المنحة الوهبية في رد الوهابية

اشارة

نوع: كتاب
پديدآور: طحاوي، احمد بن محمد239؟-321ق.
عنوان و شرح مسئوليت: المنحة الوهبية في رد الوهابية/ الطحطاوي؛ داوود بن السيد سليمان. ويليها كتاب أشد الجهاد في إبطال
ناشر: موسسه تحقيقات و نشر معارف اهل البيت (ع)
توصيف ظاهري: 1 متن الكترونيكي: بايگاني HTML؛ داده هاي الكترونيكي (38 بايگاني: 143.1KB)
موضوع: وهابيه
دفاعيه ها و رديه ها

المقدمة

قال السيد العلامة أحمد الطحطاوي في حاشية الدر ما نصه قال كثير من المفسرين إن المراد من الذين فرقوا دينهم أهل البدع والشبهات من هذه الأمة وروي عمر رضي الله تعالي عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله تعالي عنها إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا أصحاب البدع وأصحاب الأهواء من هذه الأمة قال تعالي وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم أي الطرق المختلفة التي هي ما عدا طريقة مثل اليهودية والنصرانية وسائر الملل والأهواء والبدع فتقعوا في الضلالة وقال تعالي واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا قال بعض المفسرين المراد من حبل الله الجماعة لأنه عقبه بقوله ولا تفرقوا والمراد من الجماعة عند أهل العلم أهل الفقه والعلم ومن فارقهم قدر شبر وقع في الضلالة وخرج عن نصرة الله تعالي ودخل في النار لأن أهل الفقه والعلم هم المهتدون المتمسكون بسنة محمد عليه الصلاة والسلام وسنة الخلفاء الراشدين بعده ومن شذ عن جمهور أهل الفقه والعلم والسواد الأعظم فقد شذ فيما يدخله في النار فعليكم معاشر المؤمنين باتباع الفرقة الناجية المسماة بأهل السنة والجماعة فإن نصرة الله وحفظه وتوفيقه في موافقتهم وخذلانه وسخطه ومقته في مخالفتهم وهذه الطائفة الناجية قد اجتمعت اليوم في مذاهب أربعة وهم الحنفيون والمالكيون والشافعيون والحنبليون رحمهم الله ومن كان خارجا عن هذه الأربعة في هذا الزمان فهو من أهل البدعة والنار ا ه قال فإن قلت ما وقوفك علي أنك علي صراط مستقيم وكل واحد من هذه الفرق يدعي أنه عليه قلت ليس ذلك بالادعاء والتشبث باستعمالهم الوهم القاصر والقول الزاعم بل بالنقل عن جهابذة هذه الصنعة وعلماء أهل الحديث الذين جمعوا صحاح الأحاديث في أمور رسول الله صلي الله عليه وسلم وأحواله وأفعاله وحركاته وسكناته وأحوال الصحابة والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان مثل الإمام البخاري ومسلم وغيرهما من الثقات المشهورين الذين اتفق أهل المشرق والمغرب علي صحة ما أوردوه في كتبهم من أمور النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله تعالي عنهم ثم بعد النقل بنظر إلي الذي تمسك بهديهم واقتفي أثرهم واهتدي بسيرهم في الأصول والفروع فيحكم بأنه من الذين هم هم وهذا هو الفارق بين الحق والباطل والمميز بين من هو علي صراط مستقيم وبين من هو علي السبيل الذي علي يمينه وشماله قال واختلف العلماء من السلف والخلف في تكفير أهل الأهواء والبدع ولا شك أن من كان مذهبه وبدعته مؤديا إلي الكفر وهو غير متأول فيه فهو كافر الإجماع وأما من كان منهم في مذهبه وبدعته علي طريق التأويل والاجتهاد والخطأ المفضي إلي الهوي والبدعة من تشبيه أو نعت بجارحة أو نفي صفات كمال مما لا يليق به سبحانه وتعالي اختلف السلف والخلف في تكفيره فقال بعضهم أهل الأهواء كلهم كفار وهذا قول كثير من السلف والفقهاء والمتكلمين من الخلف ومنهم من صوب التكفير الذي قالوا به ومنهم من أبي إخراجهم من سواد المسلمين وهو أكثر الفقهاء والمتكلمين فقالوا هم فساق عصاة ضلال ويورثهم من المسلمين ويحكم لهم بأحكامهم قال ابن الهمام في شرح الهداية نعم يقع في كلام أهل المذاهب تكفير كثير منهم ولكن ليس من كلام الفقهاء الذين هم المجتهدون بل من غيرهم ولا عبرة بغير الفقهاء والمنقول عن المجتهدين عدم تكفيرهم ا ه وأما قوله عليه الصلاة والسلام (ابني إسرائيل تفرقت علي اثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي) يعني أمة الإجابة المؤمنين به صلي الله عليه وسلم (علي ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا واحدة وهي ما أنا عليه وأصحابي) قال التور بشتي في شرح المصابيح المراد من الأمة هنا من يجمعهم دائرة الدعوة من أهل القبلة لأنه أضافهم إلي نفسه فقال أمتي وأكثر ما ورد من الحديث علي هذا الأسلوب المراد منه أهل القبلة والمعني أنهم تفرقوا فرقا تتدين كل واحدة منها بخلاف ما تتدين به الأخري وقوله كلهم في النار إلا واحدة يعني كلهم يفعلون ويعتقدون ما هو موجب دخول النار فإن كان كفرا وماتوا عليه دخلوا النار لا يخرجون منها أبدا وإن لم يكن كفرا فهو إلي الله تعالي إن شاء عفا عنهم وإن شاء عذبهم ثم يخرجهم من النار ويدخلهم الجنة واستشكل ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام كلهم في النار بأنه إن أريد التأييد فيها لا يصح لأن من مات من أهل البدع علي الإيمان فلا بد من دخول الجنة وإن أريد أن دخولهم محتم وإن كانوا يخرجون لا يصح لأن المؤمن العاصي في مشيئة الله تعالي وإن أريد أنهم مستحقون لدخولها وهم في المشيئة فعصاة أهل السنة كذلك فما وجه التخصيص وأجيب بأن التخصيص لشدة مؤاخذتهم بالعذاب فإن عذابهم في النار يكون أشد عذابا من عصاة الفرقة الناجية لسوء اعتقادهم في طريقة نبيهم وبأن الكل مجموعي لا جميعي أي مجموع هذه الفرق في النار ومجموع هذه الفرقة في الجنة ولا يلزم أن يكون كل الفرق في النار ولا كل الفرقة في الجنة من غير سابقة عذاب [ صفحه 1] المنحة الوهبية في رد الوهابية جمع الفقير إلي ربه العلي القدير داوود بن السيد سليمان البغدادي النقشبندي الخالدي عفي الله عنه وعن أسلافه آمين ويليها كتاب أشد الجهاد في إبطال دعوي الاجتهاد أيضا للعلامة المتقدم أعني شيخ الإسلام الشيخ داوود عليه رحمة الودود م م م قد اعتني بطبعه طبعة جديدة بالأوفست يطلب من المكتبة الحقيقة بشارع دار الشفقة بفاتح 57 استانبول - تركيا هجري قمري هجري شمسي ميلادي 1406 - 1364 - 1986 (تنبيه) من أراد أن يطبع هذه الرسالة وحدها أو يترجمها إلي لغة أخري فله من الله الأجر الجزيل ومني الشكر الجميل وكذلك جميع كتبي كل مسلم مأذون بطبعها بشرط جودة الورق والتصحيح Hizmet Gazetecilik ve Matbaacrirk Limited Sirketi: Baskl (hat 10) 00 - 18 - 526: Tel. IST - Cagaloglu [ صفحه 2]

التوسل و التشفع

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين أحمد الله الذي أذل البدعة وأهلها وأعز السنة ومن استأهلها فقيض لها في كل زمان طايفة لا يضرها من خذ لها مصلطة سيوف الأدلة علي من حرف الشريعة أو بدلها وأصلي وأسلم علي سيدنا محمد صاحب السنة السنية الدافع بصولته جيشان الأباطيل الخارجية وعلي آله الذين من نفاهم أو انتقصهم غرق وما نجي وعلي أصحابه الذين كل منهم باسنة هممهم للمارقين دجي أما بعد فيقول الفقير إلي مولاه داود بن السيد سليمان البغدادي قد ظهر في زماننا أناس يخالفون أهل السنة والمذاهب فيضللون الأمة المحمدية ويستبيحون دمائهم وأموالهم في شبهات خاب من هو إليها ذاهب فاستعنت الله علي ردهم بهذه الورقات القليلة لعل الله يهديهم فتكون نعم الوسيلة اعلم أيها المؤمن أن المنكر للتوسل والتشفع من الأنبياء والأولياء من عباد الله الصالحين والاستغاثة بهم علي طريق التسبب مما يقدره الله تعالي علي أيديهم بنوع كرامة من الله تعالي أو بدعاء منهم لله في دار برازخهم في حصول خير من الله للطالب منهم تشفعا أو دفع شر إنما أتاه الإنكار من اعتقاده أن الميت إذا مات صار ترابا لا يسمع ولا يري وليس له حياة برزخية في قبره فهو يستغرب حينئذ الطلب منه علي طريق الوسيلة والتسبب به كما يتسبب بالإحياء أهل الدنيا ولو كان معتقدا أن سائر أهل القبور أحياء حياة برزخية يعلمون بها ويعقلون ويسمعون ويرون ويعرفون من زارهم ومن سلم [ صفحه 3]

عالم القبر

عليهم ويردون السلام ويتزاورون بينهم ويتنعمون أو يعذبون وأن النعيم والعذاب علي الروح والجسد وأن أعمال الأحياء تعرض عليهم فما رأوا من خير حمدوا الله واستبشروا ودعوا لفاعله بالزيادة والثبات وإن رأو شرا دعوا الله لهم وقالوا اللهم راجع بهم إلي الطاعة واهدهم كما هديتنا وغير ذلك من أحوال أهل البرزخ لما وسعهم الإنكار فإن دار البرزخ هي نقلة من دار إلي دار وقد ثبت كل ما ذكرناه من هذه الأحوال بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة وأن من لم يعتقد ذلك فقد ترك من واجب الإيمان شيئا يجعله من المبتدعين الخارجين عن سنة سيد المرسلين وملتحق من بعض الوجوه بالكفار المنكرين فإن البعث بالقيام للمحشر من أركان الإيمان الذي يكفر منكره وإنكار حياة القبر للنعيم والعذاب إنكار للبعث الأصغر الذي هو أنموذج البعث علي أن هذا الجاهل المنكر لما أجمعت عليه الأمة لو قلنا بموجب قوله إن أهل القبور تكون أجسادهم ترابا لا يسمعون ولا يرون ولا يعرفون ولا نعيم ولا عذاب للأجساد يقال له إذا ثبت ذلك للروح فاالمانع من أن الروح يثبت لها ما ذكرناه من الأحوال المتقدمة وأن التشفع والتوسل والطلب منها علي طريق التسبب كطلب الشفاعة والدعاء ونحو ذلك وهي حية حياة دائمة لا تفني كما عليه جميع أهل الملل فهي أيضا يمكن لها التسبب فيما يقدره الله تعالي علي يدها ولما كان هذا الحال الذي هو سبب الإنكار صار حال أكثر الناس حتي ممن يدعي العلم وهو من جنس الجهال العوام لأنه في زماننا يسمي الرجل عالما وهو ما عرف الأحاديث النبوية وتفسير الآيات القرآنية ولا اطلع علي أقوال الصحابة والتابعين وآثارهم بل قصاري أمره أن يكون قراء بعض مقدمات في العلوم فوقف عندها واشتهر عند الناس أن فلانا عالم أفندي فاكتفي بذلك فصار يقول العوام قال فلان العالم كذا وكذا وهو من عقله وبهذا ذهب العلم واتخذ الناس رؤسا جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا كما في البخاري فوجب علي من اطلع البيان فإن الناس بهذه الأحوال أقرب ما يكون إلي حال الجاهلية لأنهم إذا أنكروا نعيم القبر وعذابه وأنه علي الروح والجسد علي ما هو واجب الاعتقاد قال صاحب نظم الشيبانية (وأن عذاب القبر حق وأنه علي الروح والجسم الذي فيه الحدا) أي ونعتقد أن عذاب القبر حق أي ونعيمه [ صفحه 4] فهو من باب الاكتفاء كقوله تعالي سرابيل تقيكم الحر أي والبرد فالنعيم والعذاب علي الروح والجسم وإن لم نره نحن لأنه من الإيمان بالغيب يحتمل أنه يجبرهم هذا علي إنكار البعث الأكبر لأن الكل راجع إلي قدرة الله وهذا بالنسبة إلي العقل وأما بالنسبة إلي النقل فالآيات والأحاديث وأقوال سلف الأمة مطبقة علي الأحوال التي ذكرناها سابقا لأهل البرزخ فإن كان الإنسان يجهلها فها نحن نذكرها أولا مفصلا بابا بابا ثم نتبع ذلك بالأحاديث الصحيحة الواردة في التوسل والتشفع والطلب منهم للشفاعة علي طريق التسبب لا أنهم الفاعلون استقلالا فإن هذا يعتقده أكثر الناس من الوهابية وغيرهم في الأحياء لمشاهدتهم لأفعالهم وحركاتهم فلا يخطر ببال المتسبب بهم نسبة فعلهم إلي الله تعالي فيشركون إلا نادرا جدا وأما الأموات من الأنبياء والأولياء الأحياء عند ربهم فإن الناس يعلمون أنهم لا قدرة لهم إلا بالله تعالي وأن الله تعالي يسببهم بقدرة من عنده خارقة للعادة أو يفعل تعالي لأجلهم أو بجاههم وحرمتهم فالناس وإن نسبوا لهم الفعل فليس مرادهم الحقيقة بل المجاز والتسبب فاعلم ذلك وتحققه لتعلم أن ما باء به المنكرون نزغة شيطانية خارجه عن الدلايل العقلية والنقلية وبعض الناس يعتقد ما ذكرنا من أحوال أهل البرزخ لكن يغفل عن تسببهم وإكرام الله لهم بنوع الكرامة أو يفعل لأجلهم فيستبعد حصول التسبب منهم والتوسل بهم أو يدعي أن الطلب منهم وسؤالهم الشفاعة لم يرد في الشرع وهؤلاء القسم أهون من القسم الأول فهو ناشئ إما من عدم اطلاعهم علي الوارد أو من تعصبهم وعنادهم لأنهم يتحيزون إلي فئة أو شخص قال بذلك فهم يثابرون علي إثبات قولها أو قوله ولو بالباطل أو عناد لمن يأتيهم بحق أو تكبرا عليه واحتقارا لشأنه وعند الله تتبين الحقايق وتبدو ذرات النيات والدقايق فعليك أيها الموفق بالإنصاف واترك العناد للحق والاعتساف لعلك تحظي بالمدد من الله تعالي والاسعاف

