الشوري والنص

اشارة

مولف:مركز الرسالة

مقدمة المركز

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي أشرف مبعوث للعالمين، نبينا محمد المصطفي وعلي آله الطيبين الطاهرين، ومن أخلص لهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين. وبعد: فقد أصبح من البداهة والضرورة بمكان أن أي قائد من القواد - المخلصين لمبادئهم وشعوبهم - لا يعقل أن يترك أمته وأتباعه من بعده هملا وبلا راع... ولذا نراهم - دائما - يفكرون في من يخلفهم عند غيابهم - حتي في المدة القصيرة - ليقوم بالوظائف والمهام اللازمة. وإذا كان ترك الأمة سدي من سائر القادة مستحيلا، كان ذلك من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مستحيلا بالأولوية القطعية، فإنه سيد العقلاء وأشرف المخلوقين من الأولين والآخرين، وشريعته أفضل الشرائع، وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم. إذن، لا بد من خليفة له يخلفه في أمته، ولا بد أيضا من أن يكون هو - قبل غيره - المهتم بهذا الأمر. لا شك وأن الأمة يوم فقدت النبي صلي الله عليه وآله وسلم كانت تتذكر ما رأته وما سمعته من خلال أيام رسالته في هذا المجال، لا سيما أيامه الأخيرة حيث أوصي بأشياء، فإنهم كانوا يحفظون وصاياه تلك - في الأقل لقرب العهد بها - وهي الوصايا التي ما زالت الأمة تحتفظ بها حتي يومنا هذا. [ صفحه 6] فهل كان الذي سمعوه منه وحفظوه هو (النص) علي واحد معين من بعده، أو ترك الأمر إلي الأمة نفسها لتختار له خلفا يقوم بوظائفه وشؤونه؟ وعلي الجملة، فهل الأساس في الإمامة والخلافة - علي ضوء الكتاب والسنة - هو (النص) أو (الشوري)؟ ولكنا إذا ما عدنا إلي خلفيات الواقع التاريخي لمسألة الخلافة في الإسلام، ودرسناها بحياد تام، لوجدناها قد حسمت بعيدا عن كلا الأمرين وذلك بإجراء سريع عاجل علي أثر مبادرة جماعة من الأنصار مع نفر قليل من المهاجرين إلي اجتماع السقيفة في وقت انشغال المسلمين وعلي رأسهم أهل البيت عليهم السلام وبنو هاشم كلهم بتجهيز النبي الأعظم صلي الله عليه وآله وسلم، وإلقاء النظرة الأخيرة علي الجسد المطهر العظيم ومن ثم مواراته الثري في موكب حزين. ومع قلة المجتمعين في السقيفة فإن ما دار بينهم لم يسفر عن رضا الجميع ولا عن اتفاقهم أو تشاورهم، بل تطاير الشر فيها، وكانت بيعتهم - كما قال عمر - (فلتة وقي الله شرها). وهذا يعني أن الشوري لم تتحقق بين أصحاب السقيفة أنفسهم فضلا عمن غاب عنها ورفضها كأهل البيت عليهم السلام، وأصحابهم، وبني هاشم كلهم، والأمويين أيضا كما يدل عليه موقف عميدهم، فهذا هو الواقع التاريخي الذي ساد بعد اجتماع السقيفة. ولأجل صيانته، والحفاظ علي كرامة السلف الماضين حاولت طائفة التنظير لمسألة الخلافة من خلال ذلك الواقع فتشبثت بالشوري، لكن لما اصطدمت بالواقع التاريخي الذي أشرنا إليه، عادت إلي النص... [ صفحه 7] وحينئذ يأتي البحث عن من هو (المنصوص عليه) من قبل الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله وسلم؟ وهذا الكتاب الذي نقدمه باعتزاز إلي القراء قد أجريت فيه موازنة دقيقة، وحوار علمي بين منطق أصحاب (الشوري) وبين منطق أصحاب (النص والتعيين)، مع إيراد أقوي ما يمتلكه الطرفان من الأدلة ومناقشتها بحياد وموضوعية، مع بيان أي من المنطقين هو المتماسك وأيهما المتهافت. نترك للقارئ والباحث حرية اختيار ما توصل إليه البحث من نتائج في ضوء استخدام المصادر المعتبرة، مع أصالة المنهج المتبع، وقوة التحليل. والله الهادي إلي سواء السبيل مركز الرسالة [ صفحه 9]

تمهيد

لا تزال مشكلة (أساس نظام الحكم في الإسلام) تعد من أمهات المشاكل التي لم يحسم فيها القول بين المسلمين بعد.. إنها واحدة من المشاكل الكبري التي تعرضت دائما لإشكالات الرؤي المذهبية، شأنها شأن أخواتها من المشكلات التاريخية والعقيدية. ليس النزاع في أصل النظام، فإن أحدا لا يستطيع أن يتصور أمة تحيا بلا نظام، ونظاما يسود بلا قيادة.. وقديما تحدث الفقهاء وفلاسفة السياسة المدنية عن هذا الأصل: - فأحمد بن حنبل يعرف الفتنة بأنها حال الأمة إذا لم يكن إمام يقوم بأمر الناس. - وتحدث المسعودي عن حاجة الدين إلي الملك، وحاجة الملك إلي الدين، ورأي أنه لا غني لأحدهما عن الآخر.. - ورأي ابن حزم أن ذلك معلوم بضرورة العقل وبديهته، وأن قيام الدين ممتنع غير ممكن إلا بالإسناد إلي واحد يكون علي رأس هذا النظام. - وعبر ابن خلدون عن هذا النظام بأنه قوانين سياسية مفروضة يسلمها الكافة وينقادون إلي أحكامها، فإذا خلت الدولة من مثل هذه السياسة لم يستتب أمرها ولم يتم استيلاؤها (سنة الله في الذين خلوا من قبل) [1] . [ صفحه 10] وقبل هذا كله قد تعامل المسلمون مع هذا الأصل كضرورة واقعية إثر وفاة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم. أما النزاع الدائر فهو في أساس ذلك النظام.. في الأسلوب الذي يقود رأس النظام إلي موقع الرئاسة.. لقد حاول البعض علي امتداد تاريخنا السياسي التركيز علي نظرية الشوري أصلا في النظام، مستندا علي أمثلة تاريخية معدودة، صاغ منها أنموذجا للشوري في الإسلام. وتناولت ذلك كتب العقائد والأحكام السلطانية ثم تقدمت به خطوة أخري إلي أمام لتنتزع لهذه النظرية أصالتها من مصادر التشريع الإسلامي، القرآن والسنة.. لتكتسب نظرية الشوري بعد ذلك أصالة دينية متقدمة علي شهودها التاريخي، بل ومبررة له. وكل ذلك يدور حول الخلافة الأولي للرسول صلي الله عليه وآله وسلم.. فشكل الاتجاهان - دراسات التاريخ السياسي، والدراسات العقيدية - وحدة موضوعية كافحت علي امتداد هذا الزمن الطويل من أجل تدعيم تلك النظرية وتأصيلها.. لكن هل استطاعت هذه المسيرة المتوحدة أن تقدم الكلمة الأخيرة في الموضوع، وتضع الحل الحاسم للأسئلة التي تثار حوله؟ هل استطاعت أن تثبت أصالة الشوري طريقا إلي خلافة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم؟ هل استطاعت أن تثبت ما هو أوسع من ذلك، أصالة الشوري في حل [ صفحه 11] مشكلة النظام السياسي في الإسلام؟ هل استطاعت أن تنفي الأطروحات الأخر المزاحمة للشوري، من قبيل: النص، والغلبة وغيرها؟ ما هو مستوي النجاح الذي حققته في كل واحد من هذه الميادين؟ وماذا عن قدرة الأطروحات الأخري علي منازعة نظرية الشوري والحلول محلها بديلا في تعيين أساس نظام الحكم في الإسلام؟ مواضيع عديدة تتفرع عن هذه الأسئلة الكبيرة تبني هذا البحث المقتضب دراستها ومناقشتها، مناقشة موضوعية عمدتها البرهان العلمي والدليل الحاسم، بعيدا عن الالتفاف علي النصوص، وتحويل القطعي إلي ظني، والصريح إلي مؤول، والخاص إلي العام، والصحيح إلي ضعيف، ونحو ذلك من أساليب الجدل.. ويقع البحث في قسمين رئيسيين، يتناول القسم الأول نظرية الشوري من جميع وجوهها، فيدرس الشوري في القرآن والسنة، ثم الشوري في واقعها التاريخي وفي الفقه السياسي، مع أهم ما يتصل بهذه العناوين من مباحث. فيما يتناول القسم الثاني (نظرية النص) وفق المنهج نفسه، مستوفيا ما يتعلق بهذا الموضوع بحثا ونقدا. ليخلص إلي النتيجة التي يقررها البحث في كلا قسميه.. والله المسدد للصواب [ صفحه 13]

الشوري

الشوري في الكتاب والسنة

اشاره

ثلاثة نصوص في القرآن الكريم تتحدث عن الشوري، ولكن علي مستويات مختلفة:

النص 01

قوله تعالي في شأن الرضاع: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف... فإن أرادا فصالا عنتراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما) [2] . وهذا حديث في أجواء الأسرة الواحدة، يتشاور الأبوان في شأن وليدهما الرضيع، هل تتم أمه رضاعه إلي الحولين، أم تفصله عن الرضاع؟ تفاهم ثنائي في مسألة علي ضوء المعرفة بحال الأم وحال الرضيع، وجو الأسرة العام، ينتهي إلي قرار مشترك لا إكراه فيه. وربما انتهي قرارهما بعد التشاور إلي أن يسترضعا له مرضعة غير أمه، قال تعالي (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير) [3] . [ صفحه 16] فهذه الآية الشريفة تعالج قضية من قضايا الأسرة، وما يتعلق منها بالرضيع خاصة، ضمانا لمصلحته، وحفاظا علي سلامة الجو الأسري الذي قد يحطمه استبداد أحد الزوجين بالأمر كله [4] .

النص 02

اشاره

في الحديث عن غزوة أحد وما انتهت إليه من هزيمة القسم الأعظم من جيش المسلمين وتركهم النبي صلي الله عليه وآله وسلم مع بضعة نفر من أصحابه يكافحون العدو لوحدهم، مما هو مدعاة لإشعارهم بتقصيرهم الشديد وذنبهم الكبير الذي ارتكبوه، خصوصا وأن النبي صلي الله عليه وآله وسلم لم يخرج إلي أحد إلا برأيهم ورغبتهم وإلحاحهم، لكن الذي وجدوه من النبي القائد صلي الله عليه وآله وسلم هو عكس ما يظنون مما هو معتاد لدي القادة إزاء الجند المنهزم عن قائده ساعة الحرب! وجدوا منه صلي الله عليه وآله وسلم لينا معهم وإكراما زادهم شعورا بالتقصير حين لم يلجئهم إلي التماس الأعذار، أو التذلل. فبارك الله تعالي هذا الخلق الكريم، وهذا السلوك الحكيم، إذ جاء التنزيل: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) [5] فإنما كان لينك معهم وغضك عن ذنبهم برحمة من الله تعالي، وأي رحمة، أي رحمة هذه التي جعلتك تلين لجند أخرجوك إلي القتال برأيهم، فلما حمي الوطيس فروا عنك ونجوا بأنفسهم؟! وإتماما لهذه الرحمة الواسعة، تنزل الأمر الإلهي بما يدعو إلي إعادة [ صفحه 17] المجتمع الإسلامي إلي تماسكه الأول، بل أكثر، وإعادة هذا الرعيل الكبير إلي موقع اجتماعي طبيعي يستطيع من خلاله أن يستأنف نشاطه ويصحح عثرته، فقال تعالي: (فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) [6] فلم تقف الرحمة عند اللين والعفو والاستغفار، بل امتدت إلي مشاورتهم في الأمور التي تصح المشاورة فيها، عندئذ فقط سيجدون أنفسهم أعضاء فاعلين في هذا البناء الاجتماعي الذي ينشده الإسلام. لكن التنزيل لم يترك الأمر بالمشورة مرسلا، بل وضع له نظاما واضح المعالم، فالنبي القائد المستشير حين يعزم علي أمر فيه الصواب والصلاح ينبغي أن ينفذ فيه، سواء كان موافقا لآراء المستشارين أو مخالفا لها: (فإذا عزمت فتوكل علي الله) [7] .

موضوع الشوري و أهدافها

اشاره

الشوري التي دعت إليها هذه الآية الكريمة ما هو موضوعها؟ وما هي أهدافها؟ بعد أن عرفنا أن الشوري في المورد الأول كان موضوعها الرضاع، وأهدافها: ضمان مصلحة الرضيع، وسلامة المحيط الأسري. إن الشوري هنا مختلفة عن الأولي، فالمستشير هنا هو النبي القائد صلي الله عليه وآله وسلم، والمستشار هم جمهور الناس من أصحابه. فما هي الأمور التي كان صلي الله عليه وآله وسلم مدعوا لاستشارتهم فيها؟ أهي أمور الدين، أم أمور الدنيا؟ [ صفحه 18] ولأي شئ هذه المشورة، ألأجل أن يستنير بآرائهم ويهتدي بها إلي الصواب؟ أم ماذا؟ للمفسرين هنا كلام تتفق معانيه وأدلته كثيرا، وتختلف قليلا، فمما اتفقوا فيه كلامهم في حدود الإجابة عن سؤالنا الأول، أي الأمور هذه التي يستشيرهم فيها؟ قال الشوكاني - وقوله جامع لأقوال المفسرين -: (إن المراد أي أمر كان مما يشاور في مثله، أو في أمر الحرب خاصة كما يفيده السياق... والمراد هنا المشاورة في غير الأمور التي يرد الشرع بها) [8] . فالمشاورة إذن ليست في أمور الدين والأحكام، فهذه من شأن التنزيل وحده، وليست محلا للرأي والنظر. فموضوع المشاورة إذن هو أمور الدنيا، وقد تقدم أن السياق يدل علي أن المراد هو شأن الحروب وخططها، وليس السياق وحده يدل علي هذا، بل التاريخ أيضا أثبت أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قد استشار أصحابه في بعض شؤون الحرب، كالذي حدث في اختيار لقاء العدو يوم بدر، وفي أساري بدر، وفي الخروج إلي أحد، وفي الخندق. أما وراء شؤون الحرب، فإن حصل فنادر جدا، وحتي شؤون الحرب لم تكن كلها خاضعة للشوري، بل كان قرار النبي صلي الله عليه وآله وسلم في اختيار الحرب وتحديد مكانها وزمانها حاسما وسابقا لأي مستوي من مستويات الشوري، وهو قرار باق وحاكم حتي لو كثر فيه الخلاف، كما هو واضح جدا في بعثة أسامة، وفي اختيار زيد بن حارثة أميرا علي جيش مؤتة ولو [ صفحه 19] بعد جعفر بن أبي طالب، وفي عقد الصلح في الحديبية مع مشركي قريش، وغير ذلك كثير. وسوف يطل علينا البحث في أهداف هذه الشوري بمزيد من الوضوح في موضوع الشوري ومساحتها. أما أهداف هذه الشوري: فتطالعنا بها أحاديث مرفوعة إلي النبي صلي الله عليه وآله وسلم، وأقوال لقدماء المفسرين أو متأخريهم.. ومن مجموع ما ورد يظهر لهذه الشوري بعدان:

نكتشفه في النصوص الآتية

- عن قتادة، قال: (أمر الله نبيه أن يشاور أصحابه في الأمور، وهو يأتيه وحي السماء، لأنه أطيب لأنفس القوم، وأن القوم إذا شاور بعضهم بعضا وأرادوا بذلك وجه الله عزم لهم علي الرشدة) [9] . إنه إذن أمر للقائد أن يشاور قومه وأصحابه، لما في ذلك من المنافع المذكورة. - وعن الحسن، قال: (قد علم الله أنه ما به إليهم من حاجة، ولكن أراد أن يستنبه من بعده) [10] . فهي إذن سنة من السنن الملزمة للقائد، مارسها النبي صلي الله عليه وآله وسلم ليكون من [ صفحه 20] بعده من القادة أولي بممارستها والرجوع إليها. - قال الرازي:(ليقتدي به غيره في المشاورة، ويصير سنة في أمته) [11] . فنحن ما زلنا في دائرة واحدة، وهي دائرة الشوري التي يمارسها القائد في تخطيطه السياسي والاجتماعي والتنظيمي، مع قواعد شعبية واسعة، أو مع طليعة ممتازة، أو مع واحد تميز بخبرة خاصة في شأن من الشؤون التي يمكن أن تتسع لها الشوري، من غير الأحكام والتشريعات وما تخصصت النصوص الشرعية في بيانه. إذن نحن إزاء شوري يمكن أن نطلق عليها اسم (شوري الحاكم). هل اتخذت هذه الشوري نظاما ثابتا؟: منذ أن نزلت هذه الآية الكريمة وحتي وفاة النبي صلي الله عليه وآله وسلم، هل اتخذت الشوري شكلا معينا ونظاما ثابتا؟ ومن كافة أمثلة الشوري وتطبيقاتها - ومعظمها في شؤون الحرب - نجد أن النبي القائد صلي الله عليه وآله وسلم كان يختار للمشورة أحيانا من يشاء، وأحيانا يستمع إلي مشير يبدي رأيه ابتداء، دون أن ينتخب أشخاصا بأعيانهم للمشاورة في النوازل.. - فيوم الخندق، أشار عليه سلمان الفارسي رضي الله عنه بحفر خندق حول المدينة،فأخذ برأيه، وأمر بحفر الخندق، فحفر، وعاد علي الإسلام والمسلمين بكل خير.. [12] . [ صفحه 21] وأيام الخندق ذاتها، أراد النبي صلي الله عليه وآله وسلم أن يفت في عضد الأحزاب ويفرق شملهم ليخفف علي أهل المدينة ضنك الحصار، بأن يصالح كبير غطفان عيينة بن حصن علي سهم من ثمر المدينة لينسحب بمن معه من غطفان وهوازن ويخذل الأحزاب، فدعا النبي صلي الله عليه وآله وسلم لذلك الأمر سيدي الأوس والخزرج من الأنصار: سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، فاستشارهما في ذلك، فقالا: يا رسول الله، إن كنت أمرت بشئ فافعله وامض له، وإن كان غير ذلك فوالله لا نعطيهم إلا السيف. فقال صلي الله عليه وآله وسلم: لم أؤمر بشئ، ولو أمرت بشئ ما شاورتكما.. بل شئ أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلي أمر ما. وسر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بقولهما، فقال لعيينة بن حصن، ورفع صوته بها ارجع، فليس بيننا وبينكم إلا السيف [13] . وفي هذا كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم قد اختبر صبر الأنصار وثباتهم وصدق إيمانهم. كما كشف هذا الحوار صراحة أنه لا محل للشوري في ما كان عن أمر من الله ورسوله. - وفي حدث ثالث كان المستشار علي عليه السلام وزيد بن حارثة، ذلك حين كان حديث الإفك. - وفي حدث رابع استمع النبي صلي الله عليه وآله وسلم إلي مشورة امرأة واحدة، هي أم [ صفحه 22] المؤمنين أم سلمة، ذلك يوم الحديبية، بعد إمضاء الصلح، إذ أمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم أصحابه أن ينحروا ما معهم من الهدي الذي ساقوه، فلم ينحر أحد، فبان الغضب بوجه النبي صلي الله عليه وآله وسلم وعاد إلي خيمته، فقالت له أم سلمة، لو نحرت يا رسول الله، لنحروا بعدك.. فنحر صلي الله عليه وآله وسلم هديه، فنحروا بعده [14] . هذه هي أشهر نماذج الشوري التي يعرضها التاريخ، بغض النظر عن صحة أسانيدها أو ضعفها، منذ نزلت آية الشوري هذه حتي قبض النبي صلي الله عليه وآله وسلم.. فليس هناك شئ أكثر مما كان قبل نزولها.. وليس هناك نظام محدد، ولا أشخاص معينون.. ليس هناك أثر لما دعاه البعض (هيئة العشرة).. تلك هيئة ليس لها أثر أيام النبي صلي الله عليه وآله وسلم كلها، ولا استطاع مدعيها [15] أن يأتي بشاهد تاريخي واحد علي وجودها في أيام النبي (ص)، ولا يستطيع أن يأتي بشاهد واحد يؤيدها من حياة أبي بكر كلها وحياة عمر كلها، حتي اختياره الستة المعروفين لشوري الخلافة! وأضعف من هذه الدعوي ما جاء في محاولة البرهنة عليها من أشياء متكلفة، وأخري لا واقع لها، وأخري تفيد نفيها بدلا من إثباتها! ومن أنكر وأغرب ما استدل به، وهو يراه أقوي أدلة الإثبات، ثلاثة أشياء، هي: [ صفحه 23] الأول: قوله: يتحدث سعيد بن جبير عن هذه الحقيقة الهامة، فيقول: (وكان مقام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة وسعيد بن زيد، كانوا أمام رسول الله في القتال ووراءه في الصلاة). ثم يستنتج من هذا القول أن هؤلاء العشرة لم يكونوا فقط وزراء الرسول ومجلس شوراه، وإنما كانوا يديمون الوقوف خلفه مباشرة في الصلاة، كما يلتزمون الوقوف أمامه عند الحرب والقتال [16] . إننا بغض النظر عن صحة نسبة مثل هذا القول إلي سعيد بن جبير، أو عدمها، لو سألنا الباحث أن يكتشف لنا حربا واحدة فقط من حروب الرسول صلي الله عليه وآله وسلم وقف فيها هؤلاء العشرة أمام النبي صلي الله عليه وآله وسلم وقت القتال، لعاد بعد بحث طويل في خيبة أمل! الثاني: قوله: هؤلاء العشرة فيهم أول ثمانية دخلوا في دين الإسلام، فهم أولون في الإسلام، ومهاجرون [17] وهذا كلام مع ما فيه من تهافت فهو دعوي غير صحيحة أيضا.. فهل كان سبق الثمانية إلي الإسلام هو الذي رفع الاثنين الآخرين؟! ثم أين هذا السبق، وكلهم - ما خلا علي - مسبوق؟! إنهم، غير الإمام علي عليه السلام، مسبوقون إلي الإسلام، سبقتهم خديجة، وجعفر بن أبي طالب، وخالد بن سعيد بن العاص، وأخوه عثمان، وسبقهم زيد بن حارثة، وسبقهم أبو ذر الغفاري خامس الإسلام، وسبقهم آخرون [18] . [ صفحه 24] الثالث: وهو أكثرها نكارة، ما نقله عن المستشرق فان فلوتن، بعد أن قدم له بسؤال مثير، فقال: (ولكن هل خرجت الشوري علي عهد رسول الله من النطاق الفردي غير المنظم، إلي نطاق التنظيم المحكوم بمؤسسة من المؤسسات؟). فلما لم يجد لهذا التساؤل الهام جوابا من التاريخ، تعلق بالخطأ الذي وقع فيه فان فلوتن لسوء فهمه لمفردات العربية، فحين قرأ عن أصحاب الصفة وهم المقيمون في المسجد علي صفة كبيرة فيه، والبالغ عددهم سبعين رجلا، ظن أن الصفة تعني (الصفوة)! فظن أن صفوة الصحابة كانوا سبعين رجلا لا يفارقون المسجد كمؤسسة استشارية تتخذ من المسجد مقرا لها، ولم يفهم أن أصحاب الصفة هؤلاء هم أضعف المسلمين حالا، لا يملكون مأوي لهم فاتخذوا المسجد مأوي!! وليس هذا بمستغرب من مستشرق لا يتقن العربية، ولا تعنيه فداحة الخطأ العلمي بقدر ما يعنيه الادلاء برأيه.. لكن المستغرب أن يأتي باحث كبير كالشيخ محمد عمارة فيعتمد هذا الخطأ العلمي مصدرا لتثبيت قضية هامة كهذه، قائلا: (نعم، فهناك ما يشير إلي وجود مجلس للشوري في عهد الرسول كان عدد أعضائه سبعين عضوا) ويصرح أنمصدره فان فلوتن [19] . أنتم أعلم بأمور دنياكم!: هذا وجه آخر من وجوه تفسير مشاورة الرسول أصحابه: إن علوم الخلق متناهية، فلا بد أن يخطر ببال إنسان من وجوه المصالح ما لا يخطر [ صفحه 25] بباله صلي الله عليه وآله وسلم لا سيما في ما يفعل من أمور الدنيا، ولذلك قال:أنتم أعلم بأمور دنياكم [20] . لكن هذا وجه مردود من أول نظرة، حتي علي فرض صحة الحديث أنتم أعلم بأمور دنياكم.. ذلك أن هذا كان في واقعة محددة، هي قضية تأبير النخل في عام من الأعوام، وقضية مثل هذه لا تدخل في شؤون النبوة ولا في شؤون القيادة السياسة والاجتماعية، فلم يكن قائد من قواد الأمم مسؤولا عن نظام تأبير النخل! أو عن إصلاح شؤون بيوت الناس من ترتيب أثاثها وترميم قديمها! أو كيفية خياطة الثياب! أو طريقة رصف السلع في الأسواق! هذه هي أمور دنيا الناس التي يباشرونها بأذواقهم وبخبراتهم الخاصة الخاضعة لظروفها الزمانية والمكانية. أما أن يقال إن من الناس من هو أعلم من النبي صلي الله عليه وآله وسلم بشؤون سياسة الدولة، وأقدر منه علي تقدير مصالحها وحفظها، فهذا من الفكر الشاذ الذي لا يستقيم ومبادئ الإسلام. فمن المستنكر جدا أن يستفاد من حديث أنتم أعلم بأمور دنياكم أنهم أعلم منه بسياسة البلاد وبتخطيط النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية! إنه لا يتجاوز في معانيه تلك الأمثلة المتقدمة في شؤون الناس الخاصة التي يتعاهدونها بأنفسهم، وليس القائد - نبيا أو غيره - بمسؤول عن [ صفحه 26] تنظيمها. إذن فخلاصة ما وقفنا عليه في هذا البعد الأول: أن الشوري التي أمر بها النبي صلي الله عليه وآله وسلم وزاولها إنما هي شوري الحاكم، القائد، يشاور من يشاء من أهل الخبرة أو أهل الصلة المباشرة بالأمر، وليس هناك ما يشير من قريب أو بعيد إلي اعتماد الشوري في تعيين رأس النظام السياسي والاجتماعي في الإسلام، هذا حتي لو تحقق في التاريخ وقوع مشاورة في ما يتصل بخطط سياسية أو اجتماعية.

