التبرك بالصالحين والأخيار والمشاهد المقدسة

اشارة

مولف:

مجمع العالمي لاهل البيت

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي محمّد وآله الطاهرين.. من الاُمور التي يتجدد فيها البحث علي مستويات مختلفة وبأساليب متعددة مسألة التبرّك بالصالحين والأخيار من الاُمة وبالأماكن والمشاهد المقدّسة عند المسلمين، لما يتجدّد حولها أو يتكرر من إثارات أو شبهات تصل في أحيان كثيرة الي درجات ساخنة حتّي تكون مدعاة أحياناً لتمزيق المجتمع المتماسك وبثّ الفرقة بين أبنائه. فهل التبرّك مسنون، أم مبتدع؟ هل له في القرآن والسنّة ذكر؟ هل له تاريخ بين المسلمين لا سيّما في القرون الاُولي؟ هل له فقه وضوابط؟ كلّ ذلك سيتناوله هذا البحث بإيجاز مناسب، وبالقدر الكافي من التوفيق.. والله من وراء القصد، وهو ولي التوفيق. التبرّك

معاني البركة

البركة في اللغة: هي من الزيادة والنماء [1] . قال الفراء: في قوله تعالي: (رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت) [2] . البركات: السعادة [3] . وقال أبو منصور الأزهري بعد إيراده هذا القول: وكذلك قوله في التشهد: (السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته)، لأنّ من أسعده الله بما أسعد به النبي(صلي الله عليه وآله)فقد نال السعادة المباركة الدائمة [4] . والتبريك: هو الدعاء للإنسان وغيره بالبركة. يقال: برّكت عليه تبريكاً، أي قلت: بارك الله عليك [5] . وقال ابن الأثير: وفي حديث اُم سليم (فحنّكه وبرّك عليه): أي دعا له بالبركة [6] . وقال الجوهري: يقال: بارك الله لك وفيك وعليك، وباركك. وقال تعالي: (أن بورك مَن في النّار) [7] . وقال ابن منظور: بارك الله الشيء، وبارك فيه وعليه: وضع فيه البركة، وطعام بريك كأنّه مبارك [8] . وقال الفيومي: بارك الله تعالي فيه فهو مبارك، والأصل: مبارك فيه [9] . والتبرّك: هو طلب البركة، وهي النماء أو

السعادة. والتبرّك بالشيء: طلب البركة عن طريقه. قال ابن منظور: تبرّكت به: أي تيمّنت به [10] . وقال ابن الأثير: واليُمن: البركة، وقد يُمن فلان علي قومه فهو ميمون، إذا صار مباركاً عليهم، وتيمّنت به: تبركت [11] . والتبرّك في مفهومه الاصطلاحي يراد به طلب البركة عن طريق أشياء أو معان ميّزها الله تعالي بمنازل ومقامات خاصة، وخصّها بالتبريك، وآثرها بعنايته علي سواها. كما في مسّ يد النبي(صلي الله عليه وآله) تيمّناً ببركتها، أو المسح علي بعض آثاره الشريفة بعد وفاته.. وهذا هو المراد بالتبرّك، مدار البحث، وأيّاً كان فإن مصدره إنمّا هو البركة التي خصّ الله تعالي بها أشياء أو أشخاصاً دون آخرين.

البركة في القرآن الكريم

وردت كلمة البركة بألفاظ متعددة في القرآن الكريم للتدليل علي اختصاص أشخاص معيّنين وأمكنة وأزمنة معينة بنوع من البركة التي جعلها الله فيها لأسباب اقتضتها حكمة الله تعالي، فمن الأشخاص الذين شملتهم لفظة البركة في القرآن الكريم: 1 _ النبي نوح(عليه السلام) ومن معه، وذلك في قوله تعالي: (اهبط بسلام منّا وبركات عليك وعلي اُمم ممّن معك...) [12] . 2 _ النبي عيسي(عليه السلام)، وذلك في قوله تعالي: (وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة...) [13] . 3 _ النبي إبراهيم(عليه السلام)، وابنه النبي اسحاق(عليه السلام)، في قوله تعالي: (فلمّا جاءها نودي أن بورك من في النار ومَن حولها) [14] . وقوله تعالي: (وباركنا عليه وعلي إسحاق...) [15] . 4 _ أهل البيت(عليهم السلام)، أو أهل بيت إبراهيم(عليه السلام)، علي أقوال، وذلك في قوله تعالي: (رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنّه حميد مجيد) [16] . كما وردت لفظة البركة وما في معناها في القرآن الكريم بخصوص بعض الأماكن

والأراضي والبقاع المعيّنة لاختصاصها بقدسية معينة، منها: 1 _ البيت الحرام في مكة المكرمة، لقوله تعالي: (إنّ أوّل بيت وضع للناس للّذي ببكة مباركاً وهديً للعالمين) [17] . 2 _ الأرض بصورة عامة، حيث جعل البركة _ وهو الخير _ في مختلف أرجائها، لقوله تعالي: (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها...) [18] . أي جعل فيها الخير الكثير الذي ينتفع به ما علي الأرض من نبات وحيوان وإنسان في حياته أنواع الإنتفاعات [19] . وقال الرازي: والبركة: كثرة الخير والخيرات الحاصلة من الأرض [20] . 3 _ المسجد الأقصي وما حوله من بيت المقدس من أرض فلسطين، لقوله تعالي: (... إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله...) [21] . وكذلك في قوله تعالي: (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها...) [22] . وقوله تعالي: (ونجّيناه ولوطاً إلي الأرض التي باركنا فيها للعالمين...) [23] . 4 _ اليَمَن، لقوله تعالي: (وجعلنا بينهم وبين القري التي باركنا فيها قريً ظاهرة) [24] . 5 _ قوله تعالي: (وقل ربّ أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين) [25] . كما وردت معاني البركة في القرآن الكريم صفة للكتاب العزيز، وذلك في قوله تعالي: 1 _ (وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدّق الذي بين يديه) [26] . 2 _ (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتّبعوه واتّقوا لعلّكم ترحمون) [27] . 3 _ (وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون...) [28] . 4 _ (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبّروا آياته...) [29] . ووردت معاني البركة للدلالة علي بعض مخلوقات الله من النباتات وغيرها كما في قوله تعالي: (كأنّها كوكب دُرّي يوقد من شجرة مباركة زيتونة) [30] .

(فلمّا أتاها نُودي من شاطئ الوادِ الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة...) [31] . (ونزّلنا من السماء ماءً مباركاً فأنبتنا به جنّات وحبّ الحصيد) [32] . كما وخصّ الله سبحانه وتعالي بعض الأزمنة بالبركة، كما في قوله تعالي: (إنّا أنزلناه في ليلة مباركة إنّا كنّا منذرين) [33] . فهذه بعض معاني البركة واستعمالاتها في القرآن الكريم، وأمّا السنّة النبوية المطهّرة، فالأحاديث التي تتضمن البركة ومعانيها كثيرة جداً سوف يأتي بعضها في طيّات المباحث القادمة للدلالة علي أن البركة والتبرك أمر ثابت في الشرع. ولعلّ من أشهرها ماثبت عنه(صلي الله عليه وآله) في صورة الصلاة عليه: «اللهمّ صل علي محمّد وآل محمّد كما صلّيت علي إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك علي محمّد وآل محمّد كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم.. إنّك حميد مجيد».

التبرك في التاريخ

اشاره

هل للتبرّك بمفهومه الاصطلاحي واقع تاريخي بين الاُمم المتشرّعة، بحيث نكتشف في سيرهم وأخبارهم هذا النوع من السلوك، يتعارفونه ويتداولونه علي أنه سلوك مشروع؟ نتابع الإجابة عن هذا التساؤل في مرحلتين رئيسيتين، تختصّ الاُولي بتاريخ الاُمم السالفة، وتتناول الثانية، وهي أكثر تفصيلاً، التبرّك في سلوك المسلمين وفي معارفهم منذ عهد الرسول الأعظم(صلي الله عليه وآله) وتباعاً في العهود القريبة منه.

التبرك عند الامم السالفة

إنّ ظاهرة التبرك بآثار الأنبياء معروفة حتّي عند الاُمم التي سبقت الإسلام، والتي تتضمن التبرّك بثياب اُولئك الأنبياء وبقاياهم، فمن أمثلة التبرّك عند الاُمم السابقة. تبرّك النبيّ يعقوب(عليه السلام)بقميص ابنه النبي يوسف(عليه السلام)، قال تعالي: (إذهبوا بقميصي هذا فألقوه علي وجه أبي يأتِ بصيراً) [34] . وقد امتثل إخوة يوسف لأمره، فجاؤوا بقميصه وألقوه علي وجه أبيه الذي كان قد فقد بصره حزناً علي فراق ولده يوسف، فجعل الله تعالي قميص يوسف سبباً لارتداد بصر أبيه يعقوب(عليه السلام)، فكان ذلك من قدرة الله تعالي وبركة ذلك القميص، ومعلوم أنّ الله تعالي يقدر أن يرد بصر يعقوب(عليه السلام)دون حاجة الي إلقاء ذلك القميص علي وجهه، ولكن لله تعالي حكمة في جعل بعض الأشياء المباركة سبباً لتحقّق الغاية، ولاشك أن ذلك مرده الي أن يجعل ذلك سنّة يقتدي بها الأنام فيعرفوا أن هنالك أشياء وأمكنة وأزمنة وأشخاصاً لها مقامات عند الله تعالي، فجعل فيها بركة تتيح لها شفاء المرضي أو استجابة الدعاء أو الشفاعة لغفران الذنوب، ونحو ذلك. قال الزمخشري: قيل، هو القميص المتوارث الذي كان في تعويذ يوسف، وكان من الجنّة، اُمر جبرئيل(عليه السلام) أن يرسل إليه فإنّ فيه ريح الجنة، لا يقع علي مبتلي ولا سقيم إلاّ عوفي [35] . ومن أمثلته أيضاً: تبرّك

بني إسرائيل بالتابوت الذي فيه آثار آل موسي وآل هارون، وهو الذي ذكره الله تعالي في قوله حكايةً عن نبي بني إسرائيل الذي بشّرهم بطالوت ملكاً: (إنّ آية ملكه يأتيكم التابوت فيه سكينةً من ربّكم وبقية مما ترك آل موسي وآل هرون تحمله الملائكة) [36] وكان هو التابوت الذي أنزله الله علي موسي فوضعته فيه اُمه وألقته في اليمّ، وكان في بني إسرائيل معظّماً يتبركون به، فلما حضرت موسي الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشع وصيّه، فلم يزل التابوت بينهم حتّي استخفوا به وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات، فلم يزل بنو إسرائيل في عزّ وترف مادام التابوت عندهم، فلمّا عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه الله عنهم، فلمّا سألوا نبيّهم، بعث الله طالوت عليهم ملكاً يقاتل معهم فردّ الله عليهم التابوت. قال الزمخشري: التابوت صندوق التوراة، وكان موسي إذا قاتل قدّمه فكانت تسكن نفوس بني إسرائيل ولا يفترون... وقوله: (وبقية ممّا ترك آل موسي وآل هرون) هي رضاض الألواح وعصا موسي وثيابه وشيء من التوراة [37] . فنجد بني إسرائيل بأمر من نبيّهم يحتفظون بما ترك موسي وهارون، وتسكن إليه نفوسهم لما أخبرهم به من البركة التي اختصّها الله به لكونها من آثار أنبيائهم، حتّي إذا استخفوا بهذه الآثار المباركة عاقبهم الله وحرمهم من بركتها، ممّا يدل علي قدسية هذه الآثار وحلول البركة فيها بإذن الله.

سيرة المسلمين في التبرك

سيرة الصحابة في التبرك بالنبي في حياته

اشاره

قال محمد طاهر المكي: فلا جرم أن كان التبرّك بها _ آثار الرسول _ سنّة الصحابة رضي الله عنهم، واقتفي آثارهم في ذلك من نهج نهجهم من التابعين وصلحاء المؤمنين، وقد وقع التبرّك ببعض آثاره(صلي الله عليه وآله) في عهده وأقرّه

ولم ينكر عليه، فدلّ ذلك دلالة قاطعة علي مشروعيته، ولو لم يكن مشروعاً لنهي عنه(صلي الله عليه وآله)وحذّر منه، وكما تدلّ الأخبار الصحيحة وإجماع الصحابة علي مشروعيته، تدل علي قوة إيمان الصحابة وشدّة محبّتهم وموالاتهم ومتابعتهم للرسول الأعظم(صلي الله عليه وآله)، علي حد قول الشاعر: أمرُّ علي الديار ديار سلمي++ اُقبّل ذا الجدار وذا الجدارا وما حبّ الديار شغفن قلبي++ ولكن حب من سكن الديارا [38] . فكان الصحابة يتبرّكون بالنبي(صلي الله عليه وآله)، بمس جسده الشريف وتقبيل يده، وشرب فضل إنائه، وبماء وضوئه، ونخامته، وشعره وغير ذلك في حياته، ويأتون بأولادهم حال ولادتهم لكيما يحنّكهم النبي(صلي الله عليه وآله) ويتبرّك عليهم ويدعو لهم، ومن ذلك ما أخرج مسلم في صحيحه من أن رسول الله(صلي الله عليه وآله)كان يؤتي إليه بالصبيان فيبرّك عليهم ويحنّكهم [39] . وقال ابن حجر: كل مولود في حياة النبي(صلي الله عليه وآله) يحكم بأنّه رآه، وذلك لتوفر دواعي إحضار الأنصار أولادهم عند النبي(صلي الله عليه وآله)للتحنيك والتبرّك، حتّي قيل: لما افتتحت مكة جعل أهل مكة يأتون الي النبي بصبيانهم ليمسح علي رؤوسهم ويدعو لهم بالبركة [40] . وقد وردت بذلك أخبار كثيرة نقتطف منها بعضها: 1 _ عن اُمّ قيس أنّها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام الي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فأجلسه في حجره فبال علي ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله [41] . قال ابن حجر: وفي هذا الحديث من الفوائد، الندب الي حسن المعاشرة، والتواضع، والرفق بالصغار، وتحنيك المولود والتبرّك بأهل الفضل، وحمل الأطفال حال الولادة وبعدها [42] . 2 _ عن عائشة: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يُؤتي بالصبيان فيحنّكهم ويبرّك عليهم [43]

. 3 _ عن عبدالرحمن بن عوف قال: ما كان يولد لأحد مولود إلاّ اُتي به النبي فدعا له [44] . 4 _ عن محمّد بن عبدالرحمن مولي أبي طلحة، عن ظئر محمد بن طلحة قال: لما ولد محمّد بن طلحة أتيت به النبي(صلي الله عليه وآله)ليحنّكه ويدعو له، وكذلك كان يفعل بالصبيان [45] . لقد كانت سيرة الصحابة الكرام هي التبرّك بالنبي(صلي الله عليه وآله)وآثاره علي الدوام في حياته وبعد مماته، والأخبار في ذلك تضيق عن الحصر، إلاّ أ نّنا سنذكر بعض الأمثلة القليلة عن تبرّك الصحابة به وبآثاره(صلي الله عليه وآله)، للدلالة علي مشروعية التبرّك.

تبركهم بجسده الشريف

روي أ نّه(صلي الله عليه وآله) جاء الي السوق فوجد زهيراً قائماً يبيع متاعاً، فجاء من قبل ظهره وضمه بيده الي صدره، فأحس زهير بأنه رسول الله(صلي الله عليه وآله)، قال: فجعلت أمسح ظهري في صدره رجاء حصول البركة [46] .

