معروف بالسخاء و السؤدد و لهذا سمي الجواد» [134] . و قال صلاح الدين الصفدي: «محمد بن علي هو الجواد بن الرضا بن الكاظم موسي بن جعفر (رضي الله عنهم)، كان يلقب بالجواد و بالقانع و المرتضي، و كان من سروات أهل بيت النبوة» [135] . [ صفحه 62] و قال الشبراوي بعد أن أثني عليه: «و كراماته (رضي الله عنه) كثيرة و مناقبه شهيرة» [136] . و قال عنه ابن‌خلكان: «أبوجعفر بن محمد بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر المعروف بالجواد أحد الأئمة الاثني عشر» [137] . و قال الشبلنجي الشافعي: «و ألقابه كثير: الجواد و القانع و المرتضي و أشهر الجواد هذا محمد أبوجعفر الثاني و ان كان صغير السن فهو كبير القدر، رفيع الذكر، و مناقبه رضي الله عنه كثيرة» [138] . 9- مما ورد في الامام علي الهادي عليه‌السلام 254-212 ه-: قال عنه الذهبي في أحداث 254 ه-: «توفي أبوالحسن علي بن الجواد محمد بن الرضا علي بن الكاظم موسي بن الصادق جعفر العلوي الحسيني المعروف بالهادي توفي بسامراء و له أربعون سنة، و كان فقيها اماما متعبدا» [139] . و قال عنه ابن‌كثير: هو ابن‌محمد الجواد بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي‌طالب أحد الأئمة الاثني عشرية [140] ، و كان عابدا زاهدا نقله المتوكل الي سامراء فأقام بها أزيد من عشرين سنة. و قال عنه الشبلنجي الشافعي: ولد أبوالحسن علي الهادي بالمدينة سنة 214 ه- و ألقابه الهادي و المتوكل و الناصح و المتقي و المرتضي و الفقيه و الأمين و الطيب و أشهرها الهادي و مناقبه (رضي الله عنه) كثيرة [141] . [ صفحه 63] و قال السويدي: في (سبائك الذهب) علي الهادي ولد بالمدينة، و كنيته أبوالحسن و لقبه الهادي و مناقبه كثيرة. 10- الامام الحسن العسكري عليه‌السلام 260-232 ه-: قال عنه سبط ابن‌الجوزي: هو الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي... كنيته أبومحمد و يقال له العسكري. كان عالما ثقة روي الحديث عن أبيه عن جده [142] . و قال يوسف النبهاني: الحسن العسكري أحد ساداتنا آل البيت العظام و ساداتهم الكرام [143] . و قال عنه الشبلنجي الشافعي: «و ألقابه الخالص و السراج و العسكري و مناقبه رضي الله عنه كثيرة» [144] . و قال ابن‌الصباغ المالكي: «أما لقبه: فالخالص و السراج و العسكري الي أن نقل كلام الشيخ كمال الدين بن طلحة: كفي أبامحمد الحسن شرفا أن جعل الله تعالي محمد المهدي من كسبه و أخرجه من صلبه» [145] . 11- الامام محمد بن الحسن المهدي المنتظر (عجل الله تعالي فرجه المنتظر(255 ه-: و بعد أن تصل الموسوعة الي الامام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم‌السلام يترك تاريخ ولادته فارغا هكذا (...) و كأنما لم يحصل العلم عند كثير من الباحثين و المؤرخين من جميع الفرق و الأديان بأن مولده سلام الله عليه في 15 شعبان سنة 255 ه- أي قبل وفاة والده الامام الحسن العسكري عليه‌السلام بخمس سنوات فيكون قد استلم الامامة و عمره خمس سنوات. [ صفحه 64] ثم ذكرت الموسوعة بأنه: وقع الاختلاف في سنة اختفائه عليه‌السلام فقيل أربع سنوات و قيل ثمان سنوات. أقول: ان هذا القول هو تشويه لمسألة واضحة تاريخيا أو أنه جهل بها و تعرض لها من غير علم اذ أنه لا يوجد خلاف بين الشيعة بأن ابتداء امامته عليه‌السلام كانت مع بداية غيبته الصغري التي دامت من 9 ربيع أول 260 ه حتي 329 ه- كان خلالها يواجه نوابه الأربعة الذين كانوا صلة الوصل بينه و بين الأمة في القضايا الشرعية. أما قولكم: بأن معظم الباحثين يذهبون الي أنه غير موجود أصلا و أنه من اختراعات الشيعة و يطلقون عليه لقب (المعدوم أو المرهوم). أقول: لماذا لم تتفضل موسوعتكم الموقرة و تبين أسماء هؤلاء الباحثين الذين قالوا بأن الامام المهدي من اختراعات الشيعة، و ما هي المصادر التي أطلقت عليه هذا اللقب، هل ان هذه المصادر شيعية أم‌سنية أم‌من أعداء المسلمين يا تري...؟!!. ان فعلها هذا يؤكد أخري للقاري‌ء الكريم مدي محاولة هذه الموسوعة التشكيك بعقائد من لا يوافقها بعقائدها و لا يضع يده في يدها لتمزيق وحدة المسلمين و تلفيق التهم و اثارة العداوة و البغضاء بينهم، و بعد كل هذا أعتقد بأنه لم يعد باستطاعة أحد طمس الحقائق و تزييف التاريخ أكثر مما هو عليه، لقد ولد الامام المهدي في النصف من شعبان سنة 255 ه-/868 م في عهد المعتمد العباسي في مدينة سر من رأي (سامراء) و عق عنه بكبشين. و أمة تدعي (نرجس) و هي رومية الأصل كانت مملوكة للسيدة حكيمة أخت الامام الهادي، و زوجتها لابن أخيها الامام العسكري. و لقد نص الامام العسكري علي ولده المهدي من بعده بالامامة، و أنبأ بغيبته عن أعين الناس، و ذلك بحضور ثقاته من المسلمين و خاصته من أصحابه. و لقد روي هذا النص كل من علي بن محمد بن بلال، و أبي‌هاشم الجعفري، و داود بن القاسم و عمرو الأهوازي، و أحمد بن محمد عبدالله، [ صفحه 65] و محمد بن عثمان العمري، و أحمد بن اسحاق بن سعد الأشعري و غيرهم. و يجد القاري‌ء تلك النصوص في كتاب (الارشاد) للشيخ المفيد البغدادي، و (اثبات الوصية) للمسعودي، و (دلائل الامامة) للطبري. و لقد سبق النص علي الامام محمد المهدي المنتظر من قبل، من نبي الهدي محمد صلي الله عليه و آله و سلم، و من أمير المؤمنين علي، كما نص عليه الأئمة من أبناء علي واحدا بعد واحد الي أبيه الامام الحسن العسكري، و أخبروا بولادته و وجوده، و غيبته، و بما يكون له من دولة تقوم علي القسط و العدل، و كلها تؤكد ثبوت ذلك و وقوعه، قبل أن يولد و يغيب عن أعين الناس الا عن بعض أصحابه، و ثقاته الأمناء. و قد دلت الاحصائيات التي أجريت حول الروايات و الأحاديث الواردة بشأن الامام المهدي (عج) و تعريف المسلمين به و بغيبته و علامات ظهوره في آخر الزمان أن عدد هذه الروايات 3016 رواية [146] و كان عدد الصحابة الذين رووا هذه الأحاديث 34 صحابيا من صحابة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أما بقية الرواة من أصحاب علي بن أبي‌طالب أميرالمؤمنين عليه‌السلام و غيرهم فأكثر من أن تحصي [147] . و اليكم بعضا من هذه الروايات: 1- عن ابن‌عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «ان علي بن أبي‌طالب امام أمتي و خليفتي عليها من بعده و من ولده القائم المنتظر الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا و الذي بعثني بالحق بشيرا و نذيرا ان الثابتين علي القول بامامته في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر». فقام جابر بن عبدالله الأنصاري فقال: يا رسول الله و للقائم من ولدك غيبة؟! [ صفحه 66] - فقال صلي الله عليه و آله و سلم: «أي وربي (و ليمحص الله الذين ءامنوا و يمحق الكفرين) [آل عمران/141]. «يا جابر ان هذا الأمر من أمر الله و سر من أسرار الله علته و هي مطوية عن عباده و اياك و الشك فان الشك في أمر الله عزوجل كفر» [148] . 2- عن الامام علي عليه‌السلام: أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: «لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لبعث الله عزوجل رجلا منا يملأها عدلا كما ملئت ظلما و جورا» [149] . 3- و عنه صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: «يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، و تخرج الأرض نباتها، و يعطي المال صحاحا، و تكثر الماشية و تعظم الأمة، يعيش سبعا، أو ثمانيا» يعني حجه [150] . و قد علق علي الحديث الحاكم في مستدركه قائلا: صحيح الاسناد و وافقه الذهبي و قال عنه الألباني: هذا سند صحيح رجاله ثقات. و عن أم‌سلمة قالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة» [151] . و عن أبي‌أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «يولد منهما - يعني الحسن و الحسين - مهدي هذه الأمة». [ صفحه 67] و ألقاب الامام المهدي غنية عن التعريف عند كل من طرق هذا البحث سواء كان ذلك في مصادر أهل السنة أو الشيعة و منها: الخلف الصالح، المنتظر، الحجة، القائم، المهدي، بقية الله، خليفة الله، فرج الله، أبوصالح. و من الأحاديث التي ذكرت فيها بعض ألقابه عليه‌السلام نورد ما يلي: 1- أخرج الشبلنجي الشافعي حديثا طويلا عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم نقتطف منه ما يلي: فاذا خرج المهدي أسند ظهره الي الكعبة و اجتمع اليه 313 رجلا من أتباعه فأول ما ينطق به هذه الآية (بقيت الله خيرلكم ان كنتم مؤمنين) [هود/86] ثم يقول: «أنا بقية الله و خليفته و حجته عليكم» فلا يسلم عليه أحد الا قال: السلام عليك يا بقية الله في الأرض [152] . 2- و ورد عن الامام محمد الباقر عليه‌السلام قوله: انما سمي المهدي لأنه يهدي لأمر خفي، يستخرج التوراة و سائر كتب الله فيحكم بين أهل التوراة بالتوراة و بين أهل النجيل بالانجيل و بين أهل الزبور بالزبور و بين أهل الفرقان بالفرقان [153] . و قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «المهدي طاووس أهل الجنة». و من أهل المصادر و الكتب الواردة في الامام المهدي عند علماء السنة: 1- المختصر في علامات المهدي المنتظر لابن حجر الشافعي. 2- البيان في أخبار صاحب الزمان لأبي عبدالله محمد بن يوسف بن محمد النوفلي الكنجي الشافعي المتوفي سنة 658 ه-/1259 م. 3- المهدي الي ما ورد في المهدي لشمس الدين أحمد بن طولون مؤرخ دمشق. [ صفحه 68] 4- المهدي للسيد سابق. 5- محاضرة حول الامام المهدي للشيخ عبدالمحسين عباد عضود هيئة التدريس بالجامعة الاسلامية بالسعودية. 6- عقد الدرر في أخبار المنتظر للمقدسي الشافعي المتوفي سنة 658 أو 685 ه-. 7- مناقب المهدي لأبي‌نعيم الأصفهاني المتوفي سنة 430 ه-/1038 م. 8- العرفان الوردي في أخبار المهدي لجلال الدين السيوطي المتوفي سنة 911 ه-/1505 م. 9- المهدي لشمس الدين بن قيم الجوزية المتوفي سنة 751 ه-/1350 م. 10- تلخيص البيان في علامات مهدي آخر الزمان لابن كمال باشا الحنفي المتوفي سنة 940 ه-/1533 م. اضافة الي ذكر الامام المهدي (عج) في جميع الكتب و التراجم و السير عند علماء السنة و الشيعة مع ذكر جميع أحواله و نسبه [154] .

آراء العلماء في وجود المهدي

الآبري السجزي - أورد الحافظ أبوالحسين محمد بن الحسين الآبري السجزي صاحب كتاب (مناقب الشافعي) المتوفي سنة 363 ه-/973 م قوله: «و قد تواترت الأخبار و استفاض عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بذكر المهدي و أنه من أهل بيته و أنه يملك سبع سنين و أنه يملأ الأرض عدلا و أن عيسي عليه‌السلام [ صفحه 69] يخرج فيساعده علي قتل الدجال و أنه يؤم هذه الأمة و يصلي عيسي خلفه» [155] . الكتاني و قال الكتاني: «و أحاديث المهدي بعضها صحيح و بعضها حسن و بعضها ضعيف و أمره مشهور بين كافة أهل الاسلام علي ممر الأعصار و أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت النبوي يؤيد الدين و يظهر العدل و يتبعه المسلمون و يستولي علي الممالك الاسلامية و يسمي بالمهدي» [156] . القرطبي و قال القرطبي: «و الأحاديث عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم في التنصيص علي خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة» [157] . الشعراني و ذكر الشيخ عبد الوهاب الشعراني قائلا: «هو من أولاد الامام الحسن العسكري عليه‌السلام و مولده ليلة النصف من شعبان سنة 255 ه-/868 م و هو باق الي أن يجتمع بعيسي بن مريم» [158] . و ينقل الشعراني عن الشيخ محي الدين بن عربي قوله: «اعلموا أنه لا بد من خروج المهدي عليه‌السلام لكن لا يخرج حتي تمتلي‌ء الأرض جورا و ظلما فيملأها عدلا و هو من عترة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و من ولد فاطمة رضي الله تعالي عنها، جده الحسين بن علي بن أبي‌طالب و والده الامام الحسن العسكري ابن الامام علي التقي ابن الامام محمد التقي ابن الامام موسي [ صفحه 70] الكاظم ابن‌الامام جعفر الصادق ابن الامام زين العابدين... الي أن يقول يواطي‌ء اسمه اسم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يبايعه المسلمون بين الركن و المقام» [159] . الصفدي و قال صلاح الدين الصفدي: ان المهدي الموعود هو الامام الثاني عشر من الأئمة، أولهم سيدنا علي و آخرهم المهدي (رضي الله عنهم) و نفعنا الله بهم [160] . المقدسي الشافعي و هذا يوسف بن يحيي المقدسي الشافعي بعد أن شكا من حوادث الزمن و تواتر الفتن يقول: «نحن نسلم بصحة هذه الأحاديث و نتلقاها بالسمع و الطاعة لكن ليس فيها ما يدل علي استمرار هذه الأمور الي أن تقوم الساعة، و لعل زواله يكون عند خروج الامام المهدي و اضمحلاله منوط بظهور سره المخفي فقد بشرت بظهور أحاديث جمة دونتها في كتبهم علماء هذه الأمة» [161] . ابن‌طلحة الشافعي - و يقول محمد بن طلحة الشافعي في ذكره: أبي‌القاسم محمد بن الحسن الخالص بن علي المتوكل بن محمد القانع ابن‌علي الرضا بن موسي الكاظم ابن‌جعفر الصادق ابن‌محمد الباقر ابن‌علي ابن زين العابدين ابن‌الحسين الزكي ابن‌علي المرتضي أمير المؤمنين بن أبي‌طالب. المهدي الخلف الصالح المنتظر عليهم‌السلام و رحمة الله و بركاته [162] . [ صفحه 71] ابن‌الصباغ المالكي و قال عنه ابن‌الصباغ المالكي: خلف أبومحمد الحسن من الولد ابنه الحجة القائم المنتظر لدولة الحق و كان قد أخفي مولده و ستر أمره لصعوبة الوقت و خوف السلطان [163] . ثم قال: و أما نسبه أبا و أما فهو: أبوالقاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي‌طالب صلوات الله عليهم أجمعين... الخ [164] . ابن‌الجوزي و قال عنه سبط ابن‌الجوزي: هو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام و كنيته أبوعبدالله و أبوالقاسم، و هو الخلف الحجة صاحب الزمان القائم و المنتظر و التالي و هو آخر الأئمة... الي أن أورد حديثا عن ابن‌عمر عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه كاسمي و كنيته ككنيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا فذلك هو المهدي، و هذا حديث مشهور [165] . المودودي أما أبوالأعلي المودودي فيقول: «كل ذلك يقتضي و يتطلب أن يظهر مثل هذا الزعيم فيجدد هذا الدين سواء كان ظهوره في هذا الزمان أو بعده ألف دورة من دورات الحدثان، و ذلك هو الزعيم الذي يعرف بالامام المهدي و الذي جاء الحديث النبوي بنبوءات واضحة فيه، ان المهدي سينشي‌ء مذهبا جديدا للفكر قائما علي أساس الاسلام الخالص و يقلب عقلية الناس، و يبعث حركة قوية [ صفحه 72] تكون ثقافية و سياسية و ستهب في وجهها الجاهلية بجميع قواها و مقدراتها تعارض دعوته و تقاوم حركته ولكنه سيوفق بالأخير للقضاء علي سلطتها و يشيد دولة اسلامية موطدة الدعائم تجري في هيكلها بجانب روح الاسلام» [166] . أما هذا اللقب الذي أوردته الموسوعة (المعدوم أو الموهوم) للامام المهدي عليه‌السلام فلم يقل به أحد من الكتاب أو المؤرخين الذين ترجموا حياته أو تعرضوا لذكره.

الشخصيات البارزة

أولا - عبدالله بن سبأ و ما نسب له من أقاويل: ثم أوردت الموسوعة قولها: (من شخصياتهم البارزة تاريخيا عبدالله بن سبأ، و هو يهودي من اليمن. أظهر الاسلام و نقل ما وجده في الفكر اليهودي الي التشيع كالقول بالرجعة، و عدم الموت، و ملك الأرض، و القدرة علي أشياء لا يقدر عليها أحد من الخلق، و العلم بما لا يعلم أحد، و باثبات البداء و النسيان علي الله عزوجل تعالي الله عما يقولون علوا كبيرا، و كان يقول في يهوديته: بأن يوشع بن نون وصي موسي عليه‌السلام فقال في الاسلام بأن عليا وصي محمد (صلي الله عليه و سلم)، تنقل من المدينة الي مصر و الكوفة و الفسطاط و البصرة و قال لعلي: (أنت أنت) أي أنت الله مما دفع عليا الي أن يهم بقتله لكن عبدالله بن عباس نصحه بأن لا يفعل. فنفاه الي المدائن..) [167] . لا أدري كيف يستقيم قولكم السابق بأن الشيعة الامامية هم من المسلمين الذين تمسكوا بحق علي و اتخذوا الأئمة الاثني عشر من ولده قدوة و أئمة لهم تمسكوا بهم بعد وفاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم مع قولكم مرة أخري بأن من شخصياتهم [ صفحه 73] البارزة رجلا يهوديا اسمه عبدالله بن سبأ و قال هذا الرجل في الامام علي عليه‌السلام ما قال من الكفر خاصة و أن الامام عليا أراد قتله من أجل ذلك، فنصحه ابن‌عباس ألا يفعل فنفاه الي المدائن و تركه يعيث فيها فسادا، كيف يتهاون الامام علي عليه‌السلام في اقامة حد القتل علي عبدلله بن سبأ المزعوم...؟ أليس هذا هو التناقض بعينه فكيف نستطيع أن نتبع هذين المتناقضين الا اذا كنتم تتهمون علي بن أبي‌طالب و الأئمة من ولده عليهم‌السلام بأنهم مع هذا الرجل في ضلاله، نعوذ بالله من القول بذلك. و مهما يكن من أمر فان الشيعة الامامية تعتقد بأن عبدالله بن سبأ هذا شخصية و همية أسطورية لا وجود لها. و قد حقق العلامة مرتضي العسكري (حفظه الله) في هذه القضية و عدد الروايات الواردة حول هذه الشخصية من طرق السنة و الشيعة و نقضها بالدليل و البرهان و ذلك في كتاب المعنون: عبدالله بن سبأ، كما أن الدكتور طه حسين تعرض لهذه القضية في كتابه (علي و بنوه) قائلا: ان قضية عبدالله بن سبأ هي من مختلقات أعداء الشيعة. و يأتي الدكتور أحمد محمد صبحي ليستعرض كلام الدكتور طه حسين حول و همية عبدالله بن سبأ ثم يعلق علي هذا الموضوع قائلا: ان مبالغة المؤرخين و كتاب الفرق في حقيقة الدور الذي قام به عبدالله بن سبأ يرجع الي سبب آخر غير ما ذكره الدكتور طه حسين فلقد حدثت في الاسلام أحداث سياسية ضخمة كمقتل عثمان ثم حرب الجمل و قد شارك فيها كبار الصحابة و زوجة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و كلهم يتفرقون و يتحاربون و كل هذه الأحداث تصدم وجدان المسلم المتتبع لتاريخه السياسي... الي أن يقول: و لم يكن من المعقول أن يتحمل وزر ذلك كله صحابة أجلاء أبلوا مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بلاء حسنا فكان لابد أن يقع عب‌ء ذلك كله علي ابن‌سبأ [168] . [ صفحه 74] و حسبكم هذه الكلمات التي كتبها محمد كرد علي في كتابه (خطط الشام) قائلا: «و أما ما ذهب اليه بعض الكتاب من أن مذهب التشيع من بدعة عبدالله ابن‌سبأ المعروف باين السوداء فهو وهم و قلة علم بتحقيق مذهبهم و لمن علم منزلة هذا الرجل عند الشيعة و براءتهم منه و من أقواله و أعماله و كلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف في ذلك علم مبلغ هذا القول من الصواب» [169] . أما الدكتور الوردي فيقول في معرض كلامه عن ابن‌سبأ: و يبدو أن هذه الشخصية العجيبة اخترعت اختراعا، و قد اخترعها الأغنياء الذين كانت الثورة موجهة ضدهم [170] . أما الامام الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء فيقول: أما عبدالله بن سبأ الذي يلصقونه بالشيعة أو يلصقون الشيعة به فهذه كتب الشيعة بأجمعها تعلن بلعنه و البراءة منه، و أخف كلمة تقولها كتب الشيعة في حقه و يكتفون بها في ترجمة حاله عند ذكره هكذا: «عبدالله بن سبأ ألعن من أن يذكر»... و يتابع كاشف الغطاء قوله: علي أنه ليس من البعيد رأي القائل: أن عبدالله بن سبأ مجنون بني عامر و أبي‌هلال و أمثال هؤلاء الرجال و الأبطال كلها أحاديث خرافة وضعها القصاصون و أرباب السمر و المجون [171] . و اذا أردنا أن نتأكد أكثر من ذلك بأن عبدالله بن سبأ أسطورة فما علينا الا أن نراجع كتب المؤرخين لنري بأن أقدم من كتب عن هذه القصة هو سيف بن عمر الضبي التميمي الذي عاش في أواخر العصر الأموي و بداية العصر العباسي، و كان سيف هذا مشهورا بالكذب و وضع الأحاديث علي لسان النبي صلي الله عليه و آله و سلم باجماع علماء الجرح و التعديل. و من أقوال العلماء فيه: سيف بن عمر الضبي الأسيدي، و يقال التميمي البرجمي، و يقال السعدي الكوفي، مصنف الفتوح و الردة. [ صفحه 75] قال عنه الذهبي: يروي عن هشام بن عروة، و عبيدالله بن عمرو، و جابر الجعفي، و خلق كثير من المجهولين. قال عباس عن يحيي: ضعيف. وروي مطين عن يحيي: فلسي خير منه. و قال أبوداود: ليس بشي‌ء. و قال أبوحاتم: متروك. و قال ابن‌حبان: أتهم بالزندقة. و قال ابن‌عدي: عامة حديثه منكر. و قد مات سيف في زمن هارون الرشيد [172] . ولكن الطبري ينقل عن سيف بن عمر الضبي التميمي روايته، ثم ينقل عن الطبري بقية المؤرخين الذين جاؤوا بعده دون تحقيق فيها. و قبل سيف هذا لم يتكلم أحد من رواة الحديث أو العلماء و المؤرخين عن شخصية عبدالله بن سبأ.

لكل نبي وصي و وارث

و قولكم بأن عبدالله بن سبأ قال في اليهودية: «بأن يوشع بن نون وصي موسي عليه‌السلام فقال في الاسلام بأن عليا وصي محمد صلي الله عليه و آله و سلم» [173] . فان هذا القول يدل علي عدم درايتكم و دراستكم أحاديث النبي صلي الله عليه و آله و سلم و سيرته و سيرة الأنبياء عليهم‌السلام من قبله. و من المتوقع أنكم طالما تصديتم للكتابة عن الاسلام و فرقه و الكلام باسمه، أن يكون بحثكم لهذا الموضوع أكبر من ذلك. و علي كل حال أروي لكم هذه الأحاديث التي نقلها ابن‌شهر آشوب عن المسعودي، حيث يقول: [ صفحه 76] أ- عن شريك بن الفضيل عن سلمه عن هاني‌ء بنت أبي‌طالب قالت: يا رسول الله، ان ابن‌أمي يؤذيني - تعني عليا - فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «ان عليا لا يؤذي مؤمنا ان الله طبعه علي خلقي، يا أم‌هاني انه أمير في الأرض، و أمير في السماء، ان الله جعل لكل نبي وصيا فشيت وصي آدم، و يوشع وصي موسي، و آصف وصي سليمان، و شمعون وصي عيسي، و علي وصيي و هو خير الأوصياء في الدنيا و الآخرة، و أنا صاحب الشفاعة يوم القيامة، و أنا الداعي و هو المؤدي». ب- و عن سلة أم‌المؤمنين قالت ضمن حديث طويل: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «ان الله اختار من كل أمة نبيا و اختار لكل نبي وصيا، فأنا نبي هذه الأمة، و علي وصيي في عترتي أهل بيتي و أمتي من بعدي». ج- أخرج محمد بن حميد الرازي عن سلمة بن الأبرش عن ابن‌اسحاق عن أبي‌ربيعة الايادي عن ابن‌بريدة عن أبيه بريدة عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: «لكل نبي وصي و وارث و ان وصيي و وارثي علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام». و قد أخرج الذهبي هذا الحديث في أحوال شريك في (ميزان الاعتدال»، [ صفحه 77] و كذب به وزعم أن شريكا لا يحتمله و قال: ان محمد بن حميد الرازي ليس بثقة. و الجواب: لقد وثق الامام أحمد بن حنبل و البغوي و ابن‌جرير الطبري و ابن‌معين و غيرهم من علماء الجرح و التعديل وثقوا محمد بن حميد الرازي ورووا عنه، فهو شيخهم و معتمدهم كما يعترف بذلك الذهبي ولكنه في رواية هذا الحديث يتهمه. فتأملوا يا مسلمين. أما شريك فقد احتج به مسلم و أصحاب السنن الأربعة و هذه أحاديثه عندهم عن زياد بن علاقة و عمار الذهني و هشام بن عروة و يعلي بن عطاء و عبد الملك بن عمير و عمارة بن القعقاع و عبدالله بن شبرمه.. الخ [174] و أورد الذهبي فيه عن معاوية بن صالح قال: سألت أحمد عن شريك فقال: كان عاقلا صدوقا محدثا و كان شديدا علي أهل الريب و البدع [175] . و بناء علي الأحاديث السابقة نوجز الكلام حول الأوصياء و نأتي بأمثلة عنهم مراعاة للاختصار فنتحدث عن: 1- شيث بن آدم عليه‌السلام و وصيه. 2- سام بن نوح عليه‌السلام و وصيه. 3- يوشع بن نون صهر النبي موسي عليه‌السلام و وصيه. 4- آصف بن برخيا وصي النبي سليمان عليه‌السلام. 5- شمعون الصفا وصي النبي عيسي عليه‌السلام. 6- الامام علي بن أبي‌طالب خاتم الأوصياء. 1- شيث بن آدم عليه‌السلام و وصيه: عندما حضرت الوفاة آدم أباالبشر في مكة المكرمة أوحي الله تعالي اليه أن: [ صفحه 78] قد انقضت نبوءتك وفنيت أيامك فانظر الي اسم الله الأعظم و كل ما علمتك من الأسماء و أثر النبوة و ما يحتاج اليه الناس فادفعه الي شيث و امره بالقبول و الكتمان تقية من أخيه قابيل ألا يقتله كما قتل هابيل فانه قد سبق في علمي أن لا أخلي الأرض من عالم يعرف به ديني بعده و انني أخرجه من ذرية شيث و عقبه، فدعا آدم ابنه شيثا و عرفه بكل ذلك و علمه الأسماء و أودعه و دائع النبوة و كتب سائر وصاياه و جعلها في تابوت و دفع اليه التابوت و أوصاه مؤكدا بحفظه و مراقبته و قال له: يا بني اذا حضرت وفاتك و أحسست بذلك فالتمس خير ولدك و أفضلهم و أوصي اليه بما أوصيت به اليك و سلم اليه التابوت و ما فيه كما سلمت اليك و أوصه أن يحتفظ بالتابوت و بما فيه و مره أن يوصي اذا حضرته الوفاة الي خير ولده، وليضع كل وصي وصيته في التابوت و ليوص بذلك بعضهم الي بعض، و من أدرك نبوة نوح عليه‌السلام فليركب معه في السفينة و ليحمل معه التابوت بما فيه [176] . و في تاريخ الطبري قال آدم عليه‌السلام لشيث عليه‌السلام: يا بني ان الطوفان سيكون في الأرض يلبث فيها سبع سنين و كتب وصيته فكان شيث فيما ذكر وصي أبيه آدم عليه‌السلام و صارت الرياسة من بعد وفاة آدم لشيث [177] . و ذكر ابن‌الأثير ذلك في تاريخه قائلا عن شيث: قد ذكرنا بعض أمره و أنه كان وصي آدم في مخلفيه بعد مضيه لسبيله [178] . و في مناقب ابن‌شهر آشوب يقول: أوصي آدم الي ابنه شيث [179] . [ صفحه 79] و قال ابن‌كثير: معني شيث هبة. و لما حضرت آدم الوفاة عهد الي ابنه شيث [180] . ثم قال: و لما توفي آدم عليه‌السلام - و كان ذلك يوم الجمعة - جاءته الملائكة بحنوط و كفن - من عندالله عزوجل - و من الجنة، و عزوا فيه ابنه و وصيه شيثا عليه‌السلام [181] . 2- سام بن نوح عليه‌السلام و وصيه: لما انقضت مدة نوح عليه‌السلام و حان أجله هبط عليه جبرائيل عليه‌السلام و قال له: يا نوح انه قد انقضت نبوءتك و استكملت أيامك فانظر الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار النبوة التي معك فادفعها الي ابنك سام فان الله تعالي يقول: «اني لا أترك الأرض الا و فيها عالم تعرف به طاعتي و تكون به النجاة في ما بين قبض النبي و بعث النبي الآخر و لم أكن لأترك الناس بغير حجة وداع الي و هاد الي سبيلي و عارف بأمري، و اني قد قضيت أن أجعل لكل قوم هاديا أهدي به السعداء، و يكون حجة علي الأشقياء». ثم دفع نوح عليه‌السلام كل ما أمر به الي ابنه سام و أمر سائر ولده و ذراريه و أتباعه باتباعه و بشرهم بالنبي هود عليه‌السلام من بعده و أمرهم أن يفتحوا وصية أبيهم آدم عليه‌السلام كل عام في يوم مخصوص و يكون ذلك اليوم عيدا لهم كما أمر آدم عليه‌السلام بذلك ذريته [182] . و قال ابن‌الأثير في تاريخه: لما حضرت نوحا الوفاة.. حتي وصل الي قوله: أوصي الي ابنه سام و كان أكبر ولده [183] . [ صفحه 80] 3- يوشع بن نون صهر النبي موسي عليه‌السلام و وصيه: ذكره الله عزوجل في القرآن الكريم باسمه العربي (اليسع) أما اسمه كما ذكره المؤرخون فهو يوشع بن نون بن افرئيم بن يوسف عليه‌السلام الصديق و صهره زوج مريم أخت النبي موسي عليه‌السلام قام بالأمر بعد وفاته بوصية منه اذ دعاه عندما خرج في آخر مرة ليسافر معه تاركا أهله موصيا بوصاياه ثم دهمته منيته خلال فترة غيابه في التيه و عاد يوشع وحده الي قومه بني اسرائيل و كادوا أن يقتلوه ادعاء منهم بأنه هو الذي قتل النبي موسي عليه‌السلام في التيه. و بعد أن استقر أمره و توسع في ملكه خرجت عليه صفراء بنت النبي شعيب عليه‌السلام و زوجة النبي موسي عليه‌السلام و قاتلته أشد القتال بجنودها الجرارة حتي غلب عليها يوشع و أسرها قائلا لها: قد عفوت عنك في الدنيا الي أن نلفي نبي الله موسي فأشكو اليه ما لقيته منك و من قومك، فصرخت: و اويلاه و الله لو أبيحت لي الجنة لاستحييت أن أري فيها رسول الله و قد هتكت حجابه و خرجت علي وصيه بعده. ثم خرج يوشع بن نون الي أريحا مدينة الجبارين و حاصرها مع قومه بني اسرائيل ستة أشهر و لما كان الشهر السابع فتحها الله له فدخلها بمن معه فأدركهم المساء و كان اليوم جمعة أي بداية ليلة السبت و في ثاني يوم السبت يجب عليهم الامتناع عن أي عمل، طبقا لشريعة بني اسرائيل، فدعا يوشع عليه‌السلام ربه تعالي حتي رد شمس ذلك اليوم وزاد في طول نهاره حتي قبضوا علي الجبارين و قتلوا منهم مقتلة عظيمة و انهزم الباقون، و حول رد الشمس يقول ابن أبي‌الحديد المعتزلي في قصيدته العينية المشهورة و هو يمدح الامام عليا عليه‌السلام: يا من له ردت ذكاء و لم يفز بنظيره من قبل الا يوشع [184] . في تاريخ اليعقوبي يقول: كان موسي لما حضرته وفاته أمره الله عزوجل [ صفحه 81] أن يدخل يوشع بن نون الي قبة الرمان فيقدس عليه، و يضع يده علي جسده لتتحول فيه بركته و يوصيه أن يقوم بعده في بني اسرائيل [185] . و يقول الشهرستاني في الملل و النحل: كان موسي عليه‌السلام قد أفضي بأسرار التوراة و الألواح الي يوشع بن نون وصيه و القائم بالأمر من بعده... ثم قال: اذ قال تعالي حكاية عن موسي عليه‌السلام في دعائه حين أوحي اليه: (و أشركه في أمري) [طه/32] و كان هذا الوصي، فلا مات هارون في حال حياة موسي انتقلت الوصية الي يوشع بن نون [186] . 4- آصف بن برخيا وصي النبي سليمان عليه‌السلام: و هو وزير النبي سليمان عليه‌السلام و صديقه و وصيه و ابن‌أخته الذي كان عنده جزء من 73 جزءا من أجزاء اسم الله الأعظم و حروفه و الذي كان يستجاب لدعائه بهذا الجزء الواحد من الاسم المبارك المعبر عنه في قول الله عزوجل: (قال الذي عنده علم من الكتب أنا ءاتيك به‌ي قبل أن يرتد اليك طرفك) [النمل/40] أي لحظ عينك و قد كان باستطاعة النبي سليمان عليه‌السلام أن يقول بنفس العمل الذي قام به آصف بن برخيا بجلب عرش بلقيس من اليمن الي فلسطين لكنه تعمد أن يتركه ليقوم بهذا العمل ليعرف أمته من الجن و الانس أنه الحجة و الامام و الخليفة من بعده [187] ، و قد بقي آصف يدبر أمر المملكة بعد وفاة النبي سليمان عليه‌السلام و ينظم أعمالها و الجن في ضنك و ضيق و هم بين يديه كالأساري حتي انتهي بناء الهيكل، دلتهم الأرضة علي موت النبي سليمان عليه‌السلام [188] . 5- شمعون الصفا وصي النبي عيسي عليه‌السلام: شمعون بن حمون هو أبرز حواريي النبي عيسي عليه‌السلام وصفيه و نجيه [ صفحه 82] يسميه النصاري بطرس و يسمي بالعربية سمعان كان ذا حجة قوية و منطق مقنع و تأثير في المستمعين عظيم بعثه النبي عيسي عليه‌السلام الي ملك انطاكية لدعوته الي الله (عزوجل) و طلب الافراج عن الرسولين اللذين سبقاه لدعوة الملك فحبسهما عنده، و بعد أن استطاع شمعون هداية الملك و قومه، انصرف الي رومية، يدعو أهلها، فقتله الملك نيرون وصلبه مع بولس (أحد الحواريين) منكسين [189] . 6- الامام علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام خاتم الأوصياء: ذكرنا جزءا من مناقبه عليه‌السلام مع ذكر ألقابه، و في بداية البحث حول أوصياء الأنبياء ذكرنا حديثين عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم عن الأوصياء ختمهم بعلي بن أبي‌طالب و هناك عدد غير قليل من الأحاديث المختصة بالوصية له من النبي صلي الله عليه و آله و سلم دون ذكر الأوصياء الآخرين مثال ذلك: أ- أخرج الطبراني في المعجم الكبير بالاسناد الي أبي‌أيوب الأنصاري عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال لابنته فاطمة: يا فاطمة أما علمت أن الله (عزوجل) اطلع الي أهل الأرض اطلاعة فاختار منهم أباك نبيا، ثم أطلع الثانية، فاختار بعلك، فأوحي الي فأنكحته و اتخذته وصيا [190] . ب- حديث الدار يوم الانذار و فيه يقول: هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا [191] . و سيأتي الحديث حوله عند الحديث عن الامامة و الخلافة. [ صفحه 83] ج- قوله صلي الله عليه و آله و سلم: ان وصيي و موضع سري و خير من أترك بعدي ينجز عدتي و يقضي ديني علي بن أبي‌طالب [192] . د- قوله صلي الله عليه و آله و سلم لأنس بن مالك: «يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، و سيد المسلمين، و قائد الغر المحجلين، و خاتم الوصيين». قال أنس: قلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار و كتمته، اذ جاء علي فقال صلي الله عليه و آله و سلم: من هذا يا أنس؟ فقلت: علي، فقام اليه مستبشرا فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه. قال علي: يا رسول الله لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل؟ قال: «و ما يمنعني و أنت تؤدي عني و تسمعهم صوتي، و تبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي» [193] . و هناك عدد من الأحاديث النبوية الواردة حول وصية النبي محمد صلي الله عليه و آله و سلم للامام علي عليه‌السلام و قد ذكرنا بعضها في ألقاب الامام علي عليه‌السلام و كان ذلك تماشيا مع السنن الكونية التي وضعها الله عزوجل اذ جعل لكل نبي وصيا و وارثا، و تنفيذا لأمره تبارك و تعالي من عهد آدم حتي سيد الخلق أجمعين سيدنا و نبينا محمد صلي الله عليه و آله و سلم. و تجد كثيرا من الأحاديث في الصحاح الستة و غيرها من الكتب المعتبرة عند أهل السنة. و ليست المسألة من الشخصية الأسطورية التي أسلفنا الكلام عنها، عبدالله بن سبأ أو من غيره، بل هي نص من الله عزوجل و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم ثبت عنه [ صفحه 84] بطرق متعددة و صحيحة. ولكن الموسوعة أرادت أن تشكك بصحة هذا الحديث و أمثاله، كما حاول من قبلهم بنو أمية و أعداء أهل البيت عليهم‌السلام، لأن في ذلك اتهاما كبيرا و تعريضا بمن استولي علي مكانة الوصي و جلس مكانه علي سدة الحكم، يفعل بالأمة ما يشاء، فيستأثر ببيت مال المسلمين، يوزعه كيفما يحلو له، و ينصب الهمج الرعاع و من يعبدون الله علي حرف كي يسوسوا العباد بما تمليه عليهم أهواؤهم و مصالحهم، و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم.

القول بالرجعة

و أما قولكم أن عبدالله بن سبأ: (نقل ما وجده في الفكر اليهودي الي التشيع كالقول بالرجعة). ان القول بالرجعة ليس من أقوال اليهود أو الذين يمشون علي خطاهم لأنهم لم يعرفوا القرآن الكريم و ما يحويه حتي يقولوا بذلك و لو أننا جئنا الي كتاب الله و استنطقناه حول هذه المسألة لرأينا أنه يقول: 1- (و اذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دآبة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بايتنا لا يوقنون و يوم نحشر من كل أمة فؤجا ممن يكذب بايتنا فهم يوزعون) [النمل/83-82]. فان (من) في هذه الآية جاءت للتبعيض و لذلك فان هذه الآية لم تتكلم عن يوم القيامة كما يظن بعض الباحثين لكنها حشر لبعض الأموات و ليست لكلهم و يوم القيامة كما هو معلوم يحشر فيه جميع الخلق كما جاء في قوله تعالي: (و حشرنهم فلم نغادر منهم أحدا) [الكهف/47]. و دابة الأرض المذكورة في أول الآية المباركة التي تظهر في آخر الزمان و تكون من علامات الساعة دليل آخر علي أن الحشر الذي يصاحبها فيحشر من كل أمة فوجا هو القول بالرجعة. 2- قوله تعالي: (ربنا أمتنا اثنتين و أحييتنا اثنتين) [غافر/11]. ان الموت لا يكون الا بعد الحياة فلو مات الانسان بعد الحياة الدنيا ثم [ صفحه 85] أحيي يوم القيامة فأين الموتة الأخري؟!. نعم انها موتة أولي و احياء و رجعة لكبار المجرمين ثم موتة و احياء يوم القيامة و أما في جهنم فلا يوجد فيها موتة أخري كذلك الأمر في الجنة و بهذا قال تعالي: (لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الأولي و وقهم عذاب الجحيم) [الدخان/56]. 3- كما وردت الرجعة في قصة عزير عليه‌السلام في قوله تعالي: (فأماته الله مائة عام ثم بعثه) [البقرة/259]. 4- و وردت في أصحاب موسي عليه‌السلام في قوله تعالي: (ثم بعثنكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون) [البقرة/56]. 5- و في قوله تعالي: (ألم تر الي الذين خرجوا من ديرهم و هم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحيهم) [البقرة/243]. 6- و في قوله تعالي: (و ان من أهل الكتب الا ليؤمنن به قبل موته‌ي و يوم القيمة يكون عليهم شهيدا) [النساء/159]. أورد الزمخشري في (كشافه) حول تفسير هذه الآية أنه يجوز أن يراد منها أن لا يبقي من جميع أهل الكتاب الا ليؤمنن به علي أن الله يحييهم من قبورهم في ذلك الزمان و يعلمهم نزوله (أي نزول النبي عيسي عليه‌السلام) و يؤمنون به حين لا ينفعهم ايمانهم. و في (الدر المنثور) [194] أخرج ابن‌المنذر عن شهر بن حوشب قال: «قال لي الحجاج: يا شهر آية من كتاب الله ما قرأتها الا اعتراض في نفسي شي‌ء منها قال الله: (و ان أهل الكتب الا ليؤمنن به قبل موته) [النساء/159] و اني أوتي بالأساري فأضرب أعناقهم و لا أسمعهم يقولون شيئا. فقلت: رفعت اليك علي غير وجهها، و ان النصراني اذا خرجت روحه [ صفحه 86] ضربته الملائكة من قبله و دبره و قالوا: أي خبيث! ان المسيح الذي زعمت أنه الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة عبدالله و روحه و كلمته فيؤمن حين لا ينفعه ايمانه، و ان اليهودي اذا خرجت نفسه ضربته الملائكة من قبله و دبره و قالوا: أي خبيث! ان المسيح الذي زعمت أنك قتلته عبدالله و روحه و كلمته فيؤمن به حين لا ينفعه الايمان، فاذا كان نزول عيسي عليه‌السلام آمنت به أحياؤهم كما آمنت به موتاهم. فقال: من أين أخذتها؟ فقلت: من محمد بن علي، قال: لقد أخذتها من معدنها. قال شهر: و أيم الله ما حدثنيه الا أم‌سلمة و لكني أحببت أن أغيظه. و علي فرض عدم ثبوت الرجعة عندكم فان هذا لا يتخالف أو يتصادم مع ضروريات الدين و لا يوجب كفرا و مخالفة للحق. أما القول بعدم الموت: فهي عبارة غير واضحة لكنها تحتمل ما يلي: 1- ان كان القصد عدم الموت بعد الرجعة فهذا لم يتكلم به أحد من علماء الشيعة و قد أثبتنا ذلك من خلال الآيات السابقة في موضوع الرجعة. 2- و ان كان القصد من العبارة عدم الموت يوم القيامة فهو معلوم من نصوص القرآن الكريم، امام نار مخلدة، أو نعيم خالد، حتي أن الكافر يتمني لو كان ترابا ميتا فلا يحصل الموت، و الايمان بهذه المسألة من ضروريات الدين. و لعل ما يوضح بجلاء رأي المسلمين الشيعة بموضوع (الرجعة) ما كتبه المصلح الشيخ محمد رضا المظفر في كتابه (عقائد الامامية) حيث يقول: ان الذي تذهب اليه الامامية أخذا بما جاء عن آل البيت عليهم‌السلام أن الله تعالي يعيد قوما من الأموات الي الدنيا في صورهم التي كانوا عليها، فيعز فريقا و يذل فريقا آخر، و يديل المحقين من المبطين، و المظلومين منهم من الظالمين، و ذلك عند قيام مهدي آل محمد عليه و عليهم أفضل الصلاة و السلام. [ صفحه 87] و لا يرجع الا من علت درجته في الايمان أو من بلغ الغاية من الفساد، ثم يصيرون بعد ذلك الي الموت، و من بعده الي النشور و ما يستحقونه من الثواب أو العقاب، كما حكي الله تعالي في قرآنه الكريم تمني هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالارتجاع فنالوا مقت الله أن يخرجوا ثالثا لعلهم يصلحون: (قالوا ربنآ أمتنا اثنتين و أحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل الي خروج من سبيل) [غافر/11]. نعم، قد جاء القرآن الكريم بوقوع الرجعة الي الدنيا. و تظافرت بها الأخبار عن بيت العصمة. و الامامية بأجمعها عليه الا قليلون منهم تأولوا ما ورد في الرجعة بأن معناها رجوع الدولة و الأمر و النهي الي آل البيت بظهور الامام المنتظر، من دون رجوع أعيان الأشخاص و أحياء الموتي. ان الاعتقاد بالرجعة لا يخدش في عقيدة التوحيد و لا في عقيدة النبوة، بل يؤكد صحة العقيدتين، اذ الرجعة دليل القدرة البالغة لله تعالي كالبعث و النشر، و هي من الأمور الخارقة للعادة التي تصلح أن تكون معجزة لنبينا محمد و آل بيته صلي الله عليه و عليهم و هي عينا معجزة احياء الموتي التي كانت للمسيح عليه‌السلام، بل أبلغ هنا لأنها بعد أن يصبح الأموات رميما (قال من يحي العظم و هي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة و هو بكل خلق عليم) [يس/79-78]. و أما من طعن في الرجعة باعتبار أنها من التناسخ الباطل، فلأنه لم يفرق بين معني التناسخ و بين المعاد الجسماني، و الرجعة من نوع المعاد الجسماني، فان معني التناسخ هو انتقال النفس من بدن آخر منفصل عن الأول و ليس كذلك معني المعاد الجسماني، فان معناه رجوع نفس البدن الأول بشخصياته النفسية فكذلك الرجعة. و اذا كانت الرجعة تناسخا فان احياء الموتي علي يد عيسي عليه‌السلام كان تناسخا، و اذا كانت الرجعة تناسخا كان البعث و المعاد الجسماني تناسخا. [ صفحه 88] اذا، لم يبق الا أن يناقش في الرجعة من جهتين (الأولي): أنها مستحيلة الوقوع (الثانية): كذب الأحاديث الواردة فيها. و علي تقدير صحة المناقشتين فلا يعتبر الاعتقاد بها بهذه الدرجة من الشناعة التي هولها خصوم الشيعة. و كم من معتقدات لباقي طوائف المسلمين هي من الأمور المستحيلة أو التي لم يثبت فيها نص صحيح، ولكنها لم توجب تكفيرا و خروجا عن الاسلام، و لذلك أمثلة كثيرة: منها الاعتقاد بجواز سهو النبي أو عصيانه، و منها الاعتقاد بقدم القرآن، و منها القول بالوعيد، و منها الاعتقاد بأن النبي لم ينص علي خليفة من بعده. علي أن هاتين المناقشتين لا أساس لهما من الصحة، أما أن الرجعة مستحيلة فقد قلنا انها من نوع البعث و المعاد الجسماني غير أنها بعث موقوت في الدنيا، و الدليل علي امكان البعث دليل علي امكانها. و لا سبب لاستغرابها الا أنها أمر غير معهود لنا فيما ألفناه في حياتنا الدنيا، و لا نعرف من أسبابها أو موانعها ما يقربها الي اعترافنا أو يبعدها، و خيال الانسان لا يسهل عليه أن يتقبل تصديق ما لم يألفه، و ذلك كمن يستغرب البعث فيقول: (من يحي العظم و هي رميم) فيقال له: يحييها الذي أنشأها أول مرة و هو بكل خلق عليم) [يس/79-78]. نعم، في مثل ذلك، مما لا دليل عقلي لنا علي نفيه أو اثباته أو نتخيل عدم وجود الدليل، يلزمنا الرضوخ الي النصوص الدينية التي هي من مصدر الوحي الالهي، و قد ورد في القرآن الكريم ما يثبت وقوع الرجعة الي الدنيا لبعض الأموات كمعجزة عيسي عليه‌السلام في احياء الموتي (و أبري‌ء الأكمه و الأبرص و أحي الموتي باذن الله) [آل عمران/49] و كقوله تعالي: (أني يحي هذه الله بعد موتها) [البقرة/259] و الآية المتقدمة (قالوا ربنا أمتنا اثنتين...) فانه لا يستقيم معني هذه الآية بغير الرجوع الي الدنيا بعد الموت، و ان تكلف بعض المفسرين في تأويلها بما لا يروي الغليل و لا يحقق معني الآية. [ صفحه 89] و أما المناقشة الثانية، و هي دعوي أن الحديث فيها موضوع، فانه لا وجه لها لأن الرجعة من الأمور الضرورية فيما جاء عن آل البيت من الأخبار المتواترة و الرجعة بعد هذا ليست من الأصول التي يجب الاعتقاد بها و النظر فيها، و انما اعتقاد المسلمين الشيعة بها كان تبعا للأثار الصحيحة الواردة عن آل البيت عليهم‌السلام الذين ندين بعصمتهم من الكذب.

