الصلاة في السفر

اشارة

مولف:مجمع العالمي لاهل البيت

مقدمة

من جملة ما اختلفت فيه مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) الفقهية عن مشهور أهل السنّة، مسألة الصلاة في السفر، حيث حكم فيها مذهب أهل البيت (عليهم السلام) بوجوب قصر الصلاة الرباعية علي المسافر وجوباً تعيّنياً، وبذلك قالت الحنفية من أهل السنّة، وخالف الحنابلة والأوزاعي والمالكية والشافعية في ذلك، حيث قالوا: بأنّ القصر رخصة، وأنّ المكلّف مخيّر بين القصر والإتمام. ثم اختلفوا فيما بينهم، فذهب جماعة منهم الي أفضلية القصر، وذهب آخرون الي أفضلية التمام [1] . ونقطة الاجماع بين المسلمين في المسألة أصل مشروعية القصر بالنسبة الي المسافر، حتّي قال العلاّمة الحلّي: «لو جحد جاحد جواز القصر في السفر كفر» [2] وقال الجزيري: «وقد أجمعت الاُ مّة علي مشروعية القصر» [3] . ولأجل استجلاء الحقيقة لابد لنا من عرض المسألة علي الكتاب العزيز، ثم علي السنّة النبوية الشريفة.

المسألة في ضوء الكتاب العزيز

لقد تعرّض القرآن الكريم لهذه المسألة في آية من سورة النساء، هي قوله تعالي: (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصّلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إنَّ الكافرين كانوا لكم عدوّاً مبيناً) [4] وفقه المسألة في ضوء الآية يتطلب معالجة نقطتين هما: 1 _ إثبات أن الحكم في الآية يقبل التعميم لكل سفر: فإنّ كلمة الضرب الواردة في صدر الآية جاءت كناية عن السفر. والآية وإن أطلقت الضرب بما يفيد أن المراد كل سفر يقوم به الإنسان، إلاّ أن ذيل الآية اشتمل علي ما يفيد سفراً خاصاً هو سفر الجهاد، حيث قالت: «إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوّاً مبيناً»، فإن هذه العبارة تناسب سفر الجهاد. إلاّ أنّ إجماع المسلمين قائم علي عموم حكم القصر لكل سفر

شرعي، وهناك من خصصه بسفر الحج والجهاد والعمرة، وقد نسب الي ابن مسعود، وقال به فقهاء الظاهرية [5] ، ونسب الي عائشة قول شاذ، بأنّ القصر لا يجوز إلاّ في الخوف وهو الجهاد [6] . وأجاب الفخر الرازي عن عدم التقيّد بذيل الآية الدال في ظاهره علي التخصيص بسفر الجهاد بأنّ: «كلمة (إن) وكلمة (إذا) يفيدان أن عند حصول الشرط يحصل المشروط، ولا يفيدان أن عند عدم الشرط يلزم عدم المشروط... وإذا ثبت هذا فنقول: قوله تعالي: (إن خفتم) يقتضي أن عند حصول الخوف تحصل الرخصة، ولا يقتضي أن عند عدم الخوف لا تحصل الرخصة، وإذا كان كذلك كانت الآية ساكتة عن حال الأمن بالنفي وبالإثبات، وإثبات الرخصة حال الأمن بخبر الواحد يكون إثباتاً لحكم سكت عنه القرآن بخبر الواحد، وذلك غير ممتنع، إنّما الممتنع إثبات الحكم بخبر الواحد علي خلاف ما دلّ عليه القرآن، ونحن لا نقول به، فإن قيل: فعلي هذا لما كان هذا الحكم ثابتاً حال الأمن وحال الخوف فما الفائدة في تقييده بحال الخوف؟ قلنا إن الآية نزلت في غالب أسفار النبي (صلي الله عليه وآله)، وأكثرها لم يخل عن خوف العدو، فذكر الله هذا الشرط، من حيث إنّه هو الأغلب في الوقوع...» [7] . ومحصل هذا الجواب نفي دلالة أدوات الشرط علي المفهوم واقتصار دلالتها علي المنطوق. فالآية متعرّضة لحال الجهاد، وبقي حال الأمن مسكوتاً عنه، فجاءت السنّة النبوية وأخبرت عن إلحاق حكم صلاة المسافر لغير الجهاد بحكم صلاة المسافر للجهاد. واحتمل أمين الإسلام الطبرسي في مجمع البيان: «أن يكون ذكر الخوف في الآية قد خرج مخرج الأعمّ والأغلب عليهم في أسفارهم، فأ نّهم كانوا يخافون الأعداء في عامتها، ومثله

في القرآن الكريم كثيرٌ» [8] . وأجاب العلاّمة الطباطبائي إجابة اُخري، حيث قال: «إنّ بدء تشريع القصر في الصلاة إنّما كان عند خوف الفتنة، ولا ينافي ذلك أن يعمّ التشريع ثانياً جميع صور السفر الشرعي، وإن لم يجامع الخوف، فإنّما الكتاب يبيّن قسماً منه، والسنّة بيّنت شموله لجميع الصور» [9] . 2 _ إثبات أصل مشروعية قصر الصلاة في السفر من المسلّم به أن الآية متكفّلة لبيان أصل مشروعية قصر الصلاة في السفر، وهذا المقدار لا شك فيه ولا ترديد لما في الآية من قوله تعالي: (فليس عليكم جناح أن تقصّروا من الصلاة). إنّما النقطة التي وقعت محلاًّ للبحث بين المذاهب الإسلامية هي: هل أن القصر المذكور في الآية عزيمة أم رخصة؟ وهل أن المسافر ملزم بالقصر أم مخيّر بينه وبين التمام؟ وبمقدار ما كانت النقطة الاُولي مسلّمة ومورداً لاتفاق المسلمين عليها. جاءت النقطة الثانية مثيرة للبحث والمناقشة بين فقهائهم ومذاهبهم المختلفة، ومنشأ البحث والنقاش عبارة: (فليس عليكم جناح أن تقصروا) من الآية. فمثل هذا التعبير قد ورد في القرآن الكريم في موارد الوجوب تارة وموارد الإباحة تارة اُخري، فمن موارد الوجوب، قوله تعالي: (فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما) [10] ، ومن موارد الإباحة قوله تعالي: (ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً) [11] وقوله تعالي: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربّكم) [12] . وحينئذ فعبارة: «ليس عليكم جناح» لوحدها وفي حدّ نفسها لا تثبت وجوباً ولا إباحة، وإنّما الوجوب والإباحة يثبتان بأدلّة اُخري قرآنية أو نبوية، وهذا ما يدلّ عليه خبر زرارة ومحمد ابن مسلم عن الإمام الصادق (عليه السلام)، إنّهما قالا لأبي جعفر (عليه

