الدرجات الرفيعه في طبقات الشيعه

اشارة

‏سرشناسه : مدني، علي‌خان‌بن احمد، ۱۱۲۰ - ۱۰۵۲؟ق
‏عنوان و نام پديدآور : الدرجات الرفيعه في طبقات الشيعه/ تاليف علي‌خان بن احمد المدني الشيرازي الحسيني؛ قدم‌له محمدصادق بحرالعلوم
‏مشخصات نشر : نجف.
‏مشخصات ظاهري : ص ۵۹۶
‏وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي
‏يادداشت : عربي
‏يادداشت : ص. ع. لاتيني‌شده:Al -Saled Ali Khanal - Madan, Al-Motawafflsanah. Al-Dara Jatraflah.
‏شماره كتابشناسي ملي : ۵۱۷۳۳

مقدمة الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم ما ترنمت مطربات عنادل الأقلام علي عذبات أنامل الأعلام. ولا تفتحت كمائم أزهار زاهر الكلام في نواضر حدائق الأرقام، بأحسن من حمد مالك أرغم بقدرته كل منكر وجاحد، وأظهر في كل شئ آية تدل علي أنه واحد، فشهدت بوحدانيته السماء مزينة بزينة الكواكب، والأرض حاملة أثقال أعبائها علي المناكب؛ والصباح هاتك لستور الظلماء نهاره مطردة في الحدائق الخضر أنهاره والمساء رافلة في حلل السواد سواهم ليله راكضة في ميادين الظلام أداهم خيله والبحار ملتطمة بالجزر والمد أمواج عبابها، منتشرة انتشار اللؤلؤ حبات حبابها والأنهار منسابة في الجداول انسياب الحيات في الرمال، مطردة إطراد الذوابل في أكف الأبطال حين النزال، والماء بائحا صفاءه بأسراره، لائحا حصباؤه في قراره، والنار لامعة سبائك لهبها. مائجة ذوائب عذبها، والرياح ناسمة جنوبا وشمالا مؤرجة بنفحاتها يمينا وشمالا، والهواء حاملا الماء في بطون الغمام سائرا بالجواري المنشئات في البحر كالأعلام، والطير مفصحة بعد عجمتها مطربة بالأسحار بنغمتها، والخيل مسابقة في مجاريها معقود الخير بنواصيها، والإبل هادرة بجر اجرها مجترة بحناجرها، كلها ألسنة ناطقة بوحدانيته وأدلة ثابتة علي فردانيته، أحمده بماله من المحامد السنية، وأشكره علي سوابغ نعمه الهنية وثمرات عوارفه اليانعة الجنية التي أبلغت المأمن وبلغت الأمنية، لا سيما التوفيق للاقرار بالنبوة المحمدية، والإمامة العلوية. والطهارة الفاطمية، والسيادة الحسنية
صفحه(٢)
والبسالة الحسينية، والعبادة السجادية، والعلوم الباقرية، واللهجة الصادقية والحلوم الكاظمية والرجاحة الرضوية، والسماحة الجوادية، والأخلاق النقوية والشهامة العسكرية، والخاتمة المهدوية فأصلي وأسلم علي ذي الأعراق الزكية والأعراف الذكية، والقبلة المكية المبعوث إلي البرية بالملة المرضية، وعلي آله وعترته أولي النفوس القدسية والعلوم اللدنية والمراتب العلية والمناقب العلوية أئمة الأمة وكاشفي الغمة، وسبل الهداية وأعلام الولاية، وسفن النجاة وأبواب المناجاة، صلي الله وسلم عليه وعليهم صلاة وسلاما يبلغان الأمل ويزكيان العمل ما خطت الأقلام وخطت الأقدام.
اما بعد فيقول العبد الفقير إلي ربه الغني (علي صدر الدين) ابن احمد نظام الدين الحسيني الحسني عاملهما الله بلطفه الخفي وفضله السني إني منذ ارتضعت در الفضل والعلم، واتشحت رداء العقل والحلم لم أزل مجتنيا من رياض الفضل أزهي أزهارها واردا من موارد الفواضل أصفي أنهارها، مؤلفا بتقييد شوارد الفوائد مغرما نظم فرائد القلائد، متبعا آثار أرباب التأليف مقتضيا رسوم أصحاب التصنيف وكنت في حدثان السن وريعان الصبا وعنفوان الشباب أقدر في خلدي جمع طبقات عالية تحتوي علي عيون أخبار أعيان الفرقة الناجية، أعني الشيعة الإمامية والفرقة الثاني عشرية، إذ لم اقف لأحد من أصحابنا رضوان الله عليهم علي كتاب واف بهذا الغرض، قائم بأداء هذا الحكم المفترض سوي كتب الرجال وهي مع ضيق مجالها لم تحتو الا علي رواة الأحاديث ورجالها، حتي وقفت علي كتاب صنف قبل عصرنا هذا بقليل نحا مؤلفه نحو هذا الغرض الجليل، وهو الكتاب المسمي (بمجالس المؤمنين) للقاضي نور الله التوستري نور الله ضريحه وأحله من مبوأ الرضوان فسيحه غير أنه لم يبرئ مني عليلا ولم يبرد لي غليلا، اما أولا:
فلأنه فارسي العبارة أعجمي الإشارة وليس أربي إلا اللسان العربي، واما ثانيا فلأنه جاء بالطم والرم ولم يميز بين الروح والجرم، فأفسد السمين بالغث ورقع الجديد
(٣)
صفحهمفاتيح البحث: شيعة أهل البيت عليهم السلام (1)، مدينة الكاظمين (1)، الغني (1)، الإخفاء (1)، الصّلاة (1)
بالرث وأدخل الدخيل في الصريح وجمع بين الصحيح والجريح، وعد من أصحابنا ما لا ينزل بفنائهم ولا يسقي من إنائهم، وأهمل ذكر جماعة من مشايخنا هم أشهر من أن لا يعرفوا، وحاشاهم من أن يكونوا نكرات فيعرفوا فحرك مني هذا الاستدراك ما كان مني في مستكن الخاطر وما به حراك، وذلك بعد أن اشتعل الرأس شيبا وامتلأت العيبة عيبا فأزمعت أولا علي تأليف كتاب بسيط حافل كاف في القيام بهذا المقصد كامل.
ثم رأيت أن ذلك يفتقر إلي بسطة فراغ وسكون في هذا الوقف المتصف بالمقت مما لا يكون، مع اشتغال البال واشتعال البلبال، والخطوب ثائره والساعات طائره، والفرص خطفات بروق تأتلق، والنفوس علي فواتها تذوب وتحترق، فثنيت العنان عن ذلك المرام، واخذت في تأليف هذا الكتاب المفرغ في قالب الإيجاز والإحكام مع التزامي أن لا أخليه من عيون الأخبار والنكت المعتبرة لدي الاعتبار وأن لا أخل فيه بما يجب ذكره في محاسن كل انسان، مما يليق به من نادرة أو شعر أو مكرمة أو احسان، هذا مع التثبت والتحري في النقل وعدم التساهل الذي لا يسيغه العقل وإذ أسفر إن شاء الله تعالي من أفق النمام صاحبه وأزهر بنور الكلام مصباحه: سميته:
(الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة) سائلا ممن نظر فيه ونهل من صافيه أن يقيل عثاري وزللي، ويستر عواري وخللي، وهو المثاب في اصلاح ما طغي به القلم وزلت به القدم، فان الإنسان محل النسيان وأول ناس أول الناس.
ورتبته علي اثنتي عشرة طبقة الأولي في الصحابة: الثانية في التابعين الثالثة في المحدثين الذين رووا عن الأئمة عليهم السلام، الرابعة في العلماء من سائر المحدثين والمفسرين والفقهاء (رض)، الخامسة في الحكماء والمتكلمين، السادسة في علماء العربية، السابعة في السادة الصفوية، الثامنة في الملوك والسلاطين، التاسعة في الأمراء، العاشرة في الوزراء، الحادية عشرة في الشعراء، الثانية عشرة في النساء.
صفحه(٤)
المقدمة اعلم رحمك الله ان شيعة أمير المؤمنين " ع " والأئمة من ولده عليهم السلام لم يزالوا في كل عصر وزمان ووقت وأدان، مختفين في زوايا الاستتار محتجبين احتجاب الأسرار في صدور الأحرار وذلك لما منوا به من معاداة أهل الإلحاد ومناواة أولي النصب والعناد، الذين أزالوا أهل البيت عليهم السلام عن مقاماتهم ومراتبهم وسعوا في إخفاء مكارمهم الشريفة ومناقبهم، فلم يزل كل متغلب منهم يبذل في متابعة الهوي مقدوره ويلتهب حسدا ليطفئ نور الله ويأبي الله الا أن يتم نوره، كما روي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام انه قال لبعض أصحابه: يا فلان ما لقينا من ظلم قريش إيانا وتظاهرهم علينا، وما لقي شيعتنا ومحبونا من الناس ان رسول الله صلي الله عليه وآله قبض وقد أخبر الناس أنا أولي الناس بالناس، فتمالأت علينا قريش حتي أخرجت الأمر عن معدنه واحتجت علي الأنصار بحقنا وحجتنا ثم تداولتها قريش واحدا بعد واحد حتي رجعت إلينا فنكثت ونصبت الحرب لنا، ولم يزل صاحب الأمر في صعود كؤود حتي قتل فبويع الحسن ابنه وعوهد ثم غدر به وأسلم، ووثب عليه أهل العراق حتي طعن بخنجر في جنبه وانتهب عسكره وعولجت خلا خيل أمهات أولاده. فوادع معاوية وحقن دمه ودم أهل بيته وهم قليل حتي قتل، ثم بايع الحسين عليه السلام من أهل العراق عشرون ألفا ثم غدروا به وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم فقتلوه ثم لم نزل أهل البيت نستذل ونستضام، ونقصي، ونمتهن، ونحرم ونقتل، ونخاف ولا نأمن علي دمائنا ودماء أوليائنا ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعا يتقربون به إلي أوليائهم وقضاة السوء وعمال السوء
(٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، دولة العراق (2)، القتل (1)، الحرب (1)
في كل بلدة فحدثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة ورووا عنا ما لم نقله وما لم نفعله ليبغضونا إلي الناس، وكان عظم ذلك وكبره في زمن معاوية بعد موت الحسن " ع " فقتلت شيعتنا بكل بلدة، وقطعت الأيدي والأرجل علي الظنة، وصار من ذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلي زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين " ع " ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتلة وأخذهم بكل ظنة وتهمة، حتي أن الرجل ليقال له زنديق أو كافر أحب إليه من أن يقال له شيعة علي.
وروي أبو الحسن علي بن محمد بن أبي يوسف المدايني في كتاب (الأحداث) قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلي عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روي شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته، فقامت الخطباء في كل كورة وعلي كل منير يلعنون عليا ويبرؤون منه. ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي " ع "، فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم إليها البصرة، وكان يتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي " ع " فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون وصلبهم علي جذوع النخل، وطردهم وشردهم من العراق، فلم يبق بها معروف منهم وكتب معاوية إلي عماله في جميع الآفاق: أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي " ع " وأهل بيته شهادة. وكتب إليهم ان انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل بيته والذين يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم وقربوهم واكرموهم واكتبوا إلي بكل ما يروي كل رجل منهم، واسمه واسم أبيه وعشيرته، ففعلوا ذلك حتي أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطايع، ويفيضه في العرب منهم والموالي فكثر ذلك في كل مصر، وتنافسوا في المنازل والدنيا فليس يجئ أحد بخبر مردود من الناس عاملا من عمال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة الا كتب اسمه
(٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (1)، الأحاديث الموضوعة (1)، عبيد الله بن زياد لعنه الله (1)، مدينة البصرة (1)، علي بن محمد (1)، القتل (2)، الشهادة (1)، الجماعة (1)
وقربه وشفعه، فلبثوا بذلك حينا ثم كتب إلي عماله: ان الحديث في عثمان قد كثر وفشي في كل مصر وفي كل وجه وناحية فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلي الرواية في فضل الصحابة والخلفاء الأولين ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وأتوني بمناقض له في الصحابة، فان هذا أحب إلي وأقر لعيني وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله فقرئت كتبه علي الناس فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها وجد الناس في رواية ما يجري هذا المجري حتي أشادوا بذكر ذلك علي المنابر وألقي إلي معلمي المكاتب، فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتي رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن، وحتي علموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم فلبثوا بذلك ما شاء الله تعالي، ثم كتب إلي عماله نسخة واحدة إلي جميع البلدان انظروا من قامت عليه البينة انه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان وأسقطوا عطاه ورزقه وشفع ذلك بنسخة أخري، من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره. فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ولا سيما بالكوفة، حتي أن الرجل من شيعة علي " ع " ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقي إليه بسره ويخاف من خادمه ومملوكه ولا يحدثه حتي يأخذ عليه الإيمان الغليظة ليكتمن عليه، فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر، ومضي علي ذلك الفقهاء القضاة والولاة، وكان أعظم ذلك بلاء القراء المراؤون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ويقربوا مجالسهم ويصيبوا به الأموال والضياع، حتي انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلي أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق، ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها.
ولم يزل كذلك حتي مات الحسين بن علي " ع " فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل الا خايف علي دمه أو طريد في الأرض. ثم تفاقم
(٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (1)، القرآن الكريم (1)، الكذب، التكذيب (1)، الوسعة (1)، الموت (1)
الأمر بعد قتل الحسين " ع " وولي عبد الملك بن مروان فاشتد علي الشيعة، وولي عليهم الحجاج بن يوسف فتقرب إليه أهل النسك والصلاح والذين يبغضون عليا عليه السلام ويوالون أعداءه فأكثروا من الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم وأكثروا من الغض من علي " ع " وعيبه والطعن فيه والشنآن له حتي أن إنسانا وقف للحجاج، ويقال انه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب فصاح به: أيها الأمير ان أهلي عقوني فسموني عليا وإني فقير بائس واما إلي صلة الأمير محتاج فتضاحك له الحجاج وقال: للطف ما توسلت به وقد وليتك موضع كذا. وقد روي ابن عرفه المعروف بنفطويه وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم في تاريخه ما يناسب هذا الخبر وقال: ان أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم.
قال المؤلف عفا الله عنه ولم يزل الأمر علي ذلك سائرا في خلافة بني أمية حتي جاءت الخلافة العباسية فكانت أدهي وأمر وأخزي وأضر، وما لقيه أهل البيت " ع " وشيعتهم في دولتهم أعظم مما منوا به في الخلافة الأموية كما قيل:
والله ما فعلت أمية فيهم * معشار ما فلعت بنو العباس ثم شب الزمان علي ذلك وهرم، والشأن مضطرب والشنآن مضطرم والدهور لا يزداد الا عبوسا والأيام لا تبدي لأهل الحق إلا بؤسا، ولا معقل الشيعة من هذه الخطة الشنيعة في أكثر الأعصار ومعظم الأمصار الا الانزواء في زوايا التقية والانطواء علي الصبر بهذه البلية، وهذا السبب للذي من أجله لم يصنف أحد من أصحابنا كتابا في هذا الشأن علي مرور الدهر وكرور الزمان فخفي علينا أحوال كثير من أكابر الشيعة وأركان الشريعة، والمسؤول ممن وقف علي هذا التصنيف، ورشف من زلال هذا التأليف؛ ان لا يبديه الا إلي أهله وان يكتمه عمن أركسه الله في جهله، توقيا من عناد الناصبين، وأولي العدوان الغاضبين، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
(٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الدولة الأموية (1)، الأحاديث الموضوعة (1)، بنو عباس (1)، يوم عرفة (1)، بنو أمية (2)، بنو هاشم (1)، الجهل (1)، القتل (1)، الظنّ (1)، الصبر (1)، التقية (1)، السب (1)

الطبقة الأولي في الصحابة المقدمة الأولي في تعريف الصحابة

الطبقة الأولي في الصحابة وقد عن لنا ان نقدم هنا مقدمات:
المقدمة الأولي في تعريف الصحابة وهو علي أظهر القول من لقي النبي صلي الله عليه وآله مؤمنا به ومات علي الإسلام ولو تحللت رده والمراد من اللقاء ما هو أعم من المجالسة والمماشاة ووصول أحدهما إلي الأخر وان لم يكالمه، ويدخل فيه رؤية أحدهما للآخر سواء كان ذلك بنفسه أو بغيره، كما إذا حمل شخص طفلا إلي النبي صلي الله عليه وآله والمراد رؤيته في حال حياته والا فلو رآه بعد موته قبل دفنه كأبي ذؤيب الهذلي فليس بصحابي علي المشهور، وكذا المراد برؤيته أعم من أن يكون مع تميزه وعقله حتي يدخل فيه الأطفال الذين حنكهم ولم يروه بعد التمييز، ومن رآه وهو لا يعقله، والتعبير باللقاء أولي من قول بعضهم الصحابي من رأي النبي صلي الله عليه وآله لأنه يخرج حينئذ ابن أم مكتوم ونحوه من العميان وهم صحابه بلا تردد. واللقاء في هذا التعريف كالجنس يشمل المحدود وغيره.
وقولنا مؤمنا كالفصل يخرج من حصل له اللقاء المذكور ولكن في حال كونه كافرا لم يؤمن بأحد من الأنبياء كالمشركين، وقولنا به فصل ثان يخرج من لقيه مؤمنا لكن بغيره من الأنبياء عليه السلام لكنه هل يخرج من لقيه مؤمنا بأنه سيبعث ولم يدرك البعثة كبحير الراهب؛ فيه تردد. فمن أراد اللقاء حال نبوته حتي لا يكون مثله صحابيا عنده يخرج عنه، ومن أراد أعم منه يدخل، وقولنا مات علي الإسلام يخرج من ارتد بعد أن لقيه مؤمنا ومات علي الردة كعبد الله
(٩)
صفحهمفاتيح البحث: الأنبياء (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، البعث، الإنبعاث (1)، الموت (1)
ابن جحش وابن خطل، وقولنا ولو تخللت برده أي بين لقائه مؤمنا وبين موته صلي الله عليه وآله بل بعده أيضا، فان اسم الصحبة باق سواء رجع إلي الإسلام في حياته أو بعده، وسواء لقيه ثانيا بعد الرجوع إلي الإسلام أم لا هذا مذهب الجمهور خلافا لبعضهم قالوا ويدل عليه قصة الأشعث بن قيس فإنه كان ممن ارتد وأتي به إلي أبي بكر أسيرا فعاد إلي الإسلام فقبل منه ذلك وزوجه أخته وكانت عوراء فأولدها ابنه محمدا أحد قاتلي الحسين " ع ". ولم يتخلف أحد من ذكره في الصحابة ولا من تخريج أحاديثه في المسانيد وغيرها، وقيل إن الصحابي هو من طالت مجالسته له صلي الله عليه وآله علي طريق السمع والأخذ عنه فلا يدخل من وفد عليه وانصرف بدون مكث وهو قول أصحاب الأصول. وحكي عن سعد ابن المسيب قال: لا يعد صحابيا الا من أقام معه صلي الله عليه وآله سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين. ووجهه أن صحبته شرف عظيم فلا ينال الا باجتماع يظهر فيه الخلق المطبوع عليه الشخص كالغزو المشتمل علي السفر الذي هو قطعة من سقر، والسنة المشتملة علي الفصول الأربعة التي بها يختلف المزاج، وعورض بأنه صلي الله عليه وآله لشرف منزلته أعطي كل من رآه حكم الصحبة، وأيضا يلزم ان لا يعد جويبر بن عبد الله ونحوه صحابيا ولا خلاف في أنهم صحابة، ثم أن الصحابة علي مراتب كثيرة بحسب التقدم في الإسلام والهجرة والملازمة والقتال تحت رايته والرواية منه ومكالمته ومشاهدته ومماشاته وان اشترك الجميع في شرف الصحبة، ويعرف كونه صحابيا بالتواتر والاستفاضة والشهرة القاصرة عن التواتر وأخبار الثقة وقبض رسول الله صلي الله عليه وآله عن مائة وأربعة عشر صحابي آخرهم موتا علي الاطلاق أبو الطفيل عامر بن وائلة، مات سنة مائة من الهجرة والله تعالي اعلم.
(١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو الطفيل (1)، القتل (1)، الموت (1)

المقدمة الثانية في حكم الصحابة في العدالة ومعناها

المقدمة الثانية حكم الصحابة عندنا في العدالة حكم غيرهم، ولا يتحتم الحكم بالأيمان والعدالة بمجرد الصحبة ولا يحصل بها النجاة من عقاب النار وغضب الجبار الا ان يكون مع يقين الايمان وخلوص الجنان، فمن علمنا عدالته وايمانه وحفظه وصية رسول الله في أهل بيته، وانه مات علي ذلك كسلمان وأبي ذر وعمار واليناه وتقربنا إلي الله تعالي بحبه، ومن علمنا أنه انقلب علي عقبه وأظهر العداوة لأهل البيت " ع " عاديناه لله تعالي وتبرأنا إلي الله منه ونسكت عن المجهولة حاله، وقالت العامة والحشوية، الواجب الكف والامساك عن جميع الصحابة وعما شجر بينهم واعتقاد الأيمان والعدالة فيهم جميعا وحسن الظن بهم كلهم وقال أبو المعالي الجويني منهم ان رسول الله صلي الله عليه وآله نهي عن الكلام فيما شجر بين أصحابه وقال إياكم وما شجر بين أصحابي. وقال ادعو إلي أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا لما بلغ مدي أحدهم ولا نصفه وقال أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وقال:
خيركم القرآن الذي أنا فيه ثم الذي يليه. وقد ورد في القرن الثناء علي الصحابة وعلي التابعين. وقال رسول الله صلي الله عليه وآله: وما يدريك لعل الله اطلع علي أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
وقد روي عن الحسن البصري انه ذكر عنده الجمل وصفين فقال، تلك دماء طهر الله منها أسيافنا فلا نلطخ بها ألسنتنا. ثم إن تلك الأحوال قد غابت عنا وبعدت أخبارها علي حقايقها فلا يليق بنا ان نخوض فيها، ولو كان واحد من هؤلاء قد أخطأ لوجب ان يحفظ رسول الله صلي الله عليه وآله فيه فمن المروة ان يحفظ رسول الله صلي الله عليه وآله في عايشة زوجته: وفي الزبير بن عمه؛ وفي طلحة الذي وقاه بيده، ثم ما الذي ألزمنا وأوجب علينا ان نلعن أحدا من المسلمين أو نبرأ منه
(١١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، حديث أصحابي كالنجوم (1)، الحسن البصري (1)، الجويني (1)، القرآن الكريم (1)، الزوجة (1)، الموت (1)، الطهارة (1)، الظنّ (1)
وأي ثواب في اللعنة والبراءة، ان الله تعالي لا يقول يوم القيامة للمكلف: لم لم تعلن؟
بل يقول له لم لعنت؟ ولو أن انسانا عاش عمره كله لم يلعن إبليس لم يكن عاصيا ولا آثما، ولو جعل الإنسان عوض اللعنة استغفر الله كان خيرا له، ثم كيف يجوز للعامة ان تدخل نفسها في أمور الخاصة، وأولئك قوم كانوا أمراء هذه الأمة وقادتها ونحن اليوم في طبقة سافلة جدا عنهم فكيف يحسن بنا التعرض لذكرهم؟ أليس بقبيح من الرعية ان تخوض في دقائق أمور الملك وأحواله وشئونه التي تري بينه وبين أهله وبني عمه ونسائه وسراريه؟ وقد كان رسول الله صلي الله عليه وآله صهرا لمعاوية وأخته أم حبيبة تحته، فالأدب ان تحفظ أم حبيبة وهي أم المؤمنين في أخيها، وكيف يجوز أن يلعن من جعل بينه وبين رسول الله مودة أليس المفسرون كلهم قالوا هذه الآية نزلت في أبي سفيان وآله وهي قوله تعالي عسي الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة. وكان ذلك مصاهرة رسول الله صلي الله عليه وآله أبا سفيان وتزوجه ابنته علي أن جميع ما ينقله الشيعة من الاختلاف بينهم والمشاجرة لم يثبت، ولم يكن القوم الا كبني أم واحدة ولم يتكدر باطن أحد منهم علي صاحبه قط، ولا وقع بينهم اختلاف ولا نزاع انتهي كلامه.
وقد قصدي بعض الشيعة الزيدية لنقضه ورده بما لا غني بنا عن ذكره هنا فقال ما ملخصه: لولا أن الله تعالي أوجب معاداة أعدائه كما أوجب موالاة أوليائه، وضيق علي المسلمين تركها إذا دل العقل عليها، وأوضح الخبر عنها بقوله سبحانه: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم وبقوله تعالي: ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما انزل إليه ما اتخذوهم أولياء. وبقوله تعالي: لا تتولوا قوما غضب الله عليهم. لاجماع المسلمين علي أن الله تعالي فرض عداوة أعدائه وولاية أوليائه، وعلي ان البغض في الله واجب والحب في الله واجب لما تعرضنا لمعاداة من أحد الناس في الدين ولا البراءة منه ولكانت عداوتنا للقوم تكلفا
(١٢)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، الغني (1)، الجواز (1)
ولو ظننا الله عز وجل يعذرنا إذا قلنا: يا رب غاب أمرهم عنا فلم يكن لخوضنا في أمر قد غاب عنا معني. لاعتمدنا علي هذا العذر وواليناهم، ولكنا نخاف ان يقول سبحانه لنا: ان كان أمرهم قد غاب عن أبصاركم فلم يغب عن قلوبكم وأسماعكم قد أتتكم به الأخبار الصحيحة التي بمثلها ألزمتم أنفسكم الإقرار بالنبي صلي الله عليه وآله وموالاة من صدقه ومعاداة من عصاه وجحده وأمرتم بتدبر القرآن وما جاء به الرسول فهلا حذرتم من أن تكونوا من أهل هذه الآية القائلين غدا ربنا انا أطعنا ساداتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل. فاما لفظة اللعن فقد أمر الله تعالي بها وأوجبها الا تري إلي قوله تعالي: أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون فهو اخبار معناه الأمر كقوله: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء. وقد لعن الله تعالي الغاصبين بقوله: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داود. وقوله ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا وقوله: ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا وقال الله لإبليس: وان عليك لعنتي إلي يوم الدين. وقال: ان الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا. فأما قول من يقول أي ثواب في اللعن وان الله تعالي لا يقول للمكلف لم لم تلعن بل قد يقول له لم لعنت وانه لو جعل مكان لعن الله فلانا اللهم اغفر لي لكان خيرا له ولو أن انسانا عاش عمره كله ولم يلعن إبليس لم يؤاخذ بذلك. فكلام جاهل لا يدري ما يقول اللعن طاعة ويستحق عليها الثواب إذا فعلت علي ووجهها، وهو ان يلعن مستحق اللعنة لله وفي الله لا في العصبية والهوي، لأن الشرع قد ورد بها في نفي الولد ونطق بها القرآن، وهو ان يقول الزوج في الخامسة: ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين. فلو لم يكن الله تعالي يريد ان يتلفظ عباده بهذه اللفظة، وانه قد تعبدهم بها لما جعلها من معالم الشرع، ولما كررها في كثير من كتابه العزيز ولما قال في حق القائل: وغضب الله عليه ولعنه وليس المراد من قوله ولعنه الا الأمر لنا أن نلعنه، ولو لم يكن المراد ذلك لكان لنا ان نلعنه لأن الله تعالي قد لعنه
(١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، القرآن الكريم (2)، العزّة (1)، القتل (2)، الزوج، الزواج (1)، الجهل (1)
فيلعن الله تعالي انسانا ولا يكون لنا ان نلعنه، هذا ما لا يسوغ كما لا يجوز ان يمدح انسانا الا ولنا ان نمدحه ولا بذمه إلا ولنا ان نذمه وقال: هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله. من لعنه وقال ربنا اتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا. وقال تعالي: وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا. وكيف يقول القائل ان الله تعالي لا يقول للمكلف لم لم تلعن الا يعلم هذا القاتل ان الله تعالي أمر بولاية أوليائه وامر بعداوة أعدائه، فكما يسأل عن التولي يسأل عن التبرئ الا تري ان اليهودي إذا أسلم يطالب بان يقال له تلفظ بكلمة الشهادتين ثم قل: تبرأت من كل دين يخالف دين الإسلام. فلا بد من البراءة لأن بها يتم العلم ألم يسمع هذا القاتل قول الشاعر:
تود عدوي ثم تزعم انني * صديقك ان الرأي عنك لعازب فمودة العدو خروج عن ولاية الولي وإذا بطلت المودة لم يبق الا البراءة لأنه لا يجوز أن يكون الإنسان في درجة متوسطة مع أعداء الله تعالي وعصاته بان لا يؤذيهم ولا يبرأ منهم باجماع المسلمين علي نفي هذه الواسطة، واما قوله لو جعل عوض اللعنة استغفر الله لكان خيرا له فإنه لو استغفر من غير أن يلعن أو يعتقد وجوب اللعن لما نفعه استغفاره ولا قبل منه لأنه يكون عاصيا لله تعالي مخالفا امره في امساكه عمن أوجب الله تعالي عليه البراءة منه واظهار البراءة والمصر علي بعض المعاصي لا تقبل توبته واستغفاره عن البعض الآخر واما من يعيش عمره ولا يلعن إبليس فان كان لا يعتقد وجوب لعنه فهو كافر وان كان يعتقد وجوب لعنه ولا يلعنه فهو مخطئ وعلي ان الفرق بينه وبين ترك لعنة رؤوس الضلالة في هذه الأمة كمعاوية والمغيرة وأمثالهما ان أحدا من المسلمين لا يورث عنده الأمساك عن لعنة إبليس شبهة في أمر إبليس والامساك لعن هؤلاء وأضرابهم يثير شبهة عند كثير من المسلمين في أمرهم وتجنب ما يورث الشبهة في الدين واجب فلهذا لم يكن الأمساك عن لعن إبليس نظيرا للامساك عن أمر هؤلاء قال ثم يقال
(١٤)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (1)، الباطل، الإبطال (1)، العذاب، العذب (1)، الجواز (2)، الوجوب (1)
للمخالفين أرأيتم لو قال قائل قد غاب عنا أمر يزيد بن معاوية والحجاج بن يوسف فليس ينبغي ان نخوض في قصتهما ولا ان نلعنهما ونعاديهما ونبرأ منهما هل كان هذا إلا كقولكم قد غاب عنا أمر معاوية والمغيرة بن شعبة وأضرابهما فليس لخوضنا في قصتهم معني وبعد فكيف أدخلتم أيها العامة والحشوية وأهل الحديث أنفسكم في أمر عثمان وخضتم فيه وقد غاب عنكم وبرئتم من قتله ولعنتموهم وكيف لم تحفظوا أبا بكر الصديق في محمد ابنه فإنكم لعنتموه وفسقتموه ولا حفظتم عايشة أم المؤمنين في أخيها محمد المذكور ومنعتمونا ان نخوض وندخل أنفسنا في أمر علي والحسن والحسين " ع " ومعاوية الظالم له ولهما المتغلب علي حقه وحقوقهما وكيف صار لعن ظالم عثمان من السنة عندكم ولعن ظالم علي والحسن والحسين " ع " تكلف وكيف أدخلت العامة أنفسها في أمر عائشة وبرئت ممن نظر إليها ومن القائل لها يا حميرا وانما هي حميراء ولعنته بكشفه سترها ومنعتنا نحن عن الحديث في أمر فاطمة وما جري لها بعد وفاة أبيها فان قلتم ان بيت فاطمة انما دخل وسترها انما كشف حفظا لنظام الإسلام وكيلا ينتشر الأمر ويخرج قوم من المسلمين اعتاقهم من ربقة الطاعة ولزوم الجماعة قيل لكم وكذلك ستر عايشة انما كشف وهودجها انما هتك لأنها نشرت حبل الطاعة وشقت عصا المسلمين وأراقت دماء المؤمنين من قبل وصول علي بن أبي طالب " ع " إلي البصرة وجري لها مع عثمان بن حنيف وحكيم بن جبلة ومن كان معها من المسلمين الصالحين من القتل وسفك الدماء ما ينطق به كتب التواريخ والسير فإذا جاز دخول بيت فاطمة لأمر لم يقع بعد جاز كشف ستر عايشه علي ما قد وقع وتحقق فكيف صار هتك ستر عايشه من الكبائر التي يجب معها التخليد في النار والبراءة من فاعله ومن أوكد عري الايمان وصار كشف بيت فاطمة والدخول عليها منزلها وجمع الحطب ببابها وتهددها في التحريق من أوكد عري الدين وأثبت دعائم الإسلام ومما أعز الله به المسلمين واطفائه نار الفتنة والحرمتان واحدة والستران واحد وما نحن ان نقول لكم ان حرمة
(١٥)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، يزيد بن معاوية لعنهما الله (1)، المغيرة بن شعبة (1)، مدينة البصرة (1)، عثمان بن حنيف (1)، حكيم بن جبلة (1)، العزّة (1)، الصدق (1)، القتل (2)، الظلم (2)، الجماعة (1)، الوفاة (1)
فاطمة " ع " أعظم ومكانها ارفع وصيانتها لأجل رسول الله صلي الله عليه وآله أولي فإنها بضعة منه وجزء من لحمه ودمه وليست كالزوجة الأجنبية التي لا نسب بينها وبين الزوج وانما هي وصلة مستعارة وعقد يجري مجري إجارة المنفعة وكما يملك رق الأمة بالبيع والشراء ولهذا قال الفرضيون أسباب التوارث ثلاثة: سبب ونسب وولاء والنسب القرابة والسبب النكاح والولاء ولاء العتق فجعلوا النكاح خارجا من النسب ولو كانت الزوجة ذات نسب لجعلوا الأقسام الثلاثة قسمين فكيف تكون عايشة أو غيرها في منزلة فاطمة وقد أجمع المسلمون كلهم من يحبها ومن لا يحبها منهم انها سيدة نساء العالمين قال وكيف يلزمنا اليوم حفظ رسول الله صلي الله عليه وآله في زوجته وحفظ أم حبيبه في أخيها ولم تلزم الصحابة أنفسها حفظ رسول الله صلي الله عليه وآله في أهل بيته ولا الزمت الصحابة أنفسها حفظ رسول الله صلي الله عليه وآله في صهره وابن عمه عثمان بن عفان وقد قتلوه ولعنوه وقد كان كثير من الصحابة يلعن عثمان وهو خليفة منهم عايشة كانت تقول اقتلوا نعثلا لعن الله نعثلا ومنهم عبد الله بن مسعود وقد لعن معاوية علي بن أبي طالب وابنيه حسنا وحسينا وهم احياء يرزقون في العراق وهو يلعنهم في الشام علي المنابر ويقنت عليهم في الصلوات وقد لعن أبو بكر وعمر سعد بن عبادة وهو حي وبرئا منه وأخرجاه من المدينة إلي الشام ولعن عمر خالد بن الوليد لما قتل مالك بن نويرة وما زال اللعن فاشيا في المسلمين إذا عرفوا من الانسان معصية تقتضي اللعن والبرائة قال ولو كان هذا أمر معتبرا وهو أن يحفظ زيد لأجل عمر وفلا يلعن لوجب ان يحفظ الصحابة في أولادهم فلا يلعنوا لأجل آبائهم فكان يجب ان يحفظ سعد بن أبي وقاص فلا يلعن عمر ابن سعد قاتل الحسين " ع " وان يحفظ معاوية فلا يلعن يزيد صاحب وقعة الحرة وقاتل الحسين " ع " ومخيف المسجد الحرام بمكة وان يحفظ عمر بن الخطاب في عبيد الله ابنه قاتل الهرمزان والمحارب عليا في صفين قال علي أنه لو كان الامساك عن عداوة من عادي الله من أصحاب محمد رسول الله من حفظ رسول الله في أصحابه ورعاية
(١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، عمر بن سعد لعنه الله (1)، الخليفة عثمان بن عفان (1)، دولة العراق (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، علي بن أبي طالب (1)، خالد بن الوليد (1)، سعد بن عبادة (1)، مسجد الحرام (1)، الشام (2)، القتل (3)، الزوجة (1)، الصّلاة (1)، العتق (1)
عهده وعقده لم نعادهم ولو ضربت رقابنا بالسيوف ولكن محبة رسول الله صلي الله عليه وآله لأصحابه ليست كمحبة الجهال الذين يضع أحدهم حجته لصاحبه مع المعصية وانما أوجب رسول الله صلي الله عليه وآله محبة أصحابه لطاعة الله فإذا عصوا الله وتركوا ما أوجب محبتهم فليس عند رسول الله صلي الله عليه وآله محاباة في ترك لزوم ما كان عليه في محبتهم ولا تغطرس في العدول عن التمسك بموالاتهم فلقد كان رسول الله صلي الله عليه وآله يحب ان يعادي أعداء الله ولو كانوا عترته كما يحب ان يوالي أولياء الله وان كانوا أبعد الخلق نسبا منه والشاهد علي ذلك اجماع الأمة علي أن الله تعالي أوجب عداوة من ارتد بعد الإسلام وعداوة من نافق وان كان من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله وان رسول الله صلي الله عليه وآله هو الذي أمر بذلك ودعا إليه وذلك أنه صلي الله عليه وآله قد أوجب قطع يد السارق وضرب القاذف وجلد البكر إذا زنا وان كان من المهاجرين والأنصار الا تري انه قال لو سرقت فاطمة لقطعتها فهذه ابنته الجارية مجري نفسه لم يحابها في دين الله ولا راقبها في حدود الله وجلد أصحاب الإفك وفيهم سطح بن أثاثه وكان من أهل بدر قال وبعد فلو كان محل أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله محل من لا يعادي إذا عصي الله سبحانه ولا يذكر بالقبيح بل يجب ان يراقب لأجل اسم الصحبة ويغضي عن عيوبه وذنوبه لكان كذلك صاحب موسي المسطور ثنائه في القرآن لما اتبع هواه فانسلخ عما أوتي من الآيات وغوي قال سبحانه واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولكان ينبغي ان يكون محل عبده العجل من أصحاب موسي " ع " هذا المحل لأن هؤلاء كلهم قد صحبوا رسولا جليلا من رسل الله تعالي قال ولو كانت الصحابة عند أنفسها بهذه المنزلة لعلمت ذلك من حال أنفسها لانهم أعرف بحالهم من عوام أهل دهرنا وإذا قدرت أفعال بعضهم ببعض دلتك علي أن القصة علي خلاف ما قد سبق إلي قلوب الناس اليوم هذا علي وعمار وأبو الهيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت وجميع من كان مع علي " ع " من المهاجرين والأنصار لم يروا
(١٧)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (2)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، المهاجرون والأنصار (1)، أبو الهيثم بن التيهان (1)، خزيمة بن ثابت (1)، القرآن الكريم (1)، الضرب (1)، السرقة (1)
ان يتغافلوا عن طلحة والزبير حتي فعلوا بهما وبمن معهما ما يفعل بالشراة في عصرنا وهذا طلحة والزبير وعايشة ومن كان معهم وفي جانبهم لم يروا ان يمسكوا عن علي " ع " حتي قصدوا له كما يقصد للمتغلبين في زماننا وهذا معاوية وعمر ولم يريا عليا " ع " بالعين التي يري بها العامي صديقه أو جاره ولم يقصرا دون ضرب وجهه بالسيف ولعنه ولعن أولاده وكل من كان حيا من أهله وقتل أصحابه وقد لعنهما هو أيضا في الصلاة المفروضات ولعن معهما أبا الأعور السلمي وأبا موسي الأشعري وكلاهما من الصحابة وهذا سعد بن أبي وقاص ومحمد به سلمة وأسامة ابن زيد وسعد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الله بن عمر وحسان بن ثابت وأنس بن مالك لم يروا ان يقلدوا عليا " ع " في حرب طلحة ولا طلحة في حرب علي " ع " وطلحة والزبير باجماع المسلمين أفضل من هؤلاء المعدودين لأنهم زعموا انهم قد خافوا ان يكون علي " ع " قد غلط وزل في حربهما وخافوا ان يكونا قد غلطا وزلا في حرب علي " ع " وهذا عثمان قد نفي أبا ذر إلي الربذة كما يفعل باهل الخنا والريب وهذا عمار وابن مسعود تلقيا عثمان بما تلقياه به لما ظهر لهما بزعمهما منه ما وعظاه لأجله ثم فعل عثمان ما تناهي إليكم ثم فعل القوم بعثمان ما قد علمتم وعلم الناس كلهم وهذا عمر يقول في قصة الزبير بن العوام لما استأذنه في الغزو أني ممسك بباب هذا الشعب ان يتفرق أصحاب محمد صلي الله عليه وآله في الناس فيضلوهم وزعم أنه وأبا بكر كانا يقولان ان عليا والعباس في قصة الميراث في عمهما كاذبين ظالمين فاجرين وما رأينا عليا والعباس اعتذرا ولا تنصلا ولا نقل أحد من أصحاب الحديث ذلك ولا رأيا أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله أنكروا عليهما ما حكاه عمرو عنهما ونسبه إليهما ولا أنكروا أيضا علي عمر وقوله في أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله انهم يريدون إضلال الناس ويهمون به ولا أنكروا علي عثمان دوس بطن عمار ولا كسر ضلع بن مسعود ولا علي عمار وابن مسعود ما تلقيا به عثمان كانكار العامة اليوم الخوض في حديث الصحابة ولا اعتقدت
(١٨)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عمر بن سعد لعنه الله (1)، الزبير بن العوام (1)، عبد الله بن عمر (1)، حسان بن ثابت (1)، أنس بن مالك (1)، سعد بن زيد (1)، الضلال (1)، الحرب (2)، القتل (1)، الصّلاة (1)
الصحابة في أنفسها ما تعتقده العامة فيها اللهم إلا أن يزعموا انهم أعرف بحق القوم منهم وهذا علي وفاطمة والعباس ما زالوا علي كلمة واحدة يكذبون الرواية نحن معاشر الأنبياء لا نورث ويقولون انها مختلقة قالوا وكيف كان النبي صلي الله عليه وآله يعرف هذا الحكم غيرنا ويكتمه عنا ونحن الورثة ونحن أولي الناس بان يؤدي هذا الحكم إليه وهذا عمر بن الخطاب يشهد لأهل الشوري انهم النفر الذين توفي رسول الله صلي الله عليه وآله وهو عنهم راض ثم يأمر بضرب أعناقهم ان أخر وافصل حال الإمامة هذا بعد أن ثلبهم وقال في حقهم ما لو سمعه العامة اليوم من قائل لوضعت ثوبه في عنقه سحبا إلي السلطان ثم شهدت عليه بالرفض واستحلت دمه فان كان الطعن علي بعض الصحابة رفضا فعمر بن الخطاب ارفض الناس وامام الروافض كلهم ثم شاع واشتهر من قول عمر كانت بيعة أبي بكر فلتة وقي الله شرها فمن عاد إلي مثلها فاقتلوه وهذا طعن في العقد وقدح في البيعة الأصلية ثم ما نقل عنه من ذكر أبي بكر في خلواته قوله عن عبد الرحمن وابنه انه دويبة سوء ولهو خير من أبيه ثم عمر القائل في سعد بن عبادة وهو رئيس الأنصار وسيدها اقتلوا سعدا قتل الله سعدا اقتلوه فإنه منافق قد شتم أبا هريرة وطعن في روايته وشتم خالد بن الوليد وطعن في دينه وحكم بفسقه وبوجوب قتله وخون عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان ونسبهما إلي سرقة مال الفئ واقتطاعه وكان سريعا إلي المسائة كثير الجبه والشتم والسب لكل أحد وقل ان يكون في الصحابة من سلم من معرة لسانه أو يده ولذلك أبغضوه وملوا أيامه مع كثرة الفتوح فيها فهلا احترم عمر الصحابة كما تحترمهم العامة اما ان يكون عمر مخطئا واما ان تكون العامة علي الخطأ فان قبلوا عمر ما شتم ولا ضرب ولا أساء الا إلي عاص مستحق لذلك قيل لهم فكانا نحن نقول إننا نريد ان نبرء ونعادي من لا يستحق البراءة والمعاداة كلا ما قلنا هذا ولا يقول هذا مسلم ولا عاقل وانما غرضنا الذي يجري بكلامنا هذا ان نوضح ان الصحابة قوم من الناس لهم ما
(١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي (1)، معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (2)، أبو هريرة العجلي (1)، خالد بن الوليد (1)، عمرو بن العاص (1)، سعد بن عبادة (1)، القتل (2)، الطعن (1)، الضرب (1)، الشهادة (1)، الوراثة، التراث، الإرث (1)
للناس وعليهم ما عليهم من أساء منهم ذممناه ومن أحسن منهم حمدناه وليس لهم عن غيرهم من المسلمين كبير فضل الا بمشاهدة الرسول صلي الله عليه وآله ومعاصرته لا غير بل ربما كانت ذنوبهم أفحش من ذنوب غيرهم لأنهم شاهدوا الأعلام والمعجزات فقرب اعتقادهم من الضرورة ونحن لم نشاهد ذلك فكانت عقايدنا محض النظر والفكر بعرضة الشبه والشكوك فمعاصينا أخف لأنا أعذر ثم نعود إلي ما كنا فيه فنقول وهذه عايشة أم المؤمنين خرجت بقميص رسول الله صلي الله عليه وآله لم يبل وهذا عثمان قد أبلي سننه اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا ثم لم ترض بذلك حتي قالت اشهد ان عثمان جيفة علي الصراط غدا فمن الناس من يقول روت بذلك خبرا ومن الناس من يقول موقوف عليها وبدون هذا لو قاله انسان اليوم يكون عند العامة زنديقا ثم قد حصر عثمان، حصره أعيان الصحابة فما كان أحد ينكر ذلك ولا يعظمه ولا يسعي ازالته وانما أنكر علي من أنكر علي المحاصرين له وهو رجل كما علمتم من وجوه أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله ثم من أشرافهم ثم هو أقرب إليه من أبي بكر وعمر وهو مع ذلك امام المسلمين والمختار منهم للخلافة وللإمام حق علي رعيته فان كان القوم قد أصابوا فإذن ليست الصحابة في الموضع الذي وضعتها به العامة وان كانوا ما أصابوا فهذا هو الذي نقول من أن الخطأ جائز علي آحاد الصحابة كما يجوز علي آحادنا اليوم ولسنا نقدح في الاجماع ولا ندعي اجماعا حقيقيا علي قتل عثمان وانما نقول ان كثيرا من المسلمين فعلوا ذلك والخصم يسلم ان ذلك كان خطأ ومعصية فقد سلم ان الصحابي يجوز ان يخطي ويعصي وهو المطلوب وهذا المغيرة بن شعبة وهو من الصحابة ادعي عليه الزنا وشهد عليه قوم بذلك فلم ينكر ذلك عمر ولا قال هذا محال وباطل لأن هذا صحابي من صحابة رسول الله صلي الله عليه وآله لا يجوز عليه الزنا وهلا أنكر عمر علي الشهود وقال لهم ويحكم هلا تغافلتم عنه لما رأيتموه يفعل ذلك فان الله تعالي قد أوجب الأمساك عن مساوي أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله وأوجب الستر عليهم وهلا تركتموه
(٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، المغيرة بن شعبة (1)، الزنا (2)، القتل (2)، الجواز (3)
لرسول الله في قوله دعوا إلي أصحابي ما رأينا عمر الا قد انتصب لسماع الدعوي وإقامة الشهادة واقبل يقول للمغيرة يا مغيرة ذهب ربعك ذهب نصفك يا مغيرة ذهب ثلاثة أرباعك حتي اضطرب الرابع فجلد الثلاثة وهلا قال المغيرة لعمر كيف تسمع في قول هؤلاء وليسوا من الصحابة وانا من الصحابة ورسول الله صلي الله عليه وآله قد قال أصحابي كالنجوم بابهم اقتديتم اهتديتم ما رأيناه قال ذلك بل استسلم لحكم الله تعالي وهيهنا من هو أمثل من المغيرة وأفضل قدامة بن مظعون لما شرب الخمر في أيام عمر فأقام عليه الحد وهو رجل من علية الصحابة ومن أهل بدر المشهود لهم بالجنة فلم يرد عمر الشهادة ولا داء عنه الحد لعله انه يدري ولا قال قد نهي رسول الله صلي الله عليه وآله عن ذكر مساوي أصحابه وقد ضرب عمر أيضا ابنه حدا فمات وكان ممن عاصر رسول الله صلي الله عليه وآله ولم تمنعه معاصرته له من اقامته الحد عليه وهذا علي " ع " يقول ما حدثني أحد بحديث عن رسول الله صلي الله عليه وآله الا استحلفته عليه أليس هذا اتهاما لهم بالكذب وما استثني أحدا من المسلمين الا أبا بكر علي ما ورد في الخبر وقد صرح غير مرة بتكذيب أبي هريرة وقال لا أحد أكذب من هذا الدوسي علي رسول الله صلي الله عليه وآله وقال أبو بكر في مرضه الذي توفي فيه وددت اني لم اكشف بيت فاطمة ولو كان أغلق علي حرب فندم والندم لا يكون الا ذنب ثم ينبغي للعاقل ان يفكر في تأخر علي " ع " عن بيعة أبي بكر ستة أشهر إلي أن ماتت فاطمة " ع " فأن كان مصيبا فأبو بكر علي الخطأ في انتصابه في الخلافة وان كان مصيبا فعلي علي الخطأ في تأخره عن البيعة وحضور المسجد وقال أبو بكر في مرض موته أيضا للصحابة فلما استخلفت عليكم خيركم في نفسي يعني عمر فكلكم ورم لذلك أنفه يريد ان يكون الأمر له لما رأيتم الدنيا قد جاءت اما والله لتتخذن ستاير الديباج ونضايد الحرير أليس هذا طعنا في الصحابة وتصريحا بأنه قد نسبهم إلي الحسد لعمر لما نص عليه بالعهد ولقد قال له طلحة لما ذكر عمر للأمر ماذا تقول لربك إذا سئلك عن عباده وقد وليت عليهم فظا غليظا
(٢١)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، شرب الخمر (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، حديث أصحابي كالنجوم (1)، أبو هريرة العجلي (1)، قدامة بن مظعون (1)، المرض (2)، الشهادة (2)، الموت (1)، الضرب (1)، الحرب (1)
فقال أبو بكر اجلسوني اجلسوني أبا الله تخوفوني إذا سألني قلت وليت عليهم خير أهلك ثم شتمه وأتمه بكلام كثير منقول فهل قول طلحة إلا طعن في عمر وهل قول أبي بكر ألا طعن في طلحة ثم الذي كان بين أبي بن كعب وبين عبد الله ابن مسعود من السباب حتي نفي كل واحد منهما الآخر عن أبيه وكلمة أبي بن كعب مشهورة منقولة ما زالت هذه الأمة مكبوبة علي وجهها منذ فقدوا نبيهم صلي الله عليه وآله وقوله الا هلك أهل العقدة والله ما آسي عليهم انما آسي علي من يضلون من الناس ثم قول عبد الرحمن بن عوف ما كنت أري ان أعيش حتي يقول له عثمان يا منافق وقوله لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما وليت عثمان شسع نعلي وقوله اللهم ان عثمان قد آلي ان لا يقيم كتابك فافعل به وافعل وقال عثمان لعلي " ع " في كلام دار بينهما أبو بكر وعمر خير منك فقال علي " ع " كذبت انا خير منك ومنهما عبدت الله قبلهما وعبدته بعدهما.
وروي سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: كنت عند عروة بن الزبير فتذاكرنا كم أقام النبي صلي الله عليه وآله بمكة بعد الوحي فقال عروة أقام عشرا فقلت كان ابن عباس يقول أقام ثلاث عشرة فقال كذب ابن عباس وقال ابن عباس المتعة حلال فقال له جبير بن مطعم كان عمر ينهي عنها فقال يا عدي نفسه من هيهنا ضللتم أحدثكم عن رسول الله صلي الله عليه وآله وتحدثني عن عمر وجاء في الخبر عن علي لولا ما فعل ابن الخطاب في المتعة ما زني الا شقي وقيل ما زني إلا شقي أي قليل سب بعضهم بعضا وقدح بعضهم في بعض في المسائل الفقهية أكثر من أن يحصي مثل قول ابن عباس وهو يرد علي زيد مذهبه في العول في الفرائض ان شاء أو قال من شاء باهلته ان الذي حصي رمل عالج عددا أعدل من أن يجعل في مال نصفا ونصفا وثلثا هذان النصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثلث؟ ومثل قول ابن أبي بن كعب في القرآن لقد رأيت القرآن وزيد هذا غلام ذو ذوابتين يلعب بين صبيان اليهود في المكتب فقال علي في أمهات الأولاد وهو علي المنبر كان رأي أبي
(٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عبد الله بن عباس (4)، مدينة مكة المكرمة (1)، عبد الرحمن بن عوف (1)، سفيان بن عيينة (1)، أبي بن كعب (2)، جبير بن مطعم (1)، القرآن الكريم (2)، الكذب، التكذيب (1)، الهلاك (1)
بكر ورأي عمر الا يبعن وأنا أري الآن بيعهن فقام إليه عبد الله السلماني فقال له رأيك في الجماعة أحب إلينا من رأيك في الفرقة وكان أبو بكر يري التسوية في قسم الغنائم وخالفه عمر وأنكر فعله وأنكرت عايشة علي أبي سلمة بن عبد الرحمن خلافه علي ابن عباس في المتوفي عنها زوجها وهي حاملة وقالت فروج يصقع مع الديكة وأنكرت الصحابة علي ابن عباس قوله في الصرف وسفهوا رأيه حتي قيل إنه تاب من ذلك عند موته واختلفوا في حد شارب الخمر حتي خطأ بعضهم بعضا.
وروي بعض الصحابة عن النبي صلي الله عليه وآله انه قال الشؤم في ثلاثة المرأة والدار والفرس فأنكرت عايشة ذلك وكذبت الراوي وقالت إنه انما قال صلي الله عليه وآله ذلك حكاية عن غيره.
وروي أيضا بعض الصحابة عنه صلي الله عليه وآله انه قال التاجر فاجر فأنكرت عايشة ذلك وقلت انما قاله صلي الله عليه وآله في تاجر دلس وأنكر قوم من الأنصار رواية أبي الأئمة من قريش ونسبوه إلي افتعال هذه الكلمة وكان أبو بكر يقضي بالقضاء فينقضه عليه أصاغر الصحابة كبلال وصهيب ونحوهما قد روي ذلك في عدة قضايا وقيل لابن عباس ان عبد الله بن الزبير يزعم أن موسي صاحب الخضر " ع " ليس موسي بني إسرائيل فقال كذب عدو الله أخبرني أبي ابن كعب قال خطبنا رسول الله صلي الله عليه وآله وذكر كلاما يدل علي أن موسي صاحب الخضر هو موسي نبي إسرائيل وباع معاوية أواني ذهب وفضة بأكثر من وزنها فقال له أبو الدرداء من عذيري من معاوية أخبره عن الرسول صلي الله عليه وآله وهو يخبرني عن رأيه لا أساكنك بأرض ابدا وطعن ابن عباس في خبر أبي هريرة عن رسول الله صلي الله عليه وآله إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخلن يده في الأناء حتي يتوضأ وقال فما نصنع بالسهراس وقال علي " ع " لعمر وقد أفتاه الصحابة في مسألة واجمعوا عليها ان كانوا راقبوك فقد غشوك وان كان هذا جهد رأيهم فقد أخطأوا وقال ابن عباس
(٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: النبي خضر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، شرب الخمر (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، عبد الله بن عباس (5)، أبو هريرة العجلي (1)، عبد الله بن الزبير (1)، أبو الدرداء (1)، الكذب، التكذيب (1)، النوم (1)، الزوج، الزواج (1)، الموت (1)، الوفاة (1)، الجماعة (1)، الغنيمة (1)
الا يتقي الله زيد بن ثابت يجعل ابن الأبن ابنا ولا يجعل أب الأب أبا وقالت عايشة أخبروا زيد ابن أرقم انه قد أحبط جهاده مع رسول الله صلي الله عليه وآله وأنكرت الصحابة علي أبي موسي قوله ان النوم لا ينقض الوضوء ونسبته إلي الغفلة وقلة التحصيل وكذلك أنكرت علي أبي طلحة الأنصاري قوله ان اكل البرد لا يفطر الصائم وهزئت به ونسبته إلي الجهل وسمع عمر عبد الله بن مسعود وأبي ابن كعب يختلفان في صلاة الرجل في الثوب الواحد فصعد المنبر وقال إذا اختلف اثنان من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله فعن أي فتياكم يصدر المسلمون لا يختلفان بعد مقامي هذا إلا فعلت وصنعت وقال جرير بن كليب رأيت عمر ينهي عن المتعة وعلي " ع " يأمر بها فقلت ان بينكما لشرا فقال علي " ع " ليس بيننا الا الخير ولكن خيرنا أتبعنا لهذا الدين قال هذا المتكلم وكيف يصح ان يقول رسول الله صلي الله عليه وآله (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) لا شبهة ان هذا يوجب ان يكون أهل الشام وصفين علي هدي وأن يكون أهل العراق أيضا علي هدي وأن يكون قاتل عمار ابن ياسر مهتديا وقد صح الخبر الصحيح انه صلي الله عليه وآله قال له نقتلك الفئة الباغية وقال في القرآن فقاتلوا التي تبغي حتي تفي إلي أمر الله فدل علي انها ما دامت موصوفة بالمقام علي البغي مفارقة لأمر الله ومن يفارق أمر الله لا يكون مهتديا وكان يجب ان يكون بسر بن أرطاة الذي ذبح ولدي عبيد الله بن العباس الصغيرين مهتديا لأن بسر من الصحابة أيضا وكان يجب ان يكون عمر وابن العاص ومعاوية الذين كانا يلعنان عليا " ع " في أدبار الصلاة وولديه مهتدين وقد كان في الصحابة من يزني ومن يشرب الخمر كأبي محجن الثقفي ومن ارتد عن الإسلام كطلحة بن خويلد فيجب ان يكون كل من اقتدي بهؤلاء في أفعالهم مهتديا قال وانما هذا من موضوعات متعصبة الأموية فان لهم من ينصرهم بلسانه وبوضعه الأحاديث إذا عجز عن نصرهم بالسيف وكل القول في الحديث الآخر وهو قوله القرن الذي انا فيه ومما يدل علي بطلانه ان القرن
(٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الدولة الأموية (1)، حديث أصحابي كالنجوم (1)، دولة العراق (1)، عبيد الله بن العباس (1)، عبد الله بن مسعود (1)، زيد بن ثابت (1)، جرير بن كليب (1)، القرآن الكريم (1)، الشام (1)، الغفلة (1)، الأكل (1)، الجهل (1)، القتل (1)، الصّلاة (1)، الوضوء (1)، النوم (1)
الذي جاء بعده بخمسين سنة شر قرون الدنيا وهو أحد القرون التي ذكرها في النص وكان ذلك القرن هو القرن الذي قتل فيه الحسين " ع " وأوقع بالمدينة وحوصرت مكة ونقضت الكعبة وشرب خلفاؤه والقائمون مقامه والمنتصبون في منصب النبوة الخمر وارتكبوا الفجور كما جري ليزيد بن معاوية وليزيد بن عاتكة وللوليد بن يزيد وأريقت الدماء الحرام وقتل المسلمون وسبي الحريم واستعبد أولاد المهاجرين والأنصار ونقش علي أيديهم كما ينقش علي أيدي الروم وذلك في خلافة عبد الملك وإمرة الحجاج وإذا تأملت كتب التواريخ وجدت الخمسين الثانية شرا كلها لا خير فيها ولا في رؤسائها وأمرائها والناس برؤسائهم وأمرائهم والقرن خمسون سنة فكيف يصح هذا الخبر قال فاما ما ورد في القرآن من قوله تعالي لقد رضي الله عن المؤمنين وقوله سبحانه محمد رسول الله والذين معه وقول النبي صلي الله عليه وآله ان الله أطلع علي أهل بدر ان كان الخبر صحيحا فكله مشروط بسلامة العاقبة ولا يجوز ان يخبر الحكيم مكلفا غير معصوم بأنه لا عقاب عليه فليفعل ما شاء قال ومن أنصف وتأمل أحوال الصحابة وجدهم مثلنا يجوز عليهم ما يجوز علينا ولا فرق بيننا وبينهم الا الصحبة لا غير فان لها منزلة وشرفا ولكن لا إلي حد يمتنع علي كل من رأي الرسول صلي الله عليه وآله وصحبه يوما أو شهرا أو أكثر من ذلك أن لا يخطئ ويزل ولو كان هذا صحيحا ما احتاجت عايشة إلي نزول براءتها من السماء بل كان رسول الله صلي الله عليه وآله من أول يوم يعلم كذب أهل الإفك لأنها زوجته وصحبتها له أوكد من صحبة غير ما وصفوان بن المعطل كان من الصحابة أيضا فكان ينبغي ان لا يضيق صدر رسول الله صلي الله عليه وآله ولا يحمل ذلك الهم والغم الشديدين اللذين حملهما ويقول صفوان من الصحابة وعايشة من الصحابة والمعصية عليهما ممتنعة وأمثال هذا كثير وأكثر من الكثير لمن أراد ان يستقري أحوال القوم وقد كان التابعون يسلكون بالصحابة هذا المسلك ولا يقولون في العصاة منهم مثل هذا القول وانما اتخذهم العامة أربابا
(٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، المهاجرون والأنصار (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، يزيد بن معاوية لعنهما الله (1)، القرآن الكريم (1)، الكذب، التكذيب (1)، الزوجة (1)، القتل (2)، الجواز (3)
بعد ذلك قال ومن الذي يجترئ علي القول بان أصحاب محمد صلي الله عليه وآله لا تجوز البراءة من أحد منهم وان أساء وعصي بعد قول الله تعالي للذي شرفوا برؤيته لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين وبعد قوله سبحانه وتعالي قل اني أخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم وبعد قوله عز وجل فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوي فيضلك عن سبيل الله ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد الا من لا فهم له ولا نظر معه ولا تمييز عنده قال ومن أحب ان ينظر اختلاف الصحابة وطعن بعضهم في بعض ورد بعضهم علي بعض وما رد به التابعون عليهم واعترضوا به أقوالهم واختلاف التابعين أيضا فيما بينهم وقدح بعضهم في بعض فلينظر في كتاب النظام وقال الجاحظ كان النظام أشد الناس انكارا علي الرافضة لطعنهم علي الصحابة حتي إذا ذكر الفتيا وتنقل الصحابة فيها وقضاياهم بالأمور المختلفة وقول من استعمل الرأي في دين الله انتظم مطاعن الرافضة وغيرها وزاد عليها وقال في الصحابة اضعاف قولها قال وقال بعض رؤساء المعتزلة غلط أبي خليفة الذي منه تفرع غلط إبراهيم أغلط وأعظم وهو في الاحكام عظيم لأنه أضل خلقا وغلط حماد أعظم من غلط أبي حنيفة لأن حمادا أصل أبي حنيفة الذي منه تفرع غلط إبراهيم وأعظم من غلط حماد غلط علقمة والأسود أعظم من غلط إبراهيم لأنهما أصله الذي عليه اعتمد وغلط ابن مسعود أعظم من غلط هؤلاء جميعا لأنه أول من بدر إلي وضع الأديان برأيه وهو الذي قال أقول فيها برأيي فان يكن صوابا فمن الله وان يكن خطأ فمني قال واستأذن أصحاب الحديث علي ثمامة بخراسان حيث كان مع الرشيد بن المهدي فسألوه كتابه الذي صنفه في الرد علي أبي حنيفة في اجتهاد الرأي فقال لست علي أبي حنيفة كتبت ذلك الكتاب وانما كتبته علي علقمة والأسود وعبد الله ابن مسعود لأنهم الذين قالوا بالرأي قبل أبي حنيفة قال وقال وكان بعض المعتزلة أيضا إذا ذكر ابن عباس استصغره.
(٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، عبد الله بن عباس (1)، مدرسة المعتزلة (2)، سبيل الله (1)، خراسان (1)، الخسران (1)
وقال صاحب (الدراية) يقول في دين الله برأيه وذكر الجاحظ في كتابه المعروف بكتاب (التوحيد) ان أبا هريرة ليس بثقة في الرواية.
عن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: ولم يكن علي يوثقه في الرواية بل يتهمه ويقدح فيه وكذلك عمر وعايشة وكان الجاحظ يفسق عمر بن عبد العزيز ويستهزئ به ويكفره وعمر بن عبد العزيز وان لم يكن من الصحابة فأكثر العامة يري له من الفضل ما يراه لواحد من الصحابة قال وكيف يجوز ان نحكم حكما جزما ان كل واحد من الصحابة عدل ومن جملة الصحابة الحكم بن أبي العاص وكفاك به عدوا مبغضا لرسول الله ومن الصحابة الوليد بن عقبة الفاسق بنص الكتاب ومنهم حبيب بن سلمة الذي فعل ما فعل بالمسلمين في دولة معاوية وبسر ابن أرطاة عدو الله وعدو رسوله وفي الصحابة كثير من المنافقين لا يعرفهم الناس وقال كثير من المسلمين مات رسول الله (ص) ولم يعرفه سبحانه كل المنافقين بأعيانهم وانما كان يعرف قوما منهم ولم يعلم بهم أحدا الا حذيفة فيما زعموا فكيف يجوز ان نحكم حكما جزما ان كل واحد ممن صحب رسول الله صلي الله عليه وآله أو رآه أو عاصره عدل مأمون لا يقع منه خطأ ومن الذي يمكنه ان يتحجر واسعا كهذا التحجر أو يحكم هذ الحكم قال واعجب من الحشوية وأصحاب الحديث إذ يجادلون علي معاصي الأنبياء ويثبتون انهم عصوا الله وينكرون علي من ينكر ذلك ويطعنون فيه ويقولون هذا رأي معتزلي وربما قالوا ملحد مخالف لنص الكتاب وقد رأينا منهم الواحد والمائة والألف يجادل في هذا الباب فتارة يقولون ان يوسف " ع " قعد من امرأة العزيز مقعد الرجل من المرأة وتارة يقولون ان داود " ع " قتل أوريا لنكح امرأته وتارة يقولون ان رسول الله صلي الله عليه وآله كان كافرا ضالا قبل النبوة وربما ذكروا زينب بنت جحش وقصة الغذاء يوم بدر فاما قدحهم في آدم وإثباتهم معصيته ومناظرتهم من ينكر ذلك فهو دأبهم وديدنهم فإذا تكلم واحد في عمرو بن العاص أو في معاوية وأمثالهما ونسبهم إلي المعصية وفعل
(٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، أبو هريرة العجلي (1)، الحكم بن أبي العاص (1)، عمر بن عبد العزيز (1)، الوليد بن عقبة (1)، عمرو بن العاص (1)، زينب بنت جحش (1)، القتل (1)، الموت (1)، النفاق (1)، العزّة (1)، الجواز (1)
القبيح احمرت وجوههم وطالت أعناقهم وتخازرت أعينهم وقالوا مبتدع رافضي يسب الصحابة ويشتم السلف فان قالوا انما اتبعنا في ذكر معاصي الأنبياء نصوص الكتاب قيل لهم فاتبعوا في البراءة من جميع العصاة نصوص الكتاب فإنه تعالي قال لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله وقال فان بغت إحديهما علي الأخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفئ إلي أمر الله وقال أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ثم يسألون عن بيعة علي " ع " هل هي صحيحة لازمة لكل الناس فلا بد من أن يقولوا بلي فيقال لهم فإذا خرج علي الإمام الحق خارج أليس يجب علي المسلمين قتاله حتي يعود إلي الطاعة فهل يكون هذا القتال الا البراءة التي نذكر هنا لأنه لا فرق بين الأمرين وانما برئنا منهم لأنا لسنا في زمانهم فيمكننا ان نقاتل بأيدينا فقصاري أمرنا ان نبرأ الآن منهم ونلعنهم ويكون ذلك عوضا عن القتال الذي لا سبيل لنا إليه قال هذا المتكلم علي أن النظام وأصحابه ذهبوا إلي أنه لا حجة في الاجماع وأنه يجوز ان تجمع الأمة علي الخطأ وعلي المعصية وعلي الفسق بل علي الردة وله كتاب موضوع في الاجماع بطعن فيه في أدلة الفقهاء ويقول إنها ألفاظ غير صريحة في كون الاجماع حجة نحو قوله تعالي جعلناكم أمة وسطا وقوله تعالي كنتم خير أمة وقوله تعالي ويتبع غير سبيل المؤمنين.
واما الخبر الذي صورته لا تجتمع أمتي علي خطأ فخبر واحد ومثل دليل الفقهاء قولهم ان الهمم المختلفة والآراء المتباينة إذا كان أربابها كثيرة عظيمة فإنه يستحيل اجتماعهم علي الخطأ وهذا باطل باليهود والنصاري وغيرهم من فرق الضلال هذه خلاصة ما ذكره في الرد علي أبي المعالي الجويني وهو كلام إذا تأمله من ليس في قلبه مرض علم أنه أصاب به شاكلة الغرض.
وقال السيد علي بن طاوس في (الطرايف) من طريف ما رأيت من مناقضاتهم انني سمعت جماعة من هؤلاء الأربعة المذاهب ورأيت في كتبهم انهم
(٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الجويني (1)، الحج (2)، المرض (1)، القتل (3)، الجواز (1)
يستعظمون ذكر أحد من الصحابة بسوء حتي لو علموا ان رجلا ذكر عن أبي بكر وعمر وأمثالهما نقصا أو روي لهم عيبا أو يلعنهم أو غلب علي ظنهم ان أحدا ينسب إلي هؤلاء الصحابة خطيئة فإنهم يضللون القائل والناقل والمستمع ويبيح كثير منهم دماء من تعمد ذلك فمن اعتقادهم في ذلك ما ذكره أبو إسماعيل عبد الله ابن محمد الأنصاري الهروي وهو من علماء الأربعة للمذاهب في كتاب الاعتقاد ما هذا لفظه ان الصحابة كلهم عدول رجالهم ونساؤهم.
ثم قال عقيب ذلك فمن يتكلم فيهم بتهمة أو تكذيب فقد توثب علي الإسلام بالأبطال ومن ذلك ما ذكره الغزالي في كتاب الأحياء وفي كتاب قواعد العقائد في الأصل التاسع قال واعتقاد أهل السنة تزكية جميع الصحابة.
قال السيد (ره) هذا يناقض ما رووه عن نبيهم صلي الله عليه وآله انه قال لعلي " ع " انك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين فقاتلهم بأمر نبيهم وكانوا من الصحابة وسفكت الدماء بين الفريقين قال ومما رأيت من تكذيب هؤلاء الأربعة المذاهب لأنفسهم وذمهم لكثير من صحابة نبيهم جملة وتفصيلا وشهاداتهم ان نبيهم ذمهم وشهد عليهم بالضلال ما رواه في الجمع بين الصحيحين للحميدي في مسند سهل ابن سعد في الحديث الثامن والعشرين من المتفق عليه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول انا فرطكم علي الحوض من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ ابدا وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم قال أبو حازم فسمع النعمان ابن أبي عباس وانا أحدثهم هذا الحديث فقال هكذا سمعت سهلا يقول قال فقلت نعم فقال وانا اشهد علي أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد ويقول إنهم أمتي فيقال انك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا لمن بدل بعدي ومن ذلك ما رووه في الجمع بين الصحيحين أيضا للحميدي في الحديث الستين من المتفق عليه من مسند عبد الله بن عباس قال إن النبي صلي الله عليه وآله قال الا وانه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقال انك لا تدري ما
(٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، حديث الحوض (1)، عبد الله بن عباس (1)، أبو سعيد الخدري (1)، أبو إسماعيل (1)، الغلّ (1)
أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم إلي قوله العزيز الحكيم قال فيقال لي انهم لم يزالوا مرتدين علي أعقابهم منذ فارقتهم ومن ذلك ما رووه أيضا في الجمع بين الصحيحين للحميدي في الحديث الحادي والثلاثين بعد المائة من المتفق عليه من مسند انس بن مالك قال إن النبي صلي الله عليه وآله قال ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني حتي إذا رأيتهم ودفعوا إلي اختلجوا دوني فأقولن أي رب أصحابي أصحابي فيقالن لي انك لا تدري ما أحدثوا بعدك ومن ذلك ما رووه في الجمع بين الصحيحين أيضا للحميدي في الحديث السابع والستين بعد المائتين من المتفق عليه من مسند أبي هريرة من طرق فمنها عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال قال النبي صلي الله عليه وآله بينما انا قائم إذا زمرة حتي إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم فقال هلموا قلت إلي أين قال إلي النار والله قلت ما شأنهم قال إنهم ارتدوا بعدك علي أدبارهم القهقري ثم إذا زمرة حتي إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم فقال هلموا قلت إلي أين فقال إلي النار والله قلت ما شأنهم قال إنهم ارتدوا علي أدبارهم فلا أري يخلص منهم الا مثل همل النعم ورووا نحو ذلك في مسند أم سلمة من عدة طرق ومن مسند عايشة ورووا نحو ذلك من مسند أسماء بنت أبي بكر ورووا نحو ذلك من مسند سعيد بن المسيب وجميع هذه الروايات في الجمع بين الصحيحين للحميدي ومن ذلك ما رواه أيضا الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلي الله عليه وآله انا فرطكم علي الحوض وليدفعن إلي رجال منكم حتي إذا هويت إليهم لأتناولهم اختلجوا دوني فأقول أي رب أصحابي فيقال انك لا تدري ما أحدثوا بعدك ومن ذلك ما رووه في الجمع بين الصحيحين للحميدي أيضا في مسند أبي الدرداء في الحديث الأول من صحيح البخاري قالت أم الدرداء في الحديث الأول دخل أبو الدرداء وهو مغضب فقلت ما أغضبك فقال والله ما أعرف من أمر محمد شيئا الا انهم يصلون جميعا ومن ذلك ما رووه في الجمع بين الصحيحين أيضا في الحديث الأول من صحيح
(٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، حديث الحوض (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، أبو هريرة العجلي (2)، كتاب صحيح البخاري (1)، سعيد بن المسيب (1)، أسماء بنت أبي بكر (1)، عبد الله بن مسعود (1)، عطاء بن يسار (1)، أبو الدرداء (1)، أنس بن مالك (1)
البخاري من مسند انس بن مالك عن الزهري قال دخلت علي انس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت ما يبكيك فقال لا أعرف شيئا مما أدركت الا هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيعت، وفي حديث آخر منه ما أعرف شيئا مما كان علي عهد رسول الله قبل الصلاة قال أليس صنعتم ما صنعتم فيها ومن ذلك ما رووه أيضا في الجمع بين الصحيحين للحميدي أيضا في الحديث السادس بعد الثلثمائة من المتفق عليه من مسند أبي هريرة قال عن النبي صلي الله عليه وآله في أواخر الحديث المذكور ان مثلي كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهي الدواب التي يقعن في النار يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فذلك مثلي ومثلكم انا آخذ بحجزتكم عن النار فتغلبوني وتقتحمون فيها.
قال السيد ره هذه بعض أحاديثهم الصحاح فيما ذكروه عن بعض صحابة نبيهم وما يقع منهم بعد وفاته فإذا كان شهد نبيهم علي جماعة من أصحابه بالضلال والهلاك وانهم ممن كان يحسن ظنه بهم في حياته ولولا حسن ظنه بهم ما قال أي رب أصحابي ثم يكون ضلالهم قد بلغ إلي حد لا تقبل شفاعة نبيهم فيهم ويختلجون دونه وتارة يبلغ غضب نبيهم عليهم إلي أن يقول سحقا سحقا وتارة يقول إنهم لم يزالوا مرتدين علي أعقابهم وتارة يشهد عليهم أبو الدرداء وأنس ابن مالك وهما من أعيان الصحابة عندهم بأنه ما بقي من شريعة محمد صلي الله عليه وآله الا الاجتماع في الصلاة ثم يقول أنس قد ضيعوا الصلاة وتارة يشهد علي قوم من أصحابه يشفق عليه ويأخذ بحجزتهم عن النار وينهاهم مرارا بلسان الحال والمقال فيغلبونه ويسقطون فيها وقد تضمن كتابهم وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا علي النفاق لا نعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين فكيف ينبغي ان يجوز لمسلم ان يرد شهادة الله وشهادة رسوله بضلال كثير من صحابة نبيهم وهل يرد ذلك من المسلمين الا ممن هو شاك في قول الله تعالي وقول النبي أو مكابر للعيان وكيف يلام أو يذم من صدق الله ورسوله في ذم بعض أصحابه أو اعتقاد
(٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو هريرة العجلي (1)، أبو الدرداء (1)، أنس بن مالك (2)، دمشق (1)، التصديق (1)، الشهادة (5)، الظنّ (2)، الشفاعة (1)، الصّلاة (3)، الجواز (1)

المقدمة الثالثة في تقسيم الصحابة بحسب الرد والقبول

ضلاله وكيف استحسنوا لأنفسهم ان يرووا مثل هذه الأخبار الصحاح ثم ينكروا علي الفرقة المعروفة بالرافضة ما أقروا لهم بأعظم منه وزكوهم فيه وكيف يرغب ذو بصيرة في اتباع هؤلاء الأربعة المذاهب وقد بلغوا إلي هذه الغايات من المناقضات واضطراب المقالات والروايات.
المقدمة الثالثة في تقسيم الصحابي بحسب الرد والقبول إلي مردود ومقبول اعلم: ان الصحابي لا يخلو من أن يكون اسلامه مسبوقا بكفر كما هو غالب الوقوع أو لم يكن مسبوقا بكفر بل نشأ علي الفطرة الإسلامية وهو قليل كأمير المؤمنين عليه السلام والسبطين من المقبولين وعبد الله بن الزبير من المردودين وكل من القسمين اما ان يكون كثير الصحبة والملازمة للنبي صلي الله عليه وآله أولا فان كان كثير الصحبة فلا يخلو من أن يكون سمع النص الجلي في شأن أمير المؤمنين أو لم يسمع والذي سمع لا يخلو من أن يكون عمل بمقتضي النص ولم يخالف كالمقداد وسلمان وأبي ذر (رض) أو لم يعلم والأول مقبول قطعا والثاني أما أن يكون عدم علمه بمقتضي النص عنادا واستكبارا أو أكراها وإجبارا الأول ان كان مسلما فطريا فهو عند بعض الشيعة مرتد فطري لا تقبل له توبة ولا تغفر له حوبة وأن لم يكن مسلما فطريا فان استبصر ثانيا ورجع إلي العمل بمقتضي النص فهو مقبول والا كان مرتدا غير فطري وكان مردودا وتقبل توبته ثانيا ومن ترك العمل بمقتضي النص عن اكراه مقبول مع تحقق شرائط العدالة فيه والذي لم يسمع النص لا يخلو من أن يكون اعتمد علي دليل آخر غير النص في أن الخليفة بعد النبي صلي الله عليه وآله هو أمير المؤمنين " ع " من غير فصل وأعتقد ذلك اعتقادا جزما ولم تعترضه شبهة يجوز معها صحة خلافة غيره ومتابعته أو لم يعتقد ذلك بل كان صاحب شبهة
(٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن الزبير (1)، الجواز (1)
والأول أما لم يعدل عن أمير المؤمنين " ع " أو عدل وعدوله أما عن أكراه وإجبار أو عن عناد وإصرار القسمان الأولان مقبولان والثالث ان لم يكن مسلما فطريا ورجع كان مقبولا والا فمردود والثاني أعني الذي لم يعتقد تعيين أمير المؤمنين " ع " للخلافة واختلجته شبهة في ذلك أما أن يكون نجا من أسر شبهته أو استمر في عمهه وحيرته الأول مقبول والثاني عند بعض علمائنا معذور وقيل لا يعذر ويحكم عليه بالفسق لأن هذا المطلب ضروري والشبهة فيه تضمحل بأدني توجه فلا تسمع دعوي استمرار الشبهة فيه إلا ان يكون المدعي لذلك بليدا وعن مرتبة قابلية الخطاب ساقطا بعيدا وفي الجملة لا يحكم علي هذا القسم بالكفر والارتداد بل هو أما فاسق أو علي ظاهر العدالة والقسم الثاني من التقسيم الأول أعني الذي لم يكن كثير الصحبة للنبي صلي الله عليه وآله ولم يسمع النص منه في الخلافة أما أن يكون عالما بالنص من طريق آخر أولا والأول أن عمل بمقتضي علمه فهو مقبول وأن لم يعمل فان كان عدم علمه عن عناد وكان مسلما فطريا كان مرتدا لا تقبل توبته والا كان مقبولا ان تاب وان كان عن أكراه وإجبار كان مقبولا والثاني أعني من لم يكن عالما بثبوت النص مطلقا يجري فيه بعض التقسيمات السابقة فيقسم إلي مردود ومقبول كما علمت والمقصود بايراد هذه المقدمة دفع ما توهمته العامة وتقرر في أوهامها من أن الشيعة يكفرون جميع الصحابة أو أكثرهم وليس كذلك وكيف وهذا أفضل المحققين من الشيعة نصير الدين الطوسي يقول في كتابه المسمي بالتجريد محاربو علي " ع " كفرة ومخالفوه فسقة ومن المعلوم ان أكثر الصحابة لم يحاربوا عليا " ع " ولكنهم خالفوه بدفع النص.
وقال العلامة الحلي (ره) في شرح التجريد والمحارب لعلي " ع " كافر لقول النبي صلي الله عليه وآله حربك يا علي حربي ولا شك في كفر من حارب النبي صلي الله عليه وآله وأما مخالفوه فقد اختلف قول علمائنا فيهم فمنهم من حكم بكفرهم لأنهم دفعوا
(٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، العلامة الحلي (1)
ما علم ثبوته من الدين ضرورة وهو النص الجلي الدال علي إمامته " ع " مع تواتره وذهب آخرون إلي انهم فسقة وهو الأقوي انتهي واستبعدت العامة أن يجتمع جمهور الصحابة علي الفسق والضلال بل رأوا أن ذلك من المحال وأي استبعاد في ذلك وهؤلاء أصحاب موسي نبي الله " ع " وهم ستمائة ألف انسان وقد شاهدوا الآيات والمعجزات وعرفوا الحجج والبينات لم يستحل عليهم أن يجتمعوا علي خلاف نبيهم " ع " وهو حي بين أظهرهم حتي خالفوا خليفته وهو يدعوهم ويعظهم ويحذرهم من الخلاف وينذرهم فلا يصغون إلي شئ من قوله ويعكفون علي عبادة العجل من دون الله عز وجل.
ثم قد تضافرت الأخبار عن أمير المؤمنين " ع " في التظلم من قريش والعرب الذين هم الصحابة من وجوه ليس لانكارها سبيل وهو " ع " أجل من أن يقول غير الحق وكفاك بخطبته المشهورة المعروفة بالشقشقية تظلما وتألما وشكوي وهي قوله " ع " أما والله لقد تقصها ابن أبي قحافة وأنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحي ينحدر عني السيل ولا يرقي إلي الطير فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر علي طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتي يلقي ربه فرأيت أن الصبر علي هاتا أحجي فصبرت وفي العين قذي وفي الحلق شجي أري ترائي نهبا حتي مضي الأول لسبيله فأدلي بها إلي ابن الخطاب بعده ثم تمثل بقول الأعشي:
(شتان ما يومي علي كورها) (ويوم حيان أخي جابر) فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد ما تشطرا ضرعيها فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ويخشن مسها ويكثر العثار فيها والاعتذار منها فصاحبها كراكب الصعبة أن أشنق لها خرم وأن أسلس لها تقحم في الناس لعمر الله بخبط وشماس وتلون واعتراض فصبرت علي طولة المدة
(٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السلس (1)، الحلق (1)، الصبر (1)
وشدة المحنة حتي إذا مضي لسبيله جعلها في جماعة زعم اني أحدهم فيالله وللشوري متي أعترض الريب في مع الأول منهم حتي صرت أقرن إلي هذه النظائر لكني أسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا فصغي منهم رجل لضغنه ومال الآخر لصهره مع هن وهن إلي أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع إلي أن انتكث عليه فتله وأجهز عمله وكبت به بطنته فما راعني إلا والناس كعرف الضبع ينثالون علي من كل جانب حتي لقد وطئ الحسنان وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخري وقسط آخرون كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين بلي والله لقد سمعوها ووعوها ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله تعالي علي العلماء أن لا يقاروا علي كظة ظالم وسغب مظلوم لا لقيت حبلها علي غاربها وسقيت آخرها بكأس أولها ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز قالوا: وقام إليه رجل من السواد عند بلوغه إلي هذا الموضع من خطبته فناوله كتابا فاقبل ينظر فيه فلما فرغ من قراءته قال له ابن عباس لو أطردت مقالتك من حيث أفضيت فقال " ع " هيهات يا بن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت قال ابن عباس فوالله ما أسفت علي كلام قط كأسفي علي ذلك الكلام أن لا يكون أمير المؤمنين " ع " بلغ منه حيث أراد.
قال العلامة الحلي رحمه الله في كتاب نهج الحق هذا يدل بصريحه علي تألم أمير المؤمنين " ع " وتظلمه من هؤلاء الصحابة وأن المستحق للخلافة هو وأنهم منعوه عنها ومن الممتنع ادعاؤه الكذب في هذا المقام وقد شهد الله تعالي له بالطهارة وإذهاب الرجس عنه وجعله وليا لنا في قوله تعالي انما وليكم الله ورسوله
(٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، عبد الله بن عباس (2)، العلامة الحلي (1)، الكذب، التكذيب (1)، الشهادة (1)، الوطئ (1)
وامر النبي صلي الله عليه وآله بالاستعانة به في دعاء المباهلة فوجب أن يكون محقا في أقواله.
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج وأما قول ابن عباس ما آسفت علي كلام إلي آخره فحدثني شيخي أبو الخير مصدق بن شبيب الواسطي قال قرأت علي الشيخ أبي محمد عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب هذه الخطبة فلما انتهيت إلي هذا الموضع قال لي لو سمعت ابن عباس يقول هذا لقلت له وهل بقي في نفس ابن عمك أمر لم يبلغه في هذه الخطبة لتأسف أن لا يكون بلغ من كلامه ما أراد والله ما رجع عن الأولين ولا عن الآخرين ولا بقي في نفسه أحد لم يذكره الا رسول الله صلي الله عليه وآله.
قال مصدق وكان ابن الخشاب صاحب دعابة وهزل قال فقلت له أتقول أنها منحولة فقال لا والله وأني لأعلم أنها كلامه " ع " كما أعلم انك مصدق قال فقلت له أن كثيرا من الناس يقولون أنها من كلام الرضي فقال لي اني للرضي وغير الرضي هذا النفس وهذا الأسلوب وقد وقفنا علي رسائل الرضي وعرفنا طريقته وفنه في الكلام المنشور وما يقع مع هذا الكلام في خل ولا خمر ثم قال والله لقد وقفت علي هذه الخطبة في كتب قد صنفت قبل أن يحلق الرضي بمائتي سنة ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها وأعرف خطوط من هي من العلماء قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضي.
قال ابن أبي الحديد وقد وجدت أنا هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديين من المعتزلة وكان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة طويلة ووجدت أيضا كثيرا منها في كتاب أبي جعفر بن قبة أحد متكلمي الإمامية في الكتاب المعروف بكتاب الإنصاف كان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضي موجودا وقال الشيخ بن ميثم وقد وجدتها بنسخة عليها خط الوزير أبي الحسن علي
(٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، إبن أبي الحديد المعتزلي (2)، عبد الله بن عباس (2)، مدرسة المعتزلة (1)، عبد الله بن أحمد (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
ابن محمد بن الفرات وكان وزير المقتدر بالله وذلك قبل مولد الرضي بنيف وستين سنة.
قال المؤلف وقد روي هذه الخطبة الحسن بن عبد الله بن مسعود العسكري من أهل السنة في كتاب معاني الأخبار بأسناده عن ابن عباس ولكن العامة لما لم يمكنهم الجواب عما تضمنته هذه الخطبة من القدح الصريح في أئمتهم لم يجدوا لهم مفرا الا ادعاء إنها منحولة:
وهبني قلت هذا الصبح ليل * أيعمي العالمون عن الضياء قال ابن أبي الحديد راويا في شرح النهج مرفوعا قال: قال له قائل يا أمير المؤمنين أرأيت لو كان رسول الله صلي الله عليه وآله ترك ولدا ذكرا قد بلغ الحلم وآنس منه الرشد كانت العرب تسلم إليه أمرها؟ قال لا بل كانت تقتله أن لم يفعل ما فعلت أن العرب كرهت أمر محمد صلي الله عليه وآله وحسدته علي ما أتاه الله من فضله واستطالت أيامه حتي قذفت زوجته ونفرت به ناقته مع عظيم إحسانه إليها وجسيم منته عندها وأجمعت مذ كان حيا علي صرف الأمر عن أهل بيته بعد موته ولولا أن قريشا جعلت اسمه ذريعة إلي الرياسة وسلما إلي العز والامرة لما عبدت الله بعد موته يوما واحدا ولارتدت في حافرتها وعاد قارحها جذعا وبازلها بكرا ثم فتح الله الفتوح فأثرت بعد الفاقة وتمولت بعد الجهد والمخمصة فحس في عيونها من الإسلام ما كان سمجا وثبت في قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطربا وقالت لولا أنه حق لما كان كذا ثم نسبت تلك الفتوح إلي آراء ولاتها وحسن تدبير الأمراء القائمين بها فتأكد عند الناس نباهة قوم وخمول آخرين فكنا نحن ممن خمل ذكره وخبت ناره وانقطع صوته وصيته واكل الدهر علينا وشرب ومضت السنون والأحقاب بما فيها ومات كثير ممن يعرف ونشأ كثير ممن لا يعرف وما عسي أن يكون الولد لو كان رسول الله صلي الله عليه وآله لم يقربني ما تعلمونه من القرب للنسب واللحمة بل للجهاد والنصيحة افتراه لو كان له ولد يفعل ما فعلت كذلك لم يكن يقرب ما قربت ثم لم يكن ذلك عند قريش والعرب سببا للحظوة
(٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، عبد الله بن عباس (1)، كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي (2)، نهر الفرات (1)، الحسن بن عبد الله (1)، العزّة (1)، الزوجة (1)، القتل (1)، الموت (2)، النصح (1)
والمنزلة بل للحرمان والجفوة اللهم انك تعلم أني لم أرد الأمرة ولا علو الملك والرياسة وإنما أردت القيام بحدودك والأداء لشرعك ووضع الأمور في مواضعها وتوفير الحقوق علي أهلها والمضي علي منهاج نبيك وإرشاد الضال إلي أنوار هدايتك وروي عنه " ع " أيضا أنه قال اللهم إني أستعديك علي قريس فأنهم أضمروا لرسول الله ضروبا من الشر والغدر فعجزوا عنها وحلت بينهم وبينها فكانت الوجبة بي والدائرة علي اللهم أحفظ حسنا وحسينا ولا نمكن فجرة قريش منهما ما دمت حيا فإذا توفيتني فأنت الرقيب عليهم وأنت علي كل شئ شهيد.
وروي أنه قال أما والله الذي خلق الحبة وبرأ النسمة أنه لعهد النبي الأمي إلي أن الأمة ستغدر بك من بعدي وقال " ع " قال لي رسول الله صلي الله عليه وآله أن اجتمعوا عليك فاصنع ما أمرتك وإلا فألصق كلكلك بالأرض فلما تفرقوا عني جررت علي المكروه ذيلي وأغضيت علي القذي جفني وألصقت بالأرض كلكلي ومثل هذه الأخبار عنه كثيرة شهيرة وقد بلغت من الكثرة والشهرة بحيث لا يمكن أن تكون بأسرها كذبا بل لابد وأن يصدق شئ منها وأيها صدقت ثبتت فيه الشكاية ممن منعه الخلافة ولا ريب في أن جمهور الصحابة كانوا بين مانع ودافع وأما الذين كانوا معه " ع " فقيل أنهم لم يبلغوا الأربعين حتي روي عنه أنه قال لو وجدت أربعين رجلا لقاتلهم وقيل بل كانوا سبعمائة من أكابر الصحابة كلهم يريد إمامته حامل له علي الطلب وهذا ان صح فالمانع له عن الطلب وقتال القوم أما علمه بأنهم لا يثبتون معه حينئذ أو اتقاء الفتنة في زمان عدم استقرار الدين وخشية ارتداد القوم وزوال الإسلام كما روي أن فاطمة " ع " لامته علي قعوده وأطالت تعنيفه وهو ساكت حتي أذن المؤذن فلما بلغ إلي قوله أشهد أن محمدا رسول الله قال لها أتحبين أن تزول هذه الدعوة من الدنيا؟ قالت لا قال فهو ما أقول لك.
(٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الكراهية، المكروه (1)، الضلال (1)، القتل (1)، الشهادة (2)، الأذان (1)

المقدمة الرابعة في أن كثيرا من الصحابة رجع إلي أمير المؤمنين عليه السلام وظهر له الحق بعد أن عانده

المقدمة الرابعة اعلم أن كثيرا من الصحابة رجع إلي أمير المؤمنين " ع " وظهر له الحق بعد أن عانده وتزلزل بعضهم في خلافة أبي بكر وبعضهم في خلافته " ع " وليس إلي استقصائهم جميعا سبيل وقد اتفقت نقلة الأخبار علي أن أكثر الصحابة كانوا معه " ع " في حروبه.
قال المسعودي في مروج الذهب كان ممن شهد صفين مع علي " ع " من أصحاب بدر سبعة وثمانون رجلا منهم سبعة عشر من المهاجرين وسبعون من الأنصار وشهد معه ممن بايع تحت الشجرة وهي بيعة الرضوان من المهاجرين والأنصار ومن سائر الصحابة تسعمائة وكان جميع من شهد معه من الصحابة الفين وثمانمائة.
وحكي المسعودي أيضا عن المنذر بن الجارود قال لما قدم علي " ع " البصرة دخل مما يلي الطف فأتي الزاوية فخرجت لأنظر إليه فورد معه موكب في نحو الف فارس يقدمهم فارس علي فرس أشقر قلت من هذا؟ قالوا: خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ثم تلاه فارس آخر علي كميت معتم بعمامة صفراء من تحتها قلنسوة بيضاء وعليه قباء أبيض أشهب عليه قلنسوة وثياب بيض متقلدا سيفا معه راية وإذا تيجان القوم الأغلب عليها البياض والصفرة مدججين في الحديد والسلاح فقلت من هذا فقالوا هذا أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله وهؤلاء الأنصار وغيرهم ثم تلاه فارس آخر عليه عمامة صفراء وثياب بيض متقلدا سيفا متنكبا قوسا معه راية علي فرس أشقر في نحو الف فارس من الناس قلت من هذا؟ قيل: أبو قتادة ابن ربعي ثم مر بنا فارس آخر علي فرس أبيض عليه ثياب بيض وعمامة سوداء قد سدلها من بين يديه ومن خلفه شديد الأدمة عليه سكينة ووقار رافعا صوته
(٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، يوم عاشوراء (1)، كتاب مروج الذهب للمسعودي (1)، أبو أيوب الأنصاري (1)، خلافة أبي بكر بن أبي قحافة (1)، ذو الشهادتين (1)، خزيمة بن ثابت (1)، مدينة البصرة (1)، الشهادة (2)
بالقرآن متقلدا سيفا متنكبا قوسا معه راية في الف من الناس مختلفي التيجان حوله مشيخة وكهول وشبان كأنما أوقفوا للحساب وأثر السجود في وجوههم قلت من هذا؟ قيل: عمار بن ياسر في عدة من الصحابة من المهاجرين والأنصار وأبنائهم ثم مر بنا فارس علي فرس أشقر عليه ثياب بيض وقلنسوة بيضاء وعمامة صفراء متقلدا سيفا متنكبا قوسا تخط رجلاه الأرض في آلاف من الناس الغالب علي ثيابهم الصفرة والبياض معه راية صفراء قلت من هذا؟ قيل:
قيس بن سعد بن عبادة في عدة من الأنصار وأبنائهم من قحطان ثم مر بنا فارس علي فرس أشهل ما رأينا أحسن منه عليه ثياب بيض وعمامة سوداء قد سدلها من بين يديه ومن خلفه قلت من هذا؟ قيل: عبد الله بن عباس في عدة من صحابة رسول الله صلي الله عليه وآله ثم تلاه موكب آخر فيه فارس أشبه الناس بالأول قلت من هذا؟ قيل: قثم بن العباس ثم أقبلت المواكب والرايات يقفوا بعضها بعضا واشتبكت الرماح ثم ورد موكب فيه خلق من الناس عليهم السلاح والحديد مختلفي الرايات في أوله راية كبيرة يقدم ذلك الموكب فارس كأنه كسر وجبر (قال ابن عائشة وهذه صفة رجل شديد الساعدين نظره إلي الأرض أكثر من نظره إلي السماء كذلك نخبر العرب في وصفها إذا أخبرت عن الرجل إنه كسر وجبر) عن يمينه شاب حسن الوجه وعن يساره شاب كذلك وبين يديه شاب مثلهما قلت من هؤلاء؟ قالوا: هذا علي بن أبي طالب " ع " وهذان الحسن والحسين عن يمينه وشماله وهذا محمد بن الحنفية بين يديه ومعه الراية العظمي وخلفه عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب وهؤلاء ولد عقيل وغيرهم من فتيان بني هاشم وهؤلاء المشايخ من أهل بدر من المهاجرين والأنصار فسار حتي نزل المنزل المعروف بالزاوية وصلي أربع ركعات وعفر خديه علي التراب وقد خالط ذلك دموعه ثم رفع يديه وقال اللهم رب السماوات وما أظلت والأرضين وما أقلت ورب العرش العظيم هذه البصرة أسألك خيرها وخير ما فيها وأعوذ بك من شرها
(٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، المهاجرون والأنصار (2)، محمد بن الحنفية إبن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام (1)، مدينة البصرة (1)، عمار بن ياسر (1)، بنو هاشم (1)، قثم بن العباس (1)، سعد بن عبادة (1)، القرآن الكريم (1)، السجود (1)، الصّلاة (1)، الركوع، الركعة (1)

الباب الأول في بني هاشم وساداتهم من الصحابة العلية أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم وإيمانه بالنبي (ص) وشئ من شعره

اللهم أنزلنا منزلا مباركا وأنت خير المنزلين اللهم أن هؤلاء قد بغوا علي وخالفوا طاعتي ونكثوا بيعتي اللهم أحقن دماء المسلمين وبعث إليهم من يناشدهم الله في الدماء وقال " ع " علي م تقاتلونني فأبو إلا الحرب.
قال المؤلف عفي عنه وهذا حين نذكر من أكابر الصحابة وأعيانهم من ثبت عندنا ولاؤه وإخلاصه لأمير المؤمنين وسيد الوصيين صلي الله عليه وآله وقد رتبنا هذه الطبقة علي بابين.
الباب الأول في بني هاشم وساداتهم من الصحابة العلية، والشيعة العلوية أبو طالب بن عبد المطلب واسمه شيبة الحمد بن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف واسمه المغيرة ابن قصي بن كلاب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة ابن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، اشتهر بكنيته واسمه عمران وقيل عبد مناف وقيل شيبة وهو عم النبي صلي الله عليه وآله وكافله ومربيه وناصره وأمه فاطمة بنت عمرو ابن عائد المخزومية ولد قبل النبي صلي الله عليه وآله بخمس وثلاثين سنة وكان سيد البطحاء وشيخ قريش ورئيس مكة قالوا ولم يسد في قريش فقير قط الا أبو طالب وعتبة بن ربيعة هذا لشرفه وهذا لصدقه وإنما كانت قريش تسود بالمال، ولما مات عبد المطلب أوصي بالنبي صلي الله عليه وآله إليه فقال:
أوصيك يا عبد مناف بعدي * بواحد بعد أبيه فرد فارقه وهو ضجيع المهد * فكنت كالأم له في الوجد وفي أبيات أخر فيه تصريح بأن أسم أبي طالب عبد مناف فكفل أبو طالب النبي صلي الله عليه وآله وأحسن تربيته وسافر به إلي الشام وهو ابن اثنتي عشرة سنة وقيل تسع سنين والأول أكثر يحبه حبا شديدا لا يحب أولاده كذلك وكان لا ينام الا
(٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، مدينة مكة المكرمة (1)، بنو هاشم (1)، الشام (1)، الموت (1)، الحرب (1)
إلي جنبه ويخرجه معه متي خرج.
قرأت في أمالي أبي جعفر محمد بن حبيب قال كان أبو طالب إذا رأي رسول الله صلي الله عليه وآله أحيانا يبكي ويقول إذا رأيته ذكرت أخي وكان عبد الله أخاه لأبويه وكان شديد الحب له والحنو عليه وكذلك كان عبد المطلب شديد الحب له وكان أبو طالب كثيرا ما يخاف علي رسول الله صلي الله عليه وآله البيات إذا عرف مضجعه وكان يقيمه ليلا من منامه ويضجع عليا " ع " مكانه فقال له علي " ع " ليلة يا أبه أني مقتول فقال:
إصبرن يا بني فالصبر أحجي * كل حي مصيره لشعوب قد بذلاك والبلاء شديد * لفداء الحبيب وابن الحبيب لفداء الأغر ذي الحسب الثاقب * والباع والكريم النجيب أن تصبك المنون فالنبل تتري * فمصيب منها وغير مصيب كل حي وأن تملي بعمر * آخذ من مذاقها بنصيب فقال علي عليه السلام مجيبا له:
أتأمرني بالصبر في نصر أحمد * ووالله ما قلت الذي قلت جازعا ولكنني أحببت أن تر نصرتي * وتعلم أني لم أزل لك طائعا سأسعي لوجه الله في نصر أحمد * نبي الهدي المحمود طفلا ويافعا أخرج ابن عساكر عن جلهمة بن عرفة قال قدمت مكة وهم في قحط فقالت قريش يا أبا طالب أقحط الوادي وأجدب العيال فهلم لنستقي فخرج أبو طالب ومعه غلام كان وجهه شمس دجي تجلت عنه سحابة قتماء وحوله أغيلمة فأخذه أبو طالب فالصق ظهره بالكعبة ولاذ الغلام بإصبعه وما في السماء قزعه فاقبل السحاب من ههنا وههنا وأغدق وانفجر الوادي وأخصب النادي والبادي وفي ذلك يقول أبو طالب " ع ":
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه * ثمال اليتامي عصمة للأرامل
(٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب أمالي الصدوق (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، إبن عساكر (1)، يوم عرفة (1)، محمد بن حبيب (1)، الصبر (1)، الخوف (1)
تطوف به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل ولما أمر الله سبحانه رسوله صلي الله عليه وآله أن يصدع بما أمر به فقام بأظهار دين الله ودعا الناس إلي الإسلام علي رؤوس الأشهاد وذكر آلهة قريش وعابها أعظمت ذلك قريش وأنكروه وأجمعوا علي عداوته وخلافه وأرادوا به السوء فقام أبو طالب " ع " بنصرته ومنعه منهم وذب عنه من عاداه وحال بينه وبين كفار قريش محاماة أبي طالب عنه وقيامه دونه وامتناعه من أن يسلمه مشي إليه رجال من أشراف قريش منهم عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة وأبو سفيان صخر ابن حرب وأبو البختري بن هشام والأسود بن المطلب والوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام والعاص بن وائل ونبيه ومنبه أبنا الحجاج وأمثالهم من رؤساء قريش فقالوا له يا أبا طالب أن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آراءنا فأما أن تكفه عنا وأما أن تخلي بيننا وبينه فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا وردهم ردا جميلا فانصرفوا عنه ومضي رسول الله صلي الله عليه وآله علي ما هو عليه يظهر دين الله ويذعنوا إليه فوقع التضاغن في قلوبهم حتي أكثرت قريش ذكر رسول الله صلي الله عليه وآله بينها وتذامروا فيه وحض بعضهم بعضا عليه فمشوا إلي أبي طالب مرة ثانية فقالوا يا أبا طالب أن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا وإنا والله لا نصبر علي شتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا فأما أن تكفه عنا أو ننازله وإياك حتي يهلك أحد الفريقين ثم انصرفوا فعظم علي أبي طالب فراق قومه وعداوتهم ولم تطب نفسه بإسلام ابن أخيه لهم ولا خذلانه فبعث إليه فقال له يا بن أخي ان قومك قد جاؤوني فقالوا لي كذا وكذا فابق علي وعلي نفسك ولا تحملني من الأمر ما لا أطيقه قال فظن رسول الله انه قد بدا لعمه فيه بداء وانه خاذله ومسلمه وانه قد ضعف عن نصرته والقيام دونه فقال يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي علي ان اترك هذا الأمر ما تركته حتي يظهره الله أو أهلك فيه ثم استعبر
(٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، أبو البختري (1)، الهلاك (2)، الحرب (1)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)، السب (1)
باكيا وقام وولي فلما ولي ناداه أبو طالب اقبل يا ابن أخي فأقبل راجعا فقال له اذهب يا بن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشئ ابدا وقال أبو طالب " ع " يذكر ما اجتمعت عليه قريش من حربه لما قام بنصر محمد صلي الله عليه وآله:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتي أوسد في التراب دفينا فأنفذ لأمرك ما عليك مخافة * وابشر وقر بذاك منك عيونا ودعوتني وزعمت انك ناصحي * ولقد صدقت وكنت قبل أمينا وعرضت دينا قد علمت بأنه * من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذاري سبة * لوجدتني سمحا بذاك مبينا قال بعض علمائنا اتفق علي نقل الأبيات الأربعة قيل البيت الخامس مقاتل والثعلبي وابن عباس والقاسم وابن دينار وزاد أهل الزيغ والضلال البيت الخامس ظلما وزورا إذ لم يكن في جملة أبياته مسطورا ولم ينتبهوا للتناقض الذي فيه ومنافاته باقي الأبيات انتهي قلت: وزيادة البيت لا تنافي إسلامه رضي الله عنه لأن مفهومه لولا حذار الشغب من قريش وخوف الفتنة التي توجب المسبة عندهم لأظهرت ما تدعوني إليه وبينته علي رؤوس الأشهاد وهذا لا ينافي اسلامه باطنا واعتقاده الحق كما دل عليه سائر الأبيات وغيره من شعره ثم إن قريشا حين عرفت ان أبا طالب قد أبي خذلان رسول الله صلي الله عليه وآله واسلامه إليهم ورأوا إجماعه علي مفارقتهم وعداوتهم مشوا إليه بعمارة ابن الوليد بن المغيرة المخزومي وكان أجمل فتي في قريش فقالوا له يا أبا طالب هذا عمارة بن الوليد أبهي فتي في قريش وأجمله فخذه إليك فأتخذه ولدا فهو لك وسلم لنا هذا ابن أخيك الذي خالف دينك ودين آبائك وفرق جماعة قومك لنقتله فأنما هو رجل برجل فقال أبو طالب " ع " والله ما أنصفتموني تعطوني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه هذا والله ما لا يكون ابدا فقال له مطعم ابن عدي بن نوفل وكان له صديقا مصافيا والله يا أبا طالب ما أراك تريد ان تقبل من قومك شيئا لعمري
(٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو طالب عليه السلام (2)، عبد الله بن عباس (1)، يوم عرفة (1)، الثعلبي (1)
لقد جهدوا في التخلص مما تكره واراك لا تنصفهم فقال أبو طالب " ع " ما أنصفوني ولا أنصفتني ولكنك قد أجمعت علي خذلاني ومظاهرة القوم علي فاصنع ما بدا لك، قال فعند ذلك تنابذ القوم وثارت الأحقاد ونادي بعضهم بعضا وتذمروا بينهم علي من في القبائل من المسلمين الذين اتبعوا محمدا صلي الله عليه وآله فوثبت كل قبيلة علي من فيها منهم يعذبونهم ويفتنونهم في دينهم ومنع الله تعالي رسوله منهم بعمه أبي طالب وقام في بني هاشم وبني المطلب حين رأي قريشا تصنع ما تصنع فدعاهم إلي ما هو عليه من منع رسول الله صلي الله عليه وآله والقيام دونه فاجتمعوا إليه وقاموا معه وأجابوه إلي ما دعاهم إليه من الدفاع عن رسول الله الا ما كان من أبي لهب فأنه لم يجتمع معهم علي ذلك، قيل ولم يؤثر عن أبي لهب خير قط الا ما روي أن أبا سلمة ابن عبد الأسد المخزومي لما وثب عليه قومه ليعذبونه ويفتنونه عن الإسلام هرب منهم واستجار بأبي طالب " ع " وأم أبي طالب مخزومية وهي أم عبد الله والد رسول الله صلي الله عليه وآله فأجاره فمشي إليه رجال من بني مخزوم وقالوا يا أبا طالب هبك منعت منا ابن أخيك محمد فمالك ولصاحبنا تمنعه منا قال إنه استجار بي وهو ابن أختي وان أنا لم امنع ابن أختي لم امنع ابن أخي فارتفعت أصواتهم وصوته فقام أبو لهب ولم ينصر أبا طالب قبلها ولا بعدها فقال يا معشر قريش والله لقد أكثرتم علي هذا الشيخ لا تزالون تتوثبون عليه في جواره من بين قومه اما والله لتنتهن عنه أو لنقومن معه فبما قام فيه حتي يبلغ ما أراد فقالوا بل ننصرف عما تكره يا أبا عتبه فقاموا فانصرفوا وكان وليا لهم ومعينا علي رسول الله صلي الله عليه وآله وأبي طالب فاتقوه وخافوا ان تحمله الحمية علي الإسلام.
ثم لما رأت قريش إلي انها لا تصل إلي محمد صلي الله عليه وآله لقيام أبي طالب " ع " دونه أجمعت علي أن تكتب بينها وبين بني هاشم صحيفة يتعاقدون فيها ان لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يجالسوهم فكتبوها وعلقوها في جوف الكعبة تأكيدا علي أنفسهم وكان كاتبها منصور بن عكرمة بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار
(٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، أبو طالب عليه السلام (3)، بنو هاشم (2)، الكراهية، المكروه (2)، المنع (3)
ابن قصي فلما فعلوا ذلك انحازت بنو هاشم والمطلب فدخلوا كلهم مع أبي طالب في الشعب فاجتمعوا إليه وخرج منهم أبو لهب إلي قريش فظاهرها علي قومه فضاق الأمر ببني هاشم وعدموا القوت الا ما كان يحمل إليهم سرا وخفية وهو شئ قليل لا يسد أرماقهم وأخافتهم قريش فلم يكن يظهر منهم أحد ولا يدخل إليهم أحد وذلك أشد ما لقي رسول الله صلي الله عليه وآله وأهل بيته بمكة فأقاموا علي ذلك سنتين أو ثلاثا حتي جهدوا لا يصل إليهم شئ الا القليل سرا ممن يريد صلتهم من قريش وكان أبو جهل بن هشام لقي حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزي معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد وهي عند رسول الله صلي الله عليه وآله محاصرة في الشعب فتعلق به وقال أتحمل الطعام إلي بني هاشم والله لا تبرح أنت وطعامك حتي أفضحك بمكة فجاءه أبو البختري العاص بن هشام بن الحرث بن أسد بن عبد العزي فقال مالك وله فقال إنه يحمل الطعام إلي بني هاشم فقال أبو البختري يا هذا ان طعاما كان لعمته عنده بعثت إليه فيه أفتمنعه ان يأتيها بطعامها خل سبيل الرجل فأبي أبو جهل حتي نال كل منهما من صاحبه فأخذ له أبو البختري لحيي بعير فضربه به فشجه ووطئه وطأة شديدة فانصرف وهو يكره أن يعلم رسول الله وبنو هاشم بذلك فيشمتوا به وبعث الله تعالي علي صحيفتهم الأرضة فأكلتها قيل إلا أسم الله وأطلع الله رسوله صلي الله عليه وآله علي ذلك فذكره رسول الله لعمه أبي طالب فقال أبو طالب أربك أطلعك علي هذا قال نعم قال فوالله ما يدخل عليك أحد فأنطلق في عصابة من بني هاشم والمطلب إلي المسجد فلما رأتهم قريش أنكروا ذلك وظنوا انهم خرجوا من شدة البلاء ليسلموا رسول الله صلي الله عليه وآله فقالوا لأبي طالب قد آن ترجعوا عما أحدثتم علينا وعلي أنفسكم فقال انما أتيتكم بأمر نصف بيننا وبينكم ان ابن أخي أخبرني ان هذه الصحيفة التي في أيديكم قد بعث الله عليها دابة فأبقت اسم الله وأكلت غدركم وتظاهركم علينا بالظلم فان كان كما قال فلا والله ما نسلمه حتي نموت عن آخرنا
(٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: أم المؤمنين خديجة بنت خويلد عليها السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، مدينة مكة المكرمة (2)، أبو البختري (3)، هشام بن الحرث (1)، بنو هاشم (6)، حكيم بن حزام (1)، الطعام (2)، الظلم (1)، الجهل (2)، السجود (1)، الكراهية، المكروه (1)
وأن كان باطلا دفعناه إليكم قالوا قد رضينا ففتحوا الصحيفة فوجدوها كما أخبر الصادق " ع " فقالوا هذا سحر ابن أخيك وزادهم ذلك بغيا وعدوانا فقال أبو طالب يا معشر قريش علي م نحصر ونحبس وقد بان الأمر وقد تبين انكم أولي بالظلم والقطيعة، ثم دخل هو وأصحابه بين أستار الكعبة وقال اللهم انصرنا علي من ظلمنا وقطع أرحامنا واستحل ما يحرم عليه منا ثم انصرف إلي الشعب.
ولما أراد الله سبحانه ابطال الصحيفة والفرج عن بني هاشم من الضيق والذل الذي كانوا فيه قبض هشام بن عمرو بن الحارث بن حبيب بن نصر بن مالك بن حسل ابن عامر بن لوي فقام في ذلك أحسن قيام وذلك أن أبا عمرو بن الحارث كان أخا لنصلة بن هاشم بن عبد مناف بن قصي من أمه فكان هشام بن عمرو بحسب ذلك واصلا لبني هاشم وكان ذا شرف في قومه بني عامر بن لوي فكان يأتي بالبعير ليلا وقد أو قره طعاما وبنو هاشم وبنو المطلب في الشعب حتي إذ اقبل به فم الشعب خلع خطامه من رأسه ثم يضربه علي جنبه فيدخل الشعب عليهم ثم يأتي به مرة أخري وقد أوقره تمرا فيصنع به مثل ذلك ثم أنه مشي إلي زهير بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي فقال يا زهير أرضيت أن تأكل الطعام وتشرب الشراب وتلبس الثياب وتنكح النساء وأخوالك حيث قد علمت لا يبتاعون ولا يبتاع منهم ولا ينكحون ولا ينكح إليهم ولا يواصلون ولا يزارون اما اني احلف لو كان أخوال أبي الحكم بن هشام ودعوته إلي مثل ما دعاك إليه منهم ما أجابك ابدا قال ويحك يا هشام فما ذا اصنع انما أنا رجل واحد والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقض هذه الصحيفة القاطعة فقال قد وجدت رجلا قال من هو؟ قال أنا قال زهير أبغنا ثالثا فذهب إلي المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف فقال له يا مطعم أرضيت ان يهلك بطنان من بني عبد مناف جوعا وجهدا وأنت شاهد علي ذلك موافق لقريش فيه أما والله لئن أمكنتموهم من هذا لتجدن قريشا إلي مساءتكم في غيره سريعة قال ويحك ماذا أصنع انما أنا رجل واحد قال قد وجدت ثانيا قال
(٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الحكم بن هشام (1)، بنو هاشم (3)، الهلاك (1)، الطعام (1)، الشهادة (1)
أنا؟ قال أبغنا ثالثا قال قد وجدت قال من هو؟ قال: زهير بن أبي أمية قال قال أبغنا رابعا فذهب إلي أبي البختري بن هشام فقال له نحو ما قال لمطعم قال وهل من أحد يعين علي ذلك قال: نعم وذكرهم له قال فأبغنا خامسا فمضي إلي زمعة ابن الأسود بن المطلب بن أسد بن أبي العزي فكلمه فقال وهل يعين علي ذلك من أحد قال نعم ثم سمي له القوم فاتعدوا حطيم الحجون ليلا بأعلي مكة فأجمعوا أمرهم وتعاقدوا علي القيام في الصحيفة حتي ينقضوها وقال زهير: أن أبدأكم وأكون أولكم في التكلم فلما أصبحوا غدوا إلي أنديتهم وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة فطاف بالبيت سبعا ثم اقبل علي الناس فقال يا أهل مكة أنأكل الطعام ونشرب الشراب ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكي والله لا أقعد حتي تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة وكان أبو جهل في ناحية المسجد فقال كذبت والله لا تشق فقال زمعة بن الأسود لأبي جهل أنت والله كذبت ما رضينا والله بها حين كتبت فقال أبو البختري معه صدق والله زمعة لا نرضي بها ولا نقر بما كتب فيها فقال مطعم بن عدي صدقا والله وكذب من قال غير ذلك نبرأ إلي الله منها ومما كتب فيها وقال هشام بن عمرو مثل قولهم فقال أبو جهل هذا أمر قضي بليل وقام مطعم بن عدي إلي الصحيفة فحطها وشقها فوجد الأرضة قد أكلتها إلا ما كان من باسمك اللهم قالوا واما كاتبها منصور بن عكرمة فشلت يده فيما يذكرون فلما مزقت الصحيفة خرج بنو هاشم من حصار الشعب فلم يزل أبو طالب " ع " ثابتا صابرا مستمرا علي نصرة رسول الله وحمايته والقيام دونه حتي مات.
واعلم أنه لا خلاف عندنا في إسلام أبي طالب رضي الله عنه ونقل ابن الأثير في (جامع الأصول) اجماع أهل البيت " ع " علي ايمانه وإجماعهم حجة ووافقنا علي ذلك أكثر الزيدية وبعض شيوخ المعتزلة منهم أبو القاسم البلخي وأبو جعفر الإسكافي وغيرهما ولنا في ايمانه (رض) عنه روايات منها:
ما روي عن حماد بن سلة عن ثابت عن إسحاق بن عبد الله عن العباس بن
(٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، أبو طالب عليه السلام (2)، مدينة مكة المكرمة (2)، مدرسة المعتزلة (1)، اسحاق بن عبد الله (1)، أبو البختري (1)، بنو هاشم (2)، الكذب، التكذيب (2)، التصديق (1)، الموت (1)، الجهل (3)، السجود (1)
عبد المطلب (رض) قال: قلت لرسول الله صلي الله عليه وآله يا بن أخي ما ترجو لأبي طالب عمك من الله سبحانه فقال أرجو له رحمة الله من ربي وكل خير.
ومنها ما روته العامة ان أبا بكر جاء بأبيه أبي قحافة إلي النبي صلي الله عليه وآله عام الفتح يقوده وهو شيخ كبير أعمي فقال رسول الله ألا تركت الشيخ حتي تأتيه فقال أردت يا رسول الله صلي الله عليه وآله أن يؤجره الله أما والله أما والذي بعثك بالحق نبيا لأنا كنت أشد فرحا بإسلام عمك أبي طالب مني بإسلام أبي لالتمس بذلك قرة عينك قال صدقت.
ومنها ما روي بأسانيد كثيرة بعضها عن العباس بن عبد المطلب (رض) وبعضها عن أبي بكر بن أبي قحافة ان أبا طالب " ع " ما مات حتي قال لا اله إلا الله محمد رسول الله.
ومنها الخبر المشهور ان أبا طالب " ع " عند الموت قال كلاما خفيا فأصغي إليه أخوه العباس ثم رفع رأسه إلي رسول الله صلي الله عليه وآله فقال يا بن أخي ولقد قالها عمك ولكنه ضعف عن أن يبلغك صوته.
ومنها ما روي عن أمير المؤمنين " ع " أنه قال ما مات أبو طالب حتي أعطي رسول الله صلي الله عليه وآله من نفسه الرضا.
ومنها ما روي عن أبي عبد الله " ع " جعفر بن محمد الصادق " ع " ان رسول الله صلي الله عليه وآله قال: أن أصحاب الكهف أسروا الأيمان وأظهروا الشرك فأتاهم الله أجرهم مرتين وان أبا طالب " ع " أسر الأيمان وأظهر الشرك فأتاه الله أجره مرتين.
ومنها ما روي عن محمد بن علي الباقر " ع " أنه سئل عما يقوله الناس ان أبا طالب " ع " في ضحضاح من النار فقال " ع " لو وضع ايمان أبي طالب " ع " في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخري لرجح إيمانه ثم قال ألم تعلموا ان أمير المؤمنين " ع " كان يأمر ان يحج عن عبد الله وأبيه أبي طالب في حياته
(٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، إيمان أبي طالب عليه السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، العباس بن عبد المطلب (1)، الموت (3)، الحج (1)
ثم أوصي وصيته بالحج عنهما.
ومنها ما روي عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عن أبيه عن أمير المؤمنين " ع " انه كان ذات يوم جالسا بالرحبة والناس حوله مجتمعون فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين انك بالمكان الذي أنزلك الله عز وجل به وأبوك يعذب بالنار فقال " ع " صه فض الله فاك والذي بعث محمدا صلي الله عليه وآله بالحق لو شفع أبي في كل مذنب علي وجه الأرض لشفعه الله فيهم أبي يعذب بالنار وابنه قسيم الجنة والنار ثم قال: والذي بعث محمدا صلي الله عليه وآله ان نور أبي طالب يوم القيامة ليطفي أنوار الخلق إلا خمسة أنوار نور محمد صلي الله عليه وآله ونوري ونور فاطمة ونور الحسن والحسين ومن ولدته من الأئمة لأن نوره من نورنا الذي خلقه الله تعالي من قبل ان يخلق الله آدم " ع " بألفي عام.
ومنها ما روي أن أبان بن محمد كتب إلي أبي الحسن علي بن موسي الرضا " ع " جعلت فداك اني قد شككت في إسلام أبي طالب فكتب " ع " إليه ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي الآية وبعدها انك ان لم تقر بإيمان أبي طالب " ع " كان مصيرك إلي النار.
ومنها ما روي عن زين العابدين علي بن الحسين " ع " انه سئل عن إسلام أبي طالب " ع " فقال " ع " واعجبا ان الله تعالي نهي رسوله صلي الله عليه وآله ان يقر مسلمة علي نكاح كافر وقد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلي الإسلام ولم تزل تحت أبي طالب " ع " حتي مات.
ومنها رواية عن النبي صلي الله عليه وآله حدث الحسين بن علي " ع " عن أبيه قال سمعت أبا طالب " ع " يقول حدثني محمد صلي الله عليه وآله ابن أخي قلت له بماذا بعثت يا محمد قال بصلة الأرحام وأن يعبد الله وحده ولا يعبد معه أحد ومحمد الصادق الأمين.
ومنها ما روي عن عبد الله بن عباس عن أبيه قال قال أبو طالب " ع "
(٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، إيمان أبي طالب عليه السلام (1)، السيدة فاطمه بنت أسد أم أمير المؤمنين عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (4)، النبي آدم عليه السلام (1)، عبد الله بن عباس (1)، يوم القيامة (1)، صلة الرحم (1)، المفضل بن عمر (1)، الحج (1)، الموت (1)، الفدية، الفداء (1)، الوصية (1)
للنبي صلي الله عليه وآله يا بن الأخ الله أرسلك قال النبي صلي الله عليه وآله نعم قال فأرني آيته قال ادع لي تلك الشجرة فدعاها فأقبلت حتي سجدت بين يديه ثم انصرفت فقال أبو طالب عليه السلام اشهد انك صادق يا علي صل جناح ابن عمك.
ومنها ما روي عن أبي عبد الله " ع " قال: ان أبا طالب أسلم بحساب الجمل.
وعنه " ع " انه قال أسلم أبو طالب بحساب الجمل وعقد بيده ثلاثا وستين قال ابن بابويه في (معاني الأخبار) سئل أبو القاسم الحسين بن روح عن معني هذا الخبر فقال عني بذلك إله أحد جواد قال وتفسير ذلك أن الألف واحد واللام ثلاثون والهاء خمسة والألف واحد والحاء ثمانية والدال أربعة والجيم ثلاثة والواو ستة والألف واحد والدال أربعة فذلك ثلاثة وستون.
ومنها ما رواه ابن بابويه في (أماليه) بأسناده عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي قال سمعت أبا عبد الله الصادق " ع " يقول نزل جبرئيل علي النبي صلي الله عليه وآله وآله فقال يا محمد ان الله جل جلاله يقرئك السلام ويقول اني قد حرمت النار علي صلب أنزلك وبطن حملك وحجر كفلك فقال صلي الله عليه وآله يا جبرئيل بين لي ذلك فقال اما الصلب الذي أنزلك فعبد الله بن عبد المطلب واما البطن الذي حملك فآمنة بنت وهب، واما الحجر الذي كفلك فأبو طالب بن عبد المطلب وفاطمة بنت أسد.
قالت الإمامية ومما يدل علي ايمانه خطبة النكاح التي خطبها عند نكاح رسول الله صلي الله عليه وآله خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وهي الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم " ع " وزرع إسماعيل " ع " وجعل لنا بلدا حراما وبيتا محجوبا - وروي محجوجا - وجعلنا الحكام علي الناس ثم إن محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله أخي من لا يوازن به فتي من قريش الا رجح عليه برا وفضلا وحزما وعقلا ورأيا ونبلا وان كان في المال مقلا فإنما المال ظل زائل وعارية مسترجعة وله في خديجة بنت خويلد رغبة ولها فيه مثل ذلك وما أحببتم من الصداق فعلي وله والله بعد نبأ شايع وخطب جليل قالوا افتراه يعلم نبأه الشايع وخطبه الجليل ثم يعانده ويكذبه وهو
(٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، النبي إبراهيم (ع) (1)، النبي اسماعيل علي السلام (1)، السيدة فاطمه بنت أسد أم أمير المؤمنين عليهما السلام (1)، أم المؤمنين خديجة بنت خويلد عليها السلام (1)، الحسين بن روح النوبختي (1)، الجود (1)، الصّلاة (1)
من أولي الألباب هذا غير سائغ في العقول.
قال المؤلف عفي عنه اني لا أكاد أقضي العجب ممن ينكر ايمان أبي طالب " ع " أو يتوقف فيه واشعاره التي يرويها المخالف والمؤلف صريحة في صراحة إسلامه وأي فرق بين المنظوم والمنثور إذا تضمنا اقرارا بالإسلام فمن اشعاره الدالة صريحا علي إسلامه قوله:
ألا بلغا عني علي ذات بينها * لويا وخصا من لوي بني كعب ألم تعلموا انا وجدنا محمدا * نبيا كموسي خط في أول الكتب وان عليه في العباد محبة * ولا حيف فيمن خصه الله بالحب وقوله:
ترجون منا خطة دون نيلها * ضراب وطعن بالوشيج المقوم ترجون ان نسخوا بقتل محمد * ولم تختضب سمر العوالي من الدم كذبتم وبيت الله حتي تفلقوا * جماجم تلقي بالحطيم وزمزم وتقطع أرحام وتنسي خليلة * خليلا ويغشي محرم بعد محرم علي ما مضي من مقتكم وعقوقكم * وغشيانكم في امركم كل مأثم وظلم نبي جاء يدعوا إلي الهدي * وامرأتي من عند ذي العرش قيم فلا تحسبونا مسلميه فمثله * إذا كان في قوم فليس بمسلم وقوله:
فلا تسفهوا أحلامكم في محمد * ولا تتبعوا أمر الغواة الأثائم تمنيتم أن تقتلوه وانما * أمانيكم هذي كأحلام نائم وانكم والله لا تقتلونه * ولما تروا قطف اللحي والجماجم زعمتم بانا مسلمون محمدا * ولما نقاذف دونه ونراجم من القوم مفضال أتي علي العدي * تمكن في الفرعين من آل هاشم امين حبيب في العباد مسموم * بخاتم رب قاهر في الخواتم
(٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: إيمان أبي طالب عليه السلام (1)، الوقوف (1)، القتل (2)
يري الناس برهانا عليه وهيبة * وما جاهل في قومه مثل عالم وقوله وقد غضب لعثمان بن مظعون الجمحي حين عذبته قريش ونالت منه امن تذكر دهر غير مأمون * أصبحت مكتئبا تبكي لمحزون امن تذكر أقوام ذوي سفه * يغشون بالظلم من يدعو إلي الدين الا ترون أذل الله جمعكم * انا غضبنا لعثمان بن مظعون ونمنع الضيم من يبغي مضيمتنا * بكل مطرد في الكف مسنون حتي تقر رجال لا حلوم لها * بعد الصعوبة بالأسماح واللين أو تؤمنوا بكتاب منزل عجب * علي نبي كموسي أو كذي النون وقد جاء في الخبر ان أبا جهل بن هشام جاء مرة إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وهو ساجد وقد أخذ بيده حجرا يريد ان يرضخ به رأسه فلصق الحجر بيده فلم يستطع ما أراد فقال أبو طالب " ع " في ذلك من أبيات:
أفيقوا بني عمنا وانتهوا * عن الغي من بعض ذا المنطق وإلا فأني إذا خائف * بوائق في داركم تلتقي كما ذاق من كان من قبلكم * ثمود وعاد ومن ذا بقي واعجب من ذاك في امركم * عجائب في الحجر الملصق بكف الذي قام من خبثه * إلي الصابر الصادق المتقي فأثبته الله في كفه * علي رغمه الخائن الأحمق وقوله من أبيات هي من مشهور شعره:
أنت النبي محمد * قرم أغر مسود لمسودين أكارم * طابوا وطالب المولد نعم الأرومة أصلها * عمرو الخضم الأوحد ولقد عهدتك صادقا * في القول لا تتزيد واشتهر عن عبد الله المأمون بن هارون الرشيد انه كان يقول أسلم والله
(٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، هارون الرشيد (1)، عثمان بن مظعون (2)، الصدق (1)، الخوف (1)، الظلم (1)، الجهل (2)
أبو طالب بقوله:
نصرت الرسول رسول الاله * ببيض تلا تلا كلمع البروق أذب وأحمي رسول الاله * حماية عم عليه شفيق وروي عن أمير المؤمنين " ع " أنه قال: قال لي أبي يا بني الزم ابن عمك فأنك تسلم به من كل بأس عاجل وآجل ثم قال:
ان الوثيقة في لزوم محمد * فاشدد بصحبته عليه يديكا ومن شعره المناسب لهذا المعني قوله لعلي وجعفر ابنيه " ع ":
ان عليا وجعفرا ثقتي * عند مسلم الزمان والنوب لا تخذلا وانصرا ابن عمكما * أخي لأمي من بينهم وأبي والله لا أخذل النبي ولا * يخذله من بني ذو حسب وقوله يخاطب أخاه حمزة وكان يكني أبا يعلي:
فصبرا أبا يعلي علي دين أحمد * وكن مظهرا للدين وفقت صابرا وحط من أتي بالحق من عند ربه * بصدق وعزم لا تكن حمز كافرا فقد سرني إذ قلت انك مؤمن * فكن لرسول الله في الله ناصرا وناد قريشا بالذي قد أتيته * جهارا وقل ما كان أحمد ساحرا وكل هذه الأشعار قد جاءت مجيئ التواتر لأنه ان لم تكن آحادها متواترة فمجموعها يدل علي أمر واحد وهو تصديقه رض محمدا صلي الله عليه وآله ومجموعها متواتر كما أن كل واحد من قتلات علي " ع " الفرسان منقولة آحادا ومجموعها متواتر يفيدنا العلم الضروري بشجاعته وكذلك القول فيما يروي عن سخاء حاتم وحلم الأحنف وذكاء اياس ونحو ذلك وما قول منكري اسلامه (رض) في قصيدته اللامية التي شهرتها كشهرة (قفا نبك) وان جاز الشك فيها أو في شئ من أبياتها جاز الشك في قفا نبك وفي أبياتها يقول فيها " ع ":
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه * ثمال اليتامي عصمة للأرامل
(٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)
تطوف به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل لقد علموا أن ابننا لا مكذب * لدينا ولا يعي بقول الأباطل فأصبح فينا أحمد في أرومة * يقصر عنها سورة المتطاول لعمري لقد كفت وجدا بأحمد * وأحببته حب الحبيب المواصل وجدت بنفسي دونه وحميته * ودافعت عنه بالذري والكلاكل فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها * وشينا لمن عادي وزين المحافل فمن مثله في الناس أي مؤمل * إذا قاسه الحكام عند التفاضل حليم رشيد عادل غير طائش * يوالي إلها ليس عنه بغافل فأيده رب العباد بنصره * وأظهر دينا حقه غير ناصل وهي قصيدة طويلة جدا أخذنا منها غرضنا هنا قال ابن كثير: هي قصيدة بليغة جدا لا يستطيع ان يقولها إلا من نسبت إليه وهي أفحل من المعلقات السبع وأبلغ في تأدية المعني.
قال أصحابنا (رض) انما لم يظهر أبو طالب " ع " الإسلام ويجاهر به لأنه لو أظهره لم يتهيأ له من نصرة النبي ما تهيأ له وكان كواحد من المسلمين الذين أظهروه ولم يتمكن من نصرته والقيام دونه حينئذ وإنما نمكن من نصرته والمحاماة عنه بالثبات في الظاهر علي دين قريش وان أبطن الإسلام وما أحسن قول السيد أبي محمد عبد الله بن حمزة الحسيني الزيدي من قصيدة:
حماه أبونا أبو طالب * وأسلم والناس لم تسلم وقد كان يكتم ايمانه * وأما الولاء فلم يكتم وأما رواية العامة عن النبي صلي الله عليه وآله أنه قال إن الله قد وعدني بتخفيف عذابه لما صنع في حقه وأنه في ضحضاح من نار فهو خبر يرونه كلهم عن رجل واحد وهو المغيرة بن شعبة وبغضه لبني هاشم وعلي الخصوص لعلي " ع " مشهور معلوم وقصته وخبره غير خاف فبطل التمسك به.
(٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، المغيرة بن شعبة (1)، بنو هاشم (1)، الهلاك (1)، الخوف (1)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)
وما روته أيضا من أن عليا " ع " وجعفرا لم يأخذ من تركة أبي طالب عليه السلام شيئا حديث موضوع ومذهب أهل البيت " ع " بخلاف ذلك فأن المسلم عندهم يرث الكافر ولا يرث الكافر المسلم ولكن يرثه المسلم ولو كان أعلي درجة منه في النسب قالوا وقوله صلي الله عليه وآله لا توارث بين أهل ملتين نقول بموجبه لأن التوارث تفاعل ولا تفاعل عندنا في ميراثهما واللفظ الذي يستدعي الطرفين كالتضارب لا يكون إلا من اثنين.
وورد في السير والمغازي ان عتبة بن ربيعة أو أخاه شيبة لما قطع رجل عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب يوم بدر أقبل عليه علي " ع " وحمزة (رض) فاستنقذاه منه وخبطا عتبة بسيفهما حتي قتلاه واحتملا صاحبها من المعركة إلي العريش فألقياه بين يدي رسول الله صلي الله عليه وآله وأن مخ ساقه ليسيل فقال يا رسول الله لو كان أبو طالب حيا لعلم أنه قد صدق في قوله حيث يقول:
كذبتم وبيت الله نخلي محمدا * ولما نطاعن دونه ونناضل وننصره حتي نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل فيقال ان رسول صلي الله عليه وآله أستغفر له ولأبي طالب " ع " يوم بدر وبلغ عبيدة مع النبي صلي الله عليه وآله إلي الصفراء ومات ودفن بها.
وقد روي أن أعرابيا جاء إلي رسول الله صلي الله عليه وآله في عام جدب فقال أتيناك يا رسول الله ولم يبق لنا صبي يرتضع ولا شارف يجتر، ثم أنشد يقول:
أتيناك والعذراء تدمي لبانها * وقد شغلت أم الرضيع عن الطفل وألقي بكفيه الفتي لاستكانة * من الجوع حتي ما يمر ولا يحل وليس لنا إلا إليك مزارنا * وأين فرار الناس إلا إلي الرسل فقام النبي صلي الله عليه وآله يجر رداءه حتي صعد المنبر، فحمد الله وأثني عليه وقال اللهم أسقنا غيثا مغنيا مريئا هنيئا مريعا سجالا غدقا طبقا دائما دررا تحيي به الأرض وتنبت به الزرع وتدر به الضرع، واجعله سقيا نافعا! عاجلا غير رايث
(٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: مدرسة أهل البيت عليهم السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، التصديق (1)
فوالله ما رد رسول الله صلي الله عليه وآله يده إلي نحره حتي ألقت السماء أرواقها وجاء الناس يضجون الغرق الغرق يا رسول الله صلي الله عليه وآله فقال اللهم حوالينا ولا علينا فأنجاب عن المدينة حتي استدار حولها كالأكليل فضحك رسول الله صلي الله عليه وآله حتي بدت نواجده ثم قال لله در أبي طالب " ع " لو كان حيا لقرت عينه، من ينشدنا قوله، فقال " ع " يا رسول الله لعلك أردت (وأبيض يستسقي الغمام بوجهه) قال صلي الله عليه وآله: أجل؟ فأنشده أبياتا من هذه القصيدة ورسول الله صلي الله عليه وآله يستغفر لأبي طالب " ع " علي المنبر ثم قام رجل من كنانة فأنشده أبياتا:
لك الحمد والحمد ممن شكر * سقينا بوجه النبي المطر دعي الله خالقه دعوة * إليه وأشخص منه البصر فان كان إلا كما ساعة * أو أقصر حتي رأينا الدرر دفاق العز إلي وجسم البعاق * أغاث به الله عليا مضر فكان كما قاله عمه * أبو طالب ذا رواه غزر به يسر الله صوب الغمام * فهذا العيان كذاك الخبر فمن يشكر الله يلق المزيد * ومن يكفر الله يلق الغير فقال رسول الله صلي الله عليه وآله ان يكن شاعرا أحسن فقد أحسنت، وسئل العارف بالله السيد الجليل مولانا السيد عبد الرحمان بن أحمد الحسيني الإدريسي المغربي نزيل مكة المشرفة والمتوفي بها سنة سبع وثمانين وألف، وكان من أرباب الحال وأقطاب الرجال عن إسلام أبي طالب فأملي ما صورته إعلم قربك الله منه ورزقك كمال الفهم منه ان أبا طالب " ع " قد قال بإيمانه جمع من أهل الكشف والشهود ووردت أحاديث تشهد بإسلامه أوردها الحافظ بن حجر في (الإصابة) وتكلم عليها وجاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " ان جبرئيل " ع " أتي النبي صلي الله عليه وآله وقال إن الله يبشرك ببشارة فقال إن الله لا يعذب صلبا أنزلك وبطنا حملك وحجرا كفلك قال صلي الله عليه وآله بين لي يا جبرئيل فقاله " ع ": أما الصلب
(٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، مدينة مكة المكرمة (1)، عبد الرحمان بن أحمد (1)، العزّة (1)، الشكر (1)، الشهادة (1)
فهو عبد الله، واما البطن فهي آمنة وأما الحجر فهو أبو طالب.
واخرج تمام الخبر الرازي في فوائده عن ابن عمر قال: قال رسول صلي الله عليه وآله إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي وعمي أبي طالب وأخ لي كان في الجاهلية أورده المحب الطبري في (ذخائر العقبي) قال السيوطي في (المسالك) وقد ورد هذا الحديث من طريق آخر عن ابن عباس أخرجه أبو نعيم وفيه التصريح بأن الأخ من الرضاعة وأخرج الشيخ عبد الوهاب الشعراني حديثا بأن الله تعالي أحيي أبا طالب " ع " للنبي صلي الله عليه وآله انتهي. وانما نقلنا هذا الكلام علي هذا الوجه ليعلم ان محققي الصوفية وافقونا علي اسلامه أيضا فان قلت هبكم أجمعتم علي اسلامه وإيمانه فكيف قلتم بتشيعه وذكرتموه في طبقات الشيعة.
قلت إن النبي صلي الله عليه وآله قد أخبر عشيرته في حياته ان عليا وصيه وخليفته بمحضر من أبي طالب وغيره من بني عبد المطلب فأذعن له أبو طالب " ع ".
روي الثعلبي في تفسيره وغيره مسندا إلي البراء قال: لما نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين) جمع رسول الله بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس فأمر عليا " ع " ان يذبح شاة فأدمها ثم قال صلي الله عليه وآله ادنوا باسم الله فدني القوم عشرة عشرة فأكلوا حتي صدروا ثم دعي بقعب من لبن فجرع منه جرعة ثم قال لهم اشربوا باسم الله فشربوا حتي رووا فبدرهم أبو لهب فقال هذا ما سحركم به الرجل فسكت النبي صلي الله عليه وآله فلم يتكلم يومئذ ثم دعاهم من العد علي مثل ذلك الطعام والشراب ثم أنذرهم صلي الله عليه وآله فقال يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله عز وجل والبشير جئتكم بما لم يجئ به أحد جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا وأطيعوني تهتدوا من يواخيني ويوازرني ويكون وليي ووصيي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني فسكت القوم وأعاد ذلك ثلاثا كل ذلك يسكت القوم ويقول علي " ع " أنا فقال صلي الله عليه وآله أنت فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب " ع " أطع ابنك فقد أمر عليك.
(٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، عبد الله بن عباس (1)، الحافظ أبو نعيم (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، يوم القيامة (1)، كتاب ذخائر العقبي (1)، محب الدين الطبري (1)، الثعلبي (1)، الذبح (1)، الطعام (1)، الرضاع (1)، الأكل (1)
وذكر الطبري في تاريخه: عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب " ع " قال: لما نزلت هذه الآية (وأنذر عشيرتك الأقربين) علي رسول الله دعاني فقال يا علي أن الله أمرني ان أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا وعلمت اني متي أبدأهم بهذا الأمر رأيت منهم ما أكره فصمت حتي جائني جبرئيل فقال يا محمد انك ان لم تفعل ما أمرت به يعذبك ربك فاصنع صاعا من الطعام واجعل عليه رجل شاة واملأ عسا من لبن ثم أجمع بني عبد المطلب حتي أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب فلما اجتمعوا إليه دعي بالطعام الذي صنعته لهم فجئت به فلما وضعته تناول رسول الله صلي الله عليه وآله بضعة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال: كلوا باسم الله فأكلوا حتي مالهم إلي شئ من حاجة وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمته لجميعهم، ثم قال اسق القوم يا علي فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتي رووا جميعا وأيم الله ان كان الرجل منهم ليشرب مثله فلما أراد رسول الله ان يكلمهم بدره أبو لهب إلي الكلام فقال لشد ما سحركم صاحبكم فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلي الله عليه وآله فلما كان من الغد قال رسول الله يا علي أن هذا الرجل قد سبقي إلي ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل ان أكلمهم فعدلنا اليوم إلي مثل ما صنعت بالأمس ثم اجمعهم لي ففعلت ثم جمعتهم ثم دعا بالطعام فقربته لهم ففعل مثل ما فعل بالأمس فأكلوا حتي مالهم بشئ حاجة ثم قال أسقهم فجئتهم بذلك العس فشربوا منه جميعا حتي رووا. ثم تكلم رسول الله صلي الله عليه وآله فقال يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم ان شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله ان أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني علي هذا الأمر علي أن يكون أخي ووصيي وخليفتي منكم فأحجم القوم عنه جميعا وقلت أنا وإني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم
(٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، حديث الدار (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عبد الله بن عباس (1)
بطنا وأحمشهم ساقا أنا يا رسول الله أكون وزيرك عليه فأعاد القول فأمسكوا عنه واعدت ما قلت فاخذ برقبتي ثم قال لهم هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب " ع " قد أمرك ان تسمع لابنك وتطيع فان قلت من أين ثبت عندكم ان أبا طالب " ع " أذعن بذلك وقبل تأمير ابنه عليه قلت ثبت ذلك عندنا لما رويناه عن أبي الحسن الرضا عليه السلام انه قال كان نقش خاتم أبي طالب " ع " رضيت بالله ربا وبابن أخي محمد نبيا وبابني علي له وصيا:
إذا قالت حذام فصدقوها * فان القول ما قالت حذام ولله در ابن أبي الحديد المعتزلي حيث يقول:
ولولا أبو طالب وابنه * لما مثل الدين شخصا فقاما فذاك بمكة آوي وحاما * وهذا بيثرب خاضا الحماما تكفل عبد مناف بأمر * وأودي فكان علي تماما فقل في بشير مضي بعد ما * قضي ما قضاه وأبقي شماما فالله ذا فاتحا للهدي * ولله ذا للمعالي ختاما وما ضر مجد أبي طالب * جهول لغي أو بصير تعامي كما لا يضر أياب الصباح * من ظن ضوء النهار الظلاما قلت كان ابن أبي الحديد من المتوقفين في إسلام أبي طالب وصرح بذلك في شرحه لنهج البلاغة فقضي علي نفسه بالجهل والتعامي في هذه الأبيات، وقال الكلبي لما حضرت أبا طالب الوفاة جمع إليه وجوه قريش وأوصاهم فقال يا معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه وقلب العرب واعلموا انكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيبا الا أحرزتموه ولا شرفا الا أدركتموه فلكم به علي الناس الفضيلة وله به إليكم الوسيلة والناس لكم حرب وعلي حربكم ألب وإني أوصيكم بتعظيم هذه البنية فان فيها مرضاة للرب وقواما للجأش وثباتا للوطأة صلوا أرحامكم ولا تقطعوها فان صلة الرحم منسأة
(٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: أبو طالب عليه السلام (3)، إبن أبي الحديد المعتزلي (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، صلة الرحم (1)، الصّلاة (1)، الظنّ (1)
في الأجل وزيادة في العدد واتركوا البغي والعقوق ففيهما هلكت القرون قبلكم خيبوا الداعي واعطوا السائل فان فيها شرف الحياة والمهمات عليكم بصدق الحديث وأداء الأمانة فان فيها محبة في الخاص ومكرمة في العام وإني أوصيكم بمحمد صلي الله عليه وآله خيرا فإنه الأمين في قريش والصديق في العرب كأني انظر إلي صعاليك العرب وأهل الوبر والأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته وصدقوا كلمته وعظموا أمره فخاض بهم غمرات الموت فصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا ودورها خرابا وضعافها أربابا وأعظمهم عليه أحوجهم إليه وأبعدهم منه أقربهم عنده قد محضته العرب ودادها وأصغت له فؤادها وأعطته قيادها دونكم يا معشر قريش أين أبيكم كونوا له ولاة ولحزبه حماة والله لا يسلك أحد منكم سبيله الا سعد ولا يأخذ بهديه الأرشد ولو كان لنفسي مدة ولأجلي تأخير لكففت عنه الهزاهز ولدفعت عنه الدواهي وأنشد يخاطب ابنيه عليا وجعفرا " ع " وإخوته حمزة والعباس:
أوصي بنصر النبي الخير مشهده * عليا ابني وشيخ القوم عباسا وحمزة الأسد الحامي حنيفته * وجعفرا ان يذودوا دونه الناسا كونوا فدي لكم أمي وما ولدت * في نصر احمد دون الناس أتراسا ثم مات (رض) قال الواقدي توفي أبو طالب " ع " في النصف من شوال في السنة العاشرة من النبوة وهو ابن بضع وثمانين سنة وفي (المواهب اللدنية) ابن سبع وثمانين سنة وفي سيرة العمري مات بعد ما خرج من الحصار بالشعب بثمانية أشهر واحد وعشرين يوما وقال ابن الجوزي مات قبل الهجرة بثلاث سنين.
روي أنه لما مات (رض) جاء أمير المؤمنين علي " ع " إلي رسول الله صلي الله عليه وآله فآذنه بموته فتوجع عظيما وحزن شديدا ثم قال له امض فتول غسله فإذا رفعته علي سريره فأعلمني ففعل فاعترضه رسول الله صلي الله عليه وآله وهو محمول علي رؤوس الرجال فقال له وصلتك رحم يا عم وجزيت خيرا لقد ربيت وكفلت صغيرا
(٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، أبو طالب عليه السلام (1)، شهر شوال المكرم (1)، الموت (5)، الغسل (1)، الأمانة، الإئتمان (1)
ونصرت وآزرت كبيرا ثم تبعه إلي حفرته فوقف عليه فقال اما والله لأستغفرن لك ولأشفعن فيك شفاعة يتعجب لها الثقلان وإنما لم يصل عليه صلي الله عليه وآله لأن صلاة الجنائز لم تكن شرعت بعد ولا صلي رسول الله صلي الله عليه وآله علي خديجة وإنما كان تشييع ورقة ودعاء.
وفي الحديث الصحيح المشهور ان جبرئيل قال لرسول الله صلي الله عليه وآله ليلة مات أبو طالب " ع " اخرج منها فقد مات ناصرك وللمؤلف غفر الله له شعرا في هذا المقام:
أبو طالب عم النبي محمد * به قام أزر الدين واشتد كاهله ويكفيه فخرا في المفاخر انه * مؤازره دون الأنام وكافله لئن جهلت قوم عظيم مقامه * فما ضر ضوء الصبح من هو جاهله ولولاه ما قامت لأحمد دعوة * ولا انجاب ليل الغي انزاح باطله أقر بدين الله سرا لحكمة * فقال عدو الحق ما هو قائله وماذا عليه وهو في الدين هضبة * إذ عصفت من ذي العناد أباطله وكيف يحل الذم ساحة ماجد * أواخره محمودة وأوائله عليه سلام الله ما ذر شارق * وما تليت أخباره وفضائله وكان لأبي طالب (رض) من البنين ستة أربعة ذكور أحدهم طالب وهو أكبر ولده وبه كان يكني وكانت قريش أكرهته علي النهضة إلي بدر لقتال رسول الله صلي الله عليه وآله ففقد ولم يعرف له خبر ويقال انه أقحم فرسه في البحر حتي غرق ويقال ان قريشا ردته إلي مكة ويدل علي صحة هذا القول ما أخرجه الكليني رحمه الله في الروضة باسناده عن أبي عبد الله " ع " انه قال لما خرجت قريش إلي بدر وأخرجوا بني عبد المطلب معهم خرج طالب بن أبي طالب " ع " فنزل وجاورهم وهم يرتجزون ونزل طالب أبي طالب يرتجز:
يا رب أما تغرزن بطالب * في منقب من هذه المناقب
(٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: أبو طالب عليه السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، مدينة مكة المكرمة (1)، الموت (1)، الشفاعة (1)، التشييع (1)، الجنازة (1)
في مغنب المحارب المغارب * يجعله المسلوب غير السالب فقالت قريش ان هذا ليغلبنا فردوه قال في رواية أخري عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان أسلم انتهي.
قال المؤلف وروي أرباب السير لطالب شعرا يدل علي اسلامه وهو قوله من أبيات:
وقد حل مجد بني هاشم * مكان النعائم والزهرة ومحض بني هاشم احمد * رسول المليك علي فترة والثاني أمير المؤمنين " ع " علي بن أبي طالب " ع " والثالث جعفر " ع " والرابع عقيل وبنتان أم هاني وجمانة أمهم فاطمة بنت أسد وكأن علي أصغرهم وكان جعفر أسن منه بعشر سنين وعقيل أسن من جعفر بعشر سنين وطالب أسن من عقيل بعشر سنين ذكره ابن قتيبة وأبو سعيد وأبو عمر والله أعلم.
حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلي الله عليه وآله أمه هالة بنت وهب بن عبد مناف بن زهره وكان أخا لرسول الله صلي الله عليه وآله من الرضاعة أرضعتهما ثويبة بلبن ابنها مسروح وكانت مولاة أبي لهب وكان أسن من النبي صلي الله عليه وآله بأربع سنين.
قال أبو عمرو هذا يرد ما ذكر من تقييد رضاعة ثويبة بلبن ابنها مسروح إذ لا رضاع الا في حولين ولولا التقييد بذلك حمل الرضاع علي زمانين مختلفين وأجيب بامكان ارضاعها حمزة في آخر سنة في أول ارضاعها ابنها وارضاعها النبي صلي الله عليه وآله في أول سنة في آخر ارضاعها ابنها فيكون أكبر بأربع سنين وقيل كان أسن بسنين وكان اسمه في الجاهلية والإسلام حمزة.
قال في القاموس الحمزة الأسد ويقال انه حموز لما حمزه ضابط لما ضمه ومنه اشتقاق حمزه أو من الحمازة وهي الشدة ويكني أبا عمارة وأبا يعلي كنيتان له بابنيه عمارة ويعلي وكان يدعي أسد الله وأسد رسوله اخرج البغوي في معجمه عن يحيي بن عبد الرحمان بن لبيبه عن أبيه عن جده ان رسول الله صلي الله عليه وآله قال
(٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، السيدة فاطمه بنت أسد أم أمير المؤمنين عليهما السلام (1)، حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، بنو هاشم (2)، عبد الرحمان (1)، الرضاع (4)، الجهل (1)
والذي نفسي بيده انه لمكتوب عند الله عز وجل في السماء السابعة حمزة أسد الله وأسد رسوله وكان اسلامه في السنة الثانية وقبل السادسة من المبعث وسبب اسلامه ما روي أن النبي صلي الله عليه وآله كان جالسا عند الصفا فمر به أبو جهل لعنه الله فشتمه وآذاه وقال فيه ما يكره من العيب لدينه ومن التضعيف لأمره فلم يكلمه رسول الله صلي الله عليه وآله ومولاة لعبد الله بن جذعان في مسكن لها تسمع ذلك ثم انصرف أبو جهل عنه فعمد إلي نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب ان أقبل متوشحا قوسه راجعا من قنصه وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلي أهله حتي يطوف بالكعبة وكان إذا فعل ذلك لم يمر علي ناد من قريش الا وقف وسلم فلما مر بالمولاة وقد رجع رسول الله صلي الله عليه وآله إلي بيته قالت له يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد صلي الله عليه وآله آنفا من أبي الحكم بن هشام وجده هيهنا جالسا فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد صلي الله عليه وآله فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله تعالي به من الكرامة وكان أعز فتي في قريش وأشدها شكيمة فخرج يسعي حتي دخل المسجد ونظر إليه جالسا في القوم فاقبل نحوه حتي إذا قام علي رأسه رفع القوس فضربه فشجه شجة منكرة وقال أشتمته وانا علي دينه أقول ما يقول فرد علي ذلك أن استطعت فقامت رجال بني مخزوم إلي حمزة لينصروا أبا جهل فقال أبو جهل دعوا أبا عمارة فأبي والله سببت ابن أخيه سبا قبيحا وثم حمزة علي اسلامه وعلي مبايعته النبي صلي الله عليه وآله فلما أسلم حمزة عرفت قريش ان رسول الله صلي الله عليه وآله قد عز وامتنع وان حمزة شيعته فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون من النبي صلي الله عليه وآله وقال حمزة بن عبد المطلب حين أسلم:
حمدت الله حين هدي فؤادي * إلي الإسلام والدين الحنيف لدين جاء من رب عزيز * خبير بالعباد بهم لطيف إذا تليت رسائله علينا * تحدر دمع ذي اللب الحصيف رسائل جاء أحمد من هداها * بآيات مبينة الحروف
(٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (8)، حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء عليه السلام (2)، يوم عرفة (1)، العزّة (1)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الجهل (4)، السجود (1)، الغضب (1)، الكراهية، المكروه (2)
واحمد مصطفي فينا مطاع * فلا تغشوه بالقول العنيف فلا والله نسلمه لقوم * ولما نقض منهم بالسيوف اخرج الحافظ الدمشقي عن عبد الله بن عباس عن أبيه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله خير أعمامي حمزة، واخرج ابن بابويه في أماليه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه " ع " قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله أحب أخواني إلي علي وأحب أعمامي إلي حمزة، وروي عن الباقر " ع " انه قال كان أمير المؤمنين دائما يقول والله لو كان حمزة وجعفر حيين ما طمع فيها أبو بكر ولكن ابتليت بجلفين عقيل والعباس: ومثل هذا الحديث ما أخرجه الكليني في الكافي عن ابن مسكان عن سدير قال: كنا عند أبي جعفر " ع " فذكرنا ما أحدث الناس بعد نبيهم صلي الله عليه وآله واستذلالهم أمير المؤمنين " ع " فقال رجل من القوم أصلحك الله فأين كان عز بني هاشم وما كانوا فيه من العدد؟ فقال أبو جعفر " ع " من كان بقي من بني هاشم انما كان جعفر وحمزة فمضيا وبقي معه رجلان ضعيفان ذليلان حديثا عهد بالإسلام عباس وعقيل وكانا من الطلقاء. اما والله لو أن حمزة وجعفر كانا بحضرتهما ما وصلا إلي ما وصلا ولو كانا شاهديه لأتلفا أنفسهما.
قال المؤلف: دل هذان الحديثان علي أن حمزة وجعفرا كانا يعتقدان استحقاق علي " ع " الخلافة بعد رسول الله صلي الله عليه وآله وانه صاحبها دون غيره وأنهما لو كان حيين يوم مات رسول الله صلي الله عليه وآله لم يطمع فيها غيره ولم يصل إليها أحد سواه ولذلك ذكرناهما في طبقات الشيعة.
وروي أن أمير المؤمنين " ع " قال يوم بويع أبو بكر بالخلافة وا حمزتاه ولا حمزة لي اليوم. وا جعفراه ولا جعفر لي اليوم.
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج سألت النقيب أبا جعفر يحيي بن محمد بن أبي زيد فقلت له أتقول لو أن حمزة وجعفرا كانا حيين يوم مات رسول الله أكانا يبايعانه بالخلافة؟ فقال نعم كانا أسرع إلي بيعته من النار في يبس العرفج
(٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (3)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، عبد الله بن عباس (1)، بنو هاشم (2)، يحيي بن محمد (1)، جعفر بن محمد (1)، الموت (2)
فقلت له أظن أن جعفرا رض كان يبايعه ولا أظن حمزة كذلك وأراه جبارا قوي النفس شديد الشكيمة زاهيا بنفسه وشجاعا بهمته وهو العم والأعلي سنا وآثاره في الجهاد معروفة وأظنه كان يطلب الخلافة لنفسه فقال الأمر في أخلاقه وسجاياه كما ذكرت ولكنه كان صاحب دين متين وتصديق خالص لرسول الله صلي الله عليه وآله ولو عاش لرأي من أحوال علي " ع " مع رسول الله صلي الله عليه وآله ما يوجب أن يكسر له نخوته وأن يقيم له صغره وأن يقدمه علي نفسه وأن يتوخي رضا الله ورسوله فيه وإن كان بخلاف إيثاره ثم قال: أين خلق حمزة السبعي من خلق علي " ع " الروحاني اللطيف الذي جمع بينه وبين خلق حمزة فاتصفت بهما نفس واحدة وأين هيولائيته نفس حمزة وخلوها من العلوم من نفس علي " ع " القدسية التي أدركت بالفطرة لا بقوة الرياضة التعليمية ما لم تدركه نفوس مدققي الفلاسفة الإلهيين لو أن حمزة حي حتي رأي من علي ما رآه غيره لكان اتبع له من ظله وأطوع له من أبي ذر والمقداد وأما قولك هو العم والأعلي سنا فقد كان العباس العم والأعلي سنا وقد عرفت ما بذله له وندبه إليه وكان أبو سفيان كالعم وكان أعلي سنا وقد عرفت ما عرضه عليه. ثم قال: لا زالت الأعمام تخدم أبناء الأخوة وتكون اتباعا لهم الست تري حمزة والعباس اتبعا ابن أخيهما صلي الله عليه وآله وأطاعاه ورضيا برياسته وصدقا دعوته الست تعلم أن أبا طالب " ع " كان رئيس بني هاشم وشيخهم والمطاع فيهم وكان محمد صلي الله عليه وآله يتيمه ومكفوله وجاريا مجري أحد أولاده عنده ثم خضع له واعترف بصدقه ودان لامره حتي مدحه بالشعر كما يمدح الأدني الأعلي انتهي ملخصا وقتل حمزة بأحد شهيدا قتله وحشي العبد الحبشي.
قال الواقدي: كان وحشي عبدا لابنة الحارث بن عامر بن عبد مناف ويقال كان لجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف فقالت له ابنة الحارث أن أبي قتل يوم بدر فان أنت قتلت أحد الثلاثة فأنت حر محمدا وعلي بن
(٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو طالب عليه السلام (1)، يوم عرفة (2)، بنو هاشم (1)، جبير بن مطعم (1)، القتل (2)
أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب فإني لا أري في القوم كفوا لأبي غيرهم فقال وحشي: أما محمد فقد عرفت اني لا أقدر عليه وان أصحابه لن يسلموه. وأما علي " ع " فوالله لو وجدته نائما ما أيقظته من هيبته. وأما حمزة فالتمسه. قال وحشي فكنت يوم أحد التمسه فبينا انا في طلبه إذ طلع علي فطلع رجل حذر مرس كثير الالتفات فقلت ما هذا بصاحبي الذي التمس إذ رأيت حمزة يفري الناس فريا فكمنت له إلي صخرة وهو مكبس له كتيت أي مطرق لصدره صوت من شدة الغيط فاعترض له سباع ابن أم أنمار وكانت أمه ختانة بمكة مولاة لشريف الثقفي فقال له حمزة وأنت أيضا يا ابن مقطعة البظور ممن يكتم علينا فاحتمله حي إذا برقت قدماه رمي به فبرك عليه فشحطه شحط الشاة ثم أقبل إلي مكبسا حين رآني فلما بلغ المسيل وطئ علي جرف فزلت قدمه فهززت حربتي حتي رضيت فضربته في خاصرته حتي خرجت من مثانته وكر عليه طائفة من أصحابه فأسمعهم يقولون أبا عمارة فلا يجيب فقلت قد والله مات الرجل فذكرت هند بنت عتبة وما لقيت علي أبيها وعمها وأخيها وانكشف عنه أصحابه حين أيقنوا بموته ولا يروني فكررت عليه فشققت بطنه فاستخرجت كبده فجئت بها إلي هند بنت عتبة فقلت لها ماذا لي إن قتلت قاتل أبيك قالت سلني فقلت هذه كبد حمزة فأخذتها فمضغتها ثم لفظتها فلا أدري لم تسغها أو قذرتها فنزعت ثيابها وحليها فأعطتنيها ثم قالت إذا جئت مكة فلك عشرة دنانير ثم قالت أرني مصرعه فدللتها عليه فقطعت مذاكيره وجدعت أنفه وأذنيه وقطعت أصابعه فجعلت ذلك معضدين في يديها وخذمتين أي خلخالين في رجليها حتي قدمت بذلك مكة وقدمت بكبده أيضا معها.
قال الواقدي: وكان رسول الله صلي الله عليه وآله يقول يوم أحد ما فعل عمي ما فعل عمي فخرج الحرث بن الصمة يطلبه فأبطأ فخرج علي " ع " يطلبه حتي انتهي إلي الحرث ووجد حمزة مقتولا فجاء فأخبر النبي صلي الله عليه وآله فاقبل يمشي حتي وقف
(٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة مكة المكرمة (3)، يوم عرفة (1)، الموت (1)، القتل (1)، الوطئ (1)
عليه فقال صلي الله عليه وآله ما وقفت موقفا قط أغيظ إلي من هذا الموقف فطلعت صفية بنت عبد المطلب ومعها فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله فحالت الأنصار بينها وبين رسول الله فقال: دعوهما فجعل إذا بكت صفية يبكي رسول الله صلي الله عليه وآله وإذا نشجت ينشج وجعلت فاطمة " ع " تبكي فكلما بكت يبكي رسول الله ثم قال صلي الله عليه وآله لن أصاب بمثل حمزة أبدا ثم قال لصفية وفاطمة " ع " أبشرا أتاني جبرئيل فأخبرني ان حمزه مكتوب في أهل السماوات أسد الله وأسد رسوله ولما رأي صلي الله عليه وآله ما مثل بحمزة أحزنه ذلك وقال صلي الله عليه وآله إن ظفرت بقريش لأمثلن بسبعين منهم فأنزل الله عليه وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولأن صبرتم لهو خير للصابرين فقال بل نصبر فلم يمثل بأحد من قريش، ولما خرج وفد الطائف إلي رسول الله صلي الله عليه وآله خرج معهم وحشي حتي قدم علي رسول الله صلي الله عليه وآله المدينة فلما رآه قال رسول الله أوحشي قال نعم قال اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة فحدثه فلما فرغ قال ويحك غيب عني وجهك فكان يتنكبه لئلا يراه حتي قبضه الله تعالي إليه.
وكانت وقعة أحد يوم السبت لإحدي عشر ليلة وقيل لسبع ليال وقيل.
لثمان وقيل لتسع وقيل للنصف من شوال في سنة ثلاث من الهجرة وشذ من قال سنة أربع، وعن مالك كانت بعد وقعة بدر بسنة. وعنه أيضا كانت علي رأس إحدي وثلاثين شهرا من الهجرة والله أعلم، عن جابر قال قال: رسول الله صلي الله عليه وآله سيد الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب، وفي رواية حمزة خير الشهداء وكان لحمزة " ع " من الولد عمارة ويعلي ولم يعقب واحد منهما وكان يعلي قد ولد خمسة رجال وماتوا كلهم من غير عقب وتوفي رسول الله صلي الله عليه وآله ولكل واحد منهما أعوام ولم يحفظ لواحد منهما رواية وكانت له بنت يقال لها أم أبيها وقيل اسمها آمنة وكانت تحت عمران بن أبي سلمة المخزومي ربيب رسول الله صلي الله عليه وآله وهي التي ذكرت لرسول الله وقيل له ألا تتزوج ابنة حمزة
(٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (3)، حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، يوم القيامة (1)، معركة أحد (1)، معركة بدر (1)، شهر شوال المكرم (1)، الزوج، الزواج (1)، البكاء (2)، الشهادة (2)
فإنها أحسن فتاة في قريش فقال صلي الله عليه وآله انها ابنة أخي من الرضاعة وان الله عز وجل قد حرم من الرضاعة ما حرم من النسب.
جعفر ابن أبي طالب يكني أبا عبد الله هو شقيق أمير المؤمنين " ع " لأمه وأبيه أسلم قديما وهاجر إلي الحبشة الهجرة الثانية ومعه زوجته أسماء بنت عميس فولدت ثمة بنيه عبد الله ومحمدا وعونا فلم يزل هنالك حتي قدم علي النبي صلي الله عليه وآله وهو بخيبر سنة سبع فحصلت له الهجرتان.
أخرج الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه رض في أماليه عن محمد ابن عمر الجرجاني قال: قال الصادق جعفر بن محمد أول جماعة كانت ان رسول الله صلي الله عليه وآله كان يصلي وأمير المؤمنين علي " ع " معه إذ مر أبو طالب وجعفر معه فقال يا بني صل جناح ابن عمك فلما أحس رسول الله صلي الله عليه وآله تقدمهما وانصرف أبو طالب مسرورا وهو يقول:
ان عليا وجعفرا ثقتي * عند ملم الزمان والكرب والله لا أخذل النبي ولا * يخذله من بني ذو حسب لا تخذلا وانصرا ابن عمكما * أخي لأمي من بينهم وأبي فكانت أول جماعة جمعت ذلك اليوم وكان (رض) يحب المساكين ويجلس إليهم ويحدثونه وكان رسول الله صلي الله عليه وآله يسميه أبا المساكين، روي أنه كان يقول لأبيه أبي طالب " ع " يا أبة اني لأستحي ان أطعم طعاما وجيراني لا يقدرون علي مثله وكان يقول له أبوه اني لأرجو ان يكون فيك خلف من عبد المطلب وله (رض) فضل كثير وقد روي في شأنه أحاديث كثيرة. فمن ذلك أن رسول الله صلي الله عليه وآله لما فتح خيبر قدم جعفر بن أبي طالب " ع " من الحبشة فالتزمه رسول الله صلي الله عليه وآله وجعل يقبل بين عينيه ويقول ما أدري بأيهما أنا أشد فرحا بقدوم جعفر أم بفتح خيبر، وعن جابر لما قدم جعفر من أرض الحبشة تلقاه رسول الله صلي الله عليه وآله فلما نظر جعفر إلي رسول
(٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، أبو طالب عليه السلام (1)، جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (7)، علي بن بابويه (1)، أسماء بنت عميس (1)، خيبر (2)، عمر الجرجاني (1)، جعفر بن محمد (1)، الصدق (1)، الزوجة (1)، الرضاع (2)، الصّلاة (2)
الله صلي الله عليه وآله خجل قال: مشي علي رجل واحدة إعظاما منه لرسول الله صلي الله عليه وآله فقبل رسول الله صلي الله عليه وآله بين عينيه وأعطاه وامرأته أسماء من غنائم خيبر وقال اشبهت خلقي وخلقي. وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله خير الناس حمزه وجعفر وعلي " ع ".
وروي السبعي قال سمعت عبد الله بن جعفر يقول كنت إذا سئلت عمي عليا " ع " شيئا فمنعني أقول له بحق جعفر فيعطيني، وأخرج ابن بابويه في أماليه عن جابر عن أبي جعفر الباقر " ع " قال: أوحي الله تعالي إلي رسول الله صلي الله عليه وآله اني أشكر لجعفر بن أبي طالب " ع " أربع خصال فدعاه النبي صلي الله عليه وآله فأخبره فقال لولا أن الله تبارك وتعالي أخبرك ما أخبرتك ما شربت خمرا قط لأني لو شربتها زال عقلي وما كذبت قط لأن الكذب ينقص المروة وما زنيت قط لأني خفت اني إذا عملت عمل بي وما عبدت صنما قط لأني علمت أنه لا يضر ولا ينفع فضرب النبي صلي الله عليه وآله علي عاتقه وقال حق لله تعالي ان يجعل لك جناحين تطير بهما مع الملائكة في الجنة.
قال المؤلف: قد تقدم في ترجمة حمزة " ع " وجه ذكرنا لجعفر (رض) في طبقات الشيعة فلا حاجة بنا إلي اعادته هنا.
قال الزمخشري: في ربيع الأبرار كان جعفرا أشبه الناس برسول الله صلي الله عليه وآله خلقا وخلقا وكان الرجل يري جعفر فيقول السلام عليك يا رسول الله يظنه إياه فيقول لست برسول الله أنا جعفر، وروي عن علي بن يونس المدني قال كنت مع مالك فإذا سفيان بن عيينة بالباب يستأذن قال مالك رجل صاحب شيبة ادخلوه فدخل فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فردوا عليه السلام ثم قال السلام سلامان خاص وعام ثم قال السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته قال مالك وعليك السلام يا أبا محمد ورحمة الله وبركاته فصافحه مالك ثم قال يا أبا محمد لولا أنها بدعة لعانقناك فقال سفيان بن عيينة
(٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، أبو سعيد الخدري (1)، الزمخشري (1)، سفيان بن عيينة (2)، خيبر (1)، الكذب، التكذيب (2)، الخوف (1)
عانق خير منك ومنا النبي صلي الله عليه وآله فقال مالك: جعفرا! قال نعم قال ذاك حديث خاص يا أبا محمد ليس بعلم قال سفيان ما يعم جعفرا يعمنا إذا كنا صالحين وما يخصه يخصنا فتأذن لي ان أحدث في مجلسك قال: نعم يا أبا محمد قال:
حدثني عبد الله بن طاوس عن أبيه عن عبد الله بن عباس قال: لما قدم جعفر بن أبي طالب " ع " من ارض الحبشة اعتنقه النبي صلي الله عليه وآله وقبل بين عينيه وقال جعفر أشبه الناس بي خلقا وخلقا، يا جعفر ما أعجب ما رأيت بأرض الحبشة قال: يا رسول الله بينا أنا أمشي في أزقتها إذا سوداء علي رأسها مكتل فيه بر فصدمها رجل علي دابته فوقع مكتلها وانتثر برها وأقبلت تجمعه من التراب وهي تقول: ويل للظالم من الديان يوم الدين ويل للظالم من المظلوم يوم القيامة ويل للظالم إذا وضع الكرسي للفصل يوم القيامة فقال النبي صلي الله عليه وآله لا يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفها من قويها حقه غير متعتع.
وكانت هجرته (رض) إلي الحبشة في السنة الرابعة من النبوة وكان هو المتكلم عند النجاشي من المسلمين المهاجرين إلي الحبشة لما جمع بينهم وبين عبد الله ابن أبي ربيعة المخزومي وعمرو بن العاص وكانا رسولي قريش إليه، وكان من خبر ذلك أن النبي صلي الله عليه وآله لما رأي مبالغة قريش في أذي المسلمين بمكة أشار عليهم ان يلحقوا بأرض الحبشة وقال صلي الله عليه وآله: ان بها ملكا لا يظلم الناس ببلاده فجاوروا عنده حتي يأتيكم الله بفرج منه فخرج قوم من المسلمين فيهم جعفر " ع " وكان عدتهم ثلاثة وثلاثون رجلا سوي النساء والأولاد ونزلوا ارض الحبشة وجاوروا بها النجاشي ملكها آمنين علي دينهم يعبدون الله تعالي ولا يؤذون فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا أن يبعثوا إلي النجاشي منهم رجلين جلدين من قريش وأن يهدوا إلي النجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي وعمرو بن العاص فقالوا لهما ادفعا إلي كل بطريق هديته قبل أن
(٧١)
صفحهمفاتيح البحث: أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، عبد الله بن عباس (1)، مدينة مكة المكرمة (2)، يوم القيامة (3)، عمرو بن العاص (2)، الظلم (1)
تكلما النجاشي ثم تقدما إلي النجاشي ثم سلاه ان يسلمهم إليكم قبل أن يكلمهم فخرجا ولما قدما دفعا إلي كل بطريق هديته وقالا انه قد صبا إلي بلد الملك غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم وقد أرسلنا قومهم ليردهم إليهم فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه أن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم، فقالوا نعم وقدما هداياهم إلي النجاشي فقبلها منهم ثم كلماه فقالا: أيها الملك انه قد صبا إلي بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دين الملك وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت وقد بعثنا فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم فقال بطارقته صدقوا أيها الملك فارددهم وأسلمهم إليهما فغضب النجاشي ثم قال لا والله لا أسلم قوما جاوروني ونزلوا بلادي ولجأوا إلي واختاروني علي من سواي حتي أدعوهم فأسألهم ما يقول هذان في أمرهم فإن كان كما يقولان سلمتهم إليهما وإن كان غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني فأرسل إلي أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله فدعاهم فلما أن جاء رسوله اجتمعوا فقال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه قال جعفر " ع " نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلي الله عليه وآله كائن في ذلك ما هو كائن وأرسل النجاشي وجمع بطارقته وأساقفته فنشروا مصاحفهم حوله فلما جاؤوه سئلهم ان هؤلاء يزعمون انكم فارقتم دينهم فأخبروني ما هذا الدين الذي فارقتم به قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم. فتكلم جعفر بن أبي طالب " ع " قال له أيها الملك كنا أهل جاهلية لا نعرف الله ولا رسله نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسئ الجوار ويأكل القوي منا الضعيف وكنا علي ذلك حتي بعث الله رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلي الله تعالي لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء
(٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الامر بالمعروف (1)، صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، صلة الرحم (1)، الجهل (1)، الأمانة، الإئتمان (1)
وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام وكل ما يعرف من الأخلاق الحسنة ونهانا عن الزنا والفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وكل ما يعرف من السيئات، تلي شيئا يتلي لا يشبهه شئ فصدقناه وآمنا به وعرفنا ان ما جاء به هو الحق من عند الله فعبدنا الله وحده لا شريك له وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا ففارقنا عند ذلك قومنا فآذونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلي عبادة الأوثان وان نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وحالوا بيننا وبين ديننا وبلغنا ما نكره ولم نقدر علي الامتناع أمرنا نبينا صلي الله عليه وآله أن نخرج إلي بلادك اختيارا لك علي من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا ان لا نظلم عندك أيها الملك. فقال لهم النجاشي: هل معكم مما جائكم به عن الله تعالي شئ؟ فقال له جعفر " ع " نعم قال فاقرء علي فقرء عليه صدرا من كهيعص فبكي النجاشي حتي اخضلت لحيته وبكت أساقفته حتي اخضلت لحاهم ومصاحفهم ثم قال: والله ان هذا الكلام هو الكلام الذي جاء به عيسي ليخرجان من مشكاة واحدة.
ثم قال لعبد الله بن مسعود بن أبي ربيعة المخزومي وعمرو بن العاص أعبيد هم لكم؟ قالا لا، قال ألكم عليهم دين؟ قالا لا، قال فانطلقا والله لا أسلمهم إليكما أبدا ولا أخلي بينكما وبينهم فالحقا بشأنكما فخرجا من عنده مقبوحين فلما خرجا قال عمرو بن العاص: لأتينه غدا وأعيبهم مما استأصل به خضراءهم فقال عبد الله بن أبي ربيعة وهو أتقي الرجلين فيهما لا تفعل فان للقوم رحما وان كانوا قد خالفوا فما يجب ان تبلغ ذلك منهم فقال والله لأخبرته انهم يزعمون أن عيسي بن مريم عبد فلما كان الغد غدا إليه ودخل عليه فقال: أيها الملك انهم يخالفونك ويقولون في عيسي بن مريم قولا عظيما يزعمون أنه عبد، فقال النجاشي ان لم يقولوا في عيسي بن مريم مثل قولي أدعهم في أرضي ساعة من نهار، فأرسل إليهم وكانت الدعوة الثانية أشد عليهم من الأولي فاجتمعوا
(٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أكل مال اليتيم (1)، عبد الله بن أبي ربيعة (1)، عبد الله بن مسعود (1)، عمرو بن العاص (2)، الزنا (1)، الشراكة، المشاركة (1)
فقال بعضهم لبعض قد عرفتم ان عيسي " ع " إلهه الذي يعبد وأن نبيكم جائكم بأنه عبد وان ما يقولون هو الباطل فماذا تقولون؟ قال جعفر " ع " تقول والله فيه ما قال الله تعالي وما جاء به نبيا صلي الله عليه وآله كائن في ذلك ما هو كائن فلما دخلوا عليه قال لهم: ماذا تقولون في عيسي بن مريم فقال جعفر " ع " نقول فيه ما جاء به نبيا صلي الله عليه وآله انه عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلي مريم العذراء البتول فضرب النجاشي بيده إلي الأرض فاخذ منها عودا فقال ما عدا عيسي بن مريم ما تقول مثل هذا العود ردوا عليهما هداياهما فخرجا خائنين وقال للمسلمين مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد انه رسول الله وانه الذي بشر به عيسي ولولا ما انا فيه من الملك لأتينه حتي اقبل نعله اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي والسيوم الآمنون قال جعفر: فلما جاهر رسول الله وخرج إلي المدينة وظهر بها أتيناه فقلنا ان صاحبنا قد خرج إلي المدينة فظهر بها وقتل الذي كنا حدثناك عنهم وقد أردنا الرحيل فزودنا وحملنا ثم قال: بلغ صاحبك ما صنعت إليكم وهذا صاحبي معكم وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله صلي الله عليه وآله وقل له يستغفر لي قال جعفر: فخرجنا حتي أتينا المدينة فتلقانا رسول الله صلي الله عليه وآله فاعتنقي ثم قال:
ما أدري أسر انا بفتح خيبر أم أفرح بقدوم جعفر ووافق ذلك فتح خيبر ثم جلس فقام رسول النجاشي فقال: هذا جعفر فاسأله ما صنع به صاحبنا فقال لهم ما فعل بكم؟ فقالوا ما فعل زودنا وحملنا وشهد أن لا إله إلا الله وإنك رسول الله (ص) وقال: قل له يستغفر لي فقام رسول الله صلي الله عليه وآله فتوضأ ثم دعا ثلاث مرات فقال: اللهم اغفر للنجاشي فقال المسلمون آمين قال جعفر فقلت للرسول وأخبر صاحبك بما قد رأيت عن النبي صلي الله عليه وآله.
وروي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق " ع " أنه قال: لقد كاد عمرو بن العاص عمنا جعفر بأرض الحبشة عند النجاشي وعند كثير من رعيته
(٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، خيبر (2)، عمرو بن العاص (1)، الباطل، الإبطال (1)، القتل (1)، الشراكة، المشاركة (1)، الشهادة (2)
بأنواع من الكيد ردها الله تعالي بلطفه رماه بالقتل والسرق والزنا فلم يلصق به شئ من تلك العيوب لما شاهده القوم من طهارته وعبادته ونسكه وسيماء النبوة عليه فلما نبا معوله عن صفاته هيأ له سما قدمه إليه في الطعام فأرسل تعالي هرا كفا تلك الصحفة وقد مد نحوه ثم مات لوقته وقد أكل منها فتبين لجعفر كيده وغائله فلم يعدها عنده وما زال ابن الجزار عدو لنا أهل البيت.
وقتل جعفر رض شهيدا في غزوة مؤتة في جمادي الأولي سنة ثمان من الهجرة وهو ابن إحدي وأربعين سنة وقد تقدم في ترجمة أبيه أبي طالب " ع " انه كان أسن من أمير المؤمنين بعشر سنين، ومؤتة بضم الميم وهمزة ساكنة بعدها تاء مثناة ويجوز تخفيف الهمزة فيقال موته بسكون الواو موضع من ارض الشام من عمل البلقاء والبلقاء دون دمشق.
وكان جعفر رض أحد الأمراء الثلاثة في هذه الغزوة وهم جعفر وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة وقاتل جعفر رض في هذه الواقعة قتالا شديدا حتي إذا لحمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها فكان أول رجل عقر فرسه في الإسلام وكانت الراية في يده فقاتل حتي قطعت يده اليمني فاخذها بيده اليسري فقطعت فضمها إلي صدره ثم ضربه رجل من الروم قطعه نصفين فوقع أحد نصفيه في كرم هناك فوجد فيه بضع وثلاثون جرحا، وعن ابن عمر قال كنت في تلك الغزوة فالتمسنا جعفرا فوجدناه في القتلي فعددنا بين منكبيه تسعين ضربة بين طعنة رخ وضربة سيف.
قال الواقدي: حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر عن قتادة ان النبي صلي الله عليه وآله قال: لما التقي الناس بمؤتة جلس علي المنبر وكشف له ما بينه وبين الشام فهو ينظر إلي معركتهم فقال صلي الله عليه وآله اخذ الراية زيد بن حارثة فجائه الشيطان فحبب إليه الحياة وكره إليه الموت وحبب إليه الدنيا فقال الآن حين استحكم الأيمان في قلوب المؤمنين تحبب إلي الدنيا فمضي قدما حتي استشهد ثم
(٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: شهر جمادي الأولي (1)، عبد الله بن رواحة (1)، زيد بن حارثة (2)، محمد بن صالح (1)، عاصم بن عمر (1)، الشام (2)، دمشق (1)، القتل (4)، الطعام (1)، الضرب (1)، الموت (3)، الشهادة (1)، الأكل (1)
صلي عليه وقال استغفروا له فقد دخل الجنة وهو يسعي ثم قال صلي الله عليه وآله اخذ الراية جعفر بن أبي طالب " ع " فجائه الشيطان فمناه الحياة وكره إليه الموت ومناه الدنيا فقال الآن حين استحكم الأيمان في قلوب المؤمنين تمنيني الدنيا ثم مضي قدما حتي استشهد فصلي عليه صلي الله عليه وآله ثم قال استغفروا له فإنه شهيد قد دخل الجنة فهو يطير بها بجناحين من ياقوت حيث شاء من الجنة ثم قال صلي الله عليه وآله اخذ الراية عبد الله بن رواحة ثم دخل الجنة معترضا فشق ذلك علي الأنصار فقال رسول الله صلي الله عليه وآله اصابته الجراح قيل يا رسول الله فما اعتراضه قال:
لما اصابته الجراح نكل فعاتب نفسه فشجع فاستشهد فدخل الجنة فسري عن قومه.
وعن أسماء بنت عميس امرأة جعفر قالت: أصبحت في اليوم الذي اصبب فيه جعفر " ع " وأصحابه فأتاني رسول الله صلي الله عليه وآله فدخل علي وكنت قد اخذت بني فغسلت وجوههم ودهنتهم قال يا أسماء أين بنو جعفر فجئت بهم إليه فضمهم وشمهم ثم ذرفت عيناه فبكي فقلت يا رسول الله صلي الله عليه وآله لعله بلعك عن جعفر شئ قال نعم انه قتل اليوم، فقمت أصيح واجتمع إلي النساء فجعل رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: يا أسماء لا تقولي هجرا ولا تضربي صدرا ثم خرج عني حتي دخل علي فاطمة " ع " وهي تقول وا ابن عماه فقال علي مثل جعفر فلتبك الباكية ثم قال: اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد شغلوا عن أنفسهم اليوم.
وعن يحيي بن أبي يعلي قال: سمعت عبد الله بن جعفر يقول: انا احفظ حين دخل النبي صلي الله عليه وآله علي أمي فنعي إليها أبي ناظر إليه يمسح علي رأسي ورأس أخي وعيناه تهرقان بالدمع حتي قطرت لحيته ثم قال صلي الله عليه وآله اللهم ان جعفرا قدم أحسن الثواب فاخلفه بذريته بأحسن ما خلفت أحدا من عبادك في ذريته، ثم قال صلي الله عليه وآله يا أسماء أأبشرك قالت بلي بابي وأمي قال صلي الله عليه وآله فان الله تعالي جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة، قالت بابي وأمي فاعلم الناس بذلك فقام رسول الله وأخذ بيدي يمسح رأسي حتي رقي المنير وأجلسني امامه علي
(٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: أبو طالب عليه السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، عبد الله بن رواحة (1)، أسماء بنت عميس (1)، الشهادة (2)، القتل (1)، الموت (1)، الصّلاة (1)
الدرجة السفلي وان الحزن ليعرف عليه فتكلم. فقال: ان المرء كثير بأخيه وابن عمه الا ان جعفرا قد استشهد وقد جعل الله له جناحين يطير بهما في الجنة ثم نزل ودخل بيته وأدخلني وامر بطعام فصنع له وأرسل إلي أخي فتغدينا عنده غداء طيبا عمدت سلمي خدامته إلي شعير فطحنته ثم سقته ثم أنضجته وأدمته بزيت وجعلت عليه فلفلا فتغديت انا وأخي عنده وأقمنا عنده ثلاثة أيام ندور في بيوت نسائه ثم رجعنا إلي بيتنا وأتاني رسول الله صلي الله عليه وآله بعد ذلك وانا أساوم في شاة فقال: اللهم بارك له في صفقته فوالله ما بعت شيئا ولا شربت الا بورك فيه.
وعن سعيد بن المسيب ان رسول الله صلي الله عليه وآله قال مثل لي جعفر وزيد وعبد الله في حينه من كل واحد منهم علي سرير فرأيت زيدا وابن رواحة في أعناقهما صدود ورأيت جعفرا مستقيما ليس فيه صدود فسئلت فقيل لي انهما حين غشيهما الموت أعرضا أو صدا بوجوههما واما جعفر فلم يفعل وروي عنه صلي الله عليه وآله انه قال: زارني البارحة جعفر في ملابس من الملائكة له جناحان يطير بهما حيث شاء من الجنة.
وروي الزمخشري في ربيع الأبرار قال: هبط جبرئيل " ع " علي رسول الله صلي الله عليه وآله فقال له يا محمد ان أصحابك الذين بمؤتة قد قتلوا جميعا وصاروا إلي الجنة وان الله قد جعل لجعفر جناحين أبيضين قادمتاهما مضرجتان بالدماء مكللتان باللؤلؤ والجوهر يطير بهما في الجنة مع الملائكة: ولهذا يقال لجعفر رض ذو الجناحين والطيار في الجنة.
قال أمير المؤمنين " ع " من أبيات له إلي معاوية:
وجعفر الذي يضحي ويمسي * يطير مع الملائكة ابن أمي وقال حسان بن ثابت يرثي جعفرا وأصحابه رض:
فلا يبعدون الله قتلي تتابعوا * بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر
(٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الزمخشري (1)، سعيد بن المسيب (1)، حسان بن ثابت (1)، الموت (1)، القتل (2)، الحزن (1)، الشهادة (1)
وزيد وعبد الله حين تتابعوا * جميعا وأسياف المنية تقطر رأيت خيار المؤمنين تواردوا * شعوبا وخلق بعدهم يتأخر غداة غدوا بالمؤمنين يقودهم * إلي الموت ميمون النقيبة أزهر أغر كضوء البدر من آل هاشم * أبي إذا سيم الظلامة أصغر فطاعن حتي مال غير موسد * بمعترك فيه القنا تتكسر فصار مع المستشهدين ثوابه * جنان وملتف الحدائق أخضر وكنا نري في جعفر من محمد * وقارا وأمرا حازما حين يأمر وما زال في الإسلام من آل هاشم * دعائم صدق لا ترام ومفخر هم أجبل الإسلام والناس حولهم * رضام إلي طود يطول ويقهر بهاليل منهم جعفر وابن أمه * علي ومنهم احمد المتخير وحمزة والعباس منهم ومنهم * عقيل وماء العود من حيث يعصر بهم يكشف اللأواء في كل مأزق * عماش إذا ما ضاق بالناس مصدر هم أولياء الله أنزل حكمه * عليهم وفيهم ذا الكتاب المطهر وقال كعب ابن مالك الأنصاري من قصيدة أولها يقول فيها:
نام العيون ودمع عينك يهمل * سحا كما وكف الرباب المسيل وجدا علي النفر الذين تتابعوا * قتلا بمؤنة أسندوا لم ينقلوا ساروا امام المؤمنين كأنهم * طود يقودهم الهزبر المشبل إذ يهتدون بجعفر ولوائه * قدام أولهم ونعم الأول حتي تقوضت الصفوف وجعفر * حيث التقي جمع الغواة مجندل فتغير القمر المنير لفقدهم * والشمس كاسفة وكادت تأفل قوم علا بنيانهم من هاشم * فرغ أشم وسؤدد متأثل وهذه الأشعار تشهد للشيعة بان جعفرا هو الأمير الأول فان قتل فزيد
(٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: التصديق (1)، القتل (1)، الموت (1)، الشهادة (1)، الإختيار، الخيار (1)
ابن حارثة فان قتل فعبد الله بن رواحة لا ما يزعمه عامة المحدثين من أن الأمير الأول زيد بن حارثة ثم جعفر ثم عبد الله. وكان جعفر رض عنده من الولد ثمانية ذكور عبد الله ومحمدا الأكبر قتل مع عمه أمير المؤمنين بصفين وعون ومحمد الأصغر قتلا بالطف مع ابن عمهما الحسين وحميد وحسين وعبد الله الأصغر وأمهم جميعا أسماء بنت عميس الخثعمية رض.
العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عم النبي صلي الله عليه وآله وآخر من مات من أعمامه صلي الله عليه وآله، أمه نثيلة وقيل نثلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر وكان مولده قبل الفيل بثلاث سنين وكان أسن من النبي صلي الله عليه وآله بسنتين وقيل بثلاث.
روي أنه قيل له أيكما أكبر أنت أم النبي صلي الله عليه وآله قال هو أكبر مني وانا ولدت قبله: وكان رئيسا في الجاهلية في قريش واليه عمارة المسجد الحرام والسقاية بعد أبي طالب " ع ": وكان وسيما جميلا أبيض له ضفيرتان معتدل القامة وقيل كان طويلا حتي أنه كان يقبل المرأة وهي في هودجها علي البعير قال من رآه أطول من رأينا العباس، يطوف بالبيت وكأنه فسطاط أبيض، وكان اجهر الناس صوتا. قيل إنه كان يزجر السباع عن الغنم فيفتق مرارة السبع في جوفه، وسئل بعضهم كيف لم تتفتق مرارات الغنم فقال إنها كانت الفت صوته ولقد أتتهم غارة فصاح يا صباحاه فأسقطت الحوامل وكان يقف علي سلع فينادي غلمانه وهم بالغابة وبين الغابة وسلع وهو جبل في وسط المدينة ثمانية أميال وكان النبي صلي الله عليه وآله يحترم عمه العباس.
أخرج أبو محمد الحسن بن أبي الحسن الديلمي في كتابه ارشاد القلوب ان النبي صلي الله عليه وآله قال في غير موطن وصية منه في العباس ان عمي العباس بقية الأباء والأجداد فاحفظوني فيه كل في كنفي وانا في كنف عمي العباس فمن آذاه فقد آذاني ومن عاداه فقد عاداني سلمه سلمي وحربه حربي، واخرج
(٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، يوم عاشوراء (1)، كتاب ارشاد القلوب (1)، عبد الله بن رواحة (1)، الحسن بن أبي الحسن (1)، العباس بن عبد المطلب (1)، أسماء بنت عميس (1)، زيد بن حارثة (1)، عمرو بن عامر (1)، مسجد الحرام (1)، محمد الأصغر (1)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)، القتل (2)، الموت (1)، الجهل (1)، الوصية (1)
الشيخ أبو علي الحسن بن محمد الطوسي في أماليه عن علي " ع " قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله احفظوني في عمي العباس فإنه بقيه آبائي.
وأخرج الترمذي عن عبد المطلب بن ربيعه بن الحرث بن عبد المطلب ان العباس دخل يوما علي رسول الله صلي الله عليه وآله مغضبا فقال له رسول الله صلي الله عليه وآله ما أغضبك فقال يا رسول الله أري قوما من قريش يتلاقون بينهم بوجوه مسفرة فإذا لقونا لقونا بغير ذلك فغضب رسول الله صلي الله عليه وآله حتي احمر وجهه ثم قال والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل ايمان حتي يحبكم: يا أيها الناس من أذي عمي فقد آذاني فإنما عم الرجل صنو أبيه واختلف أهل التواريخ في مبدأ اسلامه، فقال بعضهم كان اسلامه قديما وكان يكتم ايمانه واسلامه وخرج مع المشركين يوم بدر فقال رسول صلي الله عليه وآله من لقي العباس فلا يقتله فإنه خرج مستكرها، وقيل إنه أسلم يوم فتح خيبر وكان يكتم اسلامه ويسره ما يفتح علي المسلمين وأظهر اسلامه يوم فتح خيبر وشهد حنينا والطائف وتبوك وقيل إن اسلامه كان قبل يوم بدر وكان يكتب بأخبار المشركين إلي النبي صلي الله عليه وآله وكان المسلمون بمكة يتقون به وكان يحب القدوم علي رسول الله صلي الله عليه وآله فكتب إليه رسول الله صلي الله عليه وآله ان مقامك بمكة خير لك.
وعن شرحبيل بن سعد قال: لما بشر أبو رافع رسول الله صلي الله عليه وآله بإسلام العباس بن عبد المطلب أعتقه. وقيل إنه أسلم يوم بدر ولا خلاف انه كان في الأسري يوم بدر أسره أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري وكان أبو اليسر رجلا صغير الجثة وكان العباس رجلا عظيما قويا فقال النبي صلي الله عليه وآله لأبي اليسر كيف أسرته قال: أعانني رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده فقال لقد أعانك عليه ملك كريم.
فلما أمسي القوم والأساري محبوسون في الوثاق وفيهم العباس بات رسول الله صلي الله عليه وآله تلك الليلة ساهرا فقال له بعض أصحابه ما يسهرك يا رسول الله قال
(٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (9)، مدينة مكة المكرمة (2)، العباس بن عبد المطلب (1)، عبد المطلب بن ربيعة (1)، خيبر (2)، الحسن بن محمد (1)، شرحبيل بن سعد (1)، كعب بن عمرو (1)، القتل (1)، الكرم، الكرامة (1)
سمعت أنين العباس فقام رجل من القوم فأرخي من وثاقه شيئا فقال رسول الله صلي الله عليه وآله ما بالي لا اسمع أنين العباس فقال رجل من القوم أرخيت من وثاقه شيئا قال افعل ذلك بالأساري كلهم.
ولما قدم بالأساري إلي المدينة قال رسول الله للعباس افد نفسك يا عباس وابني أخويك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث بن عبد المطلب وخليفتك عتبة بن جحد فإنك ذو مال، قال اني كنت مسلما ولكن القوم استكرهوني قال الله أعلم باسلامك ان يكن ما ذكرت حقا فالله يجزيك فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا، وكان العباس أحد العشرة الذين ضمنوا طعام أهل بدر ونحر كل واحد يوم نوبته عشرا من الإبل وكان حمل معه عشرين أوقية من الذهب ليطعم بها الناس وكان يوم بدر في نوبته فأراد ان يطعم ذلك اليوم فاقتتلوا وبقيت العشرون الأوقية فأخذت منه حين اخذ واسر في الحرب فكلم النبي ان يحسبها في فدائه فأبي صلي الله عليه وآله فقال: انه شئ خرجت تستعين به علينا فلا اتركه لك قال تركتني أتكفف قريشا ما بقيت فقال رسول الله صلي الله عليه وآله فأين الذهب الذي دفعته إلي أم الفضل وقت خروجك من مكة وقلت لها اني لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا فان حدث في حادث فهو لك ولعبد الله ولعبيد الله وللفضل ولقثم يعني بنيه: فقال العباس: وما يدريك قال أخبرني به ربي جل جلاله فقال العباس: اشهد انك صادق والذي بعثك بالحق يا رسول الله ما علم بهذا غيري وغيرها وإني لأعلم انك رسول الله ثم فدي نفسه وابني أخويه وحليفه.
قيل وفي العباس نزلت يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسري ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم مما اخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم، قوله تعالي ان يعلم الله في قلوبكم خيرا أي ايمانكم، قال العباس: فأبدلني الله عشرين عبدا تاجرا يضربون بمال كثير وأدناهم بعشرين الف مكان العشرين أوقية وأعطاني زمزم وما أحب ان لي بها جميع أموال مكة وأنا أنتظر المغفرة من ربي.
(٨١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، نوفل بن الحرث بن عبد المطلب (1)، مدينة مكة المكرمة (2)، عقيل بن أبي طالب عليه السلام (1)، الطعام (2)، الحرب (1)
قال محمد بن إسحاق كان رسول الله صلي الله عليه وآله لما استشار أبا بكر وعمر وسعد بن معاذ في أمر الأساري غلظ عليهم عمر غلظة شديدة فقال يا رسول الله أطعني فيما أشير به عليك فان لا آلوك نصحا قدم عمك العباس فاضرب عنقه بيدك وقدم عقيلا إلي أخيه علي " ع " يضرب عنقه وقدم كل أسير منهم إلي أقرب الناس إليه يقتله قال فكره رسول الله صلي الله عليه وآله ذلك ولم يعجبه ولما فدي العباس نفسه رجع إلي مكة ولم يزل فيها فلما كان الفتح استقبل النبي صلي الله عليه وآله بالأبواء - وهو بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة والمدة - موضع بين مكة والمدينة وكان معه يوم فتح مكة وأظهر اسلامه يومئذ وشهد مع رسول الله صلي الله عليه وآله حنينا والطائف وتبوك وكان يوم حنين آخذا بركاب رسول الله وهو علي بغلته البيضاء الدلدل وقد انطلق الناس إلا نفرا من أهل بيته فقال رسول الله حين رأي من الناس ما رأي وانهم لا يلوون علي شئ يا عباس أصرخ يا معشر الأنصار أصحاب العمرة يعني الشجرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان يوم الحديبية ان لا يفروا عنه قال العباس فناديت فاقبلوا كأنهم الإبل إذا حنت إلي أولادها.
وروي الشيخ أبو محمد الديلمي في كتابه (ارشاد القلوب) ان النبي صلي الله عليه وآله كان جالسا في مسجده وحوله جماعة من الصحابة إذ دخل عليه عمه العباس وكان رجلا صبيحا حسنا حلو الشمائل فلما رآه النبي صلي الله عليه وآله قام إليه واستقبله وقبل بين عينيه ورحب به وأجلسه إلي جانبه وجعل يفديه بأبيه وأمه فأنشده العباس قوله فيه يمدحه صلي الله عليه وآله.
من قبلها طبت في الظلال وفي * مستودع حيث يخصف الورق ثم هبطت البلاد لا بشر * أنت ولا مضغة ولا علق بل نطفة تركب السفين وقد * الجم نسرا وأهله الغرق وخضت نار الخليل مكتتما * نجول فيها وليس تحترق
(٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، مدينة مكة المكرمة (3)، كتاب ارشاد القلوب (1)، صلح (يوم) الحديبية (1)، محمد بن إسحاق (1)، السجود (1)، الضرب (1)، القتل (1)
من صلب طاهر إلي رحم * إذا مضي عالم بدا طبق حتي احتوي بيتك المهيمن من * خذف عليا تحتها النطق وأنت لما ولدت أشرقت الأرض * وضاءت بنورك الأفق فنحن في ذلك الضياء وفي * النور وسبل الرشاد نحترق فقال النبي صلي الله عليه وآله يا عم جزاك الله خيرا ومكافاتك علي الله ثم قال معاشر الناس احفظوني في عمي العباس وانصروه ولا تخذلوه.
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن شعبة مولي ابن عباس عن ابن عباس قال: أرسل العباس بن عبد المطلب إلي بني عبد المطلب فجمعهم عنده وكان علي " ع " عنده بمنزلة لم يكن أحد بها، فقال العباس: يا بن أخي اني قد رأيت رأيا لم أحب ان اقطع فيه شيئا حتي أستشيرك فقال علي " ع " ما هو قال ندخل علي النبي صلي الله عليه وآله فنسئله إلي من هذا الأمر من بعده فان كان فينا لم نسلمه والله ما بقي في الأرض عن طارق وان كان في غيرنا لم نطلبه بعد ابدا قال علي " ع " يا عم وهل هذا الأمر إلا إليكم وهل أحد ينازعكم في هذا الأمر.
وفي رواية ان العباس وعليا " ع " دخلا علي النبي صلي الله عليه وآله فسئله العباس عن ذلك فلم يجبه هل هو فيهم أم في غيرهم بل قال لهما أنتم المظلومون أنتم المقهورون، هذه روايتنا معشر الشيعة فان قلت هذا ينافي ما تدعونه من أن النبي قد نص علي أمير المؤمنين وبين فرض طاعته ودعي الأمة إلي اتباعه لأنه لو كان الامر كذلك لم يكن أقول العباس المذكور معني. قلت قد أجاب عن هذا السؤال شيخنا المفيد قدس الله روحه في كتاب العيون والمحاسن فقال إن العباس رض انما سئل النبي صلي الله عليه وآله عن كون الامر فيهم بعده علي الوجوب وتسليم الأمة لهم وهل المعلوم عند الله تعالي تمكنهم منه وعدم الحيلولة بينهم وبينه فيطمئن بذلك قلبه ويسكن إلي وصوله إلي غرضه وعدم المنازع وتمكينهم من الامر أو يغلبون عليه وبحال بينهم وبينه، فيسأل النبي صلي الله عليه وآله ان يوصي لهم
(٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، عبد الله بن عباس (2)، العباس بن عبد المطلب (1)، الطهارة (1)، الصّلب (1)
بالإكرام والإعظام، ولم يكن في شك من الاستحقاق والاختصاص بالحكم، ألا تري إلي جواب النبي بأنكم المقهورون وأنتم المظلومون فجميع هذه الألفاظ جاءت بها الرواية، ولولا أن سؤال العباس إنما كان عن حصول المراد من التمسكن من المستحق ونفوذ الأمر والنهي لم يكن لجواب النبي بما ذكرناه معني يعقل، وكان جوابا عن غير السؤال ورسول الله صلي الله عليه وآله يجل عن صفات النقص كلها لانتظامه صفات الكمال، ونظير ذلك فيما ذكرناه قول رجل لأبيه وهو يعلم أنه وارثه دون الناس كافة أتري ان تركتك تكون لي بعد الوفاة أم تجعل لغيري، وهل ما أهلتني له يتقرر لي أم يغلبني عليه إخواني أو بنو عمي؟
فيقول له الوالد إذا لم يعلم الحال ما يغلب في ظنه من ذلك أو يجيبه بالرجاء وليس سؤال الولد لوالده عن الاستحقاق، وأمثال ذلك كثير في الجواب عنه كفاية وغني عن الأمثال، انتهي.
واتفق النقل من الخاصة والعامة: علي أن العباس قال لأمير المؤمنين " ع " يوم وفاة النبي صلي الله عليه وآله وهما في الدار إمدد يدك أبايعك، فيقول الناس عم رسول الله بايع ابن عم رسول الله، فلا يختلف عليك اثنان، واختلفوا في رواية جواب أمير المؤمنين، فروت العامة انه قال له أو يطمع فيها طامع غيري، قال العباس: ستعلم، فلم يلبثا ان جاءتهما الأخبار بأن الأنصار أقعدت سعدا لتبايعه، وان عمرا جاء بابي بكر فبايعه وسبق الأنصار بالبيعة، فأنشد العباس قول دريد:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوي * فلم يستبينوا النصح إلا ضحي الغد وروت الخاصة: انه قال يا عم ان لي برسول الله شغلا عن ذلك فلما ألح عليه قال يا عم ان رسول الله أوصي إلي وأوصاني أن لا أجرد سيفا بعده حتي يأتيني الناس طوعا وأمرني بجمع القرآن والصمت حتي يجعل الله لي مخرجا.
وادعت المعتزلة ومتكلمو المجبرة ان في هذا دليلا علي أن رسول الله صلي الله عليه وآله لم
(٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، مدرسة المعتزلة (1)، القرآن الكريم (1)، النهي (1)، الظنّ (1)، الوصية (1)، الوفاة (1)
ينص علي أمير المؤمنين " ع "، قالوا لأنه لو نص عليه لم يدعه العباس إلي البيعة لأن المنصوص عليه لا يفتقر في إمامته وكمالها إلي البيعة فلما دعاه العباس إلي عقد إمامته من حيث تعقد الإمامة التي تكون بالاختيار دل علي بطلان النص.
أجاب أصحابنا رض بأنه: ان كان دعاء العباس أمير المؤمنين إلي البيعة يدل علي ما زعمتم من بطلان النص وثبوت الإمامة بالاختيار فيجب ان يكون دعاء النبي صلي الله عليه وآله إلي بيعته ليلة العقبة ودعاء المسلمين من المهاجرين والأنصار تحت شجرة الرضوان دليلا علي أن نبوته إنما تثبت له من جهة الإختيار وانه لو كان ثابت الطاعة من قبل الله تعالي وارساله وكان المعجز دليل نبوته لا مستغني عن البيعة تارة بعد أخري، فان قلتم بذلك خرجتم عن المسلة وان أبيتموه نقضتم العلة، فإن قالوا ابن بيعة الناس لرسول الله صلي الله عليه وآله لم تكن لإثبات النبوة وانما كانت للعهد في نصرته بعد معرفة حقه وصدقه فيما أتي به الله عز وجل من رسالته.
قيل لهم كذلك كان دعاء العباس أمير المؤمنين إلي بسط اليد للبيعة فإنما كان بعد ثبوت إمامته لتجديد العهد في نصرته والحرب لمخالفيه وأهل مضادته ولم يحتج " ع " إليها في اثبات إمامته، ويدل علي ما ذكرناه قول العباس:
يقول الناس عم رسول الله بايع ابن عمه فلا يختلف عليك اثنان فعلق الاتفاق بوقوع البيعة ولم يكن ليعلقه به الا وهي بيعة الحرب التي ترعب عندها الأعداء ويحذرون من الخلاف ولو كانت بيعة الاختيار من جهة الشوري والاجتهاد لما منع ذلك من الاختلاف بل كانت نفسها الطريق إلي تشتت الرأي وتعلق كل قبيل باجتهاده واختياره أو لا تري إلي جواب أمير المؤمنين " ع " بقوله يا عم ان لي برسول الله صلي الله عليه وآله شغلا عن ذلك، ولو كانت بيعة عقد الإمامة لما شغله عنها شاغل ولا كانت قاطعة له عن مراده في القيام برسول الله أو لا تري
(٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الباطل، الإبطال (2)، المنع (1)، الحرب (1)
إلي قوله لما ألح عليه يا عم ان رسول الله صلي الله عليه وآله أوصي إلي وأوصاني ان لا أجرد سيفا بعده، فدل ذلك أيضا علي أن البيعة انما دعا إليها للنصرة والحرب وانه لا تعلق لثبوت الإمامة بها وان الاختيار ليس منها في قبيل ولا دبير علي ما وصفناه.
وروي أنه لما قبض رسول الله صلي الله عليه وآله واشتغل علي " ع " بغسله ودفنه وبويع أبو بكر خلا الزبير وأبو سفيان وجماعة من المهاجرين بعلي " ع " والعباس لإجالة الرأي وتكلموا بكلام يقتضي الاستنهاض والتهيج فقال العباس: قد سمعنا قولكم فلا لقلة نستعين بكم ولا لظنة نترك آرائكم فأمهلونا نراجع الفكر فإن يكن لنا من الأمر، ثم مخرج يصر بنا وبهم الحق صرير الحديد ونبسط إلي المجد كفا لا نقبضها أو نبلغ المدي وان تكن الأخري فلا لقلة العدد ولا لوهن في الأيد والله لولا أن الإسلام قيد الفتك لتدكدكت جنادل صخر يسمع اصطكاكها من المحل العلي فحل علي " ع " حبوته فقال: الصبر حلم والتقوي دين والحجة محمد والطريق الصراط، أيها الناس شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة، أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح، ماء آجن ولقمة يغض بها آكلها، ومجتني الثمرة لغير وقت ايناعها، كالزارع بغير أرضه، فان أقل يقولوا حرص علي الملك وان سكت يقولوا جزع من الموت، هيهات بعد اللتيا واللتي، والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه، بل اندمجت علي مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة ثم نهض ودخل منزله وتفرق القوم.
وروي الزبير بن بكار في (الموفقيات) قال: لما ازدحم الناس علي أبي بكر فبايعوه مر أبو سفيان بن حرب بالبيت الذي فيه علي بن أبي طالب " ع " وأنشده أبياتا.
(٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الزبير بن بكار (1)، الغسل (1)، الموت (2)، الحرب (1)، الصبر (1)، السكوت (1)، الوصية (1)، الجماعة (1)
بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم * ولا سيما تيم ابن مرة أو عدي فما الامر إلا فيكم وإليكم * وليس لها إلا أبو حسن علي أبا حسن فاشدد بها كف حازم * فإنك بالأمر الذي يرتجي ملي فقال علي " ع " لأبي سفيان: انك تريد أمرا لسنا من أصحابه وقد عهد إلي رسول الله عهدا وانا عليه، فتركه أبو سفيان وعدل إلي العباس في منزله فقال يا أبا الفضل أنت لها أهل وأحق بميراث ابن أخيك إمدد يدك لأبايعك فلا يختلف عليك الناس بعد بيعتي إياك. فضحك العباس وقال يا أبا سفيان يدفعها علي " ع " ويطلبها العباس فرجع أبو سفيان خائبا.
وروي عن البراء بن عازب انه قال: لم أزل لبني هاشم محبا فلما قبض رسول الله صلي الله عليه وآله خفت ان تتمالأ قريش علي إخراج هذا الأمر عنهم فأخذني ما يأخذ الوالهة العجول مع ما في نفسي من الحزن لوفاة رسول الله صلي الله عليه وآله فكنت أتردد لبني هاشم وهم عند النبي في الحجرة وأتفقد وجوه قريش فإني لكذلك إذ فقدت أبا بكر وعمر وإذا قائل يقول القوم في (سقيفة بني ساعدة) وإذا قائل آخر يقول بويع أبو بكر، فلم ألبث وإذا أنا بابي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعته من أصحاب السقيفة وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمرون بأحد إلا خبطوه وقدموه فمدوا يده فمسحوها علي يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبي، فأنكرت عقلي وخرجت اشتد حتي انتهيت إلي بني هاشم والباب مغلق فضربت عليهم الباب ضربا عنيفا وقلت قد بايع الناس لأبي بكر بن أبي قحافة! فقال العباس ثربت أيديكم آخر الدهر أما أبي قد أمرتكم فعصيتموني فمكثت أكابد ما في نفسي ورأيت في الليلة المقداد وأبا ذر وعبادة بن الصامت وأبا الهيثم بن التيهان وحذيفة وعمارا وهم يريدون أن يعيدوا الأمر شوري بين المهاجرين، وبلغ ذلك أبا بكر وعمر فأرسلا إلي أبي عبيدة والمغيرة بن شعبة فسألاهما عن الرأي فقال المغيرة الرأي أن تلقوا العباس
(٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبادة بن الصامت (1)، المغيرة بن شعبة (1)، أصحاب السقيفة (1)، البراء بن عازب (1)، بنو هاشم (4)، السقيفة (1)، الخوف (1)، الحزن (1)
فتجعلوا له ولولده في هذا الأمر نصيبا لتقطعوا بذلك ناحية علي بن أبي طالب " ع " فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة والمغيرة حتي دخلوا علي العباس، وذلك في الليلة الثانية من وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله فحمد أبو بكر الله وأثني عليه قال: وان الله ابتعث لكم محمدا نبيا وللمؤمنين وليا فمن الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم حتي اختار له ما عنده فخلي علي الناس أمورهم ليختاروا لأنفسهم متفقين غير مختلفين فاختاروني عليهم واليا ولأموالهم راعيا فتوليت ذلك وأنا لا أخاف بعون الله وتسديده وهنا ولا حيرة ولا جبنا وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب، وما انفك يبلغني عن طاعن يقول بخلاف قول عامة المسلمين يتخذكم لجأ فتكونون حصنه المنيع وخطبه البديع فاما دخلتم فيما دخل فيه الناس أو صرفتموهم عما مالوا إليه فقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا ولمن بعدك من عقبك إذ كنت عم رسول الله صلي الله عليه وآله وان كان المسلمون قد رأوا مكانك من رسول الله ومكان أهلك ثم عدلوا بهذا الأمر عنكم وعلي رسلكم بني هاشم، فإن رسول الله منا ومنكم فاعترض كلامه عمر وخرج إلي مذهبه من الخشونة والوعيد واتيان الأمر من أصعب وجوهه.
فقال أي والله وأخري إنا لم نأتكم حاجة إليكم ولكن كرهنا ان يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون منكم فيتفاقم الخطب بكم وبهم فانظروا لأنفسكم ولعامتهم. فتكلم العباس فحمد الله وأثني عليه وقال: ان الله ابتعث محمدا صلي الله عليه وآله نبيا كما وصفت ووليا للمؤمنين فمن الله علي أمته حتي اختار له وزعمت أنه خلي علي الناس أمورهم ليختاروا لأنفسهم متفقين غير مختلفين فإن كنت برسول الله صلي الله عليه وآله طلبت فحقنا أخذت وان كنت بالمؤمنين فنحن منهم ما تقدمنا في امركم فرطا ولا حللنا وسطا ولا نزعنا شخصا. فإن كان هذا الأمر يجب لك بالمؤمنين فما وجب إذا كنا كارهين وما أبعد قولك انهم طعنوا عليك من قولك انهم مالوا إليك، وأما ما بذلت لنا فان يكن حقك لم نرض منه ببعضه
(٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، علي بن أبي طالب (1)، بنو هاشم (1)، الإختيار، الخيار (2)، الوفاة (1)
دون بعض وما أقول هذا أروم صرفك عما دخلت فيه، ولكن للحجة نصيبها من البيان، وأما قولك ان رسول الله صلي الله عليه وآله منا ومنكم فإن رسول الله شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها، وأما قولك يا عمر انك تخاف الناس علينا فهذا الذي قدمتموه أول ذلك والله المستعان.
ومما يناسب إيراده هنا ما ذكره الشريف أبو القاسم علي بن الحسين المرتضي (رض) في كتابه (الفصول) قال: حضر الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان بسر من رأي واجتمع إليه من العباسيين وغيرهم جمع كثير فقال له بعض مشايخ العباسيين أخبرني من كان الإمام بعد رسول الله صلي الله عليه وآله؟
فقال له كان الإمام من دعاه العباس إلي مده يده للبيعة، علي حرب من حارب وسلم من سالم، فقال العباسي ومن هذا الذي دعاه العباس لذلك؟ فقال له الشيخ هو علي بن أبي طالب " ع " حيث قال له العباس في اليوم الذي قبض فيه رسول الله بما اتفق أهل النقل ابسط يدك يا بن أخي أبايعك فيقول الناس عم رسول الله صلي الله عليه وآله بايع ابن أخيه فلا يختلف عليك اثنان، فقال شيخ من فقهاء البلد فما كان الجواب من علي " ع " فقال له كان الجواب ان قال له ان رسول الله صلي الله عليه وآله عهد إلي أن لا ادعو أحدا حتي يأتوني ولا أجرد سيفا حتي يبايعوني وانما انا كالكعبة أقصد ولا أقصد. ومع هذا فلي برسول الله شغل، فقال له العباسي فقد كان العباس إذا علي خطأ في دعائه إلي البيعة؟ فقال الشيخ لم يخطأ العباس فيما قصد له لأنه عمل علي الظاهر وكان عمل أمير المؤمنين " ع " علي الباطن فكلاهما أصابا الحق ولم يخطئا والحمد لله، فقال له العباسي فإن كان الإمام هو علي بن أبي طالب " ع " بعد النبي صلي الله عليه وآله فقد أخطأ أبو بكر وعمر ومن تبعهما وهذا أعظم في الدين؟ فقال له الشيخ لست أنشط الساعة بتخطية أحد وانما أجبتك عن شئ فإن كان صوابا تضمن تخطية انسان فلا تستوحش من اتباع الصواب وان كان باطلا فتكلم علي بطلانه فهو أولي من التشنيع بما لا يجدي نفعا مع أنه
(٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، محمد بن محمد بن النعمان (1)، أبو عبد الله (1)، علي بن الحسين (1)، الحرب (1)
ان استعظمت تخطية من ذكرت فلا بد من تخطية علي " ع " والعباس من قبل انهما تأخرا عن بيعة أبي بكر ولم يرضيا بتقدمه ولا عملا له ولا لصاحبه عملا ولا تقلدا لهما ولاية ولا رآهما أبو بكر ولا عمر أهلا ان يشركا مما في شئ من أمورهما وخاصة ما صنع عمر بن الخطاب يوم الشوري لما ذكر عليا " ع " عابه ووصفه بالدعابة تارة وبالحرص علي الدنيا أخري وامر بقتله ان خالف عبد الرحمن وجعل الحق في حيز عبد الرحمن دونه وفضله عليه وذكر من يصلح للإمامة في الشوري ومن يصلح للاختيار، فلم يذكر العباس في إحدي الطائفتين وقد اخذ من علي " ع " والعباس وجميع بني هاشم الخمس الذي جعله الله لهم وأرغمهم فيه وحال بينهم وبينه وجعله في السلاح والكراع، فان كنت أبها الشريف أيدك الله تنشط للطعن علي علي " ع " والعباس رحمه الله بخلافهما للشيخين وكراهتهما وتأخرهما عن بيعتهما وتري من العقد ما سنه الشيخان من التأخير لهما عن شريف المنازل والفظ عنهما والحط من أقدارهما فصر إلي ذلك فإنه الضلال بغير شبهة، وان كنت تري ولائهما والتعظيم لهما والاقتداء بهما فاسلك سبيلهما ولا تستوحش من تخطئة من خالفهما وليس هاهنا منزلة ثالثة، فقال العباسي عند سماع هذا الكلام اللهم انك تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون.
وعن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن أبي رافع، قال اني لعند أبي بكر إذ طلع علي " ع " والعباس يتدافعان ويختصمان في ميراث النبي صلي الله عليه وآله فقال أبو بكر يكفيكم القصير الطويل يعني عليا " ع " بالقصير، وبالطويل العباس.
فقال العباس أنا عم النبي ووارثه وقد حال علي " ع " بيني وبين تركته؟ قال أبو بكر فأين كنت يا عباس حين جمع النبي صلي الله عليه وآله بني عبد المطلب وأنت أحدهم فقال أيكم يؤازرني ويكون وصيي وخليفتي في أهلي وينجز عدتي ويقضي ديني فأحجمتم عنها إلا علي، فقال النبي صلي الله عليه وآله أنت لذلك. فقال العباس
(٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (5)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، محمد بن عمر بن علي (1)، بنو هاشم (1)، الضلال (1)، القتل (1)، الوراثة، التراث، الإرث (1)، الخمس (1)
فما أقعدك مجلسك هذا تقدمته وتأمرت عليه؟ فقال أبو بكر أغدرا يا بني عبد المطلب.
وروي أن متكلما قال لهارون الرشيد: أريد أن اقرر هشام بن الحكم بأن عليا " ع " كان ظالما فقال له ان فعلت ذلك فلك كذا وكذا فامر به، فلما حضر هشام قال له المتكلم يا أبا محمد روت الأمة بأجمعها ان عليا نازع العباس إلي أبي بكر في تركة النبي صلي الله عليه وآله قال نعم، قال فأيهما الظالم لصاحبه؟ قال هشام فنظرت فإذا أنا إن قلت إن عليا " ع " كان ظالما كفرت وخرجت عن مذهبي وان قلت إن العباس كان ظالما ضرب الرشيد عنقي، ووردت علي مسألة لم أكن سئلت عنها قبل ذلك ولا أعددت لها جوابا فذكرت قول أبي عبد الله " ع " وهو يقول لي يا هشام لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك، فعلمت اني لا أخذل، وعن لي الجواب في الحال فقلت له لم يكن فيهما ظالم قال أفيختصم.
اثنان في أمر وهما جميعا محقان؟ قال نعم اختصم الملكان إلي داود " ع " وليس فيهما ظالم وانما أرادا أن ينبها داود " ع " علي الخطيئة ويعرفاه الحكم.
كذلك علي " ع " والعباس تحاكما إلي أبي بكر ليعرفاه ظلمه وينبهاه علي خطأه فلم يحر المتكلم جوابا واستحسن الرشيد ذلك.
وروي الجمهور حديث خصومة علي " ع " والعباس رضي الله عنه عند عمر بن الخطاب وأوردوه في صحاحهم، فنحن نذكر من ذلك طرفا ثم نتكلم عليه.
رووا عن الزهري عن مالك بن الأوس بن الحدثان: ان عمر بن الخطاب دعاه يوما لقسمة مال بين قومه قال فبينا انا عنده إذ دخل مؤذنه فقال هل لك في عثمان وسعد وعبد الرحمن والزبير يستأذنون عليك؟ قال نعم فأذن لهم قال ثم لبث قليلا فيقال هل لك في علي " ع " والعباس يستأذنان عليك؟ قال أذن لهما فلما دخلا قال العباس يا أمير المؤمنين إقضي بيني وبين هذا يعني عليا
(٩١)
صفحهمفاتيح البحث: أبو الفضل العباس بن علي أمير المؤمنين عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، هارون الرشيد (1)، هشام بن الحكم (1)، الظلم (3)، الضرب (1)
" ع " وهما يختصمان في الصوافي التي أفاءها الله علي رسوله من أموال بني النضير، فاستب علي " ع " والعباس عند عمر فقال عبد الرحمن يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر فقال عمر أنشدكما الله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض هل تعلمون ان رسول الله صلي الله عليه وآله قال لا نورث ما تركناه صدقة يعني نفسه؟ قالوا قد قال ذلك، فاقبل علي العباس وعلي " ع " فقال أنشدكما الله هل تعلمان ذلك؟ قالا معا نعم. قال عمر فإني أحدثكم عن هذا الأمر ان الله تبارك وتعالي خص رسوله في هذا الفئ وهو شئ لم يعطه غيره قال تعالي (ما أفاء الله علي رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله علي من يشاء والله علي كل شئ قدير) فكانت هذه خاصة لرسول الله صلي الله عليه وآله فما اختارها دونكم ولا استأثر بها عليكم، لقد أعطاكموها وبثها فيكم حتي بقي منها هذا المال فكان ينفق علي أهله سنتهم ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله عز وجل فعل ذلك في حياته ثم توفي، فقال أبو بكر أنا ولي رسول الله فقبضه الله تعالي وقد عمل فيها بما عمل رسول الله (والتفت إلي العباس وعلي " ع ") تزعمان ان أبا بكر فيها ظالم فاجر والله يعلم أنه لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفي الله أبا بكر فقلت أنا أولي الناس بأبي بكر وبرسول الله فقبضتها سنتين أو قال سنين من إمارتي اعمل فيها مثل ما عمل رسول الله صلي الله عليه وآله وأبو بكر، ثم قال وأنتما:
- وأقبل علي العباس وعلي " ع " - تزعمان اني فيها ظالم فاجر والله يعلم اني لصادق بار راشد تابع للحق ثم جئتماني وكلمتماني كلمة واحدة وأمركما جميع فجئتني يعني العباس تسألني نصيبك من ابن أخيك وجاءني هذا يعني عليا " ع " يسألني نصيب امرأته من أبيها فقلت لكما ان رسول الله صلي الله عليه وآله قال لا نورث ما تركناه صدقة فلما بدا لي ان ادفعها إليكما دفعتها علي أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل رسول الله وأبو بكر وبما عملت انا به فيها وإلا فكلماني، فقلتما ادفعها إلينا بذلك فدفعتها إليكما بذلك أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك والله الذي بأذنه
(٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الظلم (2)، التصدّق (1)
تقوم السماوات والأرض لا أقضي بينكما بقضاء غير ذلك حتي تقوم الساعة فان عجزتما عنها فادفعاها إلي فانا أكفيكماها.
قال المؤلف عفي الله عنه: هذا الحديث من مناكير العامة وفواقرهم التي يشهد العقل بانكارها ويجزم بعدم صحتها والطعن فيه من وجوه:
الأول: ان عمر استشهد: عثمان وسعدا وعبد الرحمن والزبير علي أنهم يعلمون ان النبي صلي الله عليه وآله قال لا نورث ما تركناه صدقة فقالوا قد قال ذلك ومعظم المحدثين ذكروا انه لم يرو هذا الخبر إلا أبو بكر وحده حتي أن الفقهاء في أصول الفقه أطبقوا علي ذلك في احتجاجهم بالخبر برواية الصحابي الواحد فأين كان هؤلاء القوم أيام أبي بكر ما نعلم أن أحدا من هؤلاء يوم خصومة فاطمة " ع " وأبي بكر روي من هذا شيئا.
الثاني: ان عمر ناشد عليا " ع " والعباس هل تعلمان ذلك فقالا معا نعم فإذا كانا يعلمان فكيف جاء العباس وفاطمة " ع " إلي أبي بكر يطلبان منه الميراث علي ما رووه عن عروة عن عائشة ان فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله وهما حينئذ يطلبان ارضه بفدك وسهمه بخيبر فقال لهما أبو بكر اني سمعت رسول الله يقول لا نورث ما تركناه صدقة انما يأكل آل محمد من هذا المال وإني والله لا أغير أمرا رأيت رسول الله يصنعه إلا صنعته وهل يجوز ان يقال كان العباس يعلم ذلك ثم يطلب الإرث الذي لا يستحقه وهل يجوز ان يقال كان علي " ع " يعلم ذلك ويمكن زوجته ان تطلب ما لا تستحقه وهل خرجت من دارها إلي المسجد ونازعت أبا بكر وكلمته بما كلمته به الا بقوله واذنه ورأيه.
الثالث: قول عمر لعلي " ع " والعباس وأنتما حينئذ تزعمان ان أبا بكر فيها ظالم فاجر ثم قوله لما ذكر نفسه وأنتما تزعمان اني فيها ظالم فاجر فإذا كانا يزعمان ذلك فيكف يجمع هذا الزعم مع كونهما يعلمان ان رسول الله صلي الله عليه وآله
(٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أصول الفقه (1)، السجود (1)، الشهادة (1)، الظلم (2)، الجواز (2)، التصدّق (2)
قال لا نورث.
الرابع: انهما حضرا يتنازعان لا في الميراث بل في ولاية صدقة رسول الله صلي الله عليه وآله أيهما يتولاها ولاية لا إرثا وعلي هذا كانت الخصومة كما يزعمون فهل يكون جواب ذلك هل تعلمون وهل تعلمان ان رسول الله قال لا نورث ما تركناه صدقة؟
قالوا: وكانت هذه الصدقة بيد علي " ع " غلب عليها العباس وكانت فيها خصومتهما فأبي عمر ان يقسمها بينهما حتي أعرض عنها العباس وغلب عليها علي " ع " ثم كانت بيد الحسن " ع " ثم بيد الحسين " ع " والحسن بن الحسن " ع " كلاهما يتداولانها ثم بيد زيد بن علي " ع ".
وروي أيضا عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: سمعت عمر يقول للعباس وعلي " ع " وعبد الرحمن بن عوف والزبير وطلحة: أنشدكم الله هل تعلمون ان رسول الله صلي الله عليه وآله كان يدخل فيئه أهل السنة من صدقاته ثم يجعل ما بقي في بيت المال قالوا اللهم نعم قال فلما توفي رسول الله صلي الله عليه وآله قبضها أبو بكر فجئت يا عباس تطلب ميراثك من ابن أخيك وجئت يا علي " ع " تطلب ميراث زوجتك من أبيها وزعمتما ان أبا بكر كان فيها خائنا فاجرا والله لقد كان أمرا مطيعا تابعا للحق ثم توفي أبو بكر فجئتماني تطلبان ميراثكما اما أنت يا عباس فتطلب ميراثك من ابن أخيك واما أنت يا علي فتطلب ميراث زوجتك من أبيها وزعمتما اني فيها خائن فاجر والله يعلم اني فيها مطيع تابع للحق فأصلحا أمركما والا والله لم ترجع إليكما فقاما وتركا الخصومة فأمضيت صدقة.
وهذا الحديث: يدل صريحا علي أنهم جاءا يطلبان الميراث لا الولاية ويطعن في صحته ان أبا بكر حسم المادة أولا وقرر عند العباس وعلي " ع " وغيرهما ان النبي صلي الله عليه وآله لا يورث وكان عمر من المساعدين له علي ذلك فكيف يعود العباس وعلي " ع " بعد وفاة أبي بكر يحاولان أمرا قد كان فرغ منه ويئس
(٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (7)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عبد الرحمن بن عوف (1)، الزوج، الزواج (1)، الوراثة، التراث، الإرث (4)، الغلّ (1)، التصدّق (4)، الوفاة (1)
من حصوله اللم الا ان يكونا ظنا ان عمر ينقض قضاء أبي بكر وهذا بعيد بل مستحيل لأن عليا والعباس " ع " كانا يعلمان موالاة عمر لأبي بكر في هذه الواقعة الا تراه يقول نسبتماني ونسبتما أبا بكر إلي الظلم والخيانة فكيف يظنان انه ينقض قضاء أبي بكر وكم للعامة من مناكير أعد منها ولا أعددها، والذي نعتقده في العباس رض أنه كان معترفا لأمير المؤمنين " ع " بالخلافة والإمامة عالما ماله من عظيم المنزلة ورفيع المقامة لا يختلجه في ذلك شك ولا ريب بل كان من المتقين الذين يؤمنون بالغيب.
قال السيد علي بن طاوس قدس سره، روي كثير من علماء الإسلام:
دوام اتحاد العباس مع علي " ع " وتولي أمره لما مات وقد كان من أخصاء علي حتي روي ابن سعد وهو من أعيان المخالفين لأهل البيت ان عليا هو الذي غسل العباس وتولي أمره لما مات. وقد كان من اختصاص علي " ع " بأولاد العباس قبل تمكنه من خلافته وبعد انبساط يده ومبايعته ما يدل علي دوام الصفاء والوفاء، وقد ذكر ذلك جماعة من العلماء حتي كانوا خواصه في حروبه وولاياته وفي أسراره واحتجاجاته وما كان طلب العباس للميراث والصدقات إلا مساعدة لعلي " ع " ولذلك دفعها العباس إليه خاصته واما قولهم ان عليا غلب العباس عليها فغير صحيح لاستمرار يد علي وأولاده عليهم السلام عليها وترك منازعة بني العباس لهم، مع أن العباس ما كان ضعيفا عن منازعة علي ولا أولاد العباس ضعفاء عن منازعة أولاده في الصدقات المذكورة ولعل المخالفين أرادوا ان يوقعوا خلافا بين العباس وعلي " ع " ليعتذروا لأبي بكر وعمر في مخالفة بني هاشم.
واخرج الشيخ الطوسي رحمه الله في (أماليه) عن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه عمار قال: لما مرضت فاطمة " ع " بنت رسول الله صلي الله عليه وآله مرضها الذي توفيت فيه وثقلت جاءها العباس بن عبد المطلب رض عائدا فقيل له
(٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: أبو الفضل العباس بن علي أمير المؤمنين عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (5)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، بنو عباس (1)، محمد بن عمار بن ياسر (1)، العباس بن عبد المطلب (1)، بنو هاشم (1)، الشيخ الطوسي (1)، الظلم (1)، الموت (2)، الصدق (1)، الغلّ (1)

