الكافي للحلبي

اشارة

اسم الكتاب: الكافي للحلبي.
المؤلف: أبو الصلاح الحلبي.
الجزء: -.
الوفاة: ٤٤٧.

القسم الأول: التكليف العقلي

اشارة

التكليف العقلي
(٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (26)، الظنّ (26)، الضرب (26)، الجواز (26)

حقيقة التكليف

[حقيقة التكليف] … واشترطنا (1) فرض الطاعة في المريد كالقديم سبحانه تعالي ومن خلق، والنبي والأمة، والإمام والرعية، والسيد وعبده، والوالد وولده. والمنعم علي غيره بجميع ما تقوم به حياته وتكمل به مسرته، لأنا نعلم أنه متي أراد أحد من ذكرناه ممن تلزمه طاعته شيئا سميت إرادته تكليفا، ولا يصح ذلك في من لا طاعة له كالأغنياء والفقراء، وإنما أوجبت هذه القضية لوجوب امتثال مراد من ذكرناه وسقوط فرض الامتثال في من عداه.
واشترطنا المشقة، من حيث كانت إرادة ما فيه لذة كالأكل والشرب، أو ما لا لذة فيه ولا مشقة، لا تكون تكليفا بغير شبهة.
واشترطنا الابتداء، لأنه لو أراد من تجب طاعته ما فيه مشقة قد تقدمت إرادة غيره له كالصدق والانصاف واجتناب الظلم والكذب وفعل الصلاة والزكاة واجتناب الزنا والربا لم يكن مكلفا ولا إرادته تكليفا من حيث كانت إرادة القديم سبحانه سابقة لإرادته.
(١) قال المؤلف كتابه " تقريب المعارف ": فأما حقيقة التكليف فهي إرادة الأعلي من الأدني ما فيه مشقة علي جهة الابتداء والدليل علي صحة ذلك أنه متي تكاملت هذه الشرط وصف المريد بأنه مكلف والإرادة بأنها تكليف والمراد منه بأنه مكلف، متي اختل شرط لم يثبت شئ من هذا الوصف
صفحه(٣٤)
والدليل علي صحة هذا الحد أنه متي تكاملت الشروط التي بيناها سمي المريد مكلفا وإرادته تكليفا والمراد منه منه مكلفا.
وقد تجوز العلماء وأتباعهم فوصفوا المراد بأنه تكليف، فقالوا: التكليف العقلي كذا والتكليف السمعي كذا، يريدون بذلك ما تعلقت إرادة المكلف سبحانه [به] دونها وهذا مجاز وليس بحقيقة، لتعلق … (1) سبحانه دونها وكون هذه … في تكليف من لا يجوز منه إيثار القبيح كالقديم سبحانه ومن علمت عصمته من الخلق، ولذلك وجب علي كل من أراد منه من يجوز منه القبيح، النظر في مراده، فإن كان حسنا لزمه الامتثال، وإن كان قبيحا قبح الامتثال وإن كان المريد منعما بما تجب له طاعته، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصيته سبحانه، لعظم أنعامه علي الحي وانغمار كل نعمة لمنعم سواه في جنبه وكون ذلك فرعا له وغير منفصل.
وما أراده القديم سبحانه من الخلق علي ضربين:
أحدهما طريق العلم به العقول [ثانيهما] طريق العلم به السمع.
والعقلي علي ضربين: أحدهما العلم به من فعله تعالي في العاقل ابتداء فهو لذلك مضطر إلي العلم به … [ثانيهما] طريق العلم به نظر المكلف في الأدلة المنصوبة عليه … (2) طريق به أخبار من ثبت صدقه بالبرهان أو بخطابه المعلوم اضافته إليه سبحانه.
وطريق العلم بكلامه سبحانه أحد أمرين لا ثالث لهما:
أحدهما: أن يقترن الكلام المسموع بمعجز، كمخاطبة موسي من الشجرة واقتران ذلك بانقلاب العصا ثعبانا واليد بيضاء.
(1) هنا بياض في النسخ.
(2) هنا كلمة تقرأ هكذا: والتمني.
صفحه(٣٥)
الثاني: أن يخبر من ثبت صدقه في كلام مخصوص أنه كلامه كأخبار …
وأخبار عيسي …
وخطاب حجة (1) من تأمل ذلك وجده صحيحا وما لا يوجب العلم لا يكون طريقا إلي خطاب التكليف المتعلق بالمصالح التي لا يعلمها إلا علام الغيوب.
… (2) في بيان التكليف الضروري، هذا التكليف علي ضربين واجب ومندوب.
والواجب علي ضربين: أفعال وتروك، والمندوب إليه كذلك.
فالأفعال الواجبة والانصاف وشكر المنعم ورد الوديعة وقضاء الدين والتحرز من المضار.
والتروك الواجبة الكذب والظلم والخطر والاستفساد والاغراء وتكليف ما لا يطاق وإرادة القبيح.
وقلنا إن العلم بوجوب تلك الأفعال وقبح هذه التروك ضروري من فعله تعالي لحصوله ابتداء لكل عاقل علي وجه لا يمكنه دفعه ولا إدخال شبهة عليه، ولو كان مكتسبا من فعل العالم بمعلومه لجاز خلو بعض زمان التكليف بل كله منه، واختصاصه ببعض العقلاء، وصحة الخروج عنه مع كمال العقل كسائر العلوم المكتسبة، والمعلوم خلاف ذلك.
وجهة وجوب الأفعال كونها صدقا وإنصافا وشكر النعمة، وجهة قبح التروك كونها ظلما وكذبا، لأن كل من علم إنصافا وصدقا وشكر النعمة ورد الوديعة علم بوجوبها وكل من علم ظلما وكذبا وخطرا واستقباحا علم قبحها ولو كان
(1) حججه، كذا في بعض النسخ.
(2) هنا بياض في النسخ، والظاهر أن الساقط كلمة " فصل ".
(٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: الجواز (52)، كتاب تقريب المعارف لأبو الصلاح الحلبي (26)
لوجوب (1) الأفعال وقبح التروك … (2) ولا يجوز تعلق وجوب أفعاله وقبح تروكه بغير ما هي عليه لأن ذلك يقتضي تقدم … عليه (3) وقد علمنا أنه لا تكليف قبله فثبت أن الوجه في وجوب اجتناب تروكه ما هو عليه في نفسه.
فأما الأفعال واجب … (4) تعين فرضها فالمكلف مندوب إلي العزم عليها متي تعينت.
وجميعها يصح خلو العاقل من تكليفها عند كمال عقله وفي ما يليه من الأزمنة إلا التحرز من الضرر بفعل النظر الموصل إلي المعرفة الواجبة علي كل عاقل في كل حال علي ما نبينه إن شاء الله.
وأما التروك فواجب علي كل عاقل اجتنابها في كل حال ذكر للوجه الذي له قبحت فلا يصح خلو عاقل من وجوب اجتنابها.
والمندوب إلي فعله الاحسان والحلم والوقار والجود والعفة وحسن السمت وحسن الصحبة والجوار ولين الكلمة والجانب والأمر بالحسن والنهي عن القبيح وأمثال ذلك.
والتروك المكروهة في مقابلة هذه الأفعال المندوبة إليها بالعكس، ووجه حسن فعل هذه الأفعال واجتناب هذه التروك كونه إحسانا وحلما لأن كل من علم ذلك علم حسنه والترغيب فيه.
… (5) في بيان التكليف المكتسب … (6) العقلية شيئان: توحيد
(1) في بعض النسخ: علي وجوب.
(2) هنا بياض في بعض النسخ.
(3) هنا بياض في بعض النسخ وفي بعضها الآخر هكذا: " يقتضي تقدمه عليها " من دون بياض.
(4) هنا بياض في النسخ.
(5) هنا بياض في النسخ، والظاهر أن الساقط كلمة " فصل ".
(6) هنا بياض في النسخ.
(٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الضرر (104)، الشهوة، الإشتهاء (26)، الظنّ (52)، الحاجة، الإحتياج (78)، كتاب تقريب المعارف لأبو الصلاح الحلبي (26)

وجوب النظر

وعدل، والتوحيد ينقسم … (1) فالاثبات إثبات صانع العالم سبحانه قادر … (2) حيا مريدا بإرادة يفعلها … (3) الصفات لتصح معرفته سبحانه بصفاته ونفي التشبيه عنه ليصح كونه قديما ونفي الحاجة عنه ليعلم كونه غنيا ونفي الادراك له بشئ من الحواس أنتج (4) نفي التشبيه عنه تعالي، وأنه لا ثاني له في القدم والصفات المذكورة لكل المعرفة بالتوحيد.
والعدل تنزيه أفعاله سبحانه وما يتعلق بها من التكاليف والمباحات عن القبيح.
والواجب من هذا التكليف العلم وطريقه لوقوفه عليه، وجهة وجوبه كونه شرطا في العلم بالثواب والعقاب وشكر المنعم الذي لا يصحان ولما يعلم المنعم المثيب المعاقب، وهذا التكليف لا ينفك منه عاقل، ونحن نبين وجوب العلم بهذا التكليف وجهة وجوبه والسبب الموصل إليه والأدلة المنصوبة عليه مجملا ومفصلا.
فأما الدلالة علي وجوب المعرفة بالتوحيد والعدل فهي أن كل حي عند كمال عقله يجد عليه آثار نفع من كونه حيا سميعا بصيرا عاقلا مميزا قادرا متكلما مدركا للمدركات منتفعا بها يجوز أن يكون ذلك نعمة لمنعم، ويعلم أنه إن كان ذلك نعمة فهي أعظم من كل نعمة لانغمارها في جنبها، وكونها فرعا لها واستحالة انفرادها منها، ويعلم وجوب شكر المنعم واستحقاق المدح به والذم علي الاخلال بواجبه، ويجوز أن يكون له صانع صنعه وفعل النفع به محسنا إليه به تعريضا للثواب علي شكره ومعاقبا علي الاخلال بحمده ويجد في عقله وجوب …
(1) هنا بياض في النسخ.
(2) هنا بياض في النسخ.
(3) هنا بياض في النسخ.
(4) في جميع النسخ: أقبح، والظاهر ما أثبتناه.
(٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الضرر (52)، الحاجة، الإحتياج (26)
المظنون والمعلوم وحسن طلب النفع المعلوم والمظنون … من يعلم نفعا هو المدح … ويظن ضررا هو العقاب فوجب لذلك عليه معرفة من خلقه وخلق النفع له ليعلم قصده فيشكره إن كان منعما فيحوز عظيم النفع من المدح والثواب وينجو من عظيم الضرر بالذم والعقاب، ولا سبيل إلي معرفته إلا بالنظر في آثار صنعته [صنعه خ] لوقوعها بحسبه، لعلمنا بأن من نظر في تنقل الأجسام علم حدوثها دون غيره، ومن نظر في برهان الصفات النفسية علم ثبوتها وكيفية استحقاقها دون غيرها.
ومن نظر في برهان النبوة علم صحتها دون الإمامة، وأن العلم يكثر بكثرة النظر ويقل بقلته، ويرتفع من دونه، فلو كان للمعارف (1) سبب غير النظر لجاز أن ينظر العاقل في برهان حدوث الأجسام فيعلم النبوة، وينظر في برهان النبوة فيعلم الإمامة، ويحصل جميع المعارف للعامي المتشاغل بالتكسب المعرض عن النظر، ولا يحصل شئ منها للعاقل الناظر في الأدلة الموفي النظر حقه، والمعلوم خلاف ذلك، فإذا وجبت المعرفة للوجه الذي ذكرناه ولم يكن لها سبب إلا النظر وجب كونه أول الأفعال الواجبة لعموم العلم لكل عاقل بوجوب ما لا يتم الواجب إلا به.
وجه وجوب النظر كونه تحرزا من ضرر لولا فعله لم يأمن العاقل نزوله به من الذم والعقاب. وجه وجوب … شرطا في شكر النعمة التي يستحيل معرفتها من … بالمنعم سبحانه وأول منظور فيه الجواهر والأجناس …
… [الدليل] علي حدوث الجواهر أنها لو كانت قديمة لوجب أن يختص فما لم يزل بجهته، لوجوب حاجتها في الوجود إلي جهة، وذلك الاختصاص لا يكون إلا لأنفسها أو لمقتض قديم إذ كان إسناد حكم فيما لم يزل إلي مؤثر
(1) للعارف خ.
(٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (26)، الجواز (26)
متجدد محالا، واختصاص الجواهر بالجهات لأنفسها أو لمقتض قديم محال، لأن ذلك يقتضي استحالة خروجها عنها، لأن الحكم المسند إلي النفس أو إلي مقتض قديم لا يجوز بطلانه، لاستحالة بطلان موجبه، وفي علمنا بصحة تنقلها في (1) الجهات دليل علي أنها لم يختصها لأنفسها ولا لمقتض قديم.
وأيضا فإن اختصاصها لأحد الأمرين يقتضي كونها بأسرها في جهة واحدة لتماثلها ووجوب المشاركة في صفة النفس وما وجب عنها من الحكم إن كان ذلك للنفس، وإن كان لمعني قديم فكذلك، لكون القديم مثلا للقديم ومشاركا له في كل ما جاز عليه ووجب له واستحال عليه، وفي علمنا باستحالة ذلك دليل علي أنها لم يختص الجهات لأنفسها ولا لمقتض قديم وذلك يحيل وجودها فيما لم يزل ويقتضي تجددها بعد عدم، وهذا هو معني القول بحدوثها.
وإذا ثبت أن الجواهر محدثة ثبت حدوث ما حلها من الأعراض لاستحالة انفرادها منها، وما يستحيل وجوده من دون وجود الحوادث يجب أن يكون محدثا، وهي علي ضربين:
ضرب يصح تعلقه بالمحدث وهو الاعتقادات والظنون والنظر والإرادات والكراهات والاعتماد والأصوات والألوان (2) والتأليف والآلام المتولدة عن …
وضرب يستحيل تعلقه بالمحدث وهي الحياة والقدرة والشهوة والنفور بالمحدثين والعلوم الضرورية والحرارة والبرودة … والآلام المبتدئة.
وقلنا بتعذر جنس الجواهر وهذه الأجناس من الأعراض علي كل محدث لتوفر دواعيه إلي شئ منها وخلوها من الصوارف [الطوارق خ] وتعذرها
(1) من.
(2) في بعض النسخ: الأكوان.
(٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: الجهل (52)، الظلم (26)، الصدق (26)

صفاته تعالي

لا لوجه يعقل، وكل شئ تعذر لا لمانع معقول فإنها تعذر للاستحالة، وإذا ثبت خلاف هذه الأجناس وتعذرها علي كل محدث، ثبت أن لها محدثا ليس بمحدث.
وقلنا ذلك لأنا قد علمنا أن هاهنا حوادث كالكتابة والبناء وعلمنا أن لها محدثا هو من تعلقت به، بدليل وقوعها بحسب أحواله من قصوده وعلومه وقدره واستحقاقه المدح علي حسنها والذم علي قبيحها، وعلمنا أنها إنما احتاجت إليه في حدوثها دون عدمها وبقائها لاستغنائها في حالتي العدم والبقاء عن مؤثر لصفتي العدم والبقاء، فيجب الحكم بحاجة كل محدث في حدوثه إلي محدث.
وقد ثبت حدوث الجواهر والأجناس المخصوصة من الأعراض وتعذرها علي المحدثين، فيجب أن يكون لها محدثا مخالفا لها.
ووقوع هذه التأثيرات من جهته سبحانه يقتضي كونه قادرا لحصول العلم بكون من صح منه الفعل علي صفة ليست حاصلة لمن تعذر عليه من كان عليها وجب وصفه بقادر.
ووقوع الفعل مقتض للصحة وزيادة وحدوثها بحكمة (1) كالانسان والفرس والبقر والفيل يقتضي كونه سبحانه عالما لافتقار صفة الأحكام إلي حال زائدة علي كون القادر قادرا لتعذره علي أكثر القادرين، ومن كان عليها وجب وصفه بكونه عالما.
وكونه تعالي قادرا عالما يقتضي كونه حيا موجودا بدليل تعلق المقدورات والمعلومات وصحة وقوعها من جهة واستحالة ذلك من معدوم أو موجود ليس بحي.
(1) محكمة.
(٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الجهل (78)، السهو (26)، الحاجة، الإحتياج (52)، كتاب تقريب المعارف لأبو الصلاح الحلبي (26)
وإحداثه سبحانه ما يتعذر علي كل محدث دليل علي كونه قديما، إذ لو كان سبحانه محدثا لتعذر عليه ما يتعذر علي المحدث.
وهذه الصفات نفسية لوجوبها له وثبوت صفة الجواز في صفات المعاني والفاعل، لأن (1) طريق إثبات المعاني وصفات الفاعل متعذرة في صفاته تعالي فثبت أنها للنفس. ومعني ذلك أنه تعالي قادر عالم حي قديم لما هو عليه سبحانه، لا معني هو غيره كسواد الجسم ولا بصفة بالفاعل ككون الصوت أمرا أو خبرا.
وإذا ثبت كونه تعالي قديما وأن صفاته نفسية، ثبت استحقاقه لها فيما لم يزل، واستحالة خروجه عنها، من حيث اقتضي قدمه وجوده في كل حال ماضية ومستقبلة، وثبوت الصفة المستندة إلي النفس في جميع أحوال وجود الموصوف بها، لكونها مقتضاة عما هو عليه واستحالة وجود المقتضي وانتفاء مقتضاه.
وكونه تعالي حيا لا آفة به يقتضي وصفه سبحانه بسميع بصير، ويوجب إثباته مدركا متي وجدت المدركات، بدليل وصف الحي الذي لا آفة به بسميع وبصير، ووجوب حصول حكم الادراك متي وجد المدرك وارتفعت الموانع.
ووقوع أفعاله تعالي علي وجه دون وجه وفي حال دون حال دليل علي أنه سبحانه مريد، لعلمنا بافتقار ذلك إلي أمر زائد علي كون الحي قادرا عالما لأنه قد يقدر علي أشياء، ويعلم أشياء كثيرة، ويؤثر إيجاد بعضها دون بعض، وفي حال دون أخري، وعلي وجه دون وجه، كالقادر علي التجارة والكتابة و العالم بضروبهما قد يؤثر الكتابة مرة، والتجارة أخري، ويقصد إلي نوع من إحديهما دون نوع، وفي حال دون حال، مع تساوي الكل في كونه مقدورا معلوما له، فاقتضي ذلك ثبوت صفة له زائدة علي كونه قادرا عالما، تلك الصفة
(1) ولأن.
(٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الجهل (26)، الجواز (26)، الحاجة، الإحتياج (52)
هي كونه مريدا.
وإرادته تعالي فعله (1) لأن كونه مريدا لنفسه أو لمعني قديم يقتضي قدم المرادات، أو كونه عازما، وكلا الأمرين مستحيل. وكونها من فعل قديم غيره فاسد بما نذكره من فساد إثبات قديم ثان. والحدوث (كذا) (2) لا يقدر علي فعل الإرادة لغيره، لأنها لا يقع إلا مبتدءا، وابتداء الفعل بالقدرة في غير محلها محال.
وهي موجودة لا في محل، لأن حلولها فيه تعالي لا يجوز، لأن المحل لا يكون إلا متحيزا وقد دللنا علي حدوث المتحيزات وقدمه سبحانه، ولا يجوز حلولها في غيره من حي ولا جماد، لأن حلولها في الجماد مستحيل من حيث كانت مما يوجب حالا لحي، وحلولها في حي يوجب رجوع حكمها إليه دونه تعالي، لأن المحل بحكم ما حله أولي، فثبت وجودها لا في محل، ولوجودها علي هذا الوجه الذي له، انقطعت عن (3) كل حي ما أوجب (4) اختصاصها (5) به تعالي. ولا يعجب من هذا ذو فطنة بهذا العلم، لأنه إذا ثبت كونه تعالي مريدا وفسد أن يكون مريدا لنفسه أو لمعني قديم ثبت أنه مريد بإرادة يستحيل أن تحله أو تحل غيره، اقتضي ذلك وجودها لا في محل، وزال التعجب مما اقتضاه البرهان.
ولا صفة له سبحانه زائدة علي ما أثبتناه، من حيث كان طريق إثباته تعالي
(١) في بعض النسخ: فعلمه والظاهر أنه تصحيف.
(٢) قال في تقريب المعارف: وكونها من فعل غيره من المحدثين محال لأن المحدث لا يقدر علي فعل الإرادة في غيره لاختصاص أحداثها بالابتداء وتعذر من المحدث في غيره.
(3) علي.
(4) ما وجب.
(5) اختصاصه.
(٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: مسألة الحسن والقبح (26)
الفعل، فيجب أن يقف إثبات صفاته علي صفات الفعل، وليس الفعل (للفعل ظ) إلا ثلاث صفات: مجرد ووجوده وهو دال علي كون فاعله قادرا، وأحكامه وهو دال علي كون محكمه عالما، وترتبه علي الوجوه وفي الأحوال وهو دال علي أن مرتبه مريد، وإثبات صفة لا يدل عليها الفعل بنفسه ولا بواسطة محال، ولأنه لا حكم لصفة زائدة، وإثبات ما لا حكم له كنفيه، وإثبات ما لا فرق في إثباته ونفيه جهالة.
إن قيل: فقد أثبت له تعالي صفات زائدة علي كونه تعالي قادرا عالما مريدا فما وجهها؟ قيل: لم نثبت إلا ما له تعلق بهذه الصفات، أما كونه تعالي حيا موجودا فلثبوت كونه قادرا عالما لاستحالة ثبوت حال القادر العالم لمن ليس بحي موجود. وأما كونه مدركا سميعا بصيرا فمن أحكام كونه حيا. و كون هذه الصفات نفسية (1) في استحقاقها وليس بأمر زائد علي ثبوتها.
وثبوت كونه تعالي قديما مقتض لكونه سبحانه غنيا تستحيل عليه الحاجة لأن الحاجة لا تكون إلا لاجتلاب نفع أو دفع ضرر من حيث علمنا استحالة الحاجة علي من يستحيل عليه الضرر والنفع كالموات والجماد. والنفع والضرر لا يجوزان إلا علي من يلذ ويألم لأن الحي إنما ينتفع بما يلذ به أو يسر له ويستضر بما يألم به أو يغتم لأجله، واللذة والألم لا يجوزان إلا علي ذي شهوة ونفور إذ معني ملتذ أنه أدرك ما يشتهيه، ومعني ألم أنه أدرك ما ينفر عنه، ومعني مسرور أنه اعتقد أو ظن وصول نفع إليه أو إلي من يجري مجراه واندفاع ضرر، و معني مغتم أنه اعتقد أو ظن وصول ضرر إليه أو إلي من يجري مجراه أو فوت نفع، فعاد معني السرور والغم إلي النفع والضرر.
إذا تقرر هذا وكانت الشهوة والنفار معاني تفتقر إلي محل استحال تخصيصها
(١) قال في تقريب المعارف: وكونها نفسية كيفية في استحقاقها.
(٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الجهل (52)، الوجوب (26)
به تعالي، لاستحالة كونه سبحانه محلا للأعراض، ولأنه لا دليل من جهة الفعل (كذا) إلي إثباته تعالي مشتهيا ولا نافرا، وإذا استحال عليه تعالي الشهوة والنفور استحال عليه اللذة والألم [وإذا استحال عليه اللذة والألم (1)] استحال الضرر والنفع، وإذا استحال الضرر والنفع، استحالت عليه تعالي الحاجة، واستحالتها يقتضي كونه غنيا.
وثبوت قدمه وحدوث الجواهر والأعراض يحيل كونه تعالي مشتهيا لشئ من الجنسين، لأن ذلك يقتضي حدوثه أو قدمهما، وكلا الأمرين محال.
وكونه تعالي لا يشبه شيئا يحيل إدراكه سبحانه بشئ من الحواس لاختصاص الادراك المعقول بالجواهر وأجناس من الأعراض، وليس هو من الجنسين، فاستحال إدراكه تعالي.
ولأنه لو كان مما يصح أن يدرك بشئ من الحواس لوجب أن ندركه (2) الآن لأنا علي الصفة التي معها يجب أن يدرك كلما يصح إدراكه بشرط ارتفاع الموانع، وهو سبحانه موجود والموانع مستحيلة عليه لأنها اللطافة والرقة وتفاوت البعد والقرب والحجاب والكون في غير جهة المقابلة، وذلك أجمع من صفات المتحيزات، وقد دللنا علي كونه سبحانه بخلافها، فلو كان مما يصح أن يدرك لأدركناه الآن، ولو أدركناه لعلمناه ضرورة من حيث كان العلم بالمدرك من كمال العقل، وفي عدم العلم به سبحانه ضرورة دليل علي عدم إدراكه [و عدم إدراكه] (3) مع وجوبه لو كان ممن يدرك تعالي دليل علي استحالة الادراك عليه.
(1) هذه الجملة زدناها بمقتضي السياق.
(2) في بعض النسخ: يدرك.
(3) هذه الجملة زدناها بمقتضي ترتيب العبارة.
(٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (26)، الصدق (26)، المنع (78)، الغني (26)، الظنّ (26)، السب (26)
وثبوت كونه تعالي لا يشبه شيئا يحيل عليه التنقل والاختصاص بالحياة (1) والمجاورة لأن ذلك من أحكام المتحيزات وليس بمتحيز.
ويحيل عليه سبحانه الحلول وإيجاب الأحوال والأحكام، لأن ذلك من خواص الأعراض، فيسقط لذلك مذاهب الثنوية والمجوس والصابئين وعباد الأصنام والمنجمين والنصاري والغلاة، لإثبات هؤلاء أجمع إلهية الأجسام أو كونها مؤثرة ما يستحيل من الجسم تأثيره علي ما سلف بيانه.
وكونه تعالي بهذه الصفات يقتضي تفرده سبحانه بها ويحيل الاثبات ثان له فيها من حيث لو كان هناك قديم ثان لوجب أن يستحق جميع ما بيناه استحقاق فاعل العالم له من الصفات الواجبة والجائزة إثباتا ونفيا فيؤدي ذلك إلي إثبات ذاتين لا حكم لهما يزيد علي حكم الذات الواحدة وإثبات ذلك محال، فثبت أنه سبحانه واحد لا ثاني له. وقلنا ذلك لأن القدماء لو كانوا مائة فما زاد لم تزد حالهم عليه لو كان واحدا، ولا يميز فعلهم من فعل قديم واحد، من حيث كان كل ما تصح اضافته إلي هذا العدد تصح اضافته إلي القديم الواحد سبحانه، فصار إثبات ما زاد علي واحد لا حكم له، ولا سبيل إلي تميزه، ولا فرق بين إثباته ونفيه، وما هذه حاله لا يصح إثباته، لكون ذلك تجاهلا ومفضيا إلي كل جهالة فثبت أن صانع العالم سبحانه واحد لا ثاني له.
وأيضا فلا دليل من جهة العقل علي إثبات قديم ثان وقد ورد السمع المقطوع علي اضافته إلي القديم سبحانه بنفي ثان له تعالي وهو ما لا يجوز عليه سبحانه الكذب فوجب لذلك القطع علي كونه واحدا، ودلالة السمع علي التوحيد آكد من دلالة العقول لاحتمال جميعها لدخول الشبهة المشكلة في التوحيد وبعد ذلك برهان السمع.
(1) كذا في جميع النسخ، ولعل الصحيح: بالجهات.
(٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: الضرر (130)، الجواز (156)

فصل في مسائل العدل

فصل في مسائل العدل (1) معني قولنا: إنه تعالي عادل هو أنه لا يخل (2) بواجب في حكمته ولا يفعل قبيحا، بالبرهان كونه تعالي عالما لا يجهل شيئا وغنيا لا يحتاج إلي شئ ثبت كونه عادلا من حيث كان وقوع القبيح لا يصح إلا لجهل به أو لسهو عنه أو حاجة إليه، وكل ذلك مستحيل فيه تعالي، فيجب القطع علي كونه عادلا والحكم بجميع أفعاله وما يتعلق بها بالحسن.
وهذا القدر كاف في تنزيهه سبحانه عن القبيح علي جهة الجملة، وإن فقدنا العلم بوجه الحسن في كل منها علي جهة التفصيل، غير أنا نسلك منهج السلف رضي الله عنهم في بيان وجه الحكمة في جميع ما فعله سبحانه وأمر به وأباحه علي جهة التفصيل لتكمل الفائدة وتسقط الشبهة في ذلك من كل وجه.
فأول ذلك إثبات العقل طريقا إلي العلم بوجوب واجبات وقبح قبائح وجبت وقبحت لما هي عليه ليكون الكلام في العدل وفساد الجبر مبنيا علي ذلك وقد سلف بيان ذلك وأوضحنا أن العلم بوجوب الصدق والانصاف و سائر الواجبات الأولة وقبح الظلم والكذب وسائر القبائح الأولة ضروري من أوائل العقول لا تعلق للعبد به، وأنه إنما وجبت الأفعال لكونها صدقا و إنصافا وقبحت التروك لكونها ظلما وكذبا فأغني عن إعادتها ههنا.
وإذا ثبت ذلك وجب إثباته سبحانه قادرا علي القبيح ليصح تنزيهه عنه، والدالة علي ذلك ثبوت كونه تعالي قادرا لنفسه، وذلك يقتضي كونه سبحانه
(1) كلام في معني العدل. كذا في بعض النسخ.
(2) في النسخ: لا يحيل.
(٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: مسألة الحسن والقبح (26)، الجهل (26)
قادرا علي كل ما يصح كونه مقدورا، والقبيح من جملة المقدورات بغير شبهة فيجب أن يكون قادرا عليه.
وأيضا فإن صفة القبح وجه للفعل كالحسن (1) وليس بجنس فيجب لكونه تعالي قادرا علي سائر الأجناس أن يكون قادرا علي وجوهها التي يحدث عليها.
ومنع النظام (2) من كونه تعالي قادرا علي القبيح لما يؤدي إليه من الجهل أو الحاجة المستحيلين عليه سبحانه أو انقلاب دلالة القبيح.
وذلك فاسد كاشف عن جهله بكون القديم سبحانه قادرا لنفسه، إذ لو علم ذلك وكونه مقتضيا للقدرة علي كل ما يصح كونه مقدورا مع علمه بكون القبيح مقدورا للعباد لم ينف كونه تعالي قادرا علي القبيح.
وكذلك لو علم أن من حق القادر علي الشئ أن يكون قادرا علي جنس ضده مع علمه بأنه قادر علي الحسن (3) لم ينف كونه قادرا علي القبيح، جنسا كان القبح (4) أو وجها. وهذا يدل علي جهله بالتوحيد والعدل.
فأما شبهته فمبنية علي فرض وقوع القبيح، وذلك بناء فاسد لأنه سبحانه لا يفعل شيئا إلا لداع مقصود، لاستحالة السهو والعبث عليه، ولا داع إلي القبيح إلا الحاجة وهي مستحيلة فيه سبحانه، فلم يبق له داع إليه فاستحال منه فعله وإن كان قادرا عليه، وسقط لذلك تقدير النظام.
(١) في جميع النسخ: كالجنس، والصحيح ما أثبتناه، راجع تقريب المعارف للمؤلف باب العدل.
(2) هو إبراهيم بن سيار بن هانئ النظام، توفي سنة 231. ويطلق علي أصحابه النظامية.
(3) في جميع النسخ: الجنس، والصحيح ما أثبتناه.
(4) في جميع النسخ: القبيح.
(٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (52)، الطعام (26)، الظنّ (78)، الضرر (26)، الأكل (26)، الخوف (26)
وهو سبحانه لا يفعل القبيح لما قدمناه من علمه بقبحه وبأنه غني عنه لأن صفة القبح صارف قوي فلا يصح أن يفعله إلا من جهل ثبوتها أو دعته الحاجة إلي الفعل أو الترك لينفي الصارف بالجهل أو يقابل داعي الحاجة لصارف القبح.
وكونه تعالي لا يفعل القبيح مقتضيا أن لا يريده، من حيث لو أراده لم يرده إلا بإرادة يفعلها علي ما سلف بيانه، وإرادة القبيح قبيحة، لأن كل من علمها إرادة لقبيح علم قبحها، وذلك مقتض لكونه تعالي فاعلا للقبيح وقد بينا فساده (1) فثبت أنه لا يريد القبيح، وإذا ثبت أنه سبحانه لا يريد القبيح ثبت أنه كاره له، لأنه لا يجوز أن يخلوا ما كلفه تعالي من الإرادة والكراهة.
وكذلك وجب كونه تعالي مريدا لما فعله وكلفه، لاستحالة فعله ما لا غرض فيه، وتكليف ما لا يريده ولا يكرهه، فما علمناه مرادا له سبحانه حكمنا بحسنه فإن علمناه كارها للاخلال به وجب الحكم بوجوبه، وما علمناه مكروها له حكمنا بقبحه ووجوب اجتنابه.
وكونه تعالي مكلفا فعل المثلين والمختلفين والضدين واجتناب ما له هذا الحكم موجب إقدار المكلف علي ذلك قبل وقوعه ومزيحا لعلته بالتمكين منه والعلم به واللطف فيه، وكون ذلك شاقا مقتض لكونه وصلة إلي ما لا يحسن الابتداء به من النفع، لأن خلاف ذلك ينقض كونه سبحانه عادلا.
ويحسن توضيح برهان ما أجملناه مفصلا:
أما برهان كون المكلف قادرا فهو أنا نعلم تعلق التأثيرات به ووقوعها من جهته وذلك مقتض لكونها من فعله علي ما نبينه، وكونه فاعلا فرع لكونه قادرا لاستحالة النظر ليس بقادر.
(1) في جميع النسخ: وقدمناه، والظاهر ما أثبتناه.
(2) كذا في جميع النسخ، والظاهر أن العبارة ناقصة.
(٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (78)، الصّلاة (26)، سورة آل عمران (26)، سورة النساء (26)، سورة النحل (26)، سورة محمد (26)
ولأنا نعلم حيا يصح منه التصرف في الجهات وحمل الثقيل وحيا لا يصح منه ذلك فيجب أن يكون من صح منه الفعل علي صفة ليست حاصلة لمن تعذر عليه لولا ثبوتها له وانتفاؤها عن الآخر لصح الفعل منهما معا أو تعذر عليهما ومن كان علي تلك الصفة سماه أهل اللغة العربية قادرا، وقلنا إنه فاعل لعلمنا بوجوب وقوع التأثيرات المتعلقة بحسب أحواله من قصوده وعلومه وقدره (1) ولو كانت فعلا لغيره لجاز أن يقصد الذهاب يمنة فيقع يسرة، ويقصد إلي الكتابة فيقع البناء، ويقع الكتابة من الأمي ويتعذر علي القادر العالم بها، ويصح حمل الثقيل في الضعيف ويتعذر الخفيف علي الأيد القوي، والمعلوم خلاف ذلك.
وأيضا فمن المعلوم توجه المدح والتعظيم إلي من تعلق به التأثير الحسن، والذم والاستخفاف إلي من تعلق به التأثير القبيح، والذم والاستخفاف والمدح والتعظيم توابع لحدوث الفعل علي وجه الحسن أو القبح (2) فيجب تعلق صفتي الحسن والقبح (3) بمحدث الحسن والقبيح (4) لاستحالة تعلقهما بغيره.
ولأنا نعلم قبح مدحه أو ذمه علي خلقه وهيأته، فلو كان حكم التأثيرات حكمها لقبح مدحه وذمه علي شئ منها كقبحه علي صورة وبناء (5)، واختلاف (6) الحال دليل واضح علي تعلق التأثيرات بقدوره (7) وتعلق خلقه بالقديم سبحانه.
(1) قدوره ظ.
(2) في بعض النسخ: القبيح.
(3) في بعض النسخ: القبيح.
(4) في بعض النسخ: القبح.
(5) كذا في جميع النسخ.
(6) في بعض النسخ: " وبناء اختلاف " بدون الواو.
(7) في بعض النسخ: بمقدوره.
(٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الضرب (26)، الضرر (26)، الوجوب (26)، الشراكة، المشاركة (26)، الفزع (26)
ومتي علمنا قادرا في الشاهد علمنا (1) تعلقه بالمتماثلات من مقدورات العباد كالأكوان في الجهة الواحدة والإرادة والكراهات والعلوم المتعلق كل منها بمتعلق واحد في وقت واحد علي وجه واحد، وبالمختلفات كالعلم والإرادة والعلوم المتعلقة بمعلومات مختلفة والإرادات المتعلقة بمرادات متغايرة أو مراد علي وجوه مختلفة وبالضدين كأكوان في الجهات والعلوم وما يضاد كل واحد منها من الجهل والظن والإرادات وما يضادها من الكراهات (2)، فلا يخلو أن يكون ذلك لأن كل قدرة توجب هذا التعلق أو لأن لكل متعلق قدرة تخصه، والثاني باطل لأنه يؤدي إلي وجوب عدة قادرين تصح منهم الإرادة دون الكراهة، والجهل دون العلم، والكون في جهة دون جهة، والمعلوم فساد ذلك، فثبت إيجاب كل قدرة حال التعلق بالأمثال والمختلفات والأضداد، وتعلق القادر بالضدين يوجب تقدم كونه قادرا لكونه فاعلا لأن القدرة لو وجب مصاحبتها للفعل مع تعلقها بالضدين لاقتضي ذلك وجود الضدين مع استحالته.
وأيضا فإن حاجة المقدور إلي القدرة ليخرج بها من العدم إلي الوجود، فيجب متي وجد أن يستغني عنها كاستغنائه في حال البقاء، وذلك يوجب تقدم القدرة عليه في الوجود، وتأثير القدرة إيجاب حال الحي (3) لها يصح منه الفعل، لأنها متي وجدت أوجبت هذه الحال، وتأثير القادر يختص بالأحداث لأن صفتي العدم والبقاء غير متعلق بقادر، فلو لم يختص تأثيره بالأحداث لم يكن بين الفعل والفاعل تعلق.
وأما برهان تمكينه مما كلف فحكمة مكلفه سبحانه تقتضي تمكينه بصحة
(1) في بعض النسخ: علينا.
(2) في بعض النسخ: المكروهات.
(3) كذا في النسخ، ولعل الصحيح هكذا: حال للحي بها.
(٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الغني (26)، الظلم (52)، الجواز (26)
البنية فيما يحتاج من التكاليف إليها كاليد والرجل واللسان والأذن، وإقداره علي تحصيل ما يحتاج الفعل إليه من الآلات كالسيف والقوس، وتبقيته إلي أن يؤدي أو يمضي من الزمان ما يصح فيه الأداء كالحج، أو تكميل العلم كالمعارف، وفعل العلم فيه بحيث (1) لا مصلحة بكون العلم مكتسبا كالعلم الأول بوجوب الصدق والانصاف وقبح الكذب والظلم، وتكليفه تحصيل العلم بما لا يقوم فعله سبحانه فيه مقام اكتسابه في التوحيد والعدل، وإقداره علي فعل السبب المولد له وهو النظر، وتبقيته الزمان الذي يصح فيه اكتساب العلوم، ووقوف تكليفه علي كونه مخيرا غير ممنوع ولا ملجأ، واستصلاحه بما يدعوه إلي الحسن ويصرفه عن القبيح من غني أو فقر أو سقم، وبيان ما له هذا الحكم من فعله كالرئاسة بالنبوة أو الإمامة والشرائع، لأن تكليفه من دون التمكين تكليف ما لا يطاق، ومن دون اللطف قبيح، من حيث كانت علة المكلف غير مزاحة، وقبح منعه كمنع التمكين.
يوضح ذلك أن من صنع طعاما لقوم يريد حضورهم إحسانا إليهم فعلم أو ظن أنهم لا يأتون إلا برسوله فلم يرسل إليهم مع اقامته علي إرادة الحضور يستحق الذم كما لو أغلق الباب من دونهم، فإذا كان القديم سبحانه مريدا بالتكليف نفع المكلف وعلم سبحانه أنه لا يختاره إلا أن يفعل فعلا أو يفعل هو فعلا وجب عليه أن يفعل سبحانه ما يختص به ويبين للمكلف ما يختص بمقدوره كما يجب في حق التكليف تمكين المكلف، لثبوت صفة القبح في منع اللطف كثبوتها مع منع التمكين.
وبرهان حسن التكليف كونه تعريضا لنفع لا يحسن الابتداء به، والتعريض
(1) حيث. ظ.
(٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الظلم (234)، الغني (26)، الجواز (26)
للنفع في حكم إيصاله، فماله حسن أحدهما يجب أن يحسن له الآخر، ألا تري أنه كما يحسن منا ابتداء الغير بالنفع فكذلك تعريضه له، وكما يحسن منا نفع أنفسنا فكذلك التعريض له بضروب المشاق، وقلنا ذلك لا يحوز (1) لأنه سبحانه لا يجوز أن يكلف لاجتلاب نفع ولا دفع ضرر لاستحالتهما عليه سبحانه، ولا لغير غرض، ولا لإغراء بالقبيح لقبحهما، ولا ليدفع بالتكليف ضررا عن المكلف، لأن دفع الضرر بالضرر لا يحسن إلا بحيث لا يندفع إلا به، وهو سبحانه قادر علي دفع كل ضرر من غير إضرار، فلا يحسن تكليف المشاق له، ولا يحسن الاستحقاق (2) لأمور:
منها أن ذلك يقتضي تقدم (3) تكليف قبل تكليف إلي ما لا يتناهي، وذلك محال، ولأن الضرر المستحق مقترن بالاستخفاف، وامتثال مشاق التكليف يقتضي المدح والتعظيم، ولم يبق لحسنه إلا كونه ضررا مبتدءا أو تعريضا لنفع، و الضرر المبتدء ظلم لا يجوز عليه سبحانه، فثبت كونه تعريضا لنفع لا يجوز أن يكون مما يحسن الابتداء به، لأنه سبحانه قادر علي ضروب ما يحسن الابتداء به من المنافع، فلا يجوز أن يكلف المشاق لها من حيث كان ذلك عبثا لا يجوز عليه سبحانه، لكونه جاريا مجري من أراد أن ينفع غيره فلم يفعل حتي كلفه نقل الرمل من جهة إلي أخري لا لغرض إلا ذلك النفع في كونه عابثا، والنفع الذي لا يحسن الابتداء به هو الواقع علي جهة الاعظام والاجلال، لعلمنا بقبح التفضل بالتعظيم وأنه لا يحسن إلا مستحقا.
وعلمه سبحانه بأن كثيرا من المكلفين يعصي فيما كلفه فيستحق العقاب
(1) كذا في النسخ والظاهر زيادة جملة " لا يجوز ".
(2) للاستحقاق ظ.
(3) في بعض النسخ: بقدم، وفي بعضها الآخر: وقدم، والظاهر ما أثبتناه.
(٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الوجوب (26)، سورة الذاريات (26)، سورة البقرة (26)، سورة الملك (26)
دون الثواب لا يقتضي قبح تكليفه، لأنه محسن بالتكليف إليه من حيث كان تعريضا لنفع عظيم لا يوصل إليه إلا به، وإنما فات المكلف هذا النفع بسوء اختياره وقبح نظره لنفسه. ولأنه سبحانه قد فعل به ما فعله بمن علم أنه يؤمن [من] الأقدار والتمكين والاستصلاح، فماله حسن تكليف الطائع يجب أن يحسن له تكليف العاصي.
وأيضا فإن حقيقة التكليف إرادة المكلف علي ما تقدم بيانه، والإرادة إنما تكون قبيحة إذا كان مرادها قبيحا كما أنها إنما تكون حسنة إذا كان مرادها حسنا، لا وجه له بحسن أو قبح إلا ذلك، وإذا كان هذا متقررا ببرهانه، وكانت إرادته سبحانه من المكلف أن يفعل الحسن ويجتنب القبيح ليصل إلي نفع عظيم لا يصل إليه إلا به، ثبت حسنها لتعلقها بما علم حسنه، وكان ذلك إحسانا إلي المكلف في الحقيقة، إذ لا فرق في ثبوت الاحسان بين أن يكون فعلا مقصودا به الأنعام علي الغير وبين تعريضه له، بل التعريض أشرف.
وإذا ثبت حسن هذه الإرادة لم يؤثر في حسنها عصيان المكلف في الثاني، لأنها قد وجدت علي وجه يحسن، وانتفت عن الوجود وهي علي هذه الصفة فصارت معدومة، ووجد عصيان المكلف وهي معدومة والعصيان الموجود لا يقتضي قبح الإرادة المعدومة، لعدم التعلق بينهما، فكيف يتوهم عاقل قبحها به لولا الجهل بهذا العلم.
وليس لأحد أن يقول إن علمه سبحانه بأنه سيعصي مقتض لقبح إرادة الطاعة، لأن كل متعلق من الإرادات والكراهات إنما يحسن أو يقبح لحسن متعلقه أو قبحه دون شئ غير ذلك، من حيث كان الحسن والقبح وجهين لحدوث الحادث دون ما عداهما، وهذا واضح ببرهانه، ووضوحه يقتضي حسن إرادته من المكلف فعل الحسن واجتناب القبيح، ويحيل قبحها لما يعلمه
(٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرزق (52)، الشكر (26)، البيع (26)، المنع (26)، الظلم (26)، الشهوة، الإشتهاء (26)، الموت (26)، الصّلاة (26)، سورة الأعراف (26)، سورة الجمعة (26)، سورة طه (26)

الوجه في انزال القرآن محكما ومتشابها

سبحانه في عصيان المكلف، لانفصال حدوث إرادته سبحانه علي الوجه المخصوص عن كونه عالما، وعدم تأثير علمه في قبحها أو حسنها، ويوضح ذلك أن علمنا أو ظننا بأن الغير لا يختار الحسن واجتناب القبيح لا يقتضي قبح إرادتنا منه أن يفعل الحسن ويجتنب القبيح، ولذلك يحسن منا أن نعرض الطعام علي الجائع مع ظننا بأنه لا يأكل، وندلي الحبل إلي الغريق مع الظن بأنه لا يعتصم به، وندعو إلي فعل الحسن واجتناب القبيح جميع العقلاء مع علمنا بأن أكثرهم لا يقبل، ونريد من أهل الذمة وغيرهم من ضروب الكفار الإيمان مع الظن بأن جميعهم لا يؤمن، ومن العصاة المصرين التوبة مع العلم في أكثرهم والظن في الباقين بأنهم لا يختارونها، ولا يقتضي هذا العلم أو الظن قبح هذه الإرادات عند أحد من العقلاء، بل حسنها معلوم ضرورة (1) وكونه إحسانا إلي من عرض بها للنفع العظيم الذي هو إحسان.
والوجه في توعد العاصي بالعقاب توفير دواعيه إلي الواجبات وصوارفه عن القبائح ليصل بفعل ذلك واجتناب هذه إلي ما عرض له (2) من عظيم المنافع، لكون الخوف من الضرر في الفعل (3) والاخلال بالواجب داعيا و صارفا معلوما (4) ضرورة.
[الوجه في إنزال القرآن محكما ومتشابها] (5) والوجه في إنزال القرآن محكما ومتشابها أمور:
(1) كذا في النسخ، والظاهر زيادة الواو.
(2) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: إلي أغراض له.
(3) في بعض النسخ: في العقل.
(4) في بعض النسخ: غير معلوم.
(5) ليس في النسخ هذا العنوان.
(٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (78)، المنع (26)، القتل (52)، الشهوة، الإشتهاء (26)، البيع (26)، الجواز (26)، الحاجة، الإحتياج (52)، سورة الطلاق (26)
منها أنه تعالي خاطب العرب علي عادتهم وهو يستعملون المجاز في كلامهم والتعريض واللحن - من قوله تعالي: ولتعرفنهم في لحن القول - (1) كاستعمالهم الحقائق، ولذلك لم يستفهم أحد منهم عن شئ في متشابه القرآن ولا تعلق بمشتبهة (2) فقدح به في حكمة منزله سبحانه، وإنما التبس الحال فيه علي من يعرف اللسان الذي نزل به القرآن فصار متشابها في حقه و احتاج العلماء معه إلي بيانه له.
ومنها أن القرآن لو كان جاريا في الأحكام وفهم المراد من ظاهره مجري واحدا لسقط فرض النظر الواجب الآن في متشابهه ليجمع الناظر بينه وبين محكمه، وذلك وجه حكمي لجعل بعضه متشابها وغرض حسن.
(3) ومنها أنه لو كان كله محكما لم يكن فرق بين الحجة والمحجوج، و العالم والمتعلم، ولهذا قال سبحانه: " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " (4) وهو يعني الحجج عليهم السلام الذين أمر سبحانه بالرد إليهم وقطع علي حصول العلم بجوابهم في قوله تعالي: " ولو ردوه إلي الرسول وإلي أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " (5) وهم الذين أمر من لا يعلم بمسألتهم ليعلم في قوله: " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " (6) وقد بينا في غير هذا الكتاب ونبينه فيه كون الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم أولي الأمر، وأهل الذكر دون غيرهم.
(1) سورة محمد، الآية: 30.
(2) في بعض النسخ: مشتبهة.
(3) في بعض النسخ: وغرض جزء.
(4) سورة آل عمران، الآية: 7.
(5) سورة النساء، الآية: 83.
(6) سورة النحل، الآية: 43.
(٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (234)، الموت (104)، الجهل (26)، الجواز (52)، الوجوب (26)

الوجه في خلق المؤذيات ومالا يظهر فيه وجه الانتفاع

وعلي هذا يجب أن يكون المتشابه علي ضروب: ضرب متعلق باللغة، وضرب متعلق بأحكام العقول، وضرب متعلق بالأحكام الشرعية، فما يتعلق منه باللغة، العلم بها كاف للناظر في العلم لمراد الحكيم سبحانه منه، وما يتعلق بالعقول، العقول كافية لمن استعملها ونظر في أدلتها في فهم المراد منه، وما يتعلق منه بالأحكام الشرعية، الشرع (1) فيه إلي تراجمته من الحجج عليهم السلام هو الطريق إلي علمه دون غيره، وكذلك القول في الألفاظ اللغة المشتركة كقرء. ويحتمل (2) ما يتعلق بالعقول (3) طريق العلم بمراد المخاطب سبحانه منه بيان الحجج المنصوبين عليهم السلام.
[الوجه في خلق المؤذيات وما لا يظهر فيه وجه الانتفاع] (4) والوجه في خلق المؤذيات من السباع والهوام والسموم أمور:
منها أن فيها منافع للعلل وأمراض ينغمر في جنبها ضررها.
ومنها أنه سبحانه لما توعد العاصي بالمعاقبة بها جعلها في الشاهد تذكرة كالنار التي جعلها سبحانه مع ما فيها من النفع تذكرة للمزجورين بها.
ومنها أن العاقل إذا علم بأول رتبة وجوب التحرز من هذه المؤذيات فلأن يتحرز من الضرر العظيم بالعقاب بالطاعة أولي.
والوجه فيما خلقه سبحانه من شجر ونبات وبر وبحر وسهل وجبل و حيوان لا يظهر فيه وجه الانتفاع، أنه لا شئ منه إلا ويصح الانتفاع به، ويصح
(1) في بعض النسخ هكذا: الفزع.
(2) فيما ظ.
(3) كون طريق، ظ.
(4) زدنا هذا العنوان لتمتاز هذه عما قبلها.
(٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (26)، البعث، الإنبعاث (52)، الربا (26)، الخمس (26)، الوجوب (26)

في الآلام والأعواض والأرزاق والأسعار والآجال

أن يكون لطفا لبعض مكلفي البشر أو الجن أو الملائكة، إذ كان اللطف يختص جنسا بعينه.
[الكلام في الآلام والأعواض والأرزاق والأسعار والآجال] (1) والوجه في إيلام الأطفال والحمل علي البهائم وذبح الحيوان واستخدام الرقيق، ما في ذلك من الاحسان إلي المكلفين بالانتفاع بما يصح ذلك فيه، و يجوز أن ينضم إليه أن يكون لطفا، وما لا يقع فيه من إيلام الأطفال، الوجه فيه كونه لطفا للمكلفين، ولكل مؤلم من هؤلاء الأحياء عوض عظيم علي إيلامه يخرجه عن صفته إلي خير الاحسان كتعويض الملدوغ بالأبرة الضياع النفيسة والأموال العظيمة، فيخرج إيلامهم بالغرض (2) عن قبيل العبث، وبالعوض عن صفة الظلم (3) وقلنا ذلك، لأن فعل هذه الآلام بغير عوض ظلم، و بمجرد العوض عبث، ولا يجوزان عليه سبحانه. وقلنا بتعاظم المستحق من العوض لعلمنا بحسن هذه الآلام، ولو كان مقابلا لها لم يحسن كالظلم الذي قد علمنا استحقاق العوض به مع ثبوت قبحه من حيث كان عوضه مقابلا له من غير زيادة.
والوجه في الغني والصحة وحسن الصورة ووجود الأولاد وطول العمر والخصب، كون ذلك إحسانا لا شبهة فيه، ولا يلزمه عمومه من حيث كان المحسن مخيرا في التعميم والتخصيص غير ملوم علي أحدهما، ويجوز أن يكون فيه لطف للمفعول به أو لغيره.
(1) زدنا هذا العنوان لتمتاز هذه المسألة عما قبلها.
(2) بالعوض.
(3) في بعض النسخ هكذا: وبالصفة عن صفة الظلم.
(٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: مسألة الحسن والقبح (26)، النهي (26)، البعث، الإنبعاث (52)، الجهل (26)، الجواز (52)، الوجوب (26)، النبي إبراهيم (ع) (52)
والوجه في الفقر والمرض وقبح الصورة وإماتة الأولاد والأحباب وقصر العمر والجدب، كونه صالحا في الدين للمتعلق به أو لغيره، لأنا نعلم أن الحكيم فيما بينا قد يستصلح من يلي عليه تارة بالنفع وتارة بالضرر، و حالة بالمسرة وأخري بالغم، وعليه عوض متي كان لطفا لغير المؤلم، ولا عوض عليه متي أختص صلاحه به ولا بدل منه من المنافع، لأن كونه لطفا له في فعل الواجب واجتناب القبيح الموصلين إلي الثواب كاف في الغرض ومغن عن العوض، لكون النفع بالثواب أعظم من العوض.
والوجه في تمكين الظالم مع القدرة علي منعه أنه سبحانه مكنه ليعدل فظلم، لأن القدرة علي الانصاف قدرة علي الظلم (1) ومنعه من الظلم ينافي التكليف، وتخليته لا يقتضي الرضا بظلمه، لكونه سبحانه كارها للقبيح وقادرا علي الانتصاف وعالما بأنه سيفعله.
ولذلك قلنا إنه لا يجوز أن يمكن من الظلم إلا من يمكن الانتصاف منه باستحقاق أعواض يقابل ما يستحق عليه المظلوم، أو بأن يتكفل عنه العوض علي ظلمه، لأنه سبحانه علي الوجه الأول عادل علي الظالم ومنتصف للمظلوم، وعلي الوجه الثاني منتصف للمظلوم ومحسن إلي الظالم.
وليس لأحد أن يقول: فقد يقع الفساد علي كثير مما بينتم كونه صلاحا، لأن كثيرا من ذلك قد يحصل لا من قبله تعالي كالغني من مكاسب محرمة، و الفقر لتفريط الفقير مما يكتسبه من المال أو في وجه التكسب أو لتعدي بعض الظالمين عليه بأخذ ماله أو منعه من الاكتساب، وإذا خلصت إضافة الغني والفقر إليه تعالي لم يقدح ما ذكروه في كونه صلاحا، لأن اللطف داع ومقرب إلي
(1) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر هكذا: قدرة علي ما سلف، ولعل الصحيح: قدرة علي الظلم علي ما سلف.
(٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الزنا (26)، الظلم (26)، الظنّ (52)، البعث، الإنبعاث (52)، المنع (26)، الصّلاة (26)، الربا (26)
الحسن ومبعد عن القبيح وليس بملج [بملجئ] فسقط السؤال، ويصح أن يكون تأثيرهما تقليل القبيح وتكثير الواجب دون رفع (1) سائر القبيح وحصول جميع الحسن، ولا شبهة في وجوب ما له هذه الصفة، وما قرب وبعد يجب كوجوب ما اقتضي ارتفاع جميع القبيح وحصول كل حسن، ولتعذر العلم بعين من كانت هذه الأفعال لطفا له قطعا فتعذر لذلك العلم بتأثيرهما وانتفائه.
وعلي هذا يجري القول في جميع ما عددناه ولا وجه للتكرير بتفصيله.
وطريق العلم بكونه من فعله سبحانه هو أن يكون ما وصل إليه الغني من الأموال أو الضياع أو المماليك علي وجه يسوغ له ولا يحسن منعه منه فلذلك [فذلك ظ] المال من رزقه تعالي والتمليك من قبله، لأنه وصل إليه بإقداره وتمكينه وإذنه، وما يقبح التصرف فيه من الأموال وغيرها ويحسن المنع منه فليس برزق منه تعالي ولا يحسن اضافته إليه لقبحه واستحقاق الواصل إليه الذم والعقاب، وما هذه حاله لا يصح وصفه بأنه رزقه، لأنه تعالي تمدح بكونه رازقا، ومدح علي الانفاق مما رزق، وأباحه، فقال سبحانه في التمدح:
" إن الله هو الرزاق " (2) " هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء و الأرض " (3) " أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه " (4).
وقال في المدح: " ومما رزقناهم ينفقون " (5).
(1) دفع.
(2) سورة الذاريات، الآية: 58 (3) سورة الفاطر، الآية: 3 (4) سورة الملك، الآية: 21 (5) سورة البقرة الآية: 3
(٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: مبعث النبي صلي الله عليه وآله (26)، الأنبياء (ع) (26)، الجواز (52)، السهو (26)
وقال في الإباحة: " كلوا من طيبات ما رزقناكم " (1) " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " (2) " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله " (3)، وذلك مانع من كون الحرام رزقا، إذ من المحال أن يكون ما تمدح سبحانه بفعله ومدح علي التصرف فيه وأباح تناوله، وهو (4) ما كرههه ونهي عنه وتوعد عليه وتبعد عقلا وسمعا بالمنع من التصرف فيه، وكل شئ يوصف بأنه رزق يوصف بأنه ملك وما لا يوصف بأنه رزق لا يصح أن يوصف بملك، لا يصح أن يقال فلان مالك لكذا مع العلم بأنه غاصب له، وإنما يوصف بملك ما يصح أن يتصرف فيه من غير منع وذلك معني الرزق.
والرخص من قبله تعالي إذا كانت أسبابه من فعله تعالي بتكثير الغلات أو الثمار أو إماتة الخلق أو تقليل شهواتهم إلي المبيع، لاختصاص هذه الأمور به تعالي فإذا وقع الرخص لهذه الوجوه فهو إحسان منه تعالي، ويجوز أن يكون لطف للمحسن إليهم أو لغيرهم، وإن كان سببه تسعير الظالم وجبر أرباب السلع علي بيعها بيسير الثمن فالرخص مضاف إلي فعل أسبابه، وهو قبيح لإسناده إلي تعدي المتغلب علي ذوي الأملاك، وإن كان سببه إخراج ما يملكه من الغلات وغيرها إلي أسواق المسلمين، وأخذ المحتكرين بذلك فكثرت لذلك فحصل الرخص فهو مضاف إليه وهو حسن يستحق فيه الشكر بكونه إحسانا.
وإنما يكون الغلاء من قبله إذا كانت أسبابه من فعله سبحانه بمنع الغيث
(1) سورة طه، الآية: 81 (2) سورة الأعراف، الآية: 33 (3) سورة الجمعة، الآية: 10.
(4) في جميع النسخ: " وهو " والظاهر زيادة الواو.
(٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، التصديق (78)، البعث، الإنبعاث (26)، الوجوب (26)
وحصول الجدب لذلك (1) إهلاكه الغلات أو الثمار ببعض الآفات أو تكثير الخلق أو تقليل شهواتهم إلي المنهيات، لاختصاص هذه الأمور به سبحانه دون خلقه، فلا شبهة في كون هذه الغلاء لطفا أو عقابا، وإن كان سبب الغلاء احتكار الظلمة الأقوات وغيرها أو منع المسافرة أو جبرهم علي البيع بأعلي السعرين فهو مضاف إلي من فعل أسبابه دونه تعالي، والغلاء علي هذا الوجه قبيح لاستناده إلي وجه قبيح.
وأما الأجل فهو الوقت، يقال: دين مؤجل أي موقت، ومنه قوله تعالي:
" فإذا بلغن أجلهن " (2) أي آخر وقت عدتهن، وإذا صح هذا فأجل الموت وقت حدوثه، وأجل القتل وقت حدوثه، فكما لا يصح أن يقال إن للموت أو القتل الحادث وقتين، كذلك لا يجوز أن يقال أجلان.
فأما الموت فلا يكون إلا من فعله لكونه عبارة عن انتفاء الحياة بغير سبب ظاهر، بل بأحد أمرين مختصين بمقدوره تعالي، إما بأن (3) يفعل سبحانه ضدا للحيوة يسمي موتا متي وجد انتفت الحياة، أو نقض باطن البنية بنفي تأليفها بضد، أو نفي بعض ما يحتاج إليه الحياة من المعاني، أو تكثيره علي الحاجة إليه أو تقليله فتنتفي الحياة، وبخروج محلها عن الصفة التي لا يصح حلولها فيه من دونها، وبهذا يعلم خروج الذات عن كونها حية متي زادت الحرارة أو البرودة أو الرطوبة أو اليبوسة أو نقصت عن مقدار الحاجة كما يعلم انتفاء الحياة بقطع الرأس والتوسط (4)، وكل من هذه الأمور خارج عن مقدور
(1) وإهلاكه. ظ.
(2) سورة الطلاق، الآية: 2 (3) في بعض النسخ هكذا: إما بما يفعل سبحانه ضدا للحيوة.
(4) في بعض النسخ: التوسيط.
(٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة بغداد (26)، الكذب، التكذيب (26)، الصدق (26)، القتل (26)، الجواز (26)
العباد (1).
وأما القتل ففعل القاتل لكونه عبارة عن نقض ظاهر البنية كقطع الرأس أو التوسط أو الجراحة في القتل وتعلق ذلك أجمع بفاعله.
والموت لا يكون إلا حسنا لاختصاص فعله به سبحانه، والقتل قد يكون حسنا إذا كان بأمره وقبيحا إذا عري من إذنه سبحانه.
وقد كان جائزا في مقدوره تعالي أن يعيش من مات أو قتل أكثر مما عاش وأقل منه لولا حدوث الموت أو القتل في الوقت الذي حدثا فيه، لكونه تعالي قادرا علي كل من تبقيته واخترامه علي ما أراد منهما، فمحيل ذلك جاهل بكونه تعالي قادرا علي كل ما يصح كونه مقدورا.
فأما إذا وقع الموت أو القتل في وقت معين قد علم الله سبحانه وقوعه فيه بفعله تعالي أو فعل غيره فلا يجوز أن يقال قد كان جائزا لو لم يمت أو يقتل أن يعيش زمانا آخر أو يخترم قبل ذلك، أو لو لم يقتل لمات أو عاش، لأن وقوع الموت أو القتل في وقت مخصوص يقتضي تقدم العلم به سبحانه (2) والعلم يتعلق بالشئ علي ما هو به فلا يجوز خلافه ولا ارتفاع معلومه.
وكونه تعالي عالما بذلك لا يقتضي وجوب وقوعه به تعالي ولا بغيره ولا عذر للظالم فيه، لأن العلم كاشف عن كون المعلوم علي ما هو عليه وليس بجاهل (3) له كذلك ولا موجب.
ألا تري أن علمنا بكون زيد مؤمنا أو عمرو كافرا وهذا الشخص بشرا
(1) في بعض النسخ: مقدر العباد.
(2) تقدم علمه سبحانه به. ظ.
(3) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: بجاعل له.
(٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الخوارج (26)، الكذب، التكذيب (26)، التصديق (26)، الكرم، الكرامة (52)، المنع (26)، الجواز (26)، مدرسة المعتزلة (26)، علي بن إسماعيل (26)، الحسين بن محمد (26)، الموت (52)، الوفاة (52)

الوجه في بعثة الرسل بالشرائع

وهذا فرسا وهذا حملا (1) وهذا حيا ليس بموجب لكون هذه المعلومات علي الصفة التي تعلق العلم بها، بل بعضها بإيثار المكلف والبعض الآخر بفعله تعالي، كشف العلم بها للعالم ما هي عليه في أنفسها، وإن استحال أن يكون الكافر في حال كفره مؤمنا والمؤمن كافرا والانسان في حال تعلق العلم به فرسا والفرس إنسانا والحي جمادا والجماد حيا، لأن متعلق (2) العلم يقتضي كون معلومه علي ما تعلق به، وبهذا الحكم فارق سائر الاعتقادات.
[الوجه في بعثة الرسل بالشرائع] (3) والوجه في بعثة الرسل بالشرائع كونها بيانا لمصالح المبعوث إليهم من مفاسدهم، وقد بينا وجوب ما له هذه الصفة، لكونها لطفا من حيث كان [اللطف] لا يختص شيئا معينا، فغير ممتنع أن يعلم سبحانه أن من جنس أفعال المكلفين أو بعضهم ما إذا فعلوه دعا إلي الواجب العقلي وصرف عن القبيح، وما إذا فعلوه أو اجتنبوه دعا إلي القبيح وصرف عن الواجب، وما إذا فعلوه أو اجتنبوه دعا إلي المندوب.
وإذا علم ذلك وجب في حكمته سبحانه إعلام المكلف به ليفعل ما هو مصلحة له كصلاة الخمس وصوم الشهر، ويجتنب ما هو مفسدة له كالزنا و الربا (4) وشرب الخمر، لكون ذلك واجبا في حق كونه (5) سبحانه مريدا (6)
(1) كذا في النسخ، والظاهر: جمادا.
(2) كذا في النسخ.
(3) هذا العنوان ليس في النسخ.
(4) الريا. كذا في بعض النسخ.
(5) كذا في النسخ.
(6) في بعض النسخ: مزيدا.
(٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: محمد بن عبد الله (26)، الكذب، التكذيب (78)، الصدق (52)، التصديق (26)، الجهل (78)، المنع (26)، الخوف (26)، الجواز (26)
به صلاح المكلف حسب ما قدمناه.
ولا يعترض هذا الوجه ما تهذي به البراهمة (1) من قولهم: إن العاقل غني بعقله عن البعثة، لعلمه به حسن (2) الحسن وقبح القبيح، والبعثة لا يجوز أن تتضمن تقبيح حسن ولا تحسين قبيح فهي عبث.
لاتفاقنا وهم [وإياهم ظ] علي وجوب اللطف في حكمته سبحانه، وأنه لا يختص شيئا معينا، وأنه غير ممتنع أن يكون وجود شجرة في فلاة أو صخرة في جبل لطفا لبعض المكلفين، وذلك مسقط لشبهتهم لجواز تعلق اللطف بأفعال المكلف كتعلقه بالجماد ووجوب بيانه له.
فتسليم اللطف وأنه لا يختص شيئا معينا وإنكار البعثة مناقضة ظاهرة، و المنازعة في اللطف وأحكامه جهل بحكمته سبحانه الذي لا يمكن معه كلام في النبوة ولما يرتفع بالنظر في أدلة عدله سبحانه.
علي أن قسمتهم يقتضيه المعقول (3) إلي قبيح لا يحسن وحسن لا يقبح فاسدة بالضرورة، لعلم كل عاقل بانقسام ما يقتضيه إلي أربعة أقسام:
واجب لا يقبح كالصدق والانصاف، وقبيح لا يحسن كالظلم والكذب، و مندوب لا يقبح كالاحسان وحسن الخلق والأمر بالحسن والنهي عن القبيح، و يجوز أن يجب إذا كان وصلة إلي واجب، ومباح كالأكل والشرب والتصرف في
(1) قيل: سموا براهمة لانتسابهم إلي إبراهيم عليه السلام، وذلك خطأ، فإنهم المخصوصون بنفي النبوات أصلا فكيف يقولون بإبراهيم عليه السلام، وقيل لانتسابهم إلي رجل يقال له براهم وقد مهد لهم نفي النبوات أصلا. راجع الملل والنحل للشهرستاني.
(2) لعمله بحسن الحسن، كذا في بعض النسخ.
(3) كذا في بعض النسخ، ولعل الصحيح هكذا: ما يقتضيه العقول.
(٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (130)، سورة الإسراء (26)، سورة يونس (26)، سورة هود (26)
الجهات المعلوم حسنه متي علم العاقل أو ظن كونه وصلة إلي حسن، ووجوبه متي كان وصلة إلي واجب وقبحه متي كان وصلة إلي قبيح.
وإذا كان هذا متقررا في العقول وعلم بإخبار الرسل عليهم السلام عن علام الغيوب سبحانه كون المندوب العقلي وبعض المباح داعيا إلي الواجب العقلي وجب وكون بعض المباح داعيا إلي القبيح قبح، وكون بعض آخر داعيا إلي المندوب العقلي علم كونه مسنونا، كما تكون هذه حاله مع الظن.
وهذا قاض بفساد معتمدهم وموجب للقول (1) بحسن البعثة ووجوبها متي كانت بيانا لما لا سبيل إلي بيانه إلا من قبلها لوقوف ذلك علي علم مرسل الرسل سبحانه.
وبعد فلو لم يكن في العقول إلا واجب وقبيح لم يمنع ذلك من حسن البعثة بالترغيب فيه وتقوية الدواعي إليه والزجر عن القبيح وتوفير الصوارف عنه ببيان المستحق علي ذلك من الثواب والعقاب وكيفيتهما وصفة وفعلهما و مبلغهما والحال التي يفعلان فيها إذا كان العلم بذلك غير مستدرك بالعقل.
وبهذا يسقط أيضا ما يتجاهلون به من دعواهم أن الأنبياء جاءت بما يقبح في العقول من الشرائع، لأن ما جاؤوا به من صلاة وزكاة وصوم وجهاد و اجتناب الزنا والريا [الربا] والخمر وغير ذلك من العبادات والقبائح لا يجري في القبح مجري الظلم والكذب بغير شبهة، وإنما يقبح إذا خلت من غرض مثله أو كان الغرض به قبيحا، والشرائع خارجة عن الوجهين لعلمنا بكونها داعية وصارفة إلي ما يستحق به الثواب ويتحرز له [عنه ظ] من العقاب بقول من ثبت صدقه علي العالم بذلك سبحانه، وثبوت كونها كذلك يخرجها من باب العبث ويوجب كون الغرض بها حكمة كسائر الأفعال والتروك الجارية هذا
(1) في بعض النسخ: للعقول.
(٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (104)، الباطل، الإبطال (26)، الجهل (26)

في لزوم عصمة الأنبياء

المجري في الشاهد.
ومن حق المبعوث أن يكون معصوما فيما يؤديه من المصالح والمفاسد من حيث كان تجويز الخطأ عليه في شئ من ذلك عن سهو أو عمد ترفع الثقة بشئ مما جاء به، ويمنع من امتثاله، لوقوف الامتثال علي علم المكلف كون ما أمر به صلاحا وما نهي عنه فسادا، وتجويز الخطأ عليه يرفع الثقة بشئ مما أتي به، فوجب لذلك القطع علي عصمته فيما يؤديه، ولهذا الاعتبار أجمع المسلمون علي عصمة الأنبياء عليهم السلام في الأداء، لعلمهم بأن تجويز الخطاء فيه يسقط فرض الشرائع فعلا وتركا.
ومن حقه أن يكون معصوما من جميع القبائح صغائرها وكبائرها، لأن تجويز القبيح عليه يقتضي التنفير عنه، لأن من علم مواقعا للقبيح أو جوز عليه ذلك تنفر النفوس عن اتباعه ولا تسكن إليه سكونها إلي من لا يجوز منه القبيح، إذا كان الغرض في بعثة النبي صلي الله عليه وآله العمل بما يأتي به وكان ذلك فرعا لصدقه الموقوف علي النظر في معجزة المتعلق بحصول داع إليه وجب تنزيهه عن كل شئ نفر عنه.
ولهذا الاعتبار نزهه الكل الفظاظة والغلظة والجنون والجذام والبرص وإن كان ذلك حسنا، من حيث كان مقتضيا للتنفير عنه، وله وجب تنزيهه عن كفر الآباء وخساستهم في الناس وعهر الأزواج من حيث كان المرء يعير بكفر آبائه وخساستهم وأن رتبة من تسأله الفضلاء الأبرار في النفوس بخلاف رتبة من تسأله الفجار وذوو الدنائة.
ولذلك نجد العقلاء يتمدحون بفضل آبائهم وعلو قدرهم ويذمون من تسأله الأراذل ويصغرون به وإن كان فاضلا، وكذلك الحكم في عهر الأزواج وكونه غاضا من قدر أزواجهن بغير شبهة، وإذا وجب تنزيههم عليهم السلام من كل
(٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، القرآن الكريم (78)، الحج (26)، الظنّ (26)، الحرب (78)، المنع (26)

الطريق إلي معرفة صدق المدعي للنبوة

منفر وإن كان حسنا فأولي بالتنزيه المنفر القبيح.
وأيضا فإن النبي صلي الله عليه وآله يستحق التعظيم علي الإطلاق والاستخفاف به كفر، ولو كان ممن يصح منه القبيح لوجه، توجه الاستخفاف إليه متي أوقعه، وكونه مستحقا لمطلق التعظيم مانع من ذلك، فاقتضي هذا الاعتبار أن لا يبعث الله تعالي من يعلم من حاله إيثار شئ من القبيح، لقبح تحريم الاستخفاف والحكم بكفر فاعله مع وجوب فعله.
ولا طريق إلي معرفته إلا ظهور المعجز عليه، أو نص من علم صدقه عليه، لتعلق دعوته بما لا يعلمه إلا القديم سبحانه، فيجب وقوف تصديقه عليه سبحانه، ولا أمر يصح كونه برهانا من قبله تعالي علي صدقه إلا فعل مختص بمقدوره تعالي ينوب مناب قوله تعالي: صدق هذا علي فيما يؤديه عني، مختص بدعوته أو دعوة من نص علي نبوته، إذ لا فرق في تصديق من ادعي الإرسال من بعض الملوك الحكماء بين أن يقول: صدق هذا المدعي، أو يفعل ما يجعله دلالة علي صدقه مما لم تجر عادته به، وكذلك حكم النص المدلول علي صدقه في كونه نائبا مناب التصديق بنفس القول أو الفعل الخارق للعادة.
ويفتقر المعجز الدال علي صدق المدعي إلي شروط ثلاثة: أحدها أن يكون خارقا للعادة، وثانيها أن يكون مختصا بمقدوراته سبحانه، وثالثها أن يكون متعلقا بدعواه.
واعتبرنا الشرط الأول، لأن المعتاد وإن كان مختصا به سبحانه كخلق الولد عند الوطي ونبات الحب عند الحرث والسقي وطلوع الشمس من المشرق، لا يقف علي مدع ولا يميز صادقا من كاذب، ومن شرط المعجز الإبانة وطريق ذلك اعتبار ما جرت العادة به وكون الحادث خارجا عنها، كفلق البحر وحمل الجبل وقلب العصا حية.
(٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الموت (26)، المنع (52)، الحرب (104)، سورة البقرة (26)

المعجز الدال علي صدق المدعي للنبوة وشرائطه

منفر وإن كان حسنا فأولي بالتنزيه المنفر القبيح.
وأيضا فإن النبي صلي الله عليه وآله يستحق التعظيم علي الإطلاق والاستخفاف به كفر، ولو كان ممن يصح منه القبيح لوجه، توجه الاستخفاف إليه متي أوقعه، وكونه مستحقا لمطلق التعظيم مانع من ذلك، فاقتضي هذا الاعتبار أن لا يبعث الله تعالي من يعلم من حاله إيثار شئ من القبيح، لقبح تحريم الاستخفاف والحكم بكفر فاعله مع وجوب فعله.
ولا طريق إلي معرفته إلا ظهور المعجز عليه، أو نص من علم صدقه عليه، لتعلق دعوته بما لا يعلمه إلا القديم سبحانه، فيجب وقوف تصديقه عليه سبحانه، ولا أمر يصح كونه برهانا من قبله تعالي علي صدقه إلا فعل مختص بمقدوره تعالي ينوب مناب قوله تعالي: صدق هذا علي فيما يؤديه عني، مختص بدعوته أو دعوة من نص علي نبوته، إذ لا فرق في تصديق من ادعي الإرسال من بعض الملوك الحكماء بين أن يقول: صدق هذا المدعي، أو يفعل ما يجعله دلالة علي صدقه مما لم تجر عادته به، وكذلك حكم النص المدلول علي صدقه في كونه نائبا مناب التصديق بنفس القول أو الفعل الخارق للعادة.
ويفتقر المعجز الدال علي صدق المدعي إلي شروط ثلاثة: أحدها أن يكون خارقا للعادة، وثانيها أن يكون مختصا بمقدوراته سبحانه، وثالثها أن يكون متعلقا بدعواه.
واعتبرنا الشرط الأول، لأن المعتاد وإن كان مختصا به سبحانه كخلق الولد عند الوطي ونبات الحب عند الحرث والسقي وطلوع الشمس من المشرق، لا يقف علي مدع ولا يميز صادقا من كاذب، ومن شرط المعجز الإبانة وطريق ذلك اعتبار ما جرت العادة به وكون الحادث خارجا عنها، كفلق البحر وحمل الجبل وقلب العصا حية.
(٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الموت (26)، المنع (52)، الحرب (104)، سورة البقرة (26)

طريق العلم بالمعجز

واعتبرنا الشرط الثاني، لأن من عداه سبحانه يصح منه إيثار القبيح فلا يؤمن منه تصديق الكذاب وبعثة الصادق بالمفاسد، وذلك مانع من اتباع الداعي، وطريق العلم بذلك أن يكون الخارق للعادة مما يختص جنسه بمقدوره كالجواهر والحياة وغيرهما.
واعتبرنا الشرط الثالث لأنه لو تكامل الشرطان ولم يتعلق الحادث بدعوة مدع معين لم يكن مدع بالتصديق أولي من مدع، من حيث علمنا أنه لو حدث في السماء أو في الأرض حادث لم تجر العادة به مما يختص القديم سبحانه بالقدرة عليه غير متعلق بدعوة مدع، لم يصح من أحد أن يجعله دلالة لعدم التعلق بينه وبين كل مدع.
وطريق العلم بالمعجزة المشاهدة، والخبر المعلوم صحته، لاستناده إلي قول صادق لا يجوز كذبه أو تواتر، وهو علي ضربين:
أحدهما: بسبق العلم بمخبره لحال النظر في صفات ناقله (1) كوجود بغداد والبصرة ووجود بدر وحنين وصفين والجمل، وما هذه حاله يجري مجري العلم الحاصل بالمدرك في البعد عن الشبهة، وإن اختلف الطريقان.
والضرب الثاني: من التواتر هو ما يقف العلم به علي العلم بصدق ناقليه وإنما يعلم صدقهم لتعذر الكذب عليهم، وإنما يعلم ذلك من واحد وجهين:
أحدهما: بشاهد الحال كالجماعة التي تنقل ركوب الأمير أو قتل الوزير علي صفة لا يصلح معها اتفاق ولا تواطؤ، وهذا الضرب من التواتر لا يفتقر إلي بلوغ الناقلين حدا متواترة (2) من الكثرة وتنائي الديار، بل كل من تأمله علم صحة المخبر عنه وإن لم يبلغوا عشرة.
(1) العبارة ناقصة ظاهرا.
(2) كذا في بعض النسخ. ولعل الصحيح: حده أو حد التواتر.
(٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (52)، خيبر (26)، مسجد الحرام (26)، القرآن الكريم (52)، التصديق (26)، سورة الفتح (26)، سورة الروم (26)، سورة القمر (26)
الثاني: أن يبلغوا حدا (1) من الكثرة واختلاف الدواعي وتنائي الديار ينقلون لفظا واحدا عن معروف غير ملتبس كنقل الناقلين من المسلمين معجزات نبينا صلي الله عليه وآله ومن الشيعة النص الجلي، من حيث علمنا أن مثل هذين الفريقين مع ما نجد كل فريق منها عليه من الكثرة وتنائي الديار وتباين الأغراض لا يصح فيهم افتعال لفظ واحد علي جهة الاتفاق، كما لا يصح لكل شاعر من إقليم واحد أن ينتظم بيتا من الشعر فيتفق لكل شاعر فيه، والتواطؤ بالاجتماع في مكان واحد فرع لثبوت التعارف بينهم وقد علم ارتفاعه (2) ممن ذكرناه من ناقلي الفريقين، ولو وقع لارتفع الريب فيه، لأن أهل البلاد المتباعدة وذوي الأغراض المتبانية إذا رحلوا من أماكنهم إلي مكان واحد ليبرموا أمرا لم يخف ذلك من حالهم علي أحد عني بالأخبار.
وكثرة هؤلاء الناقلين بعد قلة يجوز منهم لها الافتعال يمنع منه سببان:
أحدهما: أن النقل الذي بينا صدق ناقله يتضمن أمرين. أحدهما لفظ الخبر، والثاني صفة المنقول عنه، فما له آمنا الكذب في أحد الأمرين يجب أن نأمنه في الآخرة.
والثاني: عدم العلم بأعيان مفتعله وزمانه كالعلم بابتداء الخوارج والقول بالمنزلة بين المنزلتين، ونحلة النجار والأشعري وابن كرام (3).
(1) حده. ظ.
(2) في بعض النسخ: انتفاؤه.
(3) النجارية أصحاب الحسين بن محمد النجار، وأكثر معتزلة الري وما حواليها علي مذهبه، وقد مات في حدود سنة 230.
والأشعرية أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، توفي سنة 334 والكرامية أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام، مات سنة 255.
وأول من قال بالمنزلة بين المنزلتين هو واصل بن عطا المتوفي 131 وتابعه علي ذلك عمرو بن عبيد المتوفي 144. راجع الملل والنحل للشهرستاني.
(٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (52)، التصديق (52)، الطعام (52)، الصدق (52)، الشهادة (26)، الجواز (26)
فمتي عري النقل من الأوصاف المذكورة التي يصح معها الكذب والصدق ثبت صدق الناقلين، وإن كان الأمر بخلاف ذلك تعذر العلم بصدق الناقلين ووجب الحكم علي خبرهم بكونه واحدا يصح دخول الصدق والكذب فيه وإن كثر الناقلون، فإن كانوا ينقلون عن طبقة أخري وجب أن يثبت لها ما ثبت لهذه من الصفة التي يتعذر معها الكذب، ثم هكذا حال كل طبقة تنقل عن أخري قلوا أم كثروا، وذلك فرع العلم بأعيان الأزمنة المتصلة (1) بالمنقول حلله (2) كل زمان فيه ناقلون لا يجوز عليهم الكذب. وقلنا ذلك لأن الجهل بالزمان يقتضي الجهل بمن فيه، والعلم بالزمان مع الجهل بمن فيه و (3) من أعيان الناقلين يمنع من القطع باتصال الطبقات في النقل وتجويز انقطاعه يرفع الثقة بصحته.
فمتي علم ظهور المعجز علي يد مدعي الإرسال من أحد الطرق المذكورة وجب النظر فيه لحصول الخوف الشديد بتركه، ومتي يفعل مكلف النظر فيه ما يجب عليه منه بشروطه ينكشف له حال الصادق المصدق من الكاذب المخرق (4) ولا طريق إلي نبوة أحد من الأنبياء إلا من جهة نبينا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلي الله عليه وآله لانسداد طريق العلم باتصال أعيان الأزمنة مشتملة علي متواترين بمعجزاتهم من الآن و (5) إلي حين دعوتهم، وتعذر العلم بصحتها من دون ذلك حسب ما
(1) في بعض النسخ: الأزمنة المتعلقة بالمنقول.
(2) كذا في أكثر النسخ، وفي بعضها: كما حلله، ولم نهتد إلي صحيحه.
(3) الظاهر زيادة الواو.
(4) كذا في بعض النسخ.
(5) كذا في السنخ، والظاهر زيادة الواو.
(٧١)
صفحهمفاتيح البحث: النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (26)، الأنبياء (ع) (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، القرآن الكريم (26)، الشهادة (26)، اليهود، اليهودي (26)، الجهل (26)

من وجوه إعجاز القرآن الصرفة

دللنا عليه.
وهذا برهان واضح علي سقوط فرض العمل بشرائعهم، إذ لو كان تكليفا (1) ثابتا لوجب أن يكون لمكلفها 2 طريق إلي العلم بها، لقبح تكليف العمل مع تعذر العلم به.
والدلالة علي نبوته صلي الله عليه وآله من وجهين: أحدهما القرآن المعلوم ضرورة اختصاصه به، والآخر المعجزات الخارجة عنه.
والقرآن دال علي نبوته صلي الله عليه وآله من وجوه:
منها: حصول العلم بتحديه الفصحاء، وتقريعهم بالعجز عن الاتيان بمثله بقوله تعالي: " فأتوا بعشر سور مثله " (2)، ثم اقتصر علي واحدة فقال سبحانه:
" فأتوا بسورة من مثله " (3)، ثم قطع علي معينهم بتعذره فقال: " قل لئن اجتمعت الإنس والجن علي أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " (4) وهذا منه مع ما ضم إليه من المناقشة في رتبة الفصاحة ونظم كلمها ودعوي الرئاسة وتضليلهم وآبائهم ووعدهم ووعيدهم عاجلا وآجلا يقتضي توفير دواعيهم إلي معارضته إلي حد لم يبق لهم صارف عنها، فلما لم يحصل والحال هذه، ثبت كون القرآن خارقا للعادة من فعله تعالي عقيب دعواه صلي الله عليه وآله، فاقتضي ذلك كونه صادقا فيها.
وإنما قلنا إن خرق العادة بالقرآن مختص به تعالي، لأنه لا يخلو أن يكون تعذر المعارضة لأنه خرق العادة، أو نظمه، أو بمجموعهما، أو لتعذر جنسه،
(1) في بعض النسخ هكذا: تكليفها.
(2) سورة هود، الآية: 13.
(3) سورة يونس، الآية: 38.
(4) سورة الإسراء، الآية: 88.
(٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: محمد بن عبد الله (26)، القرآن الكريم (26)، الشكر (26)، الشهادة (26)، اليهود، اليهودي (52)، الجنابة (26)، الشيخ الطوسي (26)
أو لأن الله تعالي سلبهم العادة [العلوم ظ] التي يتأتي معها المعارضة.
والأول، ظاهر الفساد من حيث كنا وكل عارف برتب الكلام في الفصاحة يعلم فرق ما بين شعر الجاهلية وشعر المحدثين في زماننا هذا في الفصاحة علي وجه لا لبس فيه، ولا يحصل لنا مثل هذا الفرق بين قصاري سور القرآن و فصيح كلام العرب، ولو كان خارقا للعادة بفصاحة لوجب أن يكون الفرق بينه وبين فصيح الكلام أضعاف الفرق الحاصل بين شعر المتقدمين والمتأخرين لكون هذا معتادا وذلك معجز، وفي تعذر هذا الفرق دليل علي خروج فصاحته عن جهة الاعجاز.
والثاني، مقدور لكل أحد من حيث علمنا ارتفاع التفاوت في النظم بصحة وقوعه بركيك الكلام أو فصيحه من كل عاقل.
والثالث، مقدور لأنا إذا علمنا كون الفصاحة والنظم مقدورين علي الانفراد صح من القادر عليهما الجمع بينهما.
والرابع، ظاهر البطلان لأن القرآن من نوع الكلام، والكلام من جنس الصوت، والصوت مقدور لكل محدث بغير شبهة، وصحة وقوعه علي كل وجه من ضروب الكلام، توضح (1) ذلك صحة النطق من كل قادر علي الكلام بجميع ضروب (2) المماثلة لصيغة القرآن وغيرها، ولو كان القرآن متعذر الجنس لم يصح منا حكايته كما لا يصح منا حكاية شئ من الأجناس الخارجة عن مقدورنا كالجواهر والحياة والقدر وغيرها.
فلم يبق لتعذر معارضته مع خلوص الدواعي إليها والقدرة عليها إلا أن
(1) توضيح ذلك، كذا في بعض النسخ.
(2) ضروبه. ظ.
(٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (26)، الظنّ (26)، النهي (78)، الأكل (52)، الجواز (26)
الله تعالي سلبهم العلوم التي تصح معها المعارضة في كل حال تعاطوها (1).
وليس لأحد أن يدعي حصول معارضة مع (2) الاسلام من ظهورها لأن السلطان كالعرب (3) المتحدين (4) بالقرآن دون النبي صلي الله عليه وآله، فلو كان هناك معارضة لوجب بقضية العادة ظهورها في سائر الأقاليم علي وجه لا يصح استتارها فيما بعد، لا سيما وسلطان الاسلام لم يظهر حين ظهر وإلي الآن علي جميع الكفار، بل كثير من الممالك المخالفة فيه باقية إلي هذا الزمان، فلو كان هناك معارضة لوجب علي أقل الأحوال ظهورها في ممالك أهل الخلاف.
وبعد فلو كان هناك معارضة لوجب أن تكون هي الحجة والقرآن هو الشبهة وذلك يوجب في حكمته تعالي توفير الدواعي إلي نقلها وشياعها ليحصل لكل مكلف مدعو إلي الاسلام طريق إلي العلم بها ليفرق بين الدليل (5) والشبهة، وفي عدم الظن بها فضلا عن العلم دليل واضح علي عدمها.
وليس لأحد أن يقول: إنما لم يعارضوا لأنهم رأوا أن الحرب أحسم لمادة هذا المدعي. لأن الحرب لا حجة فيها لو اقترنت بالظفر، وفيها عظيم المشقة وكبير الخطر، والمعارضة بعيدة من ذلك وفيها الحجة، والعاقل لا يعدل عن الأسهل وفيه الحجة، إلي الخطر الأعظم مع تعريه منها، وليست قريش وغيرها من عقلاء العرب المتحدين بالقرآن بهذه الصفة من السفه والغفلة.
وبعد فقد كان ينبغي لما حربوا الحرب، فلم يبلغوا بها طائلا بل نهكهم
(1) في بعض النسخ: تواطؤها.
(2) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: منع.
(3) كذا في السنخ ولعل الصحيح: كان للعرب.
(4) في السنخ: المتخذين، والظاهر أنه تصحيف.
(5) في جميع النسخ:.
(٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: النهي (26)، الجهل (26)، الجواز (52)

سائر وجوه إعجاز القرآن

واصطلت (1) أماثلهم، أن يرجعوا إلي المعارضة.
وأيضا فإن الحرب لم تحصل إلا بعد مضي أزمان تصح في بعضها المعارضة علي أن المعلوم من حال القوم تعرضهم لها وقصورهم عنها وتصريحهم [تخريصهم ظ] لما عجزوا بأن النبي صلي الله عليه وآله ساحر وكاهن، وأن الجن تلقي إليه هذا الكلام، فزال بهذا اللبس عن كل متأمل بعجزهم عن المعارضة، وأنهم إنما عدلوا إلي هذا التحريص (2) المقترن بالحرب، لما أعيتهم الحيل، فعل السفيه المنقطع العاجز عن مماثلة خصمه، لأنا نعلم أن من تحدي أهل صناعة بشئ منها وقرعهم (3) بالعجز عن مماثلته، فعدلوا بعد التأمل لما أتي به إلي شتمه وضربه، أنهم عاجزون عنها مستحقون اللوم والتوبيخ من كافة العقلاء.
وليس لهم أن يقولوا إنه صلي الله عليه وآله شغلهم بالحرب عن المعارضة لأن الحرب لم تحصل إلا بعد مضي أزمان يصح في بعضها المعارضة لو كانت مقدورة.
وأيضا فإن الحرب لم تكن مستمرة في الأزمان فألا عارضوا في الزمان الخالي منها.
وأيضا فإن الحرب لم يمنع من الروية والفكر لإيقاع الكلام الفصيح علي الوجه المعارض بغير إشكال.
ومن وجوه الاعجاز قوله تعالي: " فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا " (4) فقطع سبحانه مخبرا علي أنهم لا يتمنونه إخبار قادر علي منعهم منه متي أرادوا النطق به، فكان كما أخبر سبحانه، وذلك مختص بمقدوره تعالي
(1) كذا في السنخ.
(2) كذا في السنخ. والظاهر: التخريص.
(3) في جميع النسخ: وقوعهم، والظاهر ما أثبتناه.
(4) سورة البقرة الآية: 95 - 94.
(٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (26)، شهر رجب المرجب (52)، الصيام، الصوم (26)، الصّلاة (156)

سائر معجزات نبينا صلي الله عليه وآله

علي جهة خرق العادة عقيب الدعوي فدل علي صدق المدعي، وهو جار مجري من ادعي الإرسال إلي قوم قادرين علي ضروب الكلام وجعل الدلالة علي صدقه تعذر النطق منهم بكلام مخصوص مقدور لهم في أن تعذر ذلك من أوضح برهان علي تخصيص سلب القدرة عليه بالقديم سبحانه.
ومنها: أخباره تعالي بحوادث مستقبلة فوقعت مطابقة لخبره كقوله تعالي:
" لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون، فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا " (1) فكان الأمر كما أخبر سبحانه من الفتح القريب قبل فتح مكة، وهو فتح خيبر، ثم تلاه دخول مكة محلقين ومقصرين آمنين.
وقوله سبحانه: " ألم غلبت الروم في أدني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين " (2) فكان الأمر كما أخبر تعالي. وقوله سبحانه: " سيهزم الجمع ويولون الدبر " (3) فكان الأمر كذلك من هزيمة الجمع يوم بدر، إلي غير ذلك من إخبار القرآن بالكائنات (4) المطابقة للمخبر (5) بها. وذلك مختص به تعالي، لوقوف العلم بالغائبات عليه سبحانه.
وأما دلالة المعجزات الخارجة عن القرآن علي نبوته صلي الله عليه وآله فهي انشقاق القمر، ورجوع الشمس، ونبوع الماء من أصابعه، وحنين الجذع، وتسبيح الحصي، وكلام الذئب، وشكوي البعير، وحلب الشاة الحائل، وإحياء الشاة المأكولة
(1) سورة الفتح، الآية: 27.
(2) سورة الروم، الآية: 2 - 1.
(3) سورة القمر، الآية: 45.
(4) كذا في جميع النسخ.
(5) للخبر بها، كذا في النسخ.
(٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (78)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (26)، الصدق (26)، الباطل، الإبطال (26)، الخوف (26)، الوجوب (26)
وإشباع الخلق الكثير بيسير من الطعام، إلي غير ذلك.
فطريق العلم بها المشاهدة لمن حضره، والنقل المتواتر لمن نأي عن داره وتأخر وجوده عن وجوده، لأنا وكل مخالط لأهل الاسلام يعلم ضرورة اتصال الأزمان مشتملة علي جماعات كثيرة معروفة بالنقل شيعة وعامة لا يجوز علي بعضها الكذب لتنائي ديارهم واختلاف دواعيهم كل طبقة تنقل عن طبقة مثلها حتي يتصل النقل بمن شاهد هذه الآيات من الصحابة، وقد بينا سالفا أن وقوع النقل علي هذه الصفة يقتضي صدق الناقلين فيه.
وإنما ثبت ظهور هذه الآيات عقيب دعويه صلي الله عليه وآله واعتبرنا حالها فوجدناها خارجة عن مقدور المحدثين، إما لتعذر جنسها كنبوع الماء من الأصابع، وإشباع الخلق الكثير بيسير الطعام، وحلب الشاة، لكونه مستندا إلي إيجاد الجواهر، وإحياء الشاة المأكولة، لتعلقه بجنس [بحس] الحياة المعلوم بما سلف برهانه تعذر ذلك عن المحدث، أو لوقوعها علي وجه لا يصح تعلقه بمقدور محدث كرد الشمس وانشقاق القمر، وإذا اختصت بمقدوره تعالي مع تعلقها بدعواه صلي الله عليه وآله ثبت كونه دلالة نبوته لتكامل شروط المعجز الدال علي الصدق فيها.
وليس لأحد أن يقدح في ثبوت هذه الآيات وما بيناه من صدق ناقلتها بأن الأمر لو كان كذلك لم يختص نقلها بالدائن بصحتها مع اشتراك الكل في عموم الدعوة وحصول المشاهدة، لأن المعتبر في كون النقل تواترا موجبا للعلم بالمنقول وقوعه علي وجه يتعذر معه الكذب، سواء كان الناقل مؤمنا أو كافرا دائنا بالمنقول أو مخالفا فيه، وهذا الشرط حاصل في نقل المعجزات، فيجب الحكم بصحتها وصدق رواتها وإن كانوا بعض من كلف النظر فيها.
وبعد فالمعلوم من حال مخالفي الاسلام أنهم ليسوا أهل النقل، من أنكر
(٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (26)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (104)،، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، ورسول الله صلي الله عليه وآله، النبي صلي الله عليه وآله">الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (78)
النبوات ومن أقر بها من اليهود والنصاري حسب ما بيناه، ومن ليس من أهل النقل لما يدين به كيف يكون تركه لنقل ما قامت حجته بنقل غيره دلالة علي بطلانه لولا جهل المعترض.
علي أنهم لو كانوا ذوي نقل لم يكن إخلالهم بنقل المعجزات قادحا في ثبوتها من حيث علمنا توفر صوارف المشاهدين [الشاهدين] للآيات منهم إلي كتمانها لما يؤدي إليه ظهورها من فساد دياناتهم المألوفة ورئاساتهم المستقرة، ولا شبهة في ارتفاع ما توفرت الصوارف عنه ولما كتم الأسلاف [السلف] ما شاهدوه للغرض الذي ذكرناه لم يجد إلا خلاف شيئا ينقلوه، فلذلك انقطع نقله منهم.
وبعد فهذا منقلب علي كل من أثبت نبوة، لأنه لا يجد أحدا ممن خالفه فيما يذهب إليه من النبوة ينقل معجزات من يدعي نبوته [نبوة ظ]، لأن البراهمة وغيرها من ضروب الكفار المنكرين للنبوات لم ينقلوا شيئا من معجزات الأنبياء عليهم السلام، واليهود وإن أثبت النبوات فغير ناقلة لمعجزات المسيح عليه السلام وتلاميذه.
فمهما انفصلوا به ممن عارضهم بمثل ما عارضونا به فجوابنا لهم مثله وإذا ثبت نبوة نبينا صلي الله عليه وآله بالبراهين الواضحة وجب القطع علي كونه صلي الله عليه وآله علي الصفات التي يجب كون النبي عليها من العصمة فيما يؤديه، والعصمة من جميع القبائح، وتنزيهه عن كل منفر حسب ما دللنا عليه.
ووجب لذلك القطع بنبوة من أخبر بنبوته علي التفصيل كآدم ونوح وإبراهيم وموسي وعيسي وغيرهم ممن تضمن القرآن ذكره مفصلا، ومجملا في قوله سبحانه: " ورسلا لم نقصصهم عليك " (1) وأن جميعهم بالصفات التي
(1) سورة السناء، الآية: 164.
(٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (52)، الكذب، التكذيب (26)، الباطل، الإبطال (26)، الحج (52)، الضلال (52)، الصدق (26)
يجب كون النبي عليها، وأن اتباعهم والعمل بما جاؤوا به واجب علي كل من كلف ذاك، قبيح ممن نسخ عنه وكلف غيره، وأن الإيمان بهم وبما جاؤوا به إيمان، والشك فيه كفر، وأن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلي الله عليه وآله سيدهم وأفضلهم وخاتمهم الناسخ لشرائعهم ببرهان ما نطق به القرآن وأجمع عليه المسلمون.
وثبوت ذلك يقتضي العمل بما جاء به وقبح ما خالفه من الشرائع، و يوجب الشهادة بنسخها، وكفر الدائن بها من اليهود والنصاري والمجوس و غيرهم من ضروب الكفار بشريعته، لأن قيام الدلالة بقدم فاعل العالم سبحانه وكونه واحدا لا ثاني له يقضي بفساد ما ذهب إليه النصاري والمجوس والصابئون من الشرك، لتدينهم أجمع بإلهية الأجسام المحدثة، ووقوف صحة الثالثة (1) علي فاعل العالم سبحانه إذ كان معني الإله من يحق له العبادة، والعبادة كيفية لشكر نعم لا مزيد عليها، واختصاص هذا الشكر بنعمه تعالي من الحياة وما يتبعها المعلوم انغمار كل نعمة سواه في جنب أحدها (2) واستحالة تعذر (3) نعمة من دونها لكونها أصولا لكل نعمة، وبلوغها أقصي المبالغ.
وقيام الدلالة بنبوته صلي الله عليه وآله، وحكمه بكفر من خالفه، قاض بضلال الدائن بهذه المذاهب أيضا، ويلحق بها مذاهب اليهود.
ونحن نفصل الكلام عليهم وإن كانت هذه الجملة كافية في فساد نحلتهم
(١) كذا في النسخ ولعل الصحيح: التاله. قال الشيخ الطوسي في الاقتصاد: العبادة إنما تستحق بأصول النعم التي هي خلق الخلق وجعله حيا وقادرا وإكمال عقله وخلق الشهوة فيه … وكل ذلك لا يقدر عليه غير الله فيجب أن تقبح عبادته …
(2) في بعض النسخ: أحدهما.
(3) كذا في بعض النسخ والظاهر أنه تصحيف.
(٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (52)، الجواز (26)، الوجوب (52)

حقيقة البداء والنسخ

واليهود ثلاث فرق: فرقة تمنع من نبوة مدعي النسخ لظنها أن النسخ يؤدي إلي البداء، وفرقة تجيز النسخ عقلا ويمنع منه لظنها ثبوت السمع بخطأه، وفرقة يجيز النسخ عقلا وسمعا ويمنع منه لدعواها أنه لم يقم برهان بنبوة أحد ادعي نسخ شرع موسي عليه السلام.
والكلام علي الفرقة الأولي أن نبين حقيقة البداء والنسخ بمحصل [يحصل] العلم بفرقان ما بينهما فيسقط شبهة المماثل بينهما، ثم نبين حسن النسخ فيرتفع الريب بفساد قولهم.
والبداء هو النهي عن نفس ما وقع الأمر به أو الأمر بنفس ما حصل النهي عنه، وإنما يكون كذلك بأن يكون ما تعلق به النهي والأمر واحدا والمأمور والمنهي واحدا والوقت واحدا والوجه واحدا كقول المكلف لشخص معين ألق زيدا عند طلوع الشمس مكرما له ولا يأكل (1) العسل يوم كذا طاعة …
(2) عن لقاء زيد مكرما له قبل طلوع الشمس من غده، ويأمره أو يبيحه أكل العسل قبل ذلك اليوم.
وقلنا إنما (3) جمع هذه الشروط بداء لأنه لا وجه له إلا ظهور وجه الصلاح بعد خفائه، وهو جائز من كل محدث وغير قبيح، لكون جميعهم غير عالم بوجه الصلاح في المستقبل، وإنما يثبتون تكاليفهم علي الظنون التي يجوز إن تحقق، وغير جائز علي القديم سبحانه من وجهين:
أحدهما: أنه يقتضي (4) ما علمنا استحقاقه من كونه عالما لنفسه من حيث
(1) ولا تأكل. كذا في بعض النسخ.
(2) هنا بياض في النسخ، ولعل المحذوف هذه الجملة: ثم نهاه.
(3) في بعض النسخ: إنما ما جمع.
(4) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: نقيض.
(٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (26)، الظلم (52)، الضرر (26)، الوجوب (26)، المنع (26)

رد اليهود وفرقهم الثلاثة

واليهود ثلاث فرق: فرقة تمنع من نبوة مدعي النسخ لظنها أن النسخ يؤدي إلي البداء، وفرقة تجيز النسخ عقلا ويمنع منه لظنها ثبوت السمع بخطأه، وفرقة يجيز النسخ عقلا وسمعا ويمنع منه لدعواها أنه لم يقم برهان بنبوة أحد ادعي نسخ شرع موسي عليه السلام.
والكلام علي الفرقة الأولي أن نبين حقيقة البداء والنسخ بمحصل [يحصل] العلم بفرقان ما بينهما فيسقط شبهة المماثل بينهما، ثم نبين حسن النسخ فيرتفع الريب بفساد قولهم.
والبداء هو النهي عن نفس ما وقع الأمر به أو الأمر بنفس ما حصل النهي عنه، وإنما يكون كذلك بأن يكون ما تعلق به النهي والأمر واحدا والمأمور والمنهي واحدا والوقت واحدا والوجه واحدا كقول المكلف لشخص معين ألق زيدا عند طلوع الشمس مكرما له ولا يأكل (1) العسل يوم كذا طاعة …
(2) عن لقاء زيد مكرما له قبل طلوع الشمس من غده، ويأمره أو يبيحه أكل العسل قبل ذلك اليوم.
وقلنا إنما (3) جمع هذه الشروط بداء لأنه لا وجه له إلا ظهور وجه الصلاح بعد خفائه، وهو جائز من كل محدث وغير قبيح، لكون جميعهم غير عالم بوجه الصلاح في المستقبل، وإنما يثبتون تكاليفهم علي الظنون التي يجوز إن تحقق، وغير جائز علي القديم سبحانه من وجهين:
أحدهما: أنه يقتضي (4) ما علمنا استحقاقه من كونه عالما لنفسه من حيث
(1) ولا تأكل. كذا في بعض النسخ.
(2) هنا بياض في النسخ، ولعل المحذوف هذه الجملة: ثم نهاه.
(3) في بعض النسخ: إنما ما جمع.
(4) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: نقيض.
(٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (26)، الظلم (52)، الضرر (26)، الوجوب (26)، المنع (26)
علمنا أنه لا وجه للنهي عن نفس المأمور به أو الأمر بالمنهي عنه إلا الجهل بالعاقبة.
الثاني: أن أمره بالشئ دلالة حسنه ونهيه دلالة قبحه، والنهي عن الحسن والأمر بالقبيح لا يجوز عليه سبحانه.
ومتي اختل شرط واحد خرج عن حد البداء، لعلمنا بصحة أمره تعالي المكلف بشئ ونهيه عن غيره، ونهي مكلف آخر عن نفس ما أمر به، و تكليفه شيئا زمانا معينا ونهيه عن مثله في زمان آخر، وأمر (1) بالفعل في وقت علي وجه ونهيه عن إيقاع مثله علي وجه آخر. واتفاق العلماء علي حسن ما له هذه الصفة وخروجه عن صفة البداء.
وأما النسخ فهو كل دليل سمعي دل علي رفعه مثل الحكم الثابت بالنص الأول علي وجه لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه.
واشترطنا كون الناسخ دليلا لأن رفع التعبد الثابت بمطلق نصه تعالي لا يجوز بغير دلالة.
واشترطنا كونه سمعا لأن النسخ لا يتعلق بما ثبت عقلا ولا يرتفع الأحكام الشرعية به.
واشترطنا كونه رافعا لأن ما ليس برافع من الأدلة لتعبد ثابت لا يكون ناسخا.
وقلنا: مثل الحكم، لأن رفع نفس الحكم المتعبد به لا يكون إلا بداء.
واشترطنا التراخي، لأن المقارن لا يكون ناسخا وإنما هو بيان لمدة التكليف، وبيان المدة لا يكون نسخا.
والدلالة علي صحة هذا الحد، أنه متي تكاملت هذه الشروط وصف الدليل بأنه ناسخ والمرفوع منسوخ، ومتي اختل شرط واحد فليس بناسخ ولا منسوخ.
(1) كذا في النسخ، والظاهر: وأمره.
(٨١)
صفحهمفاتيح البحث: الشكر (52)، الوجوب (78)، كتاب تقريب المعارف لأبو الصلاح الحلبي (26)
وإذا تقرر هذا في حد البداء والنسخ، صح فرقان ما بينهما وجهل الجامع.
والدلالة علي حسن النسخ كون الشرائع مبنية علي المصالح التي تصح أن تختص بزمان دون زمان، وبمثل دون مثل، ومكلف دون مكلف، وبوجه دون وجه، لولا ذلك لم يكن السبت أولي بالامساك من الأحد، ولا فعل الصلاة في وقت وعلي صفة أولي من وقت وصفة أخري، ولا تحريم الشحم المتميز أولي من المختلط. وإذا كانت الشرائع مقررة علي المصالح، جاز أن يكون صلاح المكلف مختصا بفعل العبادة في زمان معين ويكون مفسدة في آخر، ولمكلف صلاح في شئ هو مفسدة لمن يتجدد بعده، وعلي وجه صلاح و علي وجه آخر فساد.
وإذا صح ذلك وعلمه مكلف المصالح سبحانه وجب في حكمته سبحانه بيان ذلك حسب ما وجب مثله في ابتداء التكليف، وجري ذلك مجري لو قرن بيان المدة بالتكليف، فكما قال سبحانه لبعض المكلفين: صلوا كل يوم خمس صلوات وصوموا كل سنة شهر رجب، مدة عشر سنين، لكان ذلك مفيدا للزوم الصلاة والصوم المعينين تلك المدة المذكورة وقبحهما فيما بعدها باتفاق، فكذلك يجب الحكم إذا قال سبحانه: صلوا كل يوم خمس صلوات وصوموا كل سنة شهر رجب، ثم قال سبحانه بعد عشر سنين: لا تصلوا ولا تصوموا ما كنتم أمرتم بمثله، لتماثلهما في بيان المدة وإن تقدم أحد البيانين وتأخر الآخر.
والكلام علي الفرقة الثانية: أن يقال لهم دلوا علي أن موسي عليه السلام قال ما ذكرتموه مانعا من النسخ، فإنهم لا يجدون إلي إثباته سبيلا، لعدم التواتر به، بل كونه من أخبار الآحاد، لحصول العلم لكل مخالط بفقد من يعرف بنقل الأخبار في شئ من طبقاتهم التي تلينا، وإنما يضيفون ذلك إلي اعتقادات متواترة عن السلف، وصحة الاعتقادات فرع لصحة ما تستنده إليه، وإذا تعذر إثبات
(٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: النهي (52)، الجهل (26)
ما تستند إليه هذه الاعتقادات وجب الحكم عليها بالبطلان.
وبعد فلو قال موسي ذلك لم يخل أن يريد المنع من نسخ شرعه علي كل حال وإن اقترن دعوي ناسخه بالمعجز أو من دون ذلك، والثاني لا ينازع فيه لأنه يقتضي رفع الشرائع الثابتة بالأدلة بمجرد الدعوي العرية من الحجة، و الأول يقتضي القدح في نبوته الموقوف صحتها علي المعجز مع أمره بتكذيب من معه المعجز، وذلك مأمون منه عليه السلام فثبت تعلق منعه عليه السلام من النسخ بالوجه الأول.
وليس لهم أن يقولوا إن كلام موسي عليه السلام المتضمن للمنع من النسخ متعلق بالتأبيد من غير تقييد، لأنه لو كان كذلك لوجب تقييد مطلقه وتخصيص عامه بالبرهان كصحته بقول موسي عليه السلام إذ لا فرق ين أن يقول موسي عليه السلام شريعتي لا تنسخ أبدا والزموها أبدا و [أو. ظ] ما دامت السماوات والأرض إلا أن يأتيكم بشئ بالنسخ، في وجوب تقييد مطلق قوله ونسخ شرعه بمن يأتي بعده من الأنبياء، وبين أن يختص ذلك بقول من ثبتت نبوته من هارون عليه السلام أو عيسي عليه السلام أو رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله، لاشتراك الكل في الصدق علي مرسلهم سبحانه لبيان المصالح والمفاسد، وفساد القول بتصدق أحدهم دون الآخر مع ثبوت البرهان بنبوة كل منهم فليتأمل هذا فإنه يأتي علي مذهبهم ويوجب عليهم الرجوع إلي القول الثالث.
والكلام علي الفرقة الثالثة: أن يقال لهم لم زعمتم أنه لم يقم دليل علي نبوة مدعي النسخ أبضرورة علمتم ذلك أم باستدلال؟ ودعوي الضرورة مرتفعة بغير إشكال، والدلالة علي نفي النبوة من جهة العقل منتفية، ومن جهة السمع وقد بينا ما يظنونه نافيا من جهته. وإذا لم يكن لهم طريق إلي العلم بتكذيب مدعي النسخ، وجب عليهم النظر في دعوته، لحصول الخوف من صدقه،
(٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الصدق (26)، الباطل، الإبطال (26)، الجبن (52)، الإختيار، الخيار (26)، الشهادة (52)، الحرب (26)، الجواز (26)، الخوف (26)
فمتي يفعلوا بشروطه يعلموا من ذلك ما جهلوه ويلزمهم الدخول فيما أنكروه لوضوح الحجة بنبوة عيسي عليه السلام ورسول الله صلي الله عليه وآله، وإن يقيموا علي الأغراض [الأعراض. ظ] يقيموا محجوجين ويفقدوا علم ما يلزمهم معرفته من النبوات لسوء نظرهم لأنفسهم وقبح عنادهم.
ثم يقال لهم دلوا بأي دليل شئتم علي نبوة موسي، فإذا فعلوا قوبلوا بمثله في نبوة المسيح عليه السلام ورسول الله صلي الله عليه وآله لأنهم إنما يفرغون [يفزعون. ظ] (1) في ذلك إلي دعوي التواتر بظهور المعجزات عقيب دعوي موسي عليه السلام ومثل هذه الدعوي حاصل في النصاري ومعجزات تلاميذ المسيح عليه السلام، بل للنصاري عليهم أعظم المزية، لحصول العلم باتصال مملكة الروم إلي زمان دعوة المسيح عليه السلام، وتعذر ذلك فيهم.
وليس لهم أن يقولوا ضلال النصاري في المسيح، ودعواهم له الإلهية أو النبوة مانع من سماع نقلهم، لأن النقل المتواتر لا يفتقر إلي صحة الاعتقاد بغير نزاع بين العلماء فيه لانفصال كل منهما من صاحبه، فإذا ثبت تواتر النصاري بالمعجزات وفهم شرط التواتر، وجب الحكم بصدقهم فيها وصدق من ظهر عليه لحصول الأمان من كذب المؤيد بالمعجز علي الله تعالي، ولا يقدح في ذلك ضلال النصاري عندها (2) لما بيناه ألا تري أنا نعلم تدين عالم عظيم بإلهية موسي ومن قبله ومن بعده ممن ثبت نبوته بالمعجزات لأجلها ولم يقدح ذلك في نبوتهم عليهم السلام، ولا أثر في نقلهم، لانفصال أحد الأمرين من الآخر.
علي أن هذا الاعتذار غير مقتدر (3) في تواتر المسلمين بمعجزات النبي صلي الله عليه وآله
(1) في بعض النسخ: يفرعون.
(2) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: عندنا.
(3) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: معتذر.
(٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (26)، معرفة الإمام (26)، الحج (52)، الباطل، الإبطال (52)، الوراثة، التراث، الإرث (26)

الكلام في الإمامة

فينبغي أن يقتصر بهم علي إلزامه (1) علي موجب اعتبارهم، لا سيما وحجة ثبوتها بتغير الأزمان المتصلة إلي زمان دعوته صلي الله عليه وآله مشتملة علي متواترين بها واضحة ومتعذرة في نقلهم فيلزمهم مع تسليم نقلهم القول بنبوة المسيح عليه السلام ورسول الله صلي الله عليه وآله كلزومه في موسي أو التشكك في نبوة الثلاث (2) فخرجوا عن اليهودية إلي البرهمية ويكلموا بما تكلم به البراهمة.
فأما القول بنبوة موسي وتكذيب عيسي ورسول الله صلي الله عليه وآله مع تساوي الكل في ظهور المعجزات فمناقضة ظاهرة، وعناد للحق لا شبهة فيه ثم يبتدي إيضاح الحجج السالفة علي نبوة نبينا يلزمهم لذلك النظر فيها ومتي يفعلوه بشروطه يعلموا من صحة نبوته صلي الله عليه وآله ما علمه كل ناظر في آياته وإلا يفعلوا يجب الحكم عليهم بعناد الحق والركون إلي الباطل ولزوم حجة نبوته صلي الله عليه وآله (3).
الكلام في الإمامة (4) والوجه في الرئاسة كونها لطفا للخلق، لقبح تكليفهم العقلي من دونها، لأنا نعلم ضرورة أن وجود الرؤساء المهيبين النافذي الأمر المرهوبي السطوة مقلل للقبيح ومكثر للحسن وأن فقدهم بل ضعفهم بعكس هذه القضية.
وإذا علم كون الرئاسة بهذه الصفة ثبت كونها لطفا فوجبت كسائر الألطاف، والمخالف في هذا لا يعدوا خلافه أربعة مواضع، إما أن ينازع فيما ذكرنا من تأثير الرئاسة في الصلاح وحصول الفساد بفقدها، أو يقدح بما لعله يقع من فساد
(1) في بعض النسخ: الراحة، والظاهر أنه تصحيف.
(2) كان في النسخ: في نبوة الشك.
(3) هذه الصفحة من قوله: علي أن هذا الاعتذار، إلي هنا تحتاج إلي تصحيح، وهو فرع الظفر بنسخة مصححة إن شاء الله تعالي.
(4) العنوان من المصحح.
(٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: مولد الإمام الحسين (ع) (26)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الصّلاة (26)، الباطل، الإبطال (26)، الوراثة، التراث، الإرث (26)

الإمامة لطف

فينبغي أن يقتصر بهم علي إلزامه (1) علي موجب اعتبارهم، لا سيما وحجة ثبوتها بتغير الأزمان المتصلة إلي زمان دعوته صلي الله عليه وآله مشتملة علي متواترين بها واضحة ومتعذرة في نقلهم فيلزمهم مع تسليم نقلهم القول بنبوة المسيح عليه السلام ورسول الله صلي الله عليه وآله كلزومه في موسي أو التشكك في نبوة الثلاث (2) فخرجوا عن اليهودية إلي البرهمية ويكلموا بما تكلم به البراهمة.
فأما القول بنبوة موسي وتكذيب عيسي ورسول الله صلي الله عليه وآله مع تساوي الكل في ظهور المعجزات فمناقضة ظاهرة، وعناد للحق لا شبهة فيه ثم يبتدي إيضاح الحجج السالفة علي نبوة نبينا يلزمهم لذلك النظر فيها ومتي يفعلوه بشروطه يعلموا من صحة نبوته صلي الله عليه وآله ما علمه كل ناظر في آياته وإلا يفعلوا يجب الحكم عليهم بعناد الحق والركون إلي الباطل ولزوم حجة نبوته صلي الله عليه وآله (3).
الكلام في الإمامة (4) والوجه في الرئاسة كونها لطفا للخلق، لقبح تكليفهم العقلي من دونها، لأنا نعلم ضرورة أن وجود الرؤساء المهيبين النافذي الأمر المرهوبي السطوة مقلل للقبيح ومكثر للحسن وأن فقدهم بل ضعفهم بعكس هذه القضية.
وإذا علم كون الرئاسة بهذه الصفة ثبت كونها لطفا فوجبت كسائر الألطاف، والمخالف في هذا لا يعدوا خلافه أربعة مواضع، إما أن ينازع فيما ذكرنا من تأثير الرئاسة في الصلاح وحصول الفساد بفقدها، أو يقدح بما لعله يقع من فساد
(1) في بعض النسخ: الراحة، والظاهر أنه تصحيف.
(2) كان في النسخ: في نبوة الشك.
(3) هذه الصفحة من قوله: علي أن هذا الاعتذار، إلي هنا تحتاج إلي تصحيح، وهو فرع الظفر بنسخة مصححة إن شاء الله تعالي.
(4) العنوان من المصحح.
(٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: مولد الإمام الحسين (ع) (26)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الصّلاة (26)، الباطل، الإبطال (26)، الوراثة، التراث، الإرث (26)
عند وجود الرؤساء، أو بإيثار بعض العقلاء رئيسا دون رئيس، أو اعتقاد بعض العقلاء حصول الصلاح بفقد الرئاسة.
فإن نازع علي الوجه الأولي قضت المشاهدة عليه، وحكم بفساد نزاعه عموم العلم للعقلاء بصلاح الخلق بعد الرؤساء وقهرهم المفسدين في الأرض وإرهابهم، وأنه لو خلا مصر واحد من رئيس لم يتوهم صلاحه أبدا وحال المكلفين حالهم من جواز القبيح منهم.
وإن نازع علي الوجه الثاني لم يقدح في وجوب الرئاسة، لتعلقه بكونها لطفا في فعل الواجب واجتناب القبيح وليس بملجئ، لصحة التكليف معه و فساده مع الالجاء، فوقوع القبيح عندها لا يمنع من كونها لطفا في اجتنابه كالعلم بالثواب والعقاب المعلوم عموم كونه لطفا لكل مكلف مع وقوع القبائح من العالمين [بها] علي أن الواقع من القبيح عند وجود الرئاسة لولاها لوقع أضعافه حسب ما يعلمه كل عاقل بمجري [يجري. خ] العادة، وما أثر رفع قبيح واحد أو يبعد منه (1) لطف واجب في حكمته سبحانه كوجوب ما أثر رفع سائر القبائح بغير نزاع بين أهل العدل.
وإن نازع علي الوجه الثالث، لم يقدح أيضا، لأن صلاح بعض المكلفين برئيس دون رئيس لا يقدح في جهة وجوب الرئاسة في الجملة، وإنما أختص صلاحه لأمر يرجع إليه لا إلي الرئاسة، يوضح ذلك أنه لم يصلح إلا برئاسة.
وإن نازع علي الوجه الرابع، لم يقدح أيضا لأن اعتقاد بعض العقلاء حصول صلاحه بعدم الرئاسة، لا يمنع من وجوبها من الوجه الذي بينا ثبوته
(1) في جميع النسخ: يعد منه، والصحيح ما أثبتناه.
(٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الأنبياء (ع) (26)، الخوارج (52)، اليهود، اليهودي (26)، الصّلاة (26)، الضلال (26)، الجواز (26)، السهو (26)، سورة الأنبياء (26)، سورة النحل (26)
في أوائل العقول لأنه (1) يخص هذا المعتقد وإن كان عالما بما للخلق من الصلاح بها، كما أن اعتقاد المودع والغريم أن عليه ضررا في رد الوديعة و قضاء الدين وله صلاح في الامتناع من ذلك، وله نفع في الظلم وفي الكذب وعليه ضرر في الانصاف والصدق (2) لا يخرج رد الوديعة وقضاء الدين عن الوجوب ولا يقتضي حسن الظلم والكذب، وكذلك حكم الرئاسة وهذا المعتقد.
يوضح ذلك حصول العلم لكل عاقل باختصاص هذا الاعتقاد بالمفسدين في الأرض، ليتم لهم ما يؤثرونه من الفساد لعدم الرؤساء الذين يصح منهم (3) مع وجودهم، ولا شبهة في قبح هذا الاعتقاد.
والاعتراض علينا به أو بمن يعلم فسادا في رئاسة فهو يؤثر عدمها لما فيها من الفساد، ومن هذه حاله غير منكر لرئاسة العادل، ولذلك يعلمه كل عاقل متمنيا لها، أو بمن ينكر رئاسة يؤدي ثبوتها إلي فساد رئاسته كالمتقدمين علي أئمة الهدي عليهم السلام جهة إنكارهم لرئاستهم اعتقادهم صلاح أمرهم لعدمها لما يعلمونه من زوال سلطانهم بها وفوت المنافع بثبوتها ولا شبهة في قبح هذا الاعتقاد، فلا قدح به في وجوب الرئاسة.
ويوضح ذلك علمنا به لا أحد (4) من هؤلاء إلا وهو متدين (5) بالرئاسة و عاقد أمره وما يرومه من الصلاح بها، وإنما أنكر رياسة من يعتقد فوت أمانيه
(1) في بعض النسخ: لأمر يخص.
(2) في النسخ.
(3) منعهم. ظ.
(4) كذا في النسخ، والظاهر: أنه لا أحد.
(5) في بعض النسخ: وهو مستدبر.
(٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: مولد الإمام الحسين (ع) (26)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، سورة النساء (26)