السلام): «ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي؟ وكم هي؟ قال: إن الله تعالي يقول: (واذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) فصار التقصير واجباً في السفر كوجوب التمام في الحضر، قالا: قلنا أنه قال: (لا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة)، ولم يقل إفعل، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام؟ قال: أوليس قال تعالي في الصفا والمروة: (فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه أن يطوّف بهما) ألا تري أن الطواف واجب مفروض، لأن الله تعالي ذكرهما في كتابه وصنعهما نبيه؟ وكذا التقصير في السفر شيء صنعه رسول الله وذكره الله في الكتاب» [13] . وهذا الجواب يصلح للرد علي من آمن بدلالة الآية علي جواز القصر دون وجوبه، وفي مقدمتهم الإمام الشافعي، الذي أورد أربع آيات ورد فيها التعبير بنفي الجناح في موارد الإباحة واستدلّ من خلال ذلك بأنّ آية التقصير تفيد أن القصر رخصة لا عزيمة، دون أن يذكر آية نفي الجناح في الطواف التي ذكرها الإمام الصادق (عليه السلام) الواردة في مورد واجب هو الطواف في الحج [14] . هذا من الناحية القرآنية، فإن قيل: إنّ الناحية اللغوية تساعد علي الرخصة ولا تساعد علي العزيمة، وحينئذ كيف سيتم التطبيق بين هذه الناحية وبين الناحية القرآنية التي وجدناها مردّدة بين العزيمة والرخصة؟ فالجواب ما يمكن اقتناصه من كلام العلاّمة الطباطبائي (رضي الله عنه) حيث كتب يقول: «إن المقام مقام تشريع ويكفي فيه مجرد الكشف عن جعل الحكم، من غير حاجة الي استيفاء جميع جهات الحكم وخصوصياته، ونظير الآية بوجه قوله تعالي: (وأن تصوموا خير لكم) [15] ، وكأنّ الحكم بالوجوب مركّب من مرتبتين، الاُولي مرتبة نفي

الحرمة، والثانية مرتبة اثبات الوجوب، ونفي الجناح وإن كان ناظراً الي المرتبة الاُولي، لكنه ليس مختصاً بها، فقد يكون الخطاب مستبطناً للوجوب، لكنه لأجل غرض معيّن لا يصرّح به فيكتفي بذكر المرتبة الاُولي فقط، وهذا المعني يلتئم مع ما ذكره الزمخشري في تفسيره، حيث كتب يقول: «فإن قلت فما تصنع بقوله: (فليس عليكم جناح أن تقصّروا)؟ كأ نّهم ألفوا الإتمام فكانوا مظنّة لأن يخطر ببالهم، أن عليهم نقصاناً في القصر، فنفي عنهم الجناح لتطيب أنفسهم بالقصر ويطمئنوا إليه» [16] . وحينما يتردد حكم المسألة في ضوء القرآن الكريم بين العزيمة والرخصة، ولا نجد طريقاً قرآنياً لترجيح أحدهما علي الآخر، لابد وأن نحوّلها الي السنّة النبوية لنتبيّن حكمها التفصيلي فيها.

المسألة في ضوء السنة النبوية الشريفة

اتّضح ممّا سبق البعد القرآني من مسألة قصر الصلاة في السفر، وأن كلمة «لا جناح» الواردة في آية التقصير، قد استعملها القرآن، تارة في الوجوب واُخري في الإباحة، وإنّها في هذه الآية تقبل الوجهين، وإنّ فرز الوجه المقصود فيها يتم من خلال اللجوء الي السنّة النبوية. وإذا جئنا الي السنّة النبوية نستنطقها في هذه المسألة، وجدناها متضافرة الدلالة علي الوجوب. وإليك سلسلة ممّا ورد في ذلك: 1 _ عن أبي حنظلة قال: سألت ابن عمر عن الصلاة في السفر، فقال: ركعتان سنّة النبي (صلي الله عليه وآله)، وفي لفظ البيهقي: قصر الصلاة في السفر سنّة سنّها رسول الله (صلي الله عليه وآله) [17] . 2 _ عن عبدالله بن عمر قال: إن رسول الله (صلي الله عليه وآله): أتانا ونحن في ضلال فعلّمنا، فكان فيما علّمنا: أن الله عز وجل أمرنا أن نصلّي ركعتين في السفر [18] . 3 _ عن سلمان قال: فرضت الصلاة

ركعتين ركعتين، فصلاّها رسول الله (صلي الله عليه وآله) بمكّة حتي قدم المدينة، وصلاّها بالمدينة ما شاء الله، وزيد في صلاة الحضر ركعتين، وتركت الصلاة في السفر علي حالها [19] . 4 _ وعن أبي هريرة أ نّه قال: أيها الناس إنّ الله عزّ وجلّ فرض لكم علي لسان نبيّكم (صلي الله عليه وآله) الصلاة في الحضر أربعاً، في السفر ركعتين [20] . 5 _ عن ابن مسعود قال: مَن صلي في السفر أربعاً أعاد الصلاة [21] . 6 _ عن أنس بن مالك قال: خرجنا مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) من المدينة الي مكة فكان يصلّي ركعتين حتي رجعنا الي المدينة [22] . 7 _ عن عمر بن الخطاب عن النبي (صلي الله عليه وآله) قال: صلاة المسافر ركعتان، حتي يؤوب الي أهله أو يموت [23] . 8 _ عن عمران بن حصين قال: ما سافرت مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) سفراً قطّ إلاّ صلّي ركعتين حتي يرجع، وحججت مع النبي (صلي الله عليه وآله) فكان يصلّي ركعتين حتي يرجع الي المدينة، وأقام بمكة ثماني عشرة لا يصلّي إلاّ ركعتين، وقال لأهل مكة: صلّوا أربعاً فإنّا قومُ سفر [24] . 9 _ عن ابن عباس قال: فرض الله الصلاة علي لسان نبيّكم في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة. وفي لفظ لمسلم: أن الله عزّ وجلّ فرض الصلاة علي لسان نبيّكم (صلي الله عليه وآله) علي المسافر ركعتين وعلي المقيم أربعاً [25] . 10 _ عن عبدالله بن عمر قال: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) إذا خرج من هذه المدينة لم يزد علي ركعتين حتي يرجع

اليها، وفي لفظ: صحبت رسول الله فكان لا يزيد في السفر علي الركعتين [26] . 11 _ عن يعلي بن اُمية قال: سألت عمر بن الخطاب قلت: ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة... الآية. وقد أمن الناس؟ فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله (صلي الله عليه وآله) عن ذلك فقال: صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته [27] . 12 _ عن عمر: أن صلاة السفر ركعتان، والجمعة ركعتان، والعيد ركعتان تمام غير قصر علي لسان محمد. وفي لفظ: علي لسان النبي (صلي الله عليه وآله) [28] . 13 _ عن عائشة قالت: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر فأقرّت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر. وفي لفظ ابن حزم من طريق البخاري: فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر رسول الله (صلي الله عليه وآله) ففرضت أربعاً، وتركت صلاة السفر علي الأولي. وفي لفظ أحمد: كان أول ما افترض علي رسول الله (صلي الله عليه وآله) الصلاة ركعتان ركعتان إلاّ المغرب فإنّها كانت ثلاثة، ثم أتم الله الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعاً في الحضر وأقرّ الصلاة علي فرضها الأوّل في السفر [29] . هذا بعض ممّا ورد عن النبي (صلي الله عليه وآله) من أخبار وأحاديث تفيد وجوب القصر. أتري مع هذه الأحاديث مجالاً للقول، بأن القصر في السفر رخصة لا عزيمة؟! ولو كان يسوغ الإتمام في السفر لكان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يُعرب عنه بقول أو بفعل ولو بإتيانه في العمر مرّة واحدة لبيان جوازه، كما كان يفعل في غير هذا المورد، أخرج مسلم في صحيحه [30] من حديث بريدة، قال: كان النبي (صلي الله عليه وآله) يتوضّأ عند

كل صلاة فلما كان يوم الفتح صلّي صلوات بوضوء واحد فقال له عمر: إنّك صنعت شيئاً لم تكن تصنعه؟ فقال: عمداً صنعته يا عمر؟ قال الشوكاني بعد ذكر الحديث: أي لبيان الجواز [31] .