اثبات حياة الأنبياء

إثبات حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في قبورهم وأنها حياة حقيقية قال الله تعالي ولا تحسب الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون قال العلماء فإذا أثبت هذا في الشهداء وهم من سائر الأمة [ صفحه 5] في كل زمان ولا شك أن الأنبياء أولي وأعلا علي أنهم قالوا ما من نبي إلا وقد رزق الشهادة وهذا ظاهر وأما قول الحلبي في السيرة قد يقال إنه قد يكون في المفضول ما لا يكون في الفاضل فلا يلزم القياس فممنوع بأن ذلك ممكن فيما لم يرد به نص يوافق هذا القياس وقد ورد من الأحاديث الصحيحة المشفق عليها ما يوافق ذلك ففي البخاري أو مسلم مررت ليلة أسري بي علي موسي وهو قائم في قبره يصلي وروي البيهقي وغيره بأسانيد صحيحة عند صلي الله عليه وسلم أنه قال الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون وورد أن الله حرم علي الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء وقد أطبق العلماء علي ذلك وورد في الصحيحين أن الله بعث لنبينا جميع الأنبياء ليلة الإسراء فصلي بهم إماما ركعتين والصلاة ذات ركوع وسجود وهي تستدعي جسدا حيا كما قالوه في صلاة موسي في قبره قال في المشكاة ناقلا عن الصحيحين وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسي قائم يصلي فإذا هو رجل ضرب جعد يعني شعره غير سبط كأنه من رجل شنؤة وهم قوم من الزط سمر اللون قال الشيخ علي القاري في شرحه قلت قد سبق أنهم أي الأنبياء أحياء عند ربهم وأن الله حرم علي الأرض أن تأكل لحومهم ثم أجسادهم كأرواحهم لطيفة غير كثيفة فلا مانع لظهورهم في عالم الملك والملكوت علي وجه الكمال بقدرة ذي الجلال ومما يؤيد تشكيل الأنبياء وتصورهم علي وجه الجمع بين أجسادهم وأرواحهم قوله في الحديث فإذا موسي قائم يصلي فإن حقيقة الصلاة وهي الإتيان بالأفعال المختلفة إنما يكون للأشباح لا للأرواح لا سيما وكالتصريح في المعني قوله فإذا موسي رجل ضرب نوع وسط من الرجال أو ضعيف اللحم علي ما في النهاية جعد كأنه من رجال شنؤة ثم قال أيضا قلت وقد قدمنا أن الأنبياء لا يموتون كساير الأحياء بل نقلوا من دار الفناء إلي دار البقاء وقد ورد به الأحاديث والأنباء انتهي قال الإمام البيهقي في كتاب الاعتقاد الأنبياء بعد ما قبضوا أردت إليهم أرواحهم فغيبوا عنا وإن كنا لا نراهم كالملائكة إلا لمن أكرمه الله تعالي بنوع كرامة وكذلك ذكر الإمام السيوطي وهو قول الإمام النووي والسبكي والقرطبي عن شيخه ونقله عنه ابن القيم الحنبلي في كتاب الروح وابن حجر والرملي والقاضي زكريا وأكمل الدين الحنفي والشرنبلالي وابن أبي جمرة المالكي وتلميذه ابن الحاج [ صفحه 6] في المدخل والشيخ إبراهيم اللقاني في شرح جوهرة التوحيد وغيرهم وقد صح عن سعيد بن المسيب أنه في وقعة الحرة لما خلي المسجد النبوي وتعطل عن الأذان والإمامة صار يسمع الأذان والإقامة من الحجرة الشريفة النبوية وذكره ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم وأن كثيرا منهم سمع رد السلام من قبره صلي الله عليه وسلم علي المسلمين في كثير من الأوقات بل ثبت هذا من سائر الموتي كما سيأتي والحاصل أن حياة الأنبياء ثابتة الإجماع ولا يرد علي هذا ما ورد في الحديث الصحيح ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتي أرد عليه السلام فإنه بظاهره يقتضي أن روحه الشريفة تفارق جسده الشريف وأنها بالسلام ترد وأجاب عنه العلماء بأجوبة أوصلها السيوطي إلي سبعة عشر وجها أحسنها أنه صلي الله عليه وسلم يكون مستغرقا بمشاهدة حضرة القدس فيغني عن إحساسه الشريف فإذا سلم المسلم عليه ترد روحه من ذلك الاستغراق إلي الإحساس لأجل المرد المذكور ونحن نري في الدنيا بعض من هو مشغول البال بأمر من الأمور الدنيوية أو الأخروية ربما يتكلم أحد معه وهو لا يشعر بكلامه لاشتغال باله واستغراقه فكيف من هو مشغول بمشاهدة جمال ذي الجلال وقد اختلف العلماء في رويته صلي الله عليه وسلم في المنام واليقظة هل هو لذاته أو لمثاله بعد اتفاقهم علي حياته في قبره فرجح الأكثر الأول للأحاديث الواردة الصحيحة كما في البخاري من رآني في المنام فسيراني في اليقظة حتي قال النووي إن رؤياه في المنام رؤية لحقيقة ذاته لقوله صلي الله عليه وسلم من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل بي ولو كانت الرؤية لمثاله لم يكن رآه حقا قال اللقاني في شرح جوهرة التوحيد اتفق الحفاظ علي رؤيته صلي الله عليه وسلم يقظة و منا ما واختلفوا هل المرئ ذاته أو مثال يحكيها ذهب إلي الأول جماعات و إلي الثاني الغزالي والقرافي وجماعة ثم رجح الأول وممن قال بالأول أكثر من ثلاثين إماما من أكابر العلماء المحدثين وقد ذكرت عباراتهم في رسالة في هذه المسألة مخصوصة وحررت لكل واحد منهم فيها نصوصه [ صفحه 7]

سماع الموتي

ورؤيتهم وهذا الباب معقود لغير الأنبياء والشهداء والأولياء أما الأولان فأحياء كما تقدم يرزقون فرحين مستبشرين وأما الأولياء فلأن سماعهم ورؤيتهم علي وجه الكرامة وهي أمر خارق للعادة يجريه الله لعباده الصالحين وإنما نذكر لك هذا اللباب ليتضح لك أن الأنبياء والأولياء والشهداء أعلا وأسمي ولكن إذا كان سائر الناس ولو كفارا يثبت لهم ذلك تعلم ما باء به بعض الجهلة من نفي السماع والرؤية عن الأنبياء لا سيما نبينا صلي الله عليه وسلم وعن الشهداء والأولياء روي البخاري أن الميت إذا دفن وتولي عنه أصحابه أنه ليسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا عنه وفي الصحيحين عنه صلي الله عليه سلم من وجوه متعددة أنه أمر بقتلي بدر بعد أيام من موتهم فألقوا في قليب ثم بعد أيام جاء حتي وقف عليهم وناداهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان إلي آخرهم هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربي حقا فقال له عمر رضي الله عنه يا رسول الله ما تخاطب من أقوام قد جيفوا فقال والذي بعثني بالحق ما أنتم بأسمع منهم وفي رواية لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون جوابا وفي الصحيحين عنه صلي الله عليه وسلم أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه قال النووي في شرح صحيح مسلم معناه أنه يعذب بسماعه بكاء أهله ويرق لهم وإلي هذا ذهب محمد بن جرير الطبري قال القاضي عياض وهو أولي الأقوال واحتجوا فيه أن النبي صلي الله عليه وسلم زجر امرأة عن البكاء علي ابنها وقال إن أحدكم إذا بكي استعير له صويحبه فيا عباد الله لا تعذبوا إخوانكم انتهي فهذا النقل يدل علي أن الميت ولو من بعد يسمع بكاء أهله عليه فيوذيه ذلك ويعذبه وقد شرع النبي صلي الله عليه وسلم لأمته إذا سلموا علي أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول المسلم السلام عليكم دار قوم مؤمنين وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد والسلف مجمعون علي هذا وقد تواترت الآثار بأن الميت يعرف بزيارة الحي له ويستبشر قال أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا في كتاب القبور