في لزوم عصمة الامام

بها، وهذا خارج عن مقصودنا.
ولا بد من أن يكون الرئيس معصوما، لأن جهة وجوب الرئاسة كونها لطفا في وقوع الحسن وارتفاع القبيح، ويعلق هذا اللطف بكون المرؤس غير معصوم فوجب لذلك عصمة الرئيس أو من ينتهي إليه الرئاسات … (1) يقتضي أحد الأمرين كل واحد منهما فاسد، إما وجود مكلف غير معصوم ولا رئيس عليه وذلك إخلال بواجب، أو وجود رئيس لرئيس إلي ما لا يتناهي، وكلا الأمرين فاسد، فثبت ما قلناه.
ولا بد من كونه أفضل الرعية، لكونه رئيسا لهم في جميع الأشياء، و حصول العلم الأول بقبح تقديم المفضول علي الفاضل فيما هو أفضل منه فيه.
وأيضا فالمعلوم وجوب تعظيم الرئيس علي كافة الرعية علي وجه لا يستحقه أحد منهم عليه ولا بعض علي بعض، لكونه مفترض الطاعة عليهم، والتعظيم كاشف عن استحقاق الثواب، ذا علمنا استحقاقه منه أعلي المراتب علمنا كونه أكثرهم ثوابا، وهذا معني قولنا أفضل.
إن قيل إذا كان فرض الطاعة عندكم كيفية لشكر نعمة، فما هي نعمة الرئيس التي لها وجبت طاعته وما وجه تعظيمه في الغاية، والتعظيم لا يحسن الابتداء به، قبل (2) الشكر، وإن اقتضي في بعض النعم طاعة فقد يجب الطاعة لا من هذا الوجه بأن يكون المطاع مبينا لمصالح ومفاسد لا تتم إلا بطاعته أو
(١) هنا بياض في بعض النسخ، قال المؤلف في كتابه تقريب المعارف: ولا يكون كذلك إلا بكونه معصوما … فاقتضي ذلك وجوب رجوع الرئاسات إلي رئيس معلوم وإلا اقتضي وجود ما لا يتناهي من الرؤساء والاخلال بالواجب في عدله تعالي وكلاهما فاسد.
(2) كذا في النسخ، والصحيح: قيل الشكر.
(٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (52)، الوجوب (26)، كتاب تقريب المعارف لأبو الصلاح الحلبي (26)، سورة البراءة (26)

في لزوم كونه أفضل الرعية

بها، وهذا خارج عن مقصودنا.
ولا بد من أن يكون الرئيس معصوما، لأن جهة وجوب الرئاسة كونها لطفا في وقوع الحسن وارتفاع القبيح، ويعلق هذا اللطف بكون المرؤس غير معصوم فوجب لذلك عصمة الرئيس أو من ينتهي إليه الرئاسات … (1) يقتضي أحد الأمرين كل واحد منهما فاسد، إما وجود مكلف غير معصوم ولا رئيس عليه وذلك إخلال بواجب، أو وجود رئيس لرئيس إلي ما لا يتناهي، وكلا الأمرين فاسد، فثبت ما قلناه.
ولا بد من كونه أفضل الرعية، لكونه رئيسا لهم في جميع الأشياء، و حصول العلم الأول بقبح تقديم المفضول علي الفاضل فيما هو أفضل منه فيه.
وأيضا فالمعلوم وجوب تعظيم الرئيس علي كافة الرعية علي وجه لا يستحقه أحد منهم عليه ولا بعض علي بعض، لكونه مفترض الطاعة عليهم، والتعظيم كاشف عن استحقاق الثواب، ذا علمنا استحقاقه منه أعلي المراتب علمنا كونه أكثرهم ثوابا، وهذا معني قولنا أفضل.
إن قيل إذا كان فرض الطاعة عندكم كيفية لشكر نعمة، فما هي نعمة الرئيس التي لها وجبت طاعته وما وجه تعظيمه في الغاية، والتعظيم لا يحسن الابتداء به، قبل (2) الشكر، وإن اقتضي في بعض النعم طاعة فقد يجب الطاعة لا من هذا الوجه بأن يكون المطاع مبينا لمصالح ومفاسد لا تتم إلا بطاعته أو
(١) هنا بياض في بعض النسخ، قال المؤلف في كتابه تقريب المعارف: ولا يكون كذلك إلا بكونه معصوما … فاقتضي ذلك وجوب رجوع الرئاسات إلي رئيس معلوم وإلا اقتضي وجود ما لا يتناهي من الرؤساء والاخلال بالواجب في عدله تعالي وكلاهما فاسد.
(2) كذا في النسخ، والصحيح: قيل الشكر.
(٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (52)، الوجوب (26)، كتاب تقريب المعارف لأبو الصلاح الحلبي (26)، سورة البراءة (26)

في لزوم كونه أعلمهم

رئيسا مستصلحا به الرعية لا يتم صلاحهم إلا بطاعته فيجب الطاعة ههنا في حق صلاح المطيع وانتفاء مفاسده وإن لم يتقدم له نعمة يقتضي ذلك.
علي أن الرئيس يتحمل من كلفة النظر في مصالح الرعية ومعارضهم [معرضهم. خ] لما يوجب شكره المقتضي تعظيمه لعظيم ما أوجب طاعته (1)، فأما تعظيمه فكاشف عن استحقاقه من الثواب ما لا يستحقه أحد من رعيته حسب ما قدمناه، وذلك يقتضي ثبوت طاعات للرئيس، استحق بها ذلك لما قبل النصبة أو بها إذا كان تكلفه بأعباء الرئاسة وصبره علي تحمل مشاقها من أعظم الطاعات.
ولا بد من كونه أعلمهم بالسياسة، لكونها إماما فيها، وقد علمنا قبح تقليد الجاهل ما لا يعلمه وجعله إماما في شئ يفتقر فيه إلي من هو إمام عليه فيه.
فأما علمه بالأحكام ففرع لكونه حاكما فيها، وقد علمنا من جهة السمع كون الإمام حاكما في جميع المسألة (2)، فيجب كونه عالما [بها] لقبح تكليف الحكيم (3) بما لا يعلمه مكلفه.
وعلمنا من جهة منصوبا للأمر بكل معروف والنهي عن كل منكر، وذلك يقتضي علمه بالجميع، لأن الأمر بالشئ والحمل عليه بالقهر فرع العلم بوجوبه، والنهي عن الشئ والمنع منه بالقهر فرع للعلم بقبحه، لعلم كل عاقل بقبح الحمل علي ما لا يعلم وجوبه، والمنع مما لا يعلم قبحه.
وليس لأحد أن يقول: فهذا يوجب كون حكام الإمام في البلاد مساوين له في العلم.
لأن ولاية الحكام خاصة فيما علموه، وما لم يعلموه مردود إلي الإمام ليحكم
(1) تعظيما أوجب طاعته. ظ.
(2) في بعض النسخ: الملة.
(3) الحكم، كذا في بعض النسخ.
(٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (26)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، مخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين، إنيمخلف فيكم الثقلين">حديث الثقلين (26)، <input id="index-14451" type="checkbox" onclick="this.checked =! this.checked؛ indexShow('14451')؛"><a href="/البحث-المتطور/14451/23" title="وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين، وعلي بن الحسين">علي بن الحسين (26)

في لزوم كونه أشجعهم

فيه 1 علي الحكم، وليست هذه حال الإمام لكونه إماما في جميع الأحكام وأما كونه أشجع ففرع لكونه إماما في الحرب، وقد علمنا من جهة السمع كون الإمام إماما في الجهاد، فيجب كونه أشجع الرعية بل شجاعا لا يجوز عليه الجبن، لكونه فئة يفزع إليه، فلو جاز عليه الجبن (1) ولم يؤمن من هزيمة (2) فيؤدي إلي فساد لا يتلافي، ألا تري ثبوت رسول الله صلي الله عليه وآله يومي أحد وحنين مع انهزام جميع أصحابه إلا نفرا يسيرا علي وجه لم يجر العادة بمثله، ولو فرضنا هزيمته - والعياذ بالله - لاقتضي ذلك فسادا في الدين لا يستدرك، وهذه حال أمير المؤمنين والحسنين عليهم السلام في بلواهم بحروب يقتضي هزيمة الجمع العظيم من الشجعان، ثبتوا فيها حتي نصروا أو استشهد من استشهد منهم.
ويجب كونه أزهدهم وأعبدهم لكونه قدوة في الأمرين.
وإذا وجب كون الرئيس بهذه الصفات فلا بد من تميزه بإظهار المعجز علي يديه، أو النص علي عينه بقول من قد علم صدقه بالمعجز، من حيث علمنا تعذر العلم بمن هذه صفاته بشئ غير نص علام الغيوب سبحانه بالمعجز أو ما يستند إليه من نص الصادق عليه سبحانه، فبطل لذلك مذهب القائلين بالاختيار والدعوة والميراث.
ويبطل هذه المذاهب أن تعليق الإمامة بالاختيار يقتضي بطلان الإمامة أو وجود عدة أئمة أو فسادا لا يتلافي، من حيث كان اتفاق أهل الاختيار علي اجتماع أهل الأقاليم في مكان واحد واتفاقهم علي اختيار واحد كالمتعذر، لعدم الداعي إليه والباعث عليه، ووقوف الاختيار علي أهل كل إقليم، يقتضي وجود عدة
(1) في بعض النسخ: الخوف.
(2) هزيمته.
(٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (26)، الحج (26)، المنع (26)، الصّلاة (52)، الضلال (104)، الهلاك (26)، الجواز (52)، الوجوب (26)، السفينة (26)

طريق العلم إلي صدق مدعي الإمامة

فيه 1 علي الحكم، وليست هذه حال الإمام لكونه إماما في جميع الأحكام وأما كونه أشجع ففرع لكونه إماما في الحرب، وقد علمنا من جهة السمع كون الإمام إماما في الجهاد، فيجب كونه أشجع الرعية بل شجاعا لا يجوز عليه الجبن، لكونه فئة يفزع إليه، فلو جاز عليه الجبن (1) ولم يؤمن من هزيمة (2) فيؤدي إلي فساد لا يتلافي، ألا تري ثبوت رسول الله صلي الله عليه وآله يومي أحد وحنين مع انهزام جميع أصحابه إلا نفرا يسيرا علي وجه لم يجر العادة بمثله، ولو فرضنا هزيمته - والعياذ بالله - لاقتضي ذلك فسادا في الدين لا يستدرك، وهذه حال أمير المؤمنين والحسنين عليهم السلام في بلواهم بحروب يقتضي هزيمة الجمع العظيم من الشجعان، ثبتوا فيها حتي نصروا أو استشهد من استشهد منهم.
ويجب كونه أزهدهم وأعبدهم لكونه قدوة في الأمرين.
وإذا وجب كون الرئيس بهذه الصفات فلا بد من تميزه بإظهار المعجز علي يديه، أو النص علي عينه بقول من قد علم صدقه بالمعجز، من حيث علمنا تعذر العلم بمن هذه صفاته بشئ غير نص علام الغيوب سبحانه بالمعجز أو ما يستند إليه من نص الصادق عليه سبحانه، فبطل لذلك مذهب القائلين بالاختيار والدعوة والميراث.
ويبطل هذه المذاهب أن تعليق الإمامة بالاختيار يقتضي بطلان الإمامة أو وجود عدة أئمة أو فسادا لا يتلافي، من حيث كان اتفاق أهل الاختيار علي اجتماع أهل الأقاليم في مكان واحد واتفاقهم علي اختيار واحد كالمتعذر، لعدم الداعي إليه والباعث عليه، ووقوف الاختيار علي أهل كل إقليم، يقتضي وجود عدة
(1) في بعض النسخ: الخوف.
(2) هزيمته.
(٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (26)، الحج (26)، المنع (26)، الصّلاة (52)، الضلال (104)، الهلاك (26)، الجواز (52)، الوجوب (26)، السفينة (26)
أئمة، والاجماع بخلاف ذلك، وفساد الجميع يسقط الإمامة، وثبوت إمامة أحد المختارين إثبات ما لا حجة يقتضي صحته، وهو مع ذلك مؤد إلي فساد لا يتوهم صلاحه، بأن يعتقد أهل كل إقليم أن الذي اختاروه هو أحق بالإمامة من كل مختار، وأنه يجب علي كل مكلف الانقياد له وإلا يفعل فهو خارج عن الواجب يجب جهاده، وفي هذا من الفساد ما لا يتلافي، فبطل كون الاختيار طريقا إلي الإمامة.
وبمثل هذا بعينه يبطل كون الدعوة طريقا إلي الإمامة دعوي جماعة من بني فاطمة عليها السلام يتكامل لهم الصفات في وقت واحد فأما القول بإمامة الكل أو اطراح دعوي الكل مع فساد الأمرين (1) أو [و ظ] القول بإمامة مدع دون مدع مع عدم الدلالة المميزة له من غيره ظاهر الفساد، وهو مقتض لما بيناه من اعتقاد أهل كل إقليم صحة إمامة من يليهم دون من عداه مع ما في ذلك من الفساد الذي لا يتوهم صلاحه.
ويبطل الدعوة أيضا كون الإمامة موقوفة علي مجرد الدعوي العرية من برهان ومعلوم فساد هذا بأوائل العقول.
ولأن مثبت هذا المذهب لا يسنده إلي دليل عقلي ولا سمعي ولا شبهة في فساد ما لا دليل عليه.
وأما الميراث فعري من حجة علي كونه طريقا إلي الإمامة عقلية ولا سمعية، ولأنه يقتضي اشتراك النساء والرجال والعقلاء والأطفال والعدول والفساق في الإمامة كاشتراكهم في الإرث، والاجماع بخلاف ذلك.
وإذا بطلت الطرق المدعاة عدا النص والمعجز ثبت تخصيص معرفة الإمام بهما.
(1) في لعض السنخ هكذا: مع تساوي الأمرين.
(٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الشهادة (26)، القصر، التقصير (26)

امامة الأئمة الاثنا عشر

ولأن القول بأن الدعوة أو الميراث طريق إلي الإمامة حادث بعد انقراض زمن الصحابة والتابعين وأزمان بعدها خالية منه، ولا شبهة في فساد ما هذه حاله من المذاهب.
وأيضا وكل من قطع بوجوب ما بيناه من الصفات للإمام قطع بفساد الاختيار والدعوة والميراث، وإذا كانت الصفات المعتبرة ثابتة بالبرهان لحقت هذه الفتيا بها في الصفة (1)، إذ كان الفرق بينهما خروجا عن مقتضي الأدلة وخارقا للاجماع.
وهذه الصفات متكاملة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وللأئمة من ذريته الحسن والحسين والتسعة المعينين من ولد الحسين صلوات الله عليهم أجمعين، لأن كل من أثبتها للإمام خص بها هؤلاء المذكورين، وإذا كانت ثابتة بالبرهان لحق الثاني بالأول.
وأيضا فلا أحد قطع ثبوتها لأحد عداهم ممن ادعيت إمامته بعد النبي صلي الله عليه وآله وإلي الآن، فوجب لذلك القطع بفساد إمامتهم أجمع، لارتفاع القطع بثبوت ما لا يكون الإمام إماما من دونه لواحد منهم كما يجب مثله لو لم يقطع بثبوت عدالتهم من حيث كانت العصمة شرطا في الإمامة كالعدالة، فإذا بطلت إمامة من عداهم وجب لذلك القول بإمامتهم أو فساد مدلول الأدلة.
وأيضا فلا أحد ادعيت إمامته دونهم إلا وقعت منه القبائح أو قرفته (2) الأمة بها أو بعضها، وحال من ذكرناه بخلاف ذلك، لأنه لم يتمكن أحد ممن والاهم أو عاداهم من عيبهم بشئ بغير (3) ثابتا ولا متحرصا (4) وهذا معني
(1) في بعض النسخ: في الصحة.
(2) في جميع النسخ: فرقته، والظاهر ما أثبتناه.
(3) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: يعير.
(4) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: متخرصا.
(٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: النبي خضر عليه السلام (26)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، حديث اللوح (26)، الموت (26)، الخوف (26)، القبر (26)

أدلة إمامتهم من القرآن والحديث

المعصوم، إذ لا مشارك لهم في ذلك إلا الأنبياء، فوجب لذلك القول بإمامتهم، ولا يقدح فيما اعتبرناه ما تدين به الخوارج فيهم، لأن الخوارج تقدح في عدالتهم بما وضح برهان حسنه، وأجمع المسلمون علي ذلك فيه، وكلامنا مختص بتنزيههم عما يثبت قبحه. يوضح ذلك تدين كثير من العقلاء بضلال الأنبياء عليهم السلام وكذبهم في دعويهم ولم يقدح هذا الاعتقاد في صدقهم وعلو منزلتهم من حيث أسند إلي مجرد الاعتقاد المعلوم فساده بالحجة.
ومما يدل علي إمامتهم صلوات الله عليهم قوله تعالي: " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " (5) فأمر من لا يعلم بسؤال أهل الذكر ليعلم، ولم يخص ذلك بشئ، دون شئ، وذلك مقتض لعلم المسؤولين بكل شي يسألون عنه معصومين فيما يفتون به، لقبح الأمر بمسألة من لا يعلم ما يسئل عنه، وعدم العلم لفتيا من يجوز عليه الخطأ عن قصد أو سهو، وإذا ثبت كون أهل الذكر المأمور بمسألتهم في الآية بهاتين الصفتين ثبت تخصيصهما بالمذكورين، لأنه لا أحد قال بذلك في الآية الأخص بها المذكورين.
وإن شئت قل: لا أحد أثبت الصفتين لأحد عداهم، وكل من أثبتها للمذكورين قال بإمامتهم.
ولأن فتياهم إذا كان موجبا للعلم وجب الاقتداء بهم فيه، لحصول الأمان من زللهم، دون من لا يوجبه فتياه ولا يؤمن فيه الضلال، ووجوب الاقتداء بهم برهان إمامتهم، وبهذا الاعتبار يسقط قول من زعم أن أهل الذكر في الآية هم اليهود والنصاري، أو القراء، أو الفقهاء، لانتفاء الصفتين الثابتتين لأهل الذكر عن كل واحد من هؤلاء باتفاق.
ويدل أيضا علي إمامتهم قوله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و
(5) سورة النحل، الآية: 43 وسورة الأنبياء، الآية: 7.
(٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: شيعة أهل البيت عليهم السلام (26)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، الأنبياء (ع) (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الخوارج (26)، الصّلاة (52)
أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " (1) فأوجب سبحانه طاعة أولي الأمر علي الوجه الذي أوجب طاعته تعالي ورسوله صلي الله عليه وآله علي كل مكلف حاضر لنزول الآية وناشئ إلي انقضاء التكليف وفي كل أمر، فيجب عموم طاعة أولي الأمر كذلك، لوجوب إلحاق المعطوف بحكم المعطوف عليه، وذلك مقتض لإمامتهم، إذ لا أحد وجبت طاعته علي هذا الوجه إلا من ثبتت إمامته بعد الرسول، ولا أحد قال بذلك في الآية الأخص بها عليا والحسن والحسين والتسعة من ولد الحسين عليهم السلام، ولأن عموم طاعتهم مقتض لعصمتهم، لأنه لو جاز عليهم القبيح مع إطلاق الأمر بطاعتهم في كل شئ لكان ذلك أمرا بالقبيح المتعذر منه تعالي، وإذا ثبتت عصمة أولي الأمر ثبت توجه الآية إلي من عيناه، لأنه لم تثبت هذه الصفة لأحد ولا ادعيت له عداهم.
وإن شئت قلت: لا أحد قال بذلك في الآية الأخص بها من ذكرناه.
ولأن الأمة في الآية رجلان: قائل إنها في أمراء (2) السرايا عن ولاية أبي بكر وعمر وعثمان وعلي عليه السلام خاصة، وقائل إنها في أئمة الهدي عليهم السلام، وقد علمنا اختصاص طاعة أولي الأمر بمن ولو عليه، وبما كانوا أمراء فيه، وبالزمان الذي اختصت به ولايتهم، وطاعتهم كما تري خاصة من كل وجه، فطاعة [وطاعة ظ] أولي الأمر في الآية عامة من كل وجه، فيجب لفساد أحد القولين صحة الآخر، وصحته تقتضي إمامة المذكورين عليهم السلام.
وقد كان بعض من لا بصيرة له قدح في عموم طاعة أولي الأمر، بأن قال:
عموم طاعته سبحانه ورسوله غير مستفاد من الآية، وإنما يعلم بدليل غيرها، فيجب إقامة دليل من غير الظاهر علي عموم طاعة أولي الأمر.
(1) سورة النساء، الآية: 59.
(2) أمر، كذا في النسخ. ولعل الصحيح ما أثبتناه.
(٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (52)، مدرسة المعتزلة (26)، الخوف (26)، الجواز (26)، الزهد (26)، سورة القصص (26)
فأجبنا أن مطلق الأمر بالطاعة يقتضي تناوله لكل مخاطب في كل زمان وأمر، وإنما يفتقر التخصيص إلي دلالة، وإذا كان هذا معلوما من مطلق كل خطاب، وعطف بأولي الأمر علي ما تقدمت دلالة الخطاب علي عمومه، وجب إلحاقهم به. وبأنا لو سلمنا أن عموم طاعته سبحانه ورسوله صلي الله عليه وآله معلوم بدليل غير الآية، لم يقدح ذلك في مقصودنا، من حيث كان المخاطب العالم بعموم الطاعتين إذا قيل له أطع الله ورسوله فهم بما تقدم له من الدلالة عموم الطاعة، فإذا عطف علي هذه الطاعة بأولي الأمر وجب عليه إلحاقهم في عموم الطاعة بما تقدم له العلم بعمومه وخوطب به.
ويدل أيضا علي إمامتهم عليهم السلام قوله تعالي: " ولو ردوه إلي الرسول وإلي أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " (1) فأخبر سبحانه قاطعا بأن الرد إلي أولي الأمر يقتضي العلم بما يستنبطه الراد إليهم، كاقتضائه مع الرد إلي الرسول صلي الله عليه وآله، ذلك يقتضي صفتي العلم والعصمة لأولي الأمر حسب ما أوجبناه في آية أهل الذكر، وذلك يقتضي تخصيص الآية بأئمتنا، ووجوب الاقتداء بهم، وثبوت إمامتهم حسب ما رتبناه فيما سلف.
ويدل علي ذلك أيضا قوله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " (2) يعني الاقتداء بهم، إذ الأمر بالكون معهم في المكان لا فائدة فيه، وذلك يقتضي وجوب الاقتداء بهم في كل شئ، لأنه سبحانه يخص
(١) سورة السناء، الآية: ٨٣.
(٢) سورة التوبة، الآية: ١١٩.
(٣) كذا في السنخ. ولكن قال في تقريب المعارف: ومنها قوله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " فأمر باتباع المذكورين ولم يخص جهة الكون بشئ فيجب اتباعهم في كل شئ …
(٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، بالمسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام، المسيح عليه السلام">النبي عيسي بن مريم عليهما السلام <sup>(78)</sup></span>، <input id="index-1082" type="checkbox" onclick="this.checked =! this.checked؛ indexShow('1082')؛"><a href="/البحث-المتطور/1082/23" title="سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام، سليمان عليه السلام">النبي سليمان عليه السلام <sup>(26)</sup></span>، <input id="index-465" type="checkbox" onclick="this.checked =! this.checked؛ indexShow('465')؛"><a href="/البحث-المتطور/465/23" title="سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران، سورة آل عمران">سورة آل عمران <sup>(26)</sup></span>، <input id="index-19681" type="checkbox" onclick="this.checked =! this.checked؛ indexShow('19681')؛"><a href="/البحث-المتطور/19681/23" title="سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل، سورة النحل">سورة النحل <sup>(26)</sup></span>، <input id="index-19683" type="checkbox" onclick="this.checked =! this.checked؛ indexShow('19683')؛"><a href="/البحث-المتطور/19683/23" title="سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم، سورة مريم">سورة مريم <sup>(52)</sup></span>
شيئا من شئ، ولا يحسن الأمر بالاقتداء علي هذا الوجه مع جواز القبيح علي المقتدي به، وإذا ثبت عصمة الصادقين ثبت توجه الخطاب إلي ما ذكرناه لما بيناه من الاعتبار.
ولأنه تعالي وصف المأمور باتباعهم بالصدق عنده سبحانه، وذلك مانع من توجهه إلي من يجوز عليه الكذب، لأن جوازه يمنع من القطع بالصدق عند الله، وإذا ثبت عصمتهم بهذا الاعتبار أيضا ثبت تخصيص الذكر في الآية بأئمتنا عليهم السلام.
ولأنه سبحانه وصفهم بالصدق فمنع ذلك من كذبهم، من حيث كان حصوله منهم يقتضي وصفهم به وذلك مناف لخبره تعالي.
فكأنه سبحانه فيما أمر به من مسألة أهل الذكر وطاعة أولي الأمر والرد إليهم الاقتداء بالصادقين، أمر بمسألة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد وجعفر وموسي وعلي ومحمد وعلي و الحسن والحجة المهدي عليهم السلام وطاعتهم والرد إليهم والاقتداء بهم بأسمائهم وأعيانهم، إذ لا فرق بين أن ينص علي الأسماء المخصوصة، أو علي الصفات المختصة بالمسمين، بل النص علي الصفات أظهر في الحجة، لحصول الاشتراك في الأسماء، وانتفائه في الصفات المختصة، وإذا كان لو نص علي إمامتهم والاقتداء بهم بأسمائهم وأنسابهم لم يحصل علي قلب مكلف ريب في أمرهم، وكان النص علي الصفة المختصة أظهر في الحجة، وجب لنصه عليها ارتفاع الشك في إمامتهم.
ويدل علي ذلك من جهة السنة ما اتفق عليه نقلة (1) الشيعة وفي نقلهم الحجة، ورواه أصحاب الحديث من غيرهم، أن النبي صلي الله عليه وآله قال في غير موطن: " إني
(1) اتفق علي نقله الشيعة.
(٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (52)، الرزق (52)، الصدق (26)، الجواز (52)
مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ولن يفترقا حتي يردا علي الحوض " وقال في مقامات: " مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها وقع في النار " وفي رواية " هلك " وفي رواية " غرق " وقال في مواضع أخر: " مثل أهل بيتي فيكم كباب حطة من دخله كان آمنا ".
ووجه الحديث الأول، أنه صلي الله عليه وآله أمر علي جهة الإخبار بالتمسك بكتاب الله وعترته، وخص المرادين من العترة بصفة يقتضي عصمتهم، هي أمان المتمسك بهم من الضلال، إذ لو كان الخطاء جائزا علي المتمسك لم يكن المتمسك آمنا من الضلال، ولأنه صلي الله عليه وآله جمع بينهم وبين الكتاب المهيمن علي كل حجة في وجوب التمسك، وذلك مقتض لكونهم حججا يجب الاقتداء بهم كالكتاب، ولأنه صلوات الله عليه وعليهم أوجب التمسك بهم في كل شئ ببرهان إطلاق التمسك من غير تخصيص، ولمساواته في ذلك بينهم وبين الكتاب الذي يجب التمسك بجميعه، وذلك مقتض للاقتداء بأقوالهم وأفعالهم المتعلقة بالتكليف، وهذا معني فرض الطاعة الذي لا يستحقه إلا الإمام وهو دال أيضا علي عصمتهم لما بيناه من أن عموم الاقتداء يقتضي عصمة المقتدي به.
ووجه عموم الحديثين (1) الثاني والثالث، أنه صلي الله عليه وآله نص علي نجاة متبع أهل بيته وأمانه من الضلال، وذلك برهان عصمتهم، إذ لو جاز عليهم الخطاء لم يكن القطع بنجاة متبعهم وأمانه من الضلال، وثبوت عصمتهم مقتض لإمامتهم لأنه لا أحدا فرق بين الأمرين، وثبوت هذه الأمور فيمن تعلق به مقتضي الأخبار دليل علي تخصيصها بمن عيناه من الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم دون سائر الذرية، لأنها لم يثبت لأحد عداهم ولا ادعيت له.
(1) في بعض النسخ هكذا: ووجوب جهة عموم الحديثين.
(٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: الأنبياء (ع) (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الخصومة (26)، الجهل (26)

سائر الأدلة علي إمامتهم

ويدل أيضا علي إمامتهم عليهم السلام عموم العلم لكل مخالط بنباهة (1) قدرهم البأس، وعظم [قدر. خ] منزلتهم عند الولي والعدو، وتعظيم الشيعة لهم، وترشيحهم لإمامة الأنام، وتدين أوليائهم بذلك فيهم، وكثرة أعدائهم له (2) من قريش المتغلبين أولا وآخرا علي خلافة الاسلام وأعوانهم عليها، واجتهاد الكل في الغض منهم، وإضافة وصمة إليهم، ثابتة أو متخرصة، وسلامة أعراضهم من ذلك، وبراءة ذمتهم منه عند الكل، وشهادة الجميع بضلالة من قرفهم بشئ من القبائح، وهذا برهان عصمتهم وكونهم حججا حبس الله الألسن عن التحرز (3) عليهم ما يقدح في وقارهم إرادة منه سبحانه وتعالي للاحتجاج بهم علي خلقه.
ومما يدل علي إمامتهم عليهم السلام بظهور (4) علمهم في العقليات والشرعيات والآداب وتبريزهم في ذلك علي أهل الأعصار، وحاجة الكل إليهم واستغنائهم عنهم، وثبوت حجتهم فيه علي كل مشار إليه من علماء مخالفيهم، واستمرار ذلك في الأزمان والأعيان، وسلامته من التقصير عند المعضلات، والعجز عند المشكلات، مع فقد العلم والظن بأحد يضافون إليه بتعليم، أو ينسبون إليه بتفهيم، مع دعوي شيعتهم بنبوتهم (5) بذلك (6) من جميع الأيام (7).
(1) بنهاية.
(2) كذا في نسخ.
(3) كذا في بعض النسخ وفي بعضها الآخر التحرض، ولعل الصحيح: التخرص.
(4) كذا.
(5) كذا في النسخ.
(6) في بعض النسخ: وبذلك.
(7) كذا في السنخ، ولعل الصحيح: الأنام.
(٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (52)، النهي (78)، الظلم (26)، الصّلاة (52)، الحج (26)، الخمس (26)
واجتهاد ملوك الأزمنة من أعدائهم في تكذيبهم، وتوفر دواعيهم إلي إظهار تخرصهم، لما في ثبوته من فساد أمرهم، ولزوم الحجة لهم، وتعذر ذلك علي مر الزمان وإلي الآن، برهان واضح علي كونهم حججا لله تعالي وحفظة لدينه، لوقوف ذلك التخصيص علي سبحانه كالأنبياء عليهم السلام، إذ لم تجر العادة في أحد تقدم في علم وبرز فيه، إلا ومن يضاف إليه معروف، و من ينسب تعلمه منه مشهور، ومع ذلك فقصوره عن كثير من الأجوبة ظاهر وعجزه عند المعضلات حاصل، وانقطاعه حين المناظرة ثابت.
ويدل علي إمامتهم عليهم السلام ما حصل من تعظيمهم بعد الوفاة من الدائن بإمامتهم والمخالف فيها، وقصد مشاهدهم من أطراف البلاد، والخضوع لتربهم، و التوسل إلي الله بحقهم، والعياذ بها من جبابرة الزمان، والامتناع بذمتها من أهل الطغيان، مع ارتفاع الرجاء والخوف عاجلا بشئ من ذلك، وحصول ضد هذه القضية في المتغلبين عليهم في إمامة الأيام (1) مع علو سلطانهم وكثرة أعوانهم، وخمول ذكرهم بعد الوفاة واندراس قبورهم بعد الممات، من الولي الدائن بخلافتهم فضلا عن العالم بضلالتهم، وهذا برهان واضح علي منزلتهم عند الله وثبوت حجتهم لديه.
ومما يدل علي إمامتهم عليهم السلام ثبوت النص من رسول الله صلي الله عليه وآله ومن كل منهم علي الذي يليه في الحجة وهو علي ضربين:
أحدهما نص علي العدد المخصوص كقوله صلي الله عليه وآله للحسين عليه السلام: " أنت إمام " ابن إمام، أخو إمام، أبو أئمة حجج تسع، تاسعهم قائمهم أعلمهم أحلمهم أفضلهم " وقوله صلي الله عليه وآله: " عدد الأئمة بعدي عدد نقباء موسي ". وحديث اللوح، وحديث الصحائف وحديث الخضر عليه السلام، وأمثال ذلك مما نقله محدثو العامة، وأطبق
(1) الأنام.
(٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (52)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (52)، الإختيار، الخيار (52)، الإقامة (26)، الجواز (26)، الزهد (26)، الوقوف (26)
عليه ناقلوا الإمامية، ولا أحد قال بهذا العدد المخصوص إلا خصه بما ذكرنا.
والضرب الثاني نص كل إمام منهم علي ولده من بعده، وورود هذا الضرب من النص في نفس (1) الإمامية متواتر يقتضي ثبوته.
من أراد الوقوف علي ذين الضربين من النص فليتأمل ظرف (كنا) النقل وما أورده من ذلك شيوخنا رضي الله عنهم.
ويدل علي إمامتهم عليهم السلام ظهور المعجزات علي أيديهم كظهورها علي أيدي الأنبياء عليهم السلام، وطريق العلم بها تواتر الشيعة الإمامية بظهورها علي يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأعيان الأئمة من ذريته صلوات الله عليهم، كتواتر الناقلين لمعجزات النبي صلي الله عليه وآله، يعلم ذلك من حالهم كل متأمل لنقلهم، فإذا ظهرت المعجزات علي أيديهم مقترنة بدعواهم للإمامة، وثبت النص من الله تعالي بها عليهم زال الريب في ثبوتها لهم.
ويدل أيضا علي إمامتهم صلوات الله عليهم حصول العلم لكل مخالط لهم وسامع لأخبارهم، بدعواهم الإمامة في أنفسهم، وكونهم حججا لا يسع أحدا مخالفتهم، وتدينهم بضلال المتقدم عليهم ومن اتبعه، وظهور هذه الدعوي من (2) شيعتهم فيهم وفي (3) من خالفهم، وصريح فتياهم بذلك واحتجاجهم له مع اختصاصهم بهم، وحمل حقوق الأموال إليهم، وأخذ معالم الدين عنهم وتدينهم بتخصيص الحق بفتياهم، وضلال من خالفها، مقتض لثبوت هذه الدعوي، والحكم بصحتها، إذ لو كانوا كاذبين فيها أوجب الحكم بضلالهم، ولا أحد من الأمة يعتد بقوله يذهب إلي ذلك فيهم، وخلاف الخوارج قد بينا
(1) في بعض النسخ: نفوس.
(2) في بعض النسخ: وشيعتهم.
(3) في بعض النسخ: ومن مخالفيهم.
صفحه(١٠٠)

هل يصدر المعجز عن غير النبي

سقوطه فيما سلف.
وإذا ثبت إمامة من ذكرناه وعصمتهم وكونهم أعلم الأمة المأمور بالاقتداء بهم، وجب ثبوت باقي الصفات من الفضل علي الرعية والتقدم عليها في الشجاعة والعبادة والزهد، ويلزم لذلك اتباعهم والأخذ عنهم والقطع علي فساد إمامة من عداهم وضلال المفتي بخلافهم ومن اتبعهم متدينا بإمامة أولئك وصحة فتياها و (1) لذهاب الكل عن الحق الواضح ببرهانه.
ولا يقدح فيما ادعيناه من ظهور المعجزات عليهم دعوي المعتزلة ومن وافقها في ذلك، لأن (2) المعجز موضوع لإبانة النبي صلي الله عليه وآله من غيره، وليسوا بأنبياء، وكون ذلك منفرا عن النظر في معجز النبي صلي الله عليه وآله لتجويز ظهوره علي من ليس بنبي.
لأن ثبوتها بالنقل المتواتر تسقط هذه المعارضة من حيث كان ثبوت الشئ فرعا لجوازه.
ويؤكده أيضا حصول اليقين بظهور المعجزات علي من ليس بنبي.
فمن ذلك أم موسي: " وأوحينا إلي أم موسي أن ارضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين " (3) ففعلت ما أمرت به، وهذا يقتضي ظهور المعجز لها من وجهين: أحدهما الوحي وهو معجز، والثاني أنها عليها السلام لا يجوز أن تقدم علي جعل ولدها في التابوت وطرحه في اليم إلا بعد اليقين بأن الأمر لها بذلك هو القديم سبحانه
(1) كذا في النسخ، والظاهر زيادة الواو.
(2) كذا في السنخ.
(3) سورة القصص، الآية: 7.
صفحه(١٠١)
ولا سبيل إلي ذلك إلا بظهور معجز تعلم به أن الخطاب المتضمن لذلك وحي منه سبحانه، وأم موسي ليست بنبي.
ومن ذلك ظهوره لمريم في عدة مواضع: منها نزول الرزق عليها من السماء حسب ما أخبر به سبحانه بقوله: " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال: يا مريم أني لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " (1) ولا شبهة في أن نزول الرزق من السماء معجزة، ومنها معاينة الملك المبشر لها بالمسيح عليه السلام في صورة بشري، ومنها كلام المسيح لها من تحتها في حال الولادة في قوله تعالي: " فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا " (2) وكلام الطفل معجز، وتساقط الرطب من النخلة اليابسة حسب ما ورد في التفسير معجز ومنها نطق المسيح عليه السلام ببراءة ساحتها في قوله تعالي: " فأشار إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا " (3) وهو معجز متكامل الشروط لكونه خارقا للعادة عقيب دعواها براءة ساحتها من فعله سبحانه.
ومن ذلك قوله سبحانه: " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " (4) فأتي به كذلك وهذا معجز باهر لوصي سليمان عليه السلام.
ومن ذلك ما أجمع المسلمون عليه من ظهور المعجزات علي تلاميذ
(1) سورة آل عمران، الآية: 37.
(2) سورة مريم، الآية: 24.
(3) سورة مريم، الآية: 30 - 29 (4) سورة النحل، الآية: 40.
صفحه(١٠٢)
المسيح عليه السلام وليسوا بأنبياء.
ولا انفصال من ذلك بقولهم إن معجز آصف لسليمان، والتلاميذ للمسيح، لأن المعلوم تخصيص المعجز بمن ذكرناه تصديقا لهم وتشريفا دالا علي علو منازلهم عنده سبحانه، ولا يجوز العدول به عنهم.
وبعد فماله منعوا من ظهور المعجز علي من ليس بنبي يقتضي المنع من ظهوره علي من انتفت عنه النبوة، فإذا ثبت ظهوره علي من ذكرنا وليسوا بأنبياء سقط معتمدهم.
علي أنهم إذا أجازوا ظهور المعجز علي غير النبي صلي الله عليه وآله ونسبته إلي نبي الوقت أو الملة (1) جاز لنا مثل ذلك في أئمتنا، لكونهم أوصياء رسول الله وحفظة شرعه كآصف من سليمان والتلاميذ من عيسي، بل هم أعلي رتبة عند الله وأجل منزلة.
فأما كون المعجز موضوعا للإبانة فمعني ذلك إبانة الصادق من الكاذب، و المرجع في صفته إليه، فإن كان صالحا فقط لم يدع نبوة ولا إمامة، وإن كان إماما حسب لم يدع نبوة ولا رسالة، وإن كان نبيا لم يقتصر علي ما دونها، من حيث كان المعجز مؤمنا من كذبه لتعلقه بمقدور من لا يجوز عليه تصديق الكذاب، وتجويز ذلك لا يقتضي النفير عن النظر في معجز النبي صلي الله عليه وآله، لأن مدعي النبوة لا بد أن يخوف من ترك النظر في معجزه بفوت ما أرسل به من المصالح، وليست هذه حال من يظهر علي يديه من الأئمة والصالحين، لأنهم لا يخوفون من فرق شريعة (2).
(1) كذا في النسخ.
(2) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: لأنهم لا يخافون من ترك الشريعة، ولعل الصحيح: لا يخوفون من فوت شريعة.
(١٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: مسألة الحسن والقبح (26)، الكذب، التكذيب (26)، النهي (208)، الزكاة (26)، الصدق (26)، الخوف (26)، الصّلاة (26)، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (26)

وجه امساك الأئمة عن المطالبة بحقوقهم

علي أن المعجز عندنا لا يظهر إلا علي من لنا في تمييزه بظهور ه عليه و تصديقه به مصلحة، أما الأئمة عليهم السلام فقد بينا كونهم حججا في التكليف العقلي وألطافا فيه، ذوي صفات لا يمكن تمييزهم [لها. خ] إلا بمعجز أو نص يستند إليه وحفظة للشرع، وكونهم كذلك يقتضي كونهم علي أحوال لا يمكن تعيينهم لها إلا بأحد الأمرين، فجاز ظهور المعجزات عليهم في حال ووجوبها (1) في أخري، وتعين فرض النظر فيها عند تخويفهم كتعينه في معجزات الأنبياء. وأما الصالحون فليعلم الناظر في معجزاتهم كونهم كذلك عند الله تعالي فيتولاهم ظاهرا وباطنا، وإذا شارك الأئمة والصالحون الأنبياء عليهم السلام في حصول المصلحة بمعرفتهم وفوتها (2) للجهل بهم تعين فرض النظر في أعلامهم كتعينه في أعلام الأنبياء ولم يقتض ذلك تنفيرا عنه في موضع دون موضع (3)، إذ التنفير إنما كان يحصل لو جوزنا ظهور المعجز علي من لا مصلحة لنا في العلم بصدقه، فأما والحال بخلاف ذلك فشبه الخصم ساقطة.
ولا يقدح في شئ مما علمناه من صحة إمامتهم عليهم السلام إمساكهم عن المطالبة بحقوقهم للمتقدمين عليهم، وانقيادهم إليهم في الظاهر، وكفهم عن الأمور المختص فرضها بهم: من جهاد وأمر ونهي ومظاهرة الأعداء وإظهار فتيا، لأن قيام البرهان بصحة إمامتهم وعصمتهم عليهم السلام يقتضي الحكم علي جميع أفعالهم وتروكهم بالحسن، كما يقطع بمثل ذلك في أفعال النبي صلي الله عليه وآله وتروكه لثبوت عصمته.
ولأن ما ذكرناه وما لم نذكره من الاعتراضات إنما يتعين عليهم بشرط تكامل
(1) كذا في النسخ.
(2) في بعض النسخ: فوقها وهو تصحيف ظاهرا.
(3) كذا في النسخ.
(١٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (26)، الشكر (26)، البيع (26)، الصّلاة (78)، سورة المائدة (26)، سورة العنكبوت (26)

في امامة صاحب الزمان عليه السلام

شروط الأمر والنهي دون اختلال شئ منها، فلا يصح الاعتراض لشئ (1) من ذلك ممن لم يثبت تعين فرضه بتكامل شروط الأمر والنهي لهم وهيهات، علي أن اختلاف (2) شروط الأمر والنهي فيهم معلوم لكل من عرف حالهم مع المتقدمين عليهم والمتغلبين علي أمور المسلمين، وأن جميعهم وكل واحد منهم غير آمن مع لزومه منزلة (3) وانقطاعه عن شيعته، فكيف بما زاد علي ذلك من المحاربة ومدافعة ذي العدد الكثير من الظالمين.
وبما قدمناه من الأدلة وحل الشبه (4) يسقط سؤال من يعترض في إمامة صاحب الزمان عليه السلام أو يقدح بغيبته في وجوده، من حيث كان ما قدمناه من الأدلة علي إمامة أعيان الأئمة، دالة علي إمامته عليه السلام كدلالتها علي إمامة آبائه عليهم السلام.
ولأن المخالف في إمامته عليه السلام لا يعدوا أن يكون مسلما لإمامة آبائه عليهم السلام تسليم جدل أو دين، أو منازعا فيها، فإن كان منازعا وجب الاشتغال معه بإيضاح الأدلة عليها وحمل إمامة صاحب الزمان عليه السلام عليها، وإن كان مسلما لها سقط خلافه في إمامته عليه السلام، لأنه لا أحد من الأمة أثبت إمامة آبائه ونازع في إمامته.
ولأن المعلوم من دينهم القول بإمامة الثاني عشر والنص علي إمامته وصفة غيبته، فصار لذلك العلم بإمامتهم عليهم السلام علما بإمامته، كما أن العلم بنبوة نبينا علم بوجوب صلوات (5) الخمس وصوم الشهر وحج البيت، فكما لا يصح القول بنبوته مع الشك في هذه العبادات كذلك لا يصح القول بإمامة آبائه عليهم السلام مع
(1) بشئ.
(2) كذا في السنخ، والظاهر: اختلال.
(3) هذه الكلمة موجودة في بعض النسخ، ولعل الصحيح: منزله.
(4) الشبهة. كذا في بعض النسخ.
(5) في بعض النسخ: صلوات.
(١٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: الجهل (52)
الشك في إمامته عليه السلام.
وإذا كانت إمامته عليه السلام ثابتة كآبائه وجب تكامل الصفات الواجبة للإمام له من العصمة والفضل والعلم والعبادة والزهد والشجاعة واقتضي لذلك (1) الحكم لغيبته وما يتبعها في عدم فتياه وارتفاع ما يتعلق به فرضه مع الامكان من جهاد وإقامة حد وقبض حق بالحسن، إذ لا فرق في العلم بحسن الفعل والاخلال بين أن يعلم ذلك مفصلا وبين أن يستند إلي اختيار من لا يجوز عليه اختيار القبيح. ولهذا حكمنا لجميع ما خلقه القديم سبحانه وأراده وفعله النبي صلي الله عليه وآله ودعيا (2) إليه بالحسن، ولما كرهاه (3) بالقبح، لقيام البرهان علي حكمته سبحانه وعصمة الرسول صلي الله عليه وآله ولم يحتج إلي تفصيل الوجه في ذلك.
وقد تبرع شيوخنا رضي الله عنهم وتبرعنا بيان الوجه الحكمي في جميع ما يسأل عنه المخالف في إمامة صاحب الزمان عليه السلام وغيبته كما تبرعوا وتبرعنا بمثل ذلك في شبه التوحيد والعدل والنبوة، (4) الوقوف (5) عليه في مواضعه يغني إيراده ههنا، إذ كانت الجملة التي عقدناها كافية في ثبوت الحجة في إمامة صاحب الزمان عليه السلام وسقوط ما يعترضها من الشبهة. والمنة (6) لله تعالي.
(1) ذلك، كذا في بعض النسخ.
(2) في بعض النسخ: دعا.
(3) في بعض النسخ: كرهه (4) في بعض النسخ: النبوات (5) في بعض النسخ: والوقوف.
(6) في بعض النسخ: والمشية.
(١٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (26)، الصّلاة (26)، الحيض، الإستحاضة (26)، النفاس (26)، الخمس (26)، الجنازة (26)

القسم الثاني: التكليف السمعي

اشارة

التكليف السمعي
(١٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الجهل (26)، الصّلاة (26)
فصل في بيان التكليف السمعي التكليف الشرعي علي ثلاثة أضرب: عبادات ومحرمات وأحكام.
والعبادات علي ضربين: مفروض ومسنون، ولكل وجه يجب امتثاله له فوجه الفرائض كون فعلها لطفا في الواجب العقلي واجتناب القبيح ويقبح (1) تركها، لأنه ترك الواجب (2).
وجهة السنن كونها لطفا في المندوب العقلي، ولم يقبح تركها كما لم يقبح ترك ما هي لطف فيه.
وجهة قبح (3) المحرمات كون فعلها مفسدة داعيا إلي قبائح العقول، وصارفا عن واجباتها، ويجب اجتنابها لأنه اجتناب القبيح.
ووجه الأحكام ليعلم المكلف الوجه الذي له يحسن التصرف فيقف (4) عليه ويجتنب ما عداه، فتكليفه فيها راجع إلي العبادات من وجه وإلي المحرمات
(1) في بعض النسخ: وتبح تركها.
(2) في بعض النسخ: ترك لواجب.
(3) في جميع النسخ هكذا: وجهه وقبح المحرمات. والظاهر ما أثبتناه.
(4) في جميع النسخ: فيقفه.
(١٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: شهر رمضان المبارك (26)، صلاة الجمعة (26)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)، الصّلاة (442)، السجود (52)، السهو (26)، الخمس (26)، الجنازة (26)، الإنذار (26)
من آخر، علي ما نذكره.
وقلنا ذلك لأنه لا بد لكل شئ حسن أو قبيح من وجه له كان كذلك لولا ذلك لم يكن ما حسن بالحسن أولي من القبح، ولا ما قبح بالقبح أولي من الحسن، فلا يخلوا أن الوجه كونها كذلك كالصدق والانصاف والظلم والكذب، أو الأمر والنهي (1) علي ما يقوله المجبرة، أو كون ذلك شكر النعمة علي ما يقوله بعض أهل العدل، أو كون الترك في العبادات مفسدة وفي القبائح مصلحة، أو ما يقوله من كون فعل العبادات مصلحة وفعل القبائح مفسدة.
والقسم الأول ظاهر الفساد لأنه يقتضي أن يكون كل من علم الصلاة أو الزكاة علم وجههما وإن (2) لم يختلف وجوبهما وقبح القبائح في الأزمان والأعيان كالصدق والكذب، والمعلوم خلاف ذلك.
والقسم الثاني فاسد أيضا من حيث وجب كون المأمور علي صفة لها حسن الأمر به قبل تعلق الأمر والنهي علي صفة لها حسن النهي عنه قبل تعلقه به، وذلك مانع من وقوف وجه الحسن علي الأمر والقبح علي النهي، وإنما كشف الأمر والنهي منه سبحانه عن حسن المأمور وقبح المنهي لكونه تعالي حكيما لا يأمر بقبيح ولا ينهي عن حسن. ولأن الأمر والنهي لو أقتضيا الحسن والقبح لاقتضيا ذلك في كل موضع، فكان يقبح الصدق للنهي عنه ويحسن الكذب للأمر به، والمعلوم خلاف ذلك. ولأن صحة الأمر والنهي فرع للعلم بصدق الرسول الموقوف علي النظر الواجب عن الخوف من فوت المصالح وتعلق المفاسد الحاصل قبل فعله، فوقوف حسن الشرائع وقبحها علي الأمر والنهي
(١) في بعض السنخ: أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(2) في بعض النسخ: علم وجههما إذ لم يختلف وجوبهما. ولعل الصحيح: وإن لا يختلف.
(١١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (26)، النصف من شعبان (26)، الشكر (26)، الصّلاة (364)، الجهل (26)، السجود (52)، الإستخارة (26)، الإستسقاء (26)، الركوع، الركعة (26)، السهو (26)، الخمس (26)، الحاجة، الإحتياج (26)
يسد طريق العلم بصحتها علي ما قررناه.
والثالث أظهر فسادا من حيث كان الشكر الاعتراف بالنعمة والخضوع لفاعلها وتعظيمه، وهذه الحقيقة أجنبية من أفعال الشريعة وتروكها، ولأن شكره تعالي واجب علي كل مكلف في كل حال ذكر، والشرعيات بخلاف ذلك، لاختصاص تكليفها بمكلف دون مكلف، وزمان دون زمان. وليس لأحد أن يقول: فالعبادات لا تصح إلا بعد أن تكون فاعلها معترفا بنعمه تعالي خاضعا بها له سبحانه، لأن ذلك من شرائط صحتها كالطهارة وستر العورة والنية وليس بوجه لها.
والرابع أبعد من الصحة لأن التعبد والنص والإشارة والتعيين توجهت إلي فعل العبادات كالصلاة والزكاة، والمحرمات كالزنا وشرب الخمر، دون تركها، ولو كان الترك هو المعتبر في التكليف لوجب توجه النص والتعيين إليه دون الفعل، إذ هو المقصود.
فثبت أن الوجه ما ذكرناه.
ولأنه سبحانه قد نص علي ذلك بقوله: " إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر " (1) " وإنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون " (2) وهذا صريح بكون الصلاة صارفة عن القبيح والخمر والميسر صارفان (3) عن الحسن.
وقلنا بما ذكرناه في الأحكام، لأن مريد النكاح متي لم يعلم الوجه الذي يقع عليه العقد الشرعي لم يحل له الوطي، وكذلك مريد البيع والابتياع مع
(1) سورة العنكبوت، الآية: 45.
(2) سورة المائدة، الآية: 91.
(3) في بعض النسخ: صارفا.
(١١١)
صفحهمفاتيح البحث: الجهر والإخفات (78)، الباطل، الإبطال (26)، الصّلاة (234)، الظنّ (26)، السهو (52)، القصر، التقصير (26)، الركوع، الركعة (52)
الجهل بالعقد الشرعي، وكذلك القول في الإرث متي جهل الحكم لم يحل له التصرف في الموروث، فهو إذا متعبد بإيقاع العقد أو الفرقة علي الوجه المشروع، وعلي هذا يجري الحال في جميع الأحكام، ورجوعها في التحقيق إلي قبيل العبادات من وجه، والتروك الشرعية من آخر، من حيث كان إمضاؤها علي خلاف ما قرره الشرع مكروها له سبحانه.
وإذا كان الوجه ما ذكرناه وجب علي من كلف شيئا من الأفعال الشرعية أو تروكها أن يفعل ويترك الوجه (1) الذي شرع، إذ هو المقصود متقربا به إليه سبحانه، ولا يكون كذلك لما يكون طائعا (2) فيه بامتثال مراده سبحانه في جميع صفاته وشروطه وأفعاله وتروكه عامدا في حاله (3) باعترافه بنعمه سبحانه وخضوعه له سبحانه، وذلك فرع للعلم بما قدمناه من المعارف، فمتي اختل شرط من هذه لم يكن فعله ولا اجتنابه عبادة ولا مصلحة.
(1) كذا في جميع النسخ، والظاهر: للوجه.
(2) في جميع النسخ: طائفا والظاهر: ما أثبتناه.
(3) في بعض النسخ: حالة.
(١١٢)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (26)، الباطل، الإبطال (78)، الركوع، الركعة (52)، السجود (104)، الصّلاة (26)، الظنّ (26)، الجواز (52)، السهو (52)

باب تعيين العبادات وهي عشرة (أحد عشر ظ) أبواب

اشارة

باب تعيين العبادات العبادات عشرة: الصلوات، وحقوق الأموال، والصيام والحج، و الوفاء بالنذور والعهود والوعود، وبر الأيمان، وتأدية الأمانات، والخروج من الحقوق، والوصايا، وأحكام الجنائز، وما تعبد (1) الله سبحانه لفعل الحسن والقبيح، ولكل من هذه العبادات أحكام وشروط، وينقسم أكثرها إلي أفعال وتروك، وينقسم كل منهما إلي مفروض ومسنون، ويعم تكليف بعضها ويخص بعض، مع عموم العلم بجملها (2) لكل مكلف في كل حال من حيث كان التصديق بها من جملة الإيمان وتعذره في الحقيقة من دون العلم، والعلم بالتفصيل موقوف علي البلوي بالعمل، وفرض العلم بصلاة الخمس يتعين (3) في الأيام والمكلفين عدا النفساء والحائض فلزم لذلك العلم بتفصليها لوقوف صحة العمل علي العلم بالمعمول، وما عداها من العبادات العمل بها والعلم بتفصيل أحكامها موقوف علي البلوي، وإن كان العلم بالتفصيل مندوبا إليه علي كل حال
(1) في بعض النسخ: وما يعبد الله.
(2) في النسخ: بحملها، والظاهر ما أثبتناه.
(3) في بعض النسخ: بتعيين.
(١١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الركوع، الركعة (26)، السجود (52)، الصّلاة (130)، الظنّ (26)، السهو (78)
لكون كل مكلف معرضا للبلوي بكل منها ومجوزا ذلك في زمان يضيق عن العلم بتفصيل ما بلي به.
إن قيل: ما القول في من تعين عليه العمل بأحد هذه العبادات في زمان يضيق عن تحصيل العلم بها؟
قيل: يلزم هذا المكلف اجتناب العمل مع الجهل به والشروع في النظر في الطرق الموصلة إلي العلم به، فإذا علمه فكان (1) مما يصح أداؤه في الأوقات كالحج والزكاة فليؤده في المستقبل، وإن كان مما يختص بوقت ويجب قضاؤه بخروجه كالصوم فخرج ولما يكمل العلم به عن تفريط منه فهو مازور يلزمه التوبة والقضاء، وإن كان ممتثلا ما وجب عليه من النظر في ابتداء تعين فرضه ومجتهدا في فعله في جميع أحوال إمكانه، فلا تبعة عليه ولا قضاء يلزمه، وإن كان مما يتعلق بوقت يسقط فرضه بخروجه كالفطرة وصلاة العيد فهو مأزور مع التفريط بواجب النظر، تلزمه التوبة، وإن لم يكن مفرطا فلا شئ عليه.
(1) كذا في النسخ.
(١١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الركوع، الركعة (78)، السجود (52)، الصّلاة (208)، الباطل، الإبطال (26)، الخوف (26)، الشهادة (52)، الوقوف (26)، الأذان (52)، السهو (26)، الطهارة (52)، الإقامة (26)

1 - باب حقيقة الصلاة وضروبها

اشارة

باب بيان حقيقة الصلاة وضروبها الصلاة الشرعية تشتمل علي ثلاثة أشياء: أحكام، وشروط، وكيفية، ويتبعها شيئان: أحكام السهو فيها، والقضاء لما يلزمه قضاؤه من فوائتها.
فالاحكام صفات الصلاة وهي علي ضربين: أفعال كالقراءة والركوع والسجود، وتروك، كالكلام والعبث.
والشروط ما به تتم الصلاة، ومن حقها أن تكون منفصلة عنها كرفع الحدث بالطهارة وستر العورة.
والكيفية: ما يجب كون المصلي عليها في حال قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه منفردا وجامعا، مختارا ومضطرا.
والسهو: انتفاء العلم والظن بما فعله المصلي أو تركه.
والقضاء: فعل مثل الفائتة بخروج وقته.
والصلاة علي ضربين مفروض ومسنون، والمفروض سبع صلوات:
صلاة الخمس، وصلاة الجمعة، وصلاة العيدين، وصلاة الكسوف، و صلاة الجنائز، وصلاة الطواف، وصلاة النذر. والمسنون ستة عشر صلاة:
(1) صلاة نوافل الجمعة، ونوافل شهر رمضان. وصلاة الغدير، وصلاة المبعث
(1) صلاة النوافل اليومية و. ظ.
(١١٥)
صفحهمفاتيح البحث: علي بن الحسين (26)، الحسن بن علي (26)، موسي بن جعفر (26)، علي بن محمد (26)، محمد بن علي (52)، جعفر بن محمد (26)، الشهادة (26)، الركوع، الركعة (26)، الصّلاة (156)، الجواز (78)، الأذان (52)، الخمس (26)، الترتيب (26)، التكبير (26)، الطهارة (52)، الإقامة (26)

تفصيل أحكام الصلاة الخمس

وصلاة نصف شعبان، وصلاة أمير المؤمنين عليه السلام، وصلاة جعفر عليه السلام، وصلاة فاطمة عليها السلام، وصلاة الإحرام، وصلاة الزيارات، وصلاة الاستخارة، وصلاة الحاجة، وصلاة الشكر، وصلاة الاستسقاء، وصلاة تحية المسجد.
باب تفصيل أحكام الصلاة الخمس الواجب فعله من أحكام الصلاة أحد عشر شيئا: عدد ركعاتها، وتكبيرة الإحرام، والقراءة، والركوع، والتسبيح فيه، والسجود، والتسبيح فيه، والجلوس للتشهدين، والشهادتان فيهما، والصلاة علي محمد وآله صلي الله عليه وآله والتسليم.
فالفرض الأول علي ضربين: تمام وتقصير، والتمام سبع عشرة ركعة:
الظهر أربع ركعات، والعصر كذلك، والمغرب ثلاث، وعشاء الآخرة أربع، والغداة ركعتان. والتقصير إحدي عشرة ركعة: الظهر ركعتان، والعصر كذلك والمغرب ثلاث، وعشاء الآخرة ركعتان، والفجر ركعتان.
وفرض التمام يختص الحاضر، والمسافر في معصية، والمسافر للعب والنزهة، والمسافر أقل من بريدين - وهما أربعة وعشرون ميلا - ومن سفره أكثر من حضره كالجمال (1) والمكاري والبادي، ومن عزم من المسافرين علي الإقامة عشرا، والتقصير فرض من عداهم.
فإن قصر المتم أعاد علي كل حال، وهو مأزور مع القصد، وإن تمم المقصر (2) مع العلم والقصد أعاد علي كل حال، وإن كان عن سهو أو الجهل ببعض الأحكام أعاد في الوقت.
(1) في بعض النسخ: كالحمال.
(2) في بعض النسخ: القصر.
(١١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الشراكة، المشاركة (26)، الطهارة (26)، الصّلاة (78)، التكبير (26)

عدد ركعاتها

وصلاة نصف شعبان، وصلاة أمير المؤمنين عليه السلام، وصلاة جعفر عليه السلام، وصلاة فاطمة عليها السلام، وصلاة الإحرام، وصلاة الزيارات، وصلاة الاستخارة، وصلاة الحاجة، وصلاة الشكر، وصلاة الاستسقاء، وصلاة تحية المسجد.
باب تفصيل أحكام الصلاة الخمس الواجب فعله من أحكام الصلاة أحد عشر شيئا: عدد ركعاتها، وتكبيرة الإحرام، والقراءة، والركوع، والتسبيح فيه، والسجود، والتسبيح فيه، والجلوس للتشهدين، والشهادتان فيهما، والصلاة علي محمد وآله صلي الله عليه وآله والتسليم.
فالفرض الأول علي ضربين: تمام وتقصير، والتمام سبع عشرة ركعة:
الظهر أربع ركعات، والعصر كذلك، والمغرب ثلاث، وعشاء الآخرة أربع، والغداة ركعتان. والتقصير إحدي عشرة ركعة: الظهر ركعتان، والعصر كذلك والمغرب ثلاث، وعشاء الآخرة ركعتان، والفجر ركعتان.
وفرض التمام يختص الحاضر، والمسافر في معصية، والمسافر للعب والنزهة، والمسافر أقل من بريدين - وهما أربعة وعشرون ميلا - ومن سفره أكثر من حضره كالجمال (1) والمكاري والبادي، ومن عزم من المسافرين علي الإقامة عشرا، والتقصير فرض من عداهم.
فإن قصر المتم أعاد علي كل حال، وهو مأزور مع القصد، وإن تمم المقصر (2) مع العلم والقصد أعاد علي كل حال، وإن كان عن سهو أو الجهل ببعض الأحكام أعاد في الوقت.
(1) في بعض النسخ: كالحمال.
(2) في بعض النسخ: القصر.
(١١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الشراكة، المشاركة (26)، الطهارة (26)، الصّلاة (78)، التكبير (26)

تكبيرة الاحرام

ويلزم التقصير لمكلفه إذا غاب عنه أذان مصره. فإن دخل مصرا له فيه وطن فنزل فيه فعليه التمام ولو صلاة واحدة، فإن لم ينزله أو لم يكن له فيه وطن فعزم علي الإقامة عشرا تمم، وإن لم يعزم علي هذه المدة قصر ما بينه وبين شهر ثم تمم ولو صلاة واحدة.
والفرض الثاني لا يجزي فيه غير قول المصلي: الله أكبر، دون سائر الأذكار، ومن حقه إيجاب المضي في الصلاة، وتحريم ما كان مباحا قبلها مما ليس في أفعالها أو أذكارها، فإن أخل به المصلي عن سهو أو عمد فسدت صلاته ولزمته الإعادة، وإن شك فيه وهو في حال القيام قبل القراءة فليفعله، وإن شك بعد ما قرأ أو إلي آخر الصلاة فلا يلتفت إلي شكه، وإن علم أو ظن إخلالا به بعد القراءة وإلي آخر الصلاة فعليه إعادة الصلاة.
والفرض الثالث يجب مضيقا في الركعتين الأوليين من الرباعيات و المغرب وفي صلاة الغداة والتقصير الحمد وسورة مع الامكان، والحمد وحدها مع الاضطرار، وعلي جهة التخيير في الركعتين الأخرتين من الرباعيات و ثالثة المغرب بين الحمد وحدها وبين ثلاث تسبيحات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله (1).
ومن شرط القراءة وصحة الصلاة فعلها من قيام مع الامكان.
ويلزم الجهر بها في أولتي المغرب وعشاء الآخرة وصلاة الغداة وببسم الله الرحمن الرحيم في أولتي الظهر والعصر في ابتداء الحمد والسورة التي تليها، والاخفات في باقي الركعات فمن جهر بحيث يجب الاخفات أو خافت بحيث يجب الجهر قاصدا بطلت صلاته، وإن كان عن سهو أو لتقية فصلاته ماضية وإن جهر بحيث يجب الجهر جهرا شديدا فقد خالف السنة، وإن خافت بحيث
(1) في بعض النسخ: والله أكبر.
(١١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الركوع، الركعة (104)، السجود (52)، النهوض (26)، الصّلاة (26)، الطهارة (26)، القنوت (26)، الشهادة (26)، الكرم، الكرامة (26)، الجود (26)

القراءة

ويلزم التقصير لمكلفه إذا غاب عنه أذان مصره. فإن دخل مصرا له فيه وطن فنزل فيه فعليه التمام ولو صلاة واحدة، فإن لم ينزله أو لم يكن له فيه وطن فعزم علي الإقامة عشرا تمم، وإن لم يعزم علي هذه المدة قصر ما بينه وبين شهر ثم تمم ولو صلاة واحدة.
والفرض الثاني لا يجزي فيه غير قول المصلي: الله أكبر، دون سائر الأذكار، ومن حقه إيجاب المضي في الصلاة، وتحريم ما كان مباحا قبلها مما ليس في أفعالها أو أذكارها، فإن أخل به المصلي عن سهو أو عمد فسدت صلاته ولزمته الإعادة، وإن شك فيه وهو في حال القيام قبل القراءة فليفعله، وإن شك بعد ما قرأ أو إلي آخر الصلاة فلا يلتفت إلي شكه، وإن علم أو ظن إخلالا به بعد القراءة وإلي آخر الصلاة فعليه إعادة الصلاة.
والفرض الثالث يجب مضيقا في الركعتين الأوليين من الرباعيات و المغرب وفي صلاة الغداة والتقصير الحمد وسورة مع الامكان، والحمد وحدها مع الاضطرار، وعلي جهة التخيير في الركعتين الأخرتين من الرباعيات و ثالثة المغرب بين الحمد وحدها وبين ثلاث تسبيحات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله (1).
ومن شرط القراءة وصحة الصلاة فعلها من قيام مع الامكان.
ويلزم الجهر بها في أولتي المغرب وعشاء الآخرة وصلاة الغداة وببسم الله الرحمن الرحيم في أولتي الظهر والعصر في ابتداء الحمد والسورة التي تليها، والاخفات في باقي الركعات فمن جهر بحيث يجب الاخفات أو خافت بحيث يجب الجهر قاصدا بطلت صلاته، وإن كان عن سهو أو لتقية فصلاته ماضية وإن جهر بحيث يجب الجهر جهرا شديدا فقد خالف السنة، وإن خافت بحيث
(1) في بعض النسخ: والله أكبر.
(١١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الركوع، الركعة (104)، السجود (52)، النهوض (26)، الصّلاة (26)، الطهارة (26)، القنوت (26)، الشهادة (26)، الكرم، الكرامة (26)، الجود (26)

الركوع

يجب الاخفات بما لا تسمعه أذناه فسدت صلاته.
ومن حق القراءة أن يكون بلسان العرب المعرب، فإن عبر عن القرآن بغير العربية أو لحن في قراءته عن قصد بطلت صلاته، وإن كان ساهيا فعليه سجدتا السهو.
ولا يجوز أن يقرأ في فريضة بسورة من عزائم السجود وهي أربع: تنزيل السجدة ثم حم السجدة، والنجم، واقرأ باسم ربك الذي خلق، لأن في هذه السور سجودا واجبا إن يفعله تبطل الفريضة بالزيادة فيها وإن لا يفعله يخالف الواجب.
ولا يجوز أن يقرأ مع فاتحة الكتاب بعض سورة، ولا أكثر من سورة.
ويكره قراءة طوال السور في الفرائض خوفا من فوت الفضل بأول الوقت، فإن خيف خروجه لقراءتها وجب تحري غيرها من قصار السور.
والفرض الرابع يجب فعله شرعيا علي ما نبينه في باب الكيفية، فإن أخل المصلي بركوع واحد عن سهو أو عمد أو واقعه [أوقعه ظ] علي غير صفته بطلت صلاته.
وإن شك وهو قائم فلم يدر أركع أم لم يركع فليركع، وإن ذكر بعد ما ركع أنه قد كان ركع فليسجد من غير أن يرفع رأسه وصلاته ماضية، فإن رفع رأسه من الركوع بعد الذكر فسدت صلاته لزيادته فيها ركوعا ليس منها [فيها ظ] وهو مأزور. وإن كان ذكره للركوع بعد ما رفع رأسه فعليه الإعادة دون الإثم.
وإن شك فيه وهو ساجد لم يلتفت إلي شكه. وإن علم أو ظن ترك الركوع في حال السجود وإلي آخر الصلاة فعليه الإعادة.
والفرض الخامس ثلاث تسبيحات علي المختار، وتسبيحة علي المضطر، أفضله سبحان ربي العظيم وبحمده، ويجوز سبحان الله، فإن أخل بالتسبيح عامدا
(١١٨)
صفحهمفاتيح البحث: التصديق (26)، الموت (78)، الصّلاة (104)، الشراكة، المشاركة (26)، الشهادة (26)، تسبيح الزهراء ع (26)، الصدق (26)

السجود

فسدت الصلاة، وإن كان ساهيا فالصلاة ماضية.
والفرض السادس يلزم علي سبعة أعضاء: الجبهة والكفين والركبتين و أطراف أصابع الرجلين علي ما نبينه في باب الكيفية. فإن تعمد ترك سجدة واحدة أو سها عن سجدتين من ركعة فسدت صلاته. وإن سها عن سجدة فذكرها قبل أن يركع الركعة التي تلي حال السهو أرسل نفسه وسجدها فإن لم يذكرها حتي ركع فليمض في صلاته، فإذا سلم سجدها قاضيا وسجد سجدتي السهو.
وإن شك وهو جالس فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ أسجد واحدة أم اثنتين؟
فليسجد ما شك فيه. فإن ذكر بعد ما سجد أنه قد كان سجد، فكان بما (1) فعله مكملا سجدتين فصلاته صحيحة وإن كان زائدا عليها أعاد الصلاة. وإن شك بعد ما نهض لم يلتفت إلي شكه، وإن تيقن أو ظن فحكمه ما قدمناه.
والفرض السابع كالخامس، ولفظه الأفضل: سحبان ربي الأعلي وبحمده، ويجوز سبحان الله.
والفرض الثامن واجب أولا وثانيا علي الصفة التي نبينها، فإذا أخل به عامدا فسدت الصلاة، وإن كان ساهيا فذكر الأول قبل أن يركع أو الثاني قبل أن ينصرف وجلس فتشهد فلا شئ عليه، وإن كان لم يذكر الأول حتي ركع الثالثة، أو الثاني حتي انصرف عن مقام الصلاة، فعليه قضاؤه وسجدتا السهو.
والفرض التاسع والعاشر لازم في الجلوس الأول والثاني، فإن تعمد المصلي الاخلال بشئ منه فيهما فسدت صلاته، وإن سها عنه فالصلاة ماضية وقضاءه في الصلاة وما بقي علي طهارتها أفضل.
والفرض الحادي عشر: السلام عليكم ورحمة الله يعني محمدا وآله صلي الله عليه وآله
(1) في بعض النسخ: ما فعله.
(١١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الركوع، الركعة (26)، الكراهية، المكروه (26)، السجود (52)، الصّلاة (26)، الكرم، الكرامة (156)

التشهد والتسليم

فسدت الصلاة، وإن كان ساهيا فالصلاة ماضية.
والفرض السادس يلزم علي سبعة أعضاء: الجبهة والكفين والركبتين و أطراف أصابع الرجلين علي ما نبينه في باب الكيفية. فإن تعمد ترك سجدة واحدة أو سها عن سجدتين من ركعة فسدت صلاته. وإن سها عن سجدة فذكرها قبل أن يركع الركعة التي تلي حال السهو أرسل نفسه وسجدها فإن لم يذكرها حتي ركع فليمض في صلاته، فإذا سلم سجدها قاضيا وسجد سجدتي السهو.
وإن شك وهو جالس فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ أسجد واحدة أم اثنتين؟
فليسجد ما شك فيه. فإن ذكر بعد ما سجد أنه قد كان سجد، فكان بما (1) فعله مكملا سجدتين فصلاته صحيحة وإن كان زائدا عليها أعاد الصلاة. وإن شك بعد ما نهض لم يلتفت إلي شكه، وإن تيقن أو ظن فحكمه ما قدمناه.
والفرض السابع كالخامس، ولفظه الأفضل: سحبان ربي الأعلي وبحمده، ويجوز سبحان الله.
والفرض الثامن واجب أولا وثانيا علي الصفة التي نبينها، فإذا أخل به عامدا فسدت الصلاة، وإن كان ساهيا فذكر الأول قبل أن يركع أو الثاني قبل أن ينصرف وجلس فتشهد فلا شئ عليه، وإن كان لم يذكر الأول حتي ركع الثالثة، أو الثاني حتي انصرف عن مقام الصلاة، فعليه قضاؤه وسجدتا السهو.
والفرض التاسع والعاشر لازم في الجلوس الأول والثاني، فإن تعمد المصلي الاخلال بشئ منه فيهما فسدت صلاته، وإن سها عنه فالصلاة ماضية وقضاءه في الصلاة وما بقي علي طهارتها أفضل.
والفرض الحادي عشر: السلام عليكم ورحمة الله يعني محمدا وآله صلي الله عليه وآله
(1) في بعض النسخ: ما فعله.
(١١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الركوع، الركعة (26)، الكراهية، المكروه (26)، السجود (52)، الصّلاة (26)، الكرم، الكرامة (156)

مبطلات الصلاة

والحفظة، وإن كان منفردا بالصلاة فتسليمه (1) واحدة تجاه القبلة ويشير بها ذات اليمين، وإن كان إماما فواحدة تجاه القبلة عن اليمين، وإن كان مأموما فواحدة ذات اليمين ذات الشمال.
والواجب تركه في الصلاة اثنا عشر شيئا: الكلام بما ليس من جنس أذكارها، والقهقهة، والبكاء من غير خشية الله، والقئ، وكثير العبث، وقطع الصلاة لما لا يخاف معه علي النفس، وإحداث ما ينقض الطهارة، والصلاة مع فقد التحصيل، والصلاة علي صفة مع التمكن من الزيادة عليها، والالتفات إلي دبر القبلة، و صلاة الرجل إلي جانب المرأة والمرأة إلي جانب الرجل.
فمتي تعمد المصلي فعل شئ من هذه فسدت صلاته، وإن تكلم ساهيا فصلاته ماضية وعليه سجدتا السهو، وإن قطع الصلاة وانصرف ساهيا، أو أحدث ساهيا، أو صلي علي صفة يتمكن مما زاد عليها ساهيا بطلت صلاته.
والمسنون فعله من أحكام الصلاة اثنا عشر شيئا: الأذان والإقامة للمنفرد والتوجه، وتكبير الركوع والسجود، والقنوت، وما زاد في الركوع علي الواجب، وما زاد في السجود علي الواجب، والذكر بعد الركوع، والذكر بين السجدتين، وبعدهما، وما زاد في التشهدين علي الواجب، والتعقيب، و التعفير.
والأذان ثمانية عشر فصلا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله مرتان، أشهد أن محمدا رسول الله مرتان، حي علي الصلاة مرتان، حي علي الفلاح مرتان، حي علي خير العمل مرتان، الله أكبر مرتان، لا إله إلا الله مرتان. والسنة فيه رفع الصوت به، وترتيل كلمة، والوقوف علي أواخر الفصول، ويجوز الكلام فيه وفعله علي غير طهارة وتجاه القبلة ودبرها وفي حال
(1) فتسليمة. ظ.
(١٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: البول (26)، السجود (52)، الباطل، الإبطال (26)، اللبس (26)، الموت (26)، الحيض، الإستحاضة (26)، الصّلاة (130)، الغسل (26)، الطهارة (52)

الأذان والإقامة

والحفظة، وإن كان منفردا بالصلاة فتسليمه (1) واحدة تجاه القبلة ويشير بها ذات اليمين، وإن كان إماما فواحدة تجاه القبلة عن اليمين، وإن كان مأموما فواحدة ذات اليمين ذات الشمال.
والواجب تركه في الصلاة اثنا عشر شيئا: الكلام بما ليس من جنس أذكارها، والقهقهة، والبكاء من غير خشية الله، والقئ، وكثير العبث، وقطع الصلاة لما لا يخاف معه علي النفس، وإحداث ما ينقض الطهارة، والصلاة مع فقد التحصيل، والصلاة علي صفة مع التمكن من الزيادة عليها، والالتفات إلي دبر القبلة، و صلاة الرجل إلي جانب المرأة والمرأة إلي جانب الرجل.
فمتي تعمد المصلي فعل شئ من هذه فسدت صلاته، وإن تكلم ساهيا فصلاته ماضية وعليه سجدتا السهو، وإن قطع الصلاة وانصرف ساهيا، أو أحدث ساهيا، أو صلي علي صفة يتمكن مما زاد عليها ساهيا بطلت صلاته.
والمسنون فعله من أحكام الصلاة اثنا عشر شيئا: الأذان والإقامة للمنفرد والتوجه، وتكبير الركوع والسجود، والقنوت، وما زاد في الركوع علي الواجب، وما زاد في السجود علي الواجب، والذكر بعد الركوع، والذكر بين السجدتين، وبعدهما، وما زاد في التشهدين علي الواجب، والتعقيب، و التعفير.
والأذان ثمانية عشر فصلا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله مرتان، أشهد أن محمدا رسول الله مرتان، حي علي الصلاة مرتان، حي علي الفلاح مرتان، حي علي خير العمل مرتان، الله أكبر مرتان، لا إله إلا الله مرتان. والسنة فيه رفع الصوت به، وترتيل كلمة، والوقوف علي أواخر الفصول، ويجوز الكلام فيه وفعله علي غير طهارة وتجاه القبلة ودبرها وفي حال
(1) فتسليمة. ظ.
(١٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: البول (26)، السجود (52)، الباطل، الإبطال (26)، اللبس (26)، الموت (26)، الحيض، الإستحاضة (26)، الصّلاة (130)، الغسل (26)، الطهارة (52)

سائر مستحبات الصلاة

القيام والجلوس والمشي، وفعله علي طهارة وفي حال القيام واستقبال القبلة أفضل.
والإقامة سبعة عشر فصلا: الله أكبر، الله أكبر، فصلان وباقي الفصول (1) الأذان، ويقول المقيم بعد حي علي خير العمل: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله مرة واحدة. والسنة فيها حدر الكلم وموالاة الفصول، وأن لا تفعل إلا علي طهارة في حال القيام تجاه القبلة ولا يتكلم فيها بما لا يجوز مثله في الصلاة.
ولا يجوز أن يؤذن ويقام إلا لفريضة من الخمس بعد دخول وقتها، ومن شروطها الترتيب علي الوجه الذي بيناه وتسكين أواخر فصولهما، والسنة أن يفرق بينهما بسجدة أو جلسة أو دعاء أو خطوة أو صلاة ركعتين إلا في صلاة المغرب فإنه لا يجوز الفرق بينهما إلا بدعاء أو خطوة.
فأما التوجه فهو ما تفتتح به الصلاة من التكبير والدعاء، وصفته أن يقول المتوجه بعد الفراغ من الإقامة - ويداه مبسوطتان تجاه وجهه -: اللهم إني أتوجه إليك وأتقرب إليك بمن أوجبت حقهم عليك: آدم ومحمد ومن بينهما من النبيين والأوصياء والحجج والشهداء والصالحين وآل ومحمد المصطفي:
علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسي بن جعفر وعلي بن موسي ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن، اللهم فصل عليهم أجمعين واجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، اللهم اجعل صلاتي بهم مقبولة وعملي بهم مبرورا وذنبي بهم مغفورا وعيبي بهم مستورا ودعائي بهم مستجابا مننت اللهم (2)
(1) في بعض النسخ: فصول الأذان.
(2) في بعض النسخ هكذا: وامنن الله بهم علي معرفتهم.
(١٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الفرج (52)، الجنابة (26)، البول (78)، الغسل (52)، الإستنجاء (26)، الحيض، الإستحاضة (26)، الخمس (26)، النوم (52)
علي بمعرفتهم فاختم لي بطاعتهم وولايتهم واحشرني عليها (1) وجازني علي ذلك الفوز بالجنة والنجاة من النار برحمتك يا أرحم الراحمين.
ثم يكبر ثلاث تكبيرات، يرفع بكل منها يديه تجاه وجهه، ثم يبسطهما ويدعو: اللهم أنت الملك الحق لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي ففزعت إليك تائبا بما (2) جنيت (3) فصل علي محمد وآله واغفر إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يا أهل التقوي وأهل المغفرة.
ثم يكبر تكبيرتين، ويدعو بعدهما: لبيك وسعديك والخير كله لديك والشر ليس بمنسوب إليك أؤمن بك وأتوكل عليك وأومن برسولك وبما جاء به من عندك فصل علي محمد وآله وزك عملي بطولك وتقبل مني بفضلك.
ثم يكبر تكبيرة، ثم ينوي الصلاة ويكبر تكبيرة الافتتاح مصاحبة للنية ويقول بعدها: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما علي ملة إبراهيم ودين محمد وولاية أمير المؤمنين والأئمة من ذريتهما الطاهرين حنيفا (4) وما أنا من المشركين إن صلوتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.
وأما التكبير فلكل ركعة من صلاة المتم والمقصر خمس تكبيرات، تكبيرة للركوع وأربع للسجود، وخمس تكبيرات للقنوت، لكل صلاة تكبيرة.
والسنة في كل منه رفع اليدين تجاه الوجه و [أن] لا يتجاوز بالأصابع شحمتي الأذنين.
(1) في بعض النسخ هكذا: واحشرني معهم وجازنا.
(2) في بعض النسخ: مما.
(3) في بعض النسخ: جئت.
(4) ليست في بعض النسخ كلمة: حنيفا.
(١٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الطهارة (52)، الأكل (78)، الحيض، الإستحاضة (208)
وأما القنوت فموضعه بعد القراءة من الركعة الثانية وقبل الركوع، يكبر له تكبيرة، ثم يبسط يديه تجاه القبلة ويدعو: لا إله إلا الله الحليم الكبير (1) لا إله إلا الله العلي العظيم سحبان الله رب السماوات السبع (2) والأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين اللهم صل علي محمد وآله الطاهرين واغفر لي وارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين.
ومسنون الذكر في الركوع: اللهم لك ركعت ولك خشعت ولك أسلمت وبك آمنت، خشع لك لحمي ودمي وعظمي وشعري وبشري وما أقلت الأرض مني، سبحان ربي العظيم وبحمده أربع، مضافة إلي الثلاث الواجبة.
ومسنون الذكر بعد الركوع قوله حين يرفع رأسه منه: سمع الله لمن حمده، وإذا استوي قائما قال: الحمد لله رب العالمين أهل الكبرياء والعظمة والجبروت (3).
ومسنون الذكر في السجود: اللهم لك سجدت وبك آمنت وعليك توكلت، سجد وجهي البالي الفاني لوجهك الدائم الباقي، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين، سبحان ربي الأعلي وبحمده أربعا مضافة إلي الثلاث الواجبة.
ومسنون الذكر بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني و اهدني وعافني واعف عني رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير.
ومسنونه بعد السجود قوله حين ينهض: بحول الله وقوته أقوم وأقعد.
ومسنون الذكر في التشهد الأول: بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء
(1) الكريم.
(2) ورب.
(3) في بعض النسخ: وأهل الجود والجبروت.
(١٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الطهارة (78)، الحيض، الإستحاضة (104)، الزوج، الزواج (26)، الصّلاة (104)، المنع (26)، الغسل (78)، الموت (52)، النفاس (26)، الصيام، الصوم (26)، العصر (بعد الظهر) (26)

التعقيب

الحسني كلها لله، لله ما طاب وزكا ونما وخلص، وما خبث فلغير الله. وبعد الشهادتين: أرسله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون.
ومسنون الذكر في التشهد الثاني: التحيات لله والصلوات الزاكيات الناميات المباركات الغاديات الرائحات لله ما طاب وخلص، وما خبث فلغير الله. وبعد الشهادتين: أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة وداعيا إليه بإذنه وسراجا منيرا. وبعد الصلاة علي محمد وآله: اللهم صل علي ملائكتك المقربين وعلي أنبيائك والمرسلين وعلي أهل طاعتك أجمعين واخصص اللهم محمدا وآله بأفضل الصلاة والتسليم، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله و بركاته، السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين السلام علي محمد وآله المصطفين ثم تسلم التسليم الواجب.
وأما التعقيب فهو ثلاث تكبيرات يرفع لها اليدين ويقول: لا إله إلا الله وحده وحده صدق (1) ونصر عبده وأعز جنده وغلب الأحزاب وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو علي كل شئ قدير يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويرزق من يشاء بغير حساب، ويسبح تسبيح الطاهرة (2) عليها السلام. ويدعو بما سنح له من الدعاء، ولكل صلاة دعاء مخصوص.
والتعفير بعد الفراغ من التعقيب يطرح (3) المعفر نفسه علي الأرض
(1) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر هكذا: وصدق وعده ونصر عبده.
(2) تسبيح الزهراء عليها السلام، كذا في بعض النسخ.
(3) بطرح.
(١٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (26)، الموت (26)، النجاسة (78)، الأكل (26)، الطهارة (26)

المكروه فعله في الصلاة

يضع جبهته موضع سجوده ويقول: اللهم إليك توجهت وإليك قصدت و بفنائك حللت وبمحمد وآله تقربت وبهم توسلت وبهم استشفعت فصل عليهم أجمعين وعجل فرجهم واجعل فرجنا مقرونا بفرجهم، ثم يضع خده الأيمن موضع سجوده ويقول: اللهم ارحم ذلي بين يديك وتضرعي إليك ووحشتي من الناس وأنسي بك يا كريم يا كريم يا كريم. ثم يضع خده الأيسر موضع الأيمن ويقول: إلا إله إلا الله حقا حقا لا إله إلا الله إيمانا وصدقا (1) لا إله إلا الله تعبدا ورقا اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي يا كريم يا كريم يا كريم.
ثم يضع جبهته موضع خده ويقول شكرا شكرا، مائة مرة أو ما تيسر، ثم يرفع رأسه ويمسح بيده اليمني موضع تعفيره ويمسح بها وجهه وصدره.
فإن أخل بشئ من هذه السنن أخل بفضل ونقص ثوابه، وصلاته ماضية، والآتيان بجميعها أفضل وأكمل لثوابه.
المكروه فعله: يسير العبث، والتبسم، والتجشي (2) والتنخع والبصاق والاستنثار والتنخع (3) وإدخال اليدين في الكمين وتحت الثياب أشد كراهية والتطبيق ووضع اليمين علي الشمال وتفريج الأصابع في غير الركوع والجمع بين القدمين وإتيان الصلاة ناعسا ومتكاسلا ومشغول الفكر وحاقبا (4) وحازقا (5) وحاقنا ومشدود اليدين ومعقوص الشعر والاعتماد علي ما يجاور المصلي من الأبنية.
(1) وتصديقا.
(2) وكذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: التحشي بالحاء، والظاهر التجشؤ.
(3) كذا في بعض النسخ، ولعل الصحيح: التنخم.
(4) كذا في بعض النسخ وفي بعضها الآخر: حافيا، والصحيح هو الأول.
(5) في بعض النسخ: حاذقا.
(١٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (52)، النجاسة (78)

شروط الصلاة

فإن فعل شيئا من هذه التروك أخل بفضل ونقص ثوابه بحسب ما فعل، وإن اجتنب جميعها كان أكمل لثوابه.
فصل في تعيين شروط الصلاة شروط الصلاة التي تصح بتكاملها وتبطل بالاخلال بواحدها عشر:
الاسلام، ورفع الأحداث، وتأديتها في الوقت، والتوجه إلي القبلة، والنية، وستر العورة، وطهارة الجسم، وطهارة اللباس، واعتبار محل القيام، واعتبار محل السجود.
بيان الشرط الأول: العلم بهذا الشرط في صحة الصلاة وغيرها من العبادات، لاقتصار (1) صحة العبادة إلي شروط قد بيناها يستحيل حصولها مع الكفر.
الشرط الثاني: العلم بهذا الشرط يتعلق بفصول أربعة:
أولها تعيين الأحداث، وثانيها ذكر المزيل لها وأحكامه، وثالثها صفة الطهارة منها، ورابعها طهارة الضرورة.
الفصل الأول الأحداث المانعة من الصلاة الموجبة للطهارة حال البلوي تسع: البول.
والغائط، والريح، وما يفقد معه التحصيل والجنابة، ودم الحيض، ودم الاستحاضة ودم النفاس، ومس الميت. ولا حكم لما عدا ذلك. فمتي حدث شئ من هذه صار المكلف محدثا ممنوعا من الصلاة ومس المصحف وأسماء الله تعالي بالجميع، وبأحداث الغسل من الجلوس في المسجد، ويكره فيما عداها.
(1) كذا في جميع النسخ، والظاهر: لافتقار.
(١٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (26)، الغسل (104)، الصّلاة (26)، الوضوء (104)، السهو (26)، الطهارة (26)، الترتيب (26)

الاحداث المانعة من الصلاة

فإن فعل شيئا من هذه التروك أخل بفضل ونقص ثوابه بحسب ما فعل، وإن اجتنب جميعها كان أكمل لثوابه.
فصل في تعيين شروط الصلاة شروط الصلاة التي تصح بتكاملها وتبطل بالاخلال بواحدها عشر:
الاسلام، ورفع الأحداث، وتأديتها في الوقت، والتوجه إلي القبلة، والنية، وستر العورة، وطهارة الجسم، وطهارة اللباس، واعتبار محل القيام، واعتبار محل السجود.
بيان الشرط الأول: العلم بهذا الشرط في صحة الصلاة وغيرها من العبادات، لاقتصار (1) صحة العبادة إلي شروط قد بيناها يستحيل حصولها مع الكفر.
الشرط الثاني: العلم بهذا الشرط يتعلق بفصول أربعة:
أولها تعيين الأحداث، وثانيها ذكر المزيل لها وأحكامه، وثالثها صفة الطهارة منها، ورابعها طهارة الضرورة.
الفصل الأول الأحداث المانعة من الصلاة الموجبة للطهارة حال البلوي تسع: البول.
والغائط، والريح، وما يفقد معه التحصيل والجنابة، ودم الحيض، ودم الاستحاضة ودم النفاس، ومس الميت. ولا حكم لما عدا ذلك. فمتي حدث شئ من هذه صار المكلف محدثا ممنوعا من الصلاة ومس المصحف وأسماء الله تعالي بالجميع، وبأحداث الغسل من الجلوس في المسجد، ويكره فيما عداها.
(1) كذا في جميع النسخ، والظاهر: لافتقار.
(١٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (26)، الغسل (104)، الصّلاة (26)، الوضوء (104)، السهو (26)، الطهارة (26)، الترتيب (26)

الجنابة

والأربع الأول ترفع بالوضوء، ولا ترتفع منفردة إلا به، والخمس الأخر يفتقر لارتفاعها إلي الغسل، ولا ترتفع إلا به علي كل حال.
ويلزم مريد البول أن يعتزل الناس ويتقي الأرض الصلبة، واستقبال الريح والقبلة وقرصي الشمس والقمر، وما نقص من المياه المحصورة عن الكر، و الآبار جملة، ويكره له البول في الجحرة وسائر المياه، فإذا فرغ منه فليمسح من تحت الأنثيين إلي أصل القضيب بإصبعه (1) وينتره إلي رأس الحشفة مرارا ثم يغسل مخرجه بالماء، ولا يجزيه مع وجوده غيره، وأقل ما يجزي منه ما أزال عين البول عن رأس فرجه.
ويلزم مريد الغائط أن يتواري عن الناس ويتقي مواضع اللعن، ولا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها، ولا قرصي الشمس والقمر. فإذا قضي حاجته فليمسح مخرج النجو بثلاثة أحجار، ويجزيه ذلك عن الماء ما لم يتعد النجو مخرجه، والماء أفضل، والجمع بينهما أفضل، فإذا تعدي لم يجز [في] إزالته غير الماء.
فأما حدث النوم وما يجري مجراه فإنما يكون حدثا عند عدم التحصيل.
وحدث الريح يحصل بإدراك الصوت أو الريح المعهودين، ولا يحتاج بحدثهما إلي الاستنجاء، لأنه لا شئ هناك يفتقر إلي إزالته.
وأما حدث الجنابة فيكون بشيئين: إنزال الماء الدافق في النوم واليقظة وعلي كل حال.
والثاني بالجماع في الفرج (2) وإن لم يكن هناك إنزال.
والحيض هو الدم الحادث في أزمان عادته (3) أو الأحمر الغليظ الحار
(1) في بعض النسخ: ينشفه وينتره.
(2) في بعض النسخ: بالفرج.
(3) كذا.
(١٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: غسل الرجلين القدمين (26)، الجنابة (52)، البول (26)، الباطل، الإبطال (26)، الغسل (312)، الصّلاة (78)، الموت (26)، الحيض، الإستحاضة (26)، النجاسة (26)، الوضوء (78)، الجواز (52)، الإستنجاء (26)، الوجوب (26)، النوم (26)

الحيض والاستحاضة والنفاس

في زمان الالتباس وأقله ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام، وأقل الطهر عشره أيام وأكثره ثلاثة أشهر.
والنساء في الحيض ثلاث: ذات عادة مستقرة، ومختلطة، ومبتدئة.
فأما ذات العادة المستقرة في الحيض والطهر وكل (1) دم تراه في زمان الحيض فحيض وإن كان رقيقا، وكل دم تراه في أيام طهرها فهو استحاضة وإن كان غليظا حارا. وإن كانت عادتها مختلفة في الحيض مستقرة في الطهر فكل دم تراه في أقل العادة وأكثرها حيض وفي الطهر دم استحاضة، فإن كانت عادتها في الحيض مستقرة ومختلفة في الطهر فكل دم تراه في أقل عادتها في الطهر فهو استحاضة وما تراه بعدها إن كان غليظا حارا فهي حائض (2) وإن كان رقيقا باردا فهي استحاضة إلي أن تبلغ غاية عادتها في الطهر ثم هي حائض.
وأما المختلطة فهي التي لا تعرف زمان حيضها من طهرها، ففرضها أن ترجع إلي عادة نسائها، فتحيض بأيام حيضهن وتستحيض بأيام طهرهن، فإن لم تكن لها نساء تعرف عادتهن اعتبرت صفة الدم، فإذا أقبل الدم الأحمر الغليظ الحار فهي حائض، وإذا أدبر إلي الرقة والبرودة والاصفرار فهي مستحاضة.
فإن كان الدم بصفة واحدة تحيضت في كل شهر سبعة أيام واستحاضت باقية.
وأما المبتدئة فليزمها إذا رأت الدم إن تشدد وتصوم وتصلي فإن انقطع الدم لأقل من ثلاث فليس بحيض، وإن استمر ثلاثا فهي حائض، وكل دم تراه بعدها إلي تمام العشرة فهو حيض، فإن رأت بعد العشرة دما فهي مستحاضة إلي تمام العشر الثاني فإن رأت بعده دما رجعت إلي عادة نسائها، فتممت
(1) فكل دم. ظ.
(2) في بعض النسخ: فهو حيض.
(١٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: غسل الميّت (26)، الجنابة (52)، الغسل (130)، الموت (78)، الصّلاة (52)، الإستحباب (26)، الظنّ (26)، الوضوء (104)

مس الميت

استحاضتها أيام طهرهن، وتحيضت أيام حيضهن إلي أن تستقر لها عادة.
يلزم (1) الحائض أن يمنع زوجها نفسها، ويجب عليه اعتزالها، فإذا طهرت - وعلامة طهرها أن تحمل قطعة وتصبر عليها زمانا وتخرج نقية - فتغتسل.
وأما الاستحاضة فهو الدم الحادث في زمان الطهر المعهود والمشروع ويلزم المرأة إن كان رشحا أن تتوضأ لكل صلاة وتغير الشداد، وإن كان ينقب (2) الشداد ولا يجري فعليها أن تغتسل لصلاة الفجر وتتوضأ لباقي الصلوات، وإن كان ينقبه (3) ويجري عليه فعليها ثلاثة أغسال: غسل للفجر، وغسل للظهر و العصر، وغسل للمغرب والعشاء الآخرة، فإذا فعلت المستحاضة ما ذكرناه فهي طاهر يجب عليها ما يجب علي الطاهر ويحل لها ومنها ما يحل لها ومنها.
وأما النفاس فهو الدم الحادث عقيب الولادة، فإذا انقطع عنها في اليوم الثاني أو الثالث اغتسلت وصامت وصلت، إن استمر بها صبرت عشرا فإن رأت بعد العشر دما فعلت فعل المستحاضة.
ويلزم الحائض والنفساء قضاء الصوم والصلاة (4).
وأما مس الميت فإنما يكون حدثا إذا كان من الناس (5) بعد برده وقبل تطهيره (6) من غير حائل بين المماس وبشرة الميت.
(1) وتلزم.
(2) كذا في أكثر النسخ، وفي بعضها: يثقب، وهو الظاهر.
(3) يثقبه.
(4) كذا في جميع النسخ، ولعل الصحيح: لا الصلاة.
(5) في بعض النسخ هكذا: إذا كان المساس بعد برده.
(6) في بعض النسخ: طهره، وفي بعضها تطهره.
(١٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، النصف من شعبان (26)، مدينة مكة المكرمة (26)، شهر رمضان المبارك (26)، يوم عرفة (26)، الحج (26)، الجنابة (52)، الشكر (26)، الغسل (988)، السجود (52)، الزيارة (52)، الصّلاة (156)، الإستخارة (26)، الإستسقاء (26)، الجواز (26)، الوجوب (26)، الحاجة، الإحتياج (26)، الصّلب (26)، الإفطار (52)

المياه وماء البئر

الفصل الثاني لا يرتفع الأحداث ولا يزول (1) أحكام النجاسات إلا بالماء المطلق، وهو علي ظاهر الطهارة حتي تخالطه النجاسة، فينجس لذلك مياه الآبار وما نقص من المياه المحصورة عن الكر.
ولا ينجس الجاري وما بلغ الكر فما فوقه من المياه المحصورة، إلا أن يتغير طعمه أو لونه أو ريحه، فيهراق ما ينجس من المياه بالتغيير أو قليل النجاسة.
ويطهر البئر بنزح جميع مائها إن كان الواقع فيها خمرا أو منيا أو فقاعا أو بولا أو خرء ما لا يؤكل لحمه أو مات فيها بعير، فإن تعذر ذلك لكثرة الماء تراوح عليها أربعة رجال من أول النهار إلي آخره، وينزح لما عدا ذلك أن يغير (2) ماء البئر له حتي يذهب التغيير، وإن لم يتغير نزح لموت الإنسان سبعون دلوا، ولموت الفرس والبغل والحمار وما ماثلهم من الحيوان كرا من الماء، ولموت الكلب والثعلب والشاة والسنور وما كان في قدر شئ من ذلك أربعون دلوا، ولموت الدجاجة والحمامة وما كان في قدرهما سبع دلاء، و للفأرة ترفع لوقتها ثلاث دلاء، فإن انتفخت أو انفسخت [تفسخت خ] فسبع دلاء، وللعصفور وما ماثله دلو واحد، وللحية والعقرب ثلاثة دلاء، وللوزغة دلو واحد، ولبول الصبي الرضيع ثلاث دلاء، فإن أكل الطعام فسبع دلاء فإذا بلغ فأربعون دلوا، وللعذرة اليابسة عشر دلاء، فإن تقطعت أو كانت رطبة فخمسون دلوا، ولقليل الدم عشر دلاء، ولكثيره خمسون دلوا، بدلو البئر
(1) في بعض النسخ: تزول.
(2) تغير.
(١٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الضرب (52)، الطهارة (52)، المرض (26)، النجاسة (26)، الفرج (26)، الغسل (26)، الصّلاة (52)، الظنّ (26)، التيمّم (78)، الخوف (52)

النجاسات

المألوف كائنا ما كان.
فإن وقع شئ من النجاسات في مايع غير الماء كالدهن والخل والمرق أو مات فيها حيوان أو لاقي (1) حيوان نجس، نجست ووجبت إراقة (2) جميعها إلا الدهن خاصة، فإن الاستصباح به جائز.
وإن خالط الماء أحد الطاهرات كالورس والزعفران وشبههما فغلب عليه حتي سلبه سمة (3) الماء، لم يرتفع به الحدث ولم تزل به النجاسة، وإن لم يسلبه سمة (4) الماء فهو علي ما كان عليه من التطهير وإن تغيرت أحد أوصافه.
فصل في النجاسات ما يؤثر التنجيس علي ثلاثة أضرب: أحدها يؤثر بالمخالطة، وثانيها بالملاقات، وثالثها بعدم الحياة.
فالأول أبوال وخرء كل ما لا يؤكل لحمه وما يؤكل لحمه إذا كان جلالا، والشراب، والمسكر، والفقاع، والمني، والدم المسفوح، وكل مايع نجس بغيره.
والثاني أن يماس الماء وغيره حيوان نجس كالكلب والخنزير والثعلب و الأرنب والكافر.
والثالث أن يموت في الماء وغيره حيوان له نفس سائلة.
ولا حكم لما عدا ما ذكرناه في التنجيس.
(1) لاقاها.
(2) إراقتها.
(3) في بعض النسخ: تسميته.
(4) تسميته.
(١٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الغسل (52)، الصّلاة (208)، الوضوء (26)، العصر (بعد الظهر) (52)

الوضوء والغسل

الفصل الثالث الطهارة علي ضربين: وضوء وغسل.
وأحكام الوضوء علي ضربين: مفروض ومسنون، فالمفروض منه [منها ظ] سبعة أشياء:
النية وحقيقتها العزم عليه بصفاته المشروعة لرفع الحدث واستباحة الصلاة لوجوبه قربة إلي مكلفه سبحانه، وموضعها في ابتدائه، فإن أخل بها المتوضي أو بشئ من صفاتها فوضوءه باطل.
وغسل الوجه من قصاص شعر الرأس إلي محادر شعر الذقن، ما دارت عليه الابهام والوسطي من اليد اليمني عرضا، بكف من الماء.
وغسل الذراعين من المرفقين إلي أطراف الأصابع، يبدء الرجل بظاهر الساعد والمرأة بباطنه، فإن زاد في الحد المغسول متدينا، أو نقص منه، أو جعل موضع الغسل مسحا، علي كل حال فوضوءه باطل، وكذلك حكمه إن بدأ بالأصابع وختم بالمرفق.
ومسح مقدم الرأس بثلاث أصابع مضمومة مع الشعر، ويجزي بإصبع واحد.
ومسح ظاهر القدمين من أطراف الأصابع إلي الكعبين، - وهما موضع معقد الشراك - بفضل نداوة الوضوء، فإن مسح غير الجهة المشروعة، أو استأنف للمسح ماءا جديدا، أو جعل موضع المسح غسلا علي حال، أو تدين بالزيادة عليها، بطل الوضوء.
والترتيب، وهو أن يبدأ بوجهه ثم يده اليمني ثم اليسري ثم رأسه ثم رجليه، فإن خالف الترتيب عن قصد أو سهو عاد فرتب، فإن لم يفعل
(١٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الظنّ (26)، الباطل، الإبطال (26)، الصّلاة (130)، الجواز (52)
فلا وضوء له.
والموالاة وهي أن يصل (1) توضيه الأعضاء بعضها ببعض، فإن جعل بينهما مهلة حتي جف الأول بطل الوضوء.
والمسنون وضع الإناء عن اليمين، وغسل اليدين قبل إدخالهما الإناء من النوم مرة، ومن البول مرة، ومن الغائط مرتين، المضمضة، والسواك، والاستنشاق، وتثنية الغسل في الوجه واليدين، وذكر الله، والصلاة علي محمد وآله صلي الله عليه وآله، والتفرد به.
ولا يجوز له أن يقوم عن مجلس وضوئه إلا وهو علي يقين من فعله متكامل الواجب فإن نهض وهذه حاله لم يلتفت إلي شك يحدث. ولا تصح الصلاة إلا بطهارة متيقنة، فمتي شك فيها استأنفها. ولا يجوز له تثليث الغسل علي حال فإن ثلث فسد الوضوء.
والاغسال علي ضربين: مفروض ومسنون. فالمفروض ثمانية أغسال:
غسل الجنابة، وغسل الحيض، غسل النفاس، وغسل الاستحاضة المخصوصة، و غسل مس الميت. وجهة وجوب هذه الأغسال الأحداث المذكورة. ويلزم مريدها الاستبراء بحيث يتعين الاستنجاء علي كل (2) وغسل ما علي الجسم من النجاسة.
وافتتاحها بالنية وهي العزم علي الغسل بصفة (3) لرفع الحدث واستباحة الصلاة لوجوبه علي الوجه [وجه ظ] القربة، ثم غسل الرأس في الجنابة إلي أصل العنق ثم الجانب الأيمن من العنق إلي تحت القدم، ثم الجانب الأيسر كذلك، ويختم بغسل الرجلين.
(1) يوصل توضئه.
(2) في بعض النسخ: علي كل حال.
(3) في بعض النسخ: بصفة له لرفع، وفي بعضها الآخر: بصفة له رفع.
(١٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الركوع، الركعة (26)، الباطل، الإبطال (26)، السجود (26)، الصّلاة (182)، الإستحباب (26)، النجاسة (26)، الطهارة (26)
فإن ظن بقاء شئ من صدره أو ظهره لم يصل إليه الماء فليتبع (1) بإراقة الماء علي صدره وظهره. وإن كان علي شئ من جسده شعر فعليه تمييزه (2) ليصل الماء إلي البشرة. فإن كان عليه سوار أو دملج أو خاتم أو في وسطه سير (3) فليحركه ليدخل الماء تحته، وإن كان ضيقا لا يتحرك فلينزعه.
والترتيب فيه واجب، والموالاة غير واجبة.
وإذا فعل ذلك تمت طهارته وجازت (4) له الصلاة ولا يحتاج إلي وضوء.
ويستحب أن يغسل يديه قبل إدخالهما الإناء ثلاث مرات.
فما عدا (5) غسل الجنابة الوضوء واجب في ابتدائه ثم ترتيب غسل الجنابة.
وغسل الميت، وجهة وجوبه مصلحة الحي وتكرمة المسلم. وصفته: أن يبدء الغاسل فينجي الميت ويوضيه وضوء الصلاة، ثم يغسل رأسه إلي عنقه، ثم جانبه الأيمن من أصل عنقه إلي تحت قدمه، ثم جانبه الأيسر كذلك، بالسدر ومائه، يتولي الغسل واحد والصب آخر، ثم يغسله ثانية بماء الكافور كذلك من غير وضوء، ثم ثالثة كذلك بماء قراح.
ويلزم متوليه أن يفتحه بالنية، وهي العزم علي الوجه الذي بيناه (6) قاصدا تكرمة الميت لوجوبه عليه قربة إلي الله تعالي.
(1) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها: فليسبع، وفي بعضها: فليسع ولعل صحيح.
فليسبغ.
(2) تميزه.
(3) في بعض النسخ: شئ، والصحيح ما أثبتناه.
(4) في بغض النسخ: لجازت.
(5) كذا في بعض النسخ، ولعل الصحيح: وفيما عدا.
(6) في بعض النسخ: رتبناه.
(١٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: السجود (26)، الظنّ (78)، اللبس (26)، النجاسة (130)، الصّلاة (182)، الكراهية، المكروه (26)، الجواز (52)، الطهارة (26)

الأغسال المسنونة

وغسل القاصد لرؤية المصلوب من المسلمين بعد ثلاث.
وغسل المفرط في صلاة الكسوف مع العلم به وكونه احتراقا، وجهة وجوب هذين الغسلين كونهما شرطا في تكفير الذنب وصحة التوبة منه، فيلزم العزم عليهما لهذا الغرض، لكونهما مصلحة في التكليف بشرط الاخلاص له سبحانه. ويلزم افتتاحهما بالوضوء، وترتيبهما بعده كترتيب غسل الجنابة.
وأما الأغسال المسنونة فثلاثون غسلا: غسل الجمعة، وغسل الفطر، وغسل الأضحي، وغسل الغدير، وغسل يوم المبعث، وغسل النصف من شعبان وغسل ليلة شهر رمضان، وغسل ليلة النصف منه، وغسل ليلة سبع عشرة منه، وغسل ليلة تسع عشرة منه، وغسل ليلة إحدي وعشرين منه، وغسل ليلة ثلاث وعشرين منه، وغسل ليلة الفطر، وغسل إحرام الحج، وغسل الإحرام العمرة، وغسل دخول مكة، وغسل دخول المسجد، وغسل دخول الكعبة، وغسل زيارة البيت من مني، وغسل يوم عرفة، وغسل دخول المدينة وغسل دخول مسجد النبي صلي الله عليه وآله وغسل زيارته صلي الله عليه وآله، وغسل زيارة مشاهد الأئمة عليهم السلام، وغسل صلاة الاستسقاء وغسل صلاة الحاجة، وغسل صلاة الاستخارة، وغسل صلاة الشكر، وغسل التوبة من الكبائر، وغسل المولود.
ومن السنة من مريد شئ من هذه الأغسال أن يفتتحه بالوضوء والنية ثم ترتبه (1) ترتيب غسل الجنابة. والنية أن يعزم علي فعله لصفته المشروعة لكونه لطفا له في المندوب إليه مخلصا به لمكلفه سبحانه. ولا يجوز له فعله وهو محدث حتي يرفع حدثه بطهارته المختصة به، إذ بها تستباح الصلاة دون الغسل (2)
(1) في بعض النسخ: ترتيبه.
(2) في بعض النسخ: الغسل المسنون.
(١٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الجود (26)، السجود (52)، الطهارة (26)، الصّلاة (104)، اللبس (26)، الكراهية، المكروه (52)، الجواز (52)

فرض التيمم

الفصل الرابع في فرض التيمم فرض التيمم يتعين عند عدم الماء، أو حصول مانع منه من شدة برد، أو مرض، أو جرح، أو عطش (1) أو حصول علم أو ظن بفوت الوقت قبل الوصول إليه، أو تعذر ما يبتاع به من الثمن، أو كون الثمن مجحفا به، أو فقد الملك و الإذن فيه، أو كونه نجسا عند آخر الوقت، بعد أن يطلبه فاقده أمامه وعن يمينه وعن يساره مقدار رمية سهم في الأرض الحزنة وسهمين في الأرض السهلة.
ولا يصح بغير التراب من جميع الأجناس. وأفضل ذلك عوالي الأرض، ويجوز من مهادها وبكل تراب طاهر.
وكيفيته: أن يزيل المحدث ما علي فرجه وجسده من النجاسة بالتراب وغيره، ثم يضرب الأرض بيديه جميعا ويرفعهما فينقضهما ويمسح بهما وجهه من قصاص شعر الرأس إلي طرف الأنف، ثم يمسح ظاهر كفه اليمني بباطن اليسري من الزند إلي أطراف الأصابع ثم ظاهر اليسري بباطن اليمني كذلك.
فإن كان موجبه حدثا يوجب الغسل ضرب الأرض ضربتين: أحديهما لوجهه والأخري ليديه. وجميعه واجب. والترتيب شرط في صحته، ولا بد من افتتاحه بنية حقيقتها العزم علي فعله بصفته لتصلي به لوجوبه متقربا به إلي الله.
فإذا أوقعه علي هذا الوجه جازت له صلاة الليل (2) ما لم يحدث ما ينقض الطهارة، أو يتمكن من استعمال الماء. وإذا صلي المكلف بتيمم صلاة وخرج عنها ووقتها باق فعليه إعادتها وترتيبها (3) بمقدار ما بقي من الوقت
(1) في بعض النسخ هكذا: أو خوف عطش، أو حصول خوف بين المحدث وبينه أو فقد آلة يتمكن بها منه، أو حصول علم..
(2) كذا في النسخ.
(3) كذا.
(١٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: الركوع، الركعة (26)، السجود (156)، الصّلاة (104)، الوجوب (26)، العصر (بعد الظهر) (26)، التكبير (26)، الإقامة (26)

أوقات الصلاة

فإذا تمكن من استعمال الماء توضأ إن كان حدثه الماضي من أحداث الوضوء أو اغتسل إن كان من أحداث الغسل، واستقبل الصلاة. ولا إعادة (1) عليه صلاته بتيممه (2).
الشرط الثالث: يجب العلم بأوقات الصلاة لكونها شرطا في صحتها.
وأول الصلوات صلاة الظهر، وأول وقتها زوال الشمس، وعلامة زوالها رجوع الظل، وآخر وقت المختار الأفضل أن يبلغ الظل سبعي القائم، و آخر وقت الإجزاء أن يبلغ الظل أربعة أسباعه، وآخر وقت المضطر أن يصير مثله.
وأول وقت العصر أن يمضي. من الزوال مقدار صلاة الظهر، وآخر وقت المختار الأفضل إلي آخر أربعة أسباع الظل، وآخر وقت الإجزاء له أن يصير الظل مثل القائم، وآخر وقت المضطر أن يبقي من غروب الشمس مقدار صلاة العصر.
وأول وقت المغرب غروب الشمس - وهو أفضل - وعلامة غروبها اسوداد المشرق بذهاب الحمرة، وآخر وقت الإجزاء ذهاب الحمرة من المغرب، وآخر وقت المضطر ربع الليل.
وأول وقت عشاء الآخرة أن يمضي من غروب الشمس مقدار صلاة المغرب، وتأخيرها إلي أن تغيب الحمرة من المغرب أفضل، وآخر وقت الإجزاء ربع الليل، وآخر وقت المضطر نصف الليل.
(1) فلا إعادة.
(2) في بعض النسخ هكذا: ولا إعادة عليه لشئ صلاة بتيممه والعبارة سقيمة.
لم أهتد إلي صحيحها.
(١٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الجماعة (52)، الركوع، الركعة (26)، الطهارة (26)، السجود (78)، الشهادة (208)، الإقامة (26)، الصّلاة (104)، الكراهية، المكروه (26)

القبلة

وأول وقت صلاة الفجر البياض المعترض في الشرق (1) وهو الأفضل، وآخر وقتها أن يبقي طلوع الشمس مقدار فعلها.
ولا يجوز الصلاة قبل وقتها، فإن صلي قبله قاصدا بطلت صلاته وإن كان جاهلا به أو ساهيا عنه، فإن دخل الوقت وهو في شئ منها فهي تجزيه، وإن خرج عنها ولما يدخل الوقت لم تجزه وعليه إعادتها فيه.
وتأديتها في أول الوقت أفضل والثاني أفضل من الثالث ثم هكذا إلي آخر الوقت. ولا يجوز تأخيرها عن وقت إلي ثان له إلا بشرط العزم علي أدائها فيه، فإذا لم يبق من الوقت إلا مقدار فعلها تضيق فرض الأداء ولم يثبت العزم الفعل (2).
وتأخير المختار الصلاة عن وقته إلي وقت المضطر تفريط معفو عن تفريطه مؤد غير قاض، وفعلها بعد الوقت قضاء وليست بأداء، فإذا كان كذلك لضرورة فلا أثم عليه، وإن كان عن تفريط فهو مأزور، ويلزمه القضاء والتوبة من تفريطه الشرط الرابع: يلزم العلم بالقبلة لكون التوجه إليها شرطا في صحة الصلاة. وهي الكعبة، وفرض المتوجه إليها العلم بها مع إمكانه والظن مع تعذر العلم، فمن اقتصر علي الظن والعلم ممكن، أو علي الحدس والظن ممكن، فصلاته باطلة، وإن أصاب بتوجه القبلة. وكذلك حكم من توجه إلي غير القبلة قاصدا. ومن توجه إلي جهة يظنها جهة القبلة ثم يتبين له أن توجهه كان إلي غيرها، وكان الوقت باقيا فعليه إعادة الصلاة إليها وإن كان قد خرج فلا إعادة عليه
(1) المشرق.
(2) كذا في بعض النسخ وفي بعضها الآخر: علي الفعل ولعل الصحيح: لم ينب العزم الفعل.
(١٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الجهر والإخفات (26)، النهي (26)، السجود (52)، الصّلاة (52)، الجواز (26)

النية

إلا أن يكون بتوجهه استدبر الكعبة فيعيد. ومن كان بحيث لا يعلم جهة الكعبة ولا يظنها ففرضه التوجه لصلاة (1) الحاضرة (2) إلي أربع جهات.
الشرط الخامس: النية شرط في صحة الصلاة إذ بها يتميز كونها عبادة، وحقيقتها العزم علي أفعال الصلاة لكونها مصلحة، علي جهة الاخلاص بها له سبحانه ولكن [ليكن. ظ] في حال صلاته مجتنبا لتروكها. وموضع النية تكبيرة الإحرام، فمن أخل بها أو بشرط منها بطلت صلاته. ومن حق المصلي أن يكون طائعا بإيقاع الصلاة علي الوجه المشروع، متكاملة الأحكام والشروط والكيفيات، عامدا في حال فعلها بكونه معترفا بنعمه سبحانه خاضعا له. ويستحب أن يرجو بفعلها مزيد الثواب والنجاة من العقاب وليقتدي به ويرغم الضالون (3).
والشرط السادس: ستر العورة شرط في صحة الصلاة. وعورة الرجل من سرته إلي ركبته ولا يمكن ذلك في الصلاة إلا بساتر من السرة إلي نصف الساق ليصح سترها في حال الركوع والسجود. وهذا القدر مجز والأفضل التجمل باللباس و التعمم والتحنك والارتداء.
والمرأة كلها عورة. وأقل ما يجزي الحرة البالغ (4) درع سابغ إلي القدمين وخمار، ويجزي الإماء ومن لم يبلغ من حرائر النساء درع بغير خمار، والتجمل باللباس أفضل لهن.
فإن انكشفت عورة المصلي أو شئ منها عن إيثار فسدت الصلاة.
الشرط السابع: طهارة الجسم عدا مخرج النجو شرط في صحة الصلاة، ولا يزول ما عليه من نجاسة إلا بالماء، إلا ما رخص فيه من مسح اليد بالتراب بعد
(1) بصلاة.
(2) كذا.
(3) كذا في بعض النسخ.
(4) كذا في النسخ.
(١٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الركوع، الركعة (52)، الباطل، الإبطال (26)، الصّلاة (130)

ستر العورة والبدن

إلا أن يكون بتوجهه استدبر الكعبة فيعيد. ومن كان بحيث لا يعلم جهة الكعبة ولا يظنها ففرضه التوجه لصلاة (1) الحاضرة (2) إلي أربع جهات.
الشرط الخامس: النية شرط في صحة الصلاة إذ بها يتميز كونها عبادة، وحقيقتها العزم علي أفعال الصلاة لكونها مصلحة، علي جهة الاخلاص بها له سبحانه ولكن [ليكن. ظ] في حال صلاته مجتنبا لتروكها. وموضع النية تكبيرة الإحرام، فمن أخل بها أو بشرط منها بطلت صلاته. ومن حق المصلي أن يكون طائعا بإيقاع الصلاة علي الوجه المشروع، متكاملة الأحكام والشروط والكيفيات، عامدا في حال فعلها بكونه معترفا بنعمه سبحانه خاضعا له. ويستحب أن يرجو بفعلها مزيد الثواب والنجاة من العقاب وليقتدي به ويرغم الضالون (3).
والشرط السادس: ستر العورة شرط في صحة الصلاة. وعورة الرجل من سرته إلي ركبته ولا يمكن ذلك في الصلاة إلا بساتر من السرة إلي نصف الساق ليصح سترها في حال الركوع والسجود. وهذا القدر مجز والأفضل التجمل باللباس و التعمم والتحنك والارتداء.
والمرأة كلها عورة. وأقل ما يجزي الحرة البالغ (4) درع سابغ إلي القدمين وخمار، ويجزي الإماء ومن لم يبلغ من حرائر النساء درع بغير خمار، والتجمل باللباس أفضل لهن.
فإن انكشفت عورة المصلي أو شئ منها عن إيثار فسدت الصلاة.
الشرط السابع: طهارة الجسم عدا مخرج النجو شرط في صحة الصلاة، ولا يزول ما عليه من نجاسة إلا بالماء، إلا ما رخص فيه من مسح اليد بالتراب بعد
(1) بصلاة.
(2) كذا.
(3) كذا في بعض النسخ.
(4) كذا في النسخ.
(١٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الركوع، الركعة (52)، الباطل، الإبطال (26)، الصّلاة (130)

طهارة اللباس وسائر شرائطه

مصافحة الكفار، وزوال ما يتعلق بباطن القدمين من النجاسات بالمشي عليهما حتي تذهب عنهما.
الشرط الثامن: طهارة اللباس وصفة (كذا) جنسه وصحة التصرف فيه شرط في صحة الصلاة، فيلزم المصلي تجري (1) الثوب الطاهر الذي يجوز التصرف فيه بملك أو إذن، ويجتنب النجس والمغصوب وجلود الميتة وإن دبغت وجلود ما لا يؤكل لحمه وإن كان منه ما يقع عليه الذكاة وما عمل من وبر الأرانب والثعالب أو غش به (2) والحرير المحض، فإن صلي في شئ من ذلك لم تجزه الصلاة، ومعفو عن الصلاة في القلنسوة والتكة والجورب والنعلين والخفين وإن كان نجسا أو حريرا، والتنزه عنه أفضل.
وتكره الصلاة في الثوب المصبوغ، وأشد كراهية الأسود، ثم الأحمر المشبع والمذهب والموشح والملحم بالحرير والذهب، وما عدا ذلك جائز.
وأفضل الثياب البياض من القطن والكتان. فمن صلي وعلي بدنه أو ثوبه نجاسة تقدم العلم بها أو الظن لحال الصلاة من غير اعتبار فالصلاة فاسدة يلزم إعادتها علي كل حال، فإن كان مع الظن وطلب النجاسة فلم يجدها فليرش الثوب ويمسح العضو بالتراب. فإن وجدها فيما بعد فليعد في الوقت ولا يعيد بعد خروجه، وإن لم يتقدم له علم بها ولا ظن فكذلك. وإن رأي النجاسة علي جسمه وثوبه بعد الصلاة ولم يكن له علي ثبوتها في حال الصلاة دلالة ولا أمارة فالصلاة ماضية.
الشرط التاسع: لا يجوز السجود بشئ من الأعضاء السبع إلا علي محل
(1) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: تحري.
(2) في بعض النسخ: أو محشو به.
(١٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الخوف (26)، الصّلاة (182)، السجود (52)، العقد (26)

