التحريفات والتصرفات في كتب السنة

اشارة

سرشناسه : حسيني ميلاني، علي، - 1326

عنوان و نام پديدآور : التحريفات و التصرفات في كتب السنه/ علي الحسيني الميلاني

مشخصات نشر : قم: مركز الابحاث العقائديه، 1421ق. = 1379.

مشخصات ظاهري : ص 25

فروست : (سلسله الندوات العقائديه 32)

شابك : 964-319-271-7 ؛ 964-319-271-7

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : عربي

موضوع : احاديث اهل سنت

موضوع : احاديث مجعول

رده بندي كنگره : BP127/ح 5ت 3 1379

رده بندي ديويي : 297/211

شماره كتابشناسي ملي : م 79-16634

مقدمة المركز

لا يخفي أنّنا لازلنا بحاجة إلي تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والافهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة، ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الاُمّة وقيمها الحقّة، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث. وانطلاقاً من ذلك، فقد بادر مركز الابحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمي السيد السيستاني _ مدّ ظلّه _ إلي اتّخاذ منهج ينتظم علي عدّة محاور بهدف طرح الفكر الاسلامي الشيعي علي أوسع نطاق ممكن. ومن هذه المحاور: عقد الندوات العقائديّة المختصّة، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين، التي تقوم نوعاً علي الموضوعات الهامّة، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد [ صفحه 6] والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها، ثم يخضع ذلك الموضوع _ بطبيعة الحال _ للحوار المفتوح والمناقشات الحرّة لغرض الحصول علي أفضل النتائج. ولاجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلي شبكة الانترنت العالمية صوتاً وكتابةً. كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها علي المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتي أرجاء العالم. وأخيراً، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها علي شكل كراريس تحت عنوان «سلسلة الندوات العقائدية» بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة

عليها. وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من السلسلة المشار إليها. سائلينه سبحانه وتعالي أن يناله بأحسن قبوله. مركز الابحاث العقائدية فارس الحسّون [ صفحه 7]

تمهيد

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين، ولعنة الله علي أعدائهم أجمعين من الاوّلين والاخرين. وبعد، فإنّي أحمد الله سبحانه وتعالي علي أنْ وفّقني لهذه البحوث في هذه الليالي المباركة، بطلب من «مركز الابحاث العقائديّة»، وكانوا قد طلبوا منّي أن أبحث عن الموضوعات التي عيّنوها هم، وبطلب منهم، وعلي أن تكون البحوث علي أساس الكتاب والسنّة المعتبرة المتّفق عليها بين المسلمين، ولذا فقد لاحظتم أنّي أثبتُّ حتّي مسألة تفضيل الائمّة علي الانبياء علي أساس أحاديث الفريقين، وأثبتُ العصمة كما يقول بها أصحابنا علي أساس أحاديث الفريقين. [ صفحه 8] وحاولت أن تكون الادلّة التي أستند إليها من أقدم كتب أهل السنّة وأتقنها، حتّي في مسائل مظلوميّة الزهراء (عليها السلام)، لم أعتمد إلاّ علي كتبهم وعلي أقدم المصادر الواصلة إلينا من مؤلّفاتهم ومصنّفاتهم، ونقلنا عنها ما جاء فيها من تلك القضايا، وما كنّا نتوقّع منهم أن ينقلوا أكثر من هذا فيما يتعلّق بالزهراء (عليها السلام). وأمّا ما في كتبنا، وما في رواياتنا، وعن أهل البيت فيما يتعلّق بالعصمة، وما يتعلّق بمظلوميّة الزهراء، وما يتعلّق بمسائل تفضيل الائمّة علي الانبياء، وكذا ما يتعلّق بمسائل الامامة وغير ذلك من المسائل، فلابدّ وأن نعقد مجالس وبحوثاً أُخري، لانْ تكون تلك الروايات محور بحوثنا في تلك الجلسات الاُخري، إلاّ أنّ الاخوة في هذا المركز طلبوا منّي أن تكون المصادر سنّيّة فقط ولا أنقل شيئاً عن كتب أصحابنا، وقد لاحظتم أنّي وبحمد الله