معرفة الموتي بزيارة الأحياء

حدثنا محمد بن عون حدثنا يحيي بن يمان عن عبد الله بن سمعان عن زيد بن أسلم عن عايشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس [ صفحه 8] به ورد عليه حتي يقوم حدثنا محمد بن قدامة الجوهري حدثنا معن بن عيسي القزاز أخبرنا هشام بن سعد حدثنا زيد ابن أسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال إذا مر الرجل بقبر يعرفه فسلم عليه رد عليه السلام وعرفه وإذا مر بقبر لا يعرفه فسلم عليه رد عليه عليه السلام ذكر ذلك ابن القيم في كتاب الروح ثم بعده ذكر آثارا كثيرة قال وهذا باب فيه آثار كثيرة عن الصحابة ويكفي في هذا تسمية المسلم عليهم زايرا ولولا أنهم لا يشعرون به لما صح تسميته زايرا فإن المزور إذا لم يعلم بزيارة من زاره لم يصح أن يقال زاره هذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأمم وكذلك السلام عليم فإن السلام علي من لا يشعر ولا يعلم بالمسلم محال فهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب ويعقل ويرد وإن لم يسمع المسلم الرد وإذا صلي الرجل قريبا منهم شاهدوه وعلموا صلاته وغبطوه علي ذلك قال يزيد بن هارون أخبرنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي أن ابن ساسب خرج في جنازة في يوم وعليه ثياب خفاف فانتهي إلي قبر قال فصليت ركعتين ثم اتكأت فوالله إن قلبي ليقظان إذ سمعت صوتا من القبر إليك عني لا تؤذيني فإنكم قوم تعملون ولا تعلمون ونحن قوم نعلم ولا نعمل ولأن يكون لي مثل ركعتين أحب إلي من كذا وكذا فهذا قد علم باتكاء الرجل علي القبر وبصلاته ثم ذكر علي هذه المسألة آثارا وأخبارا كثيرة ثم اعلم أن عايشة أم المؤمنين أنكرت سماع أهل القليب الكفار فظن بعض من لا علم عنده أنها أنكرت سماع الموتي مطلقا حتي المؤمنين بل جعله بعض الجهلة ساريا حتي علي الشهداء وسيد المرسلين صلي الله عليه وسلم وذلك غفلة منهم عن تحرير محل النزاع وتشبث منهم بما ليس لهم فيه انتفاع فإن إنكارها خاص بالكفار فقط ظنا منها أن السماع الثابت بنصه صلي الله عليه وسلم لأهل القليب هو السماع المذكور في الآيتين إنك لا تسمع الموتي وما أنت بمسمع من في القبور وليس كذلك كما قاله أساطين العلماء لأن السماع المنفي في الآيتين هو سماع القبول والاذعان للإيمان وقد شبه الله الكفار الأحياء الذين لهم أسماع وأبصار وعقول بالأموات لا من حيث انعدام الادراكات والحواس بل من حيث عدم قبولهم [ صفحه 9] الهدي والإيمان وذلك أن الميت من حين تصل روحه للغر غرة ويشاهد منزلته بشخوص بصره لمنزلته إلي الآخرة لا ينفعه الإيمان لو آمن فيقول الله تعالي إن الناس الذين كتب الله عليهم الشقاوة الأزلية لا ينفعهم دعاك لهم إلي الإيمان كما لا ينفع أهل القبور الإيمان لأن أهل القبور قد رأوا عيانا ما هو مطلوب منهم أن يؤمنوا بالغيب فإذا وصلوا إلي الموت لا يقبل منهم الإيمان فالسماع هنا هو القبول تقول فلان أمرته بكذا فما سمع أي ما قبل وإن كان سامعا بحاسة إذنه فكذلك الكفار نزلت الآيتان فيهم وهم أحياء لهم أبصار وأسماع لكن لكونه تعالي ختم علي قلوبهم بالشقاء أخبر تعالي أنك يا محمد لا تسمعهم أي لا يقبلون منك الإيمان كما أن أهل القبور لا يقبل منهم الإيمان فالسماع الثابت في الأحاديث الصحيحة سماع الحاسة والسماع المنفي في الآيتين سماع القبول وهذا ظاهر لمن ألقي السمع وهو شهيد والدليل علي هذا أن الله تعالي بعد قوله إنك لا تسمع الموتي قال إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فأثبت للمؤمنين السماع الذي هو بمعني القبول فمن جعل السماع المنفي في الآية بمعني سماع الحاسة قلنا له فقد أثبت الله علي قولك للمؤمنين وهو مطلوبنا فيكون ثبوت السماع بنص القرآن فكيف تجحد نص القرآن كما جحدت نص الحديث الذي ما بعد كتاب الله أصح منه والدليل علي أن عايشة إنما أنكرت سماع الكفار فقط ما ثبت عنها في الحديث المتقدم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به ورد السلام عليه حتي يقوم فهذا أثبت له الرؤية المستلزمة للاستيناس ورد السلام عليه المستلزم لسماع السلام وقوله حتي يقوم متعلق باستأنس علي أن عايشة رضي الله عنها نفت السماع عن الكفار وأثبتت لهم العلم فقالت إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال إنهم الآن ليعلمون أن ما قلت حق وقال علماء الأمة إن العلم يستلزم السماع ولا ينافيه كما حققه ابن تيمية وابن القيم وابن رجب والسيوطي وغيرهم لأن الموت لو كان عدما محضا كما يزعم الجهلة لانتفي عن الميت جميع الادراكات فإذا أثبتت عايشة العلم بالنص المروي عنها كما في البخاري تحقق أنها تثبت الادراكات لكن ظنت أن السماع الذي أثبته الصحابة عن النبي صلي الله عليه وسلم سماع القبول والهدي وهو لا ينفع اتفاقا بل هو الحق الجامع [ صفحه 10] بين أقوال الصحابة وقولها والجامع بين قولها في روايتها حديث الزيارة فإن قلت فقد ذكر ابن الهمام في شرح الهداية أن أكثر مشايخه الحنفية ذكروا في باب الإيمان أن الميت لا يسمع لو حلف لا يكلمه فكلمه ميتا لا يحنث فقال المحقق شيخ علي القاري الحنفي في شرح المشكاة في شرح حديث أهل القليب أقول هذا منهم مبني علي أن مبني الإيمان علي العرف فلا يلزم منه نفي حقيقة السماع كما قالوا فيمن حلف لا يأكل اللحم وأكل السمك مع أنه تعالي سماه لحما طريا أقول وهذا كذلك فإن من حلف لا يكلم زيدا وكان ميتا فكلمه لا يحنث لأن التكلم المراد منه المتعارف الذي يكون فيه محاورة بأخذ الكلام ورده ولما كان الميت يسمع ولا يرد ردا متعارفا بل ردا نؤمن به ولا نسمعه غالبا لم يحصل حقيقة التكلم العرفي فلهذا قالوا لا يحنث لا لأن الميت لا يسمع وهذا ظاهر قال ابن الهمام وأجابوا عن هذا الحديث يعني حديث خطاب النبي صلي الله عليه وسلم لأهل القليب وقسمه بالله أن الأحياء ليسوا بأسمع منهم تارة بأنه مردود من عايشة قالت كيف يقول صلي الله عليه وسلم ذلك والله يقول وما أنت بمسمع من في القبور إنك لا تسمع الموتي قال الشيخ علي القاري والحديث المتفق عليه لا يصح أن يكون مردودا لا سيما ولا منافاة بينه وبين القرآن فإن المراد من الموتي الكفار والنفي منصب علي نفي النفع لا علي مطلق السمع كقوله تعالي صم بكم عمي فهم لا يعقلون يعني مع كونهم لهم أسماع وأبصار لكن لكونهم لا يسمعون الإيمان والهدي ولا يرونه جعلهم الله كالصم والعمي أو علي نفي الجواب المترتب علي السماع قال البيضاوي في قوله تعالي لا تسمع الموتي وهم مثلهم لما سدوا مشاعرهم عن الحق إن الله يسمع من يشاء أي هدايته فيوفقهم لفهم آياته والاتعاظ بعظاته وما أنت بسمع من في القبور ترشيح لتمثيل المصرين علي الكفر بالأموات ومبالغة في إقناعهم (انتهي) فالآية من قبيل أنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ثم قال ابن الهمام وتارة بأن تلك خصوصية له صل الله عليه وسلم قال الشيخ علي القاري ويرده أن الاختصاص لا يصح إلا بدليل وهو مفقود هنا بل السؤال والجواب ينافيانه وقال ابن الهمام وتارة بأنه من ضرب المثل قال الشيخ علي القاري ويدفعه جوابه [ صفحه 11] صل الله عليه وسلم ثم قال ابن الهمام ويشكل عليهم يعني مشايخه خبر مسلم أن الميت ليسمع قرع نعال المشيعين إذا انصرفوا اللهم إلا أن يخصوا ذلك بأول الوضع في القبر للسؤال جمعا بينه وبين الآيتين فإنهما يفيدان تحقق عدم سماعهم فإنه تعالي شبه الكفار بالموتي لإفادة بعدم سماعهم وهو نوع عدم سماع الموتي انتهي قال الشيخ علي القاري وهو كما تري فيه نوع نقض ووجهه أنه إذا حصل السماع لأهل القبور في بعض الأحوال ثبت في كلها إذ لا نص ينفي ذلك في بقية الأحوال ثم بثبوت البعض ينتقض عموم الآيتين فتتناقض مع الأخبار الصحيحة علي أن الحنفية قد أطبقوا علي سنية السلام علي أهل القبور في كل وقت قال العلامة ابن ملك في شرح المصابيح في شرح حديث السلام علي أهل القبور ما نصه ومما يرد علي هذا البعض القائلين بعدم سماع الموتي ما ورد في الحديث الذي أخرجه أحمد وأبو داود في سننه والحاكم في المستدرك وابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي في كتاب عذاب القبر والطيالسي وعبد ابن حميد في مسنديهما وهناد ابن السري في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهم من طرق صحيحة عن البراء بن عازب رضي الله عنه في فتنة القبر والسؤال وفي آخر الحديث في المؤمن يناد مناد من السماء صدق عبدي فافرشوا له من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا من الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في مد بصره ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول ابشر بالذي يسرك فيقول له من أنت فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول رب أقم الساعة رب أقم الساعة حتي أرجع إلي أهلي وما لي وفي الكافر عكس هذا فهذا يدل علي أن الميت يسمع ويبصر ويشم ويتكلم ويعقل ويفهم ويخاطب ويراجع الخطاب وكل هذه أمور واقعة بعد السؤال وهي مما أجمع عليها العلماء وهذا حديث متواتر كما ذكره الإمام السيوطي وهذا يدل علي أن السلام عليهم كهو علي الإحياء وأنهم يسمعون انتهي وقال في الفتاوي الهندية ولا بأس بزيارة القبور وهو قول أبي حنيفة وظاهر قول محمد يقتضي الجواز للنساء أيضا وفي التهذيب يستحب زيارة القبور وكيفية الزيارة كزيارة ذلك الميت في حياته من القرب والبعد كذا في خزانة المفتين [ صفحه 12] وإذا أراد زيارة القبور يخلع نعليه ثم يقف مستقبلا لوجه الميت مستدبرا للقبلة ويقول السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم لنا سلف ونحن بالأثر كذا في الغرايب ولا بأس أن يقرأ علي المقابر سورة الملك سواء أخفي أو جهر وأما غيرها فإنه يقرأ في المقابر ولم يفرق بين الجهر والحفية كذا في الذخيرة في فضل قراءة القرآن عند القبور أن نومي أن يؤنسه صوت القرآن فإنه يقرأ وإن لم يقصد ذلك فإن الله يسمعه قراءة القرآن حيث كانت كذا في فتاوي قاضي خان انتهي وفي البزازية قطع الحشيش الرطب من المقابر يكره لأنه يسبح ويندفع به العذاب عن الميت ويستأنس به الميت انتهي وكذا في إمداد الفتاح للشرنبلالي وساير كتب الحنفية فإذا ثبت أن الميت يسمع تسبيح نحو الحشيش الذي لا يدرك للأحياء بنص الأئمة الذين هم عمدة أهل الفتوي كيف ينفي السماع عن صوت المنادي له بل مراد ذلك البعض منهم كما قال الشيخ علي القاري أنها مبنية علي المتعارف فذهب الإشكال ولم يلزم التناقض في باب الإيمان في أقوالهم وحصل الإيمان بقول الرسول صلي الله عليه وسلم في الأخبار الصحيحة الثابتة وحصل الإجماع ولله الحمد علي أنه لو فرضنا أن القائل بعدم السماع هو الإمام نفسه فهو قد ثبت عنه أنه قال كما قال غيره من الأئمة إذا صح الحديث فهو مذهبي بل المشهور من مذهبه الأخذ بالمرسل والضعيف اعتناء بشدة المتابعة لرسول الله صلي الله عليه وسلم فكيف يمكن المخالفة للأحاديث الصحيحة المستفيضة فهذا البغض من المشايخ يتبين عذره فلا يجوز لأحد أن يترك الحديث الصحيح الوارد عنه صلي الله عليه وسلم ويأخذ بقول غيره ولقد أحسن الحافظ الذهبي حيث يقول العلم قال الله قال رسوله++ إن صح والإجماع فاجهد فيه وحذار من نصب الخلاف جهالة++ بين الرسول وبين رأي فقيه وقد أطبق الأئمة الحنفية علي سنية زيارة النبي صلي الله عليه وسلم وزيارة صاحبيه رضي الله عنهما والسلام عليهم وطلب الشفاعة منهم فلو كانوا قائلين بعدم سماع مثل النبي والصاحبين لكان كلامهم متناقضا بل بقولهم بسنية زيارة القبور مطلقا يحصل التناقض لكن كما قال الشيخ علي القاري إن كلامهم [ صفحه 13]