مكان المصلي

طاهر، وتختص صحة (1) السجود بالجبهة علي الأرض أو ما أنبتت مما لا يؤكل ولا يلبس، فإن سجد ببعض الأعضاء علي محل نجس وبالجبهة علي ما ذكرناه كالصوف والشعر والحنطة والثمار لم تجزه الصلاة.
الشرط العاشر: لا يجوز الوقوف في الصلاة علي الأرض النجسة، ولا المغصوبة بغير إذن المالك، ولا يحل للمصلي الوقوف في معاطن الإبل ومرابض الخيل والبغال والحمير والبقر ومرابض الغنم وبيوت النار والمزابل ومذابح الأنعام والحمامات وعلي البسط المصورة وفي البيت المصور، ولنا في فسادها في هذه المحال نظر.
وتكره علي الأرض السبخة وعلي جواد الطرق … (2) والسلاح المتواري والمصباح ومقابلة وجه الإنسان والمرأة ونائمة (3) أشد كراهية.
والأفضل أن يجعل المتوجه بين يديه ساترا أدناه العنزة أو الأجرة.
فصل في كيفية الصلاة:
علي ضربين متمكن ومضطر وكل منهما علي ضربين مفرد وجامع.
(1) في بعض النسخ هكذا: ويختص محل السجود.
(2) هنا بياض في جميع النسخ، قال في المختلف قال أبو الصلاح: لا يجوز التوجه إلي النار والسلاح المشهور والنجاسة الظاهرة والمصحف المنشور والقبور ولنا في فساد الصلاة مع التوجه إلي شئ من ذلك نظر. وقال في التذكرة: قال أبو الصلاح: تكره إلي باب مفتوح أو إنسان مواجه …
(3) في بعض النسخ: والمرأة نائمة أشد.
(١٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (208)، السجود (104)، الظنّ (26)، السهو (52)، السفينة (52)، القصر، التقصير (26)، الركوع، الركعة (52)

كيفية صلاة المنفرد

فصل في بيان كيفية صلاة المفرد المتخيرة يلزم المكلف المتمكن إذا دخل وقت الصلاة أن يرفع الحدث وطهارته ويقصد للصلاة فيفتتحها بالأذان والإقامة، يتوجه لها، ويدخل فيها بالنية، وتكبيرة الإحرام، فإذا كبر فليضع يديه علي فخذيه، ويرخي ذقنه علي صدره، ويغض بصره ناظرا إلي محل سجوده، ويفرق بين قدميه، ويصفهما، ويجعل أصابعهما تجاه القبلة، ويقرء علي الوجه الذي تعين عليه من جهر أو إخفات، ويجتنب كل ما بينا وجوب اجتنابه والترغيب في تركه.
فإذا فرغ من القراءة فليكبر ويركع مستويا، يضع يديه علي ركبتيه، و يفرج أصابعهما، يمد عنقه، وينظر إلي ما بين رجليه، ويسبح، فإذا فرغ من تسبيح الركوع فليرفع رأسه وهو يقول: سمع الله لمن حمده، فإذا استوي قائما فليقل ما ذكرناه.
ثم يكبر ويسجد فيستقبل الأرض بيديه ثم ركبتيه ثم جبهته، ويسجد علي الأعضاء المذكورة متعلقا لا يلصق عضديه بجنبيه ولا بطنه بفخذيه ولا يفترش الأرض بذراعيه ولا بساقيه.
فإذا فرغ من تسبيح السجدة جلس مطمئنا علي أليتيه جميعا متوركا علي فخذه اليسري. ثم يكبر ويقول بعد التكبير ما ذكرناه (كذا) من الدعاء، ثم يكبر ويسجد ثانية كالأولي فإذا رفع رأسه منها جلس مطمئنا، ثم كبر ثم نهض ويقول:
بحول الله (1) أقوم وأقعد.
فإذا استوي قائما قرأ للثانية وركع وسجد حسب ما صنعه في الأولة، فإذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة جلس مطمئنا، فإن كانت صلاة الظهر أو العصر
(1) في بعض النسخ: وقوته.
(١٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: النهوض (26)، السجود (78)، الظنّ (104)، الركوع، الركعة (260)، الصّلاة (208)، الغلّ (26)، السهو (26)

صلاة الجماعة

أو المغرب أو عشاء الآخرة يشهد (1) تشهد الأول، وإن كانت الغداة يشهد (2) التشهد الثاني.
وكيفية الأخرتين من الصلاة الرباعية وثالثة المغرب كالأولتين في حال القيام والركوع والسجود، ويجلس عند آخرهن مطمئنا ويشهد التشهد الثاني، ولينظر في حال تشهد (3) إلي حجره، فإذا سلم من فريضة عقب وعفر علي ما تقدم شرحه.
وكيفية صلاة المرأة كالرجل إلا أنها تضع يديها في حال القيام علي ثديها وفي حال الركوع علي فخذيها، ولا تطأطأ تطأطؤ الرجل، وتجلس من غير أن تنحني وتسجد منضمة ناصبة ركبتيها، فإذا أرادت النهوض وضعت يديها علي جنبيها ونهضت حالة واحدة.
فصل في صلاة الجماعة ثواب صلاة الجماعة متضاعف علي صلاة الفرادي خمسة وعشرين ضعفا وأولي الناس بها إمام الملة أو من ينصبه، فإن تعذر الأمران لم ينعقد إلا بإمام عادل طاهر الولادة سليم من الجنون والجذام والبرص، وأذان وإقامة يتولاهما من يوثق بدينه، فإذا تكاملت هذه الصفات لجماعة فأولاهم بإمامة الصلاة رب المسجد والبيت، وبعدهما أقرؤهم لكتاب الله تعالي، وبعده أفقههم، وبعده القرشي دون غيره، ثم الكبير دون الصغير.
وقد تتكامل صفات الإمامة لجماعة وينعقد علي وجه دون وجه، وتكره علي
(1) تشهد.
(2) تشهد.
(3) في بعض النسخ: تشهديه.
(١٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الركوع، الركعة (130)، السجود (52)، النهوض (26)، الخوف (26)، الصّلاة (182)، السهو (26)، القنوت (26)، الخمس (26)، الشهادة (26)
وجه دون وجه.
فالأول: المقيد بالمطلق، والزمن بالصحيح، والخصي بالسليم، والأغلف بالمطهر، والمحدود بالبرئ والمرأة بالرجال، ويجوز أن يؤم كل منهم بأهل طبقته.
الثاني: الأعمي بالبصير، والمقصر بالمتم، والمتم بالمقصر، والمتيمم بالمتوضي، والعبد بالحر، ولا كراهية في إمامة كل منهم لأهل طبقته.
ويلزم إمام الصلاة تقديم دخول المسجد ليقتدي به المؤتمون، ويتعمم، ويتحنك، ويرتدي، ويجهر بالقراءة بحيث يجب الجهر ويخافت بحيث يجب الاخفات (1) ويجهر بالتكبير والقنوت والتشهد علي كل حال، ويخفف من غير إخلال.
ويلزم المؤتم الاقتداء عزما وفعلا.
ولا يقرء خلفه بالأوليين من كل صلاة ولا في الغداة إلا أن يكون بحيث لا يسمع قراءته ولا صوته (2) فيما يجهر فيه فيقرأ، وهو في الأخيرتين من الرباعيات و ثالثة المغرب بالخيار بين قراءة الحمد والتسبيح، والقراءة أفضل، ويركع بركوعه، ويسجد بسجوده، ولا يرفع رأسه منهما حتي يرفع، ويجلس بجلوسه فإذا سلم سلم.
وأولي المأمومين بالصف الأول أولوا الأحلام والنهي، ويلونهم العوام و الأعراب، ويلونهم العبيد، ويلونهم الصبيان، ويلونهم النساء.
ولا يجوز أن يكون بين الصفين من المسافة ما لا يتخطا، ولا حائل من بناء
(1) في بعض النسخ هكذا: بالقراءة بحيث يجب الاخفات، وفي بعضها الآخر سقطت الجملتان.
(2) في النسخ: ولا قنوته والظاهر أنه تصحيف.
(١٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (156)، الظنّ (26)، الغلّ (26)، الجواز (52)، السهو (26)، النوم (26)

صلاة المضطر

أو نهر.
ولا يحتسب المسبوق إلا بما أدرك ركوعه، وإن سبق بركعة فأولته ثانية الإمام، فليمسك عن القراءة فإذا جلس الإمام للتشهد فليجلس مستوفرا (1) ولا يتشهد، فإذا نهض الإمام إلي الثالثة وهي له ثانية فليقرأ لنفسه الحمد وسورة فإذا نهض الإمام إلي الرابعة فليجلس يتشهد خفيفا ويدركه قائما، فإذا جلس الإمام للرابعة فليجلس مستوفرا (2) ولا يتشهد، فإذا سلم فلينهض فيصلي ركعة ثم يتشهد ويسلم.
وإذا سبق بركعتين صارت أخيرتا الإمام له أولتين، فليقرأ لنفسه فيهما كقراءة المفرد (3) ويجلس بجلوسه ويتشهد الأول، فإذا سلم فلينهض فيصلي ركعتين إن كانت صلاة رباعية، وركعة إن كانت ثلاثية ويتشهد ويسلم.
فإن سبق بثلاثة ركعات فرابعة الإمام له أولة، فليقرأ لنفسه فيها، فإذا سلم الإمام نهض فتمم باقي الصلاة وتشهد وسلم.
فصل في كيفية صلاة المضطر فرض من اضطر إلي الاخلال ببعض أحكام الصلاة وشروطها أن يبذل جهده ويستفرغ وسعه في فعليها علي غاية ما يتمكن منه ويأمن معه من التلف في آخر وقتها، فإن اقتصر علي صفة يتمكن من الزيادة عليها بطلت صلاته.
وتختلف كيفية صلاة المضطر بحسب الضرورات.
(1) في بعض النسخ: مستوقرا.
(2) في بعض النسخ: مستوقرا.
(3) المنفرد.
(١٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الجمعة (52)، سورة الجمعة (26)، الركوع، الركعة (104)، الصّلاة (104)، السجود (26)، النفاق (26)، الثناء (26)، الإقامة (26)، الغسل (26)، الجماعة (26)، العصر (بعد الظهر) (26)
فمن ذلك صلاة الخوف وهو بانفراده موجب القصر، ويلزم المواقفين (1) للعدوان أن يقسموا الجيش قسمين: قسم يقف بإزاء العدو وقسم يعقد بهم الصلاة جماعة فيصلي بهم الإمام ركعة وينهض إلي الثانية وينهض (2) معه فيصلون لأنفسهم ويتشهدون ويسلمون وينصرفون إلي مقام أصحابهم فيقفون بإزاء العدو ويأتي أولئك فيكبرون ويدخلون معه في الصلاة فإذا دخلوا معه ركع بهم وسجد وجلس يتشهد ونهضوا فصلوا لأنفسهم ركعة وجلسوا معه فإذا علم بتشهدهم سلم بهم، وإن كانت صلاة المغرب صلي بالطائفة الأولي ركعة أو اثنتين، وبالثانية ما بقي.
فإن خافوا العدو بانقسام الجيش فليصلوا في مصافهم علي ظهور خيلهم متوجهين إلي القبلة إن أمكن، وإلا عند افتتاح الصلاة والتسليم منها ويؤمون بالركوع ويسجدون علي قرابيس سروجهم.
وإن كانت حال طراد صلوا في حاله علي ظهور خيلهم يؤمون بالصلاة إلي القبلة إن أمكن في جميع الصلاة وإلا افتتحوها بالتوجه إليها وحين التسليم ويومون بالركوع والسجود.
وإن كانت حاله مواقفة ومسايفة عقد كل منهم الصلاة بالنية وتكبيرة الإحرام وكبر عن كل ركعة أربع تكبيرات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتشهد وسلم.
وكذلك حكم مواقف الأسد وما يجري مجراه.
والمضطر إلي الركوب يصلي راكبا متوجها إلي القبلة إن أمكن، وإلا حين عقدها وحلها، ويوميء بالركوع ويسجد علي القربوس أو الرحل.
(1) في بعض النسخ: الموقفين.
(2) كذا في النسخ، والظاهر: وينهضون معه.
(١٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الجمعة (26)، سورة الإخلاص (26)، سورة الجمعة (52)، السجود (52)، النفاق (26)، الإقامة (26)، الصّلاة (156)، الغسل (26)، الإستحباب (52)، الجواز (52)، العصر (بعد الظهر) (52)، الركوع، الركعة (26)

حكم السهو في عدد الركعات

والمضطر إلي المشي يصلي ماشيا يؤمي بالركوع والسجود ويتوجه إلي القبلة بحيث يمكنه.
والمضطر إلي ركوب السفينة يصلي فيها قائما إن أمكن، وإلا جالسا مستقبل القبلة في جميعها، فإن كانت السفينة دائرة توجه إلي القبلة، ودار معها حيث دارت وإن لم يعرف القبلة توجه إلي صدورها وصلي حيث توجهت.
والمضطر إلي السباحة يتوجه إلي القبلة ويصلي ويكون سجوده أخفض من ركوعه.
والمقيد والمربوط والمتوحل والمضطر إلي الجلوس والاضطجاع يلزمه بذل الجهد في إيقاع الصلاة علي غاية وسعه.
والمضطر إلي العري يصلي قائما إن كان بحيث لا يراه أحد ويركع و يسجد، وجالسا إن كان بحيث يراه غيره ويوميء بالركوع والسجود إيماءا، فإن كان العراة جماعة صلوا صفا إمامهم في أوساطهم.
ويصلي من عداهم من المضطرين جماعة كصلاة المختارين إمامهم أمامهم.
فصل في حكم السهو في عدد الركعات قد سلف بيان أكثر أحوال السهو في أحكام الصلاة وشروطها وكيفيتها وبقي ما يتعلق بعدد الركعات وبعض الأحكام، وهو علي ضروب: منها ما يوجب الإعادة، ومنها العمل بغالب الظن، ومنها ما يوجب الاحتياط، ومنها ما يوجب الجبران، ومنها ما يوجب التلافي، ومنها ما وجوده كعدمه.
فأما ما يوجب الإعادة فهو أن يشك المصلي في الركعتين الأولتين من الصلاة الرباعية أو في صلاة الغداة أو للمغرب أو ركعتي التقصير فلم يدر
(١٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإحسان والبرَ الي الوالدين (26)، صلاة الجمعة (26)، صلة الرحم (26)، الطعام (26)، السجود (26)، الصّلاة (208)، الضلال (26)، الأذان (26)، الإفطار (26)
ركعتين صلي أم ثلاثا، اثنتين صلي المغرب أم ركعة، أم ركعتين أم ثلاثا، أو يسهو فيزيد في الفرض ركعة معلومة أو مظنونة أو ينقص ركعة ولا يذكر حتي ينصرف.
وأما ما يقتضي العمل بغلبة الظن فهو أن يسهو في عدد الركعات و الأحكام ويغلب ظنه بشئ من ذلك، فعليه أن يعلم بما غلب ظنه.
وأما ما يوجب الاحتياط فهو أن يسهو في الصلاة الرباعية بعد سلامة الأوليين بيقين أو ظن سهوا وشك (1) فلم يدر أصلي ركعتين أم ثلاثا فعليه أن ينهض فيصلي ركعة ويجلس ويتشهد ويسلم ويصلي بعد التسليم ركعتين من جلوس أو ركعة من قيام. أو يشك فلم يدر أصلي ركعتين أم أربعا، فيلزمه أن يفرض أنها أربع ويتشهد ويسلم ويصلي بعد التسليم ركعتين من قيام. أو يشك فلم يدر أصلي ثلاثا أم أربعا فليفرض أنها أربع ويتشهد ويسلم ويصلي بعد التسليم ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس. أو يشك فلم يدر أصلي ركعتين أم ثلاثا أم أربعا فيفرض كونها أربعا ويتشهد ويسلم ويصلي ركعتين من قيام و ركعتين من جلوس.
وأما ما يوجب الجبران فهو أن يشك في كمال الفرض زيادة ركعة عليه، فيلزمه أن يتشهد ويسلم ويسجد بعد التسليم سجدتي السهو.
وهاتان السجدتان يلزم من جلس ساهيا في موضع قيام، أو قام في موضع جلوس، أو تكلم ساهيا، أو سها عن سجدة، وقد بينا ذلك وأعدناه للبيان.
وصفتهما: أن يسجد كسجود الصلاة ويقول في كل واحد منهما: بسم الله و بالله وصلي الله علي محمد وآله، ويجلس ويتشهد لهما تشهدا خفيفا وينصرف عنهما بالتسليم علي محمد وآله صلوات الله عليه وآله.
(1) في بعض النسخ: أو شكا.
(١٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، العزّة (26)، الجود (78)، الصّلاة (78)

القضاء وأحكامه

وأما ما يوجب التلافي فهو أن يسهو عن النية أو تكبيرة الإحرام ويذكر ذلك قبل أن يركع، أو عن قراءة الحمد وهو في السورة التي يليها فيلزمه تلافي ذلك بافتتاح الصلاة بالنية وتكبيرة الإحرام وقراءة الحمد، ويسهو عن التشهد الأول فيذكره قبل أن يركع أو عن الثاني فيذكره قبل أن ينصرف يلزم تلافيهما بالجلوس والتشهد، أو يسهو عن القنوت قبل الركوع فيتلافاه بعد الركوع، أو يسهو عن تسبيح الركوع أو السجود أو شئ منهما فيتلافاه ما دام الصلاة وبعدها ما لم يحدث، أو يسهو عن سجدة من ركعة ويذكرها قبل أن يركع فيتلافاها، أو يسهو عن ركعة أو اثنتين ويسلم ثم يذكر ذلك قبل أن ينصرف فيلزمه التلافي وسجدتا السهو والتسليم.
وأما ما لا تأثير له فهو أن يشك المصلي في حكم من أحكام الصلاة بعد خروجه عن حال فعله، كشكه في النية بعد الدخول في الصلاة، أو في تكبيرة الإحرام وهو في حال القراءة، أو في القراءة، وهو راكع، أو في الركوع وهو ساجد، أو في السجود بعد ما ينهض، أو في شئ من ركعات الصلاة بعد ما ينصرف، فلا يلتفت إلي شكه في شئ من ذلك، لخروجه من حال العبادة بالحكم عن يقين منه، والشك لا يؤثر في الحكم المتيقن.
فصل (1) في القضاء وأحكامه يجب قضاء ما فات من صلاة (2) الخمس، وهو مثل المقضي وليس هو هو ووقته حين ذكره إلا أن يكون آخر وقت فريضة حاضرة يخاف بفعل الفائتة
(1) في بعض السنخ: كلام في القضاء وأحكامه.
(2) صلوات.
(١٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، السجود (26)، الركوع، الركعة (52)، الصّلاة (130)، الجواز (52)، الوجوب (26)، الغلّ (26)
فوتها، فيلزم المكلف الابتداء بالحاضرة ثم يقضي الفائتة، وما عدا ذلك من سائر الأوقات فهو وقت الفائتة لا يجوز التعبد فيه بغير القضاء من فرض حاضر ولا نفل، فإن كان الفائت متعينا قضاه بعينه محصورا كان أو مشكوكا في عدده وإن كان في غير متعين وكان صلاة واحدة فليقض صلاة يوم كملا ينوي بكل صلاة قضاء الفائت، وإن كان عدة صلوات غير متعينات ولا محصورات فعليه أن يقضي صلاة يوم بعد يوم حتي يغلب في ظنه براءة ذمته من الفائتة.
وإن كان الفائت متعينا وغير متعين كثيرا لا يتمكن من فعله في وقت واحد كصلاة عام أو عامين أو ما زاد علي ذلك أو نقص منه أوقعها (1) علي وجه لا يصح، بإخلاله ببعض واجباته، فعليه أن يقضي في جميع أوقات الليل والنهار إلا ما غلب عليه النوم وشبهه، أو ما استعمل فيه بحفظ الحياة من التكسب أو آخر أوقات الفرائض الحاضرة المضيقة، من حيث كان فرض القضاء مضيقا لا بدل منه، كصلاة الوقت حين يبقي منه مقدار فعلها، فكما لا يجوز التشاغل عنها فيه فكذلك حكم القضاء.
فإن كان صلي صلاة الحاضر (2) قبل أن يضيق (2) وقتها وهو ذاكر للفائت فهي باطلة، وإن كان ذلك عن سهو فذكر الفائت وهو لم يخرج عنها لزمه نقل النية إلي الفائت إن أمكن ذلك، فإذا خرج عنه صلي فرض الوقت فإن لم يفعل فصلاته غير مجزية، فإن لم يذكر الفائت حتي أدي الفرض الحاضر فهو مجز عنه ويلزمه فعل الفائت عقيب الخروج عنه.
(1) في النسخ: أو أوقعها. والظاهر ما أثبتناه.
(2) حاضرة.
(3) في بعض النسخ: يتضيق.
(١٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الجهر والإخفات (26)، بنو هاشم (26)، السجود (26)، الخوف (26)، الموت (52)، الصّلاة (156)، الغسل (26)، الخمس (26)، الجنازة (26)

صلاة الجمعة

فصل في صلاة الجمعة لا تنعقد الجمعة إلا بإمام الملة، أو منصوب من قبله، أو بمن يتكامل له صفات إمام الجماعة عند تعذر الأمرين، وأذان، وإقامة، وخطبة في أول الوقت مقصورة علي حمد الله والثناء عليه بما هو أهله والصلاة علي محمد وآله المصطفين ووعظ وزجر، بشرط حضور أربعة نفر معه. فإذا تكاملت هذه الشروط انعقدت جمعة وانتقل فرض الظهر من أربع ركعات إلي ركعتين بعد الخطبة.
وتعين فرض الحضور علي كل رجل بالغ حر سليم مخلي السرب حاضر بينه وبينها فرسخان فما دونهما، ويسقط فرضها عن من عداه، فإن حضرها تعين عليه فرض المدخول فيها (1) جمعة.
ويلزم الإمام الغسل وتغيير الثياب ومس الطيب والتعمم والتحنك والارتداء وتقديم دخول المسجد الجامع ليتأسي به المسلمون.
فإذا زالت الشمس أمر مؤذنيه بالأذان فإذا فرغوا منه صعد المنير فخطب علي الوجه الذي بيناه، فإذا انقضت الخطبة أقيمت الصلاة ونزل فصلي بالناس ركعتين، يقرأ في الأولي الحمد وسورة الجمعة، وفي الثانية الحمد وإذا جاءك المنافقون، يجهر بالقراءة فيهما، ويقنت في الركعة الأولة والثانية، ويتشهد ويسلم ويعقب ويعفر، ثم يأمر مؤذنيه بإقامة الصلاة وينهض فيصلي بالناس فريضة العصر، يقرأ في الأوليين منها ما قرأ في صلاة الجمعة إخفاتا ويجزيه أن يقرأ ما تيسر من السورة، والسنة ما ذكرناه من القراءة، فإذا سلم
(1) كذا.
(١٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الطواف، الطوف، الطائفة (52)، الموت (52)، الركوع، الركعة (26)، الظلم (26)، الصّلاة (234)، القتل (26)، الجواز (26)، الجنازة (26)، الصّلب (26)
عقب وعفر وانصرف.
ويلزم المؤتمين به أن يصغوا الخطبة، ولا يتطوعون بصلاة ولا يتكلمون بما لا يجوز مثله في الصلاة هو يخطب، ويصغون إلي قرائته، ولا يقرؤون خلفه في صلاة الجمعة سمعوا قراءته أو صوته أم لم يسمعوا، وحالهم في صلاة العصر كسائر الأعصار ويقتدون (1) به بقلوبهم وجوارحهم حسب ما يلزم كل مؤتم بإمام.
ويستحب لكل مسلم تقديم دخول المساجد لصلاة النوافل بعد الغسل و تغيير الثياب ومس النساء (كذا) والطيب وقص الشارب والأظافير.
فإن اختل شرط من شروط الجمعة المذكورة سقط فرضا وكان حضور مسجد الجامع لصلاة النوافل وفرضي الظهر والعصر مندوبا إليه. ويلزم من حضره قبل الزوال أن يقدم النوافل عدا ركعتي الزوال، فإذا زالت الشمس صلاهما وأذن لنفسه وأقام وصلي الظهر أربعا كسائر الأيام، يقرأ في الأوليتين بعد الحمد الجمعة وإذا جاءك المنافقون، فإذا سلم بهما عقب وعفر ونهض فصلي فريضة العصر بإقامته من غير أذان، يقرأ فيها ما يقرأ في الظهر.
ويستحب لمن تعين عليه فرض الجمعة أو سقط عنه أن يقرأ في أولتي صلاتي المغرب وعشاء الآخرة من ليلة الجمعة في الأولة الحمد وسورة الجمعة وفي الثانية الحمد وسبح اسم ربك الأعلي، وفي أولة صلاة الغداة من يوم الجمعة مع الحمد سورة الجمعة وفي الثانية معها سورة الاخلاص، ويطيل قنوته فيها حتي يصير مقدار القيام فيها كالأولة.
وإن قرأ في صلاة المغرب وعشاء الآخرة والغداة بغير ما ذكرناه من السور جاز، وقرائتها أفضل. ولا يجوز أن يقرأ في الجمعة وظهر يومها بغير السورتين
(1) في أكثر النسخ: ويقيدون به.
(١٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: النبي إبراهيم (ع) (26)، سورة الإخلاص (26)، مسجد الحرام (26)، الركوع، الركعة (130)، الطعام (26)، الصّلاة (104)، العتق (26)، العصر (بعد الظهر) (26)، الإنذار (78)

صلاة العيدين

المذكورتين.
ولليلة الجمعة ويومها من الحرمة ما ليس لغيرهما من الليالي والأيام، فيلزم تمييزهما بكثرة التعبد فيهما بالصلاة والتسبيح والاستغفار والصلاة علي محمد وآله وزيارتهم في مشاهدهم أو من حيث أمكن وبر الوالدين والدعاء لأحيائهم وأمواتهم وزيارتهم والتبري من متقدمي أهل الضلال ومتأخريهم مجملا و مفصلا وفعل الخيرات وإطعام الطعام وصلة الأرحام وبر الأخوان والجيران و التوسعة في النفقة علي العيال وتطريفهم بما تيسر من اللحم والحلو والفاكهة والخضر اجتناب التكسب والسفر قبل الصلاة، وقطع زمانيهما أو أكثرهما بالطاعات.
فإن فاتت الجمعة بأن يمضي من زوال الشمس مقدار الأذان والخطبة و صلاة الجمعة لم يجز قضاؤها ولزم أداؤها ظهرا.
ويكره إخراج الدم قبل الصلاة لغير ضرورة.
فصل في صلاة العيدين صلاة يوم الفطر ويوم الأضحي واجبة بشرط تكامل شروط الجمعة لها علي كل من تجب عليه الجمعة. والسنة فيها الاصحار بها وبخروج (1) الإمام والمأموم مشاة، وكلما مشي الإمام قليلا وقف وكبر حتي ينتهي إلي المصلي فيجلس علي الأرض ويجلسون كذلك، فإذا انبسطت الشمس قام قائما وقام الناس وكبر وكبر الناس، فإذا أمسك قال مؤذنوه: " الصلاة، الصلاة " برفيع أصواتهم، ثم يكبر ويدخل بهم في الصلاة ويدخلون، فيقرء الحمد والشمس وضحيها، ويكبر بعد القراءة ست تكبيرات يركع بالسادسة، ثم يسجد
(1) كذا.
(١٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الليل (52)، الجهر والإخفات (26)، شهر رمضان المبارك (26)، الركوع، الركعة (104)، الصيام، الصوم (52)، السجود (26)، الصّلاة (78)، العصر (بعد الظهر) (26)
سجدتين، وينهض إلي الثانية، فإذا استوي قائما كبر وقرأ الحمد وهل أتيك ويسلم، ويلزمه أن يقنت بين كل تكبيرتين فيقول:
" اللهم أهل الكبرياء والعظمة وأهل العز (1) والجبروت وأهل القدرة و الملكوت وأهل (2) الجود والرحمة وأهل العفو والعافية أسألك بهذا اليوم (3) الذي عظمته وشرفته وجعلته للمسلمين عيدا ولمحمد صلي الله عليه وآله ذخرا (4) ومزيدا أن تصلي علي محمد وآل محمد وتغفر (5) لنا وللمؤمنين والمؤمنات وتجعل لنا في كل خير قسمت فيه حظا ونصيبا ".
فإذا سلم من هذه الصلاة عقب وعفر ثم صعد المنبر فخطب علي الوجه الذي ذكرناه، ويلزم المؤتمين به الاقتداء به بقلوبهم وجوارحهم، ولا يقرؤن خلفه سمعوا صوته أم لم يسمعوا، وعليه أن يسمعهم قنوته وتكبيره ولا يسمعونه وليصغوا إلي خطبته، فإذا فرغ من الخطبة جلس علي المنبر حتي ينفض الناس ثم ينزل.
فإن اختل شرط من شرائط العيد سقط فرض الصلاة، وقبح الجمع فيها مع الاختلال، وكان كل مكلف مندوبا إلي هذه الصلاة في منزله والاصحار بها أفضل.
ووقتها ممتد واجبة ومندوبة إلي أن تزول الشمس فإذا زال ولما يصل سقط فرضها.
ولا تنعقد في مصر واحد جمعتان ولا عيدان، وأقل ما يكون بينهما ثلاثة أميال
(1) في بعض النسخ: وأهل الجود والجبروت.
(2) في بعض النسخ: في أهل الجود والرحمة.
(3) في بعض النسخ: بحق هذا اليوم.
(4) في بعض النسخ: ذخرا وكرامة ومزيدا.
(5) في بعض النسخ: وأن تغفر.
(١٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الليل (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (52)، النصف من شعبان (26)، شهر ذي الحجة (26)، شهر رجب المرجب (26)، سورة الإخلاص (104)، سورة القدر (26)، سورة يس (26)، الصّلاة (78)، الركوع، الركعة (104)، الثناء (26)، الجماعة (26)

صلاة الكسوف

فإذا فاتت صلاة العيد لم يجز قضاؤها واجبة ولا مسنونة.
ولا يجوز التطوع ولا القضاء قبل صلاة العيد (1) ولا بعدها حتي تزول الشمس إلا من غدا من مدينة النبي صلي الله عليه وآله لصلاة العيد فإنه مرغب في التطوع بصلاة ركعتين في مسجده (2) قبل الخروج.
ولا يجوز السفر قبل صلاة العيد الواجبة ويكره قبل المسنونة.
وقد وردت الرواية (3): " إذا اجتمع عيد وجمعة أن المكلف مخير في حضور أيهما شاء " والظاهر في الملة وجوب عقد الصلاتين وحضورهما علي من خوطب بذلك.
ويلزم تمييز يوم العيد بالاكثار من فعل الخيرات، والتوسعة علي العيال، والتضحية بما تيسر، وتفريق ذلك علي المساكين.
فصل في صلاة الكسوف صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر فرض علي كل من علم بذلك من المكلفين.
(١) قال العلامة في المختلف بعد نقل هذه العبارة: وهذه عبارة ردية فإنها توهم المنع من قضاء الفرائض إذ قضاء النوافل داخل تحت التطوع، فإن قصد بالتطوع ابتداء النوافل، وبالقضاء ما يختص بقضاء النوافل فهو حق في الكراهة، وإن قصد المنع من قضاء الفرائض فليس كذلك وتصير المسألة خلافية. راجع المختلف ص 114.
(2) كان في بعض نسخنا هكذا: " فإنه مر غلب في التطوع بصلاة ركعتين في سجدة " والظاهر ما أثبتناه.
(3) في بعض النسخ: الروايات.
(١٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، أبو طالب عليه السلام (26)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (26)، سورة الإخلاص (104)، سورة القدر (26)، الركوع، الركعة (208)، السجود (104)، النهوض (52)، الحج (26)، الصّلاة (182)

صلاة الجنائز

وصفتها: أن يفتتحها بالنية وتكبيرة الإحرام ويقرأ عشرا ويركع (1) عشرا ويكبر عشرا ويقنت خمسا ويسجد أربعا ويتشهد ويسلم.
ووقتها ممتد بمقدار الكسوف أو الخسوف. والجهر بالقراءة والجمع فيها أفضل من الأفراد والاخفات. فإن خرج عن الصلاة ولما ينجل المكسوف والمخسوف فعليه إعادتها.
فإن دخل وقت فريضة من الخمس وهو فيها فليقمها ثم يصلي الفرض، فإن خاف من إتمامها فوات الفرض قطعها ودخل فيه، فإذا فرغ منه بني علي ما مضي له من صلاة الكسوف.
وإن لم يعلمه حتي تجلي (1) القرص فعليه القضاء حسب، فإن علم ففرط (3) في الصلاة فهو مأزور تلزمه التوبة والقضاء، وإن (4) كان الكسوف أو الخسوف (5) احتراقا فعليه مع التوبة الغسل كفارة لمعصيته.
فصل في صلاة الجنائز فرض هذه الصلاة متوجه إلي كل من علم بحال الميت علي الكفاية، وأولي الناس بإمامة الصلاة عليه إمام الملة، فإن تعذر حضوره وإذنه فولي الميت أو من يؤهل للإمامة، وأحق من أهل (6) لها الفاضل من بني هاشم.
(1) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: هكذا: ويكبر ويركع عشرا و يقنت …
(2) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: تجلو، وفي المختلف: انجلي.
(3) وفرط.
(4) فإن.
(5) والخسوف.
(6) وهل.
(١٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: زيارة النبي (ص) (26)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، الشكر (26)، السجود (52)، القبر (26)، الركوع، الركعة (182)، الزيارة (26)، الصّلاة (130)، الصيام، الصوم (26)، الإستخارة (26)، التكبير (52)

صلاة الطواف

وموقفه للرجل عند وسطه وللمرأة عند صدرها حافيا.
يفتتح الصلاة بتكبيرة يعزم معها علي فعل الصلاة بصفتها لوجوبها مخلصا له سبحانه، فيتشهد بعدها الشهادتين، ثم يكبر ثانية ويصلي بعدها علي محمد وآله صلي الله عليه وآله، ثم يكبر ثالثة ويدعو بعدها للمؤمنين والمؤمنات ويستغفر الله سبحانه لهم، ثم يكبر رابعة ويدعو للميت إن كان مؤمنا ويترحم عليه ويستغفر له، وإن كان مستضعفا دعا للمؤمنين والمؤمنات وإن كان ممن لا يعرف حاله اشترط الدعاء له وعليه، وإن كان طفلا لمؤمن دعا لوالده أو لهما إن كانا كذلك، ثم يكبر خامسة وينصرف من غير تسليم. ويرفع يديه في التكبيرة الأولة دون ما بعدها ولا يبرح من موضعه حتي يرفع الجنازة.
وإن كان مخالفا للحق بجبر أو تشبيه أو اعتزال أو خارجية أو إنكار إمامة لعنه بعد الرابعة وانصرف. ولا يجوز الصلاة علي من هذه حاله إلا لتقية.
وحكم المأمومين في جميع ما ذكرناه حكم الإمام.
فإن حضرت جنازة رجل وامرأة جعلت المرأة مما يلي القبلة والرجل مما يلي الإمام. وكذلك الحكم إن كان بدل المرأة عبدا أو صبيا أو خصيا. وإن كان الموتي جماعة جعلوا صفا رأس كل منهم عند وركي الآخر وصلي عليهم صلاة واحدة.
ويصلي علي القتيل المسلم ظالما كان أو مظلوما. وإذا اختلط قتلي المسلمين والكفار صلي علي أهل الإيمان بالقصد إليهم. ويصلي علي المصلوب ولا يستقبل علي وجهه الإمام في التوجه.
فصل في صلاة الطواف يجب علي كل من طاف بالبيت عند فراغه من أسبوعه أن يصلي ركعتين
(١٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الركوع، الركعة (26)، الصّلاة (52)

صلاة النذر

عند إبراهيم عليه السلام يقرأ في الأولة الحمد وسورة الاخلاص وفي الثانية مع الحمد قل يا أيها الكافرون يتوجه فيهما ويقنت، ويجوز تأديتها في غير المقام من المسجد الحرام، فإن خرج منه ولما يؤدهما فعليه الرجوع لتأديتهما فيه.
فصل في صلاة النذر ومن نذر صلاة علي صفة مخصوصة أو في مكان معين أو عدد مخصوص وجب عليه فعلها متي تعين فرض النذر، علي الوجه الذي شرط من مبلغ عدد أو صفة قراءة سور وآيات أو تسبيحات مخصوصة في المكان أو الزمان الذي علق النذر به، فإن أداها علي غير الصفة التي شرطها أو في غير المكان أو الزمان الذي شرط لم يجزه ولزمه إعادتها علي ما نذره.
فإن كان علق فعلها بزمان معين لا مثل له كيوم معلوم من شهر مخصوص ففرط حتي خرج الوقت فعليه التوبة وكفارة بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا، وإن كان لضرورة فلا أثم عليه ويلزمه قضاؤها في غيره.
فصل في أحكام الصلوات المسنونة [النوافل خ] من وكيد السنة علي المتم أن يصلي في اليوم والليلة أربعا وثلاثين ركعة:
ثمان منها بعد الزوال وقبل الظهر يتوجه في أولها كتوجه الفرائض، ثمان ركعات بعد الظهر وقبل العصر، وأربع ركعات بعد فريضة المغرب يفتتحها بالتوجه وركعتين من جلوس بعد عشاء الآخرة يفتتحهما بالتوجه، يقنت في كل ركعتين من هذه النوافل ويسلم، وأوقات نوافل كل فريضة ممتدة بامتداد أوقات فرائضها، وثمان ركعات صلاة الليل يفتتحها بالتوجه ويقنت في كل ركعتين ويسلم، وركعتي
(١٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: صلة الرحم (26)، سبيل الله (26)، الزكاة (104)، النذر (26)، التكفير، الكفارة (26)، الخمس (26)

أحكام الصلوات المسنونة

عند إبراهيم عليه السلام يقرأ في الأولة الحمد وسورة الاخلاص وفي الثانية مع الحمد قل يا أيها الكافرون يتوجه فيهما ويقنت، ويجوز تأديتها في غير المقام من المسجد الحرام، فإن خرج منه ولما يؤدهما فعليه الرجوع لتأديتهما فيه.
فصل في صلاة النذر ومن نذر صلاة علي صفة مخصوصة أو في مكان معين أو عدد مخصوص وجب عليه فعلها متي تعين فرض النذر، علي الوجه الذي شرط من مبلغ عدد أو صفة قراءة سور وآيات أو تسبيحات مخصوصة في المكان أو الزمان الذي علق النذر به، فإن أداها علي غير الصفة التي شرطها أو في غير المكان أو الزمان الذي شرط لم يجزه ولزمه إعادتها علي ما نذره.
فإن كان علق فعلها بزمان معين لا مثل له كيوم معلوم من شهر مخصوص ففرط حتي خرج الوقت فعليه التوبة وكفارة بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا، وإن كان لضرورة فلا أثم عليه ويلزمه قضاؤها في غيره.
فصل في أحكام الصلوات المسنونة [النوافل خ] من وكيد السنة علي المتم أن يصلي في اليوم والليلة أربعا وثلاثين ركعة:
ثمان منها بعد الزوال وقبل الظهر يتوجه في أولها كتوجه الفرائض، ثمان ركعات بعد الظهر وقبل العصر، وأربع ركعات بعد فريضة المغرب يفتتحها بالتوجه وركعتين من جلوس بعد عشاء الآخرة يفتتحهما بالتوجه، يقنت في كل ركعتين من هذه النوافل ويسلم، وأوقات نوافل كل فريضة ممتدة بامتداد أوقات فرائضها، وثمان ركعات صلاة الليل يفتتحها بالتوجه ويقنت في كل ركعتين ويسلم، وركعتي
(١٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: صلة الرحم (26)، سبيل الله (26)، الزكاة (104)، النذر (26)، التكفير، الكفارة (26)، الخمس (26)
الشفع يسلم منها، وركعة الوتر يتوجه لها ويسلم منها، وركعتي الفجر متصلة بصلاة الليل. وأول وقت هذه الصلاة أول النصف الثاني وأفضله الربع الأخير.
وعلي المقصر سبع عشرة ركعة: نوافل المغرب أربع وصلاة الليل ثلاث عشرة ركعة.
والمسنون في نوافل النهار الاخفات بالقراءة وفي نوافل الليل الإجهار، ويجوز الجهر في تلك والاخفات في هذه.
ولكل ركعتين من هذه النوافل دعاء مخصوص طالبه يظفر به حيث طلبه من كتب العمل.
وكيفيتها في حال القيام والركوع والسجود والجلوس كالفرائض. فإن فاته شئ منها فهو مرغب في قضائه أي وقت تمكن كترغيبه في الابتداء.
ومن وكيد السنة علي المتم أن يتطوع يوم الجمعة بعشرين ركعة: ست ركعات في صدر النهار وستا إذا ارتفع النهار وستا قبل الزوال وركعتين في أول الزوال، فإن لم يتسع له ترتيبها كذلك صلاها متوالية، فإن زالت الشمس وقد بقي منها بقية قضاها بعد العصر.
ومن السنة أن يتطوع الصيام (1) في شهر رمضان بألف ركعة يصلي من ذلك في العشرتين الأولتين كل ليلة عشرين ركعة: ثمان ركعات بعد نوافل المغرب واثنتي عشرة ركعة بعد عشاء الآخرة وقبل الركعتين من جلوس، ويصلي كل ليلة من العشر الأخير ثلاثين ركعة: اثنتي عشرة ركعة بعد نوافل المغرب وثماني عشرة ركعة بعد عشاء الآخرة، ويصلي ليلة تسع عشر مائة ركعة مضافة إلي الموظف فيها من الركعات، ويصلي ليلة إحدي وعشرين مائة ركعة وليلة
(1) كذا في جميع النسخ، وفي المختلف: قال أبو الصلاح: من السنة أن يتطوع الصائم.
(١٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (26)، الزكاة (78)، الشعير (26)، الزبيب (26)، الحاجة، الإحتياج (52)

صلاة الغدير بالجماعة

ثلاث وعشرين مائة ركعة. ويصلي ليلة العيد ركعتين يقرأ في الأولة منهما مع الحمد سورة الاخلاص ألف مرة وفي الثانية مع الحمد سورة الاخلاص مرة واحدة، ولكل ركعتين من نوافل الشهر دعاء وتسبيح مذكور في كتب العمل.
ومن وكيد السنة الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وآله في يوم الغدير وهو الثامن عشر من ذي الحجة بالخروج إلي ظاهر المصر وعقد الصلاة قبل أن تزول الشمس بنصف ساعة بمن تتكامل له صفات إمام الجماعة بركعتين يقرأ في كل ركعة منهما الحمد مرة وسورة الاخلاص عشرا وسورة القدر عشرا وآية الكرسي عشرا ويقتدي به المؤتمون، فإذا سلم دعا [بدعاء] هذا اليوم (1) ومن صلي خلفه. وليصعد المنبر قبل (2) الصلاة فيخطب خطبة مقصورة علي حمد الله والثناء عليه والصلاة علي محمد وآله والتنبيه علي عظيم حرمة يومه وما أوجب الله تعالي من إمامة أمير المؤمنين والحث علي امتثال مراد الله سبحانه ورسوله صلي الله عليه وآله فيه. ولا يبرح أحد من المؤتمين والإمام يخطب فإذا انقضت الخطبة تصافحوا (3) وتفرقوا.
ومن السنة أن يصلي ليلة النصف من شعبان أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بعد الحمد مائة مرة سورة الاخلاص ويقنت في كل ركعة (4) منها ويسلم ويعقب ويعفر.
ومن السنة أن يصلي يوم المبعث - وهو السابع والعشرين من رجب - اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة سورة يس ويقنت في كل ركعتين
(1) صححنا هذه العبارة مستفيدا من مختلف العلامة.
(2) كذا في جميع النسخ.
(3) في المختلف: تصافحوا وتعانقوا وتفارقوا.
(4) كذا.
(١٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الزكاة (52)، الكرم، الكرامة (26)، التمر (26)، التصدّق (52)

صلاة جعفر بن أبي طالب

ويسلم ويكثر بعدها من التسبيح والدعاء.
ومن السنة الاقتداء بأمير المؤمنين عليه السلام في صلاة أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة سورة الاخلاص خمسين مرة ويقنت في كل ركعتين ويتشهد ويسلم ويعقب ويعفر.
ومن السنة أن يقتدي بفاطمة عليها السلام في صلاة ركعتين يقرأ في الأولة بعد الحمد سورة القدر مائة مرة وفي الثانية سورة الاخلاص مائة مرة ويقنت فيها ويسلم ويعقب ويعفر.
ومن السنة صلاة الحياة (1) وهي صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام أربع ركعات يفتتح بالتوجه ويقرأ في الأولة الحمد وإذا زلزلت ويسبح (2) بعد القراءة خمسة عشر فصلا كل فصل أربع تسبيحات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم يكبر ويركع ويسبح في الركوع عشر فصول، ثم يرفع رأسه فيسبح عشرا ثم يكبر ويسجد فيسبح في السجود عشرا، ثم يرفع رأسه ويجلس فيسبح عشرا ثم يسجد فيسبح عشرا، ثم يجلس فيسبح عشرا، ثم ينهض إلي الثانية فيقرأ الحمد والعاديات ويسبح بعد القراءة وفي حال الركوع وبعده وفي السجود وبعده كما سبح في الأولة، ويتشهد ويسلم، ثم ينهض فيصلي ركعتين يقرأ في الأولة الحمد وإذا جاء نصر الله وفي الثانية الحمد وسورة الاخلاص، ويسبح في كل منهما كما سبح في كل من الأولتين ويتشهد ويسلم ويعقب ويعفر، فيكون جملة التسبيح في هذه الصلاة ثلاثمائة فصل.
ولا يختص أداء هذه الصلوات الثلاث بوقت من دون وقت.
والسنة حين إحرام المتعة أو حج أو عمرة مبتولة صلاة ست ركعات، ويجزي اثنتان، يفتتحهما بالتوجه ويقرأ في الأولة الحمد وسورة الاخلاص
(1) الحباء. ظ.
(2) في أكثر النسخ: والتسبيح.
(١٦١)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (52)، الزكاة (52)

صلاة الاستخارة

وفي الثانية بعد الحمد قل يا أيها الكافرون أي وقت قصد إلي الإحرام من ليل أو نهار وأفضل الأوقات بعد صلاة الظهر.
ومن السنة بعد الفراغ من زيارة رسول الله صلي الله عليه وآله أو أحد الأئمة عليهم السلام عند قبورهم صلاة ركعتين عند الرأس يحسن ركوعهما وسجودهما ويجتهد بعدهما في الدعاء والاستغفار. ويصلي لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام ست ركعات، لأن زيارته تشتمل علي زيارة ثلاثة حجج: آدم ونوح وهود عليهم السلام (1).
وإن كانت أو أحدهم عليهم السلام من بلد الزائر النائي عن مشاهدهم بدأ بصلاة ركعتين ثم عقبهما بالزيارة.
ومن السنة فيمن عرض له أمران يشتبهان: أن يستخير الله سبحانه بصلاة ركعتين يقول بعدهما وهو ساجد. أستخير الله - مائة مرة - اللهم إني أستخيرك بعلمك وأشهد بك (2) بقدرتك، اللهم إنك تعلم وأنت علام الغيوب أسألك أن تصلي علي محمد وآل محمد وأن تخير لي في جميع أموري خيرة في عافية خيرة للدنيا والآخرة برحمتك وجميل لطفك. فإذا عزم علي مطلوبه بدأ بصلاة ركعتين يبتهل بعدهما إلي الله تعالي في نجاح حاجته، فإذا قضيت حاجته فيصل صلاة الشكر ركعتين يسجد بعدهما ويقول: " شكرا شكرا " مائة مرة.
ومن السنة إذا منعت السماء قطرها والأرض نبتها أن يفزع أهل المصر و الإقليم إلي صوم ثلاثة أيام: الأربعاء والخميس والجمعة، فإذا انبسطت الشمس من يوم الجمعة خرج إمام الصلاة ومعه المؤذنون وكافة أهل البلد إلي ظاهره وقد نصب له منبر فيصلي بهم ركعتين كصلاة العيد يقنت بين (3) التكبير بما
(1) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: آدم ونوح وهو عليهم السلام.
(2) كذا في النسخ، والظاهر: وأستهديك بقدرتك.
(3) في بعض النسخ: بعد التكبير.
(١٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (26)، الزكاة (26)، التصدّق (26)

صلاة الاستسقاء

وفي الثانية بعد الحمد قل يا أيها الكافرون أي وقت قصد إلي الإحرام من ليل أو نهار وأفضل الأوقات بعد صلاة الظهر.
ومن السنة بعد الفراغ من زيارة رسول الله صلي الله عليه وآله أو أحد الأئمة عليهم السلام عند قبورهم صلاة ركعتين عند الرأس يحسن ركوعهما وسجودهما ويجتهد بعدهما في الدعاء والاستغفار. ويصلي لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام ست ركعات، لأن زيارته تشتمل علي زيارة ثلاثة حجج: آدم ونوح وهود عليهم السلام (1).
وإن كانت أو أحدهم عليهم السلام من بلد الزائر النائي عن مشاهدهم بدأ بصلاة ركعتين ثم عقبهما بالزيارة.
ومن السنة فيمن عرض له أمران يشتبهان: أن يستخير الله سبحانه بصلاة ركعتين يقول بعدهما وهو ساجد. أستخير الله - مائة مرة - اللهم إني أستخيرك بعلمك وأشهد بك (2) بقدرتك، اللهم إنك تعلم وأنت علام الغيوب أسألك أن تصلي علي محمد وآل محمد وأن تخير لي في جميع أموري خيرة في عافية خيرة للدنيا والآخرة برحمتك وجميل لطفك. فإذا عزم علي مطلوبه بدأ بصلاة ركعتين يبتهل بعدهما إلي الله تعالي في نجاح حاجته، فإذا قضيت حاجته فيصل صلاة الشكر ركعتين يسجد بعدهما ويقول: " شكرا شكرا " مائة مرة.
ومن السنة إذا منعت السماء قطرها والأرض نبتها أن يفزع أهل المصر و الإقليم إلي صوم ثلاثة أيام: الأربعاء والخميس والجمعة، فإذا انبسطت الشمس من يوم الجمعة خرج إمام الصلاة ومعه المؤذنون وكافة أهل البلد إلي ظاهره وقد نصب له منبر فيصلي بهم ركعتين كصلاة العيد يقنت بين (3) التكبير بما
(1) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: آدم ونوح وهو عليهم السلام.
(2) كذا في النسخ، والظاهر: وأستهديك بقدرتك.
(3) في بعض النسخ: بعد التكبير.
(١٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (26)، الزكاة (26)، التصدّق (26)
سنح من التحميد، ثم يصعد المنبر فيخطب خطبة يحمد الله تعالي فيها، ويثني عليه بما هو أهله، ويصلي علي محمد وآله، ويعظ، ويخوف، ويحث علي فعل الخير، ويزجر عن ارتكاب القبيح، ويرغب في التوبة، ويشعر الحاضرين أن القحط سبب (1) القبائح ليبعثهم ذلك علي التوبة منها، فإذا فرغ من خطبته فليقلب رداءه، فيحول الذي علي منكبه الأيمن إلي الأيسر، والذي علي الأيسر إلي الأيمن، ثم يحول وجهه إلي القبلة فيكبر الله مائة تكبيرة ويكبر الناس معه ثم يحول وجهه إلي يمينه فيسبح الله مائة تسبيحة ويسبح الناس معه، ثم يحول وجهه إلي يساره فيحمد الله مائة مرة ويحمد الناس معه، ثم يحول وجهه إلي الناس فيستغفر الله مائة مرة ويستغفر الناس معه، كل ذلك يرفع به صوته ويرفعونه، ثم يحول وجهه إلي القبلة ويدعوا:
اللهم رب الأرباب ومعتق الرقاب ومنشئ السحاب ومنزل القطر من السماء ومحيي الأرض بعد موتها، يا فالق الحب والنوي ويا مخرج الزرع والنبات و محيي الأموات (2) الشتات، اللهم اسقنا غيثا مغيثا غدقا مغدقا هنيئا مرئيا ينبت (3) به الزرع وتدر به (4) الضرع وتحيي به الأرض بعد موتها وتسقي به مما خلقت أنعاما وأناسي كثيرا.
وليؤمن الحاضرون علي دعاءه ثم ينزل.
ومن السنة علي من دخل مسجدا أن يبدأ الصلاة ركعتين تحية له ثم يشرع فيما شاء من عبادة (5).
(1) كذا في النسخ، والظاهر: بسبب.
(2) في بعض النسخ: بعد موتها.
(3) تنبت.
(4) في جميع النسخ: تدريه الزرع والظاهر ما أثبتناه.
(5) في بعض النسخ: عبادته
(١٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (52)، الزكاة (26)، الإفطار (26)، الفطرة (52)

2 - باب حقوق الأموال

اشارة

فصل في بيان حقوق الأموال (1) حقوق الأموال تسعة: الزكاة، والفطرة، والخمس، والأنفال، وفي سبيل الله، والنذور، والكفارات، وصلة الأرحام، وبر الأخوان، ولكل حكم.
فصل في ذكر ما يجب فيه الزكاة وأحكامها فرض الزكاة يتعلق بثلاثة أصناف: الأموال والحرث والأنعام.
فأما فرض زكاة المال فيختص بكل حر بالغ كامل العقل، بشرط أن يكون المال عينا أو ورقا بالغا نصابه، حائلا عليه الحول من غير أن يتخلله نقصان ولا تبدلت أعيانه، وبحيث يتمكن مالكه من التصرف فيه بالقبض أو الإذن، فإذا تكاملت هذه الشروط وبلغ العين عشرين مثقالا والورق مائتي درهم ففي العين نصف دينار، وفي الورق خمسة دراهم، ولا شئ فيما زاد علي ذلك حتي تبلغ زيادة العين أربعة دنانير وزيادة الورق أربعين درهما، فيكون في ذلك عشر دينار، وفي هذه درهم.
ثم علي هذا الحساب بالغا ما بلغ العين والورق، من كل عشرين مثقالا
(1) في بعض النسخ: فصل بيان حقوق الأموال تسعة.
(١٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الزكاة (26)، الزرع (26)، الوراثة، التراث، الإرث (26)، الخمس (52)، التصدّق (26)

زكاة المال

فصل في بيان حقوق الأموال (1) حقوق الأموال تسعة: الزكاة، والفطرة، والخمس، والأنفال، وفي سبيل الله، والنذور، والكفارات، وصلة الأرحام، وبر الأخوان، ولكل حكم.
فصل في ذكر ما يجب فيه الزكاة وأحكامها فرض الزكاة يتعلق بثلاثة أصناف: الأموال والحرث والأنعام.
فأما فرض زكاة المال فيختص بكل حر بالغ كامل العقل، بشرط أن يكون المال عينا أو ورقا بالغا نصابه، حائلا عليه الحول من غير أن يتخلله نقصان ولا تبدلت أعيانه، وبحيث يتمكن مالكه من التصرف فيه بالقبض أو الإذن، فإذا تكاملت هذه الشروط وبلغ العين عشرين مثقالا والورق مائتي درهم ففي العين نصف دينار، وفي الورق خمسة دراهم، ولا شئ فيما زاد علي ذلك حتي تبلغ زيادة العين أربعة دنانير وزيادة الورق أربعين درهما، فيكون في ذلك عشر دينار، وفي هذه درهم.
ثم علي هذا الحساب بالغا ما بلغ العين والورق، من كل عشرين مثقالا
(1) في بعض النسخ: فصل بيان حقوق الأموال تسعة.
(١٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الزكاة (26)، الزرع (26)، الوراثة، التراث، الإرث (26)، الخمس (52)، التصدّق (26)

زكاة الحرث

نصف مثقال، ومن كل أربعة دنانير بعد العشرين عشر مثقال، وفي كل مائتي درهم خمسة دراهم، ومن كل أربعين درهما درهم، ولا زكاة فيما بين النصابين.
ومن مسنون الزكاة تزكية البضايع (1) إذا حال عليها الحول وهي تفي برأس المال أو زيادة بحسب ما ابتيعت يا (2) من عين أو ورق كزكاة العين.
ومن ذلك أن يقرر ذو المال علي ماله في كل جمعة أو كل شهر شيئا معينا يخرجه في أبواب البر.
ومن ذلك افتتاح النهار واختتامه بالصدقة، وافتتاح السفر والقدوم منه بها، وإعطاء السائل ولو بشق تمرة، واصطناع ذوي اليسار الطعام في كل يوم أو كل جمعة أو كل شهر لذوي الفاقة من المؤمنين، وتفقد مخلفي المؤمن في غيبته وبعد وفاته، وقرض ذوي الحاجة وإنظاره إلي ميسرة، وتحليل المؤمن بعد وفاته مما في ذمته من الدين، والتكفل به لمدينه.
وأما فرض زكاة الحرث فمختص بالحنطة والشعير والتمر والزبيب دون سائر ما تخرجه الأرض من الحبوب والثمار والخضر، إذا بلغ كل صنف منها بانفراده خمسة أوسق والوسق، ستون صاعا والصاع تسعة أرطال بالعراقي.
علي كل مالك بعد المؤن وحق المزارع أن يخرج منه أو وليه، إن كان يسقي حرثه سيحا أو بماء المطر العشر، وإن كان يسقي بالقرب والنواضح فنصف العشر، وإن سقي بعض مدة الحاجة بماء المطر وبعضها بالنواضح والقرب زكي بأكثر المدتين، فإن تساوت مدة الشربين زكي نصفه بالعشر ونصفه بنصف العشر.
ويزكي ما زاد علي النصاب بزكاته ولو كان صاعا.
(1) في بعض النسخ: الصنائع، والظاهر ما أثبتناه.
(2) كذا في جميع النسخ، ولعل الصحيح: بها.
صفحه(١٦٥)

زكاة الأنعام

ولا يلزم تكرير الزكاة فيه وإن بقي في ملك مزكيه أحوالا.
ومن مسنون صدقة الحرث أن يزكي كل ما دخل المكيال من الحبوب إذا بلغ كل جنس منها خمسة أوسق بالعشر أو نصف العشر، فإن نقص عن لك تصدق بما تيسر.
ومن ذلك الصدقة حين صرام النخل، وقطاف الكرم، وجذاذ الزرع بالضغث من الزرع والضغثين، والعذق من الرطب والعذقين، والعنقود من العنب والعنقودين، فإذا صار الرطب تمرا والعنب زبيبا والغلة حبا وأراد المالك دفع (1) ذلك تصدق منه بالقبضة والقبضتين.
ومن ذلك أن يجعل مالك التمر أو الخضر قسطا لمن لا يتمكن من التفكه والتطرف بالخضر من فقراء المؤمنين.
ومن ذلك إباحة عابر السبيل تناول اليسير مما تنبت من الثمار و الزرائع. (2) وأما فرض زكاة الأنعام فمتعين علي كل مالك أو وليه، بشرط أن تكون سائمة، وتبلغ كل جنس منها النصاب، ويحول عليه الحول كاملا لا يتخلله نقصان ولا تبدل أعيانه، ولكل منها حكم.
أما الإبل فلا شئ فيها حتي تبلغ خمسا ففيها شاة، وفي عشرين أربع شياة وفي خمس وعشرين خمس شياة، وفي ست وعشرين بنت مخاض - وهي التي كملت حولا وسميت بصفة أمها المتمخضة بالحمل - إلي خمس و ثلاثين، فإذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون - وهي التي قد كملت حولين ودخلت في الثالث وسميت بأمها اللبون بأختها - إلي خمس وأربعين، فإذا
(1) في جميع النسخ: رفع، والظاهر ما أثبتناه.
(2) كذا في جميع السنخ.
(١٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: بنو هاشم (26)، الغني (26)، الزكاة (78)، الفطرة (52)
بلغت ستا وأربعين ففيها حقة - وهي التي قد كمل بها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة وسميت بذلك من حيث يحق لها أن تطرق الفحل ويحمل علي ظهرها - إلي ستين، فإذا بلغت إحدي وستين ففيها جذعة - وهي التي قد كمل بها أربع سنين ودخلت في الخامسة - إلي خمس وسبعين، فإذا بلغت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون إلي تسعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقتان إلي مائة وعشرين فإذا زادت علي ذلك أسقط هذا الاعتبار وأخرج من كل أربعين بنت لبون، ومن كل خمسين حقة.
ومن وجبت عليه سن ولم تكن عنده وكان عنده أعلي منها بدرجة، أخذت منه وأعطي شاتان أو عشرين درهما فضة، وإن كان عنده أدني منها بدرجة أخذت منه ومعها شاتان أو عشرون درهما، وإن كان بينهما درجتان فأربع شياة، وإن كان ثلاث درج فست شياة، أو ما في مقابلة ذلك من الدراهم.
وحكم البخت - والبخت الإبل - حكم العربية.
وأما زكاة البقر فلا شئ فيها حتي تبلغ ثلاثين، ففيها تبيع حولي إلي تسع وثلاثين، فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة، ثم علي هذا بالغ (1) ما بلغت البقر من كل ثلاثين تبيع أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة.
وحكم الجواميس حكم البقر.
فأما زكاة الغنم فلا شئ فيها حتي يبلغ أربعين، فإذا بلغتها ففيها شاة إلي عشرين ومائة فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلي مأتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياة إلي ثلاثمأة، فإذا زادت عليها واحدة ففيها أربع شياة، فإذا زادت علي ذلك أسقط هذا الاعتبار وأخرج من كل مائة شاة.
وحكم المعز حكم الشياة.
ولا يعد في شئ من الأنعام فحل الضراب، ولا ما لم يحل عليه الحول
(1) بالغا ما بلغت.
(١٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الزكاة (78)، الظنّ (26)، الخمس (26)، الوصية (26)، العتق (26)
في الملك مبيع ولا منتوج (1)، ولا زكاة فيما بين النصابين من الأعداد.
ومن مسنون صدقة الأنعام أن يجعل من أوبارها وأصوافها وأشعارها و ألبانها قسط للفقراء، وتمنح الناقة والشاة والبقرة الحلوبة من لا حلوبة له، و يعان [يعاون ظ] بظهور الإبل وأكتاف البقر علي الجهاد والحج والزيارة من لا ظهر له ويسعد [يساعد ظ] بذلك الفقراء علي مصالح دينهم ودنياهم.
ومن وكيد السنة أن تزكي إناث الخيل السائمة بعد حول الحول، عن كل فرس عتيق ديناران، وعن كل هجين دينار.
(1) وفي بعض النسخ: متبع ومتبوع ولم أهتد إلي صحيحها.
(١٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (52)، القرآن الكريم (26)، الجواز (26)، الخمس (78)

زكاة الفطرة

فصل في الفطرة زكاة الفطرة واجبة علي كل حر بالغ كامل العقل غني، يخرجها عنه وعن كل من يعول من ذكر وأنثي، صغير وكبير، حر وعبد، مسلم وكافر، قريب وأجنبي، عن كل منهم صاع من فضل ما يعتاده من حنطة أو شعير أو تمر أو زبيب أو أقط أو ذرة أو أرز أو غير ذلك من الأقوات. والصاع تسعة أرطال بالعراقي.
ووقتها من عند طلوع الفجر من يوم الفطر إلي أن يصلي صلاة العيد، فإن أخرها إلي بعد الصلاة سقط فرضها، إلا أن يعزلها من ماله انتظارا لوجود من يخرجه إليه فتجزي، وهو مندوب إلي التصدق بها، فإن كان عن تفريط لزمته التوبة مما فرط فيه.
ويجوز إخراج القيمة بسعر الوقت.
ومن وكيد السنة وأفضل الأعمال تفطير الصوام ولو بكف سويق أو تمر أو شربة ماء بارد.
(١٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: سبيل الله (78)، الحرب (52)، الحاجة، الإحتياج (26)، سورة البراءة (26)، سورة البقرة (26)

الخمس

فصل في الخمس فرض الخمس مختص بقليل (1) المستفاد بالحرب من الكفار من مال أو رقيق أو كراع أو سلاح أو غير ذلك مما يصح نقله قليله وكثيره، وما بلغ من الكنوز ما تجب فيه أو في مثل قيمته الزكاة، وما بلغ من المأخوذ من المعادن والمخرج بالغوص قيمة دينار فما زاد، وما فضل عن مؤنة الحول علي الاقتصاد من كل مستفاد بتجارة أو صناعة أو زراعة أو إجارة أو هبة أو صدقة أو ميراث أو غير ذلك من وجوه الإفادة، وكل ما اختلط حلاله بحرامه ولم يتميز أحدهما من الآخر ولا يعين مستحقه (2).
فصل في الأنفال فرض الأنفال مختص بكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، و قطائع الملوك، والأرضون الموات، وكل أرض عطلها مالكها ثلاث سنين
(1) كذا في النسخ، ولم أهتد إلي صحيحها.
(2) في بعض النسخ: ولا تعين لمستحقه، وفي بعضها الآخر: ولا تعين له مستحقه وفي بعضها الآخر: ولا تعين مستحقه.
(١٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (26)، السهو (26)، العتق (26)، التكفير، الكفارة (26)، الإنذار (52)

الأنفال

فصل في الخمس فرض الخمس مختص بقليل (1) المستفاد بالحرب من الكفار من مال أو رقيق أو كراع أو سلاح أو غير ذلك مما يصح نقله قليله وكثيره، وما بلغ من الكنوز ما تجب فيه أو في مثل قيمته الزكاة، وما بلغ من المأخوذ من المعادن والمخرج بالغوص قيمة دينار فما زاد، وما فضل عن مؤنة الحول علي الاقتصاد من كل مستفاد بتجارة أو صناعة أو زراعة أو إجارة أو هبة أو صدقة أو ميراث أو غير ذلك من وجوه الإفادة، وكل ما اختلط حلاله بحرامه ولم يتميز أحدهما من الآخر ولا يعين مستحقه (2).
فصل في الأنفال فرض الأنفال مختص بكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، و قطائع الملوك، والأرضون الموات، وكل أرض عطلها مالكها ثلاث سنين
(1) كذا في النسخ، ولم أهتد إلي صحيحها.
(2) في بعض النسخ: ولا تعين لمستحقه، وفي بعضها الآخر: ولا تعين له مستحقه وفي بعضها الآخر: ولا تعين مستحقه.
(١٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (26)، السهو (26)، العتق (26)، التكفير، الكفارة (26)، الإنذار (52)
ورؤوس الجبال (1) وبطون الأودية من كل أرض، والبحار، والآجام، وتركات من لا وإرث له من الأموال وغيرها.
(1) قال في المختلف: وأبو الصلاح لما عد الأنفال ذكر من جملتها جميع المعادن ورؤوس الجبال وبطون الأودية من كل أرض والبحار والآجام.
(١٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الإحسان والبرَ الي الوالدين (52)، الوسعة (26)، الزوجة (78)، الزوج، الزواج (26)، البيع (26)، العتق (26)، الحاجة، الإحتياج (52)

مصرف الزكاة والخمس

فصل في جهة هذه الحقوق يجب علي كل من تعين عليه فرض زكاة أو فطرة أو خمس أو أنفال أن يخرج ما وجب عليه من ذلك إلي سلطان الاسلام المنصوب من قبله سبحانه، أو إلي من ينصبه لقبض ذلك من شيعته ليضعه مواضعه، فإن تعذر الأمران فإلي الفقيه المأمون، فإن تعذر، أو آثر (1) المكلف تولي ذلك نفسه (2) فمستحق الزكاة والفطرة الفقير المؤمن العدل دون من عداه.
وأقل ما يعطي من زكاة المال خمسة دراهم، ومن الفطرة صاع.
ويجوز أن يعطي الفقير الواحد ما يغنيه ما لم يكن هناك جماعة من الفقراء.
وفقراء بني هاشم أحق بذلك من غيرهم، ومن لا يجب نفقته من الأقارب أولي من الأجانب، والجيران أولي من الأباعد، وأهل المصر أولي من قطان غيره، فإن لم يكن في المصر (3) من تتكامل فيه صفات مستحقها أخرجت إلي
(1) وآثر.
(2) بنفسه.
(3) كذا في نسخة وهو الصحيح، وفي باقي النسخ هكذا: فإن لم يكن فالأولي من تتكامل.
(١٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: اللبس (26)، الأكل (26)
من يستحقها.
وإذا أريد حملها إلي مصر آخر مع فقد من يستحقها في المصر فلا ضمان علي مخرجها في هلاكها، فإن كان السبيل مخوفا لم يخرجها إلا بإذن الفقير، فإن حملت من غير إذنه فهي مضمونة حتي تصل إليه، فإن كان في مصره من يستحقها فحملها إلي غيره فهي مضمونة حتي تصل إلي من حملت إليه، إلا أن يكون حملها إليه بإذنه فيسقط الضمان.
فإن أخرجها إلي من يظن به تكامل صفات مستحقها ثم انكشف له كونه مختل الشروط، رجع عليه بها، فإن تعذر ذلك فكان المنكشف هو الغني وجب إعادتها ثانية، وإن كان غير ذلك فهي مجزية.
ويجوز إخراجها إلي أيتام المؤمن لحرمته (1) فإذا بلغوا حكم فيهم بحسب ما يذهبون إليه مما يقتضي ولايتهم أو قطعها.
ويجوز عتق أهل الإيمان وقضاء ديونهم في الصلاح من مال الزكاة.
ويجوز إخراج الزكاة والفطرة قبل دخول وقتهما علي جهة القرض، فإذا دخل الوقت عزم المطالب (2) علي إسقاط المطالبة وجعل المسقط الزكاة.
ويلزم من وجب عليه الخمس إخراجه من ماله وعزل شطره لولي الأمر انتظارا للتمكن من إيصاله إليه، فإن استمر التعذر أوصي حين الوفاة إلي من يثق بدينه وبصيرته ليقوم في أداء الواجب مقامه، وإخراج الشطر الآخر إلي مساكين آل علي وجعفر وعقيل والعباس وأيتامهم وأبناء سبيلهم، لكل
(1) كذا في بعض النسخ.
(2) كذا في جميع النسخ، وفي موضع من المختلف: المخاطب، وفي موضع آخر منه: المطالب.
(١٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: صلة الرحم (26)، القرآن الكريم (26)، الجنابة (26)، الأكل (26)، الصّلاة (26)، الصيام، الصوم (52)، الوقوف (26)، الحيض، الإستحاضة (52)، النفاس (26)
صنف ثلث الشطر وشطر (1) ثبوت الإيمان بحسب ما يراه من تفضيل بعضهم علي بعض.
ويلزم من تعين عليه شئ من أموال الأنفال أن يصنع فيه ما بيناه في شطر الخمس، لكون جميعها حقا للإمام عليه السلام.
فإن أخل المكلف بما يجب عليه من الخمس [وحق الأنفال خ] كان عاصيا لله سبحانه، ومستحقا لعاجل اللعن المتوجه من كل مسلم إلي ظالمي آل محمد عليهم السلام، وآجل العقاب، لكونه مخلا بالواجب عليه لا فضل مستحق.
ولا رخصة في ذلك بما ورد من الحديث فيها، لأن فرض الخمس والأنفال ثابت بنص القرآن وإجماع الأمة، وإن اختلفت فيمن يستحقه، ولاجماع آل محمد عليهم السلام علي ثبوته وكيفية استحقاقهم (2) وحمله إليهم وقبضهم إياه و مدح مؤديه وذم المخل به، ولا يجوز الرجوع عن هذا المعلوم بشاذ الأخبار.
(1) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: وشرط، ولعل الصحيح: وشرطه.
(2) في بعض النسخ: استحقاقه.
(١٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: مبعث النبي صلي الله عليه وآله (26)، النبي إبراهيم (ع) (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، شهر ذي القعدة (26)، شهر ذي الحجة (52)، شهر رجب المرجب (52)، شهر رمضان المبارك (26)، شهر شعبان المعظم (26)، يوم عرفة (26)، شهر ربيع الأول (26)، القتل (26)، الصيد (26)، الصيام، الصوم (52)، الإعتكاف (26)، الإستحمام، الحمام (26)، الإفطار (26)، الإنذار (26)

الانفاق في سبيل الله

فصل في الانفاق في سبيل الله تعالي قد تعبد الله سبحانه بالانفاق في سبيله كما تعبد بالجهاد بالأنفس، فقال تعالي:
" وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله. " (1) فسوي سبحانه بين فرض الانفاق في سبيله والجهاد بالأنفس. وقال سبحانه: " وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة " (2) فأمر بالانفاق وتوعد المخل به بالهلاك، و ذلك برهان وجوبه في أمثال هذه الآيات.
فلزم كل ذي مال معونة المجاهدين بالخيل والسلاح والأزواد والظهر وما جري مجري ذلك من سد الثغر وحراسته من العدو بحسب الحاجة إلي ذلك والغني عنه، سواء كان المنفق من أهل الحرب أو لم يكن.
وفرض الانفاق علي من ليس من أهل الحرب لعدم أو زمانة أشد لزوما.
(1) سورة التوبة، الآية: 41.
(2) سورة البقرة، الآية: 195.
(١٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: شهر رمضان المبارك (52)، شهر شعبان المعظم (52)، شهر محرم الحرام (26)، شهر شوال المكرم (26)، الشهادة (26)، الصّلاة (26)، الصيام، الصوم (78)، الهلال (52)، الجواز (26)، الحاجة، الإحتياج (26)، الإفطار (26)

النذر

فصل في النذر ومن نذر لبلوغ طاعة أو مباح أن يتصدق بمال أو يخرج شيئا من ماله في بعض أبواب البر، فبلغ ما علق النذر به فعليه الخروج مما نذره، فإن فرط فيه فهو مأزور، ويلزمه تلافي ما فرطه (1) بتأديته (2) إن أمكن فيه، وإن تعذر لتعلقه بزمان لا مثل له فعليه التوبة وكفارة: عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا، وإن كان لضرورة أو سهو فعليه الخروج مما نذره ولا أثم عليه.
فصل في الكفارات يلزم من وجب عليه إخراج شئ من ماله لكفارة تعينت عليه من أحد الوجوه التي بينتها في مواضعها، أن يبادر بإخراجها في أول أحوال التمكن، فإن تعين فرضها وهو غير مستطيع في الحال لأدائها ففرضه العزم عليه أول أحوال الامكان وفعله له فيها.
(1) في بعض النسخ: تلافي فارطه.
(2) في بعض النسخ: بتأديه.
(١٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الكذب، التكذيب (26)، الرضاع (26)، الجنابة (26)، الطعام (78)، الأكل (26)، المرض (26)، الحيض، الإستحاضة (78)، النفاس (52)، الصيام، الصوم (156)، الجواز (52)، الطهارة (26)، الإفطار (26)

الكفارات

فصل في النذر ومن نذر لبلوغ طاعة أو مباح أن يتصدق بمال أو يخرج شيئا من ماله في بعض أبواب البر، فبلغ ما علق النذر به فعليه الخروج مما نذره، فإن فرط فيه فهو مأزور، ويلزمه تلافي ما فرطه (1) بتأديته (2) إن أمكن فيه، وإن تعذر لتعلقه بزمان لا مثل له فعليه التوبة وكفارة: عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا، وإن كان لضرورة أو سهو فعليه الخروج مما نذره ولا أثم عليه.
فصل في الكفارات يلزم من وجب عليه إخراج شئ من ماله لكفارة تعينت عليه من أحد الوجوه التي بينتها في مواضعها، أن يبادر بإخراجها في أول أحوال التمكن، فإن تعين فرضها وهو غير مستطيع في الحال لأدائها ففرضه العزم عليه أول أحوال الامكان وفعله له فيها.
(1) في بعض النسخ: تلافي فارطه.
(2) في بعض النسخ: بتأديه.
(١٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الكذب، التكذيب (26)، الرضاع (26)، الجنابة (26)، الطعام (78)، الأكل (26)، المرض (26)، الحيض، الإستحاضة (78)، النفاس (52)، الصيام، الصوم (156)، الجواز (52)، الطهارة (26)، الإفطار (26)

حق ذوي الأرحام

فصل في حق ذوي الأرحام بر ذوي الأرحام علي ضربين: واجب وندب.
فالواجب [بر] الوالدين علي الولد بشرط الحاجة، والولد عليهما بشرط السعة أو الحاجة مع عدم الاستطاعة للتكسب.
وأما الزوجة وملك اليمين ففرض القيام بهما واجب علي كل حال، فإن عجز الزوج عن القيام بحق الزوجة لزمه التطليق لتصرف المرأة في نفسها.
فإن عجز المالك لزمه البيع أو العتق أو إباحة العبد أو الأمة التصرف بما يحفظان به حياتهما وإن استطاعا العود علي مالكهما لزمهما ذلك.
والمسنون بر الوالدين والولد وإن كانا ذوي يسار، ومن عداهم من الأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم.
فإذا امتنع من تجب عليه نفقة الوالد أو الولد أو الزوجة أو الرقيق أجبره الناظر في أحكام المسلمين علي ذلك، ولا يجبره علي نفقة من عداهم لكنه مرغب في ذلك.
(١٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (26)، الطعام (26)، الغسل (26)، الأكل (26)، العتق (26)، الإفطار (26)

حق الاخوان

فصل في حق الأخوان بر الأخوان في الدين علي ضربين: واجب وندب فالواجب: بر من علم عجزه عما يحفظ به حياته بما يبقي معه من غداء أو لباس، وهو علي الكفاية، إن قام به بعض الأغنياء سقط عن غيره، وإن لم يقم به أحد فكل منهم مخاطب به وملام للاخلال بفرضه.
وأما المندوب: فبر من عدا من ذكرناه من فقرائهم، وصلة أوساطهم (1) واتحافهم ومهاداة (2) أمثالهم وبذل المصون (3) لهم وتخفيف الثقل (4) عنهم.
(1) في بعض النسخ: أرحامهم.
(2) في بعض النسخ: محاراة.
(3) كذا.
(4) في بعض النسخ: النقل.
(١٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: شهر رجب المرجب (26)، شهر رمضان المبارك (26)، شهر شعبان المعظم (26)، الطعام (26)، الصيام، الصوم (104)، الجواز (26)، السهو (26)، الإفطار (52)، التكفير، الكفارة (52)، الإنذار (26)

3 - باب حقيقة الصيام وضروبه

اشارة

باب حقيقة الصيام وضروبه وبيان أحكامه حقيقة الصوم في الملة العزم علي كراهية أمور مخصوصة في زمان مخصوص لكون (1) ذلك مصلحة مخلصا به لمكلفه سبحانه.
والأمور التي بكراهيتها يكون المكلف صائما: الأكل والشرب والازدراد والجماع واستنزال المني والكذب علي الله تعالي أو علي رسوله أو علي أحد الأئمة من آله عليهم السلام والتصبح علي الجنابة والحيض والاستحاضة والنفاس والارتماس في الماء وجلوس النساء فيه إلي أوساطهم والقئ والسعوط والحقنة والتقطير في الأذن والوقوف في الغبار المتكاثف.
ومن توابعه الواجبة اجتناب قبائح الأصوات كالعود والطنبور، والأقوال الكاذبة كالكذب والنميمة، ورؤية المحرمات، والبطش، والسعي فيما لا يحل والعزم علي شئ من ذلك.
ومن فضائله قطع زمانه بتلاوة القرآن، والتسبيح والصلاة علي محمد وآله صلي الله عليه وآله والاجتهاد في العبادة، والاكثار من فعل الخيرات، وصلة الأرحام، وبر الأخوان وتفطير الصوام، واجتناب مجالسة الحلائل ومحادثتهن فما فوق ذلك من ضم أو تقبيل، والتبرد بالماء، وشم المسك والزعفران والنرجس، والسواك بالرطب
(1) ليكون.
(١٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، مسجد، جامع الكوفة (26)، شهر رمضان المبارك (78)، شهر محرم الحرام (26)، الصيام، الصوم (260)، الطعام (26)، السجود (52)، الإفطار (78)، الإنذار (104)

المفطرات

باب حقيقة الصيام وضروبه وبيان أحكامه حقيقة الصوم في الملة العزم علي كراهية أمور مخصوصة في زمان مخصوص لكون (1) ذلك مصلحة مخلصا به لمكلفه سبحانه.
والأمور التي بكراهيتها يكون المكلف صائما: الأكل والشرب والازدراد والجماع واستنزال المني والكذب علي الله تعالي أو علي رسوله أو علي أحد الأئمة من آله عليهم السلام والتصبح علي الجنابة والحيض والاستحاضة والنفاس والارتماس في الماء وجلوس النساء فيه إلي أوساطهم والقئ والسعوط والحقنة والتقطير في الأذن والوقوف في الغبار المتكاثف.
ومن توابعه الواجبة اجتناب قبائح الأصوات كالعود والطنبور، والأقوال الكاذبة كالكذب والنميمة، ورؤية المحرمات، والبطش، والسعي فيما لا يحل والعزم علي شئ من ذلك.
ومن فضائله قطع زمانه بتلاوة القرآن، والتسبيح والصلاة علي محمد وآله صلي الله عليه وآله والاجتهاد في العبادة، والاكثار من فعل الخيرات، وصلة الأرحام، وبر الأخوان وتفطير الصوام، واجتناب مجالسة الحلائل ومحادثتهن فما فوق ذلك من ضم أو تقبيل، والتبرد بالماء، وشم المسك والزعفران والنرجس، والسواك بالرطب
(1) ليكون.
(١٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، مسجد، جامع الكوفة (26)، شهر رمضان المبارك (78)، شهر محرم الحرام (26)، الصيام، الصوم (260)، الطعام (26)، السجود (52)، الإفطار (78)، الإنذار (104)

الصيام المفروضة

ومضغ العلك، والفصاد، والحجامة، ودخول الحمام، وإتعاب الجسم بالأعمال وقطع الزمان بما لا يجدي نفعا دينيا ولا دنيويا من المباح.
والزمان من طلوع الفجر إلي غروب الشمس.
والمصلحة إن كان صومه فرضا فلكونه لطفا في واجبات العقول، وإن كان نفلا فلكونه لطفا في مندوبها.
والاخلاص أن يفعله قربة إلي الله تعالي بريئا من كل غرض سواها.
وهو علي ضربين: مفروض ومسنون.
والمفروض ستة عشر ضربا: (1) صوم شهر رمضان، وصوم قضاء الفائت وصوم كفارته، وصوم النذر، وصوم كفارة من أفطر فيه، وصوم الاعتكاف [وصوم كفارة الافطار فيه] (2) وصوم جزاء الصيد، وصوم كفارة حلق الرأس، وصوم دم المتعة وصوم كفارة الظهار وصوم كفارة القتل، وصوم نقض العهد، وصوم كفارة البر (3) وصوم كفارة اليمين، وصوم مفوت العشاء الآخرة.
والمسنون علي ضروب: منها صوم ثلاثة أيام في كل شهر: خميس في أوله وأربعاء في وسطه وخميس في آخره، وصوم شعبان، وصوم رجب، وصوم المحرم وصوم السابع عشر من ربيع الأول مولد رسول الله صلي الله عليه وآله، ويوم السابع والعشرين من رجب مبعث النبي صلي الله عليه وآله، ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة وهو يوم دحو الأرض من تحت الكعبة، ويوم الثامن عشر من ذي الحجة وهو يوم الغدير، وأول يوم من ذي الحجة وهو يوم مولد إبراهيم عليه السلام، ويوم عرفة، والأيام البيض من
(1) كذا في جميع النسخ، وما ذكره، خمسة عشر.
(2) هذا القسم مستفيدا من كلام المؤلف في تفصيل الأقسام.
(3) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: كفارة البراءة أي الحلف بالبراءة من الله أو رسوله أو واحد من الأئمة عليهم السلام.
(١٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: مسجد، جامع الكوفة (26)، المسجد النبوي الشريف (26)، مدينة مكة المكرمة (26)، مدينة البصرة (26)، السجود (52)، الصيام، الصوم (104)، الظنّ (26)، الإعتكاف (52)، الإفطار (52)

صوم شهر رمضان

كل شهر، والخميس والجمعة والسبت من كل شهر محرم، وصوم الحاجة وستة أيام من شوال، وصوم داود عليه السلام.
ولا يجوز (كذا) التطوع بالصوم في غير ما ذكرناه من الأزمنة، ولا شئ من مفروضه ولا مسنونه في العيدين وأيام التشريق، وصوم الدهر والوصال ونذر المعصية ويوم الشك علي أنه من شهر رمضان.
فصل في صوم شهر رمضان فرض صوم الشهر يتعين علي كل مكلف صحيح مخاطب بتام الصلاة إلا المتصيد للتجارة.
وعلامة دخوله رؤية الهلال، وبها يعلم انسلاخه، ويقوم مقامها شهادة رجلين عدلين في الغيم وغيره من العوارض، وفي الصحو وانتفائها إخبار خمسين رجلا، فإن تعذر الأمران وجب تكميل شعبان ثلاثين يوما وعقد النية.
فإن قامت البينة برؤية الهلال ليلة يوم قد أفطر في أوله فعليه قضاؤه، وإن كان قد صام من شعبان فهو مجز في تكليفه ولا قضاء عليه.
ويجزيه أن ينوي ليلة الشهر قبل طلوع الفجر صيامه، وتجريد النية لكل يوم قبل طلوع فجره أفضل.
والنية هي العزم علي كراهية الأمور المذكورة للوجوه المبينة. فأما اجتناب هذه الأمور فواجب في كل حال.
فإن كان مريضا مرضا يرجي زواله لم يجز له الصوم، وفرضه صيام أيام آخر.
فإن كان مريضا مرضا لا يرجي زواله فعليه أن يكفر عن كل يوم بإطعام المسكين
(١٨١)
صفحهمفاتيح البحث: شهر رمضان المبارك (26)، الصيام، الصوم (208)، القتل (52)، الزوج، الزواج (26)، السجود (26)، المرض (26)، الصيد (52)، الجواز (52)، التشييع (26)، الإفطار (52)
فإن عجز عن الصوم لكبر سقط عنه فرض الصوم وهو مندوب إلي إطعام مسكين عن كل يوم.
والحامل والمرضع إذا أضر بهما الصوم أفطرتا وكفرتا عن كل يوم بإطعام مسكين، فإذا أفصلت المرضع وطهرت الحامل قضتا ما أفطرتاه.
وإذا دخل الشهر علي حاضر لم يحل له السفر مختارا، وإن وافق دخوله وهو مسافر لم يحل له الصوم، فإن صام لم يجزه.
والنفاس والحيض مانعان من صحة الصوم، فإذا طهرت المرأة قضت ما تركته لهما.
ولا يجوز لمن سقط عنه فرض الصوم ببعض ما ذكرناه من الأعذار أن يتملي من الطعام والشراب، بل يقتصر علي ما يمسك الرمق، ولا يجوز له الجماع مختارا ما لم يخف فسادا في الدين.
فإذا قدم المسافر وبرئ المريض وطهرت الحائض والنفساء وبلغ الغلام وأسلم الكافر وقد بقيت من النهار بقية أمسك كل منهم عن الطعام تأديبا.
وإذا رأت المرأة الحيض أو نفست وقد بقي من النهار جزء وإن قل أفطرت يومها وقضته.
وإذا عزم المرء علي السفر قبل طلوع الفجر وأصبح حاضرا فإن خرج قبل الزوال أفطر، وإن تأخر إلي أن تزول الشمس أمسك بقية يومه وقضاه. وإن عزم علي السفر بعد طلوع الفجر ليوم قد نفذت نية صومه لزمه صومه.
فإن تعمد الأكل والشرب أو الازدراد أو الجماع أو إنزال الماء أو الكذب علي الله أو علي رسوله صلي الله عليه وآله أو علي أحد الأئمة عليهم السلام أو الصباح علي الجنابة أو عزم علي ذلك فسد صومه، ولزمه القضاء بصيام يوم، والكفارة عن كل يوم
(١٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: شهر ذي الحجة (26)، مدينة مكة المكرمة (26)، الحج (52)، الصيام، الصوم (52)، الصّلاة (26)، الذبح (26)، العتق (26)، الإفطار (52)، التكفير، الكفارة (26)
بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا، وقد روي: " أنه إن أفطره بشرب خمر أو جماع حرام فعليه الثلاث كفارات ".
وإن تعمد القئ أو السعوط أو الحقنة أو التقطير في الأذن أو ارتمس الرجل في الماء أو جلست المرأة إلي وسطها أو فرط في الغسل حتي أصبح أو أصغي إلي حديث أو ضم أو قبل فأمني أو وقف في غبرة مختارا فعليه القضاء بصيام يوم مكان يوم.
وإن أتي شيئا من ذلك ساهيا أو مع فقد التحصيل لجنون أو غيره فلا شئ عليه.
ومن أدخل إلي فمه شيئا لغير ضرورة ولا عبادة فسبق إلي حلقه فعليه القضاء وإن كان لضرورة أو عبادة فبلغه (1) من غير قصد فلا شئ عليه.
وإن أفطر ظانا أن الشمس قد غربت ثم ظهر له أنها كانت طالعة، أو أكل أو شرب أو فعل ما يفسده ظانا أن ما عليه (2) ليلا ثم تبين له أن الفجر كان طالعا فعليه القضاء.
فإن كان بما فعله مستحلا فهو مرتد (3) بالأكل والشرب والجماع، وكافر بما عدا ذلك، يحكم فيه بأحكام المرتدين أو الكفار.
وإن كان محرما فعلي سلطان الاسلام أن يحده إن كان ما أتاه مما يوجب حدا كالزنا أو شرب الخمر، ويؤدبه لحرمة الشهر، وإن كان مما لا يوجب حدا بالغ في تأديبه، وتلزمه في حقه التوبة مما أتاه.
(1) فبلعه. ظ (2) في بعض النسخ: ما عينه.
(3) في بعض النسخ: إن كان بالأكل.
(١٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، شهر ذي القعدة (52)، شهر ذي الحجة (78)، شهر رجب المرجب (52)، شهر رمضان المبارك (52)، شهر شعبان المعظم (52)، شهر شوال المكرم (26)، شهر ربيع الأول (26)، القتل (26)، الصيام، الصوم (312)، الموت (26)، الإفطار (78)

صوم القضاء والكفارة

فإن قصد إلي رؤية ذات محرم أو أصغي إلي محظور أو نطق بقبيح قول أو بطش أو سعي فيما لا يحل أو عزم علي شئ من ذلك فهو مأزور، وصومه ماض ولا قضاء عليه ولا كفارة.
وإن كان عن سهو فلا شئ عليه.
وإن خالف في شئ من فضائل الصوم التي ذكرناها نقص ثواب صومه ولا أثم عليه.
فصل في صوم القضاء والكفارة يلزم من تعين عليه فرض القضاء لشئ من شهر رمضان أن يبادر به في أول أحوال الامكان، والموالاة أفضل، وإن دخل الشهر الثاني وعليه شئ من فائت الأول لم يتمكن من قضائه ما بين الشهرين فليصم الحاضر [ويكفر عن كل يوم من الفائت] (1)، فإذا أكمله قضي الفائت، وإن كان ممن تمكن من القضاء بينهما ففرط فيه فليصم الحاضر، ويكفر عن كل يوم من الفائت بإطعام مسكين، فإذا أكمل الشهر فليصم ما فاته من الأول.
ولا يجوز لمن عليه فائت أن يتطوع بصوم حتي يقضيه.
فإذا أفطر في يوم عزم علي صومه قضاءا قبل الزوال فهو مأزور، وإن كان بعد الزوال تعاظم وزره، ولزمته الكفارة: صيام ثلاث أيام، أو إطعام عشرة مساكين، وإن كان القضاء لإفطار ما تجب له الكفارة ففرضها متعين مع القضاء.
فصل في صوم النذر والافطار فيه من تعين عليه بالنذر صوم كل خميس أو جمعة أو كل رجب أو شعبان أو
(1) الظاهر زيادة هذه الجملة.
(١٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (182)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)، الشهادة (26)، الحلق (26)

صوم النذر

فإن قصد إلي رؤية ذات محرم أو أصغي إلي محظور أو نطق بقبيح قول أو بطش أو سعي فيما لا يحل أو عزم علي شئ من ذلك فهو مأزور، وصومه ماض ولا قضاء عليه ولا كفارة.
وإن كان عن سهو فلا شئ عليه.
وإن خالف في شئ من فضائل الصوم التي ذكرناها نقص ثواب صومه ولا أثم عليه.
فصل في صوم القضاء والكفارة يلزم من تعين عليه فرض القضاء لشئ من شهر رمضان أن يبادر به في أول أحوال الامكان، والموالاة أفضل، وإن دخل الشهر الثاني وعليه شئ من فائت الأول لم يتمكن من قضائه ما بين الشهرين فليصم الحاضر [ويكفر عن كل يوم من الفائت] (1)، فإذا أكمله قضي الفائت، وإن كان ممن تمكن من القضاء بينهما ففرط فيه فليصم الحاضر، ويكفر عن كل يوم من الفائت بإطعام مسكين، فإذا أكمل الشهر فليصم ما فاته من الأول.
ولا يجوز لمن عليه فائت أن يتطوع بصوم حتي يقضيه.
فإذا أفطر في يوم عزم علي صومه قضاءا قبل الزوال فهو مأزور، وإن كان بعد الزوال تعاظم وزره، ولزمته الكفارة: صيام ثلاث أيام، أو إطعام عشرة مساكين، وإن كان القضاء لإفطار ما تجب له الكفارة ففرضها متعين مع القضاء.
فصل في صوم النذر والافطار فيه من تعين عليه بالنذر صوم كل خميس أو جمعة أو كل رجب أو شعبان أو
(1) الظاهر زيادة هذه الجملة.
(١٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (182)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)، الشهادة (26)، الحلق (26)
أول الخميس من شهر كذا أو ثاني يوم قدومه إلي غير ذلك من الأزمنة المتعينة التي لا مثل لها، وجب عليه صوم ما نذره بعينه وجوبا مضيقا، فإن أفطر في شئ (1) مختارا فعليه ما علي من أفطر في يوم من شهر رمضان مختارا، فإن كان لضرورة يطيق معها الصوم لمشقة (2) فعليه كفارة إطعام عشرة مساكين أو صوم ثلاثة أيام، وإن كان لضرورة لا يطيق معها الصوم فلا كفارة عليه، والقضاء لازم له علي كل حال.
وإن اتفق نذره المعين في شهر رمضان سقط فرضه، وإن اتفق في يوم فطر أو أضحي أو أيام التشريق فليفطر ولا قضاء عليه لشئ من ذلك ولا كفارة، لأن النذر إنما يتعلق بما يصح صومه وإفطاره قبل النذر فيجب به، وشهر رمضان واجب قبل النذر بأمره تعالي، وصوم عيدين وأيام التشريق محرم، فلا يدخل النذر علي شئ منه.
وإن علق نذره بزمان معين له مثل يوم (3) خميس ما (4) أو شهر محرم وجب عليه صوم ذلك فإن صام غيره لم يجزه ولزمه الصوم في الزمان المتعين بالنذر.
وإن شرط في نذره الموالاة ففرق مختارا لم يجزه ولزمه الاستئناف وإن كان مضطرا بني علي ما مضي.
وإن نذر أن يصوم يوما ويفطر يوما صوم داود عليه السلام فوالي الصوم أو الافطار مختارا " لم يجزه ولزمه الاستيناف وإن كان مضطرا بني علي ما مضي. وإن نذر أن يصوم في موضع بعينه كالمسجد الحرام أو مسجد الرسول صلي الله عليه وآله أو مسجد الكوفة أو بعض مشاهد الأئمة عليهم السلام وجب ذلك.
(1) في بعض النسخ هكذا: فإن أفطر وأتي بشئ مختارا.
(2) في بعض النسخ: لمشقته، ولعل الصحيح: بمشقة.
(3) كيوم. ظ (4) كذا.
(١٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: وقوف يوم عرفة (26)، مدينة مكة المكرمة (52)، يوم عرفة (26)، القرآن الكريم (52)، الحج (260)، الطواف، الطوف، الطائفة (52)، الحلق (52)

صوم الاعتكاف

وإن لم يتمكن وكان نذره متعلقا بزمان معين لا مثل له صام بحيث هو، وإن كان غير ذلك تربص إلي حين التمكن، فإن ظن استمرار العذر صام ما وجب عليه بحيث هو.
وإن أفطر في يوم عزم علي صومه لنذر أوجبه عليه وله مثل فهو مأزور وعليه مثله.
وإن نذر أن يصوم شهرا فهو مخير في الشهر، فإن ابتدأ بشهر لزمه اكماله فإن أفطر فيه مضطرا فليبن علي ما صام منه، وإن كان مختارا في النصف الأول فليستأنف الصوم وإن كان في الثاني فليبن وهو مأزور.
فصل في صوم الاعتكاف وكفارة الافطار فيه الاعتكاف اللبث المتطاول للعبادة في مكان مخصوص، واللبث ثلاثة أيام فما فوقها، ولا اعتبار بها من دون التعبد، والمكان مكة ومسجد النبي صلي الله علي وآله و مسجد الكوفة الأعظم ومسجد البصرة كذلك، دون سائر الأمكنة، ومن شرطه الصوم.
وهو علي ضربين: أحدهما يجب الدخول فيه والثاني لا يجب.
فالأول ما وجب عن نذر فإن كان معلقا بزمان معدود وجب تكميله بحيث نذر وإن لم يكن معدودا اعتكف ثلاثة أيام، وهو بالخيار فيما بعد.
وإن كان تطوعا فهو بالخيار ما لم يعزم علي صومه ويدخل المسجد عازما عليه فيلزمه المضي فيه ثلاثة أيام، ثم هو فيما زاد عليها بالخيار.
وإن استأنف اعتكافا بعد ما مضي ثلاثة أيام في الواجب والمندوب فهو بالخيار في المضي والفسخ ما لم يمض له يومان، فإن مضيا لزمه تكميله ثلاثا
(١٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (234)، الجهل (26)، التجارة (26)، التكفير، الكفارة (26)

صوم كفارة جزاء الصيد

ومن شروطه ملازمة المسجد ليلا ونهارا واجتناب الخروج منه إلا لإزالة حدث أو عيادة مريض أو تشييع جنازة، ولا يجلس تحت سقف مختارا حتي يعود إليه، ويلزمه في النهار ما يلزمه الصائم، ويجتنب الجماع في الليل كالنهار فإن أفطر نهارا أو جامع ليلا فسخ اعتكافه ووجب علي استينافه وكفارة من أفطر يوما من شهر رمضان.
ولا يجوز للمرأة أن تعتكف تطوعا إلا بإذن زوجها، ولا للعبد والأمة إلا بإذن السيد.
وإذا مرض المعتكف فاضطر إلي الخروج منه خرج فإن زال العذر رجع فبني علي ما مضي من اعتكافه.
فصل في صوم كفارة جزاء الصيد يجب علي من قتل نعامة ولم يتمكن من بدلها ولا الاطعام عنها أن يصوم ستين يوما، وعن حمار الوحش أو بقرة الوحش صوم ثلاثين يوما، وعن الذئب (1) أو الثعلب أو الأرنب صوم ثلاثة أيام، وعن كل ما لا مثل له من النعم بالكل نصف صاع من بر من قيمته صيام يوم.
فإن كان قاتل الصيد محرما في الحرم فعليه مثلا ما ذكرناه من الصوم.
وهو بالخيار في تفريق هذا الصوم وموالاته، والموالاة أفضل.
فصل في كفارة حلق الرأس يجوز للمحرم إذا أضر به طول الشعر حلق رأسه، ويكفر عن ذلك إن
(1) كذا في النسخ، وفي المختلف: قال أبو الصلاح: يجب أن يصوم عن الظبي والثعلب والأرنب ثلاثة أيام.
(١٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (26)، وقوف يوم عرفة (26)، مدينة مكة المكرمة (26)، يوم عرفة (26)، الحج (104)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)، الشراكة، المشاركة (26)، الوقوف (26)، الصّلاة (52)، الحلق (26)، الطهارة (26)، النوم (26)

صوم كفارة حلق الرأس

ومن شروطه ملازمة المسجد ليلا ونهارا واجتناب الخروج منه إلا لإزالة حدث أو عيادة مريض أو تشييع جنازة، ولا يجلس تحت سقف مختارا حتي يعود إليه، ويلزمه في النهار ما يلزمه الصائم، ويجتنب الجماع في الليل كالنهار فإن أفطر نهارا أو جامع ليلا فسخ اعتكافه ووجب علي استينافه وكفارة من أفطر يوما من شهر رمضان.
ولا يجوز للمرأة أن تعتكف تطوعا إلا بإذن زوجها، ولا للعبد والأمة إلا بإذن السيد.
وإذا مرض المعتكف فاضطر إلي الخروج منه خرج فإن زال العذر رجع فبني علي ما مضي من اعتكافه.
فصل في صوم كفارة جزاء الصيد يجب علي من قتل نعامة ولم يتمكن من بدلها ولا الاطعام عنها أن يصوم ستين يوما، وعن حمار الوحش أو بقرة الوحش صوم ثلاثين يوما، وعن الذئب (1) أو الثعلب أو الأرنب صوم ثلاثة أيام، وعن كل ما لا مثل له من النعم بالكل نصف صاع من بر من قيمته صيام يوم.
فإن كان قاتل الصيد محرما في الحرم فعليه مثلا ما ذكرناه من الصوم.
وهو بالخيار في تفريق هذا الصوم وموالاته، والموالاة أفضل.
فصل في كفارة حلق الرأس يجوز للمحرم إذا أضر به طول الشعر حلق رأسه، ويكفر عن ذلك إن
(1) كذا في النسخ، وفي المختلف: قال أبو الصلاح: يجب أن يصوم عن الظبي والثعلب والأرنب ثلاثة أيام.
(١٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (26)، وقوف يوم عرفة (26)، مدينة مكة المكرمة (26)، يوم عرفة (26)، الحج (104)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)، الشراكة، المشاركة (26)، الوقوف (26)، الصّلاة (52)، الحلق (26)، الطهارة (26)، النوم (26)

صيام دم المتعة

لم يقدر علي النسك والاطعام بصيام ثلاثة أيام متوالية، فإن فرق مختارا استأنف وإن كان مضطرا بني.
فصل في صيام دم المتعة يلزم من تمتع بالعمرة إلي الحج وتعذر عليه الذبح وثمنه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج: يوم السابع من ذي الحجة والثامن والتاسع، وسبعة أيام إذا رجع إلي أهله متوالية، فإن فرق مختارا استأنف، وإن كان مضطرا بني، فإن لم يصم إلا يومين قبل يوم النحر صام بعد أيام التشريق يوما، وإن صام يوما واحدا قبله أو لم يصم شيئا فليصم ثلاثة أيام بعد أيام التشريق، وإن جاور بمكة أو صد عن وطنه فلينتظر أن يمضي من الزمان ما كان يصل فيه إلي أهله ويصوم السبعة الأيام (كذا).
فصل في كفارة اليمين وفوت عشاء الآخرة يلزم من حنث في يمين توجب الكفارة وتعذر عليه العتق أو الكسوة أو الاطعام أن يصوم ثلاثة أيام متوالية، فإن فرق مختارا أو مضطرا فحكمه ما تقدم.
ويتعين علي من فرط في صلاة عشاء الآخرة حتي جاوز النصف الأول من الليل أن يصبح صائما، فإن أفطر يومه فهو مأزور وتلزمه التوبة مما فرط فيه.
فصل في بيان أحكام صيام شهرين متتابعين ويلزم من تعين عليه صيام شهرين متتابعين لأحد ما ذكرناه من إفطار يوم
(١٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، مدينة مكة المكرمة (26)، يوم عرفة (26)، الحج (78)، الطواف، الطوف، الطائفة (78)، الركوع، الركعة (26)، الباطل، الإبطال (26)، الصّلاة (26)، الطهارة (26)

صوم كفارة اليمين

لم يقدر علي النسك والاطعام بصيام ثلاثة أيام متوالية، فإن فرق مختارا استأنف وإن كان مضطرا بني.
فصل في صيام دم المتعة يلزم من تمتع بالعمرة إلي الحج وتعذر عليه الذبح وثمنه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج: يوم السابع من ذي الحجة والثامن والتاسع، وسبعة أيام إذا رجع إلي أهله متوالية، فإن فرق مختارا استأنف، وإن كان مضطرا بني، فإن لم يصم إلا يومين قبل يوم النحر صام بعد أيام التشريق يوما، وإن صام يوما واحدا قبله أو لم يصم شيئا فليصم ثلاثة أيام بعد أيام التشريق، وإن جاور بمكة أو صد عن وطنه فلينتظر أن يمضي من الزمان ما كان يصل فيه إلي أهله ويصوم السبعة الأيام (كذا).
فصل في كفارة اليمين وفوت عشاء الآخرة يلزم من حنث في يمين توجب الكفارة وتعذر عليه العتق أو الكسوة أو الاطعام أن يصوم ثلاثة أيام متوالية، فإن فرق مختارا أو مضطرا فحكمه ما تقدم.
ويتعين علي من فرط في صلاة عشاء الآخرة حتي جاوز النصف الأول من الليل أن يصبح صائما، فإن أفطر يومه فهو مأزور وتلزمه التوبة مما فرط فيه.
فصل في بيان أحكام صيام شهرين متتابعين ويلزم من تعين عليه صيام شهرين متتابعين لأحد ما ذكرناه من إفطار يوم
(١٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، مدينة مكة المكرمة (26)، يوم عرفة (26)، الحج (78)، الطواف، الطوف، الطائفة (78)، الركوع، الركعة (26)، الباطل، الإبطال (26)، الصّلاة (26)، الطهارة (26)

صوم كفارة فوت العشاء الآخرة

لم يقدر علي النسك والاطعام بصيام ثلاثة أيام متوالية، فإن فرق مختارا استأنف وإن كان مضطرا بني.
فصل في صيام دم المتعة يلزم من تمتع بالعمرة إلي الحج وتعذر عليه الذبح وثمنه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج: يوم السابع من ذي الحجة والثامن والتاسع، وسبعة أيام إذا رجع إلي أهله متوالية، فإن فرق مختارا استأنف، وإن كان مضطرا بني، فإن لم يصم إلا يومين قبل يوم النحر صام بعد أيام التشريق يوما، وإن صام يوما واحدا قبله أو لم يصم شيئا فليصم ثلاثة أيام بعد أيام التشريق، وإن جاور بمكة أو صد عن وطنه فلينتظر أن يمضي من الزمان ما كان يصل فيه إلي أهله ويصوم السبعة الأيام (كذا).
فصل في كفارة اليمين وفوت عشاء الآخرة يلزم من حنث في يمين توجب الكفارة وتعذر عليه العتق أو الكسوة أو الاطعام أن يصوم ثلاثة أيام متوالية، فإن فرق مختارا أو مضطرا فحكمه ما تقدم.
ويتعين علي من فرط في صلاة عشاء الآخرة حتي جاوز النصف الأول من الليل أن يصبح صائما، فإن أفطر يومه فهو مأزور وتلزمه التوبة مما فرط فيه.
فصل في بيان أحكام صيام شهرين متتابعين ويلزم من تعين عليه صيام شهرين متتابعين لأحد ما ذكرناه من إفطار يوم
(١٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، مدينة مكة المكرمة (26)، يوم عرفة (26)، الحج (78)، الطواف، الطوف، الطائفة (78)، الركوع، الركعة (26)، الباطل، الإبطال (26)، الصّلاة (26)، الطهارة (26)

أحكام صيام شهرين متتابعين

لم يقدر علي النسك والاطعام بصيام ثلاثة أيام متوالية، فإن فرق مختارا استأنف وإن كان مضطرا بني.
فصل في صيام دم المتعة يلزم من تمتع بالعمرة إلي الحج وتعذر عليه الذبح وثمنه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج: يوم السابع من ذي الحجة والثامن والتاسع، وسبعة أيام إذا رجع إلي أهله متوالية، فإن فرق مختارا استأنف، وإن كان مضطرا بني، فإن لم يصم إلا يومين قبل يوم النحر صام بعد أيام التشريق يوما، وإن صام يوما واحدا قبله أو لم يصم شيئا فليصم ثلاثة أيام بعد أيام التشريق، وإن جاور بمكة أو صد عن وطنه فلينتظر أن يمضي من الزمان ما كان يصل فيه إلي أهله ويصوم السبعة الأيام (كذا).
فصل في كفارة اليمين وفوت عشاء الآخرة يلزم من حنث في يمين توجب الكفارة وتعذر عليه العتق أو الكسوة أو الاطعام أن يصوم ثلاثة أيام متوالية، فإن فرق مختارا أو مضطرا فحكمه ما تقدم.
ويتعين علي من فرط في صلاة عشاء الآخرة حتي جاوز النصف الأول من الليل أن يصبح صائما، فإن أفطر يومه فهو مأزور وتلزمه التوبة مما فرط فيه.
فصل في بيان أحكام صيام شهرين متتابعين ويلزم من تعين عليه صيام شهرين متتابعين لأحد ما ذكرناه من إفطار يوم
(١٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، مدينة مكة المكرمة (26)، يوم عرفة (26)، الحج (78)، الطواف، الطوف، الطائفة (78)، الركوع، الركعة (26)، الباطل، الإبطال (26)، الصّلاة (26)، الطهارة (26)

الصيام المسنونة

من شهر رمضان أو نذر معين أو اعتكاف أو لنقض عهده أو لظهار أو لقتل عمد أو خطأ أو ليمين البر (1) أو لنذر صومهما، أن يبتدئ صوم شهرين قريبين يمكن الموالاة فيهما، دون شعبان لأجل شهر رمضان، دون شوال لأجل يوم الفطر ودون ذي القعدة وذي الحجة لأجل يوم النحر وأيام التشريق.
فإذا دخل في الصوم وجب عليه المضي فيه حتي يكمل الشهرين فإذا أفطر في شئ منهما مضطرا بني علي ما صامه ولو كان يوما واحدا، وإن كان مختارا في الشهر الأول وقبل أن يدخل في الثاني استأنف الصوم من أوله، وإن أفطر بعد ما يصوم من الثاني يوما فما زاد تم بذلك وجاز له البناء علي ما مضي، والاستيناف أفضل.
ومن مات وعليه شئ من ضروب الصوم لم يؤده مع تعين فرضه عليه وتفريطه فيه فعلي وليه القضاء عنه، فإن لم يكن له ولي أخرج من ماله إلي من يقضي عنه، وإن لم يتعين ذلك عليه فلا شئ علي وليه ولا حق في ماله.
فصل في مسنون الصيام أفضل الصوم ثلاثة أيام في كل شهر: خميس في أوله وأربعاء في وسطه وخميس في آخره، ويليه صوم شعبان، ويليه صوم رجب، ويليه صوم الأربعة الأيام: السابع عشر من ربيع الأول مولد رسول الله صلي الله عليه وآله، والسابع والعشرين من رجب وهو يوم المبعث، والخامس والعشرين من ذي القعدة وهو يوم دحو الأرض من تحت الكعبة، والثامن عشر من ذي الحجة وهو يوم الغدير، ويليه صوم أول يوم من ذي الحجة، ويليه صوم المحرم والأيام البيض من كل شهر إلي باقي ضروبه.
(1) كذا في النسخ: ولعل الصحيح: أو ليمين البراءة.
(١٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (26)، الحج (156)، الباطل، الإبطال (26)، الطواف، الطوف، الطائفة (130)، الظنّ (26)، الجواز (26)، السهو (26)، الحلق (26)

4 - باب حقيقة الحج وأحكامه وشروطه

اشارة

باب حقيقة الحج وأحكامه وشروطه يجب العلم من هذا التكليف بأمور ستة: أولها حقيقة الحج، وثانيها ضروبه وثالثها تعين (1) مكلفه، ورابعها بيان أحكامه، وخامسها شروطه، وسادسها كيفية فعله.
الفصل الأول الحج في أصل الوضع القصد، وفي الشريعة مناسك مقصودة في زمان ومكان مخصوصين، فالمناسك: الإحرام والتلبية والطواف والسعي وشهادة الموقفين ونزول المني والذبح والحلق والرمي واشترطناها بالقصد إذ به تكون مناسك.
والزمان للاحرام (2) أشهر الحج والحج (3) يوم التروية للمتعة (4) والذي
(1) تعيين ظ.
(2) في بعض النسخ: والزمان للحج والاحرام، وفي بعضها الآخر: والزمان للحج للاحرام.
(3) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: وإلي يوم.
(4) كذا.
(١٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: وقوف يوم عرفة (26)، الحج (78)، الطواف، الطوف، الطائفة (78)، الجواز (26)

حقيقة الحج

باب حقيقة الحج وأحكامه وشروطه يجب العلم من هذا التكليف بأمور ستة: أولها حقيقة الحج، وثانيها ضروبه وثالثها تعين (1) مكلفه، ورابعها بيان أحكامه، وخامسها شروطه، وسادسها كيفية فعله.
الفصل الأول الحج في أصل الوضع القصد، وفي الشريعة مناسك مقصودة في زمان ومكان مخصوصين، فالمناسك: الإحرام والتلبية والطواف والسعي وشهادة الموقفين ونزول المني والذبح والحلق والرمي واشترطناها بالقصد إذ به تكون مناسك.
والزمان للاحرام (2) أشهر الحج والحج (3) يوم التروية للمتعة (4) والذي
(1) تعيين ظ.
(2) في بعض النسخ: والزمان للحج والاحرام، وفي بعضها الآخر: والزمان للحج للاحرام.
(3) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: وإلي يوم.
(4) كذا.
(١٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: وقوف يوم عرفة (26)، الحج (78)، الطواف، الطوف، الطائفة (78)، الجواز (26)

أقسام الحج

يليه الوقوف (1) بعرفة، والذي يليه الوقوف (2) بالمشعر ونزول المني والذبح والحلق ورمي جمرة العقبة والطواف والسعي، وأيام التشريق بعده لرمي الجمرات.
والمكان البيت للطواف به، والصفا والمروة للسعي بينهما، وعرفة والمشعر للوقوف بهما، ومني للذبح والحلق والرمي.
الفصل الثاني الحج علي ثلاثة أضرب: تمتع بالعمرة إلي الحج وقران من الحج، وإفراد للحج.
فصفة المتعة أن يضيف المتمتع إلي مناسك الحج عمرة يحل منها ويستأنف الإحرام للحج، والقران يقرن إحرام الحج بسياق الهدي، والإفراد أن يفرد الحج من العمرة وسياق الهدي.
والحج من حيث كان حجا لا يختلف (3) مناسكه، وإنما تضاف إليه في التمتع عمرة هي: طواف وسعي، وفي القران سياق الهدي، ويتجرد في الأفراد منهما.
وأما التمتع ففرض من نأي عن مكة وحاضريها لا يجزيهم في حجة الاسلام غيره، والتطوع به أفضل من الاقران والإفراد.
فأما الاقران والإفراد ففرض أهل مكة وحاضريها ومن كانت داره أثني عشر
(1) للوقوف.
(2) للوقوف.
(3) لا تختلف.
(١٩١)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (26)، الحج (104)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)، الباطل، الإبطال (52)، الذبح (26)، الجواز (26)

من يجب عليه الحج

ميلا من أي جهاتها كان.
وهو علي ضربين: واجب ومندوب.
والواجب ضروب ثلاثة: حج الاسلام، وحج النذور، وحج الكفارة.
والتطوع ما ابتدأ به.
والفرق بين حج الفرض والنفل أن الفرض يجب الابتداء به، والنفل بخلاف ذلك، فإذا دخل فيه بالاحرام له وجب المضي فيه وساوت أحكامه بعد الإحرام في الوجوب لأحكام ما وجب الدخول فيه من ضروب الحج الواجبة.
الفصل الثالث العلم بالحج واجب علي كل مكلف، لكون ذلك من جملة الإيمان المتعين علي كل مكلف من حر وعبد ومسلم وكافر وذكر وأنثي وغني وفقير ومستطيع وممنوع.
وفرض أدائه يختص بكل حر بالغ كامل العقل مستطيع له بالصحة والتخلية والأمن ووجود الزاد والراحلة والكفاية له ولمن يعول والعود إلي كفاية من صناعة أو تجارة أو غير ذلك، سواء كان مؤمنا أو كافرا، لكون الكفار مخاطبين بالشرائع مسؤولين عن الاخلال بها، لصحة وقوعها من جهتهم بأن يؤمنوا، وجروا في ذلك مجري المحدث المخاطب بالصلاة الملوم علي تركها لكونه متمكنا من فعلها بتمكنه من رفع الحدث.
وصحة الحج موقوفة علي ثبوت الاسلام، والعلم بتفصيل أحكام الحج وشروطه، وتأديته لوجهه الذي له شرع، مخلصا به، مع كون مؤديه مطهرا بالختانة، من حيث كانت صحته من دون الاسلام محالا، ومع ثبوته وحصول الجهل به إذ كان العلم شرطا في صحة العمل، ومع ثبوت الأمرين وفعل الحج
(١٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (26)، مسجد الحرام (26)، الحج (26)، السجود (26)، الصّلاة (52)، الكراهية، المكروه (26)، الإستحباب (26)، الجواز (26)

أحكام الحج

لغير وجهه والاخلاص به لا يكون عبادة صحيحة بالاتفاق، ومع فقد الإحرام (1) لا يصح كمالا تصح الصلاة من دون الطهارة، ومع تكامل ما قدمناه من الشروط وكون الحاج أغلف لا يصح حجه بإجماع آل محمد عليهم السلام.
الفصل الرابع أحكام الحج: التلبية والطواف والسعي والوقوف بعرفة والوقوف بالمشعر ونزول مني والمبيت بها لياليها والرمي والذبح والحلق.
فأما التلبية من أركان الحج، وهي علي ضربين: مفروض ومسنون.
والمفروض أربع: لبيك اللهم لبيك [لبيك] إن الحمد والنعمة لك والملك [لك] لا شريك لك لبيك.
والمسنون: لبيك ذا المعارج لبيك لبيك ذا الجلال والاكرام لبيك لبيك مبدء الخلق ومعيده لبيك لبيك غافر الذنوب لبيك لبيك قابل التوبة لبيك لبيك كاشف الكرب العظام لبيك لبيك فاطر السماوات والأرض لبيك لبيك أهل التقوي وأهل المغفرة لبيك.
وأوقات التلبية أدبار الصلوات، وحين الانتباه من النوم، وبالأسحار، وكلما علا نجدا أو هبط غورا أو رأي راكبا.
والسنة فيها علي الرجال رفع الصوت.
وابتداء فرضها عقيب الإحرام وآخر وقتها للمتمتع إذا عاين بيوت مكة ولكل حاج زوال الشمس من يوم عرفة، وللمعتمر عمرة مبتولة إذا عاين البيت.
(1) كذا في جميع النسخ.
(١٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (26)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)، القتل (52)، الموت (26)، الطهارة (52)، الأكل (26)، الصيد (52)، الحج (26)، الجواز (26)، الترتيب (26)، التكفير، الكفارة (52)، الإنذار (52)

التلبية

لغير وجهه والاخلاص به لا يكون عبادة صحيحة بالاتفاق، ومع فقد الإحرام (1) لا يصح كمالا تصح الصلاة من دون الطهارة، ومع تكامل ما قدمناه من الشروط وكون الحاج أغلف لا يصح حجه بإجماع آل محمد عليهم السلام.
الفصل الرابع أحكام الحج: التلبية والطواف والسعي والوقوف بعرفة والوقوف بالمشعر ونزول مني والمبيت بها لياليها والرمي والذبح والحلق.
فأما التلبية من أركان الحج، وهي علي ضربين: مفروض ومسنون.
والمفروض أربع: لبيك اللهم لبيك [لبيك] إن الحمد والنعمة لك والملك [لك] لا شريك لك لبيك.
والمسنون: لبيك ذا المعارج لبيك لبيك ذا الجلال والاكرام لبيك لبيك مبدء الخلق ومعيده لبيك لبيك غافر الذنوب لبيك لبيك قابل التوبة لبيك لبيك كاشف الكرب العظام لبيك لبيك فاطر السماوات والأرض لبيك لبيك أهل التقوي وأهل المغفرة لبيك.
وأوقات التلبية أدبار الصلوات، وحين الانتباه من النوم، وبالأسحار، وكلما علا نجدا أو هبط غورا أو رأي راكبا.
والسنة فيها علي الرجال رفع الصوت.
وابتداء فرضها عقيب الإحرام وآخر وقتها للمتمتع إذا عاين بيوت مكة ولكل حاج زوال الشمس من يوم عرفة، وللمعتمر عمرة مبتولة إذا عاين البيت.
(1) كذا في جميع النسخ.
(١٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (26)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)، القتل (52)، الموت (26)، الطهارة (52)، الأكل (26)، الصيد (52)، الحج (26)، الجواز (26)، الترتيب (26)، التكفير، الكفارة (52)، الإنذار (52)

