الشفاعه حقيقه اسلاميه‌

اشارة

‏عنوان و نام پديدآور : الشفاعه حقيقه اسلاميه
‏مشخصات نشر : قم: مركز الرساله، ۱۴۱۸ق. = ۱۳۷۶.
‏مشخصات ظاهري : ص ۷۵
‏فروست : (سلسله المعارف الاسلاميه‌۷)
‏شابك : 964-319-052-8۱۸۰۰ريال ؛ 964-319-052-8۱۸۰۰ريال
‏يادداشت : كتابنامه به‌صورت زيرنويس
‏موضوع : شفاعت
‏رده بندي كنگره : ‏BP۲۲۲/۷‏/ش۷ ۱۳۷۶
‏رده بندي ديويي : ‏۲۹۷/۴۴
‏شماره كتابشناسي ملي : م‌۷۷-۷۲۰۵

مقدمة المركز

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي أشرف الخلق أجمعين، نبينا محمد المصطفي وعلي آله الطيبين الطاهرين. كانت مسائل العقيدة في حياة الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله وسلم) واضحة بسيطة خالية من التعقيد والاستدلالات الفلسفية والكلامية، إذ لم يكن هناك مصدر لاختلاف المسلمين سوي شبهات كان أهل الكتاب يثيرونها أحيانا بين المسلمين، أو سوء فهم بعض الأصحاب لبعض الآيات، أو قصر نظرهم عليها وغفلتهم عن البعض الآخر منها، أو جهلهم بيانات الرسول الكريم (صلي الله عليه وآله وسلم). ولم يعد لهذه الأمور أي تأثير علي عقائد المسلمين في العهد النبوي بفضل وجود النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) الذي كان يبين للمسلمين كل ما من شأنه أن يكون مدعاة لاختلافهم. ولما كانت سنة الله قد خلت من قبل أن لا يخلد أحد في هذه الدنيا ولو كان رسولا نبيا، ولكون رسالة الإسلام هي الرسالة الخاتمة الخالدة، فمن غير المعقول جدا أن يدع الرسول دينه نهبا من غير أن يكون له واق يقيه وحام يحميه بعد رحيله لكي يدرأ عنه أية شبهة ويدفع عنه أي إشكال. ومن هنا كان التأكيد النبوي المستمر بحديث الثقلين وغيره علي أهل بيته ليبين للناس جميعا مقامهم وأنهم هم الذين سيخلفونه في ذلك كله (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا). وبعد أن بلغ الرسول أمته وصدع بالحق أمره لم تلبث الأمور هكذا في حياته، ولكن سرعان ما ظهرت بوادر الاختلاف حين وداعه ثم ازدادت بعد وفاته شيئا فشيئا حتي انسحب - فيما بعد إلي أكثر مفردات العقيدة الإسلامية خصوصا عند توسع رقعة الإسلام الجغرافية علي أثر الفتوحات الإسلامية، وتأثر [ صفحه 6] الفكر الإسلامي بفلسفتي الفرس والرومان، ونتج عن ذلك - بتقادم الأيام - بروز حركة الترجمة وتطور علم الكلام الذي كانت بوادره موجودة في عصر صدر الإسلام ولكن بصورتها الغضة الطرية. وعلي أثر تلاقح الفكر الإسلامي بغيره كان من الطبيعي أن تؤثر مدارسه الكلامية تأثيرا مباشرا علي عقائد المسلمين صياغة واستدلالا، ومن هنا نشأ الخلاف الحاد - في بعض المفردات العقائدية بين المدارس الكلامية - ليكون بمثابة الإعلان الصريح عن الابتعاد عن مسار الإسلام الصحيح في ضرورة الرجوع في فهم الإسلام عقيدة وفكرا إلي أهل البيت (عليهم السلام) الثقل الثاني الذي أمرنا النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) بالتمسك به بعد القرآن الكريم. نعم هناك كثير من العقائد كانت محل اتفاق المسلمين الأوائل إلا أنه قد ظهر في بعض العصور من خالف وشذ اتباعا للهوي أو انحرافا عن المنهج السليم في البحث والتحقيق. ولعل من تلك العقائد التي هي إحدي الحقائق الإسلامية مسألة الشفاعة. إن الشفاعة تفضل من الله تعالي ودعوة مستجابة لنبينا ادخرها (صلي الله عليه وآله وسلم) لأهل الكبائر من أمته. وهي - كما دلت عليه الأدلة - علي أنواع، منها الشفاعة التي يختص بها نبينا محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) وهناك شفاعة يشاركه فيها الأنبياء والشهداء والعلماء. وهنا لا بد من التنبيه أيضا إلي أن هذه الشفاعة المدخرة لا ينبغي أن تفهم فهما خاطئا فيتصور البعض أن بإمكانه التهاون بالواجبات والتساهل في المحرمات طمعا في الشفاعة. وهذه الدراسة قد تكفلت بإيضاح الأدلة علي الشفاعة، وبمناقشة ما أثير حولها من شبهات بأسلوب علمي مناسب، وقدمت معالجة دقيقة، نرجو الله تعالي أن ينفع بها. والله المسدد للصواب مركز الرسالة [ صفحه 7]

مقدمة الكتاب

لا شك أن الشفاعة حقيقة نطقت بها نصوص القرآن الكريم، وتواترت في السنة النبوية المطهرة، وأكدها علماء الإسلام في دراساتهم العقيدية. ومن هنا فلا يسع مسلما إنكارها، ومع ذلك فقد نجم في بعض العصور وخاصة في عصرنا الحالي من حاول إثارة الغبار حولها، والتشكيك فيها. ونظرا لأهمية الموضوع، وبغية إزالة ما حصل من التباسات في فهم هذه المسألة، تصدت هذه الدراسة لتتناول مفهوم الشفاعة والأمور المتعلقة بها. وقد حاولنا جهد الإمكان أن يكون تناولنا للمسألة مستندا إلي آيات القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف مما اتفق عليه المسلمون ورواه علماؤهم. كما حاولنا أن نقدم فهما صحيحا متوازنا بعيدا عن التمحل والتطرف الذي قد نجده عند الرافضين لها أو عند القائلين بها. لقد درسنا المسألة في جوانبها المختلفة ووزعنا البحث علي أربعة فصول، تناولنا في الفصل الأول: مفهوم الشفاعة في اللغة والقرآن الكريم وعرضنا الآيات القرآنية المتعلقة بها والأحاديث النبوية. ثم عرضنا في الفصل الثاني: آراء العلماء من الفريقين السنة والشيعة، [ صفحه 8] وناقشنا الإشكالات المثارة في المقام، ثم انتقلنا إلي الفصل الثالث: فتحدثنا علي الشفاعة في الدنيا والشفاعة في الآخرة، وأخيرا ناقشنا في الفصل الرابع: مسألة الشفعاء والمشمولين بالشفاعة. ولقد كان تناولنا لذلك كله بأسلوب واضح، ملتزمين أصول البحث العلمي، مراعين المنهج السليم في العرض والتحليل. ومن الله نستمد العون والتسديد [ صفحه 9]

مفهوم الشفاعة و حقيقتها في القرآن والسنة المطهرة

الشفاعة في اللغة والاصطلاح

في اللغة شفع شفعا، الشئ صيره شفعا أي زوجا بأن يضيف إليه مثله، يقال كان وترا فشفعه بآخر " أي قرنه به ". وتقول " شفع لي الأشخاص " أي أري الشخص شخصين لضعف بصري، وشفع شفاعة لفلان، أو فيه إلي زيد: طلب من زيد أن يعاونه وشفع عليه بالعداوة: أعان عليه وضاده. وتشفع لي وإلي بفلان أو في فلان: طلب شفاعتي. وأما التعريف الاصطلاحي فلم يخرج عن الدلالة اللغوية كثيرا، إذ الشفاعة هي: " السؤال في التجاوز عن الذنوب " [1] ، أو هي: " عبارة عن طلبه من المشفوع إليه أمرا للمشفوع له، فشفاعة النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) أو غيره [ صفحه 10] عبارة عن دعائه الله تعالي لأجل الغير وطلبه منه غفران الذنب وقضاء الحوائج، فالشفاعة نوع من الدعاء والرجاء " [2] .

الشفاعة في القرآن الكريم

وردت مادة الشفاعة في القرآن الكريم بعدة معاني نفيا وإثباتا، فقد بلغ مجموع الآيات الشريفة التي تحدثت بصورة مباشرة عن هذا المفهوم خمس وعشرين آية توزعت علي ثمانية عشر سورة قرآنية شريفة. والشفاعة الواردة في القرآن الكريم تتعرض كلها إلي الجانب الأول من المعني الاصطلاحي وهو رفع العقاب عن المذنبين، وليس علو الدرجة والمقام. في موضوع الشفاعة يتحرك النص القرآني الشريف باتجاهين، الأول: الاتجاه الذي يحدد الشفعاء. والثاني: الاتجاه الذي يحدد الأفراد والمجموعات الذين تنالهم الشفاعة من جهة، والذين لا تنالهم الشفاعة من جهة ثانية. والقرآن إذ يحدد ذلك فإنه يحددهم موضوعيا من خلال طبيعة السلوك العام للأفراد في الحياة الدنيا. وهناك من يري أن في الآيات القرآنية اتجاها ثالثا رئيسيا وهو اتجاه نفي مطلق الشفاعة. ونحن هنا نحاول معرفة الشفاعة بين النفي والاثبات. [ صفحه 11] لم يرد في القرآن الكريم ما ينفي الشفاعة بصورة مطلقة، بل الملاحظ هو أن النفي جاء بصورة خاصة متعلقا بفئة معينة من الناس ممن حددهم الله سبحانه وتعالي في القرآن الكريم بمواصفاتهم، ومن هنا فإن الثابت هو أن قسما معينا من الناس ممن يدخلون ضمن دائرة التعريف ب " الكفر " بكل معني من معانيه هم المحرومون من الشفاعة. والقرآن الكريم حين ينفي استحقاق مجموعة معينة من الناس للشفاعة فإنه من جهة ثانية يؤكد وجودها لصنف آخر من الناس ممن يدخلون ضمن دائرة التعريف ب " المؤمنين ". ومثال ذلك قوله تعالي: ((وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها...)) [3] . والاستثناء من نيل الشفاعة كما ورد في الآية الشريفة واضح فهو ينصرف إلي الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا. أو قوله تعالي: ((يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون)) [4] . ومع أن الخطاب القرآني هنا موجه بشكل خاص إلي المؤمنين ((يا أيها الذين آمنوا...)) إلا أن نفي الشفاعة في الآية الشريفة لم يكن نفيا مطلقا بل هي بقرينة ذيلها، وهو قوله تعالي: ((والكافرون هم الظالمون)) [ صفحه 12] تدل علي حرمان الكافرين من الشفاعة، غير أن الآية الكريمة جاءت لتقول للمؤمنين: إن الامتناع من الانفاق في سبيل الله كفر، فيكون " الممتنع عن الانفاق " محروما من الشفاعة لكونه من مصاديق " الكافرين " هكذا قال العلامة الطباطبائي في تفسير الآية المباركة [5] . والآية القرآنية الشريفة المتقدمة هي من أكثر الآيات القرآنية التي وقعت في موقع الاستدلال علي نفي الشفاعة، وهذا الاستدلال علي نفي مطلق الشفاعة صحيح لو لم تعقب الآية بجملة ((والكافرون هم الظالمون)) حيث كان فيها إيضاح بأن الذين لا ينفقون مما رزقهم الله في سبيله هم الذين لا تنالهم الشفاعة، لأنهم يدخلون في عداد الكافرين بناء علي ما تقدم. ومن هنا فليس في القرآن الكريم نفي مطلق للشفاعة، وإنما يصح أن يقال إن النفي الموجود في القرآن المجيد هو نفي مقيد للشفاعة بقيد موضوعي فإذا ارتفع القيد ارتفع النفي. وفي مقابل ذلك نجد أن القرآن الكريم زاخر بالآيات التي تؤكد وجود الشفاعة، مثل قوله تعالي: ((هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون)) [6] ومع أن الآية الكريمة تتحدث عن نموذج معين من الناس من الذين كانوا يفترون علي الله الكذب، وهي تنفي أن تنالهم الشفاعة يوم [ صفحه 13] القيامة لأنهم كما يقول القرآن قد ((خسروا أنفسهم)) فإنها توضح من جهة أخري حقيقة وجود الشفاعة بحيث يطلبها هؤلاء فلا ينالونها أبدا. أو قوله تعالي: ((لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا)) [7] . أو قوله عز شأنه: ((يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا)) [8] . وكقوله تعالي: ((ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون)) [9] . وهذه الآيات الشريفة وغيرها كثير تصرح بوجود الشفاعة يوم القيامة، غاية الأمر أن القرآن الكريم يصف الشفعاء بعدة صفات، فمنهم ((من اتخذ عند الرحمن عهدا)) ومنهم ((من أذن له الرحمن)) ومنهم ((من شهد بالحق وهم يعلمون)) وأصحاب هذه الصفات الثلاثة وغيرها قد أعطاهم الله سبحانه وتعالي المنزلة العالية التي تجعلهم قادرين علي أن يشفعوا فيمن يرتضي الرحمن شفاعتهم فيهم. وخلاصة القول هي أن الشفاعة موجودة بصريح القرآن وغاية الأمر هي محدودة بحدود في طرف الشفعاء وفي طرف المشفع فيهم، وأنها لا تنال قسما من الناس. ولتيسير الأمر علي القارئ الكريم نحيله إلي مطالعة الآيات القرآنية [ صفحه 14] التي تحدثت عن هذا المفهوم والتي سنذكرها أثناء البحث أيضا وهي كالآتي: سورة البقرة: 48، 123، 254، 255. سورة النساء: 85. الأعراف: 53. الأنبياء: 28. الشعراء: 100. المدثر: 48. الأنعام: 51، 70، 94. يونس: 3، 18. مريم: 87. طه: 109. سبأ: 23. الزمر: 43، 44. الزخرف: 86. يس: 23. النجم: 26. الفجر: 3. غافر: 18. الروم: 13.