ثمة بعد

ثان للشوري هو أبعد من الأول عن شؤون النظام السياسي، إنه البعد الاجتماعي، المتمثل بمزاولة الناس للشوري في شؤونهم الخاصة، ولم نقل إنها ذات بعد شخصي فقط، ذلك لأنها علاقة بين طرفين، المشير والمستشار، وعلي الثاني مسؤوليته في النصح والصدق والأمانة، فعادت علاقة اجتماعية، ذات أثر اجتماعي هام. فقد روي ابن عباس أنه لما نزلت (وشاورهم في الأمر) [21] قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: أما إن الله ورسوله لغنيان عنها، ولكن جعلها الله تعالي رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشدا، ومن تركها لم يعدم غيا [22] . فلم يكن النبي صلي الله عليه وآله وسلم محتاجا إلي الشوري في أمور الدنيا ليستنير برأي ويهتدي إلي صواب، بل كان غنيا عن ذلك، وإنما هي رحمة للعباد لئلا يركبوا رؤوسهم في شؤونهم وأعمالهم ويتمادوا بالغطرسة والاعتداد [ صفحه 27] بالرأي الذي يوردهم المهالك! ويوضحه الحديث الشريف عنه (ص): ما تشاور قوم قط إلا هدوا وأرشد أمرهم [23] . والحديث الشريف: استرشدوا العاقل ترشدوا، ولاتعصوه فتندموا [24] . وقد ورد حديث كثير في الحث علي المشورة بهذا المعني، وحديث يخاطب المستشار بمسؤوليته: المستشار مؤتمن [25] . من استشاره أخوه فأشار عليه بغير رشده فقد خانه [26] . هذا البعد الاجتماعي للشوري هو الذي يبرز في خطاب النص الثالث من نصوصها..

النص 03

قوله تعالي: (وأمرهم شوري بينهم) [27] . جاءت هذه الآية الكريمة ضمن سياق عام يتحدث عن خصائص المجتمع الأمثل، قال تعالي: (... وما عند الله خير وأبقي للذين آمنوا وعلي ربهم يتوكلون [ صفحه 28] والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون - والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شوري بينهم ومما رزقناهم ينفقون - والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون [28] . فهي ناظرة إلي ظواهر يتميز بها المجتمع الإسلامي التي تمثل أهداف الإسلام وآدابه، فمع ما يتحلون به من الإيمان، وحسن التوكل علي الله تعالي، واجتناب الكبائر والفواحش، والعفو والمسامحة، والاستجابة لأمر ربهم، وإحياء الصلاة، ورد البغي والعدوان، فهم أيضا (شأنهم المشاورة بينهم.. ففيه الإشارة إلي أنهم أهل الرشد وإصابة الواقع، يمعنون في استخراج صواب الرأي بمراجعة العقول. فالآية قريبة المعني من قوله تعالي: (يستمعون القول فيتبعون أحسنه) [29] . وهذه نصوص تؤكد علي أهمية التشاور والاسترشاد: وعلي هذا انطلق المفسرون في ظلال هذا النص يتحدثون عن استحباب مشاورة الناس لمن أهمه أمر، والاسترشاد بعقول الآخرين وآرائهم الناضجة، دائرين في دائرة ذلك البعد الاجتماعي الذي تقدم آنفا.. ما تشاور قوم قط إلا هدوا وأرشد أمرهم. استرشدوا العاقل ترشدوا، ولا تعصوه فتندموا. من أرادأمرا فشاور فيه، اهتدي لأرشد الأمور [30] . [ صفحه 29]

شوري الحاكم أيضا

في حديث واحد مما قيل في ظلال هذا النص، أخرجه السيوطي، منسوبا إلي الإمام علي عليه السلام قال: قلت: يا رسول الله، الأمر ينزل بنا بعدك، لم ينزل فيه قرآن، ولم يسمع منك فيه شئ؟ قال: اجمعوا له العابد من أمتي، واجعلوه بينكم شوري، ولا تقضوه برأي واحد [31] . والبحث فيه علي فرض صحته، علما أنه لم يرد في شئ من مصادر الحديث المعتمدة.. فهو حديث عن أمر لم ينزل فيه قرآن، ولم يرد فيه شئ عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، مما قد يستجد بعده من أمور لم يكن لها موضوع، أو ضرورة تدعوه لطرقها وتقديم الإرشاد فيها.. وهذا موضوع عام لسائر مستجدات الحياة المدنية والاجتماعية والتنظيمية.. ثم يأتي جواب النبي صلي الله عليه وآله وسلم فيه موجها إلي جهة تتولي مهام القيادة، وتقع عليها مسؤولية الحكم: اجمعوا له العابد من أمتي فهناك جهة مسؤولة هي التي تتولي مهمة جمع الصالحين من المؤمنين للمشاورة. أما إذا كان الأمر قد ورد فيه شئ عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم، فقوله نافذ، ولا محل للشوري والرأي فيه. والبحث في هذا الحديث إنما كان علي فرض صحته، والثابت أنه لم [ صفحه 30] يصح وليس له أصل، قال فيه ابن عبد البر: هذا حديث لا أصل له! وقال الدارقطني:لا يصح! وقال الخطيب: لا يثبت عن مالك [32] . [ صفحه 31]

الشوري في التاريخ والفقه السياسي

اشاره

الذي يتركز عليه البحث في التاريخ وفي الفقه السياسي هو موضوع الشوري في اختيار الحاكم (خليفة الرسول). وقد ثبت في البحث المتقدم أن شيئا ما لم يرد عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم مما يمكن أن يلتمس منه إيكال أمر اختيار خليفة النبي صلي الله عليه وآله وسلم إلي الشوري، بل الأدلة الثابتة من الكتاب والسنة قائمة علي عدم إيكاله إلي أحد من الأمة مطلقا. ومما يشهد بذلك أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم لما عرض الإسلام علي القبائل اشترط عليه بعضهم أن يكون الأمر لهم من بعده، فرفض في تلكالظروف الصعبة هذا الشرط قائلا: إن الامر لله يضعه حيث يشاء [33] . وعدم ورود شئ عن النبي (ص) في هذا الموضوع، قضية مفروغ منها، متفق عليها، لا نزاع فيها.. فمتي ولد التفكير في إسناد هذا الأمر إلي الشوري؟

اول ظهور لمبدأ الشوري

هذا أمر أثبته أصحاب التاريخ وأصحاب الحديث، بلا نزاع فيه ولا خلاف.. اتفقوا علي أن ذلك مبدأ سنه عمر بن الخطاب قبل وفاته، وليس [ صفحه 32] له قبل هذا التاريخ أثر.. قال القرطبي، بعد كلام في استحباب الشوري: (وقد جعل عمر بن الخطاب الخلافة -وهي أعظم النوازل - شوري) [34] . وقال ابن كثير: (وأمرهم شوري بينهم) أي لا يبرمون أمرا حتي يتشاوروا فيه، ليتساعدوا بآرائهم، في مثل الحروب وما جري مجراها، كما قال تبارك وتعالي: (وشاورهم في الأمر) ولهذا كان صلي الله عليه وآله وسلم يشاورهم في الحروب ونحوها ليطيب بذلك قلوبهم. وهكذا لما حضرت عمر بن الخطاب الوفاة حين طعن جعل الأمر بعده شوري [35] . فانظر إلي هذا التحول الكبير في المدي الذي حدث قبل وفاة عمر، ولم يكن له قبلها أثر! أما كيف حدث هذا التحول الكبير؟ وتحت أي دافع؟ فهذا سؤال هام أجاب عنه عمر بن الخطاب بنفسه في ذات الوقت الذي جعل فيه الخلافة شوري، ذلك في خطبته الشهيرة التي ذكر فيها السقيفة وأخبارها، ثم قال: (لا يغترن أمرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا إنها قد كانت كذلك، ولكن وقي الله شرها! فمن بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه، تغرة أن يقتلا) [36] . [ صفحه 33] أما سبب هذه الخطبة التي أفرزت (الشوري) مبدءا في اختيار الخليفة لأول مرة، فيحدثنا عنه القسطلاني وهو يفك ألغازها.. فبعد أن يأتي بإسنادها الذي أورده البخاري عن ابن عباس، وفيه أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلي ابن عباس في موسم الحج وكان يتعلم عنده القرآن، فقال له: لو سمعت ما قاله أمير المؤمنين - يعني عمر بن الخطاب - إذ بلغه أن " فلانا " قال: لو قد مات عمر لبايعت " فلانا " فما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة، فهم عمر أن يخطب الناس ردا علي هذا القول، فنهيته لاجتماع الناس كلهم في الحج وقلت له إذا عدت المدينة فقل هناك ما تريد، فإنه أبعد عن إثارة الشغب.. فلما رجعوا من الحج إلي المدينة قام عمر في خطبته المذكورة.. فمن هو " فلان " القائل؟ ومن هو " فلان " الآخر؟ حين تردد بعض الشارحين في الكشف عن هذين الاسمين، استطاع ابن حجر العسقلاني أن يتوصل إلي ذلك بالإسناد الصحيح المعتمد عنده، والذي ألغي به كل ما قيل من أقوال أثبت ضعفها ووهنها، فقال: وجدته في الأنساب للبلاذري بإسناد قوي، من رواية هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري، بالإسناد المذكور في الأصل، ولفظه: (قال عمر: بلغني أن الزبير قال: لو قد مات عمر لبايعنا عليا..) الحديث [37] . فذلك إذن هو السر في ثورة عمر! [ صفحه 34] وذلك هو السر في ولادة مبدأ الشوري في الخلافة! الشوري التي سنتحدث عن تفاصيلها وأحكامها وما قيل فيها، باستيعاب يتناسب مع حجم هذا الكتاب. [ صفحه 35]

الشوري في إطارها النظري

إن الأساس الذي قامت عليه نظرية الشوري هو أن أمر الخلافة متروك إلي الأمة.. ومن هنا ابتدأت الأسئلة تنهال علي هذه النظرية، عند البحث عن الدليل الشرعي في تفويض هذا الأمر إلي الأمة.. وعند محاولة إثبات شرعية الأسلوب الذي سوف تسلكه الأمة في الاختيار.. لقد رأوا في قوله تعالي: (وأمرهم شوري بينهم) [38] أفضل دليل شرعي يدعم هذه النظرية، ومن هنا قالوا: إن أول وجوه انتخاب الخليفة هو الشوري. لكن ستأتي الصدمة لأول وهلة حين نري أن مبدأ الشوري هذا لم يطرق أذهان الصحابة آنذاك. فانتخاب أول الخلفاء كان بمعزل عن هذا المبدأ تماما، فإنما كان " فلتة " كما وصفه عمر، وهو الذي ابتدأه وقاد الناس إليه! ثم كان انتخاب ثاني الخلفاء بمعزل أيضا عن هذا المبدأ! نعم، ظهر هذا المبدأ لأول مرة علي لسان عمر في خطبته الشهيرة التي ذكر فيها السقيفة وبيعة أبي بكر فحذر من العودة إلي مثلها، فقال: (فمن بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه، تغرة [ صفحه 36] أن يقتلا) [39] ذلك القول الذي عرفنا قبل قليل أنه ما قاله إلا ليقطع الطريق علي الإمام علي عليه السلام ومن ينوي أن يبايع له! لكنه حين أدركته الوفاة أصبح يبحث عن رجل يرتضيه فيعهد إليه بالخلافة بنص قاطع بعيدا عن الشوري!فقال: لو كان أبو عبيدة حيا لوليته [40] . ثم قال: لو كان سالم مولي أبي حذيفة حيا لوليته [41] . ثم قال: لو كان معاذ بن جبل حي الوليته [42] . إذن لم يكن عمر يري أن الأصل في هذا الأمر هو الشوري، وإن كان قد قال بالشوري في خطبته الأخيرة إلا أنه لم يعمل بها إلا اضطرارا حين لم يجد من يعهد إليه! لقد أوضح عن عقيدته التامة في هذا الأمر حين قال قبيل نهاية المطاف: (لو كان سالم حيا ما جعلتها شوري) [43] . ثم كانت الشوري.. وأي شوري!! إنها شوري محاطة بشرائط عجيبة لا مجال للمناقشة فيها! وجملتها: [ صفحه 37] 1 - إنها شوري بين ستة نفر، وحسب، يعينهم الخليفة وحده دون الأمة! 2 - أن يكون الخليفة المنتخب واحدا من هؤلاء الستة، لا من غيرهم! 3 - إذا اتفق أكثر الستة علي رجل وعارض الباقون، ضربت أعناقهم! 4 - إذا اتفق اثنان علي رجل، واثنان علي آخر، رجحت الكفة التي فيها عبد الرحمن بن عوف - أحد الستة - وإن لم يسلم الباقون ضربت أعناقهم! 5 - ألا تزيد مدة التشاور علي ثلاثة أيام، وإلا ضربت أعناق الستة أهل الشوري بأجمعهم!! 6 - يتولي صهيب الرومي مراقبة ذلك في خمسين رجلا من حملة السيوف، علي رأسهم أبو طلحة الأنصاري [44] . فالحق أن هذا النظام لم يترك الأمر إلي الأمة لتنظر وتعمل بمبدأ الشوري، بل هو نظام حدده الخليفة، ومنحه سمة الأمر النافذ الذي لا محيد عنه، ولا تغيير فيه، ولا يمكن لصورة كهذه أن تسمي شوري بين المسلمين، ولا بين أهل الحل والعقد. لقد كانت تلك الظروف إذن كفيلة بتعطيل أول شوري في تاريخ الإسلام عن محتواها، فطعنت إذن في تلك القاعدة الأساسية المفترضة (قاعدة الشوري). [ صفحه 38] والحق أن هذه القاعدة لم يكن لها عين ولا أثر من قبل.. فلم يكن أبو بكر مؤمنا بمبدأ الشوري قاعدة للنظام السياسي وأصلا في انتخاب الخليفة، ولا مارس ذلك بنفسه، بل غلق دونها الأبواب حين سلب الأمة حق الاختيار وممارسة الشوري إذ نص علي عمر خليفة له، ولم يصغ إلي ما سمعه من اعتراضات بعض كبار الصحابة علي هذا الاختيار. علما أن اعتراض هؤلاء الصحابة المعترضين حينذاك لم يكن علي طريقة اختيار الخليفة التي مارسها أبو بكر، ولا قالوا: إن الأمر ينبغي أن يكون شوري بين الأمة، ولا احتج أحدهم بقوله تعالي: (وأمرهم شوري بينهم)، وإنما كان اعتراضهم علي اختياره عمر بالذات، فقالوا له: استخلفت علي الناس عمر، وقد رأيت ما يلقي الناس منه وأنت معه، فكيف به إذا خلا بهم؟! وأنت لاقربك فسائلك عن رعيتك [45] . بل كان عمر صريحا كل الصراحة في تقديم النص علي الشوري، ذلك حين قال: (لو كان سالم حيا لما جعلتها شوري) [46] . إن عهدا كهذا ليلغي رأي الأمة بالكامل، وحتي الجماعة التي يطلق عليها (أهل الحل والعقد)! قالوا: إذا عهد الخليفة إلي آخر بالخلافة بعده، فهل يشترط في ذلك رضي الأمة؟ فأجابوا: إن بيعته منعقدة، وإن رضي الأمة بها غير معتبر، ودليل [ صفحه 39] ذلك: أن بيعة الصديق لعمر لم تتوقف علي رضي بقية الصحابة [47] . لم يكن إذن لقاعدة الشوري أثر في تعيين الخليفة!! لعل هذه الملاحظات هي التي دفعت ابن حزم إلي تأخير مبدأ الشوري وتقديم النص والتعيين الصريح من قبل الخليفة السابق، فقال: (وجدنا عقد الإمامة يصح بوجوه، أولها وأصحها وأفضلها: أن يعهد الإمام الميت إلي إنسان يختاره إماما بعد موته) [48] .

الشوري أم السيف

لقد أدركنا جيدا هبوط مبدأ الشوري في الواقع عن المرتبة التي احتلها في النظرية، فتنازلنا عنه تنازلا صريحا - بعد إقراره - حين ذهبنا إلي تصحيح واعتماد كل ما حدث علي الساحة رغم منافاته الصريحة لمبدأ الشوري. ولم نكتف بهذا، بل ذهبنا إلي تبرير تلك الوجوه المتناقضة بلا استثناء، وبدون الرجوع إلي أي دليل من الشرع، ودليلنا الوحيد كان دائما: (فعل الصحابة) رغم أننا نعلم علم اليقين أن الصحابة لم يجتمعوا علي رأي واحد من تلك الآراء والوجوه. كما أننا نعلم علم اليقين أيضا أن خلاف المخالفين منهم وإنكار المنكرين كان ينهار أمام الحكم الغالب. ورغم ذلك فقد عمدنا إلي القرار الغالب والنافذ في الواقع، فمنحناه [ صفحه 40] صبغة الإجماع، بحجة أنه لم يكن لينفذ في عهدهم إلا بإجماعهم عليه، أو إقرارهم إياه. وبهذا تنكرنا لحقيقة أن القرار النافذ كان يبتلع كل ما صادفه من أصوات المخالفين والمنكرين، ولا يلقي لها بالا، وهذا هو الغالب علي كل ما يتصل بالخلافة والمواقف السياسية الكبري. فماذا أغني اعتراض بني هاشم ومن معهم من المهاجرين والأنصار علي نتائج السقيفة؟! وما أغني إنكار الصحابة علي أبي بكر يوم استخلف عمر؟! وما أغني إنكار الصحابة سياسة عثمان في قضايا كثيرة كتقديمه بني أمية علي خيار الصحابة مع ما كان عليه أولئك من حرص علي الدنيا وبعد عن الدين؟! ثم لم يشتد هذا الإنكار ويعلو صداه حتي تغلب علي شؤون الأمة والخليفة غلمان بني أمية ممن اتفق الكل علي أنه لم يكن معهم من الدين والورع لا كثير ولا قليل، كمروان بن الحكم وعبد الله بن سعد بن أبي سرح والوليد بن عقبة، ومعاوية. ومع هذا فلم يكن إنكارهم عندنا حجة، بل كانوا به ملومين! فمتي إذن كان إنكار الصحابة حجة، ليكون سكوتهم إقرارا؟! فإذا كانت الخطوة الأولي في التراجع عن مبدأ الشوري هي القبول بتسليم الأمر إلي الخليفة القائم ليستخلف بعده من يشاء، فإن الخطوة الثانية كانت خطوة مرة حقا. [ صفحه 41] فلما تجنب الخلفاء مبدأ الشوري ومبدأ النص والاستخلاف معا، واختاروا مبدأ القهر والاستيلاء والتغلب بالسيف، قبلنا به واحدا من طرق الخلافة! فكم بين الشوري، والتغلب بالسيف؟! إن إقرار مبدأ التغلب بالسيف ليعد أكبر انتكاسة لمبدأ الشوري! وإذا كانت الشوري مستمدة من القرآن، فمن أين استمدت قاعدة التغلب بالسيف؟! وثم سؤال أشد إحراجا من هذا: فإذا كانت الشوري هي القاعدة الشرعية المستمدة من القرآن، فماذا عن عهود الخلافة التي لم تتم وفق هذه القاعدة؟! وحين لم يتوفر الجواب الذي ينقذ هذه النظرية من هذا المأزق الكبير، رأينا أن المهرب الوحيد هو أن نبرر جميع صور الخلافة التي تحققت في الواقع: فمرة بعقد رجل واحد ومتابعة أربعة، ومرة بنص من الخليفة السابق، ومرة في ستة يجتمعون لانتخاب أحدهم، ومرة بالقهر والاستيلاء، حتي أدي هذا المبدأ الأخير إلي أن تصبح الخلافة وراثة بحتة لا أثر للدين فيها.