تبركهم بشعره

1 _ عن أنس قال: رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) والحلاّق يحلقه وقد أطاف به أصحابه ما يريدون أن تقع شعرة إلاّ في يد رجل [47] . 2 _ عن عبدالله بن زيد قال:... فحلق رسول الله(صلي الله عليه وآله) رأسه في ثوبه وأعطاه فقسم منه علي رجال، وقلّم أظفاره فأعطاه صاحبه، قال: فإنه لعندنا مخضوب بالحناء والكتم، يعني: شعره [48] . 3 _ لما نحر رسول الله(صلي الله عليه وآله) الهَدْي دعا الحلاّق وحضر المسلمون يطلبون من شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله)فأعطي الحلاّق شق رأسه الأيمن ثم أعطاه أبا طلحة الأنصاري، وكلّمه خالد بن الوليد في ناصيته حين حلق فدفعها إليه فكان يجعلها في مقدمة قلنسوته، فلا يلقي جمعاً إلاّ فضّه [49] . 4 _ عن أبي بكر أنّه كان يقول: ما كان فتح أعظم في الإسلام من فتح الحديبية، ولكن الناس يؤمئذ قصر رأيهم عمّا كان بين محمد وربّه... لقد نظرت الي سهيل بن عمرو في حجة الوداع قائماً عند المنحر يقرب الي رسول الله(صلي الله عليه وآله) بدنة ورسول الله(صلي الله عليه وآله)ينحرها بيده، ودعا الحلاّق فحلق رأسه، وأنظر الي سهيل يلتقط من شعره وأراه يضعه علي عينيه، وأذكر إباءه، أن يقرّ يوم الحديبية بأن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم [50] .

تبركهم بعرقه

عن أنس بن مالك، قال: إنّ اُمّ سليم كانت تبسط للنبي(صلي الله عليه وآله)نطعاً فيقيل عندها علي ذلك النطع. قال: فإذا نام النبي(صلي الله عليه وآله) أخذت من عرقه وشعره فجمعته في قارورة ثم جمعته في سكّ [51] . قال ابن حجر في شرحه للحديث: وفي ذكر الشعر غرابة في هذه القصة، وقد حمله بعضهم علي ما

ينتشر من شعره(صلي الله عليه وآله)عند الترجل، ثم رأيت في رواية محمد بن سعد ما يزيل اللبس، فإنّه أخرج بسند صحيح عن ثابت عن أنس أن النبي(صلي الله عليه وآله) لما حلق شعره بمني أخذ أبو طلحة شعرة فأتي بها اُمّ سليم فجعلته في سكّها. قالت اُمّ سليم: وكان يجيء فيقيل عندي علي نطعي فجعلت أسلت العرق [52] .

تبركهم بماء وضوئه

1 _ عن أبي جحيفة، قال: أتيت النبي(صلي الله عليه وآله) وهو في قبة حمراء من أدم ورأيت بلالاً أخذ وضوء النبي(صلي الله عليه وآله) والناس يتبادرون الوضوء فمن أصاب شيئاً تمسح به ومن لم يصب منه شيئاً أخذ من بلل يد صاحبه. وفي لفظ: خرج علينا رسول الله(صلي الله عليه وآله) بالهاجرة فاُتي بوضوء، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه ويتمسّحون به [53] . 2 _ عن ابن شهاب، قال: أخبرني محمود بن الربيع، قال: وهو الذي مجّ رسول الله(صلي الله عليه وآله)في وجهه وهو غلام من بئرهم. وقال عروة عن المسور وغيره _ يصدّق كل واحد منهما صاحبه _: وإذا توضأ النبي(صلي الله عليه وآله) كادوا يقتتلون علي وضوئه [54] . قال ابن حجر في شرحه: وفعله النبي(صلي الله عليه وآله) مع محمود إما مداعبة أو ليبارك عليه بها كما كان ذلك من شأنه مع أولاد الصحابة [55] . كما أخرج المحدّثون والحفّاظ قصة مجيء عروة بن مسعود الثقفي الي قريش قبل صلح الحديبية، حيث أدهشه عمل الصحابة مع النبي(صلي الله عليه وآله)، فقال _ وهو يحكي ما شاهده من ذلك _: لا يتوضأ وضوءاً إلاّ ابتدروه، ولا يبصق بصاقاً إلاّ ابتدروه، ولا يسقط من شعره شيء إلاّ أخذوه _ وفي رواية _

فوالله ما تنخم رسول الله(صلي الله عليه وآله)نخامة إلاّ وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون علي وضوئه [56] . 3 _ عن سعد قال: سمعت عدّة من أصحاب النبي(صلي الله عليه وآله) فيهم أبو اُسيد وأبوحميد وأبو سهل ابن سعد يقولون: أتي رسول الله(صلي الله عليه وآله) بئر بضاعة فتوضأ في الدلو وردّه في البئر ومج في الدلو مرة اُخري وبصق فيها وشرب من مائها، وكان إذا مرض المريض في عهده يقول: «اغسلوه من ماء بئر بضاعة» فيغسل، فكأنّما حل من عقال! [57] . 4 _ عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما يقول: جاء رسول الله(صلي الله عليه وآله)يعودني وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ وصبّ عليّ من فضل وضوئه فعقلت [58] . 5 _ وعنه أيضاً قال: إنّ النبي(صلي الله عليه وآله) توضأ في طست فأخذته فصببته في بئر لنا [59] . 6 _ وعن أبي موسي قال: دعا النبي(صلي الله عليه وآله) بقدح فيه ماء، فغسل يديه ووجهه فيه ومجّ فيه ثم قال لهما: «اشربا منه وأفرغا علي وجوهكما ونحوركما» [60] . قال ابن حجر: والغرض بذلك _ يعني المج _ إيجاد البركة فيه [61] . 7 _ عن اُم هانئ: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) دخل عليها يوم الفتح فأتته بشراب فشرب منه، ثم فضلت منه فضلة فناولها فشربته ثم قالت: يا رسول الله! لقد فعلت شيئاً ما أدري يوافقك أم لا، فقال: «وما ذاك يا اُمّ هانئ؟» قالت: كنت صائمة فكرهت أن أرد فضلك فشربته. وفي رواية: لقد شربت وأنا صائمة. قال: «فما حملك علي ذلك؟!» قالت: من أجل

سؤرك لم أكن لأدعه لشيء، لم أكن أقدر عليه، فلما قدرت عليه شربته [62] . هذه أخبار أخرجها الأئمة والحفاظ للتدليل علي سيرة الصحابة الكرام في التبرّك بالنبي(صلي الله عليه وآله)في حياته، وقد استمرت هذه السيرة عندهم بعد وفاته(صلي الله عليه وآله) حيث كان الصحابة يتبرّكون بآثاره فيشربون في الآبار التي شرب منها أو مج فيها، ويتبرّكون ببقايا شعره ومنبره وخاتمه وعصاه وقدحه وبقبره الشريف وملابسه ونعاله وكل ما خلّفه النبي(صلي الله عليه وآله) من بعده، وقد تابعهم التابعون علي ذلك واستمرت سيرة المسلمين في التبرّك بآثار النبي(صلي الله عليه وآله) الي يومنا هذا، والأخبار في ذلك كثيرة جداً، نكتفي بذكر بعضها:

تبرك الصحابة والتابعين بآثار النبي بعد وفاته

اشاره

أفرد البخاري باباً في: (ما ذكر من درع النبي(صلي الله عليه وآله) وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك ممّا لم يذكر قسمته، ومن شعره ونعله وآنيته ممّا تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته) [63] . 1 _ عن عبدالله بن موهب: قال: أرسلني أهلي الي اُمّ سلمة بقدح من ماء _ وقبض إسرائيل ثلاث أصابع _ من قُصّة فيه شعر من شعر النبي(صلي الله عليه وآله)، وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء، بعث إليها مِخضَبه، فاطّلعتُ في الحجل فرأيت شعرات حُمراً [64] . 2 _ لما حضر معاوية الموت أوصي بأن يدفن في قميص رسول الله وإزاره وردائه وشيء من شعره [65] . 3 _ حينما حضرت عمر بن العزيز الوفاة، دعا بشعر من شعر النبي(صلي الله عليه وآله) وأظفار من اظفاره وقال: إذا مت فخذوا الشعر والأظفار ثم اجعلوه في كفني [66] . 4 _ جعل في حنوط أنس بن مالك صرة مسك وشعر من شعر رسول

الله(صلي الله عليه وآله) [67] . 5 _ أعطي بعض ولد فضل بن الربيع أبا عبدالله (يعني أحمد بن حنبل) وهو في الحبس ثلاث شعرات فقال: هذا من شعر النبي(صلي الله عليه وآله)، فأوصي أبو عبدالله عند موته أن يجعل علي كل عين شعرة، وشعرة علي لسانه [68] . 6 _ عن ابن سيرين قال: قلت لعبيدة: عندنا من شعر النبي(صلي الله عليه وآله)، أصبناه من قبل أنس أو من قبل أهل أنس. قال: لأن تكون عندي شعرة منه أحبّ إليَّ من الدنيا وما فيها [69] . 7 _ ذكر الواقدي أن عائشة اُمّ المؤمنين سئلت: من أين هذا الشعر الذي عندكن؟ قالت: إن رسول الله(صلي الله عليه وآله) لما حلق رأسه في حجته فرّق شعره في الناس فأصابنا ما أصاب الناس [70] .

التبرك بالشرب من قدحه

1 _ عن سهل بن سعد في حديث، قال: فأقبل النبي(صلي الله عليه وآله)يومئذ حتي جلس في سقيفة بني ساعدة، هو وأصحابه ثم قال: «اسقنا يا سهل»، فأخرجت لهم هذا القدح فأسقيتهم فيه (قال الراوي): فأخرج لنا سهل ذلك القدح فشربنا منه، قال: ثم استوهبه عمر بن العزيز بعد ذلك فوهب له [71] . 2 _ عن أنس: إن قدح النبي(صلي الله عليه وآله) انكسر، فاتّخذ مكان الشعب سلسلة من فضة. قال عاصم: رأيت القدح وشربت فيه [72] . 3 _ قال أبو بردة: قال لي عبدالله بن سلام: ألا أسقيك في قدح شرب النبي(صلي الله عليه وآله)فيه [73] . 4 _ عن صفية بنت بحرة، قالت: استوهب عمي فراس من النبي(صلي الله عليه وآله) قصعة رآه يأكل فيها فأعطاه إياها. قالوكان عمر إذا جاءنا، قال: أخرجوا لي قصعة رسول

الله(صلي الله عليه وآله)، فنخرجها إليه فيملأها من ماء زمزم فيشرب منها وينضحه علي وجهه [74] .

تبركهم بمواضع يده وفمه

1 _ في قصة نزول النبي(صلي الله عليه وآله) في بيت أبي أيوب الأنصاري عندما قدم مهاجراً الي المدينة، قال أبو أيوب: وكنا نضع له العشاء ثم نبعث، فإذا ردّ علينا فضله تيممت أنا واُمّ أيوب موضع يده فأكلنا منه نبتغي بذلك البركة، حتّي بعثنا إليه ليلة بعشائه وقد جعلنا له بصلاً وثوماً، فردّه رسول الله(صلي الله عليه وآله)ولم أرَ ليده فيه أثراً، فجئته فزعاً، فقلت: يا رسول الله! بأبي أنت واُمّي ردّدت عشاءك ولم أرَ فيه موضع يدك؟ فقال: «إنّي وجدت فيه ريح هذه الشجرة، وأنا رجل اُناجي فأمّا أنتم فكلوه...» [75] . 2 _ عن أنس: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) دخل علي اُمّ سليم بيتها وفي البيت قربة معلقة فيها ماء، فتناولها فشرب من فيها وهو قائم، فأخذتها اُمّ سليم فقطعت فمها فأمسكته عندها [76] . 3 _ عن اُمّ عامر _ واسمها فكيهة أو أسماء _ بنت يزيد بن السكن قالت: رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله)صلّي في مسجدنا المغرب فجئت منزلي فجئته بلحم وأرغفة، فقلت: تعشَّ. فقال لأصحابه: «كلوا». فأكل هو وأصحابه الذين جاءوا... قالت: وشرب عندي في شجب فأخذته فدهنته وطويته، وكنّا نسقي فيه المرضي ونشرب منه في الحين رجاء البركة [77] . 4 _ عن عبدالرحمن بن أبي عمرة عن جدته كلثم قالت: دخل علينا رسول الله(صلي الله عليه وآله)وعندنا قربة معلقة فشرب منها، فقطعت فم القربة ورفعتها، نبتغي البركة موضع فِيّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) [78] .

تبركهم بعصاه و ملابسه و خاتمه

1 _ عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك: أ نّه كانت عنده عصيّة لرسول الله(صلي الله عليه وآله)فمات فدفنت معه بين جنبه وقميصه [79] . 2

_ عن ابن عمر أن رسول الله(صلي الله عليه وآله) اتّخذ خاتماً من ذهب أو فضة وجعل فصّه مما يلي كفّه ونقش فيه: «محمد رسول الله» فاتخذ الناس مثله، فلمّا رآهم قد اتخذوها رمي به، وقال: «لا ألبسه أبداً» ثم اتّخذ خاتماً من فضة فاتّخذ الناس خواتيم الفضة. قال ابن عمر: فلبس الخاتم بعد النبي(صلي الله عليه وآله)أبو بكر ثم عمر ثم عثمان حتي وقع من عثمان في بئر اُريس [80] . 3 _ عن سهل بن سعد، قال: جاءت امرأة ببردة...، قالت: يا رسول الله إني نسجت هذه بيدي أكسوكها، فأخذها رسول الله(صلي الله عليه وآله)محتاجاً إليها، فخرج إلينا وإنها لإزاره، فجسّها رجل من القوم، فقال: يا رسول الله اكسينيها؟ قال: «نعم»، فجلس ما شاء الله في المجلس، ثم رجع فطواها ثم أرسل بها إليه، فقال له القوم: ما أحسنت، سألتها إياه وقد عرفت أنه لا يرد سائلاً، فقال الرجل: والله ما سألتها إلاّ لتكون كفني يوم أموت، قال سهل فكانت كفنه [81] . قال ابن حجر: وفي رواية أبي غسان، فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي(صلي الله عليه وآله)... وقال في شرحه: ما يستفاد من الحديث وفيه التبرّك بآثار الصالحين. وقال: أفاد المحب الطبري في الأحكام له: إنه عبدالرحمن بن عوف، وعزاه للطبراني. ولم أره في المعجم الكبير، لا في مسند سهل ولا عبدالرحمن، ونقله شيخنا ابن الملقن عن المحب في شرح العمدة، وكذا قال لنا شيخنا الحافظ أبو الحسن الهيثمي أ نّه وقف عليه لكن لم يستحضر مكانه، ووقع لشيخنا ابن الملقن في شرح التنبيه أنه سهل بن سعد وهو غلط، ثم نقل عن الطبراني أنّه سعد بن أبي وقاص، وعنه أيضاً

في رواية أ نّه أعرابي [82] . 4 _ أراد معاوية بن أبي سفيان أن يشتري من كعب بن زهير بردة رسول الله(صلي الله عليه وآله)، التي ألقاها عليه بعد إسلامه بعشرة آلاف درهم، فأبي كعب وقال: ما كنت لأوثّر بثوب رسول الله أحداً. فلما مات بعث معاوية الي ورثته بعشرين ألف درهم، فأخذها منهم. هي البردة التي كانت عند السلاطين، وهي التي يلبسها الخلفاء في الأعياد [83] . 5 _ عن اُمّ عطية الأنصارية رضي الله عنها، قالت: دخل علينا رسول الله(صلي الله عليه وآله)حين توفيت ابنته، فقال: «اغسلنّها ثلاثة أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتنَ ذلك بماء وسدر، واجعلنَ في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور فإذا فرغتنَ فآذنني»، فلما فرغنا آذنّاه فأعطانا حقوة، فقال: «اشعرنّها إياها» تعني إزاره [84] . 6 _ عن محمد بن جابر، قال: سمعت أبي يذكر عن جدي أنه أوّل وفد وفد علي رسول الله(صلي الله عليه وآله)من بني حنيفة، فوجدته يغسل رأسه، فقال: «اُقعد يا أخا أهل اليمامة فاغسل رأسك» فغسلت رأسي بفضلة غسل رسول الله(صلي الله عليه وآله)... فقلت: يا رسول الله أعطني قطعة من قميصك استأنس بها، فأعطاني. قال محمد بن جابر: فحدثني أبي أنها كانت عندنا نغسلها للمريض يستشفي بها [85] . 7 _ عن عيسي بن طهمان، قال: أمر أنس وأنا عنده فأخرج نعلاً لهما قبالان، فسمعت ثابت البناني يقول: هذه نعل النبي(صلي الله عليه وآله) [86] .