الطواف

ويجوز فعلها للمحدث كالطاهر، وعلي طهارة أفضل.
وتعمد الاخلال بها يفسد الحج، والسهو عنها من دون عقد بغيرها كذلك.
ولا يصح شئ في (1) التلبية إلا بنية هي العزم علينا بوجهها علي جهة القربة إليه سبحانه.
وأما الطواف فسبعة أشواط حول البيت مشيا فوق الهوينا ودون الهرولة بما يشتمل عليه من الأفعال والأذكار التي نبينها. ولكل طواف صلاة ركعتين قد بيناهما.
وهو علي ضربين: مفروض ومسنون.
والمفروض علي ثلاثة أضرب: طواف المتعة وطواف الزيارة وطواف النساء.
والمسنون ثلاثمائة وستون شوطا، وروي: " أن رسول الله صلي الله عليه وآله كان يطوف في كل يوم وليلة عشرة أسابيع (2) ".
فأما طواف المتعة فوقته من حيث يدخل المتمتع مكة وإلي أن تغرب الشمس من يوم التروية للمختار، وللمضطر إلي أن يبقي من الزمان ما يدرك في مثله عرفة في آخر وقتها.
فإن فاته بخروج وقته وتفريطه بطلت متعته وبطل حجه إن (3) كان فرض العمرة أو واجبا عن نذر أو كفارة تعينا (4) وإن كان تطوعا فهو مأزور وعليه
(1) كذا في النسخ.
(2) راجع الوسائل، كتاب الحج، أبواب الطواف، الباب السادس.
(3) في المختلف: وإن كان.
(4) وفي بعض النسخ: معينا: ولم أهتد إلي صحيح هذه العبارة.
(١٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (26)، القرآن الكريم (26)، الحج (52)، الأكل (78)، القتل (26)، الحلق (26)، الصيد (52)، الهلاك (26)، الذبح (26)، الجواز (52)، التصدّق (52)، الإنذار (26)
أيضا الإحرام للحج وقضاء المتعة بعد الفراغ منه، وإن كان فوته لضرورة فحجه ماض علي كل حال وعليه قضاؤه بعد الفراغ من مناسك الحج.
وأما طواف الزيارة فركن من أركان الحج، ووقته للمتمتع بعد الرمي والحلق والذبح من يوم النحر إلي آخر أيام التشريق، وللمفرد والقارن من حين دخولهما مكة إلي انقضاء أيام التشريق، فمن أخل به علي حال بطل حجه، ولزمه استينافه من قابل.
وأما طواف النساء فمن مناسك الحج، وأول وقته يوم النحر إلي آخر أيام التشريق، فإن خرج وقته ولما يطفه لم تحل له النساء حتي يطوف من قابل أو يطاف عنه، ويأثم إن كان ذلك عن إيثار (1) ولا أثم عليه إن كان لسهو أو لضرورة.
ولا يجوز قطع الطواف إلا لصلاة فريضة أو لضرورة، فإن قطعه لصلاة فريضة بني علي ما طاف ولو شوطا واحدا، وإن كان لضرورة أو سهو وكان ما طاف أكثر من النصف بني عليه، وإن كان أقل منه استأنف منه.
وإن قطعه مختارا أثم وعليه استينافه علي كل حال.
فإن مسها في شئ منه فليبن علي ما تيقنه أو ظنه فإن كان شاكا فليبن علي الأقل وإن لم يحصل له شئ أعاده.
وإن ذكر وهو في السعي أنه قد ترك شيئا من أسبوعه فليقطعه ويعد إلي البيت فيطوف ما تركه إن كان أقل من النصف وإن كان أكثر منه استأنفه.
وإن لم يستطع المكلف الطواف ماشيا فليطف راكبا ومحمولا.
ولا يصح طواف فرض ولا نفل لمحدث.
ويلزم مريده افتتاحه بالعزم علي أدائه بصفته المخصوصة لكونه مصلحة
(1) إثارة.
(١٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: شهر ذي القعدة (26)، شهر ذي الحجة (26)، شهر شوال المكرم (26)، الحج (78)، الطعام (26)، الحلق (78)، الدفن (26)، الجواز (26)، القصر، التقصير (26)

السعي

متقربا به إليه سبحانه، فإن أخل بالنية لم يكن طوافه عبادة، ولا مجزيا، فليستأنفه مفتتحا بالنية.
فأما السعي بين الصفا والمروة فمن أركان الحج، ولا مسنون فيه وهو علي ضربين سعي المتمتع للمتعة وسعي الحج بعد طواف الزيارة.
ووقت كل منهما ممتد بامتداد وقت طوافه وحكم المخل به حكم المخل بطوافه.
والسنة فيه الابتداء بالصفا والختام بالمروة، والسعي بينهما سبعة أشواط، يمشي في كل شوط طرفيه ويهرول وسطه، يبدء المشي من الصفا إلي الميل ثم يهرول حتي يقطع سوق العطارين ثم يمشي من الميل إلي المروة، ثم يعود منها ماشيا إلي الميل ثم يهرول من السوق إلي الميل ثم يمشي منه إلي أن يصعد الصفا، حتي يكمل سبعا.
ولا يجوز الجلوس بين الصفا والمروة، ويجوز الوقوف عند الاعياء حتي تستريح (1) ويجوز الجلوس علي الصفا والمروة.
فإن عجز عن المشي أو الهرولة فليركب، ويجوز له السعي راكبا من غير عجز والمشي أفضل. وإذا سعي راكبا فليركض الدابة بحيث تجب الهرولة ويجب افتتاحه بالنية.
وحكم من قطعه عن إيثار أو اضطرار أو لسهو حكم الطواف، فليتأمل ويعمل بحسبه.
ويصح السعي من المحدث وطاهرا (2) أفضل.
وأما الوقوف بعرفة - وحدها من المأزمين إلي الموقف - فمن أركان الحج
(1) كذا.
(2) في بعض النسخ: والطاهر أفضل.
(١٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: دولة العراق (52)، مدينة مكة المكرمة (52)، الشام (26)، الحج (26)، السجود (26)، الصّلاة (26)، العرق، التعرق (26)

الوقوف بعرفة

متقربا به إليه سبحانه، فإن أخل بالنية لم يكن طوافه عبادة، ولا مجزيا، فليستأنفه مفتتحا بالنية.
فأما السعي بين الصفا والمروة فمن أركان الحج، ولا مسنون فيه وهو علي ضربين سعي المتمتع للمتعة وسعي الحج بعد طواف الزيارة.
ووقت كل منهما ممتد بامتداد وقت طوافه وحكم المخل به حكم المخل بطوافه.
والسنة فيه الابتداء بالصفا والختام بالمروة، والسعي بينهما سبعة أشواط، يمشي في كل شوط طرفيه ويهرول وسطه، يبدء المشي من الصفا إلي الميل ثم يهرول حتي يقطع سوق العطارين ثم يمشي من الميل إلي المروة، ثم يعود منها ماشيا إلي الميل ثم يهرول من السوق إلي الميل ثم يمشي منه إلي أن يصعد الصفا، حتي يكمل سبعا.
ولا يجوز الجلوس بين الصفا والمروة، ويجوز الوقوف عند الاعياء حتي تستريح (1) ويجوز الجلوس علي الصفا والمروة.
فإن عجز عن المشي أو الهرولة فليركب، ويجوز له السعي راكبا من غير عجز والمشي أفضل. وإذا سعي راكبا فليركض الدابة بحيث تجب الهرولة ويجب افتتاحه بالنية.
وحكم من قطعه عن إيثار أو اضطرار أو لسهو حكم الطواف، فليتأمل ويعمل بحسبه.
ويصح السعي من المحدث وطاهرا (2) أفضل.
وأما الوقوف بعرفة - وحدها من المأزمين إلي الموقف - فمن أركان الحج
(1) كذا.
(2) في بعض النسخ: والطاهر أفضل.
(١٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: دولة العراق (52)، مدينة مكة المكرمة (52)، الشام (26)، الحج (26)، السجود (26)، الصّلاة (26)، العرق، التعرق (26)

الوقوف بالمشعر

ووقته للحج للمختار من زوال الشمس من التاسع إلي غروبها، وللمضطر إلي طلوع الفجر من يوم النحر، فإن فات الوقوف بها عن إيثار بطل الحج، وإن كان عن اضطرار وأدرك المشعر الحرام في وقت المضطر فحجه ماض.
ويلزم افتتاحه بالنية وقطع زمانه بالدعاء والتوبة والاستغفار.
وأفضل المواقف يسرة (1) الجبل ولا يفيض منه المختار حتي تغرب الشمس ويجوز الوقوف به للمحدث وطاهرا (2) أفضل.
وأما الوقوف بالمشعر الحرام وهو من جمع وهي المزدلفة - وحد‌ها من المأزمين إلي وادي محسر - يصح الوقوف بكل منهما، وأفضله ما قرب من المشعر. (3) ووقت المختار من طلوع الفجر من يوم النحر إلي طلوع الشمس يلزمه (4) افتتاحه بالنية، وقطع هذا الزمان بالدعاء والتوبة والاستغفار.
ووقت المضطر ممتد إلي الليل كله وإلي أن تزول الشمس من نهاره أقل ما يقع عليه اسم الوقوف داعيا.
فإن فات الوقوف به علي حال بطل الحج ووجب استينافه.
ولا يجوز للمختار أن يفيض منه حتي تطلع الشمس، فإن اضطر إلي الإفاضة فلا يجاوز وادي محسر حتي تطلع الشمس.
ويجوز للنساء إذا خفن مجئ الدم الإفاضة ليلا وإتيان مني والرمي، و الذبح والتقصير ودخول مكة يوم النحر لطواف الزيارة والسعي وطواف
(1) ميسرة.
(2) في بعض النسخ: وطاهر أفضل وفي بعضها الآخر: والطاهر أفضل.
(3) كذا.
(4) يلزم فيه.
(١٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (78)، الحج (52)، الفرج (26)، الجدال (26)، القتل (52)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)، الصيد (26)، السهو (26)، الفأرة، الجرذ (26)، الخوف (26)

نزول مني

النساء.
ويستحب للصورة أن يطأ المشعر.
ويصح الوقوف به للمحدث وطاهرا أفضل.
وأما نزول مني فمن وكيد السنة المبيت بها ليلة عرفة، وصلاة المغرب وعشاء الآخرة والغداة، ليكون الإفاضة منها إلي عرفات، ولا يفيض إمام الصلاة منها حتي تطلع الشمس.
ومن مناسك الحج المبيت بها ليالي أيام التشريق إلي حين الإفاضة منها فإن بات بغيرها مختارا لغير عبادة فعليه دم، ويجوز الخروج منها للبائت بها بعد مضي النصف الأول من الليل، والتصبح بها أفضل.
وإذا عاد إليها قبل أن يمضي النصف الأول فهو بائت بها، ونزولها قبل غروب الشمس أفضل.
وحدها من طرف وادي محسر إلي العقبة.
والنفر الأول يوم الثالث من النحر، والأخير اليوم الرابع، ولا يجوز للصرورة أن ينفر في الأول، ويجوز ذلك لغيره، وتأخيره النفر إلي الأخير أفضل.
وأما رمي الجمار فهو سبعون حصاة تؤخذ من الحرم دون المسجد الحرام ومسجد الخيف والحصاة المقذوف به مرة، وأفضله المشعر الحرام، ومقدار الحصاة رأس الأنملة، ملتقطة غير مكسورة، وأفضل الحصاة البرش، ثم البيض والحمر، وتكره السود، يرمي منها يوم النحر جمرة العقبة - وهي القصوي - بسبع، ويرمي في كل يوم بعده بإحدي وعشرين حصاة، يبدء بالجمرة الأولة - وهي العظمي - (1) فيرميها بسبع، ثم الوسطي بسبع، ثم العقبة بسبع، فإن
(1) العظماء، خ.
(١٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (104)، الصيد (26)، الأكل (52)، التصدّق (26)، التكفير، الكفارة (52)

المبيت بمني ليالي التشريق

النساء.
ويستحب للصورة أن يطأ المشعر.
ويصح الوقوف به للمحدث وطاهرا أفضل.
وأما نزول مني فمن وكيد السنة المبيت بها ليلة عرفة، وصلاة المغرب وعشاء الآخرة والغداة، ليكون الإفاضة منها إلي عرفات، ولا يفيض إمام الصلاة منها حتي تطلع الشمس.
ومن مناسك الحج المبيت بها ليالي أيام التشريق إلي حين الإفاضة منها فإن بات بغيرها مختارا لغير عبادة فعليه دم، ويجوز الخروج منها للبائت بها بعد مضي النصف الأول من الليل، والتصبح بها أفضل.
وإذا عاد إليها قبل أن يمضي النصف الأول فهو بائت بها، ونزولها قبل غروب الشمس أفضل.
وحدها من طرف وادي محسر إلي العقبة.
والنفر الأول يوم الثالث من النحر، والأخير اليوم الرابع، ولا يجوز للصرورة أن ينفر في الأول، ويجوز ذلك لغيره، وتأخيره النفر إلي الأخير أفضل.
وأما رمي الجمار فهو سبعون حصاة تؤخذ من الحرم دون المسجد الحرام ومسجد الخيف والحصاة المقذوف به مرة، وأفضله المشعر الحرام، ومقدار الحصاة رأس الأنملة، ملتقطة غير مكسورة، وأفضل الحصاة البرش، ثم البيض والحمر، وتكره السود، يرمي منها يوم النحر جمرة العقبة - وهي القصوي - بسبع، ويرمي في كل يوم بعده بإحدي وعشرين حصاة، يبدء بالجمرة الأولة - وهي العظمي - (1) فيرميها بسبع، ثم الوسطي بسبع، ثم العقبة بسبع، فإن
(1) العظماء، خ.
(١٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (104)، الصيد (26)، الأكل (52)، التصدّق (26)، التكفير، الكفارة (52)

رمي الجمار

النساء.
ويستحب للصورة أن يطأ المشعر.
ويصح الوقوف به للمحدث وطاهرا أفضل.
وأما نزول مني فمن وكيد السنة المبيت بها ليلة عرفة، وصلاة المغرب وعشاء الآخرة والغداة، ليكون الإفاضة منها إلي عرفات، ولا يفيض إمام الصلاة منها حتي تطلع الشمس.
ومن مناسك الحج المبيت بها ليالي أيام التشريق إلي حين الإفاضة منها فإن بات بغيرها مختارا لغير عبادة فعليه دم، ويجوز الخروج منها للبائت بها بعد مضي النصف الأول من الليل، والتصبح بها أفضل.
وإذا عاد إليها قبل أن يمضي النصف الأول فهو بائت بها، ونزولها قبل غروب الشمس أفضل.
وحدها من طرف وادي محسر إلي العقبة.
والنفر الأول يوم الثالث من النحر، والأخير اليوم الرابع، ولا يجوز للصرورة أن ينفر في الأول، ويجوز ذلك لغيره، وتأخيره النفر إلي الأخير أفضل.
وأما رمي الجمار فهو سبعون حصاة تؤخذ من الحرم دون المسجد الحرام ومسجد الخيف والحصاة المقذوف به مرة، وأفضله المشعر الحرام، ومقدار الحصاة رأس الأنملة، ملتقطة غير مكسورة، وأفضل الحصاة البرش، ثم البيض والحمر، وتكره السود، يرمي منها يوم النحر جمرة العقبة - وهي القصوي - بسبع، ويرمي في كل يوم بعده بإحدي وعشرين حصاة، يبدء بالجمرة الأولة - وهي العظمي - (1) فيرميها بسبع، ثم الوسطي بسبع، ثم العقبة بسبع، فإن
(1) العظماء، خ.
(١٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (104)، الصيد (26)، الأكل (52)، التصدّق (26)، التكفير، الكفارة (52)

الهدي

خالف الترتيب استدركه.
فإن رمي حصاة فوقعت في محمل أو عطي طهر (1) ثم سقطت علي الأرض أجزأت وإلا فعليه أن يرمي عوضها عنها.
ولا يجوز الرمي قبل طلوع الشمس ولا بعد غروبها إلا للمرأة الخائفة من مجئ الدم وفوت الطواف لمجيئه، وأفضل الأوقات للرمي قبل الزوال.
فإن فات رمي يوم فليرم في اليوم الثاني ما فاته في صدر النهار وليومه بعد الزوال، ومن عجز عن الرمي فليرم عنه وليه.
ويجوز للمحدث أن يرمي الجمار، وعلي طهارة أفضل.
وإذا أفاض في النفر الأول فليدفن ما بقي من الحصي بمني. فإن خرجت أيام التشريق ولما يرم ما وجب عليه قبل النفر أو بعضه (2) فليرمه من قابل في أيام التشريق إن تمكن بنفسه، وإلا استناب من يرمي عنه.
فإن أخل برمي الجمار أو شئ منه ابتداء أو قضاءا أثم بذلك، ووجب عليه تلافي ما فاته، [فرطه خ] وحجه ماض.
وأما الهدي فعلي ضربين: مفروض ومسنون.
والمفروض علي ضروب أربعة: هدي النذر، وهدي الكفارة، وهدي القران، وهدي التمتع.
فأما هدي النذر فيجب سياقه من حيث نذر سياقه منه، فإن لم ينذر شيئا ابتاعه بحيث نذر ذبحه وذبحه، وكل منهما مضمون يلزم الناذر عوض ما انكسر منه أو مات أو ضل، ولا يحل له أن يأكل منه شيئا.
وأما هدي الكفارة عن قتل الصيد فسياقه واجب من حيث قتل الصيد
(1) لم أهتد إلي صحيح هذه الجملة أو الكلمة، وفي بعض النسخ: غطي ظهر.
(2) كذا.
(١٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (78)، الصيام، الصوم (26)، الصيد (26)، السهو (26)، التكفير، الكفارة (78)

الحلق

إن أمكن ذلك، وإلا فمن حيث أمكن، ويذبح أو ينحر من الفداء لما قتله من الصيد في إحرام المتعة أو العمرة المبتولة بمكة قبال (1) الكعبة، وفي إحرام الحج بمني. وإن كان لتعد (2) في الإحرام عدا الصيد فسياقه غير واجب.
وإن تعذر السياق أو الابتياع بحيث يجب الذبح والنحر في عامه فعليه ذلك من قابل، أو عدله صياما، أو صدقة حسب ما نبينه.
وحكم هذا الهدي في الضمان وتحريم الأكل حكم هدي النذر.
وأما هدي القران فابتداؤه تطوع فإذا أشعر أو قلد لزمه سياقه.
فإن انكسر أو هلك قبل بلوغ محله فعليه بدله، فإن لم يتمكن فلا شئ عليه غير ذبح لمنكسر والتصدق بلحمه، وإذا بلغ محله سليما ذبح أو نحر فأكل منه وأطعم.
وأما هدي التمتع فأدناه شاة والفضل فيما زاد عليها بحسب الامكان.
والسنة أن يأكل بعضها ويطعم الباقي.
ولا يجوز إعطاء الجزار شيئا من جلال شئ من الهدي ولا قلائده ولا إهابه ولا لحمه علي جهة الأجر، ويجوز علي وجه الصدقة.
ومن السنة أن يتولي مهدي الأنعام ذبحها أو نحرها بيده أو يشارك الذابح.
ولا يجوز لمن ذبح هديا بمني أن يخرج منها شيئا من لحومه، ويجوز ذلك للمتصدق عليه.
والمسنون ما تبرع المكلف بهديه وليس بمضمون. والسنة فيه أن يأكل منه مهديه ويتصدق بالباقي.
وأما الحلق فمن مناسك الحج، ومحله مني يوم النحر بعد رمي جمرة
(1) قبالة.
(2) كذا في بعض النسخ.
(٢٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (52)، القتل (130)، الصيد (78)، الطعام (26)، الإستخارة (26)، الصيام، الصوم (26)، الحاجة، الإحتياج (26)، الركوع، الركعة (52)

شروط الحج

العقبة، ويجوز قبل الرمي، وتأخيره إلي آخر أيام التشريق.
ولا يجزي الصرورة من الرجال غير الحلق، ويجزي من عداه التقصير، و كذلك حكم النساء.
والسنة فيه أن يبدأ الحلاق (1) بالناصية ثم الجانب الأيمن ثم الأيسر، و يدفن الشعر بمني.
فإن حلق بغيرها أثم ولزمه أن يدفنه بها. ولا يجوز الحلق قبل محله مختارا فإن اضطر لأذي يلحقه جاز الحلق والتكفير بشاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام.
ويلزم افتتاح الرمي وسياق الهدي وذبحه وحلق الرأس بالنية كسائر الفرائض.
الفصل الخامس شروط الحج التي بها يصح ويفسد لاختلال بعضها الاسلام لفساد كل عبادة من دونه لما بيناه، والعلم بأحكامه وشروطه وكيفية فعله لوجوهه لما ذكرناه، وتأديته للوجه الذي له شرع مخلصا به لما أوجبناه، والختنة، والاحرام، وصحته موقوفة علي العلم بالوقت المشروع لعقده، والميقات المنصوص علي تعلق مخصوصية فعله به، ليقصد إليه، وبيان ما يجتنبه المحرم لكون فعله مفسدة فيه، وكفارة ما يأتيه لتبرأ ذمته من تبعته.
فأما الوقت للاحرام فأشهر الحج: شوال وذو القعدة وثمان من ذي الحجة فإن أهل بالحج من دونها لم ينعقد، ووجب تجديده فيها، فإن لم يفعل فلا إحرام له.
(1) في بعض النسخ: الحالق.
(٢٠١)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (26)، الحج (104)، الصّلاة (104)، الغسل (52)، اللبس (26)، الظنّ (26)، الجواز (52)، الوصية (26)، الركوع، الركعة (26)

الاحرام

العقبة، ويجوز قبل الرمي، وتأخيره إلي آخر أيام التشريق.
ولا يجزي الصرورة من الرجال غير الحلق، ويجزي من عداه التقصير، و كذلك حكم النساء.
والسنة فيه أن يبدأ الحلاق (1) بالناصية ثم الجانب الأيمن ثم الأيسر، و يدفن الشعر بمني.
فإن حلق بغيرها أثم ولزمه أن يدفنه بها. ولا يجوز الحلق قبل محله مختارا فإن اضطر لأذي يلحقه جاز الحلق والتكفير بشاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام.
ويلزم افتتاح الرمي وسياق الهدي وذبحه وحلق الرأس بالنية كسائر الفرائض.
الفصل الخامس شروط الحج التي بها يصح ويفسد لاختلال بعضها الاسلام لفساد كل عبادة من دونه لما بيناه، والعلم بأحكامه وشروطه وكيفية فعله لوجوهه لما ذكرناه، وتأديته للوجه الذي له شرع مخلصا به لما أوجبناه، والختنة، والاحرام، وصحته موقوفة علي العلم بالوقت المشروع لعقده، والميقات المنصوص علي تعلق مخصوصية فعله به، ليقصد إليه، وبيان ما يجتنبه المحرم لكون فعله مفسدة فيه، وكفارة ما يأتيه لتبرأ ذمته من تبعته.
فأما الوقت للاحرام فأشهر الحج: شوال وذو القعدة وثمان من ذي الحجة فإن أهل بالحج من دونها لم ينعقد، ووجب تجديده فيها، فإن لم يفعل فلا إحرام له.
(1) في بعض النسخ: الحالق.
(٢٠١)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (26)، الحج (104)، الصّلاة (104)، الغسل (52)، اللبس (26)، الظنّ (26)، الجواز (52)، الوصية (26)، الركوع، الركعة (26)

المواقيت

وأما الميقات فلكل أهل إقليم ميقات، فميقات أهل العراق " بطن العقيق " وأوله " المسلخ " وأوسطه " الغمرة "، وآخره " ذات عرق "، وميقات أهل المدينة " مسجد الشجرة " وهو " ذو الحليفة "، ومرخص لصبيانهم وضعفائهم أن يحرموا من " الجحفة "، وميقات أهل الشام " الجحفة " وميقات أهل الطائف " قرن المنازل وميقات أهل اليمن " يلملم ".
فمن سلك طريق أحد هذه المواقيت فميقاته ميقاتهم.
فمن أحرم من دون ميقاته لم ينعقد إحرامه، وعليه إذا انتهي إليه أن ينعقد الإحرام منه، فإن لم يفعل فلا حج له.
وإن تجاوزه من غير إحرام فعليه الرجوع إليه ليهل منه، فإن لم يتمكن أحرم من موضعه.
ويجوز لمن منزله دون الميقات أن يحرم منه وخروجه إلي الميقات أفضل.
وميقات المجاور ميقات بلده ويجوز له أن يحرم من " الجعرانة "، وإن ضاق عليه الوقت فمن خارج الحرم.
وميقات المعتمر ميقات أهله، فإن اعتمر من مكة فمن خارج الحرم، و ميقات أهله أفضل.
وأهل مكة مخيرون بين سائر المواقيت.
وأما ما ينعقد به الإحرام فالتلبية أو إشعار الهدي أو تقليدها، لا ينعقد بشئ سوي هذا مما يتقدم ذلك أو يصاحب أو يتأخر من الصلاة والتجرد ولبس ثوبي الإحرام وقول وفعل.
ولا يصح إلا بنية هي العزم عليه موجبا أفعالا مخصوصة هي ما قدمناه من المناسك واجتناب أمور نذكرها لوجوبه مخلصا له سبحانه.
وأما ما يجتنبه فالنساء رؤية وسماعا وضما وتقبيلا ومباشرة، والطيب
(٢٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (52)، بنو شيبة (26)، الحجر الأسود (26)، الحج (104)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)، العقد (26)، السجود (52)، الشهادة (26)، الصّلاة (26)، النوم (26)

محرمات الاحرام

وأما الميقات فلكل أهل إقليم ميقات، فميقات أهل العراق " بطن العقيق " وأوله " المسلخ " وأوسطه " الغمرة "، وآخره " ذات عرق "، وميقات أهل المدينة " مسجد الشجرة " وهو " ذو الحليفة "، ومرخص لصبيانهم وضعفائهم أن يحرموا من " الجحفة "، وميقات أهل الشام " الجحفة " وميقات أهل الطائف " قرن المنازل وميقات أهل اليمن " يلملم ".
فمن سلك طريق أحد هذه المواقيت فميقاته ميقاتهم.
فمن أحرم من دون ميقاته لم ينعقد إحرامه، وعليه إذا انتهي إليه أن ينعقد الإحرام منه، فإن لم يفعل فلا حج له.
وإن تجاوزه من غير إحرام فعليه الرجوع إليه ليهل منه، فإن لم يتمكن أحرم من موضعه.
ويجوز لمن منزله دون الميقات أن يحرم منه وخروجه إلي الميقات أفضل.
وميقات المجاور ميقات بلده ويجوز له أن يحرم من " الجعرانة "، وإن ضاق عليه الوقت فمن خارج الحرم.
وميقات المعتمر ميقات أهله، فإن اعتمر من مكة فمن خارج الحرم، و ميقات أهله أفضل.
وأهل مكة مخيرون بين سائر المواقيت.
وأما ما ينعقد به الإحرام فالتلبية أو إشعار الهدي أو تقليدها، لا ينعقد بشئ سوي هذا مما يتقدم ذلك أو يصاحب أو يتأخر من الصلاة والتجرد ولبس ثوبي الإحرام وقول وفعل.
ولا يصح إلا بنية هي العزم عليه موجبا أفعالا مخصوصة هي ما قدمناه من المناسك واجتناب أمور نذكرها لوجوبه مخلصا له سبحانه.
وأما ما يجتنبه فالنساء رؤية وسماعا وضما وتقبيلا ومباشرة، والطيب
(٢٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (52)، بنو شيبة (26)، الحجر الأسود (26)، الحج (104)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)، العقد (26)، السجود (52)، الشهادة (26)، الصّلاة (26)، النوم (26)

الكفارات

كله والادهان الزكية، وما خالطه شئ من ذلك، والصيد، والدلالة عليه، و الجدال، والكذب، وحك الجلد حتي يدمي، وإماطة الشعر عن الجسم، وقص الأظفار، وطرح القمل عنه، وقتله، ولبس المخيط، وتغطية الرجل رأسه، والمرأة وجهها، والتظلل في المحمل، وعقد النكاح له ولغيره، وقطع شجرة الحرم، واختلاء خلاه، [ها ظ] وقتل شئ من الحيوان عدا الحية والعقرب والفأرة والغراب ما لم يخف (1) شيئا منه، والفصاد، والحجامة من غير ضرورة والنظر في المرآة، والاغتسال للتبريد، (2) وحمل السلاح واشهاره إلا (3) للمدافعة.
وأما كفارة ما يأتيه المحرم فعلي ضربين: أحدهما موجب لها بشرط الذكر للاحرام والقصد دون السهو والخطأ، والثاني موجب لها علي كل حال وهو الصيد، والأول ما عداه مما ذكرناه، ولكل كفارة تخصه.
ففي النظر إلي المرأة بشهوة والاصغاء إلي حديثها أو حملها أو ضمها الإثم فإن أمني فدم شاة، وفي القبلة دم شاة، فإن أمني فعليه بدنة، وفي الوطي في إحرام المتعة قبل طوافها أو سعيها فساد المتعة، وكفارته (4) بدنة، وفي إحرام الحج قبل العرفة بدنة، فإن كان في الفرج فسد الحج ولزمه استينافه، وبعد عرفة (5) بدنة، وفي الاستمناء والتلوط وإتيان البهائم بدنة.
(1) وفي الروايات: كل ما يخاف المحرم علي نفسه من السباع والحيات وغيرها فليقتله.
(2) للتبرد.
(3) في بعض النسخ: لا للمدافعة.
(4) كفارة. خ.
(5) العرفة. خ.
(٢٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الحجر الأسود (26)، الرزق (26)، الصّلاة (26)، الشهادة (52)، الشراكة، المشاركة (52)، الطهارة (26)، الوسعة (52)، دولة العراق (26)
وفي أكل الصيد أو بيضه، أو شم مسك أو عنبر أو زعفران أو ورس، أو أكل طعام فيه شئ منه دم شاة، وفيما عدا ذلك من الطيب الإثم دون الكفارة.
وفي تظليل المحمل وتغطية رأس الرجل ووجه المرأة مختارا لكل يوم دم شاة، ومع الاضطرار بجملة المدة دم شاة.
وفي قص ظفر كف من طعام، وفي أظفار إحدي يديه صاع، وفي أظفار كلتيهما دم شاة، وكذلك حكم أظفار رجليه، فإن قص أظفار يديه ورجليه في مجلس واحد فعليه دم واحد.
وفي قص الشارب أو حلق العانة والإبطين دم شاة، وفي حلق الرأس دم شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام.
وفي المجادلة وهي قوله: لا والله ثلاث مرات فما فوقهن صادقا دم شاة وفي مرة كاذبا شاة، ومرتين دم بقرة، وفي ثلاث مرات فما فوقهن دم بدنة.
وفي حك الجسم حتي يدمي مد من طعام لمسكين.
وفي قطع بعض شجر الحرم من أصله دم شاة، ولقطع بعضها، أو اختلاء خلاها ما تيسر من الصدقة.
وفي لبس المخيط بعد الإحرام شقه وإخراجه من قبل الرجلين، وللاحرام فيه نزعه، وفي كل منهما دم شاة.
وفي قلع الضرس دم شاة.
وعقد النكاح فاسد وعاقده آثم.
وفي إتيان ما عدا ما بيناه (1) لزوم الكفارة منه (2) مما يلزم المحرم اجتنابه الإثم.
(1) كذا في النسخ، والظاهر زيادة الهاء.
(2) كذا في النسخ، والظاهر: فيه.
(٢٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الركن اليماني (26)، السجود (26)، الطهارة (26)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)
فأما الصيد فيلزم من قتله أو ذبحه أو شارك في ذلك أو دل عليه فقتل إن كان محلا في الحرم أو محرما في الحل فداؤه بمثله من النعم، وإن كان محرما في الحرم فالفداء والقيمة، وروي الفداء مضاعفا.
وكفارة العبد والأمة إن كان إحرامهما بإذن السيد عليه، وبغير إذنه عليهما بالصوم دون الهدي والاطعام.
وكفارة الصغير والمأوف العقل علي وليه.
ووقوع ذلك عن قصد يقتضي مع الكفارة استحقاق العقاب، وعن خطأ أو سهو الكفار حسب، والندم يجب من المقصود، وهو مقسط للذم والعقاب دون الكفارة.
وتكرير (1) القتل يوجب تكرير الكفارة.
فإن كان المقتول نعامة ففيها، بدنة، فإن لم يجد فقيمتها، فإن لم يجد فض القيمة علي البر، وصام لكل نصف صاع يوما.
وإن كان حمار وحش أو بقرة وحش فعليه بقرة. فإن لم يجدها تصدق بقيمتها، فإن لم يجد فض القيمة علي البر، وصام لكل نصف صاع يوما.
وإن كان ظبيا أو ثعلبا أو ارنبا فعليه شاة، فإن لم يجدها فقيمتها، فإن لم يجد صام عن كل نصف صاع من قيمتها يوما.
ويجوز له إن فقد الفداء أو القيمة أن يصوم للنعامة ستين يوما، وللبقرة ثلاثين يوما، وللظبي ثلاثة أيام، وإن صام بالقيمة أقل من هذه المدة أجزأ وإن زادت القيمة عليها لم يتجاوزها.
وإن كان المقتول لا مثل له من الأنعام كالطير والوحش ففيه القيمة أو عدلها صيام علي ما بيناه وصفه.
(1) وتكرر.
(٢٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: النبي إبراهيم (ع) (26)، الركن اليماني (26)، الحجر الأسود (26)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)، النهوض (26)، الموت (26)، الظنّ (26)، الشراكة، المشاركة (26)، الصدق (26)، الصّلاة (52)، الركوع، الركعة (26)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (26)

كيفية الحج

وفي قتل الزنبور كف من طعام، فإن قتل زنابير فصاع، وفي قتل الكثير دم شاة.
وفي كل حمامة من حمام الحرم شاة، وفي فراخها حمل، وفي بيضها درهم وفي حمامة الحل درهم، وفي فراخها نصف درهم، وفي بيضها ربع درهم.
وفي القنفذ والضب واليربوع حمل قد فطم ورعي من الشجر. وفي صغار الصيد مثله من صغار الأنعام. وفي بيض النعام إذا تحرك فيها الفراخ لكل بيضة فصيل، وإن لم يتحرك فيها الفراخ فإرسال فحولة الإبل علي إناثها بعدد ما كسر فما نتج كان هديا فإن لم تكن له إبل فلكل بيضة شاة ولبيض القبج والدجاج (1) إرسال فحولة الغنم علي إناثها فما نتج كان هديا.
ومن رمي صيدا فأصابه فمر لوجهه ولم يعرف حاله فعليه فداؤه، وإن رآه بعد ذلك كسيرا فعليه ما بين قيمته سليما وكسيرا، وإن رآه سليما تصدق بشئ.
وإذا اشترك جماعة في قتل صيد والدلالة عليه فعلي كل منهم فداؤه.
وسياق فداء الصيد واجب من حيث قتل إلي محله، ومحل فداء ما أتاه في إحرام المتعة أو العمرة المبتولة قبالة الكعبة، وفي إحرام الحج مني، فإن تعذر السياق فمن حيث أمكن لميقاته، أو من قابل، أو عدل ذلك من الاطعام أو الصوم.
الفصل السادس إذا أراد المكلف الحج فليصل ركعتي الاستخارة، وبعدهما ركعتي الحاجة يسبح بعدهما تسبيح الطاهرة، ويدعو ويستخير الله سبحانه ويستحفظه دينه
(1) الدراج.
(٢٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الحجر الأسود (26)، مسجد الحرام (52)، الحج (26)، الطواف، الطوف، الطائفة (26)، الكرم، الكرامة (26)، السجود (26)، الركوع، الركعة (52)
ونفسه وأهله وماله، ويعفر (1) ويجمع أهله فيوصي إليهم وصية مفارق لا يظن إيابا، وليكثر في سفره من ذكر الله تعالي وتلاوة القرآن والصلاة علي محمد وآله صلي الله عليه وآله، وليحسن صحبة من صحبه من رفيق ومعين، وليوطن نفسه علي حمل الأذي، وليجهد في فعل الخير.
فإذا انتهي إلي الميقات فليقص أظفاره وشاربه، ويحلق إبطيه وعانته، و يغتسل غسل الإحرام، ويلبس ثوبي إحرامه يأتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر، وأفضل ذلك ثياب البياض الجدد من القطن والكتان، ولا يجوز الإحرام فيما لا تجوز فيه الصلاة من اللباس.
ثم يصلي ركعتي الإحرام يتوجه لها كتوجهه للفرائض، فإن كان وقت فريضة قدم صلاة الإحرام ثم الفريضة، وأحرم دبرها، فإن كان الوقت ضيقا بدأ بالفرض ثم صلي صلاة الإحرام وأحرم.
وقال إن كان يريد التمتع بالعمرة إلي الحج: اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلي الحج علي كتابك وسنة نبيك فيسر لي أمري وبلغني قصدي وأعني علي أداء مناسكي، فإن عرض لي عارض يحبسني فحلني (2) حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي، اللهم إن لم تكن حجة فعمرة، اللهم إن لم تكن عمرة فحجة، أحرم لك لحمي ودمي وعصبي وعروقي وشعري وبشري من النساء و الطيب والصيد، ومن كل ما حرم علي المحرمين، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة.
وإن كان قارنا قال: اللهم إني أريد الحج قارنا فسلم لي هديي وأعني علي مناسكي - إلي آخر الكلام -.
(1) في بعض النسخ: ويغفر، والظاهر ما أثبتناه.
(2) في بعض النسخ فخلني.
(٢٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، يوم عرفة (52)، السجود (26)، الجواز (26)، الصّلاة (52)
وإن كان مفردا قال: اللهم إني أريد الحج مفردا فسلم لي مناسكي وأعني علي أدائها - إلي آخر الكلام -.
ثم يعقد إحرامه بالتلبية الواجبة، أو بإشعار هديه أو تقليده إن كان قارنا.
وليفتح ذلك بالنية علي الوجه الذي بيناه.
وليلب بالواجبة كلما علا هضبة أو هبط واديا، وفي الأسحار، وأدبار الصلوات، وعند اليقظة من النوم، وهو مرغب في التلبية المسنونة.
وليكثر من " لبيك ذا المعارج لبيك … " وليقل المتمتع: " لبيك متمتعا بالعمرة إلي الحج لبيك " ولا يقل " بحجة وعمرة تمامها عليك ". لأن ذلك تعليق منه للاحرام بالحج والعمرة وهو فاسد باتفاق.
فإذا عاين المتمتع بيوت مكة قطع التلبية، وأكثر من حمد الله تعالي علي بلوغها.
فإذا انتهي الحرم فليغتسل ويدخله ماشيا عليه السكينة والوقار، ويجوز راكبا، وليدخل مكة من أعلاها، وليغتسل قبل دخولها فإذا عاين البيت فليقل:
الحمد لله - إلي آخر الدعاء -.
ثم ليحرز رحله ويغتسل لدخول المسجد ويأتيه ماشيا ذاكرا لله تعالي عليه ذلة وخشوع، فإذا انتهي إلي باب بني شيبة فليقف عليه وليقل قبل دخوله: بسم الله وبالله - إلي آخر التقديس -.
ثم يدخل المسجد فإذا عاين البيت فليقل:
اللهم إني أشهد أن هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس وأمنا مباركا وهدي للعالمين - إلي آخر الدعاء -.
ثم يفتتح الطواف بالحجر الأسود فيستقبله بوجهه ويرفع يديه ويقول:
الحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله سبحان الله والحمد
(٢٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (26)، الحج (26)، الشراكة، المشاركة (26)، الإستحباب (26)، الصّلاة (52)
لله ولا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صلي الله عليه وآله.
ثم يدنو منه فيقبله فإن لم يتمكن من تقبيله فليمسحه بيديه ويقبلهما (1) ويقول:
أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة عند الله تعالي، اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك وعلي سنة نبيك أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأن الأئمة من ذريته - ويسميهم - حججه في أرضه وشهداءه علي عباده - إلي آخر الدعاء -.
ثم يستلمه (2) ويطوف وهو ذاكر فإذا بلغ الكعبة فليقل:
" اللهم صل علي محمد وآله وأدخلني الجنة برحمتك وعافني من السقم وأوسع علي من الرزق الحلال وادرأ عني شر فسقة العرب والعجم والجن والأنس ".
وإذا استقبل الميزاب فليقل: " اللهم أعتقني من النار، وأوسع علي من رزقك الحلال، وادرأ عني شر فسقة الجن والأنس، وأدخلني الجنة برحمتك ".
ويقول بين الركن الغربي واليماني (3): " اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واعف عني وأقلني عثرتي وأقبل توبتي أتوب إلي الله - ثلاث مرات - ويطابق ذلك بالندم والعزم ويقول ثلاث مرات: استغفر الله.
ويقول كلما استقبل الحجر الأسود: " الله أكبر الله أكبر السلام علي رسول الله وآله الطاهرين " ويقبله في كل شوط، فإن لم يقدر فليفتتح به ويختم،
(1) في بعض النسخ: بيده ويقبلها.
(2) في بعض النسخ: يستقبله.
(3) في بعض النسخ: بين الركن والمقام العراقي واليماني، وفي بعضها الآخر:
بين الركن والمقام الغربي واليماني.
(٢٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الذبح (26)، الصّلاة (26)، الشراكة، المشاركة (26)، الطهارة (26)، الكراهية، المكروه (26)
فإن لم يتمكن منه فليمسحه بيده ويقبلها، فإن لم يقدر علي ذلك فليشر إليه بيده ويقبلها.
ويقول في طوافه: " اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشي به علي ظلل الماء كما يمشي به علي جدد الأرض، وأسألك بكل اسم عظمته، أن تقبل توبتي وتغفر خطيئتي وتجاوز عن زلتي وتشكر سعيي في مرضاتك وتضاعف ثوابي علي طاعتك وتوسع علي من رزقك الحلال ".
ويدعو في أثناء ذلك بما أحب، ويسأل الله تعالي ما أحب.
ويقول عند باب الكعبة: " سائلك فقيرك مسكينك ببابك فتصدق عليه بالجنة ".
فإذا بلغ الركن اليماني فليستلمه ويقبله وليسر منه (1) إلي زاوية المسجد مقابلة (2) ويقول: " السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك وعلي أهل بيتك الطاهرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا برحمتك عذاب النار " يصنع هذا في كل شوط.
فإذا كان في الشوط السابع فليقف علي المستجار، ويبسط يديه علي البيت وليلصق بطنه وخده به ويقول: " اللهم إن البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مقام العائذ بك من النار اللائذ بعفوك من سخطك المستجير برحمتك من عذابك فارحم اللهم ذل موقفي بين يديك وارزقني في مقامي هذا الفوز بالجنة وأجرني من النار وزوجني من الحور العين " ويتعلق بأستار الكعبة ويدعو ويتضرع ويلج (3) في المسألة للدنيا والآخرة.
(1) في بعض النسخ: وليشر منه:
(2) كذا.
(3) يلح. ظ.
(٢١٠)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (78)، يوم القيامة (26)، الحج (52)، الطواف، الطوف، الطائفة (52)، الحلق (78)، السجود (26)، القصر، التقصير (52)
ويقبل الركن اليماني في كل شوط ويعاقبه (1) ويقول: " اللهم تب علي حتي أتوب، واعصمني حتي لا أعود، وأتوب إلي الله أتوب إلي الله أتوب إلي الله، اللهم إني تائب إليك مما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت وسهوت عنه وأحصيته (2) علما، نادم علي ما مضي، عازم ألا أعود إلي مثله أبدا أبدا "، فاقبل توبتي واعف عني واغفر لي ما بيني وبينك، وتحمل عني جرائر خلقك بجودك وكرمك وسعة رحمتك يا أرحم الراحمين ".
فإذا فرغ من أسبوعه فليأت مقام إبراهيم عليه السلام، فيجعله أمامه، ويصلي ركعتي الطواف علي الوجه الذي تقدم ذكره، وليعقب بعدهما ويدعو و يجتهد ويعفر.
ثم ينهض خاشعا ذاكرا حتي يخرج من الباب المقابل للحجر الأسود إلي الصفا، فإذا انتهي إلي الصفا فليصعد عليه ويستقبل البيت بوجهه ثم يكبر الله سبعا ويحمده سبعا ويهلله سبعا ويسبحه سبعا ويصلي علي محمد وآله ما تيسر ثم يدعو ربه، وينحدر إلي السعي فيفتتحه بالنية، ويمشي إلي الميل فإذا انتهي إليه هرول ملأ فروجه (3) حتي يقطع سوق العطارين، وينتهي إلي الميل فيقطع الهرولة، ويمشي حتي يصعد المروة، فيستقبل البيت بوجهه و يقول: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو علي كل شئ قدير " ثلاث مرات.
ثم يقول: " اللهم إني أسألك حسن الظن بك في كل حال، وصدق النية
(1) كذا في بعض النسخ وفي بعضها الآخر: والعاقبة.
(2) كذا يقرء ما في بعض السنخ.
(3) كذا في بعض النسخ، وقال في السرائر: فإذا انتهي إلي الموضع الذي يرمل فيه أي يهرول فيه، والرمل الإسراع وهو أن يملأ فروجه.
(٢١١)
صفحهمفاتيح البحث: تسبيح الزهراء ع (26)، مدينة مكة المكرمة (78)، يوم عرفة (26)، الحج (104)، الطواف، الطوف، الطائفة (52)، النهوض (26)، الطهارة (26)، السجود (78)، الإستحباب (26)، الذبح (26)، الصّلاة (26)، الركوع، الركعة (26)، الحلق (26)
في التوكل عليك ".
ثم ينحدر منها حتي يفعل ذلك سبع مرات، يهرول في كل شوط ما بين الميلين، ويمشي بين كل منهما إلي ما يليه من الصفا والمروة.
وليكثر قوله في سعيه: " رب اغفر وأرحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم ".
فإذا فرغ من سعيه فليقصر من شعر رأسه ولحيته وشاربه أو من إحداهما (1) ويحل له كل شئ أحرم منه، والأولي أن يتشبه بالمحرمين إلي يوم التروية.
فإذا زالت الشمس منه فليغتسل ويلبس ثوبي إحرامه، ويأتي المسجد الحرام حافيا وعليه السكينة والوقار، فيطوف بالبيت أسبوعا، ثم يصلي ركعتي الطواف ثم يحرم بعدهما، ويجزيه أن يصلي ركعتي الإحرام حيث شاء من المسجد الحرام، وأفضله تحت الميزاب أو عند المقام، فإذا سلم فليقل: " اللهم إني أريد الحج فيسره لي وأعني علي مناسكي فإن عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني، أحرم لك وجهي وشعري وبشري ولحمي ودمي وعصبي وعروقي ومخي من النساء والطيب والثياب والصيد وكل محرم علي المحرم أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة ".
ثم يلبي مستسرا، فإذا نهض به بعيره أعلي (2) بالتلبية، وإن كان ماشيا فليجهر بها من عند الحجر الأسود، وليلب بالواجبة والمندوبة، ثم يتوجه إلي مني وهو يقول: " اللهم إياك أرجو وإياك ادعوا فبلغني أملي وأصلح لي عملي وتقبل مني وأعطني سؤلي من رضوانك وأجرني من عذابك ".
فإذا انتهي إلي الرقطاء دون الردم وأشرف علي الأبطح فليرفع صوته
(1) كذا.
(2) كذا في بعض النسخ، وفي المختلف: أعلن، وهو الصحيح.
(٢١٢)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (26)، الحج (104)، الطواف، الطوف، الطائفة (78)، الشهادة (26)، الحيض، الإستحاضة (52)، الطهارة (52)
بالتلبية حتي يأتي مني فإذا انتهي إليها فليقل: " الحمد لله الذي أقدمنيها صالحا وبلغني هذا المكان في عافية اللهم هذه مني وهي مما مننت به علينا من المناسك فأسألك أن تتم علي فيها بما مننت به علي أوليائك فإنما أنا عبدك وفي قبضتك حيث أطلب رحمتك وأؤم رضوانك فاجعل حظي منها أوفر حظ برحمتك يا أرحم الراحمين ".
وليصل بها المغرب وعشاء الآخرة والفجر من يوم عرفة، ويجوز أن يصلي بغيرها إذا تعذر ذلك بها، وليقطع ليله أو أكثره بالصلاة والدعاء والتقديس فإذا طلع الفجر فيصل الفرض ويفض إلي عرفات، ولا يجوز له أن يفيض منها قبل الفجر مختارا، ولا يفيض منها الإمام حتي تطلع الشمس.
فإذا توجه إلي عرفات فليلب ويقول: " اللهم إليك صمدت وإياك اعتمدت ولوجهك أردت أسألك أن تصلي علي محمد وآله وبارك لي في رحلتي " - إلي آخر الدعاء -.
وليلب إلي أن تزول الشمس من يوم عرفة، فإذا أتي عرفات فليضرب خباه بنمرة قريبا من المسجد اقتداءا برسول الله صلي الله عليه وآله - ونمرة هي بطن عرنة - فإذا زالت الشمس فليقطع التلبية ويغتسل ويصلي الظهر والعصر يجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين أمام (1) الدعاء والعمل.
ثم يأتي الموقف، وأفضله ميسرة الجبل، فيستقبل القبلة فيهلل الله سبحانه مائة مرة، ويكبر مائة مرة، ويسبح مائة مرة، ويصلي علي محمد وآله صلي الله عليه وآله مائة مرة، ويستغفر سبعين مرة، ويقول: أتوب إلي الله أتوب إلي الله - حتي ينقطع نفسه - أتوب إلي الله تعالي من جميع ذنوبي، صغيرها وكبيرها، ظاهرها وباطنها، توبة نصوحا.
(1) في أكثر النسخ: أيام، والظاهر ما أثبتناه.
(٢١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (260)، الوسعة (26)، الإستحباب (26)
وليقرن ذلك بالندم علي ماضي القبائح لوجه قبحها، والعزم علي اجتناب أمثالها في المستقبل، لكون ذلك مصلحة له مخلصا له سبحانه.
اللهم فصل علي محمد وآله واقبل توبتي وامح حوبتي واغفر لي اللهم ما بيني وبينك وتحمل عني جرائر خلقك بجودك وكرمك العفو العفو سبعين مرة - ما شاء الله لا قوة إلا بالله - مائة مرة - لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك - إلي آخرها مائة مرة -، ويقرأ من أول البقرة عشر آيات وآية الكرسي، وآخر البقرة: لله ما في السماوات وما في الأرض - إلي آخرها - وآيات السخرة: إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض - إلي قوله - إن رحمة الله قريب من المحسنين، وثلاث آيات في آخر الحشر، وسورتي القدر والاخلاص، والمعوذتين، ثم يدعو بدعاء الموقف حتي تغرب الشمس.
ثم ليفض إلي المشعر الحرام وعليه السكينة والوقار مستغفرا، فإذا انتهي إلي الكثيب الأحمر الذي عن يمين الطريق فليقل: " اللهم صلي علي محمد وآل محمد وزك عملي وارحم ذل موقفي وسلم لي ديني وتقبل مني مناسكي اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف وارزقنيه أبدا ما أبقيتني فإذا انتهي إلي المزدلفة فلينزل قريبا من المشعر، وليصل بها المغرب وعشاء الآخرة يجمع بينهما، ويصلي نوافل المغرب بعد الفراغ من عشاء الآخرة، وليقطع الليلة أو أكثرها بالعبادة.
ويستحب له أن يطأ المشعر الحرام وذلك في حجة الاسلام آكد.
فإذا صعده فليكثر من حمد الله تعالي علي ما مر به ويجتهد في الدعاء فإذا طلع الفجر من يوم النحر فليؤذن وليقم لصلاة الغداة، فإذا سلم منها فليقف داعيا إلي أن تطلع الشمس.
وليفتتح وقوفه بعرفة والمشعر الحرام بالنية.
(٢١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (52)، الموت (52)، التكفير، الكفارة (26)
ثم ليفض إلي مني خاشعا داعيا مقدسا، فإذا انتهي إلي وادي محسر فليقطعه ماشيا مهرولا أو أكثره، ويجزيه أن يهرول فيه مائة خطوة.
وليلقط من المشعر حصي الجمار: سبعين حصاة كرأس الأنملة أفضلها البرش، وتكره السودة.
فإذا انتهي إلي مني فلينزل بها، ويأت جمرة العقبة فليقف من قبل وجهها ولا يقف من أعلاها، وليكن بينه وبينها قدر عشر أذرع إلي خمسة عشر ذراعا ويقول والحصي في يده (1): " اللهم هؤلاء حصياتي فاحصهن لي وارفعهن في عملي " ثم ليرم خذفا يضع الحصاة علي باطن إبهامه ويدفعها بظاهر مسبحته ويقول مع كل حصاة إذا رميها: " بسم الله اللهم صل علي محمد وآل محمد الله أكبر اللهم ادحر عني الشيطان وجنوده اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك وعلي سنة نبيك صلي الله عليه وآله اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا " حتي يرمي بسبع حصيات.
ثم يرجع إلي مني فيشتري هديا لمتعة (2) إن كان متمتعا، أعلاه بدنة وأدناه شاة، تستقبل بما يذبح أو ينحر من هدي متعته أو ما ساق منه إن كان قارنا القبلة ويقول: " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما علي ملة إبراهيم ودين محمد وولاية (3) أهل بيته الطاهرين وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين اللهم بك ومنك وإليك بسم الله والله أكبر اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم ".
ثم يمر الشفرة ويذبح ولا ينخع، وينحر في اللبة لما ينحر، وهو معقول
(1) في بعض النسخ: في بطن يده.
(2) لمتعته. ظ.
(3) في بعض النسخ: وولاية علي وأهل بيته.
(٢١٥)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (52)، شهر رجب المرجب (26)، الحج (52)، النهوض (26)، الركوع، الركعة (26)، الغسل (26)، الصّلاة (26)
اليد اليسري، وهو قائم في الجانب الأيمن ولا يمسها حتي تبرد.
فإن ضعف عن ذلك أو لم يحسنه فليستنب مسلما يجعل يده مع يده ويقول ما ذكرناه.
وليأكل من هديه ويطعم الباقي، ولا يعطي الجزاز منها ولا من جلالها ولا قلائدها شيئا.
ثم ليحلق رأسه يجلس متوجها إلي الكعبة ويأمر الحلاق أن يبدأ بالناصية من الجانب الأيمن، لا يجزي في حج الاسلام غير الحلق، وفيما عداه التقصير والحلق أفضل، وفرض النساء التقصير علي كل حال وليقل: " اللهم اعطني بكل شعرة يوم القيامة نورا وحسنات مضاعفات، وكفر عني السيئات إنك علي كل شئ قدير ".
وليفتتح الرمي والذبح والحلق بالنية.
ثم ليدخل مكة لطواف الزيارة وهي طواف الحج، ويصنع قبل دخولها والمسجد ما فعله حين دخل مكة في الابتداء. وليطف بالبيت طواف الزيارة، ويسعي بعده بين الصفا والمروة، ويرجع إلي البيت فيطوف به طواف النساء يصنع في كل ذلك ما صنعه حين طاف وسعي للمتعة، فبالطواف الأول والسعي يحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء، وبالطواف الآخر يحل منهن.
ثم ليخرج ليومه (1) إلي مني فيبيت بها وليرم في غده الجمرات الثلاث يبدء بالعظمي فيرميها بسبع حصيات، ثم الوسطي، ثم العقبة، ويرمي في اليوم الذي يليه كذلك، وفي الثالث كذلك، علي الوجه الذي ذكرناه، ثم لينفر منها إلي مكة، وقد مضي (2) جميع المناسك.
(1) في بعض النسخ: من يومه.
(2) قضي. ظ.
(٢١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (78)، المرض (26)، الذبح (26)، السجود (52)
ومن السنة أن يأتي مسجد الخيف فيصلي فيه ست ركعات عند المنارة التي في وسطه، ثم يسبح تسبيح فاطمة عليها السلام ويدعو بما أحب، فإذا جاوز جمرة العقبة فليحول وجهه إلي مني ويرفع يديه إلي السماء ويقول: " اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا المقام وارزقنيه أبدا ما أبقيتني " فإذا بلغ مسجد الحصباء (1) فليدخله ويصل فيه ويدع ويسترح بالاستلقاء فيه علي ظهره.
ثم ينهض حتي يدخل مكة فيطوف بالبيت ما شاء تطوعا، ويستحب له أن يتطوع بطواف بثلاثمائة وستين أسبوعا.
ويجوز تأدية جميع مناسك الحج ومكة (2) محدثا، وطاهرا أفضل، إلا الطواف بالبيت، فمن شرطه أن يكون الطائف طاهرا.
فإذا أراد المسير عن مكة فيأت المسجد فيطوف بالبيت ويدخله ويصلي في زواياه وعند المقام وعلي الرخامة الحمراء ويدعو ويجتهد، ويأتي زمزم ويشرب من مائها، ويدعو بدعاء الوداع ويودع.
فإن كان الحاج قارنا أو مفردا أقاموا (3) علي إحرامه حتي يقضي المناسك ولا يقطع التلبية حتي تزول الشمس من يوم عرفة. ومناسكهما كمناسك المتمتع بعد المتعة، إذ كانت مناسك ضروب الحج لا تختلف وإنما يتميز المتمتع بالمتعة التي هي طواف وسعي، والقارن بسياق الهدي.
وحكم النساء في فروض الحج وشروطه وكيفية فعله حكم الرجال، إلا في التجرد للاحرام والحلق، ويلزمهن كشف الوجوه والتقصير بعد الذبح حسب ولا يرفعن أصواتهن في التلبية كرفع الرجال.
(1) الحصبة.
(2) كذا.
(3) كذا.
(٢١٧)
صفحهمفاتيح البحث: تسبيح الزهراء ع (26)، زيارة النبي (ص) (26)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الشهادة (26)، الركوع، الركعة (26)، القبر (130)، السجود (26)، الزيارة (26)
فإن حاضت المرأة أو نفست قبل الإحرام اغتسلت (1) وشدت ولبست ثيابا طاهرة وأحرمت ولبثت، فإن طهرت قبل فوات المتعة اغتسلت وطافت وسعت وإن خافت الفوت قبل الطهر فليسع بين الصفا والمروة، فإذا قضت المناسك قضت الطواف.
وإن حاضت بعد ما أحرمت فليقض جميع المناسك إلا الطواف، فإن طهرت في زمان الحج أدت، وإن خرج الزمان ولما يطهر، فليقض ما فاتها من طواف.
ويجوز للمرأة إذا خافت مجئ الدم إن تقدم طواف الزيارة والسعي علي شهادة الموقفين، وتقف بالمشعر ليلا وتفيض منه وتأتي مني فترمي الجمرة وتذبح وتقصر وتدخل مكة لطواف الزيارة والسعي إن لم تكن قدمتهما.
وإذا صد المحرم بالعدو أو أحصر بالمرض عن تأدية المناسك فلينفذ القارن هديه، والمتمتع والمفرد ما يبتاع به شاة فما فوقها، فإذا بلغ الهدي محله - وهو يوم النحر - فيحلق رأسه ويحل المصدود بالعدو من كل شئ أحرم منه، ويحل المحصور بالمرض من كل شئ إلا النساء حتي يحج من قابل له (2) يحج عنه.
(1) في بعض النسخ: اغتسلت له.
(2) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: أو يحج عنه.
(٢١٨)
صفحهمفاتيح البحث: زيارة النبي (ص) (26)، سورة الإخلاص (26)، سورة القدر (26)، القبر (52)، السجود (52)، الحج (52)، الركوع، الركعة (52)، الطعام (26)، الزيارة (78)، الصّلاة (26)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (52)

النيابة في الحج

فصل في النيابة في الحج ومن تعلق عليه التمكن بالسعة في المال فمنعه مانع، فليخرج عنه نائبا يدفع إليه من ماله ما يكفيه لنفسه وأهله في مدة سفره ذاهبا وراجعا، وفضلا يرجع إليه ويجوز إعطاؤه ما يرضي به وإن قل، والأفضل ما ذكرناه.
ومن حق النائب أن يكون عارفا بالحج وأحكامه وما يبني عليه من المعارف العقلية، ظاهر الورع والعدالة، باعتقاد الحق واجتناب القبائح، وتصح نيابة من لم يحج ما لم يكن مخاطبا بالحج، وتجزي (1) من قد حج للنيابة أولي.
ويستحب لمن قد حج أو حج عنه إذا كان ذا سعة أن يخرج عنه في كل سنة نائبا من بلده، ويجوز من ميقات أهله.
فإذا تمكن المستنيب من الحج بنفسه وجب عليه أداؤه.
ويلزم النائب إذا أراد الإحرام أن ينوي به الحج علي جهة النيابة عن مستنيبه، وليقل: " اللهم ما أصابني في سفري هذا من نصب ولغوب فأجر فلان ابن فلان فيه وأجرني بنيابتي عنه ".
وليقصد بكل منسك يؤديه من أركان الحج وفرائضه تأديته لوجوبه عليه في حق النيابة فيه عن مستنيبه مخلصا به لله تعالي.
(1) في بعض النسخ: وتحري: ولعل الصحيح: وتحري.
(٢١٩)
صفحهمفاتيح البحث:، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.، شهر رمضان.">شهر رمضان المبارك <sup>(26)</sup></span>، <input id="index-261" type="checkbox" onclick="this.checked =! this.checked؛ indexShow('261')؛"><a href="/البحث-المتطور/261/23" title="شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم، شهر محرم">شهر محرم الحرام <sup>(26)</sup></span>
فإن صد أو مات النائب أو أحصر قبل أن يؤدي المناسك، فله من المال بحسب ما قطع من المسافة، ولم تجز الحجة عن المستنيب إلا أن يضمن العود.
وإن مات بعد ما أحرم ودخل الحرم لم يرجع علي ورثته بشئ من مال النيابة، وأجزأت الحجة عن المستنيب.
وإذا أتي النائب في إحرامه ما يوجب الكفارة أو ما يوجب الحج من قابل، فهو لازم من ماله، دون مال مستنيبه.
وإذا فضل من نفقة الحج شئ فهو له، وإن عجزت عن النفقة فعليه، إلا أن يشترط (1) فيكون لهما ما اشترطاه.
(1) كذا.
(٢٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، مدينة مكة المكرمة (26)، الكذب، التكذيب (26)، السجود (26)، الإفطار (26)، الإنذار (78)

العمرة المبتولة

فصل في العمرة المبتولة العمرة المبتولة واجبة علي أهل مكة وحاضريها مرة في العمر، متمتعة (1) بالعمرة إلي الحج يجزيه مثل عمرة مفردة، وكل منهم مرغب بعد تأدية الواجب عليه إلي الاعتمار في كل شهر مرة أو في كل سنة مرة وأفضل [أوقات] (2) السنة للاعتمار شهر رجب.
وصفتها أن يحرم حاضروا مكة من أي المواقيت (3) ويحرم أهل كل مصر من ميقاتهم بعد الغسل ولبس ثوبي الإحرام وصلاة ركعتين، يقول بعدهما مريده: " اللهم إني أريد العمرة فيسرها لي وأعني علي أدائها، فإن عرض لي عارض فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي، أحرم لك شعري و بشري " - إلي آخر الكلام الذي قلناه في إحرام الحج -.
ثم ينهض فيلبي ولا يزال ملبيا لتلبيته الواجبة والمندوبة، ويقول في تلبيته:
" لبيك اللهم بعمرة (4) تمامها عليك لبيك "، فإذا عاين البيت قطع التلبية وأتي
(1) كذا.
(2) زدنا كلمة " الأوقات " لتكميل العبارة.
(3) هنا بياض في بعض النسخ.
(4) لعمرة.
(٢٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (26)، الضرر (52)، الصيام، الصوم (26)، الجواز (26)، العتق (26)، التكفير، الكفارة (52)
المسجد فوقف علي بابه ودعا بما ذكرناه في طواف الحج.
ثم يدخل المسجد، ويطوف بالبيت، ويسعي بين الصفا والمروة، علي الوجه الذي تقدم شرحه.
ثم يرجع إلي البيت فيطوف طوافا آخر وهو طواف النساء لازم في العمرة المبتولة كالحج.
ثم يحلق رأسه ويذبح إن كان قد ساق هديا أو تبرع بالذبح إن شاء.
وحكم هدي العمرة حكم هدي الحج في السياق، إلا أنه ينحر أو يذبح هدي العمرة قبالة الكعبة، وقد أحل من كل شئ أحرم منه.
فإن أحصر بمرض أو صد بعدو فحكمه ما قدمناه في المحصور والمصدود عن الحج.
(٢٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: العقد (26)، الضرر (52)، التكفير، الكفارة (26)

الزيارة

فصل في الزيارة زيارة رسول الله صلي الله عليه وآله عند قبره وكل واحد من الأئمة عليهم السلام من بعده في مشاهدهم من السنن المؤكدة والعبادات المعظمة، في كل جمعة أو في كل شهر أو في كل سنة إن أمكن ذلك، وإلا فمرة في العمر.
ويلزم قاصد الزيارة أن يخرج من منزله عازما عليها لوجهها مخلصا بها له سبحانه، فإذا انتهي إلي مسجد رسول الله صلي الله عليه وآله أو مشهد الإمام عليه السلام فليغتسل قبل دخوله، ويلبس ثيابا طاهرة جددا إن أمكن، أو مغسولة، ويأت القبر مما يلي الرأس وظهره إلي القبلة، ووجهه تلقاء وجه المزور عليه السلام ويسلم عليه و يذكره بما هو أهله.
فإذا فرغ من الزيارة فليضع خده الأيمن علي القبر ويدعو الله تعالي و يتضرع إليه بحقه ويرغب إليه أن يجعله من أهل شفاعته، ثم يضع خده الأيسر ويدعو ويجتهد، ثم يتحول إلي عند الرأس فيسلم عليه ويعفر خديه علي القبر ويدعو، ثم يصلي عنده ركعتين، يعقبهما بتسبيح فاطمة عليها السلام ويدعو و يتضرع، ثم يتحول إلي عند الرجلين فيسلم ويدعو ويعفر خديه علي القبر ويودع وينصرف.
وإذا كانت زيارة أمير المؤمنين عليه السلام فليبدأ بالتسليم علي آدم ونوح
(٢٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (52)، الزوج، الزواج (26)، الخوف (26)، الظلم (26)، الجواز (26)، التكفير، الكفارة (26)
ثم عليه السلام، لكون الجميع مدفونا في لحد واحد، فإذا فرغ من الزيارة فليصل عند الرأس ست ركعات لزيارة كل حجة منهم ركعتان.
وتفصيل ما أجملناه من الزيارات وشرح أذكارها موجود في غير موضع من كتب السلف رضي الله عنهم من طلبه وجده.
ومن لم يتمكن من زيارة النبي صلي الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام بحيث (1) قبورهم لبعد داره أو لبعض الموانع فليزر من شاء منهم من حيث هو مصحرا أو من علو داره أو من مصلاه في كل يوم أو في كل جمعة أو في كل شهر.
ومن السنة زيارة أهل الإيمان أحياءا وأمواتا، ومن زار أخاه فلينزل علي حكمه ولا يحتشمه ولا يكلفه، ومن زاره أخوه فليستقبله ويصافحه ويعتنقه ويقبل كل واحد منهما موضع سجود الآخر، وليكرم كل واحد منهما صاحبه ويخفي (2) له، وعلي المزور الاعتراف بحق زائره، وليتحفه بما يحضره من طعام وشراب وفاكهة وطيب، أو ما تيسر من ذلك، وأدناه شرب الماء، أو التوضي وصلاة ركعتين عنده والتأنيس بالحديث، والتشييع له عند الانصراف.
وإذا زار قبر بعض الأموات فليستظهره، ويجعل وجهه إلي القبلة، ويقرأ سورة الاخلاص سبعا وسورة القدر سبعا، ويدعو له بالرحمة والرضوان، و يستغفر الله لذنبه وينصرف.
(1) في السرائر: بجنب.
(2) كذا في النسخ، وفي السرائر المطبوع: وذكر بعض أصحابنا في تصنيفه:
ويقبل كل واحد منهما موضع سجود الآخر - وقد روي في الأخبار التقبيل للقادم من الحج وليكرم كل واحد منهما صاحبه وليتحف به وعلي المزور..
(٢٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (26)، القتل (52)، الخوف (26)، الضرر (26)، الجواز (26)

5 - فصل (باب ظ) في النذور والعهود والوعود

فصل في النذور والعهود والوعود لا ينعقد النذر إلا في طاعة خالصة لله، مماثلة لما تعبد به الله سبحانه في شريعتنا، معلقة ببلوغ طاعة أو مباح، أو نجاة من مخوف ديني أو دنيوي.
فإن نذر مباحا لم ينعقد، وإن علق نذر الطاعة بمعصية لم ينعقد أيضا، و كذلك إن علقه بفعل ما الأولي تركه، أو ترك ما الأولي فعله، أو بطاعة تخالف المشروع.
وهو علي ضربين: مفروض ومسنون.
فالمفروض أن يقول الناذر في حال عقده: لله علي إن كان كذا وكذا من الأمور الحسنة كذا من الطاعات فعلا أو تركا أو يعزم (1) علي الايجاب، فمتي بلغ ما علق النذر به وجب عليه ما نذره علي الوجه الذي نذره في وقته.
فإن كان متعينا له مثل، كيوم خميس أو شهر محرم، فليفعله في أول الأزمنة من تمكنه، وإن كان متعينا لا مثل له، كشهر معين من سنة معينة أو من كل سنة أو كل خميس، فعليه فعله فيه، فإن فرط حتي فات فعليه قضاؤه وكفارة من أفطر يوما من شهر رمضان.
(1) كذا في النسخ، والظاهر: ويعزم.
(٢٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (26)، الحرب (52)، الظلم (26)، الجواز (26)
وإن حضر الزمان وهو غير متمكن من فعله فهو في ذمته إلي حين إمكانه.
وإن علق فعله بمكان معين كمكة أو مسجد النبي صلي الله عليه وآله أو بعض مشاهد الأئمة عليهم السلام، أو شرط فيه صفة، فعليه فعله في المكان، وعلي الصفة، ولا يجزيه من دونهما.
والمسنون أن يقول المكلف: إن كان كذا وكذا من المباح أو الطاعة فعلت كذا من الطاعات، ولا يقول لله علي، ولا يلزم علي (1) الايجاب، فهو بالخيار في الوفاء بالنذر والاخلال به، والأداء أفضل.
ومن عاهد الله سبحانه أن لا يفعل قبيحا، أو يفعل طاعة في زمان معين لا مثل له، ففعل القبيح فيه، أو أخل بالطاعة مع ثبوت تكليفه، لزمه ما يلزم المخل بفرض النذر المعين مختارا. وكذلك حكمه إذا عاهد الله أن لا يفعل قبيحا معينا أبدا ففعله.
وإن كان المعهود معلقا بوقت له مثل أو بصفة ففعله في غيره أو بغير صفته فعليه استينافه في وقته وبصفته.
ومن وعد غيره بما يحسن الوفاء به فعليه الوفاء به، لأن خلفه كذب يجب اجتنابه، وإن كان لو لم يف بالوعد لم يجب في الحكم إلزامه به. وإن كان الوعد قبيحا لم يجز الوفاء به ويلزم الاستغفار منه لقبحه.
(1) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: ولا يعزم
(٢٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (26)، الأمانة، الإئتمان (26)، الجواز (26)

6 - فصل (باب ظ) في الايمان

فصل في الأيمان لا يمين شرعية إلا باسم من أسماء الله تعالي الحسني دون غيرها من كل مقسم به، وهو علي ضربين: أحدهما يوجب الكفارة والآخر لا كفارة فيه.
فأما ما يوجب الكفارة فمن شرطه أن يتعلق بأن لا يفعل الحالف في المستقبل قبيحا أو مباحا لا ضرر عليه في تركه، أو يفعل طاعة أو مباحا لا ضرر عليه في فعله معتقدا (1) لليمين بالقصد، مطلقا لهما من الاشتراط بالمشية، فيلزم الوفاء، فإن حنث الحالف فعليه التوبة من كذبه في قسمه، والكفارة بعتق رقبة أو طعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.
والكسوة علي الموسر ثوبان، وعلي المعسر ثوب واحد، والاطعام شبع المسكين في يومه، فإن لم يجد إلا واحدا كرر الاطعام عشره أيام.
ولا يجوز الانتقال إلي الصوم إلا لمن لم يجد ثوبا زائدا علي ستر عورته وطعاما زائدا علي قوته وعياله ليومه.
ولا كفارة قبل الحنث. فإن علق اليمين بالمشية فقال: " والله لا فعلن كذا إن شاء الله " أبطل حكمها ولم تلزمه كفارة مع الحنث.
(1) كذا
(٢٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (26)، المنع (26)، التكفير، الكفارة (26)، الوصية (26)، البيع (26)
فأما ما لا كفارة فيه فعلي ضروب:
منها أن يتعلق اليمين بفعل تركه أولي، أو ترك فعله أولي في الدين، فتكون مخالفتها أولي ولا كفارة.
ومنها أن يحلف علي ماض وهو كاذب فيه كقول: والله ما فعلت كذا وقد فعل، أو والله لقد فعلت كذا وما فعله، فهو مأزور لكذبه في قسمه تلزمه التوبة دون الكفارة.
ومنها أن يحلف علي جحد حق لغيره يتمكن من أدائه إليه، فهو مأزور يلزمه الخروج إلي ذي الحق منه ولا كفارة عليه.
ومنها أن يحلف علي غيره ليفعلن كذا فهو مأثوم يلزمه التوبة، والمحلوف عليه بالخيار، والأفضل أن يبر قسمه ما لم يكن عامة (1) ضرر فيه، ولا كفارة عليهما.
ومنها أن يستحلف غيره شافعا إليه في مندوب أو مباح، فالمشفوع إليه باليمين بالخيار، والأفضل قبول الشفاعة، ولا كفارة عليهما بحال.
ومنها اللغو، وهو قول القائل: لا والله بلي والله، من غير أن يعقد (2) القسم بالنية فلا تلزمه كفارة والأولي تجنب ذلك.
واليمين بالمصحف والنبي والإمام وذي الرحم المؤمن خلاف للسنة والحالف مرغب في الوفاء بما حلف عليه، وإن حنث أثم لكذبه ولا كفارة عليه.
ولا يمين بطلاق ولا عتاق ولا ظهار، والحالف آثم لتدينه بخلاف المشروع، ولا يلزم حكم ما حلف عليه.
(1) كذا في السنخ، ولعل الصحيح: ما لم يكن عليه ضرر فيه.
(2) في بعض النسخ: أن يقصد.
(٢٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (26)، الحج (52)، الموت (26)، الصدق (26)، التكفير، الكفارة (52)، الوصية (52)، الخمس (26)
ولا يمين للولد مع والده، ولا للعبد والأمة مع السيد، ولا للمرأة مع الزوج فيما يكرهونه من المباح.
ولا يجوز لأحد أن يحلف لغيره ليفعل (1) قبيحا أو يخل بطاعته مختارا كاستحلاف الظلمة لأعوانهم، فإن اضطر جاز ذلك، ولا يحل له الوفاء باليمين.
ومن طالبه ظالم بتسليم ما لا يستحقه لم يجز له ذلك، فإن استحلفه عليه فليحلف ويوري في يمينه بما يخرج به عن الكذب، ولا شئ عليه، وهو مأجور وإن لم يفعل خوفا من اليمين وسلم ما لا يستحقه تسليمه فهو ضامن له.
ولا يحل لمدين أن يضطر غريمه المعسر إلي اليمين، فإن اضطره إليها فهو مأزور.
ويجوز للغريم إذا خاف من الاقرار الحبس أن ينكر حقه ويحلف له و يوري في إنكاره ويمينه عليه بما يخرج به عن الكذب.
وقول القائل: هو برئ من الله أو رسوله أو أحد الأئمة عليهم السلام مطلقا مختارا يقتضي كونه مأثوما تجب عليه التوبة وكفارة ظهار، فإن كان مكرها فلا شئ عليه.
وإن علق ذلك بشرط أثم، فإن خالف ما علق عليه البراءة فعليه الكفارة المذكورة.
وإن قال: هو برئ من الاسلام، أو هو كافر، أو هو مشرك، أو فاسق إن كان كذا، أو لم يكن، أو قد كان، أو ما كان كذا فهو مأزور صادقا كان أم كاذبا. وكذلك حكمه إن استحلف غيره بالبراءة (2)، وذلك الغير مرغب في الإجابة، ولا كفارة في شئ من ذلك علي حال.
(1) أن يفعل.
(2) كذا في بعض النسخ، وفي أكثرها: البراء.
(٢٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل الكتاب (26)، الباطل، الإبطال (26)، الموت (26)، الصّلاة (26)، التكفين (26)، الوصية (234)، الجواز (26)، الوراثة، التراث، الإرث (52)

7 - فصل (باب ظ) في الوديعة والأمانات

فصل في الوديعة (1) الوديعة أمانة يجب حفظها وردها عقلا، ولها أحكام شرعية اقتضت إيرادها هاهنا:
فمنها أن المرء مخير في قبولها، والامتناع منه أولي ما لم يكن فيه ضرر علي المودع، فإذا قبلها وجب عليها حفظها كماله، ولم يجز له التفريط، و لا التصرف في عينها، ولا تعدي المرسوم، فإن فرط في حفظها أو تعدي مرسوما أو تصرف في عينها ضمنها وما أربحت وهو مأزور، وتلزمه إضافة ربحها إليها ورد الجميع إلي المودع متي طلبها أو من يقوم مقامه في استحقاقها.
فإن طلبها من لا يستحقها لم يجز له الاقرار بها، ولا تسليمها، فإن أكره علي الاقرار بها بالقتل جاز له ولا يجوز له أن يسلمها وإن خاف القتل، فإن سلمها بيده أو بأمره ضمنها.
فإن هجم الغاصب منزله فأخذها قسرا (2) فلا ضمان عليه.
فإن مات المودع قام ورثته مقامه في حفظها وتسليمها إلي مستحقها، و
(1) في بعض النسخ: فصل في الأمانات.
(2) في بعض النسخ: قهرا.
(٢٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (26)، الفرج (26)، الغسل (78)، الموت (26)، الجنازة (26)
إن مات المودع لم يجز للمودع ولا من يقوم مقامه تسليمها إلي ورثته حتي يحيط علما بتكاملهم وتعين (1) استحقاقهم، ولا يجوز له تسليمها إلي من يعلم أنه لا يستحقها (2) من الأهل وإن حكم بها ظالم علي غير موجب الشريعة في التوريث، وليخص بتسليمها من يعلم كونه مستحقا لها في الملة.
فإن اضطر إلي الجور (3) فليسلمها إلي من يعلم أنه يستحقها دون غيره فيكون التعدي عليه دون المودع، فإن أعطاها أو بعضها من لا يستحقها من أقارب المودع فهو ضامن. وإن أخذها أو أخذت له غلبة فلا ضمان عليه فيها.
وإن لم يخلف المودع وارثا فهي من مال الأنفال.
وإن هلكت من غير تفريط ولا تعد لم يضمن، فإن ادعي المودع تفريطا فعليه البينة، فإن لم يقمها فالقول قول المودع إن كان مأمونا، وإن ارتيب به استحلف علي ما يقول، فإن اعترف بتعد فيها أو قامت به بينة فعليه قيمتها، و إن اختلفا في القيمة أخذ منه ما أقر به، وطولب المودع بالبينة علي ما زاد علي ذلك، فإن أقام بينة حكم بها وإلا حلف المودع وبرئ، وقد روي: " أن اليمين في القيمة علي المودع " وفي هذا نظر.
وإن كان المودع لا يملك الوديعة أو لا يصح منه الايداع كالغاصب والكافر الحربي فعلي المودع أن يحمل ما أودعه الحربي إلي سلطان الاسلام العادل عليه السلام (4) ويرد المغصوب إلي مستحقه، فإن لم يتعين له ولا من ينوب منابه حملها إلي الإمام العادل، فإن تعذر ذلك في المسألتين فعلي المودع حفظ الوديعة
(1) تعيين.
(2) كذا في النسخ، والظاهر زيادة " لا " في إحدي الجملتين.
(3) كذا.
(4) كذا.
(٢٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الغسل (78)، الموت (26)، الزوج، الزواج (26)، الظلم (26)، الصّلاة (26)، الدفن (26)، الجواز (26)، الحيض، الإستحاضة (26)، النفاس (26)
إلي حين التمكن من إيصالها إلي مستحق ذلك، والوصية بها إلي من يقوم مقامه فيها، ولا يجوز ردها إلي المودع مع الاختيار.
فإن كانت الوديعة مختلطة بحلال وحرام فتميز أحدهما من الآخر فعلي المودع رد الحرام إلي أهله إن عرفهم، وإلا صنع ما رسمناه، والحلال إلي المودع، فإن لم يتميز له الحلال من الحرام فهي أمانة للمودع يجب ردها متي طلبها.
ويجب علي من استؤجر لعمل، أو استأجر شيئا، أو استعار، أو منح منيحة (1)، أو عمل صناعة، أو كلف رسالة، أو توسط صلحا، أو باع شيئا، أو ابتاع، أو استسر سرا، أو استشير في أمر، أو فعل ما يتعدي ضرره أو نفعه إلي غيره أو ترك (2) أن يؤدي في جميع ذلك الأمانة، ويجتنب الخيانة، فإن لم يفعل فهو مأزور وضامن لما يجنيه بخيانته في مال غيره، ومحرم عليه ثمن البيع وأجر الصنعة والإجارة والوساطة مع الخيانة، ومتي علم ذلك كان العقد مفسوخا.
(1) كذا يقرء ما في بعض النسخ.
(2) تركه. ظ.
(٢٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: القبر (156)، الموت (26)، العقد (26)، الصدق (52)، الإستحباب (26)، الصّلاة (26)، الجنازة (78)

8 - فصل (باب ظ) في الخروج من الحقوق (أداء الديون)

فصل في الخروج من الحقوق يجب علي من تعين عليه حق لآدمي في ماله بقرض أو بيع أو إجارة أو غير ذلك أن يخرج منه في أول أحوال الامكان، ويقصد بذلك الوجه الذي له وجب فإن منع حقا أو أخره عن محله مختارا فهو مأزور، يجب عليه تلافي فارطه (1) بالخروج منه، والتوبة من عصيانه.
فإن كان معسرا وجب علي غريمه إنظاره.
وإن تعين عليه شئ من حقوق التكليف كالنذور والكفارات وغيرهما وجب عليه فعله علي الفور من أحوال تمكنه، بصفته المشروعة، لكونه مصلحة متقربا بها إليه سبحانه.
فإن تعذر فعله لبعض الأعذار فهو في ذمته، فإن مات قبل الخروج من حقوق الله تعالي أو حقوق الآدميين فهو ثابت في تركته قبل الوصية والميراث، وسيورد تفصيل ما لم يمض تفصيله من هذه الجملة فيما بعد بعونه تعالي.
(1) في بعض النسخ: ما فارطه، وفي بعضها الآخر: ما فاته.
(٢٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (26)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، الموت (52)، الصّلاة (26)، القبر (78)، البعث، الإنبعاث (26)، الشراكة، المشاركة (26)، الشهادة (26)، اللبن، اللبون (26)

9 - فصل (باب ظ) في الوصايا

فصل في الوصايا الوصية واجبة علي كل مكلف وجوبا موسعا مع ظهور أمارات البقاء، ومضيقا مع ظهور أمارات الموت، وتقديمها أولي علي كل حال وأحوط في الدين.
والواجب منها الاقرار بجمل التكليفين عقلا وسمعا ليظهر ذلك من حال الموصي فيعتقده فيه من لم تتقدم له معرفة، ويتأكد اعتقاد العارف. وإن كان عليه حقوق دينية كالنذور والكفارات والخمس والأنفال والصدقات، أو دنيوية كالديون وقيم المتلقات وأروش الجنايات والإجارات وغير ذلك، بدأ بذكره ثم بحجة الاسلام، وليس ذلك من الثلث.
فإن لم يكن له مال يوفي بما عليه من الحقوق فليوص إلي أوليائه وإخوانه ليقوموا بها من حقوق أموالهم أو يتبرعوا عليه به.
فإن لم تكن عليه حقوق يعلمها فهو مرغب في الوصية من ثلثه بجزء من النذور والكفارات، وجزء في الحج التطوع، وجزء في الزيارات، وجزء يصرف إلي من لا يرث من ذوي أرحامه، وجزء في فقراء آل محمد صلي الله عليه وآله وأيتامهم وأبناء سبيلهم، وجزء في فقراء المؤمنين.
وإن لم يكن له مال اقتصر علي ما ذكرناه من الاقرار بجمل التكاليف والوصية لمن حضره أو غاب عنه بتقوي الله تعالي والتمسك بما هو عليه من الحق وليرغب
(٢٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (26)، الطعام (26)
فيه، ويخوف من خلافه، ويأمر في وصيته بتغسيله وتحنيطه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه علي السنة.
وليشر من يتولي ذلك من ذوي البصيرة والورع، وليستند وصيته إلي من يعلم (1) عدالته ومعرفته بالدين واطلاعه بما يستند إليه (2) وليشهد عليها من أمكن اشهاده من عدول أهل الإيمان أدناه رجلين، ويجوز إشهاد النساء في الوصية عند عدم الرجال ومع وجودهم.
فإن كان بحيث لا يجد مسلما ولا مسلمة فليشهد ذوي العدالة من أهل الكتاب.
ويجوز تغيير الوصية والاستبدال بالأوصياء، ولا يجوز ذلك لأحد بعد وفاته.
فإذا قبض الموصي فليخرج ما أوصي به من الحقوق الواجبة في حياته من أصل التركة وإن لم يوص بها، وما عدا ذلك من الثلث، وإن تجاوز الوصية به الثلث (3) رد إلي الثلث. فإن استغرقت الوصية جملة التركة أمضي منها الثلث.
والوصية ماضية للوارث كالأجنبي.
وإذا مات الوصي فعلي الناظر في مصالح المسلمين أن ينصب بدلا منه وإن ضعف فليضم إليه غيره.
وإذا نظر الوصي للورثة بالمعروف مضي نظره، فإن خالفه أو تعدي المشروع وإن كان أنفع للورثة بطل ما فعله.
وإذا كان الوصي فقيرا فقطعه النظر فيما أسند إليه عن التكسب فله أجرة مثله من مال الورثة بالمعروف ويحل له مثل ذلك وإن كان غنيا، والتنزه عنه أفضل.
(1) في بعض السنخ: من لا يعلم عدالته.
(2) في بعض النسخ: واضطلاعه بما يسند إليه.
(3) وإن تجاوز في الوصية الثلث.
(٢٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الشهادة (26)، الصّلاة (26)

10 - فصل (باب ظ) في أحكام الجنائز من فروض الكفاية

اشارة

فصل في أحكام الجنائز من فروض الكفاية فيلزم من حضر مسلما قد احتضر أن ينقله إلي موضع مصلاه، وليوجهه إلي القبلة، ويلقنه جمل المعارف وكلمات الفرج، فإذا قضي نحبه فليغمض عينيه، ويطبق فاه، ويمد يديه مع جنبيه ويمد رجليه، ويتولي ذلك منه الرجال، وإن كانت امرأة تتولي ذلك منها النساء المأمونات العارفات، وإن فقد الرجال في حق الرجل تولي ذلك ذو أرحامه من النساء أو المأمونات من الجانب.
وكذلك الحكم في المرأة مع عدم النساء، ولا يقرب موضعه بنوح (1) ولا غيره من القبائح.
وليكثر عنده من تلاوة القرآن، وإن كان ليلا أسرج عليه في البيت مصباح، ولا يجعل عليه حديد.
فإذا أريد غسله فلينتقل إلي سريره متوجها إلي القبلة ويغسل علي الوجه الذي ذكرناه في باب الأغسال، يتولي ذلك العارف، ويصب الماء عليه آخر، وليكثر من قوله: عفوك عفوك.
وإن كان الميت رجلا بين النساء غسله ذوات أرحامه، فإن لم يكن له
(1) هذه الكلمة أثبتت في النسخ علي أشكال مختلفة، ويحتمل أن يقرء كما أثبتناه.
صفحه(٢٣٦)

غسل الميت

فصل في أحكام الجنائز من فروض الكفاية فيلزم من حضر مسلما قد احتضر أن ينقله إلي موضع مصلاه، وليوجهه إلي القبلة، ويلقنه جمل المعارف وكلمات الفرج، فإذا قضي نحبه فليغمض عينيه، ويطبق فاه، ويمد يديه مع جنبيه ويمد رجليه، ويتولي ذلك منه الرجال، وإن كانت امرأة تتولي ذلك منها النساء المأمونات العارفات، وإن فقد الرجال في حق الرجل تولي ذلك ذو أرحامه من النساء أو المأمونات من الجانب.
وكذلك الحكم في المرأة مع عدم النساء، ولا يقرب موضعه بنوح (1) ولا غيره من القبائح.
وليكثر عنده من تلاوة القرآن، وإن كان ليلا أسرج عليه في البيت مصباح، ولا يجعل عليه حديد.
فإذا أريد غسله فلينتقل إلي سريره متوجها إلي القبلة ويغسل علي الوجه الذي ذكرناه في باب الأغسال، يتولي ذلك العارف، ويصب الماء عليه آخر، وليكثر من قوله: عفوك عفوك.
وإن كان الميت رجلا بين النساء غسله ذوات أرحامه، فإن لم يكن له
(1) هذه الكلمة أثبتت في النسخ علي أشكال مختلفة، ويحتمل أن يقرء كما أثبتناه.
صفحه(٢٣٦)

التكفين

فيهن ذات محرم غسلته المأمونات في قميصه وهم مغمضات، وإن كانت امرأة بين الرجال غسلها زوجها أو بعض محارمها، فإن لم يكن فيهم محرم غسلها المأمون (1) مغمضا في ثيابها.
ويغسل المحرم كالمحل، ولا يقرب بطيب.
ويغسل القتيل ظالما كان أو مظلوما إلا قتيل معركة الجهاد، فإنه لا يغسل وإن كان جنبا، ويدفن بثيابه إلا السراويل والخف والفروة والقلنسوة، فإن أصاب شيئا من ذلك دم دفن معن إلا الخف وإذا مات الجنب أو الحائض أو النفساء غسلوا غسلا واحدا.
فإذا فرغ من تغسيله فليغسل يديه إلي المرفقين، ويطرح عليه ثوبا ينشفه به، ويحشو أسفله بقطن، ويؤزره بالخامسة، ثم يكفنه في درع ومئزر ولفافة ونمط، ويعممه ويحتنكه ويرخي له ذوابتين علي صدره أحديهما علي يمينه والآخر عن شماله والأفضل أن يكون الملاف (2) ثلاثا إحديهن حبرة يمنية، وتجزي واحدة.
وأفضل الأكفان الثياب البياض (كذا) من القطن والكتان، ويجوز بغيرها مما تجوز فيه الصلاة. وإن لم يكن له إلا قميص واحد كفن فيه بعد قطع الأزرار حسب.
وليحصل (3) معه جريدتان خضراوان من جرائد النخل، إحديهما لاصقة بجلده، والأخري بين الدرع واللفافة.
ويحنط بثلاثة عشر درهما وثلث كافورا، ويجزي مثقال واحد، يجعل علي مساجده السبع (4) وطرف أنفه.
(1) في بعض النسخ: المؤمن.
(2) كذا في بعض النسخ، ولعل الصحيح: اللفاف.
(3) ولتجعل. ظ.
(4) السبعة.
(٢٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الجمعة (52)، الموت (26)، المنع (26)، الظلم (78)، الخمس (26)

الحنوط

فيهن ذات محرم غسلته المأمونات في قميصه وهم مغمضات، وإن كانت امرأة بين الرجال غسلها زوجها أو بعض محارمها، فإن لم يكن فيهم محرم غسلها المأمون (1) مغمضا في ثيابها.
ويغسل المحرم كالمحل، ولا يقرب بطيب.
ويغسل القتيل ظالما كان أو مظلوما إلا قتيل معركة الجهاد، فإنه لا يغسل وإن كان جنبا، ويدفن بثيابه إلا السراويل والخف والفروة والقلنسوة، فإن أصاب شيئا من ذلك دم دفن معن إلا الخف وإذا مات الجنب أو الحائض أو النفساء غسلوا غسلا واحدا.
فإذا فرغ من تغسيله فليغسل يديه إلي المرفقين، ويطرح عليه ثوبا ينشفه به، ويحشو أسفله بقطن، ويؤزره بالخامسة، ثم يكفنه في درع ومئزر ولفافة ونمط، ويعممه ويحتنكه ويرخي له ذوابتين علي صدره أحديهما علي يمينه والآخر عن شماله والأفضل أن يكون الملاف (2) ثلاثا إحديهن حبرة يمنية، وتجزي واحدة.
وأفضل الأكفان الثياب البياض (كذا) من القطن والكتان، ويجوز بغيرها مما تجوز فيه الصلاة. وإن لم يكن له إلا قميص واحد كفن فيه بعد قطع الأزرار حسب.
وليحصل (3) معه جريدتان خضراوان من جرائد النخل، إحديهما لاصقة بجلده، والأخري بين الدرع واللفافة.
ويحنط بثلاثة عشر درهما وثلث كافورا، ويجزي مثقال واحد، يجعل علي مساجده السبع (4) وطرف أنفه.
(1) في بعض النسخ: المؤمن.
(2) كذا في بعض النسخ، ولعل الصحيح: اللفاف.
(3) ولتجعل. ظ.
(4) السبعة.
(٢٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الجمعة (52)، الموت (26)، المنع (26)، الظلم (78)، الخمس (26)

التدفين

ثم يعقد كفنه وينقل إلي سريره، ولتكن حملته أربعة من المسلمين، وليمش مشيعوه ولا يركبون خلف الجنازة وعليهم السكينة والوقار والخشوع، مستغفرين الله تعالي له شافعين إليه سبحانه فيه.
ويستحب للرجل أن يحفي ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده لأبيه دون من عداهم.
وإذا رأي المرئ جنازة فليقل: " الله أكبر الله أكبر، هذا ما وعدنا (1) الله ورسوله وصدق الله ورسوله، اللهم زدنا إيمانا وتسليما، سبحان المتعزز بالاقتدار علي العباد سبحان المتفرد (2) بالبقاء وقاهر الخلق بالموت ".
فإذا أصحر به فليصل عليه حسب ما تقدم وصفه من صلاة الجنائز.
ثم ينتقل إلي قبره، فيحط رأسه إلي رجلي (3) القبر وبينهما مسافة، فإذا استقرت الجنازة تركت مهلة ثم قربت إلي القبر، فتركت هنيئة ثم قربت إلي شفير القبر، فإذا عاين المشيعون القبر، فليقولوا: " اللهم اجعلها روضة من رياض الجنة، ولا تجعلها حفيرة من حفر النار، هذا ما وعدنا (4) الله ورسوله وصدق الله ورسوله ".
ثم لينزل (5) إلي القبر من قبل الرجلين اثنان مؤمنان عارفان يحط رأسه أولا ثم يسلانه حتي يضعاه في لحده، ويحلا (6) عقد الكفن من قبل رأسه و
(1) في بعض النسخ: هذا ما وعد الله.
(2) المنفرد.
(3) رجل.
(4) في بعض النسخ: هذا ما وعد الله.
(5) في بعض النسخ: ثم لينزله.
(6) يحل.
(٢٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الوسعة (26)، القتل (26)، الضلال (26)، السب (26)، الجواز (26)
رجليه، ويضع خده علي التراب علي جانبه الأيمن متوجها إلي القبلة، وليلقنه ملحده (1) منهما الشهادتين وأسماء الأئمة عليهم السلام ويقول: " اللهم صل وحدته و آنس وحشته وارحم غربته واغفر زلته، نزل بك اللهم وأنت خير منزول به فاجعل نزله لديك اللهم الفوز بالجنة والنجاة من النار ".
ثم يشرح (2) عليه اللبن، ويصعدان من قبل الرجلين، ثم يهال عليه التراب فإذا امتلأ القبر وارتفع التراب عن الأرض فليصب عليه الماء، يبدء بذلك من عند الرأس ويدور حتي ينتهي إليه من الجانب الآخر، ويرفع قبره ويسطح، ولا يرفع أكثر من أربع أصابع مفرجات، ثم ينادي بالانصراف.
فإذا انصرف المشيعون فليتخلف عنده رجل عارف، فإذا انقطع عنه حس (3) المشيعين فليقف مستدبر القبلة ووجهه تجاه وجه الميت وينادي، برفيع صوته:
" يا فلان بن فلان أذكر العهد الذي خرجت عليه من دار الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسن والحسين ويعد الأئمة إلي الحجة بن الحسن عليهم السلام - خلفاء رسوله وحفظة شرعه، وأن الموت حق، والبعث حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، إذا أتاك الملكان المقربان فسائلاك (4) فقل: الله ربي لا أشرك به شيئا، ومحمد نبيي، وعلي والحسن والحسين (5) - وفلان وفلان إلي آخرهم - أئمتي، و
(1) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: وليلقنه أحدهما.
(2) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: يسرح. ولعل الصحيح: يشرح.
(3) خبر المشيعين. خ.
(4) يسألانك. خ.
(5) في بعض النسخ: والأئمة الاثني عشر فلان و …
(٢٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (26)، اليهود، اليهودي (26)، الظنّ (26)
الاسلام ديني، والقرآن شعاري وحجتي، والكعبة قبلتي، والمسلمون إخواني " ثم ينصرف.
ومن السنة تعزية أهله ثلاثة أيام، وحمل الطعام إليهم لشغلهم بمصابهم عن اصطناعه.
(٢٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (26)، الحرب (26)، الظنّ (26)

11 - فصل (باب ظ) في ما تعبد الله سبحانه لفعل الحسن والقبيح

اشارة

فصل في ما تعبد الله سبحانه لفعل الحسن والقبيح يجب علي كل مكلف علم غيره مؤمنا - لتصديقه بجملة المعارف و الشرائع - عدلا - باجتناب سائر القبائح فعلا وإخلالا - أن يتولاه ويمدحه ويعظمه بحسب منزلته في الإيمان، ويجري عليه أحكام المسلمين العدول، و يقطع له بالثواب، بشرط مطابقة الباطن للظاهر عن يقين لوجهه.
وإن علم ثبوت إيمانه عند الله تعالي ووقوع طاعاته موقعها كعمار وسلمان وأبي ذر بنصه تعالي علي ذلك بخطابه أو بعض (1) حججه، تولاه علي الظاهر والباطن، ومدحه وعظمه علي الإطلاق وقطع له بالثواب، حيا كان من ذكرناه أولا وثانيا أو ميتا.
فإن أخل بواجب عقلي وسمعي أو فعل قبيحا محرما، مدحه علي إيمانه علي الوجه الذي ثبت عنده من ظاهر أو باطن، وذمه علي ما فعله من القبيح ذما مقيدا مشترطا من (2) العفو والتوبة فيمن لم يعلم إصراره، وحكم له بالفسق وأجري عليه أحكام الفساق من اجتناب الصلاة خلفه وقبول شهادته وإعطائه
(1) في بعض النسخ: أو لبعض حجته.
(2) كذا.
(٢٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الظلم (26)، الضلال (26)، الحاجة، الإحتياج (26)، التقية (26)

التوبة

شيئا من حقوق الأموال الواجبة وكراهية مناكحته حيا وميتا (1).
وإن علم غيره كافرا أن يلعنه ويبرأ منه ويقطع ولايته ويحرم مودته و يحكم بدوام عقابه، ويجري عليه أحكام من تخير (2) إليه من ضروب الكفار ويدين ذلك فيه حيا وميتا.
فإن علم أحدهما تائبا أو نص له علي غفران ذنبه سقطت أسماء الفسق والكفر وأحكامهما.
وتلزم كلا منهما التوبة بما اقترفه (3) من كفر أو فسق، ليخرج بها عن قبيح الاصرار والعزم علي القبيح، ولكونها من جملة الواجبات الشرعية المؤثرة لاستحقاق الثواب لفعلها والعقاب للاخلال بفرضها، ولحصول الإجماع علي سقوط العقاب بها.
وحقيقتها: الندم علي ماضي القبيح لوجه قبحه، والعزم علي اجتناب مثله في المستقبل.
وهذه الحقيقة ثابتة في كل توبة من القبيح، وربما وقفت صحتها في مواضع علي أمور أخر.
والقبيح علي ضربين:
أحدهما: يختص بعصيانه سبحانه.
والثاني: ينضم إلي عصيانه فيه ظلم غيره.
وما يختص بعصيانه تعالي علي ضربين: أحدهما الاخلال بالواجب، والثاني فعل القبيح.
(1) كذا.
(2) كذا.
(3) في بعض النسخ: اقترنه.
(٢٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الحرب (52)، الغنيمة (26)
والواجبات علي ضروب: منها ما يجب قضاؤه كصلاة الخمس وصوم الشهر، ومنها ما يجب أداؤه كالحج وحقوق الأموال، ومنها ما لا يتلافي بقضاء ولا أداء كصلاة الجمعة والعيدين والفطرة.
فيلزم المفرط في حق الله تعالي التوبة مع الندم والعزم علي القضاء والأداء مع الامكان، ولا تصح التوبة من دون ذلك، لأن إصراره علي الاخلال بواجب القضاء أو الأداء، يمنع من كونه نادما، فإن عزم علي القضاء أو الأداء وشرع في ذلك وبذل الجهد فتوبته ماضية وإن مات قبل أن تبرأ ذمته منهما.
وأما ما لا يتلافي فوته كصلاة الجمعة فحكمه حكم ما فعله من القبائح كالكذب والزنا يكفيه في التوبة الندم والعزم حسب.
ومظالم العباد علي ضربين:
أحدهما يصح قبضه واستيفاؤه كالأموال والرباع والحيوان وسائر المملوكات فمن شرط صحة التوبة من ذلك، الخروج إلي المظلوم من عين الظلامة أو بدلها إن كان حيا، وإلي ورثته إن كان ميتا، والاعتذار إليه والرغبة في التحليل مما دخل عليه من غم، وفات من نفع، وينوب مناب إيصالها إسقاط مستحقها.
فإن تعذر ذلك لفقد عين الظلامة وبدلها أو المظلوم، ففرضه علي الوجه الأول استحال المظلوم، فإن عفي عن الحق سقطت تبعته، وإن أبي فليعزم علي الخروج إليه من الظلامة في أول أحوال الامكان، ويلزمه التقتير علي نفسه وعياله وعزل ما يفضل عن حفظ الحياة للمظلوم وعلي الوجه الثاني عزل الظلامة من ماله والعزم علي إيصالها إلي مستحقها، والوصية بها إن احتضر دون ذلك، فإن قطع يقينا بانقراض مستحقي الظلامة فهي من جملة الأنفال.
فإذا فعل ما يلزمه من ذلك صحت التوبة وإن لم يفعل لم تصح.
والثاني ما لا يصح قبضه واستيفاؤه وهو علي ضروب:
(٢٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: اليهود، اليهودي (26)، الضرب (26)
منها السب والتعريض، فيلزمه من حق التوبة إكذاب نفسه مما قال مفتريا أو معرضا بمحضر ممن (1) سمعه إن كان خاصا أو علي رؤوس الاشهاد إن كان عاما.
فإن كان المقذوف قد علم بالقذف فليعتذر إليه ويكذب نفسه لديه ويستنزله عن الحد والتعزير، فإن عفي سقط، وإن طالب فعليه التمكين من نفسه.
وليتول ذلك منه سلطان الاسلام.
وإن كان المقذوف جاهلا بالافتراء عليه لم يجز إعلامه به.
وعلي القاذف أن يقيد (2) نفسه إلي سلطان الاسلام أو من يصح منه إقامة الحد ليجلده بحسب ما وقع منه من قذف أو تعريض، ولا يجوز له إسقاط ما وجب من دون وليه.
ومنها القتل والجراح والضرب، فيلزم في حق التوبة الانقياد للقصاص أو العفو، ومنها تحسين القبيح أو تقبيح الحسن والدعوة إلي الضلال، فيلزم في حق التوبة تلافي الفارط (3) من ذلك بالبيان عن وجه الخطاء واستفراغ الوسع في إيضاح الصواب منه.
فإذا فعل التائب ما يجب عليه من ذلك صحت توبته، وإن فرط فيه واقتصر علي مجرد الندم والعزم لم تصح.
وإذا وقعت التوبة من كفر أو فسق بشروطها سقط وعيد التائب وما تبعه من أسماء الذم واستحق بها المدح والثواب وما يتبعهما من أسماء المدح والولاية
(1) من.
(2) كذا.
(3) في بعض النسخ: الفائت.
(٢٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، القتل (130)، الحرب (52)، الجماعة (26)، الخمس (26)، الفطرة (26)
في الدين.
وإن علم إصرار العاصي علي ماضي القبيح والعزم علي استينافه (1) وجب علي كل مكلف علم ذلك أو ظنه مع ما ذكرناه من الأحكام إنكاره بقلبه وكراهيته وتعين (2) علي المتمكن منعه من القبيح وحمله علي الواجب المتوقعين في المستقبل أو الفعل، لكون ذلك أمرا بمعروف ونهيا عن منكر اتفق الكل علي وجوبهما، ومقابلته بما يستحقه علي ما أتاه من كفر أو فسق من قتل أو جلد أو تعزير، لكون ذلك قسطا من عقابه اقتضت المصلحة تعجيله.
ولكل من المتعبد (3) علي ماضي الكفر والفسق ومستقبله تفصيل يورده (4) والفاسق من ثبت إيمانه وأخل بواجب أو أتي قبيحا عقليا أو سمعيا علي جهة التحريم، والكافر من لم يثبت إيمانه.
والكفار أربعة أصناف: كتابيون وهم اليهود والنصاري والمجوس، و مشركون وهم الوثنيون والصائبون وغيرهم من الكفار، ومرتدون عن الاسلام، ومنافقون، ولكل حكم في الجهاد نبينه.
(1) في بعض النسخ: استيفائه، والظاهر ما أثبتناه.
(2) كذا.
(3) في بعض النسخ: التعبد.
(4) نورده.
(٢٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (52)، الإقامة (26)، الحرب (26)، النفاذ، التنفيذ (26)

الجهاد وأحكامه

فصل في الجهاد وأحكامه يجب جهاد كل من الكفار والمحاربين من الفساق، عقوبة علي ما سلف [من] كفره أو فسقه، ومنعا له من الاستمرار علي مثله بالقهر والاضطرار، لكون ذلك مصلحة للمجاهد علي جهة القربة إليه سبحانه والعبادة له، علي كل رجل حر كامل العقل سليم من العمي والعرج والمرض مستطيع للحرب، بشرط وجود داع إليه يعلم أو يظن من حاله السير (1) في الجهاد بحكم الله تعالي لكل من وصفناه من المحاربين.
فإن كان ذو العذر غنيا فعليه معونة المجاهدين بماله في (2) الخيل والسلاح والظهر والزاد وسد الثغر.
وإن كان الداعي إليه غير من ذكرناه، وجب التخلف عنه مع الاختيار، فإن خيف جانبه جاز النفور معه لنصرة الدين دونه.
فإن خيف علي بعض بلاد الاسلام من بعض الكفار أو المحاربين، وجب علي أهل كل إقليم قتال من يليهم ودفعه عن دار الإيمان، وعلي قطان البلاد النائية عن مجاورة دار الكفر أو الحرب، النفور إلي أقرب ثغورهم، بشرط
(1) في بعض النسخ: اليسرة، وفي بضعها الآخر: الصيرورة.
(2) من الخيل
(٢٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: الشهادة (26)، القتل (234)، الحرب (78)، الدية (26)، الجواز (26)
الحاجة إلي نصرتهم، حتي يحصل بكل ثغر من أنصار المسلمين من يقوم بجهاد العدو ودفعه عنه، فيسقط فرض النفور عن من عداهم.
وليقصد المجاهد والحال هذه نصرة الاسلام والدفع عن دار الإيمان، دون معونة المتغلب علي البلاد من الأمر (1).
وخالف الثاني الأول، لأن الأول جهاد مبتدأ، وقف فرض النصرة فيه علي داعي الحق لوجوب معونته، دون داعي (2) الضلال لوجوب خذلانه، وحال الجهاد الثاني بخلاف ذلك، لتعلقه بنصرة الاسلام ودفع العدو عن دار الإيمان لأنه إن لم يدفع العدو، درس الحق وغلب علي دار الإيمان وظهرت بها كلمة الكفر.
ولا يحل لأحد من اتباع الظالم في (3) جهاد الكفار للتقية أو الدفع عن الاسلام، أن يأخذ من الغنيمة شيئا إلا علي الوجه المشروع في المغانم.
وحكم جهاد المحاربين من المسلمين حكم جهاد من خيف منه علي دار الإيمان من الكفار، في عموم الفرض من غير اعتبار صفة الداعي.
ومن السنة الرباط في الثغور الإسلامية، وارتباط الخيل وإعداد السلاح وإن لم يتكامل فيها شروط الجهاد المبتدأ، انتظارا لدعوة الحق وعزما علي إجابة الداعي إليه ودفع العدو إن قصدها وحمايتها من مكيدها.
(1) كذا في أكثر النسخ، وفي بعضها: الأمور، ولعل الصحيح: الأمراء.
(2) في أكثر النسخ: دواعي.
(3) في بعض النسخ: من جهاد.
(٢٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: القصاص (26)، الشهادة (52)، الوسعة (26)، القتل (52)، الصبر (26)، الصدق (26)، الحرب (26)

سيرة الجهاد - أحكام الحرب والمحاربين

فصل في سيرة الجهاد سيرة الجهاد علي ضربين: أحدهما أحكام الحرب والمحاربين، والثاني قسمة الغنائم.
الضرب الأول من السيرة: إذا عزم سلطان الجهاد عليه فليقدم الدعوة إليه والاستنفار (1) في البلاد لتجمع له الأنصار، فإذا اجتمعوا سار بهم ليطأ دار الكفر أو محل المحاربين، فإذا انتهي إليهم فليدعهم إلي الله تعالي وإلي رسوله صلي الله عليه وآله وما جاء به، وليجتهد في الدعاء وليتلطف، ويكرر ذلك بنفسه وذوي البصائر من أصحابه، فإذا أجابوا إلي الحق ووضعوا السلاح أقرهم في دارهم إن كانوا ذوي دار ولم يعرض (2) لشئ منها، وولي عليهم من صلحاء المسلمين وعلمائهم من يفقههم في دينهم ويحمي بيضتهم ويجبي أموال الله تعالي منهم.
وإن كانوا بغاة أو متأولين أو مرتدين أو محاربين، ردهم إلي دار الأمن (3) إن كانوا قد خرجوا عنها، وإلا أقرهم فيها.
(1) في بعض النسخ: الاستنصار.
(2) ولم يتعرض.
(3) في بعض النسخ: دار الحرب.
(٢٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، البعث، الإنبعاث (26)، التجارة (26)، القتل (26)
وإن أبوا الإجابة وسألوا النظرة لينظروا لأنفسهم أنظرهم مدة معلومة ينصب لهم فيها من يحاجهم وينبئهم علي فساد ما هم عليه، فإن أقروا بالحق سار فيهم بما ذكرناه وإن أقاموا علي الآباء وكانوا كتابيين وهم اليهود و النصاري والمجوس عرض عليهم الجزية والدخول تحت الذمة.
فإن أجابوا ضرب الجزية علي رؤوسهم وأقرهم في دارهم وجعل علي أراضيهم قسطا يؤدونه مع جزية رؤوسهم، وإن امتنعوا قاتلهم حتي يؤمنوا أو يعطوا الجزية.
وجزية الرؤوس مختصة بأحرار رجالهم العقلاء البالغين السليمين دون النساء والعبيد والأطفال والمجانين وذوي العاهات من فقرائهم بحسب ما يراه مما ينهضهم ويجدون منه في كل سنة مرة في وقت معين فمن أسلم قبل حلول الأجل سقطت عنه (1) الجزية.
ويشترط عليهم أن لا يجاهروا المسلمين بكفرهم، ولا يتناولوا المحرمات عندهم، ولا يسبوا مسلما ولا يصغروا به (2)، ولا يعينوا علي أهل الاسلام بنفس ومال ولا رأي، ولا يجددوا (3) بيعة ولا كنيسة، ولا يعيدوا ما استهدم منها.
فإنهم متي خالفوا شيئا من ذلك برئت ذمتهم وحلت دماؤهم وأموالهم ونساؤهم وذراريهم.
فإن أجابوا ودخلوا تحت هذه الشروط فهم في ذمة الله تعالي ورسوله، يجب نصرهم والمنع منهم.
ويلزم إحضارهم مجالس العلماء بالحجة ليسمعوا الدعوة وتثبت عليهم الحجة.
(1) في المختلف: بقية الجزية.
(2) ولا يصغرونه: ظ.
(3) ولا يتخذوا. كذا في بعض الكتب الفقهية.
(٢٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (52)
وإن خرقوا [خرجوا. خ]. الذمة بمخالفة أحد هذه الشروط فدماؤهم هدر، وأموالهم وذراريهم فئ للمسلمين.
وإن كانوا مشركين وهم من عدا الكتابيين من الكفار وأبوا الإجابة قاتلهم حتي يؤمنوا، ويلزم قتل الجميع مقبلين ومدبرين، ويجهز علي جرحاهم، وأموالهم وذراريهم وأهليهم (كذا) فئ للمسلمين.
وإن كانوا مرتدين بخلع ربقة الاسلام من أعناقهم أو جحد فرض أو استحلال محرم معلومين من دين النبي صلي الله عليه وآله كصلاة الخمس والزكاة والخمر والميتة، وكانوا ممن ولدوا علي الفطرة قتلوا من غير استتابة.
وإن كانوا ممن ولد علي كفر ثم أسلم، عرضت عليه التوبة والرجوع إلي الحق، ونبه علي خطائه بالحجة الواضحة، فإن أناب إلي الحق فلا سبيل عليه، وإن أبي إلا الإقامة علي ردته قتل، وإن كان ممن استتيب مرة قتل من غير استتابة ثانية ولا سبيل علي أموالهم الخارجة عن محل الحرب ولا ذراريهم علي حال ولا نسائهم المقيمات علي الاسلام.
وإن ارتددن النساء عرضت عليهن التوبة فإن أبينها خلدن الحبس وضيق عليهن في المطعم والمشرب حتي يؤمن أو يهلكن. فإن خرجن إلي رجالهن إلي دار الحرب سبين، وحكم واحد المرتدين حكم الجماعة.
وإن كانوا متأولين وهم الذين يتظاهرون بجحد بعض الفروض واستحلال بعض المحرمات المعلومة بالاستدلال كإمامة أمير المؤمنين أو أحد الأئمة عليهم السلام أو مسح الرجلين أو الفقاع أو الجري أو وصف الله تعالي بغير صفاته الراجعة إليه تعالي نفيا وإثباتا وإلي أفعاله، دعوا إلي الحق ويبين لهم ما اشتبه عليهم بالبرهان، فإن أنابوا قبلت توبتهم وإن أبوا إلا المجاهرة بذلك قتلوا صبرا.
(٢٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، القتل (130)، الموت (26)، المرض (26)، الجواز (78)، الصّلاة (78)
وإن كانوا مستسرين به في دار الأمن لم يعرض (1) لهم بغير الدعوة إلي الحق بالحجة، فإن خرجوا بتأولهم هذا عن دار الأمن، وأظهروا السلاح وأخافوا سلطان الحق ومتبعيه (2) كطلحة والزبير وعائشة وأتباعهم ومعاوية وأنصاره وأهل النهروان، فإن الخلال المذكورة اجتمعت فيهم، من جحد إمامة الإمام العادل، واستحلال دماء المسلمين، وإظهار السلاح في دار الأمن، وقتل أنصار الحق علي اتباعه وخلافهم، والسيرة فيمن جري مجراهم بعد الدعوة وإقامة الحجة وحصول الاصرار بمنابذتهم بالحرب وقتلهم والحرب قائمة مقبلين ومدبرين، والاجهاز علي جرحاهم.
فإن انهزموا وكانت لهم فئة يرجعون إليها كمعاوية وأصحابه، فحالهم بعد الانهزام كحالهم والحرب قائمة، وإن لم تكن لهم فئة ترجعون إليها كانصار الجمل لم يتبع منهزمهم، ولم يجهز علي جريحهم، ولم يعرض لمن رجع منهم إلي دار الأمن أو ألقي سلاحه أو لحق بأنصار الحق.
ويقسم ما حواه معسكر (3) الجميع وما استعانوا به علي الحرب من الأموال والكراع والسلاح دون ما خرج عنه من ذلك ولا يعرض لنسائهم وذراريهم علي حال.
وإن كانوا محاربين وهم الذين يخرجون عن دار الأمن لقطع الطريق وإخافة السبيل والسعي في الأرض بالفساد، فعلي سلطان الاسلام أو من تصح دعوته أن يدعوهم إلي الرجوع إلي دار الأمن ويخوفهم من الإقامة علي المحاربة من تنفيذ أمر الله فيهم، فإن أنابوا ووضعوا السلاح ورجعوا إلي دار الأمن فلا
(1) لم يتعرض.
(2) في بعض النسخ: ومشيعيه.
(3) عسكر.
(٢٥١)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (182)، الموت (52)، الحرب (52)، الجواز (156)
سبيل عليهم، إلا أن يكونوا قد أخذوا مالا فيردوه أو قتلوا مسلما أو ذميا أو جرحوا فيقتص منهم للمسلم وتؤخذ دية الذمي.
وإن أصروا علي الحرب قصد بأنصار الاسلام إليهم وهم كل متمكن من الحرب وإن كان الداعي ظالما.
وفرض النصرة في قتال المحاربين علي الكفاية وإذا ظهر (1) عليهم فدم قتلاهم (2) هدر وقتلي المسلمين بهم شهداء.
ويرد ما تعين من الأموال إلي أربابها، ويقسم ما عدا ذلك بين الأنصار ويقبض (3) ممن بقي بمن قتلوه في حال المحاربة وقبل الدعوة.
ولا يعرض لشئ من أموالهم وأملاكهم الخارجة عن محل الحرب.
وفرضه في الأسري إن كانوا في محاربتهم قتلوا ولم يأخذوا مالا أن يقتلهم، وإن ضموا إلي القتل أخذ المال صلبهم (4) بعد القتل، وإن تفردوا بأخذ المال أن يقطعهم من خلاف، وإن لم يقتلوا ولم يأخذوا مالا أن ينفيهم من الأرض بالحبس أو النفي من مصر إلي مصر حتي يؤمنوا أو يري الصفح (5) عنهم.
ولا يجوز له ولا لأحد من الأولياء العفو عن القتل ولا القتل متي استحقا (6)
(1) أظهر.
(2) في بعض النسخ: فدمائهم هدر.
(3) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: ويقتص.
(4) كان في نسخنا: وصلبهم، وحذفنا الواو، ولعل الصحيح: وإن ضموا إلي القتل أخذ المال، أخذ المال وصلبهم بعد القتل.
(5) في بعض النسخ: التصفح.
(6) كذا في النسخ.
(٢٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الحرب (26)، القتل (26)، الجواز (26)، الخمس (26)
بعد الأسر ويصح قبله مع ظهور التوبة العفو عن القتل، وعن القصاص (1) بالجراح مع الاصرار.
وإذا عزم علي قتال أحد الفرق بعد الاعذار والانذار فليستخر الله تعالي في ذلك، ويرغب إليه في النصر وليعب أصحابه صفوفا، ويجعل كل بني أب وكل أهل مصر تحت راية أشجعهم وأبصرهم بمكيدة الحرب، ويجعل لهم شعارا يعرف به بعضهم بعضا، ويقدم الدارع أمام الحاسر، ويقف هو في القلب ومعه الرحل، ويقدم أصحاب الخيل للطراد، ويجعل بإزاء أهل القوة من العدو أولي (كذا) القوة من المسلمين.
وليوصهم بتقوي الله العظيم، والاخلاص في طاعته، وبذل الأنفس في مرضاته، وصدق النية في لقاء عدوه، ويذكرهم ما لهم في ذلك من الثواب ويرغبهم في الشهادة وما لهم من الفضل بالظهور علي الأعداء من علو الكلمة، وما يستحقونه من جزيل الثواب علي الشهادة إن فاتهم الظفر، ويخوفهم الفرار وما فيه من عاجل العار وآجل الدمار، ويتلو آيات الجهاد ويأمرهم بسد الخلل وتقوية ما ضعف من الصفوف، والاقبال براياتهم علي اللقاء وبذل الجهد واستفراغ الوسع، وغض الأبصار، والامساك عن الكلام إلا بذكر الله والتكبير، وتوطين الأنفس علي الصبر.
وإذا أراد الحملة فليأمر بعضا فليحملوا حملة رجل واحد ويبقي بعض معه فئة لهم يتجاوزوا إليها (2) وليصدقوا الحملة (3) ويجمعوا القلوب علي الأقدام
(1) كذا في النسخ.
(2) في الغنية: يتخير إليها صفوفهم.
(3) في بعض النسخ: الجملة.
(٢٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الحرب (52)، الغلّ (26)، الغنيمة (26)
غير مكذبين ولا متناكسين (1) فيقتلوهم مقبلين ومدبرين، فإن تضعضع لهم القوم فليزحف أمير الجيش بمن معه زحفا يبعث المقابلة (2) وفرسان الطراد علي الأخذ بكظم (3) القوم حتي يفضوا صفوفهم ويزيلوها عن أماكنها فإذا كان ذلك فليحمل بمن معه حملة واحدة ويحملون أمامهم فيوشك الفتح لا محالة.
وليوصهم بما كان أمير المؤمنين عليه السلام يوصي به أصحابه إذا صافوا العدو:
عباد الله اتقوا الله وغضوا الأبصار واخفضوا الأصوات وأقلوا الكلام ووطنوا أنفسكم علي المنازلة والمجاولة والمبارزة والمنابذة والمعانقة والمكارمة وأنيبوا إلي ربكم (4) واذكروا الله (5) لعلكم تفلحون.
(6) إن الله تعالي دلكم علي تجارة تنجيكم من عذاب أليم وتسعي (7) بكم إلي الخير: الإيمان بالله والجهاد في سبيله وجعل ثوابه مغفرة الذنب (8) ومساكن طيبة في جنات عدن (9) إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص فسووا صفوفكم كالبنيان (10) وقدموا الدارع وأخروا الحاسر وعضوا
(1) ولا متناكصين.
(2) المقاتلة.
(3) كذا في النسخ، وفي الغنية المطبوعة: بضم القوم.
(4) في الوسائل: " واثبتوا " مكان " وأنيبوا إلي ربكم ".
(5) في الوسائل: كثيرا.
(6) الوسائل 11 / 71.
(7) في الوسائل: ويشفي بكم علي الخير.
(8) للذنب.
(9) وقال عز وجل.
(10) المرصوص.
(٢٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: صلح (يوم) الحديبية (78)، التصديق (52)، الزكاة (52)، الجواز (52)
علي النواجد فإنه أنبي للسيوف (1) والتووا علي أطراف الرماح فإنه أمر (2) للأسنة وغضوا الأبصار فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل وأولي بالوقار ولا تميلوا براياتكم (3) ولا تجعلوها إلا مع شجعانكم (4) ولا تمثلوا بقتيل وإذا وصلتم إلي رحال القوم فلا تهتكوا سترا ولا تكشفوا عورة (5) ولا تدخلوا دارا ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم ولا تهيجوا امرأة بأذي وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ضعاف (6) القوي والأنفس والعقول:
رحم الله امرءا واسي أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلي أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك اللائمة (7) ويأتي بدناءة وكيف لا يكون كذلك وقد فرض الله عليه سبحانه (8) قتال الاثنين وهو ممسك يده عن قرنه قد خلاه علي أخيه (9) هاربا منه ينظر إليه ومن يفعل ذلك يمقته الله فلا تتعرضوا لمقت الله [فإن ممركم إلي الله] وقد قال الله عز وجل: " قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم
(1) عن الهام.
(2) كذا في النسخ، وفي الوسائل: أمور.
(3) في الوسائل: ولا تزيلوها.
(4) في الوسائل: فإن المانع للذمار والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ.
(5) ليست هذه الجملة في الوسائل.
(6) في الوسائل: ناقصات القوي.
(7) كذا في الوسائل، وفي نسخنا: فيكسب ذلا.
(8) في الوسائل مكان هذه الجملة: وهو يقاتل الاثنين.
(9) في الوسائل: وهذا ممسك يده قد خلا قرنه علي أخيه.
(٢٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: صلح (يوم) الحديبية (26)، الخمس (26)، العتق (52)
من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا " وأيم الله لئن فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيف الآجلة واستعينوا بالصبر والصدق (1) فإنما ينزل النصر بعد النصر، فجاهدوا (2) في الله حق جهاده ولا قوة إلا بالله (3).
ومن السنة أن يؤخر إلي أن تزول الشمس ويصلي الصلاتان، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقول: " إذا زالت الشمس تفتح أبواب السماء و تنزل الرحمة والنصر وهو أقرب إلي الليل وأجدر أن يقل القتل ويرجع الطالب ويفلت المنهزم " (4).
ولا تبدأ (5) العدو بالحرب بعد الاعذار حتي يكونوا هم الذين يبدؤن به لتحق الحجة ويتقلدوا البغي.
ولا يجوز لمسلم أن يستبرز كافرا إلا بإذن سلطان الجهاد، ويجب عليه أن يبرز إلا من استبرز (6) بغير إذن.
ولا يجوز قتل الشيخ الفاني إلا أن يكون من أهل الرأي ك " دريد بن الصمة " ولا المرأة ولا الصبي ولا المريض المدنف ولا الزمن ولا الأعمي ولا المأوف العقل ولا لمتبتل في شاهق إلا أن يقاتلوا فيحل قتلهم.
ولا يجوز حرق الزرع ولا قطع شجرة الثمر (7) ولا قتل البهائم ولا خراب المنازل ولا التهتك بالقتلي.
(1) في بعض النسخ: والصلاة.
(2) وجاهدوا.
(3) الوسائل: 11 / 71 - 72.
(4) راجع الوسائل: 47 11.
(5) كذا.
(6) استبرزه.
(7) الشجر المثمر.
(٢٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: الجواز (26)
ولا يجوز لمسلم أن ينهزم من محاربين، ويجوز ذلك من ثلاثة نفر (كذا)، والثبوت أفضل ولو كان ألفا.
ولا يجوز أن يستأسر إلا أن يغلب علي نفسه ويثخن جراحا.
وإذا أسر المسلمون كافرا عرض عليه الاسلام ورغب فيه فإن أسلم أطلق سراحه، وإن أبي وكان أسره والحرب قائمة (1) فالإمام مخير بين قتله وصلبه حتي يموت وقطعه من خلاف وتركه يجوز (2) في دمه حتي يموت أو الفداء به، وإن كان أسره بعد ما وضعت الحرب أوزارها لم يجز له قتله وكان الإمام مخيرا بين استعباده والمفاداة به والمن عليه، ولا يجوز لغير الإمام العادل المن عليه ويسوغ له ما عداه.
ويلزم من يفرد بغنيمة أو أسير أن يرده إلي المقسم.
ولا سبيل علي من نزل دار الكفر من المسلمين مختارا " أو مضطرا ولا علي ماله إلا أن ينصر الكفار فيحل قتله وأخذ ما استعان به من المال علي قتال المسلمين دون ما عداه، ولا سبيل علي أهله وولده، وحكم رباعه وأراضيه حكم الدار التي هو فيها علي كل حال.
ويجوز الابتداء بقتال الكتابيين والمرتدين والمتأولين ومن خرج إلي دار الاسلام من ضروب الكفار لكيد أهلها في الأشهر الحرم، ولا يجوز الابتداء فيها بقتال مشركي العرب، فإن بدؤا بالقتال فيها وجب قتالهم.
ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يجير كافرا ولا يؤمن أهل حصن ولا قرية ولا مدينة ولا قبيلة إلا بإذن سلطان الجهاد فإن أجار بغير إذنه أثم ووجبت إجازة جواره ولم تحقر ذمته وإن كان عبدا، وأمسك عمن أجاره من الكفار حتي يسمع كلام الله فإن أسلم وإلا أبلغ مأمنه وكذلك حكم من أتي مستجيرا من الكفار.
(1) في المختلف: وكان أسره قبل انقضاء الحرب كان الإمام مخيرا …
(2) كذا.
(٢٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (26)، اللواط (26)، الزنا (26)، القتل (52)، القصاص (26)، الخمس (26)