العباس بن عبد المطلب

انها ثقيلة وليس يدخل عليها أحد فانصرف إلي داره وأرسل إلي علي فقال لرسوله قل له يا بن الأخ ان عمك يقريك السلام ويقول لك قد فجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول الله صلي الله عليه وآله وقرة عينه وعيني فاطمة " ع " ما هدني وإني لأضنها أولنا لحوقا برسول الله والله يختار لها ويحبوها ويزلفها لديه فان كان من أمرها ما لا بد منه فانا أجمع لك الغداة المهاجرين والأنصار حتي يصيبوا الأجر في حضورها والصلاة عليها وفي ذلك جمال الدين، فقال علي " ع " وانا حاضر عنده أبلغ عمي السلام وقل له لا عدمت اشفاقك وتحنك وقد عرفت مشورتك ولرأيك فضل ان فاطمة بنت رسول الله لم تزل مظلومة ومن حقها ممنوعة وعن ميراثا مدفوعة لم تحفظ فيها وصية رسول الله صلي الله عليه وآله ولا روعي فيها حقه ولا حق الله عز وجل وكفي بالله حاكما ومن الظالمين منتقما وأنا أسألك يا عم ان تسمح لي بترك ما أشرت به فإنها أوصتني بستر أمرها! قال فلما أتي العباس رسوله بما قاله علي " ع " قال يغفر الله لابن أخي وانه لمغفور له ان رأي ابن أخي لا يطعن عليه فيه انه لم يولد لعبد المطلب مولد أعظم بركة من علي إلا النبي صلي الله عليه وآله ان عليا " ع " لم يزل أسبقهم إلي كل مكرمة وأعلمهم بكل قضية وأشجعهم في الكريهة وأشدهم جهادا للأعداء في نصرة الحنيفة وأول من آمن بالله ورسوله صلي الله عليه وآله.
وفي السنة السابعة عشرة من الهجرة استسقي عمر بالعباس، روي ابن مسعود قال: خرج عمر يستسقي بالعباس فقال اللهم إنا نتقرب إليك بعم نبيك وبقية آبائه وكبير رجاله فإنك قلت وقولك الحق المبين: واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فحفظتهما لصلاح أبيهما، فاحفظ اللهم نبيك في عمه فقد دلونا به مستشفعين ومستغفرين، ثم اقبل علي الناس فقال استغفروا ربكم: انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا، قال ابن مسعود ورأيت العباس يومئذ وقد طال عمره وعيناه تنفتحان
(٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، المهاجرون والأنصار (1)، يوم عرفة (1)، جمال الدين (1)، الظلم (1)، الصّلاة (1)، الإستسقاء (1)، الوصية (1)
وسبابته تجول علي صدره وهو يقول: اللهم أنت الراعي فلا تهمل ضالة ولا تدع الكسير بدار مضيعة، فقد ضرع الصغير ورق الكبير، وارتفعت الشكوي وأنت تعلم السر وأخفي، اللهم أغثهم بغياثك من قبل ان يقنطوا فيهلكوا إنه لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون، قال فنشأت طريرة من سحاب وقال الناس ترون ترون ثم تلامت واستتمت ومشت ريح ثم هدرت ودرت فوالله ما برحوا حتي اعتلقوا الأحذية وقلصوا المآزر وطفق الناس يلوذون بالعباس ويقولون هنيئا لك ساقي الحرمين يريدون ما كان من استسقاء أبيه عبد المطلب بمكة فنسبوه إليه.
وروي عن ابن عباس قال: كان بين العباس وعلي " ع " مباعدة فلقيت عليا في مرض العباس فقلت له ان كان لك في النظر إلي عمك حاجة فإته وما أراك تلقاه بعدها فوجم لها وقال تقدمني، واستأذنت له فأذن فدخل فاعتنق كل واحد منهما صاحبه واقبل علي علي يده يقبلها ويقول يا عم ارض عني رضي الله عنك. قال قد رضيت عنك، ثم قال يا بن أخي قد أشرت عليك من قبل بشيئين فلم تقبل ورأيت في عاقبتهما ما كرهت وها انا أشير عليك برأي ثالث فان قبلته وإلا نالك ما نالك مما كان قبله، قال وما ذاك يا عم؟ قال لما قبض رسول الله أتانا أبو سفيان بن حرب تلك الساعة فدعوناك إلي أن نبايعك وقلت لك ابسط يدك أبايعك ويبايعك هذا الشيخ فإنا ان بايعناك لم يختلف عليك أحد من بني عبد مناف وإذا بايعك بنو عبد مناف لم يختلف عليك قرشي وإذا بايعك قريش لم يختلف عليك أحد من العرب، فقلت انا بجهاز رسول الله صلي الله عليه وآله مشغول وهذا الأمر فليس يخشي عليه، فلم نلبث ان سمعنا التكبير من سقيفة (بني ساعدة) فقلت يا عم ما هذا فقلت ما دعوناك إليه فأبيت، قلت سبحان الله أو كان هذا؟ قلت نعم، قلت أفلا يرد؟ قلت لك وهل رد مثل هذا قط، ثم أشرت عليك حين طعن عمر فقلت لا تدخل نفسك في الشوري فإنك ان
(٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، السقيفة (1)، الحرب (1)، المرض (1)، التكبير (1)
اعتزلتهم قدموك وان ساويتهم تقدموك فدخلت معهم فكان ما رأيت، ثم انا الآن أشير عليك برأي ثالث فان قبلته وإلا نالك ما نالك مما كان قبله. اني أري ان هذا الرجل يعني عثمان قد اخذ في أمر والله لكأني بالعرب قد سارت إليه حتي ينحر في بيته كما ينحر الجمل والله ان كان ذلك وأنت بالمدينة لزمك الناس به وإذا كان ذلك لم تنل من الأمر شيئا إلا بعد شر لا خير معه، قال ابن عباس فلما كان يوم الجمل عرضت له وقد قتل طلحة فقال والله لكأن عمي كان ينظر إلي هذا من وراء ستر رقيق والله ما نلت من هذا الأمر شيئا إلا بعد شر لا خير معه.
وروي أن العباس أوصي عليا في علته التي مات فيها فقال: أي بني اني مشرف علي الظعن إلي الله الذي فاقتي إلي عفوه وتجاوزه أكثر من حاجتي إلي ما أنصحك فيه وأشير عليك به ولكن العرق نبوض والرحم عروض وإذا قضيت حق العمومة فلا تأل بي بعد؟ أن هذا الرجل يعني عثمان قد ناجاني مرارا بحديثك وناظرني ملاينا ومخاشنا في أمرك ولم أجد منه عليك إلا مثل ما أجده منك عليه ولا رأيت منه لك إلا مثل ما رأيت منك له ولست تؤتي من قلة علم ولكن من قلة قبول ومع هذا كله فالرأي الذي أودعك به ان تمسك عنه لسانك ويدك فإنه لا يبدأك ما لم تبدأه ولا يجبك عما لم يبلغه فان قلت كيف هذا وقد جلس مجلسا أنا صاحبه فقد قاربت ولكن حديث يوم مرض رسول الله صلي الله عليه وآله فات، ثم حرم الكلام فيه حين مات فعليك الآن بالعزوب عن شئ أرادك له رسول الله صلي الله عليه وآله فلم يتم وتصديت له مرة بعد أخري فلم يستقم، ومن ساور الدهر غلب ومن حرص علي ممنوع تعب، وعلي ذلك فقد أوصيت عبد الله بطاعتك وبعثته علي متابعتك وأوجرته محبتك ووجدت عنده من ظني به لك لا توتر قوسك إلا بعد الثقة بها وإذا أعجبتك فانظر إلي سيئتها ثم لا تفوق إلا بعد العلم ولا تفرق في النزع إلا لنصيب الرمية وانظر لا بطرف يمينك
(٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (1)، القتل (1)، الموت (2)، المرض (1)، الغلّ (1)، الوصية (1)

عبد الله بن العباس بن عبد المطلب

عينك ولا تجز شمالك شينك ودعني بآيات من آخر سورة الكهف وقم إذا بدا لك، ومما ينسب إلي العباس (رض) عنه من الشعر ما عزاه إليه الزمخشري في (ربيع الأبرار) قال:
إذا مجلس الإنصاف حف بأهله * وحلت بواديهم غفار وأسلم فما الناس بالناس الذين عهدتهم * ولا الدار بالدار التي كنت تعلم وتوفي العباس في خلافة عثمان قبل مقتله بسنتين بالمدينة يوم الجمعة لأثني عشرة وقبل لأربع عشرة خلون من رجب وقيل من رمضان سنة اثنين وثلاثين وقيل ثلاث وثلاثين من الهجرة، وهو ابن سبع وثمانين سنة بعد أن كف بصره أدرك منها في الإسلام اثنين وثلاثين سنة وصلي عليه أمير المؤمنين " ع " وعثمان ودفن بالبقيع ودخل قبره ابنه عبد الله وكان له من الذكور تسعة بنين وقيل عشرة ومن الإناث ثلاث بنات والله أعلم.
عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، يكني أبو العباس، أمه أم الفضل لبانة بنت الحرث ابن حرب الهلالية، ولد في شعب بني هاشم وهم محصورون فيه قبل الهجرة بثلاث سنين وذكر الطائي ان النبي صلي الله عليه وآله حنكه بريقه حين ولد ودعا له بالحكمة مرتين.
وعن سعيد بن جبير عنه قال بت في بيت خالتي ميمونة فوضعت للنبي صلي الله عليه وآله سلا فقال من وضع هذا قالت عبد الله قال اللهم علمه التأويل وفقه في الدين، وكان طويلا أبيضا مشربا بحمرة جسيما وسيما صبيح الوجه وكان له وفرة وكان يخضب بالحنا وقيل بالسواد.
وروي أنه قال: توفي رسول الله صلي الله عليه وآله وانا ابن عشر سنين وفي رواية ثلاث عشر وفي أخري خمسة عشر، وكان عمر يعظمه ويعتد به ويقدمه مع حداثة سنه وعلمه بميله إلي أمير المؤمنين " ع "، وكان إذا ذكره يقول: ذاكم فتي الكهول له لسان سئول وقلب عقول وقال له لقد علمت علما ما علمناه.
(٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (1)، مقبرة بقيع الغرقد (1)، شهر رجب المرجب (1)، شهر رمضان المبارك (1)، الزمخشري (1)، سعيد بن جبير (1)، بنو هاشم (1)، سورة الكهف (1)، القبر (1)، القتل (1)، الحرب (1)، الصّلاة (1)
وعن سعد بن أبي وقاص انه قال: ما رأيت أحضر فهما والب لبا ولا أكبر علما ولا أوسع حلما من ابن عباس ولقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات ولا يجاوز قوله وان حوله لأهل بدر.
وعن مسروق قال: كنت إذا رأيت ابن عباس قلت أجمل الناس، وإذا نطق قلت أفصح الناس، فإذا تحدث قلت اعلم الناس، وقال مجاهد: ما رأيت أحدا قط مثل ابن عباس لقد مات يوم مات وانه لخير هذه الأمة وكان يسمي البحر لكثرة علمه.
وعن عبيد الله بن عبد الله قال كان ابن عباس قد فاق الناس بخصال بعلم ما سبق إليه وفقه ما احتيج إليه وحلم ونسب ولا رأيت أحدا أعلم بحديث رسول الله صلي الله عليه وآله منه ولا أعلم بشعر ولا أعلم بعربية ولا بتفسير ولا بحساب ولا بفريضة ولا أعلم بما مضي ولا أثقب رأيا فيما احتيج إليه منه، ولقد كنا نحضر عنده فيحدثنا بالعشية كلها في النسب والعشية كلها في الشعر.
وعن أبي مليكه قال صحبت ابن عباس من مكة إلي المدينة فكان إذا نزل قام شطرا من الليل يرتل القرآن حرفا حرفا ويكثر من النشيج والنحيب. وعن أبي رجاء قال رأيت ابن عباس وأسفل عينيه مثل الشراك البالي من البكاء وكان يصوم الاثنين والخميس.
قال العلامة الحلي في (الخلاصة) عبد الله بن عباس رض من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله كان محبا لعلي " ع " وتلميذه حاله في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنين " ع " أشهر من أن يخفي وقد ذكر الكشي أحاديث تتضمن قدحا فيه وهو اجل من ذلك وقد ذكرناها في كتابنا الكبير واجبنا عنها انتهي. وعن الشهيد الثاني رحمه الله جملة ما ذكره الكشي من الطعن فيه خمسة أحاديث كلها ضعيفة السند والله أعلم بحاله انتهي.
قال القاضي نور الله في (مجالس المؤمنين) أما أنا فاعتقد ايمانه واما أجوبة
(١٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عمر بن سعد لعنه الله (1)، عبد الله بن عباس (7)، مدينة مكة المكرمة (1)، عبيد الله بن عبد الله (1)، العلامة الحلي (1)، القرآن الكريم (1)، البكاء (1)، الموت (2)، الطعن (1)
العلامة في كتابه الكبير فلم اقف عليها والذي سمعناه من بعض الثقاة ان كتابه المذكور ضاع قبل ان يبيض في جملة كتب وأثاث للعلامة رض في الفترة الواقعة بعد وفاة السلطان محمد خدا بنده الماضي والي الآن لم يقف أحد من الأفاضل علي نسخة من الكتاب المذكور.
قال المؤلف: عفي الله عنه الذي اعتقده في ابن عباس رض انه كان من أعظم المخلصين لأمير المؤمنين وأولاده ولا شك في تشيعه وايمانه وستقف علي ما نذكره من اخباره علي ما تحقق معه ذلك انشاء الله تعالي. وقال السيد جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن طاووس الحلي رحمه الله في كتابه (حل الأشكال في معرفة الرجال) عبد الله بن عباس رض حاله في المحبة والإخلاص لمولانا أمير المؤمنين والموالاة والنصرة له والذب عنه والخصام في رضاه والمؤازرة له مما لا شبهة فيه وقد كان يعتمد ذلك مع من يجيب اعتماده معه بعده علي ما نطق به لسان السير.
وقد روي الكشي اخبارا شاذة ضعيفة تقتضي قدحا أو جرحا ومثل الحبر رض موضع ان يحسده الناس وينافسوه ويقولوا فيه ويباهتوه:
حسدوا الفتي إذ لم ينالوا فضله * فالناس أعداء له وخصوم كضرائر الحسناء قلن لوجهها * حسدا وبغيا إنه لذميم ولو اعتبر العاقل حالة الناس كافة رأي أنه ليس أحد منهم خاليا من متعرض به أو قائل فيه اما مباهتا أو غير مباهت ومعلوم ان ذلك غير جار علي قانون الصحة ونمط السداد إذ فيهم من لا شبهة في نزاهته وبرائته:
وما زلت استصفي لك الود أبتغي * محاسنة حتي كأني مجرم لأسلم من قول الوشاة وتسلمي * سلمت وهل حي من الناس يسلم ولو شك العاقل في كل شئ لما شك في حال نفسه عند قول باطل يقال وبهت يبهت به لا أصل له في كلام شاهد بان السلامة من التعرض بعيدة لأن
(١٠١)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (2)، كتاب الثقات لابن حبان (1)، الشهادة (1)، الوفاة (1)
الرفيع بمظنة حسد المتوسط له ومن دونه فيقولان فيه والمتوسط بمظنة الحسد من المتوسط فيقول فيه والساقط بمنزلة قدح الرفيع والمتوسط حقا فيه وانا مورد ما رواه الكشي في خلاف ما مدحت به ومجيب من ذلك انشاء الله تعالي.
حديث أول يتعلق بقول صدر فيه من مولانا زين العابدين " ع " من رواية إبراهيم بن عمر الصنعاني وقال ابن الغضائري فيه إبراهيم بن الصنعاني اليماني يكني أبا إسحاق ضعيف جدا روي عن أبي جعفر " ع " وأبي عبد الله " ع " وله كتاب.
حديث ثاني يتعلق بغضب الحسن " ع " منه عقيب مقالة قالها تتعلق بافتخاره بالعلم وكأنه كان يعرض به الطريق محمد بن مسعود قال حدثني جعفر بن محمد بن أيوب قال حدثني حمدان بن سليمان أبو الخير قال حدثني أبو محمد عبد الله ابن محمد اليماني قال حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الكوفي عن أبيه الحسين عن طاوس وفي هذا الحديث من لا نثبت روايته اما من حيث لا نعرف عدالته أو من حيث إن الطعن متوجه إليه.
حديث ثالث يتعلق بأخذ عبد الله ألفي ألف درهم من مال البصرة، رواه سفيان بن سعيد عن الزهري والمشار إليهما عدوان متهمان.
حديث رابع يتعلق بمراجعته لعلي " ع " بما سفك من الدماء والحديث مروي عن شيخ من أهل اليمامة بذكر عن معلي بن هلال عن الشعبي وهذا السند ضعيف جدا لا أصل له تارة بجهالة الشيخ اليماني وتارة بما يعرف من حال الشعبي من طرق المخالف واما من طرقنا فالأمر ظاهر ومعلي بن هلال لابد من معرفة عدالته.
وروي حديثا خامسا يتعلق به وبأخيه عبيد الله شديدا في الطعن لكن طريقه ضعيف لأن من رواته محمد بن سنان يرويه عنه محمد بن عيسي العبيدي
(١٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، محمد بن الحسين بن أبي الخطاب (1)، محمد بن عيسي العبيدي (1)، إبراهيم بن عمر (1)، ابن الغضائري (1)، حمدان بن سليمان (1)، مدينة البصرة (1)، سفيان بن سعيد (1)، محمد بن أيوب (1)، محمد بن سنان (1)، محمد بن مسعود (1)، الطعن (2)، الهلال (2)
وهو مضعف قال ولو ورد في مثله الف حديث يقبل أمكن ان يعرض للتهمة فكيف مثل هذه الروايات الضعيفة الركيكة انتهي، وهذا حين نذر جملة من أخباره.
روي البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس انه كان يقول، يوم الخميس وما يوم الخميس ثم يبكي حتي بل دمعه الحصي فقلنا يا بن عباس وما يوم الخميس قال اشتد برسول الله صلي الله عليه وآله وجعه فقال ائتوني بدواة اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي ابدا فتنازعوا فقال إنه لا ينبغي عندي تنازع فقال قائل ما شأنه هجر استفهموه فذهبوا يعيدون عليه فقال دعوني فالذي انا فيه خير مما أنتم فيه.
وفي الصحيحين أيضا أخرجاه معا عن ابن عباس قال: لما احتضر رسول الله صلي الله عليه وآله وفي البيت رجال منهم عمر بن الخطاب قال النبي صلي الله عليه وآله هلم اكتب لكم كتابا لا تضلون بعده قال عمر ان رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف القوم واختصموا فمنهم من يقول قربوا إليه يكتب إليكم كتابا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول القول ما قاله عمر فلما أكثروا اللغو والاختلاف عنده قال لهم قوموا فكان ابن عباس يقول الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب.
قال: بعض العلماء صدق ابن عباس عند كل عاقل مسلم والله لو لبس المسلمون السواد وأقاموا المآتم وبلغوا أعظم الحزن لأجل ما فعل عمر بن الخطاب لكان قليلا.
وروي عبد الله بن عمر قال كنت عند أبي يوما وعنده نفر من الناس فجري ذكر الشعر فقال من اشعر العرب فقالوا فلان وفلان فطلع عبد الله بن عباس فسلم وجلس فقال عمر قد جائنا الخبير من اشعر العرب يا عبد الله؟ قال زهير بن أبي سلمي قال فأنشدني مما تستجيده له فقال إنه مدح قوما من غطفان
(١٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (4)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، عبد الله بن عمر (1)، القرآن الكريم (1)، التصديق (1)، الحزن (1)
يقال لهم بنو سنان:
لو كان يعقد فرق الشمس من شرف * قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا قوم سنان أبوهم حين تنسبهم * طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا انس إذا أمنوا جن إذا فزعوا * مرزؤن بها ليل إذا جهدوا محسدون علي من كان من نعم * لا ينزع الله منهم ما له حسدوا فقال عمر قاتله الله لقد أحسن ولا أري هذا المدح يصلح إلا لهذا البيت من بني هاشم لقرابتهم من رسول الله فقال ابن عباس وفقك الله يا أمير المؤمنين فلم تزل موفقا قال ابن عباس أتدري ما منع الناس منكم قال لا؟ قال لكني أدري قال ما هو؟ قال كرهت قريش ان يجتمع لكم الخلافة والنبوة فتجحفوا بالناس جحفا فنظرت قريش لأنفسها فاختارت ووفقت فأصابت فقال ابن عباس أيميط عني أمير المؤمنين غضبه قال قل ما تشاء قال أما قولك ان قريشا كرهت فان الله تعالي قال لقوم ذلك بأنهم كرهوا ما انزل الله فأحبط أعمالهم واما قولك كنا تجحف فلو أجحفنا بالخلافة لجحفنا بالقرابة ولكنا قوم أخلاقا مشتقة من أخلاق رسول الله الذي قال الله تعالي له وانك لعلي خلق عظيم وقال له واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين وأما قولك ان قريشا اختارت فان الله تعالي يقول وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة وقد علمت أن الله اختار لذلك من اختار فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لو فقت قريش فقال عمر علي رسلك يا بن عباس أبت قلوبكم يا بني هاشم إلا غشا في أمر قريش لا يزول وحقدا عليها لا يحول فقال ابن عباس لا تنسب قلوب بني هاشم إلي الغش فان قلوبهم من قلب رسول الله صلي الله عليه وآله طهره الله وزكاهم وهم أهل البيت الذين قال الله تعالي انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا واما قولك حقدا فكيف لا يحقد من غصب حقه ويراه في يد غيره فقال عمر اما أنت يا بن عباس فقد بلغني عنك كلام أكره ان أخبرك به فتزول منزلتك عندي قال ما هو
(١٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (4)، آية التطهير (1)، بنو هاشم (3)، المنع (1)، العقد (1)، الغصب (1)، القتل (1)
أخبرني به فان يك باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه وان يك حقا فان منزلتك عندي لا تزول به. قال بلغني انك لا تزل أتقول اخذ هذا الأمر منا حسدا وظلما قال اما قولك حسدا فقد حسد إبليس آدم فأخرجه من الجنة فنحن بنو آدم المحسود واما قولك ظلما فأنت تعلم صاحب الحق من هو ثم قال ألم تحتج العرب علي العجم بحق رسول الله صلي الله عليه وآله واحتجت قريش علي سائر العرب بحق رسول الله صلي الله عليه وآله فنحن أحق برسول الله صلي الله عليه وآله من سائر قريش فقال عمر قم الآن وارجع إلي منزلك فقام فلما ولي هتف به عمر أيها المنصرف اني علي ما كان منك لراع حقك فالتفت ابن عباس وقال إن لي عليك حقا وعلي كل المسلمين برسول الله صلي الله عليه وآله فمن حفظه فحق نفسه حفظ ومن أضاعه فحق نفسه أضاع فقال عمر لجلسائه واها لابن عباس ما رأيته لاحي أحدا الا خصمه.
وروي أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثنا أبو زيد عمر ابن شبة باسناد رفعه إلي ابن عباس قال اني أماشي عمر في سكة من سكك المدينة يده في يدي فقال يا بن عباس ما أظن صاحبك إلا مظلوما، فقلت في نفسي والله لا يسبقني بها فقلت يا أمير المؤمنين فاد إليه ظلامته فانتزع يده من يدي ثم مر يهمهم ساعة ثم وقف فلحقته فقال يا بن عباس ما أظن القوم منعهم من صاحبك إلا انهم استصغروه فقلت في نفسي هذه شر من الأولي فقلت والله ما استصغره الله حين امره بأخذ سورة براءة من أبي بكر. وعن ابن عباس قال ماشيت عمر بن الخطاب يوما فقال لي يا بن عباس ما منع قومكم منكم وأنتم أهل البيت خاصة؟ قلت لا أدري قال لكني أدري انكم فضلتموهم بالنبوة فقالوا ان فضلونا بالخلافة مع النبوة لم يبقوا لنا شيئا وان أفضل النصيبين بأيديكم بل ما أخالها إلا مجتمعة فيكم وان نزلت علي رغم أنف قريش.
وروي أحمد بن أبي طاهر في كتاب تاريخ بغداد بسنده عن ابن عباس
(١٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1)، عبد الله بن عباس (5)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، أحمد بن عبد العزيز الجوهري (1)، الباطل، الإبطال (1)، الطهارة (1)، المنع (1)، الظلم (1)
قال: دخلت علي عمر في أول خلافته وقد ألقي إليه صاع من تمر علي صحفة فدعاني للأكل فأكلت تمرة واحدة وأقبل يأكل حتي أتي عليه ثم شرب من جرة كانت عنده واستلقي علي مرفقة له وطفق يحمد الله يكرر ذلك ثم قال من ابن جئت يا عبد الله قلت من المسجد قال كيف خلفت ابن عمك فظننته يعني عبد الله بن جعفر قلت خلفته مع أقرانه يلعب قال لم اعن ذلك انما عنيت عظيمكم أهل البيت قلت خلفته يمتح بالغرب علي نخلات له وهو يقرأ القرآن فقال يا عبد الله عليك دماء البدن ان كتمتنيها أبقي في نفسه شئ من أمر الخلافة قلت نعم قال أيزعم ان رسول الله صلي الله عليه وآله جعلها له قلت نعم وأزيدك سألت أبي عما يدعيه فقال صدق قال عمر لقد كان من رسول الله صلي الله عليه وآله في امره ذرو من قول لا يثبت حجة ولا يقطع عذرا وقد كان يزيغ في امره وقتا ما ولقد أراد في مرضه ان يصرح باسمه فمنعت من ذلك اشفاقا وحفيظة علي الإسلام لا ورب هذه البنية لا تجتمع عليه قريش ابدا ولو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها فعلم رسول الله صلي الله عليه وآله اني علمت ما في نفسه فأمسك وأبي الله إلا امضاء ما حتم.
قلت: يشير إلي اليوم الذي قال فيه صلي الله عليه وآله هلم اكتب لكم كتابا لا تضلون بعده فقال عمر أنه قد غلبه الوجع وقد ذكرنا الحديث آنفا.
وحدث ابن عائشة عن أبيه قال نظر الخطيئة إلي ابن عباس في مجلس عمر وقد برع بكلامه فقال من هذا الذي قد نزل عن القوم في سنه وعلاهم في قوله قالوا هذا ابن عباس ابن عم رسول الله صلي الله عليه وآله فأنشأ يقول شعرا.
ان وجدت بيان المرء نافلة * تهدي له ووجدت العمي كالصمم المرء يبلي وتبقي الكلم سائرة * وقد يلام الفتي يوما ولم يلم وعن الشعبي قال: قيل لابن عباس من أين أصبت هذا العلم؟ قال بلسان سؤل وقلب عقول.
(١٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، عبد الله بن عباس (3)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، القرآن الكريم (1)، التصديق (1)، المرض (1)، الحج (1)، السجود (1)، الأكل (1)
وروي أن الناس كلموا ابن عباس ان يحج بهم وعثمان محصور في الدار فدخل عليه فأخبره فأمره ان يحج بهم فحج بالناس فلما قدم رأي عثمان قد قتل وقد بويع أمير المؤمنين " ع ".
قال ابن عباس قدمت من مكة بعد مقتل عثمان بخمسة أيام فجئت عليا " ع " لأدخل عليه فسألت عنه فقيل لي عنده المغيرة بن شعبة فجلست بالباب حتي خرج المغيرة ودخلت علي علي " ع " فقال لي أين لقيت طلحة والزبير؟ فقلت بالرصف قال ومن معهما قلت أبو سعيد بن الحرث بن هشام في فتية من قريش فقال " ع " اما انهم لن يدعوا ان يخرجوا فيطلبوا بدم عثمان والله أعلم انهم قتلة عثمان فقلت له أخبرني عن شأن المغيرة ولم خلا بك قال " ع " جائني بعد مقتل عثمان بيومين فقال أخلني ففعلت فقال أنت بقية الناس وانا لك ناصح وإني أشير عليك بترك عمال عثمان عامك هذا فاكتب إليهم باثباتهم علي أعمالهم فإذا بايعوك واطمئن امرك عزلت من أحببت وأبقيت من أحببت فقلت والله لا أداهن في ديني ولا أعطي الرياء في أمري قال فان كنت قد أبيت فانزع من شئت وأقر معاوية فان له جرءة وهو في أهل الشام مسموع منه ولك في ابقائه حجة فقد كان عمر ولاه الشام كلها فقلت والله لا استعملت معاوية ابدا فخرج من عندي بعد ما أشار به ثم عاد فقال إلي أشرت بما أشرت به وأبيت علي ثم نظرت فإذا أنت مصيب لا يسعك ان تأخذ أمرك بخدعة ولا ان يكون فيه دلسة فقلت اما أول ما أشار به فقد نصحك فيه وأما الآخر فقد غشك به وانا أشير عليك ان تبقي معاوية فان بايعك فعلي ان أقفله من منزله قال " ع " الله لا أعطيه إلا السيف وتمثل " ع " بهذا البيت:
فما شبة ان رمتها غير عاجز * بعار إذا ما غالت النفس غولها فقلت يا أمير المؤمنين " ع " انك رجل شجاع اما سمعت رسول الله يقول الحرب خدعة فقال بلي فقلت اني والله لأصدرن بهم بعد ورود ولأتركنهم
(١٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، عبد الله بن عباس (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، المغيرة بن شعبة (1)، سعيد بن الحرث (1)، الشام (2)، الحج (4)، القتل (1)، الرياء (1)
ينظرون في أدبار الأمور ولا يدرون ما وجهها في غير نقض! عليك ولا إثم فقال " ع " يا بن عباس لست من هناتك ولا هنات معاوية في شئ، لك ان تشير علي واري فإذا عصيتك فأطعني فقلت فانا افعل فان أيسر ما عندي لك الطاعة، ثم خرج ابن عباس معه " ع " إلي البصرة وشهد معه وقعة الجمل ولما صار علي " ع " إلي البصرة بعث ابن عباس فقال له لا تلقين طلحة فإنك ان تلقه تجده كالثور عاقصا قرنه يركب الصعب ويقول هو الذلول ولكن الق الزبير فإنه ألين عريكة فقل له يقول لك ابن خالك عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عدا مما بدا قال ابن عباس فاتيت الزبير فقلت له ما قال " ع " فقال اني أريد ما تريد كأنه يقول الملك ولم يزدني علي ذلك فرجعت إلي أمير المؤمنين " ع " فأخبرته.
وروي أن أمير المؤمنين " ع " لما أرسل ابن عباس إلي الزبير قال من كان له ابن عم مثل ابن عباس فقد أقر الله عينه.
وأخرج الكشي باسناده قال، لما هزم علي بن أبي طالب " ع " أصحاب الجمل بعث عبد الله ابن عباس إلي عايشة يأمرها بتعجيل الرحيل وقلة العرجة قال ابن عباس فأتيتها وهي في قصر بني خلف في جانب البصرة قال: وطلبت عليها الاذن فلم تأذن فدخلت عليها من غير اذنها فإذا بيت قفار لم يعد لي فيه مجلس وإذا هي من وراء سترين فضربت ببصري فإذا في جانب البيت رحل عليه طنفسة قال فمددت الطنفسة فجلست عليها، فقالت من وراء الستر يا بن عباس أخطأت السنة دخلت بيتنا بغير إذننا وجلست علي متاعنا بغير إذننا، فقال لها ابن عباس نحن أولي بالسنة منك ونحن علماك السنة وانما بيتك الذي خلفك فيه رسول الله فخرجت منه ظالمة لنفسك غاشة لدينك عانية علي ربك عاصية لرسول الله صلي الله عليه وآله فإذا رجعت إلي بيتك لم ندخله إلا باذنك ولم نجلس علي متاعك إلا بأمرك ان أمير المؤمنين " ع " بعث إليك يأمرك بالرحيل إلي المدينة وقلة العرجة. فقالت: رحم الله أمير المؤمنين ذاك عمر بن الخطاب فقال ابن
(١٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (5)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (7)، دولة العراق (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، مدينة البصرة (3)
عباس هذا والله أمير المؤمنين وان تربدت فيه وجوه ورغمت فيه معاطس اما والله لهو أمير المؤمنين " ع " وأمس برسول الله صلي الله عليه وآله رحما وأقرب قرابة وأقدم سبقا وأكثر علما وأعلي منارا وأكثر آثارا من أبيك ومن عمر فقالت أبيت ذلك فقال اما والله ان كان آباؤك فيه قصير المدة عظيم المشقة ظاهر الشوم بين النكد، وما كان آباؤك فيه إلا كحلب شاة حتي صرت ما تأمرين ولا تنهين لا ترفعين ولا تضعين وما كان مثلك إلا كمثل ابن الخضرمي بن نجمان أخي بني أسد حيث يقول:
ما زال اهداء القصائد بيننا * شتم الصديق وكثرة الألقاب حتي تركتهم كأن قلوبهم * في كل مجمعة طنين ذباب قال: فأراقت دمعتها وأبدت عويلها وتبدي نشيجها ثم قالت اخرج والله عنكم فما في الأرض بلد أبغض إلي من بلد أنتم فيه، فقال ابن عباس فلم والله ماذا بلاؤنا عندك ولا صنيعنا إليك انا جعلناك للمؤمنين اما وأنت بنت أم رومان وجعلنا أباك صديقا وهو ابن أبي قحافة فقالت يا بن عباس تمنون علي برسول الله صلي الله عليه وآله فقال: ولم لا نمن عليك لو كان منك قلامة منه مننتنا به ونحن لحمه ودمه ومنه واليه وما أنت إلا حشية من تسع حشايا خلفهن بعده لست بأبيضهن لونا ولا أحسنهن وجها ولا بأرشحهن عرقا ولا بأنضرهن ورقا ولا بأطراهن أصلا فصرت تأمرين فتطاعين وتدعين فتجابين وما مثلك إلا كما قال آخر بني فهر:
مننت علي قومي فأبدوا عداوة * فقلت لهم كفوا العداوة والنكرا ففيه رضا من مثلكم لصديقه * وأحجي بكم ان تجمعوا البغي والكفرا قال ثم نهضت وأتيت أمير المؤمنين " ع " فأخبرته بمقالتها وما رددت عليها فقال " ع " انا اعلم بك حيث بعثتك.
وأقام أمير المؤمنين بعد وقعة الجمل خمسين ليلة ثم اقبل علي الكوفة
(١٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (1)، مدينة الكوفة (1)، الصدق (1)
واستخلف ابن عباس علي البصرة.
ولما خرج " ع " إلي صفين لحرب معاوية كتب إلي عماله يستفزهم فكتب إلي ابن عباس وهو عامله علي البصرة: أما بعد فاشخص إلي بمن قبلك من المسلمين والمؤمنين وذكرهم بلائي عندهم وعفوي عنهم في الحرب وأعلمهم الذي في ذلك من الفضل والسلام.
فلما وصل كتابه إلي ابن عباس بالبصرة قام في الناس فقرأ عليهم الكتاب وحمد الله وأثني عليه وقال أيها الناس استعدوا للشخوص إلي إمامكم وانفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فإنكم تقاتلون المحلين القاسطين الذين لا يقرؤن القرآن ولا يعرفون حكم الكتاب ولا يدينون دين الحق مع أمير المؤمنين " ع " وابن عم رسول الله صلي الله عليه وآله الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والصادع بالحق والمقيم بالهدي والحاكم بحكم الكتاب الذي لا يرتشي في الحكم ولا يداهن الفجار ولا تأخذه في الله لومة لائم فقام إليه الأحنف بن قيس فقال نعم والله لنجيبنك ولنخرجن معك علي العسر واليسر والرضا والكره، نحتسب في ذلك الأجر ونامل به من الله العظيم حسن الثواب وأجابه سائر الناس إلي المسير فاستعمل أبا الأسود الدؤلي علي البصرة وخرج حتي قدم علي أمير المؤمنين " ع " بالنخيلة وهي بضم النون: مصغر نخلة موضع من الكوفة علي سمت الشام.
وعن عبد الله بن عوف ابن الأحمران عليا " ع " لم يبرح النخيلة حتي قدم عليه ابن عباس باهل البصرة.
وروي نصر بن مزاحم قال لما اشتد الأمر وعظم البلاء علي أهل الشام قال معاوية لعمرو بن العاص ان رأس الناس بعد علي " ع " لعبد الله بن عباس فلو كتبت إليه كتابا لعلك تخدعه به ولعله لو قال شيئا لم يخرج علي منه وقد أكلتنا الحرب ولا أرانا نصل إلي العراق إلا بهلاك أهل الشام فقال عمرو
(١١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (5)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (1)، مدينة البصرة (4)، الأحنف بن قيس (1)، عمرو بن العاص (1)، نصر بن مزاحم (1)، القرآن الكريم (1)، الشام (3)، الحرب (2)
ان ابن عباس لا يخدع ولو طمعت فيه لطمعت في علي قال معاوية علي ذاك فاكتب فكتب عمرو إليه اما بعد فان الذي نحن فيه وأنتم ليس بأول أمر قاده البلاء وأنت رأس هذا الجمع بعد علي " ع " فانظر فيما بقي ودع ما مضي فوالله ما أبقت هذه الحرب لنا ولكم حياء ولا صبرا.
وعلم أن الشام لا تملك إلا بهلاك أهل العراق، وان العراق لا تملك إلا بهلاك أهل الشام فما خيرنا بعد هلاك أعدادنا منكم وما خيركم بعد هلاك أعدادكم منا ولسنا نقول ليت الحرب عادت ولكنا نقول ليتها لم تكن وان فينا من يكره اللقاء كما أن فيكم من يكرهه وانما هو أمير مطاع ومأمور مطيع ومؤتمن مشاور وهو أنت فاما الأشتر الغليظ الطبع القاسي القلب فليس بأهل ان يدعي في الشوري ولا في خواص أهل النجوي وكتب في أسفل الكتاب:
طال البلاء وما يرجي له آسي * بعد الإله سوي رفق ابن عباس قولا له قول من يرجو مودته * لا تنس حظك ان الخاسر الناسي انظر فداؤك نفسي قبل قاصمة * للظهر ليس لها راق ولا آسي ان العراق وأهل الشام لن يجدوا * طعم الحياة مع المستغلق القاسي يا بن الذي زمزم سقيا الحجيج له * أعظم بذلك من فخر علي الناس اني أري الخير في سلم الشأم لكم * والله يعلم ما بالسلم من بأس فيها التقي وأمور ليس يجهلها * إلا الجهول وما نوكي كأكياس فلما وصل الكتاب إلي ابن عباس عرضه علي أمير المؤمنين " ع " فقال قاتل الله ابن العاص ما أغراه بك يا عبد الله أجبه وليرد عليه الشعر الفضل ابن العباس فإنه شاعر فكتب ابن عباس إلي عمرو اما بعد فإني لا اعلم أحدا من العرب أقل حياء منك انه مال بك معاوية إلي الهوي فبعته دينك بالثمن اليسير ثم خبطت الناس في عشوة طمعا في الدنيا فأعظمتها إعظام أهل الدنيا ثم تزعم انك
(١١١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، عبد الله بن عباس (4)، دولة العراق (3)، الشام (4)، الحرب (2)، الكراهية، المكروه (1)
تتنزه عنها تنزه أهل الورع فان كنت صادقا فارجع إلي بيتك ودع الطمع في مصر والركون إلي الدنيا الفانية واعلم أن هذه الحرب ما معاوية فيها كعلي " ع " بدأها علي " ع " بالحق وانتهي فيها إلي العذر وبدأها معاوية بالبغي وانتهي فيها إلي السرف وليس أهل العراق فيها كأهل الشام بايع أهل العراق عليا " ع " وهو خير منهم وبايع أهل الشام معاوية وهم خير منه ولست انا وأنت فيها سواء أردت الله تعالي وأردت مصر وقد عرفت الشئ الذي باعدك مني ولا أعرف الشئ الذي قربك من معاوية فان ترد شرا لا نسبقك إليه وان ترد خيرا لا تسبقنا إليه والسلام. ثم دعا أخاه الفضل فقال: يا بن أم أجب عمرا فقال الفضل:
يا عمرو حسبك من مكر ووسواس * فاذهب فليس لداء الجهل من آسي الا تواتر طعن في نحوركم * يشجي النفوس ويشقي نخوة الرأس اما علي فان الله فضله * بفضل ذي شرف عال علي الناس ان تعقلوا الحرب نعقلها مخيسة * أو تبعثوها فانا غير أنكاس قتلي العراق بقتلي الشام ذاهبة * هذا بهذا وما بالحق من باس ثم عرض الشعر والكتاب علي علي " ع " فقال لا أراه يجيبك بعدها بشئ ابدا ان كان يعقل وان عاد عدت عليه فلما انتهي الكتاب إلي عمرو ابن العاص عرضه علي معاوية فقال إن قلب ابن عباس وقلب علي " ع " واحد وكلاهما ولد عبد المطلب وان كان قد خشن فلقد لأن وان كان قد عظم صاحبا فلقد قارب وجنح إلي السلم.
قال نصر وقال معاوية لأكتبن إلي ابن عباس كتابا استعرض فيه عقله وانظر ما في نفسه فكتب إليه: اما بعد فإنكم معشر بني هاشم لستم إلي أحد أسرع بالماءة منكم إلي أنصار ابن عفان حتي انكم قتلتم طلحة والزبير لطلبهما واستعظامهما ما نيل منه فان يكن ذلك منافسة لبني أمية في السلطان فقد ولياه
(١١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، عبد الله بن عباس (2)، دولة العراق (3)، يوم عرفة (1)، بنو أمية (1)، بنو هاشم (1)، الشام (3)، القتل (1)، الجهل (1)، الحرب (2)
عدي وتيم فلم تنافسوهم وأظهرتم لهم الطاعة وقد وقع من الأمر ما تري وأكلت هذه الحروب بعضها بعضا حتي استوينا فيها فما يطمعكم فينا يطمعنا فيكم وما يؤيسنا منكم يؤيسكم منا ولقد رجونا غير ما كان وخشينا دون ما وقع ولست ملاقينا اليوم بأحد من حد أمس ولا عذابا أحد من حد اليوم وقد قنعنا بما في أيدينا من ملك الشام فاقنعوا بما في أيديكم من ملك العراق وأبقوا علي قريش فأنما بقي من رجالها ستة رجلان بالشام ورجلان بالعراق ورجلان بالحجاز فاما الرجلان بالشام فانا وعمرو، واما اللذان بالعراق فأنت وعلي، واما اللذان بالحجاز فسعد وابن عمر فاثنان من الستة ناصبان لك واثنان واقفان فيك وأنت رأس هذا الجمع اليوم ولو بايع لك الناس بعد عثمان كنا إليك أسرع منا إلي علي والسلام فلما وصل الكتاب إلي ابن عباس أسخطه وقال حتي متي يخطب ابن هند إلي عقلي وحتي متي أحجم علي ما في نفسي فكتب إليه أما بعد فقد أتاني كتابك وقرأته فاما ما ذكرت من سرعتنا إليك بالمساءة والي أنصار ابن عفان وكراهتنا لسلطان أمية فلعمري لقد أدركت في عثمان حاجتك حين استنصرك فلم تنصره حتي صرت إلي ما صرت إليه وبيني وبينك في ذلك ابن عمك وأخو عثمان وهو الوليد بن عقبه واما طلحة والزبير فإنهما أجلبا عليه وضيقا خناقه ثم خرجا ينقضان البيعة ويطلبان الملك فقاتلناهما علي النكت كما قاتلناك علي البغي واما قولك انه لم يبق من قريش غير ستة فما أكثر رجالها وأحسن بقيتها وقد قاتلك من خيارها من قاتلك ولم يخذلنا إلا من خذلك واما إغراؤك إيانا بعدي وتيم فأن أبا بكر وعمر خير من عثمان كما أن عثمان خير منك وقد بقي لك منا ما ينسيك ما قبله وتخاف ما بعده واما قولك لو بايع الناس لي لاستقاموا فقد بايع الناس عليا وهو خير مني فلم يستقيموا له وما أنت وذكر الخلافة يا معاوية وانما أنت طليق وابن طليق والخلافة للمهاجرين الأولين وليس الطلقاء منها في شئ والسلام. فلما وصل كتابه إلي معاوية قال هذا عملي بنفسي لا اكتب والله كتابا سنة كاملة وقال شعرا:
(١١٣)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)، دولة العراق (3)، الوليد بن عقبة (1)، الشام (3)
دعوت ابن عباس إلي جل حطة * وكان امرءا أهدي إليه رسائلي فاخلف ظني والحوادث جمة * وما زاد أن أغلي علي مراجلي فقل لابن عباس أراك مخوفا * بجهلك حلمي انني غير غافل فأبرق وارعد ما استطعت فإنني * إليك بما يشجيك سبط الأنامل قال نصر: لما أراد الناس عليا " ع " ان يضع الحكمين قال لهم ان معاوية لم بكن ليضع لهذا الأمر أحدا هو أوثق برأيه ونظره من عمرو بن العاص وانه لا يصلح للقرشي الا مثله فعليكم بعبد الله بن عباس فارموه به فان عمرا لا يعقد عقده إلا حلها عبد الله ولا يحل عقدة إلا عقدها ولا يبرم أمرا إلا نقضه ولا ينقض أمرا إلا أبرمه فقال الأشعث والله لا يحكم فينا مضربان حتي تقوم الساعة ولكن اجعل رجلا من أهل اليمن إذا جعلوا رجلا من مضر فقال علي " ع " اني أخاف ان يخدع يمنيكم فان عمرا لبس من الله في شئ إذا كان في أمر هوي فقال الأشعث والله لئن يحكمان ببعض ما نكره واحدهما من أهل اليمن أحب إلينا من أن يكون بعض ما نحب وهما مضربان انتهي ثم اختار أهل الشام عمرو بن العاص وقالوا قد رضينا به وقال الأشعث والقراء الذين صاروا خوارج فيما بعد رضينا نحن واخترنا أبا موسي الأشعري فقال لهم علي " ع " فإني لا أرضي بابي موسي ولا أري ان أوليه قالوا فانا لا ترضي الا به فقال علي " ع " فإنه ليس يرضي وقد فارقني وخذل الناس عني وهرب مني حتي آمنته بعد شهر ولكن هذا ابن عباس أوليه ذلك. قالوا والله لا تبالي إن كنت وابن عباس ولا نريد الا رجلا هو منك ومن معاوية سواء لبس إلي واحد منكما أدني من الآخر فقال علي " ع " قد أبيتم إلا أبا موسي قالوا نعم قال فاصنعوا ما شئتم فبلغ ذلك أهل الشام فبعث أيمن ابن حزيم الأسدي وكان معتزلا لمعاوية وكان هواه ان يكون من أهل العراق بهذه الأبيات:
لو كان للقوم أمر يعصمون به * من الضلال رموكم بابن عباس لله در أبيه أيما رجل * ما مثله لفصال الخطب في الناس
(١١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، عبد الله بن عباس (6)، دولة العراق (1)، عمرو بن العاص (2)، الشام (2)، الخوارج (1)، الضلال (1)
لكن رموكم بشيخ من ذوي يمن * لا يهتدي ضرب أخماس لأسداس ان يخل عمرو به يقذفه في لجج * يهوي به النجم تيسا بين أتياس أبلغ لديك عليا غير عاتبه * قول امرئ لا يري بالحق من باس ما الأشعري بمأمون أبا حسن * فاعلم هديت وليس العجز كالرأس فاصدع بصاحبك الأدني برغمهم * ان ابن عمك عباس هو الأسي فلما بلغ أهل العراق هذا الشعر طارت أهواء قوم من أولياء علي " ع " وشيعته إلي ابن عباس وأبت القراء إلا أبا موسي وكان أيمن بن حزيم هذا رجلا عابدا مجتهدا وقد كان معاوية جعل له فلسطين علي أن يبايعه ويشايعه علي قتال علي " ع " فقال أيمن هذه الأبيات وبعث بها إليه:
ولست مقاتلا رجلا يصلي * علي سلطان آخر من قريش له سلطانه وعلي إثمي * معاذ الله من سفه وطيش أأقتل مسلما في غير جرم * فليس بنافع ما عشت عيشي وروي المدائني في كتاب (صفين) والزبير ابن بكار في (الموفقيات) قالا: لما اجتمع أهل العراق علي طلب أبي موسي وأحضروه للتحكيم علي كره من علي " ع " اتاه عبد الله ابن عباس وعنده وجوه الناس والاشراف فقال يا أبا موسي ان الناس لم يرضوا بك ويجتمعوا عليك لفضل لا تشارك فيه وما أكثر أشباهك من المهاجرين والأنصار المتقدمين قبلك ولكن أهل العراق أبوا الا ان يكون الحكم يمانيا ورأوا ان معظم أهل الشام ايمان وأيم الله اني لأظن ذلك شرا لك ولنا فإنه قد ضم إليك داهية العرب وليس في معاوية خلة يستحق بها الخلافة فان تقذف بحقك علي باطله تدرك حاجتك منه وان يطمع باطله في حقك يدرك حاجته منك واعلم يا أبا موسي ان معاوية طليق الإسلام وان أباه رأس الأحزاب وانه يدعي الخلافة من غير مشورة ولا بيعة واعلم أن لعمرو مع كل شئ يسرك خبيئا يسوؤك ومما نسيت فلا تنس ان عليا " ع " بايعه القوم
(١١٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، عبد الله بن عباس (2)، المهاجرون والأنصار (1)، دولة العراق (3)، الشام (1)، الضرب (1)، الصّلاة (1)
الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان وانها بيعة هدي وانه لم يقاتل القاسطين والناكثين فقال أبو موسي رحمك الله والله مالي امام غير علي " ع " وإني لواقف عندما رأي وان حق الله أحب إلي من رضي معاوية وأهل الشام وما انا وأنت إلا بالله فقال بعض الشعراء في ذلك:
والله ما كلم الأقوام من بشر * بعد الوصي علي كابن عباس أوصي ابن قيس بأمر فيه عصمته * لو كان فيها أبو موسي من الناس اني أخاف عليه مكر صاحبه * أرجو رجاء مخوف شيب بالياس وذكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري في (أماليه) قال قال عبد الرحمن ابن خالد بن الوليد. حضرت الحكومة فلما كان يوم الفصل جاء عبد الله بن عباس فقعد إلي جانب أبي موسي وقد نشر اذنيه حتي كاد ان ينطق بهما فعلمت ان الأمر لا يتم لنا ما دام هناك وانه يفسد علي عمرو حيلته فأعملت المكيدة في امره فجئت حتي قعدت عنده وقد شرع عمرو وأبو موسي في الكلام فكلمت ابن عباس كلمة استطعمته جوابها فلم يجب فكلمته الأخري فلم يجب فكلمته ثالثة فقال اني لفي شغل عن جوابك الآن فجبهته وقلت يا بني هاشم لا تتركون بأوكم وكبركم ابدا اما والله لولا مكان النبوة كان لي ولك شأن قال فحمي وغضب واضطرب فكره ورأيه فاسمعني كلاما يسوء سماعة فأعرضت عنه فقمت وقعدت إلي عمرو بن العاص وقلت قد كفيتك التقوا له، اني قد شغلت باله بما دار بيني وبينه فأحكم أنت امرك قال فذهل والله ابن عباس عن الكلام الدائر بين الرجلين حتي قام أبو موسي فخلع عليا.
(وروي) البلاذري في كتاب أنساب الأشراف قال قيل لعبد الله بن العباس ما منع عليا " ع " ان يبعثك يوم التحكيم قال منعه حاجز القدر ومحنة الابتلاء وقصر المدة اما والله لو كنت لقعدت علي مدارج أنفاسه ناقضا ما أبرم ومبرما ما نقض أطير إذا سف وأسف إذا طار ولكن سبق قدر وبقي أسف ومع اليوم
(١١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، عبد الله بن عباس (5)، كتاب انساب الأشراف للبلاذري (1)، محمد بن القاسم بن بشار (1)، خالد بن الوليد (1)، عمرو بن العاص (1)، بنو هاشم (1)، الشام (1)، المنع (1)، الوصية (1)
غد والآخرة لأمير المؤمنين.
(وروي) ان ابن عباس هو الذي كتب كتاب الصلح بين أمير المؤمنين ومعاوية فلما كتب هذا ما قاضي عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لمعاوية ابن أبي سفيان قال له عمرو ابن العاص امح أمير المؤمنين فانا لا نعرف فلو عرفنا انه أمير المؤمنين ما نازعناه فقال أمير المؤمنين " ع " لابن عباس امحه فقال ابن عباس لا امحوه فمحاه أمير المؤمنين " ع " وقال إن هذا اليوم كيوم الحديبية حينما كتبت الكتاب عن رسول الله صلي الله عليه وآله هذا ما تصالح عليه محمد بن عبد الله رسول الله صلي الله عليه وآله وسهيل بن عمرو فقال سهيل لو اعلم انك رسول الله لم أخالف ولم أقاتلك اني إذا لظالم لك ان أمنعك ان تطوف بيت الله وأنت رسوله ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال لي رسول الله صلي الله عليه وآله امحها يا علي فقلت لا أمحو اسم الرسالة عنك فقال يا علي اني لرسول الله ومحمد بن عبد الله ولن يمحو عني الرسالة كتابي لهم من محمد بن عبد الله فاكتبها فامح ما أراد محوه اما ان لك مثلي ستعطيها وأنت مضطهد، وفي (رواية) وقال علي " ع " ان ذلك الكتاب انا كتبته بيننا وبين المشركين واليوم اكتبه إلي أبنائهم كما كان رسول الله كتبه إلي آبائهم شبها ومثلا فقال عمرو سبحان الله أتشبهنا بالكفار ونحن مسلمون فقال أمير المؤمنين " ع " يا بن النابغة ومتي لم تكن للكافرين وليا وللمسلمين عدوا فقام عمرو وقال والله لا يجمع بيني وبينك مجلس بعد اليوم فقال علي " ع " اما والله اني لأرجو ان يظهر الله عليك وعلي أصحابك.
(ومن مناكير العامة) ما رووه عن عكرمة ان عليا " ع " أحرق أناسا ارتدوا فبلغ ذلك ابن عباس فقال لو كنت انا لم أحرقهم بالنار وان رسول الله صلي الله عليه وآله قال لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقوله صلي الله عليه وآله من بدل دينه فاقتلوه فبلغ ذلك عليا فقال ويح ابن أم الفضل انه لغواص وندم علي احراقهم.
(قال) شيخنا المفيد قدس الله روحه وهذا من أظرف شئ سمع وأعجبه
(١١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (5)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، عبد الله بن عباس (4)، صلح (يوم) الحديبية (1)، محمد بن عبد الله (4)، القتل (1)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)
وذلك أن ابن عباس أحد تلامذته والآخذين العلم عنه وهو الذي يقول كان أمير المؤمنين " ع " يجلس بيننا كأحدنا ويداعبنا ويبسطنا ويقول والله ما ملأت طرفي منه قط هيبة له فكيف يجوز من مثل من وصفناه التقدم علي أمير المؤمنين في الفتيا واظهار الخلاف عليه في الدين لا سيما في الحال التي هو مظهر له فيه الاتباع والتعظيم والتبجيل وكيف ندم علي احراقهم وقد أحرق في آخر زمانه (" ع ") الاحد عشر الذين ادعوا فيه الربوبية أفتراه ندم علي ندمه الأول كلا ولكن الناصبة تتعلق بالهباء المنثور.
(وقال) ابن أبي الحديد وهل اخذ عبد الله بن عباس الفقه وتفسير القرآن إلا عنه عليه السلام.
(وروي) الكشي وغيره ان ابن عباس حمل كل مال في بيت المال بالبصرة ولحق بمكة وترك عليا " ع " ووقع بين أمير المؤمنين " ع " وبينه مكاتبات شنيعة من اجل ذلك وهي مذكورة في كتاب الكشي وبعضها في نهج البلاغة وأنكر المحققون من العلماء ذلك وقالوا ان ذلك لم يكن ولا فارق عبد الله بن عباس عليا ولا بابنه ولا خالفه ولم يزل أميرا علي البصرة إلي أن قتل " ع "، قال ابن أبي الحديد وهذا هو الأمثل عندي والأصوب أي لم يفارق أمير المؤمنين " ع ".
(قال المؤلف) عفا الله عنه: ومما يدل علي أن ابن عباس لم يفارق أمير المؤمنين إلي أن قتل ما رواه المؤيد الخوارزمي في مناقبه عن عثمان بن المغيرة قال لما ان دخل شهر رمضان كان " ع " يتعشي ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين (" ع ") وليلة عند ابن عباس لا يزيد علي ثلاث لقم يقول يأتيني أمر الله وانا خميص انما هي ليلة أو ليلتان فأصيب من الليل.
(وروي) ذلك أيضا مصنف كتاب زهد علي بن أبي طالب " ع ".
(روي) أبو الفرج الأصبهاني في كتاب (مقاتل الطالبين) ان عليا ولي غسله ابنه الحسن وعبد الله بن عباس.
(١١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، عبد الله بن عباس (7)، أبو الفرج الإصبهاني (الإصفهاني) (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، شهر رمضان المبارك (1)، مدينة البصرة (1)، الخوارزمي (1)، القرآن الكريم (1)، الزهد (1)، القتل (3)، الجواز (1)
وذكر بعض المؤرخين، ان ابن عباس لما قتل علي " ع " حمل مبلغا من بيت المال البصرة ولحق بالحجاز واستخلف علي البصرة عبد الله بن الحرث بن نوفل وهذا هو الصحيح ويدل عليه ان ابن الزبير عيره بذلك كما سيأتي.
روي المدائني قال: وفد عبد الله بن عباس علي معاوية مرة فقال معاوية لابنه يزيد وزياد بن سمية وعتبة بن أبي سفيان ومروان بن الحكم وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحكم انه قد طال العهد بعبد الله بن عباس وما كان شجر بيننا وبينه وبين ابن عمه ولقد كان رضيه للتحكيم فدفع عنه فحركوه للكلام لنبلغ حقيقة صفته وتقف علي كنه معرفته ونعرف ما صرف عنا من شبا حده وزوي عنا من دهاء رأيه فربما وصف المرء بغير ما فيه هو أعطي من النعت والاسم ما لا يستحقه ثم أرسل إلي عبد الله بن عباس فلما دخل واستقر به المجلس ابتدأه ابن أبي سفيان فقال يا بن عباس ما منع عليا ان يوجه بك حكما فقال والله لو فعل لقرنت عمرا بصعبة من الإبل يوجع كتفيه مراسها ولا ذهلت عقله واجرضته بريقه وقدحت في سويداء قلبه فلم يبرم أمرا ولم ينقض رأيا الا كنت منه بمرء ومسمع فان نكثه أبرمت قواه وان أبرمه فصمت عراه بغرب مقول لا يفل حده وأصالة رأي كمتاح الاجل لا وزر منه أفري به أديمه وأفل به شبا حده واشحذ به عزائم المتقين وأزيح به شبهة الناكثين. فقال عمرو بن العاص هذا والله يا معاوية بزوغ (1) أول الشر وأفول آخر الحقير وفي حسمه قطع مادته فبادره بالحملة وانتهز منه الفرصة واردع بالتنكيل به غيره وشرد به من خلفه فقال ابن عباس يا بن النابغة ضل والله عقلك وسفه حلمك ونطق الشيطان علي لسانك هلا توليت ذلك بنفسك يوم صفين حين دعيت إلي النزال وتكافحت الابطال وكثرت الجراح وتقصفت الرماح وبرزت إلي أمير المؤمنين مصاولا فكفا نحوك بالسيف حاملا لما رأيت الكر آثر
(1) وفي نسخة: نجوم.
(١١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، عبد الله بن عباس (4)، مروان بن الحكم (1)، المغيرة بن شعبة (1)، مدينة البصرة (2)، عمرو بن العاص (1)، القتل (1)، المنع (1)، الباطل، الإبطال (1)
من الفر وقد أعددت حيلة السلامة قبل لقائه والانكفاء عنه بعد إجابة دعائه فمنحته رجاء النجاة عورتك وكشفت له خوف بأسه سوأتك حذر ان يصطلمك بسطوته أو يلتهمك بحملته ثم أشرت علي معاوية كالناصح له بمبارزته وحسنت له التعرض لمكافحته رجاء ان تكفي مؤنته وتعدم صورته فعلم غل صدرك وما أنحيت عليه من النفاق أضلعك وعرف مقر سهمك في غرضك فاكفف غرب لسانك وأقمع عوراء لفظك عن أسد خادر وبحر زاخر فإنك ان تعرضت للأسد افترسك وان عمت في البحر غمسك.
فقال مروان بن الحكم يا بن عباس انك لتصر بنابك وتوري نارك كأنك ترجو لغلبة وتؤمل العافية ولولا حلم أمير المؤمنين عنكم لتناولكم بأقصر أنامله فأوردكم منهلا بعيدا صدوره ولعمري لئن سطا بكم ليأخذن بعض حقه ولئن عفا عن جرائركم فقديما ما نسب إلي ذلك فقال ابن عباس وانك لتقول ذلك يا عدو الله وطريد رسول الله والمباح دمه والداخل بين عثمان ورعيته بما حملهم علي قطع أوداجه وركوب أثباجه اما والله لو طلب مني معاوية ثاره لأخذك به ولو نظر في أمر عثمان لوجدك أوله وآخره، واما قولك لي انك لتصر بنا بك وتوري نارك فاسأل معاوية وعمرا يخبراك ليلة الهرير كيف ثباتنا للمثلات واستخفافنا بالمعضلات وصدق جلادنا عند المصاولة وصبرنا علي اللأواء والمطاولة ومصافحتنا بجباهنا السيوف المرهفة ومباشرتنا حد الأسنة المشرعة هل جبنا عن كرايم تلك المواقف أم لم نبذل مهجنا للمتألف، وليس لك إذ ذاك فيها مقام محمود ولا يوم مشهود ولا أثر معدود وأنهما شهدا ما لو شهدته لأقلقك فاربع علي ظلعك ولا نعرض ما ليس لك فإنك كالمقرون في صفد لا تهبط برجل ولا ترقي برجل ولا ترقي بيد، فقال زياد يا بن عباس اني لأعلم ما منع حسنا وحسينا من الوقوف معك علي أمير المؤمنين الا ما سولت لهما أنفسهما وغرهما به من هو عند البأساء سلمهما وأيم الله لو وليتهما لأدبا في الرحلة إلي أمير المؤمنين
(١٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)، مروان بن الحكم (1)، المنع (1)، الخوف (1)، الشهادة (1)، الصدق (1)
أنفسهما ويقل بمكانهما لبثهما فقال ابن عباس إذا والله يقصر دونهما باعك ويضيق بهما ذراعك ولو رمت ذلك لوجدت من دونهما فئة صدقا صبرا علي البلاء لا يخيمون علي اللقاء فلعركوك بكلاكلهم ووطؤوك بمناسمهم وأوجروك مشق رماحهم وشفار سيوفهم ووخز أسنتهم حتي تشهد بسوء ما اتيت وتتبين ضياع الحزم فيما جنيت فحذار حذار من سوء النية فتكافأ برد الأمنية وتكون سببا لفساد هذين الحيين بعد صلاحهما وساعيا في اختلافهما بعد ائتلافهما حيث لا يضرهما التباسك ولا يغني عنهما إيناسك فقال عبد الرحمن بن أم الحكم، لله در ابن ملجم فقد بلغ الآمل وأمن الرجل واحد الشفرة وألان المهرة وأدرك الثأر ونفي العار وفاز بالمنزلة العليا ورقي الدرجة القصوي فقال ابن عباس اما والله لقد كرع كأس حتفه بيده وعجل الله إلي النار بروحه ولو أبدي لأمير المؤمنين صفحته لخالطه الفحل القضم والسيف الخذم ولألعقه صابا وسقاه سماما وألحقه بالوليد وعتبة وحنظلة فكلهم كان أشد منه شكيمة وأمضي عزيمة ففري بالسيف هامهم وزملهم بدمائهم وقري الذئاب أشلاءهم وفرق بينهم وبين أحبابهم أولئك حطب جهنم لها واردون فهل تحسن منهم من أحد أو تسمع له ركزا ولا غر وان ختل ولا وصمة ان قتل فانا لكما، قال دريد بن الصمة شعرا:
فانا للحم السيف غير مكره * ونلحمه طورا وليس بذي مكر يغار علينا واترين فيستقي * بنا ان أصبنا أو نغير علي وتر فقال المغيرة بن شعبة اما والله لقد أشرت علي علي " ع " بالنصيحة فآثر رأيه ومضي علي غلوائه فكانت العاقبة عليه لا له وإني لأحسب ان خلفه يقتدون بمنهجه فقال ابن عباس كان والله أعلم بوجوه الرأي ومعاقد الحزم وتصريف الأمور من أن يقبل مشورتك فيما نهي الله عنه وعنف عليه قال سبحانه لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله إلي آخر الآية ولقد وقفك علي ذكر مبين وآية متلوة قوله تعالي وما كنت متخذ المضلين عضدا وهل
(١٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، عبد الله بن عباس (3)، المغيرة بن شعبة (1)، القتل (1)، الشهادة (1)
كان يسوغ له ان يحكم في دماء المسلمين وفي المؤمنين من ليس بمأمون عنده ولا موثوق به في نفسه هيهات هيهات هو اعلم بفرض الله وسنة رسوله ان يبطن خلاف ما يظهر الا التقية ولات حين تقية مع وضوح الحق وثبوت الجنان وكثرة الأنصار يمضي كالسيف المصلت في أمر الله مؤثرا لطاعة ربه والتقي علي آراء أهل الدنيا فقال يزيد بن معاوية يا بن عباس انك لتنطق بلسان طلق ينبئ عن مكنون قلب حرق فاطو علي ما أنت عليه كشحا فقد محا ضوء حقنا ظلمة باطلكم فقال ابن عباس مهلا يا يزيد فوالله ما صفت القلوب لكم منذ تكدرت بالعداوة عليكم ولا دنت بالمحبة إليكم منذ فأت بالبغضاء عنكم ولا رضيت اليوم منكم ما سخطته أمس من أفعالكم فان تدل الأيام فستقضي لما شذ عنا ونسترجع ما ابتز منا كيلا بكيل ووزنا بوزن وان تكن الأخري فكفي بالله وليا لنا ووكيلا علي المعتدين علينا فقال معاوية ان في نفسي منكم لحزازات يا بني هاشم وإني لخليق ان أدرك فيكم الثأر وأنفي العار فان دمائنا قبلكم وظلامتنا فيكم فقال ابن عباس والله ان رمت ذلك يا معاوية لنستثيرن عليك أسدا مخدرة وأفاعي مطوفة لا يفثأها كثرة السلاح ولا بعضها نكاية الجراح يضعون أسيافهم علي عواتقهم يضربون بها قدما قدما من ناواهم يهون عليهم نباح الكلاب وعواء الذئاب لا يفاتون بوتر ولا يسبقون إلي كريم ذكر قد وطنوا علي الموت أنفسهم وسمت بهم إلي العليا هممهم كما قالت الأزدية قوم إذا شهدوا الهياج فلا * ضرب ينهنهم ولا زجر وكأنهم آساد أغيلة * غرثت وبل متونها القطر فلتكونن منهم بحيث أعددت ليلة الهرير الهرب فرسك وكان أكبر همك سلامة حشاشة نفسك ولولا طعام من أهل الشام وفوك بأنفسهم وبذلوا دونك مهجهم حتي إذا ذاقوا خز الشفار وأيقنوا بحلول الدمار رفعوا المصاحف مستجيرين بها وعائذين بعصمتها لكنت شلوا مطروحا بالعراء تسفي عليك رياحها ويعتورك ذئابها وما أقول هذا أريد صرفك عن عزيمتك ولا أزالتك عن
(١٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (2)، يزيد بن معاوية لعنهما الله (1)، بنو هاشم (1)، الشام (1)، الظلم (1)، الموت (1)، الضرب (1)، الطعام (1)، الشهادة (1)، التقية (1)
معقود نيتك لكن الرحم التي تعطف عليك والأواصر التي توجب صرف النصحية إليك فقال معاوية لله درك يا بن عباس ما تكشف الأيام منك الا عن سيف صقيل ورأي أصيل وبالله لو لم يلد هاشم غيرك لما نقص عدد ولو لم يكن لأهلك سواك لكان الله قد كثرهم ثم نهض فقام ابن عباس وانصرف.
وروي الحنبلي في (نهاية المطالب) باسناده عن ربعي بن خراش قال سأل معاوية عبد الله بن عباس فقال ما تقول في علي بن أبي طالب فقال صلوات الله علي أبي الحسن كان والله علم الهدي. وكهف التقي، وخل الحجي: وبحر الندي، وطود النهي، علما للوري، ونورا في ظلم الدجي. وداعيا إلي المحجة العظمي، ومستمسكا بالعروة الوثقي، وساميا إلي الغاية القصوي، وعالما بما في الصحف الأولي، وعاملا بطاعة الملك الأعلي. وعارفا بالتأويل والذكري، ومتعلقا بأسباب الهدي، وحائدا عن طرقات الردي، وساميا إلي المجد والعلي، وقائما بالدين والتقوي، وسيد من تقمص وارتدي بعد النبي المصطفي، وأفضل من صام وصلي، وأجل من ضحك وبكي، صاحب القبلتين وهل يساويه مخلوق: كان أو يكون، كان والله للأسد قاتلا، وللبهم في الحرب خاتلا، علي مبغضيه لعنة الله ولعنة العباد، إلي يوم التناد.
قال الزمخشري في ربيع الأبرار كان ابن عباس يقول في علي بن أبي طالب كان والله يشبه القمر الباهر، الأسد الخادر. والفرات الزاخر، والربيع الباكر، فأشبه من القمر ضوئه وبهاءه، ومن الأسد شجاعته ومضاءه ومن الفرات جوده وسخائه، ومن الربيع خصبه ورخائه وروي محمد بن جرير الطيري باسناده عن الفضل بن العباس بن ربيعة قال وفد عبد الله بن العباس علي معاوية قال فوالله اني لفي المسجد إذ كبر معاوية في الخضراء فكبر أهل الخضراء ثم كبر أهل المسجد بتكبيرة أهل الخضراء فبلغ الخبر ابن عباس فراح فدخل علي معاوية قال علمت يا بن عباس ان الحسن توفي
(١٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (5)، الزمخشري (1)، نهر الفرات (2)، علي بن أبي طالب (2)، الفضل بن العباس (1)، ربعي بن خراش (1)، محمد بن جرير (1)، الصّلاة (2)، السجود (2)، الحرب (1)
قال لذلك كبرت قال نعم قال اما والله ما موته بالذي يؤخر اجلك ولا حفرته بسادة حفرتك ولأن أصبنا به فلقد أصبنا بسيد المرسلين وامام المتقين ورسول رب العالمين ثم بعده بسيد الأوصياء فجبر الله تلك المصيبة ورفع تلك المعرة فقال ويحك يا بن عباس ما كلمتك إلا وجدتك معدا.
وحدث الزبير ابن بكار عن رجاله قال قدم ابن عباس علي معاوية وكان يلبس أدني ثيابه ويخفض شانه لمعرفته ان معاوية كان يكره اظهاره لشأنه وجاء الخبر إلي معاوية بموت الحسن بن علي " ع " فسجد شكرا لله تعالي وبان السرور في وجهه في حديث طويل ذكره الزبير ابن بكار ذكرت منه موضع الحاجة إليه وأذن للناس وأذن لابن عباس بعدهم فاستدناه وكان قد عرف بسجدته فقال له أتدري ما حدث بأهلك قال لا قال فان أبا محمد " ع " توفي فعظم الله أجرك فقال انا لله وانا إليه راجعون عند الله محتسب المصيبة برسول الله صلي الله عليه وآله وعند الله نحتسب بمصيبتنا بالحسن " ع " انه قد بلغتني سجدتك فلا أظن ذلك الا لوفاته والله لا يسد جده حفرتك ولا يزيد بقضاء اجله في عمرك ولربما رزينا بأعظم من الحسن " ع " ثم حبي الله قال معاوية كم كان أتي له قال شأنه أعظم من أن تجهل مولده قال أحسبه ترك صبيانا صغارا قال كلنا كان صغيرا فكبر قال أصبحت سيد أهلك قال إماما أبقي الله! يا عبد الله الحسين " ع " بن علي " ع " فلا ثم قام وعينه تدمع فقال معاوية لله دره لا والله ما هجيناه قط إلا وجدناه سيدا ودخل علي معاوية بعد انقضاء العزاء فقال له معاوية يا أبا العباس اما تدري ما حدث في أهلك قال لا قال هلك أسامة بن زيد فعظم الله أجرك قال انا لله وانا إليه راجعون رحم الله أسامة وخرج واتاه بعد أيام وقد عزم علي محاققته فصلي في الجامع يوم الجمعة واجتمع الناس يسألونه عن الحلال والحرام والفقه والتفسير وأحوال الإسلام والجاهلية وافتقد معاوية الناس فقيل انهم مشغولون بابن عباس ولو شاء ان يضربوا معه بمائة الف سيف قبل الليل لفعل فقال نحن أظلم منه حبسناه عن أهله ونعينا إليه
(١٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (3)، أسامة بن زيد (1)، الجهل (1)، الموت (1)، الوصية (1)، الكراهية، المكروه (1)، الصّلاة (1)، الحاجة، الإحتياج (1)
أحبته انطلقوا فادعوه فدعاه الحاجب فقال انا بني عبد مناف إذا حضرت الصلاة لم نقم حتي نصلي أصلي إنشاء الله وآتيه فرجع وصلي العصر واتاه فقال حاجتك فما سأله حاجة الا قضاها وقال أقسمت عليك لما دخلت بيت المال فأخذت حاجتك وانما أراد ان يعرف أهل الشام ميل ابن عباس إلي الدنيا فعرف ما يريده فقال إن ذلك ليس لي ولا لك فان أذنت ان أعطي كل ذي حق حقه فعلت قال أقسمت عليك الا دخلت فأخذت حاجتك فدخل فاخذ برنس خز أحمر يقال انه كان لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " ثم خرج فقال يا أمير المؤمنين بقيت لي حاجة قال ما هي قال علي بن أبي طالب " ع " قد عرفت فضله وسابقته وقرابته وقد كفاكه الموت أحب ان لا يشتم علي منابركم قال هيهات يا بن عباس هذا أمر دين أليس أليس وفعل وفعل فعدد ما بينه وبين علي " ع " فقال ابن عباس أولي لك يا معاوية والموعد القيامة ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون وتوجه إلي المدينة.
قلت: أولي لك. قال الجوهري تهدد ووعد، وقال الأصمعي أي قاربه يهلكه أي نزل به قال تغلب لم يقل أحد في أولي أحسن مما قال الأصمعي.
قال المؤلف: عفا الله عنه لابن عباس مع معاوية اخبار كثيرة اقتصرنا منها علي هذا المقدار خشية الاكثار.
وفي بعض الروايات: ان ابن عباس حضرموت الحسن " ع " بالمدينة وانه لما حمل سرير الحسن " ع " إلي قبر النبي صلي الله عليه وآله ظن مروان انهم سيد فنونه عند رسول الله صلي الله عليه وآله فتجمع هو ومن معه ولبسوا سلاحهم ولحقتهم عائشة علي بغل وهي تقول مالي ولكم تريدون ان تدخلوا بيتي من لا أحب وجعل مروان يقول: يا رب هيجا هي خير من دعه * أيدفن عثمان في أقصي المدينة، ويدفن الحسن مع النبي صلي الله عليه وآله لا يكون ذلك ابدا وانا أحمل السيف وكادت الفتنة تقع بين بني هاشم وبني أمية فبادر ابن عباس إلي مروان فقال له ارجع يا مروان من حيث جئت فانا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله
(١٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: قبر النبي (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (5)، يوم عرفة (1)، بنو أمية (1)، بنو هاشم (1)، الشام (1)، الموت (1)، الظنّ (1)، الصّلاة (1)، الدفن (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
لكنا نريد أن نحدد عهدا بزيارته ثم نرده إلي جدته فاطمة لندفنه لوصيته عندها ولو كان وصي بدفنه مع رسول الله صلي الله عليه وآله لعلمت انك أقصر باعا عن ردنا ولكنه كان اعلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره من أن يطرق عليه هدما كما طرق ذلك غيره ودخل بيته بغير اذنه ثم اقبل علي عائشة وقال وا سوأتاه يوما علي بغل ويوما علي جمل تريدين ان تطفئ نور الله وتقاتلي أولياء الله ارجعي فقد كفيت الذي تخافين وبلغت ما تحبين والله منتصر لأهل هذا البيت ولو بعد حين.
وهذا يخالف ما ذكرناه آنفا عن المسعودي والزبير أبن بكار أن أبن عباس لما مات الحسن " ع " كان بدمشق ولعل المراد بابن عباس الذي حضر بموت الحسن عبيد الله بن عباس لكن إذا أطلق ابن عباس لم يرد به الا عبد الله والله أعلم.
واخرج الشيخ أبو علي الحسن بن محمد الطوسي قدس الله روحه في (أماليه) عن سعيد بن المسيب قال سمعت رجلا يسأل أبن عباس عن علي بن أبي طالب " ع " فقال صلي القبلتين وبايع البيعتين ولم يعبد صنما ولا وثنا ولم يضرب علي رأسه بزلم ولا قدح ولد علي الفطرة ولم يشرك بالله طرفة عين فقال الرجل اني لم أسألك عن هذا انما أسألك عن حمل سيفه علي عاتقه يختال به حتي اني البصرة فقتل بها أربعين الف ثم سار إلي الشام فلقي حواجب العرب فضرب بعضهم ببعض حتي قتلهم ثم أتي أهل النهروان وهم مسلمون فقتلهم عن آخرهم فقال له ابن عباس أعلي " ع " اعلم عندك أم انا فقال لو كان علي اعلم عندي منك ما سألتك فغضب ابن عباس حتي اشتد غضبه ثم قال ثكلتك أمك علي علمني وكان علمه من رسول الله صلي الله عليه وآله علمه الله من فوق عرشه فعلم النبي صلي الله عليه وآله من الله وعلم علي " ع " من النبي صلي الله عليه وآله وعلي من علم علي " ع " وعلم أصحاب محمد صلي الله عليه وآله كلهم في علم علي " ع " كالقطرة الواحدة في سبعة أبحر.
واخرج الموفق في مناقبه عن سعيد بن جبير قال بلغ ابن عباس ان قوما يقعون في علي " ع " فقال لابنه علي بن عبد الله خذ بيدي فاذهب بي إليهم فاخذ
(١٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، عبد الله بن عباس (7)، سعيد بن المسيب (1)، سعيد بن جبير (1)، علي بن عبد الله (1)، مدينة البصرة (1)، الحسن بن محمد (1)، الشام (1)، دمشق (1)، الموت (1)، القتل (1)، القبر (1)
بيده حتي انتهي إليهم فقال أيكم الساب الله فقالوا سبحان الله من سب الله فقد أشرك فقال أيكم الساب رسول الله صلي الله عليه وآله فقالوا من سب رسول الله صلي الله عليه وآله فقد كفر فقال أيكم الساب لعلي " ع " قالوا قد كان ذلك قال فاشهدوا اني سمعت رسول الله يقول من سب عليا " ع " فقد سبني ومن سبني فقد سب الله ومن سب الله أكبه الله علي وجهه في النار، ثم ولي عنهم فقال لابنه علي كيف رأيتهم فأنشأ يقول:
نظروا إليك باعين محمرة * نظر التيوس إلي شفار الجازر قال زدني فداك أبوك فقال:
خزر الحواجب ناكسي أذقانهم * نظر الذليل إلي العزيز القادر قال زدني فداك أبوك فقال ما أجد مزيدا قال لكني أجد.
أحياؤهم خزي علي أمواتهم * والميتون فضيحة للغابر واخرج الطوسي رحمه الله في (أماليه) عن يونس بن عبد الوارث عن أبيه قال بينا ابن عباس (ره) يخطب عندنا علي منبر البصرة إذا قبل الناس بوجهه ثم قال أيتها الأمة المتحيرة في دينها اما والله لو قدمتم من قدم الله وأخرتم من أخر الله وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلها الله ما عال سهم من فرائض الله ولا عال ولي الله ولا اختلف اثنان في حكم الله فذوقوا وبال ما فرطتم فيه بما قدمت أيديكم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
(وروي صاحب كتاب الأوائل) عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله ابن مسعود انه قال التقيت انا وزفر بن أويس النظري فقلنا أنمضي إلي ابن عباس نتحدث عنده فمضينا وتحدثا فكان مما حدثنا به ان قال سبحان الله الذي أحصي رمل عالج عددا جعل في المال نصفا ونصفا وثلثا ذهب النصفان بالمال فأين الثلث انما جعل نصفا ونصفا وأثلاثا وأرباعا وأيم الله لو قدموا من قدمه الله وأخروا من اخره الله ما عالت الفريضة قط قلت من الذي نعمه الله ومن الذي اخره الله قال الذي أهبطه الله من فرض إلي فرض فهو الذي قدمه الله والذي أهبطه
(١٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (2)، عبد الله بن عبد الله (1)، مدينة البصرة (1)، العزّة (1)، الفدية، الفداء (2)، السب (5)
من فرض إلي ما بقي فهو الذي اخره الله فقلت من أول من أعال الفرائض قال عمر بن الخطاب.
(قال المؤلف) ترك العول مما أجمع عليه علماء الإمامية ووردت به نصوص عن أهل البيت " ع " وهو عبارة عن زيادة الفرض علي مجموع اجزاء المال واخذ كل صاحب فرض عدد فرضه من هذا العدد الزائد ليدخل النقص علي كل منهم بالسوية مثلا إذا اجتمع بنت وزوج وأبوان فللبنت النصف وهو ستة من اثني عشر وللزوج الربع ثلاثة منه ولكل من الأبوين السدس اثنان منه فالمجموع ثلاثة عشر فيقسم المال علي ثلاثة عشر ويعطي الزوج ثلاثة منه والبنت ستة منه وكل من الأبوين اثنين ينقص فرض كل منهم والامامية لا يدخلون النقص الا علي البنت فيأخذ الزوج الربع وكل من الأبوين السدس ويبقي للبنت خمسة من اثني عشر وكان فرضها ستة من اثني عشر وهذا معني قول ابن عباس والذي أهبطه الله من فرض إلي ما بقي فهو الذي اخره الله (وروي) عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء ابن رباح قال سمعت عبد الله بن عباس يقول ما كانت المتعة الا رحمة رحم الله بها أمة محمد صلي الله عليه وآله ولولا أن عمر نهي عنها ما احتاج إلي الزنا الا شفي.
(وروي) عن ابن عباس انه قال لو جعل الله لأحد ان يحكم برأيه لجعل ذلك لرسول الله وقد قال له وان احكم بينهم بما أراك الله ولم يقل بما رأيت (واخرج) ابن بابويه (ره) في أماليه عن سعيد ابن جبير قال اتيت عبد الله بن عباس فقلت له يا بن عم رسول الله صلي الله عليه وآله اني جئتك أسألك عن علي بن أبي طالب " ع " واختلاف الناس فيه فقال ابن عباس يا بن جبير جئت تسألني عن خير خلق الله من الأمة بعد محمد نبي الله صلي الله عليه وآله جئت تسألني عن رجل كانت له ثلاثة آلاف منقبة في ليلة القربة يا بن جبير جئتني تسألني عن وصي رسول الله صلي الله عليه وآله ووزيره وخليفته وصاحب حوضه ولوائه وشفاعته والذي نفس
(١٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عبد الله بن عباس (4)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، الزنا (1)، الزوج، الزواج (2)
ابن عباس بيده لو كانت بحار الدنيا مدادا وأشجارها أقلاما وأهلها كتابا فكتبوا مناقب علي بن أبي طالب " ع " وفضائله من يوم خلق الله الدنيا ان يفنيها ما بلغوا معشار ما اتاه الله تبارك وتعالي.
(وحكي) ان عمر بن أبي ربيعة أتي عبد الله بن العباس وهو في حلقة في المسجد الحرام فقال له أمتعني الله بك ان نفسي قد تاقت إلي قول الشعر وقد أكثر الناس في الشعر فاسمع حتي أنشدك فاقبل عليه ابن وقال هات فأنشده:
تشط غدا دار جيراننا فقال ابن عباس:
وللدار بعد غد أبعد قال عمر والله ما قلت الا كذا فهل سمعته أصلحك الله قال لا ولكن كذلك ينبغي ثم أنشده:
امن آل نعم أنت غاد فمبكر * غداة غد أم رائح فمهجر حتي أتي علي آخرها فلم يعب شيئا وقال أنت شاعر ماذا شئت فقل فلما قام عمر قال نافع بن الأزرق الله يا بن عباس انا لنضرب إليك أكباد الإبل من أقاصي الأرض لنسألك عن الحلال والحرام فتعرض عنا ويأتيك مترف من مترفي قريش قد عطر لحيته بالغالية يلحف أذياله بالحصي وينشد شعرا:
رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت * فيجزي بالعشي فيخسر فقال ابن عباس ليس هكذا أنشدني الرجل قال كيف أنشدك قال:
رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت * فيضحي وأيما بالعشي فيخصر قال ما أراك إلا قد حفظت البيت قال نعم وان شئت ان أنشدك القصيدة أنشدتكها قال فأني أشاء فأنشده القصيدة حتي أتي علي آخرها هي سبعون بيتا فقال له نافع يا بن عباس أسمعت هذا الشعر قبل اليوم قال لا ورب هذه البنية قال ما رأيت احفظ منك قال لو رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع "
(١٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، عبد الله بن عباس (4)، نافع بن الأزرق (1)، مسجد الحرام (1)
رأيت احفظ مني ان كان ليصلي فيبدع الآية فيركع ثم يقوم فإذا قال ولا الضالين رجع إلي الموضع الذي ركع فيقرأها وينظمها انتظاما لا يعلم أحدا ممن رآه ما صنع الا حافظ كتاب الله تعالي.
(وحكي المسعودي) في مروج الذهب قال لما هم الحسين " ع " بالخروج إلي العراق اتاه عبد الله بن عباس فقال يا بن عم قد بلغني انك نريد الخروج إلي العراق وانهم أهل غدر وانما بدعوتك إلي الحرب فلا تعجل فان أبيت الا محاربة هذا الجبار وكرهت المقام بمكة فاشخص إلي اليمن فإنها في عزلة ولك فيها أنصار وأعوان فأقم بها ومث دعاتك واكتب إلي أهل الكوفة وأهل العراق ليخرجوا أميرهم فان قووا علي ذلك ونفوه عنها ولم يبقي بها فنعم واما انا لغدرهم بآمن وان لم يفعلوا أقمت مكانك إلي أن يأتي الله بأمره فان فيها حصونا وشعابا فقال الحسين " ع " يا بن عم اني لأعلم انك لي ناصح وعلي شفيق ولكن مسلم بن عقيل كتب إلي باجتماع أهل الكوفة علي نصرتي وبيعتي وقد أجمعت علي المسير إليهم فقال إنهم من خبرت وجريت وهم أصحاب أبيك وأخيك وانك لو خرجت فبلغ ابن زياد خروجك لاستفزهم وكان الذين كتبوا إليك أشد، عليك من عدوك فان عصيتني وأبيت الا الخروج فلا تخرجن نسائك وولدك معك فوالله اني لخائف ان تقتل ولولا يزري بي وبك لأنشبت يدي في عنقك فكان الذي رد عليه ان قال والله لأن اقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن نستحل بي مكة فآيس ابن عباس منه.
(وروي غيره) انه لما خرج الحسين من مكة إلي العراق ضرب عبد الله ابن عباس بيده علي منكب ابن الزبير:
يا لك من قبرة بمعمر * خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت ان تنقري * هذا الحسين سائر فابشري خلي الجو والله لك يا بن الزبير سار الحسين " ع " إلي العراق فقال ابن
(١٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (3)، مسلم بن عقيل عليه السلام (1)، عبد الله بن عباس (2)، دولة العراق (5)، كتاب مروج الذهب للمسعودي (1)، مدينة مكة المكرمة (3)، مدينة الكوفة (2)، الضرب (1)، القتل (1)، الحرب (1)
الزبير يا بن عباس والله ما ترون هذا الأمر الا لكم ولا ترون إلا انكم أحق به من جميع الناس فقال ابن عباس انما يري من كان في شك ونحن من ذلك علي يقين ولكن أخبرني عن نفسك بماذا تروم هذا الأمر قال بشر في قال بماذا شرفت ان كان لك شرف فإنما هو بنا فنحن أشرف منك لأن شرفك منا وعلت أصواتهما فاعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما.
(وروي) عثمان بن طلحة العذري قال شهدت من ابن عباس (ره) مشهدا ما سمعته من رجل من قريش كان يوضع إلي جانب سرير مروان بن الحكم وهو يومئذ أمير المدينة سرير آخر أصغر منه فيجلس عليه عبد الله بن عباس إذا دخل ويوضع الوسائد فيما عدا ذلك فأذن مروان يوما للناس وإذا سرير آخر قد أحدث تجاه سرير مروان فاقبل ابن الزبير فجلس عليه أي علي السرير المحدث وسكت مروان والقوم فإذا يد ابن الزبير تتحرك فعلمت انه يريد ان ينطق ثم نطق فقال إن أناسا يزعمون أن بيعة أبي بكر كانت غلطا وفلتة ومغالبة الا ان شأن أبي بكر أعظم من أن يقال فيه هذا ويزعمون انه لولا ما وقع لكان الأمر لهم وفيهم والله ما كان من أصحاب محمد ص أحد أثبت ايمانا ولا أعظم سابقة من أبي بكر فمن قال غير ذلك فعليه لعنة الله فأين هم حين عقد أبو بكر لعمر فلم يكن الا ما قال ثم ألقي عمر حظهم في حظوظ وجدهم في جدود فسمت تلك الحظوظ فاخر الله سهمهم وادحض جدهم وولي الأمر عليهم من كان أحق به منهم فخرجوا عليه خروج اللصوص علي التاجر خارجا من القرية فأصابوا منه عزه ثم قتلهم الله به كل قتلة وصاروا مطردين تحت بطون الكواكب فقال ابن عباس علي رسلك أيها القاتل في أبي بكر وعمر والخلافة اما والله ما نالا ولا نال أحد منهما شيئا الا وصاحبنا خير ممن نال وقو تقدم صاحبنا لكان أهلا وفوق الاهل ولولا انك انما تذكر حظ غيرك وشرف امرئ سواك لكلمتك ولكن ما أنت وما لا حظ لك فيه اقتصر علي حظ نفسك ودع تيما لتيم وعديا لعدي وأمية لامية
(١٣١)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، عبد الله بن عباس (4)، مروان بن الحكم (1)، القتل (2)
ولو كلمني تيمي أو عدوي أو أموي لكلمته وأخبرته خبر حاضر لا خبر غائب عن غائب ولك من أنت وليس عليك فان يكن في أسد ابن عبد العزي شئ فهو لك اما والله لنحن أقرب بك عهدا وأبيض عندك يدا وأوقر عندك نعمة ممن أمسيت تظن انك تصول به علينا وما أخلق ثوب صفيه بعد. والله المستعان علي ما تصفون.
(وروي) ان عبد الله بن الزبير تزوج امرأة من فزارة يقال لها أم عمر بنت منظور فلما دخل بها وخلا معها قال لها أتدرين من معك في حجلتك قالت نعم عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد قال ليس هذا أردت قالت فأي شئ تريد فقال معك في حجلتك من أصبح الغداة في قريش بمنزلة الرأس في الجسد لا بل العينين من الرأس فقالت اما والله لو أن بعض الهاشميين حضرك لكان خليقا ان لا يقر لك بذلك فقال لها ان الطعام والشراب علي حرام حتي أحضرك الهاشميين وغيرهم ممن لا يستطيع لذلك انكارا قالت إن أطعتني فلا تفعل وأنت اعلم بشأنك فخرج ابن الزبير إلي المسجد فإذا بحلقة فيها جماعة من قريش وفيها من بني هاشم عبد الله بن عباس وعبد الله بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب فقال لهم اني أحب ان تنطلقوا معي إلي منزلي في حاجة عرضت فقام القوم بأجمعهم حتي قاموا علي باب منزله فقال ابن الزبير يا هذه اطرحي عليك سترك وأذني القوم يدخلوا ففعلت فلما أخذوا مجالهم دعا ابن الزبير بالمائدة فاكل القوم جميعا فلما فرغوا من الغذاء قال لهم انما جمعتكم لحديث أوردته علي صاحبة هذا الستر فزعمت أن لو كان بعض الهاشميين حضرني ما أقر لي به وقد حضرتم أيها الملأ جميعا وأنت يا بن عباس ما تقول أخبرتها ان معها في خدرها من أصبح الغداة في قريش بمنزلة الرأس من الجسد لا بل العينين من الرأس فردت علي ما قلت فقال له ابن عباس أراك قصدت قصدي فان شئت ان أقول قلت وان اكف كففت فقال ابن الزبير لا بل قل وما عسيت ان نقول الست تعلم أن أبي حواري
(١٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (2)، نوفل بن الحرث بن عبد المطلب (1)، عبد الله بن الزبير (2)، بنو هاشم (1)، الطعام (1)، السجود (1)، الزوج، الزواج (1)
رسول الله وان أمي اسما بنت صديق رسول الله صلي الله عليه وآله وان خديجة سيدة نساء رسول الله صلي الله عليه وآله وان صفية عمة رسول الله جدتي وان عائشة أم المؤمنين خالتي فهل تستطيع لهذا انكارا يا بن عباس فان قدرت ان تنكر ذلك فافعل فقال ابن عباس لقد ذكرت شرفا شريفا وفخرا فاخرا غير انك بنا نلت هذا كله وأدركت سنامه وعلوه فأنت تفاخر من بفخره فخرت وتسامي من بفضله سموت فقال ابن الزبير هلم أنافرك قبل ان يبعث محمد صلي الله عليه وآله فقال ابن عباس (قد أنصف القارة من راماها) أسئلكم يا معشر الحضور أعبد المطلب كان أضخم في قريش أم خويلد فقالوا اللهم بل عبد المطلب فقال أسألكم بالله أهاشم كان أضخم في قريش أم أسد فقالوا اللهم بل هاشم فقال أسألكم بالله أعبد مناف كان أضخم في قريش أم عبد العزي قالوا اللهم بل عبد مناف فأنشأ ابن عباس يقول:
تنافرني يا بن الزبير وقد قضي * عليك رسول الله لا فول هازل فلو غيرنا يا بن الزبير فخسرته * ولكنما فاخرت شمس الأصائل قضي عليك رسول الله صلي الله عليه وآله بقوله ما افترقت فرقتان الا كنت في خيرهما فقد فارقتنا من لدن قصي بن كلاب فنحن في فرقة الخير فان قلت لا كفرت وان قلت نعم قهرت فضحك بعض القوم فقال ابن الزبير اما والله يا بن عباس لولا تحرمك بطعامنا وكراهة الاخساس بالدين معك لا عرفت جبينك قبل ان تقوم من مجلسك هذا فقال ابن عباس ولم أفبالباطل فبالباطل لا يغلب الحق أم بالحق فالحق لا يخس بالدين معي ولا يعنيه علي ولا عليك من معي فقالت المرأة من خلف الستر اما والله لقد نهيته يا بن عباس عن هذا المجلس فأبي الا ما تري فقال ابن عباس أيتها المرأة اقنعي ببعلك فما أعظم الخطر وأكرم الخبر ثم اخذ القوم بيد ابن عباس وقالوا انهض أيها الرجل لقد فضحته في منزله غير مرة فنهض ابن عباس (ره) وهو يقول شعرا.
الا يا قومنا ارتحلوا وسيروا * فلو ترك القطا ليلا لناما
(١٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، عبد الله بن عباس (4)، يوم عرفة (1)، البعث، الإنبعاث (1)
فقال ابن الزبير يا صاحب القطا ارجع واقبل علي اما والله ما كنت لتدعني حتي أقول وأيم الله لقد عرف القوم اني سابق غير مسبوق وأبي حواري وصديق يتبجح في الشرف الأنيق غير طليق ولا ابن طليق فقال ابن عباس هذا الكلام مردود من أمر حسود سابق فيمن سبقت وفاخر فيمن فخرت وصديق فيمن صدقت فان كان هذا الأمر أدركته بأسرتي فالفخر لي عليك والكثكث في يديك واما ما ذكرت من الطليق فوالله لقد ابتلي فصبر وانعم عليه فشكر وان كان لوفيا كريما غير ناقض بيعة بعد توكيدها ولا مسلم كتيبة بعد تأييدها ولا بفرار جبان فقال أتعير الزبير بالجن والله أنك لتعلم خلاف ذلك فقال ابن عباس والله أني لأعلم انه قد فر وما كر وحارب فما قر وبايع فما بر وأنشأ ابن عباس رحمه الله يقول:
وما كان الا كالسكيت امامه * عتاق تجاري في الجهاد فاجهدا فأدرك منها مثل ما كان أهله * وقصر عن جري الكرام مبلدا فقال عبد الله بن نوفل بن الحرث ويلك يا بن الزبير أقمناه عنك فتأبي الا منازعته فوالله لو نازعته من ساعتك هذه إلي انقضاء عمرك ما كنت الا كالمزداد من الريح فقل أو دع فقال ابن الزبير والله يا بني هاشم ما بقي الا المحاربة والمضاربة بالسيوف فقال له عبد الله بن نوفل بن الحرث اما والله لقد جربت ذلك فوجدت غيه وخيما فان شئت فعد حتي نعود وانصرف القوم عنه وافتضح ابن الزبير.
(وروي) أن ابن الزبير خطب بمكة علي المنبر وابن عباس جالس مع الناس تحت المنبر فقال إن هيهنا رجلا قد أعمي الله قلبه كما أعمي بصره يزعم أن متعة النساء حلال من الله ورسوله ويفتي في القملة والنملة وقد احتمل بيت مال البصرة بالأمس وترك المسلمين بها يرتضخون النوي وكيف ألومه في ذلك وقد قاتل أم المؤمنين وحواري رسول الله صلي الله عليه وآله ومن وقاه بيده فقال ابن عباس
(١٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (3)، مدينة مكة المكرمة (1)، مدينة البصرة (1)، بنو هاشم (1)، الكرم، الكرامة (1)
لقائده استقبل في وجه ابن الزبير وارفع من صدري وكان ابن عباس قد كف بصره فاستقبل به قائده وجه ابن الزبير وأقام قامته فحسر عن ذراعيه ثم قال يا بن الزبير شعرا:
قد أنصف القارة من راماها * إنا إذا ما فئة نلقاها نرد أولاها علي أخراها * حتي تصير حرضا دعواها يا بن الزبير اما العمي فان الله تعالي يقول فإنها لا تعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور واما فتياي في القملة والنملة فان فيها حكمين لا تعلمهما أنت ولا أصحابك واما حمل المال فإنه كان مالا جبيناه فأعطينا كل ذي حق حقه وبقيت بقية هي دون حقنا في كتاب الله فأخذناه بحقنا واما المتعة فسأل أمك اسما إذا نزلت عن بردي عوسجة واما قتالنا أم المؤمنين فبنا سميت أم المؤمنين لا بك ولا بأبيك فانطلق أبوك وخالك إلي حجاب مده الله عليها فهتكاه عنها ثم اتخذاها فتنة يقاتلان دونها وصانا حلائلهما في بيوتهما فما أنصفا الله ولا محمدا من أنفسهما إذ أبرزا زوجة نبيه صلي الله عليه وآله وصانا حلائلهما واما قتالنا إياكم فانا لقيناكم زحفا فان كنا كفارا فقد كفرتم بفراركم منا وان كنا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم إيانا وأيم الله لولا مكان صفية فيكم ومكان خديجة فينا لما تركت لبني أسد بن عبد العزي عظما الا كسرته فلما عاد ابن الزبير إلي أمه سألها عن بردي عوسجة فقالت ألم أنهك عن ابن عباس وعن بني هاشم فإنهم كعم الجواب إذا بدهوا فقال بلي وعصيتك فقالت يا بني احذر هذا الأعمي الذي ما أطاقته الأنس والجن واعلم أن عنده فضايح قريش ومخازيها بأسرها فإياك وإياه إلي اخر الدهر فقال أيمن بن خزيم بن مالك الأسدي:
يا بن الزبير لقد لاقيت بائقة * من البوائق فالطف لطف محتال لاقيته هاشميا طاب منبته * في مغرسيه كريم العم والخال ما زال يقرع منك السمع مقتدرا * علي الجواب بصوت مسمع عال
(١٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (2)، يوم عاشوراء (1)، عبد الله بن عباس (2)، بنو هاشم (1)، أيمن بن خزيم (1)، مالك الأسدي (1)، بنو أسد (1)، الكرم، الكرامة (1)
حتي رأيتك مثل الكلب منحجرا * خلف الغبيط وكنت الباذخ العالي ابن ابن عباس المعروف حكمته * خير الأنام له حال من الحال عيرته المتعة المتبوع سنتها * وبالقتال وقد عيرت بالمال لما رماك علي رسل بأسهمه * جرت عليك كسوف الحال والبال فاختر مقولك الا علي بشفرته * عزا وحبا بلا قيلا ولا قال واعلم بأنك ان عاودت غيبته * عادت عليك مخار ذات أذيال (وبلغ يزيد بن معاوية) ان ابن الزبير أرسل إلي ابن عباس يدعوه إلي مبايعته وقال له ان الناس إذا رأوك بايعتني لم يتخلف عني أحد فقال له ابن عباس ان ليزيد في رقابنا بيعة لا يمكن نقضها.
فكتب يزيد إلي ابن عباس اما بعد فقد بلغني ان الملحد بن الزبير دعاك إلي بيعته والدخول في طاعته وانك امتنعت عليه واعتصمت ببيعتي وفاء منك لنا وطاعة لله في تثبيت ما عرفك الله من حقنا فجزاك الله من ذي رحم بأحسن ما يجزي الواصلين لأرحامهم والموفين بعهدهم ومهما نسيت فإني لست بناس برك وتعجيل صلتك وحسن جزائك الذي أنت أهله مني في الطاعة وما جعله الله لك من الشرافة والقرابة من رسول الله صلي الله عليه وآله وانظر ما قبلك من قومك ومن يطرأ عليك من الآفاق ومن غره الملحد بن الزبير بلسانه وزخرف له قوله فأعلمهم حسن رأيك في والتمسك ببيعتي فإنهم لك أطوع ومنك اسمع منهم للملحد المحارق والخارج المارق والسلام.
(فكتب إليه ابن عباس) اما بعد فقد أتاني كتابك تذكر فيه دعاء ابن الزبير إياي إلي بيعته وامتناعي عليه فان بك ذلك كما بلغك فلم يكن حمدك ولا ودا أردت ولكن الله بالذي نويت به عليم وزعمت انك لست بناس بري وتعجيل صلتي فاحبس أيها الانسان صلتك عني فإني حابس عنك نصرتي وودي فلعمري ما تؤتينا مما في يديك من حقنا الا الحقير القليل وانك لتحبس عنا منه العريض
(١٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (5)، يزيد بن معاوية لعنهما الله (1)
الطويل وسألتني أن أحض الناس علي موالاتك وأن اخذلهم عن ابن الزبير فواعجبا لك تسألني نصرتك وتحدوني علي ودك وقد قتلت الحسين بفيك الكثكث انك إذ منتك نفسك ذلك لعازب الرأي وأنت المفند المثبور أنسيت قتلك الحسين " ع " وفتيان عبد المطلب مصابيح الدجي وأعلام الهدي غادرتهم جنودك مصرعين في البطحاء مرملين بالدماء مسلوبين بالعراء تسفي عليهم ريح الصبا تعتورهم الذئاب وتنتابهم عرج الضباع لا مكفنين ولا موسدين حتي أتاح الله لهم قوما لم يشركوك في دمائهم فكفنوهم ودفنوهم وبهم عززت وجلست مجلسك الذي جلست أنت وأبوك قبلك وما أنس ما الأشياء لم انس تسليطك عليهم الدعي ابن العاهرة الفاجرة البعيد من رحمنا اللهم ان رسول الله قال الولد للفراش وللعاهر الحجر فقال أبوك الولد لغير الفراش والعاهر لا ينقصه عهره شيئا ويلحق به ولده للزنية كما يلحق بالعف التقي ولده للرشده فقد أمات أبوك السنة وأحيي البدع وقد جررت علي الدواهي بمخاطبتك علي اني استصغر واستقصر توبيخك لكن العيون عبري والصدور حري وهذا الأيدي تنطف من دمائنا وتلك الجثث الطواهر تنتابها العواسل وتفرسها الفراعل وتخطف لحومها سباع الطير ولن أنسي طردك الحسين " ع " من حرم الله وتسييرك إليه الرجال بالسيوف في الحرم تغتاله وتطلب غرته دسست إليه من نابذه ليقتله فما زلت به حتي أشخصته من مكة إلي الكوفة فخرج منها خائفا يترقب تزأر له خيلك زئير الأسد عداوة منك لله ولرسوله ولأهل بيته وأيم الله ان كان لأعز أهل البطحاء بالبطحاء حديثا وقديما وأولي أهل الحرمين منزلة بالحرمين لو نوي بهما مقاما واستحل بهما قتالا ولكن كره ان يكون هو الذي يستحل حرمة الله وحرمة رسوله فأكبر ما لم تكبر أنت حيث دسست إليه الرجال تغتاله بهما وما لم يكبر ابن الزبير حين الحد في البيت الحرام مع حزبه الغاوين فقصد قصد العراق فكتبت إلي ابن مرجانة يستقبله بالخيل والرجال والسيوف والحراب وأمرته أن يسرع معاجلته ويترك مطاولته وأكدت
(١٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، دولة العراق (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، مدينة الكوفة (1)، ابن مرجانة لعنه الله (1)
بالإلحاح ليقتله ومن معه من بني عبد المطلب أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ثم انه طلب إليكم الموادعة وسألكم الرجعة فاغتنمتم قلة الأنصار واستأصال أهل بيته فعدوتم عليهم فقتلتموهم كأنكم قتلتم أهل بيت من الترك فلا شئ أعجب إلي من طلبك ودي ونصرتي وقد قتلت ابن أبي وسيفك يقطر من دمي وأنت أحد ثاري وانا أرجو ان لا يطل لديك دمي ولا تسبقني بثأري ولأن سبقت ولا تشتفي بثأري ولان شفيت به في الدنيا فقتلتنا فقد قتل النبيون وآل النبيين فطللت دمائهم وكان الله الموعد وكفي بالله للمظلومين ناصرا والله لنظفرن بك غدا أو بعد غد وذكرت وفائي لك وعرفاني بحقك فان يك كما ذكرت أو لم يكن فوالله ما رأيت أعرف أننا أحق بهذا الأمر منك ومن أبيك ولكنكم كابرتمونا فقهرتمونا واستأثرتم علينا بسلطاننا ودفعتمونا عن حقنا فبعدا للمتجري علي ظلمنا ودافعنا عن حقنا كما بعدت ثمود وعاد وقوم مدين واخوان لوط. ومن أعجب الأعاجيب وما زال يريك الدهر العجب حملك بنات رسول الله صلي الله عليه وآله وأغيلمة من ولد صغار إليك بالشام كالسبي المجلوب وتري الناس انك قهرتنا وانك تمن علينا وبنا من الله عليك ومنعك وأباك وأمك من السبي فلعمري إن كنت تمسي وتصبح وأنت تجرح بدني فلقد رجوت أن لا يقطب جراحك لساني ونقضي أو ابرامي وأيم الله لا يمكنك الله بعد قتل الحسين " ع " وعترة رسول الله صلي الله عليه وآله حتي يأخذك أخذا أليما ويخرجك من الدنيا مذموما مدحورا فعش لا أبالك رويدا ما استطعت فقد والله لعنك الله وملائكته ورسله والله المستعان وعليه التكلان.
(واخرج النسائي في صحيحه) عن أبي مليكة قال كان بين ابن عباس وبين ابن الزبير شئ فغدوت علي ابن عباس فقلت أتريد ان تقاتل ابن الزبير فتحل حرم الله فقال معاذ الله أن الله كتب ابن الزبير وبني أمية محلين للحرام وإني والله لا أحله ابدا.
(١٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (2)، بنو أمية (1)، الشام (1)، القتل (1)، الطهارة (1)
(وروي المسعودي) عن سعيد بن جبير إن ابن عباس دخل علي ابن الزبير فقال له أبن الزبير إلي م تؤنبني وتعنفني فقال أبن عباس اني سمعت رسول الله يقول بئس المسلم يشبع ويجوع جاره وأنت ذلك الرجل فقال أبن الزبير والله أني لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة وتشاجرا فخرج ابن عباس من مكة فأقام بالطائف حتي مات.
(وروي غيره) أن أبن الزبير حبس عبد الله بن العباس مع محمد بن الحنفية رضي الله عنه في رجال من بني هاشم في شعب غارم حتي أرسل المختار من الكوفة جيشا فاستخلصوهم منه كما سيأتي ذكره في ترجمة ابن الحنفية انشاء الله تعالي (وروي المدائني) قال لما اخرج ابن الزبير عبد الله بن عباس من مكة إلي الطائف مر بنعمان فنزل فصلي ركعتين ثم رفع يديه يدعو فقال اللهم أنك تعلم أنه لم يكن بلد أحب إلي من أن أعبدك فيه من البلد الحرام وإني لا أحب أن تقبض روحي إلا فيه إن ابن الزبير أخرجني ليكون الأقوي في سلطانه اللهم فأوهن كيده واجعل دائرة السوء عليه فلما دني من الطائف تلقاه أهلها فقالوا مرحبا يا بن عم رسول الله صلي الله عليه وآله أنت والله أحب إلينا وأكرم علينا ممن أخرجك هذه منازلنا تخيرها فأنزل منها حيث أحببت فنزل منزلا فكان يجلس إليه أهل الطائف بعد الفجر وبعد العصر فيتكلم بينهم.
(قال المسعودي) في مروج الذهب ذهب بصر ابن عباس لبكائه علي علي ابن أبي طالب والحسن والحسين " ع " وهو الذي يقول:
أن يأخذ الله من عيني نورهما * ففي لساني وقلبي منهما نور قلبي ذكي وعقلي غير مدخل * وفي فمي صارم كالسيف مشهور (وأخرج الكشي) عن سلام بن سعيد عن عبد الله بن عبد يا ليل، رجل من أهل الطائف. قال: أتينا ابن عباس (ره) نعوده في مرضه الذي مات فيه قال فأغمي عليه في البيت فاخرج إلي صحن الدار قال فأفاق فقال إن خليلي رسول الله
(١٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (7)، كتاب مروج الذهب للمسعودي (1)، مدينة مكة المكرمة (2)، مدينة الكوفة (1)، سعيد بن جبير (1)، بنو هاشم (1)، سلام بن سعيد (1)، المرض (1)، الموت (2)، الركوع، الركعة (1)، الصّلاة (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
قال إني سأهاجر هجرتين وإني سأخرج من هجرتي فهاجرت هجرة مع رسول الله صلي الله عليه وآله وهجرة مع علي " ع " وإني سأعمي فعميت وإني سأغرق فأصابني حكة فطرحني أهلي في البحر فغفلوا عني فغرقت ثم استخرجوني بعد وأمرني أن أبرء من خمسة من الناكثين وهم أصحاب الجمل ومن القاسطين وهم أهل الشام ومن الخوارج وهم أهل النهروان ومن القدرية وهم الذين ضاهوا النصاري في دينهم فقالوا لا قدر. ومن المرجئة الذين ضاهوا اليهود في دينهم فقالوا الله أعلم قال ثم قال اللهم أن أحيي ما حي عليه علي بن أبي طالب " ع " وأموت علي ما مات عليه علي بن أبي طالب " ع " قال ثم مات فغسل وكفن ثم صلي علي سريره فجاء طائران أبيضان فدخلا في كفنه فرأي الناس انما هو فقهه، فدفن.
(وأخرج أيضا) عن شريح عبد أبي عبد الله " ع " ان ابن عباس لما مات وأخرج خرج من كفنه طير أبيض ينظرون إليه نحو السماء حتي غاب عنهم فقال " ع " وكان أبي يحبه حبا شديدا وكانت أمه تلبسه ثيابه وهو غلام فينطلق إليه في غلمان بني عبد المطلب قال فأتاه بعد ما أصيب ببصره فقال من أنت قال انا محمد بن علي بن الحسين " ع " فقال حسبك من لم يعرفك فلا عرفك.
(وأخرج أحمد بن حنبل) في مسنده عن السدي عن أبي صالح قال لما حضرت عبد الله بن عباس الوفاة قال اللهم أني أتقرب إليك ولاية علي بن أبي طالب.
(قال الشيخ) أبو الحسين يحيي بن الحسن بن البطريق قدس الله روحه هذا القول من ابن عباس من أدل دليل علي أن الميت يسأل عن معرفة الله تعالي ومعرفة النبي صلي الله عليه وآله وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " لأنه قد ثبت عند من يعلم ومن لا يعلم أن منكرا ونكيرا ومبشرا أو بشيرا يسألان الميت عند نزول قبره عن ربه ونبيه وإمامه وهذا من أدل دليل علي سؤال الملائكة عن ولاية أمير المؤمنين " ع " ولولا ذلك لما جعلها ابن عباس خاتمة علمه لأنه كان أعلم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله بعد أمير المؤمنين " ع " بلا خلاف وكان يقول له
(١٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (6)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، عبد الله بن عباس (4)، علي بن أبي طالب (1)، يحيي بن الحسن (1)، الشام (1)، الخوارج (1)، اللبس (1)، الموت (4)، القبر (1)
أمير المؤمنين " ع " أنت كنت مملوء علما ولو لم يتحقق في ذلك حالا عن النبي صلي الله عليه وآله لما كان قد جعل غاية تقربه إلي الله وهو آخر كلام يكتب له ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ولو لم يعلم أن فيها النجاة لما جعلها آخر عمله فهذا مما يجب علي خلق الله كافة أن يأتوا بمثل ما أتي به ابن عم رسول الله صلي الله عليه وآله وأعلمهم.
وتوفي ابن عباس رضي الله تعالي عنه بالطائف سنة ثمان وستين أيام ابن الزبير وقيل سنة تسع وستين وقيل سنة سبعين وقيل ثلاث وسبعين وهو أضعفها وله من العمر سبعون سنة وقيل إحدي وسبعين سنة وقيل أربع وسبعين ودفن بالطائف وصلي عليه محمد بن الحنفية (رض) وقال اليوم مات رباني هذه الأمة وضرب علي قبره فسطاطا.
(وحدث جماعة) من المحدثين قالوا حضرنا جنازة عبد الله بن عباس فلما وضع ليصلي عليه جاء طائر عظيم أبيض من قبل وجهه يقال أنه الغرنوق فوقع علي أكفانه ودخل فيها فالتمس فلم يوجد حتي الساعة وكانوا يرون أنه علمه فلما سوي عليه التراب سمع قائل يسمع صوته ولا يري شخصه يتلو هذه الآية:
(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضية) فأغرب ابن الضحاك فيما أخرجه عن أبي بكر بن أبي عاصم أن ابن عباس مات بمكة وقبره بالطائف لا يختلف فيه اثنان.
(قالت العامة) مرويات بن عباس في كتب الحديث الف وستمائة وستون. وكان له من الولد العباس وبه كان يكني وعلي السجاد الفضل ومحمد وعبد الله ولبانة وأسماء (قال المؤلف عفي عنه) زرت قبر عبد الله بن العباس مرارا بالطائف وهو معظم بتلك الديار وعليه قبة عظيمة يقصده الناس للزيارة من الأطراف وينذرون له النذور ويعتقدون فيه اعتقادا عظيما وهو أهل لذلك رحمه الله تعالي.
(ويقال) ما رؤي قبور أخوة أكثر تباعدا من قبور بني العباس قبر عبد الله بالطائف وقبر عبيد الله بالمدينة وقبر قثم بسمرقند وقبر عبد الرحمن بالشام وقبر معبد بأفريقية.
(١٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (4)، محمد بن الحنفية إبن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، بنو عباس (1)، علي بن أبي طالب (1)، الشام (1)، القبر (5)، الموت (1)، الصّلاة (1)

الفضل بن العباس بن عبد المطلب

الفضل بن العباس أمه أم الفضل أيضا كان أكبر أولاد العباس وبه كان يكني ولم يزل اسمه الفضل في الجاهلية والإسلام وكان يكني أبا عبد الله وقيل أبا محمد وكان أجمل الناس وجها.
(قال أهل العلم بالتاريخ) غزي الفضل مع رسول الله صلي الله عليه وآله مكة وحنينا وثبت يومئذ وشهد حجة الوداع وأردفه رسول الله صلي الله عليه وآله خلفه فيها لما دفع من مزدلفة إلي مني وكان الفضل رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فمرت ظعن بحريم فجعل الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله صلي الله عليه وآله يده علي وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلي الشق الآخر فحول رسول الله صلي الله عليه وآله يده من الشق الآخر علي وجه الفضل فصرف وجهه من الشق الآخر فقال العباس لويت عنق ابن عمك يا رسول الله فقال رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما.
(وأخرج) ابن بابويه (ره) في الفقيه عن القداح عن الصادق جعفر ابن محمد " ع " قال قال الفضل بن عباس أهدي إلي رسول الله صلي الله عليه وآله بغلة أهداها إليه كسري أو قيصر فركبها النبي بحبل من شعر وأردفني خلفه ثم قال لي يا غلام احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده امامك. تعرف إلي الله في الرخاء يعرفك في الشدة إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله فقد مضي بما هو كائن فلو جهد الناس ان ينفعوك بأمر لم يكتبه الله لك لم يقدروا عليك ولو جهدوا ان يضروك بأمر لم يكتبه الله عليك لم يقدروا فان استطعت ان تعمل بالصبر مع اليقين فافعل فان لم تستطع فاصبر فان في الصبر علي أمورك خيرا كثيرا واعلم أن النصر مع الصبر وان الفرج مع الكرب وان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا.
(وكان) الفضل هو الذي يصب الماء في غسل رسول الله وأمير المؤمنين يغسله.
(وروي) أن أمير المؤمنين " ع " عصب عيني الفضل حين صب الماء عليه وان رسول الله أوصاه بذلك وقال إنه لا يبصر عورتي أحد غيرك إلا عمي
(١٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، مدينة مكة المكرمة (1)، الفضل بن العباس (1)، حجة الوداع (1)، الفرج (1)، الصدق (1)، الغسل (1)، الجهل (1)، الصبر (2)
ونزل الفضل مع علي قبر رسول الله صلي الله عليه وآله (روي) أن عليا " ع " منع الناس أن ينزلوا معه القبر وقال لا ينزل قبره غيري وغير العباس ثم أمر في نزول الفضل وقثم ابني العباس ومن شعر الفضل قوله: من أبيات يقول فيها:
الا أن خير الناس بعد محمد * وصي النبي المصطفي عند ذي الذكر وأول من صلي وصنو نبيه * وأول من أردي الغواة لدي بدر (روي الزبير بن بكار) قال روي محمد بن إسحاق أن أبا بكر لما بويع افتخرت تيم بن مرة قال وكان عامة المهاجرين وجل الأنصار لا يشكون أن عليا هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلي الله عليه وآله فقال الفضل بن عباس يا معشر قريش وخصوصا يا بني تيم انكم إنما أخذتم الخلافة بالنبوة ونحن أهلها دونكم ولو طلبنا هذا الأمر الذي نحن أهله لكانت كراهية الناس لنا أعظم من كراهتهم لغيرنا حسدا منهم لنا وحقدا علينا وانا لنعلم أن عند صاحبنا عهدا وهو ينتهي إليه.
(قال أبو عمر) أختلف في وفاة الفضل بن العباس فقيل أصيب بأجنادين في خلافة أبي بكر سنة ثلاث عشر.
(وفي ذخائر العقبي) أجنادين بفتح الهمزة وسكون الجيم وفتح الدال المهملة وقد يكسر. الموضع المشهور من نواحي دمشق وكانت به الوقعة بين المسلمين والروم وقيل قتل يوم مرج الصفر وهو بضم الصاد وتشديد الفاء موضع بغوطة دمشق كان به وقعة المسلمين علي الروم سنة ثلاث عشر أيضا وقيل مات بطاعون عمواس وهو بفتح العين المهملة والميم وقد تسكن وتخفيف الواو وبعد الألف سين مهملة اسم بلدة صغيرة بين القدس والرملة منها نشأ الطاعون ثم انتشر في الشام فنسب إليها وهو أول طاعون كان في الإسلام بالشام سنة سبع عشرة وقيل ثمان عشرة قال بعضهم والأول أصح وذلك في خلافة عمر ومات في هذا الطاعون خمس وعشرون ألفا وقيل ثلاثون ألفا قال السيوطي ان جيش المسلمين،
(١٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: قبر النبي (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، كتاب ذخائر العقبي (1)، خلافة أبي بكر بن أبي قحافة (1)، الفضل بن العباس (1)، الزبير بن بكار (1)، محمد بن إسحاق (1)، الشام (2)، دمشق (2)، القتل (1)، الموت (1)، المنع (1)، القبر (1)، الوفاة (1)

عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب

وتوفي الفضل وله من العمر اثنتان وعشرون سنة ولم يترك ولدا غير ابنة تزوجها الحسن بن علي " ع " ثم فارقها فتزوجها أبو موسي الأشعري فولدت له موسي ومات عنها فتزوجها عمر بن طلحة بن عبيد الله وقيل أن الفضل خلف ابنا يقال له عبد الله ولم يثبت والله أعلم.
(عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب) وأمه أم الفضل أيضا كان أصغر من أخيه عبد الله نسبة قيل أنه رأي النبي صلي الله عليه وآله وسمع منه وحفظ عنه كان أحد الأجواد وكان يقال من أراد الفقه والجمال والسخاء فليأت دار العباس الفقه لعبد الله والجمال للفضل والسخاء لعبيد الله واستعمل أمير المؤمنين " ع " عبيد الله علي اليمن وأمره علي الموسم وبعث معاوية ذلك العام يزيد بن شجرة الزهاوي ليقيم الحج فاجتمع فسأل كل منهما صاحبه أن يسلم له فأبي واصطلي علي أن يصلي بالناس شيبة بن عثمان (وروي) أن معاوية بعث إلي اليمن بسر بن أرطاة في جيش كشيف وأمره أن يقتل كل من كان في طاعة علي " ع " فلما قدم اليمن وعليها عبيد الله بن عباس من قبل علي تنحي عبيد الله واستولي بسر عليها وقتل خلقا كثيرا وكان الذي قتل بسر في وجهه ذلك ثلاثين ألفا وحرق قوما بالنار فلما بلغ ذلك عليا " ع " بعث جارية بن قدامة السعدي في الفين فصمد نحو بسر فهرب بسر من بين يديه يفر من جهة إلي أخري حتي أخرجه من اعمال علي " ع " كلها ورجع إلي معاوية وعاد عبيد الله بن عباس إلي عمله فلم يزل عاملا علي اليمن حتي قتل علي " ع " وقيل بل قدم علي أمير المؤمنين هو وسعيد بن نمران وعاتبهما علي علي عدم محاربتهما بسرا فقال سعيد قد والله قاتلت ولكن ابن عباس خذلني وأبي أن يقاتل وقال لا والله ما لنا بهم طاقة فقاتلت بمن معي قتالا ضعيفا وتفرق الناس عني وانصرفت وهذا هو الصحيح.
(وكان) ممن قتله بسر في وجهه هذا سلمان وداود ابني عبيد الله بن العباس
(١٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (5)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، عبيد الله بن العباس (2)، أبو موسي الأشعري (1)، طلحة بن عبيد الله (1)، جارية بن قدامة (1)، الحج (1)، القتل (4)، الصّلاة (1)
وهما غلامان وقيل اسمهما قثم وعبد الرحمن أمهما حورية بنت خالد بن فارط الكنانية وتكني أم حكيم في موضع قتلهما (فروي) علي بن مجاهد عن إسحاق أن أهل مكة لما بلغهم ما صنعه بسر خافوه وهربوا فخرجوا فيهم أبنا عبيد الله ابن العباس فأضلوهما عند بئر ميمون بن الحضرمي وهجم عليهما بسر فأخذهما وذبحهما. (وروي) إنهما وصلا إلي أخوالهما من بني كنانة (وقيل) إنما قتلهما باليمن وإنهما ذبحا علي درج صنعاء. (وروي) عبد الملك بن نوفل عن أبيه أن بسرا دخل الطائف فبات بها وخرج حتي مر ببني كنانة وفيهم ابنا عبيد الله بن العباس وأمهما فلما انتهي بسر إليهم طلبهما فدخل رجل من بني كنانة كان أبوهما أوصاه بهما فاخذ السيف من بيته وخرج فقال له بسر ثكلتك أمك والله ما كنا أردنا قتلك فلم عرضت نفسك للقتل قال اقتل دون جاري أعذر لي ثم شد علي أصحاب بسر بالسيف حاسرا وهو يرتجز:
آليت لا يمنع حافات الدار * ولا يموت مصلتا دون الجار إلا فتي أروع غير غدار فضارب بسيفه حتي قتل ثم قدم الغلامان فذبحا فخرج نسوة من بني كنانة فقالت امرأة منهن هذه الرجال تقتلها فما بال الولدان والله ما كانوا يقتلون في جاهلية ولا إسلام والله أن سلطانا لا يشيد إلا بقتل الضرع الضعيف والشيخ الكبير ورفع الرحمة وقطع الأرحام لسلطان سوء فقال بسر والله لهممت أن أضع فيكن السيف قالت والله انه لأحب إلي أن فعلته ولهما بلغ خبر الغلامين أمهما جزعت جزعا شديدا وقالت ترثيهما:
ها من أحس لي ابني اللذين هما * كالدرتين تشظي عنهما الصدف‌ها من أحس لي ابني اللذين هما * سمعي وقلبي فقلبي اليوم مختطف‌ها من أحس لي ابني اللذين هما * مخ العظام فمخي اليوم مزدهف نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا * من قولهم ومن الإفك الذي اقترفوا
(١٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (1)، عبيد الله بن العباس (1)، القتل (3)، الموت (1)، المنع (1)، الجهل (1)، البول (1)
أنحي علي ودجي طفلي مرهفة * مشحوذة وكذاك الظلم والسرف من دل والهة عبري مفجعة * علي صبيين ضلا إذ مضي السلف (وأخرج الشيخ الطوسي رحمة الله عليه) في أماليه بأسناده عن معاوية ابن ثعلبة قال أجتمع عبيد الله بن العباس من بعد وبسر بن أرطاة عند معاوية لعبيد الله أتعرف هذا! هذا الشيخ قاتل الصبيين؟ قال بسر نعم أنا قاتلهما، فمه فقال عبيد الله لو أن لي سيفا قال بسر فهاك سيفي وأومي إلي سيفه، فزبره معاوية وانتهره، وقال أف لك من شيخ ما أحمقك أتعمد إلي رجل قد قتلت أبنيه فتعطيه سيفك كأنك لا تعرف أكباد بني هاشم والله ان دفعته إليه لبدأ بك وثني بي، فقال عبيد الله بل والله كنت ابدا بك ثم أثني به.
(وروي) أبو الحسن المدائني قال أجتمع عبيد الله بن العباس وبسر بن أرطاة يوما عند معاوية بعد صلح الحسن " ع " فقال عبيد الله لمعاوية أنت أمرت اللعين السئ القدم أن يقتل ابني؟ فقال ما أمرته بذلك ولوددت انه لم يكن قتلهما فغضب بسر ونزع سيفه فألقاه وقال لمعاوية إقبض سيفك عني، قلدتنيه وأمرتني أن أخبط به الناس ففعلت حتي إذا بلغت ما أردت قلت لم أهو ولم أأمر؟ فقال معاوية خذ سيفك إليك فلعمري إنك لضعيف تلقي السيف بين يدي رجل من بني عبد مناف قتلت بالأمس ابنه فقال عبيد الله أتحسبني يا معاوية قاتلا بسرا بأحد ابني هو أحقر وألأم من ذلك. ولكن والله لا أري لي مقعنا ولا أدرك ثارا إلا أن أصيب بهما يزيد وعبد الله فتبسم معاوية فقال وما ذنب معاوية وابني معاوية، والله ما علمت ولا أمرت ولا رضيت ولا هويت وأحتملها منه لشرفه وسؤدده.
(قال) ودعا علي " ع " علي بسر فقال: اللهم إن بسرا باع دينه بالدنيا وانتهك محارمك، وكانت طاعة مخلوق فاجر آثر عنده من طاعتك، اللهم فلا تمته حتي تسلبه عقله ولا توجب له رحمتك ولا ساعة من نهار، اللهم العن بسرا
(١٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، صلح (يوم) الحديبية (1)، أبو الحسن المدائني (1)، عبيد الله بن العباس (2)، بنو هاشم (1)، الشيخ الطوسي (1)، الظلم (1)، القتل (2)
وعمرا ومعاوية، وليحل عليهم غضبك ولتنزل بهم نقمتك وليصيبهم بأسك ورجزك الذي لا ترده عن القوم المجرمين. فلم يلبث بسر بعد ذلك إلا يسيرا حتي وسوس وذهب عقله وكان يهذي بالسيف ويقول اعطوني سيفا اقتل به لا يزال يردد ذلك حتي اتخذ له سيفا من خشب وكانوا يدنون منه المرفقة فلا يزال يضربها حتي يغشي عليه فلبث كذلك إلي أن مات.
وقال المسعودي في (مروج الذهب) مات بسر بن أرطاة لعنة الله زائل العقل يلعب بنجوه فربما شدوا يديه جميعا منعا له من ذلك فسلح ذات يوم فأهوي إليه بفيه فتناوله فتبادروا لمنعه فقال أتمنعوني؛ وعبد الله وقشم يطعماني؛ يعني ابني عبيد الله بن العباس للذين قتلهما. قال وكان موته في أيام الوليد بن عبد الملك سنة ست وثمانين.
ولما توفي أمير المؤمنين " ع " خرج عبيد الله بن العباس إلي الناس فقال أن أمير المؤمنين توفي وقد ترك خلفا فان أحببتم خرج إليكم وأن كرهتم فلا أجد علي أحد، فبكي الناس وقالوا بل يخرج إلينا، فخرج الحسن " ع " فخطب بهم فقال: أيها الناس اتقوا الله فانا أمراؤكم وأولياؤكم وإنا أهل البيت الذين قال الله تعالي فينا (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت، يطهركم تطهيرا) فبايعه الناس وكان خرج إليهم وعليه ثياب سود ثم وجه عبيد الله بن العباس ومعه قيس بن سعد بن عبادة مقدمة له في اثني عشر ألفا إلي الشام وقال له يا بن عم أني بعثت معك اثني عشر ألفا من فرسان العرب وقراء المصر الرجل منهم يرد الكتيبة فسر بهم والن لهم جانبك وابسط لهم وجهك وافرش لهم جناحك وأدنهم من مجلسك فإنهم بقية ثقاة أمير المؤمنين (" ع ") وسر بهم علي شط الفرات حتي تقطع بهم الفرات حتي تصير بمسكن ثم امض حتي تستقبل معاوية فان أنت لقيته فاحبسه حتي آتيك فإني علي أثرك وشيكا وليكن خبرك عندي كل يوم وشاور هذين يعني قيس بن سعد وسعيد بن قيس وإذا لقيت معاوية فلا
(١٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، آية التطهير (1)، كتاب مروج الذهب للمسعودي (1)، نهر الفرات (2)، عبيد الله بن العباس (3)، سعد بن عبادة (1)، سعيد بن قيس (1)، قيس بن سعد (1)، الشام (1)، الضرب (1)، الموت (3)
تقاتله حتي يقاتلك فان فعل فقاتله فان أصبت فقيس بن سعد فان أصيب قيس بن سعد فسعيد بن قيس علي الناس فسار عبيد الله بن العباس حتي أتي مسكن وقد وافي معاوية فنزل بقرية يقال لها الحبوبية بمسكن واقبل عبيد الله بن العباس حتي نزل بإزائه فلما كان من غد وجه معاوية بخيله إليه فخرج إليهم عبيد الله فيمن معه فضربهم حتي ردهم إلي معسكرهم فلما كان الليل أرسل معاوية إلي عبيد الله بن العباس ان الحسن " ع " قد أرسل لي في الصلح وهو مسلم الأمر إلي فان دخلت في طاعتي الان كنت متبوعا والا دخلت وأنت تابع ولك أن جئتني الآن أن أعطيك الف ألف درهم أعجل لك هذا الوقت نصفها وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر فاقبل عبيد الله ليلا فدخل علي معاوية في عسكره فوفي له بما وعده وأصبح الناس ينتظرون عبيد الله ان يخرج فيصلي بهم فلم يخرج فطلبوه فلم يجدوه فصلي بهم قيس ابن سعد ثم خطبهم فثبتهم وذكر عبيد الله فنال منه ثم أمرهم بالصبر والنهوض إلي العدو فأجابوه بالطاعة فحارب بهم من خرج إليه من عسكر معاوية حتي كان من صلح الحسن " ع " ومعاوية ما كان. وسيأتي ذكر طرف من ذلك في ترجمة قيس بن سعد إن شاء الله تعالي.
(روي) ان عبد الله بن صفوان بن أمية مر يوما بدار عبد الله بن عباس بمكة فرأي فيها جماعة من طالبي الفقه ومر بدار عبيد الله بن عباس فرأي جماعة ينتابونها الطعام فدخل علي ابن الزبير فقال له أصبحت والله كما قال الشاعر:
فان تصبك من الأيام قارعة * لم أبك منك علي دنيا ولا دين قال وما ذاك يا أعرج قال هذان ابنا العباس أحدهما يفقه الناس والآخر يطعم الناس فما تركا لك مكرمة فدعا عبد الله بن مطيع فقال انطلق إلي ابني عباس فقل لهما يقول لكما أمير المؤمنين اخرجا عني أنتما ومن انزوي إليكما (وفي نسخة) أنتما ومن انضوي أو انضم إليكما من أهل العراق وإلا فعلت وفعلت فقال عبد الله بن عباس قل لابن الزبير والله ما ينتابنا من الناس إلا رجلان أحدهما يطلب فقها والآخر
(١٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (2)، عبد الله بن عباس (2)، دولة العراق (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، مدينة الكوفة (1)، صلح (يوم) الحديبية (2)، عبيد الله بن العباس (3)، عبد الله بن صفوان (1)، سعيد بن قيس (1)، قيس بن سعد (2)، الطعام (1)، الصّلاة (1)
يطلب فضلا فأي هذين يمنع وحضر أبو الطفيل عامر بن وائل الكناني فجعل يقول:
لله در الليالي كيف تضحكنا * منها خطوب أعاجيب وتبكينا ومثلها تحدث الأيام من غير * في ابن الزبير عن الدنيا تسلينا كنا نجثي ابن عباس فيقبسنا * علما ويكسبنا اجرا ويهدينا ولا يزال عبيد الله مترعة * جفانه مطعما ضيفا ومسكينا فالسير والدين والدنيا بدارهما * ننال منه الذي نبغي إذا شينا ان النبي هو النور الذي كشطت * به عمايات ماضينا وباقينا ورهطه عصمة في ديننا ولهم * فضل علينا وحق واجب فينا ففيم تمنعهم منا وتمنعنا * منهم وتؤذيهم فينا وتؤذينا ولست فاعلم بأولاهم به رحما * يا بن الزبير ولا أولي به دينا لن يؤتي الله إنسانا ببغضهم * في الدين عزا ولا في الأرض تمكينا (وكان) عبيد الله بن العباس من أجواد الإسلام المشهورين، فمن جوده أنه أول من فطر جيرانه وأول من وضع الموائد علي الطريق، ومن جوده أنه أتاه رجل وهو بفناء داره فقام بين يديه وقال يا بن عباس ان لي عندك يدا وقد احتجت إليها فصعد إليه بصره وصوبه فلم يعرفه فقال له ما يدك عندنا قال رأيتك واقفا عند زمزم وغلامك يملأ من مائها والشمس قد صهرتك فظللتك بطرف كائي حتي شربت قال أجل أني لأذكر لك ذلك ثم قال لغلامه ما عندك قال مائة دينار وعشرة آلاف درهم قال ادفعها إليه وما أراها تفي بحق يده فقال الرجل والله لو لم يكن لإسماعيل ولد غيرك لكان فيك كفاية فكيف وقد ولد سيد الأولين والآخرين ثم شفع بك وبأبيك.
(ومن جوده أيضا) أن معاوية حبس عن الحسن بن علي " ع " صلاته حتي ضاقت حاله فقيل له لو وجهت إلي ابن عمك عبيد الله بن عباس لكفاك وقد قدم بنحو ألف ألف قال الحسين " ع " فما مقدارها عنده والله أنه لأجود
(١٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، عبد الله بن عباس (1)، عبيد الله بن العباس (1)، أبو الطفيل (1)، المنع (1)
من الريح إذا عصفت وأسخي من السحاب إذا زخر ثم وجه إليه رسوله بكتاب ذكر فيه حبس معاوية عنه صلاته وضيق حاله وأنه يحتاج إلي مائة الف، فلما قرأ عبيد الله كتابه وكان ارق الناس قلبا وألينهم عطفا انهملت عيناه، ثم قال ويلك يا معاوية ما اجترحت يداك من الإثم حين أصبحت لين المهاد رفيع العماد والحسين يشكو ضعف الحال وكثرة العيال، ثم قال لقهرمانه إحمل إلي الحسين نصف ما نملكه من فضة وذهب ودابة وأخبره إني شاطرته فان أقنعه ذلك والا فارجع وأحمل إليه الشطر الآخر (قال ولما) وصل الرسول إلي الحسين قال انا لله ثقلت والله علي بن عمي وما حسبت أنه يتسع لنا بهذا كله فاخذ الشطر من ماله وهو أول من فعل هذا في الاسلام.
(ومن جوده أيضا) ان معاوية أهدي إليه وهو عنده بالشام من هدايا النيروز حللا كثيرة ومكا وآنية من ذهب وفضة ووجهها إليه مع حاجبه فلما وضعها بين يديه نظر إلي الحاجب وهو يطيل النظر فيها فقال في نفسك منها شئ قال نعم والله ان في نفسي منها ما كان في نفس يعقوب من يوسف فضحك عبيد الله وقال فشأنك بها فهي لك قال جعلت فداك انا أخاف أن يبلغ ذلك معاوية فيغضب لذلك قال فاختمها بخاتمك وادفعها إلي الخازن وهو يحملها إليك ليلا. فقال الحاجب والله إن هذه الحيلة في الكرم أكثر من الكرم ولوددت أن لا أموت حتي أراك مكانه، يعني معاوية فظن عبيد الله انها مكيدة منه فقال دع هذا الكلام فانا من قوم نفي بما عقدنا ولان ننقض ما أكدنا، وقال له يوما رجل من الأنصار جعلت فداك والله لو سبقت حاتم بيوم ما ذكرته العرب وانا شهد أن عفو جودك أكثر من مجهوده وطل صوبك أكثر من وابله.
مات عبيد الله سنة ثمان وخمسين. (وقال الواقدي والزبير بن بكار) توفي بالمدينة في أيام يزيد بن معاوية.
(١٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: يزيد بن معاوية لعنهما الله (1)، الزبير بن بكار (1)، الشام (1)، الشهادة (1)، الفدية، الفداء (1)، الكرم، الكرامة (2)