التبرك بمنبره

لقد أوضح النبي(صلي الله عليه وآله) لاُمّته أن لمنبره قدسية خاصة لا ينبغي التجاوز عليها، لذا فقد سنّ(صلي الله عليه وآله)تحريم اليمين علي منبره كذباً، فقال: «من حلف علي منبري كاذباً ولو

علي سواك أراك فليتبوّأ مقعده من النار» [87] . وعن جابر (رضي الله عنه): قال رسول الله(صلي الله عليه وآله): «أيما امرئ من المسلمين حلف عند منبري علي يمين كاذبة يستحق بها حق مسلم، أدخله الله النار وإن كان علي سواك أخضر» [88] . وقد أدرك الصحابة ذلك، فنجد زيد بن ثابت يأبي أن يحلف علي المنبر عندما قضي عليه مروان بذلك، وقال: احلف له مكاني، فجعل زيد يحلف وأبي أن يحلف علي المنبر، فجعل مروان يعجب منه [89] . لذا نجد الصحابة الكرام يعرفون لهذا المنبر قدسيته وبركته، فنجدهم يقصدونه ويمسحون أيديهم برمانته وبمقعد رسول الله(صلي الله عليه وآله)منه، ويضعونها علي وجوههم تبرّكاً بها. فعن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عبدالقاري: أنه نظر الي ابن عمر وضع يده علي مقعد النبي(صلي الله عليه وآله)من المنبر ثم وضعها علي وجهه [90] . وعن يزيد بن عبدالله بن قسيط قال: رأيت ناساً من أصحاب النبي(صلي الله عليه وآله) إذا خلا المسجد أخذوا برمانة المنبر الصلعاء التي تلي القبر بميامنهم ثم استقبلوا القبلة يدعون [91] .

تبركهم بقبره الشريف

لقد كان دأب المسلمين منذ وفاة النبي(صلي الله عليه وآله) علي مرّ العصور والي يومنا هذا، هو التبرّك بقبر النبي(صلي الله عليه وآله) والاستسقاء به والاستشفاء بتربته، علي ذلك تصافق المسلمون بكافة طوائفهم جيلاً بعد جيل، ولم يشذ عن ذلك إلاّ دعاة السلفية، وفي طليعتهم ابن تيمية الحراني الذي ادّعي بأن السلف الصالح لم يعرفوا ذلك ولم يقرّوه! إلاّ أن عمل المسلمين _ وفيهم كبار الصحابة والتابعين وعدد لا يستهان به من علمائهم الأفذاذ ومحدّثيهم _ ينفي تلك الادعاءات ويبطلها، فمن الشواهد علي دأب المسلمين _ وفي مقدمتهم الصحابة الكرام _

علي التبرّك بقبر النبي(صلي الله عليه وآله): 1 _ عن داود بن صالح، قال: أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه علي القبر فقال: أتدري ما تصنع! فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب! فقال: نعم، جئت رسول الله(صلي الله عليه وآله) ولم آتِ الحجر، سمعت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقول: «لا تبكوا علي الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله» [92] . 2 _ عن علي(عليه السلام) قال: قدم علينا أعرابي بعدما دفنّا رسول الله(صلي الله عليه وآله)بثلاثة أيام، فرمي بنفسه علي قبر النبي(صلي الله عليه وآله) وحثا من ترابه علي رأسه وقال: يا رسول الله، قلت فسمعنا قولك، ووعيت عن الله سبحانه فوعينا عنك، وكان فيما أنزل عليك: (ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك...الآية). وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي. فنودي من القبر «قد غفر الله لك» [93] . 3 _ أخرج الحافظ ابن عساكر في التحفة من طريق طاهر بن يحيي الحسيني قال: حدثني أبي عن جدي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي(رضي الله عنه) عنه قال: لما رُمس رسول الله(صلي الله عليه وآله)جاءت فاطمة(عليها السلام)فوقفت علي قبره(صلي الله عليه وآله) وأخذت قبضة من تراب القبر ووضعتها علي عينيها، وبكت وأنشأت تقول: ماذا علي من شمَّ تربة أحمد++ أن لا يشم مدي الزمان غواليا صُبّت عليَّ مصائب لو أنها++ صُبّت علي الأيام عُدن لياليا [94] . 4 _ ذكر الخطيب ابن جماعة أن عبدالله بن عمر كان يضع يده اليمني علي القبر الشريف، وأن بلالاً(رضي الله عنه) وضع خديه عليه أيضاً. ورأيت في كتاب السؤالات لعبدالله ابن الإمام أحمد _ وذكر ما تقدّم عن ابن جماعة

_ ثم قال: ولا شك أن الاستغراق في المحبة يحمل علي الإذن في ذلك، والمقصود من ذلك كله الاحترام والتعظيم، والناس تختلف مراتبهم في ذلك كما كانت تختلف في حياته، فاُناس حين يرونه لا يملكون أنفسهم بل يبادرون إليه، واُناس فيهم أناة يتأخرون، والكل محل خير [95] . 4 _ عن أبي الدرداء قال: إن بلالاً مؤذن النبي(صلي الله عليه وآله) رأي في منامه رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو يقول: «ما هذه الجفوة يا بلال! أما آن لك أن تزورني يا بلال؟!» فانتبه حزيناً خائفاً، فركب راحلته وقصد المدينة، فأتي قبر النبي(صلي الله عليه وآله) فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه، فأقبل الحسن والحسين(عليهما السلام)فجعل يضمّهما ويقبّلهما [96] . 5 _ قال السمهودي: كانوا يأخذون من تراب القبر، فأمرت عائشة فضرب عليهم، وكانت في الجدار كوة فكانوا يأخذون منها، فأمرت بالكوة فسدّت [97] . 6 _ ذكر السمهودي أن الناس كانوا يتبركون بالصلاة الي القبر [98] ، قال: عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال كان الناس يصلّون الي القبر، فأمر به عمر بن عبدالعزيز فرفع حتي لا يصل إليه أحد [99] . 7 _ كان ابن المنكدر _ وهو أحد أعلام التابعين _ يجلس مع أصحابه، قال: وكان يصيبه الصمات، فكان يقوم كما هو ويضع خده علي قبر النبي(صلي الله عليه وآله) ثم يرجع، فعُوتب في ذلك فقال: إنّه ليصيبني خطرة، فإذا وجدت ذلك استشفيت بقبر النبي(صلي الله عليه وآله)، وكان يأتي موضعاً من المسجد في الصحن فيتمرّغ فيه ويضطجع، فقيل له في ذلك، فقال: إنّي رأيت النبي(صلي الله عليه وآله) في هذا الموضع. يعني في النوم [100] . قال ابن قدامة

الحنبلي في المغني: ويستحب الدفن في المقبرة التي يكثر فيها الصالحون والشهداء لتناله بركتهم، وكذلك في البقاع الشريفة. هذه هي السنّة التي دأب عليها الصحابة والتابعون في التبرّك بقبر النبي(صلي الله عليه وآله)والاستشفاء بتربته، ولم يخالفهم فيها إلاّ ولاة بني اُمية الظلمة من أمثال مروان بن الحكم طريد رسول الله(صلي الله عليه وآله)الذي لعنه الله وهو في صلب أبيه، كما أخبرت بذلك عائشة وعبدالله بن الزبير [101] .

شبهة للعلياني

قال علي بن نفيع العلياني: وعلي هذا فإن أهل الجاهلية كحال أي إنسان، يرغبون في النماء والزيادة في أموالهم وأبدانهم وقبائلهم وأولادهم، وكل ما يحتاجونه في هذه الحياة الدنيا، وهذا النماء والزيادة الذي هو جوهر البَرَكة إنّما يطلبونه من أصنامهم لاعتقادهم أن هذه الأصنام يأتي من قبلها الخير الكثير وأنّها مباركة، وحتي الذين ينسبون الفعل الي الله عزّ وجل، فهم يعتقدون أن هذه الأصنام وما يسكنها من روحانيات لها تأثير في التأثير علي الله... لكي يحقق لهم ما يريدون، وهذا معني قولهم (ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا الي الله زلفي) ولأجل ذلك كان التبرّك مظهراً من مظاهر الوثنية في الجاهلية الاُولي! [102] . إنّ هذا الكلام البعيد عن المنطق يريد أن يساوي بين نيّة وعمل المسلمين وما يقابلها عند المشركين، فهو يحتجّ بقوله تعالي في الآية التي أوردها، متناسياً أن سياق الآية يقول علي لسان المشركين (ما نعبدهم)، ولم يقل ما نتبرّك بهم، فأهل الجاهلية من المشركين كانوا يطلبون الأشياء التي ذكرها العلياني لاعتقادهم بأنّ هذه الآلهة تضرّ وتنفع بمعزل عن قدرة الله تعالي، فالجاهلي لم يكن يعتقد بالبعث والنشور والثواب والعقاب، لذا كان يتعبّد هذه الأصنام لاعتقاده بأنّها تستطيع أن تلحق به الضرّر المادّي في الدنيا

كإهلاك ماشيته وزرعه أو إصابته بمرض عضال وغير ذلك، وفي نفس الوقت كان يعتقد قدرتها علي منحه ما يحتاج إليه من خيرات، لذا كان يعبدها ويقدّم لها القرابين، وأين عمل المشركين هذا من عمل المسلمين الموحدين الذين يعتقدون أن الخير كلّه من عند الله سبحانه وتعالي. وأن بركاته تنزل بإذنه هو، مع إخباره في كتابه العزيز عن وجود مخلوقات له جعل فيها خصوصية وجعلها مباركة، ولأنه سبحانه يحب هذه المخلوقات المباركة، فقد أكرمها بأن جعلها سبباً لاستجابة دعاء المخلوقين بتوسلهم بها لكرامتها عند الله؟! ولعل خير ما يمثل عقيدة المسلمين في التبرّك هو قول الخليفة العباسي المأمون للقاضي يحيي ابن أكثم: وإنّ الرجل ليأتيني بالقطعة من العوذ أو بالخشبة أو بالشيء الذي لعل قيمته لا تكون إلاّ درهماً أو نحوه، فيقول: إن هذا كان للنبي(صلي الله عليه وآله)، أو قد وضع يده عليه، أو بأسافله، أو مسّه، وماهو عندي بثقة ولا دليل علي صدق الرجل، إلاّ أني بفرط النيّة والمحبّة أقبل ذلك فأشتريه بألف دينار وأقل وأكثر، ثم أضعه علي وجهي وعيني وأتبرّك بالنظر إليه وبمسّه، فأستشفي به عند المرض يصيبني أو يصيب من أهتم به، فأصونه كصيانتي لنفسي، وإنّما هو عود لم يفعل هو شيئاً ولا فضيلة له تستوجب به المحبّة إلاّ ما ذكر من مسّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) له [103] . فالمأمون يعلم أن هذا العود لا ينفع ولا يضرّ بذاته، ولكنه يقدّسه إكراماً للنبي(صلي الله عليه وآله)، وكذلك هي عقيدة المسلمين، فأين من ذلك عقيدة المشركين!

تبرك الصحابة بأماكن صلي فيها النبي

وهذا أيضاً من الاُمور التي خالفت فيها السلفية، ثمّ الوهابية جمهورَ المسلمين فيه، فسيرة المسلمين علي وجه العموم وعلي مرّ الأعصار هو التبرّك

بكل مكان حلَّ فيه رسول الله(صلي الله عليه وآله)واعتباره مكاناً مباركاً، وبخاصة الأماكن التي كان يكثر المكث فيها، كمجلسه من منبره، وغار حراء، ومسكنه وغير ذلك، باعتبارها أماكن قد اكتسبت بركتها من جسم النبي الأقدس(صلي الله عليه وآله)، فكما كان الصحابة يتبرّكون بملامسة جسده الشريف، فإن المسلمين _ ومنهم الصحابة الكرام _ كانوا يتبركون بالأماكن التي لامسها جسده الشريف أيضاً. ولا يخالف المسلمين في ذلك غير الفرقة الوهابية فيمنعون من التبرّك بتلك الأماكن المباركة، أو بالأماكن التي صلّي فيها رسول الله(صلي الله عليه وآله)ويحتجّون بأدلة واهية، كقول ناصر بن عبدالرحمن ابن محمد الجديع محتجّاً بدليلين، أحدهما: أ نّه لا يوجد دليل من النصوص الشرعية يفيد جواز ذلك الفعل أو استحبابه. وثانيهما: أنّ الصحابة لم ينقل عن أحد منهم أنّه تبرّك بشيء من المواضع التي جلس فيها رسول الله(صلي الله عليه وآله)، أو البقع التي صلّي عليها عليه الصلاة والسلام اتفاقاً، مع أنّهم أحرص الاُمّة علي التبرّك بالرسول(صلي الله عليه وآله)، ومع علمهم بتلك المواضع وشدّة محبّتهم للرسول(صلي الله عليه وآله)وتعظيمهم له، واتّباعهم لسنّته [104] . هذان الدليلان اللّذان يسوقهما الجديع معتقداً بأنّه قد فتح فتحاً في هذا الشأن، هما في الحقيقة أوهي من خيط العنكبوت، إذ إن عدم وجود دليل من النصوص الشرعية بجواز ذلك أو استحبابه، يقابله من الجهة الاُخري عدم وجود دليل من النصوص الشرعية بعدم جواز ذلك أو كراهته، والقاعدة أ نّه إذا لم يوجد دليل علي التحريم، دل ذلك علي الإباحة. أما ادعاؤه بأنّه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنّه تبرّك بشيء من ذلك، فهو أسقط من حجّته الاُولي، فقد أخرج المحدّثون ما ينقض هذا الإدّعاء، وقد مرّ مثله الشيء

الكثير، وأيضاً: فعن موسي بن عقبة قال: رأيت سالم بن عبدالله يتحرّي أماكن من الطريق فيصلّي فيها. ويحدّث أنّ أباه كان يصلي فيها، وأنّه رأي النبي(صلي الله عليه وآله) يصلّي في تلك الأمكنة. وحدّثني نافع عن ابن عمر أنّه كان يصلي في تلك الأمكنة، وسألت سالماً فلا أعلمه إلاّ وافق نافعاً في الأمكنة كلّها إلاّ أ نّهما اختلفا في مسجد بشرف الروحاء [105] قال ابن حجر في شرحه للحديث: عُرف من صنيع ابن عمر استحباب تتبع آثار النبي(صلي الله عليه وآله) والتبرّك بها [106] . وقال ابن عبدالبرّ: كان[ابن عمر]; كثير الاتّباع لآثار رسول الله(صلي الله عليه وآله)... وكان يتقدّم في المواقف بعرفة وغيرها الي المواضع التي كان النبي(صلي الله عليه وآله) وقف بها [107] . وقال ابن الأثير: إنّ عبدالله بن عمر كان كثير الاتّباع لآثار رسول الله(صلي الله عليه وآله) حتّي أنّه ينزل منازله ويصلي في كل مكان صلّي فيه، وحتّي أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) نزل تحت شجرة، فكان ابن عمر يتعاهدها بالماء لئلا تيبس [108] . وعن نافع: أنّ عبدالله بن عمر كان ينيخ بالبطحاء التي بذي الحليفة التي كان رسول الله(صلي الله عليه وآله)ينيخ بها ويصلّي بها [109] . وقال الواقدي: وعن أفلح بن حميد، عن أبيه قال: كان ابن عمر يخبر أن النبي(صلي الله عليه وآله)جلس تحت السمرة، وأن ابن عمر كان يصب الأدواة تحتها في أصل السمرة يريد بقاءها [110] . فلو كان عمل ابن عمر غير جائز، لأنكر عليه الصحابة ذلك ونهوه عنه. وقال العلياني _ في التبرّك الممنوع بالأمكنة والجمادات _: ... ولا يعكر علي هذا ما رواه البخاري في صحيحه: أن عتبان ابن مالك _