المسألة عند الصحابة والفقهاء

اشاره

عن ابن عبّاس قال: من صلّي في السفر أربعاً كمن صلّي في الحضر ركعتين [32] . عن السائب بن يزيد الكندي قال: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، ثم زيد في صلاة الحضر وأقرّت صلاة السفر [33] . عن أبي الكنود عبدالله الأزدي قال: سألت ابن عمر عن صلاة السفر فقال: ركعتان نزلتا من السماء، فإن شئتم فردُّوهما [34] . عن حفص بن عمر قال: انطلق بنا أنس بن مالك الي الشام الي عبدالملك ونحن أربعون رجلاً من الأنصار ليفرض، لنا فلما رجع وكنا بفج الناقة صلّي بنا الظهر ركعتين ثم دخل فسطاطه; وقام القوم يضيفون الي ركعتيهم ركعتين اُخريين، فقال: قبّح الله الوجوه، فوالله ما أصابت السنّة ولا قبلت الرخصة، فأشهد لسمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: إن قوماً يتعمّقون في الدين يمرقون كما يمرق السهم من الرّمية [35] . عن عبدالله بن عمر قال: الصلاة في السفر ركعتان من خالف السنّة فقد كفر [36] . عن ثمامة بن شراحيل قال: خرجت الي ابن عمر فقلت: ما صلاة المسافر؟ قال: ركعتين ركعتين، إلا صلاة المغرب ثلاثاً. قلت: أرأيت إن كنّا بذي المجاز؟ قال: ما ذو المجاز؟ قلت: مكان نجتمع فيه ونبيع فيه نمكث عشرين ليلة أوخمس عشرة ليلة. فقال: يا أيها الرجل كنت بآذربيجان لا أدري قال: أربعة أشهر أو شهرين، فرأيتهم يصلّونها ركعتين ركعتين، ورأيت نبي الله (صلي الله عليه وآله) بصر عيني يصلّيها ركعتين، ثم نزع إلي

بهذه الآية: (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة) [37] . عن إبراهيم: أنّ عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) صلّي الظهر بمكة ركعتين فلما انصرف قال: يا أهل مكة إنّا قوم سفر، فمن كان منكم من أهل البلد فيكمل. فأكمل أهل البلد [38] . عن عمر بن عبدالعزيز قال: الصلاة في السفر ركعتان حتمان لا يصحّ غيرهما [39] . وذهب عمر وابنه، وابن عباس، وجابر، وجبير بن مطعم، والحسن، والقاضي اسماعيل، وحماد بن أبي سليمان، وعمر بن عبدالعزيز، وقتادة والكوفيّون الي أن القصر واجب في السفر [40] . وهذه الدرجة الكبيرة من الاتفاق بين الصحابة; المعتضدة باتفاق كبير آخر من الفقهاء في عصر التابعين، لا تظهر عادة إلاّ في الأحكام الواضحة المتاخمة للضروريات من الدين. ومع هذه الأحاديث النبوية الكثيرة والواضحة، وهذا القدر الكبير من الاتفاق بين الصحابة، والدرجة الكبيرة من تأييد الفقهاء من التابعين، من أين تأتي فرصة لقائل أن يقول: إنّ القصر في السفر رخصة لا عزيمة؟ ولو كان هناك ترخيص لبيّنه النبي (صلي الله عليه وآله) بصلاة واحدة رباعية تامة في سفر، ولما خفي مثل ذلك علي أكابر الصحابة. كيف وقد انتقد الصحابة _ كما مضي ويأتي _ من أتمّ الصلاة في السفر انتقاداً مرّاً؟!

ادلة القائلين بالرخصة

المتتبع لأدلّة القائلين بالرخصة يجدهم متمسكين بالوجوه التالية: 1 _ آية التقصير ببيان أنّ عبارة: (ليس عليكم جناح أن تقصروا) الواردة فيها تفيد الرخصة لا عزيمة، وقد مرّ أن أشد المتمسكين بهذا الوجه الإمام الشافعي في كتابه الاُ مّ واعتمد عليه الماوردي في الحاوي الكبير [41] وأيّده الفخر الرازي في تفسيره [42] وابن قدامة في المغني [43] وهكذا سائر القائلين بالرخصة. وقد مرّ فيما

مضي أن هذا الوجه ممّا لا يمكن الاعتماد عليه، لأن القرآن الكريم قد استعمل هذا اللون من التعبير، فيما هو واجب وما هو مباح، ومع وجود مثل هذه الحالة لايتاح لنا تمييز العبارة المذكورة في آية التقصير، هل أ نّها جاءت للدلالة علي الوجوب أم الإباحة؟ 2 _ حديث يعلي بن اُميّة، قال: قلت لعمر بن الخطاب: (فليس عليكم جناح أن تقصروا إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا)؟ فقال: عجبت ممّا عجبت منه فسألت رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقال: «صدقة منّ الله بها عليكم فاقبلوا صدقته». حيث استدلّ القائلون بالرخصة بهذا الحديث، باعتبار أن الصدقة لا يجب أخذها [44] . وهذا الوجه أضعف من سابقه، فإنّ الصدقة التي لا يجب أخذها إنّما هي صدقة الناس التي قد تؤخذ لأجل الحاجة وقد ترد لأجل الحفاظ علي العزّة ودفع الذلّة المترتبة علي أخذها، ولا ذلّ في أخذ صدقة الله حتي ترد، بل أخذها عين العزّة، فقياس صدقة الله علي صدقة الناس باطل واضح، وأوضح منه قول النبي (صلي الله عليه وآله): «فاقبلوا صدقته»، والأمر دالّ علي الوجوب، فالأولي الإستدلال بالآية علي العزيمة لا الرخصة، كما استدلّ به ابن حزم [45] . ثم إنّ ردّ الصدقة يقاس علي مقام المعطي، فإنّ صدقة المساوي للمساوي يسهل ردّها، وكلّما ارتفع مقام المعطي صُعب علي الآخذ ردّ صدقته، وأصبح ردّها نوعاً من الإهانة له، ولا مقام أعلي من مقام الله سبحانه وتعالي، وردّ صدقته أسوء الأدب معه، وقد نقل الإمام الصادق (عليه السلام) عن الرسول (صلي الله عليه وآله) أ نّه قال: «إنّ الله عزّ وجلّ تصدق علي مرضي اُ مّتي ومسافريها، بالتقصير والإفطار، أيَسُرّ أحدكم إذا تصدّق بصدقة

أن تردّ عليه» [46] . 3 _ واستدلّوا أيضاً بحديث عائشة أ نّها قالت: خرجت مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) في عمرة رمضان فأفطر وصمتُ، وقصّر وأتممت، فقلت يا رسول الله بأبي أنت واُ مّي أفطرت وصمتُ وقصرت وأتممتُ؟ فقال (صلي الله عليه وآله): أحسنتِ. قال ابن قدامة في المغني: «رواه أبو داود الطيالسي في مسنده وهذا صريح في الحكم». غير أن الذي يطالع المسند المذكور، وروايات عائشة المذكورة فيه لا يجد فيه هذه الرواية، نعم رواها الدارقطني في سننه، تارة عن الأسود واُخري عن ابنه عبدالرحمن [47] . ولأجل ما يستلزم هذا الحديث من نسبة النقص الي شخصية عائشة، قال ابن القيّم الجوزية: «سمعت من شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذا الحديث كذب علي عائشة، ولم تكن عائشة تصلّي بخلاف صلاة رسول الله (صلي الله عليه وآله) وسائر الصحابة، وهي تشاهدهم يقصّرون ثم تتم هي وحدها بلا موجب... الخ» [48] . ثم إلتفت ابن قيّم الجوزية الي نقض آخر يرد علي حديث عائشة، وهو تناقض هذا الحديث مع حديث آخر مروي عنها ذكرناه آنفاً وهو أ نّ: الصلاة فرضت ركعتين فزيد في صلاة الحضر وأقرّت صلاة السفر، فقال ابن القيّم: «كيف وهي القائلة: فرضت الصلاة ركعتين فزيد في صلاة الحضر وأقرّت صلاة السفر، فكيف يظن أ نّها تزيد علي ما فرض الله وتخالف رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأصحابه، قال الزهري لعروة لما حدّثه عن أبيه عنها بذلك: فما شأنها تتم الصلاة؟ فقال: تأ وّلت كما تأ وّل عثمان، فإذا كان النبي (صلي الله عليه وآله) قد حسّن فعلها وأقرّها عليه فما للتأويل حينئذ من وجه، ولا يصح أن يضاف إتمامها