قثم بن العباس بن عبد المطلب

وقال مصعب مات باليمن والأول أصح وقال الحسن مات سنة سبع وثمانين في خلافة عبد الملك والله أعلم.
(قثم بن العباس بن عبد المطلب) أمه أم الفضل أيضا وهو رضيع الحسن بن علي (روي) أن أم الفضل قالت لرسول الله صلي الله عليه وآله رأيت عضوا من أعضائك في بيتي قال خيرا رأيته تلد فاطمة غلاما ترضعينه بلبن فثم فولد الحسن فأرضعته بلبن قثم وكان فثم يشبه النبي صلي الله عليه وآله، أخرج ابن الضحاك عن ابن العباس ان العباس رأي ابنا له يقال له قثم فوضعه علي صدره وهو يقول:
حبي قثم * شبيه ذي الأنف الأشم نبي ذي النعم * برغم من رغم (وروي ابن عبد البر) في كتاب (الاستيعاب) عن عبد الله بن جعفر قال؛ كنت أنا وعبيد الله وقثم ابني العباس تلعب فمر رسول الله راكبا فقال ادفعوا لي هذا الفتي يعني قثم، فرفعه إليه فأردفه ثم جعلني بين يديه ودعا لنا (قال ابن عبد البر): روي عبد الله بن عباس قال كان قثم آخر الناس عهدا برسول الله صلي الله عليه وآله أي آخر من خرج من قبره ممن نزل فيه وكان المغيرة ابن شعبة يدعي ذلك لنفسه فأنكر علي بن أبي طالب " ع " ذلك وقال بل آخر من خرج من القبر قثم بن العباس، (قال) ابن عبد البر وكان قثم واليا لعلي علي مكة عزل عنها علي خالد بن العاص بن هشام وكان واليها لعثمان وولاها أبا قتادة الأنصاري ثم عزل عنها وولي مكانه قثم بن العباس فلم يزل واليا حتي قتل علي " ع " وقال الزبير بن بكار استعمل علي قثم بن العباس علي المدينة.
قال ابن عبد البر واستشهد قثم بسمرقند كان واليها مع سعيد بن عثمان بن عفان زمن معاوية فقتل هناك.
(وقال) ابن الضحاك مات قثم في خلافة عثمان بن عفان وقبره خارج سور
(١٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عبد الله بن عباس (1)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، الخليفة عثمان بن عفان (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، العباس بن عبد المطلب (1)، الزبير بن بكار (1)، قثم بن العباس (3)، سعيد بن عثمان (1)، الحسن بن علي (1)، القتل (2)، الموت (3)، القبر (2)

عبد الرحمان بن العباس بن عبد المطلب

سمرقند في قبة عالية معروفة بمزار شاه يعني السلطان الحي؛ وفي قثم يقول داود بن مسلم:
عتقت من حل ومن رحلة * يا ناق إن أدنيتني من قثم انك إن أدنيت منه غدا * حالفني اليسر ومات العدم في كفه بحر وفي وجهه * بدر وفي العرنين منه شمم اصم عن قيل الخنا سمعه * وما عن الخير به من صمم لم يدر مالا وبلي قد دري * فعاقها واعتاض عنها نعم (وقيل) أن هذه الأبيات لابن المولي في قثم ابن العباس بن عبيد الله بن العباس لا قثم بن العباس هذا وكان قثم بن العباس بن عبيد الله واليا علي المدينة وقيل علي اليمامة من قبل أبي جعفر المنصور وكان جوادا ممدحا والله أعلم، وقثم بضم القاف وفتح الثاء المثلثة علي وزن عمر يقال رجل قثم إذا كان كثير العطاء وجموعا للخير وبه سمي الرجل وهو معدول عن قائم تقديرا ولا ينصرف للعدل والعلمية (عبد الرحمن بن العباس بن عبد المطلب) أمه أم الفضل أيضا ولد علي عهد رسول الله وقتل هو وأخوه معبد بإفريقيا شهيدين في خلافة عثمان سنة خمس وثلاثين مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح قال مصعب وقال ابن الكلبي قتل عبد الرحمن بالشام.
(معبد بن العباس بن عبد المطلب) أمه أم الفضل أيضا ولد علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله ولم يحفظ عنه شيئا وقتل بإفريقيا كما تقدم ذكره آنفا.
(كثير بن العباس بن عبد المطلب) أمه أم ولد رومية اسمها سبا وقيل أم حميرية وكان يكني أبا تمام، قال أبو عمرو ولد قبل وفاة النبي صلي الله عليه وآله بأشهر في سنة عشرة من الهجرة وكان فقيها
(١٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، العباس بن عبد المطلب (3)، قثم بن العباس (2)، الشام (1)، القتل (2)، الوفاة (1)

تمام بن العباس بن عبد المطلب

زكيا فاضلا عابدا سيدا روي عن أبيه وأخيه عبد الله وعنه ابن شهاب وعبد الرحمن الأعرج وجماعة.
(تمام بن العباس رضوان الله عليه ابن عبد المطلب) أمه سبا أم كثير المذكورة آنفا ولد علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وروي عنه لا تدخلوا علي قلحا استاكوا فلولا ان أشق علي أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة، أخرجه البغوي في معجمه وكان تمام واليا لعلي " ع " علي المدينة وكان قد استخلف قبله سهل بن حنيف حين توجه إلي العراق ثم عزله واستجلبه لنفسه وولي أبا أيوب الأنصاري ثم شخص أبو أيوب واستخلف رجلا من الأنصار فلم يزل واليا إلي أن قتل علي " ع " قال الزبير بن بكار وكان تمام أشد الناس بطشا وله عقب وقال أبو عمرو كان تمام أصغر بني العباس وكان العباس يحمله ويقول:
تموا بتمام فصاروا عشرة * يا رب فاجعلهم كراما بررة واجعل لهم ذكرا وانم الشجرة ولا يخفي ان هذا ينافي ما تقدم في كثير من أن كثيرا ولد قبل وفاة النبي صلي الله عليه وآله بأشهر وذكر أن تمام روي عن النبي صلي الله عليه وآله فيكون كثير أصغر منه قطعا إلا أن يكون هناك اختلاف بين الرواة والله أعلم؛ قال الزبير بن بكار كان للعباس عشرة بنين ستة منهم أمهم أم الفضل وهم الفضل وعبد الله وعبيد الله وقثم ومعبد وعبد الرحمن وسابعتهم أم حبيب شقيقتهم وفي أم الفضل يقول عبد الله ابن يزيد الهلالي:
ما ولدت نجيبة من فحل * كستة من بطن أم الفضل أكرم بها من كهلة وكهل وعون بن عباس قال أبو عمرو ولم أقف علي اسم أمه وكثير وتمام لأم ولد والحرث بن عباس أمه من هذيل هؤلاء عشرة أولاد العباس رحمهم الله تعالي.
(١٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، دولة العراق (1)، أبو أيوب الأنصاري (1)، بنو عباس (1)، الزبير بن بكار (2)، سهل بن حنيف (1)، القتل (1)، الصّلاة (1)، الجماعة (1)

عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب

(عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب) يكني أبا يزيد ولم يزل اسمه في الجاهلية والإسلام عقيلا وهو أخو أمير المؤمنين " ع " لامه وأبيه وكان أسن من جعفر رحمه الله بعشر سنين وجعفر أسن من أمير المؤمنين بعشر سنين، وكان أبو طالب يحب عقيلا أكثر من حبه لسائر بنيه ولذلك قال للنبي والعباس حين أتياه ليقتسما بنيه عام المحل ليخففا عنه ثقلهم دعوا لي عقيلا وخذوا من شئتم فاخذ العباس جعفرا واخذ النبي عليا وقد قال رسول الله لعقيل يا أبا يزيد إني أحبك حبين حبا لقرابتك مني وحبا لما كنت أعلم من حب عمي إياك وكان عقيل قد اخرج إلي بدر مكرها كما أخرج العباس ففداه العباس، روي أن أخاه عليا " ع " مر به وهو أسير فلما رآه صد عنه فقال له عقيل والله لقد رأيتني ولكن عمدا تصد عني فجاء علي إلي رسول الله فقال يا رسول الله هل لك في أبي يزيد مشدودة يداه إلي عنقه بنسعه فانطلق معه رسول الله صلي الله عليه وآله حتي وقف عليه فلما رأي عقيل رسول الله قال يا رسول الله إن كنتم قتلتم أبا جهل فقد ظفرتم وإلا فادركوا القوم ما داموا بحدثان فرحتهم فقال النبي صلي الله عليه وآله قد قتله الله تعالي ولما فدي عاد إلي مكة ثم أقبل مسلما مهاجرا قبل الحديبية وشهد غزاة مؤتة: مع أخيه جعفر " ع " وقيل إنه لم يعد إلي مكة بل أقام مع رسول الله وشهد معه المشاهد كلها والأول أصح وكان عقيل قد باع دور بني هاشم المسلمين بمكة وكانت قريش تعطي من لم يسلم مال من أسلم فباع دور قومه حتي دار رسول الله فلما دخل رسول الله صلي الله عليه وآله مكة يوم الفتح قيل له ألا تنزل دارك يا رسول الله فقال وهل ترك لنا عقيل من دار وكان عقيل أنسب قريش وأعلمهم بأيامها ولكنه كان مبغضا إليهم لأنه كان يعد مساويهم وكان له طنفسة تطرح في مسجد رسول الله فيصلي عليها ويجتمع إليه الناس في علم النسب وأيام العرب وكان حينئذ قد ذهب بصره كان يقال إن في قريش أربعة يتحاكم إليهم في علم النسب وأيام قريش ويرجع إلي قولهم عقيل بن أبي طالب ومخرمة
(١٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، مدينة مكة المكرمة (4)، عقيل بن أبي طالب عليه السلام (2)، بنو هاشم (1)، القتل (1)، الشهادة (1)، الجهل (2)، السجود (1)
ابن نوفل الزهري وأبو الجهم بن حذيفة العدوي وحويطب بن عبد العزي العامري وكان عقيل أسرع الناس جوابا وأشدهم عارضة وأحضرهم مراجعة في القول وأبلغهم في ذلك.
(قال) الشيخ عبد الحميد بن أبي الحديد المدائني في شرح (نهج البلاغة) خرج عقيل إلي العراق ثم إلي الشام ثم عاد إلي المدينة ولم يشهد مع أخيه أمير المؤمنين " ع " شيئا من حروبه أيام خلافته وعرض نفسه وولده عليه فأعفاه ولم يكلفه حضور الحرب؛ قال: واختلف الناس فيه هل التحق بمعاوية وأمير المؤمنين حي فقال قوم نعم ورووا أن معاوية قال يوما وعقيل عنده هذا أبو يزيد لولا علمه اني خير له من أخيه لما أقام عندنا وتركه فقال عقيل أخي خير لي في ديني وأنت خير لي في دنياي وقد آثرت دنياي واسأل الله خاتمة خير وقال قوم إنه لم يعد إلي معاوية إلا بعد وفاة أمير المؤمنين " ع " (قال) ابن أبي الحديد وهذا القول هو الأظهر عندي واستدلوا علي ذلك بالكتاب الذي كتبه عقيل إلي أمير المؤمنين في آخر خلافته والجواب الذي أجابه.
(قال المؤلف) عفا الله عنه إن الكتاب المشار إليه من أدل دليل علي هذا القول فان عقيلا لما كتب إلي أخيه " ع " عقيب غارة الضحاك بن قيس الفهري علي أطراف أعماله وكان معاوية قد بعثه في وقعة النهروان وذلك في آخر خلافته " ع " وقد رأيت أن أذكر الكتاب المذكور وجوابه ليطلع عليه من أحب النظر إليه.
(قال) إبراهيم بن محمد بن سعد بن هلال الثقفي في كتاب الغارات.
(كتاب عقيل بن أبي طالب إلي أخيه) حين بلغه خذلان أهل الكوفة له وتقاعدهم عنه لعبد الله علي أمير المؤمنين " ع " من عقيل بن أبي طالب: سلام عليك فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو:
(١٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، دولة العراق (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1)، كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي (1)، مدينة الكوفة (1)، عقيل بن أبي طالب عليه السلام (2)، إبراهيم بن محمد (1)، الضحاك بن قيس (1)، عبد الحميد (1)، الشام (1)، البعث، الإنبعاث (1)، الشهادة (1)، الحرب (1)، الهلال (1)، الوفاة (1)
أما بعد: فان الله حارسك من كل سوء وعاصمك من كل مكروه وعلي كل حال إن قد خرجت إلي مكة معتمرا. فلقيت عبيد الله بن سعد بن أبي سرح مقبلا من (قديد) في نحو من أربعين شابا من أبناء الطلقاء فعرفت المنكر في وجوههم فقلت إلي أين يا أبناء الشانئين أبمعاوية تلحقون عداوة والله منكم قديما غير منكرة تريدون بها إطفاء نور الله وتبديل أمره فأسمعني القوم وأسمعتهم فلما قدمت مكة سمعت أهلها يتحدثون ان الضحاك بن قيس أغار علي الحيرة فاحتمل من أموالها ما شاء ثم انكفأ راجعا سالما فأف لحياة في دهر جرأ عليك الضحاك وما الضحاك إلا فقع بقرقر وقد توهمت حيث بلغني ذلك أن شيعتك وأنصارك خذلوك، فاكتب إلي يا بن أمي برأيك، فان كنت الموت تريد تحملت إليك بيني أخيك وولد أبيك فعشنا معك ما عشت ومتنا معك إذا مت فوالله ما أحب أن أبقي في الدنيا بعدك فواقا، وأقسم بالأعز الأجل إن عيشا نعيشه بعدك في الحياة لغير هني ولا مري ولا نجيع والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فكتب إليه أمير المؤمنين: من عبد الله علي أمير المؤمنين إلي عقيل بن أبي طالب: سلام عليك فإني احمد إليك الذي لا إله إلا هو:
أما بعد كلانا الله وإياك كلاءة من يخشاه بالغيب إنه حميد مجيد، فقد وصل إلي كتابك مع عبد الرحمن بن عبيد الأزدي تذكر فيه أنك لقيت عبد الله بن سعد بن أبي سرح مقبلا من (قديد) في نحو من أربعين فارسا من أبناء الطلقاء متوجهين إلي جهة الغرب وأن ابن أبي سرح طالما كاد الله ورسوله وكتابه وصد عن سبيله وبناها عوجا فدع عنك ابن أبي سرح ودع عنك قريشا وخلهم وتركاضهم في الضلال وتجوالهم في الشقاق ألا وإن العرب قد أجمعت علي حرب أخيك اليوم إجماعها علي حرب النبي من قبل اليوم فأصبحوا قد جهلوا حقه وجحدوا فضله بادروا بالعداوة ونصبوا له الحرب وجهدوا عليه كل الجهد وجروا إليه جيش الأحزاب اللهم فاجز قريشا عني الجوازي فقد قطعت رحمي
(١٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (2)، يوم عرفة (1)، الضحاك بن قيس (1)، الموت (1)، الحرب (2)، الضلال (1)
وتظاهرت علي ودفعتني عن حقي وسلبتني سلطان ابن أمي وسلمت ذلك إلي من ليس مثلي في قرابتي من رسول الله صلي الله عليه وآله وسابقتي في الإسلام إلا أن يدعي مدع مالا أعرف ولا أظن الله يعرفه والحمد لله علي كل حال وأما ما ذكرت من غارة الضحاك علي أهل الحيرة فهو أقل وأذل من أن يلم بها أو يدنو منها ولكنه قد كان أقبل في جريدة خيل فاخذ علي السماوة حتي مر بواقصة وشراف والقطقطانة فما والي ذلك الصقع فوجهت إليه جندا كثيفا من المسلمين فلما بلعه ذلك فر هاربا فاتبعوه فلحقوه ببعض الطريق وقد أمعن وكان ذلك حين طفلت الشمس للأياب فتناوشوا القتال قليلا كلا ولا فلم يصبر لوقع المشرفية وولي هاربا وقتل من أصحابه بضع عشر رجلا ونجا جريضا بعد ما أخذ منه المخنق فلا ساء بلائي ما نجا واما ما سألتني أن أكتب إليك برأيي فيما انا فيه فان رأيي جهاد المحلين حتي ألقي الله لا يزيدني كثرة الناس معي عزة ولا تفرقهم عني وحشة لأبي محق والله مع المحق ووالله ما أكره الموت علي الحق وما الخير كله إلا بعد الموت لمن كان محقا واما ما عرضت به من مسيرك إلي ببنيك وبني أبيك فلا حاجة لي في ذلك فأقم راشدا محمودا فوالله ما أحب أن تهلكوا معي إن هلكت ولا تحسبن ان أبيك لو أسلمه الناس متخشعا ولا متضرعا إنه لكما قال أخو بني سليم:
فان تسأليني كيف أنت فأنني * صبور علي ريب الزمان صليب يعز علي أن تري بي كآبة * فبشمت عاد أو بساء حبيب وقد أورد الشريف الرضي (ره) بعض هذا الكتاب الذي كتبه أمير المؤمنين " ع " جوابا لأخيه في نهج البلاغة إلا أن بين ما أورده وبين ما نقلناه اختلافا يسيرا في العبارة.
(قال المؤلف) القائلون بان عقيلا فارق أخاه في حياته زعموا أنه شهد صفين مع معاوية غير أنه لم يقاتل ولم يترك نصح أخيه والتعصب له فرووا أن معاوية قال يوم صفين لا نبالي وأبو يزيد معنا فقال عقيل وقد كنت معكم يوم
(١٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين (1)، القتل (3)، الموت (2)، الصبر (1)
بدر فلم أغن عنكم من الله شيئا، واختلفوا في سبب فراقه له " ع " (فروي) أن عليا " ع " كان يعطيه في كل يوم ما يقوته وعياله فطلب منه أولاده مريسا فجعل يأخذ كل يوم من الشعير الذي يعطيه أخوه قليلا ويعزله حتي اجتمع مقدار ما جعل بعضه في التمر وبعضه في السمن وخبز بعضه وصنع لعياله مريسا فلم تطلب نفوسهم باكله دون أن يحضر أمير المؤمنين ويأكل منه فذهب إليه والنمس منه أن يأتي منزله فاتاه فلما قدم المريس بين يديه سأله عنه فحكي له كيف صنع، فقال " ع " وهل كان يكفيكم ذاك بعد الذي عزلتم منه قال نعم فلما كان اليوم الثاني جاء ليأخذ الشعير فنقص منه أمير المؤمنين مقدار ما كان يعزل كل يوم (وقال) إذا كان في هذا ما يكفيك فلا تجعل لي أن أعطيك أزيد منه فغضب من ذلك فحمي له أمير المؤمنين حديدة ثم قربها من خده وهو غافل فجزع من ذلك وتأوه فقال أمير المؤمنين مالك تجزع من هذه الحديدة المحماة وتعرضني لنار جهنم فقال عقيل والله لأذهبن إلي من يعطيني تبرا ويطعمني برا ثم فارقه وتوجه إلي معاوية.
(وروي) أنه وفد علي أمير المؤمنين " ع " بالكوفة يسترفده فعرض عليه عطاءه فقال انما أريد من بيت المال فقال تقيم إلي يوم الجمعة فلما صلي قال له ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين قال بئس الرجل قال فإنك أمرتني أن أخونهم وأعطيك فلما خرج من عنده شخص إلي معاوية فامر له يوم قدومه بمائة ألف درهم وقال له يا أبا يزيد انا خير لك أم علي قال وجدت عليا انظر لنفسه منه لي ووجدتك انظر لي منك لنفسك (وروي) أنه قدم علي أمير المؤمنين " ع " فوجده جالسا في صحن المسجد بالكوفة فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته وكان عقيل قد كف بصره فقال عليك السلام يا أبا يزيد ثم التفت أمير المؤمنين إلي ابنه الحسن فقال له قم وانزل عمك فقام فأنزله ثم عاد إليه فقال اذهب فاشتر لعمك قميصا جديدا ورداءا جديدا وإزارا جديدا فذهب فاشتري له ذلك فغدا عقيل علي أمير المؤمنين
(١٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، مدينة الكوفة (2)، التمر (1)
في الثياب فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال وعليك السلام يا أبا يزيد قال يا أمير المؤمنين ما أراك أصبت من الدنيا شيئا وأني لا ترضي نفسي من خلافتك بما رضيت به لنفسك فقال يا أبا يزيد يخرج عطائي فادفعه إليك فلما ارتحل عن أمير المؤمنين اني معاوية فنصب له كراسيه واجلس جلسائه حوله فلما ورد عليه أمر له بمائة ألف درهم فقبضها.
(وروي) أنه طلب من أمير المؤمنين صاع بر فلم يعطه وحمي له حديدة وكواه بها وقد ذكر ذلك أمير المؤمنين في كلام له فقال والله لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتي استماحني من بركم صاعا ورأيت صبيانه شعث الألوان من فقرهم كأنما سودت وجوههم بالعظلم وعاودني مؤكدا وكرر علي القول مرددا فأصغيت إليه سمعي فظن اني أبيعه ديني واتبع قياده مفارقا طريقتي فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها فضج ضجيج ذي دنف من المها وكاد ان يحترق من ميسمها فقلت له ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من حديدة أحماها انسانها للعبه وتجرني إلي نار سجرها جبارها لغضبه أتئن من الأذي ولا أأن من لظي.
وحكي أن معاوية سأل عقيلا عن قصة الحديدة المحماة المذكورة فبكي وقال انا أحدثك يا معاوية عما سألت نزل بالحسين " ع " ابنه ضيف فاستسلف درهما اشتري به خبزا واحتاج إلي الأدام فطلب من قنبر خادمهم أن يفتح له زقا من زقاق عسل جاءهم من اليمن فاخذ منه رطلا فلما طلبها علي " ع " ليقسمها قال يا قنبر أظن أنه حدث في هذا الزق حدث قال نعم يا أمير المؤمنين وأخبره فغضب وقال علي بالحسين فرفع عليه الدرة فقال الحسين بحق عمي جعفر وكان إذا سئل بحق جعفر سكن فقال له ما حملك علي أن أخذت منه قبل القسمة قال " ع " أن لنا فيه حقا فإذا أعطيناه ورددناه قال فداك أبوك وإن كان لك فيه حق فليس لك أن تنتفع بحقك قبل أن ينتفع المسلمون بحقوقهم اما لولا اني رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله يقبل ثنيتيك لأوجعتك ضربا ثم دفع إلي قنبر درهما كان مصرورا
(١٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الفدية، الفداء (1)
في ردائه وقال اشتر به خير عسل تقدر عليه قال عقيل والله لكأني انظر إلي يدي علي " ع " وهما علي فم الزق وقنبر بقلب العسل فيه ثم شده وجعل يبكي ويقول اللهم اغفر للحسين فإنه لم يعلم فقال معاوية ذكرت من لم ينكر فضله رحم الله أبا حسن فلقد سبق من كان قبله وأعجز من يأتي بعده هلم حديث الحديدة قال نعم أقويت وأصابتني مخمصة شديدة فسألته فلم تند صفاته فجمعت صبياني وجئت بهم والبؤس والضر ظاهران عليهم فقال " ع " إيتني عشية لأدفع إليك شيئا فجئته يقودني أحد ولدي فأمره بالتنحي ثم قال ألا فدونك فأهويت حريصا قد غلبني الجشع أظنها صرة فوضعت يدي علي حديدة تلتهب نارا فلما قبضتها نبذتها وخرت كما يخور الثور تحت يدي جازره فقال لي ثكلتك أمك هذا من حديدة أوقدت لها نار الدنيا فكيف بك وفي غد إن سلكنا في سلاسل جنهم ثم قرأ عليه السلام إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون ثم قال " ع " ليس لك عندي فوق حقك الذي فرضه الله لك إلا ما تري فانصرف إلي أهلك فجعل معاوية يتعجب ويقول هيهات هيهات عقمت النساء أن تلدن مثله (وروي) أن عقيلا رضي الله عنه غدا يوما عند معاوية وذلك بعد وفاة أمير المؤمنين " ع " وصلح الحسن " ع " لمعاوية وجلساء معاوية حوله فقال يا أبا يزيد أخبرني عن عسكري وعسكر أخيك فقد وردت عليهما قال أخبرك مررت والله بعسكر أخي فإذا ليله كليل رسول الله ونهاره كنهار رسول الله إلا أن رسول الله ليس في القوم ما رأيت إلا مصليا ولا سمعت الا قارئا ومررت بعسكرك فاستقبلني قوم من المنافقين ممن نفر برسول الله صلي الله عليه وآله ليلة العقبة ناقته ثم قال من هذا من يمينك يا معاوية قال هذا عمرو بن العاص قال هذا الذي اختصم فيه ستة نفر فغلب عليه جزار قريش فمن الآخر قال الضحاك بن قيس الفهري قال اما والله لقد كان أبوه جيد الأخذ لعسب التيوس فمن هذا الآخر قال أبو موسي الأشعري قال هذا ابن السراقة فلما رأي معاوية أنه قد اغضب جلساءه علم أنه
(١٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، صلح (يوم) الحديبية (1)، الضحاك بن قيس (1)، عمرو بن العاص (1)، النفاق (1)
أن استخبره عن نفسه قال فيه سوء فأحب أن يسأله ليقول فيه ما يعلمه من السوء فيذهب بذلك غضب جلسائه قال يا أبا يزيد ما تقول في؟ قال دعني من هذا قال لتقولن قال أتعرف حمامة قال ومن حمامة يا أبا يزيد قال قد أخبرتك ثم قام فمضي فأرسل معاوية إلي النسابة فدعاه وسأله عن حمامة قال ولي الأمان قال نعم قال حمامة جدتك أم أبي سفيان كانت بغيا في الجاهلية صاحبة راية فقال معاوية لجلسائه قد ساويتكم وزدت عليكم فلا تغضبوا.
(وروي) ابن عبد ربه في كتاب العقد ان معاوية قال لعقيل إن عليا قد قطعك ووصلتك ولا يرضيني منك الا أن تلعنه علي المنبر قال افعل قال فاصعد فصعد ثم قال بعد أن حمد الله تعالي وأثني عليه قال أيها الناس ان أمير المؤمنين معاوية أمرني أن العن علي بن أبي طالب فالعنوه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ثم نزل، فقال له معاوية انك لم تبين يا أبا يزيد من لعنت بيني وبينه قال والله ما ازددت حرفا ولا نقصت آخر والكلام إلي نية المتكلم.
(وروي أيضا) أنه لما قدم عقيل إلي معاوية أكرمه وقربه وقضي عنه دينه ثم قال له في بعض الأيام والله إن عليا لم يكن حافظا لك إذ قطع قرابتك وما وصلك وما اصطنعك فقال له عقيل والله لقد أجزل العطية وأعظمها ووصل القرابة وحفظها وحسن ظنه بالله إذ ساء به منك وحفظ أمانته وأصلح رعيته إذ خنتم وأفسدتم وجرتم فاكفف لا أبا لك فإنه عما تقول بمعزل، قال ودخل عقيل علي معاوية وقد كف بصره فأجلسه معاوية علي سريره وقال له أنتم معشر بني هاشم تصابون في أبصاركم قال وأنتم معشر بني أمية تصابون في بصائركم، وقال له معاوية يوما والله إن فيكم خصلة ما تعجبني يا بني هاشم قال وما هي قال لين قال لين؟ ماذا قال هو ذاك قال إيانا تعير يا معاوية أجل والله أن فينا للينا من غير ضعف وعزا من غير جبروت واما أنتم يا بني أمية فان لينكم غدر وعزكم كفر فقال معاوية ما كل هذا أردنا يا أبا يزيد فأنشد عقيل يقول شعرا:
(١٦١)
صفحهمفاتيح البحث: علي بن أبي طالب (1)، بنو أمية (2)، بنو هاشم (2)، الظنّ (1)، الجهل (1)
لذي اللب قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الإنسان إلا ليعلما وقال له إن فيكم لشبقا يا بني هاشم قال اجل هو منا في الرجال وفيكم في النساء يا بني أمية ولذلك لا يقوم بالأموية إلا هاشمي. وقال معاوية يوما وعنده عمرو بن العاص وقد أقبل عقيل لأضحكنك من عقيل فلما سلم قال معاوية مرحبا برجل عمه أبو لهب فقال عقيل وأهلا برجل عمته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد لأن امرأة أبي لهب أم جميل بنت حرب بن أمية قال معاوية يا أبا يزيد ما ظنك بعمك أبي لهب قال إذا دخلت النار فاعدل ذات اليسار تجد عمي أبا لهب مفترشا عمتك حمالة الحطب فانظر أناكح في النار خير أم منكوح قال كلاهما شر والله.
وقال الوليد بن عقبة لعقيل في مجلس معاوية غلبك أخوك يا أبا يزيد علي الثروة قال نعم واستبقني وإياك إلي الجنة قال اما والله ان شدقيك لمضمومان من دم عثمان فقال وما أنت وقريش والله ما أنت فينا إلا كنطح التيس فغضب الوليد وقال والله لو أن أهل الأرض اشتركوا في قتله لأرهقوا صعودا وأن أخاك لأشد هذه الأمة عذابا فقال صه والله إنا لنرغب بعبد من عبيده عن صحبة أبيك عقبة بن أبي معيط.
وقرأت في كتاب لم يذكر مؤلفه أسمه أن عقيلا رضي الله عنه قدم علي علي فقال له ما جاء بك أيها الشيخ فقال مشورة الشقيق وإلحاح الصديق وتطلع النفس إلي كل ممنوع فقال له ألم يك عطاؤك دارا ورزقك جاريا وأنت في دعة مقيم مع أهلك قال بلي ولكن أحببت أن أنال من دنياك وما حوت كفاك فقال وأبيك إن ذلك لديك لمنزور وقد أخذت عطائي خمسة آلاف درهم فدونكها فاقبضها ثم خرج فأتي معاوية فلما دخل عليه أمر له بمائة ألف درهم وأجلسه معه علي سريره وأذن للناس فلما غص المجلس باهله قال معاوية يا أهل الشام هذا عقيل بن أبي طالب أتي أخاه عليا وهو يجبي إليه أموال العراق فامر له بخمسة آلاف درهم
(١٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: دولة العراق (1)، الوليد بن عقبة (1)، بنو أمية (1)، عمرو بن العاص (1)، بنو هاشم (1)، الشام (1)، الصدق (1)، القتل (1)، الحرب (1)
وأتاني فأمرت له بمائة ألف درهم فقال لهم عقيل يا أهل الشام عني فاسمعوا لا عن معاوية اني أتيت أخي عليا " ع " فوجدته رجلا قد جعل دنياه دون دينه وخشي الله علي نفسه ولم تأخذه في الله لومة لائم فوصلني بما اتسعت له كفاه واحتمله ماله فحسبكم انه خرج إلي من جميع ماله وإني أتيت معاوية فوجدته رجلا قد جعل دينه دون دنياه وركب الضلالة واتبع هواه فأعطاني ما لم يعرق فيه جبينه ولم تكدح فيه يمينه رزقا أجراه الله علي يديه وهو المحاسب عليه دوني لا محمود ولا مشكور فيه ثم التفت إلي معاوية فقال اما والله يا بن هند ما تزال منك سوالف يمرها منك قول وفعل فكأني بك قد أحاط بك ما الذي تحاذر فأطرق معاوية ساعة ثم قال من يعذرني من بني هاشم ثم أنشد يقول:
أزيدهم الاكرام كي يشعبوا العصا * فيأبوا لدي الاكرام أن يتكرموا إذا عطفتني رقتان عليهم * نأوا حسدا عني فكانوا هم هم وأعطيهم صفوا الاخا فكأنني * معا وعطاياي المباحة علقم وأغضي عن الذنب الذي لا يقيله * من القوم إلا الهزبري المصمم حيا واصطبارا وانعطافا ورقة * وأكظم غيظ القلب إذ ليس يكظم أما والله يا بن أبي طالب لولا أن يقال عجل معاوية لخرق ونكل عن جواب لتركت هامتك أخف علي أيدي الرجال من حولي الحنظل فأجابه عقيل:
عذيرك منهم من يلوم عليهم * ومن هو منهم في المقالة أظلم لعمرك ما أعطيهم منك رأفة * ولكن لأسباب وحولك علقم أبي لهم ان ينزل الذل دارهم * بنو حرة زهر وعقل ومسلم وانهم لم يقبلوا الضيم عنوة * إذا ما طغي الجبار كانوا هم هم فدونك ما أسديت فاشدد به يدا * وخيركم المبسوط والشر فالزموا ثم رمي المائة ألف درهم ونفض ثوبه وقام ومضي فلم يلتفت إليه.
قال المؤلف ثم إن معاوية استعطفه بعد ذلك ولم يبد له إلا المحبة وكان
(١٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: بنو هاشم (1)، الشام (1)
يحتمل له ما يجبه به يدل علي ذلك ما رواه الزمخشري في ربيع الأبرار أن معاوية كتب إلي عقيل يعتذر إليه من شئ جري بينهما من معاوية بن أبي سفيان إلي عقيل ابن أبي طالب اما بعد يا بني عبد المطلب فأنتم والله فروع قصي ولباب عبد مناف وصفوة هاشم فأين أحلامكم الراسية وعقولكم الكاسية وحفظكم الأواصر وحبكم العشائر ولكم الصفح الجميل والعفو الجزيل مقرونان بشرف النبوة وعز الرسالة وقد والله ساءني ما كان جري ولن أعود لمثله إلي أن أغيب في الثري فكتب إليه عقيل (ره).
صدقت وقلت حقا غير اني * أري أن لا أراك ولا تراني ولست أقول سوء في صديقي * ولكني أصد إذا جفاني فركب إليه معاوية وناشده في الصفح وأجازه مائة ألف درهم حتي رجع.
(وروي) ابن عبد ربه أن معاوية قال لعقيل بن أبي طالب لم جفوتنا يا أبا يزيد فأنشأ يقول:
وإني امرؤ مني التكرم شيمة * إذا صاحبي يوما علي الهون أضمرا ثم قال أيم الله يا معاوية لئن كانت الدنيا أفرشتك مهادها وأظلتك بسرادقها ومدت عليك اطناب سلطانها ما ذاك بالذي يزيدك مني رغبة ولا تخشعا لرهبة فقال معاوية لقد نعتها أبا يزيد نعتا هش له قلبي وأيم الله يا أبا يزيد لقد أصبحت علينا كريما والينا حبيبا وما أصبحت أضمر لك إساءة.
(ويروي) أن زوجة عقيل وهي فاطمة ابنة عتبة بن ربيعة قالت له يا بني هاشم لا يحبكم قلبي ابدا أين أبي أين عمي أين أخي كأن أعناقهم أباريق فضة ترد آنافهم الماء قبل شفاههم قال إذا دخلت جهنم فخذي علي شمالك فشدت عليها ثيابها وأتت عثمان فشكت عليه فبعث عبد الله بن عباس ومعاوية حكمين فقال ابن عباس لأفرق بينهما وقال معاوية ما كنت لأفرق بين سنخين من قريش فلما أتياهما وجداهما قد أغلقا بابهما واصطلحا.
(١٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)، معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (1)، الزمخشري (1)، عقيل بن أبي طالب عليه السلام (1)، الزوج، الزواج (1)

أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب

توفي عقيل رحمه الله في خلافة معاوية، قال ابن الضحاك ولم يوقف علي السنة التي مات فيها وقال ابن أبي الحديد توفي في خلافة معاوية في سنة خمسين وعمره ست وتسعون سنة وكان له من البنين ثمانية عشر ذكرا قتل بالطف منهم مع الحسين " ع " خمسة وانقرض الجميع ولم يعقب منهم الا محمد بن عقيل ولا عقب له من غيره انتهي (أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب) هو ابن عم رسول الله وأخوه من الرضاعة أرضعتهما حليمة السعدية أياما قيل اسمه المغيرة والصحيح ان المغيرة أخوه من أمه غزية بنت قريش بن طريف من ولد فهر بن مالك وكان ترب رسول الله قبل النبوة يألفه ألفا شديدا فلما بعث رسول الله عاداه وهجاه وهجا أصحابه وكان شاعرا فلما كان عام فتح مكة ألقي الله في قلبه الاسلام فخرج متنكرا فتصدي لرسول الله فاعرض عنه فتحول إلي الجانب الآخر فاعرض عنه فقال انا مقتول قبل أن أصل إليك فأسلمت وذلك بطريق الأبواء كذا في الصفوة.
وفي ذخائر العقبي أسلم أبو سفيان وحسن اسلامه ويقال أنه ما رفع رأسه إلي النبي صلي الله عليه وآله حياءا منه وسلم ولده جعفر لقيا رسول الله بالأبواء وأسلما قبل دخوله صلي الله عليه وآله مكة.
وقيل بل لقياه هو وعبد الله بن أمية بين السقيا والعرج فاعرض رسول الله عنهما فقالت له أم سلمة (رض) لا يكن ابن عمك وأخوك وابن عمتك أشقي الناس بك وقال له علي بن أبي طالب " ع " ائت رسول الله من قبل وجهه فقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف " ع " لقد آثرك الله علينا وان كنا لخاطئين فإنه لا يرضي ان يكون أحد أحسن قولا منه ففعل ذلك أبو سفيان فقال رسول الله اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، قال أبو سفيان وخرجت معه فشهدت فتح مكة وحنينا فلما لقينا العدو بحنين اقتحمت عن فرسي وبيدي السيف مصلتا
(١٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم عاشوراء (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، مدينة مكة المكرمة (3)، كتاب ذخائر العقبي (1)، عبد الله بن أمية (1)، محمد بن عقيل (1)، القتل (1)، الموت (1)، الرضاع (1)
والله يعلم اني أريد الموت دونه وهو ينظر إلي فقال العباس يا رسول الله أخوك وابن عمك أبو سفيان فارض عنه فقال صلي الله عليه وآله فعلت فغفر الله كل عداوة عادانيها ثم التفت إلي فقال أخي لعمري فقبلت رجله في الركاب وكان أبو سفيان ممن ثبت مع رسول الله يوم حنين لم يفر ولم تفارق يده لجام بغلة رسول الله وعززه علي اختلاف في النقل.
ويقال إن الذين كانوا يشبهون رسول الله الحسن بن علي بن أبي طالب وجعفر بن أبي طالب وقثم بن العباس وأبو سفيان بن الحرث هذا والسائب بن عبيد الله بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف.
وجمعهم ابن سيد الناس فقال لخمسة شبه المختار من مضر * يا حسن ما خولوا من شبهه الحسن لجعفر وابن عم المصطفي قثم * وسائب وأبي سفيان والحسن وكان رسول الله صلي الله عليه وآله يحب أبا سفيان بن الحرث بن عبد المطلب وشهد له بالجنة.
عن عروة عن أبيه أن النبي صلي الله عليه وآله قال: أبو سفيان بن الحرث من شباب أهل الجنة.
وعن أبي حبة البدري أن رسول الله صلي الله عليه وآله قال أبو سفيان من خير أهلي قاله يوم حنين وكان يصلي في كل ليلة الف ركعة.
وعن ابن إسحاق أن أبا سفيان بن الحرث لما حضرته الوفاة قال لأهله لا تبكوا علي فإني لم أقترف خطيئة منذ أسلمت وكان سبب موته أنه كان في رأسه ثؤلولة فحلقه الحلاق فقطعها فلم يزل مريضا حتي مات.
قال أهل السير مات أبو سفيان بن الحرث بالمدينة بعد أن استخلف عمر بستة أشهر ويقال بل مات سنة عشرين وقيل توفي سنة الستة عشر ودفن بالبقيع قاله ابن قتيبة وقال أبو عمرو دفن في دار عقيل وكان هو الذي حفر قبر نفسه
(١٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، مقبرة بقيع الغرقد (1)، الحسن بن علي بن أبي طالب (1)، قثم بن العباس (1)، القبر (1)، الموت (5)، الدفن (1)، الصّلاة (1)

نوفل بن الحرث بن المطلب

قبل أن يموت بثلاثة أيام وكان له من الأولاد ثلاثة ذكور وبنت (نوفل بن الحرث بن عبد المطلب) يكني أبا الحرث وكان أسن من إخوته ومن جميع من أسلم من بني هاشم حتي من حمزة والعباس رضي الله عنهما، خرج إلي بدر فأسر ففداه العباس بأمر رسول الله كما مر في ترجمة العباس، وقيل بل فدي نفسه وقيل أسلم وهاجر أيام الخندق وقيل أسلم يوم فدي نفسه نوفل بن الحرث بن عبد المطلب، قال لما أسر نوفل بن الحرث ببدر قال له رسول الله صلي الله عليه وآله افد نفسك قال مالي شئ أفتدي به قال افد نفسك برماحك التي بجدة قال والله ما علم أحد أن لي رماحا بجدة غيري بعد الله أشهد انك رسول الله وفدي نفسه بها فكانت الف رمح وشهد نوفل مع رسول الله فتح مكة وحنين والطائف وكان ممن ثبت مع رسول الله صلي الله عليه وآله يوم حنين بثلاثة آلاف رمح فقال رسول الله كأني أري رماحك تقصف أصلاب المشركين وآخي رسول الله بينه وبين العباس بن عبد المطلب وكانا مشتركين في الجاهلية متفاوضين في المال متحابين.
توفي بالمدينة سنة خمس عشرة وقيل أربع عشرة في خلافة عمر وصلي عليه عمر بعد أن شيعه إلي البقيع ماشيا ووقف علي قبره حتي دفن وكان له من الولد سبعة ذكور (عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب) أمه عاتكة بنت أبي وهب بن عمرو بن عائذ المخزومية أدرك الاسلام وثبت مع النبي صلي الله عليه وآله فيمن ثبت يومئذ وكان رسول الله يقول له ابن عمي وحبي ومنهم من يقول كان يقول له ابن أمي (وروي) لما قدم من مكة علي النبي ألبسه حلة وأجلسه إلي جانبه وقال هو ابن أمي وكان أبوه يحبني ويبرني ويحسن إلي وكان أبوه الزبير من اشراف قريش.
وقتل عبد الله بن الزبير يوم أجنادين في خلافة أبي بكر شهيدا ووجد حوله عصبة من الروم قد قتلهم ثم أثخنه الجراح فمات بها.
(١٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: أبو الفضل العباس بن علي أمير المؤمنين عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، مقبرة بقيع الغرقد (1)، نوفل بن الحرث بن عبد المطلب (2)، مدينة مكة المكرمة (2)، خلافة أبي بكر بن أبي قحافة (1)، عبد الله بن الزبير (2)، العباس بن عبد المطلب (1)، بنو هاشم (1)، الموت (1)، القتل (1)، القبر (1)، الجهل (1)، اللبس (1)، الصّلاة (1)، الدفن (1)

عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب

قبل أن يموت بثلاثة أيام وكان له من الأولاد ثلاثة ذكور وبنت (نوفل بن الحرث بن عبد المطلب) يكني أبا الحرث وكان أسن من إخوته ومن جميع من أسلم من بني هاشم حتي من حمزة والعباس رضي الله عنهما، خرج إلي بدر فأسر ففداه العباس بأمر رسول الله كما مر في ترجمة العباس، وقيل بل فدي نفسه وقيل أسلم وهاجر أيام الخندق وقيل أسلم يوم فدي نفسه نوفل بن الحرث بن عبد المطلب، قال لما أسر نوفل بن الحرث ببدر قال له رسول الله صلي الله عليه وآله افد نفسك قال مالي شئ أفتدي به قال افد نفسك برماحك التي بجدة قال والله ما علم أحد أن لي رماحا بجدة غيري بعد الله أشهد انك رسول الله وفدي نفسه بها فكانت الف رمح وشهد نوفل مع رسول الله فتح مكة وحنين والطائف وكان ممن ثبت مع رسول الله صلي الله عليه وآله يوم حنين بثلاثة آلاف رمح فقال رسول الله كأني أري رماحك تقصف أصلاب المشركين وآخي رسول الله بينه وبين العباس بن عبد المطلب وكانا مشتركين في الجاهلية متفاوضين في المال متحابين.
توفي بالمدينة سنة خمس عشرة وقيل أربع عشرة في خلافة عمر وصلي عليه عمر بعد أن شيعه إلي البقيع ماشيا ووقف علي قبره حتي دفن وكان له من الولد سبعة ذكور (عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب) أمه عاتكة بنت أبي وهب بن عمرو بن عائذ المخزومية أدرك الاسلام وثبت مع النبي صلي الله عليه وآله فيمن ثبت يومئذ وكان رسول الله يقول له ابن عمي وحبي ومنهم من يقول كان يقول له ابن أمي (وروي) لما قدم من مكة علي النبي ألبسه حلة وأجلسه إلي جانبه وقال هو ابن أمي وكان أبوه يحبني ويبرني ويحسن إلي وكان أبوه الزبير من اشراف قريش.
وقتل عبد الله بن الزبير يوم أجنادين في خلافة أبي بكر شهيدا ووجد حوله عصبة من الروم قد قتلهم ثم أثخنه الجراح فمات بها.
(١٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: أبو الفضل العباس بن علي أمير المؤمنين عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، مقبرة بقيع الغرقد (1)، نوفل بن الحرث بن عبد المطلب (2)، مدينة مكة المكرمة (2)، خلافة أبي بكر بن أبي قحافة (1)، عبد الله بن الزبير (2)، العباس بن عبد المطلب (1)، بنو هاشم (1)، الموت (1)، القتل (1)، القبر (1)، الجهل (1)، اللبس (1)، الصّلاة (1)، الدفن (1)

عبد الله بن جعفر بن أبي طالب

وذكر الواقدي أن أول قتيل من الروم يومئذ بطريق معلم برز ودعا إلي الميدان فبرز إليه عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب فاختلفا ضربات ثم قتله عبد الله ولم يتعرض لسلبه ثم برز آخر يدعو إلي البراز فبرز إليه فاقتتلا بالرمحين ساعة ثم صارا إلي السيفين فضربه عبد الله علي عاتقه وهو يقول خذها وانا ابن عبد المطلب فأثبته وقطع سيفه الدرع فأسرع في منكبه ثم ولي الرومي منهزما فعزم عليه عمرو بن العاص أن لا يتبارز فقال عبد الله إني والله ما أجد أني أصبر فلما اختلفت السيوف واخذ بعضها بعضا وجد في ربضة من الروم عشرة حوله قتلي وهو مقتول بينهم وكانت سنه نحوا من ثلاثين سنة.
وقيل إن سنه لما توفي النبي صلي الله عليه وآله كانت ثلاثين سنة ولم يعقب والله أعلم.
(عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رحمه الله) يكني أبا جعفر أمه أسماء بنت عميس الخثعمية وهو أول مولود ولد للمسلمين المهاجرين بالحبشة وقدم مع أبيه علي النبي بخيبر سنة سبع وقد تقدم ذلك في ترجمة جعفر رحمه الله.
(وروي) عن الأمام أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال بايع رسول الله صلي الله عليه وآله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وهم صغار ولم يبايع صغيرا قط إلا هم.
(وروي) عن عبد الله بن جعفر أنه قال انا أذكر حين وافي الخبر رسول الله بموت أبي فدخل علينا البيت ونعاه إلينا ومسح يده علي رأسي ورأس أخي وقبل ما بين عيني وقد فاضت عيناه بالدمع حتي قطرت لحيته وهو يقول اللهم إن جعفرا قدم إلي أحسن الثواب فاخلفه في ذريته بأحسن ما خلفت أحدا من عبادك في ذريته ثم عاد إلينا بعد ثلاثة أيام فأحسن عزاءنا جميعا وغير ثيابنا ودعا لنا وقال لأمي أسماء لا تحزني فإني وليهم في الدنيا والآخرة وقد تقدم نحو ذلك في ترجمة جعفر (رض) بأبسط من هذا.
(١٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (2)، عبد الله بن الزبير (1)، أسماء بنت عميس (1)، عمرو بن العاص (1)، جعفر بن محمد (1)، القتل (1)
(وروي) أبو الفرج الأصبهاني باسناده عن عثمان بن أبي سليمان وابن قمارين قالا مر النبي صلي الله عليه وآله بعبد الله بن جعفر وهو يصنع شيئا من طين من لعب الصبيان فقال ما تصنع بهذا فقال أبيعه قال ما تصنع بثمنه قال اشتري به رطبا فأكله فقال النبي صلي الله عليه وآله اللهم بارك له في صفقة يمينه فكان يقال ما اشتري شيئا قط إلا رمح به.
وكان عبد الله أحد أجواد الإسلام المشهورين وكان يلقب بالجواد وبحر الجود وكان يقال له ابن ذي الجناحين وصاح به اعرابي يا أبا الفضل فقيل له كنيته قال إن تكن كنيته فإنها صفته وكان حليما ظريفا عفيفا وقيل لم يكن في الإسلام أسخي منه واستسرفه بعضهم في الجود فقال إن الله عودني عادة وعودت خلقه عادة عودني ان يمدني بالرزق وعودت خلقه ان أمدهم بالبر فأكره أن أقطع العادة فيقطع عني المادة.
وروي أنه أعطي امرأة سألته مالا عظيما فقيل له انها لا تعرفك وكان يرضيها اليسير فقال إن كان يرضيها اليسير فإني لا أرضي إلا بالكثير وإن كانت لا تعرفني فانا أعرف نفسي.
(وروي) الرياشي عن الأصمعي قال مدح نصيب بن رياح عبد الله بن جعفر فامر له بمال كثير وكسوة شريفة ورواحل موقرة برا وتمرا فقيل أتفعل هذا بمثل هذا العبد الأسود قال اما لأن كان عبدا انني لحر وإن كان أسود إن ثناءه لأبيض وإنما اخذ مالا يفني وثيابا تبلي ورواحل تنضي وأعطي مديحا يروي وثناء يبقي.
ومن غريب ما يحكي من جوده ان عبد الرحمن بن أبي عمارة وهو من نساك الحجاز دخل علي نحاس يعرض قيانا له تعلق بواحدة منهن فشهر يذكرها حتي مشي إليه عطاء وطاووس ومجاهد يعذلونه فكان جوابه أن قال.
يلومني فيك أقوام أجالسهم * فما أبالي أطار اللوم أم وقعا
(١٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (2)، أبو الفرج الإصبهاني (الإصفهاني) (1)، الجود (1)
فانتهي خبره إلي عبد الله بن جعفر فلم يكن له هم غيره فحج فبعث إلي مولي الجارية فاشتراها منه بأربعين ألف درهم وأمر قيمة جواريه ان تزينها وتطيبها ففعلت وبلغ الناس قدومه فدخلوا عليه فقال مالي لا أري ابن أبي عمارة فأخبر الشيخ فاتاه مسلما فلما أراد ان ينهض استجلسه ثم قال ما فعل حب فلانة قال في اللحم والدم والمخ والعصب قال أتعرفها لو رأيتها قال لو أدخلت الجنة ما أنكرها فامر بها عبد الله ان تخرج إليه وقال إنما اشتريتها لك والله ما دنوت منها فشأنك بها مباركا لك فيها فلما ولي قال يا غلام احمل معه مائة ألف درهم ينعم معها بها فبكي عبد الرحمن فرحا وقال يا أهل البيت لقد خصكم الله بشرف ما خص به أحدا قبلكم من صلب آدم " ع " فلتهنكم هذه النعمة وبورك لكم فيها.
وخرج عبد الله إلي ضيعة له فنزل علي نخيل وقوم فيه غلام اسود يقوم عليها فأتي الغلام بقوته ثلاثة أقراص فدخل كلب فدنا من الغلام فرمي إليه بقرص فأكله ثم رمي إليه بالثاني والثالث فأكلهما وعبد الله ينظر إليه فقال يا غلام كم قوتك كل يوم قال ما رأيت قال فلم آثرت هذا الكلب قال ما هي بأرض كلاب وانه جاء من مسافة بعيدة جائعا فكرهت ان أرده قال فما أنت اليوم صانع قال اطوي يومي هذا فقال عبد الله بن جعفر ألام علي السخاء ان هذا لأسخي مني فاشتري الغلام والنخيل فأعتق الغلام ووهب له النخيل ثم ارتحل.
وأنشد عبد الله بن جعفر قول الشاعر:
ان الصنيعة لا تكون صنيعة * حتي تصيب بها طريق المصنع فقال هذا رجل يريد ان يبخل الناس بل أمطر المعروف مطرا فان صادف موضعا كان الذي قصدت وإلا كنت أحق به.
قدم رجل من المدينة بسكر فكسد عليه فقصد به عبد الله بن جعفر فاشتراه منه وأنهبه الناس فلما رأي الرجل ذلك قال لعبد الله أتأذن لي ان أنهب معهم جعلت فداك قال بلي فانهب فجعل ينهب مع الناس وعبد الله يضحك.
(١٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: النبي آدم عليه السلام (1)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (4)، الحج (1)، الضياع (1)، النهوض (1)، الفدية، الفداء (1)، الصّلب (1)، السخاء (1)
خرج الحسنان " ع " وعبد الله بن جعفر رضي الله عنه وأبو حبة الأنصاري من مكة إلي المدينة فأصابهم مطر فلجأوا إلي خباء اعرابي فأقاموا عنده ثلاثا حتي سكنت السماء وذبح لهم فلما ارتحلوا قال له عبد الله ان قدمت المدينة فاسأل عنا فاحتاج الأعرابي بعد سنين فقالت امرأته لو اتيت المدينة فلقيت أولئك الفتيان فقال قد نسيت أسماءهم فقالت سل عن ابن الطيار فاتاه فقال الق سيدنا الحسن " ع " فلقيه فامر له بمائة ناقة بفحولها ورعاتها ثم أتي الحسين " ع " فقال كفانا أبو محمد مؤنة الإبل فامر له بألف شاة ثم اني عبد الله (رض) فقال كفاني أخواي الإبل والشاة فامر له بمائة ألف درهم ثم أتي أبا حبة فقال والله ما عندي مثل ما أعطوك ولكن جئني بإبلك فأوقرها لك تمرا فلم يزل اليسار في أعقاب الاعرابي (وروي) عنه (رض) كان يقول لا خير في المعروف إلا أن يكون ابتداء فاما أن يأتيك الرجل بعد تململ علي فراشه لا يدري أيرجع ينجح الطلب أو كآبة المنقلب فان أنت رددته عن حاجته تصاغرت إليه نفسه فتراجع الدم في وجهه وتمني ان يجد نفقا في الأرض فيدخل فيه فلا.
قال المسعودي في مروج الذهب وقد عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما علي معاوية فسمع به عمرو بن العاص فسبق إلي دمشق ودخل علي معاوية وعنده جمع من بني هاشم وغيرهم فقال عمرو قد أتاكم رجل خذول للسلف متعارف بالسرف وذكر مساوي أعرضنا عن ذكرها فغضب عبد الله بن الحرث بن عبد المطلب وقال كذبت يا عمرو ليس عبد الله كما ذكرت ولكنه لله ذكور ولبلائه شكور وعن الخناء نفور مهذب ما جد كريم حليم إن ابتدأ أصاب وإن سئل أجاب غير حصر ولا هياب كالهزبر الضرغام والسيف الصمصام ليس كمن اختصمت فيه من قريش مشركوها فغلب عليه جزا‌ها فأصبح أو ضعها نسبا وألأمها حسبا لأشرف له في الجاهلية مذكور ولا قدم له في الاسلام مشهور غير انك تنطق بلسان غيرك ولقد كان أمر في الحكم وأبين في الفصل ان يعمك عن ولوغك في اعراض
(١٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (2)، كتاب مروج الذهب للمسعودي (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، عمرو بن العاص (1)، بنو هاشم (1)، ابن الطيار (1)، دمشق (1)، الكذب، التكذيب (1)، الجهل (1)، الكرم، الكرامة (1)
قريش كعام الضبع في وجارها فلست لأعراضها بوفي ولا لأحسابها بكفي، فهم عمرو بان يتكلم فمنعه معاوية وتفرق القوم.
(وروي) المدائني قال بينا معاوية يوما جالسا وعنده عمرو بن العاص إذ قال الآذن قد جاء عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقال عمرو والله لأسوأنه اليوم فقال معاوية لا تفعل يا أبا عبد الله فإنك لا تنتصف منه ولعلك ان تظهر لنا من معيبه ما هو خفي عنا وما لا تحب ان نعلمه منه وغشيهم عبد الله بن جعفر فأدناه معاوية وقربه فمال عمرو إلي بعض جلساء معاوية فنال من علي (" ع ") جهارا غير سائر له وثلبه ثلبا قبيحا فالتمع لون عبد الله بن جعفر واعتراه إفكل حتي أرعدت فرائصه ثم نزل من السرير كالفنيق فقال عمرو مه يا أبا جعفر فقال له عبد الله صه لا أم لك ثم قال:
أظن الحلم دل علي قومي * وقد يتجهل الرجل الحليم ثم حسر عن ذراعيه وقال يا معاوية حتي م تتجرع غيضك والي كم الصبر علي مكروه قولك وسيئ أدبك وذميم أخلاقك هبلتك الهبول اما يزجرك ذمام المجالسة عن القدح لجليسك ان لم تكن لك حرمة من دينك تنهاك عما لا يجوز لك اما والله لو عطفتك أواصر الأرحام وحاميت علي سهمك من الاسلام ما أوعيت بني الأماء لمتك والعبيد الشك اعراض قومك وما يجهل موضع الصفوة إلا أهل الجزة وإنك لتعرف وشائط قريش وصفوة عرائرها فلا يدعونك تصويب ما فرط من خطتك في سفك دماء المسلمين ومحاربة أمير المؤمنين " ع " إلي التمادي في ما قد وضح لك الصواب في خلافه فاقصد لمنهج الحق فقد طال عماؤك عن سبيل الرشد وخبطك في ديجور ظلمة الغي فان أبيت إلا تتابعا في قبح اختيارك لنفسك فاعفنا عن سوء المقالة فينا إذا ضمنا وإياك الندي وشأنك وما تريد إذا خلوت والله حسيبك فوالله لولا ما جعل لنا الله في يديك لما أتيناك ثم قال إنك ان كلفتني ما لم أطلق * ساءك ما سرك مني من حلق
(١٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (2)، عمرو بن العاص (1)، الظلم (1)، الجهل (1)، الجواز (1)
فقال معاوية أبا جعفر أقسمت عليك لتجلسن لعن الله من أخرج ضب صدرك من وجاره محمول لك ما قلت ولك عندنا ما أملت فلو لم يكن محتدك ومنصبك لكان خلقك وخلقك شافعين لك إلينا كيف وأنت ابن ذي الجناحين وسيد بني هاشم فقال عبد الله كلا بل سيدا بني هاشم حسن وحسين " ع " لا ينازعهما في ذلك أحد فقال معاوية يا أبا جعفر أقسمت عليك لما ذكرت لك حاجة أقضيها كائنة ما كانت ولو ذهبت بجميع ما أملك فقال اما في هذا المجلس فلا ثم انصرف فاتبعه معاوية بصرة وقال والله لكأنه رسول الله مشيه وخلقه وانه لمن مشكاته ولوددت انه آخي بنفيس ما أملك ثم التفت إلي عمرو وقال يا أبا عبد الله ما تراه منعه من الكلام معك قال ما لا خفاء به عنك قال أظنك تقول هاب جوابك لا والله ولكنه ازدراك واستحقرك ولم يرك للكلام أهلا ما رأيت اقباله علي دونك ذاهبا بنفسه عنك فقال عمرو فهل لك ان تسمع ما أعددته لجوابه فقال معاوية أذهب إليك أبا عبد الله فلات حين جواب سائر اليوم ونهض معاوية وتفرق الناس.
(وروي) ان عبد الله بن جعفر بن أبي طالب دخل علي معاوية بن أبي سفيان وعنده ابنه يزيد فجعل يزيد يعرض بعبد الله وينسبه إلي الأشراف فقال عبد الله اني لأرفع نفسي عن جوابك ولو صاحب السرير يكلمني لأجبته فقال له معاوية كأنك تظن انك أشرف منه قال أي والله ومنك ومن أبيك ومن جدك فقال معاوية ما كنت أظن أن أحدا في عصر حرب بن أمية أشرف منه فقال عبد الله بلي ان أشرف من حرب من أكفا عليه إناءه وأجاره بردائه فقال معاوية صدقت يا أبا جعفر ومعني هذا ان حرب بن أمية كان إذا عرضت له في أسفاره ثنية تنحنح فلم يجترأ أحد ان يرقاها قبله فعرضت له يوما في بعض أسفاره ثنية فتنحنح فوقف الناس فقال غلام من تميم، ومن حرب ثم تقدمه فقال حرب سيمكنني الله تعالي
(١٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، بنو هاشم (2)، الحرب (5)
منك بمكة ثم ضرب الدهر من ضربه وعرضت للتميمي حاجة إلي مكة فدخلها وسأل عن أعز أهل مكة فقيل له عبد المطلب بن هاشم فقال أردت دونه فقالوا ابنه الزبير فقرع علي الزبير بن عبد المطلب بابه فخرج إليه فقال إن كنت مستجيرا أجرناك وإن كنت طالب قري قريناك فأنشأ التميمي يقول:
لاقيت حربا بالثنية مقبلا * والصبح أبلج ضوءه للساري قف لا تصاعدوا كتني ليروعني * ودعا بدعوة معلن وشعار فتركته خلفي وسرت امامه * وكذاك كنت أكون في الاسفار فمضي يهددني الوعيد ببلدة * فيها الزبير كمثل الليث ضاري فتركته كالكلب ينبح وحده * وأتيت قوم مكارم وفخار وحلقت بالبيت العتيق وركنه * وبزمزم والحجر والأستار إن الزبير لما نعي بمهند * عضب المهزة صارم بتار ليث هزبر يستجار ببابه * رحب المباءة مكرم للجار فقال له الزبير أمامي فإنا بني عبد المطلب إذا أجرنا رجلا لم نتقدمه فمضي قدامه فلقيه حرب فقال التميمي ورب الكعبة ثم شد عليه فاخترط الزبير سيفه ونادي في إخوته فمضي حرب يشتد والزبير في اثره حتي أتي دار عبد المطلب فلقيه خارجا فقال مم يا حرب فقال ابنك قال ادخل الدار فدخل فأكفأ عليه جفنة هاشم التي كان يهشم فيها الثريد وتلاحق بنو عبد المطلب فلم يجترئوا ان يدخلوا دار أبيهم فجلسوا علي الباب واحتبوا بحمائل سيوفهم فخرج عبد المطلب فرآهم فسره ما رأي منهم وقال يا بني أصبحتم اسود العرب ثم دخل علي حرب فقال له قم فاخرج فقال يا أبا الحرث هربت من واحد واخرج إلي عشرة فقال هاك ردائي فالبسه فإنهم إذا رأوه عليك لم يهيجوك وكان رداؤه أعطاه إياه ابن ذي يزن فلبسه وخرج فرفعوا رؤسهم فلما رأوا رداء أبيهم نكسوا رؤسهم ومر حرب.
(وروي) المدائني قال قدم عبد الله بن جعفر علي يزيد بن معاوية وذلك
(١٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، مدينة مكة المكرمة (3)، يزيد بن معاوية لعنهما الله (1)، العزّة (1)، الضرب (2)، الحرب (4)، الكرم، الكرامة (1)
بعد أن مات معاوية واستخلف يزيد فأعطاه أربعة آلاف الف فقيل له أتعطي هذا المال كله رجلا واحد فقال ويحكم انما أعطيها أهل المدينة أجمعين فما هي في يده إلا عارية ثم وكل به يزيد من صحبه وهو لا يعلم لينظر ما يفعل فلما وصل إلي المدينة فرق جميع المال حتي احتاج بعد شهر إلي الدين.
ولما وافي الخبر أهل المدينة بقتل الحسين " ع " دخل بعض موالي عبد الله ابن جعفر عليه فنعي إليه ابنيه عونا ومحمدا وكانا قتلا مع الحسين " ع " فاسترجع عبد الله فقال أبو السلاسل مولي عبد الله هذا ما لقينا من الحسين فحذفه عبد الله بنعله ثم قال يا بن اللخناء أللحسين تقول هذا والله لو شهدته لأحببت ان لا أفارقه حتي اقتل معه والله انه لما يسخي بنفسي عنهما ويعزي علي المصاب بهما انهما أصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه ثم اقبل علي جلسائه فقال الحمد لله عز علي مصرع الحسين " ع " ان لا أكن واسيت حسينا بيدي فقد واساه ولداي قال المسعودي في مروج الذهب كان الحجاج تزوج إلي عبد الله بن جعفر حين أملق عبد الله وافتقر من الجود والبذل.
قال المؤلف نزوج ابنته أم كلثوم واختلف أهل السير هل زفت إليه أم لا.
فروي بذيح قال زوج عبد الله بن جعفر ابنته أم كلثوم من الحجاج علي ألفي الف في السر وخمسمائة الف في العلانية وحملها إليه إلي العراق فمكثت عنده ثمانية أشهر.
ونقل الزمخشري في ربيع الأبرار قال لما زفت بنت عبد الله بن جعفر إلي الحجاج نظر إليها وعبرتها تجري علي خدها فقال مم بابي أنت وأمي قالت شرف اتضع وضعه شرفت.
قال بذيح مولي عبد الله بن جعفر لما خرج عبد الله بن جعفر إلي عبد الملك ابن مروان خرجنا معه حتي دخلنا دمشق فانا لنحط رحالنا إذ جاءنا الوليد بن عبد الملك علي بغلة ومعه الناس فقلنا جاء إلي ابن جعفر ليحييه ويدعوه إلي منزله
(١٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (3)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (5)، دولة العراق (1)، كتاب مروج الذهب للمسعودي (1)، الزمخشري (1)، دمشق (1)، القتل (1)، الجود (1)، الموت (1)، الزوج، الزواج (2)، الشهادة (1)
فاستقبله ابن جعفر بالترحيب فقال له لكن أنت لا مرحبا بك ولا أهلا فقال يا بن أخي لست أهلا لهذه المقالة منك قال بلي ولشر منها قال وفيم ذلك قال إنك عمدت إلي عقيلة نساء العرب وسيدة بني عبد مناف ففرشتها عبد ثقيف يتفخذها قال وفي هذا عتب علي يا بن أخي قال وما أكثر من هذا قال والله ان أحق الناس أن لا يلومني في هذا أنت وأبوك أن من كان قبلكم من الولاة ليصلون رحمي ويعرفون حقي وإنك وأباك منعتماني ما عندكما حتي ركبني من الدين ما والله لو أن عبدا مجدعا حبشيا أعطاني ما أعطاني عبد ثقيف لزوجته فإنما فديت بها رقبتي من النار قال فما راجعه بكلمة حتي عطف عنانه ومضي حتي دخل علي عبد الملك وكان الوليد إذا غضب عرف ذلك في وجهه فلما رآه عبد الملك قال مالك أبا العباس قال مالي إنك سلطت عبد ثقيف وملكته ورفعته حتي تفخذ نساء بني عبد مناف فأدركته الغيرة فكتب عبد الملك إلي الحجاج يعزم عليه أن لا يضع كتابه من يده حتي يطلقها فطلقها فما قطع الحجاج عنها رزقا ولا كرامة يجريها عليها حتي خرجت من الدنيا قال وما زال واصلا لعبد الله بن جعفر حتي هلك.
وروي الثقاة من الرواة قالوا لما أكره الحجاج عبد الله بن جعفر علي أن يزوجه ابنته وبذل لها من الأموال ما يجل قدره أستأجله في نقلها إليه سنة ففكر عبد الله في الانفكاك عنه فألقي في روعه خالد بن يزيد بن معاوية فكتب إليه يعلمه ذلك وكان الحجاج تزوجها باذن عبد الملك فورد علي خالد كتابه ليلا فاستأذن من ساعته علي عبد الملك فقيل أفي هذا الوقت قال هو أمر لا يؤخر فاعلم عبد الملك فأذن له فلما دخل قال فيم المسري يا أبا هاشم قال أمر جليل لم أمن أن أؤخره فتحدث حادثه علي فلا أكون قضيت حق بيعتك قال ما هو قال تعلم أنه ما كان بين حيين من العدواة والبغضاء ما كان بين آل الزبير وبيننا قال لا قال إن تزوجي إلي آل الزبير حلل ما كان لهم بقلبي فما أهل بيت أحب إلي منهم قال إن ذلك ليكون قال فكيف أذنت للحجاج ان يتزوج في بني هاشم والحجاج من
(١٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (2)، كتاب الثقات لابن حبان (1)، يزيد بن معاوية لعنهما الله (1)، بنو هاشم (1)، الزوج، الزواج (2)، الهلاك (1)
سلطانك بحيث علمت فجزاه خيرا وكتب إلي الحجاج يعزم عليه ان يطلقها فطلقها فغدا الناس يعزونه عنها.
وعن عروة ابن هشام بن عروة عن أبيه قال لما تزوج الحجاج وهو أمير المدينة بنت عبد الله بن جعفر أتي رجل سعيد بن المسيب فذكر له ذلك فقال اني لأرجو ان لا يجمع الله بينه وبينها ولقد دعا بذلك داع فابتهل وعسي الله فلما بلغ ذلك عبد الملك بن مروان أبرد البريد إلي الحجاج وكتب إليه يغلظ له ويقصر به ويذكر تجاوزه قدره ويقسم بالله لأن هو قرب منها ليقطعن أحب أعضائه ويأمره بتسويغ أبيها المهر وبتعجيل فراقها ففعل ذلك فما بقي أحد فيه خير إلا سره ذلك فقال جعفر بن الزبير يخاطب الحجاج:
ولولا انتكاس الدهر ما نال مثلها * رجائك إذ لم يرج ذلك يوسف أبنت الصفي ذي الجناحين تبتغي * لقد رمت خطبا قدره ليس يوصف قال بذيح وفد عبد الله بن جعفر علي عبد الملك بن مروان فلما دخل عليه استقبله عبد الملك بالترحيب ثم أخذ بيده فأجلسه معه علي سريره ثم سأله فالطف المسألة حتي سأله عن مطعمه ومشربه فلما أنقضت مسائلته قال يحيي بن الحكم أمن خبيثة كان وجهك أبا جعفر قال وما خبيثة قال أرضك التي جئت منها قال سبحان الله يسميها رسول الله صلي الله عليه وآله طيبة وتسميها خبيثة قد اختلفتما في الدنيا وأظنكما في الآخرة مختلفين فلما خرج من عنده هيأ ابن جعفر لعبد الملك هدايا وألطافا. قال الراوي قيل لبذيح ما قيمة ذلك قال قيمته مائة الف من وصائف وكسوة وحرير ولطف من لطف الحجاز قال فبعثني بها فدخلت عليه وليس عنده أحد فجعلت أعرض عليه شيئا شيئا قال فما رأيت مثل إعظامه لكل ما عرضت عليه من ذلك وجعل يقول - كلما أريته شيئا - عافي الله أبا جعفر ما رأيت كاليوم وما كنا نريد ان يتكلف لنا شيئا من ذلك قال فخرجت من عنده وأذن لأصحابه فوالله لبينا انا أحدثه عن تعجب عبد الملك واعظامه لما أهدي إليه إذا بفارس قد
(١٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم عاشوراء (1)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (2)، سعيد بن المسيب (1)، هشام بن عروة (1)، الزوج، الزواج (1)
أقبل علينا فقال أبا جعفر ان أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول لك جمعت لنا وخش رقيق الحجاز واباقهم وحبست عنا فلانة فابعث بها إلينا وذلك أنه حين دخل عليه أصحابه جعل يحدثهم عن هدايا أبي جعفر ويعظمها عندهم فقال له يحيي بن الحكم وما أهدي إليك ابن جعفر جمع لك وخش رقيق الحجاز واباقهم وحبس عنك فلانة قال ويلك وما فلانة هذه قال ما لم يسمع أحد بمثلها قط جمالا وكمالا وأدبا وخلقا لو أراد كرامتك بعث بها إليك قال وأين تراها وأين تكون قال هي والله معه وهي نفسه التي بين جنبيه فلما قال الرسول ما قال وكان أبو جعفر في أذنه بعض الوقر إذا سمع ما يكره تصام فاقبل عليه فقال يا بذيح قال قلت بقول أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول أنه جائني بريد من ثغر كذا يقول بان الله نصر المسلمين وأعزهم قال أقرأ أمير المؤمنين السلام وقل له أعز الله نصرك وكبت عدوك فقال يا أبا جعفر إني لست أقول هذا وأعاد مقالته الأولي فسألني فصرفته إلي وجه آخر فاقبل علي الرسول وقال ماص هن أمه أيرسل أمير المؤمنين تتهكم وعن أمير المؤمنين تجيب هذا الجواب اما والله لأطلن دمك فانصرف فاقبل علي أبو جعفر فقال من تري صاحبنا قلت صاحبك بالأمس قال أظنه فما الرأي عندك قلت يا أبا جعفر قد تكلفت له ما تكلفت فان منعتها إياه جعلها سببا لمنعك ولو طلب إحدي بناتك ما كنت أري أن تمنعها إياه قال ادعها لي فلما أقبلت رحب بها فأجلسها إلي جنبه ثم قال اما والله ما كنت أظن أن يفرق بيني وبينك إلا الموت قالت وما ذاك قال أنه حدث أمر وليس والله كائنا فيه إلا ما أحببت جاء الدهر فيه بما جاء قالت وما هو قال عبد الملك بعث يطلبك فان تهوين فذاك وإلا لم يكن ابدا قال ما شئ لك فيه هوي ولا أظن فيه فرجا عنك إلا فديته بنفسي وأرسلت عينيها بالبكاء قال اما إذ فعلت فلا تريني مكروها فمسحت عينيها وأشار إليها فقامت فقال ويحك يا بذيح استحثها قبل أن يبدر إلي من القوم بادرة قال ودعا بأربع وصائف ودعا صاحب نفقته بخمسمائة دينار ودعا
(١٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (1)، الكراهية، المكروه (1)
مولاة له كانت تلي طيبه قد حست لها ربعة عظيمة ممارة طيبا ثم قال عجل بها ويلك فخرجت أسوق بها حتي انتهيت إلي الباب فإذا الفارس قد بلغ عني فما تركني الحجاب ان تمس رجلاي الأرض حتي أدخلت علي عبد الملك وهو يتلظي فقال لي يا ماص كذا وكذا أنت المجيب عن أمير المؤمنين والمتهكم برسله قلت يا أمير المؤمنين ائذن لي أتكلم قال وما تقول يا كذا وكذا قلت ائذن لي جعلني الله فداك أتكلم قال تكلم قلت يا أمير المؤمنين انا أصغر شانا وأقل خطرا ان يبلغ أمير المؤمنين من كلامي ما أري وهل انا إلا عبد من عبيده نعم قد قلت ما بلغك وأنت تعلم انا انما نعيش في كنف هذا الشيخ وإن الله لم يزل إليه محسنا فجائه من قبلك شئ ما أتاه مثله قط انما طلبت نفسه التي بين جنبيه فأجبت بما بلغك لأسهل الأمر عليه ثم سألني فأخبرته واستشارني فأشرت عليه وها هي هذه قد جئتك بها قال ادخلها ويلك قال فأدخلتها عليه وعنده مسلمة ابنه وهو غلام ما رأيت مثله ولا أجمل منه حين أخضر شاربه فلما جلست وكلمها أعجب بكلامها فقال لله أبوك أمسكك لنفسي أحب إليك أم أهبك لهذا الغلام فإنه ابن أمير المؤمنين قالت يا أمير المؤمنين لست لك بحقيقة وعسي ان يكون هذا لي وجها قال فقام من مكانه ما راجعها فدخل واقبل عليها مسلمة فقال يا لكاع أعلي أمير المؤمنين تختارين قالت يا عدو نفسه أتلومني ان اخترتك لعمر الله لقد قل رأي من اختارك قال ضيعت والله مجلسه وطلع علينا عبد الملك قد ادهن بدهن واري الشيب وعليه حلة كأنها الذهب وبيده مخصرة يخصر بها فجلس مجلسه علي سريره ثم قال أيها لله أبوك أمسكك لنفسي أحب إليك أم أهبك لهذا الغلام قالت ومن أنت أصلحك الله قال لها الخصي هذا أمير المؤمنين قالت لست مختاره علي أمير المؤمنين أحدا قال فأين قولك آنفا قالت رأيت شيخا كبيرا وأري أمير المؤمنين أشيب الناس وأجملهم ولست مختارة عليه ابدا قال دونكها يا مسلمة قال بذيح فنشرت عليها الكسوة والدنانير التي كانت معي وأريته الجواري والطيب قال عافي الله ابن جعفر أخشي ان لا يكون لها
صفحه(١٧٩)
عندنا نفقة وطيب وكسوة قلت بلي ولكنه أحب ان يكون معها ما تكتفي به إلي حين تستأنس قال فقبضها مسلمة فلم تلبث عنده يسيرا حتي هلكت قال بذيح فوالذي ذهب بنفس مسلمة ما جلست معه مجلسا ولا وقفت معه موقفا أنازعه فيه الحديث إلا قال ويحك أبغي مثل فلانة فأقول أبغني مثل ابن جعفر فيقول إذا والله لا أقدر فأقول والله لا أقدر علي مثلها حتي تقدر علي مثل ابن جعفر قال قلت لبذيح ويلك فما أجازه أبي قال حين رفع إليه حاجته ودينه لأجزينك حائزة لو نشر لي مروان من قبره ما زدته عليها فأمر له بمائة الف وأيم الله أني لأحسبه أنفق في هديته ومسيره ذلك سوي جاريته التي كانت عدل نفسه مأتي الف.
(وروي) ان ابن قسوة اني عبد الله بن العباس يستوصله فلم يصله فقال:
أتيت ابن عباس أرجي نواله * فلم يرج معروفي ولم يخش منكري فليت قلوصي عريت أو رحلتها * إلي حسن في داره وابن جعفر فقال عبد الله بن جعفر انا أشتري منك عرض ابن عمي فقال أشتر ولا تؤخر فوصله حتي كف.
وروي عبد الله بن مصعب ان الحزين مر بالعقيق في غداة باردة فمر عبد الله بن جعفر وعليه مطرف وقد استعار الحزين من رجل ثوبا فقال:
أقول له حين واجهته * عليك السلام أبا جعفر قال وعليك السلام فقال:
فأنت المهذب من غالب * وفي البيت منها الذي يذكر فقال كذبت يا عدو الله ذلك رسول الله صلي الله عليه وآله فقال:
وهذي ثيابي قد أخلقت * وقد عضني زمن منكر قال هاك ثيابي فأعطاه ثيابه.
وعن يحيي بن الحسن قال بلغني ان أعرابيا وقف علي مروان بن الحكم
(١٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (2)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، مروان بن الحكم (1)، عبد الله بن مصعب (1)، يحيي بن الحسن (1)، الكذب، التكذيب (1)، القبر (1)
أيام الموسم بالمدينة فسأله فقال له يا اعرابي ما عندنا ما نصلك به عليك بابن جعفر فأتي الأعرابي باب عبد الله بن جعفر فإذا ثقله قد سار نحو مكة وراحلته بالباب عليها متاعه وسيف معلق فخرج عبد الله وأنشأ الأعرابي يقول:
أبو جعفر من أهل بيت نبوة * صلاتهم للمسلمين ظهور أبا جعفر ان الحجيج ترحلوا * وليس لرحلي فاعلمن بعير أبا جعفر ضن الأمير بماله * وأنت علي ما في يديك أمير وأنت امرؤ من هاشم في صميمها * إليك يصبر المجد حيث تصير فقال يا اعرابي سار الثقل فدونك الراحلة بما عليها وإياك ان تخدع عن السيف فإني اخذته بألف دينار فأنشأ الاعرابي يقول:
حباني عبد الله نفسي فدائه * باعيس مهري سباط مشافره وأبيض من ماء الحديد كأنه * شهاب بدي والليل داج عساكره وكل أمري يرجو نوال بن جعفر * سيجري له باليمن والسعد طائره فيا خير خلق الله نفسا ووالدا * وأكرمه للجارحين يجاوره سأثني بما أوليتني يا بن جعفر * وما شاكر عرفا كمن هو كافره (وروي) انه جاء شاعر إلي عبد الله بن جعفر فأنشده:
رأيت أبا جعفر في المنام * كساني من الخز دراعة شكوت إلي صاحبي أمرها * فقال سيؤتي بها الساعة سيكسوكها الماجد الجعفري * ومن كفه الدهر نفاعة ومن قال للجود لا تعدني * فقال لك السمع والطاعة فقال عبد الله لغلامه ادفع له دراعتي الخز همم قال له كيف لو يري جبتي المنسوجة بالذهب التي اشتريتها بثلاث مائة دينار فقال له الشاعر بابي أنت وأمي ودعني أغفي إغفاءة أخري فلعلي أراها في المنام فضحك عبد الله منه وقال له ادفع جبتي الوشي. قال يحيي بن الحسن وكان عبد الله بن الحسن يقول كان أهل
(١٨١)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (2)، عبد الله بن الحسن (ع) (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، يحيي بن الحسن (1)، الصبر (1)
المدينة يدانون بعضهم من بعض إلي أن يأتي عطاء عبد الله بن جعفر.
وافتقد عبد الله بن جعفر صديقا له من مجلسه ثم جائه فقال له أين كانت غيبتك قال خرجت إلي عرض من اعراض المدينة مع صديق لي فقال إن اسم تجد من صحبة الرجال بدا فعليك بصحبة من إذا صحبته زانك وإن جفوته صانك وإن احتجت إليه مالك وإن رأي منك خلة سدها أو حسنة عدها وان كثرت عليه لم يرفضك وإن سألته أعطاك وإن سكت عنه ابتداك.
ومن كلامه ان باهل المعروف من الحاجة إليه أكثر مما بأهل الرغبة منهم فيه وذلك أن حمده وأجره وذكره وذخره وثنائه لهم فما صنعت من صنيعة أو أتيت من معروف فإنما تصنعه إلي نفسك فلا تطلبن من غيرك شكر ما أتيت إلي نفسك.
ويروي هذا الكلام لأبيه جعفر.
وقيل له انك تبذل الكثير إذا سألت وتضايق في القليل إذا توجرت فقال اني أبذل مالي وأصف بعقلي.
ويقال أن أول من صنع الغالية عبد الله بن جعفر.
نقل الزمخشري أنه أهدي لمعاوية قارورة من الغاية فسأله كم أنفق عليها فذكر مالا فقال هذه غالية فسميت بذلك ويحكي انه ضاقت يده في آخر عمره فدعي يوم جمعة وقال اللهم ان كنت صرفت عني ما كنت تجري علي يدي من الإحسان إلي خلقك فاقبضني إليك فما عاش الا جمعة أخري.
وقال المسعودي سمع عبد الله بن جعفر يوم جمعة يقول اللهم انك عودتني عادة وعودتها عبادك فان قطعتها عني فلا تبقني فمات في تلك الجمعة في أيام عبد الملك وصلي عليه أبان بن عثمان بمكة في سنة سيل الجحاف حين بلغ الركن وذهب بكثير من الحاج وقال كثير من المؤرخين توفي بالمدينة سنة ثمانين من الهجرة وله
(١٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (4)، مدينة مكة المكرمة (1)، الزمخشري (1)، أبان بن عثمان (1)، الحج (1)، السكوت (1)، الصّلاة (1)، الحاجة، الإحتياج (1)
من العمر تسعون سنة وقيل توفي سنة أربع وثمانين وعمره ثمانون سنة.
قال ابن عبد البر والأول أولي وقيل توفي سنة أربع وسبعين وله اثنان وسبعون سنة وقال أبو الحسن العمري مات عبد الله في زمان عثمان بن عفان ودفن بالبقيع وهذا غريب وقيل مات بالأبواء سنة تسعين وصلي عليه سليمان ابن عبد الملك بن مروان وله تسعون سنة.
وقال أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني قال يحيي توفي عبد الله وهو ابن سبعين سنة في سنة ثمانين وهو عام الجحاف سيل كان بمكة أجحف بالحاج فذهب بالإبل عليها الحمول وكان الوالي يومئذ علي مكة أبان بن عثمان في خلافة عبد الملك.
(وروي) عن الجعدي قال لما هلك عبد الله بن جعفر شهده أهل المدينة كلهم وإنما كان عبد الله بن جعفر مأوي المساكين وملجأ الضعفاء فما ينظر إلي ذي حاجة إلا رأيته مستعبرا قد أظهر الهلع والجزع فلما فرغوا من دفنه قام عمرو ابن عثمان فوقف علي شفير القبر فقال رحمك الله يا بن جعفر ان كنت لرحمك واصلا ولأهل الشر مبغضا ولأهل الريبة قاليا ولقد كنت فيما بيني وبينك كما قال أعشي طرود:
دعيت الذي قد كان بيني وبينكم * من الود حتي غيبتك المقابر فرحمك الله يوم ولدت ويوم كنت رجلا ويوم مت ويوم تبعث حيا والله لان كانت هاشم أصيبت بك لقد غم قريشا هلكك فما أظن أن يري بعدك مثلك فقال عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق لا إله إلا الله الذي يرث الأرض ومن عليها واليه ترجعون ما كان أحلي العيش بك يا بن جعفر وما أسمج ما أصبح بعدك والله لو كانت عيني دامعة لأحد لدمعت عليك كان والله حديثك غير مشوب وودك غير ممزوج بكدر وكان له من الولد عشرون ذكرا وقيل أربعة وعشرون.
ومن شعر عبد الله بن جعفر ما أنشده له هارون الرشيد.
(١٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (3)، الخليفة عثمان بن عفان (1)، أبو الفرج الإصبهاني (الإصفهاني) (1)، مقبرة بقيع الغرقد (1)، مدينة مكة المكرمة (2)، عمرو بن سعيد بن العاص (1)، أبان بن عثمان (1)، هارون الرشيد (1)، الموت (2)، القبر (1)، الهلاك (1)، الصّلاة (1)

عون بن جعفر بن أبي طالب

حكي يعقوب بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس قال دخلت يوما علي الرشيد وهو متغيظ متربد فندمت علي دخولي عليه وكنت أفهم غضبه في وجهه فسلمت فلم يرد فقلت داهية دهتكم ثم أومي إلي فجلست فالتفت إلي وقال لله در عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فلقد نطق بالحكمة حيث يقول:
يا أيها الزاجري عن شيمتي سفها * عمدا عصيت فقال الزاجر الناهي أقصر فإنك من قوم أرومتهم * في اللؤم فافخر بهم إن شئت أو باهي يزين الشعر أفواها إذا نطقت * بالشعر يوما وقد يزري بأفواه قد يرزق المرء لا من فضل حيلته * ويصرف الرزق عن ذي الحيلة الداهي لقد عجبت لقوم لا أصول لهم * أثروا وليسوا وان أثروا بأشباه ما نالني من غي يوما ولا عدم * الا وقولي عليه الحمد لله فقلت ومن الذي بلغت به المقدرة أن يسامي بمثلك أو يدانيه قال لعله من بني أبيك وأمك ومن شعره أيضا وقد عوتب في كثرة الجود:
لست أخشي قلة العدم * ما اتقيت الله في كرمي كلما أنفقت يخلفه * لي رب واسع النعم (عون بن جعفر بن أبي طالب) ولد في الحبشة بعد أخيه عبد الله وكان يشبه أباه جعفرا خلقا وخلقا وأمه أم أخواته أسماء بنت عميس الخثعمية وخلف علي أم كلثوم بنت أمير المؤمنين " ع " بعد عمر ثم بعده أخوه محمد قاله صاحب العمدة وقتل عون بالطف مع الحسين " ع " وقيل قتل هو وأخوه محمد بشوشتر شهيدين كما سيأتي. وولد ابنا أسمه مساور له ذيل لم يطل وانقرض عقبه.
(١٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (2)، يوم عاشوراء (1)، عبد الله بن عباس (1)، أسماء بنت عميس (1)، صالح بن علي (1)، الرزق (1)، الجود (1)، القتل (2)، الوسعة (1)

محمد بن جعفر بن أبي طالب

(محمد بن جعفر بن أبي طالب) ولد علي عهد النبي صلي الله عليه وآله وأمه أسماء بنت عميس أيضا.
(روي) عن عبد الله بن جعفر إنه قال أتي رسول الله صلي الله عليه وآله نعي أبينا جعفر فدخل علينا وقال لأمنا أسماء بنت عميس أين بنو أخي فدعانا وأجلسنا بين يديه وذرفت عيناه فقالت أسماء هل بلغك يا رسول الله عن جعفر شئ قال نعم أستشهد رحمه الله فبكت وولولت وخرج رسول الله صلي الله عليه وآله فلما كان بعد ثلاثة أيام دخل علينا ودعانا فأجلسنا بين يديه كأننا أفراخ وقال لا تبكين علي أخي - يعني جعفر - بعد اليوم ثم دعا بالحلاق فحلق رؤسنا ثم أخذ بيد محمد وقال هذا شبيه عمنا أبي طالب وقال لعون هذا شبيه أبيه خلقا وخلقا وأخذ بيدي فشالهما وقال اللهم احفظ جعفرا في أهلي وبارك لعبد الله في صفقته فجائته امنا تبكي وتذكر يتمنا فقال رسول الله صلي الله عليه وآله تخافين عليهم وانا وليهم في الدنيا والآخرة. وقد تقدم نظير ذلك في ترجمة عبد الله وترجمة جعفر بعبارة أخري.
قيل قتل محمد بن جعفر بالطف شهيدا مع الحسين " ع " وقال ابن عبد البر في الاستيعاب قتل محمد وعون بشوشتر شهيدين قال القاضي نور الله في المجالس قول صاحب الاستيعاب هو الصواب لأن قبر محمد علي فرسخ من دزفول وهي من اعمال شوشتر فيمكن انه استشهد بشوشتر ثم نقل إلي هناك أو أطلق أسم شوشتر علي ذلك الموضع لأنه من أعمال شوشتر وقال القاضي نور الله أيضا وتشرف محمد بن جعفر بمصاهرة أمير المؤمنين " ع " علي أبنته أم كلثوم بعد عمر بن الخطاب.
قال المؤلف كان لجعفر ابنان يسمي كل منهما محمدا أحدهما الأكبر ولا خلاف انه قتل مع عمه أمير المؤمنين " ع " بصفين وهو الذي خلف عمر علي أم كلثوم والثاني محمد الأصغر وهو الذي قيل إنه قتل بالطف أو بشوشتر قال صاحب العمدة يقال انه ما أدرك الحلم فظهر ان صاحب الترجمة إنما هو محمد
(١٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، يوم عاشوراء (2)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، أسماء بنت عميس (2)، محمد الأصغر (1)، محمد بن جعفر (2)، القبر (1)، القتل (4)، الشهادة (1)

ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب

الأكبر وخفي علي القاضي نور الله ذلك فظن إنما هو محمد واحد فاستصوب انه قتل بشوشتر قال إنه تشرف بمصاهرة أمير المؤمنين " ع " وقد علمت أن أحدهما غير الآخر بقي ان صاحب عمدة الطالب قال خلف علي أم كلثوم بعد عمر عون ابن جعفر بن أبي طالب ثم بعده أخوه محمد فان أراد بمحمد هذا محمد الأكبر فهو قد قتل بصفين قبل عون كما ذكره هو بنفسه في العمدة فكيف خلفه عليها بعده وان أراد محمد الأصغر فقد قتل هو وعون معا بالطف أو بغيره علي الخلاف في ذلك إلا أن يكون عونا طلقها فتزوجها بعده أحد المحمدين لكن عبارته لا تعطي ذلك والله أعلم.
(ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب) يكني أبا أروي وكانت له صحبة وهو الذي قال فيه رسول الله صلي الله عليه وآله يوم فتح مكة إلا ان كل مأثرة كانت في الجاهلية تحت قدمي موضوعة وان أول دم وضع دم ربيعة بن الحرث وذلك أنه قتل لربيعة بن الحرث في الجاهلية ولد يسمي آدم وقيل نمام فأبطل النبي صلي الله عليه وآله الطلب به في الإسلام ولم يجعل لربيعة في ذلك تبعة وكان ربيعة هذا أسن من العباس فيما ذكروا بسنتين وكان شريكا لعثمان في التجارة وروي عن النبي صلي الله عليه وآله وتوفي سنة ثلاثة وعشرين في خلافة عمر.
(الطفيل بن الحرث بن عبد المطلب) كان من الصحابة وشهد بدرا مع النبي وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وشهد معه الجمل وصفين.
(الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب رحمه الله) كان علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله رجلا وأسلم عند اسلام أبيه نوفل وكانت تحته كثيرة بنت أبي لهب بن عبد المطلب واستعمله النبي صلي الله عليه وآله علي بعض اعمال مكة واستعمله أبو بكر أيضا وقيل إن أبا بكر ولاه المدينة ثم أنتقل من المدينة إلي البصرة واختط بها دارا في ولاية عبد الله بن عامر ومات بها في آخر خلافة
(١٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، يوم عاشوراء (1)، نوفل بن الحرث بن عبد المطلب (1)، مدينة مكة المكرمة (2)، عبد الله بن عامر (1)، مدينة البصرة (1)، محمد الأصغر (1)، القتل (3)، الجهل (2)

الطفيل بن الحرث بن عبد المطلب

الأكبر وخفي علي القاضي نور الله ذلك فظن إنما هو محمد واحد فاستصوب انه قتل بشوشتر قال إنه تشرف بمصاهرة أمير المؤمنين " ع " وقد علمت أن أحدهما غير الآخر بقي ان صاحب عمدة الطالب قال خلف علي أم كلثوم بعد عمر عون ابن جعفر بن أبي طالب ثم بعده أخوه محمد فان أراد بمحمد هذا محمد الأكبر فهو قد قتل بصفين قبل عون كما ذكره هو بنفسه في العمدة فكيف خلفه عليها بعده وان أراد محمد الأصغر فقد قتل هو وعون معا بالطف أو بغيره علي الخلاف في ذلك إلا أن يكون عونا طلقها فتزوجها بعده أحد المحمدين لكن عبارته لا تعطي ذلك والله أعلم.
(ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب) يكني أبا أروي وكانت له صحبة وهو الذي قال فيه رسول الله صلي الله عليه وآله يوم فتح مكة إلا ان كل مأثرة كانت في الجاهلية تحت قدمي موضوعة وان أول دم وضع دم ربيعة بن الحرث وذلك أنه قتل لربيعة بن الحرث في الجاهلية ولد يسمي آدم وقيل نمام فأبطل النبي صلي الله عليه وآله الطلب به في الإسلام ولم يجعل لربيعة في ذلك تبعة وكان ربيعة هذا أسن من العباس فيما ذكروا بسنتين وكان شريكا لعثمان في التجارة وروي عن النبي صلي الله عليه وآله وتوفي سنة ثلاثة وعشرين في خلافة عمر.
(الطفيل بن الحرث بن عبد المطلب) كان من الصحابة وشهد بدرا مع النبي وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وشهد معه الجمل وصفين.
(الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب رحمه الله) كان علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله رجلا وأسلم عند اسلام أبيه نوفل وكانت تحته كثيرة بنت أبي لهب بن عبد المطلب واستعمله النبي صلي الله عليه وآله علي بعض اعمال مكة واستعمله أبو بكر أيضا وقيل إن أبا بكر ولاه المدينة ثم أنتقل من المدينة إلي البصرة واختط بها دارا في ولاية عبد الله بن عامر ومات بها في آخر خلافة
(١٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، يوم عاشوراء (1)، نوفل بن الحرث بن عبد المطلب (1)، مدينة مكة المكرمة (2)، عبد الله بن عامر (1)، مدينة البصرة (1)، محمد الأصغر (1)، القتل (3)، الجهل (2)

المغيرة بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب

عثمان هكذا قال كثير من المؤرخين وفي كتاب صفين لنصر بن مزاحم ان عليا استعمله في حرب صفين علي قريش البصرة وهذا يدل علي أنه شهد صفين مع أمير المؤمنين عليه السلام.
(المغيرة بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب) يكني أبا يحيي ولد علي عهد رسول الله بمكة قبل الهجرة وقيل بعدها ولم يدرك من حياة النبي صلي الله عليه وآله غير ست سنين وهو الذي تلقي عبد الرحمن بن ملجم المرادي حين ضرب أمير المؤمنين فهم الناس به فحمل عليهم بسيفه ففرجوا له فتلقاه المغيرة بن نوفل بقطيفة فرماها عليه واحتمله وضرب به الأرض وقعد علي صدره وانتزع السيف من يده وكان رجلا قويا واستعمله عثمان علي القضاء فكان قاضيا في زمنه وشهد مع أمير المؤمنين صفين.
ومن شعره أيام صفين:
يا عصبة الموت صبرا لا يهولكم * جيش ابن حرب فان الحق قد ظهرا وقاتلوا كل من يبغي غوائلكم * فإنما النصر في الضرا لمن صبرا اسقوا الخوارج حد السيف واحتسبوا * في ذلك الخير وأرجو الله والظفرا وأيقنوا ان من اضحي يخالفكم * اضحي شيقا وأضحي نفسه خسرا فيكم وصي رسول الله قائدكم * وصهره وكتاب الله قد نشرا ولا تخافوا ضلالا لا أبا لكم * سيحفظ الدين والتقوي لمن نصرا وتزوج المغيرة امامة بنت أبي العاص بن الربيع بعد أمير المؤمنين " ع " وأولدها ابنه يحيي ويقال أن أمير المؤمنين " ع " هو الذي أوصاه ان يتزوجها خوفا من أن يتزوجها معاوية ولما خرج الحسن " ع " لقتال معاوية استخلفه علي الكوفة وأمره باستحثاث الناس واشخاصهم إليه فجعل يستحثهم ويخرجهم حتي التأم العسكر وسار الحسن إلي أن كان من أمر الصلح بينه وبين معاوية ما كان.
(١٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: حياة النبي (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، نوفل بن الحرث بن عبد المطلب (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، مدينة الكوفة (1)، أمامة بنت أبي العاص بن الربيع (1)، صلح (يوم) الحديبية (1)، المغيرة بن نوفل (1)، مدينة البصرة (1)، نصر بن مزاحم (1)، الخوارج (1)، الشهادة (1)، الموت (1)، الزوج، الزواج (1)، القتل (1)، الضرب (1)، الحرب (2)

عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب

(عبد الله بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب) وولد علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله فأتي به رسول الله فحنكه ودعا له، قيل ولد قبل وفاته صلي الله عليه وآله بسنتين يكني أبا محمد وقيل أبا إسحاق أمه هند بنت أبي سفيان ابن حرب أبي معاوية، قال ابن الأثير له ولأبيه صحبة وقيل إن له إدراكا ولأبيه صحبة وكان يلقب به لأن أمه هند بنت أبي سفيان بن حرب كانت ترقصه وهو صغير فتقول: لأنكحن ببه جارية خدبة مكرمة محبه تحب أهل الكعبة.
قال في القاموس (ببه) حكاية صوت صبي ولقب فرشي والشاب الممتلي البدن نعمة وصفة للأحمق والخدبة بكسر الخاء المعجمة وفتح الدال المهملة وتشديد الباء الموحدة الجارية المشتدة الممتلاة اللحم وقولها تجب بكسر الجيم أي تغلب أهل الكعبة في الحسن والجمال يقال جبه إذا غلبه وجبت فلانة النساء إذا غلبتهن بالحسن وكان عبد الله المذكور مع أمير المؤمنين " ع " وشهد معه مشاهده كلها ولما أراد الحسن " ع " صلح معاوية وجه به رسولا إلي معاوية وكان واليا علي البصرة في زمن يزيد بن معاوية فلما مات يزيد اتفق أهل البصرة عليه حتي يجتمع الناس علي إمام يرضونه وإنما اتفقوا عليه لأن أباه من بني هاشم وأمه من بني أمية وفيه يقول الفرزدق:
وبايعت أقواما وفيت بعهدهم * وببة قد بايعته غير نادم ثم خرج مع ابن الأشعث فلما هزم هرب إلي عمان فمات بها سنة أربع وثمانين والله أعلم.
(عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب) رأي النبي صلي الله عليه وآله وكان معه مسلما بعد الفتح قال ابن عساكر ولحق بعلي بالمدائن قال الوليد بن عقبة وهو أخو عثمان لأمه يذكر قبض أمير المؤمنين عليه السلام نجائب عثمان وسيفه وسلاحه.
بني هاشم ردوا سلاح ابن أختكم * ولا تنهبوه لا تحل نهائبه
(١٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، نوفل بن الحرث بن عبد المطلب (1)، صلح (يوم) الحديبية (1)، إبن عساكر (1)، إبن الأثير (1)، الشاعر الفرزدق (1)، يزيد بن معاوية لعنهما الله (1)، الوليد بن عقبة (1)، بنو أمية (1)، مدينة البصرة (2)، بنو هاشم (2)، الموت (1)، الحرب (2)

العباس بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب

بني هاشم كيف الهوادة بيننا * وعند علي درعه ونجائبه بني هشام كيف التودد منكم * وبن ابن أروي فيكم وحرائبه بني هاشم الا تردوا فإننا * سواء علينا قاتلاه وسالبه بني هاشم انا وما كان منكم * كصدع الصفا لا يشعب الصدع شاعبه قتلتم أخي كيما تكونوا مكانه * كما غدرت يوما بكسري مرازبه وأجابه عبد الله بن أبي سفيان بأبيات طويلة من جملتها:
فلا تسألونا سيفكم ان سيفكم * أضيع وألقاه لدي الروع صاحبه وشبهته كسري وقد كان مثله * شبيها بكرسي هديه وضرائبه أي كان كافرا كما كان كسري كافرا ومنها:
ومنا علي الخير صاحب خيبر * وصاحب بدر يوم سالت كتائبه وكان ولي الامر بعد محمد * علي وفي كل المواطن صاحبه وصي النبي المصطفي وابن عمه * وأول من صلي ومن لأن جانبه وصنو رسول الله حقا وجاره * فمن ذا يدانيه ومن ذا يقاربه قال شيخنا المفيد في هذا الشعر دليل علي اعتقاد هذا الرجل في أمير المؤمنين " ع " انه كان الخليفة لرسول الله صلي الله عليه وآله بلا فصل.
وكان المنصور إذا أنشد شعر الوليد المذكور يقول لعن الله الوليد هو الذي فرق بين بني عبد مناف بهذا الشعر.
وشعره في علي " ع " قوله رحمه الله:
وصلي علي مخلصا بصلاته * لخمس وعشر من سنيه كوامل وخلي أناسا بعده يتبعونه * له عمل أفضل به صنع عامل قال الواقدي قتل عبد الله بن أبي سفيان بكربلا شهيدا مع الحسين " ع " (العباس بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب) كان من شجعان قريش وأبطالها ذا قدرة وجاه أقطعه عثمان دارا بالبصرة
(١٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، مدينة كربلاء المقدسة (1)، خيبر (1)، عباس بن ربيعة (1)، بنو هاشم (3)، القتل (1)
وأعطاه مائه ألف درهم وشهد صفين مع أمير المؤمنين " ع " وأبلي بها بلاء حسنا.
(روي) ابن قتيبة في كتاب (عيون الاخبار) قال: قال أبو الأغر التيمي بينا أنا واقف بصفين إذ مر بي العباس بن ربيعة مكفرا في السلاح وعيناه تبصان من نحت المغفر، كأنهما عينا أرقم وبيده صفيحة يمانية وهو علي فرس له صعب فبينا هو يمعثه ويلين من عريكته إذ هتف به هاتف من أهل الشام يعرف بغرار ابن أدهم يا عباس هلم إلي البراز قال العباس فالنزول إذا فأنه أيأس من القفول فنزل الشامي وهو يقول:
ان تركبوا فركوب الخيل عادتنا * أو تنزلونا فانا معشر نزل ونزل العباس أيضا ثم عصب فضلات درعه في عجزته ودفع فرسه إلي غلام أسود يقال له أسلم كأني والله أنظر إلي فلافل شعره ثم دلف كل واحد منهما إلي صاحبه فذكرت قول أبي ذويب:
فتنازلا وتوافقت خيلاهما * وكلاهما بطل اللقاء مخدع فكف الناس أعنة خيولهم ينظرون ما يكون من الرجلين فتكافحا بسيفيهما مليا من نهارهما لا يصل واحد منهما إلي صاحبه لكمال لامته إلي أن لحظ العباس وهنا في درع الشامي فأهوي إليه بيده فهتكه إلي ثندوته ثم عاد لمجاولته وقد أصحر له مفتق الدرع فضربه العباس ضربة أنتظم بها جوانح صدره فخر الشام لوجهه وكبر الناس تكبيرة ارتجت بها الأرض من تحتهم وسما العباس في الناس فإذا قائل يقول من ورائي قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبكم ويتوب الله علي من يشاء فالتفت فإذا أمير المؤمنين " ع " فقال يا أبا الأغر من المنازل لعدونا قلت هذا ابن أخيكم هذا العباس بن ربيعة فقال وأنه لهو يا عباس ألم أنهك وابن عباس ان تخلا بمراكز كما وان لا تباشرا حربا قال إن ذلك كان قال " ع " فما عدا عما بدا قال يا أمير المؤمنين أفأدعي إلي البراز فلا أجيب فقال " ع " نعم طاعة إمامك أولي من إجابة عدوك
(١٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، عبد الله بن عباس (1)، عباس بن ربيعة (2)، الشام (2)، الباطل، الإبطال (1)

العباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب

ثم تغيظ واستطار حتي قلت الساعة الساعة ثم سكن وتطامن ورفع يديه مبتهلا وقال اللهم اشكر، للعباس مقامه وأغفر له ذنبه اللهم إني قد غفرت له فاغفر له وأسف معاوية علي غرار وقال متي ينطف فحل بمثله أيطل دمه لاها الله إذا لا رجل يشري نفسه لله يطلب بدم غرار فانتدب له رجلان من لخم فقال لهما اذهبا فأيكما قتل العباس برازا فله كذا فأتياه ودعوه للبراز فقال إن لي سيدا أريد ان أوامره فأتي علي " ع " فأخبره الخبر فقال علي " ع " والله لود معاوية انه ما يبقي من بني هاشم نافخ ضرمة إلا طعن في بطنه إطفاء لنور الله ويأبي الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون اما والله ليملكنهم منا رجال ورجال يسومهم الخسف حتي يحتفروا الآبار ويتكففوا الناس ويتواكلوا علي المساحي ثم قال يا عباس ناقلني سلاحك بسلاحي فناقله ووثب " ع " علي فرس العباس وقصد اللخميين فما شكا انه هو فقالا له اذن لك صاحب فتحرج ان يقوم نعم فقال " ع " إذ للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله علي نصرهم لقدير فبرز له أحدهما فكأنه اختطفه ثم برز إليه الآخر فألحقه بالآخر ثم أقبل وهو يقول الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم ثم قال يا عباس خذ سلاحك وهات سلاحي فان عاد إليك أحد فعد إلي قال فبلغ الخبر إلي معاوية فقال قبح الله اللجاج أنه لقعود ما ركبه أحد قط إلا خذله فقال عمرو بن العاص المخذول والله اللخميان لا أنت فقال أسكت أيها الرجل فليست هذه من ساعاتك قال وإن لم يكن فرحم الله اللخميين وما أراه يفعل قال فان ذلك والله أخر لصفقك لحجرك قال قد علمت ولولا مصر لركبت المنجاة منها قال هي أعمتك ولولاها ألفيت بصيرا قال ابن قتيبة وكان تحت العباس أم فراس بنت حقان بن ثابت فولدت له أولادا وعقبه كثير.
(العباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب) كان النبي صلي الله عليه وآله زوج ابنته رقية أباه عتبة بن أبي لهب ففارقها قبل دخوله بها.
(روي) انه جاء إلي النبي صلي الله عليه وآله فقال له كفرت بدينك وفارقت ابنتك لا تحبني
(١٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، العباس بن عتبة بن ابي لهب (1)، عمرو بن العاص (1)، القتل (1)، الزوج، الزواج (1)
ولا أحبك ثم سطا عليه وشق قميصه وهو خارج إلي الشام تاجرا فقال له النبي اما إني اسأل الله أن يسلط عليك كلبا فخرج في نفر من قريش حتي نزلوا مكانا من الشام يقال له الزرقاء ليلا فأطاف بهم الأسد تلك الليلة فجعل عتبة يقول يا ويل أمي هو والله آكلي كما دعا علي محمد قاتلي ابن أبي كبشة وهو بمكة وانا بالشام فعدا عليه الأسد من بين القوم فاخذ برأسه فصرعه.
وعن عروة بن الزبير إن عتبة لما أراد الخروج إلي الشام أتي رسول الله فقال يا محمد هو يكفر بالذي دني فتدلي فكان قاب قوسين أو أدني ثم تفل ورد التفلة علي رسول الله قال صلي الله عليه وآله اللهم سلط عليه كلبا من كلابك وأبو طالب (رض) حاضرا فرجم لها فقال ما كان أغناك عن دعوة ابن أخي ثم خرجوا إلي الشام فنزلوا منزلا فأشرف عليهم راهب من الدير فقال ارض مسبعة فقال أبو لهب وكان في القوم يا معشر قريش أعينونا هذه الليلة فإني أخاف دعوة محمد صلي الله عليه وآله فجمعوا أحمالهم وفرشوا لعتبة في أعلاها وباتوا حوله فجاء الأسد فجعل يشم وجوههم ثم ثني ذنبه فوثب علي عتبة فضربه ضربة واحدة فشدخه فقال قتلني ومات.
وقال بعضهم ان الذي قتله الأسد هو عتيبة بالتصغير بن أبي لهب وكانت تحته أم كلثوم بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وأما عتبة أبو العباس فأسلم هو وأخوه معتب يوم الفتح وكانا قد هربا من النبي صلي الله عليه وآله.
روي عبد الله بن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب قال لما قدم رسول الله صلي الله عليه وآله مكة في الفتح قال يا عباس ان ابني أخيك عتبة ومعتب لا أراهما قال قلت يا رسول الله صلي الله عليه وآله تنحيا من قربك فقال أذهب إليهما فاتني بهما قال العباس فركبت إليهما وهما بعرفه فقلت لهما ان رسول الله صلي الله عليه وآله يدعوكما فركبا معي فقدما علي رسول الله صلي الله عليه وآله فدعاهما إلي الاسلام فبايعا.
وفي رواية فسر رسول الله صلي الله عليه وآله باسلامهما ودعا لهما، قال أبو عمرو وشهدا عتبة ومعتب حنينا مع رسول الله صلي الله عليه وآله وفقأت عين معتب بحنين وكان فيمن
(١٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (9)، عبد الله بن عباس (1)، مدينة مكة المكرمة (2)، يوم عرفة (1)، العباس بن عبد المطلب (1)، الشام (5)، القتل (1)
ثبت ولم ينهزم وشهدا معه للطائف ولم يخرجا من مكة ولم يأتيا المدينة ولهما عقب قال الزبير بن بكار، وفارق عتبة أم كلثوم بنت رسول الله قبل دخوله بها أيضا وذلك أنه لما نزلت تبت يدا أبي لهب قال لهما أبوهما رأسي من رأسكما حرام ان لم تفارقا ابنتي محمد صلي الله عليه وآله ففارقاهما ولم يكونا دخلا بهما.
وأما العباس بن عتبة فلا خلاف في اسلامه ولما مات النبي صلي الله عليه وآله كان رجلا وتزوج أمينة بنت العباس بن عبد المطلب فولدت له الفضل الشاعر المشهور قال ابن حجر في الإصابة والفضل هذا هو صاحب الأبيات المشهورة في أمير المؤمنين حين بويع بالخلافة لأبي بكر وهي:
ما كنت أحسب هذا الامر منصرفا * عن هاشم ثم منها عن أبي حسن أليس أول من صلي لقبلتكم * وأعلم الناس بالقرآن والسنن وأقرب الناس عهدا بالنبي ومن * جبريل عونا له في الغسل والكفن من فيه ما فيهم من كل صالحة * وليس في كلهم ما فيه من حسن ما ذا الذي ردكم عنه فنعرفه *ها أن بيعتكم من أول الفتن وعن مؤيد الدين الخوارزمي في المناقب قال هذه الأبيات للعباس بن عبد المطلب عم النبي صلي الله عليه وآله وعزاها الشريف المرتضي في كتاب المجالس لربيعة بن الحرث بن عبد المطلب وعزاها القاضي البيضاوي والنيسابوري في تفسيريهما لحسان بن ثابت وقال الزبير بن بكار لما بويع أبو بكر قال بعض ولد أبي لهب بن عبد المطلب:
ما كنت أحسب هذا الأمر منصرفا * عن هاشم ثم منها عن أبي حسن الأبيات قال فبعث عليه علي فنهاه وأمره أن لا يعود وقال " ع " سلامة الدين أحب إلينا من غيره قال القاضي نور الله رادا علي ابن حجر في نسبتها إلي الفضل بن العباس المذكور يكذب ذلك أن هذا الشعر لا يقوله إلا من كان موجودا قبل انصراف الخلافة عن أمير المؤمنين " ع " ولم يكن في حسبانه انها منصرفة عنة والعباس بن عتبه لم يكن له إذ ذاك بهذه الصفة قال وفي كلام ابن
(١٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، مدينة مكة المكرمة (1)، العباس بن عبد المطلب (1)، العباس بن عتبة (2)، الفضل بن العباس (1)، الزبير بن بكار (2)، الشريف المرتضي (1)، الخوارزمي (1)، القرآن الكريم (1)، الموت (1)، الغسل (1)
حجر مؤاخذة أخري وهي أن الفضل لم يكن ابن العباس كما توهم بل هو أخوه فهو الفضل بن عتبة بن أبي لهب كما صرح به السيد المرتضي قدس سره في المنتقي قال والشعر المشهور عنه هي الأبيات التي أجاب بها الوليد بن عقبة حين قال يرثي عثمان ويحرض الناس علي مخالفة أمير المؤمنين " ع " وأول شعره:
ألا أن خير الناس بعد ثلاثة * قتيل التجي الذي جاء من مصر فقال الفضل بن عتبة يجيبه:
الا ان خير الناس بعد محمد * مهيمنه التاليه في العرف والنكر وخيرته في خيبر ورسوله * بنبذ عهود الشرك فوق أبي بكر وأول من صلي وضو نبيه * وأول من أردي الغواة لدي بدر فذاك علي الخير من ذا يفوته * أبو حسن حلف القرابة والصهر قال وابن حجر وأضرابه في الحقيقة في مثل هذه الاشتباهات معذورون لأنهم عن معرفة أهل البيت والعلم بأحوال بني هاشم بعداء مهجورون. وأما السيد المرتضي وهو أحد ذرية أهل البيت " ع " وصاحب البيت أدري بالذي فيه قال المؤلف لا شك أن العباس بن عتبة كان له ولد أسمه الفضل وهو أحد شعراء بني هاشم المذكورين وفصحائهم المشهورين وقد تقدم ان أمه أمينة بنت العباس بن عبد المطلب لا يخالف في ذلك أحد من علماء النسب وسيأتي ترجمته في الطبقة الحادية عشر إن شاء الله. فمؤاخذة القاضي الثانية لا محل لها ولا يبعد أن يكون العباس أخ أسمه الفضل أيضا.
وأعلم أن الأبيات التي نسبها القاضي إلي الفضل بن عتبة مجيبا بها الوليد ابن عقبة ذكرها الشريف المرتضي في كتاب الفصول وعزاها إلي الفضل بن عتبة أيضا وذكر أبو جعفر الطبري في تاريخه انها الفضل بن العباس بن عبد المطلب وهو باطل لأن الفضل بن عباس بن عبد المطلب لم يدرك خلافة عثمان باتفاق المؤرخين وقد تقدم تاريخ وفاته والاختلاف فيه ولم يذكر أحد انه بقي إلي زمن
(١٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، العباس بن عبد المطلب (2)، العباس بن عتبة (1)، الوليد بن عقبة (1)، خيبر (1)، بنو هاشم (2)، الشريف المرتضي (1)

عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث عبد المطلب

عثمان فكيف يجيب الوليد عن شعره قاله بعد قتل عثمان والله أعلم. وقتل العباس ابن عتبة شهيدا في يوم الحرة سنة أربع وستين في خلافة يزيد.
(عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب) له صحبة ورواية عن النبي. وروي أن النبي صلي الله عليه وآله غير اسمه وسماه المطلب ولم يزل بالمدينة إلي خلافة عمر ثم سار إلي دمشق ومات بها سنة اثنتين وستين من الهجرة والله أعلم.
(جعفر بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب) أمه جمانة بنت أبي طالب (رض) وذكر أهل بيته انه شهد حنينا مع النبي صلي الله عليه وآله ووقعة بئر معاوية وانه لم يزل مع ابنه ملازما لرسول الله صلي الله عليه وآله حتي قبض وتوفي بدمشق سنة خمسين في خلافة معاوية.
قال المؤلف أعلم ان بني هاشم كلهم من ذكرناه ومن لم نذكره لم يبايعو أبا بكر. حتي بايع أمير المؤمنين " ع " كرها لقلة أنصاره لعهد عهده إليه رسول الله وقد تكرر ذلك في كلامه عليه السلام.
فمر ذلك قوله " ع " اللهم إني استعديك علي قريش فإنهم قطعوا رحمي واكفأوا إنائي واجمعوا علي منازعتي حقا كنت أولي به من غيري وقالوا ألا ان في الحق ان تأخذه وفي الحق ان تمنعه فاصبر مغموما أو مت متأسفا فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذاب ولا مساعد إلا أهل بيتي فضننت بهم عن الميتة فأغضيت علي القذي وجرعت ريقي علي الشجي وصبرت من كظم الغيظ علي أمر من العلقم وآلم للقلب من حز الشفار قال الشيخ كمال الدين ابن ميثم أعلم ان هذا الفصل يشمل علي اقتصاص صورة حاله بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله في أمر الخلافة وهو اقتصاص في معرض التظلم والشكاية ممن يري أنه أحق منه بالأمر فأشار إلي أنه فكر في أمر المقاومة والدفاع عن هذا الحق الذي يراه أولي به فرأي أنه لا ناصر له إلا أهل بيته وهم
(١٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، عبد المطلب بن ربيعة (1)، بنو هاشم (1)، كظم الغيط (1)، دمشق (2)، الشهادة (1)، القتل (2)، الوفاة (1)

جعفر بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب

عثمان فكيف يجيب الوليد عن شعره قاله بعد قتل عثمان والله أعلم. وقتل العباس ابن عتبة شهيدا في يوم الحرة سنة أربع وستين في خلافة يزيد.
(عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب) له صحبة ورواية عن النبي. وروي أن النبي صلي الله عليه وآله غير اسمه وسماه المطلب ولم يزل بالمدينة إلي خلافة عمر ثم سار إلي دمشق ومات بها سنة اثنتين وستين من الهجرة والله أعلم.
(جعفر بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب) أمه جمانة بنت أبي طالب (رض) وذكر أهل بيته انه شهد حنينا مع النبي صلي الله عليه وآله ووقعة بئر معاوية وانه لم يزل مع ابنه ملازما لرسول الله صلي الله عليه وآله حتي قبض وتوفي بدمشق سنة خمسين في خلافة معاوية.
قال المؤلف أعلم ان بني هاشم كلهم من ذكرناه ومن لم نذكره لم يبايعو أبا بكر. حتي بايع أمير المؤمنين " ع " كرها لقلة أنصاره لعهد عهده إليه رسول الله وقد تكرر ذلك في كلامه عليه السلام.
فمر ذلك قوله " ع " اللهم إني استعديك علي قريش فإنهم قطعوا رحمي واكفأوا إنائي واجمعوا علي منازعتي حقا كنت أولي به من غيري وقالوا ألا ان في الحق ان تأخذه وفي الحق ان تمنعه فاصبر مغموما أو مت متأسفا فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذاب ولا مساعد إلا أهل بيتي فضننت بهم عن الميتة فأغضيت علي القذي وجرعت ريقي علي الشجي وصبرت من كظم الغيظ علي أمر من العلقم وآلم للقلب من حز الشفار قال الشيخ كمال الدين ابن ميثم أعلم ان هذا الفصل يشمل علي اقتصاص صورة حاله بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله في أمر الخلافة وهو اقتصاص في معرض التظلم والشكاية ممن يري أنه أحق منه بالأمر فأشار إلي أنه فكر في أمر المقاومة والدفاع عن هذا الحق الذي يراه أولي به فرأي أنه لا ناصر له إلا أهل بيته وهم
(١٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، عبد المطلب بن ربيعة (1)، بنو هاشم (1)، كظم الغيط (1)، دمشق (2)، الشهادة (1)، القتل (2)، الوفاة (1)
قليلون بالنسبة إلي من لا يعينه أو يعين عليه فإنه لم يكن له معين إلا بني هاشم كالعباس وبنيه وأبي سفيان بن الحرث ومن يخصهم وضعفهم وقلتهم عن مقاومة جمهور الصحابة ظاهر فظن بهم عن الموت لعلمه " ع " انه لو قام بهم لقتلوا ثم لا يحصل له مقصوده.
قال وأعلم أنه قد أختلف الناقلون لكيفية حاله " ع " بعد وفاة رسول الله فروي المحدثون من الشيعة وغيرهم أخبارا كثيرة ربما خالف بعضها بعضا بحسب اختلاف الأهواء منها والذي عليه جمهور الشيعة إن عليا " ع " امتنع من البيعة لأبي بكر وامتنع معه جماعة بني هاشم كالزبير وأبي سفيان بن الحرث والعباس وبينه وغيرهم وقالوا لا نبايع إلا عليا عليه السلام وإن الزبير شهر سيفه فجاء عمر في جماعة من الأنصار فاخذ سيفه فضرب به الحجر فكسره وحملت جماعتهم إلي أبي بكر فبايعوه وبايع معهم علي " ع " كرها.
(وروي) أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثني أبو زيد عمر بن شيبة قال حدثنا أحمد بن معاوية قال حدثني النضر بن سهيلي قال حدثنا محمد بن عمرو عن مسلمة بن عبد الرحمن قال لما جلس أبو بكر علي المنبر كان علي والزبير وناس من بني هاشم في بيت فاطمة " ع " فجاء عمر إليهم فقال والذي نفسي بيده لتخرجن أو لأحرقن البيت عليكم فخرج الزبير مصلتا سيفه فاعتنقه رجل من الأنصار وزياد بن لبيد فدق به فبدر السيف فصاح به أبو بكر وهو علي المنبر اضرب به الحجر قال أبو عمرو بن حماس فلقد رأيت الحجر فيه تلك الضربة ويقال هذه ضربة سيف الزبير ثم قال أبو بكر دعوهم فسيأتي الله بهم ونقل أحمد بن عبد ربه في كتاب العقد ان أبا بكر بعث إليهم عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة وقال إن أبوا فقاتلهم فاقبل بقبس من نار علي أن يضرم عليهم النار فلقيته فاطمة " ع " فقال يا بن الخطاب أجئت لتحرق دارنا قال نعم أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة.
(١٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (2)، أحمد بن عبد العزيز الجوهري (1)، أحمد بن معاوية (1)، بنو هاشم (3)، محمد بن عمرو (1)، الموت (1)، الوفاة (1)

الباب الثاني في ذكر غير بني هاشم من الصحابة

(وروي) غير واحد ان عليا " ع " وسائر بني هاشم لم يبايعوا أبا بكر ستة أشهر حتي بايع علي " ع " مكرها فبايع بنو هاشم. وفي حديث عوف عن الزهري فلما رأي علي " ع " انصراف وجوه الناس عنه ضرع إلي مصالحة أبي بكر فقال رجل للزهري فلم يبايعه علي عليه السلام ستة أشهر فقال لا والله ولا واحد من بني هاشم حتي بايعه علي عليه السلام.
قال المؤلف ولهذا ذكرنا بني هاشم في طبقات الشيعة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
الباب الثاني (في ذكر غير بني هاشم من الصحابة المرضية والشيعة المرتضوية) ورضوان الله عليهم (عمر بن أبي سلمة) ابن عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة يكني أبا حفص أمه أم سلمة زوجة النبي وهو ربيب رسول الله مات صلي الله عليه وآله وهو ابن تسع سنين وحفظ عن رسول الله صلي الله عليه وآله الحديث وروي عنه سعيد بن المسيب وغيره وشهد هو وأخوه سلمه مع علي " ع " حروبه وروي أن أمهما أتت بهما إليه " ع " فقالت عليك بهما صدقة فلو يصلح لي الخروج لخرجت معك وذكر الشيخ في رجاله والعلامة في الخلاصة بدل عمر محمدا فقالا محمد بن أبي سلمة وما ذكرناه هو الصحيح.
(وروي) هشام بن محمد الكلبي في كتاب الجمل ان أم سلمة كتبت إلي علي من مكة اما بعد فان طلحة والزبير وأشياعهم أشياع الضلالة يريدون ان
(١٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (5)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، محمد بن أبي سلمة (1)، عبد الله بن عمر (1)، بنو هاشم (5)، هشام بن محمد (1)، الموت (1)، الهلال (1)، التصدّق (1)

عمر بن أبي سلمة

(وروي) غير واحد ان عليا " ع " وسائر بني هاشم لم يبايعوا أبا بكر ستة أشهر حتي بايع علي " ع " مكرها فبايع بنو هاشم. وفي حديث عوف عن الزهري فلما رأي علي " ع " انصراف وجوه الناس عنه ضرع إلي مصالحة أبي بكر فقال رجل للزهري فلم يبايعه علي عليه السلام ستة أشهر فقال لا والله ولا واحد من بني هاشم حتي بايعه علي عليه السلام.
قال المؤلف ولهذا ذكرنا بني هاشم في طبقات الشيعة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
الباب الثاني (في ذكر غير بني هاشم من الصحابة المرضية والشيعة المرتضوية) ورضوان الله عليهم (عمر بن أبي سلمة) ابن عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة يكني أبا حفص أمه أم سلمة زوجة النبي وهو ربيب رسول الله مات صلي الله عليه وآله وهو ابن تسع سنين وحفظ عن رسول الله صلي الله عليه وآله الحديث وروي عنه سعيد بن المسيب وغيره وشهد هو وأخوه سلمه مع علي " ع " حروبه وروي أن أمهما أتت بهما إليه " ع " فقالت عليك بهما صدقة فلو يصلح لي الخروج لخرجت معك وذكر الشيخ في رجاله والعلامة في الخلاصة بدل عمر محمدا فقالا محمد بن أبي سلمة وما ذكرناه هو الصحيح.
(وروي) هشام بن محمد الكلبي في كتاب الجمل ان أم سلمة كتبت إلي علي من مكة اما بعد فان طلحة والزبير وأشياعهم أشياع الضلالة يريدون ان
(١٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (5)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، محمد بن أبي سلمة (1)، عبد الله بن عمر (1)، بنو هاشم (5)، هشام بن محمد (1)، الموت (1)، الهلال (1)، التصدّق (1)

سلمان الفارسي وأخباره وفضائله

يخرجوا بعائشة ويذكرون ان عثمان قتل مظلوما وانهم يطلبون بدمه والله كافيكهم بحوله وقوته ولولا ما نهانا الله عنه من الخروج وأمرنا به من لزوم البيوت لم ادع الخروج إليك والنصرة لك ولكني باعثة نحوك ابني عدل نفسي عمر بن أبي سلمة فاستوص به يا أمير المؤمنين خيرا قال فلما قدم عمر علي أمير المؤمنين " ع " أكرمه ولم يزل مقيما معه حتي شهد مشاهد، كلها ووجهه علي أميرا إلي البحرين وقال لابن عم له بلغني ان عمر يقول الشعر فابعث إلي من شعره فبعث إليه بأبيات له أولها.
جزتك أمير المؤمنين قرابة * رفعت بها ذكري جزاء موقرا ولم يزل عمر المذكور عاملا لأمير المؤمنين " ع " علي البحرين حتي عزله واستعمل النعمان بن عجلان الرزقي علي البحرين مكانه ولما أراد عزله كتب إليه " ع " أما بعد فإني وليت النعمان بن عجلان الرزقي علي البحرين نزعت يدك بلا ذم لك ولا تتريب عليك فقد أحسنت الولاية وأديت الأمانة فاقبل غير ظنين ولا ملوم ولا متهم ولا مأثوم فقد أردت المسير إلي ظلمة أهل الشام وأحببت ان تشهد معي فإنك ممن استظهر به علي جهاد العدو وإقامة عمود الدين إن شاء الله تعالي. وذكر هذا الكتاب السيد الرضي (ره) في نهج البلاغة قال ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب توفي عمر بن أبي سلمة بالمدينة في خلافة عبد الملك سنة ثلاثة وثمانين وقال صاحب منهج المقال قتل مع أمير المؤمنين " ع " بصفين وهو غلط وما ذكره أبن عبد البر هو الصحيح والله أعلم.
(سلمان الفارسي عليه الرحمة) أصله من فارس من رامهرمز وقيل بل من أصبهان من قرية يقال لها جي بفتح الجيم وتشديد الياء المثناة من تحت وكان أسمه عند أبيه روزبه وقيل ما هو وقيل ما به بن بهبود ابن بدخشان من ولد منوجهر الملك وقيل بهودان بن بودخشان بن موسلا بن فيروز بن مهرك من ولد الملك وهو معدود من موالي
(١٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، كتاب نهج البلاغة (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، النعمان بن عجلان (2)، الشام (1)، الظلم (2)، الشهادة (1)، القتل (2)، الإقامة (1)، الأمانة، الإئتمان (1)
رسول الله صلي الله عليه وآله وكنيته أبو عبد الله وكان إذا قيل له ابن من أنت يقول انا سلمان ابن الإسلام انا من بني آدم.
قال ابن بابويه ره كان اسم سلمان روزبه ابن خشنودان وما سجد قط لمطلع الشمس كما كان يفعل قومه وإنما كان يسجد له عز وجل وكانت القبلة التي أمر بالصلاة إليها شرقية وكان أبواه يظنان انه إنما يسجد لمطلع الشمس مثلهم وكان سلمان وصي عيسي " ع " في أداء ما حمل إلي من انتهت إليه الوصية من المعصومين انتهي.
وقد روي أنه تداوله أرباب كثيرة بضع عشر ربا من واحد إلي آخر حتي أفضي إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وكان إسلامه للسنة الأولي من الهجرة وفي رواية في جمادي الأولي منها.
وقد ذكر كثير من المحدثين حديث إسلامه ورووه عنه بوجوه مختلقة الأشهر منها ما روي أنه قال كنت ابن دهقان قرية جي من أصبهان وبلغ من حب أبي إلي أن حبسني في البيت كما تحبس الجارية فاجتهدت في المجوسية حتي صرت قطة بيت النار فأرسلني أبي يوما إلي ضيعة له فمررت بكنيسة النصاري فدخلت عليهم فأعجبتني صلوتهم فقلت دين هؤلاء خير من ديني فسألتهم أين أصل هذا الدين قالوا بالشام فهربت من والدي حتي قدمت الشام فدخلت علي الأسقف وجعلت أخدمه وأتعلم منه حتي حضرته الوفاة فقلت له إلي من توصي لي فقال قد هلك الناس وتركوا دينهم إلا رجلا بالموصل فالحق به فلما قضي نحبه لحفت بذلك الرجل فلم يلبث إلا قليلا حتي حضرته الوفاة فقلت له إلي من توصي لي فقال ما أعلم رجلا بقي علي الطريقة المستقيمة إلا واحدا بنصيبين فلحقت بصاحب نصيبين قالوا وتلك الصومعة اليوم باقية وهي التي تعبد فيها سلمان قبل الاسلام ثم احتضر صاحب نصيبين فبعثني إلي رجل بعمورية من ارض الروم فأتيته وأقمت عنده واكتسبت بقيرات وغنيمات فلما نزل به الموت قلت له إلي من توصي لي
(١٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، شهر جمادي الأولي (1)، أبو عبد الله (1)، الشام (2)، الضياع (1)، الموت (1)، السجود (2)، الهلاك (1)، الوصية (1)
فقال قد ترك الناس دينهم وما بقي أحد منهم علي الحق وقد اطل زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم " ع " يخرج بأرض العرب مهاجرا إلي ارض بين حرتين بها نخل قلت فما علامته قال يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة قال ومر بي ركب من كلب فخرجت معهم فلما بلغوا وادي القري ظلموني وباعوني من يهودي فكنت أعمل له في نخله وزرعه فبينا انا عنده إذ قدم ابن عم له فابتاعني منه وحملني إلي المدينة فوالله ما هو إلا ان رأيتها فعرفتها وبعث الله محمدا صلي الله عليه وآله بمكة ولا علم لي بشئ من أمره فبينا انا في رأس نخلة إذ أقبل ابن عم لسيدي فقال قاتل الله بني قيلة قد اجتمعوا علي رجل بقبا قدم عليهم من مكة يزعمون أنه نبي فأخذني العرق والانتفاض ونزلت عن النخلة وجعلت استقصي في السؤال فما كلمني سيدي بكلمة بل قال أقبل علي شأنك ودع ما لا يعنيك فلما أمسيت أخذت شيئا كان عندي من التمر وأتيت به النبي صلي الله عليه وآله فقلت له بلغني إنك رجل صالح وان لك أصحابا غرباء ذوي حاجة وهذا شئ كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم فقال صلي الله عليه وآله لأصحابه كلوا وامسك فلم يأكل فقلت في نفسي هذه واحدة وانصرفت فلما كان من الغد أخذت ما كان بقي عندي وأتيته به فقلت له إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية فقال صلي الله عليه وآله كلوا واكل معهم فقلت في نفسي هاتان اثنتان ثم جئت رسول الله صلي الله عليه وآله وهو ببقيع الغرقد وقد تبع جنازة رجل من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت خلفه انظر إلي ظهره هل أري الخاتم الذي وصفه لي صاحبي بعمورية فلما رآني رسول الله صلي الله عليه وآله استدبره عرف إني أثبت في شئ وصف لي فألقي ردائه عن ظهره فنظرت إلي الخاتم فأكببت عليه أقبله وأبكي فقال مالك فقصصت عليه القصة فأعجبه ثم قال يا سلمان كاتب صاحبك فكاتبته علي ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية فقال سول الله صلي الله عليه وآله للأنصار أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل حتي جمعت ثلاثمائة ودية فوضعها رسول الله صلي الله عليه وآله بيده فصحت كلها واتاه مال من بعض
(٢٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: النبي إبراهيم (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، مقبرة بقيع الغرقد (1)، مدينة مكة المكرمة (2)، الأكل (3)، القتل (1)، التمر (1)، التصدّق (2)
المغازي فأعطاني منه وقال أد كتابتك فاديت وأعتقت.
وروي ابن بابويه في كتاب اكمال الدين خبر اسلامه باسناده إلي موسي ابن جعفر " ع " قال حدثني أبي صلوات الله عليه ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " وسلمان الفارسي وأبا ذر وجماعة من قريش كانوا مجتمعين عند قبر النبي صلي الله عليه وآله فقال أمير المؤمنين " ع " يا أبا عبد الله الا تخبرنا بمبدأ أمرك فقال سلمان والله يا أمير المؤمنين لو أن غيرك سألني ما أخبرته انا كنت رجلا من أبناء أهل شيراز من الدهاقين وكنت عزيزا علي والدي فبينا انا سائر مع والدي في عيد لهم إذ انا بصومعة وإذا فيها رجل ينادي اشهد ان لا إله إلا الله وان عيسي روح الله وأن محمدا حبيب الله فرصف حب محمد صلي الله عليه وآله في لحمي ودمي فلم يهنئني طعام ولا شراب فقالت لي أمي مالك اليوم لم تسجد لمطلع الشمس قال فكابرتها حتي سكتت فلما انصرفت إلي منزلي إذ انا بكتاب معلق من السقف فقلت لأمي ما هذا الكتاب فقالت روزبه ان هذا الكتاب لما رجعنا من عيدنا رأيناه معلقا فلا تقرب ذلك المكان فإنك إن قربته قتلك أبوك قال فجاهدتها حتي جن الليل ونام أبي وأمي فقمت فأخذت الكتاب فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من الله إلي آدم " ع " وانه خلق من صلبه نبيا يقال له محمد بأمر بمكارم الأخلاق وينهي عن عبادة الأوثان يا روزبه أنت وصي عيسي فآمن واترك المجوسية قال فصعقت صعقة وزادني شدة قال فعلم أبي وأمي بذلك فأخذوني وجعلوني في بئر عميقة وقالا لي ان رجعت وإلا قتلناك فقلت لهما افعلا بي ما شئتما فان حب محمد لا يذهب من صدري قال سلمان ما كنت أعرف العربية قبل قراءتي ذلك الكتاب ولقد فهمني الله العربية من ذلك اليوم قال فبقيت في البئر فجعلوا ينزلون إلي أقراصا صغارا قال فلما طال أمري رفعت يدي إلي السماء فقلت يا رب انك حببت محمدا صلي الله عليه وآله ووصيه إلي فبحق وسيلته عجل فرجي وأرحني مما انا فيه فأتاني آت عليه ثياب بيض فقال قم يا روزبه فاخذ بيدي وأتي بي إلي الصومعة
(٢٠١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، النبي آدم عليه السلام (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، الصّلاة (1)، السجود (1)، الجماعة (1)
فأنشأت أقول أشهد أن لا إله إلا الله وان عيسي روح الله وأن محمدا حبيب الله فأشرف علي الديراني فقال أنت روزبه فقلت نعم فقال اصعد فأصعدني إليه فخدمته حولين كاملين فلما حضرته الوفاة قال اني ميت فقلت علي من تخلفني قال لا أعرف أحدا يقول بمقالتي إلا راهبا بأنطاكية فإذا لقيته فاقرأه مني السلام وادفع إليه هذا اللوح وناولني لوحا فلما مات غسلته وكفنته ودفنته واخذت اللوح وصرت به إلي أنطاكية وأتيت الصومعة وأنشأت أقول أشهد أن لا إله إلا الله وان عيسي روح الله وأن محمدا حبيب الله، فأشرف علي الديراني فقال لي أنت روزبه فقلت نعم فقال اصعد فصعدت وخدمته حولين كاملين فلما حضرته الوفاة قال اني ميت فقلت علي من تخلفني فقال لا أعرف أحدا يقول بمقالتي هذه إلا راهبا بالإسكندرية فإذا لقيته فاقرأه مني السلام وادفع إليه هذا اللوح فلما توفي غسلته وكفنته ودفنته واخذت اللوح وأتيت الصومعة فأنشأت أقول أشهد أن لا إله إلا الله وان عيسي روح الله وأن محمدا حبيب الله فأشرف علي الديراني فقال لي أنت روزبه فقلت نعم فقال اصعد فصعدت إليه فخدمته حولين كاملين فلما حضرته الوفاة قال لي اني ميت قلت علي من تخلفني قال لا أعرف أحدا يقول في الدنيا بمقالتي هذه وان محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قد حانت ولادته فإذا أتيته فاقرأه عني السلام وادفع إليه هذا اللوح قال فلما توفي غسلته وكفنته ودفنته واخذت اللوح وخرجت فصحبت قوما فقلت لهم يا قوم اكفوني الطعام والشراب أكفكم الخدمة قالوا نعم قال فما أرادوا ان يأكلوا شدوا علي شاة فقتلوها بالضرب ثم جعلوا بعضها كبابا وبعضها شويا فامتنعت من الاكل فقالوا كل فقلت اني غلام ديراني وان الديرانيين لا يأكلون اللحم فضربوني فكادوا يقتلونني فقال بعضهم أمسكوا عنه حتي يأتيكم شرابكم فإنه لا يشرب فلما أتوا بالشراب قالوا أشرب فقلت اني غلام ديراني وان الديرانيين لا يشربون الخمر
(٢٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: محمد بن عبد الله (1)، الأكل (2)، الموت (1)، الشهادة (2)
فشدوا علي وأرادوا قتلي فقلت لهم يا قوم: لا تضربوني ولا تقتلوني فإني أقر لكم بالعبودية فأقررت لواحد منهم فأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من رجل يهودي قال فسألني عن قصتي فأخبرته وقلت ليس لي ذنب إلا اني أحببت محمدا ووصيه فقال اليهودي وإني لأبغضك وابغض محمدا ثم أخرجني إلي خارج داره وإذا رمل كثير علي بابه فقال والله يا روزبه لان أصبحت ولم تنقل هذا الرمل كله من هذا الموضع لأقتلنك قال فجعلت أحمل طول ليلي فلما جهدني التعب رفعت يدي إلي السماء فقلت يا رب حببت محمد صلي الله عليه وآله ووصيه إلي فبحق وسيلته عجل فرجي وأرحني مما أنا فيه فبعث الله عز وجل ريحا فقلعت ذلك الرمل من مكانه إلي المكان الذي قال اليهودي فلما أصبح نظر إلي الرمل قد نقل كله فقال يا روزبه أنت ساحر وانا لا أعلم فلأخرجنك من هذه القرية كي لا تهلكنا قال فأخرجني وباعني من امرأة سليمية فأحببتني حبا شديدا وكان لها حائط فقالت هذا الحائط لك كل منه ما شئت وهب وتصدق قال فبقيت في ذلك الحائط ما شاء الله فبينا انا ذات يوم في الحائط وإذا انا بسبعة رهط قد أقبلوا تظلهم غمامة فقلت في نفسي والله ما هؤلاء كلهم بأنبياء وان فيهم نبيا قال فاقبلوا حتي دخلوا الحائط والغمامة تسير معهم فلما وصلوا إذا فيهم رسول الله صلي الله عليه وآله وأمير المؤمنين " ع " وأبو ذر والمقداد وعقيل بن أبي طالب (رض وحمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة فدخلوا الحائط فجعلوا يتناولون من حشف النخل ورسول الله صلي الله عليه وآله يقول كلوا الحشف ولا تفسدوا علي القوم شيئا فدخلت علي مولاتي وقلت لها يا مولاتي هبي لي طبقا من رطب فقالت لك ستة اطباق قال فجئت فحملت طبقا من رطب فقلت في نفسي إن كان فيهم نبي فإنه لا يأكل الصدقة فوضعته بين يديه وقلت هذه صدقة فقال رسول الله صلي الله عليه وآله كلوا وامسك رسول الله وأمير المؤمنين " ع " وحمزة بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب وقال لزيد مد يدك وكل فقلت في نفسي هذه علامة فدخلت علي مولاتي وقلت لها هبي لي طبقا آخر فقالت لك ستة اطباق قال فجئت
(٢٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء عليه السلام (1)، عقيل بن أبي طالب عليه السلام (2)، زيد بن حارثة (1)، الأكل (1)، القتل (1)، التصدّق (2)
فحملت طبقا من رطب فوضعته بين يديه وقلت هذه هدية فمد يده وقال بسم الله كلوا فمد القوم جميعا أيديهم فأكلوا فقلت في نفسي هذه أيضا علامة قال فبينا أدور خلفه إذ حانت من النبي التفاتة فقال يا روزبه تطلب خاتم النبوة فقلت نعم فكشف عن كتفيه فإذا انا بخاتم النبوة معجون بين كتفيه عليه شعرات قال فسقطت علي قدم رسول الله أقبلها فقال لي يا روزبه ادخل علي هذه المرأة وقل لها: يقول لك محمد بن عبد الله تبيعينا هذا الغلام فدخلت عليها فقلت لها يا مولاتي ان محمد بن عبد الله يقول لك تبيعينا هذا الغلام فقالت قل له لا أبيعك إلا بأربعمائة نخلة مايتا نخلة منها صفراء ومائتا نخلة منها حمراء قال فجئت إلي النبي صلي الله عليه وآله فأخبرته فقال ما أهون ما سألت ثم قال قم يا علي أجمع هذا النوي كله فجمعه واخذه فغرسه ثم قال اسقه فسقاه أمير المؤمنين " ع " فما بلغ آخره حتي خرج النخل ولحق بعضه بعضا فقال لي ادخل إليها وقل لها يقول لك محمد بن عبد الله خذي شيئك وادفعي إلينا شيئنا قال فدخلت عليها وقلت لها ذلك فخرجت ونظرت إلي النخل فقالت والله لا أبيعكم إلا بأربعمائة نخلة كلها صفراء فهبط جبرئيل فمسح جناحه علي النخل فصار كله اصفر، قال ثم قال لي قل لها ان محمدا يقول لك خذي شيئك وادفعي إلينا شيئنا فقلت لها فقالت والله لنخلة من هذه أحب إلي من محمد ومنك فقلت لها والله ليوم مع محمد أحب إلي منك ومن كل شئ أنت فيه فاعتنقني رسول الله وسماني سلمان.
وفي بعض الروايات ان النبي صلي الله عليه وآله أتي إليه بمثل شبه بيضة دجاجة من ذهب من بعض الغزوات فقال ما فعل الفارسي المكاتب فدعي سلمان له قال خذ هذه فاد بها ما عليك فقال وأين يقع هذا مما علي يا رسول الله فلما قال ذلك سلمان اخذها رسول الله صلي الله عليه وآله فقلبها علي لسانه ثم أعطاها سلمان فاخذها فأوفي فيها حقه كله أربعين أوقية.
وفي الشفا نقلا من كتاب البزار أعطاه مثل بيضة دجاجة بعد أن رددها
(٢٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، محمد بن عبد الله (3)
علي لسانه فوزن منها لواليه أربعين أوقية وبقي عنده مثل ما أعطاهم.
وروي أبو عمرو ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب ان سلمان اشتراه رسول الله صلي الله عليه وآله من أربابه وهم قوم يهود بدارهم وعلي ان يغرس لهم من النخل كذا وكذا ويعمل فيها حتي تدرك فغرس رسول الله صلي الله عليه وآله ذلك النخل كله بيده إلا نخلة واحدة غرسها عمر بن الخطاب فأطعم النخل كله إلا تلك النخلة فقال رسول الله صلي الله عليه وآله من غرسها فقيل عمر فقلعها وغرسها رسول الله صلي الله عليه وآله بيده فأطعمت.
وفي شواهد النبوة لما جاء سلمان إلي النبي صلي الله عليه وآله لم يفهم النبي كلامه فطلب ترجمانا فأتي بتاجر من اليهود وكان يعلم الفارسية والعربية فمدح سلمان النبي صلي الله عليه وآله وذم اليهودي فحرف اليهودي الترجمة فقال إن سلمان يشتمك فقال النبي هذا الفارسي جاء ليؤذينا فنزل جبرئيل " ع " وترجم كلام سلمان للنبي فقال النبي لليهودي فقال يا محمد إذا كنت تعرف الفارسية فما حاجتك إلي قال ما كنت أعلمها قبل فالآن علمني جبرئيل " ع " أو كما قال فقال اليهودي يا محمد قد كنت قبل هذا اتهمك والآن تحقق عندي انك رسول الله فقال أشهد ان لا إله إلا الله وإنك رسول الله ثم قال رسول الله لجبرئيل " ع " علم سلمان الفارسي العربية قال قل له ليغمض عينيه ويفتح فاه ففعل سلمان فتفل جبرئيل في فيه فشرع سلمان يتكلم بالعربي الفصيح ثم كان شغل سلمان الرق حتي فاته بدر واحد حتي عتق في السنة الخامسة من الهجرة، وفي بعض الروايات انه أسلم بمكة.
وأخرج الشيخ الطوسي (ره) في أماليه باسناده عن حسان بن سدير الصيرفي عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر " ع " قال جلس جماعة من أصحاب رسول الله ينتسبون ويفتخرون وفيهم سلمان ره فقال له عمر ما نسبتك أنت يا سلمان وما أصلك فقال انا سلمان بن عبد الله كنت ضالا فهداني الله بمحمد وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد وكنت مملوكا فاعتقني الله بمحمد، فهذا
(٢٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، الشيخ الطوسي (1)، الشهادة (1)، العتق (1)
حسبي ونسبي يا عمر ثم خرج رسول الله صلي الله عليه وآله فذكر له سلمان ما قال عمر وأما أجابه به فقال رسول الله يا معشر قريش ان حسب المرء دينه ومروته خلقه واصله عقله قال الله تعالي (يا أيها الناس انا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ثم أقبل علي سلمان (ره) فقال له سلمان انه ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوي الله عز وجل فمن كنت اتقي منه فأنت أفضل منه وكان سلمان (رضي الله عنه) خيرا فاضلا حبرا عالما زاهدا متقشف ا وهو أول الأركان الأربعة وثانيها المقداد وثالثها أبو ذر ورابعها عمار قال أبو عمرو وأول مشاهد سلمان الخندق وهو الذي أشار بحفره فقال أبو سفيان وأصحابه لما رأوه هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها قال روي أن سلمان شهد بدرا واحدا وهو عبد يومئذ والأكثر ان أول مشاهده الخندق ولم يفته بعد ذلك مشهد.
وكتب صلي الله عليه وآله عهدا لحي سلمان بكازرون وصورته بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله سأله سلمان وصية بأخيه ما هاد ابن فروخ وأهل بيته وعقبه من بعده من أسلم منهم وأقام علي دينه سلام الله، احمد الله إليكم الذي أمرني أن أقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له أقولها وأأمر الناس بها وان الخلق خلق الله والأمر حكمه. الله خلقهم وأماتهم وهو ينشرهم واليه المصير وان كل أمر يزول وكل شئ يعيد ويفني وكل نفس ذائقة الموت من آمن بالله ورسوله كان له في الآخرة دعة الفائزين ومن أقام علي دينه تركناه فلا اكراه في الدين وهذا كتاب لأهل بيت سلمان ان لهم ذمة الله وذمتي علي دمائهم وأموالهم في الأرض التي يقيمون فيها سهلها وجبلها ومراعيها وعيونها غير مظلومين ولا مضيقا عليهم فمن قرئ عليه كتابي هذا من المؤمنين والمؤمنات فعليه أن يحفظهم ويكرمهم ويبرهم ولا يتعرض لهم بالأذي والمكروه وقد رفعت عنهم جز الناصية والجزية والخمس والعشر إلي سائر المؤن والكلف ثم إن سألوكم فاعطوهم وان استغاثوا بكم فأغيثوهم وان استجاروا بكم فأجيروهم وإن أساؤا فاغفروا لهم
(٢٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشهادة (2)، الموت (1)، الشراكة، المشاركة (1)، الوصية (1)، الخمس (1)
وإن أسيئ إليهم فامنعوا عنهم ولهم ان يعطوا من بيت مال المسلمين في كل سنة مائة حلة في شهر رجب ومائة في الأضحية ومن الأواني مائة فقد استحق سلمان ذلك منا لان فضل سلمان علي كثير من المؤمنين وانزل في الوحي علي أن الجنة إلي سلمان أشوق من سلمان إلي الجنة وهو ثقتي وأميني تقي نقي ناصح لرسول الله والمؤمنين وسلمان منا أهل البيت فلا يخالفن أحد هذه الوصية فمن خالفها فقد خالف الله ورسوله وعليه اللعنة إلي يوم الدين ومن أكرمهم فقد أكرمني وله عند الله الثواب ومن آذاهم فقد آذاني وانا خصمه يوم القيامة وجزاؤهم جهنم وبرئت منه ذمتي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكتب علي بن أبي طالب بأمر رسول الله صلي الله عليه وآله في رجب سنة تسع من الهجرة وحضر أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسلمان وأبو ذر وعمار وعتبة وبلال والمقداد وجماعة آخرون من المؤمنين.
قال بعض المؤرخين: ماهاد بن فروخ المكتوب باسمه العهد أبن أخ سلمان الفارسي وهو ماهاد بن فروخ بن بدخشان وعقبه بفارس وهذا العهد في أيديهم إلي الآن وهو مكتوب علي أديم أبيض مختوم بخاتم النبي صلي الله عليه وآله وعليه ختم أبي بكر وعثمان والله أعلم. ويستفاد من هذا العهد ان التاريخ كان من زمن النبي صلي الله عليه وآله وهو خلاف المشهور من أن التاريخ بالهجرة إنما وضعه عمر بن الخطاب في أيام خلافته والله أعلم. وقد ورد في شأن سلمان أحاديث كثيرة عن النبي صلي الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام.
فمنها ما رواه الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك عن عمرو بن عوف عن النبي صلي الله عليه وآله انه قال: سلمان منا أهل البيت.
قال الشيخ محيي الدين ابن العربي في الفتوحات لما كان النبي صلي الله عليه وآله عبدا محضا أي خالصا قد طهره الله تعالي وأهل بيته تطهيرا وأذهب عنهم الرجس وكلما يشينهم فان الرجس هو القذر عند العرب علي ما حكاه القرآن قال تعالي (إنما يريد
(٢٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، يوم القيامة (2)، شهر رجب المرجب (2)، الطبراني (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، علي بن أبي طالب (1)، القرآن الكريم (1)، الوصية (1)
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فلا يضاف إليهم إلا مطهر ولابد أن يكون كذلك فان المضاف إليهم هو الذي يشبههم فما يضيفون لأنفسهم إلا من له حكم الطهارة والتقديس فهذا شهادة من النبي صلي الله عليه وآله لسلمان الفارسي بالطهارة والحفظ الإلهي والعصمة حيث قال فيه رسول الله صلي الله عليه وآله سلمان منا أهل البيت وشهد الله لهم بالتطهير وذهاب الرجس عنهم وإذا كان لا يضاف إليهم إلا مطهر مقدس وحصلت له العناية الآلهية بمجرد الإضافة فما ظنك باهل البيت في نفوسهم فهم المطهرون بل عين الطهارة ومنها ما روي عنه صلي الله عليه وآله من وجوه انه قال لو كان الدين في الثريا لناله سلمان. وفي رواية أخري لناله رجل من فارس.
ومنها ما روي من حديث ابن بريدة عن أبيه ان رسول الله قال أمرني ربي بحب أربعة وأخبرني انه يحبهم علي " ع " وأبو ذر والمقداد وسلمان.
ومنها ما روي عن النبي صلي الله عليه وآله قال إن الجنة لأشوق إلي سلمان من سلمان إلي الجنة وان الجنة لأعشق لسلمان من سلمان إلي الجنة.
ومنها ما رواه أبو هريرة قال تلا رسول الله صلي الله عليه وآله هذه الآية (وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) قالوا ومن يستبدل بنا فضرب رسول الله صلي الله عليه وآله علي منكب سلمان ثم قال هذا وقومه (وفي رواية) قال: قال ناس من أصحاب رسول الله يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله تعالي ان تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا قال وكان سلمان يحب رسول الله فضرب رسول الله فخذ سلمان قال هذا وأصحابه والذي نفسي بيده لو كان الايمان منوطا بالثريا لتناوله رجل من فارس أخرجه الترمذي.
قال أبو عمرو في (الاستيعاب) وفي الحديث المروي ان أبا سفيان مر علي سلمان وصهيب وبلال في نفر من المسلمين فقالوا ما أخذت السيوف مأخذها من عنق عدو الله وأبو سفيان يسمع قولهم فقال لهم أبو بكر تقولون هذا لشيخ
(٢٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، أبو هريرة العجلي (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، الشهادة (1)، الطهارة (1)
قريش وسيدها وأتي النبي فأخبره فقال يا أبا بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت الله.
قال وقد روينا عن عائشة انها قالت كان لسلمان مجلس من رسول الله صلي الله عليه وآله ينفرد به بالليل حتي كاد يغلبنا علي رسول الله صلي الله عليه وآله.
قال وقد روي الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي " ع " انه سأل عن سلمان فقال علم العلم الأول والعلم الآخر ذاك بحر لا ينزف هو منا أهل البيت.
قال المؤلف أخرج الكشي في كتابه عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر " ع " قال: قال تروي ما يروي الناس ان عليا " ع " قال في سلمان أدرك علم الأول وعلم الآخر قلت نعم قال فهل تدري ما عني قال قلت يعني علم بني إسرائيل وعلم النبي فقال ليس هذا يعني ولكن علم النبي وعلم علي وأمر النبي وأمر علي صلوات الله عليهما وأخرج عن زرارة قلت سمعت أبا عبد الله " ع " يقول أدرك سلمان العلم الأول والعلم الآخر وهو منا أهل البيت بلغ من علمه انه مر برجل في رهط فقال له يا عبد الله تب إلي الله عز وجل من الذي عملت به في بطن بيتك البارحة قال ثم مضي فقال له القوم لقد رماك سلمان بأمر فما دفعته عن نفسك قال إنه أخبرني بأمر ما اطلع عليه إلا الله.
وعن الحسن بن صهيب عن أبي جعفر " ع " عن أبيه " ع " عن جده عن علي بن أبي طالب " ع " قال ضاقت الأرض بسبعة بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون منهم سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر وعمار وحذيفة وكان علي " ع " يقول وانا امامهم وهم الذين صلوا علي فاطمة " ع ".
وأخرج الشيخ الطوسي في أماليه عن منصور بن بزرج قال قلت لأبي عبد الله الصادق " ع " ما أكثر ما اسمع منك سيدي ذكر سلمان الفارسي قال " ع " لا تقل سلمان الفارسي ولكن قل سلمان المحمدي أتدري ما أكثر ذكري له قلت
(٢٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (4)، الفضيل بن يسار (1)، الشيخ الطوسي (1)، عمرو بن مرة (1)، منصور بن بزرج (1)، الصّلاة (1)
لا قال لثلاث خصال إيثاره هوي أمير المؤمنين " ع " علي هوي نفسه، والثانية حبه للفقراء واختياره إياهم علي أهل الثروة والعدد، والثالثة حبه للعلم والعلماء ان سلمان كان عبدا صالحا حنيفا مسلما وما كان من المشركين.
وأخرج الكشي عن محمد بن حكيم قال ذكر عند أبي جعفر " ع " سلمان المحمدي فقال إن سلمان منا أهل البيت انه كان يقول للناس هربتم من القرآن إلي الأحاديث وجدتم كتابا دقيقا حوسبتم فيه علي النقير والقمطير والفتيل وحبة الخردل فضاق عليكم ذلك وهربتم إلي الأحاديث التي اتسعت عليكم.
وعن زرارة عن أبي جعفر " ع " قال كان علي محدثا وكان سلمان محدثا.
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله " ع " قال كان والله علي محدثا وكان سلمان محدثا قلت أشرح قال يبعث الله إليه ملكا ينقر في اذنه يقول كيت وكيت.
وعن أبي العباس أحمد بن حماد المروزي عن الصادق " ع " انه قال في الحديث الذي روي فيه ان سلمان كان محدثا قال إنه كان محدثا عن امامه لا عن ربه لأنه لا يحدث عن الله تعالي إلا الحجة.
وعن عبد الرحمن بن أعين قال سمعت أبا جعفر يقول: كان سلمان من المتوسمين.
وعن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله " ع " يقول سلمان علم الاسم الأعظم.
وعن جابر عن أبي جعفر " ع " قال دخل أبو ذر علي سلمان وهو يطبخ قدرا له فبينما هما يتحادثان إذ انكبت القدر لي وجهها فلم يسقط منها شئ من مرقها ولا من ودكها قال فخرج أبو ذر وهو مذعور من عند سلمان فبينما هو متفكر إذ لقي أمير المؤمنين " ع " علي الباب فلما ان بصر به أمير المؤمنين " ع " قال يا أبا ذر ما الذي أخرجك من عند سلمان ومن الذي ذعرك فقال له أبو ذر يا أمير المؤمنين رأيت سلمان صنع كذا وكذا، فعجبت من ذلك. فقال:
أمير المؤمنين عليه السلام يا أبا ذر إن سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت:
رحم الله قاتل سلمان، يا أبا ذر سلمان باب الله في الأرض من عرفه كان مؤمنا ومن
(٢١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (3)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، أبو بصير (2)، يوم عرفة (1)، أحمد بن حماد المروزي (1)، محمد بن حكيم (1)، القرآن الكريم (1)، البعث، الإنبعاث (1)، القتل (1)
أنكره كان كافرا وان سلمان منا أهل البيت.
وعن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله " ع " يقول قال رسول الله صلي الله عليه وآله يا سلمان لو عرض علمك علي المقداد لكفر يا مقداد لو عرض علمك علي سلمان لكفر.
وعن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه " ع " قال ذكرت التقية يوما عند علي " ع " فقال إن أبا ذر لو علم ما في قلب سلمان لقتله وقد آخي رسول الله صلي الله عليه وآله بينهما فما ظنك بسائر الناس.
قال المؤلف اختلف أقوال العلماء في معني هذا الحديث.
فمنهم من أوله ومنهم من حمله علي ظاهره وأولي ما قيل فيه ان مقام أبي ذر دون مقام سلمان لأن مقام أبي ذر في الثامنة ومقام سلمان في التاسعة فلو اطلع أبو ذر علي غير مقامه لقتله وما منا إلا له مقام معلوم.
وروي صاحب نزهة المذكورين ان سلمان خرج مع أصحابه فأصابتهم مخمصة فاقبل ظبي فدعاه وقال كن مشويا لينتفع أصحابي بك فصار مشويا فأكلوا منه حتي شبعوا ثم قال قم بإذن الله فقام فذهب إلي الصحراء فقيل له في ذلك فقال كل من أطاع الله فان الله يجيبه ويجيب دعوته كما قال تعالي (ادعوني أستجب لكم).
وأخرج الكشي عن الحسن بن منصور قال قلت للصادق " ع " أكان سلمان محدثا قال " ع " نعم قلت من يحدثه قال ملك كريم قلت فإذا كان سلمان كذا فصاحبه أي شئ هو قال أقبل علي شأنك.
وفي رواية زاذان عن أمير المؤمنين " ع " سلمان الفارسي كلقمان الحكيم.
وحكي عن الفضل بن شاذان انه قال ما نشأ في الاسلام رجل كان أفقه من سلمان.
وروي قتادة عن أبي هريرة قال سلمان صاحب الكتابين يعني الإنجيل والقرآن وعن الصادق جعفر بن محمد " ع " قال عاد رسول الله صلي الله عليه وآله سلمان الفارسي
(٢١١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو هريرة العجلي (1)، أبو بصير (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (2)، الفضل بن شاذان (1)، الحسن بن منصور (1)، مسعدة بن صدقة (1)، جعفر بن محمد (1)، القرآن الكريم (1)، القتل (2)، الكرم، الكرامة (1)
فقال يا سلمان لك في علتك ثلاث خصال أنت من الله عز وجل بذكر ودعاؤك فيه مستجاب ولا تدع العلة عليك ذنبا إلا حطته متعك الله بالعافية إلي منتهي أجلك.
وعنه عن أبيه عن جده " ع " قال وقع بين سلمان الفارسي (ره) وبين رجل كلام وخصومة فقال له الرجل من أنت يا سلمان فقال اما أولي وأولك فنطفة قذرة واما آخري وآخرك فجيفة منتنة فإذا كان يوم القيامة ووضعت الموازين فمن ثقلت موازينه فهو الكريم ومن خف ميزانه فهو اللئيم.
وعن أبي بصير قال سمعت الصادق جعفر بن محمد " ع " يحدث عن أبيه عن آبائه " ع " قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله يوما لأصحابه أيكم يصوم الدهر فقال سلمان انا يا رسول الله فقال رسول الله أيكم يحيي الليل فقال سلمان انا يا رسول الله قال أيكم يختم القرآن كل يوم فقال سلمان انا يا رسول الله فغضب بعض أصحابه فقال يا رسول الله ان سلمان من الفرس يريد ان يفتخر علينا معاشر قريش قلت أيكم يصوم الدهر فقال انا وهو أكثر أيامه يأكل وقلت أيكم يحيي الليل فقال انا وهو أكثر ليلته نائم وقلت أيكم يختم القرآن في كل يوم فقال انا وهو أكثر نهاره صامت فقال النبي صلي الله عليه وآله مه يا فلان أني لك بمثل لقمان الحكيم سله فإنه ينبئك فقال الرجل يا أبا عبد الله الست زعمت أنك تصوم الدهر فقال نعم فقال رأيتك في أكثر نهارك تأكل فقال ليس حيث تذهب اني أصوم الثلاثة في الشهر وقال الله عز وجل من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها واصل شعبان بشهر رمضان فذلك الدهر فقال أليس زعمت أنك تحيي الليل فقال نعم فقال أنت أكثر ليلك نائم فقال ليس حيث تذهب ولكني سمعت حبيبي رسول الله صلي الله عليه وآله يقول من بات علي فراشه علي طهر فكأنما أحيي الليل كله فانا أبيت علي طهر فقال أليس زعمت أنك تختم القرآن في كل يوم فقال نعم فقال أنت أكثر أيامك صامت فقال ليس حيث تذهب ولكني سمعت حبيبي رسول الله يقول لعلي عليه السلام
(٢١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، يوم القيامة (1)، أبو بصير (1)، شهر رمضان المبارك (1)، شهر شعبان المعظم (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، القرآن الكريم (3)، الكرم، الكرامة (1)، الصيام، الصوم (2)، الطهارة (2)، الأكل (1)
يا أبا الحسن مثلك في أمتي مثل قل هو الله أحد فمن قرأها مرة فقد قرأ ثلث القرآن ومن قرئها مرتين فقد قرأ ثلثي القرآن ومن قرأها ثلاث مرات فقد ختم القرآن فمن أحبك بلسانه فقد كمل ثلث إيمانه ومن أحبك بلسانه وقلبه فقد كمل له ثلثا الأيمان ومن أحبك بلسانه وقلبه ونصرك بيده فقد استكمل الأيمان والذي بعثني بالحق نبيا يا علي لو أحبك أهل الأرض كمحبة أهل السماء لك لما عذب الله أحدا بالنار وانا اقرأ قل هو الله أحد في كل يوم ثلاث مرات فقام الرجل كأنه قد ألقم حجرا.
وعن سلمان (ره) قال بايعنا رسول الله علي النصح للمسلمين والائتمام بعلي بن أبي طالب والمولاة له.
وعن زاذان قال سمعت سلمان يقول اني لا أزال أحب عليا فإني قد رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله يضرب فخذه ويقول محبك لي محب مبغضك لي مبغض ومبغضي لله مبغض.
وعن حباب بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر " ع " قال كان الناس أهل ردة بعد النبي صلي الله عليه وآله إلا ثلاثة فقلت من هم فقال المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي ثم عرف الناس بعد يسير وقال هؤلاء الذين دارت عليهم الرحي وأبوا أن يبايعوا حتي جاؤوا بأمير المؤمنين " ع " مكرها فبايع وذلك قول الله عز وجل وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابكم الآية.
وفي رواية عن أبي جعفر " ع " في أمر البيعة ان سلمان عرض في قلبه عارض ان عند أمير المؤمنين " ع " اسم الأعظم لو تكلم به لأخذتهم الأرض وهو هكذا فلبب ووجئت عنقه حتي تركت كالسلعة فمر به أمير المؤمنين " ع " فقال له يا أبا عبد الله هذا من ذاك بايع فبايع.
وفي رواية ان سلمان قال لهم لما بايعوا أبا بكر (كرديد ونكرديد) أي فعلتم ولم
(٢١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، المقداد بن الأسود (1)، علي بن أبي طالب (1)، القرآن الكريم (3)، الضرب (1)، القتل (1)
تفعلوا، قالت المعتزلة معناه استخلفتم خليفة ونعم ما فعلتم إلا انكم عدلتم عن أهل البيت فلو كان الخليفة منهم كان أولي والامامية تقول معناه أسلمتم وما أسلمتم.
قال المؤلف وفي رواية سليم بن قيس عن سلمان (رض) كلام بالعربية يمكن ان يكون تفسيرا لهاتين الكلمتين قال سليم قلت لسلمان بايعت أبا بكر ولم تقل شيئا قال قد قلت بعد ما بايعت تبا لكم سائر الدهر أتدرون ما ذا صنعتم بأنفسكم أصبتم وأخطأتم أصبتم سنة الأولين وأخطأتم سنة نبيكم حين أخرجتموها من معدنها وأهلها قال سلمان أخذوني فوجأوا في عنقي حتي تركوها مثل السلعة ثم فتلوا يدي فبايعت مكرها.
وفي رواية أبان بن تغلب عن الصادق " ع " قال قام سلمان الفارسي فقال الله أكبر الله أكبر سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وإلا صمتا أذناي يقول بينما أخي وابن عمي جالس في مسجدي مع نفر من أصحابه إذ تكبسه جماعة من كلاب أهل النار يريدون قتله وقتل من معه فلست أشك انكم هم فهم به عمر بن الخطاب فوثب إليه أمير المؤمنين " ع " وأخذ بمجامع ثوبه وجلد به الأرض ثم قال يا بن صهاك الحبشية لولا كتاب من الله سبق وعهد من رسول الله صلي الله عليه وآله تقدم لأريتك أينا أضعف ناصرا وأقل عددا.
وفي رواية سليم قال سلمان فقال لي عمر أما إذا بايع صاحبك فقل ما بدا لك وليقل ما بدا له قال فقلت إني أشهد إني سمعت رسول الله يقول إن عليك وعلي صاحبك الذي بايعته مثل ذنوب الثقلين إلي يوم القيامة ومثل عذابهم قال قل ما شئت أليس قد بايع ولم تقر عينك بان يليها صاحبك قال قلت فإني أشهد اني قرأت في بعض الكتب كتب الله المنزلة انه باسمك ونسبك وصفتك باب من أبواب جهنم قال قل ما شئت أليس قد عزلها الله عن أهل البيت الذين قد اتخذتموهم أربابا قال فقلت فإني أشهد اني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول وقد سألته عن هذه الآية (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد) انك أنت هو فقال
(٢١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، يوم القيامة (1)، مدرسة المعتزلة (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، أبان بن تغلب (1)، سليم بن قيس (1)، القتل (2)، الشهادة (3)
أسكت اسكت الله نامتك أيها العبد ابن الخناء فقال علي " ع " اسكت يا سلمان فسكت ووالله لولا أنه امرني بالسكوت لأخبرته بكل شئ نزل فيه وفي صاحبه قال سليم ثم أقبل علي سلمان فقال إن القوم ارتدوا بعد رسول الله إلا من عصمه الله بآل محمد فأن الناس بعد رسول الله صلي الله عليه وآله بمنزلة هارون ومن أتبعه وبمنزلة العجل ومن أتبعه فعلي " ع " في سنة هارون وعتيق في سنة السامري وسمعت رسول الله يقول لتركن أمتي سنة بني إسرائيل حذو القذة بالقذة وحذو النعل بالنعل شبرا بشبر وذراعا بذراع وباعا بباع.
وروي أن سلمان خطب إلي عمر فرده ثم ندم فعاد إليه فقال إنما أردت ان أعلم ذهبت حمية الجاهلية من قلبك أم هي كما هي.
قال ابن شهرآشوب في المناقب كان عمر وجه سلمان أميرا إلي المدائن وأنما أراد له الختلة فلم يفعل إلا بعد أن استأذن أمير المؤمنين " ع " فمضي فأقام بها إلي أن توفي وكان يحطب في عبائة يفترش نصفها ويلبس نصفها ووقع حريق في المدائن وسلمان أميرها فلم يكن في بيته إلا مصحف وسيف فرفع المصحف في يده وحمل السيف في عنقه وخرج قائلا هكذا ينجوا المخفون قيل دخل عليه رجل فلم يجد في بيته إلا سيفا ومصحفا فقال له ما في بيتك إلا ما أري قال إن أمامنا منزل كؤود وإنا قد قدمنا متاعنا إلي المنزل.
قال الحسن كان عطاء سلمان خمسة آلاف وكان أميرا علي زهاء ثلاثين ألفا من المسلمين وكان يحطب في عبائة يفترش نصفها ويلبس نصفها فإذا خرج عطاؤه تصدق به.
قيل ولم يكن له بيت يظله إنما كان يدور مع الظل حيث دار.
قال أبو عمرو وقد ذكر أبن وهب بن نافع ان سلمان لم يكن له بيت إنما كان يستظل بالجدار والشجر وان رجلا قال له الا ابني لك بيتا تسكن فيه قال لا حاجة في ذلك فما زال به الرجل حتي قال له انا أعرف البيت الذي يوافقك
(٢١٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، ابن شهرآشوب (1)، الجهل (1)
قال فصفه لي قال ابني لك بيتا إذا أنت كنت فيه أصاب رأسك سقفه وان أنت مددت فيه رجليك أصابهما الجدار قال نعم فبني له.
قال: قال وكان سلمان يسف الخوص وهو أمير علي المدائن ويبيعه ويأكل منه ويقول لا أحب ان أكل إلا من عمل يدي وقد كان تعلم سف الخوص من المدينة.
قال غيره كان يأكل من عمل يده ويطحن مع الخادمة ويعجن عنها إذا أرسلها في حاجة ويقول لا تجمع عليها عملين وكان يعمل من الخوص قفافا فيبيع ذلك بثلاثة دراهم فيرد درهما في الخوص وينفق علي عياله درهما ويتصدق بدرهم وكان لا يأكل من صدقات الناس ويقول إن رسول الله صلي الله عليه وآله قال سلمان منا أهل البيت وكان غالب الناس ممن لا يعرفه يسخرونه في حمل أمتعتهم من السوق لرثاثة ثيابه فربما عرفوه فيعتذرون إليه ويقولون تحمل عنك فيقول لا حتي أصل إلي المنزل وها هو ذاك.
قيل وربما حمل حزمة الحطب علي رأسه من السوق فإذا رأي ازدحام الناس قال أوسعوا الطريق للأمير.
وكان لا يحضر بين يديه طعام عليه أدامان.
وروي الأعمش عن أبي وائل قال ذهبت انا وصاحب لي إلي سلمان الفارسي فلما جلسنا عنده قال لولا أن رسول الله صلي الله عليه وآله نهي عن الكلف لتكلفت لكم ثم جاء بخبز وملح ساذج لا برار عليه فقال صاحبنا لو كان في ملحنا صعتر فبعث سلمان بمطهرته فرهنها علي الصعتر فلما أكلنا قال صاحبي الحمد لله الحمد لله الذي أقنعنا بما رزقنا فقال سلمان لو قنعت بما رزقك الله لم تكن مطهرتي مرهونة.
وروي أن أبا ذر استضافه فقدم له خبز شعير وملحا فقال أبو ذر أردنا خلا وبقلا فرهن سلمان ركوته علي ذلك فلما فرغا من الاكل قال أبو ذر الحمد لله علي القناعة قال سلمان لو كنت قنعت لما كانت ركوتي مرهونة
(٢١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، الأكل (4)، الطعام (1)، القناعة (1)
وأخرج الشيخ محمد بن علي بن بابويه في أماليه باسناده عن عبد العظيم ابن عبد الله الحسني عن الأمام محمد بن علي عن أبيه الرضا علي بن موسي عن أبيه موسي بن جعفر عن أبيه الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهما السلام قال اخذ سلمان أبا ذر إلي منزله فقدم له رغيفين فاخذ أبو ذر يقلبهما فقال له سلمان يا أبا ذر لأي شئ تقلب هذين الرغيفين قال خفت ان لا يكونا نضجين فغضب سلمان من ذلك غضبا شديدا ثم قال ما أجرأك حيث تقلب هذين الرغيفين فوالله لقد عمل في هذا الخبز الماء الذي تحت العرش. وعمل فيه الملائكة حتي القوة إلي الريح وعملت فيه الريح حتي ألقته إلي السحاب. وعمل فيه السحاب حتي أمطره إلي الأرض، وعمل فيه الرعد والملائكة حتي وضعوه مواضعه، وعملت فيه الأرض والخشب والحديد والبهائم والنار والحطب والملح وما لا أحصيه أكثر فكيف لك ان تقوم بهذا الشكر فقال أبو ذر إلي الله أتوب وأستغفر الله مما أحدثت واليك اعتذر مما كرهت.
وروي عن جرير بن عبد الله انه قال انتهيت مرة إلي ظل شجرة وتحتها رجل نائم قد استظل بنطع له وقد جاوزت الشمس النطع فسويته عليه ثم إن الرجل استيقظ فإذا هو سلمان الفارسي (رض) فذكرت له ما صنعت فقال يا جرير تواضع لله في الدنيا فإنه من تواضع لله في الدنيا رفعه الله يوم القيامة أتدري ما ظلمة النار يوم القيامة قلت لا؟ قال فإنه ظلم الناس بعضهم بعضا في الدنيا.
وأخرج الكشي عن النصيبي عن أبي عبد الله قال: قال أمير المؤمنين " ع " لسلمان يا سلمان إذهب إلي فاطمة فقل لها تتحفك من تحف الجنة فذهب إليها سلمان فإذا بين يديها ثلاث سلال فقال يا بنت رسول الله أتحفيني قالت هذه سلال جائني بها ثلاث وصائف فسألتهن عن أسمائهن فقالت واحدة انا سلمي لسلمان وقالت الأخري انا ذرة لأبي ذر وقالت الأخري انا مقدودة للمقداد ثم قبضت فناولتني فما مررت بملأ إلا ملئوا طيبا لريحها.
(٢١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، يوم القيامة (2)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، جرير بن عبد الله (1)، علي بن بابويه (1)، موسي بن جعفر (1)، محمد بن علي (1)، جعفر بن محمد (1)، الشكر (1)، الصدق (1)، الظلم (1)، الخوف (1)
وأخرج الكشي باسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال: خطب سلمان فقال الحمد لله الذي هداني لدينه بعد جحودي له وأنا مذك لنار الكفر أهل لها نصيبا وأثبت لها نصيبا وأثبت لها رزقا حتي ألقي الله عز وجل في قلي حب تهامة فخرجت جائعا ظمآنا قد طردني قومي وأخرجت من مالي ولا تحملني حمولة ولا متاع يجهزني ولا مال يقوتني وكان من شأني ما قد كان حتي أتيت محمدا صلي الله عليه وآله فعرفت من العرفان ما كنت أعلمه ورأيت من العامة ما أخبرت بها فأنقذوني به من النار فثبت علي المعرفة التي دخلت بها في الاسلام. الا أيها الناس اسمعوا من حديثي ثم انقلوه عني فقد أوتيت العلم كثيرا ولو أخبرتكم بكل ما أعلم لقالت طائفة انه لمجنون، وقالت طائفة أخري اللهم اغفر لقاتل سلمان، ألا ان لكم منايا تتبعها بلايا وان عند علي علم المنايا وعلم الوصايا وفصل الخطاب علي منهاج هارون ابن عمران قال له رسول الله صلي الله عليه وآله أنت وصيي وخليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسي ولعلكم أصبتم سنة الأولين وأخطأتم سبلكم والذي نفس سلمان بيده لتركبن طبقا عن طبق سنة بني إسرائيل القذة بالقذة اما والله لو وليتموها عليا لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم فابشروا بالبلاء واقنطوا من الرخاء وقد نابذتكم علي سواء وانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء اما والله لو اني ادفع ضيما أو أعز لله دينا لوضعت سيفي علي عاتقي ثم لضربت به قدما قدما وهي خطبة طويلة لم نر التطويل بذكرها كلها هنا.
(وروي) ابن شهرآشوب في المناقب قال: كان الناس يحفرون الخندق وينشدون سوي سلمان فقال النبي صلي الله عليه وآله اللهم اطلق لسان سلمان ولو علي بيت من الشعر فأنشأ سلمان يقول:
مالي لسان فأقول الشعرا * اسأل ربي قوة ونصرا علي عدوي وعدو الطهرا * محمد المختار حاز الفخرا حتي أنال في الجنان قصرا * مع كل حوراء تحاكي البدرا
(٢١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم عرفة (1)، عبد الله بن سنان (1)، ابن شهرآشوب (1)، العزّة (1)
فضج المسلمون وجعلت كل قبيلة تقول سلمان منا فقال النبي صلي الله عليه وآله:
سلمان منا أهل البيت.
وروي أن أبا الدرداء كتب إلي سلمان من الشام أقدم يا أخي إلي بيت المقدس فلعلك تموت فيه فكتب إليه سلمان أما بعد فان الأرض لا تقدس أحدا وإنما يقدس كل إنسان عمله والسلام.
وقيل إن سلمان الفارسي (رض) لما مرض مرضه الذي مات فيه اتاه سعد يعوده فقال كيف تجدك أبا عبد الله فبكي فقال ما يبكيك فقال والله لا أبكي حرصا علي الدنيا ولا حبا لها ولكن رسول الله صلي الله عليه وآله عهد إلينا عهدا فقال ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب فأخشي ان يكون قد جاوزنا أمره وهذه الأساود حولي وليس حوله إلا مطهرة وإجانة وجفنة وأخرج الكشي عن عمرو بن يزيد قال سلمان قال لي رسول الله صلي الله عليه وآله إذا حضرك أو أخذك الموت حضر أقوام يجدون الريح ولا يأكلون الطعام ثم أخرج صرة من مسك فقال هبة أعطانيها رسول الله ثم بلها ونفحها حوله ثم قال لامرأته قومي أجيفي الباب فقامت وأجافت الباب ثم رجعت وقد قبض رحمه الله.
وروي حبيب بن الحسن العكي عن جابر الأنصاري قال صلي بنا أمير المؤمنين صلاة الصبح ثم أقبل علينا فقال معاشر الناس أعظم الله أجركم في أخيكم سلمان فقالوا في ذلك فلبس عمامة رسول الله ودراعته وأخذ قضيبه وسيفه وركب علي العضباء وقال لقنبر عد عشرا قال ففعلت فإذا نحن علي باب سلمان قال زاذان فلما أدركت سلمان الوفاة قلت له من المغسل لك؟ قال من غسل رسول الله فقلت انك بالمدائن وهو بالمدينة فقال يا زاذان إذا شددت لحيي تسمع الوجبة فلما شددت لحييه سمعت الوجبة وأدركت الباب فإذا انا بأمير المؤمنين " ع " فقال يا زاذان قضي أبو عبد الله سلمان؟ قلت نعم يا سيدي فدخل وكشف الرداء عن وجهه فتبسم سلمان إلي أمير المؤمنين فقال له مرحبا يا أبا عبد الله إذا لقيت
(٢١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، جابر بن عبد الله الأنصاري (1)، أبو عبد الله (1)، عمرو بن يزيد (1)، حبيب بن الحسن (1)، الشام (1)، الطعام (1)، المرض (2)، الموت (3)، الغسل (1)، الصّلاة (1)
رسول الله فقل له ما مر علي أخيك من قومك.
وفي رواية أخري عن زاذان ان أمير المؤمنين " ع " لما جاء ليغسل سلمان وجده قد مات فتبسم في وجهه وهم ان يجلس فقال له أمير المؤمنين عد إلي موتك قال زاذان ثم أخذ " ع " في تجهيزه فلما صلي عليه كنا نسمع من أمير المؤمنين تكبيرا شديدا وكنت رأيت معه رجلين فسألته عنهما فقال أحدهما أخي جعفر " ع " والآخر الخضر " ع " ومع كل واحد منهما سبعون صفا من الملائكة في كل صف الف الف ملك. وقد أشار إلي هذه الحكاية أبو الفضل اليمني في قوله:
سمعت مني يسيرا من عجائبه * وكل أمر علي لم يزل عجبا دريت عن ليلة سار الوصي بها * إلي المدائن لما ان لها طلبا فالحد الطهر سلمانا وعاد إلي * عراص يثرب والاصباح ما قربا كآصف قبل رد الطرف من سبأ * بعرش بلقيس وافي يحرق الحجبا أراك في آصف لم تغل أنت بلا * أنا بحيدر غال أورد الكذبا ان كان احمد خير المرسلين فذا * خير الوصيين أو كل الحديث هبا وقلت ما قلت من قول الغلاة فما * ذنب الغلاة إذا قالوا الذي وجبا وروي أن ابن عباس رأي سلمان في منامه وعليه تاج من ياقوت وحلي وحلل فقال له ما أفضل الأشياء بعد الأيمان في الجنة فقال ليس في الجنة بعد الايمان بالله ورسوله صلي الله عليه وآله شئ هو أفضل من حب علي بن أبي طالب " ع ".
وتوفي سلمان (رض) سنة خمس وثلاثين من الهجرة وقيل في أول سنة ستة وثلاثين في آخر خلافة عثمان واختلف في مقدار عمره فقيل ثلاثمائة وخمسون وقيل أكثر من أربع مائة سنة وانه أدرك وصي عيسي " ع " وقيل مائتان وخمسون سنة وكان له من الولد عبد الله وبه كان يكني ومحمد وله عقب مشهور وما اشتهر من أن سلمان (رض) كان مجبوبا كلام ينقله جهلة الصوفية لا أصل له والله أعلم.
(٢٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: النبي خضر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، المدينة المنورة (1)، الموت (1)، الوصية (1)