وهو من أصحاب رسول الله(صلي الله عليه وآله) ممن شهد بدراً من الأنصار _ أنّه أتي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، قد أنكرت بصري، وأنا اُصلّي لقومي، فإذا كانت الأمطار، سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فاُصلي بهم، وددت يا رسول الله أنّك تأتيني فتصلّي في بيتي، فأتّخذه مصلي. قال: فقال له رسول الله(صلي الله عليه وآله): «سأفعل إن شاء الله». قال عتبان: فغدا رسول الله(صلي الله عليه وآله)وأبو بكر حين ارتفع النهار، فاستأذن رسول الله(صلي الله عليه وآله)فأذنت له، فلم يجلس حين دخل البيت، ثم قال: «أين تحب أن اُصلي من بيتك؟» قال: فأشرت له الي ناحية من البيت، فقام رسول الله(صلي الله عليه وآله) فكبّر، فقمنا فصففنا، فصلّي ركعتين ثم سلّم [111] . وذلك لأنّه ليس قصد عتبان أن يتبرّك بالموضع الذي صلّي فيه رسول الله(صلي الله عليه وآله). وإنّما قصده أن يقرّه الرسول(صلي الله عليه وآله) علي الصلاة جماعة في داره عند عدم استطاعته حضور الجماعة عندما يسيل الوادي، فأراد أن يفتتح له رسول الله(صلي الله عليه وآله)مسجداً في منزله، ولأجل هذا بوّب البخاري في صحيحه بعنوان: باب المساجد في البيوت. وصلّي البراء بن عازب في مسجده في داره جماعة _ وهذا من فقهه يرحمه الله _ فالمقصود هو أن يسنّ له الرسول(صلي الله عليه وآله)الصلاة جماعة في منزله عند الحاجة. كما أن الصحابي الآخر البراء بن عازب فعل الجماعة في مسجده في داره ولم ينكر عليه، وهو في زمن التشريع. وقد يكون من مقصود عتبان اصابة عين القبلة، فإن الرسول(صلي الله عليه وآله)لا يقرّ علي خطأ لو صلّي الي غير جهة القبلة [112]

. أقول: لا شكّ أن رغبة الصحابي عتبان في تأدية الصلاة جماعة في بيته هو أحد الأسباب لذلك، ولكن ليس كلّها، فإن رغبته في التبرّك بموضع صلاة الرسول(صلي الله عليه وآله) واضحة. وقد فهم النبي(صلي الله عليه وآله)رغبة عتبان هذه، لذا ابتدره بالسؤال عن المكان الذي يحبّ أن يصلّي له فيه من بيته، ولو أن الأمر كما يقول العلياني، لصلّي النبي(صلي الله عليه وآله) في أي مكان من البيت يصلح لذلك. ومن جهة ثانية، فإن ادّعاء العليان أن رغبة الصحابي عتبان في إصابة عين القبلة لا ينهض بحجّة، فإذا كان عتبان لا يبصر جيداً فقد كان في مقدور أهله أو غيره من الصحابة أن يدلّوه عليها، ولما احتاج الأمر لأن يصلي النبي(صلي الله عليه وآله) ركعتين في ذلك الموضع _ ممّا يدل علي أنها لم تكن فريضة _ وكان يكفيه أن يشير الي مكان القبلة ليستدل بها الصحابي عليها! ولا أظن أن العليان كان أقدر علي الفهم من العلاّمة ابن حجر العسقلاني الذي قال في شرحه للحديث: وإنّما استأذن النبي(صلي الله عليه وآله) لأنه دُعي للصلاة ليتبرّك صاحب البيت بمكان صلاته، فسأله ليصلّي في البقعة التي يجب تخصيصها بذلك [113] . وقال أيضاً: في حديث عتبان وسؤاله النبي(صلي الله عليه وآله) أن يصلي في بيته ليتّخذه مصلّي وأجابه النبي(صلي الله عليه وآله)الي ذلك، فهو حجة في التبرّك بآثار الصالحين [114] . وإذا كان طلب عتبان من النبي(صلي الله عليه وآله) الصلاة في بيته للأسباب التي ادّعاها، فبماذا نفسّر طلب اُمّ سليم وغيرها من الصحابة من النبي(صلي الله عليه وآله) الصلاة في بيوتهم، فيما أخرج المحدثون، وكما يأتي: 1 _ عن أنس بن مالك: أنّ اُمّ

سليم سألت رسول الله(صلي الله عليه وآله) أن يأتيها فيصلّي في بيتها فتتّخذه مصلّي، فأتاها، فعمدت الي حصير فنضحته بماء فصلّي عليه وصلّوا معه [115] . 2 _ وعنه أيضاً قال: صنع بعض عمومتي طعاماً فقال للنبي(صلي الله عليه وآله): إنّي أحب أن تأكل في بيتي وتصلّي. قال: فأتاه وفي البيت فحل من هذه الفحول، فأمر بناحية منه فكنس ورش، فصلّي وصلّينا معه [116] . 3 _ وعنه أيضاً، قال: كان رجل ضخم لا يستطيع أن يصلّي مع رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقال للنبي(صلي الله عليه وآله): إنّي لا أستطيع أن اُصلّي معك، فلو أتيت منزلي فاقتدي بك. فصنع الرجل طعاماً ثم دعا النبي(صلي الله عليه وآله)، فنضح طرف حصير لهم فصلّي النبي (صلي الله عليه وآله) ركعتين [117] . فهل كان مقصود اُم سليم أنّ تؤم المسلمين في بيتها مثل عتبان عندما طلبت من النبي(صلي الله عليه وآله)أن يصلّي في بيتها، أم أنّها طلبته للتبرّك بالصلاة في الموضع الذي يصلي فيه رسول الله(صلي الله عليه وآله)؟ وهل كان عمومة أنس والرجل الآخر _ الذي لم يذكر اسمه _ عمياناً أيضاً فجاء النبي(صلي الله عليه وآله)ليحدد لهم القبلة! وإذا لم يكن قصد الرجل التبرّك بموضع صلاة النبي(صلي الله عليه وآله)، أفلم يكن في استئذانه النبي بعدم الحضور الي المسجد _ لتعذر ذلك عليه _ كافياً دون الحاجة الي الطلب منه(صلي الله عليه وآله)أن يحضر ليصلي في بيته.

التبرك بالصحابة والصالحين

تبيّن ممّا سبق أن لا خلاف بين طوائف المسلمين في جواز التبرّك بالنبي(صلي الله عليه وآله) في حياته، وبآثاره بعد موته. وأن ما احتجّ به الشاذّون في ذلك مردود، يكذبه فعل الصحابة أنفسهم. إلاّ أنّ الخلاف

هل هو في جواز التبرّك بغير النبي(صلي الله عليه وآله) من الصحابة والتابعين والصالحين أم لا؟ لقد جوّز بعض علماء المسلمين ذلك، بينما منعه آخرون، ومن المانعين له: الشاطبي، حيث يقول: الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه الصلاة والسلام، لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة الي من خلفه، إذ لم يترك النبي(صلي الله عليه وآله) بعده في الاُمّة أفضل من أبي بكر الصديق، فهو كان خليفته، ولم يفعل به شيء من ذلك، ولا عمر، وهو كان أفضل الاُمّة بعده، ثم كذلك عثمان، ثم علي، ثم سائر الصحابة الذي لا أحد أفضل منهم في الاُمّة، ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أنّ متبرّكاً تبرّك به علي أحد تلك الوجوه أو نحوها، بل اقتصروا فيهم علي الاقتداء بالأفعال والأقوال والسير التي اتّبعوا فيها النبي(صلي الله عليه وآله)، فهو إذاً إجماع منهم علي ترك تلك الأشياء [118] . وقال أيضاً: لا يصح لمن بعده الاقتداء به في التبرّك علي أحد تلك الوجوه ونحوها، ومن اقتدي به كان اقتداؤه بدعة [119] . ومن المانعين أيضاً ابن رجب، إذ قال: وكذلك التبرّك بالآثار، فإنّما كان يفعله الصحابة مع النبي(صلي الله عليه وآله)، ولم يكونوا يفعلونه مع بعضهم.. ولا يفعله التابعون مع الصحابة مع علوّ قدرهم، فدلّ علي أن هذا لا يفعل إلاّ مع النبي(صلي الله عليه وآله)، مثل التبرّك بوضوئه وفضلاته وشعره، وشرب فضل شرابه وطعامه [120] . فأدلّة المانعين تقوم علي أساس أن الصحابة لم يتبرّكوا ببعضهم، ولا يتبرّك التابعون بهم، فدلّ تركهم ذلك علي عدم جوازه. إلاّ أنّ الادّعاء بعدم تبرّك الصحابة ببعضهم، وكذلك بآل الرسول(صلي الله عليه وآله) غير صحيح،

فهناك شواهد صحيحة علي حدوث ذلك، وقد استند بعض كبار علماء المسلمين الي ذلك في تجويز التبرّك ليس بالصحابة والتابعين فحسب، بل بكل أهل الخير والصلاح. ومن المجوزين القائلين بذلك، الإمام النووي الذي استند الي بعض الروايات الصحيحة في استسقاء عمر بن الخطاب بالعباس واستسقاء بعض الصحابة ببعض من صالحيهم، قال: ويستسقي بالخيار من أقرباء رسول الله(صلي الله عليه وآله)، لأن عمر استسقي بالعباس وقال: اللهم إنّا كنّا إذا قحطنا توسلنا إليك بنبيّنا فتسقينا، وإنّا نتوسل بعم نبيّنا فاسقنا فيسقون. ويستسقي بأهل الصلاح لما رُوي أن معاوية استسقي بيزيد ابن الأسود فقال: اللهم إنّا نستسقي بخيرنا وأفضلنا، اللّهم إنّا نستسقي بيزيد بن الأسود. يا يزيد ارفع يديك الي الله تعالي، فرفع يديه ورفع الناس أيديهم، فثارت سحابة من المغرب كأ نّها ترس، وهبّ لها ريح، فسقوا حتي كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم [121] . ولقد استدلّ ابن حجر العسقلاني بحادثة استسقاء عمر بالعباس علي جواز التبرّك والاستشفاع ببعض الأخيار فقال: ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوّة [122] . ومن أمثلة تبرّك الصحابة ببعضهم وتبرّك التابعين بهم: 1 _ روي عبدالله بن مسعود أن عمر بن الخطاب خرج يستسقي بالعباس فقال: اللّهم إنا نتقرب إليك بعم نبيّك وقفية آبائه وكبر رجاله، فإنّك قلت وقولك الحق: (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة... الآية)، فحفظتهما لصلاح أبيهما، فاحفظ الله نبيّك بعمه فقد دلونا به إليك مستشفعين ومستغفرين... الحديث [123] . وفي لفظ: وروينا من وجوه عن عمر أنّه خرج يستسقي وخرج معه العباس فقال: اللّهم إنّا نتقرب إليك بعم نبيّك(صلي الله عليه وآله)ونستشفع به فاحفظ فيه لنبيّك كما حفظت الغلامين

لصلاح أبيهما وأتيناك مستغفرين ومستشفعين. ثم أقبل علي الناس فقال: استغفروا ربّكم انّه كان غفارا _ الي أن قال _ فنشأت طريرة من سحاب فقال الناس: ترون ترون! ثم تلاءمت واستتمت ومشت فيها ريح ثم هزت ودرّت، فوالله ما برحوا حتي اعقلوا الجدر وقلصوا المآزر وطفق الناس بالعباس يتمسحون أركانه ويقولون: هنيئاً لك ساقي الحرمين. وفي لفظ ابن الأثير: ولما سقي الناس طفقوا يتمسحون بالعباس ويقولون: هنيئاً لك ساقي الحرمين، وكان الصحابة يعرفون للعباس فضله ويقدمونه ويشاورونه [124] . 2 _ الحسن البصري، حنّكه عمر بيده، وكانت اُمّه تخدم اُمّ سلمة زوج النبي(صلي الله عليه وآله) فربّما غابت فتعطيه اُمّ سلمة ثديها تعلله بها الي أن تجيء اُمّه، فيدر عليه ثديها فيشربه، فكانوا يقولون فصاحته ببركة ذلك [125] . 3 _ قال السمهودي _ عند ذكره لاسطوانة المحرس: كان علي بن أبي طالب يجلس في صفحتها التي تلقي القبر ممّا يلي باب رسول الله(صلي الله عليه وآله)وهو مقابل الخوخة التي كان النبي(صلي الله عليه وآله)يخرج منها إذا كان في بيت عائشة الي الروضة للصلاة، وهي الاسطوان الذي يصلّي عندها أمير المدينة، يجعلها خلف ظهره، ولذا قال الأقشهري: إنّ اسطوان مصلّي علي(عليه السلام) اليوم أشهر من أن تخفي علي أهل الحرم، ويقصد الاُمراء الجلوس والصلاة عندها الي اليوم، وذكر أنّه يقال لها: مجلس القادة، لشرف من كان يجلس فيه [126] . ونقل عن مسلم بن أبي مريم وغيره، أنّه كان باب بيت فاطمة بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله) في المربعة التي في القبر. قال سليمان: قال لي مسلم: لا تنس حظّك من الصلاة إليها فإنّها باب فاطمةرضي الله عنها الذي كان علي يدخل عليها منه

[127] . وفي حديثه عن اسطوان التهجد قال: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله)يخرج حصيراً كل ليلة إذا انكفت الناس فيطرح وراء بيت علي ثم يصلّي صلاة الليل... وحدثني سعيد بن عبدالله بن فضيل قال: مرّ بي محمد بن الحنفية وأنا اُصلي إليها فقال لي: أراك تلزم هذه الاسطوانة، هل جاءك فيه أثر؟ قلت: لا، قال: فالزمها فإنّها كانت مصلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله)من الليل... قال ابن النجار: فعلي هذا جميع سواري مسجد النبي(صلي الله عليه وآله)يستحب الصلاة عندها لأنه لا يخلو أن كبار الصحابة صلّوا إليها [128] . 4 _ لما خطب عمر بن الخطاب اُم كلثوم بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)_ علي ما رُوي عن بعضهم _ قال: إني اُحب أن يكون عندي عضو من أعضاء رسول الله(صلي الله عليه وآله) [129] . 5 _ لما خرج الحسين بن علي من المدينة يريد مكة، مرّ بابن مطيع وهو يحفر بئره، فقال له: أين فداك أبي واُمي؟! قال: أردت مكة _ وذكر أنه كتب إليه شيعته بالكوفة _، فقال له ابن مطيع: فداك أبي واُمي، متّعنا بنفسك ولا تسرِ إليهم. فأبي الحسين. فقال له ابن مطيع: إن بئري هذه قد رشحتها، وهذا اليوم أوان ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء، فلو دعوت الله لنا بالبركة. قال: هات من مائها، فأتي من مائها فشرب منه ثم مضمض ثم ردّه في البئر فاعذب وأمهي [130] . 6 _ لما بلغ الرضا _ علي بن موسي(عليه السلام) _ نيسابور، واجتمع الناس حول دابته، أخرج رأسه من المحمل وشاهده الناس، فهم بين صارخ وباك وممزق ثوبه ومتمرغ في التراب ومقبّل لحافر بغلته