الغنائم المنقولة واحكامها

الضرب الثاني من سيرة الجهاد مغانم المحاربين علي ضربين:
أحدهما يصح نقله وهو الأموال والسلاح والرقيق والكراع وأمثال ذلك والثاني لا يصح نقله وهو الأرضون والرباع.
الضرب الأول من المغانم يجب في جميع ما غنمه المسلمون من ضروب المحاربين منفردين به و متناصرين، بجملة الجيش أو السرايا، بحرب وغير حرب، إحضاره إلي ولي الأمر، فإذا اجتمعت المغانم، كان له إن كان إمام الملة أن يصفي قبل القسمة لنفسه الفرس والسيف والدرع والجارية، وأن يبدأ بسد ما ينوبه من خلل في الاسلام وثغوره ومصالح أهله، ولا يجوز لأحد أن يعترض عليه وإن استغرق جميع المغنم.
ويجوز ذلك لمن عداه من أولياء السلطان في الجهاد عن تشاور من صلحاء المسلمين، ثم يخرج الخمس من الباقي لأربابه، ويقسم الأربعة الأخماس الباقية بين من قاتل عليها دون من عداهم من المسلمين، للراجل سهم، وللفارس
(٢٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: النهي (104)، الوجوب (26)

أحكام الأراضي

سهمان، فإن كان مع الفارس فرس آخر سهم بسهم واحد، ولا يسهم لما زاد علي ذلك.
وغنائم السرايا عن الجيش رد علي جميع الجيش، وغنائم السرايا من المصر يختصهم، وإذا أنفذت سرية من المصر فأردفت بأخري، فغنمت الأولة فالثانية مشاركة لها في الغنيمة.
ومن السنة تنفيل النساء قبل القسمة لأنهن يداوين الجرحي ويعللن المرضي ويصلحن أزواد (كذا) المجاهدين.
وإذا غنم المسلمون غنيمة بغير حرب فهي للإمام خاصة لكونها من الأنفال التي خصه الله تعالي بها.
وإذا ركب المسلمون في البحر فغنموا لم يختلف حال الغنيمة للفارس سهمان وللراجل سهم.
وإذا غلب الكفار علي شئ من أموال المسلمين وذراريهم ثم ظهر عليهم المسلمين وأخذوا منهم ما كانوا غلبوا عليه، فالأهل والذراري خارجون عن الغنيمة، والرقيق قبل القسمة لمالكيه، وبعد القسمة لا سبيل لهم عليه، والأموال والخيل والكراع والسلاح وغير ذلك بعد حصوله في حرز الكفار وتملكهم له علي ظاهر الحال فهي للمقاتلين عليه، وقبل ذلك راجع إلي أربابه من المسلمين.
ويجب صرف الجزية وما صولح عليه الكتابيون علي أراضيهم وأنعامهم في أنصار الاسلام خاصة حسب ما جرت به السنة من النبي صلي الله عليه وآله.
القسم [الضرب ظ] الثاني من الغنائم أراضي المحاربين خمس: فأرض أسلم أهلها عليها، وأرض أخذت عنوة بالسيف، وأرض صولح أهلها عليها، وأرض سلمها أهلها من غير حرب أو
(٢٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: مسألة الحسن والقبح (26)، النهي (78)، الحج (26)، الظنّ (130)، الغلّ (26)، الباطل، الإبطال (26)، الجواز (26)، الوجوب (26)
جلوا عنها، وأرض المرتدين وكفار التأويل والمحاربين.
فأما الأرض التي أسلم أهلها فهي لهم وملك في أيديهم، وعليهم فيما يخرجه من الأصناف الأربعة الزكاة حسب.
فإن باع المسلم الأرض أو وهب أو صدق أو وقف أو آجر لزم من انتقلت إليه ما كان علي الأول من حقوق الأرض.
فإن تركها حتي بارت ثلاثا أخذت منه وسلمت إلي من يعمرها ويخرج منها الحق.
وأما الأرض المأخوذة عنوة فيلزم الناظر تقبيلها بما يراه مدة معلومة، و يشترط علي متقبلها إخراج الزكاة من أصل ما يخرجه من الأصناف الأربعة إلي أهلها وأخذ ما بقي عن شرط القبالة فيصرف إلي أنصار الاسلام.
فإن قصر المزارع في عمارتها وزراعتها كان له فسخ العقد وأخذ الأرض منه وتسليمها إلي من يراه.
وله صرف ذلك في مصالح الاسلام وسد ثغوره وتقويته بالخيل والسلاح علي أعدائه، ولا يجوز لأحد أن يعترض عليه في ذلك.
وأما أرض الصلح فمختصة بأرض الكتابيين دون من عداهم من ضروب الكفار الذين لا تجوز هدنتهم ولا مصالحتهم علي شئ، فلا حد لمقدار ما يقع الصلح عليه، وإنما هو بحسب ما يراه سلطان الاسلام، ولمن بعده من الأئمة عليهم السلام (كذا) الزيادة عليه والنقصان منه.
ويصح صلحهم علي جزية الرؤوس خاصة وعلي الأمرين.
فإن باع الذمي أو وهب أو صدق أو وقف شيئا من أرض الصلح لذمي حرا أو عبدا فعلي من انتقلت إليه من الخراج ما كان علي الأول، فإن كان انتقالها إلي مسلم فعليه فيها ما كان علي الذمي: العشر أو نصفه من الأصناف الأربعة إلي
(٢٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: النهي (78)، الظنّ (78)، الخوف (26)، الباطل، الإبطال (26)، الوجوب (26)
أهلها.
وإن آجرها من مسلم أو ذمي فعلي المستأجر خراجها، ويرجع علي المالك به ما لم يشترطه (1) في عقد الإجارة.
وإذا انتقلت بأحد الوجوه إلي عبد مسلم أو ذمي أو مدبر أو مكاتب مشروط فحق الأرض يختص بالسيد، وإن كان مكاتبا قد عتق بعضه فعليه من حق الأرض بحساب ما عتق منه، وعلي مكاتبه الباقي.
وخراج أرض الذمي لازم له وإن يردها (كذا) أو عجز عن عمارتها وزراعتها.
وإن كان شرط الصلح مختصا بما يخرج الأرض وصفته من جدب وخصب أخذت منه وسلمت إلي من يعمرها من أهل دينه ويؤدي خراجها، فإن لم يجد من يأخذها من أهل دينه أعطيت لغيره، فما فضل عن حق المزارع والخراج فهو للذمي، ولا شئ عليه فيما نقص.
وإن كان شرط الأرض مختصا بمساحتها كان علي كل ضريب (2) درهم فهو مضاف إلي جزية الرؤوس، يلزم الذمي العاجز عن عمارتها أداؤه كجزية رأسه يصنع بأرضه ما شاء.
فأما أرض الأنفال فقد تقدم بعينها (3) فهي للإمام ليس لأحد من الذرية ولا غيرهم فيها نصيب، يصنع بها بما يشاء مدة حياته، فإذا مضي قام الإمام القائم بعده مقامه في الاستحقاق، وهو بالخيار بين إمضاء ما قرره الماضي ونقضه.
ولا يحل لأحد أن يتصرف في شئ من أرض الأنفال بغير إذن من يستحقها مع إمكانه، وإن تعذر الايذان جاز التصرف فيها بشرط إخراج الخمس من
(1) يشترط.
(2) جريب.
(3) تعينها - تعيينها.
(٢٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الظنّ (104)، النهي (26)، الأكل (26)، الغلّ (26)، الجواز (26)
جميع ما يخرجه، يصنع فيه ما رسمناه سالفا فيما يختص الإمام من الحقوق الآن (1).
وأما أرض الكافر والمتأولين والمرتدين وبغاة (2) المحاربين، فحكمها حكم الأصل إن كان ملكا أو صلحا أو فتحا أو نفلا. وحكم زرع هذه الأراضي حكمها. ولا يجوز لإمام ولا مأموم أن يحكم في شئ منها بغير ما قرره الشرع فإن فعل لم يمض، وكان علي المتمكن من الانكار إبطاله، ورد الأرض والمسكن إلي حكم الأصل.
(1) كذا.
(2) والبغاة.
(٢٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: النهي (52)، المنع (26)، الإختيار، الخيار (26)

الفسق واحكامه

وأما الفسق فمستحق بكل معصية ليست بكفر، وهو مقتض لفرضين: أحدهما يختص الماضي، والثاني يختص المستقبل.
فالفرض الأول مختص بسلطان الاسلام أو من تصح نيابته عنه وهو علي خمسة أضرب:
منها ما يوجب الحد وهو الزنا واللواط والسحق والجمع بين أهل الفجور له والقذف والسرق والفساد في الأرض وشرب الخمر والفقاع.
ومنها ما يوجب التعزير وهو إتيان البهائم والاستمناء والتعريض بالسب ومواقعة (1) ما ذكرناه من القبائح والاخلال ببعض الواجبات العقلية أو السمعية.
ومنها ما يوجب القصاص بالقتل والجراح وهو مختص بتعمد ما يوجبهما.
ومنها ما يوجب الدية وهو مختص بما يقع عن خطأ من قتل أو جراح.
ومنها ما يوجب الأرش أو القيمة وهو مختص بما يحصل من إتلاف لملك الغير أو تنقص قيمته عن خطأ أو عمد.
وسيرد تفصيل أحكام هذه المستحقات الخمس (كذا) في مواضعه إن شاء الله تعالي.
(1) كذا في بعض النسخ، وفي بضعها الآخر: موافقة.
(٢٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الظنّ (26)، الخوف (78)، الجواز (26)

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

والفرض الثاني هو الأمر والنهي وكل منهما علي ضربين: واجب وندب.
فما وجب فعله عقلا أو سمعا، الأمر به واجب، وما ندب إليه، الأمر به مندوب وما قبح عقلا أو (1) سمعا "، النهي عنه واجب، وما كره منهما، النهي عنه مندوب.
والأمر والنهي علي مقتضي الأصول عبارة عن قول الأعلي للأدني: أفعل، أو لا تفعل، مقترنا بالإراداة والكراهة، وفيما قصدناه عبارة عما أثر وقوع الحسن وارتفاع القبيح من الغير من الأقوال والأفعال.
وطريق وجوب ما له هذه الصفة السمع وهو الإجماع، دون العقل، إذ لو كان العقل طريقا لوجوبه لاشترك فيه القديم والمحدث، وذلك يقتضي وقوع سائر الواجبات وارتفاع سائر القبائح، لكونه سبحانه قادرا علي حملهم علي ذلك كما يجب مثل ذلك علي كل متمكن منا، والمعلوم بخلاف ذلك.
وأيضا وكل شئ وجب عقلا فإنما وجب لما هو عليه كالصدق والانصاف، أو لكونه لطفا كالعلم بالثواب والعقاب، فطريق العلم بوجوب حمل الغير علي
(1) في بعض النسخ: وسمعا.
(٢٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (26)، الزنا (26)، الخوف (52)، الجواز (26)
الواجب ومنعه من القبيح لكونه كذلك أو لكونه لطفا متعذر، وإنما علم ذلك بعد التعبد بسائر الفرائض الشرعية.
فما يتعلق منه بأفعال القلوب من إرادة الواجب وكراهية القبيح فرض يعم كل مكلف علمهما، وما عدا ذلك من الأقوال والأفعال المؤثرة في وقوع الحسن وارتفاع القبيح يقف وجوبه علي شروط خمس:
منها العلم بحسن المأمور وقبح المنهي، ومنها التمكن من الأمر والنهي، ومنها غلبة الظن بوقوع القبيح والاخلال بالواجب مستقبلا، ومنها تجويز تأثيرهما ومنها أن لا تكون فيها [فيهما. ظ] مفسدة.
واعتبرنا العلم، لأن الحمل علي ما يجوز الحامل كونه قبيحا، والمنع مما لا يقطع علي قبحه، بالقهر قبيح لا يحسن علي حال فضلا عن وجوبه، ولا سبيل إلي لقطع علي الحسن والقبح إلا بالعلم.
واعتبرنا قوة الظن بما يتوقع دون الماضي، لأن الغرض بهذا التكليف وقوع الواجب وارتفاع القبيح، والماضي لا يتقدر هذا فيه، والتجويز لو كفي في الايجاب لوجب الانكار علي كل من لا تعلم عصمته من أبرار الأمة وعبادها لتجويز وقوع القبيح منهم وذلك فاسد.
واعتبرنا التمكن، لقبح التكليف من دونه عقلا وسمعا.
واقتصرنا في الايجاب علي التجويز دون غلبة الظن بالتأثير، لأن أدلة إيجاب الأمر والنهي مطلقة غير مشترطة بظن التأثير، وإثباته شرطا يقتضي إثبات ما لا دليل عليه، ويؤدي إلي تقييد مطلق الوجوب بغير حجة.
وأيضا فقد علمنا وجوب الجهاد مع قوة الظن بأن المجاهد لا يؤمن، ومع حصول العلم بذلك يبطل اعتبار الظن في الوجوب.
إن قيل: إذا كان الغرض بالأمر والنهي حصول التأثير فينبغي إذا غلب
(٢٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (26)، الشهادة (26)، القتل (26)، الصّلاة (26)، الجواز (26)
الظن بعدمه أن يقبحا، لكون ذلك عبثا، ولهذا يقبح منا الانكار علي أهل الماصر ما يؤتونه [يأتونه. خ] فيه من أخذ الأعشار.
قيل: المقصود في هذا التكليف مصلحة من وجب عليه، والتأثير تابع، فجاز وجوبه وإن علم انتفاء التأثير كسائر المصالح.
وبعد يحس تكليف من علم حاله سبحانه وعلمنا أو ظننا أنه لا يختار ما كلف (1) ظاهرا وهو مانع من اعتبارهم وقوف الحسن علي التأثير.
وأيضا فجهاد الكفار واجب مع الامكان وحصول العلم تارة الظن أخري بعدم تأثيره الإيمان.
واتفاق الكل علي وجوب الانكار علي " أبي لهب " مع العلم بأنه لا يؤمن، وعلي كثير من الكفار المعلوم أو المظنون كونهم ممن لا يختار الإيمان، وذلك يبطل ما ظنوه.
وأما أصحاب الماصر فإنما قبح الانكار عليهم في كثير من الأحوال لحصول الخوف من ضررهم، أو استهزائهم بالمنكر، وذلك قبيح يحصل عند الانكار لولاه لم يحصل، ولا شبهة في سقوط فرض الأمر والنهي والحال هذه، لكونه مفسدة، ولهذا متي أمنا منهم الأمرين وجب الانكار عليهم وإن ظنننا ارتفاع التأثير، فواضح أن قبح الانكار عليهم إنما كان للمفسدة، لا لارتفاع الظن بالتأثير.
واشترطنا عدم المفسدة، لعلمنا بوجوب اجتناب ما أثر وقوع قبيح أو كان لطفا فيه، لقبحه كالقبيح المبتدأ، فالأمر أو (2) النهي متي كان سببا لوقوع قبيح من المأمور المنهي (3) أو من غيره بالأمر الناهي (كذا) أو بغيره، يزيد علي المنكر
(1) ما كلفه.
(2) والنهي.
(3) كذا.
(٢٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، مدينة مكة المكرمة (26)، القتل (26)، الضرر (78)، الضلال (26)، الوجوب (26)، الوصية (26)
أو ينقص، لولاه لم يقع، يجب الحكم بقبحه ووجوب اجتنابه، لأنه لا يجوز عقلا ولا سمعا من المكلف أن يختار القبيح ليرتفع من غيره.
وإذا تكاملت هذه الشروط ففرضهما علي الكفاية، إذا قام به بعض من تعين عليه سقط عن الباقين، لأن الغرض منهما وقوع الحسن وارتفاع القبيح، فإذا حصل المقصود ببعض من تعين عليه لم يكن لتكليف الباقين وجه، وإن لم يقم به أحد فكل مخاطب به، ومستحق لذم الاخلال وعقابه.
والواجب من ذلك ما يغلب في الظن حصول الواجب وارتفاع القبيح معه فإن ظن مكلفه أن الدعوة والتذكار والتنبيه علي قبح الفعل والاخلال وعظيم المستحق بهما، كاف اقتصر عليه، فإن أثر حصول المقصود وإلا انتقل إلي اللعن والتغليظ في الزجر والتهديد فإن أثر وإلا انتقل إلي الضرب والايلام وإلي أن يقع الواجب ويرتفع القبيح.
فإن غلب في الظن ابتداءا عدم تأثير القول، ابتدأ بما يظن كونه مؤثرا من الفعل وما زاد عليه، حتي يحصل المقصود من وقوع الواجب وارتفاع القبيح فإن أدي ذلك إلي فساد عضو أو تلف نفس فلا ضمان علي المنكر.
وليس لأحد أن يقول: أي فائدة في وقوع الحسن وارتفاع القبيح عن الجاء منافاته (1) للتكليف؟
لأن في ذلك وجوها حكمية:
منها كونه لطفا للأمر الناهي بغير شبهة.
ومنها أنه ليس كلما يقع من حسن عند الأمر وارتفع من قبيح عند النهي يحصل عن الجاء.
ومنها أن الالجاء يختص أفعال الجوارح، فيصح أن يصحبها (2) العزم علي
(1) كذا في بعض، ولعل الصحيح: مع منافاته.
(2) يصححها.
(٢٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (26)، النهي (52)، القتل (78)، الضرر (208)، الصبر (26)، الجواز (26)، الوجوب (104)
تأدية الواجب واجتناب القبيح للوجه الذي له كانا كذلك.
ومنها كون ذلك لطفا في المستقبل للمأمور المنهي ولغيره من المكلفين من حيث كان علم العاقل أنه (1) متي دام القبيح منع منه ومتي عزم علي الاخلال بالواجب حمل عليه، يبعثه بغير شبهة علي فعل الواجب ابتداءا واجتناب القبيح.
يوضح هذا علمنا بكثرة الواجبات وقلة القبائح في أزمنة التمكن من الأمر والنهي وفي الأمكنة.
ولهذا قال أهل العدل: إنه متي علم القديم سبحانه أن الجاء المكلف إلي فعل حسن واجتناب قبيح يبعثه إلي اختيار مثله من الحسن واجتناب مثله من القبيح أو خلافهما (2) وجب في حكمته سبحانه فعل ذلك الالجاء كوجوب مثله علينا مع الأمر والنهي.
(1) بأنه. ظ.
(2) كذا.
(٢٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (26)، النهي (26)، الظنّ (52)، القتل (52)، الظلم (52)، الضرر (52)، الخوف (104)، الإقامة (26)

الاكراه وأحكامه

فصل في ذكر الاكراه وأحكامه ما قدمناه من أحكام الكفار والفساق وما يتعلق بهم ولهم من التعبد يختص المختارين، وللمكرهين أحكام أخر يجب بيانها، وما يقع به الاكراه، وما يكون به إكراها مؤثرا، وما يؤثر فيه الاكراه، وما لا يؤثر.
فأما ما يقع به الاكراه، فالخوف علي النفس متي فعل الحسن واجتنب القبيح، لحصول الإجماع بكون ذلك إكراها، وعدم دليل بما دونه من ضروب الخوف، فلا يجوز الانتقال عن لزوم فعل الواجب واجتناب القبيح المعلوم وجوبهما إلا بدليل قاطع.
وأيضا فلو كان ما دون الخوف علي النفس إكراها لم يقف علي كثير من يسير، فيؤدي ذلك إلي أن من خاف ضياع درهم واحد من كثير ماله أو لطمة ولده، أن يترك سائر الواجبات يفعل جميع القبائح، والمعلوم خلاف ذلك، فثبت اختصاصه بالخوف علي النفس.
مع ارتفاع الظن من التمكن من فعل الواجب واجتناب القبيح من دون ذلك.
فإذا حصل شرطا الاكراه المذكوران فما أكره عليه المكلف من فعل القبيح
(٢٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (26)، النهي (52)، الزنا (26)، الصّلاة (26)، الترتيب (26)
والاخلال بالواجب علي ضربين: أحدهما لا يصح فيه الاكراه وحكمه معه حكم الايثار، والثاني يصح فيه الاكراه.
فالأول أفعال القلوب كلها لأن المكره لا سبيل له إلي علمها، فلا يصح الالجاء إلي شئ منها، وما يصح فيه الاكراه أفعال الجوارح، وهي علي ضربين: أحدهما لا يؤثر فيه الاكراه، والثاني يؤثر فيه.
فالأول القبائح الفعلية كلها كالظلم والكذب، لأنها إنما قبحت لما عليه، ولا تعلق لها بغيرها، فلا يجوز أن يؤثر فيها الاكراه حسنا، ومن السمعيات الزنا بإجماع الأمة وشرب الخمر بإجماع الفرقة المحقة.
والثاني الواجبات العقلية والسمعية وما عدا ما ذكرناه من المحرمات.
فأما الواجبات فيؤثر فيها التأخير عن أوقاتها، وتغير كيفياتها، والنيابة فيها، وسقوط ما لا يصح ذلك فيه (1).
وأما المحرمات فيؤثر إباحتها كالميتة ولحم الخنزير والصيد في الحرم أو الإحرام وغير ذلك.
وقلنا بتغير الوجوب في العقليات بالاكراه لأن كل شئ حسن أو واجب فمشترط بانتفاء وجوه القبح، فإذا حصل في رد الوديعة أو قضاء الدين الخوف علي النفس فذلك وجه قبيح يقتضي تأخير الرد والقضاء.
وأما الشرعيات فمبنية علي المصالح والمفاسد التي يصح تغيرها فإذا قرر الشرع تأثير الاكراه في بعضها حصل العلم للمكلف بتغير المصلحة والمفسدة كتغيرهما في كثير من الأحوال متي اختل شرط من شروط الإيجاب أو التحريم.
فأما إظهار كلمة الكفر أو إنكار الإيمان أو كتمان كلمة مع الخوف علي النفس مع الامساك عن الأولة وإظهار الثانية فيختلف الحال فيه.
(1) كذا.
(٢٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الأكل (52)، الضرر (26)، الوجوب (26)
فإن كان مظهر الإيمان والحجة به ومنكر الكفر والممتنع من إظهار شعاره في رتبة من يكون ذلك منه إعزازا للدين كرؤساء المسلمين في العلم والدين والعبادة وتنفيذ الأحكام، فالأولي به إظهار الإيمان والامتناع من كلمة الكفر، فإن قتل علي ذلك فهو شهيد، ويجوز له ما أكره عليه.
وإن كان من أطراف الناس وممن لا يؤثر فعله ما أكره عليه أو اجتنابه عزا (1) في الدين ففرضه ما دعي إليه فليور في كلامه ما يخرج به عن الكذب، ولا يحل له ما جاز لمن ذكرناه من رؤساء الملة علي حال.
فأما الاكراه علي مكان معين فحكمه حكم ما لا ينفك الإقامة منه، فإن كان ما يؤثر فيه الاكراه كتأخير الصلاة وأكل الميتة حل له المقام مع الاكراه وتعذر التخلص، وإن كان مما.. (2) بل أفحشها فماله قبحت الإقامة مع القبيح له يقبح معه (3).
ولأنه مقتض لإجراء أحكام الكفر علي مظهره (4) فلا يجوز له ذلك مع الاختيار علي حال.
الثاني ألا يكون الإقامة مؤثرة لوقوع قبيح ولا شعار كفر لولاها لم يقعا، فيحل وإن لم يتمكن المقيم من الانكار بلسانه ولا يده، فيقتصر علي ما يختص القلب من كراهية القبيح والعزم علي إنكاره متي تمكن منه.
وقلنا ذلك لأن الإقامة لو قبحت بحيث يقع الكفر المتعذر إنكاره مع كراهية، لقبحت الإقامة في كل دار وقع فيها كفر ما أو فسق لا يتمكن المقيم من
(1) كان في الأصل: عصا. والظاهر ما أثبتناه.
(2) هنا بياض في النسخ.
(3) كذا في النسخ.
(4) كذا.
(٢٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الذبح (52)، الموت (78)، المنع (26)، النجاسة (26)، الجهل (26)، النصاري، النصراني (26)
إنكاره بيده ولسانه، وقد أجمع المسلمون علي خلاف ذلك.
يوضحه علمنا بإقامة رسول الله صلي الله عليه وآله بمكة وهي دار كفر مع تعذر الانكار وكذلك حال أمير المؤمنين عليه السلام في المدينة في خلافة المتقدمين عليه في مقام الإمامة، وحال ذريته بكل دار دخلوها من دور أهل الضلال وحال جميع علماء القبلة وعبادها. وذلك برهان علي أن الإقامة بدار الكفر لا يقبح من حيث كانت إقامة بها وإنما يقبح إذا كانت مقيدة (1) وإن كان الأولي تجنبها إلا أن يكون المقيم متمكنا من المظاهرة بالحق ونصرته بالحجة، فيكون الإقامة أفضل.
وليس لأحد أن يقول: إن الإقامة مع الامساك عن النكير إبهام.. (2) وصية (3) من وراء ذلك لأنه أقام بها لمصلحة دينية أو دنيوية لإنكارها (4) للكفر لولا هذا لقبحت الإقامة بكل دار يقع فيها شئ منكر لغير الانكار لأنه لا وجه لحضورها إلا الرضا بالقبيح فلذلك قبحت وليست هذه حال الإقامة بدار الكفر علي ما سلف بيانه.
إن قيل: أليس العاقل يعلم وجوب التحرز من الضرر فكيف يحسن منه مع هذا أن يتعرض لضرر التلف باجتناب ما لا يؤثر فيه الاكراه من القبائح ولا يحسن منه التحرز بما أكره عليه من القبيح من ضرر القتل.
قيل التحرز من الضرر وإن كان واجبا فقد بينا أن كل شئ وجب فيشترط انتفاء (5) وجوه القبح، وهاهنا وجه قبح يخرج التحرز عن صفة الحسن فضلا عن الوجوب.
(1) كذا.
(2) هنا بياض في النسخ.
(3) كذا.
(4) في بعض النسخ: لا كارها.
(5) فمشترط بانتفاء.
(٢٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (104)، النجاسة (52)، العذرة (26)
وأيضا فإن وجوب التحرز من الضرر يقتضي وجوب التحرز من الأعظم بالأقل، وذلك يقتضي صبره علي ضرر القتل ليدفع به عظيم ضرر عقاب القبيح لانغماره في جنبه.
وأيضا فكما نعلم وجوب التحرز من الضرر نعلم وجوب تحمل الضرر لاجتلاب ما زاد عليه من النفع، فالقتل وإن كان ضررا ففي مقابلته نفع يوازيه وهو العوض المستحق علي القاتل، ونفع عظيم وهو الثواب علي اجتناب القبيح وتحمل ألم القتل وذلك مقتض لوجوبهما.
إن قيل: تراكم قد فصلتم بين فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين سائر الشرعيات لسقوط فرضهما بخوف أدني ضرر ولزوم فرض الشرعيات مع كل ضرر دون النفس، فما الوجه في ذلك؟
قيل: لا يجوز حمل الفرائض الشرعية بعض (1) علي بعض في لزوم أو سقوط، لكونها معلقة بما يعلم (2) سبحانه للمكلف من الصلاح المختص بزمان دون زمان، وبشرط دون شرط، وبمكلف دون مكلف، بل يجب الحكم لكل منها بحسب ما قرره الشرع، وقد علمنا بإجماع الأمة وقوف فرض الأمر والنهي علي الشروط التي بيناها وتميز الشرعيات منه ووجوبها من دون ذلك، فلا يصح الجمع بين التكليفين مع وضوح التعبد بفرقان ما بينهما.
وأيضا فإن المقصود من الأمر والنهي مع ما فيه من لطف الأمر والناهي وقوع الواجب من الغير وارتفاع القبيح، فإذا صار سببا لوقوع القبيح منه قبح فعلهما من حيث قبح من المكلف إيثار القبيح لأن لا يختاره غيره، كما يقبح دفع الضرر عن الغير بإدخاله علي أنفسنا.
(1) كذا.
(2) كان في الأصل: بما يعظم، والظاهر ما أثبتناه.
(٢٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الأكل (104)، الطعام (52)، النجاسة (52)، الجواز (26)، الكراهية، المكروه (52)
وليست هذه حال ما كلفه العاقل من فعل الفرائض واجتناب المحرمات الشرعيات ابتداء لأنه غير ممتنع لزومها له وإن خاف علي نفسه، ولا يكون ما يفعله من واجب أو يجتنبه من قبيح مفسدة لأجل ما يختاره غيره من القبيح بظلمه، من حيث كان علمه بوجوب الفرائض عليه وقبح القبائح علي كل حال ومع كل خوف دون القتل ومع خوفه في القبائح المخصوصة يؤمنه من كون شئ منها مفسدة ويكون ذلك دلالة له (1) أن هذا المختار للقبيح، عند امتثاله ما كلفه فعلا واجتنابا لا بد أن يختاره، وقع منه الامتثال أم لا، لولا هذا لسقطت سائر العبادات وحسنت جميع القبائح الشرعيات عند ظن مكلفها إيثار غيره بعض القبائح، والمعلوم خلاف ذلك.
يوضح ذلك من امتثل ما كلفه من فعل الواجب واجتناب القبائح مع خوف الضرر لا يخلو أن يقع به ذلك الضرر أم لا فإن لم يقع فقد تجرد تكليفه من المفسدة بغير شبهة، وإن وقع فباختيار الظالم وقع، ووقوعه في الوقت الذي وقع فيه كاشف عن كونه معلوما له تعالي، وما تعلق العلم بوقوعه في وقت معين لا بد من وقوعه فيه، وذلك برهان واضح علي أن طاعة هذا المظلوم ليست لطفا في ظلم غيره، ولا يلزم مثل ذلك مع خوف القتل لما بيناه من حصول الاتفاق علي تأثيره في التكليفين، وكون ذلك دلالة علي تغير المصلحة والمفسدة، وحالنا فيما دونه بخلاف ذلك فافترق الأمران.
وهذا يسقط اعتراض من يقول: أليس الجهاد عندكم من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد يحسن فعله ويجب مع حصول الظن بل العلم بوقوع قبيح لولا الجهاد لم يحصل، لأن الجهاد في الحقيقة من جملة العبادات الشرعية كالصلاة وإقامة الحدود التي قرر الشرع وجوبهما وإن وقع عندهما قبيح
(1) علي
(٢٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (52)، النهي (26)، القصاص (26)، السجود (26)، الصيام، الصوم (26)، الكراهية، المكروه (52)
ولا يكون ذلك مقتضيا لقبحه كما لم يكن ما يقع عند فعل الصلاة واجتناب الزنا من القبيح مصلحة مقتضية لقبحهما لما سلف إيضاحه.
وبعد فالجهاد وإن كان من عبادات المجاهد فالمقصود منه عقاب المجاهد علي ماضي كفره كالحدود، فكما لا يقتضي قبح استيفائها (1) إيثار من يستحق عليه القبيح عندها باتفاق وكذلك حكم الجهاد ولهذا يجب القصد به إلي إضرار الكافر علي جهة الاستحقاق والنكال كالحدود، وليست هذه حال الأمر والنهي المقصود بهما وقوع الواجب وارتفاع القبيح دون إضرار المأمور المنهي.
وببعض ما ذكرناه تسقط شبهة من يقدح في النبوات بجهاد الكفار، من حيث كان ذلك يقتضي إلجاءهم إلي الإيمان، الذي لا يصح التكليف معه، لأن كونه عقابا علي ماضي الكفر يسقط الشبهة المبنية علي كون الجهاد مقصودا به إيمان الكفار، فإذا لم يكن كذلك زال الترتيب (2) في سقوطها.
علي أنه لو كان مختصا بالحمل علي الإيمان كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكان الوجه فيه ما تقدم بيانه من مصلحة المجاهد والمجاهد وغيرهما علي الوجه الذي يصح ذلك (3).
(1) استينافها، كذا في بعض النسخ.
(2) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: الريب.
(3) هنا بياض في أكثر النسخ، وفي بعضها: تم الكتاب بعون الله.
(٢٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: القمار (اللعب بالقمار) (52)، الباطل، الإبطال (26)، السجود (26)، البيع (26)، الغناء (26)، الدواء، التداوي (26)

باب تعيين المحرمات [وهي ثمانية فصول]

اشاره

بسم الله الرحمن الرحيم (1) باب تعيين المحرمات إذا كان ما عدا واجبات العقول ومندوباتها وقبائحها علي الإباحة، لأنه القسم الرابع في أوائل العقول كالحسن والقبيح، ولكونه نفعا خالصا لا ضرر فيه، وحصول العلم الأول بإباحة ما له هذا الحكم - وقد استوفينا الكلام في ذلك في غير موضع - وقف العلم بنقل العلم (2) بنقلها عن هذا الأصل إلي وجوب أو ندب أو تحريم علي السمع، وقد بينا فيما سلف ما ورد به السمع من العبادات فرضا ونفلا، ونورد هاهنا ما ثبت تحريمه من المآكل والمشارب والمدركات وضروب التصرف والمناكح وتفصيل ذلك، ليعلمه المكلف فيجتنبه ويستبح ما عداه.
فصل في بيان ما يحرم أكله ما يحرم أكله علي ضربين: أحدهما يتعلق التحريم بعينه، الثاني بوقوعه
(1) كذا في بعض نسخنا.
(2) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: وبنقلها ولعل الصحيح: وقف العلم بنقله عن هذا..
(٢٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (26)، الباطل، الإبطال (26)، الظلم (52)، الضلال (26)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (26)

1 - ما يحرم أكله

بسم الله الرحمن الرحيم (1) باب تعيين المحرمات إذا كان ما عدا واجبات العقول ومندوباتها وقبائحها علي الإباحة، لأنه القسم الرابع في أوائل العقول كالحسن والقبيح، ولكونه نفعا خالصا لا ضرر فيه، وحصول العلم الأول بإباحة ما له هذا الحكم - وقد استوفينا الكلام في ذلك في غير موضع - وقف العلم بنقل العلم (2) بنقلها عن هذا الأصل إلي وجوب أو ندب أو تحريم علي السمع، وقد بينا فيما سلف ما ورد به السمع من العبادات فرضا ونفلا، ونورد هاهنا ما ثبت تحريمه من المآكل والمشارب والمدركات وضروب التصرف والمناكح وتفصيل ذلك، ليعلمه المكلف فيجتنبه ويستبح ما عداه.
فصل في بيان ما يحرم أكله ما يحرم أكله علي ضربين: أحدهما يتعلق التحريم بعينه، الثاني بوقوعه
(1) كذا في بعض نسخنا.
(2) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: وبنقلها ولعل الصحيح: وقف العلم بنقله عن هذا..
(٢٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (26)، الباطل، الإبطال (26)، الظلم (52)، الضلال (26)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (26)
علي وجه.
الضرب الأول: البغل والخنزير والكلب والسنور والقرد والدب والفيل والثعلب والأرنب والضب واليربوع والفأر والسلحف (1) والقنفذ والدبي من الجراد وكل ذي ناب ومخلب من الوحش وكل ذي مخلب من الطير وما لا حوصلة له ولا قانصة وما لا فلس له من المسك ودواب البحر وحشار الأرض والدم المسفوح والطحال والقضيب والأنثيان والغدد والمشيمة والمثانة والطين وبيض ما لا يؤكل لحمه ولبنه وما اتفق طرفاه من مجهول البيض والسموم القاتلة.
الضرب الثاني: ميتة ذوات الأنفس السائلة ابتداء، أو منخنقة بماء أو حبل أو غيرهما، أو غير متحركة بعد الذبح، أو لم يسل منها دم، أو موقوذة بحجر أو عصا (2) أو بندق، أو متردية من علو، أو فائتة بالنطح، أو أكيلة سبع، أو مقتولة طعنا أو ضربا مع إمكان الذكاة، أو مقتولة بما عدا كلب المسلم المعلم، أو إرساله من الجوارح، أو يذبح لغير الله تعالي، أو من دون التسمية تدينا، أو بفعل كافر كاليهود والنصراني (3)، أو جاحد النص، أو بذكاة في غير محلها، وقتيل مصيد الطير بغير النشاب، وما قطع من الحيوان قبل الذكاة وبعدها قبل أن تجب جنوبها وتبرد بالموت. - وكل هذه المذكورات ميتة وإن اختلف جهات موتها - وصيد الحرم علي المحل والمحرم، وصيد الحل علي المحرم، وما نبت لحمه بلبن الخنزير من الأنعام، وما أدمن شرب النجاسات حتي يمنع منها عشرا، أو جلالة الغائط حتي تحبس الإبل والبقر أربعين يوما والشاة سبعة أيام والبط والدجاج خمسة أيام، وروي في الدجاج
(1) السلحفاء.
(2) في بعض النسخ: أو حصا.
(3) والنصاري.
(٢٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (26)، القرآن الكريم (26)، الصّلاة (26)، الكراهية، المكروه (52)، الأذان (26)، الإقامة (26)
خاصة بثلاثة أيام، وجلالة ما عدا العذرة من النجاسات حتي تحبس الأنعام سبعا والطير يوما وليلة، ومنكوح الإنسان من الأنعام، وكل طعام شيب بشئ من المحرمات أو النجاسات، وطعام الكفار، وما باشروه ببعض أعضائهم، وما شرب عليه الخمر من الطعام، والطعام في آنية الذهب والفضة، والطعام في جلود الميتة والأنجاس من الحيوان وإن دبغت، وجلود السباع بعد الذكاة وقبل الدباغ [قبل الذكاة وبعد الدباغ. كذا في نسخة].
(٢٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: الزنا (52)، النفاس (26)، الحيض، الإستحاضة (52)، الإفطار (52)

2 - ما يحرم شربه

فصل في ما يحرم شربه قليل المسكر وكثيره خمر محرم وإن اختلفت أجناسه من عنب أو زبيب أو تمر أو عسل أو غير ذلك، نيا كان أو مطبوخا أو مشمسا، والفقاع، وأعيان النجاسات المايعات، وما نجس من الطاهرات، والشرب فيما لا يجوز الأكل فيه من الأواني، والمعاقرة بالماء وغيره من أنواع الأشربة الحلال من دونها.
فصل فيما يكره أكله وشربه يكره أكل الكليتين، والنخاع، والعروق، وأذني القلب، والمرارة، وحبة الحدقة، وخرزة الدماغ، وجرجير البقل، ولحوم الجواميس، والبخت وحمر الوحش والأهلية، ولحم الغريض، والأكل باليد اليسري، وبملعقة (1)، ومتكئا، ومما يلي غيره ومن وسط الصحفة والطعام الحار، وطعام من لم يدع إليه، وطعام من دعا له الأغنياء دون الفقراء، وطعام ولائم القبائح والافراط في الشبع وعرق العظم.
ويكره شرب الماء بالليل قائما، والعب، والنهل في نفس واحد، ومن ثلمة الكوز، ومما يلي الأذن، وشرب الماء المالح والكبريتي والمتغير اللون أو الطعم أو الرائحة بغير النجاسات.
(1) كان في الأصل: وبمعقله، والظاهر ما أثبتناه.
(٢٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرضاع (156)، الزوج، الزواج (26)

3 - ما يكره أكله وشربه

فصل في ما يحرم شربه قليل المسكر وكثيره خمر محرم وإن اختلفت أجناسه من عنب أو زبيب أو تمر أو عسل أو غير ذلك، نيا كان أو مطبوخا أو مشمسا، والفقاع، وأعيان النجاسات المايعات، وما نجس من الطاهرات، والشرب فيما لا يجوز الأكل فيه من الأواني، والمعاقرة بالماء وغيره من أنواع الأشربة الحلال من دونها.
فصل فيما يكره أكله وشربه يكره أكل الكليتين، والنخاع، والعروق، وأذني القلب، والمرارة، وحبة الحدقة، وخرزة الدماغ، وجرجير البقل، ولحوم الجواميس، والبخت وحمر الوحش والأهلية، ولحم الغريض، والأكل باليد اليسري، وبملعقة (1)، ومتكئا، ومما يلي غيره ومن وسط الصحفة والطعام الحار، وطعام من لم يدع إليه، وطعام من دعا له الأغنياء دون الفقراء، وطعام ولائم القبائح والافراط في الشبع وعرق العظم.
ويكره شرب الماء بالليل قائما، والعب، والنهل في نفس واحد، ومن ثلمة الكوز، ومما يلي الأذن، وشرب الماء المالح والكبريتي والمتغير اللون أو الطعم أو الرائحة بغير النجاسات.
(1) كان في الأصل: وبمعقله، والظاهر ما أثبتناه.
(٢٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرضاع (156)، الزوج، الزواج (26)

4 - ما يحرم ادراكه ويكره

فصل فيما يحرم إدراكه يحرم سماع العود والطنبور وكل ذي وتر مطرب والطبول والمزامير وسائر الأغاني وآلاتها كالقضيب [كالقصب ظ] وشبهه - والنوح (1) بالباطل، ومدح من يستحق الذم، وذم من يستحقه (2) والكذب، - ومنه الاسمار وقصص القصاص بالمغازي المخترعة أو المزيد فيها - والنميمة، وغيبة أهل الإيمان، وجميع الأقوال القبيحة كالأمر بالقبيح والنهي عن الحسن، ورؤية من حرم الله تعالي من النساء ومباشرتهن، والاصغاء إلي حديثهن، والتلذذ برؤية المرد (3) للريبة (4) ومباشرتهم، ومشاهدة المنكرات لغير الانكار.
فصل فيما يكره من ذلك يكره سماع الشعر الحسن في زمان الصوم وليلة الجمعة ويومها وفي المساجد، والغزل منه علي كل حال، والأقوال الخالية من غرض ديني ودنيوي.
(1) في بعض النسخ: والفرح بالباطل.
(2) في بعض النسخ: يستحق المدح.
(3) في بعض النسخ: المرء: والظاهر ما أثبتناه.
(4) في بعض النسخ: المريبة.
(٢٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (104)، الرضاع (78)، الزنا (52)

5 - ما يحرم فعله

فصل فيما يحرم فعله يحرم آلات الملاهي كالعود والطنبور والطبل والمزمار وأمثال ذلك، و إعمالها للاطراب بها، والغناء كله، والنوح بالباطل، ومدح من يستحق الذم وذم من يستحق المدح بمنظوم أو منثور من الكلام، وعمل النرد والشطرنج وسائر آلات القمار، واللعب بها، والقمار، وعمل الصلبان والأصنام والتماثيل وعمل آلات الأشربة المحرمة، وصناعتها، وغرس المعتصرة (1) منه لذلك، وعمارته وسقيه وقطافه وصرامه وحمله وعصاره وابعاؤه، (2) وتركيب الأدوية المحرمة والسموم القاتلة، وافتتاح (3) المؤذيات كالسباع والهوام والكلب العقور، وخصاء (4) شئ من الحيوان، وذبح ما لم يرد الشرع بذبحه، وإيلام ما لم يرد بإباحة ذلك منه، وتعدي ما أبيح من الانتفاع بالحيوان، وعمل الزينة للرجال، ووشم وجوه النساء وتدليسهن بزخرفة الأفعال، وزخرفة المساجد، وتعدي المشروع في بنائها، وزخرفة المصاحف، وبناء البيع والكنائس وبيوت
(1) في بعض النسخ: المعصرة منه.
(2) كذا في النسخ.
(3) كذا في النسخ.
(4) كان في الأصل: وخصي، والظاهر ما أثبتناه.
(٢٨١)
صفحهمفاتيح البحث: الخصومة (26)، الباطل، الإبطال (26)، البيع (26)، اللعن (26)
النيران وغير ذلك [من] معابد أهل الضلال، والرمي عن قوس الجلاهق، والبخس والتطفيف في الكيل والوزن، والغش في جميع الأشياء، والجمع بين أهل الفسق للفجور، وعمل السلاح وغيره لمعونة أعداء الدين من ضروب المحاربين، والمظالم، (1) ومعونة فاعلي القبائح وأصناف الظالمين والمتغلبين علي البلاد ومؤيدي (2) ذلك بشئ من الأقوال أو الأفعال أو الآراء، وتجديد (3) الكفر والشبه القادحة في الأدلة في الصحف عرية من النقض بالحجة، والنطق بقبيح الأقوال من الكذب والغيبة وغيرهما، والسعي والبطش في شئ من القبائح العقلية والسمعية، وحضور مجالس اللهو والمناكر، والحكم والفتيا بالباطل أو بما لا يعلمه الحاكم والمفتي حقا، وتعلم شئ من هذه الأعمال المحرمة، وتعليمها، وإرادة شئ من القبائح وكراهية الواجب.
(1) كذا. ولعل الصحيح: الظالم.
(2) في بعض النسخ: مريدي ذلك.
(3) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: تجليد، وقال في السرائر: وإيراد الشبه القادحة وتخليدها - بالخاء - الكتب من غير نقض لها.
(٢٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (26)، اللعن (26)

6 - المكاسب المحرمة

فصل فيما يحرم من المكاسب كل شئ ثبت تحريمه لعينه أو لوقوعه علي وجه أو علمه أو عمله أو تعليمه، فثمنه وأجر عمله وحمله وابعائه (1) وحفظه والمعونة عليه بقول أو فعل أو رأي والتعوض عنه محرم، وأجر تعليم المعارف والشرايع وكيفية العبادة من النظر فيها والفتيا بها وتنفيذ الأحكام وتلقين القرآن وعقد الجمع والجماعات والأذان والإقامة وتغسيل الأموات وتجهيزهم وحملهم والصلاة عليهم ومواراتهم وجهاد الكفار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائر العبادات والمعونة علي ذلك محرم.
فصل فيما يكره من المكاسب يكره التكسب بالصرف وصياغة الذهب والفضة وذبح الحيوان والنياحة والحجامة والنساجة وبيع الأكفان والاطراق واحتكار الغلات.
(1) كذا.
(٢٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (26)، اللعن (26)

7 - المكاسب المكروهة

فصل فيما يحرم من المكاسب كل شئ ثبت تحريمه لعينه أو لوقوعه علي وجه أو علمه أو عمله أو تعليمه، فثمنه وأجر عمله وحمله وابعائه (1) وحفظه والمعونة عليه بقول أو فعل أو رأي والتعوض عنه محرم، وأجر تعليم المعارف والشرايع وكيفية العبادة من النظر فيها والفتيا بها وتنفيذ الأحكام وتلقين القرآن وعقد الجمع والجماعات والأذان والإقامة وتغسيل الأموات وتجهيزهم وحملهم والصلاة عليهم ومواراتهم وجهاد الكفار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائر العبادات والمعونة علي ذلك محرم.
فصل فيما يكره من المكاسب يكره التكسب بالصرف وصياغة الذهب والفضة وذبح الحيوان والنياحة والحجامة والنساجة وبيع الأكفان والاطراق واحتكار الغلات.
(1) كذا.
(٢٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (26)، اللعن (26)

8 - ما يحرم من النكاح

فصل فيما يحرم من النكاح تحريم الاستمتاع بالمباشرة علي ضروب ستة:
منها تحريم ذلك بما عدا النساء، ومنها بهن من غير عقد ولا ملك يمين، ومنها بهن بعدهما في حال دون أخري، ومنها تحريمه بأعيان منهن بهما (1) علي كل حال، ومنها تحريمه معهما في حال دون حال، ومنها تحريم ذلك عليهن بعض ببعض.
الضرب الأول: التلوط بالغلمان ومباشرتهم بضم أو تقبيل أو اضطجاع، وإتيان جميع البهائم، والاستمناء.
الضرب الثاني: الزنا ومقدماته من رؤية وضم وتقبيل ومحادثة وخلوة واضطجاع.
الضرب الثالث: وطؤ الحائض والنفساء حتي تطهرا، والمستحاضة حتي تستنجي، والمظاهر منها قبل التكفير، والمعقود عليها بعد الزنا حتي تستبرئ والمحرم حتي يحل، وبالمحرمة حتي تحل، والصائم حتي يفطر، وبالصائمة حتي تفطر، وبالأمة المبتاعة حتي تستبرئ بحيضة، وبالأمة الحامل من غير المبتاع حتي تضع.
(1) كذا.
(٢٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (26)، شهر شعبان المعظم (26)، الصيام، الصوم (26)، العقد (26)، الزنا (26)، الكسب (26)، الخمس (26)، التصدّق (26)، البيع (26)
الضرب الرابع: الأسباب الموجبة للتحريم علي كل حال ثلاثة: نسب ورضاع وسبب ليس بنسب ولارضاع.
والمحرمات بالنسب ست: الأمهات وإن علون، والولد وإن هبط، والأخوات من جميع الجهات، والعمات والخالات وإن ذهبن (1) في النسب، وبنات الأخوة وإن بعدت (2).
والمحرمات بالرضاع ست كالمحرمات بالنسب، مثال ذلك: غلام رضع من امرأة بلبن بنت لها فصار بذلك ولدا لها ولأبي ابنتها (3) وتحرم عليه وآباؤها (4) وأمهاتها وإن علون وأخواتها وأولادها من الفحل وغيره بالنسب خاصة، كما تحرم أم النسب وأمهاتها وأخواتها وأولادها، ويحرم الزوج وآباؤه وأمهاته و أخواته وأولاده من هذه المرضعة ومن غيرها بالنسب والرضاع كما يحرم أب النسب وآباؤه وأمهاته وأولاده وأخواته، وتحرم أولاد الأخوة بالرضاع من جميع الجهات كأولاد الأخوة بالنسب.
وإنما يقتضي التحريم بشروط:
منها أن يكون الراضع والمرتضع من لبنه ينقص سنهما عن الحولين، ومنها أن يكون لبن ولادة لا در.
ومنها أن يكون مما ينبت اللحم ويقوي العظم بكونه يوما وليلة أو عشر رضعات متواليات كل منها تملأ البطن لا يفصل بينهن برضاع امرأة أخري.
(1) كذا.
(2) كذا.
(3) في بعض النسخ: ولدا لها وأخا لابنتها.
(4) الظاهر زيادة جملة: وآباؤها.
(٢٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: القصاص (26)، الجهل (26)، الدية (26)
فمتي اختل شرط من هذه لم يثبت نسب (1) الرضاع.
وأما المحرمات بالأسباب أم المرأة المعقود عليها، وابنة المدخول بها، وأم المزني بها قبل العقد، وابنتها، وزوجة الأب وأمته المنظور إليها بشهوة، وزوجة الابن، وأمته الموطوءة، والزانية علي أب الزاني وابنه قبل العقد، والزانية وهي ذات بعل أو في عدة رجعية علي الزاني، وأم الغلام الموقب وأخته وابنته قبل العقد عليهن، والمعقود عليها في عدة معلومة، والمدخول بها في عدة علي كل حال، والمعقود عليها في إحرام معلوم، والمدخول بها فيه علي كل حال، والمطلقة للعدة تسعا يملكها بينها رجلان، والملاعنة، و المقذوفة من زوجها وهي صماء أو خرساء عليه.
وحكم الأم والأخت والبنت بالرضاع في هذا التحريم حكم ذوات النسب وحكم الإماء في التحريم بالنسب والرضاع والسبب حكم الحرائر.
الضرب الخامس المحرمات في حال دون حال: الكافرة حتي تسلم وإن اختلفت جهات كفرها، وأخت المعقود عليها حتي يثبت حلها بموت أو ردة أو لعان أو طلاق بائن أو تخرج عن عدة الرجعي، وأخت الأمة الموطوءة حتي تخرج عن الملك، والمعتمدة من الغير حتي ينقضي أجلها، والمطلقة للعدة ثلاثا حتي تتزوج ويطلق وتعتد، والمحرمة حتي تحل، والمحصنة حتي تبرأ عصمتها وتعتد، والخامسة حتي تنقص الأربع بموت أو ردة أو لعان أو طلاق بائن أو تخرج من عدة الرجعي، وبنت الأخ علي عمتها وبنت الأخت علي خالتها حتي تأذنا، والأمة علي الحرة حتي تأذن، والزانية حتي تتوب.
الضرب السادس: تحرم علي المرأة مباشرة من لا رحم بينها وبينه بضم أو تقبيل أو نظر لريبة، والنوم في إزار واحد علي كل حال، وما فوق ذلك من عمل قوم لوط في تمتع بعضهن ببعض علي جهة السحق.
(1) كذا في النسخ.
(٢٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (26)، العقد (26)، الإختيار، الخيار (26)، الجواز (26)

باب الاحكام وهي علي ضروب ثمانية

اشاره

باب الأحكام يلزم من يلي (1) بشئ من الأحكام الشرعية حكما أو فتيا أو عملا أن يعلم ما يلي (2) به والوجوه والشروط التي تصح عليها وتبطل.
لأن الحكم موجب للحكم علي الخصم في تسليم ما حكم به، ولا يحسن منه ذلك من دون العلم بجهة الاستحقاق وكيفيته.
والمفتي مخبر عن الله سبحانه بالايجاب والترغيب والتحريم والحكم فيجب كونه صادقا في خبره، والصدق في الفتيا متعذر من دون العلم.
والعامل مستبيح بعقد النكاح أو البيع أو الإجارة أو الإرث أو غير ذلك ما كان محرما قبل ذلك، ومحرما بالطلاق واللعان والظهار وأمثال ذلك ما كان محللا، فلا يحسن منه العمل في شئ من ذلك ولما يعلم حكم الله فيه، لقبح استحلال المحرم وتحريم المحلل من دون العلم بذلك من دينه تعالي.
وهو علي ضروب نذكرها ونفصل أحكامها.
إن قيل: أبينوا عن الأحكام الشرعية أمن العبادات هي أم من المحرمات؟
فإنا لم نجد أحدا من المصنفين أشار إلي ذلك فإن كانت خارجة عن القبيلتين
(1) في بعض النسخ: بلي.
(2) في بعض النسخ: بلي.
(٢٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (78)
فليست من الشرعية، وإن كانت داخلة في أحد النوعين وكيف (1) بذلك، ولا أحد من الأمة يقول: أن النكاح والطلاق والظهار والبيع إلي سائر الأحكام فرض ولا نفل ولا محرم.
قيل: من تأمل حال الأحكام علم لحوقها في التعبد بما يفعل من الطاعات وكونها طريقا إلي المحرمات.
أما دخولها في جملة العبادات فمن معلوم الملة تعبد الأئمة ومن استنابوه في التنفيذ بالحكم بمقتضاها من صحة أو فساد أو إمضاء أو رد أو تسليم أو استحقاق أو منع، كما تعبدوا بأخذ حقوق الأموال وصرفها في وجوهها و إقامة الحدود وغير ذلك مما يختصهم من التعبد ويلزم الأمة معونتهم عليه و نصرتهم فيه وثبوت تعبد العلماء بحفظها والفتيا بها علي الوجه الذي قرره الشرع منها ولزوم فرض العلم والعمل بها علي الوجه المشروع لكل مبتلي ليكون من الاستباحة والتملك والاستحقاق بالعقود الشرعية كالنكاح والبيع والإجارة وما يجري مجراها من الإرث وغيره ومن الفسخ والتحريم بالطلاق والظهار وما يناسبهما علي يقين.
وإذا وجب العلم والعمل بالأحكام مع اقتران المشقة بذلك لحقت بسائر العبادات المقصود بها التعريض للثواب، فالإباحة إذا إنما يتعلق بإرادة النكاح والبيع والإجارة والتصرف بعد العقد في المعقود عليه، دون العقد نفسه و الحكم به والخبر عنه، لأن الله تعالي تعبد العالم بأن يخبر بالأحكام علي ما علمه منها، ويعتقد صحة ما وافق المشروع فيها وفساد ما خالفه، وتعبد الحاكم أن يحكم بصحة العقد الموافق للمشروع وما يقتضيه من استحقاق وتسليم، و فساد ما خالفه، ويحكم بالفرقة مع الطلاق واللعان الشرعيين، التحريم مع
(1) فكيف. ظ.
(٢٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (26)، الزوجة (78)، الزوج، الزواج (104)، الإختيار، الخيار (26)
الظهار والايلاء الشرعيين، دون ما خرج عن ذلك، وتعبد مريد النكاح أو البيع أو الإجارة والطلاق واللعان والظهار بأن يعلم المشروع من ذلك، و يوقعه علي الوجه الذي علمه، ومريد الإرث بالعلم بما يثبت معه استحقاقه و يسقط، وأعيان المستحقين وترتبهم في الاستحقاق، وكيفية سهامهم فيه ليعلم ما يستحق من ذلك مما لا يستحق، فيقف العمل بحسبه (1)، ومن بلي بوديعة أو عارية أو رهن أو لقطة إلي غير ذلك أن يعلم ما قرره الشرع له من الأحكام فيعمل عليه.
وأما دلالتها علي المحرمات فإن ورود الشرع بتخصيص إباحة البضع أو التصرف في ملك الغير بعقود مخصوصة من طلاق أو لعان أو ظهار أو غير ذلك، يقتضي تحليله لثبوت العقد المبيح له من دونها، (2) وكذلك ثبوت النص بكيفية سهم الوارث وترتب الوارث يدل علي تحريم ما زاد علي المسمي علي من سمي له وتحريمه جملة علي من غيره أولي به.
ويجري ذلك مجري لو ابتدأ سبحانه بالنص علي تحريم ما عدا المشروع إذ لا فرق بين أن ينص تعالي علي تحريم البضع وتناول مال الغير بكل قول وفعل يخالف المشروع الآن في الاستباحة (كذا)، وبين أن ينص تعالي علي صفة العقد المقتضي للإباحة.
وكذلك لا فرق بين أن ينص علي تحريم الإرث علي الأخ وبين أن ينص علي استحقاق الولد جميع المال معه، إذ كون الولد أحق بالإرث دلالة علي تحريمه علي من هو أحق منه.
ووقوف استباحة البضع علي عقد غبطة أو متعة أو ملك يمين دلالة علي
(1) في بعض النسخ: العمل به بحسبه.
(2) كذا في جميع النسخ.
(٢٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (26)، الزوج، الزواج (104)، الزوجة (26)
تحريمه بغير ذلك.
ووقوف التصرف في ملك الغير وانتقاله علي عقد بيع أو هبة أو إجارة أو صدقة أو إرث إلي غير ذلك من العقود الشرعية دلالة علي قبح التصرف و فساد الانتقال من دونها أو مع إيقاعها بخلاف المشروع فيها.
فصار علي ما تراه المقصود بالأحكام مساويا للمقصود بسائر العبادات، و دلالة واضحة علي التحريم علي الوجه الذي ذكرناه.
ولدخول الأحكام في التكليف هذا المدخل، لم ندخلها في جملة ما يطلق عليه سمة العبادات ولا سمة المحرمات، لتعارف أهل الشريعة إطلاق سمة العبادات علي ما ابتدأ سبحانه بإيجابه كصلاة الخمس والزكاة وصوم الشهر، و الترغيب فيه كصلاة الليل والصدقة وصوم شهر شعبان، وليس النكاح والبيع والابتياع والإجارة والطلاق والظهار من ذلك بسبيل، (1) لأنه تعالي لم يبتدئ العاقل بالتعبد بشئ منه، وإنما تعبده إذا أراد استباحة البضع أن يعقد عقدا مخصوصا، وإذا أراد تحريمه بإيقاع مخصوص، وإذا أراد التملك بعقد مخصوص لا تصح الإباحة والتملك والتحريم من دونهما (2).
فلو وصفنا الأحكام بأنها عبادات لأوهم ذلك لحوقها بالصلاة والزكاة والصوم في كيفية التعبد، فوضع لها في عرف الشرع عبارة تبين بها من هذه العبادات المبتدأة وإن كان التعبد بها ثابتا علي الوجه الذي تقدم ذكره.
ولو وصفناها بأنها محرمات للحقت بالزنا وشرب الخمر والميتة والدم و أمثال ذلك من محرمات المآكل والمشارب والمناكح والمكاسب، وليست كذلك، وإنما هي دلالة علي التحريم، والدلالة علي المدلول عبادة كان أو
(1) في بعض النسخ: سبيل.
(2) من دونها. ظ.
(٢٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (26)، الزوجة (52)، الزوج، الزواج (104)، الصبر (26)، الإختيار، الخيار (52)، الجواز (26)
محرما غيره في الحقيقة.
فليتأمل ما نبهنا عليه من كيفية التعبد في الأحكام، فمن تأمله علم بلوغنا منه حدا في التحريم (1) لم نسبق عليه مع وضوح حجته وعظيم النفع بفهمه والضرر للجهل به.
والأحكام ضروب ثمانية:
منها أحكام العقود المبيحة للوطء.
ومنها أحكام الايقاعات الموجبة لتحريمه.
ومنها أحكام الذكاة وما يناسبها.
ومنها أحكام العقود والأسباب الموجبة للاستحقاق وإباحة التصرف في ملك الغير.
ومنها أحكام القصاص.
ومنها أحكام الديات.
ومنها قيم المتلفات وأرش الجنايات.
ومنها أحكام الحدود والآداب.
ويتبع ذلك تنفيذها والقضاء بها بين الناس.
(1) كذا.
(٢٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (26)، الزوج، الزواج (78)

1 - الضرب الأول من الاحكام: النكاح

اشاره

الضرب الأول من الأحكام النكاح علي ثلاثة أضرب: نكاح غبطة ونكاح متعة وملك يمين.
فأما نكاح الغبطة وهو نكاح الدوام، فمن شرط صحته الولاية، وعقد الولي له بلفظ مخصوص يقتضي الايجاب، وقبول المعقود له أو النائب عنه، والولاية مختصة بأب المعقود عليها وجدها له في حياته، فإذا حضرا فالجد أولي، و يصح لكل منهما أن يعقد من دون إذن صاحبه، والأولي بالأب إيذان أبيه.
فإذا سبق أحدهما إلي العقد لم يكن للآخر فسخه، فأين كانت صغيرة جاز عقدهما عليها، ولا خيار لها بعد البلوغ.
وإن عقد عليها غيرهما كان العقد موقوفا علي بلوغها وإمضائها، وإن كانت بالغا (1) لم يجز لهما العقد عليها إلا بإذنها، فإن عقدا بغير إذنها خالفا السنة، وكان عليها القبول ولها الفسخ، فإن أبت العقد بطل.
ولا يجوز لها العقد علي نفسها بغير إذنهما، فإن عقدت خالفت السنة، و كان العقد موقوفا علي إمضائهما.
فإن عضلاها بمنعها من التزويج بالأكفاء، كان لها أن تعقد علي نفسها بغير إذن منهما، ولم يكن لهما الفسخ.
(1) كذا.
(٢٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (52)، الزوج، الزواج (26)

النكاح الدائم

الضرب الأول من الأحكام النكاح علي ثلاثة أضرب: نكاح غبطة ونكاح متعة وملك يمين.
فأما نكاح الغبطة وهو نكاح الدوام، فمن شرط صحته الولاية، وعقد الولي له بلفظ مخصوص يقتضي الايجاب، وقبول المعقود له أو النائب عنه، والولاية مختصة بأب المعقود عليها وجدها له في حياته، فإذا حضرا فالجد أولي، و يصح لكل منهما أن يعقد من دون إذن صاحبه، والأولي بالأب إيذان أبيه.
فإذا سبق أحدهما إلي العقد لم يكن للآخر فسخه، فأين كانت صغيرة جاز عقدهما عليها، ولا خيار لها بعد البلوغ.
وإن عقد عليها غيرهما كان العقد موقوفا علي بلوغها وإمضائها، وإن كانت بالغا (1) لم يجز لهما العقد عليها إلا بإذنها، فإن عقدا بغير إذنها خالفا السنة، وكان عليها القبول ولها الفسخ، فإن أبت العقد بطل.
ولا يجوز لها العقد علي نفسها بغير إذنهما، فإن عقدت خالفت السنة، و كان العقد موقوفا علي إمضائهما.
فإن عضلاها بمنعها من التزويج بالأكفاء، كان لها أن تعقد علي نفسها بغير إذن منهما، ولم يكن لهما الفسخ.
(1) كذا.
(٢٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (52)، الزوج، الزواج (26)
وإن كانت ثيبا فالأولي أن لا نعقد إلا بإذنهما أو ترد الأمر إليهما، ويجوز لها تولي ذلك بنفسها من غير إذنهما.
وإن لم يكن لها جد ولا أب فالأولي بها رد ولايتها إلي بعض أهلها أو غيره من فضلاء المسلمين، وإذا وضعت نفسها في غير موضعها أو عقدت علي غير كفو، فلأبيها أو جدها فسخ العقد وإن كانت ثيبا.
واللفظ الموجب إذا كانت هي المتولية للعقد عليها: " قد زوجتك أو أنكحتك نفسي علي صداق مبلغه كذا " ويقول الولي: " فلانة بنت فلان " دون سائر الألفاظ من " أبحتك " و " حللت " و " وهبت لك " و " آجرتك " وغير ذلك.
والقبول أن يقول الزوج: " قد قبلت هذا النكاح " ويقول النائب عنه: " قد قبلت هذا النكاح لفلان بن فلان ورضيت به ".
فإذا تكاملت هذه الشروط انعقد النكاح (1) و [إن] لم يذكر المهر ويكون لها مهر مثلها.
ومن السنة في هذا العقد الاعلان به، واجتماع الناس له، والخطبة، و تعيين المهر، والإشهاد، وليس ذلك من شروطه.
وإذا عين المهر حين العقد لم يكن للزوجة غيره وإن كان درهما أو صاعا من بر أو ذرة أو ما نقص عن ذلك أو زاد عليه أضعافا كثيرة، ولا يصح العقد علي عين محرمة كالخمر ولحم الخنزير وعين الغصب.
ومهر المثل يعتبر فيه السن والنسب والجمال والتحصين، فإن نقص عن مهر السنة لم يكن لها غيره، وإن تجاوزه رد إليه، وهو خمسمائة درهم فضة أو قيمتها خمسون دينارا.
(1) كذا في النسخ، والظاهر: وإن لم يذكر.
(٢٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الفرج (52)، الجواز (26)
وإذا انعقد النكاح استحقت الزوجة الصداق، والزوج التسليم، إن كانت ممن يصح الدخول بها ببلوغها تسع سنين فما زاد، وإن نقصت سنها عن هذا وقف استحقاق الأمرين إلي حين البلوغ المذكور.
وإذا صح التسليم وحمل الزوج الصداق، كان له نقل الزوجة إلي بيته ولم يكن لها خيار، ولها الامتناع والتمكين ما لم تقبض جميعه، وإذا سلمت نفسها وقد قبضت شيئا لم يكن لها غيره إلا أن توافقه علي الباقي وتشهد عليه به، فإن ادعت باقيا ولم تكن لها بينة فعليه اليمين، وإن ثبت بالبينة أو الاقرار فلها مطالبته به وليس لها منع نفسها منه، وإنما لها ذلك قبل الدخول.
ولا يلزم الزوج قبل التسليم إنفاق ولا سكني إلا أن يكون ذلك من قبله مع صحته ببلوغها ومطالبته (1) فيلزمه الأمران.
وإذا تسلم الزوجة فعليه إسكانها من حيث تسكن (كذا)، والانفاق عليها بالمعروف علي الموسع قدره وعلي المقتر قدرة، ويلزمها طاعته في نفسها وملازمة منزله دون ما عدا ذلك، فإن قبضته في منزله فمنعت نفسها أو تسلطت عليه بالقول أو الفعل وعظها وخوفها الله تعالي فإن أثر ذلك وإلا هجرها بالأعراض عنها في مدخله ومخرجه ومبيته من غير إخلال بما يحفظ حياتها من غذاء ولباس، فإن أثر ذلك وإلا ضربها ضربا غير مبرح، وإن خرجت من منزله بغير إذنه أو بإذنه وامتنعت من الرجوع إليه فله ردها، وإن أبت فله تأديبها بالإعراض عنها وقطع الانفاق، فإن أصرت علي الشقاق وهي في منزله أو خارجة عنه رفع خبرها إلي الناظر في الأحكام ليبعث حكما من أهله وحكما من أهلها ينظران بينهما فإن أمكنهما الاصلاح أنجزاه وإن رأيا الصلاح في الفرقة أعلما الحاكم بذلك فألزم الزوج بالطلاق.
(1) هكذا كانت العبارة في جميع النسخ.
(٢٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: الفرج (26)، الموت (26)، الرضاع (26)، الوراثة، التراث، الإرث (26)، الخمس (52)، التصدّق (26)، البيع (26)
ولا يحرم وطؤ الزوجة إلا إيلاء أو ظهار ولا ينفسخ هذا العقد إلا بردة أو طلاق أو لعان أو موت أحد الزوجين.
ويجوز للحر أن يجمع بين أربع حرائر أو أمتين، والعبد بين أربع أماء أو حرتين، ويلزم الزوج إذا كان عنده أربع حرائر أو أمتان والعبد أربع إماء أو حرتان أن يعدل بينهن في المبيت، ولا يفضل واحدة علي أخري إلا أن ترضي.
ويجوز للحر إذا كان عنده حرتان أو ثلاث، وللعبد إذا كان عنده أمتان أو ثلاث أن يفضل إحديهن بما زاد علي ليلة لكل واحدة من أربع ليال، فيبيت عند أحد الثلاث ليلتين وعند كل واحدة ليلة، وعند الواحدة من اثنتين ثلاث ليال وعند الأخري ليلة.
وإذا سوي الزوج بين الأزواج في القسمة والمبيت والسكني والكسوة جاز له أن يفضل بعضهن علي بعض فيما زاد علي الواجب من سني الطعام واللباس.
وإذا تزوج الرجل بحرة فخرجت أمة، أو بنت حرة فخرجت بنت أمة، أو سليمة فخرجت برصاء أو عمياء أو رتقاء أو عرجاء أو مجذومة أو مجنونة أو مفضاة أو محدودة أو من تحل فخرجت محرمة، كان له ردها واسترجاع ما نقد من الصداق ما لم يطأها، فإن وطئها قبل العلم بحالها فلها ما أخذت، ويرجع به علي من دلسها، فإن كانت هي التي دلست نفسها لم يرجع عليها بشئ مما أخذت بعد الوطي فإن وطئها بعد العلم بحالها لم يكن له ردها ولا رجوع بشئ مما نقد.
وكذلك الحكم إذا علم بالعيب ورضي به، ولا تبين منه بعد الأمرين إلا بطلاق أو أحد أسباب الفرقة.
(٢٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الوطئ (26)، البيع (26)
وإن حدثت هذه العيوب بعد الدخول لم تقتض (1) الرد، ولم تبن الزوجة إلا بأحد أسباب الفراق.
وإن تزوج بكرا فوجدها ثيبا فأقرت الزوجة بذلك حسب أو قامت به البينة فليس بعيب يوجب الرد (2) ولا نقصانا في المهر وإن فقدت البينة والاقرار فقذفها الزوج بذلك عزر.
وإذا تزوجت المرأة بحر فظهر لها أنه عبد، وبسليم فظهر لها أنه عنين وبعاقل فظهر أنه به جنة، وبمن يحل فظهر أنه محرم، فعليها أن تصبر علي العنة سنة، فإن تعالج ووصل إليها فيها مرة فلا خيار لها وإن لم يصل إليها في السنة كان لها رده وما أخذت منه، وترده بباقي العيوب بأن تعزله، فإن لم تعلم بالعيب حتي وطئها فلها ما انعقدت عليه النكاح، وإذا علمت بالعيب ثم رضيت لم يكن لها خيار.
وإذا أراد نكاح امرأة جاز أن ينظر إلي وجهها وبدنها وماشية في ثيابها، وكذلك يجوز للمرأة إذا أرادت نكاح رجل أن تري وجهه وأطرافه وماشيا، ولا يحل لأحدهما ذلك من دون إرادة التزويج.
وإذا تزوج الحر أمة بإذن سيدها فولدها حر، وطلاقها بيده، فإن مات عنها سيدها أو باعها، فالوارث والمبتاع بالخيار بين إمضاء العقد وفسخه.
وإن تزوجت الحرة بعبد بإذن سيده فولدها حر، فإن شرط سيد الأمة علي الحر رق الولد وعلي الحرة فولدهما رق.
وإذا تزوج الحر بأمة يعلم رقها والحرة بعبد تعلم عبوديته بغير إذن السيد فولدهما رق لسيد العبد أو الأمة.
(1) في بعض النسخ: لم يقبض الرد.
(2) أخذنا هذه الجملة من مختلف العلامة
(٢٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: الزوجة (78)، الرضاع (26)، الزوج، الزواج (26)، الصبر (52)، المرض (52)
وإذا تزوج الحر بامرأة علي أنها حرة فخرجت أمة فولدها لاحق به في الحرية ويرجع السيد بقيمة الولد والصداق علي من تولي أمرها، وإن كانت هي التي عقدت علي نفسها لم يرجع علي أحد بشئ.
وكذلك القول في الحرة إذا تزوجت بحر فخرج عبدا.
وإذا زوج السيد عبده بأمة غيره فالطلاق بيده، ولسيده أن يجبره علي طلاقها فإن مات سيد الأمة أو باعها، فالوارث والمبتاع بالخيار في إمضاء العقد وفسخه.
وإن أعتقها فهي بالخيار في الإقامة علي نكاح العبد واعتزاله والاعتداد منه وولدها رق لسيدها إلا أن يشترط رق الولد سيد العبد فيكون له.
وإذا زوج السيد عبده بأمة (1) فليعطه شيئا من ماله وإن قل يجعله صداقا لها وطلاقها بيده، يأمرها أي وقت شاء باعتزاله والاعتداد منه.
(1) بأمته، كذا في بعض النسخ.
(٢٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (26)، الموت (26)، الطهارة (26)، الصبر (26)، العتق (26)

النكاح المتعة

وأما نكاح المتعة فمن شرط صحته أمران: تعيين الأجر والأجل، فإن ذكر الأجر ولم يذكر الأجل كان دواما، وإن ذكر الأجل دون الأجر فسد العقد.
وصفته أن يقول مريده لمن يريد التمتع بها وتصح ولايتها في نفسها والعقد عليها ببلوغها وكمال عقلها وخلوها من زوج وعدة وحمل: أريد أن تمتعيني نفسك علي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وآله كذا وكذا يوما أو شهرا أو سنة بكذا وكذا درهما أو دينارا أو بما يتعين مما له قيمة علي أن لا ترثيني ولا أرثك وأن أضع الماء حيث شئت وأنه لا سكني لك ولا نفقة وعليك إذا انقضت المدة العدة " فإذا رضيت قال لها: " متعيني نفسك علي كتاب الله تعالي وسنة نبيه صلي الله عليه وآله كذا وكذا بكذا وكذا علي الشروط المذكورة " فإذا أنهي قوله فلتقل: " قد قبلت ورضيت " والأولي أن تقول هي: " قد متعتك نفسي كذا وكذا بكذا وكذا " وتذكر الشروط فيقبل عنها.
فإذا انعقد هذا النكاح فعلي المتمتع تسليم جميع الأجر، ويجوز تأخير بعضه برضاها وقد استحق بضعها ولا سكني لها ولا عليها ولا إنفاق ولا توارث بينهما وإن شرط ذلك، ولا يقع بها إيلاء ولا طلاق ولا يصح بينها لعان.
ويصح الظهار.
(٢٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (26)، الزوجة (26)، الوطئ (26)، الصيام، الصوم (26)، العتق (26)
فإذا انقضت المدة حرمت عليه، وله أن يستأنف عقدا ثانيا، وعليها العدة.
فإن جاءت بولد وكان قد وطئها في الفرج لزمه الاعتراف به وإن عزل الماء، وإن كان وطئها دون الفرج لم يجز له الاعتراف به، فإن اعترف به لحق بنسبه (1)، وإن أنكره علي كل حال فهو أعلم بنفسه.
ولا يجوز التمتع بالبكر إلا بإذن أبيها، ويجوز بالثيب من غير إذنه، ويجوز الجمع في هذا النكاح بين أكثر من أربع، ولا يلزم بينهن العدل في المبيت.
ويجوز التمتع باليهودية والنصرانية دون من عداهما من ضروب الكفار.
(1) بنسبته خ.
(٢٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: الطهارة (26)

ملك اليمين

وأما ملك اليمين فيكون بأحد أسباب التمليك من بيع أو هبة أو صدقة أو غنيمة أو ميراث ويحل وطؤ الأمة المبتاعة والمسبية - وإن لم تخرج منها الخمس إلي أهله - لشيعة مستحقي الخمس وآبائهم دون سائر الفرق لتحليلهم شيعتهم وآباءهم (1) من ذلك لتطيب مواليدهم.
ويحل الجمع بين كثير العدد وقليله من الإماء [في] الملك والوطئ.
والأمة بعد الولد رق علي ما كانت قبل وجوده، تجري عليها جميع أحكام الرق حيا كان الولد أو ميتا، إلا بيعها وولدها حي في غير ثمنها، فإنه محرم وإذا مات سيدها وخلف ولدا منها جعلت في نصيبه وعتقت عليه.
ويجوز وطؤ اليهودية والنصرانية بملك اليمين دون غيرهما من الكفار وإن صح ملكهن.
وإذا ملك الرجل أبويه أو أحد المحرمات بالنسب عتقوا عليه، ولا يعتقون إذا كن كذلك بالرضاع وإن كانوا محرمات.
ولا يحل وطؤ الأمة المنتقلة إلي ملك الرجل بأحد الأسباب حتي تستبرئ بحيضة، ولا يحل وطؤ الحامل من غيره حتي تمضي لها أربعة أشهر إلا دون الفرج، وفيه بشرط عزل الماء، واجتنابها حتي تضع أولي.
(1) في بعض النسخ: من ذلك لطيب أموالهم.
(٣٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (52)، الزوجة (26)، الطهارة (52)، الشهادة (26)، الحيض، الإستحاضة (78)، النفاس (26)
ولو وطئ الحامل لم يحل له بيع ولدها ولا الاعتراف به ولدا، ولكن يجعل له قسطا من ماله لأنه غذاه بنطفته.
وإذا كانت الأمة بين شريكين فما زاد لم يحل لواحد منهم، فإن وطئها بعضهم أثم ووجب تأديبه، فإن جاءت بولد لحق به، واغرم ما يفضل من قيمته علي سهمه لشركائه، وإن وطأها الجميع أدبوا جميعا، فإن جاءت بولد أقرع بينهم فأيهم خرج اسمه ألحق به، وأغرم ما يفضل من قيمته علي سهمه لباقي الشركاء.
(٣٠١)
صفحهمفاتيح البحث: الكراهية، المكروه (52)، الزوج، الزواج (26)، الزوجة (26)، الحيض، الإستحاضة (78)

2 - الضرب الثاني من الاحكام: ما يقتضي تحريم المعقود عليها

اشارة

الضرب الثاني من الأحكام ما يقتضي تحريم المعقود عليها غبطة علي ضربين: أحدهما مصاحب للعقد والآخر يقتضي فسخه.
والأول ضربان: إيلاء وظهار، والثاني علي ضروب ثلاثة: طلاق ولعان وارتداد، لكل حكم نبينه.
فصل في بيان حكم الايلاء الايلاء حلف الزوج بما ينعقد به الأيمان من أسماء الله تعالي خاصة أن لا يقرب زوجته، ولا يلزم حكمه إلا بعد الدخول، فمتي قربها حنث ولزمته كفارة يمين، فإن استمر اعتزاله لها، فهي بالخيار بين الصبر عليه، ومرافعته إلي الحاكم.
فإن ترافعا فكان إيلاؤه في صلاحه لمرض يضر به الجماع، أو في صلاح الزوجة لمرض أو حمل أو رضاع، فعلي الحاكم إنظاره، وعلي الزوجة التصبر عليه، حتي تزول العذر، فإن لم يكن هناك عذر أمره بما يقتضي حنثه والكفارة عن يمينه، فإن فعل وإلا أنظره أربعة أشهر، فإن فعل وإلا ألزمه بالطلاق، فإن امتنع ضيق عليه في المطعم والمشرب حتي يفيء إلي أمر الله من مباشرة أو طلاق.
فإن حلف أن لا يقرب أمته أو متعته فعليه الوفاء، فإن حنث كفر، وإن أقام علي مقتضي الايلاء لم يكن لهما عليه حكم علي كل حال.
(٣٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (52)، الإختيار، الخيار (26)

الايلاء

الضرب الثاني من الأحكام ما يقتضي تحريم المعقود عليها غبطة علي ضربين: أحدهما مصاحب للعقد والآخر يقتضي فسخه.
والأول ضربان: إيلاء وظهار، والثاني علي ضروب ثلاثة: طلاق ولعان وارتداد، لكل حكم نبينه.
فصل في بيان حكم الايلاء الايلاء حلف الزوج بما ينعقد به الأيمان من أسماء الله تعالي خاصة أن لا يقرب زوجته، ولا يلزم حكمه إلا بعد الدخول، فمتي قربها حنث ولزمته كفارة يمين، فإن استمر اعتزاله لها، فهي بالخيار بين الصبر عليه، ومرافعته إلي الحاكم.
فإن ترافعا فكان إيلاؤه في صلاحه لمرض يضر به الجماع، أو في صلاح الزوجة لمرض أو حمل أو رضاع، فعلي الحاكم إنظاره، وعلي الزوجة التصبر عليه، حتي تزول العذر، فإن لم يكن هناك عذر أمره بما يقتضي حنثه والكفارة عن يمينه، فإن فعل وإلا أنظره أربعة أشهر، فإن فعل وإلا ألزمه بالطلاق، فإن امتنع ضيق عليه في المطعم والمشرب حتي يفيء إلي أمر الله من مباشرة أو طلاق.
فإن حلف أن لا يقرب أمته أو متعته فعليه الوفاء، فإن حنث كفر، وإن أقام علي مقتضي الايلاء لم يكن لهما عليه حكم علي كل حال.
(٣٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (52)، الإختيار، الخيار (26)

الظهار

فصل في الظهار لا يكون الظهار ظهارا شرعيا إلا بقصد من المظاهر إلي التحريم لزوجته حرة كانت أو أمة غبطة أو متعة، وصريح قول: " أنت علي كظهر أمي أو أحد المحرمات " دون ما عداه من الألفاظ، مطلقا من الاشتراط، بمحضر من شاهدي عدل، في طهر لا مساس فيه بحيث يمكن اعتباره، فإن اختل شرط لم يكن ظهارا.
وإذا تكاملت حرمت علي (1) المظاهر منها حتي يكفر بعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا. فإن وطئها قبل التكفير فعليه كفارتان.
وإن أصر علي تحريمها فزوجة الغبطة خاصة حرة كانت أو أمة بالخيار بين الصبر عليه ومرافعته إلي الحاكم، وعلي الحاكم أن يأخذه بالتكفير والرجوع إلي مباشرتها، أو الطلاق، فإن امتنع أنظره ثلاثة أشهر، فإن فاء إلي أمر الله تعالي وإلا ضيق عليه في المطعم والمشرب حتي يفيء إلي أمر الله سبحانه من طلاق، أو رجوع إليها وتكفير.
فإذا طلق المظاهر قبل التكفير فتزوجت المرأة، ثم طلقها الثاني أو مات
(1) عليه ظ.
(٣٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الزوجة (52)، الزنا (26)، الزوج، الزواج (26)، الشهادة (78)
عنها، وتزوج بها الأول، لم يحل له وطؤها حتي يكفر.
وإذا ظاهر من عدة أزواج حر من ولزمته للعزم علي وطئ كل منهن كفارة.
ولا يصح الظهار في ملك اليمين، ويلزم العبد المظاهر من زوجته الحرة أو الأمة إذا أراد وطأها أن يكفر بالصوم، إلا أن يبيحه السيد ما معه يكون معتقا فيلزمه العتق، وفرضه في الصوم كفرض الحر.
(٣٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الوطئ (26)

الطلاق وأحكامه

فصل في الطلاق وأحكامه صحة الطلاق الشرعي تفتقر إلي شروط يثبت حكمه بتكاملها ويرتفع باختلال واحدها:
منها كون المطلق ممن يصح تصرفه، ومنها إيثاره الطلاق، ومنها قصده إليه، ومنها لفظه بصريحه دون كناياته، ومنها كونه مطلقا من الشروط، ومنها توجهه إلي المعقود عليها (1)، ومنها تعيينها، ومنها الاشهاد، ومنها إيقاعه في طهر لا مساس فيه بحيث يمكن اعتباره.
واشترطنا صحة التصرف احترازا " من ا لصبي والمجنون والسكران و فاقد التحصيل بأحد الآفات.
اشترطنا الايثار احتراز " من المكره.
واشترطنا القصد احتراز " من الحلف واللغو والسهو.
واشترطنا إطلاق اللفظ احتراز " من مقارنة الشروط كقوله: " أنت طالق إن دخلت الدار " و " إن دخلت الدار فأنت طالق ".
واشترطنا صريح قوله " أنت طالق " أو " هي فلانة " (كذا) احترازا " من
(1) كذا في بعض النسخ، وفي بضعها الآخر: والمقصود عليها.
(٣٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، القتل (130)، الزوج، الزواج (26)، الإرتداد (52)، الفطرة (26)
الكنايات كقوله: " أنت حرام " أو " بائنة " أو " خلية " أو " برية " أو " ألحقي بأهلك " أو " حبلك علي غاربك " أو " اعتدي " أو " لا حاجة لي فيك " وأشباه ذلك.
واشترطنا تعيين المطلقة احترازا من قوله: " زوجتي طالق " وله عدة أزواج، أو " أحد زوجاتي طالق " من غير تعيين لها بقول ولا عزم.
واشترطنا الاشهاد احترازا من وقوعه بغير شهادة.
واشترطنا الطهر الخالص احترازا من الحيض والنفاس ومما حصل (1) فيه مباشرة.
وقلنا بحيث يمكن، لصحته ممن لا يمكن ذلك فيها، وهي التي لم يدخل بها، والتي لم تبلغ، والآيسة، (2) والحامل، والغائبة، لتعذر العلم به فيهن، و قبح التكليف مع التعذر.
فإذا تكاملت هذه الشروط فهو علي ضربين: رجعي وبائن.
والبائن علي ثلاثة أضرب: طلاق العدة والخلع والمباراة، ولكل حكم.
أما الرجعي فصفته أن يطلق واحدة ويدعها تعتد في سكناه ونفقته، و يحل له النظر إليها، وهو أملك برجعتها ما لم تخرج عن العدة، وإذا أراد مراجعتها فليشهد عليها، ويجوز من دون الاشهاد وهي زوجته بالعقد الأول، و تبقي معه علي تطليقتين، فإن لم يراجع حتي خرجت من العدة ملكت نفسها عليه وصار كبعض الخطاب، فإن تراضيا بالمراجعة فبعقد جديد ومهر جديد وهي معه علي اثنين.
وأما طلاق العدة فمختص بمن يمكن اعتبار طهرها بكونها مدخولا بها، مستقيمة الحيض والطهر، فإذا عزم علي ذلك فليرقب طهرها بعد الحيض، فيطلقها بمحضر من شاهدي عدل ثم يراجعها فيه أي وقت شاء منه بشاهدي
(1) حصلت.
(2) واليائسة
(٣٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الحيض، الإستحاضة (52)
عدل ويطأها فيه، فإذا حاضت وطهرت طلقها ثانية بشاهدي عدل ثم يراجعها فيه بشاهدي عدل ويطأها، فإذا حاضت وطهرت الثالثة (كذا) طلقها ثالثة بشاهدي عدل، فإذا لفظ بها حرمت عليه حتي تنكح زوجا غيره وتبين منه وتعتده.
ويلزمه سكناها ونفقتها إلي أن يتلفظ بالثالثة فيسقط فرضها (1) عنه، و تحرم رؤيتها، فإن حملت في بعض المراجعتين أو يئست من الحيض فهو بالخيار بين الإقامة عليها وبين تطليقها.
وأما الخلع فهو أن تكره الزوجة صحبة الرجل وهو راغب فيها فتدعوه إلي تسريحها، فله إجابتها والامتناع، حتي تقول له: لأن لم تفعل لأعصين الله فيك ولا أطيعه في حفظ نفسي عليك ولأوطئن فراشك غيرك، فلا يحل له لذلك (2) إمساكها، ويجوز له والحال هذه أن يأخذ منها أضعاف ما أعطاها.
فإذا أراد خلعها فليقل: " قد خلعتك علي كذا فأنت طالق " مع تكامل جميع الشروط المذكورة، فإذا قال ذلك بانت منه، ولا سكني لها ولا نفقة، ولا يحل له النظر إليها، وأمرها بيدها، فإن اختار مراجعتها في العدة وبعدها ورضيت فبعقد جديد ومهر جديد، ولا تحل لغيره حتي تخرج من العدة.
وأما المباراة فمن شرطها أن يكره كل واحد من الزوجين صاحبه فيصطلحا علي المباراة علي أن ترد ما أخذت منه أو بعضه، ولا يحل له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها، فإذا أراد مباراتها فليقل: " قد بارأتك علي كذا وكذا فأنت طالق " مع تكامل الشروط، فإذا لفظ بذلك بانت منه، وسقط عنه فرض سكناها ونفقتها وحرم عليه ما كان حلالا منها، فإن آثر مراجعتها في العدة أو بعدها ورضيت فبعقد جديد ومهر جديد بخلاف غيره (كذا).
(1) كذا.
(2) إذ ذاك.
(٣٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (26)، الزوج، الزواج (78)، الحيض، الإستحاضة (26)، الإرتداد (26)، الوفاة (52)
وللمختلعة والمبارأة الرجوع بما افتدته (1) أو بعضه ما دامت في العدة، وإذا رجعت بشئ منه كان الزوج أملك برجعتها بالعقد الأول ولا خيار لهما بعد العدة.
وإذا طلق للسنة أو خلع أو بارأ ثلاثا ساوي تطليقه للعدة ثلاثا وتحريمها (2) حتي تنكح زوجا غيره.
وهذا مختص بحرائر النساء سواء كان المطلق حرا أو عبدا، فأما الأمة إذا كانت زوجة فاقتضي (3) طلاقها بحر أو عبد تطليقتان.
(1) افتدت به.
(2) كذا، ولعل الصحيح في تحريمها.
(3) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: فأقصي.
(٣٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: نهر الفرات (26)، الزوجة (26)، الموت (26)، الأذان (26)، الإقامة (26)

اللعان

فصل في اللعان اللعان أن يقذف الرجل حرا كان أو عبدا، زوجته بنكاح الغبطة حرة كانت أو أمة، بمعاينة الزنا أو ينكر حملها أو يجحد ولدها، فتنكر ما قذفها به، ففرض الحاكم بينهما أن يجلس مستدبر القبلة، ويوقف الرجل بين يديه ووجهه إلي القبلة، والمرأة عن يمينه كذلك، ويخوفهما الله تعالي، فإن رجع الزوج عن القذف جلده حد المفتري إلا أن تعفو عنه الزوجة، وإن أقرت رجمها إن كانت حرة، وإن كانت أمة جلدها خمسين جلدة علي كل حال.
وإن أصرا قال له: قل: أشهد بالله إني فيما ذكرته عن هذه المرأة لمن الصادقين، فإذا قالها أعادها عليه حتي يكمل أربع شهادات كذلك، ثم يعظه ويخوفه الله تعالي ويغلظ عليه ويحذره الدخول في لعنة الله، فإن رجع عن القذف جلده وإن أصر قال له: قل: إن لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين، فإذا قالها أقبل علي المرأة فوعظها وخوفها، فإن أقرت رجمها، وإن أصرت قال لها: قولي: أشهد بالله أنه فيما رماني به لمن الكاذبين، فإذا شهدت كررها حتي تشهد أربع شهادات كذلك، فإذا شهدت أربعا خوفها الله وقال: إن لعنة الله شديدة وعذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة، فإن أقرت رجمها، وإن
(٣٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الفرج (26)، الزوجة (52)، الزوج، الزواج (130)، الوفاة (52)
أصرت قال لها: قولي: إن غضب الله علي إن كان من الصادقين، فإذا قالتها فرق بينهما، فلا تحل له أبدا.
وإذا قذف الرجل مطلقته بما يوجب اللعان وهي في العدة وكان الطلاق رجعيا تلاعنا، وإن كان بائنا جلد مع فقد البينة والاقرار حد المفتري.
وإذا قذفها وهي حامل أخر اللعان إلي أن تضع.
وإذا قذفها وهي صماء أو خرساء فرق بينهما وجلد حد المفتري.
وإذا قال لها: يا زانية، أو زني بك فلان، أو ما يفيد ذلك ولم يدع معاينة ولا بينة له وأنكرت فعليه حد المفتري، ولا لعان بينهما.
وإذا قذفها بما يوجب اللعان وهي حامل، واعترف بالحمل، تلاعنا ولحق به الولد، وإذا أنكر الحمل أو عين الولد فتلاعنا لم يلحق به ما أصر، فإن رجع عن الانكار ورثه الولد ومن يتعلق بنسبه ونسب الأب، ولا يرثه الأب و لا من يتعلق بنسبه ولا نسب الولد.
وإذا قذف متعته ولم تكن له بينة جلد حد المفتري، وإن قذف أمته فهو مأزور ولا لعان بينهما ولا يجب عليه حد، وإن أنكر ولدها لم يلحق به وهو أعلم بنفسه، ولا يحل له مع وطئ الأمة والشبهة إنكاره، وإذا أنكر الرجل ولدا قد أقر به حد حد المفتري ولم يسمع إنكاره.
(٣١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرضاع (78)، البيع (26)، الزوجة (52)، الجواز (26)

الردة وأحكامها

فصل في أحكام الردة الردة إظهار شعار الكفر بعد الإيمان بما يكون معه منكر نبوة النبي صلي الله عليه وآله أو بشئ من معلوم دينه كالصلاة والزكاة والزنا وشرب الخمر.
فأما ما يعلم كونه كافرا له (1) باستدلال من جبر أو تشبيه أو إنكار إمامة إلي غير ذلك فليس بردة وإن كان كفرا.
وإذا ارتد المؤمن وكان ولد علي الفطرة قتل علي ردته وإن كان ذميا أو كافرا غيره أسلم بعد كفر عرضت عليه التوبة، فإن رجع إلي الحق وإلا قتل، فإن أسلم هذا المرتد ثم ارتد ثانية قتل علي ردته.
وتعتد زوجة المرتد عدة الوفاة قتل أم أفلت (2) فإذا خرجت من العدة حللت للأزواج.
فإن رجع إلي الاسلام من يصح ذلك منه وزوجته في العدة فهو أحق بها بالنكاح الأول، وإن خرجت عن العدة قبل رجوعه إلي الاسلام فلا سبيل له عليها إلا أن يختار مراجعتها فبعقد جديد ومهر جديد.
(1) كافرا به. ظ (2) في بعض النسخ: قتل أم لا.
(٣١١)
صفحهمفاتيح البحث: الجهل (26)، العتق (104)

العدة وأحكامها

فصل في العدة وأحكامها سبب العدة شيئان: طلاق وموت وما يجري مجراه.
فأما الطلاق فإن وقع من حر أو عبد، بحرة أو أمة، قبل الدخول، أو بعده وقبل أن تبلغ تسع سنين، أو بعد ما يئست من الحيض ومثلها لا تحيض فلا عدة عليها، وإن كان بحرة بعد الدخول وقبل الحيض (1) أو بعد ارتفاعه لعلة ومثلها من تحيض فعدتها ثلاثة أشهر، وإن كانت أمة فخمسة وأربعون يوما. وإن كانت الحرة ممن تحيض فعدتها ثلاثة قروء والأمة قرءان، فإن أعتقت وهي في العدة تممتها عدة الحرة - والقرء الطهر بين الحيضتين -.
وإن كانت الحرة أو الأمة حاملا فعدتها أن تضع ما في بطنها.
وعدة المتمتع بها قرءان فإن كانت ممن لا تحيض فخمسة وأربعون يوما وعدة الأمة الموطوءة إذا أعتقت عدة الحرة.
وحكم المعتدة في الطلاق الرجعي ملازمة منزل مطلقها، ولا تخرج منه إلا بإذنه، ولا يخرجها إلا أن تؤذيه أو تأتي في منزله ما يوجب الحد فيخرجها لإقامته ويردها إليه، ولا تبيت إلا فيه، ويخرجها للأذي من غير رد، وتحل لها الزينة.
(1) كذا في النسخ.
(٣١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الزكاة (26)، الموت (52)، المرض (26)، الشهادة (26)، الإستحباب (26)، الجواز (26)، العتق (130)، البيع (26)، التكفير، الكفارة (52)
والبائنة تسكن حيث شاءت، ولا تبيت خارجة عن بيت سكناها، وتحل لها الزينة.
ونفقة عدة الطلاق الرجعي واجبة، ولا تجب للبائن إلا أن تكون حاملا.
وأما عدة الحرة من الوفاة قبل الدخول وبعده ومع الحيض وارتفاعه فأربعة أشهر وعشرا، فإن كانت حاملا فعدتها أبعد الأجلين، وتعتد الأمة بشهرين وخمسة أيام، فإن كانت حاملا فبأبعد الأجلين.
فإن طلق الحر أو العبد أمة أو حرة فتوفي وهي في العدة وكان الطلاق رجعيا فعليها أن تعتد بأبعد الأجلين حاملا كانت أم خلية، وإن كانت بائنا لم يلزمها إلا عدة الطلاق.
وعدة أم الولد لوفاة سيدها أربعة أشهر وعشرا، وكذلك حكم المتمتع بها لوفاة المتمتع قبل انقضاء أيامها، تعتد أربعة أشهر وعشرا، فإن توفي بعد ما انقضت أيامها وهي في العدة لم يلزمها غير عدة المتعة المذكورة.
وإذا أعتقت الأمة المتوفي عنها زوجها قبل خروجها من العدة فعليها تكميل عدة الحرة.
وتعتد المرتد عنها زوجها عدة الوفاة.
ويلزم المعتدة للوفاة الحداد باجتناب الزينة في الهيئة واللباس ومس الطيب وتبيت حيث شاءت.
وإذا كانت المتوفي عنها زوجها حاملا أنفق عليها من مال ولدها حتي تضع.
وحكم جميع العدد المنع من الأزواج.
وإذا طلق الغائب أو مات فعليها أن تعتد لكل منهما من يوم بلغها الطلاق أو الوفاة، لكون العدة من عبادات النساء وافتقار العبادة إلي نية تتعلق بابتدائها.
(٣١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (78)، الإختيار، الخيار (26)، الوصية (26)، العتق (52)

أحكام الأولاد

فصل في أحكام الأولاد السنة في المولود حال وضعه تحنيكه بماء الفرات أو بماء فيه عسل، و الأذان في أذنه اليمني والإقامة في اليسري، فإذا كان يوم السابع حلق رأسه و تصدق بزنته ذهبا أو فضة وختن وعق عن الذكر بذكر وعن الأنثي بأنثي وتصدق بلحم العقيقة علي فقراء المؤمنين، تعطي منها للقابلة (1) الورك بالرجل (كذا)، ولا يعطي منها الجزار شيئا، وإن طبخ لحمها وجمع له فقراء المؤمنين فهو أفضل.
ويسمي في هذا اليوم بأحسن الأسماء، وهي أسماء الأنبياء والأوصياء عليهم السلام وذراريهم، وأفضل ذلك أسماء شريعتنا.
وأقل الطهر عشرة أيام، وأكثره ثلاثة أشهر، وأقل الحمل ستة أشهر وأكثره تسعة أشهر، والريب ثلاثة أشهر، فتصير الغاية في أكثر الحمل سنة كاملة.
وإذا طلق الرجل زوجته أو مات عنها فتزوجت وجاءت بولد لستة أشهر فما زاد من يوم دخل الثاني بها فالولد لاحق به، وإن كان لأقل من ستة أشهر لم يلحق به. فإن كان لمدة طلاقها أو الوفاة عنها سنة فما دونهما فهو لا حق
(1) القابلة
(٣١٤)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (52)، الحلق (26)، الذبح (26)، الصيد (52)
بالأول، وإن كان لأكثر من ذلك لم يلحق به، وكذلك الحكم فيها إذا لم تتزوج بعد الطلاق أو الوفاة وجاءت بولد لسنة فما دونها، في لحوقه بالمطلق أو المتوفي، ولا يلحق به بعد السنة.
وإذا باع الرجل أمة كان يطأها فجاءت بولد لستة أشهر من ملك الثاني فما فوقها فهو لاحق به، وإن كان لأقل من ذلك فهو لاحق بالأول، فإن أنكره فهو رق للثاني.
فإن عتقها فتزوجت فجاءت بولد لستة أشهر فهو للزوج، وإن كان لأقل منها فهو للمعتق، فإن أنكره فهو حر لا يلحق بأحد، وإن لم تتزوج وجاءت بولد لسنة من يوم عتقها فما دونها فهو للمعتق إن اعترف به، وإن أنكره أو كان لأكثر من سنة لم يلحق به وكان سائبة.
وإذا تزوج الرجل أو ملك أمة فوطئ في الفرج فجاءت بولد حي لستة أشهر فهو لاحق به وإن عزل الماء، وإن كان لأقل من ستة أشهر لم يلحق به، ولم يحل له الاعتراف به فإن اعترف به الحق به علي الظاهر، وإن أنكره وكانت المدة معلومة فلا لعان بينهما، وإن تعذر العلم بها وما يجري مجراه في الحكم تلاعنا.
ولا يحل لزوج امرأة ولا سيد أمة أن يعترف بولد يعلم أنه لم يطأ أمه منذ سنة أو منذ أقل من ستة أشهر حاضرا كان أم غائبا، وإذا ثبت ذلك حكم به وإن لم يثبت لا عن الحرة دون الأمة، ولا يلحق بالزوج ولد التي لم يدخل بها حاضرة كانت أم غائبة.
وإذا بلغ الزوجة وفاة الزوج أو طلاقه فاعتدت وتزوجت، ثم حضر فأنكر الطلاق ولم يكن له (1) بينة فهي زوجته وعليه اعتزالها إن كان الثاني وطئها ثلاثة
(1) كذا.
(٣١٥)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (156)، اللبن، اللبون (26)
قروء فإن ظهر بها حمل فإلي أن تضع، فإن لم تضع لتسع كملها سنة، فإن جاءت بولد لأقل منها وكان لستة أشهر فما فوقها من يوم دخل بها الثاني فهو لاحق به وإن كان لأقل منها فهو لاحق بالأول، فإن أنكره تلاعنا، وإن لم يكن الثاني قربها فليستبرئها بحيضة ثم يطأها إن شاء.
وولد المتعة كولد الزوجة في جميع الأحكام المذكورة إلا اللعان في إنكاره فإنه لا لعان بين المتمتعين.
ولا يجوز لأحد أن يبيع أمة موطوءة ولا يطأ مبتاعه حتي يستبرئها بحيضة إن كانت ممن تحيض وإلا بخمسة وأربعين يوما.
وإذا طلق الزوجة وله منها ولد يرضع فهي أحق برضاعه وكفالته، ولها أجر الرضاع، فإن طلبت شططا فوجد من يرضعه بالأجر القصد فرضيت به فهي أحق به وإن أبت سلم إلي المرضعة، ولها كفالته علي كل حال، ولها تسليمه إلي أبيه.
(٣١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الدية (26)، الوراثة، التراث، الإرث (26)، الوصية (26)، التصدّق (26)، البيع (26)

فيما يقتضي فسخ الرق

فصل فيما يقتضي فسخ الرق ينفسخ الرق ويتحرر المرقوق بعتق أو مكاتبة أو تدبير.
فأما العتق فتفتقر صحته إلي لفظ مخصوص، وقصد إليه، مطلق من الشروط، ممن يصح ذلك منه، لوجهه متقربا إلي الله تعالي به.
فاللفظ قوله: " أنت أو فلان أو فلانة حر لوجه الله تعالي " عن إيثار من عاقل لا يولي علي مثله، ولا يصح من محجور عليه، ولا مكره، ولا سكران، ولا ساه، ولا غالط، ولا حالف، ولا مشترط، ولا لغير الله، ولا له تعالي مع الجهل بالوجه، أو مع معرفته وإيقاعه لغيره.
وينقسم إلي واجب في حق التكفير ومبتدئ للترغيب، ومعتوق القسم الأول سائبة، لا ولاء عليه لمعتقه، إلا أن يتولاه. والثاني ولاؤه لمن أعتقه و لعصبته من بعده.
ويجوز عتق الأمة مطلقا "، ويصح أن يجعل عتقها صداقها.
وصفته مع تكامل الشروط أن يقول سيدها: " قد أعتقتك وزوجتك و جعلت عتقك صداقك لوجه الله تعالي " وإذا كان مالك العبد أو الأمة واحدا فأعتق ربعه أو ربعها أو ما زاد علي ذلك أو نقص عنه عتق الجميع. وإن كان مشتركا فعتق أحد الشركاء لوجه الله تعالي تحرر منه بمقدار حصته واستسعي
(٣١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الجواز (52)
في الباقي.
ومن السنة أن يشهد علي العتق، وما دعا إليه من تكفير أو ترغيب وإن كتب بذلك وأشهد كان أولي.
وإذا أعتق عبدا أو أمة وله مال يعلم به فهو للمعتق يملكه بإباحته، وإن لم يعلم به أو علم به فاشترطه فهو له دون المعتق.
وإذا عجز المرقوق عن الخدمة لعمي أو زمانة أو مرض سقط عنه فرضها.
ولا يجوز عتق الكافر، ولا يعتق في الكفارة الأعمي ولا الأعرج ولا الأشل ولا المجذوم.
وأم الولد رق حيا كان أم ميتا، ويجوز بيعها بعد موته علي كل حال، ومع بقائه إذا كان ثمنها دينا (1) خاصة، ويجوز عتقها في الكفارة، وإذا مات سيدها وولدها حي جعلت في سهمه وعتقت عليه.
والولاء لمن أعتق دون البائع وإن اشترطه، وميراث ولد المعتق لولي نعمته سواء كانوا (كذا) قبل العتق أو بعده.
وأما المكاتبة فهي بيع المرقوق منه، وصفتها أن يشترط المالك علي عبده أو أمته تأدية شئ معلوم يعتق بالخروج منه إليه وهي علي ضربين: أحدهما أن يشترط عليه أنه إن عجز إلي مدة معلومة عن جملة الأداء أو بعضه رجع رقا وسقط أداؤه، والثاني أن يكاتبه ولا يشترط.
وعلي الوجه الأول متي عجز عن الأداء أو بعضه رجع رقا، وعلي الوجه الثاني يتحرر منه بحسب ما أدي من مكاتبته.
ويستحب أن تسمح له بشئ من مال المكاتبة ويعينه علي الأداء من مال الزكاة، ويجوز ذلك لغير مكاتبه.
(1) دينها.
(٣١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الجواز (26)، التصدّق (78)
وأما التدبير فعتق تفتقر صحته إلي شروط العتق، ويفارقه من حيث كان العتق منجزا والتدبير بعد الوفاة، وصفته أن يقول المالك لعبده أو أمته: " أنت حر بعد وفاتي " ويشهد بذلك، فيكون رقا في حياته، فإذا مات صار حرا، وله الرجوع في تدبيره، لأنه جار مجري الوصية.
وليس للورثة خيار علي المدبر وإن لم يكن لمدبره مال غيره.
ويجوز بيعه في حال تدبيره، فإذا مات مدبره تحرر علي مبتاعه، فإن كان عالما بتدبيره حال ابتياعه وإلي أن مات مدبره فلا شئ له، وإن لم يكن يعلم رجع علي التركة بما نقد فيه، وإن كان بيعه بعد ما رجع في تدبيره لم يتحرر بموت مدبره.
(٣١٩)
صفحهمفاتيح البحث: السجود (26)، التصدّق (130)، الوصية (26)، البيع (26)، الحاجة، الإحتياج (26)

3 - الضرب الثالث من الاحكام: الذكاة وما يناسبها

الضرب الثالث من الأحكام ذكاة السمك والجراد صيد المسلم له خاصة، وحكم ما يكون في الماء من الحيوان حكم حيوان البر في الذكاة، وذكاة ما يحل من الحيوان ذبح المسلم أو نحره، وينوب مناب ذلك قتل الطير بالنشاب خاصة، وقتل ما عداه من صيد البر بسائر السلاح وبالكلب المعلم بشرط كون المتصيد بالسلاح ومرسل الكلب مسلما.
وإذا استعصي شئ من الأنعام جري مجري الوحش في صحة ذكاته بسائر السلاح، وكذلك حكمه إذا وقع في زبية وتعذر فيه الذبح والنحر.
ولا تقع الذكاة بشئ من الأنعام وغيرها مما تقع عليه إلا من مسلم.
وإذا أراد التذكية فليستقبل بالإبل القبلة ويعقل إحدي اليدين ويطعنها في لبتها ويسمي، ويضجع باقي الذبائح تجاه القبلة ويسمي ويذبح في الحلق، ولا يفصل الرأس حتي تبرد الذبيحة، فإذا وجبت جنوبها وبردت حل الانتفاع بها بأكل ما يؤكل منها والتصرف فيما لا يؤكل من السباع، فإن لم تتحرك الذبيحة أو تحركت ولم يخرج منها دم فهي منخنقة لا يحل الانتفاع بها.
وذكاة ما أشعر أو أوبر من الأجنة ذكاة أمه. وكذلك حكم ما يوجد من سمك
(٣٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة بغداد (26)، الباطل، الإبطال (26)، اليهود، اليهودي (26)، الضلال (26)، الموت (26)، الجواز (26)، التصدّق (104)
في أجواف غيره من السمك.
فإن تعمد توجيهها إلي غير القبلة، أو ترك التسمية فهي ميتة، وإن كان ساهيا فهي ذكية.
وتصح ذكاة المرأة المسلمة وولد المسلم المراهق، والذكاة بالحديد مع إمكانه، وبما يقوم مقامه في (1) النحر وفري الأوداج عند تعذره.
ويؤكل ما يوجد في ضروع ميتة الأنعام وأمثالها من الوحش من اللبن، وما في أجواف ميتة الطير من البيض ذي القشر دون المائع.
ويجوز الانتفاع من ميتة ما تقع عليه الذكاة بالشعر والصوف والوبر والقرن والظلف والخف والمخلب والسن واللبن والإنفحة والريش.
وإذا وجد لحم لا تعلم ذكاته طرح علي النار، فإن تقلص واجتمع فهو ذكي، وإن انبسط فهو ميتة، ويعتبر ذكي السمك من ميتته بطرحه في الماء فإن رسب فهو ذكي وإن طفا فهو ميتة.
(1) في بعض النسخ: من النحر.
(٣٢١)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (26)، الشهادة (26)، السجود (26)، الخمس (26)، التصدّق (26)

4 - الضرب الرابع من الاحكام: أحكام العقود والأسباب الموجبة للاستحقاق وإباحة التصرف في ملك الغير

اشارة

الضرب الرابع من الأحكام لا يصح التصرف فيما عدا الملك والمباح إلا بإذن المالك أو نحلة أو منحة أو صدقة أو هدية أو عارية أو قرض أو شركة أو إجارة أو لقطة أو بيع أو قيمة متلف أو أرش جناية أو دية نفس أو عضو أو غنيمة أو وصية أو سكني أو رقبي أو عمري أو ميراث، ولكل حكم.
فصل في الإذن إذن المالك بالقول أو ما يقوم مقامه من العالم بالقصد وجه مبيح للتصرف، وإباحة القديم تعالي عابري السبيل الانتفاع بما ينبته الحرث من الخضر والثمار والزرع من غير حمل ولا فساد ينوب مناب إذن المالك في حسن التصرف.
فصل في النحلة النحلة وجه لإباحة التصرف في المنحول ويعبر عنها بالهبة، وتفتقر صحة تملكها إلي قبض المنحول أو وليه فيما يصح قبضه ورفع الحظر عما لا يصح قبضه، والقبول له، وهي علي ضربين: مقصود بها وجه الله تعالي ومقصود بها التكرم (1)
(1) في بعض النسخ: المتكرم.
(٣٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الجواز (26)

اذن المالك

الضرب الرابع من الأحكام لا يصح التصرف فيما عدا الملك والمباح إلا بإذن المالك أو نحلة أو منحة أو صدقة أو هدية أو عارية أو قرض أو شركة أو إجارة أو لقطة أو بيع أو قيمة متلف أو أرش جناية أو دية نفس أو عضو أو غنيمة أو وصية أو سكني أو رقبي أو عمري أو ميراث، ولكل حكم.
فصل في الإذن إذن المالك بالقول أو ما يقوم مقامه من العالم بالقصد وجه مبيح للتصرف، وإباحة القديم تعالي عابري السبيل الانتفاع بما ينبته الحرث من الخضر والثمار والزرع من غير حمل ولا فساد ينوب مناب إذن المالك في حسن التصرف.
فصل في النحلة النحلة وجه لإباحة التصرف في المنحول ويعبر عنها بالهبة، وتفتقر صحة تملكها إلي قبض المنحول أو وليه فيما يصح قبضه ورفع الحظر عما لا يصح قبضه، والقبول له، وهي علي ضربين: مقصود بها وجه الله تعالي ومقصود بها التكرم (1)
(1) في بعض النسخ: المتكرم.
(٣٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الجواز (26)

النحلة

الضرب الرابع من الأحكام لا يصح التصرف فيما عدا الملك والمباح إلا بإذن المالك أو نحلة أو منحة أو صدقة أو هدية أو عارية أو قرض أو شركة أو إجارة أو لقطة أو بيع أو قيمة متلف أو أرش جناية أو دية نفس أو عضو أو غنيمة أو وصية أو سكني أو رقبي أو عمري أو ميراث، ولكل حكم.
فصل في الإذن إذن المالك بالقول أو ما يقوم مقامه من العالم بالقصد وجه مبيح للتصرف، وإباحة القديم تعالي عابري السبيل الانتفاع بما ينبته الحرث من الخضر والثمار والزرع من غير حمل ولا فساد ينوب مناب إذن المالك في حسن التصرف.
فصل في النحلة النحلة وجه لإباحة التصرف في المنحول ويعبر عنها بالهبة، وتفتقر صحة تملكها إلي قبض المنحول أو وليه فيما يصح قبضه ورفع الحظر عما لا يصح قبضه، والقبول له، وهي علي ضربين: مقصود بها وجه الله تعالي ومقصود بها التكرم (1)
(1) في بعض النسخ: المتكرم.
(٣٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الجواز (26)

المنحة

أو التقرب إلي المنحول.
القسم الأول مختص بمن يصح التقرب بصلته من أهل الإيمان وذوي الأرحام دون الأجانب من الكفار والفساق المعلنين، وإذا قبضت لم يجز الرجوع فيها ولا التعوض عنها.
القسم الثاني علي ضربين: لذي رحم وأجنبي، فنحلة ذي الرحم مملوكة بالقبض أو ما يقوم مقامه من قبض الولي، وإذا كان الموهوب له في حجر الواهب فإمضاؤه لها وعزلها ورفع الحظر عنها ينوب مناب قبضه أو غيره من الأولياء ولا يجوز للواهب الرجوع فيها علي حال.
ونحلة الأجنبي معتاض عنها وغير معتاض، فالمعتاض عنها لا يجوز الرجوع فيه علي وجه، وغير المعتاض منه (كذا) علي ضربين: قائم العين ومستهلك، فالقائم العين يصح الرجوع فيه، والمستهلك لا يصح الرجوع فيه.
فصل في المنحة المنحة جهة لإطلاق الانتفاع بالممنوح، وصفتها أن يمنح المرء غيره الشاة أو البقرة أو الناقة يحلبها مدة معلومة، فإن قصد بذلك وجه الله تعالي مع من يصح التقرب إليه سبحانه بمعونته فعليه الوفاء بالمدة، وإن كان لغير ذلك فله الرجوع أي وقت شاء، والوفاء أفضل.
فإن هلكت المنحة أو نقصت من غير تعد (1) من الممنوح ولا تفريط لم يضمن، وإن تعدي أو فرط ضمن قيمة هلاكها وأرش نقصانها.
(1) في النسخ: من غير فعل.
(٣٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الهلاك (26)