الفرق بين المعجزات و الخرافات

أما قولكم: (و القدرة علي أشياء لا يقدر عليها أحد من الخلق). ان القدرة علي الأشياء التي لا يقدر عليها أحد من الخلق و البشر العاديين مسألة ثابتة لأنبياء الله و رسله و خاصة أوليائه بنص القرآن الكريم، فهذا النبي نوح عليه‌السلام قد أغرقت له كل المعمورة بدعائه علي قومه، و هذا النبي ابراهيم عليه‌السلام قد غير الله له خاصية الاحراق في النار و جعلها عليه بردا و سلاما، و هذا النبي موسي عليه‌السلام أعطاه الله تسع معجزات يعجز عن مثلها البشر غير المعصومين، و هذا النبي عيسي عليه‌السلام الذي كان يحيي الموتي و يبري‌ء الأكمه و الأبرص و الأعمي باذن الله و قد رفع الي السماوات العلي بغير جناح و لا وسائط تنقله و أعطاه الله علم أسرار الناس فيخبرهم بما يدخرون في بيوتهم كما أعطي للنبي سليمان عليه‌السلام منطق الطير و سخر له الجن و الريح تحمله الي أي بقعة من بقاع الأرض، هذا مما ورد من بعض المعجزات حول الأنبياء أما حول الأولياء و الأوصياء فقد كان لهم نصيب في هذه الأمور كذلك مثل: آصف بن برخيا وزير النبي سليمان عليه‌السلام فقد أكرمه الله عزوجل بجلب عرش بلقيس من اليمن الي فلسطين بأقل من طرفة عين و غيره كثير و كثير. فهل حسبتم بأن سادة المسلمين و البشرية - النبي محمدا صلي الله عليه و آله و سلم و آله عليهم‌السلام - أقل شأنا و كرامة من سادة بني اسرائيل أو غيرهم من الأولياء و الأوصياء، ألم تقرأوا الحديث القدسي: «عبدي أطعني تقل للشي‌ء [ صفحه 90] كن فيكون باذني» [195] . و في حديث قدسي آخر يقول الله عزوجل: «أنا عند حسن ظن عبدي بي و أنا معه حين يذكرني... الي أن يقول: و من تقرب الي شبرا تقربت منه ذراعا و من تقرب الي ذراعا تقربت منه باعا و من جاءني يمشي جئته أهرول» [196] . و في حديث قدسي ثالث: «و ما تقرب الي عبد من عبادي بشي‌ء من النوافل أحب مما افترضته عليه و انه ليتقرب الي بالنوافل حتي أحبه فاذا أحببته كنت سمعه الذي يمسع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها ان دعاني أجبته و ان سألني أعطيته» [197] . و في حديث رابع: «اذا أحببت عبدي كنت سمعه و بصره و لسانه في يسمع و بي يبصر و بي ينطق و بي يعقل» [198] . فاذا كان أي انسان مطيع لله يعبده حق العبادة حسب ما ورد في الأحاديث القدسية فقد يقول للشي‌ء كن فيكون باذن الله فكيف يكون حال النبي و أهل بيته الأطهار الذين ذابوا في طاعة الله و محبته، و من أهم ما سجلته كتب العلماء و المؤرخين من معجزات النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أهل بيته الأطهار بعدما وثقوها ورووا اسنادها الحوادث التاريخية التالية: 1- الاسراء و المعراج للنبي محمد صلي الله عليه و آله و سلم التي سجلها القرآن الكريم بقوله تعالي: (سبحن الذي أسري بعبده‌ي ليلا من المسجد الحرام الي المسجد الأقصا) [الاسراء/1]. 2- معجزة النبي محمد صلي الله عليه و آله و سلم الخالدة و المتجددة ألا و هي القرآن الكريم [ صفحه 91] الذي جمع أخبار الأولين و الآخرين و علم ما كان و ما يكون الي أن تقوم الساعة و حتي يقف الانسان بين يدي الله يوم الحساب. 3- مولد الامام علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام داخل الكعبة المشرفة بعد أن انشق جدار الكعبة لفاطمة بنت أسد أم الامام و بقيت داخلها ثلاثة أيام تخدمها و تطعمها الملائكة و الحور العين، و لو لم يكن طعامها من الجنة لماتت بدون طعام لعدم وجوده داخل الكعبة و عدم استطاعة الخدم فتح الأبواب لاخراجها فكيف تبقي مدة الولادة بدون طعام...؟ [199] . 4- قلع الامام علي لباب خيبر بعد قتله لمرحب اليهودي و قد قال في ذلك ابن أبي‌الحديد المعتزلي شعرا نختار منه: يا قالع الباب الذي عن هزه عجزت أكف أربعون و أربع [200] . 5- أصيبت عين قتادة بن النعمان الأوسي يوم أحد و سقطت من مكانها فردها له رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أصبح سليما معافي و كانت أحسن عينيه و لذلك لقب فيما بعد (ذوالعينين) [201] . 6- انشقاق القمر للنبي صلي الله عليه و آله و سلم فلقتين و ذلك عندما طلب ذلك منك المشركون في مكة كدليل علي نبوته [202] . 7- بعث النبي صلي الله عليه و آله و سلم الامام عليا قاضيا الي اليمن و دعا له (اللهم اهد قلبه و ثبت لسانه)، و يقول الامام علي عليه‌السلام في ذلك: ما أخطأت في قضية [ صفحه 92] عرضت علي بعد هذا الدعاء من النبي صلي الله عليه و آله و سلم [203] . 8- اخبار النبي صلي الله عليه و آله و سلم ببعض من المغيبات و بحوادث آخر الزمان و علامات الساعة و قد ذكرت بعض المعاجز و الكرامات عند أصحاب السير و التاريخ للنبي صلي الله عليه و آله و سلم و أهل بيته عليه‌السلام و هي أكثر من أن تعد أو تحصي في هذا الكتاب و قد أتينا ببعضها للاعتبار و تعريف الناس بعقيدتنا في أنبياء الله و أوليائه، و أن الله أيدهم بالمعجزات و الكرامات لأنهم يتعرضون لتكذيب الجاهلين و تشكيك المرتابين و لو أنهم لم يؤيدوا مثل ذلك مع علومهم المختلفة، لما اقتنع بهم سائر الناس و لما تمكنوا من اثبات النبوة و الولاية. ولكن في مقابل الايمان بهذه الأمور يجب علينا أن نعرف أن لها شروطا و قوانين لا تتوفر عند كل من قال عن نفسه أنه ولي من أولياء الله ليختلق القصص الخرافية و الأسطورية، و يملأ بها بطون الصحاح فتخضع له الرقاب، و تتكلم باسمه وسائل الاعلام و يلهج بذكره وعاظ السلاطين علي منابر أمرائهم، داعين الناس للاقتداء بجهله و خرافاته و انزوائه بدينه و ابتعاده عن أمور الدول و حكامها و دوائر الدولة و شؤونها، فان ذلك له أهله و لا شأن لنا به كما يزعمون، يخدرون الأمة بنوع آخر من المخدرات التي تخدر العقول، و قد شجع علي هذا النوع من التدين الممسوخ و الشعوذة و الخرافات حكام الجور و أتباعهم قديما و حديثا و أشاعوا بين العوام كثيرا من هذه الأمور.

البداء في الاسلام

أما عن قولكم «حول البداء و النسيان علي الله عزوجل، تعالي عما يقولون علوا كبيرا». فلو نظرتم في علوم الشيعة بتمعن و ناقشتم ما عندهم من فكر بتجرد [ صفحه 93] لرأيتم بأنهم لا يفتون و لا يعطون رأيا الا بعد النظر في الكتاب الله عزوجل و سنة نبيه صل الله عليه و آله و سلم و استنطاقهما و ها هو ذا الامام جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام يعبر عن هذا الموضوع أفضل تعبير بقوله: انا لو كنا نفتي الناس برأينا لكنا من الهالكين ولكنها آثار من رسول الله صل الله عليه و آله و سلم نتوارثها كابرا عن كابر نكنزها كما يكنز الناس ذهبهم و فضتهم [204] . و من هذه الآراء و الأفكار و الآثار التي كان أهل البيت عليهم‌السلام يتوارثونها و يكنزونها كالذهب و الفضة من هذه الآثار جاءت فكرة البداء المستمدة من كتاب الله عزوجل. ولكن قبل الخوض في هذه المسألة ألا ترون أنكم جمعتم بين مسألتين دون وجود رابط يربط بينهما فهل هناك يا تري أي رابط بين البداء و النسيان، أم أنها من جملة المفتريات التي مرت آنفا؟. أقول: ان مسألة النسيان علي الله التي تزعمون بأن الشيعة تقول بها فهي كذب واضح و افتراء جلي لا يرضي بنسبته للشيعة كل من قراء كتبهم أو عاش بينهم أو درس أفكارهم و عقائدهم فهم لا يقبلون بنسبة النسيان الي الأنبياء الذين لا يقاسون مع الله فكيف يقبلون بنسبة النسيان الي الله. تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا. أما البداء فقد عرفه الشيخ محمد بن الحسن الطوسي في (العدة) بقوله: «حقيقة البداء في اللغة: الظهور و لذلك يقال (بدا لنا سور المدينة) و قوله تعالي: (و بدا لهم سيئات ما عملوا) [الجاثية/33]، (و بدا لهم سيئات ما كسبوا) [الزمر/48]. و يراد بذلك ظهر. و قد يستعمل ذلك في العلم بالشي‌ء بعد ان لم يكن حاصلا و كذلك في [ صفحه 94] الظن، فاذا أضيفت هذه اللفظة الي الله تعالي فمنه ما يجوز اطلاقه و منه ما لا يجوز، فأما ما يجوز اطلاقه من ذلك فهو ما أفاد النسخ بعينه و يكون اطلاق ذلك عليه علي ضرب من التوسع و هذا الوجه يحمل جميع ما ورد عن الصادقين عليهم‌السلام من الأخبار المتضمنة لاضافة البداء الي الله تعالي دون ما لا يجوز عليه من حصول العلم بعد أن لم يكن، و يكون وجه اطلاق ذلك عليه و التشبيه هو: أنه اذا كان ما يدل علي النسخ يظهر به للمكلفين ما لم يكن ظاهرا و يحصل لهم العلم به بعد أن لم يكن حاصلا و أطلق علي ذلك لفظ البداء» [205] . و هناك الأحاديث النبوية و الآيات القرآنية الكثيرة الدالة علي البداء مثل قوله تعالي: (ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله علي كل شي‌ء قدير) [البقرة/106]. و قوله تعالي: (يمحوا الله ما يشآء و يثبت و عنده أم‌الكتب) [الرعد/39]. و قد ورد عن الامام علي عليه‌السلام قوله حول هذه الآية: «لولا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما يكون الي يوم القيامة».. فقالوا: و ما هي يا أميرالمؤمنين؟! قال: (يمحوا الله ما يشآء و يثبت و عنده أم‌الكتب) [الرعد/39]. و قد روي البخاري حول مسألة البداء ما يلي: عن أبي‌هريرة أن رسول الله صل الله عليه و آله و سلم قال: ان ثلاثة من بني‌اسرائيل أبرص و أعمي و أقرع بدالله أن يبتليهم فبعث اليهم ملكا فأتي الأبرص فقال له: أي شي‌ء أحب اليك؟ فقال: لون حسن و جلد حسن، قد قذرني الناس، فمسحه فذهب عنه فأعطي لونا حسنا و جلدا حسنا، ثم قال: أي المال أحب اليك؟ فقال: الابل، فأعطي ناقة عشراء، و أتي الأقرع فقال له: أي شي‌ء أحب اليك، قال: شعر حسن و يذهب هذا عني قد قذرني الناس، فمسحه فذهب عنه و أعطي شعرا حسنا، ثم قال له: [ صفحه 95] أي المال أحب اليك؟ فقال: البقر، فأعطاه بقرة حاملا و أتي الأعمي فقال له: أي شي‌ء أحب اليك؟ قال: يرد بصري، فمسحه، فرد الله اليه بصره، ثم قال له: فأي المال أحب اليك؟ قال: الغنم، فأعطاه شاة ولودا. ثم رجع الملك بعد أن تكاثرت عند هؤلاء الابل و البقر و الغنم حتي أصبح يملك كل واحد منهم قطيعا، فأتي الأبرص و الأقرع و الأعمي كل علي صورته و طلب من كل واحد منهم أن يعطيه مما عنده فرده الأقرع و الأبرص فأرجعهما الله الي ما كانا عليه، و أعطاه الأعمي فزاده الله و أبقاه مبصرا [206] . و عن قيس بن عباد عن النبي صل الله عليه و آله و سلم قال [207] لله أمر في كل ليلة العاشر في أشهر الحرم، أما العاشر من رجب ففيه (يمحوا الله ما يشآء و يثبت) [الرعد/39]. و عن عمر بن الخطاب أنه كان يطوف بالبيت الحرام فقال: (اللهم ان كنت كتبت علي شقاوة أو ذنبا فامحه فانك تمحو ما تشاء و تثبت و عندك أم‌الكتاب) [208] و هناك عدد من القصص التي وردت عن الصحابة و التابعين أو التي نقلت عن النبي صل الله عليه و آله و سلم و أهل بيته عليهم‌السلام حول البداء كما في هذه المعاني التي أسلفناها و الأحاديث و الآيات التي رويناها. و اذا لم نأخذ بهذا المبداء أو نعتقد به فما هي فائدة الدعاء و الصدقات التي ورد عنها في الأحاديث الشريفة قوله صل الله عليه و آله و سلم: صدقة السر تطفي‌ء غضب الرب - الدعاء يرد القضاء المبرم. و نقل الشيخ العجلوني قوله صل الله عليه و آله و سلم: صنائع المعروف تقي مصارع السوء و الصدقة لتطفي‌ء غضب الرب و تدفع ميتة السوء و قال: رواه الترمذي و صححه ابن‌حبان [209] . [ صفحه 96] و البداء بهذه المعاني يكون نسخا و تغييرا لأحكام معينة حسبما يري الله عزوجل من حاجة و مصلحة للعباد و خدمة للدين في ذلك الأمر. و كذلك تدرج الأحكام الشرعية حتي تصبح مسألة واجبة اما في تحريمها أو فعلها كمسألة تحريم الخمر و التدرج في ذلك عبر آيات متعددة و علي مراحل مختلفة. و علي هذا فان البداء الذي تقول به الشيعة لا يتعدي حدود القرآن و سنة النبي صل الله عليه و آله و سلم أما اذا كان هناك بعض المرجفين أعداء لله و لرسوله يحاولون أن ينسبوا لنا غير ما نقول فأمرنا و أمرهم الي الله و ليحكم الله بيننا و هو خير الحاكمين.

الامام علي و ابن سبأ

و حول قولكم: فيما أوردتم بشأن قول عبدالله بن سبأ الوهمي حول الامام علي عليه‌السلام و محاولة الامام علي قتله ثم نصح ابن‌عباس بعدم قتله، و نفيه الي المدائن. فأري بأن هذه الأقوال مجموعة دعاوي متناقضة من بدايتها الي نهايتا. فعلي فرض وجود شخصية عبدالله بن سبأ هذا فكيف يقول بأن علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام هو وصي رسول الله صل الله عليه و آله و سلم كما ذكرتم في أول كلامكم ثم يقول له: (أنت، أنت) ألا يكون هذا الكلام تكذيبا لدعوته الأولي و بالتالي ابعاد الناس عنه و فشله في دعوته، ثم انه اذا كان معروفا بهذه الأفكار الشاذة المنحرفة عن الاسلام فكيف يسمح له الخلفاء و الصحابة بالتحرك بين المسلمين و نشر دعوته؟ و كيف يسكتون عن هذا التحرك المريب لعبد الله بن سبأ؟ أم أنهم كانوا في شغل عنه و عن أمثاله بالأموال و الجواري و ما جاءت به الفتوحات و الحروب من الغنائم؟، و كيف يهم الامام علي أخيرا بقتله و اقامة الحد عليه [ صفحه 97] جزاء قوله فيه ثم يأتي عبدالله بن العباس فينصح الامام عليا في ترك حد من حدود الله.؟! و الأغرب من ذلك أن الامام عليا عليه‌السلام يظهر تهاونه الكبير في حدود الله من خلال كلامكم هذا فيترك اقامة الحد ثم يترك عبدالله بن سبأ لينفي الي المدائن يعيث فيها فسادا. بالله ألا تخجلوا من هذه الترهات؟! تنسبون الي عبدالله بن عباس الذي تسمونه حبر الأمة أنه ينصح الخليفة بترك حد من حدود الله و ليس حدا صغيرا انما هو حد الشرك بالله، و لو افترضنا أن ابن‌عباس فعل ذلك، فكيف يقبل الامام علي هذا الأمر و قد قال عنه النبي صل الله عليه و آله و سلم: 1- علي مع القرآن و القرآن مع علي ولن يفترقا حتي يردا علي الحوض [210] . 2- ان منكم من يقاتل علي تأويل القران كما قاتلت علي تنزيله، فيسأله أبوبكر: أنا هو؟ فيقول: لا، فيقول عمر بن الخطاب: أنا هو؟ فيقول النبي صل الله عليه و آله و سلم: لا، ولكن خاصف النعل، و كان علي يخصف نعل النبي صل الله عليه و آله و سلم [211] . فاذا كان القرآن مع علي و علي مع القرآن و اذا كان علي يقاتل علي التأويل كما قاتل النبي صل الله عليه و آله و سلم علي التنزيل و اذا كان علي... الي آخر ما هنالك من الأحاديث التي وردت في الامام علي عليه‌السلام، فكيف يقبل علي هذا في ترك حد من حدود الله حتي دون مناقشته أو سؤاله عن هذا الأمر و هو يعلم أن هذا الادعاء شرك بالله عزوجل. [ صفحه 98] لقد ورد عن النبي صل الله عليه و آله و سلم حين أراد أسامة بن زيد أن يشفع لامرأة مخزومية سرقت أنه قال: انما أهلك الأمم التي كانت قبلكم أنه اذا سرق الشريف تركوه و اذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد. و حسب ادعائكم بأن الامام عليا يقبل بالتهاون باقامة حدود الله انما يساعد في هلاك الأمة و تفشي الموبقات فيها، أم أنكم لم تستطيعوا التمييز في التفريق بين النصيحة في الحرام أم في الحلال. أهذه قيمة صحابة النبي صل الله عليه و آله و سلم و أهل بيته عندكم معشر علماء المسلمين؟! فالي الله المشتكي، و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. ترجمة الطبرسي ثم تصل الموسوعة الي ترجمة الطبرسي صاحب كتاب (الاحتجاج) و تسميه: منصور أحمد بن أبي‌طالب الطبرسي. و الصحيح هو أبومنصور أحمد بن علي بن أبي‌طالب الطبرسي من علماء القرن السادس الهجري. ذكره علماء الرجال في كتبهم و أطنبوا في مدحه و ذكروا مناقبه و ذكروا تآليفه الخمسة: الاحتجاج - تاريخ الأئمة - كتاب الصلاة - الكافي في الفقه - مفاخر الطالبية. و قد تفرد ابن‌شهر آشوب بذكر كتاب سادس له هو فضائل الزهراء، و قد اندثرت هذه الكتب فلم يبق منها الا كتاب (الاحتجاج) فقط الذي ذكره العلامة المجلسي بقوله: «كتاب الاحتجاج و ان كان أكثر أخباره مراسيل لكنه من الكتب المعروفة المتداولة».

الكليني و كتب الحديث

أما الكليني فقد قالت عنه الموسوعة بأنه «صاحب كتاب الكافي... و فيه من الخرافات و الأكاذيب الشي‌ء الكثير». [ صفحه 99] أقول: الكليني صاحب كتاب «الكافي» هو محمد بن يعقوب و ثقه علماء الرجال و أطنبوا في مدحه من علماء الخاصة و العامة و قد عاصر الخليفة العباسي المقتدر في بغداد توفي و دفن فيها 328 ه- له ستة مؤلفات هي: تفسير الرؤيا - الرد علي القرامطة - رسائل الأئمة - كتاب الرجال - ما قيل في الأئمة من الشعر - و كتاب الكافي الذي يحوي 16199 حديثا، و قد قالت الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة: بأن هذا الكتاب هو عند الشيعة «بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة». أقول في ذلك: ان هذا الكتاب من حيث القيمة العلمية فهو كتاب قيم يعتمد عليه الشيعة، و هو أحد الكتب الأربعة المعتمدة عندهم (الكافي - التهذيب - الاستبصار - من لا يحضره الفقيه)، ولكن من ناحية الصحة فلم يقل أحد من علماء الشيعة بأن كل ما في كتاب الكافي صحيح و لا حتي في غيره من الكتب بل هي أحاديث جمعت من قبل علماء ذلك العصر حفظ لها من التلف و تركت للعلماء من بعدهم لدراستها و تحقيقها فكل ما وافق كتاب الله يؤخذ به و ما خالف كتاب الله يهمل. و قد أحصي العلامة المجلسي رحمه الله في كتابه (مرآة العقول) - و هو من كبار علماء الامامية - أحصي أكثر من ثلثي مرويات الكافي مع النوع الذي لا يجوز الاعتماد عليه اذا لم يكن مدعوما ببعض القرائن التي ترجح صدوره عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام و ذلك بعد البحث و التحقيق الذي أجراه في أسانيدها. [212] . كما ذكر المحقق الطهراني صاحب كتاب (الذريعة الي تصانيف الشيعة) عن (الكافي) قوله: «الكافي أجل الكتب الأربعة و الأصول المعتمدة عليه لم يكتب مثله في المنقول عن آل الرسول صل الله عليه و آله و سلم لثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني.. حتي يصل الي قوله: حصرت أسانيده في ستة عشر ألف حديث، الصحيح منها 5072 - الحسن 144 - الموثق 178 - القوي 302 - الضعيف [ صفحه 100] 9485 و مائة و تسعة و تسعين حديثا أخري» [213] . و قد نقل السيد هاشم معروف الحسني أحد علماء لبنان رأي المسلمين الشيعة في (الكافي) قائلا: «و مهما كان الحال فالكافي مع أنه كان من أوثق المجاميع في الحديث منذ تأليفه الي عصر العلامة الحلي و أستاذه أحمد بن طاووس أكثر من ثلاثة قرون من الزمن مع أنه كان بهذه المنزلة عند المتقدمين فان جماعة منهم كالمفيد و ابن‌ادريس و ابن‌زهرة و الصدوق لم يثقوا بكل مروياته و وصفوا بعضها بالضعف كغيرها من المرويات التي لم تتوافر فيها شروط الاعتماد علي الرواية، و من ذلك تبين أن المتقدمين لم يجمعوا علي الاعتماد علي جميع مروياته جملة و تفصيلا، فان شهاداتهم له بأنه من أوثق كتب الحديث و أفيدها و اعتباره مرجعا لهم لا تعني أن كل ما فيه حجة شرعية يجوز الاعتماد عليه في الأصول و الفروع [214] . و هذا صاحب الكافي محمد بن يعقوب الكليني بعد ما ذكر أنه طلب منه تأليف كتاب كاف يجمع فيه جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم و يرجع اليه المسترشد قال: «فاعلم يا أخي - أرشدك الله - أنه لا يسع أحدا تمييز شي‌ء مما اختلف الرواية فيه من العلماء عليهم‌السلام برأيه الا علي ما أطلقه العالم بقوله عليه‌السلام: «أعرضوها علي كتاب الله فما وافق كتاب الله عزوجل فخذوه و ما خالف كتاب الله فردوه» [215] . و في مقدمة الوجيزة للمجلسي: «ان روايات الكتب الأربعة ليست كلها بصحيحة فضلا عن كونها قطعية الصدور» [216] . ولكن مع ذلك لا تقل أهمية الكتاب و قيمته العلمية و لا توجب ترك الشيعة و العدول عنه الي صحيح البخاري الذي أجمع اخواننا أهل السنة [ صفحه 101] و الجماعة علي صحته بعد كتاب الله و أصبحت الأحاديث الموجودة فيه كأنها من قبل الخالق مباشرة لا يأتيها الباطل من بين يديها و لا من خلفها و لا تقبل الجرح أو التعديل و البحث و التحقيق حتي وصل بهم الغلو في البخاري الي أن قال عنه المقدسي: «كل من روي عنه البخاري فقد جاز القنطرة» أي أصبح فوق الشبهات و الاحتمالات. و ذكر التهانوي: ان كل من حدث عنه البخاري فهو ثقة [217] . و هذا مما لا يقبله الشيعة الامامية أن يقال لا في كتاب (الكافي) و لا (البخاري) و لا غيرهما من كتب الحديث سواء كان صاحب الكتاب شيعيا أم‌سنيا. بل يخضع الكتاب أولا للمحاكمة في ضوء القرآن الكريم و علي أساس ذلك يتم الأخذ به اما ايجابا أو سلبا و يستدلون علي ذلك بالأحاديث الواردة عن النبي صل الله عليه و آله و سلم و أئمة أهل البيت عليهم‌السلام و اليكم بعضا منها: 1- عن النبي صل الله عليه و آله و سلم: «ما جاءكم عنا و لم تجدوا له شاهدا من كتاب الله فصاحبه أولي به». 2- و عنه صل الله عليه و آله و سلم: «ان علي كل حق حقيقة، و علي كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوه و ما خالف كتاب الله فدعوه» [218] . 3- و عن الامام جعفر الصادق عليه‌السلام: «لا تقبلوا علينا خلاف القرآن فانا ان تحدثنا بموافقة القرآن و موافقة السنة» [219] . و لو أراد الباحث منكم أن يطبق علم مصطلح الحديث علي صحيحي البخاري و مسلم و يعرض ما فيهما من أحاديث علي كتاب الله كما تفعل الشيعة الامامية بكتاب (الكافي) و غيره من كتبها لما وجد مبررا للطعن و الاتهام بل [ صفحه 102] لألفي نفسه خجلا من نفسه و من كتبه التي يعتمدها و يسندها للنبي صل الله عليه و آله و سلم فيترك الفرصة لأعداء الاسلام للنيل منه و ذلك لأن الأسانيد الضعيفة في هذين الكتابين أكثر من الأسانيد الموثوقة و الصحيحة حسب أصول علم الحديث و من أراد أن يتأكد فليراجع هذه الكتب و الدراسات التي كتبت حولها [220] .

الميرزا النوري و شبهة تحريف القرآن الكريم

تقول الموسوعة: «الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي المتوفي سنة 1320 ه-... هو صاحب (كتاب فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب)» [221] . لو عدنا الي جميع مؤلفات الميرزا النوري التي تتناول موضوعات مختلفة، لما رأينا حكما شرعيا أو قضية يستدل بها من السور و الآيات التي جمعها في كتابه المذكور، و هذا أكبر دليل علي عدم اعتقاده بهذا الكتاب و علي فرض ذلك نقول: ان ما اعتمده الميرزا النوري في كتابه هذا، هو من خلال الروايات الموجودة عند اخواننا أهل السنة و الجماعة في كتب الصحاح، فعمد الي جمعها و ضم اليها الروايات التي تقول بوجود قراءات عشر للقرآن، الي غير ذلك مما يقولون به، اضافة الي الأحاديث التي يرويها الغلاة ليستند علي هذه الأمور في تأليف كتابه المذكور. و فيما يلي نورد جميع الأدلة التي اعتمدها الميرزا النوري و الرد عليها في كتاب (أكذوبة تحريف القرآن): 1- نقل الروايات التي نقلتها السنة و الشيعة حول أن ما وقع في الأمم السالفة كبني اسرائيل يقع في الأمة الاسلامية فنتج عن ذلك أن كتب الديانات السابقة حرفت و بالتالي يقع ذلك الأمر علي أمتنا فيحرف القرآن. أقول: ان هذا الاستدلال باطل لأن ما أشارت اليه الروايات هو الحوادث الاجتماعية و السنن التاريخية و لم تشر الي الكتب السماوية. [ صفحه 103] 2- ذكر الروايات الموجودة عند أهل السنة في صحاحهم و التي تقول بأن القرآن كان يجمع بشاهدين أو أن بعض الآيات كانت عند أفراد دون آخرين فنتج من هذه الروايات عدم تواتر القرآن و احتمال وقوع التحريف ولكن: حسب اعتقادات الشيعة فان هذه الروايات باطلة و لا أساس لها لأن القرآن جمع علي عهد النبي صلي الله عليه و آله و سلم و قد أشار ذلك معظم علمائنا، و قد قال حول ذلك الشيخ الطبرسي في مقدمة تفسيره (مجمع البيان في تفسير القرآن): ان القرآن كان علي عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مجموعا مؤلفا علي ما هو عليه الآن، و استدل علي ذلك بأن القرآن كان يدرس و يحفظ جميعه في ذلك الزمان حتي عين علي جماعة من الصحابة في حفظهم له و ان كان يعرض علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم ويتلا عليه و ان جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود و أبي بن كعب و غيرهما ختموا القرآن علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم عدة ختمات و كل ذلك يدل بأدني تأمل علي أنه كان مجموعا مرتبا غير مبتور. 3- يذكر روايات أهل السنة حول آيات من القرآن الكريم و سور رفعت تلاوتها مثل آية الغرانيق و آية الرجم اللتين نقلتا عن عمر بن الخطاب و غيرهما، نورد بعضا منها للمعرفة: أ- أخرج البخاري في صحيحه من كتاب تفسير القرآن، باب (و ما خلق الذكر و الأنثي). «حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي، حدثنا الأعمش عن ابراهيم قال: قدم أصحاب عبدالله علي أبي‌الدرداء فطلبهم فوجدهم فقال: أيكم يقرأ علي قراءة عبدالله؟ قال كلنا: قال: فأيكم يحفظ؟ فأشاروا الي علقمة، قال: كيف سمعته يقرأ (و اليل اذا يغشي) قال علقمة (و الذكر و الأنثي) قال: أشهد أني سمعت النبي صلي الله عليه و آله و سلم يقرأ هكذا، و هؤلاء يريدوني علي أن أقرأ (و ما خلق الذكر و الأنثي) و الله لا أتابعهم» [222] . [ صفحه 104] ب- و أخرج مسلم في صحيحه: «بعث أبوموسي الأشعري الي قراء أهل البصرة فدخل عليه ثلثمائة رجل فذكر انا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول و الشدة بسورة براءة فأنسيتها غير أني حفظت منها: لو كان لابن آدم و اديين من مال لابتغي و اديا ثالثا و لا يملأ جوف ابن‌آدم الا التراب» [223] . ج- و عن عائشة - أم‌المؤمنين - قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن [224] . د- و عن عمر بن الخطاب قال: «ان الله بعث محمدا بالحق و أنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل آية الرجم فقر أناها و عقلناها و وعيناها و رجم رسول الله و رجمنا بعده، فأخشي ان طال زمان بالناس أن يقول قائل ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضل بترك فريضة أنزلها الله» [225] . ه- و أورد الدكتور ابراهيم سلقيني قوله حول نسخ التلاوة دون الحكم: نسخ تلاوة آية الرجم و بقاء حكمها و هي: (و الشيخ و الشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله و الله عزيز حكيم) [226] . و يعلق علي هذا الكلام قائلا: قيل كانت هذه الآية من سورة براءة و قيل من الأحزاب. و من أراد الاستزادة من هذه المواضيع فليراجع كتاب (حقائق هامة حول القرآن) للسيد جعفر مرتضي العاملي (حفظه الله) الذي يثبت فيه بأن صحاح السنة و كتب السنن و التواريخ عندهم تعج بالأساطير و الخرافات حول القرآن التي لا يقبلها العقل و المنطق، و هناك كتاب المصاحف لأبي داود السجستاني الذي [ صفحه 105] يورد فيه اختلاف الصحابة في القرآن، و مثل هذه الأمور كفيلة بأن تضل كل انسان غير متمكن بعلمه و معارفه. و علي كل حال فان الشيعة الامامية يحكمون ببطلان هذه الأحاديث و ببطلان نسخ التلاوة لأنها أحاديث آحاد باتفاق الفريقين، ولكن المصيبة أن علماء السنة يأخذون بأحاديث الآحاد مقابل القرآن الذي لا يشك أحد من المسلمين بتواتره و بأنه لا يأتيه الباطل من بين يده و لا من خلفه و ذلك بحجة أن هذه الأخبار انما جاءت لتخصيص حكم و ليس لرفعه و مثال ذلك في قوله تعالي: (يوصيكم الله في أولدكم للذكر مثل الأنثيين) الآية 11 من سورة النساء. خصص بقوله صلي الله عليه و آله و سلم: «انا معاشر لا نورث» و هذا الحديث جاء بطريق الآحاد [227] فكان من نتيجته منع الزهراء عليهماالسلام من ارثها [228] . 4- يذكر الميرزا النوري في الدليل الرابع بعض الروايات التي تدل علي التقديم و التأخير خلاف ما أنزل الله و منها مصاحف السلف و قول أهل السنة بأن ترتيب القرآن اجتهاد من الصحابة و فيها شواهد عن الشيعة بالتقديم و التأخير في السور فقط لا في الآيات، لأن ترتيب الآيات كان من قبل النبي صلي الله عليه و آله و سلم و بأمر الله عزوجل و اختلاف ترتيب السور ليس دليلا علي تحريف القرآن. 5- ان اختلاف مصاحف الصحابة في نقل بعض الآيات و الكلمات و السور في القراءات الموجودة عند السنة يستدل بها علي وقوع التحريف. أما نحن فنقول: بأن هذه القراءات شاذة و ما هي الا روايات آحاد مثل المسائل التي سبقت و أكثر مكذوب و قد علق الامام روح الله الموسوي الخميني رضوان الله عليه (ت 1410 ه-/1988 م) علي اختلاف القراءات بقوله: «القراءات أمر حادث ناشي‌ء عن اختلاف في الاجتهادات من غير أن يمس جانب الوحي الذي نزل به الروح الأمين علي قلب سيد المرسلين» [229] . [ صفحه 106] أما السيد أبوالقاسم الموسوي الخوئي (ت 1414 ه-/1992 م) فيقول: «القراءات بين ما هو اجتهاد من القاري‌ء و بين ما هو منقول بخبر الواحد، و اختار هذا القول جماعة من المحققين من علماء أهل السنة». و هذا هو القول الصحيح و بعد أن عرض السيد الخوئي آراء أصحاب القراءات و أقوالهم في هذه المسائل قال: «تأمل بربك، هل تبقي قيمة لدعوي التواتر في القراءات بعد شهادة هولأء الأعلام كلهم بعدمه؟ و هل يمكن اثبات التواتر بالتقليد و باتباع بعض من ذهب الي تحققه من غير أن يطالب بدليل» [230] لذلك فان هذه الروايات لا يثبت بها قرآنا نجعله المصدر الأول من مصادر التشريع الاسلامي. 6- روايات أهل السنة حول أبي بن كعب و مصحفه و أن فيه أكثر مما هو موجود الآن، فيستنتج من ذلك أن القرآن الذي بين أيدينا ليس شاملا لجميع ما في مصحف أبي بن كعب و بالتالي وقوع التحريف. 7- الروايات الواردة حول احراق عثمان المصاحف و حمل الناس علي قراءة واحدة و هذا ما رواه الشيعة و السنة و الذين رووا مخالفة عبدالله بن مسعود للخليفة في عمله هذا، فيستنتج من ذلك وقوع التحريف. نقول هنا: ان عمل الخليفة عثمان سكت عنه أميرالمؤمنين علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام، و مخالفة عبدالله بن مسعود للخليفة لا تعني وقوع التحريف بل قد يكون جاهلا بتفاصيل المسألة أو أنها لأمر تلازم مع هذا الأمر، أو أن الرواية مكذوبة عليه و لا وجود لها أصلا، فلو صدق التحريف لما سكت عن ذلك كل الصحابة و أهل بيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم اذ أنه لم ينقل أي كتاب من كتب المؤرخين اعتراض أحد علي عمل عثمان الا عبدالله بن مسعود. و لو افترضنا القول بوقوع التحريف مع وجود أهل البيت و الصحابة فهذا اتهام لهم بالمشاركة بالتحريف لسكوتهم عن هذا الأمر و الساكت عن الحق شيطان أخرس. [ صفحه 107] كما أن الامام عليا عليه‌السلام عندما سئل عن عدم وقوفه أمام الخلفاء و معارضتهم و المطالبة بحقه في الخلافة أجاب: «لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين» [231] و مسألة القرآن الكريم هي من أهم أمور الدين عند المسلمين فلو كان فيها أي شطط لما سكت عنه الامام و الا لأصبح مشتركا معهم. 8- ذكر بعض روايات السنة حول وجود نقص حقيقي في القرآن الكريم و ذهاب كثير من آياته، و قد ورد ذلك في المستدرك علي الصحيحين و صحيح البخاري، و الاتقان، و الموطأ، و المحاضرات للراغب الأصفهاني... و غيرهم. و قولنا في هذه المسائل كقولنا في سوابقها من نسخ التلاوة و القراءات بأنها أحاديث آحاد و لا يؤخذ بها. 9- استنباط خاص من بعض الروايات الواردة في بعض كتب الشيعة حول أن أسماء أئمة أهل البيت عليهم‌السلام قد ذكرت في الكتب السماوية السابقة فلا بد و الحال هذه أن تكون ذكرت في القرآن لأنها مما يختص بالأمة الاسلامية فاذا لم نجدها في القرآن فلا يعني ذلك عدم ذكرها بل يدل علي حذف هذه الأسماء من القرآن بأيدي أعداء أهل البيت عليهم‌السلام. و نحن نقول ان هذا الاستدلال غير صحيح لأن الأخبار التي نقلت وجود أسمائهم في الكتب السماوية السابقة لا تفيد التواتر، و كذلك عدم ذكرهم في القرآن لدلائل أخري لا يعلمها الا الله. كما أنه توجد روايات عن أهل البيت عليهم‌السلام تصرح بعدم ذكر الامام علي عليه‌السلام في القرآن، فقد ورد في الروايات عن أبي‌بصير عن الامام جعفر الصادق عليه‌السلام، قال: قلت له: ان الناس يقولون: فما له لم يسم عليا و أهل بيته في كتاب الله؟!. فقال الامام الصادق عليه‌السلام: فقولوا لهم: ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نزلت عليه الصلاة و لم يسم الله ثلاثا و أربعا حتي كان رسول الله هو الذي فسر لهم ذلك [232] .= [ صفحه 108] كذلك فقد بعث الله عزوجل للبشرية 124 ألف نبي لم يذكر من أسمائهم في القرآن الكريم الا 25 نبيا و رسولا، و أخبرنا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عن البقية. 10- أكثر الروايات التي رواها الميرزا النوري عن الشيعة و هي 320 رواية يرجع أكثرها الي السياري الغالي الملعون علي لسان الامام الصادق عليه‌السلام و المجروح من قبل جميع علماء الرجال كذلك كثير بن عياش الذي لعنه الامام الصادق عليه‌السلام أما باقي الأحاديث مروية عن الضعفاء و المجهولين. و الأحاديث الصحيحة التي ذكرت التحريف عند الشيعة و استدل بها الميرزا النوري قليلة و قصد منها التحريف المعنوي و تعطيل تطبيق الآيات القرآنية و أحكامها من قبل حكام الجور و ليس التحريف اللفظي، و من هذه الروايات رسالة الامام محمد الباقر عليه‌السلام لسعد الخير كما ذكرها الكليني في روضة الكافي. 11- ذكر بعض الروايات أن القرآن نزل علي سبعة أحرف و قد رد الامام الصادق عليه‌السلام لما سأله فضيل بن يسار عن ذلك قائلا: كذبوا - أعداء الله - لكنه نزل علي حرف واحد من عند الواحد [233] . و من روي من الشيعة أن القرآن نزل علي سبعة أحرف اما مجهول و اما غال متهم في دينه [234] . الا أن يكون معني الحديث نزل علي سبعة أحرف القصد منه وجوه التفسير المتعددة و منه قول الامام علي عليه‌السلام لابن عباس عندما بعثه لمحاججة الخوارج: لا تخاصمهم بالقرآن، فان القرآن حمال ذو وجوه [235] . [ صفحه 109]

آراء علماء الشيعة في القرآن الكريم

و قول الموسوعة: «بأن الشيعة تدعي أن هناك نقصا في سورة الانشراح فقد نقص منها - و جعلنا عليا صهرك -».أقول بأن علماء الشيعة في القرن السادس الهجري صرحوا بأن من يقول كلمة (علي) كانت في القرآن ثم حذفت منه فهو ملحد كافر زنديق، و هذا رأي علمائنا حتي تقوم الساعة. و علي كل حال فمهما كان من أمر الميرزا النوري و كتابه (فصل الخطاب) فقد رد عليه كثير من علمائنا الأفاضل في ذلك الوقت و أحرق الكتاب، و عرفوه بأن هذه الأدلة شبهات و ليست حقائق [236] وليتكم تفعلون بكتب محب الدين الخطيب و احسان الهي ظهير و الشيخ جابر الجزائري و ابن‌تيمية و من لف لفيفهم و سار علي نهجهم في تفريق الأمة و بث الشائعات و تلفيق الاتهامات فتحرقون كتبهم و تقفون منهم كما يقف علماء الشيعة في وجه من ينحرف بفكره أو يخطي‌ء قيد أنملة. و قد نقل الشيخ محمد محسن الطهراني صاحب كتاب (الذريعة الي تصانيف الشيعة) في كتابه عن الميرزا النوري - و هو تلميذه - نقل قول النوري قبل وفاته: [ صفحه 110] «اني أثبت في هذا الكتاب أن الموجود المجموع بين الدفتين كذلك باق علي ما كان عليه في أول جمعه كذلك في عصر عثمان و لم يطرأ عليه تغيير و تبديل كما وقع علي سائر الكتب السماوية». و قد اعتذر الميرزا النوري رحمه الله في (مستدرك الوسائل) عن كتابه (فصل الخطاب) قائلا: «انما أردت أن أثبت سلامة القرآن الكريم من التحريف رغم مكائد أعداء القرآن و قد أخطأت في العنوان و كان علي أن أسميه: (فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب)» [237] . و كان مما أورده العلماة في الرد علي الميرزا النوري هو نفس ما نقلناه عنهم في هذا الكتاب اضافة الي تكفل رب العباد بحفظ القرآن الكريم من وقوع التحريف باعتبار أنه خاتم التشريعات السماوية و ذلك في قوله تعالي: (انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحفظون) [الحجر/9]. و قد تعرض الله عزوجل لتحدي كل من تسول له نفسه بالتحريف أو القول بأن القرآن ليس من عندالله و ذلك في قوله: (و ان كنتم في ريب مما نزلنا علي عبدنا فأتوا بسورة من مثله و ادعوا شهدآءكم من دون الله ان كنتم صدقين (23) فان لم تفعلوا و لن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس و الحجارة أعدت للكفرين) [البقرة/24-23]. و بعدما تعرض القرآن الكريم لتحدي المشككين به و طلب منهم التوبة الي الله عن ذلك سمي كل من بقي مشككا به كافرا، و قد تواتر النقل عن علماء الشيعة قديما و حديثا اعتمادهم القرآن الكريم المصدر الأول من مصادر التشريع. و فيما يلي نورد بعض الآراء علي سبيل المثال لبعض علماء الامامية و أقوالهم في القرآن: [ صفحه 111] 1- الشيخ الصدوق المتوفي سنة 381 ه- يقول: «اعتقادنا في القرآن أنه كلام الله و وحيه و تنزيله و قوله و كتابه، و أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، تنزيل من حكيم عليم، و أنه القصص الحق، و انه لقول فصل، و ما هو بالهزل، و أن الله تعالي محدثه و منزله وربه و حافظه و المتكلم به، و اعتقادنا أن القرآن الذي أنزل الله تعالي علي نبيه محمد صلي الله عليه و آله و سلم هو ما بين الدفتين و هو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك و من نسب الينا أنا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب» [238] . 2- الشيخ المفيد المتوفي سنة 423 ه-، يقول: «و عندي أن هذا القول (القرآن لم ينقص من كلمة و لا من آية و لا سورة) أشبه من مقال من ادعي نقصان كلم من نفس القرآن علي الحقيقة دون التأويل، و اليه أميل، و الله أسأل توفيقه للصواب. أما الزيادة فيه فمقطوع فسادها» [239] . 3- العلامة الحلي المتوفي سنة 726 ه-، يقول: «اتفقوا علي أن ما نقل الينا متواترا من القرآن فهو حجة لأن النبي صلي الله عليه و آله و سلم كان مكلفا باشاعة ما نزل عليه من القرآن الي عدد التواتر ليحصل القطع بنبوته في أنه المعجزة له و حينئذ لا يمكن التوافق علي ما نقل مما سمعوه منه بغير تواتر وراوي واحده ان ذكره علي أن قرآن فهو خطأ و الاجماع دل علي وجوب القائه صلي الله عليه و آله و سلم علي عدد التواتر فانه المعجزة الدالة علي صدقه فلو لم يبلغه الي حد التواتر انقطعت معجزته فلا يبقي هناك حجة علي نبوته» [240] . 4- الشيخ بهاء الدين العاملي المعروف بالشيخ البهائي المتوفي سنة 1030 ه-، يقول: «الصحيح أن القرآن العظيم محفوظ من ذلك زيادة أو نقصانا [ صفحه 112] و يدل عليه قوله تعالي: (و انا له لحفظون) [241] . 5- السيد محسن الأمين العاملي، يقول [242] «لا يقول أحد من الامامية لا قديما و لا حديثا أن القرآن مزيد فيه قليل أو كثير بل كلهم متفقون علي عدم الزيادة، و من يعتد بقولهم متفقون علي أنه لم ينقص منه... الي أن يقول: و من نسب اليهم خلاف ذلك فهو كاذب مفتر مجتري‌ء علي الله و رسوله». 6- الامام الخميني المتوفي سنة 1410 ه-/1988 م، يقول: «ان الواقف علي عناية المسلمين بجمع القرآن و حفظه و ضبطه قراءة و كتابة يقف علي بطان تلك المزعومة (التحريف) و ما ورد فيها من أخبار - حسبما تمسكوا - اما ضعيف لا يصلح للاستدلال به أو مجعول تلوح عليه أمارات الجعل أو غريب يقضي بالعجب أما الصحيح منها فيرمي الي مسألة التأويل و التفسير و ان التحريف انما حصل في ذلك لا في لفظه و عباراته» [243] . 7- السيد الخوئي المتوفي 1414 ه-/1992 م، يقول: «ان حديث تحريف القرآن حديث خرافة و خيال لا يقول به الا من ضعف عقله أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل أو من ألجأه اليه حب القول به، و الحب يعمي و يصم أما العاقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه و خرافته» [244] . و بعد كل ما أوردناه من آراء علماء الشيعة الامامية حول القرآن الكريم، هل يستطيع أحد أن يشكك بعقائد الشيعة في هذا الأمر!.