زيارة الأموات

في باب الإيمان مبني علي المتعارف فارتفع الإشكال وزال التناقض (فائدة) قال ابن تيمية في كتاب الانتصار للإمام أحمد رضي الله عنه وإنكار عايشة سماع أهل القليب الكفار معذورة فيه لعدم بلوغها النص وغيرها لا يكون معذورا مثلها لأن هذه المسألة صارت معلومة من الدين بالضرورة انتهي فيلزم من قوله هذا إن الذي ينكر سماع الكفار يكفر لأن جاحد المعلوم من الدين بالضرورة يكفر كما في جميع كتب المذاهب علي أن البعض الذي أنكر إنما هو في حق الكفار كما قالته عايشة رضي الله عنها وأما النبي صلي الله عليه وسلم والشهداء وأولياء أمنه فلم يقل أحد بإنكار سماعهم لا عايشة ولا غيرها وحينئذ تعلم سوء ما تجاهر به بعض الجهلة في زماننا من إطلاق عدم السماع حتي في حق النبي صلي الله عليه وسلم والأمر لله الواحد القهار وقال ابن تيمية أيضا في الفتاوي مسألة في الأحياء إذا زاروا الأموات هل يعلم الأموات بزيارتهم وهل يعلمون يا الميت إذا مات من قرايبهم أو غيره أم لا الجواب نعم قد جاءت الآثار بتلاقيهم وتساؤلهم وعرض أعمال الأحياء علي الأموات كما روي ابن المبارك عن أبي أيوب الأنصاري قال إذا قبضت نفس المؤمن تلقاها أهل الرحمة من عباد الله كما يتلقون البشير في الدنيا فيقبلون عليه ويسألونه فيقول بعضهم لبعض انظروا أخاكم يستريح فإنه كان في كرب شديد قال فيقبلون عليه ويسألونه ما فعل فلان ما فعلت فلانة هل تزوجت الحديث وأما علم الميت بالحي إذا زاره ففي حديث ابن عباس قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام قال ابن عبد البر ثبت ذلك عن النبي صلي الله عليه وسلم وصححه عبد الحق صاحب الأحكام وأما ما أخبر به الله من حياة الشهيد ورزقه وما جاء في الحديث الصحيح من دخول أرواحهم الجنة قد ذهب طوايف إلي أن ذلك مختص بهم دون الصديقين وغيرهم والصحيح الذي عليه الأئمة وجماهير أهل السنة أن الحياة والرزق ودخول الأرواح الجنة ليس مختصا بالشهيد كما دل علي ذلك النصوص الثابتة واختص الشهيد بالذكر لكون الظان يظن أنه يموت فينكل عن الجهاد فأخبر بذلك لتزول الشبهة المانعة عن الإقدام علي الجهاد والشهادة كما نهي عن قتل الأولاد خشية الاملاق لأنه هو الواقع وإن كان قتلهم لا يجوز [ صفحه 14] مع عدم خشية الاملاق انتهي فهذا نص من شيخ هؤلاء الذين يزعمون أنهم متبعون له وهم أجهل الخلق بنصوصه ومقاصده أن سائر الأموات حياتهم كحياة الشهداء ورزقهم رزق الشهداء فكيف الذي يكون عيالا علي أقواله يزعم شيئا يخالف أقواله فيجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يسمع ولا يري ولا يعلم ولا يعرف من زاره وناداه لكن هؤلاء غير متبعين لأحد بل هم متبعون هواهم وفقهم الله وهداهم أما نصوص رؤية الموتي للأحياء ففي البخاري ما من ميت إلا يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار والعرض يقتضي الرؤية لمقامه قال الله تعالي في حق آل فرعون النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب فلو لم ير الميت لم يحصل فايدة من العرض وأخرج أبو نعيم عن عمرو بن دينار ما من ميت يموت إلا روحه في يد ملك ينظر إلي جسده كيف يغسل وكيف يكفن وكيف يمشي به ويقال له وهو علي سريره اسمع ثناء الناس عليك وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمرو بن دينار قال ما من ميت يموت إلا وهو يعلم ما يكون في أهله بعده وأنهم ليغسلونه ويكفنونه وأنه لينظر إليهم وفي الحديث الصحيح في البخاري أن منكرا ونكيرا يقولان للميت بعد المسايلة انظر إلي مقعدك من النار قد أبدلك الله به من الجنة فيراهما جميعا وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال إذا مر الرجل بقبر يعرفه فسلم رد عليه السلام وعرفه وإذا مر بقبر لا يعرفه فسلم رد عليه انتهي ففهم من هذا الحديث أن الميت يري من يزوره ويقرب من قبره لأنه لو لم ير لما عرف من كان يعرف وما عرف من لا يعرفه في الدنيا ففي الأول يرد عليه ويعرفه وفي الثاني يرد عليه السلام ولم يعرفه لأنه في الدنيا ما كان يعرفه وأخرج أحمد والحاكم عن عائشة قالت كنت أدخل البيت فأضع ثوبي وأقول إنما هو أبي وزوجي فلما دفن عمر ما دخلته إلا أنا مشدودة علي ثيابي حياء من عمر وفي الأربعين الطائية روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال آنس ما يكون الميت في قبره إذا زاره من كان يحبه في دار الدنيا فهذا يدل علي رؤيته لمن يزوره وإلا فكيف يستأنس الميت بمن لم يره وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص أنه قال في مرض موته إذا دفنتموني فشنوا [ صفحه 15] علي التراب شنا وأقيموا عند قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها أنس بكم وانظر ماذا أراجع به رسل ربي وفي هذا الباب آثار كثيرة هذه عمدتها فلا يحتاج إلي الإطالة ويدل علي هذا الباب باب عرض أعمال الأحياء علي الموتي فإنهم لو لم تكن لهم الرؤية لما صح عرض الأعمال عليهم لأن الظاهر أن المراد بعرضها عرض صحايفها التي تكتبها الحفظة من الملائكة وذلك يستدعي نظرا فلأجل هذه المناسبة أحببنا إرداف باب الرؤية بباب عرض الأعمال علي الموتي (اعلم) أن هذا الباب أكثر الناس لا يعلمه لعدم اطلاعهم علي السنة النبوية والأحاديث المروية في هذه القضية وكان بعض من يدعي العلم في زعمه وهو أجهل من هبنقه يقول كيف يعلم الأنبياء والأولياء بمن يستشفع بهم ويناديهم فقلت له هم مكشوف لهم في الدنيا وهم علي ما هم عليه بعد موتهم أو يكون ذلك علي وجه الكرامة بخرق العادة وهي ثابتة لهم أو بعرض الأعمال الواردة في الأحاديث فأنكر ذلك فأتيته بكتب الحديث المصنفة في أحوال أهل القبور فلما رآها وكان لا يعرفها قال هذا في الأقارب فقط فقلت في الأحاديث والآثار ما يدل علي الأقارب والأجانب فعاند حتي مات فها نذكر لك الوارد وليس علينا غير تصحيح نقلنا فمن كان لا يصغي له فهو جاحد فأما عرض الأعمال من الأمة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فروي البزاز بسند رجاله رجال الصحيح عن ابن مسعود عنه صلي الله عليه وسلم قال حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فإن رأيت خيرا حمدت الله وإن رأيت شرا استغفرت لكم روي مرفوعا وله طريق آخر مرسلا عن بكر بن عبد الله المزني عن بن عباس وغيره وأما عرض الأعمال علي الأقارب فأخرج أحمد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن منده قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن أعمالكم تعرض علي أقاربكم وعشايركم من الأموات فإن رأوا خيرا استبشروا به وإن كان غير ذلك قالوا اللهم لا تمتهم حتي تهديهم كما هديتنا وأخرج الطيالسي في مسنده عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم أن أعمالكم تعرض علي عشايركم وأقاربكم في قبورهم فإن كان خيرا استبشروا به وإن كان غير ذلك قالوا اللهم ألهمهم أن يعملوا بطاعتك وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [ صفحه 16] والحكيم الترمذي وابن أبي الدنيا عن إبراهيم بن ميسرة قال غزا أبو أيوب القسطنطينية فمر بقاص وهو يقول إذا عمل العبد العمل في صدر النهار عرض علي معارفه إذا أمسي من أهل الآخرة وإذا عمل العمل في آخر النهار عرض علي معارفه إذا أصبح من أهل الآخرة فقال أبو أيوب انظر ما تقول قال والله إنه لكما أقول فقال أبو أيوب اللهم إني أعوذ بك أن تفضحني عند عبادة ابن الصامت وسعد بن عبادة بما عملت بعدهم فقال القاص والله لا يكتب ولايته لعبد إلا ستر عوراته وأثني عليه بأحسن عمله وأخرج الحكيم الترمذي في نوادره من حديث عبد الغفور بن عبد العزيز عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم تعرض الأعمال يوم الاثنين ويوم الخميس علي الله وتعرض علي الأنبياء وعلي الأولياء والأمهات يوم الجمعة فيفرحون بحسناتهم وتزداد وجوههم بياضا وإشراقا فاتقوا الله ولا تؤذوا موتاكم وأما عرض الأعمال علي الأجانب فأخرج ابن المبارك وابن أبي الدنيا عن أبي أيوب قال تعرض أعمالكم علي الموتي فإن رأوا حسنا استبشروا وإن رأوا سوءا قالوا اللهم راجع بهم وأخرج الحكيم الترمذي وابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول اتقوا الله في إخوانكم من أهل القبور فإن أعمالكم تعرض عليهم وهذان الحديثان عامان في مطلق الموتي وعن أبي الدرداء قال إن أعمالكم تعرض علي موتاكم ينسرون ويساؤون ويدل علي ما قلنا من العموم ما ذكره ابن القيم في كتابه الروح عن ابن أبي الدنيا قال حدثني محمد بن الحسين حدثني خالد بن عمرو الأموي حدثنا صدقة بن سليمان الجعفري قال كانت لي شرة سمجة فمات أبي فأبت وندمت علي ما فرطت قال ثم زللت أيما زلة فرأيت أبي في المنام فقال أي بني ما كان أشد فرحي بك وأعمالك تعرض علينا فنشبهها بأعمال الصالحين فلما كانت هذه المرة استحييت لذلك حياء شديدا فلا تخزني فيمن حولي من الأموات قال فكنت أسمعه بعد ذلك يقول في دعائه في السحر وكان لي جار بالكوفة أسألك إنابة لا رجعة فيها ولا حور يا مصلح الصالحين ويا هادي المضلين ويا أرحم الرحمين ففي هذا الأثر دلالة أن الموتي الأجانب يطلعون علي أعمال غير الأقارب [ صفحه 17] لأن الذي تعرض أعماله عليه هو أبوه فقال لولده لا تخزني فيمن حولي من الأموات فلولا أنهم يطلعون معه علي عمل ابنه بالعرض لما قال ذلك وقد تقدم في حديث أيوب تعرض علي معارفه وهم الذين يعرفونه أعم من الأقارب وفي هذا القدر كفاية لمن شرح الله صدده بالإيمان.

تزاور الموتي و تلاقيهم

أخرج الحارث ابن أبي أسامة والوايلي في الإبانة والعقيلي عن جابر قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يتباهون ويتزاورون في قبورهم وفي صحيح مسلم إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه يعني لعلة التزاور والتباهي به وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يتزاورون في أكفانهم وأخرج الترمذي وابن ماجة ومحمد بن يحيي الهمداني في صحيحه وابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي قتادة قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه فإنهم يتزاورون في قبورهم وقال ابن تيمية في الفتاوي في مواضع متعددة ويتزاورون سواء كانت المداين متقاربة في الدنيا أو متباعدة قد تجتمع الأرواح مع تباعد المداين انتهي وقد ذكر ذلك الأئمة الحنفية في كتبهم الفقهية وهو أنه يسن تحسين الكفن لأن الموتي يتفاخرون به ويتزاورون بل قال به جميع فقهاء المذاهب وفي هذا الباب آثار كثيرة وأخبار عجيبة غزيره إن أردتها فارجع إلي شرح الصدور للإمام الحافظ السيوطي فإنه جمع فأوعي.

علم الموتي بأحوال أهل الدنيا

من غير طريق عرض الأعمال قال ابن القيم في كتاب الروح (فصل) وقد ترجم الحافظ أبو محمد عبد الحق الإشبيلي علي هذا فقال ذكر ما جاء أن الموتي يسئلون عن الأحياء ويعرفون أقوالهم وأعمالهم ثم ذكر بعد ورقة فقال صح عن عمرو بن دينار أنه قال ما من ميت يموت إلا وهو يعلم بما يكون في أهله وأنهم يغسلونه ويكفنونه وأنه لينظر إليهم ثم بعد ورقة قال وصح عن حماد بن سلمة عن ثابت عن شهر بن حوشب أن الصعب بن جثامة وعوف بن مالك كانا متواخيين فقال الصعب لعوف أي أخي أينا مات قبل صاحبه فاليترايا له قال أو يكون ذلك قال نعم فمات صعب فرآه عوف فيما يري النايم كأنه قد أتاه قال قلت أي أخي قال نعم قلت ما فعل الله بك [ صفحه 18] قال غفر لنا بعد المشارب ثم بعد كلام قال واعلم أي أخي أنه لم يحدث في أهلي حدث بعد إلا وقد لحق بي خبره حتي هرة ماتت لنا منذ أيام واعلم أن بنتي تموت إلي ستة أيام فاستو صوابها معروفا ثم كان كما أخبر ثم ذكر حديث ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه وإتيانه لأحد من في عسكر خالد ابن الوليد وقوله له إني أوصيك بوصية فإياك أن تقول هذا حلم إني لما قتلت مر بي رجل من المسلمين فأخذ درعي ومنزله في أقصي الناس وعند خبائه فرس يستن في طوله أي يرعي في رسنه الطويل وقد كفي علي الدرع برمة وفوق البرمة رحل فأت خالد بن الوليد فقل له يأخذ درعي فأخبر الرجل خالدا فوجد الدرع كما وصف فأخذه وقال الحافظ السيوطي في شرح الصدور.