الصدقة

فصل في الصدقة الصدقة وجه لتحريم التصرف علي المتصدق وإباحته للمتصدق عليه، وإنما يكون كذلك بأن يقع بما يصح التصرف فيه بملك أو إذن، علي من تصح القربة فيه، بشرط القبض أو ما يقوم مقامه، وإيقاعها للوجه الذي له شرعت، مخلصا بها لله تعالي.
فإذا تكاملت هذه الشروط فهي صدقة ماضية لا يجوز الرجوع فيها، وإن اختل شرط فهي علي ملك المتصدق.
وهي علي ضربين: أحدهما يقتضي تمليك الرقبة والثاني إباحة المنافع.
فالأول أن يتصدق المرء بما يصح تصرفه من الأعراض والأموال أو الحيوان أو الرباع أو الأرض قاصدا إلي تمليك الرقبة من غير شرط، فتقبص أو يرتفع الحظر ويقبل فيخرج عن ملك المتصدق إلي ملك المتصدق عليه إن شاء أمسك وإن شاء باع أو وهب.
والثاني علي ضربين: مشترط ومؤبد.
والمشترط علي ضروب:
منها أن يتصدق بمنافع داره أو أرضه أو رقيقه أو دابته علي شخص معين مدة معلومة ثم ذلك راجع إلي ملكه أو إلي جهة من الجهات، فهي
(٣٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الزكاة (52)، الظنّ (26)، الحاجة، الإحتياج (26)
علي شروطها.
أو يتصدق علي أقاربه أو غيرهم بذلك مطلقا ويجعل إليهم بيع الرقبة عند الحاجة أو عند خرابها بالصدقة دون حالتي الغنا وعمارتها.
أو يتصدق بمنافع الدار والأرض علي قوم بشرط أن لا يفسقوا في الجملة، أو فسقا مخصوصا، أو ينتقلوا عن بلد، أو مذهب، فمتي اختل الشرط رجعت الصدقة ملكا، أو انتقلت إلي جهة غير ذلك (1) من وجوه الاشتراط، فالحكم إيقاف الصدقة علي ما شرط المتصدق.
والمؤبد أن يحبس الرقبة ويجعل منافعها لموجود معين من نسله أو غيرهم من الأقارب أو الأجانب وعلي من يتجدد من ولده وولد ولده أبدا ما تناسلوا أو إلي غاية معلومة فإذا انقرضوا أو انتهوا إلي الغاية فذلك راجع إلي بني علي أو حسين أو جعفر عليهم السلام أو إلي جهة من أبواب البر.
ويشترط ما شاء من مساواة في المنافع بين أهلها، أو تفضيل بعض علي بعض، أو ترتيب الأعلي علي الأدني أو تساويهم. ويؤبدها ويحرم بيعها و نقلها عن جهاتها وتغيير شروطها.
فإذا وقعت الصدقة علي هذا الوجه وجب إمضاؤها علي شروطها، وحرم تغيير شئ منها.
وإذا تصدق علي أحد الوجوه المذكورة وأشهد علي نفسه بذلك ومات قبل التسليم فكانت الصدقة علي مسجد أو مصلحة فهي ماضية، وإن كانت علي من يصح قبضه أو وليه فهي وصية يحكم فيها بأحكام الوصايا.
وإذا تصدق علي من لم يوجد فقال: هذه الدار أو القرية أو الأرض علي من يولد لي أو لفلان لم تمض الصدقة، وإن تعلقت بموجود وبمن لم يوجد
(1) إلي غير ذلك. ظ.
(٣٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الكذب، التكذيب (26)، السجود (26)، الصّلاة (26)، الزوجة (26)، الزوج، الزواج (26)، الجواز (26)، العتق (26)، البيع (52)، الأذان (26)
كقوله: " علي فلان - وهو حي - وعلي ولده من بعده " مضت الصدقة.
ولا يحل لمسلم محق أن يتصدق علي مخالف للاسلام أو معاند للحق إلا أن تكون ذا رحم، ولا يوقف علي شئ من مصالحهم، ولا علي بيعة ولا علي كنيسة ولا بيت نار إلي غير ذلك من معابد الضلال ومجامعهم، فإن فعل لم يمض فعله ووجب علي الناظر في مصالح الدين فسخه (1).
ويجوز لأهل النحل الفاسدة من اليهود والنصاري والمجبرة والمشبهة و غيرهم أن يتصدق بعضهم علي بعض وعلي مصالحهم وبيوت عباداتهم.
وإذا اقتضي شرط صدقة المسلم المحق مصيرها إلي من لا يجوز القربة بصلته، أو تغيرت حال أهلها أو بعضهم عن صفة من تحل معها بشرط (2) الصدقة أو حكم الملة صلته بطل استحقاقه وصار حكمه حكم الميت.
وإذا تصدق علي الإطلاق، أو حبس شيئا علي ولده ولم يخص بالذكر درجة من درجة، ولا ذكرا من أنثي، فهي علي جميع ولد الصلب وولدهم و إن سفلوا، ذكرانهم وإناثهم بينهم بالسوية، لدخول الكل تحت اسم الولادة و البنوة لغة وشرعا، وإن خص بعضا من بعض، أو رتبهم فهي علي ما شرط.
وإن تصدق علي جيرانه ولا يعين ولا علم قصده (3) فهي علي من يلي داره من جميع الجهات إلي أربعين ذراعا.
وإن عرف أهل الصدقة بأب كعلي أو الحسن أو عباس أو ربيعة أو قرارة (كذا) أو حمير، أو بلد كمصر أو بغداد، أو محلة كالكرخ وباب الطاق، أو صناعة
(1) في بعض النسخ: نسخه.
(2) كذا في النسخ.
(3) في بعض النسخ: ولا علم قصده فهي من بعض أو رتبهم من يلي داره، والظاهر ما أثبتناه.
(٣٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الشهادة (26)، الزكاة (78)، القتل (26)، الموت (26)، الوراثة، التراث، الإرث (130)، الوصية (52)، الوفاة (78)
كالنجارة (1)، أو مذهب كالإمامية أو الزيدية، أو طريقة كالعدالة، أو حفظ القرآن، أو العلم بشئ مخصوص، أو ملازمة مشهد أو مسجد أو عبادة متميزة، وجب صرف صدقته إلي من تسوغ في الملة معونته من جميع جيرانه وبني الأب و أهل المصر والمحلة وأرباب الصناعة ومنتحلي المذهب وذوي الطريقة والمحاورة المنسوب إليها الموجودين من الذكور والإناث بالسوية، إلا أن يخص بعضا من بعض، أو يفضل بعضا علي بعض، فيعمل فيها بموجب شرطه.
وإذا تصدق علي قومه أو عشيرته عمل بالمعلوم من قصده، فإن لم يعرف مقصوده عمل بعرف قومه في ذلك الإطلاق وصرفت الصدقة إلي من يصح ذلك فيه منهم.
وإذا تصدق علي أهل الخمس والزكاة فهي لمن بيناه من المستحقين لذلك من أهل بلده إلا أن يشترط صرفها إلي غيرهم أو مشاركتهم فيعمل لمتقضي (2) شرطه.
(1) كالتجارة.
(2) بمقتضي. ظ.
(٣٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرهان (26)، الموت (52)، الكراهية، المكروه (26)

الهدية

فصل في الهدية من وكيد السنة وكريم الأخلاق الاهداء.
وقبول الهدية علي ضروب ثلاثة:
أحدها أن يدعو إليها داعي الولاية الدينية فيقصد وجهها قربة إليه سبحانه، فيلزم في السنة قبولها، ويخرج بالقبول عن يد المهدي ويحرم الرجوع فيها والتعوض عنها، وإن لم يقبلها خالف السنة، وللمهدي التصرف فيها و إن كان قد فصلها عن ماله وليست كالصدقة.
وثانيها أن يدعو إليها داعي المودة الدنيوية والتكرم، فيحس قبولها إذا عريت من وجوه القبح، ويقبح القبول مع ثبوته، ويخرج بالقبول عن يد المهدي وله الرجوع فيها ما لم يتصرف فيها من أهديت إليه، وإمضاؤها أفضل، ولا تجب المكافأة عليها، وفعلها أفضل.
وثالثها أن تدعوا إليها الرغبة في العوض عنها، وهي مختصة بهدية الأدني للأعلي في الدنيا، فهو مخير في قبولها وردها، فإن قبلها لزمه العوض عنها بمثلها، والزيادة أفضل، ولا يجوز له التصرف فيها ولما يعوض عنها أو يعزم علي ذلك، وإذا عوض عنها وقبل المهدي العوض لم يكن له الرجوع فيها وإن كان دونها، وإن لم يقبل العوض فله الرجوع فيها ما دامت عينها
(٣٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرهان (130)، الجواز (26)، الشعير (26)

العارية

قائمة وإن بذل له زيادة عليها، فإن تصرف فيها فعليه قيمتها إلا أن يتبرع بالفضل.
فصل في العارية العارية وجه يحسن التصرف وهو علي ضربين. مضمونة، وغير مضمونة، فالمضمونة العين والورق علي كل حال، وما عداهما من الأعيان بشرط التضمين أو التعدي، فمتي هلكت أو نقصت والحال هذه فعلي المستعير ضمان مثل ما هلك من المال وقيمة ما تلف من الأعيان وأرش ما نقص.
فإذا اختلفا في التضمين والتعدي فعلي المالك البينة، وعلي المستعير اليمين، وله ردها مع دعوي التضمين عليه، وأيهما حلف حكم بمقتضي يمينه.
وإن اختلفا في مبلغها أو قيمتها أخذ ما أقر به المستعير، ووقف ما زاد عليه علي بينة أو يمين المستعير (كذا).
وما ليس بمضمون من العواري ما عدا ما ذكرناه من العين والورق و المضمن والمعتدي فيه من العواري المطلقة من التضمين العرية من التعدي و التفريط، وما هذه حاله لا يلزم المستعير فيه قيمة ولا أرش.
(٣٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرهان (156)، البيع (52)، الهلاك (52)

القرض والدين وأحكامهما

فصل في القرض والدين وأحكامهما القرض أو تأخير الحق (كذا) سبب لإباحة التصرف في ملك الغير، وكل منهما في حق المالك إحسان وفي حق الغير مكروه مع الغنا عنه، محرم مع فقد القدرة علي قضاءه وعدم الضرورة إليه، وأخذ الزكاة مع الحاجة إليه أولي منه، فإن لم يجدها المحتاج فالقرض أفضل من الطلب بالكف، وليقتصر علي ما يحفظ الحياة، ولينو أداءه في أول أحوال التمكن منه، ويقتصد (1) في الانفاق مما يكتسبه علي البلغة ويعزل ما فضل لمدينه.
ويكره للمدين المطالبة بالدين مع الغنا عنه وظن حاجة الغريم إلي التوسع به، ولا يحل له ذلك مع العلم أو الظن بعجز الغريم عن أدائه، و يلزم النظرة إلي حين التمكن منه. وله الاحتساب به من الزكاة إذا كان الغريم من أهلها.
وإن كان مخالفا للحق أو منفقا ما استدانه في حرام فله حبسه (2).
وإذا ألح المدين علي غريمه بالمطالبة وأحضره مجلس الحكم فخاف من الاقرار الحبس، فله الانكار واليمين عليه والتورية فيها بما تخرج به عن
(1) ويقتصر. ظ.
(2) في بعض النسخ، فله حسابه.
(٣٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرهان (26)، الموت (26)، الطهارة (26)، الباطل، الإبطال (26)، الوطئ (26)
الكذب، بشرط العزم علي قضائه متي تمكن، وإعلامه بذلك قبل اليمين وبعدها، وعليه متي تمكن، الخروج إليه مما أحلف عليه.
ويكره للمدين النزول علي غريمه وقبول هديته لأجل الدين، ويحرم ذلك عليه مشترطا في حال الإدانة، والنزول عليه أكثر من ثلاث علي كل حال.
ولا يجوز بيع المسكن والغلام وستر العورة ودابة الجهاد في الدين، و يباع ما عدا ذلك.
ولا تحل مطالبة في الغريم ومسجد النبي صلي الله عليه وآله ومشاهد الأئمة صلوات الله عليهم.
ويلزم الزوج قضاء ما استدانته الزوجة وأم الولد وغيرهما ممن تجب عليه نفقته في غيبته بالمعروف.
ويجوز القرض بشرط أن تزوجه أو يخطب له أو يعامله في بيع أو إجارة أو أن يعطيه عوض الغلة (1) صحاحا وعوض المصوغ من الذهب عينا ومن الفضة ورقا وعوض نقد مخصوص من خالص الذهب والفضة من الغش من نقد غيره، ويلزم ذلك مع الشرط، ومع عدمه ليس له إلا مثل ما أقرض إلا أن يتبرع أحدهما.
ويكره للمدين أن يستحلف الغريم المنكر، لأن في ذلك تضييعا للحق، وتعريضا لليمين الكاذبة، وإذا حلف الغريم فتمكن المدين من مقدار حقه لم يحل له أخذه مجاهرة، فإن أذن له أو جاء مبتدئا بحقه حل له أخذه.
وإن أنكره فلم يستحلفه جاز له إذا ظفر بشئ من ماله أن يأخذ منه بمقدار حقه، إلا أن تكون وديعة فلا يحل اقتصاص الحق منها إلا بإذن الغريم.
وإذا استدان العبد بإذن سيده فعليه القضاء عنه، فإن عتق فالدين في ذمته إلا أن
(1) في مجمع البحرين: الدرهم الغلة: المغشوش.
(٣٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (26)، الجواز (26)
تكون الاستدانة للسيد فيلزمه القضاء دون العبد، وإن استدان بغير إذن السيد فلا ضمان عليه ولا علي العبد إلا أن يعتق فيلزمه الخروج إلي مدينه مما عليه.
ومن مات وله وصية وعليه دين بدئ بالكفن ثم الدين وباقي الصداق منه، ثم الوصية، ثم الميراث، فإن لم يترك ما يوفي بالدين تحاص الغرماء فإن وجد بعضهم عين سلعته قائمة فهي له دون الغرماء، وهذه حال المفلس، وإن لم يخلف إلا ما يكفن به فلا شئ للغرماء، ويجوز قضاء دينه من مال الزكاة وهو أفضل من إعطائها للحي إذا كان المتوفي من أهلها، واحتساب المدين ذلك من زكاة ماله أفضل من استيفائه دينه من زكاة غيره علي غريمه المتوفي و الحي.
ولا يثبت الدين في تركة المتوفي إلا بإقرار جميع الورثة أو بينة المدعي مع يمينه، فإن أقر بعض الورثة لزمه الأداء بمقدار سهمه من الإرث ولا تحل الدعوي علي الورثة ولا تسمع إلا أن يعلم علمهم بالدين أو يدعي ذلك وإذا شهد نفسان من الورثة بدين وكانا عدلين لا يرتاب في شهادتهما حكم بالدين في التركة مع يمين المدعي، وإن كانا بخلاف ذلك أو أحدهما فهما مقران يلزمهما من الدين بحساب سهمهما من الإرث.
وإذا قتل الغارم عمدا أو خطأ قضي دينه من الدية وورث ما فضل عنه و إذا لم يخلف المقتول عمدا ما يقضي دينه لم يجز لأوليائه القود (1) حتي تتكلفوا بما عليه منه.
(1) في بعض النسخ: العفو، وهو تصحيف.
(٣٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (26)، الظنّ (26)، الشهادة (52)
وإذا مات حل (1) ماله من دين مؤجل عليه.
وتكره الإدانة بغير رهن ولا بينة، والأولي الجمع بينهما فمن لم يفعل لم يؤجر علي ضياع ماله.
والكفالة والحوالة تسقطان حق المطالبة بالدين وتقتضيان براءة ذمة الغريم منه. وعجز الغارم عن الأداء يسقط حق المطالبة ويوجب التأخير إلي حين اليسر. وينوب فعل الوكيل في المطالبة مناب موكله.
ونحن نذكر أحكام الرهن والوكالة والحوالة والكفالة والتفليس لتعلق ذلك بأحكام الديون.
(1) في جميع نسخنا هكذا: وإذا مات المؤجل ماله. والصحيح ما أثبتناه كما يظهر من المختلف للعلامة فراجع.
(٣٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (26)، الظنّ (26)

الرهن وأحكامه

فصل في أحكام الرهن تفتقر صحة الارتهان إلي قبض الرهن فيما يصح قبضه أو رفع الحظر فيما لا يصح قبضه وقبول ذلك.
وثمر الشجر الظاهر وولد الحيوان الحامل ونبات الأرض الحاصل قبل الارتهان خارج عنه، وما تجدد من ذلك في حاله لا حق بالأصل.
ولا يجوز للراهن ولا المرتهن التصرف في الرهن ولا الانتفاع به إلا عن اتفاق قبل عقدة الرهن أو في حالها ويجوز للمرتهن إذا كان حيوانا فتكفل بمؤنته أن ينتفع بظهره أو خدمته أو صوفه أو لبنه وإن لم يتراضيا، ولا يحل شئ من ذلك من غير تكفل مؤنة (1) ولا مراضاة، والأولي أن تصرف قيمه منافعه في مؤنته.
وإذا كان للرهن غلة يصح بقاؤها كالحنطة والشعير رهن مع الأصل، و إن كانت مما لا يصح بقاؤها كالخيار والأترج فعلي المرتهن بيعه وقبض ثمنه و الاحتساب به عن إذن الراهن إن أمكن وإلا فهو رهن مع الأصل.
وإذا عمر المرتهن الأرض وغرس فيها عن إذن الراهن في حال الارتهان فله غلة ذلك، وإن كان بغير إذنه فهو أثم وعليه أجر الأرض وله غلتها.
ورهن المشاع جائز كالمقسوم، وإذا رهن ما يملك بعضه صح الرهن
(1) مؤنته.
صفحه(٣٣٤)
فيما يملك، وكان رهنا علي جملة الدين، ويبطل فيما لا يملكه، ولا يصح بيع الرهن إلا عن تراض منهما (1) متقدم أو متأخر، فإن هلك الرهن في مدة السوم لأجله (كذا) وكان البيع سائغا (2) فهو من مال الراهن وعليه الخروج من الحق إلي المرتهن، وإن كان ممنوعا منه فهو من مال المرتهن.
وإذا كان هلك الرهن من غير تفريط فهو من مال الراهن، وعليه الخروج إلي المرتهن مما عليه من الحق، وإن كان عن تفريط فهو من مال المرتهن، فإن اختلفا في الاحتياط والتفريط فكانت لأحدهما بينة حكم بها وإلا فالقول قول المرتهن مع يمينه، وإذا ثبت التفريط واختلف في قيمة الرهن وفقدت البينة فالقول قول الراهن مع يمينه.
وإذا ادعي المرتهن مبلغا من الدين فأقر الراهن ببعضه وأنكر البعض قبل إقراره فيما أقر به وحلف علي ما أنكر. وإذا اختلف اثنان في شئ فقال أحدهما هو عندي رهن وقال الآخر هو وديعة، فعلي مدعي الرهن البينة فإن فقدت طولب الآخر بها، فإن تعذرت حلف أنه وديعة وتسلمه (3)، فإن نكل عن اليمين فهو رهن.
وإذا حل الدين وتعذر إيذان الراهن في بيعه فالأولي تركه إلي حين تمكن الايذان، ويجوز بيعه، فإن نقصت قيمته عن الدين لم يكن له غيرها، وإن كان بيعه بإذنه فعليه القيام بما بقي من الدين عن ثمن الرهن، وإن فضل عن مقدار الدين فهو للراهن. وإذا لم يعلم ما عليه من دين ضمن قيمته فإذا حضر الراهن فالقول قوله مع يمينه.
(1) في بعض النسخ: أو متقدم أو متأخر.
(2) في جميع النسخ: شايعا والصحيح ما أثبتناه.
(3) ويسلمه.
(٣٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الحاجة، الإحتياج (26)
وإذا فلس الغريم أو مات فالمرتهن أحق بالرهن من باقي الغرماء، فإن فضل عنه شئ كان لهم، وإن نقص حاصهم فيما عداه.
وإذا رهن عصيرا فصار خلا فهو رهن، وإن صار خمرا بطلت وثيقة الرهن ووجبت إراقته، وعلي الغريم القيام بالدين، وإن كان مائعا طاهرا فصار نجسا بفعل المرتهن أو تعديه فهو من ماله يوم نجسه، وإن لم يتعد فهو من مال الراهن يهراق ما لا يصح الانتفاع به كالخل، ويباع ما يصح الانتفاع به كالدهن ويحتسب بثمنه من مال الدين.
ولا يصح للراهن ولا المرتهن وطئ الأمة المرهونة ويجوز استخدامها عن تراض من الراهن والمرتهن، وإن وطئها الراهن أثم وعليه التعزير، وإن وطئها المرتهن فهو زان، وولده منها رق لسيدها ورهن معها.
صفحه(٣٣٦)

الوكالة

فصل في الوكالة وأحكامها صحة الوكالة تفتقر إلي إيجاب الموكل وقبول الوكيل حاضرا كان أم غائبا بحسب شرطه، إن أطلق عمت الوكالة سائر الأشياء إلا الاقرار بما يوجب حدا، وإن خصصت بشئ اختصت به. وإذا انعقدت الوكالة قام الوكيل فيما جعل له مقام موكله في المطالبة وقبض الحقوق وإسقاطها، وإن فعل ما لم يجعل له لم يمض، فإن كان فيه درك فهو لازم له دون موكله.
والوكالة في الطلاق جائزة كالنكاح بشرط غيبة أحد الزوجين، وإن كانا في مصر واحد لم تمض، والأولي أن يتولي ذلك بنفسه حاضرا كان أم غائبا.
ويلزم كل ناظر في أمور المسلمين أن يوكل لأطفالهم وسفهائهم وذوي النقص من ينظر في أموالهم ويطالب بحقوقهم ويؤدي ما يجب عليهم منها.
وينبغي لذوي المرواة أن يوكلوا في مطالبة الحقوق وإسقاط الدعاوي، ولا يباشروا الخصومة بأنفسهم.
ولا يجوز لمسلم أن يوكل إلا المسلم العاقل الأمين الحازم (1) البصير بلحن الحجة العالم لمواقع الحكم العارف باللغة التي يتحاور بها، ولا يحل
(1) في بعض النسخ: الجازم.
(٣٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الجواز (26)
له أن يوكل كافرا علي مسلم، ويجوز له أن يوكل المسلم والكفار علي الكافر، ولا يتوكل لكافر علي مسلم، ويتوكل له علي كافر وإن اختلفت جهات الكفر، ولا يحل لأحد أن يتوكل فيما لا يغلب ظنه بالقيام به من حق ولا نصرة باطل علي حال.
وإذا أراد الموكل عزل الوكيل أو تخصيص وكالته فليشهد علي ذلك ويعلمه به إن أمكن إعلامه، فإذا فعل بطلت الوكالة فيما أشهد به ولم يمض شئ مما يفعل الوكيل بعد الإشهاد والإعلام مع إمكانه، ومن دون الإعلام مع تعذره، فإن لم يعلم الوكيل مع التمكن من ذلك لم تنفسخ الوكالة وإن أشهد بالفسخ، وكان ما يفعله الوكيل ماضيا حتي يعلم العزل.
وإن اختلفا فادعي الموكل الإعلام وأنكر الوكيل، فعلي الموكل البينة بإعلامه، ولم يكفه ثبوت عزله مع إمكان إعلامه، فإن فقدت البينة حلف الوكيل ومضي ما فعله.
وإذا أقام الحاكم قيما للمحجور عليهم مضي فعله الموافق للمعروف لهم وعليهم، وبطل ما خالف.
(٣٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: صلح (يوم) الحديبية (26)، الموت (26)، الباطل، الإبطال (26)، الشراكة، المشاركة (52)، الهلاك (26)، الجواز (26)

الكفالة والحوالة

فصل في الكفالة والحوالة صحة الكفالة والحوالة تفتقر إلي تعيين الأجل فيما يحتاج إلي الأجل فيه، وكون الكفيل والمحال عليه مليا في حالة الكفالة والحوالة، أو يرضي المكفول له أو المحال بالكفيل والمحال عليه بعد العلم بحاله، فإذا رضي الغريم وقبل الكفيل أو المحال عليه انتقل الحق إلي ذمته وبرئ المكفول عنه والمحيل، وكان للكفيل الرجوع بما كلفه علي المكفول عنه إن كان كان مشفوعا مشفوعا إليه في ذلك، وإن كان متبرعا لم يرجع عليه بشئ إلا أن يكون قد وافقه علي ذلك فيرجع بمال الكفالة عليه.
وإذا ظن المكفول له أو المحال كون الكفيل مليا وانكشف أنه غير ملي في حال الكفالة أو الحوالة رجع إلي غريمه الأول بمال الحوالة، وإن كان في الحال مليا ثم أفلس فيما بعد أو كان معلوم الحال ورضي به لم يكن له رجوع علي الأول بشئ.
وضمان إحضار الغريم في وقت معين أو أي وقت شاء المضمون له من مدة معلومة بشرط البقاء صحيح يلزم معه إحضاره، فإن طلبه فلم يحضره وهو حي فعليه الخروج مما ثبت عليه.
وإن مات قبل ذلك فلا شئ عليه إلا أن يشترط علي نفسه أنه إن لم يأت به
(٣٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (52)، الظلم (26)
فعليه ما عليه، فيلزمه متي لم يحضره، القيام بما ثبت عليه حيا كان أو ميتا.
وضمان المجهول جائز كالمتعين، كقول الضامن: " كل حق عليه لازم لي " ويلزمه من ذلك ما قامت به البينة أو أقر به الغريم خاصة.
ومن خلص غريما من يد غيره بالغلبة فعليه الخروج إلي من خلصه منه مما ثبت له عليه من حق، وإن خلصه بشفاعة لم يضمن شيئا مما عليه إلا أن يضمنه.
وإذا لم يبرء الغريم إلي المحال في مال الحوالة ورضي (1) المحال عليه (2) بذلك لم تبرء ذمته منه ويحسب ما قبضه من المحال عليه ورجع علي غريمه الأول بالباقي، وإن برئ إليه ورضي كل منها بذلك لم يرجع عليه بشئ من مال الحوالة.
(1) في بعض النسخ: وترضي.
(2) في بعض النسخ هكذا: ورضي المحال أو المحال عليه.
(٣٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (26)، الهلاك (26)، الظلم (52)، البيع (26)، الجواز (52)

التفليس

فصل في التفليس عجز الغريم عن الأداء يسقط حق المطالبة والملازمة والحبس، ويحرم علي مدينه كل من ذلك مع العلم به، ويلزم الحاكم إذا قامت البينة عنده بذلك أو صدقه الغريم أن يمنعه من ملازمته ولا يحبسه له، وإن ادعي إعسارا وأنكر المدين وفقد البينة في الحال توقف الحاكم حتي ثبت له ما يحكم بمقتضاه فإن ثبت له اعساره بعد ما حبسه أطلقه، وإذا ثبت عند الحاكم الاعسار طالب الغارم بإقامة ضمين لمدينه يحفظ عليه ماله معجلا أو مؤجلا أو مقسطا، فإن تعذر ذلك نظر في مقدار مكسبه فألزمه بتأدية الفاضل منه عن مقدار الحاجة إلي مدينه، فإن لم يكن ذا مكسب أو كان مكسبه لا فضل فيه مما يحفظ حياته فلا سبيل عليه.
ويلزم الحاكم إشهار المفلس ليعرفه الناس بذلك فلا يعامل إلا من قد رضي بإسقاط دعواه عليه، وإذا أشهره لم تسمع دعوي أحد علم بتفليسه.
وإذا وجدت عند المفلس سلعة لبعض الغرماء فهي له دون سائرهم، وإن لم يعرف صاحبها فهي بينهم.
وإن كان له ملك يزيد علي بيت سكناه وستر عورته وخادمه ودابة جهاده
(٣٤١)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (26)، الغلّ (26)، الهلاك (26)، الصّلاة (52)، الجواز (52)، الجماعة (26)، الجنازة (26)
أخذ الحاكم بيعه (1) في حقوق الغرماء، فإن امتنع باع عليه الحاكم وقسم الثمن بين غرمائه علي قدر حقوقهم.
وإقرار المفلس بعد الحجر ماض لكونه عاقلا.
ولا يحل الدين المؤجل بالتفليس.
(1) أخذه الحاكم ببيعه.
(٣٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (26)، صلح (يوم) الحديبية (52)، الباطل، الإبطال (78)، الموت (26)

الشركة

فصل في الشركة وأحكامها الشركة جهة لإباحة التصرف، وصحتها مختصة بالأموال المتجانسة بعد الخلط لها، فإن اختلفت قوم أحدهما بالآخر وجعل مالا واحدا. فإذا تكاملت هذه الشروط انعقدت الشركة وأوجبت لكل واحد من الشريكين من الربح بمقدار ماله ومن الوضيعة بحسبه. فإن اصطلحوا في الربح علي أكثر من ذلك حل تناول الزيادة بالإباحة دون عقد الشركة، ويجوز لمبيحها الرجوع بها ما دامت عينها قائمة.
وإن اشترط في عقد الشركة تفاضل في الوضيعة صحت الشركة وبطل الشرط وكان الوضيعة بحسب الأموال إلا أن يتبرع أحد الشريكين علي الآخر فإن كان أحد الشريكين عاملا في البضاعة فجعل له الآخر فضلا (1) والربح بإزاء عمله لم يمض الشرط وكان للعامل أجر عمله ومن الربح بحسب ماله.
وإن كانا متساويين في العمل لم يكن لأحدهما أجر.
ولا يجوز لشريك أن يعمل في مال الشركة ما لم يجعله له شريكه، فإن تعدي ضمن وإن لم يتعد لم يضمن.
ولا تنعقد الشركة بالأبدان في الأعمال والصنايع والأسفار، لكون ما
(1) في الربح، كذا في المختلف.
(٣٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الجواز (26)
تقع عليه الشركة غير متميز ويحل لكل منهم ما تراضيا عليه، ويجوز الرجوع به والحكم لكل منهم بأجر عمله، فإن لم يتميز عمل كل واحد منهم قضي بينها بالصلح.
ولا تأثير للتأجيل في عقد الشركة، ولكل شريك مفارقة شريكه أي وقت شاء وإن كانت مؤجلة.
وإذا مات أحد الشركاء بطلت الشركة، وإذا انفسخت الشركة بموت أو غيره كان كل شريك من عين المال والمتاع بحساب ماله، ولا يقسم الدين، لكن يتقاضونه جميعا فما حصل اقتسموه بحسب أموالهم.
وإذا دفع المرء إلي غيره ما لا ليتجر به أو متاعا ليبيعه، وجعل له قسطا من الربح، لم تنعقد بينهما شركة، وإنما له في الحكم أجر مثله دون ما شرطه والأولي الوفاء به ولا ضمان عليه فيما هلك أو نقص إلا أن يتعدي مرسوما فيضمن.
وإذا دفع إليه مالا ليبتاع به متاعا، فابتاعه ثم بدا لصاحب المال، لم يكن له إلا المتاع، وللمضارب أجر مثله. وإذا عين ابتياع متاع معين فابتاع غيره فهو في ذمته، ولذي المال ماله من غير زيادة ولا نقصان، إلا أن يرضي بالمتاع فيكون له.
والشريك المأذون له التصرف مؤتمن علي مال الشركة لا يجوز تهمته، والقول قوله إلا أن يرتاب به شريكه فيحلف علي قوله.
وكذا حكم المأذون له في التجارة وبيع السلع وابتياعها.
(٣٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الخوف (26)

الإجارة وضروبها

فصل في ضروب الإجارة الإجارة سبب يمنع المالك من التصرف في الملك، ويبيحه للمستأجر، ويوجب استحقاق الأجر له عليه، وتفتقر إلي صحة ولايتهما وتميير؟؟ المستأجر وتسليمه وتعيين الأجر والأجل والمسافة والمقدار والصفة إلي غير ذلك مما تتعلق به الإجارة. فإن اختل شرط بحيث تفتقر إليه لم تنعقد، وإذا انعقدت اقتضت استحقاق الأجر معجلا إلا أن يشترط التأجيل.
وهي علي ضروب:
منها إجارة الرباع والأرض، ولا بد فيها من تعيين الأجر والمستأجر ووصفه وتحديده والأجل والتسليم، فإن منع مانع ظالم من التصرف أو هدم المسكن أو قطع الشجر أو أحرق نبات الأرض أو عزلها (كذا) قبل التسليم سقطت الأجرة، وإن كان بعد التسليم فالإجارة ماضية والأجرة مستحقة، و يرجع بها علي المتعدي في الدنيا أو يعوضها في الآخرة، وإن كان ذلك بفعل المستأجر فالأجرة لازمة وهو ضامن لما أفسد من بناء أو غرس، وإن كان شئ من قبله تعالي لم يضمن شيئا وسقطت عند الأجرة حتي يعيد المالك الربع والأرض إلي حالتهما الأولي.
ولا يسقط الإجارة والأجر هلاك ثمرة الأرض ولا نبتها بفعله تعالي ولا فعل
(٣٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (78)، الطيران، الطير (26)، الإحتياط (26)، الهلاك (26)، التصدّق (52)
ظالم، ويرجع علي الظالم بالدرك عاجلا فإن فات ففي الآجلة.
ولا يجوز للمستأجر أن يؤاجر ما استأجره بأكثر مما استأجره إلا أن يحدث فيها (كذا) المستأجر شيئا.
ولا تصح إجارة ما لا يصح لمالكه التصرف فيه بحجر أو رهن أو إجارة أو غير ذلك، ولا يجوز رهن المستأجر ويجوز بيعه وهبته والتصدق به ولا تبطل الإجارة بشئ من ذلك.
وإذا غرس المستأجر أو بني بغير إذن المؤاجر فهو غاصب يضمن ما نقص ولمؤاجره قلع ما غرس ونقض ما بني، وله تركه وتسليم القيمة عنه، وإن كان بإذنه فله شرطه، فإن لم يشترط كان له قلع الغرس ونقض البناء، ولا ضمان علي الغارس والباني لما نقص واستدركه (1) وإذا استحقت الأرض بعد عقد الإجارة تسلمها المستحق ورجع المستأجر بما نقد علي مؤاجره.
ومنها إجارة الدابة والسفينة. وصحتها موقوفة علي بيان المدة أو المسافة فإن تعلق شرطها بحمل مقدار معلوم أو سلوك طريق مخصوص لم يجز للمستأجر تجاوزهما، فإن تعدي الشرط في المدة أو المسافة أو المقدار أو سلوك الطريق ضمن الهلاك والنقص وأجر الزائد علي الشرط، وإن لم يعين مقدارا ولا طريقا ولا مدة ولا مسافة لم يضمن إلا أن يتعدي المعهود في الحمل أو التسيير فيضمن، ولا تنعقد هذه الإجارة لحمل محظور كالخمر ولا في المعونة علي قبيح وكذلك حكم إجارة المسكن والوعاء والاناء في محظور.
ومنها استيجار الغير ليعمل عملا أو يحمل شيئا أو يقطع مسافة بنفسه أو دابته أو يبيع له أو يبتاع إلي غير ذلك من الأغراض، فلا بد في هذه الإجارة
(1) في بعض النسخ: واستدركه ولمؤاجره قلع ما غرس وإذا.
(٣٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (208)

المضاربة

تعيين ما انعقدت عليه ووصفه بما يبين به ويتعين (1) الأجر فإن وافق عمل المستأجر لشرط الإجارة استحق الأجر ولم يضمن نقصا ولا هلاكا إلا ما جناه مفرطا أو مختارا " دون ما هلك من حرزه أو غلب عليه.
فإن اختلفا في هلاك ما استؤجر لصلاحه كالقصارة والصياغة والنساجة، و فقدت البينة، فعليه اليمين بصحة دعواه.
وإن خالف شرط الإجارة سقط أجره وضمن ما نقص بفعله أو تلف.
وأجر ما يبتاعه المرء لغيره أو يبيعه بإذنه عليه دون من يبتاع له منه أو يبيع عليه، وأجر الكيال ووزان البضاعة علي البائع، وأجر وزان الثمن وناقده علي المبتاع.
والمضاربة خارجة عن باب الإجارة والشركة، وإمضاء شرطها أفضل فإن تنازعا فللمضارب أجر مثله ولا ضمان عليه ما لم يتعد مأذونا فيه.
ولا يجوز استيجار العبد ولا الأمة ولا المحجور عليه لسفه أو صغر إلا بإذن الولي، وضمان ما يفسدونه عليه، ويجوز استيجار العبد والأمة المأذون لهما في التصرف.
ولا يجوز حبس الأجير عن الصلاة ولا الجمعة ولا العيدين ولا صلاة الكسوف ولا الجنازة المتعينة، ويجوز منعه من الجماعة وإيذانه أفضل.
وإذا سقطت الدابة بحملها ضمن مؤاجرها ما تفسده من حملها، ولا يضمن ما يغصب عليه، والملاح ضامن لما يغرق من المتاع بتفريطه، ولا يضمن ما يغلب عليه بفعله تعالي أو تعدي غيره.
وأجر رد الضالة مستحق بحسب ما بذله مالكها لردها، فإن لم يبذل شيئا فأجر وجدان العبد أو الأمة أو البعير في المصر عشرة دراهم فضة، وفي غير
(1) وتعيين.
(٣٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (52)، البيع (208)، الهلاك (78)، الصبر (26)، الربا (26)

المزارعة والمساقاة

المصر أربعون درهما وما عدا ذلك يقضي فيه بالصلح.
ومنها مزارعة الأرض أو مساقاتها، وتفتقر صحة ذين (كذا) الإجارتين إلي تعيين المدة وصفة ما تتعلقان به.
وكل منهما علي ضربين:
أحدهما أن يشترط المالك للمزارع والمساقي ثلث غلة الأرض أو ما زاد علي ذلك أو نقص عنه، فيجب له ذلك مما يرتفع (1) قل أم كثر، فإن هلكت الغلة بأحد الأسباب السماوية أو الأرضية فلا شئ له.
الثاني أن يجعل له علي مزارعته أو مساقاته أجرا معلوما، عينا أو ورقا، أو مكيلا أو موزونا، منفصلا من مقدار غلتها، فيجب له ذلك متي وفي بشرط العقد هلكت الغلة أم سلمت.
فإن خالف شرط العقد في نوعي المزارعة أو المساقاة بطل المشروط وكان له أجر عمله إن كان صلاحا، وإن كان فسادا ضمن ما أثره بتعديه.
فإذا انقضت مدة المزارعة فللمزارع قلع ما غرس أو زرع، وتركه بإذن المالك، وكذلك حكم (2).
وخراج أرض المزراعة والمساقاة وحق الصلح علي المالك إلا أن يشترطه المزارع والمساقي فيلزمهما، وخراج الأرض المتقبلة علي المتقبل إلا أن يشترطه علي المالك.
ولا تبطل الإجارة بالموت ويقوم ورثة كل واحد من المالك والمستأجر مقام موروثه، والسفر لا يبطل الإجارة وإن فسخها المستأجر وحكم بها (كذا) حاكم جور إلا أن يفسخها المالك.
(1) في بعض النسخ: مما يرفع.
(2) كذا في النسخ.
(٣٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (52)
وإذا لم يشترط في عقد الإجارة تأخير الأجر أو تقسيطه فهو (فهي خ) عاجل لجميع المدة.
وإذا كان شرط الإجارة كل يوم أو كل جمعة أو كل شهر بقسط معلوم انعقدت الإجارة وإن لم يعين أجر المدة، واستحق أجر الزمان المذكور بالدخول فيه، ويجوز الفسخ بخروجه ما لم يدخل في الثاني ولا تجوز الإجارة لمدة قبل دخول ابتدائها لافتقار صحتها إلي التسليم.
ولا تصح الإجارة بغير أجر معلوم من سكني بسكني، أو عمل بعمل، أو خدمة بخدمة، أو علي نظر في كتاب، أو إطراق فحل، إلي غير ذلك، ويحل لكل من هؤلاء التصرف للتراضي دون عقد الإجارة المفتقر إلي تعيين (1) الأجر.
(1) في بعض النسخ: تعين.
(٣٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (208)، الهلاك (52)، الإختيار، الخيار (26)

اللقطة

فصل في اللقطة اللقطة علي وجهين: أحدهما يحرم التقاطه والثاني يحل وتركه أولي.
فالأول الإداوة والقربة وغيرهما من أوعية الماء، والحذاء، والسوط، والشاة والبقرة والحمار في الأرض ذات الكلاء والماء، والبعير علي كل حال.
والثاني ما عدا ذلك، وهو علي ضربين:
أحدهما يصح التصرف فيه من غير تعريف، وهو علي ضربين: مضمون وغير مضمون، فالمضمون ما يخاف فساده بالتعريف مما تزيد قيمته علي درهم كالأطعمة، وغير المضمون ما نقصت قيمته عن درهم من جميع اللقطة، وما يوجد في الملك المتوارث والمباح والدارس في الديار المجهولة (1) من الكنوز وشبهها.
والثاني يجب تعريفه وضمانه وهو علي ضروب: منها أن يكون مما يصح بقاؤه ولا يفسد بطول المكث (2) كالذهب والفضة وسائر العروض، فيجب تعريفه سنة كاملة في أيام الجمع والأعياد والمواسم والأسواق، فإن جاء صاحبه
(1) في بعض النسخ: المهجورة المجهولة.
(2) في بعض النسخ هكذا: بطول المكث والوسم.
(٣٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (260)، الجواز (52)، اللبن، اللبون (26)
رده عليه وإلا فلاقطه بالخيار بين أن يتصرف فيه ويضمن المثل دون الربح، أو يتصدق به عن صاحبه، أو يعزله انتظارا للتمكن منه وهو أحوط الأمرين.
فإن هلك في مدة التعريف من غير تعد فلا ضمان عليه، وإن كان هلاكه لتعد أو بعد ما تصرف فيه من غير تعريف فهو ضامن.
وإذا حضر صاحب اللقطة وقد تصرف فيها الملتقط فعليه رد مثلها أو قيمتها إن كان تصرفه بعد التعريف، وإن كان قبله رد معها ما أفادت من ربح فإن كان قد تصدق بها فهو بالخيار بين إمضاء الصدقة وله ثوابها وبين الرجوع عليه بها ويكون ثواب الصدقة له دونه.
فإن كانت اللقطة حيوانا عرفها ثلاثا فإن جاء صاحبها، وإلا رفع خبرها إلي سلطان الاسلام لينفق عليها من بيت المال. فإن تعذر ذلك فهو بالخيار بين الانفاق عليها متبرعا أو محتسبا علي صاحبها وبين بيعها وعزل ثمنها لصاحبها.
وإذا ملك الطائر جناحه فهو حل لمن صاده من غير تعريف.
ومن وجد شيئا في دار انتقلت إليه من غيره ببيع أو غيره فعليه تعريفه منه فإن عرفه رده عليه وإلا تصرف فيه.
ومن وجد شيئا في داره (2) أو صندوقه أو بيته لا يعرفه وكان هناك متصرف غيره في الدار أو البيت أو الصندوق عرفه منه فإن عرفه أعطاه وإلا تصرف فيه، وإن كان التصرف مختصا به فهو له.
وإذا سيب المرء دابته لجهدها في أرض لا كلاء فيها، فهي لمن التقطها وإن كانت في أرض ذات ماء وكلاء فهي لا يحل التقاطها علي ما سلف بيانه وحكمه (2).
ولقطة العبد والأمة متعلق بالمالك، وما يلتقطه المحجور عليه لوليه.
(1) كان في النسخ: في ذلك، والظاهر ما أثبتناه.
(2) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: وحكم لقطة العبد …
(٣٥١)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (130)، الحج (26)، الجواز (104)، الزبيب (26)

البيع وشروط صحته وأحكامه

فصل في عقد البيع وشروط صحته وأحكامه البيع عقد يتقضي استحقاق التصرف في المبيع والثمن وتسليمهما، وتفتقر صحته إلي شروط ثمانية: صحة الولاية في المبيعين، وتعيينهما بالصفة أو المبلغ أو بهما، وتعيين الأجل في المؤجل، وإمكان التسليم، وقول يقتضي إيجابا من البائع وقبولا من المبتاع، وافتراق عن مجلس العقد بالأبدان، وحصول ذلك عن إيثار، ووقوعه علي أمر يسوغ.
واعتبرنا صحة الولاية لتأثير حصولها بثبوت الملك أو الإذن وصحة الرأي (كذا) في صحة العقد وعدم ذلك في فساده.
واعتبرنا التعيين بالوصف أو المقدار لفساد العقد علي المجهول.
واعتبرنا تعيين الأجل لفساده مؤجلا بما لا يتحدد.
واعتبرنا إمكان التسليم لفساد بيع ما لا يمكن تسليمه كالطير في الجو والسمك في الماء وأمثال ذلك من بيع الغرر.
واشترطنا الايجاب والقبول لخروجه من دونهما عن حكم البيع.
واعتبرنا الافتراق بالأبدان لوقوف مضيه عليه.
واعتبرنا الايثار لفساد بيع الاكراه.
واعتبرنا وقوعه علي الوجه المشروع احترازا من بيع المحرم أو ابتياعه
(٣٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (156)، الإحتياط (26)، الوطئ (26)، الجواز (26)
بالمحرم (1) والمحلل وعقود الربا والعقود الفاسدة.
فإن اختل شرط من هذه لم ينعقد البيع ولم يستحق التسليم، وإن جاز التصرف مع اختلال بعضها للراضي (2) دون عقد البيع، ويصح معه الرجوع.
وإذا تكاملت الشروط صح العقد وإن لم يتقابضا، واقتضت صحته تسليم المبيع في الحال إن كان العقد مطلقا من التأجيل، فإن امتنع البائع من تسليم المبيع حتي هلك فهو من ماله ويرد ما قبضه من الثمن، وإن امتنع المبتاع من قبض المبيع أو رضي بتركه عند البائع فهلاكه من ماله، فإن شفع (كذا) إلي البائع في إنظاره بالثمن وقتا معينا فأجابه فهو من ماله دون البائع.
وإن لم يعين وقتا فعلي البائع الصبر عليه ثلاثا ثم هو بالخيار بعدهن بين الفسخ ومطالبة الثمن، فإن هلك المبيع في مدة الثلاثة الأيام فهو من مال المبتاع وبعدهن من مال البائع.
وإن اقترن بالعقد شرط الخيار فالعقد صحيح ولمشرط (كذا) الخيار في مدته فإن لم يعين مدة فله الخيار ثلاثة أيام حسب.
والخيار في جميع الحيوان ثلاثة أيام، اشترط أو لم يشترط، وفي الأمة مدة استبرائها، فإن هلك المبيع في مدة الخيار فهو من مال البائع إلا أن يحدث المبتاع فيه حدثا يدل علي الرضا، فيبطل الخيار ويكون هلاكه من ماله.
وإذا تصرف مستحق الخيار في المبيع بغير إذن البائع بطل حكم الخيار.
وإذا وقع العقد بشرط حكم البائع أو المبتاع في الثمن فالعقد فاسد، وإن تراضيا فحكم المبتاع بالقيمة فما فوقها أو حكم البائع بالقيمة فما دونها مضي ما حكما به، وإن حكم المبتاع بأقل والبائع بأكثر منها لم يمض حكمهما.
(1) في بعض النسخ: بالمحرم أو المحلل.
(2) للتراضي.
(٣٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (208)، الهلاك (26)، الجواز (26)
وإذا اقترن العقد باستثناء لبعض ما تناوله معينا كالشاة إلا رأسها أو جلدها أو ربعها (كذا)، والشجر إلا الشجرة الفلانية مضي العقد فيما عدا المستثني، وإن كان مجهولا فالبيع فاسد.
وإذا اشترط البائع أو المبتاع في العقد شيئا معلوما يمكن تسليمه كبيع ثوب علي أن يخيطه أو يصبغه، أو غزل علي أن ينسجه، أو جلد علي أن يعلمه حقا (1) أو شرط عليه صفة مخصوصة طول كذا أو عرض كذا أو سلك كذا، أو شرط أن يبيعه شيئا أو يبتاع منه أو يسلفه أو يستسلف منه فالعقد ماض والشرط ثابت.
وإن شرط ما لا يمكن تسليمه كالرطب علي أن يصير تمرا، والحصرم علي أن يصير زبيبا أو عنبا، والزرع علي أن يسنبل، وكثوب من غزل امرأة بعينها، أو حنطة من أرض بعينها، وزيت من شجر معين فالعقد فاسد.
وإن وقع العقد علي ما تصح فيه الولاية وما لا يصح، فالبيع ماض فيما يصح بيعه وفاسد فيما لا يصح ذلك فيه.
ومن شرط صحة بيع الحاضر اعتبار حال ما يمكن اعتباره، ومعرفة مقداره بكيل أو وزن أو عد أو ذرع أو شم أو ذوق أو مشاهدة وتقليب، ولا يصح من دون ذلك، وإن تعذر الاختبار إلا بالافساد كالبيض والجوز والبطيخ وأشباه ذلك فالبيع ماض بشرط الصحة أو البراء من العيوب، فإن خرج ما لم يبرء إليه منه معيبا فله رد الجميع أو أرش المعيب أو الرضا به، دون رد المعيب (2) خاصة.
وإن كان المبيع (3) غائبا أو مشدودا في وعاء جاز بيعه موصوفا بما يختصه، فإن وجد علي الصفة فالبيع ماض، وإن خالفها فالعقد فاسد.
(1) يعمله خفا. ظ.
(2) في بعض النسخ: العيب.
(3) في النسخ: المعيب، والظاهر ما أثبتناه.
(٣٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (52)، الإستحباب (26)، الحاجة، الإحتياج (26)
ويصح بيع الحيوان والثمار والعقار والأرضين موصوفا بشرط خيار الرؤية ويصح بيع ما استحق تسليمه قبل قبضه وينوب قبض الثاني عن الأول.
وإذا انعقد البيع ولم يتقابضا واختلفا في مقدار المبيع أو الثمن وفقدت البينة لزم كلا منهما ما أقر به وحلف علي ما أنكره، وفسخ البيع أولي.
ومن ابتاع شيئا بثمن معلوم غير متعين فنقده من مال حرام فالبيع ماض والمبيع مستحق، وتصرفه في المال قبيح، ولا يحل للبائع مع العلم به قبضه، وإن علم به بعد قبضه فعليه رده ومطالبته بثمن مبيعه من مال حل، وإن وقع العقد علي عين المال المحرم فهو فاسد، وكذلك القول في المبيع المحرم وإذا وقع العقد فاسدا علي وجهه (1) يحرم معه التصرف حكم بفسخه والرجوع (2) علي كل منهما بما قبض، وإن كان مع كون العقد فاسدا مما يصح التصرف فيه للتراضي فلكل منهما الرجوع بعين ما رضي بتسليمه خاصة، فإن هلكت العين في يد أحدهما لم يصح الرجوع.
وإذا وقع العقد علي متاع متعين فلم يقبضه المبتاع حتي هلك بعضه أو حدث فيه عيب فهو بالخيار بين رد الجميع، وبين قبض السليم واسترجاع ثمن الهالك بحساب البيع، وبين مطالبته بقيمة يوم طالبه فامتنع من التسليم وبين أرش المعيب.
فإن هلك جملة المبيع لم يكن له إلا ما نقد من الثمن. فإن كان لتعد من البائع أو لمنع واجب فالمبتاع بالخيار بين المطالبة بما نقد، وبين قيمة يوم استحق تسليمه. فإن كان تأخيره من قبل المبتاع فهلاكه ونقصه من ماله.
(1) علي وجه.
(2) كذا في بعض النسخ.
(٣٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: التصديق (26)، البيع (78)، الباطل، الإبطال (78)، الشراكة، المشاركة (78)، الصبر (26)، الزوج، الزواج (26)، التصدّق (26)
ولا يصح البيع علي من لا يولي علي مثله إلا بإذنه، وسكوته ليس بأذن يعتد به.
ولا يصح بيع الثمار سنة واحدة حتي يبدو صلاحها ويجوز ذلك سنتين فما زاد، ولا يجوز بيع الثمرة في رؤوس الشجر بكيل ولا وزن منها، ولا بيع الزرع بكيل ولا وزن، ويصح ذلك بالعين والورق، ولا يجوز بيع الصوف علي ظهر الغنم ولا اللبن في ضروع الأنعام، ويجوز ذلك أرطالا مسماة، ويجوز أن يستثني البائع من الثمرة أرطالا مسماة.
ومن باع نخلا قدو برأ وشجرا قد أثمر أو أرضا فيها زرع أو نبات، فحمل النخل والشجر والزرع والنبات خارج عن البيع إلا أن يشترطه المبتاع.
ولا يصح أن يبتاع المرء من تحرم عليه مناكحته من ذوي نسبه ومتي يفعل يعتقوا عليه عند مضي عقد ابتياعهم.
ومن ابتاع أمة حاملا أو حيوانا حاملا فحمله خارج عن البيع (1)، ولا يصح بيع الآبق إلا أن يكون معه شئ آخر، ومن ابتاع عبدا أو أمة ومعه مال فهو للبائع إلا أن يشترطه في عقد البيع فيكون له، وكذلك حكم ما يصاحب مبيع (2) سائر الحيوان من الأداة والدثار (الآثار - خ).
ويجوز ابتياع ما سباه الظالمون من الرقيق ويحل وطؤه بملك اليمين.
وإذا ابتاع رقيقا من سوق المسلمين فادعي الحرية لم تسمع دعواه، إلا أن تقوم بينة فيفسخ العقد ويرجع بالدرك.
ومطلق العقد يقتضي التعجيل في المبيعين، والتأجيل موقوف علي الاشتراط
(1) المبيع.
(2) مع. ظ.
(٣٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: البيع (104)، الشراكة، المشاركة (26)
وهو مختص بمبيع العين والورق، وتحديد الأجل بزمان معين ومضي (1) العقد يقتضي تسليم المعجل منهما وتأخير المؤجل وتسليمه عند حلول أجله سواء كان التأجيل مشروطا في المبيع أو الثمن، وإذا حل الأجل ولم يكن عنده عين ما عقد عليه فعليه إحضاره، ويصح إقامة العوض عنه من غير جنسه، ولا يجوز له ابتياعه من مستحقه عليه بمثل ما باعه منه في الجنس ولا بزيادة عليه نقدا ولا نسية ولا نقله إلي سلف آخر، ويجوز له ابتياعه يغير ما قبضه منه نقدا، ويجوز تقديم المؤخر عن أجله بشرط النقص منه، ولا يجوز تأخيره عنه بشرط الزيادة فيه.
وتعلق البيع بأجلين إلي مدة كذا بكذا أو إلي ما زاد عليها بكذا، وبأجل واحد غير محدود كقدوم الحاج وقدوم القافلة وبلوغ الغلات يقتضي فساده.
ودخول التأجيل في بيع العروض بعض ببعض والعين بالعين والورق بالورق والورق بالعين وسائر ما يكال ويوزن يقتضي فساد العقد وتحريم التصرف لكونه ربا.
ولا يجوز التفاضل بين متماثل ما يكال ويوزن وإن اختلفت عليه الأسماء كاللبن والسمن والجبن، والعنب والزبيب، والرطب والتمر والبسر، والحنطة والدقيق والخبز، كالذهب بالذهب والفضة بالفضة والنحاس بالنحاس والحنطة بالحنطة أو الشعير والأرز بالأرز والزيت بالزيت وأشباه ذلك، ويجوز بين مختلفيه كالعين بالورق والحنطة بالذرة وأمثال ذلك، وكذلك حكم العروض والحيوان، بيع الفاضل جائز فيه سواء اتفق الجنس أم اختلف كثوب بثوبين ودار بدارين وفرس بفرسين.
ولا يجوز بيع ما يكال ويوزن في غير السلم إلا يد بيد، ويجوز في غيرهما
(1) مقتضي.
(٣٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (104)
من سائر المبيعات بالعين والورق تأخير تسليم المبيع أو الثمن.
ولا يجوز لمن أسلم في متاع إلي أجل أن يبيعه من مستسلمه ولا غيره قبل حلول أجله، فإذا حل جاز بيعه منه بمثل ما نقد وأكثر منه من غير جنسه، ومن غير المستسلم بمثل ذلك وأكثر من ذلك من جنسه وغيره.
ومقتضي العقد المطلق يوجب تسليم المبيع صحيحا والثمن جيدا فإن ظهر عيب وأحدهما (1) فللمبتاع الرد والأرش، فإن كان العيب في بعض المبيع فله أرشه أو رد الجميع وليس له رد المعيب خاصة، وإن كان العيب ببعض الثمن أو جميعه فللبائع بدل الردي، وليس له الفسخ.
وإذا برئ أحدهما من العيوب إلي الآخر فلا درك يلزمه لما يوجد من عيب، وتعيين العيوب في بيع البر (2) أحوط.
وإذا علم البائع بالعيب في النقد ورضي به لم يكن له يد (3) منه، وإذا علم المبتاع بالعيب في المبيع جاز له أن يمضي البيع ويطلب الأرش، ولا يكون تصرفه دلالة الرضا بالعيب، وإنما هو دلالة الرضا بالبيع، وإذا رضي بالبيع والعيب لم يكن له رد ولا أرش.
وحكم الحيوان في العيوب حكم العروض، ويرد العبد والأمة بالجنون والجذام والبرص إلي مدة سنة، فإن وطئ الأمة لم يجز ردها بشئ من العيوب وله الأرش إلا الحبل فإنها ترد بعد الوطئ ويرد معها عشر قيمتها، فإن كان الوطؤ بعد علمه بالحمل ورضاه بالبيع لم يكن له رد وله الأرش.
ويجوز ابتياع أبعاض الحيوان كسائر العروض وإذا ابتاع اثنان أو أكثر من ذلك حيوانا أو متاعا " فظهر به عيب فأراد أحدهما الرد والآخر الأرش.
(1) في أحدهما. ظ.
(2) البرء.
(3) بدل. ظ.
(٣٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: الوصية (234)، الجواز (26)، الوجوب (26)، التصدّق (52)، الوراثة، التراث، الإرث (26)
لم يكن لهما إلا أحد الأمرين.
وبيع المرابحة مفتقر إلي ثبوت العقد وتعيين ما وقع عليه من الثمن بصفته وتعليق الربح بعين المبيع دون ثمنه، فإن كان العقد بعين لم يجز له أن يخبر بورق وإن نقد ورقا، وإن كان بورق لم يجز له أن يخبر بعين وإن كان ما نقده عينا، وإذا قوم التاجر المتاع علي الواسطة إن كان بيعا منجزا جاز له تخبير (1) الشري وإن كان موقوفا لم يجز له تخبير (2) الشري.
ولا يجوز بيع المرابحة بالنسبة إلي الثمن كقوله: أربح عليك في كل عشرة دراهم من ثمنه درهما أو درهمين، وإنما يصح بيع المرابحة بأن بخبر بجملة الثمن ويربح في عين (3) المبيع. ومن ابتاع متاعا بثمن مؤجل لم يجز بيعه مرابحة حتي يبين كيفية ما وقع العقد به.
ومن حفر بئرا أو قناتا أو نهرا أو كان شريكا في شئ من ذلك جاز له بيع ما يستحقه منه وبعضه كسائر المملوكات، وكذلك حكم ما يتناوله من الماء المباح وغيره، لأنه بالحيازة صار ملكا. ويصح بيع ما تنبته أرضه من الكلاء وإباحة الغير التصرف فيه بنفسه أو أنعامه كل شهر أو كل سنة بشئ معلوم.
ويصح بيع ما ليس عند البائع ويلزم بعد مضي العقد إحضاره.
ومن ابتاع غصبا يعلمه كذلك فعليه رده إلي المالك ولا درك له علي الغاصب، وإن لم يعلمه فللمالك انتزاعه منه ويرجع هو بالدرك علي من باع، فإن هلك قبل ثبوت استحقاقه رجع علي الغاصب بقيمته، وإن كان المغصوب أرضا أو دارا فبني المبتاع فيها أو غرس فله أعيان ما وقع البناء به من الآلات ونفس
(1) تخيير.
(2) تخيير.
(3) في المختلف: في غير المبيع.
(٣٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (26)، الموت (52)، الزكاة (26)، الوصية (286)، الوراثة، التراث، الإرث (26)، العتق (130)، السفينة (26)
الغرس، فإن كان ذلك من جملة المغصوب لم يرجع علي المالك بشئ منه، ويرجع علي الغاصب بما لزمه من غرامة البناء والغرس وثمن المبيع إن كان جاهلا بالغصب، وإن كان عالما لم يرجع بشئ، وعليه أجر المسكن والأرض لمدة تصرفه وما نقص بالبناء والغرس من قيمة المسكن والأرض.
ومن قال لغيره: ابتع لي متاعا أو حيوانا علي أن أربحك فيه كذا وأرضيك في الربح فابتاع ما سأله فيه لم ينعقد بينهما بيع، وكان له بيعه منه بما شرطه وهو أفضله وبيعه من غيره.
ويكره لمن سأله غيره أن يبتاع له متاعا أن يبيعه من عنده، أو يبتاع منه ما سأله بيعه له، وليس بمحرم.
ويكره تلقي الركبان لابتياع ما يجلبونه إلي المصر خارج المصر إلي مسافة أربعة فراسخ فما دونها، ولا تلقي فيما زاد عليها، وليس بمحرم.
ولا يحل لأحد أن يحتكر شيئا من أقوات الناس مع الحاجة الظاهرة إليها، وإذا فعل خوطب (كذا) في إخراجها إلي أسواق المسلمين، فإن امتنع أكره علي ذلك، وإن كانت الغلاة كثيرة جاز حرسها (1) رجاء للربح فيها وإن كان الأولي تجنب ذلك.
ويكره احتكار ما عدا الأقوات من المطعومات.
ويستحب لذوي الأقوات في زمان القحط إخراجها إلي أسواق المسلمين ومشاركتهم في الاقتيات مما يقتاتونه.
(1) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: خزنها، وفي بعضها: حرثها.
(٣٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (104)، الباطل، الإبطال (26)، الوصية (208)، الجواز (52)

الشفعة

فصل في الشفعة الشفعة استحقاق الشريك في المبيع تسليمه علي المبتاع بمثل ما نفد، وإنما يثبت حقها بشروط:
منها كون المبيع سهما من اثنين، ومشاعا باختلاط أو الشرب أو الطريق، وأن يكون الشفيع مسلما، أو يتساوي رأي الشفيع والمبتاع، ولا يسقط حق المطالبة إلا أن (1) يعجز الشفيع عن الثمن، وأن يكون جملة السهم مبيعا، والثمن معلوم القدر أو القيمة، وأن يمضي العقد.
فمتي اختل شرط لم تثبت شفعته، وإن كان السهم المبيع سهم شريك من ثلاثة فما زاد فلا شفعة لواحد منهم ولا جميعهم، وإن انتقل سهم الشريك عن ملكه بهبة أو صدقة أو مهر زوج إلي غير ذلك مما ليس ببيع فلا شفعة فيه، وإن كان المبتاع مسلما والشريك كافرا فلا شفعة له عليه، وإن علم بالبيع وأسقط حق المطالبة بطلت الشفعة، وإن طالبه المبتاع بإحضار مثل ما نقد فمضت ثلاثة أيام ولما يحضره من المصر بطلت الشفعة، وإن ادعي إحضاره من غير المصر وجب الصبر عليه بمقدار مضيه إليه وعوده وزيادة ثلاثة أيام ثم لا شفعة له، وإن وهبه بعض السهم أو صدق به أو مهره وباعه الباقي بطلت فيه الشفعة،
(1) ولا يسقط حق المطالبة، وأن لا يعجز الشفيع عن الثمن. ظ.
(٣٦١)
صفحهمفاتيح البحث: العتق (26)
وإن وقع البيع علي غير معلوم القيمة كالسيف والفص (1) والفرس المفقودي العين مضي البيع وبطلت الشفعة.
والشفعة مستحقة علي المبتاع دون البايع، وعلي الشفيع أن ينقده مثل ما نقد البائع ويكتب عليه (2) ويضمنه الدرك ويضمن هو للبائع.
وإذا اختلف المتبايعان والشفيع في مبلغ الثمن وفقدت البينة فالقول قول المبتاع مع يمينه.
وإذا كان الشريك غائبا فله المطالبة بالشفعة متي حضر، وإن كان صغيرا أو مأوف العقل فلوليه أو الناظر في أمور المسلمين المطالبة، فإن لم يفعل فللصغير إذا بلغ والمأوف إذا عقل المطالبة بالشفعة.
وإذا استهدم المبيع أو هدمه المبتاع من غير علم بالمطالبة فليس للشفيع إلا الأرض والآلات، وإن هدمه بعد المطالبة فعليه رده إلي أصله، وإن أحدث فيه شيئا يزيد في قيمته فهو له يأخذه بعينه أو قيمته.
والشفعة مستحقة في جميع المبيعات من العروض والحيوان كالرباع و الأرضين.
(1) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: القص.
(2) كذا في النسخ.
(٣٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (78)، القتل (26)، الزوجة (26)، الوراثة، التراث، الإرث (26)

القيمة والأرش والدية والغنيمة

فصل في القيمة والأرش والدية والغنيمة قيمة المتلف وأرش الجناية ودية النفس والعضو والجراح وغنم من يحق جهاده جهات لاستحقاق التصرف، فأما المغنم فقد سلف بيانه، وأما القيمة و الأرش والدية فسيرد بيان أحكامها وجهات استحقاقها وكيفيته في أبوابها.
فصل في السكني والرقبي والعمري اسكان المرء غيره ورقباه وتعميره وجوه يحسن لها التصرف، وكل من ذلك علي ضربين: أحدهما يصح الرجوع فيه وهو ما يفعل تكرما أو لبعض الأغراض الدنيوية، والثاني لا يصح الرجوع فيه وهو ما يفعل لوجه الله تعالي.
والسكني أن يسكن المالك غيره في داره مدة معلومة بغير أجر فإذا انقضت المدة رجعت الدار إليه.
والرقبي أن يسكنه فيها مدة حياته، فإذا مات المالك انتقلت إلي ورثته، فإن شاؤوا أقروا المراقب علي الرقبي وإن شاؤوا فسخوا.
والعمري أن يسكنه فيها بغير أجر طول عمره، فإذا مات المعمر والمالك حي رجعت إليه، وإن مات قبل المعمر لم ينفسخ التعمير حتي يموت هو،
(٣٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الزوجة (52)، الوراثة، التراث، الإرث (78)

السكني والرقبي والعمري

فصل في القيمة والأرش والدية والغنيمة قيمة المتلف وأرش الجناية ودية النفس والعضو والجراح وغنم من يحق جهاده جهات لاستحقاق التصرف، فأما المغنم فقد سلف بيانه، وأما القيمة و الأرش والدية فسيرد بيان أحكامها وجهات استحقاقها وكيفيته في أبوابها.
فصل في السكني والرقبي والعمري اسكان المرء غيره ورقباه وتعميره وجوه يحسن لها التصرف، وكل من ذلك علي ضربين: أحدهما يصح الرجوع فيه وهو ما يفعل تكرما أو لبعض الأغراض الدنيوية، والثاني لا يصح الرجوع فيه وهو ما يفعل لوجه الله تعالي.
والسكني أن يسكن المالك غيره في داره مدة معلومة بغير أجر فإذا انقضت المدة رجعت الدار إليه.
والرقبي أن يسكنه فيها مدة حياته، فإذا مات المالك انتقلت إلي ورثته، فإن شاؤوا أقروا المراقب علي الرقبي وإن شاؤوا فسخوا.
والعمري أن يسكنه فيها بغير أجر طول عمره، فإذا مات المعمر والمالك حي رجعت إليه، وإن مات قبل المعمر لم ينفسخ التعمير حتي يموت هو،
(٣٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الزوجة (52)، الوراثة، التراث، الإرث (78)

الوصية

فرجع الدار إلي ورثة المعمر.
وهذا الحكم في السكني والرقبي والعمري مختص بما يقصد به وجه الله تعالي. ومن شرطه أن يتعلق بذي رحم أو من يصح القربة بمعونته من المسلمين، وما عدا ذلك يجوز فسخه أي وقت شاء المالك أو من يقوم مقامه من الورثة.
ويصح مثل ذلك في الأراضي وكل ما يصح الانتفاع به من العروض و الحيوان تكرما ولبعض الأغراض الدنيوية، ولوجه الله تعالي، بحيث يصح ذلك فيه، وحكم الفسخ والامضاء ما تقدم في المساكن.
فصل في الوصية قد بينا في كتاب العبادات (1) وجوب الوصية ودخولها في جملة ما ابتدأ الله تعالي التعبد به كغيره، وكيفية الوصية، وما يفتقر إليه من إشهاد وقيم بها، وما يجب أن تكون عليه من الصفة، وما معه تصح وتفسد، لدخولها في العبادات وذكرناها‌ها هنا لكونها سببا مبيحا للتصرف بما هي وصية به من مال الموصي.
وهي ماضية في الصحة والمرض مع سلامة الرأي، لوارث وغيره، ولا يمضي من وصية من لم يبلغ عشر سنين والمحجور عليه إلا ما تعلق بأبواب البر، وإذا أوصي لكافر لا رحم بينه وبينه علي جهة الصدقة الواجبة أو المسنونة لم تمض الوصية، وإن كان ذا رحم مضت إذا كان تبرعا (2) بصلته، ولا تمضي الواجبة بحال، وإن أطلق الوصية للكافر الأجنبي ولم يجعلها صدقة أو صرح بكونها مكافأة علي مكرمة دنيوية أو مبتدئا بها فهي ماضية.
ولا تمضي وصية من جرح نفسه أو فعل بها ما تلف لأجله بعد حدثه، وتمضي
(1) راجع ص 234: فصل في الوصايا.
(2) كذا في النسخ، والظاهر: متبرعا.
(٣٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (208)، الجماعة (26)
إذا كانت قبل الحدث.
وإذا أوصي لغيره بصندوق مقفل أو جراب مشدود أو كيس مختوم أو سفينة فيها غلة فالوعاء وما فيه للموصي له إلا أن يستثنيه أو يزيد ما فيه علي الثلث فتكون الزيادة ميراثا.
وتمضي الوصية للحمل فإن ولد حيا فهي له، وإن مات بعد الاستهلال فلورثته، وإن ولد ميتا فهي ميراث.
وإذا أوصي بعتق عبده بعد موته أو أوصي له بثلث ماله وكانت قيمة العبد الثلث فما دونه عتق وأعطي ما يفضل له عن قيمته من الثلث، وإن كانت قيمته أكثر عتق منه بحساب ثلث التركة واستسعي في الباقي.
وإذا أوصي بعتق واحد من عبيده أو اثنين أو أكثر من ذلك أو ربعهم أو ثلثهم ولم يعين أعتق المبلغ المذكور في الوصية بالقرعة.
وإذا أوصي بحجة أو دين أو كفارة أو مال زكاة أو خمس أو نفل أو غير ذلك من الحقوق الواجبة عليه في حياته فهي من أصل التركة، وإن كان متبرعا بشئ من ذلك فهي من الثلث.
وإذا أوصي بثلث ماله في عدة أبواب من البر فلكل باب منها مثل ما للآخر إلا أن يشترط ترجيحا فيحكم به.
وإذا أوصي لجماعة بأقساط مسماة لكل منهم فلم يف الثلث بما سمي به (1) وكان قد رتبهم في التسمية فليبدأ بالأول ثم الثاني حتي ينتهي إلي تكميل الثلث فإن لم يرتبهم كان قال: أعطوا كل واحد من هؤلاء - وأشار إلي جماعة معينة - مائة درهم فهم متساوون في الثلث.
وإذا أوصي إلي غيره وهو حاضر فقبل الوصية لم يجز له الرجوع، وإن
(1) في بعض النسخ: بما يسمي.
(٣٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (52)، الوراثة، التراث، الإرث (182)
أباها لم يلزمه القيام بها، وإن كان غائبا فبلغه استنادها إليه والموصي حي فهو بالخيار في قبولها وردها، وإن لم يبلغه حتي مات الموصي أو أباها في حياته ولم يبلغ الموصي فالقيام بها لازم له.
وإذا كان الوصي ضعيفا فعلي الناظر في مصالح المسلمين أن يعضده بمأمون قوي ولا يعزله، وإن كانا اثنين فما زاد لم يجز لأحدهم التفرد بشئ من النظر إلا أن يجعل ذلك له الموصي، فإن تشاحوا رد الناظر في المصالح الأمر في التنفيذ إلي أعلمهم به وأقواهم فيه وجعل الباقين تبعا له.
ولا يجوز للوصي أن يوصي إلي غيره إلا أن يجعل له الموصي، فإن مات الوصي فعلي الناظر في المصالح رد القيام بما كان إليه إلي من يراه أهلا لذلك.
وإذا مات الموصي له والموصي حي لم يغير الوصية ثم مات بعده لم تنتقض الوصية، وإن رجع الموصي فيها بعد موت الموصي له بطلت.
وللموصي ما دام حيا تغيير الوصية بالزيادة والنقصان وتغيير الشروط و الأوصياء، ولا يجوز ذلك لأحد بعد وفاته، وإذا فقد الناظر العادل فلفقهاء الحق المأمونين النظر في ذلك إذا تمكنوا، وإذا فقد التمكن سقط فرض ذلك عنهم.
(٣٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: الزوجة (26)، الزوج، الزواج (78)، الوراثة، التراث، الإرث (26)، الجماعة (26)

الإرث وفيه ستة أبواب

فصل في الإرث الإرث سبب لاستحقاق الوارث مال الموروث، وهذا التكليف يقتضي العلم بمسائل ستة: أولها الأسباب التي يستحق بها الإرث، وثانيها الأسباب المانعة منه، وثالثها مقادير سهامه، ورابعها مراتب التوريث، وخامسها كيفية سهام الوارث، وسادسها قسمة سهامهم.
الباب الأول الأسباب التي يستحق بها الإرث نسب وزوجية وولاء وفرض طاعة.
وأصل النسب - وإن تفرع - (كذا) الأبوان، والمستحق به مفصل ومجمل، ويترتب بحسبه في القرب والبعد.
والزوجية مختص بنكاح الغبطة، وما يستحق بها مفصل بالنص وأن يترتب بوجود الولد وفقده.
والولاء موجب عن العتق تبرعا، أو قبوله عن الحر.
وفرض الطاعة مختص بإمام الملة عليه السلام.
الباب الثاني الأسباب المانعة من الإرث: كفر وإن اختلفت جهاته بوثنية أو مجوسية
صفحه(٣٦٧)

الباب الأول: الأسباب التي يستحق بها الإرث

فصل في الإرث الإرث سبب لاستحقاق الوارث مال الموروث، وهذا التكليف يقتضي العلم بمسائل ستة: أولها الأسباب التي يستحق بها الإرث، وثانيها الأسباب المانعة منه، وثالثها مقادير سهامه، ورابعها مراتب التوريث، وخامسها كيفية سهام الوارث، وسادسها قسمة سهامهم.
الباب الأول الأسباب التي يستحق بها الإرث نسب وزوجية وولاء وفرض طاعة.
وأصل النسب - وإن تفرع - (كذا) الأبوان، والمستحق به مفصل ومجمل، ويترتب بحسبه في القرب والبعد.
والزوجية مختص بنكاح الغبطة، وما يستحق بها مفصل بالنص وأن يترتب بوجود الولد وفقده.
والولاء موجب عن العتق تبرعا، أو قبوله عن الحر.
وفرض الطاعة مختص بإمام الملة عليه السلام.
الباب الثاني الأسباب المانعة من الإرث: كفر وإن اختلفت جهاته بوثنية أو مجوسية
صفحه(٣٦٧)

الباب الثاني: الأسباب المانعة من الإرث

فصل في الإرث الإرث سبب لاستحقاق الوارث مال الموروث، وهذا التكليف يقتضي العلم بمسائل ستة: أولها الأسباب التي يستحق بها الإرث، وثانيها الأسباب المانعة منه، وثالثها مقادير سهامه، ورابعها مراتب التوريث، وخامسها كيفية سهام الوارث، وسادسها قسمة سهامهم.
الباب الأول الأسباب التي يستحق بها الإرث نسب وزوجية وولاء وفرض طاعة.
وأصل النسب - وإن تفرع - (كذا) الأبوان، والمستحق به مفصل ومجمل، ويترتب بحسبه في القرب والبعد.
والزوجية مختص بنكاح الغبطة، وما يستحق بها مفصل بالنص وأن يترتب بوجود الولد وفقده.
والولاء موجب عن العتق تبرعا، أو قبوله عن الحر.
وفرض الطاعة مختص بإمام الملة عليه السلام.
الباب الثاني الأسباب المانعة من الإرث: كفر وإن اختلفت جهاته بوثنية أو مجوسية
صفحه(٣٦٧)

الباب الثالث: السهام الستة

أو صائبة أو يهودية أو نصرانية أو ثنوية أو تشبيه أو جبر أو كفر بفرض يعم، أو رق، أو قتل الموروث عمدا.
الباب الثالث السهام الستة:
الثلثان وهو سهم الأب مع الأم، والابنتين، والأختين للأب فما زاد عليهما.
والنصف وهو سهم الزوج مع عدم الولد، والبنت، والأخت للأب.
والثلث وهو سهم الأم مع عدم الولد والأخوة، والاثنين فما زاد من كلالة الأم.
والربع وهو سهم الزوج مع وجود الولد، والزوجة مع عدمه.
والسدس وهو سهم كل واحد من الأبوين مع الولد، وواحد الإخوة و الأجداد من قبل الأم.
والثمن وهو سهم الزوجة مع الولد.
الباب الرابع رتب التوريث وهي خمس:
أولها الأبوان والولد، لا يرث مع جميعهم ولا واحدهم أحد ممن عداهم من ذوي الأنساب، ويقوم ولد الولد وإن هبطوا مقام آبائهم وأمهاتهم الأدنين في استحقاق كل منهم ميراث من تقرب به ومشاركته للآباء في الإرث وحجبهم عن أعلي السهمين إلي أدناهما ومنع من عداهم من الأقارب.
والرتبة الثانية الأخوة والأخوات والأجداد والجدات، واستحقاقهم
(٣٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الزوجة (26)، الزوج، الزواج (156)، الوراثة، التراث، الإرث (26)

الباب الرابع: رتب التوريث

أو صائبة أو يهودية أو نصرانية أو ثنوية أو تشبيه أو جبر أو كفر بفرض يعم، أو رق، أو قتل الموروث عمدا.
الباب الثالث السهام الستة:
الثلثان وهو سهم الأب مع الأم، والابنتين، والأختين للأب فما زاد عليهما.
والنصف وهو سهم الزوج مع عدم الولد، والبنت، والأخت للأب.
والثلث وهو سهم الأم مع عدم الولد والأخوة، والاثنين فما زاد من كلالة الأم.
والربع وهو سهم الزوج مع وجود الولد، والزوجة مع عدمه.
والسدس وهو سهم كل واحد من الأبوين مع الولد، وواحد الإخوة و الأجداد من قبل الأم.
والثمن وهو سهم الزوجة مع الولد.
الباب الرابع رتب التوريث وهي خمس:
أولها الأبوان والولد، لا يرث مع جميعهم ولا واحدهم أحد ممن عداهم من ذوي الأنساب، ويقوم ولد الولد وإن هبطوا مقام آبائهم وأمهاتهم الأدنين في استحقاق كل منهم ميراث من تقرب به ومشاركته للآباء في الإرث وحجبهم عن أعلي السهمين إلي أدناهما ومنع من عداهم من الأقارب.
والرتبة الثانية الأخوة والأخوات والأجداد والجدات، واستحقاقهم
(٣٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الزوجة (26)، الزوج، الزواج (156)، الوراثة، التراث، الإرث (26)
الإرث موقوف علي عدم الرتبة الأولي جملة، ولا يرث مع جميعهم ولا واحدهم أحد ممن عداهم من ذوي الأنساب، ويقوم ولد الإخوة وإن هبطوا مقام آبائهم وأمهاتهم في استحقاق كل منهم ميراث من تقرب به ومشاركة الأجداد ومنع من حجبه آبائهم الأدنون عن الإرث.
والرتبة الثالثة الأعمام والعمات والأخوال والخالات، واستحقاقهم موقوف علي عدم ذوي الرتبتين الأولة والثانية وآحادهم، ويقوم أولاد كل منهم مقام أبيه أو أمه، والأقرب من أهل هذه الرتب الثلاث أولي بالإرث ممن بعد (كذا)، فالولد الأدني أحق من ولد الولد وإن كان الأدني بنتا والأبعد ابن ابن، وبنت البنت أولي بالإرث من ابن ابن الابن، والأخت للأم أحق من ابن الأخ للأب والأم، وابن الأخت للأم أحق من ابن ابن الأخ للأب والأم، والعمة والخالة أحق من ابن العم، وبنت العمة والخالة أحق من ابن ابن العم وبنت بنت العمة.
ثم علي هذا التنزيل لا يختلف حال التوريث إلا في ابن عم لأب وأم وعم لأب في توريث ابن العم دونه.
والإرث بالزوجة ثابت مع جميع الرتب فلذلك لم نفرده بترتيب.
والرتبة الرابعة ميراث المولي وهو مستحق بشرط عدم ذوي الأنساب الدانية والقاصية، أو ما يفضل عن إرث الزوجة وهو مختص بذوي الولاء و عصبته.
والرتبة الخامسة ميراث سلطان الاسلام وهو مستحق بشرط عدم ذوي الأنساب والولاء و (كذا) ما يفضل عن حق الزوجة.
(٣٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (78)، الوراثة، التراث، الإرث (78)، اللعن (26)، العتق (52)

الباب الخامس: كيفية سهام الوارث

الباب الخامس أول المستحقين الأبوان والولد:
للأبوين منفردين المال كله، للأم الثلث وللأب الثلثان، ولأحدهما المال كله بالتسمية والرد، وإن كان معهما زوج أو زوجة فللزوج النصف وللزوجة الربع والباقي له (1)، وإن كانا معا فللزوج سهمه وللزوجة فرضها وللأم الثلث من الأصل والباقي للأب، فإن كان هناك أخوان أو أربع أخوات أو أخ وأختان للأب أو لأب وأم فللأم السدس وللزوجة أو الزوج فرضه والباقي للأب وإن لم يكن هناك زوجية (2) فالباقي للأب، فإن كان معهما أو أحدهما ولد ذكر أو أنثي واحدا وجماعة فلهما السدسان ولأحدهما السدس والباقي لواحد الولد الذكر أو جماعتهم، أو ولده وإن سفل، وإن كانت بنتا فلها النصف والباقي رد عليها وعلي الأبوين أو أحدهما بحساب السهام، وإن كانت ابنتان فما زاد فلهما الثلثان وللأبوين السدسان ولأحدهما السدس والباقي رد عليهم بحساب السهام، فإن كان مع الأبوين والبنت إخوة يحجبون الأم اختص الرد بالأب و البنت، وإن كان مع الأبوين أو أحدهما والولد زوج أو زوجة فللزوج الربع وللزوجة الثمن وللأبوين السدسان ولأحدهما السدس وللولد الذكر والأنثيين فما زاد عليهما ما يبقي وللبنت النصف فإن فضل شئ فهو رد عليهما (3) وعلي الأبوين أو أحدهما وإن لم يف الباقي بالمسمي للبنت أو الابنتين لم يكن لهن غيره
(1) كذا في النسخ.
(2) كذا.
(3) كذا.
(٣٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الشهادة (26)، القتل (26)، الموت (130)، الوراثة، التراث، الإرث (104)
وللولد إذا انفرد من الأبوين ذكرا كان أو أنثي واحدا أم جماعة المال كله يتساوي الذكور فيه والإناث، فإن كانوا ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإن كان مع الولد زوج أو زوجة فله الربع ولها الثمن والباقي للولد بحسب فرائضهم.
وولد الصلب الأدني أحق بالإرث من ولد الولد وإن كان الأدني بنتا والأبعد ابن ابن.
وإذا فقد الولد الأدني قام ولد الولد مقامه في حجب الأبوين والزوجين عن أعلي الفرضين إلي أدناها. وورث كل منهم ميراث من تقرب به كابن بنت وبنت ابن لبنت الابن الثلثان ميراث أبيها ولابن البنت الثلث ميراث أمه، فإن كان ولد البنت أو الابن الثلثان ميراث أبيها ولابن البنت الثلث ميراث أمه، فإن كان ولد البنت أو الابن جماعة فلكل منهم ميراث من تقرب به بينهم بالسوية إن كانوا ذكرانا أو إناثا، وإن كانوا ذكرانا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين.
ولا يرث من بعد عن الموروث من أهل هذه الرتب الثلاث برتبتين مع من هو أدني منه برتبة ولا ذو الرتب الثلاث مع ذي الرتبتين، هكذا أبدا لا يختلف الحكم فيه.
ومن السنة أن يحبي الأكبر من ولد الموروث بسيفه ومصحفه وخاتمه و ثياب مصلاه دون سائر الورثة ويقسم الباقي.
وثاني المستحقين الأخوة والأخوات والأجداد، والجدات فلواحدهم إذا انفرد المال كله.
وإن انفرد بالإرث إخوة الأم والجد والجدة لها فلهم جميع الإرث بينهم بالسوية الذكر والأنثي فيه سواء.
وحكم الجد والجدة معهم كحكمهم في الاستحقاق وكيفيته.
فإن كان معهم أخ لأب وأم أو أخت أو جماعة لهما أو للأب خاصة أو جد
(٣٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (130)، الزنا (26)، المرض (26)، الباطل، الإبطال (26)، الإرتداد (26)، الوراثة، التراث، الإرث (78)
أو جدة لأب فللاثنين من كلالة الأم فما زاد عليهما الثلث بينهم بالسوية و لواحدهم السدس أخا كان أم أختا جدا أم جدة والباقي لكلالة الأب أو الأب والأم واحدا كان منهما أخا أم أختا، جدا أم جدة، أو جماعة بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والجد كالأخ والجدة كالأخت.
ولا يرث أحد من إخوة الأب خاصة مع واحد إخوة الأب والأم أخا كان أم أختا أم جماعة، كان هناك كلالة أم أم لم يكن، وإنما يرثون مع كلالة الأم ومع فقدهم إذا انفردوا من واحد الأخوة للأب والأم وجميعهم.
ويقوم ولد الإخوة بعد فقد آبائهم وإن هبطوا في استحقاق الإرث و مقاسمة الأجداد ومنع من منعه الأخوة مقامهم، يرث الواحد من ولد الأخ أو الأخت أو الجماعة ميراث أبيه أو أمه، للواحد جميع السهم وللجماعة من قبل الأب أو الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين، ومن قبل الأم خاصة الذكر و الأنثي سواء كآبائهم.
ولا يرث أحد من ولد الإخوة مع واحد الأخوة ولا جميعهم، لا يرث ابن الأخ للأب والأم الأخت للأم وولد الإخوة الأدنون أحق بالإرث ممن هبط عنهم بدرجة، ثم هكذا ذو الرتبتين أولي من ذوي الثلاث وذو الثلاث أولي من ذي الأربع، واكان الأدني ابن أخت الأم والأبعد ابن ابن الأخ لأب وأم.
فإن كان مع أحد الكلالتين زوج أو زوجة فله النصف ولها الربع و الباقي للكلالة بحسب فرائضهم المبينة، وإن اجتمع الكلالتان فللزوج أو الزوجة فرضه ولواحد كلالة الأم السدس وللاثنين فما زاد عليهما الثلث كاملا وما يبقي لكلالة الأب أو الأب والأم واحدا كانوا أم جماعة يقسم بينهم بحسب ما فرض لهم.
(٣٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (26)، الطعام (26)، الضرب (26)، الوراثة، التراث، الإرث (52)
وحكم ولد الإخوة مع الأزواج حكم آبائهم، وحكم الأجداد والجدات وإن علوا مع الأخوة حكم الأجداد الأدنين بشرط فقدهم، ويترتبون في التوريث ترتب ولد الولد، فلا يرث من علا بدرجتين مع الجد الأدني ولا ذو الثلاث درج مع ذي الدرجتين هكذا أبدا إذا كانوا متساوين في الكلالة، فإن اختلفوا لم يحجب بعضهم بعضا [كما] لا يحجب الجد الأدني من قبل الأب أو الأم الأعلي من قبل الأم أو الأب.
وثالث المستحقين الأعمام والعمات والخؤولة والخالات، لواحدهم إذا انفرد جميع المال عما كان أم عمة خالا أو خالة، فإن انفرد بالإرث أحد الكلالتين فلهم جميع المال قسمة كلالة الأم الذكر والأنثي سواء وكلالة الأب للذكر سهمان وللأنثي سهم، وإن اجتمع الكلالتان فلواحد كلالة الأم خالا كان أو خالة ولجميعهم الثلث يتساوون فيه والباقي لكلالة الأب واحدا كان منها (1) عما أو عمة أو جماعة للذكر سهمان وللأنثي سهم.
فإن اختلفت جهات أحد الكلالتين كعم أو عمة أو أعمام لأب، وعم أو عمة أو أعمام لأم، وعم أو عمة أو أعمام لأب وأم فلواحد الأعمام للأم السدس و لجميعهم الثلث والباقي لأعمام الأب والأم واحدا كانوا أم جماعة دون أعمام الأب خاصة، وكذلك القول في الأخوال المتفرقة.
فإن اجتمعت الأعمام المتفرقون مع الأخوال المتفرقين فللأخوال الثلث لأخوال الأم منه السدس والباقي لأخوال الأب والأم دون أخوال الأب، و للأعمام الثلثان لأعمام الأب منه السدس والباقي لأعمام الأب والأم دون أعمام الأب.
ويقوم الأعمام إخوة الأب لأبيه خاصة مقام الأعمام إخوة الأب لأبيه وأمه
(1) في بعض النسخ: منهما.
(٣٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (156)، الضرب (26)
في مقاسمة الأعمام إخوة الأب لأمه، وكذلك القول في الأخوال وأي واحد وجد من الأعمام المختلفي الجهات قام مقام أي عم وجد في مقاسمة أي واحد وجد من الأخوال المختلفي الجهات.
ويرث الواحد من ولد العم أو العمة أو الخال أو الخالة والجماعة منهم ميراث أبيه أو أمه بشرط فقدهم يتاقسمون مقاسمة آبائهم، ذكور وله الأخوال كآناثهم وذكور ولد الأعمام كالأعمام وإناثهم كالعمات، ولا يرث أحد منهم مع وجود من هو أقرب منه، لا يرث ابن العم مع الخالة ولا العمة ولا ذو الدرجتين مع ذي الدرجة الدنيا ولا ذو الثلاث درج مع ذي الدرجتين إلا بحيث ذكرناه في مسألة ابن عم لأب وأم مع عم لأب.
ورابع المستحقين موالي النعمة وفرضهم مختص بوليها وعصبته من بعده بشرط فقد ذوي الأنساب، فإن كان معه زوج أو زوجة فللزوج النصف بالتسمية والباقي رد عليه دون مولي النعمة، وللزوجة الربع، والباقي لمولي النعمة أو لعصبته، وأولاهم الولد ثم الإخوة ثم الأعمام ثم بنوا العم الذكور منهم دون الإناث.
وخامس المستحقين سلطان الاسلام المفترض الطاعة علي الأنام وفرضه ثابت بشرط عدم ذوي الأنساب والزوج ومولي النعمة، وهو من جملة الأنفال فإن كانت هناك زوجة فلها الربع والباقي للإمام فإن لم تكن زوجة فله المال كله.
ولا ترث الزوجة من رقاب الرباع والأرضين شيئا وترث من قيمة آلات الرباع من خشب وآجر كسائر الإرث.
ولا يرث الكافر المسلم وإن اختلفت جهات كفره وقرب نسبه، ويرث المسلم الكافر وإن بعد نسبه كابن خال مسلم لموروث مسلم أو (كذا) كافر له ولد
(٣٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: الضرب (78)، الزوج، الزواج (52)
كافر بيهودية أو نصرانية أو جبر أو تشبيه أو جحد نبوة أو إمامة، ميراثه لابن خاله المسلم دون ولده الكافر، فإن كان جميع ورثة المسلم كفارا بأحد أسباب الكفر فميراثه لمولي نعمته المسلم، فإن لم يكن له ولي نعمة فتركته لسلطان الاسلام.
وإن كان الموروث كافرا ولا قرابة له من المسلمين وله قرابة أو مولي نعمة يضارعونه في الكفر ورثوه. وإن كان للكافر أولاد أصاغر وقرابة مسلم أنفق عليهم من التركة حتي يبلغوا فإن أسلموا فلهم الميراث وإن دانوا بالكفر فميراثه لقرابته المسلم دونهم.
ويرث الكفار بعضهم بعضا وإن اختلفت جهات كفرهم ما عدا كفار ملتنا فإنهم يرثون غيرهم من الكفار ولا يرثونهم.
ولا يرث القاتل مقتوله عمدا، ويرثه إن كان القتل خطأ ما خرج عن الدية المستحقة عليه، ويرثه إن كان قتله إياه بحق قصاص أو جهاد أو غير ذلك.
ولا يرث ولد الملاعنة ملاعن أمه المصر علي نفيه ولا من يتعلق بنسبه ولا يرثونه ومن يتعلق بنسبه ويرثه بعد الاعتراف به والرجوع عن نفيه ومن يتعلق بنسبه، ولا يرثه الأب ولا من يتعلق بنسبه، وترثه أمه ومن يتعلق بنسبها ويرثهم علي كل حال.
ويورث الخنثي وهو ذو الفرجين بحسب المبال ومن لا فرج له بالقرعة.
ويرث المكاتب بحسب ما عتق منه، وإذا عتق المملوك أو أسلم الكافر قبل القسمة ورث، وبعدها لا يرث وإذا لم يكن للموروث إلا وارث مملوك ابتيع من الإرث وعتق وورث الباقي.
وإذا كان للوراث أب أو أم رق لموروثه حصل في سهمه وعتق عليه.
وإذا أقر بعض الورثة بوارث وأنكره الباقون لزمه حكم الاقرار في سهمه دونهم، مثال ذلك أخوان أو ولدان أقر أحدهما بثالث في البنوة أو الأخوة وأنكره
(٣٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الضرب (104)، الزوج، الزواج (130)، الزوجة (26)، الخمس (26)
الآخر، فعلي المقر أن يعطيه ثلث سهمه.
وإن شهد اثنان من الورثة بوارث وكانا عدلين ثبت نسبه ولحق بالوارث وإن لم يكونا كذلك فهما مقران بنسبه يلزمهما إعطاء ما يستحقه من إرثهما حسب ما تقدم بيانه.
ولا يرث من الدية أحد من كلالة الأم ويرثها من عداهم من ذوي الأنساب والأسباب فإن لم يكن للمقتول وارث بنسب ولا زوجية فهي لمولي نعمته، فإن لم يكن له مولي نعمة فميراثه من الأنفال.
وإذا مات جماعة في وقت واحد ورث كلا منهم مستحقوا ميراثه، وإن علم ترتب موتهم حكم في تركاتهم بحسبه، وإن لم يعلم ذلك من حالهم لهدم أو غرق أو قتل معركة أو غير ذلك ورث بعضهم من بعض ما كان له قبل الموت بالهدم والغرق دون ما ورثه من صاحبه والأولي تقديم الأضعف في التوريث مثال ذلك أب وابن غرقا جميعا ولكل منهم وارث غير صاحبه وتركة، فالحكم أن يفرض أن الابن مات أولا إذ كان هو ذا السهم الأوفر ويورث منه الأب فرضه ثم يفرض أن الأب مات فيورث منه الابن ما كان يملكه قبل الموت دون ما ورثه منه فيكون ما ورثه الأب من الابن وما بقي من ماله بعد توريث الابن منه بين ورثته علي فرائضهم وما ورثه الابن من الأب وما بقي من ماله بعد توريث الأب منه بين ورثته علي فرائضهم بحسب استحقاقهم.
وأهل الملل المختلفة في الكفر إذا تحاكموا إلي أهل الاسلام ورثوا علي الأنساب والأسباب الثابتة في ملة الاسلام بحسب ما قررته من السهام لذوي الأنساب والأسباب الصحيحة دون ما يرونه في ملتهم نسبا وسببا لا يصح مثلهما فيها ودون ما يثبتونه من سهام المستحقين، مثال ذلك ابن وبنت يهوديان تحاكما إلي أهل الاسلام في ميراث أبيهم فالحكم أن يعطي الابن الثلثان والبنت الثلث
(٣٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الضلال (26)، القتل (182)، القصاص (78)، الضرب (26)، الخوف (26)
دون ما يرون في ملتهم من المساواة إلي غير ذلك مما يخالف فيه أحكامهم لأحكام الاسلام، أو مجوسيان تحاكما إلينا أحدهما ابن وزوج لموروثه و الآخر أب وأخ فالحكم أن يبطل ميراث الأبوة والأخوة، لأن الأب هاهنا تزوج بأمه فأولدها هذه الموروثة فهي ابنته وأخته لأمه وكلا النسبتين باطل في ملتنا بغير شبهة ويبطل من الآخر حق الزوجية لفساد عقد الابن علي الأم في ملتنا، و تورثه بالبنوة خاصة إن كانت صحيحة في ملتنا وإن كانت باطلة لكونه ابنها من أخيه الذي هو ابنها أو لغير ذلك من النكاح الفاسد أبطلناها أيضا وورثنا من بعد نسبه الصحيح أو ثبت سببه أو ولايته، فإن فقد جميع المستحقين فميراثها من الأنفال. ثم علي هذا يجري الحكم في توريثهم عند التحاكم إلينا وإن أمضوا الأحكام بينهم علي ما يرونه شرعا لهم لم يجز الاعتراض عليهم لحق ذمتهم.
وميراث المرتد للأولي به من ذوي نسبه وإن كانوا أصاغر.
وإذا كان العاقد علي الصبيين أبويهما توارثا، وإن كان العاقد غيرهما لم يتوارثا حتي يبلغا ويمضيا العقد، وإن كان الزوج عاقلا (1) والمعقود عليها صغيرة وليها أبوها توارثا، وإن كان غير الأب فمات الزوج قبل بلوغها تربص بالميراث بلوغها فإن أبت العقد فلا ميراث لها وإن أمضته أحلفت أنها لم ترض به للإرث فإن حلفت ورثت وإن امتنعت فلا ميراث لها.
والمطلقة في الصحة طلاقا رجعيا ترث المطلق ما لم تخرج عن عدتها، و إن كان بائنا لم ترثه [و] في المرض ترث مطلقها ما لم يتزوج أو يمضي لطلاقها سنة أو يبرأ فيمضي الطلاق فلا ترثه.
وولد الزنا يرث أمه ومن يتعلق بنسبها ويرثونه، ولا يرث الفحل ومن يتعلق بنسبه ولا يرثونه، ولا يحل لأحد أن يعترف بنسب لا يثبت مثله في ملتنا و
(1) بالغا. ظ.
(٣٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (390)، العفو (52)، الدية (52)

الباب السادس: قسمة سهامهم

لا يورثه.
ومن السنة إطعام الجدة أو الجد للأب السدس من نصيب ابنها إذا كان حيا وسهمه الأوفر، فإن وجدا معا فالسدس بينهما نصفان، وإن فقد الابن أو كان سهمه الأقل فلا طعمة لهما ولا طعمة لأجداد الأم.
وإذا فقد أحد الورثة عزل سهمه حتي يكشف السلطان خبره أربع سنين فإن عرفت حياته فهو له وإلا قسم بين الورثة، وإن كان المفقود أولي بالميراث ممن وجد عزل جملة الإرث المدة المذكورة إلي أن ينكشف الحال فيه فيحكم بما شرع في أمره.
ويورث المولود بالاستهلال وبالحركة الكبيرة التي لا تكون إلا من حي لأنه ربما كان أخرس.
الباب السادس قسمة الرباع والأرضين بين وراثها تفتقر إلي تصحيح السهام لاستغناء ما عداهما من التركات عن ذلك. وطريق إخراج السهام صحاحا أن ينظر مريد ذلك في فريضة أهل الإرث فإنها لا تخلو أن يكون فيها ذو نصف أو ثلث أو ربع أو سدس أو ثمن معه غيره فيفرضها من عدد يخرج منه ذلك السهم صحيحا ثم ينظر في التفاضل (1) عنه وسهام من عدا مستحقه فإن انقسم عليهم من غير انكسار وإلا ضرب سهامهم في أصل الفريضة فما انتهت إليه فسهام الكل تخرج منه صحاحا بغير انكسار. وفهم هذه الجملة كاف ونفصلها ليقع العلم بأعيان مسائلها:
(1) في التفاصيل، كذا في بعض النسخ، ولعل الصحيح: في الفاضل عنه.
(٣٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (286)، القصاص (26)، الضرب (26)، الدية (78)، التكفير، الكفارة (26)
فمن ذلك فريضة النصف، أصلها من اثنين، لذي النصف سهم ويبقي سهم، فإن كان الوارث معه واحد فهو له من غير انكسار، وإن كانا اثنين يتساويان كأخ وأخت من قبل الأم أو أخوين أو أختين من قبل الأب انكسر الباقي عليهم، فالوجه أن تضرب سهامهم وهي اثنان في أصل الفريضة فتصير أربعة لذي النصف سهمان ولكل واحد من هذين سهم، وإن كانوا ثلاثة يتساوون في السهام كأخوة الأم أو اثنين يختلفان كأخ وأخت لأب فلتضرب سهامهم و هي ثلاثة في أصل الفريضة فتصير ستة للزوج ثلاثة ولكل واحد من الثلاثة المتساوين سهم ولواحد الاثنين سهمان وللأنثي سهم، وإن كان ذو السهام خمسة متساوين كأخوة أم أو أخوة أب منفردين أو أخوات له أو أخوان لأب وأخت له فإن الفاضل ينكسر عليهم فلتضرب سهامهم وهي خمسة في أصل الفريضة فتصير عشره، لذي النصف خمسة أسهم ولكل واحد من الخمسة المتساوين سهم ولكل واحد الأخوين مع الأخت سهمان وللأخت سهم.
ثم علي هذا يجري الحساب في جميع أهل هذه الفريضة وإن كثروا.
ومن ذلك فريضة الثلث، أصلها من ثلاثة، لذي الثلث سهمه وهو واحد وهو سهم الأم مع الأب والباقي له، فإن كان معهما زوج أو زوجة فأصل الفريضة من عدد له ثلث صحيح وربع صحيح، فتعطي الأم منه الثلث والزوج النصف والزوجة الربع والباقي للأب، فإن كان الزوجات جماعة ينكسر عليهم الربع ضربت سهامهم في أصل الفريضة فما انتهت إليه أخرجت منه السهام صحاحا وإن كانت فريضة إخوة أم وإخوة أب وكان الفاضل عن فريضة إخوة الأم وهو اثنان ينكسر علي من معهم من إخوة الأب فلتضرب سهام المنكسر عليهم في أصل الفريضة فما بلغت أخرجت منه السهام صحاحا كأنهم كانوا أربعة متساوين أو أخا أو
(1) وأختين. ظ.
(٣٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (364)، الدية (52)، الجماعة (26)
أختين فسهامهم أربعة تضرب في ثلاثة فتصير اثنا عشر سهما، لأخوة الأم الثلث أربعة وتبقي ثمانية أسهم للأخ أربعة منها ولكل أخت سهمان، ثم علي الحساب.
ومن ذلك فريضة الربع أصلها من أربعة، لذي الربع حقه واحد و الباقي لمشاركيه إن كانوا ثلاثة يتساوون لكل واحد منهم سهما، وإن اختلفوا فزادوا أو نقصوا ضربت سهامهم في أصل الفريضة فما انتهت إليه أخرجت منه السهام صحاحا، مثال ذلك ثلاثة بنين وبنتان مع زوج، أو ثلاثة إخوة لأب وأختان مع زوجة، فسهام كل مع ذي الربع ثمانية تضرب في أصل الفريضة وهي أربعة تصير اثنين وثلاثين سهما، لذي الربع ثمانية أسهم ولكل ذكر من الولد أو الأخوة ستة أسهم ولكل أنثي ثلاثة أسهم.
ثم علي هذا يجري الحكم في حساب سهام جميع من يرث معه ذو الربع (1).
ومن ذلك فريضة السدس وأصلها من ستة، لذي السدس سهم ولمشاركيه إن كانوا خمسة يتساوون لكل واحد سهم، وإن كانوا أخوين لأب وأخت أو ابنين وبنت فلكل ذكر سهمان وللأنثي سهم، وإن زادت السهام عليهم أو نقصت ضربت سهامهم في أصل الفريضة فما بلغت أخرجت منه صحاحا، مثال ذلك ثلاثة إخوة لأب وأربع أخوات له مع أخ لأم، أو ثلاثة بنين وأربع بنات مع أحد الأبوين فسهامهم عشرة تضرب في الأصل فتصير ستين سهما، لذي السدس عشرة أسهم، ولكل واحد من الذكور عشرة أسهم، ولكل أنثي خمسة أسهم. ثم علي هذا يجري حساب هذه الفريضة بالغا ما بلغ أهلها.
ومن ذلك فريضة الثمن وأصلها من ثمانية، لذي الثمن واحد وتبقي سبعة فإن كان مشاركوه ممن تصح قسمتها عليهم صحاحا قسمت، وإن انكسرت عليهم ضربت سهامهم في أصل الفريضة فما بلغت أخرجت منها السهام صحاحا
(1) مع ذي الربع.
(٣٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الهلاك (26)، القتل (416)، الموت (26)، الدية (104)
مثال ذلك خمس بنين، أو ابنان وبنت، أو ابن وثلاث بنات، سهامهم خمسة تضرب في الفريضة وهي ثمانية فتصير أربعين سهما، لذي الثمن خمسة و يبقي خمسة وثلاثون سهما لكل واحد من البنين الخمس سبعة أسهم ولكل واحد من الابنين مع البنت أربعة عشر سهما وللبنت سبعة أسهم، وللابن أربعة عشر سهما ولكل بنت من الثلاث سبعة أسهم.
ثم علي هذا تجري القسمة في هذه الفريضة بالغا ما بلغت سهام أهلها.
فإن اجتمع في الفريضة ربع وسدس وهي فريضة الزوجة مع واحد الأخوة من الأم وإخوة الأب فأصلها من اثني عشر، للزوجة ثلاثة وللأم سهمان ويبقي سبعة لكلالة الأب، فإن أمكنت قسمتها عليهم صحاحا وإلا ضربت سهامهم في أصل الفريضة فما بلغت أخرجت منه السهام صحاحا. وكذلك القول في فريضة إخوة الأم والزوجة أو الزوج عملها كالأول، فإن كان ما يستحقه كل واحد من الكلالتين ينكسر عليهم ضربت سهام كل واحد من أهل الكلالتين في سهام الأخري فما بلغ ضرب في أصل الفريضة فما بلغ أخرجت منه السهام صحاحا.
فإن كان في الفريضة ذوو سهام مسماة ورد ينكسر كزوج وأحد الأبوين وبنت فأصل الفريضة من اثني عشر، للزوج الربع ثلاثة ولأحد الأبوين السدس سهمان وللبنت النصف ستة أسهم، يبقي سهم ينكسر في الرد علي البنت والأب فالوجه أن يضرب سهامهما وهي أربعة في أصل الفريضة وهي اثنا عشر فتصير ثمانية وأربعين سهما، للزوج الربع اثني عشر سهما ولأحد الأبوين السدس ثمانية أسهم وللبنت النصف أربعة وعشرون سهما ويبقي أربعة أسهم للبنت ثلاثة أسهم ولأحد الأبوين سهم.
ثم علي هذا الوجه يجري حكم حساب جميع الفرائض فليعمل بحسبه.
واستقصاء مسائل جميع الفرائض في القسمة وما يتفرع منها ويتناسخ يخرج عن الغرض بهذا المختصر وفيما ذكرناه بلغة لمن فهم.
(٣٨١)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (338)، الظلم (26)، الموت (26)، الشهادة (26)

5 - الضرب الخامس من الاحكام: أحكام القصاص

اشارة

الضرب الخامس من الأحكام القصاص واجب علي كل عاقل قصد الجناية علي غيره من الناس في نفسه، وهو علي ضربين: قود عن قتل، والثاني قصاص عن جروح. وإنما يكون القاتل قاتلا قتلا يوجب القود منه بأن يقصد إلي قتل غيره فيقع مقصوده أو يفعل به ما جرت العادة بانتفاء الحياة معه من ضرب في مقتل (1) أو خنق بحبل أو تغريق (2) أو تحريق أو تردية من علو أو طرح بعض الأجسام الثقال عليه وأشباه ذلك مما جرت العادة بانتفاء الحياة معه، من غير استحقاق.
وإنما يكون جارحا ما يوجب القصاص مع تكامل الشروط المذكورة في القود إذا كان ما قصده مما لا يرجي صلاحه كقطع اليد والرجل والإصبع إلي غير ذلك ولا يخاف معه تلف المقتص منه، فأما الكسر والفك المنجبر والجرح الملتئم والمأمومة في الشجاج والجائفة في الجوف وما يجري مجراهما فلا قصاص في شئ منه. والمسلمون الأحرار تتكافأ دماؤهم في القتل والجراح.
ولا يقتص لعبد من حر ولا لذمي من مسلم ولا لمبطل من محق، ويقتص للعبد من العبد وللذمي من الذمي وللضال عن الحق من الضال. فإذا قتل
(1) في بعض النسخ: في قتل.
(2) في بعض النسخ: أو تفريق وفي بعضها: أو تعريق.
(٣٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: القصاص (156)، الحلق (26)، الخوف (26)، الجواز (26)، اليأس (26)

قصاص القتل

الضرب الخامس من الأحكام القصاص واجب علي كل عاقل قصد الجناية علي غيره من الناس في نفسه، وهو علي ضربين: قود عن قتل، والثاني قصاص عن جروح. وإنما يكون القاتل قاتلا قتلا يوجب القود منه بأن يقصد إلي قتل غيره فيقع مقصوده أو يفعل به ما جرت العادة بانتفاء الحياة معه من ضرب في مقتل (1) أو خنق بحبل أو تغريق (2) أو تحريق أو تردية من علو أو طرح بعض الأجسام الثقال عليه وأشباه ذلك مما جرت العادة بانتفاء الحياة معه، من غير استحقاق.
وإنما يكون جارحا ما يوجب القصاص مع تكامل الشروط المذكورة في القود إذا كان ما قصده مما لا يرجي صلاحه كقطع اليد والرجل والإصبع إلي غير ذلك ولا يخاف معه تلف المقتص منه، فأما الكسر والفك المنجبر والجرح الملتئم والمأمومة في الشجاج والجائفة في الجوف وما يجري مجراهما فلا قصاص في شئ منه. والمسلمون الأحرار تتكافأ دماؤهم في القتل والجراح.
ولا يقتص لعبد من حر ولا لذمي من مسلم ولا لمبطل من محق، ويقتص للعبد من العبد وللذمي من الذمي وللضال عن الحق من الضال. فإذا قتل
(1) في بعض النسخ: في قتل.
(2) في بعض النسخ: أو تفريق وفي بعضها: أو تعريق.
(٣٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: القصاص (156)، الحلق (26)، الخوف (26)، الجواز (26)، اليأس (26)
الحر المسلم مسلما فولي الدم مخير بين قتله وأخذ الدية إن افتدي بها نفسه و العفو عنه، وإذا أراد القود تولي ذلك منه سلطان الاسلام أو من يأذن له في النيابة عنه، فإن سبق الولي إلي قتله فعلي السلطان المبالغة في عقوبته ولا حق له ولا عليه غير ذلك.
فإن كان الأولياء جماعة واختار بعضهم القتل والبعض الدية أو العفو لم يجز لمريد قتله ذلك إلا بعد أن يؤدي أقساط مريدي الدية إليهم أو إلي ورثة المقاد منه أقساط من عفا، وكذلك الحكم إن كان بعض الأولياء صغيرا أو مأوف العقل وأراد العاقل القتل.
وإن قتل اثنين حرين مسلمين فما زاد عليهما فأولياء الدم بالخيار، إن رضوا جميعا بقتله قتلهم ولا شئ لهم غير ذلك، وإن عفوا جميعا فهو سائبة، و إن أرادوا الديات فعليه أن يؤدي بعدد من قتل ديات كاملة إلي أوليائهم، وإن أراد بعض القتل وبعض الدية أدي إلي مريد الدية ما طلب منها وقتل بمن عدا من رضي منه بديته، وإن عفا أولياء بعض المقتولين سقط حقهم وبقي حق من لم يعف علي مراده إن قتلا فقتلا أو دية فدية.
وإن كان القاتلون جماعة والمقتول واحدا فأولياؤه مخيرون إن شاؤوا عفوا وإن شاؤوا طالبوا بالدية فهي واجبة علي كل منهم بالغا ما بلغوا، وإن شاؤوا قتلوا الجميع وأدوا ديات من يزيد علي واحد إلي ورثة الجميع وبين (1) أن يقتلوا واحدا ويؤدي الباقون ما يجب عليهم من أقساط الدية إلي ورثته.
وإذا اشترك جماعة من أحرار المسلمين في قتل جماعة منهم فالحكم فيهم ما بيناه.
وإذا قتل الحر المسلم امرأة حرة مسلمة فأولياؤها مخيرون بين قتله و
(1) كذا.
(٣٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (78)، القصاص (26)، الدية (78)
رد ما يفضل من ديته عن ديتها إلي ورثته وبين أخذ الدية وهي نصف دية الرجل. وإن قتلت المرأة رجلا حرا مسلما فأولياؤه مخيرون بين قتلها ولا شئ لهم غيره وبين أخذ الدية كاملة. وحكم الواحد فما زاد إذا قتل أو قتلوا امرأة أو جماعة رجال ما تقدم شرحه.
وحكم الحرة المسلمة مع مثلها حكم الحر المسلم مع مثله وحكم العبد مع العبد والذمي مع الذمي حكم الحر المسلم مع مثله وحكم الأمة مع الأمة والذمية مع الذمية حكم الحرة المسلمة مع مثلها وحكم الأمة مع العبد و الذمية مع الذمي حكم حر المسلم مع الحرة (1).
فإن قتل الحر المسلم عبدا أو أمة فعليه قيمة كل منهما ما لم تتجاوز قيمة العبد دية الحر وقيمة الأمة دية الحرة فترد إليها، وينهك عقوبة، وإن كان المقتول من رقيقه أغرمه السلطان قيمته وتصدق بها وبالغ في تأديبه وتلزمه الكفارة علي كل حال.
فإن كان معتادا لقتل الرقيق ضريا عليه قتل لفساده في الأرض، وإن كان القاتلون جماعة فهم شركاء في دم من قتلوه، وإن كان المقتول صغيرا أو مجنونا فعلي القاتل الدية دون القود، وإن كان قاتلوا الأصاغر والمجانين جماعة أو المقتولين منهم جماعة فالحكم علي ما تقدم.
وإن قتل ذميا أو ذمية فعليه الدية، فإن كان معتادا لقتل أهل الذمة ضربت عنقه لفساده في الأرض لا علي جهة القصاص.
وحكم المرأة الحرة المسلمة في قتل العبد أو الأمة أو الذمي أو الذمية أو الصغير أو الماؤف حكم الحر المسلم.
فإذا قتل الصغير أو الماؤف العقل حرا أو عبدا مسلما أو ذميا ذكرا أو أنثي
(1) النسخ في هذين السطرين مختلفة وما أثبتناه هو الصحيح ظاهرا.
(٣٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (130)
فعلي وليهما الدية. فإن كان مقتول المأوف العقل يعرض له بأذية فدفعه عن نفسه فقتله فلا دية له.
وإذا قتل الذمي أو الذمية حرا مسلما أو عبدا أو حرة أو أمة مسلمة منفردين بذلك أو مشاركين فيه وجب قتل الذمي، لخروجه بقتل المسلم عن الذمة، والرجوع علي تركته أو أهله بدية الحر وقيمة الرق أو ما يلحقه من قسط ذلك.
وإن كان القاتل من أهل الذمة صغيرا أو مأوفا فعلي وليهما دية ما جنياه.
وإن كان القاتل عبدا ذميا أو أمة قتلا ورجع علي مولاهما بالدية. وإذا قتل الواحد من أهل الذمة جماعة من المسلمين قتل ورجع علي تركته بدياتهم.
وإن كان القاتلون جماعة والمقتول من المسلمين واحدا قتلوا جميعا لخروجهم عن الذمة ورجع علي مواريثهم أو أوليائهم بدية المسلم.
وإذا قتل العبد أو الأمة حرا مسلما أو حرة وجب تسليم كل منهما إلي ولي الدم برمته (1) إن شاؤوا قتلوا أو (2) تملكوا ما معه من مال وولد، وإن شاؤوا استرقوه وولده وتصرفوا في ماله (3).
والعبد يكافئ العبد والأمة الأمة في القود والدية، فإن قتل العبد أمة أو الأمة عبدا فولي (4) المقتول مخير بين القتل أو أخذ قيمة الأمة أو العبد من السيد. وحكم جماعة العبيد أو الإماء إذا قتلوا واحدا أو جماعة من الأحرار أو العبيد أو أهل الذمة أو كان قاتل الواحد منهم أو الجماعة واحدا أو جماعة
(1) في بعض النسخ: بذمته.
(2) وتملكوا. ظ.
(3) في المختلف: في ملكه.
(4) كان في النسخ: مولي المقتول، والظاهر ما أثبتناه.
(٣٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (156)، الدية (156)
ما تقدم بيان حكمه.
وإذا اشترك العبد والحر والأمة والحرة والخنثي الذي لم يبن أمره في قتل فأراد ولي الدم الدية فهم متساوون في استحقاقها، وإن أراد قتل أحدهم رد الباقون ما يجب عليه من أقساط الدية علي ورثته، وإن أراد قتل الجميع رد ولي الدم ما يفضل عن دية وليه علي ورثتهم.
وإذا قتل الخنثي الذي لم يبن أمره فأراد وليه الدية فله نصف دية الرجل ونصف دية المرأة حرا فحرا وعبدا فعبدا.
وإن أراد القود بحيث يصح فكانت دية قاتله تزيد علي ديته لم يجز له ذلك حتي يرد الفضل علي ولي المقاد منه.
وتقاد أولوا الأرحام بعض ببعض إلا الأب بالابن.
وإذا قتل الحر والعبد حرا فاختار وليه الدية فعلي الحر النصف وعلي سيد العبد النصف، وإن اختار قتلهما رد قيمة العبد علي سيده وورثة الحر، وإن اختار قتل الحر فعلي سيد العبد نصف ديته لورثته، وإن اختار قتل العبد قتله ويؤدي الحر إلي سيده نصف قيمته.
ومن هدم علي قوم دارا أو أضرم عليهم فيها نارا أو ثبق عليها ماءا فهو قاتل عمدا لمن يهلك بفعله، واحدا كان أو جماعة.
وإذا اشترك ثلاثة في قتل: أمسك أحدهم وضرب الآخر والثالث عين لهم، فالحكم أن يقتل القاتل ويخلد الممسك الحبس حتي يموت وتسمل عين الرقيب.
وإذا أقر من يعتد بإقراره بقتل يوجب القود وأقر آخر بأنه أتاه (1) خطأ فأولياء المقتول بالخيار إن شاؤوا قتلوا المقر بالعمد ولا سبيل لهم علي المقر
(1) في المختلف: وأقر آخر بقتله إياه.
(٣٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الزوجة (26)، الضرب (26)، القتل (78)، الموت (26)، الدية (52)، الجواز (26)
بالخطأ، وإن شاؤوا طالبوهما بالدية نصفين، وإن كان المقر بالعمد ممن لا يقاد بالمقتول لكونه صغيرا أو مأوفا أو ذميا أو عبدا فعليهما جميعا الدية.
وا قامت البينة علي قاتل وأقر آخر بذلك القتل وبرأ المشهود عليه من قتله، فأولياؤه مخيرون إن شاؤوا قبلوا الدية منهما نصفين وإن شاؤوا قتلوهما وردوا نصف الدية علي ورثة المشهور عليه دون المقر ببراءة الآخر منها وإن شاؤوا قتلوا المشهود عليه وأدي المقر إلي ورثته نصف ديته وإن شاؤوا قتلوا المقر ولا شئ لورثته علي المشهود عليه [هذا إذا برء المقر المشهود عليه من قتله] (1) وإن لم يبرأ المقر المشهود عليه فهما شريكان في القتل متساويان فيما يقتضيه.
ومن قتل أو جرح غيره بغير حق لأمر آمر أو إكراهه فالقود والقصاص مستحق عليه دون الأمر والمكره لما بيناه من عدم تأثير الأمر والاكراه في الظلم ويخلد الأمر والمكره الحبس حتي يموت، وإذا كان الأمر سيد العبد معتادا لذلك قتل السيد وخلد العبد الحبس، وإذا كان نادرا قتل العبد وخلد السيد الحبس.
وإذا قامت البينة علي عاقل بقتل أو أقر به ثم خولط قتل من قتل وإن قامت الشهادة به في حال اختلاطه فالدية من ماله إن كان له مال وإلا فعلي عاقلته ولا يعتد بإقراره في حال الاختلاط.
ويقاد الكفار بعض ببعض وإن اختلفت جهات كفرهم، ولا يقاد كفار التأويل من المجبرة والمشبهة وغيرهم بذمي ولا وثني، ويستفاد لهم من أهل الإيمان ويستقاد لهم منهم.
(1) كذا في مختلف العلامة.
(٣٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (26)، الزوج، الزواج (52)، القتل (104)، الموت (78)، الضرب (26)، الدية (26)

قصاص الجروح

وأما القصاص في الجروح فبين الحر المسلم والحر المسلم (1) والحرة المسلمة فيما كان من أعضائها وجراحها (2) مقابلا لدية أعضاء الرجل وجراحه وبين العبد والعبد والأمة والأمة والعبد والأمة كالحر والحر والحر والحرة وبين الذمي والذمي والذمية والذمية والذمي والذمية كالمسلم والمسلمة بشرط انفصال العضو من الجملة كاليد أو ثبوت فساده كالشلل والعماء.
ولا يجوز القصاص بجرح ولا قطع ولا كسر ولا خلع حتي يحصل اليأس من صلاحه فإن اقتص بجرح فبرأ المجروح والمقتص منه أو لم يبرء فلا شئ لأحدهما علي صاحبه وأن يبرأ أحدهما والتأم جرحه أعيد القصاص من الآخر إن كان القصاص بإذنه وإن كان بغير إذنه، رجع المقتص منه علي المتعدي دون المجني عليه.
فإن كان الجرح مما يخاف للاقتصاص به تلف المقتص منه كالجائفة و المأمومة وما يجري مجراهما لم يجز الاقتصاص به وإذا وقع القصاص موقعه من غير تعد فيه فمات المقتص منه والمقتص له حي فلا تبعة علي المقتص له و إن تعدي فيه وكان هو متولي القصاص رجع أولياؤه عليه بما يفضل من ديته عن أرش الجراح، وإن كان متوليه غيره رجع عليه بذلك دونه، إلا أن يقصد المقتص منهما (3) بتعديه فعل ما جرت العادة بانتفاء الحياة معه كالقصاص للموضحة بالمأمومة وللجرح في الحلق بالذبح فيموت المقتص منه والمقتص له حي فيكون لأوليائه القود من متولي ذلك بعد رد أرش ما أتاه صاحبهم علي
(1) كذا في أكثر النسخ، وفي بعضها: " فبين الحر المسلم والحرة المسلمة " بحذف جملة: " والحر المسلم ".
(2) في بعض النسخ: وجوارحها.
(3) كذا.
(٣٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، نهر الفرات (26)، القتل (52)، الدية (78)
ورثة المستفاد منه.
وإذا قلع الأعور عين سليم قلع عينه وإن عمي.
وإن قطع الأشل يد غيره قطعت يده الصحيحة، ومن قطع يد غيره اليمني ولا يمني له قطعت يده اليسري، فإن لم يكن له يد قطعت رجله، وإن قطع يديه وليس له إلا يد واحدة قطعت وإحدي رجليه، وإن قطع يمني رجليه وليست له يمني قطعت اليسري، وإن لم يكن له رجل قطعت يده.
وكذلك القول في أصابع اليدين والرجلين والأسنان ومن قطع يد غيره ولا يد له أو رجله ولا رجل له أو قلع عينه ولا عين له إلي غير ذلك، فليس للمجروح إلا الدية.
وإذا قطع أصابع غيره أو واحدة منها وقطع آخر يده من الزند أو المرفق أو الإبط أو إصبعا من رجله أو أصابعها وقطع آخر رجله من المفصل أو الركبة أو من أصل الورك، فأراد الدية. فعلي الأول دية ما جناه، وعلي الثاني دية ما بقي عنه، وإن اختار اقتص من الأول والثاني ورد دية ما جناه الأول، وإن اختار أخذ الدية من الأول عن جنايته فدفعها إلي الثاني، وكذلك الحكم في سائر الأعضاء.
والمجروح ولي القصاص له المطالبة به أو الدية أو العفو، وهذا حكم أولياء المقتول وهم من عدا كلالة الأم من الأخوة والأخوال وأولادهم، وأولاهم بذلك أولاهم بالميراث.
فإن كان أولياؤه كفارا فأسلم أحدهم فهو وليه، وإن لم يسلم منهم أحد أو لم يكن له ولي فوليه سلطان الاسلام وهو مخير في قتل العمد بين أخذ الدية والقود، وفي قتل الخطأ يأخذ الدية وليس له العفو علي حال.
وإن اقتص ولي الدم من القاتل بضربة أو ضربات ثم عاش بعد ذلك كان
(٣٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (182)، الموت (26)
له قتله بعد تمكينه من الاقتصاص منه بما أتاه إليه من الجراح، ولا قود إلا بضرب العنق وإن كان القاتل قد نكل بالمقتول أو غرقه (1) أو خنقه أو غير ذلك من ضروب القتل، بضربة واحدة وإن ترتب فعله فقطع يديه أو رجليه أو قلع عينيه إلي غير ذلك ثم قتله بفعل آخر فليقتص منه ثم يقتل.
ولا يقاص بين الأحرار والعبيد، ولا بين المسلمين والكفار، ولا بين الصغار والكبار، ولا المأوفين والعقلاء، ولا قصاص فيما لم يكن (2) تميزه كنقص السمع أو البصر أو الشم أو العقل أو النطق أو ذهاب جملته ببعض الجنايات.
وإذا قطع يمني يدي رجلين فيده اليمني للمقطوع الأول والثاني بالخيار بين قطع يده اليسري والدية، وإذا قطع بعض عضو كالإصبع والساعد والعضد والساق والفخذ واللسان فيسر إلي مثله (3) واقتص (4) من القاطع كذلك.
(1) في بعض النسخ: عرقه.
(2) لم يمكن. ظ.
(3) هذه العبارة سقيمة ظاهرا.
(4) في بعض النسخ: واقتصر.
(٣٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (78)، الحرب (26)، الدية (52)