أو مقبّل حزام بغلته [131] . بل إنّ النبي(صلي الله عليه وآله) قد تبرّك بوضوء المسلمين، كما وردت بذلك الأخبار الصحيحة: فعن ابن عمر، قال: قلت يا رسول الله، أتوضأ من جرّ جديد مخمّر أحبّ إليك، أم من المطاهر؟ قال: «لا، بل من المطاهر، إن دين الله يسّر الحنيفية السمحة». قال: وكان رسول الله(صلي الله عليه وآله)يبعث الي المطاهر فيؤتي بالماء فيشربه، يرجو بركة أيدي المسلمين [132] . هذه إذاً بعض الأخبار التي تثبت أن الصحابة والتابعين _ من أهل القرون الثلاثة الاُولي _ كانوا يتبرّكون ببعضهم البعض، خلافاً لما يدّعيه البعض من أمثال الجديع، إذ يقول: الحق أنّه لم يؤثر عن النبي(صلي الله عليه وآله) أنّه أمر بالتبرك بغيره من الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم، سواء بذواتهم أو بآثارهم، أو أرشد الي شيء من ذلك، وكذا فلم ينقل حصول هذا النوع من التبرّك من قبل الصحابة رضي الله عنهم بغيره(صلي الله عليه وآله)، لا في حياته ولا بعد مماته... [133] . وقال في تعليل ذلك: إن السبب الرئيسي في ترك الصحابة رضي الله عنهم ذلك التبرّك مع بعضهم _ والله أعلم _ هو اعتقاد اختصاص الرسول(صلي الله عليه وآله) به دون سواه ما عدا سائر الأنبياء... وقال نقلاً عن الشاطبي: فعلي هذا المأخذ، لا يصح لمن بعده الاقتداء به في التبرّك علي أحد تلك الوجوه ونحوها، ومن اقتدي به كان اقتداؤه بدعة، كما كان الاقتداء به في الزيادة علي أربع نسوة بدعة [134] . أقول: بعد أن أثبتنا تبرّك الصحابة والتابعين ببعضهم وبالصالحين من الاُمّة، فإن عدم أمر النبي(صلي الله عليه وآله)بالتبرّك بغيره، يقابله أيضاً عدم نهيه عن ذلك، فلو كان الأمر بهذه الدرجة

من الخطورة علي عقائد المسلمين لما أغفل النبي(صلي الله عليه وآله) هذا الأمر ولكان نهي عنه بكل شدّة. وذلك بيّن في قول النبي(صلي الله عليه وآله)عن عمرو بن العاص، أن النبي(صلي الله عليه وآله)قال: «إنّه لم يكن نبي قبلي إلاّ كان حقاً عليه أن يدل اُمّته علي خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم...» [135] . فهل يناقض النبي(صلي الله عليه وآله) _ حاشاه _ نفسه ويخفي هذا الأمر الذي فيه فساد الاُمّة دون أن يبيّنه لهم! أما إنّه لا يجوز الاقتداء بغيره في التبرّك قياساً علي عدم جواز الزيادة علي أربع نسوة فالقياس باطل _ لما تقدم _ فالنبي(صلي الله عليه وآله)قد أعلم اُمّته الحكم الشرعي في ذلك، فليس هناك مسلم علي وجه الأرض _ منذ زمن النبي والي اليوم _ إلاّ وهو يعلم حرمة ذلك لغيره(صلي الله عليه وآله)، وهذا أكبر دليل علي صحة ما نقول، وتهافت استدلال الشاطبي، فلو كان التبرّك بغير النبي(صلي الله عليه وآله) محرّماً لبيّنه لاُمّته كما بيّن حرمة الزيادة في التزوج علي أربع نسوة. ومن الحجج الاُخري المتهافتة التي يحتجّ بها الجديع علي عدم جواز التبرّك بغير النبي(صلي الله عليه وآله)إدعاؤه بأن ذلك لسد ذريعة الشرك، لأن جواز التبرك بآثار الصالحين يفضي الي الغلو فيهم وعبادتهم من دون الله، فوجب المنع من ذلك.. وهكذا تبيّن لنا عدم جواز قياس الصالحين علي النبي(صلي الله عليه وآله). وعليه فلا يجوز التبرّك بذوات الصالحين أو بآثارهم فضلاً عن غيرهم، وأن تعظيم الشيء والتبرّك به لا يجوز إلا بدليل شرعي [136] . أقول: أثبتنا أنه لا ينبغي أن يترك النبي(صلي الله عليه وآله) اُمّته دون أن ينبههم الي خطورة هذا

الأمر، لأنه بذلك يكون قد قصّر في أداء رسالته وترك اُمّته تتردي في مهاوي الضلال، وتكون الاُمّة _ علي مرّ الأزمنة السابقة _ قد وقعت في الشرك، وهو أمر لا يجوز عقلاً ولا شرعاً، وكيف يستقيم ذلك مع قوله(صلي الله عليه وآله): «تركتكم علي الواضحة»!

التبرك بقبور الصالحين و آثارهم

لم يقتصر عمل المسلمين علي التبرّك بقبر النبي(صلي الله عليه وآله)وآثاره من بعد موته، بل كان ديدنهم هو التبرّك بقبور الصحابة والتابعين وصلحاء الاُمّة وآثارهم، والاستشفاء والاستسقاء بها أيضاً، ومن ذلك: 1 _ بلال الحبشي: مؤذن رسول الله(صلي الله عليه وآله)، قبره بدمشق، وفي رأس القبر المبارك تاريخ باسمه(رضي الله عنه)، والدعاء في هذا الموضع المبارك مستجاب، وقد جرّب ذلك كثير من الأولياء وأهل الخير المتبركين بزيارتهم [137] . 2 _ أبو أيوب الأنصاري: قال الحاكم: يتعاهدون قبره ويزورونه ويستسقون به إذا قحطوا [138] . 3 _ صهيب الرومي: قال السمهودي: إنهم جربوا تراب قبر صهيب للحمي. 4 _ حمزة بن عبدالمطلب: نقل السمهودي قول الزركشي: ثمّ استثني في عدم جواز حمل تراب المدينة الي غيرها _ لكونها حرماً _ تربة حمزة (رضي الله عنه)، لاطباق الناس علي نقلها للتداوي. ثم قال: حكي البرهان بن فرحون عن الإمام العالم أبي محمد عبدالسلام بن إبراهيم بن مصال الحاحاني قال: نقلت من كتاب الشيخ العالم أبي محمد صالح الهرمزي قال: قال صالح بن عبدالحليم: سمعت عبدالسلام بن يزيد الصنهاجي يقول: سألت ابن بكون عن تراب المقابر الذي كان الناس يحملونه للتبرّك، هل يجوز أو يمنع؟ فقال: هو جائز، ومازال الناس يتبرّكون بقبور العلماء والشهداء والصالحين، وكان الناس يحملون تراب قبر سيدنا حمزة بن عبدالمطلب في القديم من الزمان [139] . 5

_ الحسين بن عليّ(عليه السلام): عقد الشبراوي باباً كبيراً في مشهد رأس الحسين بن علي(عليهما السلام)، وذكر فيه زيارته وشطراً من الكرامات له وإحياء يوم الثلاثاء بزيارته، قال: والبركات في هذا المشهد مشاهدة مرئية، والنفحات العائدة علي زائريه غير خفية، وهي بصحة الدعوي ملية والأعمال بالنية، ولأبي الخطاب بن دحية في ذلك جزء لطيف مؤلف، واستفتي القاضي زكي الدين عبدالعظيم في ذلك، فقال: هذا مكان شريف وبركته ظاهرة والاعتقاد فيه خير، والسلام. وما أجدر هذا المشهد الشريف والضريح الأنور المنيف بقول القائل: نفسي الفداء لمشهد أسراره++ من دونها ستر النبوة مسبكُ ورواق عزّ فيه أشرف بقعة++ ظلّت تحار لها العقول وتذهلُ تفضي لجبهته النواظر هيبة++ ويرد عنه طرفه المتأمل حسدت مكانته النجوم فودّ لو++ أمسي يجاوره السماك الأعزل وسما علوّاً أن تقبّلَ تربَهُ++ شفةٌ فأضحي بالجباه يقبّل 5 _ عمر بن عبدالعزيز، الخليفة الاُموي _ المتوفّي سنة 101 ه_ _: قال الذهبي: قبره بدير سمعان يُزار [140] . 6 _ عليّ بن موسي الرّضا(عليهما السلام): قال أبو بكر محمد بن المؤمل: خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي، مع جماعة من مشايخنا وهم إذ ذاك متوافدون الي زيارة علي بن موسي الرضا بطوس. قال: فرأيت من تعظيمه _ يعني ابن خزيمة _ لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرّعه عندها ما تحيّرنا [141] . كما وأخرج الخطيب البغدادي باسناده عن أحمد بن جعفر ابن حمدان القطيعي قال: سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال شيخ الحنابلة في عصره يقول: ما همّني أمر فقصدت قبر موسي بن جعفر فتوسلت به إلاّ سهّل الله تعالي لي ما أحب! [142] . 7 _ قال

العلاّمة أحمد بن محمد المقري المالكي _ المتوفّي سنة 1041 ه_ _ في فتح المتعال بصفة النعال، نقلاً عن ولي الدين العراقي، قال: أخبر الحافظ أبو سعيد بن العلا، قال: رأيت في كلام أحمد بن حنبل في جزء قديم عليه خط ابن ناصر [143] وغيره من الحفّاظ: أن الإمام أحمد سئل عن تقبيل قبر النبي(صلي الله عليه وآله) وتقبيل منبره، فقال: لا بأس بذلك! قال: فأرينا التقي ابن تيمية فصار يتعجب من ذلك ويقول: عجبت من أحمد عندي جليل! هذا كلامه أو معني كلامه. وقال: وأي عجب في ذلك وقد روينا عن الإمام أحمد أنّه غسل قميصاً للشافعي وشرب الماء الذي غسله به [144] . وإذا كان هذا تعظيمه لأهل العلم فما بالك بمقادير الصحابة! وكيف بآثار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وما أحسن قول مجنون ليلي: أمرُّ علي الديار ديار ليلي++ اُقبّل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي++ ولكن حب من سكن الديار [145] . قال القاضي عياض المالكي في الشفا: وجدير بمواطن عمّرت بالوحي والتنزيل وتردد بها جبرئيل وميكائيل، وعرجت منها الملائكة والروح، وضجّت عرصاتها بالتقديس والتسبيح، واشتملت تربتها علي جسد سيد البشر، وانتشر عنها من دين الله وسنّة نبيّه ما انتشر، مدارس وآيات ومساجد وصلوات ومشاهد الفضائل والخيرات ومعاهد البراهين والمعجزات، ومناسك الدين ومشاعر المسلمين، ومواقف سيد المرسلين ومتبوّأ خاتم النبيّين، حيث انفجرت النبوّة، واين فاض عبابها، ومواطن مهبط الرسالة، وأوّل أرض مسّ جلد المصطفي ترابها، أن تعظم عرصاتها وتنسّم نفحاتها وتقبّل ربوعها وجدرانها [146] . فهذه هي سيرة المسلمين خلفاً عن سلف، وهذه مواقف شيخ الحنابلة الذي يدّعي ابن تيمية وأتباعه أنهم تلاميذه في التبرّك بآثار الصالحين والأولياء، وليس

لهم من حجة يحتجّون بها، سوي أن ذلك التبرّك ربّما يقود الي الشرك وتأليه الشخص المتبرّك به!

التمسح بالمتبرك به

أود أخيراً أن اختتم هذا البحث بالإشارة الي موضوع يثير حوله البعض إشكالات يستهدفون بها تضليل المسلمين وحرفهم عن جادة الصواب بإثارة الشكوك في أنفسهم بغية التمكّن من التلاعب بعقائدهم وسوقهم الي مقالاتهم التي ظاهرها برّاقة وباطنها جوفاء لا تقنع إنساناً له مسكة من عقل، ألا وهو موضوع المسح والتمسّح بالأشخاص والأشياء المتبرّك بهم. قال العلياني _ بعد أن ساق الكلام في فضل بعض الأمكنة: فمن سكن في مكة أو المدينة أو الشام ملتمساً لبركات الله عزّ وجلّ في تلك البقاع سواء من زيادة أرزاقها أو دفع الفتن عنها، فقد وفق الي خير كثير، أما لو تعدي العبد في طلب التبرّك كأن يتمسح بترابها وأحجارها وأشجارها، وكأن يضع تربتها في الماء للاستشفاء بها ونحو ذلك فإنّه مأزور غير مأجور، لأنه سلك في التبرّك مسلكاً لم يفعله رسول الله(صلي الله عليه وآله) ولم يفعله الرعيل الأوّل [147] . وقال:وقد كان السلف الصالح ينهون عن تعظيمهم غاية النهي، كأنس والثوري وأحمد، وكان أحمد يقول: من أنا حتي تجيئون إليّ! اذهبوا اكتبوا الحديث. وكان إذا سئل عن شيء يقول: سلوا العلماء! وإذا سئل عن شيء من الورع يقول: أنا لا يحل لي أن أتكلم في الورع، لوكان بشر حياً تكلّم في هذا. وسئل مرّة عن الاخلاص فقال: إذهب الي الزهّاد، أي شيء نحن حتي تجيء إلينا؟ وجاء إليه رجل فمسح يده علي ثيابه ومسح بهما وجهه، فغضب الإمام أحمد وأنكر ذلك أشد الإنكار، وقال: عمّن أخذتم هذا الأمر [148] . وهنا، أولاً: إن العلياني يفهم الاُمور علي غير وجهها، لأن

عمل اُولئك الأئمة وإنكارهم تبرّك الناس بهم، لم يكن من باب إنكار التبرك نفسه، بل كان من باب التواضع _ الذي هو دأب العلماء والصالحين _ والإمام أحمد لم يتّهم الشخص الذي تبرّك به _ كما يفعل الذين يدّعون أ نّهم يأتمّون بهذا الإمام في تكفير المسلمين واتّهامهم بالشرك _ لأن هؤلاء العلماء كانوا يعلمون جيداً بأن ذلك ليس من الشرك والضلال، بدليل أ نّهم هم أنفسهم كانوا يتبرّكون بغيرهم من العلماء والأئمة الصالحين، بل وحتي التبرّك بقبورهم. كما مرّ بنا في المبحث السابق وفيهم أئمة أهل الحديث. ولا ندري بأي دليل يحتج هؤلاء الجهّال علي عدم مشروعية التمسح بالمتبرّك به؟ فليس لديهم من حديث ولا أثر يركن إليه ليثبت صحة دعواهم الفارغة، بينما تدلّ كل الآثار علي خطل آرائهم. لقد مرّ بنا فيما سبق أن الصحابة كانوا يمسكون رمانة منبر النبي(صلي الله عليه وآله) بميامنهم ثم يدعون، وأن ابن عمر الصحابي كان يمسح بيده علي مكان جلوس النبي(صلي الله عليه وآله) من المنبر ثم يمسح بها وجهه، ومرّ بنا أيضاً أن النبي(صلي الله عليه وآله) كان يمسح علي رؤوس أو أجسام الأشخاص ويدعو لهم، مما يدل علي خصوصية في المسح، لأن دعاء النبي(صلي الله عليه وآله) يكفي للإجابة، والروايات التي جاءت تتضمن هذا المعني كثيرة جداً، نكتفي بالإشارة هنا الي بعضها من أجل بيان وجه ذلك العمل وأهميته، وأعني المسح. فعن عائشة: أن النبي(صلي الله عليه وآله) كان يعوّذ بعض أهله، يمسح بيده اليمني ويقول: «اللّهم رب الناس، اذهب البأس، اشفه وأنت الشافي، لا شفاء إلاّ شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً...» [149] . وعنها أيضاً: أن النبي(صلي الله عليه وآله) كان يقول للمريض: «بسم

الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفي سقيمنا، بإذن ربّنا» [150] . وقال السمهودي: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) إذا اشتكي الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح، قال باصبعه هكذا، ووضع سبابته بالأرض ثم رفعها وقال:«بسم الله، تربة أرضنا بريق بعضنا يشفي سقيمنا بإذن الله» [151] . عن أبي حازم، أ نّه قال: أخبرني سهل بن سعد أن رسول الله(صلي الله عليه وآله)قال يوم الخيبر: «لاُعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله علي يديه يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أ يّهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) كلّهم يرجو أن يعطاها، قال فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقال: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: فارسلوا إليه، فاُتي به فبصق رسول الله(صلي الله عليه وآله) في عينيه ودعا له فبرأ حتي كأنّ لم يكن به وجع فأعطاه الراية...» [152] . إن هذا يوضح بعض الاُمور، منها: أن النبي(صلي الله عليه وآله) لم يكن يكتفي بالدعاء بل كان يمسح علي العضو المريض أيضاً إذا كان للاستشفاء ويمسح علي الرأس إذا كان للبركة، فلابد إذاً من خصوصية للمسح. ومنها أيضاً: إننا وجدنا في الروايات المتقدمة أن النبي(صلي الله عليه وآله)كان يدعو للاستشفاء بالتربة، وفي الأخبار هذه ما يدل أيضاً علي أمره بخلط التربة بالريق أيضاً لكي تتحقق البركة والشفاء بإذن الله، ممّا يدل علي خصوصية معينة لتربة المدينة المنوّرة في جعلها سبباً للشفاء بإذن الله لما فيها من البركة التي اختصّها الله بها، والآثار النبوية في ذلك كثيرة نذكر منها قوله(صلي الله عليه وآله): 1 _ «غبار المدينة شفاء من الجذام» [153] . 2

_ «غبار المدينة يبرئ الجذام». 3 _ «غبار المدينة يطفئ الجذام». 4 _ «إنّ في غبارها شفاء من كل داء». 5 _ «والذي نفسي بيده إن تربتها لمؤمنة وإنّها شفاء من الجذام» [154] . أفلا يدلّ ذلك علي خصوصية أودعها الله تعالي في بعض الأماكن حتي صارت تربتها وغبارها شفاء من الأسقام المستعصية بإذن الله، وإذا كان خلط هذه التربة بالريق والاستشفاء بها من أمر النبي(صلي الله عليه وآله)، فكيف لا يجوز التبرّك بهذه التربة الشريفة إذاً، وماهي خصوصية الحجر الأسود، وبعض أركان الكعبة، حتي يتهافت المسلمون بالملايين علي لمسها اقتداء بالنبي الكريم(صلي الله عليه وآله)، أوَ لا يكفي زيارة البيت دون لمس شيء منه إن كان ادعاء هؤلاء صحيحاً؟! أوَليس معني كل هذا أن لبعض الأماكن قدسية خاصة أودعها الله فيها، وأن البركة في تربتها وغبارها، فَلِمَ لا يجوز التمسّح بها وتقبيلها طلباً للبركة إذاً؟! فيتبيّن من كل ذلك أن التبرك أمر قد أقرّه الشارع العظيم، وعمل به الأنبياء(عليهم السلام) ومنهم نبيّنا عليه وعلي آله الصلاة والسلام، ولم يأتنا أثر يثبت أن الله سبحانه وتعالي أو نبيّه(صلي الله عليه وآله) قد نهيا عن شيء من ذلك قط، فالمسلمون إذاً ظلّت سيرتهم منذ عهد النبي(صلي الله عليه وآله)علي التبرّك به حياً، وبآثاره ميتاً، وتبرّك الصحابة بعضهم ببعض، وصلّوا في الأماكن التي صلّي فيها النبي(صلي الله عليه وآله) طلباً لبركتها، وظلّ ذلك دأب المسلمين جيلاً بعد جيل، يتلقون فيوضات البركات الإلهية دون أن يخامر عقائدهم شرك ولا ضلال، ودون أن يعمد أحدهم الي تأليه شخص أو شيء متبرّك به، بل ظلّوا علي مرّ القرون موحدين لله سبحانه وتعالي، معتقدين بأنه وحده القادر علي كل شيء، وعلي

إنزال البركات، وأنّ تبرّكهم بمخلوقاته ليس إلاّ من باب الحب لله والحب لمن يحبّهم ويحبّونه، ولا شيء غير ذلك ممّا يدّعيه الجهّال.

التبرك عند أهل البيت

بعد أن أثبتنا في المباحث المتقدّمة، مشروعية التبرك عند جميع طوائف المسلمين، واقرار النبي(صلي الله عليه وآله)له، وأبطلنا حجج القائلين بأن التبرك مختصّ بالنبي(صلي الله عليه وآله)، منتف عن غيره من هذه الاُمّة، وأثبتنا أن دأب الصحابة والتابعين الأخيار كان الاستمرار علي هذا النهج في التبرك بآثار النبي(صلي الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام) وحتي بالصالحين من هذه الاُمّة. لابد أن نورد بعض الأخبار حول التبرك عند أهل بيت النبوة(عليهم السلام)وحثّهم عليه وترغيبهم فيه:

تبركهم بقبر النبي

1 _ لما حانت وفاة الإمام الحسن بن علي(عليهما السلام)، أوصي الي أخيه الحسين(عليه السلام)، فكان ممّا أوصاه به، أنّه قال: فإذا قضيت نحبي فغمّضني وغسّلني وكفّني وأدخلني علي سريري الي قبر جدّي رسول الله(صلي الله عليه وآله)لاُجدّد به عهداً، ثم ردّني الي قبر جدّتي فاطمة[بنت أسد]رضي الله عنها فادفنّي هناك [155] . 2 _ عن محمد بن مسعود، قال: رأيت أبا عبدالله[الصادق]عليه السلام انتهي الي قبر النبي(صلي الله عليه وآله)، فوضع يده عليه [156] . 3 _ عن ابن فضال، قال: رأيت أبا الحسن(عليه السلام) وهو يريد أن يودع للخروج الي العمرة، فأتي القبر من موضع رأس رسول الله(صلي الله عليه وآله)، بعد المغرب، فسلّم علي النبي(صلي الله عليه وآله)، ولزق بالقبر [157] . 4 _ لمّا عزم الإمام الحسين(عليه السلام) الخروج من مكة _ بعد موت معاوية _ خرج من منزله ذات ليلة وأقبل الي قبر جدّه(صلي الله عليه وآله)، فقال: السلام عليك يا رسول الله، أنا الحسين بن فاطمة فرخك وابن فرختك، ثم جعل يبكي عند القبر، حتي إذا كان قريباً من الصبح، وضع رأسه علي القبر فأغفي [158] . 5 _ عن الرضا(عليه السلام)، قال: لما

أردت الخروج من المدينة الي خراسان، جمعت عيالي فأمرتهم أن يبكوا عليّ حتي أسمع بكاءهم، ثم فرقت فيهم اثني عشر ألف دينار، ثم قلت لهم: إنّي لا أرجع الي عيالي أبداً، ثم أخذت أبا جعفر فأدخلته المسجد ووضعت يده علي حافة القبر وألصقته به، واستحفظته برسول الله(صلي الله عليه وآله) [159] .

تبركهم بآثار بعضهم

1 _ عن سليمان بن خالد ومحمّد بن مسلم قالا: مضينا الي الحيرة فاستأذنا ودخلنا الي أبي عبدالله(عليه السلام) فجلسنا إليه وسألنا عن أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال: إذا خرجتم فجزيتم الثويّة والقائم وصرتم من النجف علي غلوة أو غلوتين، رأيتم ذكوات بيضاً بينها قبر قد جرفه السيل، ذاك قبر أمير المؤمنين(عليه السلام). قال: فغدونا من غد فجزنا الثويّة والقائم، وإذا ذكوات بيض فجئناها، فإذا القبر كما وصف قد جرفه السيل، فنزلنا فسلّمنا وصلّينا عنده ثم انصرفنا، فلمّا كان من الغد غدونا الي أبي عبدالله(عليه السلام)فوصفنا له فقال: أصبتم، أصاب الله بكم الرشاد [160] . 2 _ عن أبان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبدالله(عليه السلام)، فمرّ بظهر قبر فنزل فصلّي ركعتين، ثم تقدم قليلاً فصلّي ركعتين، ثم سار قليلاً فنزل فصلّي ركعتين، ثم قال: هذا موضع قبر أمير المؤمنين(عليه السلام)، قلت: جعلت فداك، فما الموضعين اللذين صلّيت فيهما؟ قال: موضع رأس الحسين(عليه السلام)، وموضع منبر القائم [161] . 3 _ كان أهل البيت(عليهم السلام) يتبركون بحجر في بيت فاطمة(عليها السلام)، وعن علي بن موسي الرضا(عليه السلام)قال: أنّه ولدت فاطمة(عليها السلام) الحسن والحسين علي ذلك الحجر، أو كانت فاطمة تصلّي إليها [162] .

التبرك والاستشفاء بتربة الحسين

1 _ عن أبي اليسع، قال: سأل رجل أبا عبدالله (عليه السلام) وأنا أسمع عن الغسل إذا أتي قبر الحسين(عليه السلام)، قال: أجعله قبلة إذا صلّيت؟ قال: تنح هكذا ناحية. قال: آخذ من طين قبره ويكون عندي أطلب بركته؟ قال: نعم، أو قال: لا بأس بذلك [163] . 2 _ عن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين(عليه السلام)فينتفع به ويأخذه غيره فلا يتنفع

به، فقال: لا والله، لا يأخذه أحد وهو يري أن الله ينفعه به إلاّ نفعه به [164] . 3 _ عن الصادق(عليه السلام): إن الله جعل تربة الحسين(عليه السلام) شفاءً من كل داء، وأماناً من كل خوف، فإذا أخذها أحدكم فليقبّلها وليضعها علي عينه وليمرّها علي جسده [165] . 4 _ عن اليقطيني، قال: بعث إليّ أبو الحسن الرضا(عليه السلام) رزم ثياب وغلماناً _ الي أن قال _، فلمّا أردت أن اعتبئ الثياب رأيت في أضعاف الثياب طيناً، فقلت للرسول ما هذا؟ فقال: ليس توجّه بمتاع إلاّ جعل فيه طيناً من قبر الحسين(عليه السلام)، ثم قال الرسول(صلي الله عليه وآله): قال أبو الحسن(عليه السلام): هو أمان بإذن الله [166] . 5 _ سأل رجل أبا عبدالله(عليه السلام)، قال: آخذ من طين قبر الحسين يكون أطلب بركة؟ قال: لا بأس بذلك [167] . 6 _ إن الصادق(عليه السلام) مرض فأمر من عنده أن يستأجروا له أجيراً يدعو عند قبر الحسين(عليه السلام)، فوجدوا رجلاً فقالوا له ذلك، فقال: أنا أمضي، ولكن الحسين إمام مفترض الطاعة، وهو إمام مفترض الطاعة! فرجعوا الي الصادق(عليه السلام) وأخبروه، فقال: هو كما قال، ولكن ما عرف أن لله بقاعاً يستجاب فيها الدعاء، فتلك البقعة من تلك البقاع [168] . 7 _ عن أبي الحسن(عليه السلام)، قال: ما علي أحدكم إذا دفن الميت ووسّده بالتراب، أن يضع مقابل وجهه لبنة من طين الحسين(عليه السلام) ولا يضعها تحت رأسه [169] . 8 _ كان لأبي عبدالله[الصادق]عليه السلام خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبدالله[الحسين]عليه السلام، فكان إذا حضرت الصلاة صبّه علي سجادة وسجد عليه، ثم قال: السجود علي تربة الحسين(عليه السلام)يخرق الحجب السبع [170]

. 9 _ عن الصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام)، قال: إن فاطمة بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله)، كانت سبحتها من خيط صوف مفتّل معقود عليه عدد التكبيرات، وكانت(عليها السلام) تديرها بيدها، تكبّر وتسبّح، حتي قتل حمزة بن عبدالمطلب، فاستعملت تربته وعملت التسابيح، فاستعملها الناس، فلمّا قتل الحسين صلوات الله عليه، عُدل بالأمر إليه، فاستعملوا تربته لما فيه من الفضل والمزية [171] . 10 _ سُئل أبا عبدالله(عليه السلام) عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة وقبر الحسين(عليه السلام)، والتفاضل بينهما، فقال(عليه السلام): السبحة التي هي من طين قبر الحسين(عليه السلام) تسبّح بيد الرجل من غير أن يسبّح [172] . 11 _ عن الصادق(عليه السلام): من أدار الحجير من تربة الحسين(عليه السلام)فاستغفر مرة واحدة كتب الله له سبعين مرة، وإن مسك السبحة ولم يسبّح بها، ففي كل حبة منها سبع مرات [173] . 12 _ عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمد(عليهما السلام) يقولان: إن الله عوّض الحسين(عليه السلام) من قتله أن الإمامة في ذريته والشفاء في تربته وإجابة الدعاء عند قبره [174] . 13 _ عن ابن عباس، عن النبي(صلي الله عليه وآله) أنه أخبره بقتل الحسين(عليه السلام)الي أن قال: ألا وإن الإجابة تحت قبّته، والشفاء في تربته، والأئمة من ولده [175] . 14 _ عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): إنّي رجل كثير العلل والأمراض وما تركت دواء إلاّ تداويت به، فقال لي: أين أنت عن طين قبر الحسين بن علي(عليهما السلام)، فإنّ فيه شفاء من كل داء، وأمناً من كل خوف، فإذا أخذته فقل هذا الكلام (اللهمّ إنّي أسألك بحق هذه الطينة، وبحق الملك الذي

أخذها، وبحق النبي الذي قبضها، وبحق الوصي الذي حلّ فيها، صلّ علي محمّد وآل محمد وأهل بيته، وافعل بي كذا وكذا) [176] . 15 _ عن محمّد بن مسلم: أنه كان مريضاً، فبعث إليه أبو عبدالله(عليه السلام) بشراب فشربه، فكأنّما نشط من عقال، فدخل عليه فقال: كيف وجدت الشراب؟ فقال: لقد كنت آيساً من نفسي فشربته فأقبلت إليك فكأنّما نشطت من عقال. فقال: يا محمد، إن الشراب الذي شربته كان فيه من طين قبور آبائي، وهو أفضل ما نستشفي به فلا تعدل به، فإنّا نسقيه صبياننا ونساءنا فنري منه كل خير [177] . 16 _ عن الصادق(عليه السلام): حنّكوا أولادكم بتربة الحسين فإنها أمان [178] . 17 _ عن الصادق(عليه السلام): في طين قبر الحسين(عليه السلام) الشفاء من كل داء، وهو الدواء الأكبر [179] . 18 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: من أصابه علّة فبدأ بطين قبر الحسين(عليه السلام)شفاه الله من تلك العلّة، إلاّ أن تكون علّة السام [180] . 19 _ عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام)، قال: كل طين حرام كالميتة والدم وما اُهلَّ لغير الله به، ما خلا طين قبر الحسين(عليه السلام)، فإنّ فيه شفاء من كل داء [181] . 20 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: أكل الطين حرام علي بني آدم، ما خلا طين قبر الحسين(عليه السلام)، من أكله من وجع شفاه الله [182] . 21 _ عن أبي جعفر[الباقر]عليه السلام، قال: طين قبر الحسين(عليه السلام)شفاء من كل داء، وأمان من كل خوف، وهو لما أخذ له [183] .

التبرك بكسوة الكعبة

1 _ عن عتبة بن عبدالله، قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام)، عمّا يصل إلينا من ثياب الكعبة، هل يصلح لنا

أن نلبس منها شيئاً؟ قال: يصلح للصبيان والمصاحف والمخدّة، يبتغي بذلك البركة إن شاء الله تعالي [184] . 2 _ عن مروان بن عبدالملك، قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن رجل اشتري من كسوة الكعبة شيئاً فاقتضي ببعضه حاجته، وبقي بعضه في يده، هل يصلح بيعه؟ قال: يبيع ما أراد، ويهب ما لم يرد، ويستنفع به ويطلب بركته.. [185] .

