الجمع بین الصلاتین

اشارة

سرشناسه:حصینی موسوی، عبدالرحیم

عنوان و نام پدیدآور:الجمع بین الصلاتین [کتاب]/ تالیف عبدالرحیم الموسوی.

مشخصات نشر:قم: مرکز الطباعه و النشر للمجمع العالمی لاهل البیت، 1427ق.= 2006م.= 1385.

مشخصات ظاهری:38ص.؛ 11×5/19س م.

فروست:فی رحاب اهل البیت؛ 34

یادداشت:عربی.

یادداشت:چاپ سوم.

موضوع:نماز -- جمع بین اوقات

موضوع:Salat -- *Time combination

موضوع:نماز-- جمع بین اوقات -- احادیث

موضوع:Salat -- *Time combination -- Hadiths

موضوع:نماز -- وقت

موضوع:Salat -- *Time

رده بندی کنگره:BP186/6/ح65ج8 1385

رده بندی دیویی:297/353

شماره کتابشناسی ملی:3983954

ص :1

اشارة

ص :2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :3

الجمع بین الصلاتین

تالیف عبدالرحیم الموسوی

ص :4

إِنَّمَا یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیرًا »

احزاب/33

ص :5

اهل البیت علیهم السلام

فی السنة النبویة

إِنِّی تَارِکٌ فِیکُمُ الثَّقَلَیْنِ کِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی أَهْلَ بَیْتِی إِنْ تَمَسَّکْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا أَبَداً

ص :6

کلمة المجمع

إن تراث أهل البیت علیهم السلام الذی اختزنته مدرستهم وحفظه من الضیاع أتباعهم یعبر عن مدرسة جامعة لشتی فروع المعرفة الإسلامیة. وقد استطاعت هذه المدرسة أن تربی النفوس المستعدة للاغتراف من هذا المعین، وتقدم للأمة الإسلامیة کبار العلماء المحتذین للخطی أهل البیت علیهم السلام الرسالیة، مستوعبین إثارات وأسئلة شتی المذاهب والاتجاهات الفکریة من داخل الحاضرة الإسلامیة

وخارجها، مقدمین لها أمتن الأجوبة والحلول علی مدی القرون المتتالیة.

وقد بادر المجمع العالمی لأهل البیت علیهم السلام - منطلقا من مسؤولیاته التی أخذها علی عاتقه - للدفاع عن حریم الرسالة

وحقائقها التی ضبب علیها أرباب الفرق والمذاهب وأصحاب الاتجاهات المناوئة للإسلام، مقتفیا خطی أهل البیت وأتباع مدرستهم الرشیدة التی حرصت فی

ص: 7

الرد علی التحدیات المستمرة، وحاولت أن تبقی علی الدوام فی خط المواجهة وبالمستوی المطلوب فی کل عصر.

إن التجارب التی تختزنها کتب علماء مدرسة أهل البیت المالیة فی هذا المضمار فریدة فی نوعها، لأنها ذات رصید علمی یحتکم الی العقل والبرهان ویتجنب الهوی والتعصب المذموم، ویخاطب العلماء والمفکرین من ذوی الاختصاص خطابا یستسیغه العقل وتتقبله الفطرة السلیمة.

وقد جاءت محاولة المجمع العالمی لأهل البیت علیهم السلام التقدم لطلاب الحقیقة مرحلة جدیدة من هذه التجارب الغنیة فی باب الحوار والسؤال والرد علی الشبهات - التی أثیرت فی عصور سابقة أو تثار الیوم ولا سیما بدعم من بعض الدوائر الحاقدة علی الإسلام والمسلمین من خلال شبکات الانترنیت و غیرها - متجنبة الإثارات المذمومة وحریصة علی استثارة العقول المفکرة والنفوس الطالبة للحق، لتنفتح علی الحقائق التی تقدمها مدرسة أهل البیت الرسالیة للعالم أجمع، فی عصر یتکامل فیه العقول ویتواصل النفوس

والأرواح بشکل سریع وفرید.

ص: 8

ولابد أن نشیر إلی أن هذه المجموعة من البحوث قد أعدت فی لجنة خاصة من مجموعة من الأفاضل . ونتقدم بالشکر الجزیل لکل هؤلاء ولأصحاب الفضل والتحقیق المراجعة کل منهم جملة من هذه البحوث وابداء ملاحظاتهم القیمة عنها.

وکلنا أمل ورجاء بأن نکون قد قدمنا ما استطعنا من جهد أداء لبعض ما علینا تجاه رسالة ربنا العظیم الذی أرسل رسوله بالهدی ودین الحق لیظهره علی الدین کله وکفی بالله شهیدا.

المجمع العالمی لأهل البیت علیهم السلام

المعاونیة الثقافیة

ص: 9

ص: 10

مقدّمة

اتّفقت المذاهب الإسلامیة جمیعاً علی جواز الجمع بین صلاتی الظهر و العصر فی وقت، و بین صلاتی المغرب و العشاء فی وقت، و وقع الاختلاف فی التفصیل من حیث الشروط و الأسباب الداعیة الی الجمع، فمنهم من اقتصر علی جوازه فی عرفة و المزدلفة، و منهم من أضاف السفر، و هکذا.

و للأسف نجد أنّ البعض قد اتّهم أتباع مدرسة أهل البیت (علیهم السلام) بأنّهم خالفوا الشریعة، لأنهم حکموا بجواز الجمع بین الصلاتین من غیر عذر، و الحال أن الأدلة الشرعیة عند الفریقین کما سوف نری تؤکد جوازه.