مصير شروط الإمامة

إن هذه الطريقة في تبرير الأمر الواقع لم تسقط الشوري وحدها، بل أسقطت معها أهم شروط الإمامة الواجبة لصحة عقدها، والتي منها: [ صفحه 42] 1 - العدالة: إذ قالوا أولا في بناء نظرية الخلافة: لا تنعقد إمامة الفاسق، لأن المراد من الإمام مراعاة النظر للمسلمين، والفاسق لم ينظر لنفسه في أمر دينه، فكيف ينظر في مصلحة غيره [49] . وقالوا: إن هذا الفسق يمنع من انعقاد الإمامة، ومن استدامتها، فإذا طرأ علي من انعقدت إمامته خرج منها [50] . 2 - الاجتهاد: إذ عدوا في شروط الإمام: أن يكون من أفضلهم في العلم والدين، والمراد بالعلم هو العلم المؤدي إلي الاجتهاد في النوازل والأحكام، فلا تنعقد إمامة غير العالم بذلك، لأنه محتاج لأن يصرف الأمور علي النهج القويم ويجريها علي السراط المستقيم، ولأن يعلم الحدود ويستوفي الحقوق ويفصل الخصومات بين الناس، وإذا لم يكن عالما مجتهدا لم يقدر علي ذلك [51] . لكن سرعان ما انهار هذان الشرطان حين تغلب علي الخلافة رجال لم يكن فيهم شئ منها، لا العدالة، ولا العلم المؤدي إلي الاجتهاد.. قال الفراء: قد روي عن أحمد ألفاظ تقتضي إسقاط اعتبار العدالة والعلم والفضل، فقال: (ومن غلبهم بالسيف حتي صار خليفة وسمي أمير المؤمنين، فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماما عليه، برا كان أو فاجرا، فهو أمير المؤمنين) [52] . [ صفحه 43] وقال القلقشندي: (إن لم يكن الخليفة المتغلب بالقهر والاستيلاء جامعا لشرائط الخلافة، بأن كان فاسقا أو جاهلا، فوجهان لأصحابنا الشافعية، أصحهما:انعقاد إمامته أيضا) [53] .

التبرير

اشاره

إن مثل هذا الرأي الذي ينقض شرائط الخلافة بعد أن نقض أساسها، لا بد له من تبرير مقبول. والتبرير الذي قدمته هذه النظرية هنا هو: (الاضطرار)! لأنا لو قلنا: لا تنعقد إمامته، لزم ذلك بطلان أحكامه كلها المالية والمدنية، فيتعين علي الخليفة الذي يأتي بعده وفق الشروط الشرعية أن يقيم الحدود ثانيا، ويستوفي الزكاة والجزية ثانيا، وهكذا [54] . والضرورة أيضا تقتضي صحة خلافته: لحفظ نظام الشريعة، وتنفيذ أحكامها [55] ، ولأنه لا بد للمسلمين من حاكم [56] . إذن قبولها علي هذه الصورة يستدعي السعي الدائم لإزاحتها وإرجاع الأمر إلي صيغته الشرعية متي ما وجدت الأمة سبيلا إلي ذلك. هذا ما ذهب إليه الشيخ محمد رشيد رضا وقد استعرض هذه الآراء، فقال: (معني هذا أن سلطة التغلب كأكل الميتة ولحم الخنزير عند [ صفحه 44] الضرورة، تنفذ بالقهر، وتكون أدني من الفوضي! ومقتضاه إنه يجب السعي دائما لإزالتها عند الإمكان، ولا يجوز أن توطن الأنفس علي دوامها، ولا أن تجعل كالكرة بين المتغلبين يتقاذفونها، ويتلقفونها كما فعلت الأمم التي كانت مظلومة وراضية بالظلم) [57] . لكن الواقع كان علي العكس من ذلك، فقد حرموا دائما الخروج علي السلطان الجائر والفاسق، وعدوا أي محاولة من هذا القبيل من الفتن التي نهي عنها الدين وحرم الدخول فيها.. يقول الزرقاني: (أما أهل السنة فقالوا: الاختيار أن يكون الإمام فاضلا عادلا محسنا. فإن لم يكن فالصبر علي طاعة الجائر أولي من الخروج عليه، لما فيه من استبدال الخوف بالأمن، وإهراق الدماء، وشن الغارات، والفساد، وذلك أعظم من الصبر علي جوره وفسقه) [58] . كما ثبت عن أحمد بن حنبل أنه قال: (الصبر تحت لواء السلطان علي ما كان منه منعدل أو جور، ولا يخرج علي الأمراء بالسيف وإن جاروا) [59] . استعرض الشيخ أبو زهرة هذين القولين، ثم قال: (وهذا هو المنقول عن أئمة أهل السنة، مالك، والشافعي، وأحمد) [60] . [ صفحه 45] فهل ينسجم هذا الاعتقاد مع أحكام الاضطرار والاكراه؟! لقد طعن الشيخ محمد رشيد رضا هذه العقيدة في الصميم حين قال: وقد عني الملوك المستبدون بجذب العلماء إليهم بسلاسل الذهب والفضة والرتب والمناصب، وكان غيرهم أشد انجذابا، ووضع هؤلاء العلماء الرسميون قاعدة لأمرائهم ولأنفسهم هدموا بها القواعد التي قام بها أمر الدين والدنيا في الإسلام، وهي: أنه يجوز أن يكون أولياء الأمور فاقدين للشروط الشرعية التي دل علي وجوبها واشتراطها الكتاب والسنة، وإن صرح بها أئمة الأصول والفقه، فقالوا: يجوز، إذا فقد الحائزون لتلك الشروط. مثال ذلك: إنه يشترط فيهم العلم المعبر عنه بالاجتهاد، وقد صرح هؤلاء بجواز تقليد الجاهل، وعدوه من الضرورة، وأطلق الكثيرون هذا القول، وجري عليه العمل. وذلك من توسيد الأمر إلي غير أهله الذي يقرب خطوات ساعة هلاك الأمة، ومن علاماتها: ذهاب الأمانة، وظهور الخيانة.. ولا خيانة أشد من توسيد الأمر إلي الجاهلين.. روي مسلم وأبو داوود حديث ابن عباس: (من استعمل عاملا من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولي بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه، فقد خان الله ورسولهوجميع المسلمين [61] . وطعنها أيضا في قوله: (ما أفسد علي هذه الأمة أمرها وأضاع عليها ملكها إلا جعل طاعة هؤلاء الجبارين الباغين واجبة شرعا علي الإطلاق، [ صفحه 46] وجعل التغلب أمرا شرعيا كمبايعة أهل الحل والعقد للإمام الحق، وجعل عهد كل متغلب باغ إلي ولده أوغيره من عصبته حقا شرعيا وأصلا مرعيا لذاته) [62] . وهذه حقيقة تاريخية، وليست دعوي مجازف أو متهاون. صورتان: صورتان نقف عندهما يسيرا بعد هذا الشوط المضني، لنواصل بعدهما المشوار..

مذهب عظماء السلف

لقد أسقط مذهب الكثير من عظماء السلف وأشرافهم فلا يذكر لهم اسم، ولا يشرك لهم قول في هذه النظرية. فلا ذكر للسبط الشهيد الإمام الحسين بن علي (ع) وثورته [63] ... ولا لمئات المهاجرين والأنصار وبقية الصحابة في مدينة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ونهضتهم علي يزيد بن معاوية [64] .. ولا عبد الله بن الزبير.. ولا الشهيد زيد بن علي بن [ صفحه 47] الحسين (ع).. ولا الصحابي سليمان بن صرد الخزاعي ومن معه أصحاب ثورة التوابين.. ولا القراء في الكوفة وثورتهم! كما أسقط أيضا مذهب أبي حنيفة من بين أئمة أهل السنة، وذلك لأنه - كما جاء في غير واحد من المصادر - كان يساند الثائرين علي خلفاء الزور فساند زيد الشهيد ابن الإمام زين العابدين عليه السلام وساند ثورات أولاد الإمام الحسن عليه السلام حتي مات في السجن وهو علي موالاتهم، وكان يسمي خلفاء بني أمية وبني العباس (اللصوص) [65] . كل أولئك أسقطوا من هذه النظرية، فأخرجوا عن دائرة أهل السنة!! لقد بالغ بعض كبار المتكلمين باسم أهل السنة في النيل من أولئك العظماء الأشراف، ووجوه القوم وكبارهم، ولعل من أشهرهم ابن تيمية الذي ذهلته العصبية حتي تمرد علي جميع الضوابط الدينية والقيم الخلقية، فوصف نهضة سيد شباب أهل الجنة سبط الرسول وريحانته بأنها فساد كبير! ولا يرضي بها الله ورسوله! وكذا وصف نهضة بقية المهاجرين والأنصار في المدينة المنورة، ثم بالغ في إعذار يزيد في التصدي لهم وقتلهم جميعا لأجل حفظ ملكه، ولم ينكر علي يزيد إلا أنه أباح المدينة ثلاثة أيام [66] . وقال في هذا الأمر أيضا: (مما يتعلق بهذا الباب أن يعلم أن الرجل العظيم في العلم والدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلي يوم [ صفحه 48] القيامة، أهل البيت وغيرهم، قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقرونا بالظن ونوع من الهوي الخفي، فيحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي اتباعه فيه وإن كان من أولياء الله المتقين، ومثل هذا إذا وقع صار فتنة) [67] . تري لماذا كان ابن تيمية أعلم بمداخل الفتنة وأبعد عن الهوي الخفي من أولئك العظماء من الصحابة وأهل البيت؟! هل لأنه رضي إمامة الفاجر والجاهل، ورفضها أولئك؟! هكذا تلقي هذه النظرية بنفسها في مأزق حرج حين تعرض عن ذلك الأثر الضخم من آثار عظماء السلف وأئمتهم.

الخارج المأجور

ما زال إظهار الخلاف للحاكم محرما، والخروج عليه فتنة وفسادا كبيرا، ما زال هذا الحكم ثابتا لا يتزحزح.. إذن لماذا أصبح الخارج علي الإمام، مرة واحدة فقط في تاريخ الإمامة، مأجورا؟! حين كان الإمام هو علي بن أبي طالب، أخص الناس برسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وأكثرهم علما وجهادا وأولاهم بالعدل، عندئذ فقط حق للناس أن يخرجوا علي الإمام! وسوف لا يكون خروجهم - هذه المرة - فتنة وفسادا، بل هو اجتهاد، وهم مأجورون عليه، مثابون لأجله وإن أخطأوا!! [ صفحه 49] إنها صور لو عرضت أيا منها علي تلك النظرية لوجدت فتقا لا يرتق إلا بتكلف ظاهر، والتواء سافر. [ صفحه 51]

النص

ضرورة النص بين الخليفة والنبي

لا نزاع بينهم في ثبوت حق الخليفة في النص علي من يخلفه، ولا في نفوذ هذا النص، لأن الإمام أحق بالخلافة، فكان اختياره فيها أمضي، ولا يتوقف ذلك علي رضي أهل الحل والعقد [68] . وإنما صار ذلك للخليفة خوفا من وقوع الفتنة واضطراب الأمة [69] . فمن أجل ذلك كان بعض الصحابة يراجع عمر ويسأله أن ينص علي من يخلفه [70] . تري، لماذا لا يكون النبي صلي الله عليه وآله وسلم أولي بالتفكير في ذلك، وبرعاية هذه المصلحة؟! إنه الرحمة المهداة، بلا شك.. أليس من تمام الرحمة وجمالها أن يجنب أمته المحذور من الاختلاف بعده؟! لقد أحب أمته وحرص عليها (عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) [71] . وأيضا: فقد كان صلي الله عليه وآله وسلم يعلم أننا سوف لا ننتظر بعده نبيا يعيد نظم أمرنا! [ صفحه 54] لقد بصر ابن حزم بذلك، فحاول أن يتداركه، فقال: وجدنا عقد الإمامة يصح بوجوه: أولها وأصحها وأفضلها أن يعهد الإمام الميت إلي إنسان يختاره إماما بعد موته، سواء جعل ذلك في صحته أو عند موته، كما فعل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بأبي بكر، وكما فعل أبو بكر بعمر، وكما فعل سليمان بن عبد الملك بعمر بن عبد العزيز. قال: وهذا هو الوجه الذي نختاره، ونكره غيره، لما في هذا الوجه من اتصال الإمامة، وانتظام أمر الإسلام وأهله، ورفع ما يتخوف من الاختلاف والشغب مما يتوقع في غيره من بقاء الأمة فوضي، ومن انتشار الأمر وحدوث الأطماع [72] . لقد لحظ ابن حزم أكثر من ثغرة في تلك النظرية (الشوري)، فأظهر مهارة في محاولة رتقها، بأن جمع بين الضرورات الدينية والعقلية والاجتماعية وبين الأمر الواقع، ليخرج بصيغة أكثر تماسكا. فترك الأمة دون تعيين ولي الأمر الذي يخلف زعيمها يعني بقاء الأمة فوضي، وتشتت أمرها، وظهور الأطماع في الخلافة لا محالة.. وهذا مما ينبغي أن يدركه النبي صلي الله عليه وآله وسلم فيبادر إلي تلافيه، ولو في مرضه الذي توفي فيه. وتعيين الخليفة بهذه الطريقة سيضمن اتصال الإمامة، وانتظام أمر الإسلام. وإذا كان أبو بكر قد أدرك ذلك فنص علي من يخلفه، وأدركه أيضا [ صفحه 55] عمر، وأدركه سليمان بن عبد الملك، فكيف نظن بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم أنه قد أغفل ذلك؟! إنها إثارات جادة دفعته إلي حل وحيد يمكنه أن ينقذ هذه النظرية، كما ينقذ الأمر الواقع بعد الرسول صلي الله عليه وآله وسلم، وتمثل هذا الحل عنده بنص النبي علي أبي بكر بالخلافة! إذن فلا النبي صلي الله عليه وآله وسلم قد ترك هذا الأمر للأمة، أو تركها فوضي، ولا كانت بيعة أبي بكر فلتة! إنها أطروحة متينة، كفيلة بقطع النزاع، لو تمت..! ولكنها - للأسف - لم تكن سوي مجازفة، فمن البديهي عندئذ أن تكون عاجزة عن تحقيق الآمل المنشود منها! فلا هي تداركت تلك النظرية وعالجت ثغراتها، ولا هي أنقذت الأمر الواقع! وذلك لسبب بسيط، وهو أن النص علي أبي بكر لم يثبت، بل لم يدع وجوده أحد، بل تسالمت الأمة علي عدمه. فمن أراد أن يثبت مثل هذا النص علي أبي بكر بالخصوص، فعليه أن ينفي حادثة السقيفة جملة وتفصيلا. عليه أن يكذب بكل ما ثبت نقله في الصحاح من كلام أبي بكر وعمر وعلي والعباس والزبير في الخلافة.. عليه أن يهدم بعد ذلك كل ما قامت عليه نظرية أهل السنة في الإمامة، فلم تبن هذه النظرية أولا إلا علي أصل واحد، وهو البيعة لأبي بكر بتلك [ صفحه 56] الطريقة التي تمت في السقيفة وبعدها!! عليه أن ينفي ما صرحوا به من (الإجماع علي أن النص منتف في حق أبي بكر) [73] . ولم يكن هذا الطرح منسجما مع هذه المدرسة ومبادئها، وإنما هو محاولة لسد ثغراتها، ومقابلة للإلحاح الذي تقدمه النظرية الأخري القائمة علي أساس النص، ولقطع دابر النزاع، كما ذكر ابن حزم. إنه كان مقتنعا بضرورة النص، ولكنه أراد نصا منسجما مع الأمر الواقع، وإن لم يسعفه الدليل!!

اقرار بقدر من النص

لم يختف النص إلي الأبد في هذه النظرية، والشوري هنا ليست مطلقة العنان، فليس لأهل الحل والعقد أن ينتخبوا من شاءوا بلا قيد. إن هناك حدا تلتزمه الشوري، وهذا الحد إنما رسمه النص الثابت. قالوا: إن من شرط الإمامة: النسب القرشي، فلا تنعقد الإمامة بدونه.. وعللوا ذلك بالنص الثابت فيه، فقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: الأئمة من قريش. وقال: قدموا قريشا ولا تتقدموها. وليس مع هذا النص المسلم شبهة لمنازع، ولا قول لمخالف [74] . [ صفحه 57] واشترطوا لهذا القرشي أن يكون قرشيا من الصميم، من بني النضر بن كنانة، تصديقا للنص [75] . وقال أحمد: (لا يكون من غير قريش خليفة) [76] . واستدلوا علي تواتر هذا النص بتراجع الأنصار وتسليمهم الخلافة للمهاجرين القرشيين حين احتجوا عليهم بهذا النص في السقيفة [77] . وقال ابن خلدون: (بقي الجمهور علي القول باشتراطها - أي القرشية - وصحة الخلافة للقرشي ولو كان عاجزا عن القيام بأمور المسلمين) [78] . وهكذا ثبت النص الشرعي، وثبت تواتره، وثبت الإجماع عليه. وحين تراجع بعضهم عن الالتزام بهذا النص - كأبي بكر الباقلاني - فسر ابن خلدون سر تراجعه، ورد عليه، فقال: لما ضعف أمر قريش، وتلاشت عصبيتهم بما نالهم من الترف والنعيم، وبما أنفقتهم الدولة في سائر أقطار الأرض، عجزوا بذلك عن أمر الخلافة وتغلبت عليهم الأعاجم، فاشتبه ذلك علي كثير من المحققين حتي ذهبوا إلي نفي اشتراط القرشية، وعولوا علي ظواهر في ذلك مثل قوله صلي الله عليه وآله وسلم: اسمعوا وأطيعوا وإن ولي عليكم عبد حبشي [79] . [ صفحه 58] قال: وهذا لا تقوم به حجة في ذلك، لأنه خرج مخرج التمثيل، للمبالغة في إيجاب السمع والطاعة [80] . وثبت النص واستقر، ولا غرابة، فهو نص صحيح، بل متواتر. وهو فوق ذاك ينطوي علي فائدة أخري، فهو النص الذي يعزز أركان هذه النظرية، إذ يضفي الشرعية علي الخلافة في كافة عهودها، ابتداء من أول عهود الخلافة! وانتهاء بآخر خلفاء بني العباس، فهذا كل ما يتسع له لفظ القرشية هنا. لما تغلب معاوية بالسيف بلغه أن عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث أنه سيكون ملك من قحطان، فهب معاوية غضبا فجمع الناس وخطبهم قائلا: أما بعد، فإنه بلغني أن رجالا منكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله، أولئك جهالكم! فإياكم والأماني التي تضل أهلها، فإني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار علي وجهه [81] .

وقفة مع هذا النص

عرف المهاجرون القرشيون الثلاثة - أبو بكر وعمر و أبو عبيدة - هذا النص فاحتجوا به علي الأنصار في السقيفة، فأذعن الأنصار، وعاد القرشيون بالخلافة، أبو بكر، ثم عمر، ثم مالت عن أبي عبيدة، لا لعدم كفاءته وهو القرشي المهاجر، بل لأنه قد توفي في خلافة عمر، فلما حضرت عمر الوفاة تأسف عليه، وقال: (لو كان أبو عبيدة حيا [ صفحه 59] لوليته) [82] والأمر ماض مع النص. ولكن حين لم يكن أبو عبيدة حيا كاد ذلك المبدأ - النص - أن ينهار، وكاد ذلك النص المتواتر أن ينسي، كل ذلك علي يد الرجل الذي كان من أول المحتجين به علي الأنصار، عمر بن الخطاب! إنه لما لم يجد أبا عبيدة حيا، قال: (لو كان سالم مولي أبي حذيفة حيا لوليته) [83] . ولما لم يكن سالم حيا، قال: (لو كان معاذ بن جبل حيا لوليته) [84] . فهل كان سالم قرشيا؟! أم كان معاذ كذلك؟! أما سالم:فأصله من إصطخر، من بلاد فارس، وكان مولي لأبي حذيفة [85] . وأما معاذ: فهو رجل من الأنصار الذين أغار عليهم القرشيون الثلاثة في السقيفة، وفيهم عمر، واحتجوا عليهم بأن الأئمة من قريش، وهيهات أن ترضي العرب بغير قريش! هذا الكلام قاله عمر في خطابه للأنصار في السقيفة، ثم واصل خطابه قائلا: (ولنا بذلك الحجة الظاهرة، من نازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته، إلا مدل بباطل، أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكة) [86] . إن تعدد هذه المواقف المختلفة أضفي كثيرا من الغموض علي عقيدة [ صفحه 60] عمر في الخلافة، مما يزيد في إرباك نظرية الخلافة والإمامة إذا ما أرادت أن تساير جميع المواقف، من هنا اضطروا إلي الضرب علي اختلافات عمر حفاظا علي صورة أكثر تماسكا لهذه النظرية، كل ذلك لأجل تثبيت هذا المبدأ القائم علي النص الشرعي: الأئمة من قريش. واضح إذن كيف تم الانتصار للنص علي الرأي المخالف! وواضح أيضا كيف كان قد تم الانتصار لمبدأ النص علي مبدأ الشوري، وذلك حين رأي الخليفة ضرورة النص علي من يخلفه، هذا بغض النظر عن السر الذي ذكرناه في طرح نظرية الشوري! فدخل النص إذن في قمة النظام السياسي! إذن، ثبت لدينا نص صريح صحيح وفاعل في هذه النظرية، وهو الحديث الشريف الأئمة من قريش وقد أخرجه البخاري ومسلم وأصحاب السنن والسير بألفاظ مختلفة.

ضرورة التخصيص في النص

اشاره

1 - إن قراءة سريعة في تاريخنا السياسي والاجتماعي توقفنا علي حقيقة أن النص المتقدم الأئمة من قريش بمفرده لا يحقق للإمامة الأمل المنشود منها في حراسة الدين والمجتمع. وأول من لمس هذه الحقيقة هم الصحابة أنفسهم منذ انتهاء عصر الخلفاء الأربعة، ثم أصبحت الحقيقة أكثر وضوحا لدي من أدرك ثاني ملوك بني أمية - يزيد بن معاوية - ومن بعده. ففي صحيح البخاري: لما كان النزاع دائرا بين مروان بن الحكم وهو [ صفحه 61] بالشام، وعبد الله بن الزبير وهو بمكة، انطلق جماعة إلي الصحابي أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه فقالوا له: يا أبا برزة، ألا تري ما وقع فيه الناس؟! فقال: إني أحتسب عند الله أني أصبحت ساخطا علي أحياء قريش، إن ذاك الذي بالشام والله إن يقاتل إلا علي الدنيا، وإن الذي بمكة والله إن يقاتل إلا علي الدنيا [87] . 2 - وأهم من هذا أنه ثمة نصوص صحيحة توجب تضييق دائرة النص المتقدم.. لقد حذر النبي صلي الله عليه وآله وسلم من الاغترار بالنسب القرشي وحسب، وأنذر بأن ذلك سيؤدي إلي هلاك الأمة وتشتت أمرها! ففي صحيح البخاري عنه صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: هلكة أمتي علي يدي غلمة من قريش [88] . كيف إذن سيتم التوفيق بين النصين: الأئمة من قريش وهلكة أمتي علي يدي غلمة من قريش؟! أليس لقائل أن يقول: ما هو ذنب الأمة؟! إنها التزمت نص النبي صلي الله عليه وآله وسلم [ صفحه 62] الأئمة من قريش فقادها هذا النص إلي هذا المصير حين ذبح خيار الأمة بسيوف قريش أنفسهم! أليس النص هو المسؤول؟! حاشا لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أن يضع أمته علي حافة هاوية، وهو الذي كان قد استنقذها من الهاوية. إنهم أرادوا أن يحفظوا الرسول بحفظ جميع الصحابة وإضفاء الشرعية حتي علي المواقف المتناقضة تجاه القضية الواحدة، فوقعوا في ما فروا منه! بل وقعوا في ما هو أكبر منه حين صار النص النبوي هو المسؤول عما آل إليه أمر الأمة من فتن، ثم هلكة! فهؤلاء الغلمة إنما يكون هلاك الأمة علي أيديهم عندما يملكون أمر الأمة، لكن الأمة إن رضيت بهم فإنما كان اتباعا للنص الأول الأئمة من قريش فهل يكون هذا إلا إغراء؟! حاشا لرسول الله أن يكون ذلك منه، وإنما هو من علامات التهافت في هذه النظرية التي أغضت عن كل ما ورد في السنة مما يفيد تخصيص ما ورد في حق قريش.