المقداد بن الأسود الكندي وأخباره

(المقداد بن أسود بن يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهري) وكان الأسود بن يغوث قد تبناه وحالفه في الجاهلية فنسب إليه واسم أبيه الحقيقي عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة من ثمامة بن طرود بن عمرو بن سعد ابن وهب بن ثور بن تغلبة بن مالك بن الشريد بن هزل بن قايش بن دريم بن القيم بن أهود بن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة البهرائي - نسبة إلي بهراء - ابن عمرو بن الحاف بن قضاعة وهي نسبة علي غير قياس لأن قياسه بهراوي بالواو وينسب المقداد إلي كندة أيضا قال ابن عبد ربه في العقد وذلك أن كندة سبته في الجاهلية فأقام فيهم وانتسب إليهم وقال غيره ان أباه قد حالف كندة فنسب إليهم وقال ابن عبد البر قيل أنه كان عبدا حبشيا للأسود بن عبد يغوث فتبناه واستلحقه والأول أصح ويكني أبا معبد وقيل أبا الأسود، كان رجلا ضخما أسمر اللون طويل القامة شجاعا وكان قديم الإسلام ولم يقدم علي الهجرة ظاهرا فأتي مع المشركين من قريش هو وعتبة بن غزوان ليتوصلا إلي المسلمين فانحاز إليهم وذلك في السرية التي بعث فيها رسول الله صلي الله عليه وآله عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب حين رجع من غزوة الأبواء قبل ان يصل إلي المدينة فسار عبيدة في ستين رجلا حتي بلغ ماء الحجاز بأسفل ثنية المرة فلقي جمعا عظيما من قريش وكان علي المشركين أبو سفيان صخر بن حرب وقيل عكرمة بن أبي جهل وقيل غير ذلك فتراموا بالنبل ولم يقع بينهم ضرب السيوف فظن المشركون أن للمسلمين مددا فخافوا وانهزموا ولم يتبعهم المسلمون فانحاز يومئذ المقداد وعتبة ابن غزوان المأربي إلي المسلمين وكانا مسلمين لكنهما خرجا ليتوصلا بالكفار وكانت هذه السرية علي رأس ثمانية أشهر من السنة الأولي من الهجرة وشهد المقداد في ذلك العام المشاهد كلها قال ابن مسعود أول من أظهر الإسلام سبعة فذكر منهم المقداد وكان من الفضلاء النجباء ولم يصح انه كان في بدر فارس من المسلمين غيره.
(٢٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عتبة بن غزوان (1)، عمرو بن ثعلبة (1)، عمرو بن سعد (1)، صخر بن حرب (1)، الشهادة (1)، الضرب (1)، الجهل (3)
أخرج مسلم والترمذي عن المقداد قال أقبلت انا وصاحبان لي قد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد فجعلنا نعرض أنفسنا علي أصحاب رسول الله فليس أحد فيهم يقبلنا فأتينا النبي صلي الله عليه وآله فانطلق بنا إلي أهله فإذا ثلاثة أعنز فقط فقال النبي احتلبوا هذا اللبن بيننا قال فكنا يحتلب ويشرب كل انسان منا نصيبه ونرفع لرسول الله صلي الله عليه وآله نصيبه قال فيحيي من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان قال ثم يأتي المسجد فيصلي قال ثم يأتي شرابه فيشرب فأتاني الشيطان ذات ليلة وقد شربت نصيبي فقال محمد يأتي الأنصار فيحتفونه ويصيب عندهم ما به حاجة إلي هذه الجرعة فأتيتها فشربتها فلما ان وغلت بطني وعلمت ان ليس لي إليها سبيل ندمني الشيطان فقال ويحك ما صنعت أشربت شراب محمد فيجئ فلا يجده فيدعو عليك فتهلك فتذهب دنياك وآخرتك وعلي شملة إذا وضعتها علي قدمي خرج رأسي وإذا وضعتها علي رأسي خرج قدمي وجعل لا يجيئني النوم فلما صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت قال فجاء رسول الله صلي الله عليه وآله فسلم كما كان يسلم ثم أتي المسجد فصلي ثم أتي شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا فرفع رأسه إلي السماء فقلت الآن يدعو علي وأهلك فقال اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني قال فعمدت إلي الشملة فشددتها علي واخذت الشفرة فانطلقت إلي الأعنز أيها أسمن فأذبحها لرسول الله وإذا هي حافل وإذا هن حفل كلهن فعمدت إلي اناء كان لآل محمد صلي الله عليه وآله ما كانوا يطمعون ان يحتلبوا فيه فحلبت فيه حتي علت رغوته فجئت إلي رسول الله فقال أشربتم شرابكم الليلة؟ قلت يا رسول الله إشرب فشرب ثم ناولني ما زاد.
وفي رواية رزين فقلت يا رسول الله اشرب فشرب ثم ناولني ثم انقفا فلما علمت أن رسول الله صلي الله عليه وآله قد روي أجيبت دعوته ضحكت حتي القيت إلي الأرض فقال رسول الله إحدي سوأتك يا مقداد، فقلت يا رسول الله كان من أمري كذا وكذا، وفعلت كذا وكذا، فقال رسول الله صلي الله عليه وآله ما هذه إلا رحمة
(٢٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، السجود (2)، الصّلاة (1)
من الله أفلا كنت آذنتني فتوقظ صاحبينا فيصيبان منها معنا، فقلت والذي بعثك بالحق إذ أصبتها وأصبتها معك لا أبالي من أخطأته من الناس.
قال ابن مسعود: لقد شهدت من المقداد مشهدا لان أكون صاحبه أحب إلي مما طلعت عليه الشمس وذلك أنه أني النبي وهو يذكر المشركين، فقال يا رسول الله إنا والله ما نقول كما قال أصحاب موسي لموسي إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ولكنا نقاتل بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن يسارك فرأيت رسول الله صلي الله عليه وآله يشرق وجهه لذلك وسره وأعجبه.
(وروي) أحمد بن حنبل في مسنده مرفوعا إلي بريدة قال: قال رسول الله ان الله يحب من أصحابي أربعة أخبرني انه يحبهم وأمرني أن أحبهم، قالوا من هم يا رسول الله؟ قال إن عليا منهم وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي والمقداد ابن الأسود الكندي.
وقال العلامة رحمه الله في (الخلاصة) كان المقداد ثاني الأربعة عظيم القدر شريف المزلة جليلا من خواص علي عليه السلام.
وأخرج الكشي عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي قال: قال أبو جعفر " ع " ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر والمقداد، قال فقلت فعمار؟ فقال قد كان حاص حيصة ثم رجع ثم قال " ع " ان أردت الذي لم يشك ولم يدخله شئ فالمقداد.
وفي رواية: ما بقي أحدا إلا وقد جال جولة إلا المقداد بن الأسود فان قلبه كان مثل زبر الحديد.
وعن جميل بن أبي ثابت قال: قال المقداد الأسود أدخلوني معكم في الشوري؟ قالوا: لا قال فاجعلوني قريبا منكم فأبوا قال فإذا أبيتم فلا تبايعوا رجلا لم يشهد بدرا ولا بيعة الرضوان وانهزم يوم أحد، فقال عثمان لان
(٢٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبوذر الغفاري (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، المقداد بن الأسود (1)، سيف بن عميرة (1)، الشهادة (1)
وليت رددتك إلي مولاك الأول. فلما مات المقداد (رض) قام عثمان علي قبره فقال إن كنت وان كنت، وأثني خيرا. فقال الزبير شعرا:
لأعرفنك بعد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتني زادي فقال عثمان: تستقبلني بمثل هذا يا زبير فقال ما كنت أحب أن يموت مثل هذا من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله وهو عليك ساخط.
وأخرج الشيخ الطوسي في (أماليه) باسناده عن لوط بن يحي قال:
حدثني عبد الرحمن بن جندب قال: لما بويع عثمان سمعت المقداد بن الأسود الكندي يقول لعبد الرحمن بن عوف والله يا عبد الرحمن ما رأيت مثل ما أتي إلي أهل هذا البيت بعد نبيهم: فقال له عبد الرحمن وما أنت وذاك يا مقداد؟
قال والله إني لأحبهم لحب رسول الله صلي الله عليه وآله إياهم ويعتريني وجد لا أبثه لشرف قريش علي الناس بشرفهم واجتماعهم علي نزع سلطان رسول الله من أيديهم، فقال له عبد الرحمن ويحك والله لقد أجهدت نفسي لكم. فقال له المقداد والله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بالحق وبه يعدلون، أما والله لو أن لي علي قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم يوم بدر وأحد فقال له عبد الرحمن ثكلتك أمك يا مقداد لا يسمعن هذا الكلام منك الناس أما والله إني لخائف أن تكون صاحب فرقة وفتنة قال جندب فأتيته بعد ما انصرف من مقامه فقلت يا مقداد أنا من أعوانك فقال رحمك الله أن الذي نريد لا يغني فيه الرجلان والثلاث فخرجت من عنده وأتيت علي بن أبي طالب " ع " فذكرت له ما قال وقلت فدعي لنا بخير.
(وروي) عن الشعبي قال لما بايع عبد الرحمن بن عوف عثمان بن عفان لقيه المقداد من الغد فأخذ بيده وقال إن كنت أردت بما صنعت وجه الله فأثابك الله ثواب الدنيا والآخرة، وإن كنت إنما أردت الدنيا فأكثر الله مالك فقال عبد الرحمن اسمع رحمك الله إسمع؟ قال لا أسمع وجذب يده ومضي حتي دخل
(٢٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الخليفة عثمان بن عفان (1)، عبد الرحمن بن عوف (2)، المقداد بن الأسود (1)، الشيخ الطوسي (1)، الموت (3)

أبو ذر الغفاري وأخباره

علي علي فقال قم فقاتل حتي نقاتل معك، قال علي " ع " فيمن نقاتل رحمك الله.
(وروي) مسلم في المجلد الثالث من صحيحه عن همام بن الحارث ان رجلا جعل يمدح عثمان فعمد المقداد وجثا علي ركبتيه وكان رجلا ضخما فجعل يحثو في وجهه الحصي فقال عثمان ما شأنك؟ قال إن رسول الله صلي الله عليه وآله قال إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب، هذا لفظ الحديث.
قال صاحب (الطرائف) في هذا الحديث عدة طرائف.
فمن طرائفه ان الصحابة قد كان يمدح بعضهم بعضا وما نقل أحد منهم انه حثا في وجه المادحين التراب فلولا ان عثمان بلغ إلي حال من النقص لم يبلغ إليه أحد من الصحابة لم يحث التراب في وجه مادحه.
ومن طرائفه: ان المقداد ممن أجمع المسلمون علي صلاحه وصواب ما يعمله.
ومن طرائفه ان عثمان لما كان عالما ان هذا لا يعمل مع أحد قال للمقداد ما شأنك.
ومن طرائفه ان هذا قد جري من المقداد وشاع إلي زماننا هذا وما سمعنا ان أحدا من المسلمين أنكر علي المقداد ولا خطأه.
ومن طرائفه ان هذا يقتضي ان من مدح عثمان فكذا ينبغي ان يحثي التراب في وجهه اقتداء بالمقداد الذي أجمع المسلمون علي صلاحه.
ومات المقداد في سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة في أرضه بالجرف فحمل إلي المدينة ودفن بالبقيع وكان قد شرب دهن الخروع فمات رحمه الله.
(أبو ذر الغفاري رحمه الله) اسمه جندب بن جنادة علي الأصح ابن سفيان بن عبيدة بن ربيعة بن حزام ابن غفار وقيل اسم أبيه برير بموحدة مصغرا ومكبرا أو عشرقة أو عبد الله أو السكن.
قال ابن حجر في التقريب تقدم إسلامه وتأخرت هجرته فلم يشهد بدرا ومناقبه كثيرة جدا.
(٢٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبوذر الغفاري (1)، مقبرة بقيع الغرقد (1)، جندب بن جنادة (1)، القتل (1)، الشهادة (1)
وقال غيره أسلم خامس خمسة ثم رجع إلي أرض قومه وقدم بعد الهجرة وكان من أكابر العلماء والزهاد كبير الشأن كان عطاؤه في السنة أربعمائة دينار وكان لا يدخر شيئا.
أخرج ابن بابويه رحمه الله في (أماليه) عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله الصادق " ع " لرجل من أصحابه ألا أخبركم كيف كان سبب إسلام سلمان وأبي ذر (ره) فقال الرجل وأخطأ أما إسلام سلمان فقد علمت فأخبرني كيف كان سبب إسلام أبي ذر، فقال أبو عبد الله الصادق " ع " إن أبا ذر كان في بطن (مر) يرعي غنما له إذ جاء ذئب عن يمين غنمه فهش أبو ذر بعصاه عليه فجاء الذئب عن يسار غنمه فهش أبو ذر بعصاه عليه ثم قال له والله ما رأيت ذئبا أخبث منك ولا شرا فقال الذئب شر والله مني أهل مكة بعث الله إليهم نبيا فكذبوه وشتموه فوقع كلام الذئب في اذن أبي ذر فقال لأخته هلمي مزودتي وإداوتي وعصاي ثم خرج يركض حتي دخل مكة فإذا هو بحلقة مجتمعين فجلس إليهم فإذا هم يشتمون النبي صلي الله عليه وآله ويسبونه كما قال الذئب فقال أبو ذر هذا والله ما أخبرني به الذئب فما زالت هذه حالتهم حتي إذا كان آخر النهار وأقبل أبو طالب قال بعضهم لبعض كفوا فقد جاء عمه، فلما دنا منهم أكرموه وعظموه فلم يزل أبو طالب متكلمهم وخطيبهم إلي أن تفرقوا فلما قام أبو طالب تبعته فالتفت إلي فقال ما حقك فقلت هذا النبي المبعوث فيكم، قال وما حاجتك إليه؟ فقال له أبو ذر أؤمن به وأصدقه ولا يأمرني بشئ إلا أطعته فقال أبو طالب تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. قال فقلت نعم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال فقال إذا كان غدا في هذه الساعة فأتني، فلما كان من الغد جاء أبو ذر فإذا الحلقة مجتمعون وإذا هم يسبون النبي صلي الله عليه وآله كما قال الذئب فجلس معهم حتي أقبل أبو طالب فقال بعضهم لبعض كفوا فقد جاء عمه فكفوا فجاء أبو طالب فما زال متكلمهم وخطيبهم إلي أن قام فلما قام تبعه أبو ذر فالتفت إليه أبو طالب
(٢٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة مكة المكرمة (2)، أبو بصير (1)، الشهادة (2)، السب (1)
فقال ما حاجتك فقال هذا النبي المبعوث فيكم قال وما حاجتك إليه قال فقال أؤمن به وأصدقه ولا يأمرني بشئ إلا أطعته فقال أبو طالب تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقال نعم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فرفعني إلي بيت فيه جعفر بن أبي طالب " ع " قال فلما دخلت سلمت فرد علي السلام ثم قال ما حاجتك قال فقلت هذا النبي المبعوث فيكم قال وما حاجتك إليه فقلت أؤمن به وأصدقه ولا يأمرني بشئ إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال قلت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فرفعني إلي بيت فيه حمزة بن عبد المطلب فلما دخلت سلمت فرد علي السلام ثم قال ما حاجتك فقلت هذا النبي المبعوث فيكم قال وما حاجتك إليه قلت أؤمن به وأصدقه ولا يأمرني بشئ إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال قلت نعم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال فرفعني إلي بيت فيه علي بن أبي طالب " ع " فلما دخلت سلمت فرد علي السلام قال ما حاجتك قلت النبي المبعوث فيكم قال وما حاجتك إليه فقلت أؤمن به وأصدقه ولا يأمرني بشئ إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقلت نعم أشهد أن لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله قال فرفعني إلي بيت فيه رسول الله صلي الله عليه وآله وإذا هو نور في نور فلما دخلت سلمت فرد علي السلام قال ما حاجتك قلت هذا النبي المبعوث فيكم قال وما حاجتك إليه قال فقلت أؤمن به وأصدقه ولا يأمرني بشئ الا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله قلت نعم أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فقال انا رسول الله يا أبا ذر أنطلق إلي بلادك فإنك تجد ابن عم لك قد مات فخذ ماله وكن بها حتي يظهر أمري قال أبو ذر فانطلقت إلي بلادي فإذا ابن عم لي قد مات وخلف ما لا كثيرا في ذلك الوقت الذي أخبرني فيه رسول الله صلي الله عليه وآله فاحتويت علي ماله فبقيت ببلادي حتي ظهر أمر رسول الله
(٢٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (1)، حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الموت (2)، الشهادة (9)، الشراكة، المشاركة (2)
فأتيته وروت العامة في خبر اسلامه وجها غير هذا الوجه فروي البخاري باسناده عن أبي حمزة عن ابن عباس قال لما بلغ أبا ذر مبعث النبي قال لأخيه اركب إلي هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء واسمع من قوله ثم أئتني فانطلق الأخ حتي قدم وسمع قوله صلي الله عليه وآله ثم رجع إلي أبي ذر فقال رأيته يأمر بمكارم الأخلاق فكلاما ما هو بالشعر فقال ما شفيتني مما أردت فتزود وحمل شنة له فيها ماء حتي قدم مكة فأتي المسجد فالتمس النبي ولا يعرفه وكره ان يسأل عنه حتي أدركه بعض الليل اضطجع فرآه علي " ع " فعرف انه غريب فلما رآه تبعه فلم يسأل أحد منهما صاحبه عن شئ حتي أصبح ثم احتمل قربته وزاده إلي المسجد فظل ذلك اليوم ولا يراه النبي صلي الله عليه وآله حتي أمسي فعاد إلي مضجعه فمر به علي فقال اما آن للرجل ان يعلم منزله فأقامه فذهب به معه لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شئ حتي إذا كان اليوم الثالث قعد علي مثل ذلك فأقامه علي معه ثم قال ألا تحدثني ما الذي أقدمك قال إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدنني فعلت ففعل فأخبره قال فإنه حق وهو رسول الله فإذا أصبحت فاتبعني فإني ان رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء فان مضيت فاتبعني حتي تدخل مدخلي ففعل فانطلق يقفوه حتي دخل علي النبي صلي الله عليه وآله فقال له ارجع إلي قومك فأخبرهم حتي يأتيك أمري قال والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم فخرج حتي أتي المسجد فنادي بأعلي صوته أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله ثم قام القوم فضربوه حتي أضجعوه (أوجعوه) وأتي العباس فأكب عليه ثم قال ويلكم ألستم تعلمون انه من غفار وان طريق تجارتكم إلي الشام عليهم فأنقذه منهم ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه فأكب العباس عليه.
وروي مسلم باسناده عن عبد الله بن الصامت قال: قال أبو ذر خرجنا من قومنا غفار وكانوا يحلون الشهر الحرام فخرجت انا وأخي أنيس وآمنا
(٢٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: مكارم الأخلاق (1)، مبعث النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، عبد الله بن الصامت (1)، الشام (1)، السجود (3)، الشراكة، المشاركة (1)، الشهادة (1)
فنزلنا علي خال لنا فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا فحسدنا قومه فقالوا انك إذا خرجت عن أهلك خالفه إليهم أنيس فجاء خالنا فثني علينا الذي قيل له فقلت إماما مضي من معروفك فقد كدرته ولا اجتماع لنا فيما بعد فقربنا صرمتنا فاحتملنا عليها وتغطي خالنا بثوبه فجعل يبكي فانطلقنا حتي نزلنا بحضرة مكة فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلها وأتينا الكاهن فخير أنيسا وأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها قال وقد صليت يا بن أخي قبل أن ألقي رسول الله صلي الله عليه وآله بثلاث سنين قلت لمن قال لله قلت فأين توجه قال أتوجه حيث يوجهني ربي أصلي عشاء حتي إذا كان آخر الليل القيت كأني خفاء حتي تعلوني الشمس فقال أنيس ان لي حاجة بمكة فاكفني فانطلق أنيس حتي أتي مكة فرآه علي ثم جاء فقلت ما صنعت قال لقيت رجلا بمكة علي دينك يزعم أن الله أرسله قلت فما يقول الناس قال يقولون شاعر كاهن ساحر وكان أنيس أحد الشعراء قال أنيس لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم والله لقد وضعت قوله علي اقراء الشعر فما يلتثم علي لسان أحد بعدي انه شعر والله انه لصادق وانهم لكاذبون قال قلت فاكفني حتي أذهب فانظر قال فأتيت مكة فتضعفت رجلا فقلت أين هذا الرجل الذي يدعونه الصبائي فأشار إلي فقال الصبائي الصبائي فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم حتي خررت مغشيا علي قال فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر (1) قال فاتيت زمزم فغسلت عني الدماء وشربت من مائها ولقد لبثت يا بن أخي ثلاثين بين ليلة ويوم وما كان لي طعام إلا زمزم فسمنت حتي تكسرت عكن بطني وما وجدت علي كبدي سخفة جوع قال فبينما أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان إذ ضرب علي أسمختهم (2) أي فما يطوف بالبيت أحد وامرأتان منهم تدعوان أسافا ونائلة قال فاتتا علي في طوافهما فقلت أنكحا أحدهما الأخري قال فما تناهتا عن قولهما قال فاتتا علي فقلت هن مثل الخشبة غير اني لا أكن فانطلقتا تولولان وتقولان لو كان
(1) وفي نسخة: نصيب أحمش (2) وفي نسخة: صمختهم.
(٢٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة مكة المكرمة (6)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)، الطعام (1)
هاهنا أحد من أنفارنا قال فاستقبلهما رسول الله صلي الله عليه وآله وأبو بكر وهما هابطان قال ما لكما قالت الصابي بين الكعبة وأستارها قال فما قال لكما قالتا انه قال لنا كلمة تملأ الفم وجاء رسول الله حتي أستلم الحجر وطاف بالبيت هو وصاحبه ثم صلي فلما قضي صلاته قال أبو ذر فكنت أول من حياه بتحية الإسلام قال فقلت السلام عليك يا رسول الله فقال وعليك ورحمة الله ثم قال من أنت قلت من غفار قال فأهوي بيده ووضع أصابعه علي جبهته فقلت في نفسي كره أني انتميت إلي غفار فذهبت آخذ بيده فدفعني صاحبه وكان أعلم به مني ثم رفع رأسه فقال متي كنت هاهنا قال قلت قد كنت هاهنا من ثلاثين ليلة ويوم قال فمن كان يطعمك قال قلت ما كان لي طعام إلا ماء زمزم حتي تكسرت عكن بطني وما أجد علي كبدي سخفة جوع قال إنها مباركة انها طعام طعم فقال أبو بكر يا رسول الله إيذن لي في اطعامه الليلة فانطلق رسول الله صلي الله عليه وآله وأبو بكر وانطلقت معهما ففتح أبو بكر بابا فجعل يقبض لنا زبيب الطائف وكان ذلك أول طعام أكلته بها ثم عثرت ما عثرت ثم أتيت رسول الله صلي الله عليه وآله فقال إنه قد وجهت لي أرض ذات نحل لا أراها الا يثرب فهل أنت مبلغ عني قومك عسي الله ان ينفعهم بك ويأجرك فيهم فاتيت أنيسا فقال ما صنعت قلت ما صنعت فأني قد أسلمت وصدقت قال ما بي رغبة عن دينك فإني قد أسلمت وصدقت فأتينا امنا فقالت ما بي رغبة عن دينكما فإني قد أسلمت وصدقت فاحتملنا حتي اتينا قومنا غفارا فأسلم نصفهم وكان يؤمهم إيماء بن رحضة وكان سيدهم وقال نصفهم إذا قدم رسول الله المدينة أسلمنا فقدم رسول الله فأسلم نصفهم الباقي وجاءت أسلم فقالوا يا رسول الله إخواننا نسلم علي الذي أسلموا عليه فأسلموا فقال رسول الله صلي الله عليه وآله غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله.
قال المؤلف كان أبو ذر (ره) من أعاظم الصحابة وكبرائهم الذين وفوا بما عاهدوا الله عليه وهو أحد الأركان الأربعة وكفاه شرفا ما رواه في وصيته
(٢٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، المدينة المنورة (1)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)، الطعام (3)
المشهورة التي أوصاه بها رسول الله حين قال له يا رسول الله بابي أنت وأمي أوصني بوصية ينفعني الله بها فقال نعم وأكرم بك يا أبا ذر انك منا أهل البيت وإني موصيك بوصية فاحفظها فإنها جامعة لطرق الخير وسبله فإنك ان حفظتها كان ذلك بها كفيلا ثم ذكر الوصية ولولا طولها وما اشترطنا علي أنفسنا من الاختصار في هذا الكتاب لأوردناها.
(روي) عن النبي من أراد ان ينظر إلي زهد عيسي بن مريم فلينظر إلي زهد أبي ذر.
وأخرج أبو نعيم في حلية الأولياء عن زيد بن وهب وأبو علي المحمودي المروزي في أماليه انه قال صلي الله عليه وآله ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء علي ذي لهجة أصدق من أبي ذر، وفي رواية الترمذي أصدق وأوفي من أبي ذر شبيه عيسي بن مريم ثم قال عمر بن الخطاب كالحاسد يا رسول الله أفنعرف ذلك له فقال نعم فاعرفوه، وفي رواية المحمودي يعيش وحده ويموت وحده ويبعث وحده ويدخل الجنة وحده.
(وروي) عن الإمام الحسن بن علي العسكري " ع " قال حدثني أبي عن أبيه عن آبائه " ع " ان رسول الله صلي الله عليه وآله كان من خيار أصحابه عنده أبو ذر الغفاري فجاء ذات يوم فقال يا رسول الله ان لي غنيمات قدر ستين شاة أكره ان أبدوا فيها وأفارق حضرتك وخدمتك وأكره ان اكلها إلي راع فيظلمها ويسئ رعايتها فكيف أصنع فقال رسول الله صلي الله عليه وآله ابدأ فيها فبدا فيها فلما كان اليوم السابع جاء إلي رسول الله فقال رسول الله صلي الله عليه وآله يا أبا ذر فقال لبيك يا رسول الله قال ما فعلت غنيماتك قال يا رسول الله لها قصة عجيبة فقال ما هي قال يا رسول الله بينما انا في صلاتي إذ عدا الذئب علي غنمي فقلت يا رب غنمي فأخطر الشيطان ببالي يا أبا ذر ان عدا الذئب علي غنمك وأنت تصلي فأهلكها ما يبقي لك في الدنيا ما تعيش به فقلت للشيطان يبقي وجه الله والايمان بمحمد رسول الله صلي الله عليه وآله
(٢٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم (1)، الحافظ أبو نعيم (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، أبو علي المحمودي (1)، زيد بن وهب (1)، الزهد (1)، الأكل (1)، الإختيار، الخيار (1)، الوصية (3)
وموالاة أخيه سيد الخلق بعده علي بن أبي طالب وموالاة الأئمة الطاهرين من ولده ومعاداة أعدائهم وكلما فات من الدنيا بعد ذلك فجلل وأقبلت علي صلاتي فجاء الذئب فأخذ حملا وذهب به إذ أقبل علي الذئب أسد فقطعه نصفين واستنقذ الحمل ورده إلي القطيع ثم نادي يا أبا ذر أقبل علي صلاتك فان الله وكلني بغنمك إلي أن تصلي فأقبلت علي صلاتي وقد غشيني من التعجب ما لا يعلمه إلا الله فجاءني الأسد وقال لي إمض إلي محمد صلي الله عليه وآله واقرأه عني السلام فأخبره ان الله قد أكرم صاحبك الحافظ لشريعتك ووكل أسدا بغنمه يحفظها فعجب من قوله رسول الله.
وحدث ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن عبيدة بن عمير الليثي عن أبي ذر قال: دخلت علي رسول الله المسجد وهو جالس وحده فاغتنمت وحدته فقال يا أبا ذر ان للمسجد نحية قلت يا رسول لله وما تحيته قال ركعتان فركعتهما ثم التفتت إليه فقلت يا رسول الله صلي الله عليه وآله أنت أمرتني بالصلاة فما الصلاة قال صلي الله عليه وآله خير موضوع فمن شاء أقل ومن شاء أكثر قلت يا رسول الله أي الأعمال أحب إلي الله تعالي قال الايمان بالله ثم الجهاد في سبيل الله تعالي قلت يا رسول الله أي المؤمنين أكمل ايمانا قال أحسنهم خلقا قلت يا رسول الله فأي المسلمين أفضل قال من سلم المسلمون من لسانه ويده قلت فأي الهجرة أفضل قال من هجر السوء قلت فأي الليل أفضل قال جوف الليل الغابر قلت فأي الصلاة أفضل قال طول القنوت قلت فأي الصدقة أفضل قال جهد من مقل إلي فقير في سر قلت فما الصوم قال فرض مجزئ وعند الله اضعاف كثيرة قلت أي الرقاب أفضل قال أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها قلت فأي الجهاد أفضل قال من عقر جواده واهريق دمه قلت أي آية أنزلها الله عليك أعظم قال آية الكرسي ثم قال يا أبا ذر ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش علي الكرسي كفضل الفلاة علي تلك الحلقة قلت يا رسول الله كم النبيون قال مائة الف وأربعة وعشرون الف نبي قلت يا رسول الله كم المرسلون قال ثلاثمائة وثلاثة عشر جم
(٢٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عطاء بن أبي رباح (1)، علي بن أبي طالب (1)، سبيل الله (1)، السجود (2)، الطهارة (1)، الصّلاة (2)، الصيام، الصوم (1)، التصدّق (1)
الغفير قلت من كان أول الأنبياء قال آدم قلت وكأن من الأنبياء مرسلا قال مكملا خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه ثم قال يا أبا ذر أربعة من الأنبياء سريانيون آدم " ع " وشيث وإدريس " ع " وهو أول من خط بالقلم ونوح وأربعة من العرب هود وصالح وشعيب ونبيك محمد صلي الله عليه وعليهم وأول الأنبياء آدم وآخرهم محمد صلي الله عليه وآله وأول نبي من أنبياء بني إسرائيل موسي " ع " وآخرهم عيسي وبينهما الف نبي قلت يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب قال مائة كتاب وأربعة كتب أنزل الله علي شيث خمسين صحيفة وعلي إدريس ثلاثين صحيفة وعلي إبراهيم عشرين صحيفة وأنزل التوراة والأنجيل والزبور والفرقان قلت يا رسول الله فما كانت صحف إبراهيم قال أمثال كلها، أيها الملك المبتلي المغرور لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلي بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر، وعلي العاقل ما لم يكن مغلوبا ان يكون له ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه ويتفكر فيها صنع ربه وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال فان في هذه الساعة عونا لتلك الساعات واستجماما للقلوب وتفريغا لها، وعلي العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا علي شأنه حافظا للسانه فان من حسب كلامه من عمله أقل الكلام إلا فيما يعنيه. وعلي العاقل أن يكون طالبا لثلاث مرمة لمعاش أو تزود لمعاد أو تلذذ في غير محرم، قلت يا رسول الله فما كانت صحف موسي قال صلي الله عليه وآله كانت عبرا كلها عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ولمن أيقن بالنار كيف (1) يضحك ولمن يري الدنيا وتقلبها بأهلها ثم يطمئن إليها ولمن أيقن بالقدر ثم بنصب ولمن أيقن بالحساب ثم لا يعمل قلت يا رسول الله هل لك في الدنيا مما أنزل الله عليك شئ مما كان في صحف إبراهيم وموسي قال يا أبا ذر تقرأ: (قد أفلح من تزكي وذكر اسم ربه فصلي ان هذا لفي الصحف الأولي صحف إبراهيم وموسي) قلت يا رسول الله أوصني قال أوصيك بتقوي الله فإنه زين لأمرك كله
(1) وفي نسخة (ثم)
(٢٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، النبي آدم عليه السلام (1)، الموت (1)، الظلم (1)، الصّلاة (1)
قلت يا رسول الله زدني قال عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض قلت زدني قال عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان وعون لك علي أمر دينك قلت زدني قال إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه قلت زدني قال أحب المساكين ومجالستهم قلت زدني قال لا تخف في الله لومة لائم قلت زدني قال ليحجرك عن الناس ما تعلم من نفسك ولا تجد عليهم فيما يأتي ثم قال كفي بالمرء عيبا ان يكون فيه ثلاث خصال ان يعرف من الناس ما يجهل عن نفسه ويستحي لهم مهما هو فيه ويؤذي جليسه فيما لا يعنيه ثم قال يا أبا ذر لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق.
قال المؤلف وإنما أوردنا هذا الحديث علي طوله لما فيه من أنواع الحكم وفوائد العلم والأنباء عن الأمور الخالية والأخبار عن الأيام الماضية وفيه اعتبار لأولي الأبصار والعقول وتنبيه لذوي التمييز والفهوم.
وفي معالم التنزيل لما خرج رسول الله صلي الله عليه وآله إلي تبوك وقطع وادي القري ومضي سائرا جعل يتخلف عنه الرجل فيقول دعوه فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم وان يك غير ذلك فقد أري حكم الله منه حتي قيل يا رسول الله قد تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره فقال دعوه فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم وان يك غير ذلك فقد أري حكم الله منه وتلوم أبو ذر علي بعيره فلما أبطأ أخذ متاعه فحمله علي ظهره ثم خرج يتبع أثر رسول الله صلي الله عليه وآله ماشيا ونزل رسول الله في بعض منازله فنظر ناظر من المسلمين فقال يا رسول الله هذا رجل يمشي في الطريق وحده فقال صلي الله عليه وآله كن أبا ذر فلما تأمله القوم قالوا يا رسول الله هو أبو ذر فقال رسول الله صلي الله عليه وآله رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده.
وأخرج الكشي في رجاله عن أبي علي المحمودي المروزي رفعه فقال أبو ذر الذي قال رسول الله صلي الله عليه وآله في شأنه ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء علي
(٢٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: كثرة الضحك (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب رجال الكشي (1)، القرآن الكريم (1)، الجهل (1)، الصمت (1)
ذي لهجة أصدق من أبي ذر يعيش وحده ويموت وحده ويبعث وحده ويدخل الجنة وحده وهو الهاتف بفضائل أمير المؤمنين ووصي رسول الله صلي الله عليه وآله واستخلافه إياه فنفاه القوم عن حرم الله وحرم رسوله بعد حملهم إياه من الشام علي قتب بلا وطاء وهو يصيح فيهم قد خاب القطار يحمل إلي النار سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا دين الله دخلا وعباد الله خولا ومال الله دولا فقتلوه فقرا وجوعا وضرا وصبرا.
وعن أبي خديجة الجمال عن أبي عبد الله " ع " قال دخل أبو ذر علي رسول الله صلي الله عليه وآله ومعه جبرئيل " ع " فقال جبرئيل من هذا يا رسول الله قال صلي الله عليه وآله أبو ذر قال اما انه في السماء أعرف منه في الأرض، وسأله عن كلمات يقولهن إذا أصبح قال فقال يا أبا ذر كلمات تقولهن إذا أصبحت فما هن قال أقول يا رسول الله اللهم إني أسألك الأيمان بك والتصديق بنبيك والعافية من جميع البلاء والشكر علي العافية والغني عن الناس.
وعن موسي بن بكير قال: قال أبو الحسن " ع " قال أبو ذر من جزي الله عنه الدنيا خيرا فجزاها الله عني مذمة بعد رغيفي شعير أتغدي بأحدهما وأتعشي بالآخر وبعد شملتي صوف أنزر بأحدهما وارتدي بالأخري.
(قال) وقال إن أبا ذر بكي من خشية الله حتي اشتكي عينيه فخافوا عليهما فقيل له يا أبا ذر لو دعوت الله في عينيك فقال اني عنهما لمشغول وما عناني أكثر فقيل له وما شغلك عنهما قال العظيمتان الجنة والنار.
(قال) وقيل له عند الموت يا أبا ذر مالك قال عملي قالوا نسألك عن الذهب والفضة قال ما أصبح فلا أمسي ولا أمسي فلا أصبح لنا كندوج فيه حرمتا عنا سمعت حبيبي رسول الله صلي الله عليه وآله يقول كندوج المرء قبره.
قال المؤلف الكندوج بفتح الكاف وسكون النون وضم الدال المهملة وبعد الواو جيم شبه المخزن لفظ معرب.
(٢٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، موسي بن بكير (1)، الشام (1)، الموت (1)، القبر (1)
وأخرج ابن بابويه في معاني الأخبار عن أنس بن مالك قال حدثنا أبو عبد الله عبد السلام بن محمد بن هارون الهاشمي قال حدثنا محمد بن عقبة الشيباني قال حدثنا أبو القسم الخضر بن أبان عن أبي هدية إبراهيم بن هدية البصري عن أنس بن مالك قال أتي أبو ذر يوما إلي مسجد رسول الله صلي الله عليه وآله فقال ما رأيت كما رأيت البارحة قالوا وما رأيت البارحة قال رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله ببابه فخرج ليلا وأخذ بيد علي بن أبي طالب " ع " وخرجنا إلي البقيع فما زلت أقفو أثرهما إلي أن أتيا مقابر مكة فعدل إلي قبر أبيه فصلي عنده ركعتين فإذا بالقبر قد أنشق وإذا بعبد الله جالس وهو يقول انا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فقال له من وليك يا أبة فقال وما الولي يا بني فقال هو هذا علي فقال إن عليا وليي قال فارجع إلي روضتك ثم عدل إلي قبر أمه آمنة فصنع كما صنع عند قبر أبيه فإذا بالقبر قد أنشق فإذا هي تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله صلي الله عليه وآله فقال لها من وليك يا أماه فقالت وما الولاية يا بني قال هو هذا علي بن أبي طالب. فقالت إن عليا ولي فقال ارجعي إلي حضرتك وروضتك فكذبوه ولببوه وقالوا يا رسول الله كذب عليك اليوم فقال وما كان من ذلك قالوا ان جندب حكي عنك كيت وكيت فقال النبي صلي الله عليه وآله ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء علي ذي لهجة أصدق من أبي ذر قال عبد السلام بن محمد فعرضت هذا الخبر علي الجهني محمد بن عبد الأعلي فقال علمت أن النبي صلي الله عليه وآله قال أتاني جبرئيل فقال إن الله عز وجل حرم النار علي ظهر أنزلك وبطن حملك وثدي أرضعك وحجر كفلك.
وأخرج عن إسماعيل الفراء عن رجل قال قلت لأبي عبد الله " ع " أليس قال رسول الله في أبي ذر: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء علي ذي لهجة أصدق من أبي ذر قال بلي قال قلت فأين رسول الله صلي الله عليه وآله وأمير المؤمنين وابنيه الحسن والحسين " ع " قال: فقال كم السنة شهرا قال قلت أثنا عشر شهرا قال: كم
(٢٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، مقبرة بقيع الغرقد (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، علي بن أبي طالب (1)، عبد السلام بن محمد (2)، أنس بن مالك (2)، خضر بن أبان (1)، محمد بن عبد (1)، الكذب، التكذيب (1)، القبر (4)، الركوع، الركعة (1)، السجود (1)، الشهادة (2)، الصّلاة (1)
منها حرم قال قلت أربعة أشهر قال أشهر رمضان منها قال قلت لا قال إن في شهر رمضان ليلة أفضل من الف شهر إنا أهل بيت لا يقاس بنا أحد.
وأخرج أبو بكر أحمد بن عبد العزيز عن أبي لهيعة أن رسول الله صلي الله عليه وآله مات وأبو ذر غائب فقدم وقد ولي أبو بكر فقال أصبتم قناعة وتركتم قرابة لو جعلتم هذا الأمر في أهل بيت نبيكم لما أختلف عليكم اثنان.
وأخرج الشيخ الطبرسي في الاحتجاج عن أبان بن تغلب عن الصادق جعر بن محمد " ع " ان أبا ذر قام يوم ولي أبو بكر فقال يا معاشر قريش أصبتم قناعة وتركتم قرابة والله لترتدن جماعة من العرب ولتشكن في هذا الدين ولو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيكم ما أختلف عليكم سيفان والله لقد صارت لمن غلب ولتطحن إليها عين من ليس من أهلها ولتسفكن في طلبها دماء كثيرة فكان كما قال أبو ذر ثم قال لقد علمتم وعلم خياركم أن رسول الله صلي الله عليه وآله قال الأمر بعدي لعلي ثم لابني الحسن والحسين ثم للطاهرين من ذريتي، فأطرحتم قول نبيكم وتناسيتم ما عهد به إليكم فأطعتم الدنيا الفانية وشربتم الآخرة الباقية التي لا يهرم شبابها ولا يزول نعيمها ولا يحزن أهلها ولا يموت سكانها بالحقير التافه الفاني الزائل وكذلك الأمم من قبلكم كفرت بعد أنبيائها ونكصت علي أعقابها وغيرت وبدلت واختلفت فساويتموهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة وعما قليل تذوقون وبال امركم وتجزون بما قدمت أيديكم وما الله بظلام للعبيد.
(وروي) الثعلبي في تفسيره من عدة طرق فمنها ما رفعه إلي عباية بن ربعي قال بينا عبد الله بن عباس جالس علي شفير زمزم يقول قال رسول الله صلي الله عليه وآله إذ أقبل أرجل معتم بعمامة فجعل ابن عباس لا يقول قال رسول الله صلي الله عليه وآله الا وقال الرجل قال رسول الله فقال ابن عباس سألتك بالله من أنت فكشف العمامة عن وجهه فقال يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فانا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله بهاتين وإلا فصمتا ورأيته
(٢٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، أبوذر الغفاري (1)، عبد الله بن عباس (3)، شهر رمضان المبارك (2)، أحمد بن عبد العزيز (1)، عباية بن ربعي (1)، أبان بن تغلب (1)، الثعلبي (1)، الحزن (1)، الموت (1)
بهاتين وإلا فعميتا يقول: علي قائد البررة وقاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله اما اني صليت مع رسول الله يوما من الأيام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئا وكان علي " ع " راكعا فأومي إليه بخنصره اليمني وكان يتختم فيها فاقبل إليه السائل حتي أخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين رسول الله صلي الله عليه وآله فلما فرغ من صلاته رفع رأسه إلي السماء وقال اللهم ان موسي سألك وقال (ربي أشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي وأجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري) فأنزلت قرآنا ناطقا سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا اللهم وانا محمد نبيك وصفيك اللهم فاشرح لي صدري ويسر لي أمري وأجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري قال أبو ذر فما أستتم رسول الله الكلمة حتي نزل عليه جبرئيل من عند الله فقال يا محمد اقرأ؟ قال وما أقرأ قال:
(إنما وليكم الله ورسوله والذي آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون).
قال روي أبو بكر أحمد بن موسي بن مردويه في كتاب المناقب وهو من مخالفي أهل البيت باسناده إلي عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال دخلنا علي رسول الله صلي الله عليه وآله فقلت من أحب أصحابك إليك فان كان أمر كنا معه وان كانت نائبة كنا من دونه قال هذا علي أقدمكم سلما وإسلاما.
وروي أبو بكر بن مردويه في كتابه المشار إليه أيضا باسناده إلي داود ابن أبي عوف قال حدثني معاوية بن أبي ثعلبة الحنفي قال الا أحدثك بحديث لم يخلط قلت بلي قال مرض أبو ذر فأوصي إلي علي " ع " فقال بعض من يعوده لو أوصيت إلي أمير المؤمنين عمر كان أجمل لوصيتك من علي، قال والله لقد أوصيت إلي أمير المؤمنين " ع " والله انه لمرتع الأرض تسكن إليه ولو قد فارقكم لقد أنكرتم الناس وأنكرتم الأرض قال: قلت يا أبا ذر انا لنعلم ان أحبهم
(٢٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن الصامت (1)، أحمد بن موسي (1)، السجود (1)، المرض (1)، الصّلاة (2)
إلي رسول الله أحبهم إليك قال أجل قلت فأيهم أحب إليك قال هذا الشيخ المضطهد حقه يعني علي بن أبي طالب " ع ".
وأخرج الكشي عن حذيفة بن أسيد قال سمعت أبا ذر يقول وهو متعلق بحلقة باب الكعبة انا جندب لمن عرفني وانا أبو ذر لمن لم يعرفني اني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وهو يقول من قاتلني في الأولي والثانية فهو في الثالثة من شيعة الدجال انما مثل أهل بيتي في هذه الأمة مثل سفينة نوح في لجة البحر من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ألا هل بلغت.
وعن عبد الملك بن أبي ذر الغفاري قال بعثني أمير المؤمنين " ع " يوم مزق عثمان المصاحف فقال ادع أباك فجاء إليه أبي مسرعا فقال يا أبا ذر أتي اليوم في الاسلام أمر عظيم مزق كتاب الله ووضع فيه الحديد وحق علي الله ان يسلط الحديد علي من مزق كتابه بالحديد قال فقال أبو ذر سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول أهل الجبرية من بعد موسي قاتلوا أهل النبوة فظهروا عليهم فقتلوهم زمانا طويلا ثم إن الله بعث فتنة فهاجروا إلي غير آبائهم فقاتلهم فقتلوه وأنت بمنزلتهم يا علي فقال علي " ع " قتلتني يا أبا ذر فقال أبو ذر لقد علمت أنه سيبدأ بك.
وعن أبي سخيلة قال حججت انا وسلمان بن ربيعة فمررنا بالربذة قال فاتيت أبا ذر فسلمنا عليه فقال إن كانت بعدي فتنة وهي كائنة فعليكم بكتاب الله والشيخ علي بن أبي طالب " ع " فإني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وهو يقول: علي أول من آمن بي وصدقني وهو أول من يصافحني يوم القيامة وهو الصديق الأكبر وهو الفاروق بعدي يفرق بين الحق والباطل وهو يعسوب الدين، والمال يعسوب الظلمة.
وروي عن أبي جعفر " ع " قال قام أبو ذر (رض) بباب الكعبة فقال انا جندب بن جنادة الغفاري هلموا إلي أخ ناصح شفيق فاكتنفه الناس فقالوا قد روعتنا فانصح لنا فقال إن أحدكم إذا أراد سفرا لأعد له من الزاد ما يصلحه
(٢٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبوذر الغفاري (1)، يوم القيامة (1)، حذيفة بن أسيد (1)، سلمان بن ربيعة (1)، جندب بن جنادة (1)، الصدق (1)، القتل (1)، الباطل، الإبطال (1)، السفينة (1)
فما بالكم لا تزودن لطريق القيامة وما يصلحكم فيه قالوا وكيف نتزود لذلك فقال يحج الرجل منكم حجة لعظام الأمور ويصوم يوما شديد الحر للنشور ويصلي ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور ويتصدق بصدقة علي المساكين للنجاة من يوم العسير ويتكلم بكلمة حق فيجيره الله لها يوم يستجير ويسكت عن كلمة باطل ينحو بذلك من عذاب السعير يا بن آدم إجعل الدنيا مجلسين مجلسا في طلب الحلال ومجلسا للآخرة ولا ترد الثالث فإنه لا ينفعك وأجعل الكلام كلمتين كلمة للآخرة وكلمة في التماس الحلال والثالثة تضرك وأجعل مالك درهمين درهما تنفقه علي عيالك ودرهما لآخرتك والثالث لا ينفعك وأجعل الدنيا ساعة من ساعتين ساعة مضت بما فيها فلست قادرا علي ردها وساعة آتية لست علي يقين من ادراكها والساعة التي أنت فيها ساعة عملك فاجتهد فيها لنفسك وأصبر فيها عن معاصي ربك فان لم تفعل قد هلكت. ثم قال قتلي هم لا أدركه.
وروي لما توفي عبد الرحمن بن عوف قال أناس من أصحاب رسول الله إنا نخاف علي عبد الرحمن فيما ترك فقال كعب وما تخافون كسب طيبا وأنفق طيبا وترك طيبا فبلغ ذلك أبا ذر رحمة الله عليه فخرج مغضبا يريد كعبا فمر فلحق عظم بعير فاخذه بيده ثم انطلق يطلب كعبا فقيل لكعب ان أبا ذر يطلبك فخرج هاربا حتي دخل علي عثمان يستغيث به وأخبره الخبر فاقبل أبو ذر يقتص الخبر في طلب كعب حتي انتهي إلي دار عثمان فلما دخل قام كعب فجلس خلف عثمان هاربا من أبي ذر فقال أبو ذر هاهنا يا بن اليهودية تزعم أنه لا بأس فيما ترك عبد الرحمن لقد خرج رسول الله نحو أحد وأنا معه فقال يا أبا ذر قلت لبيك يا رسول الله فقال الأكثرون هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا عن يمينه وشماله وفوقه وخلفه وقدامه وقليل ما هم ثم قال يا أبا ذر قلت نعم يا رسول الله بابي أنت وأمي قال ما سرني أن لي مثل أحد أنفقه في سبيل الله أموت ثم أموت ولا اترك منه قيراطين ثم قال يا أبا ذر أنت تريد الأكثر وانا
(٢٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، عبد الرحمن بن عوف (1)، سبيل الله (1)، الكسب (1)، القصاص (1)، الحج (1)، القبر (1)، القتل (1)
أريد الأقل فرسول الله صلي الله عليه وآله يريد هذا وأنت يا بن اليهودية تقول لا بأس بما ترك عبد الرحمن بن عوف كذبت وكذب من قال، قال فلم يرد عليه حرفا حتي خرج.
وعن جعفر بن معروف قال: حدثني الحسن بن علي بن النعمان قال حدثني أبي عن ابن حمزة عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله " ع " يقول أرسل عثمان إلي أبي ذر موليين له ومعهما مائتا دينار فقال لهما انطلقا إلي أبي ذر فقولا له ان عثمان يقرئك السلام ويقول لك هذه مائتا دينار فاستعن بها علي ما نابك فقال أبو ذر وهل أعطي أحدا من المسلمين مثل ما أعطاني؟ قالا لا. قال إنما أنا رجل من المسلمين يسعني ما يسع المسلمين قالا له انه يقول من طيب مالي وبالله الذي لا إله إلا هو ما خالطها حرام ولا بعثت بها إليك الا من حلال، فقال لا حاجة لي فيها وقد أصبحت يومي هذا وانا من أغني الناس فقالا له عافاك الله وأصلحك ما نري في بيتك قليلا ولا كثيرا مما يستمتع به فقال بلي تحت هذا الأكاف ترون رغيف شعير وقد أتي عليه أيام فما اصنع بهذه الدنانير لا والله حتي يعلم الله اني لا أقدر علي قليل ولا كثير وقد أصبحت غنيا بولاية علي بن أبي طالب " ع " وعترته الهادين المهديين الراضين المرضيين الذين يهدون بالحق وبه يعدلون وكذلك سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول إنه لقبيح بالشيخ ان يكون كذابا بافرداها عليه وأعلماه انه يقول لا حاجة لي فيها وفيما عنده حتي ألقي الله ربي فيكون هو الحاكم فيما بيني وبينه.
وأخرج محمد بن يعقوب الكليني في الروضة عن أبي بصير عن أبي عبد الله " ع " قال: أتي أبو ذر رسول الله صلي الله عليه وآله فقال يا رسول الله اني قد اجتويت المدينة فتأذن لي ان أخرج وابن أخي إلي مزينة فنكون بها فقال صلي الله عليه وآله اني أخشي ان تعبر عليك خيل من العرب فيقتل ابن أخيك فتأتين شعثا فتقوم بين يدي متكئا علي عصاك فتقول قتل ابن أخي واخذ السرح فقال يا رسول الله بل لا يكون إلا خيرا إن شاء الله فأذن رسول الله له فخرج هو وابن أخيه وامرأته فلم يلبثا هناك إلا يسيرا حتي غارت خيل النبي فزارة فيها عيينة بن حصين فأخذت
(٢٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، أبو بصير (2)، عبد الرحمن بن عوف (1)، الحسن بن علي بن النعمان (1)، محمد بن يعقوب (1)، جعفر بن معروف (1)، الكذب، التكذيب (1)، القتل (1)
السرح وقتل ابن أخيه واخذت امرأة من بني غفار واقبل أبو ذر يشتد حتي وقف بين يدي رسول الله وبه طعنة جائفة فاعتمد علي عصاه وقال صدق الله ورسوله اخذ السرح وقتل ابن أبي ووقفت بين يديك علي عصاي فصاح رسول الله صلي الله عليه وآله في المسلمين فخرجوا في الطلب وردوا السرح وقتلوا نفرا من المشركين.
وأخرج في كتاب الجنائز من الكافي عن علي بن إبراهيم رفعه قال لما مات ذر ابن أبي ذر مسح أبو ذر القبر بيده ثم قال رحمك الله يا ذر والله إنك كنت بي بارا ولقد قبضت وإني عنك لراض أما والله ما بي فقدك وما علي من غضاضة ومالي أحد سوي الله من حاجة ولولا هول المطلع لسرني ان أكون مكانك ولقد شغلني الحذر لك عن الحد عليك والله ما بكيت لك ولكن بكيت عليك فليت شعري ماذا قلت وما قيل لك ثم قال اللهم أني قد وهبت له ما افترضت عليه من حقي فهب له ما افترضت عليه من حقك فأنت أحق بالحق مني.
وأما خبر نفيه إلي الربذة: فاعلم أن الذي عليه أكثر أرباب السير وعلماء الاخبار والنقل ان عثمان نفي أبا ذر أولا إلي الشام ثم استقدمه إلي المدينة لما شكا منه معاوية ثم نفاه من المدينة إلي الربذة لما عمل بالمدينة نظير ما كان يعمل بالشام وأصل هذه الواقعة أن عثمان أعطي مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال وأختص زيد بن ثابت بشئ منها جعل أبو ذر يقول بين الناس وفي الطرقات والشوارع (بشر الكافرين بعذاب اليم) ويرفع بذلك صوته ويتلو قوله تعالي (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم) فرفع ذلك إلي عثمان مرارا وهو ساكت ثم انه أرسل مولي من مواليه أن أنته عما بلغني عنك فقال أبو ذر أينهاني عن قراءة القرآن كتاب الله وعيب من ترك أمر الله فوالله لان أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي وخير لي من أن أسخط الله برضي عثمان فاغضب ذلك عثمان واحفظه فتصابر وتماسك إلي أن قال عثمان يوما والناس حوله أيجوز للأمام ان يأخذ من المال شيئا قرضا فإذا أيسر
(٢٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: مروان بن الحكم (1)، علي بن إبراهيم (1)، زيد بن ثابت (1)، سبيل الله (1)، القرآن الكريم (1)، الشام (2)، التصديق (1)، القتل (3)، القبر (1)، الجنازة (1)
قضاه فقال كعب الأحبار لا بأس بذلك فقال أبو ذر يا بن اليهودية أتعلمنا ديننا فقال عثمان قد كثر أذاك وتولعك بأصحابي الحق بالشام فأخرجه إليها فكان أبو ذر ينكر علي معاوية أشياء يفعلها فبعث إليه معاوية يوما ثلاثمائة دينار فقال أبو ذر لرسوله ان كانت من عطائي الذي حرمتموني إياه عامي هذا قبلتها وان كانت صلة فلا حاجة لي فيها وردها عليه ثم بني معاوية الخضراء بدمشق فقال أبو ذر يا معاوية ان كانت هذه من مال الله فهي الخيانة وان كانت من مالك فهي الاسراف وكان أبو ذر يقول بالشام والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيه صلي الله عليه وآله والله اني لأري حقا يطفأ وباطلا يحيي وصادقا مكذبا وإثرة بغير تقي وصالحا مستأثرا عليه فقال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية ان أبا ذر لمفسد عليكم الشام فتدارك أهله ان كان لك فيه حاجة.
وروي أبو عثمان الجاحظ في كتاب السفيانية عن جلام بن جندب الغفاري قال كنت عاملا لمعاوية علي قنسرين والعواصم في خلافة عثمان فجئت يوما أسأله عن حال عملي إذ سمعت صارخا علي باب داره يقول أتتكم القطار تحمل النار اللهم العن الآمرين بالمعروف التاركين له اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له فارتاب معاوية وتغير لونه وقال يا جلام أتعرف الصارخ فقلت اللهم لا قال من عذيري من جندب بن جنادة يأتينا كل يوم فيصرخ علي باب قصرنا بما سمعت ثم قال ادخلوه علي فجئ بابي ذر بين قوم يقودونه حتي وقف بين يديه فقال له معاوية يا عدو الله وعدو رسوله تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع اما اني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير أذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك ولكني استأذن فيك قال جلام وكنت أحب ان أري أبا ذر لأنه رجل من قومي فالتفت إليه فإذا رجل أسمر ضرب من الرجال خفيف العارضين في ظهره حناء فاقبل علي معاوية وقال ما انا بعد والله ولا رسوله بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله أظهرتما الاسلام وأبطنتما الكفر ولقد لعنك رسول الله صلي الله عليه وآله ودعا عليك أمرت
(٢٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، جندب بن جنادة (1)، كعب الأحبار (1)، الشام (3)، دمشق (1)، الضرب (1)
ان لا تشبع. سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول إذا ولي الأمة الأعين الواسع البلعوم الذي يأكل ولا يشبع فلتأخذ الأمة حذرها منه فقال معاوية ما انا ذلك الرجل قال أبو ذر بل أنت ذلك الرجل أخبرني بذلك رسول الله صلي الله عليه وآله سمعته يقول وقد مررت به اللهم العنه ولا تشبعه الا بالتراب وسمعته صلي الله عليه وآله يقول است معاوية في النار فضحك معاوية وأمر بحبسه وكتب إلي عثمان فيه فكتب عثمان إلي معاوية ان أحمل جندبا إلي علي أغلظ مركب وأوعره فوجه به مع من سار به الليل والنهار وحمله علي شارف ليس عليها قتب حتي قدم به إلي المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد فلما قدم بعث إليه عثمان ان الحق بأي أرض شئت قال بمكة قال لا قال بيت المقدس قال لا قال بأحد المصرين قال لا ولكني مسيرك إلي الربذة فسيره إليها فلم يزل بها حتي مات.
وفي (رواية الواقدي): ان أبا ذر لما دخل علي عثمان قال له:
لا أنعم الله بقين عينا * نعم ولا لقاه يوما زينا تحية السخط إذا ألقينا فقال أبو ذر رضي الله عنه: ما عرفت اسمي قينا قط، وفي رواية أخري لا أنعم الله بك عينا يا جندب، فقال أبو ذر: انا جندب وسماني رسول الله صلي الله عليه وآله عبد الله فاخترت اسم رسول الله سماني علي أسمي، فقال له عثمان أنت الذي تزعم إنا نقول يد الله مغلولة وان الله فقير ونحن أغنياء فقال أبو ذر لو كنتم لا تقولون هذا لأنفقتم مال الله علي عباده ولكني أشهد لسمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا وعباده خولا ودينه دخلا فقال عثمان لمن حضر سمعتموها من رسول الله قالوا لا قال عثمان ويلك يا أبا ذر أتكذب علي رسول الله فقال أبو ذر لمن حضر ما تدرون اني صدقت قالوا لا والله ما ندري فقال عثمان أدعو لي عليا " ع " فلما جاء قال عثمان لأبي ذر أقصص عليه حديثك في بني أبي العاص فأعاده فقال
(٢٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، مدينة مكة المكرمة (1)، يوم عرفة (1)، الوسعة (1)، الموت (1)، الأكل (1)، الشهادة (1)
عثمان لعلي " ع " أسمعت هذا من رسول الله فقال علي سمعت رسول الله يقول ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر فقال من حضر أما هذا فقد سمعناه كلنا من رسول الله صلي الله عليه وآله فقال أبو ذر أحدثكم اني سمعت هذا من رسول الله فتتهوموني ما كنت أظن اني أعيش حتي أسمع هذا من أصحاب محمد (ص).
وروي الواقدي في خبر آخر باسناده عن صهبان مولي الأسلميين قال:
رأيت أبا ذر يوم دخل به علي عثمان فقال له أنت الذي قلت وفعلت فقال أبو ذر نصحتك فاستغششتني ونصحت صاحبك فاستغشني قال عثمان كذبت ولكنك تريد الفتنة وتحبها قد أنغلت الشام علينا فقال له أبو ذر أتبع سنة صاحبك لا يكن لأحد عليك ملام فقال عثمان مالك وذلك لا أم لك قال أبو ذر ما وجدت لي عذرا إلا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فغضب عثمان وقال أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب اما ان أضربه أو أحبسه أو أقتله فإنه قد فرق جماعة المسلمين أو أنفيه من أرض الإسلام فتكلم علي " ع " وكان حاضرا فقال اني أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون فان يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم ان الله لا يهدي من هو مسرف كذاب فأجابه عثمان بجواب غليظ وأجابه علي " ع " بمثله ولم نذكر الجوابين تذمما منهما.
قال الواقدي ثم إن عثمان فطن علي الناس ان يقاعدوا أبا ذر ويكلموه فمكث كذلك أياما ثم أتي به فوقف بين يديه فقال أبو ذر ويحك يا عثمان اما رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله ورأيت أبا بكر وعمر هل هديك كهديهم اما انك لتبطش بي بطش جبار فقال عثمان أخرج عنا من بلادنا فقال أبو ذر ما أبغض إلي جوارك قال أين أخرج قال حيث شئت قال أخرج إلي الشام أرض الجهاد قال انما جلبتك من الشام لما أفسدتها أفأردك إليها قال أخرج إلي العراق قال لا أنك أن تخرج إليها بقدم علي قوم أولي شبهة وطعن علي الأئمة والولاة قال فاخرج إلي
(٢٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الامر بالمعروف (1)، صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، دولة العراق (1)، آل فرعون (1)، الشام (3)، الكذب، التكذيب (1)
مصر قال لا قال فإلي أين أخرج قال إلي البادية قال أبو ذر أصير بعد الهجرة أعرابيا قال نعم قال أبو ذر فاخرج إلي بادية نجد، قال عثمان بل إلي الشرق الا بعد الأقصي فأقصي أمض علي وجهك هذا فلا تعدون الربذة فخرج إليها.
وروي الواقدي أيضا عن مالك ابن أبي الرجال عن موسي بن ميسرة ان أبا الأسود الدؤلي قال كنت أحب لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه إلي الربذة فجئته فقلت له الا تخبرني أخرجت من المدينة طائعا أم خرجت مكرها فقال كنت في ثغر من ثغور المسلمين أغني عنهم فأخرجت إلي المدينة فقلت دار هجرتي وأصحابي فأخرجت من المدينة إلي ما تري ثم قال بينا انا ذات ليلة نائم في المسجد علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله إذ مر بي فضربني برجله وقال لا أراك نائما في المسجد فقلت بأبي أنت وأمي غلبتني عيني فنمت فيه فقال صلي الله عليه وآله فكيف تصنع إذا أخرجوك منه قلت أذن الحق بالشام فإنها أرض مقدسة وارض الجهاد قال فكيف تصنع إذا أخرجت منها قلت أرجع إلي المسجد قال صلي الله عليه وآله فكيف تصنع إذا أخرجوك منه قلت آخذ سيفي فأضربهم به فقال الا أدلك علي خير من ذلك انسق معهم حيث ساقوك وتسمع وتطيع وانا اسمع وأطيع وتالله ليلقين الله عثمان وهو آثم في جنبي وروي علي بن إبراهيم في تفسيره ان أبا ذر (رض) دخل علي عثمان وكان عليلا متوكئا علي عصاه وبين يدي عثمان مائة ألف درهم قد حملت إليه من بعض النواحي وأصحابه حوله ينظرون إليه ويطمعون ان يقسمها فيهم فقال أبو ذر (رض) لعثمان ما هذا المال فقال عثمان مائة ألف درهم حملت إلي من بعض النواحي أريد ان أضم إليها مثلها ثم أري فيها رأيي فقال أبو ذر (رض) لعثمان يا عثمان أيما أكثر مائة ألف درهم أو أربعة دنانير فقال بل مائة ألف درهم فقال اما تذكر اني انا وأنت دخلنا علي رسول الله عشاء فرأيناه كثيبا حزينا فسلمنا عليه فلم يرد علينا السلام فلما أصبحنا أتينا فرأيناه ضاحكا مستبشرا فقلنا له بآبائنا وأمهاتنا
(٢٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، علي بن إبراهيم (1)، الشام (1)، السجود (1)
نفديك دخلنا عليك البارحة فرأيناك كئيبا حزينا وعدنا إليك اليوم فرأيناك ضاحكا مستبشرا فقال نعم كان بقي عندي من فئ المسلمين أربعة دنانير لم أكن قسمتها وخفت ان يدركني الموت وهي عندي وقد قسمتها اليوم فاسترحت فنظر إلي كعب الأحبار فقال له يا أبا بحر ما تقول في رجل أدي زكاة ماله المفروضة هل يجب عليه فيما بعد ذلك شئ فقال لا لو اتخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضة ما وجب عليه شئ فرفع أبو ذر عصاه فضرب بها رأس كعب ثم قال له يا بن اليهودية الكافرة ما أنت والنظر في أحكام المسلمين قول الله أصدق من قولك حيث قال الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله الآية فقال عثمان يا أبا ذر انك شيخ خرفت وذهب عقلك ولولا صحبتك لرسول صلي الله عليه وآله لقتلتك فقال يا عثمان أخبرني حبيبي رسول الله فقال لا يفتنونك ولا يقتلونك واما عقلي فقد بقي منه ما أحفظ حديثا سمعته من رسول الله صلي الله عليه وآله فيك وفي قومك فقال وما سمعت من رسول الله قال سمعته يقول إذا بلع آل أبي العاص ثلاثين رجلا صيروا مال الله دولا وكتاب الله دخلا وعباده خولا الفاسقين حزبا والصالحين حربا فقال عثمان يا معشر أصحاب رسول الله محمد هل سمع أحد منكم هذا من رسول الله فقالوا لا فقال عثمان ادعوا عليا فجاء أمير المؤمنين " ع " فقال له عثمان يا أبا الحسن أنظر ما يقول هذا الشيخ الكذاب فقال أمير المؤمنين لا تقل كذاب فإني سمعت رسول الله يقول ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر فقال أصحاب رسول الله صدق أبو ذر فقد سمعنا هذا من رسول الله فبكي أبو ذر عند ذلك فقال عثمان يا أبا ذر أسألك بحق رسول الله إلا ما أخبرتني عن شئ أسألك عنه فقال أبو ذر والله لو لم تسألني بحق رسول الله لأخبرتك فقال أي البلاد أحب إليك ان تكون فيها فقال مكة حرم الله وحرم رسوله ا عبد الله فيها حتي يأتيني الموت فقال لا ولا كرامة لك فقال المدينة فقال لا ولا كرامة لك قال فسكت أبو ذر فقال عثمان أي البلاد أبغض إليك تكون فيها
(٢٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، كعب الأحبار (1)، سبيل الله (1)، التصديق (1)، الموت (2)، الإخفاء (1)، الزكاة (1)
فقال الربذة التي كنت فيها علي غير دين الاسلام فقال عثمان سر إليها فقال أبو ذر صدق الله ورسوله صلي الله عليه وآله.
وروي أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة عن عبد الرزاق عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال لما خرج أبو ذر إلي الربذة أمر عثمان فنودي في الناس ان لا يكلم أحد أبا ذر ولا يشيعه وأمر مروان بن الحكم ان يخرج به فخرج به وتحاماه الناس إلا علي بن أبي طالب وعقيلا أخاه وحسنا وحسينا وعمارا فإنهم خرجوا معه يشيعونه فجعل الحسن يكلم أبا ذر فقال له مروان أيها يا حسن ألا تعلم أن الأمير قد نهي عن كلام هذا الرجل فان كنت لا تعلم فاعلم ذلك فحمل علي مروان فضرب بالسوط بين أذني راحلته وقال تنح لحاك الله إلي النار فرجع مروان مغضبا إلي عثمان فتلظي علي علي " ع " ووقف أبو ذر فودعه القوم ومعه ذكوان مولي أم هاني بنت أبي طالب " ع " قال ذكوان فحفظت كلام القوم وكان حافظا فقال علي " ع " يا أبا ذر انك غضبت لله ان القوم خافوك علي دنياهم وخفتهم علي دينك فامتحنوك بالقلي ونفوك إلي الفلا والله لو كانت السماوات والأرض علي عبد رتقا ثم اتقي الله لجعل له منها مخرجا يا أبا ذر لا يؤنسنك إلا الحق ولا يوحشنك إلا الباطل ثم قال لأصحابه ودعوا عمكم وقال لعقيل ودع أخاك فتكلم عقيل فقال ما عسي أن نقول يا أبا ذر أنت تعلم انا نحبك وأنت تحبنا فاتق الله فان التقوي نجاة واصبر فان الصبر كرم واعلم أن استثقالك الصبر من الجزع واستبطانك العافية من اليأس فدع اليأس والجزع ثم تكلم الحسن " ع " فقال يا عماه لولا أنه لا ينبغي للمودع ان يسكت وللمشيع ان ينصرف لقصر الكلام وان طال الأسف وقد أتي القوم إليك ما تري فضع عنك الدنيا بتذكر فراقها وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها واصبر حتي تلقي نبيك صلي الله عليه وآله وهو عنك راض، ثم تكلم الحسين " ع " فقال يا عماه ان الله تعالي قادر علي أن يغير ما تري والله كل يوم هو في شأن وقد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك فما
(٢٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (1)، أحمد بن عبد العزيز الجوهري (1)، علي بن أبي طالب (1)، السقيفة (1)، الباطل، الإبطال (1)، التصديق (1)، الصبر (2)، اليأس (2)
أغناك عما منعوك وأحوجهم إلي ما منعتهم فاسأل الله الصبر والنصر واستعذبه من الجشع والجزع فان الصبر من الدين والكرم وان الجشع لا يقدم رزقا والجزع لا يؤخر، أجلا ثم تكلم عمار مغضبا فقال لا آنس الله من أوحشك ولا آمن من أخافك اما والله لو أردت دنياهم لآمنوك ولو رضيت أعمالهم لأحبوك وما منع الناس ان يقولوا بقولك الا الرضا بالدنيا والجزع من الموت ومالوا إلي ما مال إليه سلطان جماعتهم والملك لمن غلب فوهبوا لهم دينهم ومنحهم القوم دنياهم فخسروا الدنيا والآخرة الا ذلك هو الخسران المبين، فبكي أبو ذر وكان شيخا كبيرا وقال رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله صلي الله عليه وآله مالي بالمدينة سكن ولا شجن غيركم اني ثقلت علي عثمان بالحجاز ثم ثقلت علي معاوية بالشام وكره ان أجاور أخاه وابن خاله بالمصرين فأفسد الناس عليهما فسيرني إلي بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلا الله والله ما أريد إلا الله صاحبا ولا أخشي مع الله وحشة ورجع القوم إلي المدينة فجاء علي " ع " إلي عثمان فقال له عثمان ما حملك علي رد رسولي وتصغير أمري فقال علي " ع " أما رسولك فأراد ان يرد وجهي فرددته واما أمرك فلم أصغره قال أو ما بلغك نهيي عن كلام أبي ذر قال أو كلما أمرت بأمر معصية أطعناك فيه قال عثمان أقد مروان من نفسك قال مم ذا قال من شتمه وجذب راحلته قال اما راحلته فراحلتي بها واما شتمه إياي فوالله لا تشتمني شتمة إلا شتمتك مثلها لا أكذب عليك فغضب عثمان وقال: لم لا يشتمك كأنك خير منه قال علي " ع " أي والله ومنك ثم قام فخرج فأرسل عثمان إلي وجوه المهاجرين والأنصار والي بني أمية يشكو إليهم عليا " ع " فقال القوم أنت الوالي عليه واصلاحه أجمل قال وددت ذلك فاتوا عليا " ع " فقالوا لو اعتذرت إلي مروان وأتيته فقال " ع ": كلا أما مروان فلا آتيه ولا اعتذر منه ولكن إن أحب عثمان أتيته فرجعوا إلي عثمان فأخبروه فأرسل عثمان إليه فاتاه ومعه بنو هاشم كلهم فتكلم علي " ع " فحمد الله وأثني عليه ثم قال أما ما وجدت علي
(٢٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، المهاجرون والأنصار (1)، بنو أمية (1)، بنو هاشم (1)، الشام (1)، الكذب، التكذيب (1)، الموت (1)، الغلّ (1)، الصبر (2)
فيه من كلام أبي ذر ووداعه فوالله ما أردت مسائتك ولا الخلاف عليك ولكن أردت به قضاء حقه وأما مروان فإنه أعترض يريد ردي عن قضاء حق الله تعالي فرددته رد مثلي مثله وأما ما كان مني إليك فإنك أغضبتني فاخرج الغضب مني ما لم أرده فتكلم عثمان فحمد الله وأثني عليه ثم قال أما ما كان منك إلي فقد وهبته لك وأما ما كان منك لمروان فقد عفي الله عنك وأما ما حلفت عليه فأنت البر الصادق فادن يدك فاخذ يده فضمها إلي صدره فلما نهض قالت قريش وبنو أمية لمروان أما أنت فقد جبهك علي وضرب راحلتك وقد تفانت وائل في ضرع ناقة وذبيان وعبس في لطمة فرس والأوس والخزرج في نسعه أفتحمل لعلي ما أتاه إليك فقال مروان فوالله لو أردت ذلك قدرت عليه.
وروي أن عبد الله بن مسعود لما بلغه خبر نفي أبي ذر إلي الربذة وهو إذ ذاك بالكوفة قال في خطبة بمحفل من أهل الكوفة فهل سمعتم قول الله تعالي ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم يعرض بذلك بعثمان فكتب الوليد بذلك لعثمان فأشخصه من الكوفة فلما دخل مسجد النبي صلي الله عليه وآله أمر عثمان غلاما له أسود فدفع ابن مسعود وأخرجه من المسجد ورمي به الأرض وأمر باحراق مصحفه وجعل منزله حبسه وحبس عنه عطاءه أربع سنين إلي أن مات.
وروي شهر ابن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال كنت عند أبي الدرداء إذ دخل عليه رجل من المدينة فسأله فقال أين تركت أبا ذر فقال بالربذة فقال انا لله وإنا إليه راجعون لو أن أبا ذر قطع مني عضوا ما هجيته لما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وآله يقول فيه.
وروي بعض المؤرخين قال لما أمر أبو ذر بالمسير إلي الربذة سار إليها فأقام بها أياما ثم أتي المدينة فدخل علي عثمان والناس عنده سماطين فقال يا أمير المؤمنين انك أخرجتني إلي أرض ليس بها زرع ولا ضرع وليس لي خادم يخدمني
(٢٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة الكوفة (3)، عبد الله بن مسعود (1)، بنو أمية (1)، القتل (1)، الموت (1)، السجود (2)، الغضب (1)
إلا مخدرة ولا ظل يظلني إلا ظل شجرة فاعطني خادما وغنيمات أعيش بها فحول وجهه عنه فتحول إلي السماط الآخر فقال مثل ذلك فقال له حبيب بن سلمة لك عندي يا أبا ذر ألف درهم وخادم وخمس مائة شاة فقال أبو ذر أعط خادمك والفك وشويهاتك إلي من هو أحوج مني إلي ذلك فإني إنما أسأل حقي في كتاب الله تعالي فجاء علي " ع " فقال له عثمان الا تغني عنا سفيهك هذا قال " ع " أي سفيه قال أبو ذر قال علي " ع " ليس بسفيه سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر أنزله بمنزلة مؤمن آل فرعون أن يك كاذبا فعليه كذبه وان يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم قال عثمان التراب في فيك قال علي " ع " التراب في فيك أنشد بالله ممن سمع رسول الله صلي الله عليه وآله يقول ذلك لأبي ذر فقام أبو هريرة وغيره فشهدوا بذلك فولي علي ولم يجلس.
ومن كلام أبي ذر (رض) الدنيا ثلاث ساعات ساعة مضت وساعة أنت فيها وساعة لا تدري أتدركها أم لا فلست تملك بالحقيقة إلا ساعة واحدة إذا الموت من ساعة إلي ساعة.
وروي أنه قال قتلني هم يوم لم أدركه قيل وكيف ذلك يا أبا ذر قال إن أملي جاوز أجلي.
وعن أبي عبد الله عن أبيه " ع " أنه قال في خطبة أبي ذر يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل ومال عن نفسك، أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت إلي غيرهم، الدنيا والآخرة كمنزل تحولت منه إلي غيره، وما بين البعث والموت إلا كنومة نمتها ثم استيقظت منها، يا جاهل العلم تعلم العلم فان قلبا ليس فيه شرف العلم كالبيت الخراب الذي لا عامر له.
عن أبي جعفر " ع " عن أبي ذر أنه قال يا باغي العلم قدم لمقامك بين يدي الله فإنك مرتهن بعملك كما ندين تدان، يا باغي العلم صل قبل أن لا تقدر علي ليل ولا نهار تصلي فيه، إنما مثل الصلاة لصاحبها كمثل رجل دخل علي ذي سلطان فانصت
(٢٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو هريرة العجلي (1)، آل فرعون (1)، البعث، الإنبعاث (1)، الصّلاة (2)، الجهل (1)
له حتي فرغ من حاجته وكذلك المرء المسلم بإذن الله ما دام في الصلاة لم يزل الله ينظر إليه حتي يفرغ من صلاته: يا باغي العلم تصدق قبل ان لا تعطي شيئا ولا جمعه، إنما مثل الصدقة وصاحبها مثل رجل طلبه قوم بدم فقال لهم لا تقتلوني أضربوا لي أجلا أسعي في رجالكم كذلك المرء المسلم بإذن الله كلما تصدق بصدقة حل بها عقدة من رقبته حتي يتوفي الله أقواما وهو عنهم راض ومن رضي الله عنه فقد أمن من النار: يا باغي العلم ان هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شرفا ختم علي فمك كما تختم علي ذهبك وعلي رزقك، يا باغي العلم ان هذه الأمثال ضربها الله للناس وما يلعقها إلا العالمون.
وأخرج الكشي عن حلام بن أبي ذر الغفاري وكانت له صحبة قال مكث أبو ذر (ره) بالربذة حتي مات فلما حضرته الوفاة قال لامرأته إذبحي شاة من غنمك فاصنعيها فإذا نضجت فاقعدي علي قارعة الطريق فأول ركب تريهم قولي يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله قد قضي نحبه ولقي ربه فأعينوني عليه وأجيبوه فان رسول الله أخبرني اني أموت في أرض غربة وأنه يلي غسلي ودفني والصلاة علي رجال من أمتي صالحون.
وعن محمد بن علقمة الأسود النخعي قال خرجت في رهط أريد الحج منهم مالك بن الحرث الأشتر وعبد الله بن الفضل التميمي ورفاعة بن شداد البجلي حتي قدمنا الربذة فإذا امرأة علي قارعة الطريق تقول يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله قد هلك غريبا ليس له أحد يعينني عليه قال فنظر بعضنا إلي بعض وحمدنا الله علي ما ساق إلينا واسترجعنا علي عظم المصيبة ثم أقبلنا معها فجهزناه وتنافسنا في كفنه حتي خرج من بيننا بالسواء وتعاونا علي غسله حتي فرغنا منه ثم قدمنا مالك الأشتر فصلي عليه ثم دفناه فقام الأشتر علي قبره ثم قال اللهم هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله عبدك في العابدين وجاهد فيك المشركين لم يغير ولم يبدل لكنه رأي منكرا فغيره بلسانه وقلبه حتي جفي ونفي
(٢٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (2)، أبوذر الغفاري (1)، رفاعة بن شداد البجلي (1)، عبد الله بن الفضل التميمي (1)، مالك الأشتر (1)، محمد بن علقمة (1)، الحج (1)، الموت (1)، الصّلاة (3)، القبر (1)، الغسل (1)، الهلاك (1)، التصدّق (1)
وحرم وأحتقر ثم مات وحيدا غريبا اللهم فاقصم من حرمه ونفاه من مهاجرة حرم الله وحرم رسول الله قال فرفعنا أيدينا جميعا وقلنا آمين فقدمت الشاة التي صنعت فقالت أنه أقسم عليكم ان لا تبرحوا حتي تتغدوا فتغدينا وارتحلنا.
وذكر أبو عمرو بن عبد البر في كتاب الاستيعاب قال لما حضرت أبا ذر الوفاة وهو بالربذة بكت زوجة أبي ذر فقال ما يبكيك فقالت ما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من أرض وليس عندي ثوب يسعك كفنا ولا بد لي من القيام بجهازك فقال أبشري ولا تبكي فإني سمعت رسول الله يقول لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان أو ثلاثة فيصبران ويحتسبان فلا يريان النار أبدا وقد مات لنا ثلاثة من الولد وسمعت أيضا رسول الله صلي الله عليه وآله يقول لنفر أنا فيهم ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية وجماعة وانا لا أشك أني ذلك الرجل والله ما كذب ولا كذبت فانظري الطريق قالت أم ذر فقلت أني وقد ذهب الحاج وتقطعت الطريق فقال:
اذهبي وتبصري قالت فكنت أشتد إلي الكثيب فاصعد وأنظر ثم أرجع إليه فأمرضه فبينما انا وهو علي هذه الحالة إذ أنا برجال علي ركابهم كأنهم الرخم تخب بهم رواحلهم فأسرعوا إلي حتي وقفوا علي وقالوا يا أمة الله مالك فقلت أمرؤ من المسلمين يموت تكفنونه قالوا ومن هو؟ قلت أبو ذر قالوا صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله قلت نعم قالت ففدوه بآبائهم وأمهاتهم وأسرعوا إليه حتي دخلوا عليه فقال:
إني أبشروا سمعت رسول الله يقول لنفر أنا فيهم ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين وليس من أولئك النفر الا وقد هلك في قرية وجماعة والله ما كذبت ولا كذبت ولو كان عندي ثوب يسعني كفنا لي أو لامرأتي لم لم أكفن إلا في ثوب هو لي ولها وأنشدكم الله أن ألا يكفنني رجل منكم كان عريفا أو أميرا أو بريدا أو نقيبا قالت وليس في أولئك النفر إلا وقد قارف بعض ما قال إلا فتي من الأنصار قال له انا أكفنك يا عم في ردائي هذا وفي ثوبين معي
(٢٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الكذب، التكذيب (3)، الشهادة (1)، البكاء (1)، الموت (4)، الزوج، الزواج (1)، الهلاك (1)، الحج (1)، الجماعة (1)
في عيبتي من غزل أمي فقال أبو ذر أنت فكفني فمات فكفنه الأنصاري.
قال أبو عمرو كان النفر الذين حضروا موت أبي ذر بالربذة مصادفة جماعة منهم حجر بن الأدبر ومالك بن الحارث الأشتر (ره).
قلت: حجر بن الأدبر هو حجر بن عدي الذي قتله معاوية وهو من أعلام الشيعة وعظمائها وستأتي ترجمته إن شاء الله تعالي.
وفي معالم التنزيل: ان أبا ذر ره لما أخرجه عثمان إلي الربذة فأدركته بها منيته ولم يكن أحد معه إلا امرأته وغلامه فأوصاهما ان اغسلاني وكفناني ثم ضعاني علي قارعة الطريق فأول ركب يمر بكم فقولا له هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله فأعينوني علي دفنه فلما مات فعلا فاقبل عبد الله بن مسعود في رهط من العراق فلم يرعهم إلا بالجنازة علي ظهر الطريق قد كادت الإبل تطأها وقام إليه الغلام وقال هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله فأعينوني علي دفنه فاستهلت عين ابن مسعود يقول صدق رسول الله صلي الله عليه وآله تمشي وحدك وتموت وحدك ونبعث وحدك ثم نزل هو وأصحابه فواروه بالتراب ثم حدثهم عبد الله بن مسعود حديثه وما قال له رسول الله صلي الله عليه وآله في مسيره إلي تبوك وكانت وفاة أبي ذر (ره) في سنة إحدي وقيل اثنين وثلاثين من الهجرة في خلافة عثمان.
والغفاري بكسر الغين المعجمة وفتح الفاء بعد الألف راء مهملة إلي بني غفار علي وزن كتاب وهو غفار بن مليل بن ضمرة بطن من كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
والربذة: التي نفي إليها أبو ذر هي بفتح الراء المهملة والباء الموحدة والذال المعجمة علي وزن قصبة، قال في القاموس هي مدفن أبي ذر الغفاري قرب المدينة وقال الفيومي في المصباح هي قرية كانت عامرة في صدر الإسلام وبها قبر أبي ذر الغفاري وهي في وقتنا هذا دارسة لا يعرف بها رسم وهي من المدينة في جهة الشرق علي طريق الحاج نحو ثلاثة أيام هكذا أخبرني به جماعة من أهل المدينة
(٢٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، أبوذر الغفاري (1)، دولة العراق (1)، حجر بن عدي الكندي (1)، عبد الله بن مسعود (1)، مالك بن الحارث (1)، التصديق (1)، القبر (1)، القتل (1)، الموت (1)، الحج (1)، الوفاة (1)

عمار بن ياسر وأخباره

في سنة ثلاثة وعشرين وسبعمائة.
(أبو اليقظان عمار) بعين مهملة مفتوحة فميم مشددة فراء ابن ياسر بمثناة تحتية وبعد الألف سين مهملة وراء.
ابن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن الوذيم بفتح الواو كسر الذال المعجمة وبعدها ياء مثناة تحتية وآخره ميم ويقال الوذين بالنون ابن تغلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر بن يام بمثناة تحتية علي وزن سام بن عنس بفتح العين المهملة وسكون النون وبعدها سين مهملة ابن مالك وهو مذحج بن أدد بن زيد بن يشجب المذحجي العنسي مولي بني مخزوم.
قال أبو عمرو في كتاب الاستيعاب كان ياسر والد عمار بن ياسر عربيا قحطانيا من عنس في مذحج الا ان ابنه عمار كان مولي لبني مخزوم لأن أباه ياسر قدم مع أخوين له يقال لهما الحرث ومالك في طلب أخ لهم رابع فرجع الحرث ومالك إلي اليمن وأقام ياسر بمكة فحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر المخزومي فزوجه أبوه حذيفة أمة له يقال لها سمية فأولدها عمارا فمن هاهنا كان عمار مولي بني مخزوم وأبوه عربي قحطاني لا يختلفون في ذلك وللحلف والولاء الذي بين بني مخزوم وعمار وأبيه ياسر كان اجتماع بني مخزوم علي عثمان حين نال غلمان عثمان من عمار ما نالوا من الضرب حتي ناله فتق في بطنه وكسروا ضلعا من أضلاعه فاجتمعت بنوا مخزوم وقالوا والله لئن مات لقتلنا به أحدا غير عثمان. وكان عمار رضي الله عنه آدم طويلا مضطربا أشهل العينين بعيد ما بين المنكبين لا يغير شيبته.
قال أبو عمر ولم يزل عمار مع حذيفة بن المغيرة حتي مات وجاء الله بالاسلام فأسلم عمار وعبد الله أخوه وياسر أبوهما وسمية أمهما وكان إسلامهم
(٢٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (1)، عمار بن ياسر (2)، عبد الله بن عمر (1)، أبو اليقظان (1)، عامر بن مالك (1)، الموت (2)
قديما في أول الإسلام.
وقال غيره أسلم عمار بعد بضعة وثلاثين رجلا والنبي في دار الأرقم بن أبي الأرقم وكان يعذب هو وأخوه وأبوهما وأمهما في الله عذابا عظيما وكان رسول الله يمر بهم وهم يعذبون فيقول صبرا يا آل ياسر فان موعدكم الجنة ويقول لهم صبرا يا آل ياسر اللهم أغفر لآل ياسر وقد فعلت وكانت سمية أم عمار من الخيرات الفاضلات وهي أول شهيدة في الاسلام وقد كانت قريش أخذت ياسرا وسمية وابنيهما وبلال وجنابا وصهيبا فألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في الشمس حتي بلغ الجهد منهم كل مبلغ فاعطوهم ما سألوا من الكفر وسب النبي صلي الله عليه وآله بألسنتهم واطمأن الأيمان في قلوبهم ثم جاء إلي كل واحد منهم قومه بأنطاع الأدم فيها الماء فالقوهم فيها ثم حملوا بجوانبها فلما كان العشي جاء أبو جهل فجعل يشتم سمية ويرفث ثم وجأها بحربة في قلبها فماتت وهي أول من أستشهد في الاسلام فقال عمار للنبي صلي الله عليه وآله يا رسول الله بلغ العذاب من أمي كل مبلغ فقال صبرا يا أبا اليقظان اللهم لا تعذب أحدا من آل ياسر بالنار وفيهم انزل (ألا من أكره وقلبه مطمئن بالأيمان).
قال أبو عمرو: هذا مما أجمع أهل التفسير عليه.
وهاجر عمار مع النبي إلي المدينة فكان من المهاجرين الأولين وصلي القبلتين وشهد بدرا والمشاهد كلها وأبلي بلاء حسنا وأختلف في هجرته إلي الحبشة فقال أبو عمرو أنه هاجر إليها وقيل لم يهاجر.
روي ابن عباس أنه قال في قوله تعالي (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس) انه عمار بن ياسر (كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها) أنه أبو جهل بن هشام.
وعن علي " ع " قال: أستأذن عمار علي رسول الله صلي الله عليه وآله فقال ائذنوا له مرحبا بالطيب ابن الطيب.
(٢٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عبد الله بن عباس (1)، أرقم بن أبي الأرقم (1)، عمار بن ياسر (1)، الجهل (2)، الشهادة (1)، العذاب، العذب (1)، السب (1)
وعنه " ع " سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول عمار ملئ إيمانا إلي مشاشه.
وعن خالد بن الوليد قال كان بيني وبين عمار كلام فاغلظت له فشكاني إلي رسول الله فقال من عادي عمارا عاداه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله الجنة تشتاق إلي ثلاثة علي وعمار وسلمان.
وعن علي " ع " قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله دم عمار ولحمه وعظمه حرام علي النار.
وعن عائشة أنها قالت ما من أحد من أصحاب رسول الله أشاء إن أقول فيه إلا قلت إلا عمار بن ياسر اني سمعت رسول الله يقول عمار ملئ ايمانا إلي أخمص قدميه.
قال عبد الرحمن بن أبزي شهدنا مع علي " ع " صفين ثمان مائة ممن بايع بيعة الرضوان قتل منا ثلاثة وستون منهم عمار بن ياسر (رض).
روي الأعمش عن أبي عبد الرحمن السلمي قال شهدنا مع علي صفين فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في ناحية ولا واد من أودية صفين إلا رأيت أصحاب محمد صلي الله عليه وآله يتبعونه كأنه علم لهم.
وروي أن مسعود البدوي وطائفة قالوا لحذيفة حين أحتضر وقد ذكر الفتنة إذا أختلف الناس فبمن تأمر قال عليكم بابن سمية فإنه لن يفارق الحق حتي يموت أو قال فإنه يزول مع الحق حيث زال. قال أبو عمرو بعضهم يجعل هذا الحديث عن حذيفة مرفوعا.
وعن أبانة العكبري عن النبي صلي الله عليه وآله ما خير عمار بين أمرين الا أختار أشدهما.
وعن أبي بكر بن عياش في قوله تعالي (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما) قال عمار.
وروي أبو بكر بن مردويه في كتابه والواحدي في أسباب النزول قال
(٢٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، خالد بن الوليد (1)، عمار بن ياسر (3)، القتل (1)، البغض (1)
ابن عباس وقتادة لما هاجر النبي أسر أبو جهل عمارا وجعل يمسح رأسه وعفره وبقر بطن أمه وجعل يقول سب محمدا أو لأقتلنك فسبه ونجا وهرب فقال قومه عند النبي كفر عمار فقال النبي أن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلي قدمه واختلط الأيمان بلحمه ودمه، وجاء عمار إلي النبي باكيا فقيل له كيف أفلت قال وكيف يفلت من يسب رسول الله صلي الله عليه وآله ويذكر آلهتم بخير فجعل النبي يمسح عينيه ويقول إن عادوا لك فعد لهم بما قلت فجاء جبرئيل " ع " يقول (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان).
وعن أحمد بن يونس قال سمعت أبا بكر بن عياش في قوله (امن هو قانت آناء الليل ساجدا) قال ساعات الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قال عمار (هل يستوي الذي يعلمون) قال عمار (والذين لا يعلمون) قال مواليه بني المغيرة.
وأخرج الكشي في رجاله عن فضيل الرسان قال سمعت أبا داود وهو يقول حدثني بريدة الأسلمي قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول الجنة تشتاق إلي ثلاثة قال فجاء أبو بكر فقيل له يا أبا بكر أنت الصديق وأنت ثاني اثنين إذ هما في الغار فلو سألت رسول الله صلي الله عليه وآله من هؤلاء الثلاثة قال أني أخاف أن أسأله فلا أكون منهم فتعيرني بذلك بنو تيم قال ثم جاء عمر فقيل له يا أبا حفص ان رسول الله قال إن الجنة تشتاق إلي ثلاثة وأنت الفاروق أنت الذي ينطق الملك علي لسانك فلو سألت رسول الله من هؤلاء الثلاثة فقال اني أخاف ان أسأله فلا أكون منهم فيعيرني بذلك بنو عدي ثم جاء علي " ع " فقيل له يا أبا الحسن ان رسول الله قال إن الجنة لتشتاق إلي ثلاثة فلو سألته من هؤلاء الثلاثة فقال " ع " أسأله أن كنت منهم حمدت الله فان لم أكن منهم حمدت الله قال: فقال علي " ع " يا رسول الله أنك قلت إن الجنة لتشتقاق إلي ثلاثة فمن هؤلاء قال أنت منهم وأنت أولهم وسلمان الفارسي فإنه قليل الكبر وهو لك ناصح فاتخذه لنفسك وعمار بن ياسر يشهد معك مشاهد غير واحدة ليس منها إلا وهو فيها كثير خيره ضيئ نوره عظيم أجره.
(٢٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عبد الله بن عباس (1)، كتاب رجال الكشي (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، أحمد بن يونس (1)، الصدق (1)، الجهل (1)، الشهادة (1)، السب (1)
وعن جعفر بن معروف قال حدثنا الحسن بن علي بن نعمان عن أبيه عن صالح الحذاء قال لما أمر النبي ببناء المسجد قسم عليهم المواضع إلي كل رجل رجلا فضم عمار إلي علي " ع " فبينا هم في علاج البناء إذ خرج عثمان عن داره وارتفع الغبار فتمنع بثوبه وأعرض بوجهه قال: فقال علي " ع " لعمار إذا قلت شيئا فرد علي قال: فقال عليه السلام من كلامه:
لا يستوي من يعمر المساجدا * يظل فيها راكعا وساجدا ومن يري عن الطريق حائدا قال فأجابه عمار كما قال فغضب عثمان من ذلك فلم يستطع ان يقول لعلي شيئا فقال لعمار يا عبد يا لكع ومضي فقال علي " ع " لعمار هنيت بما قال لك الا تأتي النبي فتخبره قال فاتاه فأخبره فقال يا نبي الله ان عثمان قال لي يا لكع فقال رسول الله من يعلم ذلك قال علي " ع " قال فدعاه وسأله فقال له كما قال عمار فقال لعلي أذهب فقل له حيث ما كان يا عبد يا لكع أنت القائل لعمار يا عبد يا لكع فذهب علي عليه السلام فقال له ذلك فانصرف.
وعن علي بن عقبة عن رجل عن أبي عبد الله " ع " قال كان رسول الله وعلي " ع " وعمار يعملون مسجدا فمر عثمان في بزة له يخطر فقال علي أرجز به فقال عمار:
لا يستوي من يعمر المساجدا * يظل فيه راكعا وساجدا ومن تراه عائدا معاندا * عن الغبار لا يزال حائدا قال فإني النبي (ص) فقال ما أسلمنا لتشتم أعراضنا وأنفسنا فقال رسول الله أفتمنن بذلك فنزلت آيتان يمنون عليك إن أسلموا الآية ثم قال النبي صلي الله عليه وآله لعلي " ع " اكتب هذا في صاحبك ثم قال النبي اكتب هذه الآية. انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله.
وعن محمد بن أحمد بن حماد المروزي قال عمار بن ياسر الذي قال فيه رسول الله صلي الله عليه وآله وقد ألقته قريش في النار يا نار كوني بردا وسلاما علي إبراهيم فلم يصبه
(٢٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (7)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أحمد بن حماد المروزي (1)، عمار بن ياسر (1)، الحسن بن علي (1)، صالح الحذاء (1)، علي بن عقبة (1)، جعفر بن معروف (1)، الظل، التظليل، الظلالة (2)، السجود (1)
منها مكروه وقتلت قريش أبويه ورسول الله صلي الله عليه وآله يقول صبرا يا آل ياسر موعدكم الجنة ما تريدون من عمار، عمار مع الحق والحق مع عمار حيث كان عمار عمار جلدة بين عيني وأنفي تقتله الفئة الباغية.
وهو أول من بني مسجدا لله تعالي في الإسلام بني مسجد قبا وكان الناس في بناء المسجد النبوي ينقلون لبنة لبنة وهو ينقل لبنتين لبنتين فغشي عليه فاتاه رسول الله فجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول ويحك يا بن سمية الناس ينقلون لبنة لبنة وأنت تنقل لبنتين لبنتين رغبة في الآخرة.
وعن حبيب بن أبي ثابت قال لما بني المسجد جعل عمار يحمل حجرين حجرين فقال له رسول الله صلي الله عليه وآله يا أبا اليقظان الا تشفق علي نفسك قال يا رسول الله أني أحب أن أعمل في هذا المسجد قال ثم مسح ظهره ثم قال أنك من أهل الجنة تقتلك الفئة الباغية.
وعن مجاهد قال رآهم وهم يحملون حجارة المسجد فقال رسول الله مالهم ولعمار يدعوهم إلي الجنة ويدعونه إلي النار وتلك دار الأشقياء والفجار.
وروي الطبرسي في الاحتجاج عن أبان بن تغلب عن الصادق " ع " ان عمار بن ياسر قام حين تولي الخلافة أبو بكر فقال يا معاشر قريش يا معاشر المسلمين ان كنتم علمتم والا فاعلموا أن أهل بيت نبيكم أولي به وأحق بارئه وأقوم بأمور الدين وآمن علي المؤمنين وأحفظ لملته وأنصح لأمته فمروا صاحبكم ليرد الحق إلي أهله قبل ان يضطرب حبلكم ويضعف امركم ويظهر شتاتكم وتعظم الفتنة بكم وتختلفون فيما بينكم ويبلغ فيكم عدوكم فقد علمتم ان بني هاشم أولي بهذا الأمر منكم وعلي " ع " من بينهم وليكم بعهد الله ورسوله وفرق ظاهر قد عرفتموه في حال بعد حال عند سد النبي أبوابكم التي كانت إلي المسجد كلها غير بابه وإيثاره إياه بكريمته فاطمة " ع " دون من خطبها إليه منكم وقوله صلي الله عليه وآله انا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها وأنكم جميعا مضطرون فيما أشكل
(٢٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، المسجد النبوي الشريف (1)، حبيب بن أبي ثابت (1)، أبان بن تغلب (1)، بنو هاشم (1)، القتل (2)، السجود (5)
عليكم من أمور دينكم إليه وهو مستغن عن كل أحد منكم إلي ماله من السوابق التي ليست لأفضلكم عند نفسه فمالكم تحيدون عنه وتغيرون علي حقه وتؤثرون الحياة الدنيا علي الآخرة بئس للظالمين بدلا أعطوه ما جعله الله له ولا تولوا عنه مدبرين ولا ترتدوا علي (1) أدباركم فتنقلبوا خاسرين.
وشهد عمار قتال اليمامة في زمن أبي بكر فأشرف علي صخرة وقال يا معشر المسلمين أمن الجنة تفرون إلي إلي أنا عمار بن ياسر وقطعت أذنه وهو يقاتل أشد قتال.
واستعمله عمر علي الكوفة وكتب معه إليهم كتابا مضمونه أني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرا وابن مسعود معلما ووزيرا وأنهما لمن النجباء من أصحاب محمد صلي الله عليه وآله من أهل بدر فاسمعوا لهما واقتدوا بهما وقد آثرتكم بهما علي نفسي.
وعن عبد الله بن أبي الهذيل قال رأيت عمارا وقد اشتري قتا بدرهم فاستزاد حبلا فأبي فجاذبه حتي قسمه نصفين وحمله علي ظهره وهو أمير الكوفة فقيل لعمران عمارا لا يحسن السياسة فعزله فلما ورد عليه قال له أساءك عزلنا إياك قال لئن قلت ذاك لقد سائني حين استعملتني وساءني حين عزلتني.
وعن سالم بن أبي الجعد أن عمر جعل عطاء عمار ستة آلاف.
وروي الجوهري قال قام عمار يوم بويع عثمان فنادي يا معشر المسلمين إنا قد كنا وما كنا نستطيع الكلام قلة وذلة فأعزنا الله بدينه وأكرمنا برسوله فالحمد لله رب العالمين يا معشر قريش إلي متي تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم تحولونه هاهنا مرة وهاهنا مرة ما أنا امن أن ينزعه الله منكم ويضعه في غيركم كما زعمتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله فقال له هشام بن المغيرة يا بن سمية لقد عدوت طورك وما عرفت قدرك ما أنت وما رأت قريش لأنفسها أنك لست في شئ من أمرها وإمارتها فتنح عنها وتكلمت قريش بأجمعها فصاحوا بعمار فانتهروه فقال
(1) في نسخة: علي أعقابكم
(٢٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة الكوفة (2)، يوم عرفة (1)، سالم بن أبي الجعد (1)، عمار بن ياسر (2)، القتل (2)
الحمد لله رب العالمين ما زال أعوان الحق أذلاء ثم قام فانصرف.
قال الشعبي وأقبل عمار ينادي ذلك اليوم:
يا ناعي الإسلام قم فانعه * قد مات عرف وبدا منكر أما والله لو أن لي أعوانا لقاتلهم والله لأن قاتلهم واحد لأكونن له ثانيا فقال علي " ع " يا أبا اليقظان والله لا أجد عليهم أعوانا ولا أحب ان أعرضكم لما لا تطيقون.
وروي عياش بن هشام الكلبي عن أبي مخنف في أسناده انه كان في بيت المال بالمدينة سفط فيه حلي وجوهر فاخذ منه عثمان ما حلي به بعض أهله فأظهر الناس الطعن عليه في ذلك وكلموه فيه بكل كلام شديد حتي أغضبوه فخطب فقال لنا خذن حاجتنا من هذا الفئ وان رغمت به أنوف أقوام فقال علي عليه السلام اذن تمنع من ذلك ويحال بينك وبينه فقال عمار أشهد الله ان أنفي أول راغم من ذلك فقال عثمان أعلي يا بن ياسر تجترئ خذوه فأخذوه ودخل عثمان فدعا به وضربه حتي غشي عليه ثم أخرج فحمل حتي أتي به منزل أم سلمة (ره) فلم يصل الظهر والعصر والمغرب فلما أفاق توضأ وصلي وقال الحمد لله ليس هذا أول يوم أوذينا فيه في الله تعالي فقال هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي وكان عمار حليفا لبني مخزوم يا عثمان أما علي فاتقيته وأما نحن فاجترأت علينا وضربت أخانا حتي أشفيت به علي التلف اما والله لئن مات لأقتلن به رجلا من بني أمية عظيم الشأن فقال عثمان وانك لها هنا يا بن القسرية قال فإنهما قسريتان - وكانت أم هشام وجدته قسريتين من نخلة - فشتمه عثمان وأمر به فاخرج فأتي به أم سلمة فإذا هي غضبت لعمار وبلغ عائشة ما صنع بعمار فغضبت أيضا وأخرجت شعرا من شعر رسول الله صلي الله عليه وآله وفعلا من نعاله وثوبا من ثيابه وقالت لأسرع ما تركتم من سنة نبيكم وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعد.
وروي آخرون ان السبب في ضرب عثمان لعمار انه مر بقبر جديد فسأل
(٢٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (2)، بنو أمية (1)، الموت (2)، الطعن (1)، الضرب (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (1)، السب (1)
عنه فقيل عبد الله بن مسعود فغضب عثمان علي عمار لكتمانه إياه موته إذ كان المتولي للصلاة عليه والقيام بشأنه وعندها وطأه عثمان حتي أصابه الفتق.
وروي آخرون ان المقداد وعمار وطلحة والزبير وعدة من أصحاب رسول الله اجتمعوا وهم خمسون رجلا من المهاجرين والأنصار فكتبوا كتابا عددوا أحداث عثمان وما نقموا عليه وخوفوه به وأعلموه أنهم مواثبوه ان لم يقلع وقالوا لعمار أوصل هذا الكتاب لعثمان حتي يقرأه فلعله أن يرجع عن هذا الذي ننكره فلما قرأ عثمان الكتاب طرحه ثم قال أعلي تقدم من بينهم فقال لأني أنصحهم لك قال كذبت يا بن سمية فقال عمار انا ابن ياسر فامر عثمان غلمانه فمدوا بيديه ورجليه وضربوه حتي أغمي عليه وكان ضعيفا كبيرا وقام إليه عثمان بنفسه ووطئ بطنه ومذاكيره برجليه وهما في الخفين حتي أصابه الفتق فأغمي عليه أربع صلوات فقضاها بعد الإفاقة فاتخذ لنفسه ثيابا تحت ثيابه وهو أول من لبس الثياب تحت الثياب لأجل الفتق فغضب لذلك بنو مخزوم وقالوا والله لئن مات عمار من هذا لنقتلن من بني أمية شيخا عظيما يعنون عثمان ثم إن عمارا الزم بيته إلي أن كان من قتل عثمان ما كان.
أخرج الشيخ الطوسي (ره) في أماليه باسناده عن أبي نجية قال سمعت عمار بن ياسر يعاتب أبا موسي الأشعري ويوبخه علي تأخره عن علي بن أبي طالب " ع " وقعوده عن الدخول في بيعته ويقول له يا أبا موسي ما الذي أخرك عن أمير المؤمنين " ع " فوالله لئن شككت فيه لتخرجن عن الإسلام وأبو موسي يقول لا تفعل ودع عتابك لي فإنما انا أخوك فقال له عمار (رض) ما انا لك باخ أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يلعنك ليلة العقبة وقد هممت مع القوم بما هممت فقال له أبو موسي أفليس قد أستغفر لي قال عمار قد سمعت اللعن ولم أسمع الاستغفار.
وعن أبي مخنف قال لما نزل أمير المؤمنين ذا قار وقد خرج عليه طلحة والزبير بعث ابنه الحسن " ع " وعمار بن ياسر وزيد بن صوحان وقيس بن سعد
(٢٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، المهاجرون والأنصار (1)، عبد الله بن مسعود (1)، بنو أمية (1)، عمار بن ياسر (2)، زيد بن صوحان (1)، الشيخ الطوسي (1)، قيس بن سعد (1)، الكذب، التكذيب (1)، القتل (1)، الموت (2)، الصّلاة (2)، الوطئ (1)
ابن عبادة ومعهم كتاب إلي أهل الكوفة فاقبلوا حتي كانوا بالقادسية فتلقاهم الناس فلما دخلوا الكوفة قرأوا كتاب علي " ع " وهو من عبد الله علي أمير المؤمنين إلي من بالكوفة من المسلمين أما بعد فإني خرجت مخرجي هذا إما ظالما وإما مظلوما وإما باغيا وإما مبغيا علي فأنشد الله رجلا بلغه كتابي هذا الا نفر إلي فان كنت مظلوما أعانني وان كنت ظالما استعتبني والسلام.
قال أبو مخنف فحدثني موسي بن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن أبيه قال أقبلنا مع الحسن " ع " وعمار بن ياسر من ذي قار حتي نزلنا القادسية فنزل الحسن وعمار ونزلنا معهما فاحتبي عمار بحمائل سيفه ثم جعل يسأل الناس عن أهل الكوفة وعن حالهم ثم سمعته يقول ما تركت في نفسي حزة أهم إلي من أن لا يكون نبشنا عثمان من قبره ثم أحرقناه بالنار فلما دخل الحسن " ع " وعمار الكوفة أجتمع إليهما الناس فقام الحسن فاستنفر الناس.
قال أبو مخنف حدثني جابر بن زيد قال حدثني تميم بن حذيم الناجي قال قدم علينا الحسن " ع " ابن علي وعمار بن ياسر يستنفران الناس إلي علي " ع " ومعهما كتابه فلما فرغا من قرائة كتابه قام الحسن وهو فتي حدث السن فقال أبي والله لأرثي له من حداثة سنه وصعوبة مقامه فرماه الناس بأبصارهم وهم يقولون اللهم سدد منطق ابن بنت نبينا فوضع يده علي عمود فتساند إليه وكان عليلا من شكوي به فقال الحمد لله العزيز الجبار الواحد القهار الكبير المتعال سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار أحمده علي حسن البلاء وتظاهر النعماء وعلي ما أحببنا وكرهنا من شدة ورخاء وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله من علينا بنبوته وخصه برسالته وأنزل عليه وحيه واصطفاه علي جميع خلقه وأرسله إلي الجن والإنس حين عبدت الأوثان وأطيع الشيطان وجحد الرحمن فصلي الله علي محمد وآله وجزاه أفضل ما جزي المسلمين أما بعد فإني لا أقول لكم الا ما تعرفون ان أمير المؤمنين
(٢٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (3)، مدينة الكوفة (5)، عمار بن ياسر (2)، العزّة (1)، القبر (1)، الشراكة، المشاركة (1)، الصّلاة (1)
علي بن أبي طالب " ع " أرشد الله امره وأعز نصره بعثني إليكم يدعوكم إلي الصواب والي العمل بالكتاب والجهاد في سبيل الله وان كان في عاجل ذلك ما تكرهون فان في آجله ما تحبون إن شاء الله تعالي وقد علمتم ان عليا " ع " صلي مع رسول الله صلي الله عليه وآله وحده وانه يوم صدق به لفي عاشرة من سنه ثم شهد معه جميع مشاهده وكان من اجتهاده في مرضاة الله وطاعة رسوله وآثاره الحسنة في الإسلام ما قد بلغكم ولم يزل رسول الله عنه راض حتي غمضه وغسله وحده والملائكة أعوانه والفضل به عمه ينقل إليه الماء ثم أدخله حضرته وأوصاه بقضاء دينه وعداته وغير ذلك من أموره كل ذلك من من الله عليه والله ما دعا إلي نفسه ولقد تداك الناس عليه تداك الإبل الهيم عند وردها فبايعوه طائعين ثم نكث منهم ناكثون بلا حدث أحدثه ولا خلاف اتاه حسدا وبغيا عليه فعليكم عباد الله بتقوي الله والجد والصبر والاستعانة بالله والحقوا إلي ما دعاكم إليه أمير المؤمنين " ع " عصمنا الله وإياكم بما عصم أولياءه وأهل طاعته وألهمنا وإياكم تقواه وأعاننا وإياكم علي جهاد أعدائه واستغفر الله العظيم لي ولكم، ثم مضي إلي الرحبة فهيأ منزلا لأبيه أمير المؤمنين عليه السلام.
قال جابر قلت لتميم كيف أطاق هذا الغلام ما قد قصصته من كلامه فقال ولما سقط عني من قوله أكثر ولقد حفظت بعض ما سمعت، قال أبو مخنف ولما فرغ الحسن بن علي " ع " من. خطبته قام عمار فحمد الله وأثني عليه وصلي علي رسوله ثم قال أيها الناس أخو نبيكم وابن عمه يستنفركم لنصر دين الله وقد بلاكم الله بحق دينكم وحرمة إمامكم فحق دينكم أوجب وحرمة إمامكم أعظم أيها الناس عليكم بامام لا يؤدب وفقيه لا يعلم وصاحب بأس لا ينكل في ذي سابقة في الإسلام ليست لأحد وانكم لو حضرتموه بين لكم امركم إن شاء الله تعالي، قال فلما بلغ أبو موسي خطبة الحسن " ع " وعمار قام فصعد المنبر وقال الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد صلي الله عليه وآله فجمعنا بعد الفرقة وجعلنا إخوانا متحابين بعد العداوة وحرم
(٢٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، سبيل الله (1)، التصديق (1)، الشهادة (1)، الصبر (1)، الصّلاة (1)
علينا دماءنا وأموالنا قال الله تعالي (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) وقال تعالي (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) فاتقوا الله وضعوا أسلحتكم وكفوا عن قتال إخوانكم اما بعد يا أهل الكوفة ان تطيعوا الله باديا وتطيعوني ثانيا تكونوا جرثومة من جراثيم العرب يأوي إليكم المضطر ويأمن فيكم الخائف ان عليا انما يستنفركم لجهاد أمكم عائشة وطلحة والزبير حواري رسول الله صلي الله عليه وآله ومن معهم من المسلمين وانا اعلم منكم بهذه الفتن انها أقبلت اشبهت وإذا أدبرت أسفرت اني أخاف عليكم ان يلتقي غاران منكم فيقتتلان ثم يتركان كالأحلاس الملقاة بنجوة من الأرض ثم تبقي رجرجة من الناس لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر انها قد جائتكم فتنة لا يدري من أين تؤتي تترك الحليم حيران كأن اسمع رسول الله صلي الله عليه وآله بالأمس يذكر الفتن فيقول أنت فيها نائما خير منك قائما وأنت فيها قائما خير منك ساعيا فشلوا سيوفكم وقصروا رماحكم ونصلوا سهامكم واقطعوا أوتاركم وخلوا قريشا يرتق فتقها ويرأب صدعها فان فعلت فلأنفسها ما فعلت وان أبت فعلي أنفسها ما جنت وتصلي هذه الفتنة من جناها، فقام إليه عمار بن ياسر (ره) فقال أنت سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول ذلك فقال نعم هذه يدي بما قلت فقال إن كنت صادقا فإنما عناك بذلك وحدك واتخذ عليك الحجة فالزم بيتك ولا تدخلن في الفتنة اما اني اشهد ان رسول الله صلي الله عليه وآله أمر عليا " ع " بقتال الناكثين وسمي له فيهم من سمي وأمره بقتال القاسطين وان شئت لأقيمن لك شهودا يشهدون ان رسول الله صلي الله عليه وآله انما نهاك وحدك وحذرك من الدخول في الفتنة ثم قال له اعط يدك علي ما سمعت فمد يده فقال له عمار غلب الله من غابه وجاحده ثم جذبه فنزل عن المنبر.
وروي فروة بن الحرث التميمي قال كنت اعتزل الحرب بوادي السباع مع الأحنف بن قيس وخرج ابن عم لي يقال له جون مع عسكر البصرة فنهيته فقال لا أرغب بنفسي عن نصرة أم المؤمنين وحواري رسول الله فخرج معهم
(٢٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، مدينة الكوفة (1)، مدينة البصرة (1)، الأحنف بن قيس (1)، عمار بن ياسر (1)، الباطل، الإبطال (1)، القتل (3)، الغلّ (1)، الحرب (1)
فإني لجالس مع الأحنف نستنشي الأخبار إذا بجون بن قتادة ابن عمي مقبلا فقمت إليه فاعتنقته وسألته عن الخبر فقال أخبرك العجب خرجت وانا لا أريد أن أبرح الحرب حتي يحكم الله بين الفريقين فبينا انا واقف مع الزبير إذ جاءه رجل فقال ابشر أيها الأمير فان عليا لما رأي ما أعد الله من هذا الجمع نكص علي عقبيه وتفرق عنه أصحابه وأتاه آخر فقال له مثل ذلك فقال له الزبير ويحكم أبو الحسن يرجع والله لو لم يجد الا العرفج لدان إلينا فيه ثم أقبل رجل فقال أيها الأمير ان نفرا من أصحاب علي فارقوه ليداخلو معنا منهم عمار بن ياسر فقال الزبير كلا ورب الكعبة ان عمارا لا يفارقه ابدا فقال الرجل بلي والله مرارا فلما رأي الزبير ان الرجل ليس راجعا عن قوله بعث معه رجلا آخر وقال اذهبا فانظرا فعادا وقالا ان عمارا قد اتاك رسولا من عند صاحبه قال جون فسمعت والله الزبير يقول وانقطاع ظهراه وا جدع أنفاه واسوداد وجهاه ويكرر ذلك مرارا ثم أخذته رعدة شديدة فقلت والله ان الزبير ليس بجبان وأنه لمن فرسان قريش المذكورين وان لهذا الكلام لشأنا لا أريد ان أشهد مشهدا يقول أميره هذه المقالة فرجعت إليكم ولم يكن إلا قليلا حتي مر الزبير بنا تاركا للقوم فاتبعه عمر ابن جرموز فقتله.
وأخرج الشيخ الطوسي في أماليه عن موسي بن عبد الله الأسدي قال لما انهزم أهل البصرة أمر علي بن أبي طالب " ع " ان تنزل عائشة قصر بني خلف فلما نزلت جائها عمار بن ياسر فقال لها يا أمه كيف رأيت ضرب بنيك دون دينهم بالسيف فقالت استبصرت يا عمار من أجل انك غلبت قال انا أشد استبصارا من ذلك اما والله لو ضربتمونا حتي تبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا انا علي لحق وانكم علي الباطل فقالت له عائشة أهكذا يخيل لك أتق الله يا عمار فان سنك قد كبر ودق عظمك وفني أجلك وأذهبت دينك لابن أبي طالب فقال عمار أني والله اخترت لنفسي في أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله فرأيت أن عليا أقرأهم لكتاب الله
(٢٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، موسي بن عبد الله الأسدي (1)، مدينة البصرة (1)، عمار بن ياسر (2)، الشيخ الطوسي (1)، الباطل، الإبطال (1)، الضرب (1)، الشهادة (1)، الحرب (1)
وأعلمهم بتأويله وأشدهم تعظيما لحرمته وأعرفهم بالسنة مع قرابته من رسول الله صلي الله عليه وآله وعظم عنائه وبلائه في الإسلام فسكتت.
(وروي) نصر بن مزاحم في كتاب (صفين) قال:
لما أراد أمير المؤمنين " ع " المسير إلي الشام استشار من معه من المهاجرين والأنصار فقام عمار بن ياسر فحمد الله وأثني عليه وقال يا أمير المؤمنين أن استطعت ان لا تقيم يوما فافعل أشخص بنا قبل استعار نار الفجرة واجتماع رأيهم علي الصدود والفرقة وادعهم إلي حظهم ورشدهم فان قبلوا سعدوا وان أبوا إلا حربنا فوالله ان سفك دمائهم والجد في جهادهم لقربة عند الله وكرامة منه.
وأخرج الطوسي (ره) في أماليه باسناده عن الحسين بن أسباط الصيدي قال سمعت عمار بن ياسر (ره) يقول عند توجهه إلي صفين اللهم لو اعلم أنه أرضي لك ان أرمي بنفسي من فوق هذا الجبل لرميت بها ولو أعلم أنه أرضي لك أن أوقد لنفسي نارا فأقع فيها لفعلت وإني لا أقاتل أهل الشام إلا وانا أريد بذلك وجهك وانا أرجو أن لا تخيبني وانا أريد وجهك الكريم.
وروي قال خرج في اليوم الثالث من أيام صفين عمار بن ياسر وخرج إليه عمرو بن العاص فاقتتل الناس كاشد القتال وجعل عمار يقول يا أهل الإسلام تريدون ان تنظروا إلي من عادي الله ورسوله وجاهدهما وبغي علي المسلمين وظاهر المشركين فلما أراد الله ان يظهر دينه ويظهر رسوله أتي النبي صلي الله عليه وآله وهو والله فيما نر راهب غير راغب وقبض الله ورسوله لنعرفه وهو معروف بعداوة المسلم ومودة المجرم فالعنوه لعنه الله وقاتلوه فإنه ممن يطفي نور الله ويظاهر أعداء الله وكان مع عمار زياد بن النصر علي الخيل فأمره أن يحمل في الخيل فحمل في الخيل وصبروا له وشد عمار في الرجال فأزالوا عمرو بن العاص عن موقعه.
وروي عن حبيب بن ثابت قال لما كان قتال صفين قال رجل لعمار يا أبا اليقظان ألم تقل قال رسول الله قاتلوا الناس حتي يسلموا فإذا أسلموا عصموا مني
(٢٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، المهاجرون والأنصار (1)، عمار بن ياسر (3)، عمرو بن العاص (2)، نصر بن مزاحم (1)، الشام (2)، الكرم، الكرامة (1)، القتل (3)
دماؤهم وأموالهم قال بلي ولكن والله ما أسلموا ولكن استسلموا وأسروا الكفر حتي وجدوا عليه أعوانا.
وروي أيضا باسناده عن جندب بن عبد الله قال قام عمار بن ياسر بصفين فقال أمضوا عباد الله إلي قوم يطلبون فيما يزعمون بدم الظالم لنفسه الحاكم علي عباد الله بغير ما في كتاب الله إنما قتله الصالحون المنكرون العدوان الآمرون باحسان فقال هؤلاء الذين لا يبالون إذا سلمت لهم دنياهم لو درس هذا الدين لم قتلتموه فقلنا لإحداثه فقالوا ما أحدث شيئا وذلك لأنه مكنهم من دار الدنيا فهم يأكلونها ويرعونها ولا يبالون لو انهدمت عليهم الجبال والله ما أظنهم يطلبون دمه انهم ليعلمون أنه الظالم ولكن القوم ذاقوا الدنيا فاستحبوها واستمرئوها وعلموا لو أن الحق لزمهم لحال بينهم وبين ما يرعون فيه منها ولم يكن للقوم سابقة في الإسلام ليستحقوا فيها طاعة الله والولاية فخدعوا اتباعهم أن قالوا قتل إمامنا مظلوما ليكونوا بذاك جبابرة ملوكا وتلك مكيدة قد بلغوا بها ما ترون ولولا هي ما بايعه من الناس رجل اللهم ان تنصر يا فطال ما نصرت وان تجعل لهم الأمر فادخر لهم بما أحدثوا لعبادك العذاب الأليم ثم مضي ومضي معه أصحابه فلما دني من عمرو بن العاص قال يا عمرو بعت دينك بمصر تبا لك فطال ما بغيت الإسلام عوجا ثم حمل عمار وهو يقول:
صدق الله وهو للصدق أهل * وتعالي ربي وكان جليلا رب عجل شهادة لي بقتل * في الذي قد أحب قتلا جميلا مقبلا غير مدبر ان للقتل * علي كل ميتة تفضيلا انهم عند ربهم في جنان * يشربون الرحيق والسلسبيلا من شراب الأبرار خالطه المسك وكأسا مزاجها زنجبيلا ثم نادي عمار عبيد الله بن عمر، وذلك قبل مقتله فقال يا بن عمر صرعك الله بعت دينك بالدنيا من عدو الله وعدو الاسلام قال كلا ولكن أطلب بدم
(٢٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: عبيد الله بن عمر (1)، جندب بن عبد الله (1)، عمار بن ياسر (1)، عمرو بن العاص (1)، القتل (5)، الظلم (3)، الشهادة (1)، العذاب، العذب (1)، الموت (1)
عثمان الشهيد المظلوم قال كلا أشهد علي علمي فيك انك أصبحت لا تطلب بشئ من فعلك وجه الله وانك ان لم تقل اليوم فستموت غدا فانظر إذا أعطي الله العباد علي نياتهم ما نيتك ثم قال عمار اللهم انك لتعلم ان لو أعلم ان رضاك ان أقذف بنفسي في هذا البحر لفعلت اللهم أنك تعلم لو أعلم أن رضاك أن أضع ضبة سيفي في بطني ثم أنحني عليها حتي تخرج من ظهري لفعلت اللهم وإني أعلم مما علمتني أني لا أعلم اليوم عملا هو أرضي لك من جهاد هؤلاء القوم الفاسقين ولو أعلم اليوم عملا أرضي لك منه لفعلته.
وروي نصر أيضا باسناده عن أسماء بن خارجة الفزاري قال كنا بصفين مع علي " ع " تحت راية عمار بن ياسر ارتفاع الضحي وقد استظلينا برداء احمر إذ أقبل رجل يستقري الصف حتي انتهي إلينا فقال أيكم عمار بن ياسر فقال عمار انا عمار فقال أبو اليقظان قال نعم قال إن لي إليك حاجة فأنطق بها سرا أم علانية قال أختر لنفسك أيهما شئت قال بل علانية قال فانطق قال أني خرجت من أهلي مستبصرا في الحق الذي نحن عليه لا أشك في ضلالة هؤلاء القوم وأنهم علي الباطل فلم أزل علي ذلك مستبصرا حتي ليلتي هذه فإني رأيت مناديا فقام فأذن وشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ونادي بالصلاة ونادي مناديهم مثل ذلك ثم أقيمت الصلاة فصلينا صلاة واحدة وتلونا كتابا واحدا ودعونا دعوة واحدة فأدركني الشك في ليلتي هذه فبت بليلة لا يعلمها الا الله حتي أصبحت فاتيت أمير المؤمنين " ع " فذكرت ذلك له فقال لقيت عمار بن ياسر قلت لا قال فالقه فانظر ما يقوله لك فاتبعه فجئتك لذلك فقال عمار تعرف صاحب الراية السوداء المقابلة لي فإنها راية عمرو بن العاص قاتلتها مع رسول الله ثلاث مرات وهذه الرابعة فما هي بخيرهن ولا أبرهن بل هي شرهن وأفجرهن شهدت بدرا وأحدا ويوم حنين أو شهدها أب لك فيخبرك عنها قال لا قال فان مراكزنا اليوم علي مراكز رايات رسول الله يوم بدر ويوم أحد ويوم حنين وان مراكز هؤلاء علي مراكز
(٢٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو اليقظان (1)، عمار بن ياسر (3)، عمرو بن العاص (1)، الضلال (1)، الشهادة (2)، الصّلاة (2)، الظلم (1)
رايات المشركين والأحزاب فهل تري هذا العسكر ومن فيه والله لوددت ان جميع من فيه ممن أقبل مع معاوية يريد قتالا مفارقا فالذي نحن عليه كانوا خلقا واحدا فقطعته وذبحته والله لدمائهم جميعا أحل من دم عصفورا فتري دم عصفور حراما قال لا قال فإنهم كذلك حلال دماؤهم أتراني بينت لك قال قد بينت قال فاختر أي ذلك أحببت فانصرف الرجل فدعاه عمار ثم قال اما انهم سيضربونكم بأسيافهم حتي يرتاب المبطلون منكم فيقولوا لو لم يكونوا علي حق ما ظهروا علينا والله ما هم من الحق علي ما يقذي عين ذباب والله لو ضربونا بأسيافهم حتي يبلغونا سعفات هجر لعلمنا إنا علي حق وأنهم علي باطل، وقد تضافرت الروايات ان النبي صلي الله عليه وآله قال عمار بن ياسر جلدة بين عيني تقتله الفئة الباغية.
وفي صحيح مسلم عن أم سلمة ان رسول الله صلي الله عليه وآله قال لعمار بن ياسر تقتلك الفئة الباغية.
وروي الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين في مسند أبي سعيد الخدري في الحديث السادس عشر من افراد البخاري قال إن رسول الله صلي الله عليه وآله قال ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلي الجنة ويدعونه إلي النار فقتله معاوية.
وروي نصر عن حفص بن عمران الأزرق الدحمي قال حدثني نافع بن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة قال: قال عبد الله بن عمرو بن العاص لأبيه لولا أن رسول الله أمر بطاعتك ما سرت معك هذا المسير اما سمعت رسول الله يقول لعمار تقتلك الفئة الباغية.
وروي نصر في كتاب صفين بينا علي واقفا بين جماعة من همدان وحمير وغيرهم من أبناه قحطان إذ نادي رجل من أهل الشام من يدل علي أبي نوح الحميري فقيل له قد وجدته فما تريد قال فحسر عن لثامه فإذا وذو الكلاع الحميري ومعه جماعة من أهله ورهط فقال لأبي نوح سر معي قال إلي ابن قال إلي أن تخرج من الصف قال وما شأنك قال إن لي إليك حاجة قال أبو نوح معاذ الله ان أسير
(٢٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، أبو سعيد الخدري (1)، كتاب صحيح مسلم (1)، عبد الله بن عمرو بن العاص (1)، عمار بن ياسر (2)، حفص بن عمران (1)، الشام (1)، القتل (2)
إليك إلا في كتيبة فقال ذو الكلاع بلي فسر فلك ذمة الله وذمة رسوله وذمة ذي الكلاع حتي ترجع إلي خيلك فإنما أريد ان أسألك عن أمر فيكم تمارينا فيه فسار أبو نوح وسار ذو الكلاع فقال له إنما دعوتك أحدثك حديثا حدثناه عمرو بن العاص قديما في خلافة عمر بن الخطاب ثم أذكرناه الآن به فأعاده انه بزعم ان سمع رسول الله صلي الله عليه وآله قال يلتقي أهل الشام وأهل العراق وفي إحدي الكتيبتين الحق وامام الهدي ومعه عمار بن ياسر فقال أبو نوح نعم والله أنه لفينا قال أنشدك بالله أجاد هو علي قتالنا قال أبو نوح نعم والله ورب الكعبة لهو أشد علي قتالكم مني ولوددت انكم خلق واحد فذبحته وبدأت بك قبلهم وأنت ابن عمي قال ذو الكلاع ويلك علي م تمني ذلك منا فوالله ما قطعتك فيما بيني وبينك قط وان رحمك لقريبة وما يسرني أني أقتلك قال أبو نوح ان الله قطع بالإسلام أرحاما قريبة ووصل به أرحاما متباعدة وأني أقاتلك وأصحابك لأنا علي الحق وأنتم علي الباطل فقال ذو الكلاع فهل تستطيع ان تأتي معي صف أهل الشام فانا لك جار منهم حتي تلقي عمرو بن العاص فتخبره بحال عمار وجده في قتال لعله أن يكون صلح بين هذين الجندين قلت وا عجباه من قوم يعتريهم الشك في أمرهم لمكان عمار ولا يعتريهم الشك لمكان علي " ع " ويستدلون علي أن الحق مع أهل العراق يكون عمار بين أظهرهم ولا يعبأون بمكان علي " ع " ويحذرون من قول النبي صلي الله عليه وآله تقتلك الفئة الباغية ويرتاعون لذلك ولا يرتاعون لقوله صلي الله عليه وآله في علي اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ولا لقوله لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق وهذا يدلك علي أن عليا اجتهدت قريش كلها في مبدأ الأمر في اخمال ذكره وستر فضائله وتغطية خصائصه حتي محي فضله ومزيته من صدور الناس كافة إلا قليلا منهم. قال نصر فقال له أبو نوح انك رجل غادر وأنت في قوم غدر وان لم ترد الغدر أغدروك وإني إن أموت أحب إلي من أن أدخل مع معاوية فقال ذو الكلاع انا جار لك من ذلك أن لا تقتل ولا تسلب
(٢٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، دولة العراق (2)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، صلح (يوم) الحديبية (1)، عمار بن ياسر (1)، عمرو بن العاص (2)، الشام (2)، الباطل، الإبطال (1)، القتل (3)
ولا تكره علي بيعة ولا تحبس عن جندك وإنما هي كلمة تبلغها عمرو بن العاص لعل الله ان يصلح بذلك بين هذين الجندين ويضع عنهم الحرب والقتال فقال أبو نوح اني أخاف غدرتك وغدرت أصحابك، قال ذو الكلاع انا لك بما فلت زعيم قال أبو نوح اللهم انك تري ما أعطاني ذو الكلاع وأنت تعلم ما في نفسي فاعصمني واختر لي وانصرني وأدفع عني ثم سار مع ذي الكلاع حتي أتي عمرو بن العاص وهو عند معاوية وحوله الناس وعبيد الله بن عمر يحرض الناس علي الحرب فلما وقفا علي القوم قال ذو الكلاع لعمرو يا أبا عبد الله هل لك في رجل ناصح لبيب مشفق يخبرك عن عمار بن ياسر فلا يكذب بك. قال ومن هو؟ قال هو ابن عمي هذا وهو من أهل الكوفة فقال عمرو وأري عليك سيماء أبي تراب:
فقال أبو نوح علي سيماء محمد وأصحابه وعليك سيماء أبي جهل وسيماء فرعون فقام أبو الأعور فسل سيفه وقال لا أري هذا الكذاب اللئيم يسابنا بين أظهرنا وعليه سيماء أبي تراب فقال ذو الكلاع أقسم بالله لئن بسطت يدك إليه لأحطمن أنفك بالسيف ابن عمي وجاري عقدت له ذمتي وجئت به إليكم ليخبركم عما تماريتم فقال عمرو بن العاص أذكرك بالله إلا ما صدقتنا ولم تكذبنا أفيكم عمار بن ياسر؟
قال أبو نوح ما أنا بمخبرك حتي تخبرني لم تسأل عنه ومعنا من أصحاب محمد صلي الله عليه وآله عدة غيره كلهم جاد علي قتالكم فقال عمرو سمعت رسول الله يقول إن عمار تقتله الفئة الباغية وأنه ليس لعمار أن يفارق الحق ولن تأكل النار من عمار شيئا فقال أبو نوح لا إله إلا الله والله أكبر إنه لفينا جاد علي قتالكم فقال عمرو والله الذي لا إله إلا هو إنه لجاد علي قتالنا: قال نعم والله الذي لا إله إلا هو ولقد حدثني يوم الجمل انا سنظهر علي أهل البصرة، ولقد قال لي أمس إنكم لو ضربتمونا حتي تبلغونا سعفات هجر لعلمنا إنا علي الحق وانكم علي الباطل ولكانت قتلانا في الجنة وقتلا كم في النار. قال عمرو فهل تستطيع أن تجمع بيني وبينه؟ قال نعم فركب عمرو بن العاص وابناه وعتبة بن أبي سفيان وذو الكلاع وأبو الأعور السلمي
(٢٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، مدينة الكوفة (1)، عبيد الله بن عمر (1)، مدينة البصرة (1)، عمار بن ياسر (2)، عمرو بن العاص (4)، الباطل، الإبطال (1)، القتل (1)، الكراهية، المكروه (1)، الجهل (1)، الحرب (2)
وحوشب والوليد بن عقبة وانطلق وسار أبو نوح ومعه شرحبيل بن ذي الكلاع بحمير حتي انتهي إلي أصحابه فذهب أبو نوح إلي عمار فوجده قاعدا مع أصحاب له منهم: الأشتر، وهاشم، وابن بديل، وخالد بن عمر، وعبد الله بن حجل، وعبد الله بن عباس. فقال لهم أبو نوح انه دعاني ذو الكلاع وهو ذو رحم فقال أخبرني عن عمار ابن ياسر أفيكم هو؟ فقلت لم تسأل عنه فقال أخبرني عمرو بن العاص في إمرة عمر بن الخطاب انه سمع رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: يلتقي أهل الشام وأهل العراق وعمار مع أهل الحق وتقتله الفئة الباغية نعم ان عمارا فينا فسألني أجاد هو علي قتالنا فقلت نعم والله انه لأجد مني في ذلك ولوددت انكم خلق واحد فذبحه وبدأت بك يا ذا الكلاع فضحك عمار. قال أيسرك ذلك؟ قال نعم ثم قال أبو نوح أخبرني الساعة عمرو بن العاص انه سمع رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: تقتل عمار الفئة الباغية قال عمار رحمه الله أقررته بذلك قال نعم لقد أقررته بذلك فأقر فقال عمار صدق وليضرنه ما سمع ولا ينفعه فقال أبو نوح فإنه يريد أن يلقاك فقال عمار لأصحابه اركبوا فركبوا وساروا قال فبعثنا إليهم فارسا من عبد القيس يسمي عوف بن بشر قد بهظني فذهب حتي إذا كان قريبا منهم نادي أين عمرو ابن العاص؟ قالوا هاهنا فأخبره بمكان عمار وخيله قال عمرو قل له فليسر إلينا.
قال عوف انه يخاف غدراتك وفجراتك فقال عمرو وما أجرأك علي وأنت علي هذه الحالة قال عوف جرأني علي ذلك بصري فيك وفي أصحابك وان شئت نابذتك الآن علي سواء فقال عمرو انك لسفيه وإني باعث إليك ورجلا من أصحابي يواقفك فقال أبعث من شئت فلست المستوحش وإنك لا تبعث الأشقياء فرجع عمرو وأنفذ إليه أبا الأعور فلما توافقا تعارفا فقال عوف اني الا عرف الوجه وأنكر القلب وإني لا أراك مؤمنا ولا أراك إلا من أهل النار: قال أبو الأعور يا هذا لقد أعطيت لسانا يكبك الله به علي وجهك في النار قال عوف كلا والله إني لا أتكلم إلا بالحق ولا تتكلم إلا بالباطل وإني أدعوك إلي الهدي وأقاتلك علي الضلال وافر من
(٢٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، دولة العراق (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، الوليد بن عقبة (1)، عبد الله بن حجل (1)، عمرو بن العاص (2)، الشام (1)، الباطل، الإبطال (1)، التصديق (1)، الخوف (1)، الضلال (1)
النار وأنت بنعمة الله ضال تنطق بالكذب وتقاتل علي ضلالة وتشتري العقاب بالمغفرة والضلالة بالهدي انظر إلي وجوهنا ووجوهكم وسيمانا وسيماكم واسمع دعوتنا ودعوتكم فليس أحد منا إلا وهو أولي بالحق وبمحمد صلي الله عليه وآله وأقرب إليه منكم فقال أبو الأعور لقد أكثرت الكلام وذهب النهار ويحك ادع أصحابك وأدعوا أصحابي وليأتي أصحابك في قلة ان شاءوا أو كثرة فإني أجئ من أصحابي بعدتهم فسار عمار في اثني عشر فارسا حتي إذا كانوا بالمنصف سار عمرو بن العاص في اثني عشر فارسا حتي اختلفت أعناق الخيل خيل عمرو وخيل عمار ونزل القوم واحتبوا بحمائل سيوفهم فتشهد عمرو بن العاص فقال له عمار اسكت فلقد تركتها وأنا الأحق بها منك فان شئت كانت خصومة فيدفع حقنا باطلك وان شئت كانت خطبة فنحن اعلم بفصل الخطاب منك وان شئت أخبرتك بكلمة تفصل بيننا وبينك ونكفرك قبل القيام وتشهد بها علي نفسك ولا تستطيع ان تكذبني فيها فقال عمرو يا أبا اليقظان ليس لهذا جئت إنما جئت لأني رأيتك أطوع أهل هذا العسكر فيهم أذكرك الله إن لا كففت سلاحهم وحقنت دماءهم وحرصت علي ذلك فعلي م تقاتلونا أو لسنا نعبد إلها واحدا ونصلي إلي قبلتكم وندعو دعوتكم ونقرأ كتابكم ونؤمن بنبيكم؟ فقال عمار الحمد لله الذي أخرجها من فيك إنها لي ولأصحابي القبلة والدين وعبادة الرحمن والنبي والكتاب من دونك ودون أصحابك الحمد لله الذي قررك لنا بذلك وجعلك ضالا مضلا أعمي وسأخبرك علي ما أقاتلك عليه وأصحابك ان رسول الله صلي الله عليه وآله امرني ان أقاتل الناكثين وقد فعلت وأمرني ان أقاتل القاسطين وأنتم هم. واما المارقون فلا أدري أأدركها أم لا أيها الأبتر تعلم أن رسول الله صلي الله عليه وآله قال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فإني مولي الله ورسوله وعلي مولاي بعدهما قال عمرو لم تشتمني يا أبا اليقظان ولست أشتمك فقال عمار (ره) وبم تشتمني أتستطيع ان تقول اني عصيت الله ورسوله يوما قط فقال عمرو ان فيك لمساب سوي ذلك فقال عمار
(٢٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عمرو بن العاص (1)، الضلال (2)
ان الكريم من أكرمه الله كنت وضيعا فرفعني الله ومملوكا فاعتقني الله وضعيفا فقواني الله وفقيرا فأغناني الله قال عمرو فما تري في قتل عثمان فقال فتح لكم باب كل سوء قال عمرو فعلي " ع " قتله قال عمار بل الله رب علي قتله وعلي سعه قال عمرو فكنت فيمن قتله قال كنت مع من قتله وانا اليوم أقاتل معهم قال عمرو فلم قتلتموه قال عمار انه أراد ان يغير ديننا فقتلناه فقال عمرو الا تسمعونه قد اعترف بقتل إمامكم فقال عمار قد قالها فرعون قبلك لقومه الا تسمعون فقاموا ولهم زجل فركبوا خيولهم ورجعوا وقام عمار وأصحابه فركبوا خيولهم ورجعوا وبلغ معاوية ما كان بينهم فقال هلكت العرب ان حركتهم خفة العبد الأسود يعني عمارا.
وروي نصر عن زيد بن وهب الجهني ان عمار بن ياسر نادي يومئذ أين من يبغي رضوان ربه ولا يؤب إلي مال ولا ولد قال فأتته عصابة من الناس فقال يا أيها الناس اقصدوا بنا نحو هؤلاء القوم الذي يبغون دم عثمان ويزعمون أنه قتل مظلوما والله ما كان إلا ظالما لنفسه الحاكم بغير ما أنزل الله عليه.
وعن حبيب بن ثابت قال: لما كان قتال صفين والراوية مع هاشم بن عتبة قال جعل عمار بن ياسر يتناوله بالرمح ويقول أقدم يا أعور لا خير في أعور لا يأتي الفزع قال فجعل يستحي من عمار وكان عالما بالحرب فيتقدم لمراكز الراية فإذا تناهت إليه الصفوف قال عمار أقدم يا أعور لا خير في أعور لا يأتي الفزع فجعل عمرو بن العاص يقول اني لا أري لصاحب الراية السوداء عملا لئن دام علي هذا لتفانت العرب اليوم فاقتتلوا قتالا شديدا وجعل عمار يقول صبرا عباد الله الجنة تحت ضلال البيض.
وحدثنا عمرو بن شمر قال حمل عمار في ذلك اليوم علي صفوف أهل الشام وهو يرتجز ويقول:
كلا ورب البيت لا أبرح أجئ * حتي أموت أو أري ما أشتهي
(٢٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، هاشم بن عتبة (1)، عمار بن ياسر (2)، عمرو بن العاص (1)، زيد بن وهب (1)، عمرو بن شمر (1)، الشام (1)، الكرم، الكرامة (1)، القتل (7)، الضلال (1)، الظلم (1)، الفزع (1)
لا أبرحن الدهر أحمي عن علي * صهر الرسول ذي الأمانات الوفي ينصرنا رب السماوات العلي * ونقطع الهام بحد المشرفي يمنحنا النصر علي من يبتغي * ظلما علينا جاهدا ما يأتلي قال فضرب صفوف أهل الشام حتي أضطرهم إلي الفرار.
وروي نصر عن عبد الخير الهمداني قال: نظرت إلي عمار بن ياسر يوما من أيام صفين قد رمي رمية غمي عليه فلم يصل الظهر ولا العصر ولا المغرب ولا العشاء ولا الفجر ثم أفاق فقضاهن جميعا يبدأ بأول شئ ثم بالتي تليها.
قال نصر وحدثنا عمرو بن شمر عن جابر قال سمعت الشعبي يقول قال الأحنف بن قيس يقول والله إني لألي جانب عمار بن ياسر فتقدمنا حتي دنونا من هاشم بن عتبة فقال له عمار أحمل فداك أبي وأمي فقال له هاشم رحمك الله يا أبا اليقظان انك رجل تأخذك خفة في الحرب وإنما زحفت باللواء زحفا أرجو أن أنال بذلك حاجتي وإني ان خففت لم آمن الهلكة - وقد كان قال معاوية لعمرو ويحك ان اللواء اليوم مع هاشم بن عتبة وقد كان من قبل يرقل به ارقالا وان زحف اليوم زحفا انه اليوم الأطول علي أهل الشام فان زحف في عنق من أصحابه اني لأطمع ان يقتطع - فلم يزل به حتي حمل فنظر إليه معاوية فوجه إليه جماعة أصحابه ومن يزن بالبأس والنجدة منهم في ناحية وكان في ذلك الجمع عبد الله بن عمرو بن العاص ومعه يومئذ سيفان قد تقلد بأحدهما وهو يضرب بالآخر فأطافت به خيول علي وجعل عمرو يقول يا الله يا رحمن ابني ابني فيقول معاوية اصبر فلا بأس عليه فقال عمرو ولو كان يزيد بن معاوية لصبرت فلم تزل حماة أهل الشام تذب عن عبد الله حتي نجي هاربا علي فرسه: قال نصر وحدثنا عمر بن سعد قال وفي هذا اليوم قتل عمار بن ياسر أصيب في المعركة وقد كان حين نظر إلي راية عمرو بن العاص. قال والله انها لراية قاتلتها ثلاث مرات وما هذه بأرشدهن. ثم قال:
(٢٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: يزيد بن معاوية لعنهما الله (1)، هاشم بن عتبة (2)، الأحنف بن قيس (1)، عمار بن ياسر (3)، عمرو بن العاص (2)، عمرو بن شمر (1)، الشام (3)، الضرب (1)، القتل (1)، الفدية، الفداء (1)، الهلاك (1)، الحرب (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
نحن ضربناكم علي تأويله * كما ضربناكم علي تنزيله ضربا يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله أو يرجع الحق إلي سبيله * يا رب اني مؤمن بقيله وفي رواية أنه مضي ومعه عصابة وكان لا يمر بواد من أودية صفين إلا تبعه من كان هناك من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله ثم جاء إلي هاشم بن عتبة وكان صاحب راية علي " ع " فقال يا هاشم أعورا وجبنا لا خير في أعور لا يغشي البأس اركب يا هاشم فركب ومضي معه وهو يقول:
أعور يبغي أهله محلا * قد عالج الحياة حتي ملا وعمار يقول تقدم يا هاشم الجنة تحت ظلال السيوف. والموت تحت أطراف الأسل وقد فتحت أبواب السماء وتزينت الحور العين اليوم ألقي الأحبة محمدا وحزبه وتقدم حتي دني من عمرو بن العاص فقال يا عمرو بعت دينك بمصر تبا لك فقال لا ولكن أطلب بدم عثمان قال أشهد علي علمي فيك ان لا تطلب بشئ من فعلك وجه الله تعالي وإنك ان لم تقتل اليوم تمت غدا فانظر إذا أعطي الله الناس علي قدر نياتهم ما نيتك لعد فإنك صاحب الراية التي قاتلتها ثلاثا مع رسول الله صلي الله عليه وآله وهذه الرابعة ما هي بأبر واتقي ثم استسقي وقد أشتد عطشه فاتته امرأة طويلة اليدين معها عسر وإداوة فيها ضياح من لبن فقال حين شرب الجنة تحت الأسنة اليوم ألقي الأحبة محمدا وحزبه والله لو ضربونا حتي يبلغونا سعفات هجر لعلمنا انا علي الحق وانهم علي الباطل ثم حمل وحمل عليه أبو جويرية السكسكي وأبو العادية الفزاري فاما أبو العادية فطعنه وأما أبو جويرية فاحتز رأسه فأقبلا يختصمان كلاهما يقول انا قتلته فقال عمرو بن العاص ان تختصمان إلا في النار فسمعها معاوية فقال لعمرو ما رأيت مثلما صنعت اليوم قوم بذلوا أنفسهم دوننا تقول لهم إنكما تختصمان في النار فقال عمرو وهو والله ذلك وأنت لتعلمه ولوددت اني مت قبل هذا بعشرين سنة.
(٢٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، هاشم بن عتبة (1)، عمرو بن العاص (2)، الباطل، الإبطال (1)، القتل (2)، الموت (1)، الشهادة (1)، الإستسقاء (1)
وروي وكيع عن شعبة عن عبد الله بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال:
لكأني انظر إلي عمار وهو صريع فاستسقي فأتي بشربة من لبن فشرب فقال اليوم ألقي الأحبة ان رسول الله صلي الله عليه وآله عهد إلي أن آخر شربة اشربها في الدنيا شربة من لبن.
وعن حبة بن جويرية العرني قال قلت لحذيفة بن اليمان حدثنا فانا نخاف الفتن فقال عليكم بالفئة التي فيها ابن سمية فان رسول الله صلي الله عليه وآله قال تقتله الفئة الباغية الناكبة عن الطريق فان آخر رزقه ضياح من لبن قال حبة فشهدته يوم قتل يقول ائتوني بآخر رزق لي في الدنيا فأتي بضياح من لبن في قدح أروح بحلقة حمراء فما أخطأ حذيفة ثم قال اليوم ألقي الأحبة محمدا وحزبه وقال والله لو ضربونا حتي بلغونا سعفات هجر لعلمت أننا علي الحق وانهم علي الباطل ثم قتل رضي الله عنه.
وقد كان ذو الكلاع يسمع عمرو بن العاص يقول إن النبي صلي الله عليه وآله قال لعمار تقتلك الفئة الباغية وآخر شرابك ضياح من لبن فقال ذو الكلاع لعمرو ويحك ما هذا فقال عمرو انه سيرجع إلينا ويفارق أبا تراب وذلك قبل ان يصاب عمار فلما أصيب عمار في هذا اليوم أصيب ذو الكلاع فقال عمرو لمعاوية والله ما أدري بقتل أيهما انا أشد فرحا والله لو بقي ذو الكلاع حتي يقتل عمار لمال بعامة قومه إلي علي ولأفسد علينا أمرنا.
قال نصر وروي عمر بن سعد قال كان لا يزال رجل يجئ فيقول لمعاوية وعمرو انا قتلت عمار فيقول له عمرو فما سمعته يقول فيخبطون حتي أقبل ابن حوي فقال فسألته قال عمرو فما كان آخر منطقه قال سمعته يقول اليوم ألقي الأحبة محمدا وحزبه فقال صدقت أنت صاحبه اما والله ما ظفرت يداك ولقد أسخطت ربك.
قال نصر روي عمر بن شمر عن السدي ان رجلين بصفين اختصما في
(٢٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عمر بن سعد لعنه الله (1)، حذيفة بن اليمان (1)، عبد الله بن سلمة (1)، عمرو بن العاص (1)، الباطل، الإبطال (1)، القتل (2)
سلب عمار وفي قتله فأتيا عبد الله بن عمرو بن العاص فقال ويحكما أخرجا عني فان رسول الله صلي الله عليه وآله قال ما لقريش ولعمار يدعوهم إلي الجنة ويدعونه إلي النار قاتله وسالبه في النار.
قال الخوارزمي في (المناقب) وفرح بقتل عمار أهل الشام وقال معاوية قتلنا عبد الله بن بديل وهاشم بن عتبة وعمار بن ياسر فاسترجع النعمان بن بشير قال والله إنا كنا نعبد اللات والعزي وعمار يعبد الله ولقد عذبه المشركون بالرمضاء وغيرها من ألوان العذاب فكان يوحد الله ويصبر علي ذلك وقال رسول الله صبرا يا آل ياسر موعدكم الجنة وقال له ان عمار يدعو الناس إلي الجنة ويدعونه إلي النار.
قال نصر: وكان عبد الله بن سويد الحميري من آل ذي الكلاع قال لذي الكلاع ما حديث سمعته من ابن العاص في عمار فأخبره فلما قتل عمار خرج عبد الله ليلا يمشي فأصبح في عسكر علي " ع " وكان عبد الله من عباد أهل زمانه وكاد أهل الشام ان يضطربوا لولا أن معاوية قال لهم ان عليا قتل عمارا لأنه أخرجه إلي الفتنة ثم أرسل معاوية إلي عمرو لقد أفسدت علي أهل الشام أكل ما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وآله تقوله فقال عمرو وقلتها ولست أعلم الغيب ولا أدري ان صفين تكون قلتها وعمار يومئذ لي ولك رويت أنت فيه مثلما رويت فغضب معاوية وتنمر لعمرو وعزم علي منعه خيره فقال عمرو لابنه وأصحابه لا خير في جوار معاوية ان تجلت هذه الحرب عنه لأفارقنه وكان عمرو بن العاص حمي الأنف فقال:
تعاتبني ان قلت شيئا سمعته * فقد قلت لو أنصفتني مثله قبلي أنعلك فيما قلت نعل ثبته * وتزلق بي في مثل ما قلته نعلي وما كان لي علم بصفين إنها * تكون وعمار يحث علي قتلي ولو كان لي بالغيب علم كتمتها * وكابدت أقواما مراجلهم تغلي
(٢٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عمرو بن العاص (1)، عبد الله بن سويد (1)، عبد الله بن بديل (1)، النعمان بن بشير (1)، هاشم بن عتبة (1)، عمار بن ياسر (1)، الخوارزمي (1)، الشام (3)، القتل (4)، الحرب (1)، العذاب، العذب (1)
أبي الله إلا ان صدرك واغر * علي بلا ذنب جنيت ولا ذحل سوي اني والراقصات عشية * بنصرك مدخول الهوي ذاهل العقل فلا وضعت عندي حصان قناعها * ولا حملت وجناء ذعلبة رحلي فلا زلت أرعي في لوي بن غالب * قليلا غنائي لا أمر ولا أحلي من الله أرجو من خناقك مرة * ونلت الذي رجيت ان لم أزر أهلي وأترك لك الشام الذي ضاق رحبها * عليك ولم يهنك بها العيش من أجلي فأجابه معاوية:
الان لما ألقت الحرب ركبها * وقام بنا الأمر الجليل علي رجل غمزت قناتي بعد ستين حجة * تباعا كأني لا أمر ولا أخلي أتيت بأمر فيه للشام فتنة * وفي دون ما أظهرته زلة النعل فقلت لك القول الذي ليس ضائرا * ولو ضر لم يضررك حملك لي ثقلي فعاتبتني في كل يوم وليلة * كأن الذي أبليك ليس كما أبلي قيا قبح الله العتاب وأهله * ألم تر ما أصبحت فيه من الشغل فدع ذا ولكن هل لك اليوم حيلة * ترد بها قوما مراجلهم تغلي دعاهم علي فاستجابوا الدعوة * أحب إليهم من ثري المال والأهل إذا قلت هابوا حرمة الموت أرقلوا * إلي الموت أرقال الهلوك إلي الفحل قال فلما اني عمر اشعر معاوية اتاه فأعتبه وصار أمرهما واحدا.
وروي عن الصادق " ع " انه قال لما قتل عمار بن ياسر ارتعدت فرائص خلق كثير وقالوا: قال رسول الله صلي الله عليه وآله عمار تقتله الفئة الباغية، فدخل عمرو علي معاوية وقال يا أمير المؤمنين قد هاج الناس واضطربوا قال لما ذا؟ قال قتل عمار بن ياسر قال معاوية قتل عمار فماذا قال أليس قال رسول الله صلي الله عليه وآله عمار تقتله الفئة الباغية قال معاوية رخصت في قولك أنحن قتلناه إنما قتله علي بن أبي طالب لما ألقاه بين رماحنا فاتصل ذلك بعلي فقال فإذا رسول الله صلي الله عليه وآله قتل حمزة
(٢٨١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عمار بن ياسر (2)، الشام (1)، القتل (5)، الموت (2)، الحج (1)، الحرب (1)
لما ألقاه بين رماح المشركين.
وروي صاحب (السياسة والإمامة) عن معاوية تأويلا آخر أشنع من هذا قال الباغية التي تبغي دم عثمان أي تطلبه.
وروي أنه لما قتل عمار احتمله أمير المؤمنين " ع " وجعل يمسح الدم والتراب عن وجهه ويقول:
وما ظبية تسبي القلوب بطرفها * إذا التفتت خلنا بأجفانها سحرا بأحسن منه كلل السيف وجهه * دما في سبيل الله حتي قضي صبرا وفي رواية أخري: انه لما بلغ قتل عمار أمير المؤمنين " ع " جاء حتي وقف علي مصرعه وجلس إليه ووضع رأسه في حجره وأنشد:
ألا أيها الموت الذي هو قاصدي * أرحني فقد أفنيت كل خليل أراك بصيرا بالذين أودهم (1) * كأنك تنحو نحوهم بدليل ثم استرجع وقال إن من لا يسؤه قتل عمار فليس له من الإسلام نصيب رحم الله عمارا ما رأيت عند رسول الله صلي الله عليه وآله ثلاثا إلا هو رابعهم ولا أربعة إلا وعمار خامسهم ما وجبت الجنة لعمار مرة ولكن وجبت مرارا هناه الله بما هيأ له من جنة عدن انه قتل والحق معه وهو علي الحق كما قال رسول الله صلي الله عليه وآله يدور الحق مع عمار حيث دار ثم قال قاتل عمار وشاتمه وسالبه سلاحه معذب بنار جهنم، ثم تقدم " ع " وصلي عليه وتولي دفنه بيده.
قال أبو عمرو في كتاب (الاستيعاب) دفنه علي عليه السلام بثيابه ولم يغسله.
وقال المسعودي في (مروج الذهب) وكان قتله عند العشاء وله ثلاث وسبعون سنة وقبره بصفين وصلي عليه علي " ع " ولم يغسله.
قال أبو عمرو: كان سن عمار يوم قتل نيفا وتسعين، وقيل إحدي وتسعين
(1) في نسخة: أحبهم
(٢٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مروج الذهب للمسعودي (1)، سبيل الله (1)، القتل (7)، الموت (1)، الصّلاة (2)