من هنا سوف نتناول هذه المسألة عند غیر الإمامیة و الأدلة الشرعیة التی اعتمدوها لنری مدی انسجامها مع أصل الشریعة، و من ثمّ نلاحظ الموقف الذی تتبناه مدرسة أهل البیت (علیهم السلام) إزاء هذه المسألة ضمن عدة امور:

ص:11

الأمر الأوّل: أوقات الصلاة

تناول الفقهاء المسلمون مسألة وقت الصلاة، و اختلفوا فی أن الوقت هل هو شرط لصحة الصلاة؟ أم هو شرط للوجوب؟

یتّجه المذهب الحنفی إلی أنّ دخول الوقت لیس شرطاً من شروط الوجوب، و لا من شروط الصحة، و ذلک لأنّهم قالوا: إنّ دخول الوقت شرط لأداء الصلاة، بمعنی أنّ الصلاة لا یصح أداؤها إلاّ إذا دخل الوقت. و بهذا نجدهم متفقون مع غیرهم من المذاهب علی أن الصلاة لا تجب إلاّ إذا دخل وقتها، فإذا دخل وقتها خاطبه الشارع بأدائها خطاباً موسعاً، بمعنی إذا فعلها فی أوّل الوقت صحّت، و إذا لم یفعلها فی أوّل الوقت لا یأثم، فإذا أدرک الصلاة کلّها فی الوقت فقد أتی بها علی الوجه الذی طلبه الشارع منه و برئت ذمّته، کما لو أداها فی أوّل الوقت أو وسطه، أمّا إذا صلاّها کلّها بعد خروج الوقت فإن صلاته تکون صحیحة، و لکنه یأثم بتأخیر الصلاة عن وقتها(1).

فإذا کانت الصلاة لا تصح إلاّ بدخول الوقت سواء قلنا إن الوقت شرط للأداء، أم شرط للصحة أو للوجوب، فما هی

ص:12


1- (1) الفقه علی المذاهب الأربعة و مذهب أهل البیت (علیهم السلام) 180/1، کتاب الصلاة، باب مواقیت الصلاة المفروضة.

الأوقات التی شرعت للصلاة الخمسة عند المذاهب و کیف نعرفها؟

تعرف أوقات الصلاة بزوال الشمس و الظل الذی یحدث بعد الزوال، و به یعرف وقت الظهر و دخول وقت العصر، ثمّ مغیب الشمس و یعرف به وقت المغرب، ثمّ مغیب الشفق الأحمر أو الأبیض علی رأی، و یعرف به دخول وقت العشاء ثمّ البیاض الذی یظهر فی الاُفق و یعرف به وقت الصبح(1).

أما أوقات الصلاة الخمسة فی مذهب أهل البیت (علیهم السلام) فمستندها ما جاء عن أبی عبد الله (علیه السلام) أنه قال: «أتی جبرئیل رسول الله (صلی الله علیه و آله) فأعلمه مواقیت الصلاة، فقال صلِّ الفجر حین ینشقّ الفجر، و صلّ الاُولی إذا زالت الشمس، و صلِّ العصر بعیدها، و صلِّ المغرب إذا سقط القرص، و صلِّ العتمة إذا غاب الشفق. ثمّ أتاه من الغد، فقال: أسفر بالفجر فأسفر، ثمّ أخّر الظهر حین کان الوقت الذی صلّی فیه العصر، و صلّی العصر بعیدها، و صلّی المغرب قبل سقوط الشفق، و صلّی العتمة حین ذهب ثلث اللیل، ثمّ قال: ما بین هذین الوقتین وقت»(2).

ص:13


1- (1) الفقه علی المذاهب الأربعة: 182/1، کتاب الصلاة، باب ما تعرف به أوقات الصلاة.
2- (2) وسائل الشیعة: 611/3 (، کتاب الصلاة، باب أوقات الصلاة، ح 4795 1.

و بهذا تکون أوقات الصلاة الخمسة المفروضة ثلاثة، وقت لفریضتی الظهر و العصر مشترکاً بینهما، و وقت لفریضتی المغرب و العشاء علی الاشتراک بینهما، و ثالث لفریضة الصبح خاصة، قال تعالی: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً) (1).

قال الفخر الرازی بعد أن أنهی بیانه لمعنی الدلوک و الغسق فی الآیة الکریمة: (فإن فسّرنا الغسق بظهور أوّل الظلمة کان الغسق عبارة عن أوّل المغرب، و علی هذا التقدیر یکون المذکور فی الآیة ثلاثة أوقات: وقت الزوال، و وقت أوّل المغرب، و وقت الفجر، و هذا یقتضی أن یکون الزوال وقتاً للظهر و العصر، فیکون هذا الوقت مشترکاً بین هاتین الصلاتین، و أن یکون أوّل المغرب وقتاً للمغرب و العشاء، فیکون هذا الوقت مشترکاً أیضاً بین هاتین الصلاتین، فهذا یقتضی جواز الجمع بین الظهر و العصر، و بین المغرب و العشاء مطلقاً، إلاّ أنّه دلّ الدلیل علی أن الجمع فی الحضر من غیر عذر لا یجوز، فوجب أن یکون الجمع جائزاً بعذر السفر و عذر المطر و غیره)(2).

ص:14


1- (1) الإسراء: 78.
2- (2) التفسیر الکبیر للإمام الفخر الرازی: 27/21، تفسیر الآیة 78 من سورة الإسراء.

قال العلاّمة الحلّی: إنّ لکلّ من الظهر و العصر وقتین: مختص و مشترک، فالمختصّ بالظهر من زوال الشمس الی قدر أدائها، و بالعصر قدر أدائها فی آخر الوقت، و المشترک ما بینهما، و للمغرب و العشاء وقتین، فالمختص بالمغرب قدر أدائها بعد الغروب، و بالعشاء قدر أدائها عند الانتصاف، و المشترک ما بینهما، فلا یتحقق معنی الجمع عندنا، أما القائلون باختصاص کل من الظهر و العصر بوقت، و کذا المغرب و العشاء، فإنّه یتحقق هذا المعنی عندهم(1).