التبرك بسؤر المؤمن و فضل وضوئه

1 _ عن محمد بن اسماعيل رفعه، قال: مَن شرب سؤر المؤمن تبركاً به، خلق الله بينهما ملكاً يستغفر لهما حتي تقوم الساعة [186] . 2 _ عن عبدالله بن سنان، قال: قال أبو عبدالله(عليه السلام): في سؤر المؤمن شفاء من سبعين داء [187] . 3 _ عن علي(عليه السلام) _ في حديث الأربعمائة _، قال: سؤر المؤمن شفاء [188] . 4 _ الشرب من فضل وضوء المؤمن فيه شفاء من سبعين داء أدناها الهمّ [189] .

التبرك بشرب ماء السماء

1 _ عن حمران، عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: اشتكي رجل الي أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال له: سل من امرأتك درهماً من صداقها فاشتر به عسلاً فاشربه بماء السماء، ففعل ما أمر به فبرأ، فسئل أمير المؤمنين(عليه السلام)عن ذلك: أشيء سمعته من النبي(صلي الله عليه وآله)، قال: لا، ولكني سمعت الله يقول في كتابه: (فان طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئا) وقال: (وأنزلنا من السماء ماءً مباركاً)فاجتمع الهني والمريء والبركة والشفاء، فرجوت بذلك البر [190] . 2 _ عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: قال رسول الله(صلي الله عليه وآله): (وأنزلنا من السماء ماءً مباركاً)، قال: «ليس من ماء في الأرض إلاّ وقد خالطه ماء السماء» [191] . 3 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين(عليه السلام): اشربوا ماء السماء فإنّه يطهّر البدن ويدفع الأسقام. قال الله تبارك وتعالي: (وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط علي قلوبكم ويثبت به الأقدام) [192] .

التبرك بماء الفرات

1 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: ما أخال أحداً يحنّك بماء الفرات إلاّ أحبّنا أهل البيت... [193] . 2 _ عن علي بن الحسين يرفعه، قال: قال أبو عبدالله(عليه السلام): كم بينكم وبين الفرات؟ فأخبرته، فقال: لو كان عندنا لأحببت أن آتيه طرفي النهار [194] . 3 _ عن سعيد بن جبير، قال: سمعت علي بن الحسين(عليهما السلام)، يقول: إن ملكاً من السماء يهبط في كل ليلة معه ثلاثة مثاقيل مسكاً من مسك الجنة فيطرحها في الفرات، وما من نهر في شرق الأرض ولا غربها أعظم بركة منه [195] .

التبرك بالتراب

1 _ عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) أنّه كان يترّب الكتاب وقال: لا بأس به [196] . 2 _ عن علي بن عطية أنه رأي كتباً لأبي الحسن(عليه السلام)مترّبة [197] . 3 _ عن الرضا(عليه السلام)، قال: كان أبو الحسن يترّب الكتاب [198] . 4 _ عن الرضا (عليه السلام)، عن آبائه(عليهم السلام)عن النبي(صلي الله عليه وآله)، قال: باكروا بالحوائج فإنها ميسّرة، وأتربوا الكتاب فإنّه أنجح للحاجة، واطلبوا الخير عند حسان الوجوه [199] . ووردت في كتب الحديث عند أهل السنّة أخبار بذلك، منها: 1 _ إذا كتب أحدكم فليترّبه فإنّه أنجح للحاجة [200] . 2 _ ترّبوا صحفكم أنجح لها فإن التراب مبارك [201] . 3 _ إن النبي(صلي الله عليه وآله) بعث الي أهل قريتين بكتابين يدعوهم الي الإسلام، فترّب أحد الكتابين ولم يترّب الآخر، فأسلم أهل القرية التي ترّب كتابهم [202] . 4 _ إذا كتب أحدكم فليترّب كتابه فهو أنجح [203] . 5 _ إذا كتب أحدكم كتاباً فليترّبه فإن التراب مبارك وهو أنجح للحاجة [204] . 6 _

إذا كتبت كتاباً فترّبه فإنه أنجح للحاجة والتراب مبارك [205] . 7 _ ترّبوا الكتاب وسجّوه من أسفله فإنّه أنجح للحاجة [206] . 8 _ ترّبوا الكتاب فإنّه أعظم للبركة وأنجح للحاجة [207] . 9 _ ترّبوا الكتاب فإنّه أنجح للحاجة [208] . هذا وقد وردت الأخبار واستفاضت عن التبرّك بالقرآن، وبشهر رمضان، وبالسحور، وبتراب المدينة وتمرها، وبماء زمزم، وبجبل اُحد وغيرها كثير، ممّا يدل علي أهمية موضوع التبرك، لذا نجد المسلمين علي اختلاف مشاربهم يبادرون الي التبرك بكل ما عرفوا فيه البركة يبتغون بذلك التقرّب من الله سبحانه وتعالي وطاعة لأمر النبي(صلي الله عليه وآله)، ولا يخطر علي قلب أحدهم بأنه يفعل ذلك تقرباً من الشخص أو الشيء المتبرك به، أو أنه يعتبر عمله هذا عبادة لهذا الشخص أو الشيء المتبرك به، بل الجميع متصافقون علي أن التبرك هو من الأعمال التي يُبتغي بها وجه الله تعالي ولا شيء سواه، وعلي هذا جرت سنّة المسلمين منذ عهد النبي(صلي الله عليه وآله)، والي يومنا هذا، ولم يخالف جمهور المسلمين إلا بعض الشذاذ الذين لا يفقهون كتاب الله، فيتناولون المتشابه منه، ويحرّفون الكلم عن مواضعه ليضلّوا المسلمين متهمين إياهم بالشرك والبدعة، إلاّ أن المسلمين يعلمون جيداً خبث هذه الأساليب وهدفها المنحرف، لذا انبري جهابذة العلماء من كلا الفريقين (السنّة والشيعة) للردّ علي بدع هذه الشرذمة الضالّة، وأبطلوا حججهم بالأدلة الدامغة، وردوا كيدهم الي نحورهم، وكان في طليعة من تصدّي لأذناب السلفية، هو الشيخ سليمان بن عبدالوهاب _ وهو الأخ الشقيق لمحمد بن عبدالوهاب حامل لواء هذه البدعة _ فردّ عليه بكتاب (الصواعق الإلهية في الرد علي الوهابية)، ثم تلاه غيره من العلماء الغياري علي مصلحة الإسلام

في الرد علي هذه الفئة ودحض حججها.

آراء بعض العلماء في التبرك

نود أن نختم بحثنا هذا بعرض آراء بعض علماء الإمامية ممّن تناولوا هذا الموضوع لنبيّن آراءهم في ذلك، فمنهم: 1 _ الشيخ جعفر بن الشيخ خضر الجناحي النجفي (1156 _ 1228 ه_): قال: إنّ التواضع والتبرك والإكرام والاحترام لما هو معظّم عند الله من تعظيم الله، كما أن احترام قرآنه وبيته، ومساجده لانتسابها إليه، احترام له تبارك وتعالي. فمن عظّم عيسي ومريم وعزير لعبوديتهم وقرب منزلتهم، فهو معظّم لله، كما أن من عظّم بيت السلطان عبيده وغلمانه وأتباعه من حيث التبعية، يكون معظّماً للسلطان. وأما من وجدها قابلة للتعظيم، وأهلاً له من حيث ذاتها لأجل العبودية والتابعية، وإن كان غرضه التقريب زلفي، إنّما يكون معظّماً لها. وإنّي منذ ثلاثين حجة أنظر في اُصول طوائف المسلمين، محقّيهم ومبطليهم، فلم أجد أحداً يعظّم كتاباً، أو نبيّاً، أو مكاناً، أو عبداً صالحاً من غير قصد قربة من الله، أو انتسابه إليه، فقد ظهر أن هذا كلّه من باب طاعة الله وتعظيمه. وأما عبدة الأصنام والعباد الصالحين، فإنّما أرادوا عبادتهم حق العبادة، كانوا يصلّون لهم ويصومون، ويكون ذلك لاستحقاقهم بربوبيتهم في أنفسهم، أو الي التقريب زلفي، فهي عبادة حقيقية علي الوجهين [209] . 2 _ السيد محسن الأمين العاملي: قال: لو كان احترام قبور الأنبياء والصلحاء عبادة لها وشركاً، لكان تعظيم الكعبة والطواف بها والحجر الأسود وتقبيله، والحجر والمقام والمساجد والمشاعر والأبوين وإطاعتهما، وخفض جناح الذلّ لهما، وخفض الأصوات عند رسول الله(صلي الله عليه وآله)وخفضه جناحه لمن اتّبعه من المؤمنين، وسجود الملائكة لآدم، وسجود إخوة يوسف وأبويه له، وتعظيم الجنود لاُمرائهم، والصحابة للنبي(صلي الله عليه وآله)وللخلفاء، والأنبياء لآبائهم واُمهاتهم وقيامهم وخضوعهم

لهم، والوهابية للسلطان ابن سعود، وغير ذلك كلّه عبادة لغير الله وشركاً، ولم يسلم في الشرك نبيّ فمن دونه، لا يقال للتعظيم الذي نص الشرع عليه وأمر به لا كلام لنا فيه، وإنّما الكلام فيما لم ينص الشرع عليه، لأنا نقول: إذا فرض أن كل تعظيم عبادة وكل عبادة لغير الله شرك، يكون الله تعالي قد أمر بالشرك ورضيه وأحبّه وذلك باطل [210] . 3 _ الشيخ محمد جواد البلاغي: قال: إعلم أنّ من ضروريات الدين، والمتفق عليه بين جميع طبقات المسلمين، بل من أعظم أركان اُصول الدين: اختصاص العبادة بالله رب العالمين. فلا يستحقها غيره، ولا يجوز ايقاعها لغيره، ومن عبد غيره فهو كافر مشرك، سواء عبد الأصنام، أو عبد أشرف الملائكة أو أفضل الأنام. وهذا لا يرتاب فيه أحد ممّن عرف دين الإسلام. وكيف يرتاب، وهو يقرأ في كل يوم عشر مرات: (إيّاك نعبد وإياك نستعين) [211] . وبعد أن يورد مجموعة من الآيات في نفس المعني يقول: لكن العبادة _ كما هو المفسّر في لسان المفسرين وأهل العربية وعلماء الإسلام _: غاية الخضوع، كالسجود والركوع ووضع الخد علي التراب والرماد تواضعاً، وأشباه ذلك، كما يفعله عبّاد الأصنام لأصنامهم. وأما زيارة القبور والتمسح بها وتقبيلها والتبرك بها، فليس من ذلك في شيء كما هو واضح، بل ليس فيها شيء من الخضوع، فضلاً عن كونها غاية الخضوع. مع أن مطلق الخضوع ليس بعبادة، وإلاّ لكان جميع الناس مشركين حتي الوهابيين! فإنّهم يخضعون للرؤساء والاُمراء والكبراء بعض الخضوع، ويخضع الأبناء للآباء، والخدم للمخدومين، والعبيد للموالي، وكل طبقة من طبقات الناس للتي فوقها، فيخضعون إليهم بعض الخضوع، يتواضعون لهم بعض التواضع [212] . 4 _ العلاّمة

الأميني في (التبرك بالقبر الشريف): قال: لم نجد في المقام قولاً بالحرمة لأحد من أعلام المذاهب الأربعة ممّن لهم ولآرائهم قيمة في المجتمع، وإنّما القائل بالنهي عنه من اُولئك يراه تنزيهاً لا تحريماً، ويقول بالكراهة مستنداً الي زعم أن الدنوّ من القبر الشريف يخالف حسن الأدب، ويحسب أن البعد منه أ لْيَق به، وليس من شأن الفقيه النّابه أن يفتي في دين الله بمثل هذه الاعتبارات التي لا تبني علي أساس، وتختلف باختلاف الأنظار والآراء. نعم، هناك اُناس شذّت من شرعة الحق، وحكموا بالحرمة، قولاً بلا دليل، وتحكماً بلا برهان، ورأياً بلا بيّنة، وهم معروفون في الملأ بالشذوذ، ولا يعبأ بهم ولا بآرائهم [213] .

پاورقي

[1] قالها الخليل الفراهيدي: 5/368، مادة برك، انظر لسان العرب: 10/390، الصحاح للجوهري: 4/1075، معجم مقاييس اللغة لابن فارس: 1/230، المفردات للراغب الإصبهاني: 44، النهاية لابن الأثير: 1/120.

[2] هود: 73.

[3] معاني القرآن: 2/23.

[4] تهذيب اللغة: 10/232.

[5] تهذيب اللغة للأزهري: 10/231.

[6] النهاية: 1/120.

[7] الصحاح: 4/1575.

[8] لسان العرب: 10/390.

[9] المصباح المنير: 1/45. [

[10] لسان العرب: 13/408.

[11] النهاية: 5/302.

[12] هود: 48.

[13] مريم: 31.

[14] النمل: 8.

[15] الصافات: 113.

[16] هود: 73.

[17] آل عمران: 96.

[18] فصلت: 10.

[19] تفسير الميزان للطباطبائي: 17/363، 385، اوفست دار الكتب الإسلامية.

[20] التفسير الكبير للرازي: 27 / 402، تفسير الآية: (وجعلنا فيها رواسي...).

[21] الإسراء: 1.

[22] الأعراف: 7.

[23] الأنبياء: 71.

[24] سبأ: 18.

[25] المؤمنون: 29.

[26] الأنعام: 92.

[27] الأنعام: 155.

[28] الأنبياء: 50.

[29] سورة ص: 29.

[30] النور: 35.

[31] القصص: 30.

[32] سورة ق: 9.

[33] الدخان: 3.

[34] يوسف: 93.

[35] الكشاف: 2/503.

[36] البقرة: 248.

[37] الكشاف: 1 / 293.

[38] تبرك الصحابة بآثار الرسول: 7.

[39] صحيح مسلم: 1 / 164. باب حكم بول الطفل الرضيع، و 6 / 176، باب

استحباب تحنيك المولود.

[40] الإصابة: 3/638، حرف الواو القسم الأوّل، باب. و. ك، ترجمة وليد بن عقبة، رقم9147.

[41] صحيح البخاري: 1/62 كتاب الغسل، سنن النسائي: 1 / 93، باب بول الصبي الذي لم يأكل الطعام، سنن الترمذي: 1/104، سنن أبي داود: 1/93 باب بول الصبي يصيب الثوب، سنن ابن ماجة 1/174.

[42] فتح الباري: 1/326، كتاب الوضوء باب 59 باب بول الصبيان، ح 223.

[43] مسند أحمد: 7/303، ح 25243، الإصابة: 1/5، عن مسلم، خطبة الكتاب، القسم الثاني.

[44] المستدرك: 4/479، الإصابة: 1/5 خطبة الكتاب، القسم الثاني.

[45] الإصابة: 1/5، خطبة الكتاب، القسم الثاني.

[46] سيرة دحلان: 2/267، البداية والنهاية: 6/47 وصححه وقال: إن رجاله ثقات، مسند أحمد: 3/938، حديث 12237. تبركهم بشعره(صلي الله عليه وآله).

[47] صحيح مسلم: بشرح النووي: 15/83، ارواء الغليل: 4/288، مسند أحمد: 3/591، مسندات ابن مالك، ح 11955، السنن الكبري للبيهقي: 7/68، السيرة الحلبية: 3/303، البداية والنهاية: 5/189.

[48] السنن الكبري للبيهقي: 1/25، باب في شعر النبي، مسند أحمد: 4/630، ح 16039، مجمع الزوائد: 4/19.

[49] مغازي الواقدي: 3/1108.

[50] كنز العمال: 10/472، ح 30136.