من علماء الشيعة

ثم ترجع الموسوعة لتعداد بعض علماء الشيعة فتجرح في بعضهم و تغضي عن آخرين ثم تضم اليهم أحد علماء أهل السنة و الجماعة علي أنه علي مذهبهم [ صفحه 113] دون التحقق من ذلك. و اليكم تراجم هؤلاء العلماء و الشبهات التي وردت عنهم في الموسوعة: 1- آية الله المامقاني قال عنه صاحب (الذريعة) [245] : «هو الشيخ عبدالله بن الشيخ محمد الحسن المامقاني المتوفي سنة 1351 ه- و كتابه (تنقيح المقال في علم الرجال) و هو من الكتب التي ترجمت للصحابة و التابعين و سائر أصحاب الأئمة عليهم‌السلام و غيرهم من الرواة الي القرن الرابع و قليل من العلماء و المحدثين و لم يزد مجموع مدة جمعه و ترتيبه و تهذيبه و طبعه علي ثلاث سنين... حتي يصل الي قوله: ولكن استعجاله بهذا النحو في التأليف المنيف الذي يحتاج الي تكرار المراجعات و البحث في الكتب و المكتبات و الي اكثار المذاكرات مع مشايخ الفن خلال السنوات ثم اسراعه في طبع ما رتبه و ألفه عاجلا مخالفة فوت الوقت و غير ذلك من الأمور كل ذلك قد سبب له وقوع جملة من زلات القلم في مواضع كثيرة تحتاج الي التنقيح لدفع ما يتوجه اليه من الاعتراض و النقد». أما الشيخ محمد تقي التستري فقد وجه اليه من الانتقادات كتابا كبيرا سماه (تعليقات تنقيح المقال) ثم طبع بعنوان آخر (قاموس الرجال). و بناء علي ما تقدم من الانتقادات التي وجهت للشيخ المامقاني و كتابه (تنقيح المقال) اضافة الي انتقادات أخري موجودة في كتب الرجال لم ننقلها مراعاة للاختصار يتبين لدينا أنه لم يكن الشيخ المامقاني اماما للجرح و التعديل عند الشيعة كما ادعت الموسوعة و لم يقل بهذا لا الشيخ المامقاني و لا غيره من العلماء. و لا ندري من أين جاءت الموسوعة بهدا الادعاء!. 2- ترجمة ابن أبي‌الحديد: هو عبدالحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي‌الحديد أبوحامد عز الدين المدائني، عالم بالأدب و التاريخ من أعيان المعتزلة و ليس شيعيا كما [ صفحه 114] ادعت الموسوعة، ولد في المدائن سنة 586 ه- 1190 م و انتقل الي بغداد، خدم في الدواوين السلطانية و أصبح حظيا عند الوزير ابن‌العلقمي له من التآليف: شرح نهج‌البلاغة - الفلك الدائر علي المثل السائر - القصائد السبع العلويات - العبقري الحسان في الأدب - شرح الآيات البينات للفخر الرازي - الاعتبار علي كتاب الذريعة للشريف المرتضي ثلاثة أجزاء - ديوان شعر، توفي في بغداد في شهر جمادي الآخرة سنة 656 ه- [246] . و قد ذكره السيد عبدالله شرف الدين في تحقيقه في موسوعات رجال الشيعة قائلا: «لا مجال للقول بتشيعه، فشرحه لنهج‌البلاغة واضح في بعد ذلك لما حواه من ردود علي السيد المرتضي و تعظيمه و دفاعه عن الخلفاء الأولين، و له أرجوزة نظمها في عقائد المعتزلة» [247] . 3- الامام الخميني: كانت ولادته عام 1320 ه-1902 م في مدينة خمين احدي قري الجمهورية الاسلامية الايرانية، والده العلامة الفاضل مصطفي الخميني، شرع في التأليف و التصنيف بعد انتهاء دراسته الحوزوية في قم المقدسة، و كان عمره (27) سنة حتي برزت تآليفه الي الوجود 1383 ه-/1963 م و استمرت حتي عام 1400 ه- شباط 1978م مع انتصار الثورة الاسلامية في ايران و انشغاله بالعمل السياسي، كما كان الامام الخميني مولعا بدراسة العلوم الحديثة و ما وصلت اليه الدراسات و البحوث في الجامعات العالمية ثم عكف علي دراسة نظرية داروين و نقدها علي يد المرحوم آية الله الشيخ محمدرضا النجفي الأصفهاني الذي يعد من ذروة علماء أصفهان و فطاحلها، و كان لخطبه و محاضراته أكبر الأثر بين الطلبة و الجماهير في اشعال فتيل الثورة ضد الشاه [ صفحه 115] محمدرضا بهلوي و اقامة الحكم الاسلامي في ايران [248] . هذه الثورة التي قامت في ايران لم تكن شيعية منغلقة علي نفسها كما ادعت الموسوعة بقولها: أن «الامام الخميني قاد ثورة شيعية في ايران..» الي قولها: «رفع شعارت اسلامية عامة في بداية الثورة.. [ثم قالت]: كشف عن نزعة شيعية متعصبة ضيقة..» [249] . علي الرغم من أن الامام الخميني أحد مراجع المسلمين الشيعة الكبار، فانه قاد هذه الثورة للاطاحة بحكم الشاه محمدرضا بهلوي - المعروف بعمالته لأمريكا و اسرائيل -، و اقامة حكم اسلامي و مد جسور الأخوة الي جميع المسلمين في العالم، و حاول أن يقدم من خلال هذا الحكم يد المساعدة الي كل المجاهدين المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها الذين يقفون بوجه الاستكبار العالمي و الاحتلال الغربي لبلادهم خاصة الي الأخوة العرب في فلسطين المحتلة لطرد الصهاينة منها، و في البوسنة لطرد القوات الصليبية التي حاولت أن ترتكب أبشع المجازر و جرائم الاغتصاب في التاريخ بحق المسلمين هناك، و لم تسأل الثورة الاسلامية عن مذهب البوسنيين و لم تشترط عليهم أي أمر لقاء مساعداتها لهم علي العكس مما فعل بعض المسلمين في تلك البلاد. و لا زالت هذه الثورة الاسلامية تتابع سيرتها مع الشيشان و السودان و غيرها من البلاد الاسلامية لاستنقاذها، ولكن لا أدري ما أقول؟ أهو الحسد الذي يدعوكم أن تتقولوا علي الامام الخميني بهذه الطريقة؟ أم لأنه أسقط عرش صاحبكم الشاه المخلوع الذي كنتم و اياه علي وفاق تام و علاقاتكم الحميمة أشهر من أن تعرف و ذلك حين كانت ايران ترسانة كبيرة للأسلحة الأمريكية في المنطقة اضافة لكونها مركزا للجاسوسية و الموساد الصهيوني من خلال السفارتين الاسرائيلية و الأمريكية هناك!! و الآن و بعد أن أصبحت المنطقة نظيفة من هؤلاء الذين ذكرهم الله في محكم التنزيل بقوله: (انما المشركون نجس) [التوبة/28]، [ صفحه 116] (ولن ترضي عنك اليهود و لا النصري حتي تتبع ملتهم) [البقرة/120]. أصبح لزاما عليكم و علي المسلمين في العالم أن يمدوا يد العون لبعضهم، و يتكتلوا في وجه المؤامرات التي تحاك لا ستئصالهم. [ صفحه 119]

الافكار و المعتقدات

الامامة

أوردت الموسوعة تحت عنوان جانبي هو (الامامة) عدة مواضيع هي كالتالي: (الامامة: و تكون بالنص، اذ يجب أن نص الامام السابق علي الامام اللاحق بالعين لا بالوصف، و ان الامامة من الأمور الهامة التي لا يجوز أن يفارق النبي صلي الله عليه و آله و سلم الأمة و يتركها هملا يري كل واحد منهم رأيا. بل يجب عليه أن يعين شخصا هو المرجوع اليه و المعول عليه، يستدلون علي ذلك بأن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قد نص علي امامة علي من بعده نصا ظاهرا يوم غديرخم) [250] . ذكرنا في هذا الكتاب ضمن موضوع (الخلافة بين الوارثة و الشوري) كيف تمسكنا بحق الامام علي عليه‌السلام و ذكرنا كيف حصل التنافر و التباغض و الهرج و المرج بعد وفاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم بسبب قضية الخلافة و الامامة. و لذلك قبل أن يحصل هذا الأمر فان الله تبارك و تعالي الذي خلق العباد و يعرف طبيعة ما خلق و تركيبتهم النفسية و طينتهم التي جبلوا عليها (و ربك أعلم بمن في السموت و الأرض) [الاسراء/55]. لذلك أراد أن يوفر علي الأمة عذابها و مشاكلها و يختصر الطريق عليها فلا يحصل ما حصل بعد وفاة نبيهم صلي الله عليه و آله و سلم من هرج و مرج وردة بعض المسلمين و يرتقي بالأمة الي أعلي المستويات لذلك اختار خليفة للنبي يمثله في تبليغ [ صفحه 120] الدعوة بعده و اصطفي للناس اماما يهديهم سبيل الرشاد: (ثم أورثنا الكتب الذين اصطفينا من عبادنا) [فاطر/32]. و يخلف النبي صلي الله عليه و آله و سلم في قيادة الأمة نحو هدفها الذي أراده الله لها فكانت الخلافة و الامامة تبعا لذلك منصبا شرعيا لا يجوز التعدي عليه و لهذا أنزل الله عزوجل في محكم التنزيل: (و ربك يخلق ما يشآء و يختار ما كان لهم الخيرة) [القصص/68]. ولكن اشتبهت الأمور علي بعضهم لعدم تمكنهم و وعيهم الديني للتشريع السماوي فقالوا: ان مدرسة الخلفاء عندما احتجت بالشوري أتت بآية من القرآن دليلا علي شرعية مدرستهم. و أنتم مدرسة أهل البيت أتيتم بآية من القرآن كدليل علي شرعية مدرستكم، اذا حصل التعارض في الاستدلال فكيف نستطيع أن نحل هذا الموضوع؟! نقول: انه لم يحصل التعارض انما وقع القائلون بهذا في شبهة لعدم دراسة كل آية موضع الاستدلال بشكل صحيح و كامل دون قطع أي جزء منها، لنر بأن آية الشوري التي تستدل بها مدرسة الخلفاء تقول: (و أمرهم شوري بينهم و مما رزقنهم ينفقون) [الشوري/38]. ان الله تبارك و تعالي ذكر في هذه الآية كلمة الرزق بعد الشوري ليدل علي أن أمور الرزق و المعيشة أي الأمور الدنيوية هي التي يتشاور فيها الناس. أما الآية الثانية التي تعتمدها مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام في ذلك فهي: (و ربك يخلق ما يشآء و يختار ما كان لهم الخيرة سبحن الله و تعلي عما يشركون) [القصص/68]. فقد تكلم الله (عزوجل) في هذه الآية علي أن الانسان ليس له اختيار في مسألة الخلق و التكوين ثم ذكر بعد كلمة الأمر (سبحانه و تعالي) فأراد بذلك أن تنزيهه و توحيده مثل أمر التكوين لا يكون الا عن طريق الله و تشريع الأحكام [ صفحه 121] متفرع عن التوحيد و تنزيه الله و أمر التكوين و الخلق، قال العلامة الطباطبائي في كتابه (الميزان في تفسير القرآن) حول تفسير هذه الآية ما يلي: و في قوله (و ربك يخلق) التفات من التكلم بالغير الي الغيبة و النكتة فيه تأييد النبي صلي الله عليه و آله و سلم و تقويته و تطييب نفسه باضافة صفة الرب اليه فان معناه ان ما أرسله به من الحكم ماض غير مردود فلا خيرة لهم في قبوله ورده [251] . و الظاهر أن قوله تعالي: (يخلق ما يشآء) اشارة الي اختياره التكويني فان معني اطلاقه انه لا تقصر قدرته عن خلق شي‌ء و لا يمنعه شي‌ء عما يشاوه، و بعبارة أخري لا يمتنع عن مشيئته شي‌ء لا بنفسه و لا بمانع يمنع و هذا هو الاختيار بحقيقة معناه و قوله (و يختار) اشارة الي اختياره التشريعي الاعتباري و يكون عطفه علي قوله (يخلق ما يشاء) من عطف المسبب علي سببه لكون التشريع و الاعتبار متفرعا عن التكوين و الحقيقة. اذا فان الخلافة و الامامة منصب الهي و نص من قبل الله عزوجل، فلذلك كانت مسألة النص من الامام السابق علي الامام اللاحق هي تعريف الأصحاب بهذا الامام و توصيتهم به و تأكيد عليه، اضافة لايداعه مواريث النبوة مع أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم كما مر سابقا نص عليهم بأسمائهم و ألقابهم، و قد نص علي امامة علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام نصا ظاهرا يوم غديرخم اضافة الي أنه كان يغتنم المناسبات لتعريف المسلمين بذلك حتي أصبح أمر الامامة متواترا معروفا لدي الكل و يغلق الباب علي المتأولين لهذا. و رب قائل يقول: اذا كان الأمر كذلك فلم انتقلت الخلافة بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الي أبي‌بكر و لم يستلمها علي بن أبي‌طالب كما هو النص؟ فنجيب عن ذلك بايراد هذه الحادثة: كان الامام علي عليه‌السلام يحمل فاطمة الزهراء عليهم‌السلام علي حمار و يسير بها الي بيوت الأنصار يسألهم النصرة و تسألهم فاطمة الانتصار له، فكانوا [ صفحه 122] يقولون: يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل و لو كان ابن‌عمك سبق الينا أبابكر ما عدلنا به فقال علي عليه‌السلام: أفكنت أترك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ميتا في بيته لم أجهزه و أخرج الي الناس أنازعهم في سلطانه؟! فقالت فاطمة عليهاالسلام: ما صنع أبوحسن الا ما كان ينبغي له، و لقد صنعوا ما الله حسيبهم عليه [252] . و هذه الحادثة مع ما ذكرناه قبلا من ظهور المعارضة في بعض شخصيات الصحابة تدلنا علي أن مستوي الوعي لفهم النص علي الخلافة لم يصل الي الدرجة المطلوبة الا عند القلة الذين انقسموا الي شقين: 1- الشق الأول الذي مثل المعارضة و كانت محدودة ضمن بعض المؤمنين الأوائل الذين لا حول لهم و لا قوة. 2- الشق الثاني الذي اشتراهم الخلفاء بتولية المناصب و توزيع بيت مال المسلمين فيما بينهم ليحرفوا مسار الأمة عن طريقها و يحرفوا النصوص علي الخلافة، و يؤولونها بتفسيرات و تأويلات ما أنزل الله بها من سلطان. و اليكم بعض النصوص التي وردت بشأن الامامة و الخلافة وفق العناوين التالية: 1- حديث الغدير. 2- حديث المنزلة. 3- حديث المؤاخاة. 4- حديث الدار. أولا- حديث الغدير: في حجة الوداع و بينما كان النبي صلي الله عليه و آله و سلم و جماهير الحجيج المرافقين له في طريق عودتهم الي المدينة المنورة و عند وصولهم الي مفترق الطرق الذي يتفرق [ صفحه 123] منه الحجيج كل الي بلاده و في حر الظهيرة القائظ نزل الروح الأمين جبرائيل علي سيدنا محمد صلي الله عليه و آله و سلم يبلغه هذه الآية المباركة: (يأيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك و ان لم تفعل فما بلغت رسالته و الله يعصمك من الناس ان الله لا يهدي القوم الكفرين) [المائدة/67]. ماذا يبلغ الرسول صلي الله عليه و آله و سلم لهؤلاء الحجاج الذين يبلغ عددهم مئة ألف أو يزيدون في هذا الوقت من الهاجرة؟! ثلاثة و عشرون عاما من الدعوة الي الله و تبليغ الناس و تعريفهم بشرائع الاسلام، فالصلاة كانت قائمة و الزكاة مفروضة و الصوم كذلك و الكعبة قد حجوا اليها و أصبح الحلال بينا و الحرام بينا و الأحكام كلها معروفة، فأي شي‌ء يستوجب هذا التوقف في هذه الهاجرة و يخشي النبي صلي الله عليه و آله و سلم تبليغه فيحتاج الي العصمة من الناس و الحماية ممن لا يعجبهم هذا الأمر، ثم ان هذا التهديد و الوعيد من الله عزوجل (و ان لم تفعل فما بلغت رسالته) ان لم يفعل هذا الأمر و يبلغه علي رؤوس الأشهاد ليعلم به كل المسلمين؛ فان الرسالة كأنها لم تبلغ و ستموت بموت النبي صلي الله عليه و آله و سلم. عند ذلك يتوقف النبي صلي الله عليه و آله و سلم فيأمر المتقدمين من الحجيج بالتراجع و المتأخرين بالتقدم حتي يجتمعوا حوله ثم ينصب له منبر من أقتاب الجمال فيصعد عليه مبلغا محتوي هذه الآية المباركة و ما يريده الله عزوجل قائلا: ألا أيها الناس: «انما أنا بشر يوشك أن أدعي فأجيب نداء ربي، و اني مسؤول و أنتم مسؤولون فماذا أنتم قائلون»؟ قالوا: نشهد أنك بلغت و نصحت فجزاك الله خيرا، قال: «أليس تشهدون أن لا اله الا الله و أن محمدا عبده و رسوله و أن الجنة حق أن النار حق؟» قالوا: بلي نشهد ذلك... قال: «اللهم اشهد». ثم قال: «ألا تسمعون»؟ قالوا: نعم. قال: «أيها الناس اني فرطكم و أنتم و اردون علي الحوض و ان عرضه ما [ صفحه 124] بين بصري الي صنعاء فيه عدد النجوم قدحان من فضة، و اني سائلكم عن النقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما..» فنادي مناد: و ما الثقلان يا رسول الله؟ قال: «كتاب الله طرف بيد الله و طرف بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا و لا تبدلوا، و عترتي أهل بيتي، و قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، سألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا، و لا تقصروا عنهما فتهلكوا، و لا تعلموهم فهم أعلم منكم». ثم قال: «ألستم تعلمون أني أولي بالمؤمنين من أنفسهم»؟. قالوا: بلي يا رسول الله. قال: «ألستم تعلمون - أو تشهدون - أني أولي بكل مؤمن من نفسه؟». قالوا: بلي يا رسول الله. ثم أخذ بيد علي بن أبي‌طالب بضبعيه فرفعها حتي نظر الناس الي بياض ابطيهما ثم قال: «أيها الناس، ان الله مولاي، و أنا مولاكم، فمن كنت مولاه، فهذا علي مولاه.. اللهم و ال من والاه، و عاد من عاداه وانصر من نصره، و اخذل من خذله، و أحب من أحبه، و أبغض من أبغضه، و أدر الحق معه حيثما دار» [253] . بعد ذلك نزل النبي صلي الله عليه و آله و سلم و الامام علي عليه‌السلام عن المنبر و نصبت لهما خيمة أخذ الصحابة يمرون عليها واحدا و احدا و هم يسلمون علي الامام علي بامرة المؤمنين حتي جاء دور أبي‌بكر و عمر بن الخطاب، فقالا له:أمسيت يا ابن أبي‌طالب مولي كل مؤمن و مؤمنة. و في لفظ آخر: بخ بخ لك يا ابن أبي‌طالب أصبحت مولاي و مولي كل مسلم. و قد روي هذا الحديث كثير من العلماء و المؤرخين فجمعوا طرقه و شهدوا بصحته و تواتره، فرواه أحمد بن حنبل في مسنده من (40) طريقا؟، و ابن‌ماجة [ صفحه 125] في سننه، و النسائي في أكثر من عشرة طرق، و صححه الحاكم في مستدركه فقال: صحيح علي شرط الشيخين و لم يخرجاه بطوله [254] ، و صححه الذهبي أيضا و قال عنه: قوي الاسناد، و أخرجه البغوي في مصابيح السنة و قد علق برهان الدين الحلبي الشافعي علي الحديث بعد أن أورده قائلا: و هذا حديث صحيح ورد بأحاديث صحاح و حسان و لا التفات لمن قدح في صحته [255] اه-. و أخرج الحديث ابن‌جرير الطبري من (75)طريقا و ابن‌عقدة (105) طرق [256] و ابن‌كثير الدمشقي [257] . و علق عليه الامام الغزالي و هو - من تعلمون - من أكابر علماء السنة بعد ايراد الحديث و بخبخة أبي‌بكر و عمر للامام علي و مبايعته قائلا: و هذا رضي و تسليم و ولاية و تحكيم، ثم بعد ذلك غلب الهوي و حب الرياسة و عقود البنود و خفقات الرايات و ازدحام الخيول و فتح الأمصار و الأمر و النهي فحملتهم علي الخلاف فنبذوه وراء ظهورهم و اشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون، الي أن قال: ثم ان أبابكر قال علي منبر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: أقيلوني فلست بخيركم و علي فيكم، أفقال ذلك هزؤا أو جدا أو امتحانا، فان كان هزؤا فالخلفاء لا يليق بهم الهزل، ثم قال (أي الغزالي): و العجب من منازعة معاوية بن أبي‌سفيان عليا في الخلافة، أين؟ و من [ صفحه 126] أين؟ أليس رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قطع طمع من طمع فيها بقوله: «اذا ولي الخليفتان فاقتلوا الأخير منهما». و العجب من حق واحد كيف ينقسم بين اثنين و الخلافة ليست بجسم و لا عرض فتتجزأ [258] . هذا بعض من تكلم من العلماء و المؤرخين القدماء، أما المعاصرون فكذلك أقر بعضهم بتواتره و صحة سنده و عدم تأويله منهم: 1- الشيخ سليم البشري، شيخ الأزهر في الخمسينات من القرن العشرين، و ذلك من خلال حواره مع السيد عبدالحسين شرف الدين أحد علماء جبل عامل بلبنان في كتاب (المراجعات). 2- الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي من علماء سوريا، الذي تكلم عن هذا الموضوع في مؤتمر أهل البيت عليهم‌السلام المنعقد في لندن بمناسبة عيد الغدير قائلا: «أما حديث الغدير فوارد و ثابت و لا مصلحة لأحد منا في تضعيف ثبوته أو تأويل معناه» [259] . و بعد أن انتهي الصحابة من السلام علي الامام علي عليه‌السلام بامرة المؤمنين نزل قوله تعالي: (اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلم دينا) [المائدة/3]. فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «الحمدلله علي اكمال الدين و اتمام النعمة و رضا الرب برسالتي و الولاية لعلي من بعدي» [260] عندها جاء الحارث بن النعمان الفهري و قال: يا محمد أمرتنا أن نشهد لا اله الا الله و أنك رسول الله فقبلنا، و أمرتنا [ صفحه 127] أن نصلي خمسا فقبلنا، و أمرتنا بالزكاة و الصيام فقبلنا، و أمرتنا بالحج فقبلنا، ثم لم ترض بهذا حتي رفعت بضبعي ابن‌عمك تفضله علينا.. فهل هذا منك أم من الله فقال صلي الله عليه و آله و سلم: «و الله الذي لا اله الا هو ان هذا لمن الله عزوجل».. فولي الحارث يريد راحلته و هو يقول: «اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم»، فما وصل راحلته حتي رماه الله بحجر علي هامته خرج من دبره فقتله [261] و أنزل فيه قوله: (سأل سائل بعذاب واقع للكفرين ليس له دافع) [المعارج/2-1]. و كانت لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عمامة تسمي السحاب كساها عليا في ذلك اليوم و كانت سوداء اللون يلبسها في أيام خاصة و قد وردت أحاديث و روايات في طريقة تتويج الامام علي عليه‌السلام يوم الغدير منها: عن عبدالله بن بشر قال: بعث رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوم غديرخم الي علي فعممه و أسدل العمامة بين كتفيه و قال: «و هكذا أمدني ربي يوم حنين بالملائكة معممين و قد أسدلوا العمائم، و ذلك حجز بين المسلمين و المشركين» [262] . و في مسند الططالسي و سنن البيهقي قال: «عممني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوم غديرخم بعمامة أسدلها خلفي» ثم قال: «ان الله عزوجل أمدني يوم بدر و حنين بملائكة يعتمون هذه العمة...» ثم قال: «ان العمامة حاجزة بين المسلمين و المشركين» [263] . [ صفحه 128] و قد كان أئمة أهل البيت عليهم‌السلام يغتنمون الفرص و المناسبات لتعريف المسلمين بيوم الغدير و تذكيرهم بالبيعة و من ذلك: أ- مناشدة الامام علي عليه‌السلام يوم الرحبة لأصحابه حين قال: أنشد الله كل امري‌ء مسلم سمع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول يوم غديرخم ما سمع لما قام فقام ثلاثون من الناس فشهدوا حين أخذه رسول الله بيده فقال للناس: أتعلمون أني أولي بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من كنت مولاه، فهذا مولاه، اللهم و ال من والاه و عاد من عاداه. و قال أبوالطفيل راوي الحديث: خرجت و كان في نفسي شي‌ء، فلقيت زيد بن أرقم فقلت له: اني سمعت عليا يقول كذا و كذا، قال زيد: فما تنكر؟ قد سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول ذلك له [264] . و كانت أعلام الشهود لأمير المؤمنين عليه‌السلام بحديث الغدير يوم الرحبة 24 صحابيا و في رواية أخري ثلاثون صحابيا حسبما روي أحمد بن حنبل في مسنده [265] . ب- مناشدة الامام علي عليه‌السلام يوم الجمل لطللحة بن عبيدالله: أخرج الحاكم في مستدركه أن الامام عليا عليه‌السلام بعث يوم الجمل الي طلحة بن عبيدالله و لما حضر قال له: نشدتك الله هل سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم و ال من والاه و عاد من عاداه و أنت أول من بايعني ثم نكثت.. الي أن قال طلحة: أستغفرالله ثم رجع، و في رواية [ صفحه 129] أنه قال: نسيت و لم أذكر [266] . ج- مناشدة الامام الحسين عليه‌السلام: قبل موت معاوية بسنتين حج الامام الحسين عليه‌السلام و عبدالله بن عباس و عبدالله بن جعفر فجمع الامام الحسين عليه‌السلام بني‌هاشم رجالهم و نساءهم و مواليهم من حج منهم و من لم يحج و من الأنصار ممن يعرف مع أهل بيته و لم يترك أحدا حج ذلك العام من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و التابعين من الأنصار المعروفين بالصلاح و النسك الا جمعهم بمني فكانوا أكثر من سبعمئة نفس ثم قام فيهم فحمد الله و أثني عليه ثم قال: أما بعد: فان هذا الطاغية (يعني معاوية) قد صنع بنا و بشيعتنا ما علمتم و شهدتم و بلغكم، و اني أريد أن أسألكم عن شي‌ء فان صدقت فصدقوني و ان كذبت فكذبوني و اسمعوا مقالتي و اكتبوا قولي ثم ارجعوا الي أمصاركم و قبائلكم و من ائتمنتموه من الناس و وثقتم به فادعوه الي ما تعلمون من حقنا فانا نخاف أن يدرس هذا الحق و يذهب.. الي أن قال: أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نصب عليا عليه‌السلام يوم غديرخم فنادي له بالولاية و قال: ليبلغ الشاهد الغائب، قالو: نعم.. الخ [267] . الي آخر ما هنالك من الأعمال التي قام بها بنو هاشم و خاصة أئمة أهل البيت عليهم‌السلام و مواليهم حتي يبقي حديث الغدير راسخا و معروفا عند المسلمين. ثانيا- حديث المنزلة: و قد ورد هذا الحديث عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم في عدة مواقع أهمها: غديرخم - حجةالوداع - يوم المؤاخاة - يوم بدر - فتح خيبر - غزوة= [ صفحه 130] تبوك - يوم المباهلة. في غزوة تبوك خرج رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و خرج الناس معه فقال علي: «أخرج معك؟». فقال صلي الله عليه و آله و سلم: لا، فبكي علي، فقال له رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي الا أنه لا نبي بعدي، انه لا ينبغي أن أذهب الا و أنت خليفتي، و أنت كل مؤمن بعدي و مؤمنة». قال الحاكم بعد اخراجه هذا الحديث: صحيح الاسناد علي شرط الشيخين و لم يخرجاه بهذه السياقة [268] . و أورده ابن عبد البر في أحوال علي من الاستيعاب ثم قال: و هو من أثبت الآثار و أصحها. و أخرجه الذهبي في تلخيصه ثم قال: صحيح. و أخرجه البزار في مسنده و البخاري في صحيحه باب غزوة تبوك. و قد روي الحديث كل من تعرض لغزوة تبوك من المحدثين و أهل السير و الأخبار و كل من ترجم للامام علي عليه‌السلام من أصحاب معاجم الرجال من المتقدمين و المتأخرين علي اختلاف مشاربهم و مذاهبهم، و قد علق السيد عبدالحسين شرف الدين العاملي في حواره مع الشيخ سليم البشري علي حديث المنزلة قائلا: «و لا يخفي ما فيه من أدلة القاطعة و البراهين الساطعة علي أن عليا ولي عهده و خليفته من بعده ألا تري كيف جعله وليه في الدنيا و الآخرة و آثره بذلك علي سائر أرحامه و أنزله منه منزلة هارون من موسي و لم يستثن من جميع المنازل الا النبوة و استثناؤها دليل علي العموم، و أنت تعلم أن أظهر المنازل التي كانت لهارون من موسي وزارته له وشد أزره به و اشتراكه معه في أمره و خلافته عنه و فرض طاعته علي جميع أمته بدليل قوله تعالي: [ صفحه 131] (و اجعل لي وزيرا من أهلي هرون أخي أشدد به أزري و أشركه في أمري) [طه/32-29]، و قوله تعالي: (اخلفني في قومي و أصلح و لا تتبع سبيل المفسدين) [الأعراف/142]. و قوله تعالي: (قال قد أوتيت سؤلك يموسي) [طه/36]. فعلي بحكم هذا النص خليفة رسول الله في قومه و وزيره في أهله و شريكه في أمره - علي سبيل الخلافة لا علي سبيل النبوة - و أفضل أمته و أولادهم به حيا و ميتا و له عليهم من فرض الطاعة زمن النبي صلي الله عليه و آله و سلم - بوزارته له - مثل الذي كان لهارون علي أمة موسي زمن موسي. و من سمع حديث المنزلة فانما يتبادر الي ذهنه هذه المنازل كلها، و لا يرتاب في ارادته منها، و قد أوضح رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الأمر فجعله جليا بقوله: انه لا ينبغي أن أذهب الا و أنت خليفتي. و هذا نص صريح في كونه خليفته بل نص جلي في أنه لو ذهب و لم يستخلفه كان قد فعل ما لا ينبغي أن يفعل، و هذا ليس الا لأنه مأمور من الله عزوجل باستخلافه» [269] . ثالثا- حديث المنزلة و المؤاخاة مجموعان في يوم المؤاخاة الثانية: كما جاء ذلك في سيرة ابن‌حبان: آخي النبي صلي الله عليه و آله و سلم بين المهاجرين و الأنصار ثم قال لعلي عليه‌السلام: «و الذي بعثني بالحق نبيا ما أخرتك الا لنفسي و أنت مني بمنزلة هارون من موسي غير أنه لا نبي بعدي و أنت أخي و وارثي».. فقال علي: «يا رسول الله ما أرث منك؟».. قال صلي الله عليه و آله و سلم: «ما ورثت الأنبياء قبلي و أنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي» ثم تلا قوله تعالي: (علي سرر متقبلين) [الصافات/44] [270] . [ صفحه 132] رابعا- حديث الدار: حين نزلت الآية المباركة (و أنذر عشيرتك الاقربين) [الشعراء/214] دعا النبي صلي الله عليه و آله و سلم أربعين رجلا و فيهم أعمامه أبوطالب و حمزة و العباس و أبولهب... الخ. و في آخر الحديث: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «يا بني عبدالمطلب اني و الله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، جئتكم بخير الدنيا و الآخرة و قد أمرني الله أن أدعوكم اليه فأيكم يؤازرني علي أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم؟». فأحجم القوم الا علي بن أبي‌طالب - و كان أصغرهم - فقام قائلا: «أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه» فأخذ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم برقبته و قال: «ان هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا». فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي‌طالب قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع [271] . و قد أخرج هذا الحديث كثير من حفظة الآثار النبوية كابن اسحاق و ابن‌جرير و ابن أبي‌حاتم و ابن‌مردويه و أبي‌نعيم و البيهقي في سننه و دلائله و الثعلبي و الطبري في تفسيره و تاريخه و أورده الحلبي في باب استخفائه صلي الله عليه و آله و سلم و أصحابه في دار الأرقم في السيرة الحلبية و أخرجه الذهبي في تلخيصه معترفا بصحته، و قد أخرجه ابن‌كثير في تفسيره قائلا: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لعلي: أنت أخي و كذا و كذا [272] . ان نزعة ابن‌كثير الؤموية أبت عليه أن يظهر الحديث بكامله فأبدل كلمتي ر(وصيي و خليفتي) بكلمة كذا و كذا، كأنه بذلك يمنع المتتبع الباحث أن يصل [ صفحه 133] الي الحقائق فيصدق عليه قول الله تعالي: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفوهم و اللهم متم نوره و لو كره الكفرون) [الصف/8]. خامسا- آية الولاية: يقول الله تعالي في كتابه المجيد: - (انما وليكم الله و رسوله و الذين ءامنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و هم ركعون و من يتول الله و رسوله و الذين ءامنوا فان حزب الله هم الغلبون) [المائدة/56-55] [273] . أخرج الامام الثعلبي في تفسيره الكبير بالاسناد الي أبي‌ذر الغفاري (رض) قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بهاتين و الا صمتا، و رأيته بهاتين و الا عميتا يقول: «علي قائد البررة و قاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله»، أما اني صليت مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ذات يوم في المسجد فسأل سائل فلم يعطه أحد شيئا، و كان علي راكعا فأومأ بخنصره اليه و كان يتختم بها فأقبل السائل حتي أخذ الخاتم من خنصره فتضرع النبي صلي الله عليه و آله و سلم الي الله عزوجل يدعوه فقال: «اللهم ان أخي موسي سألك فقال: (قال رب اشرح لي صدري و يسر لي أمري و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هرون أخي اشدد به أزري و أشركه في أمري كي نسبحك كثيرا و نذكرك كثيرا انك كنت بنا بصيرا) [طه/35-25] فأوحيت الله (قال قد أوتيت سؤلك يموسي) [طه/36]. أللهم و أنا عبدك و نبيك، فاشرح لي صدري، و يسر لي أمري، واجعل لي وزيرا من أهلي عليا، اشدد به ظهري»، قال أبوذر: فوالله ما استتم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كلامه حتي هبط جبرائيل بهذه الآية: (انما وليكم الله و رسوله و الذين ءامنوا [ صفحه 134] الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و هم ركعون و من يتول الله و رسوله و الذين و الذين ءامنوا فان حزب الله هم الغلبون) [المائدة/56-55] اه-. و قد أنشأ حسان بن ثابت شاعر النبي صلي الله عليه و آله و سلم شعرا في قصيدته العينية يصور به هذه الحادثة قائلا: أباحسن تفديك نفسي و مهجتي و كل بطي‌ء في الهدي و مسارع أيذهب مدحي و المحبين ضائعا و ما المدح في ذات الاله بضائع فأنت الذي أعطيت اذ أنت راكع فدتك نفوس القوم يا خير راكع بخاتمك الميمون يا خير سيد و يا خير شار ثم يا خير بائع فأنزل فيك الله خير ولاية و بينها في محكمات الشرائع [274] . و نزول هذه الآية في الامام علي عليه‌السلام مما أجمع عليه المفسرون و نقل هذا الاجماع الامام القوشجي في مبحث الامامة من (شرح التجريد). و في الباب 18 من (غاية المرام(24 حديثا من طريق الجمهور في نزولها بما قلناه، و قد أخرجه الخطيب في المتفق [275] . لقد صرح اللغويون بأن كل من ولي الأمر فهو وليه، فيكون المعني أن الذي يلي أموركم يكون أولي بها منكم انما هو الله عزوجل و رسوله و علي و ذلك لأن علي عليه‌السلام هو الذي اجتمعت به هذه الصفات التي تكلمت عنها الآية المباركة من الايمان و اقامة الصلاة و ايتلاء الزكاة في حال الركوع اضافة الي أن الآية نزلت فيه. و قد يقول قائل بأن هذه الآية جاءت بصيغة الجمع (و الذين ءامنوا) و لو كانت بحق علي عليه‌السلام لجاءت بصيغة المفرد لكي يتطابق الخطاب مع المخاطب. [ صفحه 135] و الجواب: ان صيغة الجمع باللغة العربية واردة للتفخيم و رفع شأن المخاطب، و مثال ذلك الآية الكريمة: (الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمنا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل) [آل عمران/173]. و القائل في هذه الآية المباركة هو نعيم بن مسعود الأشجعي الذي قال للمسلمين: ان أباسفيان و أصحابه جمعوا لكم الجموع ليستأصلوكم فاخشوهم و لا تأتوهم [276] . و كما نري فان الله عزوجل استعمل في هذه الآية كلمة الناس تعبيرا عن فرد هو نعيم بن مسعود الأشجعي، كذلك فان الله عزوجل استخدم لفظ الجمع للمفرد في أماكن كثيرة كما أنه مستخدم في كلام العرب و أشعارهم و لا يسعنا الآن في هذا المقام بيان كل ما ورد بهذا من الشواهد. و من أراد الاستزادة من هذه الأمثلة فليراجعها في مصادرها. و قد أتينا بهذه النصوص التي استدل بها الشيعة - علي سبيل المثال لا الحصر و ذلك، للدلالة علي: 1- أن الخلافة و الامامة منصب الهي لقيادة الأمة و صونها من الضياع و الانحراف. 2- انها تمثيل لحكم الله و خلافته في الأرض، و هي قرآن ناطق يتحرك بين الناس بالفعل قبل القول، ليولد الثقة و القدوة الحسنة و المثل الأعلي الذي يقتدي به الناس. 3- انها الولاية المطلقة المستمدة من ولاية الله و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم. ان الباحث المدقق لأحاديث النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أئمة أهل البيت عليهم‌السلام حول الخلافة و الامامة يدهش عندما يراها بهذه الكثرة و هذا التواتر و عندما يقف علي [ صفحه 136] معانيها يدهش و يعجب أكثر ليستدل في النهاية علي الأهمية العظيمة و المنزلة العالية لهذا الموضوع الحيوي الذي يجسد الاسلام في أجلي معانيه ليستمد أحكامه من الخالق (عزوجل) دون الاستعانة بمن يصيبون و يخطئون لأن الله الذي خلق الانسان و علم حاجاته و واقعه الذي يعيشه و أنه بحاجة لمن يوجهه و يحفظ توازنه لاستمرار الانسانية بمعانيها و قيمها السامية اضافة الي قضية العدل الالهي و اللطف بعباده. بسبب ذلك كله كانت امامة المعصومين الاثني عشر من أهل بيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم. و في نهاية الأمر أقول: اذا كان المشركون في مكة و ما حولها قد سقطوا أمام المد الاسلامي بسبب فشلهم في تطويق الدعوة الاسلامية المباركة، فان المجتمعات الاسلامية بعد زمن من وفاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقدت تماسكها في مواقعها الاجتماعية، فلم تصمد أمام تيارات الانحراف بسبب تخاذلها عن امتداد النبوة المتجسد في خلافة الله علي الأرض، و امامة أئمة أهل البيت عليهم‌السلام الذين عينهم الله عزوجل و اجتباهم و اصطفاهم ليقوموا بدور الامامة المتميز. و نتيجة لهذا التخاذل تحول تاريخ خلفاء الاسلام الي تاريخ سلاطين و ملوك و قياصرة و أكاسرة يسومون الأمة أنواع العذاب فيقتلون بعضهم و يستحيون نساءهم و يذبحون أبناءهم و لا زالت أذنابهم حتي الآن تتآمر مع أعداء الله و أعداء رسوله لايقاع الفتن بالمسلمين و تمزيقهم الي فرق و طوائف يستغلها الاستكبار العالمي أبشع استغلال لفرض سيطرته علي المسلمين و نهب ثرواتهم.

العصمة

تقول الموسوعة الميسرة و هي بصدد عرض أفكار الشيعة الامامية و معتقداتهم: - [ صفحه 137] (كل الأئمة معصومون عن الخطأ و النسيان، و عن اقتراف الكبائر و الصغائر) [277] . الكلام هنا يجب أن يكون مقيدا بالمعصومين و هم أئمة أهل البيت الاثنا عشر عليهم‌السلام الذين مر الحديث عنهم في بحث الامامة من هذا الكتاب، و هذه بعض الأدلة علي عصمة أهل البيت: أولا- قوله تعالي: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) [الأحزاب/33]. قال ابن‌جرير الطبري في تفسير هذه الآية المباركة: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) أي السوء و الفحشاء يا أهل بيت محمد، و يطهركم من الدنس الذي يكون في أهل معاصي الله تطهيرا» [278] . و ذكر بسنده عن سعيد بن قتادة قوله: - بعد تلاوتة الآية -: «فهم أهل بيت طهرهم الله من السوء و خصهم برحمة منه». و عن ابن‌وهب قال: الرجس ها هنا الشيطان و سوي ذلك من الرجس: الشرك، و قد نزلت هذه الآية المباركة علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فجمع فاطمة و الحسن و الحسين و علي بن أبي‌طالب و جللهم بكسائه ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب الرجس عنهم و طهرهم تطهيرا، قالت أم سلمة: و أنا معهم؟ قال: أنت علي مكانك و أنت علي خير [279] و قد أخرج هذه الرواية ابن‌جرير و ابن أبي‌حاتم و الطبراني و ابن‌مردويه [280] و صحهها ابن‌المنذر و الحاكم و ابن‌مردويه [ صفحه 138] و البيهقي في سننه. و قد ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها ستة أشهر اذا خرج لصلاة الفجر يقول: «الصلاة يا أهل البيت (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا). قال: هذا حديث صحيح علي شرط مسلم، و لم يخرجاه [281] . و قد نقل الشيخ تقي الدين المقريزي أن أهل البيت معصومون لأنهم طهروا و أذهب الرجس عنهم. و كل من كان كذلك فهو معصوم، لسببين: السبب الأول: النص، هذه الآية. السبب الثاني: لأن الرجس اسم جامع لكل شر و نقص و خطأ، و عدم العصمة بالجملة شرذ و نقص فيكون ذلك مندرجا تحت عموم الرجس الذاهب عنهم فتكون الاصابة في القول و الفعل و الاعتقاد و العصمة بالجملة ثابتة لهم، و أيضا فلأن الله عزوجل طهرهم و أكد تطهيرهم بالمصدر حيث قال: (و يطهركم تطهيرا)، أي و يطهركم من الرجس و غيره، اذ تقتضي هي عموم تطهيرهم من كل ما ينبغي منه عرفا و عقلا و شرعا و الخطأ، و عدم العصمة داخلان تحت ذلك، فيكونون مطهرين منه. و يلزم من ذلك عموم اصابتهم و عصمتهم. و قد نقل الشيخ تقي الدين المقريزي هذا القول عن العلامة نجم الدين سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم الطوفي من كتابه (الاشارات الالهية في المباحث الأصولية) [282] . و يكفي للدلالة علي عصمة أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ما أوردناه حول آية التطهير عندما جمع النبي صلي الله عليه و آله و سلم فاطمة و عليا و الحسن و الحسين عليهم‌السلام و قال: [ صفحه 139] «اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا»، لنري بعد ذلك أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم لم يحصر دلالة هذه الآية في هؤلاء الخمسة فقط بل دلل عليهم لأنهم هم الذين كانوا أحياء فقط فلو كان بقية الأئمة موجودين لشملتهم هذه الآية و لضمهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم تحت الكساء و أدلة ذلك ما يلي: 1- ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم ابتدأ بتلاوة آية التطهير و اعلان مقام أهل البيت عليهم‌السلام بعد رجوعه من غزوة بدر و زواج الامام علي عليه‌السلام من فاطمة الزهراء عليهاالسلام و لم يكن الامامان: الحسن و الحسين عليه‌السلام موجودين [283] . 2- عن أبي‌سعيد الخدري ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم جاء الي باب علي عليه‌السلام أربعين صباحا بعدما دخل علي فاطمة فقال: «السلام عليكم أهل البيت و رحمة الله و بركاته (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس....) الآية [284] . 3- بعد ما أصبح أهل البيت خمسة فعل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ما قدمنا من جمعهم تحت الكساء في مناسبات مختلفة في بيوت زوجاته و لم يكتف بمرة واحدة. ثم دعاؤه لهم و مروره عليهم ستة أشهر فيأخذ بعضادة هذا الباب ثم يقول: السلام عليكم يا أهل البيت و رحمة الله و بركاته ثم يتلو آية التطهير. و هكذا بدأت تتوسع دائرة أهل البيت عليهم‌السلام أثناء حياة الني صلي الله عليه و آله و سلم لتشمل هؤلاء الخمسة، ثم ينص علي الأئمة الاثني عشر بأسمائهم و ألقابهم كما قدمنا ذلك ثم يختمهم بحديثه حول الامام المهدي المنتظر قائلا: المهدي من عترتي من ولد فاطمة [285] . و في حديث آخر: لا تذهب الدنيا حتي يملك رجل من أهل بيتي يواطي‌ء اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما وجورا [286] . [ صفحه 140] ثم أخذ أئمة أهل البيت عليهم‌السلام كما جاء واحد منهم يؤكد النص علي من بعده. فلو افترضنا أن آية التطهير لم تنزل الا في الخمسة فقد دلت علي عصمتهم و بالتالي فان كلام كل واحد من هؤلاء دليل علي عصمة من يأتي بعده. و نمر علي الامام علي بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام عند مجيئه مع السبايا بعد معركة كربلاء و دخوله الي دمشق، خاطبه شيخ شامي بقوله: الحمدلله الذي أهلككم و أمكن الأمير منكم. سأله الامام زين العابدين عليه‌السلام: يا شيخ قرأت. القرآن؟ أجاب الشيخ: بلي. فقال له الامام عليه‌السلام: يا شيخ أقرأت قوله تعالي: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) الآية. أجاب الشيخ: بلي. فرد عليه الامام علي زين العابدين عليه‌السلام: نحن أهل البيت الذين خصهم الله بالتطهير [287] . ثانيا- حديث الثقلين: أخرج الهيثمي عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «اني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله عزوجل، حبل ممدود ما بين السماء و الأرض، أو ما بين السماء الي الأرض و عترتي أهل بيتي، و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض» [288] . و قال: رواه أحمد و اسناده جيد، رجاله موثقون، و رواه أبويعلي بسند لا بأس به و الحافظ عبدالعزيز بن الأخضر و أخرج الحاكم قريب من لفظه ثم قال [ صفحه 141] عنه: هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين و لم يخرجاه بطوله [289] . و قال ناصر الدين الألباني في سلسلته الصحيحة بأن الحديث صحيح. و خرج بعض طرقه و أسانيده الصحيحة و الحسنة و ذكر بعض شواهده و حسنها، و وصف من ضعف هذا الحديث بأنه حديث عهد بصناعة الحديث، و أنه قصر تقصيرا فاحشا في تحقيق الكلام عليه و أنه فاته كثير من الطرق و الأسانيد التي هي بذاتها صحيحة أو حسنة فضلا عن الشواهد و المتابعات و أنه لم يلتفت الي أقوال المصححين للحديث من العلماء اذ اقتصر في تخريجه علي بعض المصادر المطبوعة المتداولة دون غيرها، فوقع في هذا الخطأ الفادح من تضعيف الحديث [290] . و قال عنه ابن‌حجر: لقد جاءت الوصية صريحة - أي بأهل البيت - في عدة أحاديث منها حديث: «اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي: الثقلين، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء الي الأرض، و عترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتي يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما». ثم قال: و الحاصل أن الحث وقع علي التمسك بالكتاب و بالسنة و بالعلماء بهما من أهل البيت و في شرحه للحديث قال: سمي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عليه‌السلام القرآن و عترته ثقلين لأن الثقل كل نفيس خطير مصون و هذان كذلك اذ كل منهما معدن العلوم اللدنية و الأسرار و الحكم العقلية و الأحكام الشرعية [291] . و قد أخرج هذا الحديث الحاكم في مستدركه قائلا: حديث صحيح الاسناد علي شرط الشيخين و لم يخرجاه، و وافقه الذهبي [292] . [ صفحه 142] و قال المناوي في شرح الحديث: يعني ان ائتمرتم بأوامر كتابه و اهتديتم بدي عترتي و اقتديتم بسيرتهم فلن تضلوا. و قال القرطبي: و هذه الوصية و هذا التأكيد العظيم يقتضي وجوب احترام أهله و ابرازهم و توقيرهم و محبتهم وجوب الفرائض المؤكدة التي لا عذر لأحد في التخلف عنها هذا مع ما علم من خصوصيتهم بالنبي صلي الله عليه و آله و سلم و بأنهم جزء منه. ثم قال في شرح قوله صلي الله عليه و آله و سلم: «انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض»، و في هذا مع قوله صلي الله عليه و آله و سلم أولا: «اني تارك فيكم» تلويح بل تصريح بأنه (أي الكتاب و العترة) كتوأمين خلفهم و وصي أمته بحسن معاملتهما و ايثار حقهما علي أنفسهم و استمساك بهما في الدين أما الكتاب فلأنه معدن العلوم اللدنية و الأسرار و الحكم و كنوز الحقائق و خفايا الدقائق، و أما العترة فلأن العنصر اذا طاب أعان علي فهم الدين، فطيب العنصر يؤدي الي حسن الأخلاق و محاسنها يؤدي الي صفاء القلب و نزاهته و طهارته [293] . و علي كل فان في الكلام السابق كفاية للدلالة علي وجوب التمسك بالعترة كما نتمسك بالقرآن المعصوم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و النبي صلي الله عليه و آله و سلم لا يقرن بالمعصوم الا المعصوم اذ أنه لا ينطق عن الهوي و ليس كلامه لعصبية أو قرابة انما الأمر الهي باعتبار أن هذين الثقلين كما أوردنا عن ابن‌حجر سابقا هما معدن العلوم اللدنية و الأسرار و الحكم العقلية و الأحكام الشرعية، و من أراد أن يتثبت من هذا الكلام فليراجع سيرتهم عليهم‌السلام ليري كيف كانوا يخوضون كل بحار الفكر و العلم و ليري سيرتهم و شهادة من عاصرهم و قد أوردنا بعضا من ذلك في فصل ألقاب أئمة أهل البيت و فضائلهم، و يكفيهم في جميع الأحوال شهادة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيهم في هذا الحديث حيث يجعلهم قدوة و أسوة مثل القرآن الكريم، لأن القرآن أحكام صامتة و نظرية تريد من يطبقها و يعلمها للناس بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فكانوا هم خير من يحمل هذه المهمة ليحولوا السور و الآيات القرآنية الي أفعال و أعمال علي الأرض تكون [ صفحه 143] المثل الأعلي للأمة، و مما يؤكد هذا الكلام قوله صلي الله عليه و آله و سلم: «فلا تقدموهما، و لا تقصروا عنهما فتهلكوا، و لا تعلموهم فانهم أعلم منكم» ثالثا: آية ألي الأمر: قال تعالي: (أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم) [النساء/59]. في تفسر هذه الآية المباركة يقول العلامة السيد / محمد حسين الطباطبائي في كتابة (الميزان في تفسير القرآن): «لا ينبغي أن يرتاب في أن هذه الاطاعة المأمور بها في قوله: (أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم) اطاعة مطلقة غير مشروطة بشرط و لا مقيدة بقيد، و هو الدليل علي أن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم لا يأمر بشي‌ء و لا ينهي عن شي‌ء يخالف حكم الله في الواقعة و الا كان فرض طاعته تناقضا منه تعالي و تقدس، و لا يتم ذلك الا بعصمة فيه صلي الله عليه و آله و سلم، و هذا الكلام بعينه جار في أولي الأمر»... الي أن يقول: «علي أن الآية جمع فيها بين الرسول و أولي الأمر و ذكر لهما طاعة واحدة فقال: (و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم) و لا يجوز علي الرسول أن يأمر بمعصية أو يغلط في حكم فلو جاز شي‌ء من ذلك علي أولي الأمر لم يسع الا أن يذكر القيد الوارد عليهم فلا مناص من أخذ الآية مطلقة من غير أي تقييد، و لازمه اعتبار العصمة في جانب أولي الأمر كما اعتبر في جانب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من غير فرق» [294] . و قد أورد الفخر الرازي في تفسيره الكبير قوله حول العصمة: «ان النبي و أهل بيته يتساوون في خمسة أشياء: أ- في السلام قال: «السلام عليك أيها النبي». و قال: (سلم علي ال ياسين) [الصافات/130]. [ صفحه 144] ب- و في الصلاة عليه و عليهم في التشهد قال: «اللهم صل علي محمد و آل محمد». ج- و في الطهارة قال: (طه) أي: يا طاهر. و قال: و يطهركم تطهيرا. ه- و في تحريم الصدقة، و- و في المحبة قال: (قل لآ أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربي) [الشوري/23]. و قال: (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) [295] [آل عمران/31]. أقول: اذا كان النبي صلي الله عليه و آله و سلم يتساوي مع أهل بيته عليهم‌السلام في السلام و الصلاة - فلا تقبل الصلاة بدون أن نقول: اللهم صل علي محمد و آل محمد. و يتساوي معهم في الطهارة فهم مطهرون بحكم آية واحدة و متساوون في تحريم الصدقة، و متساوون بالمحبة لهم، ألا تكفي واحدة من هذه المسائل لاستنتاج العصمة منها، و هل يوجد في الكون أحد يشابه النبي صلي الله عليه و آله و سلم بنصوص من القرآن و يشاركه بها و لا يشاركه بصفاته. رابعا: قوله تعالي: (و جعلنهم أئمة يهدون بأمرنا و أوحينا اليهم فعل الخيرت و اقام الصلوة و ايتآء الزكوة و كانوا لنا عبدين) [الأنبياء/73]. و حول تفسير هذه الآية يقول العلامة الطباطبائي: فأفعال الامام خيرات يهتدي اليها بهداية من غيره بل باهتداء من نفسه بتأييد الهي و تسديد رباني. و الدليل عليه قوله تعالي: (فعل الخيرت) بناء [ صفحه 145] علي أن المصدر المضاف يدل علي الوقوع، ففرق بين مثل قولنا: (و أوحينا اليهم أن افعلوا الخيرات)، فلا يدل علي التحقيق و الوقوع بخلاف قوله:)و أوحينا اليهم فعل الخيرت) [الأنبياء/73] فهو يدل علي أن ما فعلوه من الخيرات انما هو بوحي باطني و تأييد سماوي [296] . و هناك مزيد من الأدلة علي عظمة أهل البيت عليهم‌السلام لا مجال لا ستقصائها بكاملها في هذا البحث، فلتراجع في مظانها.

