مقالات و فتاوي حول البهائية

اشارة

المؤلف: مركز البحوث بدار البصائر
الناشر: دار البصائر
احصل علي هذا الكتاب
تصنيف: الإلحاد والملاحدة
رقم تسلسل عالمي: 798-2415-12
تاريخ النشر: Jul 2006
اصدار الكتاب الالكتروني: Jul 2012
اللغة: العربية
نوع الكتاب: pdf
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين، و الصلاة و السلام علي خاتم الأنبياء و المرسلين، سيدنا محمد و آله و صحبه و من تبعه بأحسان الي يوم الدين. أما بعد فان ما نراه في هذه الآونة المتأخرة من عمر الدنيا انما هو مصداق لنبوة سيد الخلق أجمعين، و خاتم الأنبياء و المرسلين، سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين؛ فقد أخبرنا صلي الله عليه و آله أنه «لا تقوم الساعة حتي يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله» [1] . [ صفحه 6] و كان من هؤلاء: حسين علي المازندراني، الذي لقب نفسه ب «بهاء الله»، و ادعي لنفسه النبوة، ثم الألوهية و الربوبية، و أنه مظهر الحقيقة الالهية التي لم تصل الي كمالها الأعظم الا حينما تجسدت فيه، و أن كل الظهورات الالهية التي سبقت منذ آدم مرورا بالأنبياء جميعا كانت درجات أدني حتي وصلت الي كمالها في تجسدها في شخصه [2] . و لم يعدم هذا الضال و أمثاله من يغتر بهذيانه و ضلالاته؛ فان من البشر بشرا يسعون الي كل حقير و سفيه. [ صفحه 7] و قد بدأ بعض هؤلاء (البهائيين) يظهرون في بعض المواقف و الأحايين معلنين عن بهائيتهم عير مستترين بها! و لذا فقد رأي مركز البحوث العلمية بدار البصائر أن يقوم بواجب النصح للمسلمين، و أن يبين لهم من هم البهائية، و ما هي معتقداتهم؛ لئلا يغتر بمقالتهم جاهل، أو يشوش بضلالاتهم مغرض. و قد تشرفت دار البصائر بطبع كتاب «تهافت البابية و البهائية» لفضيلة الشيخ العالم الكبير الأستاذ الدكتور / مصطفي عمران - متعه الله بالصحة و العافية، و هو كاف في تبيين زيغ هؤلاء، و تفنيد مقالتهم. و لمزيد البيان و اتمام الفائدة رأت دار البصائر أن تردف الكتاب بملحق يشتمل علي بعض المقالات، و فتاوي دار الافتاء المصرية، و غيرها حول البهائية؛ [ صفحه 8] ليكون القاري علي خبر بهذه الفئة، و ما قاله علماء المسلمين عنهم و عن معتقداتهم الفاسدة. و لم نستقص كل ما كتبه علماؤنا الأجلاء عن البهائية؛ و الا لطال بنا المقام جدا، و انما اقتصرنا علي بعضها لما رأينا من كفايته، و علي من يريد المزيد أن يراجع ما كتبه علماؤنا في هذا الصدد [3] . المدير العام الدار البصائر و المشرف العام محمد السيد محمد محمد مصطفي مدير مركز البحوث بدار البصائر هشام يسري العربي [ صفحه 11]