الأمر الثانی: حکم الجمع و أسبابه عند المذاهب

فإذا عرفنا أوقات الصلاة الخمسة علی وجه التفصیل، و عرفنا ما هو الوقت المختص منها و المشترک، لنسأل: ما هو الحکم الشرعی فی الجمع بین الصلاتین; صلاة الظهر و العصر فی وقت، و صلاة المغرب و العشاء فی وقت؟

لقد اتّفقت جمیع المذاهب، علی جواز الجمع بین الظهر و العصر فی عرفة، و فی المزدلفة بین المغرب و العشاء.

و یتّفق المذهب المالکی و الشافعی و الحنبلی من غیر

ص:15


1- (1) تذکرة الفقهاء للعلاّمة الحلّی: 365/2، کتاب الصلاة، أوقات الصلاة، البحث السادس فی الجمع.

الحنفیة فی جواز الجمع بوجود عذر المطر و الطین و المرض و الخوف و غیرها من الأعذار، و یختلف الفقهاء الثلاثة بالجمع عند السفر علی تفصیل فیما بینهم.

قالت الشافعیة: إن أسباب الجمع هی السفر، و المرض و المطر و الطین مع الظلمة فی آخر الشهر، و وجود الحاج بعرفة أو مزدلفة. و المراد بالسفر مطلقه سواء کان مسافة قصر أو لا. و یشترط أن یکون غیر محرّم و لا مکروه، فیجوز لمن سافر سفراً مباحاً أن یجمع بین الظهر و العصر جمع تقدیم بشرطین، أحدهما: أن تزول علیه الشمس حالة نزوله بالمکان الذی ینزل فیه المسافر للاستراحة، ثانیهما: أن ینوی الارتحال قبل دخول وقت العصر و النزول للاستراحة مرة اخری بعد غروب الشمس، فإن نوی النزول قبل اصفرار الشمس صلّی الظهر قبل أن یرتحل، و أخّر العصر وجوباً حتی ینزل، لأنّه ینزل فی وقتها الاختیاری فلا داعی لتقدیمها...

و الشافعیة قالوا: یجوز الجمع بین الصلاتین المذکورتین جمع تقدیم أو تأخیر للمسافر مسافة القصر بشرط السفر، و یجوز جمعها جمع تقدیم بسبب نزول المطر و وضعوا لجمع التقدیم شروطاً.

ص:16

و قالت الحنابلة: الجمع المذکور بین الظهر و العصر، أو المغرب و العشاء تقدیماً أو تأخیراً مباح و ترکه أفضل، و إنّما یُسن الجمع بین الظهر و العصر تقدیماً بعرفة، و بین المغرب و العشاء تأخیراً بالمزدلفة، و یشترط فی إباحة الجمع أن یکون المصلّی مسافراً سفراً تقصر فیه الصلاة، أو یکون مریضاً تلحقه مشقة بترک الجمع، أو تکون امرأة مرضعة أو مستحاضة، فإنّه یجوز لها الجمع دفعاً لمشقة الطهارة عند کل صلاة، و مثل المستحاضة المعذور کمن به سلس بول، و کذا یباح الجمع المذکور للعاجز عن الطهارة بالماء أو التیمم لکل صلاة، و للعاجز عن معرفة الوقت کالأعمی أو الساکن تحت الأرض، و کذا یباح الجمع لمن خاف علی نفسه أو ماله أو عرضه، و لمن یخاف ضرراً أن یلحقه بترکه فی معیشته، و فی ذلک سعة للعمال الذین یستحیل علیهم ترک أعمالهم.

و هذه الاُمور کلّها تبیح الجمع بین الظهر و العصر، أو المغرب و العشاء تقدیماً و تأخیراً، و یباح الجمع بین المغرب و العشاء خاصة، بسبب الثلج و البرد و الجلید و الوحل و الریح الشدیدة الباردة و المطر الذی یبلّ الثوب، و یترتب علیه حصول مشقة، لا فرق فی ذلک بین أن یصلّی بداره أو بالمسجد و لو کان طریقه مسقوفاً، و الأفضل أن یختار فی

ص:17

الجمع ما هو أهون علیه من التقدیم أو التأخیر، فإن استوی الأمران عنده فجمع التأخیر أفضل، و یشترط لصحة الجمع، تقدیماً و تأخیراً أن یراعی الترتیب بین الصلوات(1).

و قالت الحنفیة: لا یجوز الجمع بین الصلاتین فی وقت واحد، لا فی السفر و لا فی الحضر بأیّ عذر من الأعذار، إلاّ فی حالتین:

الاُولی: جمع تقدیم و له شروط:

1 أن یکون ذلک یوم عرفة.

2 أن یکون محرماً بالحجّ.

3 أن یصلّی خلف إمام المسلمین.

4 أن تکون صلاة الظهر صحیحة، فإن ظهر فسادها وجبت إعادتها، و لا یجوز له فی هذه الحالة أن یجمع معها العصر، بل یصلّی العصر إذا دخل وقته.

الثانیة: یجوز جمع المغرب و العشاء جمع تأخیر فی وقت العشاء، بشرطین:

ص:18


1- (1) الفقه علی المذاهب الأربعة، للجزیری: 487/1، کتاب الصلاة، مباحث الجمع بین الصلاتین.

1 أن یکون ذلک بالمزدلفة.

2 أن یکون محرماً بالحج(1).

أما ابن تیمیة فأجاب عند ما سُئل عن هذه المسألة، بقوله: (یجوز الجمع للوحل الشدید و الریح الشدیدة الباردة فی اللیلة الظلماء و نحو ذلک، و إن لم یکن المطر نازلاً فی أصح قولی العلماء، و ذلک أولی من أن یصلّوا فی بیوتهم، بل ترک الجمع مع الصلاة فی البیوت بدعة مخالفة للسنّة، إذ السنّة أن یصلّی الصلوات الخمسة فی المساجد جماعة، و ذلک أولی من الصلاة فی البیوت باتفاق المسلمین، و الصلاة جمعاً فی المساجد أولی من الصلاة فی البیوت مفرقة، باتّفاق الأئمة الذین یجوزون الجمع، کمالک و الشافعی و أحمد، و الله تعالی أعلم)(2).