العلم اللدني

تقول الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة، و هي تتحدث عن علم الأئمة عليهم‌السلام: - (كل امام من الأئمة أودع العلم من لدن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم بما يكمل الشريعة، و هو يملك علما لدنيا و لا يوجد بينه و بين النبي من فرق سوي أنه لا يوحي اليه) [297] . و في مجال مناقشة هذا الرأي نقول توضيحا: ان الفرق بين النبي و الامام أن النبي مستقل بنفسه عن البشر في السير الي الله و الوصول اليه، يتلقي وحيه من الله مباشرة أو عن طريق الأمين جبرائيل. أما الامام فلا يمكنه السير الا باتباع أوامر النبي صلي الله عليه و آله و سلم و السير علي طريقه لأنه لا يوحي اليه. 1- في حديث لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يخاطب علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام عندما يسأله عن رنة الشيطان فيجيب النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «هذا الشيطان قد آيس في عبادته، انك تسمع ما أسمع و تري ما أري الا أنك لست بنبي ولكن وزير و انك لعلي خير» [298] ، و حسب مقتضي هذا الحديث فان الامام يطلع علي كل ما يطلع [ صفحه 146] عليه النبي صلي الله عليه و آله و سلم لكنه ليس نبيا، لأن الوحي غير موجه اليه، ولكنه يسمعه ويراه. 2- و في حديث المنزلة الذي أوردناه في اثبات الامامة فيه ما لا يخفي من الأدلة و البراهين علي المنازل التي أنزلها الله و رسوله لعلي بن أبي‌طالب و لم يستثن من هذه المنازل الا النبوة فأخوته لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و وزارته و شركته في أمره علي سبيل الامامة لا علي سبيل النبوة لم تكن هذه المنازل عفوية أو عاطفية اذ أن صاحبها يجب أن يكون صاحب علم وافر لا يصله أحد الا من هو في مقام الامام أو أعلي منه. 3- حديث «أنا مدينة العلم و علي بابها و من أراد المدينة فليأت الباب» [299] . فعلي بن أبي‌طالب هو الوحيد الذي من خلاله نستطيع الدخول الي علم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حسب هذا الحديث و كل من لا يأتيه يكون اما سارقا أو جاهلا، فالجاهل هو الذي لم يدخل المدينة، و السارق هو الذي حاول أن يأخذ بعض أطراف العلم التي وصل اليها لكنه بقي مع الجاهل خارج المدينة و لم يستطع الدخول اليها لأنه لم يأت الباب. 4- قوله صلي الله عليه و آله و سلم: «أنا و هذا - يعني عليا - حجة علي أمتي يوم القيامة» [300] . أخرجه الخطيب من حديث أنس. أقول: و بماذا يكون أبوالحسن سلام الله عليه حجة علي الأمة يوم القيامة مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اذا لم يكن صاحب علم لدني. 5- و قوله عزوجل: (ثم أورثنا الكتب الذين اصطفينا من عبادنا) [فاطر/32]. فان الله عزوجل أورث علم الكتاب للذين اصطفاهم من أئمة أهل [ صفحه 147] البيت عليهم‌السلام هذا العلم لا يعلم مقداره و قوته الا الله فعلي سبيل المثال: آصف ابن‌برخيا الذي أتي بعرش بلقيس من اليمن الي فلسطين في لحظة عين كان عنده علم من الكتاب كما ذكره الله عزوجل (قال الذي عنده علم من الكتب أنا ءاتيك به) [النمل/40]. و عن أبي‌جعفر محمد الباقر عليه‌السلام قال في تفسير الآية السابقة: ان اسم الله الأعظم علي ثلاث و سبعين حرفا و انما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه و بين سرير بلقيس ثم تناول السرير ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين، و عندنا من الاسم اثنان و سبعون حرفا و حرف عندالله استأثر به في علم الغيب عنده و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم [301] . فبواسطة هذا الجزء من علم الكتاب استطاع أن يأتي بعرش بلقيس فما ظنكم بمن ورث علم الكتاب الذي خاطبه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قائلا: «أنت أخي و وارثي، فقال له: ما أرث منك، قال صلي الله عليه و آله و سلم: ما ورث الأنبياء من قبلي، كتاب ربهم و سنة نبيهم» [302] . لو أصبح هذا الوارث هو الحاكم و الخليفة علي بلاد المسلمين تصوروا ماذا يمكن أن يحصل! هل يبقي المسلمون بهذه الحالة التي هم عليها؟ تخيلوا لو أن الامام عليا كان في منصبه بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ماذا سيحدث بعد ذلك...؟ ماذا كان فعل أئمة أهل البيت عليه‌السلام و كيف كانوا ارتقوا بالمجتمع عبر هذه السنين الطويلة التي تمر علي الأمة و هلي تحت كابوس الظلم و التجهيل و الجدب الفكري و العطش الي بديل عن هذه السخافات و الترهات الموجودة، بديل يروي الغليل و يطفي‌ء ظمأ العقول، ادرسوا أحاديث أهل البيت [ صفحه 148] أيها المسلمون و عوها جيدا لتعلموا بأن الامامة ليس لها وجود دون النبوة فهي تستمد ضرورتها الدينية و العلمية من النبوة، تتفرع من شجرتها لتكون بذلك استمرارا لحياة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في تبليغ الدعوة و ارشاد العباد و قيادة الأمة مصداقا لقوله تعالي: (انما أنت منذر و لكل قوم هاد) [الرعد/7]. و قد أخرج الثعلبي في تفسيره لهذه الآية عن ابن‌عباس: قال: لما نزلت هذه الآية وضع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يده علي صدره و قال: «أنا المنذر و علي الهادي و بك يا علي يهتدي المهتدون» [303] و قد أخرج هذه الرواية بعض أصحاب السنن و التفسر. عن ابن‌عباس و عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله جعفر الصادق بن محمد عن هذه الآية فقال: «كل امام هاد في زمانه» و قال الامام أبوجعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام في تفسيرها: «المنذر: رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و الهادي: علي عليه‌السلام» ثم قال: «و الله ما زالت فينا الي الساعة». و أخرج الحاكم عن الامام علي عليه‌السلام قوله في هذه الآية: «رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم المنذر و أنا الهادي» ثم قال الحاكم بعد ايراد الحديث: «هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه» [304] . أقول: فكيف يستطيع الامام أن يكون هاديا اذا لم يكن أعلم الناس بكل ما حوله ليعرف الداء في المجتمعات و يعطيها الدواء. و قد روي عبدالله بن عباس في (طبقات الفقهاء) قائلا: أعطي علي بن أبي‌طالب تسعة أعشار العلم و انه لأعلمهم بالعشر الباقي [ صفحه 149] و في رواية: و و الله لقد شاركهم في العشر الباقي [305] . و قول الامام علي عليه‌السلام و هو في طريقه الي صفين يوضح هذه المسألة قائلا: «و أيم الله لو أنشط و يؤذن لي لحدثتكم حتي يحول الحول لا أعيد حرفا، و أيم الله عندي لحصف كثيرة قطايع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أهل بيته عليهم‌السلام» [306] . و في حديث للامام علي عليه‌السلام يقول: «ان ههنا لعلما جما (و أشار بيده الي صدره) لو أصبت له حملة، بلي أصبت. أصبت لقنا غير مأمون عليه» [307] . وروي الشيخ القندوزي الحنفي في كتابه (ينابيع المودة) و كذلك كتاب: (المناقب) لابن حنبل عن الأصبغ بن نباته قال: قال أمير المؤنين علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام: أما تقرأون (ان هذا لفي الصحف الأولي صحف ابرهيم و موسي) [الاعلي/19-18]. و الله هي عندي ورثتها من حبيبي رسول الله عليه‌السلام و الله أنا الذي أنزل الله فيه (و تعيها أذن و عية) [الحاقة/12]... فاذا كان علم أميرالمؤمنين عليه‌السلام ورثه عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم بكامله و ورثه للأئمة من ولده عليه‌السلام فكيف لا يكون علمهم لدنيا كما عبر عن ذلك الامام علي عليه‌السلام فقال: «عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية لا عقل سماع و رواية» [308] . لذلك أوصي فيهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قرنهم مع القرآن الكريم فقال: «اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله و عترتي»، ثم يختم حديثه بقوله:= [ صفحه 150] «فلا تقدموهما فتهلكوا و لا تقصروا عنهما فتهلكوا و لا تعلموهم فانهم أعلم منكم» أخرج هذا الحديث الطبراني و علق عليه ابن‌حجر في صواعقه قائلا: و هذا القول دليل علي أن من تأهل منهم للمراتب العلية و الوظائف الدينية كان مقدما علي غيره [309] و مع ذلك خالف ابن‌حجر هذا القول و قدم عليهم الأشعري في أصول الدين و الفقهاء الأربعة بالفروع و قدم عمران بن حطان و أمثاله من الخوارج في علم الحديث و قدم مقاتل بن سليمان المرجي‌ء المجسم في علم التفسير و قدم أبناء الوزغ علي أبناء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

الخوارق و الأئمة

أما قولكم عن خوارق العادات: (يجوز أن تجري هذه الخوارق علي يد الامام، و يسمون ذلك معجزة، و اذا لم يكن هناك نص علي امام من الامام السابق عليه وجب أن يكون اثبات الامامة في هذه الحالة بالخارقة) [310] . أقول: ما سميتموه بخوارق العادات اذا كان من قبيل المعجزة و الكرامة فهذا تقول به الشيعة في أئمتها و أنبياء الله من قبلهم. و قد تكلمنا حول هذا الموضوع في فصل عبدالله بن سبأ و ما نسب اليه، أما اذا كانت خوارق العادات هذه التي تقولون عنها من قبيل الخرافات و الشعوذة فقد ذكرنا مواردها في صحاح السنة و كتبهم المعتبرة. أما الشيعة فلا يقولون و لا يعلمون بها، بل يحرمون هذه الأعمال، و اذا أردتم أن تتأكدوا من ذلك فما عليكم الا أن تراجعوا كتب الفقه عندهم في باب المكاسب المحرمة. كموسوعة «الينابيع الفقهية» و «تحرير الوسيلة» و «منهاج الصالحين». أما المعجزات و الكرامات التي قلنا بأنها كرامة من الله لخاصة أنبيائه [ صفحه 151] و أوليائه بخرق السنن الكونية و تغيير خواص المواد و ذلك حسب مقتضي الحاجة لاتباع الناس ذلك النبي أو الوصي، و عدم تشكيك المرتابين، و لمواجهة الجهال و المكذبين، خاصة اذا كان التحدي بين الكفر و الايمان قد وصل أوجه، و كنا قد ذكرنا بعض هذه المعجزات التي أثبتها التاريخ فليراجعها من أراد الأستزادة منها.

الامام السابق و الامام اللاحق

أما قول الموسوعة اذا لم يكن هناك نص من الامام السابق علي الامام اللاحق، وجب أن يثبت امامته بالخارقة. فان هذا الكلام ادعاء بغير دليل، و قد ذكرنا في باب تسلسل الأئمة و فصل الامامة أن الأئمة كلهم منصوص عليهم من قبل النبي صلي الله عليه و آله و سلم، فقد روي جابر بن عبدالله الأنصاري حديثا يقول فيه: لما نزل قوله تعالي: (يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم) [النساء/59]. قلت يا رسول الله: عرفنا الله فأطعناه، و عرفناك فأطعناك، فمن أولو الأمر الذين أمرنا بطاعتهم؟ قال صلي الله عليه و آله و سلم: «هم خلفائي يا جابر و أولياء الأمر بعدي أولهم أخي علي ثم من بعده الحسن ثم الحسين ثم ابنه علي، ثم محمد بن علي و ستدركه يا جابر، فاذا أدركته فأقرئه مني السلام.. ثم جعفر بن محمد، ثم موسي بن جعفر، ثم علي بن موسي، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم محمد بن الحسن يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما وجورا» [311] . فالنص علي أئمة أهل البيت عليهم‌السلام بأسمائهم متواتر عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. و معاجزهم و كراماتهم انما هي اثبات لمن لا يؤمن باتباعهم. و هي تأكيد للمسلمين علي وجود الأئمة بينهم. فليراجع ذلك في الفصول السابقة من هذا الكتاب. [ صفحه 152] السرداب و الامام الغائب أما السرداب الذي تكلمتم عنه، فهو محل دور الامامين العسكريين عليه‌السلام و بيوتاتهم الشريفة، و موضع سكناهم، و مصلاهم. و حيث ان الامام الغائب المهدي المنتظر ليس له موضع يقصد لزيارته؛ أصبح شيعته يقصدون هذا المكان للتبرك، و أصبحت سنة حسنة عند المسلمين الشيعة حتي يومنا هذا. أما قولكم حول غيبة الامام المنتظر: (يرون بأن الزمان لا يخلو من حجة لله عقلا و شرعا، و يترتب علي ذلك أن الامام الثاني عشر قد غاب في سردابه كما زعموا و أن له غيبة صغري و غيبة كبري، و هذا من أساطيرهم) [312] . ان موضوع الامامة نوقش فيما سبق و ذكرنا أحاديث النبي صلي الله عليه و آله و سلم في ذلك، و كيف أنه نص عليهم و عددهم بأسمائهم و ألقابهم و ماذا تكلم بخصوص الامام الثاني عشر و ليس الأمر زعما كما أسلفتم، فقد ورد عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام قوله حول الغيبة في حديث عن حنان بن سدير: «ان للقائم غيبة يطول أمدها» فقلت: و لم ذاك يابن رسول الله؟ قال: «ان الله عزوجل أبي الا أن يجري سنن الأنبياء في غيبتهم و أنه لا بد له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم قال الله عزوجل: (لتركبن طبقا عن طبق) [الانشقاق/19] أي سننا علي سنن من كان من قبكلم» [313] . و مما قاله علماء الشيعة في هذه المسألة نذكر قول الشريف المرتضي: أما الاستتار و الغيبة فسببهما اخافة الظالمين له علي نفسه.. و لم تكن [ صفحه 153] الغيبة من ابتدائها علي ما هي عليه الآن فانه في ابتداء الأمر كان ظاهرا لأوليائه غائبا عن أعدائه، و لما اشتد الأمر و قوي الخوف و زاد الطلب، استتر عن الوالي و العدو [314] . أما قولكم في نهاية الفقرة: (و هذا من أساطيرهم)، فلا أعتقد أنه يختلف عن قول قريش لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عندما دعاهم للقرآن الكريم و اتباعه، فردوا عليه كما ذكر الله تعالي: (و قالوا أسطير الأولين اكتتبها فهي تملي عليه بكرة و أصيلا) [الفرقان/5].

ظهور الامام في آخر الزمان‌

أما قولكم حول الرجعة: (يعتقدون بأن الحسن العسكري سيعود في آخر الزمان، عندما يأذن الله له بالخروج، و هم يقفون كل ليلة بعد صلاة المغرب بباب السرداب، و قد قدموا مركبا، فيهتفون باسمه و يدعونه للخروج، حتي تشتبك النجوم ثم ينصرفون و يرجئون الأمر الي الليلة التالية، و يقولون بأنه حين عودته سيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا و ظلما، و سيقتص من خصوم الشيعة علي مدار التاريخ، و لقد قالت الامامية قاطبة بالرجعة، و قالت بعض فرقهم الأخري برجعة بعض الأموات) [315] . قال تعالي: (اذ تلقونه بألسنتكم و تقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم و تحسبونه هينا و هو عندالله عظيم)15(و لولآ اذ سمعتموه قلتم ما يكون لنآ أن نتكلم بهذا سبحنك هذا بهتن عظيم) [النور/16-15]. أعتقد أن كل من يقرأ هذا النص حول الرجعة، ليس من الشيعة فقط، بل و عموم المسلمين أيضا، سيشكك بصاحب هذه المعلومات و مدي معرفته، لعدة [ صفحه 154] أسباب و جملة متناقضات و قعت فيها الموسوعة أهمها ما يلي: لقد ذكرت الموسوعة قبل ذلك بنفسها تسلسل الأئمة الاثني عشر عليهم‌السلام، و ذكرت في موضوع الغيبة: أن الامام الثاني عشر هو الامام الغائب، و قد غاب في سردابه و أن له غيبة صغري و غيبة كبري، اضافة الي ذكركم في موضوع التقية: بأن القائم هو الذي سيخرج، و هذا اللقب من ألقاب الامام المهدي كما أسلفنا، و معني ذلك أن هذا الامام الغائب هو الذي سيعود، أما الامام الحسن العسكري بن علي الهادي، فلم يرد عنه أنه غاب، بل استشهد بسم العباسيين، و دفن بسامراء. فاذا كان قد مات و دفن فكيف يخرج من السرداب كما تزعمون؟ أما القول الذي ورد بأن الشيعة يقدمون مركبا فيهتفون باسمه و يدعونه للخروج، فما هو دليلكم علي صحة هذا القول؟ و من هو شاهدكم عليه؟ هل سمعتم هذا الكلام من علماء الشيعة؟ أم‌قرأتم عنه في كتبهم؟ أم‌بعثتم بوفد من قبلكم ليري هذا المنظر المزعوم عند السرداب في مدينة سامراء شمال بغداد؟. أم كان دليلكم و شاهدكم كتب أعداء الله، و أعداء المسلمين الذين يتصدون لاثارة الشقاق و تلفيق التهم و الافتراء علي المسلمين لتمزيقهم أكثر، و السماح لأعدائهم بالدخول بينهم أمثال كتب احسان الهي ظهير، و محب الدين الخطيب و من سار علي نهجهم؟ هل يفرحكم نسبة الخرافات بهذا الشكل الي الدين الاسلامي القويم؟ أم أنكم تقولون ما ليس لكم به علم؟ انكم لو كلفتم أنفسكم بعض العناء، و بحثتم في مصادر الشيعة حول هذا الموضوع، و التقيتم بعلمائهم لما حصل معكم هذا الاشتباه، لأن الشيعة تقول: بأن الامام الحسن العسكري عليه‌السلام هو الامام الحادي عشر كما مر معنا في تسلسل الأئمة و ألقابهم. أما من يأذن الله له بالخروج «و يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا» فهو الامام الثاني عشر المهدي المنتظر كما أسلفنا في موضوع الغيبة، و قضية الاقتصاص هي من أعداء الاسلام قاطبة. أما القول بالرجعة فقد قالت به الامامية، فهذا أمر صحيح، ولكن حبذا لو [ صفحه 155] تعرفتم علي هذا الموضوع، قبل الخطأ الثاني المناقص لأول الفقرة، ألا و هو، أن بعض الفرق الأخري قالت برجعة بعض الأموات. و الجهل دائما يوما يوقع صاحبه في المهالك. لذلك، لنتعرف علي الرجعة من البداية، و نرجع الي البحث الذي شرحنا فيه موضوع الرجعة في باب عبدالله بن سبأ، من هذا الكتاب، و من شاء التوسع في موضوع الرجعة و غيرها من عقائد الشيعة فليراجع: -عقائد الامامية للشيخ محمدرضا المظفر. - أصل الشيعة و أصولها الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء. و غيرهما من الكتب الاعتقادية التي المكتبات العامة.

التقية في الاسلام

أما قولكم: (التقية: و هم يعدونها أصلا من أصول الدين، و من تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة، و هي واجبة لا يجوز رفعا حتي يقوم القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله تعالي و عن دين الامامية، كما يستدلون علي ذلك بقوله تعالي: (الآ أن تتقوا منهم تقة) [آل عمران/28] و ينسبون الي أبي‌جعفر الامام الخامس قوله: «التقية ديني و دين آبائي و لا ايمان لمن لا تقية له»، و هم يتوسعون في مفهوم التقية، الي حد اقتراف الكذب و المحرمات) [316] . و في مجال الرد علي ذلك نؤكد أن أصول الدين عند الشيعة الامامية هي خمسة: التوحيد، العدل، النبوة، الامامة، المعاد، و عليه فان ما يكال للشيعة من تهم و افتراءات بخصوص التقية لا يمكن أن تصدر الا من جاهل بالتقية التي يقرها حتي علماء السنة، أو متحامل امعانا في الافتراء و التضليل. ان التقية ليست من قضايا العقيدة الشيعية، و انما هي من الأساليب العلمية التي تفرضها عليهم ظروف صعبة تلجأ اليها حين تفقد الحماية من مطاردة [ صفحه 156] السلطة التي تطاردهم بالابادة و التنكيل. و هو أمر طبيعي يلجأ اليه كل صاحب قضية دينية أو سياسية تتعارض مع النظام القائم، حتي لا يجدون وسيلة سواها لحفظ وجودهم و دمائهم. و قد بدأت التقية عند الشيعة كأسلوب عملي بعد مصرع الامام الحسين حين اشتدت وطأة الطغاة عليهم بالقتل و التشريد و الارهاب الذي يلاحقهم في كل شبر من الأرض في العصر الأموي الذي قضي فيه علي الرموز الشيعية من صحابة و تابعين، و امتدت المحنة الي العصر العباسي و غيره [317] . و بهذا يتضح بطلان قول الموسوعة: «من ترك التقية كان كمن ترك الصلاة». فالصلاة من فروع الدين عند الشيعة، بينما تصور الموسوعة بأن التقية من أصول الدين [318] . لقد جهل كتاب الموسوعة أو تجاهلوا أن ما أنكروه علي الشيعة من قولهم بالتقية، قد قاله علماء السنة دون فرق، و صرحوا به في كتبهم، و مما يدل علي أنها ليست من متفردات الشيعة: - 1- قال تعالي: (من كفر بالله من بعد ايمنه الا من أكره و قلبه مطمئن بالايمن ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله و لهم عذاب عظيم (106)) [النحل/106]. نزلت هذه الآية المباركة عندما أكرهت قريش جماعة من المسلمين الأوائل علي الارتداد منهم عمار بن ياسر، وقتلوا أبويه، فأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا مكرها، فقال قوم: كفر عمار. قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «كلا انه ملي‌ء ايمانا من قرنه الي قدمه».. فأتاه عمار يبكي، فمسح عينيه و قال: «ان عادوا لك فعد لهم» [319] . [ صفحه 157] 2- (لا يتخذ المؤمنون الكفرين أولياء من دون المؤمنين و من يفعل ذلك فليس من الله في شي‌ء الآ أن تتقوا منهم تقة و يحذركم الله نفسه و الي الله المصير) [آل عمران/28]. أخرج ابن‌جرير و ابن أبي‌حاتم من طريق العوفي عن ابن‌عباس أنه قال في هذه الآية المباركة: التقية باللسان، من حمل علي أمر يتكلم به و هو معصية لله فتلكم به مخافة الناس و قلبه مطمئن بالايمان فان ذلك لا يضره انما التقية باللسان [320] . و قال في ذلك أبوبكر الرازي: يعني أن تخافوا تلف النفس أو بعض الأعضاء فتتقوهم باظهار الموالاة من غير اعتقاد لها و هذا هو ظاهر ما يقتضيه اللفظ و عليه الجمهور من أهل العلم [321] . كما أخرج الحاكم هذا التفسير للآية في مستدركه و صححه، و البيهقي في سننه من طريق عطاء عن ابن‌عباس. و قال أبوبكر الجصاص الحنفي في شرح الآية: يعني أن تخافوا تلف النفس أو بعض الأعضاء فتتقوهم باظهار الموالاة من غير اعتقاد لها و هذا هو ظاهر ما يقتضيه اللفظ. [322] . و قال السيوطي: يجوز التلفظ بكلمة الكفر و لو عم الحرام قطرا بحيث لا يوجد فيه حلال الا نادرا فانه يجوز استعمال ما يحتاج اليه [323] . 3- و أخرج البخاري في صحيحه، في باب المداراة مع الناس، عن أبي‌الدرداء، قال: (انا لنكشر في وجوه أقوام و أن قلوبنا لتلعنهم) [324] . [ صفحه 158] أي أنهم كانوا يضحكون لأناس يبغضونهم مداراة لهم. 4- لما فتح رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حصون خيبر قال له حجاج بن علاط: يا رسول الله ان لي بمكة مالا، و ان لي بها أهلا، و أنا أريد أن آتيهم، فأنا في حل ان نلت منك و ققلت شيئا؟ فأذن له رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن يقول ما يشاء [325] . و قد أجاز العمل بالتقية كثير من علماء المعتزلة و بعض فرق الخوارج مثل النجدات، اضافة الي من ذكرنا من العلماء [326] . و قد تجاهلت الموسوعة كل هؤلاء الذين عملوا بالتقية عبر التاريخ و قالوا بها، و تجاهلت الأحاديث و الأدلة الموجودة في كتب المسلمين، لتتهم الشيعة الامامية بأنهم وحدهم الذين يعملون بالتقية. أقسام التقية: و تنقسم التقية بحسب الأحكام الشرعية الي خمسة أقسام: 1- تكون التقية واجبة، اذا كانت تنفذ نفسا بشرية من القتل من دون ذنب، و للتخلص من سيطرة الظالمين، و ذلك دون الضرر في الدين. 2- تكون التقية متسحبة اذا كانت من أجل خدمة الدين لنشره بين الناس و تعريفهم عليه. 3- تكون التقية مكروهة اذا كان العمل بها فيه ضرر علي النفس و الدين معا. 4- محرمة فيما اذا كان الدين في خطر، فيجب عندئذ الدفاع عنه بخوض اللجج و سفك المهج و بذل المال، و لا تقية حينئذ، كما فعل الامام الحسين عليه‌السلام في كربلاء عندما رأي الدين في خطر فلم يقبل بمداراة يزيد بن معاوية. [ صفحه 159] 5- مباحة فيما اذا لم يكن رجحان لأحد الجانبين: الفعل أو الترك. و لذلك فان الشيعة يعلمون دائما بقاعدة الأهم، و تفضيله علي المهم، باعتبارها قاعدة انسانية مدعمة بالأدلة النقلية و العقلية.

زواج المتعة

ثم ورد في الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة: (المتعة: يرون بأن متعة النساء خير العادات و أفضل القربات مستدلين علي ذلك بقوله تعالي: (فما استمتعتم به منهن فاتوهن أجورهن فريضة) [النساء/24] و قد حرم الاسلام هذا الزواج الذي تشترط فيه مدة محدودة فيما يشترط أهل السنة وجوب استحضار نية التأبيد، و لزواج المتعة آثار سلبية كثيرة علي المجتمع) [327] . ان أحكام الدين و شريعة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عند الانسان المؤمن ليست مجموعة عادات و تقاليد يقوم بها، و طالما أن زواج المتعة هو من الأحكام و الشريعة السمحاء لذلك لا يكون عادة للشيعة بل هو حكم من الله منزل علي عبده المرسل، اذ يقول تعالي اسمه: (فما استمتعتم به منهن فاتوهن أجورهن فريضة) [النساء/24]. كما أن المتعة ليست من القربات، بل هي مسألة اجتماعية، اذا أحب الانسان أن يفعلها فعلها، و ان لم يحبها لم يفعلها. فهي من المباحات في الشرع، لا يثاب الانسان علي فعلها و لا تركها مثل الأكل و الشرب، فاختيار الانسان لنوعية الطعام أو الشراب حسب ما تحب نفسه هو مسألة مباحة ليس لها ثواب أو عقاب. أما القربات فهي فعل العبادات التي أمرنا الله بها أو حبب الينا فعلها، نفعلها رجاء ثوابه مثل الصلاة، و الصيام، و الأغسال، و العمرة، و عيادة المريض، و تشييع [ صفحه 160] الجنازة، و نبتعد عما ثبت تحريمه بالنص خوف عقابه و امتثالا لأمره [328] . و قد أجمع علماة المسلمين، سنة و شيعة علي نزول الآية السابقة من سورة النساء في المتعة. فهذا ابن‌عطية يقول: «كانت المتعة أن يتزوج الرجل المرأة بشاهدين و اذن الولي الي أجل مسمي و علي أن لا ميراث بينهما و يعطيها ما اتفقا عليه فاذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل و يستبري‌ء رحمها لأن الولد لاحق فيه بلا شك فان لم تحمل حلت لغيره» [329] ولكنهم اختلفوا علي أنها نسخت أم لم تنسخ. بعض الروايات الواردة في المتعة: 1- عن عمران بن حصين: قال نزلت آية المتعة في كتاب الله تبارك و تعالي و عملنا بها مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فلم تنزل آية تنسخها و لم ينه عنها النبي صلي الله عليه و آله و سلم حتي مات [330] . 2- نقل الرازي في تفسيره في آية المتعة عن عمران بن حصين أنه قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالي و لم ينزل بعدها آية تنسخها، و أمرنا بها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و تمتعنا بها و مات و لم ينهنا عنها، ثم قال رجل برأيه ما شاء [331] . 3- نص علي نزول هذه الآية في المتعة مجاهد فيما أخرجه عنه الطبري في تفسيره. 4- عن عبدالرحمن بن أبي‌عبدالله قال: سمعت أباحنيفة يسأل أبا عبدالله عليه‌السلام عن المتعة فقال عليه‌السلام: عن أي المتعتين تسأل؟ قال: سألتك عن متعة الحج فأنبئني عن متعة النساء، أحق هي؟ [ صفحه 161] قال عليه‌السلام: سبحان الله! أما تقرأ كتاب الله: (فما استمتعتم به منهن فاتوهن أجورهن فريضة) [النساء/24] فقال أبوحنيفة: و الله لكأنها آية لم أقرأها قط [332] . تعارض الروايات التي تحرم المتعة: لقد قال معظم علماء السنة بنسخ آية المتعة بعدة أحاديث آحاد، هي: أ- عن علي عليه‌السلام أنه قال لابن عباس: ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم نهي عن المتعة، و عن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر [333] . ب- عن اياس بن سلمة عن أبيه قال: رخص رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهي عنها [334] . ج- عن الربيع بن سبره الجهني، أن أباه حدثه، أنه كان مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقال: يا أيها الناس اني كنت قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، و أن الله قد حرم ذلك الي يوم القيامة، فمن كان عنده شي‌ء فليخل سبيله، و لا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا [335] . ه- و عن ربيع بن سبره الجهني، أن أباه قال: [ صفحه 162] قد كنت استمتعت في عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم امرأة من بني عامر ببردين أحمرين ثم نهانا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عن المتعة [336] . ان هذه الأحاديث المتناقضة و المتعارضة فيما بينها، تصرح تارة بأن المتعة نسخت يوم خيبر، و تارة يوم أوطاس، و أخري يوم فتح مكة.. الخ. و تعارض الأدلة يسقطها. اضافة الي هذا التعارض، فان هذه الأحاديث أخبار آحاد، لا تنسخ القرآن المتواتر، لأن الله تبارك و تعالي يقول: (ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منهآ أو مثلها) [البقرة/106] و الا لثبت تحريف القرآن عن طريق أخبار الآحاد الكثيرة التي تقول بذلك، و علي فرض ثبوت هذه الروايات عن طريق التواتر فان كلمة النهي عن المتعة من دون وجود قرائن، لا تدل علي التحريم، فعلي سبيل المثال.. رويت أحاديث كثيرة في النهي عن البول قائما، و لعدم وجود قرائن تدل علي الحرمة فقد نقل ان الامام النووي قال معلقا عليها [337] : فلهذا قال العلماء: يكره البول قائما الا لعذر.. و هي كراهة تنزيه لا تحريم. أدلة تحريم المتعة في عهد عمر: 1- عن أبي‌الزبير قال: سمعت جابر بن عبدالله يقول: كنا نستمتع، بالقبضة من التمر و الدقيق، الأيام، علي عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أبي‌بكر، حتي نهي عنه عمر، في شأن عمرو بن حريث [338] . 2- عن أبي‌نضرة قال: كان ابن‌عباس يأمر بالمتعة، و كان ابن‌الزبير ينهي عنها، فذكر ذلك لجابر فقال: علي يدي دار الحديث، تمتعنا في عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. فلما قام عمر قال: ان الله يحل لرسوله ما شاء بما شاء، [ صفحه 163] فأتموا الحج و العمرة، و أثبتوا نكاح هذه النساء، فلن أوتي برجل نكح امرأة الي أجل الا رجمته بالحجارة [339] . 3- و في لفظ المصنف لعبد الرزاق عن عطاء عن جابر قال: استمتعتنا علي عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أبي‌بكر و عمر حتي اذا كان في آخر خلافة عمر استمتع عمرو بن حريث بامرأة - سماها جابر فنسيتها - فحملت المرأة، فبلغ ذلك عمر، فدعاها فسألها، قالت: نعم، قال: من أشهد؟ قال عطاء: لا أدري، قالت: أمي، وليها، قال فهلا غيرهما، قال: خشي أن يكون دغلا [340] . و مما يؤكد بأن المتعة حرمها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب: 1- روي الطبري في سيرة عمر عن عمران بن سوداه أنه استأذن و دخل دار الخليفة ثم قال: نصيحة فقال عمر: مرحبا بالناصح غدوة و عشيا. قال عمران: عابت أمتك منك أربعا. قال فوضع رأس درته في ذقنه و وضع أسفلها علي فخذه ثم قال: هات.. قال: ذكروا أنك حرمت العمرة في أشهر الحج و لم يفعل ذلك رسول الله، و لا أبوبكر، و هي حلال. قال: هي حلال، لو أنهم اعتمروا في أشهر الحج رأوها مجزية من حجهم فكانت قائبة قوب عامها فقرع حجهم و هو بهاء من بهاء الله و قد أصبت. قال: ذكروا أنت حرمت متعة النساء و قد كانت رخصة من الله، نستمتع بقبضة و نفارق عن ثلاث. قال: ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أحلها في زمان ضرورة ثم رجع الناس الي سعة ثم لم أعلم أحدا من المسلمين عمل بها و لا عاد اليها، فالآن من شاء نكح [ صفحه 164] بقبضة و فارق عن ثلاث بطلاق، و قد أصبت. 2- عن ابن‌جريح عن عطاء قال: أول من سمعت منه المتعة صفوان بن يعلي قال: أخبرني أن معاوية استمتع بامرأة من الطائف فأنكرت ذلك عليه، فدخلنا علي ابن‌عباس، فذكر له بعضنا فقال له: نعم فلم يقر في نفسي حتي قدم جابر بن عبدالله فجئناه في منزله، سأله القوم عن أشياء، ثم ذكروا له المتعة فقال: نعم استمتعنا علي عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أبي‌بكر و عمر، حتي اذا كان في آخر خلافة عمر استمتع عمرو بن حريث.. الخ الحديث. و فيه أن معاوية بن أبي‌سفيان استمتع عند مقدمه الطائف علي ثقيف بمولاة ابن‌الحضرمي و يقال لها: معانة، قال جابر: ثم أدركت معانة خلافة معاوية حية، فكان معاوية يرسل اليها بجائزة كل عام حتي ماتت [341] . 3- قول علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام أثناء خلافته: «لولا أن عمر نهي عن المتعة ما زني الا شقي» [342] . 4- قول عبدالله بن عباس: ما كانت المتعة الا رحمة من الله تعالي رحم بها عباده، و لولا نهي عمر عنها ما زني الا شقي [343] . 5- اضافة الي الأحاديث و الأقوال، التي مرت في المتعة، التي تثبت بأن عمر بن الخطاب هو الذي منعها، فقد ثبت علي هذا الرأي بعد وفاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم كثير من الصحابة ذكرهم ابن‌حزم علي التوالي: أسماء بنت أبي‌بكر، و جابر ابن عبدالله، و ابن‌مسعود، و ابن‌عباس و معاوية بن أبي‌سفيان، و عمرو بن حريث، و أبوسعيد الخدري، و سلمي و معبد ابنا أمية بن خلف، و رواه جابر عن جميع الصحابة مدة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و مدة أبي‌بكر و عمر، الي قرب آخر خلافة عمر. [ صفحه 165] قال: و من التابعين طاووس و عطاء و سعيد بن جبير و سائر فقهاء مكة أعزها الله [344] ، كما أن الامام مالكا سئل عمن تزوج متعة هل يرجم؟ فقال: لا يرجم، لأن نكاح المتعة ليس بحرام [345] . الاستدلال بآية المتعة و عدم نسخها: 1- ان الآية الكريمة (فما استمتعتم به منهن فاتوهن أجورهن فريضة) [النساء/24]صريحة في المتعة، و من أجل ورودها صراحة في هذا الزواج الخاص، سميت بالمتعة، تبعا لورودها في الآية. و يؤيد ذلك أنه سبحانه و تعالي قد بين حكم الزواج الدائم في آية أخري من هذه السورة و هو قوله تعالي: (فانكحوا ما طاب لكم من النسآء و ثلث و ربع فان خفتم ألا تعدلوا فوحدة أو ما ملكت أينكم ذلك أدني ألا تعولوا و ءاتوا النسآء صدقتهن نحلة فان طبن لكم عن شي‌ء منه نفسا فكلوه هنيئا مريا) [النساء/4-3]. فلو كانت آية: (فما استمتعتم) واردة لبيان حكم الزواج الدائم للزم التكرار في سورة واحدة، بعد أن بينه الله سبحانه و تعالي في الآية: 3 و 4. ثم انالله سبحانه عبر عن المهر في الآيتين المذكورتين بالصدقات و النحلة، و في آية: (فما استمتعتم) عبر عنه بالأجور - تماما - كما عبر عن مهر الاماء بالأجور في قوله تعالي من سورة النساء آية 25: (و من لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنت المؤمنت فمن ما ملكت أيمنكم من فتيتكم المؤمنت و الله أعلم بايمنكم بعضكم من بعض فانكحوهن باذن أهلهن و ءاتوهن أجورهن). و علي هذا فآية: (فما استمتعتم) واردة لبيان معني تأسيسي و جديد لم يبين من قبل، و حملها علي هذا أولي، من القول بأنها واردة لبيان حكم الدائم [ صفحه 166] السابق و مؤكدة له، لأنه لا يصح حمل الكلام علي التأكيد الا بقرينة، كما قرر ذلك علماء أصول الفقه. علي أن الروايات من طريق الشيعة و السنة متظافرة علي أن آية (فما استمتعتم به) نزلت في نكاح المتعة [346] . 2- قوله تعالي: (و الذين هم لفروجهم حفظون الا علي أزوجهم أو ما ملكت أيمنهم فانهم غير ملومين فمن ابتغي ورآء ذلك فأولئك هم العادون) [المؤمنون/7-5]. قال بعض العلماء بأنها ناسخة لآية المتعة، ولكن الباحث المدقق لا يترك الأمور تجري بين يديه دون معرفة، فالمعلوم بأن النسخ هو رفع الحكم الثابت بدليل متأخر عن ابتداء تشريعه، و هنا نري بأن هذه الآيات مكية، و آية المتعة مدنية، فكيف يكون المتقدم نزولا ناسخا للمتأخر عنه. 3- ان المتمتع بها لا ترث و لا تورث، و ان عقد زواجها ينتهي بانتهاء المدة المحددة بالعقد دون طلاق أو لعان أو.. الخ، و اذا حدث جماع بعد انتهاء المدة المحددة يعتبر زني و لا قسمة للمضاجعة، و لا نفقة. و قد علق بعضهم علي أن موضوع انتفاء لوازم الزوجية يقتضي عدمها. فنقول لهؤلاء: بأنه ليس كل زواج يقتضي ذلك، فان الكتابية لا ترث من زوجها المسلم باتفاق المسلمين مع أنها زوجة أيضا بالاتفاق، كما أن انتهاء عقد الزواج يحل بالزواج الدائم من دون الطلاق في بعض الحالات، مثل فسخ العقد لوجود بعض العيوب في أحد الزوجين، أو فسخ العقد بالرضاع، كما اذا أرضعت أم الزوجة أولاد الزوجة، و كما اذا ارتد أحد الزوجين. و هكذا فعدم كون بعض مواصفات العقد الدائم للمتمتع بها، لا يدل علي عدم صحة هذا العقد، و قد تجرأ بعض الناس علي التشريع السماوي فقالوا: بأن زواج المتعة و الزني في هذه الحالة سواء! [ صفحه 167] فنقول لهم: ان الفرق بين المسألتين واضح، و بين لكل انسان مؤمن لبيب، اذ أن النية و الشروط و اللفظ الموجود في عقد المتعة، غير موجود في الزني، ففي زواج المتعة تتحقق عدة شروط: 1- يتم الزواج بلفظ العقد الشرعي مثل كافة العقود الشرعية تقول المرأة: زوجتك - أنكحتك - متعتك نفسي الي أجل قدره... و أجرته.. فيقول الرجل: قبلت. يعني اللفظ يحتاج الي ايجاب و قبول، و هذا اللفظ غير موجود في الزني. 2- تعتد الزوجة بعد مفارقتها بقرءين اذا كانت ممن تحيض، أو خمسة و أربعين يوما اذا كانت ممن لا تحيض، أما الزانية فلا عدة لها. 3- في زواج المتعة يلحق الولد بأبيه، أما في الزني فلا يلحق الولد بأحد، لقول النبي صلي الله عليه و آله و سلم (الولد للفراش و للعاهر الحجر). 4- مجرد القول بأن النبي صلي الله عليه و آله و سلم كان يعمل هو و أصحابه بالمتعة يستلزم التفريق بينها و بين الزني لتحريم الزني و فحشه. 5- يشترط لصحة عقد المتعة الأجرة، أما الزني فقد يحصل بأجرة أو بدونها. 6- في الزواج - دائما أو منقطعا - يجب أن لا تكون الزوجة علي ذمة رجل آخر، أما الزني باعتباره محرما فلا يهم صاحبه كيفما اتفق و مهما كان، فقصد الزني له تعبيره الخاص المحرم، أما قصد النكاح الشرعي له قصده و مقدماته الخاصة لتحصل فيه الصيغة الشرعية التي تحل للرجل مقاربة المرأة و الاجتماع بها. اذا، و حسبما تقدم من الآيات و الأحاديث الصحيحة و مناقشتها بعقلية متجردة واعية نستنتج، بأن زواج المتعة لم يحرمه الاسلام، بل ان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب هو الذي حرمه، و نهج علي نهجه من المسلمين من تمسك بسيرة الخلفاء و اعتبرها سنة و اجتهادا منهم، و استغنوا بذلك عن النص [ صفحه 168] التشريعي الذي ورد في كتاب الله و سنة رسوله صلي الله عليه و آله و سلم كل ذلك لتبرير أفعال الخلفاء مهما كانت و كيفما كانت، لأن الاعتراف بأخطاء الخلفاء يستدعي رفضها و البحث عن غيرها، و هذا يستدعي المشقات و الصعوبات التي قد تضعهم وجها لوجه أمام حقائق مرة و اعترافات خطيرة قد تغير مجري التاريخ كما تغير من ذي قبل. و علي كل حال نعود الي موضوع المتعة الذي ادعوا بأن له آثارا سلبية كثيرة علي المجتمع، لنري بأن هذا الكلام لا يستقيم مع قول الامام علي عليه‌السلام: «لولا تحريم عمر للمتعة ما زني الا شقي» [347] . كما أن ابن‌عباس يذكر المتعة بأنها رحمة الله، رحم بها عباده [348] . فكيف لا يزني مع وجود المتعة الا شقي، أو تكون المتعة رحمة من الله رحم بها عباده، ثم ينتج عنها آثارا سلبية علي المجتمع فهل انعدام الزني في المجتمع و رحمة الله لعباده آثار سلبية...؟ أم أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أصحابه كانوا في تعاملهم بالمتعة سلبيين في المجتمع؟ أم أن الله أنزل آية المتعة علي رسوله صلي الله عليه و آله و سلم و أمره بتعليم أحكامها و شروطها لأصحابه دون تقدير لعواقبها علي المجتمع؟!. أم‌ترون أيها السادة العلماء بأنكم تستطيعون أن تشرعوا لمجتمعاتكم أفضل من تشريع ربكم الذي ارتضاه لكم. ان المتعة كغيرها من شؤون المعاملات، فاذا نفذت بحذافيرها و نظمت من قبل المعنيين المسؤولين في الدول الاسلامية لما اختلفت عن غيرها من المعاملات، أما اذا تركت للهمج الرعاع يعملون بها كما يشاؤون دون معرفة شروطها و أحكامها فانه سيون لها بالطبع آثار سلبية كأي أمر أهمل و لم ينظم. [ صفحه 169] (و لا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلل و هذا حرام لتفتروا علي الله الكذب ان الذين يفترون علي الله الكذب) [النحل/116]. المتعة في دول الخليج و مصر: في مصر و السعودية و بعض الدول الاسلامية الأخري يطبق زواج المتعة تحت أسماء مستعارة، ففي السعودية يسمي (زواج المسيار، أو الزواج الصيفي) و قد عبر عن هذا الزواج مقام نشر في جريدة عكاظ الأسبوعية سنة 1996 م باب الأسئلة الحرجة، و قد أجاب عن سؤال بخصوص هذا الزواج الدكتور صالح الفوزان قائلا: «قضية الزواج في الخارج تعبر عن رغبة الرجل المسافر وحده في تحصين نفسه من الانحرافات» [349] . و في مصر سمي (الزواج البديل، و السري، و العرفي،...) و قد قال الدكتور أحمد شلبي عن هذا الزواج: انه زواج استكمل أركانه، و هو عقد شرعي من دون توثيق. و قال عنه امام الأزهر الراحل الشيخ جاد الحق: انه زواج صحيح مستوفي الشروط، و ليس التوثيق شرطا لاثبات صحة الزواج [350] . أما الشيخ حسن شحاته امام مسجد كوبري الجامعة في القاهرة فيقول في مقابلة صحفية حول زواج المتعة: س: ما رأيك في زواج المتعة؟ ج: الزوج له أركان ستة: زوج و زوجة و مهر و شهود و ولي وصيغة، فاذا اكتملت هذه الأركان كان زواجا شرعيا.= [ صفحه 170] س: حتي و لو كان محدد المدة مثل زواج المتعة؟! ج: من قال ان زواج المتعة حرام؟ الذي حرمه عمر و ليس النبي صلي الله عليه و آله و سلم [351] . و في بعض دول الخليج يتزوج الرجل من امرأة و ناويا طلاقها بعد فترة قريبة جدا حسب اشباع رغبته الجنسية، أو انتهاء عمله في تلك المنطقة تحت اسم (زواج بنية الطلاق) و ذلك حسب افتاءات علماء المنطقة مثل الشيخ أحمد القطان [352] فتأملوا بهذه الزيجات أيها المسلمون كيف تصبح حلالا عند أهل السنة و الوهابية، و المتعة التي تقابلها حرام عند الشيعة..!!