آيات نفي الشفاعة و مفهومها

اشاره

تقدم القول بأن الشفاعة لم تنف مطلقا، فالقرآن الكريم يصرح بوجودها في أكثر من مكان وإنما الذين لا تنالهم هم الكافرون بأصنافهم المختلفة، وقد جاءت الآيات القرآنية تبين مصاديقهم وكما يأتي: جاء التعبير عن الكفار في القرآن الكريم بصور متعددة فهم: ((الذين نسوه من قبل)) مرة، وأخري هم ((المكذبون بيوم الدين))، وغير ذلك من الأوصاف والتعريفات بما في ذلك كفر النعمة.

كفر النعمة

وعلي هذا الصعيد جاءت الآيات القرآنية الشريفة التالية: ((يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون)) [10] . إذ المنفي هنا هو استحقاق الكافرين للشفاعة، وقد تقدم عن (الميزان) [ صفحه 15] بيان ذلك وهو: أن الاستنكاف عن الإنفاق مما رزق الله هو كفر وظلم، فإذا ما أعيد آخر الآية إلي صدرها يتضح أن المقصود اعتبار الذين لا ينفقون مما رزقهم الله في سبيله من الكافرين، ولا ريب أن الكافرين لا تنالهم الشفاعة يوم الدين. فالمنفي بحكم السياق استحقاق قسم خاص من الناس، للسبب المذكور، إذن، لا دلالة في الآية علي نفي الشفاعة بنحو الاطلاق.

اتباع الشيطان

قوله تعالي: ((يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون)) [11] . وقوله تعالي: ((فكبكبوا فيها هم والغاون - وجنود إبليس أجمعون - قالوا وهم فيها يختصمون - تالله إن كنا لفي ضلال مبين - إذ نسويكم برب العالمين - وما أضلنا إلا المجرمون - فما لنا من شافعين - ولا صديق حميم)) [12] . ويتبين من خلال الآيتين الشريفتين المارتين أن الذين نسوا الدين، واتبعوا الشيطان وأهل الغواية محرومون من الشفاعة.

المكذبون بيوم القيامة

ولاحظ قوله تعالي عن الذين كذبوا بيوم الدين وأنكروا القيامة [ صفحه 16] والحساب: ((وكنا نكذب بيوم الدين - حتي أتانا اليقين - فما تنفعهم شفاعة الشافعين..)) [13] .

الذين اتخذوا دينهم لهوا و لعبا

أما الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا فيخبر سبحانه وتعالي عن حالهم يوم القيامة بقوله عز شأنه ((وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون..)) [14] .

الظالمون

فيقول عنهم سبحانه وتعالي: ((وأنذرهم يوم الأزفة إذ القلوب لدي الحناجر كظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع..)) [15] .

المشركون

ينص صريح القرآن علي حرمان المشركين من شفاعة الشافعين يوم القيامة حيث لا ينفعهم شركاؤهم الذين عبدوهم من دون الله. يقول عز شأنه: ((ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض [ صفحه 17] سبحانه وتعالي عما يشركون)) [16] . وقوله تعالي: ((ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين..)) [17] . وقوله تعالي: ((وما نري معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون)) [18] . وقوله تعالي شأنه: ((أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون)) [19] . وقوله سبحانه: ((أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون)) [20] . ويظهر أن آيات نفي الشفاعة عن المشركين تؤدي وظيفتين، الأولي تؤكد أن الشركاء أصناما أو غيرها لا تملك لمن يؤمن بها شيئا تقدمه له يوم القيامة مع استحقاقه للعذاب بسبب الشرك، وبهذا فإن تلك الآيات تنفي قدرة الشركاء علي تقديم الشفاعة.. والوظيفة الثانية هي أن المشركين بالله محرومون من شفاعة الشافعين لأنهم لا يستحقونها. ومما تقدم يتضح أن الآيات الشريفة المارة كلها ركزت علي مفاهيم [ صفحه 18] واضحة للشفاعة وحددت أولئك الذين لا تنالهم الشفاعة يوم القيامة، فالمفاهيم الخاصة التي تدور حولها الآيات الشريفة المارة هي مفاهيم الكفر والشرك بشتي أنواعهما وأصنافهما، وأن الكافر والمشرك لن يجد يوم القيامة من يشفع له ممن أذن الله لهم بالشفاعة. ومن هنا يتضح أن نفي الشفاعة في القرآن الكريم ليس نفيا مطلقا، بل هو نفي خاص لمجاميع خاصة حدد الله صفاتهم وأعمالهم في الحياة الدنيا.

الشفاعة في السنة المطهرة

إن مسألة الشفاعة قد تختلف عن الكثير من المسائل العقائدية الأخري، التي كثر الجدل والكلام حولها، في أنها جاءت بعبارات واضحة وصريحة في القرآن الكريم كما وردت بنفس الوضوح في أحاديث الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وإليك هذه الأحاديث: 1 - عن جابر بن عبد الله قال، قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي... وأعطيت الشفاعة ولم يعط نبي قبلي...) [21] . 2 - قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (... فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) [22] . 3 - قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (... إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) [23] . 4 - قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (... اشفعوا تشفعوا ويقضي الله عز وجل علي لسان [ صفحه 19] نبيه ما شاء) [24] . 5 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (أنا أول شفيع في الجنة...) [25] . 6 - عن كعب الأحبار ونفس الحديث عن أبي هريرة أن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) قال: (لكل نبي دعوة يدعوها فأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة [26] . 7 - عن أبي نضرة قال خطبنا ابن عباس علي منبر البصرة فقال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (إنه لم يكن نبي إلا له دعوة قد تنجزها في الدنيا وإني قد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر... فيقال ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعط واشفع تشفع، قال (صلي الله عليه وآله وسلم): فارفع رأسي فأقول أي ربي أمتي أمتي فيقال لي أخرج من النار من كان في قلبه كذا وكذا فأخرجهم) [27] . 8 - عن ابن عباس إن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) قال: (أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي ولا أقولهن فخرا بعثت إلي الناس كافة الأحمر والأسود، ونصرت بالرعب مسيرة شهر، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأعطيت الشفاعة فأخرتها لأمتي فهي لمن لا يشرك بالله شيئا) [28] . [ صفحه 20] 9 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: إنه سمع رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: (إذا سمعتم مؤذنا فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلي علي صلي الله عليه بها عشرا ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة) [29] . 10 - عن أبي هريرة عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) في قوله تعالي: ((عسي أن يبعثك ربك مقاما محمودا)) قال: (الشفاعة) [30] . 11 - قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (رأيت ما تلقي أمتي بعدي... فسألت أن يوليني شفاعة يوم القيامة فيهم ففعل) [31] . 12 - قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (ليخرجن قوم من أمتي من النار بشفاعتي يسمون الجهنميين) [32] . 13 - قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (شفاعتي نائلة إن شاء الله من مات ولا يشرك بالله شيئا) [33] . 14 - وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قوله: (لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة) [34] . 15 - قال الإمام زين العابدين (عليه السلام): (اللهم صل علي محمد وآل محمد [ صفحه 21] وشرف بنيانه وعظم برهانه، وثقل ميزانه وتقبل شفاعته) [35] . 16 - قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (يا بني عبد المطلب إن الصدقة لا تحل لي ولا لكم، ولكني وعدت الشفاعة) [36] . 17 - قال الإمام زين العابدين (عليه السلام): (... وتعطف علي بجودك وكرمك، وأصلح مني ما كان فاسدا، وتقبل مني ما كان صالحا، وشفع في محمدا وآل محمد، واستجب دعائي وارحم تضرعي وشكواي...) [37] . 18 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (المؤمن مؤمنان: مؤمن وفي لله بشروطه التي شرطها عليه، فذلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وذلك من يشفع ولا يشفع له وذلك ممن لا تصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الآخرة، ومؤمن زلت به قدم فذلك كخامة الزرع كيفما كفئته الريح انكفأ وذلك ممن تصيبه أهوال الدنيا والآخرة ويشفع له وهو علي خير) [38] . 19 - قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (إن ربكم تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم وشفع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفورا لكم)، قال: وزاد غير الثمالي أنه قال: (إلا أهل التبعات فإن الله عدل يأخذ للضعيف من القوي) فلما كانت ليلة جمع لم يزل يناجي ربه ويسأله لأهل التبعات فلما وقف بجمع قال لبلال: (قل للناس فلينصتوا) فلما نصتوا قال: (إن ربكم تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم وشفع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفورا لكم) [ صفحه 22] وضمن لأهل التبعات من عنده الرضا [39] . 20 - عن الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في ذكر فضل القرآن: (إنه ما توجه العباد إلي الله تعالي بمثله، واعلموا أنه شافع مشفع وقائل مصدق، وأنه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه) [40] . وهذه الأحاديث وغيرها كثير تدلل بما لا يدع مجالا للشك، أن مسألة القول بالشفاعة لدي المسلمين قد نشأت معهم وكونت جزءا من ثقافتهم وعقيدتهم الإسلامية، وقد أقر الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) والأئمة من أهل بيته (عليهم السلام) ذلك الإيمان. فهناك دلائل تاريخية توضح اهتمام المسلمين في عصر الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) بطلب شفاعته لهم يوم القيامة، فقد روي عن أنس بن مالك عن أبيه قوله: سألت النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: (أنا فاعل) قال، قلت: يا رسول الله فأين أطلبك؟، فقال: (اطلبني أول ما تطلبني علي الصراط) [41] . جاء في متن الواسطية: (وأول من يستفتح باب الجنة محمد (صلي الله عليه وآله وسلم)، وأول من يدخل الجنة من الأمم أمته، وله (صلي الله عليه وآله وسلم) في القيامة ثلاث شفاعات: أما الشفاعة الأولي، فيشفع في أهل الموقف حتي يقضي بينهم بعد أن يتراجع الأنبياء آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسي، وعيسي بن مريم عن الشفاعة حتي تنتهي إليه. وأما الشفاعة الثانية فيشفع في أهل [ صفحه 23] الجنة أن يدخلوا الجنة، وهاتان الشفاعتان خاصتان له، وأما الشفاعة الثالثة فيشفع فيمن استحق النار، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم، فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها) [42] . وجاء في السيرة النبوية للحلبي إن أبا بكر أقبل إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بعد وفاته فكشف عن وجهه وأكب عليه وقال " بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا، اذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن في بالك " [43] . [ صفحه 25]