نوعان من التخصيص

اشاره

ورد في السنة نوعان من التخصيص في أمر قريش، تخصيص سلب، وتخصيص إيجاب. [ صفحه 63]

تخصيص السلب

ثمة نصوص صريحة تستثني قوما من قريش، فتبعدهم عن دائرة التكريم، ناهيك عن التقديم: قال ابن حجر الهيتمي: في الحديث المروي بسند حسن أنه صلي الله عليه وآله وسلم قال: شر قبائل العرب: بنو أمية وبنو حنيفة وثقيف. قال: وفي الحديث الصحيح - قال الحاكم: علي شرط الشيخين - عن أبي برزة رضي الله عنه أنه قال: (كان أبغض الأحياء - أو الناس - إلي رسول الله بنو أمية) [89] . والذي ورد في ذم آل الحكم - أبو مروان - خاصة كثير ومشهور. فهل يصح أن تسند الإمامة إلي شر قبائل العرب، وأبغض الناس إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم؟! ومن دقائق النص الأول إقرانه بني أمية ببني حنيفة، وبنو حنيفة هم قوم مسيلمة الكذاب!! فإذا أصبح هؤلاء هم الحكام في الواقع فعلينا أن نشهد أن هذا الواقع منحرف عن النص، بدلا من أن نسعي لتبريره وإخضاعه للنص.

تخصيص الإيجاب

الحديث الذي ميز قريشا بالاصطفاء علي سائر القبائل لم يقف عند دائرة قريش الكبري، بل خص منها طائفة بعينها، فقال صلي الله عليه وآله وسلم: إن الله اصطفي كنانة من ولد إسماعيل، واصطفي قريشا من كنانة، واصطفي من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم [90] . [ صفحه 64] وهذا تقديم لبني هاشم علي سائر قريش.. ساق ابن تيمية هذا الحديث الصحيح، وأضاف قائلا: وفي السنن أنه شكا إليه العباس أن بعض قريش يحقرونهم! فقال صلي الله عليه وآله وسلم: والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتي يحبوكم لله ولقرابتي وإذا كانوا أفضل الخلائق، فلا ريب أن أعمالهم أفضل الأعمال.. ففاضلهم أفضل من كل فاضل من سائر قبائل قريش والعرب، بل وبني إسرائيل وغيرهم [91] . وليس المقام مقام تفضيل وحسب، بل إن قريشا لا يصح لها إيمان ما لم تحب بني هاشم حبين: لله، ولقرابة الرسول! فهل يصح أن تكون قريش كلها سواء في حق التقدم والإمامة، وفيها بنو هاشم الذين رفعهم النص إلي أعلي منزلة، وفيها بنو أمية الذين خفضهم النص إلي أردي الرتب؟! إذا كان الواقع قد آل إلي هذه الحال، فعلينا أن نشهد أنه واقع منحرف عن النص، لا أن نسعي إلي تبريره.

نتيجة البحث

مما تقدم يبدو بكل وضوح أننا هنا قد أخفقنا في تحقيق نظرية منسجمة متماسكة في موضوع الإمامة، وأن السبب الحقيقي لهذا الإخفاق هو متابعة الأمر الواقع والسعي لتبريره وجعله مصدرا رئيسا في وصف النظام السياسي. وتلك الوجوه المتناقضة كلها من المستحيل أن تجتمع في نظرية [ صفحه 65] واحدة، فتكون نظرية منسجمة وذات تصور واضح ومحدد ومفهوم. هذا كله، وبقدر ما يثيره من شكوك حول صلاحية هذه النظرية، فإنه يرجح الرأي الآخر الذي يذهب إلي اعتماد النص الشرعي في تعيين خليفة الرسول. إلي هذه النتيجة أيضا خلص الدكتور أحمد محمود صبحي وهو يدرس نظرية الإمامة، إذ قال: (أما من الناحية الفكرية فلم يقدم أهل السنة نظرية متماسكة في السياسة تحدد مفاهيم البيعة والشوري وأهل الحل والعقد، فضلا عن هوة ساحقة تفصل بين النظر والتطبيق، أو بين ما هو شرعي وبين ما يجري في الواقع. لقد ظهرت نظريات أهل السنة في السياسة في عصر متأخر بعد أن استقر قيام الدولة الإسلامية علي الغلبة.. كما جاء أكثرها لمجرد الرد علي الشيعة.. والتمس بعضها استنباط حكم شرعي من أسلوب تولي الخلفاء الثلاثة الأوائل. وإن الهوة الساحقة بين تشريع الفقهاء وبين واقع الخلفاء، فضلا عن تهافت كثير من هذه الآراء وإخفاقها في استنباط قاعدة شرعية، هو ما مكن للرأي المعارض - القول بالنص - ممثلا في حزب الشيعة [92] . [ صفحه 67]

الرجوع إلي النصوص المباشرة في تعيين الخليفة

اشاره

لقد أحس الكثير من المتكلمين وأصحاب الحديث إذن بالحاجة إلي النص في تعيين أول الخلفاء علي الأقل، لتتخذ الأدوار اللاحقة له شرعيتها من شرعيته. وليس غريبا أن تتعدد أوجه الاستدلال بتعدد المتكلمين وتعدد أساليبهم، وتعدد النصوص التي يعتمدونها، وكثيرا ما يتعلق المتكلمون بما يشفع لمذاهبهم وإن كانوا يلمحون فيه علامات الوضع! وسوف يدور الحوار هنا في اتجاهين توزعت عليهما النصوص المطروحة في هذا الباب.. [ صفحه 69]

النصوص الدالة علي خلافة أبي بكر

اشاره

لقد عرض بعض المتكلمين في تثبيت خلافة أبي بكر نصوصا من القرآن ونصوصا من السنة، نستعرض أهمها بتركيز وإيجاز مبتدئين بنصوص السنة لكونها أكثر تصريحا، ولأن النصوص القرآنية اعتمدت في تصحيح خلافته لا في إثبات النص عليه.

نصوص من السنة

النص 01

اشاره

قوله صلي الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي توفي فيه: مروا أبا بكر فليصل بالناس. فرأي بعضهم في هذا الحديث نصا علي الخلافة وإن كان خفيا، لعدم الفصل بين إمامة الصلاة والإمامة العامة. واستدلوا لذلك بقول بعض الصحابة لأبي بكر: إرتضاك رسول الله لديننا، أفلا نرضاك لدنيانا؟! وأهم شئ في هذا القول الأخير أن ينسب إلي علي بن أبي طالب [93] غير أن جملة من الإثارات تحيط بهذا النص وبهذه الواقعة، قد تبتلع كل ما يبني عليهما من استنتاجات:

الاثارة 01

إن القول بعدم الفصل بين إمامة الصلاة والإمامة العامة [ صفحه 70] قول غريب، وأغرب منه قول الجرجاني: (لا قائل بالفصل) [94] . فابن حزم يقطع بأن هذا قياسا باطلا، ويقول: (أما من ادعي أنه إنما قدم قياسا علي تقديمه إلي الصلاة، فباطل بيقين، لأنه ليس كل من استحق الإمامة في الصلاة يستحق الإمامة في الخلافة، إذ يستحق الإمامة في الصلاة أقرأ القوم وإن كان أعجميا أو عربيا، ولا يستحق الخلافة إلا قرشي، فكيف والقياس كله باطل) [95] . والشيخ أبو زهرة ينتقد هذا النوع من القياس ووجه الاستدلال به، فيقول: (اتخذ بعض الناس من هذا - النص - إشارة إلي إمامة أبي بكر العامة للمسلمين، وقال قائلهم: (لقد رضيه عليه السلام لديننا، أفلا نرضاه لدنيانا) ولكنه لزوم ما ليس بلازم، لأن سياسة الدنيا غير شؤون العبادة، فلا تكون الإشارة واضحة.. وفوق ذلك فإنه لم يحدث في اجتماع السقيفة، الذي تنافس فيه المهاجرون والأنصار في شأن القبيل الذي يكون منه الخليفة، أن احتج أحد المجتمعين بهذه الحجة، ويظهر أنهم لم يعقدوا تلازما بين إمامة الصلاة وإمرة المسلمين) [96] . والذي يستشف من كلامه استبعاد صحة نسبة هذا الكلام إلي الإمام علي عليه السلام، فهذه النسبة لا تحتمل الصحة، لما ثبت في الصحاح من أن عليا عليه السلام لم يبايع إلا بعد ستة أشهر (4)، كما أن الصحيح المشهور عن [ صفحه 71] علي عليه السلام خلاف ذلك، فجوابه كان حين بلغه احتجاج المهاجرين بأن قريشا هم قوم النبي وأولي الناس به، قال عليه السلام: احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة [97] .

الاثارة 02

إن إمامة الصلاة وفقا لفقه هذه المدرسة لا يترتب عليها أي فائدة في التفضيل والتقديم، فالفقه هنا يجيز مطلقا إمامة المفضول علي الفاضل، بل يجيز إمامة الفاسق والجائر لأهل التقوي والصلاح، صلوا وراء كل بر وفاجر!

الاثارة 03

أخرج أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة والنسائي: أن عبد الرحمن بن عوف قد صلي إماما بالمسلمين وكان فيهم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم [98] وهذه الرواية أثبت مما ورد في تقديم أبي بكر - كما سيأتي - فالحجة فيها إذن لعبد الرحمن بن عوف أظهر، فتقديمه أولي وفقا لذلك القياس [99] .

الاثارة 04

في صحيح البخاري: كان سالم مولي أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب النبي صلي الله عليه وآله وسلم في مسجد قباء، وفيهم: أبو بكر، وعمر، وأبو سلمة، وعامر بن ربيعة [100] . وكان عمرو بن العاص أميرا علي جيش ذات السلاسل، وكان يؤمهم [ صفحه 72] في الصلاة حتي صلي بهم بعض صلواته وهو جنب، وفيهم: أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة [101] . فهل يستدل من هذا أن سالما وعمرو بن العاص أفضل من أبي بكر وعمر وأبي عبيدة، وأولي بالخلافة منهم؟!

الاثارة 05

نتابعها في النقاط التالية: أ - ثبت في جميع طرق هذا الحديث بروايته التامة أنه بعد أن افتتح أبو بكر الصلاة، خرج النبي صلي الله عليه وآله وسلم يتهادي بين رجلين - علي والفضل بن العباس - فصلي بهم إماما وتأخر أبو بكر عن موضعه مؤتما بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم عن يمينه. أثبت ذلك تحقيقا أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب صنفه لهذا الغرض، فقسمه إلي ثلاثة أبواب: فجعل الباب الأول في إثبات خروج النبي صلي الله عليه وآله وسلم إلي تلك الصلاة وتأخيره أبا بكر عن إمامتها، وخصص الباب الثاني في بيان إجماع الفقهاء علي ذلك، فذكر منهم: أبا حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأثبت في الباب الثالث وهن الأخبار التي وردت بتقدم أبي بكر في تلك الصلاة، ووصف القائلين بها بالعناد واتباع الهوي [102] . وقال العسقلاني: تضافرت الروايات عن عائشة بالجزم بما يدل علي أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم كان هو الإمام في تلك الصلاة [103] . [ صفحه 73] ومن هنا قال بعضهم: متي نظرنا إلي آخر الحديث احتجنا إلي أن نطلب للحديث مخرجا من النقص والتقصير، وذلك أن آخره: أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لما وجد إفاقة وأحس بقوة خرج حتي أتي المسجد وتقدم فنحي أبا بكر عن مقامه وقام في موضعه. فلو كانت إمامة أبي بكر بأمره صلي الله عليه وآله وسلم لتركه علي إمامته وصلي خلفه، كما صلي خلف عبد الرحمن بن عوف [104] . ب - مما يعزز القول المتقدم ما ورد عن ابن عباس من أنه قبل أن يؤذن بلال لتلك الصلاة قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: ادعوا عليا. فقالت عائشة: لو دعوت أبا بكر! وقالت حفصة: لو دعوت عمر! وقالت أم الفضل: لو دعوت العباس! فلما اجتمعوا رفع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم رأسه فلم ير عليا [105] . ج - ويشهد لذلك كله ما ثبت عن علي عليه السلام من أنه كان يقول: إن عائشة هي التي أمرت بلالا أن يأمر أباها ليصل بالناس، لأن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: ليصل بهم أحدهم ولم يعين!! وكان علي عليه السلام يذكر هذا لأصحابه في خلواته كثيرا، ويقول عليه السلام: إنه صلي الله عليه وآله وسلم لم يقل: إنكن لصويحبات يوسف إلا إنكارا لهذه الحال، وغضبا منها لأنها وحفصة تبادرتا إلي تعيين أبويهما، وأنه صلي الله عليه وآله وسلم استدركها بخروجه وصرفه عن المحراب [106] . فهذه صور منسجمة ومتماسكة لا تبقي أثرا للاستفادة من هذا النص أو تلك الواقعة، ويمكن أن يضاف إليها ملاحظات أخر ذات قيمة لا يستهان بها: [ صفحه 74] منها: الاختلاف الشديد والتعارض بين روايات هذه الواقعة، وقد صرح بهذا ابن حجرالعسقلاني، ثم حاول التوفيق بينها بعد جهد [107] . ومنها: ملاحظة بعض نقاد الحديث أن هذا الحديث لم يصح إلا من طريق عائشة، لذا لم تقم حجته [108] . ومنها: أن ابن عباس قد طعن هذا الحديث طعنا عبقريا لم يتنبه له الرواة، إذ كانت عائشة تقول في روايتها لهذا الحديث: (خرج النبي يتهادي بين رجلين، أحدهما الفضل بن العباس) ولا تذكر الرجل الآخر، فلما عرض أحدهم حديثها علي عبد الله بن عباس، قال له ابن عباس: فهل تدري من الرجل الذي لم تسم عائشة؟ قال: لا. قال ابن عباس: هو علي بن أبي طالب، ولكن عائشة لا تطيب نفسا له بخير [109] .

الاثارة 06

أثبت جل أصحاب التاريخ والسير أن أبا بكر كان أيام مرض رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الأخير هذا، مأمورا بالخروج في جيش أسامة، وكان النبي صلي الله عليه وآله وسلم يشدد كثيرا بين الآونة والأخري علي التعجيل في إنفاذ هذا الجيش.. فكيف ينسجم هذا مع الأمر بتقديمه في الصلاة؟! ناهيك عن قصد الإشارة إلي استخلافه! [ صفحه 75] لقد أدرك ابن تيمية ما بين الأمرين من منافاة وتعارض صريحين، فنفي نفيا قاطعا كون أبي بكر ممن سمي في بعثة أسامة [110] . لكن مثل هذا النفي لا ينقذ الموقف، خصوصا وأن ابن تيمية لم يقدم برهانا ولا شبهة في إثبات دعواه، فيما جاء ذكر أبي بكر في من سمي في ذلك الجيش في مصادر عديدة وهامة، أصحابها جميعا من القائلين بصحة تقدم أبي بكر [111] . أما نفي ذلك، أو تحرج بعض المؤرخين عن ذكره، فإنما مرجعه إلي الاختيار الشخصي في مساندة المذهب، لا غير، حين أدركوا بيقين أن شيئا مما استدلوا به علي إمامته سوف لا يتم لو كان أبو بكر في من سمي في جيش أسامة، إذ هو مأمور بمغادرة المدينة المنورة أيام وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، تحت إمرة أسامة بن زيد الشاب ابن الثمان عشرة سنة [112] .

نصوص أخر

لم يقف القائلون بالنص عند النص المتقدم، بل رجعوا إلي ما رأوا فيه نصا جليا علي الخلافة، لكنها في الحقيقة نصوص تثير علي نفسها بنفسها شكوكا كثيرة لا تبقي احتمالا لصحتها، شكوكا تثيرها الأسانيد والمتون معا.. وأهم هذه النصوص: [ صفحه 76] 1 - إن امرأة سألت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم شيئا، فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول الله، أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ - كأنها تريد الموت - فقال: فإن لم تجديني فأتي أبا بكر [113] . وهذا الحديث متحد عند الشيخين في سلسلة واحدة، وهي: إبراهيم ابن سعد، عن أبيه، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه جبير بن مطعم: أن امرأة سألت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم... فلم يروه من الصحابة إلا جبير بن مطعم، ولم يروه عن جبير إلا ولده محمد، ولم يروه عن محمد غير سعد (وهو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف) ولم يروه عن سعد غير ولده إبراهيم! ثم أخذه الرواة عن إبراهيم بن سعد! مناقشة الإسناد: نظرة واحدة في هذا الإسناد، بعيدا عن التقليد، تحبط الآمال التي يمكن أن تعقد عليه: فجبير بن مطعم: من الطلقاء، وهو صاحب أبي بكر، تعلم منه الأنساب وأخبار قريش [114] ، وكانت عائشة تسمي له وتذكر له قبل أن يتزوجها النبي صلي الله عليه وآله وسلم [115] ، وذكره بعضهم في المؤلفة قلوبهم. وكان شريفا في قومه بني نوفل وهم حلفاء بني أمية في الجاهلية والإسلام. وهو أحد الخمسة الذين اقترحهم عمرو بن العاص علي أبي موسي الأشعري [ صفحه 77] للمشورة في التحكيم - وهم: جبير بن مطعم، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبو الجهم بن حذيفة، وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام بن المغيرة - وكلهم مائل عن علي عليه السلام، فابن الزبير وعبد الرحمن بن الحرث كانا في أصحاب الجمل الذين قاتلوا عليا في البصرة، وعبد الله بن عمرو مع أبيه عمرو بن العاص في أصحاب معاوية، وجبير وأبو الجهم من مسلمة الفتح هواهما مع بني أمية [116] . محمد بن جبير بن مطعم: وهو القائل لعبد الملك بن مروان وقد سأله: هل كنا نحن وأنتم - يعني أمية ونوفل - في حلف الفضول [117] ؟ فقال له محمد بن جبير بن مطعم: لا والله يا أمير المؤمنين، لقد خرجنا نحن وأنتم منه، ولم تكن يدنا ويدكم إلا جميعا في الجاهلية والإسلام [118] . وقد اعتزل محمد عليا والحسن عليهما السلام في حربهما مع معاوية، فلما تم الصلح كان محمد ممثلا في وفد المدينة إلي معاوية للبيعة [119] . وأما سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: فقد كان قاضيا لبعض ملوك بني أمية علي المدينة [120] . وأما ولده إبراهيم بن سعد: فهو صاحب العود والغناء، كان يعزف [ صفحه 78] ويغني، جاءه أحد أصحاب الحديث ليأخذ عنه، فوجده يغني، فتركه وانصرف، فأقسم إبراهيم ألا يحدث بحديث إلا غني قبله! وعمل واليا علي بيت المال ببغداد لهارون الرشيد [121] . هذا النص، الذي جاء بهذه السلسلة الوحيدة، هو الذي رأي فيه ابن حزم وغيره نصا جليا علي خلافة أبي بكر [122] ! غير أن الجرجاني والتفتازاني لم يذكراه، فيما ذكرا نصوصا كثيرة أضعف منه سندا، وأقل منه دلالة [123] مناقشة المتن: وخطوة أخري إلي الإمام في التحقيق تضعنا أمام صورة أكثر وضوحا حيث ترينا كيف حل هذا الحديث محل الحديث الصحيح الوارد في علي عليه السلام بعين هذا المتن! لما حضر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قالت صفية أم المؤمنين: يا رسول الله، لكل امرأة من نسائك أهل تلجأ إليهم، وإنك أجليت أهلي، فإن حدث حدث فإلي من؟ قال صلي الله عليه وآله وسلم: إلي علي بن أبي طالب. أخرجه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح [124] . إن الظروف السياسية الغالبة منذ وفاة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم وحتي عصر [ صفحه 79] تدوين جوامع الحديث، هي السبب الوحيد في ظهور الحديث الأول ودخوله في كتب الشيخين وغيرهما دون الحديث الثاني! 2 - قالت عائشة: قال لي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في مرضه: ادعي لي أبا بكر أباك، وأخاك، حتي أكتب كتابا، فإني أخاف أن يتمني متمن ويقول قائل: أنا أولي، ويأبي الله والمؤمنون إلا أبا بكر [125] . أسند مسلم هذا الحديث كما يلي: عبيد الله بن سعيد، عن يزيد بن هارون، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. فقد ظهر إبراهيم بن سعد في هذا الحديث أيضا، وهو صاحب الحديث المتقدم، صاحب العود والغناء، صاحب هارون الرشيد. أما الزهري وعروة وعائشة فهم من أشد الناس ميلا وانحرافا عن علي عليه السلام، وموقفهم من الخلافة ومن علي عليه السلام خاصة وبني هاشم عامة معروف جدا! وأورده البخاري من طريق آخر ينتهي أيضا إلي عائشة، فهي وحدها رأس هذا الحديث في جميع طرقه! ولعل أقوي ما يثار هنا: أن هذه الأحاديث قد رواها الشيخان، فكيف يمكن طعنها والشك فيها؟! وما أيسر الجواب لمن تجرد للحقيقة دون سواها، الحقيقة التي كشف [ صفحه 80] عنها النقاب مؤرخون وأئمة لا شك في وثاقتهم وصدقهم: - قال نفطويه في تاريخه: (إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة اختلقت في أيام بني أمية تقربا إليهم في ما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم)! - وقال المدائني في كتابه في الأحداث: (فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة، لا حقيقة لها.. حتي انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلي الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان، فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق، ولو علموا أنها باطلة ما رووها ولا تدينوا بها)! - وقال الإمام الباقر عليه السلام: حتي صار الرجل الذي يذكر بالخير، ولعله يكون ورعا صدوقا، يحدث بأحاديث عظيمة عجيبة من تفضيل بعض من قد سلف من الولاة، ولم يخلق الله تعالي شيئا منها، ولا كانت وقعت، وهو يحسب أنها حق لكثرة من رواها ممن لم يعرف بالكذب ولا بقلة ورع [126] . فليس بمستنكر إذن أن تنفذ هذه الأخبار إلي الصحيحين وغيرهما.. فمن أين يأتي الاستنكار وهم ما رووها إلا وهم يعتقدون صحتها؟! وهذا الحديث بالذات مما شهد المعتزلة بأن البكرية وضعته في مقابل الحديث المروي عنه صلي الله عليه وآله وسلم في مرضه: ائتوني بدواة وبياض أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فاختلفوا عنده، وقال قوم منهم: لقد غلبه [ صفحه 81] الوجع، حسبنا كتاب الله [127] ومما يشهد لهذا القول، بل يجعله يقينا لا شك فيه، ما ثبت عن ابن عباس في وصف اختلافهم عند النبي (ص) الذي حال دون كتابة ذلك الكتاب، فقد كان ابن عباس يصف هذا الحديث بأنه (الرزية، كل الرزية) ويذكره فيقول: (يوم الخميس، وما يوم الخميس! قالوا: وما يوم الخميس؟! قال: اشتد برسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وجعه فقال: ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي فتنازعوا، وما ينبغي عند نبي تنازع! وقالوا: ما شأنه! أهجر؟ استفهموه!! فقال: دعوني، فالذي أنا فيه خير قال ابن عباس: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب، من اختلافهم ولغطهم). ويبكي حتي يبل دمعه الحصي [128] . فلو كان الأمر كما وصفه الحديث المنسوب إلي عائشة يأبي الله والمؤمنون إلا أبا بكر لم تكن ثمة رزية يبكي لها ابن عباس كل هذا البكاء ويتوجع كل هذا التوجع. إن بكاء ابن عباس وتوجعه الشديد لهذا الحديث لهو دليل لا شئ أوضح منه علي أن الذي أراده النبي صلي الله عليه وآله وسلم من ذلك الكتاب لم يتحقق، بل تحقق شئ آخر غيره لم يكن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أراده ولا أشار إليه أدني إشارة. وتزداد هذه الحقيقة رسوخا حين ندرك أن ابن عباس هو واحد من [ صفحه 82] سادة بني هاشم الذين لم يبايعوا لأبي بكر إلا بعد ستة أشهر [129] . فمع هذه الثوابت لا يبقي احتمال لصحة الحديث المنسوب إلي عائشة! 3 - حديث: اقتدوا باللذين من بعدي، أبي بكر وعمر. أخرجه الترمذي وابن ماجة [130] ، واعتمده كثيرون في إثبات النص علي أبي بكر وعمر، أو في إثبات صحة خلافتهما [131] . لكن ابن حزم استهجن كثيرا الاستدلال بهذه الرواية، وعده عيبا يترصد أمثاله الخصوم، فقال ما نصه: (ولو أننا نستجيز التدليس والأمر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحا، أو أبلسوا أسفا، لاحتججنا بما روي اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ولكنه لا يصح، ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصح) [132] . 4 - نصوص أخر نسبت إلي علي عليه السلام، إمعانا في سد الثغرات، وقطع الطريق علي الخصم، استبعد المحب الطبري صحة شئ منها لتخلف علي عن بيعة أبي بكر ستة أشهر، ونسبته إلي نسيان الحديث في مثل هذه المدة أمر بعيد [133] . [ صفحه 83] وهذا حق يؤيده مااشتهر عن علي عليه السلام من ذكر حقه في الخلافة [134] . هذه جملة ما اعتمدوه من النصوص الحديثية في النص علي أبي بكر وتقديمه.