علي التوفيق وفّقت لما كنّا نرمي إليه في هذه المجالس، وأرجو من الله سبحانه وتعالي أن تكون هذه المباحث معينة لمن يريد أن يبحث عن هذه القضايا بإنصاف، وأن تكون مفيدة له في هذا المجال. [ صفحه 9]

اساليب القوم في التحريف

كما لاحظتم في خلال البحوث أنّي تعرّضت ونبّهت علي بعض التحريفات الواقعة منهم في نقل الاحاديث، وفي رواية الاخبار والقضايا والحوادث، ونبّهت أيضاً علي أنّهم _ أي أهل السنّة _ حاولوا قدر الامكان أن يتكتّموا علي حقائق القضايا ولا ينقلوا لنا الحوادث كما وقعت، ومع ذلك فقد عثرنا علي ما كنّا نريده من خلال رواياتهم والنظر في أخبارهم وكتبهم، ثمّ طلبتم أن أذكر موارد أُخري من التحريفات في هذه اللّيلة، فأقول: إنّ للقوم أساليب عديدة في ردّ ما يتعلّق بأهل البيت وبمسائل الامامة، وكلّ ما يستدل به الاماميّة في بحوثهم. فأوّل شيء نراه في كتبهم أنّهم يغفلون الخبر، ويحاولون التعتيم عليه وعدم نقله وعدم نشره، ولذا نري أنّ كثيراً من الاخبار الصحيحة بأسانيدهم غير مخرّجة في الصحيحين، أو الصحاح [ صفحه 10] الستّة من كتبهم، فأوّل محاولة منهم هي إغفال الاخبار الصحيحة التي يستند إليها الشيعة فلا ينقلونها. ثمّ إذا نقلوا حديثاً يحاولون أن يحرّفوه، والتحريف يكون علي أشكال في كتبهم. تارة ينقلون الحديث مبتوراً وينقصون منه محلّ الاستدلال ومورد الحاجة، وتارة يبهمون في ألفاظه، فيرفعون الاسماء الصريحة ويضعون في مكانها كلمة فلان إبهاماً للامر. وتارة يحذفون من الخبر ويضعون في مكان المقدار المحذوف كلمة كذا وكذا. وتارة نراهم يصحفون الالفاظ. فإن لم يمكنهم التلاعب بمتنه، انبروا للطعن في سنده، وحاولوا تضعيف الحديث أو تكذيبه. فإن لم يمكنهم ذلك أيضاً، وضعوا في مقابله حديثاً آخر وادّعوا

المعارضة بين الحديثين. وهذه أساليبهم. أمّا المستنسخون، والناشرون للكتب، والرواة لتلك الروايات والمؤلفات، فحدّث عنهم ولا حرج. [ صفحه 11] أتذكر أنّي رأيت في أحد المصادر، عندما يروي خبر مبيت أمير المؤمنين (عليه السلام) علي فراش رسول الله في ليلة الهجرة، الرواية تقول: بات علي علي فراش رسول الله، أتذكّر أنّه في أحد المصادر كلمة التاء بدّلها الناسخ باللام، التاء من بات بدّلها باللام. ينقلون عن بعض الصحابة، وكما قرأنا في الجلسات الماضية، أنّهم كانوا يعرضون أولادهم علي أمير المؤمنين، يأتون بأبنائهم ويوقفونهم علي الطريق، فإذا مرّ أمير المؤمنين قالوا للولد: أتحبّ هذا؟ فإنْ قال: نعم، علم أنّه منه وإلاّ... فينقلون عن بعض الصحابة أنّهم كانوا يقولون _ وهذا موجود في المصادر _: كنّا نبور أبناءنا بحبّ علي بن أبي طالب، نبور أي نختبر، نختبرهم نمتحنهم، لنعرف أنّهم من صلبنا أو لا، كنّا نبور أبناءنا بحبّ علي بن أبي طالب. لاحظوا التصحيف: كنّا بنور إيماننا نحبّ علي بن أبي طالب. الباء أصبحت نوناً، نبور أصبحت بنور، أبناءنا أصبحت إيماننا، كنّا بنور إيماننا نحبّ علي بن أبي طالب. وهكذا يصحّفون الاخبار. وإمّا أنْ يرفعوا الحديث أو قسماً من الحديث ويتركوا مكانه [ صفحه 12] بياضاً، ويكتبون هاهنا بياض في النسخة، وهذا أيضاً كثير في كتبهم، هنا بياض في النسخة، لاحظوا المصادر، حتّي الكتب الكلاميّة أيضاً. أتذكّر أنّ موضعاً من شرح المقاصد حذف منه مقدار، وقد كتب محقّقه أنّ هنا بياضاً في النسخة، وكذا في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وفي تاريخ دمشق لابن عساكر، وغير هذه الكتب. فهكذا يفعلون، وكلّ ذلك لئلاّ يظهر الحق، وما أكثر هذا. ويا حبّذا لو انبري أحد لجمع هذه القضايا وتأليف كتاب