مصحف فاطمة و القرآن

و قولكم (يعتقدون بوجود مصحف لديهم اسمه مصحف فاطمة: و يروي الكليني في كتابه (الكافي) في ص 57 طبعة 1278 ه- عن أبي‌بصير أي)جعفر الصادق(: و ان عندنا لمصحف فاطمة عليهاالسلام قال: قلت: و ما مصحف فاطمة؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم ثلاث مرات، و الله ما فيه حرف واحد من قرآنكم) [353] . قبل أن ندخل في مناقشة موضوع مصحف فاطمة أحب أن ألفت النظر الي مدي الخلط و التناقض الذي وقعت فيه الموسوعة، بقولها: ان أبابصير هو جعفر الصادق، و كيف يتعرضون لمثل هذه المواضيع و هم يجهلون بها؟! ألم يقرأوا قول الله عزوجل: (و لا تقف ما ليس لك به علم) [الاسراء/36]. فالامام جعفر الصادق هو أبوالامام موسي الكاظم و ابن‌الامام محمد الباقر بن الامام علي زين العابدين بن الامام الحسين بن الامام علي بن أبي [ صفحه 171] طالب عليه‌السلام، و قد قدمنا الكلام عنه في باب تسلسل الأئمة عليهم‌السلام و ألقابهم. أما أبوبصير فهو من تلاميذ الامام جعفر الصادق عليه‌السلام المقربين، واسمه ليث المرادي [354] ، و لا يوجد بين جميع من ترجم للامام الصادق و تلميذه أبي‌بصير أن وقع في هذا الخلط سواء كان المترجم من الشيعة أو من السنة لوضوح السمألة كوضوح الشمس في رابعة النهار، و قد يكون الاشتباه حصل، لأن أبابصير هو الذي روي الحديث عن الامام جعفر الصادق عليه‌السلام. أما تعريف مصحف فاطمة: فقد ورد في كتاب (الكافي) علي النحو التالي: «ان الله تعالي لما قبض نبيه صلي الله عليه و آله و سلم دخل علي فاطمة من وفاته من الحزن ما لا يعلمه الا الله عزوجل فأرسل الله اليها ملكا يسلي غمها و يحدثها فشكت ذلك الي أميرالمؤمنين علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام فقال: اذا أحسست بذلك و سمعت صوته قولي لي فأعلمته بذلك وقت مجيئه، فجعل أميرالمؤمنين عليه‌السلام يكتب كل ما سمع حتي أثبت من ذلك مصحفا. ثم قال الصادق عليه‌السلام: أما انه ليس فيه ليس فيه شي‌ء من الحلال و الحرام ولكن فيه علم ما يكون» [355] . المصحف لغة: المصحف في لسان العرب بضم الميم و كسرها: الجامع للصحف المكتوبة بين الدفتين، كأنه أصحف، و بناء عليه، فالمصحف ليس اسما مختصا بالقرآن الكريم، ولكن كثرة استعماله في القرآن أوجبت انصراف الأذهان اليه، [ صفحه 172] و لا علاقة له بما ورد في روايات أهل البيت عليهم‌السلام التي تتحدث عن مصحف فاطمة، خاضعة، مع وجود التقييد و القرائن التي تصرف الكلمة عن معناها المستعمل بين الناس. اذا فمصحف فاطمة عليهاالسلام ليس قرآنا، انما اشترك في التسمية، لأن كل كتاب مجموعة صحف بين دفتين هو مصحف، أما الحديث التي ذكرته الموسوعة من قول الامام الصادق عليه‌السلام: و ان عندنا لمصحف فاطمة عليه‌السلام.. الحديث [356] . فان هذا الحديث يصف الكتاب المسمي بمصحف فاطمة، و يقول بأن فيه مثل القرآن الذي بين أيدينا ثلاث مرات، من حيث الحجم، و كمية المواد التي فيها. ثم يعلق في آخر الحديث، قائلا: بأنه ليس فيه حرف واحد من قرآنكم، انما هو مادة مختلفة عن القرآن تماما، و لو أراد أن يقول بأنه قرآن غير القرآن الذي بين أيدينا لما قال: ليس فيه حرف واحد من قرآنكم، بل لقال - من قرآنهم -، و هذا دليل كاف علي أن قرآن السنة و الشيعة واحد، ليس فيه أدني اختلاف، كما و ضحنا ذلك في فصل شبهة تحريف القرآن. [ صفحه 173]

موضوع البراءة

أما قولكم (البراءة: انهم يتبرؤون من الخلفاء الثلاثة أبي‌بكر و عمر و عثمان و ينعتونهم بأقبح الصفات لأنهم - كما يزعمون - اغتصبوا الخلافة دون علي الذي هو أحق منهم بها، كما يبدأون بلعن أبي‌بكر و عمر بدل التسمية في كل أمر ذي بال، و هم ينالون كذلك من كثير من الصحابة باللعن، و لا يتورعون عن نيل أم‌المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالطعن و اللعن). ان مناقشة التاريخ و تحليل حوادثه عند الشيعة الامامية من المسائل الهامة في بلورة الاتجاه الديني. و الكلام حول الصحابة و صفاتهم و طريقة حياتهم و عاداتهم ليس نعتا أو شتما أو مدحا أو ذما، فهم لا يقدسون الصحابة علي أنهم معصومون لا يخطئون بل ينزلونهم منازلهم التي نزلوها بأنفسهم و يقولون بأن من الصحابة، من هو صالح، ورع، تقي، تفاني في خدمة الاسلام و نبيه صلي الله عليه و آله و سلم، و من الصحابة من هو وصولي و منافق أساء بتعامله و علاقاته في المجتمع، و ذكر القرآن كلا من هؤلاء حسب المناسبة و المقام، أريد أن أسألكم: لماذا تناقشون في عصمة الأنبياء المسددين بالوحي و تخطئونهم و لا تناقشون ذلك في الصحابة الذين لا علاقة لهم بذلك، و اقحام موضوع الصحابة و صفاتهم في مسألة الخلافة في غير محله، و قد ذكرنا ما حصل بشأن الخلافة في مكانه..؟ أما قضية لعن الخلفاء بدل التسمية فهذا مما لا شك فيه افتراء في غير محله لأن الموسوعة اعترفت و هي تعرف الشيعة بأنهم من المسلمين و نبي [ صفحه 174] الاسلام محمد بن عبداله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: كل أمر لم يبدأ ببسم الله فهو أبتر. فاذا كان الشيعة يعتقدون بهكذا حديث فكيف ينسون تطبقه و يضعون لعن الخلفاء مكانه؟ فأي عاقل يقول بهذا الكلام؟! تقول بشي‌ء و تفعل غيره. أريد أن أسألكم عن جميع الرسالات الموجودة علي سطح الأرض هل تبدأ بكل أمر ذي بال باللعن، أم‌بذكر الله تعتقد به؟! ابحثوا في جميع العقائد فلن تجدوا عندهم مما تقولون شيئا، فكيف تجدونه اذا عند من يعتقد بالله ربا و بالاسلام دينا، و بمحمد صلي الله عليه و آله و سلم نبيا. ان السب و الشتم من شيمنا و أخلاقنا، و مهما فعل الصحابة أو غيرهم فلن يتسثيرونا و يتسفزونا لهذه الأعمال و السلوكيات، لأنها سلاح الضعفاء و العجزة، و نحن - و الحمدلله - أقويا بديننا، أشداء بولائنا للاسلام العظيم، نبتغي به العزة و الشموخ، و ليس الذل و الضعف. و علي فرض أن هذا الكلام صحيح و موجود، فكيف يستفزكم و يثيركم فيما لا يحرك موضوع تخطئة النبي و التشكيك بعصمته منكم ساكنا؟ فهل أصبح الصحابة عندكم أفضل من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؟ و هل الطعن في الصحابة و النيل منهم يدخل النار، أما الطعن بشخصية النبي و النيل منه يدخلكم الجنة؟ أتمني منكم أيها السادة العلماء أن تقرأوا كتبكم و صحاحكم التي تروي ذلك، اقرؤوها بشكل جيد قبل أن تطلقوا اتهاماتكم علي الطوائف و المذاهب، لتروا بأن بعض الصحابة كانوا يؤذون رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و لا يحترمونه، فتنزل فيهم آية قرآنية [357] : (يأيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصوتكم فوق صوت النبي...) الي قوله تعالي: (ان الذين ينادونك من ورآء الحجرت أكثرهم لايعقلون) [الحجرات/4]. و بعضهم كانوا يؤذونه في نسائه، كما فعل طلحة بن عبيدالله حين قال: [ صفحه 175] و ما ينفع محمدا في ستر نسائه عنا و انه حين يموت لتركض مذاكيرنا بين خلاخيلهن، و في رواية أخري: لئن مات محمدا لننكحن أزواجه من بعده، - أو - لأنزوجن عائشة، فنزلت فيه الآية: (و ما كان لكم أن تؤدوا رسول الله و لآ أن تنكحوا أزوجه من بعده أبدا ان ذلكم كان عندالله عظيما) [الأحزاب/53]. ذكر ابن‌عباس في تفسيره لهذه الآية: أنها نزلت في رجل هم أن يتزوج بعض نساء النبي صلي الله عليه و آله و سلم بعده، قال رجل لسفيان: أهي عائشة؟ قال: قد ذكروا ذلك، و ذكر بسنده عن السدي أن الذي عزم علي ذلك طلحة بن عبيد الله حتي نزل التنبيه علي التحريم [358] . و منهم من حاول قتل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بعد عودته من غزوة تبوك في منطقة تسمي عقبة هرش، بمحاولتهم تنفير ناقته، ليقع النبي صلي الله عليه و آله و سلم عنها و يسقط في الهاوية المجاورة و يموت، فأنبأه بذلك جبرائيل، و نزلت فيهم الآية: (يحلفون بالله ما قالوا و لقد قالوا كلمة الكفر و كفروا بعد اسلمهم و هموا بما لم ينالوا و ما نقموا الآ أن أغنهم الله و رسوله من فضله) [التوبة/74]. و هناك كثير من الآيات التي نزلت في التعريض ببعض الأصحاب، و توبيخهم، و صدهم عن أفعالهم الجاهلية، فهل هذه الآيات القرآنية من صنع الشيعة أيضا؟ أما بالنسبة لأم المؤمنين عائشة (رض)، فان أمومتها التي خصت فيها مع غيرها من نساء النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أصبحت قرآنا يتلا: (النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم و أزوجه أمهتهم) [الأحزاب/6]. ان هذه الأمومة هي حكم شرعي لنسوة النبي صلي الله عليه و آله و سلم بتحريم الزواج منهن بعد وفاة النبي، فهن أمهات للمؤمنين، و هذه الأمومة لم تجعل هؤلاء النسوة [ صفحه 176] معصومات لا يخطئن و لا يقعن في المعاصي، و لو كن معصومات لما نزلت في بعض هؤلاء النساء (حفصة - عائشة) آيات من كتاب الله [359] ، تشتمل علي التقريع، و التوبيخ، و التهديد بالطلاق، بعد أن هجرهن النبي صلي الله عليه و آله و سلم شهرا كاملا، بسبب مساواته مارية القبطية زوجته الأخري بهن، و افشائهما بالسر، و شبههما الله بزوجتي نوح و لوط، فقال عز من قائل: (ضرب الله مثلا للذين كفرا امرأت نوح و امرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صلحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا و قيل ادخلا النار مع الدخلين) [التحريم/10]. و قد علق الزمخشري في كشافه علي هذه الآية بالقول: و في طي هذين التمثيلين تعريض بأمي المؤمنين المذكورتين في أول السورة، و ما فرط منهما من التظاهر علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بما كرهه، و تحذير لهما علي أغلظ وجه و أشده، لما في التمثيل من ذكر الكفر.. الي أن يقول: و التعريض بحفصة أرجح لأن امرأة لوط أفشت عليه كما أفشت حفصة علي رسول الله [360] . و قد علق الشيخ فخر الدين الطريحي علي هذه الآية بقوله عن امرأة نوح و امرأة لوط: انهما خانتاهما بالنفاق و التظاهر علي الرسولين فامرأة، نوح قالت لقومه: انه مجنون و امرأة لوط دلت علي أضيافه، و قيل: خانتاهما بالنميمة اذا أوحي اليهما فأفشتاه الي المشركين، و لا يجوز أن يراد بالخيانة الفجور. قال [ صفحه 177] ابن‌عباس: ما زنت امرأء نبي قط، لما في ذلك من التنفير عن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و الحاق الوصمة به [361] . من خلال هذا الأمر ترون كيف أن علماء الشيعة يحاولون دائما أن يوجدوا سبعين عذرا، تطبيقا لحديث النبي صلي الله عليه و آله و سلم قبل أن يقولوا بأن فلانا أخطأ، و يحاولون بأن يلتمسوا التبريرات له، ولكن ليس علي حساب النبي صلي الله عليه و آله و سلم أو علي حساب الدين، لأن هدفهم هو معرفة المثل الأعلي للاقتداء به، و معرفة أصحاب الأخطاء، و الأهواء، لتركهم و شأنهم، أو الاستفادة من أخطائهم. و هناك الأخطاء الفادحة التي فعلتها أم‌المؤمنين عائشة، و التي كادت أن تشعل النار، و تشيع الفاحشة في بيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم خاصة، و في بيوت المسلمين عامة. و قد أورد الحاكم النيسابوري في مستدركه و الذهبي في تلخيصه: أن السيدة عائشة (رض) رمت مارية القبطية زوجة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بالافك، و ذلك عندما و لدت له ابراهيم، و كان قد فرح به، و سماه باسم جده ابراهيم الخليل عليه‌السلام، و جاء بالغلام الي عائشة لتراه فقال لها: «يا عائشة انظري الي هذا الصبي». فقالت: انه لا يشهبك (و قد روت عما كان يعتمل في نفسها في تلك اللحظات فقالت: أصتابتني الغيرة، فقالت له لا يشبهك). قال لها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ألم تري انظري الي بياضه؟ قالت: من سقي بلبن الأرضان ابيض و سمن [362] . و في لفظ آخر قال لها: انظري الي شبهه بي، فقلت: ما أري شبها. فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «ألا ترين الي بياضه و لحمه»؟. [ صفحه 178] فقلت: انه من قصر عليه اللقاح [363] ابيض و سمن [364] . و في رواية أخري: اتهمت عائشة مارية زوجة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بغلامها القبطي، الذي أهداه ملك القبط لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مع مارية، و كان يدخل عليها فأمر النبي صلي الله عليه و آله و سلم الامام عليا عليه‌السلام بقتل هذا الغلام، و أدركه علي في حائط من حيطان الأنصار، و لما رأي الغلام عليا عليه‌السلام شاهرا سيفه صعد الي نخلة هربا منه، فلما أصبح علي تحت النخلة، اكتشف أن هذا الغلام مجبوب عند ذلك رجع به الامام عليه‌السلام و كشف عنه، فبرأ الله مارية القبطية مما اتهمت به عيانا قبل أن ينزل في ذلك قرآن [365] . و من العجيب أن تسمعوا هذه القصص و الأمثال و لا تثير فيكم الحمية علي نبيكم و قدوتكم كما تدعون، أما الاتهامات و الشائعات التي تقال حول الشيعة عن الصحابة فهي تثيركم، دون أن تبحثوا فيها. ألم تقرؤوا دعاء الامام علي بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام الامام الرابع عند الشيعة الامامية، حيث يقول في دعائه في الصلاة علي أتباع كتب الرسل و مصدقيهم: «اللهم و أصحاب محمد خاصة، الذين أحسنوا الصحابة و الذين أبلوا البلاء الحسن في نصره و استجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالاته» [366] . و هذه كتابات علماء الشيعة و مراجعهم عندما يمرون علي ذكر الصحابة، حيث يترضون عنهم، و يترحمون عليهم، و في ذلك يقول الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء: و صحابة النبي صلي الله عليه و آله و سلم هم خيرة من علي وجه الأرض يومئذ. ثم يقول: [ صفحه 179] و صحابة النبي الكرام أسمي من أن تحلق الي أوج مقامهم بغاث الأوهام [367] . و كذلك كتاب الشيخ أسد حيدر حول الصحابة و رأي الشيعة فيهم. اضافة الي كثير مما لا يسعنا احصاءه في هذا المقام. و علي كل حال أريد أن أسألكم يا أهل الحمية و الغيرة: بعدما عرفتم بأن الشيعة تنزه نفسها عن هذه الأفعال، هلا قرأتم عن الصحابة كيف سبوا و شتموا و كفروا بعضهم؟! فهذه أم‌المؤمنين عائشة تقول للمسلمين عن عثمان بن عفان: اقتلوا نعثلا فقد كفر. اقتلوا نعثلا - قتل الله نعثلا - فقال عثمان في آل أبي‌قحافة (أسرة عائشة) ما قال [368] . و هذا عثمان بن عفان يقول لعمار بن ياسر: أعلي يا ابن‌المتكاء [369] تجتري‌ء..؟ خذوه، فأخذوه، و دخل عليه عثمان و دعا به فضربه حتي غشي عليه و كان عمار حليفا لبني مخزوم، فقام هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي فقال: يا عثمان أما علي، فاتقيته و بني‌أبيه، و أما نحن فاجترأت علينا و ضربت أخانا حتي أشفيت به علي التلف.. أما و الله لئن مات لأقتلن به رجلا من بني أمية عظيم السرة، فقال له عثمان: يا ابن‌القسرية.. ثم شتمه و أمر به فأخرج [370] . [ صفحه 180]

الغلو في الاسلام

أوردت الموسوعة و هي تتحدث عن الأفكار و المعتقدات عند المسلمين الشيعة الامامية تحت عنوان: المغالاة، ما يلي: (بعضهم غالي في شخصية علي رضي الله عنه)، و المغالون من الشيعة رفعوه الي مرتبة الألوهية كالسبئية، و بعضهم قالوا بأن جبرائيل قد أخطأ في الرسالة فنزل علي محمد صلي الله عليه و آله و سلم بدلا من أن ينزل علي علي لأن عليا يشبه النبي صلي الله عليه و آله و سلم كما يشبه الغراب الغراب و لذلك سموا بالغرابية) [371] . لقد أثبتنا في باب عبدالله بن سبأ من هذا الكتاب و همية هذه الشخصية و عدم وجودها في التاريخ، و تبعا لذلك فانه لا يوجد فرقة في التاريخ تسمي: السبئية، لأن هذه الفرقة - كما يقول بعض المؤرخين - منسوبة الي ابن‌سبأ، و للتفاصيل، انظر: (المقالات و الفرق) و (الملل و النحل). أما الغرابية، فهي فرقة ذكرتها بعض المصادر التاريخية، ولكن لا وجود لها في هذا العصر، و نحمدالله أنها من الفرق المنقرضة التي أكل الدهر عليها و شرب، ولكن، طالما أنكم سميتم موسوعتكم بأنها معاصرة، فكيف تنبش مثل هذه الفرقة المنقرضة، و الأخري الوهمية لتتهم بهما الشيعة الامامية، و ينسب اليها الغلو و الخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان؟ و قد ذكرنا سابقا عقائدنا في الفصول التي مرت بنا. [ صفحه 181] و اذا استقرأنا الواقع الاسلامي لا نري من يقول بعصمة النبي المطلقة، و يميزه عن الخلق الآخرين، و يعطيه مكانته مثل الشيعة الامامية. و هؤلاء الأئمة يعبرون أحسن تعبير في النبي محمد صلي الله عليه و آله و سلم، و عن عقيدة الشيعة الامامية فيه، اذ يقول الامام الرابع علي بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام في دعاء يوم الأحد: «فصل علي محمد خير خلقك، الداعي الي حقك، و أعزني بعزك الذي لا يضام» [372] . و يقول في الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «الحمدلله الذي من علينا بمحمد نبيه صلي الله عليه و آله و سلم دون الأمم الماضية و القرون السالفة». الي أن يقول: «اللهم فصل علي محمد أمينك علي وحيك، و نجيبك من خلقك وصفيك من عبادك امام الرحمة و قائد الخير و مفتاح البركة..». ثم يقول: «اللهم فارفعه بما كدح فيك الي الدرجة العليا من جنتك حتي لا يساوي في منزلة و لا يكافأ في مرتبة و لا يوازيه لديك ملك مقرب و لا نبي مرسل و عرفه في أهله الطاهرين و أمته المؤمنين من حسن الشفاعة و أجل ما وعدته» [373] . و في ختام الدعاء لأهل الثغور يقول الامام علي بن الحسين زين العابدين (ع): «أللهم صل علي محمد عبدك و رسولك و آل محمد صلاة عالية علي الصلوات مشرفة فوق التحيات صلاة لا ينتهي أمدها و لا ينقطع عددها». و في دعاء الافتتاح: «اللهم صل علي محمد عبدك و رسولك و أمينك و صفيك و حبيبك و خيرتك من خلقك و حافظ سرك و مبلغ رسالاتك أفضل و أحسن و أجمل و أكمل و أزكي و أنمي و أطيب و أطهر و أسني و أكثر ما صليت [ صفحه 182] و باركت و ترحمت و تحننت و سلمت علي أحد من عبادك و أنبيائك و رسلك و صفوتك و أهل الكرامة عليك من خلقك» [374] . ثم يميز الامام زين العابدين عليه‌السلام بين النبي صلي الله عليه و آله و سلم و بين الامام علي في زيارة (أمين الله) حين يخاطب الامام علي بن أبي‌طالب أميرالمؤمنين قائلا: «السلام عليك يا أمين الله في أرضه و حجته علي عباده، السلام عليك يا أميرالمؤمنين، أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده، و عملت بكتابه، و اتبعت سنن نبيه صلي الله عليه و آله و سلم» [375] . و في دعاء الافتتاح: «وصل علي علي أميرالمؤمنين و وصي رسول رب العالمين، عبدك و وليك و أخي رسولك» [376] . و يقول الامام جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام في دعائه للنبي صلي الله عليه و آله و سلم: «اللهم صل علي محمد عبدك و رسولك و أمينك و نجبيك و صفوتك وصفيك، و دليلك من خلقك، الذي انتجبته لرسالتك، و استخلصته لدينك، و استرعيته عبادك، و ائتمنته علي وحيك، و جعلته علم الهدي، و باب الثقة، و الحجة الكبري، و العروة الوثقي فيما بينك و بين خلقك، و الشاهد لهم و المهيمن عليهم، أشرف و أزكي و أطهر و أطيب و أرضي ما صليت علي أحد من أنبيائك و رسلك و أوصيائك»، الي أن يقول: «اللهم اجعلنا ندين بدينه و نهتدي بهداه و نقتدي بسنته و نوالي وليه و نعادي عدوه حتي توردنا بعد الحياة مورده..». و كان الامام جعفر الصادق عليه‌السلام يقول عند زيارة جده أميرالمؤمنين علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام: «اللهم صل علي وليك، و أخي نبيك و وزيره و حبيبه و خليله و موضع سره [ صفحه 183] و خيرته من خلقه و وصيه و صفوته و خالصته و أمينه و وليه و أشرف عترته، الذين آمنوا به...» الي أن يقول: «اللهم اني أشهد أنه قد بلغ عن نبيك صلي الله عليه و آله و سلم ما حمل، ورعي ما استحفظ، و حفظ ما استودع، و حلل حلالك، و حرم حرامك، و أقام أحكامك، و دعا الي سبيلك و والي أولياءك و عادي أعداءك» [377] . لذلك، فاننا من خلال هذه الأدعية للامام علي بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام، و الامام جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام، و من خلال تربية أئمة أهل البيت عليهم‌السلام، لأتباعهم و شيعتهم، نري التفريق الواضح بين النبي محمد صلي الله عليه و آله و سلم خيرة الخلق وصفوتهم، و بين الامام علي عليه‌السلام، العامل بكتاب الله، و سنن رسوله و وصيه و أخيه، حسبما مر معنا سابقا في حديث المنزلة و المؤاخاة من هذا الكتاب. أما أن يقال فوق هذا مما ذكرته الموسوعة من خطأ الوحي، فهذا مما لا يقبله العقل السليم، اذ كيف يخطي‌ء الوحي برسالة الله فيعطيها لغير أهلها، اذ أن الله عزوجل يقول عنه في القرآن الكريم: (انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين) [التكوير/21-19]. و كيف ينتقي رب العالمين هكذا وحي، و يجعله أمينا لايصال رسالته الي النبي؟!. و طالما نقول و نعتقد، بأن الله عالم بكل شي‌ء. فكيف لم يعلم أن هذا الوحي غير صالح لتأدية الرسالة؟! و العياذ بالله في هذه الحالة أصبح الاتهام بالنقص موجها الي الخالق و ليس الي الوحي فقط، و هذا مما يعارض أصول الدين و المعتقد الأساسي الذي تتميز الشيعة الامامية، بعمقه و دقته، و هو التوحيد. و حسب تصوري أن من ينسب الغلو للشيعة الامامية، أراد أن يوهم الناس بأنه الكامل، و أراد أن يصرف عن نفسه النقص الموجود عنده، و يدعي بأنه [ صفحه 184] بري‌ء من الغلو، اذ أننا لو بحثنا في كتب السنة، لوجدنا أنهم سبقوا جميع المسلمين في غلوهم بالصحابة، و أصحاب كتب الحديث و الخلفاء الذين حكموا المسلمين عبر التاريخ. و مهما بلغت مرويات الشيعة في الامام علي عليه‌السلام و بنيه الأئمة المعصومين الاثني عشر عليهم‌السلام فلم يقل أحد منهم بأنهم يزاحمون النبي علي باب الجنة، كما قالت الصحاح عن معاوية بن أبي‌سفيان. و لم يقل أحد من علمائنا بأن أحدا من هؤلاء الأئمة أفضل من الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، كما قال الحجاج بن يوسف الثقفي بأن الخليفة أفضل من الرسول [378] صلي الله عليه و آله و سلم، ثم كرر قوله، بأن خبر السماء لم ينقطع عن الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان [379] ، و لم يدع أحد من الشيعة أن جبرائيل لو بقي ألف سنة الا خمسين عاما يحدث عن فضائل الامام علي عليه‌السلام لم ينته من فضيلة واحدة كما ورد عن أبي‌بكر و عمر، كما روت صحاحكم حول عمر بن الخطاب: (لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب)، كما جاء في رواية الترمذي، و صححها الدكتور الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، كما قالت السنة، بأن الله عزوجل كلم النبي في ليلة الاسراء بصوت أبي‌بكر لشدة حب النبي له، و لم يقل أحد من الشيعة بأن رسول الله لم يمت كما قال عمر بن الخطاب بأن رسول الله لم يمت [380] ، و لم يقولوا بأنه نزل ميزان من السماء فوزن به النبي مع أحد آخر كما قال بعض علماء السنة بذلك. و علي كل حال، فنحن لا نتهم كل السنة من خلال هذه الأمثلة بالغلو كما يتهمون الشيعة بذلك، بل نقول بأن أعداء الاسلام من الزنادقة و الغلاة و اليهود و المرتزقة الذين أرادوا ابعاد المسلمين عن اسلامهم و مبادئهم الأساسية لاشغالهم بمثل هذه الترهات و الخرافات، و كان للحكام و الخلفاء اليد الكبري [ صفحه 185] خاصة في العصر الأموي في نشر مثل هذه الأحاديث، و قد أوضح أئمة أهل البيت موقفهم من هذه الأقوال التي نسبت اليهم و ذلك في مواقف و مناسبات مختلفة، و تبرأوا ممن نسبها اليهم. فهذا الامام علي عليه‌السلام يقول: «بني الكفر علي أربع دعائم: الفسق - و الغلو - و الشك - و الشبهة» [381] . و قال الامام جعفر الصادق عليه‌السلام: «أدني ما يخرج به الرجل من الايمان أن يجلس الي غال فيستمع الي حديثه و يصدقه علي قوله. ان أبي‌حدثني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: «صنفان من أمتي لا نصيب لهم في الاسلام: الغلاوة و القدرية» [382] . وروي الكشي أن الامام الصادق عليه‌السلام قال لأحد أصحابه: «قل للغالية توبوا الي الله فانكم: فساق، كفار، مشركون» [383] . كما روي حديثا آخر عندما قال الامام الصادق عليه‌السلام لبشار الشعيري (من زعماء الغلاة في عصره) اخرج عني لعنك الله، و بعد خروجه قال الامام: «ويله ألا قال بما قالت اليهود، ألا قال بما قالت النصاري، ألا قال بما قالت المجوس... و الله ما صغرالله تصغير هذا الفاجر أحد.. ثم وصف الشعيري بأنه شيطان ابن‌شيطان و أنه خرج ليغوي الشيعة، و أخيرا حذر الشيعة من الشعيري بقوله: اني عبدالله بن عبدالله فوالله ضمتني الأصلاب و الأرحام، و اني لميت و اني لمبعوث» [384] . و عن الامام علي بن موسي الرضا عليه‌السلام قال: «ان من تجاوز بأميرالمؤمنين عليه‌السلام العبودية فهو من المغضوب عليهم و من الضالين» [385] و قال أميرالمؤمنين علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام: [ صفحه 186] «لا تتجاوزوا بنا العبودية، ثم قولوا فينا ما شئتم و لن تبلغوا، و اياكم و الغلو كغلو النصاري فاني بري‌ء من الغالين»، فقام اليه رجل فقال: يابن رسول الله، صف لنا ربك! فان من قبلنا قد اختلفوا علينا، فوصفه الامام علي بن موسي الرضا عليه‌السلام أحسن وصف، و مجده، و نزهه عما لا يليق به تعالي، فقال الرجل: بأبي أنت و أمي يا ابن رسول الله! فان معي من ينتحل موالاتكم و يزعم أن هذه كلها من صفات علي عليه‌السلام و أنه هو رب العالمين، قال: فلما سمعها الامام الرضا عليه‌السلام ارتعدت فرائصه و تصبب عرقا و قال: «سبحان الله عما يشركون! سبحانه عما يقول الكافرون علوا كبيرا!! أو ليس علي كان آكلا في الآكلين، و شاربا في الشاربين، و ناكحا في الناكحين، و محدثا في المحدثين؟ و كان مع ذلك مصليا خاضعا بين يدي الله ذليلا، و اليه أواها منيبا، أفمن هذه صفته يكون الها؟!! فان كان هذا الها فليس منكم أحد الا و هو اله، لمشاركته له في هذه الصفات الدالات علي حدث كل موصوف بها». فقال الرجل: يا ابن رسول الله انهم يزعمون: أن عليا لما أظهر من نفسه المعجزات التي لا يقدر عليها غير الله، دل علي أنه اله، و لما أظهر لهم صفات المحدثين العاجزين لبس ذلك عليهم، و امتحنهم ليعرفوه، و ليكون ايمانهم اختيارا من أنفسهم.. قال الامام الرضا عليه‌السلام: «أول ما هاهنا أنهم لا ينفصلون ممن قلب هذا عليهم»، فقال: لما ظهر منه الفقر و الفاقة دل علي أن من هذه صفاته و شاركه فيها الضعفاء المحتاجون فلا تكون المعجزات فعله، فعلم بهذا أن الذي أظهره من المعجزات انما كانت فعل القادر الذي لا يشبه المخلوقين، لا فعل المحدث المشارك للضعفاء في صفات الضعف [386] . و من يراجع كتب الأدعية الواردة عن أهل البيت و سيرهم - و التي لا تخلو [ صفحه 187] منها مكتبة اسلامية شيعية - يري كيف يتذلل أئمة أهل البيت عليهم‌السلام، و يبكون خشية من الله و رجاء ثوابه.

عيد غديرخم

تقول الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة عن عيد الغدير لدي المسلمين الشيعة: - (و هو عيد لهم يصادف اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة و يفضلونه علي عيدي الأضحي و الفطر و يمسونه بالعيد الأكبر، و صيام هذا اليوم عندهم سنة مؤكدة، و هو اليوم الذي يدعون فيه بأن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قد أوصي بالخلافة لعلي من بعده) [387] . نعم ان الشيعة الامامية تعتبر أن يوم الغدير يصادف اليوم الثامن عشر من ذي الحجة هو عيد، لكنه ليس لهم فقط بل للمسلمين كافة، و من قبلهم لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الذي سنة بأمر من الله عزوجل، كما بينا ذلك في مبحث الامامة، و في شرح حديث الغدير ضمن مباحث هذا الكتاب. فقد توج النبي صلي الله عليه و آله و سلم في ذلك اليوم الامام عليا صلي الله عليه و آله و سلم بعمامته المسماة بالسحاب، و أمر الأصحاب بالاحتفال و مبايعة أميرالمؤمنين عليه‌السلام، و قد فضل النبي صلي الله عليه و آله و سلم هذا العيد علي عيدي الفطر و الأضحي، و ليس التفصيل آتيا من الشيعة فقط، و ذلك لأن عيد الفطر هو تشجيع للصائم، و فرحة له يختم به عبادة شهر رمضان، و يفرح بلقاء أهله و زيارة أقاربه في طاعة الله. و عيد الأضحي كذلك فرحة للحاج و ختم لأعماله بأن يفيض يوم العيد من حيث أفاض الناس الي مني ثم يكمل بقية المناسك، فيكون بذلك قد أطاع الله، و عظم شعائره، و أدي فرضه. و أما عيد الغدير فهو ليس ختم عبادة أو أي شي‌ء من هذا القبيل، بل هو [ صفحه 188] الحد الفاصل بين الايمان الواقعي و النفاق، و بين الاستمرار علي الحق أو الانقلاب عليه. و بهذا يكون أعلي غاية، و أجل نفعا من العيدين المباركين، و لذلك سمي بالعيد الأكبر، و أصبح صيامه سنة مؤكدة عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أئمة أهل البيت عليهم‌السلام. و قد ذكرنا في باب الامامة كيف نزل الوحي في هذا اليوم يأمر النبي صلي الله عليه و آله و سلم: (يأيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك) [المائدة/67]. و هذا الأمر ليس ادعاء، كما أشارت الي ذلك الموسوعة، لتواتر نص الغدير و شهرته التي طارت في الآفاق و أقر به الخاص و العام و المؤالف و المخالف، فراجع ذلك في باب الامامة، كذلك فان هذا العيد لم يختص بالشيعة فقط، بل اتخذه أكثر المسلمين عيدا لهم عبر التاريخ [388] فقد ورد في ذلك قول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «من صام يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهرا» [389] . و في بعض الروايات بدل ستين شهرا (ستين سنة) [390] . [ صفحه 189]

يوم النيروز

أما قولكم (يعظمون عيد النيروز و هو من أعياد الفرس، و بعضهم يقول: غسل يوم النيروز سنة) [391] . جمع وزير الدولة البويهية نظام الملك سبعة من العلماء لوضع تقويم شمسي تبدأ السنة فيه من الاعتدال الربيعي، و أطلق علي هذا اليوم الذي تبدأ فيه السنة.. يوم النيروز (أي اليوم الجديد)، و كان بدء العمل فيه في 10 رمضان 471 ه- الموافق (16) آذار 1079 م و هذا اليوم يصادف عند الفرس و الأكراد و بعض القوميات الأخري عيدا قوميا لهم [392] . و يقول النويري: «يوم النيروز هو أعظم أعياد الفرس و أجلها، يقال أول من اتخذه جمشيد أحد ملوك الفرس الأول، و يقال له جمشاد، و سبب اتخاذهم لهذا العيد: أن جمشاد لما ملك سمي اليوم الذي ملك فيه (نوروز) أي اليوم الجديد، و من الفرس من زعم أن النيروز: اليوم الذي خلق الله عزوجل النور فيه و أنه كان معظم القدر عند جمشاد، و بعضهم يزعم أنه أول الزمان الذي ابتدأ به الفلك بالدوران و مدته عندهم ستة أيام أولها اليوم الأول من شهر (أفريدون ماه) الذي هو أول سنتهم، و يسمون اليوم السادس (النيروز الكبير). و كانت من عادة عوام الفرس فيه رفع النار في ليلته ورش الماء في صبيحته، و للملوك فيه عادات» [393] . [ صفحه 190] و سئل ابن‌عباس عن النيروز لما اتخذوه عيدا فقال: لأنه أول السنة المستأنفة، و آخر السنة المنقطعة، فكانوا يستحبون أن يقدموا فيه علي ملوكهم بالطرف و الهدايا، فاتخذه الأعاجم سنة، و هو أول يوم من شهر أفريدون ماه من تقويم الفرس [394] . و قد جاء النعمان بن المرزبان أبو ثابت الي أميرالمؤمينن الامام علي عليه‌السلام في يوم النيروز حاملا معه الفالوذج هدية، و عندما سأل الامام علي عليه‌السلام هن سبب هذه الهدية، قال له النعمان: ان هذا اليوم مهرجان النيروز.. فقال له الامام: مهرجونا كل يوم.. و في رواية أخري اذا كان هذا النيروز فكل يوم نيروز [395] . و من خلال هذه الروايات يتبين لنا بأن يوم النيروز هو عيد قومي لبعض الشعوب (الفرس - الأكراد). أما أن يكون هناك من يدعي بأنه عيد للشيعة، فهذا ما لم يرد علي لسلان أحد من العماء علي الرغم من وجود بعض الروايات الضعيفة السند في كتب الأدعية، لذلك نري بأن مراجع التقليد عند الشيعة، لم يقولوا بأن غسل يوم النيروز واجب، أو حتي مستحب. و لكن جاء تصنيفه في بابت الأغسال التي لم يبت استحبابها [396] ، كما أن بعضهم لم يذكره، أما أن العبادات المستحبة في الروايات من (غسل أو صلاة أو صيام) في يوم النيروز لم يتعرض لها العلماء من باب التسامح في أدلة السنن و لما ورد عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم من طرق السنة و الشيعة قوله: من بلغه عن الله تعالي فضيلة فأخذها و عمل بما فيها ايمانا بالله و رجاء ثوابه أعطاه الله تعالي ذلك، و ان لم يكن كذلك [397] . [ صفحه 191]

اليوم التاسع من ربيع الأول

وقولكم: (لهم عيد يقيمونه في اليوم التاسع من ربيع الأول، و هو عيد أبيهم (بابا شجاع الدين)، و هو لقب لقبوا به (أبالؤلؤة المجوسي) الذي أقوم علي قتل عمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنه [398] . في اليوم الثامن من ربيع الأول استشهد الامام الحسن العسكري عليه‌السلام، و في اليوم التاسع من ربيع الأول كان أول يوم في امامة الامام المهدي المنتظر عليه‌السلام، و بداية الغيبة الصغري، و قد تقدم ذكر ذلك في باب الغيبة، و لذلك سمي هذا اليوم بيوم فرحة الزهراء، لأن الامام المهدي الذي تسنم منصب الامامة بعد أبيه، سيأخذ بثأر الزهراء و المؤمنين، و يمكن الله لهم دينهم الذي ارتضي علي يديه، و يبدلهم من بعد خوفهم أمنا، و بذلك تتحقق فرحة الزهراء عليهاالسلام و الأئمة المظلومين عليهم‌السلام من أهل بيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم.

ابولؤلؤة و الشيعة

أما أبولؤلؤة فلم يدع أحد من الشيعة عبر تاريخهم الطويل أبوته لهم، لأن النبي صلي الله عليه و آله و سلم يقول للامام علي عليه‌السلام: «يا علي أنا و أنت أبوا هذه الأمة» [399] فاذا كان الشيعة يعتقدون بهذا الحديث و أبوة النبي صلي الله عليه و آله و سلم و الامام علي عليه‌السلام الروحية لهم، فكيف يصدق أن أبالؤلؤة أبوهم، كما تدعي الموسوعة، و حتي هذا اللقب المزعوم لم نقرأ، أو نسمع بأن أحدا أطلقه، و هذه كتب الشيعة و مصنفاتهم و علماؤهم يحكون عقائدهم، فاذا كانت قصة أبي‌لؤلؤة هذه موجودة حقيقة، فلم لم يكتب لها مصدر نتحقق منه؟ أم أن العلماء الذين كتبوا هذه الموسوعة تنازلوا الي مستوي العوام و أخذوا يتبادلون التهم و الشائعات؟ و هذا الأمر هو من أهم ما يسعي لتحقيقه أعداء الله و رسوله لهدم الاسلام و تشويه [ صفحه 192] معالمه، ولكن (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفوهم و يأبي الله الآ أن يتم نوره و لو كره الكفرون) [التوبة/32]. قصة أبي‌لؤلؤة: اسمه فيروز كان عبدا لمغيرة بن شعبه الذي كان يستضعفه و يظلمه، أسرته الروم أيام فارس، و أسره المسلمون بعد، فنسب الي حيث سبي [400] و كان أبولؤلؤة نصرانيا كما يروي الطبري [401] و ليس مجوسيا كما تدعي الموسوعة.. و في أحد الأيام تظلم هذا العبد عند عمر بن الخطاب لأنه من المفروض أن يكون الخليفة ناصر المستضعفين كما هو شأن الخليفة المنصوب من قبل الله عزوجل فلم ينصره عمر، ولكنه نصر مولاه المغيرة عليه، كما يذكر ذلك الطبري في حديثه عن وفاة عمر ضمن أحداث سنة 23. فاضطر أبولؤلؤة في لحظة غضب أن يحمل سكينه و يضرب بها عمر بن الخطاب، منتقما لنفسه، فما كان من عبيدالله بن عمر عند ذلك الا أن قام و أخذ يحصد بسيفه الرؤوس ثأرا لأبيه، فقتل أبالؤلؤة و ابنته الصغيرة و امرأته و الهرمزان المسلم و جفينة العبادي [402] و لو لم يمسكه الناس، لما توقف عن قتل العشرات من الموجودين، كما صرح هو بنفسه قائلا: و الله لا أترك سبيا في هذه المدينة الا قتلته [403] و قد طالب الامام علي عليه‌السلام في ذلك الوقت التحقيق في هذه القضية، ولكن الخليفة الجديد عثمان بن عفان قام بالناس خطيبا، فقال: «ألا و اني ولي دم الهرمزان، و قد وهبته لله و لعمر، و تركته لدم عمر». فقام المقداد بن عمرو، فقال: «ان هرمزان مولي لله و رسوله، و ليس لك [ صفحه 193] أن تهب ما كان لله و لرسوله» [404] . و رغم ذلك فان عثمان بن عفان لم يحضر عبيدالله بن عمر لاجراء التحقيق كما يقتضي الشرع، بل كافأه علي فعله باعطائه دارا و أرضا في الكوفة سميت فيما بعد (كويفة ابن‌عمر) [405] . و لا يستطيع من يقرأ حياة أبي‌لؤلؤة، أو من قتل معه، أن يشكك في اسلامهم، ولكن قاتل الله التعصب الذي يحرك أصحابه، ليوصموا كل من لا يروق لهم بأنواع التهم و التكفير، و هكذا فعلوا حين قتل عمر بن الخطاب، فوصموا قاتله أبالؤلؤة المسلم بأنه مجوسي. يا سبحان الله علي هذه المفارقات التي ينقلها التاريخ، اذ أن عبدالرحمن ابن‌ملجم المرادي قاتل الامام علي عليه‌السلام هو و من معه من الخوارج الذين كفروا المسلمين و سفكوا دماء الأبرياء منهم و الذين قال فيهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم «يقرأون القرآن لا يبلغ تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» [406] . يصف هؤلاء الخوارج ابن‌تيمية بقوله: «ان هؤلاء مقرون بالاسلام و شرائعه، يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة، و يحجون البيت العتيق، و يحرمون ما حرم الله و رسوله، و ليس فيهم كفر ظاهر، بل شعائر الاسلام و شرائعه ظاهرة فيهم، معظمة عندهم [407] . و يقول عنهم ابن‌حجر: «انهم متأولون، لهم أجر» [408] . كما يقول ابن‌حزم: «لا خلاف بين أحد من الأئمة في أن ابن‌ملجم قتل [ صفحه 194] عليا متأولا مجتهدا مقدرا أنه علي صواب» كما جاء في تلخيص الحبير. و كرر الطبري في التهذيب كلام ابن‌حزم، و أقره عليه. أما أبولؤلؤة، فقد أقروا جميعا بأنه مجوسي، لأنه قتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب. (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [الشعراء/227].