نصوص من القرآن

الكريم: 1 - قوله تعالي: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم) [135] . قالوا: الخطاب هنا للصحابة، فوجب أن يوجد في جماعة منهم خلافة يتمكن بها الدين، ولم يوجد علي هذه الصفة إلا خلافة الخلفاء الأربعة، فهي التي وعد الله بها [136] حتي صرح بعضهم بأن الآية نازلة فيهم، أو في أبي بكر وعمر خاصة [137] . وهذا الاستدلال ضعفه المفسرون بأمرين: الأول: إن المراد في هذه الآية هو (الوعد لجميع الأمة في ملك الأرض كلها تحت كلمة الإسلام، كما قال عليه الصلاة والسلام: زويت لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها). وأن (الصحيح في هذه الآية أنها في استخلاف الجمهور، [ صفحه 84] واستخلافهم هو أن يملكهم البلاد ويجعلهم أهلها... ألا تري إلي إغزاء قريش المسلمين في أحد وغيرها، وخاصة الخندق، حتي أخبر الله تعالي عن جميعهم فقال: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا - هنالك أبتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا) [138] ثم إن الله رد الكافرين لم ينالوا خيرا، وأمن المؤمنين وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم، وهو المراد بقوله: (ليستخلفنهم في الأرض). وقوله: (كما استخلف الذين من قبلهم) يعني بني إسرائيل، إذ أهلك الله الجبابرة بمصر، وأورثهم أرضهم وديارهم.. وهكذا كان الصحابة مستضعفين خائفين، ثم إن الله تعالي أمنهم ومكنهم وملكهم، فصح أن الآية عامة لأمة محمد صلي الله عليه وآله وسلم غير مخصوصة، إذ التخصيص لا يكون إلا بخبر ممن يجب له التسليم، ومن الأصل المعلوم التمسك بالعموم) [139] . والثاني: ما ذكروه في سبب نزول الآية، فإنه منطبق تماما علي ما ذكر آنفا، لا يساعد علي تخصيصها في الخلفاء الأربعة أو بعضهم، وإن كان فيه ما يفيد تخصيصها بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم وأصحابه [140] . ففي رواية البراء، قال: فينا نزلت ونحن في خوف شديد. [ صفحه 85] وفي رواية أبي العالية، يصف حال أصحاب الرسول وهم خائفون، يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح، فشكوا ذلك إلي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فأنزل الله الآية، فأظهر الله نبيه علي جزيرة العرب، فأمنوا ووضعوا السلاح. ومثلها رواية أبي بن كعب، وقوله في رواية ثانية عنه: لما نزلت علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات) الآية، بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب [141] . أما رواية عبد بن حميد عن عطية ففيها تخصيص آخر مخالف للتخصيص المذكور في الخلفاء الأربعة، إذ قال عطية: هم أهل بيت هاهنا! وأشار بيده إلي القبلة [142] . وفي هذا عطف علي ما ذهب إليه غالب مفسري الشيعة من أن المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات هنا: النبي صلي الله عليه وآله وسلم والأئمة من أهل بيته عليهم السلام. وأن هذه الآية تبشر بالمهدي الموعود من أهل البيت ودولته [143] . فمع هذا القول، أو مع ظهور ما تقدم من إفادتها العموم، لا يبقي وجه للتمسك بها هنا. 2 - قوله تعالي (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلي قوم أولي بأس [ صفحه 86] شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا) [144] فقد جعل الداعي مفترض الطاعة، والمراد به أبو بكر وعمر وعثمان، فوجبت طاعتهم بنص القرآن، وإذ قد وجبت طاعتهم فرضا فقد صحت إمامتهم وخلافتهم [145] . والصحيح الذي يوافق تاريخ نزول الآية الكريمة، ويوافق الوقائع، هو ما ذكره الرازي من أن الداعي هو النبي صلي الله عليه وآله وسلم [146] ، إذ كانت الآية المذكورة نازلة في الحديبية بلا خلاف، وهي في سنة ست للهجرة، وبعدها غزا النبي هوازن وثقيف وهم أولو بأس شديد، في وقعة حنين الشهيرة وذلك بعد فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة، وفتح مكة هو الآخر دعوة إلي قتال قوم أولي بأس شديد قاتلوا الإسلام وأهله حتي أظهره الله عليهم في الفتح، ثم كانت غزوة مؤتة الشديدة، ثم غزوة تبوك وهي المعروفة بجيش العسرة، التي استهدفت محاربة الروم علي مشارف الشام، ثم دعاهم مرة أخري لقتال الروم في جيش أسامة الذي جهزه وأمر بإنفاذه وشدد علي ذلك في مرضه الذي توفي فيه. فكيف يقال إن النبي صلي الله عليه وآله وسلم لم يدعهم إلي قتال بعد نزول الآية؟! ولأجل الفرار من هذا المأزق ذهبوا إلي آية سورة التوبة النازلة في المخلفين: (فإن رجعك الله إلي طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا [ صفحه 87] مع الخالفين) [147] . قال ابن حزم بعد أن ذكر هذه الآية ما نصه: (وكان نزول سورة براءة التي فيها هذا الحكم بعد غزوة تبوك بلا شك التي تخلف فيها الثلاثة المعذورون الذين تاب الله عليهم في سورة براءة، ولم يغز عليه السلام بعد غزوة تبوك إلي أن مات. وقال تعالي أيضا: (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلي مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل) [148] فبين أن العرب لا يغزون مع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بعد تبوك) [149] وهذا أول التهافت! فالآية الثانية، آية سورة الفتح، نزلت في الحديبية سنة ست للهجرة بلا خلاف، أي قبل تبوك بثلاث سنين! ويتضح التهافت جليا حين يواصل القول مباشرة: (ثم عطف سبحانه وتعالي عليهم إثر منعه إياهم من الغزو مع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وغلق باب التوبة فقال تعالي: (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلي قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون) فأخبر تعالي أنهم سيدعوهم غير النبي صلي الله عليه وآله وسلم إلي قوم يقاتلونهم أو يسلمون) [150] . وهكذا قلب ترتيب الآيات، فقدم آية التوبة النازلة بعد تبوك سنة تسع، وأخر آية الفتح النازلة في الحديبية سنة ست، ليتفق له ما يريد!! [ صفحه 88] وهذا هو الخطأ الأول، فكيف يكون ما نزل سنة تسع من الهجرة مقدما علي ما نزل سنة ست؟! وأما الخطأ الثاني فليس بأقل ظهورا من الأول: فآية سورة الفتح النازلة في الحديبية في السنة السادسة قد جاء فيها الأخبار عن وقوع الدعوة، وتعليق الثواب والعقاب بالطاعة والعصيان منهم، فنص الآية يقول: (ستدعون إلي قوم أولي بأس شديد...) وقد وقعت الدعوة منه صلي الله عليه وآله وسلم حقا في حنين ومؤتة وتبوك. أما آية سورة التوبة في المخلفين المنافقين فقد أغلقت عليهم طريق التوبة ومنعت خروجهم مع النبي ومع غيره أيضا، إذ كيف يدعوهم أبو بكر أو عمر إلي جهاد الكفار وهم قد شهد عليهم الله ورسوله بالكفر والموت علي الضلال؟! فقال تعالي في تلك الآية نفسها: (فإن رجعك الله إلي طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين - ولا تصل علي أحد منهم مات أبدا ولا تقم علي قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) [151] . وهذا صريح في حكم الله تعالي عليهم بالكفر وقت نزول الآيات، وأنهم يموتون علي الكفر والضلال، وأكد ذلك بقوله في الآية التالية مباشرة: (ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) [152] . [ صفحه 89] فهؤلاء إذن المقطوع بكفرهم وموتهم علي الكفر، غير أولئك الذين ذكرتهم سورة الفتح ووعدتهم بالثواب إن هم استجابوا للداعي! ثمة التفاتة هامة جدا، وهي: أنه في ذات الواقعة التي نزلت فيها الآية الأولي: (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلي قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا...) أي في الحديبية ذاتها، قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم لوفد قريش: يا معشر قريش، لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف علي الدين، قد امتحن قلبه علي الإيمان قالوا: من هو يا رسول الله؟ فقال أبو بكر: من هو يا رسول الله؟ وقال عمر: من هو يا رسول الله؟ قال صلي الله عليه وآله وسلم: خاصف النعل وكان قد أعطي عليا نعلا يخصفها. أخرجه الترمذي والنسائي وابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة [153] . ونحو هذا تماما قاله النبي صلي الله عليه وآله وسلم لوفد ثقيف، قال: لتسلمن أو لأبعثن عليكم رجلا مني - أو قال: مثل نفسي - ليضربن أعناقكم، وليسبين ذراريكم، وليأخذن أموالكم قال عمر: فوالله ما تمنيت الإمارة إلا يومئذ، فجعلت أنصب صدري رجاء أن يقول: هو هذا. فالتفت إلي علي فأخذ بيده وقال: هو هذا، هو هذا [154] . ونحوه ما أخبر به النبي صلي الله عليه وآله وسلم أنه واقع بعده، فقال: إن منكم من يقاتل [ صفحه 90] علي تأويل القرآن كما قاتلت علي تنزيله فاستشرف له القوم، وفيهم أبو بكر وعمر، فقال أبو بكر: أنا هو؟ قال: لا. قال عمر: أنا هو؟ قال: لا، ولكن خاصف النعل وكان علي يخصف نعل النبي صلي الله عليه وآله وسلم [155] . وهذه نصوص اجتمعت صراحة علي نفي وإثبات: نفت صراحة أن يكون الداعي أبو بكر أو عمر.. وأثبتت صراحة أن الداعي بعد الرسول (ص) هو الإمام علي (ع)! وبعد وجود هذه النصوص الموثقة المتضافرة فلا مسوغ للرجوع إلي مداخلات المتكلمين. [ صفحه 91]

النصوص الصحيحة الحاكمة

اشاره

نصوص أيقن بها طائفة من الصحابة، علي رأسهم علي، يقينا لا يسمح أن يتسرب إلي مدلولها شك.. يقينا دفع عليا عليه السلام أن يرد بدهشة علي من دعاه لتعجيل البيعة بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم، قائلا: ومن يطلب هذا الأمرغيرنا [156] . لكن تسارع الأحداث تلك الأثناء، وإحكام القبضة، لم يتركا لشئ من تلك النصوص موقعا يرتجي، أما حين تحققت بارقة أمل يوم اجتماع الأصحاب الستة للشوري ولم يبت في الأمر بعد، فلم يتوان علي عليه السلام عن التذكير بطائفة منها [157] . وبعد أن تمت له البيعة كانت الأذهان أكثر استعدادا للإصغاء، وأوسع فسحة للتأمل.. فبالغ في التذكير ببعضها، نصا أو دلالة، حتي امتلأت بها خطبه الطوال والقصار، وكان لا يخلو تذكيره أحيانا من تقريع، ظاهر.. أو خفي! وبواحد من مواقفه نستهل هذه الطائفة من النصوص: 1 - قوله (ص): من كنت مولاه فعلي مولاه: خطب الإمام علي عليه السلام في الناس، فقال: أنشد الله من سمع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم [ صفحه 92] يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه لما قام فشهد! فقام اثنا عشر بدريا، فقالوا: نشهد أنا سمعنا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول يوم غدير خم: ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلنا: بلي، يا رسول الله. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عادا [158] . وحديث غدير خم لم يرد في مسند أحمد أكثر منه طرقا إلا حديثا واحدا [159] . أما في كتاب (السنة) لابن أبي عاصم (ت / 287 ه) وتاريخ ابن كثير، فلا يضاهيه حديث [160] ورواه غيرهم بأسانيد صحيحة، كالترمذي وابن ماجة، والنسائي، وابن أبي شيبة، والحاكم [161] ونص الذهبي علي تواتره [162] . [ صفحه 93] لكن بعد هذا جاء دور المتكلمين، فبذلوا جهودا مضنية في تأويله وصرفه عن معناه، بل تجريده من كل معني!! فحين رأوا أن الإقرار بدلالته علي الولاية العامة يفضي إلي إدانة التاريخ وتخطئة كثير من الصحابة، ذهبوا إلي تأويله بمجرد النصرة والمحبة، فيكون معني الحديث: يا معشر المؤمنين، إنكم تحبونني أكثر من أنفسكم، فمن يحبني يحبعليا، اللهم أحب من أحبه، وعاد من عاداه [163] . وحين رأوا أن جماعة من الصحابة قد عادوه وحاربوه، ومنهم: عائشة وطلحة والزبير، وأن آخرين قد أسسوا دينهم ودنياهم علي بغضه، ومنهم: معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة ومروان وعبد الله بن الزبير.. ذهبوا إلي حق هؤلاء في الاجتهاد مقابل ذلك النص، فهم معذورون وإن أخطأوا، بل مأجورون أجرا واحدا لأجل اجتهادهم [164] . وهكذا أصبح الخروج علي نصوص الشريعة حتي في مثل تلك الطرق السافرة، اجتهادا يثاب صاحبه، وليس بينه وبين الآخر الذي تمسك بالشريعة وقاتل دونها إلا فرق الأجر! فالذي قاتل الشريعة له نصف أجر الذي قاتل دونها!! لقد كان الأولي بهم أن يتابعوا سنة الرسول، ويوقروا نصه الشريف الثابت عنه، بدلا من إفراطهم في متابعة الأمر الواقع الذي ظهر فيه اختلاف كثير.. [ صفحه 94] فالحق أن هذا نص صريح في ولاية الإمام علي عليه السلام، لا يحتمل شيئا من تلك التأويلات التي ما كانت لتظهر لولا الانحياز للآمر الواقع ومناصرته. ومما يزيد في ظهور هذا النص نصوص أخري تشهد له وتبينه، كما نري في النصوص الآتية: 2 - قوله صلي الله عليه وآله وسلم: إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي. حديث صحيح [165] . 3 - ومثله قوله صلي الله عليه وآله وسلم في علي: إنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي.. إنه مني وأنا منه وهووليكم بعدي يكررها [166] . 4 - ومثله قوله صلي الله عليه وآله وسلم لعلي: أنت وليي في كل مؤمن بعدي. أو: أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة [167] . وبعد اليقين بصحة هذه الأحاديث، لا يمكن أن تفسر بحسب ظاهرها فتدين الواقع التاريخي! فلما أرادوا تفسير الولاية هنا أيضا بالنصرة والمحبة، نظير ما في قوله تعالي: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) [168] ، صدمهم قوله: بعدي الذي لا يمكن أن يتشابه معناه! [ صفحه 95] ولما كانت قدسية الرجال أعظم من قدسية النص، رغم ثبوت صحته عندهم، شهروا سيف التكذيب، فقالوا: إسناده صحيح مع نكارة في متنه لشذوذ كلمة (بعدي)! ولما أرادوا البرهان علي هذه النكارة والشذوذ فمن اليسير جدا أن يرموا بها شيعيا ورد في إسناد بعضها [169] . لكن من البديهي أن مثل هذا البرهان الأخير يحتاج إلي توثيق، خصوصا إزاء حديث يرد بأسانيد صحيحة متعددة، فكيف وثقوه؟! ليتهم لم يوثقوه، ليتهم تركوه مجازفة كمجازفات الكثير من أصحاب الأذواق!! قالوا في توثيقه: يؤيده أن الإمام أحمد روي هذا الحديث من عدة طرق ليست فيواحدة منها هذه الزيادة [170] . إنها مقالة من لا يخشي فضيحة التحقيق!! فالنصوص الثلاثة التي ذكرناها لهذا الحديث، وفي جميعها كلمة (بعدي) جميعها في مسند أحمد [171] . وأغرب من هذا أن المحقق الذي ينقل قولهم المتقدم ويعتمده، يخرج بعضها علي مسند أحمد نفسه [172] . [ صفحه 96] ومرة أخري ينهار ذلك البرهان وتوثيقه أمام الحديث الذي رواه أحمد في مسنده وفيه قوله (ص): أنت وليي في كل مؤمن بعدي [173] ، وليس في إسناده واحد من أولئك (الشيعة) الذين اتهموا به! بل اتفق علي صحته الحاكم والذهبي والألباني [174] . إن هذه الدلائل ليست فقط تثبت صحة قوله بعدي، إنما تثبت أيضا أن الرواية التي وردت في مسند أحمد أو غيره وليس فيها كلمة بعدي إنما قام (بتهذيبها) أنصار التاريخ الذين نصروه حتي في أوج انحرافه عن السنة.. كيف لا؟! وهي إدانة صريحة لمساره المنحرف الذي صار عقيدة يتدينون بها، ويضللون من خالفهم فيها! 5 - الحديث الذي غاب عن (السنن) وأظهره أصحاب التاريخ والتفسير: قوله (ص): إن هذا أخي، ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا [175] . فإذا كان الذي دهش قريشا في جاهليتها هو أن يؤمر أبو طالب بأن [ صفحه 97] يسمع لابنه ويطيع [176] ، فقد دهشها بعد الإسلام أن يؤمر كل الصحابة بذلك! قال ابن كثير: ذكروا في إسناد هذا الحديث عبد الغفار بن القاسم، وهو كذاب، شيعي،اتهمه علي بن المديني بوضع الحديث، وضعفه الباقون [177] . لكن أبو مريم، عبد الغفار بن القاسم، قد حفظ له التاريخ غير ما ذكر ابن كثير! حفظ لنا خلاصة سيرته، وصلته بالحديث، ومنزلته فيه، ثم حفظ علة تركهم حديثه: قال ابن حجر العسقلاني: (كان - أبو مريم - ذا اعتناء بالعلم وبالرجال.. وقال شعبة: لم أر أحفظ منه.. وقال ابن عدي: سمعت ابن عقدة يثني علي أبي مريم ويطريه، ويجاوز الحد في مدحه، حتي قال: لو ظهر علي أبي مريم ما اجتمع الناس إلي شعبة) [178] . إذن لأمر ما لم يظهر علي أبي مريم! قال البخاري: عبد الغفار بن القاسم ليسبالقوي عندهم.. حدث بحديث بريدة علي مولي من كنت مولاه [179] . [ صفحه 98] لكن حديث بريدة هذا قد أخرجه ابن كثير نفسه من طريق آخر وصفه بأنه إسناد جيد قوي، رجاله كلهم ثقات [180] ذلك هو أبو مريم! 6 - خلاصة وصية النبي لأمته في حفظ رسالته، قال (ص): ألا أيها الناس، إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين: أولهما كتاب الله، فيه الهدي والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به.. وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي [181] . - إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلي الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتي يردا علي الحوض..فانظروا كيف تخلفوني فيهما [182] . -إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله، وأهل بيتي... [183] . تلك خلاصة رسالة السماء... ومفتاح المسار الصحيح الذي أراده النبي صلي الله عليه وآله وسلم لشريعته. وهذا كلام لا يختلف في فهمه عامي وبليغ.. فمن أين يأتيه التأويل؟! إنه لو قدر أن تتحقق الخلافة لعلي أولا، لما ارتاب أحد في هذا النص [ صفحه 99] الصريح الصحيح.. لكن اختلاف المسار الجديد عنه، وتقديس الرجال، هما وراء كل ما نراه من ارتياب وتجاهل لنص لا شئ أدل منه علي تعيين أئمة المسلمين، خلفاء الرسول!! إن أغرب ما جاء في (تعطيل) هذا النص قول متهافت ابتدعه ابن تيمية حين قال: (إن الحديث لم يأمر إلا باتباع الكتاب، وهو لم يأمر باتباع العترة، ولكن قال: أذكركم الله في أهل بيتي) [184] !فقط وفقط، ولا كلمة واحدة!! ولهذا القول المتهافت مقلدون، والمقلد لا يقدح في ذهنه ما يقدح في أذهان البسطاء حتي ليعيد علي شيخه السؤال: أين الثقل الثاني إذن؟! أين الخليفة الثاني إذن، والنبي يقول الثقلين.. خليفتين؟! ومن هذان اللذان لن يفترقا حتي يردا الحوض معا؟! كتاب الله وعترتي أهل بيتي إنهما المحوران اللذان سيمثلان محل القطب في مسار الإسلام الأصيل غدا بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم. وليس بعد هذا الحديث، وحديث غدير خم، ما يستدعي البحث عن نصوص أخر لمن شاء أن يؤمن بالنصوص..