و فی هذه الفقرة من البحث نتابع الروایات التی نقلتها کتب الصحاح و التی تؤکد جواز الجمع فی الحضر من غیر علّة.

ص:19


1- (1) الفقه علی المذاهب الأربعة: 487/1، کتاب الصلاة، مباحث الجمع بین الصلاتین.
2- (2) الفتاوی لابن تیمیة: 314.

الأمر الثالث: الصحاح تؤکد جواز الجمع مطلقاً

1 عن سعید بن جبیر عن ابن عباس، قال: (صلّی رسول الله (صلی الله علیه و آله) الظهر و العصر جمیعاً و المغرب و العشاء جمیعاً فی غیر خوف و لا سفر)(1).

2 - عن جابر بن زید عن ابن عباس، قال: (صلّیت مع النبی ثمانیاً جمیعاً)(2).

3 - عن جابر بن زید عن ابن عباس: (إنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله) صلّی بالمدینة سبعاً و ثمانیاً الظهر و العصر و المغرب و العشاء)(3).

4 - و عن عبد الله بن شقیق، قال: خطبنا ابن عباس یوماً بعد العصر حتی غربت الشمس، و بدت النجوم و جعل الناس یقولون: الصلاة الصلاة، قال: فجاءه رجل من بنی تمیم لا یفتر و لا ینثنی: الصلاة الصلاة، قال: فقال ابن عباس: أ تُعلّمنی بالسنّة لا امّ لک؟ ثمّ قال: (رأیت رسول الله (صلی الله علیه و آله) جمع بین الظهر و العصر و المغرب و العشاء)، قال عبد الله بن شقیق:

ص:20


1- (1) صحیح مسلم: 151/2، کتاب الصلاة، باب الجمع بین الصلاتین فی الحضر.
2- (2) مسند ابن حنبل: 221/1، مسند عبد الله بن عباس، ح 1921.
3- (3) صحیح مسلم: 152/2، کتاب الصلاة، باب الجمع بین الصلاتین فی الحضر.

فحاک فی صدری من ذلک شیء فأتیت أبا هریرة فسألته فصدّق مقالته(1).

و فی روایة اخری قال ابن عباس: (لا امّ لک أ تُعلّمنا بالصلاة؟! کُنّا نجمع بین الصلاتین علی عهد رسول الله)(2).

5 - و عن ابن عباس: (صلّی رسول الله (صلی الله علیه و آله) الظهر و العصر جمیعاً بالمدینة فی غیر خوف و لا سفر). قال أبو الزبیر فسألت سعیداً لِمَ فعل ذلک؟ فقال: سألت ابن عباس کما سألتنی. فقال: (أراد أن لا یحرج أحداً من امّته)(3).

6 - و عن ابن عباس أیضاً، قال: (جمع رسول الله (صلی الله علیه و آله) بین الظهر و العصر و المغرب و العشاء بالمدینة فی غیر خوف و لا مطر)(4).

و فی حدیث أبی معاویة قیل لابن عباس: (ما أراد الی ذلک؟ قال: أراد أن لا یحرج امّته)(5).

ص:21


1- (1) صحیح مسلم: 152/2، کتاب الصلاة، باب الجمع بین الصلاتین فی الحضر، و مسند ابن حنبل: 152/1، مسند عبد الله بن عباس، ح 2269.
2- (2) صحیح مسلم: 153/2، کتاب الصلاة، الجمع بین الصلاتین فی الحضر.
3- (3) صحیح مسلم: 151/2، کتاب الصلاة، الجمع بین الصلاتین فی الحضر.
4- (4) المصدر السابق: 152/2، کتاب الصلاة، الجمع بین الصلاتین فی الحضر.
5- (5) نفس المصدر السابق.

7 - و عن معاذ بن جبل قال: (جمع رسول الله (صلی الله علیه و آله) فی غزوة تبوک بین الظهر و العصر و بین المغرب و العشاء). قال: فقلت ما حمله علی ذلک؟ فقال: (أراد أن لا یحرج امّته)(1).

و اختار البخاری فی صحیحه جملة من الروایات التی تصرّح بالجمع و ذکرها تحت باب: «تأخیر الظهر و العصر» من کتاب «مواقیت الصلاة».

عن جابر بن زید عن ابن عباس: (إن النبی (صلی الله علیه و آله) صلّی بالمدینة سبعاً و ثمانیاً الظهر و العصر، و المغرب و العشاء)، فقال أیوب: لعلّه فی لیلة مطیرة، قال: عسی(2).

و علّق السید شرف الدین علی التذییل الأخیر علی الروایة بقوله: (إِنْ یَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ) .

و عن عمرو بن دینار، قال: سمعت جابر بن زید عن ابن عباس، قال: (صلّی رسول الله (صلی الله علیه و آله) سبعاً جمیعاً و ثمانیاً جمیعاً)(3).

و أرسل فی باب ذکر العشاء و العتمة عن ابن عمر و أبی أیوب و ابن عباس: (إنّ النبی (صلی الله علیه و آله) صلّی المغرب

ص:22


1- (1) نفس المصدر السابق.
2- (2) صحیح البخاری: 137/1، کتاب الصلاة، باب تأخیر الظهر الی العصر.
3- (3) المصدر السابق: 140/1، کتاب الصلاة، باب وقت المغرب.

و العشاء یعنی جمعهما فی وقت إحداهما دون الاُخری)(1).

و یؤیده ما عن ابن مسعود، إذ قال: (جمع النبی (صلی الله علیه و آله) یعنی فی المدینة بین الظهر و العصر و بین المغرب و العشاء، فقیل له فی ذلک، فقال: صنعت هذا لئلاّ تحرج امّتی)(2).