الي التأويل علي هذا التقدير» [49] . وممّا يشهد لعدم صحة الحديث، أنّ أصحاب السنن والسّير ينفون وجود عمرة للرسول (صلي الله عليه وآله) في شهر رمضان، ويؤكدون أ نّه (صلي الله عليه وآله) قد اعتمر في حياته ثلاث مرات، في ذي القعدة ومرة اُخري كانت مقرونة مع الحج في ذي الحجة، وهي التي في حجة الوداع. ذكر ذلك صاحب السيرة الحلبية وأ كّده بأخبار نقلها عن صحيح البخاري وصحيح مسلم، منها خبر عن عائشة، كما نقل عن ابن القيّم، أنّ خبر عائشة في عمرة رمضان خطأ نُسب إليها [50] . من هذا كلّه يتّضح الي أيّ حدّ من الضعف يتّسم به كلام ابن قدامة؟ 4 _ واستدلّوا أيضاً بحديث مروي عن عائشة تقول فيه: أ نّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) كان يتمّ في السفر ويقصر [51] . أورده الدارقطني في سننه بثلاثة أسانيد; الأول والثالث منها ضعيفان عنده، والثاني بسند صحيح عنده [52] . ويرد عليه _ وعلي سابقه أيضاً _ أ نّه مخالف لعمل الصحابة، ومعارض للسيرة النبوية الثابتة علي القصر في السفر بعشرات الأدلة المذكورة سابقاً، ومنها أحاديث روتها عائشة نفسها وحينما يدور الأمر بين طرح حديث واحد وعشرات الأحاديث المعارضة له، لا يمكننا إلاّ العمل بالأحاديث الكثيرة وطرح الحديث الواحد. بل إن بعض أعلام السنّة قد صرّح بأن هذا الحديث غير صحيح. قال ابن القيّم بعد أن ذكر الحديث: «فلا يصح. وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هو كذب علي رسول الله (صلي الله عليه وآله). وقد روي: «كان يقصر وتتم» الأول بالياء آخر الحروف والثاني بالتاء المثناة من فوق. وكذلك: «يفطر وتصوم» أي تأخذ هي بالعزيمة في الموضعين.

قال شيخنا ابن تيمية: وهذا باطل ما كانت اُ مّ المؤمنين لتخالف رسول الله (صلي الله عليه وآله) وجميع أصحابه فتصلّي خلاف صلاتهم. كيف والصحيح عنها أنّ الله فرض الصلاة ركعتين ركعتين، فلمّا هاجر رسول الله (صلي الله عليه وآله) الي المدينة زيد في الحضر، واُقرّت صلاة السفر فكيف ظن بها _ مع ذلك _ أن تصلّي بخلاف صلاة النبي (صلي الله عليه وآله) والمسلمين معه. قلت: وقد أتمت عائشة بعد موت النبي (صلي الله عليه وآله). قال ابن عباس وغيره: إنّها تأ وّلت كما تأ وّل عثمان، وإنّ النبي (صلي الله عليه وآله) كان يقصر دائماً، فركّب بعض الرواة من الحديثين حديثاً. وقال: فكان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقصر وتتم هي. فغلط بعض الرواة فقال كان يقصر ويتم، أي هو» [53] . ونقل الشوكاني استنكار الإمام أحمد لهذا الحديث واستبعاد صحته باعتبار أنّ عائشة كانت تتم الصلاة [54] . 5 _ واستدلّوا أيضاً بإجماع الصحابة، قال ابن قدامة: «وعن أنس قال: كنّا _ أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله) _ نسافر فيتم بعضنا ويقصر بعضنا ويصوم بعضنا ويفطر بعضنا، فلا يعيب أحد علي أحد، ولأن ذلك اجماع الصحابة رحمة الله عليهم، بدليل أ نّ فيهم من كان يتم الصلاة ولم ينكر الباقون عليه» [55] . ولم يُعلم هل أنّ سفرهم هذا كان في زمن النبي (صلي الله عليه وآله) أم بعد وفاته؟ ويرد علي هذا الوجه أ نّ عمل الصحابة هذا واجماعهم، إن كان في زمن النبي (صلي الله عليه وآله) فهو ليس بحجة، إذ لا يحتج بعمل الصحابة والنبي (صلي الله عليه وآله) بين ظهرانيهم، إلاّ إذا قامت علي أنه

(صلي الله عليه وآله) قد اطّلع ولكن فيكون سكوته الحجة لا عملهم، وليس من دليل هنا علي انّه (صلي الله عليه وآله) قد اطّلع، وإن كان بعد وفاتهم فقد مضي أن المشهور بين الصحابة كان هو القصر، وحينما أتمّ عثمان احتجّ عليه بعض الصحابة بما جعله يدافع عن نفسه ببعض الأعذار، وهذه الأعذار بحد نفسها دليل علي أ نّ القول بالتمام كان شاذاً بين الصحابة. علي أن الخبر الذي ذكره ابن قدامة فيه زيادة، وقد أورده مسلم في صحيحه دون كلمة: «يتم بعضنا ويقصر بعضنا» [56] ولعلّها زيدت في الحديث من قبل القائلين بالرخصة. هذه جملة الوجوه التي استدلّ بها القائلون بالرخصة، وقد تبيّن أ نّها ضعيفة لا يمكن الإعتماد عليها.

المسألة في ضوء مدرسة أهل البيت

ولأجل هذه الأسباب، أعني ضعف أدلّة القول بالرخصة، وقوّة أدلّة القول بالعزيمة، ووضوح تعيّن القصر في سنّة النبي (صلي الله عليه وآله) وعمل الصحابة، وعدم وجود مخالف له طيلة عهد الخليفة الأوّل والثاني وشطراً من خلافة الخليفة الثالث، اختارت مدرسة أهل البيت القول بالعزيمة ونصّ أئمة أهل البيت (عليهم السلام) علي ذلك نصاً قاطعاً وصريحاً، وقد مرّ آنفاً خبر زرارة ومحمد بن مسلم الصريح في ذلك عن الإمام الصادق (عليه السلام)، وهناك أخبار اُخري في ذلك لا تقل عنه صراحة، كالمروي عن الصادق (عليه السلام) «الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شيء، إلاّ المغرب ثلاث» [57] ، وسُئل الإمام الصادق عمّن صلّي الظهر أربعاً في السفر فأجابه (عليه السلام): «أعد» [58] . وقد انعكس ذلك علي الفقه الإمامي بوضوح تام لا مزيد عليه، قال الشيخ الطوسي: «التقصير في السفر فرض وعزيمة... والقول بأن التقصير عزيمة مذهب علي (عليه السلام) وعمر...» [59]

. وقال الطبرسي في مجمع البيان: «قد أجمعت الطائفة علي ذلك وعلي انّه ليس بقصر...» [60] . وقال العلاّمة الحلّي: «القصر عزيمة في السفر واجب، لا رخصة يجوز تركها، عند علمائنا أجمع، فلو أتمّ عامداً بطلت صلاته وبه قال علي (عليه السلام) وعمر وحماد بن أبي سليمان والثوري وأصحاب الرأي» [61] . وقال الشيخ النجفي في الجواهر: «انّه في محلّه من الرباعية عزيمة لا رخصة بلا خلاف، بل هو مجمع عليه نقلاً وتحصيلاً، بل لعلّه من الضروريات والنصوص ظاهرة وصريحة فيه» [62] . فالمسألة اتّفاقية مجمع عليها في مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وعند صحابة الرسول (صلي الله عليه وآله) أيضاً قبل خلافة عثمان بن عفّان، ولم يظهر القول بالرخصة إلاّ في زمن هذا الخليفة وعلي يده.