الخطاب الجامع مفترق الطرق

في حديث صحيح، جمع الخطاب وأوجز: قال الصحابي زيد بن أرقم: لما دفع النبي صلي الله عليه وآله وسلم من حجة الوداع ونزل [ صفحه 100] غدير خم، أمر بدوحات فقم من [185] ، ثم قال: كأني دعيت فأجبت، وإني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي. فانظروا كيف تخلفوني فيهما! فإنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض. ثم قال: إن الله مولاي، وأنا ولي كل مؤمن ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه، فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. قال أبو الطفيل: قلت لزيد: سمعته من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم؟! قال: نعم، وإنه ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينه وسمعه بأذنيه ص 2. هذا الخطاب، علي نحو مائة ألف من المسلمين شهدوا حجة الوداع، وعند مفترق طرقهم إلي مدائنهم، لم يعش النبي صلي الله عليه وآله وسلم بعده إلا نحو ثمانين يوما [186] ، ليكون هذا الخطاب ذاته بعد اليوم الثمانين مفترق الطرق بين المسلمين، وحتي اليوم!! ثمانون يوما لا تكفي لنسيانه!! [ صفحه 101] ودواعي الذكري التي أحاطت به لا تسمح بتناسيه!! لكن لم يحدثنا التاريخ أن أحدا قد ذكره في تلك الأيام الحاسمة التي ينبغي ألا تعيد الأذهان إلي شئ قبله، فهو النص الذي يملأ ذلك الفراغ، ويسكن له ذلك الهيجان، وتنقطع دونه الأماني، أو فرص الاجتهاد.. إني يوشك أن أدعي فأجيب.. وإني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي.. من كنت مولاه فعلي مولاه... والعهد، بعد، قريب، جد قريب.. فإذا وجدنا اليوم من لم يؤمن بالنص علي خليفة النبي (ص)، فليس لأن النبي لم يقله، بل لأن الناس يومئذ لم يذكروه!! 7 - قوله (ص): أنت مني بمنزلة هارون من موسي، إلا أنه لا نبي بعدي. حديث متواتر لا خلاف فيه [187] ، لكن الكلام في تأويله، وما أغنانا عن التأويل الذي ما أبقي من النص إلا حروفه!! غريب جدا ما ذهب إليه المتأولون من أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم لم يقله إلا تطييبا لخاطر علي وترغيبا له في البقاء في المدينة لما أرجف به المنافقون وقالوا: خلفك مع النساء والصبيان! وليس فيه من تشابه المنزلتين إلا [ صفحه 102] القرابة [188] غريب في نسبة هذه الأغراض إلي حديث نبوي ظاهر، إلي حديث النبي (ص) الذي لا يقول إلا حقا، ومع علي (ع) بالذات، ربيب النبي وبطل الملاحم!! وغريب في تناسي القرآن، وكأن القرآن لم يذكر شيئا من منزلة هارون من موسي!! وغريب في الغفلة عما يضفيه هذا التأويل إلي الإمام علي (ع) وسعد وابن عباس، علي الأقل، من سذاجة في التفكير وقصور في الفهم!! ألم يكن الإمام علي (ع) يعرف قرابته من رسول الله (ص) قبل ذلك اليوم؟! أم كان سعد لم يتمن إلا هذه القرابة وهو يقول: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول في علي ثلاث خصال لئن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعته يقول: إنه مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي بعدي... [189] فهل فهم منه القرابة، لا غير؟! أم كان ابن عباس لا يريد إلا القرابة حين يذكر لعلي (ع) عشر خصال ليست لأحد من الناس، فيعد فيها هذا الحديث [190] ؟! فهل كان النبي (ص) ليس له ابن عم إلا علي (ع)؟! [ صفحه 103] لقد كان لابن عباس من قرابة النبي (ص) مثل ما لعلي عليه السلام فكلاهما ابن عمه صلي الله عليه وآله وسلم!! ويساويهما في هذه القرابة كل أولاد أبي طالب وأولاد العباس وأولاد أبي لهب! ولا يخفي أيضا أن قرابة علي للرسول ليست كقرابة هارون لموسي (صلوات الله عليهم أجمعين)، فليست هي المعنية في النص قطعا.. وغريب أن يخفي علي هؤلاء ما هو ظاهر لمن هو دونهم: فقوله (ص): أنت مني بمنزلة هارون من موسي ظاهر في عمومه واستيعابه جميع مصاديق تلك المنزلة، ومن هنا استثني النبوة، فقال (ص): إلا أنه لا نبي بعدي فلما استثني النبوة فقد نص علي ثبات المصاديق الأخر، وهي: (الوزارة والخلافة). فلو لم يرد النص إلا في غزوة تبوك، لما أفاد ذلك تخصيصه بتلك الغزوة ما دام الحديث نصا في العموم. ولقد ورد هذا النص نفسه في غير غزوة تبوك أيضا، كما رواه ابن حبان وغيره في خبر المؤاخاة في السنة الأولي من الهجرة النبوية [191] . 8 - قوله (ص): يكون بعدي اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش. متواتر، لا نزاع فيه [192] . [ صفحه 104]

اهل البيت أولا

يقول ابن تيمية: إن بني هاشم أفضل قريش، وقريش أفضل العرب، والعرب أفضل بني آدم، كما صح عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قوله في الحديث الصحيح: إن الله اصطفي بني إسماعيل، واصطفي كنانة من بني إسماعيل، واصطفي قريشا من كنانة، واصطفي بني هاشم من قريش.. ويمكن أن يضاف إلي هذا كثير: أ - اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، ولا أحد سواهم، ذلك حين نزل قوله تعالي: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [193] فأدار عليهم الكساء وقال فيهم قوله المتفق عليه هذا [194] . ب - نحن بنو عبد المطلب سادة أهل الجنة: أنا، وحمزة، وعلي، وجعفر، والحسن، والحسين، والمهدي [195] . ج - الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة [196] . [ صفحه 105] د - المهدي من عترتي، من ولد فاطمة [197] . فلم يبق في الأمر أدني غموض، بعد تقديم بني هاشم الصريح، وتقديم أهل البيت خاصة علي سائر بني هاشم، وصراحة النصوص المتقدمة، لا سيما الغدير والولاية والثقلين، وببساطة كبساطة هذا الدين الحنيف، وبعيدا عن شطط التأويل بعد هذا الدين عن التعقيد والتنطع، تبدو عندئذ كم هي ظاهرة إمامة اثني عشر سيدا من سادة أهل البيت عليهم السلام.. وتحديدا: أولهم علي، فالحسن، فالحسين، وآخرهم المهدي (عليهم السلام). ومن لحظ الاضطراب الشديد والتهافت الذي وقع فيه شراح الصحاح عند حديث الخلفاء الاثني عشر [198] ، ازداد يقينا في اختصاص سادة أهل البيت بهذا الحديث، دون سواهم. وقد اهتدي إلي هذا المعني بعض من شرح الله صدره للإسلام من أهل الكتاب لما رأوا في أسفارهم الخبر عن اثني عشر إماما يكونون بعد النبي العظيم من ولد إسماعيل [199] ، فناقضهم ابن كثير، نقلا عن شيخه ابن تيمية، ليجعل هؤلاء العظماء هم الخلفاء الذين يعدون فيهم معاوية ويزيد ومروان وعبد الملك وهشام، أو الذين لا يدرون منهم [200] . [ صفحه 106] وأهل البيت أولا: لو لم يكن ثمة نص في الإمامة، وكان للأمة أن ترشح لها أهلها، وبعد ما تقدم في تفضيل بني هاشم، وأهل البيت خاصة، فهم الأولي بالإمامة بلا منازع. وأهل البيت أولا: لو كانت الخلافة محصورة في قريش، إما لنص النبي صلي الله عليه وآله وسلم، أو لقول المهاجرين في السقيفة، (أن قريشا أولياؤه وعشيرته)، (وقومه أولي به)، (وهيهات أن يجتمع سيفان في غمد)، (ولا تمتنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم). وأخيرا: (فمن ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته، إلا مدل بباطل، أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكة) [201] . فإن هذا كله لا يرشح أحدا قبل بني هاشم، فإذا كان قومه أولي به فلا ينازعهم إلا ظالم، فما من أحد أولي به من بني هاشم، ثم أهل البيت خاصة! فبنو هاشم، دون سواهم من بطون قريش، هم المعنيون بآية الانذار في بدء الدعوة النبوية: (وأنذر عشيرتك الأقربين) [202] . وبنو هاشم هم المعنيون بالمحاصرة في شعب أبي طالب ثلاث سنين، وليس معهم إلا بني المطلب، أما بطون قريش الأخر، تيم وعدي [ صفحه 107] وأمية ومخزوم وزهرة وغيرها، فهم الذين تحالفوا علي محاصرة عشيرة محمد الأقربين، بني هاشم وبني المطلب!! فهل خفي هذا علي أحد، لو خفيت عليه النصوص؟! فالذي جادل في النصوص ودفعها بأنها لو صحت، أو لو أفادت الخلافة، لما خفيت علي عظماء الصحابة وجمهورهم.. عليه أن يقف أمام هذه الحقيقة، كيف خفيت عليهم؟!

سلوك النبي في إبلاغ إمامة علي

عمليا كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم يمارس إعداد الإمام علي (ع) لخلافته، ومنذ بدء الدعوة، ويظهر لصحبه وللناس أنه ينصبه لذلك، عملا مشفوعا بالقول أحيانا، مصرحا بين الحين والحين بأن ذلك من الله تعالي وبأمره.. منذ البدء، نشأ علي (ع) في بيت النبي (ص) يتبعه اتباع الظل، حتي بعث صلي الله عليه وآله وسلم فكان علي أول من آمن به مع زوجته خديجة [203] . وكان النبي صلي الله عليه وآله وسلم يخرج إلي البيت الحرام ليصلي فيه، فيصحبه علي (ع) وخديجة فيصليان خلفه، علي مرأي من الناس، ولم يكن علي الأرض من يصلي تلك الصلاة غيرهم [204] . [ صفحه 108] وكان الإمام علي (ع) يصف أيامه تلك، فيقول: وقد علمتم موضعي من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلي صدره... وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل... ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وخديجة وأنا ثالثهما، أري نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة... [205] . ويوم أنذر عشيرته الأقربين، رفع شأن علي عليهم جميعا، وخصه بمنزلة لا يشركه فيها غيره. ويوم هجرته إلي المدينة، اختار عليا يبيت في فراشه، ثم يؤدي ما كان عند النبي (ص) من أمانات، ثم يهاجر بمن بقي من نساء بني هاشم. ثم اختصه بمصاهرته في خير بناته سيدة نساء العالمين [206] ، بعد أن تقدم لخطبتها أبو بكر ثم عمر فردهما صلي الله عليه وآله وسلم [207] ! وقال لها: زوجتك أقدم أمتي سلما، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما [208] . وآخي بين المهاجرين والأنصار، ثم اصطفي عليا (ع) لنفسه فقال له: أنت [ صفحه 109] أخي في الدنيا والآخرة، أو: أنت أخي وأنا أخوك [209] فكان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم سيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد، والإمام علي بن أبيطالب (ع)، أخوين [210] . وفي سائر حروبه كان لواؤه صلي الله عليه وآله وسلم أو راية المهاجرين بيد الإمام علي عليه السلام [211] . وفي خيبر بعث أبا بكر براية، فرجع ولم يصنع شيئا، فبعث بها عمر، فرجع ولم يصنع بها شيئا، فقال صلي الله عليه وآله وسلم: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، لا يخزيه الله أبدا، ولا يرجع حتي يفتح عليه فدعا عليا (ع) ودفع إليه الراية ودعا له، فكان الفتح علي يديه [212] . وفي عبارة بعضهم: بعث أبا بكر فسار بالناس فانهزم حتي رجع إليه، وبعث عمر فانهزم بالناس حتي انتهي إليه [213] وفي عبارة بعضهم: فعاد يجبن أصحابهويجبنونه [214] . ويقول صلي الله عليه وآله وسلم لأصحابه: إن منكم من يقاتل علي تأويل القرآن كما قاتلت علي تنزيله فيستشرفون له، كل يقول: أنا هو؟ وفيهم أبو بكر [ صفحه 110] وعمر، فيقول: لا، لا، لكنه علي [215] . ويبعث أبا بكر بسورة براءة أميرا علي الحج، ثم يبعث خلفه الإمام عليا (ع) فيأخذها منه، فيعود أبو بكر إلي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فيقول: أحدث في شئ، يا رسول الله؟! فيقول صلي الله عليه وآله وسلم: لا، ولكني أمرت ألا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني [216] . وكان لبعض الأصحاب أبواب شارعة في المسجد، فقال لهم (ص): سدوا هذه الأبواب، إلا باب علي [217] . وكان الصحابة عنده في المسجد، فدخل علي (ع)، فلما دخل خرجوا، فلما خرجوا تلاوموا! فرجعوا، فقال لهم صلي الله عليه وآله وسلم: والله ما أنا أدخلته وأخرجتكم، بل الله أدخله وأخرجكم [218] . ودعاه يوم الطائف يناجيه، فقال بعضهم: لقد طال نجواه مع ابن عمه!! [ صفحه 111] فقال لهم صلي الله عليه وآله وسلم: ما أنا انتجيته، ولكن الله انتجاه [219] . في حجة الوداع أشركه في هديه، دون غيره من أصحابه أو ذوي قرباه [220] . وفيها خطب خطبته الشهيرة في علي وأهل البيت عليهم السلام بغدير خم، وتقدم نصها آنفا. وخصه النبي صلي الله عليه وآله وسلم مدة حياته الشريفة بمنزلة ليست لأحد! خصه بساعة من السحر يأتيه فيها كل ليلة [221] . وإذ نزل قوله تعالي: (وأمر أهلك بالصلاة) [222] كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم يأتي باب علي صلاة الغداة كل يوم، ويقول: الصلاة، رحمكم الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [223] . وحين يتوفي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يخص عليا بميراثه دون عمه العباس، فسئل ولد العباس عن ذلك فقالوا: إن عليا كان أولنا به لحوقا، وأشدنا به لصوقا [224] . وغير هذا كثير، وقد عرفه الصحابة في حياة الرسول (ص).. [ صفحه 112]

الصحابة والمعرفة بالتعيين

سمع الصحابة وشهدوا نصوص النبي صلي الله عليه وآله وسلم وسلوكه في نصب الإمام علي عليه السلام وتعيينه لخلافته مباشرة، فأدركوا ذلك ووعوه، حتي ظهر في أقوال بعضهم، وظهر عند آخرين قولا وعملا. فاشتهر عن بعضهم تمنيه أن لو كانت له واحدة من تلك الخصال التي خص بها علي عليه السلام، كما عرف ذلك عن: عمر بن الخطاب، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر [225] . واشتهر عن آخرين متابعتهم له حتي عرفوا في ذلك العهد بشيعة علي (ع)، منهم: أبو ذر، وعمار، وسلمان، والمقداد [226] . بل كان عامة المهاجرين والأنصار لا يشكون في أن عليا عليه السلام هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم [227] . وأبو بكر سمع بنفسه قول ابنته عائشة لرسول الله (ص) بصوت عال: والله لقد علمت أن عليا أحب إليك من أبي! فأهوي إليها ليلطمها، وقال: يا ابنة فلانة، أراك ترفعين صوتك علي رسول الله [228] . [ صفحه 113] قال معاوية بن أبي سفيان في رسالته إلي محمد بن أبي بكر، وهي الرسالة التي أشار إليها الطبري ثم قال: (كرهت ذكرها لأمور لا تحتملها العامة [229] ! قال فيها معاوية مخاطبا محمد بن أبي بكر: قد كنا وأبوك معنا في حياة نبينا نري حق ابن أبي طالب لازما لنا، وفضله مبرزا علينا [230] . وشهيرة كلمة عمر بن الخطاب يوم غدير خم: هنيئا لك يا بن أبي طالب، أصبحت مولي كل مؤمن ومؤمنة [231] . علما أن هذه الكلمة مولي وولي لم تعرف لأحد من الصحابة إلا لعلي عليه السلام في جملة من الأحاديث النبوية الشريفة كما تقدم آنفا. بل في القرآن أيضا: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمونالصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) [232] . قال الآلوسي: (غالب الأخباريين علي أنها نزلت في علي بن أبي طالب [233] ، وعليه شبه إجماع لدي المفسرين [234] ، وطائفة من أصحاب [ صفحه 114] الحديث) [235] . وهذا كله كان يعرفه الصحابة من المهاجرين والأنصار خاصة لقربهم من النبي صلي الله عليه وآله وسلم. ومن قول محمد بن أبي بكر في رسالته إلي معاوية، يصف عليا عليه السلام: (وهو وارث رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ووصيه، وأبو ولده، أول الناس له اتباعا، وأقربهم به عهدا، يخبره بسره، ويطلعه علي أمره) [236] . وعبد الله بن عباس، حبر الأمة، يصفه أيضا لمعاوية، فيسميه (سيدالأوصياء) [237] . والحسن السبط عليه السلام خطب خطبته الأولي بعد وفاة أبيه فذكر: عليا خاتم الأوصياء [238] . وخزيمة بن ثابت، ذو الشهادتين، يصفه لعائشة، فيقول:وصي رسول الله من دون أهله - وأنت علي ما كان من ذاك شاهده [239] . وهكذا ثبت لقب (الوصي) لعلي عليه السلام عن عدد من الصحابة غير من ذكرنا، منهم: أبو ذر الغفاري، وحذيفة بن اليمان، وعمرو بن الحمق [ صفحه 115] الخزاعي، وحجر بن عدي (حجر الخير)، وأبو الهيثم بن التيهان وغيرهم [240] . فكما عرفوه وليا عرفوه وصيا أيضا، وذو الشهادتين حين أدلي، في حديثه المتقدم، بشهادتيه علي أن عليا وصي النبي، لم يقف عند هذا الحد، بل ألزم عائشة أيضا الشهادة علي ذلك. إذن لم يكن لقب الوصي محدثا كما صوره بعض الدارسين الذين أغفلوا شهادة التاريخ ثم أسقطوا نزعاتهم الشخصية علي المفاهيم، وعلي التاريخ كله، فصوروا الوصي وكأنه من صنع اليهود، ومنهم انتقل إلي المسلمين [241] ؟، عن طريق عبد الله بن سبأ المزعوم أو غيره [242] ، أو هو من صنع الشيعة ابتدعه هشام بن الحكم (ت / 191 ه) ولم يكن معروفا قبله لا من ابن سبأ ولا من غيره [243] ! فالأشعار والنصوص المتقدمة المحفوظة عن الصحابة سبقت ميلاد هشام بن الحكم بنحو ثمانين سنة! كلا، بل ذاك مما عرفه الصحابة أو بعضهم لعلي (ع)، وحفظه تاريخهم، لهم أو عليهم! [ صفحه 116] ربما يقال إن في تلك المصادر نزعة شيعية، والشيعة ليس من حقهم أن يساهموا في كتابة التاريخ، بل ليس من حقهم أن يكتبوا تاريخهم الخاص أيضا! لكن هل يقال هذا في ابن حجر العسقلاني؟! ففي شرحه لصحيح البخاري يثبت ابن حجر أن (الشيعة) كانوا يتداولون أحاديث الوصية، فنهضت عائشة في مواجهة ذلك التيار بحديثها الذي أثبته البخاري، تقول فيه إن النبي صلي الله عليه وآله وسلم لما نزل به الموت ورأسه علي فخذي غشي عليه ثم أفاق، فقال: اللهم الرفيق الاعلي فكانت آخر كلمة تكلم بها اللهم الرفيق الأعلي. قال العسقلاني نقلا عن الزهري في ما يرويه عن جماعة من أهل العلم فيهم عروة بن الزبير: كأن عائشة أشارت إلي ما أشاعته الرافضة أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أوصي إلي علي (ع) بالخلافة وأن يوفي ديونه [244] . لكن لا العسقلاني ولا الزهري ولا جماعة أهل العلم يشاءون أن يتقدموا في التحقيق خطوة واحدة إلي الإمام، لأن الخطوة اللاحقة سوف تنفض أيديهم مما وضعه فيها حديث عائشة! فالسيدة أم سلمة أقسمت علي كذب الحديث المروي عن عائشة، حين أقسمت أن آخر الناس عهدا بالنبي هو علي بن أبي طالب! قالت: (والذي أحلف به، إن كان علي لأقرب الناس عهدا برسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، عدنا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم غداة بعد غداة يقول: جاء علي؟ مرارا، فجاء [ صفحه 117] بعد، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب وكنت من أدناهم إلي الباب، فأكب عليه علي، فجعل يساره ويناجيه، ثم قبض صلي الله عليه وآله وسلم من يومه ذاك وكان أقرب الناس به عهدا) [245] . فالصحابة كانوا يعرفون ذلك وإن أنكرته عائشة، فدخل حديثها صحيح البخاري دون حديث أم سلمة الذي كان رجاله من رجال الصحيح! والحوارات التي أدارها عمر بن الخطاب مع ابن عباس هي الأخري حوارات كاشفة عن هذا المعني: ففي أحدها: يكشف عمر عن معرفته بذلك فيقول: (لقد كان النبي يربع في أمره وقتا ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه، فمنعت من ذلك، إشفاقا وحيطة علي الإسلام! ورب هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبدا). أما ابن عباس فيؤكد أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قد نص علي علي (ع)، وأنه سمع ذلك من علي والعباس [246] . وفي أخري: يؤكد عمر إرادة قريش، فيقول: كرهت قريش أن تجتمع فيكم النبوة والخلافة فتجخفوا جخفا [247] ، فنظرت قريش لنفسها فاختارت!! [ صفحه 118] لكن ابن عباس يحمل علي هذه الحجة حملا عنيفا، متسلحا بآي القرآن هذه المرة، فيقول: (أما قولك: كرهت قريش! فإن الله تعالي قال لقوم: (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) [248] . وأما قولك: إنا كنا نجخف! فلو جخفنا بالخلافة جخفنا بالقرابة، لكنا قوم أخلاقنا مشتقة من أخلاق رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الذي قال له الله تعالي: (وإنك لعلي خلق عظيم) [249] وقال له: (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) [250] . وأما قولك: فإن قريشا اختارت! فإن الله تعالي يقول: (وربك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة) [251] . وقد علمت يا أمير المؤمنين أن الله اختار من خلقه لذلك من اختار! فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لوفقت وأصابت)!! ولهذا الحوار مصادره المهمة أيضا [252] . وهذه هي نظرية النص في إطارها التام: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة)، وإن الله اختار من خلقه لهذا الأمر من اختار.. والحوار الطويل الذي أداره عثمان أيام خلافته مع ابن عباس، يكشف [ صفحه 119] عن وضوح تام لهذه القضية، إذ يختم عثمان حديثه بقوله: (ولقد علمت أن الأمر لكم، ولكن قومكم دفعوكم عنه، واختزلوه دونكم)! فأكد ابن عباس هذا المعني في جوابه، وذكر العلة فيه كما يراها، ويري أنها لم تكن خفية أيضا علي عثمان، فيقول: (أما صرف قومنا عنا الأمر فعن حسد قد والله عرفته...) [253] . هذا كله وكثير غيره عرفه الصحابة، وحفظه التاريخ، لهم أو عليهم! فحق إذن لقائل أن يقول: إن غالبية المسلمين حين توفي النبي صلي الله عليه وآله وسلم كانوا مع الاتجاه الذي يمثله الإمام علي بن أبي طالب (ع) وأصحابه، لأن النبي (ص) كان زعيم هذا الاتجاه [254] . لقد كان عامة المهاجرين والأنصار لا يشكون في أن الإمام عليا هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم.