الأمر الرابع: شراح مسلم و البخاری

یستظهرون من الروایات جواز الجمع فی الحضر وقایة من الحرج

ناقش النووی فی شرحه لصحیح مسلم تأویل الروایات سابقة الذکر التی حملت علی اسس مذهبیة، و إلیک ما نقله عنهم فی تعلیقه علی هذه الأحادیث:

قال: و للعلماء فیها تأویلات و مذاهب، فمنهم من تأوّلها علی أنه جمع لعذر المطر. قال: و هذا مشهور عن جماعة من کبار المتقدمین(3).

قال و هو ضعیف بروایة ابن عباس: «من غیر خوف و لا مطر».

ص:23


1- (1) المصدر السابق: 141/1، کتاب الصلاة، باب ذکر العشاء و العتمة.
2- (2) المعجم الکبیر للطبرانی: 812/01، ح 10525.
3- (3) کالإمامین مالک و الشافعی و جماعة من أهل المدینة، ارشاد الساری: 222/2، کتاب مواقیت الصلاة، باب تأخیر الصلاة، شرح الحدیث 543.

قال: و منهم من تأوّلها علی أنّه کان فی غیم فصلّی الظهر، ثمّ انکشف الغیم و ظهر أن وقت العصر دخل فصلاّها فیه.

قال: و هذا أیضاً باطل، لأنّه إن کان فیه أدنی احتمال فی الظهر و العصر، فلا احتمال فیه فی المغرب و العشاء.

قال: و منهم من تأوّلها علی تأخیر الاُولی الی آخر وقتها فصلاّها فیه، فلمّا فرغ منها دخل وقت العصر فصلاّها فیه فصار جمعه للصلاتین صوریاً.

قال: و هذا ضعیف أیضاً أو باطل، لأنّه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل.

قال: و فِعلُ ابن عباس حین خطب، فناداه الناس الصلاة الصلاة، و عدم مبالاته بهم و استدلاله بالحدیث لتصویب فعله بتأخیره صلاة المغرب الی وقت العشاء، و جمعها جمیعاً فی وقت الثانیة، و تصدیق أبی هریرة له و عدم إنکاره، صریح فی ردّ هذا التأویل(1).

و هناک ردود لهذا التأویل، کردّ ابن عبد البرّ و الخطابی و غیرهما علی أن الجمع رخصة، فلو کان صوریاً لکان أعظم ضیقاً من الإتیان بکل صلاة فی وقتها، لأنّ أوائل الأوقات و أواخرها ممّا لا یدرکه أکثر الخاصة فضلاً عن العامة. قالوا:

ص:24


1- (1) صحیح مسلم بشرح النووی: 217/5، کتاب المسافر، باب جواز الجمع بین الصلاتین فی السفر.

و أیضاً فصریح الجمع رخصته، قول ابن عباس: أراد أن لا یحرج امّته، قالوا: و أیضاً فصریح أخبار الجمع بین الفریضتین إنّما هو بأدائهما معاً فی وقت إحداهما دون الاُخری، إمّا بتقدیم الثانیة علی وقتها و أدائها مع الاُولی فی وقتها، أو بتأخیر الاُولی عن وقتها الی وقت الثانیة و أدائها وقتئذ معاً، قالوا: و هذا هو المتبادر الی الفهم من إطلاق لفظ الجمع فی السنن کلّها، و هذا هو محل النزاع(1).

قال النووی: و منهم من تأوّلها فحملها علی الجمع لعذر المرض أو نحوه ممّا هو فی معناه، قال: و هذا قول أحمد بن حنبل و القاضی حسین من أصحابنا و اختاره الخطابی و المتولی و الرویانی من أصحابنا، و هو المختار فی تأویلها لظاهر الأحادیث(2).

و ردّ بعض الأعلام هذا التأویل، إذ قال: (و قیل: إن الجمع کان للمرض، و قوّاه النووی، و فیه نظر; لأنّه لو جمع للمرض لما صلّی معه إلاّ من به المرض، و الظاهر أنّه (صلی الله علیه و آله) جمع بأصحابه، و به صرّح ابن عباس فی روایة ثابتة عنه. انتهی)(3).

ص:25


1- (1) ارشاد الساری: 222/2، کتاب مواقیت الصلاة، باب تأخیر الصلاة.
2- (2) صحیح مسلم بشرح النووی: 218/5، کتاب الصلاة، باب جواز الجمع بین الصلاتین فی السفر، شرح الحدیث..
3- (3) شرح الزرقانی لموطأ مالک: 263/1، باب الجمع بین الصلاتین.

الأمر الخامس: المؤیدات علی جواز الجمع مطلقاً

یوجد أکثر من مؤید بدحض الرأی القائل بعدم جواز الجمع فی الحضر منها:

1 - إنّ أصحاب الصحاح من غیر البخاری فتحوا باباً فی صحاحهم و مسانیدهم، بعنوان: (الجمع بین الصلاتین) و ذکروا فیه الروایات التی ترخّص الجمع مطلقاً، فیکون دلیلاً علی جواز الجمع مطلقاً فی السفر و الحضر مع العذر و بلا عذر(1).

و لو کان غیر ذلک لفتحوا باباً مخصوصاً للجمع فی الحضر، و باباً مخصوصاً للجمع فی السفر، و بما أنّهم لم یفعلوا ذلک، و إنّما سردوا الروایات فی باب واحد کان ذلک دلیلاً علی جواز الجمع مطلقاً. و لا یعارض من أن البخاری لم یسلک هذا الطریق فی صحیحه، لأنّه یکفی التزام الباقین من أصحاب الصحاح هذا المنهج کمسلم و الترمذی و النسائی و أحمد بن حنبل و شراح مسلم و البخاری، و أنّ البخاری قد ذکر الأحادیث، إلاّ انّه ذکرها تحت عناوین اخری.