مقالات حول البهائية

البابية أو البهائية

مقال فضيلة الامام الأكبر / الشيخ محمد الحضر حسين [4] . و جاءنا من حضرة صاحب التوقيع السؤال الآتي: ما البهائية؟ و ما اعتقاد مؤسسيها و أتباعهم؟ و هل يعتقدون في الحشر و الجنة و النار؟ و هل يعتقد البهائيون بنبوة سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام؟ و اذا كانوا يعترفون بنبوة سيدنا محمد صلي الله عليه و آله و سلم فكيف يعتقدون بنبي بعده و دين غير دينه؟ و ما الواجب عمله لاحباط مساعيهم حتي لا يقع أحد في شراكهم؟ مصطفي محمد عبدالفتاح پورسعيد [ صفحه 12] الجواب الحمدالله و الصلاة و السلام علي رسول الله. أما بعد، فقد احتوي هذا الخطاب مسائل متعددة، و نحن نورد كل سؤال و نقفي علي أثره بالجواب عنه مستندين فيما نكتب الي مؤلفات [5] للبهائيين أنفسهم، و كتب [6] ألفها بعض من اطلع علي كتبهم المؤلفة باللغة الفارسية و العربية بقصد بيان أمرهم نصيحة للاسلام و المسلمين. س: ما البهائية؟ ج: البهائية نسبة الي بهاء الله لقب يدعي به ميرزا [ صفحه 13] حسين علي، و هو الزعيم الثاني للمذهب الذي تتولاء الطائفة المسماة بالبهائية، و تسمي هذه الطائفة البابية نسبة «الباب»، و هو لقب ميرزا علي محمد ذلك الذي ابتدع هذه النحلة، و اليك ملخص القول في نشأتها. أصل نشأة هذه النحلة أن ميرزا علي محمد الملقب بالباب نشأ في شيراز بجنوب ايران و أخذ شيئا من مبادي العلوم، ثم اشتغل بالتجارة، و لما بلغ من العمر الخامسة و العشرين ادعي أنه المهدي المنتظر، و كان اعلانه بهذه الدعوة سنة 1260 ه، نعق بهذه الدعوة فأخذها بالتسليم طائفة من الجاهلين، و أرسل بعض هؤلاء الي نواح مختلفة من ايران للاعلام بظهوره، و بث شي‌ء من مزاعمه، و تنبه العلماء لهذه الدعاية فقاموا في وجهها، و عقد بعض الولاة بينهم و بين ميرزا علي هذه [ صفحه 14] مجالس للمناظرة، فرأي بعضهم ما في أقواله من غواية و خروج عن الدين فأفتي بكفره، و رأي آخرون ما فيها من لغو و سخافة فنسبه الي الجنون و اختلال الفكر. و اعتقل في شيراز ثم بأصفهان، و ساقته الحكومة الايرانية في عهد المالك ناصرالدين شاه الي تبريز، و ثارت بين أشياعه و بين المسلمين فتن و حروب سفكت فيها الدماء، و كانت عاقبته أن أعدمته الحكومة في تبريز صلبا عام 1265 ه. وقعت بعد قتله فترة كان أتباعه فيهاعلي اختلاف في شأن من ينوب عنه الي أن دبروا اغتيال الملك ناصر الدين انتقاما لزعيمهم، فهجم عليه اثنان منهم فخاب سعيهم، و أخذت الحكومة تتقصي أثر البابيين و تسوق زعماءهم الي مجلس التحقيق، و كان الميرزا حسين علي [ صفحه 15] الذي لقبوه بعد ب (بهاء الله) من شيعة الباب و دعاة نحلته، فقبض عليه و سجن بطهران بضعة أشهر ثم أبعد الي بغداد سنة 1269 ه. لما أدركت الحكومة الايرانية خطر هذه الفئة و ما يبيتونه من فتن جعلت ترقبهم بحذر و احتراس، فالتحق طوائف منهم ببغداد، و اجتمعوا حول ميرزا حسين الملقب ببهاء الله، ثم حدث بينهم و بين الشيعة ببغداد شقاق كاد يقضي الي قتال، فقررت الحكومة العثمانية و قتنذ ابعاد البابيين من العراق فنقلتهم الي الأستانة ونفقتهم الي أدرنة. قام المسمي (بهاء الله) لهذا العهد يدعو الي نفسه و يزعم أنه هو الموعود به الذي أخبر عنه الباب [7] ، و قبل [ صفحه 16] دعوته أكثر البابيين، و تسموا حينئذ بالبهائيين، و ممن رفض دعوته أخوه ميرزا يحيي الملقب (صبح أزل). ثم ان الحكومة العثمانية أمرت بابعاد الفريقين من أدرنة، فنفت الميرزا يحيي و أتباعه [8] الي قبرص، و نفت البهاء و أتباعه الي «عكا» بفلسطين، و بقي البهاء بعكا الي أن هلك عم 1309 ه فتولي رئاسة الطائفة ابنه عباس الذي لقبوه ب «عبدالبهاء» فأخذ يدعو الي هذا المذهب و يتصرف فيه كما يشاء، و لم يرض عن صنيعه هذا أصحاب البهاء فانشقوا عنه و التفوا حول أخيه الميرزا علي، و ألفوا كتبا [ صفحه 17] بالفارسية و العربية و طبعوها في الهند يطعنون بها في سيرة عباس و يصفونه بالمروق من دين البهاء. س: ما اعتقاد مؤسسيها و أتباعهم؟ ج: ليست البهائية بالنحلة المحدثة التي لم يتقدم لها في النحل المارقة من الاسلام ما يشابهها أو تتخذه أصلا تبني عليه مزاعمها، و انما هي وليدة من ولائد الباطنية، تغذت من ديانات و آراء فلسفية و نزعات سياسية، ثم اخترعت لنفسها صورا من الباطل و خرجت تزعم أنها وحي سمائي، و لولا أن في الناس طوائف يتعلقون بذيل كل ناعق لما وجدت داعيا و لا مجيبا لندائها، و ها نحن أولاء نسوق اليك كلمة في مذهب الباطنية و نحدثك عن البابية أو البهائية حتي تعلم أنها سلالة من ذلك المذهب الأثيم. تقوم دعوة الباطنية علي ابطال الشريعة [ صفحه 18] الاسلامية، و اصل نشأة هذه الدعوة «أن طائفة [9] من المجوس راموا عند شوكة الاسلام تأويل الشرائع علي وجوه تعود الي قواعد أسلافهم، و ذلك أنهم اجتمعوا فتذاكروا ما كان عليه أسلافهم من الملك، و قالوا: لا سبيل لنا الي دفع المسلمين بالسيف لغلبتهم و استيلائهم علي الممالك، لكنا نحتال بتأويل شرائعهم الي ما يعود الي قواعدنا و نستدرج به الضعفاء منهم؛ فان ذلك يوجب اختلافهم و اضطراب كلمتهم». و قد رسموا لهذا المذهب خطة دبروها بنوع من المكر، و هو أنهم جعلوا الدعوة مراتب: 1 - تفرس حال المدعو أقابل هو للدعوة أم لا؟ [ صفحه 19] 2 - استهواء كل أحد بما يميل اليه من زهد أو خلاعة. 3 - التشكيك في أصول الدين. 4 - أخذ الميثاق علي الشخص بأن لا يفشي لهم سرا. 5 - دعوي موافقة أكابر رجال الدين و الدنيا لهم ليزداد الاقبال علي مذهبهم. 6 - تمهيد مقدمات يراعون فيها حال المدعو لتقع لديه موقع القبول. 7 - الطمأنينة الي اسقاط الأعمال البدنية. 8 - سلخ المدعو من العقائد الاسلامية ثم يأخذون بعد هذا في تأويل الشريعة علي ما تشاء أهواؤهم. اتخذ هذه الخطة وسيلة الي محاربة الدين الاسلامي طوائف كانوا يتظاهرون بأنهم من شيعة آل البيت، و هم [ صفحه 20] لا يؤمنون بنبي من الأنبياء و لا بشي‌ء من الكتب المنزلة، و لا بيوم الجزاء، و لا أن للعالم خالقا، و تراهم يستدلون بالقرآن و الحديث، و لكن يحرفونهما عما أراد الله و رسوله منهما. و من الباطنية المتظاهرين بالتشيع لآل البيت من ادعي النبوة لبعض آل البيت، كفرقة الاسماعيلية، قالوا بنبوة محمد بن اسماعيل بن جعفر، بل زعمت هذه الفرقة أنه لا يخلو زمان من نبوة نبي الي يوم القيامة و لم يقفوا عند دعوي النبوة، بل تجاوزوها الي القول بالاهية جماعة من آل بيت و غيرهم فقالوا بالاهية علي عليه‌السلام و الاهية كثير من أولاده و أحفاده. و كم أحدث هؤلاء الذين يدعون المهدية أو النبوة أو الالهية من فتن، و كم جروا علي العالم الاسلامي من بلاء، [ صفحه 21] و كان أهل العلم يقامون باطلهم، و يهتكون أستارهم، و ممن تصدي للرد عليهم أبوحامد الغزالي، فألف كتابه المسمي «حجة الحق» [10] و كتابه المسمي «فضايح الباطنية» [11] و ذكر في مقدمة هذا الكتاب أنه طالع الكتب المصنفة فيهم فوجدها مشحونة بفنين: فن في تواريخ أخبارهم و أحوالهم من بدء أمرهم الي ظهور ضلالهم و تسمية كل واحد من دعاتهم في كل قطر من الأقطار و بيان وقائعهم فيما انقرض من الأعصار، و فن في ابطال تفاصيل مذاهبهم و عقائد تلقوها من الثنوية و الفلاسفة و حرفوها عن أوضاعها و غيروا ألفاظها قصد للتغطية و التلبيس، ثم بين أنه قصد في كتابه الي الاعراب عن خصائص مذهبهم، و التنبيه علي [ صفحه 22] مدارج حيلهم. و الكشف عن بطلان شبههم. و لأبي بكر بن العربي مع بعض زعمائهم مناظرات ذكرها في كتاب «القواصم و العواصم»، و تناول الشيخ ابن‌تيمية مذهب الباطنية ورد علي بعض فرقهم في بعض مؤلفاته. عرفنا تاريخ الباطنية و قرأنا بعض كتب البابية و البهائية فوجدنا روح الباطنية حلت في جسم ميرزا علي و ميرزا حسين علي، فخرجت باسم البابية و البهائية. الباطنية يستدلون بكلام النبوة و يحرفون كلم القرآن و الحديث عن مواضعه كما فسروا حج البيت العتيق بزيارة شيوخهم، و البابية أو البهائية يستدلون بالقرآن و الحديث و يذهبون في تأويلهما الي مثل هذا الهذيان نفسه، و لميرزا علي المسمي ب(الباب) تفسير [ صفحه 23] لسورة يوسف مشي فيه علي هذا النمط، فقال في قوله تعالي: (اذ قال يوسف لأبيه يأبت اني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي سنجدين)[ يوسف: 4 ]المراد من يوسف حسين بن علي، و المراد بالشمس فاطمة، و بالقمر محمد، و بالنجوم أئمة الحق فهم الذين يبكون علي يوسف سجدا. و هذا أحد دعاتهم المسمي أباالفضل اجر فادقاني قد أورد في كتابه المسمي «الدرر البهية» قوله تعالي: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه و لما يأتهم تأويله)[يونس: 39]، و قوله تعالي: (هل ينظرون الا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق)[الأعراف: 53]و قال: «ليس المراد من تأويل آيات القرآن معانيها الظاهرية و مفاهيمها اللغوية، بل المراد المعاني. [ صفحه 24] الخفية التي أطلق عليها الألفاظ علي سبيل الاستعارة و التشبيه و الكناية»، ثم قال بعد هذا: «قرر الله تنزيل تلك الآيات علي ألسنة الأنبياء، و بيان معانيها و كشف الستر عن مقاصدها الي روح الله حينما ينزل من السماء»، و قال: «انما بعثوا عليهم السلام لسوق الخلق الي النقطة المقصودة، و اكتفوا منهم بالايمان الاجمالي حتي يبلغ الكتاب أجله، و ينتهي سير الأفئدة الي رتبة البلوغ فيظهر روح الله الموعود و يكشف لهم الحقائق المكنونة في اليوم المشهود»، و قال: «و في نفس الكتب السماوية تصريحات بأن تأويل آياتها الي معانيها الأصلية المقصودة لا تظهر الا في اليوم الآخر، يعني يوم القيامة و مجي‌ء مظهر أمر الله، و اشراق آفاق الأرض ببهاء وجه الله»، ثم قال: «و كذلك جاءت تفاسير العلماء من لدن نزول التوراة الي [ صفحه 25] نزول البيان [12] تافهة باردة عقيمة جامدة، بل مضلة مبعدة محرفة مفسدة». كنا نود أن نصرف القلم عن نقل مثل هذا السخف، و نصون صحف المجلة عن أن تحمل لقرائها شيئا من الزيغ و الالحاد في آيات الله، و الاعتداء علي علماء الاسلام الذين رفعوا منار الحق و أذاقوا بحججهم أعداء الانسانية عذابا أليما، و لكن دعاة هذا المذهب قد استهووا فريقا من أبناء المسلمين، و أصبحوا يدعون الي مذهبهم في النوادي، و يتحدثون عنه في الصحف، و ألقوا كتبا تقع في أيدي بعض الشباب فذلك ما اضطرنا الي أن نبسط القول في بيان نحلتهم و سرد أقوالهم حتي يكون المسلمون علي بينة من أمرهم. [ صفحه 26] لهج البابية البهائية مقتفين أثر اخوانهم الباطنية بهذا النوع من التأويل ليدخلوا منه الي العبث في تفسير القرآن و الحديث و صرفهما عن ما يراد