تأذي الميت

بما يبلغه عن الأحياء أخرج الديلمي عن عايشة رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم قال إن الميت يؤذيه في قبره ما يؤذيه في بيته قال القرطبي في التذكرة يجوز أن يكون الميت يبلغه من أفعال الأحياء وأقوالهم ما يؤذيه بلطيفة يحدثها الله تعالي له من ملك مبلغ أو علامة أو دليل وما شاء الله وقال ابن القيم في كتاب الروح وقد دل علي التقاء أرواح الأحياء والأموات أن الحي يري الميت في منامه فيستخبره ويخبر الميت بما لا يعلمه الحي فيصادف خبره كما أخبر في الماضي والمستقبل وربما أخبره بمال دفنه الميت في مكان لم يعلم به سواه وربما أخبره بدين عليه وذكر له شواهده وأدلته وأبلغ من هذا أنه أخبره بما عمله من عمل لم يطلع عليه أحد من العالمين وأبلغ من هذا أنه يخبره أنك تأتينا في وقت كذا فيكون كما أخبر وربما أخبره عن أمور يقطع الحي أنه لم يكن يعرفها غيره وقد ذكرنا قصة الصعب بن جثامة وقصة ثابت بن شماس إلي آخر ما قال وذكر السيوطي في شرح الصدور عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال ما أخبرك الميت بشئ فهو حق لأنه في دار الحق فهو لا ينطق إلا بالحق انتهي وهذا من المجربات كما ذكره ابن القيم وغيره وهذا من باب كشف الغطاء واطلاعه علي ذلك من لطافة الروح فيعلم ذلك في تلك الدار التي هي محل العلم من الله تعالي وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلايل عن سليمان قال دخلت علي أم سلمة وهي تبكي فقلت ما يبكيك قالت [ صفحه 19] رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم في المنام يبكي وعلي رأسه ولحيته التراب فقلت مالك يا رسول الله قال شهدت قتل الحسين آنفا ذكره السيوطي في شرح الصدور وكذا الخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق أبي بكر بن عياش عن حفار من بني أسد قال كنت في المقابر ليلة إذ سمعت قائلا يقول من قبر يا عبد الله قال مالك يا جابر قال غدا تأتينا أمنا قال وما ينفعنا لا تصل إلينا إن أبي قد غضب عليها وحلف أن لا يصلي عليها فلما كان من الغد جاءني رجل فقال احفر لي هاهنا قبرا بين القبرين الذين سمعت منهما الكلام فقلت اسم هذا جابر واسم هذا عبد الله قال نعم فأخبرته بما سمعت قال نعم قد كنت حلفت أن لا أصلي عليها فلأكفرن عن يميني ولاصلين عليها.

ما ورد من تصرف الموتي

باب ما ورد من تصرف الموتي وصدور أمور منهم بقدرة الله تعالي قال الحافظ السيوطي في كتابه المتقدم قال الحافظ بن حجر في فتاواه أرواح المؤمنين في عليين وأرواح الكفار في سجين ولكل روح بجسدها اتصال معنوي لا يشبه الاتصال في حياة الدنيا بل أشبه شئ به حال النايم وإن كان هو أشد حالا من حال النايم اتصالا قال وبهذا يجمع بين ما ورد أن مقرها في عليين وسجين وبين ما نقله ابن عبد البر إنها عند أفنية قبورها قال ومع ذلك فهي مأذون لها في التصرف وتأوي إلي محلها من عليين أو سجين قال وإذا نقل الميت من قبر إلي قبر فالإتصال المذكور مستمر وكذا لو تفرقت الأجزاء انتهي قال السيوطي قلت ويؤيده ما ذكره من الإذن بالتصرف مع كون المقر في عليين ما أخرجه ابن عساكر من طريق ابن إسحاق قال حدثني الحسين ابن عبد الله ابن عباس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال بعد قتل جعفر لقد مر بي الليلة جعفر يقتفي نفرا من الملائكة له جناحان متخضبة قوادمهما بالدم يريدون بيشه بلدا باليمن وأخرج ابن عدي من حديث علي بن أبي طالب أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال عرفت جعفر في رفقة من الملائكة يبشرون أهل بيشة بالمطر وأخرج الحاكم عن بن عباس قال بينما النبي صلي الله عليه وسلم جالسا وأسماء بنت عميس قريبا منه إذ رد السلام وقال يا أسماء هذا جعفر مع جبرئيل وميكائيل مروا فسلموا علينا وأخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا ويوم كذا قال فأصبت في جسدي من مقادمي ثلاثا [ صفحه 20] وسبعين من طعنة وضربة ثم أخذت اللواء بيدي اليمن فقطعت ثم أخذته بيدي اليسري فقطعت فعوضني الله من يدي جناحين أطير بهما مع جبرئيل وميكائيل أنزل من الجنة حيث شئت وأكل من ثمارها ما شئت قالت أسماء هنيئا لجعفر ما رزقه الله من الخير لكني أخاف أن لا يصدقني الناس فأصعد المنبر فأخبر به الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثني عليه ثم قال إن جعفر ابن أبي طالب مر مع جبرئيل وميكائيل عوضه الله من يديه جناحين فسلم علي ثم أخبرهم بما أخبره به فهذه الأحاديث تدل علي أن الله تعالي يأذن لعباده الشهداء وغيرهم من الصالحين في بعض الأمور التي ينتفع بها الناس وفي هذا أثار كثيرة ذكرها علماء الحديث عن السلف منها ما ذكره السيوطي قال أخرج ابن أبي الدنيا من طريق يزيد بن سعيد القرشي عن أبي عبد الله الشامي قال غزونا الروم فخرج منا ناس يطلبون أثر العدو فانفرد منهم رجلان قال أحدهما فبينا نحن كذلك إذ لقينا شيخ من الروم فقال ابرزوا فحملنا عليه فاقتتلنا ساعة فقتل صاحبي فرجعت أريد أصحابي فبينا أنا راجع إذ قلت لنفسي ثكلتك أمك سبقني صاحبي إلي الجنة وارجع هاربا إلي أصحابي فرجعت إليه فضربته فأخطأته فحملني وضرب بي الأرض وجلس علي صدري وتناول شيئا معه ليقتلني به فجاء صاحبي المقتول فأخذ بشعر قفاه فألقاه عني وأعانني علي قتله فقتلناه جميعا ولجعل صاحبي يمشي ويحدثني حتي انتهينا إلي شجرة فاضطجع مقتولا كما كان فجئت إلي أصحابي فأخبرتهم وقد ذكر هذا الأثر الزندوسي صاحب روضة الأخيار من الحنيفة وصاحب زبدة الفقهاء أيضا وأخرج المحاملي في أماليه عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمه قال بينما رجل في اندر له بالشام ومعه زوجته وقد كان استشهد ابن لهما قبل ذلك بما شاء الله إذ رأي الرجل فارسا قد أقبل فقال لامرأته ابني وابنك يا فلانه قالت له اخسأ الشيطان ابنك قد استشهد منذ حين وأنت مفتون فأقبل علي عمله واستغفر ثم نظر ودني الفارس فقال ابنك والله يا فلانة ونظرت وقالت هو والله فوقف عليها فقال له أبوه أليس قد استشهدت يا بني قال بلي ولكن عمر بن عبد العزيز توفي هذه الساعة فاستأذن الشهداء ربهم في شهوده فكنت منهم واستأذنته في السلام عليكما ثم دعي إليهما وانصرف [ صفحه 21] ووجد عمر قد توفي تلك الساعة قال السيوطي فهذه آثار مسندة خرجها أئمة الحديث بأسانيدهم في كتبهم أوردتها تقوية لما حكاه اليافعي وتصديقا له انتهي وقد كان ذكر في هذا الباب أشياء كثيرة من هذا النمط من أراد الاطلاع فليرجع إليه ثم قال قال اليافعي رؤية الموتي في خير وشر نوع من الكشف يظهره الله بشرا أو موعظة أو لمصلحة للميت من إيصال خبر إليه وقضاء دين أو غير ذلك ثم هذه الرؤية قد تكون في النوم وهو الغالب وقد تكون في اليقظة وذلك من كرامات الأولياء أصحاب الأحوال وقال في موضع آخر مذهب أهل السنة أن أرواح الموتي ترد في بعض الأوقات من علين أو سجين إلي أجسادهم في قبورهم عند إرادة الله تعالي وخصوصا ليلة الجمعة ويجلسون ويتحدثون وينعم أهل النعيم ويعذب أهل العذاب قال ويختص الأرواح دون الأجساد بالنعيم والعذاب ما دامت في علين أو سجين وفي القبر يشترك الروح والجسد انتهي وقال ابن القيم في كتاب الروح ومما ينبغي أن يعلم أن ما ذكرناه من شأن الروح يختلف بحسب حال الأرواح من القوة والضعف والكبر والصغر فللروح العظيمة الكبيرة من ذلك ما ليس لمن دونها وأنت تري أحكام الأرواح في الدنيا كيف تتفاوت أعظم تفاوت بحسب الأرواح وكيفياتها وقواها وبطائها وإسراعها والمعاونة لها فللروح المطلقة من أسر البدن وعلايقه وعوايقه من التصرف والقوة والنفاذ والهمة وسرعة الصعود إلي الله تعالي والتعلق بالله تعالي ما ليس للروح المهينة المحبوسة في علايق البدن وعوايقه فإذا كانت هكذا وهي المحبوسة في بدنها فكيف إذا تجردت وفارقته واجتمعت فيها قواها وكانت في أصل شأنها روحا علية زكية كبيرة ذات همة عالية فهذه لها بعد مفارقة البدن شأن آخر وفعل آخر وقد تواترت الرؤيا من أصناف بني آدم علي فعل الأرواح بعد موتها ما لا يقدر علي مثله حال اتصالها بالبدن من هزيمة الجيوش الكثيرة بالواحد والاثنين والعدد القليل ونحو ذلك وكم قد رؤي النبي صلي الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في النوم قد هزمة أرواحهم عساكر الكفر والظلم فإذا بجيوشهم مغلوبة مكسورة مع كثرة عددهم وضعف المؤمنين وقلتهم انتهي ويوافق هذه النقول من فسر قوله تعالي والمدبرات [ صفحه 22] أمرا بأرواح الكمل بعد المفارقة كما ذكر جملة من المفسرين منهم البيضاوي وتبعه علي ذلك المحشون والله أعلم.