2 - کانت فتاوی العلماء بعدم جواز الجمع مطلقاً قائمة علی أساس التأویلات، لا علی أساس ما یستظهر من الروایات.

ص:26


1- (1) لیالی بیشاور، للسید محمد الشیرازی: 38.

3 - تصریح الصحاح بأنّ العلّة هی مخافة أن لا یکون أحد من الاُمّة فی حرج و مشقة، و هذا یعنی أن تشریع الجمع إنّما هو للتوسعة بقول مطلق و عدم الاحراج بسبب التفریق، ثمّ إن الأحادیث التی تتکلم عن الجمع فی أثناء السفر لا تختص بمورد السفر، لأن العلّة فی هذه الأحادیث مطلقة لا دخل فیها للسفر من حیث کونه سفراً، و لا للمرض و المطر و الطین و الخوف من حیث هی هی، و إنّما هی کالعام یرد فی مورد خاص، فلا یخصص به بل یطرد فی جمیع مصادیقه(1) ، کما سنبیّنه فی الأمر السادس بمزید من التفصیل.

4 - العلماء یجوّزون الجمع فی الحضر.

قال النووی: و ذهب جماعة من الأئمة الی جواز الجمع فی الحضر للحاجة لمن لا یتّخذه عادة، و هو قول ابن سیرین و أشهب من أصحاب مالک، و حکاه الخطابی عن القفال الشاشی الکبیر من أصحاب الشافعی و عن أبی إسحاق المروزی و عن جماعة من أصحاب الحدیث و اختاره ابن المنذر.

قال: و یؤیده ظاهر قول ابن عباس: «أراد أن لا یحرج امّته»، إذ لم یعلّله بمرض و لا غیره، و الله أعلم!.

ص:27


1- (1) مسائل فقهیة لشرف الدین: 22، الجمع بین الصلاتین.

و هذا الکلام قد صرّح به أکثر من واحد من العلماء; کالزرقانی فی شرحه للموطأ و العسقلانی و القسطلانی و غیرهما، ممّن علّق علی حدیث ابن عباس فی الجمع بین الصلاتین(1).

الأمر السادس: مخالفة المشهور من غیر مذهب أهل البیت (علیهم السلام) لتصاریح الصحاح

فی هذه الفقرة من البحث نشیر الی الروایات الصریحة التی وردت فی الصحاح، و تعرضت الی مسألة جواز الجمع بین الصلاتین، و إن لم یکن ذا عذر، هی تخالف الرأی المشهور عند أرباب المذاهب ضمن عدة نقاط:

1 - تذکر الصحاح بأن رسول الله (صلی الله علیه و آله) قد جمع بین الصلاتین فی الحضر و من غیر عذر، کما فی صحیح البخاری(2) و صحیح مسلم(3) و سنن أبی داود(4)

ص:28


1- (1) شرح صحیح مسلم للنووی: 218/5، کتاب صلاة المسافر، الجمع بین الصلاتین.
2- (2) صحیح البخاری: 140/1، باب وقت المغرب.
3- (3) صحیح مسلم بشرح النووی: 215/5، کتاب صلاة المسافر، الجمع بین الصلاتین فی السفر.
4- (4) سنن أبی داود: 6/2، کتاب الصلاة، باب الجمع بین الصلاتین، ح 214.

و سنن الترمذی(1) و سنن النسائی(2) و الموطأ(3) و سنن الدارقطنی(4) و المعجم الکبیر للطبرانی(5) و کنز العمّال(6).

و تذکر أیضاً بأنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله) قد جمع بین الصلاتین بعذر(7) ، و نجد ابن عباس فی الوقت الذی ینقل لنا کلا النوعین من الروایات أی الجمع بعذر و بغیر عذر عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) کان یفهم من فعل الرسول جواز الجمع مطلقاً.

و أیّد هذا الفهم أبو هریرة أیضاً عند ما سئل عن فعل ابن عباس و قوله.

و یضاف أنّ ابن عباس قد وبّخ الشخص الذی اعترض

ص:29


1- (1) سنن الترمذی: 355/1، أبواب الصلاة، باب 24، ما جاء فی الجمع بین الصلاتین، ح 187.
2- (2) سنن النسائی: 491/1، کتاب مواقیت الصلاة، الجمع بین الصلاتین فی الحضر، ح 1573.
3- (3) الموطأ: 91، ح 332.
4- (4) سنن الدارقطنی: 395/1، باب صفة صلاة المسافر، ح 5.
5- (5) المعجم الکبیر للطبرانی: 812/10، ح 10525.
6- (6) کنز العمّال: 246/8، الباب الرابع فی صلاة المسافر، ح 22764.
7- (7) سنن الدارقطنی: 389/1، باب الجمع بین الصلاتین فی السفر، الأحادیث 1 و 2 (و 3. و صحیح مسلم بشرح النووی: 218/5، کتاب صلاة المسافر، الجمع بین الصلاتین.

علیه حینما أخّر ابن عباس صلاة المغرب عن أول وقتها، و جمع بین الصلاتین فی وقت لاحق من غیر عذر، بقوله: «لا امّ لک، أ تعلّمنا بالصلاة؟! کنا نجمع بین الصلاتین علی عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله)(1).

2 - ثمّ إنّ الروایات بالاطلاق کقول: «صلّی بنا رسول الله (صلی الله علیه و آله) الظهر و العصر، و المغرب و العشاء جمیعاً من غیر خوف و لا سفر»(2).

و صلّی رسول الله (صلی الله علیه و آله) الظهر و العصر جمیعاً بالمدینة فی غیر خوف و لا سفر، قال أبو الزبیر: سألت سعیداً، لِمَ فعل ذلک؟ فقال: سألت ابن عباس کما سألتنی، فقال: أراد أن لا یحرج أحد من امّته(3).