بهما من حكمة و هداية (انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحفظون)[الحجر: 9 ]. أنزل الله تعالي القرآن بلسان عربي مبين، و دلنا علي أن الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم يقوم ببيان ما خفي علي الناس علمه، فقال تعالي: (و أنزلنا اليك الذكر لتبين الناس ما نزل اليهم)[النحل: 44 ]، و ما زال السلف من الصحابة و الراسخين في العلم من بعدهم يفسرون القرآن بما يروونه عن الرسول عليه الصلاة و السلام و بما يفهمونه منه علي مقتضي استعمال لغتهم و أساليب بلاغتهم، فجاءوا بعلم كثير و أدب غزير، و تركوها حكما رائعة و شريعة سمحة باهرة، و قوانين اجتماع طاهرة، حتي قام [ صفحه 27] جماعة من أو شاب الناس يزعمون أن هذا القرآن الذي أنزله الله بلسان العرب لم يوكل بيانه الي من كان يقرؤه علي الناس بكرة و عشيا، و لم يفهم المراد منه أولئك الذين يتهجدون به في الأسحار سجدا الله و بكيا، و انما و كل بيانه الي أمثال ميرزا علي محمد، و ميرزا حسين، و عباس، و أبي‌الفضل الجرفادقاني ليخوضوا فيه بلغو من القول، و يعثوا في تأويله مفسدين. قال أبوبكر بن العربي في كتاب (القواصم و العواصم) يرد علي اخوانهم الباطنية قولهم: ان خليفة الله هو الذي يبلغ عنه، «الخليفة هو النبي الذي بين ثم استأثر الله به و لا معصوم بعده». و في كتاب «فضائح الباطنية» بسطة في رد ما يدعونه من ظهور الامام المعصوم، و حصر مدارك الحق [ صفحه 28] في أقواله، و قد عرفت أن الامام المعصوم الذي يدعيه الباطنية هو ما يسميه البابية و البهائية ب (من يظهره الله)، و يزعمون أنه هو الذي يعرف تأويل ما جاء به الرسل عليهم‌السلام، و يصرح هذا الايراني في كتابه هذا بأن قصص القرآن غير واقعة، و قال: (لا يمكن للمؤرخ أن يستمد في معارفه التاريخية من آيات القرآن)، و قال: (ان الأنبياء عليهم‌السلام تساهلوا مع الأمم في معارفهم التاريخية و أقاصيصهم القومية و مبادتهم العلمية فتكلموا بما عندهم، و ستروا الحقائق تحت أستار الاشارات، و سدلوا عليها ستائر بليغ الاستعارات). دعوي أن في القرآن قصصا غير واقعة بزعم أنها رمز الي معان خفية، ليس لها من داع سوي ما يضمره أصحابهم من الكيد للقرآن الكريم و ادخال الريب في أنه [ صفحه 29] تنزيل من لدن حكيم عليم. لم يقم حتي الآن دليل تاريخي أو نظري يطعن في صحة قصة ساقها القرآن الحكيم، و نحن نستند في صحتها الي الآيات الدالة علي أن المبعوث به لا ينطق عن الهوي، فالمؤرخ المسلم و معلم التاريخ لأبناء المسلمين يستمد في معارفه التاريخية من آيات الذكر الحكيم، و هي عندنا أصدق قبلا و أقوي سندا مما يقصه المؤرخ من حوادث نفخ في عصره أو قريب منه، و هذه الثقة بالطبيعة لا تحصل لمن ينكر أو يرتاب في أن القرآن حجة الله علي العالمين، فلا تطالب المجوسي أو البهائي بأن يدخلوا في مزلفاتهم التاريخية ما جاء في القرآن من أنباء الأولين، و هم لم يطمئنوا الي أن محمدا صلي الله عليه و آله و سلم رسول صادق أمين. يزعم هذا الايراني أن الرسول ينطق ببعض المبادي [ صفحه 30] العلمية مجاراة لقومه و هي في الواقع غير صحيحة، و هذه جهالة غيسي و جراءة غوي، و الرسول عليه الصلاة و السلام و ان لم يبعث لتقرير المسائل العلمية التي تدركها عقول البشر بسهولة أو بعد جهد كالطبيعيات و الرياضيات - لا يتحدث عن شي‌ء منها حديث من يصدق بها الا أن تكون صوابا، و دعوي أن لها رموزا انما اخترعها الايراني و أمثاله ليستروا بها وجه جحودهم، و البرقع الشفاف لا يحجب ما وراءه. و لم يكن تأويل البهائية و أسلافهم الباطنية لنصوص الشريعة علي هذا الوجه الناقض لأصولها بشي‌ء ابتدعوه من أنفسهم ابتداعا، و انما هو صنع عملوا فيه علي شاكلة طائفة من فلاسفة اليهود من قبل، فانا نقرأ في ترجمة «فيلون» الفيلسوف اليهودي المولود ما بين [ صفحه 31] عشرين و ثلاثين قبل ميلاد المسيح أنه ألف كتابا في تأويل التوراة ذاهبا الي أن كثيرا مما فيها رموز الي أشياء غير ظاهرة، و يقول الكاتبون في تاريخ الفلسفة: ان هذا التأويل الرمزي كان موجودا معروفا عند أدباء اليهود بالاسكندرية قبل زمن (فيلون)، و يذكرون أمثلة تأويلهم أنهم فسروا آدم بالعقل، و الجنة برياسة النفس، و ابراهيم بالفضيلة الناتجة من العلم، و اسحاق عندهم هو الفضيلة الغريزية، و يعقوب الفصيلة الحاصلة من التمرين، الي أمثال هذا من التأويل الذي لا يحوم عليه الا الجاحدون المراءون، و لا يقبله منهم الا قوم هم عن مواقع الحكمة و دلائل الحق غافلون. و أبوالفضل هذا من أبعد دعاة البهائية في الهذيان شأوا، و أشدهم لعلماء الاسلام ضغينة، و اذا أخذ في [ صفحه 32] شتمهم لا يشفي غليله الا أن يصب كل الجمل التي يعرفها في المعني الذي أراد شتمهم به، انظروا الي قوله في صفحة (147) من ذلك الكتاب المسمي بالدرر البهية: «فتمادوا في غيهم، و أصروا علي باطلهم، و تاهوا في ضلالتهم، و مردوا في جهالاتهم، و عموا في سكرتهم، و انهمكوا في غوايتهم»، فالرجل حفظ جملا التقطها من بعض الصحف السائرة أو من الكتب الغابرة و صار يلقيها فيما يكتب من غير وزن، حاسبا أن هذا الصنيع من تزويق القول ينقل الناس من الجد الي الهزل، و من الحق الي الضلال. في الباطنية من يدعي أنه نبي أو يعتقد في آخر أنه نبي يوحي اليه، و ميرزا علي الملقب (بالباب) يدعي أنه رسول من الله، و وضع كتابا ادعي أن ما فيه شريعة منزلة [ صفحه 33] و سماء (البيان)، و قال في رسالة بعث بها الي الشيخ محمود الألوسي صاحب التفسير المشهور المسمي «روح المعاني» يدعوه فيها الي مذهبه: «أنني أنا عبدالله قد بعثني الله بالهدي من عنده»، و سمي في هذه الرسالة مذهبه دين الله فقال: «و من لم يدخل في دين الله مثله كمثل الذين لم يدخلوا في الاسلام». و كذلك يدعي زعيمهم المسمي (بهاء الله)، ففي كتاب بهاء الله و العصر الجديد: «و قرر بهاء الله أن رسالته هي لتأسيس السلام علي الأرض»، و قال صاحب هذا الكتاب ينحدث عن الباب و البهاء: «من المستحيل ايجاد أي تغيير لعظمهما الا بالاعتراف بأنهم انما عملا بوحي من الله». يدعي الباب الرسالة، و يزعم أن شريعته ناسخة [ صفحه 34] للشريعة الاسلامية فابتدع لأتباعه أحكاما خالف بها أحكام الاسلام و قواعده، فجعل الصوم تسعة عشر يوما من شروق الشمس الي غروبها، و عين لهذا الأيام وقت الاعتدال الربيعي بحيث يكون عيد الفطر عندهم هو يوم النيروز علي الدوام، و في كتابه البيان: «أيام معدودات و قد جعلنا النيروز عيدا لكم بعد الكمالها»، و جعل ميرزا حسين الملقب ببهاء الله الصلاة تسع ركعات في اليوم و الليلة، و كان عبدالله بن الخراب الكندي الذي اعتقد الاهيته كثير من أشباه الناس قد جعلها تسع عشرة صلاة في اليوم و الليلة. و قبلة البهائيين في صلاتهم التوجه أين يكون ميرزا حسين المسمي بهاء الله، فانه يقول لهم: «اذا أردتم الصلاة فولوا وجوهكم شطري الأقدس»، و قال ابنه [ صفحه 35] عباس: «يلزمنا التوجه الي معلوم و هو مظهر الله» و مظهر الله في زعمهم هو هذا المسمي بهاء الله. أما الحج فقد أبطله البهاء، و أوصي بهدم بيت الله الحرام عند ظهور رجل مقتدر من أشياعه. و من الباطنية من منع العوام من مدارسة العلوم، و الخواص من النظر في الكتب المتقدمة حتي يبقوا في عماية و هو الحسن بن محمد الصباح، و نجد ميرزا علي المسمي الباب قد حرم في كتابه «البيان» التعلم و قراءة كتب غير كتبه، فكان كل من يؤمن بالباب يحرق القرآن الكريم و ما وقع في يده من كتب العلم، و لكن الميرزا حسين المسمي بهاء الله أدرك ما في هذا التحجير من خطأ مكشوف، و أنه مما يصرف عنهم ذوي العقول النابهة، فأني في كتابه الذي مسماه «الأقدس» بما ينسخه فقال «قد [ صفحه 36] عفا الله عنكم ما نزل في البيان من محو الكتب و أذناكم بأن تقرءوا من العلوم ما ينفعكم». و في الباطنية من يدعي حلول الاله في بعض الأشخاص، كما قال القرامطة بالاهية محمد بن اسماعيل ابن‌جعفر، و هذه الدعوي - أعني دعوي الحلول - تظهر في بعض مقالات البهائية. قال عباس الملقب ب (عبدالبهاء) «قد أخبرنا بهاء الله بأن مجي‌ء رب الجنود و الأب الأزلي و مخلص العالم الذي لابد منه في آخر الزمان كما أنذر جميع الأنبياء عبارة عن تجليه في الهيكل البشري، كما تجلي في هيكل عيسي الناصري، الا أن تجليه في هذه المرة أتم و أكمل و أبهي، فعيسي و غيره من الأنبياء هيثوا الأفئدة و القلوب لاستعداد هذا التجلي الأعظم». [ صفحه 37] يريد بهذا أن الله تجلي فيه بأعظم من تجليه في أجسام الأنبياء علي ما يزعم، و قال مهذارهم أبوالفضل الايراني «فكل ما توصف به ذات الله و يضاف و يستند الي الله من العزة و العظمة و القدرة و العلم و الحكمة و الارادة و المشيئة و غيرها من الأوصاف و النعوث انما يرجع بالحقيقة الي مظاهر أمره و مطالع نوره و مهابط وحيه و مواقع ظهوره»، و بظهر هذه من اللوح الذي كتبه المسمي (بهاء الله) في الثنويه يشأن ابنه عباس فانه قال: «ان لسان القدم [13] يبشر أهل العالم بظهور الاسم الأعظم [14] الذي أخذ عهده بين الأمم أنه نفسي و مطلع ذاتي و مشرق أمري من توجه اليه فقد توجه الي وجهي و استضاء من أنوار جمالي و اعترف [ صفحه 38] بوحدانيتي و أقر بفردانيتي... الخ». و قلد البهائية الفلاسفة فيما يدعونه من قدم العالم، ففي كتاب (بهاء الله و العصر الجديد): «علم بهاء الله أن الكون بلا مبدأ زمني، فهو صادر أبدي من العلة الأولي، و كان الخلق دائما مع خالفه و هو دائما معهم»، و قد تصدي أهل العلم الراسخ لتزيبف ما تعلق به هؤلاء في الاستدلال علي هذا الرأي، و حققوا أن المعلول لابد أن يتأخر عن العلة في الوجود؛ اذ معني العلة ما أفاض علي الشي‌ء الوجود، و المعلول ما قبل منه هذا الوجود، و لا معني لافاضة الوجود علي الممكن الا اخراجه الي الوجود بعد أن كان في عدم، و ذلك معني الحدوث. و من عجيب أمر هذه الطائفة أنهم يدعون النبوة و الرسالة و ما فوق الرسالة، و ينكرون المعجزات يدعوي [ صفحه 39] أنها غير معقولة، تجدون هذا الانكار في كتاب داعيتهم المسمي أباالفضل فقد ذكر انفلاق البحر و انفجار العيون من الحجر لموسي عليهم‌السلام، و ابراء عيسي عليهم‌السلام، للأكمه و الأبرص و احيائه الموتي باذن الله، و تبع الماء من بين أصابع محمد صلي الله عليه و آله و سلم و قال: و كثير من أهل الفضل و فرسان مضمار العلم اعتقدوا بأن جميع ما ورد في الكتب و الأخبار من هذا القبيل كلها استعارات عن الأمور المعقولة و الحقائق الممكنة مما يجوزه العقل المستقيم، ثم أخذ يؤول ما ورد في تلك المعجزات من قرآن و حديث و يحمله علي معان لا يقبلها منه الا من فقد