شهر محرم عند الشيعة

في الفقرة الأخيرة من حديث الموسوعة الميسرة، يأتي الحديث عن شهر محرم عند الشيعة الامامية، فتقول الموسوعة: (يقيمون حفلات العزاء و النياحة و الجزع و تصوير الصور و ضرب الصدور و كثير من الأفعال المحرمة التي تصدر عنهم في العشرة الأولي من شهر محرم، معتقدين بأن ذلك قربة الي الله تعالي و أن ذلك يكفر سيئاتهم و ذنوبهم، و من يزرهم في المشاهد المقدسة في كربلاء و النجف و قم... فسيري من ذلك العجب العجاب) [409] . في بداية الكلام حول موضوع شهر محرم أسأل العلماء أصحاب السماحة الذين كتبوا هذه الموسوعة: بأي دليل شرعي ثبت عندهم أن البكاء، و تصوير الصور، و اقامة مراسم عاشوراء هي أفعال محرمة؟. أيكفي أن نقول عن أي موضوع أنه محرم دون أن تأتي عليه بدليل، و مع ذلك مهما بحثتم فلن تجدوا دليلا يؤيد مزاعمكم، بل علي العكس من ذلك فان الأدلة الموجودة من القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة، كلها تشير الي مشروعية هذه الأعمال بل استحبابها، و أن مناسبة شهر محرم ليست احتفالا، و انما هي احياء لأمر النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أهل بيته عليهم‌السلام. [ صفحه 195] في شهر محرم من عام 61 ه- خرج الامام الحسين بن علي سبط النبي صلي الله عليه و آله و سلم، يأمر بالمعروف و ينهي عن المنكر، عندما طلب منه يزيد بن معاوية أن يبايعه خليفة علي المسلمين رفض ذلك، و قدم نفسه الشريفة فداء للاسلام، و احياء لمعالمه و فكره الذي كاد أن يخبو، بسبب تسلط حكام الظلم و الجور، أمثال معاوية و ابنه يزيد [410] و مناسبة العزاء التي تقام في عاشوراء كل سنة انما هي تعزية لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم باستشهاد أبنائه، و سبي بناته، و كل انسان يعبر عن مشاعره بالطريقة التي يفهمها، و هناك من الأمثلة الكثرة حول البكاء.. 1- لقد ورد عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه بكي ابنه ابراهيم عندما توفي، فسأله عبد الرحمن بن عوف عن بكائه فقال له: «انها رحمة من الله» (أي أن هذه الدموع التي يبكي بها ابنه ابراهيم رحمة من الله). ثم قال: «ان العين تدمع و القلب يحزن و لا نقول الا ما يرضي ربنا» [411] و أورد الترمذي قوله عن البكاء: أنه عشرة أنواع منها بكاء الحزن، ثم أورد قوله تعالي حول هذا النوع: (تولوا و أعينهم تفيض من الدمع حزنا) [التوبة/92]. ثم ذكر بكاء النبي صلي الله عليه و آله و سلم علي ابنه ابراهيم فقيل له: أتبكي يا رسول الله؟ قال: «انما هذه رحمة، و من لا يرحم لا يرحم» [412] . 2- عندما استشهد حمزة بن عبدالمطلب عم النبي صلي الله عليه و آله و سلم بكاه النبي صلي الله عليه و آله و سلم بحرقة. و بعد دفنه مر علي القبور فرأي علي كل قبر أهله يبكون عليه، و لم ير أحدا يبكي عمه حمزة، فقال: ولكن حمزة لا بواكي له؟ ثم استأجر من النساء من تبكي عليه، ثم أصبحت النساء عند كل مصيبة لهن يبكين حمزة بن عبدالمطلب أولا، ثم يبكين ميتهن [413] . [ صفحه 196] 3- عندم استشهد مالك الأشتر الساعد الأيمن للامام علي عليه‌السلام بالسم الذي دسه له معاوية بن أبي‌سفيان في طعامه، بكاه الامام علي عليه‌السلام و قال: «علي مثل مالك فلتبك البواكي» [414] . 4- بقي الامام زين العابدين علي بن الحسين عليه‌السلام بعد كربلاء لم يوضع له طعام و لا شراب الا مزجه بدموع عينيه. و عندما خاطبه أبوحمزة الثمالي بقوله: كفاك يا ابن‌رسول الله من البكاء نخشي عليك أن تكون من الهالكين، أجابه: «ان النبي يعقوب عليه‌السلام غيب ابنه النبي يوسف عليه‌السلام سنوات، فبكاه حتي ابيضت عيناه، و أنا رأيت ستة عشر رجلا من أهل بيتي، مجزرين كالأضاحي علي رمضاء كربلاء، و بنات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يهربن من خيمة الي خيمة، خوفا من النيران التي حرقت خيامهم، فكيف أنسي هذا المصاب» [415] . 5- لما توفي أبوبكر أقامت أم‌المؤمنين عائشة عليه النوح، فأقبل عمر بن الخطاب حتي قام ببابها فنهاها هي و من معها عن البكاء، فلم ينتهين، فقال عمر لهشام بن الوليد: ادخل فأخرج ابنة أبي‌قحافة أخت أبي‌بكر، فقالت عائشة لهشام: اني أحرج عليك بيتي. فقال عمر: أدخل فقد أذنت لك، فدخل هشام و أخرج أم‌فروة أخت أبي‌بكر الي عمر بن الخطاب، فعلاها بالدرة، فضربها بها ضربات فتفرق النوح [416] . 6- بكاء النبي صلي الله عليه و آله و سلم علي مصيبة الحسين عليه‌السلام، فقد ورد عن أم‌الفضل بنت الحارث أنها دخلت علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فقالت: يا رسول الله رأيت حلما منكرا الليلة، قال: و ما هو؟ قالت: انه شديد، قال: و ما هو؟ [ صفحه 197] قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت و وضعت في حجري، فقال: «رأيت خيرا، تلد فاطمة ان شاء الله غلاما يكون في حجرك»، فولدت فاطمة عليهاالسلام الحسين عليه‌السلام، فكان في حجري، كما قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فدخلت يوما الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فوضعته في حجره ثم حانت مني التفاتة فاذا عينا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم تهرقان من الدموع، قالت فقلت: يا نبي الله بأبي أنت و أمي مالك؟ فقال صلي الله عليه و آله و سلم: «أتاني جبريل عليه الصلاة و السلام فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا» (يعني الحسين)، فقلت: هذا؟ فقال: نعم، و آتاني بتربة من تربته حمراء. و علق الحاكم النيسابوري في المستدرك علي الصحيحين علي هذا الحديث بقوله: صحيح علي شرط الشيخين [417] . و في طريق آخر ورد قوله صلي الله عليه و آله و سلم: «انه دخل علي البيت ملك لم يدخل علي قبلها، فقال لي: ان ابنك هذا حسين مقتول، و ان شئت أريتك من تربته الأرض التي يقتل بها، قال: فأخرج تربة حمراء». و علق الألباني علي هذا الحديث بقوله: و هذا اسناد صحيح علي شرط الشيخين [418] . و قال الهيثمي عنه: رواه أحمد و أبويعلي و البزار و الطبراني، و رجاله ثقات [419] . 7- بكي النبي صلي الله عليه و آله و سلم علي الامام علي عليه‌السلام و ما يحدث له و كان ذلك في شهر رمضان، فسأله الامام علي عليه‌السلام عن سبب بكائه فقال صلي الله عليه و آله و سلم: «لما يستحل من دمك في هذا الشهر»، فسأله الامام عن السبب؟ فقال [ صفحه 198] النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «ضغائن أقوام حتي أفارق الدنيا». فسأله الامام عليه‌السلام: «في سلامة من ديني...؟ فقال صلي الله عليه و آله و سلم: «في سلامة من دينك» [420] . 8- أخرج ابن‌سعد عن الشعبي قال: مر علي رضي الله عنه بكربلاء عند مسيره الي صفين و حاذي نينوي - قرية علي الفرات في العراق - فوقف و سأل عن اسم هذه الأرض فقيل له: كربلاء، فبكي حتي بل من دموعه، ثم قال: «دخلت علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو يكبي فقلت: ما يبكيك...؟ قال: كان عندي جبريل آنفا و أخبرني أن ولدي الحسين يقتل بشاطي‌ء الفرات بموضع يقال له كربلاء، ثم قبض جبريل قبضة من تراب شمني اياه فلم أملك عيني أن فاضتا». ورواه أحمد بن حنبل مختصرا عن علي عليه‌السلام، قال: «دخلت علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم...» الحديث. وروي الملا أن عليا مر بقبر الحسين فقال: «ههنا مناخ ركابهم، ههنا موضع رحالهم، و ههنا مهراق دمائهم، فتية من آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم يقتلون بهذه العرصة تبكي عليهم السماء و الأرض» [421] . و هكذا فان من ينظر في مسألة البكاء و يتمعن فيها، يراها سنة العقلاء في الحزن و المصائب و لم يترك هذا الموضوع أحدا من ذوي الاحساس البشري خصوصا في المصائب و النوائب التي وقعت علي سادة الخلق و هم أهل بيت النبوة، اذ لم يكتف أعداؤهم الأمويون بقتل الامام الحسين عليه‌السلام و أبنائه و صحبه، بل دهسوا بدنه الشريف بحوافر الخيل، و قطعوا رؤوسهم، و سلبوا ثيابهم، و أحرقوا خيامهم، و طاردوا نساءهم في البيداء، و حملوهم علي الجمال بغير وطاء و لا غطاء مقيدين بعضهم ببعض يجوبون بهم البلدان، ليتفرج عليهم أهل البلاد، و ليكونوا عبرة لهم، و لم يراعوا حق رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيهم اذ [ صفحه 199] يقول: «يحفظ المرء في ولده»، و قال: «أذكركم الله في أهل بيتي» [422] و قال: ارقبوا محمدا صلي الله عليه و آله و سلم في أهل بيته [423] . أما ما ورد من ضرب الصدور في عاشوراء هو مثل البكاء و ليس محرما، و لو كان كذلك لما بكي النبي يعقوب عليه‌السلام علي فراق أبيه حتي تأذي منه أهل السجن، و لما بكي آدم عليه‌السلام حتي جرت في خده أخاديد، و لما بكت فاطمة الزهراء عليه‌السلام بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي أبيها حتي تأذي منهاأهل المدينة.. و هذا تعليق الشهيد السيد محمد باقر الصدر علي مراسم عاشوراء، حيث يقول: «ان الشيعة بشر فيهم العالم و فيهم الجاهل، ولديهم عواطف، فاذا كانت عواطفهم تطغي عليهم في ذكري استشهاد الحسين و ما جري عليه و علي أهل بيته و أصحابه من قتل و هتك و سبي، فهم مأجورون، لأن نواياهم كلها في سبيل الله، و الله تعالي يعطي العباد عل قدر نواياهم... الي أن قال: «و تقول التقارير الرسمية للحكومة المصرية أنه سجل أكثر من ثمان حالات انتحارية، قتل أصحابها أنفسهم عند سماعهم بنبأ وفاة جمال عبد الناصر.. و يقول: «و اذا كان الناس و هم مسلمون بلا شك يقتلون أنفسهم من أجل موت جمال عبد الناصر، و قد مات موتا طبيعيا، أفليس من حقنا بناء علي مثل هذا أن نحكم علي أهل السنة بأنهم مخطئون، و ليس لاخواننا من أهل السنة أن يحكموا علي اخوانهم من الشيعة بأنهم مخطئون في بكائهم علي سيد الشهداء، و قد عاشوا محنة الحسين عليه‌السلام و ما زالوا يعيشونها حتي اليوم، و قد بكي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نفسه علي ابنه الحسين و بكي جبرائيل لبكائه» [424] . [ صفحه 200] أقول: و بناء علي التصرفات العاطفية عند الجهلاء في مناسبات عاشوراء فقد تكلم معظم علماء الشيعة في مسائلهم الفقهية و رسالئلهم العلمية عن ذلك، و حاولوا توجيه الأمة باتجاه أعدائها من خلال عاشوراء، فكانت الثورات و دحر الغزاة عند الشيعة تستمد قوتها من هذه المناسبة. و في القرن العشرين تعرض السيد علي خامنئي مرشد الجمهورية الاسلامية في ايران للحديث عن كل ما يجري في عاشوراء موجها نداءه لكل من يهمه أن يحيي مراسم عاشوراء و يواسي الامام الحسين عليه‌السلام و أهل بيته، أن يتصدي لنفس الشي‌ء الذي تصدي له الامام عليه‌السلام، و سالت دماؤه من أجله في عاشوراء، و من الموقع نفسه، و خاصة في جنوبي لبنان، و في فلسطين المحتلة، و باقي أراضي المسلمين المغتصبة. [ صفحه 203]

الجذور الفكرية و العقائدية

تاريخ التشيع

تتحدث الموسوعة عن التشيع و ظهوره، فتقول: - (بعضهم يرجع التشيع الي يوم الجمل، و آخرون يرجعونه الي تاريخ مقتل عثمان و منهم من يجعل ابتداء ظهوره يوم صفين) [425] . و في ردنا علي هذه الفقرة، نقول: ان كان قصدكم في هذه الفقرة بكلمة (بعضهم) هم الشيعة فهذا خطأ واضح، لأن الشيعة متفقون علي أنهم النواة التي قام عليهاالاسلام، و قد قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في شرح الآية المباركة (أولئك هو خير البرية) [البينة/7[و هو يشير الي الامام علي عليه‌السلام: «و الذي نفسي بيده ان هذا و شيعته لهم الفائزون يوم القيامة» [2] . و قال: «يا علي تأتي أنت و شيعتك يوم القيامة راضين مرضيين و يأتي عدوك غضابا مقمحين» [3] . و أخرج أحمد بن حنبل في المناقب أنه صلي الله عليه و آله و سلم قال لعلي: «أما ترضي أنك معي في الجنة و الحسن و الحسين و ذريتنا خلف ظهورنا و أزواجنا خلف ذريتنا و شيعتنا عن أيماننا و شمائلنا» [4] . [ صفحه 204] الي آخر ما هنالك من الأحاديث الشريفة و الروايات المتعددة التي تدل علي أن كلمة شيعة استخدمها النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و أطلقها علي الامام علي عليه‌السلام و أتباعه، اضافة الي آراء العلماء و الكتاب و المؤرخين و أقوالهم حول الشيعة، و بداية تشكلهم، و مثال ذلك: 1- ما أورده الشهرستاني في كتابه: (الملل و النحل) بقوله: «الشيعة هم الذين شايعوا عليا (رضي الله عنه) علي الخصوص، و قالوا بامامته و خلافته نصا و وصية، اما جليا و اما خفيا، و اعتقدوا أن الامامة لا تخرج من أولاده و ان خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية من عنده» [5] . 2- و قال ابن‌شهاب الدين الزهري: «و الشيعة قوم يهوون عترة النبي صلي الله عليه و آله و سلم و يوالونهم» [6] . 3- و قال ابن‌منظور و الزبيدي: «و قد غلب هذا الاسم (أي الشيعة) علي من يتوالي عليا و أهل بيته رضوان الله عليهم أجمعين حتي صار لهم اسما خالصا» [7] . 4- و يقول أبوحاتم الرازي: «ان أول اسم ظهر في الاسلام علي عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم هو الشيعة، و كان لقب أربعة من الصحابة و هم: أبوذر الغفاري، و سلمان الفارسي، و المقداد بن الأسود، و عمار بن ياسر، الي أن آن أوان صفين فاشتهر بين موالي علي عليه‌السلام» [8] . 5- و قال ابن‌خلدون: «اعلم أن الشيعة لغة: الصحب و الأتباع، و يطلق في عرف الفقهاء و المتكلمين من الخلف و السلف علي أتباع علي و بنيه رضي الله عنهم» [9] . [ صفحه 205] و لما ولي علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام زياد بن أبيه أرض فارس، و توجه الي صفين، كتب له معاوية بن أبي‌سفيان يتوعده، فقام زياد في الناس خطيبا فقال: «ان ابن‌آكلة الأكباد و رأس النفاق كتب الي يتوعدني، و بيني و بين ابن‌عم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم تسعين ألف مدجج من شيعته» [10] . 6- و قال أحمد أمين: «كانت البذرة الأولي للشيعة الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم أن أهل بيته أولي الناس أن يخلفوه، و أولي أهل البيت العباس عم النبي صلي الله عليه و آله و سلم و علي ابن‌عمه، و علي أولي من العباس، لما بينا من قبل و العباس نفسه لم ينازع عليا في أولويته للخلافة» [11] . و يقول محمد كرد علي: «عرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة علي في عصر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مثل سلمان الفارسي القائل: بايعنا رسول الله صلي الله عليه آله و سلم علي النصح للمسلمين و الائتمام بعلي بن أبي طالب عليه‌السلام» [12] . و بناء علي هذه الأقوال التي مرت و كثير غيرها، نري بأن التشيع بذره رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و احتضنه أئمة أهل البيت من بعده، و رعوه حتي كبر و ظهر للناس كحقيقة اسلامية لا تواري.. أما اذا كان القصد من التبعيض، والتشكيك ببذور التشيع و تحيير القاري‌ء المسلم حتي لا يتعرف علي طريق الحق فيتبعه، و نهج الصدق ليتمسك به، فمهما حصل من وضع العراقيل، و مهما حصل من التشكيك و التضليل، فلن يخلف الله وعده، و سيتم نوره مهما بعدت الشقة و اشتدت المحنة، و قد كثرت شيعة الامام علي عليه‌السلام بين الأنصار أكثر من المهاجرين لأن الجاهلية كانت مؤثرة في أهل مكة، فقد قتل الامام علي عليه‌السلام مقتلة عظيمة منهم في المعارك الحربية التي جرت بين المسلمين و المشركين. [ صفحه 206]

علاقة التشيع بالفرس

وقولكم: (انعكست في التشيع معتقدات الفرس الذين يدينون لهم بالملك و الوارثة، و قد ساهم الفرس فيه لينتقموا من الاسلام الذي كسر شوكتهم باسم الاسلام ذاته) [426] . ان قولكم هذا هو تكرار و ترديد لأقوال ابن‌تيمية، و ابن‌كثير، و محب الدين الخطيب، و احسان الهي ظهير، المشهورين بنزعتهم الأموية و من سار علي نهجهم ------------ كلمة المسلمين و اثارة الشائعات بينهم، و اذكاء نار العداوة ----------- المفترض أن يكون الباحث الذي يكتب في قضايا العقائد و الفرق محققا باحثا عن الحقيقة، لا يقلد من سبقه فيقع في أخطائهم، و يتخبط في الظلمات علي غير هدي. فقد قالت قريش مثل هذا القول عندما عرض عليهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم دين الاسلام، و قد صرح القرآن بذلك قائلا: (و لقد نعلم أنهم يقولون انما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون اليه أعجمي و هذا لسان عربي مبين) [النحل/103]. و قد نزلت هذه الآية المباركة علي الني صلي الله عليه و آله و سلم عندما اتهمته قريش بقولها: ان هذا الكلام الذي يقوله أنه من عندالله، انما جاء به سلمان الفارسي من كتب الفرس القديمة و ترجمها له، و في قول آخر: أن أبافكيهة عبدة بن الحضرمي مولي بني الحضرمي الذي كان نصرانيا و يتكلم الرومية ثم أسلم في مكة، فقالت قريش: هذا و الله يعلم محمدا علمه بلسانه فأنزل الله عزوجل قوله: (و هذا لسان عربي مبين) [427] فما أشبه هذا القول بقولكم عندما تقولون بأن معتقدات الفرس انعكست علي التشيع، فان بنيتم كلامكم هذا [ صفحه 207] علي أن الشعب المسلم في ايران حاليا معظمه شيعي فهذا لا يبرر قولكم، بل علي العكس من ذلك هو دعوي لاثبات بطلان مذاهبكم التي كان معظم علمائها من الفرس، و من المتعصبين للمذاهب الأربعة، أو المتزعمين لها، و من هؤلاء العلماء: 1- أبوحنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه الفقيه الكوفي، مولي تيم الله بن ثعلبة، جده زوطي من أهل كابل، المتوفي سنة 150 ه- [428] . 2- أبوالحسين مسلم بن الحجاج بن كوشان القشيري النيسابوري صاحب الصحيح، توفي بنيسابور و دفن فيها سنة 261 ه- [429] . 3- عبدالملك بن محمد أبومنصور الثعالبي النيسابوري صاحب كتاب (يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر) [430] . 4- محمد بن جرير الطبري أبوجعفر صاحب (التفسير الكبير) و التاريخ الشهير، كانت ولادته بآمل في طبرستان سنة 224 ه-، و توفي و دفن في بغداد سنة 310 ه- 5- أبوالفتح محمد بن أبي‌القاسم عبد الكريم الشهرستاني، المتكلم علي مذهب الأشعري، صاحب كتاب (الملل و النحل) و (تلخيص الأقسام لمذاهب الأنام)، كانت ولادته سنة 467 ه- بشهرستان، و وفاته فيها سنة 548 ه- [431] . 7- أبوعيسي محمد بن عيسي الترمذي، تلميذ البخاري، توفي في قرية بوغ بترمذ سنة 279 ه- [432] . [ صفحه 208] 8- أبو عبدالله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني، صاحب كتاب (السنن) المعروف، و له تفسير في القرآن الكريم، كانت ولادته سنة 209 ه- في قزوين، و وفاته فيها سنة 273 ه- [433] . 9- أبو عبدالله محمد بن عمر فخر الدين الرازي المولد، الطبرستاني الأصل، صاحب التفسير الشهير باسمه، كانت ولادته سنة 543 ه- بالري، و توفي سنة 606 ه- بمدينة هراة [434] . 10- أبوحامد محمد بن محمد الغزالي، زين الدين الطوسي، الفقيه الشافعي، صاحب (احياء علوم الدين)، و (تهافت الفلاسفة)، ولد في طوس، توفي و دفن فيها [435] . 11- أبوداود سليمان بن الأشعث السجستاني، أحد حفاظ الحديث، و صاحب كتاب السنن المشهورة باسمه، توفي في البصرة سنة 275 ه- [436] . 12- أبو عبدالرحمن طاووس بن كيسان الخولاني، أحد الأعلام التابعين من أبناء الفرس، كان فقيه عصره [437] . 13- أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي الخسرو جردي، الفقيه الشافعي، من كبار أصحاب الحاكم النيسابوري الذي جمع نصوص الشافعي في عشر مجلدات، و له من التصانيف الكتب المشهورة باسمه: السنن الكبير - السنن الصغير - السنن - دلائل النبوة، كان مولده سنة 384 ه- و وفاته سنة 458 ه- بنيسابور، ثم نقل الي بيهق بلده بنواحي نيسابور [438] . 14- أبو عبدالله محمد بن اسماعيل البخاري، ولادته سنة 194 ه- [ صفحه 209] و وفاته سنة 256 ه-، بقرية خرتنك، احدي قري سمرقند، بعد أن أخرجه أمير بخاري اليها [439] . 15- محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان شافع مولي أبي‌لهب، الملقب بالشافعي، ولادته سنة 150 ه-، وفاته سنة 204 ه- [440] . 16- مالك بن أنس بن مالك، المولود سنة 97 ه- و المتوفي سنة 197 ه-. ذكره ابن عبدالبر في كتابه الانتفاء، و محمد بن اسحق الواقدي و السيوطي في تزيين المالك، و ابن‌شهاب، و قالوا: بأنه من موالي بني تيم بن مرة [441] . 17- الليث بن سعد، تلميذ يزيد بن حبيب، و هو فارسي من بلاد أصفهان، كان مولي عبدالرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي. ذكره الشافعي بقوله: «الليث أفقه من مالك الا أن أصحابه لم يقوما به» [442] . 18- محمد بن سيرين أبوبكر البصري، كان أبوه عبدا لأنس بن مالك، و كانت أمه صفية مولاة أبي‌بكر، كانت ولادته لسنتين بقيتا من خلافة عثمان بن عفان، و وفاته سنة 110 بالبصرة [443] . و قد روي الحاكم بسنده عن الزهري قال: قدمت علي عبدالملك بن مروان، فقال لي: من أين قدمت يا زهري؟ قلت: من مكة. قال: فمن خلفت يسود أهلها..؟ قلت: عطاء بن أبي‌رباح. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ [ صفحه 210] قلت: من الموالي. قال: وبم سادهم؟ قلت: بالديانة و الرواية. قال: ان أهل الديانة و الرواية لينبغي أن يسودوا، فمن يسود أهل اليمن؟ قلت: طاووس بن كيسان. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي. قال: وبم سادهم؟ قلت: بما سادهم به عطاء. قال انه لينبغي، فمن يسود أهل مصر؟. قلت: يزيد بن أبي‌حبيب. قال: فمن العرب أم من الموالي؟. قلت: من الموالي. قال: فمن يسود أهل الشام؟. قلت: مكحول. قال: فمن العرب أم من الموالي؟. قلت: من الموالي عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل. قال: فمن يسود أهل الجزيرة..؟. قلت: ميمون بن مهران. قال: فمن العرب أم من الموالي؟. قلت: من الموالي. قال: فمن يسود أهل خراسان؟. قلت: الضحاك بن مزاحم. [ صفحه 211] قال من العرب أم من الموالي؟. قلت: من الموالي. قال: ويلك، فمن يسود أهل الكوفة؟ قلت: ابراهيم النخعي. قال: فمن العرب أم من الموالي؟. قلت: من العرب. قال: ويلك يا زهري فرجت عني، و الله ليسودن الموالي علي العرب حتي يخطب لها علي المنابر و العرب تحتها. قلت: يا أمير المؤمنين انما هو أمر الله و دينه من حفظه ساد، و من ضيعه سقط [444] . و لما تكلم ابن‌خلدون في فصل: أن حملة العلم في الاسلام أكثرهم من العجم من مقدمة العبر.. الخ. قال: من الغريب الواقع: أن حملة العلم في الملة الاسلامية أكثرهم من العجم لا من العلوم الشرعية، ولا من العلوم العقلية الا في القليل النادر، و ان كان منهم العربي في نسبته فهو عجمي في لغته و مرباه و مشيخته، مع أن الملة عربية و صاحب شرعيتها عربي.. الي أن قال: و لم يقم بحفظ العلم و تدوينه الا الأعاجم، و ظهر مصداق قوله (ص): «لو تعلق العلم بأكتاف السماء لناله قوم من أهل فارس» [445] . و في حديث آخر: لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس، أو قال: من أبناء فارس [446] . و هناك غير هؤلاء من العلماء الفرس، أو من بلاد ما وراء النهر الذين [ صفحه 212] قامت علي أكتافهم المذاهب الأربعة و الآراء الفقهية و الأصولية المختلفة التي بنيت عليها فيما بعد بعض العلوم و المعارف الاسلامية. كما أن كثيرا من الأطباء و اللغويين الذين أرسوا دعائم اللغة العربية، كابن نفطويه و سيبويه و ابن‌مسكويه و مردويه، و غيرهم من العلماء كانوا من تلك البلاد، و منهم غير قليل خدموا الحضارة الاسلامية خدمات لا تنسي. فلو كان كلامكم صحيحا بأن معتقدات الفرس انعكست علي التشيع لكان من الأولي أن تنعكس علي مذاهبكم التي أسسها علماء من الفرس، كما قدمنا ذلك. ولكننا اذا أمعنا النظر في مذهب أهل البيت، و من شادوه عبر التاريخ، و قبل أن ينتقل التشيع الي بلاد فارس، نري أن معظمهم من العرب الذين خاضوا معارك الاسلام العظيمة ضد قوي الكفر و النفاق، نعدد بعض هؤلاء الذين صاحبوا النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أئمة أهل البيت عليه‌السلام و كان لهم الأثر الفعال في نشر التشيع في البلاد الاسلامية و منهم:

اصحاب الامام علي بعد وفاة النبي

1- عمار بن ياسر العنسي، أبواليقظان، صاحب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، من بلاد اليمن، حضر مشاهد النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و حروب الامام علي عليه‌السلام و استشهد بين يديه في معركة صفين سنة 37 ه- و عمره احدي و تسعون سنة [447] . 2- أبوذر الغفاري جندب بن جنادة، من قبيلة غفار، و من السابقين للاسلام مع عمار بن ياسر، توفي في صحراء الربذة قريبا من المدينة المنورة سنة 32 ه-، بعد أن نفاه اليها عثمان بن عفان بسبب قوله الحق علي من شد عن تعاليم النبي صلي الله عليه و آله و سلم ممن عاصروه [448] .= [ صفحه 213] نشر التشيع في بلاد الشام. 3- المقداد بن الأسود الكندي الذي لم يفارق الامام عليا عليه‌السلام حتي وفاته سنة 33 ه- بالجرف قرب المدينة المنورة [449] . 4- خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر، الأوسي الأنصاري، لقبه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ب(ذي الشهادتين)، استشهد بين يدي الامام علي عليه‌السلام في حرب صفين، بعد ما قتل قاتل عمار بن ياسر سنة 37 ه- [450] . 5- حذيفة بن اليمان العنسي صاحب سر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في المنافقين، توفي في المدائن و هو ينتظر قدوم الامام علي ايها بعد أن بايعه و أوصي ابنيه صفوان و سعيد ببيعته [451] . 6- خالد بن زيد أبوأيوب الأنصاري، الذي نزل رسول الل صلي الله عليه و آله و سلم في بيته يوم هجرته من مكة الي المدينة. شارك في غزوات النبي كلها، و شارك الامام علي عليه‌السلام حروبه، و توفي و دفن في القسطنطنية (استانبول) سنة 55 ه- [452] . 7- خالد بن سعيد بن العاص، الذي كان أحد اثني عشر رجلا امتنعوا عن بيعة أبي‌بكر، و اعتكفوا مع الامام علي عليه‌السلام في بيته حتي أكره علي المبايعة، كما كان خامسا في دخول الاسلام، و قد استشهد سنة 14 ه- في وقعة أجنادين [453] . 8- مالك بن الحارث الأشتر النخعي، أدرك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و كان رئيس قومه، شترت عينه في اليرموك فلقب بالأشتر، حضر مع الامام علي [ صفحه 214] معركتي الجمل و صفين ثم ولاه علي مصر سنة 38 ه-، فدس له معاوية بن أبي‌سفيان السم عن طريق دهقان العريش، و استشهد هناك [454] . 9- محمد بن أبي‌بكر حضر حروب الامام علي عليه‌السلام، ثم ولاه علي مصر، و هناك حاصره عمرو بن العاص، ثم قتله معاوية بن حديج، و أحرقه في جيفة حمار لكونه من أنصار علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام [455] . 10- أويس بن عامر القرني الزاهد المشهور، من خيار التابعين، استشهد بين يدي الامام علي عليه‌السلام في صفين سنة 37 ه- [456] . 11- حجر بن عدي الكندي، صاحب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، كان مستجاب الدعوة، حضر صفين مع الامام علي عليه‌السلام، و استقدمه معاوية بن أبي‌سفيان اليه للبراءة من الامام علي عليه‌السلام مع ستة من أصحابه، فلم يفعل، فقتله صبرا في مرج العذراء قرب دمشق 51 ه- [457] . و دفن هناك. و له فيها قبر يزار. 12- عبدالله بن عفيف الأزدي، الذي ذهبت عينه الأولي في معركة الجمل، و الثانية في صفين، كان عابدا لا يكاد يفارق المسجد الأعظم في الكوفة، يصلي فيه الي الليل ثم ينصرف [458] . 13- الأصبغ بن نباتة الأشجعي، ذكره ابن‌حجر العسقلاني بقوله: أخرج ابن‌ماجه حديثه، وروي ابن‌عساكر ما يدل علي أن له ادراكا.. الخ [459] . 14- الحارث بن عبدالله الأعور الهمذاني، من قبيلة همذان في اليمن كان فقيها من كبار علماء التابعين، ذكرت أحاديثه في السنن الأربعة، و ذكره [ صفحه 215] الذهبي في ميزان الاعتدال: أنه من شيعة علي بن أبي‌طالب، و حديثه في السنن الأربعة، مات سنة 65 ه- [460] . 15- أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك ابن‌النجار الأنصاري، يكني أباالمنذر الأنصاري، كان من كتاب الوحي لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و كان من أصحاب العقبة الثانية، شهد مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مشاهده، و استشهد بين يدي الامام علي عليه‌السلام في معركة صفين سنة 37 ه- [461] . 16- عدي بن حاتم الطائي، كان ممن وفد علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم سنة 9 ه- في وفد من قومه، و أصبح من خيار الصحابة، فقئت عينه في صفين، و قتل ابنه محمد في تلك الحرب، ثم توفي سنة 67 ه- و قيل 69 ه- بالكوفة و هو ابن 120 سنة [462] . 17- زيد بن أرقم الخزرجي، شهد غزوات النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و شهد صفين مع الامام علي عليه‌السلام، توفي و دفن بالكوفة سنة 66 ه- [463] . 18- كميل بن زياد بن نهيك النخعي، أدرك من الحياة النبوية 18 سنة، شهد صفين مع الامام علي عليه‌السلام، و كان فيمن قتله الحجاج من أصحاب علي عليه‌السلام لهذا السبب [464] . 19- محمد بن أبي‌حذيفة بن عتبة بن ربيعة القرشي، حبسه معاوية بن أبي‌سفيان بعد استيلائه علي مصر، ثم هرب من السجن باتجاه حوران، فقبض عليه، و قتله في تلك المنطقة [465] . 20- عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب، شهد مع النبي صلي الله عليه و آله و سلم أحدا، [ صفحه 216] و ما بعدها من المشاهد، شهد مع الامام علي عليه‌السلام النهروان و صفين، و كان من أشد الناس دفاعا عن أهل البيت، و عندما أصبح كفيفا في أواخر حياته كان لسانه سلاحه الوحيد يلذع به بني أمية كلذع السياط في سبيل اظهار فضائل أهل البيت عليهم‌السلام. توفي سنة 65 ه- و قيل 68 ه- بالطائف و دفن فيها [466] . 21- البراء بن عازب بن الحارث الخزرجي الأنصاري، حضر مع النبي صلي الله عليه و آله و سلم 15 غزوة، و كان مع الامام علي عليه‌السلام في حربه ضد الخوارج، و كان رسوله اليهم مع عبدالله بن عباس. توفي امارة مصعب بن الزبير [467] . 22- ظالم بن عمرو أبوالأسود الدؤلي، كان من سادات التابعين و أعيانهم، و من الفقها، و الشعراء، و كان قاضي البصرة، صحب الامام عليا عليه‌السلام و حضر معه صفين، قال له الامام علي عليه‌السلام: الكلام كله ثلاث أضرب: اسم و فعل و حرف، ثم رفعه اليه و قال له: انح هذا النحو (أي تمم علي هذا). و في قول آخر قال له: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت. فكان أبوالأسود أول من وضع علم النحو، و توفي سنة 99 ه- و قيل غير ذلك [468] . و قد كان عدد أصحاب الامام علي عليه‌السلام من أهل المدينة المنورة (4000) شخص، منهم (800) من الأنصار. و من أهل بيعة الرضوان (700)، و من أهل بدر (130) [469] . و من أهل معركة صفين كان مع الامام علي عليه‌السلام من أهل بدر (100)، و من أهل بيعة الشجرة (800)، قتل منهم (360) صحابي [470] . و من المعروف بأن أصحاب الامام علي عليه‌السلام الذين حضروا معاركه أو [ صفحه 217] استشهدوا بين يديه أو من أجله، هم من مواليه، و من الذين قام التشيع علي أكتافهم، و لولا أنهم كذلك لاعتزلوا القتال معه و الوقوف بصفه أو بصف أعدائه كما فعل سعد بن أبي‌وقاص، و أبوهريرة، و عبدالله بن عمر، و غيرهم من بعض الصحابة.

من أصحاب الامام الحسن

1- عمرو بن الحمق الخزاعي، و هو من السابقين الذين رجعوا الي أميرالمؤمنين علي عليه‌السلام و كان من أصفيائه، و بقي كذلك مع الامام الحسن عليه‌السلام حتي قتله عبدالرحمن بن عبدالله الثقفي و بعث برأسه الي معاوية بن أبي‌سفيان، فكان أول رأس يطاف به في الاسلام [471] . 2- عبدالله بن جعفر بن أبي‌طالب بن عبدالمطلب بن هاشم أبومحمد أو أبوجعفر، أمه أسماء بنت عميس الخثعمية، ولد بأرض الحبشة، لما هاجر أبواه اليها مع المسلمين الأوائل، كان أحدا أمراء الامام علي عليه‌السلام يوم صفين، و كانت زوجته السيدة زينب بنت الامام علي عليه‌السلام، و كان يقال له قطب السخاء، توفي سنة 87 ه- و له تسعون سنة [472] . 3- صعصعة بن صوحان بن حجر بن الحارث العبدي، من سادات العرب و فصائحهم، و من الملازمين للامام علي عليه‌السلام، كان كلامه علي معاوية كلذع السياط، لأنه لم يخف في الله لومة لائم، شهد معركة الجمل مع أخويه زيد و سيحان، و كانت راية قومهم بأيديهم يوم الجمل مع الامام علي عليه‌السلام، حملها سيحان أولا حتي قتل ثم حملها زيد حتي قتل ثم حملها صعصعة [473] . 4- سليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي كان شيخا متعبدا هرب من الحجاج، و لجأ لأبان بن أبي‌عياش، فآواه، و مات عنده في عهد الامام محمد [ صفحه 218] ابن‌علي الباقر عليه‌السلام، بعد أن عاصر خمسة من أئمة أهل البيت، وروي عنهم [474] . 5- لوط بن يحيي بن سعيد بن مخنف بن مسلم، الأزدي الكوفي، يكني أبامخنف، صاحب السير و المؤلفات الكثيرة [475] .

من أصحاب الامام الحسين

1- سليمان بن صرد الخزاعي: أدرك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم [476] ، و كان اسمه في الجاهلية يسارا، فسماه النبي صلي الله عليه و آله و سلم سليمان، حضر الجمل و صفين مع الامام علي صلي الله عليه و آله و سلم، و كان أمير ثورة التوابين الذين ثاروا ضد الأمويين ثأرا للامام الحسين عليه‌السلام، و قتل في سبيل ذلك يوم عين الوردة بالجزيرة سنة 65 ه- و هو ابن 93 سنة [477] . قال عنه الذهبي: انه من شيعة علي ثم الحسن ثم الحسين. 2- حبيب بن مظاهر الأسدي الكندي: تابعي، من القواد الشجعان، صحب الامام علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام في حروبه كلها، و كان علي ميسرة الامام الحسين عليه‌السلام يوم كربلاء، حتي استشهد بين يديه و عمره خمس و سبعون سنة [478] . 3- مسلم بن عقيل بن أبي‌طالب بن عبدالمطلب: تابعي من ذوي الرأي و العلم و الشجاعة انتدبه الامام الحسين عليه‌السلام ليأخذ له البيعة من أهل الكوفة حين وردت اليه كتبهم، و قبض عليه هناك عبيدالله بن زياد و قتله سنة 60 ه- [479] . 4- مسلم بن عوسجة الأسدي، من أبطال العرب في مصدر الاسلام، [ صفحه 219] شهد يوم أذربيجان، و غيره من أيام الفتوح، و استشهد بين يدي الامام الحسين عليه‌السلام في كربلاء في العاشر من المحرم من عام 61 ه- [480] . 5- ميثم بن يحيي التمار الأسدي: كان من أصحاب الامام علي عليه‌السلام، و بقي بعد استشهاد الامام في الكوفة يحدث بفضائل أهل البيت عليهم‌السلام حتي قبض عليه عبيدالله بن زياد، و صلبه علي باب عمرو بن حريث بالكوفة، ثم طعنه بحربة و ذلك قبل مجي‌ء الامام الحسين عليه‌السلام الي الكوفة بعشرة أيام [481] . 6- المختار بن أبي‌عبيدة الثقفي الذي استضاف مسلم بن عقيل بن أبي‌طالب مبعوث الامام الحسين عليه‌السلام الي أهل الكوفة، فقبض عليه عبيدالله بن زياد، و ضربه و شتر عينه، و أمر بن الي السجن، و عندما أفرج عنه بعد انتهاء معركة كربلاء و استشهاد الامام الحسين قام بالثورة علي الأمويين مطالبا أن تكون الخلافة في أهل البيت عليهم‌السلام، فدانت له الكثير من المدن. استطاع أن يكون فيها حكومة اسلامية استأصل فيها قتلة الامام الحسين عليه‌السلام، و بعث برؤوسهم الي الامام علي بن الحسين زين العابدين، ولكن سرعان ما قضي الأمويون عليه في معركة المذار سنة 67 ه- 7- أبناء عبدالله بن جعفر بن أبي‌طالب: علي وعون الأكبر و محمد و عباس من السيدة زينب بنت الامام علي عليه‌السلام، و عون الأصغر من جمانة بنت المسيب الفزاري، استشهدوا مع الامام الحسين عليه‌السلام في كربلاء. 8- أبناء الامام علي عليه‌السلام من غير فاطمة الزهراء و هم: العباس - عبدالله - جعفر - عثمان أولاد فاطمة أم‌البنين، استشهدوا جميعا في كربلاء [482] . 9- الطرماح بن عدي كان من الموالين المخلصين للامام علي عليه‌السلام و رسوله الي معاوية بن أبي‌سفيان، ثم بقي مع الامام الحسن عليه‌السلام، ثم الامام [ صفحه 220] الحسين عليه‌السلام الي أن جرح و سقط بين يديه يوم عاشوراء، و كان به رمق فأخذه قومه و داووه، و فبري‌ء و عوفي و بقي علي حبه و موالاته لآل البيت الي أن مات [483] .

من أصحاب الامام علي زين العابدين

1- زيد بن الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام، ذكره ابن‌حبان في الثقات، و أنه كان من سادات بني هاشم، و كان يتولي صدقات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بالمدينة [484] . 2- يحيي بن أم‌الطويل المطعمي، نسبة الي جده مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، طلبه الحجاج بن يوسف الثقفي، فجي‌ء به اليه و أمره بلعن الامام أميرالمؤمنين عليه‌السلام فأبي، فقطعوا يديه و رجليه ثم قتل في سبيل موالاته لأهل البيت عليهم‌السلام [485] . 3- ابراهيم بن يزيد بن الأسود بن عمر بن ربيعة أو عمران النخعي الكوفي، تابعي فقيه، توفي سنة 96 ه- [486] . 4- بكر بن أوس، أبوالمنهال، الطائي البصري. 5- رشيد الهجري: قال عنه الحافظ الذهبي في التذكرة: قتل زياد رشيد الهجري لتشيعه، فقطع لسانه، و صلبه، كان من خواص الامام علي عليه‌السلام تعلم منه علوما كثيرة، قطع لسانه عبيدالله بن زياد لكثرة ما كان يحدث من فضائل أهل البيت عليهم‌السلام، ثم صلبه علي نخلة في الكوفة [487] . و من أصحاب الامام محمد الباقر عليه‌السلام: 1- جابر بن عبدالله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري، من [ صفحه 221] المعمرين و الصحابة الذين صاحبوا النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أئمة أهل البيت عليهم‌السلام، غزا تسع عشرة غزوة مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، توفي في عهد الامام الباقر عليه‌السلام سنة 78 ه-، و هو ابن‌أربع و تسعين [488] . 2- جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي أبو عبدالله، تابعي من أهل الكوفة، أثني عليه معظم رجال الحديث، و اتهمه آخرون لقوله عند الحديث عن الامام علي عليه‌السلام، أو الامام الباقر عليه‌السلام: حدثني وصي الأوصياء، و كان يقول عندي سبعون ألف حديث عن أبي‌جعفر عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم [489] . 3- ثابت بن دينار الثمالي، يكني أباحمزة الكوفي: توفي سنة 150 ه-. ذكر النجاشي أنه كان من خيار أصحاب الأئمة عليهم‌السلام وثقاتهم. و قال عنه الامام جعفر الصادق عليه‌السلام: أبوحمزة في زمانه مثل سلمان في زمانه. و قد عاصر أبوحمزة الثمالي الأئمة الثلاثة وروي عن: الامام زين العابدين - الامام محمد الباقر - الامام جعفر الصادق [490] ، جرحه ابن‌معين، لتشيعه و ولائه لأهل البيت عليهم‌السلام. 4- الليث بن البختري المرادي، أبويحيي، يكني أبابصير، كوفي صاحب الباقر و الصادق و الكاظم عليهم‌السلام [491] .

من أصحاب الامام جعفر الصادق

1- جابر بن حيان بن عبدالله الكوفي، أبوموسي، تتلمذ علي يد الامام جعفر الصادق عليه‌السلام، و وضع مؤلفات كثيرة في الفلسفة و الكيمياء بلغ مجموعها 232 كتابا، تؤلف موسوعة علمية، تحتوي علي خلاصة ما توصل اليه من العلوم. توفي سنة 200 ه- [492] . [ صفحه 222] 2- زيد بن الامام علي زين العابدين عليه‌السلام، الثائر علي بني‌أمية، ولد سنة 78، مدحه أخوه الامام محمد الباقر عليه‌السلام بقوله: لقد أنجبت أم ولدتك يا زيد، اللهم أشدد أزري بزيد [493] . 3- أبان بن تغلب الربعي الكوفي، من أشهر علماء الاسلام، و يقول عنه الرواة: انه اذا قدم الي يثرب تفوضت اليه الحلق، و أخليت له سارية النبي صلي الله عليه و آله و سلم و ذلك للاستماع الي حديثه و ما يرويه عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام قال عنه الذهبي: انه شيعي جلد، لكنه صدوق.. [494] . كانت وفاه سنة 141 ه-. و لما بلغ الخبر الي الامام جعفر الصادق عليه‌السلام قال عنه: «لقد أوجع قلبي موت أبان». 4- عمرو بن عبدالله بن علي، أبواسحق السبيعي الهمداني الكوفي، من أعيان التابعين، رأي الامام عليا عليه‌السلام، و ابن‌عباس و غيرهم من الصحابة، و كان كثير الرواية، صاحب من لقيه من أئمة أهل البيت عليهم‌السلام، حتي توفي سنة 129ه- [495] . هؤلاء بعض أصحاب الأئمة الستة الأوائل من أهل البيت عليهم‌السلام، أتينا بأسمائهم علي سبيل المثال، و أوجزنا في ذلك خشية الاطالة، فمن أراد التعرف علي بقية الأصحاب فليراجع ذلك في كتب التراجم و الرجال.