و فی غزوة تبوک جمع بین الظهر و العصر و بین المغرب و العشاء، قال: فقلت ما حمله علی ذلک، قال: «أراد أن لا یحرج امّته»(4) ، و جمع فی غیر مطر(5) ، و صلّی رسول الله (صلی الله علیه و آله)

ص:30


1- (1) صحیح مسلم: 153/2، کتاب الصلاة، الجمع بین الصلاتین فی السفر.
2- (2) صحیح مسلم بشرح النووی: 215/5، کتاب صلاة المسافرین و قصرها، الجمع بین الصلاتین فی السفر.
3- (3) صحیح مسلم بشرح النووی: 215/5، کتاب صلاة المسافرین و قصرها، الجمع بین الصلاتین فی السفر.
4- (4) المصدر السابق.
5- (5) سنن أبی داود: 6/2 کتاب الصلاة، باب الجمع بین الصلاتین، ح 1214.

الظهر و العصر جمیعاً و المغرب و العشاء جمیعاً فی غیر خوف و لا سفر(1) ، و صلیت وراء رسول الله (صلی الله علیه و آله) ثمانیاً جمیعاً، و سبعاً جمیعاً(2) ، و هذه الصراحة تنفی التخصیص بحالات العذر.

نعم، هناک روایة واحدة ینقلها الترمذی و هی ساقطة من حیث السند، فعن أبی سلمة یحیی ابن خلف البصری، حدثنا المعتمر بن سلیمان، عن أبیه، عن حنش، عن عکرمة، عن ابن عباس، عن النبی (صلی الله علیه و آله)، قال: (من جمع بین الصلاتین من غیر عذر فقد أتی باباً من أبواب الکبائر).

قال أبو عیسی و حنش: هذا هو «أبو علی الرحبیّ و هو: حسین ابن قیس و هو ضعیف عند أهل الحدیث، ضعّفه أحمد و غیره»(3).

قال البخاری: أحادیثه منکرة و لا یکتب حدیثه.

و قال العقیلی فی حدیثه: من جمع بین صلاتین، فقد أتی باباً من الکبائر لا یتابع علیه، و لا یعرف إلاّ به، و لا أصل

ص:31


1- (1) الموطأ: 91 /ح 332.
2- (2) سنن النسائی: 290/1.
3- (3) سنن الترمذی: 356/1، أبواب الصلاة، باب 24 ما جاء فی الجمع بین الصلاتین ح 188.

له، و قد صحّ عن ابن عباس: أن النبی (صلی الله علیه و آله) جمع بین الظهر و العصر(1) ، و علیه فإنّ الإطلاق فی الروایات لا تخصّص له.

3 - و خلاصة المشکلة التی تورّط بها الفقهاء من المذاهب الإسلامیة فی مسألة الجمع بین الصلاتین، فأفتوا خلافاً لما تصرح به الروایات، یرجع الی فهم الأوقات الشرعیة للصلاة و تقسیمها بین المختص و المشترک، و طبیعة الالتزام بهذا التقسیم یستدعی تغیر السؤال و صیاغته بهذه الصورة:

هل یجوز الجمع بین الصلاتین فی وقت أحدهما؟

و بناءً علی ذلک ینبغی رفع الخلاف فی المسألة بسبب کون الموضوع قد اختلف، و ذلک لأن مدرسة أهل البیت (علیهم السلام) تری بأنّ الوقت مشترک للصلاتین و الاختصاص من حیث الفضیلة فقط، إذ لا وقت مختص باحدی الصلاتین، لأنّه یسع لکلیهما، إلاّ أن هذه قبل هذه(2).

و فقهاء المذاهب الاُخری یمنعون من الجمع بین الصلاتین فی وقت أحدهما، إذ لکل واحدة من الصلاتین

ص:32


1- (1) المصدر السابق: علی هامش الحدیث 188.
2- (2) وسائل الشیعة: 116/3، کتاب الصلاة ح 4795 1، و الخلاف للشیخ الطوسی: 257/1.

وقت غیر وقت الاُخری لذا فالموضوع هنا مختلف(1).

إذ أصبح کل من الفریقین یحکم بخلاف الآخر فی غیر موضوع الآخر، و الخلاف إنّما یصحّ مع اتّحاد الموضوع لا مع اختلافه.

الأمر السابع: حکم الجمع فی الصلاة فی مدرسة أهل البیت (علیهم السلام)

استدلّ الأصحاب فی مدرسة أهل البیت (علیهم السلام) علی جواز الجمع بین الصلاتین بعدد من الأخبار، و لمّا کانت هذه المسألة ذات علاقة بأحکام أوقات الصلاة، نری من اللازم التعرض إلیها قبل معرفة حکم الجمع بین الصلاتین.

قال تعالی: (إِنَّ الصَّلاةَ کانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ کِتاباً مَوْقُوتاً) (2).

و قال: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً) (3).

ص:33


1- (1) الفقه علی المذاهب الأربعة، کتاب الصلاة، مباحث الجمع بین الصلاتین.
2- (2) النساء: 103.
3- (3) الإسراء: 78.

و اختلف المفسّرون فی الدلوک، فقال قوم: دلوک الشمس زوالها، و هو قول ابن عباس، و ابن عمر، و جابر، و أبی العالیة، و الحسن، و الشعبی، و عطاء و مجاهد، و قتادة. و الصلاة المأمور بها علی هذا هی صلاة الظهر، و هو المروی عن أبی جعفر و أبی عبد الله (علیهما السلام)، و بهذا تکون الآیة جامعة للصلوات الخمسة، فصلاتا دلوک الشمس الظهر و العصر، و صلاتا غسق اللیل هما: المغرب و العشاء الآخرة، و المراد بقرآن الفجر: صلاة الفجر، فهذه خمس صلوات(1).