في ذلك. وأمّا أنّكم لو قارنتم الطبعات الجديدة للكتب، وقابلتموها مع الطبعات السابقة، حتّي تفسير الكشّاف للزمخشري، له أبيات، أربع خمس أبيات في تفسيره، هي في بعض الطبعات غير موجودة، لانّ تلك الابيات فيها طعن علي المذاهب الاربعة. وهكذا في قضايا أُخري. وكثيراً ما تري أنّ المؤلِّف اللاّحق يلخّص كتاب أحد السابقين، وليس الغرض من تلخيصه لذلك الكتاب إلاّ طرح ما في [ صفحه 13] ذلك الكتاب ممّا يضرّ بأفكاره ومبادئه، والكتاب الاصلي ربّما يكون مخطوطاً، أو لربّما لا تعثر علي نسخة منه أبداً، وقد حكموا عليه بالاعدام. حتّي أنّ كتب أبي الفرج ابن الجوزي في القضايا التافهة طبعوها ونشروها، له كتاب في أخبار المغفّلين، له كتاب في أخبار الحمقي، وأخبار الطفيليين، وكتبه من هذا القبيل طبعت. لكنّ لابن الجوزي رسالة كتبها في تكذيب ما رووه من أنّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) قد صلّي خلف أبي بكر في تلك الصلاة التي جاء إلي المسجد بأمر من عائشة لا من الرسول، حتّي إذا، إطّلع علي ذلك خرج معتمداً علي رجلين، ونحّي أبابكر عن المحراب وصلّي تلك الصلاة بنفسه الشريفة، فيروون أنّ رسول الله اقتدي بأبي بكر في تلك الصلاة وصلّي خلفه. فلابن الجوزي كتاب في تكذيب ما ورد في هذا الباب، أي في صلاة النبي خلف أبي بكر، يكذّب هذه الروايات ابن الجوزي، هذه الرسالة لم ينشروها، وحتّي لم يكثّروا نسخها ولم يستنسخوها. أتذكّر أنّي راجعت كتاباً أُلّف في مؤلّفات ابن الجوزي [ صفحه 14] المخطوط منها والمطبوع، فلم يذكر لهذا الكتاب إلاّ نسخة واحدة، والحال أنّه يذكر لمؤلّفاته الاُخري في مكتبات العالم نسخاً كثيرة. ولماذا؟ لانّهم يعلمون بأنّ تكذيب مثل هذا الخبر يضرّ

باستدلالهم بصلاة أبي بكر المزعومة علي إمامة أبي بكر بعد رسول الله. وكم لهذه الاُمور من نظائر، ويا حبّذا لو تجمع في مكان واحد. [ صفحه 15]