الشفاعة عند علماء المسلمين

اشاره

يكاد يجمع علماء المسلمين علي وجود الشفاعة وأنها تنال المؤمنين.. لكن بعضهم ناقش في سعة المفهوم وضيقه، ففيما يجمع أغلب أئمة الفرق والمذاهب الإسلامية علي أن الشفاعة تنفع في دفع الضرر والعذاب.

آراء و أقوال العلماء حول مفهوم الشفاعة

1 - قال الشيخ المفيد محمد بن النعمان العكبري (ت 413 ه): " اتفقت الإمامية علي أن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من أمته، وأن أمير المؤمنين (عليه السلام) يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته، وأن أئمة آل محمد (عليهم السلام) كذلك، وينجي الله بشفاعتهم كثيرا من الخاطئين ". وقال في مكان آخر: " ويشفع المؤمن البر لصديقه المؤمن المذنب فتنفعه شفاعته ويشفعه الله. وعلي هذا القول إجماع الإمامية إلا من شذ [ صفحه 26] منهم " [44] . 2 - وقال الشيخ محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه) في تفسيره (التبيان): " حقيقة الشفاعة عندنا أن تكون في إسقاط المضار دون زيادة المنافع، والمؤمنون عندنا يشفع لهم النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) فيشفعه الله تعالي ويسقط بها العقاب عن المستحقين من أهل الصراط لما روي من قوله عليه السلام: (ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي). والشفاعة ثبتت عندنا للنبي (صلي الله عليه وآله وسلم) وكثير من أصحابه ولجميع الأئمة المعصومين وكثير من المؤمنين الصالحين... " [45] . 3 - وقال العلامة المحقق الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ه): "... وهي ثابتة عندنا للنبي (صلي الله عليه وآله وسلم) ولأصحابه المنتجبين والأئمة من أهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) ولصالحي المؤمنين وينجي الله بشفاعتهم كثيرا من الخاطئين.. " [46] . 4 - ويقول العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي (ت 1110 ه): " أما الشفاعة فاعلم أنه لا خلاف فيها بين المسلمين بأنها من ضروريات الدين وذلك بأن الرسول يشفع لأمته يوم القيامة، بل للأمم الأخري، غير أن الخلاف هو في معني الشفاعة وآثارها، هل هي بمعني الزيادة في المثوبات أو إسقاط العقوبة عن المذنبين؟ [ صفحه 27] والشيعة ذهبت إلي أن الشفاعة تنفع في إسقاط العقاب وإن كانت ذنوبهم من الكبائر، ويعتقدون بأن الشفاعة ليست منحصرة في النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) من بعده، بل للصالحين أن يشفعوا بعد أن يأذن الله تعالي لهم بحار الأنوار، للشيخ المجلسي 8: 29 - 63.@. ما تقدم كان نماذج من أقوال علماء الشيعة الإمامية حول الشفاعة معني وحدودا، أما علماء المذاهب الإسلامية الأخري فقد أقروا بالشفاعة والإيمان بها، وننقل فيما يلي نماذج من آراءهم وأقوالهم. 1 - الماتريدي السمرقندي (ت 333 ه): عند تفسيره لقوله تعالي: ((ولا يقبل منها شفاعة)) [47] ، وقوله تعالي: ((ولا يشفعون إلا لمن ارتضي..)) [48] . " إن الآية الأولي وإن كانت تنفي الشفاعة، ولكن هنا شفاعة مقبولة في الإسلام وهي التي تشير إليها هذه الآية " [49] ويقصد بها الآية 28 من سورة الأنبياء. 2 - أبو حفص النسفي (ت 538 ه): يقول في عقائده المعروفة ب (العقائد النسفية): " الشفاعة ثابتة للرسل [ صفحه 28] والأخيار في حق الكبائر بالمستفيض من الأخبار " [50] . 3 - ناصر الدين أحمد بن محمد بن المنير الإسكندري المالكي: يقول في الانتصاف " وأما من جحد الشفاعة فهو جدير أن لا ينالها، وأما من آمن بها وصدقها وهم أهل السنة والجماعة فأولئك يرجون رحمة الله، ومعتقدهم أنها تنال العصاة من المؤمنين وإنما ادخرت لهم... " [51] . 4 - القاضي عياض بن موسي (ت 544 ه): " مذهب أهل السنة هو جواز الشفاعة عقلا ووجودها سمعا بصريح الآيات وبخبر الصادق، وقد جاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين، وأجمع السلف الصالح ومن بعدهم من أهل السنة عليها... " [52] . وقد ذهب الكثير من علماء المسلمين إلي حقية وجود الشفاعة مما لا يسع في هذا البحث الموجز حصره من أقوالهم وآرائهم لضيق المجال. ويتضح مما تقدم، أن الشفاعة - واعتمادا علي نصوص القرآن الكريم الصريحة والأحاديث الشريفة المتواترة المنقولة عن النبي الأكرم محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) - هي من القضايا المقبولة عند أغلب الفرق والمذاهب الإسلامية، مع وجود من يناقش في معني الشفاعة، [ صفحه 29] فقد رفض المعتزلة الشفاعة وناقشوا فيها.. حيث يقول أحد أعلامهم وهو أبو الحسن الخياط وهو يفسر قوله تعالي: ((أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار...)) [53] : " إن الآية تنص علي أن من استحق العذاب لا يمكن للرسول أن ينقذه من جهنم.. " وفي رد ذلك يقول الشيخ المفيد (رضي الله عنه): " إن القائلين بالشفاعة لا يدعون بأن الرسول هو المنقذ للمستحقين النار وإنما الذي يدعونه إن الله سبحانه ينقذهم منها إكراما لنبيه والطيبين من أهل بيته (عليهم السلام). هذا من جهة، ومن جهة أخري، فإن المفسرين يذهبون إلي أن الذين حقت عليهم كلمة العذاب هم الكفار، وإن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) لا يشفع لهم " [54] . ومن هنا يكون هذا الاحتجاج بالآية الشريفة الآنفة علي نفي الشفاعة احتجاجا غير صحيح.

اشكالات وردود

اشاره

مع وضوح الشفاعة كمفهوم ثابت في القرآن الكريم، فإن تطور المسائل الكلامية عند المسلمين أدت إلي أن يثور الجدل حول هذا المفهوم من جوانب متعددة، ومن ثم إيراد الإشكالات عليه، وهي إشكالات تنبع عادة من خلال الثوابت التي يؤمن بها كل فريق من الفرق الإسلامية التي ناقشت هذا المفهوم. ونورد أهم الإشكالات التي أثيرت هنا ثم نناقشها ونبين بطلانها [ صفحه 30] وفسادها وكما يأتي:

الاشكال 01

إن (نفس الذنب) الذي قد يرتكبه المؤمن يرتكبه الكافر، وإن الله سبحانه وتعالي قد وضع سنة العقاب والثواب جزاء لأفعال عباده، وإن رفع العقاب عن المؤمنين المذنبين بواسطة الشفاعة، وإنزاله علي غيرهم من الكافرين، مخل بعدالته (سبحانه وتعالي عن ذلك علوا كبيرا) وهذا الإشكال يمكن أن نسميه ب " مشكلة الاثنينية في الجزاء مع وحدة الذنب ". والجواب عليه: لا بد من بيان: هل الذنب من المؤمن والكافر واحد؟ وهل أن قبول الله لشفاعة الشافعين بالمؤمن المذنب وحرمان الكافر منها اثنينية في الجزاء أم لا؟ لا ريب أن الذنب من أي شخص ولأي شخص كان يقتضي استحقاق الذم والعقاب، كما أن الإطاعة من أي شخص كان ولأي شخص كانت تقتضي الثواب والمدح، وإلا لم يبق فرق بين المطيع والعاصي. إلا أن الله سبحانه فرق - وكلامنا فعلا في المعصية - بين ما إذا كانت من مؤمن به، وما إذا كانت من كافر، فجعل الشفاعة للمؤمنين العصاة كما فتح لهم باب التوبة، وأما الكافرون فإن نيلهم الشفاعة أو قبول التوبة من الذنوب معلق علي أصل الإيمان بالله عز وجل.. تماما كالحسنات، فإنهم ما لم يؤمنوا لا يثابون عليها أبدا. [ صفحه 31] فصحيح أن " الكذب " مثلا الصادر من المؤمن والصادر من الكافر واحد، إلا أنهما يختلفان حكما، وقد دلت علي هذا الاختلاف الأدلة الواردة من قبل نفس المولي الذي اعتبر الكذب معصية له، وهي الأدلة التي فرقت بين المؤمن والكافر. فهذا الإشكال إنما نشأ - في الحقيقة - من توهم وحدة الذنب، وقد بينا أنه يختلف ويتعدد باختلاف صاحب الذنب، وبهذا اللحاظ يختلف الحكم بجعل من المولي نفسه. إن القرآن الكريم، في آياته الشريفة، قد صنف موقف الناس يوم القيامة إلي عدة أصناف، فهناك مؤمنون، وهناك كافرون. والكافرون هم أولئك الذين لم يؤمنوا بالله في الحياة الدنيا أو أشركوا بعبادته أحدا، ومثل هؤلاء لا تنالهم الشفاعة بصريح القرآن: ((.. أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون..)) [55] . أو قوله تعالي: ((... والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلي الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون..)) [56] وواضح أن الخلود في النار يتنافي مع مفهوم الشفاعة.. كما نجد آيات أخري تؤكد علي ذلك. إن ما قرره الله سبحانه وتعالي من جزاء للمؤمنين والكافرين هي من [ صفحه 32] مختصاته سبحانه وتعالي، وإن الوعد بالثواب للمؤمنين والوعيد بالعقاب للكافرين والمشركين هو أمر ثابت لا يتخلف عنه الحكم الإلهي، حيث لم ترد في كل القرآن الكريم آية واحدة تدل علي أن للكافرين فرصة لنيل الشفاعة يوم القيامة بل هم خالدون في النار. ومن هنا فإن حرمان الكافرين من الشفاعة يوم القيامة ليس تخلفا عن الحكم الإلهي، بل هو وفاء للوعيد الذي سبق أن أخبر به الله سبحانه وتعالي الكافرين علي لسان أنبيائه ورسله. أما المؤمن فإنه قد فتح له باب التوبة، فقد يرتكب ذنبا " فيتوب منه "، وتوبته تصح بالندم علي ارتكاب الفعل وبالتالي تركه وعدم العودة إليه، لأن الندم علي ارتكاب الذنب يستدعي ترك العودة إليه، وإلا فإن العودة إلي الذنب تعني الإصرار عليه، فإذا مات مذنبا أمكن أن يغفر له بالشفاعة التي وعدها الله للمؤمنين، وعلي هذا الأساس يكون قبول الشفاعة في المؤمنين المذنبين وعدم قبولها في الكافرين، وفاء للوعد الإلهي الذي جاء علي لسان الأنبياء والمرسلين. وهنا نقدم نماذج من القرآن الكريم لكل من الوعدين: قوله تعالي: ((إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين - خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون)) [57] . وقوله تعالي: ((... ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك [ صفحه 33] حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون..)) [58] . وهاتان الآيتان توضحان بجلاء حقيقة الوعد الإلهي لمن مات وهو كافر، وهو الخلود في النار، ومعلوم أن الخلود في النار يتناقض تماما مع مفهوم الشفاعة. وقوله تعالي: ((إنما التوبة علي الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم)) [59] . وقوله تعالي: ((.. فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم)) [60] . وهناك آيات كثيرة أخري تحدثت عن التوبة. وبعد هذه الشواهد نقول ردا علي الإشكال المتقدم، إن الاثنينية في الجزاء إنما جاءت بتبع الإثنينية في الذنب، ويتلخص الجواب في عدم الوحدة في الذنب، فإن المولي قرر وأخبر منذ البدء عن الفرق في تعامله بين المؤمن والكافر بالنسبة إلي الذنوب الصادرة منهما، وعلي أساس ذلك كان الكافر محروما من الشفاعة في الآخرة بخلاف المؤمن فقد تناله، كما تقبل التوبة من ذنوبه إذا تاب. فكان جزاء كل منهما في الآخرة مطابقا لما قرره وأخبر به الناس علي لسان الأنبياء وأوصيائهم (عليهم السلام). [ صفحه 34] وقد ورد عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أن شفاعته لا تنال من أشرك بالله عز وجل وإنها تنال غير المشركين، فقد روي أبو ذر أن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) صلي ليلة فقرأ آية حتي أصبح، يركع بها ويسجد بها: ((إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم)) [61] ، فلما أصبح قلت: يا رسول الله ما زلت تقرأ هذه الآية حتي أصبحت تركع بها وتسجد بها، قال (صلي الله عليه وآله وسلم): (... إني سألت ربي عز وجل الشفاعة لأمتي فأعطانيها فهي نائلة إن شاء الله لمن لا يشرك بالله عز وجل شيئا) [62] . وروي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) قوله: (شفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصا يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه..) [63] .