حذيفة بن اليمان

وقيل اثنين وتسعين. وقيل ثلاثة وتسعين. قال وكان عمار يقول انا ترب رسول الله صلي الله عليه وآله لم يكن أحد أقرب إليه سنا مني، وكان قتله في شهر ربيع الأول وقيل الآخر سنة سبعة وثلاثين وقيل إن أبا العادية قاتل عمار عاش إلي زمن الحجاج فدخل عليه فأكرمه وقال له أنت قتلت ابن سمية يعني عمارا؟ قال نعم قال من سره ان ينظر إلي عظيم الباع يوم القيامة فلينظر إلي هذا ثم سأله أبو العادية حاجة فلم يجبه إليها فقال تعطي لهم الدنيا ولا يعطونا منها ويزعم اني عظيم الباع فقال من كان ضرسه مثل أحد وفخذه مثل جبل ورقان ومجلسه مثله المدينة والربذة أنه لعظيم الباع يوم القيامة والله لو أن عمارا قتله أهل الأرض لدخلوا كلهم النار وينسب إلي عمار من الشعر هذه الأبيات:
توق من الطرق أوساطها * وعد من الجانب المشتبه وسمعك صن عن سماع القبيح * كصون اللسان عن النطق به فإنك عند سماع القبيح * شريك لقائله فانتبه (حذيفة بن اليمان) واسم اليمان (حسيل) بمهملتين مصغرا ويقال (حسل) بكسر ثم سكون ابن جابر العبسي بموحدة ثم الأشهل حليفهم يكني أبو عبد الله وكان أبوه اليمان صحابيا أيضا استشهد بأحد قال ابن هشام في سيرته قال ابن إسحاق لما خرج رسول الله صلي الله عليه وآله إلي أحد رفع حسل بن جابر وهو اليمان أبو حذيفة بن اليمان وثابت بن وقش في الأطام مع النساء والصبيان وهما شيخان كبيران فقال أحدهما لصاحبه لا أبالك ما تنتظر فوالله ان بقي لواحد منا من عمره الا ظمؤ حمار وانما نحن هامة اليوم أو غد فلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله صلي الله عليه وآله لعل الله يرزقنا مع شهادة ان لا إله إلا الله شهادة مع رسول الله فأخذا أسيافهما ثم خرجا حتي دخلا في الناس ولم يعلم بهما! فاما ثابت بن وقش فقتله المشركون، واما حسل ابن جابر فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه ولم يعرفوه فقال حذيفة أبي قالوا
(٢٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (2)، شهر ربيع الأول (1)، حذيفة بن اليمان (2)، أبو عبد الله (1)، القتل (3)، الشراكة، المشاركة (1)، الشهادة (3)
والله ما عرفنا وصدقوا فقال حذيفة يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين فأراد رسول الله صلي الله عليه وآله ان يديه فتصدق حذيفة بديته علي المسلمين فزاده عند ذلك رسول الله صلي الله عليه وآله خيرا.
قال ابن حجر العسقلاني في التقريب كان حذيفة جليلا من السابقين.
صح في مسلم عنه ان رسول الله صلي الله عليه وآله أعلمه بما كان وما يكون إلي أن تقوم الساعة.
قال الذهبي في الكاشف كان صاحب السر منعه وأباه شهود بدر استخلاف المشركين لهما.
وروي عن النبي صلي الله عليه وآله انه قال حذيفة بن اليمان من أصفياء الرحمن وأبصركم بالحلال والحرام وسئل أمير المؤمنين " ع " فقال كان عارفا بالمنافقين، وسئل رسول الله صلي الله عليه وآله عن المعضلات فان سألتموه وجدتموه بها خبيرا.
وكان حذيفة يسمي صاحب السر وكان عمر لا يصلي علي جنازة لا يحضرها حذيفة، ويقال ان عمر سأله هل انا منهم.
وروي المفضل بن عمر عن جعفر بن محمد " ع " انه قال كان المنافقون علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله لا يعرفون الا ببغض علي بن أبي طالب " ع " وكان حذيفة يعرفهم لأنه كان ليلة العقبة يقود ناقة رسول الله صلي الله عليه وآله وعمار يسوقها وقد قعد المنافقون علي العقبة ليلا لرسول الله عند منصرفه من غزاة تبوك وقد كان رسول الله صلي الله عليه وآله خلف عليا بالمدينة علي أهله ونسائه فقال المنافقون بعضهم لبعض ان محمدا بغض نفسه إلي أصحابه بسبب علي وعلي هو الذاب عنه والمجاهد دونه لا يعمل فيه الحر والبر والسيف والسنان وفد استخلفه بالمدينة فبادروا هذا الذي لولا علي لكان أهون من فقع قرقر ولولا أبو طالب بمكة لم يتبعه أحد فإنه آواه ونصره وذب عنه وجاهد قريشا فيه حتي استفحل أمره وعظم شأنه فلما استقر قراره أعاد الملك والسلطان إلي بني أبيه من دون قريش، أفقريش لبني هاشم خول واتباع وقد اجتمعت كلمتهم بالإسلام بعد أن كنتم مختلفين
(٢٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (8)، مدينة مكة المكرمة (1)، الحافظ ابن حجر العسقلاني (1)، حذيفة بن اليمان (1)، المفضل بن عمر (1)، النفاق (2)، الصّلاة (1)
فبعدوا واخشوشنوا، واجمعوا امركم وشركائكم ثم اطلبوا بثأركم ممن اختدعكم عن دينكم وأدخلكم في دينه ثم جعلكم أتباعه وأتباع بني هاشم ومواليهم وعبيدهم إلي أن تقوم الساعة والا فعيشوا أشقياء عباد يد بعد الآلهة أذلة ما بقيتم وكان القائل عمر يحرض أصحابه ليلة العقبة علي قتل رسول الله فضرب الله وجوههم عن رسول الله صلي الله عليه وآله وكان حذيفة في خلافة أبي بكر وعمر يشكوه إلي أبي بكر وأبو بكر يقول دعه إنا ان حركناه آثرناه علي أنفسنا من ليلة العقبة لا حاجة لنا إليه فاضرب عنه فالسكوت خير من الخوض في امره فلما ملك عمر بعث إليه فقال له ما زلت نحدث أصحاب محمد صلي الله عليه وآله في خلافة أبي بكر اني باب من أبواب جهنم ثم رفع عمر عليه بالدرة فقال حذيفة أسكن يا خليفة المسلمين فإنك باب من أبواب جهنم تمنع المنافقين ان يدخلوها فتبسم عمر عند ذلك ثم أقبل علي أصحابه فقال لهم صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله وأعلم أصحابه بالمنافقين فكان حذيفة يقول السكينة تنطق علي لسانك بقوله لحذيفة انك أعرف الناس بالمنافقين.
وأخرج الكشي باسناده عن أبي جعفر " ع " عن أبيه عن جده عن علي ابن أبي طالب قال ضاقت الأرض بسبعة بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون منهم سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر وعمار وحذيفة وكان علي " ع " يقول وانا امامهم وهم صلوا علي فاطمة " ع ".
وأخرج الترمذي عن حذيفة قال سألتني أمي متي عهدك برسول الله صلي الله عليه وآله فقلت منه كذا وكذا فنالت مني فقلت لها دعيني آتي رسول الله وأصلي معه المغرب وأسأله ان يستغفر لي ولك فأتيته وصليت معه المغرب ثم قام فصلي حتي صلي العشاء ثم انفتل فتبعه فسمع صوتي فقال من هذا حذيفة قلت نعم قال ما حاجتك غفر الله لك ولأمك ان هذا ملك لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه ان يسلم علي ويبشرني ان فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
(٢٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (2)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، خلافة أبي بكر بن أبي قحافة (2)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، بنو هاشم (1)، الصّلاة (2)، القتل (1)، النفاق (1)
وأخرج الشيخ الطوسي في أماليه باسناده عن خالد بن خالد اليشكري قال خرجت سنة فتح تستر حتي قدمت الكوفة فدخلت المسجد فإذا انا بحلقة فيها رجل جهم من الرجال فقلت من هذا فقال القوم اما تعرفه قلت لا قالوا هذا حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله قال فقعدت إليه فحدث القوم فقال إن الناس كانوا يسألون رسول الله صلي الله عليه وآله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة ان أقع فيه فأنكر القوم ذلك عليه فقال سأحدثكم بما أنكرتم انه جاء أمر الإسلام فجاء أمر ليس كأمر الجاهلية وكنت أعطيت من القرآن فقها وكانوا يجيئون فيسألون النبي فقلت يا رسول الله صلي الله عليه وآله أيكون بعد هذا الخير شر قال نعم قلت فما العصمة منه قال صلي الله عليه وآله السيف قال قلت وهل بعد السيف بقية قال نعم تكون إمارة علي اقذاء أو هدنة علي دخن قال قلت ثم ماذا قال ثم تنشأ دعاة الضلالة فان رأيت يومئذ خليفة عدل فالزمه وإلا فمت عاضا علي جذل شجرة.
وروي ابن شهرآشوب مرفوعا عن حذيفة قال لو أحدثكم بما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وآله لرجمتموني قالوا سبحان الله نحن نفعل قال لو أحدثكم ان بعض أمهاتكم تأتيكم في كتيبة كثير عددها شديد بأسها تقاتلكم ما صدقتم قالوا سبحان الله ومن يصدق بهذا قال تأتيكم أمكم الحميراء في كتيبة يسوق بها أعلاجها من حيث تسوء وجوهكم.
وذكر أبو موسي الأشعري عند حذيفة بالدين فقال اما أنتم فتقولون ذلك واما انا فاشهد انه عدو لله ولرسوله وحرب لهما في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار وروي إن عمارا سئل عن أبي موسي فقال لقد سمعت فيه من حذيفة قولا عظيما سمعته يقول صاحب البرنس الأسود ثم كلح كلوحا علمت أنه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط وكان حذيفة عارفا بهم.
وروي ابن المغازلي في كتاب المناقب باسناده إلي حذيفة بن اليمان قال آخي
(٢٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، مدينة الكوفة (1)، إبن المغازلي (1)، أبو موسي الأشعري (1)، حذيفة بن اليمان (2)، ابن شهرآشوب (1)، الشيخ الطوسي (1)، القرآن الكريم (1)، الظلم (1)، السجود (1)، الجهل (1)
رسول الله صلي الله عليه وآله بين المهاجرين وكان يواخي بين الرجل ونظيره ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب " ع " فقال هذا أحي قال حذيفة فرسول الله صلي الله عليه وآله سيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين ليس له شبيه ولا نظير وعلي أخوه.
وإلي هذا المعني أشار الصفي الحلي (ره).
أنت سر النبي والصنو وابن * العم والصهر والأخ السجاد لو رأي مثلك النبي لآخاه * والا فأخطأ الانتقاد وروي أن عليا " ع " لما أدرك عمرو بن عبد ود ولم يضربه فوقع الناس في علي فرد عنه حذيفة فقال النبي صلي الله عليه وآله يا حذيفة فان عليا سيذكر سبب وقفته ثم أنه ضربه فلما جاء سأله النبي عن ذلك فقال " ع " قد كان شتم أمي وتفل في وجهي فخشيت ان أضربه لحظ نفسي فتركته حتي سكن ما بي ثم قتلته في الله قال المؤلف وإنما ذكرنا هذا الحديث لما يعلم به من إخلاص حذيفة لأمير المؤمنين " ع " من زمن النبي صلي الله عليه وآله.
وروي أبو مخنف قال لما بلغ حذيفة بن اليمان ان عليا قد قدم ذا قار واستنفر الناس دعا أصحابه فوعظهم وذكرهم الله وزهدهم ورغبهم في الآخر وقال لهم الحقوا بأمير المؤمنين " ع " وسيد الوصيين فان من الحق ان تنصروه وهذا ابنه الحسن وعمار قد قدما الكوفة يستنفرون الناس فانفروا قال فنفر أصحاب حذيفة إلي أمير المؤمنين " ع " ومكث حذيفة بعد ذلك خمسة عشر ليلة وتوفي (رض) وقال المسعودي في مروج الذهب كان حذيفة عليلا بالمدائن في سنة ست وثلاثين فبلغه قتل عثمان وبيعة علي " ع " فقال أخرجوني وادعوا الصلاة جامعة فوضع علي المنبر فحمد الله وأثني عليه وصلي علي النبي صلي الله عليه وآله ثم قال أيها الناس ان الناس قد بايعوا عليا " ع " فعليكم بتقوي الله وانصروا عليا وآزروه فوالله أنه لعلي الحق أولا وآخرا وانه لخير من مضي بعد نبيكم ومن بعد نبيكم ومن بقي إلي يوم القيامة ثم أطبق يمينه علي يساره وقال اللهم إني أشهدك اني قد بايعت عليا
(٢٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب مروج الذهب للمسعودي (1)، يوم القيامة (1)، مدينة الكوفة (1)، حذيفة بن اليمان (1)، القتل (2)، الضرب (1)، الصّلاة (1)
وقال الحمد لله الذي أبقاني إلي هذا اليوم وقال لأبنيه صفوان وسعد إذا أنا مت احملاني وكونا معه فسيكون له حرب يهلك فيها كثير من الناس فاجهدا ان تشهدا معه فإنه والله علي الحق ومن خالفه علي الباطل.
ومات حذيفة بعد هذا اليوم بسبعة أيام وقيل بأربعين يوما هذا كلام المسعودي.
قال المؤلف وشهد أبناه المذكوران بعد ذلك صفين مع أمير المؤمنين " ع " وقتلا بها شهيدين رحمهما الله.
وعن أبي الحسن الرضا " ع " لما حضرته الوفاة قال لابنته أية ساعة هذه قالت آخر الليل قال الحمد لله الذي بلغني هذا المبلغ ولم أوال ظالما علي صاحب حق ولم أعاد صاحب حق.
وروي الديلمي في ارشاد القلوب مرفوعا قال لما استخلف عثمان بن عفان آوي إليه عمه الحكم بن العاص وولده مروان بن الحكم ووجه عماله في الأمصار وكان فيمن وجه الحرث بن الحكم إلي المدائن فأقام بها مدة يتعسف أهلها ويسئ معاملتهم فوفد منهم إلي عثمان وفد يشكونه وأعلموه بسوء ما يعاملهم به وأغلظوا عليه بالقول فولي حذيفة بن اليمان عليهم وذلك آخر أيامه فلم ينصرف حذيفة عن المدائن إلي أن قتل عثمان واستخلف علي بن أبي طالب فأقام حذيفة عليها وكتب " ع " إليه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلي حذيفة بن اليمان سلام عليك اما بعد فإني قد وليتك ما كنت عليه لمن كان قبلي من حرف المدائن وقد جعلت إليك اعمال الخراج والرستاق وجباية أهل الذمة فاجمع إليك ثقاتك ومن أحببت ممن ترضي دينه وأمانته واستعز بهم علي أعمالك فان ذلك أعز إليك ولو ليك واكبت لعدوك وإني امرك بتقوي الله وطاعته في السر والعلانية وأحذرك عقابه في الغيب والمشهد وأتقدم إليك بالاحسان إلي المحسن والشدة علي المعاند وآمرك بالرفق في أمورك والدين والعدل في رعيتك
(٢٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، كتاب ارشاد القلوب (1)، مروان بن الحكم (1)، علي بن أبي طالب (1)، حذيفة بن اليمان (2)، العزّة (1)، الهلاك (1)، الباطل، الإبطال (1)، الشهادة (1)، القتل (1)، الحرب (1)
فإنك مسائل عن ذلك وانصاف المظلوم والعفو عن الناس وحسن السيرة ما استطعت فان الله يجزي المحسنين وآمرك ان تجبي خراج الأرضين علي الحق والنصفة ولا تجاوز ما تقدمت به إليك ولا تدع منه شيئا ولا تبدع فيه أمرا ثم أقسم بين أهله بالسوية والعدل واخفض لرعيتك جناحك وواس بينهم في مجلسك وليكن القريب والبعيد عندك في الحق سواء واحكم بين الناس بالحق واقم فيهم بالقسط ولا تتبع الهوي ولا تخف في الله لومة لائم فان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وقد وجهت إليك لتقرأه علي أهل مملكتك ليعلموا رأينا فيهم وفي جميع المسلمين فاحضرهم وأقرأ عليهم وخذ البيعة لنا علي الصغير والكبير منهم إن شاء الله تعالي. فلما وصل عهد أمير المؤمنين إلي حذيقة جمع الناس فصلي بهم ثم أمر بالكتاب فقرأ عليهم وهو بسم الله الرحمن الرحيم من علي بن أبي طالب إلي من بلغه كتابي هذا من المسلمين سلام عليكم فإني احمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو واسأله ان يصلي علي محمد وآله اما بعد فان الله تعالي اختار الاسلام دينا لنفسه وملائكته ورسله إحكاما لصنعه وحسن تدبيره ونظرا منه لعباده وخص به من أحبه من خلقه فبعث إليهم محمدا فعلمهم الكتاب والحكمة إكراما وتفضلا لهذه الأمة وأدبهم لكي يهتدوا وجمعهم لئلا يتفرقوا ووقفهم لئلا يجوروا فلما قضي ما كان عليه من ذلك مضي إلي رحمة الله به حميدا محمودا ثم إن بعض المسلمين أقاموا بعده رجلين رضوا بهديهما وسيرتهما فأقاما ما شاء الله ثم توفاهما الله عز وجل ثم ولوا بعدهما الثالث فأحدث احداثا ووجدت الأمة عليه فعالا فاتفقوا عليه ثم نقموا منه فغيروا ثم جاؤني كتتابع الخيل فبايعوني اني استهدي الله بهداه وأستعينه علي التقوي ألا وان لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وآله والقيام عليكم بحقه وإحياء سنته والنصح لكم بالمغيب والمشهد وبالله نستعين علي ذلك وهو حسبنا ونعم الوكيل وقد وليت أموركم حذيفة بن اليمان وهو ممن أرضي بهداه وأرجوا صلاحه وقد أمرته بالإحسان إلي محسنكم والشدة علي مريبكم
(٢٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: السنة النبوية الشريفة (1)، حذيفة بن اليمان (1)، الإقامة (1)، الشهادة (1)، الظلم (1)، الصّلاة (1)
والرفق بجميعكم اسأل الله لنا ولكم حسن الخيرة والإسلام ورحمته الواسعة في الدنيا والآخرة ورحمة الله وبركاته، قال ثم إن حذيفة صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه وصلي علي النبي صلي الله عليه وآله ثم قال: الحمد لله الذي أحيي الحق وأمات الباطل وجاء بالعدل ودحض الجور وكبت الظالمين أيها الناس إنه ولا كم الله أمير المؤمنين " ع " حقا حقا وخير من نعلمه بعد نبينا وأولي الناس بالناس وأحقهم بالأمر وأقربهم إلي الصدق وأرشدهم إلي العدل وأهداهم سبيلا وأدناهم إلي الله وسبيله وأمسهم برسول الله صلي الله عليه وآله رحما أنيبوا إلي طاعة أول الناس سلما وأكثرهم علما وأقصدهم طريقة وأسبقهم إيمانا وأحسنهم يقينا وأكثرهم معروفا وأقدمهم جهادا وأعزهم مقاما أخي رسول الله صلي الله عليه وآله وابن عمه وأبي الحسن والحسين وزوج الزهراء البتول سيدة نساء العالمين فقوموا أيها الناس فبايعوا علي كتاب الله وسنة نبيه فان لله في ذلك رضي ولكم مقنع وصلاح والسلام فقام الناس فبايعوا أمير المؤمنين " ع " أحسن بيعة وأجمعها فلما استتمت البيعة قام إليه فتي من أبناء العجم وولاة الأنصار لمحمد بن عمارة بن التيهان يقال له مسلم متقلدا سيفا فناداه من أقصي الناس أيها الأمير إنا سمعناك تقول في أول كلامك قد ولا كم الله أمير المؤمنين حقا حقا تعرض بمن كان قبله من الخلفاء انهم لم يكونوا أمراء المؤمنين حقا حقا فعرفنا ذلك أيها الأمير رحمك الله ولا تكتمنا فإنك ممن شهد وعاين ونحن مقلدون ذلك أعناقكم والله شاهد عليكم فيما تأتون به من النصيحة لأمتكم وصدق الخبر عن نبيكم فقال حذيفة أيها الرجل أما إذا سألت وفحصت هكذا فاسمع وافهم ما أخبرك به اما من تقدم من الخلفاء قبل علي بن أبي طالب من تسمي بأمير المؤمنين فإنهم تسموا بذلك وسماهم الناس واما علي بن أبي طالب " ع " فان جبرئيل سماه بذلك الاسم عن الله تعالي شهد له، ورسول الله عن سلام جبرئيل بإمرة المؤمنين وكان أصحاب رسول الله يدعونه في حياة رسول الله بإمرة المؤمنين قال الفتي كيف كان ذلك يرحمك الله؟ قال حذيفة ان الناس كانوا يدخلون علي رسول الله
(٢٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، علي بن أبي طالب (1)، محمد بن عمارة (1)، الباطل، الإبطال (1)، الشهادة (3)، الظلم (1)، الصدق (1)، الوسعة (1)
قبل الحجاب فنهاهم رسول الله ان يدخل أحد إليه وعنده دحية بن خليفة الكلبي وكان رسول الله يراسل قيصر ملك الروم وبني حنيفة وبني غسان علي يده وكان جبرئيل " ع " يهبط عليه في صورته ولذلك نهي رسول الله ان يدخل المسلمون عليه إذا كان عنده دحية قال حذيفة وإني أقبلت يوما لبعض أموري إلي رسول الله مهجرا رجاء ان ألقاه خاليا فلما صرت بالباب فإذا انا بشملة قد سدلت علي الباب فرفعتها وهممت بالدخول وكذلك كنا نصنع فإذا انا بدحية قاعد عند رسول الله والنبي صلي الله عليه وآله نائم ورأسه في حجر دحية الكلبي فلما رأيته انصرفت فلقيني علي بن أبي طالب " ع " في بعض الطريق فقال يا بن اليمان من أين أقبلت قلت من عند رسول الله صلي الله عليه وآله قال وماذا صنعت عنده قال قلت أردت الدخول عليه في كذا وكذا وذكرت الأمر الذي جئت له فلم يتهيأ لي ذلك قال ولم قلت كان عنده دحية الكلبي وسألت عليا معونتي علي رسول في ذلك الأمر قال فارجع معي فرجعت معه فلما صرنا إلي باب الدار جلست بالباب ورفع علي " ع " الشملة ودخل فسلم فسمعت دحية يقول وعليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ثم قال له أجلس فخذ رأس أخيك وابن عمك من حجري فأنت أولي الناس به فجلس علي " ع " واخذ رأس رسول الله فجعله في حجره وخرج دحية من البيت فقال علي أدخل يا حذيفة فدخلت وجلست فما كان بأسرع من أن أنتبه رسول الله فضحك في وجه علي ثم قال يا أبا الحسن من حجر من أخذت رأسي قال من حجر دحية الكلبي فقال ذلك جبرئيل فما قلت له حين دخلت وما قال لك قال دخلت فسلمت فقال لي وعليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فقال رسول الله يا علي سلمت عليك ملائكة الله وسكان سماواته بإمرة المؤمنين من قبل ان يسلم عليك أهل الأرض. يا علي أن جبرئيل فعل ذلك عن أمر الله تعالي وقد أوحي إلي عن ربي عز وجل من قبل دخولك ان أفرض ذلك علي الناس وانا فاعل ذلك أن شاء الله تعالي فلما كان من الغد بعثني رسول الله إلي ناحية فدك في
(٢٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)
حاجة فلبثت أياما ثم قدمت فوجدت الناس يتحدثون ان رسول الله أمر الناس ان يسلموا علي علي بإمرة المؤمنين وان جبرئيل اتاه بذلك عن الله عز وجل فقلت صدق رسول الله صلي الله عليه وآله وأنا فقد سمعت جبرئيل يسلم علي علي بإمرة المؤمنين فحدثتهم الحديث فسمعني عمر بن الخطاب وانا أحدث الناس في المسجد فقال لي أنت رأيت جبرئيل وسمعته اتق القول فقد قلت قولا عظيما وقد خولط بك فقلت نعم انا رأيت ذلك وسمعته فأرغم الله أنف من رغم فقال يا أبا عبد الله لقد رأيت وسمعت عجبا.
قال حذيفة فسمعني بريدة بن الخصيب الأسلمي وانا أحدث ببعض ما رأيت وسمعت فقال لي والله يا بن اليمان لقد أمرهم رسول الله صلي الله عليه وآله بالسلام علي علي " ع " بإمرة المؤمنين فاستجابت له طائفة يسيرة من الناس ورد ذلك عليه وأباه كثير من الناس فقلت يا بريدة أكنت شاهدا ذلك اليوم فقال نعم من أوله إلي آخره فقلت له حدثني به يرحمك الله فان كنت عن ذلك اليوم غائبا فقال بريدة كنت انا وعمار أخي مع رسول الله في نخيل بني النجار فدخل علينا علي بن أبي طالب فسلم فرد رسول الله صلي الله عليه وآله عليه السلام ورددنا ثم قال له يا علي اجلس هناك فجلس فدخل رجال فأمرهم رسول الله بالسلام علي علي " ع " بإمرة المؤمنين فقال الأمر عن الله ورسوله فقال نعم ثم دخل طلحة وسعد بن مالك فقال لهما رسول الله سلما علي علي بإمرة المؤمنين فقالا عن الله ورسوله فقال نعم قالا سمعنا وأطعنا ثم دخل سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري فسلما فرد عليهما السلام ثم قال سلما علي علي بإمرة المؤمنين فسلما ولم يقولا شيئا ثم دخل عمار والمقداد فسلما فرد عليهما السلام وقال سلما علي علي " ع " بإمرة المؤمنين ففعلا لم يقولا شيئا ثم دخل عثمان وأبو عبيدة فسلما فرد عليهما السلام وقال سلما علي علي بإمرة المؤمنين قالا عن الله ورسوله؟ قال نعم: ثم دخل فلان وفلان وعد جماعة من المهاجرين والأنصار كل ذلك يقول رسول الله سلموا علي علي بإمرة المؤمنين
(٢٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، أبوذر الغفاري (1)، المهاجرون والأنصار (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، علي بن أبي طالب (1)، سعد بن مالك (1)، السجود (1)، الشهادة (1)
فبعض سلم ولم يقل شيئا وبعض يقول للنبي عن الله ورسوله فيقول نعم حتي غص المجلس باهله وامتلأت الحجرة وجلس بعض علي الباب وفي الطريق وكانوا يدخلون فيسلمون ويخرجون ثم قال لي ولأخي قم يا بريدة أنت وأخوك فسلما علي علي " ع " بإمرة المؤمنين فقمنا وسلمنا ثم عدنا إلي مواضعنا فجلسنا ثم أقبل رسول الله عليهم جميعا فقال اسمعوا وعوا اني أمرتكم ان تسلموا علي علي بإمرة المؤمنين وان رجالا سألوني إذا لك عن أمر الله وامر رسوله ما كان لمحمد ان يأتي أمرا من تلقاء نفسه بل بوحي ربه وأمره أفرأيتم والذي نفسي بيده لأن أبيتم ونقضتموه لتكفرون ولتفارقون ما بعثني به ربي فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر قال بريدة فلما خرجنا سمعت بعض أولئك الذين أمروا بالسلام علي علي " ع " بإمرة المؤمنين من قريش يقول لصحابه وقد التقت بهما طائفة من الجفاة البغاة عن الإسلام من قريش اما رأيت ما صنع محمد ص بابن عمه من علو المنزلة والمكان لو يستطيع والله لجعله نبيا من بعده فقال له صاحبه أمسك ولا يكبرن عليك هذا فانا لو فقدنا محمدا لكان فعله هذا تحت أقدامنا قال حذيفة ومضي بريدة إلي بعض طريق الشام ورجع وقد قبض رسول الله وبايع الناس أبا بكر فاقبل بريدة ودخل المسجد وأبو بكر علي المنبر وعمر دونه بمرقاة فناداهما من ناحية المسجد يا أبا بكر ويا عمر فقال أبو بكر مالك يا بريدة أجننت قال لهما والله ما جننت ولكن أين سلامكما بالأمس علي علي بإمرة المؤمنين فقال له أبو بكر يا بريدة الأمر يحدث بعده الأمر وانك غبت وشهدنا والشاهد يري ما لا يري الغائب فقال لهما رأيتما ما لم ير الله ورسول الله ولكن وفي لك صاحبك بقوله لو فقدنا محمدا صلي الله عليه وآله لكان قوله هذا تحت أقدامنا الا ان المدينة حرام علي أن أسكنها ابدا حتي أموت فخرج بريدة باهله وولده فنزل بين قومه بني أسلم فكان يطلع في الوقت دون الوقت فما أفضي الأمر إلي أمير المؤمنين سار إليه وكان معه حتي قدم العراق فلما أصيب أمير المؤمنين سار إلي خراسان فنزلها ولبث هناك إلي
(٢٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، دولة العراق (1)، خراسان (1)، الشام (1)، السجود (2)
أن مات رحمه الله، قال حذيفة فهذا أنباء ما سألتني عنده فقال الفتي لا جزي الله الذين شهدوا رسول الله صلي الله عليه وآله وسمعوه يقول هذا القول لعلي " ع " خيرا فقد خانوا الله ورسوله وأزالوا الامر عمن رضيه الله ورسوله وأقروه فيمن لم يره الله ولا رسوله لذلك أهلا لا جرم والله لن يفلحوا بعدها فنزل حذيفة عن منبره فقال يا أخا الأنصار ان الامر كان أعظم مما تظن انه غرب والله البصير وذهب اليقين وكثر المخالف وقل الناصر لأهل الحق فقال له الفتي فهلا انتضيتم أسيافكم ووضعتموها علي رقابكم وضربتم بها الزائلين عن الحق قدما قدما حتي تموتوا أو تدركوا الامر الذي تحبونه من طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله فقال له أيها الفتي أنه أخذوا والله بأسماعنا وأبصارنا وكرهنا الموت وتزينت لنا الحياة وسبق علم الله بإمرة الظالمين ونحن نسأل الله التغمد لذنوبنا والعصمة فيما بقي من آجالنا فإنه مالك رحيم ثم أنصرف حذيفة إلي منزله وتفرق الناس، قال عبد الله فبينا أنا ذات يوم عند حذيفة أعوده في مرضه الذي مات فيه وقد كان يوم قدمت فيه من الكوفة وذلك من قبل قدوم علي عليه السلام إلي العراق فبينما انا عنده إذ جاء الفتي الأنصاري فدخل علي حذيفة فرحب به وأدناه وقرب مجلسه وخرج من كان عند حذيفة من عواده وأقبل عليه الفتي فقال يا أبا عبد الله سمعتك يوما تحدث عن بريدة بن الخصيب الأسلمي أنه سمع بعض القوم الذين أمرهم رسول الله أن يسلموا علي علي بإمرة المؤمنين يقول لصاحبه اما رأيت اليوم ما صنع محمد بابن عمه من التشريف وعلو المنزلة حتي لو قدر ان يجعله نبيا لفعل فأجابه صاحبه وقال لا يكبرن عليك فلو فقدنا محمدا لكان قوله تحت أقدامنا وقد ظننت نداء بريدة لهما وهما علي المنبر انهما صاحبا القوم قال حذيفة أجل القائل عمر والمجيب أبو بكر فقال الفتي إنا لله وإنا إليه راجعون هلك والله القوم وضلت أعمالهم قال حذيفة ولم يزل القوم علي ذلك من الارتداد وما يعلم الله منهم أكثر فقال الفتي قد كنت أحب ان أتعرف هذا الأمر من فعله ولكني أجدك مريضا
(٢٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (1)، الظلم (1)، المرض (1)، الموت (3)، الهلاك (1)، الشهادة (1)، الإرتداد (1)
وانا أكره ان أملك بحديثي ومسألتي وقام لينصرف فقال حذيفة لا بل أجلس يا بن أخي وتلق مني حديثهم وان كربني ذلك فلا أحسبني إلا مفارقكم إني لا أحب ان لا تغتر منزلتهما في الناس فهذا ما أقدر عليه من النصيحة لك ولأمير المؤمنين من الطاعة له ولرسوله وذكر منزلته فقال يا أبا عبد الله حدثني بما عندك من أمورهم لأكون علي بصيرة من ذلك فقال حذيفة إذا والله لأخبرنك بخبر سمعته ورأيته ولقد والله دلنا ذلك من فعلهم علي أنهم والله ما آمنوا بالله ولا برسوله طرفة عين وأخبرك ان الله تعالي أمر رسوله في سنة عشر من مهاجرته من مكة إلي المدينة ان يحج هو ويحج الناس معه فأوحي الله بذلك (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق) فامر رسول الله صلي الله عليه وآله المؤذنين فأذنوا في أهل السافلة والعالية ألا ان رسول الله قد عزم علي الحج في عامه هذا ليفهم الناس حجهم ويعلمهم مناسكهم فيكون سنة لهم إلي آخر الدهر قال فلم يبق أحد ممن دخل في الإسلام الا حج مع رسول الله سنة عشر ليشهدوا منافع لهم ويعلمهم حجهم ويعرفهم مناسكهم وخرج رسول الله بالناس وبنسائه معه وهي حجة الوداع فلما أستتم حجهم وقضوا مناسكهم وعرف الناس جميع ما احتاجوا إليه وأعلمهم أنه قد أقام لهم ملة إبراهيم " ع " وقد أزال عنهم جميع ما أحدثه المشركون بعده ورد الحج إلي حالته الأولي ودخل مكة فأقام بها يوما واحدا فهبط الأمين جبرئيل بأول سورة العنكبوت فقال أقرأ يا محمد: بسم الله الرحمن الرحيم: ألم أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيئات ان يسبقونا ساء ما يحكمون) فقال رسول الله يا جبرئيل وما هذه الفتنة فقال يا محمد ان الله يقرئك السلام ويقول لك إني ما أرسلت نبيا قبلك إلا أمرته عند انقضاء أجله أن يستخلف علي أمته من بعده من يقوم مقامه ويحيي لهم سنته وأحكامه فالمطيعون لله فيما يأمرهم به رسول الله هم الصادقون
(٢٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: النبي إبراهيم (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة مكة المكرمة (2)، سورة العنكبوت (1)، حجة الوداع (1)، الحج (5)
والمخالفون علي أمره هم الكاذبون وقد دنا يا محمد مصيرك إلي ربك وجنته وهو يأمرك أن تنصب لامتك من بعدك علي بن أبي طالب وتعهد إليه فهو الخليفة القائم برعيتك وأمتك ان أطاعوه وإن عصوه وسيفعلون ذلك وهي الفتنة التي تلوت عليك الآية فيها وان الله عز وجل يأمرك ان تعلمه جميع ما علمك وتستحفظه جميع ما حفظك واستودعك فهو الأمين المؤتمن.
يا محمد اخترتك من عبادي نبيا وأخترته وصيا. قال فدعا رسول الله عليا فخلا به يومه ذلك وليلته واستودعه العلم والحكمة التي آتاه الله إياها وعرفه ما قال جبرئيل وكان ذلك في يوم عائشة أبنة أبي بكر، فقالت يا رسول الله لقد طال استخلاؤك بعلي منذ اليوم، قال فاعرض عنها رسول الله فقالت لم تعرض عني يا رسول الله بأمر لعله يكون لي صلاحا فقال صدقت وأيم الله أنه لأمر صلاح لمن أسعده الله بقوله والايمان به وقد أمرت بدعاء الناس جميعا إليه وستعلمين ذلك إذا أنا قمت به في الناس. قالت يا رسول الله ولم لا تخبرني به الآن لا تقدم بالعمل به والأخذ بما فيه الصلاح قال سأخبرك فاحتفظيه إلي أن أؤمر بالقيام به في الناس جميعا فإنك ان حفظتيه حفظك في العاجلة والآجلة جميعا وكانت لك الفضيلة بسبقه والمسارعة إلي الأيمان بالله ورسوله وان أضعتيه وتركت رعاية ما ألقي إليك منه كفرت نربك وحبط أجرك وبرئت منك ذمة الله وذمة رسوله وكنت من الخاسرين ولم يضر الله ذلك ولا رسوله فضمنت له حفظه والايمان به ورعايته فقال إن الله تعالي أخبرني ان عمري قد انقضي وأمرني ان أنصب عليا للناس علما وأجعله فيهم إماما وأستخلفه كما أستخلف الأنبياء من قبلي أوصياءها وأنا صائر إلي أمر ربي وآخذ فيه بأمره فليكن هذا الامر منك نحت سويداء قلبك إلي أن يأذن الله بالقيام به فضمنت له ذلك وقد أطلع الله نبيه صلي الله عليه وآله علي ما يكون منها فيه ومن صاحبتها حفصة وأبويهما فلم تلبث أن أخبرت حفصة وأخبرت كل واحدة منهما أباها فاجتمعا فأرسلا إلي جماعة الطلقاء والمنافقين فخبراهم بالامر فاقبل
(٢٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم عرفة (1)، علي بن أبي طالب (1)، الخسران (1)
بعضهم علي بعض وقالوا ان محمدا يريد أن يجعل هذا الامر في بيته كسنة كسري وقيصر إلي آخر الدهر ولا والله مالكم في الحياة من حظ إن أفضي هذا الامر إلي علي بن أبي طالب وأن محمدا عاملكم علي ظاهركم وان عليا يعاملكم علي ما يجد في نفسه منكم فاحسنوا النظر لأنفسكم في ذلك وقدموا آراءكم فيه ودار الكلام فيما بينهم وأعادوا الخطاب وأحالوا الرأي فاتفقوا علي أن ينفروا برسول الله صلي الله عليه وآله ناقته علي عقبة الهرشا وقد كانوا صنعوا مثل ذلك في غزاة تبوك فصرف الله السوء عن نبيه صلي الله عليه وآله واجتمعوا في أمر رسول الله من القتل والاغتيال واسقاء السم علي غير وجه وقد كان اجتمع أعداء رسول الله من الطلقاء من قريش والمنافقين من الأنصار ومن كان في قلبه الارتداد من العرب في المدينة وما حولها فتعاقدوا وتحالفوا علي أن ينفروا به ناقته وكانوا (أربعة عشر رجلا) وكان من عزم رسول الله صلي الله عليه وآله ان يقيم عليا وينصبه للناس بالمدينة إذا قدم فسار رسول الله صلي الله عليه وآله يومين وليلتين فلما كان في اليوم الثالث أتاه جبرئيل " ع " بآخر سورة الحجر فقال أقرأ (ليسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين) قال ورحل رسول الله صلي الله عليه وآله يعدوا السير مسرعا علي دخول المدينة لينصب عليا " ع " علما للناس فلما كانت الليلة الرابعة هبط جبرئيل " ع " في آخر الليل فقرأ عليه (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ان الله لا يهدي القوم الكافرين) وهم الذين هموا برسول الله صلي الله عليه وآله فقال أما تراني يا جبرئيل أعدو السير مجدا فيه لا دخل المدينة فأفرض ولاية علي " ع " علي الشاهد والغائب فقال له جبرئيل إن الله يأمرك ان تفرض ولاية علي غدا إذ نزلت منزلك فقال رسول الله نعم يا جبرئيل غدا أفعل ذلك أن شاء الله تعالي. وامر رسول الله صلي الله عليه وآله بالرحيل من وقته وسار الناس معه حتي نزل (بغدير خم) فصلي بالناس وأمرهم ان يجتمعوا إليه ودعا عليا " ع " فرفع رسول الله صلي الله عليه وآله يد علي " ع " اليسري بيده
(٢٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (7)، علي بن أبي طالب (1)، سورة الحجر (1)، غدير خم (1)، القتل (1)، الإرتداد (1)، الصّلاة (1)
اليمني ورفع صوته بالولاية لعلي " ع " علي الناس أجمعين وفرض طاعته عليهم وأمرهم ان لا يختلفوا عليه بعده وخبرهم ان ذلك من أمر الله تعالي وقال لهم:
الست أولي بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلي يا رسول الله قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله، ثم أمر الناس ان يبايعوه فبايعه الناس جميعا ولم يتكلم منهم أحد وقد كان أبو بكر وعمر تقدما إلي الجحفة فبعث وردهما ثم قال لهما النبي صلي الله عليه وآله متجهما لهما يا بن أبي قحافة ويا عمر بايعا عليا بالولاية من بعدي فقالا: أمر من الله ومن رسوله فقال؟ وهل يكون مثل هذا من غير أمر من الله ومن رسوله نعم أمر من الله ومن رسوله فبايعا. ثم انصرفا وسار رسول الله صلي الله عليه وآله باقي يومه وليلته حتي إذا دنو من عقبة (هرشا) فقدمه القوم فتواروا في ثنية العقبة وقد حملوا معهم دبابا وطرحوا فيها الحصي فقال حذيفة فدعاني رسول الله صلي الله عليه وآله ودعا عمار بن ياسر وأمره ان يسوق ناقته وأنا أقودها حتي إذا سرنا في رأس العقبة ثار القوم من ورائنا ودحرجوا الدباب بين قوائم الناقة فذعرت وكادت ان تنفر برسول الله فصاح بها النبي ان أسكني فليس عليك بأس فأنطقها الله بقول عربي فصيح فقالت والله يا رسول الله لا أزلت بدا عن مستقرا يد ولا رجلا عن موضع رجل وأنت ظهري. فتقدم القوم إلي الناقة ليدفعوها فأقبلت انا وعمار لنضرب وجوههم بأسيافنا وكانت ليلة مظلمة فزالوا عنا وآيسوا مما ظنوا وأدبروا، فقلت يا رسول الله من هؤلاء القوم الذين يريدون ما تري؟ فقال يا حذيفة هؤلاء المنافقون في الدنيا والآخرة فقلت ألا تبعث إليهم يا رسول الله رهطا فيأتوا برؤوسهم؟ فقال إن الله أمرني أن أعرض عنهم وأكره ان يقول الناس انه دعا أناسا من قومه وأصحابه إلي دينه فاستجابوا له فقاتل بهم حتي ظهر علي عدوه ثم أقبل عليهم فقتلهم ولكن دعهم يا حذيفة فان الله لهم بالمرصاد وسيمهلهم قليلا ثم يضطرهم إلي عذاب غليظ. فقلت من هؤلاء المنافقون يا رسول الله أمن
(٢٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، القتل (1)، الظنّ (1)، النفاق (1)
المهاجرين أم من الأنصار؟ فسماهم إلي رجلا رجلا حتي فرغ منهم ولقد كان فيهم أناس كنت كارها ان يكون فيهم فأمسكت عند ذلك فقال رسول الله يا حذيفة كأنك شاك في بعض من سميت لك أرفع رأسك إليهم فرفعت طرفي إلي القوم وهم وقوف علي الثنية فبرقت برقة أضاءت ما حولنا وثبتت البرقة حتي خلتها شمسا طالعة فنظرت والله إلي القوم فعرفتهم رجلا رجلا فإذا هم كما قال رسول الله وعدد القوم (أربعة عشر رجلا) تسعة من قريش وخمسة من سائر الناس فقال له الفتي سمهم لنا يرحمك الله؟ فقال حذيفة هم والله أبو بكر. وعمر، وعثمان، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف. وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص هؤلاء من قريش: وأما الخمسة الأخر: فأبو موسي الأشعري، والمغيرة بن شعبة الثقفي، وأوس بن الحدثان البصري، وأبو هريرة، وأبو طلحة الأنصاري. قال حذيفة ثم انحدرنا من العقبة وقد طلع الفجر فنزل رسول الله صلي الله عليه وآله فتوضأ وأنتظر أصحابه حتي انحدروا من العقبة واجتمعوا فرأيت هؤلاء بأجمعهم وقد دخلوا مع الناس وصلوا خلف رسول الله صلي الله عليه وآله فلما أنصرف رسول الله من صلاته التفت فنظر إلي أبي بكر وعمر وأبي عبيدة يتناجون فأمر مناديا فنادي في الناس لا يجتمع ثلاثة نفر من الناس يتناجون فيما بينهم بسر وأرتحل رسول الله صلي الله عليه وآله بالناس من منزل العقبة فلما نزل المنزل الآخر رأي سالم مولي أبي حذيفة أبا بكر وأبا عبيدة يسار بعضهم بعضا فوقف عليهم وقال أليس قد أمر رسول الله صلي الله عليه وآله ان لا يجتمع ثلاثة نفر من الناس علي سر والله لتخبروني فيما أنتم وإلا أتيت رسول الله فأخبره بذلك منكم فقال أبو بكر يا سالم عليك عهد الله وميثاقه فان نحن خبرناك بالذي نحن فيه وبما اجتمعنا فان أحببت ان تدخل معنا فيه دخلت وكنت رجلا منا وان كرهته كتمته علينا: فقال سالم لكم ذلك وأعطاهم بذلك عهده وميثاقه وكان سالم شديد البغض والعداوة لعلي بن أبي طالب عليه السلام: وعرفوا ذلك منه فقالوا إنا قد اجتمعنا
(٢٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عمر بن سعد لعنه الله (1)، معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (1)، عبد الرحمن بن عوف (1)، سالم مولي أبي حذيفة (1)، المغيرة بن شعبة (1)، عمرو بن العاص (1)
علي أن نتحالف ونتعاقد علي أن لا نطيع محمدا فيما فرض علينا من ولاية علي ابن أبي طالب بعده فقال لهم سالم عليكم عهد الله وميثاقه ان في هذا الأمر كنتم تخوضون وتناجون؟ قالوا أجل علينا عهد الله وميثاقه إنما كنا في هذا الأمر بعينه لا في شئ سواه قال سالم وانا والله أول من يعاقدكم علي هذا الأمر ولا أخالفكم عليه انه والله ما طلعت شمس علي أهل بيت أبغض إلي من بني هاشم ولا في بني هاشم أبغض إلي ولا أمقت من علي بن أبي طالب فاصنعوا في هذا الأمر ما بدا لكم فإني واحد منكم فتعاقدوا من وقتهم علي هذا الأمر ثم تفرقوا.
فلما أراد رسول الله المسير أتوه فقال لهم فيما كنتم تتناجون في يومكم هذا وقد نهيتكم عن النجوي فقالوا يا رسول الله ما التقينا غير وقتنا هذا فنظر إليهم النبي صلي الله عليه وآله مليا ثم قال لهم أنتم أعلم أم الله (ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون) ثم سار صلي الله عليه وآله حتي دخل المدينة وأجتمع القوم جميعا وكتبوا صحيفة بينهم علي ذكر ما تعاقدوا عليه في هذا الأمر وكان أول ما في الصحيفة النكث لولاية علي بن أبي طالب " ع " وان الأمر لأبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسالم معهم ليس بخارج منهم وشهد بذلك أربعة وثلاثون رجلا أصحاب العقبة وعشرون رجلا أخر واستودعوا الصحيفة أبا عبيدة بن الجراح وجعلوه أمينهم عليها قال فقال الفتي يا أبا عبد الله يرحمك الله هبنا ان نقول هؤلاء القوم رضوا أبا بكر وعمر وأبا عبيدة لأنهم من مشيخة قريش ومن المهاجرين الأولين فما بالهم رضوا بسالم وليس هو من قريش ولا من المهاجرين والأنصار وانما هو لامرؤ من الأنصار قال حذيفة ان القوم أجمع تعاقدوا علي إزالة هذا الأمر عن علي بن أبي طالب حسدا منهم له وكراهة لأمرته وأجتمع لهم مع ذلك ما كان في قلوب قريش عليه في سفك الدماء وكان خاصة رسول الله وكانوا يطلبون الثار الذي أوقعه رسول الله بهم عند علي من بني هاشم فإنما العقد علي إزالة الأمر عن علي ابن أبي طالب " ع " هؤلاء الأربعة عشر وكانوا يرون ان سالم رجل منهم فقال
(٣٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، المهاجرون والأنصار (1)، علي بن أبي طالب (2)، بنو هاشم (2)، الشهادة (1)
الفتي فخبرني يرحمك الله عما كتب جميعهم في الصحيفة لأعرفه فقال حذيفة حدثتني بذلك أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة أبي بكر ان القوم اجتمعوا في منزل أبي بكر فتآمروا في ذلك وأسماء تسمعهم وتسمع جميع ما يديرونه في ذلك حتي أجتمع رأيهم علي ذلك فأمروا سعيد بن العاص الأموي فكتب لهم الصحيفة باتفاق منهم وكانت نسخة الصحيفة بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اتفق عليه الملا من أصحاب محمد رسول الله من المهاجرين والأنصار الذين مدحهم الله تعالي في كتابه علي لسان نبيه اتفقوا جميعا بعد أن اجتهدوا في آرائهم وتشاوروا في أمورهم وكتبوا هذه الصحيفة نظرا منهم إلي الإسلام وأهله علي غابر الأيام وباقي الدهور وليقتدي بهم من يأتي من بعدهم من المسلمين اما بعد فان الله بمنه وكرمه بعث محمدا رسولا إلي الناس كافة بدينه الذي ارتضاه لعباده فأدي من ذلك وبلغ ما امره الله به وأوجب علينا القيام بجميعه حتي إذا أكمل الدين وفرض الفرائض وأحكم السنن اختار الله له ما عنده فقبضه إليه مكرما محبورا من غير أن يستخلف أحدا من بعده وجعل الاختيار إلي المسلمين يختارون لأنفسهم ما وثقوا برأيه ونصحه وان للمسلمين في رسول الله أسوة حسنة قال الله تعالي (ولقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) ان رسول الله لم يستخلف أحدا لئلا يجري ذلك في بيت واحد فيكون إرثا دون سائر المسلمين ولئلا يكون دولة بين الأغنياء منكم ولئلا يقول المستخلف ان هذا الامر باق في عقبه من ولد إلي ولد إلي يوم القيامة والذي يجب علي المسلمين عند مضي خليفة من الخلفاء ان يجتمع ذووا الرأي والصلاح منهم فيتشاوروا في أمورهم فمن رأوه مستحقا له ولوه أمورهم وجعلوه القيم عليهم فإنه لا يخفي علي أهل كل زمان من يصلح منهم للخلافة فان ادعي مدع من الناس جميعا ان رسول الله أستخلف رجلا بعينه نصبه للناس ونص عليه باسمه ونسبه فقد أبطل في قوله وأتي بخلاف ما تعرفه أصحاب رسول الله وخالف جماعة المسلمين ان ادعي مدع ان خلافة رسول الله
(٣٠١)
صفحهمفاتيح البحث: المهاجرون والأنصار (1)، يوم القيامة (1)، أسماء بنت عميس (1)
ارث وان رسول الله صلي الله عليه وآله يورث فقد أحال في قوله لأن رسول الله قال نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة وان أدعي مدع ان الخلافة لا تصلح إلا لرجل واحد من بين الناس جميعا وانها مقصورة فيه لا ينبغي لغيره لأنها تتلوا النبوة فقد كذب لان النبي قال: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وإذا أدعي مدع أنه يستحق الخلافة والإمامة بقربه من رسول الله ثم هي مقصورة عليه وعلي عقبه يرثها الولد منهم عن والده ثم هي كذلك في كل عصر وزمان لا تصلح لغيرهم ولا ينبغي ان تكون لأحد سواهم إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها فليس له ولا لولده وان دنا من النبي نسبه لأن الله يقول وقوله القاضي علي كل أحد ان أكرمكم عند الله أتقاكم وقال رسول الله ان ذمة المسلمين واحدة يسعي بها أدناهم وكلهم يد واحده علي من سواهم فمن آمن بكتاب الله وأقر بسنة رسول الله فقد استقام وأناب واخذ بالصواب ومن كره ذلك من فعلهم فقد خالف الحق والكتاب وفارق جماعة المسلمين فاقتلوه فان قتله صلاح الأمة وقد قال رسول الله من جاء إلي أمتي وهم جميع ففرق بينهم فاقتلوه واقتلوا الفرد كائنا ما كان فان الاجتماع رحمة والفرقة عذاب ولا يجتمع أمتي علي ضلال ابدا وان المسلمين يد واحدة علي من سواهم فإنه لا يخرج من جماعة إلا مفارق معاند لهم مظاهر عليهم أعداءهم فقد أباح الله ورسوله دمه وأحل قتله. وكتبها سعيد بن العاص باتفاق ممن أثبت أسمه وشهادته آخر هذه الصحيفة في المحرم سنة عشر من الهجرة والحمد لله رب العالمين وصلي الله علي سيدنا النبي وآله. ثم دفعت الصحيفة إلي أبي عبيده بن الجراح فوجه بها إلي مكة فلم نزل الصحيفة في الكعبة مدفونة إلي أن ولي الامر عمر بن الخطاب فاستخرجها من موضعها وهي الصحيفة التي تمني أمير المؤمنين " ع " عليه لما توفي عمر فوقف عليه وهو مسجي بثوبه فقال ما أحب ان ألقي الله الا بصحيفة هذا المسجي ثم انصرفوا وصلي رسول الله صلي الله عليه وآله بالناس صلاة الفجر ثم جلس في مجلسه يذكر الله عز وجل حتي طلعت الشمس فالتفت إلي أبي عبيدة بن الجراح
(٣٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الفجر (الصبح) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، حديث أصحابي كالنجوم (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، الكذب، التكذيب (1)، القتل (4)، الضلال (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (2)، التصدّق (1)
فقال بخ بخ من مثلك لقد أصبحت أمين هذه الأمة ثم تلا (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيدهم وويل لهم مما يكسبون) لقد أشبه هؤلاء رجال في هذه الأمة يستخفون من الناس ولا يستحقون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضي من القول وكان الله بما يعملون محيطا ثم قال صلي الله عليه وآله لقد أصبح في هذه الأمة في يومي هذا قوم ضاهوهم في صحيفتهم التي كتبوها علينا وعلقوها في الكعبة وان الله تعالي يعذبهم عذابا ليبتليهم ويبتلي من يأتي من بعدهم تفرقة بين الخبيث والطيب ولولا أنه تعالي أمرني بالاعراض عنهم للامر الذي هو بالغه لقدمتهم فضربت أعناقهم قال حذيفة فوالله لقد رأينا هؤلاء النفر عند ما سمعوا من رسول الله صلي الله عليه وآله هذه المقالة ولقد أخذتهم الرعدة فما يملك أحد من نفسه شيئا ولم يخف علي أحد ممن حضر مجلس رسول الله ذلك اليوم ان رسول الله إياهم عني بقول ولهم ضرب تلك الأمثال بما تلا من القرآن قال ولما قدم رسول الله من سفره ذلك نزل منزل أم سلمة زوجته فأقام بها شهرا لا ينزل منزلا سواه من منازل أزواجه كما كان يفعل قبل ذلك قال فشكت عائشة وحفصة ذلك إلي أبويهما فقالا لهما انا لا نعلم لم صنع ذلك ولأي شئ هو أمضيا إليه فلاطفاه في الكلام وخادعاه عن نفسه فإنكما تجد أنه حييا كريما فلعلكما تسلان ما في قلبه وتستخرجان سخيمته قال فمضت عائشة وحدها إليه فأصابته في منزل أم سلمة وعنده علي بن أبي طالب " ع " فقال لها النبي ما جاء بك يا حميراء قالت يا رسول الله أنكرت نخلفك عن منزلك هذه المدة وانا أعوذ بالله من سخطك يا رسول الله فقال صلي الله عليه وآله لو كان الامر كما تقولين لما أظهرت سرا أوصيتك بكتمانه لقد هلكت وأهلكت أمة من الناس قال ثم أمر خادمة أم سلمة فقال اجمعي لي هؤلاء يعني نساءه فجمعتهن له في منزل أم سلمة فقال لهن أسمعن ما أقول لكن وأشار بيده إلي علي بن أبي طالب " ع " فقال لهن هذا أخي ووصي ووارثي والقائم فيكن وفي الأمة من بعدي فاطعنه فيما
(٣٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (4)، القرآن الكريم (1)، الزوجة (1)
يأمركن ولا تعصينه فتهلكن بمعصيته ثم قال يا علي أوصيك بهن فامسكهن ما أطعن الله وأطعنك وأنفق عليهن من مالك وأمرهن بأمرك وانههن عما يريبك وخل سبيلهن ان عصينك فقال علي " ع " يا رسول الله إنهن نساء وفيهن الوهن وضعف الرأي فقال ارفق بهن ما كان الرفق بهن أمثل فمن عصاك منهن فطلقها طلاقا يبرأ الله ورسوله منها قال وكان نساء النبي قد صمتن فلم يقلن شيئا وتكلمت عائشة فقالت يا رسول الله ما كنا لتأمرنا بالشئ فنخالفه إلي ما سواه فقال لها بلي يا حميراء قد خالفت أمري أشد الخلاف وأيم الله لتخالفين قولي هذا ولتعصينه بعدي ولتخرجن من البيت الذي أخلفك فيه متبرجة قد حف بك فئام من الناس فتخالفيه ظالمة عاصية لربك ولينبحنك في طريقك كلاب الحوأب ألا ان ذلك كائن ثم قال قمن فانصرفن إلي منازلكن فقمن وانصرفن قال ثم إن رسول الله جمع أولئك النفر ومن مالاهم علي علي " ع " وطابقهم علي عداوته ومن كان من الطلقاء والمنافقين وكانوا زها. أربعة آلاف رجل فجعلهم تحت يد أسامة بن زيد مولاه وأمره عليهم وأمرهم بالخروج إلي ناحية من الشام فقالوا يا رسول الله انا قدمنا من سفرنا الذي كنا فيه معك ونحن نسألك ان تأذن لنا في المقام لنصلح من شأننا يصلحنا في سفرنا قال فأمرهم ان يكونوا في المدينة ربث اصلاح ما يحتاجون إليه وامر أسامة بن زيد فعسكر بهم علي أميال من المدينة فأقام بهم بمكانه الذي حده له رسول الله صلي الله عليه وآله منتظرا القوم ان يوافوه إذا فرغوا من أمورهم وقضاء حوائجهم وإنما أراد رسول الله بما صنع من ذلك أن تخلوا المدينة منهم ولا يبقي بها أحد من المنافقين قال فهم علي ذلك من شأنهم ورسول الله يحثهم ويأمرهم بالخروج والتعجيل إلي الوجه الذي نديهم إليه إذ مرض رسول الله مرضه الذي توفي فيه فلما رأوا ذلك تباطؤا عما أمرهم رسول الله صلي الله عليه وآله من الخروج فامر قيس بن عبادة وكان سياف رسول الله والحباب بن المنذر في جماعة من الأنصار ان يرحلوا بهم إلي عسكرهم فأخرجهم قيس بن سعد والحباب بن
(٣٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أسامة بن زيد (1)، قيس بن عبادة (1)، قيس بن سعد (1)، الشام (1)، النفاق (1)، المرض (1)
المنذر حتي ألقاهم بعسكرهم وقالا لأسامة ان رسول الله صلي الله عليه وآله لم يرخص لك في التخلف فسر من وقتك هذا ليعلم رسول الله ذلك فارتحل بهم أسامة وأنصرف قيس والحباب بن المنذر إلي رسول الله صلي الله عليه وآله فأخبراه برحلة القوم فقال صلي الله عليه وآله لهما ان القوم غير سائرين من مكانهم قال وخلا أبو بكر وعمرو أبو عبيدة بأسامة وجماعة من أصحابه فقالوا إلي أين تنطلق وتخلي المدينة أحوج ما كنا إليها والي المقام بها فقال لهم وما ذلك قالوا ان رسول الله صلي الله عليه وآله قد نزل به الموت والله لئن خلينا المدينة ليحدثن بها أمور لا يمكن اصلاحها فننظر ما يكون من أمر رسول الله ثم المسير بين أيدينا قال فرجع القوم إلي المعسكر الأول فأقاموا به وبعثوا رسولا يتعرف لهم أمر رسول الله صلي الله عليه وآله فأتي الرسول عائشة فسألها عن ذلك سرا فقالت أمض إلي أبي بكر وعمر ومن معهما فقل لهما ان رسول الله قد ثقل فلا يبرحن أحد منكم وانا أعلمكم بالخبر وقتا بعد وقت واشتدت علة رسول الله فدعت عائشة صهيبا فقالت أمض إلي أبي بكر وأعلمه ان محمدا في حال لا يرجي فهلم إلينا أنت وعمر وأبو عبيدة ومن رأيتم ان يدخل معكم وليكن دخولكم المدينة في الليل قال فأتاهم الخبر فاخذوا بيد صهيب فأدخلوه علي أسامة بن زيد فأخبره الخبر وقالوا له كيف ينبغي لنا ان نتخلف عن مشاهدة رسول الله صلي الله عليه وآله واستأذنوه في الدخول فأذن لهم في الدخول وأمرهم ان لا يعلم بدخولهم أحد فان عوفي رسول الله صلي الله عليه وآله رجعتم إلي عسكركم وان حدث حادث الموت عرفونا ذلك لنكون في جماعة الناس فدخل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ليلا المدينة ورسول الله صلي الله عليه وآله قد ثقل فأفاق بعض الإفاقة فقال صلي الله عليه وآله لقد طرق ليلتنا هذه المدينة شر عظيم فقيل له وما هو يا رسول الله صلي الله عليه وآله فقال إن الذين كانوا في جيش أسامة قد رجع منهم نفر مخالفون لأمري ألا اني إلي الله منهم برئ ويحكم نفذوا جيش أسامة فلم يزل يقول ذلك حتي قالها مرات كثيرة قال وكان بلال مؤذن رسول الله صلي الله عليه وآله يؤذنه بالصلاة في كل وقت صلاة فان قدر علي الخروج تحامل وخرج وصلي بالناس وان هو لم
(٣٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: مواقيت الصلاة (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (9)، أسامة بن زيد (1)، الموت (2)، الصّلاة (1)
يقدر علي الخروج أمر علي بن أبي طالب " ع " يصلي بالناس وكان علي بن أبي طالب والفضل بن العباس لا يزايلانه في مرضه ذلك فلما أصبح رسول الله صلي الله عليه وآله من ليلته التي قدم فيها القوم الذين كانوا تحت يد أسامة اذن بلال ثم اتاه يخبره كعادته فوجده قد ثقل فمنع من الدخول عليه فأمرت عائشة صيهبا ان يمضي إلي أبيها فيعلمه ان رسول الله صلي الله عليه وآله قد ثقل وليس يطيق النهوض إلي المسجد وعلي ابن أبي طالب قد شغل به وبمشاهدته عن الصلاة بالناس فاخرج أنت إلي المسجد فصل بالناس فإنها حيلة تهنيك وحجة لك بعد اليوم قال فلم يشعر الناس وهم في المسجد ينتظرون رسول الله صلي الله عليه وآله أو عليا يصلي بهم كعادته التي عرفوها في مرضه إذ دخل أبو بكر المسجد وقال إن رسول الله قد ثقل وقد امرني ان أصلي بالناس فقال له رجل من أصحاب رسول الله وأني لك ذلك وأنت في جيش أسامة ولا والله ما أعلم أحدا بعث إليك ولا أمرك بالصلاة ثم نادي الناس بلالا فقال علي رسلكم رحمكم الله لأستأذن رسول الله صلي الله عليه وآله في ذلك ثم أسرع حتي أتي الباب فدقه دقا شديدا فسمعه رسول الله صلي الله عليه وآله فقال ما هذا الدق العنيف فانظروا ما هو قال فخرج الفضل بن العباس ففتح الباب فإذا بلال فقال ما وراءك فقال إن أبا بكر دخل المسجد وتقدم حتي وقف في مقام رسول الله وزعم أن رسول الله أمره بذلك فقال أو ليس أبو بكر مع أسامة في الجيش هذا والله هو الشر العظيم الذي طرق البارحة المدينة لقد أخبرنا رسول الله بذلك ودخل الفضل وادخل بلال معه فقال صلي الله عليه وآله ما وراءك يا بلال فأخبر رسول الله الخبر فقال صلي الله عليه وآله أقيموني أقيموني أخرجوني إلي المسجد والذي نفسي بيده قد نزلت بالاسلام نازلة وفتنة عظيمة من الفتن ثم خرج معصوب الرأس يتهادي بين علي " ع " والفضل بن العباس ورجلاه تجران في الأرض حتي دخل المسجد وأبو بكر قائم في مقام رسول الله وقد طاف به عمر وأبو عبيدة وسالم وصهيب والنفر الذين دخلوا معه وأكثر الناس قد وقفوا عن الصلاة ينتظرون ما يأتي به بلال فلما رأي الناس
(٣٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، الفضل بن العباس (2)، المرض (1)، الحج (1)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)، السجود (5)، الصّلاة (4)
رسول الله صلي الله عليه وآله قد دخل المسجد وهو بتلك الحالة العظيمة من المرض أعظموا ذلك وتقدم رسول الله فجذب أبا بكر من ورائه فنحاه عن المحراب وأقبل أبو بكر والنفر الذين كانوا معه فتواروا خلف رسول الله صلي الله عليه وآله وأقبل الناس فصلوا خلف رسول الله وهو جالس وبلال يسمع الناس التكبير حتي قضي صلاته ثم التفت فلم ير أبا بكر فقال أيها الناس الا تعجبون من ابن أبي قحافة وأصحابه الذين أنفذتهم وجعلتهم تحت يد أسامة وأمرتهم بالمسير إلي الوجه الذي وجهوا إليه فخالفوا ذلك ورجعوا إلي المدينة ابتغاء الفتنة ألا وان الله قد أركسهم فيها عرجوا بي إلي المنبر فقام وهو مربوط حتي قعد علي أدبي مرقاة فحمد الله وأثني عليه ثم قال أيها الناس انني قد جاءني من أمر ربي ما الناس صائرون إليه وإن قد تركتكم علي المحجة الواضحة ليلها كنهارها فلا تختلفوا من بعدي كما اختلف من كان قبلكم من بني إسرائيل أيها الناس لأحل لكم إلا ما أحله القرآن ولا أحرم عليكم إلا ما حرمه القرآن وإني مخلف فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا ولن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي هما الخليفتان وأنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض فأسألكم ماذا خلفتموني فيهما وليذادن يومئذ رجال عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل فيقول انا فلان وانا فلان فنقول اما الأسماء ففد عرفت ولكنكم ارتددتم من بعدي فسحقا لكم سحقا ثم نزل عن المنبر وعاد إلي حجرته ولم يظهر أبو بكر وأصحابه حتي قبض رسول الله صلي الله عليه وآله وكان من أمر الأنصار وسعيد في السقيفة ما كان فمنعوا أهل بيت نبيهم حقوقهم التي جعلها الله عز وجل واما كتاب الله فمزقوه كل ممزق وفيما أخبرتك يا أخا الأنصار من خطب معتبر لمن أحب الله هدايته فقال الفتي صم لي القوم الآخرين الذين حضروا الصحيفة فقال حذيفة هم أبو سفيان وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية بن خلف وسعيد بن العاص وعياش بن أبي ربيعة وبشر بن سعيد وسهيل بن عمر وحكيم بن حزام وصهيب بن سنان وأبو الأعور السلمي ومطيع بن الأسود المدوي وجماعة
(٣٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، حديث الثقلين (1)، يوم عرفة (1)، صفوان بن أمية (1)، صهيب بن سنان (1)، القرآن الكريم (2)، السقيفة (1)، المرض (1)، الجهل (1)، السجود (1)، التكبير (1)، الجماعة (1)
من هؤلاء ممن سقط عني إحصاء عددهم فقال الفتي يا أبا عبد الله ما هؤلاء في أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله حتي أنقلب الناس أجمعون بسببهم فقال حذيفة إن في هؤلاء رؤس القبائل وأشرافها وما من رجل من هؤلاء إلا ومعه خلق عظيم يسمعون له ويطيعونه واشربوا في قلوبهم من أبي بكر كما اشرب في قلوب بني إسرائيل من حب العجل والسامري حتي تركوا هارون واستضعفوه قال الفتي فإني أقسم بالله حقا حقا إني لا أزال لهم مبغضا وإلي الله منهم ومن أفعالهم متبرئا ولازلت لأمير المؤمنين " ع " مواليا ولأعدائه معاديا ولألحقن به وإني لأؤمل ان ارزق الشهادة معه وشيكا إن شاء الله ثم ودع حذيفة وقال هذا وجهي إلي أمير المؤمنين " ع " فخرج إلي المدينة واستقبله أمير المؤمنين وقد شخص من المدينة يريد العراق فصار معه إلي البصرة فلما التقي أمير المؤمنين " ع " مع أصحاب الجمل كان ذلك الفتي أول من قتل من أصحاب أمير المؤمنين وذلك لما صف القوم واجتمعوا علي الحرب أحب أمير المؤمنين " ع " ان يستظهر عليهم بدعائهم إلي القرآن وحكمه فدعا بمصحف وقال من يأخذ هذا المصحف يعرضه عليهم ويدعوهم إلي ما فيه فيحيي ما أحياه ويميت ما أماته قال وقد شرعت الرماح بين العسكرين حتي لو أراد أمرؤ ان يمشي عليها لمشي قال فقام الفتي فقال يا أمير المؤمنين انا آخذه وأعرضه عليهم وادعوهم إلي ما فيه قال فاعرض عنه أمير المؤمنين ثم نادي الثانية من يأخذ هذا المصحف فيعرضه عليهم ويدعوهم إلي ما فيه فلم يقم إليه أحد فقام الفتي فقال يا أمير المؤمنين أنا آخذه وأعرضه عليهم وادعوهم إلي ما فيه قال فاعرض عنه أمير المؤمنين " ع " ثم نادي الثالثة فلم يقم إليه أحد من الناس إلا الفتي فقال انا آخذه وأعرضه عليهم وادعوهم إلي ما فيه فقال أمير المؤمنين انك أن فعلت فأنت مقتول فقال والله يا أمير المؤمنين ما شئ أحب إلي من أن ارزق الشهادة بين يديك وان اقتل في طاعتك فأعطاه أمير المؤمنين " ع " المصحف فتوجه به نحو عسكرهم فنظر إليه أمير المؤمنين " ع " وقال إن الفتي ممن حشا الله
(٣٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (6)، دولة العراق (1)، مدينة البصرة (1)، القرآن الكريم (1)، القتل (1)، الشهادة (2)، الحرب (1)
قلبه نورا وإيمانا وهو مقتول ولقد أشفقت عليه ولن يفلح القوم بعد قتلهم إياه فمضي الفتي بالمصحف حتي وقف بإزاء عسكر عائشة وطلحة والزبير حينئذ عن يمين الهودج وشماله وكان له صوت فنادي بأعلي صوته معاشر الناس هذا كتاب الله وان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " يدعوكم إلي كتاب الله والحكم بما انزل الله فيه فأنيبوا إلي طاعة الله والعمل بكتابه قال وكانت عائشة وطلحة والزبير يسمعون قوله فأمسكوا فلما رأي ذلك أهل عسكرهم بادروا إلي الفتي والمصحف في يمينه فقطعوا يده اليمني فتناول المصحف بيده اليسري وناداهم بأعلي صوته مثل ندائه أول مرة فبادروا إليه فقطعوا يده اليسري فتناول المصحف واحتضنه ودماؤه تجري عليه فناداهم مثل ذلك فشدوا عليه فقتلوه ووقع ميتا فقطعوه إربا إربا ولقد رأينا شحم بطنه اصفر، قال وأمير المؤمنين واقف يراهم فاقبل علي أصحابه وقال إني والله ما كنت في شك ولا لبس من ضلالة القوم وباطلهم ولكن أحببت ان يتبين لكم جميعا ذلك من بعد قتلهم الرجل الصالح حكيم بن جبلة العبدي في رجال صالحين معه ووثوبهم بهذا الفتي وهو يدعوهم إلي كتاب الله والحكم والعمل بموجبه فثاروا عليه فقتلوه لا يرتاب بقتلهم إياه مسلم ووقعت الحرب واشتدت فقال أمير المؤمنين " ع " احملوا عليهم بسم الله حم لا ينصرون وحمل عليه السلام هو بنفسه والحسنان " ع " وأصحاب رسول الله معه فغاص في القوم بنفسه فوالله ما كانت ألا ساعة من نهار حتي رأينا القوم شلايا يمينا وشمالا صرعي تحت سنابك الخيل ورجع أمير المؤمنين مؤيدا منصورا فتح الله عليه ومنحه أكتافهم فامر بذلك الفتي وجميع من قتل معه فلفوا في ثيابهم بدمائهم لم تنزع عنهم ثيابهم وصلي عليهم ودفنهم وأمرهم ان لا يجهزوا علي جريح ولا يتبعوا لهم مدبرا وامر بما حوي العسكر فجمع له فقسمه بين أصحابه وامر محمدا ابن أبي بكر ان يدخل أخته إلي البصرة فتقيم بها أياما ثم يرحلها إلي منزلها بالمدينة.
قال عبد الله بن مسلمة كنت ممن شهد حرب الجمل فلما وضعت الحرب أوزارها
(٣٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، مدينة البصرة (1)، حكيم بن جبلة (1)، الشهادة (1)، القتل (3)، الضلال (1)، الحرب (2)، الصّلاة (1)

خزيمة بن ثابت

رأيت أم ذلك الفتي واقفة عليه فجعلت تبكي وتقبله ثم أنشأت تقول:
يا رب ان مسلما أتاهم * يتلو كتاب الله لا يخشاهم يأمرهم بالامر من مولاهم * فخضبوا من دمه قناهم وأمهم قائمة تراهم * تأمرهم بالبغي لا تنهاهم (حزيمة بن ثابت) ابن الفاكه بن ثعلبة الخطمي الأنصاري ذو الشهادتين يكني أبا عمارة وإنما قيل له ذو الشهادتين لأن رسول الله صلي الله عليه وآله جعل شهادته كشهادة رجلين.
قال الزمخشري في ربيع الأبرار روي أن رسول الله استقضاه يهودي دينارا فقال رسول الله صلي الله عليه وآله أولم أقضك فطلب البينة فقال لأصحابه أيكم يشهد لي فقال حزيمة انا يا رسول الله فقال وكيف تشهد بذلك ولم تحضره ولم تعلمه قال يا رسول الله نحن نصدقك علي الوحي من السماء فكيف لا نصدقك علي إنك قضيته فانفذ شهادته وسماه بذلك لأنه صير شهادته شهادة رجلين.
وروي ابن الجوزي في كتاب الأذكياء قال أخبرنا ابن الحسين قال أخبرنا ابن المذهب قال أخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال أخبرنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثنا عمارة بن خزيمة الأنصاري ان عمه حدثه ان النبي صلي الله عليه وآله ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه النبي ليقضيه ثمن فرسه فأسرع النبي صلي الله عليه وآله المشي وأبطأ الأعرابي فطفق رجال يتعرضون للأعرابي فيساومون في الفرس الذي ابتاعه النبي حتي زاد بعضهم الأعرابي في السوم علي ثمن الفرس الذي ابتاعه النبي صلي الله عليه وآله فنادي الأعرابي النبي صلي الله عليه وآله؟ فقال اني كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه وإلا بعته فقال النبي قد ابتعته منك قال لا فطفق الناس يلوذون بالنبي والأعرابي وهما يتراجعان فطفق الأعرابي يقول هلم شاهدا يشهد اني قد بعتك من جاء من المسلمين قال للأعرابي ويلك ان النبي لم يكن ليقول إلا حقا حتي جاء خزيمة فاستمع لمراجعة النبي ومراجعة الأعرابي
(٣١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، الزمخشري (1)، عبد الله بن أحمد (1)، ذو الشهادتين (2)، عمارة بن خزيمة (1)، أحمد بن جعفر (1)، الشهادة (7)
فطفق الأعرابي يقول هلم شاهدا يشهد إني قد بايعتك فقال خزيمة انا اشهد انك قد بايعته فاقبل النبي صلي الله عليه وآله علي خزيمة فقال بم تشهد فقال بتصديقك يا رسول الله فجعل النبي صلي الله عليه وآله شهادة خزيمة بشهادة رجلين وكان خزيمة من كبار الصحابة شهد بدرا وما بعدها من المشاهد وكانت راية بني حطمة بيده يوم الفتح.
قال الفضل بن شاذان انه من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين " ع " وكان خزيمة ممن أنكر علي أبي بكر تقدمه علي علي " ع ".
وروي عن الصادق " ع " انه قام ذلك اليوم فقال أيها الناس ألستم تعلمون ان رسول الله قبل شهادتي ولم يرد معي غيري قالوا بلي قال فاشهدوا اني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول أهل بيتي يفرقون بين الحق والباطل وهم الأئمة الذين يقتدي بهم وقد قلت ما علمت وما علي الرسول إلا البلاغ.
وعن الأسود بن زيد النخعي قال لما بويع علي بن أبي طالب " ع " علي منبر رسول الله قال خزيمة بن ثابت الأنصاري وهو واقف بين يدي المنبر هذه الأبيات:
إذا نحن بايعنا عليا فحسبنا * أبو حسن مما نخاف من الفتن وجدناه أولي الناس بالناس انه * أطب قريشا بالكتاب وبالسنن فان قريشا ما تشق غباره * إذا ما جري يوما علي الضمر البدن وفيه الذي فيهم من الخير كله * وما فيهم مثل الذي فيه من حسن وصي رسول الله من دون أهله * وفارسه قد كان في سالف الزمن وأول من صلي من الناس كلهم * سوي خيرة النسوان والله ذو منن وصاحب كبش القوم في كل وقعة * يكون له نفس الشجاع لذي الذقن فذاك الذي تثني الخناصر باسمه * امامهم حتي أغيب في الكفن ومن شعر خزيمة قوله في يوم الجمل لعائشة:
أعائش خلي عن علي وعيبه * بما ليس فيه إنما أنت والده
(٣١١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، خزيمة بن ثابت (1)، الفضل بن شاذان (1)، الشهادة (5)، الباطل، الإبطال (1)
وصي رسول الله من دون أهله * وأنت علي ما كان من ذاك شاهده وحسبك منه بعض ما تعلمينه * ويكفيك لو لم تعلمي غير واحده إذا قيل ماذا عبت منه رميته * بخذل ابن عفان وما تلك آيده وليس سماء الله قاطرة دما * لذاك وما ارض الفضاء بمائدة وقوله أيضا في ذلك اليوم:
ليس بين الأنصار في حرمة الحر * ب وبين العداة إلا الطعان وقراع الكماة بالقضب البيض * إذا ما تحطم المران فادعها يستجب فليس من الخزرج والأوس يا علي جبان يا وصي النبي قد أجلت الحرب * الأعادي وسارت الأضعان واستقامت لك الأمور سوي الشام * وفي الشام تظهر الأضغان حسبهم ما رأوا وحسبك منا * هكذا نحن حيث كان وكانوا وقتل خزيمة بصفين مع أمير المؤمنين " ع " في الواقعة المعروفة بوقعة الخميس في الوقائع.
قال نصر بن مزاحم، بسنده عن إبراهيم النخعي قال: حدثني القعقاع بن الأبرد الطهوي، قال والله إني لواقف قريبا من علي بصفين يوم وقعة الخميس وقد التقت مذحج وكانوا علي ميمنة علي " ع " بعك ولخمم وخذام والأشعريين وكانوا مستبصرين بقتال علي فلقد والله رأيت ذلك اليوم من قتالهم وسمعت من وقع السيوف علي الرؤس وخبط الخيول بحوافرها في الأرض وفي القتلي ما الجبال تهد ولا الصواعق تصعق بأعظم هؤلاء في الصدور من تلك الأصوات ونظرت إلي علي " ع " وهو قائم فدنوت منه فسمعته يقول لا حول ولا قوة ألا بالله اللهم إليك أشكو وأنت المستعان ثم نهض " ع " حين قام فأتم الظهيرة وهو يقول (ربنا) افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) وحمل علي الناس بنفسه وسيفه مجرد بيده فلا والله ما حجز بين الناس ذلك اليوم الا رب العالمين في قريب من ثلث
(٣١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، إبراهيم النخعي (1)، نصر بن مزاحم (1)، الشام (2)، القتل (3)، الحرب (1)
الليل الأول وقتلت يومئذ أعلام العرب وقتل في هذا اليوم خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين.
وروي عن الفضل بن دكين قال حدثنا عبد الجبار بن العباس الشامي عن أبي إسحاق قال لما قتل عمار (ره) دخل خزيمة بن ثابت فسطاطه وطرح عنه سلاحه ثم شن عليه الماء فاغتسل ثم قاتل حتي قتل.
وروي أبو معشر عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال ما زال جدي كافا سلاحه يوم الجمل ويوم صفين حتي قتل عمار فلما قتل عمار سل سيفه وقال سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول تقتله الفئة الباغية فقاتل حتي قتل (ره).
قال نصر ابن مزاحم، وقالت منيعة بنت خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ترثي أباها (ره) وهي تقول:
عين جودي علي خزيمة بالدمع * قتيل الأحزاب يوم الفرات قتلوا ذا الشهادتين عتوا * أدرك الله منهم بالترات قتلوه في فتية غير عزل * يسرعون الركوب في الدعوات نصروا السيد الموفق ذا العد * ل ودانوا بذاك حتي الممات لعن الله معشرا قتلوه * ورماهم بالخزي والآفات قال عبد الحميد بن أبي الحديد المدائني ومن غريب ما وقفت عليه من العصبية القبيحة ان أبا حيان التوحيدي قال في كتاب البصائر ان خزيمة بن ثابت المقتول مع علي " ع " بصفين ليس هو ذو الشهادتين بل آخر من الأنصار صحابي أسمه خزيمة بن ثابت وهذا خطأ لأن كتب الحديث والنسب تنطق بأنه لم يكن في الصحابة من الأنصار ولا من غير الأنصار من أسمه خزيمة بن ثابت إلا ذو الشهادتين وإنما الهوي لا دواء له علي أن الطبري صاحب التاريخ قد سبق أبا حيان بهذا القول ومن كتابه نقل أبو حيان، والكتب الموضوعة لأسماء الصحابة تشهد بخلاف ما ذكراه ثم أي حاجة لناصري أمير المؤمنين " ع " ان يتكثروا بخزيمة
(٣١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، نهر الفرات (1)، عبد الجبار بن العباس (1)، ذو الشهادتين (2)، عمارة بن خزيمة (1)، خزيمة بن ثابت (6)، الفضل بن دكين (1)، عبد الحميد (1)، القتل (10)

أبو أيوب الأنصاري

وأبي الهيثم وعمار وغيرهم لو أنصف الناس هذا ورأوه بالعين الصحيحة لعلموا أنه لو كان وحده وحاربه الناس كلهم أجمعون لكان علي الحق وكانوا علي الباطل انتهي كلامه. وكانت وقعة صفين في سنة سبع وثلاثين للهجرة.
والخطمي بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء المهملة وفي آخرها ميم نسبة إلي بطن من الأنصار وهم بنو خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس بن حارثة ينسب إليهم جماعة من الصحابة.
(أبو أيوب الأنصاري) أبو أيوب خالد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار وهو تيم ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأنصاري الخزرجي من بني النجار كان من كبار الصحابة شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد وكان سيدا معظما من سادات الأنصار وهو صاحب منزل رسول الله صلي الله عليه وآله نزل عنده لما خرج من بني عمرو ابن عوف حين قدم المدينة مهاجرا من مكة فلم يزل عنده حتي بني مسجده ومساكنه ثم أنتقل إليها.
وروي ابن شهرآشوب في المناقب مرفوعا عن سلمان (رض) قال لما قدم النبي صلي الله عليه وآله إلي المدينة تعلق الناس بزمام الناقة فقال النبي صلي الله عليه وآله يا قوم دعوا الناقة فهي مأمورة فعلي باب من بركت فانا عنده فأطلقوا زمامها وهي تهف في السير حتي دخلت المدينة فبركت علي باب أبي أيوب الأنصاري ولم يكن في المدينة أفقر منه فانقطعت قلوب الناس حسرة علي مفارقة النبي صلي الله عليه وآله فنادي أبو أيوب يا أماه افتحي الباب فقد قدم سيد البشر وأكرم ربيعة ومضر محمد المصطفي والرسول المجتبي فخرجت وفتحت الباب وكانت عمياء فقالت وا حسرتاه ليت كان لي عين أبصر بها إلي وجه سيدي رسول الله فكان أول معجزة النبي صلي الله عليه وآله بالمدينة انه وضع كفه علي وجه أم أبي أيوب فانفتحت عيناها.
قال الذهبي وفد أبو أيوب علي ابن عباس بالبصرة فقال اني أخرج عن
(٣١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، عبد الله بن عباس (1)، أبو أيوب الأنصاري (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، ابن شهرآشوب (1)، ثعلبة بن عمرو (1)، الشهادة (2)
مسكني لك كما خرجت عن مسكنك لرسول الله صلي الله عليه وآله فأعطاه ذلك وعشرين الف درهما وأربعين عبدا. وكان أبو أيوب من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين " ع " وأنكر علي أبي بكر تقدمه علي علي " ع " وروي عن الصادق " ع " انه قام في ذلك اليوم فقال اتقوا الله عباد الله في أهل بيت نبيكم وأوردوا إليهم حقهم الذي جعله الله لهم فقد سمعتم مثل سمع إخواننا في مقام بعد مقام لنبينا صلي الله عليه وآله ومجلس بعد مجلس يقول أهل بيتي أئمتكم بعدي ويومئ إلي علي " ع " ويقول هذا أمير البررة وقاتل الكفرة مخذول من خذله منصور من نصره فتوبوا إلي الله من ظلمكم ان الله تواب رحيم ولا تتولوا عنه مدبرين ولا تتولوا عنه معرضين قال أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستيعاب ان أبا أيوب شهد مع علي " ع " مشاهده كلها. وروي عن الكلبي وابن اسحق قالا شهد معه يوم الجمل وصفين وكان علي مقدمته يوم النهروان.
وقال إبراهيم بن ديزيل في كتاب صفين قال حدثنا يحيي بن سليمان قال حدثنا ابن فضيل قال حدثنا الحسن بن الحكم النخعي عن رباح بن الحرث النخعي قال كنت جالسا عند علي إذ قدم قوم متلثمون فقالوا السلام عليك يا مولانا فقال أو لستم قوما عربا قالوا بلي ولكنا سمعنا رسول الله يقول يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله قال فلقد رأيت عليا ضحك حتي بدت نواجده ثم قال اشهدوا ثم إن القوم مضوا إلي رحالهم فتبعتهم فقلت لرجل منهم من القوم قال نحن رهط من الأنصار وذاك يعنون رجلا منهم أبو أيوب الأنصاري صاحب منزل رسول الله صلي الله عليه وآله قال فأتيته فصافحته.
وروي هذا الخبر بعبارة أخري عن رياح بن الحرث المذكور قال كنت في الرحبة مع أمير المؤمنين " ع " إذ أقبل ركب يسيرون حتي أناخوا بالرحبة ثم أقبلوا يمشون حتي أتوا عليا " ع " فقالوا السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله
(٣١٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (5)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو أيوب الأنصاري (1)، الحسن بن الحكم النخعي (1)، يحيي بن سليمان (1)، غدير خم (1)، الشهادة (2)
وبركاته قال من القوم قالوا مواليك يا أمير المؤمنين قال فنظرت إليه وهو يضحك ويقول من أين وأنتم قوم عرب قالوا سمعنا رسول الله صلي الله عليه وآله يوم غدير خم وهو آخذ بعضدك يقول أيها الناس الست أولي بالمؤمنين من أنفسهم قلنا بلي يا رسول الله صلي الله عليه وآله قال إن الله مولاي وانا مولي المؤمنين وعلي مولي من كنت مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فقال " ع " أنتم تقولون ذلك قالوا نعم قال " ع " وتشهدون عليه قالوا نعم قال " ع " صدقتم فانطلق القوم وتبعتهم فقلت لرجل منهم من أنتم يا عبد الله قال نحن رهط من الأنصار وهذا أبو أيوب صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله فأخذت بيده فسلمت عليه وصافحته.
وروي ابن ديزيل في كتاب صفين أيضا عن يحيي بن سليمان عن إبراهيم الهجري عن أبي صادق قال قدم علينا أبو أيوب الأنصاري العراق فأهدت له الا رد جزورا فبعثوها معي فدخلت إليه وسلمت عليه وقلت له يا أبا أيوب قد كرمك الله بصحبة نبيه صلي الله عليه وآله ونزوله عليك فمالي أراك تستقبل الناس بسيفك تقاتل هؤلاء مرة وهؤلاء مرة قال إن رسول الله صلي الله عليه وآله عهد إلينا ان نقاتل مع علي " ع " الناكثين فقد قاتلناهم وعهد إلينا ان نقاتل معه القاسطين فهذا وجهنا إليهم يعني معاوية وأصحابه وعهد إلينا ان نقاتل معه المارقين ولم أرهم بعد.
وروي أبو بكر محمد بن الحسن الآجري تلميذ أبي بكر بن داود السجستاني في الجزء الثاني من كتاب الشريعة باسناده ان علقمة بن قيس والأسود بن يزيد قالا أتينا أبا أيوب الأنصاري فقلنا ان الله تعالي أكرمك بمحمد صلي الله عليه وآله إذ أوحي إلي راحلته فبركت علي بابك وكان رسول الله صلي الله عليه وآله ضيفك فضيلة فضلك الله بها ثم خرجت تقاتل مع علي بن أبي طالب فقال مرحبا بكما وأهلا وإنني أقسم لكما بالله لقد كان رسول الله في هذا البيت الذي أنتما فيه وما في البيت غير رسول الله صلي الله عليه وآله وعلي " ع " جالس عن يمينه وانا قائم بين يديه وأنس إذ حرك الباب فقال رسول الله يا أنس أنظر من بالباب فخرج فنظر ورجع فقال هذا عمار بن
(٣١٦)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، دولة العراق (1)، أبو أيوب الأنصاري (2)، علي بن أبي طالب (1)، الأسود بن يزيد (1)، يحيي بن سليمان (1)، علقمة بن قيس (1)، محمد بن الحسن (1)، غدير خم (1)
ياسر قال أبو أيوب فسمعت رسول الله يقول يا أنس افتح لعمار الطيب ابن الطيب ففتح الباب فدخل عمار فسلم علي رسول الله فرد عليه السلام ورحب به وقال يا عمار سيكون في أمتي بعدي هناة واختلاف حتي يختلف السيف بينهم حتي يقتل بعضهم بعضا ويتبرأ بعضهم من بعض فان رأيت ذلك فعليك بهذا الذي عن يميني يعني عليا " ع " وان سلك الناس كلهم واديا فاسلك وادي علي وخل الناس طرا، يا عمار ان عليا لا يزل عن هدي يا عمار ان طاعة علي من طاعتي وطاعتي من طاعة الله تعالي.
وروي الخطيب في تاريخه ان علقمة والأسود أتيا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين فقالا له يا أبا أيوب ان الله أكرمك بنزول محمد صلي الله عليه وآله وبمجئ ناقته تفضلا من الله تعالي واكراما لك حتي أناخت ببابك دون الناس جميعا ثم جئت بسيفك علي عاتقك تضرب أهل لا إله إلا الله فقال يا هذا ان الرائد لا يكذب أهله ان رسول الله صلي الله عليه وآله أمرنا بقتال ثلاثة مع علي " ع " بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين فاما الناكثون فقد قاتلناهم وهم أهل الجمل طلحة والزبير واما القاسطون فهذا منصرفنا عنهم يعني معاوية وعمرو بن العاص واما المارقون فهم أهل الطرفاوات وأهل السعيفات وأهل النخيلات وأهل النهروان والله ما أدري أين هم ولكن لابد من قتالهم انشاء الله تعالي ثم قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول لعمار تقتلك الفئة الباغية وأنت إذ ذاك علي الحق والحق معك يا عمار ان رأيت عليا سلك واديا وسلك الناس كلهم واديا فاسلك مع علي فإنه لن يرديك في ردئ ولن يخرجك من هدي يا عمار من تقلد سيفا أعان به عليا قلده الله يوم القيامة وشاحين من در ومن تقلد سيفا أعان به عدو علي " ع " قلده الله وشاحين من النار قلنا يا هذا حسبك رحمك الله.
وروي نصر بن مزاحم في كتاب صفين قال حدثنا عمرو بن سعد عن الأعمش قال كتب معاوية إلي أبي أيوب الأنصاري وكان من شيعة علي " ع " كتابا
(٣١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو أيوب الأنصاري (2)، يوم القيامة (1)، عمرو بن العاص (1)، نصر بن مزاحم (1)، عمرو بن سعد (1)، القتل (2)
وكتب إلي زياد بن سمية وكان عاملا لعلي " ع " علي بعض فارس كتابا ثانيا فاما كتابه إلي أبي أيوب الأنصاري فكان سطرا واحدا حاجيتك لا تنسي الشيباء أبا عذرها ولا قاتل بكرها فلم يدر أبو أيوب ما هو قال فأتي به عليا فقال يا أمير المؤمنين ان معاوية كهف المنافقين كتب إلي بكتاب لا أدري ما هو قال علي عليه السلام فأين الكتاب فدفعه إليه فقرأه قال نعم هذا مثل ضربه لك يقول ما أنسي الذي لا تنسي الشيباء لا تنسي أبا عذرها والشيباء المرأة البكر ليلة افتضاضها لا تنسي بعلها الذي افترعها ابدا ولا تنسي قاتل بكرها وهو أول ولدها كذلك لا أنسي انا قتل عثمان وأما الكتاب الذي كتبه إلي زياد فإنه كان وعيدا وتهديدا فقال زياد وبلي علي معاوية كهف المنافقين وبقية الأحزاب يهددني ويتوعدني وبيني وبينه ابن عم محمد صلي الله عليه وآله معه سبعون ألفا سيوفهم علي عواتقهم يطيعونه في جميع ما يأمرهم به لا يلتفت رجل منهم وراءه حتي يموت اما والله لأن ظفر ثم خلص إلي ليجدني احمر ضرابا بالسيف، قال نصر بن مزاحم احمر أي مولي فلما ادعاه معاوية عاد عربيا منافيا.
قال نصر وروي عمر بن شمران معاوية كتب في أسفل كتابه إلي أبي أيوب الأنصاري.
أبلغ لديك أبا أيوب مألكة * انا وقومك مثل الذئب والنقد اما قتلتم أمير المؤمنين فلا * ترجوا الهوادة منا آخر الأبد ان الذي نلتموه ظالمين له * أبقت حزازته صدعا علي كبدي اني حلفت يمينا غير كاذبة * لقد قتلتم إماما غير ذوي أود لا تحسبوا انني أنسي مصائبه * وفي البلاد من الأنصار من أحد في أبيات اخر فلما قرأ الكتاب علي " ع " قال لشد ما شحذكم معاوية يا معشر الأنصار أجيبوا الرجل فقال أبو أيوب يا أمير المؤمنين اني ما شاء ان أقول شيئا من الشعر تعبي به الرجال إلا قلته قال عليه السلام فأنت إذا أنت فكتب
(٣١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو أيوب الأنصاري (1)، أيوب الأنصاري (1)، نصر بن مزاحم (1)، الضرب (1)، القتل (3)، الموت (1)، النفاق (2)
أبو أيوب إلي معاوية اما بعد فإنك كتبت لا تنسي الشيباء أبا عذرها ولا قاتل بكرها فضربتها مثلا لقتل عثمان وما نحن وما قتل عثمان ان الذي تربص بعثمان وثبط يزيد بن أسد وأهل الشام عن نصرته لأنت وان الذي قتلوه لغير الأنصار وكتب في آخر كتابه:
لا توعدنا ابن حرب إننا نفر * لا نبتغي ود ذي البغضاء من أحد فاسعوا جميعا بنوا الأحزاب كلكم * لسنا نريد رخاكم آخر الأبد نحن الذين ضربنا الناس كلهم * حتي استقاموا وكانوا بيني الأود فالعام قصرك منا ان ثبت لنا * ضرب يزايل بين الرأس والجسد اما علي فانا لا نفارقه * ما رقرق الأل في الداوية الجرد اما تبدلت منا بعد نصرتنا * دين الرسول أناسا ساكني الجند لا يعرفون أضل الله سعيهم * الا اتباعكم يا راعي النقد لقد بغي الحق هضما شر ذي كلع * واليحصبيون طرا بيضة البلد قال فلما أتي معاوية كتاب أبي أيوب كرهه.
وأخرج الكشي باسناده عن محمد بن سليمان قال قدم علينا أبو أيوب الأنصاري فنزل ضيعتنا يعلف خيلا له فأتيناه فأهدينا له قال فقعدنا عنده فقلنا يا أبا أيوب قاتلت المشركين بسيفك هذا مع رسول الله ثم جئت تقاتل المسلمين فقال إن النبي أمرني بقتال القاسطين والمارقين والناكثين وقاتلت القاسطين وإنا نقاتل إن شاء الله بالسعفات بالطرافات بالنهروانات وما أدري أني هي.
قال المؤلف ثم شهد أبو أيوب (ره) وقعة النهروان مع أمير المؤمنين وهو علي مقدمته فقاتل المارقين أيضا كما أمره النبي صلي الله عليه وآله بذلك.
ولما أخرج معاوية يزيد علي الصائفة وهي غزوة الروم - وإنما سميت الصائفة لأنهم يغزون صيفا لمكان البرد والثلج - خرج معه أبو أيوب الأنصاري رغبة في جهاد المشركين فمرض في أثناء الطريق ولما صاروا علي الخليج ثقل أبو أيوب
(٣١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو أيوب الأنصاري (1)، محمد بن سليمان (1)، الشام (1)، القتل (4)، الشهادة (1)، الضرب (1)، الحرب (1)

أبو الهيثم مالك بن التيهان

فاتاه يزيد عائدا وقال له ما حاجتك يا أبا أيوب فقال اما دنياكم فلا حاجة لي فيها ولكن إذا مت فقدموني ما استطعتم في بلاد العدو فإني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول يدفن عند سور القسطنطينة رجل صالح من أصحابي وقد رجوت أن أكونه ثم مات فجهزوه وحملوه علي سرير فكانوا يجاهدون والسرير يحمل ويقدم فجعل قيصر يري سرير يحمل والناس يقتتلون فأرسل إليهم ما هذا الذي أري قالوا صاحب نبينا وقد سألنا ان ندفنه في بلادك ونحن منفذون وصيته فأرسل إليهم العجب كل العجب من عقولكم تعمدون إلي صاحب نبيكم فتدفنونه في بلادنا فإذا وليتم أخرجناه إلي الكلاب فقالوا إنا والله ما أردنا ان نودعه بلادكم حتي نودع كلامنا آذانكم فانا كافرون بالذي أكرمناه هذا له لأن بلغنا انه نبش من قبره أو عبث به ان تركنا بأرض العرب نصرانيا إلا قتلناه ولا كنيسة إلا هدمناها فكتب إليهم قيصر أنتم كنتم أعلم منا فوحق المسيح لأحفظنه بيدي سنة ثم دفنوه عند سور القسطنطينة فبني عليه قبة يسرج فيها إلي اليوم وأختلف المؤرخون في السنة التي كانت بها هذه الغزاة ومات فيها أبو أيوب فقال المسعودي في مروج الذهب كانت سنة خمس وأربعين وقال غيره كانت سنة خمسين وقيل إحدي وخمسين وقيل اثنين وخمسين والله أعلم.
وسئل الفضل بن شاذان عن أبي أيوب وقتاله مع معاوية المشركين فقال كان ذلك منه قلة فقه وغفلة ظن أنه إنما يعمل عملا لنفسه يقوي به الاسلام ويوهي (1) به الشرك وليس عليه من معاوية متي كان معه أولم يكن والله أعلم (أبو الهيثم مالك بن التيهان) بفتح التاء المثناة من فوق وبعدها ياء مكسورة مشددة مثناة من تحت ثم هاء وبعد الألف نون ابن أبي عبيد بن عمر عبد الأعلم بن عامر البلوي ثم الأنصاري حليف بني عبد الأشهل وقالت طائفة من أهل العلم انه من الأنصار
(1) في نسخة - ويوهن
(٣٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مالك بن التيهان (1)، الفضل بن شاذان (1)، الموت (1)، الظنّ (1)، الدفن (1)
من أنفسهم من الأوس هو مشهور بكنيته كان أحد النقباء ليلة العقبة شهد بيعة العقبة الأولي والثانية وكان أحد التسعة الذين لقوا قبل ذلك رسول الله صلي الله عليه وآله بالعقبة وهو أول من بايع رسول الله ليلة العقبة فيما يزعم بنو عبد الأشهل واما بنو النجار فيزعمون أن أول من بايع ليلة العقبة أسعد بن زرارة، وزعم بنو سلمة انه كعب بن مالك وزعم غيرهم ان أول من بايع رسول الله البراء والله أعلم. وشهد أبو الهيثم بدرا واحدا والمشاهد كلها.
وروي الطوسي في أماليه عن زيد بن أرقم في خبر طويل ان النبي صلي الله عليه وآله أصبح طاويا فأتي فاطمة " ع " فرأي الحسن والحسين " ع " يبكيان من الجوع فجعل يزقهما بريقه حتي شبعا وناما فذهب مع علي إلي دار أبي الهيثم فقال مرحبا برسول الله ما كنت ان تأتيني وأصحابك إلا وعندي شئ وكأن لي شئ ففرقته في الجيران فقال صلي الله عليه وآله أوصاني جبرائيل " ع " بالجار حتي حسبت انه سيورثه قال فنظر النبي إلي نخلة في جانب الدار فقال أبو الهيثم تأذن في هذه النخلة فقال يا رسول الله انه لفحل وما حمل شيئا قط شأنك به فقال يا علي إيتني بقدح ماء فشرب منه ثم مج فيه ثم رش علي النخلة فتملت أعذاقا من بسر ورطب ما شئنا فقال صلي الله عليه وآله ابدؤا بالجيران فأكلنا وشربنا ماءا باردا حتي شبعنا وروينا فقال يا علي هذا من النعيم الذي يسألون عنه يوم القيامة يا علي تزود لمن ورائك لفاطمة والحسن والحسين قال فما زالت تلك النخلة نسميها نخلة الجيران حتي قطعها يزيد عام الحرة قال الفضل بن شاذان ان أبا الهيثم من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين " ع " وأنكر تقدم أبي بكر عليه.
وروي عن الصادق " ع " انه قام ذلك اليوم فقال انا اشهد علي نبينا صلي الله عليه وآله انه أقام عليا - يعني في يوم غدير خم - فقال الأنصار ما أقامه للخلافة، وقال بعضهم ما أقامه إلا ليعلم الناس انه مولي من كان رسول الله مولاه فسألوه عن ذلك فقال
(٣٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، يوم القيامة (1)، الفضل بن شاذان (1)، أسعد بن زرارة (1)، زيد بن أرقم (1)، كعب بن مالك (1)، غدير خم (1)، الشهادة (1)
قولوا لهم علي ولي المؤمنين بعدي وانصح الناس لامتي وقد شهدت بما حضرني فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ان يوم الفصل كان ميقاتا، وشهد أبو الهيثم مع أمير المؤمنين " ع " وقعة الجمل وصفين فمن شعره يوم الجمل:
قل للزبير وقل لطلحة إننا * نحن الذين شعارنا الأنصار نحن الذين رأت قريش فعلنا * يوم القليب أولئك الكفار كنا شعار نبينا ودثاره * تفديه منا الروح والابصار ان الوصي إمامنا وولينا * برح الخفاء وباحث الاسرار وروي نصر بن مزاحم في كتاب صفين قال أقبل أبو الهيثم بن التيهان وكان من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله بدر يا تقيا عفيفا يسوي صفوف أهل العراق ويقول يا معشر أهل العراق انه ليس بينكم وبين الفتح في العاجل والجنة في الآجل إلا ساعة من النهار فارسوا أقدامكم وسووا صفوفكم وأعيروا ربكم جماجمكم واستعينوا بالله إلهكم وجاهدوا عدو الله وعدوكم واقتلوهم قتلهم الله وأبادهم واصبروا فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
قال أبو عمر ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب اختلف في وقت وفاة أبي الهيثم ابن التيهان فذكر خليفة عن الأصمعي قال سألت قومه فقالوا في حياة رسول الله قال أبو عمر وهذا القول لم يتابع عليه قائله وقيل إنه توفي في خلافة عمر سنة عشرين أو إحدي وعشرين وقيل بل قتل مع علي " ع " ابن أبي طالب بصفين سنة سبع وثلاثين وهو الأكثر وقيل إنه شهد صفين مع علي " ع " ومات بعده بيسير ثم قال أبو عمر حدثنا خلف بن قاسم قال حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا الدولابي قال حدثنا أبو بكر الوجيهي عن أبيه عن صالح بن الوجيه قال وممن قتل بصفين عمار وأبو الهيثم ابن التيهان وعبد الله بن بديل وجماعة من البدريين ثم روي أبو عمر رواية أخري فقال حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا عثمان بن أحمد بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق بن علي قال
(٣٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، دولة العراق (2)، أبو الهيثم بن التيهان (1)، عبد الله بن بديل (1)، عبد الله بن محمد (1)، نصر بن مزاحم (1)، الشهادة (1)، القتل (3)، الإخفاء (1)، الوصية (1)، الوفاة (1)، الجماعة (1)

أبي بن كعب

قال أبو نعيم: أبو الهيثم بن التيهان اسمه مالك واسم التيهان عمرو بن الحارث أصيب أبو الهيثم مع علي " ع " يوم صفين قال أبو عمر هذا قول أبي نعيم وغيره قال ابن أبي الحديد في شرح النهج وهذه الرواية أصح من قول ابن قتيبة في كتاب المعارف وذكر قوم ان أبا الهيثم شهد صفين مع علي " ع " ولا يعرف ذلك أهل العلم ولا يثبتونه فان تعصب ابن قتيبة معلوم وكيف يقول لا يعرف أهل العلم وقد قاله أبو نعيم وقاله صالح بن الوجيه ورواه ابن عبد البر وهؤلاء شيوخ المحدثين.
قال المؤلف وممن قال بشهوده صفين نصر بن مزاحم في كتاب صفين وهو من الأصول القديمة المعتمدة ويشهد بذلك ما رواه أهل الأخبار من خطبة أمير المؤمنين " ع " بعد وقعة صفين وقوله فيها: ما ضر إخواننا الذين سفكت دماؤهم بصفين ان لا يكونوا اليوم احياء يسيغون الغصص ويشربون الرنق قد والله لقوا الله فوفاهم أجورهم وأحلهم دار الأمن بعد خوفهم أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا علي الحق أين عمار بن ياسر وابن التيهان وأين ذو الشهادتين وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا علي المنية وأبرد برؤوسهم إلي الفجار قال ثم ضرب يده إلي لحيته فأطال البكاء ثم قال أوه علي إخواني الذين تلوا القرآن فاحكموه وتدبروا الفرض فأقاموه أحيوا السنة وأماتوا البدعة دعوا للجهاد فأجابوه ووثقوا بالقائد فاتبعوه: وهذه الخطبة مذكورة في نهج البلاغة أخذنا غرضنا منها.
والبلوي بفتح الياء الموحدة وبفتح اللام وفي آخرها الواو نسبة إلي بلي بفتح الباء الموحدة وكسر اللام وتشديد الياء علي فعيل وهو يلي ابن عمر بن الحاف ابن قضاعة وهو أبو حي من اليمن وهو قضاعة بن مالك بن حميراء بن سباء والله أعلم.
(أبي ابن كعب) قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري
(٣٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، الحافظ أبو نعيم (3)، كتاب نهج البلاغة (1)، أبو الهيثم بن التيهان (1)، ذو الشهادتين (1)، عمار بن ياسر (1)، نصر بن مزاحم (1)، القرآن الكريم (1)، البكاء (1)، الشهادة (1)، الضرب (1)، الإبداع، البدعة (1)
الخزرجي يكني أبا المنذر وأبا الطفيل وأبا يعقوب من فضلاء الصحابة شهد العقبة مع التسعين وكان يكتب الوحي آخي رسول الله صلي الله عليه وآله بينه وبين سعيد بن زيد ابن عمرو بن نفيل وشهد بدرا والعقبة الثانية وبايع لرسول الله صلي الله عليه وآله كان يسمي سيد القراء.
وروي أن النبي صلي الله عليه وآله قال له ان الله أمرني أن اقرأ عليك فقال يا رسول الله بابي وأمي أنت وقد ذكرت هناك قال صلي الله عليه وآله نعم باسمك ونسبك فأرعد أبي فالتزمه رسول الله حتي سكن وقال قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون: ذكره ابن شهرآشوب في المناقب.
وروي البخاري ومسلم والترمذي عن انس بن مالك قال: قال النبي صلي الله عليه وآله لأبي ان الله أمرني أن أقرأ عليك لم يكن الذين كفروا قال وسماني قال نعم فبكي.
قيل فعل ذلك لتعلم آداب القراء (1) وإن تكون القراءة سنة.
وروي البخاري ان النبي صلي الله عليه وآله قال لأبي بن كعب ان الله أقرءك القرآن قال الله سماني لك قال نعم قال وقد ذكرت عند رب العالمين قال نعم فذرفت عيناه وروي الشيخ الجليل محمد بن يعقوب الكليني قدس الله روحه في الكافي عن الصادق " ع " أنه قال أما نحن فنقرأ علي قراءة أبي.
وكان أبي من الاثني عشر نفر الذين أنكروا علي أبي بكر فعله وجلوسه مجلس رسول الله صلي الله عليه وآله.
وروي الطبرسي في كتاب الاحتجاج مرفوعا عن أبان بن تغلب عن الصادق جعفر بن محمد ان أبي بن كعب قام فقال يا أبا بكر لا تجحد حقا جعله الله لغيرك ولا تكن أول من عصي رسول الله صلي الله عليه وآله في وصيه وصفيه وصد عن أمره أردد الحق إلي أهله تسلم ولا تتماد في غيك فتندم وبادر الإنابة يخف وزرك ولا نخصص هذا الأمر الذي لم يجعله الله لك نفسك فتلقي وبال عملك فعن قليل تفارق ما أنت
(١) في نسخة: القرآن
(٣٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (7)، كتاب الإحتجاج للطبرسي (1)، أبان بن تغلب (1)، ابن شهرآشوب (1)، أنس بن مالك (1)، محمد بن يعقوب (1)، أبي بن كعب (2)، سعيد بن زيد (1)، جعفر بن محمد (1)، القرآن الكريم (2)، الشهادة (1)

سعد بن عبادة الخزرجي

فيه وتصير إلي ربك بما جنيت وما ربك بظلام للعبيد.
وروي عن أبي بن كعب أنه قال مررت عشية يوم السقيفة بحلقة الأنصار فسألوني من أين مجيئك قلت من عند أهل بيت رسول الله صلي الله عليه وآله قالوا كيف تركتهم وما حالهم قلت وكيف تكون حال قوم كان بينهم إلي اليوم موطئ جبرئيل ومنزل رسول رب العالمين وقد زال اليوم ذلك وذهب حكمهم عنهم ثم بكي أبي وبكي الحاضرون.
وأخرج النسائي عن قيس بن عبادة قال بينا انا في المسجد في الصف المقدم فجذبني رجل جذبة فنحاني وقام مقامي فوالله ما عقلت صلاتي فلما أنصرف إذا هو أبي بن كعب فقال يا فتي لا يسوؤك الله ان هذا عهد من النبي صلي الله عليه وآله إلينا أن نليه ثم استقبل القبلة فقال هلك أهل العقد ورب الكعبة ثم قال والله ما آسي عليهم ولكن آسي علي من أضلوا قلت يا أبا يعقوب من تعني بأهل العقد قال الامراء قال ابن حجر في التقريب أختلف في سنة موته اختلافا كثيرا قيل سنة تسع عشر وقيل سنة اثنين وثلاثين وقيل غير ذلك قال بعض المؤرخين الأصح أنه مات في زمن عمر فقال عمر اليوم مات سيد المسلمين والله أعلم.
(سعد بن عبادة بن دلهم) ابن حارثة بن أبي حزينة بن تغلبه بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري كان سيد الخزرج وكبيرهم يكني أبا ثابت وأبا قيس من أعاظم الصحابة وهو أحد النقباء شهد العقبة مع السبعين والمشاهد كلهما ما خلا بدرا فإنه تهيأ للخروج فلدغ فأقام وكان جوادا وكان له جفنة تدور مع رسول الله في بيوت أزواجه، عن يحيي بن كثير قال كان لرسول الله من سعد بن عبادة جفنة ثريد في كل يوم تدور معه أينما دار من نسائه وكان يكتب في الجاهلية بالعربية ويحسن القول والرمي والعرب تسمي من اجتمعت فيه هذه الأشياء الكامل ولم يزل سعد سيدا في الجاهلية والإسلام وأبوه وجده وجد جده لم يزل فيهم الشرف
(٣٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، قيس بن عبادة (1)، سعد بن عبادة (2)، أبي بن كعب (2)، السقيفة (1)، الشهادة (1)، الموت (3)، السجود (1)، الجهل (2)، الهلاك (1)
وكان سعد يجير فيجار وذلك لسؤدده ولم يزل هو وأصحابه أصحاب اطعام في الجاهلية والإسلام.
وعن النبي صلي الله عليه وآله الجود شيمة ذلك البيت يعني بيتهم وهو الذي اجتمعت عليه الأنصار ليولوه الخلافة وقد اختلف أصحابنا (رض) في شأنه فعده بعضهم من المقبولين واعتذر عن دعواه الخلافة بما روي عنه انه قال لو بايعوا عليا " ع " لكنت أول من بايع. وبما رواه محمد بن جرير الطبري عن أبي علقمة قال قلت لسعد بن عبادة وقد مال الناس لبيعة أبي بكر تدخل فيما دخل فيه المسلمون قال إليك عني فوالله لقد سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول إذا أنا مت تضل الأهواء ويرجع الناس علي أعقابهم فالحق يومئذ مع علي (عليه السلام) وكتاب الله بيده لا نبايع لأحد غيره فقلت له هل سمع هذا الخبر غيرك من رسول الله فقال معه ناس في قلوبهم أحقاد وضغائن قلت بل نازعتك نفسك ان يكون هذا الأمر لك دون الناس كلهم فحلف انه لم يهم بها ولم يردها وانهم لو بايعوا عليا " ع " كان أول من بايع سعد.
وزعم بعضهم ان سعدا لم يدع الخلافة ولكن لما اجتمعت قريش علي أبي بكر يبايعونه قالت لهم الأنصار أما إذا خالفتم أمر رسول الله صلي الله عليه وآله في وصيه وخليفته وابن عمه فلستم أولي منا بهذا الأمر فبايعوا من شئتم ونحن معاشر الأنصار نبايع سعد بن عبادة فلما سمع سعد ذلك قال لا والله لا أبيع ديني بدنياي ولا أبدل الكفر بالايمان ولا أكون خصما لله ورسوله ولم يقبل ما اجتمعت عليه الأنصار فلما سمعت الأنصار قول سعد سكتت وقوي أمر أبي بكر.
وقال آخرون دعوي سعد الخلافة أمر كاد ان يبلغ أو بلغ حد التواتر وكتب السير ناطقة بان الأنصار هم الذين سبقوا المهاجرين إلي دعوي الخلافة فلم يتم لهم الامر وما زعمه بعضهم خلاف المشهور. فقد روي أبو جعفر محمد ابن جرير الطبري في التاريخ ان رسول الله صلي الله عليه وآله لما قبض اجتمعت الأنصار
(٣٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، محمد بن جرير الطبري (1)، سعد بن عبادة (2)، الجود (1)، الطعام (1)
في سقيفة بني ساعدة وأخرجوا سعد بن عبادة ليولوه الخلافة وكان مريضا فخطبهم ودعاهم إلي اعطاء الرياسة والخلافة فأجابوه ثم ترادد الكلام فقالوا فان أبي المهاجرون وقالوا نحن أولياؤه وعترته فقال قوم من الأنصار نقول منا أمير ومنكم أمير فقال سعد فهذا أول الوهن وسمع عمر الخبر فأتي منزل رسول الله صلي الله عليه وآله وفيه أبو بكر فأرسل إليه ان أخرج إلي فأرسل أني مشغول فأرسل إليه عمر أخرج فقد حدث أمر لابد من أن تحضره فخرج فأعلمه الخبر فمضيا مسرعين نحوهم ومعهما أبو عبيدة فتكلم أبو بكر فذكر قرب المهاجرين من رسول الله وإنهم أولياؤه وعترته ثم قال نحن الأمراء وأنتم الوزراء لا نفتات عنكم بمشورة ولا نقضي دونكم الأمور فقام الحباب بن المنذر الجموح فقال يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم فان الناس في ظلكم ولن يجتري مجتر علي خلافكم ولن يصدر أحد إلا عن رأيكم أنتم أهل العزة والمنعة وأولوا العدد والكثرة وذووا البأس والنجدة وإنما ينظر الناس ما تصنعون فلا تختلفوا فتفسد عليكم أموركم فان أبي هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير فقال عمر هيهات لا يجتمع سيفان في غمد واحد لا ترضي العرب بان تؤمركم ونبيها من غيركم ولا تمنع العرب ان تولي أمرها لمن كانت النبوة فيهم من ينازعنا سلطان محمد صلي الله عليه وآله ونحن أولياؤه وعشيرته فقال الحباب بن المنذر يا معشر الأنصار أملكوا أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الامر فان أبوا عليكم فاجلوهم من هذه البلاد فأنتم أحق بهذا الامر منهم فإنه بأسيافكم دان الناس بهذا الدين انا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب انا أبو شبل في عرينة الأسد والله ان شئتم لنعيدها جذعة فقال عمر إذا يقتلك الله قال بل إياك فقال أبو عبيدة يا معشر الأنصار انكم أول من نصر فلا تكونوا أول من بدل وغير فقام بشير بن سعد والد النعمان بن بشير فقال يا معاشر الأنصار ألا ان محمدا من قريش وقومه أولي به وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الامر فقال أبو بكر هذا عمر وأبو
(٣٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، النعمان بن بشير (1)، سعد بن عبادة (1)، السقيفة (1)
عبيدة بايعوا أيهما شئتم فقال لا والله لا نتولي هذا الامر عليك وأنت أفضل المهاجرين وخليفة رسول الله صلي الله عليه وآله في الصلاة وهي أفضل الدين أبسط يدك فلما بسط يده ليبايعاه سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه فناداه الحباب بن المنذر يا بشير عقتك عقاق أنفست علي ابن عمك الامارة فقال أسيد بن خضير رئيس الأوس لأصحابه والله لئن لم تبايعوه ليكون للخزرج عليكم الفضيلة فقاموا فبايعوا أبا بكر فأنكر علي سعد بن عبادة والخزرج ما اجتمعوا عليه وأقبل الناس يبايعون أبا بكر من كل جانب ثم حمل سعد بن عبادة إلي داره فبقي أياما وأرسل إليه أبو بكر ليبايع فقال لا والله حتي أرميكم بما في كنانتي وأخضب سنان رمحي واضرب بسيفي ما أطاعني وأقاتلكم باهل بيتي ومن تبعني ولو اجتمع معكم الجن والإنس ما بايعتكم حتي أعرض علي ربي فقال عمر لا ندعه حتي يبايع فقال بشير ابن سعد انه قد لج وليس بمبايع لكم حتي يقتل وليس بمقتول حتي يقتل معه أهل بيته وطائفة من عشيرته ولا يضركم تركه إنما هو رجل واحد فاتركوه وجاءت أسلم فبايعت فقوي بهم جانب أبي بكر وبايعه الناس.
وروي أبو جعفر الطبري في التاريخ أيضا عن ابن عباس قال: قال عمر ابن الخطاب يوما علي المنبر انه بلغني ان قائلا منكم يقول لو مات أمير المؤمنين بايعت فلانا فلا يغرني امرؤ ان يقول إن بيعة أبي بكر كانت له فلتة فلقد كانت كذلك ولكن الله وقي شرها وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق كأبي بكر وانه كان من خيرنا حين توفي رسول الله ان عليا والزبير تخلفا عنا في بيت فاطمة ومن معهما وتخلف عنا الأنصار واجتمع المهاجرون إلي أبي بكر فقلت له انطلق بنا إلي إخواننا من الأنصار فانطلقنا نحوهم فلقينا رجلان صالحان من الأنصار قد شهدا بدرا أحدهما عويم بن ساعدة والثاني معن بن عدي فقالا لنا ارجعوا فاقضوا امركم بينكم فأتينا الأنصار وهم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة وبين أظهرهم رجل مزمل فقلت من هذا قالوا سعد بن عبادة وجمع فقام رجل منهم فحمد الله وأثني
(٣٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، سعد بن عبادة (3)، بشير بن سعد (1)، السقيفة (1)، الموت (1)، القتل (2)، الصّلاة (1)
عليه فقال اما بعد فنحن الأنصار وكتيبة الاسلام وأنتم يا معشر قريش رهط نبينا صلي الله عليه وآله قد دفنت إلينا دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يغصبونا الامر فلما سكت وكنت قد زودت في نفسي مقالة أقولها بين يدي أبي بكر فلما ذهبت أتكلم قال أبو بكر علي رسلك فقام فحمد الله وأثني عليه فما ترك شيئا كنت زودت في نفسي الا جاء به أو بأحسن منه وقال يا معشر الأنصار انكم لا تذكرون فضلا إلا وأنتم له أهل وان العرب لا تعرف هذا الأمر الا لقريش أوسط العرب دارا ونسبا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين واخذ بيدي وبيد أبي عبيدة ابن الجراح والله ما كرهت من كلامه غيرها ان كنت لأقدم فتضرب عنقي لا يغلبني إلي اثم أحب إلي من أن أؤمر علي قوم فيهم أبو بكر فلما قضي أبو بكر كلامه قام من الأنصار رجل فقال انا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير وارتفعت الأصوات واللغط فلما خفت الاختلاف قلت لأبي بكر ابسط يدك أبايعك فبسط يده فبايعته وبايعه الناس ثم نزونا علي سعد بن عبادة فقال قائلهم قتلتم سعدا فقلت اقتلوه قتله الله.
وروي أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة قال أخبرني أحمد بن إسحاق قال حدثنا أحمد بن سيار قال حدثنا سعيد بن كثير زعفير الأنصاري ان النبي صلي الله عليه وآله لما قبض اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة فقالوا ان رسول الله صلي الله عليه وآله قد قبض فقال سعد بن عبادة لابنه قيس أو لبعض بنيه إني لا أستطيع ان أسمع الناس كلامي لمرضي ولكن تلق مني قولي فأسمعهم فكان سعد يتكلم ويستمع ابنه فيرفع به صوته ليسمع قومه فكان من قوله بعد حمد الله والثناء عليه ان قال إن لكم سابقة إلي الدين وفضيلة إلي الإسلام ليست لقبيلة من العرب ان رسول الله صلي الله عليه وآله لبث في قومه بضع عشرة سنة يدعوهم إلي عبادة الرحمان وخلع الأوثان فما آمن به الا قليل والله ما كانوا ان يمنعوا رسول الله صلي الله عليه وآله ولا يعزوا دينه ولا يدفعوا ضيما عراه حتي أراد الله بكم خيرا لفضيلة وساق إليكم
(٣٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، أحمد بن عبد العزيز الجوهري (1)، أحمد بن إسحاق (1)، سعد بن عبادة (2)، السقيفة (2)، القتل (1)، الخوف (1)
الكرامة وخصكم بدينه ورزقكم الايمان به وبرسوله والإعزاز لدينه والجهاد لأعدائه فكنتم أشد الناس علي من تخلف عنه منكم وأثقله علي عدوه من غيركم حتي استقاموا لأمر الله طوعا وكرها وأعطي البعيد المقادة صاغرا داخرا حتي أنجز الله لنبيكم الوعد ودانت بأسيافكم العرب توفاه الله تعالي وهو عنكم راض وبكم قرير عين فشدوا أيديكم بهذا الامر فإنكم أحق الناس وأولاهم به فأجابوه جميعا ان وفقت في الرأي وأصبت في القول ولن نعدو ما أمرت نوليك هذا الامر فأبت لنا مقنع ولصالح المؤمنين رضي ثم انهم ترادوا الكلام بينهم فقالوا ان أبت مهاجرة قريش فقالوا نحن المهاجرون وأصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله الأولون ونحن عشيرته وأولياؤه فعلي م تنازعونا هذا الامر من بعده فقالت طائفة منهم إذا نقول منا أمير ومنكم أمير لن نرضي بدون هذا منهم ابدا لنا في الايواء والنصرة مالهم في الهجرة ولنا في كتاب الله مالهم فليسوا يعدون شيئا إلا ونعد مثله وليس من رأينا الاستيثار عليهم فمنا أمير ومنهم أمير فقال سعد بن عبادة هذا أول الوهن.
وأتي الخبر عمر فأتي منزل رسول الله صلي الله عليه وآله وكان الذي أتاه بالخبر معن ابن عدي فاخذ بيد عمر وقال قم فقال عمر إني عنك مشغول فقال إنه لابد من قيام معه فقال له ان هذا الحي من الأنصار قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة معهم سعد بن عبادة يدورون حوله ويقولون أنت المرجي ونجلك المرجي وثم أناس من أشرافهم وخشبت الفتنة فانظر يا عمر ماذا تري واذكر لإخوتك من المهاجرين واختاروا لأنفسكم فإني أنظر إلي باب فتنة قد فتح الساعة إلا أن يغلقه الله ففزع عمر أشد الفزع حتي أتي أبا بكر وقال قم فقال أبو بكر أين نبرح حتي نواري رسول الله فقال عمر لابد من قيام وسنرجع انشاء الله تعالي فقام أبو بكر مع عمر فحدثه الحديث ففزع أبو بكر وخرجا مسرعين إلي سقيفة بني ساعدة وفيها رجال من أشراف الأنصار ومعهم سعد بن عبادة وهو مريض بين أظهرهم فأراد عمر
(٣٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، سعد بن عبادة (3)، السقيفة (2)، الكرم، الكرامة (1)، الفزع (1)
ان يتكلم ويمهد لأبي بكر وقال خشيت ان يقصر أبو بكر عن بعض الكلام فلما يئس عمر كفه أبو بكر فقال علي رسلك فستكفي الكلام ثم تكلم بعد كلامي بما بدا لك فتشهد أبو بكر ثم قال جل ثناؤه بعث محمدا صلي الله عليه وآله بالهدي ودين الحق فدعا إلي الإسلام فاخذ الله بقلوبنا ونواصينا إلي ما دعانا إليه وكنا معاشر المهاجرين أول الناس إسلاما والناس لنا في ذلك تبع ونحن عشيرة رسول الله صلي الله عليه وآله وأوسط العرب أنسابا ليس من قبيلة من قبائل العرب إلا ولقريش فيها ولادة وأنتم أنصار الله الذين آويتم ونصرتم رسول الله ثم أنتم وزراء رسول الله وإخواننا في كتاب الله وشركاؤنا في الدين وفيما كنا فيه من خير فأنتم أحب الناس إلينا وأكرمهم علينا وأحق الناس بالرضا بقضاء الله والتسليم إلي ما ساق الله إلي إخوانكم من المهاجرين وأحق الناس ان لا تحسدوهم فأنتم المؤثرون علي أنفسهم حين الخصاصة وأحق الناس ان لا يكون انتقاض هذا الدين واختلاطه علي أيديكم وأنا أدعوكم إلي أبي عبيدة وعمر فكلاهما قد رضيت لهذا الامر وكلاهما نراه له أهلا فقال عمر وأبو عبيدة ما ينبغي لأحد من الناس ان يكون فوقك أنت صاحب الغار وثاني اثنين وأمرك رسول الله صلي الله عليه وآله بالصلاة فأنت أحق الناس بهذا الأمر فقال الأنصار والله ما نحسدكم علي خير ساقه الله إليكم ولا أحد أحب إلينا ولا أرضي عندنا منكم نشفق فيما بعد هذا ليوم ونحذر ان يغلب علي هذا الامر من ليس منا ولا منكم فلو جعلتم اليوم رجلا منكم بايعنا ورضينا علي أنه إذا هلك اخترنا واحدا من الأنصار فإذا هلك كان آخر من المهاجرين ابدا ما بقيت هذه الأمة كان ذلك أجدر أيعدل في الله محمد صلي الله عليه وآله فيشفق الأنصاري ان يزيغ فيقبض عليه القرشي ويشفق القرشي ان يزيغ فيقبض عليه الأنصاري فقام أبو بكر فقال إن رسول الله لما بعث عظم علي العرب ان يتركوا دين آبائهم فخالفوه وشاقوه وخص الله المهاجرين الأولين بتصديقه والايمان به والمواساة والصبر معه علي شدة أذي قومه فلم يستوحش الكثرة عدوهم فهم أول من عبد الله في
(٣٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الهلاك (1)
الأرض وهم أول من آمن برسول الله وهم أولياؤه وعترته وأحق الناس بالأمر بعده لا ينازعهم فيه إلا ظالم وليس أحد بعد المهاجرين فضلا وقدما في الإسلام مثلكم فنحن الأمراء وأنتم الوزراء لا نمتاز دونكم بمشورة ولا نقضي دونكم الأمور فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال يا معاشر الأنصار املكوا عليكم أيديكم إنما الناس في فيئكم وظلكم ولن يجترئ مجتر علي خلافكم ولا يصدر الناس إلا عن أمركم أنتم أهل الايواء والنصرة وكانت إليكم الهجرة وأنتم أصحاب الدار والايمان والله ما عبد الله علانية إلا عندكم وفي بلادكم ولا جمعت الصلاة إلا في مساجدكم ولا عرف الايمان إلا من أسيافكم فاملكوا عليكم أمركم فان أبي هؤلاء فمنا أمير ومنهم أمير فقال عمر هيهات لا يجتمع سيفان في غمد ان العرب لا ترضي ان تؤمركم ونبيها من غيركم وليس نمتنع العرب ان تولي أمرها من كانت النبوة فيهم وأولي الامر لنا بذلك الحجة الظاهرة علي من حالفنا والسلطان المبين علي من نازعنا من ذا يخاصمنا في سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة فقام الحباب بن المنذر فقال يا معاشر الأنصار لا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا نصيبكم من الامر فان أبوا عليكم ما أعطيتموهم فاجلوهم من بلادكم وتولوا هذا الامر عليهم فأنتم أولي بهذا الامر انه دان لهذا الامر بأسيافكم من لم يكن بدين انا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ان شئتم لنعيدنها جذعة والله لا يرد أحد علي ما أقول إلا حطمت أنفه بالسيف قال فلما رأي بشير بن سعد الخزرجي ما اجتمعت عليه الأنصار من تأمير سعد بن عبادة وكان حاسدا له وكان من سادة الخزرج قام فقال أيها الأنصار إنا وإن كنا ذو سابقة فإنا ما نريد بجهادنا وإسلامنا إلا رضي ربنا وطاعة نبينا صلي الله عليه وآله ولا ينبغي لنا ان نستطيل علي الناس بذلك ولا نبغي به عوضا من الدنيا ان محمدا رجل من قريش وقومه أحق بميراث أمره وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الامر فاتقوا الله ولا تنازعوهم ولا تخالفوهم فقام أبو بكر وقال هذا عمر
(٣٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، سعد بن عبادة (1)، بشير بن سعد (1)، الصّلاة (1)، الظلم (1)
وأبو عبيدة بايعوا أيهما شئتم فقالا والله لا نتولي هذا الامر عليك وأنت أفضل المهاجرين وثاني اثنين وخليفة رسول الله صلي الله عليه وآله علي الصلاة والصلاة أفضل الدين أبسط يدك نبايعك فلما بسط يده وذهبا يبايعانه سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه فناداه الحباب بن المنذر يا بشير عقك عقاق والله ما اضطرك لهذا الأمر إلا الحسد لابن عمك فلما رأت الأوس ان رئيسا من رؤساء الخزرج قد بايع قام أسيد بن خضير وهو رئيس الأوس فبايع حسدا لسعد أيضا ومنافسة له ان بلي الأمر فبايعت الأوس كلها لما بايع أسيد وحمل سعد بن عبادة وهو مريض فادخل إلي منزله فامتنع من البيعة في ذلك اليوم وفيما بعده وأراد عمر أن يكرهه عليها فأشير عليه ان لا يفعل وانه لا يبايع حتي يقتل ولا يقتل حتي يقتل أهله ولا يقتل أهله حتي تقتل الخزرج كلها وان حوربت الخزرج كانت الأوس معها وفسد الامر فتركوه وكان لا يصلي بصلاتهم ولا يجتمع بجماعتهم ولا يقضي بقضائهم ولو وجد أعوانا لضاربهم وفلم يزل كذلك حتي مات أبو بكر ثم لقي عمر في خلافته وهو علي فرس وعمر علي بعير فقال عمر هيهات يا سعد فقال سعد هيهات يا عمر فقال أنت صاحب من أنت صاحبه قال نعم انا ذاك ثم قال لعمر والله ما جاورني أحد هو أبغض إلي جوارا منك فقال عمر فإنه من كره جوار رجل انتقل عنه فقال سعد إني لأرجو ان أخليها لك عاجلا إلي جوار من هو أحب إلي جوارا منك ومن أصحابك فلم يلبث سعد بعد ذلك إلا أياما قليلة حتي خرج إلي الشام فمات بحوارن ولم يبايع لأحد لا لأبي بكر ولا لعمر ولا لغيرهما.
ومما يدل دلالة صريحة علي أن سعدا طلب الخلافة لنفسه: ما رواه أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة، قال حدثني أبو الحسن علي بن سليمان النوفلي قال سمعت أبي يقول ذكر سعد بن عبادة عليا " ع " بعد يوم السقيفة فذكر أمرا من أمره نسيه أبو الحسن يوجب ولايته فقال له ابنه قيس بن سعد أنت سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول هذا الكلام في علي بن أبي طالب ثم تطلب الخلافة ويقول
(٣٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، علي بن سليمان النوفلي (1)، علي بن أبي طالب (1)، سعد بن عبادة (2)، بشير بن سعد (1)، قيس بن سعد (1)، الشام (1)، السقيفة (2)، الموت (1)، الصّلاة (3)، القتل (4)

قيس بن سعد بن عبادة

أصحابك منا أمير ومنكم أمير لا كلمتك والله من رأسي بعد هذا كلمة ابدا.
نعم قال محمد بن جرير ان الأنصار لما فاتها ما طلبت من الخلافة قالت - أو قال بعضها - لا نبايع إلا عليا " ع " وذكر نحو هذا علي بن عبد الكريم المعروف بابن الأثير الموصلي في تاريخه ومات سعد بن عبادة بحوران وهي كورة بدمشق سنة أربع عشرة وقيل خمس عشرة. قيل قتله الجن لأنه بال قائما في الصحراء ليلا ورووا بيتين من شعر قيل إنهما سمعا ليلة قتله ولم ير قائلها وهما قد قتلنا سيد الخزرج * سعد بن عبادة فرميناه بسهمين * فلم نخط فؤاده ويقول قوم ان أمير الشام يومئذ أكمن له من رماه ليلا وهو خارج إلي الصحراء بسهمين فقتله لخروجه عن طاعة الامام وقد قال بعض المتأخرين في ذلك:
يقولون سعد شكت الجن قلبه * الا ربما صححت ذنبك بالعذر وما ذنب سعد انه بال قائما * ولكن سعدا لم يبايع أبا بكر وقد صبرت عن لذة العيش أنفس * وما صبرت عن لذة النهي والامر (قيس بن سعد بن عبادة) يكني أبا عبد الملك وقيل أبا الفضل وقيل أبا عبد الله وأبا القاسم وهو من كبار الصحابة أيضا كان من النبي صلي الله عليه وآله بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير شهد مع النبي صلي الله عليه وآله المشاهد كلها وكان حامل راية الأنصار مع رسول الله أخذ النبي الراية من أبيه ودفعها إليه فكان حامل رايته صلي الله عليه وآله وكان شيخا كريما شجاعا أصلع طويلا جدا أمد الناس قامة يركب الفرس المشرف ورجلاه تخطان الأرض وما في وجهه طاقة شعر وكان يسمي خصي الأنصار وكانت الأنصار تقول وددنا لو إنا نشتري لقيس بأموالنا لحية وكان مع ذلك جميلا. وذكر يونس بن عبد الرحمن في بعض كتبه انه كان لسعد بن عبادة ستة أولاد وكلهم قد نصر رسول الله وفيهم قيس بن سعد بن عبادة وكان قيس أحد العشرة الذين لحقهم النبي صلي الله عليه وآله من العصر
(٣٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، إبن الأثير (1)، علي بن عبد الكريم (1)، سعد بن عبادة (5)، محمد بن جرير (1)، الشام (1)، دمشق (1)، الشهادة (2)، القتل (2)، البول (2)، العصر (بعد الظهر) (1)
الأول ممن كان طولهم عشرة أشبار بأشبار أنفسهم وكان شبر الرجل منهم يقال انه مثل ذراع أحدنا وكان قيس وسعد أبوه طولهما عشرة أشبار بأشبار أنفسهم ويقال ان من العشرة خمسة من الأنصار وأربعة من الخزرج ورجلا من الأوس وكان من دهات العرب وأهل الرأي والمكيدة في الحرب مع النجدة والشجاعة والسخاء وكان شريف قومه غير مدافع وكان أبوه وجده كذلك وكان يقول لولا الإسلام لمكرت مكرا لا تطيقه العرب. وعنه انه قال لولا أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول المكر والخديعة في النار لكنت من أمكر هذه الأمة قال إبراهيم بن سعيد بن هلال الثقفي في كتاب الغارات حدثني أبو غسان قال أخبرني علي بن أبي سيف قال كان قيس بن سعد مع أبي بكر وعمر في حياة رسول الله فكان ينفق عليهما وعلي غيرهما ويفضل فقال له أبو بكر ان هذا لا يقوم به مال أبيك فامسك يدك فلما قدموا من سفرهم قال سعد بن عبادة لأبي بكر أردت ان تبخل ابني انا لقوم لا نستطيع البخل.
قال وكان قيس بن سعد يقول في دعائه اللهم أرزقني حمدا وجحدا فإنه لا حمدا بفعال ولا جحد إلا بمال اللهم وسع علي فان القليل لا يسعني ولا أسعه.
وعن جابر في قصة جيش العسرة ان قيسا كان في ذلك الجيش وأنه كان ينحر ويطعم حتي استدان بسبب ذلك فنهاه أمير الجيش وهو أبو عبيدة فبلغ النبي صلي الله عليه وآله فقال الجود من شيمة أهل هذا البيت.
واستقرض رجل منه ثلاثين ألفا فلما ردها أبي ان يقبلها.
وجاءته عجوز كانت تألفه فقال لها كيف حالك قالت ما في بيتي جرذ قال ما أحسن ما سألت لأكثرن جرذان بيتك، وملأوا بيتها خبزا ولحما وسمنا وتمرا وهو ممن لم يبايع أبا بكر.
قال الفضل بن شاذان أنه من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين " ع ".
وقال ابن أبي الحديد كان قيس بن سعد من كبار شيعة أمير المؤمنين " ع "
(٣٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي (1)، الفضل بن شاذان (1)، سعيد بن هلال (1)، سعد بن عبادة (1)، قيس بن سعد (3)، الجود (1)، الحرب (1)
وقائل بمحبته وولائه وشهد معه حروبه كلها وكان مع الحسن " ع " ونقم عليه صلحه لمعاوية وكان طالبي الرأي مخلصا في اعتقاده ووده.
وقال إبراهيم بن سعد بن هلال الثقفي في كتاب الغارات كان قيس بن سعد من شيعة علي " ع " مناصحا له ولولده ولم يزل علي ذلك إلي أن مات وقد ذكرنا في ترجمة أبيه أنه بلغ من إخلاصه أنه حلف ان لا يكلم أباه ابدا لدعوته الخلافة.
وقال إبراهيم لما ولي أمير المؤمنين " ع " الخلافة قال لقيس سر إلي مصر فقد وليتكها واخرج إلي ظاهر المدينة واجمع أثقالك ومن أحببت ان يصحبك حتي تأتي مصر ومعك جند فان ذلك أرعب لعدوك وأعز لوليك فإذا أنت قدمتها إن شاء الله تعالي فاحسن إلي المحسن واشتد علي المريب وارفق علي العامة والخاصة فالرفق يمن فقال قيس رحمك الله يا أمير المؤمنين قد فهمت ما ذكرت فاما الجند فإني أدعه لك فإذا احتجت إليهم كانوا قريبا منك وان أردت بعثتهم إلي وجه من وجوهك كانوا لك عدة ولكي أسير إلي مصر بنفسي وأهل بيتي واما ما أوصيتني به من الرفق والاحسان فالله تعالي هو المستعان علي ذلك، فخرج قيس في سبعة نفر من أهل بيته حتي دخل مصر فصعد المنبر وأمر بكتاب معه فقرأ علي الناس فيه من عبد الله أمير المؤمنين إلي من بلغه كتابي هذا من المسلمين سلام عليكم فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو اما بعد فان الله بحسن صنعه وقدره وتدبيره أختار الإسلام دينا لنفسه وملائكته ورسله وبعث به أنبيائه إلي عباده فكان مما أكرم الله عز وجل به هذه الأمة وخصهم به من الفضل ان بعث محمدا إليهم فعلمهم الكتاب والحكم والسنة والفرائض وأدبهم لكيما يهتدوا وجمعهم لكيما لا يتفرقوا وزكاهم لكيما يتطهروا فلما قضي من ذلك ما عليه قبضه الله إليه فعليه صلوات الله وسلامه ورحمته ورضوانه ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا أميرين منهم أحسنا السيرة ثم توفيا فولي من بعدهما وال أحدث احداثا فوجدت الأمة عليه مقالا فقالوا ثم نقموا فتغيروا ثم جاؤني فبايعوني وانا استهدي الله
(٣٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي (1)، إبراهيم بن سعد (1)، قيس بن سعد (1)، الكرم، الكرامة (1)، الموت (1)، الصّلاة (1)، الهلال (1)
الهدي وأستعينه علي التقوي الا وان لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة رسوله والقيام بحقه والنصح لكم بالغيب والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل، وقد بعثت إليكم قيس بن سعد الأنصاري أميرا فوازروه وأعينوه علي الحق وقد أمرته بالاحسان إلي محسنكم والشدة علي مريبكم والرفق بعوامكم وخواصكم وهو ممن أرضي هديه وأرجو صلاحه ونصحه اسأل الله لنا ولكم عملا زاكيا وثوابا جميلا ورحمة واسعة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وكتب عبد الله ابن أبي رافع في صفر سنة ست وثلاثين.
قال إبراهيم فلما فرغ من قراءة الكتاب قام قيس خطيبا فحمد الله وأثني عليه وقال الحمد لله الذي جاء بالحق وأمات الباطل وكبت الظالمين أيها الناس إنا بايعنا خير من نعلم من بعد نبينا محمد صلي الله عليه وآله فقوموا فبايعوا علي كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وآله فان نحن لم نعمل بكتاب الله وسنة رسوله فلا بيعة لنا عليكم فقام الناس فبايعوا واستقامت مصر وأعمالها لقيس وبعث عليها عماله إلا ان قرية منها قد أعظم أهلها قتل عثمان وبها رجل من بني كنانة يقال له يزيد بن الحارث فبعث إلي قيس انا لا نأتيك فابعث عمالك فالأرض أرضك ولكن اقرنا علي حالنا حتي ننظر إلي ما يصير أمر الناس. ووثب مسلمة بن مخلد بن صامت الأنصاري فنعي عثمان ودعا إلي الطلب بدمه فأرسل إليه قيس ويحك أعلي تثب والله ما أحب ان لي ملك الشام ومصر وإني قتلتك فاحقن دمك فأرسل إليه مسلمة إني كاف عنك ما دمت أنت والي مصر وكان قيس بن سعد (ره) ذا رأي وحزم فبعث إلي الذين اعتزلوا اني لا أكرهكم علي البيعة ولكني أدعكم واكف عنكم فهادنهم وهادن مسلمة بن مخلد وجبي الخراج فليس أحد ينازعه.
قال إبراهيم وخرج علي " ع " إلي الجمل وقيس علي مصر ورجع إلي الكوفة من البصرة وهو بمكانه فكان أثقل خلق الله علي معاوية لقرب مصر وأعمالها إلي الشام ومخافة ان يقبل علي " ع " بأهل العراق ويقبل إليه قيس بأهل مصر فيقع
(٣٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (1)، مدينة البصرة (1)، قيس بن سعد (2)، الشام (2)، الباطل، الإبطال (1)، الظلم (1)، القتل (2)، الوسعة (1)
بينهما فكتب معاوية إلي قيس وعلي " ع " بالكوفة قبل ان يسير إلي صفين من معاوية بن أبي سفيان إلي قيس بن سعد سلام عليك فإني احمد الله إليك الذي لا إله إلا هو أما بعد، ان كنتم نقمتم علي عثمان في إثرة رأيتموها أو ضربة سوط ضربها أو في شتمة رجل أو بسيرة أحد أو في استعماله الفتيان من أهله فإنكم قد علمتم ان كنتم تعلمون ان دمه لم يكن ليحل لكم بذلك فقد ركبتم عظيما من الأمر وجئتم شيئا إدا فتب يا قيس إلي ربك من المجلبين علي عثمان ان كانت التوبة قبل الموت تغني شيئا واما صاحبك فقد استيقنا أنه أغري الناس تقبله وحملهم علي قتله حتي قتلوه وإنه لم يسلم من دمه عظيم قومك فان استطعت يا قيس ان لا يكون ممن لا يطلب بدم عثمان فافعل وبايعنا علي علي في أمرنا هذا ولك سلطان العراقين ان انا ظفرت ما بقيت ولمن أحببت من أهل بيتك سلطان الحجاز ما دام لي سلطان واسألني من غير هذا ما نحب فإنك لا تسألني شيئا الا أتيته واكتب إلي رأيك فيما كتبت إليك، فلما جاء إليه كتاب معاوية أحب ان يدافعه ولا يبدي له أمره ولا يعجل له حربه فكتب إليه، اما بعد فقد وصل إلي كتابك وفهمت الذي ذكر من أمر عثمان وذلك أمر لم أقاربه وذكرت ان صاحبي هو الذي أغري الناس بعثمان ودسهم إليه حتي قتلوه وهذا أمر لم اطلع عليه وذكرت لي ان عظيم عشيرتي لم يسلم من دم عثمان فليسرني أن أول الناس كان في أمره عشيرتي واما ما سألتني من مبايعتك علي الطلب بدمه وما عرضته علي فقد فهمته وهذا أمر لي فيه نظر وفكر وليس هذا مما يعجل إلي مثله وانا كاف عنك وليس يأتيك من قبلي شئ تكرهه حتي نري وتري إن شاء الله تعالي والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قال إبراهيم فلما قرأ معاوية كتابه لم يره الا مقاربا مباعدا ولم يأمن ان يكون له في ذلك مخادعا مكايدا فكتب إليه، اما بعد فقد قرأت كتابك فلم ارك تدنو فأعدك سلما ولم ارك تباعد فأعدك حربا أراك كحبل الجرود وليس مثلي.
(٣٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (1)، مدينة الكوفة (1)، قيس بن سعد (1)، القتل (1)، الموت (1)
يصانع بالخدايع ولا يخدع بالمكايد ومعه عدد الرجال وأعنة الخيل فان قبلت الذي عرضت عليك فلك ما أعطيتك وان أنت لم تفعل ملأت مصر عليك خيلا ورجالا والسلام. فلما قرأ قيس كتابه وعلم أنه لا يقبل منه المدافعة والمطاولة أظهر له ما في نفسه فكتب إليه من قيس بن سعد إلي معاوية بن أبي سفيان. اما بعد فالعجب من استسقاطك رأي والطمع في أتسومني لا أبا لغيرك الخروج من طاعة أولي الناس بالأمر وأقولهم بالحق وأهداهم وأقربهم من رسول الله صلي الله عليه وآله وسيلة وتأمرني بالدخول في طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا الأمر وأقولهم بالزور وأضلهم سبيلا وأنآهم (1) من رسول الله وسيلة ولديك قوم ضالون مضلون من طواغيت إبليس واما قولك انك تملأ علي مصر خيلا ورجلا فلئن لم أشغلك عن ذلك حتي يكون منك انك لذو جد والسلام. فلما أتي معاوية كتاب قيس أيس منه وثقل مكانه عليه وكاد ان يكون مكانه غيره أحب إليه لما يعلم من قوته وتأبيه ونجدته واشتد أمره علي معاوية فأظهر للناس ان قيسا قد بايعكم فادعوا الله له وقرأ عليهم كتابه الذي لأن فيه وقاربه واختلق كتابا نسبه إلي قيس فقرأه علي أهل الشام: للأمير معاوية بن أبي سفيان من قيس بن سعد. أما بعد: فان قتل عثمان كان حدثا في الإسلام عظيما وقد نظرت لنفسي وديني فلم يسعني مظاهرة قوم قتلوا امامهم مسلما محرما برا تقيا فنستغفر الله سبحانه لذنوبنا ونسأله العصمة لديننا الا وإني قد القيت إليكم بالسلام وأجبتك إلي قتال قتلة الإمام الهادي المظلوم فاطلب مني ما أحببت من الأموال والرجال أعجله إليك إن شاء الله والسلام علي الأمير ورحمة الله وبركاته. قال فشاع بالشام كلها ان قيسا صالح معاوية وأتت عيون علي بن أبي طالب " ع " إليه بذلك فأعظمه وأكبره وتعجب له ودعا ابنيه حسنا وحسينا " ع " وابنه محمد وعبد الله بن جعفر فأعلمهم بذلك وقال ما رأيكم فقال عبد الله بن جعفر يا أمير المؤمنين دع ما يريبك إلي ما لا يريبك اعزل
(1) في نسخة: أبعدهم
(٣٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (2)، معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (2)، قيس بن سعد (2)، الشام (2)، القتل (3)
قيسا من مصر قال علي " ع " والله اني غير مصدق بهذا علي قيس فقال عبد الله اعزله يا أمير المؤمنين فان كان ما قد قيل حقا فلا يعتزل لك ان عزلته قال وانهم لكذلك إذ جاءهم كتاب من قيس بن سعد فيه: اما بعد فإني أخبرك يا أمير المؤمنين أكرمك الله وأعزك ان قبلي رجالا معتزلين سألوني ان اكف عنهم وادعهم علي حالهم حتي يستقيم أمر الناس فتري ويرون وقد رأيت أن اكف عنهم ولا أعجل بحربهم وان أتألفهم فيما بين ذلك لعل الله ان يقبل بقلوبهم ويفرقهم عن ضلالتهم إن شاء الله والسلام. فقال عبد الله بن جعفر يا أمير المؤمنين إنك ان أطمعته في تركهم واعتزالهم استشري الامر وتفاقمت وقعد عن بيعتك كثير ممن تريده علي الدخول فيها ولكن مره بقتالهم فكتب إليه: اما بعد فسر إلي القوم الذين ذكرت فان دخلوا فيما دخل فيه المسلمون وإلا فناجزهم والسلام قال فلما أتي هذا الكتاب قيسا فقرأه لم يتمالك ان كتب إلي علي " ع " اما بعد يا أمير المؤمنين فالعجب لك تأمرني بقتال قوم كافين عنك لم يهدوا يدا للفتنة ولا أرصدوا لها فأطعني يا أمير المؤمنين وكف عنهم فان الرأي تركهم والسلام فلما اتاه هذا الكتاب قال عبد الله بن جعفر يا أمير المؤمنين أبعث محمدا بن أبي بكر يكفيك أمرها وأعزل قيسا فوالله لبلغني ان قيسا يقول إن سلطانا لا يتم الا بقتل مسلمة بن مخلد لسلطان سوء والله ما أحب ان لي سلطان الشام مع سلطان مصر وإني قتلت بن مخلد وكان عبد الله بن جعفر أخا محمد بن أبي بكر لأمه وكان يحب ان يكون له إمرة وسلطان فاستعمل علي " ع " محمد بن أبي بكر علي مصر لمحبته له ولهوي عبد الله بن جعفر أخيه فيه وكتب معه كتابا إلي أهل مصر فسار حتي قدمها فقال له قيس ما بال أمير المؤمنين ما غيره أدخل أحد بيني وبينه قال لا وهذا السلطان سلطانك وكان بينهما نسب كان تحت قيس فرسة بنت أبي قحافة أخت أبي بكر الصديق فكان قيس زوج عمة محمد فقال قيس لا والله لا أقيم معك ساعة واحدة وغضب حين عزله علي عنها وخرج منها مقبلا إلي المدينة ولم يمض
(٣٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (4)، محمد بن أبي بكر (2)، قيس بن سعد (1)، الشام (1)، القتل (2)، الصدق (1)، الضلال (1)، الزوج، الزواج (1)، البول (1)
إلي علي " ع " بالكوفة قال إبراهيم وكان مع شجاعته ونجدته جوادا مفضلا.
فحدثني علي بن محمد بن أبي السيف عن هشام بن عروة عن أبيه قال خرج قيس ابن سعد من مصر فمر بأهل بيت من القين فنزل بمائهم فنحر له صاحب المنزل جزورا واتاه بها فلما كان الغد نحر له أخري ثم حبستهم السماء إلي اليوم الثالث فنحر لهم ثالثة ثم إن السماء اقلعت فلما أراد قيس ان يرتحل وضع عشرين ثوبا من ثياب مصر وأربعة آلاف درهم عند امرأة الرجل وقال لها إذا جاء صاحبك فادفعي هذه إليه ثم رحل فما أتت عليه ساعة حتي لحقه الرجل صاحب المنزل علي فرس ومعه رمح والثياب والدراهم بين يديه فقال يا هؤلاء خذوا ثيابكم ودراهمكم فقال قيس انصرف أيها الرجل فإنها لم تكن لنا خذها قال والله لتأخذنها فقال قيس لله أبوك ألم تكرمنا وتحسن ضيافتنا فكافيناك فليس هذا بأس فقال الرجل إنا لم نأخذ لقري الأضياف ثمنا والله لا اخذها ابدا فقال قيس أما إذا أبي ان لا يأخذ فوالله ما فضلني رجل من العرب غيره.
قال إبراهيم وقال أبو المنذر مر قيس في طريقه برجل من بلي يقال له الأسود ابن فلان فأكرمه فلما أراد قيس ان يرتحل وضع عند امرأته ثيابا ودراهم فلما جاء الرجل دفعته إليه فلحقه فقال ما انا بايع ضيافتي والله لتأخذن هذا أو لأنفذن الرمح بين جنبيك فقال قيس ويحكم خذوه.
وقال إبراهيم ثم أقبل قيس حتي قدم المدينة فجاءه حسان بن ثابت شامتا به وكان عثمانيا فقال له نزعك علي بن أبي طالب وقد قتلت عثمان فبقي عليك الإثم ولم يحسن لك الشكر فزجره قيس وقال له يا أعمي القلب يا أعمي البصر والله لولا أن ألقي بين رهطي ورهطك حربا لضربت عنقك ثم أخرجه من عنده.
قال إبراهيم ثم إن قيسا وسهل بن حنيف خرجا حتي قدما علي علي " ع " الكوفة فخبره قيس الخبر وما كان بمصر فصدقه وشهد مع علي بصفين هو وسهل ابن حنيف (ره).
(٣٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، مدينة الكوفة (2)، علي بن أبي طالب (1)، هشام بن عروة (1)، حسان بن ثابت (1)، سهل بن حنيف (1)، أبو المنذر (1)، علي بن محمد (1)، الشكر (1)
وقال بعض المؤرخين لما أمر علي " ع " قيسا علي مصر أحتال معاوية بكل حيلة فلم ينخدع له فاحتال علي أصحاب علي حتي حسنوا له عزله وتولية محمد ابن أبي بكر مكانه وشنعوا عليه بأنه قد كاتب معاوية فلما عزل بمحمد عرف علي " ع " ان قد خدع فكان علي " ع " بعد ذلك يطيع قيسا في الامر كله وحضر معه صفين وكان في مقدمته ومعه خمسة آلاف.
وروي نصر بن مزاحم في كتاب صفين قال حدثني عمر بن سعد عن إسماعيل بن خالد عن عبد الرحمن بن عبيد قال لما أراد علي " ع " المسير إلي الشام دعا من كان معه من المهاجرين والأنصار فجمعهم فحمد الله وأثني عليه وقال اما بعد فإنكم ميامين الرأي ومراجيح العلم مباركوا الامر مقاويل بالحق ولقد عزمنا علي المسير إلي عدونا وعدوكم فأشيروا علينا برأيكم فقام جماعة فتكلموا ثم قام قيس بن سعد فحمد الله وأثني عليه ثم قال: يا أمير المؤمنين إنكلمش بنا علي عدونا فوالله ان جهادهم أحب إلي من جهاد الترك والروم لادهانهم في دين الله واستذلالهم أولياء الله من أصحاب محمد صلي الله عليه وآله من المهاجرين والأنصار والتابعين باحسان إذا غضبوا علي رجل حبسوه وضربوه وحرموه وسيروه وفينا لهم في أنفسهم حال ونحن لهم فيما يزعمون قطين - قال يعني رقيق -.
فقال أشياخ الأنصار منهم خزيمة بن ثابت وأبو أيوب وغير هما لم تقدمت أشياخ قومك وبدأتهم بالكلام يا قيس فقال اما اني عارف بفضلكم معظم لشأنكم ولكني وجدت في نفسي الضغن الذي في صدوركم جاش حين ذكرت الأحزاب.
وروي نصر في الكتاب المذكور أيضا باسناده ان معاوية دعا النعمان بن بشير بن سعد الأنصار ومسلمة بن مخلد الأنصاري ولم يكن معه من الأنصار غيرهما فقال يا هذان لقد غمني ما لقيت من الأوس والخزرج واضعي سيوفهم علي عواتقهم يدعون إلي النزال حتي جبنوا أصحابي الشجاع منهم والجبان وحتي والله ما أسأل عن فارس من أهل الشام إلا قيل قتله الأنصاري اما والله لألقينهم
(٣٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، عمر بن سعد لعنه الله (1)، المهاجرون والأنصار (2)، خزيمة بن ثابت (1)، نصر بن مزاحم (1)، بشير بن سعد (1)، قيس بن سعد (1)، الشام (2)، القتل (1)
بحدي وحديدي ولأعبين لكل فارس منهم فارس ينشب في حلقه ولأرمينهم بأعدادهم من قريش رجال لم يغذهم التمر والطفيشل يقولون نحن الأنصار قد والله آووا ونصروا ولكن أفسدوا حقهم بباطلهم فغضب النعمان وقال يا معاوية لا تلومن الأنصار في حب الحرب والسرعة نحوها فإنهم كانوا كذلك في الجاهلية، واما دعاؤهم إلي النزال فقد رأيتهم مع رسول الله صلي الله عليه وآله كثيرا واما لقاؤك إياهم بأعدادهم من قريش فقد علمت ما لقيت قريش منهم قديما فان أحببت ان تري فيهم مثل ذلك آنفافا فعل وأما التمر والطفيشل، فاما التمر فكان لنا فلما ذقتموه شاركتمونا فيه، واما الطفيشل فكان لليهود فلما أكلناه غلبناهم عليه كما غلبت قريش علي السخينة ثم تكلم مسلمة بن مخلد فقال يا معاوية ان الأنصار لا تعاب أحسابها ولا نجداتها واما غمهم إياك فقد والله غمونا ولو رضينا ما فارقونا ولا فارقنا جماعتهم وان ذلك ما فيه من مباينة العشيرة ولكن حملنا ذلك لك ورجونا منك عوضه واما التمر والطفيشل فإنهما يجران عليك السخينة والخرنوب، قال وانتهي هذا الكلام إلي الأنصار فجمع قيس بن سعد الأنصار ثم قام فيهم خطيبا فقال إن معاوية قال ما بلغكم، وأجابه عنكم صاحبكم ولعمري ان غضتم معاوية اليوم لقد غضتموه أمس وان وترتموه في الاسلام لقد وترتموه في الشرك وما لكم إليه من ذنب أعظم من نصر هذا الدين فجدوا اليوم جدا تنسونه به ما كان أمس وجدوا غدا جدا تنسونه ما كان اليوم فأنتم مع هذا اللواء الذي كان يقاتل عن يمينه جبرئيل وعن يساره ميكائيل والقوم مع لواء أبي جهل والأحزاب فاما التمر فانا لم نغرسه ولكن غلبنا عليه من غرسه واما الطفيشل فلو كان لطعامنا لسمينا به كما سميت قريش سخينة ثم قال قيس في ذلك شعرا.
يا بن هند دع التوثب في الحرب * إذا نحن بالجياد سرينا نحن من قد علمت فادن إذا * شئت بمن شئت في العجاج إلينا ان تشأ فارسا له فارس منا * وان شئت باللفيف التقينا
(٣٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، قيس بن سعد (1)، القتل (1)، الجهل (2)، الحرب (2)، التمر (4)
أي هذين ما أردت فخذه * ليس منا وليس منك الهوينا ثم لا نسلخ العجاجة حتي * تنجلي حربنا لنا أو علينا ليت ما تطلب الغداة أتانا * أنعم الله بالشهادة عينا فلما أتي شعره وكلامه معاوية دعا عمرو بن العاص فقال ما تري في شئتم الأنصار قال أري ان توعدهم ولا تشتمهم ما عسي ان تقول لهم إذا أردت ذمهم فذم أبدانهم ولا تذم أحسابهم، فقال إن قيس بن سعد يقوم علي كل يوم خطيبا وأظنه والله يفنينا غدا ان يحبسه عنا حابس الفيل فما الرأي، قال الصبر والتوكل وأرسل إلي رؤس الأنصار مع علي " ع " فعاتبهم وأمرهم ان يعاتبوه فأرسل معاوية إلي ابن مسعود والبراء بن عازب وخزيمة بن ثابت والحجاج بن عرية وأبي أيوب فعاتبهم فمشوا إلي قيس بن سعد فقال له ان معاوية لا يحب الشتم فكف عن شتمه فقال إن مثلي لا يشتم ولكن لا اكف عن حربه حتي ألقي الله قال وتحركت الخيل غدوة فظن قيس ان فيها معاوية فحمل علي رجل يشبهه فضربه بالسيف فإذا ليس به ثم حمل علي آخر يشبهه أيضا فقنعه بالسيف فلما تحاجز الفريقان شتمه معاوية شتما قبيحا وشتم الأنصار فغضب النعمان بن بشير مع مسلمة فأرضاهما بعد أن هما ان ينصرفا إلي قومهما ثم إن معاوية سأل النعمان ان يخرج إلي قيس يعاتبه ويسأله السلم فخرج النعمان فوقف بين الصفين ونادي يا قيس بن سعد انا النعمان بن بشير فخرج إليه وقال هيه يا نعمان ما حاجتك قال يا قيس انه قد أنصفكم من دعاكم إلي ما رضي لنفسه يا معشر الأنصار انكم أخطأتم في خذل عثمان يوم الدار وقتلتم أنصاره يوم الجمل وأقحمتم بصولكم علي أهل الشام بصفين فلو كنتم إذ خذلتم عثمان خذلتم عليا لكانت واحدة بواحدة ولكنكم لم ترضوا ان تكونوا كالناس حتي أعلمتم في الحرب ودعوتم إلي البراز ثم لم ينزل بعلي خطب قط إلا هونتم عليه المصيبة ووعدتموه الظفر وقد اخذت الحرب منا ومنكم ما قد رأيتم فاتقوا الله في البقية فضحك قيس وقال ما كنت أظنك يا نعمان محتويا علي هذه
(٣٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، خزيمة بن ثابت (1)، البراء بن عازب (1)، النعمان بن بشير (2)، عمرو بن العاص (1)، قيس بن سعد (3)، الشام (1)، الشهادة (1)، الصبر (1)، الحرب (2)
المقالة انه لا ينصح أخاه من غش نفسه وأنت الغاش الضال المضل أما ذكرك عثمان فان كانت الأخبار تكفيك فخذ مني واحدة قتل عثمان من لست خيرا منه وخذله من هو خير منك واما أصحاب الجمل فقاتلناهم علي النكث واما معاوية فوالله لو اجتمعت عليه العرب قاطبة لقاتله الأنصار واما قولك إنا لسنا كالناس فنحن في هذه الحرب كما كنا مع رسول الله صلي الله عليه وآله نتقي السيوف بوجوهنا والرماح بنحورنا حتي جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ولكن أنظر يا نعمان هل تري مع معاوية إلا طليقا أو أعرابيا أو يمانيا مستدرجا بغرور أنظر أين المهاجرين والأنصار والتابعون لهم باحسان الذين رضي عنهم ورضوا عنه ثم أنظر هل تري مع معاوية أنصاريا غيرك وغير صويحبك ولستم والله بدريين ولا عقبين ولا لكما سابقة في الإسلام ولا آية في القرآن ولعمري لان شغبت علينا لقد شغب علينا أبوك.
وروي نصر قال كان معاوية في صفين جعل بسر بن أرطاة يوما بإزاء قيس بن سعد فعدا بسر في حماة الخيل فلقي قيسا كأنه فنيق وهو يقول:
انا ابن سعد زانه عبادة * والخزرجيون رجال سادة ليس فراري في الوغا بعادة * ان الفرار للفتي قلادة يا رب أنت لقني الشهادة * والقتل خير من عناق غادة فطعن في خيل بسر وطعن بسر قيسا فضربه قيس بالسيف فرده علي عقبيه ورجع القوم جميعا ولقيس الفضل، ومن شعره في أيام صفين قوله:
قلت لما بغي العدو علينا * حسبنا ربنا ونعم الوكيل حسبنا ربنا الذي فتح البصر * ة بالأمس والحديث طويل وعلي إمامنا وامام * لسوانا أتي به التنزيل يوم قال النبي من كنت مولاه * فهذا مولاه خطب جليل ولما بويع الحسن " ع " بالخلافة بعد أبيه كان قيس من المبادرين إلي بيعته والناهضين بها، ووجه الحسن " ع " عبيد الله بن العباس ومعه قيس بن سعد مقدمة له
(٣٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبيد الله بن العباس (1)، قيس بن سعد (2)، القرآن الكريم (1)، الضلال (1)، القتل (1)، الشهادة (1)، الحرب (1)
في اثني عشر ألفا إلي الشام وقال لعبيد الله أمض حتي تستقبل معاوية فإذا لقيته فلا تقاتله حتي يقاتلك فان فعل فقاتله وان أصبت فقيس بن سعد علي الناس فسار عبيد الله حتي نزل بإزاء معاوية فلما كان من الغد وجه معاوية بخيله إليه فخرج إليهم عبيد الله فيمن معه فضربهم حتي ردهم إلي معسكرهم فلما كان الليل أرسل معاوية إلي عبيد الله بن العباس إن الحسن قد أرسل لي في الصلح وهو مسلم الأمر إلي فان دخلت في طاعتي الان كنت متبوعا والا دخلت وأنت تابع ولك ان جئتني الآن أعطيك الف ألف درهم أعجل لك في هذا الوقت نصفها وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر فاقبل عبيد الله ليلا فدخل عسكر معاوية فوفي له بما وعده وأصبح الناس ينتظرون عبيد الله ان يخرج فيصلي بهم فلم يخرج حتي أصبحوا فطلبوه فلم يجدوه فصلي بهم قيس بن سعد بن عبادة ثم خطبهم فثبتهم وذكر عبيد الله فنال منه ثم أمرهم بالصبر والنهوض إلي العدو فأجابوه بالطاعة وقالوا له انهض بنا إلي عدونا علي اسم الله فنزل فنهض بهم وخرج إليه بسر بن أرطاة فصاحوا إلي أهل العراق ويحكم هذا أميركم عندنا قد بايع وإمامكم الحسن قد صالح فعلي م تقتلون أنفسكم فقال لهم قيس بن سعد اختاروا إحدي اثنتين اما القتال مع غير امام واما ان تبايعوا بيعة ضلال فقالوا بل نقاتل بغير امام فخرجوا فضربوا أهل الشام حتي ردوهم إلي مصافهم وكتب معاوية إلي قيس بن سعد يدعوه ويمنيه فكتب إليه قيس لا والله لا تلقاني ابدا الا وبيني وبينك الرمح فكتب معاوية حينئذ لما يئس منه، أما بعد فإنك يهودي ابن يهودي لا تشقي نفسك وتقتلها فيما ليس لك فان ظهر أحب الفريقين إليك نبذك وغولك وان ظهرا بغضهما إليك نكل بك وقتلك وقد كان أبوك أوتر غير قوسه ورمي غير غرضه فأكثر الحز وأخطأ المفصل فخذله قومه وأدركه يومه فمات بحوران طريدا غريبا والسلام فكتب إليه قيس ابن سعد، أما بعد: فإنما أنت وثن ابن وثن دخلت في الإسلام كرها وأقمت فيه فرقا وخرجت منه طوعا ولم يجعل الله لك فيه نصيبا لم يقدم إسلامك ولم يحدث
(٣٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (1)، صلح (يوم) الحديبية (1)، عبيد الله بن العباس (1)، سعد بن عبادة (1)، قيس بن سعد (3)، الشام (2)، الضلال (1)، القتل (1)، الصّلاة (1)
نفاقك ولم تزل حربا لله ولرسوله وحزبا من أحزاب المشركين وعدو الله ونبيه والمؤمنين من عباده وذكرت أبي فلعمري ما أوتر الا قوسه ولا رمي إلي غرضه فشغب عليه من لا يشق غباره ولا يبلغ كعبه وزعمت اني يهودي وقد علمت وعلم الناس اني وأبي أنصار الدين الذي خرجت منه وأعداء الدين الذي دخلت فيه وصرت إليه والسلام فلما قرأ كتابه غاظه وأراد جوابه قال له عمرو مهلا فإنك ان كاتبته أجابك باشد من هذا وان تركته دخل فيما دخل فيه الناس فامسك عنه قال وبعث معاوية عبد الله بن عامر وعبد الله بن سمرة إلي الحسن " ع " إلي الصلح فدعواه إليه وزهداه في الامر وأعطياه ما شرط له معاوية وان لا يتبع أحدا بما مضي ولا ينال أحدا من شيعة علي " ع " بمكروه ولا يذكر عليا " ع " إلا بخير وأشياء أخر اشترطها الحسن فأجاب إلي ذلك وانصرف قيس بن سعد فيمن معه إلي الكوفة وانصرف الحسن أيضا إليها واقبل معاوية قاصدا نحو الكوفة واجتمع إلي الحسن وجوه الشيعة وأكابر أصحاب أمير المؤمنين " ع " يلومونه ويبكون إليه جزعا مما فعل.
وروي أن معاوية استثني قيس بن سعد من الشيعة في الأمان فقال الحسن لا أصالح حيت لا تستثني أحدا.
وروي أن الحسن لما اشترط علي معاوية في الصلح ان لا يطلب أحدا من أهل الحجاز والمدينة والعراق بشئ مما كافي أيام أبيه أجاب معاوية إلي ذلك وقال لا اطلب أحدا الا عشرة أنفس لا أؤمنهم فراجعه الحسن فيهم فكتب إليه معاوية اني قد آليت اني متي ظفرت بقيس بن سعد بن عبادة ان اقطع لسانه ويده فراجعه الحسن وقال لا أري ان يطلب قيس وغيره بتبعة قلت أو كثرت فبعث إليه معاوية حينئذ برق أبيض وقال اكتب ما شئت فيه فإني ملتزمه فاصطلحا.
قال أبو الفرج الأصبهاني لما تم الصلح بين الحسن ومعاوية أرسل إلي قيس ابن سعد يدعوه إلي البيعة وكان رجلا طويلا يركب الفرس المشرف ورجلاه
(٣٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، دولة العراق (1)، أبو الفرج الإصبهاني (الإصفهاني) (1)، مدينة الكوفة (2)، صلح (يوم) الحديبية (3)، عبد الله بن عامر (1)، سعد بن عبادة (1)، قيس بن سعد (2)
تخطان في الأرض وما في وجهه طاقة شعر وكان يسمي خصي الأنصار فلما أرادوا ادخاله إليه قال اني حلفت ان لا القاء إلا وبيني وبينه الرمح والسيف فامر معاوية برمح وسيف بينه وبينه ليبر بيمينه.
قال أبو الفرج وقد روي أن الحسن " ع " لما صالح معاوية اعتزل قيس ابن سعد في أربعة آلاف وأبي ان يبايع فلما بايع الحسن ادخل قيس ليبايع فاقبل علي الحسن فقال في حل انا من بيعتك فقال نعم فألقي له كرسي وجلس معاوية علي سرير والحسن معه فقال له معاوية أتبايع يا قيس قال نعم ووضع يده علي فخذه ولم يمدها إلي معاوية فجاءا معاوية علي سريره وأكب علي قيس حتي مسح يده علي يده وما دفع قيس إليه يده.
وروي أن قيسا نقم علي الحسن " ع " خلعه لنفسه من الخلافة وواجهه بكلام شديد تأسفا لذلك ثم خرج من معسكر الحسن ولما دعاه معاوية إلي البيعة امتنع وقال ما زلت انا وأبي نفتخر بانا لم نبايع ظالما قط فنصحه الحسن وأمره بمبايعته فاعتذر بأعذار كثيرة فألح عليه الحسن فذهب إلي معاوية مكرها فقال له معاوية يا قيس ما كنت أود ان تصل إلي هذا الامر وأنت حي فقال له قيس وما كنت أحب ان تحكم أنت وانا حي فقام الحاضرون بينهما حتي سكن النزاع.
وروي الكشي باسناده عن فضيل غلام محمد بن راشد قال سمعت أبا عبد الله " ع " يقول إن معاوية كتب إلي الحسن بن علي ان أقدم أنت والحسين وأصحاب علي فخرج معهم قيس بن سعد بن عبادة فقدموا الشام فأذن لهم معاوية واعد لهم الخطباء فقال للحسن " ع " قم فبايع فقام ثم قال للحسين " ع " قم فقام فبايع ثم قال قم يا قيس فبايع فالتفت إلي الحسين " ع " ينتظر ما يأمره فقال يا قيس انه إمامي يعني الحسن عليه السلام.
وروي باسناده أيضا عن جعفر بن بشير عن ذريح قال سمعت أبا عبد الله يقول دخل قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري صاحب شرطة الخميس علي معاوية
(٣٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (4)، الحسن بن علي (1)، سعد بن عبادة (2)، محمد بن راشد (1)، جعفر بن بشير (1)، الشام (1)، الفرج (1)
فقال له معاوية يا قيس بايع فنظر إلي الحسن فقال يا أبا محمد بايعت فقال معاوية اما تنتهي أما والله اني شئت فقال له قيس اما والله لئن قلت اني شئت لتناقض فقال وكان مثل البعير جسيما وكان خفيف اللحية قال فقام إليه الحسن فقال بايع يا قيس فبايع.
وسار قيس إلي المدينة ولم يزل بها مشتغلا بالعبادة حتي توفي إلي رحمة الله تعالي في آخر خلافة معاوية.
وعن سليم بن قيس قال قدم معاوية بن أبي سفيان حاجا في أيام خلافته فاستقبله أهل المدينة فنظر فإذا الذين استقبلوه ما منهم إلا قرشي فلما نزل قال ما فعلت الأنصار وما بالها لم تستقبلني فقيل له انهم محتاجون ليس لهم دواب فقال معاوية فأين نواضحهم فقال قيس بن سعد بن عبادة - وكان سيد الأنصار وابن سيدها - أفنوها يوم بدر وأحد وما بعدهما من مشاهد رسول الله صلي الله عليه وآله حتي ضربوك وأباك علي الإسلام حتي ظهر أمر الله وأنتم كارهون فسكت معاوية فقال قيس اما ان رسول الله صلي الله عليه وآله عهد إلينا أنا سنلقي بعده إثرة فقال معاوية فما امركم قال أمرنا ان نصبر حتي نلقاه قال فاصبروا حتي تلقوه.
قال المؤلف: وهذا الخبر مما كفر به المعتزلة معاوية وروي من طريق آخر ان النعمان بن بشير الأنصاري جاء في جماعة من الأنصار فشكوا إليه فقرهم وقالوا لقد صدق رسول الله صلي الله عليه وآله في قوله ستلقون بعدي إثرة فقد لقيناها قال معاوية فماذا قال لكم قالوا قال لنا فاصبروا حتي تردوا علي الحوض قال فافعلوا ما امركم به عساكم تلاقونه غدا عند الحوض كما أخبركم بقوله مستهزئا بهم وحرمهم ولم يعطهم شيئا.
وروي أن عظيم الروم بعث إلي معاوية بن أبي سفيان بهدية مع رسولين أحدهما جسيم والآخر أيد ففطن لهما معاوية فقال لعمرو بن العاص، اما الطويل فإني أجد مثله فمن الأيد فقال أجد القوة والأيد في شخصين أحدهما محمد ابن
(٣٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (2)، مدرسة المعتزلة (1)، النعمان بن بشير (1)، عمرو بن العاص (1)، سعد بن عبادة (1)، سليم بن قيس (1)، التصديق (1)
الحنفية والآخر قيس بن سعد فقال بردت قلبي فأرسل إلي قيس بن سعد وعرفه الحال فحضر فلما مثل بين يدي معاوية وعرف ما يراد منه نزع سراويله ورمي بها إلي العلج فلبسها فنالت ثندوته فأطرق مغلوبا وليم قيس علي ذلك وقيل له هلا بعثت بها فقال:
أردت لكيما يعلم الناس انها * سراويل قيس والوفود شهود وان لا يقولوا غاب قيس وهذه * سراويل عادي نمته ثمود وإني من القوم اليمانين سيد * وما الناس الا سيد ومسود وبده جميع الخلق أصلي ومنصبي * وجسم به أعلي الرجال مديد وحضر محمد بن الحنفية فعرف ما يراد منه فخير العلج بين ان يقعد ويقوم العلج فيعطيه يده فيقيمه أو يقعد العلج ويقوم محمد. ويعطيه يده ويقعد فاختار العلج. الحالتين فغلبه فيهما محمد فأقام العلج وأقعده أخرجه ابن عساكر في تاريخه بطرق مختلفة وفي رواية ان ملك الروم يزعم أن أحدهما أقوي والآخر أطولهم وقال لمعاوية إن كان في جيشك من يغلبهما أرسلت لك كذا وكذا فلما جاء محمد بن الحنفية فوضع يده في الأرض بين يدي القوي وجهد كل الجهد فلم يقدر ان يحركها ووضع الرومي يده فاخذها ابن الحنفية ورفعها بأدني شئ وجاؤا للطويل بلباس قيس بن سعد فبلغ ثدييه.
وفي تاريخ الإسلام للذهبي عن أبي عثمان قال بعث قيصر إلي معاوية ابعث إلي سراويل أطول رجل من العرب فقال لقيس بن سعد ما أظننا الا قد احتجنا إلي سراويلك فقام فتنحي وجاء بها فألقاها فقال ألا ذهبت إلي منزلك ثم بعثت بها فقال الأبيات السابقة والبيت الآخر منها يروي هكذا:
فكدهم بمثلي ان مثلي عليهم * شديد وخلقي في الرجال مديد ولقيس عدة أحاديث روي عن النبي صلي الله عليه وآله وعن أبيه وروي عنه عبد الرحمن بن أبي ليلي وعروة بن الزبير والشعبي وميمون بن أبي شبيب وغريب
(٣٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، محمد بن الحنفية إبن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام (1)، إبن عساكر (1)، يوم عرفة (1)، التاريخ الإسلامي (1)، قيس بن سعد (4)، البعث، الإنبعاث (1)

سعد بن سعد بن عبادة

ابن حميد الهمداني وجماعة ومات (ره) سنة ستين وهي السنة التي مات فيها معاوية وقيل مات بعد ذلك.
قال ابن حيان كان قد هرب من معاوية فمات سنة خمس وثمانين في خلافة عبد الملك بن مروان، قال ابن حجر، والأول هو الصواب (سعد بن سعد بن عبادة) الأنصاري أخو المذكور قال العسقلاني صحابي صغير وقد ولي بعض اليمن لعلي " ع " وقال الذهبي قيل له صحبة، روي عن أبيه وعنه ابنه شرحبيل وأبو امامة ابن سهيل، ولي اليمن لعلي عليه السلام.
(أبو قتادة الأنصاري) اسمه الحرث وقيل عمرو وقيل النعمان بن ربعي بكسر الراء وسكون الموحدة بعدها مهملة ابن بلدمة بضم الموحدة والمهملة بينهما لام ساكنة السلمي بفتحتين المدني فارس رسول الله صلي الله عليه وآله شهد أحدا ولم يصح شهوده وبدرا قاله ابن حجر في التقريب.
وأخرج أبو داود عن أبي قتادة ان النبي كان في سفر له فتعطشوا فانطلق سرعان الناس فلزمت رسول الله تلك الليلة، فقال حفظك الله بما حفظت به نبيه وهو طرف من حديث طويل قد أخرجه مسلم.
وروي ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال لما قتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة ونكح امرأته كان في عسكره أبو قتادة الأنصاري فركب فرسه.
والتحق بابي بكر وحلف ان لا يسير في جيش تحت لواء خالد ابدا فقص علي أبي بكر القصة فقال أبو بكر لقد فتنت الغنائم العرب وترك خالد ما أمرته.
قال أبو عمر في الاستيعاب شهد أبو قتادة مع علي " ع " مشاهده كلها في خلافته قال ابن الأثير شهد أبو قتادة مع علي " ع " حروبه كلها وهو بدري وتوفي
(٣٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1)، إبن الأثير (1)، أبو قتادة الأنصاري (2)، خالد بن الوليد (1)، سعد بن عبادة (1)، الشهادة (3)، القتل (1)، الموت (2)، الغنيمة (1)، الجماعة (1)

أبو قتادة الأنصاري

ابن حميد الهمداني وجماعة ومات (ره) سنة ستين وهي السنة التي مات فيها معاوية وقيل مات بعد ذلك.
قال ابن حيان كان قد هرب من معاوية فمات سنة خمس وثمانين في خلافة عبد الملك بن مروان، قال ابن حجر، والأول هو الصواب (سعد بن سعد بن عبادة) الأنصاري أخو المذكور قال العسقلاني صحابي صغير وقد ولي بعض اليمن لعلي " ع " وقال الذهبي قيل له صحبة، روي عن أبيه وعنه ابنه شرحبيل وأبو امامة ابن سهيل، ولي اليمن لعلي عليه السلام.
(أبو قتادة الأنصاري) اسمه الحرث وقيل عمرو وقيل النعمان بن ربعي بكسر الراء وسكون الموحدة بعدها مهملة ابن بلدمة بضم الموحدة والمهملة بينهما لام ساكنة السلمي بفتحتين المدني فارس رسول الله صلي الله عليه وآله شهد أحدا ولم يصح شهوده وبدرا قاله ابن حجر في التقريب.
وأخرج أبو داود عن أبي قتادة ان النبي كان في سفر له فتعطشوا فانطلق سرعان الناس فلزمت رسول الله تلك الليلة، فقال حفظك الله بما حفظت به نبيه وهو طرف من حديث طويل قد أخرجه مسلم.
وروي ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال لما قتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة ونكح امرأته كان في عسكره أبو قتادة الأنصاري فركب فرسه.
والتحق بابي بكر وحلف ان لا يسير في جيش تحت لواء خالد ابدا فقص علي أبي بكر القصة فقال أبو بكر لقد فتنت الغنائم العرب وترك خالد ما أمرته.
قال أبو عمر في الاستيعاب شهد أبو قتادة مع علي " ع " مشاهده كلها في خلافته قال ابن الأثير شهد أبو قتادة مع علي " ع " حروبه كلها وهو بدري وتوفي
(٣٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1)، إبن الأثير (1)، أبو قتادة الأنصاري (2)، خالد بن الوليد (1)، سعد بن عبادة (1)، الشهادة (3)، القتل (1)، الموت (2)، الغنيمة (1)، الجماعة (1)

عدي بن حاتم بن عبد الله

سنة أربع وخمسين وقيل مات سنة أربعين وصلي عليه علي " ع " والله أعلم.
(عدي بن حاتم بن عبد الله) ابن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم ابن أبي خزم واسمه هزومة بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طئ بن أدد بن مالك بن زيد بن كهلان الطائي أبوه حاتم هو الجواد المشهود الذي يضرب بجوده المثل وأدرك عدي الإسلام فأسلم سنة تسع وقيل سنة عشر ولإسلامه خبر ذكره ابن هشام في سيرته قال كان عدي يقول ما كان رجل من العرب أشد كراهة لرسول الله صلي الله عليه وآله حين سمع به مني أما اني كنت امرءا شريفا وكنت نصرانيا وكنت أسير في قومي بالمرياع فكنت في نفسي علي دين وكنت ملكا في قومي لما كان يصنع بي فلما سمعت برسول الله صلي الله عليه وآله كرهته فقلت لغلام كان لي عربي وكان راعيا لإبلي لا أبا لك أعدد لي من إبلي جمالا ذللا سمانا فاحتبسها قريبا مني فإذا سمعت بجيش لمحمد وقد وطأ هذه البلاد فادن مني فافعل ثم انه أتاني ذات غداة فقال يا عدي ما كنت صانعا إذا غشيتك خيل محمد فاصنعه الآن فإني قد رأيت رايات فسألت عنها فقيل له هذه جيوش محمد قال فقلت قرب لي أجمالي فقربها فاحتملت بأهلي وولدي ثم قلت الحق باهل ديني من النصاري بالشام فسلكت الجوشية وخلفت بنتا لحاتم في الحاضرة فلما قدمت الشام أقمت بها وتخالفني خيل رسول الله فتصيب ابنة حاتم فيمن أصابت فقدم بها علي رسول الله صلي الله عليه وآله في سبايا من طي وقد بلغ رسول الله هربي إلي الشام قال فجعلت ابنة حاتم في حظيرة (1) بباب المسجد كانت السبايا تحبس فيها فمر بها رسول الله فقامت إليه وكانت امرأة جزلة فقالت يا رسول الله هلك الوالد وغاب الرافد فامنن علي من الله عليك قال ومن رافدك قالت عدي بن حاتم قال الفار من الله ورسوله ثم مضي رسول الله وتركي حتي إذا كان من الغد مربي فقلت له مثل ذلك وقال لي مثل ما قال بالأمس
(1) وفي نسخة: في حجرة
(٣٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عدي بن حاتم (2)، الشام (3)، الضرب (1)، الموت (1)، السجود (1)، الجود (1)، الهلاك (1)، الصّلاة (1)
قالت حتي إذا كان بعد الغد مربي وقد يئست منه فأشار إلي رجل من خلفه ان قومي وكلميه قالت فقمت إليه فقلت يا رسول الله هلك الوالد وغاب الرافد فامنن علي من الله عليك قال صلي الله عليه وآله قد فعلت فلا تعجل حتي تجدي من قومك من يكون لك به ثقة حتي يبلغك إلي بلادك ثم آذنيني، فسألت عن الرجل الذي أشار علي أن كلميه فقيل لي علي بن أبي طالب " ع " فأقمت حتي قدم ركب من بلي أو من قضاعة قالت وإنما أريد ان أتي أخي بالشام قال فجئت رسول الله فقلت يا رسول الله قد قدم من قومي رهط لي فيهم ثقة وبلاغ قالت فكساني رسول الله وحملني وأعطاني نفقة وخرجت معهم حتي قدمت الشام. قال عدي فوالله اني لقاعد في أهلي إذ نظرت إلي ضعينة تصوب إلي منا قال فقلت أبنة حاتم فإذا هي هي فلما وقفت علي انسحلت (1) تقول القاطع الظالم احتملت بأهلك وولدك وتركت بقية والدك وعورتك قال قلت أي أخية لا تقولي الا خيرا فوالله مالي من عذر لقد صنعت ما ذكرت قال ثم نزلت فأقامت عندي فقلت لها وكانت امرأة حازمة ماذا ترين في أمر هذا الرجل قالت أري والله ان تلحق به سريعا فان يكن الرجل نبيا فللسابق إليه فضله وان يكن ملكا فلن تذل في عز اليمن وأنت أنت قال فقلت والله ان هذا للرأي قال فخرجت أقدم علي رسول الله المدينة فدخلت عليه وهو في مسجده فسلمت عليه فقال من الرجل قلت عدي بن حاتم فقام رسول الله فانطلق بي إلي بيته فوالله انه لعامد بي إليه إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاستوقفته فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها قال فقلت في نفسي ما هذا بملك ثم مضي رسول الله حتي دخل بي بيته تناول وسادة من ادم محشوة ليفا فقدمها إلي فقال اجلس علي هذه قال فقلت بل أنت اجلس عليها فقال صلي الله عليه وآله بل أنت فجلست عليها وجلس رسول الله بالأرض قال فقلت في نفسي والله ما هذا بامرئ ملك
(1) انسحلت: لامت وسخطت
(٣٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، عدي بن حاتم (1)، الشام (2)، السجود (1)، الظلم (1)، الهلاك (1)
ثم قال صلي الله عليه وآله إيه يا عدي بن حاتم ألم تكن ركوسيا (1) قال فقلت بلي قال أولم تكن تسير في قومك بالمرباع (2) قال فقلت بلي قال فان ذلك لم يكن يحل لك في دينك قال قلت اجل والله وعرفت انه نبي يعلم ما يجهل قال ثم قال لي لعلك يا عدي إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما تري من حاجتهم فوالله ليوشكن ان المال يفيض فيهم حتي لا يوجد من يأخذه ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما تري من كثرة عدوهم فوالله ليوشكن ان تسمع بالمرأة تخرج علي بعيرها من القادسية حتي تزور هذا البيت لا تخاف ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك تري ان الملك والسلطان في غيرهم وأيم الله ليوشكن ان تسمع بالقصور البيض من أرض بابل ان يفتح (3) عليهم قال فأسلمت فكان عدي يقول مضت اثنتان وبقيت الثالثة ووالله ليكونن قد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت وقد رأيت المرأة تخرج من القادسية علي بعيرها لا تخاف حتي تحج هذا البيت وأيم الله لتكونن الثالثة ليفيض المال حتي لا يوجد من يأخذه.
وروي ابن عبد ربه في كتاب العقد قال وفد عدي بن حاتم علي النبي صلي الله عليه وآله فألقي له وسادة وجلس هو علي الأرض قال عدي فما رمت حتي هداني الله للإسلام وسرني ما رأيت من كرم رسول الله في بنت حاتم التي أسرتها خيل النبي اسمها سفانة وبها كان يكني أبوها حاتم.
وروي أنه لما أتي بها النبي قالت له يا محمد هلك الوالد وغاب الرافد فان رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي احياء العرب فان أبي سيد قومه كان يفك العاني ويحمي الذمار ويفرج عن المكروب ويطعم الطعام ويفشي السلام ولم يطلب إليه طالب حاجة قط فرده (4) انا أبنة حاتم طي فقال رسول الله صلي الله عليه وآله هذه صفة المؤمن
(1) الركوسية: قوم لهم دين بين دين النصاري والصابئين (2) المرباع: ربع الغنيمة (3) وفي السيرة: فتحت عليهم (4) وفي نسخة إلا قضاها
(٣٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم عرفة (1)، عدي بن حاتم (2)، بابل (2)، الطعام (1)، الجهل (1)، المنع (3)، الهلاك (1)، المرأة (1)
لو كان أبوك إسلاميا لترحمنا عليه خلوا عنها فان أباها كان يحب مكارم الأخلاق.
وروي عن أمير المؤمنين " ع " انه قالوا كنا لا نرجو ولا نخشي نارا ولا ثوابا ولا عقابا لكان ينبغي لنا ان نطلب مكارم الأخلاق فإنها مما يدل علي سبيل النجاح فقال رجل فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين سمعته من رسول الله قال " ع " نعم وما هو خير منه لما أتانا سبايا طي فإذا فيها جارية حماء، لعساء، لمياء، خواء. عطباء، صلت الجبين لطيفة العرنين مسنونة الخدين لمساء الكعبين خدلجة الساقين لغاء الخدين خميصة الخصرين مكورة الكشحين مصقولة المتنين فأعجبتني وقلت لأطلبن من رسول الله أن يجعلها في فيئي فلما تكلمت نسيت ما راعني من جمالها لما رأيت من فصاحتها وعذوبة كلامها فقالت يا محمد (صلي الله عليه وآله) ان رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب فإني أبنة سيد قومي كان أبي يفك العاني ويحمي الذمار ويقري الضيف ويشبع الجائع ويكسي المعدوم ويفرج عن المكروب انا أبنة حاتم طي فقال (ص) خلوا عنها فان أباها كان يحب مكارم الأخلاق فقام أبو بردة فقال يا رسول الله تحب مكارم الأخلاق فقال صلي الله عليه وآله يا أبا بردة لا يدخل الجنة أحد لا يحسن الخلق وأخرج أحمد عن عدي قال قلت لرسول الله ان أبي كان يصل الرحم ويفعل كذا وكذا قال صلي الله عليه وآله ان أباك أراد أمرا فأدركه يعني الذكر.
وروي أن عديا قدم علي عمر وكان رأي منه جفاء فقال اما تعرفني قال بلي أعرفك قد أسلمت إذ كفروا وعرفت إذ نكروا ووفيت إذ غدروا وأقبلت إذ أدبروا وكان عدي يشابه أباه في الكرم حتي أنه كان يفت الخبز للنمل ويقول إنهن جارات وفيه يقول الشاعر:
باب اقتدي عدي في الكرم * ومن يشابه أبه فما ظلم قال الفضل ابن شاذان كان عدي من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين عليه السلام.
(٣٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: مكارم الأخلاق (4)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم عرفة (1)، الفدية، الفداء (1)، الكرم، الكرامة (2)
قال ابن قتيبة ذكروا ان عديا قام إلي علي " ع " عند خروجه إلي حرب أهل الجمل فقال يا أمير المؤمنين لو تقدمت إلي قومي أخبرهم بمسيرك واستفزهم فان لك علي من طي ما معك فقال علي " ع " نعم فافعل فتقدم عدي إلي قومه فاجتمعت إليه رؤساء طي فقال يا معشر طي انكم أمسكتم عن حرب رسول الله في الشرك ونصرتم الله ورسوله في الإسلام علي الردة وعلي " ع " قادم عليكم وقد ضمنت له مثل عدة من معه منكم فانفروا معه وقد كنتم تقاتلون في الجاهلية علي الدنيا فقاتلوا في الإسلام علي الآخرة فان أردتم الدنيا فعند الله مغانم كثيرة وانا أدعوكم إلي الدنيا والآخرة وقد ضمنت عنكم الوفاء وباهيت الناس بكم فأجيبوا قولي فإنكم أعز العرب دارا ولكم فضول من معاشكم وخيلكم فاجعلوا فضل المعاش للقتال وفضول الخيل للجهاد وقد أظلكم علي " ع " والناس معه من المهاجرين والبدريين والأنصار فكونوا أكثرهم عددا فان هذا سبيل للحي فيه الغني والسرور وللقتيل فيه الحياة والرزق الكريم فصاحت طي نعم حتي كاد يصم من صياحهم فلما قدم علي " ع " علي طي أقبل شيخ من طي قد هرم من الكبر فرفع له من حاجبيه فنظر إلي علي " ع " فقال أنت ابن أبي طالب قال نعم فقال مرحبا بك وأهلا قد جعلناك بيننا وبين النار وعدينا بيننا وبينك ونحن بينه وبين الناس والله لو أتيتنا غير مبايع لك لنصرناك لقرابتك من رسول الله وأيامك الصالحة ولئن كان ما يقال فيك حقا من الخير ان في أمرك وأمر قريش لعجبا إذ أخروك وقدموا غيرك سر فوالله لا يتخلف عنك من طي إلا عبد أو دعي إلا باذن منك فشخص من طي ثلاثة عشر الف راكبا (قال) بعض المؤرخين شهد عدي مع أمير المؤمنين " ع " الجمل وصفين وفقئت عينه في يوم الجمل وقتل ابنه طريف وبقي بلا عقب.
وروي نصر بن مزاحم قال حدثنا عمر بن سعد عن معد بن طريف عن أبي المجاهد عن المحل بن خليفة قال لما أراد أمير المؤمنين " ع " المسير إلي
(٣٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (8)، عمر بن سعد لعنه الله (1)، المحل بن خليفة (1)، نصر بن مزاحم (1)، العزّة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)، الغني (1)، الجهل (1)، الحرب (1)، القتل (1)
قتال أهل الشام قام عدي بن حاتم الطائي بين يديه فحمد الله وأثني عليه وقال يا أمير المؤمنين ما قلت إلا بعلم ولا دعوت إلا إلي الحق ولا أمرت إلا برشد ولكن ان رأيت أن تستأني هؤلاء القوم وتستدعيهم حتي تأتيهم كتبك وتقدم عليهم رسلك فان يقبلوا يصيبوا رشدهم والعافية أوسع لنا ولهم وان يتمادوا في الشقاق ولا ينزعوا من الغي نسير إليهم وقدمنا إليهم بالعذر ودعوناهم إلي في أيدينا من الحق فوالله لهم من الحق أبعد وعلي الله أهون من قوم قاتلناهم بالأمس بناحية البصرة لما دعوناهم إلي الحق فتركوه ناوحناهم برا كالقتال حتي بلغنا منهم ما نحب وبلغ الله منهم رضاه فقام زيد بن حصين الطائي وكان من أصحاب البرانس المجتهدين فقال الحمد لله حتي يرضي ولا إله إلا الله ربنا، أما بعد فوالله ان كنا في شك من قتال من خالفنا ولا تصلح لنا النية في قتالهم حتي نستدعيهم ونستأنيهم ما الأعمال الا في تباب ولا السعي الا في ضلال والله تعالي يقول (واما بنعمة ربك فحدث) إننا والله ما ارتبنا طرفة عين فيمن يتبعونه فكيف باتباع القاسية قلوبهم القليل من الإسلام حظهم أعوان الظلمة وأصحاب الجور والعدوان ليسوا من المهاجرين والأنصار ولا التابعين باحسان، فقام رجل من طي فقال يا زيد ابن حصين كلام سيدنا عدي بن حاتم تهجن فقال زيد ما أنتم أعرف بحق عدي مني ولكن لا ادع القول بالحق وان سخط الناس.
ولعدي في صفين مقامات مشهورة:
وروي نصر بن مزاحم قال جاء عدي بن حاتم في يوم من أيام صفين يلتمس عليا " ع " ما يطأ إلا علي انسان ميت أو قدم أو ساعد فوجده تحت رايات بكر بن وائل فقال يا أمير المؤمنين " ع " الا تقوم حتي نموت فقال علي " ع " ادن مني فدنا منه حتي وضع اذنه عند أنفه فقال ويحك ان عامة من معي يعصيني وان معاوية فيمن يطيعه ولا يعصيه فقال عدي بن حاتم:
أقول لما ان رأيت المعمعه * واجتمع الجندان وسط البلقعه
(٣٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، المهاجرون والأنصار (1)، مدينة البصرة (1)، عدي بن حاتم (4)، نصر بن مزاحم (1)، الشام (1)، القتل (3)، الضلال (1)
هذا علي والهدي حقا معه * يا رب فاحفظه ولا تضيعه فإنه يخشاك رب فادفعه * ومن أراد غيه فضعضعه وروي نصر أيضا قال انتدب لعلي " ع " همام بن قبيصة وكان من أشتم الناس لعلي " ع " وكان معه لواء هوازن فقصد لمذحج وهو يقول:
قد علم الخرد كالتمثال * اني إذا دعيت للنزال أقدم اقدام الهزبر العالي * أهل العراق انكم من بالي كل تلادي وطريف مالي * حتي أنال فيكم المعالي أو أطعم الموت وتلكم حالي * في نصر عثمان ولا أبالي فقال عدي بن حاتم لصاحب الراية ادن مني فاخذه وحمله وهو يقول:
يا صاحب الصوت الرفيع العالي * ان كنت تبغي في الوغي نزالي فأذن فإني كاشف عن حالي * تفدي عليا مهجتي ومالي وأسرتي تتبعها عيالي فضربه وسلبه لواءه فقال ابن حطان وهو شامت به:
أهمام لا تذكر مدي الدهر فارسا * وعض علي ما جئته بالأباهم سما لك يوما في العجاجة فارس * شديد القصير ذو شجا وغمائم فوليته لما سمعت نداءه * تقول له خذ يا عدي بن حاتم فأصبحت مسلوب اللواء مذبذبا * وأعظم بهذا منك شتمة شاتم وروي نصر أيضا قال روي أن عمر بن الخطاب دعا عابس بن سعد الطائي وكان عدي بن حاتم تزوج أخته وأولد منها ابنه زيدا فقال عمر إني أريد ان أوليك قضاء حمص فكيف أنت صانع قال اجتهد رأيي وأستشير جلسائي فانطلق فلم يمض إلا يسيرا حتي رجع فقال يا أمير المؤمنين إني رأيت رؤيا أحب أن أقصها عليك قال هاتها قال رأيت كأن الشمس أقبلت من المشرق ومعها جمع عظيم وكان القمر أقبل من المغرب ومعه جمع عظيم فقال عمر مع أيهما كنت
(٣٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، دولة العراق (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، عدي بن حاتم (3)، الموت (1)، الزوج، الزواج (1)
قال مع القمر قال عمر كنت مع الآية الممحوة لا والله لا تعمل علي عمل فرده فشهد مع معاوية صفين وكانت راية طي معه فقتل يومئذ فمر به عدي بن حاتم ومعه زيد بن عدي فرآه قتيلا فقال يا أبة هذا والله خالي قال نعم يلعن الله خالك فبئس والله المصرع مصرعه فوقف زيد فقال من قتل هذا الرجل مرارا فخرج إليه رجل من بكر بن وائل - طوال وائل - فقال انا والله قتلته قال كيف صنعت به فجعل يخبره فطعن زيد بالرمح فقتله فحمل عليه عدي يسبه ويسب أمه ويقول يا بن المايقة لست علي دين محمد ان لم أرفعك إليهم فضرب فرسه فلحق بمعاوية فأكرمه وحمله وأدني مجلسه فرفع عدي يده فدعا عليه فقال: اللهم ان زيدا قد فارق ولحق بالمحلين اللهم فارمه بسهم من سهامك لا يشوي يقول لا يخطي فان رميتك لا تنمي لا والله لا أكلمه من رأسي كلمة ابدا ولا يظلني وإياه سقف بيت ابدا، قال وقال زيد في قتل البكري شعرا:
ألا من مبلغ طيا باني * ثأرت بخالي ثم لم أتأثم تركت أخا تيم يبق بصدره * بصفين مخضوب الجيوب من الدم وذكرني خالي غداة رأيته * فأوخزته رمحي فخر علي الفم لقد غادرت أرماح بكر بن وائل * قتيلا عن الأهوال ليس بمحجم قتيل يظل الحي يثنون بعده * عليه بأيد من نداه وانعم لقد فجعت طي بحلم ونائل * وصاحب غارات ونهب مقسم لقد كان خالي ليس خال كمثله * دعانا لضيم واحتمالا لمغرم قال ولما لحق زيد بن عدي بمعاوية تكلم رجال من أهل العراق في عدي ابن حاتم وطعنوا في أمره وكان عدي سيد الناس مع علي " ع " في نصيحته وعنائه فقام إلي علي " ع " فقال يا أمير المؤمنين اما عصم الله رسوله صلي الله عليه وآله من حديث النفس والوسواس وأتاني الشيطان بالوحي وليس هذا لأحد بعد رسول الله في عائشة وأهل الإفك والنبي صلي الله عليه وآله خير منك وعائشة يومئذ خير مني وقد
(٣٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، دولة العراق (1)، القتل (4)، الظل، التظليل، الظلالة (1)
قربني زيد للظن غير اني إذا ذكرت مكانك من الله ومكاني منك اتسع خناقي وطال نفسي والله ان لو وحدت زيدا لقتلته ولو هلك ما حزنت عليه فأثني عليه علي " ع " خيرا وقال في ذلك شعرا:
أيا زيد قد عصبتني بعصابة * وما كنت للثوب المدلس لابسا فليتك لم تخلق وكنت كمن مضي * وليتك إذ لم تمض لم تر حابسا الا زال أعداء وعن ابن حاتم * أباه وأمسي بالفريقين ناكسا وحامت عليه مذحج دون مذحج * وأصبحت للأعداء ساقا ممارسا نكصت علي العقبين يا زيد برده * وأصبحت فقد جدعت منا المعاطسا قتلت امرأ من آل بكر بن وائل * فأصبحت مما كنت آمل آيسا وروي الشريف المرتضي (ره) في كتاب الغرر والدرر ان عديا دخل علي معاوية فقال له ما فعل الطرفان يعني طريفا وطرافا وطرفه بنيه قال قتلوا مع علي ابن أبي طالب " ع " فقال ما أنصفك ابن أبي طالب قدم بينك وأخر بنيه فقال عدي بل ما أنصفته انا ان قتل وبقيت بعده.
وقال له معاوية يوما ما أبقي لك الدهر من حب علي فقال إن حبه ليتجدد في القلب وان ذكره يتردد في اللسان.
وروي أنه حضر جماعة من قريش عند معاوية وعنده عدي بن حاتم وكان فيهم عبد الله بن الزبير فقالوا يا أمير المؤمنين ذرنا نكلم عديا فقد زعموا ان عنده جوابا فقال إني أحذركموه فقالوا لا عليك دعنا وإياه فقال له ابن الزبير يا أبا طريف متي فقئت عينك قال يوم فر أبوك وقتل شر قتلة وضربك الأشتر علي استك فوقعت هاربا من الزحف وأنشد شعرا:
اما وأبي يا ابن الزبير لو انني * لقيتك يوم الزحف ما رمت لي سخطا وكان أبي في طئ وأبوابي * صحيحين لم ينزع عروقهما القبطا ولو رمت شتمي عند عدل قضاؤه * لرمت به يا ابن الزبير مدي شحطا
(٣٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (1)، عبد الله بن الزبير (1)، الشريف المرتضي (1)، عدي بن حاتم (1)، القتل (4)، الوسعة (1)، الهلاك (1)
فقال معاوية قد كنت حذرتكموه فأبيتم.
قال المؤلف: عرض عدي بقوله صحيحين لم ينزع عروقهما القبطا بما ذكره النسابون من أن العوام أبا الزبير كان رجلا من القبط حدث إسحاق بن جرير قال حدثني رجل من بني هاشم وكان نسابة لقريش قال كان العوام أبا الزبير رجلا من القبط من أهل مصر وكان مملوكا لخويلد اشتراه من مصر وإنما سمي العوام لأنه يعوم في نيل مصر ويخرج ما يغرق فيه من متاع الدنيا واشتراه خويلد فنزل بمكة ثم إن خويلدا تبناه وشرط عليه إن هو جني عليه جناية رده في الرق وقال وكان يقال له العوام بن خويلد وقد قال حسان بن ثابت يهجو آل الزبير بن العوام ويقال ان عثمان بن الحويرث قالها:
بني أسد ما بال آل خويلد * يحنون شوقا كل يوم إلي القبط إذا ذكرت هيفاء حنوا لذكرها * وللرمث المقرون والسمك الرقط احمري بني العوام ان خويلدا * غداة تبناه ليوثق في الشرط بأنك ان تجني علي جناية * أردك عبدا للنهايا وللقبط قال فسألت الهاشمي كيف تزوج العوام صفية بنت عبد المطلب قال نحن لم نزوجها قلت فمن زوجها قال كان ظهر بصفية داء لا يراه منها إلا بعلها فخرجت إلي الطائف إلي الحرث بن كلدة الثقفي وكان طبيبا فوصفت له ما تجد فقال لها إني لا أستطيع أن أداويك فان هذا موضع لا يراه إلا بعل وكان العوام يومئذ بالطائف قد خرج إلي الحرث بن كلدة من داء كان به فعالجه حتي برأ فقال لها الحرث زوجي نفسك من العوام ولم تجد بدا من ذلك لما كان بها فكان الحرث يصف للعوام فيعالجها حتي تماثلت ففي ذلك يقول الحرث للعوام حين تزوج صفية بنت عبد المطلب.
تزوجتها لا بين زمزم والصفا * ولا في ديار الشعب شعب الأكارم تزوجتها لم يشهد القوم بضعها * بنو عمها من عبد شمس وهاشم
(٣٦١)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (1)، صفية بنت عبد المطلب (1)، الزبير بن العوام (1)، إسحاق بن جرير (1)، حسان بن ثابت (1)، بنو هاشم (1)، بنو أسد (1)، الزوج، الزواج (4)، الشهادة (1)، البول (1)

عبادة بن الصامت بن قيس

قال فكان ذلك سبب تزويج صفية بنت عبد المطلب من العوام. مات عدي (ره) سنة ثمان وستين وهو ابن مائة وعشرين سنة وذلك زمن المختار (عبادة بن الصامت بن قيس) ابن أصرم بن فهر بن تغلبة بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن الخزرج الأنصاري الخزرجي يكني أبا الوليد أحد النقباء ليلة العقبة والذي بايع النبي صلي الله عليه وآله ان لا تأخذه في الله لومة لائم وهو من القوافل ومعني القوافل ان الرجل من العرب كان إذا دخل يثرب يجئ إلي شريف من الخزرج ويقول له أجرني ما دمت بها من أن أظلم فيقول قوفل حيث شئت فلا يعرض له أحد وممن جمع القرآن وكان طويلا جسيما جميلا. قال سعيد بن عقير كان طوله عشرة أشبار قال العلامة (ره) في الخلاصة هو ممن أقام بالبصرة وكان شيعيا.
وقال الكشي عن الفضل بن شاذان انه من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين " ع " مات بالرملة سنة أربع وثلاثين وله اثنتان وسبعون سنة وأخطأ من قال إنه عاش إلي خلافة معاوية.
(بلال بن رياح) بفتح الراء المهملة والباء الموحدة وبعد الألف حاء مهملة الحبشي بن حمامة وهي أمه كانت مولاة لبني جمح يكني أبا عبد الله مؤذن رسول الله صلي الله عليه وآله أسلم قديما فعذبه قومه وجعلوا يقولون له ربك اللات والعزي وهو يقول أحد أحد.
قال محمد بن إسحاق كان أمية بن خلف يخرج بلال إذا حميت الظهيرة فيطرحه علي ظهره في بطحاء مكة ثم يأمر بالشجرة العظيمة ثم توضع علي ظهره فيقول لا تزال هكذا حتي تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزي، فيقول بلال وهو علي ذلك أحد أحد فمر أبو بكر يوما علي أمية بن خلف وهو يعذب بلالا فقال لأمية اما تتقي الله تعالي في هذا المسكين حتي متي قال أنت أفسدته فأنقذه مما تري فقال أبو بكر افعل عندي غلام أسود أجلد وأقوي علي دينك
(٣٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، المدينة المنورة (1)، صفية بنت عبد المطلب (1)، عبادة بن الصامت (1)، الفضل بن شاذان (1)، محمد بن إسحاق (1)، عوف بن عمرو (1)، القرآن الكريم (1)، الموت (3)، الزوج، الزواج (1)

عبادة بن الصامت بن قيس

قال فكان ذلك سبب تزويج صفية بنت عبد المطلب من العوام. مات عدي (ره) سنة ثمان وستين وهو ابن مائة وعشرين سنة وذلك زمن المختار (عبادة بن الصامت بن قيس) ابن أصرم بن فهر بن تغلبة بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن الخزرج الأنصاري الخزرجي يكني أبا الوليد أحد النقباء ليلة العقبة والذي بايع النبي صلي الله عليه وآله ان لا تأخذه في الله لومة لائم وهو من القوافل ومعني القوافل ان الرجل من العرب كان إذا دخل يثرب يجئ إلي شريف من الخزرج ويقول له أجرني ما دمت بها من أن أظلم فيقول قوفل حيث شئت فلا يعرض له أحد وممن جمع القرآن وكان طويلا جسيما جميلا. قال سعيد بن عقير كان طوله عشرة أشبار قال العلامة (ره) في الخلاصة هو ممن أقام بالبصرة وكان شيعيا.
وقال الكشي عن الفضل بن شاذان انه من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين " ع " مات بالرملة سنة أربع وثلاثين وله اثنتان وسبعون سنة وأخطأ من قال إنه عاش إلي خلافة معاوية.
(بلال بن رياح) بفتح الراء المهملة والباء الموحدة وبعد الألف حاء مهملة الحبشي بن حمامة وهي أمه كانت مولاة لبني جمح يكني أبا عبد الله مؤذن رسول الله صلي الله عليه وآله أسلم قديما فعذبه قومه وجعلوا يقولون له ربك اللات والعزي وهو يقول أحد أحد.
قال محمد بن إسحاق كان أمية بن خلف يخرج بلال إذا حميت الظهيرة فيطرحه علي ظهره في بطحاء مكة ثم يأمر بالشجرة العظيمة ثم توضع علي ظهره فيقول لا تزال هكذا حتي تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزي، فيقول بلال وهو علي ذلك أحد أحد فمر أبو بكر يوما علي أمية بن خلف وهو يعذب بلالا فقال لأمية اما تتقي الله تعالي في هذا المسكين حتي متي قال أنت أفسدته فأنقذه مما تري فقال أبو بكر افعل عندي غلام أسود أجلد وأقوي علي دينك
(٣٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، المدينة المنورة (1)، صفية بنت عبد المطلب (1)، عبادة بن الصامت (1)، الفضل بن شاذان (1)، محمد بن إسحاق (1)، عوف بن عمرو (1)، القرآن الكريم (1)، الموت (3)، الزوج، الزواج (1)

بلال بن رباح الحبشي مؤذن النبي (ص)