عقله قبل أن يفقد ايمانه، و انكارهم للمعجزات ينبئكم أن القوم يمشون مكبين علي وجوههم وراء الفلسفة التي لا تؤمن بأن لهذا العالم خالقا فعالا لما يريد. [ صفحه 40] و ملخص القول في البابية و البهائية أنه مذهب مصنوع من ديانات و نحل و آراء فلسفية، قال صاحب كتاب (مفتاح باب الأبواب) يصف البابين: «لهم دين خاص مزيج من أخلاط الديانات اليوذية [15] ، و البرهمية الوثنية [16] ، و الزرادشتية [17] ، و اليهودية و المسيحية و الاسلامية، و من اعتقادات الصوفية و الباطنية». و مازالت البهائية مذهبا قائما علي اطلال الباطنية يحمل في سريرته القصد الي هدم الاسلام بمعول التأويل و دعوي الرسالة و الوحي بشريعة ناسخة لأحكامه، حتي جاء عباس عبدالبهاء الي هذا المذهب المصنوع [ صفحه 41] و أراد أن يكسوه ثوبا جديدا فخلطه بآراء التقطها مما يتحدث به بعض الناس علي أنها من مقتضيات المدنية أو مما كشفه العلم حديثا، نحو التساوي بين الرجال و بالنساء في التعليم و نزع السلاح، و اتفاق الأمم علي لغة واحدة تدرس في العالم كله، و تأسيس محكمة عمومية تحل مشاكل الأمم، و أن الانسان تدرج بالارتقاء من أبسط الأنواع حتي وصل الي شكله الحالي (نظرية داروين) و لهجوا بعد هذا بكلمة نشر السلام العام، و نبذ التعصبات الدينية. و قد تخيل عباس أنه بادخال مثل هذه الآراء في مذهب البهائية يستدرج المولعين بالجديد من التابتة الحديثة، و لهذا الطمع ترونه يقول: «تحتوي تعاليم بهاء الله علي جميع آمال و رغائب فرق العالم، سواء كانت دينية [ صفحه 42] أو سياسية أو أخلاقية، و سواء كانت من الفرق القديمة أو الحديثة، فالجميع يجدون فيها دينا عموميا في غاية الموافقة للعصر الحاضر [18] و أعظم سياسة للعالم الانساني و صرح في مقال آخر بأنه يريد أن يوحد بين المسلمين و النصاري و اليهود و يجمعهم علي أصول نواميس موسي عليهم‌السلام الذين يؤمنون به جميعا [19] . و لا أحسب عبدالبهاء عباسا يقصد من هذا الحديث الا التزلف لليهود و التظاهر بموالاتهم ليجعلهم من أشياعه، و الا فكيف يقع في خاطر من عرف القرآن أن يعمل علي صرف الناس عن شريعة الاسلام و يرجع بهم الي شفا حفرة من النار بعد أن أنقذهم الله منها. [ صفحه 43] يذكر الشيخ ابن‌تيمية أن الباطنية «هم دائما مع كل عدو للمسلمين»، و قال «ان التتار ما دخلوا بلاد الاسلام و قتلوا خليفة بغداد و غيره من ملوك الاسلام الا بمعاونتهم»، و كذا نجد في البابية تحيزا الي أعداء المسلمين، و انظروا الي عباس عبدالبهاء كيف يتحيز الي اليهود و يبشر بأن فلسطين ستصير وطنا لهم، فقال: «سيجتمع بنو اسرائيل في الأرض المقدسة و تكون أمة اليهود التي تفرقت في الشرق و الغرب و الجنوب و الشمال مجتمعة»، و قال: «تأتي طوائف اليهود الي الأرض المقدسة و يزدادون تدريجيا الي أن تصير جميعا وطنا لهم». فالبهائية شأنهم الباطنية في يغض الاسلام و موالاة خصومه، و لنا الأمل الوثيق في أن العرب و السائر [ صفحه 44] المسلمين من ورائهم سيقفون في وجه الاستعمار الصهيوني و الدعاية البهائية التي تظاهرها و تسعدها حتي تبقي فلسطين وطنا عربيا اسلاميا علي الرغم من عبدالبهاء و البهائيين. س: هل يعتقدون في الحشر و الجنة و النار؟ ج: لا يؤمن البهائيون بالبعث و لا بالجنة و النار، و يفسرون يوم الجزاء و يوم القيامة بمجي‌ء ميرزا حسين الملقب ببهاء الله، قال في كتاب (بهاء الله و العصر الجديد): «و طبقا للتفاسير البهائية يكون مجي‌ء كل مظهر الهي عبارة عن يوم الجزاء الا أن مجي‌ء المظهر الأعظم بهاء الله هو يوم الجزاء الأعظم للدورة الدنيوية التي نعيش فيها»، و قال: «ليس يوم القيامة أحد الأيام العادية، بل هو يوم يبتدي بظهور المظهر و يبقي ببقاء الدورة العالمية». [ صفحه 45] هذا ما يفسرون به يوم الجزاء و يوم القيامة، و يفسرون الجنة بالحياة الروحانية، و النار بالموت الروحاني قال في هذا الكتاب: «ان الجنة و النار في الكتب المقدسة حقائق مرموزة، فعندهما - أي البهاء و أبنه عباس - الجنة هي حالة الكمال و النار حالة النقص، فالجنة هي ألحياة الروحانية، و النار هي الموت الروحاني». هذا ما يقوله البهائية، و كذلك ينقل لنا أبوحامد الغزالي أن الباطنية يقولون: «كل ما ورد من الظواهر في التكاليف و الحشر و الأمور الالهية فكلها أمثلة و رموز الي بواطن»، و ساق بعد هذا أمثلة من تأويلهم الفاسق عن قانون اللغة و العقل، و قال: «هذا من هذيانهم في التأويلات حكيناها ليضحك منها، و نعوذ بالله من صرعة العاقل و كبوة الجاهل». [ صفحه 46] و قد قلدوا في انكار البعث طائفة الدهريين و أخذتهم شبههم التي لا تستطيع أن تنهض أمام أدلة القرآن الحكيم، قال تعالي: (أولم ير الانسن أنا خلقنه من نطفة فاذا هو خصيم مبين - و ضرب لنا مثلا و نبي خلقه قال من يحي العظم و هي رميم - قل يحييها الذي أنشاها أول مرة و هو بكل خلق عليم -)[ يس: 79 - 77 ] س: هل يعتقد البهائيون بنبوة سيدنا محمد صلي الله عليه و آله و سلم؟ ج: مخالفة البهائيين لما جاء به رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من معتقدات و أحكام، و تهجمهم علي تأويل القرآن و الحديث بمثل ما نقلناه عن زعمائهم شاهد علي أن قلوبهم جاحدة لرسالته، و اذا تحدثوا عنه في بعض كتبهم متظاهرين بتصديق نبوته فما هم الا كسائر الأفراد أو الطوائف الذين يعملون لهدم الاسلام تحت ستار، و من [ صفحه 47] خيال زعيمهم الأول دعواه في تفسيره لسورة يوسف أنه أفضل من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و علل علي هذا الكلام بما لا يفهمه الا من يفهم لغة المبرسمين؛ اذ قال: لأن مقامه (الباب) هو مقام النقطة، و مقام النبي صلي الله عليه و آله و سلم مقام الألف»، و قال: «كما أن محمد أفضل من عيسي فكتابه (البيان) أفضل من القرآن»، و قال:«ان أمر الله في حقي أعجب من أمر محمد رسول الله من قبل لو أنتم فيه تتفكرون». و لسنا في حاجة الي الرد عليه في دعوي أنه أفضل من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و لا في دعوي أن كتابه البيان أفضل من القرآن، فعامة المسلمين كخاصتهم يعلمون أن هذه الدعوي من صنف الدعاوي التي تنادي علي نفسها بالزور و الهذيان و أولو العقول من غير المسلمين يعرفون عظمة محمد بن عبدالله صلي الله عليه و آله و سلم و ما بثه في العالم من اصلاح، [ صفحه 48] فمن يدعي أنه مثل محمد أو أنه أني بكتاب يحاكي القرآن كان في حاجة الي علاج يعيد عليه شيئا من رشده و يجعله علي بصيرة من نفسه. س: اذا كانوا يعترفون بنبوة سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام فكيف يعتقدون بنبي بعده و دين غير دينه؟ ج: البهائيون لا يعترفون بنبوة سيدنا محمد صلي الله عليه و آله و سلم و لهذا سهل علي زعمائهم أن يدعوا النبوة من بعده / قال تعالي: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم و لكن رسول الله و خاتم النبيين)[ الأحزاب: 40 ]/ و معني الآية الذي لا يذهب الفهم الي خلافه أنه النبي الذي انقطع به وصف النبوة فلا يتحقق في أحد من الخليفة بعده. و ورد هذا مبينا في صريح السنة الصحيحة، ففي صحيح الامام البخاري و صحيح مسلم أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم [ صفحه 49] قال: «مثلي و مثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني دارا بناء فأحسنه و أجمله الا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به و يتعجبون له و يقولون هلا وضعث هذه اللبنة / فأنا اللبنة و أنا خاتم النبيين» / و قد انعقد اجماع المسلمين علي هذا جيلا بعد جبل و أصبح معلوما من الذين بالضرورة؛ فمن أنكره وادعي لنفسه أو لغيره النبوة بعد رسول الله فقد انسلخ من الاسلام، و كان من الغاوين، و اذا شهد لسانه بنبوة محمد صلي الله عليه و آله و سلم فهو من أولئك الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، فالبابيون لا يدخلون في المعترفين بنبوة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في حال. و قد ذكرهم العلامة الألوسي في تفسير قوله تعالي: (و لكن رسول الله و خاتم النبيين)[الأحزاب: 40]فقال: «و قد ظهر في هذا العصر عصابة من غلاة الشيعة لقبوا [ صفحه 50] أنفسهم بالبابية لهم في هذا الباب فصول يحكم بكفر معتقدها كل من انتظم في سلك ذوي العقول، و قد كاد عرقهم يتمكن في العراق لولا همة و اليه التجيب الذي وقع علي همته و ديانته الاتفاق حيث خذلهم نصره الله تعالي و شئت شملهم و غضب عليهم جل جلاله، و أفسد عملهم فجزاء الله تعالي عن الاسلام خيرا، و دفع عنه في الدارين ضيما و ضيرا». س: ما هو الواجب عمله لاحباط مساعيهم حتي لا يقع أحد في شراكهم؟ ج: لو كان التعليم الديني في الشعوب الاسلامية الزاميا و مقررا في جميع مدارسها / لم يجد أشباه الباطنية الي ازاغة قلب الفتي المسلم طريقا / و ترك كثير من أنبائنا لا يعرفون من الاسلام الا أسماء أو لا يلقنون الا مبادي [ صفحه 51] مقطوعة عن حججها العقلية أو النقلية، قد يسر لأمثال البهائية أن ينصبوا حبائلهم بين المسلمين و يصطادوا من النفوس الجاهلية قليلا أو كثيرا. و لا ننسي أن الذي ساعد البهائية علي أن تستهوي فريقا من المسلمين تظاهرها بأنها فرقة اسلامية، و احتجاجها بالقرآن و الحديث، و كتمها بعض معتقداتها المنكرة علي البداهة، و عدم انتشار كتبها، فكثير من أهل العلم لم تصل اليهم كتب هذه الطائفة حتي يستبينوا منها حقيقة يحلتهم و يحذروا الناس من الوقوع في شراكهم. أما اليوم فقد أخذهم الغرور و صاروا يذيعون شيئا من أسرار يحلتهم علي المنابر، و علي صفحات الجرائد، و يتحدثون عنها في مؤلفات تطبع و تعرض علي الناس في المكاتب، فهي بما تحمله من مقالات ملفقة [ صفحه 52] و دعاوي غير معقولة قد بحثت عن حتفها بظلفها / فلا نخشي علي من له نباهة أو فطرة سليمة أن يعتقد بنبوة ميرزا حسين أو عباس عبدالبهاء، و لا نخشي علي من وصل الي نفسه أثر من هداية الاسلام أن يتبدل بها مزاعم أبي‌الفضل الايراني، و اذا جاز أن يكون في طبقة العامة أو أشباعهم من لا يتنبه لما في البهائية من كيد للاسلام و اغواء عن شريعته الغراء، فان العلماء و الوعاظ أينما كانوا سيكشفون للناس عن بطائة هذا المذهب ليحترسوا من دعاته و يحذروا أن يمسهم شي‌ء من نزغاته. و قد علم طائفة من دعاة الاباحية و الخروج علي الدين ما ينطوي عليه هذا المذهب من مناوأة للدين الحق، فقاموا يظاهرونه في النوادي و الصحف و يزينونه [ صفحه 53] في أعين الناس ظنا منهم أن علماء الاسلام مازالوا عن سريرة هذا المذهب غافلين. جناب الشيخ / محمد الخضر حسين [ صفحه 54]