اطلاع بعض الأحياء عن حال اهل القبور

علي حال أهل القبور من نعيم أو عذاب فرآه بعين رأسه أنموذجا لما أخبر الله تعالي ورسوله فرأوا الأجساد منعمه أو معذبه وقد اتفق أهل السنة والجماعة علي نعيم القبر وعذابه وأنه حق يجب اعتقاده وأن النعيم والعذاب علي الروح والبدن كما ذكر ذلك أهل علم العقايد ولا ينكر ذلك إلا المعتزلة والخوارج ثم ورد في الأحاديث النبوية والآثار الصحابية والسلفية ونحن نذكر ما يقوي اعتقاد بعض الجهال ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم أما الأنبياء فقد قدمنا أنهم أحياء طريون في قبورهم يصلون وورد في الصحيحين أنهم يحجون وأما غيرهم فقد أخرج أبو نعيم عن يوسف بن عطية قال سمعت ثابتا البناني يقول لحميد الطويل هل بلغك أن أحدا يصلي في قبره إلا الأنبياء قال لا قال ثابت اللهم إن أنت أعطيت لأحد أن يصلي في قبره فأذن لثابت أن يصلي في قبره وأخرج أيضا عن جبير قال أنا والله الذي لا إله إلا هو أدخلت ثابتا البناني لحده ومعي حميد الطويل فلما سوينا عليه اللبن سقطة لبنة فإذا أنا به يصلي في قبره وأخرج ابن جرير في تهذيب الآثار وأبو نعيم عن إبراهيم بن الصامت المهلبي قال حدثني الذين كانوا يمرون بالحاصف في الأسحار قالوا كنا إذا مررنا بجنبات قبر ثابت البناني سمعنا قراءة القرآن ومثله في صفة الصفوة لابن الجوزي وأخرج الترمذي والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال ضرب بعض أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم خبائه علي قبر وهو لا يحسب أنه قبر فإذا فيه إنسان يقرء سورة الملك حتي ختمها فأتي النبي صلي الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم هي المانعة هي المنجية تنجي من عذاب القبر قال أبو القاسم السعدي في كتاب الروح هذا تصديق من رسول الله صلي الله عليه وسلم بأن الميت يقرأ في قبره فإن عبد الله يعني ابن عمر وهو الذي ضرب خباه وسمع أو خبره بذلك وصدقه الرسول صلي الله عليه وسلم قال الحافظ زين الدين بن رجب في كتاب أهوال القبور قد يكرم الله بعض أهل البرزخ بأعماله الصالحة في البرزخ وإن لم يحصل له بذلك ثواب الانقطاع عمله بالموت لكن إنما يبقي عمله عليه ليتنعم بذكر الله وطاعته كما [ صفحه 23] تتنعم بذلك الملائكة وأهل الخير في الجنة لأن نفس الذكر والمناعة أعظم نعيما عند أهلها من جميع نعيم أهل الدنيا ولذتها فما تنعم المتنعمون بمثل ذكر الله تعالي وطاعته ومثل ذلك ذكر ابن القيم في كتاب الروح وابن تيمية وغيرهم والسيوطي في شرح الصدور وروي أبو الحسن بن البراء في كتاب الروضة عن عبد الله بن محمد بن منصور حدثني إبراهيم الحفار قال حفرت قبرا فبدت لبنة فشممت رائحة المسك حين انفتحت اللبنة فإذا شيخ جالس في قبره يقرأ القرآن وأخرج ابن منده عن عاصم السقطي قال حفرنا قبرا ببلخ فنفذ في قبر فنظرت فإذا شيخ في القبر متوجه إلي القبلة وعليه إزار أخضر واخضر ما حوله وفي حجره مصحف وهو يقرأ فيه ثم ذكر آثارا كثيرة مثل ذلك في الكتاب المذكور وأخرج الحافظ أبو محمد الخلال في كتابه كرامات الأولياء بسنده عن أبي يوسف الغسولي قال دخل علي إبراهيم بن أدهم بالشام فقال لي لقد رأيت اليوم عجبا قلت وما ذاك قال وقفت علي قبر من هذه المقابر فانشق لي عن شيخ خضيب فقال لي يا إبراهيم سل فإن الله أحياني من أجلك قلت ما فعل الله بك قال لقيت الله بعمل قبيح فقال قد غفرت لك بثلاث لقيتني وأنت تحب من أحب ولقيتني وليس في صدرك مثقال ذرة من شراب حرام ولقيتني وأنت خضيب وأنا أستحي من شيبة الخضيب أن أعذبها بالنار قال والتأم القبر علي الشيخ قال إبراهيم ويحك يا غسولي عامل الله يرك العجايب وفي صفة الصفوة لابن الجوزي في ترجمة معاذة بسنده إلي أم الأسود بنت زيد العدوية وكانت معاذة قد أرضعتها قالت قالت لي معاذة لما قتل أبو الصهباء وقتل ولدها والله يا بنية ما محبتي للبقاء في الدنيا للذيذ عيش ولا لروح يشم ولكني والله أحب البقاء لأتقرب إلي الله بالوسائل لعله يجمع بيني وبين أبي الصهباء وولده في الجنة قال محمد بن الحسين وحدثنا روح ابن سلمة الوراق قال سمعت عفيرة العابدة تقول بلغني أن معاذة العدوية لما احتضرت للموت بكت ثم ضحكت فقيل لها ثم البكاء وثم الضحك قالت أما البكاء الذي رأيته فإني والله ذكرت مفارقة الصيام والقيام والذكر فكان البكاء لذلك وأما الضحك فإني نظرت إلي أبي الصهباء وقد أقبل في صحن الدار وعليه حلتان خضراوان وهو في نفر والله ما رأيت لهم في الدنيا شبها فضحكت [ صفحه 24] إليه ولا أراني أدرك بعد ذلك فرضا فأتت قبل أن تدرك الفريضة ومعاذة أدركت عايشه رضي الله عنها وروت عنها وروي عن معاذة الحسن البصري وأبو قلابة ويزيد الرقاشي انتهي وأما رؤية العذاب لبعض الموتي فأخبر الله تعالي عن آل فرعون فقال النار يعرضون عليها غدوا وعشيا وقال صلي الله عليه وسلم كما في الصحيحين لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع ولا بد أن يكون العذاب علي الروح والجسد لأن الفاعل للكفر أو المعاصي إنما هو الرح والجسد فلا يمكن أن تعذب الروح وحدها بدونه لأنه غير لايق با الحكمة والعدالة الإلهية قال العلماء فالأجساد وإن رؤيت متفتة لبعض الناس فهي في علم الله موجودة ونحن لا نشاهدها وقد رأي بعض الصحابة العذاب عيانا لبعض الموتي بأرواحهم وأجسادهم ليكون تصديقا لما أخبر الله ورسوله قال ابن القيم في كتاب الروح والسيوطي في شرح الصدور وابن رجب في أهوال القبور عن ابن أبي الدنيا عن الشعبي أنه ذكر رجلا قال للنبي صل الله عليه وسلم مررت ببدر فرأيت رجلا يخرج من الأرض فيضربه رجل بمقمعة حتي يغيب في الأرض ثم يفعل به ذلك فقال النبي صلي الله عليه وسلم ذاك أبو جهل يعذب إلي يوم القيامة وذكر من حديث حماد بن سلمه عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال بينا أنا أسير بين مكة والمدينة علي راحلة وأنا محتب إداوة إذ مررت بمقبرة وإذا رجل خارج من قبره يلتهب نارا وفي عنقه سلسلة يجرها فقال يا عبد الله اسقني يا عبد الله اسقني فلا أدري أعرف اسمي أم دعا بي كما يدعوا الناس قال فخرج آخر فقال يا عبد الله لا تسقه يا عبد الله لا تسقه ثم اجتذب السلسة فأعاده في قبره قال ابن أبي الدنيا وحدثني أبي حدثنا موسي بن داوود حدثنا حماد بن سلمه عن هشام بن عروة عن أبيه قال بينما هو راكب يسير بين مكة والمدينة إذ مر بمقبرة فإذا رجل قد خرج من قبره يلتهب نارا مصفدا بالحديد فقال يا عبد الله انضح وخرج آخر يتلوه فقال يا عبد الله لا تنضح يا عبد الله لا تنضح وغشي علي الراكب وعدلت به راحلته إلي العرج قال فأصبح وقد ابيض شعره فأخبر عثمان بذلك فنهي أن يسافر الرجل وحده ومثله روي في زمن عمر رضي الله عنه وفي الباب آثار [ صفحه 25] كثيرة وفي هذا كفاية وهذا يدلك علي أن أهل النار إذا خرجوا بأجسادهم علي وجه الأرض ورأهم من رآهم يقضه جهارا فما المانع من ذلك في حق أنبياء الله وأوليائه بقدرة الله تعالي فهذه بعض أحوال أهل القبور من ساير الناس فكيف بالأولياء والأنبياء فإذا علمت أن ساير الموتي أحياء حياة برزخية وأن الموت كما قال جملة من السلف هو نقلة من دار إلي دار وأن الأنبياء والأولياء المنقولين بسيف المجاهدة لله كالشهداء الوارد فيهم النص القرآني في حياتهم الحقيقية كيف يستغرب طلب التسبب منهم والتشفع والتوسل بدعائهم إلي ربهم أو كرامتهم عليه أو شفاعتهم عنده وهو وليهم في الدنيا والآخرة ولهم فيها ما تشتهي أنفسهم ولهم فيها ما يدعون نزلا من غفور رحيم فهل إذا عامل أحد هؤلاء الذين هذا حالهم معاملة الأحياء يلام علي ذلك أو يعاب أو يؤثم أو يكفر أو يشرك مع اعتقاده أن الفعل لله وحده خلقا وإيجادا لا شريك له وأنه يكون من أهل القبور من الأنبياء والأولياء تسببا وكسبا فهل ينكر ذلك إلا من جعلهم ترابا وعظاما وترك ما يجب لهم ويسند إليهم إكراما وإعظاما إلا جاهل بالشرع المحمدي فيحنئذ يقال لهذا المتعيلم الجاهل أحسن حالا منك في معرفته بالشرع والمقصود من هذا أن تعلم الأحاديث الواردة في الطلب من الموتي وأجمع عليها العلماء مبني أمرها علي هذا الأصل فإذا جادل في هذه الأشياء بعض الأشقياء بعد إقامة هذه الأدلة فاتركه وشقائه وأحمد الله الذي رزقك الإيمان بما جاء عن سيد الأكوان وسلف أمته المتبعين له بإحسان وقل الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ولنذكر لك بعض الآيات الدالة علي طلب الوسيلة قال تعالي يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وقال في الآية الأخري أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب فقد أمر الله تعالي بابتغاء الوسيلة وفسرها تعالي في الآية الأخري أعني قوله إنهم يبتغون أيهم أقرب فيتوسلون به إلي الله تعالي وهو عام سواء كان التوسل بدعائه كما يقوله الخوارج أو بشفاعته أو بجاهه أو بكرامته أو بذاته ومن منع بالذات فقد افتري فإن التوسل بالذوات قد صرحت به الآيات وقد وردت عن النبي صلي الله عليه وسلم به الأخبار [ صفحه 26]

في قوله تعالي ما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم

الصحيحات أما الآيات فمنها قوله تعالي ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم فقد ذكر المفسرون وذكره البخاري أن الكفار استعجلوا العذاب فقال تعالي ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم يعني حلول ذات النبي صلي الله عليه وسلم مانعة من نزول العذاب علي الكفار ولا يمكن أن يقال إن النبي صلي الله عليه وسلم نفعهم بجاهه ولا بدعائه ولا بشفاعته لأن هذه الأشياء لا تكون للكفار وقال بعض السلف في قوله تعالي وما كان الله ليعذبهم وهم يستغفرون أن معناه ما كان ليعذبهم وفي أصلابهم من يستغفر يعني من قدر الله أن يخرج من صلب الكافر من يستغفر وهو الذي مكتوب أنه يؤمن بالله بعد خروجه من صلب الكافر فجعل الله بقدرته وإرادته وجود النطف المؤمنة في أصلاب الكفار أسبابا لدفع العذاب عنهم ومنها قوله تعالي ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض قال المفسرون من السلف لولا أن يدفع الله بالمؤمن عن الكافر وبالطايع عن العاصي لفسدت الأرض فوجود ذوات هؤلاء مانعة من وجود الفساد وقال تعالي إن الذين سبقت لهم منا الحسني أولئك عنها مبعدون ولا يخفي علي مسلم أن السعادة للذوات لا للأعمال ولهذا ورد في الحديث السعيد في بطن أمه والشقي في بطن أمه فليس للأعمال دخل في السعادة إلا بحسب الدلالة ظاهرا لا حقيقة لقوله صلي الله عليه وسلم إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار وحتي ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها وليس الدخول للعمل بل للدلالة كما صرح صلي الله عليه وسلم به في قوله لن يدخل أحد الجنة بعمل قالوا حتي أنت يا رسول الله قال حتي أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته فدخول الجنة قطعا ليس بالأعمال بل بالسعادة السابقة الأزلية وهي بحسب الذوات فاصطفاء ذات نبينا صلي الله عليه وسلم وتفضيلها علي جميع الرسل إنما هو باعتبار ذاته الشريفة كما لا يخفي علي مؤمن وكذلك الرسل والأنبياء والأولياء فالجاه وغيره إنما هو تبع للذات وليس الذات تابعة للجاه علي أنا لو طالبنا المنكر اعتبار الذات بدليل واحد ولو ضعيفا لم يجد إلي ذلك سبيلا فقول هذا المدعي غير معقول ولا يمكن أن يذكر سببا فضلا عن دليل بل الأدلة المتوافرة المتواترة ناهضة علي خلاف ما يدعيه أهل الدعاوي الباطلة ففي الحديث [ صفحه 27] الصحيح أنه صلي الله عليه وسلم قال بتربة أرضنا وريقة بعضنا يشفي بإذن ربنا مريضنا فيسن لكل أحد إذا رقي لمريض أن يأخذ من تراب أرضه ويمزجها بريقه ويسقيه للمريض فإنه يشفي بإذن الله تعالي ولا شك أن التراب والريق من الذوات ولا يعقل لها جاه أو دعاء أو شفاعة وفي الحديث الصحيح ماء زمزم لما شرب له فمن شرب من ماء زمزم لأي نية أرادها من خير دنيا أو آخره حصل له مقصوده كما هو مجرب ولا شك أن ماء زمزم ذات لا يعقل له وجاء ولا دعاء ولا شفاعة وكذا ورد في الصحيح وأطبق عليه فقهاء الأمة أن الملتزم عند باب الكعبة من الصق بطنه به وتوسل به إلي الله لا يخيبه الله كما هو مجرب ولا يخفي أن الملتزم أحجار وهي ذات جعل الله لها هذه الخاصية وكذا تحت الميزاب وعند مقام إبراهيم وتقبيل الحجر الأسود والتمسح به والتوسل به هو ذات محض وهو أرجي الوسايل إلي الله لقبول المثقلين بالذنوب فكيف يكون لهذه الذوات خاصية يحصل بها المقصود للراجي ونحن إذا دعونا الله بجاه ذات نبينا لا يحصل لنا ولا يرضاه لنا أفيقال إن ذات تراب الأرض وريقة البعض وماء زمزم وأحجار الملتزم ومقام إبراهيم أي محل قدمه الأسعد والحجر الأسود جعل فيها الأسباب لجلب المنافع دون ذات نبينا التي خلقت من نوره فما هذه الخرافات من قائلها إلا جهالات ليت صاحبها استحي من الله ومن رسوله ومن الناس من قولها والتفوه بها وقد كان الصحابة الكرام يعظمون ذات نبينا صلي الله عليه وسلم أشد التعظيم كما في حديث عروة بن مسعود الثقفي عند البخاري وغيره لما جاء إلي نبي الله صلي الله عليه وسلم في صلح الحديبية فرجع إلي قومه فقال أي قومي والله لقد وفدت علي كسري وقيصر والنجاشي فما رأيت أحدا يعظم أحدا ما يعظم أصحاب محمد محمدا أنه لا يتنخم نخامة إلا تلقوها بأكفهم فدلكوا بها وجوههم ولا توضأ وضوءا إلا اقتتلوا علي وضوئه يتبركون به ولا يحدون النظر إليه الحديث فانظر كيف تعظيم الصحابة لذاته بل للصادر من ذاته مما هو مستقذر بالنسبة لغير ذاته الشريفة أفيقال إن النخامة وماء الوضوء الذي يجري علي أعضائه الشريفة كانت تدعو أو نشفع أو لها جاه بل هي ذات تابعة لأشرف الذوات فانظر إلي هذه الجهالات الصادرة ممن يدعي الكمالات فيجعل ذات نبينا [ صفحه 28]