النص في حديث علي

واضح جدا في قراءة تلك الحقبة من التاريخ أن عليا عليه السلام هو أكثر من تبني إظهار النصوص والإشارات الدالة علي اختياره من الله لخلافة الرسول، أو النص عليه بالاسم. فكلماته دالة علي ثبوت الخلافة له بعد الرسول بلا فصل، وأن انتقال [ صفحه 120] الخلافة إلي غيره كان بغير حق، بل استئثار وغلبة، بل كلماته نصوص صريحة في هذه المعاني كما سنري هنا.

في حقه خاصة

الإمام علي عليه السلام هو الذي أعاد إلي الأذهان أحاديث نبوية تبرز حقه في الخلافة بلا منازع، لم يكن مأذونا بها أيام الخلفاء، إذ منعوا من الحديث إلا ما كان في فريضة، يريدون بها الأحكام وفروع العبادات: 1 - فقد جمع الناس أيام خلافته فخطبهم خطبته المنقولة بالتواتر، يناشد فيها أصحاب رسول الله من سمع منهم رسول الله بغدير خم يخطب فيقول: من كنت مولاه فعلي مولاه إلا قام فشهد [255] . 2 - وعلي (ع) هو الذي أعاد نشر حديث آخر يقدمه علي أبي بكر وعمر خاصة، إذ أخبر النبي أن من أصحابه من يقاتل بعده علي تأويل القرآن كما قاتل هو صلي الله عليه وآله وسلم علي تنزيله، فتمني أبو بكر أن يكون هو ذلك الرجل، فلم يصدق النبي أمنيته، بل قال له لا! فتمني ذلك عمر لنفسه فلم يكن أحسن حظا من أبي بكر، ثم قطع النبي الأماني كلها حين أخبرهم أنه علي، لا غير [256] . هذه الأحاديث وغيرها وإن رويت عن غيره إلا أن روايتها عنه امتازت بكونها خطبا علي جمهور الناس، لا حديثا لواحد أو لبضعة نفر، وهذا أبلغ في التأكيد علي حقه الثابت له، وأيقن بأن كثيرا من الصحابة كانوا يعرفونه ولا يجهلونه! [ صفحه 121] 3 - وعلي (ع) جدد التذكير أيضا بما يبرز حقه فوق أبي بكر خاصة، حين ذكر الناس بقصة أخذه بسورة براءة من أبي بكر! روي النسائي بإسناد صحيح عن علي عليه السلام: أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بعث ببراءة إلي أهل مكة مع أبي بكر، ثم أتبعه بعلي فقال له: خذ الكتاب فامض به إلي أهل مكة قال: فلحقته فأخذت الكتاب منه، فانصرف أبو بكر وهو كئيب، فقال: يا رسول الله، أنزل في شئ؟! قال: لا، إني أمرت أن أبلغه أنا أو رجل من أهل بيتي [257] . وفي كل واحد من هذه الأحاديث رد علي من يقول إن عليا لم يذكر شيئا يدل علي أحقيته في الخلافة! هذا ولما ندخل بعد رحاب (نهج البلاغة). 4 - خطبته الشقشقية التي حظيت دائما بمزيد من التوثيق [258] ، وهي من أكثر كلماته (ع) المشهورة وضوحا ودلالة وتفصيلا: [ صفحه 122] أما والله لقد تقمصها فلان، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحي، ينحدر عني السيل، ولا يرقي إلي الطير.. فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين: أن أصول بيد جذاء، أو أصبر علي طخية عمياء!... فرأيت أن الصبر علي هاتا أحجي، فصبرت وفي العين قذي، وفي الحلق شجا، أري تراثي نهبا! حتي مضي الأول لسبيله، فأدلي بها إلي فلان بعده.. فيا عجبا! بينا هو يستقيلها [259] في حياته، إذ عقدها لآخر بعد وفاته!! لشد ما تشطرا ضرعيها!.. فصبرت علي طول المدة، وشدة المحنة.. حتي إذا مضي لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم! في الله وللشوري! متي اعترض الريب في مع الأول منهم حتي صرت أقرن إلي هذه النظائر؟!.. [260] . إذن أبو بكر أيضا كان يعلم أن محل علي من الخلافة محل القطب من الرحي! وقد يبدو هذا في منتهي الغرابة لمن ألف التصور القدسي لتعاقب الخلافة، ذاك التصور الذي صنعه التاريخ وفق المنهج الذي قرأناه في البحوث المتقدمة، ومن هنا استنكروه، كما استنكروا سائر كلامه في الخلافة، وقبله استنكروا جملة من الحديث النبوي الشريف الذي يصدم [ صفحه 123] تلك القداسة! لكن الحقيقة، كل الحقيقة، أنك لو تلمست لذلك التصور القدسي شاهدا من الواقع مصدقا له لعدت بلا شئ. لم يألف التاريخ الاصغاء لعلي!! التاريخ الذي أثبت، بما لا يدع مجالا لشبهة، أن عليا لم يبايع لأبي بكر إلا بعد ستة أشهر، صم آذانه عن سماع أي حجة لعلي في هذا التأخر! تناقض لم يستوقف أحدا من قارئي التأريخ! وكيف يستوقفهم علي عيوب نفسه، وهو وحده الذي صاغ تصوراتهم وثقافتهم؟! 5 - من كلام له (ع) بعد الشوري، وقد عزموا علي البيعة لعثمان: لقد علمتم أني أحق بها من غيري، ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة، التماسا لأجر ذلك وفضله، وزهدا في ما تنافستموه من زخرفه وزبرجه [261] . 6 - وقوله (ع) وقد قال قائل: إنك علي هذا الأمر يا بن أبي طالب لحريص. فقلت: بل أنتم والله لأحرص وأبعد، وأنا أخص وأقرب، وإنما طلبت حقا لي، وأنتم تحولون بيني وبينه، وتضربون وجهي دونه! فلما قرعته بالحجة في الملأ الحاضرين هب كأنه بهت لا يدري [ صفحه 124] ما يجيبني به [262] والقائل إما سعد بن أبي وقاص يوم الشوري علي قول أهل السنة، أو أبو عبيدة بعد يوم السقيفة علي قول الشيعة، وأيا كان فهذا الكلام مشهور يرويه الناس كافة كما يقول المعتزلي السني ابن أبي الحديد [263] . 7 - وقوله (ع): اللهم إني أستعديك علي قريش ومن أعانهم، فإنهم قطعوا رحمي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا علي منازعتي أمرا هو لي، ثم قالوا: ألاإن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تتركه [264] . 8 - وقوله (ع): أما بعد.. فإنه لما قبض الله نبيه صلي الله عليه وآله وسلم قلنا: نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه دون الناس، لا ينازعنا سلطانه أحد، ولا يطمع في حقنا طامع، إذ انبري لنا قومنا فغصبونا سلطان نبينا، فصارت الإمرة لغيرنا.... هذه هي مقدمة خطبته في المدينة المنورة في أول إمارته ولما يمض علي إمارته أكثر من شهر [265] .

في أهل البيت

مثل ما ظهر هناك من وضوح وتركيز في استعراض حقه خاصة، يظهر هنا في شأن أهل البيت في جملة من كلماته (ع): [ صفحه 125] 1 - لا يقاس بآل محمد صلي الله عليه وآله وسلم من هذه الأمة أحد.. هم أساس الدين، وعماد اليقين.. ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة.. [266] . فبعد ذكر حق الولاية، هذا واحد من مواضع يذكر فيها الوصية تصريحا أو تلميحا [267] ،ثم هو الموضع الأكثر صراحة في نسبة الوصية إلي نفسه وأهل البيت (ع)، مع هذا فهو الموضع الذي أهمله الدكتور محمد عمارة وهو يستقصي هذه المفردة في كلام الإمام علي (ع)، أو غفل عنه، لأجل أن يقول: (إننا لا نجد في خطب علي وكلامه ومراسلاته - التي ضمها نهج البلاغة - وصفه بهذا اللفظ)! هذا كله لأجل أن يدعم مقالة حلق فيها بدءا حين نسب كلمة (وصي) في الحديث النبوي أنت أخي ووصيي إلي صنع الشيعة الذين وضعوها بدلا من كلمة وزيري [268] . مع أن الرواية السنية للحديث لم تعرف غير كلمة وصيي [269] . 2 - قوله (ع): إن الأئمة من قريش، غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح علي سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم [270] . [ صفحه 126] وقد وقفنا قبل علي طائفة من النصوص الصحيحة التي اصطفت بني هاشم من قريش وقدمتهم عليهم، وطائفة من الوقائع وأحداث السيرة التي قدمت بني هاشم علي سواهم، فلا تحتج قريش بحجة إلا وكان بنو هاشم أولي بها. 3 - قوله (ع): أين تذهبون؟! وأني تؤفكون؟! والأعلام قائمة، والآيات واضحة، والمنار منصوبة، فأين يتاه بكم؟! وكيف تعمهون وبينكم عترة نبيكم وهم أزمة الحق، وأعلام الدين، وألسنة الصدق؟! فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن، وردوهم ورود الهيم العطاش. أيها الناس، خذوها عن خاتم النبيين صلي الله عليه وآله وسلم: إنه يموت من مات منا وليس بميت، ويبلي من بلي منا وليس ببال [271] . استنكار لاذع، وأسف علي هؤلاء الناس الذين تركوا عترة نبيهم، رغم وضوح الدلائل علي لزوم اتباعهم! 4 - قوله (ع): إنا سنخ أصلاب أصحاب السفينة، وكما نجا في هاتيك من نجا، ينجو في هذه من ينجو، ويل رهين لمن تخلف عنهم.. وإني فيكم كالكهف لأهل الكهف، وإني فيكم باب حطة، من دخل منه نجا ومن تخلف عنه هلك، حجة من ذي الحجة في حجة الوداع: إني تركت بين أظهركم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وعترتي أهل [ صفحه 127] بيتي [272] . 5 - قوله (ع): انظروا أهل بيت نبيكم، فالزموا سمتهم، واتبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدي، ولن يعيدوكم في ردي.. فإن لبدوا فالبدوا، وإن نهضوا فانهضوا.. ولا تسبقونهم فتضلوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا [273] . 6 - قوله (ع):.. ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر، وأترك فيكم الثقل الأصغر [274] . الثقل الأكبر: القرآن الكريم، والثقل الأصغر: الحسن والحسين عليهما السلام. 7 - قوله (ع): المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة [275] . 8 - قوله (ع): المهدي منا، من ولد فاطمة [276] . وهكذا تقسمت كلمات الإمام علي (ع) هذه بين حديث نبوي بحرفه أو بمضمونه، وبين وصف أو تقييم لحدث تاريخي حاسم، وليس في هذا كله علي الإطلاق ما يشذ عن وقائع التاريخ في صغيرة ولا كبيرة. [ صفحه 128] خلاصة اليقين بحق علي: وإن تلك الكثرة من الأدلة الرصينة لا تدع للناظر إليها بعين الإنصاف مجالا للريب في حق علي في الخلافة... لقد أيقن جميع المنصفين بحقه في الخلافة يقينا من موقعه الممتاز عند الرسول صلي الله عليه وآله وسلم ومن حياته الخالصة في الإسلام، وكذلك كان هو.. فلقد كان (ع) في حياة الرسول (ص) يقول: إن الله يقول: (أفإن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابكم) [277] والله لا ننقلب علي أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن علي ما قاتل عليه حتي أموت، والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه، فمن أحق به مني [278] . لكنه (أراده حقا يطلبه الناس، ولايسبقهم إلي طلبه) [279] . [ صفحه 129]

الخاتمة

هذه هي خلاصة قصة الخلافة في الإسلام: - هي شرط لازم لقيام النظام، نظام الدين أو نظام الدنيا، وشرط لازم لحفظه أيضا.. - وهي قضية شرعية، تولي الله تعالي بذاته أمرها، فنصب لعباده أئمة يهدون إلي سبيله:(إني جاعلك للناس إماما).. [280] . (إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق).. [281] . (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا).. [282] . وأمر عباده بطاعتهم:(وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله).. [283] . [ صفحه 130] (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).. [284] . - واختار جل جلاله لهذه الأمة بعد نبيه أئمة يهدون بهديه.. أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.. وجعل الصلاة عليهم واجبة مع الصلاة علي سيد رسله وخاتم أنبيائه، بل جعلها جزءا من شعيرة الصلاة، فرضا كانت أو نفلا، فلا تقبل الصلاة لمن ترك الصلاة عليهم عامدا.. وجعل الحق معهم، يدور حيث داروا.. وجعلهم مع القرآن، لا يفارقهم ولا يفارقونه.. وجعل الهداية منوطة باتباعهم.. فهم الأئمة، سواء أجمع الناس علي طاعتهم، أو أجمعوا علي خلافهم، فالاجماع لا يغير من واقع الأمر شيئا.. فهذه قمة إفرست أعلي القمم، فهل صارت أعلي القمم بالإجماع، أم لأن واقعها كذلك؟ وهل سيغير من حقيقة علوها إجماع أهل الأرض علي أن هضبة الجولان هي أعلي القمم؟ إذا كان ذلك يغير من الواقع شيئا، فماذا يقال في أنبياء الله الذين أجمعت أقوامهم علي تكذيبهم وقتلهم أو إقصائهم؟! أما الشوري في الإمامة: فقد ثبتت صحة ما صرح به القرطبي وابن [ صفحه 131] كثير من أنها أطروحة ابتكرها عمر بن الخطاب قبل وفاته، وأمر بها، ولم تكن معروفة قبل ذلك.. كما أثبت البحث التاريخي أن عمر إنما أمر بها ليقطع الطريق علي الصحابة الذين عزموا علي المبايعة لعلي عليه السلام بعد وفاة عمر، فلم يكتف عمر بتقديم أطروحة الشوري حتي دعمها بالتحريض علي قتل من بايع لرجل علي الطريقة التي تمت فيها البيعة لأبي بكر! بل قتل من تتم له البيعة كذلك!! (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)