عثمان بن عفان مؤسس احدوثة الإتمام في السفر

إنّ الشواهد التاريخية القطعية تدلّ بوضوح علي أن الخليفة الثالث كان المؤسس لهذه الاُحدوثة، لم يسبقه إليها أحد ولم تظهر قبل زمانه، ثم هو لم يستند فيها الي دليل من كتاب أو سنّة وإنّما هو رأي رآه لأسباب من عند نفسه. روي الطبري في تاريخه وغيره: حجّ بالناس في سنة (29 ه_) عثمان فضرب بمني فسطاطاً، فكان أول فسطاط ضربه عثمان بمني، وأتمّ الصلاة بها وبعرفة، فذكر الواقدي «بالإسناد» عن ابن عباس قال: إن أوّل ما تكلم الناس في عثمان ظاهراً أنه صلّي بالناس بمني في ولايته ركعتين، حتي إذا كانت السنة السادسة أتمّها، فعاب ذلك غير واحد من أصحاب النبي (صلي الله عليه وآله)، وتكلّم في ذلك من يريد أن يكثر عليه حتّي جاءه علي (عليه السلام) فيمن جاءه فقال: والله ما حدث امرٌ ولا قدم عهدٌ ولقد عهدت نبيّك (صلي الله عليه وآله) يصلّي ركعتين.

وعن عبدالملك بن عمرو بن أبي سفيان الثقفي عن عمه، قال: صلّي عثمان بالناس بمني أربعاً، فأتي آت عبدالرحمن بن عوف فقال: هل لك في أخيك؟ قد صلّي بالناس أربعاً، فصلّي عبدالرحمن بأصحابه ركعتين، ثم خرج حتي دخل علي عثمان، فقال له: ألم تصلِّ في هذا المكان مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) ركعتين؟ قال: بلي، قال: ألم تصلِّ مع أبي بكر ركعتين؟ قال: بلي قال: أفلم تصلِّ مع عمر ركعتين؟ قال: بلي قال: ألم تصلِّ من خلافتك ركعتين؟ قال: بلي. قال عثمان: فاسمع منّي يا أبا محمد إني اخبرت أنّ بعض من حجّ من أهل اليمن وجفاة الناس قد قالوا في عامنا الماضي: أن الصلاة للمقيم ركعتان هذا إمامكم عثمان يصلّي ركعتين. وقد اتخذت بمكة أهلاً فرأيت أن اُصلّي أربعاً للخوف ما أخاف علي الناس، واُخري قد اتخذت بها زوجة، ولي بالطائف مال، فربما اطلعته فأقمت فيه بعد الصدر. فقال عبدالرحمن بن عوف: ما من هذا شيء لك فيه عذرٌ، أمّا قولك: اتخذت أهلاً. فزوجتك بالمدينة تخرج بها إذا شئت، وتقدم بها اذا شئت، إنما تسكن بسكناك. وأما قولك: ولي مالٌ بالطائف. فإن بينك وبين الطائف مسيرة ثلاثة ليال وأنت لست من أهل الطائف. وأما قولك: يرجع من حجّ من أهل اليمن وغيرهم، فيقولون: هذا إمامكم عثمان يصلّي ركعتين وهو مقيم، فقد كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) ينزل عليه الوحي والناس يومئذ الاسلام فيهم قليل، ثم أبو بكر مثل ذلك، ثم عمر، فضرب الإسلام بجرانه فصلّي بهم عمر حتي مات ركعتين. فقال عثمان: هذا رأي رأيته. قال: فخرج عبدالرحمن فلقي ابن مسعود فقال: أبا محمد غير ما يعلم؟ قال، قال: فما

أصنع؟ قال اعمل أنت بما تعلم، فقال ابن مسعود: الخلف شرٌّ، قد بلغني أنه صلّي أربعاً فصليت بأصحابي ركعتين، وأما الآن فسوف يكون الذي تقول، يعني نصلّي معه أربعاً [63] . فقد أخرج الشيخان وغيرهما بالإسناد عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، أ نّه قال: صلّي بنا رسول الله (صلي الله عليه وآله) بمني ركعتين، وأبو بكر بعده وعمر بعد أبي بكر وعثمان صدراً من خلافته رضي الله عنهم، ثم إنّ عثمان صلّي بعدُ أربعاً، فكان ابن عمر إذا صلّي مع الإمام صلّي أربعاً، وإذا صلّي وحده صلّي ركعتين [64] . وفي لفظ ابن حزم: أ نّ ابن عمر كان إذا صلّي مع الإمام بمني أربع ركعات، انصرف الي منزله فصلّي فيه ركعتين أعادها [65] . وأخرج مالك في الموطأ عن عروة: أ نّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) صلّي الرباعية بمني ركعتين، وأ نّ أبا بكر صلاّها بمني ركعتين، وأ نّ عمر بن الخطاب صلاّها بمني ركعتين، وأن عثمان صلاّها بمني ركعتين شطر إمارته ثم أتمّها بعد [66] . وأخرج النسائي في سننه عن أنس بن مالك انّه قال: صلّيت مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) بمني ومع أبي بكر وعمر ركعتين ومع عثمان ركعتين صدراً من إمارته [67] . وباسناده عن عبدالرحمن بن يزيد قال: صلّي عثمان بمني أربعاً حتي بلغ ذلك عبدالله، فقال: لقد صلّيت مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) ركعتين. الحديث. ورواه إمام الحنابلة أحمد في المسند. وأخرج حديث أنس المذكور في مسنده ولفظ: صلّي رسول الله (صلي الله عليه وآله) الصلاة بمني ركعتين وصلاّها أبو بكر بمني ركعتين، وصلاّها عمر بمني ركعتين، وصلاّها عثمان بن

عفان بمني ركعتين أربع سنين ثم أتمّها بعد [68] . وأخرج الشيخان وغيرهما بالاسناد عن عبدالرحمن بن يزيد قال: صلّي بنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بمني أربع ركعات، فقيل ذلك لعبدالله بن مسعود فاسترجع، ثم قال: صليت مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) بمني ركعتين، وصلّيت مع أبي بكر رضي الله عنه بمني ركعتين، وصلّيت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمني ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبّلتان [69] . وأخرج أبو داود وغيره عن عبدالرحمن بن يزيد، قال: صلّي عثمان رضي الله عنه بمني أربعاً، فقال عبدالله: صلّيت مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين، ومع عثمان صدراً من إمارته ثم أتمّها، ثم تفرّقت بكم الطرق، فلوددت أنّ لي من أربع ركعات ركعتين متقبّلتين. قال الأعمش: فحدّثني معاوية بن قرّة عن أشياخه: أن عبدالله صلي أربعاً، فقيل له: عبت علي عثمان ثم صلّيت أربعاً؟ قال الخلاف شر [70] . روي ابن حزم في المحلّي من طريق سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه، قال: اعتل عثمان وهو بمني، فأتي عليٌّ فقيل له: صلِّ بالناس فقال: إن شئتم صلّيت لكم صلاة رسول الله (صلي الله عليه وآله)، يعني ركعتين، قالوا: لا، إلا صلاة أمير المؤمنين _ يعنون عثمان _ أربعاً فأبي [71] . وأخرج الطبراني واحمد باسناد صحيح من طريق عباد بن عبدالله بن الزبير قال: لمّا قدم علينا معاوية حاجّاً، قدمنا معه مكة قال: فصّلي بنا الظهر ركعتين ثمّ انصرف الي دار الندوة، قال: وكان عثمان حين أتمّ الصلاة فإذا قدم مكة صلي بها الظهر والعصر والعشاء الآخر