التوسل بآثار الأنبياء

كما اللات ويلزم علي قوله إن النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه هم الذين فعلوا وأمروا بمشابهة الأصنام والعياذ بالله من لازم هؤلاء الطغام وفي الباب أحاديث دالة علي التوسل بالآثار للأنبياء والأولياء الأخيار لا جواب عنها للخصماء الأشرار منها ما في البخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وفي بعض حديثها فأخرجت لي جبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج وفرجاها ومكفوفتان بالديباج فقالت فهذه كانت عند عايشة رضي الله عنها فلما قبضت قبضتها فنحن نغسلها للمرضي نستشفي بها الحديث فانظر كيف يستشفون بها لكونها كانت ملبوسة لتلك الذات الحاوية لجميع الكمالات ومنها في جمع الصحيحين للحميدي عن عبد الله ابن موهب قال أرسلني أهلي إلي أم سلمة زوج النبي صلي الله عليه وسلم بقدح من ماء فجاءت بجلجل من فضة فيه شعر من شعر النبي صلي الله عليه وسلم فكان إذا أصاب الإنسان عين أو شئ بعث بإناء إليها فخضخضت له فشرب منه فاطلعت في الجلجل فرأيت شعرات حمرا ومنها ما في الجمع بين الصحيحين للحميدي عن سهل ابن سعد في البردة التي استوهبها من النبي صلي الله عليه وسلم فلامه الصحابة علي طلبها منه فقال إنما سألته إياها لتكون كفني وفي رواية أبي غسان أنه قال رجوت بركتها حين لبسها النبي صلي الله عليه وسلم لعلي أكفن بها وكان مراده يتسبب بها إلي الله في قبره ليندفع عنه العذاب ببركتها وهي ذات لا يتصور فيها شئ سوي كونها من آثار تلك الذات وفي الصحيحين عن أم سليم أن النبي صلي الله عليه وسلم كان ينام عندها فكانت تأخذ من عرقه الشريف فاستيقظ فقال ما تصنعين يا أم سليم فقالت يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا فقال أصبت قال ابن ملك في شرح المصابيح وفيه دليل علي جواز التقرب إلي الله تعالي بآثار المشايخ والعلماء والصلحاء انتهي ومنها ما في صحيح مسلم كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا صلي الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء فما يأتونه بإناء إلا غمس يده الشريفة فيه قال ابن الجوزي في كتابه بيان شكل الحديث إنما كانوا يطلبون بركته صلي الله عليه وسلم لهذا وينبغي للعالم إذا طلب العوام منه التبرك في مثل هذا أن لا يخيب ظنونهم انتهي كلام الحافظ ابن الجوزي وفي كلام هذا العالم [ صفحه 29] العالم وفي كلام النووي في شرح مسلم والقاضي عياض في شرح مسلم وفي كلام العلامة ابن ملك الحنفي دليل علي أن هذه الأمور ليست خاصية النبي صلي الله عليه وسلم كما زعمه بعض الخوارج ومنها ما رواه البخاري عن ابن سيرين قال قلت لعبيدة عندنا من شعر النبي صلي الله عليه وسلم أصبناه من قبل أنس أو من قبل أهل أنس فقال لأن تكون شعرة عندي منه أحب إلي من الدنيا وما فيها ومنها ما في البخاري أن أنس ابن مالك خادم رسول الله صلي الله عليه وسلم أوصي أن تدفن شعرات للنبي صلي الله عليه وسلم معه انتهي وما ذاك إلا ليتوجه إلي الله تعالي بها في قبره وفي الشفاء في فضل كراماته وبركاته صلي الله عليه وسلم قال وكانت شعرة في قلنسوة خالد ابن الوليد فلم يشهد بها قتالا إلا رزق النصر أيرزق النصر خالد بذات شعره ولا يتوسل إلي الله بأصل ذاته صلي الله عليه وسلم وما أحسن ما قال البوصيري ومن تكن برسول الله نصرته++ إن تلقه الأسد في آجامها تجم ومنها ما في الصحيحين عن ابن عباس أنه مر علي قبرين فقال إنهما يعذبان فدعي بعسيب فشقه وجعل علي كل قبر نصفا وقال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا انتهي فقد شرع صلي الله عليه وسلم لأمته أن يجعلوا جريدة رطبة في الذي يخاف عليه العذاب لأن للجريد خاصية أن الله يخفف عن صاحب القبر الذي هو فيه العذاب ولا شك أن الجريد ذات وليس هذا خاصا بالنبي صلي الله عليه وسلم حتي يقال إن ارتفاع العذاب بسبه صلي الله عليه وسلم بل أجمع العلماء علي العمل به في كل عصر أيجوز التسبب بجريد النخل وهو ذات ولا يجوز التوسل والتسبب بذات سيد الوجود فأي عقل لمن يمنع ذلك ويدخل نفسه الغيبة في مضايق هذه المسالك وأدل دليل علي أن الذات يتوسل ويتسبب بها أن هندا زوجة أبي سفيان أخذت قطعة من كبد حمزة رضي الله عنهما فاسترطتها فما لبثت في بطنها فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن حمزة أكرم علي الله من أن يدخل جزء من بدنه النار وفي رواية لو لبثت لم تدخل النار أعظم من ذلك شرب مالك بن سنان دمه وقوله لن تصيبك النار ومثله شرب عبد الله بن الزبير دم حجامته فقال له صلي الله عليه وسلم ويل لك من الناس وويل لهم منك ولم ينكر فعله وقد [ صفحه 30] روي نحو من هذا عنه في المرأة التي شربت بوله فقال لها لن تشتكي وجع البطن أبدا وحديث هذه المرأة التي شربت بوله صحيح ألزم الدارقطني البخاري ومسلما إخراجه في الصحيح واسم هذه المرأة بركة ذكر ذلك جملة من العلماء منهم القاضي عياض في الشفاء والقسطلاني في المواهب اللدنية فيا أمة الدين أيكون الدم والبول والخارج من ذاته سببا لدفع النار عن شاربها وكذلك الوجع ويمتنع عن ذاته أن يتسبب ويتوسل بها إلي الله تعالي وهي من نور الله تعالي كما في حديث جابر وغيره فمن منع التوسل بذات سيد المرسلين أهو من الأعداء له أم يعد من المسلمين فما هذه الشناعة يا أصحاب الصقاعة والرقاعة في ذات صاحب الشفاعة ومن هو الرحمة بذاته للكفار فضلا عن الإسلام فضلا عن أهل السنة والجماعة فتأمل رحمك الله في هذه الجملة ودع الجاهل وجهله فيتحقق لك أن آية ابتغاء الوسيلة عام في الأعمال والأقوال والذوات بدليل هذه الأحاديث الصحيحة ومن الآيات الدالة علي الطلب من المخلوق ولو ما لا يقدر عليه إلا الله إذا كان في مقام الكرامة للأولياء قوله تعالي عن نبي الله سليمان يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين فطلب من الملأ وهم الجن والإنس وفيهم مردة الشياطين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك قال سليمان أريد أسرع من ذلك قال الذي عنده علم من الكتاب وهو آصف ابن برخيا من الإنس وكان كاتب سليمان أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فأتي به في هذه المدة القصيرة وكان العرش في اليمن وسليمان في الشام ومسيرة ما بينهما ثلاثة أشهر فأتي به من تحت الأرض وهو سرير مكلل بالجواهر والذهب فلم ينكسر منه شئ ولم يتخلخل فقد أجمع أهل العلم إن هذا من نوع الكرامة وهو الأمر الخارق للعادة يجريه الله علي يد وليه وعبده الصالح والله تعالي ذكر في كتابه ذلك في مقام الافتخار لذلك الرجل الصالح ولم يعتب الله علي سليمان ولم يقل له لم دعوت غيري وأنا أقرب إليك من حبل الوريد وعبيدي غير قادرين علي هذا الأمر الذي لا يقدر عليه غيري وذلك لأن نبي الله سليمان ورسوله صلوات الله عليه يعلم أن ذلك من التماس الأسباب وهو من المشروع الذي أمر الله تعالي به [ صفحه 31]

الطلب من الرسول و الصلحاء نوع من الكرامة

وكذلك الطلب من الرسول صلي الله عليه وسلم أو من شهداء وصلحاء أمته إنما هو من نوع الكرامة والتسبب والفاعل الحقيقي في ذلك هو الله تعالي وكرامة الأولياء داخلة في فضايل الأنبياء لأنها بواسطتهم تكون للأولياء بسبب متابعتهم لذلك النبي صلي الله عليه وسلم ومن الآيات القرآنية الدالة علي التوسل والتشفع بالمقربين لا سيما سيد المرسلين قوله تعالي وكانوا من قبل يستفتحون علي الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله علي الكافرين اتفق المفسرون وأهل الحديث أنها نزلت في يهود خيبر كانوا قبل وجوده صلي الله عليه وسلم يحاربون أسدا وغطفان من مشركي العرب وكانوا يقولون اللهم بحق هذا النبي الذي تبعثه آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فينصرون فلما جاءهم الرسول ورأوه كفروا به عنادا وحسدا وقال ابن القيم في كتابه بدايع الفوايد أن اليهود كانوا يحاربون جيرانهم من العرب في الجاهلية ويستنصرون عليهم بالنبي صلي الله عليه وسلم قبل ظهوره فيفتح لهم وينصرون عليهم فلما ظهر النبي صلي الله عليه وسلم كفروا وجحدوا نبوته فاستفتاحهم به مع جحد نبوته مما لا يجتمعان فإن كان استفتاحهم به لأنه نبي كان جحد نبوته محالا وإن كان جحد نبوته كما يزعمون حقا كان استفتاحهم به باطلا وهذا مما لا جواب لأعدائه عنه البتة انتهي وفي بعض حواشي البيضاوي نقلا عن السعد التفتازاني قال والأظهر أنهم كانوا يطلبون الفتح من الله عليهم متوسلين بذكره صلي الله عليه وسلم ويجعلون اسمه شفيعا انتهي ورأيت للعلامة الورع الزاهد تقي الدين الحصني جعل الله بركات علومه من كل سوء حصني كلاما لطيفا يكتب بماء العيون قال في كتابه المولد النبوي ما نصه وإذا سمع المسلم ما اشتملت عليه أخلاقه الكريمة من حلمه وعفوه واحتماله عرف قدره عند الله فيتوسل به في أموره ومهماته فإنه الشفيع المشفع والحبيب الذي إذا طلب منه شئ استشفاعا به أجيب ولا يمنع وقد أرشدك الله في كتابه العزيز وألهم أصفيائه إلي ذلك بل توسل به أشد الناس عداوة له وللمؤمنين كما هو مذكور في كتابه المبين فأجابهم إظهارا لتعظيم حبيبه سيد الأولين والآخرين قال ابن عباس كانت أهل خيبر تقاتل غطفان كلما التقوا هزمت غطفان اليهود فعاذت اليهود بهذا الدعاء اللهم [ صفحه 32]