الاشكال 02

إن رفع العقاب عن المذنبين يوم القيامة بعد أن أثبته الله بالوعيد به " أي العقاب " يوم القيامة إما أن يكون عدلا أو يكون ظلما. فإن كان رفع العقاب عدلا كان الحكم بالعقاب ظلما " تعالي الله عنه علوا كبيرا ". وإن كان رفع العقاب ظلما، فإن طلب الأنبياء والمرسلين والصالحين للشفاعة، هو طلب للظلم وهذا جهل لا تجوز نسبته إليهم (عليهم السلام) وهم المرسلون الذين عصمهم الله من الخطأ والزلل. [ صفحه 35] والجواب عليه: وهو إشكالية التعارض بين أن يكون رفع العقاب (عدلا) فالعقوبة الناتجة عن الذنب (ظلم) لا يجوز علي الله سبحانه وتعالي، وبين أن يكون رفعه (العقاب) ظلما - بعد أن تقدم الوعيد به في الحياة الدنيا - فإن طلب الأنبياء أو الشفعاء بشكل عام، يعد طلبا للظلم، وهم أبعد وأسمي من ذلك. قد ذكرنا أن الذنب من المؤمن ليس علة تامة لوقوع العقاب عليه، وإنما هو مقتض للعقاب، فإن حصل هناك ما يمنع من وقوعه من الموانع التي قررها المولي نفسه كالتوبة والشفاعة ارتفع العقاب، وإلا أثر الذنب أثره. وقد ورد عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) قوله: (إذا قمت المقام المحمود تشفعت في أصحاب الكبائر من أمتي فيشفعني الله فيهم، والله لا تشفعت فيمن آذي ذريتي) [64] . وعلي هذا، فإن عقاب الله سبحانه للعبد المؤمن المذنب عين العدل، كما أن إعطاء الثواب للعبد المؤمن المطيع عين العدل، فلولا استحقاق العاصي للعقاب لم يبق فرق بينه وبين المطيع، إلا أن هذا الاستحقاق قد لا يصل إلي مرحلة الفعلية لتحقق مانع عنها كالشفاعة والتوبة. وبهذا اتضح عدم التنافي بين قانون العدل الإلهي، وقانون الشفاعة. وحاصل ذلك: إن " الشفاعة " ما هي إلا " فضل ورحمة من الله " جعلها [ صفحه 36] عز وجل للمؤمنين، وبها وقع الفصل بين المؤمن والكافر، غير أنها " رحمة " منه، وأي تعارض بين " الرحمة " و " العدل "؟ إن الوعد الإلهي بقبول الشفاعة بحق بعض عباده يختص بأولئك الذين حددهم بصورة عامة داخل دائرة ومساحة الإيمان به وكتبه ورسله. ومن هنا فإن رفع العقوبة عن المؤمن المرتكب للذنب هو نوع من التفضل الإلهي علي عباده المؤمنين. قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (خيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أمتي الجنة فاخترت الشفاعة لأنها أعم وأكفي أترونها للمتقين؟ لا، ولكنها للمذنبين الخطائين المتلوثين) [65] . وقال الإمام الحسن (عليه السلام): (إن النبي قال في جواب نفر من اليهود سألوه عن مسائل: وأما شفاعتي ففي أصحاب الكبائر ما خلا أهل الشرك والظلم) [66] . أما إنزال العقاب علي المشركين والكافرين فقد تقدم بها الوعيد الإلهي، ومن هنا فأن الأنبياء والأوصياء والذين ارتضي سبحانه وتعالي شفاعتهم، لا يشفعون أصلا في الكافرين أو المشركين أو الذين وعد الله سبحانه وتعالي بخلودهم في جهنم، ويتضح من هذا الرد أننا أمام صنفين من الناس، صنف آمن وأذنب.. وصنف كفر وأشرك، ومن هنا فإن افتراض أن يطرد الجزاء وينطبق من ناحية " الهوية " علي الصنفين معا هو افتراض غير صحيح. [ صفحه 37] نعم الإشكال يرد فيما لو تم رفع العقاب عن فرد من الصنف الأول ولم يرفع عن فرد آخر من نفس الصنف مع أنهما متساويان في الصفات تماما. هذا من جهة، ومن جهة أخري فإن " وقوع الشفاعة وارتفاع العقاب.. وذلك إثر عدة من الأسباب، كالرحمة والمغفرة والحكم والقضاء وإعطاء كل ذي حق حقه، والفصل في القضاء، لا يوجب اختلافا في السنة الجارية وضلالا عن الصراط المستقيم " [67] .

الاشكال 03

إن الشفاعة المعروفة لدي الناس هي: أن يدعو المشفوع عنده إلي فعل شئ أو ترك الفعل الذي حكم به علي المشفوع له، وهذا أمر لا يمكن حصوله، إلا إذا حدث للمشفوع عنده علم جديد يوجب عنده قبول الشفاعة في المشفوع له، أو أنه ينصرف عن إجراء الحكم الذي قرره رعاية للشفيع ومنزلته عنده ولو كان علي حساب الحق والعدل والإنصاف، وهذه افتراضات لا يجوز نسبتها إلي الله (تعالي عن ذلك علوا كبيرا). والجواب عليه: فهو افتراض باطل من أساسه، لأن الفعل الذي قرره سبحانه وتعالي - وهو العقاب - لم يكن أثرا غير قابل للانفكاك عن " الذنب "، لما تقدم من أن الذنب ليس إلا مقتضيا للعقاب، فالشفاعة - بعد أن كان الذنب مجرد مقتض للعقاب - تقدم الوعد بها، وأثبتها القرآن الكريم بصورها وحدودها [ صفحه 38] ومواصفات أشخاصها، لا تمثل عند قبولها انصرافا عن الفعل الذي قرره سبحانه وتعالي، بل هي وفاء لما قرره بحق عباده، وهي بعد هذا لا توجب معني حصول علم جديد بعد أن تقدم العلم بها حتي ذكرها سبحانه وتعالي وأوضح الطريق والباب الذي يمكن للمؤمنين المذنبين أن يلجوه وصولا إلي رضوانه تعالي. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن الله سبحانه وتعالي قد سبق في علمه، مصائر عباده وحالهم في الدنيا والآخرة، وبعد هذا العلم الشامل، فليس في قبول الشفاعة علم جديد يحصل عنده، (تعالي عن ذلك علوا كبيرا..). ويتضح ذلك من قوله تعالي: ((.. يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)) [68] . ويقول العلامة الطباطبائي (قدس سره): ".. نعم تغير العلم والإرادة المستحيل عليه تعالي هو بطلان انطباق العلم علي المعلوم والإرادة علي المراد مع بقاء المعلوم والمراد علي حالهما، وهو الخطأ والفسخ، مثل أن تري شبحا فتحكم بكونه انسانا ثم يتبين أنه فرس فيتبدل العلم، أو تريد أمرا لمصلحة ما ثم يظهر لك أن المصلحة في خلافه فتنفسخ إرادتك، وهذان غير جائزين في مورده تعالي، والشفاعة ورفع العقاب بها ليس من هذا القبيل كما عرفت " [69] . [ صفحه 39]