قال فكان ذلك سبب تزويج صفية بنت عبد المطلب من العوام. مات عدي (ره) سنة ثمان وستين وهو ابن مائة وعشرين سنة وذلك زمن المختار (عبادة بن الصامت بن قيس) ابن أصرم بن فهر بن تغلبة بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن الخزرج الأنصاري الخزرجي يكني أبا الوليد أحد النقباء ليلة العقبة والذي بايع النبي صلي الله عليه وآله ان لا تأخذه في الله لومة لائم وهو من القوافل ومعني القوافل ان الرجل من العرب كان إذا دخل يثرب يجئ إلي شريف من الخزرج ويقول له أجرني ما دمت بها من أن أظلم فيقول قوفل حيث شئت فلا يعرض له أحد وممن جمع القرآن وكان طويلا جسيما جميلا. قال سعيد بن عقير كان طوله عشرة أشبار قال العلامة (ره) في الخلاصة هو ممن أقام بالبصرة وكان شيعيا.
وقال الكشي عن الفضل بن شاذان انه من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين " ع " مات بالرملة سنة أربع وثلاثين وله اثنتان وسبعون سنة وأخطأ من قال إنه عاش إلي خلافة معاوية.
(بلال بن رياح) بفتح الراء المهملة والباء الموحدة وبعد الألف حاء مهملة الحبشي بن حمامة وهي أمه كانت مولاة لبني جمح يكني أبا عبد الله مؤذن رسول الله صلي الله عليه وآله أسلم قديما فعذبه قومه وجعلوا يقولون له ربك اللات والعزي وهو يقول أحد أحد.
قال محمد بن إسحاق كان أمية بن خلف يخرج بلال إذا حميت الظهيرة فيطرحه علي ظهره في بطحاء مكة ثم يأمر بالشجرة العظيمة ثم توضع علي ظهره فيقول لا تزال هكذا حتي تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزي، فيقول بلال وهو علي ذلك أحد أحد فمر أبو بكر يوما علي أمية بن خلف وهو يعذب بلالا فقال لأمية اما تتقي الله تعالي في هذا المسكين حتي متي قال أنت أفسدته فأنقذه مما تري فقال أبو بكر افعل عندي غلام أسود أجلد وأقوي علي دينك
(٣٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، المدينة المنورة (1)، صفية بنت عبد المطلب (1)، عبادة بن الصامت (1)، الفضل بن شاذان (1)، محمد بن إسحاق (1)، عوف بن عمرو (1)، القرآن الكريم (1)، الموت (3)، الزوج، الزواج (1)
أعطيكه به قال أمية قد قبلت قال هو لك فأعطاه أبو بكر غلامه ذلك واخذ بلالا.
وفي معالم التنزيل أسم الغلام الذي اشتري به أبو بكر بلالا من أمية بن خلف قسطاط.
وفي مناقب ابن شهرآشوب كان لأبي بكر غلام مشرك فرأي بلالا يعذب فقايض به، وقيل إن أبا بكر اشتري بلالا بسبع آواق، وقيل بخمس فاعتقه وشهد بدرا واحدا والمشاهد كلها مع رسول الله وفيه يقول الشاعر يوم بدر:
هنيئا زادك الرحمن خيرا * فقد أدركت خيرك يا بلال فلا نكسا وجدت ولا جبانا * غداة تنوشك الأسل الطوال وهو أول من اذن لرسول الله صلي الله عليه وآله وكان يؤذن له سفرا وحضرا وكان خازنا علي بيت ماله وعامله علي صدقات الثمار وشهد له رسول الله بالجنة وكان ادم شديد الأدمة نحيفا طويلا أحني له شعر كثير خفيف العارضين به شمط كثير لا يغيره وكان يلحن في كلامه ويجعل الشين سينا فقال رسول الله سين بلال عند الله شين وجاء رجل إلي أمير المؤمنين فقال يا أمير المؤمنين ان بلالا كان يناظر اليوم فلانا فجعل يلحن في كلامه وفلان يعرب ويضحك من بلال فقال أمير المؤمنين " ع " يا أبا عبد الله إنما يراد اعراب الكلام وتقويمه لتقويم الأعمال وتهذيبها ما ينفع فلانا اعرابه وتقويمه لكلامه إذا كانت أفعاله ملحونة أقبح لحن وماذا يضر بلالا لحنه في كلامه إذا كانت أفعاله مقومة أحسن تقويم ومهذبة أحسن تهذيب ومع ذلك فقد روي له شعر عنه فصيح بالعربية روي النسائي في سننه وابن هشام في سيرته انه لما قدم المدينة كان فيمن اخذته الحمي فكان إذا أفلت عنه يرفع عقيرته ويقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * بواد وحولي أذخر وجليل وهل أردن يوما مياه مجنة * وهل يبدون لي شامة وطفيل ثم يقول اللهم العن عتبة بن أبي ربيعة وأمية بن خلف كما أخرجونا إلي أرض الوباء والمراد بالواد مكة وجليل نبت ضعيف وقيل هو التمام ومجنة بفتح
(٣٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، ابن شهرآشوب (1)
الميم وقد تكسر وفتح الجيم أيضا وبعدها نون مشددة سوق بأسفل مكة وفي القاموس انه موضع قرب مكة وشامة وطفيل بكسر الفاء جبلان مشرفان علي مجنة وفي المواهب اللدنية شامة وطفيل عينان بقرب مكة.
وروي أن بلال مدح النبي (ص) بلسان الحبشة فقال:
أره بره كنكره * كراكري مندره فقال صلي الله عليه وآله لحسان بن ثابت اجعله عربيا فقال حسان بالعربية:
إذ المكارم في آفاقنا ذكرت * فإنما بك فينا يضرب المثل وروي أن النبي صلي الله عليه وآله بينما هو والناس في المسجد ينتظرون بلال أن يأتي فيؤذن إذ أتي بعد الأذان فقال النبي ما حبسك يا بلال فقال إني اجتزت بفاطمة وهي تطحن واضعة ابنها الحسن عند الرحي وهي تبكي فقلت لها أيما أحب إليك ان شئت كفيتك ابنك وإن شئت كفيتك الرحي فقالت أنا أرفق بابني وأخذت الرحي فطحنت فذاك الذي حبسني فقال النبي صلي الله عليه وآله رحمتها رحمك الله.
وفي مناقب ابن شهرآشوب روي إنه أخذ بلال جمانة بنت الزحاف الأشجعي فلما كان في وادي النعام هجمت عليه وضربته ضربة بعد ضربة ثم جمعت ما كان يعز عليها من ذهب وفضة في سفرة وركبت حجرة من خيل أبيها وخرجت من العسكر عل وجهها إلي شهاب بن مازن الملقب بالكوكب الدري وكان قد خطبها من أبيها ثم انه انفذ النبي صلي الله عليه وآله سلمان وصهيبا إليه لإبطائه فرأوه ملقي علي وجه الأرض والدم يجري من تحته علي وجه الأرض فأتيا النبي صلي الله عليه وآله فأخبراه بذلك فقال النبي كفوا عن البكاء ثم صلي ركعتين ودعا بدعوات ثم أخذ كفا من الماء فرشه علي بلال فوثب قائما وجعل يقبل قدم النبي صلي الله عليه وآله فقال له النبي من هذا الذي فعل بك هذا الفعال يا بلال فقال جمانة بنت الزحاف وإني لها عاشق فقال صلي الله عليه وآله أبشر يا بلال فسوف انفذ إليها وأتي بها فقال النبي صلي الله عليه وآله يا أبا الحسن هذا أخي جبرئيل يخبرني من رب العالمين ان جمانة لما قتلت بلال
(٣٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (7)، مدينة مكة المكرمة (3)، حسان بن ثابت (1)، ابن شهرآشوب (1)، البكاء (1)، الضرب (1)، الركوع، الركعة (1)، السجود (1)، العزّة (1)، الأذان (1)
مضت إلي رجل يقال له شهاب بن مازن وكان قد خطبها من أبيها ولم ينعم له بزواجها وقد شكت حالها إليه وقد سار بجموعه يروم حربنا فقم وأقصده بالمسلمين فالله تعالي ينصرك عليه وها انا راجع إلي المدينة فقال فعند ذلك سار الإمام " ع " بالمسلمين وجعل يجد في السير حتي وصل إلي شهاب وجاهده ونصر المسلمون فأسلم شهاب وأسلمت جمانة والعسكر وأتي بهم الإمام إلي المدينة وجددوا الإسلام علي يد النبي فقال النبي يا بلال ما تقول فقال يا رسول الله قد كنت محبا لها وشهاب ابن مازن أحق بها مني فعند ذلك وهب شهاب لبلال جاريتين وفرسين وناقتين.
وروي أنه صلي الله عليه وآله قال لعجوز أشجعية يا أشجعية لا تدخل العجوز الجنة فرآها بلال باكية فرفعها للنبي فقال والأسود كذلك فجلسا يبكيان فرآهما العباس فذكرهما له فقال صلي الله عليه وآله والشيخ كذلك فجلسوا يبكون فدعاهم وطيب قلوبهم وقال ينشئهم الله كأحسن ما كانوا وذكر انهم يدخلون الجنة شبابا منورين.
ولما كان يوم الفتح أمر النبي بلالا ان يصعد البيت ويؤذن فوقه فصعد وأذن علي البيت فقال خالد بن سعيد بن العاص الحمد لله الذي أكرم أبي فلم يدرك هذا اليوم وقال الحارث بن هشام وا ثكلاه ليتني مت قبل هذا اليوم قبل أن أسمع بلالا ينهق فوق الكعبة وقال الحكم بن أبي العاص هذا والله الحدث العظيم ان عبد بني جمع يصيح بما يصيح به علي بيته فأتي جبرئيل " ع " رسول الله صلي الله عليه وآله فأخبره بمقالة القوم.
ولم يؤذن بلال لأحد بعد رسول الله وقال لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلي الله عليه وآله وان فاطمة " ع " قالت ذات يوم اني اشتهي ان اسمع صوت مؤذن أبي صلي الله عليه وآله بالأذان فبلغ ذلك بلالا فاخذ في الآذان فلما قال الله أكبر ذكرت أباها وأيامه فلم تتمالك من البكاء فلما بلغ إلي قوله اشهد ان محمدا رسول الله شهقت فاطمة " ع " وسقطت لوجهها وغشي عليها فقال الناس لبلال أمسك فقد فارقت ابنة رسول الله صلي الله عليه وآله الدنيا فظنوا أنها قد ماتت فقطعوا أذانه ولم يتمه فأقامت
(٣٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، خالد بن سعيد بن العاص (1)، الحكم بن أبي العاص (1)، البكاء (1)، الكرم، الكرامة (1)
فاطمة " ع " وسألته ان يتم الأذان فلم يفعل وقال لها يا سيدة النسوان اني أخشي عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان فأعفته عن ذلك.
وفي المواهب اللدنية ان عمر لما قدم الشام حين فتحها اذن بلال فتذكر الناس النبي صلي الله عليه وآله قال أسلم مولي عمر فلم أر باكيا أكثر من يومئذ.
وعن إبراهيم التميمي لما توفي رسول الله صلي الله عليه وآله اذن بلال ورسول الله لم يدفن فكان إذا قال اشهد ان محمدا رسول الله صلي الله عليه وآله انتحب الناس في المسجد فلما دفن قال له أبو بكر أذن قال إن كنت انما أعتقتني لأن أكون معك فلا سبيل إلي ذلك وان كنت أعتقتني لله فخلني ومن أعتقتني له قال ما أعتقتك إلا لله قال فإني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله قال فذلك إليك قال فأقام حتي خرجت بعوث الشام فخرج معهم حتي انتهي إليها.
وعن سعيد بن المسيب قال لما كانت خلافة أبي بكر تجهز بلال ليخرج إلي الشام فقال له أبو بكر ما كنت أراك تدعني علي هذه الحالة فلو أقمت معنا فأعنتنا قال إن كنت انما أعتقتني لله تعالي فدعني اذهب وان كنت انما أعتقتني لنفسك فاحبسني عندك فأذن له فخرج إلي الشام فمات بها.
وفي المنتفي قال أبو بكر لبلال أعتقك وقد كنت مؤذنا لرسول الله وبيدك ارزق رسوله ووفوده فكن مؤذنا لي كما كنت لرسول الله وخازنا لي كما كنت خازنا لرسول الله فقال يا أبا بكر صدقت كنت كذلك فان كنت أعتقتني لتأخذ منفعتي في الدنيا أقمت حتي أخدمك وان كنت أعتقتني لتأخذ الثواب من الرب فخلني والرب فبكي أبو بكر وقال أعتقك لآخذ الثواب من المولي فلا أعجلها في الدنيا فخرج بلال إلي الشام فمكث زمانا فرأي النبي صلي الله عليه وآله فقال يا بلال جفوتنا وخرجت من جوارنا وبلادنا فاقصد إلي زيارتنا فانتبه بلال وقصد إلي المدينة وذلك قريب موت فاطمة " ع " فلما انتهي إلي المدينة تلقاه الناس فأخبر بموت فاطمة فصاح وقال بضعة النبي ما أسرع ما لحقت بالنبي فقالوا له اصعد فأذن فقال لا افعل
(٣٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، خلافة أبي بكر بن أبي قحافة (1)، سعيد بن المسيب (1)، الشام (5)، الدفن (2)، الأذان (1)
بعد ما أذنت لمحمد فلم يزالوا به حتي صعد فاجتمع أهل المدينة رجالهم ونساؤهم وصغارهم وكبارهم وقالوا هذا بلال مؤذن رسول الله يريد ان يؤذن استمعوا إلي أذانه فلما قال الله أكبر الله أكبر صاحوا وبكوا جميعا فلما قال اشهد ان لا إله إلا الله ضجوا جميعا ولما قال اشهد ان محمدا رسول الله لم يبق في المدينة ذو روح إلا بكي وصاح وخرجت العذاري من خدورهن وهن يبكين وصار كموت رسول الله صلي الله عليه وآله حتي فرغ من أذانه فقال أبشركم انه لا تمس النار عين بكت علي رسول الله ثم انصرف إلي الشام وكان يرجع كل سنة مرة فينادي بالأذان إلي أن مات.
وأخرج الشيخ الصدوق في الفقيه عن أبي بصير عن أحدهما " ع " انه قال إن بلالا كان عبدا صالحا قال لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلي الله عليه وآله فترك يومئذ حي علي خير العمل.
وفي كتاب أصفياء أمير المؤمنين " ع " وعن ابن أبي البختري قال حدثنا عبد الله بن الحسن ان بلال أبي ان يبايع أبا بكر وان عمر جاء واخذ بتلابيبه فقال يا بلال ان هذا جزاء أبي بكر منك انه أعتقك فلا تجئ تبايعه: فقال إن كان أبو بكر أعتقني لله فليدعني له وان كان أعتقني لغير ذلك فها انا ذا واما بيعته فما كنت أبايع أحدا لم يستخلفه رسول الله وان بيعة ابن عمه يوم الغدير في أعناقنا إلي يوم القيامة فأينا يستطيع أن يبايع علي مولاه فقال له عمر لا أم لك لا تقيم معنا فارتحل إلي الشام وتوفي بدمشق في الطاعون ودفن بباب الصغير وله شعر في هذا المعني:
بالله لا بأبي بكر نجوت ولولا * الله قامت علي أوصالي الضبع الله بوأني خيرا وأكرمني * وانما الخير عند الله متبع لا تلقيني تبوعا كل مبتدع * فلست مبتدعا مثل الذي ابتدعوا وعن هشام بن سالم عن أبي عبد الله " ع " قال كان بلال عبدا صالحا
(٣٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن الحسن (ع) (1)، يوم القيامة (1)، أبو بصير (1)، الشيخ الصدوق (1)، هشام بن سالم (1)، الشام (2)، دمشق (1)، الموت (1)
وكان صهيب عبدا أسود يبكي علي عمر.
وأخرج ابن بابويه في أماليه باسناده عن هشام بن الحكم عن ثابت بن هرمز عن الحسن بن أبي الحسن عن أحمد بن أبي الحميدي عن عبد الله بن علي قال حملت متاعا من البصرة إلي مصر فقدمتها فبينا انا في بعض الطريق إذ انا بشيخ طويل شديد الأدمة أصلع أبيض الرأس واللحية عليه طمران أحدهما أسود والآخر أبيض فقلت من هذا قالوا هذا بلال مؤذن رسول الله فأخذت ألواحي وأتيته فسلمت عليه ثم قلت السلام عليك أيها الشيخ فقال وعليك السلام ورحمة الله وبركاته قلت يرحمك الله حدثني بما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وآله قال وما يدر بك من انا فقلت أنت بلال مؤذن رسول الله قال فبكي وبكيت حتي اجتمع الناس علينا ونحن نبكي قال لي يا غلام من أي البلاد أنت قلت من أهل العراق قال بخ بخ فمكث ساعة ثم قال اكتب يا أخا أهل العراق: بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول المؤذنون امناء المؤمنين علي صلاتهم وصومهم ولحومهم ودمائهم لا يسألون الله شيئا إلا أعطاهم ولا يشفعون في شئ إلا شفعوا قلت زدني قال اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول من اذن أربعين عاما محتسبا بعثه الله يوم القيامة وله عمل أربعين صديقا مبرورا متقبلا قلت زدني يرحمك الله قال اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله يقول من اذن عشرين عاما بعثه الله يوم القيامة وله نور مثل نور سماء الدنيا قلت زدني يرحمك الله قال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله يقول من اذن عشر سنين أسكنه الله مع إبراهيم في قبته أو في درجته قلت زدني يرحمك الله قال اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول من اذن سنة واحدة بعثه الله يوم القيامة وقد غفرت ذنوبه كلها بالغة ما بلغت ولو كانت مثل زنة جبل أحد قلت زدني يرحمك الله قال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، سمعت رسول الله يقول: من اذن في سبيل الله صلاة واحدة
(٣٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، دولة العراق (2)، يوم القيامة (3)، الحسن بن أبي الحسن (1)، عبد الله بن علي (1)، مدينة البصرة (1)، هشام بن الحكم (1)، سبيل الله (1)، البعث، الإنبعاث (3)، الصّلاة (1)
إيمانا واحتسابا وتقربا إلي الله غفر الله له ما سلف من ذنوبه ومن الله عليه بالعصمة فيما بقي من عمره وجمع بينه وبين الشهداء في الجنة قلت يرحمك الله حدثني بأحسن ما سمعت قال ويحك يا غلام قطعت نياط قلبي وبكي وبكيت حتي إني والله لرحمته ثم قال أكتب بسم الله الرحمن الرحيم: سمعت رسول الله يقول إذا كان يوم القيامة وجمع الله الناس في صعيد واحد بعث الله إلي المؤذنين بملائكة من نور معهم ألوية وأعلام من نور يقودون نجائب من زبرجد أخضر وحقائبها المسك الأذفر يركبها المؤذنون فيقومون عليها قياما يقودهم الملائكة ينادون بأعلي أصواتهم بالأذان ثم بكي بكاء شديدا حتي انتحبت وبكيت فلما سكت قلت مم بكاؤك قال ويحك ذكرتني أشياء سمعت حبيبي وصفيي صلي الله عليه وآله يقول والذي بعثني بالحق نبيا انهم ليمرون علي الخلق قياما علي النجائب فيقولون الله أكبر الله أكبر فإذا قالوا كذلك سمعت لأمتي ضجيجا فسأله أسامة بن زيد عن ذلك الضجيج ما هو قال الضجيج التسبيح والتحميد والتهليل فإذا قالوا أشهد ان لا إله إلا الله قالت أمتي إياه كنا نعبد في الدنيا فيقال صدقتم فإذا قالوا اشهد ان محمدا رسول الله قالت أمتي هذا الذي أتانا برسالة ربنا فآمنا به ولم نره فيقال لهم صدقتم هو الذي أدي إليكم الرسالة من ربكم وكنتم به مؤمنين فحقيق علي الله ان يجمع بينكم وبين نبيكم فينتهي بهم إلي منازلهم وفيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر ثم نظر إلي فقال لي ان استطعت ولا قوة إلا بالله ان لا تموت إلا مؤذنا فافعل فقلت يرحمك الله تفضل علي وأخبرني فإني فقير محتاج وأد ألي ما سمعت من رسول الله فإنك قد رأيته ولم أره وصف لي كيف وصف لك رسول الله بناء الجنة قال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول إن سور الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ولبنة من ياقوت وملاطها المسك الأذفر شرفها الياقوت الأحمر والأخضر والأصفر قلت فما أبوابها قال أبوابها مختلفة باب الرحمة من ياقوتة حمراء قلت فما حلقته قال ويحك كف عني فقد كلفتني شططا قلت ما انا
(٣٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، أسامة بن زيد (1)، البكاء (1)، الشهادة (2)، الموت (1)، السكوت (1)
بكاف عنك حتي تؤدي إلي ما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وآله في ذلك قال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم اما باب الصبر فباب صغير مصراع واحد من ياقوتة حمراء لا حلقة لها وأما باب الشكر فإنه من ياقوتة بيضاء له مصراعان مسيرة ما بينهما خمسمائة عام له ضجيج وحنين يقو اللهم جئني بأهلي قلت هل يتكلم الباب قال نعم ينطقه ذو الجلال والاكرام وأما باب البلاء قلت أليس باب البلاء هو باب الصبر قال لا قلت فما البلاء قال المصائب والأسقام والأمراض والجذام وهو باب من ياقوتة صفراء مصراع واحد ما أقل من يدخل منه قلت رحمك الله زدني وتفضل علي فإني فقير فقال يا غلام لقد كلفتني شططا أما الباب الأعظم فيدخل منه العباد الصالحون وهم أهل الزهد والورع والراغبون إلي الله عز وجل المستأنسون به قلت رحمك الله فإذا دخلوا الجنة ماذا يصنعون قال يسيرون علي نهرين في مصاف في سفن الياقوت مجاديفها اللؤلؤ فيها ملائكة من نور عليهم ثياب خضر شديدة خضرتها قلت رحمك الله هل يكون من النور الأخضر قال إن الثياب هي خضر ولكن فيها نور من نور رب العالمين يسيرون علي حافة ذلك النهر قلت فما أسم ذلك النهر قال جنة المأوي قلت هل وسطها غير هذا قال نعم جنة عدن فسورها ياقوت أحمر هي في وسط الجنان فاما جنة عدن فسورها ياقوت أحمر وحصيها اللؤلؤ قلت فيها غيرها قال نعم جنة الفردوس قلت وكيف سورها قال ويحك كف عني قد حيرت علي قلبي قلت بل أنت الفاعل بي ذلك ما انا بكاف عنك حتي تنم لي الصفة وتخبرني عن سورها قال سورها نور قلت والغرف التي هي فيها قال هي من نور رب العالمين قلت زدني رحمك الله قال ويحك إلي هذا انتهي بنا رسول الله صلي الله عليه وآله طوبي لك ان أنت وصلت إلي بعض هذه الصفة وطوبي لمن يؤمن بهذا قلت يرحمك الله انا والله من المؤمنين بهذا قال ويحك انه من يؤمن أو يصدق بهذا الحق والمنهاج لم يرغب في الدنيا ولا في زهرتها وحاسب نفسه قلت انا مؤمن بهذا قال صدقت ولكن قارب وسدد ولا
(٣٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الشكر (1)، الزهد (1)، الصبر (1)

أبو الحمراء مولي النبي (ص) وخادمه

تيأس وأعمل ولا تفرط وارجع وخف واحذر ثم بكي وشهق ثلاث شهقات فظننا انه مات ثم قال فداكم أبي وأمي لو رآكم محمد صلي الله عليه وآله لقرت عينه حين تسألون عن هذه الصفة ثم قال النجا النجا الوحا الوحا الرحيل الرحيل العمل العمل وإياكم والتفريط وإياكم والتفريط ثم قال ويحكم اجعلوني في حل مما فرطت فقلت له أنت في حل مما فرطت جزاك الله الجنة كما أديت وفعلت الذي عليك يجب ثم ودعي وقال لي اتق الله واد إلي أمة محمد ما أديت إليك فقلت افعل انشاء الله تعالي قال استودع الله دينك وأمانتك وزودك التقوي وأعانك علي طاعته بمشيئته.
وذكر الزمخشري في ربيع الأبرار قال خطب بلال لأخيه خالد بن رياح امرأة قرشية فقال لأهلها نحن من قد عرفتم كنا عبدين فأعتقنا الله وكنا ضالين فهدانا الله وكنا فقيرين فأغنانا الله وانا أخطب لكم علي أخي فلانة فان تنكحونا فالحمد لله وان تردونا فالله أكبر فاقبل بعضهم علي بعض وقالوا بلال من قد عرفتم سابقته ومشاهده ومكانه من رسول الله صلي الله عليه وآله فزوجوا أخاه فلما انصرفا قال له أخوه يغفر الله لك أما كنت تذكر سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله فقال يا أخي صدقت فأنكحك الصدق ومات بلال (ره) سنة سبع عشرة أو عشرين أو إحدي وعشرين وله أربع وستون سنة وأختلف في موضع موته فقيل بدمشق ودفن بباب الصغير وقيل بحلب ودفن علي باب الأربعين، قال القسطلاني في المواهب اللدنية ولا عقب له، والله أعلم.
(أبو الحمراء مولي النبي صلي الله عليه وآله) وخادمه اسمه هلال بن الحرث وقيل ابن ظفر وأصله فارسي وعده بعضهم في الأحرار من خدامه.
قال أبو عمرو بن عبد البر في الاستيعاب حديثه عن النبي انه كان يمر ببيت فاطمة وعلي " ع " فيقول السلام عليكم أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.
(٣٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الزمخشري (1)، أبو الحمراء (1)، دمشق (1)، الصدق (1)، الموت (2)، الهلال (1)
وأخرج ابن بابويه في أماليه باسناده عن أبي الجارود عن زياد بن المنذر عن القاسم بن الوليد عن شيخ من ثمالة. قال دخلت علي امرأة من تميم عجوز كبيرة وهي تحدث الناس فقلت لها يرحمك الله حدثيني في بعض فضائل أمير المؤمنين " ع " فقالت أحدثك فهذا شيخ كما تري بين يدي نائم فقلت لها ومن هذا قالت أبو الحمراء خادم رسول الله فجلست إليه فلما سمع حسي استوي جالسا فقال مه فقلت رحمك الله حدثني بما سمعت ورأيت من رسول الله صلي الله عليه وآله يصنعه بعلي " ع " فان الله يسألك عنه فقال علي الخبير وقعت أما ما رأيت النبي يصنعه بعلي فإنه قال لي ذات يوم يا أبا الحمراء إنطلق فادع لي مائة من العرب وخمسين رجلا من العجم وثلاثين رجلا من القبط وعشرين رجلا من الحبشة فاتيت بهم فقام رسول الله فصف العرب ثم صف العجم خلف العرب وصف القبط خلف العجم وصف الحبشة خلف القبط ثم قام فحمد الله وأثني عليه ومجد الله بتمجيد لم يسمع الخلايق بمثله ثم قال يا معشر العرب والعجم والقبط والحبشة أقررتم بشهادة ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله؟ فقالوا نعم فقال اللهم اشهد حتي قالها ثلاثا فقال في الثالثة أقررتم بشهادة ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وان علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وولي أمرهم من بعدي؟ فقالوا اللهم نعم فقال اللهم اشهد حتي قالها ثلاثا ثم قال لعلي " ع " يا أبا الحسن انطلق فاتني بصحيفة ودواة فانطلق واتاه بصحيفة ودواة فدفعها إلي علي ابن أبي طالب وقال اكتب فقال وما اكتب قال اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أقرت به العرب والعجم والقبط والحبشة أقروا بشهادة ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وان علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وولي أمرهم من بعدي ثم ختم الصحيفة ودفعها إلي علي بن أبي طالب فما رأيتها إلي الساعة فقلت رحمك الله زدني قال نعم، خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وآله يوم عرفة وهو آخذ بيد علي " ع " فقال يا معشر الخلائق ان الله عز وجل باهي بكم
(٣٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم عرفة (1)، القاسم بن الوليد (1)، علي بن أبي طالب (3)، زياد بن المنذر (1)، أبو الحمراء (1)، الشراكة، المشاركة (3)

أبو رافع مولي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم

في هذا اليوم ليغفر لكم عامة ثم التفت إلي علي فقال له وغفر الله لك يا علي خاصة ثم قال يا علي أدن مني فدنا منه فقال إن السعيد حق السعيد من أحبك وأطاعك وان الشقي كل الشقي من عاداك ونصب لك وأبغضك يا علي كذب من زعم أنه يحبني ويبغضك يا علي من حاربك فقد حاربني ومن حاربني فقد حارب الله يا علي من أبغضك فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله وأتعس الله جده وادخله نار جهنم.
قال غير واحد من أصحاب السيران أبا الحمراء نزل بحمص وتوفي بها رحمه الله (أبو رافع مولي رسول الله صلي الله عليه وآله) اسمه إبراهيم وقيل أسلم وقيل ثابت وقيل هرمز وقيل بندويه وقيل القبطي وقيل العجمي كان للعباس بن عبد المطلب فوهبه للنبي فلما بشر النبي باسلام العباس أعتقه وكان علي فعله وزوجه سلمي فولدت له عبيد الله كاتب أمير المؤمنين " ع " في خلافته كلها.
قال النجاشي أخبرنا محمد بن جعفر الأديب قال أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد في تاريخه ان أبا رافع أسلم قديما بمكة وهاجر إلي المدينة وشهد مع النبي مشاهده ولزم أمير المؤمنين من بعده وكان من خيار الشيعة شهد معه حروبه وكان صاحب بيت ماله بالكوفة وابناه عبيد الله وعلي كاتبا أمير المؤمنين عليه السلام.
وأخرج أيضا باسناده عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن أبي رافع قال دخلت علي رسول الله صلي الله عليه وآله وهو نائم أو يوحي إليه وإذا حية في جانب البيت فكرهت ان أقتلها فأوقظه فاضطجعت بينه وبين الحية حتي أن كان منها سوء يكون إلي دونه فاستيقظ صلي الله عليه وآله وهو يتلو هذه الآية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) ثم قال الحمد لله الذي أكمل لعلي منيته وهنيئا لعلي بتفضيل الله إياه ثم التفت فرآني إلي جانبه فقال ما أضجعك هنا يا أبا رافع فأخبرته خبر الحية فقال قم إليها فاقتلها
(٣٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، مدينة الكوفة (1)، عبيد الله بن أبي رافع (1)، محمد بن جعفر الأديب (1)، أحمد بن محمد (1)، الكذب، التكذيب (1)، الشهادة (1)، الزكاة (1)، البغض (2)، الصّلاة (1)، الإختيار، الخيار (1)
فقتلتها ثم أخذ رسول الله صلي الله عليه وآله بيدي فقال يا أبا رافع كيف أنت وقوم يقاتلون عليا وهو علي الحق وهم علي الباطل يكون حقا في الله حق جهادهم فمن لم يستطع جهادهم في قلبه فمن لم يستطع فليس وراء ذلك شئ فقلت ادع لي ان أدركتهم ان يعينني الله ويقويني علي قتالهم فقال صلي الله عليه وآله اللهم ان أدركهم فقوه واعنه ثم خرج إلي الناس فقال يا أيها الناس من أراد ان ينظر إلي أميني علي نفسي وأهلي فهذا أبو رافع أميني علي نفسي. قال عون بن عبيد الله بن أبي رافع فلما بويع علي " ع " وخالفه معاوية بالشام وسار طلحة والزبير إلي البصرة قال أبو رافع هذا قول رسول الله سيقاتل عليا قوم يكون حقا في الله جهادهم فباع أرضه بخيبر وداره ثم خرج مع علي " ع " وهو شيخ كبير له خمس وثمانون سنة وقال الحمد لله لقد أصبحت لا أحد بمنزلتي لقد بايعت البيعتين بيعة العقبة وبيعة الرضوان وصليت القبلتين وهاجرت الهجر الثلاث قلت وما الهجر الثلاث قال هاجرت مع جعفر بن أبي طالب إلي أرض الحبشة وهاجرت مع رسول الله إلي المدينة وهذه الهجرة مع علي بن أبي طالب إلي الكوفة فلم يزل مع علي حتي استشهد " ع " فرجع أبو رافع إلي المدينة مع الحسن " ع " ولا دار له بها ولا أرض فقسم الحسن دار علي بنصفين وأعطاه سنخ أرض أقطعه إياها فباعها عبيد الله بن أبي رافع من معاوية بمائة الف وسبعين ألفا.
ومن حديث أبي رافع ما رواه أبو محمد عبد الملك بن هشام في غزاة خيبر من كتاب السيرة باسناده عن أبي رافع قال خرجنا مع علي " ع " حين بعثه رسول الله برايته فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من اليهود فطرح ترسه من يده فتناول علي " ع " بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتي فتح الله علي يديه ثم ألقاه من يده حين فرغ فلقد رأيتني في نفر سبعة انا منهم نجهد علي أن نقلب الباب فلم نقلبه.
وروي هذا الحديث أحمد بن حنبل في مسنده أيضا قال أكثر أصحاب السير
(٣٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، مدينة الكوفة (1)، عبيد الله بن أبي رافع (2)، عبد الملك بن هشام (1)، مدينة البصرة (1)، خيبر (1)، الشام (1)، الباطل، الإبطال (1)، القتل (2)، الشهادة (1)

هاشم بن عتبة بن أبي وقاص

من العامة توفي أبو رافع بعد قتل عثمان في أول خلافة أمير المؤمنين " ع " وما ذكرناه عن النجاشي صريح في أنه عاش إلي أن استشهد أمير المؤمنين " ع " والله أعلم.
(هاشم بن عتبة بن أبي وقاص) واسم أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لوي بن غالب يكني أبا عمرو وهو ابن أخي سعد بن أبي وقاص وأبوه عتبة بن أبي وقاص وهو الذي كسر رباعية رسول الله يوم أحد وكلم شفتيه وشج وجهه فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلي ربهم فأنزل الله تعالي ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فأنهم ظالمون. وقال حسان بن ثابت في ذلك اليوم هذه الأبيات:
إذا الله حيا معشرا بفعالهم * ونصرهم الرحمان رب المشارق فهدك ربي يا عتيب بن مالك * ولقاك قبل الموت إحدي الصواعق بسطت يمينا للنبي محمد * فدميت فاه قطعت بالبوارق فهلا ذكرت الله والمنزل الذي * تصير إليه عند إحدي الصقائق فمن عاذري من عبد عذرة بعد ما * هوي في دجوجي شديد المضائق وأورث عارا في الحياة لأهله * وفي النار يوم البعث أم البوائق وإنما قال عبد عذره لأن عتبة بن أبي وقاص وأخوته وأقاربه في نسبهم كلام ذكر أهل النسب انهم من عذرة وانهم أدعياء في قريش ولهم خبر معروف وقصة مذكورة في كتب النسب وتنازع عبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص في أيام عثمان في أمر فاختصما فقال سعد لعبد الله اسكت يا عبد هذيل فقال له عبد الله اسكت يا عبد عذرة، وهاشم بن عتبة هو المرقال لأنه كان يرقل في الحرب ارقالا.
قال أبو عمر وفي كتاب الاستيعاب أسلم هاشم بن عتبة يوم الفتح وكان
(٣٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، عمر بن سعد لعنه الله (5)، عبد الله بن مسعود (1)، هاشم بن عتبة (3)، حسان بن ثابت (1)، البعث، الإنبعاث (1)، القتل (1)، الموت (1)، الشهادة (1)
من الفضلاء الأخيار ومن الأبطال المشار إليهم فقئت عينه يوم اليرموك ثم أرسله عمر من اليرموك مع خيل العراق إلي سعد كتب إليه بذلك فشهد القادسية وأبلي فيها بلاء حسنا أقام منه في ذلك مقاما ما لم يقم به أحد وكان سبب الفتح علي المسلمين وكان بهمة من البهم خيرا فاضلا ثم شهد هاشم مع علي " ع " الجمل وشهد صفين وأبلي فيها بلاء حسنا وبيده كانت راية علي " ع " علي الرجالة يوم صفين ويومئذ قتل (ره) قال نصر بن مزاحم وروي أنه لما شاع خبر عثمان وبيعة الناس لأمير المؤمنين وبلغ الخبر الكوفة اجتمعوا إلي أبي موسي الأشعري وهو يومئذ أمير عليها وقالوا له مالك لا تبايع لعلي " ع " تتربص ولا تدعو إلي بيعته فان المهاجرين والأنصار قد بايعوا فقال أبو موسي في هذا الأمر لنري ما يحدث بعده وما يأتينا من خبر فقال له هاشم بن عتبة أي خبر يأتيك بعد هذا قد قتل عثمان وبايع المهاجرون والأنصار والخاص والعام عليا أتخاف ان بايعت لعلي ان يبعث عثمان فيلومك ثم قبض هاشم بيده اليمني علي يده اليسري وقال يدي اليسري لي ويدي اليمني لعلي " ع " وقد بايعته ورضيت بخلافته وأنشأ يقول:
أبايع غير مكترث عليا * ولا أخشي أميرا أشعريا أبايعه وأعلم ان سأمضي * هداك الله حقا والنبيا فلما رأي أبو موسي ذلك من هاشم لم يسعه إلا البيعة فقام وبايع وقام بعده أكابر أهل الكوفة وساداتهم ومشايخهم فبايعوا لعلي عليه السلام قال نصر بن مزاحم في كتاب صفين لما عزم أمير المؤمنين " ع " علي التوجه إلي صفين لقتال معاوية قال زياد بن النضر الحارثي لعبد الله بن بديل بن ورقاء ابن يومنا ويومهم ليوم عصبصب ما يصبر عليه الاكل مشبع القلب صادق النية رابط الجاش وأيم الله ما أظن ذلك اليوم يبقي منا ومنهم الأرذال قال عبد الله ابن بديل وانا والله أظن ذلك فقال علي ليكن هذا الكلام جوابنا في صدوركم
(٣٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (6)، المهاجرون والأنصار (2)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (2)، عبد الله بن بديل (1)، هاشم بن عتبة (1)، نصر بن مزاحم (2)، الشهادة (1)، القتل (3)، الصبر (1)، الأكل (1)
لا تظهروه ولا يسمعه منكم سامع ان الله تعالي كتب القتل علي قوم والموت علي آخرين وكل آتيه منيته كما كتب الله له فطوبي للمجاهدين في سبيل الله والمقتولين في طاعته فلما سمع هاشم بن عتبة مقالتهم حمد الله وأثني عليه ثم قال سر بنا يا أمير المؤمنين إلي هؤلاء القوم القاسية قلوبهم الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم وعملوا في عباد الله بغير رضي الله فأحلوا حرامه وحرموا حلاله واستولاهم الشيطان وأوعدهم الأباطيل ومناهم الأماني حتي أزاغهم عن الهدي وقصد بهم فصل الردي وحبب إليهم الدنيا فهم يقاتلون علي دنياهم رغبة فيها كرغبتنا في الآخرة أنجزنا موعد ربنا وأنت يا أمير المؤمنين أقرب الناس من رسول الله رحما وأفضل سابقة وقدما وهم يا أمير المؤمنين يعلمون منك مثل الذي علمنا ولكن كتب عليهم الشقاء ومالت بهم الأهواء فكانوا ظالمين فأيدينا مبسوطة لك بالسمع والطاعة وقلوبنا منشرحة لك ببذل النصيحة وأنفسنا بنورك جذلة علي من خالفك وتولي الأمر دونك والله ما أحب ان لي ما علي الأرض مما أقلت وما تحت السماء مما أظلت وأبي واليت عدوا لك أو عاديت وليا لك فقال " ع " اللهم أرزقه الشهادة في سبيلك والمرافقة لنبيك.
وروي نصر: أيضا في كتابه المذكور قال دفع علي الراية يوما من أيام صفين إلي هاشم بن عتبة وكانت عليه درعان فقال له علي " ع " كهيئة المازح يا هاشم اما تختشي ان تكون أعورا جبانا قال ستعلم يا أمير المؤمنين لألقن بين جماجم القوم لف رجل ينوي الآخرة فأخذ رمحا فهزه فانكسر ثم أخذ رمحا آخر فوجده جاسيا فألقاه ثم دعا برمح لين فشد به لواءه. ولما دفع علي " ع " الراية إلي هاشم قال رجل من بكر بن وائل من أصحاب هاشم أقدم مالك يا هاشم قد انتفخ سحرك أعورا وجبنا قال من هذا قالوا فلان قال أهلها وخير منها إذا رأيتني قد صرعت فخذها ثم قال لأصحابه شدوا شسوع نعالكم وشدوا إزركم فإذا رأيتموني قد هززت الراية ثلاثا فاعلموا ان أحدا منكم لا يسبقني إليها ثم نظر هاشم إلي
(٣٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، هاشم بن عتبة (2)، سبيل الله (1)، القتل (1)
عسكر معاوية فرأي جمعا عظيما فقال من أولئك قالوا أصحاب ذي الكلاع ثم نظر فرأي جندا آخر فقال من هؤلاء قالوا جند أهل المدينة قال قومي لا حاجة لي في قتالهم قال من عند هذه القبة البيضاء قيل معاوية وجنده قال فإني أري دونهم أسورة قالوا ذاك عمرو بن العاص وابناه فاخذ هاشم الراية فهزها فقال له رجل من أصحابه امكث قليلا ولا تعجل فقال هاشم (ره) قد أكثروا لومي وما أقلا * اني شريت النفس لما اعتلا أعور يبغي أهله محلا * لا بد ان يفل أو يفلا قد عالج الحياة حتي ملا * أشلهم بذي الكعوب شلا مع ابن عم أحمد المعلا * فيه الرسول بالهدي استهلا أول من صدقه وصلي * نجاهد الكفار حتي نبلي وكان علي " ع " قال له ما تخاف ان تكون أعورا جبانا يا هاشم المرقال:
قال يا أمير المؤمنين " ع " أما والله لتعلمن إن شاء الله تعالي سألف بين جماجم القوم فحمل يومئذ يرقل ارقالا قال نصر: وحدثنا عبد العزيز بن سباه عن حبيب ابن أبي ثابت قال لما تناول هاشم الراية جعل عمار بن ياسر (ره) يحرضه علي الحرب ويقرعه بالرمح ويقول أقدم يا أعور لا خير في أعور لا يأتي الفزع فيستحي من عمار ويتقدم ويركز الراية فإذا ركزها عاوده بالقول فيقدم أيضا فقال عمرو بن العاص إني لأري لصاحب الراية السوداء عملا لأن دام علي هذا لتفنين العرب اليوم فاقتتلوا قتالا شديدا وعمار ينادي صبرا عباد الله ان الجنة تحت ظلال البيض وكان بإزاء هاشم وعمار أبو الأعور السلمي ولم يزل عمار بهاشم ينحني وهو يزحف بالراية حتي اشتد الفتال وعظم والتقي الزحفان فاقتتلا قتالا لم يسمع السامعون بمثله وكثرت القتلي في الفريقين جميعا.
قال نصر وحدثنا عمر بن سعد عن الشعبي عن أبي سلمة ان هشام بن عتبة استصرخ الناس عند السلمة الا من كان له إلي الله حاجة ومن كان يريد الآخرة
(٣٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، عمر بن سعد لعنه الله (1)، هشام بن عتبة (1)، عمار بن ياسر (1)، عمرو بن العاص (2)، عبد العزيز (1)، القتل (2)، الصّلاة (1)
فليقبل فاقبل إليه ناس كثير فشد بهم علي أهل الشام مرارا ليس من وجه يحمل عليه إلا صبروا له فقاتل قتالا شديدا ثم قال لأصحابه لا يهولنكم ما ترون من صبرهم فوالله ما ترون منهم الا حمية العرب وصبرها تحت راياتها وعند مراكزها وإنهم لعلي ضلال وإنكم لعلي الحق يا قوم اصبروا وصابروا واجتمعوا وامشوا بنا إلي عدونا علي تؤدة رويدا واذكروا الله ولا يسلمن رجل أخاه ولا تكثر والالتفات واصمدوا صمدهم وجالدوهم محتسبين حتي يحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين قال أبو سلمة فبينا هو وعصابة من القراء يجالدون أهل الشام إذ طلع عليهم فتي شاب وهو يقول:
انا ابن أرباب ملوك غسان * والدائن اليوم بدين عثمان أنبأنا قراؤنا بما كان * ان عليا قتل ابن عفان ثم شد لا ينثني حتي يضرب بسيفه ثم جعل يلعن عليا ويشتمه ويسهب في ذمه فقال له هاشم بن عتبة يا هذا ان الكلام بعده الخصام وان لعنك سيد الأبرار بعده عقاب النار فاتق الله فإنك راجع إلي ربك فيسألك عن هذا الموقف وهذا المقام قال الفتي إذا سألني ربي قلت قاتلت أهل العراق لأن صاحبهم لا يصلي كما ذكر لي وانهم لا يصلون وان صاحبهم قتل خليفتنا وهم آزروه علي قتله فقال له هاشم يا بني وما أنت وعثمان إنما قتله أصحاب محمد الذين هم أولي بالنظر في أمور المسلمين وان صاحبنا كان أبعد القوم عن دمه واما قولك انه لا يصلي فهو أول من صلي مع رسول الله صلي الله عليه وآله وأول من آمن به واما قولك ان أصحابه لا يصلون فكل من تري معه قاري الكتاب لا ينامون الليل تهجدا فاتق الله واخش عقابه ولا يغررك من نفسك الأشقياء المضلون فقال الفتي يا عبد الله لقد دخل قلبي من كلامك وإني لأظنك صادقا صالحا وأظنني مخطئا اثما فهل من توبة قال نعم أرجع إلي ربك وتب إليه فإنه يقبل التوبة ويعفو عن السيئات ويحب التوابين ويحب المتطهرين فرجع الفتي إلي صفه منكسرا نادما فقال له قوم من أهل الشام خدعك
(٣٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، دولة العراق (1)، هاشم بن عتبة (1)، الشام (3)، القتل (5)، الضرب (1)، الضلال (1)، الأكل (1)، الصبر (2)، الصّلاة (2)
العراقي قال لا ولكن نصح لي العراق، قال نصر ثم إن عليا " ع " دعا في هذا اليوم هاشم بن عتبة وكان معه لوائه فقال له يا هاشم حتي متي فقال هاشم لأجهدن ان لا ارجع إليك ابدا فقال علي " ع " ان بإزائك ذو الكلاع وعنده الموت الأحمر فتقدم هاشم فلما أقبل قال معاوية من هذا المقبل فقيل هاشم المرقال فقال أعور بني زهرة قاتله الله فاقبل هاشم وهو يقول:
أعور يبغي نفسه خلاصا * مثل الفتيق لابسا دلاصا لا دية يخشي ولا قصاصا * كل امرئ وان نبا وحاصا ليس يري من يومه مناصا فحمل صاحب لواء ذي الكلاع وهو رجل من عذرة وقال:
يا أعور العين وما بي من عور * أثبت فإني لست من فرعي مضر نحن اليمانيون ما فينا حور * كيف تري وقع غلام من عذر ينعي ابن عفان ويلحي من عذر * سيان عندي من سعي ومن أمر فاختلفا طعنتين فطعنه هاشم فقتله وكثرت القتلي حول هاشم وحمل ذو الكلاع واختلط الناس فاجتلدوا فقتل هاشم وذو الكلاع جميعا.
قال نصر: وحدثنا عمر بن شمر عن السدي عن عبد خير الهمداني قال قال هاشم بن عتبة يوم مقتله أيها الناس إني رجل ضخم فلا يهولنكم مسقط إذا سقطت فإنه لا يفرغ مني في أقل من نحر جزور حتي يفرغ الجزار من جزرها ثم حمل فصرع فمر عليه رجل وهو صريع بين القتلي وناداه اقرأ علي أمير المؤمنين " ع " السلام وقل بركات الله عليك ورحمته يا أمير المؤمنين أنشدك الا أصبحت وقد ربطت مقاود خيلك بأرجل القتلي فان الدبرة تصبح غدا لمن غلب علي القتلي فأخبر الرجل عليا " ع " بما قال فسار في الليل بكتائبه حتي جعل القتلي خلف ظهوره فأصبح والدبرة له علي الشام.
قال نصر: وحدثنا عمرو بن شمر عن السدي عن عبد خير قال قاتل هاشم
(٣٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، دولة العراق (2)، هاشم بن عتبة (2)، عمرو بن شمر (1)، الشام (1)، القتل (8)، الغلّ (1)، الدية (1)، القصاص (1)

عثمان بن حنيف بن واهب

الحرث بن المنذر التنوخي حمل عليه بعد أن أعي وكل وقتل عشرة بيده فطعنه بالرمح فشق بطنه فسقط وبعث إليه علي " ع " وهو لا يعلم أقدم بلوائك فقال للرسول انظر إلي بطني فإذا هو قد انشق فاخذ الراية رجل من بكر بن وائل ورفع هاشم رأسه فإذا هو بعبيد الله بن عمر بن الخطاب قتيلا إلي جانبه فحبا حتي دني منه فعض علي ثديه حتي ثبتت فيه أنيابه ثم مات وهو علي صدر عبيد الله بن عمرو ضرب البكري فرفع رأسه فأبصر عبيد الله بن عمر قريبا منه فحبا إليه حتي عض علي ثديه حتي ثبتت أنيابه فيه ومات أيضا فوجدا جميعا علي صدر عبيد الله بن عمر هاشم والبكري قد ماتا جميعا ولما قتل هاشم جزع الناس عليه جزعا شديدا وأصيب معه عصابة من أسلم من أهل القري فمر عليهم علي " ع " وهم قتلي حوله أصحابه الذين قتلوا معه فقال:
جزي الله خيرا عصبة أسلمية * صباح وجوه صرعوا حول هاشم يزيد وعبد الله وبشر ومعبد * وسفيان وابنا هاشم ذي المكارم وعروة لا يبعد ثناه وذكره * إذا اخترط البيض الخفاف الصوارم (عثمان بن حنيف) بضم الحاء المهملة وفتح النون والفاء بعد الياء المثناة من تحت ابن واهب ابن الحكم بن تغلبة بن مخدعة بن الحارث بن عمر الأنصاري ثم الأوسي يكني أبو عمرو وقيل أبا عبد الله كان أحد الأشراف عمل لعمر ثم لأمير المؤمنين " ع " وولاه عمر مساحة الأرضين وجبايتها بالعراق وضرب الخراج والجزية علي أهلها وولاه أمير المؤمنين " ع " علي البصرة.
قال الفضل بن شاذان: هو من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين.
قال أبو مخنف: وحدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ان الزبير وطلحة أجد السير بعائشة حتي انتهوا إلي حفر أبي موسي الأشعري وهو قريب من البصرة وكتبا إلي عثمان بن حنيف الأنصاري وهو عامل علي " ع " علي البصرة
(٣٨١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (5)، عبد الله بن عباس (1)، دولة العراق (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، عبيد الله بن عمرو (1)، عبيد الله بن عمر (2)، الفضل بن شاذان (1)، مدينة البصرة (3)، الحارث بن عمر (1)، عثمان بن حنيف (2)، القتل (4)، الموت (1)، الضرب (1)
ان خل لنا دار الأمان فلما وصل كتابهما إليه بعث إلي الأحنف بن قيس ان هؤلاء القوم قدموا علينا ومعهم زوجة رسول الله والناس إليها سراع كما تري فقال الأحنف بن قيس انهم جاؤوك بها للطلب بدم عثمان وهم الذين ألبوا علي عثمان الناس وسفكوا دمه واراهم والله لا يزايلونا حتي يلقوا العداوة بيننا ويسفكوا دماءنا وأظنهم والله سيركبون منك خاصة ما لا قبل لك به ان تتأهب لهم بالنهوض إليهم فيمن معك من أهل البصرة فإنك اليوم الوالي عليهم وأنت فيهم مطاع فسر إليهم بالناس وبادرهم قبل ان يكونوا معك في دار واحدة فتكون الناس لهم أطوع منهم لك فقال عثمان بن حنيف الرأي ما رأيت لكني أكره الشر وأن أبدأهم به وأرجو العافية والسلامة إلي أن يأتيني كتاب أمير المؤمنين " ع " ورأيه فاعمل به ثم اتاه بعد الأحنف حكيم بن جبلة العبدي من بني عمرو بن وديعة فاقرأه كتاب طلحة والزبير فقال له مثل قول الأحنف وأجابه عثمان بمثل جوابه للأحنف فقال له حكيم فأذن لي حتي أسير إليهم بالناس فإن دخلوا في طاعة أمير المؤمنين " ع " وإلا نابذتهم علي سواء فقال عثمان لو كان ذلك رأي لسرت إليهم بنفسي قال حكيم اما والله ان دخلوا عليك هذا المصر لينقلن قلوب كثير من الناس إليهم ولينزلك عن مجلسك هذا وأنت أعلم فأبي عليه عثمان قال وكتب علي " ع " إلي عثمان ما بلغه مشارفة القوم البصرة من عبد الله علي أمير المؤمنين إلي عثمان بن حنيف اما بعد فان البغاة عاهدوا الله ثم نكثوا وتوجهوا إلي مصرك وساقهم الشيطان لطلب ما لا يرضي الله والله أشد بأسا وأشد تنكيلا فإذا قدموا عليك فادعهم إلي الطاعة والرجوع إلي الوفاء بالعهد والميثاق الذي فارقونا عليه فان أجابوا فأحسن جوارهم ما داموا عندك وان أبوالا لتمسك بحبل النكث والخلاف فناجزهم القتال حتي يحكم الله بينك وبينهم وهو خير الحاكمين وكتبت كتابي هذا من الربذة وانا معجل المسير إليك إن شاء الله وكتب عبيد الله بن أبي رافع في سنة ست وثلاثين قال فلما وصل كتاب علي " ع " إلي عثمان أرسل إلي أبي الأسود الدئلي وعمران بن
(٣٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، عبيد الله بن أبي رافع (1)، مدينة البصرة (2)، الأحنف بن قيس (2)، عثمان بن حنيف (2)، حكيم بن جبلة (1)، القتل (1)
الحصين الخزاعي فأمرهما ان يسيرا حتي يأتياه بعلم القوم وما الذي أقدمهم فانطلقا حتي أتيا حفر أبي موسي وبه معسكر القوم فدخلا علي عائشة وسألاها ووعظاها وأذكراها وناشدها الله فقلت لهما ألقيا طلحة والزبير فقاما من عندها ولقيا الزبير فكلماه فقال لهما انا جئنا للطلب بدم عثمان وندعوا الناس إلي أن يؤدوا أمر الخلافة شوري ليختار الناس لأنفسهم فقالا له ان عثمان لم يقتل بالبصرة ليطلب دمه فيها وأنت تعلم قتلة عثمان من هم وأين هم وأنت صاحبك وعائشة كنتم أشد الناس عليه وأعظمهم اغراء بدمه فأقيدوا من أنفسكم واما إعادة أمر الخلافة شوري فكيف وقد بايعتم عليا طائعين غير مكرهين وأنت يا أبا عبد الله لن يبعد العهد بقيامك دون الرجل يوم مات رسول الله وأنت آخذ قائم سيفك تقول ما أحد أحق بالخلافة منه ولا أولي بها منه وامتنعت من بيعة أبي بكر فأين ذلك الفعل من هذا القول فقال لهما اذهبا فالقيا طلحة فقاما إلي طلحة فوجداه خشن الملمس شديد العريكة قوي العزم في إثارة الفتنة واضرام نار الحرب فانصرفا إلي عثمان بن حنيف فأخبراه وقال له أبو الأسود:
يا بن حنيف قد اتيت فانفر * وطاعن القوم وجالد واصبر وابرز لها مستلثما وشمر فقال ابن حنيف أي والحرمين لأفعلن وامر مناديه فنادي بالناس السلاح السلاح فاجتموا إليه وقال أبو الأسود شعرا:
وأحسن قوليهما فادح * يضيق به الخطب مستنكد وقد أو عدونا بجهد الوعيد * فأهون علينا بما أو عدوا فقلنا ركضتم ولم ترملوا * وأصدرتم قبل ان توردوا فان تلقحوا الحرب بين الرجال * فملقحها جده، الأنكد وان عليا لكم مصحر * ألا انه الأسد الأسود اما انه ثالث العابدين * بمكة والله لا يعبد
(٣٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (1)، أبو الأسود (2)، عثمان بن حنيف (1)، القتل (2)، الموت (1)، الحرب (2)
فرخوا الخناق ولا تعجلوا * فان غدا لكم وعد قال: وأقبل القوم فلما انتهوا إلي المربد قام رجل من بني جشم فقال أيها الناس انا فلان الجشمي وقد اتاكم هؤلاء القوم فان كانوا أتوكم خائفين لقد أتوكم من المكان الذي يأمن فيه الطير والوحش والسباع وان كانوا إنما أتوكم بطلب دم عثمان فغير ناولي قتله فأطيعوني أيها الناس وردوهم من حيث أقبلوا فإنكم ان تفعلوا تسلموا من الحرب الضروس والفتنة الصماء التي لا تبقي ولا تذر قال فحضر ناس من أهل البصرة إلي المربد حتي ملأوه مشاة وركبانا فقام طلحة فأشار إلي الناس بالسكوت ليخطب فسكتوا بعد جهد. قال اما بعد فان عثمان بن عفان كان من أهل السابقة والفضيلة ومن المهاجرين الأولين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه فنزل القرآن ناطقا بفضلهم وأحد أئمة المسلمين الوالين عليكم بعد أبي بكر وعمر صاحبي رسول الله صلي الله عليه وآله وقد كان أحدث احداثا نقمناها عليه فأعتبنا فعدا عليه من ابتز هذه الأمة أمرها غصبا بغير رضي منها ولا مشورة فقتله وساعده علي ذلك قوم غير أتقياء ولا أبرار فقتل محرما بريئا تائبا وقد جئناكم أيها الناس تطلب بدم عثمان وندعوكم إلي الطلب بدمه فان نحن أمكننا الله من قتلته قتلناهم به وجعلنا هذا الامر مشورة بين المسلمين وكانت خلافته رحمة للأمة جميعا فان كل من اخذ الامر عن غير رضي من العامة ولا مشورة منها ابتزازا كان ملكه ملكا عضوضا وحدثا كبيرا ثم قام الزبير فتكلم بمثل كلام طلحة فقام إليهما ناس من أهل البصرة فقالوا لهما لم تبايعا عليا " ع " فيمن بايعه ففيم بايعا ثم نكثتما؟ فقالا بايعناه وما لأحد في أعناقنا بيعة وإنما استكرهنا علي بيعته فقال ناس قد صدقا وأحسنا القول وقطعا بالصواب وقال ناس ما صدقا ولا أصابا بالقول حتي ارتفعت الأصوات قال ثم أقبلت عائشة علي جملها فنادت بصوت مرتفع أيها الناس أقلوا واسكتوا فأسكت الناس لها فقالت إن أمير المؤمنين عثمان قد غير وبدل ثم لم يزل يغسل ذلك بالتوبة حتي قتل مظلوما تائبا وإنما نقموا عليه ضربه
(٣٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الخليفة عثمان بن عفان (1)، مدينة البصرة (2)، القرآن الكريم (1)، التوبة (1)، القتل (4)، الغسل (1)، الخوف (1)، الضرب (1)، الظلم (1)، الحرب (1)
بالسوط وتأمير الشبان وحماية موضع الغمامة فقتلوه محرما في حرمة الشهر وحرمة البلد ذبحا كما يذبح الجمل ألا وان قريشا رمت غرضها بنبالها وأدمت أفواهها بأيديها وما نالت بقتلها إياه شيئا وسلكت به سبيلا قاصدا اما والله ليرونها بلايا عقيمة تنبه النائم وتقيم الجالس وليسلطن عليهم قوم لا يرحمونهم يسومونهم سوء العذاب انه ما بلغ من ذنب عثمان ما يستحل به دمه مصتموه كما يماص الثوب الرخيص ثم عدوتم عليه فقتلتموه بعد توبته وخروجه من ذنبه وبايعتم ابن أبي طالب بغير مشورة من الجماعة ابتزازا وغصبا أتروني أغضب لكم من سوط عثمان ولسانه ولا أغضب لعثمان من سيوفكم إلا ان عثمان قتل مظلوما فاطلبوا قتلته فإذا ظفرتم بهم فاقتلوهم ثم اجعلوا الامر شوري بين الرهط الذين اختارهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ولا يدخل فيهم من شرك في دم عثمان، قال فماج الناس واختلطوا فمن فائل القول ما قالت ومن قائل يقول وما هي وهذا الامر إنما هي امرأة مأمورة بلزوم بيتها وارتفعت الأصوات وكثر اللغط حتي تضاربوا بالنعال وتراموا بالحصي ثم إن الناس تمايزوا فصاروا فريقين فريق مع عثمان بن حنيف وفريق مع عائشة وأصحابها.
قال أبو مخنف: فلما أقبل طلحة والزبير من المربد يريد ان عثمان بن حنيف فوجداه وأصحابه قد أخذوا بأفواه السكك فمضوا حتي انتهوا إلي موضع الدباغين فاستقبلهم أصحاب ابن حنيف فشجرهم طلحة والزبير وأصحابهما بالرماح فحمل عليهم حكيم بن جبلة فلم يزل هو وأصحابه يقاتلونهم حتي أخرجوه من جميع السكك ورماهم النساء من فوق البيوت بالحجارة فاخذوا إلي مقبرة بني مازن فوقفوا بها مليا حتي ثابت إليهم خيلهم ثم أخذوا علي مسناة البصرة حتي انتهوا إلي الرابوقة ثم أتوا السبخة دار الرزق فنزلولها وأتاهما عبد الله بن حكيم التميمي لما نزلا السبخة بكتب كانا كتباها إليه فقال لطلحة يا أبا محمد ما هذه كتبك إلينا قال بلي، قال فكتبت بالأمس تدعونا إلي خلع عثمان وقتله حتي إذا قتلته أتيتنا ثائرا بدمه فلعمري
(٣٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: الخليفة عمر بن الخطاب (1)، عبد الله بن حكيم (1)، مدينة البصرة (1)، عثمان بن حنيف (1)، حكيم بن جبلة (1)، الرزق (1)، الذبح (1)، القتل (3)، الظلم (1)، الجماعة (1)
ما هذا رأيك ولا تريد إلا هذه الدنيا مهلا إذا كان هذا رأيك فلم قبلت من علي ما عرض عليك من البيعة فبايعته طائعا راضيا ثم نكثت بيعتك ثم جئت لتدخلنا في فتنتك فقال إن عليا دعاني إلي بيعته بعدما بايعه الناس فعلمت إني لو لم اقبل ما عرض علي لم يتم لي ثم بغري بي من معه. ثم أصبحا من غد فصفا للحرب وخرج عثمان بن حنيف إليهما في أصحابه فناشدهما الله والإسلام وأذكرهما بيعتهما عليا " ع " فقالا نحن نطلب بدم عثمان فقال لهما وما أنتما وذاك أين بنوه وابن عمه الذين هم أحق به منكم كلا والله ولكنكما حسدتماه حيث اجتمع الناس عليه وكنتما ترجو ان هذا الأمر وتعملان له وهل كان أحد أشد الناس علي عثمان منكما فشتماه شتما قبيحا وذكرا أمه فقال للزبير اما والله لولا صفية ومكانها من رسول الله فإنها أدنتك إلي الظل وان الامر بيني وبينك يا بن الصعبة يعني طلحة أعظم من القول لأعلمتكما من أمركما ما يسوءكما اللهم إني قد أعذرت إلي هذين الرجلين ثم حمل عليهم واقتتل الناس قتالا شديدا ثم تحاجزوا واصطلحوا علي أن يكتب بينهما كتاب صلح فكتب هذا ما اصطلح عليه عثمان بن حنيف الأنصاري ومن معه من المؤمنين من شيعة علي بن أبي طالب وطلحة والزبير ومن معهما من المسلمين من شيعتهما ان لعثمان بن حنيف دار الامارة والرحبة والمسجد وبيت المال والمنبر وان لطلحة والزبير ومن معهما ان ينزلوا حيث شاؤوا من البصرة ولا يضار بعضهم بعضا في طريق ولا فرضة ولا سوق ولا شريعة ولا مرفق حتي يقدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فان أحبوا دخلوا فيما دخلت فيه الأمة وان أحبوا ألحق كل قوم بهواهم وما أحبوا من قتال أو سلم أو خروج أو إقامة وعلي الفريقين بما كتبوا عهد الله وميثاقه وأشد ما اخذه علي نبي من أنبيائه من عهد وذمة وختم الكتاب ورجع عثمان حنيف حتي دخل دار الامارة وقال لأصحابه الحقوا رحمكم الله بأهلكم وضعوا سلاحكم وداووا جرحاكم فمكثوا كذلك أياما ثم إن طلحة والزبير قال إن قدم علي " ع " ونحن علي هذه الحالة من الضعف والقلة
(٣٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، صلح (يوم) الحديبية (1)، علي بن أبي طالب (2)، مدينة البصرة (1)، عثمان بن حنيف (3)، القتل (1)، السجود (1)
ليأخذن بأعناقنا فأجمعا علي مراسلة القبائل واستمالة العرب فأرسلا إلي وجوه الناس وأهل الرياسة والشرف يدعونهم إلي الطلب بدم عثمان وخلع علي " ع " واخراج ابن حنيف من البصرة فبايعهم علي ذلك الأزد وضبة وقيس بن عيلان كلها الا الرجل والرجلين من القبيلة كرهوا أمرهم فتواروا عنهم وأرسلوا إلي هلال ابن وكيع التميمي فلم يأتهم فجائه طلحة والزبير إلي داره فتواري عنهما فقالت له أمه ما رأيت مثلك اتاك شيخا قريش فتواريت عنهما فلم تزل به حتي ظهر لهما وبايعهما ومعه بنو عمرو بن تميم كلهم وبنو حنظلة إلا بني يربوع فان عامتهم كانوا شيعه لعلي " ع " وبايعهم بنو دارم كلهم إلا نفرا من بني مجاشع ذوي دين وفضل فلما استوسق لطلحة والزبير أمرهما خرجا في ليلة مظلمة ذات ريح ومطر ومعهما أصحابهما قد لبسوا الدروع وظاهروا فوقها بالثياب فانتهوا إلي المسجد وقت صلاة الفجر وقد سبقهم عثمان بن حنيف إليه وأقيمت الصلاة فتقدم عثمان ليصلي بهم فأخره أصحاب طلحة والزبير فقدموا الزبير فجاءت السبابحة وهم الشرط حرس بيت المال فاخروا الزبير وقدموا عثمان فغلبهم أصحاب الزبير فقدموه وأخروا عثمان فلم يزالوا كذلك حتي كادت الشمس ان تطلع وصاح بهم أهل المسجد ألا تتقون أصحاب محمد وقد طلعت الشمس فغلب الزبير فصلي بالناس فلما فرغ من صلاته صاح بأصحابه المتسلحين أن خذوا عثمان فأخذوه بعد أن تضارب هو ومروان بن الحكم بسيفيهما فلما أسر ضرب ضرب الموت ونتف حاجباه وأشفار عينيه وكل شعرة من رأسه ووجهه وأخذوا السبابجة وهم سبعون رجلا فانطلقوا بهم وبعثمان بن حنيف إلي عائشة فقال لأبان بن عثمان أخرج إليه فاضرب عنقه فان الأنصار قتلت أباك وأعانت علي قتله فنادي عثمان يا عائشة ويا طلحة ويا زبير ان أخي سهل بن حنيف خليفة علي بن أبي طالب علي المدينة وأقسم بالله ان قتلتموني ليضعن السيف في بني أبيكم ورهطكم وأهلكم فلا يبقي أحدا منكم فكفوا عنه وخافوا ان يوقع سهل بن حنيف بعيالاتهم وأهم بالمدينة فتركوه وأرسلت
(٣٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الفجر (الصبح) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، مروان بن الحكم (1)، علي بن أبي طالب (1)، أبان بن عثمان (1)، مدينة البصرة (1)، عثمان بن حنيف (1)، سهل بن حنيف (2)، القتل (1)، الموت (1)، الضرب (2)، السجود (1)، الصّلاة (2)

سهل بن حنيف بن واهب

عائشة إلي الزبير ان أقتل السبابحة فإنه بلغني الذي صنعوا بك فذبحهم والله الزبير كما تذبح الغنم وولي ذلك منهم عبد الله ابنه وهم سبعون رجلا وبقيت طائفة مستمسكين ببيت المال قالوا لا ندفعه إليكم حتي يقدم أمير المؤمنين " ع " فسار إليهم الزبير في جيش ليلا فأوقع بهم واخذ منهم خمسين أسيرا فقتلهم صبرا.
قال أبو مخنف وحدثنا الصقعب بن زهير قال كانت السبابحة القتلي يومئذ أربعمائة رجل وقال كان غدر طلحة والزبير بعثمان بن حنيف أول غدر كان في الإسلام وكانت السبابجة أول قوم ضربت أعناقهم من المسلمين صبرا، قال وخيروا عثمان بن حنيف بين أن يقيم أو يلحق بعلي " ع " فاختار الرحيل فخلوا سبيله فلحق بعلي " ع " فلما رآه بكي وقال له فارقتك شيخا وجئتك أمردا فقال علي " ع " إنا لله وإنا إليه راجعون. قالها ثلاثا قلت السبابجة بالسين المهملة والباء المثناة من تحت وبعد الألف باء موحدة وبعدها جيم ثم هاء لفظة معربة قد ذكرها الجوهري في كتاب الصحاح قال هم قوم من السند كانوا بالبصرة جلاوزة وحراس السجن والهاء المعجمة والنسب قال يزيد بن مفرغ الحميري:
وطماطيم من سبابج خزر * يلبسوني مع الصباح القيودا وسكن عثمان بن حنيف الكوفة بعد وفاة علي " ع " ومات بها في زمن معاوية.
(سهل بن حنيف بن واهب) يكني أبا محمد أخو المذكور قبله كان بدريا جليلا من خيار الصحابة وأبلي في أحد بلاء حسنا.
قال الواقدي يروي ان سهل بن حنيف جعل ينضح بالنبل عن رسول الله ذلك اليوم فقال صلي الله عليه وآله نبلوا سهلا فإنه سهل يقال نبلت الرجل بالتشديد وأنبلته بالهمزة إذا ناولته النبل ليرمي به.
وذكر أبن هشام في سيرته قال كان علي بن أبي طالب " ع " يقول كانت
(٣٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (6)، مدينة الكوفة (1)، عثمان بن حنيف (3)، سهل بن حنيف (2)، الضرب (1)، القتل (1)، الإختيار، الخيار (1)، الوفاة (1)
بقبا امرأة لا زوج لها مسلمة قال فرأيت انسانا يأتيها في جوف الليل فيضرب عليها بابها فتخرج إليه فيعطيها شيئا معه فتأخذه فاستربت لشأنه فقلت لها يا أمة الله من يضرب عليك بابك كل ليلة فتخرجي إليه فيعطيك شيئا لا أدري ما هو وأنت امرأة مسلمة لا زوج لك قالت هذا سهل بن حنيف بن واهب قد رآني امرأة لا أحد لي فإذا أمسي عدا علي أوثان قومه فكسرها فجائني بها فقال احتطبي بها فكان علي " ع " يأثر ذلك من أمر سهيل بن حنيف حتي هلك عنده بالعراق.
قال الفضل بن شاذان: ان سهل بن حنيف من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين وعده البرقي مع أخيه عثمان في شرطة الخميس وولاه أمير المؤمنين واستخلفه عليها لما خرج لقتال الناكثين ثم شهد معه صفين وكان من أحب الناس إليه عليه السلام.
وروي نصر بن مزاحم في كتاب صفين: ان أمير المؤمنين " ع " لما أراد المسير إلي أهل الشام استشار من معه من المهاجرين والأنصار في ذلك فأجابه جماعة من الصحابة وكان ممن تكلم في ذلك اليوم سهل بن حنيف فإنه قام فحمد الله وأثني عليه ثم قال يا أمير المؤمنين نحن سلم لمن سالمت وحرب لمن حاربت ورأينا رأيك ونحن كف يمينك وقد رأينا رأيك ان تقوم في هذا الامر بأهل الكوفة وتأمرهم بالشخوص وتخبرهم بما صنع الله لهم في ذلك من الفضل فإنهم هم أهل البلد وأهل الناس فان استقاموا لك استقام لك ما تريد وتطلب. واما نحن فليس عليك منا خلاف متي دعوتنا أجبناك ومتي أمرتنا أطعناك.
وروي أبو مخنف: قال لمال نزل علي " ع " ذا قار كتبت عائشة من البصرة إلي حفصة بنت عمر وهي بالمدينة اما بعد فإني أخبرك ان عليا " ع " قد نزل ذا قار وأقام بها مرعوبا خائفا لما بلغه من عدتنا وجماعتنا فهو بمنزلة الأشتر إن تقدم عقر وان تأخر نحر فدعت حفصة جواري لها يغنين ويضربن بالدفوف فأمرتهن ان يقلن في غنائهن:
(٣٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، المهاجرون والأنصار (1)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (1)، الفضل بن شاذان (1)، مدينة البصرة (1)، سهل بن حنيف (3)، نصر بن مزاحم (1)، الشام (1)، الشهادة (1)، الضرب (1)، القتل (1)، الهلاك (1)، الزوج، الزواج (2)
ما الخبر ما الخبر علي في سفر * كالفرس الأشتر إن تقدم عقر وان تأخر نحر وجعلت بنات الطلقاء يدخلن علي حفصة ويجتمعن لسماع ذلك الغناء فبلغ أم كلثوم بنت علي " ع " فلبست جلابيبها ودخلت عليهن في نسوة متنكرات ثم أسفرت عن وجهها فلما عرفتها حفصة خجلت واسترجعت فقالت أم كلثوم لئن تظاهرتما عليه منذ اليوم لقد تظاهرتما علي أخيه من قبل فأنزل الله تعالي فيكما ما انزل، فقالت حفصة كفي رحمك الله وأمرت بالكتاب فمزق واستغفرت الله.
قال أبو مخنف: روي هذا الخبر جرء بن بديل عن الحكم ورواه الحسن بن دينار عن الحسن البصري وذكر الواقدي مثل ذلك وذكر المدائني أيضا مثله فقال سهل بن حنيف في ذلك شعرا:
عذرنا الرجال بحرب الرجال * فما للنساء وما للسباب اما حسبنا ما أتتنا به * - لك الخير - من هتك ذاك الحجاب ومخرجها اليوم من بيتها * يعرفها الذئب نبح الكلاب إلي أن أتانا كتاب لها * مشوم فيا قبح ذاك الكتاب وتوفي سهل بالكوفة بعد مرجعه من صفين مع أمير المؤمنين " ع " سنة ثمان وثلاثين فوجد عليه أمير المؤمنين وجدا كثيرا قال لو أحبني جبل لتهافت.
قال السيد الرضي (ره): ومعني ذلك أن المحبة تغلظ عليه فتسرع المصائب إليه ولا يفعل ذلك الا بالأتقياء الأبرار المصطفين الأخيار.
روي الكشي باسناده عن الحسن بن زيد قال كبر علي علي سهل بن حنيف سبع تكبيرات وقال " ع " لو كبرت عليه سبعين تكبيرة لكان أهلا.
قال الصادق " ع " قال كبر أمير المؤمنين علي سهل بن حنيف وكان بدريا خمس تكبيرات ثم مشي ساعة ثم وضعه وكبر عليه خمس تكبيرات أخري يصنع ذلك حتي كبر عليه خمسا وعشرين تكبيرة.
وفي خبر عقبة: ان الصادق " ع " قال اما بلغكم ان رجلا صلي عليه علي " ع "
(٣٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة أم كلثوم بنت أمير المؤمنين علي عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، مدينة الكوفة (1)، الحسن البصري (1)، الحسن بن زيد (1)، سهل بن حنيف (3)

حكيم بن جبلة العبدي

فكبر عليه خمسا حتي صلي عليه خمس صلوات وقال إنه بدري عقبي إحدي من النقباء الاثني عشر وله خمس مناقب وصلي عليه لكل منقبة صلاة.
وخبر أبي بصير عن جعفر " ع " قال كبر رسول الله صلي الله عليه وآله علي حمزة (ره) سبعين تكبيرة وكبر علي " ع " عندكم علي سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة كلما أدركه الناس قالوا يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة علي سهل فيضعه ويكبر حتي انتهي إلي قبره خمس مرات (حكيم بفتح الحاء المهملة بن جبلة العبدي) من بني غنم بن وديعة بن لكيز عده أبو عمرو بن عبد البر والفيروز آبادي وغيرهما من العلماء في الصحابة كان رجلا صالحا شجاعا مذكورا مطاعا في قومه أرسله عثمان بن عفان حاكما علي السند في أيام خلافته فلم يلبث ان انقلب راجعا عنها كارها لولايتها وجاء إلي عثمان فسأله عنها فقال ماؤها وشل ولصها بطل وثمرها دقل وسهلها جبل ان كثر الجند بها جاعوا وان قلوا ضاعوا.
ويروي ان هذا الكلام قال عبد الله بن عامر لعثمان لما سأله عن السند.
وفي ربيع الأبرار للزمخشري ان الحجاج سأل ابن القعبان عن كرمان فأجابه بهذا الجواب والله أعلم.
وكان حكيم المذكور أحد من شنع علي عثمان لسوء أعماله وهو من خيار أصحاب أمير المؤمنين " ع " مشهور بولائه والنصح له.
وفيه يقول أمير المؤمنين علي ما ذكره ابن عبد ربه في العقد الفريد:
دعا حكيم دعوة سميعة * نال بها المنزلة الرفيعة وقد ذكرنا طرفا من قتاله للزبير وطلحة في ترجمة عثمان بن حنيف.
قال أبو مخنف: لما بلغ حكيم بن جبلة ما صنع القوم يعني الزبير وطلحة وأصحابهما بعثمان بن حنيف خرج في ثلاثمائة من عبد القيس مخالفا لهم ومنابذا فخرجوا إليه وحملوا عائشة علي جمل فسمي ذلك اليوم يوم الجمل الأصغر ويوم
(٣٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الخليفة عثمان بن عفان (1)، أبو بصير (1)، الزمخشري (1)، عبد الله بن عامر (1)، عثمان بن حنيف (2)، حكيم بن جبلة (1)، سهل بن حنيف (1)، القبر (1)، الصّلاة (4)، القتل (1)

خالد بن سعيد بن العاص

علي " ع " يوم الجمل الأكبر وتجالد الفريقان بالسيوف فشد رجل من الأزد من عسكر عائشة علي حكيم بن جبلة فضرب رجله فقطعها ووقع الأزدي عن فرسه فجئنا حكيم فاخذ رجله فرمي بها الأزدي فصرعه ثم دب إليه فقتله متكئا عليه خانقا له حتي زهقت نفسه فمر بحكيم انسان وهو يجود بنفسه فقال من ضربك قال وسادتي فنظر فإذا الأزدي تحته وكان حكيم شجاعا مذكورا قال وقتل مع حكيم أخوة له ثلاثة وقتل أصحابه كلهم وهم ثلاثمائة من عبد القيس والقليل من بكر بن وائل.
والعبدي: منسوب إلي عبد القيس بن أقصي بن زعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة (خالد بن سعيد بن العاص) ابن أمية بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوي من السابقين الأولين إلي الإسلام وأسلم هو وامرأته أمينة بنت خلف بن أسعد الخزاعية لرؤيا رآها وروي عنه أنه قال رأيت كأني واقف علي شفا حفرة من النار فجاء أبي يريد ان يلقيني فيها فإذا انا برسول الله صلي الله عليه وآله قد اخذ بمجامع ثوبي وجذبني إليه وهو يقول إلي إلي لا تلقي في النار فانتبهت فزعا من منامي وقلت والله ان رؤياي هذه لحق فخرجت أريد رسول الله صلي الله عليه وآله فوافقت أبا بكر في الطريق فسألني عن شأني فأخبرته بما رأيت فوافقني فذهبت إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وأسلمت انا وأبو بكر في يوم واحد ولما بلغ خبر اسلامه أباه سعيد أرسل بقية أولاده في طلبه فجاؤوا به فتلقاه بكل مكروه ثم أخرجه من داره وقال لإخوانه امنعوه القوت ولا تكلموه ولا تجالسوه فتبرأ خالد أيضا من أبيه وقال إن الله الذي هداني للإسلام ساق لي رزقي وذهب إلي رسول الله وأخبره بما جري عليه من أبيه ولم يزل عند رسول الله يتغدي ويتعشي عنده حتي هاجر المسلمين إلي الحبشة فهاجر معهم بامرأته وولدت له بأرض الحبشة ولده سعيد بن خالد وآمنة بنت خالد وهاجر أيضا أخوه عمرو بن سعيد بن العاص ولما قدم جعفر بن أبي طالب " ع " علي
(٣٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، خالد بن سعيد بن العاص (1)، عمرو بن سعيد بن العاص (1)، حكيم بن جبلة (1)، القتل (2)، الجود (1)
رسول الله يوم فتح خيبر قدما معه وشهدا مع رسول الله فتح مكة وحنين والطائف وتبوك ثم استعمل رسول الله خالدا علي صدقات اليمن وأخاه أيضا أبانا علي البحرين وعمرا علي تيماء وخيبر ولم يزالوا علي ذلك حتي قبض رسول الله فلما بلغهم استخلاف أبي بكر بعد رسول الله تركوا أعمالهم وعادوا إلي المدينة فقال لهم أبو بكر كيف تركتم أعمالكم فقال خالد رأينا ان لا نعمل لأحد بعد رسول الله ولم يبايعوا أبا بكر حتي بايع بنو هاشم.
وروي أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة باسناده عن عبد الله بن أبي أوفي الخزاعي قال كان خالد بن سعيد بن العاص من عمال رسول الله علي اليمن فلما قبض رسول الله جاء إلي المدينة وقد بايع الناس أبا بكر فاحتبس عن أبي بكر فلم يبايعه أياما وقد بايع الناس وأتي بني هاشم فقال أنتم الظهر والبطن والشعار دون الدثار والعصي دون اللحاء وإذا رضيتم رضينا وإذا سخطتم سخطنا حدثوني ان كنتم قد بايعتم هذا الرجل قالوا نعم قال علي برد ورضي من جماعتكم قالوا نعم قال فانا أرضي وأبايع إذا بايعتم اما والله يا بني هاشم انكم الطوال الشجر الطيبو الثمر ثم انه بايع أبا بكر وبلغت أبا بكر فلم يحفل بها واضطغنها عمر عليه فلما ولاه أبو بكر الجند الذي استنفره إلي الشام قال له عمر أتولي خالدا وقد حبس عنك بيعته وقال لبني هاشم ما قال وقد جاء بورق من اليمن وعبيد وحبشان ودروع ورماح ما أري ان توليه وما آمن خلافه فانصرف عنه أبو بكر وولي أبا عبيدة بن الجراح.
وروي أبو بكر أيضا قال حدثنا يعقوب عن أبي النضر عن محمد بن راشد عن مكحول ان رسول الله صلي الله عليه وآله استعمل خالد بن سعيد بن العاص علي عمل فقدم بعد ما قبض النبي وقد بايع الناس أبا بكر فدعاه إلي البيعة فقال عمر دعني وإياه فمنعه أبو بكر حتي مضت عليه سنة ثم مر به أبو بكر وهو جالس علي بابه فناداه خالد يا أبا بكر هل لك في البيعة؟ قال نعم فادن فدني منه فبايعه خالد وهو قاعد علي بابه.
(٣٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، أحمد بن عبد العزيز الجوهري (1)، عبد الله بن أبي أوفي (1)، خالد بن سعيد بن العاص (2)، خيبر (1)، بنو هاشم (4)، محمد بن راشد (1)، الشام (1)، السقيفة (1)
وروي أبان بن تغلب عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق " ع " ان خالد بن سعيد أول من تكلم علي أبي بكر وأنكر عليه وقال له اتق الله يا أبا بكر فقد علمنا أن رسول الله قال ونحن محتوشوه يوم بني قريضة حين فتح الله له وقد قتل علي " ع " يومئذ عدة من صناديد رجالهم وأولي البأس والنجدة منهم يا معاشر المهاجرين والأنصار إني موصيكم بوصية فاحفظوها وموعدكم أمرا فاحفظوه الا ان عليا أميركم وخليفتي فيكم بذلك أوصاني ربي الا وانكم ان لا تحفظوا فيه وصيتي وتوازروه وتنصروه اختلفتم في أحكامكم واضطرب عليكم أمر دينكم ووليكم أشراركم الا ان أهل بيتي هم الوارثون لأمري والعاملون بأمر أمتي من بعدي اللهم من أطاعني فيهم من أمتي وحفظ فيهم وصيتي فاحشرهم في زمرتي واجعل لهم نصيبا من مرافقتي يدركون به نور الآخرة اللهم ومن أساء خلافتي في أهل بيتي فأحرمه الجنة التي عرضها كعرض السماوات والأرض فقال له عمر بن الخطاب اسكت يا خالد فلست من أهل المشورة ولا ممن يقتدي برأيه بل اسكت أنت يا بن الخطاب فإنك تنطق علي لسان غيرك وأيم الله لقد علمت قريش إنك من ألأمها حسبا وأدناها منصبا وأخسها قدرا وأخملها ذكرا وأقلهم غناء عن الله ورسوله وإنك لجبان في الحروب بخيل في المال لتيم العنصر مالك في قريش من فخر ولا في الحروب من ذكر وإنك في هذا الأمر بمنزلة الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني برئ منك اني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما انهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين فأبلس عمر وحبس خالد بن سعيد.
ولما بعث أبو بكر البعوث إلي الشام خرج معهم خالد هو وأخوته وغلمانه ومن معه فقتل بمرج الصفر بضم الصاد المهملة وتشديد الفاء موضع بغوطة دمشق كان به وقعة المسلمين علي الروم كان واقفا في جماعة من المسلمين في ميمنة الناس فحملت طائفة من الروم عليه فقاتلهم حتي قتل.
وقيل خرج في يوم مطير يستمطر فيه فعدا عليه أعلاج الروم فقتلوه مع
(٣٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، المهاجرون والأنصار (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، أبان بن تغلب (1)، خالد بن سعيد (2)، الشام (1)، دمشق (1)، القتل (2)، الظلم (1)، الوصية (1)

الوليد بن جابر بن ظليم الطائي

جماعة من المسلمين.
وكانت وقعة (مرج الصفر) سنة أربع عشرة وقيل ثلاث عشرة.
قال أبو أمامة فيما روي عنه كان بين أجنادين وبين مرج الصفر عشرون يوما قال فحسبت ذلك فوجدته يوم الخميس لأثني عشر ليلة بقيت من جماد الآخرة قبل وفاة أبي بكر بأربعة أيام والله أعلم بالصواب.
(الوليد بن جابر بن ظليم الطائي) قال أبو عبيدة محمد بن موسي بن عمران المرزباني كان الوليد ممن وفد علي رسول الله صلي الله عليه وآله فأسلم ثم صحب عليا " ع " وشهد معه صفين وكان من رجاله المشهورين ثم وفد علي معاوية في الاستقامة وكان معاوية لا ينسبه معرفة بعينه فدخل عليه في جملة الناس فلما استنسبه فانتسب له فقال له أنت صاحب ليلة الهرير قال نعم قال والله ما تخلوا مسامعي من رجزك وقد علا صوتك صوت الناس وأنت تقول.
شدوا فداء لكم اما وأب * فإنما الامر غدا لمن غلب هذا ابن عم والمصطفي المنتجب * تنميه للعلياء سادات العرب ليس بموصوم إذا نص النسب * أول من صام وصلي واقترب قال نعم انا قائلها قال فلما ذا قلتها قال لأنا كنا مع رجل لا نعلم خصلة توجب الخلافة ولا فضيلة تصير إلي التقدمة الا وهي مجموعة له كان أول الناس سلما وأكثرهم علما وأرجحهم حلما فات الجياد فلا يشق غباره واستولي علي الأمد فلا يخاف عثاره وأوضح منهج الهدي فلا يبيد مناره وسلك القصد فلا تدرك آثاره فلما ابتلانا الله بافتقاده وحول الامر إلي من يشاء من عباده دخلنا في جملة المسلمين فلا تنزع يدا من طاعة ولم نصدع صفاة جماعة علي أن لك منا ما ظهر وقلوبنا بيد الله وهو أملك بها منك فاقبل صفونا وأعرض عن كدرنا ولا تستكثروا من الأحقاد فان النار تقدح بالزناد قال معاوية وإنك لتهددني يا أخا طي بأوباش العراق
(٣٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، دولة العراق (1)، موسي بن عمران (1)، الصّلاة (1)، الوفاة (1)

سعد بن مالك بن سنان

وأهل النفاق ومعدن الشقاق فقال يا معاوية هم الذين أشرقوك بالريق وحبسوك في المضيق وذادوك عن سنن الطريق حتي لذت منهم بالمصاحف ودعوت إليها من صدق بها وكذبت وأمن بمنزلها وكفرت وعرف من تأويلها وأنكرت فغضب معاوية وأدار طرفه فيمن حوله فإذا جلهم من مضر ونفر قليل من اليمن فقال أيها الشقي الخائن إني لأخال هذا اخر كلام تفوه به وكان عفيرة بن سيف بن ذي يزن بباب معاوية حينئذ فعرف موقف الطائي ومراد معاوية فخافه عليه فهجم الدار وأقبل علي اليمامة وقال شاهت الوجوه ذلا وقلا وجدعا وفلا كنتم الله هذا الانف كشما موعبا ثم التفت إلي معاوية فقال والله يا معاوية ما أقول هذا حبا لأهل العراق ولا جنوحا إليهم ولكن الحفيظة تذهب الغضب لقد رأيتك بالأمس خاطبت أبا ربيعة يعني صعصعة بن صوحان وهو أعظم جرما عندك من هذا وأنكي لقلبك وأقدح في صفاتك وأجد في عداوتك وأشد استبصارا في حربك ثم أتيته وسرحته وأنت الآن مجمع علي قتل هذا زعمت استصعارا لجماعتنا كانا لا نمر ولا نحلي ولعمري لو وكلتك أبناء قحطان إلي قومك لكان جدك العاثر وذكرك الداثر وحدك المفلول وعرشك المثلول فاربع علي ظلعك واطونا علي بلالتنا ليسهل لك حزننا ويتطامن لك شاذنا فإنا لا نرام بواقع الضيم ولا نتلمظ جزع الخسف ولا نغمر بغمار الفتنة ولا ندر علي الغضب فقال معاوية الغضب شيطان فاربع عليك أيها الإنسان فإنا لم نأت إلي صاحبك مكروها ولم يرتكب منه مغمضا ولم ننتهك منه محرما فدونك فإنه لم يضق عنه حلمنا ويسع غيره فاخذ عفيرة بيد الوليد وخرج به إلي منزله وقال والله لتؤبن بأكثر مما آب به معدي من معاوية وجمع من بدمشق من اليمانية ففرض علي كل رجل دينارا في عطائه فبلغت أربعين ألفا فتعجلها من بيت المال ودفعها إلي الوليد ورده إلي العراق.
(أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان) ابن عبيد بن تغلبة بن عبيد بن الأبجر الخدري صحابي وابن صحابي.
(٣٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: دولة العراق (2)، صعصعة بن صوحان (1)، سعد بن مالك (1)، دمشق (1)، القتل (1)، الغضب (2)
قال ابن عبد البر كان أبو سعيد من الحفاظ المكثرين العلماء الفضلاء العقلاء وأخباره تشهد بصحة هذه الجملة.
روينا عن أبي سعيد انه قال عرضت يوم أحد علي النبي صلي الله عليه وآله وانا ابن ثلاث عشرة سنة فجعل أبي يأخذ بيدي ويقول يا رسول الله إنه عبل العظام والنبي يصعد في بصره ثم قال صلي الله عليه وآله رده قال وخرجت مع رسول الله صلي الله عليه وآله في غزوة بني المصطلق.
قال الواقدي وهو ابن خمس عشرة سنة وشهد الخندق وبيعة الرضوان وغير ذلك.
قلت وأستشهد أبوه مالك بن سنان بأحد.
روي ابن شبه عن أبي سعيد الخدري قال أمير النبي صلي الله عليه وآله من نقل من شهداء أحد إلي المدينة ان يدفنوا حيث أدركوا فأدرك أبي مالك بن سنان عند أصحاب العباء أي الذين يبتغون العباء فدفن.
روي ابن شهرآشوب في المناقب ان النبي صلي الله عليه وآله احتجم مرة فدفع الدم الخارج منه إلي أبي سعيد الخدري فقال غيبه فذهب فشربه فقال ماذا صنعت به قال شربته قال صلي الله عليه وآله أو لم أقل لك غيبه فقال قد غيبته في وعاء حريز فقال إياك وان تعود لمثل هذا، ثم أعلم ان الله قد حرم علي النار لحمك ودمك لما اختلط بدمي ولحمي.
وعن البرقي ان أبا سعيد الخدري من الأصفياء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام.
قال الفضل بن شاذان انه من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين.
وروي الشيخ الطوسي في أماليه باسناده عن عبد الله بن شريك عن سهم ابن حصين الأسدي قال قدمت إلي مكة انا وعبد الله بن علقمة وكان عبد الله بن علقمة سبابا لعلي دهرا قال قلت له هل لك في هذا يعني أبا سعيد الخدري نحدث
(٣٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، أهل الكساء (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، أبو سعيد الخدري (4)، عبد الله بن شريك (1)، الفضل بن شاذان (1)، ابن شهرآشوب (1)، الشيخ الطوسي (1)، الشهادة (1)
به عهدا؟ قال نعم فأتيناه فقال هل سمعت لعلي " ع " منقبة قال نعم إذا حدثتك فاسأل عنها المهاجرين قريشا: ان رسول الله صلي الله عليه وآله قام يوم غدير خم فأبلغ ثم قال يا أيها الناس الست أولي بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلي قالها ثلاث مرات ثم قال ادن يا علي فرفع رسول الله يديه حتي نظرت إلي بياض إبطيهما وقال من كنت مولاه فعلي مولاه ثلاث مرات قال فقال عبد الله بن علقمة أنت سمعت هذا من رسول الله صلي الله عليه وآله قال نعم وأشار إلي اذنيه وصدره قال سمعته أذناي ووعاه قلبي قال عبد الله بن شريك فقدم علينا عبد الله بن علقمة وسهم بن حصين فلما صلينا الهجير قام عبد الله بن علقمة فقال إني أتوب إلي الله واستغفره من سب علي عليه السلام ثلاث مرات.
وروي إبراهيم بن ديزيل الهمداني في كتاب صفين باسناده عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبي سعيد الخدري قال كنا مع رسول الله فانقطع شسع نعله فألقاها إلي علي " ع " بصلحها ثم قال إن منكم من يقاتل علي تأويل القرآن كما قاتلت علي تنزيله فقال أبو بكر انا هو يا رسول الله؟ قال لا فقال عمر بن الخطاب انا هو يا رسول الله؟ قال لا ولكنه ذاكم خاصف النعل ويد علي " ع " علي نعل رسول الله يصلحه قال أبو سعيد فاتيت عليا " ع " فبشرته بذلك فلم يحفل به كأنه شئ كان قد علمه من قبل.
وعن أبي هارون العبدي قال كنت أري رأي الخوارج لا رأي لي غيره حتي جلست إلي أبي سعيد الخدري فسمعته يقول أمر الناس بخمس فعملوا بأربعة وتركوا واحدة فقال له رجل يا أبا سعيد ما هذه الأربعة التي عملوا بها قال الصلاة والزكاة والحج والصوم فقال وما الواحدة التي تركوها قال ولاية علي بن أبي طالب قال وإنها مفترضة معهن قال نعم قال فقد كفر الناس قال إذا كفر الناس فما ذنبي.
وروي نصر بن مزاحم في كتاب صفين عن عمرو بن ثابت عن إسماعيل عن الحسن قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان علي منبري
(٣٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (1)، أبو سعيد الخدري (2)، عبد الله بن شريك (1)، عمرو بن ثابت (1)، نصر بن مزاحم (1)، القرآن الكريم (1)، غدير خم (1)، الخوارج (1)، الصيام، الصوم (1)، القتل (1)، الحج (1)، السب (1)
فاقتلوه قال حدثني بعضهم قال قال أبو سعيد الخدري ولم نفعل فلم نفلح.
وروي عن أبي سعيد انه قال قلت للحسن بن علي " ع " يا بن رسول الله هادنت معاوية وصالحته وقد علمت أن الحق لك دونه وان معاوية ضال وباغ فقال يا أبا سعيد الست حجة الله علي خلقه وإماما عليهم بعد أبي عليه السلام قلت بلي قال الست الذي قال رسول الله صلي الله عليه وآله لي ولأخي هذان ولداي إمامان قاما أو قعدا قلت بلي قال فانا امام ان قعدت يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله صلي الله عليه وآله لبني ضمرة وبني أشجع ولأهل مكة حين أنصرف من الحديبية وأولئك كفار بالتنزيل ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل يا أبا سعيد إذا كنت إماما من قبل الله لم يجز ان أسفه فيما أتيته من مهادتني أو محاربتي وان كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا الا تري الخضر " ع " في خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار أسخط موسي " ع " فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه حتي أخبره فرضي فهكذا سخطتم علي يجهلكم بوجه الحكمة ولولا ما أتيت ما ترك من شيعتنا علي وجه الأرض من أحد إلا وقتل.
وروي الكشي باسناده عن أبي عبد الله " ع " قال ذكر أبو سعيد فقال كان من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله وكان مستقيما قال فنزع ثلاثة أيام فغسله أهله ثم حملوه إلي مصلاه فمات فيه وعن أبي عبد الله " ع " أيضا قال إن أبا سعيد الخدري كان قد رزق هذا الأمر وانه اشتد نزعه فأمر أهله ان يحملوه إلي مصلاه الذي كان يصلي فيه ففعلوا فما لبث ان هلك.
وعن ذريح قال سمعت أبا عبد الله " ع " يقول إني لأكره للرجل ان يعافي في الدنيا ولا يصيبه شئ من المصائب ثم ذكر ان أبا سعيد الخدري وكان مستقيما نزع ثلاثة أيام فغسله أهله ثم حملوه إلي مصلاه فمات.
وتوفي بالمدينة سنة إحدي أو أربع أو خمس وستين.
(٣٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، النبي خضر عليه السلام (1)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، أبو سعيد الخدري (3)، القتل (3)، الحج (1)، الضلال (1)، الهلاك (1)، الصّلاة (1)، السفينة (1)

البراء بن مالك الأنصاري

وقيل سنة أربع وسبعين ودفن بالبقيع، والخدري بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة منسوب إلي خدره واسمه الأبجر بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة وفتح الجيم وبعدها راء مهملة وهو ابن عوف بن الحارث بن الخزرج وقيل خدره أم الأبجر والأول أشهر وهم بطن من الأنصار والله أعلم.
(البراء بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد الأنصاري) الخزرجي أخو أنس بن مالك شهد أحدا والخندق.
قال الفضل بن شاذان انه من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين " ع " وقتل (رض) يوم تستر وكان عمر بن الخطاب بعث إليها أبا موسي الأشعري فافتتحها عام ثمان عشرة للهجرة والبراء بن مالك بها، وهي بضم التاء المثناة من فوق وسكون السين المهملة وفتح التاء المثناة من فوق وبعدها راء مهملة، وتسميها العامة (ششتر).
قال صاحب (اللباب): وهي مدينة من كورة الأهواز من خوزستان.
قال وبها قبر البراء بن مالك (رض) وقيل إن (تستر) مدينة لبس علي وجه الأرض أقدم منها والله أعلم.
(بريدة) بضم الباء الموحدة وفتح الراء المهملة وسكون الياء المثناة من تحت وفتح الدال المهملة وفي آخرها هاء.
(ابن الحصيب) بالمهملتين مصغر الأسلمي. صحابي مشهور أسلم قبل بدر وشهد أحدا.
قال ابن شهرآشوب غزي مع رسول الله صلي الله عليه وآله ست غزوات.
وقال الفضل بن شاذان انه من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين هو والبراء بن مالك.
روي أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال بعث رسول الله بعثين علي أحدهما علي بن أبي طالب وعلي الاخر خالد بن الوليد فقال إذا التقيتم فعلي علي الناس وإذا افترقتم فكل واحد منكما علي جنده فلقينا بني
(٤٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، مقبرة بقيع الغرقد (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، عبد الله بن بريدة (1)، علي بن أبي طالب (1)، خالد بن الوليد (1)، البراء بن مالك (4)، الفضل بن شاذان (2)، عوف بن الحارث (1)، ابن شهرآشوب (1)، أنس بن مالك (1)، القبر (1)، الشهادة (1)، الأكل (1)

ابن الحصيب الأسلمي

وقيل سنة أربع وسبعين ودفن بالبقيع، والخدري بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة منسوب إلي خدره واسمه الأبجر بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة وفتح الجيم وبعدها راء مهملة وهو ابن عوف بن الحارث بن الخزرج وقيل خدره أم الأبجر والأول أشهر وهم بطن من الأنصار والله أعلم.
(البراء بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد الأنصاري) الخزرجي أخو أنس بن مالك شهد أحدا والخندق.
قال الفضل بن شاذان انه من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين " ع " وقتل (رض) يوم تستر وكان عمر بن الخطاب بعث إليها أبا موسي الأشعري فافتتحها عام ثمان عشرة للهجرة والبراء بن مالك بها، وهي بضم التاء المثناة من فوق وسكون السين المهملة وفتح التاء المثناة من فوق وبعدها راء مهملة، وتسميها العامة (ششتر).
قال صاحب (اللباب): وهي مدينة من كورة الأهواز من خوزستان.
قال وبها قبر البراء بن مالك (رض) وقيل إن (تستر) مدينة لبس علي وجه الأرض أقدم منها والله أعلم.
(بريدة) بضم الباء الموحدة وفتح الراء المهملة وسكون الياء المثناة من تحت وفتح الدال المهملة وفي آخرها هاء.
(ابن الحصيب) بالمهملتين مصغر الأسلمي. صحابي مشهور أسلم قبل بدر وشهد أحدا.
قال ابن شهرآشوب غزي مع رسول الله صلي الله عليه وآله ست غزوات.
وقال الفضل بن شاذان انه من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين هو والبراء بن مالك.
روي أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال بعث رسول الله بعثين علي أحدهما علي بن أبي طالب وعلي الاخر خالد بن الوليد فقال إذا التقيتم فعلي علي الناس وإذا افترقتم فكل واحد منكما علي جنده فلقينا بني
(٤٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، مقبرة بقيع الغرقد (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، عبد الله بن بريدة (1)، علي بن أبي طالب (1)، خالد بن الوليد (1)، البراء بن مالك (4)، الفضل بن شاذان (2)، عوف بن الحارث (1)، ابن شهرآشوب (1)، أنس بن مالك (1)، القبر (1)، الشهادة (1)، الأكل (1)
زيد من اليمن فاقتتلنا وظهر المسلمون فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية فاصطفي علي " ع " من السي امرأة لنفسه قال بريدة وكتب خالد بن الوليد معي إلي رسول الله صلي الله عليه وآله يخبره بذلك فلما أتيت النبي دفعت الكتاب إليه فقرئ عليه فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلي الله عليه وآله فقلت يا رسول الله هذا مكان العائذ بك بعثتني مع رجل وأمرتني ان أطيعه فقد بلغت ما أرسلت به فقال رسول الله صلي الله عليه وآله لا يقع في علي " ع " فإنه مني وانا منه وهو وليكم بعدي.
وفي كتاب (المناقب) تأليف أبي بكر بن موسي بن مردويه وهو من رؤساء المخالفين لأهل البيت هذا الحديث من عدة طرق.
وفي رواية بريدة له زيادة وهي ان النبي صلي الله عليه وآله قال لبريدة أيه عنك يا بريدة فقد أكثرت الوقوع في علي " ع " فوالله انك لتقع برجل انه أولي الناس بكم بعدي.
وزيادة أخري ان بريدة قال يا رسول الله استغفر لي فقال النبي صلي الله عليه وآله حتي يأتي علي " ع " فلما جاء علي طلب بريدة ان يستغفر له فقال النبي ان تستغفر له أستغفر له فاستغفر له عليه السلام.
وفي الحديث زيادة أخري ان بريدة أمتنع من بيعة أبي بكر بعد وفاة النبي وتبع عليا لأجل ما كأن سمعه من نص النبي صلي الله عليه وآله بالولاية بعده.
وفي حديث حذيفة بن اليمان عن بريدة انه قال كنت انا وعمار أخي مع رسول الله صلي الله عليه وآله في نخيل بني النجار فدخل علينا علي بن أبي طالب " ع " فرد عليه رسول الله السلام ورددنا ثم قال له يا علي اجلس هناك فجلس فدخل رجال فأمرهم رسول الله بالسلام علي علي " ع " بإمرة المؤمنين فسلموا وما كادوا ثم دخل أبو بكر وعمر فسلما فقال لهما رسول الله سلما علي علي بأمرة المؤمنين فقال الأمر من الله ورسوله فقال نعم ثم دخل طلحة وسعد بن مالك فسلما فقال لهما رسول الله سلما علي علي بأمرة المؤمنين فقالا عن الله ورسوله فقال نعم فقالا سمعنا وأطعنا
(٤٠١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (6)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (7)، حذيفة بن اليمان (1)، خالد بن الوليد (1)، سعد بن مالك (1)، الغضب (1)، القتل (1)، الوفاة (1)
ثم دخل سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري (رض) فسلما فرد عليهما السلام فقال سلما علي علي بأمرة المؤمنين فسلما ولم يقولا شيئا ثم دخل خزيمة بن ثابت وأبو الهيثم بن التيهان فسلما فرد عليهما السلام ثم قال سلما علي علي بأمرة المؤمنين فسلما ولم يقولا شيئا ثم دخل عمار والمقداد فسلما فرد عليهما السلام وقال سلما علي علي بإمرة المؤمنين ففعلا ولم يقولا شيئا ثم دخل عثمان وأبو عبيدة فسلما فرد عليهما السلام وقال سلما علي علي بإمرة المؤمنين قالا عن الله ورسوله قال نعم ثم دخل فلان وفلان وعد جماعة من المهاجرين والأنصار كل ذلك يقول رسول الله صلي الله عليه وآله سلموا علي علي بإمرة المؤمنين فبعض سلم ولم يقل شيئا وبعض يقول عن الله ورسوله فيقول نعم حتي غص المجلس باهله وامتلأت الحجرة وجلس بعض علي الباب وفي الطريق وكانوا يدخلون فيسلمون ويخرجون ثم قال لي ولأخي قم يا بريدة أنت وأخوك فسلما علي علي " ع " بإمرة المؤمنين فقمنا فسلمنا ثم عدنا إلي مواضعنا فجلسنا قال ثم أقبل رسول الله صلي الله عليه وآله عليهم جميعا فقال اسمعوا وعوا إني أمرتكم ان تسلموا علي علي " ع " بإمرة المؤمنين وان رجالا سألوني ان ذلك عن أمر الله تعالي وأمر رسوله ما كان محمد ان يأتي أمرا من تلقاء نفسه بل يوحي ربه وأمره أفرأيتم والذي نفسي بيده لأن أبيتم ونقضتموه لتكفرن ولتفارقون ما بعثني به ربي فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر قال بريدة فلما خرجنا سمعنا بعض أولئك الذين أمروا بالسلام علي علي " ع " بإمرة المؤمنين من قريش يقول لصاحبه وقد التقت بهما طائفة من الجفاة البطاء عن الإسلام من قريش اما رأيت ما صنع محمد بابن عمه من علو المنزلة والمكان لو يستطيع والله لجعله نبيا من بعده فقال له صاحبه أمسك ولا يكبرن عليك هذا فانا لو فقدنا محمدا لكان فعله هذا تحت أقدامنا قال حذيفة ومضي بريدة ودخل المسجد وأبو بكر علي المنبر وعمر دونه بمرقاة فناداهما من ناحية المسجد يا أبا بكر ويا عمر فقالا مالك يا بريدة أجننت فقال لهما والله ما جننت ولكن أين سلامكما
(٤٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبوذر الغفاري (1)، المهاجرون والأنصار (1)، أبو الهيثم بن التيهان (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، السجود (1)
بالأمس علي علي " ع " بإمرة المؤمنين فقال له أبو بكر يا بريدة الامر يحدث بعده الامر وانك غبت وشهدنا والشاهد يري ما لا يري الغائب فقال لهما رأيتما ما لم يره الله ورسوله ولكن وفي لك صاحبك بقوله لو فقدنا محمدا لكان قوله هذا تحت أقدامنا الا ان المدينة حرام علي أن أسكنها ابدا حتي أموت فخرج بريدة باهله وولده فنزل بين قومه بين أسلم فكان يطلع في الوقت دون الوقت فلما أفضي الامر إلي أمير المؤمنين " ع " سار إليه وكان معه حتي قدم العراق فلما أصيب أمير المؤمنين سار إلي خراسان فنزلها ولبث هناك إلي أن مات رحمه الله.
وعن أبان بن تغلب عن الصادق " ع " ان بريدة قال لأبي بكر إنا لله وإنا إليه راجعون ماذا لقي الحق من الباطل يا أبا بكر أنسيت أم خدعت أم خدعت نفسك وسولت لك الأباطيل أو لم تذكر ما أمرنا به رسول الله (ص) من تسمية علي " ع " بإمرة المؤمنين والنبي بين أظهرنا وقوله له في عدة أوقات هذا أمير المؤمنين وقاتل القاسطين اتق الله وتدارك نفسك قبل ان لا تدركها وانقذها مما يهلكها واردد الامر إلي من هو أحق به منك ولا ننماد في اغتصابه وارجع وأنت تستطيع ان تراجع فقد محضتك النصح ودللتك علي طريق النجاة فلا تكونن ظهيرا للمجرمين.
وفي مناقب ابن شهرآشوب جاء بريدة حتي ركز رايته في وسط أسلم حتي قال لا أبايع حتي يبايع علي " ع " فقال علي يا بريدة ادخل فيما دخل فيه الناس فان اجتماعهم أحب إلي من اختلافهم اليوم.
وتوفي بريدة سنة اثنتين وستين وقيل ثلاث وستين.
وقال صاحب معجم البلدان روي عن بريدة بن الحصيب أحد أصحاب النبي صلي الله عليه وآله إنه قال: قال لي رسول الله يا بريدة ان سيبعث من بعدي بعوث فإذا بعثت فكن في بعث الشرق ثم كن في بعث خراسان ثم كن في بعثت ارض يقال لها مرو فإذا أتيتها فأنزل مدينتها فإنه بناها ذو القرنين وصلي فيها عزين أنهارها تجري بالبركة علي كل نقب منها ملك شاهر سيفه يدفع عن أهلها السوء إلي يوم القيامة فقدمها
(٤٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، دولة العراق (1)، يوم القيامة (1)، كتاب معجم البلدان (1)، أبان بن تغلب (1)، ابن شهرآشوب (1)، خراسان (2)، الباطل، الإبطال (1)، الموت (1)، الصّلاة (1)
بريدة غازيا وأقام بها إلي أن مات وقبره إلي الآن بها معروف عليه راية رأيتها.
والأسلمي بفتح الهمزة وسكون السين المهملة وفتح اللام وكسر الميم نسبة إلي أسلم بن قصي بن حارثة بن عمرو بن عمر القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد وهي قبيلة ينسب إليها جماعة من الصحابة والله أعلم.
(خباب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة وبعده الألف موحدة أيضا. ابن الأرت بفتح الهمزة والراء المهملة وتشديد المثناة من فوق، ابن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد بن مناة بن تميم يكني أبا عبد الله وقيل أبا محمد وقيل أبا يحيي أصابه سبي فبيع بمكة وكانت أمه ختانة وحاب من فقراء المسلمين وخيارهم كان فاضلا من المهاجرين الأولين وكان في الجاهلية غنيا يعمل السيوف.
وروي أن الزبير وعثمان تكالما فقال الزبير ان شئت تقاذفنا فقال عثمان أبا البعير يا أبا عبد الله فقال له الزبير بل بضرب خباب وريش المقعد يعني بالسيوف والسهام والمقعد بفتح العين المهملة رجل كان يريش السهام وكان خباب قديم الإسلام قيل إنه كان سادس ستة شهد بدرا وما بعدها من المشاهد وكان رسول الله صلي الله عليه وآله أخي بينه وبين تميم مولي خراس بن الصمة وكان مبتلي في جسمه به مرض لا يزايله وهو معدود في المعذبين في الله سأله عمر بن الخطاب في أيام خلافته ما لقيت من أهل مكة فقال أنظر إلي ظهري فنظر فقال ما رأيت كاليوم ظهر رجل فقال خباب أو قدوا لي نارا وسحبت عليها فما أطفالها إلا ودك ظهري وجاء خباب إلي عمر فجعل يقول ادن ثم قال له ما أحد أحق بهذا المجلس منك إلا أن يكون عمار بن ياسر.
ونزل خباب الكوفة ومات بها بعد أن شهد مع أمير المؤمنين " ع " صفين والنهروان.
وكانت وفاته سنة سبع وثلاثين وقيل تسع وثلاثين وصلي عليه أمير المؤمنين
(٤٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، مدينة مكة المكرمة (2)، مدينة الكوفة (1)، عمار بن ياسر (1)، سعد بن زيد (1)، عمرو بن عمر (1)، الشهادة (3)، الموت (1)، الجهل (1)، الصّلاة (1)

كعب بن عمرو الأنصاري

وكان سنة يوم مات ثلاثا وسبعين سنة ودفن بظهر الكوفة وهو أول من دفن بظهر الكوفة.
قال أبو نعيم في حلية الأولياء وقف أمير المؤمنين " ع " علي قبره فقال رحم الله خبابا أسلم راغبا وهاجر طائعا وعاش مجاهدا وابتلي في جسمه أحوالا ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا.
وفي نهج البلاغة قال " ع " في ذكر خباب أسلم راغبا وهاجر طائعا وعاش مجاهدا طوبي لمن ذكر المعاد وعمل للحساب وقنع بالكفاف ورضي عن الله وعبد الله بن خباب هو الذي قتله الخوارج فاحتج أمير المؤمنين به وطالبهم بدمه وستأتي ترجمته في الطبقة الثانية إن شاء الله تعالي.
(كعب بن عمرو بن سواد بن غنم) ابن كعب بن سلمه الأنصاري السلمي يكني أبا اليسر بفتح المثناة من تحت والسين المهملة وبعدها راء مهملة صحابي جليل شهد العقبة وبدرا وهو الذي أسر العباس قال يا رسول الله لقد أعانني عليه رجل ما رأيته من قبل من هيئته كذا فقال رسول الله لقد أعانك عليه ملك كريم وعن زيد بن وهب قال سمعت عليا " ع " وقد ذكر حديث بدر فقال قتلنا من المشركين سبعين وأسرنا سبعين وكان الذي أسر العباس رجل من الأنصار أدركته فألقي العباس علي عمامته لئلا يأخذها الأنصاري فأحب ان يكون انا الذي أسرته وجئ به إلي الرسول فقال الأنصاري يا رسول الله قد جئتك بعمك العباس أسيرا فقال العباس كذبت ما أسرني إلا ابن أخي علي بن أبي طالب فقال الأنصاري يا هذا انا أسرتك فقال والله ما أسرني إلا ابن أخي ولكأني بحجلته في النقع تبين لي فقال رسول الله صدق عمي ذاك ملك كريم فقال العباس لقد عرفته بحجلته وحسن وجهه فقال له ان الملائكة الذين أبدني الله بهم علي صورة علي بن أبي طالب ليكون ذلك أهيب لهم في صدور الأعداء فقال هذه عمامتي علي
(٤٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم (1)، الحافظ أبو نعيم (1)، مدينة الكوفة (2)، كتاب نهج البلاغة (1)، علي بن أبي طالب (2)، زيد بن وهب (1)، كعب بن عمرو (1)، الخوارج (1)، الكذب، التكذيب (1)، التصديق (1)، الشهادة (1)، القتل (1)، الموت (1)، القبر (1)، الكرم، الكرامة (1)، الدفن (1)

رفاعة بن رافع الأنصاري

رأس علي بن أبي طالب فمره ليردها علي فقال ويحك ان يعلم الله فيك خيرا يعوضك أحسن العوض.
قال الشيخ المفيد (رض) دل هذا الحديث علي أن أمير المؤمنين كان أشجع البرية وانه بلغ من بأسه وخوف الأعداء منه ان الله تعالي جعل الملائكة علي صورته ليكون ذلك أرهب لقلوبهم وان هذا المعني لم يحصل البشر قبله ولا بعده.
اختطف أبو اليسر في يوم بدر راية المشركين وأبلي بلاء حسنا وشهد صفين مع أمير المؤمنين " ع " وكان من أصحابه.
(رفاعة بن رافع بن مالك بن عجلان الأنصاري) يكني أبا معاذ شهد بدرا وكان أبوه رافع من أصحاب العقبة وكان رفاعة من أصحاب أمير المؤمنين " ع " شهد معه حرب صفين ومات في خلافة معاوية.
(مالك بن ربيعة بن الوليد) بفتح الموحدة والمهملة ثم نون ابن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة أبو أسيد بالضم الساعدي مشهور بكنيته شهد بدرا وغيرها وكان من أصحاب أمير المؤمنين شهد معه صفين وهو أحد البدريين الذين شهدوها معه عليه السلام قال الواقدي مات سنة ثلاثين.
وقال المدائني توفي سنة ستين قال وهو آخر من مات من البدريين والله أعلم.
(عقبة بن عمرو بن تغلبة الأنصاري) يكني أبا مسعود من بني حارث بن الخزرج وهو مشهور بكنيته يعرف بابي مسعود البدري لأنه كان يسكن بدرا.
قال موسي بن عقبة عن ابن شهاب انه لم يشهد بدرا وهو قول ابن إسحاق وقال ابن إسحاق كان أبو مسعود أحد من شهد العقبة ولم يشهد بدرا وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد.
(٤٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، علي بن أبي طالب (1)، رفاعة بن رافع (1)، موسي بن عقبة (1)، عقبة بن عمرو (1)، الشهادة (8)، الموت (2)، الحرب (1)

مالك بن ربيعة بن الوليد الساعدي

رأس علي بن أبي طالب فمره ليردها علي فقال ويحك ان يعلم الله فيك خيرا يعوضك أحسن العوض.
قال الشيخ المفيد (رض) دل هذا الحديث علي أن أمير المؤمنين كان أشجع البرية وانه بلغ من بأسه وخوف الأعداء منه ان الله تعالي جعل الملائكة علي صورته ليكون ذلك أرهب لقلوبهم وان هذا المعني لم يحصل البشر قبله ولا بعده.
اختطف أبو اليسر في يوم بدر راية المشركين وأبلي بلاء حسنا وشهد صفين مع أمير المؤمنين " ع " وكان من أصحابه.
(رفاعة بن رافع بن مالك بن عجلان الأنصاري) يكني أبا معاذ شهد بدرا وكان أبوه رافع من أصحاب العقبة وكان رفاعة من أصحاب أمير المؤمنين " ع " شهد معه حرب صفين ومات في خلافة معاوية.
(مالك بن ربيعة بن الوليد) بفتح الموحدة والمهملة ثم نون ابن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة أبو أسيد بالضم الساعدي مشهور بكنيته شهد بدرا وغيرها وكان من أصحاب أمير المؤمنين شهد معه صفين وهو أحد البدريين الذين شهدوها معه عليه السلام قال الواقدي مات سنة ثلاثين.
وقال المدائني توفي سنة ستين قال وهو آخر من مات من البدريين والله أعلم.
(عقبة بن عمرو بن تغلبة الأنصاري) يكني أبا مسعود من بني حارث بن الخزرج وهو مشهور بكنيته يعرف بابي مسعود البدري لأنه كان يسكن بدرا.
قال موسي بن عقبة عن ابن شهاب انه لم يشهد بدرا وهو قول ابن إسحاق وقال ابن إسحاق كان أبو مسعود أحد من شهد العقبة ولم يشهد بدرا وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد.
(٤٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، علي بن أبي طالب (1)، رفاعة بن رافع (1)، موسي بن عقبة (1)، عقبة بن عمرو (1)، الشهادة (8)، الموت (2)، الحرب (1)

عقبة بن عمرو بن تغلبة الأنصاري

رأس علي بن أبي طالب فمره ليردها علي فقال ويحك ان يعلم الله فيك خيرا يعوضك أحسن العوض.
قال الشيخ المفيد (رض) دل هذا الحديث علي أن أمير المؤمنين كان أشجع البرية وانه بلغ من بأسه وخوف الأعداء منه ان الله تعالي جعل الملائكة علي صورته ليكون ذلك أرهب لقلوبهم وان هذا المعني لم يحصل البشر قبله ولا بعده.
اختطف أبو اليسر في يوم بدر راية المشركين وأبلي بلاء حسنا وشهد صفين مع أمير المؤمنين " ع " وكان من أصحابه.
(رفاعة بن رافع بن مالك بن عجلان الأنصاري) يكني أبا معاذ شهد بدرا وكان أبوه رافع من أصحاب العقبة وكان رفاعة من أصحاب أمير المؤمنين " ع " شهد معه حرب صفين ومات في خلافة معاوية.
(مالك بن ربيعة بن الوليد) بفتح الموحدة والمهملة ثم نون ابن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة أبو أسيد بالضم الساعدي مشهور بكنيته شهد بدرا وغيرها وكان من أصحاب أمير المؤمنين شهد معه صفين وهو أحد البدريين الذين شهدوها معه عليه السلام قال الواقدي مات سنة ثلاثين.
وقال المدائني توفي سنة ستين قال وهو آخر من مات من البدريين والله أعلم.
(عقبة بن عمرو بن تغلبة الأنصاري) يكني أبا مسعود من بني حارث بن الخزرج وهو مشهور بكنيته يعرف بابي مسعود البدري لأنه كان يسكن بدرا.
قال موسي بن عقبة عن ابن شهاب انه لم يشهد بدرا وهو قول ابن إسحاق وقال ابن إسحاق كان أبو مسعود أحد من شهد العقبة ولم يشهد بدرا وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد.
(٤٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، علي بن أبي طالب (1)، رفاعة بن رافع (1)، موسي بن عقبة (1)، عقبة بن عمرو (1)، الشهادة (8)، الموت (2)، الحرب (1)

هند ابن أبي هالة التميمي ربيب النبي (ص)

وقالت طائفة قد شهد أبو مسعود بدرا وبذلك قال النجاري فذكره في البدريين قال أبو عمرو ولا يصح شهوده بدرا.
قال بعضهم وشهد مع أمير المؤمنين " ع " صفين وقال أبو عمرو كان قد نزل الكوفة وسكنها واستخلفه علي في خروجه إلي صفين.
ومات سنة إحدي أو اثنتين أو أربعين والله أعلم.
(هند بن أبي هالة التميمي) واختلف في اسم أبي هالة فقيل نماش بن زرارة وقيل نباش بنون ثم موحدة ثم معجمة وهو الذي رجحه كثير من أهل العلم.
وقال الفيروز آبادي النباش بن زرارة أو مالك بن زرارة بن النباش أو أبو هالة بن النباش بن زرارة أو زرارة بن النباش بن زرارة زوج خديجة والد هند ابن أبي هالة الصحابي انتهي.
وكان هند ربيب رسول الله صلي الله عليه وآله أمه خديجة بنت خويلد خلف عليها رسول الله بعد أبي هالة وهو أخو فاطمة الزهرا " ع " لأمها وخال الحسنين " ع " وكان فصيحا بليغا وصافا وصف رسول الله فأحسن وأتقن.
روي عن الحسن بن علي " ع " انه قال سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي وكان وصافا عن حلية النبي وانا اشتهي ان يصف لي منها شيئا أتعلق به فقال كان رسول الله فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر أطول من المربوع وأقصر من المشذب عظيم الهامة رجل الشعر إذا انفرقت عقيصته فرق وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره أزهر اللون واسع الجبين أزج الحواجب سوابغ في غير قرن بينهما عرق يدره الغضب أقني العرنين له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم كث اللحية سهل الخدين أدعج ضليع أشنب الفم مفلج الأسنان دقيق المسربة كان عنقه جيد ريمة في صفاء الفضة معتدل الخلق بادنا متماسكا سواء البطن والصدر عريض الصدر بعيد ما بين المنكبين ضخم الكراديس أنور المتجرد موصول
(٤٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، أم المؤمنين خديجة بنت خويلد عليها السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة الكوفة (1)، الشهادة (1)، الوسعة (1)، الغضب (1)، الزوج، الزواج (1)، العرق، التعرق (1)
ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط عاري الثديين والبطن مما سوي ذلك اشعر الذراعين والمنكبين وأعلي الصدر طويل الزندين رحب الراحة سبط القصب شئن الكفين والقدمين سائل الأطراف خمصان الأخمصين مسيح القدمين ينبو عنهما الماء إذا زال زال قلعا يخطو تكفيا ويمشي هونا سريع المشية إذا مشي كأنما ينحط من صبب وإذا التفت التفت جميعا خافض الطرف نظره إلي الرض أطول من نظره إلي أ السماء جل نظره الملاحظة يسوق أصحابه ويبدر من لقيه بالسلام.
قال قلت له صف لي منطقه قال كان رسول الله صلي الله عليه وآله متواصل الأحزان دائم الفكرة ليست له راحة لا يتكلم في غير حاجة طويل السكت يفتتح الكلام ويختمه بابتداء ويتكلم بجوامع الكلم فصلا لا فضول ولا تقصير فيه دمثا ليس بالجافي ولا المهين يعظم النعمة وان دقت لا يذم منها شيئا ولا يذم ذواقا ولا يمدحه ولا تغضبه الدنيا وما كان لها فإذا تعاطي الحق ولم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شئ حتي ينتصر له ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها فإذا أشار أشار بكفه كلها وإذا تعجب قلبها وإذا تحدت أشار لها فضرب براحته اليمني باطن إبهامه اليسري وإذا غضب أعرض وأشاح وإذا فرح غض من طرفه جل ضحكه التبسم ويفتر عن مثل حب الغمام قال الحسن " ع " فكتمتها الحسين " ع " زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه فسألته عما سألته عنه.
وقد شرح أبو عبيدة وابن قتيبة وصفه هذا ومعني ما فيه من الفصاحة وفوائد اللغة.
قال أبو عبيدة حدثني سنان بن أبي سنان هند بن أبي هند بن أبي هالة الأسدي حدثه عن أبيه هند بن أبي هالة ربيب رسول الله صلي الله عليه وآله قال أبو عبيدة كان هند بن أبي هالة وأبو رافع مولي رسول الله وعمار بن ياسر يحدثون عن هجره أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلي رسول الله بالمدينة ومبيته من قبل ذلك علي فراشه قال وصدر هذا الحديث عن هند بن أبي هالة واقتصاصه
(٤٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عمار بن ياسر (1)
عن الثلاثة وقد دخل حديث بعضهم في بعض قالوا كان الله عز وجل يمنع نبيه بعمه أبي طالب فما كان يخلص إليه من قومه أمر يسوؤه مدة حياته فلما مات أبو طالب " ع " قالت قريش من رسول الله بغيتها وأصابته بعظيم من أذي حتي تركته لقي فقال صلي الله عليه وآله ما أسرع ما وجدنا فقدك يا عم وصلتك رحم وجزيت خيرا يا عم ثم ماتت خديجة بعد أبي طالب بشهر واجتمع بذلك علي رسول الله حزنان حتي عرف ذلك فيه.
قلت وسمي تلك السنة عام الحزن قال هند ثم أنطلق ذو الطول والشرف من قريش إلي دار الندوة ليرتأوا ويأتمروا في رسول الله صلي الله عليه وآله وأسروا ذلك بينهم وقالوا نبني له برجا نستودعه فيه فلا يخلص إليه من الصباة إليه أحد ثم لا يزال في رنق من العيش حتي تأتيه المنون وأشار بذلك العاص بن وائل وأمية وأبي ابنا خلف فقال قائل كلاما هذا لكم برأي ولئن صنعتم ذلك ليتنمرن له الحدب الحميم والمولي والحليف ثم لتأتين المواسم في الأشهر الحرم بالأمن فليستنزعن من أنشوطتكم قولوا قولكم فقال عتبة وشيبة وشركهما أبو سفيان قالوا فإنا نري ان نرحل له بعيرا صعبا ونوثق محمدا عليه كتافا وشدا ثم نخز البعير بأطراف الرماح فيوشك ان يقطعه إربا إربا فقال صاحب رأيهم انكم لم تصنعوا بقولكم هذا شيئا أرأيتم ان خلص به البعير سالما إلي بعض الأفاويق فاخذ بقلوبهم بسحره وبيانه وطلاقة لسانه فصبا القوم إليه واستجابت له القبائل فسار إليكم فأهلككم قولوا قولكم فقال أبو جهل لكن أري ان تعمدوا إلي قبائلكم العشر فتندبوا من كل قبيلة منها رجلا نجدا وتبيتوا ابن أبي كبشة فيذهب دمه في قبائل قريش جميعا فلا يستطيع قومه محاربة الناس فيرضون حينئذ بالعقل فقال صاحب رأيهم أصبت يا أبا الحكم.
قلت وقد ورد ان هذا الرأي أشار به إبليس وجاءهم في زي رجل من نجد قال فأوحي الله إلي نبيه صلي الله عليه وآله بما كان من كيدهم وتلا عليه جبرئيل " ع " (وإذ
(٤٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الموت (1)، الحزن (1)، المنع (1)، الجهل (1)
يمكر بك الذين كفروا) الآية وأمره بالهجرة فدعا عليا " ع " لوقته فأخبره بما أوحي إليه وما أمره به وانه أمرني ان آمرك بالمبيت علي فراشي أو علي مضجعي لتخفي بمبيتك عليهم أمري فما أنت قائل وصانع فقال علي " ع " أو تسلم بمبيتي هناك يا نبي الله قال نعم فتبسم علي ضاحكا وأهوي إلي الأرض ساجدا شكرا لما أنبأه به رسول الله صلي الله عليه وآله من سلامته فكان " ع " أول من سجد لله شكرا وأول من وضع وجهه علي الأرض بعد سجدته من هذه الأمة بعد رسول الله صلي الله عليه وآله ورفع رأسه وقال أمض لما أمرت به فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي ومرني بما شئت أكن فيه كمسرتك واقع به بحيث مرادك وما توفيقي إلا بالله قال أخبرك يا علي أن الله يختبر أوليائه علي قدر إيمانهم ومنازلهم من دينه فأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل وقد امتحنك الله يا بن أم في وامتحنني فيك بمثل ما امتحن الله خليله إبراهيم والذبيح إسماعيل (" ع ") فصبرا صبرا فان رحمة الله قريب من المحسنين ثم ضمه النبي إلي صدره وبكي وجدا به وبكي علي جزعا لفراق رسول الله واستتبع رسول الله أبا بكر بن أبي قحافة وهند بن أبي هالة وأمرهما ان ينتظراه بمكان عينه لهما من طريقه إلي الغار ولبث رسول الله صلي الله عليه وآله بمكانه يوصي عليا " ع " ويأمره بالصبر وخرج في فحمة العشاء والرصد من قريش قد طافوا بالدار ينتظرون ان ينتصف الليل وتنام الأعين فخرج صلي الله عليه وآله من بينهم وهو يقرأ (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم) الآية ورماهم بقبضة من تراب فما شعروا به ومضي حتي انتهي أي صاحبيه فنهضا معه ووصلوا إلي الغار ورجع هند إلي مكة بما أمره النبي ودخل هو وأبو بكر إلي الغار فلما نامت الأعين أقبل القوم إلي علي " ع " قذفا بالحجارة ولا يشكون انه رسول الله حتي إذا برق الفجر وأشفقوا أن يفضحهم الصبح هجموا علي علي " ع " وكانت دور مكة يومئذ بغير أبواب فلما رآهم علي قد انتضوا السيوف وأقبلوا يقدمهم خالد بن الوليد وثب إليه علي فختله فهمز يده واخذ سيفه وشد عليهم فأجفلوا فعرفوه
(٤١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، النبي اسماعيل علي السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، مدينة مكة المكرمة (2)، الفدية، الفداء (1)
وقالوا إنا لم نردك فما فعل صاحبك فقال لا علم لي فأرسلت قريش العيون وركبت في طلبه الصعب والذلول ولما اعتم علي " ع " انطلق هو وهند إلي الغار وامر رسول الله هند ان يبتاع له ولصاحبه بعيران فقال أبو بكر قد كنت أعددت لي ولك يا رسول الله راحلتين ترتحلهما إلي يثرب فقال صلي الله عليه وآله لا أخذهما إلا بالثمن قال هي لك يا رسول الله بذلك فامر عليا فاقبضه الثمن وأوصاه بحفظ ذمته وأداء أمانته وكانت قريش تدعوا النبي الأمين وتودعه أموالها وبعث صلي الله عليه وآله والحال ذلك فامر عليا ان يقيم صارخا بالأبطح يهتف غدوة وعشيا من كان له قبل محمد أمانة أو وديعة فليأت فلنؤد إليه أمانته وقال له النبي لن يصلوا إليك من الآن بأمر تكرهه حتي تقدم علي فاد أمانتي علي أعين الناس ظاهرا ثم إني استخلفك علي فاطمة ابنتي ومستخلف ربي عليكما وأمره ان يبتاع رواحل له وللفواطم ومن يهاجر معه من بني هاشم وقال صلي الله عليه وآله لعلي " ع " إذا أبرمت ما أمرتك به فكن علي أهبة الهجرة إلي الله ورسوله وسر إلي القدوم كتابي عليك وانطلق رسول الله إلي المدينة وأقام في الغار ثلاثا ومبيت علي " ع " علي فراشه أول ليلة وقال علي عليه السلام في ذلك.
وقيت بنفسي خير من وطأ الحصي * ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر محمد لما خاف أن يمكروا به * فوقاه ربي ذو الجلال من المكر وبت أراعيهم متي يأسرونني * وقد وطنت نفسي علي القتل والأسر وبات رسول الله في الغار آمنا * هناك وفي حفظ الاله وفي ستر أقام ثلاثا ثم زمت قلائص * قلائص يفرين الحصي أينما يفر ولما ورد رسول الله صلي الله عليه وآله المدينة نزل في بني عمر بن عوف بقبا وأرادوه علي الدخول إلي المدينة فقال ما انا بداخلها حتي يقدم ابن عمي وابنتي يعني عليا وفاطمة " ع ".
قال الزبير بن بكار استشهد هند بن أبي هالة مع علي " ع " يوم الجمل وقيل
(٤١١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (5)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، المدينة المنورة (1)، الزبير بن بكار (1)، بنو هاشم (1)، القتل (1)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)، الخوف (1)، الشهادة (1)

جعدة بن هبيرة ابن أبي وهب ابن أخت أمير المؤمنين عليه السلام

عاش بعد ذلك والله أعلم.
(جعدة بن هبيرة بن أبي وهب) ابن عمرو بن عائد بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لوي ابن غالب هو ابن أخت أمير المؤمنين " ع " أمه أم هاني بنت أبي طالب وسيأتي ترجمتها في الطبقة العاشرة إن شاء الله وأختلف في صحبته فقيل أنه ولد علي عهد النبي صلي الله عليه وآله وليست له صحبة وقال العجلي انه تابعي وقيل بل هو من الصحابة قال العسقلاني هو صحابي صغير له رؤية وقال ابن أبي الحديد في شرح انتهج أدرك رسول الله وأسلم يوم الفتح مع أمه أم هاني بنت أبي طالب وهرب أبوه هبيرة ابن أبي وهب ذلك اليوم هو وعبد الله بن الزبعري إلي نجران فأقام بها حتي مات كافرا.
قال ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب ولدت أم هاني لهبيرة أربعة بنين جعدة وعمرا وهانيا ويوسف وكان جعدة فارسا شجاعا فقيها ولي خراسان لأمير المؤمنين " ع " وهو الذي يقول:
أبي من بني مخزوم ان كنت سائلا * ومن هاشم أمي لخير قبيل فمن ذا الذي ينأي علي بحاله * كخالي علي ذي الندي وعقيل وشهد جعدة مع أمير المؤمنين " ع " حرب صفين وأبلي بها بلاء حسنا.
وروي نصر في كتاب صفين قال حدثنا عمر بن سعد عن الأجلح بن عبد الله الكندي عن أبيه جحيفة قال جمع معاوية كل قرشي بالشام وقال لهم العجب يا معشر قريش انه ليس لأحد منكم في هذا الحرب فعال يطول به لسانه ما عدا عمرا فما بالكم أين حمية قريش فغضب الوليد بن عقبة وقال أي فعال تريد والله ما نعرف في أكفائنا من قريش العراق من يغني غنانا باللسان ولا باليد فقال معاوية بلي ان أولئك وقوا عليا بأنفسهم قال الوليد كلا بل وقاهم علي بنفسه قال ويحكم اما فيكم من يقوم لقرنه منهم مبارزة ومفاخرة فقال مروان أما البراز
(٤١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عمر بن سعد لعنه الله (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، دولة العراق (1)، أم هاني بنت أبي طالب (2)، الوليد بن عقبة (1)، جعدة بن هبيرة (1)، خراسان (1)، الشام (1)، الموت (1)، الحرب (2)
فان عليا لا يأذن لحسن ولا لحسين ولا لمحمد بنيه فيه ولا لابن عباس وأخوته ويصلي بالحرب دونهم فلا يهم نبارز وأما المفاخرة فبما ذا نفاخر بالإسلام أم بالجاهلية فإن كان بالاسلام فالفخر لهم بالنبوة وان كان بالجاهلية فالملك فيه لليمن فان قلنا قريش قالوا لنا عبد المطلب فقال عتبة بن أبي سفيان إلهوا عن هذا فإني لاق بالغداة جعدة بن هبيرة فقال معاوية بخ بخ قومه بنو مخزوم وأمه أم هاني بنت أبي طالب " ع " كفو كريم وكثر العتاب والخصام بين القوم حتي أغلظوا لمروان وأغلظ لهم فقال مروان أما والله ولولا ما كان مني لعلي في أيام عثمان ومشهدي بالبصرة لكان لي في علي رأي يكفي أمرأ ذا حسب ودين ولكن ولعل، ونابذ معاوية الوليد بن عقبة فأغلظ له الوليد فقال له معاوية إنك إنما تجترئ علي بنسبك من عثمان ولقد ضربك الحد وعزلك عن الكوفة ثم انهم ما أمسوا حتي اصطلحوا وأرضاهم معاوية عن نفسه ووصلهم بأموال جليلة جزيلة وبعث معاوية إلي عتبة فقال ما أنت صانع في جعدة فقال ألقاه اليوم وأقاتله غدا وكان لجعدة في قريش شرف عظيم وكان له لسان وكان من أحب الناس إلي علي فغدا عليه عتبة فنادي أيا جعدة أيا جعدة فاستأذن عليا في الخروج إليه فأذن له وأجتمع الناس فقال عتبة يا جعدة والله ما أخرجك علينا الا حب خالك وعمك عامل البحرين وإنا والله ما نزعم ان معاوية أحق بالخلافة من علي لولا أمره في عثمان ولكن معاوية أحق بالشام لرضا أهلها به فاعفوا لنا عنها فوالله ما بالشام رجل به طرق إلا وهو أحد من معاوية في القتال وليس بالعراق رجل له مثل جد علي في الحرب ونحن أطوع لصاحبنا منكم لصاحبكم وما أقبح بعلي ان يكون في قلوب المسلمين أولي الناس بالناس حتي إذا صاب سلطانا أفني العرب فقال جعدة أما حبي لخالي فلو كان لك خال مثله لنسيت أباك وأما ابن أبي سلمة فلم يصب أعظم من قدره والجهاد أحب من العمل وأما فضل علي " ع " علي معاوية فهذا ما لا يختلف فيه اثنان وأما رضاكم اليوم بالشام فقد رضيتم بها أمس فلم يقبل وأما
(٤١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (1)، عبد الله بن عباس (1)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (1)، ابن أبي سلمة (1)، الوليد بن عقبة (1)، جعدة بن هبيرة (1)، الشام (3)، القتل (1)، الكرم، الكرامة (1)، الحرب (1)
قولك ليس بالشام أحد إلا وهو أحد من معاوية وليس بالعراق لرجل مثل جد علي " ع " فهكذا ينبغي أن يكون مضي بعلي يقينه وقصر بمعاوية شكه وقصد أهل الحق خير من جهد أهل الباطل وأما قولك نحن أطوع لمعاوية منكم لعلي " ع " فوالله ما نسأله ان سكت ولا نرد عليه ان قال وأما قتل العرب فان الله كتب القتل والقتال فمن قتله الحق فإلي الله فغضب عتبة وفحش علي جعدة فلم يجبه وأعرض عنه فلما أنصرف عتبة جمع خيله فلم يستبق شيئا وجل أصحابه السكون والأزد والصدف وتهيأ جعدة بما استطاع والتقوا فصبر القوم جميعا وباشر جعدة يومئذ القتال بنفسه وجزع عتبة فأسلم خيله وأسرع هاربا إلي معاوية فقال له فضحك جعدة وهزمك لا تغسل رأسك منها أبدا قال والله لقد أعذرت ولكن أبي الله ان يديلنا منهم فما أصنع وحظي جعدة بعدها عند علي " ع " وقال النجاشي فيما كان من فحش عتبة علي جعدة:
ان شتم الكريم يا عتب خطب * فاعلمنه من الخطوب عظيم أمه أم هانئ وأبوه * من معد ومن لوي صميم ذاك منها هبيرة بن أبي وهب * أقرت بفضله مخزوم كان في حربكم يعد بألف * حين يلقي بها القروم القروم وأبنه جعدة الخليفة منه * هكذا تنبت الفروع الأروم كل شئ تريده فهو فيه * حسب ثاقب ودين قويم وخطيب إذا تمغرت الأوجه * يشجي به الألد الخصيم وحليم الرجال إذ حلها ال * جهل وخفت من الرجال الحلوم وشكيم الحروب قد علم الناس * إذا حل في الحروب الشكيم وصحيح الأديم من تفل العيب * إذا كان لا يصح الأديم حامل للعظيم في طلب الحمد * إذا عظم الصغير اللئيم ما عسي ان أقول للذهب الأحمر * عيبا هيهات منك النجوم
(٤١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، دولة العراق (1)، الشام (1)، الباطل، الإبطال (1)، الكرم، الكرامة (1)، القتل (3)، الجهل (1)، الإخفاء (1)، السكوت (1)

أبو عمرة الأنصاري النجاري

كل هذا بحمد ربك فيه * وسوي ذاك كان وهو فطيم وقال الأعور الشني في ذلك يخاطب عتبة بن أبي سفيان:
ما زلت تظهر في عطفيك أبهة * لا يرفع الطرف منك التيه والصلف لا تحسب القوم الا فقع قرقرة * وشحمة بزها شأولها نطف حتي لقيت ابن مخزوم وأي فتي * أحيي مآثر آباء له سلفوا ان كان رهط أبي وهب جحاجحة * في الأولين فهذا منهم خلف أشجاك جعدة إذ نادي فوارسه * حاموا عن الدين والدنيا فما وقفوا هلا عطفت علي قوم بمصرعه * فيها السكون وفيها الأزد والصدف وقد توفي جعدة بن هبيرة رحمه الله تعالي في خلافة معاوية.
(أبو عمرة الأنصاري النجاري) اختلف في أسمه فقيل رشيد وقيل أسامة وقيل عمرو بن محصن وقيل تغلبة بن عمرو بن محصن وقيل اسمه عامر بن مالك بن النجاري.
قال ابن عبد البر وهو الصواب، قلت والصواب عندي انه عمرو بن محصن لما أشير في مرثية النجاشي له وهو صحابي ذكره بعضهم في البدريين يروي عنه ابنه عبد الرحمن بن أبي عمر.
روي الكشي باسناده عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله " ع " ارتد الناس إلا ثلاثة أبو ذر والمقداد وسلمان فقال أبو عبد الله فأين أبو ساسان وأبو عمرة الأنصاري.
وكان أبو عمرة من أصفياء أمير المؤمنين " ع " شهد معه الجمل وصفين وأستشهد بها.
روي ابن مزاحم باسناده عن سليمان الحضرمي قال لما خرج علي " ع " من المدينة خرج معه أبو عمرة بن عمرو بن محصن قال فشهدنا مع علي الجمل ثم انصرفنا إلي الكوفة ثم سرنا إلي أهل الشام حتي إذا كان بيننا وبين صفين ليلة دخلني الشك
(٤١٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، مدينة الكوفة (1)، أبو بصير (1)، أبو عمرة الأنصاري (1)، أبو عبد الله (1)، جعدة بن هبيرة (1)، عامر بن مالك (1)، عمرو بن محصن (3)، الشام (1)، الشهادة (1)
فقلت والله ما أدري علي م أقاتل؟ وما أدري ما أنا فيه؟ قال واشتكي رجل منا بطنه من حوت اكله فظن أصحابه انه طعين فقالوا من يتخلف علي هذا الرجل فقلت انا أتحلف عليه والله ما أقول ذلك الا مما دخلني من الشك فأصبح الرجل ليس به بأس وأصبحت قد ذهب عني ما كنت أجد ونفذت بصيرتي حتي إذا أدركنا أصحابنا ومضينا مع علي " ع " وإذا أهل الشام قد سبقونا إلي الماء فلما أردناه منعونا فصلتناهم بالسيف فخلونا وإياه وأرسل أبو عمرة إلي أصحابه قد والله حزناه فهم يقاتلونا وهم في أيدينا ونحن دونه إليهم كما كان في أيديهم قبل ان نقاتلهم فأرسل معاوية إلي أصحابه لا تقاتلوهم وخلوا بينهم وبينه فيشربوا فقلنا لهم وقد عرضنا عليكم أول مرة فأبيتم حتي أعطانا الله وأنتم غير محمودين قال فانصرفوا عنا وانصرفنا عنهم ولقد رويت روايانا ورواياهم بعد وخيلنا خيلهم نرد ذلك الماء جميعا حتي ارتووا وارتوينا جميعا.
وروي أيضا ان أمير المؤمنين " ع " بعث أبا عمره في رجال من أصحابه إلي معاوية يدعونه إلي الله تعالي والي الطاعة والجماعة فلما دخلوا عليه تكلم أبو عمرة فحمد الله وأثني عليه وقال يا معاوية ان الدنيا عنك زائلة وإنك راجع إلي الآخرة وان الله تعالي جازيك بعملك ومحاسبك بما قدمت يداك وإني أنشدك بالله ان تفرق جماعة هذه الأمة ان تسفك دماءها بينها فقطع معاوية الكلام فقال هلا أوصيت صاحبك قال قلت سبحان الله ان صاحبي ليس مثلك ان صاحبي أحق البرية بهذا الامر في الفضل والدين والسابقة في الإسلام والقرابة من الرسول قال فتقول ماذا قال أدعوك إلي تقوي ربك وإجابة ابن عمك إلي ما يدعوك إليه من الحق فإنه أسلم لك في دينك وخير لك في عاقبة أمرك قال وأبطل دم عثمان لا والرحمان لا افعل ذلك ابدا.
قال وكان ابن محصن من أعلام أصحاب علي " ع " قتل في المعركة بصفين وجزع علي عليه السلام لقتله فقال النجاشي يرثيه.
(٤١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الشام (1)، القتل (2)، الأكل (1)

مسعود بن أوس بن أحزم بن زيد، أبو محمد

لنعم فتي الحيين عمرو بن محصن * إذا صارخ الحي المصبح ثوبا إذ الخيل جالت بينها قصد القنا * يثرن عجاجا ساطعا متنصبا لقد فجع الأنصار طرا بسيد * أخي ثقة في الصالحات مجربا فيارب خير قد أفدت وجفنة * ملأت وقرن قد تركت مسلبا ويا رب خصم قد رددت بغيظه * فآب ذليلا بعد أن كان مغضبا وراية مجد قد حملت وغزوة * شهدت إذ النكس الجبان تهيبا حويطا علي جل العشيرة ماجدا * وما كنت في الأنصار نكسا مؤنبا طويل عماد المجد رحبا فناؤه * خصيبا إذا ما رائد الحي أجدبا عظيم رماد النار لم تك فاحشا ولا فشلا يوم النزال مغلبا وكنت ربيعا ينفع الناس سيبه * وسيفا جرازا باتر الحد مقضبا فمن يك مسرورا بقتل ابن محصن * فعاش شقيا ثم مات معذبا وغودر منكبا لفيه ووجهه * يعالج رمحا ذا سنان وتغلبا فان تقتلوا الحر الكريم ابن محصن * فنحن قتلنا ذا الكلاع وحوشبا وإن تقتلوا ابني بديل وهاشما * فنحن تركنا منكم القرن أعضبا ونحن تركنا حميرا في صفوفكم * لدي الحرب صرعي كالنخيل مشذبا وأفلتنا تحت الأسنة مرشد * وكان قديما في الغرار مدربا ونحن تركنا عند مختلف القنا * أخاكم عبيد الله لحما ملحبا بصفين لما ارفض عنه رجالكم * ووجه ابن عتاب تركنا ملغبا وطلحة من بعد الزبير ولم ندع * لضبة في الهيجا عريفا منكبا ونحن أحطنا بالبعير وأهله * ونحن سقيناكم سماما مقشبا (مسعود بن أوس بن زيد بن أحزم بن زيد) هو أبو محمد غلبت عليه كنيته وهو الذي زعم أن الوتر واجب فقال
(٤١٧)
صفحهمفاتيح البحث: مسعود بن أوس (1)، عمرو بن محصن (1)، الكرم، الكرامة (1)، القتل (1)، الموت (1)، الحرب (1)

نضلة بن عبيد بن الحرث أبو برزة الأسلمي

عبادة بن الصامت كذب أبو محمد وشهد بدرا وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع " وشهد معه صفين.
(نضلة بن عبيد بن الحرث) أبو برزة الأسلمي صحابي مشهور بكنيته وأختلف في أسمه فقيل نضلة بن عبيد الله بن الحرث وقيل عبد الله بن نضلة وقيل سلمة بن عبيد والصحيح الأول أسلم أبو برزة قبل الفتح وشهد الفتح وغزا سبع غزوات ثم نزل البصرة وغزا خراسان ومات بها سنة خمس وستين علي الصحيح وكان من أصحاب أمير المؤمنين وأصفيائه وهو القائل في أمير المؤمنين عليه السلام.
كفي بعلي قائدا لذوي النهي * وحرزا من المكروه والحدثان نروح إليه ان المت ملمة * علينا ونرضي قوله ببيان يبين إخفاء النفوس التي لها * من الهلك والوسواس هاجستان (مرداس) بكسر الميم وسكون الراء المهملة بن مالك الأسلمي صحابي كان ممن بايع تحت الشجرة وسكن الكوفة وهو في عداد أهلها.
قيل روي عنه حديث واحد ان رسول الله صلي الله عليه وآله قال يقبض الصالحون الأول فالأول إلي أن تبقي حثالة كحثالة النمر وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع ".
وروي عنه قيس بن أبي حازم وزياد بن علامة. قال ابن حجر وهو قليل الحديث.
(المسور) ابن شداد بن عمير القرشي الفهري صحابي حجازي نزل الكوفة ثم مصر.
وروي عنه أهل البلدين وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع " مات سنة خمس وأربعين.
(عبد الله بن بديل) بضم الموحدة وفتح الدال المهملة وسكون المثناة التحتانية وبعدها لام، ابن ورقاء
(٤١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة الكوفة (2)، أبو برزة الأسلمي (1)، عبادة بن الصامت (1)، عبد الله بن بديل (1)، عبد الله بن نضلة (1)، مدينة البصرة (1)، نضلة بن عبيد (1)، خراسان (1)، الكراهية، المكروه (1)، الكذب، التكذيب (1)، الموت (1)

مرداس بن مالك الأسلمي

عبادة بن الصامت كذب أبو محمد وشهد بدرا وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع " وشهد معه صفين.
(نضلة بن عبيد بن الحرث) أبو برزة الأسلمي صحابي مشهور بكنيته وأختلف في أسمه فقيل نضلة بن عبيد الله بن الحرث وقيل عبد الله بن نضلة وقيل سلمة بن عبيد والصحيح الأول أسلم أبو برزة قبل الفتح وشهد الفتح وغزا سبع غزوات ثم نزل البصرة وغزا خراسان ومات بها سنة خمس وستين علي الصحيح وكان من أصحاب أمير المؤمنين وأصفيائه وهو القائل في أمير المؤمنين عليه السلام.
كفي بعلي قائدا لذوي النهي * وحرزا من المكروه والحدثان نروح إليه ان المت ملمة * علينا ونرضي قوله ببيان يبين إخفاء النفوس التي لها * من الهلك والوسواس هاجستان (مرداس) بكسر الميم وسكون الراء المهملة بن مالك الأسلمي صحابي كان ممن بايع تحت الشجرة وسكن الكوفة وهو في عداد أهلها.
قيل روي عنه حديث واحد ان رسول الله صلي الله عليه وآله قال يقبض الصالحون الأول فالأول إلي أن تبقي حثالة كحثالة النمر وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع ".
وروي عنه قيس بن أبي حازم وزياد بن علامة. قال ابن حجر وهو قليل الحديث.
(المسور) ابن شداد بن عمير القرشي الفهري صحابي حجازي نزل الكوفة ثم مصر.
وروي عنه أهل البلدين وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع " مات سنة خمس وأربعين.
(عبد الله بن بديل) بضم الموحدة وفتح الدال المهملة وسكون المثناة التحتانية وبعدها لام، ابن ورقاء
(٤١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة الكوفة (2)، أبو برزة الأسلمي (1)، عبادة بن الصامت (1)، عبد الله بن بديل (1)، عبد الله بن نضلة (1)، مدينة البصرة (1)، نضلة بن عبيد (1)، خراسان (1)، الكراهية، المكروه (1)، الكذب، التكذيب (1)، الموت (1)

المسور بن شداد الفهري

عبادة بن الصامت كذب أبو محمد وشهد بدرا وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع " وشهد معه صفين.
(نضلة بن عبيد بن الحرث) أبو برزة الأسلمي صحابي مشهور بكنيته وأختلف في أسمه فقيل نضلة بن عبيد الله بن الحرث وقيل عبد الله بن نضلة وقيل سلمة بن عبيد والصحيح الأول أسلم أبو برزة قبل الفتح وشهد الفتح وغزا سبع غزوات ثم نزل البصرة وغزا خراسان ومات بها سنة خمس وستين علي الصحيح وكان من أصحاب أمير المؤمنين وأصفيائه وهو القائل في أمير المؤمنين عليه السلام.
كفي بعلي قائدا لذوي النهي * وحرزا من المكروه والحدثان نروح إليه ان المت ملمة * علينا ونرضي قوله ببيان يبين إخفاء النفوس التي لها * من الهلك والوسواس هاجستان (مرداس) بكسر الميم وسكون الراء المهملة بن مالك الأسلمي صحابي كان ممن بايع تحت الشجرة وسكن الكوفة وهو في عداد أهلها.
قيل روي عنه حديث واحد ان رسول الله صلي الله عليه وآله قال يقبض الصالحون الأول فالأول إلي أن تبقي حثالة كحثالة النمر وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع ".
وروي عنه قيس بن أبي حازم وزياد بن علامة. قال ابن حجر وهو قليل الحديث.
(المسور) ابن شداد بن عمير القرشي الفهري صحابي حجازي نزل الكوفة ثم مصر.
وروي عنه أهل البلدين وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع " مات سنة خمس وأربعين.
(عبد الله بن بديل) بضم الموحدة وفتح الدال المهملة وسكون المثناة التحتانية وبعدها لام، ابن ورقاء
(٤١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة الكوفة (2)، أبو برزة الأسلمي (1)، عبادة بن الصامت (1)، عبد الله بن بديل (1)، عبد الله بن نضلة (1)، مدينة البصرة (1)، نضلة بن عبيد (1)، خراسان (1)، الكراهية، المكروه (1)، الكذب، التكذيب (1)، الموت (1)

عبد الله بن بديل الخزاعي

عبادة بن الصامت كذب أبو محمد وشهد بدرا وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع " وشهد معه صفين.
(نضلة بن عبيد بن الحرث) أبو برزة الأسلمي صحابي مشهور بكنيته وأختلف في أسمه فقيل نضلة بن عبيد الله بن الحرث وقيل عبد الله بن نضلة وقيل سلمة بن عبيد والصحيح الأول أسلم أبو برزة قبل الفتح وشهد الفتح وغزا سبع غزوات ثم نزل البصرة وغزا خراسان ومات بها سنة خمس وستين علي الصحيح وكان من أصحاب أمير المؤمنين وأصفيائه وهو القائل في أمير المؤمنين عليه السلام.
كفي بعلي قائدا لذوي النهي * وحرزا من المكروه والحدثان نروح إليه ان المت ملمة * علينا ونرضي قوله ببيان يبين إخفاء النفوس التي لها * من الهلك والوسواس هاجستان (مرداس) بكسر الميم وسكون الراء المهملة بن مالك الأسلمي صحابي كان ممن بايع تحت الشجرة وسكن الكوفة وهو في عداد أهلها.
قيل روي عنه حديث واحد ان رسول الله صلي الله عليه وآله قال يقبض الصالحون الأول فالأول إلي أن تبقي حثالة كحثالة النمر وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع ".
وروي عنه قيس بن أبي حازم وزياد بن علامة. قال ابن حجر وهو قليل الحديث.
(المسور) ابن شداد بن عمير القرشي الفهري صحابي حجازي نزل الكوفة ثم مصر.
وروي عنه أهل البلدين وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع " مات سنة خمس وأربعين.
(عبد الله بن بديل) بضم الموحدة وفتح الدال المهملة وسكون المثناة التحتانية وبعدها لام، ابن ورقاء
(٤١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة الكوفة (2)، أبو برزة الأسلمي (1)، عبادة بن الصامت (1)، عبد الله بن بديل (1)، عبد الله بن نضلة (1)، مدينة البصرة (1)، نضلة بن عبيد (1)، خراسان (1)، الكراهية، المكروه (1)، الكذب، التكذيب (1)، الموت (1)
الخزاعي، أسلم مع أبيه يوم الفتح أو قبله وكانا سيدي خزاعة وعيبة النبي صلي الله عليه وآله وشهد عبد الله حنينا والطائف وتبوك وكان رفيع القدر ورفيع الشأن أرسله النبي صلي الله عليه وآله مع أخويه عبد الرحمن ومحمد إلي اليمن ليفقهوا أهلها ويعلموهم الدين وكان عبد الله من أصفياء أمير المؤمنين عليه السلام وخلص أصحابه شهد معه الجمل وصفين وأبلي فيها بلاء حسنا إلي أن استشهد بصفين كما ستقف عليه إن شاء الله تعالي.
روي نصر بن مزاحم قال قام عبد الله بن بديل بين يدي أمير المؤمنين بصفين قبل القتال فقال يا أمير المؤمنين ان القوم لو كانوا لله يريدون ولله يعملون ما خالفونا ولكن القوم إنما يقاتلونا فرارا من الأسرة وحب الأثرة ضنا بسلطانهم وكراهة لفرقة دنياهم التي في أيديهم وعلي أخر في أنفسهم وعداوة يجدونها في أنفسهم لوقايع أوقعتها بهم هلك فيها آباؤهم وإخوانهم فكيف يبايع معاوية عليا وقد قتل أخاه وخاله وجده والله ما أظن أن يفعلوا ولن يستقيموا لكم دون ان يقصد فيها المران وتقطع علي هامهم السيوف وتنشر حواجبهم بعمد الحديد وتكون أمور جمة بين الفريقين.
وروي عن الشعبي ان عليا بعث علي ميمنته عبد الله بن بديل وعلي ميسرته عبد الله بن العباس.
وروي عن زيد بن وهب أن عبد الله بن بديل قام في أصحابه فقال إن معاوية ادعي ما ليس له ونازع الأمر أهله من ليس له مثله جائكم بالباطل ليدحض به الحق فصال عليكم بالأعراب والأحزاب وزين لهم الضلال وزرع في قلوبهم حب الفتنة ولبس عليهم الأمر وزادهم رجسا إلي رجسهم وأنتم والله علي بينة من ربكم نور ظاهر مبرور أتخشونهم فالله أحق ان تخشوه ان كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين وقد قاتلتهم مع النبي صلي الله عليه وآله ما هم في هذه بأزكي ولا اتقي ولا أبر قوموا إلي عدو الله وعدوكم.
وروي عن عمرو بن شمس عن جابر قال سمعت الشعبي يقول كان عبد الله
(٤١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عبد الله بن عباس (1)، عبد الله بن بديل (3)، زيد بن وهب (1)، نصر بن مزاحم (1)، الباطل، الإبطال (1)، الشهادة (2)، القتل (2)، الضلال (1)، الهلاك (1)
ابن بديل مع علي " ع " يومئذ عليه سيفان ودرعان فجعل يضرب بسيفه فقدما وهو يقول:
لم يبق غير الصبر والتوكل * والترس والرمح وسيف مصقل ثم التمشي في الرعيل الأول * مشي الجمال في حياض المنهل فلم يزل يضرب بسيفه حتي انتهي إلي معاوية فأزاله عن موقفه وجعل ينادي يا لثارات عثمان يعني أخا كان له وظن معاوية وأصحابه إنما يعني عثمان بن عفان حتي أزال معاوية عن موقفه فأمر معاوية أصحابه الذين بايعوه علي الموت ان يصمدوا لعبد الله بن بديل وبعث إلي حبيب بن مسلمة الفهري وهو في الميسرة ان يحمل عليه بجميع من معه فاختلط الناس واصطدم الفيلقان ميمنة أهل العراق وميسرة أهل الشام وأقبل عبد الله بن بديل يضرب بسيفه قدما حتي أزال معاوية عن موقفه وجعل ينادي يا لثارات عثمان وإنما يعني أخا له قتل وظن معاوية وأصحابه انه بعني عثمان بن عفان وتراجع معاوية عن مكانه القهقهري كثيرا وأشفق علي نفسه وأرسل إلي حبيب بن مسلمة مرة ثانية وثالثة يستنجده ويستصرخه وحمل حبيب حملة شديدة بميسرة معاوية علي ميمنة أهل العراق فكشفها حتي لم يبق مع ابن بديل إلا نحو مائة انسان من القراء فاشتد بعضهم إلي بعض يحمون أنفسهم وحج ابن بديل في الناس وصمم علي قتل معاوية وجعل يطلب موقفه ويصمد نحوه حتي انتهي إلي معاوية ومعه عبد الله بن عامر واقفا فنادي معاوية في الناس عليكم بالصخر والحجارة ان عجزتم عن السلاح فرضخه الناس بالصخر والحجارة حتي أثخنوه فسقط فاقبلوا عليه بسيوفهم فقتلوه وجاء معاوية وعبد الله بن عامر حتي وقفا عليه فاما عبد الله بن عامر فألقي عمامته علي وجهه وترحم عليه وكان له أخا وصديقا من قبل فقال معاوية اكشف عن وجهه فقال لا والله ولا يمثل به وفي روح فقال معاوية اكشف عن وجهه فإنا لا نمثل به قد وهبناه لك فكشف ابن عامر عن وجهه فقال معاوية هذا كبش القوم ورب
(٤٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الخليفة عثمان بن عفان (2)، دولة العراق (2)، عبد الله بن عامر (3)، عبد الله بن بديل (2)، الشام (1)، الضرب (3)، القتل (2)، الموت (1)، الحج (1)، الصبر (1)
الكعبة اللهم أظفرني بالأشتر النخعي والأشعث الكندي والله ما مثل هذا إلا كما قال الشاعر:
أخو الحرب ان عضت به الحرب عضها * وان شمرت عن ساقها الحرب شمرا ويحمي إذا ما الموت كان لقاؤه * فذا السيف يحمي الأنف ان يتأخرا كليث هزبر كان يحمي ذماره * رمته المنايا قصده فتقطرا ثم قال إن نساء خزاعة لو قدرت علي أن تقاتلني فضلا عن رجالها لفعلت قال نصر فحدثنا عمرو عن أبي روق قال استعلي أهل الشام عند قتل ابن بديل علي أهل العراق يومئذ وانكشف أهل العراق من قبل الميمنة وأجفلوا اجفالا شديدا فامر علي " ع " سهل بن حنيف فاستقدم بمن كان معه فغدا الميمنة يعضدها فاستقبلهم جموع أهل الشام في حيل عظيمة فحملت عليه فألحقهم بالميمنة كانت ميمنة أهل العراق متصلة بموقف علي " ع " في القلب في أهل اليمن فلما انكشفوا انتهت الهزيمة إلي علي فانصرف يمشي نحو الميسرة فانكشفت مضر عن الميسرة أيضا فلم يبق مع علي من أهل العراق إلا ربيعة وحدها في الميسرة.
قال نصر فحدثنا عمرو قال حدثنا مالك بن أعين عن زيد بن وهب قال لقد مر علي " ع " يومئذ ومعه بنوه نحو الميسرة ومعه ربيعة وحدها وإني لأري النبل من بين عاتقيه ومنكبه وما من بنية إلا يقيه بنفسه فيكره علي " ع " ذلك فيقدم عليه ويحول بينه وبين أهل الشام ويأخذ بيده إذا فعل ذلك فيلقيه من ورائه وبصر به أحمر مولي بني أمية وكان شجاعا فقال علي " ع " ورب الكعبة قتلني الله ان لم أقتلك فاقبل نحوه فخرج إليه كيسان مولي علي فاختلفا ضربتين فقتله أحمر وخالط عليا ليضربه بالسيف وينتهزه علي فتقع يده في جيب درعه فجذبه عن فرسه فحمله علي عاتقه فوالله لكأني انظر إلي رجلي أحمر يختلفان علي عنق علي ثم ضرب به الأرض فكسر منكبه وعضديه وشد ابنا علي حسين ومحمد فضرباه بأسيافهما حتي برد فكأني انظر إلي علي " ع " قائما وشبلاه يضربان الرجل حتي
(٤٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (6)، دولة العراق (4)، بنو أمية (1)، مالك بن أعين (1)، زيد بن وهب (1)، سهل بن حنيف (1)، الشام (3)، القتل (2)، الموت (1)، الضرب (1)، الحرب (3)
أتيا عليه ثم أقبلا علي أبيهما والحسن " ع " قائم معه فقال له علي يا بني ما منعك ان تفعل كما فعل أخواك فقال " ع " كفياني يا أمير المؤمنين.
وروي نصر عن عمر بن سعد عن عبد الرحمن بن كعب قال لما قتل عبد الله بن بديل يوم صفين مر به الأسود بن طهمان الخزاعي وهو بآخر رمق فقال له عز علي والله مصرعك اما والله لو شهدتك لآسيتك ولدافعت عنك ولو رأيت الذي أشعرك لأحببت ان لا أزايله ولا يزايلني حتي أقتله أو يلحقني بك ثم نزل إليه فقال رحمك الله يا عبد الله إن كان جارك ليأمن بوايقك وإن كنت لمن الذاكرين لله كثيرا أوصني رحمك الله قال أوصيك بتقوي الله وان تناصح أمير المؤمنين وتقاتل معه حتي يظهر الحق أو تلحق بالله وأبلغ أمير المؤمنين " ع " عني السلام وقل له قاتل علي المعركة حتي تجعلها خلف ظهرك فإنه من أصبح والمعركة خلف ظهره كان الغالب ثم لم يلبث ان مات فاقبل أبو الأسود إلي علي " ع " فأخبره فقال رحمه الله جاهد معنا عدونا في الحياة ونصح لنا في الوفاة ومن شعر عبد الله بن بديل ما أنشده أبو مخنف في كتاب (وقعة الجمل) قوله:
يا قوم للحطة العظمي التي حدثت * حرب الوصي وما للحرب من آس الفاصل الحكم بالتقوي إذا ضربت * تلك القبائل أخماسا لأسداس قال نصر وفرح أهل الشام بقتل هاشم بن عتبة وعبد الله وعبد الرحمن ابني بديل فقال حريش الكوني وهو مع علي عليه السلام:
معاوية ما أفلت إلا بجرعة * من الموت رعبا تحسب الشمس كوكبا نجوت وقد أدميت بالسوط بطنه * لزوما علي فأس اللجام مشذبا فان تفخروا بابني بديل وهاشم * فنحن قتلنا ذا الكلاع وحوشبا وأنهما ممن قتلتم علي الهدي * فوافوا فكفوا القول ننسي التحوبا قال المؤيد الخوارزمي كان عمار بن ياسر وهاشم بن عتبة وعبد الله بن بديل فرسان العراق ومردة الحرب ورجال المعارك وسيوف الأقران وأمراء
(٤٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، عمر بن سعد لعنه الله (1)، دولة العراق (1)، عبد الله بن بديل (1)، هاشم بن عتبة (2)، عمار بن ياسر (1)، أبو الأسود (1)، الخوارزمي (1)، الشام (1)، القتل (3)، الموت (2)، الضرب (1)، الحرب (2)، الوصية (1)

حجر بن عدي الكندي

الأخيار وأمراء أمير المؤمنين " ع " وقد أوقعوا باهل الشام ما بقي ذكره علي مر الأحقاب حتي احتالوا لقتلهم. وفيهم يقول الأشتر ذاكرا لهم متأسفا عليهم:
أبعد عمار وبعد هاشم * وابن بديل فارس الملاحم أرجو البقاء ضل حلم الحالم (حجر بن عدي) ابن معاوية بن جبلة بن الأدبر الكندي يكني أبا عبد الرحمن، قال أبو عمرو بن عبد البر في كتاب الاستيعاب كان حجر من فضلاء الصحابة وصغر سنه عن كبارهم وقال غيره كان من الأبدال وكان صاحب راية النبي صلي الله عليه وآله وهو يعد من الرؤساء والزهاد ومحبته وإخلاصه لأمير المؤمنين أشهر من أن تذكر وكان علي كندة يوم صفين وعلي الميسرة يوم النهروان ومن كلامه لأمير المؤمنين لما أمر بالمسير إلي الشام يا أمير المؤمنين نحن بنوا الحرب وأهلها الذين نلقحها وننتجها، قد ضارستنا وضارسناها ولنا أعوان وعشيرة ذات عدد ورأي محرب وبأس محمود وأزمتنا منقادة لك بالسمع والطاعة فإن شرفت شرقنا وإن غربت غربنا وما أمرتنا من أمر فعلنا فقال له علي " ع " اكل قومك يؤدي مثل رأيك قال ما رأيت منهم إلا حسنا وهذي يدي عنهم بالسمع والطاعة وحسن الإجابة فقال له علي " ع " خيرا.
ومن كلام له أيضا حين أستنفر أهل الكوفة للقتال بعد وقعة أهل النهروان فلم يجيبوا بما يرضاه وأكثروا اللغط في حضرته " ع " فساءه ذلك منهم فقام حجر فقال لا يسؤك الله يا أمير المؤمنين مرنا بأمرك نتبعه فوالله ما نعظم جزعا علي أموالنا ان نفدت ولا علي عشائرنا ان قتلت في طاعتك ومن شعره قوله في علي عليه السلام يوم الجمل:
يا ربنا سلم لنا عليا * سلم لنا المبارك الرضيا المؤمن الموحد التقيا * لا خطل الرأي ولا غويا
(٤٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة الكوفة (1)، حجر بن عدي الكندي (1)، الشام (2)، الأكل (1)، القتل (1)، الحرب (1)
بل هاديا موفقا مهديا * واحفظه ربي واحفظ النبيا فيه فقد كان له وليا * ثم ارتضاه بعده وصيا وأبلي في صفين بلاء حسنا.
روي نصر باسناده عن عبد الله بن شريك قال خرج حجر بن عدي وعمرو بن الحمق يظهر ان البراءة واللعن لأهل الشام فأرسل إليهما علي " ع " ان كفا عما يبلغني عنكما فأتياه فقالا يا أمير المؤمنين السنا محقين قال بلي قالوا أو ليسوا مبطلين قال بلي قالا فلم تمنعنا من شتمهم قال كرهت لكم ان تكونوا لعانين شتامين تشهدون وتبرون ولكن لو وصفتم مساوي أعمالهم فقلتم من سيرتهم كذا وكذا كان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم اللهم أحقن دماءنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم من ضلالتهم حتي يعرف الحق منهم من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به كان هذا أحب إلي وخيرا لكم فقالا يا أمير المؤمنين " ع " نقبل عظتك ونتأدب بأدبك وروي أيضا عن الشعبي ان أول فارسين التقيا في اليوم السابع من صفين وكان من الأيام العظيمة حجر الخير وحجر الشر أما حجر الخير فهو ابن عدي صاحب علي " ع " وأما حجر الشر فابن عمه كلاهما من كندة وكان من أصحاب معاوية فأطعنا برمحيهما وخرج رجل من بني أسد يقال له خزيمة من عسكر معاوية فضرب حجر بن عدي ضربة برمحه فحمل أصحاب علي فقتلوا خزيمة الأسدي ونجا حجر الشر هاربا فالتحق بعسكر معاوية.
وروي ابن شهرآشوب في (المناقب) ان أدهم بن لام القضاعي من أصحاب معاوية خرج يوما من أيام صفين يقول:
أثبت لوقع الصارم الصقيل * فأنت لا شك أخو قتيل فبرز حجر بن عدي فقتله فخرج إليه الحكم بن الأزهر قائلا:
يا حجر حجر بن عدي الكندي * أثبت فإني ليس مثلي بعدي
(٤٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، حجر بن عدي الكندي (4)، عبد الله بن شريك (1)، ابن شهرآشوب (1)، عمرو بن الحمق (1)، بنو أسد (1)، الشام (1)، الجهل (1)، الضلال (1)
فقتله حجر فبرز إليه مالك بن مسهر القضاعي وهو يقول:
إني انا مالك بن مسهر * انا ابن عم الحكم بن الأزهر فأجابه رحمه الله تعالي:
إني حجر وانا ابن مسعر * أقدم إذا شئت ولا تأخر فقتله حجر.
وذكر الشيخ المفيد (رض) وغيره ان ابن ملجم وصاحبيه ورد ان التميمي وشبيب بن بحرة الأشجعي لما عزموا علي ما عزموا عليه من قتل أمير المؤمنين ألقوا إلي الأشعث بن قيس ما في نفوسهم فواطأهم عليه وحضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم علي ما اجتمعوا عليه وكان حجر بن عدي رض في تلك الليلة بائتا في المسجد فسمع الأشعث يقول لابن ملجم النجا النجا بحاجتك فقد فضحك الصبح فأحس حجر بما أراد الأشعث وقال له قتلته يا أعور وخرج مبادرا ليمضي إلي أمير المؤمنين " ع " ليخبره بالخبر ويحذره من القوم فخالفه أمير المؤمنين " ع " فدخل المسجد فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف فاقبل حجر بن عدي والناس يقولون قتل أمير المؤمنين ولما بلغ الحسن بن علي ان معاوية قد عبر جسر منبج وجه حجر بن عدي يأمر العمال بالاحتراس وندب الناس فسارعوا حتي إذا كان من صلح الحسن لمعاوية ما كان دخل عبيدة بن عمرو الكندي وهو من قوم حجر بن عدي علي الحسن بن علي " ع " وكان علي وجهه ضربة وهو مع قيس ابن سعد بن عبادة قال ما الذي أري في وجهك قال جرح أصابني مع قيس فالتفت حجر إلي الحسن فقال لوددت إنك مت قبل هذا ومتنا معك ولم نر هذا اليوم انا رجعنا راغمين بما كرهنا ورجعوا مسرورين بما أحبوا فتغير وجه الحسن وغمز الحسين حجرا فسكت فقال الحسن يا حجر ليس كل الناس يحب ما تحب ولا رأيه رأيك وما فعلت إلا ابقاءا عليكم والله تعالي كل يوم هو في شأن وروي الكشي (باسناده) عن طاوس عن أبيه قال أنبأنا حجر بن عدي
(٤٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، صلح (يوم) الحديبية (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، ابن ملجم المرادي لعنه الله (3)، حجر بن عدي الكندي (5)، عبيدة بن عمرو (1)، الحسن بن علي (1)، سعد بن عبادة (1)، القتل (3)، السجود (2)
قال: قال لي علي " ع " كيف تصنع أنت إذا ضربت وأمرت بلغني قلت كيف اصنع قال العني ولا تبرأ مني فإني علي دين الله قال ولقد ضربه محمد بن يوسف وأمره ان يلعن عليا وأقامه علي باب مسجد صنعاء قال فقال الأمير امرني أن العن عليا فالعنوه لعنه الله فرأيت محوارا من الناس إلا رجلا فهمها قال المؤلف (رض) عندي في هذا الخبر نظر فان محمد بن يوسف إنما ولي اليمن في زمن عبد الملك بن مروان وهو أخو الحجاج بن يوسف استعمله أخوه الحجاج علي صنعاء اليمن وحجر بن عدي قتله معاوية بن أبي سفيان فكيف يصح ان يكون محمد بن يوسف ضرب حجرا ليلعن عليا أمير المؤمنين " ع " وليس في عمال معاوية علي اليمن من أسمه محمد بن يوسف كما تنطق به التواريخ فان معاوية لما استعمل الخلافة عثمان بن عثمان الثقفي فأقام به مدة ثم عزله بأخيه عتبة بن أبي سفيان فأقام سنتين ثم لحق بأخيه معاوية واستخلف علي اليمن فيروز الديلمي فأقام ثمان سنين ولما توفي عتبة بن أبي سفيان استعمل معاوية مكانه داذويه الفارسي فأقام تسعة أشهر ثم مات فاستعمل معاوية مكانه علي اليمن الضحاك بن فيروز الديلمي فلم يزل علي اليمن حتي هلك معاوية في رجب سنة ستين للهجرة هؤلاء جميع عمال معاوية علي اليمن ولبس فيهم مسمي بمحمد بن يوسف والله أعلم.
واما سبب قتل حجر بن عدي فكان من حديثه ان المغيرة بن شعبة كان لا ينام عن شتم علي " ع " وأصحابه واللعنة بهم والترحم علي عثمان وأصحابه وكان حجر بن عدي إذا سمع ذلك يقول إن من تذمون أحق بالفضل والتقدم ومن تمدحون أولي بالدم فلما كان في آخر زمان المغيرة بن شعبة نال من علي وقال في عثمان ما كان يقول فقام حجر بن عدي وصاح به وقال إنك لا تدري بمن تولع أصبحت مولعا بذم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " ومدح المجرمين فقام معه نحو ثلاثين ألفا يقولون صدق حجر فدحل المغيرة بيته فجائه قومه قائلين له علي م تترك هذا الرجل يجتري في سلطانك ثم إن بلغ معاوية سخط عليك فقال
(٤٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (1)، شهر رجب المرجب (1)، حجر بن عدي الكندي (4)، المغيرة بن شعبة (2)، عثمان الثقفي (1)، محمد بن يوسف (5)، التصديق (1)، الضرب (3)، القتل (2)، الموت (1)، السجود (1)، الهلاك (1)
إني قد قتلته انه سيأتي أمير بعدي فيلعنه مثلي فيصنع به مثل ما صنع بي فيقتله وانا قد أقترب أجلي فلا أقتل خير أهل هذا المصر فلما ولي معاوية زياد بن أبيه الكوفة خطب زياد فقال اما بعد فان مرتع البغي وخيم وأيم الله ان لم تستقيموا لأداوينكم بدوائكم ولست بشئ ان لم أحم ناحية الكوفة من حجر بن عدي وادعه نكالا لما بعده.
قال الطبري في (رسالته) ان زيادا خطب يوم جمعة فأطال الخطبة وأخر الصلاة فقال له حجر بن عدي الصلاة فمضي في خطبته فاخذ حجر كفا من حصي وحصبه به وثار إلي الصلاة وثار الناس معه فنزل زياد وصلي بالناس ثم كتب إلي معاوية فكتب معاوية إليه ان اشدده في الحديد واحمله إلي فأراد قوم حجر منعه فقال لهم لا ولكن نطيع ونسمع فلما دخل علي معاوية قال السلام عليك فقال له معاوية والله لأقتلنك ولا استقبلك أخرجوه فاضربوا عنقه فأخرجوه فقال لهم دعوني أصلي ركعتين فصلاهما وخفف وقال لولا أن تظنوا بي غير الذي بي لأطلتهما ثم قال من حضر من أهل بيته لا تطلقوا مني حديدا ولا تغسلوا عني دما فإني لاق معاوية غدا علي الجادة ثم ضربت عنقه سادس ستة أو سابع سبعة أحدهم ولده.
ذكر المسعودي في (مروج الذهب) ان زيادا وفد إلي معاوية من الكوفة ومعه حجر بن عدي وتسعة من أهل الكوفة وأربعة من غيرهم فلما بقي علي أميال من الكوفة أنشأت ابنة لحجر بن عدي وهي تقول:
ترفع أيها القمر المنير * لعلك ان تري حجرا يسير يسير إلي معاوية بن حرب * ليقتله كذا زعم الأمير تنبرت المنابر بعد حجر * وطاب لها الخورنق والسدير أخاف عليك ما أدري عديا * وشيخا في دمشق له زئير لعمري ان كل عميد قوم * إلي هلك من الدنيا يصير
(٤٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب مروج الذهب للمسعودي (1)، مدينة الكوفة (5)، حجر بن عدي الكندي (4)، دمشق (1)، القتل (2)، الركوع، الركعة (1)، الضرب (1)، الحرب (1)، الهلاك (1)، الصّلاة (3)
فلما وصلوا إلي عذراء علي اثني عشر ميلا من دمشق تقدم البريد باخبارهم إلي معاوية فبعث إليهم رجلا أعور فلما أشرف علي حجر وأصحابه قال رجل من أصحاب حجر ان صدق الزجر فإنه سيقتل منا نصفا ويسلم الباقون قيل وكيف ذاك قال ما ترون الرجل المقبل مصابا بإحدي عينيه فلما وصل إليهم قال لحجر ان أمير المؤمنين أمرني بقتلك وقتل أصحابك إلا ان توالوا أمير المؤمنين وترجعوا إلي طاعته فلما قدم حجر ليقتل قال دعوني أصلي ركعتين فتركوه فطول في صلاته فقيل أتجزع من الموت فقال لا ولكني ما تطهرت للصلاة قط إلا صليت ولا صليت قط أخف من هذه الصلاة وكيف لا أجزع وإني أري قبرا محفورا وسيفا مشهورا وكفنا منشورا ثم قدم وأصحابه فقتلوا إلا من بايع.
وقال شيخنا محمد بن مكي المعروف (بالشهيد الأول) قدس الله روحه الشهداء الذين بعذراء دمشق الذين قتلهم معاوية بعد أن بايعوه وأعطاهم العهود والمواثيق حجر بن عدي الكندي حامل راية النبي صلي الله عليه وآله وولده همام وقبيصة بن ضبيع العبسي وصيفي بن قيل وشريك بن شداد الحضرمي ومحرز بن شهاب السعدي وكرام بن حيان العبدي كلهم في ضريح واحد في جامع عذراء.
قال الشيخ محمد بن مكي (ره) أنشدني خادمهم هذه الأبيات:
جماعة بثري عذاره قد دفنوا * وهم صحاب لهم فضل وإعظام حجر قبيصة صيفي شريكهم * ومحرز ثم همام وكرام عليهم الف رضوان مكرمة * تتري تدوم عليهم كلما داموا قال محمد بن مكي (رض) فزدت بيتا ومثلها لعنات للذي سفكوا * دمائهم وعذاب بالذي استاموا وفي رواية ان معاوية كتب إلي زياد ان اعرض علي حجرا وأصحابه وكانوا ثمانية ليتبرؤا من علي ويطلقوا فقالوا بل نتولاه ونتبري ممن برئ منه فحفرت لهم قبور ونشرت أكفانهم فقال حجر يكفنوننا كأنا
(٤٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، حجر بن عدي الكندي (1)، محمد بن مكي (3)، دمشق (2)، التصديق (1)، القبر (1)، الموت (1)، الركوع، الركعة (1)، القتل (2)، الصّلاة (2)
مسلمون ويقتلوننا كأنا كافرون وعرض عليهم البراءة عدة دفعات فلم يفعلوا فقتلوا.
وعن أمير المؤمنين " ع " مثلهم كمثل أصحاب الأخدود.
قال الأعمش أول من قتل في الإسلام صبرا حجر بن عدي وأول رأس أهدي من بلد إلي بلد رأس عمرو بن الحمق.
وسئل ابن إسحاق متي ذل الناس قال حيث مات الحسن بن علي " ع " وادعي معاوية زيادا وقتل حجر بن عدي.
وروي أنه لما قتل معاوية حجر بن عدي وأصحابه لقي في ذلك العام الحسين " ع " فقال يا أبا عبد الله هل بلغك ما صنعت بحجر وأصحابه من شيعة أبيك قال لا قال إنا قتلناهم وكفناهم وصلينا عليهم فضحك الحسين " ع " ثم قال خصمك القوم يوم القيامة يا معاوية اما والله لو ولينا مثلها من شيعتك ما كفناهم ولا صلينا عليهم وقد بلغني وقوعك في أبي حسن " ع " وقيامك به واعتراضك بني هاشم بالعيوب وأيم الله لقد أوترت غير قوسك ورميت غير غرضك وتناولتها بالعداوة من مكان قريب ولقد أطعت امرؤا اما قدم ايمانه ولا حدث نفاقه وما نظر لك فانظر لنفسك أو دع. يريد عمرو بن العاص وروي أن معاوية لما قدم المدينة دخل علي عائشة فقالت ما حملك علي قتل أهل عدن حجر وأصحابه فقال إني رأيت قتلهم صلاحا للأمة وبقائهم فسادا للأمة فقالت سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول سيقتل بعذراء أناس يغضب الله لهم وأهل السماء فقال يا أم المؤمنين دعيني وحجرا نلتقي عند ربنا وفي رواية انها قالت له أين كان حلمك عن حجر بن عدي فقال يا أم المؤمنين لم يكن بحضرتي رشيد وذكر كثير من أهل الأخبار ان معاوية لما حضرته الوفاة جعل يغرغر بالموت ويقول إن يومي منك يا حجر بن عدي لطويل.
وروي أن ربيع بن زياد الحارثي كان عاملا لمعاوية علي خراسان وكان
(٤٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، حجر بن عدي الكندي (5)، عمرو بن العاص (1)، بنو هاشم (1)، عمرو بن الحمق (1)، خراسان (1)، القتل (4)، الموت (1)
فاضلا جليلا وكان الحسن بن أبي الحسن البصري كاتبه فلما بلغه قتل حجر بن عدي دعا الله عز وجل فقال اللهم ان كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجل فلم يبرح من مجلسه حتي مات.
وروي الشيخ الطوس (ره) في (أماليه) باسناده عن عطاء بن مسلم عن الحسن بن البصري قال كنت غازيا من معاوية بخراسان وكان علينا رجل من التابعين فصلي بنا يوما الظهر ثم صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه وقال أيها الناس قد حدث في الإسلام حدث عظيم لم يكن منذ قبض الله نبيه مثله بلغني ان معاوية قتل حجر بن عدي وأصحابه فان يك عند المسلمين خير فسبيل ذلك وان لم يكن عندهم خير فاسأل الله ان يقبضني إليه وان يعجل ذلك.
قال الحسن بن أبي الحسن فلا والله ما صلي بنا صلاة غيرها حتي سمعنا عليه الصياح.
وروي الزبير بن بكار عن رجاله عن الحسن البصري انه قال أربع خصال في معاوية لو لم يكن منهن الا واحدة لكانت موبقة انتزاؤه علي هذه الأمة بالسفهاء حتي ابتزها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذووا الفضيلة واستخلافه ابنه يزيد من بعده سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير وادعائه زيادا وقد قال رسول الله صلي الله عليه وآله الولد للفراش وللعاهر الحجر وقتله حجر بن عدي وأصحابه فيا ويله من حجر وأصحاب حجر.
وروي الكشي ان الحسين " ع " كتب إلي معاوية في كتاب كتبه إليه الست القاتل لحجر بن عدي أخا كندة والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ولا يخافون في الله لومة لائم ثم قتلتهم ظلما وعدوانا وبعد ما كنت أعطيتهم الايمان المغلظة والمواثيق المؤكدة.
قال أبو عمرو بن عبد البر في كتاب (الاستيعاب) لما ولي معاوية زياد العراق وما ورائها وأظهر من الغلظة وسوء السيرة ما أظهر خلعه حجر رحمه الله
(٤٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، دولة العراق (1)، الحسن بن أبي الحسن (2)، حجر بن عدي الكندي (4)، الزبير بن بكار (1)، الحسن البصري (1)، عطاء بن مسلم (1)، خراسان (1)، القتل (2)، الموت (1)، اللبس (1)، الصّلاة (2)، الإبداع، البدعة (1)