نماذج من التحريفات

وأمّا أنّكم إذا طلبتم أن أذكر لكم بعض الاشياء، إضافةً إلي ما اطّلعتم عليه في خلال البحوث، أذكر لكم موارد معدودة فقط، ولا أُطيل عليكم: 1 _ هناك حديث يروونه عن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: «النجوم أمان لاهل السماء فإذا ذهبت ذهبوا، وأهل بيتي أمان لاهل الارض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الارض». هذا الحديث موجود في المصادر، ومن المصادر التي يروي عنها هذا الحديث: مسند أحمد، وهذا الحديث ليس الان موجوداً فيه. 2 _ قوله: «أنا مدينة العلم وعلي بابها»، مصادره كثيرة، ومن مصادره صحيح الترمذي، ينقل عن صحيح الترمذي هذا الحديث في جامع الاُصول لابن الاثير، وأيضاً في تاريخ الخلفاء للسيوطي، [ صفحه 16] وأيضاً في الصواعق لابن حجر، والفضل ابن روزبهان يعترف بوجود هذا الحديث في صحيح الترمذي ويحكم بصحّته. وأنتم لا تجدونه الان في صحيح الترمذي، وكم لهذا من نظير! وأمّا في الصحيحين، فكنت أتذكّر موردين أحببت أن أذكرهما لكم في هذه الليلة بطلب منكم طبعاً واكتفي بهذا المقدار. 3 _ لاحظوا هذا الحديث في صحيح مسلم، يروي هذا الحديث مسلم بن الحجّاج بسنده عن شقيق، عن أُسامة بن زيد، قال شقيق: قيل له _ أي لاُسامة _: ألا تدخل علي عثمان فتكلّمه؟ فقال: أترون أنّي لا أُكلّمه إلاّ أُسمعكم، والله لقد كلّمته فيما بيني وبينه، مادون أنْ أفتتح أمراً لا أُحبّ أن أكون أوّل من فتحه، ولا أقول لاحد يكون عليّ أميراً إنّه خير الناس بعدما سمعت

رسول الله يقول: يؤتي بالرجل يوم القيامة فيلقي في النار فتندرق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحي، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان مالك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر؟ فيقول: بلي قد كنت آمراً بالمعروف ولا آتيه، وأنهي عن المنكر وآتيه. قيل له: ألا تدخل علي عثمان فتكلّمه؟ قال: قد كلّمته مراراً، وناصحته، وأمرته بالمعروف ونهيته عن المنكر، لكن لا أُريد أنْ [ صفحه 17] تطّلعوا علي ما قلته له، كلّمته بيني وبينه... ثمّ ذكر هذا الحديث عن رسول الله. هذا في الصفحة 224 من صحيح مسلم في الجزء الثامن في هذه الطبعة. ولا بأس أن أقرأ لكم ما في صحيح البخاري، لتعرفوا كيف يحرّفون الكلم: قال: قيل لاُسامة: ألا تكلّم هذا؟ قال: قد كلّمته مادون أن أفتح باباً أكون أوّل من يفتحه، وما أنا بالذي أقول لرجل بعد أن يكون أميراً علي رجلين: أنت خير، بعدما سمعت من رسول الله يقول: يجاء برجل فيطرح في النار فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه، فيطيف به أهل النار، فيقولون: أيْ فلان، ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر؟ فيقول: إنّي كنت آمر بالمعروف ولا أفعله. لاحظوا كم اختصر من الحديث من الاشياء التي قالها أُسامة بالنسبة لعثمان، وليس في نقل البخاري هنا اسم عثمان، قيل لاُسامة: ألا تكلّم هذا، فمن هذا؟ غير معلوم في هذا الموضع، ألا تكلّم هذا؟ أمّا في موضع آخر، أتذكّر أنّي رأيته يذكره علي العادة: فلان، ألا تكلّم فلان، مع الاختصار للحديث. [ صفحه 18] قال: قيل لاُسامة: لو أتيت فلاناً فكلّمته؟ قال: إنّكم لترون أنّي لا أُكلّمه إلاّ أسمعكم، إنّي أُكلّمه في السرّ دون أن أفتح باباً،

لا أكون أوّل من فتحه، ولا أقول لرجل إن كان عليّ أميراً إنّه خير الناس، بعد شيء سمعته من رسول الله، قالوا: وما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول... إلي آخره. أيضاً مع اختصار في اللفظ، وقد رفع اسم عثمان ووضع كلمة فلان. وهذا في صحيح البخاري ص566 من المجلد الثاني. وذلك المورد الذي لم أعطكم عنوانه، هو في ص687 من المجلد الرابع. هذا بالنسبة إلي عثمان. 4 _ وأمّا بالنسبة إلي الشيخين، فأقرأ لكم حديثاً آخر في صحيح مسلم، ثمّ أقرأ ما جاء في صحيح البخاري: في حديث طويل يقول: ثمّ نشد عبّاساً وعليّاً _ نشد أي عمر بن الخطّاب _ بمثل ما نشد به القوم أتعلمان ذلك؟ قالا: نعم، قال: فلمّا توفي رسول الله قال أبوبكر: أنا وليّ رسول الله، فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها _ يعني علي والعباس _ فقال أبوبكر: قال رسول الله: ما نورّث ما تركنا [ صفحه 19] صدقة، فرأيتماه _ عمر يقول لعلي والعباس _ فرأيتماه، أي فرأيتما أبابكر كاذباً آثماً غادراً خائناً، ثمّ يقول عمر: والله يعلم إنّه لصادق بارّ راشد تابع للحقّ، فليكنْ علي بالكم، فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً، ثمّ توفّي أبوبكر وأنا ولي رسول الله وولي أبي بكر، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً، والله يعلم إنّي لصادق بارّ راشد تابع للحقّ... فولّيتها ثمّ جئتني أنت وهذا، وأنتما جميع، وأمركما واحد، فقلتما إدفعها إلينا... إلي آخر الحديث. ومحلّ الشاهد هذه الجملة: فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً. هذا في صحيح مسلم (5/152) في باب حكم الفيء من كتاب الجهاد. وللننظر في صحيح البخاري: ثمّ قال