الاشكال 04

إن معرفة الناس بثبوت الشفاعة لمن أذنب بواسطة الأنبياء والصالحين يخلق عندهم الجرأة علي ارتكاب الذنب علي أمل نيل الشفاعة منهم يوم القيامة. وهذا الأمر سيؤدي إلي عبثية الأحكام المتعلقة بالجزاء حيث سيضطرب النظام الاجتماعي ويشيع الفساد في الناس وتنتهك أحكام الله التي وضعها لعباده. والجواب عليه: إن مشكلة هذا الإشكال وضعفه: هو أنه تجاهل ظاهرة مهمة في الآيات القرآنية التي تناولت بصورة مباشرة موضوع الشفاعة وقبولها، وكذلك الآيات التي تحدثت عن خلود الكافرين في النار.. وهذه الظاهرة هي: إن آيات الشفاعة لم تعين علي سبيل التحديد أفراد الناس ومجاميعهم ممن تنالهم الشفاعة، كما أنها لم تعين الذنوب التي تقبل الشفاعة فيها.. فإذا كان الأمر كذلك، فكيف تطمئن نفس أن تنالها الشفاعة، وكيف تطمئن أيضا إلي أن ذنبها الذي ترتكبه هو من الذنوب التي تقبل بها الشفاعة. ومن هنا فإن النفس والحال هذه ستبقي متعلقة، وجلة تتملكها الخشية من ارتكاب الذنب والمعصية خوفا أن لا تكون ممن تنالها الشفاعة، أو أن يكون ذنبها مما لا تقبل فيه الشفاعة. [ صفحه 40] أما الآيات الشريفة التي تحدثت عن الكافرين وخلودهم في النار وأنواع العذاب، وعدم غفران ذنوبهم، فإنها شخصت الإطار العام للصفات والأفعال التي إذا تميز بها الإنسان فإنه يدخل النار، ومن ذلك علي سبيل المثال قوله تعالي: ((إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) [70] . والآية كما تري تتحدث عن المغفرة يوم القيامة، وأنها لا تنال الذين ماتوا وهم مشركون. وعلي هذا فكيف تكون الشفاعة موجبة لجرأة الناس علي الذنوب والمعاصي؟ مع أن ارتكاب الذنب من قبل المؤمن لا بد أن تعقبه التوبة طلبا للغفران.. لأن هذه صفة المؤمن بالله تعالي واليوم الآخر، فإنه دائما يراقب نفسه لئلا يقع في معصية، فإن استولي عليه الشيطان وأغواه وارتكب المعصية تذكر وتاب إلي الله توبة نصوحا فضلا عن أن يصر علي الذنب الواقع منه. فالإيمان ليس لونا نضفيه علي الإنسان، بل هو يتجسد في المحتوي الداخلي للإنسان وعلاقته بربه وسلوكه الاجتماعي المنضبط بأوامر الله سبحانه وتعالي ونواهيه. ولعل ما يشير إلي ذلك الآية الشريفة: ((والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم [ صفحه 41] يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون)) [71] . فالآية القرآنية هنا تتحدث عن صنف من الناس حددت طبيعة سلوكهم ولم تعين أشخاصهم.. كما أنها لم تحدد نوع الفاحشة أو الظلم.. ولكنها تشير إلي أنهم بعد ارتكابهم الظلم والفاحشة يذكرون الله ويستغفرون لذنوبهم وأنهم لا يصرون عليها.. هؤلاء الناس يغفر الله ذنوبهم، ولولا الاستغفار لما نالوا هذا الوعد الإلهي بغفران ذنوبهم. وإلي ذلك يشير الحديث الشريف، فعن علي بن إبراهيم، عن محمد ابن عيسي، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يرتكب الكبيرة من الكبائر فيموت هل يخرجه ذلك من الإسلام؟ وإن عذب كان عذابه كعذاب المشركين، أم له مدة وانقطاع؟ فقال (عليه السلام): (من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم أنها حلال أخرجه ذلك من الإسلام وعذب أشد العذاب، وإن كان معترفا أنه أذنب ومات عليه - أي مصرا علي الذنب - أخرجه من الإيمان ولم يخرجه من الإسلام وكان عذابه أهون من عذاب الأول) [72] .

الاشكال 05

إن العقل قد يحكم بإمكانية وقوع الشفاعة بالإفادة من آيات القرآن الكريم، ولكنه لا يستطيع أن يحكم بفعلية وقوعها خصوصا وأن في القرآن ما ينفي الشفاعة مطلقا كقوله تعالي: ((.. لا بيع فيه ولا خلة ولا [ صفحه 42] شفاعة)) [73] ، وبعضها الآخر يقيد الشفاعة بقيود كما في قوله تعالي: ((إلا بإذنه..)) [74] ، وقوله تعالي ((.. إلا لمن ارتضي..)) [75] ، ولكن هذه الآيات وغيرها لا تدل دلالة قطعية علي وقوع الشفاعة وحصولها اليقيني، فالقرآن الكريم ينفي الشفاعة آونة، ويقيدها أخري برضا الله سبحانه وتعالي، ويذكر القرآن الكريم مرة أخري أن الشفاعة لا تنفع، كقوله تعالي ((... فما تنفعهم شفاعة الشافعين)) [76] . والجواب عليه: إن ملخص الجواب هو أن الآيات التي يستدل بها علي نفي الشفاعة، لا تنفي الشفاعة مطلقا، بل إنها تنفيها عن بعض الناس وقد وردت هذه الاستثناءات في آيات عديدة. أما فيما يتعلق بالقيود الموجودة في حصول الشفاعة من جهة، وقبولها من جهة أخري، فإن ذلك لا يعني نفيها بل يؤكد وقوعها وإثباتها، علي خلاف ما ادعاه النافون من أنها لا تنفع، مستدلين علي ذلك، بقوله تعالي: ((فما تنفعهم شفاعة الشافعين)) [77] . وهذا الاستدلال غير صحيح، لأن سياق الآيات التي تسبق هذه الآية تتحدث كلها عن المجرمين المستقرين في سقر، حيث تقول الآيات: [ صفحه 43] ((كل نفس بما كسبت رهينة - إلا أصحاب اليمين - في جنات يتساءلون)) ثم تقول الآيات الشريفة: ((عن المجرمين - ما سلككم في سقر - قالوا لم نك من المصلين - ولم نك نطعم المسكين - وكنا نخوض مع الخائضين - وكنا نكذب بيوم الدين - حتي أتانا اليقين - فما تنفعهم شفاعة الشافعين)) [78] . وهكذا يتضح من خلال هذا السياق: إن الذين لا تنفعهم شفاعة الشافعين هم هؤلاء المستقرون في سقر الذين لم يكونوا من المصلين، وكانوا يكذبون بيوم الدين، حتي أتاهم اليقين حين وجدوا أنفسهم في سقر فلا تنفعهم بعد صفاتهم تلك شفاعة الشافعين. بعد هذا العرض السريع للإشكالات التي يوردها النافون للشفاعة والردود عليها، يتضح أن الشفاعة ليست من الأمور التي تقع ضمن دائرة الاثنينية في الجزاء الإلهي، والمقصود بالاثنينية " تعدد الجزاء مع وحدة الفعل " ولا هي متناقضة مع عدالة الله بل هي تثبيت لهذا العدل باعتبارها كانت وعدا تقدم والجزاء به هو وفاء لذلك الوعد. كما أنها ليست ناتجة عن علم جديد أو انصراف عن فعل مقرر من قبل، بل هي علم سابق وفعل مقرر، وهي أيضا لا توجب الجرأة علي المعصية بل توجب الحيطة والحذر، والخشية من ارتكاب الذنب، إذ لم تصرح الآيات بجميع الذنوب التي تقبل فيها الشفاعة. وهي أخيرا ثابتة موجودة، لكنها لا تنال بعض الأصناف من الناس الذين وردت صفاتهم في القرآن الكريم، وأنها لا تحصل إلا بإذن الله تعالي [ صفحه 44] ورضاه. قال الإمام علي بن موسي الرضا (عليه السلام) عن آبائه الطيبين الطاهرين عن جده رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) قوله: (من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله شفاعتي - ثم قال (صلي الله عليه وآله وسلم) - إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي فأما المحسنون فما عليهم من سبيل)، قال الحسين بن خالد: فقلت للرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله فما معني قول الله عز وجل: ((ولا يشفعون إلا لمن ارتضي)) [79] قال (عليه السلام): (لا يشفعون إلا لمن ارتضي الله دينه) [80] . [ صفحه 45]

اثر الشفاعة في المصالح الدنيوية

اشاره

تقدم في الفصول السابقة، الحديث عن الشفاعة فيما يتعلق بالآخرة، حيث الغفران من الذنوب ورفع العقاب يوم الحساب. وقد ناقشنا هناك الإشكالات التي وردت علي الشفاعة، وبات واضحا أن الشفاعة وأثرها في الحياة الآخرة هي قضية ثابتة بصريح القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة. لكن هناك مناقشات، تدور حول أثر الشفاعة في الحياة الدنيا، وهي مناقشات تتمحور حول الإجابة عن السؤال التالي: هل أن طلب الشفاعة في أمور الدنيا من غير الله جائز شرعا، وهل أن لها أثرا إيجابيا في الحياة الدنيا كالرزق والشفاء من الأمراض والنجاح في الأعمال، أو الإنقاذ من الأخطار وغيرها من شؤون الحياة الدنيا، أم إنها غير جائزة، وغير ذات فائدة في الدنيا؟ أما في مسألة الجواز: فقد تقدم أن الله سبحانه وتعالي قد أخبر عن رجال ارتضاهم ليشفعوا عنده في عباده الذين ارتضي.. وقد وردت عدة روايات تؤيد ذلك نقلناها سابقا، هذا فيما يتعلق بالشق الأول من السؤال. [ صفحه 46] أما فيما يتعلق بالشق الثاني منه، وهو: هل أن للشفاعة أثرا وفائدة في تحصيل المصالح والمنافع الدنيوية أم لا؟ فنقول: إن الشفاعة تعطي - بالإضافة إلي المعاني التي تقدمت في أول البحث - معني الدعاء أيضا، فالنبي (صلي الله عليه وآله وسلم) عندما يشفع لمؤمن فإنه يدعو الله سبحانه وتعالي، فقد ذكر السيد العاملي أن " شفاعة النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) أو غيره عبارة عن دعائه الله تعالي لأجل الغير وطلبه منه غفران الذنب وقضاء الحوائج، فالشفاعة نوع من الدعاء والرجاء. حكي النيسابوري في تفسير قوله تعالي: ((من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها)) [81] عن مقاتل أنه قال: الشفاعة إلي الله إنما هي الدعوة لمسلم، لما روي عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له وقال له الملك ولك مثل ذلك " [82] . وعلي هذا الأساس، فإن دعاء المؤمن لأخيه المؤمن في حياته في حاجة من حوائج الدنيا أمر مقبول لا غبار عليه ولا مناقشة فيه بعد الذي تقدم، ولما ورد من الحث علي دعاء المؤمنين للمؤمنين: عن إبراهيم بن أبي البلاد رفعه وقال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (من سألكم بالله فاعطوا، ومن أتاكم معروفا فكافوه، وإن لم تجدوا ما تكافونه فادعوا الله له حتي تظنوا أنكم قد كافيتموه) [83] . [ صفحه 47] وقولك لأخيك المؤمن " جزاك الله خيرا " هو نوع من الدعاء والشفاعة له عند الله، أو غير ذلك من الدعاء الذي نمارسه في حياتنا العادية مع أصدقائنا وإخواننا وأقاربنا. وهذا اللون من الدعاء والشفاعة لا غبار عليه ولا مناقشة فيه كما قدمنا. لكن المناقشة تدور عادة بين المنكرين لجواز الشفاعة وتأثيرها في حاجات الدنيا، وبين القائلين بجوازها وتأثيرها، حول طلب الشفاعة من الأموات أو الذين غادروا الحياة الدنيا علي قول أدق.