[51] صحيح البخاري: 7/140، كتاب الاستئذان.

[52] فتح الباري: 11/59، الطبقات الكبري: 8/313.

[53] صحيح البخاري: 1/55، كتاب الوضوء باب استعمال فضل وضوء الناس، مسند أحمد: 5/398، حديث 18269، السنن الكبري للبيهقي: 1/395، باب الالتواء في حيّ علي الصلاة، دلائل النبوّة للبيهقي: 1/183، صحيح مسلم: 1/360، سنن النسائي: 1/87.

[54] صحيح البخاري: 1 / 55، كتاب الوضوء باب استعمال فضل وضوء الناس، مسند أحمد: 6/594، حديث 23109، سنن ابن ماجة: 1/246.

[55] فتح الباري: 1/157، باب متي يصح سماع الصغير.

[56] مسند أحمد: 5/423، حديث طويل 18431، السنن الكبري للبيهقي: 9/219 باب المهادنة علي النظر للمسلمين، البخاري: 1 / 66، كتاب

الوضوء، 3/180، كتاب الوصايا، السيرة الحلبية: 3/18، سيرة ابن هشام: 3/328، المغازي للواقدي: 2/598، تاريخ الخميس: 2/19.

[57] الطبقات الكبري: 1 _ 2/184، سيرة ابن دحلان: 2/225.

[58] صحيح البخاري: 1/60، 7/150، 8/185، 9/124، صحيح البخاري: 3/1235.

[59] كنز العمال: 12/422، ح 35473.

[60] صحيح البخاري: 1/55، كتاب الوضوء، باب استعمال فضل وضوء الناس.

[61] فتح الباري: 1/236، كتاب الوضوء، باب استعمال فضل وضوء الناس، 8/37 باب غزوة الطائف.

[62] مسند أحمد: 7/575، ح 26838، الطبقات الكبري: 8/109.

[63] صحيح البخاري: 4/46، باب ما ذكر من ورع النبي(صلي الله عليه وآله) وعصاه وسبقه....

[64] صحيح البخاري: 7/207.

[65] السيرة الحلبية: 3/109، الإصابة: 3/400، تاريخ دمشق: 59/229.

[66] الطبقات: 5/406، ترجمة عمر بن عبدالعزيز.

[67] الطبقات: 7/25 ترجمة أنس بن مالك.

[68] صفة الصفوة: 2/357.

[69] صحيح البخاري: 1/51، كتاب الوضوء، باب الماء الذي يغسل شعر الإنسان.

[70] المغازي: 3/1109.

[71] صحيح البخاري: 6/352، كتاب الاشربة، صحيح مسلم: 6/103، باب اباحة النبيذ لم يشتر ولم يصر مسكراً.

[72] صحيح البخاري: 4/47، باب بدأ الخلق.

[73] صحيح البخاري: 6/352، كتاب الأشربة.

[74] الإصابة: 3/202، حرف الفاء القسم الأوّل، ترجمة فراس، رقم 6971، اُسد الغابة: 4/352، حرف الفاء، فراس عم صفية، رقم 4202، كنز العمال: 14/264.

[75] البداية والنهاية: 3/201، سيرة ابن هشام: 2/144، دلائل النبوة للبيهقي: 2/510.

[76] مسند أحمد: 7/520، ح 26574، الطبقات: 8/313.

[77] الإصابة: 4/471، حرف العين، القسم الأوّل، ترجمة اُمّ عامر، رقم 1374، الطبقات: 8/234.

[78] اُسد الغابة: 5/539، حرف الكاف، ترجمة كلثم، رقم 7243، سنن ابن ماجة: 2/1132.

[79] البداية والنهاية: 6/6.

[80] صحيح البخاري: 7/55، كتاب اللباس، باب خاتم الفضة، الاستيعاب بهامش الإصابة: 2/494، ترجمة عمرو بن سعيد بن العاص، صحيح مسلم: 3/1656، النسائي: 8/196، أبي داود: 4/88، مسند أحمد: 2/96، ح 4720.

[81] صحيح البخاري:

7/189، 2/98، 3/80، 8/16، مسند أحمد: 6/456، ح 22318، سنن ابن ماجة: 2/1177.

[82] فتح الباري: 3/144، 28 باب من استعد الكفن في زمن النبي(صلي الله عليه وآله) فلم ينكر عليه، ذيل الحديث 1277.

[83] تبرّك الصحابة: 17، تاريخ الإسلام للذهبي: 2/412، السيرة الحلبية: 3/242، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 19.

[84] صحيح البخاري: 2/74، كتاب الجنائز، باب يجعل الكافور في آخره، صحيح مسلم: 2/647، مسند أحمد: 7/556، ح 26752، السنن الكبري للبيهقي: 3/ 547، باب 34، ح 6634، 4/6، باب 72، ح 6764، سنن النسائي: 4/31.

[85] الإصابة: 2/102، حرف السين القسم الأوّل، ترجمة سياويس طلق اليماني، رقم 3626.

[86] صحيح البخاري: 7/199، 4/101، البداية والنهاية: 6/6، الطبقات لابن سعد: 1/478.

[87] مسند أحمد: 4/357، ح 14606، فتح الباري: 5/210، الطبقات: 1 / 1 / 10.

[88] كنز العمال: 16/697، ح 46389، وفيه عن أبي هريرة أيضاً.

[89] صحيح البخاري: 3/234.

[90] الطبقات: 1/254، ذكر منبر الرسول، الثقات لابن حبان: 9.

[91] الطبقات الكبري: 1/254، ذكر منبر الرسول.

[92] المعجم الأوسط: 1/94، الجامع الصغير للسيوطي: 728، كنز العمال: 6/88، ح 14967، والذهبي في تلخيصه مجمع الزوائد: 4/22، وفاء الوفا للسمهودي: 2/410، شفاء الأسقام للسبكي: 152.

[93] الروض الفائق: 380، المواهب اللدنية للقسطلاني: 4/583، مشارق الأنوار: 1/121، وفاء الوفا: 4/1399، كنز العمال: 2/386، ح 4322 و 4/ 259، ح 10422.

[94] رواه كل من: ابن الجوزي في وفاء الوفا في فضائل المصطفي: 819 ح 1538، وابن سيد الناس في السيرة النبوية: 2/432، والقسطلاني في المواهب اللدنية مختصراً: 4/563، والقاري في شرح الشمائل: 2/210، والشبراوي في الاتحاف: 330، والسمهودي في وفاء الوفا: 4/1405، سير أعلام النبلاء: 2/134 وغيرهم.

[95] وفاء الوفا للسمهودي: 4/1405.

[96] تاريخ دمشق لابن عساكر: 7/137، مختصر تاريخ دمشق: 4/118،

5/265، تهذيب الكمال: 4/289، اُسد الغابة: 1/244، وفاء الوفا للسمهودي: 4/1356، شفاء السقام: 53، مشارق الأنوار: 1/121.

[97] وفاء الوفا: 1/544.

[98] يعني قبر النبي(صلي الله عليه وآله).

[99] وفاء الوفا: 2/547. [

[100] وفاء الوفاء: 2/444 عن أبي خيثمة زهير بن حرب قال: حدثنا مصعب بن عبدالله، حدثنا إسماعيل بن يعقوب التيمي.

[101] مجمع الزوائد: 5/241، الاستيعاب: 3/425، ترجمة مروان بن الحكم، وترجمة مروان بن الحكم من اُسد الغابة: 5/144، رقم 4841، السنن الكبري للنسائي: 6/485.

[102] التبرّك المشروع: 53.

[103] تاريخ بغداد لابن طيفور: 45.

[104] التبرّك أنواعه وأحكامه: 243 _ 244.

[105] صحيح البخاري: 1/130، كنز العمال: 6/247، الإصابة: 2/349، حرف العين، القسم الأوّل، ترجمة عبدالله بن عمر، رقم 4834، البداية والنهاية: 5/149.

[106] فتح الباري: 1/469، وفي الصارم: 108 عن الإمام مالك انّه يستحب الصلاة في مواضع صلاة النبي(صلي الله عليه وآله).

[107] الاستيعاب: 2/342 بهامش الإصابة، ترجمة عبدالله بن عمر.

[108] اُسد الغابة: 3/340، ترجمة عبدالله بن عمر، رقم 3080.

[109] مسند أحمد: 2/269، ح 5968، صحيح البخاري: 3/140، صحيح مسلم: 2/1981.

[110] مغازي الواقدي: 2/1096، باب حجة الوداع.

[111] صحيح البخاري: 1/ 115، 170، 175، صحيح مسلم: 1/445، 61، 62.

[112] التبرّك المشروع: 68 _ 69.

[113] فتح الباري: 1/433.

[114] المصدر السابق: 1/469.

[115] سنن النسائي: 1/268، كتاب المساجد، باب 43 الصلاة علي الحصير، ح 816.

[116] سنن ابن ماجة: 1/249، كتاب المساجد، باب المساجد في الدور، ح 756، والفحل هو الحصير الذي قد اسود، مسند أحمد: 3/130 بسندين، مسند أنس بن مالك، ح 11920.

[117] مسند الإمام أحمد: 3/586، ح 11920، ط مؤسسة التاريخ العربي.

[118] الاعتصام: 2/8.

[119] الاعتصام: 2/10.

[120] الحكم الجديرة بالاذاعة: 55.

[121] المجموع شرح المهذب للإمام النووي: 5/68 كتاب الصلاة، باب صلاة الاستسقاء، وقال ابن حجر: أخرجه

أبو زرعة الدمشقي في تاريخه بسند صحيح، ورواه أبو القاسم الكلالكائي في السنّة في كرامات الأولياء.

[122] فتح الباري: 2/399.

[123] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 7/274، شرح الخطبة 114، باب أخبار وأحاديث في الاستسقاء، اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية: 338.

[124] اُسد الغابة: 3/167، ترجمة عباس بن عبدالمطلب، رقم 2797.

[125] صفة الصفوة: 3/47.

[126] وفاء الوفا: 2/448.

[127] المصدر السابق: 2/450.

[128] وفاء الوفا: /452.

[129] ذخائر العقبي: 169، الفصل الثامن في ذكر اُمّ كلثوم بنت فاطمة وعلي(عليهما السلام).

[130] الطبقات الكبري: 5/107.

[131] الصواعق المحرقة: 310، الفصل الثالث في الأحاديث الواردة في بغض أهل البيت(عليهم السلام)، نور الأبصار للشبلنجي: 168، فصل في مناقب سيد علي الرضا بن موسي الكاظم.

[132] مجمع الزوائد: 1/214، وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثّقون، كنز العمال: 7/112، ح 18231.

[133] التبرّك أنواعه وأحكامه: 261.

[134] المصدر السابق: 264 نقلاً عن الاعتصام: 2/9.

[135] صحيح مسلم: 3/1472 كتاب الامارة، باب وجوب الوفا ببيعة الخلفاء الأوّل فالأوّل.

[136] التبرّك أنواعه وأحكامه: 268.

[137] رحلة ابن جبير: 251.

[138] المستدرك: 3/518، وابن الجوزي في صفة الصفوة: 1/407.

[139] وفاء الوفا: 1/69.

[140] تذكرة الحفّاظ: 1/121.

[141] تهذيب التهذيب: 7/339.

[142] تاريخ بغداد: 1/120.

[143] هو الحافظ محمد بن ناصر أبو الفضل البغدادي _ المتوفي سنة 505 ه_ _ قال: ابن الجوزي في المنتظم: 18/103 رقم 4201: كان حافظاً متقناً ثقة لا مغمز فيه.

[144] مناقب أحمد لابن الجوزي: 609، البداية والنهاية لابن كثير: 10/365 حوادث سنة 241 ه_.

[145] فتح المتعال: 329.

[146] الشفاء بتعريف حقوق المصطفي: 2/131.

[147] التبرّك المشروع: 42.

[148] التبرّك المشروع: 86.

[149] صحيح البخاري: 7/172.

[150] المصدر السابق.

[151] وفاء الوفا: 1/69.

[152] مسند أحمد: 5/333، صحيح البخاري: 4/30 و 207، مجمع الزوائع: 6/150، باب غزوة خيبر، كتاب السنة لأبي عاصم: 594، السنن الكبري

للنسائي: 5/46 و 108، كتاب المناقب، فضائل علي بن أبي طالب، مسند أبي يعلي: 1/291، المعجم الكبير للطبراني: 6/152.

[153] كنز العمال: 13/205، وفاء الوفا: 1/67.

[154] كنز العمال: 13/205، وفاء الوفاء: 1/67.

[155] بحار الأنوار: 44 / 156.

[156] بحار الأنوار: 100/154.

[157] المصدر السابق: 157.

[158] بحار الأنوار: 44/328، الفتوح لابن أعثم: 5/26.

[159] الأنوار البهيّة: 110.

[160] بحار الأنوار: 100 / 237.

[161] المصدر السابق: 100/241.

[162] وفاء الوفا للسمهودي: 1/572.

[163] بحار الأنوار: 83/320.

[164] بحار الأنوار 101/119، الوسائل: 10/409.

[165] المصدر السابق.

[166] المصدر السابق.

[167] الوسائل: 10/415، البحار: 101/125.

[168] الوسائل: 10/421 _ 422.

[169] بحار الأنوار: 101/136.

[170] بحار الأنوار: 101/135.

[171] بحار الأنوار: 101/133.

[172] المصدر السابق.

[173] المصدر السابق: 101/136.

[174] الوسائل: 10/329.

[175] الوسائل: 10/352، كفاية الأثر للخزاز: 290.

[176] بحار الأنوار: 101/118.

[177] بحار الأنوار: 101/118.

[178] المصدر السابق.

[179] بحار الأنوار: 101/118.

[180] المصدر السابق.

[181] المصدر السابق: 101/120، الوسائل: 10/415، أمالي الشيخ: 202.

[182] المصدر السابق: 101/130.

[183] المصدر السابق: 101/132.

[184] الكافي، الفروع: 1/228، التهذيب: 1/575، من لا يحضره الفقيه: 1/91، الوسائل: 9/359 باب حكم الانتفاع بكسوة الكعبة.

[185] الوسائل: 9/360.

[186] الوسائل: 17/208 ح2، ثواب الأعمال: 83.

[187] المصدر السابق.

[188] الوسائل: 17/208، الخصال: 2/157.

[189] كنز العمال: 9/186.

[190] تفسير العياشي: 1/218.

[191] الوسائل: 17/210، مكارم الأخلاق: 446.

[192] المصدر السابق: 17/210 _ 211، فروع الكافي: 6/387، المحاسن: 574. والآية في سورة الأنفال: 11.

[193] الوسائل: 17/211.

[194] المصدر السابق: 17/212، الفروع: 6/388.

[195] المصدر السابق.

[196] الوسائل: 8/497، باب استحباب تتريب الكتاب.

[197] المصدر السابق.

[198] الوسائل: 8/497، باب استحباب تتريب الكتاب.

[199] المصدر السابق.

[200] جامع الترمذي: 5/66، كنز العمال: 6/289.

[201] سنن ابن ماجة: 2/1240، باب تتريب الكتاب، ح 3774، كنز العمال: 6/517، ح 16799.

[202] الإصابة: 2/304، حرف العين، القسم الأوّل، ترجمة عبدالله بن ربيع النميري، رقم 4669.

[203] كنز العمال: 10/245.

[204] كنز العمال: 10/245 ح

29306.

[205] المصدر السابق: ح 29307.

[206] المصدر السابق: ح 29309.

[207] المصدر السابق: 10 / 246، ح 29310.

[208] المصدر السابق: ح 29311.

[209] منهج الرشاد: 152، الفصل الثالث، في التبرك بالقبور ونحوها.

[210] كشف الارتياب: 431.

[211] الفاتحة: 5.

[212] الصواعق الإلهية في الردّ علي الوهابية: 47 _ 56.

[213] الغدير: 5/146، باب التبرّك بالقبر الشريف.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.