لعلي وعباس: أُنشدكما بالله، هل تعلمان ذلك؟ قال عمر: ثمّ توفّي الله نبيّه، فقال أبوبكر: أنا ولي رسول الله فقبضها أبوبكر، فعمل فيها بما عمل رسول الله، والله يعلم إنّه فيها لصادق بارّ راشد تابع للحقّ. فأين صارت الجملة: فرأيتماه... والله يعلم إنّه فيها لصادق بارّ راشد تابع للحقّ. ثمّ توفّي الله أبابكر، فكنت أنا ولي أبي بكر، فقبضتها سنتين [ صفحه 20] من إمارتي، أعمل فيها بما عمل رسول الله، وما عمل فيها أبوبكر، والله يعلم إنّي فيها لصادق بارّ راشد تابع للحق. فرأيتماه إلي آخره... فرأيتماني إلي آخره. هذه في الصفحة 506 من المجلد الثاني. أمّا في ص552 من المجلّد الرابع يقول: فتوفّي الله نبيّه فقال أبوبكر: أنا ولي رسول الله، فقبضها فعمل بما عمل به رسول الله، ثمّ توفّي الله أبابكر فقلت: أنا وليّه وولي رسول الله، فقبضتها سنتين أعمل فيها ما عمل رسول الله وأبوبكر، ثمّ جئتماني وكلمتكما واحدة، وأمركما جميع... إلي آخره. فلا يوجد: فرأيتماه كذا وكذا... والله يعلم إنّه بارّ راشد تابع للحق، فرأيتماني كذا وكذا والله يعلم أنّي بارّ راشد تابع للحق، فلا هذا موجود ولا ذاك موجود. أمّا في ص121 من المجلّد الرابع يقول: أُنشدكما بالله، هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم، ثمّ توفّي الله نبيّه فقال أبوبكر: أنا ولي رسول الله، فقبضها أبوبكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول الله، وأنتما حينئذ، وأقبل علي علي وعباس تزعمان أنّ أبابكر كذا وكذا، والله يعلم إنّه فيها صادق بارّ راشد تابع للحق. كذا وكذا بدل تلك الفقرة. [ صفحه 21] ثمّ توفّي الله أبابكر فقلت: أنا ولي رسول الله وأبي بكر، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل رسول

الله وأبو بكر، ثمّ جئتماني وكلمتكما واحدة، وأمركما جميع... في بقيّة الحديث لا يوجد ما قالاه بالنسبة إلي عمر نفسه: فرأيتماني... وأنّه حلف بأنّه أي هو بارّ راشد صادق تابع للحق. وهذا حديث واحد، والقضيّة واحدة، والراوي واحد. في صحيح مسلم علي ما جاء عليه مشتمل علي الفقرتين: فرأيتماه... فرأيتماني. أمّا في صحيح البخاري، في أكثر من ثلاث موارد علي أشكال مختلفة. وهذا فيما يتعلّق بالشيخين. ولماذا هذا التحريف؟ لانّ عمر بن الخطّاب ينسب إلي علي والعباس أنّهما كانا يعتقدان في أبي بكر وفي عمر أنّ كلاًّ منهما كاذب غادر خائن إلي آخره، وهما يسمعان من عمر هذا الكلام، ولم نجد في الحديث أنّهما كذّبا عمر في نسبة هذا الشيء إليهما، وسكوتهما علي هذه النسبة تصديق، وحينئذ يكون الشيخان بنظر علي والعباس كاذبين خائنين غادرين، وإلي آخره. نحن لا نقول هذا الحديث صدق أو كذب، نحن لا ندري [ صفحه 22] بأصل القضيّة، إنّما ننظر في الصحيحين والفرق بين الروايتين، أمّا لو أردتم أن تستفيدوا من هذا الخبر أشياء فالامر إليكم، ولسنا الان بصدد التحقيق عن مفاهيم هذا الحديث ومداليله، وإنّما أردنا أن نذكر لكم الفرق بين الشيخين البخاري ومسلم في نقلهما للخبر الواحد، أي لقضيّة واحدة. فهذه من جملة الموارد، وقضيّة عثمان مورد آخر، وهكذا موارد أُخري. [ صفحه 23]