عمرو بن الحمق الخزاعي

ولم يخلعه معاوية وبايعه جماعة من أصحاب علي " ع " وشيعته وحصبه يوما في تأخير الصلاة هو وأصحابه فكتب فيه زياد إلي معاوية فأمره ان يبعث إليه به مع وائل بن حجر الحضرمي في اثني عشر رجلا كلهم في الحديث فقتل معاوية منهم ستة واستحيي ستة وكان حجر ممن قتل.
قال وكان قتل معاوية لحجر بن عدي في سنة إحدي وخمسين.
وحجر بضم الحاء المهملة وسكون الجيم وبعدها راء مهملة.
والأدبر بفتح الهمزة وسكون الدال وفتح الباء ثم راء مهملة سمي به لأنه ضرب بالسيف علي أليته مدبرا والله أعلم.
(عمرو بن الحمق الخزاعي) بفتح الحاء المهملة وكسر الميم وبعدها قاف. ابن كاهل ويقال الكاهن بالنون. ابن حبيب الخزاعي صحابي جليل القدر من خواص أمير المؤمنين " ع " شهد معه مشاهده كلها وكان ممن خرج علي عثمان.
قال الفضل بن شاذان انه من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين.
وعن ميمون بن مهران ان عمرو بن الحمق سقي رسول الله صلي الله عليه وآله لبنا فقال اللهم متعه بشبابه فمرت عليه ثمانون سنة لم ير شعرة بيضاء.
وروي نصر بن مزاحم ان عمرو بن الحمق قال لأمير المؤمنين " ع " في يوم من أيام صفين والله يا أمير المؤمنين اني ما أحببتك ولا بايعتك علي قرابة بيني وبينك ولا إرادة مال تؤتينيه ولا الماس سلطان ترفع ذكري به ولكن أحببتك بخصال خمس إنك ابن عم رسول الله ووصيه وأبو الذرية التي بقيت فينا من رسول الله وأسبق الناس إلي الإسلام وأعظم المهاجرين سهما في الجهاد فلو إني كلفت نقل الجبال الرواسي ونزح البحور الطوامي حتي يأتي علي يومي في أمر أقوي به وليك وأهين بن عدوك ما رأيت إني قد أديت فيه كل الذي يحق علي من حقك فقال علي " ع " اللهم نور قلبه بالتقي واهده إلي صراطك المستقيم ليت إن
(٤٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، حجر بن عدي الكندي (1)، ميمون بن مهران (1)، الفضل بن شاذان (1)، حبيب الخزاعي (1)، وايل بن حجر (1)، عمرو بن الحمق (3)، نصر بن مزاحم (1)، القتل (3)، البعث، الإنبعاث (1)، الصّلاة (1)
في جندي مائة مثلك فقال حجر إذا والله يا أمير المؤمنين صح جندك وقل فيهم من يغشك.
وروي الكشي باسناده عن علي بن أسباط بن سالم قال: قال أبو الحسن موسي بن جعفر " ع " إذا كان يوم القيامة نادي مناد أين حواري علي بن أبي طالب وصي محمد بن عبد الله رسول الله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر ثم ينادي مناد أين حواري علي بن أبي طالب وصي محمد بن عبد الله فيقوم عمرو بن الحمق ومحمد بن أبي بكر وميثم بن يحيي التمار مولي بني أسد وأويس القرني إلي آخر الحديث.
قال أبو عمرو بن عبد البر في كتاب (الاستيعاب) أسلم عمرو بن الحمق بعد الحديبية وصحب رسول الله مدة وكان يحفظ الأحاديث وسكن الشام ثم نزل الكوفة واتخذها وطنا وهو أحد الأربعة الذين اقتحموا علي عثمان بن عفان الدار وكان من شيعة علي بن أبي طالب " ع " وشهد معه جميع حروبه من الجمل وصفين والنهروان ولما توفي علي " ع " قال مع حجر بن عدي في منع بني أمية من سب علي ولما أمر زياد بالقبض علي حجر هرب عمرو إلي الموصل واختفي في غار فلدغته حية به فمات ولما وصل إليه الجماعة الذين بعث بهم زياد لعنه الله وجدوه ميتا في الغار فقطعوا رأسه وذهبوا به إلي زياد فبعث به إلي معاوية وهو أول رأس حمل من بلد إلي بلد قال نصر وقال عمرو بن الحمق بصفين:
تقول عرسي لما ان رأت أرقي * ماذا يهيجك من أصحاب صفينا الست في عصبة يهدي الاله بهم * أهل الكتاب ولا بغيا يريدونا فقلت إني علي ما كان من سدد * أخشي عواقب أمر سوف يأتينا إزالة القوم في أمر يراد بهم * فاقني حياءا وكفي ما تقولينا وروي محمد بن علي الصواف عن الحسين بن سفيان عن أبيه عن شمير بن ابن سدير الأزدي قال: قال علي " ع " لعمرو بن الحمق الخزاعي أين نزلت يا عمرو
(٤٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، ميثم بن يحيي التمار النهرواني (1)، الخليفة عثمان بن عفان (1)، يوم القيامة (1)، مدينة الكوفة (1)، حجر بن عدي الكندي (1)، علي بن أبي طالب (2)، الحسين بن سفيان (1)، محمد بن عبد الله (1)، بنو أمية (1)، محمد بن أبي بكر (1)، أسباط بن سالم (1)، أهل الكتاب (1)، أويس القرني (1)، عمرو بن الحمق (4)، بنو أسد (1)، محمد بن علي (1)، محمد بن عبد (1)، الشام (1)، المنع (1)، السب (1)، الجماعة (1)
قال في قومي قال لا تنزلن فيهم قال أفأنزل في كنانة جيراننا قال لا قال أفأنزل في ثقيف قال فما تصنع بالمعرة والمحرة قال وما هما قال عنقان من نار يخرجان من ظهر الكوفة يأتي أحدهما علي تميم وبكر بن وائل فقل ما يفلت منه أحد ويأتي العنق الآخر فيأخذ علي الجانب الآخر من الكوفة فقل من يصيب منهم إنما تدخل الدار فتحرق البيت والبيتين قال فأين أنزل قال أنزل في بني عمرو بن عامر من الأزد قال فقال قوم حضروا هذا الكلام ما نراه إلا كاهنا يتحدث بحديث الكهنة فقال يا عمرو وإنك لمقتول بعدي وان رأسك لمنقول وهو أول رأس ينقل في الإسلام والويل لقاتلك أما انك لا تنزل لقوم إلا أسلموك برمتك الا هذا الحي من بني عمرو بن عامر من الأزد فإنهم لن يسلموك ولن يخذلوك قال فوالله ما مضت الأيام حتي تنقل عمرو بن الحمق في خلافة معاوية في أحياء العرب خائفا مذعورا حتي نزل في قومه من بني خزاعة فأسلموه فقتل وحمل رأسه من العراق إلي معاوية بالشام وهو أول رأس حمل في الإسلام من بلد إلي بلد.
وروي الكشي عن الحسن بن محبوب عن أبي القاسم وهو معاوية بن عمار رحمه الله رفعه قال أرسل رسول الله صلي الله عليه وآله سرية فقال لهم انكم تضلون ساعة كذا من الليل فخذوا ذات اليسار فإنكم تمرون برجل في شأنه فتسترشدونه فيأبي ان يرشدكم حتي تصيبوا من طعامه فيذبح لكم كبشا فيطعمكم ثم يقوم فيرشدكم فاقرؤه مني السلام واعلموه إني قد ظهرت بالمدينة فمضوا فضلوا الطريق فقال قائل منهم ألم يقل رسول الله صلي الله عليه وآله تياسروا ففعلوا فمروا بالرجل الذي قال لهم رسول الله قال فقال لهم الرجل وهو عمرو بن الحمق (رض) أظهر النبي بالمدينة فقالوا نعم فلحق به ولبث ما شاء الله ثم قال رسول الله أرجع إلي الموضع الذي منه هاجرت فإذا تولي أمير المؤمنين " ع " بالكوفة فاته فانصرف الرجل حتي إذا تولي أمير المؤمنين الكوفة اتاه وأقام معه بالكوفة ثم إن أمير المؤمنين " ع " قال له ألك دار قال نعم قال بعها واجعلها في الأزد فإني غدا لو غبت لطلبت
(٤٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (5)، معاوية بن عمار (1)، الحسن بن محبوب (1)، عمرو بن الحمق (2)، عمرو بن عامر (2)، الشام (1)، القتل (1)، الطعام (1)
فمنعك الأزد حتي تخرج من الكوفة متوجها إلي جسر الموصل فتمر برجل مقعد فتقعد عنده ثم تستسقيه فيسقيك ويسألك عن شأنك فأخبره وادعه إلي الإسلام فإنه يسلم وامسح بيدك علي وركيه فان الله يمسح ما به وينهض قائما فيتبعك وتمر برجل أعمي علي ظهر الطريق فتستسقيه فيسقيك ويسألك عن شأنك فأخبره وادعه إلي الإسلام فإنه يسلم وامسح بيدك علي عينيه فإن الله تعالي يعيده بصيرا فيتبعك وهما يواريان بدنك في التراب ثم تتبعك الخيل فإذا صرت قريبا من الحصن في موضع كذا وكذا رهقتك الخيل فأنزل عن فرسك ومر إلي الغار فإنه يشترك في دمك فسقة من الجن والأنس ففعل ما قال أمير المؤمنين " ع " قال فلما انتهي إلي الحصن قال للرجلين اصعدا فانظر أهل تريان شيئا قالا نري خيلا مقبلة فنزل عن فرسه ودخل الغار وغار فرسه فلما دخلوا الغار ضربه أسود سالخ فيه وجاءت الخيل فلما رأوا فرسه غائرا قالوا هذا فرسه وهو قريب فطلبه الرجال فأصابوه في الغار فكلما ضربوا أيديهم إلي شئ من جسمه تبعهم اللحم فاخذوا رأسه فاتوا به فنصبه علي رمح وهو أول رأس نصب في الإسلام وروي الكشي ان مروان بن الحكم كتب إلي معاوية وهو عامله علي المدينة، اما بعد فإن عمرو بن عثمان ذكر ان رجالا من أهل العراق ووجوه أهل الحجاز يختلفون إلي الحسين بن علي وذكر انه لا يؤمن وثوبه وقد بحثت عن ذلك فبلغني انه لا يريد الخلاف يومه هذا ولست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده فاكتب إلي برأيك في هذا والسلام فكتب معاوية اما بعد فقد بلغني وفهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين فإياك ان تعرض للحسين في شئ واترك حسينا ما تركك فإنا لا نريد ان نعرض له في شئ ما وفي ببيعتنا ولم ينازعنا سلطاننا فاكمن عنه ما لم يبد لك صفحته والسلام.
وكتب معاوية إلي الحسين بن علي " ع ": اما بعد فقد انتهت إلي أمور عنك إن كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها ولعمر الله ان من أعطي الله
(٤٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (1)، مروان بن الحكم (1)، الحسين بن علي (1)، عمرو بن عثمان (1)، الضرب (1)
عهده وميثاقه لجدير بالوفاء وان كان الذي بلغني باطلا فإنك أنت أعدل الناس لذلك وعظ نفسك فاذكر، وبعهد الله أوف فإنك متي تنكرني أنكرك ومتي تكدني أكدك فاتق شق عصا هذه الأمة وأن يردهم الله علي يدك في فتنة فقد عرفت الناس وبلوتهم فأنظر لنفسك ولدينك ولامة محمد ولا يستخفنك السفهاء الذين لا يعلمون فلما وصل الكتاب إلي الحسين " ع " كتب إليه: أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر انه قد بلغك عني أمور أنت عنها راغب وانا بغيرها عندك جدير فإن الحسنات لا يهتدي لها ولا يسدر إليها إلا الله وأما ما ذكرت انه انتهي إليك عني فإنه إنما رقاه إليك الملاقون المشاؤن بالنميمة وما أريد لك حربا ولا عليك خلافا وأيم الله إني لخائف الله في ترك ذلك وما أظن الله راضيا بترك ذلك ولا عاذرا بدون الاعذار فيه إليك وفي أولئك القاسطين الملحدين حزب الظلمة وأولياء الشياطين القاتلي حجرا أخا كندة والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ولا يخافون في الله لومة لائم ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الايمان المغلظة والمواثيق المؤكدة ولا تأخذهم بحديث كان بينك وبينهم ولا بأحنة تجدها في نفسك أو لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه وأصفر لونه بعد ما آمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس جبل ثم قتلته جرأة علي ربك واستخفافا بذلك العهد أو لست المدعي زياد بن سمية المولود علي فراش عبيد ثقيف فزعمت أنه ابن أبيك وقد قال رسول الله صلي الله عليه وآله الولد للفراش وللعاهر الحجر فتركت سنة رسول الله تعمدا وتبعت هواك بغير هدي من الله تعالي ثم سلطته علي العراقين يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم ويسمل أعينهم ويصلبهم علي جذوع النخل كأنك لست من هذه الأمة وليسوا منك ولست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية انهم كانوا علي دين علي " ع " فكتبت إليه ان اقتل كل من كان علي دين علي فقتلهم ومثل بهم بأمرك ودين علي والله الذي
(٤٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم عرفة (1)، عمرو بن الحمق (1)، القتل (2)، الإبداع، البدعة (1)
كان يضرب عليه أباك ويضربك وبه جلست مجلسك الذي جلست ولولا ذلك لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين وقلت فيما قلت أنظر لنفسك ولدينك ولامة محمد واتق شق عصا هذه الأمة وان تردهم إلي فتنة وإني لا أعلم فتنة أعظم علي هذه الأمة من ولايتك عليها ولا أعلم نظرا لنفسي ولديني ولامة محمد وعلينا أفضل من أن أجاهدك فإن فعلت فإنه قربة إلي الله وان تركته فإني استغفر الله لديني واسأله توفيقه لارشاد أمري وقلت فيما قلت إن أنكرتك تنكرني وان أكدك تكدني ما بدا لك فإني أرجو ان لا يضرني كيدك في وان لا يكون علي أحد أضر منك علي نفسك لأنك قد ركبت جهلك وتحرضت علي نقض عهدك ولعمري ما وفيت بشرط ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والإيمان والعهود والمواثيق فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا ولم تفعل ذلك بهم الا لذكرهم فضلنا وتعظيمهم حقنا فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل ان يفعلوه وماتوا قبل ان يدركوه فابشر يا معاوية بالقصاص واستيقن بالحساب وأعلم ان لله كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وليس الله بناس لأخذك بالظنة وقتلك أوليائه علي التهم ونفيك أوليائه من دورهم إلي دار الغربة وأخذك للناس ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر ويلعب بالكلاب لا أعلمك إلا وقد خسرت نفسك وبترت دينك غششت وأخربت أمانتك وسمعت مقالة السفيه الجاهل وأخفت الورع التقي لاجلهم والسلام. فلما قرأ معاوية الكتاب قال لقد كان في نفسه خب ما أشعر به فقال يزيد يا أمير المؤمنين أجبه بجواب تصغر به نفسه وتذكر فيه أباه بشر فعله قال ودخل عبد الله بن عمرو ابن العاص فقال له معاوية اما رأيت ما كتب به الحسين قال ما هو قال فاقرأ الكتاب فقال وما يمنعك ان تجيبه بما تصغر إليه نفسه وانما قال ذلك في هوي معاوية فقال يزيد كيف رأيت يا أمير المؤمنين فضحك معاوية فقال أما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك قال عبد الله فقد أصاب يزيد فقال معاوية أخطأتما أرأيتما
(٤٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: صلح (يوم) الحديبية (1)، عبد الله بن عمرو (1)، الضرب (1)، القتل (2)، المنع (1)، الجهل (2)

أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي

لو اني ذهبت لعيب علي محقا ما عسيت ان أقول فيه ومثلي لا يحسن ان يعيب بالباطل وما لا يعرف ومتي ما عبت به رجلا بما لا يعرفه الناس لم يحفل بصاحبه ولا يراه الناس شيئا وكذبوه وما عسيت ان أعيب حسينا ووالله ما أري للعيب فيه موضعا وقد رأيت أن اكتب إليه أتوعده وأتهدده ثم رأيت أن أفعل ولا أخجله.
وكان قتل عمرو بن الحمق بالموصل سنة إحدي وخمسين وهي السنة التي قتل فيها حجر بن عدي وكان معاوية قد فعل فيها الأفاعيل من قتل الشيعة وإخافتهم وتغريبهم وتعذيبهم.
وقال بعضهم ان القاتل لعمرو بن الحمق هو عبد الرحمن بن عثمان الثقفي وهو ابن عبد الرحمن بن أم الحكم وقيل عبد الرحمن بن أم الحكم هو القاتل له قتله سنة خمسين بأمر معاوية والله أعلم.
(أسامة بن زيد حارثة بن شراحبيل بن عبد العزي بن امرئ القيس) الكلبي كان أبوه زيد يقال له حب رسول ا لله ويكني أبا أسامة وأمه سعدي بنت تغلبة بن عبد عمرو كان في ابتداء حاله مع أمه وقد خرجت به تزور قومها فأغارت خيل البني القين في الجاهلية فمروا علي أبيات بني معن فاحتملوه وهو يومئذ غلام فوافوا به سوق عكاظ فعرضوه للبيع فاشتراه حكيم بن حزام بن خويلد لعمته خديجة بنت خويلد بأربعمائة درهم فلما تزوجها النبي وهبته له فاعتقه وكان أبوه جزع عليه جزعا شديدا وبكي عليه حين فقده فقال:
بكيت علي زيد ولم أدر ما فعل * أحي فيرجي أم أتي دونه الأجل فوالله ما أدري وإني لسائل * أغالك بعدي السهل أم غالك الجبل فحج ناس من كعب فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه فقال لهم أبلغوا عني قومي:
ألكني إلي قومي وإن كنت نائيا * بأني قطين البيت عند المشاعر فكفوا عن الوجه الذي قد شجاكم * ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
(٤٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: أم المؤمنين خديجة بنت خويلد عليها السلام (1)، حجر بن عدي الكندي (1)، أسامة بن زيد (1)، عمرو بن الحمق (2)، حكيم بن حزام (1)، عثمان الثقفي (1)، القتل (4)، الجهل (1)
فإني بحمد الله في خير أسرة * كرام معد كابرا بعد كابر فانطلقوا وأعلموا أباه ووصفوا له مكانه وعند من هو فخرج حارثة وكعب ابنا شراحبيل بفدائه فقدما مكة فسألا عن النبي صلي الله عليه وآله فقيل هو في المسجد فدخلا عليه فقالا يا بن هاشم يا بن سعيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون العاني وتطعمون الأسير وقد جئنا في أين لنا عندك فامنن علينا وأحسن في فدائه فإنا سنرفع لك الفداء قال صلي الله عليه وآله من هو قالا زيد بن حارثة فقال رسول الله فهنا غير ذلك قالا ما هو قال أدعوه فخيروه فإن اختاركم فهو لكم بغير فداء وإن اختارني فوالله ما انا بالذي اختار علي من اختارني أحدا قالا زدتنا علي النصف وأحسنت فدعاه صلي الله عليه وآله فقال هل تعرف هؤلاء قال نعم هذا أبي وهذا عمي قال فانا من قد علمت وقد رأيت صحبتي لك فأخرتني أو اخترهما فقال زيد ما انا بالذي اختار عليك أحدا أنت مني بمكان العم والأب فقالا ويحك يا زيد أتختار العبودية علي الحرية وعلي أبيك وعمك وأهل بيتك قال نعم إني قد رأيت من هذا الرجل ما انا بالذي اختار عليه أحدا فلما رأي رسول الله صلي الله عليه وآله ذلك أخرجه إلي الحجر فقال يا من حضر اشهدوا ان زيدا ابني أرثه ويرثني فلما رأي أبوه وعمه ذلك طابت أنفسهما فانصرفا فدعي زيد بن محمد حتي جاء الله بالإسلام فزوجه النبي زينب بنت جحش فلما طلقها تزوجها رسول الله صلي الله عليه وآله فتكلم المنافقون في ذلك فقالوا تزوج امرأة ابنه فنزل ما كان محمد أبا أحد من رجالكم الآية وقال تعالي ادعوهم لآبائهم فدعي يومئذ زيد بن حارثة.
وكان بين رسول الله وبين زيد عشر سنين ورسول الله أكبر منه.
قال ابن إسحاق كان أول ذكر أسلم وصلي بعد علي بن أبي طالب عليه السلام زيد بن حارثة.
قال أهل السير شهد زيد بدرا واحدا والخندق والحديبية وخيبر وخرج أميرا في سبع سرايا ولم يسم أحدا من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله في القرآن باسمه
(٤٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، مدينة مكة المكرمة (1)، زيد بن حارثة (3)، زيد بن محمد (1)، القرآن الكريم (1)، الشهادة (1)، الكرم، الكرامة (1)، السجود (1)، النفاق (1)، الصّلاة (1)
غيره وكان له من الولد زيد هلك صغيرا ورقية أمها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وأسامة أمه أم أيمن حاضنة رسول الله واسمها بركة الحبشية ورثها النبي من أبيه كانت وصيفة لعبد المطلب وقيل كانت لآمنة أم رسول الله وكانت تحضنه صلي الله عليه وآله حتي كبر فأعتقها حين تزوج خديجة وتزوجها عبيدة بن زيد بن الحرث الحبشي فولدت له أيمن وكنيت به واستشهد أيمن يوم حنين وهي التي شربت بول النبي فقال لها لن تشتكي وجع بطنك ابدا وقال لن تلج النار بطنك علي خلاف في الرواية.
وقتل زيد في غزوة في جمادي الأولي سنة ثمان من الهجرة وهو ابن خمس وخمسين سنة.
وعن خالد بن سمير قال لما أصيب زيد بن حارثة أتاهم النبي صلي الله عليه وآله فجهشت بنت زيد في وجه رسول الله فبكي رسول الله صلي الله عليه وآله حتي انتحب فقال سعد بن عبادة يا رسول الله ما هذا؟ قال هذا شوق الحبيب إلي حبيبه.
وقال علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالي وما جعل أدعياءكم أبناءكم حدثني أبي عن ابن عمير عن جميل عن أبي عبد الله " ع " قال سبب ذلك أن رسول الله صلي الله عليه وآله لما تزوج بخديجة بنت خويلد خرج إلي سوق عكاظ في تجارة لها ورأي زيدا غلاما كيسا حصيفا فلما نبئ رسول الله صلي الله عليه وآله دعاه إلي الإسلام فأسلم وكان يدعي زيد مولي محمد فلما بلغ حارثة بن شراحبيل الكلبي خبر زيد قدم مكة وكان رجلا جليلا فأتي أبا طالب " ع " وقال يا أبا طالب ان ابني وقع عليه السبي وبلغني انه صار لابن أخيك فاسأله اما ان يبيعه واما ان يفاديه واما ان يعتقه فكلم أبو طالب رسول الله فقال رسول الله هو حر فليذهب حيث شاء فقام حارثة فاخذ بيد زيد فقال له يا بني الحق شرفك وحسبك فقال زيد لست أفارق رسول الله ابدا فقال له أبوه أفتدع حسبك ونسبك وتكون عبدا لقريش قال زيد لست أفارق رسول الله ما دمت حيا فغضب أبوه فقال يا معشر
(٤٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: أبو طالب عليه السلام (1)، أم المؤمنين خديجة بنت خويلد عليها السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، شهر جمادي الأولي (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، علي بن إبراهيم (1)، زيد بن حارثة (1)، الزوج، الزواج (2)، الهلاك (1)
قريش اشهدوا إني قد برئت منه وليس هو ولدي فقال رسول الله صلي الله عليه وآله أشهدوا ان زيدا ابني أرثه ويرثني وكان يدعي زيد بن محمد وكان رسول الله صلي الله عليه وآله يحبه وسماه زيد الحب فلما هاجر رسول الله إلي المدينة زوجه زينب أبنة جحش وأبطأ عنه يوما فأتي رسول الله منزله يسأل عنه فإذا زينب جالسة وسط حجرتها تسحق طيبا بفهر لها فدفع رسول الله الباب فنظر إليها وكانت جميلة حسنة فقال صلي الله عليه وآله سبحان الله خالق النور تبارك الله أحسن الخالقين ثم رجع إلي منزله ووقعت زينب في قلبه وقوعا عجيبا وجاء زيد إلي منزله فأخبرته زينب بما قال رسول الله فقال لها زيد هل لك ان أطلقك حتي يتزوجك رسول الله فلعلك قد وقعت في قلبه فقالت أخشي ان تطلقني ولا يتزوجني رسول الله فجاء زيد إلي رسول الله فقال بابي أنت وأمي أخبرتني زينب بكذا وكذا فهل لك ان أطلقها حتي تتزوجها فقال له رسول الله لا اذهب واتق الله وامسك عليك زوجك ثم حكي الله تعالي فقال أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشي الناس والله أحق ان تخشاه فلما قضي زيد منها وطرا زوجناكها إلي قوله وكان أمر الله مفعولا فزوجه الله من فوق عرشه فقال المنافقون يحرم علينا نساءنا ويتزوج امرأة ابنه زيد فأنزل الله تعالي في هذا وما جعل أدعياءكم أبناءكم إلي قوله تعالي يهدي السبيل ثم قال ادعوهم لآبائهم إلي قوله تعالي ومواليكم في الدين فاعلم الله تعالي ان زيدا أليس هو ابن محمد وإنما ادعاه للسبب الذي ذكرنا.
واما أسامة بن زيد فيكني أبا محمد ويقال أبا زيد كان يقال له حب رسول الله صلي الله عليه وآله وابن حبه.
روي أنه صلي الله عليه وآله قال أسامة أحب الناس إلي ومر به صلي الله عليه وآله بين الصبيان في قفوله من بدر فنزل إليه وقبله واحتمله ثم قال مرحبا بحبي وابن حبي.
وكان عمره يوم مات رسول الله عشرين سنة وقيل ثماني عشرة وقيل تسع عشرة سنة.
(٤٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، أسامة بن زيد (1)، زيد بن محمد (1)، الموت (1)، النفاق (1)
روي أنه لما مرض رسول الله صلي الله عليه وآله مرض الموت دعا أسامة بن زيد ابن حارثة فقال سر إلي مقتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك علي هذا الجيش فان أظفرك الله بالعدو فأقل اللبث وبث العيون وقدم الطلايع فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار الا كان في ذلك الجيش منهم أبو بكر وعمر فتكلم قوم وقالوا يستعمل هذا الغلام علي جلة المهاجرين والأنصار فغضب رسول الله لما سمع وخرج عاصبا رأسه فصعد المنبر وعليه قطيفة فقال أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة لئن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله وأيم الله ان كان لخليقا بالأمرة وان ابنه من بعده لخليق بها وإنهما لمن أحب الناس إلي فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم ثم نزل ودخل بيته وجاء المسلمون يودعون رسول الله صلي الله عليه وآله ويمضون إلي عسكر أسامة بالجرف وثقل رسول الله واشتد ما يجده فأرسل بعض نسائه إلي أسامة وبعض من كان معه يعلمونهم ذلك فدخل أسامة من معسكره والنبي صلي الله عليه وآله مغمور وهو اليوم الذي لدوه فيه وتطأطأ أسامة عليه فقبله ورسول الله قد اسكت فهو لا يتكلم فجعل برفع يديه إلي السماء ثم يضعها علي أسامة كالداعي له ثم أشار إليه بالرجوع إلي عسكره والتوجه لما بعثه فيه فرجع أسامة إلي عسكره ثم أرسل نساء رسول الله إلي أسامة يأمرنه بالدخول ويقلن ان رسول الله صلي الله عليه وآله قد أصبح بارئا فدخل أسامة من معسكره يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول فوجد رسول الله مفيقا فأمره بالخروج وتعجيل النفوذ وقال اغد علي بركة الله تعالي وجعل صلي الله عليه وآله يقول انفذ وابعث أسامة ويكرر ذلك فودع رسول الله وخرج ومعه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة فلما ركب جاء رسول أم أيمن فقال إن رسول الله يموت فاقبل ومعه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة فانتهوا إلي رسول الله حين زالت الشمس من هذا اليوم وهو يوم الاثنين وقد مات صلي الله عليه وآله واللواء مع بريدة بن الحصيب فدخل باللواء فركزه عند
(٤٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، المهاجرون والأنصار (2)، شهر ربيع الأول (1)، أسامة بن زيد (1)، الموت (3)، المرض (2)، القتل (1)
باب رسول الله وهو مغلق وعلي " ع " وبعض بني هاشم مشتغلون باعداد جهازه وغسله وروي أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب (السقيفة) قال حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح عن أحمد بن سيار عن سعد بن كثير الأنصاري عن رجاله عن عبد الله بن عبد الرحمن ان رسول الله صلي الله عليه وآله أمر في مرض موته أسامة ابن زيد بن حارثة علي جيش فيه جل المهاجرين والأنصار منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وأمره ان يغير علي موته حيث قتل أبوه زيد وان يغزو وادي فلسطين فتثاقل أسامة وتثاقل الجيش بتثاقله وجعل رسول الله في مرضه يثقل ويخف ويؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث حتي قال له أسامة بابي أنت وأمي أتأذن لي ان أمكث أياما حتي يشفيك الله تعالي فقال سر علي بركة الله فقال يا رسول الله ان أنا خرجت وأنت علي هذه الحالة خرجت وفي قلبي حرقة منك، فقال سر علي النصر والعافية، فقال يا رسول الله إني أكره ان أسأل عنك الركبان فقال صلي الله عليه وآله انفذ لما أمرتك به.
ثم أغمي علي رسول الله وقام أسامة فتجهز للخروج فلما أفاق رسول الله سأل عن أسامة والبعث فأخبر انهم يتجهزون فجعل يقول أنفذوا بعث أسامة لعن الله من تخلف عنه ويكرر ذلك، فخرج واللواء علي رأسه والصحابة بين يديه حتي إذا كان بالجرف نزل ومعه أبو بكر وعمر وأكثر المهاجرين والأنصار وأسيد بن خضير وبشير بن سعد وغيرهم من الوجوه فجاءه رسول أم أيمن يقول له أدخل فان رسول الله يموت فقام من فوره ودخل المدينة واللواء معه فجاء حتي ركزه بباب رسول الله ورسول الله صلي الله عليه وآله قد مات في تلك الساعة قال فما كان أبو بكر وعمر يخاطبان أسامة إلي أن مات إلا بالأمير.
قال المؤلف عفي الله عنه الذي يرويه أصحابنا ان أسامة بن زيد لم يرجع إلي المدينة إلا بعد أن تغلب أبو بكر علي الخلافة وكتب إليه في الرجوع.
(٤٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، المهاجرون والأنصار (2)، عبد الرحمن بن عوف (1)، أحمد بن عبد العزيز الجوهري (1)، أسامة بن زيد (1)، أحمد بن إسحاق (1)، بنو هاشم (1)، زيد بن حارثة (1)، بشير بن سعد (1)، السقيفة (1)، البعث، الإنبعاث (1)، المرض (2)، القتل (1)، الموت (5)
وروي الشيخ الطبرسي في كتاب (الاحتجاج): مرفوعا عن الباقر " ع " ان عمر بن الخطاب قال لأبي بكر اكتب إلي أسامة يقدم عليك فان في قدومه قطع الشنعة عنا فكتب إليه أبو بكر من أبي بكر خليفة رسول الله إلي أسامة ابن زيد اما بعد: إذا أتاك كتابي فاقبل إلي أنت ومن معك فإن المسلمين قد اجتمعوا علي وولوني أمرهم فلا تخالفن فتعصي ويأتيك ما تكره والسلام.
قال فكتب إليه أسامة جواب كتابه، من أسامة بن زيد عامل رسول الله علي غزوة الشام أما بعد: فقد أتاني لك كتاب ينقض أوله آخره ذكرت في أوله إنك خليفة رسول الله صلي الله عليه وآله وذكرت في آخره إن المسلمين اجتمعوا عليك فولوك أمرهم ورضوا بك وأعلم اني ومن معي من جماعة المسلمين والمهاجرين فوالله ما رضينا بك ولا وليناك أمرنا وانظر إن تدفع الحق إلي أهله وتخليهم وإياه فإنهم أحق به منك فقد علمت ما كان من قول (1) رسول الله وانك وصاحبك رجعتما وعصيتما فأقمتما في المدينة بغير إذني قال فهم أبو بكر ان يخلعها من عنقه قال فقال له عمر لا تفعل قميص قمصك الله لا تخلعه فتندم ولكن ألح علي أسامة بالكتب ومر فلانا وفلانا يكتبوا إلي أسامة ان لا يفرق جماعة المسلمين وان يدخل معهم فيما صنعوا قال فكتب إليه أبو بكر وكتب إليه أناس من المنافقين ان ارض بما اجتمعنا عليه وإياك ان تشمل المسلمين فتنة من قبلك فإنهم حديثوا عهد بالكفر: فلما وردت الكتب علي أسامة انصرف بمن معه حتي دخل المدينة، فلما رأي اجتماع الناس علي أبي بكر انطلق إلي علي بن أبي طالب " ع " فقال ما هذا؟ قال علي " ع " هذا ما تري قال له أسامة فهل بايعته؟ فقال نعم، فقال له أسامة طائعا قال لا بل كارها. قال فدخل أسامة علي أبي بكر وقال:
(1) وفي نسخة بعد كلمة قول رسول الله: في علي يوم الغدير فما طال فينسي أنظر لمركزك ولا تخالف فتعصي الله ورسوله وتعصي من استخلفه رسول الله عليك وعلي صاحبك ولم يعزلني حين قبض رسول الله صلي الله عليه وآله.
(٤٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الإحتجاج للطبرسي (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، أسامة بن زيد (1)، الشام (1)، الكراهية، المكروه (1)
السلام عليك يا خليفة المسلمين، قال فرد عليه السلام وقال وعليك السلام أيها الأمير.
قال أهل السير: ثم إن أبا بكر بعث أسامة علي مقتضي أمر رسول الله إلي حرب الشام فخرج وسار إلي أهل أبني - بضم الهمزة وسكون الباء الموحدة وفتح النون علي وزن فعلي فأغار عليهم وقتل - من أشرف له وسبي من قدر عليه وقتل من قاتل أباه ورجع إلي المدينة بالغلبة والظفر وكانت مدة غيبته في تلك السفرة أربعين يوما فخرج أبو بكر في المهاجرين وأهل المدينة يتلقونهم سرورا لقدومهم وسلامتهم.
قال صاحب الصفوة: وسكن أسامة وادي القري بعد رسول الله صلي الله عليه وآله ثم نزل المدينة. (انتهي) وكان أسامة أبيض اللون شديد البياض وأبوه زيد أسود شديد السواد بالعكس علي خلاف في الرواية فمر بهما مخور المدلجي وهما في قطيفة قد غطيا وجوههما وبدت أقدامهما فقال إن هذه الاقدام بعضها من بعض.
ولم يشهد أسامة شيئا من مشاهد أمير المؤمنين " ع " واعتذر عن ذلك باليمين التي كانت عليه إنه لا يقتل رجل يقول لا إله إلا الله وذلك أن النبي صلي الله عليه وآله بعث سرية فيها أسامة فقتل رجلا يقال له مرداس بن نهيك من بني مرة بن عوف وكان من أهل فدك وكان مسلما لم يسلم من قومه غيره فسمعوا بسرية رسول الله تريدهم وكان علي السرية رجل يقال له غالب بن فضالة الليثي فهربوا وأقام الرجل لأنه كان مسلما فلما رأي الخيل خاف أن يكون من غير أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله فألجأ غنمه إلي عاقول من الجبل وصعد هو إلي الجبل فلما تلاحقت الخيل سمعهم يكبرون فلما سمع التكبير عرف انهم المسلمون فكبر ونزل وهو يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم فتغشاه أسامة بن زيد فقتله واستاق غنمه ثم رجعوا إلي رسول الله فأخبروه فوجد رسول الله من ذلك وجدا شديدا وقد كان سبقهم قبل ذلك فقال رسول الله قتلتموه إرادة ما معه ثم قرأ صلي الله عليه وآله (يا أيها
(٤٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أسامة بن زيد (1)، الشام (1)، القتل (4)، الخوف (1)، الحرب (1)، الشهادة (1)، التكبير (1)
الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقي إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا) (الآية) فقال أسامة يا رسول الله استغفر لي فقال كيف بلا إله إلا الله فقالها رسول الله ثلاث مرات قال أسامة فما زال رسول الله يعيدها حتي وددت اني لم أكن أسلمت الا يومئذ، ثم إن رسول الله أستغفر لي بعد ثلاث مرات وقال صلي الله عليه وآله أعتق رقبة ثم حلف أسامة ان لا يقتل بعد ذلك رجلا يقول لا إله إلا الله.
وروي ابن إسحاق ان أسامة قال أدركت هذا الرجل أنا ورجل من الأنصار فلما شهرنا عليه السلام قال أشهد أن لا إله الا الله فلم تنزع عنه حتي قتلناه فلما قدمنا علي رسول الله أخبرناه خبره فقال يا أسامة من لك بلا إله إلا الله قال فقلت يا رسول الله إنما قالها تعوذا من القتل قال فمن لك بها يا أسامة قال فوالذي بعثه بالحق نبيا ما زال يرددها علي حتي لوددت ان ما مضي من إسلامي لم يكن وإني كنت أسلمت يومئذ وإني لم اقتله قال فقلت أنظرني يا رسول الله إني أعاهد الله أن لا أقتل رجلا يقول لا إله إلا الله ابدا قال تقول بعدي يا أسامة قال قلت بعدك.
وروي الكشي: باسناده عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله " ع " عن آبائه عليهم السلام قال كتب علي " ع " إلي والي المدينة لا تعطين سعدا ولا ابن عمر من الفئ شيئا فاما أسامة بن زيد فإني قد عذرته في اليمين التي كانت عليه.
ونقل الزمخشري في (ربيع الأبرار) ان أسامة بن زيد بعث إلي علي " ع " ان ابعث إلي بعطائي فوالله انك لتعلم انك وكنت في فم أسد لدخلت معك، فكتب إليه ان هذا المال لمن جاهد عليه ولكن لي مالا بالمدينة فأصب منه ما شئت.
وروي الكشي باسناده عن سلمة بن مخور عن أبي جعفر " ع " قال الا أخبركم باهل الوقوف لنا قلت بلي قال أسامة بن زيد وقد رجع فلا تقولوا الا خيرا.
قال العلامة الحلي: طريقه ضعيف والأولي عندي التوقف في روايته.
(٤٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الزمخشري (1)، أسامة بن زيد (3)، العلامة الحلي (1)، سبيل الله (1)، البعث، الإنبعاث (2)، القتل (1)، الشهادة (1)، العتق (1)
وروي أن عمر فرض لأسامة أكثر مما فرض لابنه عبد الله فقال له أتفضل علي أسامة وهو مولي فقال كان أحب إلي رسول الله من أبيك وكان هو أحب إلي رسول الله منك.
وحكي المسعودي في (مروج الذهب) قال تنازع أسامة بن زيد وعمرو ابن عثمان إلي معاوية في أرض فقام مروان بن الحكم فجلس إلي جانب عمرو وقام الحسن بن علي فجلس إلي جانب أسامة وقام سعيد بن العاص فجلس إلي جانب مروان فقام الحسين بن علي فجلس إلي جانب أخيه الحسن وقام عبد الله بن عامر فجلس إلي جانب سعيد بن العاص فقام عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وجلس إلي جانب الحسين فقام عبد الرحمن بن الحكم فجلس إلي جانب عبد الله بن عامر فقام عبد الله بن العباس فجلس إلي جانب عبد الله بن جعفر فلما رأي ذلك معاوية قال لا تعجلوا انا كنت شاهدا إذا أقطعها رسول الله لأسامة فقام الهاشميون فخرجوا واقبل الأمويون فقيل الا أصلحت بينهما فقال دعوني فوالله ما ذكرت عيونهم تحت المغافر بصفين الا لبس علي عقلي.
وعن عمرو بن دينار قال دخل الحسين بن علي " ع " علي أسامة بن زيد وهو مريض وهو يقول وا غماه فقال له الحسين " ع " وما غمك يا أخي قال ديني وهو ستون ألف درهم فقال الحسين " ع " هو علي قال اني أخشي ان أموت فقال الحسين لن تموت حتي أقضيها عنك قال فقضاها قبل موته.
وروي الكشي باسناده عن أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر " ع " قال إن الحسن بن علي " ع " كفن أسامة بن زيد في برد أحمر حبره (وصوابه) الحسين بن علي، لان الحسين بن علي " ع " توفي سنة تسع وأربعين أو خمسين.
ومات أسامة بن زيد سنة أربع وخمسين خلاف في ذلك فتعين ان يكون المكفن له الحسين عليه السلام والله أعلم.
(٤٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (5)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، عبد الله بن عباس (1)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، الدولة الأموية (1)، كتاب مروج الذهب للمسعودي (1)، مروان بن الحكم (1)، عبد الله بن عامر (2)، أسامة بن زيد (4)، الحسين بن علي (2)، الحسن بن علي (1)، الموت (2)، الشهادة (1)

أبو ليلي الأنصاري

(أبو ليلي الأنصاري) اختلف في أسمه فقيل بلال وقيل بليل بالتصغير وقيل داود وقيل يسار بالمثناة من تحت والسين والراء المهملتين وقيل أوس بن داود بن بلال بن أحيحة ابن الجلاح أحد الصحابة المشهورين شهدا حدا وما بعدها.
قال البرقي كان من أصحاب أمير المؤمنين " ع " من الأصفياء.
قال القاضي ابن خلكان شهد وقعة الجمل وكانت راية علي " ع " معه.
وقال الذهبي قتل بصفين له دار بالكوفة، روي عنه ابنه عبد الرحمن وسيأتي ذكره في الطبقة الثاني إن شاء الله وأحيحة بضم الهمزة وفتح الحاء المهملة وسكون المثناة من تحت وفتح الحاء الثانية وبعدها هاء والجلاح بضم الجيم وبعد اللام الف وحاء والله أعلم.
(زيد بن أرقم بن زيد بن قيس الأنصاري) الخزرجي صحابي مشهور أول مشاهده والخندق ثم شهد ما بعده وهو الذي رفع إلي رسول الله عن عبد الله بن أبي سلول قوله لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فكذبه عبد الله بن أبي وحلف فأنزل الله تعالي تصديق زيد بن أرقم.
وكان من خبر ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق وغيره من أهل السير ان رسول الله صلي الله عليه وآله بلغه ان بني المصطلق مجتمعون لحربه وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية زوج النبي فلما سمع رسول الله بهم خرج إليهم حتي لقيهم علي ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلي الساحل فتزاحف الناس واقتتلوا فهزم الله تعالي بني المصطلق وقتل من قتل منهم ونقل رسول الله صلي الله عليه وآله أبناءهم ونساءهم وأموالهم فأفاءها عليه فبينما الناس علي ذلك الماء إذ وردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار يقال لها جهجاه بن سعيد الغفاري يقود له فرسه فازدحم جهجاه وسنان بن وبرة الجهني حليف بني عوف
(٤٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، مدينة الكوفة (1)، داود بن بلال (1)، محمد بن إسحاق (1)، زيد بن أرقم (2)، الشهادة (2)، القتل (3)

زيد بن أرقم الأنصاري

(أبو ليلي الأنصاري) اختلف في أسمه فقيل بلال وقيل بليل بالتصغير وقيل داود وقيل يسار بالمثناة من تحت والسين والراء المهملتين وقيل أوس بن داود بن بلال بن أحيحة ابن الجلاح أحد الصحابة المشهورين شهدا حدا وما بعدها.
قال البرقي كان من أصحاب أمير المؤمنين " ع " من الأصفياء.
قال القاضي ابن خلكان شهد وقعة الجمل وكانت راية علي " ع " معه.
وقال الذهبي قتل بصفين له دار بالكوفة، روي عنه ابنه عبد الرحمن وسيأتي ذكره في الطبقة الثاني إن شاء الله وأحيحة بضم الهمزة وفتح الحاء المهملة وسكون المثناة من تحت وفتح الحاء الثانية وبعدها هاء والجلاح بضم الجيم وبعد اللام الف وحاء والله أعلم.
(زيد بن أرقم بن زيد بن قيس الأنصاري) الخزرجي صحابي مشهور أول مشاهده والخندق ثم شهد ما بعده وهو الذي رفع إلي رسول الله عن عبد الله بن أبي سلول قوله لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فكذبه عبد الله بن أبي وحلف فأنزل الله تعالي تصديق زيد بن أرقم.
وكان من خبر ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق وغيره من أهل السير ان رسول الله صلي الله عليه وآله بلغه ان بني المصطلق مجتمعون لحربه وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية زوج النبي فلما سمع رسول الله بهم خرج إليهم حتي لقيهم علي ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلي الساحل فتزاحف الناس واقتتلوا فهزم الله تعالي بني المصطلق وقتل من قتل منهم ونقل رسول الله صلي الله عليه وآله أبناءهم ونساءهم وأموالهم فأفاءها عليه فبينما الناس علي ذلك الماء إذ وردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار يقال لها جهجاه بن سعيد الغفاري يقود له فرسه فازدحم جهجاه وسنان بن وبرة الجهني حليف بني عوف
(٤٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، مدينة الكوفة (1)، داود بن بلال (1)، محمد بن إسحاق (1)، زيد بن أرقم (2)، الشهادة (2)، القتل (3)
ابن الخزرج علي الماء فاقتتلا فصرخ الجهني يا معشر الأنصار وصرخ الغفاري يا معشر المهاجرين وأعان جهجاه الغفاري رجل من المهاجرين يقال له جعال وكان فقيرا وغضب عبد الله بن أبي سلول وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم غلام حدث السن فقال ابن أبي أفعلوها قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا والله ما مثلنا ومثلهم الا كما قال القائل سمن كلبك يأكلك اما والله لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل يعني بالأعز نفسه وبالأذل رسول الله ثم أقبل علي من حضره من قومه فقال هذا ما فعلتموه بأنفسكم أحللتموا بلادكم وقاسمتموهم أموالكم اما والله لو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا رقابكم ولتحولوا إلي غير بلادكم فلا تنفقوا عليهم حتي ينفضوا من حول محمد فقال زيد بن أرقم أنت والله الذليل القليل المبغض في قومك ومحمد في عز من الرحمن ومودة من المسلمين فقال عبد الله بن أبي اسكت فإنما كنت ألعب فمشي زيد بن أرقم إلي رسول الله وذلك بعد فراغه من الغزو فأخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب فقال دعني اضرب عنقه يا رسول الله صلي الله عليه وآله فقال كيف يا عمر إذا يتحدث الناس ان محمدا يقتل أصحابه ولكن اذن بالرحيل وذلك في ساعة لم يكن رسول الله صلي الله عليه وآله يرتحل فيها فارتحل الناس وأرسل رسول الله صلي الله عليه وآله إلي عبد الله بن أبي فاتاه فقال أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغني فقال عبد الله والذي انزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من ذلك وان زيدا لكاذب وكان عبد الله في قومه شريفا عظيما فقال من حضر من الأنصار من أصحابه يا رسول الله صلي الله عليه وآله عسي ان يكون الغلام أوهم في حديثه ولم يحفظ ما قاله فعذره النبي وفشت الملامة في الأنصار لزيد وكذبوه وقال له عمه وكان زيد معه ما أردت إلي أن كذبك رسول الله صلي الله عليه وآله والناس ومقتوك وكان يساير النبي فاستحي بعد ذلك أن يدنوا من النبي فلما استقبل رسول الله وسار لقيه أسيد بن خضير فحياه بتحية النبوة ثم قال يا رسول الله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت لتروح فيها
(٤٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، زيد بن أرقم (3)، الطعام (1)، القتل (1)
فقال له رسول الله أو ما بلغكم ما قال صاحبكم عبد الله بن أبي قال وما قال؟ فقال صلي الله عليه وآله زعم أنه ان رجع إلي المدينة اخرج الأعز منها الأذل، فقال أسيد فأنت والله تخرجه ان شئت هو والله الذليل وأنت العزيز قال يا رسول الله أرفق به فوالله لقد جاء الله بك وان قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه فإنه ليري إنك استلبته ملكا وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي ما كان من أمر أبيه فأتي رسول الله صلي الله عليه وآله فقال يا رسول الله انه بلغني انك تريد قتل عبد الله بن أبي لما بلغك عنه فان كنت فاعلا فمرني به وانا أحمل إليك رأسه فوالله لقد علمت الخزرج ما كان بها رجل أبر بوالديه مني وإني أخشي ان تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي ان أنظر إلي قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فاقتله مؤمنا بكافر فادخل النار فقال رسول الله بل ترفق به وتحسن صحبته ما بقي معنا قالوا وسار رسول الله يومهم ذلك حتي أمسي وليلتهم حتي أصبح وصدر يومهم ذلك حتي آذتهم الشمس ثم نزل بالناس فلم يكن ان وجد وأمس الأرض وقعوا نياما وانما فعل ذلك ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس من حديث عبد الله بن أبي ثم راح بالناس حتي نزل علي ماء بالحجاز فويق البقيع يقال له نقعاء فهاجت ريح شديدة آذتهم وتخوفوها وضلت ناقة النبي وذلك ليلا فقال رسول الله لا تخافوا فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار توفي بالمدينة قيل من هو؟ قال رفاعة بن زيد بن التابوت فقال رجل من المنافقين كيف يزعم أنه يعلم الغيب ولا يعلم مكان ناقته الا يخبره الذي يأتيه بالوحي فاتاه جبرئيل " ع " فأخبره يقول المنافق وبمكان الناقة فأخبر بذلك رسول الله أصحابه وقال ما أزعم اني أعلم الغيب وما أعلمه ولكن الله أخبرني بقول المنافق وبمكان ناقتي هي في الشعب قد تعلق زمامها بشجرة فخرجوا يسعون قبل الشعب فإذا هي كما قال صلي الله عليه وآله فجاءوا بها وآمن ذلك المنافق فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة ابن زيد بن التابوت قد مات ذلك اليوم وكان من عظماء اليهود وكهفا للمنافقين فلما وافي رسول الله المدينة قال زيد بن أرقم جلست في البيت لما بي من الهم والحياء
(٤٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مقبرة بقيع الغرقد (1)، عبد الله بن عبد الله (1)، زيد بن أرقم (1)، القتل (2)، الموت (1)، النفاق (3)، العزّة (1)
فأنزل الله تعالي سورة المنافقين في تصديق زيد وتكذيب عبد الله بن أبي فلما نزلت أخذ رسول الله صلي الله عليه وآله باذن زيد وقال يا زيد ان الله تعالي قد صدقك وأوفي باذنك وكان عبد الله بن أبي بقرب المدينة فلما أراد ان يدخلها جاء ابنه عبد الله ابن عبد الله حتي أناخ علي مجامع طرق المدينة فلما جائه عبد الله بن أبي قال وراءك قال مالك ويلك قال لا والله لا تدخلها ابدا الا ان يأذن رسول الله ولتعلمن اليوم من الأعز ومن الأذل فشكي عبد الله إلي رسول الله ما صنع ابنه فأرسل إليه رسول الله ان خل عنه حتي يدخل فقال أما إذا جاء أمر رسول الله فنعم فدخل فلم يلبث الا أياما قلائل حتي اشتكي ومات قالوا فلما نزلت الآية (وبان كذب عبد الله بن أبي) قيل له يا أبا حباب قد نزل فيك آي شداد فاذهب إلي رسول الله يستغفر لك فلوي رأسه ثم قال أمرتموني ان أؤمن فآمنت وأمرتموني ان أعطي زكاة مالي فأعطيت فما بقي الا ان سجد لمحمد فأنزل الله تعالي (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤسهم) الآية.
قال أبو عمرو بن عبد البر في كتاب (الاستيعاب) سكن زيد بن أرقم الكوفة وبني دارا في بني كندة وشهد مع علي " ع " صفين وهو معدود في خاصته.
وروي الكشي عن الفضل بن شاذان انه من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين عليه السلام.
وروي أن النبي صلي الله عليه وآله عاد زيد بن أرقم من مرض كان به فقال له ليس عليك بأس ولكن كيف بك إذا عمرت بعدي فعميت فقال احتسب واصبر قال تدخل الجنة بغير حساب.
وعن أبي إسرائيل عن الحكم عن سليمان المؤذن عن زيد بن أرقم قال نشد علي بن أبي طالب الناس في المسجد فقال أنشد الله رجلا سمع النبي صلي الله عليه وآله يقول من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فقام اثنا عشر بدريا ستة من الجانب الأيسر وستة من الجانب الأيمن فشهدوا بذلك قال
(٤٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، مدينة الكوفة (1)، علي بن أبي طالب (1)، الفضل بن شاذان (1)، زيد بن أرقم (3)، النفاق (1)، السجود (1)، المرض (1)، الزكاة (1)، الأذان (1)
زيد بن أرقم وكنت فيمن سمع ذلك فكتمته فذهب الله ببصري وكان يتندم علي ما فاته من الشهادة ويستغفر.
وروي مسلم في صحيحه باسناده إلي يزيد بن حبان قال انطلقت انا وحسين ابن شبره وعمر بن مسلم إلي زيد بن أرقم فلما جلسنا إليه قال حسين لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا رأيت رسول الله وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت معه لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله قال يا بن أخي والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله فما حدثتكم فاقبلوه وما لا أحدثكم فلا تكلفونيه ثم قال قام فينا رسول الله يوما خطيبا بماء يدعي خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثني عليه ووعظ وذكر ثم قال اما بعد: أيها الناس إنما انا بشير يوشك ان يأتيني رسول ربي فأجيب وانا تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله فيه النور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث علي كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، فقال حسين ومن أهل بيته يا زيد أليس نسائه من أهل بيته فقال نسائه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده.
وفي رواية أخري فقلنا من أهل بيته نسائه فقال لا أيم الله ان المرأة تكون مع الرجل العصر ثم الدهر ثم يطلقها فترجع إلي أهلها وقومها، أهل بيته أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.
وروي ابن ديزيل في كتاب (صفين) قال حدثنا يحيي بن زكريا قال حدثنا علي بن القاسم عن سعد بن طارق عن عثمان بن القاسم عن زيد بن أرقم قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله الا أدلكم علي ما ان تسالمتم عليه لم تهلكوا إن وليكم الله وإمامكم علي بن أبي طالب " ع " فناصحوه وصدقوه فإن جبرئيل " ع " أخبرني بذلك.
وذكر الشيخ المفيد (ره) في كتاب (الإرشاد) انه لما وصل رأس الحسين ووصل ابن سعد من غد يوم وصوله ومعه بنات الحسين " ع " وأهله جلس ابن
(٤٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، كتاب صحيح مسلم (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، يحيي بن زكريا (1)، علي بن القاسم (1)، زيد بن أرقم (3)، عمر بن مسلم (1)، الشهادة (1)، التصدّق (2)، العصر (بعد الظهر) (1)

البراء بن عازب الأوسي

زياد في قصر الامارة وأذن للناس إذنا عاما وأمر باحضار الرأس فوضع بين يديه فجعل ينظر إليه ويتبسم وبيده قضيب يضرب به ثناياه " ع " وكان إلي جانبه زيد ابن أرقم صاحب رسول الله وهو شيخ كبير فلما رآه يضرب بالقضيب ثناياه قال أرفع قضيبك عن هاتين الشفتين فوالله الذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله (ص) عليهما ما لا أحصيه كثرة يقبلهما ثم انتحب باكيا فقال له ابن زياد أبكي الله عينيك أتبكي لفتح الله لولا إنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك فنهض زيد بن أرقم من بين يديه وصار إلي منزله.
وعن زيد بن أرقم إنه قال مر برأس الحسين " ع " وهو علي رمح وانا في غرفة لي فلما حاذاني سمعته يقرأ أم حسبت ان أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا فقف والله شعري وناديت رأسك والله يا بن رسول الله وأمرك أعجب وأعجب.
وتوفي زيد بن أرقم سنة ست أو ثمان وستين والله أعلم.
(البراء بن عازب بن الحرث بن عدي الأنصاري الأوسي) يكني أبا عامر صحابي ابن صحابي استصغر يوم بدر وشهد أحدا وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع ".
قال أبو عمرو بن عبد البر في كتاب الاستيعاب شهد مع علي " ع " الجمل وصفين والنهروان ثم نزل الكوفة ومات بها أيام مصعب بن الزبير.
وقال العلامة الحلي (ره) البراء بن عازب مشكور بعد إذ اصابته دعوة أمير المؤمنين " ع " في كتمان حديث غدير خم وروي الكشي باسناده عن أبي جعفر وأبي عبد الله " ع " ان أمير المؤمنين قال للبراء بن عازب كيف وجدت هذا الدين قال كنا بمنزلة اليهود قبل ان نتبعك تخف علينا العبادة فلما اتبعناك ووقع حقائق الايمان في قلوبنا وجدنا العبادة قد تناقلت في أجسادنا قال أمير المؤمنين فمن ثم يحشر الناس يوم القيامة في صور الحمير
(٤٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، مدينة الكوفة (1)، البراء بن عازب (2)، العلامة الحلي (1)، زيد بن أرقم (3)، غدير خم (1)، الشهادة (1)، الضرب (2)
وتحشرون فرادي يؤخذ بكم إلي الجنة ثم قال أبو عبد الله ما بدا لكم ما من أحد يوم القيامة إلا وهو يعوي عوي البهائم ثم إن استشهدوا لنا واستغفروا فنعرض عنهم فما هم بمفلحين.
قال أبو عمرو الكشي هذا بعد أن أصابته دعوة أمير المؤمنين " ع " فيما روي من جهة العامة.
روي عبد الله بن إبراهيم قال حدثنا أبو مريم الأنصاري عن المنهال ابن عمر عن ابن حبيش قال خرج علي بن أبي طالب " ع " من القصر فاستقبلإ ركبان متقلدون بالسيوف عليهم العمائم فقالوا السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا مولانا فقال علي " ع " من هيهنا من أصحاب رسول الله فقام خالد بن زيد أبو أيوب وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وقيس بن سعد بن عبادة وعبد الله بن بديل بن ورقاء فشهدوا جميعا انهم سمعوا رسول الله يوم غدير خم قال من كنت مولاه فعلي مولاه فقال علي " ع " لأنس بن مالك والبراء من عازب ما منعكما ان تقوما فتشهدا فقد سمعتما كما سمع القوم قال " ع " اللهم ان كانا كتماها معاندة فابتلهما فعمي البراء بن عازب وبرص قدما أنس بن مالك فحلف أنس بن مالك ان لا يكتم منقبة لعلي بن أبي طالب " ع " ولا فضلا ابدا واما البراء بن عازب فكان يسأل عن منزله فيقال هو في موضع كذا وكذا فيقول كيف يرشد من أصابته الدعوة وروي الشيخ المفيدة (ره) في كتاب (الإرشاد) عن إسماعيل بن صبيح عن يحيي بن المساور العايد عن إسماعيل بن زياد قال إن عليا " ع " قال للبراء بن عازب ذات يوم يا براء يقتل ابني الحسين " ع " وأنت حي لا تنصره فلما قتل الحسين كان البراء يقول صدق والله علي بن أبي طالب قتل الحسين ولم أنصره ثم يظهر الحسرة علي ذلك والندم.
وروي بعض الأصحاب عن إسحاق بن جعفر عن سليمان بن مهران الأعمش
(٤٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (5)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، يوم القيامة (1)، عبد الله بن إبراهيم (1)، أبو مريم الأنصاري (1)، يحيي بن المساور (1)، إسماعيل بن زياد (1)، علي بن أبي طالب (1)، أبو عمرو الكشي (1)، عبد الله بن بديل (1)، سليمان بن مهران (1)، ذو الشهادتين (1)، خزيمة بن ثابت (1)، أبو عبد الله (1)، البراء بن عازب (2)، إسحاق بن جعفر (1)، أنس بن مالك (3)، خالد بن زيد (1)، قيس بن سعد (1)، التصديق (1)، القتل (2)
قال شهد عندي عشرة نفر من خيار التابعين ان البراء بن عازب قال اني لأتبرء ممن تقدم علي علي بن أبي طالب وانا برئ منهم في الدنيا والآخرة.
وروي أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة قال حدثني المغيرة بن محمد المهدي من حفظه وعمر بن شبة من كتابه باسناده رفعه إلي أبي سعيد الخدري قال سمعت البراء بن عازب يقول لم أزل لبني هاشم محبا فلما قبض رسول الله صلي الله عليه وآله تخوفت ان تتمالأ قريش علي إخراج هذا الامر من بني هاشم فأخذني ما يأخذ الواله العجول مع ما في نفسي من الحزن لوفاة رسول الله وانا في الحجرة أتفقد وجوه قريش فإني لكذلك إذ فقدت أبا بكر وعمر وإذا قائل يقول في سقيفة بني ساعدة وإذا قائل آخر يقول قد بويع أبو بكر فلم البث وإذا انا بابي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة وغيرهم وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمرون بأحد إلا خبطوه وقدموه فمدوا يده فمسحوها علي يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبي فأنكرت عقلي وخرجت اشتد حتي انتهيت إلي بني هاشم والباب مغلق فضربت عليهم الباب ضربا شديدا عنيفا وقلت قد بويع لأبي بكر بن أبي قحافة فقال العباس تربت أيديكم إلي آخر الدهر اما اني قد أمرتكم فعصيتموني فمكثت أكابد ما بنفسي فلما كان بليل خرجت إلي المسجد فلما صرت فيه تذكرت إني كنت اسمع همهمة رسول الله بالقرآن فامتنعت من مكاني فخرجت إلي الفضاء فضاء بني بياضة واجد نفرا يتناجون فلما دنوت منهم سكتوا فلما رأيتهم سكتوا انصرفت عنهم فعرفوني وما عرفتهم فدعوني إليهم فأتيتهم فأجد المقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت وسلمان الفارسي وأبا ذر الغفاري وحذيفة وأبا الهيثم بن التيهان وإذا حذيفة يقول لهم والله ليكونن ما أخبرتكم به والله ما كذبت ولا كذبت وإذا القوم يريدون ان يعيدوا الأمر شوري بين المهاجرين ثم قال ائتوا أبي بن كعب فقد علم كما علمت قال فانطلقنا إلي أبي فضربنا عليه بابه حتي صار خلف الباب قال من أنتم فكلمه المقداد فقال ما حاجتكم فقال له
(٤٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبوذر الغفاري (1)، أبو سعيد الخدري (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، المقداد بن الأسود (1)، عبادة بن الصامت (1)، علي بن أبي طالب (1)، أصحاب السقيفة (1)، البراء بن عازب (2)، بنو هاشم (3)، أبي بن كعب (1)، القرآن الكريم (1)، السقيفة (2)، الكذب، التكذيب (2)، الشهادة (1)، الحزن (1)، السجود (1)، الإختيار، الخيار (1)، الجماعة (1)
افتح عليك بابك فان الأمر أعظم من أن يجري من وراء حجاب قال ما انا بفاتح بابي وقد عرفت ما جئتم له كأنكم أردتم النظر في هذا العقد فقلنا نعم قال أفيكم حذيفة قلنا نعم قال فالقول ما قال والله ما افتح عني بابي حتي يجري ما هي عليه جارية ولما يكون بعدها شر منها والي الله المشتكي قال وبلغ الخبر أبا بكر وعمر فأرسلا إلي أبي عبيدة والمغيرة بن شعبة فسألاهما عن الرأي فقال المغيرة ان تلقوا العباس فتجعلوا له في هذا الأمر نصيبا فيكون له ولعقبه فتقطعوا به من ناحية علي ويكون لكم حجة عند الناس علي علي إذ مال معكم العباس فانطلقوا حتي دخلوا علي العباس في الليلة من وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله ثم ذكر خطبة أبي بكر وكلام عمر وما أجابهما العباس به وقد ذكرناه فيما تقدم من هذا الكتاب في ترجمة العباس ابن عبد المطلب " ع " قال ابن حجر في التقريب مات البراء بن عازب سنة اثنين وسبعين.
(٤٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم عرفة (1)، المغيرة بن شعبة (1)، البراء بن عازب (1)، الموت (1)، الحج (1)، الوفاة (1)
تنبيه إلي هنا تنتهي الطبقة الأولي في الصحابة الكرام، وقد كان المؤلف رتب كتابه هذا علي اثنتي عشرة طبقة. كما أشار إليه في أوله 1 - الصحابة 2 - التابعين 3 - المحدثين الذين رووا عن الأئمة الطاهرين 4 - علماء الدين 5 - الحكماء والمتكلمين 6 - علماء العربية 7 - السادة الصوفية 8 - الملوك والسلاطين 9 - الأمراء 10 - النوادر 11 - الشعراء 12 - النساء.
وقد أنجز من الكتاب الطبقة الأولي في الصحابة وهو ما كمل طبعه، وقسما من الطبقة الرابعة، وقيلا من الطبقة الحادية عشرة، وهو ما سنثبته هنا بالتوالي المصحح
(٤٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)، الطهارة (1)

الطبقة الرابعة في بيان سائر العلماء من المحدثين والمفسرين والفقهاء

الطبقة الرابعة.
(في بيان أحوال السيد أبي محمد الحسن الطبري) بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الرابعة من (الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة) في سائر العلماء من المحدثين والمفسرين والفقهاء وهي تشتمل علي بابين:
الباب الأول في بني هاشم وساداتهم، من أكابر العلماء وأفاضل الفقهاء السيد أبو محمد الحسن بن حمزة بن علي بن عبيد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب " ع " الطبري يعرف بالمرعشي كان من أجلاء هذه الطائفة وفقهائها فاضلا دينا فقيها زاهدا ورعا عارفا أديبا. كثير المحاسن جم الفضائل روي عنه التلعكبري وكان سماعه منه أولا سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وله منه اجازة بجميع كتبه ورواياته.
قال الشيخ الطوسي (ره): أخبرنا عنه جماعة منهم الحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدويه ومحمد بن محمد بن النعمان وكان سماعهم منه سنة أربع وخمسين
مما يوسف له إنا لم نظفر بالطبقة الثانية والثالثة من الكتاب رغم التتبع التام، وكل النسخ الموجودة في المكتبات وغيرها يعوزها هاتان الطبقتان وبقية الطبقات ما عدا هذا المقدار من الطبقة الرابعة والحادية عشر الذي نمثله للطبع ولعل التوفيق يساعدنا علي الظفر ببقية الطبقات وطبعها في المستقبل.
(الناشر)
(٤٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، علي بن عبيد الله بن محمد (1)، الحسين بن علي بن الحسين (1)، الحسين بن عبيد الله (1)، محمد بن محمد بن النعمان (1)، بنو هاشم (1)، الحسن بن حمزة (1)، الشيخ الطوسي (1)

الباب الأول في بني هاشم وساداتهم

الطبقة الرابعة.
(في بيان أحوال السيد أبي محمد الحسن الطبري) بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الرابعة من (الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة) في سائر العلماء من المحدثين والمفسرين والفقهاء وهي تشتمل علي بابين:
الباب الأول في بني هاشم وساداتهم، من أكابر العلماء وأفاضل الفقهاء السيد أبو محمد الحسن بن حمزة بن علي بن عبيد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب " ع " الطبري يعرف بالمرعشي كان من أجلاء هذه الطائفة وفقهائها فاضلا دينا فقيها زاهدا ورعا عارفا أديبا. كثير المحاسن جم الفضائل روي عنه التلعكبري وكان سماعه منه أولا سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وله منه اجازة بجميع كتبه ورواياته.
قال الشيخ الطوسي (ره): أخبرنا عنه جماعة منهم الحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدويه ومحمد بن محمد بن النعمان وكان سماعهم منه سنة أربع وخمسين
مما يوسف له إنا لم نظفر بالطبقة الثانية والثالثة من الكتاب رغم التتبع التام، وكل النسخ الموجودة في المكتبات وغيرها يعوزها هاتان الطبقتان وبقية الطبقات ما عدا هذا المقدار من الطبقة الرابعة والحادية عشر الذي نمثله للطبع ولعل التوفيق يساعدنا علي الظفر ببقية الطبقات وطبعها في المستقبل.
(الناشر)
(٤٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، علي بن عبيد الله بن محمد (1)، الحسين بن علي بن الحسين (1)، الحسين بن عبيد الله (1)، محمد بن محمد بن النعمان (1)، بنو هاشم (1)، الحسن بن حمزة (1)، الشيخ الطوسي (1)

أبو محمد الحسن بن حمزة الطبري المرعشي

الطبقة الرابعة.
(في بيان أحوال السيد أبي محمد الحسن الطبري) بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الرابعة من (الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة) في سائر العلماء من المحدثين والمفسرين والفقهاء وهي تشتمل علي بابين:
الباب الأول في بني هاشم وساداتهم، من أكابر العلماء وأفاضل الفقهاء السيد أبو محمد الحسن بن حمزة بن علي بن عبيد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب " ع " الطبري يعرف بالمرعشي كان من أجلاء هذه الطائفة وفقهائها فاضلا دينا فقيها زاهدا ورعا عارفا أديبا. كثير المحاسن جم الفضائل روي عنه التلعكبري وكان سماعه منه أولا سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وله منه اجازة بجميع كتبه ورواياته.
قال الشيخ الطوسي (ره): أخبرنا عنه جماعة منهم الحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدويه ومحمد بن محمد بن النعمان وكان سماعهم منه سنة أربع وخمسين
مما يوسف له إنا لم نظفر بالطبقة الثانية والثالثة من الكتاب رغم التتبع التام، وكل النسخ الموجودة في المكتبات وغيرها يعوزها هاتان الطبقتان وبقية الطبقات ما عدا هذا المقدار من الطبقة الرابعة والحادية عشر الذي نمثله للطبع ولعل التوفيق يساعدنا علي الظفر ببقية الطبقات وطبعها في المستقبل.
(الناشر)
(٤٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، علي بن عبيد الله بن محمد (1)، الحسين بن علي بن الحسين (1)، الحسين بن عبيد الله (1)، محمد بن محمد بن النعمان (1)، بنو هاشم (1)، الحسن بن حمزة (1)، الشيخ الطوسي (1)

الشريف المرتضي (رحمه الله)

وثلاثمائة. وقال النجاشي قدم بغداد ولقيه شيوخنا في سنة ست وخمسين وثلاثمائة وله تصانيف كثيرة.
منها كتاب (المبسوط) وكتاب (المفتخر) وكتاب (الغنية) وكتاب (جامع) وكتاب (المرشد) وكتاب (الدر) وكتاب (تباشير الشيعة) وغير ذلك مات سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة.
(الشريف المرتضي) أبو القاسم علي بن أبي احمد الحسين بن موسي بن محمد بن موسي بن إبراهيم ابن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " الملقب ذا المجدين علم الهدي (رض) كان أبوه النقيب أبو أحمد جليل القدر عظيم المنزلة في دولة بني العباس ودولة بني بويه ولقب بالطاهر ذي المناقب وخاطبه بهاء الدولة أبو نصر بالطاهر الأوحد وولي نقابة الطالبيين خمس دفعات ومات وهو يتقلدها بعد أن حالفته الأمراض وذهب بصبره وهو الذي كان السفير بين الخلفاء وبين الملوك من بني بويه والامراء من بني حمدان وغيرهم وكان مبارك الغرة ميمون النقيبة مهيبا نبيلا ما شرع في صلاح أمر فاسد الا وصلح علي يديه وانتظم بحسن سفارته وبركة همته وصواب تدبيره ولاستعظام عضد الدولة أمره وامتلاء صدره وعينه به ما حمله علي القبض عليه وحمله إلي القلعة بفارس فلم يزل بها إلي أن مات عضد الدولة فأطلقه شرف الدولة أبو الفوارس بن عضد الدولة واستصحبه في حملته حين قدم إلي بغداد وملك الحضرة.
كان مولده في سنة أربع وثلاثمائة.
وتوفي ليلة السبت لخمس بقين من جمادي الأولي في سنة أربعمائة وله سبع وتسعون سنة رحمه الله.
واما والدة الشريف المرتضي فهي فاطمة بنت الحسين بن أحمد بن الحسن الناصر الأصم صاحب الديلم وهو أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن علي
(٤٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، شهر جمادي الأولي (1)، صلح (يوم) الحديبية (1)، بنو عباس (1)، الحسين بن موسي بن محمد (1)، الحسن بن علي بن الحسن (1)، محمد بن علي بن الحسين (1)، موسي بن إبراهيم (1)، فاطمة بنت الحسين (1)، أبو الفوارس (1)، الشريف المرتضي (2)، أحمد بن الحسن (1)، مدينة بغداد (2)، صاحب الديلم (1)، موسي بن جعفر (1)، الموت (1)
ابن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " وسيأتي ذكره في ترجمة ابنه أبي الحسن علي بن أبي محمد الناصر وهي أم أخيه أبي الحسن الرضي رحمه الله.
وكان الشريف المرتضي (ره) أوحد زمانه فضلا وعلما وفقها وكلاما وحديثا وشعرا وخطابة وكرما وجاها إلي غير ذلك.
قال ابن بسام الأندلسي في أواخر كتاب (الذخيرة) في وصفه كان هذا الشريف امام أئمة العراق بين الاختلاف والاتفاق إليه فزع علماؤها وعنه اخذ عظماؤها صاحب مدارسها وجماع شاردها وآنسها ممن سارت أخباره وعرفت به أشعاره وحمدت في دين الله مأثوره وآثاره إلي تواليفه في الدين وتصانيفه في أحكام المسلمين ما يشهد انه فرع ذلك الأصل الأصيل ومن أهل ذلك البيت الجليل.
ولد رحمه الله في رجب سنة (خمس وخمسين وثلاثمائة) وقرأ هو وأخوه الرضي علي ابن نباتة صاحب الخطب الآتي ذكره وهما طفلان ثم قرا كلاهما علي الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان.
وكان المفيد (ره) رأي في منامه فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلي الله عليه وآله دخلت عليه وهو في مسجده بالكرخ ومعها ولداها الحسن والحسين " ع " صغيرين فسلمتهما إليه وقالت له علمهما الفقه فانتبه متعجبا من ذلك فلما تعالي النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأي فيها الرؤيا دخلت إليه المسجد فاطمة بنت الناصر وحولها جواريها وبين يديها ابناها علي المرتضي ومحمد الرضي صغيرين فقام إليها وسلم عليها فقالت له أيها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما إليك لتعلمهما الفقه فبكي الشيخ وقص عليها المنام وتولي تعليمهما وانعم الله عليهما وفتح لهما من أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا وهو باق ما بقي الدهر.
وذكر الشيخ الشهيد في أربعينه قال نقلت من خط الفاضل السيد العالم صفي الدين محمد بن محمد الموسوي (ره) في المشهد المقدس الكاظمي في سبب تسمية
(٤٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، دولة العراق (1)، شهر رجب المرجب (1)، يوم عرفة (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، محمد بن محمد بن النعمان (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، علي بن الحسين (1)، الشريف المرتضي (1)، محمد بن محمد (1)، السجود (2)، الشهادة (3)، الفزع (1)
الشريف المرتضي بعلم الهدي انه مرض الوزير أبو سعيد محمد بن آشين بن عبد الصمد سنة عشرين وأربعمائة فرأي في منامه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " وهو يقول له قل لعلم الهدي يقرأ عليك حتي تبرأ فقال يا أمير المؤمنين ومن علم الهدي؟ فقال علي بن الحسين الموسوي فكتب الوزير إليه بذلك فقال المرتضي الله الله في أمري فإن قبولي لهذا اللقب شناعة علي فقال الوزير ما كتبت إليك إلا بما لقبك به جدك أمير المؤمنين " ع " فعلم القادر الخليفة بذلك فكتب إلي المرتضي تقبل يا علي بن الحسين ما لقبك به جدك أمير المؤمنين قال فقبل واسمع الناس.
وكان رحمه الله نحيف الجسم حسن الصورة.
وكان يدرس في علوم كثيرة ويجري علي تلامذته رزقا فكان للشيخ أبي جعفر الطوسي (ره) أيام قرائته عليه كل شهر أثني عشر دينارا وللقاضي ابن البراج كل شهر ثمانية دنانير وأصاب الناس في بعض السنين قحط شديد فاحتال رجل يهودي علي تحصيل قوت يحفظ به نفسه فحضر يوما مجلس المرتضي وسأله ان يأذن له في أن يقرأ عليه شيئا من علم النجوم فأذن له وأمره له بجراية تجري عليه كل يوم فقرأ عليه برهة ثم أسلم علي يديه. وكان قد وقف قرية علي كاغذ الفقهاء.
وكان يلقب بالثمانيني لأنه أحرز من كل شئ ثمانين حتي أن مدة عمره كانت ثمانين سنة وثمانية أشهر وتولي نقابة النقباء وأمارة الحاج والمظالم بعد وفاة أخيه الرضي أبي الحسن (ره) وهو منصب والدهما. قال أبو الحسن العمري اجتمعت بالشريف المرتضي سنة خمس وعشرين وأربعمائة ببغداد فرأيته فصيح اللسان يتوقد ذكاء.
وحضر مجلسه أبو العلاء المعري ذات يوم فجري ذكر أبي الطيب المتنبي فنقصه الشريف المرتضي وعاب بعض أشعاره فقال أبو العلاء المعري لو لم يكن لأبي الطيب قوله:
(٤٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، أبو علاء المعري (2)، علي بن الحسين (2)، الشريف المرتضي (3)، المرض (1)، الحج (1)
(لك يا منازل في القلوب منازل) لكفاه. فغضب الشريف وأمر بالمعري فنحب وأخرج فتعجب الحاضرون من ذلك فقال لهم الشريف أعلمتم ما أراد الأعمي إنما أراد قوله:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص * فهي الشهادة لي بأني كامل وحكي الخطيب أبو زكريا يحيي بن علي التبريزي اللغوي ان أبا الحسن علي ابن محمد بن علي بن سلك الغالي الأديب كانت له نسخة من كتاب (الجمهرة) لابن دريد في غاية الجودة فدعته الحاجة إلي بيعها فاشتراها الشريف المرتضي بستين دينار فتصفحها فوجد فيها أبياتا بخط بايعها أبي الحسن الغالي وهي أنست بها عشرين حولا وبعتها * لقد طال وجدي بعدها وحنيني وما كان ظني انني سأبيعا * ولو خلدتني في السجون ديوني ولكن بضعف وافتقار وصبية * صغار عليهم تستهل عيوني فقلت ولم أملك سوابق عبرة * مقالة مكوي الفؤاد حزين وقد تخرج الحاجات يا أم مالك * كرائم من رب بهن ضنين فرد عليه النسخة وسمح له بالثمن.
وحكي عن الشريف المرتضي (ره) انه كان جالسا في مجلية له تشرف علي الطريق فمر به ابن المطرز الشاعر يجر نعلا له بالية وهي تثير الغبار فامر باحضاره وقال له أنشدني أبياتك التي تقول منها:
إذا لم تبلغي إليكم ركائبي * فلا وردت ماء ولا رعت العشبا فأنشده إياها فلما انتهي إلي هذا البيت أشار الشريف إلي نعله البالية وقال هذه كانت من ركائبك فأطرق ابن المطرز ساعة ثم قال لما عادت هبات سيدنا الشريف إلي مثل قوله:
وخذا النوم من جفوني فإني * قد خلعت الكري علي العشاق عادت ركائني إلي مثل ما يري فإنه خلع ما لا يملك علي من لا يقبل
(٤٦١)
صفحهمفاتيح البحث: يحيي بن علي (1)، الشريف المرتضي (2)، محمد بن علي (1)، الشهادة (1)، الحاجة، الإحتياج (1)، النوم (1)
فاستحي الشريف ووصله.
قال المؤلف عفا الله عنه: ابن مطرز المذكور هو أبو القاسم عبد الواحد ابن محمد الشاعر ذكره الثعالبي في ذيل اليتيمة وأنشد له وهو من جيد الشعر:
سري مغرما بالعيس ينتجع الركبا * يسائل عن بدر الدجي الشرق والغربا إذا لم تبلغني إليكم ركائني * فلا وردت ماء ولا رعت العشبا علي عذبات الجزع من ماء تغلب * غزال يري ماء العيون له شربا إذا ملأ البدر العيون فإنه * لعينك بدر يملأ العين والقلبا وأورد له شعرا كثيرا أغلبه جيد حسن وأما بيت الشريف المرتضي الذي أشار إليه ابن المطرز فهو من أبيات مشهورة له رضي الله عنه وهي:
يا خليلي من ذؤابة قيس * في التصابي رياضة الأخلاق عللاني بذكرها تطرباني * واسقياني دمعي بكأس دهاق وخذا النوم من جفوني فإني * قد خلعت الكري علي العشاق وملح سيدنا الشريف المرتضي (ره) محاسنه كثيرة جدا.
وذكر أبو القاسم بن فهد الهاشمي في تاريخه إتحاف الوري باخبار أم القري في حوادث سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.
قال فيها حج الشريف المرتضي والرضي فاعتقلهما في أثناء الطريق ابن الجراح الطائي فأعطياه تسعة آلاف دينار من أموالهما.
وللشريف المرتضي مصنفات كثيرة منها:
كتاب (الشافي) في الإمامة وهو كتاب لم يصنف مثله في الأصول. وكتاب (الذخيرة) وكتاب (جمل العلم والعمل) وكتاب (تنزيه الأنبياء) وكتاب (الصرفة) وكتاب (الذريعة في الأصول) وكتاب (الغرر والدرر) وكتاب (المقنع في الغيبة) وكتاب (الخلاف في أصول الفقه) وكتاب (الملخص في أصول الدين) وكتاب (الانتصار) وكتاب (الشيب والشباب) وكتاب
(٤٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الشافي في الامامة للشريف المرتضي (1)، أصول الفقه (1)، الشريف المرتضي (4)، أصول الدين (1)، الحج (1)، النوم (1)
(الطيف والخيال) وكتب أخري في المسائل وغير ذلك: وديوان شعره يزيد علي عشرين الف بيت.
وذكر أبو القاسم التنوخي صاحب الشريف قال حصرنا كتبه فوجدناها ثمانين الف مجلد من مصنفاته ومحفوظاته ومفرداته.
وقال الثعالبي في كتاب (اليتيمة) انها قومت بثلاثين ألف دينار بعد أن أهدي إلي الرؤساء والوزراء منها شطرا عظيما.
وكانت وفاته لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وأربعمائة وصلي عليه ابنه أبو جعفر محمد وتولي غسله أبو الحسين أحمد بن الحسين النجاشي ومعه الشريف أبو يعلي محمد بن الحسن الجعفري وسلار بن عبد العزيز الديلمي ودفن أولا في داره ثم نقل منها إلي جوار جده الحسين " ع " فدفن في مشهده مع أبيه وأخيه وقبورهم ظاهرة مشهورة قدس الله أرواحهم الطاهرة، ولنورد الآن من منظوم كلامه الرفيع الشأن ما يهزله السامع عطف الاستحسان فمن ذلك قوله من قصيدة قال الثعالبي وهو مما يسكر بلا شرب ويطرب بلا سماع.
أحب ثري نجد ونجد بعيدة * الا حبذا بحد وان لم تفد قربا يقولون نجد لست من شعب أهلها * وقد صدقوا لكنني منهم حبا كأني وقد فارقت بحدا شقاوة * فتي ضل عنه قلبه ينشد القلبا وقوله في أخري:
ولقد زادني عشية جمع * منكم زائر علي الآكام بات أشهي إلي الجفون وأحلي * في منامي غب السري من منامي كدت لما حللت بين تراقيه * حراما أحل من إحرامي وسقاني من ريقه فسقاني * من زلال مصفق بمدام صد عني بالنزر أذانا يقظان * وأعطي كثيره في المنام والتقينا كما اشتهينا ولا عيب * سوي ان ذاك في الأحلام
(٤٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، شهر ربيع الأول (1)، سلار بن عبد العزيز (1)، أحمد بن الحسين (1)، محمد بن الحسن (1)، الغسل (1)
وإذا كانت الملاقاة ليلا * فالليالي خير من الأيام وقوله من قصيدة طويلة:
أتري يؤب لنا الأبيرق * والمني للمرء شغل طلل لعزة لا يزال * علي ثراه دم يطل قتلوا وما قتلوا وعند * هم لنا قود وعقل قل للذين علي مواعدهم * لنا خلف ومطل كم ضامني من لا أضيم * وملني من لا أمل يا عاذلا لملامه * كل علي سمعي وثقل ان كنت تأمر بالسلو * فقل لقلبي كيف يسلو قلبي رهين في الهوي * ان كان قلبك منه يخلو ولقد علمت علي الهوي * ان الهوي سقم وذل وتعجبت جمل لشيب * مفارقي وتشيب جمل ورأت بياضا في سواد * ما رأته هناك قبل كذبالة رفعت علي * الهضبات للسارين ضلوا لا تنكريه سويب غيرك * فهو للجهلات غل وله قدس الله سره:
مولاي يا بدر كل داجية * خذ بيدي قد وقعت في اللجج حسنك ما تنقضي عجائبه * كالبحر حدث عنه بلا حرج بحق من خط عارضيك ومن * سلط سلطانها علي المهج مد يديك الكريمتين معا * ثم ادع لي من هواك بالفرج وقوله:
ولما تفرقنا كما شاءت النوي * تبين ود خالص وتودد كأني وقد سار الخليط عشية * أخو جنة مما أقوم واقعد
(٤٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (1)
وله من قصيدة:
ألا يا نسيم الريح من أرض بابل * تحمل إلي أهل الخيام سلامي وقل لحبيب فيك بعض نسيمة * اما آن ان تسطيع رجع كلامي رضيت ولولا ما علمتم من الجوي * لما كنت أرضي منكم بلمام وإني لأرضي ان كون بأرضكم * علي انني منها استفدت سقامي وقوله:
بيني وبين عواذلي * في الحب أطراز الرماح انا خارجي في الهوي * لا حكم إلا للملاح وقوله:
قل لمن خده من اللحظ دام * رق لي من جوانح فيك تدمي يا سقيم الجفون من غير سقم * لا تلمني ان مت منهن سقما انا خاطرت في هواك بقلب * ركب البحر فيك اما واما وقوله من قصيدة:
قل لمعز بالصبر وهو خلي * وجميل العذول ليس جميلا ما جهلنا ان السلو مريح * لو وجدنا إلي السلو سبيلا وقوله من مقطوع في الشيب:
يقولون لا تجزع من الشيب ضلة * وأسهمه إياي دونهم تهمي وقالوا اتاه الشيب بالحلم والحجي * فقلت بما يبري ويعرف من لحمي وما سرني حلم يفئ إلي الردي * كفاتي ما قبل المشيب من الحلم إذا كان يعطيني من الحزم سالبا * حياتي فقل لي كيف ينفعني حزمي وقد جربت نفسي الغداة وقاره * فما شد من وهني ولا سد من ثلمي وإني مذ أضحي عذاري قراره * أعاد بلا سقم وأجفي بلا جرم وسيان بعد الشيب عند جنائي * وقفن عليه أم وقفن علي رسمي
(٤٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: بابل (1)

الشريف الرضي (رحمه الله)

وفي هذا المقدار من محاسن شعره كفاية إذ كان جميعا ليس له نهاية.
(الشريف الرضي) أبو الحسن محمد بن أبي احمد الحسين بن موسي الموسوي أخو الشريف المرتضي المذكور قبله.
كان يلقب بالرضي ذي الحسبين لقبه بذلك الملك بهاء الدولة وكان يخاطبه بالشريف الأجل.
مولده سنة تسع وخمسين وثلاثمائة ببغداد. كان فاضلا عالما شاعرا مبرزا.
ذكره الثعالبي في اليتيمة فقال: أبتدأ يقول الشعر بعد أن جاوز العشر سنين بقليل وهو اليوم أبرع أبناء الزمان وانجب سادات العراق يتحلي مع محتده الشريف ومفخره المنيف بأدب ظاهر وفضل باهر وحظ من جميع المحاسن وافر ثم هو أشعر الطالبيين من مضي منهم ومن غبر علي كثرة شعرائهم المفلقين ولو قلت إنه أشعر قريش لم أبعد عن الصدق وسيشهد بما أجريه من ذكره شاهد عدل من شعره العالي القدح الممتنع عن القدح الذي يجمع إلي السلامة متانة والي السهولة رصانة ويشتمل علي معان يقرب جناها ويبعد مداها، كان أبوه يتولي نقابة الطالبين والحكم فيهم أجمعين والنظر في المظالم والحج بالناس ثم ردت هذه الأعمال كلها إليه في سنة ثمانين وثلاثمائة وأبوه حي.
وذكره أبو الحسن الباخرزي في دمية القصر فقال: له صدر الوسادة بين الأئمة والسادة وانا إذا مدحته كنت كمن قال لذكاء ما أنورك ولخضاره ما أغزرك وله شعر إذا أفتخر به أدرك به من المجد أقاصيه وعقد بالنجم نواصيه وإذا نسب انتسبت الرقة إلي نسيبه وفاز بالقدح المعلي من نصيبه حتي إذا أنشده الراوي بين يدي الغرهات قال له من الغرهات وإذا وصف فكلامه في الأوصاف أحسن من الوصائف الوصاف وان مدح تحيرت الأوهام بين مادح وممدوح له بين
(٤٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: دولة العراق (1)، الحسين بن موسي (1)، الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين (1)، الصدق (1)، الحج (1)، الظلم (1)
المتراهنين في الحلبة سبق سابح مروح وان نثر حمدت منه الأثر ورأيت هناك خرزات من العقد نفض وقطرات من المزن ترفض ولعمري ان بغداد قد أنجبت به فبوأته ظلالها وأرضعته زلالها وأنشقته شمالها وورد شعره دجلتها فشرب منها حتي شرق وانغمس فيها حتي كاد ان يقال غرق وهو وأخوه في دوحة السيادة ثمران وفي فلك الرياسة قمران وأدب الرضي إذا قرن بعلم المرتضي كان فر ندا في متن الصارم المنتضي.
قال الخطيب في تاريخ بغداد: سمعت أبا عبد الله الكاتب بحضرة أبي الحسن ابن محفوظ وكان أوحد الرؤساء قال سمعت جماعة من أهل العلم بالأدب يقولون الرضي أشعر قريش فقال ابن محفوظ هذا صحيح وقد كان في قريش من يجيد القول الا ان شعره قليل فاما مجيد ومكثر فليس إلا الرضي.
وكان الرضي قد حفظ القرآن بعد أن جاوز الثلاثين سنة في مدة يسيرة وكان عارفا بالفقه والفرائض معرفة قوية، وأما اللغة والعربية فكان فيهما إماما وله من التصانيف كتاب (المتشابه في القرآن) وكتاب (حقائق التنزيل) وكتاب (تفسير القرآن) وكتاب (مجازات الآثار النبوية) وكتاب (تعليق خلاف الفقهاء) وكتاب (تعليقة الايضاح لأبي علي) وكتاب (خصائص الأئمة) وكتاب (نهج البلاغة) وكتاب (تلخيص البيان في مجازات القرآن) وكتاب (الزيادات في شعر أبي تمام) وكتاب (سيرة والده الطاهر) وكتاب (انتخاب شعر ابن الحجاج) وكتاب (مختار شعر أبي إسحاق الصابي) وكتاب (ما دار بينه وبين أبي إسحاق من الرسائل ثلاث مجلدات) وكتاب (ديوان شعره) يدخل في أربع مجلدات.
قال أبو الحسن العمري رأيت تفسيره للقرآن فرأيته من أحسن التفاسير يكون في كبر تفسير أبي جعفر الطوسي أو أكبر وكانت له هيبة وجلالة وفيه ورع وعفة وتقشف ومراعاة للأهل والعشيرة وهو أول طالبي جعل عليه السواد.
(٤٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1)، كتاب تلخيص البيان للمتقي الهندي (1)، كتاب خصائص الأئمة للشريف الرضي (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، مدينة بغداد (1)، القرآن الكريم (4)
وكان عالي الهمة شريف النفس لم يقبل من أحد صلة ولا جائزة حتي أنه رد صلات أبيه. وناهيك بذلك شرف نفس وشدة صلف واما الملوك من بني بويه فإنهم اجتهدوا علي قبوله صلاتهم فلم يقبل وكان يرضي بالاكرام وصيانة الجانب واعزاز الاتباع والأصحاب.
وذكر الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في التاريخ في وفاة الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطير بي الفقيه المالكي قال كان شيخ الشهود المعدولين ببغداد ومتقدمهم وكان كريما مفضلا علي أهل العلم وقرأ عليه الشريف الرضي القرآن وهو شاب حدث فقال يوما من الأيام للشريف أين مقامك؟ قال في دار أبي بباب محول فقال مثلك لا يقيم بدار أبيه قد نحلتك داري بالكرخ المعروفة بدار البركة فامتنع الرضي من قبولها وقال له لم أقبل من أبي قط شيئا فقال إن حقي عليك أعظم من حق أبيك عليك لأني حفظتك كتاب الله فقبلها وكان يلتهب ذكاء وحدة ذهن من صغره.
ذكر أبو الفتح ابن جني في بعض مجاميعه قال أحضر الرضي إلي ابن السيرافي النحوي وهو طفل جدا لم يبلغ عمره عشر سنين فلقنه النحو وقعد عنده يوما في الحلقة فذاكره شيئا من الاعراب علي عادة التعليم فقال له إذا قلنا رأيت عمرا فما علامة النصب في عمر فقال له الرضي بغض علي " ع " فتعجب السيرافي والحاضرون من حدة خاطره وحكي أبو الحسن العمري قال دخلت علي الشريف المرتضي فأراني الأبيات قد عملها وهي:
سري طيف سعدي طارقا فاستفزني * هبوبا وصحبي في الفلاة هجود فلما انتهينا للخيال الذي سري * إذ الدار قفري والمزار بعيد فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي * لعل خيالا طارقا سيعود فخرجت من عنده ودخلت علي أخيه الرضي (رض) فعرضت عليه
(٤٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، إبراهيم بن أحمد بن محمد (1)، الشريف المرتضي (1)، الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين (1)، القرآن الكريم (1)، الفرج (1)، الوفاة (1)، النوم (1)
الأبيات فقال بديها:
فردت جوابا والدموع بوادر * وقد آن للشمل المشتت ورود فهيهات من لقيا حبيب تعرضت * لنا دون لقياه مهامه بيد فعدت إلي المرتضي بالخبر فقال يعز علي أخي قتله الذكاء فما كان إلا يسيرا حتي مضي لسبيله.
وذكر أبو الحسين بن الصابي وابنه غرس النعمة في تاريخهما ان القادر بالله عقد مجلسا أحضر فيه الطاهر أبا احمد الموسوي وابنه أبا القاسم المرتضي وجماعة من القضاة والشهود وابرز لهم أبيات الرضي أبي الحسن رضي الله عنه التي أولها.
ما مقامي علي الهوان وعندي * مقول صارم وأنف حمي وإباء محلق بي عن الضيم * كما راع طائرا وحي أي عذر له إلي المجد إذ * ذل غلام في غمده المشرفي أحمل الضيم في بلاد الأعادي * وبمصر الخليفة العلوي من أبوه أبي ومولاه مولاي * إذا ضامني البعيد القصي لف عرقي بعرقه سيدا الناس * جميعا محمد وعلي ان ذلي بذلك الجو عز * وأوامي بذلك الصقع ري قد يذل العزيز ما لم يشمر * لانطلاق وقد يضام الأبي ان شرا علي اسراع عزمي * في طلاب العلي وحظي بطي أرضي بالأذي ولم يقف * العزم قصورا ولم تعز المطي تاركا أسرتي رجوعا إلي * حيث غديري قذي رعي وبي كالذي يخبط الظلام وقد * أقمر من خلفه النهار المضي وقال الحاجب عن لسان الخليفة للنقيب أبي احمد قل لولدك محمد أي هوان قد أقام عليه عندنا وأي ذل أصابه في ملكنا وما الذي يعمل معه صاحب مصر لو مضي إليه أكان يصنع إليه أكثر من صنيعنا، ألم نوله النقابة؟ ألم نوله المظالم؟ ألم
(٤٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، القتل (1)، العزّة (2)، الظلم (1)
نستخلفه علي الحرمين والحجاز وجعلناه أمير الحجيج؟ فهل يحصل له من صاحب مصر أكثر من هذا؟ ما نظنه يكون لو حصل عنده إلا واحدا من أفناء الطالبيين بمصر فقال النقيب أبو أحمد اما هذا الشعر فمما لم نسمعه منه ولا رأيناه بخطه ولا يبعد ان يكون بعض أعدائه نحله إياه وعزاه إليه فقال القادر ان كان كذلك فليكتب محضر يتضمن القدح في أنساب ولاة مصر ويكتب محمد خطه فيه فكتب محضر بذلك وشهد فيه جميع من حضر المجلس منهم النقيب أبو أحمد وابنه المرتضي وحمل المحضر إلي الرضي ليكتب خطه فيه حمله إليه أبوه وأخوه فامتنع من سطر خطه وقال لا اكتب وأخاف من دعاة مصر وأنكر الشعر وأقسم انه ليس بشعره وانه لا يعرفه فأجبره أبوه علي أن يسطر خطه في المحضر فلم يفعل وقال أخاف دعاة المصر بين وغيلتهم لي فإنهم معروفون بذلك فقال له أبوه يا عجباه أتخاف من بينك وبينه ستمائة فرسخ ولا نخاف من بينك وبينه مائة ذراع وحلف ان لا يكلمه وكذلك المرتضي فعل ذلك تقية وخوفا من القادر وتسكينا له، ولما انتهي الأمر إلي القادر سكت علي سوء أضمر له وبعد ذلك بأيام صرفه عن النقابة وكان الطائع لله أكثر ميلا إلي الرضي من القادر وكان هو أشد حبا وأكثر ولاء للطائع منه للقادر وهو القائل للقادر في قصيدته التي مدحه بها:
عطفا أمير المؤمنين فإنا * في دوحة العلياء لا نتفرق ما بيننا يوم الفخار تفاوت * ابدا كلانا في المعالي معرق إلا الخلافة ميزتك فإنني * أنا عاطل منها وأنت مطوق فيقال ان القادر قال له علي رغم أنف الشريف.
وحضر يوما مجلس القادر فجعل يشم لحيته فقال القادر أظنك تشم منها رائحة الخلافة فقال لا بل رائحة النبوة فاهتز القادر لهذا الجواب.
وكان الرضي لعلو همته وشرف نفسه تنازعه نفسه إلي الخلافة وكان ربما يحبس بذلك خاطره وينظمه في شعره ولا يجد من الدهر عليها مساعدة فيذوب
(٤٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: السكوت (1)
كمدا ويفني وجدا حتي توفي رحمه الله ولم يبلغ غرضا فمن ذلك قوله:
ما انا للعليا ان لم يكن * من ولدي ما كان من والدي وما مشت بي الخيل إن لم أطأ * سرير هذا الأغلب المساجد فإن أنلها فكما رمته * أولا فقد يكذبني رائدي والغاية الموت فما فكرتي * أسايقي أصبح أم قائدي وقوله يعني نفسه.
فيا عجبا مما يظن محمد * وللظن في بعض المواطن غرار يقدر ان الملك طوع يمينه * ومن دون ما يرجوا لمقدر أقدار له كل يوم منية وطماعة * ونبذ قريض بالأماني سيار لئن هو أعفي للخلافة لمة * لها طرر فوق الجبين واطرار وأبدي لنا وجها نقيا كأنه * وقد نقشت فيه العوارض دينار ورام العلي بالشعر والشعر دائبا * ففي الناس شعر خاملون وشعار وإني أري زندا تواتر قدحه * ويوشك يوما ان تشب له نار وقوله مثل ذلك:
هذا أمير المؤمنين محمد * كرمت مغارسه وطاب المولد أوما كفاك بان أمك فاطم * وأباك حيدرة وجدك احمد يمسي ومنزل ضيفه لا محتوي * كرما وبيت نضاره لا يقلد وفي شعره الكثير الواسع من هذا النمط.
وكان إسحاق بن إبراهيم بن هلال الصابي صديقا له وكان يطمعه في الخلافة ويزعم أن طالعه يدل علي ذلك وكتب إليه في هذا النمط:
أبا حسن لي في الرجال فراسة * تعودت منها ان تقول فتصدقا وقد خبرتني عنك انك ماجد * سترقي من العلياء أبعد مرتقي فوفيتك التعظيم قبل أوانه * وقلت أطال الله للسيد البقا
(٤٧١)
صفحهمفاتيح البحث: إسحاق بن إبراهيم (1)، الوسعة (1)، الموت (1)، الظنّ (1)، الهلال (1)
وأضمرت منه لفظة لم أبح بها * إلي أن أري اظهارها لي مطلقا فإن عشت أو ان مت فاذكر بشارتي * وأوجب بها حقا عليك محققا وكن لي في الأولاد والأهل حافظا * إذا ما اطمأن الجنب في مضجع البقا فأجابه الرضي بقصيدة طويلة يعده فيها بابلاغه أماله ان ساعده الدهر وتم المراد وأولها:
سننت لهذا الرمح غربا مذلقا * وأجريت في ذا الهندواني رونقا وسومت ذا الطرف الجواد وانما * شرعت له نهجا فخب وأعنقا لئن برقت مني مخائل عارض * لعينيك تقضي ان يجود ويغدقا فليس بساق قبل ربعك مربعا * وليس براق قبل جوك مرتقي وحكي انه لما شاعت أبيات الصابي المذكورة أنكرها وقال إنما عملتها في أبي الحسن علي بن عبد العزيز كاتب الطائع بالله وما كان الامر كما ادعاه ولكنه خاف علي نفسه.
وحكي أبو إسحاق الصابي قال كنت عند الوزير أبو محمد المهدي ذات يوم فدخل الحاجب واستأذن للشريف المرتضي (رض) فأذن له فلما دخل قام إليه وأكرمه وأجلسه معه في دسته وأقبل عليه يحدثه حتي فرغ من حكايته ومهماته ثم قال فقام وودعه وخرج، فلم تكن ساعة حتي دخل الحاجب واستأذن للشريف الرضي وكان الوزير قد أبتدأ بكتابة رقعة فألقاها ثم قام كالمندهش حتي استقبله من دهليز الدار واخذ بيده وأعظمه وأجلسه في دسته ثم جلس بين يديه متواضعا وأقبل عليه بجميعه فلما خرج الرضي خرج معه وشيعه إلي الباب ثم رجع، فلما خف المجلس قلت أيأذن الوزير لي أعزه الله تعالي ان أسأله عن شئ قال نعم وكأنك تسأل عن زيادتي في أعظام الرضي علي أخيه المرتضي والمرتضي أسن وأعلم؟ فقلت نعم أيد الله الوزير فقال إعلم انا أمرنا بحفر النهر الفلاني وللشريف المرتضي علي ذلك النهر ضيعة فتوجه عليه من ذلك مقدار ستة عشر درهما أو
(٤٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: علي بن عبد العزيز (1)، الشريف المرتضي (1)، الضياع (1)، الجود (2)
نحو ذلك فكاتبني بعدة رقاع يسأل في تخفيف ذلك المقدار عنه وأما أخوه الرضي فبلغني ذات يوم انه ولد له غلام فأرسلت إليه بطبق فيه ألف دينار فرده وقال قد علم الوزير إني لا أقبل من أحد شيئا فرددته وقلت اني إنما أرسلته للقوابل فرده ثانية وقال قد علم الوزير انا أهل بيت لا يطلع علي أحوالنا قابلة غريبة وانما عجايزنا يتولين هذا الأمر من نسائنا ولسن ممن يأخذن أجرة ولا يقبلن صلة فرددته إليه وقلت يفرقه الشريف علي ملازميه من طلبة العلم فلما جاءه الطبق وحوله الطلبة قال‌ها هم حضور فليأخذ كل أحد ما يريد فقام رجل واخذ دينارا فقرض من جانبه قطعة وأمسكها ورد الدينار إلي الطبق فسأله الشريف عن ذلك فقال إني احتجت إلي دهن السراج ليلة ولم يكن الخازن حاضرا فاقترضت من فلان البقال دهنا فأخذت هذه القطعة لأدفعها إليه عوض دهنه وكان طلبة العلم الملازمون للشريف الرضي في دار قد اتخذها لهم سماها دار العلم وعين لهم فيها جميع ما يحتاجون إليه فلما سمع الرضي أمر في الحال ان يتخذ للخزانة مفاتيح بعدد الطلبة ويدفع إلي كل منهم مفتاحا ليأخذ ما يحتاج إليه ولا ينتظر خازنا يعطيه ورد الطبق علي هذه الصورة فكيف لا أعظم من هذه حاله ولذلك كان الرضي يقدم علي المرتضي لمحله في نفوس العامة والخاصة وكان الرضي ينسب إلي الافراط في عقاب الجاني من أهله وله في ذلك حكايات.
منها ان امرأة علوية شكت إليه زوجها وإنه يقامر بما يحصله من حرفة يعانيها وان له أطفالا وهو ذو عيلة وحاجة وشهد لها من حضر بالصدق فيما ذكرت فاستحضره الشريف وأمر به فبطح وأمر بضربه فضرب والمرأة تنتظر أن يكف والامر يزيد حتي جاوز ضربه مائة خشبة فصاحت المرأة وأيتم أولادي كيف تكون حالنا إذا مات هذا فقال لها الشريف ظننت انك تشكيه إلي المعلم.
ورأيت في ديوانه انه بلغه عن قوم من أعدائه قالوا لبهاء الدولة قد جرت عاده الرضي بانشاده الخلفاء شعره وانه إنما يتكبر عليك في ترك الانشاد وكذبوا في
(٤٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين (1)، الضرب (1)، الموت (1)، الزوج، الزواج (1)
ذلك لأنه لم ينشد قط ممدوحا وهذه فضيلة تفرد فيها عن الشعراء فكتب بهذه الأبيات إليه مع قصيدة في كتاب:
جناني شجاع ان مدحت وأنما * لساني إذا سيم النشيد جبان وما ضر قوالا أطاع جنانه * إذا خانه عند الملوك لسان ورب حيي في السلام وقلبه * وقاح إذا لف الجياد طعان ورب وقاح الوجه تحمل كفه * أنامل لم يقرع بهن عنان وفخر الفتي بالقول لا بنشيده * ويروي فلان مرة وفلان وحكي بعضهم قال أجتاز بعض الأدباء بدار الشريف الرضي ببغداد وهو لا يعرفها وقد أخني عليها الزمان وذهبت بهجتها وخلقت ديباجتها وبقايا رسومها تشهد لها بالنظارة وحسن الشارة فوقف عليها متعجبا من صروف الزمان وطوارق الحدثان وتمثل بقول الشريف الرضي المذكور:
ولقد وقفت علي ربوعهم * وطلولها بيد البلا نهب فوقفت حتي ضج من لغب * نضوي ولج بعذلي الركب وتلفتت عيني فمذ خفيت * عني الطلول تلفت القلب فمر به شخص وهو ينشد الأبيات فقال له هل تعرف هذه الدار لمن؟
فقال لا فقال هذه الدار لصاحب الأبيات الشريف الرضي فتعجب من حسن الاتفاق.
ومثل هذه الحكاية ما ذكره الحريري في كتاب (درة الغواص في أوهام الخواص) وهو ما رواه ان عبيد بن شرية الجرهمي عاش ثلاثمائة سنة وأدرك الاسلام فأسلم فدخل علي معاوية بن أبي سفيان بالشام وهو خليفة فقال حدثني بأعجب ما رأيت فقال مررت ذات يوم بقوم يدفنون ميتا لهم فلما انتهيت إليهم اغرورقت عيناي بالدموع فتمثلت بقول الشاعر:
يا قلب إنك من أسماء مغرور * فاذكر وهل ينفعك اليوم تذكير قد بحت بالحب ما تخفيه من أحد * حتي جرت لك اطلاقا محاضير
(٤٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (1)، الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين (3)، الشام (1)، الإخفاء (1)، الدفن (1)
فلست تدري وما تدري أعاجلها * أدني لرشدك أم ما فيه تأخير فاستقدر الله خيرا وارضين به * فبينما العسر إذ دارت مياسير وبينما المرء في الأحياء مغتبط * إذا هو الرمس تعفوه الأعاصير يبكي الغريب عليه ليس يعرفه * وذو قرابته في الحي مسرور قال فقال لي رجل أتعرف من يقول هذا الشعر فقلت لا فقال إن قائله هو الذي دفناه الساعة وأنت الغريب تبكي عليه وهذا الذي خرج من قبره أمس الناس رحما به وأسرهم بموته فقال له معاوية لقد رأيت عجبا فمن الميت قال عشير ابن لبيد العذري.
قال المؤلف عفا الله عنه ومع كثرة وجود ديوان الشريف الرضي (رض) فلا حاجة إلي الاكثار من شعره.
ولنذكر نبذة من انشائه ومراسيله فإنه قليل الوجود فمن ذلك قوله فصل وأما فلان فما عندي إنك تقرب عرضه الا شاما صادقا وذائقا باصقا فاما ان تجعله لوكة لفيك وعرضة لقوافيك فتلك حال أرفعك عن الإسعاف إليها والرضا بها وأجل سهمك أن يصيب غير غرضه وحدك أن يطيق غير مفصله فما كل رمية يطرد فيها النبال ولا كل فريسة ينشب فيها الأظفار.
(فصل) قد كاد الرسول يا أخي وسيدي أطال الله بقاك من كثرة الترداد تتظلم قدماه وكاد المرسل من امتداد الطرف لانتظاره تزور عيناه فلا تجعل للوم طريقا إليك ولا للعتاب متسلقا عليك وكن مع مواصلتك البا علي مقاطعتك وأحمل لمفارقتك كثيرا علي مباعدتك فأن ذلك أخصف لمعاقد العهود واعطف لتزلف القلوب.
(فصل): ان رأي السيد الشريف أطال الله بقاه ان يلقي إلي طرفا من حال سلامته وما جدده الله تعالي من حسم شكايته فحرام علي جبيني الهد وإذا بنا جنبه، ومحصن علي عيني الرقاد إذا سهر طرفه لان النفس واحدة وان اقتسمها
(٤٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين (1)، القبر (1)، الموت (1)
جسمان واستهم فيها جسدان ولست أشك في هزيمة الداء ونقيصة الألم لما أجده من سكون النفس وطمأنينة القلب ولو كان غير ذلك لعلقت نفسي لعلق قسيمتها وتألمت مهجتي لألم مساهمتها والله يقيه ويقيني فيه الأسواء بمنه وقدرته إنشاء الله (فصل): وراودت نفسي في إنفاذ رسول إليه يسأله الحضور ثم أضربت عزيمة الرأي خوفا من إزعاجه في مثل هذا الوقت ولئلا ينسبني إلي نقض الشرائط وفسخ العهود اللوازم لأنه يشارطني في ليلة يومنا هذا في داره ولهذا كان عزمي في الانفاذ إليه بين رأيين جاذب إلي أمام وممسك لي وراء الجاذب يحضه الشوق ويحرضه النزاع إلي رؤيته فينجذب والممسك ينتبه الوفاء بعهده والمحافظة علي وده فيقف هائبا والذي أمكنني عند غيبته إني حرمت القراءة علي نظري وصرفت مستأذن الحديث عن دخول سمعي وفزعت إلي المضجع وإن كان نابيا لنبوة النوم وإن كان نائبا لنابه فإن رأي أدام الله عزه أن يجعل شخصه الكريم جوابا عن هذه الأحرف لينشر من نسائمي ما انطوي لفراقه ويطفي من جناني ما اضطرم من نار أشواقه فعل إن شاء الله.
(فصل): وإن اتسق الأمر الذي إلي الله أرغب في تمامه وأسأل العون علي لم شمله وتأليف نظامه كان فلان عندي في المنزلة التي ان أسرف منها وجد الناس جميعا تحته والمكان الذي إذا طمح فيه بطرفه لم ير أحدا من الرجال فوقه والله يعين علي مشاطرته كرائم النعماء ويجعل الرشد مقرونا بصحبته في الدين والدنيا انه ولي ذلك والقادر عليه.
(فصل): قرأت ما كتب به مولاي الأستاذ أطال الله بقاه وملكني الابتهاج مما وقفت عليه ممن علم خبره واقتسمتني أيد الارتياح لما أنسته به من دوام سلامته والله يقيه الهم ويكفيه الغم بمنه وقدرته.
واما خبري فانا الآن في منزلة من العافية بعد أن كنت في نازلة من المنزلة وتحت ظل من السلامة بعد حصولي في هجير من عارض العلة ولله الحمد
(٤٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)
علي الابتلاء بالأول والأنعام بالآخر ولولا شغلي بما ذكرت وانغاسمي فيما وصفت لم أقنع نفسي بالتأخر عنه طول هذه المدة مع السرور الذي يهفوني إليه والجواذب التي تسرع بي نحوه والله يحرسه ويحرسني فيه بمنه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
(فصل): فأن رأي أطال الله مدته ان يجيبني إلي النسمة ويحتمل ما اقترحته فإنه أهل لنزول الحوائج به وموضع لتكاثر المسائل عليه فيما يسأل الا باذل ولا يحمل الا حامل فعل إنشاء الله.
(فصل): أختلف ميعاد أو صدق بعاد أعيذك أطال الله بقاك من ذلك وعدتي إنك بصيرا لتصف فيه عن قولك أحشفا وسوء كيله والمعني بجميع هذا وذا لي وأخلفت وأوعدتني إنك تجازيني علي ما فعلته بالقطيعة وعادة الكريم انجاز الوعد وأخلاف الوعيد فإن لابد فالصدق ليتوارث الفعلان ويعتدل الامر ان ولا يكون الشر أغلب الطبيعتين عليك والخير أنقص الحظين عندك والذي أسألك أدام الله عزك أن تسرع النهضة إلي ولا تعجل الطلوع علي إن شاء الله تعالي (فصل): لو شئت أطال الله بقال لا تشمت الخجل من قبيح ما ترتكبه وقعة بعد أخري وانا دائب أتلاقاك بالصعب والذلول والدقيق والجليل وأستميلك استمالة النافر وأستعطفك استعطاف الشارد وأداريك مداراة الولد والوالد بل مداراة الناظر الرامد وأنت ماض علي غلوائك في البعد وجار علي شننك في القطيعة والهجر ولو رمت شرح جميع ما جري منك لطال الكلام وكثر الخصام والآن فإن الذي أسألك أدام الله عزك ان تخرج من لباس الخلق الجافي وتشرع في غدير الود الصافي فإنه أولي بك وأشبه بمثلك.
(فصل): إذا كان إنعام سيدنا الوزير أطال الله بقاه عريض الأكتاف بعيد الأقطار والأطراف ينال المحروم المرزوق سجله ويسع القاصي والداني فضله كان أحق من ضرب فيه بسهم وأخذ منه بنصيب وقسيم من سبقت منه
(٤٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: التصديق (1)، الكرم، الكرامة (1)، اللبس (1)، الضرب (1)
خدمة وتوكدت له حرمة وقد شمل أفضال سيدنا الوزير أدام الله عزه أشكالي وأمثالي من أهل هذا البيت وانا أعوذ بعامر فضله ان يعريني الزمان من ملابس طوله فإن رأي حرس الله مدته ان ينعم علي بالتوقيع في معني كيت وكيت فعل أن شاء الله.
وكانت وفاته قدس الله روحه بكرة يوم الأحد لست خلون من المحرم سنة ست وأربعمائة وحضر الوزير فخر الملك وجميع الأعيان والاشراف والقضاة جنازته والصلاة عليه ودفن في داره بمسجد الأنباريين بالكرخ ومضي أخوه المرتضي من جزعه عليه إلي مشهد مولانا الكاظم موسي بن جعفر " ع " لأنه لم يستطع أن ينظر إلي تابوته ودفنه وصلي عليه فخر الملك أبو غالب ومضي بنفسه آخر النهار إلي أخيه المرتضي إلي المشهد الشريف الكاظمي فالزمه بالعود إلي داره ثم نقل الرضي إلي مشهد الحسين بكربلاء فدفن عند أبيه.
ورثاه أخوه المرتضي بقصيدة أولها:
يا للرجال لفجعة جذمت يدي * ووددت لو ذهبت علي برأسي ما زلت أحذر وردها حتي أتت * فحسوتها في بعض ما انا حاسي ومطلتها زمنا فلما صممت * لم يثنها مطلي وطول مكاسي لله عمرك من قصير طاهر * ولرب عمر طال بالأدناس ورثاه أيضا تلميذه مهيار بن مرزويه الكاتب بقصيدة لم أسمع في باب المراثي أبلغ منها وأولها:
من جب غارب هاشم وسنامها * ولوي لويا واستزل مقامها وغزي قريشا بالبطاح فلفها * بيد وقوض عزها وخيامها وأناخ في مضر بكلكل خسفه * يستام فاحتملت له ما سامها من حل مكة فاستباح حريمها * والبيت يشهد واستحل حرامها ومضي بيثرب مزعجا ما شاء من * تلك القبور الطاهرات عظامها
(٤٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، مدينة كربلاء المقدسة (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، مهيار بن مرزويه (1)، السجود (1)، الشهادة (4)، الطهارة (1)، الصّلاة (2)، القبر (1)
يبكي النبي وليت هيج لفاطم * بالطف في أنبائها أيامها الدين ممنوع الحمي من راعه * والدار عالية البنا من رامها أتناكرت أيدي الرجال سيوفها * فاستسلمت أم أنكرت إسلامها أم غال ذا الحسبين حامي دورها * قدر أراح علي العدو سهامها ومنها:
بكر النعي من الرضي بمالك * غاياتها متعود اقدامها كلح الصباح بموته عن ليلة * فضحت علي وجه الصباح ظلامها صدع الحمام صفات آل محمد * صدع الرداء به وحل نظامها بالفارس العلوي شق غبارها * والناطق العربي شق كلامها سلب العشيرة يومه مصباحها * مصلاحها عمالها علامها برهان حجتها التي بهرت به * أعدائها وتقدمت أعمامها النص مروي وكنت دلالة * مشهورة لما نصبت أمامها قدمت فضليها وجئت فبرزت * سبقا خطي لك أحمدت أقدامها دبرتها طفلا وسدت كهولها * برضي النفوس وكنت بعد غلامها ومنها:
أبكيك للدنيا التي طلقتها * وقد اصطفتك شبابها وغرامها ورميت غاربها بفتلة حبلها * زهدا وقد ألقت إليك زمامها وهي قصيدة طويلة طنانة.
وكان المهيار أنشد هذه القصيدة المرثية بحضور جماعة ممن كان يحسد الرضي فشق عليه ونسبوه إلي المبالغة والافراط في اطرائه فرثاه بقصيدة أخري أجاد فيها كل الإجادة وعرض بهم ليزدادوا غيظا مطلعها:
أقريش لا لفم أراك ولا يد * فتوكلي غاض الندي وخلا الندي
(٤٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عاشوراء (1)، الإستحمام، الحمام (1)

أبو أحمد عدنان ابن الشريف الرضي

وما أحسن قوله من جملتها:
يا ناشد الحسنات طوف قاليا * عنها وعاد كأنه لم ينشد أهبط إلي مضر فسل حمرائها * من صاح بالبطحاء يا نار اخمدي بكر النعي فقال أردي خيرها * ان كان يصدق فالرضي هو الردي فجعت بمعجز آية مشهودة * ولرب آيات له لم تشهد كانت إذا هي في الإمامة وزعت * ثم ادعت بك حقها لم تجحد تبعتك عاقدة عليك أمورها * وعري تميعك بعد لما تعقد ورآك طفلا شيبها وكهولها * فتزحزحوا لك عن مكان السيد (أبو أحمد عدنان بن الشريف الرضي) أبي الحسن محمد المذكور قبله كان يلقب الطاهر ذا المناقب جده أبي الحسن ابن موسي وتولي نقابة الطالبيين ببغداد بعد وفاة عمه المرتضي علي قاعدة جده وأبيه.
قال أبو الحسن العمري هو الشريف العفيف المتميز بصلاحه وإصابة رأيه يعرف علم العروض وأظنه يأخذ ديوان أبيه وجده بحسن الاستماع ويتصور ما يسنده إليه.
وقال غيره كانت الملوك من بني بويه تعظمه كثيرا وتراه بالعين التي كانت تري أباه بها وعمه وجده.
قال صاحب عمدة الطالب وانقرض بانقراضه عقب الرضي رض.
قال المؤلف ورأيت في مشجرة معتمد عليها ان أبا احمد عدنان المذكور أولد ولدا أسمه علي لكنه درج ولم يعقب فانقرض بانقراضه عقب الشريف الرضي رضي الله عنه.
(أبو الحسن محمد بن أبي جعفر) محمد بن أبي الحسن علي بن الحسن بن علي بن إبراهيم بن علي بن عبد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " يلقب
(٤٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، إبراهيم بن علي بن عبد الله (1)، علي بن الحسن بن علي (1)، محمد بن أبي الحسن (1)، محمد بن أبي جعفر (1)، علي بن الحسين (1)، الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين (1)، الوفاة (1)

أبو الحسن محمد بن أبي جعفر المعروف بشيخ الشرف النسابة

وما أحسن قوله من جملتها:
يا ناشد الحسنات طوف قاليا * عنها وعاد كأنه لم ينشد أهبط إلي مضر فسل حمرائها * من صاح بالبطحاء يا نار اخمدي بكر النعي فقال أردي خيرها * ان كان يصدق فالرضي هو الردي فجعت بمعجز آية مشهودة * ولرب آيات له لم تشهد كانت إذا هي في الإمامة وزعت * ثم ادعت بك حقها لم تجحد تبعتك عاقدة عليك أمورها * وعري تميعك بعد لما تعقد ورآك طفلا شيبها وكهولها * فتزحزحوا لك عن مكان السيد (أبو أحمد عدنان بن الشريف الرضي) أبي الحسن محمد المذكور قبله كان يلقب الطاهر ذا المناقب جده أبي الحسن ابن موسي وتولي نقابة الطالبيين ببغداد بعد وفاة عمه المرتضي علي قاعدة جده وأبيه.
قال أبو الحسن العمري هو الشريف العفيف المتميز بصلاحه وإصابة رأيه يعرف علم العروض وأظنه يأخذ ديوان أبيه وجده بحسن الاستماع ويتصور ما يسنده إليه.
وقال غيره كانت الملوك من بني بويه تعظمه كثيرا وتراه بالعين التي كانت تري أباه بها وعمه وجده.
قال صاحب عمدة الطالب وانقرض بانقراضه عقب الرضي رض.
قال المؤلف ورأيت في مشجرة معتمد عليها ان أبا احمد عدنان المذكور أولد ولدا أسمه علي لكنه درج ولم يعقب فانقرض بانقراضه عقب الشريف الرضي رضي الله عنه.
(أبو الحسن محمد بن أبي جعفر) محمد بن أبي الحسن علي بن الحسن بن علي بن إبراهيم بن علي بن عبد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " يلقب
(٤٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، إبراهيم بن علي بن عبد الله (1)، علي بن الحسن بن علي (1)، محمد بن أبي الحسن (1)، محمد بن أبي جعفر (1)، علي بن الحسين (1)، الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين (1)، الوفاة (1)

السيد أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن إبراهيم طباطبا

بشيخ الشرف النسابة كان عالما فاضلا كبيرا إليه انتهي علم النسب في عصره وله فيه مصنفات كثيرة ما بين مختصر ومعلول وهو شيخ الشريفين المرتضي والرضي ابني أبي احمد الموسوي وشيخ أبي الحسن العمري النسابة وكان قد بلغ من السن عمرا طويلا واحرز من الفخر قدرا جليلا بلغ تسعا وتسعين سنة وهو صحيح الأعضاء مات سنة خمس وثلاث وأربعين وخلف عدة من الولد درجوا وانقرض بانقراضهم عقبه.
(السيد أبو الحسن) محمد بن أحمد بن الحسن بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب " ع " كان فاضلا أديبا شاعرا حسن الشعر موصوفا بالديانة والعفة متوقد الذهن ذكي الفطنة مولده بأصبهان وله تصانيف منها كتاب (نقد الشعر) وكتاب (تهذيب الطبع) وكتاب (العروض) وكتاب (في المدخل إلي معرفة المعمي من الشعر) وكتاب (تقريظ الدفاتر وديوان شعره).
ومن شعره في العفة قوله:
الله يعلم ما أتيت خنا * ان أكثروا العذال أو سفهوا ماذا يعيب الناس من رجل * خلص العفاف من الأنام له يقظاته ومنامه شرع * كل بكل منه مشتبه ان هم في حلم بفاحشة * زجرته عفته فينتبه ومن جيد شعره قوله:
باتوا وأبقوا في حشاي لبينهم * وجدا إذا ظعن الخليط أقاما لله أيام السرور كأنما * كانت لسرعة مرها أحلاما لو دام عيش رحمة لأخي هوي * لأقام لي ذاك السرور وداما يا عيشنا المفقود خذ من عمرنا * عاما ورد من الصبا أياما
(٤٨١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، إسماعيل بن إبراهيم (1)، محمد بن أحمد بن الحسن (1)، إبراهيم طباطبا (1)، الموت (1)

السيد أبو الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن بن القاسم بن علي بن أبي طالب عليه السلام

وقوله في طول الليل:
كأن نجوم الليل سارت نهارها * فوافت عشاء وهي أنضاد أسفار وقد خيمت كي تستريح ركابها * فلا فلك جار ولا كوكب سار وكانت وفاته (ره) سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وطباطبا لقب جده إبراهيم.
قال أبو الحسن العمري وغيره وإنما لقب بذلك لأن أباه أراد أن يقطع له ثوبا وهو طفل فخيره بين ان يجعل له قميصا أو قبا فقال طباطبا يعني قباقبا.
وقيل بل أهل السواد لقبوه بذلك وطبا طبا بلسان النبطية سيد السادات نقل ذلك أبو نصر البخاري عن الناصر بالحق والله أعلم.
(السيد أبو الحسين بن علي بن الحسين) ابن الحسن بن القاسم بن علي بن أبي طالب عليهم السلام كان من علية العلوية ومحاسن الحسينية وأهل الفضل والعلم والأدب.
وكان الصاحب إسماعيل بن عباد صاهره بابنته التي هي واحدته ويفتخر بهذه الوصلة ويباهي بها وكان الحسين بن علي يقول لولده أبي الحسن علي المذكور لا أعلم في بني عيبا الا اتصالك بابنة الصاحب وذلك لجلالة قدره وعظم بيته.
ولما ولدت ابنة الصاحب من أبي الحسين ابنه أبا الحسن عبادا ووصلت البشارة إلي الصاحب أنشأ يقول:
احمد الله لبشري أقبلت عند العشي * إذ حباني الله سبطا هو سبط للنبي مرحبا ثمة أهلا بغلام هاشمي * نبوي علوي حسني صاحبي ثم قال:
الحمد لله حمدا دائما ابدا * إذ صار سبط رسول الله لي ولدا فقال أبو محمد الخازن قصيدة علي وزنه ورويه مطلعها:
بشري فقد أنجز الأقبال ما وعدا * وكوكب المجد في أفق العلي صعدا وقد تفرع في أرض الوزارة عن * روح الرسالة غصن مورق رشدا
(٤٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الحسين بن علي بن الحسين (1)، إسماعيل بن عباد (1)، الحسن بن القاسم (1)، الحسين بن علي (1)
لله آية شمس للعلي ولدت * نجما وغاية عز اطلعت أسدا وعنصر من رسول الله واشجة * كريم عنصر إسماعيل فاتحدا وبضعة من أمير المؤمنين زكت * أصلا وفرعا وصحت لحمة وسدا وما أحسن قوله فيها:
وكادت الغادة الهيفاء من طرب * تعطي مبشرها الأرهاف والغيدا ولقد أبدع وأغرب في قوله لم يتخذ ولدا إلا مبالغة * في صدق توحيد من لم يتخذ ولدا وكان الصاحب إذا ذكر عبادا أنشد:
يا رب لا تخلني من صنعك الحسن * يا رب حطني في عبادة الحسن ولما فطم قال فيه:
فطمت أيا عباد يا بن الفواطم * فقال لك السادات من آل هاشم لئن فطموه عن رضاع لبانه * لما فطموه عن رضاع المكارم وكان الصاحب رحمه الله قال قصيدة معراة من الألف التي هي أكثر الحروف دخولا في المنثور والمنظوم وأولها:
قد ضل يجرح صدري * من ليس يعدوه فكري وهي في مدح أهل البيت " ع " تقع في سبعين بيتا فتعجب الناس منها وتداولتها الرواة، فسارت مسير الشمس في كل بلدة وهبت هبوب الريح بالبر والبحر.
فاستمر الصاحب علي تلك الطريقة وعمل قصائد كل واحدة منها خالية من حرف من حروف الهجاء وبقيت عليه واحدة تكون معراة من الواو فانبري صهره أبو الحسين المذكور لعملها وقال قصيدة فريدة ليس فيها واو مدح الصاحب في عرضها وأولها:
برق ذكرت به الحبائب * لما بدا فالدمع ساكب ابدا معي منهلة * هاتيك أم غرز السحائب
(٤٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، التصديق (1)، الرضاع (2)، الكرم، الكرامة (1)

أبو الحسن ابن أبي الغنائم المعروف بالعمري النسابة

نثرت لئالي أدمع * لم تفترعها كف ثاقب لما سرت ليلي تحث * لنأيها عنا الركائب ظلت تجيل لحاظها * كالسيف لم يخط المضارب للسحر في أرجائها * مهما أدارتها ملاعب جعلت قسي سهامها * ان ناضلته عقد حاجب لم يخط سهم أرسلته * ان سهم اللحظ صائب تسقيك ريقا نشره * ان قسته للخمر غالب كم قد تشكي خصرها * من ضعفه ثقل الحقائب كم أخجلت بظفائر * أبدت لنا ظلم الغياهب إخجال كف الصاحب * القرم المرجي للسحائب ملك تلألأ من معاقد * عزه شرف المناصب نشأت سحائب رفده * في الخلق تمطر بالرغائب وهي طويلة تنيف علي الستين، ولما مات الصاحب (ره) رثاه صهره أبو الحسين المذكور بمراث منها قصيدة أولها:
الا انها أيدي المكارم شلت * ونفس المعالي إثر فقدك سلت حرام علي العلياء ان هي قوضت * وحجر علي شمس الضحي ان تجلت ومن محاسن شعره يصف جارية بيدها شمعة.
خطرت لنا بعد العشاء بشمعة * تحكي لنا شكل القنا الخطار فكأنها طعنت بها عشاقها * فتكللت عوض النجيع بنار وأشعاره كثيرة غالبها يتصف بالجودة والحسن وفيما أوردناه كفاية (أبو الحسن بن أبي الغنائم) محمد بن علي بن أبي الطيب محمد بن أبي عبد الله محمد بن أبي الحسين احمد الأصغر الضرير بن علي بن محمد الصوفي بن يحيي بن عبد الله بن محمد بن عمر الأطرف بن
(٤٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: يحيي بن عبد الله بن محمد (1)، محمد بن أبي عبد الله (1)، علي بن محمد (1)، محمد بن علي (1)، الموت (1)، الغنيمة (1)

السيد أبو الحسن محمد بن علي المعروف بالوصي الهمداني

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المعروف بالعمري علامة النسب المشهور وفهامة الأدب المذكور انتهي إليه علم النسب في زمانه وتميز به علي أمثاله وأقرانه وصار قوله حجة من بعده ومحجة يسلكها المهتدي لقصده والمتأخرون من النسابين كلهم عيال عليه وما منهم إلا من يروي عنه ويسند إليه سخر الله له هذا العلم تسخيرا ولقي فيه من أجلاء المشايخ خلقا كثيرا وصنف فيه كتاب (المبسوط، والمجدي والشافي، والمشجر) وكان يسكن البصرة ثم أنتقل منها سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة وسكن الموصل وتزوج بامرأة هاشمية من بيت قديم بالموصل له رياسة وفيه ستر يعرف ببيت آل عيسي الهاشمي فولدت له ولديه أبا علي محمدا وأبا طالب هاشما وغيرهما ودخل بغداد مرارا آخرها سنة خمس وعشرين وأربعمائة واجتمع بالشريفين الأجلين المرتضي والرضي وحضر مجالسهما، وروي عنهما وكان أبوه أبو الغنائم نسابة أيضا اما ما في فن النسب وكان يكاتب من الأمصار البعيدة في تحرير الأنساب المشكوك فيها فيجيب بما يعول عليه من اثبات أو نفي فلا يتجاوز قوله وبالجملة فقد رزق هو وولده أبو الحسن العمري المذكور من هذا العلم حظا وافرا ولم يتيسر لأحد من علماء النسب ما تيسر لهما وكان أبو الحسن حيا إلي بعد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة (ره) (أبو الحسن محمد بن علي) ابن الحسين بن الحسن بن أحمد بن القاسم بن الحسن بن علي بن أبن طالب المعروف بالوصي الهمداني ذكره الثعالي في يتيمة الدهر فقال هو من علية العلوية وأركان الدولة الهاشمية السامانية وكان مستوطنا بخاري ووصي الأمير السديد علي بن طاهر بن الحسين الساماني فاشتهر بالوصي.
وكان الأمير الرضي أبو القاسم نوح بن منصور وجهه رسولا إلي فخر الدولة فقول بالاجلال والترحيب والتأهيل والتقريب وخرج كافي الكفاة الصاحب بن عباد في موكبه لاستقباله وبالغ في اكرامه واجلاله.
(٤٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب يتيمة الدهر للثعالبي (1)، الحسن بن أحمد بن القاسم (1)، طاهر بن الحسين (1)، مدينة البصرة (1)، مدينة بغداد (1)، الحسن بن علي (1)، محمد بن علي (1)، الغنيمة (1)
حكي أبو الحسن الرضي المذكور عن نفسه قال لما توجهت تلقاء الري في سفارتي هذه فكرت في كلام ألقي به الصاحب فلم يحضرني ما أرضاه وحين استقبلني وأفضي عنانه إلي عناني جري علي لساني (ما هذا بشر ان هذا إلا ملك كريم) فقال الصاحب (إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون) ثم قال مرحبا الف مرحب بالرسول ابن الرسول والوصي ابن الوصي وله شعر كثير الملح والظرف لا يكاد يخلو من لفظ رشيق ومعني أنيق فمن ذلك قوله:
يا رب أنت علي الأمور قدير * وبامرئ جم الذنوب خبير يسر لعبدك من نوالك توبة * فعليك تيسير الأمور يسير وقوله:
وشادن مقرطق * نادمته في المجلس تحكي لنا غرته * بدرا بدا في الحندس جعلت وردي خده * ومقلتيه نرجسي وقوله في الصاحب بن عباد:
مات الموالي والمحب * لأهل بيت أبي تراب قد كان كالجبل المنيع * لهم فصار مع التراب (أبو هاشم محمد بن داود) ابن أحمد بن داود بن أبي تراب علي بن عيسي بن محمد البطحائي بن القاسم ابن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب " ع " المعروف بالعلوي الطبري أحد أعيان السادة المشهورين بالسيادة جم الفضائل حميد الصفات والشمائل يأخذ من الأدب بأوفر نصيب ويحل من الفضل بواد خصيب وكان بينه وبين الصاحب بن عباد مزيد محبة واخلاص وأكيد صحبة واختصاص ومراسلات من النظم والنثر صادرة عن ولاء لا يشوبه رياء وفيه يقول الصاحب ابن عباد رحمه الله تعالي:
(٤٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أحمد بن داود (1)، علي بن عيسي (1)، الحسن بن زيد (1)، محمد بن داود (1)، الكرم، الكرامة (1)، الوصية (1)
ان أبا هاشم يد الشرف * مادحه آمن من السرف حل من المجد في وسائطه * وخلف العالمين في طرف وهذه شهادة في السيادة ما عليها زيادة، وكتب إليه الصاحب أيضا وقد أعتل:
أبو هاشم مالي أراك عليلا * ترفق بنفس المكرمات قليلا لترفع عن قلب النبي حرارة * وتدفع عن صدر الوصي غليلا فلو كان من بعد النبيين معجز * لكنت علي صدق النبي دليلا وكتب أبو هاشم إلي الصاحب كتابا بحبر وكان الصاحب يكره الحبر فأنكره وكتب إليه:
كتبت يا سيدي كتابا * يحسده الروض والغدير لكن تحبيره بحبر * أنكره رقه الحبير فعد عنه إلي دواة * قليل تأثيرها كثير وخذ دواتي بلا امتنان * فربما يغرم المشير وبعث إليه دواة وكانت من ألف مثقال ذهب أحمر وكتب أبو هاشم إلي الصاحب:
دعوت اله الناس حولا محولا * ليصرف سقم الصاحب المتفضل إلي بدني أو مهجتي فاستجاب لي * فها انا مولانا من السقم ممتل فشكرا لربي حين حول سقمه * إلي وعافاه ببرء معجل واسأل ربي ان يديم علاءه * فليس سواء مفزع لبني علي فأجابه الصاحب:
أبا هاشم لم أرض هاتيك دعوة * وأن صدرت عن مخلص متطول فلا عيش لي حتي تدوم مسلما * وصرف الليالي عن ذراك بمعزل فان نزلت يوما بجسمك علة * وحاشاك منها يا علاء بني علي فناد بها بالحال غير مؤخر * إلي جسم إسماعيل دون تحول
(٤٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: التصديق (1)، الشهادة (1)، الكراهية، المكروه (1)، الوصية (1)
والله أطال بقاء: الشريف مولاي ما علمت ولو علمت لعدت اغناء الله بحسن العادة عن العيادة وهو حسبي. ولأبي هاشم فخر الدولة:
يا فلك الأرض وبحر الوري * وشمس ملك مالها من مغيب دعوت مولاك بنيل المني * وقد أجاب الله وهو المجيب فقال قل ما شئت مستوليا * ودبر الدنيا برأي مصيب يا من كتبنا فوق اعلامه (نصر من الله وفتح قريب) (السيد الرئيس أبو القاسم علي بن موسي) ابن إسحاق بن الحسن بن الحسين بن إسحاق بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب سلام الله عليهم أجمعين الموسوي الملقب ذي المجدين نقيب النقباء بمرو، ذكره أبو الحسن الباخرزي في دمية القصر فقال هذا جمال العترة الموسوية الممعن منها في الطريقة السوية أذن علوي لم يكن مثله في كرم المناسب وشرف المناصب فما هو إلا حجة للنواصب وقد سعدت بضيافته في شهر رمضان سنة سبع وأربعين وأربعمائة فرأيت من دسته المطروح وزنده المقدوح نعيما وملكا كبيرا وخبرا وخيرا وفضلا كثيرا كما قلت فيه من قصيدة:
اتاك الصيام فعاشرنه * بقلب تقي وعرض نقي وأوجبت للقوم هشم الثريد * علي شرط منصبك الهاشمي ولو ذهبت أصف ما تلقاني به من تشريف وتقريب وأهلني له من تأهيل وترحيب وحكمي في من أنزال وأنوال وخلع علي من جاه ومال لخرجت من شرط الكتاب واستهدفت من السنة النقاد لهم العتاب، اما الأدب فمنه واليه ومعول أرباب الصناعة عليه، واما الخلق فكما يقتضيه الإسلام وكأنه منتسخ من أخلاق جده عليه السلام واما الجاه فمسلم له غير منازع فيه واما المحل فسلم لا يسلم من الزلل مرتقيه واما الرياسة فقد ألقت إليه الأرسان واما النقابة فقد فرشت له
(٤٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: شهر رمضان المبارك (1)، علي بن أبي طالب (1)، الحسين بن إسحاق (1)، إسحاق بن الحسن (1)، الصيام، الصوم (1)
رفرفها الخضر وعبقريها الحسان وهذا مكان غرر من كلماته ودرر من حصياته يلوح عليها سيماء النبوة ويحيط بجوانبها سماء المروة أنشدني لنفسه بمرو سنة سبع وأربعين وأربعمائة:
رجوتك حينا والرجاء وسيلة * وحسبك لوما ان تخيب راجيا ووالله لا تبقي علي الحر نعمة * فجد واغتنم شكرا علي الدهر باقيا وله أيضا:
إذا انا لم اهتز للجود والندي * فمن ذا الذي يهتز يا أم مالك ذريني وإنفاقي لمالي علي العلي * ورأيك فيما اخترت من حفظ مالك فجود يميني عادة عرفت بها * وكل يمين لم تجد كشمالك وما انا ممن ينتهي عن سماحة * بنهيك إذ تنهينني بجمالك ولا عذل ربات الخدور بما تعي * مكارمي اللاتي سرت في الممالك وله أيضا:
وليس عجيبا ان مثلي خاضع * لمثلك والأملاك حولي خضع وإنك تقصيني وتملك طاعتي * وأملاك هذا الدهر لي منك أطوع ولولا الهوي ما قادني لك قائد * ولكنه بالحر ما شاء يصنع وله أيضا:
يا أضعف العالمين وصلا * وأسعف الناس بالفراق ومن غرامي به شديد * ليس يداوي بألف راق ان كان لابد من فراق * فعن وداع وعن عناق وزورة ترغم الأعادي * وخلوة حلوة المذاق وله أيضا:
مالي وللعلة لازمتها * ولازمتني كلزوم الغريم كأنها عافت لئام الوري * ثم اصطفت كل صفي كريم
(٤٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الكرم، الكرامة (1)

السيد أبو الحسن محمد بن عبيد الله الملقب بشرف السادات البلخي

قال الأديب يعقوب بن أحمد النيشابوري ما أحسن ما اعتذر من جنايتها عليه وإساءتها إليه بلفظ يتضمن امتداح أصله وشرف عرقه والمعني الذي أشار إليه المتنبي في قصيدة له:
ومنازل الحي الحسوم فقل لنا * ما عذرها في تركها خيراتها وزائرة المتنبي في قوله:
وزائرتي كان بها حياء * فليس تزور الا في الظلام بذلت لها المطارف والحشايا * فعافتها وباتت في عظامي لاعظامه وفيه يقول الأديب المذكور:
يقول صديقي ألا دلني * علي برمك الجود والهاشمي فقلت وأقسمت رب العلي * علي بن موسي أبو القاسم وكانت وفاته سنة ثلاث وخمسمائة (ره).
(السيد أبو الحسن محمد بن عبيد الله) ابن علي بن الحسن بن الحسين بن جعفر بن عبيد الله بن أبي الحسين الأصغر بن علي بن أبي طالب عليه السلام الملقب شرف السادات البلخي كان أول من دخل من آبائه إلي بلخ جعفر بن عبيد الله وكان يلقب بالحجة لفضله وزهده وبيانه وكان أبو البحتري وهب بن وهب قد حبسه بالمدينة ثمانية عشر شهرا فما أفطر إلا بالعيدين ولما دخل بلخ ألقت إليه الرياسة زمامها وقدمته أمامها وكان هو وأولاده نقباءها ورؤساءها وسفراءها الذين أرجو لشرفهم أرجاءها، واما شرف السادة المذكور فذكره الباخرزي في دمية القصر فقال هو سيد السادات وشرفهم وبحر العلماء ومغترفهم وتاج الأشراف العلوية المتفرعين من الجرثومة النبوية الشارحين غرر الآداب في أخبية الأنساب وهو ولا مثنوية من المشرفين في الذروة العليا ومن المجدين من اسنمة الدنيا شوس علي عالم العلم ذوائبه وتقرطس أهداف الآداب صوائبه ولم يزل له امام سرير الملك قدم صدق يطلع في سماء
(٤٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، علي بن الحسن بن الحسين (1)، محمد بن عبيد الله (1)، وهب بن وهب (1)، التصديق (1)، الجود (1)
الفخار بدره ويوطئ أعناق النجوم قدره وأقل ما يعد من محصوله جمعه بين ثمار الأدب وأصوله ووصفه بأنه ينثر فينفث في عقد السحر ويحلق إلي الشعري إذا أسف إلي الشعر واما الذي ورائه من العلوم الآلهية التي أجال فيها الأفكار وافتض منها الأبكار فما لا يحصر ولا يحزر ولا يحد ولا يعد وقد صحبته عشرين سنة ارتدي في ضلال نعمه العيش الناعم حي عادت فراخ وسائلي قشاعم فكم زممت إليه المطية وركزت علي مكارمه الخطية ما دحا لما اشتهر علي الألسنة من حسبه ونسبه وآخذا بحظي من أدبه ونشبه ولم يرتع ناظري وفي الروض الناضر الا بتأملي في أقلامه ولا صار سمعي صدف اللآلي الا بتقريضي روائع كلامه وليس أسير واجئ إلي التنويه باسمه والإشادة بذكره الا نوع تعليل وما احتاج النهار إلي دليل.
قال المؤلف عفا الله تعالي عنه ولسلسلة السيد المذكور حديث متسلسل بأربعة عشر أبا وهو ما رواه أبو سعد بن السمعاني في (الذيل) قال أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسين البسطامي الأمامي يقرأني قال حدثني السيد أبو محمد الحسين ابن علي بن أبي طالب من لفظه ببلخ حدثني سيدي ووالدي أبو الحسن علي بن أبي طالب سنة ست وأربعمائة حدثني أبو طالب الحسن بن عبيد الله سنة أربع وثلاثين وأربعمائة حدثني والدي أبو علي عبيد الله بن محمد حدثني أبي محمد بن عبيد الله حدثني أبي عبيد الله بن علي حدثني أبي علي بن الحسن حدثني أبي الحسن ابن الحسين حدثني أبي الحسن بن جعفر وهو أول من دخل بلخ من هذه الطائفة حدثني أبي جعفر الملقب بالحجة حدثني أبي عبد الله حدثني أبي الحسن الأصغر حدثني أبي علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب " ع " قال رسول الله ليس الخبر كالمعاينة قال شيخنا الشيخ زين الدين الشهيد رحمه الله في شرح الدراية هذا أكثر ما اتفق لنا روايته من الأحاديث المسلسلة بالآباء.
قال المؤلف: واتفق لي أنا رواية أربعة أحاديث مسلسلة بسبعة وعشرين أبا
(٤٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، علي بن الحسين بن علي (1)، عبيد الله بن علي (1)، علي بن أبي طالب (1)، عبيد الله بن محمد (1)، علي بن الحسن (1)، الحسن بن جعفر (1)، الضلال (1)، الشهادة (1)
وسيأتي ذكرها إن شاء الله في ترجمة الوالد رضي (ره) في الطبقة العاشرة من هذا الكتاب ولشرف السادة المذكور من المنثور والمنظوم ما يفوق الدرر في أسلاكها والدراري في أفلاكها وله في النثر كلمات قصار كل واحدة منها تقصار وهي محذوة علي مثال الأمثال كقوله من استغني عن الدنيا فكأنه دعاها إلي الامتاع ومن حرص عليها فكأنه أغراها بالامتناع اللئيم من قصر عن الواجب من غير قصر في يديه ولا قصور فيما لديه الغني معان ومن عادي معانا فقد عاد مهانا من دق نجارك عن نجاره فلا تجاره ومن قصر حسامك عن حسامه فلا تسامه ومن شعره قوله يمدح الوزير أبا نصر أحمد بن عبد الصمد سنة خمس وعشرين وأربعمائة.
أشبه العصي إذا تأود قدا * وحكي الورد إذ تفتح خدا وثني للوداع في حرمة البين * بنانا يكاد يعقد عقدا ولقد حاول الكلام فحاشا * واشييه فأسبل الدمع سردا لست أنسي وان تقادم عهدا * عهد أحبابنا بنجد ونجدا حين غصن الشباب غض ونجم * الوصل سعد بحسن اسعاد سعدي وغزال قد أورث البدر غيظا * وجهه الطلق والغزالة حقدا الف الصد والتجنب حتي * علم الطيف في الكري ان يصدا فسقي عهده العهاد وان لم * يقض حقا لنا ولم يرع عهدا بل سقاه ندي الوزير فجدوي * راحتيه أجدي وأهني وأندي وقوله من أخري:
أراعك ان تجري الدموع كما تجري * وقد جد من يجري إلي الوصل والهجر أتعجب أن أرعي المصابيح في الدجي * وقد زالت الشمس المنيرة عن حجري أيجمل تأتيني وجمل سرت بها * جمالتها نشوي الحمائل إذ تسري لك الله من قال له لفظ وامق * يري أنه يسلي ولكنه يغري يكلفني الصبر الجميل وانما * يجر عني كأسا أمر من الصبر
(٤٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: أحمد بن عبد الصمد (1)، الغني (2)، العقد (1)، الصبر (2)
وساحرة الألحاظ لم أر قبلها * بان تناهي الحسن ينفث بالسحر ترد الغصون المائسات بحسرة * وتثني البدور الطالعات علي وزر وقوله أيضا:
قالوا رأيت كإسماعيل من رشا * فقلت شرواه في دار الخلو ديري من ذا رأي الحور في الدنيا معاينة * أم من يشاهد ما بين الوري قمرا أعجب به بانة فرعاء ناضرة * تري عنا قد من مسك لها ثمرا إذا بدي وجهه أو لاح مبسمه * أو جاد بالقول إما قل أو كثرا رأيت في عارضيه الدر منسبكا * والدر منتظما والدر منتثرا سبحان خالقه ما كان أقدره * ان يفضح العقل أو أن يفتن البشرا لو شاء أوسع أهل الأرض قاطبة * من ثغره سكرا من طرفه سكرا وقوله أيضا:
شد النطاق بخصره فغدا فريدا في جماله * يجني اللجين من الجبال فكيف عيد إلي جباله وله أيضا:
أفدي بروحي من قلبي كوجنته * في الوصف لا الحكم فالاحكام تفترق أعجب بحرقة قلب ماله لهب * ومن تلهب خد ليس يحترق وله أيضا:
وإني لمن قوم إذا تميزت * ليال تلقوا صرفها بالتنمر قدام الوري في كل يوم تقدم * صدورهم في كل يوم تصدر بقرباهم قد سار كل خليفة * وبالأمر منهم ساس كل مؤمر بني الله فوق الساريات بيوتنا * بأحمده المحمود ثم بحيدر مقلبنا كف الوصي وحجره * ومرضعنا دار النبي المطهر ونحن تنقذنا الأنام من العمي * ووشك الردي في الجاحم المتسعر ونحن كسرنا الوثن والصلب كلها * ونحن نجوم الأرض في كل مشعر
(٤٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الشهادة (1)، الوصية (1)

السيد أبو الحسن علي بن أبي طالب البلخي

فيدعو لنا في الفرض كل موحد * ويدعو لنا في الأرض كل مكبر ويسمو إلي تفضيلنا كل موقن * ويفضي إلي تنقيصنا كل ممتري وقد ذقت من حلو الزمان ومره * وجربت طوري عرفه وتنكر فلم أر أزري للعلي من تسوف * ولم أر أحري للمني من تشمر قضيت لأقلامي ديونا كثيرة * وقد حل دين المشرفي المشهر واشعاره كثيرة في هذا المقدار كفاية.
(السيد الأجل أبو الحسن) علي بن أبي طالب بن عبيد الله البلخي بن أخي المذكور قبله ذكره الباخرزي في كتاب دمية القصر فقال شرف السادة عمه وله أخص الفضل وأعمه وهو من أغصان تلك الدولة العلياء ومن أزهار تلك الدوحة الغناء ورأيت الشيخ أبا عمرو يروي بين يدي عمه شعره وأسارير وجهه من سرور تشرق ولسانه بالحمد والشكر ينطق لما يرشح به إناؤه ومن فضل مختزن في إهابه وبخاته سار ذكره لها وشرف قدرها به ورأيت في كتاب قلايد الشرف قافية منسوبة إليه فلم أتمالك ان قلت عين الله عليه وحواليه، مطلعها:
أرقت وحجري بالمدافع يشرق * وقلبي إلي شرقي رامة شيق وما زلت أحمي بالتصبر مهجة * يكر عليها للصبابة فيلق خليلي هل لي بالعذيبة رجعة * وان لم يعاودني الصبا المتأنق وهل لي بأطراف الوصال تماسك * وهل انا من داء التفرق مقرق بحيث الصبا فينان أخضر مورق * يغازلني والعيش صاف مورق وكم قد مضي ليل علي أبرق الحمي * يضئ ويوم بالمشرق يشرق تسرقت فيه اللهو أملس ناعما * وأطيب انس المرء ما يتسرق ويا حسن طيف قد تعرض موهنا * وقلب الدجي من صولة الصبح يخفق تنسمت رياه قبيل وروده * وما خلته يحنو علي ويشفق
(٤٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، علي بن أبي طالب (1)

السيد أبو المحاسن إسماعيل بن حيدر العلوي العباسي

(السيد أبو المحاسن) إسماعيل بن حيدر العلوي العباسي ذكره الشيخ أبو الحسن علي بن عبيد الله ابن بابويه في (رجاله) فقال جليل ثقة صالح محدث، وروي عنه الشيخ المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيشابوري شيخ الأصحاب بالري وذكر الباخرزي في دمية القصر فقال كان خبر هذا الفتي يترائي لي واسمع انه قد نبغ وان قميص فضله قد سبغ وهو في ريعان صباه سبق القاضي حيدر أباه وكنت اقترح علي الأيام ان تكحلني بطلعته فأقف علي صفته كما وقفت علي صنعته فاتفق حصولي في الري في ديوان الرسائل بها وقد أظن أنه إذا سمع بي قصدني اما مفيدا أو مستفيدا فلما تراخي عني وتنفست علي استبطائي أباه مدة مديدة قلت في نفسي لعل له عذرا وتعرفت خبره فزعموا أنه صاحب فراش منذ أسبوع يكاد ينفجر عليه من عين الفضل ينبوع فكتبت إليه أعوده:
عجل الله برأ إسماعيلا * وجلاه الشفاء عضبا صقيلا لا يرو عنه الذبول فقدما * قد حمدنا من القناة الذبولا ونسيم الرياض لا يكتسي الصحة * الا بأن يهب عليلا فحمل إليه أبوه القاضي حيدر هذه الأبيات وهو لما به مستعد لما به فكتب إلي ببنان مرتعش وقلم لا يكاد ينتعش ببيتين تمثل بهما وهما:
رمتني وستر الله بيني وبينها * ونحن بأكناف الحجاز رميم فلو انها لما رمتني رميتها * ولكن عهدي بالنضال قديم وانطفأ بعد ذلك بساعة وفي منه حسرة أتجرعها ولا أكاد أسيغها وفي العين عبرة أجلبها من الشؤون ثم أسلبها وكانت وفاته سنة أربع وثلاثين وأربعمائة ومن شعره قوله:
العرب والعجم عالمان بنا * انا علي الحادثات فتيان من معشر ما اطل هامهم * في المجد الا ظبي وتيجان
(٤٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، علي بن عبيد الله (1)، إسماعيل بن حيدر (1)

السيد أبو الحسن المطهر ابن أبي القاسم علي النقيب

أولئك السادة الأولي شرفت * مغارس منهم وأغصان يا ليت شعري متي يجلل من * هامة قرني أغر عريان يضئ ما أظلم البهيم كما * يضحك والدمع منه هتان كم قلت إذ شامه الكفاح لنا * انك يا مشرفي فتان إلا ويبدي فتور حقك لي * انك بين القراب يقظان سقيا لأيامنا التي سلفت * والدهر مغضي الجفون وسنان حتي إذا قرت العيون بكم * علمت أن الزمان غيران فلج حتي تقاذفت بكم * عنا مطايا الفراق غيطان لما تصرمت تصارمت لكم * منا بوصل السهاد أجفان وقوله أيضا:
أفي الصبا أشتاق وصل الصبا * كلا ولكن معالي شيب لو أن ما حملته همتي * حمل سلي لعزاء المشيب (السيد الا جبل أبو الحسن المطهر) ابن أبي القاسم علي بن أبي الفضل محمد بن علي بن محمد بن حمزة بن أحمد ابن محمد بن إسماعيل الديباج بن محمد بن عبد الله الباهر علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب الملقب بالمرتضي بن ذي الفخرين ذكره الشيخ أبو الحسين بن بابويه في رجاله فقال هو من كبار سادات العراق وصدور الاشراف وانتهي منصب النقابة والرياسة في عصره إليه وكان عالما في فنون العلوم وله خطب ورسائل لطيفة قرأ علي الشيخ الموفق أبو جعفر الطوسي في سفر الحج وذكره أبو الحسن الباخرزي في دمية القصر فقال هو من الاشراف السادة اتفق اكتحالي بغرته الزهراء واستضائتي بزهرته الغراء سنة أربع وثلاثين وأربعمائة بالري ألا ان الالتقاء كان خلسة والاجتماع لحظة وما زالت أخباره تترامي إلي باثنية الجميل علي فيزداد غرس ولائه في قلبي أثمارا وهلال وفائه بين جوانحي أقمارا ولم أظفر مما ألقاه
(٤٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: دولة العراق (1)، كتاب الأشراف للشيخ المفيد (2)، علي بن الحسين بن علي (1)، علي بن أبي الفضل (1)، محمد بن عبد الله (1)، محمد بن إسماعيل (1)، حمزة بن أحمد (1)، علي بن محمد (1)، الحج (1)

السيد أبو القاسم يحيي بن أبي الفضل محمد بن علي النقيب

بحر علمه علي لسان فضله إلا بهذين البيتين:
جانب جناب البغي دهرك كله * وأسلك سبيل الرشد تسعد والزم ومن وسخته عذرة أو فجرة * لم ينقه بالرحض بحر القلزم قال المؤلف السيد المذكور من أكابر السادة العظماء ومشاهير الفضلاء والعلماء وكان نقيبا علي الري وقم وآمل ذا ثروة ونعمة عظيمة مع كمال الفضل وعلو النسب والحسب له مدرسة عظيمة بقم ولما توفي كان من جملة متروكاته أربعمائة من لؤلؤ وناهيك بها ثروة وكانت ملوك آل سلجوق يلتمسون مصاهرته ويفتخرون بذلك لعلو قدره وارتفاع شأنه وكان الخواجة نظام الملك صاهر ابنه السيد الأجل محمد بابنته التي هي واحدة بعد أن تشفع إليه بمن يعز عليه ولم نزل النقابة والرياسة في ولده حتي تغلب خوارزم شاه تكش علي العراق فقتل السيد يحيي بن محمد بن علي بن محمد بن المطهر المذكور وهرب ابنه إلي بغداد. كما سيأتي في ترجمته إن شاء الله، فزالت أيامهم وانقضي زمانهم وخلد في صدور الدفاتر محاسنهم وإحسانهم رحمهم الله.
(السيد الأجل أبو القاسم) يحيي بن أبي المفضل محمد بن علي بن محمد بن النقيب المطهر المذكور قبله ملقب عز الدين المرتضي علم الهدي ذا الشرفين قال الشيخ أبو الحسن علي ابن عبيد الله بن بابويه في وصفه هو الصدر الكبير الإمام السيد الأجل الرئيس الأنور الأطهر الأشرف المرتضي المعظم عز الدولة والدين شرف الإسلام نصير الملك رضي الملك والسلاطين ملك النقباء في العالمين اختيار الأيام افتخار الأنام قطب الدولة ركن الملة عماد الأمة سلطان العترة الطاهرة عمدة الشريعة رئيس رؤساء الشيعة صدر علماء العراق قدوة الأكابر معين الحق حجة الله علي الخلق ذي الشرفين كريم الطرفين نظام الحضرتين جلال الاشراف سيد أمراء السادة شرقا وغربا قوام آل الرسول ملك السادة ومنبع السعادة وكهف الأمة وسراج
(٤٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: دولة العراق (2)، كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، محمد بن علي بن محمد بن المطهر (1)، مدينة بغداد (1)، علي بن محمد (1)، الحج (1)، الإختيار، الخيار (1)، العزّة (1)، الكرم، الكرامة (1)
الملة وطود الحلم والرزانة وقس اللسن والإبانة وعلم الفضل والافضال ومقتدي العترة والآل انتهي. كان رحمه الله خاتمة أهل بيته في الرياسة بالعراق وعظيمهم الذي لا يزاحمه عظيم من دون اغراق عظم في الرياسة قدره وأشرق في سماء الايالة بدره وفوضت إليه نقابة الطالبيين بالري وقم وآمل وكان فاضلا عالما كبيرا عليه تدور رحي الشيعة واليه ترد أحكام الشريعة وخوطب بسلطان العلماء ورئيس العظماء وكان راوية للأحاديث يروي عن والده المرتضي السعيد شرف الدين محمد وعن مشايخه الكرام قدست أرواحهم وكانت مدته قبلة الآمال ومحط الرحال وباسمه الشريف نظم السيد عز الدين علي بن السيد الأمام ضياء الدين فضل الله الحسيني الراوندي حبيب النسيب للحسيب النسيب ولم يزل راقيا لأوج السعد والاقبال ممتطيا صهوة العز والجلال حتي اصابته عين الكمال وجري الدهر علي عادته في تبديل الأحوال فختم له بالشهادة ونال من خيري الدنيا والآخرة الحسني وزيادة وكان سبب شهادته ان الملك خوارزم شاه تكش لما استولي علي الري وتلك الأطراف وقتل من بها من الأعيان والاشراف كان الشريف المذكور ممن عرض علي السيف وجري عليه ذلك الظلم والحيف وذلك في سنة تسع وثمانين وخمسمائة وانتقل محمد ولده إلي بغداد ومعه السيد ناصر بن مهدي الحسيني وكان وروده إليها في شعبان سنة اثنين وتسعين وخمسمائة وتلقيا من قبل حضرة الخليفة الناصر لدين الله بالقبول ففوضت نقابة الطالبين في بغداد إلي السيد ناصر المذكور ثم فوضت إليه الوزارة فترك أمر النقابة إلي محمد بن السيد عز الدين فصار نقيب الطالبيين علي رسم آبائه الطاهرين ثم حج ورجع إلي بلده رحمهم الله أجمعين. (تكش) بفتح المثناة من فوق والكاف والسين المعجمة علي وزن حبش والله أعلم.
(السيد أبو عبد الله) جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسين بن
(٤٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: دولة العراق (1)، شهر شعبان المعظم (1)، الحسن بن جعفر بن الحسن (1)، جعفر بن محمد بن جعفر (1)، أبو عبد الله (1)، سلطان العلماء (1)، مدينة بغداد (2)، العزّة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الظلم (1)، الشهادة (2)، الحج (1)، القتل (1)، الطهارة (1)

السيد أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر صاحب كتاب التاريخ العلوي

علي بن أبي طالب عليه السلام.
قال النجاشي كان وجها في الطالبين متقدما روي الحديث وكان ثقة في أصحابنا سمع وأكثر وعمر وعلا اسناده له كتاب (التاريخ العلوي) وكتاب (الصخرة والبئر).
مات في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثمائة وله نيف وتسعون سنة وذكر عنه انه قال ولدت بسر من رأي سنة أربع وعشرين ومائتين وعلي هذا فيكون وفاته عن أربع وثمانين سنة رحمه الله تعالي.
(السيد أبو إبراهيم) حسن بن علي بن عبد الرحمن الشجري بن قاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي بن أبي طالب " ع " كان من أعاظم الأشراف بقزوين عظيم الشأن وافر الجاه مقدما رئيسا ذا فضائل وكمالات عديدة إليه انتهت الرياسة في تلك الديار وبه اقتدت السادة الأخيار وكان قد عمر عمرا طويلا فأضر في آخر عمره عند كبر سنه فأسف علي ذهاب بصره وتألم لذلك كثيرا فجمع مائة نفر من السادات والفضلاء والصالحين من أهل قزوين وانهر وأعطي كل منهم راحلة وزادا وحج بهم معه ولما وصل إلي المدينة المنورة رأي في منامه قائلا يقول ما هذا الأسف كله علي ذهاب بصرك ولم يبق من عمرك ما تأسف علي ذهاب الصبر فاختر أما رجوع بصرك كما كان أو ان يكون في أحد أولادك دعوة مستجابة دائمة فاختار في منامه الاستجابة ورجع من الحج بجميع من ذهب معه ولما وصل إلي قزوين أنتقل إلي جوار الله تعالي وتوفي سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة ولم تزل الرياسة في أعقابه إلي اليوم.
(أبو يعلي محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري) صهر الشيخ المفيد (ره) وخليفته والجالس بعد وفاته مجلسه متكلم فقيه قيم بالامرين جميعا صنف كتبا كثيرة مفيدة.
(٤٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، شهر ذي القعدة (1)، كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، المدينة المنورة (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، محمد بن الحسن بن حمزة (1)، أبو إبراهيم (1)، الحسن بن زيد (1)، الحج (2)، الصبر (1)

السيد أبو إبراهيم الحسن بن علي بن عبد الرحمن الشجري

علي بن أبي طالب عليه السلام.
قال النجاشي كان وجها في الطالبين متقدما روي الحديث وكان ثقة في أصحابنا سمع وأكثر وعمر وعلا اسناده له كتاب (التاريخ العلوي) وكتاب (الصخرة والبئر).
مات في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثمائة وله نيف وتسعون سنة وذكر عنه انه قال ولدت بسر من رأي سنة أربع وعشرين ومائتين وعلي هذا فيكون وفاته عن أربع وثمانين سنة رحمه الله تعالي.
(السيد أبو إبراهيم) حسن بن علي بن عبد الرحمن الشجري بن قاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي بن أبي طالب " ع " كان من أعاظم الأشراف بقزوين عظيم الشأن وافر الجاه مقدما رئيسا ذا فضائل وكمالات عديدة إليه انتهت الرياسة في تلك الديار وبه اقتدت السادة الأخيار وكان قد عمر عمرا طويلا فأضر في آخر عمره عند كبر سنه فأسف علي ذهاب بصره وتألم لذلك كثيرا فجمع مائة نفر من السادات والفضلاء والصالحين من أهل قزوين وانهر وأعطي كل منهم راحلة وزادا وحج بهم معه ولما وصل إلي المدينة المنورة رأي في منامه قائلا يقول ما هذا الأسف كله علي ذهاب بصرك ولم يبق من عمرك ما تأسف علي ذهاب الصبر فاختر أما رجوع بصرك كما كان أو ان يكون في أحد أولادك دعوة مستجابة دائمة فاختار في منامه الاستجابة ورجع من الحج بجميع من ذهب معه ولما وصل إلي قزوين أنتقل إلي جوار الله تعالي وتوفي سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة ولم تزل الرياسة في أعقابه إلي اليوم.
(أبو يعلي محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري) صهر الشيخ المفيد (ره) وخليفته والجالس بعد وفاته مجلسه متكلم فقيه قيم بالامرين جميعا صنف كتبا كثيرة مفيدة.
(٤٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، شهر ذي القعدة (1)، كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، المدينة المنورة (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، محمد بن الحسن بن حمزة (1)، أبو إبراهيم (1)، الحسن بن زيد (1)، الحج (2)، الصبر (1)

السيد أبو يعلي محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري صهر الشيخ المفيد وخليفته

علي بن أبي طالب عليه السلام.
قال النجاشي كان وجها في الطالبين متقدما روي الحديث وكان ثقة في أصحابنا سمع وأكثر وعمر وعلا اسناده له كتاب (التاريخ العلوي) وكتاب (الصخرة والبئر).
مات في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثمائة وله نيف وتسعون سنة وذكر عنه انه قال ولدت بسر من رأي سنة أربع وعشرين ومائتين وعلي هذا فيكون وفاته عن أربع وثمانين سنة رحمه الله تعالي.
(السيد أبو إبراهيم) حسن بن علي بن عبد الرحمن الشجري بن قاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي بن أبي طالب " ع " كان من أعاظم الأشراف بقزوين عظيم الشأن وافر الجاه مقدما رئيسا ذا فضائل وكمالات عديدة إليه انتهت الرياسة في تلك الديار وبه اقتدت السادة الأخيار وكان قد عمر عمرا طويلا فأضر في آخر عمره عند كبر سنه فأسف علي ذهاب بصره وتألم لذلك كثيرا فجمع مائة نفر من السادات والفضلاء والصالحين من أهل قزوين وانهر وأعطي كل منهم راحلة وزادا وحج بهم معه ولما وصل إلي المدينة المنورة رأي في منامه قائلا يقول ما هذا الأسف كله علي ذهاب بصرك ولم يبق من عمرك ما تأسف علي ذهاب الصبر فاختر أما رجوع بصرك كما كان أو ان يكون في أحد أولادك دعوة مستجابة دائمة فاختار في منامه الاستجابة ورجع من الحج بجميع من ذهب معه ولما وصل إلي قزوين أنتقل إلي جوار الله تعالي وتوفي سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة ولم تزل الرياسة في أعقابه إلي اليوم.
(أبو يعلي محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري) صهر الشيخ المفيد (ره) وخليفته والجالس بعد وفاته مجلسه متكلم فقيه قيم بالامرين جميعا صنف كتبا كثيرة مفيدة.
(٤٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، شهر ذي القعدة (1)، كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، المدينة المنورة (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، محمد بن الحسن بن حمزة (1)، أبو إبراهيم (1)، الحسن بن زيد (1)، الحج (2)، الصبر (1)

السيد تاج الدين علي ابن عماد الدين الجعفري الدهستاني

منها كتاب (التكملة في التوحيد) كتاب جواب المسألة في ايمان آباء النبي جواب المسألة في ولد صاحب الزمان جواب المسألة في الرد علي الغلاة جواب المسألة في أوقات الصلاة جواب المسألة الواردة من صيداء جواب مسألة أهل الموصل جواب المسألة في أن الفعال غير هذه الجملة مسألة في المسح علي الرجلين جواب المسائل الواردة من طرابلس أجوبة مسائل شتي في فنون من العلم مات يوم السبت سادس عشر شهر رمضان سنة ثلاث وستين وأربعمائة ودفن في داره.
(السيد تاج الدين) علي بن عماد الدين جعفر بن علي بن عبد الله بن أحمد الجعفري كان سيدا فاضلا بدهستان قرأ علي علماء خوارزم أنواع العلوم وقرأ طرفا من تصانيف الفخر الرازي عليه وفوض إليه منصب الفتوي بدهستان كما كان مفوضا إلي والده السيد عماد الدين وكان يفتي علي مذهب الحنفية تقية وذكر ذلك الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الله بن بابويه في رجاله ودهستان بكسر الدال المهملة والهاء وسكون السين المهملة وفتح التاء المثناة من فوقها وبعد الألف نون مدينة مشهورة عند مازندران بناها عبد الله بن طاهر خرج منها جماعة من العلماء قاله السمعاني في الأنساب والله العالم بالصواب.
(السيد أبو البركات) علي بن الحسين بن علي بن جعفر بن محمد بن الحسين بن علي بن محمد الملقب بالديباج بن الأمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين ابن علي بن أبي طالب " ع " ذكره الثعالبي في (يتيمة الدهر) فقال هو بقية الشرف وبحر الأدب وربيع الكرم وغرة نيسابور وشيخ العلوية وحسنة الحسينة وامام الشيعة بها ومن له صدر تضيق عنه الدهناء وتفزع إليه الدهماء:
وكلام كدمع صب غريب * رق حتي الهواء يكشف عنده رق لفظا ورق معني فأضحي * كل شئ من البلاغة عبده
(٥٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب يتيمة الدهر للثعالبي (1)، شهر رمضان المبارك (1)، عبد الله بن أحمد الجعفري (1)، علي بن الحسين بن علي (1)، الحسين بن علي بن محمد (1)، عبد الله بن طاهر (1)، علي بن عبد الله (1)، جعفر بن علي (1)، جعفر بن محمد (1)، الصدق (1)، الموت (1)، الصّلاة (1)، الكرم، الكرامة (1)

السيد أبو البركات علي بن الحسين الملقب بالديباج

منها كتاب (التكملة في التوحيد) كتاب جواب المسألة في ايمان آباء النبي جواب المسألة في ولد صاحب الزمان جواب المسألة في الرد علي الغلاة جواب المسألة في أوقات الصلاة جواب المسألة الواردة من صيداء جواب مسألة أهل الموصل جواب المسألة في أن الفعال غير هذه الجملة مسألة في المسح علي الرجلين جواب المسائل الواردة من طرابلس أجوبة مسائل شتي في فنون من العلم مات يوم السبت سادس عشر شهر رمضان سنة ثلاث وستين وأربعمائة ودفن في داره.
(السيد تاج الدين) علي بن عماد الدين جعفر بن علي بن عبد الله بن أحمد الجعفري كان سيدا فاضلا بدهستان قرأ علي علماء خوارزم أنواع العلوم وقرأ طرفا من تصانيف الفخر الرازي عليه وفوض إليه منصب الفتوي بدهستان كما كان مفوضا إلي والده السيد عماد الدين وكان يفتي علي مذهب الحنفية تقية وذكر ذلك الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الله بن بابويه في رجاله ودهستان بكسر الدال المهملة والهاء وسكون السين المهملة وفتح التاء المثناة من فوقها وبعد الألف نون مدينة مشهورة عند مازندران بناها عبد الله بن طاهر خرج منها جماعة من العلماء قاله السمعاني في الأنساب والله العالم بالصواب.
(السيد أبو البركات) علي بن الحسين بن علي بن جعفر بن محمد بن الحسين بن علي بن محمد الملقب بالديباج بن الأمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين ابن علي بن أبي طالب " ع " ذكره الثعالبي في (يتيمة الدهر) فقال هو بقية الشرف وبحر الأدب وربيع الكرم وغرة نيسابور وشيخ العلوية وحسنة الحسينة وامام الشيعة بها ومن له صدر تضيق عنه الدهناء وتفزع إليه الدهماء:
وكلام كدمع صب غريب * رق حتي الهواء يكشف عنده رق لفظا ورق معني فأضحي * كل شئ من البلاغة عبده
(٥٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب يتيمة الدهر للثعالبي (1)، شهر رمضان المبارك (1)، عبد الله بن أحمد الجعفري (1)، علي بن الحسين بن علي (1)، الحسين بن علي بن محمد (1)، عبد الله بن طاهر (1)، علي بن عبد الله (1)، جعفر بن علي (1)، جعفر بن محمد (1)، الصدق (1)، الموت (1)، الصّلاة (1)، الكرم، الكرامة (1)
يزين تالد أصله بطارف فضله، ويحكي طهارة نسبه وبراعة أدبه ويرجع من حسن المروة وكرم الشيمة إلي ما تتواتر به أخباره وتشهد عليه آثاره ويقول شعرا صادرا عن طبع شريف وفكر لطيف وذكره أبو نصر العتبي في تاريخ اليميني فقال قد جمع الله له بين ديباجتي النظم والنثر فنثره منثور الرياض جادتها السحائب ومنظومه منظوم العقود زانتها النحور والترائب فمن نثره ما كتبه إلي بعض أصحابه في شكاية لحقته وكان هو أيضا شاكيا برقتي هذه وانا عائد معود وقاصد بالزيارة مقصودا خاطب أصدقائي بما أخاطب وأكاتب إخواني بما أكاتب سمائي وقدة وأرضي رعدة تنتابني الحمي وتفارقني الشكوي نفسي نفسان ونفسي نفسان كأن الحول شاطرني فصوله فنلت غرته وحجوله فالربيع بين عيني وخيشومي والصيف كان بين صدري وحلقومي وما عرفت لعلتي هذه سببا إلا إني رأيت نفس الكرم شاكية فشاركتها في شكواها ووجدت عين الكمال متأذية فاحتملت عيني أذاها وقلت متمثلا لا ممتثلا:
ونعود سيدنا وسيد غيرنا * ليث التشكي كان بالعواد ثم ذكرت ما أعد الله للعباد من ثواب العلة في المعاد فاستصغرت من ذلك ما استعظمته وسهل مسلكي وان استوعرته وقلت نصح الله تلك النسمة من العلة وأعطي الشيخ بها أمانا من القلة وأعمي عنه ناظر الزمان ولا طرق إلي فنائه طوارق الحدثان وتمنيت إني واصلت غدوي برواحي في زيارة الشيخ مشاهدا للحال وإقباله نحو البرء والأقبال لكن حيل بين العير والنزوان ومنه قوله:
ان تكن كتابتي للأمير أنفا لم ترتع وبكر لم تفترع فلا أشوبها بأرب ولا أتسبب إليها بسبب فعل من لا يشين ولائه طمع ولا يشوب دعواه عيب ولا طبع غير أن الاضطرار بغير وجه الاختيار والعذر فيه مقبول عند ذوي الأخطار والأحرار وفلان يمسي بحق الجوار ولقد نشر جرائد شكره وأظهر بحسن البشر خبايا بره فملأ الأرض ثناء والسماء دعاء وعادة الأمير أن يحيي الآمال ويسترق الأحرار فليجعل متكرما هذا الأمل محظوظا ولا يجعله محطوطا
(٥٠١)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الشكوي (1)، الزيارة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الطهارة (1)
إن شاء الله. ومنه قوله:
بعض الوقت مقت وبعض الحين حين والطالب عجول والمطلوب منه ملول وكل اناء يرشح بما فيه وكل جان يده إلي فيه ومن كلامه: انا من الناس لم يعدو الخط حظا ولا الشعر شعارا ومن نظمه قوله:
وأغيد سحار بألحاظ عينه * حكي لي تثنيه من البان املودا سلخت بذكراه عن الصبح ليلة * أنادمه والكأس والناي والعودا تري أنجم الجوزاء والنجم فوقها * كباسط كفيه ليقطف عنقودا وقوله:
أسرب القطا هل من يعير جناحه * فيوسعني برا وأوسعه شكرا لعلي ألقي من أحب لقائه * فقد فرق الأيام ما بيننا دهرا وكان هذا السيد في زمن السلطان يمين الدولة محمود بن سبكتكين ينزل نيشابور وأبنه الحسين بن علي بن الحسين ورد بغداد في خلافة المهتدي وأدرك خلافة المعتمد وتوفي ببغداد في خلافته وقبره ببغداد ظاهر وأبنه جعفر بن الحسين ابن علي أقام ببغداد بعد موت أبيه مدة ثم انتقل إلي الجبل ووقع اختياره علي همدان فاتخذها دار مقام وأولد بها وأبنه الحسين بن جعفر بن الحسين بن علي أقام بهمدان بعد موت أبيه ثم أنتقل إلي قزوين واتخذها دار مقام وكان من المعمرين مات وله مائة وخمس سنين رحمه الله.
(السيد أبو طالب) محمد بن عمر بن يحيي بن الحسين النسابة بن أحمد المحدث بن عمر بن يحيي ابن الحسين ذي العبرة بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " كان جده احمد المحدث سيدا جليلا عالما نسابة نقيبا رئيسا وهو أول نقيب ولي علي ساير الطالبيين كافة ورد العراق من الحجاز سنة إحدي وخمسين ومائتين.
وكان السيد أبو طالب المذكور أحد السادة المذكورين وأوحد الفضلاء
(٥٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، دولة العراق (1)، الحسين بن علي بن الحسين (1)، جعفر بن الحسين بن علي (1)، يحيي بن الحسين (1)، علي بن الحسين (1)، جعفر بن الحسين (1)، عمر بن يحيي (1)، مدينة بغداد (1)، محمد بن عمر (1)، الموت (1)
المشهورين يجمع بين شرفي الحسب والنسب ويأخذ بطرفي المجد الارثي والمكتسب ويقيم من أدبه وفضله أعدل شاهد علي طهارة أصله وإذا طابقت الفروع الأصول فذاك هو الشرف الموصول ولله در ابن الرومي حيث يقول بعدم التعويل علي مجرد النسب:
وما النسب الموروث لا در دره * بمحتسب الا بآخر مكتسب وكان السيد لما سمع هذا البيت صدق قائله فاجتهد في اكتساب الفضل حتي لحق أوائله وهكذا فلتكن الهمم العلية والشيم العلوية وكانت وفاته رحمه الله في سنة سبع وأربعمائة وقد جعل الله من نسله سادة أجلاء وقادة نبلاء منهم سبط النقيب شمس الدين أبو عبد الله أحمد بن النقيب أبي الحسن علي بن أبي طالب محمد المذكور وكان سيدا جليلا وفاضلا نبيلا توفي في جمادي الأولي سنة إحدي وخمسين وأربعمائة عن أربع وخمسين سنة وقام مقامه ولده السيد النقيب نجم الدين أسامة بن أبي عبد الله شمس الدين احمد ولي النقابة سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة فأقام فيها أربع سنين ثم قلت رغبته فيها فاستعفي منها وتوفي في رجب سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة عن خمس وأربعين سنة وقام مقامه ولده أبو طالب عبد الله المعروف بالتقي النسابة بن أسامة وكان عالما فاضلا مبجلا وهو صاحب الحكاية مع السيد الفاضل النسابة امام الحرم جعفر بن أبي البشر الضحاك بن سليمان بن علي بن عبد الله بن محمد المعروف بتغلب بن عبد الله الأكبر بن محمد السائري بن موسي الثاني بن عبد الله بن موسي الجون بن عبد الله بن الحسن بن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب " ع " والحكاية هي ما رواه السيد الجليل شهاب الدين أحمد بن علي بن عنبة في كتاب (عمدة الطالب) قال حدثني الشيخ الملقب تاج الدين أبو عبد الله محمد بن معيه الحسيني باسناده إلي السيد العالم عبد الحميد بن التقي بن أسامة النسابة، قال: حدثني أبو طالب عبد الله بن أسامة قال حججت انا وعبد الله بن المختار فبينما نحن ذات ليلة في المسجد الحرام وإذا
(٥٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، شهر جمادي الأولي (1)، عبد الله بن الحسن (ع) (1)، شهر رجب المرجب (1)، علي بن عبد الله بن محمد (1)، عبد الله بن المختار (1)، عبد الحميد بن التقي (1)، علي بن أبي طالب (1)، عبد الله بن موسي (1)، أبو عبد الله (2)، أحمد بن علي (1)، مسجد الحرام (1)، التصديق (1)، الشهادة (1)، الطهارة (1)
بجماعة مجتمعة علي شخص ورأيت الناس يعظمون ذلك الشخص ويجتمعون عليه فسألنا عنه من هو فقيل جعفر بن أبي البشر امام الحرم فقال لي السيد عدنان وكان منا ضعف أني لأضعف من الذهاب إليه والسلام عليه فقم أنت وسلم عليه فقمت فأتيته وسلمت عليه وقبلت رأسه وقبل صدري لأنه كان رجلا قصيرا ثم قال لي من أنت قلت بعض بني عمك فقال أعلوي أنت قلت نعم قال أحسيني أم حسني أم محمدي أم عباسي أم عمري فقلت بل حسيني فقال إن الحسين الشهيد أعقب من زين العابدين وحده وأعقب زين العابدين من ستة، محمد الباقر وعبد الله الباهر وزيد الشهيد وعمر الأشرف والحسين الأصغر وعلي الأصغر فمن أبهم أنت فقلت انا من ولد زيد الشهيد فقال إن زيدا أعقب من ثلاث رجال الحسين ذي الدمعة وعيسي ومحمد فمن أيهم أنت فقلت انا من واد الحسين ذي الدمعة قال فإن الحسين ذي الدمعة أعقب من ثلاثة يحيي والحسين القعدد وعلي فمن أيهم أنت فقلت انا من ولد يحيي قال فإن يحيي بن ذي الدمعة أعقب من سبعة رجال القاسم والحسن الزاهد وحمزة ومحمد الأصغر وعيسي ويحيي وعمر فمن أيهم أنت فقلت انا ولد عمر بن يحيي قال فإن عمر بن يحيي أعقب من رجلين احمد المحدث وأبي منصور محمد فلأيهما أنت قلت لأحمد المحدث قال فإن احمد المحدث أعقب من الحسين النسابة النقيب وأعقب الحسين النسابة من رجلين زيد ويحيي فمن أيهما أنت قلت من يحيي بن الحسين قال فإن يحيي أعقب من رجلين أبي علي عمر وأبي محمد الحسن فمن أيهما أنت قلت من ولد أبي علي عمر بن يحيي قال فإن أبا علي عمر بن يحيي أعقب من ثلاثة أبي الحسن وأبي طالب وأبي الغنائم محمد فمن أيهم أنت قلت من ولد أبي طالب محمد بن أبي علي عمر بن يحيي قال: قال فكن ابن أسامة قال فقلت انا ابن أسامة وهذه الحكاية تدل علي حسن معرفة هذا الشريف بأنساب قومه واستحضاره لأعقابهم وكان للسيد أبي طالب أبي عبد الله التقي المذكور ولدان جليلان أحدهما أبو الفتح نجم الدين والثاني أبو علي عبد الحميد بن التقي النسابة
(٥٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الحميد بن التقي (1)، يحيي بن الحسين (1)، عمر بن يحيي (5)، محمد الأصغر (1)، الشهادة (2)، الجماعة (1)، الغنيمة (1)

السيد أبو محمد الحسن بن علي بن حمزة النقيب الأقاسي

ويلقب جلال الدين انتهي علم النسب مولده ليلة الثلاثاء تاسع عشر شوال سنة اثنين وعشرين وخمسمائة اما أبو الفتح فقد انقرض نسبه وأما عبد الحميد فأعقب من ولدين وكلاهما عالم فاضل أبو طالب محمد شمس الدين وأبو الفتح علي نجم الدين وكان أبو طالب محمد بن عبد الحميد نقيب المشهد والكوفة وكان عالما فاضلا نسابة وفي بيته العقب توفي سنة ست وستين وستمائة.
(السيد أبو محمد) الحسن بن علي بن حمزة بن كمال الشرف أبي القاسم محمد بن الحسن بن محمد ابن علي الزاهد بن محمد الأصغر بن يحيي بن الحسين ذي العبرة بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب " ع " الملقب علم الدين الطاهر النقيب الأقاسي كان جده كمال الشرف أبو القاسم محمد نقيبا ولاه الشريف المرتضي نقابة الكوفة وإمارة الحج حج بالناس مرارا وأولاده أجلاء رؤساء وآباءه سادة معظمون وأما السيد أبو محمد علم الدين المذكور فذكره ابن كثير الشامي في تاريخه وقال مولده ومنشأه الكوفة وكان شاعرا ماهرا فاضلا من بيت أدب ورياسة ومروة دخل بغداد ومدح المقتفي والمستنجد وولده المستضئ وأبنه الناصر فوض إليه الناصر نقابة العراق وكان شيخا مهيبا تجاوز عمره الثمانين وتوفي في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة رحمه الله وولده السيد أبو عبد الله الملقب قطب الدين كان سيدا جليلا عالما شاعرا تولي نقابة النقباء ببغداد إلا أنه لم يعقب فانقرض عقبه، والأقاسي بفتح الهمزة وسكون القاف وفتح السين المهملة وبعد الإلف سين مهملة أيضا نسبة إلي أقاسي وهي قرية من قري الكوفة وأول من نسب إليها جده محمد الأصغر بن يحيي بن الحسين ذي العبرة ثم جرت النسبة علي من بعده من أولاده.
(٥٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (4)، شهر شوال المكرم (1)، يحيي بن الحسين (2)، محمد بن عبد الحميد (1)، أبو عبد الله (1)، علي بن الحسين (1)، الشريف المرتضي (1)، مدينة بغداد (1)، الحسن بن علي (1)، جلال الدين (1)، الحسن بن محمد (1)، محمد الأصغر (1)، عبد الحميد (1)، الحج (1)، الشهادة (1)