قصة تشيع ايران

اعتنق السلطان المغولي محمد خدا بنده الاسلام، و أصبح يتعبد علي المذهب الحنفي، ثم عرضت له بعد فترة مسألة شرعية جمع لها العلماء [ صفحه 223] الموجودين من المذاهب الأربعة، فاختلفوا في هذه المسألة، و أطالوا البحث فلم يرضه ما سمع منهم، لأنهم لم يصلوا الي قرار يتفقوا به، فذكر له أحد وزرائه علماء الشيعة الموجودين في ذلك العصر، و علي رأسهم ابن‌المطهر العلامة الحسن بن يوسف الحلي المتوفي سنة 726 ه-/1325 م، فقال له العلماء: ان له مذهبا باطلا، فأجابهم السلطان أحضروه و نري أمره. و بعد أن بعثوا في طلبه الي النجف الأشرف في العراق و جاء العلامة الحلي، دخل المجلس حاملا نعليه قائلا: السلام عليكم، ثم جلس قرب السلطان دون أن يكون رآه من قبل، عند ذلك وجد علماء المنطقة فرصة للنيل منه، لأنه تصرف بهذا الشكل، فقالوا للسلطان: ألم نقل لك انهم ضعفاء العقول؟! فقال لهم السلطان: سلوه عن كل ما فعل. فقال له من في المجلس: لم تركت الآداب و لم تخضع للسلطان؟ و كان من مراسم الدخول علي السلطان الانحناء ثم تقبيل الأرض بين يديه. فأجابهم العلامة الحلي: ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كان سلطانا فكان يسلم عليه، و قال الله تعالي: (فاذا دخلتم بيوتا فسلموا علي أنفسكم تحية من عندالله مبركة طيبة) [النور/61]، و لا خلاف بيننا و بينكم أنه لا يجوز السجود لغير الله. قالوا له: لم جلست عند الملك؟! قال: لم يكن مكان غيره. فسألوه: لماذا حملت معك حذاءك؟! فأجاب: ربما يقال ان شافعيا كان في عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يسرق الأحذية، فيسرق الحذاء. فهلل و كبر المجلس كله و قالوا: انه لم يكن الشافعي و أتباعه في عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. [ صفحه 224] قال: ربما حنبليا. قالوا: و لا الحنبلي. قال: أو مالكيا. قالوا: و لا مالكيا. قال: أو حنيفا. قالوا: و لا حنيفا. فقال لهم حينئذ: اذا لم تكن علي عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم هذه المذاهب المختلفة فمن أين جئتم بها؟ و ما الحجة لكم باتباعها و لم تروا النبي صلي الله عليه و آله و سلم و لا أخذتم من أهل بيته أو أوصيائه الذين نصبهم الله بعد النبي صلي الله عليه و آله و سلم حفظة للشرع و الأمة من الضلال؟. بعد ذلك سأله السلطان حول مسألته في طلاق زوجته ثلاثا، فأجابه العلامة الحلي بجوابه و ألزمهم جميعا دون أن يحروا جوابا أو يردوا عليه. ثم اتسع البحث حتي تناول مسألة الامامة، فأفحمهم الشيخ و أثبت أقواله بالأدلة و البراهين القاطعة، فأعجب السلطان بما سمع واقتنع بهذا الكلام فأعلن عن تشيعه في ذلك المجلس، و تشيع معه بعض من في المجلس، و عند ذلك أقام السلطان مذهب أهل البيت عليهم‌السلام كمذهب معترف به لمن يريد أن يتعبد به في كل البلاد، و خطب بأسمائهم، كما ضرب السكة النقدية بذلك، و أجري المدرسة السيارة بخدمة الشيخ تجوب معه أنحاء البلاد يخطب و يعلم و يدرس و يؤلف. و مع انشتار التشيع في ايران لم ينس السلطان علماء المذاهب الأربعة و أتباعهم و لم يبخسهم حقهم [496] ، و لا زالوا حتي الآن - رغم أنهم أقلية في ايران - يتمتعون بكامل حقوقهم. و علي كل حال فان الفرس في القرن العشرين يرفعون راية الاسلام كما يرفعها غيرهم من الشعوب، و لا نستطيع تكذيبهم في ذلك و لو كانوا دخلوا [ صفحه 225] الاسلام مكرهين للانتقام منه. كما تدعي الموسوعة - لتخلوا عنه مع مرور الزمن، كما تخلت أسبانيا و صقليا و جنوب فرنسا و غيرها من الدول التي دخلتها جيوش المسلمين عبر التاريخ. [ صفحه 226]

علاقة الشيعة بالعقائد الآسيوية الأخري

تتحدث الموسوعة عن الفكر الشيعي، و علاقته بالعقائد الأخري فتقول: - (اختلط الفكر الشيعي بالفكر الوافد من العقائد الآسيوية كالبوذية و المانوية و البرهمية، و قالوا بالتناسخ و الحلول) [497] . لقد تعرفنا علي الشيعة الامامية فيما مضي من الموضوعات التي مرت معنا، و لابد من التعرف علي البوذية و المانوية و البرهمية و نعرف ما هي العلاقة بينهم و بين الشيعة، و كيف ربطتهم الموسوعة مع بعضهم بعضا. 1- البوذية: هي ديانة موجودة في شبه القارة الهندية و بعض المناطق المجاورة لها، منسوبة الي أحد حكماء الهند الذي عاش بين عام 486-566 ق.م اسمه بوذا غوتما و ليس له أي علاقة باحدي الرسالات السماوية، بل دعا الناس الي الزهد و ترك الشهوات، و الألم و التوجه للفناء التا و المساواة الروحية بين الناس دون النظر الي وضعهم الاجتماعي، فكانت بذلك عبارة عن احتجاج فكري ضد ديانة البراهمة الطبقية [498] . 2- المانوية: هذه الديانة منسوبة الي أصحاب ماني بن فاتك، الحكيم الذي ظهر في زمن شابور بن اردشير، بعد النبي عيسي عليه‌السلام بفترة، و كان ماني هذا يقول بنبوة السيد المسيح عليه‌السلام دون نبوة موسي عليه‌السلام، و كان في الأصل مجوسيا يؤمن بالنور و الظلمة. و كل شي‌ء في الوجود ينقسم عنده علي هذا النحو، فأحدث بذلك ديانة جديدة بين المجوسية و النصرانية. قتله بهرام بن [ صفحه 227] هرمز بن شابور [499] . 3- البرهمية أو البراهمة: هذه الديانة منسوبة الي براهما، الذي نفي النبوات، وادعي استحالة بعث الأنبياء عليهم‌السلام عقلا، لأن اتباع العقل عنده يغني عن وجود الأنبياء و قال: ان من أكبر الكبائر في الرسالة اتباع رجل هو مثلك في الصورة و النفس و العقل يأكل مما تأكل و يشرب مما تشرب حتي تكون بالنسبة اليه كجماد أو كحيوان.. أو كعبد. كما اعتمدت هذه الديانة علي التقسيم الطبقي للمجتع و شجعت عليه [500] و أتباع هذه الديانة يعيشون في شبه القارة الهندية، و ا جاورها. من خلال هذا العرض الموجز لهذه الديانات الثلاث غير السماوية، أريد أن أعرف من سماحة كتاب الموسوعة: ما هو وجه الربط، و ما هي العلاقة بينهم و بين الشيعة الامامية الذين ذكرتهم الموسوعة في التعريف بأنهم من المسلمين الذين تمسكوا بحق علي!. ثم ذكرتهم في أبواب أخري، أنهم يؤمنون بأئمة اثني عشر من أبناء الامام علي عليه‌السلام، فهل يكون من يؤمن بهذه العقائد السماوية المنزلة من قبل الله عزوجل قد اختلط فكره بفكر واحد من هذه الديانات الثلاث التي ما أنزل الله بها من سلطان!، انكم بهذا الاتهام تتهمون الامام عليا عليه‌السلام و من قبله النبي صلي الله عليه و آله و سلم اذ أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم هو صاحب التشريع الاسلامي و علي بن أبي‌طالب حافظه من بعده و الأئمة المعصومون من أهل البيت عليهم‌السلام بعد ذلك، فمن يتهم الشيعة في عقائدهم، فهو يتهم هؤلاء، لأن الشيعة أخذوا عنهم، و منهم كما بينا سابقا - و لم يستبدلوا بهم أحدا. لقد كان أئمة أهل البيت عليهم‌السلام و شيعتهم المثل الأعلي للذين دافعوا [ صفحه 228] عن الاسلام، و وقفوا عبر التاريخ و صمدوا في وجه الأحاديث الاسرائيلية و الموضوعات التي سمح الخلفاء بنشرها، و كانوا يجلسون يستمعون اليها، و القصاصون يتكلمون بها علي المنابر، ليزيدوا من محبة المسلمين للاستماع الي أمثال هؤلاء الناس، و مثال ذلك: 1- كعب الأحبار: كان يهوديا و أسلم في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، و أصبح عنده من الشخصيات المرموقة و المقربين لديه، يحدث عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ما يعرفه من التوراة آناء الليل و أطراف النهار، و ينشر ما يريد عن أسلافه اليهود، بعدما سمح له الخليفة باعطاء درس لمدة ساعة قبل صلاة الجمعة علي منبر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في المدينة، و بقي كذلك في عهد الخليفة عثمان بن عفان، لكنه طرد من مجلسه في زمن الامام علي عليه‌السلام، ثم عاد اليه في زمان معاوية بن أبي‌سفيان الذي أظهر المزيد من الاهتمام بكعب، و ألقي عليه الأوسمة و النياشين المتعددة لعلمه الغزير الذي يرويه من التوراة، ثم جعله حكما بينه و بين بعض الصحابة في نقاشاته و مجالسه الدينية [501] . 2- تميم الداري: الذي هو في نظر عمر بن الخطاب خير أهل الأرض في المدينة المنورة، طلب من الخليفة أن يقص في مسجد النبي صلي الله عليه و آله و سلم، فسمح له ساعتين في كل جمعة قبل الخطبة، فاستزاده يوما آخر، فزاده، فلما تولي الخليفة عثمان بن عفان زاده يوما آخر، و كان تميما ينقل أقاصيصه من اليهود و النصاري [502] . 3- عبدالله بن سلام و ثعلبة و ابن‌يامين و أسد و أسيد ابني كعب، و سعيد ابن‌عمر، و قيس بن زيد، الذين كانوا يهودا و بعد اسلامهم جاؤوا الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقالوا: يا رسول الله، يوم السبت كنا نعظمه، فدعنا فلنسبت فيه، و ان التوراة كتاب الله، فدعنا فلنقم بها الليل، فنزلت الآية المباركة: [ صفحه 229] (يأيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كآفة) [البقرة/208]. و تشير النصوص التاريخية الي أن هؤلاء الجماعة و غيرهم من الذين أسلموا من أهل الكتاب، قد استمروا علي تعظيمهم للتوراة و الانجيل، و أخذوا يدخلونها بين المسلمين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حسبما يتسطيعون [503] و من شاء متابعة هذه الأمور بشكل أكبر فليراجع كتب القصاصين و السير [504] ليري بأن سلمان رشدي الذي وضع كتابه (الآيات الشيطانية) و أمثال رشدي ممن يتهجم علي الاسلام و المسلمين في كتاباته، أخذوا من أمثال هذه الكتابات التوراتية اليهودية التي تصدي لها أئمة أهل البيت عليهم‌السلام بكل قوة، و تبعهم موالوهم و شيعتهم في ذلك، و أنفقوا كل غال و نفيس في سبيل الحفاظ علي بيضة الاسلام و رأب الصدع. لذلك أقول قبل أن تتهموا الشيعة و تقولون بأنهم أصحاب علاقة باليهود في عقائدهم طهروا كتبكم ورواة الحديث عندكم كما تفعل الشيعة فقط، و حاسبوا حكامكم علي التعامل معهم و اجعلوا دأبكم جهادهم في كل زمان و مكان، و سترون كيف تتحرر فلسطين و بقية الأراض المحتلة، كما تفعل الشيعة في جنوبي لبنان و العراق و ايران. أما عن قولكم «أن الشيعة تأخذ بالتناسخ و الحلول»، فهو دعوي بغير دليل، بل علي العكس من ذلك، فانهم حاربوا هذه القضية التي دخلت الي الاسلام عن طريق ترجمة الكتب الهندية و الشرقية القديمة خاصة و أن هذه المسألة تتعارض مع أصول الدين الخمسة التي تؤمن بها الشيعة الامامية و هي: (التوحيد - العدل - النبوة - الامامة - المعاد). و بالتأكيد عندما يكون هناك تناسخ تبطل فكرة المعاد، و لا يكون هناك [ صفحه 230] فائدة من يوم القيامة، و حساب الناس [505] .

علاقة الشيعة باليهود

و قولكم: (استمد التشيع أفكاره من اليهودية التي تحمل بصمات وثنية آشورية و بابلية) [506] . انه قول متناقص مع نفسه و مع سابقه، فمن ناحية تناقصه مع نفسه لأن اليهودية دياية سماوية، و أصحابها أتباع النبي موسي عليه‌السلام، و كتابهم التوراة التي حرفوها و قولهم: عزير ابن الله كما يذكر القرآن الكريم [507] . أما الوثنية: فهي ديانة وضعية من فعل البشر، و ليست سماوية، كانت موجودة قبل الاسلام في عبادة الأصنام المصنوعة من الحجارة و الخشب ليتقرب بها الي الله، كما ذكر القرآن الكريم ذلك، و قد عبد الأصنام أقوام، و جماعات مختلفة في العالم، منهم الآشوريون و البابليون، و لهذا نري أن اليهودية ليس لها علاقة بالآشوريين و البابليين بل علي العكس من ذلك. فقد دخل الملك الكلداني البابلي بختنصر الي القدس، و قتل و سفك دم كثير من اليهود و سبي نساءهم و ذراريهم الي عاصمته بابل [508] . أما أن هذا القول متناقض مع ما سبقه: لأنه ورد أولا، أن التشيع اختلطت أفكاره بالفكر الوافد من العقائد الآسيوية و ذكرنا بطلان هذا الاتهام وزيفه. و الآن نقرأ دعوي أخري هي: أن التشيع استمد أفكاره من اليهودية، أفكار و عبارات متهافتة تدل علي أن من كتبها ليس من أهل العلم الذين يبحثون عن [ صفحه 231] احقاق الحق و تنوير اخوانهم بالمعلومات الدقيقة الصائبة، انما هو يطلق اتهامات و يرغي و يزبد دون وعي لما يقول. فالمهم عنده أن يقول، و يتكلم، و لا يهمه ما يحدث بعد ذلك.

ما هو الشبه بين الشيعة و النصاري

و في الفقرة الأخيرة من موضوع الجذور الفكرية و العقائدية، تتحدث الموسوعة عن الشيعة فتقول: - (أقوالهم في علي بن أبي‌طالب و في الأئمة من آل البيت تلتقي مع أقوال النصاري في عيسي عليه‌السلام، و لقد شابهوههم في كثرة الأعياد، و كثرة الصور، و اختلاق خوارق العادات و اسنادها الي الأئمة) [509] . قال تعالي: (و قالت النصري المسيح ابن الله) [التوبة/30]. و قالت الشيعة: ان الامام عليا عليه‌السلام وصي رسول اله صلي الله عليه و آله و سلم الذي يؤدي ما بذمته، و ينجز وعده، و يقضي دينه، و خليفته و حبيبه و وارث علمه استنادا الي الأحاديث الواردة عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم في كتب السنة و الشيعة كما أوردنا ذلك في الصفحات السابقة من هذا الكتاب. فما هو وجه الشبهة بين ما قالت به النصاري و ادعته في عيسي المسيح و العياذ بالله، و بين ما أخذت به الشيعة من أتباع الامام علي عليه‌السلام. ألم ترووا عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم في كتبكم هذا الحديث: علماء أمتي أفضل من أنبياء بني اسرائيل، و في رواية أخري: علماء أمتي كأنبياء بني اسرائيل [510] . و كما نعلم أن من أنبياء نبي اسرائيل: يعقوب - يوسف - يحيي - زكريا - [ صفحه 232] موسي - عيسي... فاذا كان علماء أمة النبي محمد صلي الله عليه و آله و سلم أفضل عندكم من هؤلاء الأنبياء أو مثلهم - كما تدعون في كتبكم. فلماذا كبر عليكم أن نضع أئمة أهل البيت عليهم‌السلام في منازلهم التي أنزلهم الله فيها؟ و شبهتم أقوالنا فيهم الي أقوال النصاري و لم تشبهوا أقوالكم في خلفائكم أو علمائكم الي طائفة من الطوائف الأخري علي الرغم من ضعف هذه الروايات نقلا و عقلا، بل تمسكتم بها أكثر من التمسك بكتاب الله و غلوتم في الصحابة لدرجة أصبحتم تكفرون من لا يقتدي بهم، و نسيتم الاقتداء برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. و من هذه الأحاديث نورد ما يلي: 1- لو كان بعدي نبي لكان عمر [511] . 2- ما تأخر علي الوحي مرة الا و ظننت أنه نزل علي ابن‌الخطاب. كذلك غلو عمر بن الخطاب حين ادعي أن رسول الله لا يموت، و لم يذعن لابن أم‌مكتوم عمر بن قيس بن زائدة.. لما قرأ عليه الآية الشريفة: (و ما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفاين مات أو قتل انقلبتم علي أعقبكم) [آل عمران/144] و لما وجد العباس بن عبدالمطلب اصرار عمر بن الخطاب و تهديده للناس ان قالوا بموت النبي صلي الله عليه و آله و سلم، خرج علي الناس فقال: هل عندكم عهد من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فليحدثنا؟ قالوا: هل عندك يا عمر من علم؟ قال: لا، و استمر الحوار بين العباس و عمر حتي جاء أبوبكر و قرأ له الآية. فسكت عمر بعد ذلك [512] ، و هناك الأحاديث الكثيرة عندكم و التي تعبر عن غلوكم في الصحابة و العلماء علي مر التاريخ و قد ذكرنا ذلك سابقا في موضوع الغلو في موضوع الاسلام. و عرضها مفصلا الشيخ الأميني في موسوعته (الغدير في الكتاب و السنة و الأدب). [ صفحه 233]

الاعياد عند الشيعة

أما كثرة الأعياد الموجودة عند الشيعة فهي مصداق قوله تعالي: (ذلك و من يعظم شعئر الله فانها من تقوي القلوب) [الحج/32].و احياء لسنة رسوله صلي الله عليه و آله و سلم و أئمة أهل البيت عليهم‌السلام و ذلك من خلال حديث الامام جعفر الصادق عليه‌السلام: «أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا». ان متابعة النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أهل بيته في أفراحهم و أحزانهم، و الاعتناء بالمناسبات الاسلامية، له فضل كبير في هداية المجتمع و تعريفه بآثار الاسم و مبادئه و نشر الفضيلة و الأخلاق الحميدة و تعلق الناس بالمثل الأعلي، حيث تعقد فيها المجالس الدينية و الندوات و المحاضرات. و ان المجالس التي تقام في هذه المناسبات لهي أفضل من المدارس و من وسائل الاعلام المجيرة لمصلحة الغرب، لأن أهم وظائفها الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و تعليم المسلمين أمور دينهم كما تعلم الطفل منذ نعومة أظفاره السيرة الطيبة في المجتمع، و ترطبه بالقدوة الحسنة و المثل الأعلي الذي يقتدي به، و ألا و هم أهل بيت النبوة. لقد كان التاريخ من مقدم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي المدينة، و كذا قال الأصمعي: انما أرخوا من ربيع الأول شهر الهجرة، وروي الحاكم في الاكليل من طريق ابن‌جريج عن أبي‌سلمة عن ابن‌شهاب الزهري: أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لما قدم المدينة أمر بالتاريخ فكتب في ربيع الأول [513] ، وروي عمرو بن دينار عن ابن‌عباس قال: كان التاريخ في السنة التي قدم فيها النبي صلي الله عليه و آله و سلم المدينة و فيها ولد عبدالله بن الزبير [514] و قد صحح الحاكم هذا الحديث علي شرط مسلم. [ صفحه 234] وروي مالك بن أنس عن السهيلي أن أول السنة الاسلامية ربيع الأول لأنه الشهر الذي هاجر فيه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم [515] . و قال الصاحب بن عباد عن هجرة النبي صلي الله عليه و آله و سلم: دخل المدينة يوم الاثنين لاثني عشرة خلت من ربيع الأول و كان التاريخ من ذلك ثم رد الي المحرم [516] . و ذكر ياقوت الحموي في شرحه لمسجد التقوي و الآية التي نزلت فيه: غير أن قوله من أول يوم يقتضي مسجد قباء لأن تأسيسه كان في أول يوم من حلول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم دار هجرته و هو أول التاريخ للهجرة المباركة و لعلم الله تعالي بأذن ذلك اليوم سيكون أول يوم من التاريخ، سماه أول يوم [517] . و عن سهل بن سعد أنه قال: أخطأ الناس في العدد ما عدوا من مبعثه و لا وفاته، انما عدوا من مقدمه المدينة [518] . و قد ذكر المؤرخون أن الصحابة كانوا يعدون بالأيام ثم بالأشهر ثم بالسنين من مهاجره صلي الله عليه و آله و سلم الذي هو شهر ربيع الأول، كما أن كتابات النبي و رسائله التي بعثها الي الأمراء و الملوك المعاصرين له و الي ولاته علي المناطق، كانت تؤرخ كذلك. و قد حول عمر بن الخطاب رأس السنة الهجرية من بداية ربيع الأول الي بداية محرم الذي كان مبدأ السنة القمرية في الجاهلية و ذلك بحجة ابتداء العزم علي الهجرة من محرم. و مما يؤيد هذا الكلام ما نقله ابن‌شهر آشوب عن الطبري و مجاهد في تاريخهما بعد أن نسي الناس التعامل بالتاريخ الهجري: جمع عمر بن الخطاب الناس يسألهم من أي يوم نكتب فقال الامام علي صلي الله عليه و آله و سلم: «من يوم هاجر [ صفحه 235] رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم» [519] . و كذلك فان اليعقوبي ينقل بأن الامام عليا عليه‌السلام يشير علي عمر بن الخطاب بالتأريخ من الهجرة [520] و ينقل هذا الحديث الحاكم في مستدركه من طريق سعيد بن المسيب قائلا: هذا حديث صحيح الاسناد علي شرط الشيخين و لم يخرجاه [521] للاستزادة حول هذا الموضوع يراجع كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم للسيد جعفر مرتضي العاملي في الجزء الرابع منه طباعة دار الهادي في بيروت. [ صفحه 236]

استعمال الصور في الاسلام

أما كثرة الصور فأنتم أولي بهذه المسألة من الشيعة لأن خلفاءكم و ملوككم عبر التاريخ اعتنوا بهذه المسألة الي درجة تفوق حد التصور، فجعلوا الصور التي يحبونها أو صورهم الشخصية علي السكة النقدية و مثال ذلك: تحويل السكة النقدية التي ضربت 40 ه- في عهد الامام علي عليه‌السلام التي كان قد كتب عليها: - في الجانب الأول - محمد رسول الله أرسله بالهدي و دين الحق ليظهره علي الدين كله و لو كره المشركون، و في الجانب الآخر: لا اله الا الله وحده لا شريك له [522] . حول معاوية بن أبي‌سفيان هذه السكة النقدية سنة 41 ه- بعد استيلائه علي الحكم الي سكة جديدة ضربت علي الطريقة الكسروية (الفارسية المجوسية) و قد نقش عليها صورته متقلدا سيفه (علي جانب) و علي الجانب الآخر: تصوير (خسرو أبرويز) من ملوك الأمبراطورية الفارسية قبل الاسلام. و قد كتب علي النقد من جانبه الأيمن داخل الدائرة بالخط البهلوي (معاوية أميرورويش نيكان) أي معاوية أميرالمؤمنين، و خارج الدائرة بالخط الكوفي بسم الله، و علي جانبه الأيسر بالخط البهلوي (أفزوتو). و علي الوجه الآخر: تصوير لبيت النار و علي طرفيه الرجلان المراقبان للنار، و قد كتب داخل الدائرة علي الجانب الأيمن بالخط البهلوي كلمة (دان) المخففة من دار ابجرد - [ صفحه 237] مدينة الضرب - و علي الجانب الأيسر (يه جهل) أي 41 سنة الضرب [523] . و علي كل حال فان استعمال معاوية بن أبي‌سفيان الصور بهذه الطريقة علي النقود لتخليده في التاريخ و تعريف الناس بهواياته و اعتقاداته، ليست فريدة من نوعها، فقد لحق به كثير من الملوك الذين تقتدون بهم اذ حاولوا ترك بصماتهم و آثارهم لتخلدهم حتي في القرن العشرين ماذا فعلتم بنقودكم الورقية و المعدنية؟ ألم تملأ بالصور و كذلك قصوركم التي سكنها الخلفاء و الحكام عبر الترايخ و السجاد و الحصر؟، في زماننا حولتم هذه الصور علي الورق و المجلات و الشعارات لتمتلي‌ء بها الشوراع أيام المناسبات و الاحتفالات، و لا تنسوا النصب التذكارية التي بنيت في كل مكان في الساحات العامة، و زوايا الشوراع، لتخلد فلانا من الملوك أو الخلفاء أو السلاطين. فهل هذه الأمور مهما أفرطتم فيها حلال لكم، و حرام علي غيركم؟ حتي بالمقدار الذي سمح به الشرع لخدمة الدين: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبت من الرزق قل هي للذين ءامنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيمة كذلك نفصل الأيت لقوم يعلمون) [الأعراف/32]. (قل انما حرم ربي الفوحش ما ظهر منها و ما بطن و الاثم و البغي بغير الحق و أن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطنا و أن تقولوا علي الله ما لا تعلمون) [الأعراف/33]. أتساءل مع هذه الوقائع التي أسمع بها و أراها من اهتمامكم بصور حكامكم و نصبهم التذكارية التي تذكرنا بأصنام الجاهلية و الاعتناء بها، ثم أري كيف يعتصر الألم قلوبكم من نشر صور المشاهد المشرفة لأئمة أهل البيت عليهم‌السلام و رموز الأمة و علمائها، و من الاعتناء باقامة و بناء هذه المشاهد و البيوت التي أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه، فتكون منارة للعلم و العلماء، تساهم في اغناء الفكر و التراث الاسلامي و حفظه و نشره في المجتمع. [ صفحه 238] و علي كل حال فان الصور الاسلامية مادة اعلامية كالمناسبات الاسلامية لكل دوره بالتأثير في المجتمع و الدور الفعال في تعلق الأمة بالمثل الأعلي. [ صفحه 239]

الانتشار و مواقع النفوذ

اشاره

تحت عنوان الانتشار و مواقع النفوذ أوردت الموسوعة قولها: تنتشر فرقة «الاثنا عشرية» من الامامية الشيعية الآن في ايران و تتركز فيها، و منهم عدد كبير في العراق، و يمتد وجودهم الي الباكستان، كما أن لهم طائفة في لبنان. أما في سورية فهناك طائفة قليلة منهم لكنهم علي صلة وثيقة بالنصيرية الذين هم من غلاة الشيعة [524] . اذا كان المقصود من ذكر أماكن انتشار الشيعة الامامية بهذه الطريقة التي ذكرتم التقليل و التجاهل فلا أعتقد أن مسألة القلة هي عار، و دليل للطعن بايمان هذه الفئة، بل علي العكس من ذلك فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالي: (و قليل من عبادي الشكور) [سبأ/13]. أما الشاعر العربي السموءل فيقول: تعيرنا أنا قليل عديدنا فقلت لها ان الكرام قليل و ما ضرنا أنا قليل و جارنا عزيز و جار الأكثرين ذليل [525] . كما أن الله تبارك و تعالي يذم الكثرة في موارد متعددة في القرآن كقوله: (أكثرهم للحق كرهون) [المأمنون/75]. (أكثركم للحق كرهون) [الزخرف/78]. [ صفحه 242] و كيفما كان فان الشيعة الامامية مع كثرة عداء الحكام لهم بتشريدهم و سفك دمائهم عبر التاريخ فهم يكادون أن يكونوا ثلث عدد المسلمين في العالم، و لا تكاد توجد دولة في العالم يوجد فيها مسلمون الا و فيها شيعة. فأول بذرة للتشيع انطلقت من مكة المكرمة علي يد الصحابة الأجلاء أبي‌ذر الغفاري، و عمار بن ياسر، و المقداد بن الأسود الكندي، و حمزة بن عبدالمطلب و جعفر بن أبي‌طالب... الخ. ثم انتقل الاسلام الي المدينة المنورة لينتقل معه التشيع و يرعي غراسه النبي صلي الله عليه و آله و سلم بنفسه الشريفة، و تنتشر البذور الأولي علي يد المجاهدين الأوائل من الصحابة، و كذلك الأمر شرقي الجزيرة العربية من الاحساء الي البحرين فالكويت... ثم ينتقل التشيع الي العراق مع انتقال الامام علي عليه‌السلام اليها و تأسيس مدينة الكوفة التي أصبحت عاصمته فيما بعد، فأصبحت بذلك من أكبر معاقل التشيع في ذلك العصر و لا زالت قريبا منها حوزة النجف الأشرف مركز الاشعاع العلمي منذ تأسيسها علي يد الشيخ الطوسي (رضوان الله عليه) في القرن الخامس الهجري و حتي اليوم، و ان مرت بحالات ضمور بسبب الأوضاع السياسية المضطربة. و مع انتقال أبي‌ذر الغفاري الي الشام، حاول جاهدا نشر بذور التشيع في تلك البلاد [526] حتي أن الشيعة في جبل عامل في لبنان يسمون أنفسهم شيعة أبي‌ذر لشدة تأثيره في المنطقة، و نفي بعض أصحاب الامام علي عليه‌السلام الي ساحل بلاد الشام كذلك، و هم مالك الأشتر النخعي، و ثابت بن قيس الهمذاني، و كميل بن زياد النخعي، وزيد بن صوحان، و صعصعه بن صوحان، و عمرو بن الحمق الخزاعي، و حبيب بن كعب الأزدي. فكان نفيهم الي تلك المنطقة في زمن معاوية سببا في انتشار التشيع فيها، و أصبحت فيما بعد مدينة حلب عاصمة [ صفحه 243] الحمدانيين و مركز امارة بني مرداس من معاقل التشيع في المنطقة. كذلك مدينة طرابلس شمالي لبنان التي بنيت فيها دارالعلم التي حوت أكثر من ثلاثة ملايين كتاب في عهد دولة بني‌عمار الذين حكموا المنطقة [527] اضافة الي الذين كانوا يفرون من عمليات القتل و الابادة من أتباع أهل البيت، فانهم التجؤوا الي الثغور و الجبال الموجودة في بلاد الشام و نشروا فيها أفكار أهل البيت عليهم‌السلام مع قبيلة همذان الشيعية التي أكرهت علي ترك الكوفة الي الشام. كما وصل الصحابيان أبوالدرداء و سلمان الفارسي الي مدينة بيروت للمرابطة و الجهاد ضد الروم، و أبوأيوب الأنصاري الي مدينة أنطاكية، لتصبح بلاد الشام كلها شيعة امامية تؤذن كلها (حي علي خيرالعمل)، حتي جاء صلاح الدين الأيوبي فقضي علي ما استطاع القضاء عليه من التشيع فيها باسم الاسلام [528] ثم جاء بعده الظاهر بيبرس ليكمل ما ابتدأه الأول و ذلك في عام 665 ه-1267 م [529] و مع ذلك لم يستطيعوا القضاء عليهم، فلا زالوا حتي الآن شوكة في أعين الصهاينة المحتلين في جنوبي لبنان و بقاعه الغربي. أما ايران التي تعد في القرن العشرين أكبر معاقل التشيع في العالم و مركز الحوزة العلمية بعد اضعاف حوزة النجف الأشرف، فان التشيع وصلها عندما أرغم عبيدالله بن زياد خمسين ألفا من الشيعة في الكوفة للهجرة الي ايران، و تأسيس هؤلاء مدينة قم العلمية، أما في أيام الامام علي بن موسي الرضا عليه‌السلام تكاثرت أعدادهم، و أخذت تزداد عبر التاريخ، حتي أصبح معظمهم اماميين علي يد الفقيه الكبير ابن‌المطهر العلامة الحلي رحمه الله كما أسلفنا. أما الهند و باكستان فانهما استقبلا التشيع عن طريق الحوزات العلمية [ صفحه 244] و استقرار بعض علماء الطائفة فيهما. أما اليمن فقد وصل اليها هذا الأمر منذ بدايات الاسلام عندما بعث النبي صلي الله عليه و آله و سلم الامام عليا عليه‌السلام قاضيا علي اليمن حتي أن قبائل كندة و همذان في اليمن هي أول من وقفت تطالب بالحاكم الشرعي بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و امتنعوا عن ارسال الزكاة و الخمس الي أبي‌بكر لأنه لم يكن الخليفة الشرعي، و لذلك و صمهم المؤرخين بالردة و الرجوع عن الاسلام، لأنهم لم يعترفوا بخلافة أبي‌بكر. كما أنهم وقفوا الي جانب الامام علي عليه‌السلام في حروبه في صفين و الجمل و النهروان، و كان معظم أصحابه عليه‌السلام الذين نصروه بسيوفهم و ألسنتهم من أهل اليمن، و خاصة من همذان، حتي أن الامام قال لهم: فلو كنت بوابا علي باب جنة لقلت لهمذان ادخلوا بسلام [530] . كذلك الأمر في مصر فقد وصل اليها التشيع في خلافة الامام علي عليه‌السلام علي يد محمد بن أبي‌بكر، و محمد بن أبي‌حذيفة، و من كان قد سبقهم من أبناء الصحابة الي المنطقة، و امتدت جذور التشيع فيها حتي أصبحت فيما بعد مركزا للدولة الفاطمية المترامية الأطراف التي بنت الجامع الأزهر ليكون منارة و معقلا من معاقل العلم، لتقوم من هناك بنشر علوم أهل البيت عليهم‌السلام الي أفريقيا، و جنوب بلاد الشام. و اتسمر هذا الصرح الديني يقوم بدوره حتي جاء صلاح الدين الأيوبي الي مصر و حاول جاهدا القضاء علي كل شي‌ء له علاقة بأهل البيت عليهم‌السلام [531] لكنه مع كل ما فعل لا زالت آثار التشيع ظاهرة في المنطقة تبحث عن ثغرة بين آونة و أخري لتعلن عن نفسها للعالم أجمع و هي تتلو قول الله تعالي: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفوههم و يأبي الله الآ أن يتم نوره) [التوبة/23]. [ صفحه 245]

علاقة الشيعة بالنصيرية

أما قولكم: بأن الشيعة في سورية «علي صلة وثيقة بالنصيرية» [532] . فليس في هذا الأمر من شي‌ء يغضب الله عزوجل و يخالف الشرع الحنيف، بل علي العكس من ذلك، فهي مما حض عليه‌السلام باعتبار حسن الجوار و المعاملة الطيبة مع كل من ينتسب للاسلام و يشهد الشهادتين كما قدمنا ذلك في أول هذا الكتاب، في تعريف الشيعة و الاسلام، و لطالما قرأتم هذه الأحاديث و الروايات في كتب المسلمين و صحاحهم. ولكن يصعب عليكم - كما يبدو - تطبيقها علي أرض الواقع. ان النصيرية ليسوا الا فرقة كبقية الفرق الاسلامية الأخري، ولكنها فرقة اضطهدت و استضعفت عبر تاريخها الذي مرت به، لدرجة أن هذه الضغوط و المعاناة لو مرت بكم لتغيرت أوضاعكم في بلادكم رأسا علي عقب، و علي كل حال فانكم لا تستطيعون مقارنة صلتنا بالنصيرية بصلة حكامكم باليهود و المشركين أعداء الدين الاسلامي الذين أتوا بهم الي جزيرة العرب، كما أن صلاتكم الوثيقة مع الانكليز و الأمريكان الذين يمثلون في هذا العصر اليهودية و الصليبية الحاقدة علي الاسلام و يكيدون للقضاء علي الاسلام و المسلمين، و قبولكم بالكيان اليهودي الغاصب لمقدسات المسلمين في فلسطين و خاصة بعد اعلان سماحة مفتي الديار السعودية عبدالعزيز بن باز أنه يجوز الصلح مع اسرائيل بدون قيد أو شرط و اعلان ذلك في الصحف الرسمية [533] . [ صفحه 246] فهل ترون يا سماحة علماء الموسوعة الميسرة أن هذه الأعمال كلها مما يحض عليها الشرع، و لا يؤاخذكم عليها؟ و أن اتصالنا مع النصيرية و علاقتنا الوثيقة بهم من أجل اعلاء كلمة الله و الوقوف في وجه أعدائه، كبيرة تستحق الطعن و التشهير، ألا ترون أنكم نسيتم قول الله عزوجل: (أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم و أنتم تتلون الكتب أفلا تعقلون) [البقرة/44]. [ صفحه 247]

الخاتمة

قال تعالي: (وقفوهم انهم مسئولون) [الصافات/24]. و قال: (و لا تقف ما ليس لك به علم ان السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) [الاسراء/36]. استنادا الي قوله تعالي في الآيتين السابقتين و آيات أخري لم نذكرها مراعاة للاختصار ندعو علماء الموسوعة الميسرة و جميع من يود التعرف علي الشيعة أن يتعرف عليهم من خلاف علمائهم و مصادرهم لا من خلال ما نقل الآخرون عنهم، فقد ذكرت الموسوعة 13 مصدرا من المصادر و المراجع التي اعتمدت عليها في كتابتها عن الشيعة الامامية، و ليس فيها مؤلف شيعي الا كتاب الدكتور عبدالله فياض (تاريخ الامامية و أسلافهم من الشيعة)، و الدكتور ليس من علماء الدين الشيعة، و كتابه ليس من مراجعهم الأساسية و لا يحتوي علي عقائد الشيعة، و قد أشار السيد الشهيد محمد باقر الصدر في مقدمته لهذا الكتاب الي عدة ملاحظات علي الكتاب. أما بقية المراجع التي اعتمدتها الموسوعة فليس فيها أي مرجع أو مصدر شيعي، بل كلها ناقل، و حسب نوعية المؤلف و أهوائه ولكي يكون الباحث في عقائد الشيعة منصفا و موضوعيا، عليه الاعتماد في كتابته عن المسلمين الشيعة علي كتبهم العقائدية، و نذكر بعض العناوين مقترنة بأسماء مؤلفيها: 1- أصل الشيعة و أصولها للشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء. [ صفحه 248] 2- عقائد الامامية للشيخ محمدرضا المظفر. 3- روح التشيع للشيخ عبدالله نعمة. 4- التشيع نشأته معالمه للسيد هاشم الموسوي. 5- محاضرات في العقيدة الاسلامية للشيخ أحمد البهادلي. 6- الشيعة في التاريخ للشيخ عبدالمنعم الزين. 7- دائرة المعارف الاسلامية الشيعية للسيد حس الأمين. 8- المرسل.. الرسول.. الرسالة للامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر. 9- الغدير في الكتاب و السنة و الأدب للشيخ عبدالحسين الأميني. و غيرها من الكتب التي تملأ مكتبات المسلمين. و لدفع الوهم و الاشتباه و عدم اثارة الفتن بين المسلمين، يجب أن نكون علي قدر المسؤولية و الوعي الاسلامي من خلال انفتاح الفرق و المذاهب الاسلامية علي بعضها لتري ما يحاك لها من الدسائس و ما يثار من الفتن لاسقاط المسلمين و اذلالهم أكثر مما هم فيها، و ابقائهم علي حالة التخلف و التبعية للاستكبار العالمي. عصمنا الله و اياكم من الزلل و جعلنا من المعتصمين بحبل الله لنكون أمة واحدة تحاول أن تكون مصداق قوله تعالي: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر) [آل عمران/110].