نظرة في الديانة البهائية

مقال الأستاذ / محمد فريد وجدي [20] . ظهر في نحو منتصف القرن التاسع عشر ببلاد الفرس مذهب جديد في الدين دعا اليه الميرزا علي محمد هنالك ملقبا نفسه بالباب، يريد الباب الموصل الي الحقيقة، وسمي مذهبه بالبابية، و لما انتهي الأمر فيه الي خليفة الملقب ببهاء الله نسخ اسمه الأول و سمي مذهبه بالبهائية. و انا لناظرون في أصول هذا المذهب نظرة نقد و تمحيص، لما نراه من نشاط الدعوة اليه، احقاقا للحق و ازهاقا للباطل، فتقول: للبهائية عقيدة في الله علي طريقة الذين يقولون بأنه [ صفحه 55] مجموع الكائنات، كما ورد في كتابهم (البيان) مترجما عن الفرنسية من قوله: «الحق يا مخلوقاتي أنك أنا». و عندهم أن الله تعالي أرسل رسله بالحقائق الكلية علي طريقة الرمز لقصور عقول الناس عن ادراكها، مدخرا ببانها و كشف الأسرار عنها الي (بهاء الله)مظهره الأكمل في آخر الزمان. و الرسل عندهم مظاهر لله نفسه، يتجلي بهم علي الناس لهداية خلقه، فالسابقون علي بهاء الله انما بعثوا لينبهوا الطبيعة الانسانية النائمة، فلما ثم لها هذا التنبه، و استعدت لقبول الحقيقة سافرة، ظهر الله اولا بمظهر (الباب) الملقب بحضرة العلي، ثم تم ظهوره و اشراقه أخيرا في (بهاء الله) الذي كان متقيا في عكاء، فهو في اعتقادهم المظهر الالهي الأكمل، تجلي علي خلقه ليوحي اليهم الحقائق الخالدة التي [ صفحه 56] توصلهم الي حظيرته القدسية العليا. قال داعيتهم الشيخ أبوالفضل الجرفادقاني في كتابه «الدرر البهية» في هذا الموضوع عن الأنبياء الأولين: «و انما بعثوا لسوق الخلق الي النقطة المقصودة، و اكتفوا منهم بالايمان الاجمالي حتي يبلغ الكتاب أجله، و ينتهي سير الأفئدة الي رتبة البلوغ، فيظهر (روح الله الموعود) يكشف لهم الحقائق المكنونة في اليوم المشهود» يريد بروح الله الموعود خليفة الباب المسمي (بهاء الله). و هم بعد أن قرروا هذه الأصول عمدوا الي نصوص الكتب السماوية، و آخذوا يؤولونها تأويلات غريبة و بعيدة، أملاها عليهم تعمقهم في الخيال، ليصلوا من ذلك الي ما يزيدون به أهواءهم و مزاعمهم الزائفة، و ضلالاتهم السخيفة. [ صفحه 57] من التناقض الغريب أن يكون أساس الديانة التي تدعي كشف غوامض الأديان من الغموض و الابهام بحيث تستعصي علي الأفهام، و لا يقبلها العقل في أي زمان، فان القول بأن الله هو جميع الكائنات، و أنه جل و عز قد يظهر في بعض الأفراد ليهدي الناس الي سبيل الرشاد، يرد عليه منم النقد الداحض ما لا قبل لأحد علي دفعه بالوسائل الكلامية. فاذا كان المذهب الذي يدعي بأنه كشف المشكلات، و حل المعميات يجعل أساسه أغمض مسألة في تاريخ المعقولات الانسانية، كان ذلك خروجا منه علي أصله و عدوانا صارخا منه علي أساسه. و اذا نظرنا من ناحية فلسفية في تاريخ المسائل الدينية، رأينا أن عاملين خطيرين قد فرقا بين الأديان، [ صفحه 58] و جعلا أهلها شيعا يضلل بعضهم بعضا: (اولهما) ما تجرأ عليه قادتها من التهافت علي تصوير الخالق بصورة ذهنية. و (ثانيهما) اعتمادهم علي تأويل مالم يحيطوا يعلمه، و لم يكلفوا البحث فيه من الشئون العلوبة. فبالعامل الأول اختلف أهل الملل في تحديد ذات الخالق، فأصبحوا بين معدد و مجسم و مشبه و معطل، و جميعهم لا يصدرون عن علم مقرر، و لا أصل محقق، و لكن عن الخيال المحض. و قد تأدي أكثرهم الي تأليه أنبيائهم و قديسيهم. فلما جاء الاسلام جسم مادة هذا العامل المفرق، فقرر أن الانسان مهما حلق في جو الخيال التصوير، و أبعد في مجال [ صفحه 59] النظر و التفكير، فلن يصل الي ادراك ذات الخالق، فأمر متبعيه بأن يقتنعوا بمحض الاعتقاد بوجوده مع تنزيهه الكامل عن كل ما يجول في خيال المشبهين، و هو ما تدل عليه بداهة العقل. أما أي جهد يبذل فيما وراء ذلك، قفضلا عن أنه لا يأتي الا بخيال لا حقيقة له، يكون أثره المباشر اختلاف النحل الي مذاهب لا عداد لها، فلا تعود تجمعهم جامعة الدين الحق، الموافق للفطرة البشرية و المناسب لدرجة قواها المعنوية، فقد قال تعالي: (يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم و لا يحيطون به علما)[ سورة طه: 110 ]، و قال تعالي: (ليس كمثله شي‌ء و هو السميع البصير)[ الشوري: 11 ]، و قال تعالي: (لا تدركه الأبصر و هو يدرك الأبصر)[ سورة الأنعام: 103 ]. [ صفحه 60] و اذا كان الانسان لم يستطع أن يدرك الي اليوم حقيقة المادة التي بين يديه، و لا حقيقة نفسه التي بين جنبيه، و لا تركيب الوجود الذي يراه بعينيه؛ فمن الفضول أن يتطاول الي تصوير ذات الله بأي صورة تخطر بباله. و أما العامل الثاني الذي مزق وحدة الأمم و جعلها شيعا، فهو صرف نصوص الكتب السماوية عن ظواهر ها الي ما يوافق أهواء البهائيين، و يؤيد مزاعمهم التي يتشيعون لها. جاء في الانجيل علي لسان عيسي عليه‌السلام: «اني ذاهب الي أبي و أبيكم ليبعث لكم الفارقليط الذي ينبئكم بالتأويل»، و قوله: «ان الفارقليط الذي يرسله أبي باسمي»، فذهب المسيحيون الي أن المراد بالفارقليط روح القدس، و لكن البهائية التي أولعت بصرف [ صفحه 61] النصوص عن ظاهرها الي ما يؤيد أهواءهم قالوا: ان المراد بالفارقليط بهاء الله. (انظر: كتاب الدرر البهية). و من هذا الشطط ما ذهبوا اليه في تأويل يوم الحسرة، و يوم التلاق، و يوم القيامة، و الساعة و أمثالها مما ورد في القرآن الكريم، فقد أولوا كل ذلك بيوم النزول روح القدس، و قيام مظهر أمر الله و هو البهاء في زعمهم، و ليس يخفي علي عاقل أنه اذا سوغ البهائيون لأنفسهم مثل التأويل الزائف فانه يحوز لكل طائفة أن تنخذ ماتشاء من التأويلات التي لا يرضاها عقل؛ ليؤبدوا بها أهواءهم، مادام الأمر جاريا علي قاعدة الترجيح بلا مرجح من أي ضرب كان. و من أغرب ما رأيناه من ضروب التأويل ما ذكره الشيخ الجرفادقاني في كتابه «الدرر البهية» في تفسير قوله [ صفحه 62] تعالي: (و استمع يوم يناد المناد من مكان قريب - يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج -)[ سورة ق: 42، 41 ]فقال: «ان فيها تعيين حمل نزول الموعود و تصريحا بأن نداء الرب تعالي يرتفع من الأرض المقدسة أقرب الأراضي الي الأقطار العربية و هي الجزء الغربي من البلاد السورية». يريد أن في هذه الآية اشارة الي عكاء حيث كان يقيم بهاء الله، و أنه هو منادي المذكور فيها، و بداهة العقل تشهد بأن هذه الآية وردت في يوم القيامة، كما هو ظاهر لا يحتاج الي تأويل. يتضح للقاري مما مر أن الديانة البهائية قد تأسست علي العاملين اللذين فرقا الأديان و جعلا أهلها شيعا، و هما الخوض في تناول ذات الله بالخيال، و اطلاق العنان للتأويل بدون ضابط من العقل، و لا ترجيح من [ صفحه 63] العلم، و لا مسوغ من اللغة. طموح البهائية الي أن تكون دينا عاما للبشر: ان طموح البهائية الي أن تكون دينا عاما يدخل فيه الناس علي اختلاف جنسياتهم و نحلهم هو مما يقضي بالعجب؛ لأنها ليست بدين سماوي، و ليس فيها من الأصول و المبادي ما يلفت العقول اليها بعد أن بالغت في عرض نفسها علي الأمم، فأين هي من الاسلام الذي بني أمما قوية، و مدنيات فاضلة في خلال عصور متعاقبة، و لا يزال علي مثل حبوبته الأولي حتي ليتوقع فلاسفة كثيرون - و منهم (برناردشو) الفيلسوف الانجيليزي المشهور - علي أن مبادي الاسلام يوشك أن تعم العالم أجمع، فهذه الحيوية القوية الدائمة في الديانة الاسلامية و صلاحيتها لأن تكون دينا عاما للناس كافة انما حصلتا [ صفحه 64] لها بسبب قيامها علي حقائق االهية خالدة: أولاها: موافقتها للفطرة التي فطر الله الناس عليها. ثانيتها: اعتمادها علي العقل و العلم. فبموافقتها للقطرة الانسانية ارتكنت علي جملة الغرائز النفسية، و ينبوع قواها المعنوية، و لا يخفي أن هذه الفطرة واحدة في جميع أفراد النوع البشري، و ما ترمي اليه من أغراض الوجود لا يتعدد الا بعارض من التربية الفاسدة أو الوراثات الضالة، و لكن الفطرة خلقت سليمة، فلا تلبث حتي تستقيم علي جادتها، و تخلع كل ما صبغت به قهرا من الصبغ الوقتية، فمصيرها محتوم و متعين، و هو الموحدة العامة، فلا مناص من أن الدين الذي يقوم علي الفطرة الالهية هو الذي سيكون له السيادة العامة حتما. [ صفحه 65] و باعتماد الديانة الاسلامية علي العقل الكامل و العلم الصحيح قد ضمنت لنفسها العاقبة التي لا مفر للعالم منها، و هي الاجماع البشري علي أنها الدين الحق الذي لا معدل عنه. فأنت تري أن الاسلام قد استجمع جميع العوامل التي تضمن له التعميم و الخلود، و ترد اليه الخلائق محفوزة بغرائزها الفطرية، و يقوي الوجود التي تنولي الانسانية. فأين البهائية من هذا الموقف العلمي الحق، و هي تقوم علي أصلين، أحدهما عتيق غامض، قال به أفراد من محبي السيح في الخيالات في كل زمان و مكان، و لم تصادف مذاهبهم الا اعراضا و نفورا، و هو تصوير ذات الله بصور المخلوقين، تعالي الله عما يقول المبطلون علوا [ صفحه 66] كبيرا، و ثانيهما و هو صرف الألفاظ عن ظواهرها مجال فسيح للظنون و الأوهام و الخبط، قامت عليه فرق قبلها و جلت عن الأرض و لم تخلف أثرا. ليس العالم حاجة الي البهائية: ان من يستقري أدوار التطورات العقلية، و النظم الاجتماعية، و الديانات السماوية، يجد أن كل تجديد في هذه المجالات نشأ عن حاجة ماسة اليه من الشوب و الأمم، و أن كل تجاح يصيبه دين من الأديان، أو نظام من النظم يكون مناسبا للقدر الذي يحمله الي الناس من الوفاء بتلك الحاجات؛ فقد نشأت الفلسفات و المذاهب متعاقبة، فكان كل متأخر منها يكمل نقصا في سابقة، و جرت النظم الاجتماعية علي هذا السمت نفسه، فكان منها سلسلة متنالية الحلقات تسد كل تالية منها خلة في سابقتها. [ صفحه 67] و علي هذا التدرج الطبيعي المطرد تتابعت الديانات علي الانسانية، فكانت كل واحدة منها تحمل للعالم نظاما جديدا دعت الحاجة اليه، و اقتضته الضرورة، ناسخة ما بطلت الحاجة اليه، أو ما كانت ضرورته محلية، و تزيد علي ذلك بيان ما أخطأ البشر في فهمه من الوحي السابق عليها، أو تصحيح ما تعمدوه من تحريفه. فمن يتأمل في الأديان السماوية الثلاث التي محص العلم تاريخها، و هي اليهودية و النصرانية و الاسلامية، يجد هذه التجديدات المتعاقبة مائلة فيها مئولا محسوسا. فموسي عليه السلام قضي علي الوثنية في أمته، و جاء بشريعة هادمة لها، و كافح الضلالات التي كان يقول بها قومه كفاحا شديدا، و بين أخطاءهم فيها بيانا [ صفحه 68] و عيسي عليه‌السلام أرسل لتعديل ما اعوجل من أمر بني‌اسرائيل، و تصحيح ما تحرف من أصولهم، مقررا أصولا جديدة دعت اليها ضرورة الاجتماع علي عهده. و محمد صلي الله عليه و آله و سلم خاتم المرسلين قضي علي الوثنية التي كانت سائدة في بيثنه، و تصدي لليهودية و النصرانية، فرد أصولهما الي حقائقها، و قوم نظر الآخذين بهما، و نسخ ما بطلت الحاجة اليه منهما، و دعا العالم كله الي وحدة الدين، و وحدة الوجهة و الغاية، مؤسسا دعوته هذه علي أصل لا يمكن أن يختلف فيه عاقلان، و هو أن الله واحد، و دينه لجميع خلقه واحد. فان آنس ناقد أن الأديان متخالفة، فانما حدث ذلك من فعل فادتها و القائمين بشرحها و تأويلها، فطالب كل آخذ بها بالرجوع الي أصلها، و أصلها هو [ صفحه 69] الاسلام الذي أوحي الي كل الرسل السابقين، ثم الي خاتمهم محمد علي فترة منهم، و شفع هذا البيان الحاسم بنظام اجتماعي محكم، أقامه علي الفطرة و العقل و العلم و الأعلام الكونية، و أودع ذلك كتابا لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه. فهل العالم بعد هذا البيان في حاجة الي البهائية؟ ما هي الأصول التي تسمح لها أن تطمح الي قيادة العالم كله، و أن تقر بها السلام العام في الأرض؟ هي ما تحلم به من أنها تفسر غوامض المسائل الدينية، و توفق بين نصوصها الكتابية من طريق صرفها عو ظواهرها زاعمة أنها ترمي بذلك الي ربط الأمم برابطة أخوية مجردة عن الخلافات المذهبية. و قد رأيت أثر هذا في افساد كيان الأديان و صرفها عن حقائقها الأولية. [ صفحه 70] هل أنت البهائية العالم أصولا جديدة؟ تدعي البهائية أنها آتت العالم بجديد من الأصول لم يدر في خلد المصلحين قبلها، كاتحاد الأديان، و ترك التعصبات، و اتحاد الأجناس، و مساواة المرأة بالرجل، و السلام العام متذرعين بذلك الي القول بأن القرآن ليس ختام الوحي السماوي، و أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم و ان كان آخر المرسلين الا أنه ليس المظهر الأكمل لله تعالي،و هي المنزلة التي حفظت في زعمهم لبهاء الله وحده، و أن الاسلام ليس بالدين العام الأخير، فهذا الوصف لا ينصرف وهمهم الا علي البهائية دون سواها. كل هذا اليس بحق، و ليس عليه مسحة من علم، و لا عبقة من عدل. فأما ما سموه باتحاد الأديان فقد سبق اليه [ صفحه 71] الاسلام، و أسسه علي أقوي الأصول، و حاطه بأحكم الدلائل، فقرر أن أصل الأديان كلها واحد، و أن الخلافات التي بينها ما حدثت الا بسبب ما أدخله قادتها عليها من الأضاليل و الأوهام، فقد قال تعالي: (شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا و الذين أوحينا اليك و ما وصينا به ابراهيم و موسي و عيسي أن أقيموا الدين و لا تتفرقوا فيه كبر علي المشركين ما تدعوهم اليه الله يجتبي اليه من يشاء و يهدي اليه من ينيب - و ما تفرقوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم و لولا كلمة سبقت من ربك الي أجل مسمي لقضي بينهم و ان الذين أورثوا الكتب من بعدهم لفي شك منه مريب - فلذلك فادع و استقم كما أمرت و لا تتبع أهواءهم و قل آمنت بما أنزل الله من كتب و أمرت لأعدل بينكم الله ربنا [ صفحه 72] و ربكم لنا أعمالنا و لكم أعملكم لا حجة بيننا و بينكم (أي محاجة و لا خصومة) الله تجمع بيننا و اليه المصير -)[ سورة الشوري: 15 - 13 ]. و قال تعالي: (أفغير دين الله يبغون و له أسلم من في السموت و الأرض طوعا و كرها و اليه يرجعون - قل امنا بالله و ما أنزل علينا و أنزل علي ابرهيم و اسمعيل و اسحق و يعقوب و آلأسباط و ما أوتي موسي و عيسي و النبيون من ربهم لا تفرق بين أحد منهم و نحن له مسلمون)[ سورة آل عمران: 84 - 83 ]. و قال تعالي: (ان الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا لست منهم في شي‌ء)[ سورة الانعام: 159 ]. [ صفحه 73] فالاسلام يفرض علي أهله القول بوحدة الدين فرضا، و يأمرهم بالاعتقاد بجميع الرسل، من غير تفرق بينهم جاعلا القول بهذه الوحدة أساسا للدين الحق، لا يقبل ايمان يقوم علي أساس غيره، فقال تعالي: (ان الذين يكفرون بالله و رسله و يريدون أن يفرقوا بين الله و رسله و يقولون مؤمن ببعض و نكفر ببعض و يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا - أولئك هم الكفرون حقا و أعتدنا للكفرين عذابا مهينا -[ سورة النساء: 151، 150 ]. فوحدة الدين كما تري هي الأساس الذين يقوم عليه‌الاسلام، و الايمان بجميع الرسل و الكتب السماوية شرط أولي فيه، مع فارق كبير بينه و بين البهائية، و هو أنه مع تأسسه علي وحدة الدين يبين الأسباب التي ولدت [ صفحه 74] من هذه الوحدة تعددا، و هي ما دسه قادة الدين فيه من ضلالاتهم و خزعبلاتهم، ثم يكر عليها بالنقض و التجريح علي طريقة التمحيص العلمي الصحيح، لا كما تفعل البهائية من تكلف تأويل كل هذه الضلالات التي ثبت علميا أنها من مولدات الأوهام في عصور الطفولة البشرية. أما ترك التعصبات فان كان المراد منه التعصبات الجاهلية التي تحمل علي اضطهاد المخالفين في الدين؛ فهذا قد سبق الي تقريره الاسلام، و عمل به أهله، مما أصبح مضرب الأمثال فقال تعالي: (لأينهنكم الله عن الذين لم يقتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من ديركم أن تبروهم و تقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين)[ سورة الممتحنة: 8 ]. [ صفحه 75] و لكن ليس من التسامح في شي‌ء أن تقول للناس و هم يختلفون في النظر، و يتفاوتون في الفهم، و يتباينون في التمحيص: انكم كلكم علي الحق، و ان ما تتخالفون فيه له عندي وجوه من التأويل، فاثبتوا علي ما أنتم عليه منها؛ فانه يؤديكم جميعا الي غاية واحدة، و كلن الاصلاح كل الاصلاح أن تبين الحق عند أي فريق كان و تؤيده، و أن تنقد الباطل و تدحضه، و تحذر منه، و أن تبتعد فيما أنت بسبيله عن تأويل الوساوس لتعيرها مظهرا من الحق، فانها بذلك تصبح أفتك لأهلها، و أضل لهم مما كانت عليه مجردة من الزخارف الكلامية. هذا ما نفهمه و ما فهمه الناس قديما و ما يفهمه أهل البصر حديثا، و ليس وراءه، مذهب، كما قال تعالي: (فماذا بعد الحق الا الضلل)[ سورة يونس: 32 ]. [ صفحه 76] أما التحاد الأجناس فان الاسلام سبق العالم كافة الي الدعوة اليه، و أيده بالدلائل العلمية التي لا تقبل الدحض، فقال تعالي: (يأيها الناس اذا خلقنكم من ذكر و أنثي و جعلنكم شعوبا و قبايل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقكم ان الله عليم خبير -)[ سورة الحجرات: 13 ]، و قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «ان الله قد اذهب عنكم نخوة الجاهلية و فخرها بالآباء، لا فضل لعربي علي أعجمي، و لا لأبيض علي أسود الا بالتقوي أو بعمل صالح، كلكم من آدم، و ادم من تراب». و قد جري العمل في العالم الاسلامي علي هذا الأصل منذ صدره الأول الي اليوم، فالبهائية قد تأخرت فيه عن الاسلام نحو ثلاثة عشر قرنا. أما مساواة المرأة بالرجل، فان كانت في الحقوق الطبيعية و المدنية و الشرعية و العلمية، فان الاسلام قد بلغ [ صفحه 77] من كل ذلك المدي الذي ليس بعده مطمح، فاعتبر المرأة انسانا حرا لها أن تتصرف في ممتلكاتها و أموالها بدون توقف تنفيذ ارادتها علي ارادة زوجها، و هو ما لم تصل اليه المرأة الغربية بعد، و أن تعامل أمام القضاء بما يعامل به الرجل علي قدم المساواة، و أن تطلب من ا لعلم ما تطمح همتها اليه، دون حجر و لا تحديد، و أن تحضر الصلوات في المساجد، و أن تشهد الأمور العامة للمسلمين، و أن تبدي رأيها فيها، و أن تعلم الناس أن بلغت مرتبة التعليم، و أن تفتي في المعاضل، و زادت الشريعة الاسلامية في العناية بها ففرضت علي أبيها ثم علي زوجها أن يكفياها الكد لنبل العيش، فان لم يكن لها أب و لا زوج وجب علي أقاربها القيام بذلك، فان تجردت من كل قرابة وجب علي بيت المال أن يسدعنها هذه الخلة. [ صفحه 78] نعم، ان الاسلام جعل نصيبها من الميراث النصف ممات للذكور، و لكن لم يكن منه ذلك الحتقارا لشأنها، بل لأنه لم يكلفها السعي لتحصيل قوتها. فاذا أريد بالمساواة أن يلقي حبلها علي غاربها، و أن تتبرج تبرج الجاهلية، طائفة الشوارع، و غاشية الأسواق لفتنة الرجال، فان الاسلام لا يسمح لها بذلك، و لا يعده من الاكبار لها، بل انه قد حرم ذلك علي الرجال أيضا، و أنت تري أن أوريا تجني اليوم الشر المستطير التاجم من هذه الاباحة، و تعمل جاهدة علي تلافي مضارها. بقيت مسألة السلام العالم بين الأمم، و فيها نقول: لا يجوز أن يتحدث متحدث عن السلام العام الا بعد أن يدقق البحث في الحوائل التي تحول دونه، ليعرف ما هو منها متأصل في طبائع البشر، و ما هو عارض من [ صفحه 79] عوارض طبيعة العمران، و ما هو ناشي من تأثير التربية، و ما هو صادر من التقاليد الوراثية للجماعات، و ما هو مبني علي حاجات اقتصادية قاهرة... الخ؛ ليعالج ما يقبل العلاج منها، و يترك ما لا يقبله الي التطورات المقبلة. هذا اذا أراد الداعي الي السلام العام أن لا تكون دعوته كلمة جرفاء، تجوب الجواء و لا تحدث أثرا، كما حصل في كل زمان و مكان. و في رأينا لا يجوز الكلام في السلام العام قبل أن يتوطد السلام الخاص لكل أمة بين آحادها، فاننا نري حروبا و معارك تشب نيرانها بين طبقات الأمة الواحدة، فيسفك بعضها دماء بعض تحت اسم ثورات أهلية، أو انقلابات اجتماعية، أو اعتصابات اقتصادية، بل نري ما هو أخص من ذلك من العدوانات الفردية، فيقتتل الآحاد [ صفحه 80] لأقل الأمور شأنا، أو لمجرد التهب و السلب، و اشباعا للشهوات البهيمية، و تضطر الحكومات ازاء هذه الحالات أن تتخذ جنودا مسلحين للضرب علي أيدي المعتدين. فاذا كانت الحرب تشب بين آحاد ذوي قومية واحدة، و دين واحد رغما عن النظم التي تنذرع بها الحكومة لقيادتهم، و رغما عن المواعظ التي تلقي عليهم، و الآداب التي لقنوها في طفولتهم؛ فهل يطمع طامع أن يوجد سلاما عاما بين أمم من قوميات متخالفة و قوي متباينة، و هي تحت تأثير عوامل و بواعث من كل ضرب؟! فاذا كانت البهائية تكتفي من التحكك بمبدأ السلام العام بمجرد الدعوة اليه، فلها ما أرادت، ولكنها تكون منها علي حد ما سبقها و ما تلاها من الطوائف و الجمعيات الكثيرة. نظر الاسلام علي عادته في كل شأن خطير الي هذه [ صفحه 81] المسألة من أخفي نواحيها، و أتي بالقول الفصل فيها، فقرر أولا الأصل الطبيعي الذي تقوم عليه الجماعات في وحداتها، و في مجموعها، و هو الأصل الذي يكفل بقاءها و يضمن استمرارها، و ينفي العوامل المفسدة عن كيانها، فقال تعالي: (و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)[ سورة البقرة: 251 ]. نعم، لفسدت الأرض، ألا تري أن الله يدفع بالحكومة عدوان العادين علي نظمها المقررة، و علي الأحاد الوادعين منها؟! و لولا ذلك خلت الفوضي و تغلب أقوياؤها علي ضعفاتها، و سلبوهم ما بأيديهم، فيفسد كيانها، و تنحل ربطها، و تجلو عن سطح الأرض. و لولا أن الأمم أقمت أن تستعد لرد المغيرين. [ صفحه 82] عليها، و دفع الطامعين فيها لا نحلت عراها، و تفرق آحادها، و لم يبقي لها وجود بين الأمم. فهل كان يراد من الاسلام أن يخالف في ذلك السنن الاجتماعية ليقضي عليه وليدا في مهده قبل أن يؤدي للعالم الخدم المنتظرة منه؟! ألا تعجب أن البهائية نفسها لجأت في آخر عهدها ببلادها الي التحاكم الي السيف فابتني أشياعها حصنا لهم في (مازندران) أصلوا جيوش الحكومة نارا حامية، ثم اعتراهم الوهن، فأخذتهم الأسنة من كل مكان، حتي لم تبق لهم دعوة علنية في عقر بلادهم. فاذا كان الذين يفخرون بأنهم يدعون الي السلام العام الضطروا الي اللجوء الي الحرب؛ أليس هذا دليلا محسوسا علي أن هذه الوسيلة لا تزال من حاجيات الحياة [ صفحه 83] الاجتماعية، و أن الضرورة قد تدفع اليها فلا يكون بد منها، و قد شرعت في الاسلام للدفاع عن الحوزة و حماية الدعوة (أذن للذين يقتلون بأنهم ظلموا و ان الله علي نصرهم لقدير -)[ سورة الحج: 39 ]، و قال تعالي: (و ان جنحوا للسلم فاجنح لها و توكل علي الله)[ سورة الأنفال: 61 ]. خاتمة: يتبين مما أن البهائية لا تصلح أن تكون دينا قائما بنفسه، و لا اصلاحا في دين سابق عليها، بله أن تكون دينا عاما للبشر كافة. فأما وجه عدم صلاحيتها لأن تكون دينا قائما بنفسه، فقد سبق بيانه. و أما وجه عدم صلاحيتها أن تكون اصلاحا في [ صفحه 84] دين سابق عليها كالبوذية في البرهيمة، و كالبروتستانتية في المسيحية، فلأنها لم تنصد لدين واحد لتقويم نظر أهله فيه، و تعديل عوجهم في فهمه، ولكنها تناولت الأديان جملة، محاولة التوحيد بينها، علي ما في غالبها من التحريفات الظاهرة، و الآراء الباطلة. ولكن الاسلام بعد أن أسس بنيانه علي الأصول الخالدة التي تذعن اليها الانسانية قرر أن الله صبحانه و تعالي أوحي دين الفطرة هذا الي رسله في خلال العصور، ولكن قادته من بعدهم أخرجوه عن صراطه، و حرفوا أصوله، علي ما تصوره لهم أوهامهم، لهذا السبب اختلفت الأديان كل الاختلاف، فأعاد الله وحي هذا الدين الي خاتم رسله محمد صلي الله عليه و آله و سلم ليرد اليه الغالين و المقصرين، و أمره بأن يبلغ ذلك الي الأمم كافة، ففعل. [ صفحه 85] فهذه الدعوة التي يذعن لها العقل، و يؤيدها العلم و الفلسفة و التاريخ من كل وجه تصلح أن تعمم بين البشر، و هي مادة الاسلام، و صبغته الالهية التي واجه بها العالم كله. فاذا كانت الفطرة الانسانية قد ألهمت أن لابد لها من دين تسكن اليه؛ فلا يمكن أن يكون ذلك الدين الا موافقا لتلك الفطرة، و لا يجوز أن يكون مخالفا للعقل الذي جعله الله مميزا بين الحق و الباطل، و لا مناقضا للعلم الذي كتب له أن يعم الناس كافة. و قد نقد العقل و العلم كل ما ورد عن الأمم في دور طفولتها من التقاليد و الموروثات الضالة، و اعتبرها وساوس لا يصح أن تبقي في عهد الرشد الذي بلغته الانسانية، فألقيا بها بعيدا عن مجال النظر، فاذا كان قد بقي في الناس من يأخذون بتلك الوساوس، فلن يطول [ صفحه 86] عهدهم في هذه الطفولة، و لابد من أن يأتي عليهم حين من الدهر يخضعون فيه تحت تأثير التربية القويمة، و الثقافة العلمية لمقررات العلم، فيجدوا الاسلام عنده. نحن نعلم أن الذي حدا البهائية الي سلوك طريقة التأويل انما هو تأئف عامة الشعوب لتسارع الي الدخول فيها محفوزة بتقاليدها و موروثاتها، و كان الأولي بها أن تتألف العقل و العلم، فانهما دائبان علي القضاء علي تلك البقايا الطفلية من الأوهام الرئة، و قد لا يمضي قرن أو قرنان حتي لا يبقي لهذه الأوهام أثر في عقلية الجماعات الانسانية. فالي أية حالة يتول أمر البهائية يومئذ؟! لا شك في أنها تئول الي التلاشي الذي لا قيام لها بعده. فالدين العام كما تري هو الذي يكون بطبيعته و جوهره مشايعا لأدوار رقي العقل السليم، و منتهيا [ صفحه 87] معها الي حيث تنتهي من درجات الكمال المنتظر من ادراك الحق مجردا من كل صبغة بشرية، أو نزغة و همية، يوم لا تبقي الا صبغة الله وحده (و من أحسن من الله صبغة)[ سورة البقرة: 138 ]، و هذا الوصوف ينطبق علي الاسلام وحده كما رأيت، سواء أكان من ناحية طريقته الاصلاحية في تطهير النفوس، و احياء القلوب، أم من ناحية أسلوبه في مسايرة العلم و الفلسفة الي غاياتهما. فالمال للاسلام حتما مقضيا، و قد أشار الله تعالي الي ذلك فقال: (أفغير دين الله يبغون و له أسلم من في السموت و الأرض طوعا و كرها و اليه يرجعون)[ سورة آل عمران: 83 ]. و قد اعتقد هذا المصير كثير من الأجانب عن [ صفحه 88] الاسلام، فقال المؤرخ الانجليزي الكبير يوسورث سميت في كتابه (محمد و الديانة المحمدية): «انه سيأتي يوم تعترف فيه أدق فلسفة، و أخلص مسيحية بأن محمد رسول الله حقا». يستخلص مما مر كله أن البشرية ليست في حاجة الي دين جديد بعد الاسلام، فانه استكمل جميع شرائط الدين العام، و قام علي نفس الدرب الذي تسلكه العقول للوصول الي الحقائق الخالدة. و قد أعلن كتابه أن آيات الله في الآفاق و في الأنفس ستكشف للناس بالدلائل القاطعة أنه الحق، فيجمعون علي الأخذيه، و الانضواء تحت محلمه فقال تعالي: (سنريهم ءايتنا في آلافاق و في أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه علي كل شي‌ء شهيد)[ سورة فصلت: 53 ]. محمد فريد وجدي [ صفحه 92]