پاورقي

[1] الأحزاب 33: 38.
[2] البقرة 2: 233.
[3] البقرة 2: 233.
[4] راجع تفسير ابن كثير 1: 285، فتح القدير 1: 246 - 247، الميزان في تفسيرالقرآن 2: 253.
[5] آل عمران 3: 159.
[6] آل عمران 3: 159.
[7] آل عمران 3 :159.
[8] فتح القدير 1: 393.
[9] الدر المنثور 2: 358. [
[10] الدر المنثور 2: 358.
[11] تفسير الرازي 9: 66.
[12] تاريخ الطبري 2: 566 عن الواقدي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث.
[13] سيرة ابن هشام 3: 234، الاستيعاب 2: 37، تاريخ الطبري 2: 573 عن الزهري.
[14] تاريخ الطبري 2: 637 عن الزهري.
[15] محمد عمارة، الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية: 54.
[16] الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية: 57.
[17] الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية: 58.
[18] انظر: البداية والنهاية 3: 34 - 38، ترجمة أبي ذر في: الاستيعاب، أسدالغابة، الإصابة، سير أعلام النبلاء.
[19] الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية: 53.
[20] تفسير الرازي 9: 66.
[21] آل عمران 3: 159.
[22] الدر المنثور 2: 359.
[23] أخرجه عبد بن حميد،والبخاري في الأدب المفرد، الدر المنثور 7: 357.
[24] أخرجه الخطيب في (رواة مالك)، الدر المنثور 7: 357.
[25] مسند أحمد 5: 274.
[26] مسند أحمد 2: 321.
[27] الشوري 42: 38.
[28] الشوري 42: 36 - 39.
[29] الميزان في تفسير القرآن 18: 65، والآية من سورة الزمر 39: 18.
[30] الدر المنثور 7: 357.
[31] الدر المنثور 7: 357، وقال: أخرجه الخطيب في (رواة مالك).
[32] لسان الميزان 3: 78 / 283 ترجمة سليمان بن بزيع.
[33] ذكره أصحاب السيرة، انظر منها: إنسان العيون 2: 154.
[34] تفسير القرطبي: 161 - 162.
[35] تفسير ابن كثير 4: 119.
[36] صحيح البخاري - كتاب الحدود - باب رجم الحبلي من الزنا / 6442، مسند أحمد 1:56، سيرة ابن هشام 4: 308، تاريخ الطبري 3: 200.
[37] مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري: 337. وتبعه القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري 10: 19.
[38] الشوري 42: 38.
[39] صحيح البخاري - كتاب المحاربين 6 / 6442، مسند أحمد 1: 56، سيرة ابن هشام 4: 308.
[40] الكامل في التاريخ 3: 65، صفة الصفوة 1: 367.
[41] الكامل في التاريخ 3: 65، صفة الصفوة 1: 383، طبقات ابن سعد 3: 343.
[42] صفة الصفوة 1: 494.
[43] طبقات ابن سعد 3: 248.
[44] الكامل في التاريخ 3: 66 - 67.
[45] الكامل في التاريخ 2: 425.
[46] طبقات ابن سعد 3: 248.
[47] مآثر الإنافة 1: 52، الأحكام السلطانية - للماوردي -: 10، الأحكام السلطانية - للفراء -: 25 - 26.
[48] الفصل 4: 169.
[49] مآثر الإنافة 1: 36، الأحكام السلطانية - للماوردي -: 6، الأحكام السلطانية - للفراء -: 20.
[50] الأحكام السلطانية - للماوردي -: 17.
[51] مآثر الإنافة 1: 37، الأحكام السلطانية - للفراء -: 20.
[52] الأحكام السلطانية - للفراء -: 20.
[53] مآثر الإنافة 1: 58.
[54] انظر: مآثر الإنافة 1: 58.
[55] مآثر الإنافة 1: 71.
[56] الأحكام السلطانية - للفراء -: 24.
[57] الخلافة: 45، عنه: نظام الحكم والإدارة في الإسلام: 126.
[58] شرح الموطأ 2: 292، عنه: المذاهب الإسلامية: 155.
[59] المذاهب الإسلامية: 155.
[60] المذاهب الإسلامية: 155.
[61] تفسير المنار 5: 215 - 216 باختصار.
[62] الخلافة: 51، عنه: نظرية الحكم والإدارة في الإسلام: 126.
[63] قتل الإمام الحسين عليه السلام مع نيف وسبعين من أهل البيت والتابعين وفيهم الصحابي أنس بن الحارث الذي روي حديث رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: إن ابني هذا - يعني الحسين - يقتل بأرض يقال لها كربلاء، فمن شهد منكم ذلك فلينصره البداية والنهاية 8: 201، أسد الغابة، والإصابة: ترجمة أنس بن الحارث.
[64] قتل منهم ثمانون صحابيا ولم يبق بدري بعد ذلك، وقتل من قريش والأنصار سبع مئة، ومن التابعين والعرب والموالي عشرة آلاف، وأبيحت المدينة ثلاثة أيام وانتهكت الأعراض حتي ولدت الأبكار لا يعرف من أولدهن! أنظر تفاصيل وقعة الحرة في أحداث سنة 63 ه في: المنتظم لابن الجوزي، تاريخ الطبري، وانظر تاريخ الخلفاء للسيوطي: 195.
[65] انظر: الملل والنحل 1: 140، الكشاف للزمخشري: عند تفسيره الآية 124 منسورة البقرة (لا ينال عهدي الظالمين).
[66] انظر: منهاج السنة 2: 241 - 243 و 253، الوصية الكبري: 54.
[67] منهاج السنة 2: 245.
[68] الأحكام السلطانية - للفراء -: 10، الأحكام السلطانية - للبغوي -: 25 - 26.
[69] الفصل 4: 169، تاريخ الأمم الإسلامية - للخضري -: 1: 196.
[70] الكامل في التاريخ 3: 65.
[71] التوبة 9: 128.
[72] الفصل 4: 169.
[73] شرح المقاصد 5: 255، ومصادر أخري.
[74] الأحكام السلطانية - للماوردي -: 6.
[75] الأحكام السلطانية - للفراء -: 20، الفصل 4: 89، مآثر الإنافة 1: 37، مقدمة ابن خلدون: 214 فصل 26.
[76] الأحكام السلطانية - للفراء -: 20.
[77] الفصل 4: 89.
[78] المقدمة: 215.
[79] والخوارج أيضا احتجوا بهذا حين لم يجدوا بينهم قرشيا يسندون إليه الزعامة فيهم!.
[80] مقدمة ابن خلدون: 214 - 215 فصل 26.
[81] صحيح البخاري - كتاب الأحكام - باب 2 / 6720.
[82] مسند أحمد 1: 18، الكامل في التاريخ 3: 65، صفة الصفوة 1: 367، سير أعلام النبلاء 1: 10.
[83] الكامل في التاريخ 3: 65، صفة الصفوة 1: 283، طبقات ابن سعد 3 :343.
[84] مسند أحمد 1: 18، صفة الصفوة 1: 494، طبقات ابن سعد 3: 590، سير أعلام النبلاء 1: 10.
[85] سير أعلام النبلاء 1: 167.
[86] راجع: الكامل في التاريخ 2: 329 - 330، الإمامة والسياسة: 12 - 16.
[87] صحيح البخاري - الفتن - باب 20 / 6695.
[88] صحيح البخاري - الفتن - باب 3 / 6649، فتح الباري بشرح صحيح البخاري 13: 7 - 8. ومما يثير الدهشة أن تجد هذه الأحاديث وأكثر منها في آل أبي سفيان وآل مروان، تجدها في كتاب (البداية والنهاية) لابن كثير تحت عنوان (إخباره صلي الله عليه وآله وسلم لما وقع من الفتن من بني هاشم بعد موته)!! 6: 255 - ط. دار التراث العربي - سنة 1992 م، و 6: 227 - ط. مكتبة المعارف - سنة 1988 م. علما أنه وضعها وفق ترتيبه التاريخي في أحداث العهد الأموي!! ولعل المتهم في هذا ناسخ أموي الهوي غاضه ذكر بني أمية في هذا العنوان فقلبه علي بني هاشم!.
[89] تطهير الجنان واللسان: 30.
[90] صحيح مسلم - كتاب الفضائل - / 1.
[91] ابن تيمية، رأس الحسين: 200 - 201 مطبوع مع استشهاد الحسين - للطبري.
[92] الزيدية: 35 - 37.
[93] شرح المواقف 8: 365.
[94] شرح المواقف 8: 365.
[95] الفصل 4: 109.
[96] المذاهب الإسلامية: 37.
[97] نهج البلاغة: 97 الخطبة 67، وانظر: الإمامة والسياسة - لابن قتيبة -: 11.
[98] مسند أحمد 4: 248 - 251، صحيح مسلم: الطهارة - باب المسح علي الناصية والعمامة، سنن أبي داود: المسح علي الخفين / 149 و 152، سنن ابن ماجة: / 1236، سنن النسائي: الطهارة / 112.
[99] أنظر: ابن الجوزي، آفة أصحاب الحديث: 99.
[100] صحيح البخاري: كتاب الأحكام / 6754.
[101] سيرة ابن هشام 4: 272، البداية والنهاية 4: 312.
[102] أبو الفرج ابن الجوزي، آفة أصحاب الحديث - الباب الأول، والثاني، والثالث.
[103] فتح الباري بشرح صحيح البخاري 2: 123.
[104] ابن الإسكافي، المعيار والموازنة: 41 - 42.
[105] مسند أحمد 1: 356، وأخرجه الطبري في تاريخه 3: 196 ولم يذكر فيه قول أم الفضل.
[106] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 9: 197.
[107] فتح الباري بشرح صحيح البخاري 2: 122 - 123.
[108] المعيار والموازنة: 41.
[109] عبد الرزاق، المصنف 5: 429 - 430، فتح الباري بشرح صحيح البخاري 2: 123.
[110] ابن تيمية، منهاج السنة 3: 213.
[111] الطبقات الكبري 4: 66، فتح الباري بشرح صحيح البخاري 8: 124، تهذيب تاريخ دمشق 2: 395 و 3: 218، مختصر تاريخ دمشق 4: 248 رقم 237 و 5: 129 رقم 56 ترجمة أسامة بن زيد وأيوب بن هلال، تاريخ اليعقوبي 2: 77، تاريخ الخميس 2: 172، شرح نهج البلاغة 1:159 و 220 و 9: 197.
[112] الطبقات الكبري 4: 66.
[113] أخرجه البخاري ومسلم في باب فضائل أبي بكر، فتح الباري بشرح صحيح البخاري 7: 14 - 15، صحيح مسلم بشرح النووي 8: 154، وانظر: تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة:90 رقم 56.
[114] ترجمة جبير بن مطعم في: سير أعلام النبلاء 3: 95 رقم 18، الإصابة 1: 226 رقم 1092.
[115] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 14: 22.
[116] راجع تراجمهم في: الاستيعاب، وأسد الغابة، والإصابة، ومختصر تاريخ دمشق،وسير أعلام النبلاء.
[117] حلف الفضول: حلف جمع بني هاشم وزهرة وتيم، اجتمعوا عند عبد الرحمن بن جدعان فتحالفوا جميعا علي دفع الظلم واسترداد الحق من الظالم وإعادته إلي صاحبه المظلوم.
[118] الأغاني 17: 295.
[119] أنظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري 13: 98.
[120] تاريخ بغداد 6: 83، الأغاني 15: 329.
[121] تاريخ بغداد 6: 81 - 86، الأعلام 1: 40.
[122] الفصل 4: 108. انظر أيضا: تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة: 90 - 91 رقم 56، نظام الخلافة بين أهل السنة والشيعة: 39.
[123] أنظر: الجرجاني، شرح المواقف 8: 364 - 365، التفتازاني، شرح المقاصد 5: 263 - 367.
[124] مسند أحمد 6: 300، مجمع الزوائد 9: 113.
[125] صحيح البخاري - كتاب الأحكام - باب الاستخلاف 6 / 6791، صحيح مسلم - بابفضائل أبي بكر 5 / 2387 والنص منه.
[126] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 11: 43 - 46.
[127] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 11: 49.
[128] صحيح البخاري - كتاب المرضي - باب 17 / 5345 وفيه أن الذي اعترض علي الرسول هو عمر، صحيح مسلم - كتاب الوصية / 15 و 21 و 22، مسند أحمد 1: 324، السيرة النبوية - للذهبي -: 384، البداية والنهاية 5: 248.
[129] السنن الكبري 6: 300، تاريخ الطبري 3: 208، مروج الذهب 2: 316، الكامل في التاريخ 2: 331، جامع الأصول 4: 482.
[130] سنن الترمذي - مناقب أبي بكر 5 / 3662، سنن ابن ماجة 1: 97.
[131] شرح المواقف 8: 364، شرح المقاصد 5: 266، تثبيت الإمامة: 92 رقم 59.
[132] الفصل 4: 108.
[133] الرياض النضرة: 48 - 49.
[134] سيأتي في هذا البحث.
[135] سورة النور 24: 55.
[136] شرح المواقف 8: 364، شرح المقاصد 5: 265.
[137] تفسير القرطبي 12: 195.
[138] سورة الأحزاب 33: 10 و 11.
[139] تفسير القرطبي 12: 196 - 197، تفسير الشوكاني (فتح القدير) 4: 47. وانظرأيضا: الميزان في تفسير القرآن 15: 167.
[140] كما تقدم في آخر الكلام المنقول عن القرطبي، وهو ما ذهب إليه محمد جواد مغنية في تفسيره الكاشف 5: 436.
[141] الدر المنثور 6: 215 - 216.
[142] الدر المنثور 6: 216.
[143] مجمع البيان 4: 152، الميزان 15: 166 - 167،الافصاح في الإمامة: 102.
[144] سورة الفتح 48: 16.
[145] الفصل 4: 109 - 110، شرح المواقف 8: 364، شرح المقاصد 5: 266.
[146] تفسير الرازي 28: 92 - 93.
[147] سورة التوبة 9: 83.
[148] سورة الفتح 48: 15.
[149] الفصل 4: 109.
[150] الفصل 4: 109.
[151] سورة التوبة 9: 83 - 84.
[152] سورة التوبة 9: 85.
[153] سنن الترمذي 5 / 3715، سنن النسائي 5 / 8416، كتاب الخصائص - بتخريج الأثري/ 30، المصنف، ابن أبي شيبة - فضائل علي - 7 / 18.
[154] أخرجه: عبد الرزاق، المصنف 11: 226 / 20389، المصنف، ابن أبي شيبة - فضائل علي - 7 / 23 و 30، النسائي، السنن - كتاب الخصائص - /8457، ابن عبد البر، الاستيعاب 3: 46.
[155] مسند أحمد 3: 82، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 9: 46 رقم 6898، المصنف،ابن أبي شيبة - فضائل علي - 7 / 19، المستدرك 3: 123، البداية والنهاية 7: 398.
[156] الإمامة والسياسة: 12.
[157] أنظر: الاستيعاب بحاشية الإصابة 3: 35، شرح نهج البلاغة 6: 167 - 168.
[158] مسند أحمد 1، 84 و 88 و 118 و 119 - مرتان -، سنن النسائي - كتاب الخصائص -/ 8542، البداية والنهاية 5: 229 - 232 و 7: 383 - 385 من نحو عشرين طريقا.
[159] أخرج أحمد حديث الغدير من تسع عشرة طريقا، المسند 1: 84 و 88 و 118 - ثلاث مرات - و 119 - مرتان - و 152 و 331، و 4: 281 و 368 و 370 و 372 - مرتان - و 5: 347 و 358 و 361 و 362 و 419. ولا يضاهيه إلا حديث من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فقد خرجهمن نحو 25 طريقا.
[160] أنظر: البداية والنهاية 5: 228 - 233 و 7: 383 - 386، فقد خرجه من نحو 40 طريقا، بما فيها طرق حديث المناشدة المتقدمة.
[161] سنن الترمذي 5 / 3713، سنن ابن ماجة 1 / 116 و 121، الخصائص - للنسائي بتخريج الأثري - / 80 و 82 - 85 و 90 و 95 و 153، المصنف، ابن أبي شيبة - باب فضائل علي - 7 / 9 و 10 و 29 و 55، المستدرك 3: 109 - 110.
[162] أنظر: البداية والنهاية 5: 233.
[163] الآلوسي، روح المعاني 6: 195 وما بعدها.
[164] أنظر: الفصل في الملل والنحل 4: 161 و 163، البداية والنهاية 7: 290،الباعث الحثيث: 182.
[165] مسند أحمد 4: 437 - 438، سنن الترمذي 5 / 3712، الخصائص - للنسائي بتخريج الأثري - / 65 و 86، المصنف، ابن أبي شيبة - فضائل علي - 7 / 58، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 9: 41 / 6890.
[166] مسند أحمد 5: 356، الخصائص - بتخريج الأثري: / 87.
[167] مسند أحمد 1: 331، الخصائص - بتخريج الأثري: / 23، المستدرك 3: 134.
[168] سورة التوبة 9: 71.
[169] علما أن التشيع في مصطلحهم: هو تفضيل علي علي عثمان، لا غير، والطعن علي ملوك بني أمية!.
[170] أنظر: أبا إسحاق الأثري في تخريجه الحديث 60 من كتاب (الخصائص).
[171] مسند أحمد 1: 331، 4: 438، 5: 356. وقد ذكرناها في تخريج النصوص كل فيمحله.
[172] الأثري، كتاب (الخصائص) للنسائي / 87.
[173] مسند أحمد 1: 331 من حديث ابن عباس.
[174] المستدرك 3: 133 - 134 وتلخيصه للذهبي في الصفحة ذاتها، كتاب السنة لابنأبي عاصم - بتخريج الألباني -: 552.
[175] تاريخ الطبري 2: 217، الكامل في التاريخ 2: 62 - 64، السيرة الحلبية 1: 461، شرح نهج البلاغة 13: 210 و 244 وصححه، مختصر تاريخ دمشق - لابن عساكر -، ابن منظور 17: 310 - 311، تفسير البغوي (معالم التنزيل) 4: 278، تفسير الخازن 3: 371 - 372 نقلا عن سيرة ابن إسحاق،المنتخب من كنز العمال - بهامش مسند أحمد - 5: 41 - 42.
[176] حين قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم ذلك لعلي، قام الناس يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع!.
[177] البداية والنهاية 3: 38 - 39.
[178] لسان الميزان 4: 42 رقم 123.
[179] لسان الميزان 4: 43.
[180] البداية والنهاية 5: 228.
[181] صحيح مسلم 4 / 2308 من عدة طرق.
[182] سنن الترمذي 5 / 3788، مسند أحمد 3: 17.
[183] مسند أحمد 5: 182 و 189.
[184] منهاج السنة 4: 85، الفرقان بين الحق والباطل: 139.
[185] أي: كنسن.
[186] كانت خطبة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم في غدير خم يوم 18 ذي الحجة سنة 10 ه، ووفاته صلي الله عليه وآله وسلم يوم 2 أو 12 ربيع الأول من سنة 11 ه، حسب اليعقوبي والطبري والكليني، أو 28 صفر، حسب الطبرسي.
[187] مسند أحمد 1: 173 و 175 و 182 و 184 و 331، صحيح البخاري - فضائل علي - / 3503، صحيح مسلم - فضائل علي - / 2404، مصنف ابن أبي شيبة - فضائل علي - 7: 496 / 11 - 15.
[188] ابن حزم، الفصل 4: 94، ابن تيمية، منهاج السنة 4: 87 - 88.
[189] صحيح مسلم - فضائل علي - / 32، الخصائص - بتخريج الأثري - / ح 9 و 10 و 43 و 52، المصنف، ابن أبي شيبة - فضائل علي - / 15.
[190] مسند أحمد 1: 331، الخصائص - بتخريج الأثري - / 23، المستدرك 3: 132 - 133 - ويأتي لاحقا.
[191] السيرة النبوية، لابن حبان: 149، وصححه سبط ابن الجوزي، تذكرة الخواص:23 نقله عن الإمام أحمد في المناقب، وقال: رجاله ثقات.
[192] صحيح البخاري - الأحكام / 8461، صحيح مسلم - الإمارة - / 1821 و 1822، مسند أحمد 1: 398 و 406، سنن أبي داود / 4280، سنن الترمذي - كتاب الفتن 4 / 2223، مصابيح السنة 4 / 4680. لذا فإن قول الدكتور النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام 1: 448 و 2: 218: (إن فكرة 12 خليفة لا وجود لها في الإسلام) إنما هي كبوة فارس!.
[193] الأحزاب 33: 33.
[194] صحيح مسلم - فضائل الصحابة - / 2424، سنن الترمذي / 3205 و 3787 و 3871، مسند أحمد 4: 107 و 6: 291 و 304، مصابيح السنة 4: 183 / 4796، أسباب النزول: 200، وسائر كتب التفسير عند هذه الآية من سورة الأحزاب.
[195] سنن ابن ماجة 2 / 4087.
[196] مسند أحمد 3: 3 و 62 و 64 و 80 و 82.
[197] سنن أبي داود / 4284، تاريخ البخاري 3: 346، مصابيح السنة / 4211.
[198] أنظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري 13: 180 - 183، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري 15: 212 - 213، صحيح مسلم بشرح النووي 12: 201 - 203، البداية والنهاية 6: 278 - 281.
[199] العهد القديم - سفر التكوين - إصحاح 17: آية 20.
[200] أنظر: البداية والنهاية 6: 280.
[201] أنظر: الإمامة والسياسة: 12- 16، الكامل في التاريخ 2: 329 - 330.
[202] سورة الشعراء 26: 214.
[203] الطبقات الكبري 3: 21، سيرة ابن هشام 1: 228، كتاب الأوائل: 91 - 93، البدء والتاريخ 4: 145، السيرة النبوية، ابن حبان: 67، جوامع السيرة، ابن حزم: 45، السيرة النبوية، الذهبي:70، الإصابة 4: 269.
[204] مسند أحمد 1: 209، المستدرك 3: 183 وتلخيصه للذهبي، الخصائص - بتخريج الأثري - / 2 و 3، تاريخ الطبري 2: 311، مجمعالزوائد 9: 103.
[205] نهج البلاغة - شرح صبحي الصالح -: 300 - 301 خطبة 192.
[206] الخصائص - بتخريج الأثري - / 127 و 128 و 129.
[207] الخصائص - بتخريج الأثري - / 120.
[208] مسند أحمد 5: 26.
[209] مسند أحمد 1: 230، سنن الترمذي 5 / 3720، مصابيح السنة 4 / 4769، الطبقات الكبري 3: 22، البداية والنهاية 7: 371، دلائل النبوة - للبيهقي - 4: 209.
[210] سيرة ابن هشام 2: 109.
[211] الإصابة 2: 30ترجمة سعد بن عبادة.
[212] المصنف لابن أبي شيبة - فضائل علي - 7 / 17، سنن النسائي 5 / 8402، الخصائص - بتخريج الأثري - / 14 وصححه، المستدرك 3: 37 وصححه ووافقه الذهبي، سيرة ابن هشام 3: 216، تاريخ الطبري 3: 12، الكامل في التاريخ 2: 219، البداية والنهاية7: 373.
[213] ابن أبي شيبة، المصنف 7: 497 / 17 فضائل علي.
[214] الحاكم والذهبي، المستدرك 3: 37 وتلخيصه.
[215] مسند أحمد 3: 82، صحيح ابن حبان 9: 46 / 6898، المصنف لابن أبي شيبة - فضائل علي - 7 / 19، البداية والنهاية 7: 398.
[216] مسند أحمد 1: 3 و 331 و 3: 212 و 283 و 4: 164 و 165، سنن الترمذي 5 / 3719، سنن النسائي 5 / 8461، الخصائص - بتخريج الأثري - / 23 و 72 و 73 وصححها جميعا، البداية والنهاية 7: 374 و 394، تفسيرالطبري 10: 46.
[217] مسند أحمد 1: 331، سنن الترمذي 5 / 3722، الخصائص - بتخريج الأثري - / 23 و 41، البداية والنهاية 7: 374 و 379، فتح الباري 7: 13، الإصابة 4: 270.
[218] الخصائص - بتخريج الأثري - / 38.
[219] سنن الترمذي 5 / 3726، مصابيح السنة 4 / 4773، جامع الأصول 9 / 6493،البداية والنهاية 7: 369.
[220] الكامل في التاريخ 2: 302، وانظر حجةالوداع في سائر كتب السنن المفصلة.
[221] الخصائص - بتخريج الأثري - / 112 - 113، وخرجه علي النسائي وابن ماجة وابن خزيمة من وجوه.
[222] طه 20: 132.
[223] تفسير القرطبي 11: 174، تفسير الرازي 22: 137، روح المعاني 16: 284 والنص عنه.
[224] السنن الكبري 5: 139 / 8493 و 8494.
[225] منهاج السنة 3: 11 - 12، المستدرك 3: 125، مجمع الزوائد 9: 130،الصواعق المحرقة: 127 باب 9 فصل 1، تاريخ الخلفاء: 161.
[226] أبو حاتم الرازي: كتاب الزينة: 259 تحقيق عبد الله سلوم السامرائي، محمدكرد علي: خطط الشام، تاريخ ابن خلدون 3: 214 - 215.
[227] الإستيعاب 3: 55، تاريخ اليعقوبي 2: 124، تاريخ الطبري 3: 202، الكامل في التاريخ 2:335، شرح نهج البلاغة 6: 21.
[228] أخرجه النسائي بإسناد صحيح في السنن الكبري 5: 139 / 8495.
[229] تاريخ الطبري 4: 557.
[230] مروج الذهب 3: 21، وقعة صفين: 118 - 120، شرح نهج البلاغة 3: 188. وللرسالة تتمة تأتي في محلها من بحث لاحق.
[231] مسند أحمد 4: 281، تفسير الرازي 12: 49 - 50، سبط ابن الجوزي، تذكرةالخواص: 29 - 30.
[232] سورة المائدة 5: 55.
[233] روح المعاني 6: 167.
[234] معالم التنزيل - للبغوي - 2: 272، الكشاف 1: 649، تفسير الرازي 12: 26، تفسير أبي السعود 2: 52، تفسير النسفي 1: 420، تفسير البيضاوي 1: 272، فتح القدير - للشوكاني - 2: 53، أسباب النزول - للواحدي -: 114، لباب النقول - للسيوطي -: 93.
[235] أخرجه: عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والخطيب في (المتفق والمفترق). أنظر: فتح القدير - للشوكاني - 2: 53.
[236] مروج الذهب 3: 21، وقعة صفين: 118، شرح نهج البلاغة 3: 188.
[237] مروج الذهب 3: 8.
[238] مجمع الزوائد 9: 146.
[239] شرح نهج البلاغة 1: 143 - 150.
[240] تاريخ اليعقوبي 2: 171، وقعة صفين: 103 - 104، شرح نهج البلاغة 3: 81 - 82، وأيضا 1: 143 - 150، فصل (ما ورد في وصايا علي من الشعر) أورد فيه أربعا وعشرين مقطوعة للصحابة والتابعين، ثم قال: والأشعار التي تتضمن هذه اللفظة كثيرة جدا، تجل عن الحصر، وتعظم عن الإحصاء والعد. وانظر أيضا: الكامل -للمبرد - 2: 170 - 171 في رثاء علي بن أبي طالب.
[241] د. مصطفي حلمي، نظام الخلافة: 157.
[242] كما نقله الكشي في رجاله، ترجمة عبد الله بن سبأ.
[243] د. محمد عمارة، الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية: 155.
[244] فتح الباري بشرح صحيح البخاري 8: 122.
[245] مسند أحمد 6: 300، وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد9: 112.
[246] شرح نهج البلاغة 12: 21 عن أحمد بن أبي طاهر في (تاريخ بغداد).
[247] الجخف: التكبر.
[248] سورة محمد صلي الله عليه وآله وسلم 47: 9.
[249] سورة القلم 68: 4.
[250] سورة الشعراء 26: 215.
[251] سورة القصص 28: 68.
[252] تاريخ الطبري 4: 223، الكامل في التاريخ 3: 63 - 65، شرح نهج البلاغة 12:53 - 54.
[253] أخرجه الزبير بن بكار في (الموفقيات)، وعنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 9: 9.
[254] أحمد عباس صالح، مجلة (الكاتب) القاهرية - يناير 1965 م، وعنه محمد جوادمغنية، الشيعة في الميزان: 431.
[255] تقدم مع مصادره، راجع صفحة 91.
[256] سنن الترمذي 5 / 3715، السنن الكبري - للنسائي - 5 / 8416. وقد تقدم.
[257] سنن النسائي 5: 128 / 8461.
[258] نقل ابن أبي الحديد عن بعض مشايخه قوله: والله لقد وقفت علي هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة (والشريف الرضي هو الذي جمع خطب الإمام علي عليه السلام ورسائله في نهج البلاغة)! ثم قال: وقد وجدت أنا كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديين من المعتزلة (مولده سنة 279 ه ووفاته سنة 317، علما أن الشريف الرضي ولد سنة 360 ه). شرح نهج البلاغة 1 / 69. ونقلها سبط ابن الجوزي من مصادر غير التي اعتمدها الشريف الرضي، فقال: خطبة أخري وتعرف بالشقشقية، ذكر بعضها صاحب (نهج البلاغة) وأخل بالبعض، وقد أتيت بها مستوفاة، أخبرنا بها شيخنا أبو القاسم النفيس الأنباري بإسناده عن ابن عباس.. تذكرة الخواص: 124. وأسندها الراوندي (ت / 573 ه) في شرحه إلي الحافظ ابن مردويه، عن الطبراني، بإسناده إلي ابن عباس. منهاج البراعة 1: 131 - 132.
[259] إشارة إلي قول أبي بكر: أقيلوني، أقيلوني.
[260] نهج البلاغة - تحقيق د. صبحي الصالح -:الخطبة 3.
[261] نهج البلاغة - تحقيق د. صبحي الصالح-: 102 الخطبة 74.
[262] نهج البلاغة - تحقيق د. صبحي الصالح -: 246 الخطبة 172.
[263] شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - 9: 305.
[264] نهج البلاغة - تحقيق د. صبحي الصالح -: 246 الخطبة 172.
[265] شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - 1: 307 عن المدائني.
[266] نهج البلاغة - تحقيق د. صبحي الصالح -: 47 الخطبة2.
[267] أنظر: نهج البلاغة - تحقيق د. صبحي الصالح -: الخطبة 88 و 182.
[268] د. محمد عمارة، الخلافة ونشأة المذاهب الإسلامية: 33 و 157 - 158.
[269] معالم التنزيل - للبغوي - 4: 278، تاريخ الطبري 2: 217، تفسير الخازن 3: 371 - 372، مختصر تاريخ دمشق 17: 310 - 311، شرح نهج البلاغة 13: 210، 244،منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 5: 41 - 42.
[270] نهج البلاغة -تحقيق د. صبحي الصالح -: 201 الخطبة 144.
[271] نهج البلاغة - تحقيق د.صبحي الصالح -: 119 الخطبة 87.
[272] تاريخ اليعقوبي 2: 211 - 212.
[273] نهج البلاغة - تحقيقد. صبحي الصالح -: 143 الخطبة 97.
[274] نهج البلاغة - تحقيق د. صبحي الصالح -: 119 الخطبة 87.
[275] مسند أحمد 1: 84.
[276] السيوطي، مسند فاطمة: 94 / 224. المطبعة العزيزية - حيدر آباد - الهند - ط 1 - 1406 ه،1986 م، تصحيح الحافظ عزيز بيك مدير لجنة أنوار المعارف بحيدر آباد.
[277] آل عمران 3: 144.
[278] المستدرك 3: 126، مجمع الزوائد 9: 134 وقال: رجاله رجال الصحيح.
[279] العقاد، فاطمة الزهراء والفاطميون.
[280] البقرة 2: 124.
[281] ص 38: 26.
[282] السجدة 32: 24.
[283] النساء 4: 64.
[284] النساء 4: 59.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.