رأي ابن تيمية و مناقشته

فقد ذهب ابن تيمية ومن تابعه إلي أن طلب الشفاعة في حاجات الدنيا أو غيرها من " الأموات " شرك "... وإن قال أنا أسأله لكونه أقرب إلي الله مني ليشفع في هذه الأمور، لأني أتوسل إلي الله كما يتوسل إلي السلطان بخواصه وأعوانه فهذا من أفعال الذين يزعمون أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم شفعاء يستشفعون بهم في مطالبهم، والمشركين الذين أخبر الله عنهم أنهم قالوا: ((ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي)).. " [84] . وتهافت وفساد هذا الرأي الذي يذهب إليه ابن تيمية أنه جعل طلب الدعاء والشفاعة بمنزلة مساوية ل " عبادة غير الله "، مع أن الشفاعة أصلا لا تعني العبادة لا بمعناها اللغوي ولا بمعناها الاصطلاحي، كما أن الداعي الداخلي والنفسي لطلب الشفاعة تعني شيئا آخرا غير الداعي النفسي لعبادة الأصنام والبشر أو غير ذلك مما يتوسل بها المشركون والكافرون [ صفحه 48] لتقربهم علي حد زعمهم إلي الله زلفي. وقد تقدم في هذا البحث أن أبا بكر جاء إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بعد وفاته وكشف عن وجهه وسلم عليه وطلب منه الدعاء له عند الله، كما ورد نفس الأمر عن الإمام علي (عليه السلام). وطلبه ذلك من رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو الذي قال عنه رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (أنا مدينة العلم وعلي بابها) [85] يدل بما لا مزيد عليه علي صحة الطلب من رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) حتي بعد وفاته. وإذا دققنا في الآية القرآنية الشريفة: ((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون..)) [86] والآية الشريفة: ((ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون...)) [87] نجد أنهما واضحتان في الدلالة علي الحياة بعد مفارقة الدنيا، ولكن الإنسان بطبيعته المادية لا يدرك هذه الحياة ولا يلمسها ولا يعرف حقيقتها إلا بعد الموت. ويقول العلامة الطباطبائي في تفسيره لآية ((ولا تقولوا لمن يقتل..)): فالآية تدل دلالة واضحة علي حياة الإنسان البرزخية، كالآية النظيرة لها وهي قوله تعالي: ((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون..)) [88] . أما الموتي من المؤمنين من غير الشهداء فإنهم كما عبرت روايات [ صفحه 49] كثيرة يعيشون في البرزخ ويزورون أهلهم... عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إن المؤمن ليزور أهله فيري ما يحب ويستر عنه ما يكره، وإن الكافر ليزور أهله فيري ما يكره ويستر عنه ما يحب،... ومنهم من يزور كل جمعة، ومنهم من يزور علي قدر عمله) [89] . وبعد وضوح كل ذلك، فما المانع من أن يكون هؤلاء الذين غادروا الحياة الدنيا إلي الحياة الآخرة، يسمعون ويرون ويدعون الله للذين لم يلحقوا بهم من المؤمنين والشهداء في قضاء حوائجهم ((فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون - يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين..)) [90] . وكل ما تقدم يدل دلالة واضحة علي أن الإنسان بعد الانتقال من الحياة الدنيا فإنه يعيش حياة أخري، يري الكافر فيها العذاب فيتألم، ويري المؤمنون فيها النعيم فيفرحون ويستبشرون، وهكذا يبطل زعم القائلين بأن الإنسان إذا مات انقطعت كل أسباب العلاقة بينه وبين الأحياء في الدنيا وهو مذهب القائلين بعدم جواز التوسل بالأموات، وهو مذهب فاسد كما علمت لأنه مخالف لصريح القرآن الكريم. وقبل أن نختم هذا الفصل لا بأس بإيراد رواية صحيحة تروي عن [ صفحه 50] رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) مما تنفع في هذا الباب. بعد أن انتهت معركة بدر الكبري بانتصار المسلمين، وقف رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) علي قتلي المشركين فقال: (يا أهل القليب بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس... - حتي قال -: هل وجدتم ما وعدكم ربي حقا) [91] . فلو كان هؤلاء القتلي الذين غادروا الحياة الدنيا لا يسمعون، فهل كان عبثا حديث رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) معهم، وهو الذي لا ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي؟ [ صفحه 51]

الشفعاء والمشفع لهم

الشفعاء

اشاره

هل حدد القرآن الكريم الشفعاء؟ وهل أخبر عن أسمائهم أو عن صفاتهم؟ إن التدبر في آيات القرآن الكريم يوضح أن الله سبحانه وتعالي لم يحدد في الآيات القرآنية الشريفة وفي آيات الشفاعة اسم أحد من الشافعين، لكن القرآن الكريم أشار إلي مجموعة من الصفات التي إن توفرت في أحد فهو من الشفعاء بعد أن يأذن الله له في ذلك. ونجد من خلال دلالة الآيات القرآنية الشريفة أن الأنبياء يشفعون، والملائكة يشفعون، والمؤمنون الصالحون يشفعون أيضا، والعمل الصالح يشفع لصاحبه كذلك. قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (يشفع النبيون والملائكة والمؤمنون فيقول [ صفحه 52] الجبار: بقيت شفاعتي) [92] . وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (يشفع يوم القيامة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء) [93] . وإلي جانب ذلك فإن تعلم القرآن يعطي لصاحبه الأهلية لأن يشفع، قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (من تعلم القرآن فاستظهره فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله به الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت له النار...) [94] ، وجاء في نهج البلاغة: (إنه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه) [95] . وإن العمل الصالح والالتزام بالتعاليم الإسلامية يعطي لصاحبه الأهلية لأن يشفع، قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (إن أقربكم مني غدا وأوجبكم علي شفاعة: أصدقكم لسانا، وأداكم لأمانتكم، وأحسنكم خلقا، وأقربكم من الناس) [96] . وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (الشفعاء خمسة: القرآن، والرحم، والأمانة، ونبيكم، وأهل بيت نبيكم) [97] . وجاء عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) في دعائه: (اللهم اجعل نبينا صلواتك عليه وعلي آله يوم القيامة أقرب النبيين منك مجلسا وأمكنهم [ صفحه 53] منك شفاعة..) [98] . وسنستعرض بإيجاز الآيات القرآنية الشريفة التي تعطي الدلالة الواضحة علي كل صنف من أولئك الشفعاء.

الانبياء

فالآية الشريفة التالية تؤكد أن الأنبياء يشفعون قال تعالي: ((وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما)) [99] وفي الآية أعلاه قيود دقيقة لا بد من الالتفات إليها وهي: جاء في تفسير ((ظلموا أنفسهم)) أي بخسوها حقها بإدخال الضرر عليها بفعل المعصية من استحقاق العقاب، وتفويت الثواب بفعل الطاعة، وقيل ((ظلموا أنفسهم)) بالكفر والنفاق ((جاءوك)) تائبين مقبلين عليك مؤمنين بك ((فاستغفروا الله)) لذنوبهم ونزعوا عما هم عليه ((واستغفر لهم الرسول)) أي سألت الله أن يغفر لهم ذنوبهم ((لوجدوا الله)) أي لوجدوا مغفرة الله لذنوبهم [100] . وإلي جانب الآية المتقدمة، فالآية التالية توضح أيضا شفاعة الرسل قال تعالي: ((وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون - لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون - يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا [ صفحه 54] يشفعون إلا لمن ارتضي وهم من خشيته مشفقون)) [101] . والآية تشير إلي الرسل الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالي إلي البشر فقال الكافرون: إنهم أبناء الله، لكن القرآن الكريم يصرح بأنهم عباد الله أكرمهم بالرسالة وإنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضي سبحانه.. وقد تنطبق هذه الآية علي الملائكة، فقد تكرر في القرآن الكريم وفي مواضع عديدة الإشارة إلي قول الكافرين والمشركين بأن الملائكة بنات الله، تعالي سبحانه عن ذلك علوا كبيرا.

الملائكة

وأما شفاعة الملائكة فتدل عليها الآية التالية قال تعالي: ((وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضي..)) [102] . ودلالة الآية جلية وواضحة علي أن الملائكة تشفع بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضي.

المؤمنون

وأما شفاعة المؤمنين والشهداء فتدل عليها الآية الشريفة قال تعالي: ((ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون...)) [103] . [ صفحه 55] والذين شهدوا بالحق هم المؤمنون الصالحون الذين جعلهم الله شهودا علي أممهم مع الأنبياء والأوصياء. وقد جعل الله المؤمنين مع الشهداء حيث قال تعالي: ((والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم...)) [104] . وقد جاءت الروايات مؤكدة لهذه الآيات ومبينة لها، فقد روي الصدوق بسنده عن الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله وسلم) قوله: (ثلاثة يشفعون إلي الله عز وجل فيشفعون: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء..) [105] . وقبل أن نغادر هذا الفصل نلفت نظر القارئ الكريم إلي ظاهرة مهمة تكررت في الآيات القرآنية الشريفة التي تحدثت عن الشفيع أو المشفوع له، وهي ظاهرة " الرضي " الإلهي عمن يريد أن يشفع وعمن يراد أن يشفع له، واعتبار ذلك الرضي قيدا لازما لا تؤتي الشفاعة ثمارها بدونه، فالشفيع يجب أن يرضي الله شفاعته لتكون في محلها. والمشفوع له يجب أن يكون مرضيا عنده سبحانه وتعالي ليقبل فيه شفاعة الشافعين. وبناء علي هذا لو راجعنا الآيات القرآنية الكريمة والتي أشارت إلي " رضي " الله تعالي عن بعض عباده، نجدها تشير إلي مواصفات غاية في السمو والتألق.. ونحن هنا نورد أمثلة من الآيات القرآنية التي ذكرت بالصراحة " رضي " الله عن بعض عباده الصالحين. قوله تعالي: ((قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري [ صفحه 56] من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم)) [106] والآية الشريفة هنا تشير بصراحة إلي " الصادقين " بكل ما لكلمة الصدق من معني. وقوله عز شأنه: ((والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم)) [107] . وقوله تعالي: ((لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون)) [108] وفي الآية الكريمة إشارة صريحة إلي المؤمنين الحقيقيين الذين لا يلقون بالود لأعداء الله والرسول ولو كان هؤلاء الأعداء آباء أو أبناء أو إخوانا لهم، وهذه الصفة هي من صفات المبدأية والرسالية العالية التي يجب أن يتصف بها المؤمنون. وقوله عز من قائل: ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية - جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه)) [109] . [ صفحه 57] نحسب أن التدبر في مضامين هذه الآيات الشريفة سيكشف أمامنا أفقا واسعا من المعرفة بهؤلاء الذين هم خالدون في جنات تجري من تحتها الأنهار أبدا، وأن الله عز وجل قد رضي عنهم، وأنهم رضوا عنه. وهنا هي قمة العظمة والسمو في الوصف والبيان.. فمن هم هؤلاء الذين رضوا عنه؟ إنهم الصادقون في إيمانهم وأعمالهم مع الله الذين عملوا الصالحات وخشوا الله والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم " بإحسان "، والمؤمنون الذين لا يوادون من حاد الله ورسوله.