كلمة الختام

وأري من المناسب أن أقطع الكلام بهذا المقدار، وأكتفي بهذا الحد، وأسأل الله سبحانه وتعالي أن يوفّق كلّ من يريد معرفة الحق، والاخذ بالحقّ، أن يوفّقه في هذا السبيل، وأن يهديه إلي الصراط المستقيم. نسأل الله سبحانه وتعالي أن يزيدنا علماً وبصيرةً وفهماً ودقّة وتأمّلاً في القضايا العلميّة والتحقيقيّة وخاصّة العقائديّة منها، فإنّ

الانسان إن فارق هذه الدنيا وهو علي شكّ من دينه، إن فارق هذه الدنيا ولم يكن علي ثقة بما يعتقد به، فإنّه سيحشر مع من لا اعتقاد له. إنّ الاُمور الاعتقاديّة يعتبر فيها الجزم، ولابدّ فيها من اليقين، وكلّ أمر اعتقادي لم يصل إلي حدّ اليقين فليس باعتقاد. فعلي من عنده شكّ، علي من لم يصل إلي حدّ اليقين أن [ صفحه 24] يبحث، أن يحقّق، وإلاّ فإنْ مات علي هذه الحال كانت ميتته ميتة جاهليّة، فكيف بمن كان علي شكٍّ أو حتّي إذا لم يكن عنده شكّ يحاول أن يشكّك في الاُمور الاعتقاديّة، ويوقع الناس في الشكّ. إنّ الاُمور الاعتقاديّة لابدّ فيها من اليقين والقطع والجزم، ولربّما يكون هناك رجل قد بلغ من العمر ما بلغ ويكون في أوّل مرحلة من مراحل فهم عقائده الدينيّة، وقد تقرّر عند علمائنا أنْ لا تقليد في الاُصول العقائديّة، فحينئذ لا يجوز الاخذ بقول هذا وذاك لانّه قول هذا وذاك، ولا يجوز اتّباع أحد لانّه كذا وكذا، والاعتبارات والعناوين الموجودة في هذه الدنيا لا تجوّز لاحد ولا تسوّغ لاحد أن يتّبع أحداً من أصحاب هذه العناوين، لانّ له ذلك العنوان، وهذا لا يكون له عذراً عند الله سبحانه وتعالي، إنّ الاُمور الاعتقاديّة لابدّ فيها من القطع واليقين. وقد عرفنا أنّ القطع واليقين إنّما يتحقّقان ويحصلان عن طريق القرآن العظيم، وعن طريق السنّة المعتبرة، ولاسيّما السنّة المتّفق عليها بين المسلمين، فإنّ تلك السنّة ستكون يقينيّة، والله سبحانه وتعالي هو الموفّق. وفي الختام أُذكّركم بأنّ بحوثنا هذه لم تكن نقداً لاحد أو ردّاً لاخر، وإنّما كانت بحوثاً علميّة، ودروساً عقائديّة، ومن أراد أن [ صفحه 25] يقف علي هذه البحوث

ويطّلع عليها فليتّصل ب_ «مركز الابحاث العقائديّة»، فإنّ المسؤولين في هذا المركز سيحاولون أن يوفّروا لمن يراجع هذا المركز ما يحتاج من هذه البحوث أو غيرها. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي محمّد وآله الطاهرين.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.