عن ابن عباس قالت اليهود اللهم بحق هذا النبي

إنا نسألك بحق هذا النبي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فكانوا إذا التقوا دعوا اليهود بهذا الدعاء فتهزم اليهود غطفان فلما بعث الله محمدا صلي الله عليه وسلم كفروا به فأنزل الله قوله وكانوا من قبل يستفتحون علي الذين كفروا أي يدعون بك يا محمد إلي قوله فلعنة الله علي الكافرين فانظر أرشدك الله تعالي إلي هذا الشرف والمكانة له عند ربه كيف كان يستجيب لمن هو كافر به ويعلم تعالي أنه يكون من أشد الناس عداوة له وإيذاء وكان ذلك قبل بروزه إلي الوجود فكيف وقد بعث رحمة للعالمين فمن منع التوسل به فقد أعلم الناس أنه أسوأ حالا من اليهود ونادي علي نفسه بذلك ثم ذكر توسل آدم به وما ذكره المفسرون في ذلك وأهل الحديث فتأمل في حسن هذا الكلام وموقعه لتعلم حال من منع التوسل به وشقاءه حيث إن الله جعله دليلا علي نبوته وملزما لا عدائه بالحجة البالغة فيه وقد بقي من آيات القرآن ما فيه دلالة علي التوسل والتشفع مما ذكرناه في غير هذا الكتاب (فصل) ولما كان ما يحصل من التوسل والتشفع بالأنبياء والأولياء إنما هو من طريق الكرامة مع كونهم متسببين في دار برازخهم والكرامة لما أجمع عليها المسلمون من أهل السنة والجماعة وهي من واجب الاعتقاد علي العباد وأصلها في كتاب الله تعالي باتفاق أهل السنة وذلك طلب سليمان عليه السلام إحضار عرش بلقيس من سباء إلي الشام في طرفة عين ولم يتخلخل منه شئ وهو من الجواهر والذهب وكان من أتي به آصف بن برخيا وهو ولي بلا شك وكذلك رزق مريم كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا وغير ذلك مما ذكره أهل عقايد كل مذهب من مذاهب أهل السنة وقد اتفق أهل السنة والجماعة علي أن كرامات الأولياء من معجزات الأنبياء عليهم السلام لأن المعجزة لما كانت في الأنبياء المتبوعين بقيت آثارها في التابعين الأحياء والميتين بل هي في الأنبياء والأولياء بعد الانتقال إلي دار البقاء أدل وأقوي علي صدقهم وحقيقة دينهم وذلك أن النبي الحي والولي الحي قد يظن العدو الكافر والمنافق أن المعجزة والكرامة من تعملهم وتحيلهم وأما بعد الانتقال فلم تبق هذه الشبهة بوجه لعلم ذوي العقول أن هذا من محض خلق الله وقدرته [ صفحه 33] أجراه تعالي علي يد نبيه أو وليه كرامة له بخرق العادة ثم إنما تنسب المعجزة أو الكرامة لنبي ظاهر أو ولي معلوم اتباعه للنبي المعصوم صلوات الله عليه وهؤلاء لا يمكن الشيطان أن يتصور بصورهم أما الأنبياء فمعلوم لمكان العصمة ولقوله تعالي إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وأما الأولياء فللإرث للأنبياء كما ورد في سيدنا عمر وابن مسعود وغيرهما وأما قول الأوشي في بدء الأمالي كرامات الولي بدار دنيا++ لها كون فهم أهل النوال فليس مما يتعلق به ذو فهم لأن مقصوده أن كرامات الأولياء ظهورها وكونها يكون بدار دنيا وهو كذلك لأن دار الآخرة ليست محل خلاف بيننا وبين المعتزلة لأنهم ينكرون وجود الكرامة في الدنيا لأنها تشبه المعجزة من جبهة خرق العادة فيشتبه الولي بالنبي عندهم وأهل السنة والجماعة يثبتونها في دار الدنيا ولا اشتباه لأن المعجزة إنما تكون من النبي مقرونة بالتحدي وهي ادعاء النبوة والولي لا يتحدي بل لو تحدي لخرج عن ولاية الله فقوله بدار دنيا متعلق بكون فيكون المعني كرامات الولي لها كون بدار دنيا ثم فرع علي ذلك قوله فهم أهل النوال يعني أهل العطاء لمن يسألهم ويطلب منهم تشفعا وعديم الفهم ظن أن بدار دنيا حالا من الولي أي كرامات الولي حال كونه بدار دنيا لهم كون أي لها وجود ففهم عديم الفهم أن الولي إذا انتقل إلي الدار البرزخية لا يكون بدار دنيا فلا يكون له كرامة وهذا خطأ فإن العلماء الكمل كالنجاري الحنفي شارح بدء الأمالي والشيخ أحمد محشي الأشباه الحنفي في رسالة له ذكرا ما ذكرته وقالوا بناء علي فهم من فهم خلافه أن الولي ما دام لم يصل إلي الآخرة وهي ما بعد القيامة فهو بدار دنيا فتكون كراماته موجودة وهذا كله لإرخاء العنان وإلا فالواقع من كرامات الأولياء بعد موتهم شئ لا يحصي وأجمع عليه العلماء فلننقل لك ما هو ثابت بالسنة الصحيحة منها ما في البخاري أن عاصما الصحابي كان عاهد الله في الدنيا أن لا يمس مشركا ولا يمسه مشرك فلما قتلة الكفار أرادوا أن يأخذوا الشته فحماها الدبر أي الزنابير فما قدروا علي الوصول إليه وهذه لا شك أنها كرامة من الله تعالي لهذا الولي بعد موته وكذلك حديث خبيب لما صلبه الكفار بعد قتله ذهب إليه بعض الصحابة [ صفحه 34] فأتاه ليلا فقطع حبل صلبه فسقط ولم يعلم ابن ذهب وكذلك الصحابي الذي استشهد وهو مجنب فغسلته الملائكة وهو حنظلة غسيل الملائكة وكل ذلك في البخاري وفي المشكاة عن عايشة رضي الله عنها أنا لنتحدث أن النجاشي لا زال علي قبره نور ساطع وقد قدمنا لك حديث جعفر بن أبي طالب وأنه بعد قتله ذهب لأهل بيشة يبشرهم بالمطر وكذلك غيره وحديث تكلم رأس الحسين رضي الله عنه وهو أنه كان أمام الرأس الشريف قارئ يقرأ سورة الكهف فقرأ أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا فقال الرأس قتلي وحملي أعجب من أهل الكهف وكذا قراءة نصر الخزاعي وهو مصلوب فإنه صلبه المأمون وأمر رجلا بيده رمح يحرفه عن القبلة فكان إذا جن الليل استدار إلي القبلة قال الراوي فسمعته يقول آلم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون قال فاقشعر جلدي إلي آخر الحديث وقد تقدم عن الحديث الذي فيه أن صاحب القبر قرأ سورة الملك حتي ختمها وكلها آثار صحيحة ذكرها أئمة الحديث وأخرج ابن عساكر من طريق محمد بن إسحاق بن الحريض عن المسيب بن واضح عن عيسي بن كيسان عمن حدثه عن عمير بن الحباب السلمي قال أسرت أنا وثمانية معي في زمان بني أمية فأدخلنا علي ملك الروم فأمر بأصحابي فضربت رقابهم ثم إني قدمت لضرب عنقي فقام إليه بعض البطارقة فلم يزل يقبل رأسه ورجليه حتي وهبني له فانطلق بي إلي منزله فدعي ابنة له جميلة فقال لي هذه ابنتي أزوجك بها وأقاسمك مالي فادخل في ديني فقلت ما أترك ديني لزوجة ولا لدنيا فمكث أياما يعرض علي ذلك فدعتني ابنته ذات ليلة إلي بستان لها فقالت ما يمنعك مما عرض عليك أبي فقلت ما أترك ديني لامرأة ولا لدنيا قالت فنحب المكث عندنا أو الالتحاق ببلادك فقلت الذهاب إلي بلادي قال فأرتني نجما في السماء وقالت سر علي النجم بالليل واكمن بالنهار فإنه يلقيك إلي بلادك ثم زودتني وانطلقت فسرت ثلاث ليال أسير بالليل وأكمن بالنهار فبينا أنا في اليوم الرابع مكمن فإذا الخيل فقلت طلبت فأشرفوا علي فإذا أنا بأصحابي المقتولين ومعهم آخرون علي دواب شهب فقالوا عمير فقلت أوليس قد قتلتم قالوا بلي ولكن الله نشر الشهداء وأذن لهم أن يشهدوا جنازة عمر بن [ صفحه 35] عبد العزيز فقال لي بعض الذين معهم ناولني يدك يا عمير فناولته يدي فأردفني ثم سرنا يسيرا ثم قذف بي قذفة وقعت قرب منزلي بالجزيرة من غير أن يلحقني شئ وذكر ابن الجوزي بسنده عن أبي علي البربري وهو أول من سكن طرسوس عن ثلاث إخوة من الشام كانوا يغزون فأسرهم الروم فجري عليهم كما جري علي عمير المتقدم ذكره فقتل اثنان وبقي الآخر ثم إن واحدا من كبار الروم تجعل ابنته تغويه فهداها الله وأسلمت وشردت هي وهو فبينما هما كامنان بالنهار إذ سمعا وقع خيل فإذا هو بأخويه المقتولين ومعهما ملائكة فسلم عليهما وسألهما عن حالهما فقالا له إن الله أرسلنا إليك لنشهد تزويجك بهذه الفتاة فزوجوه إياها ورجعوا وخرج إلي بلاد الشام فأقام معها وكانوا مشهورين بذلك معروفين بالشام في الزمان الأول وهذا باب واسع فيه للسلف كتب مؤلفة ككتاب ابن أبي الدنيا فيمن عاش بعد الموت وكتابه في كرامات الأولياء وكتاب القبور وكتاب أبي نعيم المسمي بالحلية وصفة الصفوة لابن الجوزي وعيون الحكايات له وغير ذلك فهذا من حيث النقل عن المحدثين وأهل الأثر وأما من العلماء من كل مذهب فأحسن من ذكر كرامات الأولياء بعد الموت ابن تيمية وابن القيم وأما إنكار بعض الحنفية طي المسافة من نوع الكرامة فقد رده أئمة الحنفية في كتب الفقه وكتب العقايد بمسألة ما لو تزوج مغربي مشرقية فسافر عنها مدة بعيدة فحملت بعد غيبته بأكثر من مدة الحمل قالوا يلحق به النسب لاحتمال إتيانه إليها بطي المسافة من باب الكرامة وأطبق علي هذا الفقهاء كما في الدار وغيره وكما في كتب العقايد وذكره صاحب الوهبانية بأن طي المسافة من جملة الكرامات التي يجب اعتقادها وأنه نصره النسفي فهو المعول عليه في هذه المطالب وأجمع عليه من بعده من الحنفية في مصنفاتهم كما في الفقه الأكبر والسواد الأعظم ووصية أبي يوسف للإمام الأعظم وفي شروح هذه الكتب وفي النسفية وشروحها وفي المواقف والمقاصد وشروحهما وغير ذلك من كتب الأئمة الحنفية وغيرهم كيف وقد وردت به الآية التي هي عمدة استدلال أهل السنة علي وجوب اعتقاد الكرامة وهي قصة إتيان عرش بلقيس من المكان البعيد في طرفة عين فإن هذا من طي المسافة كما لا يخفي علي منصف وفي شرح السواد الأعظم المنسوب للإمام الأعظم رضي الله [ صفحه 36] عنه عبارة في غاية الحسن واللطافة ناسب ذكرها هنا قال الثانية والثلاثون ما قلنا إنه ينبغي أن يقر بكرامة الأولياء لأن من أنكر كرامة الأولياء فهو مبتدع ومن أنكرها وهو يظن أن ذلك هدم معجزات الأنبياء فهذا لا يخرج عن أحد ثلاثة أحوال أما ينكر الآيات التي في كتاب الله تعالي فمن أنكر الآيات فقد كفر وإن لم ينكر الآيات وآمن بها ولكن يقول كانوا أنبياء فقد كفر وإن لم ينكر الآيات ولم يقل كانوا أنبياء فقد صح عنده أن هذه كرامة الأولياء كانت لغير الأنبياء ويجوز ذلك لأن الله تعالي قال قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك وكان آصف ابن برخيا من الأولياء ولم يكن نبيا وكان من أمة سليمان ابن داود فلم جاز أن يكون من أمة سليمان وله كرامة الأولياء وليس يجوز في أمة محمد صلي الله عليه وسلم كرامة أولياء ومحمد أفضل من سليمان وأمة محمد أفضل من أمة سليمان فإن قال المخالف تلك الكرامة كانت من قبل سليمان نقول وهذه الكرامة كانت من قبل محمد صلي الله عليه وسلم وقوله تعالي وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فأخرج الله لها من الشجرة ثمرة لأجل مريم أكرمها بذلك ومريم لم تكن نبية وقوله تعالي كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أني لك هذا قالت هو من عند الله وكذلك قصة أهل الكهف فهي كرامة عظيمة أكرمهم الله بها ولم يكونوا أنبياء فلما جاز في الأولين كرامة الأولياء ولا يجوز في أمة محمد كرامة الأولياء وقد قال تعالي كنتم خير أمة أخرجت للناس فإن قال المخالف إن فلانا يذهب في ليلة واحدة إلي بيت الله ويرجع هذا لا يكون أبدا قيل كأنك تقول لم تكن للنبي صلي الله عليه وسلم كرامة فلم يكرم بها أحد فإنه صلي الله عليه وسلم أسري به وعرج به إلي السماوات السبع وبلغ ما شاء الله ثم رجل فهل يكون كرامة أعظم من هذه وأيضا يقال للمخالف المؤمن خير أم الكافر فإنا وجدنا من يسير من الكفار في ساعة واحدة من المشرق إلي المغرب وهو إبليس لعنه الله هذا وهو كافر فكيف لا يكون ذلك كرامة للأولياء فتأمل وأنصف وفي هذا القدر كفاية انتهي عبارة السواد الأعظم واعلم أن الذي ينكر كرامات الأولياء إنما هم الخوارج والمعتزلة والرافضة كما ذكره ابن تيمية وغيره لعدم وجودها عندهم لأنهم ليسوا من أهل الكرامة فلا كرامة لهم وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.