أربعاً أربعاً، فإذا خرج الي مني وعرفات قصّر الصلاة، فإذا فرغ من الحج وأقام بمني أتم الصلاة حتي يخرج من مكة؟ فلما صلي بنا الظهر ركعتين نهض إليه مروان بن الحكم وعمرو بن عثمان فقالا له: ما عاب أحد ابن عمّك بأقبح ما عبته به، قال لهما: وماذاك؟ قال فقالا له: ألم تعلم أنّه أتمّ الصلاة بمكة؟ قال: فقال لهما: ويحكما وهل كان غير ما صنعت؟ قد صلّيتهما مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) ومع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. قالا: فإنّ ابن عمّك قد أتمّها وإن خلافك إيّاه له عيبٌ، قال: فخرج معاوية الي العصر فصلاّها بنا أربعاً [72] . وأخرج البيهقي عن عبدالرحمن بن يزيد، قال: كنّا مع عبدلله بن مسعود بجمع، فلمّا دخل مسجد مني فقال: كم صلّي أمير المؤمنين؟ قالوا: أربعاً. فصلي أربعاً. قال: فقلنا: ألم تحدّثنا أ نّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) صلّي ركعتين، وأبا بكر صلّي ركعتين؟ فقال: بلي وأنا اُحدِّثكموه الآن، ولكن عثمان كان إماماً فما اُخالفه والخلاف شرٌّ [73] . وأخرج إمام الحنابلة أحمد في مسنده عن عبدالله بن عمر، قال: خرجنا مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) فكان يصلي صلاة السفر _ يعني ركعتين _ ومع أبي بكر وعمر وعثمان ست سنين من امرته، ثم صلّي أربعاً [74] . وأخرج البيهقي في السنن الكبري بالإسناد عن أبي نضرة: أن رجلاً سأل عمران بن حصين عن صلاة رسول الله (صلي الله عليه وآله) في السفر، فقال: إيت مجلسنا، فقال: إن هذا قد سألني عن صلاة رسول الله (صلي الله عليه وآله) في السفر فاحفظوها عني، ما سافر رسول الله (صلي الله عليه وآله)

سفراً إلا صلّي ركعتين حتي يرجع ويقول: يا أهل مكة قوموا فصلّوا ركعتين، فإنّا سفر، وغزا الطائف وحنين فصلّي ركعتين، وأتي الجعرانة فاعتمر منها، وحججت مع أبي بكر (رضي الله عنه) واعتمرت فكان يصلي ركعتين، ومع عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فكان يصلي ركعتين، ومع عثمان فصلّي ركعتين صدراً من إمارته، ثم صلّي عثمان بمني أربعاً [75] . بعد هذا كلّه هل يبقي لفقيه مجال في أن يخوض في إثبات أن القصر في الصلاة في السفر رخصة أم عزيمة؟ فقد اتّضح أن أصل هذا الترديد لم ينشأ من الكتاب والسنّة، حتي يخوض الفقيه في دلالة الآيات والأحاديث علي هذا الاحتمال أم ذاك؟ وأن سيرة الرسول (صلي الله عليه وآله) وعامة المسلمين وخصوص الصحابة والفقهاء الي أواسط عهد عثمان كانت جارية علي القصر كوظيفة لا بدليل للمسافر عنها، وأن عمل عثمان كان هو المنشأ لظهور هذا الترديد وهذا البحث، ولذا كان من المنطقي أن لا يدخل هذا البحث نطاق الفقه والاجتهاد، إذ لا اجتهاد مقابل النصّ، ولا فقاهة في مقابل السيرة القطعية للرسول. وكان الأولي بالفقهاء أن ينكروا هذا السلوك من عثمان، ويخرجوا هذا البحث من نطاق الفقه تأ سّياً باحتجاج الصحابة علي عثمان.

نظرة في أعذار عثمان

ذُكرت أعذار عديدة لعمل عثمان، وعمل عائشة التي تبعته في ذلك، أوردها النووي في شرحه علي صحيح مسلم، حيث كتب يقول: «اختلف العلماء في تأويلهما، فالصحيح الذي عليه المحققون أنهما رأيا القصر جائزاً والإتمام جائزاً، فأخذا بأحد الجائزين وهو الإتمام، وقيل: لأن عثمان إمام المؤمنين وعائشة اُ مّهم، فكأنهما في منازلهما، وأبطله المحققون بأن النبي (صلي الله عليه وآله) كان أولي بذلك منهما، وكذلك أبو بكر وعمر، وقيل: لأن عثمان

تأهل بمكة، وأبطلوه بأن النبي (صلي الله عليه وآله) سافر بأزواجه وقصر وقيل: فعل ذلك من أجل الأعراب الذين حضروا معه لئلا يظنوا أن فرض الصلاة ركعتان أبداً حضراً وسفراً، وأبطلوه بأن هذا المعني كان موجوداً في زمن النبي (صلي الله عليه وآله)، بل اشتهر أمر الصلاة في زمن عثمان أكثر ممّا كان، وقيل: لأن عثمان نوي الإقامة بمكة بعد الحج، وأبطلوه بأنّ الإقامة بمكة حرام علي المهاجر فوق ثلاث، وقيل: كان لعثمان أرض بمني، وأبطلوه بأن ذلك لا يقتضي الإتمام والإقامة» [76] . هذه خلاصة الأعذار والتأويلات التي تمسّك بها عثمان عن عمله، أو التي اُنتحلت له، وواضح أنّ تصدي أعلام السنّة لبيان الوجوه والتأويلات التي تصلح لتصحيح عمل الخليفة الثالث يستبطن الإيمان بأنّ القصر هو الوظيفة الطبيعية لصلاة المسافر بحيث أنّ الإتمام يحتاج الي تأويل وتصحيح بوجه شرعي مقبول. ولو كان المسافر مرخصاً بالقصر والإتمام معاً، ومُخيّراً بينهما فما معني هذه المحاولات التي تذكر لتوجيه عمل الخليفة الثالث؟ ولا معني لقول النووي نفسه بأنّ: «الصحيح الذي عليه المحقّقون إ نّهما رأيا القصر جائزاً والإتمام جائزاً، فأخذا بأحد الجائزين وهو الإتمام» فإنّ هذا الكلام الذي وصفه بأ نّه كلام المحققين يبقي بلا مستند بعدما اتّضح أن سيرة الرسول (صلي الله عليه وآله) والصحابة جرت علي القصر في السفر فمن أين بدا لهما جواز الأمرين حتي اختار أحدهما؟ إنّ وظيفة الفقه والفقهاء هي استنباط الأحكام من الكتاب والسنّة، وحينما تؤدي بنا الشواهد التاريخية الي القطع بأنّ سيرة الرسول (صلي الله عليه وآله) كانت علي قصر الصلاة في السفر، وأنّ الصحابة وعامة المسلمين كانوا علي ذلك في عهد الخليفتين الأول والثاني، وأنّ في الصحابه من أنكر