المشمولون بالشفاعة

اشاره

لقد عرفنا فيما تقدم من البحث أن الكافرين - بشكل خاص - والذين هم في النار خالدون، لا تنالهم الشفاعة مطلقا بدلالة الخلود في النار أبدا. إذن فمن هم أولئك الذين تنالهم الشفاعة؟ ومن هم الذين لا تنالهم؟

المؤمنون المذنبون

السؤال الذي يطرح هنا هو أن مفهوم الشفاعة يعني غفران الذنب ورفع العقاب المستتبع له، فكيف يمكن الجمع إذن بين صفة الإيمان بالله واليوم الآخر وبين صفة ارتكاب الذنب ومقارفة المعصية؟ وللجواب علي ذلك نقول: إن للمؤمنين درجات بما امتلك كل مؤمن من الصفات، وقد أشار القرآن الكريم في مواضع عديدة إلي حقيقة التفاوت والدرجات بين المؤمنين، مثل قوله تعالي: ((.. لا يستوي [ صفحه 58] القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم علي القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسني وفضل الله المجاهدين علي القاعدين أجرا عظيما)) [110] . والتأمل في الآية الشريفة الآنفة يكشف عن عدة أمور مهمة، منها أن القاعدين عن الجهاد بأموالهم وأنفسهم مع عدم وجود ما يمنعهم من عذر شرعي من نقص في الأعضاء أو فقر لا يتساوون مع المجاهدين، لكن الله وعد كليهما الحسني في الآخرة، لكن الله سبحانه وتعالي فضل المجاهدين علي القاعدين من ناحية الأجر والثواب، ووصفه بأنه أجر عظيم. إن المؤمن يذنب لكنه يستغفر الله ويتوب، وهو أيضا يحتاج إلي الشفاعة، فقد سئل الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن: المؤمن هل له شفاعة؟ قال: (نعم)، فقال رجل من القوم: هل يحتاج المؤمن إلي شفاعة محمد (صلي الله عليه وآله وسلم)؟ قال: (نعم، إن للمؤمنين خطايا وذنوبا وما من أحد إلا يحتاج إلي شفاعة محمد يومئذ) [111] . ولا محل هنا بعد ما تقدم للاعتراض: بأن المؤمنين لا يكونون مؤمنين حتي يتحركوا بنفس المستوي من الفعل عند اتحاد الداعي للفعل، لأن هذا الاعتراض تغافل عن مقتضيات الطبيعة البشرية، والله أعلم بعباده وقوله عز شأنه يوضح قانونا من قوانين الخلقة وبعد هذا.. فالتفاوت بين البشر حقيقة ثابتة لا يمكن نكرانها وإن كان بين المؤمنين. [ صفحه 59] كما أن الحديث المروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) يكشف صراحة عن أن للمؤمنين خطايا وذنوبا، وإنهم بحاجة إلي شفاعة الرسول محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) لهم يوم القيامة. وننقل القارئ الكريم إلي التدبر في الآيات القرآنية الشريفة التالية: ((وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين - الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين - والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون - أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين)) [112] . ومحل الشاهد في الآيات الشريفة هو التصريح بأن الذين يستغفرون الله لذنوبهم بعد فعل الفاحشة أو ظلم النفس ولم يصروا علي الاستمرار علي ذلك الفعل فإن الله وعدهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها.. ويتضح إن عدم الإصرار علي الذنب ومن ثم الاستغفار والتوبة هي من صفات المؤمنين، لأن الله لا يعد أحدا بالجنة والنعيم إن لم يكن مؤمنا مرضيا عند الله سبحانه وتعالي. ولكن المؤمن إذا ارتكب معصية أو اقترف إثما وأصر عليه، فهل يبقي علي صفة الإيمان بمعناه الحقيقي الذي يريده سبحانه وتعالي متجسدا عند الإنسان بالفعل والسلوك والعمل وليس بمجرد الادعاء والعادة؟ [ صفحه 60] وبدون شك، فإن الإصرار علي الذنب قد يخرج المؤمن عن صفة الإيمان الحقيقي التام " وذلك لأن الإصرار علي الذنب يستوجب الاستهانة بأمر الله والتحقير لمقامه سواء كان الذنب المذكور من الصغائر أو الكبائر.. " [113] . وقد تقدم في جواب الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) لعبد الله بن سنان بأن الإصرار علي الذنب يخرج الإنسان من الإيمان. وهل هناك عاقل يقول: إن من يستهين بأوامر الله، هو ومن يمتثل أوامره ونواهيه كلها كما أمر ونهي، علي حد سواء؟ ومن الآيات الشريفة ننقل القارئ إلي التدبر في الأحاديث المروية عن الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام). عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رسالته إلي أصحابه قال: (وإياكم أن تشره أنفسكم إلي شئ حرم الله عليكم، فإن من انتهك ما حرم الله عليه ههنا في الدنيا، حال الله بينه وبين الجنة ونعيمها ولذتها وكرامتها القائمة الدائمة لأهل الجنة أبد الآبدين.. - إلي أن قال - وإياكم والإصرار علي شئ مما حرم الله في القرآن..) [114] . وجاء في وصية الرسول الأكرم محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) للصحابي الجليل أبي ذر (رضي الله عنه) قوله: (يا أبا ذر إن المؤمن ليري ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه، والكافر يري ذنبه كأنه ذباب مر علي أنفه) [115] . [ صفحه 61] عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (لا والله لا يقبل الله شيئا من طاعته علي الإصرار علي شئ من معاصيه) [116] . وبعد كل ما تقدم أصبح واضحا وجليا أن المؤمن إنما يخرج عن ربقة الإيمان التام الحقيقي بالإصرار علي الذنب والمعصية، ويغدو واضحا أيضا أن المؤمن قد يذنب الذنب الكبير أو الصغير، لكنه يسارع إلي الاستغفار والتوبة فيتوب الله عليه، وقد تقدم فيما مضي أن الشفاعة هي لأهل المعاصي من المؤمنين. قال الحسين بن خالد:.. فقلت للرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله فما معني قوله عز وجل ((ولا يشفعون إلا لمن ارتضي))؟ قال (عليه السلام): (لا يشفعون إلا لمن ارتضي الله دينه) [117] . وعن البرقي عن علي بن الحسين الرقي، عن عبد الله بن جبلة، عن الحسن بن عبد الله، عن آبائه، عن جده الحسن بن علي (عليهم السلام) في حديث طويل قال (عليه السلام): (إن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) قال في جواب نفر من اليهود سألوه عن مسائل: وأما شفاعتي ففي أصحاب الكبائر ما خلا أهل الشرك والظلم) [118] وهذا الحديث يجري مجري الحديث السابق في الكشف الواضح عن عدم رضي الله سبحانه وتعالي عن الذين يموتون وهم مشركون أو ظالمون. عن عبيد بن زرارة قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن المؤمن: هل له [ صفحه 62] شفاعة؟ قال (عليه السلام): (نعم)، فقال له رجل من القوم: هل يحتاج المؤمن إلي شفاعة محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) يومئذ؟ قال (عليه السلام): (نعم، إن للمؤمنين خطايا وذنوبا، وما من أحد إلا يحتاج إلي شفاعة محمد يومئذ) [119] .

المؤمنون الذين يدخلون النار

وكما تنفع الشفاعة المؤمنين في القيامة ليغفر لهم الله ذنوبهم فيدخلون الجنة كذلك تنفعهم الشفاعة حتي بعد الدخول في النار فيخرجون منها، وهذا ما تفيده الأحاديث النبوية الشريفة المروية عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام) التي تتحدث عن أن هناك من المؤمنين من يتم إخراجهم من النار بشفاعة الرسول والمؤمنين الصالحين. قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (يشفع الأنبياء في كل من يشهد أن لا إله إلا الله مخلصا، فيخرجونهم منها..) [120] . وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (إن الله يخرج قوما من النار بالشفاعة) [121] . وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (ليخرجن قوم من أمتي من النار بشفاعتي يسمون الجهنميين..) [122] . وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في حديث: (أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون ولكن ناس أصابتهم نار بذنوبهم أو بخطاياهم فأماتتهم إماتة [ صفحه 63] حتي إذا كانوا فحما أذن في الشفاعة فيخرجون ضبائر ضبائر) [123] . وقال الإمام علي بن موسي الرضا (عليه السلام): (مذنبو أهل التوحيد لا يخلدون في النار ويخرجون منها والشفاعة جائزة لهم...) [124] . وروي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) قوله: (... فإذا فرغ الله عز وجل من القضاء بين خلقه وأخرج من النار من يريد أن يخرج، أمر الله ملائكته والرسل أن تشفع فيعرفون بعلاماتهم: إن النار تأكل كل شئ من ابن آدم إلا موضع السجود..) [125] . وروي عنه (صلي الله عليه وآله وسلم): (إذا ميز أهل الجنة وأهل النار، فدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار قامت الرسل وشفعوا...) [126] . وعنه (صلي الله عليه وآله وسلم): (يقول الرجل من أهل الجنة يوم القيامة أي ربي عبدك فلان سقاني شربة من ماء في الدنيا فشفعني فيه، فيقول: إذهب فأخرجه من النار فيذهب فيتجسس في النار حتي يخرجه منها...) [127] . يقول العلامة الطباطبائي: " فتحصل أن المتحصل من أمر الشفاعة وقوعها في آخر موقف من مواقف القيامة باستيهاب المغفرة بالمنع عن دخول النار، أو إخراج بعض من كان داخلا فيها باتساع الرحمة أو ظهور الكرامة " [128] . [ صفحه 64] وقد اتضح من الروايات أن الشفاعة إنما تكون بعد الفراغ من الحساب فإما تنفع للحيلولة دون دخول النار وإما تنفع للحيلولة دون البقاء فيها.

غير المشمولين بالشفاعة

اشاره

قد عرفنا أن الشفاعة تخص المؤمنين وأن الكافرين محرومون منها فلا تنفعهم لا قبل الدخول في النار ولا بعده، وقد تكرر الوعد الإلهي في القرآن الكريم لعدة أصناف من الناس بأن يكونوا خالدين في النار لا تنالهم شفاعة الشافعين. فقد جاءت كلمة " خالدون " في العذاب أو النار أو جهنم في ثمانية وثلاثين آية عبر ثمانية وعشرين سورة قرآنية شريفة. ومع أن البحث في هذه الآيات الشريفة ليس من مهمة هذا البحث المختصر، إلا أن مطالعتها وإلقاء نظرة علي بعض مضامينها ومدلولاتها تنفعنا من جهة ثانية في التأكيد علي أن المؤمنين يقعون خارج إطار الذين وعدهم الله سبحانه وتعالي بأن يكونوا من الخالدين في النار. وعدم الخلود في النار يعني الخروج منها أو يستوهبون منها وهذا الطريق يؤدي إلي الاعتقاد بوجود الشفاعة وثبوتها. وفيما يلي نستعرض تصنيفا أوليا للآيات القرآنية التي تحدثت عن الخالدين في النار، حسب الصفات التي وصفهم الله سبحانه وتعالي بها في قرآنه الكريم. [ صفحه 65]

الكافرون

1 - ((والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)) البقرة 2: 39. 2 - ((إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين - خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون)) البقرة 2: 161 - 162. 3 - ((.. والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلي الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)) البقرة 2: 257. 4 - ((إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)) آل عمران 3: 116. 5 - ((إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا - إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك علي الله يسيرا)) النساء 4: 168 - 169. 6 - ((وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)) الرعد 13: 5. 7 - ((إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا - خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا)) الأحزاب 33: 64 - 65. 8 - ((وسيق الذين كفروا إلي جنهم زمرا حتي إذا جاؤها فتحت أبوابها [ صفحه 66] وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلي ولكن حقت كلمة العذاب علي الكافرين - قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوي المتكبرين)) الزمر 39: 71 - 72. 9 - ((كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين - فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين)) الحشر 59: 16 - 17. 10 - ((والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير)) التغابن 64: 10. 11 - ((إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية)) البينة 98: 6. 12 - ((وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم)) التوبة 9: 68. 13 - ((لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون - كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون - تري كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون)) المائدة 5: 78 - 80.

المرتدون

1 - ((... ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)) البقرة 2: 217. [ صفحه 67] 2 - ((كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين - أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين - خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون)) آل عمران 3: 86 - 88.

المشركون

1 - ((ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين علي أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون)) التوبة 9: 17. 2 - ((إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون - لو كان هؤلاء ألهة ما وردوها وكل فيها خالدون)) الأنبياء 21: 98 - 99. 3 - ((والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما - يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا)) الفرقان 25: 68 - 69. 4 - ((إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية)) البينة 98: 6. 5 - ((ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم)) الأنعام 6: 128.