فتاوي عن البهائية

فتاوي دار الافتاء المصرية

عدم جواز دفن موتي البهائيين في مقابر المسلمين؛ لأنهم مرتدون

الفتاوي الاسلامية من دار الإفناء المصرية (ج 4، ص 1270 - 1269)، طبع المجلس الأعلي للشئون الاسلامية - وزارة الأوقاف - جمهورية مصر العربية، القاهرة سنة 1418 هـ / 1997 م. المفتي: فضيلة الشيخ عبدالمجيد سليم - س 46 م 20 - 419 المحرم 1358 ه / 11 مارس 1939 م. المبادي: 1 - البهائيون بمعتقداتهم ليسوا بمسلمين، و من كان منهم في الأصل مسلما أصبح باعتقاده لمزاعمهم مرتدا و تجري عليه أحكام المرتد. 2 - لا يجوز شرعا دفن موتاهم في مقابر المسلمين. سئل: كتبت وزارة العدل ما نصه: أرسلت الينا وزارة [ صفحه 93] الداخلية مع كتابها رقم 59 - 5 - 39 المرسلة صورته مع هذا - كراسة تشتمل علي قانون الأحوال الشخصية لجماعة البهائيين، و صورة من كتابها رقم 32 ادارة السابق ارساله منها لهذه الوزارة بتاريخ 30 يونيه سنة 1931؛ طالبة فتوي فضيلتكم بشأن التماس هذه الجماعة تخصيص قطع من الأراضي لدفن موتاهم بها بمصر و الاسكندرية و بورسعيد و الاسماعيلية؛ فترسل الأوراق، رجاء التفضل بموافاتنا بالفتوي اللازمة لهذا الموضوع لنبعث بها الي وزارة الداخلية. أجاب: اطلعنا علي كتاب سعادتكم رقم 647 المؤرخ 21 فبراير سنة 1939 و علي الأوراق المرافقة له التي منها كتاب وزارة الداخلية رقم 59 - 5 - 39 المؤرخ 24 يتابر سنة 1939 المتضمن طلب الاجابة عما اذا كان يجوز شرعا دفن موتي البهائيين في جبانات المسلمين أم لا. [ صفحه 94] وتفيد أن هذه الطائفة ليست من المسلمين كما يعلم هذه من عرف معتقداتهم، و يكفي في ذلك الاطلاع علي ما سموه «قانون الأحوال الشخصية علي مقتضي الشريعة البهائية» الموافق للأوراق. و من كان منهم في الأصل مسلما أصبح باعتقاده لمزاعم هذه الطائفة مرتدا عن دين الاسلام و خارجا عنه؛ تجري عليه أحكام المرتد المقررة في الدين الاسلامي القويم. و اذا كانت هذه الطائفة ليست من المسلمين؛ لا يجوز شرعا دفن موتاهم في مقابر المسلمين؛ سواء منهم من كان في الأصل مسلما و من لم يكن كذلك (يراجع صفحة 196 و ما بعدها من الجزء العاشر من كتاب المبسوط للسرخسي) و بما ذكرنا علم الجواب عما طلب الاجابة عنه. [ صفحه 95]

اعتناق المذهب البهائي ردة مانعة من الارث

الفتائي الاسلامية من دار الإفناء المصرية (ج 16 / ص 6083 - 6082). المفتي: فضيلة الشيخ أحد هربدي - س 93 - م 416 - التاريخ 27 ربيع الأول سنة 1380 ه- / 18 سبتمبر سنة 1960 م. المبادي: 1 - اعتناق الابن المذهب البهائي قبل وفاة والده المسلم مانع له من الميراث. 2 - بوفاة المورث عن زوجته و أولاده المسلمين و ابنه البهائي يكون لزوجته الثمن فرضا، و لأولاده المسلمين الباقي تعصيبا؛ للذكر منهم ضعف [ صفحه 96] الأنثي و لا شي‌ء لابنه البهائي. سئل: من السيد / أحمد مصطفي عبدالله، يطلبه المقيد برقم 1156 سنة 1960، المتضمن أن الدسوقي السيد (المسلم) ترفي بتاريخ 13 يناير سنة 1934 عن زوجته و أولاده ذكورا و اناثا فقط، و أن له ولدا من أولاده يدعي «عوض» اعتنق البهائية قبل وفاة والده، و لا يزال بهائيا للآن، و طلب بيان ورثته و نصيب كل وراث. أجاب: بوفاة الدسوقي السيد هواز في سنة 1934 عن المذكورين سابقا يكون لزوجته من تركته الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث، و لأولاده المسلمين الباقي تعصيبا للذكر منهم ضعف الأنثي، و لا لشي‌ء لابنه «عوض» الذي اعتنق البهائية قبل وفاة والده و استمر معتنقا لها الي الآن؛ لأنه باعتناقه لمذهب البهائي يكون مرتدا عن الاسلام، و المرتد لا [ صفحه 97] يرث أحدا من أقاريه اصلا، كما هو منصوص عليه شرعا. و هذا اذا لم يكن للمتوفي وارث آخر، و الله أعلم، [ صفحه 98]

اعتناق الدين البهائي ردة عن الاسلام

الفتاوي الاسلامية من دار الإفناء المصرية (ج 6 / ص 2139 - 2138). المفتي: فضيلة الشيخ أحمد هريدي - س 105 - م 25 - 14 مارس 1968 م. المبادي: 1 - من اعتنق الدين البهائي يكون مرتدا عن الاسلام. 2 - يستناب و يعرض عليه الاسلام و تكشف شبهته ان كانت، فان تاب فيها و الا قتل شرعا. 3 - لا مانع من احالة أوراقه الي مصلحة الشهر العقاري و التوثيق لعمل اشهاد توبة له. [ صفحه 99] سئل: طلبت مديرية أمن الغربية - قسم السكوتارية بكتابها رقم 2042 بموفقانه الافادة بما يتبع نحو التماس المواطن السيد /... اعتناق الدين الاسلامي الحنيف لسابقة انتسابه لطائفة البهائيين، و أنه ثابت بكل من شهادة ميلاده و بطاقته الشخصية أنه مسلم. أجاب: ان السيد أ. س. ج (موضوع السؤال) كان في الأصل مسلما من أبوين مسلمين، و ثابت في شهادة ميلاده و بطاقته الشخصية أنه مسلم، ثم اعتنق الدين البهائي أو نسب اليه اعتناقه كما يقول هو، و من اعتنق الدين البهائي يكون مرتدا عن الدين الاسلامي، و حكم المرتد شرعا أنه بستتاب و يعرض عليه الاسلام و تكشف شبهته ان كانت؛ فان تاب فبها و الا قتل شرعا. و بما أن المذكور يريد التوبة و العودة الي دينه [ صفحه 100] الأصل (الاسلام) و قد كان العمل جاريا قبل الغاء المحاكم الشرعية علي أن من خرج عن أحكام الدين الاسلامي، ثم أراد التوبة يعمل له اشهاد توبة أمامها و يسجل في الدفاتر و المضابط الرسمية، و لما ألغيت المحاكم الشرعية أحيلت أعمال التوثيق بها الي مصلحة الشهر العقاري و التوثيق، و لا مانع مطلقا من احالة الأوراق الي مصلحة الشهر العقاري و التوثيق لعمل اشهاد توبة للشخص المذكور أمامها، و الله أعلم. [ صفحه 101]