علي عثمان مخالفته في ذلك. وردّ عليه كل أعذاره، فهذا يعني أنّ المسألة في بُعدها الفقهي أصبحت منتهية، وحكمها أصبح واضحاً قطعياً، فما معني أنّ يأتي المحققون _ حسب تعبير النووي _ بعد ذلك ويحاولوا توجيه عمل عثمان؟ فهذه مسألة شخصية، والفقيه شأنه استنباط الحكم الشرعي لا الدفاع عن الأشخاص، وليتهم اكتفوا بهذا الدفاع، فإنّ الدفاع يكون عن أمر شاذ مخالف للاُصول، وغرض المدافعين هو دفع الشذوذ عن ذلك الأمر وارجاعه بنحو ما الي الاُصول التي تبقي هي الأساس في عمل المكلفين واستنباط الفقهاء، إلاّ أنّ الشيء الذي حصل غير هذا، وهو أنهم دافعوا عن عمل الخليفة الثالث لا بقصد الدفاع الشخصي فقط، بل بقصد أن يكون عمله هو الأساس الفقهي في مسألة حكم المسافر في الصلاة، ثم التمُست له متشابهات الوجوه والأدلّة، كالأدلّة الخمسة التي مرّت مناقشتها، ليكون المجموع مذهباً فقهيّاً في هذه المسألة، وهكذا تحوّل عمل عثمان من مخالفة مشهودة استنكرها الصحابة، الي مذهب فقهي له من يدلّل عليه بوجوه واستدلالات مختلفة كالتي ذكرناها آنفاً، وهذه حالة انحراف واضحة عن عملية الفقه والاجتهاد والاستنباط الشرعي. هذا هو النقد الأساس الذي يواجه الأعذار المذكورة لعمل الخليفة، أما النقد التفصيلي لكل واحد منها، فقد مضي جواب عبدالرحمن بن عوف عن ما ذكره عثمان منها، وأشار النووي نفسه الي ردّها وأبقي لنفسه تأويلاً تعرضنا له، ومن أراد الاستقصاء والتفصيل في ذلك فعليه بما ذكره الشيخ الأميني (رحمه الله) في كتابه الغدير، فقد استقصي ما قيل من الأعذار والتأويلات، وما اُجيب ويُجاب به عنها وبنحو مستند وموثّق [77] .

خلاصة البحث

والخلاصة أن حكم الصلاة الرباعية في السفر هو القصر، طبقاً للقرآن الكريم والسنّة النبوية المروية في مصادر

أهل السنّة، فضلاً عن مصادر الإمامية، وأنّ القول بالتخيير من محدثات الخليفة الثالث، وأنّ الأعذار التي قيلت في توجيه عمله موهونة لا مجال للتصديق بها، وأنّ عدداً من الصحابة قد أنكروا عليه ذلك، فعجز عن إجابتهم وكان أقصي جهده أن قال لهم: رأي رأيته. وهو خير دليل علي اعترافه بمخالفته الكتاب والسنّة، وبإحداث ماهو من مصاديق البدعة.

پاورقي

[1] بداية المجتهد/ ابن رشد القرطبي: 1 / 235، كتاب الصلاة، الفصل الأول في القصر، ط دار المعرفة.

[2] تذكرة الفقهاء: 4 / 349، صلاة الجماعة، الفصل الثاني في صلاة السفر.

[3] الفقه علي المذاهب الأربعة ومذهب أهل البيت: 1 / 608، كتاب الصلاة، باب دليل حكم قصر الصلاة.

[4] سورة النساء: 101.

[5] المحلّي/ لابن حزم: 4 / 268، صلاة المسافر.

[6] بداية المجتهد / القرطبي: 1 / 234، كتاب الصلاة، الفصل الأوّل في القصر.

[7] التفسير الكبير: 11 / 22.

[8] مجمع البيان: 3 / 127، ط مؤسسة التاريخ الإسلامي.

[9] تفسير الميزان: 5 / 63. [

[10] البقرة: 158.

[11] النور: 61.

[12] البقرة: 198.

[13] مجمع البيان: 3 / 127، ط مؤسسة التاريخ الإسلامي.

[14] الاُ مّ: 1 / 207، كتاب الصلاة باب صلاة المسافر، ط دار الفكر.

[15] تفسير الميزان: 5 / 63.

[16] الكشاف: 1 / 558.

[17] مسند احمد: 2/160، ح 5191، مسند عبدالله بن عمر، ط مؤسسة التاريخ الإسلامي، سنن البيهقي: 3/194، كتاب الصلاة، أبواب صلاة المسافر، باب 765، ح 5388.

[18] أخرجه النسائي 1 / 582، كتاب قصر الصلاة في السفر، ح1892، وتفسير الخازن: 1/418 ط دار الكتب العلمية، ونيل الأوطار: 3/204، ابواب صلاة المسافر ح6.

[19] رواه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد: 2/ 156.

[20] مسند أحمد: 3/ 115، ح 8947، مسند أبو هريرة.

[21]

أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد: 2/ 155.

[22] صحيح البخاري: 2/ 35، كتاب الصلاة باب التقصير، ط دار الفكر، صحيح مسلم: 2/ 145، كتاب الصلاة، باب صلاة المسافر وقصرها، مسند احمد: 4/ 40، ح 12563، مسند أنس بن مالك، سنن البيهقي: 3/ 195، كتاب الصلاة، أبواب صلاة المسافر، باب 766، ح 5389.

[23] أحكام القرآن للجصاص: 2/ 318، باب صلاة المسافر.

[24] راجع سنن البيهقي: 3/ 194، كتاب الصلاة، باب 765، باب رخصة القصر في كل سفر، ح 5387، أحكام القرآن للجصاص: 2/ 318، باب صلاة المسافر. عن عمران في لفظ آخر: ما سافر رسول الله (صلي الله عليه وآله) إلا صلّي ركعتين إلا المغرب. أخرجه أبو داود واحمد كما في مجمع الزوائد: 2/ 155.

[25] صحيح مسلم: 2 / 143، كتاب الصلاة، باب صلاة المسافر وقصرها، مسند احمد: 1/ 585، ح 3322، مسند عبدالله بن عباس، سنن ابن ماجة: 1/ 339، باب تقصير الصلاة في السفر، ح 1068، سنن النسائي: 1/ 585، كتاب قصر الصلاة، 1899 و1890، سنن البيهقي: 3/ 193، كتاب الصلاة، أبواب صلاة المسافر، باب 765، ح 5383، أحكام القرآن للجصاص: 2/ 315 و319 باب صلاة المسافر، المحلّي لابن حزم: 4/ 271، صلاة المسافر فقال: ورويناه أيضاً من طريق حذيفة، وجابر، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة، وابن عمر كلهم عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) بأسانيد في غاية الصحّة. تفسير القرطبي 5: 352، تفسير ابن جزي 1: 155، زاد المعاد لابن القيّم هامش شرح الزرقاني 2: 221، مجمع الزوائد 2: 154 من طريق أبي هريرة.

[26] مسند أحمد: 2/ 137، ح 5023، مسند عبدالله بن عمر، سنن ابن ماجة: 1/ 339، باب تقصير الصلاة في

السفر، ح 1065، سنن النسائي: 1/ 589، كتاب قصر الصلاة في السفر، باب ترك التطوع في السفر، ح 1916، أحكام القرآن للجصاص: 2/ 318، باب صلاة السفر، زاد المعاد هامش شرح المواهب للزرقاني: 62/ 29 وصحّحه.