6 - الضرب السادس من الاحكام: أحكام الديات

اشارة

الضرب السادس من الأحكام ديات الأنفس والجوارح والجراح مستحقة بالخطأ كالعمد، فدية قتل الحر المسلم ألف دينار أو عشرة آلاف درهم فضة جيادا أو مائة من الإبل أو مائة بقرة أو مائتا حلة أو ألف شاة بحسب ما يملك من تجب عليه الدية، ودية الحرة المسلمة النصف من جميع ديات الحر المسلم، ودية رقيق المسلمين قيمته ما لم تتجاوز قيمة العبد دية الحر والأمة دية الحرة فترد إليهما، ودية الحر الذمي ثمانمائة درهم وضحا، ودية الحرة الذمية نصف دية الحر الذمي، ودية رقيقهم قيمته ما لم تتجاوز قيمة العبد دية الحر الذمي والأمة دية الحرة فترد إليهما، وحال الصغار وذوي النقص حال العقلاء البالغين.
فإن كان القتل عمدا في الحل فالدية مغلظة علي القاتل نفسه إن كان حرا عاقلا مائة من مسان الإبل تستأدي منه في مدة الحول، وإن كان القتل في الحرم أو في شهر حرام فقد روي: " أن عليه دية وثلثا " (1) وإن كان القاتل عبدا فالدية علي سيده إن اختار فداه، وإن كان صغيرا أو ماؤفا فالدية علي وليه.
فإن امتنع من أدائها في الحول أخذت قسرا إن كان القاتل أو وليه غنيا، وإن كان فقيرا لم يكن للأولياء إلا القود من العاقل الحر أو العبد أو النظرة بالدية
(1) راجع الوسائل أبواب النفس، الباب الثالث.
صفحه(٣٩١)

دية القتل

الضرب السادس من الأحكام ديات الأنفس والجوارح والجراح مستحقة بالخطأ كالعمد، فدية قتل الحر المسلم ألف دينار أو عشرة آلاف درهم فضة جيادا أو مائة من الإبل أو مائة بقرة أو مائتا حلة أو ألف شاة بحسب ما يملك من تجب عليه الدية، ودية الحرة المسلمة النصف من جميع ديات الحر المسلم، ودية رقيق المسلمين قيمته ما لم تتجاوز قيمة العبد دية الحر والأمة دية الحرة فترد إليهما، ودية الحر الذمي ثمانمائة درهم وضحا، ودية الحرة الذمية نصف دية الحر الذمي، ودية رقيقهم قيمته ما لم تتجاوز قيمة العبد دية الحر الذمي والأمة دية الحرة فترد إليهما، وحال الصغار وذوي النقص حال العقلاء البالغين.
فإن كان القتل عمدا في الحل فالدية مغلظة علي القاتل نفسه إن كان حرا عاقلا مائة من مسان الإبل تستأدي منه في مدة الحول، وإن كان القتل في الحرم أو في شهر حرام فقد روي: " أن عليه دية وثلثا " (1) وإن كان القاتل عبدا فالدية علي سيده إن اختار فداه، وإن كان صغيرا أو ماؤفا فالدية علي وليه.
فإن امتنع من أدائها في الحول أخذت قسرا إن كان القاتل أو وليه غنيا، وإن كان فقيرا لم يكن للأولياء إلا القود من العاقل الحر أو العبد أو النظرة بالدية
(1) راجع الوسائل أبواب النفس، الباب الثالث.
صفحه(٣٩١)
أو العفو، وكذلك الحكم فيمن لا يصح منه القود.
وإن كان القاتل ذميا لمسلم قتل وأخذ الدية من ورثته ولا يجوز العفو عنه.
ودية الخطأ علي العاقلة وعاقلة الحر المسلم عصبته، وعاقلة الرقيق مالكه، وعاقلة الذمي الفقير الإمام، فإن كان الخطأ خالصا وهو أن يرمي غرضا أو طائرا فيصيب انسانا وأشباه ذلك فديته علي أهل الإبل ثلاثون حقة وثلاثون بنت لبون وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون وتستأدي في ثلاث سنين.
وإن كان الخطأ شبيه العمد وهو أن يضرب غيره ضربا لم تجر العادة بانتفاء الحياة معه عن قصد أو خطأ أو يعالجه بدواء أو يفصده أو يقطع بعض أعضائه مداويا فيموت عند ذلك أو يحصل التلف عند فعله بنفسه أو دابته متعديا فديته ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ثنية وتستأدي منه في سنتين، ومن البقر والغنم في هذه الديات مثل أسنان الإبل.
فإن لم يكن من وجبت عليه لعمد أو خطأ من أهل الأنعام فما عداها من العين أو الورق أو الحلل.
ومن أخرج غيره منزله ليلا ضمن ديته من ماله دون عاقلته حتي يرده إليه أو يقيم البينة بسلامته أو موته حتف أنفه أو قتل غيره له.
والظئر الحاضنة (1) ضامنة لدية الصبي في مالها حتي يقيم البينة ببراءتها من هلكه.
وإذا عزل عن زوجته الحرة بغير إذنها فعليه لها دية النطفة عشرة دنانير، وإن كان بإفزاع غيره له فالدية عليه لهما، وإن ضربها غيره فألقت نطفة فديتها عشرون دينارا، وإن ألقت علقة وهي قطعة دم كالمحجمة فأربعون دينارا، وإن
(1) في بعض النسخ: الخاصة، وهو تصحيف.
(٣٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: الدية (104)
ألقت مضغة وهي بضعة من لحم فستون دينارا، وإن ألقت عظما وهو أن يصير في المضغة سبع (1) عقد فثمانون دينارا، وإن ألقت جنينا قد كملت صورته قبل أن يلجه الروح فمائة دينار، وإن ألقت حيا فاستهل أو تحرك تحركا يدل علي الحياة ثم مات فديته كاملة، إن ذكرا فدية الذكر وإن أنثي فدية الأنثي.
وإن مات الجنين المعلوم كماله وحياته من الضرب في بطنها فنصف دية فإن كان الزوج هو الضارب فالدية للأم خاصة، وإن كانت المرأة هي التي أسقطته، بدواء وغيره فالدية واجبة عليها للزوج، وأن كان الحمل له أحكام الرق أو أهل الذمة فبحساب دياتهم.
ودية قطع رأس الميت عشر ديته، وفي قطع أعضائه بحساب ذلك، يتصدق بها عنه ولا تورث، وهذه الدية مختصة بالجاني دون عاقلته.
ودية القتيل الموجود في القرية أو المحلة المتميزة أو الدرب أو الدار أو القبيلة ولا يعرف له قاتل بإقرار أو بينة علي أهل المحل الذي وجد فيه، فإن وجد بين القريتين أو الدارين أو المحلتين أو القبيلتين فديته علي أقربهما إليه وإن كان وسطا فالدية نصفان.
وإذا وجد صبي في بئر لقوم فكانوا متهمين علي أهله فعليهم الدية وإن كانوا مأمونين فلا شئ عليهم.
ودية قتيل الزحام علي الجسور وأبواب الجوامع وفي مواسم الحج لا يعرف قاتله وبكل أرض لا مالك لها كالجبال والبراري وبحيث لا يمكن اضافته إلي أحد علي بيت المال.
ودية كل قتل يحصل بفعل القاتل وعند فعله عن تعد وخطأ واجبة عليه
(1) كذا.
(٣٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: صلح (يوم) الحديبية (104)، الباطل، الإبطال (26)، الدية (78)
كوقوعه من علو علي غيره وهدمه حائطة (1) عليه من غير قصد إلي ذلك و إحداثه في طريق المسلمين أو ملك الغير ما يحصل التلف عنده وما يقتضي تضمينه من جناية دابته إلي غير ذلك.
وإذا اشترك جماعة فيما يوجب الدية فهم أو عاقلتهم مشتركون فيها.
وقضي أمير المؤمنين عليه السلام في ستة نفر كانوا يسبحون في الفرات فغرق أحدهم فشهد ثلاثة منهم علي اثنين أنهما غرقاه وشهد الاثنان علي الثلاثة أنهم غرقوه: أن علي الاثنين ثلاثة أخماس الدية وعلي الثلاثة خمسا الدية (2).
وقضي عليه السلام في أربعة نفر تباعجوا بالسكاكين فمات اثنان وبقي اثنان مجروحان: أن علي الباقيين ديتي المقتولين يقاصان منهما بأرش الجراح (3).
وقضي عليه السلام في امرأة ركبت عنق أخري فجاءت أخري فقرصت المركوبة فقمصت فوقعت الراكبة فاندق عنقها: بأن علي القارصة ثلث الدية وعلي المركوبة الثلث وأسقط الثلث لركوبها [عبثا] ولو كانت راكبة بأجر لكانت الدية علي القارصة والقامصة كاملة وإنما كانت لاعبة (لاغية خ) (4).
وإذا قتل المسلم ذميا عمدا فالدية في ماله وخطأ علي عاقلته، ودية قتل العبد علي سيده، والصغير والمحجور عليه علي وليه، فإن كان خطأ فعلي عاقلتهما.
(١) في بعض النسخ: حائطة.
(٢) راجع الوسائل، كتاب الديات أبواب موجبات الضمان، الباب الثاني، والمقنعة للمفيد ص ١١٨.
(٣) راجع الوسائل، كتاب الديات، أبواب موجبات الضمان الباب الأول، و المقنعة للمفيد ص ١١٨.
(٤) راجع الوسائل، كتاب الديات، أبواب موجبات الضمان، الباب السابع، والمقنعة ص ١١٨.
(٣٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: الدية (78)
وإذا قتل الذمي مسلما خطأ فديته عليه، فإن لم يكن له مال ولا يستطيع السعي فيها فعلي بيت مال المسلمين.
وحكم المدبر والمكاتب الذي لم يتحرر منه شئ حكم العبد فإن كان قد تحرر بعض المكاتب فعليه من الدية بحسب ما تحرر منه وعلي مكاتبه منها ما بقي.
وإذا جني العبد علي حر جناية توفي بقيمة فعلي سيده تسليمة أو فداؤه، وإن كانت أقل من قيمته فعليه فداؤه أو تسليمة وأخذ الفاضل من قيمته عن أرش الجناية. وإن جني الحر علي العبد ما يوجب الدية كقطع الأنف أو اليدين فعليه قيمته لسيده وأخذه إليه.
وإذا قامت البينة علي واحد بقتل خطأ وقامت بينة أخري علي إضافة ذلك القتل إلي غيره خطأ فالدية علي المشهود عليهما نصفان.
وإذا هرب قاتل العمد فمات قبل أن يقدر عليه فالدية من ماله، فإن لم يكن مال فعلي عاقلته.
ومن خلص قاتل عمد من أولياء مقتوله قسرا (1) أخذ بإحضاره فإن أحضره وإلا حبس حتي يحضره فإن مات القاتل فعليه الدية ومن طفر من علو علي فوق غيره قاصدا فقتله فهو قاتل عمد وإن كان لغير (2) ذلك فوقع عليه من غير قصد إليه فالدية علي عاقلته، وإن كان بدفع غيره فالدية علي الدافع، وإن كان بهبوب الرياح فالدية من بيت المال.
وإذا لم تكن لقاتل الخطأ عاقلة وله مال فالدية من ماله، فإن لم يكن ذا مال فالدية من بيت المال.
ولا تعقل العاقلة عمدا ولا صلحا ولا إقرارا ولا ما وقع عن تعد كحدث الطريق
(1) في بعض النسخ: قهرا.
(2) في بعض النسخ: لغرض غير ذلك.
(٣٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (26)، الهلاك (26)، السهو (52)

دية الحواس والجوارح والجروح

والدابة وكل مضمون ولا ما دون الموضحة.
فعلي هذا التحرير يتنوع القتل ستة أنواع: عمد يوجب القود، وخطأ محض، وخطأ شبيه العمد يوجبان الدية علي العاقلة، ومضمون بالتعدي وهو ما عدا الأنواع الثلاثة المعلوم إضافتها وديته لازمة للمتعدي في ماله، وقتل لا يعرف فاعله وتصح اضافته إلي محل وجوده كالقرية والمحلة وشبههما، وقتل لا يعرف ولا تصح اضافته كقتيل الزحام ونظائره فديته علي بيت المال.
فأما ذهاب الحواس والجوارح والجروح:
ففي ذهاب العقل الدية كاملة.
وفي ذهاب شعر الرأس أو اللحية لا ينبت (1) الدية الكاملة، فإن نبت ففي شعر رأس الرجل أو لحيته عشر ديته وفي شعر المرأة مهر مثلها.
وفي ذهاب البصر الدية كاملة، وفي ذهابه من إحدي العينين نصف الدية، ويعتبر بفتح العين مقابل عين الشمس فإن لم تطرف فهو أعمي وإن أطرف فهو بصير وإن أطرف بأحديهما فالأخري ذاهبة النور، وفي نقصه منهما أو من إحديهما بحساب ذلك، ويعتبر بالجسم الظاهر اللون في المسافة، وفي قلع العينين الدية كاملة، وفي قلع إحديهما نصف الدية، وفي ذهاب بصر الأعور خلقة أو قلع عينه الدية، كاملة وإن كان ذهاب الأخري لتعد عليه في حرب أو بحق لجناية علي نفسه فنصف ديتها (2) وفي شفر العين الأعلي ثلث دية العين وفي الأسفل نصف ديتها. وفي خسف العين الواقفة العمياء ثلث ديتها، وفي طبق (3) المفتوحة أو ذهاب سوادها مع تقدم العمي ربع ديتها.
(1) في بعض النسخ: إذا لم ينبت.
(2) في بعض النسخ: فنصف دية.
(3) طبقها. ظ.
(٣٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (26)، الدية (156)، الدواء، التداوي (26)
وفي ذهاب شعر الحاجبين نصف الدية، وفي أحدهما ربع الدية، فإن نبت فالأرش.
وفي ذهاب السمع جملة الدية كاملة، وفي ذهابه من إحدي الأذنين نصف الدية، ويعتبر بالصوت الرفيع من حيث لا يعلم فإن ارتاع فهو سميع وإن لم يرتع فهو أصم، وفي نقصانه فيهما (1) باعتبار التصويت بالطست في المسافة وقياس ذلك إلي مماثله في السن، وفي إحديهما بسد السليمة بالقطن واعتبار حال الناقصة بالتصويت في الجهة وقياس ذلك بالسليمة، وفي قطع الأذنين الدية كاملة، وفي قطع إحديهما نصف الدية، وفي شحمة الأذن ثلث ديتها، وفي بعض الأذن بحساب ديتها، يقاس بالخيط (كذا).
وفي ذهاب الشم الدية كاملة، ويعتبر بتقريب الحراق إلي الأنف فإن دمعت عينه فهو سليم وإن لم تدمع فقد ذهبت حاسة شمه، وفي استيصال الأنف الدية كاملة، وفي الأرنبة نصف الدية، وفي إحدي المنخرين ربع الدية، وفي النافذة فيهما نصف الدية، فإن صلحت والتأمت فخمس الدية، وفي النافذة في إحدي المنخرين سدس الدية، فإن التأمت فعشر الدية، وفي كسره وجبره من غير عيب ولا عثم عشر الدية.
وفي ذهاب النطق الدية كاملة، ويعتبر بالأبرة فإن خرج الدم أسود أو لم يخرج دم فهو أخرس وإن خرج أحمر فهو سليم، وفي بعضه (2) بحساب حروف المعجم، يلزم الجاني من أقساط الدية بعدد ما يختل النطق به منها، وفي اللسان الدية كاملة، وفي بعضه بحساب ذلك يقاس بالميل، وفي قطع لسان الأخرس ثلث ديته، وفي بعضه بحساب ذلك.
(1) كذا في النسخ.
(2) وفي نقصه.
(٣٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الهلاك (26)، النهي (26)، القتل (52)، القصاص (26)، الصّلاة (26)، الدية (130)، السب (26)
وفي الشفتين الدية كاملة، وفي العليا منهما ثلث الدية، وفي السفلي ثلثا الدية، وفي بعضها بحساب ذلك، وفي شق إحديهما ثلث الدية، فإن التأمت فخمس ديتها.
وفي الأسنان وهي ثمانية وعشرون سنا الدية كاملة، وفي كل سن من مقاديم الفم وهي اثنا عشر سنا نصف عشر الدية وفي كل سن من مآخير الفم وهي ستة عشر سنا ربع عشر الدية، وفيما زاد علي هذا العدد من الزوايد الأرش، وفي سن الصبي قبل أن يثغر عشر عشر ديته (1)، وفي كسر بعض السن بحساب ديتها، يقاس ذلك بنظيرها السالمة، وفي صدعها أو سوادها ثلثا ديتها.
وفي اليدين الدية كاملة، وفي إحديهما نصف الدية، وفي كل إصبع عشر الدية إلا الابهام فديتها ثلث الدية (2)، وفي مفصلها نصف ديتها، وفي مفصل الطرف من كل إصبع عدا الابهام ثلث ديتها، وفي الثاني (3) ثلثا ديتها، وفي الإصبع الزائدة ثلث إصبع الخلقة المستقيمة، وفي شلل اليد والإصبع ثلثا ديتها، وفي قطعها شلاء ثلث ديتها.
وفي الساعدين الدية وفي إحديهما نصف.
وفي العضدين الدية وفي إحديهما نصف الدية، وفي بعض ذلك بحسابه، يقاس ويؤخذ دية ما قطع بحساب دية الساعد أو العضد.
وفي الرجلين الدية كاملة، وفي إحديهما نصف الدية، وفي كل إصبع من أصابعها عشر دية (4)، وفي مفصلها نصف ديتها، وفي الإصبع الزائدة ثلث
(1) عشر عشر الدية.
(2) في بعض النسخ: ثلث دية اليد.
(3) في المختلف: وفي الباقي.
(4) في بعض النسخ: ديته.
(٣٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (52)، الفرج (52)، اللواط (26)، الزنا (26)، الصّلاة (26)، الشهادة (26)
الإصبع المعتادة.
وفي الساقين الدية، وفي إحديهما نصف الدية.
وفي الفخذين الدية وفي إحديهما نصف الدية.
وفي نقص هذه الأعضاء بمقدار المقطوع من العضو.
وفي كسر الصلب الدية كاملة، فإن جبر وصلح من غير عيب فعشر الدية.
وفي قطع الحشفة وهي الكمرة من الذكر فما زاد الدية كاملة.
وفي الخصيتين الدية كاملة، وفي إحديهما نصف الدية.
وفي فرج المرأة الدية كاملة، وفي ذهاب حيضها ثلث ديتها.
وفي افضاء الحرة ديتها وفي الأمة قيمتها.
وفيما ولد كون المجني عليه ادر (1) خمسا الدية.
وفي الفحج الذي لا يقدر معه علي المشي أو يستطيع منه ما لا ينتفع به في التكسب أربعة أخماس الدية.
وفي كسر عظم عضو خمس دية العضو، فإن جبر فصلح من غير عثم فأربعة أخماس كسره، وإن بطل العضو به فثلثا ديته.
وفي موضحة العضو ربع دية كسره.
وفي رضه ثلث ديته فإن جبر فصلح من غير عيب فأربعة أخماس رضه.
وفي فك العضو وبطلانه له ثلثا ديته فإن جبر فصلح من غير عيب فأربعة أخماس فكه.
وفي الطعنة النافذة في العضو عشر ديته، وفي الناقلة في الجسد ثلث دية العضو.
وحكم الشجاج في الوجه حكمه في الرأس وهي ثمان: أولها الدامية
(1) آدرا.
(٣٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (52)، الرضاع (26)، الزنا (78)، الرجم (26)
وهي الخدش الذي يقشر الجلد ويسيل الدم ففيها عشر عشر دية المشجوج، ثم الباضعة وهي التي تبضع اللحم ففيها خمس عشر ديته، ثم النافذة وهي التي تنفذ في اللحم وتزيد علي الباضعة وتسمي المتلاحمة ففيها خمس عشر وعشر عشر، ثم السمحاق وهي التي تبلغ إلي القشرة الخفيفة الرقيقة المتغشية للعظم ففيها خمسا عشر ديته، ثم الموضحة وهي التي توضح إلي العظم ففيها نصف العشر، ثم الهاشمة وهي التي تهشم العظم ففيها عشر الدية، ثم الناقلة التي تكسر العظم وتزيد علي الهاشمة ويحتاج معها إلي نقل العظام من موضع إلي آخر ففيها عشر ونصف عشر دية (1) ثم المأمومة التي تصل إلي أم الدماغ ففيها ثلث الدية.
وفي لطمة وجه الحر المسلم إذا احمر موضعها دينار ونصف، فإن أخضر أو اسود ثلاثة دنانير. وفي لطمة الجسد النصف من لطمة الوجه وفيمن عداه بحساب ديته.
وفي الجائفة تصل إلي الجوف ثلث الدية.
وفيما بيناه من ديات الأعضاء والجراح والشجاج بحسب دية المجروح.
(1) الدية.
(٤٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: علم المعصوم (26)، الزنا (78)، القتل (78)، الشهادة (52)، الموت (26)

7 - الضرب السابع من الاحكام: قيم المتلفات وأروش الجنايات

الضرب السابع من الأحكام ويضمن الحر العاقل قيمة ما أفسده وأرش ما جناه عن عمد أو خطأ عن قصد أو سهو، وما يحصل عند فعله، أو ممن يلي عليه.
فالأول أن يقتل ما يملكه غيره من حيوان أو يجرحه أو يكسر آلته أو يحرق ثوبه أو يفسد حرثه أو يهدم بناءه إلي غير ذلك عن عمد أو خطأ أو سهو فتلزمه في ماله قيمة ما هلك وأرش ما نقص.
والثاني علي ضروب: منها أن يحدث في طريق المسلمين أو في الملك المشترك بغير إذن الشركاء أو في ملك الغير بغير إذنه فضمن ما أثر ذلك من فساد أو حصل عنده من تلف أو نقص.
ومن ذلك أن يرسل كلبا عقورا أو جملا هائجا أو دابة مفسدة فيضمن ما يجنونه، فإن ربط واحترزت فأفلت من غير تفريط منه لم يضمن.
ومن ذلك أن يرسل غنمه ليلا فيضمن ما تجنيه علي كل حال، ولا يضمن ما تجنيه نهارا إلا أن يرسلها في ملك غيره.
ومن ذلك ما تجنيه دابة (1) المركوبة بيديها علي كل حال، وكذلك حكمه إن كان قائدا، وبيديها ورجليها إن كان سائقا ولم يحذر، أو موقوفا لها في غير ملكه
(1) الدابة. ظ
(٤٠١)
صفحهمفاتيح البحث: علم المعصوم (26)، القتل (52)، الضرب (26)، الزنا (52)، الموت (52)، العذاب، العذب (52)، الدية (26)، الرجم (52)، الإقامة (26)، الشهادة (26)
والمباح عدا الطريق علي كل حال، وحاملا عليها من لا يعقل (1) علي كل حال، ومنفرا لها كذلك، إلا أن ينفرها عن أذيته ومن يجري مجراه وعما يملكه من حرث فلا يضمن (2).
ومنها أن يفصد غيره أو يحجمه أو يسقيه دواءا أو يقطع له عضوا معالجا أو يعالج له دابة ولا يبرأ إليه أو إلي وليه من تبعة ذلك، فإنه يضمن جميع ما يحدث عنه فعله من موت أو فساد عضو أو نقص، وإن برء إليه لم يضمن.
والثالث ما يقع من الرقيق أو المضمون الجريرة والمحجور عليه من قتل خطأ أو فساد عن (3) مقصود أو عمد ممن لا يعقل فيلزم الولي دية النفس وقيمة المتلف وأرش الجناية.
ولا دية ولا قيمة ولا أرش لما يحدث من البهيمة في ملك صاحبها، أو المباح كالجبال والبراري، ولا البئر في الملك، وللانتفاع بها في غيره، ولا انهدام البنيان ابتداءا ولا بفعل الهالك (4)، ويضمن ما يحصل (5) من ذلك إلي ملك غيره أو طريق المسلمين.
ولا دية للغريق بإيثاره السباحة وللهالك بشرب الدواء أو السم أو قطع العضو باختياره أو وليه مع التبري إليه من جريرته.
ولا دية للمتردي من علو بنفسه أو تفريطه أو بهبوب الرياح.
ولا دية للمستأجر فيما يحدث عليه في إجارته بفعله أو عبد له في نفسه ولا أعضائه ولا آلته ولا دابته إلي غير ذلك.
ولا دية للص والمفسد المدافع عن النفس والمال.
(1) من لا يغفل. خ.
(2) في بعض النسخ: فلا يضمن بدونها.
(2) في بعض النسخ: أو مقصود، وفي المختلف: غير مقصود.
(4) كذا.
(5) كذا، ولعل الصحيح: يحمل.
(٤٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: علم المعصوم (26)، الهلاك (52)، القتل (104)، الزنا (78)، اللواط (52)، الشهادة (78)، الرجم (52)
ولا دية للمحمول علي الواجب والممنوع من القبيح بالأمر والنهي في حقه كشرب الخمر وترك الصلاة وحق غيره كمريد المرأة علي نفسها أو الغلام عليه (1).
ولا دية للهاجم دار غيره أو المطلع علي عورته.
ولا دية لمقتول الحدود أو الآداب المشروعة أو القصاص من غير تعد و المقابل بمثل اعتدائه.
وكل موضع تسقط فيه الدية يسقط فيه قيمة المتلف وأرش الجناية، ولا ضمان علي من حذر، ولا دية ولا قيمة ولا أرش لما يهلك بعد تحذيره، ولا دية ولا قود لمن قتل علي سب رسول الله صلي الله عليه وآله أو أحد الأئمة عليهم السلام أو المجاهرة بالسحر.
ويلزم من سمع سابا لبعض الحجج عليهم السلام أو رأي مجاهرا بالسحر أن يرفع خبره إلي السلطان ليقتله، وإن سبق عليه فقتله لم يكن لأحد عليه سبيل إذا ثبت أنه قتله لذلك.
(1) في بعض النسخ: غلبة.
(٤٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الزنا (52)، القتل (78)، اللواط (26)، الغصب (26)، الإختيار، الخيار (52)، الإقامة (52)

8 - الضرب الثامن من الاحكام: أحكام الحدود والآداب

اشارة

الضرب الثامن من الأحكام قد بينا انقسام القبائح العقلية والسمعية إلي فعل كالظلم والكذب والزنا والربا وشرب الخمر، والاخلال بواجب كالصدق والانصاف والصلاة والزكاة.
وإيثار القبائح والاخلال بالواجب علي ضربين: أحدهما يوجب الحد، والثاني يوجب التعزير، فالأول: الكفر والقتل والحرب - وقد بينا أحكام ما يقتضونه (1) - والزنا واللواط والسحق والقيادة والسرق وشرب الخمر وشرب الفقاع، ونحن نذكر ما يقتضيه كل واحد من هذه القبائح، والضرب الثاني:
ما عدا ما ذكرناه من القبائح فعلا وإخلالا.
فصل في حد الزنا إنما يكون المرء زانيا في الشريعة بأن يقر به أربع مرات عاقلا مختارا، أو يشهد به أربعة رجال عدول في وقت واحد ولفظ واحد متفق المعني بمعاينة الفرج في الفرج كالميل في العين، أو يعلمه سلطان الحد زانيا، وهو ممن يصح منه القصد إليه سواء كان مختارا أو مكرها، صاحيا أم سكران، صحيحا
(1) راجع ص 248 - 251 و 282.
(٤٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: اللواط (26)، الزنا (26)، القتل (52)

حد الزنا

الضرب الثامن من الأحكام قد بينا انقسام القبائح العقلية والسمعية إلي فعل كالظلم والكذب والزنا والربا وشرب الخمر، والاخلال بواجب كالصدق والانصاف والصلاة والزكاة.
وإيثار القبائح والاخلال بالواجب علي ضربين: أحدهما يوجب الحد، والثاني يوجب التعزير، فالأول: الكفر والقتل والحرب - وقد بينا أحكام ما يقتضونه (1) - والزنا واللواط والسحق والقيادة والسرق وشرب الخمر وشرب الفقاع، ونحن نذكر ما يقتضيه كل واحد من هذه القبائح، والضرب الثاني:
ما عدا ما ذكرناه من القبائح فعلا وإخلالا.
فصل في حد الزنا إنما يكون المرء زانيا في الشريعة بأن يقر به أربع مرات عاقلا مختارا، أو يشهد به أربعة رجال عدول في وقت واحد ولفظ واحد متفق المعني بمعاينة الفرج في الفرج كالميل في العين، أو يعلمه سلطان الحد زانيا، وهو ممن يصح منه القصد إليه سواء كان مختارا أو مكرها، صاحيا أم سكران، صحيحا
(1) راجع ص 248 - 251 و 282.
(٤٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: اللواط (26)، الزنا (26)، القتل (52)
أو مريضا أو ذا عمي أو عرج.
فإن كان حرا " مسلما محصنا بزوجة غبطة حرة أو أمة أو ملك يمين حاضرة يتمكن من الوصول إليها وكان شيخا جلد مائة سوط وأمهل حتي يبرأ الضرب ثم رجم حتي يموت، وإن كان شابا رجم حسب، وإن كان أحدهما محصنا بغايبة عنه أو حاضرة لا يتمكن من الوصول إليها جلد مائة سوط وغرب عاما، وإن لم يكن محصنا جلد مائة سوط، سواء كانت المزني بها حرة أو أمة، مسلمة أو ذمية، صغيرة أو كبيرة أو معقودا عليها عقدا لا تحل معه لنسب أو رضاع أو سبب، عاقلة أو مجنونة، حية أو ميتة.
وإن كانت الزانية حرة مسلمة عاقلة مؤثرة فعليها إن كانت محصنة بزوج حاضر يصل إليها الرجم، وإن كانت بكرا أو محصنة بزوج لا يصل إليها جلدت مائة ولا تغريب عليها، سواء كان الزاني بها حرا أو عبدا، مسلما أو كافرا، صغيرا أو كبيرا، عاقلا أو مجنونا.
وإن كان الزاني عبدا أو الزانية أمة فعلي كل واحد منهما نصف الحد خمسون سوطا علي كل حال.
وإن كانت ذمية فولي الحد مخير بين أن يحكم فيها بحكم الاسلام وبين أن يسلمها إلي أهل دينها ليحكموا فيها بحكمهم.
وإن كانت مجنونة لا تفيق فلا شئ عليها، وإن كانت ممن تفيق وأقرت بالزنا أو قامت به البينة أو حصل العلم به في حال إفاقتها، فعليها ما علي العاقلة.
وإن كانت صغيرة عزرت.
وإن كانت من المحرمات بالنسب قتلا جميعا محصنين كانا أو بكرين، حرين أم عبدين.
(٤٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (26)، الشهادة (26)، الجواز (26)، السرقة (182)، الحاجة، الإحتياج (26)
وإن كان الزاني عبدا أو مكاتبا لم يتحرر منه شئ أو مدبرا جلد خمسين سوطا، محصنا كان أو غير محصن، وإن كان مكاتبا قد تحرر منه بعضه جلد من حد الحرية بحسب ما تحرر منه ومن حد العبودية بحسب ما رق منه.
وإن كان ذميا بذمية فولي الحد مخير بين ما ذكرناه في أهل الذمة، وإن كان بمسلمة حرة أو أمة صغيرة أو كبيرة، عاقلة أو مجنونة، حية أو ميتة قتل لخروجه عن حرمة الذمة، وغلظ الحد علي المسلمة، فإن أسلم قبل إسلامه وأجريت عليه أحكامه ولم يدرأ ذلك عنه الحد.
وإن كان مجنونا مطبقا لا يفيق ولا يهتدي شيئا فلا شئ عليه، وإن كان ممن يصح منه القصد إلي الزنا وقامت بفعله البينة أو علمه الإمام جلد مائة جلدة محصنا كان أو غير محصن، ولا يعتد بإقراره، وإن كان ممن يفيق فيثبت إقراره به في حال إفاقته أو قامت به البينة أو حصل العلم للإمام رجم إن كان محصنا، وجلد إن كان بكرا، وإن كان ذلك في حال جنونه فلا شئ عليه.
وإن كان غاصبا مغالبا للمرأة علي نفسها قتل صبرا، حرا كان أم عبدا، مسلما كان أم كافرا، ولا شئ عليها.
والصبي إذا فعل بالصبية أو فعل ببالغ أو فعل بها بالغ أدبا بحسب سنهما.
فإن رجع المقر بالزنا عن إقراره قبل إقامة الحد عليه أو في حاله لم يعرض له.
وإن رجع الشهود أو بعضهم عن الشهادة أو اختلفت أقوالهم جلدوا جميعا حد المفتري ودرئ الحد عن المشهود عليه، فإن كان ذلك بعد اقامته فليقتص ممن رجع منهم بما وقع بالمشهود عليه من قتل أو رجم أو جلد.
فإذا أراد ولي الأمر إقامة الحد علي الزانيين أو أحدهما فليكن ذلك بمحضر من جماعة المسلمين، وإن كان حدهما أو أحدهما رجما فليحفر زبية
(٤٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (26)، الزوج، الزواج (26)، الزنا (26)، الإختيار، الخيار (26)، السرقة (78)
ويجعل فيها المرجوم ويرد (كذا) التراب عليه إلي صدره إن كانت إقامة الحد بعلم الإمام أو بينة، وإن كانت بإقرار لم يرد عليهما التراب، ثم يرجمهما ويبدء بالرجم الإمام فيما علم والشهود فيما يقلم بشهادتهم، ثم ولي الأمر، ثم من حضر من أبرار المسلمين وعدولهم دون الفساق حتي يفوت المرجوم، فإن فر من العذاب رد إليه ويرجم حتي يموت، ويبدأ فيما يقام بالاقرار الإمام ثم أبرار الأمة، فإن فر المقر من العذاب لم يعرض له لأن فراره رجوع عن الاقرار.
وإن كان حدهما أو أحدهما جلدا ورجما بدئ بالجلد، فإذا برئ الضرب أوقع الرجم وإن كان الحد جلدا فقط وجب عن بينة تولي إقامته الشهود، وإن كان عن إقرار أو علم تولاه ولي الأمر أو من يأذن له.
فإن قامت البينة أو حصل العلم أو الاقرار بفعله عاريا جلد عريانا، وإن كان في ثيابه جلد فيها ويضرب سائر بدنه أشد الضرب ما عدا رأسه وفرجه، ويجلد الرجل قائما والمرأة جالسة قد شدت عليها ثيابها لأن لا تبدو عورتها، ولا تجلد في زمان القبط في الهواجر ولا في زمان القر في السوابر، وإن كان المجلود مريضا حفف ضربه فإن مات فلا قود له ولا دية.
فإن تاب الزاني أو الزانية قبل قيام البينة عليه وظهرت توبته وحمدت طريقته سقط عند الحد، وإن تاب بعد قيام البينة فالإمام العادل مخير بين العفو والإقامة وليس ذلك لغيره إلا بإذنه، وتوبة المرء سرا أفضل من إقراره ليحد.
وإذا جلد الحر أو الحرة في الزنا ثلاث مرات قتل في الرابعة، ويقتل العبد والأمة في الثامنة بعد قيام الحد سبع مرات.
(٤٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الشهادة (52)، القتل (52)، السب (26)، شرب الخمر (26)

حد اللواط

فصل في اللواط وحده اللواط يثبت في الشريعة بما يثبت به الزنا من إقرار أربع مرات أو شهادة أربعة نفر أو علم الإمام علي الشروط المعتبرة في الزنا. وهو علي ضربين: إيقاب وهو الايلاج والثاني ما دونه من التفخيذ، ففي الايقاب قتل الفاعل والمفعول به إن كانا كاملي العقل، ويقتل الفاعل إذا كان عاقلا، محصنا كان أو غير محصن، حرين كانا أو عبدين مسلمين أو ذميين أو مسلما أو ذميا (1) أو حرا أو عبدا (2) وفيما دونه جلد مائة سوط للفاعل (3) والمفعول به.
وحكم الصبي والمجنون في التلوط أو التلوط به ما بيناه في الزنا.
وإذا تلوط الذمي بمسلم صغير أو كبير، حر أو عبد، قتل علي كل حال.
وإذا أراد ولي الحد اقامته فليقمه بمحضر من جماعة أهل المصر من المسلمين فإن كان الواجب منه قتلا فهو مخير بين قتله صبرا (4) بضرب العنق وبين الرجم وبين الدهدهة (5) من العلو حتي يهلك أو طرح الحائط عليه حتي يهلك تحته وإن كان مما يوجب الجلد جلد أشد الضرب كالزنا وفي وقته وعلي صفته.
فإن كان عن شهادة ابتدأه الشهود بالرجم وتولوا الجلد، وإن كان بإقرار أو علم تولاه ولي الأمر أو من يأمره، فإن فرا أو أحدهما فكانت (6) اقامته ببينة أو علم رد الفار وكمل إقامة الحد عليه وإن كان بإقرار لم يعرض له، لأن
(1) وذميا. ظ.
(2) وعبدا. ظ.
(3) كذا.
(4) في بعض النسخ: وضرب.
(5) في بعض النسخ: الدحرجة.
(6) وكانت. ظ.
(٤٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الزنا (26)، القتل (26)

حد السحق

فراره رجوع عن الاقرار.
وإذا تابا أو أحدهما قبل قيام البينة والاقرار توبة ظاهرة ظهر معها صلاحهما سقط عن التائب الحد، وإن كانت التوبة بعد الاقرار أو العلم أو البينة فالإمام العادل مخير بين العفو والإقامة، وإن كانت التوبة بعد الاقرار فلا خيار لغيره في العفو (1).
وإذا جلد المرء العاقل في اللواط ثلاث مرات قتل في الرابعة صبرا أو رجما أو دهدهة حرا كان أو عبدا مسلما كان أو كافرا أو ذميا.
ومن غصب غلاما علي نفسه قتل علي كل حال ولا شئ علي الغلام.
وإذا تفاعل الصبيان أو أتي ذلك أحدهما أو أتي إليه وجب التأديب بحسب السن.
وإذا تزيا الذكر بزي المرأة واشتهر بالتمكين من نفسه وهو المخنث في عرف العادة قتل صبرا وإن فقد البينة والاقرار بإيقاع الفعل به، لنيابة الشهرة منا بهما.
فصل في السحق وحده يثبت السحق في الشريعة بما يثبت به الزنا من الاقرار أو البينة وبشروطه، ويجب حده بحيث يجب حد الزنا ويسقط بحيث يسقط وهو مائة جلده، محصنتين كانتا المتفاعلتان أو خليتين، حرتين أو أمتين، أو حرة وأمة، مسلمتين أو ذميتين
(1) كذا في النسخ، وفي المختلف: قال أبو الصلاح: وإذا تابا أو أحدهما قبل قيام البينة والاقرار توبة ظاهرة ظهر معها صلاح عملهما سقط عن التائب الحد فإن تاب بعد الاقرار أو العلم أو البينة فالإمام العادل مخير في العفو والإقامة ولا خيار لغيره في العفو.
(٤٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الفرج (52)، الزوجة (26)، الزنا (156)، الشهادة (130)، الزوج، الزواج (78)، السب (26)

حد القيادة

أو مسلمة وذمية.
وإذا أراد ولي الأمر اقامته فبمحضر جماعة النساء مشدودتا الثياب في طرفي نهار القبط ووسط نهار القر.
وحكمهما أو إحديهما في الرجوع عن الاقرار وظهور التوبة قبل البينة والاقرار وبعدهما ما سلف مثله في حد الزنا واللواط.
فإذا حدت المرأة في السحق ثلاثا قتلت في الرابعة حرة كانت أو أمة، مسلمة أو ذمية.
فصل في القيادة وحدها إنما يثبت هذا الحكم بشاهدي عدل أو بإقرار من يعتد بإقراره مرتين بالجمع بين الرجال والنساء والغلمان، أو النساء والنساء، فيه جلد خمسة وسبعين سوطا ويحلق رأس الرجل ويشهر في المصر ولا يحلق رأس المرأة ولا تشهر.
وحكم المقر والمعلوم والمشهود عليه بهذا الفعل في إقامة حده والتوبة منه قبل ذلك وبعده والفرار والرجوع عن الاقرار ما تقدم في الحدود الماضية.
فإن عاد ثانية جلد ونفي عن المصر، فإن عاد ثالثة جلد، فإن عاد رابعة استتيب فإن تاب قبلت توبته وجلد، وإن أبي التوبة قتل، وإن تاب ثم أحدث بعد التوبة خامسة قتل علي كل حال.
وحد القيادة للمرقوق كالحر والذمي (1) كالمسلم وللمرأة كالرجل.
(1) وللذمي. ظ.
(٤١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (52)، الأنبياء (ع) (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الزوجة (26)، القتل (52)، الموت (52)، السب (26)

حد السرق

فصل في السرق وحده السرق الموجب للقطع مشترط بكون السارق عاقلا، مختارا له (1) لاحظ له في المسروق، ولا شبهة عليه فيه، ما مقداره ربع دينار فما زاد، من حرز لا يجوز له دخوله إلا بإذن وإخراجه عنه، بإقرار من يعتد بإقراره من الأحرار مرتين، أو شهادة عدلين بذلك علي كل حال.
فإذا تكاملت هذه الشروط وجب قطع أصابع السارق الأربع من اليد اليمني من أصولها دون الراحة والابهام، حرا كان أو عبدا، مسلما أو ذميا، قريبا أو أجنبيا إلا سرق الوالدين من ولدهما علي كل حال، أو الولد منهما بشرط الحاجة وإخلالهما بفرضه، فإن سرق ثانية قطع مشط رجله اليسري من المفصل دون مؤخر القدم والعقب، فإن سرق ثالثة خلد الحبس، فإن سرق في الحبس قتل صبرا.
فإن كان السراق جماعة مشتركين في المسروق قطعوا جميعا بربع دينار فما زاد، وإن كانوا منفردين كل منهم يسرق لنفسه قطع منهم من بلغ ما أخذه ربع دينار فما فوقه، ولا يقطع من نقصت سرقته عن ذلك.
وإذا ثبت سرق الصبي هدد في الأولة، وحكت أصابعه بالأرض حتي تدمي في الثانية، وقطعت أطراف أنامله الأربع من المفصل الأول في الثالثة ومن المفصل الثاني في الرابعة، ومن أصول الأصابع في الخامسة.
ولا يتعد بإقرار العبد فيما يوجب قطعه، ولا الرجوع بما أقر به علي سيده لأنه أقر في مال غيره لكن يؤدب.
ولا يقبل إقرار الصبي ولا الماؤف العقل ويؤدبا، ولا يعتد بإقرار المكره
(1) كذا.
(٤١١)
صفحهمفاتيح البحث: الفرج (26)، الصيام، الصوم (26)، الشهادة (52)، الحج (26)، الوطئ (26)، المرأة (26)، الشراكة، المشاركة (26)
ولا الملجأ إليه بالضرب.
والغرم لازم للسارق الحر وإن كان المسروق ينقص عما يوجب القطع، وإذا رجع المقر بالسرق عن إقراره أغرم ما أقر به ولم يقطع.
ويقطع النباش إذا أخذ من الأكفان ما يجب في مثله القطع ويقطع الطرار من الجيب والكم الباطن ويؤدب طرار الكم الظاهر.
وإذا سرق ولم يخرج السرق من الحرز، أو اختل بعض الشروط أخذ منه ما أخذوا نهك عقوبة ولم يقطع وإذا أقر بسرقات كثيرة أو قامت بذلك بينة قطع لأولها أغرم جميعا (1).
ويجوز لمن ظفر بالسارق إطلاقه قبل أن يرفعه إلي ولي الأمر فإذا رفعه وجب علي ولي الحد قطعه ولم يجز له العفو عنه، فإن تاب السارق وظهر صلاحه قبل أن يرفع خبره إلي السلطان سقط عنه القطع، وعليه غرم ما سرق، وإن تاب بعد ما رفع إليه فالإمام خاصة مخير بين قطعه والعفو عنه، ولا خيار لغيره.
ومن باع حرة زوجة أو أجنبية قطع (2) لفساده في الأرض، وفرق بين المبتاع وبينها (3) فإن كان قد وطئها مع (4) العلم بحالها حد حد الزاني وحدت إن طاوعته، وإن غصبها نفسها قتل ولا شئ عليها، ولا يرجع علي بايعها بشئ، بل يؤخذ الثمن فيسلم إلي المغلوبة علي نفسها، ويتصدق به في المطاوعة، وإن لم يكن يعلم بحالها فلا شئ عليه ويرجع علي البايع بما أخذه فيعطي للمغلوبة ويتصدق به مع المطاوعة (5).
(1) جميعها.
(2) كذا.
(3) في بعض النسخ: وبينهما.
(4) بعد العلم.
(5) راجع المختلف كتاب الحدود ص 224.
(٤١٢)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (26)، الكذب، التكذيب (26)، الموت (26)، اللواط (26)، الضرب (26)، الزنا (52)، الصّلاة (52)، الصيام، الصوم (52)، الإفطار (26)

حد الخمر والفقاع

وقد تقدم أحكام قاطع الطريق ومخيف السبيل في كتاب الجهاد فلا وجه لإعادته.
فصل في حد الخمر والفقاع يجب علي من أقر مرتين أو قامت البينة عليه بشاهدين بشرب قليل المسكر وإن اختلفت أجناس ما يعتصر منه، صرفا أو مختلطا بماء أو دواء أو بغيرهما، أو بقيئه أو حصول السكر منه أن يجلد ثمانين جلدة عريانا علي ظهره وكتفيه من أشد الضرب، فإن عاد جلد ثانية فإن عاد قتل في الثالثة.
وحكم شارب الفقاع محرما له، صرفا أو ممزجا (1) بغيره حكم شارب المسكر (2) في الحد، وإن كان مستحلا فهو كافر يجب قتله. فإن تاب شاربهما أو أحدهما قبل الاقرار (3) والبينة توبة يظهر صلاح التائب معها درأت عنه الحد وإن تاب بعد ذلك فالإمام مخير بين الاستيفاء والعفو.
فصل في القذف وحده القذف قول يفيد بصريحه أو دلالة عرف قائله كون المقذوف زانيا أو لاطيا (4) أو متلوطا به، سواء قصد السبب أو شهد بمعناه أو أخبر عنه، بشرط توجهه إلي حر أو حرة من حر أو عبد مسلم أو ذمي.
فمتي تكاملت هذه الشروط فالقائل قاذف بإقرار مرتين أو شهادة عدلين، والمقول فيه مقذوف يستحق مطالبة بحق القذف جلد السلطان ثمانين جلدة،
(1) ممتزجا.
(2) في المختلف: شارب الخمر.
(3) أو البينة.
(4) لائطا.
(٤١٣)
صفحهمفاتيح البحث: النهي (26)، الأكل (26)، السرقة (26)، الشراكة، المشاركة (26)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (26)

حد القذف

وقد تقدم أحكام قاطع الطريق ومخيف السبيل في كتاب الجهاد فلا وجه لإعادته.
فصل في حد الخمر والفقاع يجب علي من أقر مرتين أو قامت البينة عليه بشاهدين بشرب قليل المسكر وإن اختلفت أجناس ما يعتصر منه، صرفا أو مختلطا بماء أو دواء أو بغيرهما، أو بقيئه أو حصول السكر منه أن يجلد ثمانين جلدة عريانا علي ظهره وكتفيه من أشد الضرب، فإن عاد جلد ثانية فإن عاد قتل في الثالثة.
وحكم شارب الفقاع محرما له، صرفا أو ممزجا (1) بغيره حكم شارب المسكر (2) في الحد، وإن كان مستحلا فهو كافر يجب قتله. فإن تاب شاربهما أو أحدهما قبل الاقرار (3) والبينة توبة يظهر صلاح التائب معها درأت عنه الحد وإن تاب بعد ذلك فالإمام مخير بين الاستيفاء والعفو.
فصل في القذف وحده القذف قول يفيد بصريحه أو دلالة عرف قائله كون المقذوف زانيا أو لاطيا (4) أو متلوطا به، سواء قصد السبب أو شهد بمعناه أو أخبر عنه، بشرط توجهه إلي حر أو حرة من حر أو عبد مسلم أو ذمي.
فمتي تكاملت هذه الشروط فالقائل قاذف بإقرار مرتين أو شهادة عدلين، والمقول فيه مقذوف يستحق مطالبة بحق القذف جلد السلطان ثمانين جلدة،
(1) ممتزجا.
(2) في المختلف: شارب الخمر.
(3) أو البينة.
(4) لائطا.
(٤١٣)
صفحهمفاتيح البحث: النهي (26)، الأكل (26)، السرقة (26)، الشراكة، المشاركة (26)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (26)
وله العفو عنه، وإن اختل شرط فهو تعريض يوجب التأديب فإن كان القاذف عبد أو حرة أو أمة جلد كل منهم حد الرجل الحر، وإن كان القاذف ذميا لذمي أو ذمية ترافعا إلي حاكم المسلمين فعليه أن يجلده كما يجلد المسلم للمسلم، وإن كان المقذوف منه مسلما أو مسلمة حرا أو رقيقا قتل لخروجه عن الذمة بسبب أهل الإيمان.
والصريح يا زان، أو زانية أو قد زنيت (1) أو قد زنا بك فلان، أو قد زنيت بفلانة، أو يا لائط، أو لطت بفلان، أو ليط بك أو فلان لائط.
والكناية المفيدة يا قحبة أو يا فاجرة أو يا عاهرة أو يا فاجر أو يا عاهر أو يا فاسق أو يا فاسقة أو يا مواجر (2) أو يا علق (3) أو يا مأبون أو يا قرنان أو يا كشخان أو ديوث إلي غير ذلك من الألفاظ الموضوعة لكون الموصوف بها زانيا أو لائطا أو متلوطا به.
والمعتبر في كنايات القذف عرف القاذف دون المقذوف.
فإن قال لغيره زنيت بفلانة أو زنا بك فلان أو لطت بفلان أو لاط بك فلان فهو قاذف للاثنين يحد لكل منهما حدا، وإن قذف جماعة بلفظ واحد فقال يا زناة أو يا لاطة (4) أو يا أولاد الزنا أو ما يفيد ذلك فهو قاذف لجميعهم فإن جاؤوا به مجتمعا جلد حدا واحدا وإن جاء به كل واحد منهم منفردا حد له حدا منفردا، وإن قذف كل واحد من جماعة بلفظ مفرد فقال لكل منهم يا زان أو فلان زان وفلان زان فعليه لكل واحد منهم حد، جاؤوا به مجتمعين أو متفرقين
(1) في الأصل: وقد زنيتا.
(2) كذا.
(3) في بعض النسخ: يا غلق.
(4) في بعض النسخ: يا لائطة.
(٤١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، مسجد، جامع الكوفة (26)، القتل (26)، السجود (52)، الصيام، الصوم (26)
وإن قذف جماعة لجماعة فعلي كل واحد منهم حد.
وقذف الرجل زوجته بالزنا يوجب الجلد، والمعاينة أو إنكار الحمل أو الولد يوجب اللعان مع الاصرار، والحد للرجوع عنه، وشهادة الواحد والاثنين والثلاثة بالزنا أو اللواطة يوجب جلد كل منهم حد المفتري وشهادة الأربعة بالزنا أو اللواطة أو قذفهم أو إخبارهم من غير شهادة بمعاينة الفرج في الفرج تقتضي جلد جميعهم حد المفتري.
وكذلك حكمهم إذا اختلفوا في الشهادة أو جاؤوا بها متفرقين، وإن كان أحد الشهود الزوج جلد (1) الثلاثة حد المفتري ولا عن الزوج.
وإذا أقر الرجل بالزنا بامرأة بعينها أو عدة نساء معينات، أو أقرت المرأة بالزنا مع رجل بعينه أو رجال معينين، وأنكر المدعي عليهم، فعلي كل واحد منهما حد الزنا لإقراره وبعدد (2) المقذوفات أو المقذوفين من حدود الافتراء.
ومن قال لولد ملاعنته أو لقيط أو ولد أمة أو ذمية من حر مسلم يا ولد زنا فهو قاذف يجب عليه الحد.
فإن كان القذف مختصا بالمقذوف صريحا أو كناية كقوله يا زان أو يا زانية أو يا عاهر أو يا عاهرة أو يا لائط أو ليط بك، فالولاية فيه للمقذوف، إن شاء طالب بالحد وإن شاء عفا عن القاذف ما دام حيا، ويقوم ورثته في ذلك مقامه.
وإن كان القذف مقصودا به استخفاف المخاطب وسب غيره صريحا (3) أو كناية كقوله يا بن الزانية أو أخا الزانية أو زوج الزانية أو أبا الزانية أو
(1) حدوا. كذا في المختلف.
(2) في بعض النسخ: تعدد.
(3) في بعض النسخ: صريح.
(٤١٥)
صفحهمفاتيح البحث: النفاذ، التنفيذ (52)

ما يوجب التعزير

يا قرنان أو يا كشخان في كون (1) ذلك استخفافا بالمخاطب وسبا لأمه أو بنته أو أخته أو زوجته فالولاية لهما، فإن مات أحدهما قام ورثته في ذلك مقامه.
وإذا كانت الولاية في القذف لاثنين فما زاد عليهما فلكل واحد منهما المطالبة بالحد، فإذا أقيم له سقط حق الباقين، وإن عفا بعضهم سقط حقه وكان لمن لم يعف المطالبة بالحد واستيفاؤه والعفو عنه، فإن مات المقذوف وليس له ولي فعلي سلطان الاسلام الأخذ بحقه وليس له العفو.
وتوبة القاذف قبل رفعه إلي السلطان وبعده لا تسقط عنه حد القاذف ولا يسقط ذلك إلا بعفو المقذوف أو وليه من ذوي الأنساب.
ومن سب رسول الله صلي الله عليه وآله أو أحد الأئمة من آله أو بعض الأنبياء عليهم السلام فعلي السلطان قتله، وإن قتله من سمعه من أهل الإيمان لم يكن للسلطان سبيل عليه، وإن أضاف إلي بعضهم قبيحا جلد مغلظا لحرمتهم عليهم السلام وثبوت عصمتهم، وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: " لا أوتي برجل يزعم أن داود عشق امرأة " أو رياه " إلا حددته حدين حدا للاسلام وحدا للنبوة " (2).
فصل فيما يوجب التعزير التعزير تأديب تعبدا لله سبحانه به لردع المعزر وغيره من المكلفين، و هو مستحق للاخلال بكل واجب وإيثار كل قبيح لم يرد الشرع بتوظيف الحد
(1) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: فيكون ذلك.
(2) رواه في المبسوط بهذه العبارة: روي عن علي عليه السلام أنه: لا أوتي برجل يذكر أن داود صادف المرأة إلا جلدته مائة وستين، فإن جلد الناس ثمانون وجلد الأنبياء مائة وستون.
(٤١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الباطل، الإبطال (52)، الوسعة (26)، الجهل (26)، النفاذ، التنفيذ (52)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (52)
عليه، وحكمه يلزم بإقرار مرتين أو شهادة عدلين.
فمن ذلك أن يخل ببعض الواجبات العقلية كرد الوديعة وقضاء الدين، أو الفرائض الشرعية كالصلاة والزكاة والصوم والحج إلي غير ذلك من الواجبات والفرائض المبتدئة والمسببة والمشترطة، فيلزم سلطان الاسلام تأديبه بما يردعه وغيره عن الاخلال بالواجب ويحمله وسواه علي فعله.
ومن ذلك أن يفعل بعض القبائح وهي علي ضروب: منها وجود الرجل والمرأة لا عصمة بينهما في إزار واحد، أو بيت واحد، إلي غير ذلك من ضم أو تقبيل فما فوقهما، فيعزرا بحسب ما يراه ولي التأديب من عشرة أسواط إلي تسعة وتسعين سوطا، وكذلك حكم الرجلين في شعار واحد مجردين، والمرأتين كذلك، والرجل والغلام في بيت واحد وفي شعار واحد مع الريبة علي كل حال، إلي غير ذلك مع (1) ضم وتقبيل يوجب التعزير.
ويعزر الصبي المتلوط به، والناقص العقل، والصبيان المتلاوطان، والصغيرتان المتفاعلتان، والصبي العابث بالمرأة، (2) والصغير والصبية والمأوفة المفعول بها، والأمة إذا ادعت إكراه السيد لها علي السحق، والعبد المفعول به إذا ادعي إكراه السيد له علي التلوط به، ويعزر مالك الأمة إذا أكرهها علي البغاء وتحد هي.
ويعزر من أقر علي نفسه بزنا أو لواط أو سحق أقل من أربع مرات مع الإقامة عليه، ويعزر من أقر مرتين أو شهد عليه شاهدان بوطئ دون الفرج.
ويعزر واطي الأمة المشتركة بالابتياع أو الغنيمة، والأمة المكاتبة إذا تحرر بعضها. وكذلك حكم من عقد نكاح شبهة ووطئ معه، ويعزر من افتض بكرا
(1) كذا في النسخ، والظاهرة: من ضم.
(2) في بعض النسخ: أو الصغير والصبية و..
(٤١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (26)، الزهد (26)، الخوف (26)، الصدق (26)، النفاذ، التنفيذ (52)، الأذان (26)، (1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1)، السرائر.(1) ">كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (26)
بإصبعه ويغرم مهر مثلها.
ويعزر من استمني بكفه أو أتي بهيمة أو جامع بعض حلائله بعد الموت أو بعض المحرمات بعد الحد.
ويعزر من عرض بغيره بما يفيد القذف بالزنا (1) أو اللواط كقوله يا ولد خبث، أو حملت أمك بك في حيضها، أو أتيت بهيمة، أو استمنيت، أو سرقت، أو قدت، أو شربت خمرا، أو أكلت محرما أو كذبت، وللمرأة يا ساحقة.
أو نبزه بما يقتضي النقص كقوله يا سفلة، أو يا ساقط، أو يا سفيه، أو يا أحمق، أو فاسق، أو مجرم، أو كافر، أو تارك الصلاة، أو الصوم، وهو غير مشهور بما يقتضي ذلك، فإن كان مشهورا به لم يعزر من قرنه بفعله أو وصفه بما يقتضيه كالمجاهرين بشرب الخمر أو الفقاع أو بيعهما، أو ضرب العود وغيره من الملاهي، أو ترك الصلاة والافطار في الصوم، لا تأديب علي من قال لمن هذه حاله يا فاسق أو ساقط أو مجرم أو عاص، كما لا حد علي من قال لمعترف بالزنا يا زان وباللواط يا لائط.
وإذا تقاذفا العاقلان عزرا جميعا. وإذا قذف الحر المسلم أو المسلمة الحرة عبدا أو أمة أو ذميا أو ذمية أو صبية أو مجنونا أو مجنونة عزر. ويعزر العبيد والإماء وأهل الذمة إذا تقاذفوا.
وإذا قذف المسلم أو الكافر غيره بما هو مشهور به ومعترف بفعله من كفر أو فسق فلا شئ عليه، بل المسلم عابد (كذا) بذلك.
وإذا عير المسلم ببعض الآفات كالعمي والعرج والجنون والجذام والبرص
(1) في بعض النسخ: والزنا.
(٤١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، عمر بن حنظلة (26)، الباطل، الإبطال (26)، الجهل (26)، سورة النساء (26)، الزهد (26)
عزر، وإن عيره بذلك كافر أنهك (1) عقوبة، وإن كان المعير كافرا من مسلم فلا شئ عليه.
وحكم تعريض الواحد بالجماعة بما يوجب التعزير بلفظ واحد أو لكل منهم بتعريض يخصه (2) ما قدمناه في القذف.
وإذا قذف المرء ولده أو عبده أو أمته عزر.
ويعزر من سرق ما لا يوجب القطع لاختلال بعض الشروط، كسرقة العبد من سيده، والوالد (3) من ولده، ومن تجب نفقته ممن تجب عليه، و الشريك من شريكه، والمتأول (4)، وما نقص عن ربع دينار، وما بلغه فما فوقه من غير حرز مأذون فيه (5)، أو منه ولما يخرجه عنه، أو من مال مشترك كالمغنم، أو اختلس، أو مكر، أو بنج غيره، أو طفف (6) عليه ويرجع عليه بما أخذه.
ويعزر من أكل أو شرب أو باع أو ابتاع أو تعلم أو علم أو نظر أو سعي أو بطش أو أصغي (7) أو آجر (8) أو استأجر أو أمر أو نهي علي وجه قبيح (9).
فإن كان من أتي ما يوجب التعزير عاقلا في يوم أو ليلة معظمان كيوم
(1) نهك.
(2) في بعض النسخ: بحصة، والظاهر ما أثبتناه.
(3) في بعض النسخ: " والولد من والده " مكان هذه الجملة. والصحيح ما أثبتناه.
(4) كذا.
(5) كذا في السنخ، والصحيح هكذا: من غير حرز أو من حرز مأذون فيه.
(6) كذا في بعض النسخ. وفي السرائر: طفف في كيل.
(7) في بعض النسخ: أصفي. وهو تصحيف ظاهرا.
(8) في بعض النسخ: أخر، وهو تصحيف ظاهرا.
(9) يقبح.
(٤١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (26)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، الخصومة (26)، الظلم (26)، الوراثة، التراث، الإرث (26)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (52)
الجمعة والعيد وزمان الصوم أو ليلته أو مكان معظم كالمسجد الحرام أو مسجد الرسول صلي الله عليه وآله أو مسجد الكوفة أو بعض مشاهد الأئمة عليهم السلام أو مسجد الجامع أو المحلة غلظت عليه العقوبة.
وإن كان ذلك مما يوجب الحد أضيف إليه لحرمة الزمان أو المكان تعزير مغلظ.
فإن رجع من وجب عليه التأديب بإقراره عنه، أو تاب قبل رفعه إلي السلطان وكان من حقوق الله، سقط عنه فرض اقامته، وإن كان من حقوق الآدميين لم تؤثر التوبة ولا الرجوع عن الاقرار في إسقاطه، وكان ذلك إلي ولي الاستيفاء والعفو.
والتعزير لما يناسب القذف من التعريض والنبز والتلقب (1) من ثلاثة أسواط إلي تسعة وسبعين (2) سوطا ولما عدا ذلك من ثلاثة إلي تسعة وتسعين سوطا.
وحكمه يلزم القاصد العالم أو المتمكن من العلم دون الساهي بفعله والطفل الذي لا يصح منه القصد والمجنون المطبق.
وإذا عاود المعزر إلي ما يوجبه، عزر ثانية وثالثة ورابعة واستتيب، فإن أصر وعاود بعد التوبة قتل (4) صبرا.
(1) في بعض النسخ: والتلقيب.
(2) كان في بعض النسخ " تسعين " والصحيح ما أثبتناه.
(3) في بعض النسخ: ختم صبرا، وهو تصحيف ظاهرا.
(٤٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (26)، زيد بن ثابت (26)، الجهل (104)، العذاب، العذب (26)، سورة المائدة (26)

9 - تنفيذ الاحكام والقضاء بها بين الناس

اشارة

فصل في تنفيذ الأحكام المقصود في الأحكام المتعبد بها تنفيذها، وصحة التنفيذ يفتقر إلي:
معرفة من يصح حكمه ويمضي تنفيذه ممن لا يصح ذلك منه.
الثاني بيان ما يصح الحكم به وترتبه.
الثالث كيفية إيقاعه.
الفصل الأول من التنفيذ تنفيذ الأحكام الشرعية والحكم بمقتضي التعبد فيها من فروض الأئمة عليهم السلام المختصة بهم دون من عداهم ممن لم يؤهلوه لذلك، فإن تعذر تنفيذها بهم عليهم السلام وبالمأهول لها من قبلهم لأحد الأسباب لم يجز لغير شيعتهم تولي ذلك ولا التحاكم إليه ولا التوصل بحكمه إلي الحق ولا تقليده الحكم مع الاختيار، ولا لمن لم يتكامل له شروط النائب عن الإمام في الحكم من شيعته، وهي:
العلم بالحق في الحكم المردود إليه، والتمكن من إمضائه علي وجهه، واجتماع العقل والرأي، وسعة الحلم، والبصيرة بالوضع، وظهور العدالة، والورع، والتدين بالحكم، والقوة علي القيام به ووضعه مواضعه.
(٤٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (26)، محمد بن مسلم الثقفي (26)، أبو عبد الله (26)، الفدية، الفداء (26)، الوجوب (26)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (52)

تنفيذ الأحكام الشرعية

فصل في تنفيذ الأحكام المقصود في الأحكام المتعبد بها تنفيذها، وصحة التنفيذ يفتقر إلي:
معرفة من يصح حكمه ويمضي تنفيذه ممن لا يصح ذلك منه.
الثاني بيان ما يصح الحكم به وترتبه.
الثالث كيفية إيقاعه.
الفصل الأول من التنفيذ تنفيذ الأحكام الشرعية والحكم بمقتضي التعبد فيها من فروض الأئمة عليهم السلام المختصة بهم دون من عداهم ممن لم يؤهلوه لذلك، فإن تعذر تنفيذها بهم عليهم السلام وبالمأهول لها من قبلهم لأحد الأسباب لم يجز لغير شيعتهم تولي ذلك ولا التحاكم إليه ولا التوصل بحكمه إلي الحق ولا تقليده الحكم مع الاختيار، ولا لمن لم يتكامل له شروط النائب عن الإمام في الحكم من شيعته، وهي:
العلم بالحق في الحكم المردود إليه، والتمكن من إمضائه علي وجهه، واجتماع العقل والرأي، وسعة الحلم، والبصيرة بالوضع، وظهور العدالة، والورع، والتدين بالحكم، والقوة علي القيام به ووضعه مواضعه.
(٤٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (26)، محمد بن مسلم الثقفي (26)، أبو عبد الله (26)، الفدية، الفداء(26)، الوجوب (26)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (52)

شروط النائب عن الامام في الحكم

فصل في تنفيذ الأحكام المقصود في الأحكام المتعبد بها تنفيذها، وصحة التنفيذ يفتقر إلي:
معرفة من يصح حكمه ويمضي تنفيذه ممن لا يصح ذلك منه.
الثاني بيان ما يصح الحكم به وترتبه.
الثالث كيفية إيقاعه.
الفصل الأول من التنفيذ تنفيذ الأحكام الشرعية والحكم بمقتضي التعبد فيها من فروض الأئمة عليهم السلام المختصة بهم دون من عداهم ممن لم يؤهلوه لذلك، فإن تعذر تنفيذها بهم عليهم السلام وبالمأهول لها من قبلهم لأحد الأسباب لم يجز لغير شيعتهم تولي ذلك ولا التحاكم إليه ولا التوصل بحكمه إلي الحق ولا تقليده الحكم مع الاختيار، ولا لمن لم يتكامل له شروط النائب عن الإمام في الحكم من شيعته، وهي:
العلم بالحق في الحكم المردود إليه، والتمكن من إمضائه علي وجهه، واجتماع العقل والرأي، وسعة الحلم، والبصيرة بالوضع، وظهور العدالة، والورع، والتدين بالحكم، والقوة علي القيام به ووضعه مواضعه.
(٤٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (26)، محمد بن مسلم الثقفي (26)، أبو عبد الله (26)، الفدية، الفداء(26)، الوجوب (26)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (52)
ومنعنا من صحة الحكم لغير أهل الحق لضلالهم عنه، وتعذر العلم عليهم بشئ منه لأجله وتدينهم (1) بالباطل وتنفيذه، وفقد الإذن من ولي الحكم بالحق فيما يحكمون به منه، وذلك مقتض لاختلال معظم الشروط فيهم، و لبعض ذلك حرم علي من لم يتكامل شروط الحكم فيه من أوليائهم النيابة في تنفيذ الأحكام وتقليده ذلك والتحاكم إليه.
واعتبرنا العلم بالحكم لما بيناه من وقوف صحة الحكم علي العلم، لكون الحاكم مخبرا بالحكم عن الله سبحانه وتعالي ونائبا في إلزامه عن رسول الله صلي الله عليه وآله، وقبح الأمرين من دون العلم.
واعتبرنا التمكن من إمضائه علي وجهه من حيث كان تقلد الحكم بين الناس مع تعذر تنفيذ الحق يقتضي الحكم بالجور، وفيه مع كونه كذلك ما في الحكم بغير علم (2).
واعتبرنا اجتماع العقل والرأي، لشديد (3) حاجة الحكم إليهما وتعذره صحيحا من دونهما.
واعتبرنا سعة الحلم، لتعرضه بالحكم بين الناس للبلوي بسفهائهم فيسعهم بحلمه.
واعتبرنا البصيرة بالوضع، من حيث كان الجهل بلغة المتحاكمين إليه يسد طريق العلم بالحكم عنه، ويمنع من وضعه موضعه.
واعتبرنا الورع، من حيث كان انتفاؤه لا يؤمن معه الحيف في الحكم
(1) في بعض النسخ وفي السرائر: وإقدامهم بالباطل.
(2) في بعض النسخ وفي السرائر هكذا: وهو مع كونه كذلك ينافي الحكم لغير علم.
(3) لشدة.
(٤٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: التصديق (52)، الشهادة (26)، النفاذ، التنفيذ (52)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (26)

ولاية الفقيه و روايات هذا الباب

لعاجل رجاء أو خوف من غيره سبحانه.
واعتبرنا الزهد (1)، لأن لا تطمح نفسه إلي ما لم يؤته سبحانه فيبعثه ذلك إلي تناول أموال الناس لقدرته عليها وانبساط يده بالحكم فيها.
واعتبرنا التدين، من حيث كان تقلد الحكم رئاسة دنيوية، أو للاستعلاء علي النظراء، أو للمعيشة لا يؤمن معه جوره ولا ينفي (2) ضرره.
واعتبرنا القوة وصدق العزيمة في تنفيذ الأحكام، من حيث كان الضعف مانعا من تنفيذ الحكم علي موجبه ومقصرا بصاحبه عن القيام بالحق لصعوبته وعظم المشقة في تحمله.
فمتي تكاملت هذه الشروط فقد أذن له في تقلد الحكم وإن كان مقلده ظالما متغلبا، وعليه متي عرض لذلك أن يتولاه، لكون هذه الولاية أمرا بمعروف ونهيا عن منكر تعين فرضها بالتعريض للولاية عليه، وإن كان في الظاهر من قبل المتغلب، فهو نائب عن ولي الأمر عليه السلام في الحكم ومأهول له لثبوت الإذن منه وآبائهم عليهم السلام لمن كان بصفته في ذلك، ولا يحل له القعود عنه.
وإن لم يقلد من هذه حاله النظر بين الناس فهو في الحقيقة مأهول لذلك بإذن ولاة الأمر، وإخوانه في الدين مأمورون بالتحاكم وحمل حقوق الأموال إليه والتمكين من أنفسهم لحد أو تأديب تعين عليهم، لا يحل لهم الرغبة عنه ولا الخروج عن حكمه، وأهل الباطل محجوجون بوجود من هذه صفته مكلفون الرجوع إليه وإن جهلوا حقه لتمكنهم من العلم (3) لكون ذلك
(1) الزهد لم يعتبر من قبل إلا أن يكون هو المقصود من ظهور العدالة.
(2) ولا يتقي.
(3) من العلم به. كذا في السرائر.
(٤٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (26)، الشهادة (26)، الظنّ (78)، القتل (26)، النفاذ، التنفيذ (26)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (78)، الصدق (26)
حكم الله سبحانه وتعالي الذي تعبد (يعتد - خ) بقوله وحظر خلافه.
ولا يحل له مع الاختيار وحصول الأمن من معرة (1) أهل الباطل الامتناع من ذلك، فمن رغب عنه ولم يقبل حكمه من الفريقين فعن دين الله رغب، ولحكمه سبحانه رد، ولرسول الله صلي الله عليه وآله خالف، ولحكم الجاهلية ابتغي، و إلي الطاغوت تحاكم.
وقد تناصرت الروايات عن الصادقين عليهما السلام بمعني ما ذكرناه:
فروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: أيما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق فدعاه إلي رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه فأبي إلا أن يرافعه إلي هؤلاء، كان بمنزلة الذين قال الله عز وجل: (2) " ألم تر إلي الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلي الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا " (3).
وعنه صلي الله عليه وآله أنه (4) قال: إياكم أن يخاصم بعضكم بعضا إلي أهل الجور ولكن انظروا إلي رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم فإني قد جعلته (5) قاضيا فتحاكموا إليه (6).
وروي عن عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من
(١) مضرة.
(٢) سورة النساء، الآية: ٦٠ (٣) الوسائل، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب الأول، الحديث الثاني.
(4) كذا.
(5) في بعض النسخ: جعلته عليكم قاضيا.
(6) الوسائل، أبواب صفات القاضي، الباب الأول، الحديث الخامس، وفيه " يحاكم " مكان " يخاصم ".
(٤٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: المؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام، أميرالمؤمنين عليه السلام">الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام <sup>(26)</sup></span>، <input id="index-1559" type="checkbox" onclick="this.checked =! this.checked؛ indexShow('1559')؛"><a href="/البحث-المتطور/1559/23" title="رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله، رسول الله صلي الله عليه وآله">الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله <sup>(26)</sup></span>، <input id="index-11105" type="checkbox" onclick="this.checked =! this.checked؛ indexShow('11105')؛"><a href="/البحث-المتطور/11105/23" title="لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت، لخزيمة بن ثابت">خزيمة بن ثابت <sup>(26)</sup></span>، <input id="index-20245" type="checkbox" onclick="this.checked =! this.checked؛ indexShow('20245')؛"><a href="/البحث-المتطور/20245/23" title="السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر، السرائر">كتاب السرائر لابن إدريس الحلي <sup>(78)</sup></span>
أصحابنا تكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلي السلطان وإلي القاضي أيحل ذلك؟ قال: من تحاكم إلي الطاغوت فحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقه ثابتا، لأنه أخذ بحكم الطاغوت وقد أمر الله عز وجل أن يكفر بها قلت: كيف يصنعان؟ قال: أنظروا إلي من كان منكم قد روي حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا فليرتضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما بحكم الله استخف وعلينا رد والراد علينا الراد علي الله وهو علي حد الشرك بالله (1).
واعلم أن فرض هذا التحاكم مشترط بوجود عارف من أهل الحق و كون المتنازعين من أهله، فأما إن فقد العارف وكان الخصم الدافع للحق (2) جاز التوصل بحكم المنصوب من قبل الظالم إلي المستحق، ولا يحل ذلك بين أهل الحق، فإن فقد العارف بالحق من إخوانهما في مصرهما فليرحلا إليه أو يصطلحا.
وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام لشريح: قد جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبي أو وصي نبي أو شقي (3).
يعني بالشقي من جلس بغير إذن من الله ورسوله وولي الأمر، لأن المأذون له في الحكم، بحكم الله يحكم فيجلس في الحكم مجلسهما (4).
وروي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: الحكم حكمان: حكم الله وحكم
(1) الوسائل، أبواب صفات القاضي، الباب الأول، الحديث الرابع، والباب 11 الحديث الأول، مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ.
(2) في السرائر: للحق مخالفا.
(3) الوسائل، أبواب صفات القاضي، الباب الثالث، الحديث الثاني.
(4) في السرائر: في الحكم مجلسهما.
(٤٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الكذب، التكذيب (52)، التصديق (26)، المنع (104)، الظنّ (78)، الجهل (52)، الشهادة (52)، الجواز (26)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (52)
الجاهلية، وقد قال الله تعالي: " ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون " وأشهد علي زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية (1).
وروي عن أبي عبد الله أنه قال: الحكم حكمان حكم الله وحكم الجاهلية فمن أخطأ حكم الله فقد حكم بحكم الجاهلية. (2) وروي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: من أفتي الناس بغير علم ولا هدي لعنته ملائكة الرضا وملائكة العذاب فيلحقه وزره ووزر من يعلم بفتياه (3).
وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فهو كافر بالله العظيم (4) وقد قال الله تعالي: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون والظالمون والفاسقون.
وروي عنه عليه السلام أنه قال: إذا كان الحاكم يقول لمن عن يمينه وعن يساره ما تري؟ ما تقول؟ فعلي ذلك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ألا يقوم من مجلسه ويجلسهما مكانه (5).
مقتضي هذا الحديث ظاهر، لأن الحاكم إذا كان مفتقرا إلي مسألة غيره كان جاهلا بالحكم، وقد بينا قبح الحكم بغير علم، وجواب من يسأله لا يقتضي حصول العلم له بالحكم بغير شبهة، فلهذا حقت عليه اللعنة، ولأنه عند مخالفينا إن كان من أهل الاجتهاد فهو مستغن عن غيره ولا يحل له تقليده، وإن
(1) الوسائل، أبواب صفات القاضي، الباب الرابع، الحديث الثامن، والآية في سورة المائدة: 50.
(2) الوسائل، أبواب صفات القاضي، الباب الرابع، الحديث السابع.
(3) الوسائل، أبواب صفات القاضي، الباب الرابع، الحديث الأول مع اختلاف يسير.
(4) الوسائل، أبواب صفات القاضي، الباب الخامس، الحديث الثاني.
(5) الوسائل، أبواب آداب القاضي، الباب الرابع، الحديث الأول.
(٤٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (26)، اللواط (26)، التصديق (26)، الزوجة (26)، الزنا (52)، الشهادة (156)، البيع (52)، الحيض، الإستحاضة (26)، الباطل، الإبطال (26)، الجواز (26)، النفاذ، التنفيذ (26)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (26)
كان عاميا لم يحل له تقليد الحكم بين الناس، فقد حقت لعنته (1) بإجماع.
وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: القضاة أربعة ثلاثة في النار وواحد في الجنة: رجل قضي بجور وهو لا يعلم أنه جور فهو في النار، ورجل قضي بالحق وهو لا يعلم أنه حق فهو من أهل النار، ورجل قضي بالجور وهو يعلم أنه جور فهو في النار، ورجل قضي بالحق وهو يعلم أنه حق فهو في الجنة (2).
وهذا صريح بوقوف الحكم علي العلم ووجوبه واستحقاق الحاكم به الثواب، وفساده من دونه واستحقاق الحاكم من دونه النار.
وقد تجاوز التحريم الحكم بالجور والتحاكم إلي حكامه إلي تحريم مجالسته أهله.
فروي عن محمد بن مسلم الثقفي أنه قال: مر بي أبو جعفر عليه السلام أو أبو عبد الله عليه السلام وأنا جالس عند قاضي المدينة، فدخلت عليه من الغد فقال لي: ما مجلس رأيتك فيه أمس؟ فقلت: جعلت فداك إن هذا القاضي لي مكرم فربما جلست إليه، فقال عليه السلام لي: وما يؤمنك أن تنزل اللعنة فتعم من في المجلس (3).
لفظ الحديث ومعناه مطابق لما تقرر الشرع به من وجوب إنكار المنكر وقبح الرضا به، والحكم بالجور من أعظم المنكرات، فمجالس الحكام به لغير الانكار والتقية راض بما يجب إنكاره من الجور واستحقاق اللعنة (4) معا وإذا كانت هذه حال الجليس فحال الحاكم بالجور ومقلده النظر والتحاكم إليه والأخذ بحكمه أغلظ، لارتفاع الريب في رضا هؤلاء بالقبيح.
(1) في السرائر: فلهذا حقت عليه اللعنة.
(2) الوسائل، أبواب صفات القاضي، الباب الرابع، الحديث السادس.
(3) الوسائل، أبواب صفات القاضي، الباب الأول، الحديث العاشر.
(4) كذا في أكثر النسخ وفي السرائر وفي بعض النسخ فاستحقا اللعنة معا وهو الصحيح.
(٤٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (26)، البيع (26)، المنع (26)

جواز حكم القاضي بعلمه

الفصل الثاني من تنفيذ الأحكام لا يصح الحكم إيجابا ولا حظرا ولا تمليكا ولا منعا ولا إلزاما ولا إسقاطا ولا إمضاءا ولا فسخا إلا عن علم بما يقتضي ذلك أو إقرار المدعي عليه، أو ثبوت البينة بالدعوي، أو يمين المدعي، دون ما عدا ذلك، ولكل حكم.
فصل في العلم بما يقتضي الحكم علم الحاكم بما يقتضي تنفيذ الحكم كاف في صحته ومغن عن إقرار و بينة ويمين، سواء علم ذلك في حال تقلد الحكم أو قبلها، لسكون نفس الحاكم العالم إلي ما علمه في حال حكمه بمقتضاه، سواء كان علمه حادثا في حال (1) أو باقيا إليها (2) أو متولدا عن أمثاله الماضية أو حادثا حالا بعد حال في كيفية تعلقه (3) بالمعلوم علي حد واحد وانتفاء الشبهة عنه في صحته، وعدم السكون لصحة (4) الدعوي مع الاقرار أو البينة أو اليمين و (5) انتفاء الثقة بشئ من ذلك وإنما يعلم الحاكم مع الاقرار أو الشهادة أو اليمين صحة التنفيذ متي علم التعبد دون صدق المدعي مع ذلك أو المدعي عليه مع يمينه، وهو مع ذلك العلم عالم بالأمرين صدق المدعي في الدعوي وصحة الحكم بها، ولا
(1) في بعض النسخ: حادثا في الحال ثابتا أو.
(2) في السرائر المطبوع: ومتولدا.
(3) في بعض النسخ: في كيفية التعلق بالمعلوم.
(4) بصحة.
(5) في بعض النسخ: أو انتفاء
(٤٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (26)، القصاص (26)، الوراثة، التراث، الإرث (52)
شبهة علي متأمل في أن الظن لا حكم له مع إمكان العلم فكيف بثبوته.
وكيف يتوهم عاقل صحة الحكم مع صحة الظن (1) وفساده مع العلم به وهو يفرق بين حالتي العالم والظان.
وأيضا فصحة الحكم بالاقرار أو البينة أو اليمين فرع للعلم بالاقرار و قيام البينة وحصول اليمين وثبوت التعبد، فلو كان العلم بصحة الدعوي أو الانكار غير متعبد به لم يصح حكم بإقرار ولا بينة ولا يمين، لوقوف صحته علي العلم الذي لا يعتد بمثله، لأن العلم بالشئ إن اعتد به في موضع فهذا حكمه في كل موضع (2) وفي هذا خروج عن الحق جملة إذ لا برهان عليه عليه له يميز من الباطل غير العلم (3).
وأيضا فلو لم يلزم الحاكم الحكم بما علمه من غير توقف علي إقرار أو بينة أو يمين، لاقتضي ذلك الحكم بما يعلم خلافه إذا حصل به إقرار أو بينة أو يمين، من تسليم ما يجب المنع منه، والمنع مما يجب تسليمه، وقتل وقطع من علم عدم استحقاقه لهما، والحاق نسب من يعلم براءته منه إلي غير ذلك مما لا شبهة في فساده.
وأيضا فلو لم يكن الحكم بالعلم معتبرا لم يصح للحاكم تنفيذ ما تقدم الاقرار به أو الشهادة لزمان التنفيذ، لأنه إن حكم في هذه الحال فإنما يحكم لعلمه بماضي الاقرار أو البينة، فإذا كان الحكم بالعلم لا يصح هاهنا (4) والمعلوم خلاف ذلك، إذ لا فرق بين أن يحكم للعلم بالاقرار والبينة وبين العلم بصحة
(1) في السرائر: مع ظن الصدق.
(2) في السرائر: وإن ألغي حكمه في موضع فهذا حاله في كل موضع.
(3) في بعض النسخ: عن العلم وهو تصحيف.
(4) في السرائر: لا يصح لم يصح هاهنا.
(٤٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الشهادة (182)، النفاذ، التنفيذ (26)
الدعوي أو الانكار، بل الثاني أظهر.
وأيضا فلو كان يعتبر في الحكم بالاقرار (1) والبينة واليمين دون العلم لم يجز إبطال ذلك متي علم الحاكم كذب المقر أو الشهود أو الحالف، والاجماع بخلاف ذلك، فثبت كون العلم أصلا في الأحكام، وسقط قول من منع من تنفيذها له (2).
وليس لأحد أن يمنع من الحكم بالعلم للنهي عنه أو فقد تعبد بمقتضاه، من (3) حيث كان ما قدمناه من الأدلة علي صحة الحكم به وكونه غير مستند إلي علم أصلا فيها وتعذر الحكم فيها من دونه مسقطا لهاتين الدعويين، وكيف يشتبه فسادهما علي عارف بالتكليف الموقوف صحته في الأصول والفروع علي العلم وحصول اليقين بفساد (4) الظن فيهما مع إمكان العلم وبالظن مع تعذر العلم والمظنون غير مستند إلي علم.
وكيف يجتمع له اعتقاد ذلك مع علمه بصحة الحكم مع ظن صدق المدعي أو المنكر ونفي الحكم مع العلم بصدق أحدهما لولا جهل الذاهب إلي ذلك بمقتضي التكليف وطريق صحة العمل فيه وتعويله علي استحسان فاسد ورأي قائل.
وليس (5) العلم حاصلا لكل سامع للأخبار بإمضاء رسول الله صلي الله عليه وآله الحكم لخزيمة بن ثابت وسماه لذلك ذا الشهادتين (6)، وإمضاء ما حكم به أمير
(1) في السرائر: في الاقرار: ولعل الصحيح: الاقرار، بدون الواو وفي.
(2) في السرائر: به.
(3) العبارة لا تخلو من سقم فلا تغفل.
(4) في السرائر: وفساد.
(5) في بعض النسخ: إذ ليس، ولعل الصحيح: أو.
(6) راجع الوسائل ج 18 ص 201.
(٤٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (26)، الزنا (26)، الشهادة (338)، الزوج، الزواج (78)، القصاص (26)، القتل (26)، الشراكة، المشاركة (52)، الضلال (26)، الهلال (26)، الوصية (26)، الجواز (26)
المؤمنين عليه السلام في قصة الأعرابي والناقة (1) لعلمهما بصدقه صلي الله عليه وآله، مع ما ينضاف إلي ذلك من مشهور إنكار أمير المؤمنين علي شريح لما طالبه بالبينة علي ما ادعاه في درع طلحة: ويلك خالفت السنة بمطالبة إمام المسلمين بينة وهو مؤتمن علي أكثر من ذلك (2)، فأضاف الحكم بالعلم إلي السنة علي رؤوس الجميع (3) من الصحابة والتابعين، فلم ينكر عليه منكر، وهذا مع ما تقدم من رسول الله صلي الله عليه وآله برهان واضح علي جهل طالب البينة مع العلم وكونه مقدما عليها.
وليس للمخالف فيما نصرناه أن يمنع منه لظنه أن الحكم بالعلم يقتضي تهمة الحاكم به، لأن ذلك رجوع عن مقتضي الأدلة استحسانا ولا شبهة في فساده، علي أن ذلك لو منع من الحكم بالعلم لمنع من الحكم بالشهادة والاقرار الماضين، إذا كان الحكم في المجلس الثاني بالاقرار الحاصل في المجلس الأول أو البينة مستندا إلي العلم وإذا لم تمنع التهمة هاهنا من الحكم بالعلم فكذلك هناك.
وبعد فحسن الظن بالحاكم المتقابل (4) الشروط يقتضي الرجوع إلي (5) حكمه بالعلم، ويمنع من تهمته، بالاقرار (6) أو البينة، لولا ذلك لم يستقر له حكم ولم يسمع قوله أقر عندي بكذا أو قامت البينة بكذا أو ثبت عندي كذا أو صح عندي، إلا أن يكون حصول الاقرار والبينة بمحضر من لا يجوز الكذب عليه وهذا يقتضي نقص نظام الأحكام بغير إشكال.
(1) راجع الوسائل ج 18 ص 200.
(2) راجع الوسائل ج 18 ص 194.
(3) جمع.
(4) في السرائر: المتكامل للشروط.
(5) في السرائر: لحكمه.
(6) كذا في النسخ.
(٤٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (26)، الشهادة (234)، الظنّ (26)، الجواز (78)، الوراثة، التراث، الإرث (26)، الوصية (26)، التصدّق (26)، البيع (26)
وإذا كان علمه بالمدعي عليه (1) مقرا أو مشهودا عليه أوله أو حالفا أو محلوفا له موجبا عليه الحكم وإن لم يعلم ذلك أحد سواه ولا يحل له (2) الامتناع لخوف التهمة، فكذلك يجب أن يحكم متي علم صدق المدعي أو المنكر بأحد أسباب العلم من مشاهدة أو تواتر أو نص صادق أو ثبوت عصمة إلي غير ذلك من طرق العلم لعدم الفرق، بل ما توزعنا (3) فيه أولي.
إن قيل: فلو شاهد الإمام أو الحاكم رجلا يزني أو يلوط أو سمعه يقذف غيره أو يطلق زوجته أو يظاهر منها أو يعتق غلامه أو يبيع غيره شيئا أكان يحكم بعلمه أو يبطل ذلك؟
قيل: إن كان ما علمه الإمام عقدا أو إيقاعا شرعيا حكم بعلمه، وإن كان بخلاف ذلك لاختلال بعض الشروط كعلمه بغيره ناطقا بكنايات الطلاق أو صريحه (4) في الحيض أو بغير شهادة، أو ظهار بغير لفظه أو بغير إشهاد أو قصد، أو بيع من غير افتراق إلي غير ذلك، لم يحكم، لفقد ما معه يصح الحكم من صحة العقد أو الايقاع، فأما ما يوجب الحد فإن كان العالم بما يوجب الإمام فعليه الحكم بعلمه، لكونه معصوما مأموما، فإن كان غيره من الحكام الذين يجوز عليهم الكذب لم يجز له الحكم بمقتضاه، لأن إقامة الحد أولا ليست من فرضه، ولأنه بذلك شاهد علي غيره بالزنا واللواط وغيرهما وهو واحد، وشهادة الواحد بذلك قذف يوجب الحد وإن كان عالما، يوضح ذلك أنه إذا علم ثلاثة نفر غيرهم زانيا لم يجز لهم الشهادة عليه، فالواحد أحري أن لا يشهد عليه، وليست هذه حال الإمام المعصوم ولا تنفيذ الأحكام بالعلم علي من أمل ذلك.
(1) في السرائر: بكون المدعي عليه.
(2) كان في الأصل: سواه دلالة الامتناع.
(3) كذا يقرأ ما في بعض النسخ.
(4) في بعض النسخ: صريحة.
(٤٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الفرج (52)، اللواط (26)، الشهادة (416)، الزنا (52)، القتل (26)، الجواز (26)، القصاص (26)

الاقرار

فصل في الاقرار الاقرار مقتض لسقوط حق المقر فيما أقر به لغيره، إذا كان من حر كامل العقل سليم الرأي مريضا كان أو صحيحا.
فإن كان مبتدءا مما وصفنا حاله كقوله هذه الدار لفلان، أو هذا الثوب أو المال لفلان، أو لفلان علي كذا، وكان غير مأمون لم يمض إقراره، وإن كان مأمونا مضي إقراره، واستحق المقر له تسليم ما أقر به ما لم يمنع مانع من يد أو بينة أو وثيقة أو رهن أو دين فيبطل الاقرار، فإن تسلم المقر له ما حصل الاقرار به واستحق بعض وجوه الاستحقاق نزع من يده، ورد إلي مستحقه ولأدرك له علي المقر لاختصاص فائدة الاقرار بإسقاط حق المقر حسب فإن اقترن إقراره بضمان الدرك فمنع المانع من التسليم أو استحق بعده فعليه دركه من حيث كان ضمان المقر للدرك دلالة للحكم علي أن الاقرار حصل عن استحقاق يقتضي ضمان الدرك.
وإن كان الاقرار بعد تقدم دعوي بقائم العين كالدار أو الفرس، أو بمعين في الذمة كالدين وثمن المبيع والأجر والأرش وأمثال ذلك، فعلي الحاكم إلزامه بالخروج إلي المقر له مما تعلق بذمته وتسليم ما في يده من الأعيان القائمة، فإن قامت بينة بعد التسليم باستحقاق عين المقر به بالضمان أو تكون من حقوق
(٤٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (104)، الشهادة (130)، الوراثة، التراث، الإرث (26)، الباطل، الإبطال (26)، الدية (26)، الجواز (26)
الذمم كالديون وغيرها فيضمن علي كل حال.
ولا يعتد بإقرار الصبي ولا المأوف العقل والسفيه ولا العبد ولا الأمة فيما يتعدي ضرره إلي المالك كالمال والجراح والقتل ولا بما يعلم كذب المقر فيه.
وإذا اشتبه الأمر علي الحاكم في صفة المقر فقبل إقراره ثم انكشف له كونه ممن لا يعتد بإقراره لأجل ما ذكرنا لسقط (1) حكمه ورجع بما حكم به علي المحكوم له به.
وإذا أقر بعض الورثة بوارث لزمه في حق إرثه، وإن كانا اثنين وكانا عدلين قبلت شهادتهما وثبتت نسبته إلي الموروث، وإن لم يكونا كذلك فهما مقران يلزمهما حكم نسبه في حقهما دون سائر الورثة.
وإذا رجع المقر بحق غيره عليه لم يؤثر رجوعه عنه في صحة الحكم به.
وقد سلف بيان حكم الاقرار بما يوجب القصاص أو الحد أو التأديب بصفة المقر وأين يعتد بإقراره ويعتد برجوعه عنه وأين لا يعتد بذلك بما أغني عن تكراره هاهنا.
(1) أسقط، كذا في بعض النسخ.
(٤٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الشهادة (260)، القتل (104)

الشهادات

فصل في الشهادات تنفيذ الأحكام بالشهادة يتعلق بتكاليف خمسة: أولها العلم بما معه تقبل، وثانيهما ما يلزم متحملها ومؤديها، وثالثها معرفة كمية أعيانها، ورابعها الحكم بها إذا تعارضت، وخامسها معرفة ما يبطلها.
التكليف الأول من الشهادات العدالة شرط في صحة الشهادة علي المسلم ويثبت حكمها بالبلوغ و كمال العقل والإيمان واجتناب القبائح أجمع وانتفاء الظنة بالعداوة أو الحسد أو المناقشة (1) أو المملكة أو الشركة، والعلم بتكامل هذه الشروط للشاهد من فروض المشهود عنده في حال اقامتها دون تحملها.
فإذا تكاملت ثبتت العدالة ولزم القبول حرا كان الشاهد أو عبدا قريبا أو أجنبيا رجلا أم امرأة بحيث يصح شهادتهما، وإن اختل شرط لم تقبل الشهادة.
ولا تقبل شهادة العبد علي سيده ولا الولد علي والده فيما ينكرانه و تقبل شهادتهما عليهما بعد الوفاة، ولا تقبل شهادة العبد لسيده علي كل حال،
(1) كذا في النسخ، الصحيح: المنافسة كما في مختلف العلامة.
(٤٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (52)، الشهادة (104)، الزوج، الزواج (78)، الزنا (26)، القصاص (26)
ولا تقبل شهادة الشريك فيما هو شريك فيه ولا الأجير لمستأجره ولا ذمي علي مسلم (1) ولا مبطل علي محق وتقبل شهادة بعضهم علي بعض ولأهل الحق عليهم.
ولا تقبل شهادة النساء فيما يوجب الحد إلا شهادة امرأتين مع ثلاثة رجال في الزنا خاصة ولا الطلاق ولا رؤية الهلال، ويقبل فيما عدا ذلك امرأتان برجل، ولا يقتص بشهادتهن ويؤخذ بها الدية، ولا تقبل شهادة أحد من أهل الضلال علي مسلم إلا عدول (2) الذمة في الوصية في السفر خاصة بشرط عدم أهل الإيمان.
وتقبل شهادة الصبيان فيما يجري بينهم بعض علي بعض فيما دون القتل ويؤخذ بأول كلامهم قبل أن يتفرقوا دون ما عدا ذلك.
وتقبل شهادة ذوي الأرحام بعض لبعض وعليهم والأجانب، والزوج لزوجته وعليها، والزوجة له وعليه، وتقبل شهادة الأعمي والخصي والخنثي (3) إذا تكاملت شروط العدالة فيهم.
التكليف الثاني من الشهادات يلزم من دعي من أهل الشهادة أو تحملها أو (إلي ظ) إقامة ما تحمله منها الإجابة إلي ذلك إذا كان تحمله عن إشهاد، ولا يجوز له أن يشهد إلا أن يستشهد، وهو مخير فيما يسمعه ويشاهده بين تحمله وإقامته وتركهما، ولا يحل له أن يتحمل ولا يقيم شهادة لا يعلم مقتضاها من أحد طرق العلم وإن رأي خطه.
(1) في بعض النسخ: لمسلم، والظاهر ما أثبتناه.
(2) أهل الذمة. ظ.
(3) والأصم، كذا في المختلف نقلا عن أبي الصلاح.
(٤٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: القصاص (26)، القتل (26)
فإن كانت شهادة بما يوجب حدا أو تعزيرا لم يحل له أن يشهد بما لا يعلمه مشاهدة علي الوجه الذي قررته الشريعة وسلف بيانه، وعلي إقرار الفاعل أو المفعول به، وإن كانت بإقرار بحق أو وصية أو هبة أو صدقة أو غير ذلك فبعد العلم بعين المقر والموصي والمتصدق والواهب واسمه ونسبه وتميزه من غيره وصحة رأيه وولايته وإيثاره للاقرار.
وإن كانت بملك فبعد العلم بسببه من بيع أو ميراث وغيرهما من أسباب التمليك أو ظاهر تصرف لا مانع منه، وعين المستحق.
وإن كان بعقد أو إيقاع أو إسقاط أو فسخ إلي غير ذلك، فبعد العلم بنفس العقد أو الايقاع أو الاسقاط أو الفسخ وما يناسب ذلك وموافقته للمشروع فيه ومعرفة المتعاقدين والموقع والمسقط والفاسخ ومن يتعلق به ذلك.
ولا يجزيه في ذلك شهادة (1) المشهود له أو عليه ولا تخليته (2) ولا وجود خطه ولما يعلم ما تضمنه، ولا شهادة من لا يوجب خبره العلم من العدد وإن كانوا عدولا، لأنه مخبر بما يشهد به ولا يجوز الإخبار بما لا يعلمه المخبر.
وإذا أشهد علي تمليك ما يصح تمليكه وما لا يصح وعلي ما يسوغ في الشريعة وما لا يسوغ فليشهد بما يصح تمليكه وما يسوغ في الشريعة دون ما لا يصح ويسوغ ولا يجوز لأحد أن يقيم شهادة تبطل حقا أو تقتضي باطلا أو تعديا علي من لا يستحق أو ضررا في الدين أو عند حاكم جور يعلم أو يظن أنه لا يقبلها وإن كان عالما بمقتضاها.
ولا يجوز الشهادة علي شهادة من ليس بعدل في الحقيقة، ولا حكم لشهادة
(1) في أكثر النسخ: مشاهدة المشهود له.
(2) كذا.
(٤٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: قبر النبي (ص) (26)، الشهادة (26)، السجود (26)، الجواز (26)، الكراهية، المكروه (26)
الواحد علي شهادة الواحد، ويحكم بشهادة الاثنين علي شهادة الواحد ويقوم شهادتهما مقام شهادته.
ولا يجوز لمن شهد علي شهادة غيره أن يشهد بنفس ما شهد به الأول، لكن يقول: أشهد أن فلانا أشهدني أنه يشهد بكذا.
وإذا كان الشاهد عالما بتملك (1) غيره دارا أو أرضا أو غير ذلك ثم رأي غيره متصرفا فيها من غير منازعة من الأول ولا علم بإذن وما يقتضي إباحة التصرف من إجارة أو غير ذلك لم يجز له أن يشهد بملكها لواحد منهما حتي يعلم ما يقتضي ذلك في المستقبل.
وإذا غاب العبد أو الأمة عن مالكه لم يجز له أن يشهد بما كان يعلمه من تملكه لهما إلا أن يعلم غيبته (غيبتهما ظ) لإباق أو إذن المالك.
وإذا لم يعلم الشاهد في حال إقامة الشهادة كون المشهود له مالكا للشئ لم يجز له أن يشهد بالملك وإن كان عالما بسببه الماضي.
التكليف الثالث من الشهادات بينة الزنا واللواط والسحق أربعة رجال عدول بمعاينة الفرج في الفرج بلفظ واحد في وقت واحد، أو ثلاثة رجال وامرأتان في الزنا خاصة، وبينة ما عدا ذلك مما يوجب حدا أو تعزيرا أو قصاصا بقتل أو جراح وغير ذلك من جميع الحقوق بشاهدي عدل (2) بلفظ واحد، وليس من شرط صحتها الوقت، ويقوم شهادة الواحد ويمين المدعي في الديون خاصة مقام الشهادة الكاملة،
(1) في بعض النسخ: بتمليك..
(2) في بعض النسخ: بشاهدين.
(٤٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الركوع، الركعة (26)، السجود (52)، الصّلاة (26)، النفاذ، التنفيذ (52)
وتقوم شهادة امرأتين بحيث تصح شهادة النساء مناب الرجل الواحد، ويحكم بشهادتهما منفردتين فيما لا يعاينه الرجل من أحوالهن، وتقبل شهادة القابلة المأمونة في الولادة والاستهلال، ويحكم بربع الدية أو الميراث.
والقسامة في القتل خمسون رجلا يقسمون مع ولي الدم خمسين يمينا، فإن نقصوا عن ذلك كررت عليهم الأيمان حتي تكمل خمسون يمينا، ولا يحل له ولا لغيره ممن يتقسم (1) معه علي قتل صاحبهم أن يقسموا علي قاتل معين بالشبهة حتي يعلموا ذلك من حاله مشاهدة أو بما يقوم مقامها من طرق العلم.
والقسامة فيما يوجب الدية من الأعضاء ستة نفر، وفيما دون ذلك بحساب الستة، وأدناه يمين واحدة.
فإن لم يقسم أولياء الدم أقسم المتهم بالقتل وأولياؤه خمسين يمينا أنهم لم يقتلوا أو برئوا، وكذلك القول في الجراح، فإن لم يكن للمتهم أولياء أقسم هو خمسين يمينا.
وتقبل شهادة امرأتين في نصف دية النفس أو العضو أو الجرح، أو المرأة الواحدة في الربع، ويجوز شهادتهن في النكاح مع الرجال، ولا يجوز في الطلاق علي حال (2).
التكليف الرابع من الشهادات البينة يبطل حكم اليد، ويقتضي تسليم ما قامت به (3). فإن كان للمدعي بينة وللمدعي عليه بينة ولا يد لأحدهما حكم لأعدلهما شهودا، فإن تساووا
(1) يقسم معه.
(2) في بعض النسخ: علي كل حال.
(3) في بعض النسخ: ما فاتت به.
(٤٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الشهادة (52)
في العدالة حكم لأكثرهما شهودا مع يمينه، فإن تساووا في العدد والعدالة أقرع بينهما وأحلف من خرج سهمه وحكم له بالملك، وإن كان لأحدهما يد وبينة تشهد باليد وللآخر بينة تشهد بالملك حكم للخارج اليد، بالملك، وإن كانت البينتان تشهدان بالملك حكم به لذي اليد، فإن كانا جميعا متصرفين فيه ولا بينة لأحدهما قسم بينهما، وإن كان لأحدهما بينة نزعت يد (1) الآخر وسلم إلي ذي البينة.
التكليف الخامس من الشهادات إذا انكشف أن الشاهد شهد بالزور بإقراره أو بينة أو علم عزر وأشهر (2) في المصر، فإن كان الحاكم حكم بها أبطل حكمه ورجع علي المحكوم له بما أخذه فإن لم يقدر علي ذلك رجع به علي الشاهد (3) بالزور فإن كان قتلا أو جراحا أو حدا قيد (4) بالقتل واقتص منه بالجراح والحد.
وإن رجع عن الشهادة لشبهة دخلت عليه فعليه الدية في القتل والجراح وارضاء المحدود ومثل المستهلك بشهادته.
وإن كانوا جميع الشهود شهدوا زورا أو راجعين عن شهادتهم بالشبهة فالقصاص أو الدية أو المثل لازم لجميعهم كلزومه لكل جماعة اشتركت في جناية عمدا أو خطأ.
وإذا انكشف أن الشهود أو بعضهم فساق أبطل الحكم.
(1) كذا.
(2) وشهر.
(3) في بعض النسخ: الشهادة.
(4) في بعض النسخ: قتل بالقتل.
(٤٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: التصديق (26)، الشهادة (234)، الضرب (26)، التصدّق (26)
وإذا قامت البينة بطلاق وتزوجت المرأة ورجع الشاهدان أو أحدهما أغرما أو أحدهما المهر للزوج الثاني إن كان دخل بها وردت إلي الأول، و لا يقربها حتي تعتد من الثاني، وإن لم يقربها فرق بينهما ولا شئ لها وهي زوجة الأول ولا عدة عليها.
وكذلك الحكم فيمن شهد بوفاة زوج [و] تزوجت امرأته.
وإذا قامت البينة علي امرأة بالزنا فادعت أنها بكر فوجدت كذلك درئ عنها الحد.
وإذا قامت البينة بما يعلم الحاكم كذب الشهود فيه أو كون الأمر بخلافها أبطلهما لعلمه وعزر الشهود لتعمد الكذب، مثال الأول أن تقوم بينة بما يوجب قودا أو قصاصا أو حدا علي شخص معين في وقت معين يعلم الحاكم برائته منه في ذلك الوقت بكونه جليسا له فيه، ومثال الثاني أن تقوم بينة بحق معين من جهة معينة يعلم الحاكم خروج المدعي عليه مما قامت به، ولا تأديب علي الشهود هاهنا لجواز كونهم عالمين بأصل الاستحقاق دون الخروج منه إلا أن يقولوا تعمدنا كذبا فيؤدبوا.
(٤٤١)
صفحهمفاتيح البحث: صلح (يوم) الحديبية (52)

الأيمان

فصل في الأيمان الأيمان واجبة في حق كل دعوي عدا ما يوجب القصاص علي المنكر، وتأثيرها إسقاط الدعوي في الحال وما يليها، فإن حلف برئ من حق الدعوي وإن نكل عنها لزمه مقتضاها، وله ردها علي المدعي ومتي يفعل يجب عليه، فإن نكل عنها سقط حق (1) دعواه وإن حلف ثبت حقه.
وأما دعوي القتل والجروح مع الانكار وفقد البينة فموجبة لليمين علي المدعي حسب ما بيناه من القسامة، فمتي يفعل يجب له الحكم بصحة الدعوي، وله أن يطالب المدعي عليه بها قسامة (2) فمتي يفعل تبرأ ذمته من تهمة الدعوي، وإن تنكل (كذا) يلزم الحكم بمقتضاها.
ولا يمين إلا بعد دعوي ولا يحل دعوي ولا يمين عليها إلا عن يقين بصحة استحقاق ما تعلقت به.
ويكفي فيها اسم الله الأعظم كقوله " والله " متجردا عن (3) الصفات، و التأكيد بتكريرها " الذي لا إله إلا هو الطالب الغالب المدرك المهلك الضار
(1) في بعض النسخ: حتي دعواه.
(2) في بعض النسخ: قسامته.
(3) في بعض النسخ: من الصفات.
(٤٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (26)، القتل (26)، الشهادة (52)، الصّلاة (26)
النافع عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم " أبلغ في الزجر.
ويجوز الاستحلاف بكل مكان، وفي المسجد الجامع تجاه القبلة أولي.
ولا يحل لمن علم غريمه معسرا أن يحبسه مقرا ولا يستحلفه منكرا، و يكره له استحلافه مع الانكار واليسار (1) تعظيما لاسمه سبحانه، وجزما في بقاء الاستحاق وصحة الدعوي به، فإن أحلفه أخل بالفضل وفرط بالجزم، و لم تحل له مطالبته فيما بعد، ولا إقامة بينة عليه وإن أقامها لم تقبل، فإن ظفر له بمال لم يحل له أخذه غيلة، وإن جاءه بحقه بعد اليمين له نادما من عصيانه حل له أخذه والعفو عنه أفضل، وإن احتسبه عند الله تعالي قبل اليمين أو بعدها لم يجز له أخذه بحال.
والأولي بذي الدين والفضل إذا بلي بدعوي باطلة أن يخرج منها ولا يحلف إن كانت لا تؤثر في حاله، وإن رد غريمه اليمين عليه فيما يعلم صحته أن لا يحلف تنزها عن الحلف وتعظيما لأسماء الله تعالي، ومحرم ذلك علي المدعي عليه، ويكره له أن يرد اليمين علي ذي الدعوي الباطلة ليسلمها إليه بل يمينه هاهنا أولي. وأولي من الجميع ما قدمناه من الخروج عن موجبها و لا يحلف ولا يستحلف وإن كان لو حلف صادقا أو استحلف من يعلمه كاذبا لم يأثم وإنما يخل بفضل ويرغب عن نفل (2).
ولا يجوز الاستحلاف عند قبر رسول الله صلي الله عليه وآله علي ما لا يوجب مثله القطع.
(1) في بعض النسخ: الأيسار.
(2) في بعض النسخ: نقل.
(٤٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الخصومة (26)، الشهادة (286)، الجواز (26)

كيفية القضاء ووظائف القاضي

الفصل الثالث من تنفيذ الأحكام يلزم المؤهل لتنفيذ الأحكام أن يفرد (1) لنظره بين الناس وقتا لا يثبتونه (2) بشئ من الأغراض الدينية ولا الدنيوية سواه وينظر في ما عداه من الأوقات فيما يؤثره منهما (3).
ولا يجلس وهو غضبان ولا جائع ولا عطشان ولا مهموم ولا ذا داع إلي بعض المشتهيات، وأولي المجالس به مسجد الجامع أو مسجد المحلة ولا حرج في الجلوس عليه في منزله.
فإذا عزم علي ذلك فليتطهر ويلبس أجمل زيه ويمس طيبا ويصلي ركعتين يعقبهما بالتسبيح والرغبة إلي الله تعالي في توفيقه وتسديده ومعونته علي ما يبتلي به، ثم ليجلس مستدبر القبلة ليكون وجوه الخصوم إليها، وعليه السكينة والوقار، وليتق في مجلسه المجون والدعابة بنفسه ولينزهه عنهما من غيره، وليجلس شهوده ناحية عنه، وليوطن نفسه علي القوة في أمر الله تعالي وصحة العزيمة في تنفيذ حكمه.
ثم ليأمر أمينا أن يكتب أسماء كل خصمين في رقعة ويرفع الرقاع إليه
(1) في بعض النسخ: يفرده.
(2) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: لا يشوبه.
(3) منها.
(٤٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (26)، الكذب، التكذيب (52)، الباطل، الإبطال (26)، الجهل (26)، الإبداع، البدعة (26)، النفاذ، التنفيذ (26)
فيخلطها ثم يخرج منها رقعة فيقدم النظر بين من تضمنت ذكره من المتحاكمين إليه، ثم كذلك ثانية وثالثة حتي يأتي علي (1) جميعها، وإن لم يحضر إلا خصمان أحضرهما بغير رقعة.
فإذا انتهي الخصمان إليه فليسو بينهما في المجلس واللحظ (2) والإشارة، فإن سلما أو أحدهما فليرد عليهما، ولا يبدأهما بخطاب إلا أن يصمتا فيقول: إن كنتما حضرتما لشئ فاذكراه فإن أمسكا أقامهما ونظر في حكومة غيرهما.
وإن ادعي أحدهما شيئا مجهولا قال له حقق دعواك فإن فعل وإلا أقامهما وإن كان متميزا أقبل الحاكم علي خصمه وقال له ما تقول في دعواه؟ فإن أقر بها اعتبر حاله فإن كان حرا عاقلا مختارا للاقرار ألزمه الخروج إلي خصمه مما أقر به، فإن امتنع أمره بملازمته، (3) وإن سام (4) حبسه حبسه وإن سام إثبات اسمه في ديوان حكمه لم يجز له ذلك إلا أن يكون عارفا بالمقر بعينه واسمه ونسبه أو يشهد بذلك عنده شاهدا عدل، وإن كان المقر عبدا أو أمة أو مؤف العقل أو صغيرا أو سفيها أو مكرها علي الاقرار لم يعتد بإقراره.
وإن أنكر فكان عالما بصدق المدعي أو المدعي عليه علي كل حال وفي تلك القضية حكم بعلمه ولم يحتج إلي بينة ولا يمين إلي صحة دعوي ولا إنكار إلا أن تقوم بينة تمنع من استمرار العلم فيحكم بمقتضاها، كعلمه بأن زيدا باع دارا من عمرو فالحكم بالعلم يقتضي تسليم الدار إلي عمرو، فإن قامت بينة عادلة بأن زيدا ابتاع تلك الدار بعينها من عمرو بعد تاريخ علمه، فالواجب
(1) في بعض النسخ: عليه بجميعها.
(2) في بعض النسخ: واللفظ.
(3) في بعض النسخ: بملازمة.
(4) كان في النسخ: إن سام وحبسه حبسه.
(٤٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: صلح (يوم) الحديبية (26)، الشهادة (52)، الأمانة، الإئتمان (26)
أن يحكم في ذلك بالبينة، لأن العلم بالابتياع الأول لم يسلم استمراره، ونظائر ذلك من المعلومات.
ولا يتوقع قيام ببينة تكذب من علمنا صدقة بالبرهان في دعوي أو إنكار لعصمته أو لغير ذلك، وإن حصلت حكم ببطلانها.
وإن لم يعلم صدق أحدهما قال للمدعي: قد أنكر دعواك فما تريد؟ فإن قال: لي بينة، قال: أحضرها، فإن حضرت بينة قد تقدم للحاكم العلم بتكامل شروطها حكم بمقتضاها كإقرار، وإن كان عالما باختلال الشروط فيها ردها، وإن كانت مجهولة أوقف الحكم حتي يكشف عن حالها، فإن وضح له تكامل الشروط المعتبرة في قبول الشهادة حكم بها، وإن ظهر له خلاف ذلك أو التبس الحال فيها ألغاها.
وإن ادعي بينة غائبة ضرب له أجلا لإحضارها وفرق بينه وبين خصمه، فإن سام تضمين إحضاره متي حضرت البينة ألزم خصمه بذلك، فإن قضت (1) المدة ولما يحضر بينة سقط تضمين (2) خصمه فإن لم يكن له إلا شاهد واحد وامرأتان قال له: أتحلف مع بينتك علي دعواك؟ فإن حلف ألزم خصمه بالخروج إليه من الدعوي وإن امتنع أقامها.
وليفرق بين الشهود في حال إقامة الشهادة فيسمع ما يشهد به كل واحد منهم منفردا ويكتبه، فإن اتفق معني الشهادتين والدعوي حكم بها، وإن اختلفت أبطلها وإن تعتع الشاهد أو تشكك لم يسدده فإن تسدد وحقق الشهادة (3) أثبتها وإلا أبطلها، وكذلك يجب أن يصنع في الشهادات الموجبة للحدود والقصاص.
(1) فإن انقضت.
(2) في بعض النسخ: سقط تضمين، إحضاره ومتي خصمه.
(3) في بعض النسخ: وحقق الشهادة فليسمع ما يشهد به كل واحد منهم منفردا أثبتها.
(٤٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: صلح (يوم) الحديبية (208)، المنع (26)، الإختيار، الخيار (26)، الوراثة، التراث، الإرث (52)
ولا يحتاج مع البينة إلي يمين إلا فيما يثبت بها علي ميت أو غائب.
وإن لم تكن له بينة قال له: ما تريد؟ فإن أمسك أقامهما، وإن قال: يمينه أقبل علي خصمه فقال: أتحلف؟ فإن قال: نعم، خوفه الله تعالي وبالغ في تخويفه، فإن أقر بالدعوي ألزمه الخروج إليه منها، وإن أقام علي الانكار عرض عليهما الصلح، فإن أجابا إليه رفعهما إلي من يتوسط بينهما ولا يتولي ذلك بنفسه لأن الحاكم نصب للقطع بالحكم وبت الحق والوسيط شافع ويجوز له في الاصطلاح ما يحرم علي الحاكم. فإن أبيا الصلح أعلم المدعي أن استحلاف خصمك يسقط حق دعواك ويمنع من سماع بينة إن كانت لك، فإن رغب عن الاستحلاف أقامهما، وإن رضي استحلفه فإذا حلف برئ من حق دعواه وتأثير بينة إن قامت له.
وإن نكل عن اليمين ألزمه الخروج إليه من حق دعواه، وإن قال: يحلف ويأخذ ما ادعاه، أقبل الحاكم علي المدعي فقال له: أتحلف علي دعواك؟
فإن قال: لا، أقامهما وإن قال: نعم، خوفه الله تعالي، فإن رجع عن اليمين أقامهما وإن حلف ألزم خصمه الخروج إليه مما حلف عليه، وإن قال لا أحلف حتي يحضر حقي ألزم الحاكم خصمه بذلك.
فإن عاد بعد رد اليمين علي المدعي فقال: أنا أحلف، لم يلتفت الحاكم إلي قوله إلا أن يختار خصمه.
وإن امتنع المردود عليه اليمين منها سقط حق دعواه في المجلس، فإن أقام بينة فيما بعد بصحة دعواه حكم بها.
وإن ادعي المقر أو المشهود عليه إعسارا يعلمه الحاكم أو تقوم به بينة في الحال لم يحبسه ولكن يقرر عليه ما يفضل من مكسبه عن قوته وعياله لغريمه، وإن لم يعلم ذلك من حاله ولا قامت به البينة حبسه وكشف عن أمره، فإن وضح
صفحه(٤٤٧)
له اعساره أخرجه من الحبس وصنع فيما عليه من الحق ما تقدم.
فإن تجلد الغريم علي الحبس وأصر علي الامتناع من الخروج إلي خصمه من الحق وله ذمة ضيق عليه أصر أخذ من ماله باليد وفي غريمه (1) وإن لم يكن له مال باع عليه العقار والرقيق والأنعام والدواب وغير ذلك حتي يستوفي غريمه ما ثبت له في الحكم.
وكذلك يصنع الحاكم في أموال المحجور عليهم وما يثبت عليهم من الحقوق.
ويلزم الحاكم إخراج المحبسين في الحقوق إلي الجمعة والعيدين فإذا قضيت الصلاة ردهم الحبس (2).
فإن ورد عليه ما لا يعلم وجه الحق فيه أوقفه إلي أن يصح له (3) ذلك، فإن حكم بما يظنه حقا أثم، فإن انكشف له أنه حق فهو ماض، وإن انكشف خطأه فيه عن الصواب أبطل ما حكم به، فإن لم يتمكن في استدراكه فهو ضامن لما أخذ بحكمه من مال ومطالب بما نفذ بقضائه من قتل أو جراح أو حد أو تأديب.
وإن انكشف له أن المقر كان عبدا أو أمة أو مأوف العقل أو مكرها رجع في القضية ورد ما أخذ بحكمه من المحكوم له أن تمكن منه وإلا من ماله (4) علي سيد العبد أو الأمة وولي المحجور عليه والمكره.
وإذا انكشف له كذب الشهود أو فسقهم أو شهادتهم بما لا يعلمون أو رجوعهم عن الشهادة أبطل الحكم ورجع بما أخذ بشهادتهم حسب ما تقدم بيانه.
(1) كذا في النسخ.
(2) المحبس.
(3) كذا والظاهر: يتضح.
(4) كان في النسخ: والأمر ما له.
صفحه(٤٤٨)
وإذا تقابلت عنده البينات حكم بما سلف ذكره.
فإذا تساوت الأيدي في التصرف وفقدت البينات حكم بالشركة، أرضا كانت أم دارا أم سقفا أم حائطا عقد فيه إلي أحد المتصرفين ولا تصرف خاص، فإن كان عقد الحائط إلي أحدهما أو التصرف مختص (1) به كالخشب وشبهه حكم له به دون الآخر.
ولا يجوز له أن يحكم بقول غيره من الحكام: ثبت عندي حق فلان علي فلان بعلم أو إقرار أو بينة، ولا بكتابة منفردا من بينة تشهد بضمنه لذوي الدعوي أو إقرار، لخروج (2) ذلك عن موجبات الحكم من العلم والاقرار والبينة واليمين.
فإن شهد عنده بإقرار الخصم عنده بدعوي أو يمين وكان عدلا حكم بشهادته ويمين المدعي.
وإن شهد عنده بقيام البينة عليه مع إنكاره لم يحكم إلا أن يشهد عنده شاهد آخر بصفة الشهادة فيحكم بشهادتهما من غير يمين لقيام شهادة الاثنين مقامهما.
فإن شهد عنده اثنان علي شهادة واحد حكم بها مع يمين المدعي كشهادة الواحد المنفرد علي ما سلف بيانه، ولا مزية للحاكم العدل هاهنا [علي] غيره.
وإذا علم عقدا أو إيقاعا أو تملكا مخالفا للمشروع فيه أو قامت بذلك بينة أو حصل به إقرار حكم بفساد مقتضاه.
وإذا ثبت عنده ردة (3) بعض الناس حكم بها وإن شهد عنده ألف بالبراءة منها، وإذا ثبت عنده التسبب (كذا) لم يسمع بينة ولا إقرارا بنفيه، ولا يحل لأحد
(1) يختص به.
(2) في النسخ: الخروج، والظاهر ما أثبتناه.
(3) رده. كذا في السنخ. ظ.
صفحه(٤٤٩)
أن يدعي علي غيره ما لا يعلم استحقاقه وإن كانت هناك شبهة ظاهرة وظن قوي.
وإذا قال المدعي في مجلس الحكم: أدعي عليه، أو اتهمه، أو حدث ما يقتضي استناد دعواه إلي التهمة دون العلم أسقط دعواه، ولا يقبل من الدعاوي إلا قوله: " أستحق " وما أفاد معني ذلك، وليتق الله هذا المدعي من دعوي الكذب والمطالبة بالباطل، وليتق الله هذا المنكر ومن الكذب ودفع الحق.
وإذا تحاكم إليه بعض كفار الأصل كاليهود والنصاري أو كفار الملة كالمجبرة والمشبهة والوعيدية فليحكم بينهم بما يقتضيه المشروع دون ما يرونه أولئك في دينهم وهؤلاء في مذهبهم.
وليعلم أن الحكم بين الناس رتبة عظيمة ومنزلة جليلة ورئاسة نبوية وخلافة إمامية لم يبق في أعصارنا هذه وما قبلها بأعصار من رئاسات الدين غيرها، فبحسب قوة المأهول لها (1) في الدين وصحة عزيمته في تنفيذ الأحكام وصادق نيته في القيام بما جعل إليه واضطلاعه به وبصيرته فيه تعلوا كلمة الاسلام ويعز الدين، وبحسب ضعفه عن ذلك أو جهله به يضمحل الحق وتندرس أعلامه.
فليتق الله من عرض لذلك، فلا يتقلده إلا بعد الثقة من نفسه بالقيام بما جعل إليه، وإذا علم من نفسه تكامل الشروط فعرض للحكم وجب عليه تكلفه، لكونه أمرا بمعروف ونهيا عن منكر، فإذا تقلده فليصمد (2) للنظر في مصالح المسلمين وما عاد بنظام الملة وقوي الحق، وليجتهد في إحياء السنن وإماتة البدع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإبطال ما يمكن منه من أحكام الجور وإنفاذ ما استطاعه من الحق.
وليتخير الحكام النائبين عنه في البلاد، ولا يقلد الحكم من لا يتكامل له
(1) كذا يقرء ما في بعض النسخ.
(2) في بعض النسخ: فليحمل.
صفحه(٤٥٠)
شروطه، فإن لم يجد فليجعل وسائط يمنعهم عن إنفاذ حكم من غير رأيه، فليجتهد في تخيره المأهولين في الوساطة (1) بين الناس، ولا يعدل شاهدا لم يتكامل شروط العدالة فيه ولا يجعل أمينا علي أموال الناس إلا بعد سبر (2) حاله والاجتهاد في تخيره.
فإن انكشف له أن من قلده الحكم أو جعل إليه الصلح أو أهله للشهادة أو تحمل الأمانة (3) غير متكامل الشروط فليعزل الحاكم وليستبدل بالوسيط والأمين ويسقط عدالة الشاهد.
فإن وقع من بعضهم ما يتعدي ضرره إلي غيره في الأنفس أو الأموال بغير حق فليرجع عليه بدركه حسب ما تقدم ذكره.
وليجعل لدرس العلم وإدامة الفكر فيه وقتا خاليا له وللمذاكرة به والمناظرة وقتا ليكون ذلك عونا علي ما يلي به من الحكم بين الناس، وما لعله يحدث مما لم يتقدم له علمه.
(1) في بعض النسخ: للوساطة.
(2) في بعض النسخ: سير.
(3) في بعض النسخ: الإمامة.
(٤٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، الظنّ (26)