قال الطبرسی: إنّه یمکن الاستدلال بالآیة علی ذلک، بأن یقال: إنّ الله سبحانه جعل من دلوک الشمس، الذی هو الزوال الی غسق اللیل وقتاً للصلوات الأربع، إلاّ أنّ الظهر و العصر اشترکا فی الوقت من الزوال الی الغروب، و المغرب و العشاء الآخرة اشترکا فی الوقت من الغروب الی الغسق، و أفرد صلاة الفجر بالذکر، فی قوله: (و قرآن الفجر) ففی الآیة بیان وجوب الصلوات الخمس، و بیان أوقاتها. و یؤید ذلک ما رواه العیاشی بالاسناد عن عبید بن زرارة عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی هذه الآیة، قال: إنّ الله افترض أربع صلوات، أوّل وقتها من زوال الشمس الی انتصاف اللیل، منها صلاتان أوّل وقتهما

ص:34


1- (1) مجمع البیان: 282/6، تفسیر الآیة 78 من سورة الإسراء.

من عند زوال الشمس الی غروبها، إلاّ أن هذه قبل هذه، و منها صلاتان أوّل وقتهما من غروب الشمس الی انتصاف اللیل إلاّ أن هذه قبل هذه(1).

قال الشیخ الطوسی: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر، و یختص بها بمقدار ما یصلّی فیه أربع رکعات، ثمّ بعد ذلک مشترک بینه و بین العصر، الی أن یصیر ظلّ کل شیء مثله، فإذا صار کذلک خرج وقت الظهر و بقی وقت العصر، و أوّل وقت العصر إذا مضی من الزوال مقدار ما یصلّی الظهر أربع رکعات، و آخره إذا صار ظلّ کل شیء مثلیه، و أوّل وقت المغرب إذا غابت الشمس، و آخره إذا غاب الشفق و هو الحمرة، و أوّل وقت العشاء الآخرة إذا غاب الشفق الذی هو الحمرة، و فی أصحابنا من قال: إذا غابت الشمس فقد دخل وقت الصلاتین و لا خلاف بین الفقهاء إنّ أوّل وقت العشاء الآخرة غیبوبة الشفق(2).

و قال فی مسألة حکم الجمع: یجوز الجمع بین الصلاتین الظهر و العصر، و المغرب و العشاء الآخرة فی السفر و الحضر

ص:35


1- (1) مجمع البیان،، تفسیر القرآن للطبرسی: 283/6، تفسیر الآیة 78 من سورة الإسراء.
2- (2) الخلاف، للشیخ الطوسی: 257/1.

عند المطر و غیر المطر، و الجمع بینهما فی أوّل وقت الظهر، فإنْ جمع بینهما فی وقت العصر کان جائزاً(1).

و من الأخبار التی دلّت علی جواز الجمع من غیر علّة نذکر ما یلی:

عن عبد الله بن سنان عن الصادق (علیه السلام): أنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله) جمع بین الظهر و العصر بأذان و إقامتین، و جمع بین المغرب و العشاء فی الحضر من غیر علّة بأذان واحد و إقامتین(2).

و عن اسحاق بن عمّار عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «إنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله) صلّی الظهر و العصر فی مکان واحد من غیر علّة و لا سبب، فقال له عمر و کان أجرأ القوم علیه: أحدث فی الصلاة شیء؟! قال: لا، و لکن أردت أن اوسّع علی امّتی»(3).

و عن عبد الله بن عمر، أن النبی (صلی الله علیه و آله) صلّی بالمدینة مقیماً غیر مسافر جمیعاً و تماماً جمعاً(4).

ص:36


1- (1) المبسوط، للشیخ الطوسی: 140/1، کتاب الصلاة، فی صلاة المسافر.
2- (2) الوسائل: 160/3، کتاب الصلاة، 33 باب الجمع بین الصلاتین، ح 1.
3- (3) الوسائل: 160/3، کتاب الصلاة، 33 باب الجمع بین الصلاتین، ح 2.
4- (4) المصدر السابق: 162/3، کتاب الصلاة، باب 33 الجمع بین الصلاتین، ح 8.

الخلاصة:

و هکذا یتّضح أن مسألة أوقات الصلاة کانت موضع اتّفاق عند المذاهب الإسلامیة عدا اختلاف یسیر.

فالأوقات للصلوات الخمسة ثلاثة: الظهر و العصر یشترکان فی وقت، و صلاتی المغرب و العشاء لهما وقت مشترک أیضاً، أما صلاة الصبح فلها وقت خاص، و لکل من الصلوات الأربع أوقات مختصة بها علی التفصیل الذی ذکرناه.

و حکم الجمع بناءً علی اشتراک الوقت، بین صلاتی الظهر و العصر و المغرب و العشاء، فهو الجواز عند کل المذاهب، و الاختلاف قد وقع فی الأسباب حیث قیّدوه بالسفر مرّة، و الحضور بعرفة مرّة اخری، أو المرض و العجز و الطین و المطر مرّة ثالثة.

أمّا أتباع مذهب أهل البیت: فقد قالوا بجواز الجمع من غیر عذر أو بعذر مخافة الحرج، استناداً للأخبار الصحیحة عندهم(1) و التی جاء مثلها فی کتب الصحاح و المسانید عند

ص:37


1- (1) الوسائل: 160/3، کتاب الصلاة، باب 33، الجمع بین الصلاتین، ح 1 و 2.

أهل السنّة أیضاً(1) ، إلاّ أنهم أوّلوها فکان التأویل قاعدة للحکم لا الی ما تستظهره روایاتهم بجواز الجمع مطلقاً.... و الحمد لله ربّ العالمین.

ص:38


1- (1) صحیح البخاری: 140/1، صحیح مسلم بشرح النووی: 215/5، سنن أبی داود: 6/2، سنن الترمذی: 355/1، سنن النسائی: 491/1، الموطأ: 91، سنن الدارقطنی: 395/1، المعجم الکبیر للطبرانی: 218/10، کنز العمال: 246/8.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.