[27] صحيح مسلم: 2/143، كتاب الصلاة، باب صلاة المسافر وقصرها، سنن أبي داود: 1/ 187، سنن ابن ماجة: 1/ 329، سنن النسائي: 1/ 583، كتاب قصر الصلاة في السفر، ح 1891، سنن البيهقي: 3/ 192، 193، كتاب الصلاة، أبواب صلاة المسافر، باب 765، ح 5378 و 5379، أحكام القرآن للجصاص: 2/ 318، باب صلاة السفر، المحلّي لابن حزم: 4/ 267 صلاة المسافر.

[28] مسند أحمد: 1/62، ح 259، مسند عمر بن الخطاب، سنن ابن ماجة: 1/ 338، باب تقصير الصلاة في السفر، ح 1063، سنن النسائي: 1/ 585، كتاب قصر الصلاة في السفر، ح 1898، سنن البيهقي: 3/ 282، كتاب الجمعة، باب الجمعة ركعتان، باب 31، ح 5718، أحكام القرآن للجصاص: 2/ و 309، المحلّي لابن حزم: 4/ 265 صلاة المسافر، زاد المعاد هامش شرح المواهب: 2/ 21 فقال: ثابت عن عمر.

[29] راجع صحيح البخاري: 2 / 36، باب يقصر اذا خرج من موضعه،، صحيح مسلم: 2/142، كتاب الصلاة، باب صلاة المسافر وقصرها، موطأ مالك: 1/ 124، سنن أبي داود: 1/ 187، كتاب الاُم للشافعي: 1/ 159، أحكام القرآن للجصاص: 2/ 316، باب صلاة السفر، سنن البيهقي: 3/ 208، كتاب الصلاة أبواب صلاة المسافر، باب 772، ح 5443، المحلّي: 4/ 265 صلاة المسافر، زاد المعاد: 2/ 21، تفسير القرطبي: 5/ 352، 358.

[30] صحيح مسلم: بشرح النووي: 3/177، باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد، السنن الكبري النسائي: 1/86، باب المسح علي الخفين،

سسن الترمذي: 1/41، باب ما جاء في الوضوء لكل صلاة.

[31] نيل الأوطار: 1/ 210، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء لكل صلاة، ح 2.

[32] مسند احمد: 1/ 575، ح 3258، مسند ابن عباس، المحلّي: 4/ 270.

[33] مجمع الزوائد: 2/ 155، وقال: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.

[34] مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي: 2/ 145، وقال أخرجه الطبراني في الصغير.

[35] أخرجه أحمد في المسند: 3/633، ح 12204، مسند أنس بن مالك، والهيثمي في المجمع: 2/155.

[36] سنن البيهقي: 3/ 201، كتاب الصلاة، باب 769، ح 5417، المحلّي لابن حزم: 4/ 270 صلاة المسافر، أحكام القرآن للجصاص: 2/ 318 و319 باب صلاة المسافر، مجمع الزوائد: 2/ 155، وقال: رجاله رجال الصحيح.

[37] أخرجه أحمد في المسند: 2/ 330، ح 6388، مسند ابن عمر.

[38] الآثار للقاضي/ أبي يوسف: 30، 75.

[39] المحلّي: 4 / 271 صلاة المسافر.

[40] تفسير القرطبي: 5/ 351، وتفسير الخازن: 1/ 418، فصل في أحكام تتعلق بالآية، المسألة الاُولي، ط دار الكتب العلمية.

[41] الحاوي الكبير/ علي بن محمد الماوردي: 2 / 362، كتاب الصلاة، باب صلاة المسافر.

[42] التفسير الكبير: 11 / 18.

[43] المغني: 2 / 108، كتاب الصلاة، باب صلاة المسافر، أدلّة جواز الاتمام في السفر.

[44] المغني لابن قدامة: 2 / 108، كتاب الصلاة، باب صلاة المسافر، أدلّة جواز الإتمام في السفر، والتفسير الكبير للفخر الرازي: 11 / 19 المسألة الخامسة.

[45] المحلّي: 4 / 267 صلاة المسافر.

[46] الوسائل: 5 / 439، كتاب الصلاة، أبواب صلاة المسافر، باب 22، ح 7.

[47] سنن الدارقطني: 2 / 188، باب قبلة الصائم، ح 39 و 40، ط عالم الكتب.

[48] زاد المعاد: 1 / 161.

[49] المصدر السابق.

[50] السيرة الحلبية: 3 / 277، حجة الوداع

باب ذكر عمره (صلي الله عليه وآله).

[51] الحاوي الكبير: 2 / 364، كتاب الصلاة، باب صلاة المسافر، المغني: 2 / 109، باب صلاة المسافر، أدلّة الاتمام في السفر.

[52] سنن الدارقطني: 2 / 189، باب القبلة للصائم، الأحاديث 43 و 44 و 45.

[53] ابن القيّم: زاد المعاد: 1 / 158.

[54] نيل الأوطار: 3 / 203، أبواب صلاة المسافر، باب اختيار القصر وجواز الاتمام، قصر الصلاة في السفر، ط دار الكتب العلمية.

[55] المغني: 2 / 109، باب صلاة المسافر، أدلّة الاتمام في السفر.

[56] صحيح مسلم: 2/235.

[57] التهذيب: 2/13، الاستبصار: 1/220.

[58] التهذيب: 12/14.

[59] الخلاف: 1/569.

[60] مجمع البيان: 3/127.

[61] تذكرة الفقهاء: 4/355.

[62] الجواهر: 14/329.

[63] تاريخ الطبري: 3/322، حوادث سنة (29 ه_)، الكامل لابن الأثير: 3/103، البداية والنهاية لابن كثير: 7/ 173 سنة (29ه_) تاريخ ابن خلدون: 2/386.

[64] صحيح مسلم: 2/ 145، كتاب الصلاة، قصر الصلاة في مني، مسند احمد: 2/ 319، ح 6319، مسند ابن عمر، سنن البيهقي: 3/ 180، كتاب الصلاة، باب 751، باب الإمام المسافر، ح 5327.

[65] المحلّي: 4/ 270، صلاة المسافر.

[66] الموطأ: 259، كتاب الحج، باب 66، باب الصلاة بمني، ح 917.

[67] النسائي: 1/ 586، كتاب قصر الصلاة في السفر، باب 3 الصلاة بمني، ح 1905.

[68] مسند أحمد بن حنبل: 1/625 ح 3582.

[69] صحيح البخاري: 2/ 35، كتاب الصلاة، أبواب التقصير، صحيح مسلم: 2/ 146، كتاب الصلاة، باب قصر الصلاة في مني، مسند احمد: 1/ 700، 4024، مسند ابن مسعود.

[70] سنن أبي داود: 2/ 199، كتاب المناسك (الحج)، باب الصلاة بمني، ح 1960، الآثار للقاضي أبي يوسف: 30، كتاب الاُم للشافعي: 1/ 214، باب تطوع المسافر.

[71] المحلّي: 4/270، صلاة المسافر.

[72] ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد: 2/157،

باب فيمن أتم الصلاة في السفر، نقلاً عن احمد والطبراني وقال: رجال احمد موثقون.

[73] السنن الكبري للبيهقي: 3 / 205، كتاب الصلاة، باب 771، باب ترك القصر في السفر، ح 5433.

[74] مسند أحمد: 2/ 137، مسند عبدالله بن عمر، ح 5021.

[75] السنن الكبري: 3/ 219، باب 778، باب المسافر، ح 5484.

[76] صحيح مسلم بشرح النووي: 5 / 194، كتاب صلاة المسافر وقصرها.

[77] الغدير: 8 / 102 _ 116.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.