السيد أبو الرضا فضل الله بن علي الملقب ضياء الدين الراوندي

(السيد أبو الرضا) فضل الله بن علي بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل عبيد الله بن الحسن بن علي بن محمد بن محمد بن الحسن بن جعفر بن إبراهيم ابن جعفر بن الحسن المثني بن الحسن بن علي بن أبي طالب الملقب ضياء الدين الأمام الراوندي علامة زمانه وعميد أقرانه جمع إلي علو النسب كمال الفضل والحسب وكان أستاذ أئمة عصره ورئيس علماء دهره له تصانيف تشهد بفضله وأدبه وجمعه بين موروث المجد ومكتسبه.
روي عن الشيخ العلامة أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي وأبي علي الحداد والشيخ أبي جعفر النيسابوري وأبي الفتح بن أبي الفضل الأخشيدي وخلق آخرين من الشيعة والسنة وروي عنه أكثر أهل عصره ومن تصانيفه كتاب (الكافي) في التفسير وضوء الشهاب ومقاربة الطيبة إلي مقارنة النية والأربعين في الأحاديث (والكافي) في علم العروض والقوافي ونظم العروض والطب الرضوي وغير ذلك له مدرسة عظيمة بكاشان ليس لها نظير علي وجه الأرض سكنها من العلماء والفضلاء والزهاد والحجاج خلق كثير وفيها يقول ارتجالا:
ومدرسة أرضها كالسماء * تجلت علينا بآفاقها كواكبها أغر أصحابها * وأبراجها عز أطباقها وصاحبها الشمس ما بينهم * تضئ الظلام باشراقها فلو ان بلقيس مرت بها * لأهوت لتكشف عن ساقها وظفته صرح سليمان إذ * يمرد بالجن حذاقها قال أبو سعيد السمعاني في كتاب الأنساب لما وصلت إلي كاشان قصدت زيارة السيد أبي الرضا المذكور فلما انتهيت إلي داره وقفت علي الباب هنيئة أنتظر خروجه فرأيت مكتوبا علي طراز الباب هذه الآية المشعرة بطهارته وتقواه (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فلما اجتمعت
(٥٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: آية التطهير (1)، عبد الله بن محمد بن عبد الله (1)، الحسن بن علي بن أبي طالب (1)، عبيد الله بن الحسن (1)، محمد بن محمد بن الحسن (1)، جعفر بن إبراهيم (1)، فضل الله بن علي (1)، الفضل بن الحسن (1)، جعفر بن الحسن (1)، الشهادة (1)، الوضوء (1)
به رأيت منه فوق ما كنت أسمع عنه وسمعت منه جملة من الأحاديث وكتبت عنه مقاطيع من شعره ومن جملة أشعاره التي كتبها إلي بخطه الشريف هذه الأبيات:
هل لك يا مغرور من ذاجر * أو حاجز عن جهلك الغامر أمس تقضي وغدا لم يجئ * واليوم يمضي لمحبة الباصر فذلك العمر كذا ينقضي * ما أشبه الماضي بالغابر قال المؤلف عفا الله عنه تعالي ولقد وقفت علي ديوان هذا السيد الشريف فرأيت ما هو أبهي من زهرات الربيع وثمرات الخريف فاخترت منه ما يروق سماعه لأولي الألباب ويدخل إلي المحاسن من كل باب فمن ذلك قوله في أول قصيدة يمدح بها الصاحب بهاء الدين:
سفرت لنا عن طلعة البدر * إحدي الخرائد من بني البدر فأجل قدر الليل مطلعها * حتي تراءت ليلة القدر لو أنها كشفت لآلئها * من فوقها والعقد والثغر لأضاءت الدنيا لساكنها * والليل في باكورة العمر حتي يظن الناس انهم * هجم العشاء بهم علي الفجر وحديثها سحر إذا اتسقت * لو كان طعم الشهد للسحر وجبينها بدر التمام إذا * حاذاك لولا كلفة البدر ومنها:
يا لائمي كف الملام فقد * غلب الغرام بها علي الصبر فوحق فاحمها الأثيث وهل * في ذلكم قسم لذي حجر إني إلي معسول ريقتها * أظما من البادي إلي القطر عهدي بها والوصل يجمعنا * كاللوز توأمتين في قشر ما شئته شائت وما كرهت * فهو الكريه يحل في صدري نغدوا كلانا وفق صاحبه * ومطيع حكم النهي والامر
(٥٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الغلّ (1)، الجهل (1)، الظنّ (1)
كالدهر ممتثلا لسيده * أعلمت من هو سيد الدهر وقوله في أول قصيدة يمدح بها ربيب الملوك ابن أمين الملوك الحسين المستوفي:
عودوا ببعض عشيات الحمي عودوا * عودوا فإن لم يكن نقد فموعود وعدتمونا إذا ما العود فيه جري * ماء الربيع فهذا الماء والعود السمع يصغي إلي مكذوب وعدكم * والقلب يصغي إليه وهو معمود بل للكواعب عذر في الصدود إذا * أنصفتهن وما الانصاف محمود شيبت نفسك لما رحت مكتهلا * فكيف تصبو إليك الخرد الغيد واسود يومك لما ابيض رأسك من * بيض وسود جناها البيض والسود غصن الشباب ذوي فينانه نضرا * فعاد وهو جني المتن مخضود عهد الشباب جزاك الله صالحة * فليس مثلك في الأشياء موجود ان الشباب إذا ولي بطيبة * فليس يرجعه نوح وتعديد وقوله في أول قصيدة يمدح بها الصاحب مجد الدين:
آها لبرق أو مضا * هاج غرامي ومضي كأنه لما بدي * لمع سيوف تنتضي أو التواء حية * قتلته فنضنضا وبالريح نسمة * من ساكني ذات الاضا مريضة لم تستطع * من ضعفها ان تنهضا فاحتبست علي الربي * وكل خبت روضا حتي غدت لطيمة * مفضوضة علي الفضا يا برق يا ريح معا * تركتماني حرضا ما لكما أوقدتما * علي الحشا جمر الغضا وا أسفا علي الصبا * أكان دينا يقتضي عاد برغم معطي * ذاك الغداف أبيضا
(٥٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (1)
وعاد حقي باطلا * وعاد جسمي غرضا لهفي علي عهد الصبا * أفلت عني وانقضي جار عليه الشيب لما * ان قضا فلا قضا أظلمت الدنيا علي * عيني لما ان أضا من الذي أشكوا إذا * صار الطبيب ممرضا آه علي شبية * بنيانها تقوضا لأقصرن خاطري * إذا شدا أو قرضا علي مراثيها فقد * أبقت بقلبي مرضا وقوله في أول قصيدة يمدح بها الصاحب بها الدين:
مقل الظباء إذا رمين قواصد * وقلوبنا أبدالهن مقاصد حور تسلحت الحلي وطاردت * شوس الرجال فهم لهن طرائد قامت دمالجها مقام سيوفها (1) * ومن السلاح دمالج ومعاضد بل حسنهن هو السلاح وغالب * قرن بها ذاك السلاح يجالد من كل واضحة الجبين كأنها * بدر تكنفه ظلام راكد يشفي غليل ضجيعها من ريقها * عذب يرقرقه شنيب يارد سقيا لأيام مضين حميدة * والدهر عز والزمان مساعد ما انس لا أنسي العشيات التي * سلفت لنا يا ليتهن عوائد بجنيننا ثمرات كل لبانة * إذ نحن ولدان وهن ولائد سقيا لهن معالما ومعاهدا * ما مثلهن معالم ومعاهد وكأنها أيام مولانا التي * هي في نحور المكرمات قلائد أعني بهاء الدين والصدر الذي * بعلاجه صلح الزمان الفاسد الأريحي المستجاد المرتجي * واللوذعي المستماح الماجد
(1) وفي نسخة: سلاحها
(٥٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: صلح (يوم) الحديبية (1)، الطب، الطبابة (1)
نام الخلائق في ذراه وطرفه * مما يحافظهم رقيب شاهد هو في سماء الفخر بدر زاهر * والآخرون أهلة وفراقد وأصيبت في الكواكب كثرة * والبدر ما بين الكواكب واحد أغني نداه العالمين فأصبحوا * ما فيهم إلا غني واجد المجد للعافي عليه حاكم * والبشر في تلك الحكومة شاهد وأنامل أم أبحر زخارة * وشمائل أم أنعم وعوائد يبقي علي العافين ماء وجوههم * بمواهب لم يبلهن مواعد سهل علي الأحباب عفو كلامه * وعلي العداة بوارق ورواعد صب ولكن العلي صبواته * لا تصبينه عقائل وخرائد لا بل خرائده نهي وصرامة * ومآثر تحتاطها ومحامد ولقد تفرع في المكارم ذروة * ذل العدو لها وخاب الحاسد وعياله طوعا وكرها كل من * تحت السماء فمادح أو حامد وقوله:
أسمع هديت وخير القول أنصحه * ولا تكن في استماع النصح ذا شطط ان في الذري ملكا أو في الثري سقطا * ولا تكن وسطا لا خير في الوسط وقوله:
ان سليمي أقسمت لا تجود * الا ضحي السبت إذا ما يعود فنحن لاستنجاز موعودها * نعظم السبت كأنا يهود وقوله:
بليت من الهوي بجوي عتيد * وقلب لا يطاوعني عنيد وحزن لا أقاومه قوي * يحاكمني إلي صبر شديد وحب يبتغي مني مزيدا * وما عندي وحقك من مزيد وخل لا أطيق له خلافا * ولو أمر الغداة بضرب جيدي
(٥١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصبر (1)، الغني (1)، النوم (1)
جفاني إذ نوي سفرا بعيدا * فيالله للسفر البعيد وكنت ألفته ألفا جديدا * ففاجأني بهجران جديد وقوله من قصيدة:
يا سقي الله عشيات الحمي * بين أكناف النقي فالمنحني وليالي بجمع انها * فرص العمر وتارات المني بينما نحن معا نرتع إذ * نفضوا الخيف وأموا اليمنا خرست بيضهم بيض القبا * ورعت سمرهم سمر القنا وأتت عاذلتي باكرة * ان رأتني وصبا حلف ضنا ثم لما أعجبتها نفسها * وأذابت قلبي الممتحنا حلفت لو أنني كنت انا * أنت لم أختر لروحي المحنا قلت خليني وخلي عذلي * ما انا أنت ولا أنت أنا لو رأتني حين بانوا والنوي * تجعل الأعين منا أعينا لرأت أنملنا السننا * ورأت السننا أنملنا وقوله ملغزا في أحمد:
أقبل كالبدر في مدارعه * تشرق في السعد من مطالعه أوله ربع عشر ثالثه * وربع ثانيه جذر رابعه وكان السيد المذكور موجودا إلي سنة ثمان وأربعين وخمسمائة والراوندي بفتح الراء المهملة والواو وبينهما الف وسكون النون آخرها دال مهملة نسبة إلي راوند وهي قرية من قري كاشان بنواحي أصبهان قاله السمعاني في الأنساب ابنه السيد الإمام أبو الحسن علي عز الدين بن السيد الإمام أبي الرضا فضل الله ضياء الدين الحسيني الراوندي هو شبل ذلك الأسد وسالك بهجة الأسد والعلم ابن العلم ومن يشابه أبه فما ظلم كان سيدا عالما فاضلا فقيها ثقة أديبا شاعرا الف وصنف وقرط بفوائده الاسماع وشنف ونظم ونثر وحمد منه العين والأثر فوائده
صفحه(٥١١)
في فنون العلم صنوف وفرائده في آثار الدهر شنوف ومن تصانيفه تفسير كلام الله المجيد لم يتمه والطراز المذهب في ابراز المذهب ومجمع اللطائف ومنبع الطرائف وكتاب (غمام الغموم) وكتب (مزن الخزن) وكتاب (نثر اللئالي لفخر المعالي) وكتاب (حسيب النسيب للحسيب النسيب وهو الف بيت في الغزل والنسيب) وكتاب (غنية المتغني ومنية المتمني ومن نظمه الباهر المزري بعقود الجواهر.
قوله في حسيب النسيب:
يقولون ان الركب بعد غد غادي * فهل لفؤادي ان غدا الركب من فادي يقولون لا قالوا ويحكون لا حكوا * بان غدا يحدوا بظعنهم الحادي فيا نفس غيضي لات حين تبلد * ويا عين فيضي ليس ذا وقت أبلادي فهذا ولما يخل منهم نديهم * فكيف بأحوالي إذا ما خلا النادي فديتك هل بعد الفراق تواصل * وهل يرتجي التقريب من بعد ابعاد هداني إليك الحب ثم أضلني * فكيف احتيالي والمضل هو الهادي دعاني الهوي سرا فلبيت جهرة * وان كان اضلالي إليه وارشادي فقال الححي مهلا فقلت له مه * فإني في واد وانك في واد الا ليت شعري هل أري قلة الحمي * وهل يروين سكانها غلة الصادي وهل تسهلن للعاشقين بذي الغضي * موارد طلاب مطالب وراد وقوله أيضا:
ذكرتكم والشهب رزحي من السري * وكف الثريا للغروب تشير وقد نشرت صدغ الظلام يد الدجي * فلم يبق من صدغ الظلام ضفير فقلت لندماني قوما فعالجا * فزادا يسير الوجد حيث يسير فقاما إلي صب له من جوي النوي * قرين ومن فرط الغرام عشير له رنة من بعدها الف رنة * إليكم ومن بعد الزفير زفير فقالا معا في السر نادي فؤاده * وان لم يعد لا عاد فهو أسير
صفحه(٥١٢)
فهل من فؤاد سالم نستعيره * فإن فؤاد الهاشمي كسير وقوله أيضا:
سلا عذبات رامة بل رباها * سلاها لأعدمتكما سلاها أنازحة فراجعة سليمي * إليك أم أستقر بها نواها أما ومني وزمزم والمصلي * وأركان العتيق ومن بناها لقد الف الفؤاد هوي سليمي * ولم يخلص إليه هوي سواها ورب ليلة زهراء بتنا * نروي من جوانحنا صداها فلف الصبح أردية الدياجي * ورق علي مطارفنا نداها فقامت تعقد الأزرار عجلي * وقد حلت مدامعنا حباها فتبكي تارة وتنوح أخري * أسي فلها بكاي ولي بكاها وقوله:
وقالوا سقيم أي ورب محمد * ورب علي انني لسقيم سقيم جفاه الأقربون فقلبه * به من ندوب الحادثات كلوم وقالوا لها هلا وأنت كريمة * وصلت الفتي العذري وهو كريم ومالك قد أصبحت لا ترحمينه * وقلبك فيما يزعمون رحيم فقالت لهم حي سليم من الهوي * بلي انني من حبها لسليم وقوله:
سري طيفها والشهب صاح ونشوان * وجنح الدجي في عرصة الجوجيران وكف الثريا بالدعاء ملحة * وصحن الثري من عسكر الزنج ملآن فأرقني والوجد والركب جنح * وأكثرهم من قهوة النوم سكران الا أيها الوجد الذي هو قائلي * ترفق قليلا إنما انا انسان فلو انه ما بي بثهلان بعضه * لأصبح رجراج الثري منه بثهلان وشعره كله علي هذا الأسلوب الذي يملك السامع ويسترق القلوب.
(٥١٣)
صفحهمفاتيح البحث: النوم (1)

السيد أبو طالب محمد بن أحمد بن محمد العلوي الحسيني صاحب كتاب الرضا عليه السلام

(السيد أبو طالب) محمد بن أحمد بن محمد العلوي الحسيني صاحب كتاب (الرضا) ذكره الشيخ أبو الحسن علي بن عبيد الله بن بابويه في فهرس أسماء علماء الإمامية وقال في شأنه فاضل ثقة.
وذكره أبو الحسن علي بن الحسن الباخرزي في كتاب (دمية القصر).
فقال رأيت هذا السيد العالم الزاهد رضي الله عنه عند اجتيازي بالطبس وأقررت بطلعته الناظر وارتديت بصحبته العيش الناضر وطال ما كنت أسمع به فلما التقينا صغر الخبر الخبر فالخلق جددوا العلم ماله في طريقته المثلي من ندد وكان ملحا علي أصحاب الملح يستفيدهم ويفيدهم حتي أمليت عليه شيئا من محفوظاتي واستكتبته بعض فوائده فجشم قلمه واستعمل في إجابتي كرمه الا إني فجعت بما أفأدنيه ونفذ الدهر حكمه فيه وآفات التعليقات كثيرة كما قال ابن درست:
عليك بالحفظ دون الجمع للكتب * فأن للكتب آفات تفرقها الماء يغرقها والنار تحرقها * والفار يخرقها واللص يسرقها فما أنشده لنفسه:
ان المكارم أصبحت لهفانة * حري وأنت بلالها وبليلها وإذا المكارم ذللت أو ضللت * يوما فأنت دلالها ودليلها وله:
لا تلحقنك ضجرة من سائل * قد رام عزك ان نري مقتولا وأعلم بأنك عن قريب صائر * خبرا فكن خبرا يروق جميلا (فصل) من نثر له رشحه بنظم وكتب بهما إلي الرئيس أبي القاسم عبد الحميد بن يحيي طلع علي خطاب حضرة سيدنا مقصورا علي عقود حلاها تقاصيرها، وحليها كالرياض جلا أزاهيرها، وحليها هذه نظمها خاطر المولي وهذه وسمها ماطر الولي حارت أحداق البشر في حدائقه، وغارت حقائق الدر من حقائقه،
(٥١٤)
صفحهمفاتيح البحث: أحمد بن محمد العلوي (1)، علي بن عبيد الله (1)، علي بن الحسن (1)، عبد الحميد (1)، الكرم، الكرامة (1)
فخدمته وتلقيته باليمين وقلت (أزلفت الجنة للمتقين):
ولو أطاقت من الأعظام تنشره * نواظر العين ما مكنت فيه يدا وان من أعطته المعالي زمامها وأمطته المكارم سنامها وأولته البلاغة صمصامها وجعلته البراعة عصامها ثم اعتام صفاياها اعتياما واحتكم في مزاياها احتكاما فاحر به ان يكون كتابه (المعالي) مقصورا علي (حور مقصورات في الخيام) وتبسم ألفاظه عن اللؤلؤ الفرادي والتوائم فهنيئا له منزلته السماء في المجد العميم (فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) وكم كررت ناظري في فصوله عند وصوله فكانت أحسن من ملك أو شباب معاد وأشقي من ملك محاسد ومعاد ووقفت علي سلامة نفسه النفيسة نفس الله مددها ووفر من الخير مددها ولا زالت عيون البلاء عنها غافلة وفنون العلماء إليها رافلة وأفنان العواف عليها مائدة وأنواع العوائد إليها عائدة فإنها نفس من عاتق المكارم وألفها كما عانقت لام الكتاب ألفها أما المخطوبة والكريمة المطلوبة فقد وصلت ومثله وان كان لا مثل له مثلها إلي مثلي من المنتمين إلي خدمته والمربوبين بنعمته يهدي فيزف وعن غيره يكف:
فرائد جاوز الشعري تراقيها * نظم المحاسن عقدا في تراقيها فلو تجسم ما فيهن من حكم * زهر كزهر جلاها صوب ساريها تناهبتها العذراي الحور ناظمة * علي النحور عقودا من لأليها لها محاسن ما ان سويت بدلا * إلا وأبدي مساويه مساويها إذ لا مروة إلا وهو ناظما * ولا فتوة إلا وهو بانيها متي نظمت مديحا في مفاخره * تضوعت عنبرا وردا قواليها هذي المهاري حداهن الولاء إلي * دار تعطرت الدنيا أهاليها ولما انصرفت من البصرة في خدمة الركاب العميدي اتفق لي الاستعاد برؤيته ثانية وتدالت أسباب الوصول دانية يكاد يأخذها من قام بالراح فتزودت
(٥١٥)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة البصرة (1)

السيد الشريف أبو العادات هبة الله بن علي المعروف بابن الشجري البغدادي

من انبساط تلقائه والاغتباط ببقائه ما اعتقدت معه لله تعالي حمدا دائبا وشكرا واصبا ولم تظل به الأيام حتي بسط القضاء جناحه عليه وقضبه الله تعالي وله الكبرياء إليه رحمه الله.
(السيد الشريف) أبو السعادات هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة بن أحمد بن عبيد الله بن محمد ابن عبد الرحمن الشجري بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب " ع " المعروف بابن الشجري البغدادي ذكره الشيخ أبو الحسن علي ابن عبيد الله بن بابويه القمي في رجاله وعده من مشايخ الامامية قال كان فاضلا صالحا صنف الأمالي شاهدت غير واحد يقرأها عليه.
وذكره القاضي ابن خلكان في (وفيات الأعيان) وقال: كان إماما في النحو واللغة وأشعار العرب وأيامها وأحوالها كامل الفضائل متضلعا من الأدب أصنف فيها عدة تصانيف فمن ذلك كتاب (الأمالي) وهو أكبر تآليفه وأكثرها إفادة أملاه في أربعة وثمانين مجلسا وهو يشتمل علي فوائد جمة وفنون الأدب وختمه بمجلس قصره علي أبيات من شعر أبي الطيب تكلم عليها وذكر ما قاله السراج فيها وزاد من عنده ما سنح له وهو من الكتب الممتعة ولما فرغ من إملائه حضر إليه أبو عبد الله بن الخشاب والتمس سماعه منه فلم يجبه إلي ذلك وعاداه ورد عليه في مواضع من الكتاب ونسبه في مواضع منه إلي الخطأ فوقف أبو السعادات علي ذلك الرد فرد عليه وبين غلطه وجمعه كتابا سماه (الأمصار) وهو علي صغر حجمه مفيد جدا وسمعه عليه الناس وجمع أيضا كتابا سماه (الحماسة) ضاهي بن حماسة أبي تمام الطائي وهو كتاب غريب مليح أحسن فيه وله في النحو عدة تصانيف وكان حلو الكلام فصيحا جيد البيان والتفهيم وقرأ الحديث علي جماعة من الشيوخ المتأخرين مثل أبي الحسن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي وأبي علي محمد بن سعيد
(٥١٦)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب أمالي الصدوق (2)، هبة الله بن علي (1)، عبيد الله بن محمد (1)، القاسم بن الحسن (1)، الحسن بن علي (1)، حمزة بن أحمد (1)، محمد بن سعيد (1)
الكاتب وغيرهما وذكره الحافظ السمعاني في كتاب (الذيل) وقال اجتمعت معه في دار الوزير أبي القاسم علي بن طرد الزينبي وقت قرائتي عليه الحديث وعلقت عليه شيئا من الشعر في المدرسة ثم مضيت وقرأت عليه جزء من (امالي) أبي العباس ثعلب النحوي وحكي أن أبا القاسم محمود الزمخشري لما قدم بغداد قاصدا للحج في بعض أسفاره مضي إلي زيارة أبي السعادات المذكور فلما اجتمع به ذكر قول المتنبي:
وأستكثر الأخبار قبل لقائه * فلما التقينا صغر الخبر الخبر ثم أنشده بعد ذلك قول محمد بن هاني الأندلسي:
كانت مسائلة الركبان تخبرني * عن جعفر بن فلاح أحسن الخبر حتي التقينا فوالله ما سمعت * أذني بأحسن مما قد رأي بصري فقال الزمخشري روي عن النبي صلي الله عليه وآله لما قدم عليه زيد الخيل قال يا زيد ما وصف لي أحد في الجاهلية فرأيته في الإسلام إلا رأيته دون ما وصف لي غيرك فخرج الحاضرون وهم يعجبون كيف يستشهد الشريف بالشعر والزمخشري بالحديث وهو رجل أعجمي وكان أبو السعادات المذكور نقيب الطالبين بالكرخ وله شعر حسن فمن ذلك قصيدة يمدح بها بعض الوزراء وصدرها:
هذي السديرة والغدير الطافح * فاحفظ فؤادك انني لك ناصح يا سدرة الوادي الذي إن ضله * الساري هداه انشره المتفاوح هل عائد قبل الممات لمغرم * عيش تقضي في ظلالك صالح ما أنصف الرشأ الضنين بنظرة * لما دعي مضي الصبابة طامح شط المزار به وبوئ منزلا * بصميم قلبك فهو دان نازح غصن تعطفه النسيم وفوقه * قمر يحف به ظلام جانح وإذا العيون تساهمته لحاظها * لم يرو منه الناظر المتراوح ولقد مررنا بالعقيق فشاقنا * فيه مراتع للمها ومسارح
(٥١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، الزمخشري (3)، محمد بن هاني (1)، مدينة بغداد (1)، الموت (1)، الشهادة (1)، الجهل (1)، الزيارة (1)
ظلنا به نبكي فكم من مضمر * وجدا أذاع هواه دمع سافح محت السنون رسومها فكأنما * تلك العراص المقفرات نواضح يا صاحبي تأملا حييتما * وسقي دياركما الملث الرائح أدمي بدت لعيوننا أم ربربا * أم خردا أكفالهن رواجح أم هذه مقل الصوار رنت لنا * خلل البراقع أم قنا وصفايح لم يبق جارحة وقد واجهننا * إلا وهن لها بهن جوارح كيف ارتجاع القلب من أسر الهوي * ومن الشقاوة ان يراض القارح لو بلة من ماء ضارج شربة * ما أثرت للوجد فيه لواقح ومن هاهنا يحرج إلي المديح، ومن شعره أيضا:
هل الوجد خاف والدموع شهود * وهل مكذب قول الوشاة جحود وحتي متي تفي شؤونك بالبكا * وقد حد حدا للبكاء لبيد وإني وان حفت قناتي كبرة * لذو مرة في النائبات جليد فيه إشارة إلي قول لبيد يخاطب ابنتيه:
إلي الحول ثم أسم السلام عليكما * ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر وكان بين الشريف أبي السعادات المذكور وبين أبي محمد الحسن الحريمي الشاعر تنافس جرت العادة بمثله بين أهل الفضل فلما وقف علي شعره قال فيه:
يا سيدي والذي يعيذك من * نظم قريض يصدي به الفكر ما فيك من جدك النبي سوي * إنك لا ينبغي لك الشعر ولعمري ما أنصفه ولكن العد ويقول في عدوه ما شاء.
وكانت ولادة الشريف المذكور في سنة خمس وأربعمائة. وتوفي يوم الخميس لعشر بقين من شهر رمضان سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
والشجري بفتح الشين المعجمة وفتح الجيم وبعدها راء نسبة إلي شجرة وهي قرية من أعمال المدينة علي ساكنها الصلاة والسلام وليس من أجداده من أسمه
(٥١٨)
صفحهمفاتيح البحث: شهر رمضان المبارك (1)، الخوف (1)، الصّلاة (1)

السيد أبو الصمصام عماد الدين ذو الفقار الحسني المروزي

شجرة فينسب إليه كما تردد في ذلك ابن خلكان والله أعلم.
(السيد أبو الصمصام) عماد الدين ذو الفقار بن محمد بن سعيد بن الحسن بن أحمد الملقب حميدان ابن إسماعيل قتيل القرامطة بن يوسف بن محمد بن يوسف الأصغر بن إبراهيم ابن موسي الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثني بن الحسن بن علي بن أبي طالب " ع " الحسني المروزي حسام المجد القاطع وقمر الفضل الساطع والامام الذي عرف فضله الإسلام وأوجبت حقه العلماء الاعلام ونطقت بمدحه أفواه المحابر والسن الأقلام وسعي جهده في بث أحاديث أجداده الكرام عليهم الصلاة والسلام وقل ما خلت إجازة من روايته لسعة علمه وروايته والثقة بورعه وديانته كان فقيها عالما متكلما وكان ضريرا يروي عن السيد الأجل المرتضي علم الهدي أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي والشيخ الموفق أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي والشيخ الجليل الصدوق أبي العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي وروي عنه السيد أبو الرضا فضل الله الراوندي ومن في طبقته قال الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الله بن بابويه في (رجاله) صادفته وهو ابن مائة وخمسة عشر سنة (ره).
والمروزي بفتح الميم وسكون الراء وفتح الواو بعدها زاي هذه النسبة إلي مرو الشاهجان وهي إحدي كراسي خراسان وهي أربع مدن هذه ونيسابور وهرات وبلخ هذه مرو بناها الإسكندر ذو القرنين وزاد في النسبة إليها زاي كما قالوا بالنسبة إلي الري رازي وهذا من باب تغيير النسب وأكثر أهل العلم يخص زيادة الزاي في النسب ببني آدم وما عدا ذلك لا يزاد فيه فيقال فلان المرزوي والثوب وغيره من المتاع مروي بسكون الراء وقيل بل يقال في الجميع بزيادة الزاي ولا فرق بين بني آدم وغيرهم والله أعلم
(٥١٩)
صفحهمفاتيح البحث: أحمد بن علي بن أحمد بن العباس (1)، ذو الفقار بن محمد (1)، علي بن عبد الله (1)، الشيخ الصدوق (1)، علي بن الحسين (1)، ابن إسماعيل (1)، الحسن بن أحمد (1)، الحسن بن علي (1)، محمد بن يوسف (1)، محمد بن الحسن (1)، خراسان (1)، الكرم، الكرامة (1)

السيد أحمد بن علي العلوي الحسيني المرعشي

(السيد احمد) ابن علي العلوي الحسيني المرعشي أحد السادات الفضلاء والقادة النبلاء ولد بدهستان في صفر سنة اثنتين وستين وأربعمائة ونشأ بجرجان واستوطن في آخر عمره ساري مازندران وكان سيدا فاضلا نسابة سافر إلي الحجاز والعراق وخراسان وما وراء النهر والبصرة وخوزستان ولقي كثيرا من أئمة الحديث وسمع ببغداد من أبي يوسف عبد السلام بن محمد بن يوسف القزويني وبالكوفة من أبي الحسين أحمد بن محمد بن جعفر الثقفي وسمع بجرجان من أبي القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي وبأصبهان من أبي عمرو محمد بن أحمد بن عمر النهاوندي قال السمعاني كان السيد المذكور صاحب فضل كبير لكنه كان غاليا في التشيع معروفا بذلك وكنت رأيته أولا بمرو وانا صغير ثم رأيته بساري وسمعت منه بعض الأحاديث وكتبتها عنه.
وتوفي في شهر رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة رحمه الله.
والمرعشي بضم الميم وسكون الراء المهملة وفتح العين المهملة وكسر الشين المعجمة نسبة إلي مرعش وهو لقب لجده معلي بن عبيد الله بن محمد بن الحسين ابن الحسين الأصغر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " لقب به لأنه كانت به رعشة وتشبيها له بمرعش وهو جنس من الحمام يحلق في الهواء والله أعلم.
(السيد أبو طاهر) محمد بن يحيي بن ظفر بن الداعي بن مهدي بن جعفر بن محمد بن عبد الله ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب " ع " كان من أهل أسترآباد شيخ الامامية بها ومقدم طائفته وعشيرته وأهل بيته كلهم علماء فضلاء محدثون اما جده الداعي ابن مهدي فكان من علماء الحديث المشهورين وأما ظفر بن الداعي فكان فقيها ثقة صالحا قرأ علي الشيخ أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي تلميذ الشريف المرتضي.
وأما أبو طاهر المذكور فكان جليل القدر رفيع الشأن فقيها محدثا رئيسا
(٥٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (1)، شهر رمضان المبارك (1)، جعفر بن محمد بن عبد الله (1)، محمد بن علي الكراجكي (1)، أحمد بن محمد بن جعفر (1)، عبيد الله بن محمد (1)، عبد السلام بن محمد (1)، ظفر بن الداعي (2)، الشريف المرتضي (1)، محمد بن يحيي (1)، محمد بن أحمد (1)، محمد بن عمر (1)، خراسان (1)، الطهارة (2)، الإستحمام، الحمام (1)

السيد أبو طاهر محمد بن يحيي بن ظفر الاسترآبادي

(السيد احمد) ابن علي العلوي الحسيني المرعشي أحد السادات الفضلاء والقادة النبلاء ولد بدهستان في صفر سنة اثنتين وستين وأربعمائة ونشأ بجرجان واستوطن في آخر عمره ساري مازندران وكان سيدا فاضلا نسابة سافر إلي الحجاز والعراق وخراسان وما وراء النهر والبصرة وخوزستان ولقي كثيرا من أئمة الحديث وسمع ببغداد من أبي يوسف عبد السلام بن محمد بن يوسف القزويني وبالكوفة من أبي الحسين أحمد بن محمد بن جعفر الثقفي وسمع بجرجان من أبي القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي وبأصبهان من أبي عمرو محمد بن أحمد بن عمر النهاوندي قال السمعاني كان السيد المذكور صاحب فضل كبير لكنه كان غاليا في التشيع معروفا بذلك وكنت رأيته أولا بمرو وانا صغير ثم رأيته بساري وسمعت منه بعض الأحاديث وكتبتها عنه.
وتوفي في شهر رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة رحمه الله.
والمرعشي بضم الميم وسكون الراء المهملة وفتح العين المهملة وكسر الشين المعجمة نسبة إلي مرعش وهو لقب لجده معلي بن عبيد الله بن محمد بن الحسين ابن الحسين الأصغر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " لقب به لأنه كانت به رعشة وتشبيها له بمرعش وهو جنس من الحمام يحلق في الهواء والله أعلم.
(السيد أبو طاهر) محمد بن يحيي بن ظفر بن الداعي بن مهدي بن جعفر بن محمد بن عبد الله ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب " ع " كان من أهل أسترآباد شيخ الامامية بها ومقدم طائفته وعشيرته وأهل بيته كلهم علماء فضلاء محدثون اما جده الداعي ابن مهدي فكان من علماء الحديث المشهورين وأما ظفر بن الداعي فكان فقيها ثقة صالحا قرأ علي الشيخ أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي تلميذ الشريف المرتضي.
وأما أبو طاهر المذكور فكان جليل القدر رفيع الشأن فقيها محدثا رئيسا
(٥٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (1)، شهر رمضان المبارك (1)، جعفر بن محمد بن عبد الله (1)، محمد بن علي الكراجكي (1)، أحمد بن محمد بن جعفر (1)، عبيد الله بن محمد (1)، عبد السلام بن محمد (1)، ظفر بن الداعي (2)، الشريف المرتضي (1)، محمد بن يحيي (1)، محمد بن أحمد (1)، محمد بن عمر (1)، خراسان (1)، الطهارة (2)، الإستحمام، الحمام (1)

السيد أبو المحاسن أحمد بن السيد فضل الله بن علي الحسيني الراوندي الملقب كمال الدين

مدرسا سمع منه المخالف والمؤالف وممن سمع منه أبو سعد السمعاني وكانت ولادته سنة ست وستين وأربعمائة ولم تؤرخ وفاته رحمه الله (السيد أبو المحاسن) أحمد بن السيد الإمام فضل الله بن علي الحسيني الراوندي الملقب كمال الدين تقدم ذكر أبيه وأخيه كان عالما فاضلا ولي القضاء فحمدت سيرته وذكره الشيخ أبو الحسن علي بن بابويه في فهرس أسماء علماء الإمامية ووصفه بالعلم والفضل ولأبيه أشعار كثيرة يخاطبه بها فمن ذلك قوله يخاطبه:
أقرة عيني انني لك ناصح * وان سبيل الرشد دونك واضح أقرة عيني لا تغرنك المني * فما هن الا قانصات جوامح وليس المني الا سرابا بقيعة * ترقرقه بادي النهار الصحاصح وإياك والدنيا الدنية انها * بوارح سوء ليس فيهن سانح إذا ما استشفتها الحقيقة أفصحت * بان المنايا غاديات روائح وان ليس نفس المرء الا منيحة * ولابد يوما ان ترد المنايح كفي حزنا ان الذنوب كثيرة * وما هن إلا المخزيات الفواضح كفي حزنا انا نسينا عديدنا * وقد عدها مستأمن لا يسامح ويا صدق ما قد قال من قبل شاعر * يعبر عما أضمرته الجوانح كفي حزنا ألا حياة شهية * ولا عمل يرضي به الله صالح وقوله في أول قصيدة كتبها إليه وهو بأصبهان:
البين فرق بين جسمي والكري * والبين أبكاني نجيعا أحمرا دمعي دم مذ صعدته حرقتي * سلبته حمرته فسال مقطرا كالورد أحمر ثم إن قطرته * خلع الرداء وعاد أبيض أزهرا قالوا تصبر قلت لا تستعجلوا * أو تصبر الأيام ان أتصبرا هذا حديث والنزاع يكاد ان * يقوي فينزع قلبي المتجبرا
(٥٢١)
صفحهمفاتيح البحث: علي بن بابويه (1)، فضل الله بن علي (1)، التصديق (1)، الحزن (3)، الصبر (2)
قسما لو اني كنت أعلم أنني * أبقي كذا متلددا متحيرا لعلقت ذيل أبي المحاسن عنوة * أما تهيأ للفراق وشمرا وكتب إليه في جواب كتابه:
وصل الكتاب فكان أكرم واصل * وقبلته في الحال أفرح قابل وحمدت ربي إذ قرأت كتابه * غررا حوالي لم تكن بعواطل وسألته التوفيق وهو موفق * لمصالح الولد الأعز الفاضل وقضاء ما قد كان من تقصيره * بالجد فيما بعد غير مماطل فليجتهد همان في تحصيله * لا شئ أحسن من قضاء عاجل (السيد أبو الحسن) علي بن رضي الدين مانكديم بن إسماعيل بن عقيل بن عبد الله بن الحسن ابن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ابن أبي طالب " ع " كان أبوه السيد رضي الدين إماما فاضلا فقيها ثقة ذكره الشيخ أبو الحسن علي بن عبيد الله بن بابويه في فهرس أسماء علماء الإمامية وأثني عليه.
وأما ابنه السيد أبو الحسن المذكور فذكره أبو الحسن الباخرزي في (دمية) القصر.
فقال ما عسي أن أقول في هذا السيد والوجه وضئ والشعر مرضي واللسان عربي والجد نبي والجلة شرف وهو من أسلاف الاشراف خلف رأيته عارضي الوجه من الشعر متناصف حسن الوجه والشعر غض الأدب والسن يضرب جماله وهو من الانس بعرق من الجن واستكتبته نبذا من أشعاره فكتب لي يخطه الديباجي الجلي وضمنها ما لم يضمن صدور الغانيات من الحلي:
لعمرك ما نجدية الدار اتهمت * وحنت إلي نجد وأنت من الوجد يا جزع مني لا وأسكب عبرة * وأدني الذي أخفي كأقصي الذي نبدي أقول إذا ما الليل أرخي سدوله * وطال مطال الصبح والقول لا يجدي
(٥٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: أبو طالب عليه السلام (1)، عبد الله بن الحسن (ع) (1)، كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، الحسين بن علي بن الحسين (1)، عبد الله بن محمد بن الحسن (1)، مانكديم بن إسماعيل (1)، علي بن عبيد الله (1)، جعفر بن محمد (1)، الكرم، الكرامة (1)، الإخفاء (1)

السيد الشريف أبو محمد الحسن ابن أبي الضوء العلوي الحسني نقيب مشهد باب التين ببغداد

ألا ليت شعري هل أري الصبح طالعا * بوجهك لي أفديه من طالع سعد وان جل ذاك الوجد عن قدر مهجتي * فليس علي العبد الضعيف سوي الجهد ولو كنت أعطي ما أشاء من المني * لما كنت تمشي قط إلا علي خدي قلت ليت شعري من المنتعل لهذا الخد فأشهد له بعلو الجد:
وما زهرات الروض باكرها الندي * ولا البدر فيما بين أنجمه الزهر بأحسن من سعدي إذا ما تبسمت * بياقوت فيها عن نظام من الدر وقوله:
بنفسي معسول الرضاب مهفهف * حثيث الخطي في المشي سود غدائره أراق دمي وجدا وأرق ناظري * إذا ما دجي جنح الحنادس ناظره وكنت سجيس الدر أخشي فراقه * فكان الذي كنا قديما نحاذره وبت كما شاء الفراق ولم أزل * أكفكف دمعا تستهل بوادره بكي عند توديعي أسي فتهتكت * علي ملاء من حاسديه ستايره فدمعته أشفت إلي الرقباء ما * أسرته من برح الغرام ضمائر ومانكديم لفظة فارسية معناها خد القمر أو قمري الخد وهي مركبة من مانك وديم فمانك بفتح الميم وسكون النون بعد الألف وكاف فارسية وهو القمر وقيل الشمس والأول أصح والديم بكسر الدال وسكون الياء المثناة من تحت علي وزن جيم وهو الخد فاعلمه فقل ما أعرف أحد تأمل معني ذلك ولقد سألت عن هذه اللفظة جماعة من الفرس فلم يعلموه حتي وقفت عليه في كتاب من كتب اللغة الفارسية:
(الشريف) أبو محمد الحسن بن أبي الضوء العلوي الحسيني نقيب مشهد باب التين ببغداد وكان سيدا جليلا عالما فاضلا أديبا حسن الشعر والرواية عظيم الشأن جليل القدر وذكره العماد الكاتب في (الخريدة) وأنشد له من قصيدة يرثي بها النقيب الطاهر أبا عبد الله:
(٥٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الشهادة (1)
احملاني ان لم يكن لكما * عقر إلي جنب قبره فاعقراني وانضحا من دمي عليه فقد * كان دمي من نداه لو تعلمان قال العماد وتوفي الشريف أبو محمد المذكور سنة سبع وثلاثين وخمسمائة.
قال المؤلف عفا الله عنه ذكرت بهذين البيتين حكاية حكاها ذكره الشيخ أبو الفرح عبد الرحمن بن الجوزي في كتاب (الأذكياء) وهي تنافي كون هذين البيتين للسيد أبي محمد المذكور.
وصورة الحكاية قال بلغني من بعض أصحاب المبرد إنه قال انصرفت من مجلس المبرد فعبرت علي خربة فإذا انا بشيخ قد حرج منها وفي يده حجر فهم ان يرميني فتترست بالدفتر فقال لي مرحبا بالشيخ فقلت وبك فقال لي من أين أقبلت قلت من مجلس المبرد فقال البارد ثم قال ما الذي أنشدكم وكان عادته أن يختم مجلسه ببيت أو بيتين ومن الشعر فقلت أنشدنا:
أعار الغيث نائله * إذا ما مائه نفدا وان أسد شكي جبنا * أعار فؤاده الأسدا فقال أخطأ قائل هذا الشعر قلت كيف قال الا تعلم إذا أعار الغيث نائله بقي بلا نائل وإذا أعار الأسد فؤاده بقي بلا فؤاد قال هلا قال مثل هذا وأنشد:
علم الغيث نداه فإذا * ما وعاه علم البأس الأسد فله الغيث مقربا لندي * وله الليث مقر بالجلد فكتبتها عنه وانصرفت ثم مررت به بعد أيام وإذا به قد خرج وبيده حجر فكاد يرميني ثم ضحك وقال مرحبا بالشيخ اتيت من مجلس المبرد فقلت نعم فقال ما الذي أنشدكم فقلت أنشدنا:
ان السماحة والمروة ضمنا * قبرا بمرو علي الطريق الواضح فإذا مررت بقبره فاعقر به * كرم الجياد وكل طرف سابح فقال لي أخطأ قائل هذا الشعر قلت كيف قال ويحك لو نحر نجب خراسان
(٥٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: خراسان (1)، القبر (1)، الجنابة (1)

السيد الشريف أبو إبراهيم محمد بن أحمد المعروف بالحراني

ما أثر في حقه هلا قال مثل هذا وأنشد:
احملاني ان لم يكن لكما * عقر إلي جنب قبره فاعقراني وانضحا من دمي عليه فقد * كان دمي من نداه لو تعلمان فلما عدت إلي المبرد قصصت عليه القصة فقال لي أتعرفه قلت لا فقال ذاك خالد الكاتب تأخذه السوداء في أيام الباذنجان انتهي فأن صحت هذه الحكاية بطلت نسبة البيتين المذكورين إلي السيد أبي محمد المذكور لأن المبرد توفي سنة ست وثمانين وقيل سنة خمس وثمانين ومائتين وقد علمت أن وفاة السيد أبي محمد المذكور سنة سبع وثلاثين وخمسمائة فتعين نظم البيتين المذكورين قبل وجوده بمدة مديدة فيتحمل ان يكون ضمنها قصيدة فنسبها إليه والله أعلم.
(الشريف أبو إبراهيم) محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق المؤتمن بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " المعروف بالحراني كان عالما فاضلا أديبا لبيبا عاقلا شجاعا مقدما تقدم بحران ونبغ بها واشتهر ذكره وعلا صيته قال العمري النسابة لم تكن حال أبي إبراهيم في أول أمره واسعة فزوجه أبو عبد الله الحسين الحراني بن الحسين بن علي بن عبد الله بن علي الطيب العلوي العمري أبنته خديجة المعروفة بأم سلمة وكان أبو عبد الله الحسين العمري متقدما بحران مستوليا عليها وقوي أمر أولاده حتي استولوا علي حران وملكوها علي آل وثاب وساروا سيرة ردية وأسلم بعضهم بعضا حتي تفرقوا وقهروا وأخرجوا عن حران قال فأمد أبو عبد الله الحسين أبا إبراهيم بماله وجاهد ونبغ أبو إبراهيم وتقدم وخلف أولاد سادة فضلاء هذا كلامه ومن شعر أبي إبراهيم القصيدة التي كتبها إلي أبي العلاء المعري وأجاب عنها المعري بالقصيدة المشهورة المثبتة في ديوانه وأول قصيدة الشريف أبي إبراهيم قوله:
(٥٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو علاء المعري (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين (1)، عبد الله بن علي (1)، أبو إبراهيم (2)، أبو عبد الله (2)، الحسين بن علي (1)، القبر (1)، الوسعة (1)، الوفاة (1)، الجنابة (1)
غير مستجس وصال الغواني * بعد ستين حجة وثمان فصن النفس عن طلاب التصابي * وازجر القلب عن سؤال المغاني ان شرخ الشباب بدله شيبا * وضعفا مقلب الأعيان فانفض الكف عن صبا الحميا * وامعن الفكر في اطراح المعاني وبيمن بساعة البين فأجعل * خير فال تناعب الغربان أترجي ما لا رحيبا فاسعاد * سعاد وقد مضي الأطيبان فالأديب الأريب يعرف ما * ضمن طي الكتاب بالعنوان علق الدهر عارضيك بشيب * أنكرت عرفه أنوف الغواني وتحامت حماك نافرة عنك * نفار المهي من السرحان ورد الغائب البغيض إليهن * وولي حبيبهن المداني وأخو الحزم مغرم بحميد * الذكر يوم الندي ويوم الطعان همه المجد واكتساب المعالي * ونوال العافي وفك العاني لا يعير الزمان طرفا ولا يجمل * صبرا بطارق الحدثان وقصيدة طويلة غراء جيدة جدا وفي هذا القدر منها كفاية وقصيدة المعري أولها:
عللاني فإن بيض الغواني * فنيت والظلام ليس بفاني ان تناسيتما وداد أناس * فاجعلاني من بعض من تذكراني رب ليل كأنه الصبح في الحسن * وان كان أسود الطيلسان قد ركضنا فيه إلي اللهو لما * وقف النجم وقفة الحيران كم أردنا ذاك الزمان بمدح * فشظنا بذم هذا الزمان ومع شهرة ديوانه فلا حاجة إلي اثبات أكثر من هذا وما أحسن قوله فيها:
وعلي الدهر من دماء الشهيدين * علي ونجله شاهدان فهما في أواخر الليل فجران * وفي أولياته شفقان
(٥٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الحج (1)

السيد الشريف أبو القاسم طاهر بن الحسين بن طاهر بن يحيي بن الحسن بن جعفر الحجة الأعرجي

قال بعض الشراح إنما قال هذا لأن الممدوح كان رجلا علويا شيعيا وفرقة من الشيعة يزعمون أن الحمرة التي في أوائل الليل وأواخره لم تكن إلا منذ قتل الحسين " ع " ومنهم من يري أن ادعاء هذا محال لأن تلك الحمرة لم تزل موجودة قبل قتله " ع " بل يحسن القول علي مذهبه بان يقول إنما كانت أعلاما من الله تعالي بما سيكون من قتلهما " ع " قبل ان يكون انتهي.
قال المؤلف لم ينفرد الشيعة بهذا القول بل قال به أيضا جماعة من أهل السنة منهم العلامة جلال الدين السيوطي فقد قال في تاريخ الخلفاء كان قتله يوم عاشوراء وكسفت الشمس ذلك اليوم واحمرت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتله ثم لا زالت تري الحمرة بعد ذلك ولم تكن تري فيها قبله هذا نصه فنسبة القول به إلي فرقة من الشيعة لا وجه له.
وتوفي السيد أبو إبراهيم بحلب فرثاه المعري بقصيدته التي خاطب بها أولاده:
بني الحسب الوضاح والشرف الجم * لساني ان لم ارث والدكم خصمي وهي قصيدة طويلة أحسن فيها كل الاحسان.
والحراني بفتح الحاء وتشديد الراء المهملتين وبعد الألف نون نسبة إلي حران وهي مدينة عظيمة مشهورة بين الموصل والشام قيل سميت بهاران أخي إسماعيل " ع " لأنه أول من بناها فعربت فقيل حران والله أعلم.
(الشريف أبو القاسم) طاهر بن الحسين بن طاهر بن يحيي بن الحسن بن جعفر الحجة بن عبد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كان شريفا جليلا عالما فاضلا كريما ممدحا شهما شجاعا مقاما مهيبا مع الصلاح والورع والتقوي وهو الذي مدحه أبو الطيب المتنبي بالقصيدة البائية التي يقول فيها:
إذا علوي لم يكن مثل طاهر * فما هو إلا حجة للنواصب يقولون تأثير الكواكب في الوري * فما باله تأثيره في الكواكب
(٥٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، النبي اسماعيل علي السلام (1)، يوم عاشوراء (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، يحيي بن الحسن بن جعفر (1)، علي بن الحسين بن علي (1)، أبو إبراهيم (1)، الحسين بن طاهر (1)، الشام (1)، الطهارة (1)، القتل (2)، الحج (1)
علا كتد الدنيا إلي كل غاية * تسير به سير الذلول براكب وحق له ان يسبق الناس جالسا * وبدرك ما لم يدركوا غير طالب ويحدي عرانين الملوك وإنها * لمن قدميه في أجل المراتب يد للزمان الجمع بيني وبينه * لتفريقه بيني وبين النوائب هو ابن رسول الله وابن وصيه * شبههما شبهت بعد التجارب وكان يسكن الرملة من بلاد الشام وكانت له المنزلة العظيمة والجاه الرفيع عند صاحبها الأمير أبي محمد الحسين بن عبيد الله بن طغج حتي قيل إنه الذي أمر المتنبي بمدحه وكان المتنبي وعد الأمير أبا محمد بقصيدة فقال له اجعلها عوضا عني في الشريف فسار إليه وأنشده القصيدة المذكورة والله أعلم.
(٥٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الحسين بن عبيد الله (1)، الشام (1)

الطبقة الحادية عشرة

بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الحادية عشرة (من الدرجات الرفيعة في طبقات الامامية من الشيعة) رحمهم الله تعالي برحمته الواسعة (النابغة الجعدي) هو أبو ليلي حيان بن قيس بن عبد الله بن وحوح بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن قصعة بن قيس بن عيلان بن مضر.
قال أبو الفرج الأصبهاني هذا النسب الذي عليه الناس اليوم مجتمعين وقد روي فيه روايات تخالف هذا.
وعن محمد بن سلام أنه قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة بن صعصعة.
وقال ابن الأعرابي هو قيس بن عبد الله بن عمرو بن عدس بن ربيعة ابن جعدة بن كعب بن ربيعة.
قال أبو الفرج وهذا وهم ممن قال إنه اسمه قيس إذ ليس يشك في أنه كان له أخ يقال له وحوح بن قيس وهو الذي قتله بنو أسد.
وإنما سمي النابغة لأنه أقام مدة لا يقول الشعر ثم نبغ فقيل له النابغة.
وقيل إنه قال الشعر في الجاهلية ثم أجبل دهرا ثم نبغ بعد بالشعر في الإسلام.
قال المؤلف يقال أجبل الشاعر إذا صعب عليه قول الشعر فانقطع كأنه وصل إلي جبل من قولهم أجبل الحافر إذا أقضي إلي الجبل والصخر الذي لا يحك فيه المعول.
(٥٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: أبو الفرج الإصبهاني (الإصفهاني) (1)، عبد الله بن عمرو (1)، قيس بن عبد الله (2)، بنو أسد (1)، محمد بن سلام (1)، الفرج (1)، القتل (1)، الجهل (1)

النابغة الجعدي

بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الحادية عشرة (من الدرجات الرفيعة في طبقات الامامية من الشيعة) رحمهم الله تعالي برحمته الواسعة (النابغة الجعدي) هو أبو ليلي حيان بن قيس بن عبد الله بن وحوح بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن قصعة بن قيس بن عيلان بن مضر.
قال أبو الفرج الأصبهاني هذا النسب الذي عليه الناس اليوم مجتمعين وقد روي فيه روايات تخالف هذا.
وعن محمد بن سلام أنه قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة بن صعصعة.
وقال ابن الأعرابي هو قيس بن عبد الله بن عمرو بن عدس بن ربيعة ابن جعدة بن كعب بن ربيعة.
قال أبو الفرج وهذا وهم ممن قال إنه اسمه قيس إذ ليس يشك في أنه كان له أخ يقال له وحوح بن قيس وهو الذي قتله بنو أسد.
وإنما سمي النابغة لأنه أقام مدة لا يقول الشعر ثم نبغ فقيل له النابغة.
وقيل إنه قال الشعر في الجاهلية ثم أجبل دهرا ثم نبغ بعد بالشعر في الإسلام.
قال المؤلف يقال أجبل الشاعر إذا صعب عليه قول الشعر فانقطع كأنه وصل إلي جبل من قولهم أجبل الحافر إذا أقضي إلي الجبل والصخر الذي لا يحك فيه المعول.
(٥٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: أبو الفرج الإصبهاني (الإصفهاني) (1)، عبد الله بن عمرو (1)، قيس بن عبد الله (2)، بنو أسد (1)، محمد بن سلام (1)، الفرج (1)، القتل (1)، الجهل (1)
وعن ابن الاعرابي قال أقام النابغة الجعدي ثلاثين سنة لا يتكلم ثم تكلم بالشعر فقيل له النابغة.
وكان شاعرا قديما مفلقا طويل البقاء في الجاهلية والإسلام وهو أسن من نابغة بني ذبيان ويدل علي ذلك قوله:
ومن يك سائلا عني فإني * من الفتيان أيام الخنان أتت مائة لعام ولدت فيه * وعشر بعد ذاك وحجتان فقد أبدت خطوب للدهر مني * كما أبقت من السيف اليماني وعمر بعد ذلك عمرا طويلا والخنان بضم الخاء وبعدها نونين بينهما الف علي وزن سراب، سئل محمد بن حبيب عن أيام الخنان ما هي فقال وقعة كانت لهم فقال قائل منهم خنوهم بالرماح فسمي ذلك العام عام الخنان انتهي. يقال خني الجذع إذا قطعه والقوم وطئ تحتهم أي حريمهم.
وقال الفيروز آبادي في القاموس الخنان كقراب زمام للإبل وزمن الخنان كان في عهد المنذر بن ماء السماء ماتت الإبل منه ومن شعر النابغة في طول عمره:
قالت امامة كم عمرت زمانة * وذبحت من عنز علي الأوثان ولقد شهدت عكاظ قبل محلها * فيها وكنت أعد ملفتيان والمنذر بن محرق في ملكه * وشهدت يوم هجائن النعمان وعمرت حتي جاء احمد بالهدي * وقوارع تتلي من القرآن ولبست في السلام ثوبا واسعا * من سيب لا حرم ولا منان والمنذر بن محرق المذكور هو ابن النعمان ملك الحيرة وكان من ندمائه كما يدل عليه قوله:
تذكرت والذكري تهيج علي الفتي * وما حاجة المحزون ان يتذكرا نداماي عند المنذر بن محرق * أري اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا كهول وفتيان كأن وجوههم * دنانير مما شيف في أرض قيصرا
(٥٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: محمد بن حبيب (1)، القرآن الكريم (1)، الجهل (1)، الوطئ (1)
وهذا مما يدل علي أنه أسن من النابغة الذبياني لأن الذبياني أدرك النعمان ابن المنذر وهو أدرك إياه المنذر ونادمه ومات الذبياني قبله ولم يدرك الإسلام وهو أدرك الإسلام وأسلم وعاش إلي أيام عبد الملك بن مروان.
وقال أبو حاتم السجستاني في كتاب (المعمرين) عاش مأتي سنة، وقال عمر بن شبه مائة وثمانون سنة وأنشد عمر بن الخطاب أبياته التي يقول فيها:
لبست أناسا فأفنيتهم * وأفنيت بعد أناس أناسا ثلاثة أهلين أفنيتهم * وكان الاله هو المستأمما فقال عمر كم لبثت مع كل أهل قال ستين سنة.
وقال ابن قتيبة انه عمر مائتين وعشرين سنة.
قال أبو الفرج وما ذاك بمنكر لأنه قال لعمر انه أفني ثلاثة قرون كل قرن ستون سنة فهذه مائة وثمانون سنة ثم عمر بعدهم فمكث بعد قتل عمر خلافة عثمان وعلي " ع " ومعاوية ويزيد وقدم علي عبد الله بن الزبير فمكث بمكة وقد دعا إلي نفسه وبين هؤلاء وعمر نحو ما ذكر ابن قتيبة بل لا أشك انه بلغ هذا السن وعن الأصمعي انه عاش مائتين وثلاثين سنة.
قال أبو عبيدة كان النابغة ممن فكر في الجاهلية وأنكر الخمر والسكر وهجر الأزلام واجتنب الأوثان وقال في الجاهلية كلمته التي أولها:
الحمد لله لا شريك له * من لم يقلها فنفسه ظلما وكان يذكر دين إبراهيم " ع " والحنيفية ويصوم ويستغفر، ولما بعث للنبي صلي الله عليه وآله وفد عليه، وأنشده قصيدته التي أولها:
خليلي غضا ساعة وتهجرا * ولو ما علي ما أحدث الدهر أوزرا فلما وصل إلي قوله:
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا * وانا لنرجو فوق ذلك مظهرا غضب النبي صلي الله عليه وآله وقال له أين يا أبا ليلي؟ قال إلي الجنة: قال: أجل
(٥٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، النبي إبراهيم (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، عبد الله بن الزبير (1)، ابن المنذر (1)، الفرج (1)، القتل (1)، الجهل (2)، الشراكة، المشاركة (1)
إن شاء الله تعالي فلما فرغها قال له النبي صلي الله عليه وآله لا يفض الله فاك مرتين.
قال يعلي بن الأسد والعقيلي فلقد رأيته وقد أتت عليه مائة سنة أو نحوها وما انفض من فيه سن ولا أنفلت وان أسنانه لكالبرد المنهل.
وفي رواية نصر بن عاصم الليثي انه أنشد النبي صلي الله عليه من القصيدة قوله:
ولا خير في حلم إذا لم تكن له * بوادر تحمي صفوه ان يكدرا ولا خير في جهل إذا لم يكن له * حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا فقال له صلي الله عليه وآله صدقت لا يفضض الله فاك فمكث بعد كلما سقطت له سن عادت أخري.
وهذه القصة رويت مسلسلة بالشعراء من رواية دعبل بن علي الشاعر عن أبي نواس عن والبة بن الحباب عن الفرزدق عن الطرماح عن النابغة وهي في كتاب الشعر لأبي زرعة الرازي وعن مسلمة بن أبي محارب قال دخل النابغة الجعدي علي عثمان بن عفان فقال أستودعك الله قال وأين تريد يا أبا ليلي قال الحق بإبلي فاشرب من البانها فإني منكر لنفسي فأذن له فدخل علي الحسن والحسين ابني علي " ع " فقالا له أنشدنا من شعرك يا أبا ليلي فأنشدهما:
الحمد لله لا شريك له * من لم يقلها فنفسه ظلما المولج الليل في النهار وفي * النهار ليلا يفرج الظلما الخافض الرافع السماء علي * الأرض ولم يبن تحتها دعما ثم عظاما أقامها عصب * ثمة لحما كساه فالتحما من نطفة قدرها مقدرها * يخلق منها الانسان والنسما واللون والصوت والمعايش * والأرزاق شتي وفرق الكلما ثمة لا أبدان سيجمعكم * والله جهدا شهادة قسما فائتمروا الان ما بدا لكم * واعتصموا ما وجدتم عصما في هذه الأرض والسماء ولا * عصمة منه الا لمن عصما
(٥٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الخليفة عثمان بن عفان (1)، الشاعر الفرزدق (1)، دعبل بن علي (1)، الجهل (1)، الشراكة، المشاركة (1)، الشهادة (1)
وهي قصيدة طويلة يذكر ضروب التوحيد والاقرار بالبعث والجزاء والجنة والنار.
قال فقال الحسن والحسين يا أبا ليلي كنا نروي هذا الشعر لأمية بن أبي الصلت فقال يا ابني رسول الله اني لصاحب هذا الشعر وأول من قاله وان السروق من سرق شعر أمية.
قال أبو الفرج وغيره وشهد النابغة مع علي " ع " بصفين.
وروي أحمد بن عبد العزيز الجوهري باسناده إلي ابن داب.
قال لما خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " إلي صفين خرج معه نابغة بني جعدة فساق به يوما فقال:
قد علم المصران والعراق * ان عليا فحلها العتاق أبيض جحجاح له رواق * وأمه غالي بها الصداق أكرم من شد به نطاق * ان الأولي جاروك لا أفاقوا لهم سباق ولكم سباق * قد علمت ذالكم الرفاق سقتم إلي نهج الهدي وساقوا * إلي التي ليس لها عراق في أهله عادتها النفاق ولما تغلب معاوية كتب إلي مروان فاخذ أهل النابغة وماله فلما قدم معاوية الكوفة دخل عليه النابغة وعنده مروان فقال:
من راكب يأتي ابن هند بحاجتي * علي النأي والأنباء تنمي وتجلب ويخبر عني ما يقول ابن عامر * ونعم الفتي يأوي إليه المعصب فان تأخذوا أهلي ومالي بظنة * فأني لحراب الرجال محرب صبور علي ما يكره المرء كله * سوي الظلم إني ان ظلمت لا غضب فالتفت معاوية إلي مروان فقال ما تري قال أري ان لا ترد عليه شيئا فقال ما أهون عليك ان ينحجر هذا في غار ثم يقطع عرضي علي ثم تأخذه العرب
(٥٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، دولة العراق (2)، مدينة الكوفة (1)، أحمد بن عبد العزيز الجوهري (1)، الفرج (1)، الظلم (1)، السرقة (1)، الكراهية، المكروه (1)
فترويه اما والله ان كنت لمن يرويه أردد عليه كل شئ اخذته منه.
وذكر أبو نعيم في تاريخ أصبهان ان معاوية كان أخرج النابغة إلي أصبهان وكانت وفاته بها. وعن ابن قتيبة انه مات بأصبهان أيضا.
وفي تاريخ الإسلام للذهبي ان النابغة قال هذه الأبيات:
المرء يهوي أن يعيش * وطول عمر قد يضره وتتابع الأيام حتي * ما يري شيئا يسره تفني بشاشته ويبقي * بعد حلوا العيش مره ثم دخل بيته فلم يخرج حتي مات.
وكان موته في أيام عبد الملك بن مروان ومن شعره:
وكم من أخي عيلة مقتر * تأني له المال حتي انجبر وآخر قد كان جم الغني * أتته الحوادث حتي افتقر وكم غائب كان يحشي الردي * ناب وأودي الذي في الحضر وللصمت أفضل في حينه * من القول في خطل أو هذر عليك من أمرك ما تستطيع * وليس يعنيك منه قدر وما البغي إلا علي أهله * وما الناس إلا كهذا الشجر تري الغصن في عنفوان الشباب * يهتز في بهجة قد نضر زمانا من الدهر ثم التوي * فعاد إلي صفرة فانكسر وبينا الفتي يعجب الناظرين * مال علي عطفه فانعقر فاحمد ربي باحسانه * إلي واشكر فيمن شكر هداني بنعمته للهدي * وشق المسامع لي والبصر وأحسن ربي فيما مضي * وأرجو المعافاة فيما غبر (قائدة) النوابغ العشراء جماعة: الجعدي المذكور والنابغة الذبياني وعبد الله ابن المخارق الشيباني ويزيد بن أبان الحارثي ونابغة بني رمد والنابغة بن لأي الغنوي
(٥٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الحافظ أبو نعيم (1)، التاريخ الإسلامي (1)، الغني (1)، الموت (3)

كعب بن زهير بن أبي سلمي

والحرث بن بكر اليربوعي والحارث بن عدوان التغلبي والنابغة العدواني ولم يسم قاله في القاموس.
(كعب بن زهير بن أبي سلمي) بضم السين قال في (الصحاح) وليس في العرب سلمي بضم السين غيره واسمه ربيعة بن رياح بكسر الراء ثم تحتية مثناة بن مرة بن الحرث بن مازن بن تغلب بن ثور بن هرمة بن الأطم بن عثمان بن عمرو بن طابخة بن الياس بن مضر ابن نزار بن معد بن عدنان وأمه امرأة من بني عبد الله بن غطفان يقال لها كبشة بنت عمار بن عدي بن سحيم وهي أم سائر أولاد زهير، كان أبوه زهير أحد الشعراء الثلاثة الفحول المقدمين علي سائر الشعراء بالاتفاق وانما الخلاف في تقديم أحدهم علي الآخر وهم أمرؤ القيس وزهير والنابغة الذبياني.
روي المدائني عن عيسي بن يزيد قال سأل معاوية الأحنف بن قيس عن أشعر الشعراء قال زهير قال وكيف ذلك قال كف عن المادحين فضول الكلام قال مثل ماذا قال مثل قوله:
فما يك من خير أتوه فإنما * توارثه آباء آبائهم قبل قال محمد بن سلام احتج من فضل زهيرا بأنه كان أمتنهم شعرا وأبعدهم من سخف وأجمعهم لكثير من المعني في قليل في اللفظ وأشدهم مبالغة في المدح وأكثرهم أمثالا فمن ذلك قوله في معلقته:
سأمت تكاليف الحياة ومن يعش * ثمانين عاما لا أبا لك يسأم رأيت المنايا خبط عشواء من تصب * تصبه ومن تخطي يعمر ويهرم ومن لم يصانع في أمور كثيرة * يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم ومن يك ذا فضل فيخبل بفضله * علي قومه يستغن عنه ويذمم ومن يجعل المعروف من دون عرضه * يفره ومن لا يتقي الشتم يشتم ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه * يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
(٥٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الأحنف بن قيس (1)، عثمان بن عمرو (1)، محمد بن سلام (1)
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه * ولو نال أسباب السماء بسلم ومن يغترب يحسب عدوا صديقه * ومن لم يكرم نفسه لم يكرم ومهما تكن عند أمرء من خليقة * وان خالها تخفي علي الناس تعلم وعن عكرمة بن جرير قال قلت لأبي يا أبه من أشعر الناس قال أعن الجاهلية سألتني أم عن الإسلام قال ما سألتك الا عن الإسلام فإذا قد ذكرت الجاهلية فأخبرني عن أهلها قال زهير أشعر أهلها قلت فالإسلام قال الفرزدق نبعة الشعر قلت فالأخطل قال يجيد مدح الملوك ويصيب وصف الخمرة قلت فما تركت لنفسك قال نحرت الشعر نحرا.
ويروي ان رسول الله صلي الله عليه وآله نظر إلي زهير بن أبي سلمي وله مائة سنة فقال صلي الله عليه وآله: اللهم أعذني من الشيطان فمات. وكان موته قبل البعثة بسنة.
وروي عن ابن عباس انه قال كنت مع عمر بن الخطاب سنة ست عشرة إذ خرج إلي الشام وهي أول خرجة خرجها حتي إذا أتيته فشكا إلي تخلف علي صلوات الله عليه عن الخروج معه فصلي صلاة المغرب ثم ثبت حتي صلي العشاء وأوتر فركب وأخذ كل انسان زميله وكنت زميلا له فصار لا يري شيئا إلا رفع سوطه وقرع به وسط رحله ثم رفع صوته يتغني بشعر الأسود بن زنيم الدئلي بمدح النبي صلي الله عليه وآله:
ما حملت من ناقة فوق رحلها * أبروا وفي ذمة من محمد حتي أني علي الشعر ثم قال أستغفر الله وسكت هنيئة ثم قرع وسط رحله واندفع يتغني بشعر أبي طالب " ع ".
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه * ثمال اليتامي عصمة للأرامل حتي أتي علي الأبيات ثم قال أستغفر الله هيه يا بن عباس ما منع عليا ان يخرج في هذه الغزاة قلت أولم تبعث إليه فجاءك وذكر عذرة لك قال بلي قلت هو ما اعتذر به ثم قال أبوك يا بن عباس عم رسول الله صلي الله عليه وآله قلت نعم قال بخ بخ
(٥٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عبد الله بن عباس (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، الشاعر الفرزدق (1)، الشام (1)، المنع (1)، البعث، الإنبعاث (1)، الموت (1)، الصّلاة (2)
ما منع قومك منكم قلت لا أدري قال إنهم يكرهون ولايتكم قلت فلم يكرهون ذلك فوالله ما زلنا لهم بخير قال اللهم اغفر، يكرهون ان تكون النبوة والخلافة فيكم فتكونون حجفا حجفا ان أول من رابكم عن هذا الامر أبو بكر ولو جعل لكم من الامر نصيبا لما هناكم قومكم. يا بن عباس أنشدني لشاعر الشعراء قلت من هو؟ قال أولا تعرفه قلت لا قال هو ابن أبي سلمي قلت فكيف صار شاعر الشعراء قال أنه لا يتبع حواشي الكلام ولا يعاظل بين المنطق ولا يقول إلا ما يعرف ولا يمدح الرجل إلا بما يكون في الرجال فأنشدته حتي برق الفجر قال حسبك الآن أقرأ القرآن قلت ما أقرأ قال الواقعة فقرأتها ونزل فأذن وصلي الصبح وكان زهير نظارا متوقيا فرأي في منامه آتيا اتاه فحمله إلي السماء حتي كاد يمسها بيده ثم تركه فهوي إلي الأرض فلما أحتضر قص رؤياه علي أولاده وقال إني لا أشك ان يكون بعدي من خبر السماء شئ فإن كان فتمسكوا به وسارعوا إليه ثم توفي قبل المبعث الشريف بسنة فلما بعث صلي الله عليه وآله خرج إليه بجير ابنه فأسلم ثم رجع إلي بلاده فلما جاهر صلي الله عليه وآله أتي بجير المدينة فكان من خيار المسلمين وشهد الفتح مع رسول الله صلي الله عليه وآله يوم حنين أو خيبر.
وأما كعب بن زهير فكان من فحول الشعراء المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام وكان يقال أشعر الشعراء في الجاهلية زهير وأشعرهم في الإسلام ابنه كعب وعن هشام بن إسحاق قال: قال زهير بيتا ونصفا ثم أكدي فمر به النابغة فقال:
يا أبا امامة أجز قال وما قلت قال قلت:
تزيد الأرض أما مت خفا * وتحيي ان حييت بها ثقيلا نزلت بمستقر العز منها فأكدي والله النابغة وأقبل كعب وانه لغلام فقال له أبوه أجز وأنشده فقال كعب: (وتمنع جانبيها ان تزولا) فضمه إليه وقال أشهد انك ابني حقا.
وروي أصحاب السير ان كعبا وبحيرا ابني زهير خرجا إلي أبرق العراق فقال بجير
(٥٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، دولة العراق (1)، خيبر (1)، القرآن الكريم (1)، العزّة (1)، المنع (1)، الجهل (1)، الشهادة (1)
لكعب أثبت في غنمنا هنا حتي آتي هذا الرجل يعني النبي صلي الله عليه وآله فاسمع كلامه وأعلم ما عنده فأقام كعب ومضي بجير إلي النبي صلي الله عليه وآله فسمع وآمن به فبلغ ذلك كعب فغضب وقال:
ألا بلغا عني بجيرا رسالة * فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا سقاك بها المأمون كأسا روية * وأنهلك المأمون منها وعلكا ففارقت أسباب الهدي وتبعته * علي أي شئ ويب غيرك دلكا علي مذهب لم تلف أما ولا أبا * عليه ولم تعرف عليه أخا لكا فان أنت لم تفعل فلست بآسف * ولا قائل اما عثرت لعا لكا وأرسل بها إلي بجير فلما وقف عليها أخبر رسول الله صلي الله عليه وآله فلما سمع قوله سقاك المأمون قال صلي الله عليه وآله مأمون والله وذلك انهم كانوا يسمون رسول الله المأمون ولما سمع صلي الله عليه وآله قوله علي مذهب ويروي علي خلق لم تلف اما البيت قال صلي الله عليه وآله أجل لم يلف عليه أباه ولا أمه ثم إن رسول الله قال من لقي منكم كعب بن زهير فليقتله وذلك عند انصرافه صلي الله عليه وآله عن الطائف فكتب إليه أخوه بجير بهذه الأبيات:
أمن مبلغ كعبا فهل لك في التي * تلوم عليها باطلا وهي أحرم إلي الله لا العزي ولا اللات وحده * فتنجو إذا كان النجاء وتسلم لدي يوم لا تنجو وليس بمفلت * من الناس الا طاهر القلب مسلم فدين زهير وهو لا شئ دينه * ودين أبي سلمي علي محرم وكتب بعد هذه الأبيات ان رسول الله صلي الله عليه وآله قد أهدر دمك وانه قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه ومن بقي من شعراء قريش كابن الزبعري وهبيرة بن أبي وهب قد هربوا في كل وجه وما أحسبك ناجيا فإن كان لك في نفسك حاجة فصر إليه فإنه يقبل من أتاه تائبا ولا يطالبه بما تقدم قبل الإسلام فلما بلغ كعبا الكتاب أتي إلي مزينة لتجيره من رسول الله صلي الله عليه وآله فأبت ذلك
(٥٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، مدينة مكة المكرمة (1)، الطهارة (1)
عليه فحينئذ ضاقت عليه الأرض وأشفق علي نفسه وأرجف به من كان عدوه فقالوا هو مقتول فقال قصيدته المشهورة يمتدح فيها النبي صلي الله عليه وآله ويذكر خوفه وأرجاف الوشاة به ومطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول * متيم إثرها لم يفد مكبول وما سعاد غداة البين إذ رحلوا * إلا أغن غضيض الطرف مكحول يجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت * كأنها منهل بالراح معلول ومنها:
تسعي الوشاة بجنبيها وقولهم * إنك يا ابن أبي سلمي لمقتول وقال كل خليل كنت آمله * لا ألهينك إني عنك مشغول فقلت خلوا سبيلي لا أبا لكم * فكلما قدر الرحمن مفعول كل ابن أنثي وإن طالت سلامته * يوما علي آلة حدباء محمول أنبئت ان سول الله أوعدني * والعفو عند رسول الله مأمول مهلا هداك الذي أعطاك نافلة * القرآن فيه مواعيظ وتفصيل لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم * أذنب وان كثرت في الأقاويل إني أقوم مقاما لا يقوم به * أري وأسمع ما لو يسمع الغيل لظل يرعد الا أن يكون له * من النبي بإذن الله تنويل حتي وضعت يميني لا أنازعه * في كف ذي نقمات قيله القيل ومنها:
ان الرسول لنور يستضاء به * مهند من سيوف الله مسلول في عصبة من قريش قال قائلهم * ببطن مكة لما أسلموا زولوا زالوا فما زال انكاس ولا كشف * عند اللقاء ولا ميل معاذيل شم العرانين أبطال لبوسهم * من نسج داود في الهيجا سرابيل ثم خرج حتي أتي المدينة فنزل علي رجل من جهينة كانت بينه وبينه
(٥٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، القرآن الكريم (1)
معرفة فأتي به إلي المسجد ثم أشار إلي رسول الله صلي الله عليه وآله فقال هذا رسول الله فقم إليه وأستأمنه علي نفسك وعرف كعب رسول الله صلي الله عليه وآله بالصفة التي وصفه له الناس وكان مجلس رسول الله بين أصحابه مثل موضع المائدة يتحلقون حوله حلقة حلقة فيقبل علي هؤلاء فيحدثهم ثم يقبل علي هؤلاء فيحدثهم فقام إليه حتي جلس بين يديه فوضع يده في يده ثم قال يا رسول الله ان كعب بن زهر جاء ليستأمن منك تائبا مسلما فهل أنت قابل منه إن انا جئتك به قال نعم ولم يكن رسول الله صلي الله عليه وآله يعرف كعبا ولا رآه قبل ذلك قال يا رسول الله انا كعب بن زهير فقال صلي الله عليه وآله الذي يقول ما يقول ثم أقبل علي أبي بكر فاستنشده الشعر فأنشد:
سقاك بها المأمون كأسا روية * وأنهلك المأمون منها وعلكا فقال كعب ما هكذا قلت يا رسول الله قال رسول الله وكيف؟ قلت قال قلت:
سقاك أبو بكر بكأس روية * وأنهلك المأمون منها وعلكا فقال رسول الله صلي الله عليه وآله مأمون والله ووثب رجل من الأنصار فقال يا رسول الله دعني وعدو الله أضرب عنقه فقال صلي الله عليه وآله دعه عنك فأنه قد جاءنا تائبا نازعا ثم أنشد النبي قصيدته المذكورة فلما بلغ إلي قوله:
ان الرسول لنور يستضاء به * مهند من سيوف الله مسلول أشار رسول الله صلي الله عليه وآله إلي من حوله ان أسمعوا.
ويروي ان كعبا أنشد من سيوف الهند فقال رسول الله: قل من سيوف الله فلما أتي علي آخرها رمي عليه بردة كانت عليه ولذلك سميت هذه القصيدة بالبردة وقال أبو بكر ابن الأنباري ان معاوية بذل لكعب في البردة عشرة آلاف فقال ما كنت لأوثر بثوب رسول الله (ص) أحدا فلما مات كعب بعث معاوية إلي ورثته بعشرين الف فأخذها منهم وهي التي كانت تلبسها الخلفاء في الأعياد.
وعن علي بن زيد ان كعب بن زهير أنشد رسول الله قصيدته في المسجد
(٥٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، علي بن زيد (1)، الهند (1)، الموت (1)، السجود (2)

أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة الدارمي الشاعر الشهير المعروف بالفرزدق

الحرام لا في مسجد المدينة ذكره أبو الفرج الأصبهاني في الجامع الكبير والأول هو المشهور.
وكان إسلام كعب بعد رجوع النبي صلي الله عليه وآله من الطائف وغزوة تبوك وذلك في السنة التاسعة من الهجرة.
ومن شعره الذي يشهد بحسن عقيدته ويدل علي خلوص سريرته ما أنشده الشيخ المفيد (ره) في كتاب العيون والمحاسن والشريف المرتضي في كتاب الفصول والشيخ أبو جعفر ابن شهرآشوب في موضعين من كتاب المناقب وهي قوله يمدح أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
صهر النبي وخير الناس كلهم * فكل من رامه بالفخر مفخور صلي الصلاة مع الأمي أولهم * قبل العباد ورب الناس مكفور (أبو فراس) همام وقيل هميم بالتصغير ابن غالب بن صعصعة بن ناجية عقال بن محمد ابن سفيان بن مجاشع بن دارم واسمه بحر وسمي دارما لأن قوما أتوا أباه في حمالة فأمره أن يأتيه بخريطة فيها دراهم فجاءه يحملها وهو يدرم تحتها ثقلا أي يقارب خطاه فقال جاءكم دارم بن مالك واسمه عرف سمي مالكا لجوده ابن حنظلة ابن مالك بن زيد بن مناة بن تميم بن مرة التميمي البصري الشاعر المعروف بالفرزدق وهو لقب لقب به لأنه كان جهم الوجه والفرزدق في الأصل قطع العجين وأحدها فرزدقة وقيل لقب به لغلظه وقصره تشبيها بالقنينة التي يشرب بها الماء وهي الفرزدقة والأول أصح لأنه كان أصابه جدري في جهة ثم برئ منه فيقي وجهه جهما متغضنا. وأمه ليلي بنت حابس أخت الأقرع بن حابس.
وكان أبوه غالب من أجلة قومه وسراتهم سيد بادية تميم وله مناقب مشهورة ومحامد مأثورة.
فمن ذلك أنه أصاب أهل الكوفة مجاعة وهو بها فخرج أكثر الناس إلي
(٥٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو الفرج الإصبهاني (الإصفهاني) (1)، كتاب الجامع الكبير للطبراني (1)، معركة تبوك (1)، مدينة الكوفة (1)، الشاعر الفرزدق (2)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، الأقرع بن حابس (1)، الشريف المرتضي (1)، ابن شهرآشوب (1)، الأكل (1)، السجود (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (1)، العجن، العجين (1)
البوادي فكان هو رئيس قومه وكان سحيم بن وثيل رئيس قومه فاجتمعوا بمكان يقال له صوار في طرف السماوة من بلاد كلب علي مسيرة يوم من الكوفة فعقر غالب لأهله ناقة وصنع منها طعاما وأهدي إلي قوم من بني تميم جفانا من ثريد ووجه إلي سحيم جفنة فكفأها وضرب الذي أتي بها وقال: انا مفتقر إلي طعام غالب إذا نحر ناقة نحرت أخري فوقعت المنافرة ونحر سحيم لأهله ناقة فلما كان من الغد عقر غالب لأهله ناقتين فعقر سحيم لأهله ناقتين فلما كان اليوم الثالث عقر غالب ثلاثا فنحر سحيم ثلاثا فلما كان اليوم الرابع عقر غالب مائة فلم يكن عند سحيم هذا القدر فلم يعقر شيئا وأسرها في نفسه فلما انقضت المجاعة دخلت الناس الكوفة قال بنو رياح لسحيم جررت علينا عار الدهر هلا نحرت مثل ما نحر وكانا نعطيك مكان كل ناقة ناقتين فاعتذر ان إبله كانت متفرقة وعقر ثلاثمائة ناقة وقال للناس شأنكم والا كل وكان ذلك في خلافة أمير المؤمنين " ع " فاستفتي في الاكل منها فقضي " ع " بتحريمها وقال هذه لم يرد بها إلا المفاخرة والمباهاة فألقيت لحومها علي كناسة الكوفة فأكلتها الكلاب والعقبان والرخم ويروي ان غالب بن صعصعة المذكور دخل علي أمير المؤمنين " ع " بعد الجمل بالبصرة وغالب شيخ كبير ومعه ابنه الفرزدق وهو غلام فقال له أمير المؤمنين " ع " من الشيخ قال أنا غالب بن صعصعة قال ذو الإبل الكثيرة قال نعم قال ما فعلت با بلك قال ذعذعتها الحقوق وأذهبتها الحمالات والنوائب قال ذاك أحسن سبلها. من هذا الغلام معك؟ قال هذا ابني همام وقد رويته الشعر يا أمير المؤمنين وكلام العرب ويوشك ان يكون شاعرا مجيدا فقال " ع " اقرئه القرآن فهو خير له فكان الفرزدق بعد ذلك يروي هذا الحديث ويقول ما زالت كلمته في نفسي حتي قيد نفسه بقيد وآلي أن لا يفكه حتي يحفظ القرآن فما فكه حتي حفظه.
قوله ذعذعتها بذالين معجمتين بعد كل منهما عين مهملة أي فرقتها.
(٥٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، مدينة الكوفة (3)، الشاعر الفرزدق (2)، القرآن الكريم (2)، الأكل (1)
وكان الفرزدق كثير التعظيم لقبيلة أبيه فما جاءه أحد واستجار به إلا نهض معه وساعده علي بلوغ غرضه.
فمن ذلك ما حكاه المبرد في كتاب (الكامل) ان الحجاج بن يوسف الثقفي لما ولي تميم بن زيد القيني بلاد السند دخل البصرة فجعل يخرج من أهلها ما شاء فجاءت عجوز إلي الفرزدق فقالت إني استجرت بقبر أبيك وأتت منه بحصيات فقال ما شأنك قالت إن زيد بن تميم خرج بابن لي معه ولا قرة لعيني ولا كاسب علي غيره فقال وما اسم ابنك فقالت خنيس فكتب إلي تميم مع بعض من شخص:
تميم بن قيس لا تكون حاجتي * بظهر فلا يبقي علي جوابها وهبني خنيسا وأحتسب فيه منة * لعبرة أم ما يسوغ شرابها أتتني فعاذت يا تميم بغالب * وبالحفرة السافي عليها ترابها وقد علم الأقوام انك ماجد * وليث إذا ما الحرب شب شهابها فلما ورد الكتاب علي تميم تشكك في الاسم أخنيس أم حبيش فقال انظروا من له مثل هذا الاسم في عسكرنا فأصيب ستة ما بين خنيس وحبيش فوجه بهم إليه.
وحضر الفرزدق ونصيب الشاعر عند سليمان بن عبد الملك فقال سليمان للفرزدق يا أبا فراس أنشدني شيئا وإنما أراد ان ينشده مدحا له فأنشده قوله في مدح أبيه وهو من جيد الشعر:
وركب كأن الريح تطلب عندهم * لها ترة من جذبها بالعصائب سعوا يخبطون الريح وهي تلفهم * إلي شعب الأكوار ذات الحقائب إذا أنسوا نارا يقولون ليتها * وقد حضرت أيديهم نار غالب فاعرض عنه سليمان كالمغضب فقال له نصيب يا أمير المؤمنين الا أنشدك في رويها فقال هات فأنشده أبياتا منها:
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله * ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب
(٥٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الشاعر الفرزدق (4)، مدينة البصرة (1)، الحرب (1)
فقال سليمان للفرزدق كيف تراه قال أراه شر أهل جلدته ثم قام وهو يقول: (وخير الشعر أشرفه رجالا وشر الشعر ما قال العبيد) وكان نصيب عبدا أسود لرجل من أهل القري فكاتب علي نفسه، ومدح عبد العزيز بن مروان فاشتري ولاءه، وللفرزدق في مفاخر أبيه أشياء كثيرة، وأما جده صعصعة بن ناجية فأنه كان عظيم القدر في الجاهلية واشتري ثلاثين موؤدة وفي ذلك يقول الفرزدق مفتخرا:
وجدي الذي منع الوائدات * وأحيي الوئيد فلم يوئد ويقال انه أحيي الف موؤدة وحمل الف فرس وهو أول من أسلم من أجداد الفرزدق وقد ذكره ابن عبد البر في كتاب (الاستيعاب) في جملة الصحابة وكان الفرزدق في الطبقة الأولي من الشعراء الإسلاميين.
قال ابن شرحة الفرزدق أشعر الناس.
وعن يونس لولا الفرزدق لذهب شعر العرب.
وقيل لابن هبيرة ين سيد أهل العراق قال الفرزدق هجاني ملكا ومدحني سوقة. وقال أبو عمر ولم أر بدويا أقام في الحضر إلا فسد لسانه غير رؤبة والفرزدق.
وكان بينه وبين جرير من المهاجاة والمعاداة ما هو مشهور.
قال جرير أدركت الفرزدق ولم يبق من أسنانه الأسن واحدة ولو كان له سنان لأكلني.
ومن أخبار الفرزدق ان النوار بنت أعين المجاشعية خطبها رجل من بني أمية فرضيته وجعلت أمرها إلي الفرزدق فقال لها أشهدي بذلك علي نفسك ففعلت واجتمع الناس لذلك فتكلم الفرزدق وقال اشهدوا إني قد تزوجتها وأصدقتها كذا كذا فانا ابن عمها وأحق الناس بها فبلغ ذلك النوار فأبته وجزعت واستترت منه ونافرته إلي عبد الله بن الزبير فلما قدمت نزلت علي خولة بنت
(٥٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: دولة العراق (1)، الشاعر الفرزدق (13)، عبد الله بن الزبير (1)، عبد العزيز (1)، المنع (1)، الجهل (1)
ابن زبان واستشفعت بها عند عبد الله وانضم الفرزدق إلي حمزة بن عبد الله الزبير وتوسل فجعل أمر الفرزدق يضعف وأمر النوار يقوي فقال الفرزدق:
أما بنوه فلم تقبل شفاعتهم * وشفعت بنت منظور بن زبانا ليس الشفيع الذي يأتيك متزرا * مثل الشفيع الذي يأتيك عريانا فبلغ ابن الزبير هذا فدعا النوار فقال إن شئت فرقت بينكما وقتلته فلا يهجوها ابدا وان شئت سيرته إلي بلاد العدو فقالت ما أريد واحدة منهما قال فإنه ابن عمك وراغب فيك فأزوجه إياك قالت نعم فزوجه إياها فكان الفرزدق يقول خرجنا متباغضين ورجعنا متحابين.
ثم إن الفرزدق طلق النوار فندم علي ذلك وله فيها أشعار منها قوله:
ندمت ندامة الكسعي لما * غدت مني مطلقة نوار وكانت جنتي فخرجت عنها * كآدم حين أخرجه الضرار ولو أني ملكت يدي وقلبي * لكان علي للقدر الخيار والكسعي الذي أشار إليه هو غامد بن الحرث من بني كسع كصرحي من اليمن وكان قد أتخذ قوسا وخمسة أسهم وكمن في قنطرة قطيع فرمي عيرا فانحطه السهم وصدم الجبل فأوري نارا فظن أنه قد أخطي فرمي ثانيا وثالثا إلي آخرها وهو يظن خطأه فعمد إلي قوسه فكسرها فلما أصبح نظر فإذا الحمر مطروحة مصرعة وأسهمه. فندم وقطع إبهامه وأنشد:
ندمت ندامة لو أن نفسي * تطاوعني إذا لقطعت خمسي تبين لي سفاه الرأي مني * لعمر أبيك حين كسرت قوسي ومن شعر الفرزدق:
هما دلياني من ثمانين قامة * كما انقض باز أقتم الريش كاسره فلما استوت رجلاي في الأرض قالتا * أحي يرجي أم قتيل تحاذره فقلت أرفعا الأستار لا يشعروا بنا * وأقبلت في أعجاز ليل أبادره
(٥٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الشاعر الفرزدق (6)، حمزة بن عبد الله (1)، الظنّ (1)
أحاذر بوابين قد وكلا بنا * واسود من ساج تصر مسامره وكان الفرزدق قال هذه الأبيات بالمدينة فلما سمع أهل المدينة بها جاؤوا إلي مروان بن الحكم وهو والي المدينة من قبل معاوية فقالوا لا يصلح هذا الشعر بين أزواج النبي صلي الله عليه وآله وقد أوجب علي نفسه الحد فقال مروان لست أحده ولكن اكتب إلي من يحده ثم أمره أن يخرج من المدينة وأجله ثلاثة أيام وفي ذلك يقول:
توعدني وأجلني ثلاثا * كما وعدت بمهلكها ثمود ثم كتب مروان إلي عامله ان يحده ويسجنه وأوهمه انه كتب له بجائزة ثم ندم مروان علي ما فعله فوجه رسولا إلي الفرزدق يقول له إني قلت شعرا فاسمعه ثم أنشد:
قل للفرزدق والسفاهة كاسمها * ان كنت تارك ما أمرتك فاجلس ودع المدينة إنها محبوبة * وأقصد لمكة أو لبيت المقدس وإذا اجتنبت من الأمور عظيمة * فخذن لنفسك بالرماع الأكيس قوله فاجلس أي أقصد الجلساء وهي نجد سميت بذلك لارتفاعها لأن الجلوس في اللغة الارتفاع فلما وقف الفرزدق علي الأبيات فطن لما أراده ورمي بالصحيفة وخرج هاربا إلي أن أتي سعيد بن العاص الأموي وعنده الحسن والحسين " ع " وعبد الله بن جعفر فأخبرهم الخبر فامر له كل واحد بمائة دينار وراحلة وتوجه إلي البصرة وقيل لمروان أخطأت فيما فعلت فإنك عرضت عرضك لشاعر مضر فوجه وراءه بمائتي دينار وراحلة خوفا من لسانه.
وأنشد الفرزدق سليمان بن عبد الملك قصيدة ميمية انتهي منها إلي قوله.
ثلاث واثنتان فهن خمس * وسادسة تميل إلي سمام فبتن بجانبي مصرعات * وبت أفض أغلاق الختام فقال له سليمان قد أقررت عندي بالزنا ولابد من إقامة الحد عليك فقال الفرزدق ومن أين أوجبت علي الحد فقال من كتاب الله تعالي والزانية والزاني
(٥٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، مروان بن الحكم (1)، الشاعر الفرزدق (6)، مدينة البصرة (1)، الزنا (2)
فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة فقال الفرزدق ان كتاب الله تعالي يدرءه عني بقوله تعالي (الشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر انهم في كل واد يهيمون وانهم يقولون ما لا يفعلون) فانا قلت ما لم أفعل فتبسم سليمان وقال أولي لك، وكان حلو النادرة سريع الجواب. جاء عنبسة بن معدان إلي باب بلال قال له بلغت النار يا أبا الفارس قال أجل ورأيت أباك ينتظرك وقال وجهك أحراح مجموعة فقال تأمل هل تري فيها حرامك والأحراح بحائين مهملتين جمع حرح وهو فرج الامرأة يخفف للفرد بحذف آخره فيقال حرومتي جمع عادت الحاء لأن الجمع يرد الأشياء إلي أصولها، وكان يقول ما عييت بجواب أحد قط الا بجواب امرأة وصبي ونبطي أما الامرأة فإني ذهبت ببغلتي أسقيها بالنهر وإذا بالنسوة يغسلن ثيابهن فلما حاذيتهن ضرطت فضكحن منها فالتفت إليهن وقلت لهن لا تضحكن فوالله ما حملتني أنثي قط إلا وفعلت ما فعلت البغلة فقالت إحداهن فكيف كان حال من حملتك تسعة أشهر فأراها قد قاست منك ضراطا عظيما فما وجدت لها جوابا واما الصبي فإني كنت أنشد في مربد البصرة وفي حلقتي الكميت بن زيد وهو إذ ذاك صبي فأعجبني حسن استماعه فقلت له كيف ما سمعت يا غلام قال حسن قلت أيسرك إني أبوك قال اما أبي فلا أبغي به بدلا ولكن وددت إنك أمي ليأكل أبي من أطايبك فأخجلني ولم أجد له جوابا واما النبطي فإنه لقيته بيثرب فقال لي أنت الفرزدق قلت نعم قال أنت الذي يخاف الناس من لسانك قلت نعم قال إذا هجوتني تموت فرسي قلت لا قال أفيموت ولدي قلت لا قال أفأموت انا قلت لا قال فادخلني في حر أم الفرزدق من رجلي إلي عنقي قلت فلم تركت رأسك قال حتي أري الزانية ما تصنع.
وكان الفرزدق يروي عن أمير المؤمنين وعن ابنه الحسين " ع " وأبي سعيد الخدري وغيره وعنه الكميت الشاعر ومروان الأصغر وخالد الحذاء وأشعث ابن عبد الملك والصعق بن ثابت وابنه لبطة بن الفرزدق وآخرون.
(٥٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الشاعر الفرزدق (5)، الكميت بن زيد (1)، مدينة البصرة (1)، خالد الحذاء (1)، الخوف (1)، الموت (1)
قال الشريف المرتضي رضي الله عنه في الغرر والدرر وكان الفرزدق شيعيا مائلا إلي بني هاشم.
ولما خرج الحسين من مكة قاصدا الكوفة سنة إحدي وستين من الهجرة ووصل الشقوق إذا هو بالفرزدق قد وافاه هناك فسلم عليه ثم دنا منه وقبل يده فقال له الحسين " ع " من أين أقبلت يا أبا فراس قال من الكوفة قال كيف تركت أهل الكوفة قال خلفت قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية عليك وقد قل الديانون والقضاء ينزل من السماء والله يفعل في خلقه ما يشاء.
وفي رواية عن الفرزدق انه قال لقيني الحسين " ع " في منصرفي من الكوفة فقال ما وراءك يا أبا فراس قلت أصدقك قال الصدق أريد قلت أما القلوب فمعك وأما السيوف فمع بني أمية والنصر من الله قال " ع " ما أراك إلا صدقت الناس عبيد المال والدين لعق علي ألسنتهم يحوطونه ما درت به معائشهم فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون.
وفي رواية عنه أيضا انه قال حججت بأمي في سنة ستين فبينا انا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم إذ لقيت الحسين " ع " خارجا من مكة معه أسيافه وأتراسه فقلت لمن هذا القطار فقيل للحسين بن علي " ع " فأتيته وسلمت عليه وقلت له بلغك الله سؤلك وأملك فيما تحب بابي أنت وأمي يا بن رسول الله ما أعجلك فقال لو لم أعجل لأخذت ثم قال لي من أنت قلت انا أمرؤ من العرب فلا والله ما فتشني عن أكثر من ذلك ثم قال أخبرني عن الناس خلفك فقلت الخبير سألت قلوب الناس معك وسيوفهم عليك والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء قال صدقت لله الأمر وكل يوم ربنا في شأن إن نزل القضاء بما نحب فنحمد الله علي نعمائه وهو المستعان علي أداء الشكر وان حال القضاء دون الرجاء فلا يبعد من كان الحق نيته والتقوي سريرته فقلت له أجل بلغك ما تحب وكفاك ما تحذر وسألته عن أشياء من نذر ومناسك فأخبرني بها وحرك راحلته وقال السلام عيك ثم افترقنا.
(٥٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (4)، مدينة مكة المكرمة (2)، مدينة الكوفة (4)، الشاعر الفرزدق (3)، بنو أمية (2)، بنو هاشم (1)، الشريف المرتضي (1)، الشكر (1)، الصدق (1)
وفي رواية ان الفرزذق قال له يا بن رسول الله كيف تركن إلي أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمك مسلما فترحم عليه وقال اما انه قد صار إلي رحمة الله ورضوانه وقضي ما عليه وبقي ما علينا وأنشد عليه السلام:
فان تكن الدنيا تعد نفيسة * فان ثواب الله أعلي وأنيل وان تكن الأبدان للموت أنشأت * فقتل امرئ بالسيف في الله أفضل وان تكن الأرزاق قسما مقدرا * فقلة جهد المرء في الكسب أجمل وان تكن الأموال للترك جمعها * فما بال متروك به المرئ يبخل ثم ودعه الفرزدق في نفر من أصحابه ومضي يريد مكة فقال له ابن عم له من بني مجاشع يا أبا فراس هذا الحسين بن علي " ع " فقال له الفرزدق نعم هذا الحسين بن علي وابن فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفي هذا والله ابن خيرة الله وأفضل من مشي علي الأرض وقد كنت قلت فيه قبل اليوم أبياتا غير متعرض لمعروفه بل أردت بذلك وجه الله والدار الآخرة فلا عليك ان تسمعها فقال ابن عمه ان رأيت أن تسمعنيها يا أبا فراس فقال قلت فيه وفي أمه وأبيه وجده عليهم الصلاة والسلام:
هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم هذا حسين رسول الله والده * أمست بنور هداه تهتدي الأمم هذا ابن فاطمة الزهراء غرتها * في جنة الخلد مجريا بها القلم إذا رأته قريش قال قائلها * إلي مكارم هذا ينتهي الكرم يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم بكفه خيزران ريحه عبق * من كف أروع في عرنينه شمم يغضي حياء ويغضي من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم ينشق نور الهدي عن نور غرته * كالشمس تنشق عن أشرافها الظلم مشتقة من رسول الله نبعته * طابت أرومته والخيم والشيم
(٥٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، مدينة الكوفة (1)، الشاعر الفرزدق (2)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (2)، الحسين بن علي (1)، الموت (1)، القتل (2)، الصّلاة (1)، البول (1)، الكرم، الكرامة (1)
من معشر حبهم دين وبغضهم * كفر وقربهم منجي ومعتصم يستدفع السوء والبلوي بحبهم * ويستقيم به الإحسان والنعم ان عد أهل الندي كانوا أئمتهم * أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم لا يستطيع مجار بعد غايتهم * ولا يدانيهم قوم وان كرموا بيوتهم من قريش يستضاء بها * في النائبات وعند الحكم ان حكموا فجده من قريش في أرومتها * محمد وعلي بعده علم بدر له شاهد والشعب من أحد * والخندقان ويوم الفتح مذ علموا وخبير وحنين يشهدان له * وفي قريظة يوم صيلم قتم مواطن قد علت أقدارها ونمت * آثارها لم تلها العرب والعجم هكذا نسب هذه القصيدة للفرزدق في الحسين " ع " الشيخ كمال الدين بن طلحة في (مناقبه) قال الشيخ علي بن عيسي القمي ره وأظنه نقل هذا الكلام والقصيدة من كتاب (الفتوح) لابن أعثم فإنه نسب القصيدة إلي الفرزدق في الحسين أيضا والذي عليه الرواة مع اختلاف كثير في أبياتها انها للحزين الليثي قالها في فثم بن العباس وان الفرزدق أنشدها في علي بن الحسين قال المؤلف عفا الله عنه، اما كون القصيدة بتمامها في قثم بن العباس فأمر يشهد بعض أبيات القصيدة باستحالته كما تراه وأما انشاد الفرزدق لها في علي بن الحسين فقد ذكره كثير من رواة الأحبار والمؤرخين.
ونحن نذكر الخبر في ذلك من رواية الشيخ الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد ابن أحمد بن محمد بن إبراهيم السلفي الأصبهاني قال قال أخبر الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي بقرائتي عليه في جمادي الآخرة من سنة خمسة وتسعين وأربعمائة ببغداد قال أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن علي الوراق قرأت عليه قال أخبرني أبو أحمد عبد السلام بن الحسين بن محمد بن عبد الله طيفور البصري اللغوي قال قرأت علي أبي عبد الله محمد بن أحمد بن يعقوب
(٥٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي (1)، شهر جمادي الثانية (1)، الشاعر الفرزدق (4)، عبد السلام بن الحسين (1)، محمد بن أحمد بن يعقوب (1)، عبد الجبار بن أحمد (1)، محمد بن إبراهيم (1)، محمد بن محمد بن علي (1)، علي بن الحسين (2)، علي بن عيسي (1)، قثم بن العباس (1)، أحمد بن محمد (1)، الطهارة (1)، الشهادة (2)
المتوفي بالبصرة سنة أربعة وخمسين وثلاثمائة علي باب داره وكتبته من كتاب أملاه إملاء من أصله ثم قرأته بعد ذلك بعشر سنين عشية الجمعة لست ليال بقين من شعبان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة علي أبي الحسين محمد بن محمد بن جعفر ابن لنكك اللغوي علي باب داره ولم يكن أصل يرجع إليه وذكر انه قد سمعه: قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا بن دينار قال حدثنا عبد الله بن محمد يعني بن عايشة قال حدثني أبي وغيره قال حج هشام بن عبد الملك في زمن عبد الملك أو الوليد فطاف بالبيت فجهد ان يصل إلي الحجر فيستلمه فلم يقدر عليه فنصب له منبر وجلس عليه ينظر إلي الناس ومعه أهل الشام إذ أقبل علي بن الحسين بن علي " ع " وكان من أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا فطاف بالبيت فكلما بلغ إلي الحجر تنحي له الناس حتي يستلمه فقال رجل من أهل الشام من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة فقال هشام لا أعرفه مخافة ان يرغب فيه أهل الشام وكان الفرزدق حاضرا فقال الفرزدق لكني أعرفه قال الشامي من هو يا أبا فراس فقال الفرزدق:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم روي ابن لنكك الظاهر بظاء معجمة وروي المتوثي بطاء غير معجمة:
إذا رأته قريش قال قائلها * إلي مكارم هذا ينتهي الكرم ينمي إلي ذروة العز التي قصرت * عن نيلها عرب الإسلام والعجم يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم يغضي حياء ويغضي من مهابته * ولا يكلم إلا حين يبتسم من جده دان فضل الأنبياء له * وفضل أمته دانت له الأمم ينشق نور الهدي عن نور غرته * كالشمس ينجاب عن اشراقها القتم مشتقة من رسول الله نبعته * طابت عناصرها والخيم والشيم
(٥٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، شهر شعبان المعظم (1)، الشاعر الفرزدق (3)، محمد بن زكريا بن دينار (1)، هشام بن عبد الملك (1)، عبد الله بن محمد (1)، أبو عبد الله (1)، محمد بن جعفر (1)، الشام (3)، العزّة (1)، الحج (1)، الوفاة (1)، الكرم، الكرامة (1)
هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا الله شرفه قدما وفضله * جري بذاك له في لوحه القلم فليس قولك من هذا بضائره * العرب تعرف من أنكرت والعجم ليس هذا البيت في رواية المتوثي وعرفه ابن لنكك:
كلتا يديه غياث عم نفعهما * يستوكفان ولا يعروهما العدم سهل الخليقة لا تخشي بوادره * يزينه اثنان حسن الخلق والكرم حمال أثقال أقوام إذا فدحوا * حلو الشمائل تحلو عنده نعم لا يخلف الوعد ميمون نقيبته * رحب الفناء أريب حين يعتزم عم البرية بالاحسان فانقشعت * عنه الغيابة والاملاق والعدم من معشر حبهم دين وبغضهم * كفر وقربهم منجي ومعتصم ان عد أهل التقي كانوا أئمتهم * أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم لا يستطيع جواد بعد غايتهم * ولا يدانيهم قوم وان كرموا هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت * والأسد أسد الشري والباس محتدم لا ينقص العسر بسطا من أكفهم * سيان ذلك إن أثروا وان عدموا روي لنكك لا يقبض العسر:
يستدفع السوء والبلوي بحبهم * ويسترب به الإحسان والنعم مقدم بعد ذكر الله ذكرهم * في كل بدء ومختوم به الكلم يأتي لهم ان يحل الذي ساحتهم * خيم كريم وأيد بالندي هضم أي الخلايق ليست في رقابهم * لأولية هذا أوله نعم من يعرف الله يعرف أوليه ذا * والدين من بيت هذا ناله الأمم كان ابن لنكك يروي الدين بلا واو.
قال فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة والمدينة وبلغ ذلك علي بن الحسين " ع " فبعث إلي الفرزدق باثني عشر ألف درهم وقال اعذرنا
(٥٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، يوم عرفة (1)، الشاعر الفرزدق (2)، الجود (1)، الكرم، الكرامة (1)
يا أبا فراس فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به فردها الفرزدق وقال يا بن رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله وما كانت لأرزء عليه شيئا فقال شكر الله لك ذلك غير إنا أهل بيت إذا أنفذنا أمرا لم نعد فيه فقبلها وجعل يهجو هشاما وهو في الحبس فكان مما هجاه به:
أيحبسني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوي منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعينا له حولاء باد عيوبها فبعث إليه فأخرجه.
قلت جزي الله الفرزدق عن هذا المقام أحسن جزائه فلقد أدي ما وجب عليه من إخلاصه وولائه لا جرم ان الله شكر له هذه الحسنة واعد له ذخائر ثوابها وقد رأي ما أقر عينه في الدار التي ثوي بها.
ومن أخبار الفرزدق ما حكاه محمد بن حبيب قال صعد الوليد بن عبد الملك المنبر فسمع صوت ناقوس فقال ما هذا فقيل البيعة فأمر بهدمها وتولي ذلك بيده فتتابع الناس يهدمون فكتب إليه ملك الروم ان هذه البيعة قد أقرها من كان قبلك فان يكونوا أصابوا فقد أخطأت وان تكن أصبت فقد أخطأوا فقال من يجيبه فقال الفرزدق يكتب إليه (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا أتينا حكما وعلما) الآية فاستحسن ذلك.
وروي معاوية بن عبد الكريم عن أبيه قال دخلت علي الفرزدق فتحرك فإذا في رجليه قيد قلت ما هذا يا أبا فراس قال حلفت أن لا أخرج هذا من رجلي حتي أحفظ القرآن.
وروي أنه لما ماتت النوار امرأة الفرزدق خرج الحسن البصري في جنازتها ووقف علي قبرها والفرزدق واقف معه والناس ينظرون فقال الحسن ما للناس فقال الفرزدق خير الناس وشر الناس فقال الحسن لست بخير الناس
(٥٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الشاعر الفرزدق (8)، الحسن البصري (1)، محمد بن حبيب (1)، عبد الكريم (1)، القرآن الكريم (1)
ولست بشرهم ما أعددت لهذا المضجع قال شهادة ان لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة قال الحسن نعم العدة ثم أنشأ الفرزدق يقول:
أخاف وراء القبران لم يعافني * أشد من القبر التهابا وأضيقا إذا جاء في يوم القيامة قائد * عنيف وسواق يسوق الفرزدقا فقد خاب من أولاد آدم من مشي * إلي النار مشدود القلادة أزرقا يساق إلي نار الجحيم مسربلا * سرابيل قطران لباسا محرقا إذا شربوا فيها * مر الصديد تمزقا فأبكي الناس. وروي أنه مات للفرزدق ابن صغير فصلي عليه ثم التفت إلي الناس وقال:
وما نحن إلا مثلهم غير إننا * أقمنا قليلا بعدهم ثم نرحل فمات بعد ذلك بأيام رحمه الله.
قال الشريف المرتضي في (الغرر والدرر) كان الفرزدق قد نزع في آخر عمره عما كان من القذف والفسق وراجع طريقة الدين علي أنه لم يكن في خلال فسقه منسلخا عن الدين جملة ولا مهملا أمره أصلا.
قال ومما يشهد بذلك ما أخبرنا به أبو عبد الله المرزباني قال أخبرنا أبو ذر القراطيبي قال أخبرنا ابن أبي الدنيا قال أخبرنا الرياشي عن الأصمعي عن سلام ابن مسكين قال قيل للفرزدق علام تقذف المحصنات فقال والله لله أحب إلي من عيني هاتين أفتراه يعذبني بعدها.
ورؤي انه تعلق بأستار الكعبة فعاهد الله علي ترك الهجاء والقذف الذين كان ارتكبهما قال:
ألم ترني عاهدت ربي انني * لبين رتاج قائما ومقام علي حلفة لا اشتم الدهر مسلما * ولا خارجا من في زور كلام أطعتك يا إبليس تسعين حجة * فلما انقضي عمري وتم تمامي فزعت إلي ربي وأيقنت انني * ملاق لأيام الحتوف حمامي
(٥٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، الشاعر الفرزدق (4)، أبو عبد الله (1)، الشريف المرتضي (1)، الموت (1)، الحج (1)، الشهادة (2)، القبر (1)، الصّلاة (1)
وروي الصولي عن الحسن بن فياض عن إدريس بن عمران قال جاءني الفرزدق فتذاكرنا رحمة الله وسعتها فكان أوثقنا بالله تعالي فقال له رجل ألك هذا الرجاء بالله والمذهب وأنت تقذف المحصنات وتفعل ما تفعل فقال أترونني لو أذنبت إلي أبوي ذنبا كانا يقذفاني في تنور وتطيب أنفسهما بذلك قلنا لا بل يرحمانك قال فانا والله أوثق برحمة ربي مني برحمتهما.
قال أبو عمرو بن العلا حضرت الفرزدق وهو يجود بنفسه فما رأيت أحسن ثقة منه بالله تعالي.
وكان وفاته في أول سنة مائة وعشرة.
وقيل اثني عشرة وقيل أربع عشرة وكان قد قارب المائة.
وروي أنه لما نعي الفرزدق إلي جرير بكي بكاءا شديدا فقيل له أتبكي رجلا يهجوك وتهجوه من أربعين سنة.
قال إليكم عني ما تساب رجلان ولا تناطح كبشان ومات أحدهما إلا تبعه الآخر من قريب ثم عاش بعده أربعين يوم فمات، وفي رواية انه نعي الفرزدق إلي المهاجر بن عبد الله وجرير عنده فقال:
مات الفرزدق بعد ما جدعته * ليت الفرزدق كان عاش قليلا فقال لهما المهاجر بئس لعمرك والله ما قلت في ابن عمك أتهجو ميتا والله لو رثيته لكنت أكرم العرب فقال إن رأي الأمير ان بكتمها عليه فإنها سوءة ثم قال يرثيه من وقنه:
فلا ولدت بعد الفرزدق حامل * ولا ذات بعل من نفاس تعلت هو الواقد الميمون والراتق النائي * إذ النعل يوما بالعشيرة زلت وقال يرثيه أيضا:
فجعنا بحمال الديات ابن غالب * وحامي تميم عرضها والمزاحم بكيناك حدثان الفراق وإنما * بكيناك إذ نابت صروف العظائم
(٥٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الشاعر الفرزدق (7)، الكرم، الكرامة (1)، الجود (1)، الدية (1)

الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم

فلا حملت بعد ابن ليلي مهيرة * ولا شك أنطاع المطي الرواسم ومما يستجاد من شعر الفرزدق:
قالت وكيف يميل مثلك في الصبي * وعليك من سمة الحليم وقار والشيب ينهض في الشباب كأنه * ليل يصيح بجانبيه نهار وقوله في الهجاء:
فلو يرمي بلؤم بني كليب * نجوم الليل ما وضحت لسار ولو لبس النهار بنو كليب * لدنس لؤمهم وضح النهار وما يغدو عزيز بني كليب * ليطلب حاجة إلا بجار وقوله في الفخر:
ان الذي سمك السماء بني لنا * بيتا دعائمه أعز وأطول بيتا بناه لنا المليك وما بني * ملك السماء فإنه لا ينقل بيتا زرارة محتب بفنائه * ومجاشع وأبو الفوارس نهشل الأكثرون إذا يعد ذو الحجي * والأولون إذا يعد الأول حلل الملوك ثيابنا في أهلنا * والسابغات الرعي ما نتسربل أحلامنا تزن الجبال رزانة * وتخالنا أسد إذا ما نجهل (الفضل) ابن العباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وقد تقدم ذكر أبيه العباس في الأول من الطبقة الأولي وكان الفضل هذا أحد شعراء بني هاشم المذكورين وفصحائهم المشهورين هاشمي الأبوين أمه أمينة بنت العباس بن عبد المطلب عم النبي صلي الله عليه وآله وكان شديد الأدمة وفي ذلك يقول:
وانا الأخضر من يعرفني * أخضر الجلدة في بيت العرب قال عبيد الله بن حبيب وإنما أتاه السواد من قبل جدته وكانت حبشية وحدث أبو عبيدة النحوي قال أخبرني من سمع الفرزدق يقول أتيت الفضل
(٥٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشاعر الفرزدق (2)، العباس بن عتبة بن ابي لهب (1)، العباس بن عبد المطلب (1)، أبو الفوارس (1)، بنو هاشم (1)، العزّة (1)، النهوض (1)
ابن العباس اللهبي وهو يمتح بدلو من زمزم ويقول:
وانا الأخضر من يعرفني * أخضر الجلدة في بيت العرب من يساجلني يساجل ماجدا * يملأ الدلو إلي عقد الكرب ورسول الله جدي جده * وعلينا كان تنزيل الكتب قال فقلت من يساجلك فرجلي من كذا أمه قال أتعرفني لا أم لك قال قلت كيف لا أعرفك وقد نزل في أبويك سورة من كتاب الله فقال عز من قاتل (تبت يدا أبي لهب) قال فضحك وقال أنت الفرزدق قلت نعم قال قد علمت أن أحدا لا يحسن هذا غيرك.
قال أبو الفرج المعافي بعد نقل هذه الحكاية وقد الطف الفرزدق فيما خاطب به الفضل لأنه لما لم يمكنه مساجلته وقد فخر بنفسه من هاشم وقرباه من رسول الله صلي الله عليه وآله أتي يمضه ويفل من غربه.
وحدث علي بن محمد النوفلي قال كان أبي عند الحسن بن عيسي بن علي وهو والي البصرة وعنده وجوه أهل البصرة وقد كانت فيهم بقية حسنة في ذلك الدهر فأفاضوا في ذكر بني هاشم وما أعطاهم الله من الفضل بنبيه صلي الله عليه وآله فمن منشد شعرا ومحدث حديثا وذاكر فضيلة من فضائل بني هاشم فقال أبي قد جمع هذا الكلام اللهبي في بيت قاله ثم أنشد قوله:
ما مات قوم كرام يدعون يدا * إلا لقومي عليهم منة ويدا فمن صلي صلاتنا وذبح ذبيحتنا عرف ان لرسول الله صلي الله عليه وآله يدا بما هداه الله تعالي إلي الإسلام به ونحن قومه فتلك منة لنا علي الناس وحكي أبو السكن مولي بني هاشم قال كان الفضل بن العباس بخيلا فقدم علي عبد الله بن العباس حاجا فاتاه إلي منزله مسلما عليه فقال له كيف أنت وكيف حالك قال بخير نحن في عافية قال فهل لك من حاجة قال لا والله وإني لأشتهي هذا العنب وقد أغلاه علينا هؤلاء العلوج فغمز غلاما له فذهب فاتاه بسلة عظيمة
(٥٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، يوم عاشوراء (1)، عبد الله بن عباس (1)، الشاعر الفرزدق (2)، علي بن محمد النوفلي (1)، الفضل بن العباس (1)، مدينة البصرة (2)، الحسن بن عيسي (1)، بنو هاشم (3)، الفرج (1)، الكرم، الكرامة (1)، الموت (1)
من عنب فجعل يغسل عنقودا عنقودا ويناوله فكلما فعل ذلك قال له برتك رحم.
وحكي علي بن محمد النوفلي عن عمه ان سليمان بن عبد الملك حج في خلافة الوليد فجاء إلي زمزم فجلس عندها ودخل الفضل بن العباس اللهبي يستقي فجعل يرتجز ويقول:
يا أيها السائل عن علي * سألت عن بدر لنا بدري مقدم في الخير أبطحي * ولين الشيمة هاشمي زمزمنا بوركت من ركي * بوركت للساقي وللمسقي فغضب سليمان وهم بالفضل فكفه عنه علي بن عبد الله ثم أتاه بقدح فيه نبيذ من نبيذ السقاية فأعطاه إياه فسأله ان يشربه فأخذه من يده كالمتعجب ثم قال نعم انه يستحب ووضعه في يده فلم يشربه فلما ولي الخلافة وحج لقيه الفضل فلم يعطه شيئا.
وحكي ابن الأعرابي قال كان رجل من كنانة يقال له عقرب حناط قد داين الفضل فمطله ثم مر به الفضل وهو يبيع الحنطة وهو يقول:
جاءت بها ضابطة التجار * ضافية كقطع الأوتار فقال الفضل:
قد تجرت عقرب في سوقنا * واعجبا للعقرب التاجرة قد ذاقت العقرب واستيقنت * ان مالها دنيا ولا آخرة فان تعد عادت لما قد ساءها * وكانت النعل لها حاضرة وحدث ابن عائشة عن أبيه ان عمر بن أبي ربيعة وقد علي عبد الملك ابن مروان فادخل عليه فسأله عن نسبه فانتسب له فقال:
لا أنعم الله بعين عينا * تحية السخط إذا التقينا أأنت القائل:
نظرت إليها بالمحصب من مني * ولي نظر لولا التحرج عازم
(٥٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: علي بن محمد النوفلي (1)، علي بن عبد الله (1)، الفضل بن العباس (1)، الغسل (1)، الإستحباب (1)، البيع (1)، الحج (2)، القمح، الحنطة (1)
فقلت أشمس أم مصابيح بيعة * بدت لك خلف السجف أم أنت حالم بعيدة مهوي القرط إما لنوفل * أبوها وإما عبد شمس وهاشم قال قاتلك الله ما ألأمك اما كانت لك في بنات العرب مندوحة عن بنات عمك فقال عمر بئست والله يا أمير المؤمنين هذه التحية لابن العم علي شط الدار وبعد المزار فقال له عبد الملك أفتراك مرتدعا عن ذلك فقال إني إلي الله تائب فقال عبد الملك اذن يتوب الله عليك وستحسن جائزتك ولكن أخبرني عن منازعتك اللهبي في المسجد الجامع فقد أتاني نبأ ذلك وكنت أحب ان أسمعه منك فقال عمر نعم يا أمير المؤمنين بينا انا جالس في المسجد الحرام في جماعة من قريش إذ دخل علينا الفضل بن العباس بن عتبة فسلم وجلس ووافقني وانا أتمثل بهذا البيت:
وأصبح بطن مكة مقشعرا * كأن الأرض ليس لها هشام فاقبل علي وقال يا أخا بني مخزوم والله ان بلدة تبجح فيها عبد المطلب وبعث رسول الله صلي الله عليه وآله واستقر بها بيت الله لحقيقة ان لا تقشعر لموت هشام وأشعر من هذا الذي يقول:
إنما عبد مناف جوهر * زين الجوهر عبد المطلب فأقبلت عليه وقلت يا أخا بني عبد المطلب أشعر من صاحبك الذي يقول:
ان الدليل علي الخيرات أجمعها * أبناء مخزوم للخيرات مخزوم فقال لي أشعر من صاحبك الذي يقول:
جبريل أهدي لنا الخيرات أجمعها * أولاد هاشم لا أبناء مخزوم فقلت في نفسي غلبني والله ثم حملني الطمع في انقطاعه ان قلت بل أشعر منه الذي يقول:
أبناء مخزوم الحريق إذا * حركته تارة تري ضرما يخرج منه الشرار مع لهب * من حاد عن حده فقد سلما
(٥٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، العباس بن عتبة (1)، مسجد الحرام (1)، السجود (1)
فقال يا أخا بني مخزوم أشعر من صاحبك وأصدق الذي يقول:
هاشم بحر إذا سما وطما * أخمد حر الحريق واضطرما فاعلم وخير المقال أصدقه * بان من رام هاشما هشما فتمنيت ان الأرض يا أمير المؤمنين ساخت بي ثم تجلدت عليه وقلت يا أخا بني هاشم أشعر من صاحبك الذي يقول:
أبناء مخزوم أنجم طلعت * للناس تجلو بنورها الظلما تجود بالليل قبل مسألة * جودا هنيئا ويضرب إليهما فاقبل علي كأسرع من اللحظ ثم قال أشعر من صاحبك الذي يقول:
هاشم شمس بالسعد مطلعها * إذا بدت أخفت النجوم معا إختارنا الله بالنبي فمن * قارعنا بعد احمد قرعا فاسودت الدنيا في عيني وانقطعت فلم أجد له جوابا ثم قلت يا أخا بني هاشم ان كنت تفخر علينا بالنبي صلي الله عليه وآله فما تسعنا مفاخرتك فقال كيف لا أم لك والله لو كان منك لفخرت به علي فقلت صدقت واستغفر الله انه لموضع الفخار وداخلني السرور لقطعه الكلام لئلا ينالني خور عن أجابته فافتضح ثم انه فكر هنيئة ثم قال قد قلت شيئا فلم أجد بدا من الاستماع فقلت هات فقال:
نحن الذين إذا سما الفخار بهم * ذا الفخر أقعده هناك القعدد أفخر بنا ان كنت يوما فاخرا * تلفي الأولي فخروا لفخرك أفردوا قل يا بن مخزوم لكل مفاخر * منا المبارك ذو الرسالة أحمد ماذا يقول ذووا الفخار هنا لكم * هيهات ذلك هل ينال الفرقد فحصرت وتبلدت وقلت إن لك عندي حوابا فانظرني افتكرت مليا ثم قلت:
لا فخر إلا قد علاه محمد * فإذا فخرت به فإني أشهد ان قد فخرت وفقت كل مفاخر * واليك في الشرف الرفيع المقصد ولنا دعائم قد تناهي أول * في المكرمات جري عليها المولد
(٥٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، بنو هاشم (1)
ما ذاقها حاشي النبي وأهله * في البحر غطغطة الخليج المزيد دع ذا ورح بفناء خود بضة * مما نطقت به وغني معبد مع فتية تندي بطون أكفهم * جودا إذا هز الزمان الأنكد يتناولون سلافة عامية * طابت لشاربها وطاب المقعد فوالله يا أمير المؤمنين لقد أجابني بجواب كان أشد علي من الشعر قال يا أخا مخزوم أريك السهي وتربني القمر أي أريك الامر الغامض وتريني الأمر الواضح وتخرج من المفاخرة إلي شرب الراح وهي الخمر المحرمة فقلت اما علمت أصلحك الله ان الله تعالي يقول في الشعراء وانهم يقولون ما لا يفعلون قال صدقت ولكن الله تعالي استثني منهم قوما فقال إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فان كنت منهم فقد دخلت في الاستثناء واستحققت العقوبة بدعائك إليها وإن لم تكن منهم فالشرك بالله أعظم من شرب الخمر فقلت أصلحك الله لا أري للمتحدي شيئا أصلح من السكوت فضحك وقال أستغفر الله وقام عني فضحك عبد الملك وقال يا بن أبي ربيعة اما علمت أن لبني عبد مناف السنة لا تطاق ارفع حوائجك فرفعتها فقضاها وأحسن جائزتي، ونسب إليه صاحب الإصابة هذه الأبيات:
ما كنت أحسب ان الأمر منصرف * عن هاشم ثم منها عن أبي حسن من فيه ما فيهم من كل صالحة * وليس في كلهم ما فيه من حسن أليس أول من صلي لقبلتكم * وأعرف الناس بالقرآن والسنن وأقرب الناس عهدا بالنبي ومن * جبريل عون له في الغسل والكفن ماذا يردكم عنه فنعرفه *ها ان بيعتكم من أول الفتن وقد تقدم ذكر هذه الأبيات في ترجمة والده العباس وذكرنا اختلاف العلماء في ناظمها وعن عبد الله بن يحيي قال حدثنا عمر الشيباني قال الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب يرثي من قتل مع الحسين من أهله وكان قد قتل الحسين والعباس
(٥٦١)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (1)، عبد الله بن يحيي (1)، القرآن الكريم (1)، القتل (2)، الغسل (1)
وعمر ومحمد وعبد الله وجعفر بنو علي بن أبي طالب وأبو بكر والقاسم وعبد الله بنو الحسن بن علي " ع " وعلي وعبد الله أبناء الحسين ومحمد وعون أبناء عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب ومسلم بن عقيل بن أبي طالب وعبد الله وعبد الرحمن وجعفر بنو عقيل بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين:
أعيني الا تبكيا لمصيبتي * وكل عيون الناس عني أصبر أعيني جودا من دموع عزيزة * فقد حق اشفاقي وما كنت أحذر أعيني هذا الأكرمون تتابعوا * وصلوا المنايا دار عون وحسر من الأكرمين البيض من آل هاشم * لهم سلف من واضح المجد يذكر مصابيح أمثال الأهلة إذ هم * لدي الحرب أو دفع الكريهة أبصر بهم فجعتنا والفواجع كلها * تميم وبكر والسكون وحمير وهمدان قد جاشت علينا وأجلبت * هوازن … واعصر وفي كل حي نضحة من دمائنا * بنو هاشم يعلو سناها ويشهر فلله محيانا وكان مماتنا * ولله قتلانا تدان وتنشر لكل دم مولي ومولي دمائنا * بمرتقب يعلو عليكم ويظهر فسوف تري أعدائنا حيث تلتقي * لأي الفريقين النبي المطهر ومن شعر الفضل بن العباس في الحماسة:
مهلا بني عمنا مهلا موالينا * لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا لا تطمعوا ان تهينونا فنكرمكم * وان نكف الأذي عنكم وتؤذونا مهلا بني عمنا من تحت أثلتنا (1) * سيروا رويدا كما كنتم تسيرونا الله يعلم انا لا نحبكم * ولا نلومكم ان لا تحبونا كل له نعمة في بغض صاحبه * بنعمة الله نقليكم وتقلونا ومن شعره:
(1) الأثل: شجر، وهو نوع من الطرفاء، الواحدة: أثلة.
(٥٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (1)، جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، مسلم بن عقيل عليه السلام (1)، علي بن أبي طالب (1)، الفضل بن العباس (1)، بنو هاشم (1)، الحرب (1)

أبو المنهل الكميت بن زيد الأسدي الكوفي الشاعر الشهير

سبقنا ولم نسبق وضمنا ولم نضم * لما ذاك محتوما علي الناس محكما فما عد إنسان بأمثل هاشم * إذا عددوا الآباء أسني وأكرما وما افتخر الأقوام إلا بفضلنا * وما وجدوا إلا لنا متجشما ونحن خصصنا بالنبوة منهم * وكان لهذا الناس عزا مقدما ونحن ولينا الحجر والبيت دونهم * ونحن حفرنا جانب الحجر زمزما تخيرنا رب العباد بعلمه * هداة وكان الله بالناس أعلما وما مثلنا في الناس أو في بذمة * وأقول ان قالوا لحق وأحكما فمن ذا الذي يعتد أن عد مثلنا * أعز وأنكي للعدو وأرغما وأصدق عند الناس في كل موطن * إذا شمرت حرب واحمد مقدما ومن شعره:
إنا أناس من سجيتنا * صدق الحديث ووعدنا حتم والحزم تقوي الله فاتقين * ترشد وليس لفاجر حزم والمرء أكثر ما يعاب به * خطل اللسان وصمته حكم (أبو المنهل) الكميت بن زيد بن جيش بن مجالد بن وهب بن عمرو بن سبيع بن مالك ابن سعد بن ثعلبة بن ذوران بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر الأسدي الكوفي الشاعر مقدم عالم بلغات العرب خبير بأيامها فصيح زمانه من شعراء مضر وألسنتها المتعصبين علي القحطانية المقارعين لشعرائهم العالمين بالمثالب والأيام المفاخرين بها.
وكان يقال ما جمع أحد من علم العرب ومناقبها ومعرفة أنسابها ما جمع الكميت، فمن صحح الكميت نسبه صح ومن طعن فيه طعن.
وسئل معاد الهراء عن أشعر الناس فقال: من الجاهليين امرئ القيس وزهير وعبيد بن الأبرص ومن الإسلاميين الفرزدق وجرير والأخطل فقيل
(٥٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الشاعر الفرزدق (1)، الكميت بن زيد (1)، العزّة (1)، التصديق (1)، الحرب (1)
له يا أبا محمد ما رأيناك ذكرت الكميت قال ذاك أشعر الأولين والآخرين.
وقال ابن عكرمة الضبي لولا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان ولا للبيان لسان ويقال ان شعره بلغ أكثر من خمسة آلاف بيت.
وقال أبو عبيدة لو لم يكن لبني أسد منقبة غير الكميت لكفاهم حبهم إلي الناس وأبقي لهم ذكرا.
وقال بعضهم كان في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر كان خطيب أسد وفقيه الشيعة حافظ القرآن العظيم ثبت الجنان وكان كاتبا حسن الخط وكان نسابة وكان جدلا وهو أول من ناظر في التشيع وكان راميا لم يكن في أسد أرمي منه وكان فارسا شجاعا دينا وكان مشهورا في التشيع مجاهدا في ذلك وقصائد الهاشميات من جيد شعره.
وحدث محمد النوفلي قال لما قال الكميت الشعر كان أول ما قال الهاشميات فسرها ثم أتي الفرزدق فقال له يا أبا فراس إنك شيخ مضر وشاعرها وقد نفث علي لساني فقلت شعرا فأحببت ان أعرضه عليك فان كان حسنا أمرتني بإذاعته وان كان قبيحا أمرتني بستره وكنت أول من ستره علي. قال اما عقلك فحسن وإني لأرجو ان يكون شعرك علي قدر عقلك فأنشده:
طربت وما شوقا إلي البيض أطرب قال ففيم تطرب يا بن أخي فقلت:
ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب قال بلي يا بن أخي فالعب فإنك في أوان اللعب فقلت:
ولم تلهني دار ولا رسم منزل * ولم يتطربني بنان مخضب قال وما يطربك يا بن أخي فقلت:
ولا انا ممن يزجر الطير همه * أصاح غراب أم تعرض ثعلب فقال أجل لا تتطير فقلت:
(٥٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الشاعر الفرزدق (1)، بنو أسد (1)، القرآن الكريم (1)
ولا السارحات البارحات عشية * أمر سليم القرن أم مر أعضب فقال أجل فماذا قلت فقلت وفي نسخة فقال إلي من طربت لا أم لك فقلت:
ولكن إلي أهل الفضائل والنهي * وخير بني حواء والخير يطلب قال هؤلاء بنو دارم فقلت:
إلي النفر البيض الذين بحبهم * إلي الله فيما نابني أتقرب قال هؤلاء بنو هاشم فقلت:
بني هاشم رهط النبي فإني * بهم ولهم أرضي مرارا وأغضب فقال والله لو جزتهم إلي سواهم لكان قولك باطلا.
ثم قال يا بن أخي أذع ثم أذع فأنت والله أشعر من مضي وأشعر من بقي:
خفضت لهم مني جناحي مودة * إلي كنف عطفاه أهل ومرحب وكنت لهم من هؤلاء وهؤلاء * مجنا علي اني أذم وانصب وأرمي وأومي بالعداوة أهلها * وإني لأوذي فيهم وأؤنب فما سائني قول امرئ ذي عداوة * بعوراء فيهم يجتذبني فأجذب فقل للذي في ظل عمياء جونة * تري الجور عدلا أين لا أين تذهب بأي كتاب أم بأية سنة * تري حبهم عارا علي وتحسب فمالي إلا آل احمد شيعة * ومالي الا مذهب الحق مذهب ومن غيرهم أرضي لنفسي شيعة * ومن بعدهم لا من اجل وأرحب يعيرني جهال قومي بحبهم * وبغضائهم أدني لعار وأعطب أريب رجالا منهم ويريبني * خلائق مما أحدثوهن أريب إليكم ذوي آل النبي تطلعت * نوازع من قلبي ظما وألبب فإني عن الأمر الذي تكرهونه * بقولي وفعلي ما استطعت لأجنب وإني لمن شايعتم لمشايع * وإني فيمن سبكم لمسبب يشيرون بالأيدي إلي وقولهم * ألا خاب هذا والمشيرون أخيب
(٥٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: بنو هاشم (2)
فطائفة قد كفرتني بحبكم * وطائفة قالوا مسئ ومذنب فما سائني تكفير هاتيك منهم * ولا عيب هاتيك التي هي أعيب يعيبونني من خبهم (1) وضلالهم * علي حبكم بل يسخرون وأعجب وقالوا ترابي هواه ورأيه * بذلك أدعي فيهم وألقب فلا زلت منهم حيث يتهمونني * ولا زلت في أشياعكم أتقلب وأحمل أحقاد الأقارب فيكم * وينصب لي في الأبعدين فأنصب بخاتمكم غصبا (2) تجوز أمورهم * فلم أر غصبا مثله حين يغصب (3) وبدلت الأشرار بعد خيارها * وجد بها في أمة وهي تلعب وجدنا لكم في آل حم آية * تأولها منا تقي ومعرب وقالوا ورثناها أبانا وأمنا * وما ورثتهم ذاك أم ولا أب ولكن مواريث بن آمنة الذي * به دان شرقي له ومغرب فدي لك موروثا أبي وأبو أبي * ونفسي فنفسي بعد بالناس أطيب حياتك كانت مجدنا وسنائنا * وموتك جدع للعرانين موعب بك اجتمعت أحسابنا بعد فرقة * فنحن بنو الإسلام ندعي وننسب فبوركت مولودا وبوركت ناشئا * وبوركت عند الشيب إذ أنت أشيب وبورك قبر أنت فيه وبوركت * به وله أهل لذلك يثرب لقد غيبوا برا وصدقا ونائلا * عشية واراك الصفيح المنصب يقولون لم يورث ولولا تراثه * لقد شاركت فيها بكيل وأرحب وعقك ولخم والسكون وحمير * وكندة والحيان بكر وتغلب لعل عزيزا آمنا سوف يبتلي * وذو سلب منهم أنيق سيسلب
(1) الخب الرجل الخداع.
(2) وفي نسخة كرها.
(3) وفي نسخة فلم أر غصبا مثله يتغصب
(٥٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: المدينة المنورة (1)، القبر (1)، الجواز (1)
فيا لك أمرا قد أشتت أموره * ودنيا أري أسبابها تتقضب يروضون دين الله صعبا محرما * بأفواههم والرائض الدين أصعب إذا شرعوا يوما علي الغي فتنة * طريقهم فيها عن الحق انكب رضوا بخلاف المهتدين وفيهم * مخبأة أخري تصان وتحجب حنانيك رب الناس من أن يغر لي * كما غرهم شرب الحياة المنضب يرون لهم حقا علي الناس واجبا * سفاها وحق الهاشميين أوجب إذا قيل هذا الحق لا ميل دونه * فأنقاضهم في الغي حسري ولغب فيا موقدا نارا لغيرك ضوئها * ويا حاطبا في غير حبلك تحطب ألم ترني من حب آل محمد * أروح وأغدو خائفا أترقب كأني جان محدث وكأنما * بهم أتقي من خشية العار أجرب علي أي جرم أم بأية سيرة * أعنف في تقريظهم وأكذب أناس بهم عزت قريش فأصبحت * وفيها حباء المكرمات المطنب مصفون في الأحساب محضون نجرهم * هم أمحض منا والصريح المهذب خضمون اشراف لها ميم سادة * مطاعيم أيسار إذ الناس أجدبوا عن عكرمة الضبي عن أبيه قال أدركت الناس بالكوفة من لم ير وطربت وما شوقا إلي البيض أطرب فليس بشيعي.
حدث إبراهيم بن سعد الأسعدي عن أبيه قال رأيت النبي صلي الله عليه وآله في المنام فقال لي من أي الناس أنت قلت من العرب قال من أي العرب قلت من بني أسد قال من أسد بن خزيمة قلت نعم قال أهلا لي أنت قلت نعم قال أتعرف الكميت بن زيد قال قلت يا رسول الله من أهلي وقبيلتي قال صلي الله عليه وآله أتعرف من شعره شيئا قلت نعم قال فأنشدني:
طربت وما شوقا * إلي البيض أطرب فأنشدته إلي أن بلغت إلي قوله:
(٥٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة الكوفة (1)، إبراهيم بن سعد (1)، بنو أسد (1)
فمالي إلا آل احمد شيعة * وما لي الا مذهب الحق مذهب فقال صلي الله عليه وآله إذا أصبحت فاقرءه مني السلام وقل له قد غفر الله لك بهذه القصيدة.
وقال محمد بن عقبة كانت بنو أسد تقول فينا فضيلة ليست في العالم ليس من امرئ فينا إلا وفيه بركة وذلك أن الكميت عليه الرحمة رأي النبي صلي الله عليه وآله في النوم فقال له أنشدني:
طربت وما شوقا إلي البيض أطرب فأنشدته فقال له بوركت وبورك قومك.
وعن محمد بن سهيل قال قال الكميت رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله في النوم وانا خائف فقال لي مم خوفك فقلت يا رسول الله صلي الله عليه وآله من بني أمية ثم أنشدته:
ألم ترني من حب آل محمد * أروح وأغدو خائفا أترقب فقال لي أظهر فقد آمنك الله في الدنيا والآخرة.
وعن نصر بن مزاحم المنقري انه رأي النبي صلي الله عليه وآله في النوم وبين يديه رجل ينشد:
من لقلب متيم مستهام فجعل رسول الله صلي الله عليه وآله يقول جزاك الله خيرا وأثني عليه، وسألت عنه فقيل هو الكميت بن زيد.
وحكي صاعد مولي الكميت قال دخلت مع الكميت علي علي بن الحسين عليه السلام فقال إني مدحتك بما أرجو ان يكون لي وسيلة عند رسول الله ثم أنشده قصيدته التي أولها:
من لقب متيم مستهام * غير ما صبوة ولا أحلام طارقات ولا ادكار غوان * واضحات الخدود كالآرام بل هواي الذي أجن وأبدي * لبني هاشم فروع الأنام
(٥٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، الكميت بن زيد (1)، بنو أمية (1)، علي بن الحسين (1)، بنو هاشم (1)، بنو أسد (1)، نصر بن مزاحم (1)، الخوف (2)، النوم (1)
للقريبين من ندي والبعيدين من الجور في عري الاحكام والمصيبين باب ما أخطأ الناس ومرسي قواعد الإسلام والحماة الكماة في الحرب ان * لف ضرام وقودها بضرام والولاة الكفاة للأمران * طرق بيتا بمجهض أو تمام والأساة الشفاة للداء ذي * الريبة والمدركين بالأوغام وأضحي أوجه كريم جدود * واسطي نسبة لهام فهام للذري فالذري من الحسب * الثاقب بين القمقام فالقمقام فضلوا الناس في الحديث حديثا * وقديما في أول القدام أسد حرب غيوث جدب بها * ليل مقاويل غير ما اقدام لا مهاذير في الندي مكاثير * ولا مصمتين بالافحام سادة ذادة عن الخرد البيض * إذا اليوم كان كالأيام ساسة لا كمن يري رعية الناس * سواء ورعية الأنعام لا كعبد المليك أو كوليد * أو سليمان بعد أو كهشام من يمت لا يمت فقيدا ومن * يحيي فلا ذال ولا ذو ذمام فهم الأقربون في كل خير * وهم الأبعدون من كل ذام وهم الأرأفون بالناس في * الرأفة والأحلمون في الأحلام أسرة الصادق الحديث أبي * القاسم فرع القد أمس القدام خير حي وميت من بني آدم * طرا مأمومهم والامام فهم شيعتي وقسمي من الأمة * حسبي من سائر الأقسام ان أمت لا أمت ونفسي نفسان * من الشك في عمي أو تعامي عادلا غيرهم من الناس طرا * بهم لا همام بي لا همام لم أبع ديني المساوم بالوكس * ولا مغليا من السوام أخلص الله لي هواي فما * أغرق نزعا ولا تطيش سهامي
(٥٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصدق (1)، الحرب (2)، الكرم، الكرامة (1)
فلما أتي علي آخرها قال له (" ع ") ثوابك يعجز عنه ولكن ما عجزنا عنه فإن الله لا يعجز عن مكافأتك اللهم أغفر للكميت اللهم أغفر للكميت ثم قسط له علي نفسه وعلي أهله أربعمائة ألف درهم وقال له خذ يا أبا المستهل فقال له لو وصلتني بدانق لكان شرفا لي ولكن إن أحببت ان تحسن إلي فادفع إلي بعض ثيابك التي علي جسدك أتبرك بها فقام (" ع ") فنزع ثيابه ودفعها إليه كلها ثم قال اللهم ان الكميت جاد في آل رسولك وذرية نبيك بنفسه حين ضن الناس وأظهر ما كتمه غيره من الحق فأمته شهيدا وأحيه سعيدا وأحسن له الجزاء عاجلا وأجزل له جزيل المثوبة آجلا فإنا قد عجزنا عن مكافاته قال الكميت فما زلت أعرف بركة دعائه عليه وعلي آبائه عليهم السلام.
وحدث محمد بن سهل قال دخلت مع الكميت علي أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق " ع " في أيام التشريق فقال جعلت فداك الا أنشدك قال إنها أيام عظام قال إنه فيكم قال " ع " هات فأنشده قصيدته التي أولها:
الا هل عم في رأيه متأمل * وهل مدبر بعد الإساءة مقبل وهل أمة مستيقظون لدينهم * فيكشف عنه النعسة المتزمل فقد طال هذا النوم واستخرج الكري * مساويهم لو أن ذا الميل يعدل وعطلت الأحكام حتي كأننا * علي ملة غير التي نتنحل كلام النبيين الهداة كلامنا * وأفعال أهل الجاهلية نفعل رضينا بدنيا لا نريد فراقها * علي إننا فيها نموت ونقتل ونحن بها المستمسكون كأنها * لنا جنة مما نخاف ومعقل فكثر البكاء وارتفعت الأصوات فلما مر علي قوله في الحسين عليه السلام:
كأن حسينا والبهاليل حوله * لأسيافهم ما يختلي المتبقل يخضن بهم من آل أحمد في الوغي * دما ظل منهم كالبهيم المحجل فلم أر مخذولا أجل مصيبة * وأوجب منه نصرة حين يخذل
(٥٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، محمد بن سهل (1)، البكاء (1)، الفدية، الفداء (1)، الجهل (1)، النوم (1)
يصيب به الرامون عن قوس غيرهم * فيا آخرا أسدي له الغي أول رفع أبو عبد الله يديه وقال اللهم أغفر للكميت ما قدم وأخر وما أسر وأعلن واعطه حتي يرضي، ومن غرر أبيات هذه القصيدة قوله في آل البيت (" ع ") الا يفزع الأقوام مما أضلهم * ولما تجئهم ذات ودقين ضئبل إلي مفزع لن ينجي الناس من عمي * ولا فتنة الا إليه التحول إلي الهاشميين البهاليل انهم * لخائفنا الراجي ملاذ وموئل إلي أي عدل أم لأية سيرة * سواهم يؤم الظاعن المترحل وفيهم نجوم الناس والمهتدي بهم * إذا الليل أمسي وهو بالناس أليل لهم من هواي أنصفوا ما عشت خالصا * ومن شعري المخزون والمتنخل فلا رغبتي فيهم تغيض لرهبة * ولا عقدني في حبهم تتحلل وأخرج الكشي عن يونس بن يعقوب قال أنشد الكميت أبا عبد الله " ع " أخلصن الله لي هواي فما * أغرق نزعا ولا تطيش سهامي فقال أبو عبد الله عليه السلام لا تقل هكذا ولكن قل:
فقد أغرق نزعا وما تطيش سهامي وعن عقبة بن مشير الأسدي عن الكميت بن زيد الأسدي قال دخلت علي أبي جعفر " ع " فقال والله يا كميت لو كان عندنا مال لأعطيناك منه ولكن لك ما قال رسول الله لحسان لا يزال معك روح القدس ما ذببت عنا.
وعن عبيدة بن زرارة عن أبيه قال دخل الكميت بن زيد علي أبي جعفر عليه السلام وانا عنده فأنشده شعره:
من لقلب متيم مستهام فلما فرغ منها قال " ع " للكميت لا تزال مؤيدا بروح القدس ما دمت تقول فينا.
وروي أنه دخل يوما علي جعفر بن محمد " ع " فأنشده فأعطاه ألف دينار
(٥٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الكميت بن زيد الاسدي (1)، الكميت بن زيد (1)، أبو عبد الله (2)، يونس بن يعقوب (1)
وكسوة فقال الكميت والله ما أحببتكم للدنيا ولو أردت الدنيا لأتيت من هي في يديه ولكنني أحببتكم للآخرة فأما الثياب التي أصابت أجسامكم فانا أقبلها لبركتها وأما المال فلا أقبله.
وروي أنه دخل يوما علي فاطمة بنت الحسين " ع " فقال هذا شاعرنا أهل البيت وجاءت بقدح فيه سويق فحركته بيدها وسقت الكميت فشربه ثم أمرت له بثلاثين دينارا ومركب فهملت عيناه وقال لا والله لا أقبلها إني لم أحبكم للدنيا.
وعن عبد الله بن مروان الحراني قال كان عندنا رجل من عباد الله الصالحين وكان راوية لشعر الكميت يعني الهاشميات وكان سمع ذلك منه وكان عالما بها فتركه خمسا وعشرين سنة لا يستحل روايته واشعاره ثم عاد فيه فقيل له ألم تكن زهدت فيه وتركتها فقال نعم ولكن رأيت رؤيا دعتني إلي العود فيه فقيل له وما رأيت قال رأيت كأن القيامة قد قامت وكأنما انا في المحشر فدفعت إلي مجلة قال أبو محمد قلت لأبي الشيخ وما المجلة قال الصحيفة قال فنشرتها فإذا فيها (بسم الله الرحمن الرحيم) أسماء من يدخل الجنة من محبي علي بن أبي طالب " ع " قال فنظرت في السطر الأول فإذا أسماء قوم لم أعرفهم ونظرت في السطر الثاني فإذا هو كذلك ونظرت في السطر الثالث والرابع فإذا فيه الكميت بن زيد الأسدي قال فذاك الذي دعاني إلي العود فيه.
وعن الورد بن زيد قال قلت لأبي جعفر " ع " جعلني الله فداك قدم الكميت فقال " ع " دخل فسأله الكميت عن الشيخين فقال له أبو جعفر " ع " ما أهريق دم ولا حكم بحكم غير موافق لحكم الله تعالي وحكم النبي صلي الله عليه وآله وأنكر حكم علي الا هما وهو في أعناقهما فقال الكميت الله أكبر الله أكبر حسبي حسبي وعن داود بن النعمان قال دخل الكميت علي أبي عبد الله " ع " فأنشده ثم قال الكميت يا سيدي أسألك عن مسألة وكان " ع " متكئا فاستوي جالسا وكسر في صدره
(٥٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الكميت بن زيد الاسدي (1)، عبد الله بن مروان (1)، داود بن النعمان (1)، الفدية، الفداء (1)
وسادة ثم قال سل فقال أسألك عن الرجلين فقال " ع " يا كميت بن زيد ما أهريق في الإسلام محجمة دم ولا اكتسب مال من غير حله ولا نكح فرج حرام إلا وذلك في أعناقهما إلي يوم يقوم قائمنا ونحن بنو هاشم نأمر كبارنا وصغارنا بسبهما والبراءة منهما ومن شعره:
نفي عن عينك الأرق الهجوعا * وهم يمتري منها الدموعا دخيل في الفواد يهيج سقما * وحزنا كان من جذل منوعا وتوكاف الدموع علي اكتئاب * أحل الدهر موجعه الضلوعا ترقرق أسجما دررا وسكبا * يشبه سحها غربا هموعا لفقدان الخضارم من قريش * وخير الشافعين مما شفيعا لدي الرحمن يصدع بالمثاني * وكان له أبو حسن مطيعا حطوطا في مسرته ومولا * إلي مرضاة خالقه سريعا فأصفاه النبي علي اختيار * بما أعيي الرفوض له المذيعا ويوم الدوح دوح غدير خم * أبان له الولاية لو أطيعا ولكن الرجال تبايعوها * فلم أر مثلها خطر مبيعا فلم أبلغ بهم لعنا ولكن * أساء بذاك أو لهم صنيعا فصار بذاك أقربهم لعدل * إلي جور واحفظهم مضيعا أضاعوا أمر قائدهم فضلوا * وأقومهم لدي الحدثان ريعا تناسوا حقه وبغوا عليه * بلا ترة وكان لهم قريعا فقل لبني أمية حيث حلوا * وان حفت المهند والقطيعا أجاع الله من أشبعتموه * وأشبع من بحوركم أجيعا بمرضي السياسة هاشمي * يكون حيا لامته ربيعا وليثا في المواطن غير نكس * لتقويم البرية مستطيعا يقيم أمورها ويذب عنها * ويترك جدبها ابدا مريعا
(٥٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: بنو أمية (1)، بنو هاشم (1)، غدير خم (1)، الإختيار، الخيار (1)
ويلعن فذ أمته جهارا * إذا ساس البرية والخليعا الا أف لدهر كنت فيه * هدانا سامعا لكم معليعا وكان خالد بن عبد الله القسري قد أنشد قصيدة الكميت التي يهجو فيها اليمن وهي التي أولها:
إلا حييت عنا يا مدينا فقال أو فعلها والله لا قتلته ثم اشتري ثلاثين جارية وتخيرهن نهاية في الحسن والكمال والأدب فراواهن الهاشميات ودسهن مع نخاس إلي هشام بن عبد الملك فاشتراهن جميعا فلما أنس بهن استنطقهن فرأي منهن فصاحة وأدبا واستقرأهن القرآن فقرأنه واستنشدهن الشعر فأنشدته قصائد الكميت الهاشميات فقال ويلكن من قائل هذا الشعر قلن الكميت بن زيد الأسدي قال وفي أي بلد هو قلن في العراق ثم بالكوفة فكتب إلي خالد وهو عامله علي العراق أبعث إلي برأس الكميت بن زيد الأسدي فلم يشعر الكميت إلا والخيل محدقة بداره فاخذ وحبس في الحبس وكان أبان بن الوليد عاملا علي واسط وكان الكميت صديقه فبعث إليه بغلام علي بغل وقال له أنت حر إن لحقته والبغلة لك وكتب إليه أما بعد فلقد بلغني ما صرت إليه وهو القتل إلا ان يدفع الله عز وجل وأري لك ان تبعث إلي حبي وهي زوجة الكميت وكانت ممن تتشيع أيضا فإذا دخلت إليك تنقبت نقابها ولبست ثيابها وخرجت فإني أرجوا الأمن لك فركب الغلام وسار بقية يومه وليلته من واسط إلي الكوفة فصبحها فدخل الحبس متنكرا وأخبر الكميت بالقصة فبعث إلي امرأته فقص عليها القصة وقال أي بنية عم اعلمي ان الوالي لا يقدم عليك ولا يسلمك قومك ولو خفته عليك لما عرضتك له فألبسته ثيابها وإزارها وخمرته وقالت أقبل وأدبر ففعل فقالت ما أنكرت منك شيئا إلا يبسا في كفيك أخرج علي أسم الله وأخرجت معه جاريتين لها فخرج وعلي باب السجن أبو الوضاح حبيب بن بديل ومعه فتيان من أسد فلم يؤبه
(٥٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: دولة العراق (2)، مدينة الكوفة (2)، الكميت بن زيد الاسدي (2)، خالد بن عبد الله (1)، القرآن الكريم (1)، القتل (2)، الزوج، الزواج (1)
له ومشي الفتيان بين يديه إلي سكة شبيب بناحية الكناس فمر بمجلس من مجالس بني تميم فقال بعضهم رجل ورب الكعبة وأمر غلامه فاتبعه فصاح به أبو الوضاح يا كذا وكذا أراك تتبع هذه المرأة منذ اليوم وأومي إليه بنعله فولي العبد مدبرا وادخله أبو الوضاح منزله ولما طال علي السجان الأمر نادي الكميت فلم يجبه فدخل ليعرف خبره فصاحت به المرأة ورائك لا أم لك فشق ثوبه ومضي صارخا إلي باب خالد فأخبره فاحضر حبي فقال لها يا عدوة الله احتلت علي أمير المؤمنين وأخرجت عدو أمير المؤمنين لأنكلن بك ولأصنعن ولأفعلن فاجتمعت بنو أسد وقالوا ما سبيلك علي امرأة منا خدعت فخافهم فخلي سبيلها وسقط غراب علي الحائط فنعب فقال الكميت لأبي وضاح إني لمأخوذ وان حائطك لساقط فقال سبحان الله هذا ما لا يكون إن شاء الله وكان الكميت خبيرا بالزجر فقال لا بد ان تحولني فخرج به إلي بني علقمة وكان يتشيعون فأقام فيهم ولم يصبح حتي سقط الحائط الذي سقط عليه الغراب قال المستهل وأقام الكميت مدة متواريا حتي إذا أيقن ان الطلب خف عنه خرج ليلا في جماعة من بني أسد علي خوف ووجل فيمن معه قال واخذ الطريق علي القطقطانية وكان عالما بالنجوم مهتديا بها فلما سار سحرا صاح بنا هوموا يا فتيان فهو منا وقام فصلي قال المستهل فرأيت شخصا فتضعضعت له فقال مالك قلت أري شخصا مقبلا فنظر إليه فقال هذا ذئب قد جاء يستطعمكم فجاء الذئب فربض ناحية فأطعمناه يد خروف فتعرقها ثم أهرقنا له باناء فيه ماء فشربه فارتحلنا فجعل الذئب يعوي فقال الكميت ويله ويله ألم نطعمه ونسقه وما أعرفني بما يريد وهو يعلمنا انا لسنا علي الطريق فتيامنوا يا فتيان فتيامنا فسكن عواؤه فلم نزل نسير حتي جئنا الشام فتواري في بني أسد وبني تميم وأرسل إلي أشراف قريش وكان سيدهم يومئذ عنبسة بن سعيد بن العاص فمشت رجال قريش وأتوا عنبسة وقالوا يا أبا خالد هذه مكرمة اتاك الله بها هذا الكميت بن زيد لسان مضر كان أمير المؤمنين كتب
(٥٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الكميت بن زيد (1)، عنبسة بن سعيد (1)، بنو أسد (3)، الشام (1)، الخوف (1)، الصّلاة (1)
في قتله فجاء وقد تخلص إليك والينا قال مروه ان يعوذ بقبر معاوية بن هشام فمضي الكميت وضرب فسطاطه عند قبره وأتي مسلمة بن هشام فقال يا أبا شاكر مكرمة أتيتك بها تبلغ الثريا ان اعتنيت بها فان علمت إنك تفي وإلا كتمتها قال وما هي فأخبره الخبر فقال علي خلاصه فدخل علي هشام وهو عند أمه في غير وقت دخول فقال له هشام أجئت لحاجة قال نعم قال هي مقضية الا ان تكون الكميت قال ما أحب ان تستثني علي في حاجتي وما انا والكميت قالت أمه لتقضين حاجته كائنة ما كانت قال قد قضيتها ولو أحاطت بما بين قطريها قال هي الكميت يا أمير المؤمنين وهو آمن بأمان الله وأمانك وهو شاعر مضر وقد قال فينا قولا لم يقل مثله قال قد آمنته وأجزت أمنك له قال فاجلس له مجلسا ينشدك فيه ما قال فقعد له وعنده الأبرش الكلبي فتكلم بخطبة ارتجلها ما سمع بمثلها قط ومدحه بقصيدته الرائية ويقال انه ارتجلها وهو قوله:
قف بالديار وقوف زائر ومضي فيها إلي أن وصل إلي قوله:
والآن صرت إلي أمية * والأمور إلي مصائر وجعل هشام يغمز مسلمة بقضيب في يده ويقول له اسمع ثم جاء الكميت إلي منزله آمنا فحشدت له المضرية بالهدايا وأمر له مسلمة بعشرين ألف درهم وأمر له هشام بأربعين ألف درهم وكتب إلي خالد بأمانه وأمان أهل بيته وان لا سلطان له عليهم وفي رواية انه لما أجاره مسلمة بن هشام وبلغ هشاما دعا به وقال له أتجير علي أمير المؤمنين بغير أمره فقال لا ولكني انتظرت سكون غضبه قال احضره الساعة فإنه لا جوار لك فقال مسلمة للكميت يا أبا المستهل ان أمير المؤمنين قد أمرني بإحضارك قال أو تسلمني يا أبا شاكر قال كلا ولكني أحتال لك ثم قال إن معاوية بن هشام قد مات قريبا وقد جزع عليه جزعا شديدا فإذا كان من الليل فاضرب رواقك علي قبره وانا أبعث إليك ببنيه يكونون معك في الرواق
(٥٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (1)، الموت (1)، القبر (2)
فإذا ادعا بك تقدمت إليهم ان يربطوا ثيابهم بثيابك ويقولون هذا استجار بقبر أبينا ونحن أحق من أجاره فأصبح هشام علي عادته متطلعا من قصره إلي القبر فرأي فسطاطا فقال ما هذا فقالوا لعله مستجير بالقبر فقال يجار من كان إلا الكميت فإنه لا جوار له فقيل فإنه الكميت قال يحضر أعنف احضار فلما دعي به ربط الصبيان ثيابهم بثيابه فلما نظر هشام إليهم أغر ورقت عيناه واستعبروهم يقولون يا أمير المؤمنين استجار بقبر أبينا وقد مات ومات حظه في الدنيا فاجعله هبة لنا وله ولا تفضحنا فيمن استجار به فبكي هشام حتي انتحب ثم أقبل علي الكميت فقال يا كميت أنت القائل:
والا تقولوا غيرنا تتعرفوا * نواصيها تردي بنا وهي تشرب قال كلا ولا أتان من أتن الحجاز ثم انه حمد الله وأثني عليه وصلي علي نبيه صلي الله عليه وآله ثم قال: اما بعد فإني كنت أتدهدي في غمرة جهالة وأعوم في بحر غواية، أخي علي خطلها، واستنفرني وهلها، فتحيرت في الضلالة، وتسكعت في الجهالة. مهرعا عن الحق، جائرا عن القصد، أقول الباطل ضلالا، وأفوه بالبهتان وبالا، وهذا مقام عائذ أبصر الهدي، ورفض العمي، فاغسل يا أمير المؤمنين الحوبة بالتوبة. واصفح عن الزلة واعف عن الجرم، ثم قال شعرا:
كم قال قائلكم لعا * لك عند عثرته لعاثر وغفرتم لذوي الذنوب * من الأكابر والأصاغر ابني أمية انكم * أهل الوسائل والأوامر ثقتي لكل ملمة * وعشيرتي دون العشائر أنتم معادن للخلافة * كابرا من بعد كابر بالتسعة المتتابعين خلائفا * وبخير عاشر ثم انه قطع الانشاد وعاد إلي خطبته فقال: إغضاء أمير المؤمنين وسماحته وصباحته مناط المنتجعين من لا يحل حبوته لإساءة المذنبين فضلا عن استشاطة
(٥٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، التوبة (1)، الباطل، الإبطال (1)، الموت (1)، الصّلاة (1)
غضبه لجهل الجاهلين فقال له ويلك يا كميت من زين لك الغواية ودلاك في العماية قال الذي أخرج أبانا من الجنة وأنساه العهد فلم يجد له عزما فقال له إيه يا كميت أنت القائل.
فيا موقدا نارا لغيرك ضوؤها * ويا حاطبا في غير حبلك تحطب فقال بل انا القائل:
إلي آل بيت أبي مالك * مناخ هو الأرحب الأسهل فقال له وأنت القائل:
وكعبد المليك أو كوليد * أو سليمان بعد أو كهشام من يمت لا يمت فقيدا ومن * يحيي فلا ذوال ولا ذو ذمام فقال له ويلك يا كميت جعلتنا ممن لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة فقال بل انا القائل يا أمير المؤمنين:
والآن صرت إلي أمية * والأمور إلي مصائر والآن صرت بها المصيب * كمهتدي بالأمس حائر يا بن العقائل والأماثل * والجحاجحة الأخابر من عبد شمس والأكابر * من أمية فالأكابر ان الخلافة والآلاف * برغم ذي حسد وواغر دلفا من الشرف التليد * إليك بالرفد الموافر فحللت معتلج البطاح * وحل غيرك بالظواهر فقال له إيه وأنت القائل:
فقل لبني أمية حيث كانوا * وان خفت المهند والقطيعا أجاع الله من أشبعتموه * وأشبع من بجوركم أجيعا بمرضي السياسة هاشمي * يكون حيا لامته ربيعا فقال لا تثريب يا أمير المؤمنين أن رأيت أن تمحو عني قولي الكاذب
(٥٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: بنو أمية (1)، الجهل (1)، الخوف (1)
بقول الصادق فقال وما هو؟ فقال:
أورثته الحصان أم هشام * نسبا ثاقبا ووجها نضيرا وتعاطي به ابن عايشة البدر * فأمسي له رقيبا نظيرا وكساه أبو الخلائف مروان * سناء المكارم المأثورا لم تجهم له البطاح ولكن * وجدتها له مغان ودورا وكان هشام متكئا فاستوي جالسا وقال هكذا فليكن الشعر يقولها لسالم ابن عبد الله بن عمر وكان إلي جانبه ثم قال قد رضيت عنك يا كميت فقبل يده ثم قال يا أمير المؤمنين ان رأيت أن تزيد في تشريفي فلا تجعل لخالد علي أمارة قال قد فعلت وكتب له بذلك وأمر له بأربعين ألف درهم وثلاثين ثوبا شامية وكتب إلي خالد ان يخلي سبيل امرأته ويعطيها عشرين ألف درهم وثلاثين ثوبا ففعل ذلك.
وعن ابن محمد الهمداني قال حدثني درست بن أبي منصور قال كنت عند أبي الحسن موسي " ع " وعنده الكميت بن زيد فقال للكميت أنت الذي تقول:
فالآن صرت إلي أمية * والأمور إلي مصائر فقال قلت ذاك والله ما رجعت عن إيماني وإني لكم لموال ولعدوكم لمعاد ولكنني قلته علي التقية قال " ع " أما لئن قلت ذلك أن التقية تجوز في شرب الخمر.
وروي أنه دخل علي أبي جعفر محمد بن علي الباقر " ع " وأبو جعفر ينشد.
ذهب الذين يعاش في أكنافهم * لم يبق إلا شامت أو حاسد فأنشده الكميت بديهة فقال:
وبقي علي وجه البسيطة واحد * وهو المراد وأنت ذاك الواحد وروي عن الكميت انه قال رأيت أمير المؤمنين " ع " في المنام فقال أنشدني قصيدتك العينية فأنشدته حتي انتهيت إلي قولي:
ويوم الدوح دوح غدير خم * أبان له الولاية لو أطيعا ولكن الرجال تبايعوها * فلم أر مثلها خطر مبيعا
(٥٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، شرب الخمر (1)، درست بن أبي منصور (1)، الكميت بن زيد (1)، عبد الله بن عمر (1)، محمد الهمداني (1)، غدير خم (1)، الصدق (1)، التقية (2)، الجواز (1)
فقال عليه السلام صدقت ثم أنشد عليه السلام:
ولم أر مثل ذاك اليوم يوما * ولم أر مثله حقا أضيعا قال محمد بن مسلمة كان مبلغ شعر الكميت حين مات خمسة آلاف ومائتين وتسعا وثمانين بيتا وكانت ولادته أيام مقتل الحسين بن علي " ع " سنة ستين وتوفي شهيدا سنة ست وعشرين ومائة في خلافة مروان بن محمد.
وكان سبب موته ما حكاه حجر بن عبد الجبار قال خرجت الجعفرية علي خالد القسري وهو يحطب علي المنبر ولا يعلم بهم فخرجوا ينادون لبيك جعفر لبيك وعرف خالد خبرهم وهو يخطب فدهش ولم يعلم ما يقول فزعا فقال أطعموني ماء ثم خرج الناس فأخذوا وقتلوا وحرقوا فلم عزل خالد عن العراق وولي يوسف بن عمر دخل عليه الكميت فأنشده:
خرجت لهم تمشي البراح ولم تكن * كمن حصنه فيه الرتاج المضبب وما خالد يستطعم الماء فاغرا * بعدلك والداعي إلي الموت ينعب قال والجند قيام علي رأس يوسف بن عمر وهم يمانية فتعصبوا لخالد فوضعوا نعال سيوفهم في بطن الكميت فوجؤه بها وقالوا تنشد الأمير ولم تستأمره فلم يزل ينزف الدم حتي مات.
قال المؤلف عفا الله عنه هذه الشهادة التي دعا له بها علي بن الحسين " ع " وقد تقدم خبر ذلك.
وحدث المستهل بن الكميت قال حضرت أبي عند الموت وهو يجود بنفسه فأغمي عليه ثم أفاق ففتح عينيه ثم قال اللهم آل محمد اللهم آل محمد اللهم آل محمد ثلاث ثم قال يا بني انه بلغني في الروايات انه يحفر بظهر الكوفة خندق يخرج فيه الموتي من قبورهم وينبشون منها فيحولون إلي قبور غيرهم فلا تدفني في الظهر ولكن إذا مت فامض بي إلي موضع يقال له مكر ان فادفني فيه فدفن في
(٥٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، دولة العراق (1)، مدينة الكوفة (1)، محمد بن مسلمة (1)، القبر (2)، الموت (6)، الشهادة (1)، القتل (2)

أبو صخر كثير بن عبد الرحمن الخزاعي الشاعر الشهير صاحب عزة بنت جميل

ذلك الموضع وكان أول من دفن فيه وهو مقبرة بني أسد إلي الساعة.
(أبو صخر) كثير بن عبد الرحمن بن أبي جمعة الأسود بن عامر بن عويمر بن خالد بن سعيد بن خثيمة بن سعد بن مليح بضم الميم ابن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن أزد ابن قمعة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الخزاعي الحجازي الشاعر المشهور أحد عشاق العرب المشهورين به صاحب عزة بنت جميل الآتي ذكرها له معها حكايات ونوادر وأمور مشهورة وأكثر شعره فيها.
وكان ابن أسحق يقول كثير أشعر أهل الإسلام وكانت له منزلة عند قريش وقدر وكان عبد الملك معجبا بشعره فقال يوما كيف تري شعري يا أمير المؤمنين فقال أراه يسبق السحر ويغلب الشعر فقال من أشعر الناس يا أبا صخر فقال من يروي أمير المؤمنين شعره فقال له عبد الملك إنك لمنهم.
ويحكي ان الفرزدق لقي كثيرا فقال له أنت يا أبا صخر أنسب العرب حيث نقول:
أريد لأنسي ذكرها فكأنما * تمثل لي ليلي بكل سبيل فقال له كثير وأنت يا أبا فراس أفخر العرب حيث تقول:
تري الناس ما سرنا يسيرون حولنا * وأن نحن أومأنا إلي الناس وقفوا وقال الجمحي كان لكثير في النسيب نصيب وافر وكانت له من فنون الشعر ما كانت لجميل وكان راوية جميل وأنما صغر اسمه لقصره وحقارته.
وقال الوقاصي رأيت كثيرا يطوف بالبيت فمن حدثك انه يزيد علي ثلاثة أشبار فلا تصدقه وكان إذا دخل علي عبد الملك أو أخيه عبد العزيز يقول له طأطئ رأسك لا يصيبه السقف وكان عبد الملك يحب النظر إلي كثير فلما ورد عليه فإذا هو قصير حقير تزدريه العين فقال تسمع بالمعيدي خير من أن تراه فيقول مهلا يا أمير المؤمنين فإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه ان نطق نطق
(٥٨١)
صفحهمفاتيح البحث: الشاعر الفرزدق (1)، بنو أسد (1)، عبد العزيز (1)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)، الدفن (1)
ببيان وان قاتل قاتل بجنان وانا الذي أقول.
تري الرجل النحيف فتزدريه * وفي أثوابه أسد هصور ويعجبك الطرير فتبتليه * فيخلف ظنك الرجل الطرير وما عظم الرجال لها بزين * ولكن زينها كرم وخير بغاث الطير أطولها جسوما * ولم تطل البزاة ولا الصقور وقد عظم البعير بغير لب * فلا يستغن بالعظم البعير فيركب ثم يضرب بالهراوي * فلا عرف لديه ولا نكير يجرره الصبي بكل سهب * ويحبسه علي الخسف الجرير فاعتذر إليه عبد الملك ورفع مجلسه ونسب في الحماسة هذه الأبيات إلي العباس بن مرداس ويحتمل ان يكون كثير تمثل بها.
وكان أول أمره مع عزة انه مر بنسوة من بني خمرة ومعه جلب غنم فأرسلن إليه عزة وهي صغيرة فقالت يقبل لك النسوة بعنا كبشا من هذه الغنم وانسئنا بثمنه إلي أن ترجع فأعطاها كبنا فأعجبته فلما رجع جائته امرأة منهن بدراهمه فقال وأين الصبية التي أخذت مني الكبش قالت وما تصنع بها هذه دراهمك قال لا آخذ دراهمي إلا ممن دفعت إليها الكبش وهو يقول:
قضي كل ذي دين فوفي غريمه * وعزة ممطول معني غريمها فقلن له أبيت إلا هذه وأبرزنها له وهي كارهة ثم إنها أحبته بعد ذلك حبا شديدا أشد من حبه لها.
وحكي ان عزة دخلت يوما علي أم البنين بنت عبد العزيز فقالت أرأيت قول كثير: (قضي كل ذي دين) البيت ما كان ذلك الدين قالت وعدته قبل وخرجت منها قالت انجزيه وعلي اثمها.
وكان لكثير غلام عطار بالمدينة وربما باع نساء العرب بالنسيئة فأعسر علي عزة بعطر فمطلته أياما وحضرت إلي حانوته في نسوة فطالبها فقالت حبا
(٥٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: عبد العزيز (1)، الضرب (1)، القتل (2)
وكرامة ما أقرب الوفاء وأسرع فأنشد متمثلا: (قضي كل ذي دين فوفي غريمه) فقالت النسوة أتدري من غريمتك قال لا والله قلن هي عزة قال أشهدكم إنها في حل مما لي عندها ثم مضي إلي سيده فأخبره بذلك فقال كثير وانا اشهد الله إنك حر لوجهه ووهبه جميع ما في الحانوت من العطر وله في مطالها بالوعد شعر كثير منه:
أقول لها عزيز مطلت ديني * وشر الغانيات ذوا المطالي فقالت ويح غيرك كيف أقضي * غريما ما ذهبت له بمالي وعن الهيثم بن عدي ان عبد الملك سأل كثيرا عن أعجب خبر له مع عزة فقال حججت سنة من السنين وحج زوج عزة بها ولا يعلم أحد بصاحبه فلما كنا في بعض الطريق أمرها زوجها بابتياع سمن يصلح به طعاما لأهل رفقته فجعلت تدور الخيام خيمة خيمة حتي دخلت إلي وهي لم تعلم أنها خيمتي وكنت أبري أسهما لي فلما رأيتها جعلت أبري وانا أنظر إليها ولا أعلم حتي بريت ذراعي مرات وأنا لا أشعر والدم يجري فلما تبينت ذلك دخلت إلي وأمسكت يدي وجعلت تمسح الدم عنها بثوبها وكان عندي نحي من سمن فحلفت لتأخذنه فاخذته وجاءت إلي زوجها بالسمن فلما رأي ثوبها سألها عن خبره فكاتمته حتي حلف عليها لتصدقنه فصدقته فضربها وحلف ليشتمني في وجهي فوقفت علي وهو معها فقالت لي يا بن الزانية وهي تبكي ثم انصرفا فذلك حين أقول:
يكلفها الخنزير شتمي وما بها * هواني ولكن للمليك استذلت وهذا البيت من قصيدة له هي من محاسن شعره أولها:
خليلي هذا ربع عزة فاعقلا * قلوصيكما ثم أبكيا حيث حلت وما كنت أدري قبل عزة ما البكا * ولا موجعات القلب حتي تولت فلا يحسب الواشون ان صبابتي * بعزة كانت غمرة فتجلت فوالله ثم الله ما حل قبلها * ولا بعدها من خلة حيث حلت وما مر من يوم علي كيومها * وان عظمت أيام أخري وجلت
(٥٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الهيثم بن عدي (1)، الزوج، الزواج (3)، الحج (1)
وكانت لقطع الحبل بيني وبينهما * كناذرة نذرا فأوفت وبرت فقلت لها يا عز كل مصيبة * إذا وطنت يوما لها النفس ذلت ولم يلق إنسان من الحب منعة * تعم ولا عمياء الا تجلت أباحت حمي لم ترعها النفس قبلها * وحلت تلاعا لم تكن قبل حلت أريد ثواء عندها وأظنها * إذا ما أطلنا عندها المكث ملت فوالله ما قاربت إلا تباعدت * بهجر ولا أكثرت إلا أقلت يكلفها الخنزير شتمي وما بها * هواني ولكن للمليك استذلت هنيئا مريئا غير داء مخامر * لعزة من أعراضنا ما استحلت فان تكن العتبي فأهلا ومرحبا * وحقت لها العتبي علينا وقلت وان تكن الأخري فان ورائنا * مناويح لو سارت بها العيس كلمت أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة * لدينا ولا مقلية ان تقلت فما انا بالداعي لعزة بالردي * ولا شامت ان نعل عزة زلت وأبي وتهيامي بعزة بعدما * تخليت عما بيننا وتخلت لكا المبتغي ظل الغمامة كلما * تبوأ منها للمقيل اضمحلت كأني وإياها غمامة ممحل * رجاها فلما جاوزته استهلت كأني أنادي صخرة حين أعرضت * من الصم لو تمشي بها العصم زلت صفوحا فما نلقاك إلا نجيلة فمن حل منها ذلك الميل ملت فما أنصفت أما النساء فبغضت * إلي وأما بالنوال فضنت فواعجبا للقلب كيف اعتزازه * وللنفس لما وطنت كيف ذلت وكنا عقدنا عقدة الوصل بيننا * فلما توافقنا شددت وحلت وكنا سلكنا في صعود من الهوي * فلما توافينا ثبت وزلت فان سأل الواشون فيم سلوتها * فقل نفس حر سليت فتسلت وللعين تذراف إذا ما ذكرتها * وللقلب وسواس إذ العين ملت
صفحه(٥٨٤)
فكنت كذا رجلين رجل صحيحة * وأخري رمها الزمان فشلت ولي عبرات لويد من قتلنني * توالي التي ما بالتي قد تولت فليت قلوصي عند عزة قيدت * بحبل ضعيف بان منها فضلت وأصبح في القوم المقيمين رحلها * وكان لها باع سواي فشلت تمنيتها حتي إذا ما وليتها * رأيت المنايا شرعا قد أطلت أصاب الردي من كان يبغي لها الردي * وجن اللواتي قلن عزة جنتي عليها تحيات السلام هدية * لها كل حين مقبل حيث حلت وعن يعقوب بن عبد الله الأسدي ومحمد بن صالح الأسلمي قال دخلت عزة علي عبد الملك بن مروان وقد عجزت فقال لها أنت عزة كثير فقالت انا عزة بنت جميل قال أنت الذي يقول لك كثير:
لعزة نار ما تبوح كأنها * إذا ما رمقناها من البعد كوكب فما الذي أعجبه منك قالت يا أمير المؤمنين إني كنت في عهدي أحسن من النار في الليلة القرة.
وفي حديث محمد بن صالح الأسلمي فقالت ما أعجب المسلمين منك حين صيروك خليفة قال وكانت له سن سوداء فضحك حتي بدت فقالت له هذا الذي أردت ان أبديه فقال لها هل تروين قول كثير:
وقد زعمت إني تغيرت بعدها * ومن ذا الذي يا عز لا يتغير تغير جسمي والخليقة كالتي * عهدت ولم يخبر بسرك مخبر فقالت لا بل أروي له وهو من قصيدته المتقدمة:
كأني أنادي صخرة حين أعرضت * من العصم لو تمشي بها العصم زلت صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة * فمن مل منها ذلك الوصل ملت وعن إبراهيم ابن أبي عمرو الجهني قال سارت إلينا عزة في جماعة من قومها فنزلت حيا لنا فجاءني كثير ذات يوم فقال لي أريد أن أكون عندك اليوم
(٥٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: يعقوب بن عبد الله (1)، محمد بن صالح (2)
حتي أمسي فاذهب إلي عزة فصرت به إلي منزلي فأقام عندي حتي كان العشاء ثم أرسلني إليها وأعطاني خاتمه وقال إذا سلمت فستخرج إليك جارية فادفع إليها خاتمي وأعلمها مكاني فجئت بيتها فسلمت فخرجت إلي الجارية فأعطيتها الخاتم فقالت أين الموعد قلت صخيرات أبي عبيدة الليلة فوعدته هناك فخرجت إليه فأعلمته فلما أمسي قال لي انهض بنا فنهضنا فجلسنا هناك نتحدث حتي جانب من الليل فجاءت فجلست فتحدثا فأطالا فذهبت لأقوم فقال لي إلي أين تذهب قلت أخليكما ساعة لعلكما تتحدثان ببعض ما تكتمان فقال لي اجلس فوالله ما كان بيننا شئ قط فجلست وهما يتحدثان حتي أسحرنا ثم قامت وانصرفت وقمت انا وهو فظل عندي حتي أمسي ثم انطلق.
وكان كثير بمصر وعزة بالمدينة فاشتاق إليها فسافر ليلقاها فصادفها في الطريق وهي متوجهة إلي مصر فجري بينهما كلام طويل الشرح ثم انها انفصلت عنه وقدمت مصر ثم عاد كثير إلي مصر فوافاها والناس منصرفون عن جنازتها فأتي قبرها وأناخ راحلته ومكث ساعة ثم رحل وهو يقول أبياتا منها:
أقول ونضوي واقف عند قبرها * عليك سلام الله والعين تسفح وقد كنت أبكي من فراقك حيه * وأنت لعمري اليوم أنأي وأنزح ولكثير مع عزة أخبار كثيرة اقتصرنا منها علي هذا المقدار خشية من الإطالة.
وكان كثير شيعيا شديد التشيع وكان آل مروان يعلمون بمذهبه فلا يغيرهم ذلك له لجلالته في عيونهم ولطف محله في أنفسهم.
وحدث ابن قتيبة قال بلغني ان كثيرا دخل علي عبد الملك بن مروان فسأله عن شئ فأخبره به فقال أو حق علي بن أبي طالب انه كما ذكرت فقال يا أمير المؤمنين لو سألتني بحقك لصدقتك قال لا أسألك إلا بحق أبي تراب فحلف له به فرضي ولما عزم عبد الملك علي الخروج إلي حرب الزبير أنشدته زوجته عاتكة بنت يزيد بن معاوية ان لا يخرج بنفسه ويبعث غيره فأبي فلم تزل تلح عليه
(٥٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: يزيد بن معاوية لعنهما الله (1)، علي بن أبي طالب (1)، الحرب (1)
في المسألة وهو يمتنع من الإجابة فلما يئست منه بكت وبكي من حولها من جواريها وحواشيها فقال عبد الملك قاتل الله كثيرا كأنه رأي موقفنا هذا حين قال:
إذا ما أراد الغزو لم يثن همه * فتاة عليها نظم در يزينها نهته فلما لم تر النهي عاقه * بكت فبكي مما شجاها قطينها ثم عزم عليها ان تقصر فأقصرت وخرج لقصده فنظر إلي كثير في ناحية عسكره يسير مطرقا فدعا به وقال أني لأعرف ما أسكتك وألقي عليك ثبك فإن أخبرتك عنه أتصدقني قال نعم قال وحق أبي تراب إنك تصدقي قال والله لأصدقنك قال لا أو تحلف به فحلف به فقال تقول رجلان من قريش يلقي أحدهما صاحبه فيحاربه القاتل والمقتول في النار فما معني سيري مع أحدهما ولا آمن سهما عاثرا لعله ان يصيبني فيقتلني فأكون معهما قال والله يا أمير المؤمنين ما أخطأت قال فارجع من قريب وأمر له بجائزة.
وفي رواية انه دعا به فقال ذكرت الساعة بيتين من شعرك فإن أصبت ما هما فلك حكمك فقال نعم أردت الخروج فبكت عاتكة وبكي حشمها فذكرت قولي: (إذا ما أراد العزم) وذكر البيتين فقال أصبب فاحتكم فأعطاه ما أراد ثم نظر إليه عبد الملك يسير في عرض الموكب متفكرا فقال علي يا بن أبي جمعة فقال إن عرفتك في أي شئ كنت تفكر فلي حكمي فقال نعم قال كنت تقول انا في شر حال خرجت في جيش من أهل النار ليس علي ملتي ولا مذهبي يسير إلي رجل من أهل النار ليس علي ملتي ولا علي مذهبي يلتقي الخيلان فتصيبني سهم غرب فأتلف فما هذا فقال والله يا أمير المؤمنين ما أخطأت ما كان في نفسي فاحتكم قال حكمي ان أصلك في عشرة آلاف درهم وأدرك إلي منزلك فأمر له بذلك.
وحدث حفص الآمدي قال: كنت أختلف إلي كثير أتروي شعره قال فوالله إني لعنده يوما إذ وقف عليه واقف فقال قتل آل المهلب بالعقر فقال ما اجل الخطب ضحي آل أبي سفيان بالدين يوم الطف وضحي بنو مروان بالكرم
(٥٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عاشوراء (1)، القتل (3)، البكاء (2)
يوم العقر فبلغ ذلك يزيد بن عبد الملك فدعا به فلما دخل عليه قال عليك بهلة الله أتر أبيه وعصبية وجعل يضحك منه.
وعن أبي بكر الهذلي قال كان عبد الله بن الزبير قد أغري ببني هاشم يتبعهم بكل مكروه ويغري بهم ويحطب بهم علي المنابر ويصرح ويعرض بذكرهم فربما عارضه ابن عباس وغيره منهم ثم بدا له فيهم فجلس ابن الحنفية في سجن عارم ثم جمعه وسائر من كان بحضرته من بني هشام فجعلهم في مجالس وملأه حطبا وأضرم فيه النار وكان قد بلغه ان أبا عبد الله الجدلي وسائر شيعة ابن الحنفية قد وافوا لنصرته ومحاربة ابن الزبير فكان سبب ايقاعه بهم وبلغ أبا عبد الله الخبر فوافي ساعة أضرمت النار عليهم فأطفأها واستنقذهم وأخرج ابن الحنفية عن جوار ابن الزبير يومئذ فأنشد محمد بن العباس اليزيدي قال أنشد محمد بن حبيب لكثير في ابن الحنفية وقد حبسهم ابن الزبير في سجن يقال له سجن عارم:
ومن ير هذا الشيخ بالخيف من مني * من الناس يعلم أنه غير ظالم سمي النبي المصطفي وابن عمه * وفكاك أغلال ونفاع غارم أبي فهو لا يشري هدي بضلالة * ولا يتقي في الله لومة لائم ونحن بحمد الله نتلو كتابه * حلو لا بهذا الخيف خيف المحارم فما فرح الدنيا بباق لأهله * ولا شدة البلوي بضربة لازم تخبر من تلقي بأنك عائذ * بل العائذ المظلوم في سجن عارم وقال بعضهم ان كثيرا كان يري رأي الكيسانية ويقول بامامة محمد بن الحنفية ويروون شعرا في ذلك وهو:
ألا ان الأئمة من قريش * ولاة الحق أربعة سواء علي والثلاثة من بينه * هم الأسباط ليس بهم خفاء فسبط سبط أيمان وبر * وسبط غيبته كربلاء وسبط لا تراه العين حتي * يقود الخيل يقدمها اللواء
(٥٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)، مدينة كربلاء المقدسة (1)، عبد الله بن الزبير (1)، يزيد بن عبد الملك (1)، بنو هاشم (1)، محمد بن العباس (1)، محمد بن حبيب (1)، الظلم (1)
تغيب لا يري عنهم زمانا * برضوي عنده عسل وماء قال المؤلف عفا الله عنه انه ان صح انه كان كيسانيا فالظن انه رجع عن ذلك كالسيد الحميري فقد اتفق النقل عن المخالف والمؤالف ان الباقر " ع " حضر جنازته ورفعها كما سنذكر وذكر ابن شهرآشوب في (معالم العلماء) انه كان من أصحاب الباقر عليه السلام.
وروي أن الباقر " ع " قال له تزعم انك من شيعتنا وتمدح آل مروان قال إنما أسخر منهم واجعلهم حيات وعقارب وآخذا أموالهم.
وذكر الشريف المرتضي (ره) في كتاب (الغرر والدرر) ان أبا جعفر محمد بن علي الباقر " ع " قال لكثير أمدحت عبد الملك بن مروان فقال لم أقل له يا أمام الهدي إنما قلت له يا شجاع والشجاع حية ويا أسد والأسد كلب فتبسم أبو جعفر. وهذا يدل علي أنه كان نوي علي بني مروان في مدائحه.
وذكر أيضا في الكتاب المذكور ان رجل نظر إلي كثير وهو راكب وأبو جعفر محمد بن علي الباقر " ع " يمشي فقيل له أتركب وأبو جعفر يمشي فقال هو أمرني بذلك وانا بطاعته في الركوب أفضل من عصياني إياه بالمشي: وهذا كله مما يدل عن حسن عقيدته والعامة لعلمهم بتشيعه رموه تارة باعتقاده مذهب الكيسانية وتارة بالقول بالتناسخ وتارة بعدم الدين والحمق وأخري بالزندقة والالحاد وغير ذلك وكانت وفاته في خلافة يزيد بن عبد الملك بالمدينة المنورة ويقال انه لما حضرته الوفاة قال شعرا:
برأت إلي الاله من ابن أروي * ومن دين الخوارج أجمعينا ومن (فعل) برئت ومن (فعيل) * غداة دعي أمر المؤمنينا ثم إن روحه خرجت كأنها فص في ماء.
وعن جويرية بن أسماء قال مات كثير وعكرمة مولي ابن عباس في يوم واحد فاجتمع الناس في جنازة كثير ولم يوجد لعكرمة من يحمله.
(٥٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (5)، عبد الله بن عباس (1)، كتاب معالم العلماء (1)، المدينة المنورة (1)، جويرية بن أسماء (1)، يزيد بن عبد الملك (1)، الشريف المرتضي (1)، ابن شهرآشوب (1)، الخوارج (1)، الموت (1)
وقال ابن شهرآشوب في (معالم العلماء) انه لما مات كثير رفع جنازته الباقر عليه السلام وعرقه يجري.
وعن يزيد بن عروة قال غلب النساء علي جنازة كثير يبكينه ويذكرن عزة في ندبهن قال فقال أبو جعفر محمد بن علي " ع " أفرجوا لي عن جنازة كثير لأرفعها قال فجعلنا ندفع عنها النساء وجعل يضربهن محمد " ع " بكمه ويقول تنحين يا صويحبات يوسف فانتدبت له امرأة منهن فقالت يا بن رسول الله لقد صدقت إنا لصويحبات يوسف وقد كنا خيرا منكم له فقال أبو جعفر " ع " لبعض مواليه احتفظ بها حتي تجيئني بها إذا انصرفنا قال فلما انصرف " ع " أتي بتلك المرأة كأنها شرارة النار فقال لها محمد بن علي " ع " إيه أنت القائلة إنكن خير منا قالت نعم تؤمنني غضبك يا بن رسول الله قال أنت آمنة من غضبي فأبيني قالت نحن يا بن رسول الله دعوناه إلي اللذات من المطعم والمشرب والتمتع والتنعم وأنتم معاشر الرجال ألقيتموه في الجب وبعتموه بأبخس الأثمان وحبستموه في السجن فأينا كان به أحني وعليه أرأف فقال محمد بن علي " ع " لله درك لن تغالب امرأة إلا غلبت ثم قال لها ألك بعل قالت لي من الرجال من أنا بعله قال فقال أبو جعفر " ع " صدقت مثلك من تملك زوجها ولا يملكها قال فلما انصرفت قال رجل من القوم هذه زينب بنت معيقب الأنصارية.
ولله الحمد أولا وآخرا والصلاة والسلام علي خير خلقه المبعوث محمد صلي الله عليه وعلي ابن عمه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وعلي ابني ابنته وسبطيه الحسن والحسين وعلي ذريته المعصومين الطيبين من ذرية الحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام
(٥٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (3)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب معالم العلماء (1)، علي بن أبي طالب (1)، ابن شهرآشوب (1)، الموت (1)، الزوج، الزواج (1)، الصّلاة (1)، الغلّ (1)

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.