المرابون

((الذين يأكلون الربوا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من [ صفحه 68] المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربوا وأحل الله البيع وحرم الربوا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهي فله ما سلف وأمره إلي الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)) البقرة 2: 275.

العاصون لله و لرسوله

1 - ((ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين..)) النساء 4: 14. 2 - ((ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم)) التوبة 9: 63. 3 - ((.. ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا)) الجن 72: 23.

المكذبون والمستكبرون

1 - ((.. والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)) الأعراف 7: 36. 2 - ((... وقد آتيناك من لدنا ذكرا - من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيمة وزرا - خالدين فيه وساء لهم يوم القيمة حملا)) طه 20: 99 - 101. 3 - ((الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون - إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون - في الحميم ثم في النار يسجرون - ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون - من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين - ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير [ صفحه 69] الحق وبما كنتم تمرحون - ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوي المتكبرين)) غافر 40: 70 - 76. 4 - ((.. فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون)) السجدة 32: 14. 5 - ((ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون)) فصلت 41: 28.

المنافقون والمنافقات

1 - ((وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم)) التوبة 9: 68. 2 - ((ألم تر إلي الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون علي الكذب وهم يعلمون - أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون - اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين - لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)) المجادلة 58: 14 - 17.

قاتلي المؤمنين عمدا

((ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)) النساء 4: 93.

الظالمون

1 - ((ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم [ صفحه 70] تكسبون)) يونس 10: 52. 2 - ((الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلي إن الله عليم بما كنتم تعملون - فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوي المتكبرين)) النحل 16: 28 - 29.

المجرمون

((إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون)) الزخرف 43: 74.

الذين كسبوا السيئات

((والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)) يونس 10: 27.

الذين خفت موازينهم

((ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون)) المؤمنون 23: 103. ومن خلال التصنيف المتقدم نري أن الذين هم خالدون في العذاب أو النار ليسوا من المؤمنين الذين تتوفاهم الملائكة وقد تابوا وأصلحوا واستغفروا الله لذنوبهم ولم يصروا علي ما فعلوا. وهذا يدعونا إلي الاعتقاد باستحقاق المؤمنين للشفاعة سواء باستيهابهم من العذاب أو بإخراجهم من النار.. وختام القول، إن لإثبات حقيقة وجود الشفاعة طريقين: [ صفحه 71] الأول: دلالة الآيات القرآنية الشريفة التي تحدثت عن الشفاعة وشروطها. والثاني: هو دلالة عدم خلود المؤمنين المذنبين في النار، وأنهم يخرجون منها ولا بد لخروجهم من وسيلة وهي الشفاعة.. وهي شفاعة الذين ارتضي الله شفاعتهم من الأنبياء والرسل والأوصياء والملائكة والصالحين من عباده والعمل الصالح. والخلاصة: هي أن الشفاعة ثابتة، ينالها المؤمنون الذين ارتضي الله سبحانه وتعالي دينهم وهذا هو القيد المهم والأساسي في الشفاعة وتحققها وفائدتها، وأن الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) والأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) والصالحين والعمل الصالح والقرآن والملائكة كلهم يشفعون للذين يستحقون الشفاعة، كما أن الشفاعة لا يمكن أن تنال إلا بعد تحقق الشروط الصارمة في المشفوع لهم. كتبنا الله ممن تناله شفاعة الرسول الأعظم محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. پايان

پاورقي

[1] راجع: التعريفات للجرجاني: 56. والنهاية في غريب الحديث، لابن الأثير 2: 485. والكليات، لأبي البقاء: 536، وفيه (وأما المشفوع له فصاحب الكبيرة عندنا).
[2] كشف الارتياب، للسيد محسن الأمين العاملي: 196.
[3] الأنعام 6: 70.
[4] البقرة 2: 254.
[5] الميزان في تفسير القرآن، للسيد محمد حسين الطباطبائي 2: 323.
[6] الأعراف 7: 53.
[7] مريم 19: 87.
[8] طه 20: 109.
[9] الزخرف 43: 86.
[10] البقرة 2: 254.
[11] الأعراف 7: 53.
[12] الشعراء 26: 94 - 101.
[13] المدثر 74: 46 - 48.
[14] الأنعام 6: 70.
[15] غافر 40: 18.
[16] يونس 10: 18.
[17] الروم 30: 13.
[18] الأنعام 6: 94.
[19] الزمر 39: 43.
[20] يس 36: 23.
[21] سنن النسائي 1: 211. صحيح البخاري 1: 86 - 113.
[22] سنن النسائي 2: 26.
[23] من لا يحضره الفقيه 3: 376.
[24] سنن النسائي 5: 78.
[25] صحيح مسلم 1: 130.
[26] صحيح مسلم 1: 130 - 132. صحيح البخاري 7: 145 و 8: 193. مسند أحمد 2: 313، 396.
[27] الحديث بأكمله في مسند أحمد 1: 295 - 296.
[28] مسند أحمد 1: 301.
[29] مسند أحمد 2: 168.
[30] مسند أحمد 2: 444.
[31] مسند أحمد 6: 428.
[32] سنن الترمذي 4: 114. وسنن ابن ماجة 2: 1443.
[33] مسند أحمد 2: 426.
[34] أمالي الصدوق: 291.
[35] الصحيفة السجادية، دعاء رقم 43.
[36] الكافي، للكليني 4: 58.
[37] الصحيفة السجادية 2: 282، الطبعة المحققة.
[38] الكافي، للكليني 2: 248.
[39] الكافي، للكليني 4: 258.
[40] نهج البلاغة: خطبة 176.
[41] سنن الترمذي 4: 621 كتاب صفة القيامة الباب 9.
[42] متن العقيدة الواسطية، لابن تيمية: 58 - 59، نشر مكتبة السوادي، السعودية.
[43] السيرة النبوية، للحلبي 3: 474.
[44] أوائل المقالات في المذاهب والمختارات، للشيخ المفيد: 29 تحقيق مهدي محقق.
[45] التبيان، للشيخ الطوسي: 213 - 214.
[46] مجمع البيان في تفسير القرآن، للشيخ الطبرسي: 103.
[47] البقرة 2: 48.
[48] الأنبياء 21: 28.
[49] تأويلات أهل السنة، لأبي منصور الماتريدي السمرقندي: 148.
[50] العقائد النسفية، لأبي حفص النسفي: 148.
[51] الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال، للإمام ناصر الدين الإسكندري المالكي المطبوع بهامش الكشاف 1: 214.
[52] نقلا عن: شرح صحيح مسلم، للنووي 3: 35.
[53] الزمر 39: 19.
[54] الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة، لهاشم معروف الحسني: 212 - 213 نقلا عن الفصول المختارة: 50.
[55] الزمر 39: 43.
[56] البقرة 2: 257.
[57] البقرة 2: 161 - 162.
[58] البقرة 2: 217.
[59] النساء 4: 17.
[60] المائدة 5: 39.
[61] المائدة 5: 118.
[62] مسند أحمد 5: 149.
[63] مسند أحمد 2: 307 و 518.
[64] أمالي الصدوق: 177.
[65] سنن ابن ماجة 2: 1441 / 4311. ومسند أحمد 6: 23 و 24 و 28.
[66] الخصال، للصدوق: 355.
[67] الميزان في تفسير القرآن، للطباطبائي 1: 164.
[68] الرعد 13: 39.
[69] الميزان 1: 165.
[70] النساء 4: 48.
[71] آل عمران 3: 135.
[72] أصول الكافي 2: 285 / 23 كتاب الإيمان والكفر باب الكبائر.
[73] البقرة 2: 254.
[74] البقرة 2: 255.
[75] الأنبياء 21: 28.
[76] المدثر 74: 48.
[77] المدثر 74: 48.
[78] المدثر 74: 38 - 48.
[79] الأنبياء 21: 28.
[80] أمالي الصدوق: 5.
[81] النساء 4: 85.
[82] كشف الارتياب، للسيد محسن العاملي: 196.
[83] وسائل الشيعة إلي تحصيل مسائل الشريعة، للشيخ محمد الحر العاملي 11: 537 / 5 كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب فعل المعروف.
[84] زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور، لابن تيمية: 156. والآية من سورة الزمر 39: 3.
[85] فتح الملك العلي في إثبات صحة حديث باب مدينة العلم علي، للسيد أحمد بن الصديق الغماري الشافعي - طبعة حديثة 1995 م.
[86] آل عمران 3: 169.
[87] البقرة 2: 154.
[88] الميزان في تفسير القرآن، للطباطبائي 1: 347 - 348.
[89] الكافي 3: 230 / 1 باب أن الميت يزور أهله.
[90] آل عمران 3: 170 - 171.
[91] السيرة النبوية 1: 639. والسيرة الحلبية 2: 179 - 180. كما أشار إلي قصة حديث الرسول الأكرم محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) مع قتلي قريش وقوله للسائلين يا رسول الله أتكلم قوما موتي؟ (وما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني) ذكر ذلك الكثير من المحدثين والمؤرخين من الفريقين، وتجد ذلك في صحيح البخاري 5: 76 - 77 و 86 - 87 في معركة بدر. وصحيح مسلم 8: 163 كتاب الجنة باب مقعد الميت. وسنن النسائي 4: 89 - 90 باب أرواح المؤمنين. وبحار الأنوار 19: 346.
[92] صحيح البخاري 9: 160.
[93] سنن ابن ماجة 2: 1443 / 4313. وراجع الخصال، للشيخ الصدوق: 142 بلفظ آخر: " ثلاثة يشفعون إلي الله عز وجل فيشفعون. الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء ".
[94] سنن الترمذي 4: 245.
[95] شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد 2: 92.
[96] تيسير المطالب في أمالي الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، للسيد يحيي بن الحسين: 442 - 443.
[97] المناقب، لابن شهرآشوب 2: 14.
[98] الصحيفة السجادية 2: 198.
[99] النساء 4: 64. [
[100] مجمع البيان، للطبرسي 1: 87.
[101] الأنبياء 21: 26 - 28.
[102] النجم 53: 26.
[103] الزخرف 43: 86.
[104] الحديد 57: 19.
[105] الخصال: 142.
[106] المائدة 5: 119.
[107] التوبة 9: 100.
[108] المجادلة 58: 22.
[109] البينة 98: 7 - 8.
[110] النساء 4: 95.
[111] تفسير العياشي 2: 314.
[112] آل عمران 3: 133 - 136.
[113] الميزان في تفسير القرآن، للطباطبائي 4: 21.
[114] وسائل الشيعة، للحر العاملي 6: 201.
[115] أعلام الدين في صفات المؤمنين، للديلمي: 191 - تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث.
[116] الكافي، للكليني 2: 288 / 3 كتاب الإيمان والكفر باب الإصرار علي الذنب.
[117] بحار الأنوار، للمجلسي 8: 34.
[118] بحار الأنوار، للمجلسي 8: 39.
[119] بحار الأنوار، للمجلسي 8: 48.
[120] مسند أحمد 3: 12.
[121] صحيح مسلم 1: 122.
[122] سنن ابن ماجة 2: 1443.
[123] مسند أحمد 3: 79.
[124] عيون أخبار الرضا 2: 125.
[125] سنن النسائي 2: 18 باب موضع السجود.
[126] مسند أحمد 3: 325.
[127] مجمع البيان في تفسير القرآن، للطبرسي 10: 392.
[128] الميزان في تفسير القرآن، للطباطبائي 1: 174.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.