الصلح

فصل في الصلح الصلح حكم جائز لا خيار لأحد الخصمين بعد مضيه سواء كان المصلح عالما بما يقع عليه أو جاهلا، ولا يحل لأحد الخصمين أن يأخذ بالصلح ما لا يستحقه ولا يمنع له ما يستحق عليه كما لا يحل ببينة ولا يمين.
فإن اقترن بالصلح تحليل في الحقيقة لم يصح الرجوع بشئ منه علي حال، وإن كان لضرورة دعت إلي حفظ بعض الحق بالصلح فلذي الحق بالباقي بعد مضيه أن يتوصل بغير الحكم إلي أخذه وإن لم يأذن له غريمه، ولا حق له بعده في الحكم.
ويلزم من أخذ بالصلح ما لا يستحقه أو أسقط به ما يستحق عليه أن يخرج منه إلي مستحقه أو يستحله، ولغريمه أخذه والعفو عنه.
ويجوز لمن اضطره غريمه إلي ما لا يقدر عليه من جملة الحق أن يصالح علي بعضه بشرط العزم علي أداء ما يسقط بالصلح حين التمكن منه أو العفو عنه.
ومن كان عليه حق لغيره فمات قبل الخروج إليه منه لم يجز للغريم مصالحة الورثة علي بعضه إلا بعد علمهم بمبلغه وإن كان لو صالحهم من دون ذلك لمضي الصلح في الظاهر وبقيت تبعته عند الله عز وجل إلا أن تحلله الورثة.
ومن كان عليه دين إلي أجل فقال له صاحبه: عجل لي البعض واترك لك
(٤٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، الضرر (26)
الباقي، ففعل، مضي (1) إسقاطه وحل للغريم ما أسقط ولم يصح رجوعه بشئ منه.
وإذا تنازع اثنان شيئين في أيديهما أو لا يد لأحدهما فيهما فقال الواحد منهما: هما لي، وقال الآخر: هما شركة بيننا، فأحد الشيئين لمن قال: هما لي، ويقسم الآخر بينهما صلحا، وإن قال كل واحد منهما: هما لي قسما بينهما.
ومن كان عليه سلف في ثبوت عشرون درهما وفي ثوب ثلاثون درهما فعملهما وانفذهما إلي المسلمين فلم يتميزا، فالحكم أن يباعا ويكون لصاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن وللآخر خمسان.
ومن كان عنده وديعة ديناران لمودع ولآخر دينار فهلك من حرزه دينار لم يتميز فالحكم لصاحب الدينارين دينار خاص ويقسم الآخر بينهما.
" تم التكليف السمعي بحمد الله تعالي.
(1) في بعض النسخ: ففعل ما مضي إسقاطه.
(٤٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الشكر (78)، الضرر (26)

القسم الثالث: المستحق بالتكاليف وأحكامه

المستحق بالتكليف وأحكامه
(٤٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: الشكر (78)، الظنّ (52)
فصل في المستحق بالتكليف وأحكامه إذا كنا قد أتينا علي ذكر جملة التكليف عقلا وسمعا فينبغي أن نبين المستحق به وأحكامه وكيفية استحقاقه وشروط ثبوته وزواله وحال اتصاله، إذ هو الغرض المجري (1) بالتكليف إليه والباعث عليه وما له حسن تحمل (2) مشاقه فعلا واجتنابا.
والمستحق بالتكليف مدح وثواب وشكر وذم وعقاب.
فأما المدح فهو القول المنبئ عن عظم حال الممدوح.
وقلنا: القول، لتميزه من سائر الأجناس عداه، و: المنبئ، ليخصه بنوع الإخبار، ولهذا يحسن فيه التصديق أو التكذيب، و: عن عظم حال الممدوح، لتميزه من كل خبر لا يفيد ذلك.
ويفتقر إلي شرطين: أحدهما أن يكون موضوعا في عرف المادح للمدح، الثاني أن يقصد به تعظيم الممدوح.
واشترطناه بالوضع لوقوف الفائدة عليه، واشترطناه بالقصد لأن الساهي والملجأ والخائف والراجي واللاهي لا يكون مادحا بما وضع من الألفاظ للممدوح
(1) كان في النسخ: المجرد.
(2) في بعض النسخ: يحمل.
(٤٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: السجود (26)، العذاب، العذب (26)، الجواز (26)

المدح

من حيث تجرد قوله من القصد.
وينقسم في عرفنا إلي شيئين: أسماء ودعاء.
والأسماء: مؤمن وصالح وبر وتقي ومسلم وعابد وزاهد وأمثال ذلك.
والدعاء: رحمه الله، ورضي الله عنه، ورفع درجته، وأعلاه، وصلوات الله عليه، وعليه السلام (1) وهذا اللفظان مختصان بالأنبياء ومن ضارعهم في الحجة من الأئمة.
والدليل علي صحة هذا الحد أنه متي تكاملت هذه الشروط وصف القائل مادحا وقوله مدحا والمقول فيه ممدوحا.
وهو مستحق بفعل الندب والواجب واجتناب القبيح، لعلم كل عاقل اختصاص استحقاقه بذلك.
ومن شرط حسنه أن يعلم المادح ثبوت ما يستحق به المدح ولا يكفي فيه.
الظن، لأن المادح مخبر والإخبار بما لا يعلمه المخبر قبيح، فإن علم الطاعة ووقوعها لوجهها أطلق المدح وإن علمها دون الوجه اشترطه.
وطريق العلم باستحقاقه من الوجوه المذكورة الضرورة، ولعموم العلم بذلك لكل عاقل وحال (2) علي وجه لا يمكن دخول شبهة فيه.
وهو مستحق علي جهة الدوام، لوجوب فعله في كل حال، وإذا ثبت لم يسقط بندم ولا زائد مستحق علي ما نبينه.
ومن شرط استحقاقه أن يفعل الواجب والندب للوجه الذي له كانا كذلك ويتجنب القبيح لوجه قبحه، لما بيناه من تخصيص التكليف في جميع ضروب الحسن والقبيح بالوجوه التي لها كانت كذلك.
(1) الجملتان الأخيرتان تجودان في بعض النسخ.
(2) كذا.
(٤٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (26)، الضرر (78)، الشفاعة (52)

الثواب

وأما الثواب فهو النفع المستحق الواقع علي جهة التعظيم.
وقلنا: نفع، لأن الضرر لا يكون ثوابا، و: مستحق، لقبح التفضل بالثواب، واشترطنا التعظيم لتميزه من العوض.
وهو مستحق من الوجوه التي استحق منها المدح بشرط اقتران المشقة به، واشترطناها إذ لا وجه من دونها يجب له استحقاق الثواب، ولأنه تعالي يستحق المدح بما يستحق به الثواب ولا يستحقه لفقد شرطه من المشقة، وشرطنا ثبوته بشرط ثبوت المدح من اعتبار الوجوه في إيثار الحسن واجتناب القبيح.
وطريق العلم باستحقاقه العقل، وسبب حصوله النظر حسب ما سلف لنا (1) في بيان الغرض بالتكليف، والمعلوم من جهة العقل استحقاقه دون دوامه، لعلمنا ضرورة بحسن تحمل المشاق لنفع منقطع، ولو كان دوام المستحق شرطا في حسن تحمل المشاق لم يحسن منا في الشدائد تحمل شئ من المشاق لنفع منقطع، والمعلوم خلاف ذلك، وقد ذكرنا ما يتعلق به من قال بدوامه في كتاب " التقريب " وبينا فساد متعلقه، وإنما نعلم دوامه بالسمع، وهو العلم العام لكل مخالط من دين نبينا صلي الله عليه وآله بدوامه، وإذا ثبت استحقاقه لم يزل بندم ولا زائد عقاب علي ما نوضحه.
واستحقاقه مختص به تعالي، لاختصاص شرط استحقاقه به سبحانه من المشاق المستندة إلي جعله تعالي الحي نافرا عن الحسن ومائلا إلي القبيح، وهو مستحق عقيب الطاعة وفي كل حال مستقبلة أقساطا مخصوصة إلي ما لا آخر له، والتزايد بين ثوابي الطاعتين والمطيعين يرجع إلي المقادير المفعولة في كل وقت من الكثرة والقلة وإن كان الجميع لا آخر له.
ولا بد أن يكون المستحق منه بالغا مبلغا يحسن لمثله تحمل مشقته وخالصا
(1) راجع 37 - 38.
(٤٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: الضرر (26)، الشفاعة (26)، الخوف (26)، الكسب (26)

الشكر

من الشوائب حسب ما أخبر به تعالي.
وأما الشكر فهو الاعتراف بالنعمة علي وجه التعظيم للمنعم.
وقلنا ذلك، لأنه متي قرن بالتعظيم كان شكرا ومتي انفرد أحدهما من الآخر لم يكن شكرا.
وهو من أفعال القلوب ومن جنس الاعتقادات والعلوم، ولذلك يوصف من علم معترفا خاضعا بأنه شاكر وإن كان ساكتا أو أخرس، وإنما يفتقر إلي القول المعرب عن حال الشاكر ليعلم أنه قد أدي ما يجب عليه منه، فهو واجب لرفع الابهام، فإن زال اللبس سقط فرض النطق بما ينبئ عنه، ولذلك لم يجب النطق به في حق شكره سبحانه في كل حال ذكر وإن كان شكره فيها واجبا، فأما ما يختص القلب في الاعتراف والخضوع فواجب في كل حال ذكر.
والحمد والشكر صيغتان وضعتا لمعني واحد، إذ لا فرق بين قولنا: حامد وشاكر.
وهو مستحق بالانعام خاصة، وهو كل عمل قصد به نفع الغير أو من يتعدي إليه نفعه أو دفع ضرر عنه أو عن من يتعدي إليه ضرره، أو ما أدي إليهما، لأن كل من علم ما له هذه الصفات علمه نعمة، وقد تقع النعمة علي وجه فيكون شكرها عبادة، وعلي وجه فيكون طاعة، وعلي وجه فيكون اعترافا وخضوعا فقط.
فالأول أن تكون أصولا للنعم وبالغة مبلغا لا تبلغه نعمة منهم ولا يتقدر نعمة من دونها، وذلك مختص بنعمه سبحانه، لكونها أصولا للنعم من الحياة والعقل والحواس ومدركاتها والشهوة والمشتهيات، وغاية في الإنعام لبلوغها مبلغا لا يوفي جميع نعم المنعمين بواحدها ولا يتقدر من دونها كالحياة والشهوة، فلذلك استحق سبحانه من الشكر مبلغا لا يدانيه شكر منعم، ووصف لذلك بعبادة، لكونه غاية في الخضوع له تعالي، وكون الخاضع عابدا، ولذلك قلنا: إن
(٤٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الغفلة (26)، الظلم (26)، الزكاة (26)، الصدق (26)، الجهل (26)، الباطل، الإبطال (52)، الكسب (26)، الجواز (26)، الوجوب (26)
العبادة لا يحق لغيره تعالي من حيث كانت كيفية لشرك لا يصح أن يستحقه سواه.
والثاني أن تكون النعمة مستغرقة جميع منافع المنعم عليه كنعمة الوالد علي ولده والسيد علي رقيقه وما يجري مجري ذلك من الإنعام، لعلمنا بوجوب طاعة من هذه حاله حسب ما سلف في أول الكتاب (1).
وما خرج عن ذين النعمتين فرض شكره مختص بالاعتراف والخضوع.
ويترتب في العظم والصغر بحسب تعاظم الإنعام وصغره.
ومن شرط ثبوته علم المنعم عليه أو ظنه أو تمكنه من ذلك بأن المنعم قصد به الاحسان إليه علي وجه يحسن، لأنه متي لم يعلمه أو يظنه قاصدا نفعه لم يتعين عليه شكره، ومتي علم أو ظن قبح ما قصده وإن كان نفعا قبح شكره من حيث علمنا فساد استحقاق المدح والشكر بما يستحق الذم (2).
وطريق العلم باستحقاقه أوائل العقول، لعمومه لكل عاقل وحال علي وجه لا مجال للشبهة فيه.
وهو مستحق علي جهة الدوام وإذا ثبت لم يزل بندم ولا عظم إساءة علي ما نوضحه.
وإذا تكاملت شروط الإنعام استحق به المدح علي من علمه والشكر علي المنعم عليه خاصة، وأما التعظيم والتبجيل فكيفية للقول الموضوع للمدح للعبارة (3) عن الشكر بالقلب والاعتراف بالنعمة وللنفع المقصود به الإثابة علي ما تقدم بيانه، فلذلك لم نفردهما بذكر.
وقد يفردان من ذلك أجمع فيقعان بأفعال الجوارح التي ليست قولا
(1) راجع ص 33.
(2) في بعض النسخ: للذم.
(3) كذا في بعض النسخ.
(٤٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الجهل (26)، الضرر (26)، الخوف (26)، العصر (بعد الظهر) (26)

الذم

ولا اعترافا ولا مدحا ولا نفعا مدركا في الحقيقة كالقيام للغير في المجلس، وتقبيل يده أو رجله، والجلوس دونه، وغض البصر والصوت له، والقيام علي رأسه، وأعلاه السجود وتقبيل الأرض، ولا تكون هذه الأفعال تعظيما إلا بقصد ولا يحسن معه إلا مستحقا، وتحسن صورها من غير استحقاق خوفا أو رجاءا أو مداراة، ولا يجوز أن يقصد بها التعظيم لقبح فعله بغير استحقاق.
وأما الذم فهو القول المنبئ عن اتضاع حال المذموم.
وخصصناه بالقول والأنباء عن خفوض رتبة المذموم، لما قدمناه في المدح.
ويفتقر إلي الوضع والقصد كالمدح وبرهانه. ويفتقر حسنه إلي العلم بما به يستحق، لكونه خبرا عن حال المذموم وقبح الإخبار عن غير علم، ولا شرط فيه.
وينقسم إلي أسماء ودعاء:
فالأسماء: فاسق وكافر وظالم وضال وفاجر وزان ولائط وأمثال ذلك.
والدعاء … الله جدد عليه العذاب وأخزاه (1) وأشباه ذلك.
… هذا متي تكاملت هذه الشروط وصف القول بأنه ذم وقائله ذام والمقول فيه مذموم.
وهو حقيقة في القول ومجاز في الفعل علي ما ذكرناه في المدح.
وهو مستحق بفعل القبيح والاخلال بالواجب، بشرط كون من تعلقا (2) به عالما بهما أو متمكنا من العلم بكمال العقل، بدليل عموم العلم باستحقاقه بهما لكل عاقل علم فاعلا لقبيح أو مخلا بواجب وفي كل حال.
وهذا برهان كون العلم بذلك ضروريا من أوائل العقول.
(1) في بعض النسخ: وأجزاه.
(2) في بعض النسخ: تعلق به.
(٤٦١)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (26)، الباطل، الإبطال (26)

العقاب

وهو مستحق علي جهة الدوام، ويجوز إسقاطه بالعفو عنه ابتداءا وعند توبة أو شفاعة حسب ما نبينه.
وأما العقاب فهو الضرر المستحق الواقع علي جهة الاستخفاف والإهانة وقلنا: ضرر، لأن النفع لا يكون عقابا من حيث كان النفع داعيا والعقاب صارفا، و: مستحق، لتميزه من ضروب المضار الحسنة، وقيدناه بالاستخفاف بيانا، إذ به يتميز من أقسام الضرر، وأما الاستخفاف فكيفية للقول المعرب عن الذم والضرر المستحق، ولا يكون كذلك إلا بالقصد، وقد ينفرد منهما فيقع بأفعال الجوارح كالتعظيم، كرفع الصوت علي الغير للاستعلاء عليه والإعراض عن حديثه وترك القيام لمن جرت العادة بالقيام له فما فوق ذلك، لعلمنا بكون الفاعل مستخفا بكل واحد من هذه الأفعال كالقول.
والعقاب مستحق بفعل القبيح والاخلال بالواجب بشرط كونه لطفا.
وطريق حسنه العقول من حيث كان العلم باستحقاقه علي فعل القبيح صارفا عنه وبالاخلال بالواجب داعيا إليه.
وكونه بهذه الصفة لا يقتضي القطع باستحقاقه، لصحة قيام استحقاق الثواب بفعل الواجب واجتناب القبيح مقامه.
وطريق ثبوته السمع دون العقل، وقد علم من دينه صلي الله عليه وآله ذلك ضرورة وهو علي ضربين: دائم وهو مختص بالكفر، ومنقطع وهو مستحق بما دونه من جميع القبائح فعلا وإخلالا.
وأيهما ثبت لم يزل عقلا ولا سمعا إلا عن تفضل مبتدء أو عند توبة أو شفاعة دون ما تدعيه " الوعيدية " من سقوطه بندم أو زائد ثواب عليه.
والعفو المبتدء جائز من طريق العقل عن جميعه، وقد منع السمع من الابتداء به عن الكفر وعند الشفاعة، وورد بسقوطه عند التوبة، وورد مؤكدا
(٤٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: مدرسة المعتزلة (26)، المنع (26)، الضرر (52)

الدليل علي ثبوت العقاب هو السمع دون العقل

وهو مستحق علي جهة الدوام، ويجوز إسقاطه بالعفو عنه ابتداءا وعند توبة أو شفاعة حسب ما نبينه.
وأما العقاب فهو الضرر المستحق الواقع علي جهة الاستخفاف والإهانة وقلنا: ضرر، لأن النفع لا يكون عقابا من حيث كان النفع داعيا والعقاب صارفا، و: مستحق، لتميزه من ضروب المضار الحسنة، وقيدناه بالاستخفاف بيانا، إذ به يتميز من أقسام الضرر، وأما الاستخفاف فكيفية للقول المعرب عن الذم والضرر المستحق، ولا يكون كذلك إلا بالقصد، وقد ينفرد منهما فيقع بأفعال الجوارح كالتعظيم، كرفع الصوت علي الغير للاستعلاء عليه والإعراض عن حديثه وترك القيام لمن جرت العادة بالقيام له فما فوق ذلك، لعلمنا بكون الفاعل مستخفا بكل واحد من هذه الأفعال كالقول.
والعقاب مستحق بفعل القبيح والاخلال بالواجب بشرط كونه لطفا.
وطريق حسنه العقول من حيث كان العلم باستحقاقه علي فعل القبيح صارفا عنه وبالاخلال بالواجب داعيا إليه.
وكونه بهذه الصفة لا يقتضي القطع باستحقاقه، لصحة قيام استحقاق الثواب بفعل الواجب واجتناب القبيح مقامه.
وطريق ثبوته السمع دون العقل، وقد علم من دينه صلي الله عليه وآله ذلك ضرورة وهو علي ضربين: دائم وهو مختص بالكفر، ومنقطع وهو مستحق بما دونه من جميع القبائح فعلا وإخلالا.
وأيهما ثبت لم يزل عقلا ولا سمعا إلا عن تفضل مبتدء أو عند توبة أو شفاعة دون ما تدعيه " الوعيدية " من سقوطه بندم أو زائد ثواب عليه.
والعفو المبتدء جائز من طريق العقل عن جميعه، وقد منع السمع من الابتداء به عن الكفر وعند الشفاعة، وورد بسقوطه عند التوبة، وورد مؤكدا
(٤٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: مدرسة المعتزلة (26)، المنع (26)، الضرر (52)
لسقوط عقاب ما عداه ابتداءا وعند توبة أو شفاعة.
ونحن ندل علي صحة ما ذهبنا إليه من هذه المسائل ونسقط شبهة المخالف.
أما الدلالة علي خلو العقل من دليل بالقطع علي العقاب فهي أنه لا يخلو أن يكون ذلك ضروريا أو مكتسبا وليس من قبيل الضروريات لحسن الخلاف فيه، وقبحه فيما يعلم ضرورة، وليس مكتسبا لأنه قد سبرنا أدلة العقل فلم نجد فيها ما يدل علي استحقاقه.
إن قيل: ألسنا جميعا متفقين علي أن العلم باستحقاق العقاب علي فعل القبيح والاخلال بالواجب داع إلي الواجب وصارف عن القبيح، فكيف لا تكون العقول دالة علي استحقاقه؟
قيل: العلم بذلك إنما يقتضي حسن استحقاقه دون ثبوته الموقوف علي عدم بدل منه في الاستغلاظ (1) وقد علمنا أن استحقاق الثواب بفعل الواجب واجتناب القبيح كاف للدعاء والصرف، ولهذا اقتصر الكل من أهل العدل في الدلالة علي حسن تكليف المشاق فعلا واجتنابا علي استحقاق الثواب دون العقاب.
ولو كان شرطا في حسنه كالثواب … حسنه علي إثباته (2) والمعلوم خلاف ذلك واعتمادا به سبحانه … الفعل والاجتناب مع (3) عظيم المشقة و كونه … علي رفعها بتقوية الشهوة إلي الواجب والنفور عن القبيح لا …
خوف الضرر لولا ذلك لوجبت النوافل والمكاسب ظاهر الفساد، لاتفاقنا جميعا علي ما وضح برهانه من القول بأن كل شئ وجب فإنما وجب لأحد
(1) في بعض النسخ: في الاصطلاح.
(2) في بعض النسخ: علي الثانية.
(3) من عظيم.
(٤٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: التوبة (26)، الظلم (26)، الجواز (26)، سورة البراءة (26)، سورة الإسراء (26)، سورة الرعد (26)
أمرين: إما لما هو عليه كالصدق والانصاف، أو لكونه داعيا إليهما كالصلاة و الزكاة، واستحقاق الثواب والعقاب تابع لثبوت الوجه فيما به يستحقان، فكيف يجعل من هذه أصوله استحقاقهما أو أحدهما وجها لما به استحقا لولا الغفلة عنها أو الجهل بوجه المناقضة فيها وأي شبهة علي ذي بصيرة بالتكليف [علي ذا استحقاق العقاب دون غيره لا] (1) يفرقان ما بين ما له وجب الواجب مما استحق به، وأدني ما في ذلك أن لا يعلم وجوب فعل الصدق والانصاف و اجتناب الظلم والكذب إلا من يعلم استحقاق العقاب للاخلال بذين وفعل هذين والمعلوم خلاف ذلك.
وبعد فكان يجب عليهم أن يقتصروا في حسن التكليف علي استحقاق العقاب دون غيره، إذ هو الوجه عندهم، وهم لم يفعلوا ذلك، ولو فعلوه لنقضو الأصول الثابتة بالأدلة.
فأما المشاق فشرط في التكليف، وجهة تكليفها ما اتفقنا عليه وقاد إليه البرهان من التعريض للثواب من غير افتقار بنا إلي استحقاق العقاب.
فأما النوافل والمكاسب فإنما لم تحب لأنه لا وجه لوجوبها، وما لا وجه لوجوبه لا يجوز الحكم بإيجابه.
وتعلقه وأصحابه في ذلك أن العقاب لو لم يكن مستحقا لكان المكلف مغري بالقبيح من حيث كان النفع بالثواب المتأخر لا يقابل داعي الشهوة البطلان … (2) لأن علم المكلف باستحقاق الثواب بفعل الواجب … الدعاء والصرف (3) ومجز في حسن تكليفها، إذ لا … بالنفع العظيم في الفعل و مصروفا عن القبيح.. العلم بكون العاقل ملجئا برجاء النفع العظيم وفوته
(1) ما بين [] ليس في بعض النسخ.
(2) كذا في بعض النسخ، ولعل الصحيح: واضح البطلان.
(3) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: أدعي وأصرف.
(٤٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (26)، مدرسة المعتزلة (26)، الحج (26)، كتاب مجمع البيان للطبرسي (26)، كتاب التبيان للشيخ الطوسي (26)
حاصل كحصوله مع خوف الضرر.
وبعد فلو كان استحقاق العقاب شرطا في حسن التكليف للمشاق، لم يصح أن يعتمد أحد منهم في حسن التكليف علي مجرد التعريض للثواب، إذ كان غير كاف في وجه الحسن، وفي اتفاقهم علي ذلك مع وضوح البرهان به دليل علي سقوط هذه الشبهة.
فأما تأخير الثواب فغير قادح في كونه داعيا وصارفا لعلمنا بكون النفع المرجو داعيا وصارفا كالحاضر، لولا ذلك لقبح التكليف، إذ كان وجه حسنه بغير شبهة التعريض لثواب آجل.
علي أن التأخير لو أثر في كون الثواب داعيا وزاجرا لأثر تأخير العقاب وكان اعتباره في الزجر مع التأخير جهلا منهم.
علي أنه لو سلم أن الزجر بالضرر شرط في حسن التكليف لكان التجويز كافيا دون القطع، كسائر المضار المخوفة في الشاهد (1)، الزجر حاصل بها وإن كانت مجوزة غير مقطوع بها.
وإذا لم يكن في العقل دليل علي استحقاق العقاب سقط ما يتعلقون به فيه من الاعتبار علي دوامه، إذ القول بذلك فرع لثبوت استحقاقه.
وإذا خلي العقل من دليل علي الأمرين وجب الرجوع فيهما إلي السمع، وقد علم كل مخالط من دينه صلي الله عليه وآله استحقاق العقاب بكل قبيح واتفقت الأمة …
انقطاع عقاب ما عداه إلي زمان حدوث … (2) الحادث بعد انقراض العصر بالاجماع لا … (3) العقاب السمع إلا قال بانقطاع عقاب لاقتضي اجتماع دائم
(1) كذا.
(2) هنا بياض في بعض النسخ.
(3) هنا بياض في بعض النسخ.
(٤٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (26)، سورة الأنبياء (26)، سورة الشعراء (26)، سورة البقرة (26)
ثواب المعارف ودائم عقاب القبيح أو منع الثواب أو انحطاط (1) أحدهما بالآخر.
واجتماعهما ومنع الثواب فاسد بإجماع، والتحابط باطل علي ما نبينه، ولأن طريق استحقاق العقاب السمع علي ما وضحت حجته، وليس في السمع ما يقتضي دوام عقاب ما ليس بكفر، وسنورد ما يتعلقون به من السمع ونبين فساد متعلقهم منه.
وقلنا: إن المستحق لا يسقط بندم ولا زائد ثواب، لانفصال أحد الأمرين من الآخر وعدم التنافي بينهما، إذ لا تنافي بين عقاب المعصية والندم عليها، لكون العقاب معدوما في حال وجود الندم والموجود لا ينافي المعدوم (2)، وإن كان التنافي بين ثواب الندم وعقاب المعصية فأبعد، لكونهما معا معدومين واستحالة التنافي بين المعدومات.
بهذا يبطل قولهم إن إسقاط الزائد من الثواب أو العقاب لما نقص عنه من الآخر.
ولأن (3) الثواب من جنس العقاب وليس بضد له في الجنس فلا يصح بينهما تناف.
وبهذا الاعتبار يعلم فساد القول بسقوط ثواب الطاعة بالندم عليها أو زائد عقاب.
وقد استوفينا الكلام في التحابط في كتاب " التقريب " وبينا فساد ما يتعلقون به من الشبهة، (4) وفيما ذكرناه هاهنا بلغة.
(1) كذا.
(2) في بعض النسخ: للمعدوم.
(3) في بعض النسخ: " لأن " بدون الواو.
(4) في بعض النسخ: الشبه.
(٤٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (26)، القتل (52)، الحج (26)، المنع (26)، العذاب، العذب (26)، سورة الفرقان (26)، سورة الشعراء (26)، سورة النساء (52)

التوبة مسقطة للعقاب

وقلنا: أن التوبة وجه لسقوط العقاب عندها لإجماع الأمة علي ذلك.
وقلنا: إن العقاب يسقط عندها تفضلا منه تعالي لأنه توبة ولأنها لو أسقطت عقاب ما هي توبة منه … الاحباط وقد أفسدناه، ولأنها لو أسقطت العقاب علي جهة … فيمن تاب من الكفر أن لا يضره عقاب شئ من المعاصي …
من حيث تزايد عقابه علي عذاب ما عداه من العصيان، فينبغي أن يكون ما زاد ثوابه من التوبة علي عقابه أعظم من عقاب كل معصية دونه، فيلزم علي ذلك أن يمنع ثواب التوبة من الكفر من ثبوت عقاب ما دونه، وذلك ينقض جملة ما يذهبون إليه في الوعيد، وقد استوفينا الكلام في التوبة وما يتعلق بها بحيث ذكرناه من الكتاب.
وقلنا: إن العفو ابتداءا جائز من طريق العقل وأن العقاب يسقط به لحصول العلم الضروري بكونه إحسانا كالابتداء بالنفع وأنه حق مستحق إليه قبضه واستيفاؤه، فيجب أن يسقط بإسقاطه كالدين، ولا نزاع فيما ذكرناه بين العقلاء، وإنما يدعي " البغداديون " من المعتزلة أن هناك وجه قبح من كون ذلك إغراءا، ولأن الزجر من فعل القبيح والاخلال بالواجب مع تجويزه غير واقع موقعه.
وتلك دعوي ظاهرة الفساد لما بيناه ودللنا عليه أولا من حسن التكليف من دون ثبوت العقاب فضلا عن تجويز زواله بعد ثبوته، ولعلمنا ضرورة أن تجويز الضرر كاف في الزجر، ولولا ذلك لم يكن في الشاهد أحد مزجورا لضرر لا يعلمه أو يعلمه ولا يقطع علي نزوله به والمعلوم حصول الالجاء (1) في أكثر المواضع مع التجويز فضلا عن الزجر.
وبعد فيلزم علي قول هذا قبح قبول التوبة لحصول أعظم المزية لها علي العفو للقطع علي سقوط … وارتفاع ذلك في العفو فإن كان تجويز العفو يقتضي … فأما
(1) في بعض النسخ: حصول الحياء وهو تصحيف.
(٤٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: مسألة الحسن والقبح (26)، المنع (52)، الجواز (52)
غاية الزجر فإن أرادوا به ما يقتضيه … مع التجويز كالقطع وإن أرادوا كل ممكن لزم عليه … حتي يعلم المكلف أنه لا طريق إلي الخلاص من عقاب عصيانه فهو زجر بغير شبهة وحتي يكون العقاب عاجلا أو عقيب انقطاع التكليف، والمعلوم فساد ذلك، وأن السمع ورد مؤكدا لجواز العفو عن الفساق لعلمنا بتمدحه سبحانه في غير موضع من كتابه بالعفو والغفران والرحمة المعلوم تخصصه بإسقاط المستحق من العقاب، وفساد توجه ذلك إلي الكفار وإلي ذوي الصغائر والتائبين، لوجوب سقوط عقاب القبيلتين وقبح التمدح بالواجب، ولأن سقوط عقاب الصغيرة عندهم مؤثر عن زائد الثواب عليها، وسقوط العقاب بالتوبة مؤثر بها دون فعله تعالي، ودلالة صريح الظاهر يقتضي إضافة الغفران إليه تعالي وذلك يحيل تناوله لذوي الصغائر والتائبين بغير إشكال.
ومن ذلك قوله تعالي: " وإن ربك لذو مغفرة للناس علي ظلمهم " (1) وهذا نص صريح بتمدحه بغفران ذنب الظالم في حال ظلمه.
وقوله تعالي: " وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم " (2).
وقوله تعالي: " ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم وإن يشأ يعذبكم " (3) وهذا خطاب لا يجوز توجهه إلي الكفار ولا إلي من لا ذنب له من المؤمنين، لقبح التمدح بالغفران عن الفريقين، فلم يبق إلا توجهه إلي من جمع بين طاعته ومعصيته.
وبهذا يسقط حملهم الآيات علي ذوي الصغائر والتائبين، لأن أولئك لا ذنب لهم يغفر، ولما قدمناه من إضافتهم سقوط عقاب الصغائر بثواب الكبائر من الطاعات
(1) سورة الرعد، الآية: 6.
(2) سورة التوبة، الآية: 106.
(3) سورة الإسراء، الآية: 54.
(٤٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (26)، المنع (26)، الشفاعة (26)، الجواز (52)، سورة النساء (26)

الشفاعة

وعقاب معاصي التوبة (1) بها دونه سبحانه وكون الآيات … الغفران إليه سبحانه.
وقلنا: إن الشفاعة وجه … (2) عندها لإجماع الأمة علي ثبوتها له صلي الله عليه وآله ومضي … (3) إلي زمان حدوث " المعتزلة " علي الفتيا بتخصيصها بإسقاط العقاب فيجب الحك بكونها حقيقة في ذلك لانعقاد الإجماع في الأزمان السابقة لحدوث هذه الفرقة.
ويدل علي ذلك ما نقله محدثو الشيعة وأصحاب الحديث ولم ينازع في صحته أحد من العلماء من قوله صلي الله عليه وآله: " ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " (4) وقوله صلي الله عليه وآله: " لي اللواء الممدود (كذا) والحوض المورود والمقام المحمود وأني أسجد أمام العرش لا أرفع رأسي وفي النار أحد من أمتي ".
وهذان الحديثان صريحان بتخصيص الشفاعة بإسقاط العقاب، ولا قدح بما يتأولون به الحديث الأول من حمله علي التائبين من الكبائر، لأنه رجوع عن الظاهر بغير دلالة، ووصف التائبين من الكبائر بكونهم أهل كبائر، والاجماع بخلاف ذلك، ولاجماع آل محمد صلي الله عليه وآله علي ذلك وإجماعهم حجة.
وقد تعلقوا في تخصيص الشفاعة بزيادة المنافع لأهل الجنة بآيات لا دلالة لها علي موضع الخلاف:
(١) كذا.
(٢) هنا بياض في بعض النسخ.
(٣) هنا بياض في بعض النسخ.
(٤) رواه الشيخ في التبيان ١ / 213 مرسلا، وقال الطبرسي في مجمع البيان 104 / 1 تلقته الأمة بالقبول.
(٤٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (26)، الجنابة (26)، سورة النساء (26)
منها قوله تعالي: " ولا يشفعون إلا لمن ارتضي " (1) قالوا: وهذا يدل علي تخصيص الشفاعة بالمرتضين.
وقوله تعالي: " وما للظالمين من أنصار " (2) فنفي أن يكون للظالم ناصر.
وقوله تعالي: " فما لنا من شافعين ولا صديق حميم " (3).
وقوله تعالي: " ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع " (4).
والجواب عن ذلك من وجوه:
أولها أن تكون محمولة علي الكفار بدلالة إجماعنا علي حصول الشفاعة لأهل … بتخصيصها بزيادة المنافع ولما قدمناه من … في مرتكبي الكبائر ولأنه لا دلالة في شئ منها … فيها متعلق بمن لا يرتضي ولا يتم لهم ما يرمونه إلا بتقدير ليس … من قولهم ارتضي أفعاله وليسوا بذلك بأولي منا إذا قدرنا لمن ارتضي أن يشفع له، علي أنا لو حملناها علي ما قالوه لم يمنع من مقصودنا لها لأنها لا نجيز (5) الشفاعة إلا لمن (6) ارتضي إيمانه وطاعاته دون من لم يرتض شيئا من أفعاله إذ ذاك هو الكافر.
وأما الآية الثانية فمتعلقة بنفي النصرة دون الشفاعة، وهما مختلفان، لأن الشفاعة سؤال وطلب إلي المشفوع إليه، والنصرة مدافعة عن المنصور، ولا شبهة في أنه لا ناصر للظالمين منه تعالي ولا مدافع عنهم.
وأما الآية الثالثة فصريح في الكفار لأنه تعالي قال: " فما لنا من شافعين
(1) سورة الأنبياء، الآية: 28.
(2) سورة البقرة، الآية: 270.
(3) سورة الشعراء، الآية: 101.
(4) سورة الغافر، الآية: 18.
(5) نخير. خ.
(6) فيمن. خ.
(٤٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الجواز (26)
ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين " (1) فأخبر أن المذكورين غير مؤمنين إذ لو كانوا مؤمنين لم يتمنوا الرجعة ليؤمنوا ومن لا إيمان له لا يكون إلا كافرا لا تصح الشفاعة فيه وسنبين أن الإيمان قد يثبت مع ارتكاب الكبائر.
وأما الآية الرابعة فمختصة بنفي شفيع يطاع ولسنا نقول أن الشفيع يطاع، وإنما يطاع الأمر وليس بمأمور تعالي، والشافع سائل وقبول شفاعته إجابة وإنما كان (كذا) يكون في الآية حجة لو تضمنت: " ولا شفيع يجاب ".
ولا يمنع من تجويز العفو عن فساق المسلمين وسقوط عقاب المعفو عنه ما يتعلقون به من الآيات:
كقوله تعالي: " ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها " (2).
وقوله سبحانه: " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا " (3).
[وقوله تعالي: " من يقتل] مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها " (4) ونظائر ذلك.
قالوا: وهذه الآيات عامة في كل عاص وقاتل وزان وقد تضمنت.
(5) الوعيد للمذكورين فيها بالخلود، لأن التعلق بها في موضع الخلاف مبني علي
(1) سورة الشعراء، الآية: 10 1 - 102 (2) سورة النساء، الآية: 14.
(3) سورة الفرقان، الآية: 68 - 69.
(4) سورة النساء، الآية: 93.
(5) هنا بياض في بعض النسخ.
(٤٧١)
صفحهمفاتيح البحث: أكل مال اليتيم (26)، الشفاعة (26)، الجواز (26)
العموم وليس بصحيح علي ما ذكرناه في غير موضع وذكره غيرنا.
وأيضا فإن ورودها عامة عندهم لم يمنع من خروج التائب وذي الصغيرة منها، لتقدم العلم بسقوط عقابهما، فكذلك لا يمنع من خروج المعفو عنه لتقدم العلم بجواز العفو وسقوط العقاب بتركهما لعدم الفرق بين الجميع.
وأيضا فعمومهما (كذا) معارض بعمومين: أحدهما آيات العفو التي ذكرناها وما لم نذكره، الثاني عموم آيات الوعيد للمطيعين، والعمومان إذا تعارضا وقف العمل بهما أو خص أحدهما بالآخر، والوجه الأول لا يمكن في خطابه تعالي، فلا بد من تخصيص أحدهما بالآخر، وعموم آيات العفو لا يحتمل غير ما ذكرناه ولا يجوز تخصيصها بمن ذكروه، فإنه [مخالف] لظواهرها فلم يبق إلا حمل ما ذكروه من الآيات علي الكفار إن كان وعيدها دائما، أو إنها عامة في كل عاص ووعيدها منقطع، ويكون لفظ الخلود والتأبيد فيها مفيدا لطول المكث علي ما يعهده المخاطبون لها من معاني لفظ الخلود والتأبيد.
وكذلك القول في معارضة عموم آيات الوعيد لها مع فساد التحابط وقبح المنع من الثواب وفساد اجتماع الثواب والعقاب الدائمين في اقتضائه توجه وعيدها إن كان … بانقطاعه إن كان عاما من حيث كان القول بدوامه …
لكل مؤمن أو مطيع أو مضل أو مزل أو تائب … بدوام كلها فاسد إما اجتماع الثواب الدائم والعقاب الدائم … أو منعه سبحانه من الثواب وهو ظلم لا يجوز عليه سبحانه أو إحباط أحد المستحقين للآخر وقد بينا فساده وقد بلغنا من استيفاء (1) الكلام علي متعلقهم في الآيات في الكتاب المذكور أبعد غاية لم ينته إليها غيرنا وفيما ذكرناه هاهنا مقنع.
وقدمنا الكلام في أسماء فاعلي الحسن والقبح وأحكامهم عاجلا وآجلا بحيث
(1) استقصاء.
(٤٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: أكل مال اليتيم (26)، القرآن الكريم (26)، الظلم (26)، الزكاة (26)، الحج (26)، الشهادة (26)، الصّلاة (52)، الربا (26)، سورة الفرقان (26)، سورة النساء (26)، سورة الجن (26)

الكفر بعد الايمان

يجب ذكره من أبواب العبادات فلا وجه لإيراده هاهنا.
وإذا كانت الأمة متفقة علي دوام ثواب الإيمان وعقاب الكفر وأنهما لا يجتمعان لمكلف وقبح منع الثواب وإسقاط عقاب الكفر وفسد التحابط، فلا بد من القول بأن من ثبت إيمانه عند الله تعالي لا يكفر فيما بعد، لما يؤدي إليه ذلك من اجتماع ثواب دائم وعقاب دائم أو المنع من الثواب أو إسقاط عقاب الكفر أو إحباط أحدهما الآخر مع فساد ذلك أجمع.
ولا يعترض هذا ظهور الكفر ممن كان مظهرا للإيمان، ولا ما تضمنه القرآن من الإخبار بالكفر بعد الإيمان في قوله تعالي: " إن الذين آمنوا ثم كفروا " (1) وأمثال ذلك، لأن الثواب إنما يستحق بالإيمان عنده تعالي دون الظاهر، ولا مظهر له إلا ويجوز خلافه، وليست هذه حال الكفر لأنه لا باطن له ولا شك في ثبوته لمظهر شعاره بإجماع … علي الإيمان الصحيح اقتضي ذلك (2) حملها علي من كان مظهرا للإيمان أو معتقدا له علي الوجه المتعبد به (3).
فصل القطع علي استحقاق المصدق بجملة المعارف الموصوف لذلك بالإيمان حسب ما دل الدليل عليه وذكرناه العقاب الدائم والمنع من سقوطه تفضلا فرع لكون عقاب ما ليس بكفر من المعاصي دائما لا يجوز سقوطه بعفو ولا شفاعة وأن هناك كبير يزيد عقابه علي ثواب الإيمان وما يقاربه من الطاعات وأن زيادته عليه تقتضي سقوطه، لأن انقطاع عقاب ما ليس بكفر، أو جواز
(1) سورة النساء، الآية: 137.
(2) العبارة ناقصة ظاهرا.
(3) في بعض النسخ: المعتد به.
(٤٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الشفاعة (26)، الزنا (26)، الربا (26)، سورة البراءة (26)، سورة الفرقان (26)، سورة النساء (78)، سورة البقرة (26)

في دوام العقاب وعدمه

إسقاطه تفضلا بعد ثبوته، أو فقد العلم بتزايده علي ثواب الإيمان وما يضاهيه من الطاعات، أو فساد إحباط هذا الثواب بالزائد عليه، يمنع كل واحد من ذلك من القول بوعيد الفساق من المسلمين علي ما يذهبون إليه فيه.
فأما فساد القول بدوامه فقد سلف برهانه وسقوط دعوي ثبوته عقلا وسمعا.
وأما سقوطه بالعفو فقد بينا جوازه عقلا وثبوته سمعا.
وأما طريق العلم بتزايد العقاب علي ثواب الإيمان فمتعذر عقلا وسمعا حسب ما بيناه في الكتاب المذكور.
وأما إحباط العقاب لثواب الإيمان فقد تقدم فساد دعوي صحته واستوفينا الكلام … واجتنب سائر الكبائر المعينة وأخل بما عدا ذلك من جميع الواجبات وارتكب سائر القبائح العقلية والسمعية بم تسمعون وتحكمون عليه؟ فإن قالوا:
نسميه فاسقا ونحكم عليه بعقاب الفساق من الخلود في النار قيل لهم: وأي يدلكم (1) مع قولكم بأن إطلاق هذا الاسم وإثبات حكمه مختص بذوي الكبائر وهذا قد اجتنبها، وكيف يصح وصفه بالفسق والحكم عليه بما يقتضيه مع تجويز ثبوت إيمانه واجتنابه الكبائر وثبوت ثوابهما وسقوط عقاب جميع ما أتاه من القبح في جنب هذا الثواب.
وبعد فكلكم يذهب إلي أن اجتناب الكبائر مقتض لتكفير ما عداها ويعتمد في ذلك علي قوله تعالي: " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم " (2) فكيف يتم لكم مع هذا المذهب وصف مجتنبها بالفسق والحكم عليه بحكمه؟
فإن قالوا: تكفير السيئات وثبوت ثواب الإيمان مشترط باجتناب سائر
(1) كذا.
(2) سورة النساء، الآية: 31.
(٤٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، أكل مال اليتيم (26)، الزكاة (26)، الشهادة (26)، المنع (26)، القتل (26)، الصّلاة (26)، الأكل (26)، الموت (26)، الصيام، الصوم (26)، الإفطار (26)، سورة المائدة (26)، سورة الفرقان (26)، سورة النساء (26)، سورة النور (26)
الكبائر، وهذا قد أتي ببعضها وإن لم يتميز لنا كتميز معاصي الحدود فلذلك سميناه فاسقا وحكمنا عليه بحكم الفساق.
قيل لهم: ومن أين لكم أن في جملة ما أتاه كبير، مع تجويزكم أن تكون جملته صغائر مكفرة بثواب … ذلك انتقالا عن المعلوم بالظن وذلك معلوم الفساد وهم لا يذهبون فكفونا مؤنة الاحتجاج له وإن كنا قد أوضحناه فتعذر عليهم وصفه بالفسق والحكم عليه بموجبه.
وبعد فإذا كان القديم تعالي قد نص عندهم علي أن اجتناب الكبائر يكفر ما عداها من السيئات ودانوا به عقلا ودل عندهم الدليل بزعمهم علي أن فعلها أو واحدة منها يسقط ثواب الإيمان وسائر الطاعات الماضية والمستقبلة ويقتضي بعد ذلك تعذيب العاصي عذابا دائما لا آخر له، وجب في عدله تعالي تعيينها كمعاصي الحدود ليجتنبها المكلف فيحوز بذلك ثواب طاعاته المقصود بالتكليف ويسقط عذاب معاصيه الخارجة عنها لأنه قد كلف اجتنابها ودل في الجملة علي عظيم عقابها وكونها مانعا من ثبوت ثواب شئ من طاعاته، إذ من القبيح أن يكلف ما له هذه الصفة مع تعذر العلم به.
ألا تري أن التوبة لما كانت عندهم مسقطة للعقاب كلفها ودل عليها بصفتها وشروطها، فما له وجب تعيين التوبة قائم في كبائر الطاعات والمعاصي، وما له قبح التكليف للتوبة من دون العلم بها له يقبح تكليف الكبائر من دون العلم.
وإذا وجبت هذه القضية وكانوا لا يعينون كبيرا إلا ما أوجب حدا وجب القطع علي أنها كسائر الآثام حسب … لا يوصف فاعلها بالفسق ولا يحكم..
عليه … أو فساد ما يذهبون إليه … مسقطا للعقاب وهم … القطع علي أن ما عدا … فاسقا والحكم عليه … لكان المكلف مغري بما عداها من القبائح والاغراء قبيح لا يجوز في حكمته.
(٤٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الأحكام الشرعية (26)، أصول الفقه (52)، الشهادة (26)، الزنا (26)
قيل: لا شبهة في أن تعيينها مع ثبوت التحابط يقتضي الاغراء بما عداها، وكذلك تكليف اجتنابها مع ما هي عليه من الصفة مع تعذر العلم بها قبيح أيضا، فلم يبق بعد هذا إلا القول بنفي كبائر علي ما يقولونه لما يؤدي إليه من الفساد.
وإن قالوا: نسميه مسلما ومؤمنا ونحكم بالثواب الدائم.
قيل لهم: وكيف لكم بذلك، وقد أتي بمعاصي تجيزون أن يكون معظمها كبائر تمنع من وصفه بالإيمان وحكمه ويقتضي خلوده في النار مع ما تضمن التنزيل من وعيدها كمعاصي الحدود، كأكل مال اليتيم والفرار من الزحف والحكم بغير ما أنزل الله سبحانه والظلم والهمز واللمز والاخلال ببعض الفرائض ومن أي جهة أمنتم عذابه؟ وعلي أي وجه وصفتموه بالإيمان وحكمتم له بثوابه مع تجويز كونه فاسقا لدائم العقاب وورود النص من الله تعالي بذمه وعقابه مع قولكم باستحالة اجتماع الاسمين وما يستحق بهما مع مدح ذم، وثواب عقاب؟.
وإن قالوا: نسميه مسلما بشرط أن لا تكون فيما أتاه كبيرة.
قيل لهم: هذا أولا مخالف لأصولكم لأن … علي الإطلاق ومستحقا للثواب حسب اوقا … كافرا يزيد عقابه علي عقابه … عن مذهبكم ودخول … يخلو أن يكون التعظيم … مؤمن علي الإطلاق وقد بينا ما يلزمهم علي القول بإيمانه … فهو فاسق علي الإطلاق وقد بينا ما يلزمهم علي القول بفسقه، وسقوط فرض المدح والذم مع ثبوت تكليفه لا يجوز بإجماع، فلم يبق إلا القول باستحقاقه سمة الإيمان بتصديقه وطاعاته واجتناب كبائر المعاصي والثواب علي ذلك، ووصفه بالفسق مقيدا بما فعله من القبائح واستحقاقه العقاب المنقطع المرجو سقوطه بعفو مبتدء أو شفاعة، وسقط لذلك ما يذهبون إليه من القول بكبير مسقط وصغير ساقط وما تفرع علي ذلك من التحابط والوعيد.
(٤٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الضلال (26)، المنع (26)، الجهل (26)، الشهادة (26)، الزنا (26)، الجواز (26)
وبعد فإذا كان وعيد من ثبت إيمانه علي القبيح وسلبه سمة الإيمان وحكمه فرعا لثبوت كبائر معينة يزيد عقابها علي ثوابه وكانوا يجيزون فيما عدا معاصي الحدود كونه صغيرا وكنا ومن سبقنا من السلف رضي الله عنهم قد بينا في كتابنا وغيره وبينوا أن ثبوت الحد علي المعصية لا يقتضي تزايد عقابها علي ثواب الإيمان لتجويز كون الحد امتحانا أو قسطا من عقابه أو جميعه مع ثبوت ثوابه، تعذر طريق العلم باثبات شئ من المعاصي كبيرا، واقتضي ذلك فساد ما يذهبون إليه من التحابط المتفرع عليه، وسقط مذهبهم في الوعيد وأسماء العصاة إليه …
إلزام آخر يقال لهم: إذا كنتم … بوعيدها وحكم علي فاعلها …
علي معاصي الحدود دون سائرها … الفسق ونفي العدالة بفعلها … والقذف لأنه تعالي قد نص علي عقاب أكل مال اليتيم والفرار من الزحف والحكم بغير ما أنزل الله تعالي وفعل الربا وسائر المحرمات وترك الصلاة والحج ومنع الزكاة وسائر الفرائض، وأجمع المسلمون به وطابق إجماعها قوله تعالي:
" ومن يعمل سوء يجز به " (1) فعم بالجزاء كل شئ، وقوله تعالي: " ومن يعص الله ورسوله … الآية " (2) فعم كل عاص بالوعيد، وقوله تعالي: " ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا " (3) وهذا متناول لقليل الظلم وكثيره، وأمثال ذلك من وعيد القرآن الوارد مورد معاصي الحدود. وأجمع المسلمون علي تفسيق من وقع منه بعض القبائح وذمه ونفي عدالته ورد شهادته وكراهية مناكحته وإبطال عقد النكاح عند كثير منهم، ومنع آخرون الصلاة خلفه كاجماعهم
(1) سورة النساء، الآية 123.
(2) سورة الجن، الآية 23.
(3) سورة الفرقان، الآية 19.
(٤٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (52)، الشفاعة (26)، الجواز (78)، سورة الأعراف (26)
علي وصف الزاني والسارق والقاذف بذلك، وأجروا الأحكام عليه، فإن صاروا إلي مقتضي الحجة من هذا الالزام سقط ما يذهبون إليه من كبير وصغير، وفسد لذلك ما يتفرع عليه من التحابط ويبني عليه من الوعيد، ودخلوا في مذهبنا المحكوم فيه باستحقاق العقاب بكل معصية وثبوت ذلك إلا أن يتفضل مالكه بإسقاطه ابتداءا أو عند توبة أو شفاعة، لأن كل من قال بأحد الأمرين قال بالآخر، وإن امتنعوا من ذلك نقضوا ما يذهبون إليه من أن القطع بوعيد المعصية وثبوت سمة الفسق بها …
فإن قالوا: لم تنازع في استحقاق العقاب بكل معصية … الكبائر وإن لم يتعين لنا منها … جهة الاستحقاق دلالة علي انتفاء ما يقابله … اجتماعها فأما ما عداها فوعيدها مشترط بأن يكون … تفرقتكم بين الأمرين مع تناول الوعيد لهما علي وجه واحد وثبوت سمة الفسق وأحكامه بكل منهما وتعلق الذم واللعن عليه لأن قوله تعالي: " إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا " (1) وقوله: " ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا " (2) " ومن يعص الله ورسوله … الآية " (3) ومن يعمل سوءا يجز به الآية (4) " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا … الآية " (5) " والذين يكنزون الذهب والفضة … الآية " (6) وأمثال ذلك من الوعيد
(1) سورة النساء، الآية 10.
(2) سورة الفرقان، الآية 19.
(3) سورة النساء، الآية 14.
(4) سورة النساء، الآية 123.
(5) سورة البقرة، الآية 278.
(6) سورة التوبة، الآية 34.
صفحه(٤٧٨)
القاطع لكل فاعل قبيحا أو مخل بواجب مساو لقوله تعالي: " ومن يقتل مؤمنا " (1) " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر " (2) " والذين يرمون المحصنات " (3) " والسارق والسارقة " (4).. الآيات فإن جاز لهم أن يشترطوا عند أحد الظاهرين جاز لنا اشتراط الآخر وتخصيصه بالمستحيل (كذا) من حيث كان تقييد بعض دون بعض اقتراحا.
فأما اقتران الحدود بالاستخفاف ومنافاته للتعظيم فقد استوفينا الكلام عليه في كتاب " التقريب " ونبهنا فيما سلف علي ذلك، وإن الحد امتحان مساو للتنكيل، (للتكبيل خ) وأن وقوعه عقوبة لا يمنع من ثبوت الثواب لكونه بعض المستحق أو جملته، وأن اجتماع المدح والذم والثواب معلوم حسنه بشرط اختلاف الفعلين فبطل بذلك معتمدهم من الحدود علي … قبيحا أو أخل بفرض بالفسق وإجراء أحكامه … مع قولهم أن ثبوت سمة الفسق علم … مساواة ذلك لمعاصي الحدود في الكبير … معاصي الحدود وليس لهم أن يقولوا …
كافة أهل الوعيد لأن المعلوم ضرورة من دين النبي صلي الله عليه وآله وكافة المسلمين تسمية من ترك الصلاة ومنع الزكاة أو أفطر من الصوم مختارا أو قعد عن الجهاد المتعين عليه أوفر من زحف يجب عليه فيه الثبوت أو أكل مال اليتيم أو عامل بربا أو أكل ميتة أو لحم خنزير إلي غير ذلك من القبائح بالفسق ونفي العدالة ورد الشهادة إلي غير ذلك من أحكامه كحصول العلم من دينه صلي الله عليه وآله ودينهم
(1) سورة النساء، الآية 93.
(2) سورة الفرقان، الآية 68.
(3) سورة النور، الآية 4 و 23.
(4) سورة المائدة، الآية 38.
صفحه(٤٧٩)
بوصف الزاني والقاذف بالفسق والحكم عليهما بأحكامه وأي مسلم يتحاسر (1) وعيدي أو مرجئ تقدم وجوده أو تأخر يحكم بعدالة من اجتنب معاصي الحدود وأتي ما عداها من القبائح؟ وكل من الفريقين قد نص علي ذلك في كتبه وصرح به في فتياه وعم العلم بتدين كافة المسلمين به من زمنه وصحابته وإلي الآن، فمنع ذلك من دعوي خلاف يعتد به.
وإنما ذهبت " الوعيدية " إلي اتفاق (كذا) سمة الفسق علي مرتكب ما علموه كبيرا في كتب الكلام حسب ما اقتضته فيها أصولهم الفاسدة في الوعيد اطراحا لما عم العلم به من دين المسلمين عنادا للحق أو سهوا عنه مع بعده أو قلة تأمل.
وكيف لا يكون الأمر كذلك ونحن نجدهم أجمع يحكمون برد شهادة من علموه مرتكبا لبعض المعاصي وقد نصوا علي ذلك في كتبهم المصنفة في أصول الفقه وتجاوزوه إلي تفسيق من أخطأ فيما طريقته الاجتهاد من الولاية والعداوة في الدين … في الوعيد حين ذكروا أحكام العدالة في أصول الفقه … من ذلك فيها مع مطابقة المعلوم من دين الأمة من اتفاق … معاصي الحدود خاصة وليس لهم أن يقولوا إنما لم يحكم بعد … لتجويزنا أن يكون ما أتاه كبيرا " لأن ذلك يوجب عليهم كما … بالعدالة لتجويزهم كون ما أتاه كبيرا لا يصفوه بالفسق لتجويزهم كونه صغيرا " ويقفوا فيه والاجماع بخلاف ذلك وهم داخلون فيه ومذهبهم ينافيه لأنهم لا يقفون في مكلف بل يقطعون بكفره أو فسقه أو إيمانه ويبدعون (كذا) من شك أو قطع باجتماع الإيمان و الفسق.
وليس لهم أن يقولوا إن العدالة حكم شرعي منعت الشريعة من ثبوته
(1) كذا في أقدم نسخنا، وفي بعض النسخ: يتحانب.
(٤٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، البعث، الإنبعاث (26)، المنع (26)، الضرر (26)، الظنّ (26)
مع بعض القبائح وإن كان صغيرا، لأن أول ما في ذلك أنه ترك المعلوم من مذهبهم في أن الصغائر لا يقدح في العدالة، فكيف نسوا ذلك هاهنا؟ للغفلة أم عنادا أم رغبة عنه، والغفلة والعناد لا يليقان بالمحققين من العلماء لا سيما منتحلي الحذق والتحقيق والتدقيق، والرغبة عنه توجب عليهم نفي عدالة الأنبياء والأئمة وإجماع الأمة، لاتفاقهم علي صحة الصغائر منهم ووقوعها من أكثرهم، وذلك ضلال، فلم يبق إلا تمسكهم بأن الصغائر لا يقدح في العدالة فتسقط الشبهة، ويلزمهم الحكم بكبر كل معصية منعت من العدالة، فإذا كانت الأمة وهم من جملتهم ينفون عدالة من أثر بعض القبائح فعلا وإخلالا كحكمهم ذلك في معاصي الحدود وجب عليهم أن يحكموا بكبر الجميع.
وبعد فليس بين التعديل والتفسيق … إما أن يثبت الفسق فتنتفي العدالة ويتبعها رد … أو يجهل ما يقتضي أحد الأمرين فيتوقف علي البيان … من دين الأمة ووجدناها ترد شهادة من علمته مرتكبا … كفعلها مثل ذلك في الزاني و القاذف دل ذلك علي … وكون ما أتاه كبيرا لاتفاقنا جميعا علي أن طريق إثبات أسماء أهل الطاعة أو المعصية السمع دون العقل والاجماع آكد دلالة السمع غير إشكال.
إن قيل: فإذا كان الوعيد ثابتا بكل معصية ومن جملته صريح الخلود والتأبيد وكيف يتم لكم ما تذهبون إليه من انقطاع عقاب بعض العصاة؟
قيل: ثبوت الوعيد علي كل معصية لا ينافي قولنا في عصاة أهل القبلة، لأنا نقول بموجبه، وإنما نمنع من دوامه لغير الكفار، وثبوته منقطعا يجوز سقوطه بأحد ما ذكرناه لا يمنع منه إجماع ولا ظاهر قرآن، من حيث كان الإجماع حاصلا باستحقاق العقاب وسمة الفسق في العاجل دون دوامه وفعله في الأجل، وإنما يعلم به دوام عقاب الكفر وفعله في الآخرة.
(٤٨١)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (26)، المنع (26)، الجواز (52)، الوجوب (26)، سورة الرحمن (الرحمان) (26)، سورة الحديد (26)
فأما آيات الخلود والتأبيد فقد بينا فيما سلف واستوفيناه في الكتاب المذكور أنه ليس في لغة العرب لفظ يفيد ما لا آخر له، فلا يجوز حمل خطابه تعالي علي ما لا يعرفه المخاطبون، وقلنا: إن لفظة الخلود مختصة بالسكون و الطمأنينة فمن قوله تعالي: " أخلد إلي الأرض " (1) أي سكن إليها واطمأن، و قولهم: قد أخلد فلان إلي كذا إذا سكن إليه واطمأن، وأن لفظ التأبيد عبارة عما يعهده المخاطبون … حسب من قولهم لا أكلمك أبدا ولا أقاتل أبدا لا يخطر له ببال مما (2) لا آخر له وبينا أنا إنما علمنا أن … الكفار لا آخر لهما من قصده … العقاب دائما أو منقطعا علي كل معصيته أو منقسما …
برهانه لا يمنع مما نذهب إليه من جواز سقوطه عن عصاة الملة لعفو مبتدء أو عند شفاعة كما لم يمنع كونه دائما عند جميعهم من جواز سقوطه عند أكثرهم عقلا وعند كافتهم بتوبة أو زائد ثواب.
وفي هذا القدر من الكلام في أحكام المستحق كفاية ومريد الغاية منه يجده في كتاب " التقريب ".
(1) سورة الأعراف، الآية 176.
(2) ما. ظ.
(٤٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (26)، القرآن الكريم (26)، الوسعة (26)، الموت (52)، المنع (26)، القبر (52)، الجواز (26)، الوجوب (26)
الحال التي يثبت فيها المستحق والتي يفعل فيها
(٤٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (26)، الموت (52)، القتل (26)، الضلال (26)، القبر (26)، الوجوب (26)، سورة الأنعام (26)

الحال التي يثبت فيها المستحق والتي يفعل فيها

فصل في بيان الحال التي يثبت فيها المستحق والتي يفعل فيها إذا كان الغرض بالتكليف التعريض للثواب واقتضت المصلحة ما ورد السمع به من الزجر بالعقاب، وجب الحكم بثبوت استحقاقهما عقيب الطاعة والمعصية لوقوع كل منهما علي الوجه المقتضي للاستحقاق، فلو لم يكونا مستحقين عقبيهما لم يثبت استحقاقهما، لأنه لا حال بثبوته أولي من حال، والحكمة تقتضي تأخيرهما عن زمان التكليف وحال انقطاعه زمانا غير معلوم، لأنهما لو أوصلا إلي مستحقهما … لاقتضي ذلك الالجاء إلي فعل الواجب واجتناب القبيح وذلك مناف … شاق تنغمر مشقته في جنبه، وإلي ضرر عظيم متي أخل به تنغمر في جنبه راحة تركه … تنفع علي الاجتناب والضرر علي الفعل هو ملجأ …
والحال المفعول فيها الثواب والعقاب غير معلومة.. وقد نص عليها سبحانه في كتابه وعلي لسان رسول الله صلي الله عليه وآله وعين المستحقين وكيفيتهما ومحل إيصالهما فوجب القطع به.
وتأخيرهما إلي تلك الحال وهو يوم البعث، للمانع الذي ذكرناه، لا يمنع من استحقاقهما عقيب الطاعة والمعصية، لأنه قد يعرض في الحقوق ما يقتضي تأخيرها إذا علم أو ظن أن في تعجيلها فسادا، فإذا أوصل المثاب إلي مستحقه فرقت عليه في أوقات الإثابة ما فاته من الأقساط المستحقة في الأزمنة الماضية
(٤٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (26)، البعث، الإنبعاث (78)، المنع (26)، الإقامة (26)، الغضب (26)، القبر (52)، القرآن الكريم (26)

المعاد والرجعة والثواب والعقاب

فصل في بيان الحال التي يثبت فيها المستحق والتي يفعل فيها إذا كان الغرض بالتكليف التعريض للثواب واقتضت المصلحة ما ورد السمع به من الزجر بالعقاب، وجب الحكم بثبوت استحقاقهما عقيب الطاعة والمعصية لوقوع كل منهما علي الوجه المقتضي للاستحقاق، فلو لم يكونا مستحقين عقبيهما لم يثبت استحقاقهما، لأنه لا حال بثبوته أولي من حال، والحكمة تقتضي تأخيرهما عن زمان التكليف وحال انقطاعه زمانا غير معلوم، لأنهما لو أوصلا إلي مستحقهما … لاقتضي ذلك الالجاء إلي فعل الواجب واجتناب القبيح وذلك مناف … شاق تنغمر مشقته في جنبه، وإلي ضرر عظيم متي أخل به تنغمر في جنبه راحة تركه … تنفع علي الاجتناب والضرر علي الفعل هو ملجأ …
والحال المفعول فيها الثواب والعقاب غير معلومة.. وقد نص عليها سبحانه في كتابه وعلي لسان رسول الله صلي الله عليه وآله وعين المستحقين وكيفيتهما ومحل إيصالهما فوجب القطع به.
وتأخيرهما إلي تلك الحال وهو يوم البعث، للمانع الذي ذكرناه، لا يمنع من استحقاقهما عقيب الطاعة والمعصية، لأنه قد يعرض في الحقوق ما يقتضي تأخيرها إذا علم أو ظن أن في تعجيلها فسادا، فإذا أوصل المثاب إلي مستحقه فرقت عليه في أوقات الإثابة ما فاته من الأقساط المستحقة في الأزمنة الماضية
(٤٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (26)، البعث، الإنبعاث (78)، المنع (26)، الإقامة (26)، الغضب (26)، القبر (52)، القرآن الكريم (26)
إلي حين وصل إليه، من حيث كان منع ذلك ظلما لا يجوز عليه تعالي.
وكذلك القول في عقاب الكفار وما لا يتفضل سبحانه بإسقاط من ماضي عقاب الفساق، لقيام الدلالة علي قبح العفو عن الكفار وحسنه فيمن عداهم، وذلك يقتضي انقطاع تكليف كل عاقل، لأنه إن لم ينقطع تكليفه مع ما ثبت قبحه من إيصاله إلي مستحقه عقيب فعله اقتضي ذلك انتقاض الغرض المجري بالتكليف إليه، وقد كان جائزا من جهة العقل استمرار إيجاد جميع الخلق حالا بعد حال إلي ما لا نهاية له وتكليفهم أبدا، وإيصاله جميع من انقطع تكليفه منهم إلي مستحقه، لكن السمع ورد بانقطاع تكليف البشر وإماتتهم أجمع وقطع إيجاد أمثالهم … بعد الموت للإثابة والمعاقبة والتعويض والتفضل، فقطعنا بذلك وارد (كذا).
وبقينا في الجن والملائكة علي ما كنا عليه من جواز إيجادهم وتكليفهم حالا فحالا لفقد دليل فيهم بمثل ما علمناه في البشر والدلالة.. بمقدوره سبحانه العالم في كل ما يصح تعلق القدرة به والجواهر.. الأعراض الباقية في مقدوراته تعالي وقد أحدثها تعالي ابتداءا.. بكونه سبحانه قادرا علي إعادتها بعد الفناء ثانية إذ كانت … للثانية فما له وجب تعلق الأولة به تعالي له يصح تعلق الثانية، والدلالة علي ذلك حصول العلم بفناء العالم بقوله تعالي: " هو الأول والآخر " (1) وإنما كان أولا لكونه تعالي سابقا للموجودات، فكذلك إنما يكون آخرا ببقائه بعدها.
وقوله تعالي: " كل من عليها فان ويبقي … " (2).
والدلالة علي وجوب إعادة الخلق بعد فنائه حصول العلم بذلك من دينه صلي الله عليه وآله
(1) سورة الحديد، الآية 3.
(2) سورة الرحمن، الآية 27.
(٤٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الايمان والكفر (26)، الشهادة (26)، الموت (26)، الفزع (26)، العذاب، العذب (26)
وتضمن القرآن له.
والواجب من جهة العقل إعادة من له مستحق لم يصل إليه في دار التكليف من أهل الثواب، ومن لم يستوف عوض إيلامه به سبحانه أو بغيره، لما تقتضيه حكمته سبحانه من ذلك، وما في منعه من وجوه القبح التي لا تجوز عليه تعالي.
فأما المعاقب والمتفضل عليه فإعادتهما غير واجبة لحسن العفو عن المعاقب أو إيقاف معاقبته أبدا وانتفاء وجوه القبح عن منع التفضل.
وإنما علمنا وجوب إعادة الجميع بالسمع المعلوم من دينه صلي الله عليه وآله.
والواجب إعادته من جملة الحي عقلا ما به يكون حيا من البنية وهي التي إذا انتقضت خرج عن كونه حيا، دون أعضائه وسمته وما ليس من جملته … حيا من دون ذلك أجمع.
وإنما قلنا إن الله يعيد الأحياء علي … الكاملة لحصول الإجماع بذلك.
وقد أجمعت الأمة علي إعادة الحي بعد الموت في القبر والمسائلة والتنعيم أو التعذيب.
وأجمعت الفرقة المحقة علي إعادة من محض الكفر أو الإيمان من أمتنا في دولة المهدي عليه السلام.
وكل واحد … من جهة العقل لتعلقه بمقدوره سبحانه وطريق القطع …
المذكور.
وليس لأحد أن يقول: كيف يصح إحياء الميت في القبر مع … لأن محييه سبحانه قادر علي توسيعه لبشارة المؤمن وتعذيب الكافر ولأن أجسام متولي التعذيب شفافة لا تفتقر إلي كثير سعة.
(٤٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (26)، علي بن أبي طالب (26)، محمد بن عبد الله (26)، الباطل، الإبطال (26)، الصّلاة (52)، الشراكة، المشاركة (26)، الضرر (26)
إن قيل: فقد كان ينبغي أن يسمع كلام الملائكة والمحي (1) لأن حصول ذلك بحيث يكون بقر القبر سامع ليس بواجب، فإذا لم يجب وانتفي إدراك ذلك وجب القطع علي تخصصه بوقت لا يكون هناك سامع، وبمثل هذا نجيب من سأل فقال: كيف يصح ذلك ونحن أي وقت كشفنا عن الميت وجدناه بحاله، لأن حالة إحيائه غير مختصه بوقت.
وبعد فالعلم بنشر كل ميت مرتفع.
فإن قيل: في الراجعة (كذا) أخبرونا عن المكرورين أعقلاء أم لا، فإن كانوا عقلاء فمن كمال العقل التكليف وذلك يصح إيمان الكافر وكفر المؤمن أو فسقه، والاجماع بخلاف ذلك.
قيل: المكرورون عقلاء، ويصح أن يكونوا مكلفين، ولا يلزم كفر المؤمن لما بيناه من وجوب الموافاة بالإيمان وتعذر حصول الكفر بعد ثبوته، وفسقه مأمون لأنه تعالي لا يرجع من يعلم من حاله أنه يفسق، وأما إيمان الكافر فذلك جائز من جهة العقل، لكن الإجماع مانع منه وهو اتفاقهم علي أن من مات كافرا فلا بد أن يوافي القيامة بكفره، وقد نطق القرآن بذلك في غير موضع ونص سبحانه زائدا علي ذلك بأنهم لو ردوا لعادوا بقوله تعالي: " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه " (2) فعلي هذا لا يكر من الكفار من يعلم حاله أنه يختار الإيمان. ويصح أن يكونوا غير مكلفين … في نشرهم تعجيل قسط من الثواب لأهل الإيمان بمشاهدة دولة … ذلك من المسار وتعجيل قسط من العقاب لأهل الضلال …
الغم عليهم بما يشاهدونه من علو الحق وأهله المستضعفين.. أو أمرهم وهلاك إخوانهم فيه والإشارة بذم المعظمين عندهم … بالقتل نكالا فيكون حال الفريقين
(1) العبارة ناقصة ظاهرا.
(2) سورة الأنعام، الآية 28.
(٤٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الخوف (26)، الشفاعة (26)، العذاب، العذب (26)، الجواز (52)، الجنابة (26)

حال المؤمنين والكفار في الآخرة

في الرجعة كحالهم في الآخرة علي ما نبينه.
أن قيل: أفليس قد منعهم من تعجيل المستحق قبل البعث فكيف بذلك وما قطعتم به من عذاب القبر والرجعة وثوابهما؟
قيل: إنما منعنا من تعجيل ما يقتضي الالجاء وذلك مختص بجملة المستحق، فأما ما ليست له هذه الصفة فتعجيله جائز.
يوضح ذلك المدح والذم وإقامة الحد والقصاص.
وأما الإعادة القصوي فمختصة بيوم البعث، وهو يوم القيامة (1) ويوم الآزفة ويوم القارعة ويوم الحاقة والصارخة والطامة ويوم النشور وبعثرة القبور ويوم الحساب والمآب، إلي غير ذلك من أسمائه المفيدة للمعاني المختلفة المعلومة وما يقع من المسمي بها وكيفيته بالسمع، وقد قطع التعذر صحة (كذا) بأن الله تعالي يبعث الخلق لهذا اليوم وتكور له الشمس ويخسف القمر وتنشر الكواكب وتكشط السماء وتبدل الأرض وتسجر البحار وتسير الجبال وتدكدك وتنسف وتسعر الجحيم وتبرز وتزلف الجنة وتزخرفت ويضع كتاب الأعمال لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا [أحصاها] … وتنشر صحف الأعمال ويضع الموازين القسط فلا تظلم نفس شيئا ويصح (كذا) الصراط لأهل النعيم، ويحشر الخلق كله كاملي العقول عالمين بما كلفوا علمه … ولا مرجئين بل ملجئين إلي ترك القبيح … من الحجج المأمونين (2) وتبدوا ملائكة الغضب … للتنعيم، وتدعي كل أمة بإمامها. ويحبسون لأول … الانتصاف للمظلومين فلا يجاوزه أحد عليه تبعة لم تخرج منها، وكل مرتهن بعمله، مشغول بنفسه عن أهله و
(١) أكثر هذه العبارات إلي قوله: متميزة … مقتبسة من القرآن الكريم ومستفادة منه.
(2) في بعض النسخ: المأمومين.
(٤٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الشهادة (26)، الأكل (26)
خاصته وأخلائه وأهل مودته، محاسب في حقه تعالي.
وأصحاب اليمين مبيضة وجوههم، فرحة قلوبهم، مبشرون بالرضوان، لا يحزنهم الفزع الأكبر، وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون، كتبهم بأيمانهم، معظمون في الموقف، محشورون إلي ما وعدوا به من دائم الثواب، كل علي قدر مستحقه، مستغن به عن غيره، راض بنعيمه عن كل نعيم لسواه، بالغ منه غاية مأثورة.
وأصحاب الشمال مسودة وجوههم، كتبهم بشمائلهم من وراء ظهورهم، موبخون علي فارط زللهم، مبكتون علي قبيح عملهم، محاسبون علي ما أسلفوا، عاجزون عن عذر، شاهدة عليهم جوارحهم بقبيح فعلهم، نادمون علي ما فرطوا، يتمنون الراجعة (كذا) ولات حين مناص، مسحوبون علي وجوههم، في أعناقهم الأغلال، وفي النار هم يسجرون، سرابيلهم من قطران، وتغشي وجوههم النار، لهم من جهنم مهاد، ومن فوقهم غواش، نزلهم الزقوم، وشرابهم الحميم، يصهر به ما في بطونهم والجلود، ولهم مقامع من حديد، كلما نضجت جلودهم وأشرفوا علي الفوت وظنوه الموت بدلوا جلودا طرية ليذوقوا العذاب بما كسبوا وهم لا يظلمون، ولا يقضي عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها، كذلك نجزي كل كفور، كل معذب علي قدر جريرته.
متميزة حال فساق المؤمنين من الفريقين بخروجهم بالإيمان … الكفار وبالفسق عن مراتب الأبرار معرضون … فإن يعف عنهم أو يشفع فيهم يصيروا من جملة الأبرار … ثواب الإيمان والطاعات وأن يحرموهما … عذابا منقطعا لا دليل علي غايته، كل منهم علي حسب فارطه ومتي يقطع بالاستيفاء أو الشفاعة فلا بد من مصيرهم إلي ما استحقوا من الثواب.
مخالف لحال الكل حال من ابتدأه الله تعالي في النعيم أو عوض ممن ليس بكامل من البهائم والأطفال والمجانين لتعذر استحقاق الثواب والعقاب عنهم.
(٤٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (26)، الشهادة (26)، الجواز (26)، سورة فصلت (26)، سورة ق (26)

شفاعة الرسول والأئمة والمؤمنين

ولرسول الله صلي الله عليه وآله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف صلوات الله عليه وآله في ذلك اليوم المقام الأشرف والمحل الأعظم، له اللواء المعقود (كذا) ولواء الحمد والحوض المورود والمقام المحمود والشفاعة المقبولة والمنزلة العلية والدرجة المنيعة علي جميع النبيين وأتباعهم.
وكل شئ خص به من التفضيل ورشح له من التأهل فأخوه وصنوه ووارث علمه ووصيه في أمته وخليفته علي رعيته أمير المؤمنين وسيد المسلمين علي بن أبي طالب بن عبد المطلب عليه السلام شريك فيه وهو صاحب الأعراف وقسيم الجنة والنار بنصه الصريح وقوله الفصيح.
وأعلام الأزمنة وتراجمة الملة بعدهما صلوات الله عليهم أعوان عليه و مساهمون فيه حسب ما أخبر به وأشار بذكره.
ولشيعتهم من ذلك الحظ الأوفر والقسط الأكبر لتحققهم بالاسلام ممن عداهم وتخصصهم بالإيمان دون من سواهم … الكفر وشيعتهم وأنصار الباطل … دعونا إليه.
فأهل الجنة علي ثلاثة … استحقاقهم وهو دائم غير منقطع … مختلفة بحسب تزايد مستحقهم … علي دوامه لأنه لو كان دائما لم يحسن منا إدخال ضرر علي أنفسنا ولا تعريض الغير له لنفع منقطع، والمعلوم خلاف ذلك، ويجوز أن يتفضل الله تعالي بإدامة نعيم المعوضين عقلا وقد قطع السمع به في أهل الجنة. والضرب الثالث أهل التفضل خاصة ممن لم يألم في الدنيا وإن كان مستبعدا، وإذا لم يكن في العقل دليل علي لزوم التفضل فكيف بدوامه، وإنما يعلم دوام من يتفضل تعالي بتنعيمه بالسمع ويجوز أن يتفضل علي أهل الثواب بمنافع تقترن بثوابهم خالصة من صفة الثواب.
ويجوز أن يقترن إلي ذلك ما يستحقونه من أعواض علي ما دخل عليهم من
(٤٩١)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (26)، الخوف (26)، سورة الأنبياء (26)
الآلام ويجوز أن ينقطع ما يتفضل به تعالي عليهم من النعيم ويجوز أن يديمه بدوام الثواب، فأما العوض فلا بد من انقطاعه لكون المستحق منه محصورا وإذا قطع التفضل أو انقطع العوض عن المثاب فلا بد أن يصرفه الله تعالي عن الفكر فيه أو يكون يسيرا منغمرا في جنب ثوابه فلا يجد لفقده مسالان لا يتكدر ثوابه الواجب خلوصه حسب ما أخبر به سبحانه، ويجوز أن يكون ما يتفضل به تعالي من النعيم علي أهل الثواب وغيرهم من أهل الجنة أو يفعل لهم … في المقدار علي الثواب إنما يبين من العوض والتفضل بوقوعه … التزايد ومن جملة نعيمهم وكامل سرورهم … العذاب وما ورثوه من منازلهم التي كانت أعدت … منازل أهل النار التي كانت أعدت لهم في الجنة لو أطاعوا … في ذلك حال الرجال.
وأهل النار من الأولين والآخرين ضربان: كفار مخلدون وإن زاد عقاب بعض علي بعض بحسب كفره، وفساق مقطوع علي خروجهم من النار بعفو مبتدء أو عند شفاعة أو انتهاء عقابهم إلي غاية مستحقه، وحالهم في مراتب التعذيب بحسب عصيانهم، ولا يجوز أن يبلغ عقابهم في العظم عقاب الكفار لاقتران ما استحقوا به العقاب من المعصية بالمعرفة بالمعصي تعالي والخوف منه والرجاء لفضله و تسويف التوبة، وانتفاء ذلك أجمع عن عصيان الكفار. ولا سبيل إلي العلم بمقدار إقامتهم فيها. فالنار إذا لا يدخلها إلا مستحق للتعذيب لقبح الابتداء به.
والجنة يدخلها المستحق والمتفضل عليه لحسن الابتداء بالتنعيم.
إن قيل: ما الوجه الحكمي في ما ذكرتموه من أحوال الموقف وأهله؟
قيل: وجه ذلك أولا كونه مستندا إلي إرادة حكيم لا يجوز عليه تعالي العبث ولا يقع منه القبيح.
وبعد فهو محتمل لوجوه كل منها يصح أن يكون مقصودا يحسن لأجله:
منها تعجيل قسط من ثواب أهل الإيمان وعقاب الكفار.
(٤٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الصراط المستقيم لعلي بن يونس العاملي (26)، سورة الأنعام (78)، سورة المؤمنون (26)، سورة الملك (26)

نطق الجوارح ومعناه

ومنها أن العلم بذلك الآن لطف في التكليف، إذ لا شبهة في أن العلم الآن بما ذكرناه من حال أهل الموقف داع إلي الحسن وصارف عن القبيح.
ومنها أن … أهل الإيمان وتسويد وجوه الآخرين … التعظيم فتعظمه الملائكة والمؤمنون … به الملائكة والصالحون فكل من هذه … فيما ذكرناه بل جميعها حاصل فيه لمن تأمل ذلك بحسن بصره لارتفاع الشبهة في كون ما يفعله تعالي باهل الموقف ثوابا لأهل طاعته وعقابا لأهل معصيته ولطفا للمكلفين العالمين به الآن ولتمكنهم من ذلك وكونه مميزا لمستحقي التعظيم من مستحقي الاستخفاف.
إن قيل: فعلي أي وجه تنطق الجوارح وليست حية ولا مبنية بنية يصح منها النطق؟
قيل: يصح ذلك علي وجوه:
منها: أن يبني الله تعالي كل جارحة بنية يصح منه النطق فينطق بما وقع من الحي لكونها بعضا له.
ومنها: أن يبنيها الله تعالي بنية يصح بها النطق كاللسان، فيكون المتكلم الحي وهي آلة في الكلام كاللسان واللهوات (كذا) ويصح أن يكون المتكلم الشاهد علي نفسه هو الحي وعبر عنه ببعضه كقولهم: يد فلان لا تبطش ولسانه لا ينطق ورجله لا تسعي، وهم يريدون بالجميع الحي، وإنما عبروا عنه بالآلة من حيث كانت آلة في الفعل الموصوف به.
ومنها: أن يريد تعالي بشهادة الجوارح وضوح الأمر وقوة الحجة وحصول العلم لهم بما فعلوه كما يقول الفصيح لم يعلم مثل هذا من حاله: شهدت عيناك بكذا وأقرت يداك واعترفت جوارحك، وإنما يريد وضوح الأمر له وتيقنه ما أخبر أن جوارحه شاهدة به.
(٤٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (26)، الصّلاة (26)، الضلال (52)، الوقوف (26)، سورة الرحمن (الرحمان) (26)، سورة الأعراف (26)

الميزان

ومنها: أن يكون تقريره سبحانه العصاة علي أفعال جوارحهم المعلوم لهم إضافتها إليها شهادة منها بها بمعني أنها لو كانت … " قالتا أتينا طائعين " (1) " و [تقول] هل من مزيد " (2) وهو تعالي … كانت ممن تقول لقالت: أتينا طائعين وهل ومن مزيد … عيناك تخبرني بكذا وتشهد بكذا قال الشاعر:
يخبرني …
وقال الآخر:
امتلأ الحوض وقال: قطني * مهلا رويدا قد ملأت [بطني] [وقال الآخر]:
وقالت له العينان: أهلا ومرحبا * وحدرتا كالدر لما يثقب والمراد أن الحوض لو كان ممن يقول لقال: حسبي، ولو كانت العينان قائلتين لقالتا: أهلا ومرحبا، ونظائر ذلك من كلام العرب نظما ونثرا.
إن قيل: علي الوجهين الأولين كيف يجوز أن يصف ما بني بنية حي أو بنية لسان بأنه يد أو رجل وليس كذلك؟.
قيل: ذلك جائز لأن جواهر أيديهم وأرجلهم وما فيها من المعاني إذا كانت هي بعينها المبنية حيا أو آلة نطق جاز أن يطلق عليه بأنها أيديهم وأرجلهم، لأنها هي هي في الحقيقة وليست غيرها، كما أن من بني من جواهر بعض الأجسام جسما آخر فالثاني في الحقيقة هو الأول ويصح أن يسمي باسمه.
إن قيل: فما معني الموازين والأعمال أعراض يستحيل وزنها أو وزن المستحق بها لعدمه؟.
قيل: الموازين عبارة عن العدل في أهل الموقف وإيصال كل منهم إلي مستحقه، ألا تري قوله تعالي: " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس
(1) سورة فصلت، الآية 11.
(2) سورة ق، الآية 30.
(٤٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (26)، الجواز (26)، سورة المائدة (26)، سورة الحاقة (26)، سورة الجمعة (26)

الصراط

شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفي بنا حاسبين " (1) فنص سبحانه علي أن الموازين عبارة عن عدله في توفية كل ذي حق حقه، وقد وصفت العرب المخاطبون التسوية الصحيحة والقسمة العادلة بذلك فقالوا: أفعال فلان موزونة وكلامه بالميزان، وإنما يعنون … أن يكون هناك موازين في الحقيقة ويكون الوزن مختصا بصحف الأعمال … يصح وزنها وتكون العبادة بالرجحان والثقل مختصة … من المعاصي والعبادة يخصها من عدم الطاعات جملة …
كلها تتضمن القطع بثواب من ثقلت موازينه … بعذاب وعقاب من خفت موازينه وبائنة (2) من الثواب وذلك يقتضي تخصيص الوزن بمن تخص الإيمان أو الكفر دون المؤمن العاصي لقيام البرهان علي انتفاء القطع له بالثواب أو العقاب، وهذا شايع في عرف المخاطبين بالقرآن يقولون: ميزان فلان راجح عندي أو عند فلان، أي أعماله ثابتة كبيرة، وميزان فلان خفيفة ولا وزن لأفعاله، أي لا طاعة له ولا فعل يقتضي مدحه.
ويحتمل أن يجعل سبحانه لذي الطاعات نورا في كفة الميزان فيرجح، وظلمة للكافر فيخف، ليكون ذلك دلالة علي نجاة الطائع وهلاك الكافر.
وكل هذه الوجوه شائع والمعتمد الوجه الأول.
إن قيل ما معني الصراط وأنتم لا تجيزون التكليف في الآخرة؟
قيل: يحتمل أحد أمرين: أحدهما أن يكون المراد به طريق الجنة والنار فأما أهل الجنة فيتسع لهم مسلكه مقترنا بتعظيم الملائكة وتبشيرهم بالثواب فيكون ذلك قسطا من ثوابهم، وأما أهل النار فيضيق عليهم مسلكه ويصعب عليهم قطعة مقترنا بإهانة الزبانية واستحقاقهم وسحبهم علي وجوههم إلي النار فيكون ذلك قسطا من عذابهم.
(1) سورة الأنبياء، الآية 37.
(2) كذا تقرأ ما في بعض النسخ.
(٤٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (26)، الوجوب (26)

الحساب

والذي يقتضيه الظاهر كونه طريقا لأهل الجنة خاصة لأن كل موضوع ذكر سبحانه فيه الصراط وصفه بالاستقامة ومدح سالكه، فمنه قوله تعالي: " أفمن يمشي مكبا علي وجهه أهدي أمن يمشي سويا علي صراط مستقيم " (1) وقوله سبحانه: " إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين " (2) وأمثال ذلك. وهذا الظاهر مانع من كونه. وقد سمي الله تعالي برهان الحق صراطا فقال تعالي: " وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " (3) وقوله تعالي: " وإنك لتدعوهم إلي صراط [مستقيم] (4) " وهذا صراط ربك مستقيما " (5) فذكر الصراط هاهنا لا يحتمل إلا برهان الحق الذي تعبد به سبحانه.
إن قيل فإذا كان القديم تعالي يستحيل إدراكه واختصاصه بالجهات فعلي أي وجه تقع المحاسبة؟.
قيل: يصح ذلك منه تعالي بأن يفعل لكل واحد من المحاسبين كلاما يتضمن تقريره علي أعماله ويضطره إلي العلم بكونه كلاما له وإلي الاعتراف بما عمله وعلم المستحق عليه ثم يأمر ملائكة الرضوان بإدخاله الجنة إن كان من أهلها وملائكة التعذيب بإدخاله النار إن كان من أهلها، ويصح أن يرد ذلك إلي بعض خلقه لولا قوله تعالي متمدحا بتولي المحاسبة: " وهو أسرع الحاسبين " (6) ما ورد من النص علي وقوع المحاسبة علي وجه لا يصح من
(1) سورة الملك، الآية: 22.
(2) سورة الحمد.
(3) سورة الأنعام، الآية: 153.
(4) سورة المؤمنون، الآية 73.
(5) سورة الأنعام، الآية: 126.
(6) سورة الأنعام، الآية: 62.
(٤٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: الضرر (26)، الشهوة، الإشتهاء (78)، العذاب، العذب (26)

الحوض واللواء والوقوف علي الأعراف وقسمة الجنة والنار

محدث من سرعة تجاز (1) حساب الخلق مع كثرتهم.
إن قيل: فإذا كانت الإثابة والمعاقبة مختصتين به تعالي فكيف يصح لكم ما تذهبون إليه من الحوض واللواء والوقوف علي الأعراف وقسمة النار و إدخال بعض إليها وإخراج بعض منها مع كون ذلك ثوابا وعقابا.
قيل: لا شبهة في اختصاص أمور الآخرة أجمع به تعالي غير أنه تعالي إذا ردها أو مارد (كذا) منها إلي المصطفين من خلقه رسول الله وأمير المؤمنين و الأئمة من آلهما صلوات الله عليهم فأوردوها عن أمره وأصدروها. كما يضاف تعذيب أهل النار وتنزيل أهل الجنة … حاصلا بملائكة المأذون لهم فيه فأما معني … إن الله تعالي أعطي أمير المؤمنين عليه السلام بمعرفة … فيأمر به إلي الجنة والكافر بسيماه فيأمر به إلي النار … سبحانه علي ذلك بقوله سبحانه: " وعلي الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم " (2) بعينه والأئمة من ذريته عليهم السلام وقوله تعالي: " يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام " (3).
وتحتمل القسمة وجها آخر وهو أن الله تعالي لما جعل ولايته عليه السلام علما علي الإيمان وعداوته علما علي الضلال، لكونهما من جملة المعارف وكان مستحق الإيمان الجنة ومستحق الضلال النار صار لذلك قاسما لهما.
وتحتمل وجها آخر وهو أنه عليه السلام لما كان شفيعا لمرتكبي المعاصي من شيعته دون منكري إمامته صار قسيما للنار، يخرج منها من استحقها من عصاة شيعته دون منكري ولايته.
وليس لأحد أن يقول: فأي ميزة لهم بتولي هذه الأمور علي غيرهم في
(1) كذا.
(2) سورة الأعراف، الآية: 46.
(3) سورة الرحمن، الآية: 41.
(٤٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: الشهوة، الإشتهاء (52)، العذاب، العذب (78)، سورة النساء (26)

سقوط التكليف في الآخرة

الفضل وهي موقوفة علي إذنه تعالي.
لأن الآخرة لما كانت أفضل الدارين بكونها دار الجزاء وغاية المستحقين، وجعل الله سبحانه إلي هؤلاء المصطفين أفضل منازله وأسني درجاته من اللواء والحوض والشفاعة وقسمة النار دل علي تخصصهم من الفضل بما لا مشارك لهم فيه.
وإنما قلنا بسقوط تكليف أهل الآخرة لأمور:
منها إجماع الأمة علي أنه لا يستحق أحد في الآخرة ثوابا ولا عقابا لم يستحقها في دار الدنيا وتجويز … هذا الإجماع بغير ريب.
وأيضا فإن فتيا الأمة بأسرها بأنه لا تكليف في الآخرة سابق لحدوث المخالف في ذلك فلا يجوز … الثواب ويخرجه عن صفته. ويصحح … المعاقب يقتضي صحة سقوط عقابه.. لا يستحق ثوابا ولا عقابا لا حق بهما … الآخرة بحضور المستحق من الثواب والعقاب العظيمي القدر … يقتضي قبحه لكون ذلك ملجئا والالجاء ينافي التكليف.
ولا اعتراض علي ما قلنا بقوله تعالي لأهل الجنة: " كلوا واشربوا " (1) وأن هذا أمر والأمر تكليف.
لأن الأمر لم يكن أمرا للصيغة وإنما كان أمرا بالإرادة، ولهذا لم يكن قوله تعالي: " وإذا حللتم فاصطادوا " (2) " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض " (3) أمرا وإن كانت الصيغة حاصلة، من حيث لم يرد سبحانه ما تعلقت الصيغة به، فكذلك قوله تعالي لأهل الجنة: " كلوا واشربوا " إنما هو إباحة.
(1) سورة الحاقة، الآية: 24 وغيرها.
(2) سورة المائدة، الآية: 2.
(3) سورة الجمعة، الآية: 10.
(٤٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (26)، الشهوة، الإشتهاء (26)، الطعام (52)، الأكل (26)، سورة الغاشية (26)، سورة الواقعة (26)، سورة الدخان (26)، سورة الكهف (26)

في أن أهل الجنة والنار مختارون لأفعالهم

ويصح أن يريد تعالي أكلهم وشربهم لكونه ثوابا مفتقرا إلي إرادة المثيب إيقاع النفع منه علي جهة التعظيم، إذ به يتميز من نوعي العوض و التفضل، وليس بتكليف لفقد المشقة فيه، كما لم تكن إرادة أحدنا من غيره أن يلتذ بتناوله الطعام إحسانا إليه تكليفا.
فأما شكر أهل الجنة فما يتعلق منه بالقلب ضروري من فعله تعالي كسائر المعارف علي ما نبينه، وما يتعلق منه اللسان فيه لذة فلا يكون تكليفا.
وقلنا بوجوب إكمال عقولهم وكونهم بجملة المعارف (كذا) والمعاقب (كذا) والعوض (كذا) لأنه لا بد أن يعلم كل واحد منهم وصوله إلي مستحقه ليعلم … عليه ويعلم المتفضل عليه كونه محسنا إليه وذلك مفتقر … يقصد فاعل المستحق إلي الإثابة أو لمعاقبة … الاحسان وقد يقتضي معرفة القاصد وصفاته … لا تصح من دون كمال العقل.
وقلنا: إن المعرفة … تكليفهم في الآخرة فلم يبق مع وجوب كونهم …
ضرورية.
وقلنا: إن أهل الجنة والنار مختارون لأفعالهم من أكلهم وشربهم وغير ذلك من تصرفهم لأن ذلك أبلغ في نعيم أهل الجنة.
وقد أجمعت الأمة علي وقوع الثواب علي أشرف الوجوه وأبلغ المسار.
وأيضا فإنها واقعة علي استحقاق ووفاء بوعد، فيجب وقوعها علي الوجه المعهود في الدنيا من الايثار.
ولأن ظواهر قوله تعالي: " كلوا واشربوا " وأمثال ذلك تقتضي وقوع أفعالهم عن إيثار.
وأهل النار لاحقون في ذلك باهل الجنة لأنه لا أحد فرق بين الفريقين.
(٤٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: الشهوة، الإشتهاء (26)، البغض (26)، العذاب، العذب (26)، الجنابة (26)
وقلنا: إنهم ملجئون إلي ترك القبيح لأنه لولا المنع منه مع كونهم متخيرين في أفعالهم لصح منهم إيثاره واستحقاق العذاب به، والاجماع بخلاف ذلك وإنما يكونون ملجئين بأحد أشياء: إما أن يفعل تعالي في قلوبهم العلم بأنهم متي راموا القبيح منعوا منه، أو بأن يغنيهم بالحسن عن القبيح فلا يبقي لهم داع إليه، أو بأن يفعل في قلوبهم العلم بأنهم متي فعلوه نزل بهم الضرر العظيم عقيب فعله.
وقلنا: إن أهل الجنة لا يهرمون ولا يمرضون ولا يحزنون ولا يخافون ولا يتنافسون ولا يتحاسدون، لإجماع الأمة علي ذلك، ولما نص عليه تعالي في كتابه، ولا يستبعد ذلك عارف بمثيبهم سبحانه لأنه … والمرض متولدان عن أمور يفعلها تعالي وعن. متخير في أفعاله فيصح أن لا يفعلها وإذا صح … به وكذلك القول في بقائهم أبدا لتعلقه بمقدوره … فحادثان عن أمور هي منتفية عن أهل الجنة بغير شبهة … فمتولدان عن حصول شهوات لمنازل الغير مع تعذرها …
منتفي عن أهل الجنة لأنه تعالي لا يفعل لأحد من أهلها شهوة لمنزلة غيره، وإنما يفعل فيه منها بحسب ما يستحقه أو يتفضل عليه به، وإذا لم يفعل فيهم شهوة لمنازل غيرهم مع بلوغهم أدناهم منزلة إلي غاية منتهاه من النعيم العظيم لما يتألموا بفوتها …
وبمثل هذا يجاب من يقول: أخبرونا عن من ذهبت نفسه إلي منزلة لا يستحقها أو إلي مناكح غيره، لأنه إذا لم يفعل له شهوة إلا لما قد أبيح تناوله [له] سقطت الشبهة.
وكذلك لو قيل لنا: ماذا يكون حال المثاب إن ذهبت نفسه إلي سماع المطربات من الأغاني والملاهي أو الالتذاذ ببعض المحرمات، لكان الجواب: إن ذلك مما لا يقبح عقلا وإنما قبح هاهنا لتعلقه بالتكليف ولا تكليف هناك، فإن فرضنا
(٥٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الشهادة (26)، الجواز (52)، سورة الإنسان (الدهر) (52)، سورة الزخرف (26)

في الخلود

أنه تعالي فعل في المثاب شهوة لذلك أو لبعضه أو لما زاد عليه فلا بد من تمكينه من الوصول إليه وإن لم يفعل له شهوة لشئ من ذلك سقطت الشبهة فيه.
وقلنا بدوام الثواب وعقاب الكفر، لحصول العلم بذلك من دينه صلي الله عليه وآله، و معني الدوام هو أن جميع المستحق في المعلوم لم يخرج إلي الوجود وإنما يفعل منه في كل وقت ما يقتضيه استحقاق المثاب أو المعاقب فيها هكذا حالا بعد حال إلي ما لا آخر له، لأن خروج جميع المستحق إلي الوجود …
القول بدوامه وتزايد أحد المستحقين علي … من الزائد في كل وقت علي غيره وقد ذكرنا.
إن قيل: كيف يصح بقاء أهل النار أحياء … وانتفاء ما معه يستحيل وجود حياتهم من البرودات … بناهم بنفوذها في أجسامهم.
قيل: يصح ذلك بأن يفعل القديم تعالي في كل معذب بالبرودة والرطوبة والتأليف (كذا) مثل ما نفته (1) النار بحرارتها وشدة نفوذها في جسم المعذب بها حالا بعد حال، فتأثير النار حاصل في تفكيك بنية المعذب ونفي ما يكون به حيا من المعاني، والحياة باقية بخلق أمثال ما نفته النار حالا فحالا ليستمر العذاب الذي لولا إحداثه لانتفت الحياة وبطل التعذيب، وقد نص سبحانه علي ذلك بقوله تعالي: " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب " (2) يعني سبحانه كلما نضجت النار أجسامهم وأشرفوا علي الفوت أعادها الله تعالي إلي هيئتها الأولي ليذوقوا العذاب دائما. أعاذنا الله تعالي برحمته من ذلك.
إن قيل: هل للمعذبين في النار ما يغتذون به أكلا وشربا أم لا؟ فإن كانوا
(1) في بعض النسخ:
(2) سورة النساء، الآية: 56.
(٥٠١)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (26)، الجنابة (26)
يغتذون ففي ذلك التذاذ وأهل النار عندكم لا يلتذون، وإن كانوا لا يغتذون فكيف تبقي حياتهم؟.
قيل: لولا ما أخبر به تعالي من أكلهم الزقوم وشربهم الحميم لجوزنا فقد الاغتذاء، ولم يمنع ذلك من بقاء حياتهم، لأن ذلك إنما علم في الشاهد لكونه معتادا غير موجب، إذ لا تأثير للغذاء في بقاء الحيوان، وإنما أجري تعالي العادة بفعل ما تبقي الحياة معه عند الاغتذاء بالمآكل والمشارب المخصوصة، وهو سبحانه قادر علي ذلك من دون الاغتذاء، فعلي هذا قد كان جائزا … وإن فقدوا الأغذية فتبقي معه حياتهم لكنه … به لا لما توهمه السائل، كونهم ذوي أكل وشرب. والمشروب لأن الحي لا يلتذ بنفس تناوله الغذاء وإنما يكون ملتذا للمتناول. (كذا).
ولهذا نجد أحدنا يألم في حال بما كان ملتذا … بالاجماع أن أهل النار لا يلتذون بشئ مع إخباره تعالي عن أكلهم وشربهم، قطعنا علي أنه تعالي لم يفعل فيهم شهوة لشئ منه، فكيف وقد أخبر بسوء حالهم وعظم المهم عند تناول ذلك الغذاء، بقوله تعالي: " إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم " (1) وقوله سبحانه: " ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع " (2) وقوله سبحانه متوعدا: " ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالؤن منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم " (3) وقال سبحانه في شرابهم: " وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا " (4) وأمثال هذه الآيات
(1) سورة الدخان، الآية: 46 - 45.
(2) سورة الغاشية، الآية: 6.
(3) سورة الواقعة، الآية: 55 - 50.
(4) سورة الكهف، الآية 29.
(٥٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الأئمة الأثنا عشر عليهم السلام (26)، الوجوب (26)
المتضمنة بوصف طعامهم وشرابهم بغاية الايلام، وذلك يدل علي أنه من عذابهم.
إن قيل: فما القول في خزنة النار وزبانية العذاب؟
قيل يصح أن يكونوا مكلفين لما يعانوه، ومستحقين به الثواب فيما بعد، ويستبدل بهم غيرهم. والقول في صحة بقائهم إن كانوا مباشرين للنار كالقول في بقاء أهل النار … ويصح أن يكونوا. مكلفين ويستحقون أعواضا بما يدخل عليهم من ألم إن فعل فيهم سبحانه نفورا عن النار وإن فعل فيهم شهوة لإدراكها فهم بذلك ملتذون إحسانا إليهم وإثابة لهم … في ملائكة الرضوان وكونهم مكلفين أو غير …
إن قيل: ما حكم أهل الجنة إذا شاهدوا … عليهم إيلامه في النار وأعداءهم في الدنيا ينعمون في … أهل النار أولادهم وإخوانهم وأهل مودتهم في الجنة يجبرون وأعداءهم في … يقتضي تنقيص عيش المثاب وتكدير ثوابه وتخفيف عذاب الكافر وعظيم مسرته.
قيل: إذا علمنا إجماع الأمة وصريح التنزيل بخلوص ثواب أهل الجنة وعقاب أهل النار من شوائب، وجب حمل ما ذكر في السؤال علي ما يليق بالمعلوم من محتملاته وهي أشياء:
منها: أن يصرف الله تعالي أهل الجنة والنار عن مشاهدة ذلك ويلهيهم عن الفكر فيه.
ومنها أن يغلظ الله تعالي قلوب أهل الجنة علي من في النار من خلصائهم، وينزع ما في صدورهم من غل وحسد علي أهل الجنة كما أخبر سبحانه، ويبغض أهل الجنة إلي أهل النار بمعني [أن] يفعل لهم نفورا عنهم ويجب إليهم أعدائهم من أهل النار.
ومنها أن يكون العلم بذلك منغمرا في جنب عقاب أهل النار لعظمه و
(٥٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (26)، الضلال (26)
ثواب أهل الجنة لتزايده، فلا يؤثر فيها شيئا كما لا يؤثر مسح الغبار عن وجه المضروب بالسياط ولا قرض البرغوث في المنغمر في النعيم، ولا شبهة في عظم عقاب أهل النار لكونه مقابلا لعظيم عصيانهم واستهانتهم وقد نص علي ذلك تعالي وفخم أمر العقاب (1) وعظم موقعه مجملا ومفصلا لكونه مقابلا لتحمل عظيم المشاق في الأفعال والتروك، وقد نص سبحانه علي ذلك في غير موضع لو لم يكن منه إلا قوله تعالي: " وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين " (2) وقوله سبحانه: " فإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا " (3) فعظم سبحانه ما أعد لأهل طاعته مع تصغيره … بايع الآخرة مع حصول العلم الضروري بتفاوت نعيم كثير … سبحانه لم يذكر الدنيا في موضع من كتابه إلا … إليها وضرب أمثالها بأحقر مذكور واسفة مطلوب … وما وعد فيها من ثواب أهلها.
وذلك يدل علي أن تفاوت ثواب كل مطيع من الجميع نعيم العاجلة، ولا يجوز أن يعلق التفاوت بالدوام حسب، لأنه تعالي: " قال وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق. الآيات " (4) وذلك يقتضي تعلق العظم بما يشاهد من الإثابة ويدرك من النعيم، وذلك مختص بالموجود منه في كل وقت دون ما لم يوجد، فيجب أن يكون المفعول منه في كل حال لكل مطيع ما يصغر في جنبه نعيم الدنيا بأسره، ولا يجوز أن يحمل وصفه تعالي الثواب بالعظم علي جميعه، لأنه تعالي وعد بما وصفه من ذلك لكل مطيع بإجماع، فيجب الحكم بصدق هذا الوعد فيه دون ثواب غيره من
(1) كذا، والصحيح: أمر الثواب.
(2) سورة الزخرف، الآية 71.
(3) سورة الدهر، الآية 20.
(4) سورة الدهر. الآية 21.
(٥٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (52)، داود بن علي (26)، الجهل (52)، الكرم، الكرامة (26)، الصّلاة (26)
المطيعين.
وأيضا فلا فائدة في ترغيب كل مكلف بتعظيم ثواب جميع المطيعين فيجب تخصيص وصفه بالعظم بثواب كل مطيع.
فعلي هذا يصح أن يكون ثواب أدني أهل الجنة ينغمر في جنبه نعيم الدنيا بأسره، ولا يستبعد هذا من عرفه سبحانه قادرا من إيجاد المنافع لكل مكلف علي ما يزيد علي الموجود في الدنيا لجميع أهلها أضعافا كثيرة، ولا من علمه سبحانه منعما في الدنيا علي بعض الكفار أو متملكا (كذا) بإقداره وتمكينه من المنافع ما لا يجده واصف ولا يبلغ نعته ذاكر وينغمر في جنب بعضه نعيم عالم من الناس لا يخصصهم غيره مع جحد به سبحانه وعبادة غيره، فكيف تكليف المشاق …
ومعرفة المخلص في عبادته والعمل بطاعته مع سابق … إنعامه علي أهل ولايته علي عاجل إحسانه في … خلقه.
صفحه(٥٠٥)

وجوب الرجوع إلي فتيا الأئمة المعصومين عليهم السلام

[وجوب الرجوع إلي فتيا الأئمة المعصومين عليهم السلام] وإذا وضح برهان ما قدمناه من مسائل التوحيد والعدل … علي الوجه الذي له وجبت علي براهينها آمنا من معراتها وضرر ما خالفها قاطعا بفوز من دان بها ووصوله إلي عظيم المستحق بها وضلال من خالفها متدينا أو شاكا أو معتقدا عن غير علم أو علم لغير وجهها وإغناه (1) ذلك عن تتبع ما خالفها من تفاصيل المسائل وسقط عنه فرض النظر في إعيانها إذا كان قيام البرهان بصحة المذهب كافيا في اعتقاد صحته وفساد ما خالفه بغير إشكال.
وعلم من جملة ذلك إمامة أئمتنا عليهم السلام، وكونهم حفظة للشرع مؤمونا منهم الخطاء لعصمتهم، فوجب عليه الرجوع إليهم والعمل بفتياهم والقطع علي خطأ من خالفهم، لحصول اليقين بفتياهم وصحة اضافته إلي مختارهم لحفظ ملته سبحانه وانتفاء الشبهة عن الحكم بخطأ من خالف الحق المقطوع به وتبليغها (كذا) إلي من جعلهم حججا عليه من خلفه.
وطريق العلم بفتياهم سماعه شفاها عنهم أو بالتواتر عنهم أو قول من نصوا
(1) كذا في النسخ والظاهر زيادة الواو
(٥٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (26)، كتاب الكافئة للشيخ المفيد (26)، الغفلة (26)، الحج (26)، الطعن (26)
علي صدقه، لكون كل واحد من هذه طريقا للعلم علي ما سلف لنا في أول الكتاب، وطريق العلم الآن وما قبله من أزمنة الغيبة بفتياهم تواتر شيعتهم عنهم أو إجماع علمائنا، إذ كان التواتر طريقا للقطع بغير إشكال بصحة المنقول، وإجماع العلماء من الإمامية يقتضي دخول الحجة المعصوم في جملتهم لكونه واحدا منهم دون من عداهم من الفرق الضالة بجحد الأصول وإنكار إمامته عليه السلام [و] دون عامتهم لأن الحجة المعصوم المنصوب لحفظ … من أهل الضلال ولا من عامة المحققين لكونه سيد العلماء … لذلك القطع بصحة إجماعهم لكون المعصوم الذي … واحدا منهم.
وطريق العلم بالتواتر والاجماع الاختلاط … وسماع نقلهم وفتياهم و قراءة تصانيفهم وتأمل … به فإنه متي يسلك مكلف العمل بالشريعة طريق العلم بها من الوجه الذي أمر به، يعلم تواتر الإمامية بمعظم إحكام المسألة (كذا) عن أئمتهم الصادقين عن الله سبحانه، وإجماع العلماء علي ما تواتروا به وما لا تواتر فيه من أحكام الملة فيعلمه (1) به، ويجد ما تضمنه كتابنا هذا وأمثاله من تصانيف علمائنا رضي الله عنهم من الفتيا السمعي مستندا إلي الحفظة المعصومين، ويعلم اختصاصه بهم كما يعلم اختصاص ما تضمن كتاب " المزني " بمذهب " الشافعي " وما تضمنه " الطحاوي " بمذهب " أبي حنيفة " وأصحابه، فيلزم العمل بمقتضاها آمنا من زلل مصنفيها وخطأهم في ذلك لتعلقه بفتيا المأمونين من آل محمد عليهم السلام، لاختصاصه بالتواتر عنهم والاجماع الذي قد بينا كونهما طريقين إلي فتياهم عليهم السلام.
ويكتفي بذلك عن النظر في أعيان المسائل إذ لا فرق في صحة المسألة بين أن يدل دليل مفرد عليها من كتاب أو سنة أو إجماع وبين أن يعلم استنادها إلي
(1) في بعض النسخ: فيعمله به.
(٥٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (26)، الجهل (26)، الضلال (26)، الوجوب (26)
فتيا صادق عن الله نبيا كان أو إماما مبلغا عنه، كما نكتفي جميعا فيما نعلم من دين نبينا صلي الله عليه وآله عن تطلب برهان مفرد بشئ منه، ولهذا لم يتكلف سلفنا الاستدلال علي أعيان المسائل المعلوم إضافتها إلي أئمتهم عليهم السلام واقتصروا في … إمامة أئمتهم وعصمتهم وكونهم حفظة … من الحجة بالشريعة علي مخالفهم علي إيضاح … عليه فإن يقروا بها يعلموا ما جهلوه منه … علي إنكارها مع ثبوت صحتها يقيموا (كذا) محجوجين بالنبوة وما تضمنه من المصالح والمفاسد، فكذلك القول في المنقول عن أئمتنا عليهم السلام أن يقر مكلفه إلي (كذا) ما اقتضاه البرهان من إمامتهم وعصمتهم لكونهم حفظة له يعلم بما جهله من صحة المضاف إليهم وصوا به وأن يعاند يقم محجوبا بإمامتهم وما فقده من العلم بالمروي عنهم.
وإن أعرض عن سلوك ما نهجناه لبعض الأغراض الفاسدة فالحجة لازمة له، لأنه أتي في فقد العلم بما كلف العمل به من قبل نفسه كالمعرض من عامة المسلمين عن تأمل حال الفتيا الاسلامي الفاقد لذلك العلم بما أجمعوا عليه أو حصل العلم به من دينه صلوات الله عليه، وهو محجوج بما كلف علمه لتمكنه منه، ولا عذر له في الجهل به، لحصول ذلك بأعراضه عن سلوك طريقه مع قربه، إذ كان الطريق إلي فتيا أئمتنا عليهم السلام مساويا للطريق إلي فتيا نبينا صلي الله عليه وآله و مشاركا لكل سبيل إلي مقالة كل متكلم، كأبي علي وأبي هاشم والبلخي والنجار وابن كرام، وكل فقيه، كمالك وأبي حنيفة والشافعي وداود بن علي الأصفهاني و غيرهم من أرباب المذاهب والمقالات.
وإلا فليذكر أي طريق شاء يصل سالكه إلي علم ما اجتمعت الأمة عليه أو
(1) كذا في بعض النسخ.
(٥٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (52)
علم من دينه صلي الله عليه وآله أو ثبتت به … لمعتزلي أو أشعري أو كرامي أو نجاري …
حتي نريه مثله واضحا إلي فتيا أئمتنا عليهم السلام … وسطروه في كتبهم وسطرناه في كتابنا هذا بل نجد … إلي أحد ما ذكرناه أكبر مزية وأوضح دلالة …
واحد من الأئمة عليهم السلام لأخذ معالم الدين عنه … لم يبلغ عشيرة ولا عشر عشيرة صحابة أحد من أرباب المقالات مع شديد ورعهم وبارع فضلهم وتنسكهم و تحرجهم، فكما لا عذر لمن فقد العلم بما ذكرناه من مسائل الإجماع وما يجري مجراها ومقالات رؤساء الفقهاء والمتكلمين من العوام وقطان السواد والأعراب والجند (كذا) والأكراد في ذلك لوضوح طريقه، فكذلك لا عذر لمن فقد العلم بفتيا أئمتنا عليهم السلام لاشتراك كل واحد من فاقدي العلم بما يلزمه في الأعراض عن سلوك طريقه مع وضوحه.
فإن قيل: أشيروا علي كل حال إلي الطريق الموصل إلي فتيا أئمتكم عليهم السلام لنعتبره.
قيل: قد مضي من التنبيه علي ذلك ما يغني عما نستأنفه، غير أنا نفصل ما أجملناه عنه فنقول: طريق ذلك أن يرجع الطالب المعرض عن سماع دعوتنا إليها فليتأمل حال ناقلينا وأهل الفتيا والمصنفين وأهل الاحتجاج فينظر في نقلهم وفتياهم وتصانيفهم وحجاجهم الذي قد طبق المشرق والمغرب وانتشر في الآفاق رواية وتصنيفا ومناظرة من زمن أئمة الهدي عليهم السلام وإلي الآن، مع تطابق معانيه وانتظام مبانيه ووفق الفروع الشرعية لما اقتضته الأصول العقلية، فمتي يفعل ذلك يعلم صحة إضافة ما نفتي به إلي أئمتنا عليهم السلام كما يعلم من سلك هذا المسلك صحة إضافة كل مقالة إلي مبديها ونحلة إلي منشيها وإن لا يفعل فالحجة لازمة له لتقصيره عما يجب عليه.
صفحه(٥٠٩)
وبهذا التحرير يسقط ما لا يزالون … من الاعتذار لاجتناب فتيانا بفقد العلم بصدق الشيعة … أو الطعن في عدالتهم بضروب القدح لأن برهان صحة … أئمة الهدي المعصومين عليهم السلام علي الوجه الذي ثبتت منه إضافة كل مقالة ومذهب إلي القائل بهما مسقط لهذا الاعتذار بغير شبهة علي متأمل.
واستيفاء ما يتعلق بهذا الفن من الكلام يطول، وقد بسطناه في مقدمة كتاب " العمدة " ومسألتي " الشافية " و " الكافية " وفيما ذكرناه هاهنا مقنع ومريد الغاية في الاستيفاء يجدها بحيث ذكرناه.
فإن قيل: فقد استغنيتم إذا كان الأمر علي ما ذكرتموه في حفظ الشريعة وتبليغها عن الإمام، ولستم تذهبون إلي ذلك.
قيل: قد أجبنا عن هذا السؤال ونحوه بحيث ذكرناه وجملته: إنا وإن علمنا صحة إضافة ما تفتي به الإمامية إلي أئمة الهدي من آباء حجة الزمان عليهم السلام فلولا وجود الحجة المعصوم من وراء نقلهم ومن جملة المجمعين منهم لم نقطع علي صحة إجماعهم ولا تيقنا الوصول إلي جملة الشريعة بنقلهم لتجويزنا بقاء كثير من الأحكام الشرعية لم تنقل إلينا وإن علمنا صحة إضافة المنقول إلي الصادقين عليهم السلام، وإطباق علمائهم علي الخطأ، وإنما ارتفع هذا الجائز من الخطأ عن المجمعين لدخول الحجة المعصوم في جملتهم، وزال الريب عن بلوغنا جملة ما كلفناه من الشرعيات لوجود الحجة المعصوم المنصوب لبيان ما لا سبيل إلي بيانه إلا من جهته وإمساكه عن النكير وإيراد زائد (كذا) علي المضاف إلي آبائه عليهم السلام.
فكيف يتوهم عاقل أن وصولنا إلي الحق في أزمان الغيبة الذي لم يتم إلا بوجود الحجة عليه السلام استغناء عن الحجة لولا الغفلة الشديدة عن الصواب.
وقد استوفينا ما يتعلق بهذا الفن وغيره من مسائل الغيبة بحيث ذكرنا وفي كتاب " التقريب " في الأصول ومسألة … وما أوردناه هاهنا كاف في العلم بصحة
صفحه(٥١٠)
ما تضمنه … شيوخنا رضي الله عنهم وعن السلف ونصر الحق كالمكلف من القضاء الشرعي أن يفسخ (1) الله تعالي في العمر نجرد أعيان مسائل الخلاف ونذكر طريق العلم بصحة كل مسألة علي أصول الإمامية وعلي وجه يتمكن معه الناظر من محاجة الخصوم من غير افتقار به إلي تصحيح الأصول التي تذهب إليها وإن كان تكليفها علما عاما لكل عاقل فيجتمع له علم الحق علي الجملة والتفصيل وما ناظره المخالف في أعيان مسائله حسب ما تقتضيه الأصول الصحيحة وما يذهب إليه المخالف من طريق الاحتجاج استظهارا لحجج الله الواضحة للحق وأهله علي الباطل وأهله.
وإذا كان طريق العلم بفتيا الصادقين عليهم السلام واضحا لم يجز لأحد أن يعمل بما لا يعلم من فتياهم بخبر واحد أو تقليد عالم، لأنه لا حكم للظن مع إمكان العلم والعلم هاهنا … ولما ذكرناه في هذا الكتاب وغيره من معلوم المذهب في فساد العمل بغير علم، وأبطلنا أن يكون إلي العمل بجملة الملة طريق غير فتياهم عليهم السلام، وما أوضحناه من برهان مسائل المستحق بالتكليف وكيفيته وحالة إيصاله إلي مستحقه موجب لاعتقادها والتدين (2) بها وضلال من خالف في شئ منها أو جهله أو شك فيه أو اعتقد علي غير وجهه لما قدمناه من وجوب ضلال من لم يعتقد الحق في المعارف علي وجهه.
وقد وفينا بما شرطناه علي أنفسنا من تقريب العبارة عن جملة التكليفين وكيفية العبارة عن الاستدلال علي مسائلهم، وترتيبها علي الوجه الذي اقتضاه التكليف وجهته، وبلغنا من تحرير ذلك وتهذيبه حدا يعلم كل مصنف (كذا) ذو بصيرة تأمله تميزه عن كثير من تصانيف العلماء، ويقف من فهمه علي ما لعله
(1) كذا، ولعل الصحيح: يفسح.
(2) في بعض النسخ: التدبر.
صفحه(٥١١)
لم يقف عليه من غيره من كبار الكتب، متقربين إلي الله سبحانه بتأدية ما تعين فرض نشره والإشارة بذكره، راغبين إليه سبحانه بالمصطفين من خلقه صلوات الله عليهم في توفير حظنا من مستحقه، ضارعين إليه سبحانه بأكرم الوسائل عنده في غفران زللنا والصفح عن فارط سيآتنا وما لعله وقع من تقصير فيما سطرناه أو عدول عن سنن حق فيما نحوناه، شافعين إلي الحضرة النبوية (كذا) في الأنعام بتأمله وقبول شكر أياديها بتأليفه، طالبين إليه تعالي بآبائها المختارين لحجته المصطفين لتبليغ ملته صلوات الله عليهم وسلامه ورحمته عليها في الآخرين تكميل النعمة علي كافة أهل الحق ببقائها ودوام نعمائها ونصرة الحق وأهله بدوام سلطانها واجزال حظها من عاجل الثناء (1) وأطيب الثناء وآجل الثواب وحميد الجزاء، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
(1) كذا في النسخ، والعل الصحيح: السناء
صفحه(٥١٢)

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.