پاورقي

[1] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 302 و في الطبعة الثانية ص 299.
[2] البخاري: صحيح البخاري، ج 1 ص 118 حديث رقم 391 و 392 كتاب الصلاة، باب فضل استقبال القبلة.
[3] أخرجه مسلم ج 1 باب الدعاء الي الشهادتين. البخاري ج 1 باب أخذ الصدقة و قريب من لفظه في باب وجوب الزكاة.
[4] صحيح البخاري باب غزوة خيبر و باب مناقب الامام علي (عليه‌السلام) من الجزء الثاني.
[5] يعني أن هذا الكافر يصبح مسلما و المقداد الذي قتله بمنزلة الكافر الحربي.
[6] الكافي 1/21:2.
[7] اليواقيت و الجواهر للعارف الشعراني، المبحث 58.
[8] الكافي: 5/22: 2.
[9] اليواقيت و الجواهر للعارف الشعراني المبحث، 58. [
[10] الفصول المهمة في تأليف الأمة، 25.
[11] كما قال ابن‌تيمية و ابن‌حجر الهيتمي و الشيخ نوح الحنفي و بعض علماء الوهابية مثل الشيخ ابن‌باز و ابن‌عثيمين - مع وجود هذه الأحاديث و غيرها في صحاحهم بتكفير الشيعة و استباحة قتلهم و سبي ذراريهم و نسائهم. ففي سنة 705 ه- / 1335 م أطلق ابن‌تيمية فتواه المشهورة بقتال الشيعة قائلا فيها: «ان جهاد هؤلاء و اقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات و أكثر الواجبات و هو أفضل من قتال المسلمين للمشركين و أهل الكتاب فان جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد الاسلام» (مجموع فتاوي ابن‌تيمية، المسألة 409(. و علي أثر هذه الفتوي أحاطت عساكر الشام بقيادة جمال الدين أقوش الأخرم بجبال الظنيين و هي الجبال المطلة علي طرابلس من جهة الشرق و قد قتلوا و أسروا من بها من الناس بعدما احتلوا الجبال و خربوا أبنيتها و قطعوا كرومها (تاريخ ابن‌الوردي ج/1). و في سنة 922 ه- /1516 م أصدر الشيخ نوح الدمشقي فتوي مماثلة لفتوي ابن‌تيمية اعتمد عليها السلطان سليم الأول العثماني في المذابح التي أقامها لشيعة شمال بلاد الشام و كان نص الفتوي: اعلم أسعدك الله أن هؤلاء الكفرة و البغي الفجرة جمعوا بين أصناف الكفر و البغي و الفساد و أنواع الفسق و الزندقة و الالحاد و من توقف في كفرهم و الحادهم و وجوب قتالهم و جواز قتلهم فهو كافر مثلهم. (حلب و التشيع للشيخ ابراهيم نصرالله ص 155)، و انظر أيضا (تاريخ الشيعة في ساحل بلاد الشام الشمالي). و في عام 1395 ه- /1975 م وصلت رسالة من البعثة التعليمية السعودية في اليمن الي الشيخ عبد العزيز بن باز فسئل عن جواز الصلاة خلف الزيدية فأصدر ابن‌باز فتوي بهذا الشأن تحت رقم 143، و كان مما ورد فيها: أما الصلاة خلف الزيدية فلا أري صحتها خلفهم لأن الغالب عليهم الغلو في أهل البيت بأنواع من الشرك مع سبهم لبعض الصحابة و اظهارهم بعض البدع و هكذا بقية أصناف الشيعة الموجودين اليوم كالامامية و غيرهم... (الرد علي ابن‌باز للشيخ عبد الرحمن الخير ص 10) و جاء في كتاب (فتاوي مهمة لعموم الأمة ص 145 - دار الوطن) «سئل الشيخ ابن‌عثيمين: هل يعتبر الشيعة في حكم الكافرين و هل يدعو المسلم الله تعالي أن ينصر الكفار عليهم؟ فأجاب بقوله: الشيعة، و الصواب أن يقال الرافضة لأن تشيعهم لعلي بن أبي‌طالب رضي الله عنه تشيع متطرف غال لا يقبله علي رضي الله عنه فالرافضة كما وصفهم شيخ الاسلام ابن‌تيمية يرحمه الله في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم) حيث قال ص 391: انهم أكذب طوائف أهل الأهواء، و أعظمهم شركا، فلا يوجد في أهل الأهواء أكذب منهم، و لا أبعد عن التوحيد، حتي انهم يخربون مساجد الله التي يذكر فيها اسمه، فيعطلونها عن الجمعة و الجماعات، و يعمرون المشاهد التي أقيمت علي القبور التي نهي الله و رسوله عن اتخاذها. ثم قال في ص 439 من الكتاب المذكور: «الرافضة أمة مخذولة ليس لها عقل صريح، و لا نقل صحيح، و لا دين مقبول و لا دنيا منصورة». و قال في الفتاوي ص 356 ج 3 من مجموع ابن‌قاسم: «و أصل قول الرافضة أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم نص علي علي نصا قاطعا للعذر، و أنه امام معصوم، و من خالفه كفر، و أن المهاجرين و الأنصار كتموا النص، و كفروا بالامام المعصوم، و اتبعوا أهواءهم، و بدلوا الدين، و غيروا الشريعة، و ظلموا و اعتدلوا، بل كفروا الا نفرا قليلا اما بضعة عشر أو أكثر، ثم يقولون: ان أبابكر و عمر و نحوهما ما زالا منافقين، و قد يقولون: بل آمنوا ثم كفروا، و أكثرهم يكفر من خالف قولهم، و يسمون أنفسهم المؤمنين، و من خالفهم كفارا» الي أن قال: «و منهم ظهرت أمهات الزندقة، و النفاق: كزندقة القرامطة الباطنية و أمثالهم». و انظر قوله فيهم أيضا ص 429-428 ج 4 من الفتاوي المذكورة. و اذا شئت أن تعرف ما كان الرافضة عليه من الخبث، فاقرأ كتاب (الخطوط العريضة) لمحب الدين الخطيب، فقد ذكر عنهم ما لم يذكر عن اليهود و النصاري في أعظم خلفاء هذه الأمة أبي‌بكر و عمر. و أما خطر الرافضة علي الاسلام فكبير جدا، و قد كانوا هم السبب في سقوط الخلافة الاسلامية في بغداد، و ادخال التتر عليها و قتل العدد الكثير من العلماء، كما هو معلوم في التاريخ. و خطرهم يأتي من حيث يدينون ب-(التقية) التي حقيقتها النفاق، و هو اظهار قبول الحق مع الكفر به باطنا و المنافقون أضر علي الاسلام من ذوي الكفر الصريح، و قد حصر الله - تعالي - العداوة فيهم و أنزل فيهم سورة كاملة فقال تعالي في سورة المنافقين: (هم العدو فاحذرهم). و أما كوننا ندعو الله - تعالي - أن ينصر الكفار عليهم فلا حاجة اليه، و انما ندعو الله - تعالي - أن ينصر المسلمين الصادقين الذين يقولون بقلوبهم، و ألسنتهم (ربنا اغفر لنا و لا خواننا الذين سبقونا بالايمان و لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم) الذي يحكمون شريعة الله - تعالي - ظاهرا و باطنا، و يتولون أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من غير افراط و لا تفريط، منزلين كل واحد منزلته، ندعو الله تعالي أن ينصر المسلمين بذلك علي أعدائهم من الروافض و غيرهم».
[12] العقد الفريد لابن عبد ربه ج 5 ص 139 دار الكتب العلمية ط. الثالثة 1407 ه- 1987 م.
[13] العقد الفريد لابن عبد ربه ج 5، ص 39.
[14] البداية و النهاية لابن كثير ج 8 ص 192.
[15] الكامل في التاريخ 225:2، تاريخ الطبري 198:3.
[16] صحيح البخاري باب غزوة خيبر 256/288:5، صحيح مسلم باب الجهاد و السير 52/380:3، سنن البيهقي 300:6، تاريخ الطبري 202:3، الكامل في التاريخ 231:2.
[17] تاريخ اليعقوبي 124:2، تاريخ أبوالفداء 63:2، شرح نهج‌البلاغه لابن أبي‌الحديد 56-49:2، تاريخ ابن‌خلدون.
[18] انظر: الطبري: تاريخ الأمم و الملوك، ج 3، ص 205 و ما بعدها.
[19] المصدر نفسه.
[20] الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي ص 10.
[21] تاريخ الأمم و الملوك للطبري ج 3، ص 205، شرح نهج‌البلاغه لابن أبي‌الحديد ج 1 ص 221.
[22] الامامة و السياسة ج 1، ص 10.
[23] تاريخ اليعقوبي 125:2، شرح نهج‌البلاغه لابن أبي‌الحديد 221:1.
[24] تاريخ اليعقوبي 125:2، الامامة و السياسة 16-15:1.
[25] حياة الصحابة للكاندهلوي ج 2، ص 194.
[26] تاريخ اليعقوبي 124:2.
[27] تاريخ أبوالفداء ج 1، ص 156، في ذكر أبي‌بكر و خلافته.
[28] الفتوح لابن أعثم 13:1، أعلام النساء 114:4، تاريخ اليعقوبي 126:2، الامامة و السياسة ج 1، ص 29 ط. انتشارات الشريف الرضي، 1413 ه- قم - ايران، شرح نهج‌البلاغه لابن أبي‌الحديد 11:6 ، 56:2.
[29] تاريخ أبوالفداء 156:1، العقد الفريد 64:3.
[30] أنساب الأشراف للبلاذري 587:1.
[31] شرح نهج‌البلاغه لابن أبي‌الحديد 19:2، تاريخ اليعقوبي 278:2.
[32] تاريخ الطبري 202:3، الامامة و السياسة 12:1، العقد الفريد 259:4، تاريخ أبي‌الفداء 156:1، تاريخ ابن‌شحنة بهامش الكامل 164:8.
[33] تاريخ اليعقوبي 126:2.
[34] أنظر هذه الخطبة في المصادر التالية: - الطبري: دلائل الامامة ص 30. - الطبرسي: الاحتجاج، 146:1. - البحراني: شرح نهج‌البلاغة، 104:5.
[35] من الخطبة الشقشقية للامام علي عليه‌السلام في نهج‌البلاغة رقمها 3، ج 1، ص 31، دار كرم بدمشق، تذكرة الخواص لابن الجوزي ص 117.
[36] شرح نهج‌البلاغه لابن أبي‌الحديد ج 1، ص 133.
[37] العقد الفريد ج 4، ص 259، الموفقيات ص 580-577.
[38] شرح نهج‌البلاغة ج 6 ، 1.
[39] الصواعق المحرقة لابن حجر ص 175، الاتحاف بحب الأشراف للشبراوي الشافعي ص 33، الباب الثاني في أخبار الامام الحسن.
[40] شرح نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد ج 1، ص 151 و ما بعدها خطبة رقم 3.
[41] المصدر نفسه، 19:2، تاريخ الخلفاء لابن قتيبة، ص 76، حياة الصحابة 18:2، و فيها زيادة (و لايد)، الصواعق المحرقة ص 12.
[42] شرح نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد ج 1، ص 151، صحيح البخاري، كتاب الحدود، 25/302:8.
[43] مسند أحمد بن حنبل 6:1، حياة الصحابة للكانوهلوي ج 2، ص 188، الصواعق المحرقة ص 10.
[44] الملل و النحل للشهرستاني ص 7، شرح نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد ج 124:1، تاريخ الطبري 200:3، الكامل في التاريخ 326:2.
[45] شرح نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد ج 1.
[46] شرح نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد ج 6 ، 2 ، 1.
[47] رواية البخاري و مسلم بشرح النووي ج 12، ص 202.
[48] انظر: منتخب الأثر ص 10 و ما بعدها من الصفحات.
[49] فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ج 13. و تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص 10.
[50] شرح صحيح مسلم للنووي، ج 12 ص 201.
[51] معالم المدرستين، ج 1 ‘، ص 532 و ما بعدها (بحث الامام المهدي).
[52] فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ج 13.
[53] المصدر نفسه، ج 13، ج 14.
[54] تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 12.
[55] البداية و النهاية ج 6 ص 250-249.
[56] المصدر نفسه.
[57] الموسوعة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 302.
[58] مقاتل الطالبيين ص 45.
[59] للتوسع أنظر: شرح نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد، تحقيق حسن تميم ج 3 ص 595.
[60] شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج 2 ص 114 أحداث سنة 247 ه-.
[61] تحف العقول لابن شعبة الحراني، ص 211.
[62] كنز العمال ج 16 الحديث 44216.
[63] صحيح الجامع الصغير، ج 1، الحديث رقم 2458-2457.
[64] نهج‌البلاغة للامام علي عليه‌السلام خطبة خلق آدم رقم 1.
[65] مثل: 1- الفتوحات المكية للشيخ محي الدين بن عربي. 2- سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب. 3- ينابيع المودة للقندوزي الحنفي. 4- تذكرة الخواص، سبط ابن‌الجوزي. 5- حلية الأولياء لأبي‌نعيم الأصبهاني. 6- الأئمة الاثنا عشر، لابن طولون. 7- اثبات الوصية، للمسعودي. 8- مقاتل الطالبيين، أبوالفرج الأصفهاني. 9- الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة - لابن الصباغ المالكي. 10- مواهب سيد البشر في حديث الأئمة الاثنا عشر. 11- ذخار العقبي في مناقب ذوي القربي لمحب الدين الطبري. 12- نور الأبصار للشبلنجي الشافعي. 13- مطالب السؤول في مناقب آل الرسول لكمال الدين بن طلحة الشافعي الطبري.
[66] كنز العمال 601/11 حديث رقم 32897، الصواعق المحرقة، ص 125 (باب فضائل علي) حديث رقم 30، تاريخ دمشق، 282/2 حديث 812، التفسير الكبير للفخر الرازي.
[67] الاصابة في تمييز الصحابة، 171/4 حديث رقم 994، أسد الغابة، 270/6. فيض القدير، 358/4. مجمع الزوائد، 102/9.
[68] الغدير في الكتاب و السنة و الأدب 314-313/2.
[69] مصادر الهامش رقم 2. في الصفحة 47.
[70] أخرجه الحاكم في المستدرك علي الصحيحين ج 3 حديث 4584.
[71] المصدر نفسه، حديث رقم 4644، و نقله عنه صاحب نور الأبصار ص 890.
[72] المستدرك علي الصحيحين، 137/3، حديث 4637 و 4638، أسد الغابة، 100/4 حديث 3783، تاريخ بغداد، 348/4 حديث 2186. و 172/7 حديث 3613 و 48/11 و 49 حديث 5728، ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر، 466/2 حديث 993، فيض القدير، 46/3 حديث 2705، لسان الميزان، 191/1 حديث 575، و ص 483 حديث 1347.
[73] أنظر الحديث بألفاظ مختلفة و معني واحد في المصادر التالية: - - الحاكم النيسابوري: المستدرك علي الصحيحين، 137/3 حديث 4637 و 4638. - ابن‌الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة، 100/4 حديث 3789. - الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، 348/4، رقم 2186. - أحمد المغربي: فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي، ص 18.
[74] رواه ابن‌حجر في الصواعق المحرقة حديث 37. باب (فضائل الامام علي عليه‌السلام).
[75] ينابيع المودة: ج 3 الباب 77 ص 105، و المودة العاشرة ص 83.
[76] كنز العمال، ج 6 رقم الحديث 2528.
[77] المستدرك علي الصحيحين ج 3 حديث رقم 4668، و كنز العمال ج 6 حديث رقم 2628. و ينابيع المودة ج 2 ص 32، و ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي ص 70، و أسد الغابة ج 3 ص 116.
[78] المستدرك علي الصحيحين ج 3، حديث 4635.
[79] تاريخ ابن‌عساكر ج 2 ترجمة الامام علي الحديث 672.
[80] المستدرك علي الصحيحين ج 3، ح 4623.
[81] المتقي الهندي: كنز العمال ج 5 الحديث 443، ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي ص 71، الطبري: الرياض النضرة: 178/2 حديث بريد.
[82] تاريخ أبي الفداء ج 1 غزوة خيبر، لسان العرب لابن المنظور ج 4، مادة (سندر)، تاريخ الطبري ج 2، تاريخ الاسلام للذهبي ج 3، ص 12-10 أحداث سنة 7 ه-، تذكرة الخواص لابن الجوزي ص 33... و ما بعدها.
[83] أخرجه القندوزي الحنفي في ينابيع المودة، و أحمد بن حنبل في الفضائل ج 2 الحديث 111، ذخائر العقبي ص 75.
[84] ذخائر العقبي، ص 92.
[85] تهذيب الأسماء و اللغات ج 1، ترجمة علي بن أبي‌طالب (ع).
[86] دول الاسلام للذهبي ص 24.
[87] تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص 10.
[88] الاستيعاب في معرفة الأصحاب ج 3، ص 197، ترجمة (علي بن أبي‌طالب الهاشمي) رقم 1875.
[89] كنز العمال ج 6 رقم الحديث 2541. و للتفصيل يمكن مراجعة كتاب: منتخب فضائل النبي و أهل بيته من الصحاح الستة. تقديم د. محمد بيومي مهران ط. مركز الغدير - بيروت.
[90] سنن الترمذي، 614/5 حديث 3769، خصائص النسائي، 149/5 حديث 8524، كنز العمال، 671/13 حديث 37711، ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من تاريخ دمشق لابن عساكر 35-34.
[91] سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ج 2 الحديث 796، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 191، تذكرة الخواص ص 211، المستدرك علي الصحيحين ج 3 ح 4779.
[92] أخرجه البخاري ج 7، الترمذي ج 4، سلسلة الأحاديث الصحية للألباني ج 2 الحديث 564.
[93] أخرجه البخاري في التاريخ الكبير 415/8، ح 3536، الترمذي 658/5، ح 3775 و قال هذا حديث حسن، ابن‌ماجه 51/1، ح 144، المستدرك علي الصحيحين للحاكم ج 3، حديث 4820 قال عنه: هذا حديث صحيح الاسناد و وافقه الذهبي، و في مجمع الزوائد ج 9 و قال عنه: رواه الطبراني و اسناده حسن.
[94] كنز العمال ج 12 ص 270، البداية و النهاية ج 8 ص 207.
[95] ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ج 2 ص 83.
[96] ينابيع المودة ج 1 ص 166.
[97] مسند أحمد بن حنبل ج 1، ص 98 و 118.
[98] المستدرك علي الصحيحين للحاكم ج 3 الحديث 4783-4773.
[99] أحد: جبل يقع شمالي المدينة المنورة، عنده جرت المعركة بين المسلمين بقيادة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و بين مشركي قريش بقيادة أبي‌سفيان، فجرح الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و قتل عمه حمزه، و ذلك عام (3 ه-/62 م). [
[100] الأئمة الاثنا عشر لابن طولون ص 75.
[101] الصواعق المحرقة لابن حجر ص 201.
[102] تهذيب التهذيب ج 7 - تذكرة الحفاظ ج 1 ص 75.
[103] تذكرة الخواص سبط ابن‌الجوزي ص 291.
[104] سير أعلام النبلاء ج 4 ص 401-386 ترجمة رقم)157(.
[105] كتاب الثقات ج 5، ص: 202.
[106] الاتحاف بحب الأشراف للشبراوي، ص 135 (الرابع من الأئمة).
[107] و فيات الأعيان ج 3 ص 269-267.
[108] سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب محمد أمين السويدي - و قريب منه في الصواعق المحرقة.
[109] تهذيب التهذيب، ج 9، (ترجمة محمد بن علي الباقر).
[110] البداية و النهاية ج 9 ص 257 أحداث سنة 115 ه-.
[111] و فيات الأعيان ج 4 ص 174.
[112] تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص 124.
[113] للوقوف علي شخصية ابن‌تيمية و آرائه يراجع: ابن‌تيمية: حياته و عقائده تأليف صائب عبد الحميد، ط. الغدير - بيروت.
[114] الاتحاف بحب الأشراف، ص 143 و ما بعدها.
[115] أنظر: الامام الصادق و المذاهب الأربعة للشيخ أسد حيدر، ج 1 ص 51 و ما بعدها.
[116] الامام الصادق لمحمد أبوزهرة.
[117] ميزان الاعتدال ج 1.
[118] تهذيب التهذيب ج 2.
[119] تهذيب الأسماء و اللغات ج 1.
[120] منهاج السنة ج 2.
[121] شذرات الذهب ج 5.
[122] و فيات الأعيان ج 1 ص 327.
[123] الاتحاف بحب الأشراف. ص 146 و ما بعدها مبحث السادس من الأئمة.
[124] الجرح و التعديل ج 2، ص 487.
[125] سير أعلام النبلاء ج 6، ص 270، ترجمة رقم (118).
[126] المصدر نفسه.
[127] سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب.
[128] سير أعلام النبلاء ج ص 387 ترجمة رقم (125).
[129] منهاج السنة ج 2.
[130] الثقات ج 8.
[131] تهذيب التهذيب ج 7.
[132] الاتحاف بحب الأشراف، ص 155.
[133] سبائك الذهب.
[134] منهاج السنة ج 2.
[135] الوافي بالوفيات ج 4.
[136] الاتحاف بحب الأشراف، ص 168 و ما بعدها مبحث: التاسع من الأئمة.
[137] و فيات الأعيان ج 4 ص 17.
[138] نور الأبصار ص 177.
[139] العبر في خبر من غبر ج 1، ترجمة الامام علي الهادي.
[140] البداية و النهاية ج 11 ص 15.
[141] نور الأبصار للشبلنجي ص 181.
[142] تذكرة الخواص ص 324.
[143] جامع كرامات الأولياء ج 1.
[144] نور الأبصار للشبلنجي ص 183.
[145] الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة ص 287، و ما بعدها (الفصل الثاني عشر).
[146] كما أحصي ذلك مؤلف كتاب منتخب الأثر في الأمر الثاني عشر لطف الله الصافي الكلبايكاني.
[147] المصدر نفسه.
[148] فرائد المسطين للحمويني الشافعي ج 2 ج 7.
[149] سنن أبي‌داود: 107/4 حديث رقم 4283، الدر المنثور 484/7، مشكاة المصابيح للخطيب 170/3 حديث 5452، مصنف ابن أبي‌شيبة 678/8 حديث رقم 194.
[150] سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ج 2 الحديث 711.
[151] سنن أبي‌داود، 107/4 حديث 4284، سنن ابن‌ماجه، 1368/2 حديث 4086، المستدرك علي الصحيحين 601/4 حديث 8672، ميزان الاعتدال 160/3 رقم 5959.
[152] نور الأبصار للشبلنجي الشافعي ص 172.
[153] علل الشرائع للشيخ الصدوق. يليه تسمية الامام محمد بن الحسن المنتظر ب(المهدي).
[154] أنظر: منتخب فضائل النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أهل بيته. طباعة الغدير - بيروت 1416 ه-/1996 م.
[155] ابن‌حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة، ص 247، و ما بعدها ط دار الكتب العلمية - بيروت.
[156] نظم المتناثر.
[157] القرطبي: التذكرة في أحوال الموتي و أمور الآخرة.
[158] الشعراني: اليواقيت و الجواهر، بحث المهدي المنتظر.
[159] انظر: سنن الترمذي: 438/4 حديث 2230 و 2231.
[160] القندوزي: ينابيع المودة: 162/2 و ما بعدها. ط: الاعلمي بيروت، غير مؤرخ.
[161] المقدسي الشافعي: عقد الدرر في أخبار المنتظر (المقدمة).
[162] مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي، بحث المهدي المنتظر.
[163] الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 286.
[164] المصدر نفسه، ص 288.
[165] تذكرة الخواص ص 325.
[166] واقع المسلمين و سبيل النهوض بهم. ص 156.
[167] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 303.
[168] نظرية الامامة عند الشيعة الاثني عشرية، للدكتور أحمد محمد صبحي. و الكتاب رسالة جامعية نال بها المؤلف شهادة الدكتوراه من احدي الجامعات المصرية.
[169] خطط الشام لمحمد كرد علي ج 6 ص 251.
[170] علي الوردي في كتابه وعاظ السلاطين ص 151.
[171] أصل الشيعة و أصولها للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ص 106.
[172] ميزان الاعتدال للذهبي ج/2 ص 253.
[173] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 303.
[174] المراجعات للسيد عبدالحسين شرف الدين، المراجعة 16.
[175] ميزان الاعتدال للذهبي ج 2 ص 273.
[176] الكامل في التاريخ لابن الأثير، 67/1.
[177] تاريخ الطبري ج 1 ص 155، و ما بعدها، تحقيق محمد أبوالفضل ابراهيم.
[178] الكامل في التاريخ لابن الأثير ج/1، ص 54.
[179] مناقب آل أبي‌طالب لابن شهرآشوب ج/1.
[180] الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 1، ص 47 (ذكر شيث بن آدم).
[181] المصدر نفسه، 49/1.
[182] المصدر نفسه، 78/1.
[183] المصدر نفسه.
[184] الكامل في التاريخ ج 1، ص 200 (ذكر يوشع بن نون عليه‌السلام).
[185] تاريخ اليعقوبي ج/1، ص 58، و ما بعدها تحقيق عبد الأمير مهنا.
[186] الملل و النحل للشهرستاني، تحقيق الدكتور حسين جمعه ص 95.
[187] مناقب آل أبي‌طالب لابن شهر آشوب ج/4 ص 435.
[188] أنظر: الكامل في التاريخ، لابن الأثير، ج 1 ص 242.
[189] الكامل في التاريخ ج 307 ، 1 و ما بعدها بحث (ذكر نبوة المسيح و بعض معجزاته).
[190] كنز العمال للمتقي الهندي ج 6 الحديث 2541.
[191] الكامل في التاريخ ج 2، ص 293 و ما بعدها أحداث سنة 10 ه-. السيرة الحلبية ج 1، كنز العمال ج 15 الحديث 334، تاريخ ابن‌عساكر ج 1 ترجمة الامام علي الحديث 141-140-139.
[192] كنز العمال ج/6 الحديث 2570.
[193] تاريخ ابن‌عساكر ج/2 ترجمة الامام علي بن أبي‌طالب الحديث 1005.
[194] ج 2 ص 734 ط. دار الفكر، بيروت 1993 م /1414 ه-.
[195] الأحاديث القدسية ج 2 - صحيح البخاري ج 4 الحديث 6970.
[196] المصدر نفسه.
[197] أصول الكافي ج 1 ذكر هذا الحديث بسند صحيح قريب من لفظه في صحيح البخاري ج 4 كتاب الرقاق الحديث 6137.
[198] نوادر الأصول للتزمدي ص 193.
[199] الحاكم النيسابوري في مستدركه ج 3 ص 483.
[200] شرخ نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد - القصائد العلويات لابن أبي‌الحديد أيضا.
[201] الاصابة في تمييز الصحابة ج 3 حياة الصحابة للكاندهلوي ج 2 ص 140 - أسد الغابة ج 4 ص 195.
[202] لوامع الحقائق في أصول العقائد أحمد الأشيتاني، تحقيق حسين بن علي الكلبايكاني جمع في هذا الكتاب طرق هذه الحادثة عند السنة و الشيعة ص 131. تفسير الجلالين - أسباب النزول للسيوطي أسباب النزول للواحدي النيسابوري ص 299 صحيح البخاري ج 2 باب انشقاق القمر البداية و النهاية ج 6 ص 282.
[203] معرفة ما يجب لآل البيت النبوي من الحق علي من عداهم تقي الدين المقريزي حول اثبات العصمة لأهل البيت عليهم‌السلام في آية التطهير ص 37 - مسند أحمد بن حنبل ج 1 ح 11 الصواعق المحرقة ص 123.
[204] بصائر الدرجات، و مقدمة مرآة العقول في شرح أخبار الرسول صل الله عليه و آله و سلم للعلامة العسكري ج 1 ص 56.
[205] مجمع البحرين ج 1 ص 46.
[206] صحيح البخاري ج 2 باب ما ذكر عن بني‌اسرائيل الحديث 3277.
[207] أخرجه ابن‌المنذر وابن أبي‌حاتم و البيهقي في الشعب.
[208] جلال الدين السيوطي في الدر المنثور ج 4 ص 661.
[209] كشف الخفاء و مزيل الالباس للشيخ العجلوني ج 2 ص 22.
[210] صححه الحاكم و وافقه الذهبي: المستدرك ج 3 الحديث 4628، الصواعق المحرقة ص 124، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 173.
[211] مسند أحمد بن حنبل 82:3، صحصح ابن‌حبان 46:9 الحديث 6898، المستدرك علي الصحيحين 4621:3 و وافقه الذهبي و قال صحيح علي شرط الشيخين، تاريخ بغداد 433:8، البداية و النهاية 361:7 الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي باب 123:9.
[212] الموضوعات في الآثار و الأخبار للسيد هاشم معروف الحسني ص 44.
[213] الذريعة الي تصانيف الشيعة للمحقق الطهراني ج 17، ص 245، ترجمة رقم 96.
[214] دراسات في الحديث و المحدثين هاشم معروف الحسني ص 134.
[215] الوجيزة في علم الرجال للعلامة المجلسي ص 83.
[216] المصدر نفسه، ص 73.
[217] قواعد في علوم الحديث للتهانوي ص 463 عن أبي‌الوفاء القرشي في كتاب الجامع الذي جعله ذيلا للجواهر المضية ج 2 ص 428.
[218] الكافي ج 1 ص 69.
[219] تاريخ الامامية الدكتور عبدالله فياض ص 127.
[220] دراسات في الحديث و المحدثين هاشم معروف حسني، ص 134.
[221] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة، ص 300.
[222] صحيح البخاري، المجلد 3، ج 5، ص 101 كتاب تفسير القرآن، باب (و ما خلق الذكر و الأنثي) حديث رقم 4944، ط. دار الكفر - بيروت.
[223] صحيح مسلم ج 1 باب لو أن لابن آدم و اديين.
[224] صحيح مسلم ج 4، ص 167.
[225] صحيح البخاري ج 4، باب رجم الحبلي من الزني.
[226] أصول الفقه الاسلامي للدكتور ابراهيم سلقيني ص 323-322.
[227] أصول الفقه الاسلامي للدكتور ابراهيم سلقيني ص 323-322.
[228] صحيح البخاري ج 4 كتاب الفرائض.
[229] تهذيب الأصول ج 2 ص 165.
[230] البيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي ص 156-124.
[231] نهج‌البلاغة للامام علي عليه‌السلام ج 1 ص 124.
[232] أصول الكافي كتاب الحجة - باب نص الله و رسوله علي الأئمة عليهم‌السلام.
[233] الكافي - كتاب فضل القرآن باب النوادر الحديث 13.
[234] البيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي ص 195.
[235] نهج‌البلاغة للامام علي عليه‌السلام ج 4 ص 136 و المعجم المفهرس لالفاظ نهج‌البلاغة، كاظم محمدي، و محمد دشتي ص 105 ط. الأضواء - بيروت 1406 ه-/1986م.
[236] راجع: كشف الارتياب في رد فصل الخطاب و راجع أكذوبة تحريف القرآن... و غيرهما.
[237] الاعتقادات للشيخ الصدوق ص 93-92.
[238] الاعتقادات للشيخ الصدوق ص 93-92.
[239] أوائل المقالات للشيخ المفيد ص 56-55.
[240] نهاية الأصول، مبحث التواتر.
[241] تفسير آلاء الرحمن ص 26.
[242] أعيان الشيعة ج 1 ص 51-46.
[243] تهذيب الأصول ج 2 ص 165 تقريرات درس الامام الخميني رحمه الله.
[244] البيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي ص 259.
[245] الذريعة الي تصانيف الشيعة ج 4، ص 466، ترجمة رقم 2070.
[246] الأعلام للزركلي ج 3 ص 289 فوات الوفيات ج 1 ص 519 - البداية و النهاية ج 13 ص 199.
[247] مع موسوعات رجال الشيعة ج 1 ص 109.
[248] الحياة السياسية للامام الخميني محمد حسن رجبي.
[249] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة.
[250] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 301.
[251] الميزان في تفسير القرآن ج 16 ص 67، (تفسير سورة القصص الآية 68(.
[252] شرح نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد 28-5/6، الامامة و السياسة 12/1.
[253] السيرة الحلبية لبرهان الدين الشافعي ج 3، ص 257 و ما بعدها.
[254] انظر: المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري، حديث 4576. ج 3 ص 118. و انظر كتاب: منتخب فضائل النبي و أهل بيته من الصحاح الستة، و غيرها من الكتب المعتبرة عند أهل السنة، ص 198.
[255] السيرة الحلبية لبرهان الدين الشافعي ج 3، ص 256، و ما بعدها موضوع (حجةالوداع).
[256] نقلت هذه الاحصائيات عن موسوعة الغدير للعلامة الاميني رحمه الله، سبيل النجاة في تتمة المراجعات للشيخ حسين الراضي و يتغير لفظ الحديث فيقصر أو يطول حسب طريق الاسناد ولكن في النتيجة و من جملة الروايات الموجودة التواتر في مضمون الحديث و مؤداه.
[257] البداية و النهاية ج 5 ص 210 ج 7 ص 347.
[258] مجمع البحرين للشيخ فخر الدين الطريحي ج 3 ص 420 نقلا عن سر العالمين للامام الغزالي ص 22-20.
[259] مجلة نهج الاسلام الصادرة عن وزارة الأوقاف السورية العدد 41.
[260] البداية و النهاية لابن كثير الدمشقي ج 7 ص 350.
[261] السيرة الحلبية لبرهان الدين الحلبي الشافعي ج 274/3 ط مصر.
[262] سورة المعارج الآيات من 3-1. و قد جاء سبب نزول هذه الآية حول الحارث بن النعمان الفهري في شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 2 من الحديث 1030-حتي الحديث 1034.
[263] كنز العمال ج 2، مسند الطيالسي ج 1، سنن البيهقي ج 10، صحيح مسلم، كتاب الحج، و سنن أبي‌داود ج 2، ص 452، في باب العمائم، من كتاب اللباس.
[264] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام علي ج 2 الحديث 503 - البداية و النهاية لابن كثير ج 5 ص 211.
[265] تذكرة الخواص لابن الجوزي ص 35، أسد الغابة في تمييز الصحابة ج 4 ص 28.
[266] المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري ج 3، ص 118، ص 613.
[267] الغدير في الكتاب و السنة و الأدب للعلامة الأميني و منتخب فضائل النبي و أهل بيته عليهم‌السلام.
[268] المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري ج 3 ص 144-143، ح 4652.
[269] المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين، المراجعة 26.
[270] السيرة النبوية لابن حبان: ص 149، البداية و النهاية ج 7 - ص 341 - 236.
[271] تاريخ الطبري ج 2 ص 217 الكامل في التاريخ ج 2 ص 22، تاريخ أبوالفداء ج 1 ص 116.
[272] تفسير القرآن العظيم لابن كثير الدمشقي ج 3، ص 224 و ما بعدها (تفسير سورة الشعراء).
[273] سنن النسائي في تفسير سورة المائدة، ج 8 ص 100 و ما بعدها، أسباب النزول للواحدي النيسابوري في تفسير الآية من سورة المائدة، ص 154 و ما بعدها.
[274] معالم المدرستين ج 1 ص 493 بحث (خبر يوم الغدير) نقلا عن كفاية الطالب و تاريخ ابن‌كثير. و انظر: الغدير في الكتاب و السنة و الأردب للشيخ الأميني ترجمة الشاعر حسان بن ثابت، ج 2 ص 65 و ما بعدها.
[275] كنز العمال ج 6 حديث 5991.
[276] تفسير سورة المائدة الآية 173 من تفسير الجلالين.
[277] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 303 و في الطبعة الثانية ص 301.
[278] جامع البيان في تفسير القرآن 5/22.
[279] تفسير الطبري 7/22 و تحفة الأحوذي كتاب التفسير 66/9 - أسباب النزول للواحدي النيسابوري ص 266.
[280] فتح القدير ج 4 - الدر المنثور ج 6 - صحيح مسلم ج 4 - كتاب فضائل الصحابة الحديث 1883.
[281] المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري ج 3 ص 172 حديث رقم 4748 كتاب معرفة الصحابة. ط. دار الكتب العلمية - بيروت (1411 ه-/1990).
[282] معرفة ما يجب لآل البيت النبوي من الحق علي من عداهم للمقريزي ص 36.
[283] مجمع الزوائد و منبع الفوائد، ج 9، ص 100 و ما بعدها (بحث مناقب علي بن أبي‌طالب).
[284] مجمع الزوائد ج 9- ص 100.
[285] مستدرك الحاكم ج 4 ح 8672-8671.
[286] عقد الدرر في أخبار المنتظر.
[287] اللهوف في قتلي الطفوف ص 100.
[288] الترمذي ج 5 الحديث رقم 3788. مسند أحمد ج 3. مجمع الزوائد ج 1.
[289] فيض القدير ج 3. و المستدرك علي الصحيحين ج 3 حديث 4711 و 4576 (كتاب معرفة الصحابة).
[290] سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج 4 الحديث 1661.
[291] الصواعق المحرقة: ص 151.
[292] المستدرك علي الصحيحين: ج 3 حديث 4711 (كتاب معرفة الصحابة).
[293] فيض القدير: ج 3، ص 207.
[294] الميزان في تفسير القرآن: ج 4 تفسير الآية 59 من سورة النساء.
[295] نزلت في أهل لابيت عليهم‌السلام. الي أن قال ذكر الفخر الرازي الي آخر قوله.. و في ينابيع المودة ج 1 ص 41 و نور الأبصار للشبلنجي الشافعي ص 200.
[296] الميزان في تفسير القرآن: ج 1 ص 274. و ج 14 ص 305-304.
[297] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة، ص 301.
[298] الخطبة القاصعة من نهج‌البلاغة للامام علي. و الخطبة، 190 ج 2 ص 137.
[299] أخرجه الطبراني.
[300] كنز العمال: ج 6 الحديث رقم 2632.
[301] (الميزان في تفسير القرآن) للطباطبائي ج 15 ص 37.
[302] تاريخ ابن‌عساكر، ترجمة الامام علي، الحديث رقم 148.
[303] نور الأبصار ص 87.
[304] المستدرك علي الصحيحين ج 3 الحديث 4646 (كتاب معرفة الصحابة) ص 51، أسد الغابة ج 4 ص 22.
[305] أنظر مبحث علم علي (ع) في كتاب منتخب فضائل النبي و أهل بيته ص 203، اصدار مركز الغدير للدراسات الاسلامية - بيروت.
[306] مقدمة مرآة العقول للعلامة العسكري ج 2 ص 562-561.
[307] نهج‌البلاغة، الحكمة 147.
[308] نهج‌البلاغة من الخطبة 234 للامام علي عليه‌السلام ص 232.
[309] الصواعق المحرقة، لابن حجر، ص 342، باب وصية النبي صلي الله عليه و آله و سلم، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، 1414 ه-، 1993 م.
[310] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة، ص 299. و ص 301 في الطبعة الثانية.
[311] ينابيع المودة للقندوزي ورواه العلامة الطباطبائي في تفسير سورة النساء ج 4 ص 409.
[312] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 302.
[313] علل الشرائع للصدوق.
[314] تنزيه الأنبياء، ص 223 بحث تنزيه القائم المهدي صلوات الله عليه.
[315] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 302.
[316] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 302.
[317] أنظر: روح التشيع للشيخ عبدالله نعمة ص 448 مبحث «الشيعة و التقية».
[318] أصل الشيعة و أصولها للامام الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء - حق اليقين في معرفة أصول الدين للسيد عبدالله شبر - الباب الحادي عشر للعلامة الحلي، و غيرها من كتب العقائد الاسلامية.
[319] الطبقات الكبري لابن سعد ترجمة رقم (186/3 ،)54. ط. دارالكتب العلمية - بيروت. - تفسير القرآن الكريم: عبدالله شبر، ص 267 و ما بعدها تفسير سورة النحل.
[320] الدر المنثور للسيوطي، ج 3 ص 175 و ما بعدها تفسير سورة آل عمران.
[321] أحكام القرآن للرازي ج 2 ص 10.
[322] أحكام القرآن ج 2، (سورة آل عمران).
[323] الأشباه و النظائر للسيوطي.
[324] صحيح البخاري ج 7 باب المداراة مع الناس.
[325] السيرة الحلبية ج 3 ص 61.
[326] الملل و النحل للشهرستاني ج 1، ص 53.
[327] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 302.
[328] انظر: تفسير ابن‌كثير: ج 1، ص 631.
[329] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ج 5، ص 132.
[330] مسند أحمد بن حنبل ج 4، ص 436.
[331] التفسير الكبير للرازي ج 10، ص 49.
[332] وسائل الشيعة ج 14، ص 437.
[333] صحيح البخاري، باب نهي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نكاح المتعة أخيرا، حديث رقم 156/3 ، 5114 ط. دارالفكر - بيروت/لبنان. و صحيح مسلم كتاب النكاح باب 162/9 ، 4 حديث رقم 32 ط. دارالكتب العلمية -بيروت.
[334] صحيح مسلم ج 2، ص 1024.
[335] صحيح مسلم ج 2، ص 1025.
[336] صحيح مسلم ج 2 ص 1027.
[337] صحيح مسلم شرح النووي ج 3 ص 166.
[338] صحيح مسلم باب نكاح المتعة حديث رقم 157/9 ، 16، ط. دارالكتب العلمية - بيروت/ لبنان.
[339] المصدر نفسه.
[340] المصنف لعبد الرزاق 497-496/7 باب المتعة.
[341] المصنف لعبد الرزاق 499/7 باب المتعة.
[342] تفسير الطبري 17/5 و الفخر الرازي 200/3 و تفسير أبي‌حيان 318/3 و الدر المنثور للسيوطي 40/2.
[343] تفسير القرطبي 130/5.
[344] المحلي لابن حزم: 519/9 المسألة 1854.
[345] تفسير القرطبي ج 5 ص 133.
[346] روح التشيع للشيخ عبدالله نعمة، ص 462-461.
[347] وردت في المصادر المعتمدة لدي أهل السنة.
[348] تفسير القرطبي ج 5، ص 80 و ما بعدها تفسير سورة النساء.
[349] لمعرفة المزيد من زواج المسيار في السعودية راجع: - جريدة «النهار» اللبنانية عدد 1997/3/3 م. مجلة «المجلة» عدد 879 بتاريخ 1996/12/15 م. جريدة «الحياة» بتاريخ 1996/11/3 م.
[350] مجلة روز اليوسف العددان 3583-3582.
[351] مجلة روز اليوسف تصدر في القاهرة العدد 3562.
[352] حقيقة الشيعة الاثني عشرية، أسعد وحيد القاسم ص 132.
[353] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 302.
[354] انظر ترجمته في: رجال الطوسي ص 278، أصحاب الأمام الصادق (ع).
[355] الكافي ج 1 ص 294 باب فيه ذكر الصحيفة و الجعفر و الجامعة و مصحف فاطمة (ع) تحقيق محمد جعفر شمس الدين.
[356] الكافي ج 1 ص 294 باب فيه ذكر الصحيفة و الجف و الجامعة و مصحف فاطمة (ع) تحقيق محمد جعفر شمس الدين.
[357] تفسيرها عند ابن‌كثير ج 1 ص 262 أسباب النزول للواحدي النيسابوري ص 288. صحيح البخاري ج 3 ح 4566-4564.
[358] تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج 3 ص 667.
[359] انظر سورة التحريم التي نزلت في عائشة و حفصة باجماع المفسرين من السنة و الشيعة، و كيف هددهما الله عزوجل ان لم تتوبا صحيح البخاري ج 3 من الحديث 4632-4630. و انظر: أسباب النزول للواحدي النيسابوري ص 327-325، و تفسير ابن‌كثير ج 4 ص 495.
[360] اكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، للزمخشري، 571/4 ط. دار الكتاب العربي - بيروت - لبنان (1407 ه-/1987 م).
[361] مجمع البحرين للشيخ فخر الدين الطريحي، مجلد 1 ص 715 مادة (خون) ط. مكتب نشر الثقافة الاسلامية.
[362] المغازي للواقدي، ج 1 ص 378 تحقيق د. مارسدن جونس.
[363] معني قصر عليه اللقاح: أي حبست له النعاج ذوات اللبن.
[364] الطبقات الكبري لابن سعد ج 1 ص 219.
[365] حديث الافك للسيد جعفر مرتضي العاملي عن 95 مصدر من مصادر السنة.
[366] من أدعية الصحيفة السجادية للامام زين العابدين صلي الله عليه و آله و سلم.
[367] أصل الشيعة و أصولها ص 113.
[368] تاريخ الطبري ج 3 ص 424.
[369] المتكاء: العظيمة البطن.
[370] أنساب الأشراف للبلاذري ج 6، ص 161 تحقيق د. تحقيق د. سهيل زكار ود. رياض زركلي.
[371] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 301 و في الطبعة الثانية ص 303.
[372] الصحيفة السجادية للامام زين العابدين، دعاء يوم الأحد.
[373] المصدر نفسه.
[374] مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي ص 241، ط. الأعلمي - بيروت.
[375] مفاتيح الجنان، زيارة أمين الله، ص 441.
[376] مفاتيح الجنان دعاء الافتتاح، ص 241.
[377] موسوعة الامام الصادق باقر شريف القرشي ج 5- الصحيفة الصادقية.
[378] البداية و النهاية ج 9 ص 131.
[379] الصحيح من سيرة النبي الأعظم للسيد جعفر مرتضي العاملي ج 1، ص 197 و ما بعدها.
[380] البداية و النهاية لابن كثير ج 5 ص 242.
[381] أصول الكافي.
[382] محمد بن علي القمي في الخصال.
[383] رجال الكشي.
[384] المصدر نفسه.
[385] الاحتجاج للشيخ أحمد بن علي الطبرسي، ص 438. ط. الأعلمي - بيروت/ لبنان 1410 ه-/1989 م.
[386] الاحتجاج للطبرسي ص 439 (م.س).
[387] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 303.
[388] و فيات الأعيان لابن خلكان ج 1 في ترجمة المستعلي بن المنتصر و ج 2 في ترجمة المنتصر بالله، و أنظر أيضا: الغدير للعلامة الأمين ج 1 ص 267.
[389] تاريخ ابن‌عساكر ج 2 في ترجمة الامام علي عليه‌السلام الحديث 577-576-575 شواهد التنزيل للحسكاني ج 1 الحديث 213-210 - ينابيع المودة للقندوزي ج 2 الحديث 810 - البداية و النهاية ج 7 ص 350.
[390] فرائد السمطين ج 1- ص 201.
[391] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 303.
[392] ربيع الأبرار و نصوص الأخبار، ج 1 ص 50.
[393] مذاهب الاسلاميين للدكتور عبدالرحمن بدوي ج 2، مبحث الشيعة الامامية.
[394] ربيع الأبرار و نصوص الأخبار للزمخشري ج 1، ص 34، و ما بعدها تحقيق عبدالأمير مهنا.
[395] تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.
[396] منهاج الصالحين للسيد الخوئي، ج 1 ص 93 بحث الأغسال (المقصد السابع).
[397] كتاب الدراية للشيخ زين الدين العاملي (الشهيد الثاني) ص 29.
[398] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 303.
[399] ينابيع المودة ج 1 الباب الحادي و الأربعون.
[400] تاريخ الطبري ج 4، ص 136 أحداث سنة 21 ط. دار المعارف/مصر، الكامل في التاريخ ج 3.
[401] تاريخ الطبري: ج 4، ص 190 (أحداث سنة 23(.
[402] شرح الأخبار للقاضي أبي‌حنيفة النعمان ج 2، ص 13.
[403] تاريخ اليعقوبي ج 2، ص 26 و ما بعدها تحقيق عبدالأمير مهنا.
[404] تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 55 و ما بعدها.
[405] معجم البلدان ج 4 ماءه (كوفة) ترجمة رقم 10473.
[406] صحيح البخاري ج 4 الحديث 6531.
[407] منهاج السنة ج 3 بحث (الخوارج).
[408] الصواعق المحرقة الباب التاسع ص 185 و ما بعدها.
[409] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة 303.
[410] مقتل الحسين للسيد عبد الرزاق المقرم، الصواعق المحرقة ص 193، البداية و النهاية لابن الكثير ج 8 حوادث سنة 61 ه-.
[411] صحيح البخاري ج 1، ص 426، باب قول النبي صلي الله عليه و آله و سلم (ان بك لمحزونون)، و قريب من هذا اللفظ في أسد الغابة ج 1، ص 39.
[412] نوادر الأصول للترمذي ص 195-194.
[413] الكامل في التاريخ ج 2، ص 48-46.
[414] منتهي الآمال في تواريخ النبي و الآل ج 1 ص 294.
[415] المصدر نفسه.
[416] صحيح البخاري باب البكاء علي الجنائز.
[417] أخرجه الحاكم في مستدركه ج 3 ص 177-176- مسند أحمد ج 6 ص 294.
[418] سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ج 2 الحديث 822.
[419] مجمع الزوائد ج 7، ص 248 و ما بعدها.
[420] قريب من هذا اللفظ في شرح الأخبار للقاضي أبي‌حنيفة النعمان ج 3 - تاريخ ابن‌عساكر الحديث ج 3 ح 830.
[421] الصواعق المحرقة الحديث الثلاثين و شرحه ص 193.
[422] حديث غديرخم في صحيح مسلم ج 4 كتاب الفضائل - فضائل علي بن أبي‌طالب شرح صحيح مسلم للنووي ج 15 ص 181 - الأئمة الاثنا عشر لابن طولون ص 66.
[423] الصواعق المحرقة لابن حجر ص 150 - الأئمة الاثنا عشر لابن طولون ص 66.
[424] ثم اهتديت للتيجاني السماوي ص 60.
[425] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 303.
[426] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام علي عليه‌السلام.
[427] الصواعق المحرقة لابن حجر ص 161 - نور الأبصار ص 89-87.
[428] قريب من هذا اللفظ في الصواعق المحرقة ص 161.
[429] الملل و النحل ج 63.
[430] لسان العرب، ج 8، ص 189، تاج العروس ج 21 مادة (شيع).
[431] المصدر نفسه.
[432] روضات الجنات نقلا عن كتاب الزينة.
[433] مقدمة ابن‌خلدون. ج 1، ص 196، ط. الأعلمي - بيروت.
[434] الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري.
[435] فجر الاسلام للدكتور أحمد أمين، ج 1 بحث حول خلافة الرسول.
[436] خطط الشام لمحمد كرد علي ج 5 ص 62.
[437] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 303.
[438] الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي ج 12 ص 352-351.
[439] وفيات الأعيان ج 5 ص 405.
[440] وفيات الأعيان ج 5 ص 194.
[441] وفيات الأعيان ج 3 ص 178.
[442] وفيات الأعيان ج 4، ترجمة محمد بن أبي‌القاسم.
[443] وفيات الأعيان ج 4، ترجمة محمد بن عيسي الترمذي.
[444] وفيات الأعيان ج 4، ترجمة ابن‌ماجة.
[445] وفيات الأعيان ج 4، ترجمة عبدالله محمد عمر الرازي.
[446] وفيات الأعيان ج 4، ترجمة أبوحامد الغزالي.
[447] وفيات الأعيان ج 4، ترجمة أبوداود السجستاني.
[448] وفيات الأعيان، ج 2 ص 509.
[449] و فيات الأعيان ج 1 ص 75.
[450] و فيات الأعيان ج 4 ص 188.
[451] معرفة السنن و الآثار للبيهقي ج 1 في حوار بين الرشيد العباسي مع الشافعي ضمن مقدمة الكتاب.
[452] الامام مالك للشيخ محمد أبوزهرة ص 20.
[453] وفيات الأعيان ج 4 ص 127.
[454] وفيات الأعيان ج 4 ص 181 - حلية الأولياء ج 2 ص 363.
[455] سلمان في مواجهة التحدي للسيد جعفر مرتضي العاملي ص 24، نقلا عن معرفة علوم الحديث.
[456] مقدمة ابن‌خلدون،ج 1، ص 543 ط. الأعلمي - بيروت.
[457] شرح صحيح مسلم، ج 16 باب فضل فارس ص 100.
[458] أسد الغابة في معرفة الصحابة ج 4 ص 430 منتهي الآمال في تواريخ النبي و الآل ج 1، تاريخ بغداد ج 1- حيلة الأولياء ج 1 ص 139. و الطبقات الكبري لابن سعد، ج 3.
[459] أسد الغابة ج 1 ص 301 - منتهي الآمال ج 1 الاصابة في تمييز الصحابة ج 4، وحلية الأولياء، ج 1 ص 156.
[460] أسد الغابة ج 2، رجال الطوسي، حلية الأولياء ج 1 ص 172.
[461] الاصابة في تمييز الصحابة ج 4 - أسد الغابة ج 2 ص 114.
[462] أسد الغابة ج 1 ص 390 - منتهي الآمال في تواريخ النبي و الآل ج 1. تاريخ بغداد ج 1 - حلية الأولياء ج 1 ص 270.
[463] أسد الغابة ج 2 ص 80 - منتهي الآمال ج 1 - تاريخ بغداد ج 1.
[464] أسد الغابة ج 2 ص 82 - منتهي الآمال ج 1.
[465] الاصابة في تمييز الصحابة، ج 6 ص 212، ترجمة رقم 8360.
[466] أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 4، ص 324.
[467] أسد الغابة ج 1، ص 151، حلية الأولياء ج 2، ص 79.
[468] أسد الغابة ج 1، ص 385.
[469] منتهي الآمال في تواريخ النبي و الآل ج 1، ص 283 و ما بعدها.
[470] رجال الطوسي ص 34، أصحاب الامام علي (ع).
[471] ميزان للذهبي ج 1 ص 435.
[472] حلية الأولياء ج 1 ص 250.
[473] أسد الغابة ج 3 ص 392.
[474] أسد الغابة ج 2 ص 219.
[475] رجال الطوسي ص 56 أصحاب الامام علي (ع).
[476] أسد الغابة ج 4 ص 315.
[477] حلية الأولياء ج 1، ص 314.
[478] أسد الغابة في معرفة الصحابة ج 1 ص 171.
[479] كنز العمال للمتقي الهندي ج 5 الحديث 237.
[480] أسد الغابة في معرفة الصحابة، ترجمة عمار ياسر رقم 3804 ج 4، ص 122.
[481] المصدر نفسه، الاصابة ج 2- الاستيعاب بذيل الاصابة في ترجمة عمار ج 2.
[482] رجال الطوسي، ص 69، أصحاب الحسن بن علي (ع).
[483] الاصابة في تمييز الصحابة ج 1 ص 592.
[484] رجال الطوسي ص 45 أصحاب الامام علي (ع).
[485] رجال الطوسي، ص 91، أصحاب علي بن الحسين (ع).
[486] رجال الطوسي، ص 79، أصحاب الحسين بن علي (ع).
[487] الجرح و التعديل للحافظ الرازي ج 4 ص 123.
[488] رجال الطوسي ص 43، أصحاب الامام علي (ع).
[489] الأعلام للزركلي ج 3، ص 166 (حرف الحاء).
[490] مقاتل الطالبيين ص 52.
[491] رجال الطوسي، ص 80، أصحاب الحسين بن علي (ع).
[492] رجال الطوسي، ص 85، أصحاب الامام علي (ع).
[493] مقاتل الطالبيين ص 56-53.
[494] رجال الطوسي، ص 46 (أصحاب الامام علي «ع»).
[495] نور الأبصار للشبلنجي الشافعي ص 137.
[496] رجال الطوسي 334.
[497] وفيات الأعيان ج 1- ميزان الاعتدال ج 1 ص 74.
[498] رجال الطوسي ص 41، (أصحاب الامام علي «ع»).
[499] الأعلام للزركلي ج 2، ص 104.
[500] الميزان للذهبي ج 1 ص 383-379.
[501] رجال الطوسي ص 110 (أصحاب الباقر).
[502] الفهرست لابن النديم.
[503] وفيات الأعيان عند ترجمة الامام الصادق عليه‌السلام ص 327.
[504] مقاتل الطالبيين ص 86.
[505] ميزان الاعتدال للذهبي ج 1 ص 5.
[506] حلية الأولياء و طبقات الأصفياء ج 6 ص 3.
[507] تاريخ ابن‌الوردي ج 381:2 أحداث سنة 718ه-.
[508] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 303.
[509] تاريخ حضارات العالم القديم الدكتور نعيم فرح ص 247.
[510] الملل و النحل للشهرستاني ص 115.
[511] الملل و النحل للشهرستاني ص 246.
[512] الصحيح من سيرة النبي صلي الله عليه و آله و سلم للسيد جعفر مرتضي العاملي ج 1. ص 107 و ما بعدها.
[513] الصحيح من سيرة النبي صلي الله عليه و آله و سلم للسيد جعفر مرتضي العاملي ج 1.
[514] السيرة الحلبية ج 2، ص 218. ط. دار التراث العربي - بيروت.
[515] البداية و النهاية لابن كثير - الزهد و الرقائق - تلبيس ابليس - الاسرائيليات و أثرها في كتب التفسير.
[516] أنظر شرح الأسفار للملاصدرا و هو من كبار علماء الامامية الذين تطرقوا لهذه المواضيع و دحضها بالدليل و البرهان.
[517] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 304.
[518] الملل والنحل للشهرستاني تحقق الدكتور حسين جمعة ص 59.
[519] تاريخ الطبري ج 1، ص 560-558.
[520] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 304.
[521] نقل هذا الحديث عن علماء السنة الحر العاملي في الفوائد الطوسية و علق عليه، كما علق عليه السيد عبدالله شبر قريبا من كلامه قائلا: و علي فرض صحة هذا الحديث فانه لا يتفق الا في أئمة أهل البيت المعصومين عليهم‌السلام. أنظر مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار ج 1 ص 434.
[522] الحديث 327 في سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ج 1.
[523] البداية و النهاية لابن كثير الدمشقي، ج 5، ص 185، ط. دارالكتب العلمية - بيروت.
[524] التوبيخ لمن ذم التاريخ للسخاوي ص 95.
[525] التوبيخ لمن ذم التاريخ للسخاوي ص 97.
[526] البداية و النهاية لابن كثير ج 3 ص 177.
[527] عنوان المعارف و ذكر الخلائف، ص 32.
[528] معجم البلدان ج 5 ص 124 مادة مسجد التقوي.
[529] خطط المقريزي ج 1 و قريب من لفظ هذا الحديث في صحيح البخاري ج 2 فضائل الصحابة - الحديث 3719.
[530] مناقب ابن‌شهر آشوب ج 2، ص 144.
[531] تاريخ اليعقوبي ج 2، ص 26 و ما بعدها.
[532] و ذكر ذلك ابن‌الجوزي في تاريخ عمر بن الخطاب، ص 76. و السيوطي في تاريخ الخلفاء، ص 132 و 136.
[533] أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ج 3 - باب حالات أميرالمؤمنين تحت عنوان أول من ضرب السكة الاسلامية.
[534] تاريخ التمدن الاسلامي لجرجي زيدان ج 1 ص 133 و ما بعدها بحث (السكة و النقود).
[535] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 306.
[536] الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، 295/6. ط. دارالثقافة - بيروت - لبنان (غير مؤرخ).
[537] الأمين: دائرة المعارف الاسلامية الشيعة، ج 1 ص 110 مادة (جبل عامل) ط/1413 ه-1992 م.
[538] تاريخ الشيعة في ساحل بلاد الشام الشمالي هاشم عثمان ص 67-66 و انظر الدراسة القيمة، للسيد حسن الأمين بعنوان «دولة بني‌عمار في طرابلس» في مجلة «المنهاج» العدد الأول - السنة الأولي ربيع 1416 ه-/1996 م.
[539] للوقوف علي حقيقة أمر صلاح الدين انظر الكتاب القيم الذي كتبه المؤرخ الاسلامي السيد حسن الأمين بعنوان: صلاح الدين الأيوبي. ط. دارالجديد - بيروت.
[540] تاريخ الشيعة في ساحل بلاد الشام الشمال هاشم عثمان ص 109.
[541] العبر لابن خلدون ج 2 ص 168.
[542] الشيعة في مصر من عهد الامام علي حتي الامام الخميني تأليف صالح الواردني ص 90.
[543] الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 306.
[544] انظر جريدة (الحياة) التي تصدر في لندن عدد 1994/12/22 م. و انظر كتاب: المؤسسات الدينية الاسلامية و الكيان الصهيوني، ص 205 ط. مركز الغدير - بيروت.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.