زواج البهائي من المسلمة باطل

الفتاوي الاسلامية من دار الافتاء المصرية (ج 8 / ص 3002 - 2999) المفتي: فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق - س 115 - م 1 - 71 صفر 1401 ه / 8 ديسمبر 1981 م. المبادي: 1 - البهائية أو البابية مذهب مصنوع مزيج من أخلاط الديانات البوذية و البرهمية و الوثنية و الزرادشتية و اليهودية والمسيحية و الاسلامية و من اعتقادات الباطنية. 2 - البهائيون لا يؤمنون بالبعث يعد الموت و لا بالجنة [ صفحه 102] و لا بالنار، و هم بهذا لا يعترفون بنبوة سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أنه خاتم النبيين؛ و بهذا ليسوا من المسلمين. 3 - أجمع المسلمون علي أن العقيدة البهائية أو البابية ليست عقيدة اسلامية، و أن من اعتنق هذا الدين ليس من المسلمين، و مرتد عن دين الاسلام. 4 - اتفق أهل العلم كذلك علي أن عقد زواج المرتد يقع باطلا؛ سواء عقد علي مسلمة أو غير مسلمة. 5 - لا يحل للمسلمة الزواج ممن اعتنق البهائية دينا، و العقد ان ثم يكون باطلا شرعا، و المعاشرة بينهما تكون زنا محرما في الاسلام. سئل: بالطلب المقيد برقم 329 سنة 1980 [ صفحه 103] المتضمن السؤال الثاني: هل يمكن زواج مسلمة من رجل يعتنق الدين البهائي، حتي ولو كان عقد الزواج عقدا اسلاميا، اذا كان الجواب بالرفض فلماذا؟ أجاب: ان البهائية أو البابية طائفة منسوبة الي رجل يدعي «ميرزا علي محمد» المقلب بالباب، و قد قام بالدعوة الي عقيدته في عام 1260 ه- (1844 م)؛ معلنا أنه يستهدف اصلاح ما فسد من أحوال المسلمين، و تقويم ما أعوج من أمورهم، و قد جهر بدعوته بشيراز في جنوب ايران، و تبعه بعض الناس؛ فأرسل فريقا منهم الي جهات مختلفة من ايران للاعلام بظهوره و بث مزاعمه التي منها أنه رسول من الله، و وضع كتابا سماء «البيان»؛ ادعي أن ما فيه شريعة منزلة من السماء، و زعم أن رسالته ناسخة لشريعة الاسلام، و ابتدع [ صفحه 104] لأتباعه أحكاما خالف بها أحكام الاسلام و قواعده، فجعل الصوم تسعة عشر يوما، و عين لهذا الأيام وقت الاعتدال الربيعي؛ بحيث يكون عيد الفطر هو يوم النيروز علي الدوام، و احتسب يوم الصوم من شروق الشمس الي غروبها، و أوراد في كتابه «البيان» في هذا الشأن عبارة (أيام معدودات، و قد جعلنا النيروز عبدا لكم بعد اكمالها). و قد دعا مؤسس هذه الديانة الي مؤتمر عقد في بادية «بدشت» في ايران عام 1264 ه- / 1848 م أفصح فيه عن خطوط هده العقيدة و خيوطها، و أعلن خروجها و انفصالها عن الاسلام و شريعته، و قد قاوم العلماء في عصره هذه الدعوة و أبانوا فسادها و أفتوا بكفره، و اعتقل في شيراز ثم في أصفهان، و بعد فتن و حروب بين أشياعه [ صفحه 105] و بين المسلمين عوقب بالاعدام صلبا عام 1265 ه، ثم قام خليفته «ميرزا حسين علي» الذي لقب نفسه «بهاء الله»، و وضع كتابا سماء الأقدس؛ سار فيه علي نسق كتاب «البيان» الذي ألفه زعيم هده العقيدة «ميرزا علي محمد»، ناقض فيه أصول الاسلام؛ بل ناقض سائر الأديان، و أهدر كل ما جاء به الاسلام من عقيدة و شريعة؛ فجعل الصلاة تسع ركعات في اليوم و الليلة. و قبلة البهائيين في صلاتهم التوجه الي الجهة التي يوجد فيه «ميرزا حسين» المسمي «بهاء الله»؛ فقد قال لهم في كتابه هذا: (اذا أردتم الصلاة فولوا وجوهكم شطري الأقدس)، و أبطل الحج، و أوصي بهدم بيت الله الحرام عند ظهور رجل مقتدر شجاع من أتباعه. و قال البهائية بمقالة الفلاسفة من قبلهم، قالوا [ صفحه 106] بقدم العالم (علم بهاء أن الكون بلا مبدأ زمني، فهو صادر أبدي من العلة الأولي، و كان الخلق دائما مع خالفهم، و هو دائما معهم)، و مجمل القول في هذا المذهب - البهائية أو البابية - أنه مذهب مصنوع؛ مزيج من أخلاط الديانات البوذية و البرهمية الوثنية و الزرادشتية و اليهودية و المسيحية و الاسلام، و من اعتقادات الباطنية. (كتاب مفتاح باب الأبواب للدكتور / ميرزا محمد مهدي خان، طبع مجلة المنار 1321 ه-). و البهائيون لا يؤمنون بالبعث بعد الموت و لا بالجنة و لا بالنار، و قلدوا بهذا القول الدهريين، و لقد ادعي زعيمهم الأول في تفسير له لسورة يوسف أنه أفضل من رسول الله محمد صلي الله عليه و آله و سلم، و فضل كتابه البيان علي «القرآن»، و هم بهذا لا يعترفون بنبوة سيدنا رسول الله [ صفحه 107] محمد صلي الله عليه و آله و سلم و أنه خاتم النبيين، و بهذا ليسوا من المسلمين؛ لأن عامة المسلمين كخاصتهم يؤمنون بالقرآن كتابا من عندالله و بما جاء فيه من قول الله سبحانه: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله و خاتم النبيين). [من الآية 40 سورة الأحزاب]، و قد ذكر العلامة الألوسي في تفسيره (ج 22 ص 41) لهذه الآية أنه: قد ظهر في هذا العصر عصابة من غلاة الشيعة لقبوا أنفسهم بالبابية، لهم في هذا فصول يحكم بكفر معتقدها كل من انتظم في سلك ذوي العقول، ثم قال الأنوسي: «و كونه صلي الله عليه و آله و سلم خاتم النبيين مما نطق به الكتاب، و صدعت به السنة، و أجمعت عليه الأمة؛ فيكفر مدعي خلافه، و يقتل ان أصر». و من هنا أجمع المسلمون علي أن العقيدة البهائية أو البابية ليست عقيدة اسلامية، و أن من اعتنق هذا الدين [ صفحه 108] ليس من المسلمين، و يصير بهذا مرتدا عن دين الاسلام، و المرتد هو الذي ترك الاسلام الي غيره من الأديان؛ قال الله سبحانه: (و من يرتدد منكم عن دينه فيمت و هو كافر فأولئك حبطت أعملهم في الدنيا و آلاخرة و أولئك أصحب النار هم فيها خلدون)[ من الآية 217 من سورة البقرة ]، و أجمع أهل العلم بفقه الاسلام علي وجوب قتل المرتد اذا أصر علي ردته عن الاسلام للحديث الشريف الذي رواه البخاري و أبوداود: «من بدل دينه فاقتلوه»، و اتفق أهل العلم كذلك علي أن المرتد عن الاسلام ان تزوج لم يصح تزوجه و يقع عقده، باطلا؛ سواء عقد علي مسلمة أو غير مسلمة؛ لأنه لا يقر شرعا علي الزواج، و لأن دمه مهدر شرعا اذا لم يتب و يعد الي الاسلام، و يتبرأ من الدين الذي ارتد اليه [ صفحه 109] لما كان ذلك، و كان الشخص المسئول عنه قد اعتنق البهائية دينا؛ كان بهذا مرتدا عن دين الاسلام، فلا يحل للسائلة - و هي مسلمة - أن تتزوج منه، و العقد ان ثم يكون باطلا شرعا، و المعاشرة الزوجية تكون زنا محرما في الاسلام، قال تعالي: (و من يبتغ غير الاسلم دينا فلن يقبل منه و هو في آلاخرة من الخسرين -)[ الآية 85 من سورة آل عمران ]صدق الله العظيم، و الله سبحانه و تعالي أعلم. [ صفحه 110]

فتوي لجنة الفتوي بالأزهر

نقلا عن كتاب «البابية و البهائية في الميزان»، بقلم أصحاب الفضيلة: الامام الأكبر الشيخ / محمد الحضر حسين، فضيلة الشيخ / مصطفي محمد الحديدي الطير، الدكتور / محمد عبدالمنعم حقاجي، الأستاذ / محمد فريد وجدي، اعداد الدكتور / علي الخطيب، عبدالحفيظ محمد عبدالحليم، عبدالفتاح حسين الزيات، مطبوعات الأزهر سنة 1985 م، و هذه الفتوي ذكرها الشيخ محمد الحضر حسين في بهاية مقاله، ص (42 - 41)، و ذكرها أيضا الشيخ / مصطفي محمد الحديدي الطير في مقاله، ص (94 - 93). جاء الي لجنة الفتوي بالأزهر الشريف الاستفتاء الآتي: 1 - ما رأيكم في النحلة البهائية و معتنقيها من الاسلام؟ 2 - هل يرث معتنق البهائية من المسلم؟ علي محمد الوفاد 129 شارع السد البراني - قسم السيدة زينب [ صفحه 111] الجواب: الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي سيد المرسلين سيدنا محمد، و علي آله و صحبه، و من تبعهم باحسان الي يوم الدين. أما بعد، فقد اطلعت اللجنة علي هذا السؤال، و علي البيان الموافق الذي شرح به المستفتي مبادي المذهب البهائي. و تفيد بأن مذهب البهائية مذهب باطل، ليس من الاسلام في شي‌ء، بل انه ليس من اليهودية و لا النصرانية، و من يعتنقه من المسلمين يكون مرتدا خارجا عن دين الاسلام؛ فان هذا المذهب قد اشتمل علي عقائد تخالف الاسلام، و يأباها كل الاباء، منها ادعاه النبوة لبعض زعماء هذا المذهب، و ادعاء الكفر لمن يخالفه، [ صفحه 112] و ادعاه أن هذ المذهب ناسخ لجميع الأديان الي غير ذلك. و من المقرر شرعا أن المرتد لا يرث المسلم و لا غيره، و علي ذلك فمعتنق مذهب البهائية لا يرث غيره مطلقا، و بهذا علم الجواب عن السؤال، و الله أعلم. [ صفحه 113]

فتوي قطاع الافتاء و البحوث الشرعية بوزارة الأوقاف و الشئون الاسلامية بدولة الكويت

اشاره

ورد في مجموعة الفتاوي الشرعية الصادرة عن قطاع الافتاء و البحوث الشرعية مايلي [21] . 4 / 31 ع / 87 عقيدة الأحمدية و القاديانية و البهائية [ 1070 ]عرض علي اللجنه الاستفتاء المقدم من السيد / محمد، و تصه: [ صفحه 114] الموضوع: طلب فتوي بخصوص الطوائف: الأحمدية، و القاديانية، و البهائية. لقد سرني جدا ما رأيت في الفتوي المعلقة في أحد مساجد المنطقة، و الصادرة عن ادارة الافتاء بوزارتكم الموقرة، و الخاصة بكون الطائفة البهائية كافرة؛ لذا أرجو منكم التكرم باصدار فتوي أخري تبين لي خاصة، و للمسلمين عامة حكم الاسلام في الطوائف التالية: 1 - الأحمدية. 2 - القاديانية. 3 - البهائية. 4 - لاهوري. 5 - مرزائي. علما بأن هذه الطوائف منتشرة في باكستان، و يوجد من أفرادها كثيرون في الكويت، و هم يدعون أنهم مسلمون، و علما بأن الدستور الباكستاني قد نص [ صفحه 115] علي أن هذه الطوائف كافرة، و مرتدة عن الاسلام، و المنتسبون اليها خارج دائرة الدين الاسلامي، و جزاكم الله خيرا. أجابت اللجنة بما يلي: كل فرقة أو فرد أو جماعة من الجماعات تنكر ما علم من الدين بالضرورة تعتبر مرتدة عن الاسلام، فالذين ينكرون كون نبينا محمد صلي الله عليه و آله و سلم خاتم الأنبياء و المرسلين، و أنه لا نبي بعده، و أن الله تعالي قد فرض علي العباد خمس صلوات في اليوم و الليلة، و فرض صوم رمضان، كما فرض الزكاة و الحج الي البيت الحرام بمكة المكرمة، الي غير ذلك من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، كل هؤلاء يعتبرون مرتدين عن الاسلام، و لوتسموا به. والله أعلم. [ صفحه 116]

دعاة البهائية و مجلة البيان المصرية

فتوي الشيخ / محمد رشيد رضا فتاوي الإمام محمد رشيد رضا - جمع الدكتور / صلاح الدين المنجد (4 / 1245 - 1248)، طبع الدار العمرية، الطبعة الأولي 1426 هـ / 2005 م تفلا عن مجلة المنار، ج 17 (سنة 1914 م) ص 180 - 178. من صاحب الامضاء في القاهرة (ف - صحفي قديم). حضرة العالم الفاضل صاحب المنار الأغر. نشرت مجلة البيان التي تصدر في مصر مقالا عن البهائيين و زعيمهم عباس أفندي جاء فيه ما يأتي: «ذلكم هو مولانا عباس أفندي الملقب بعبد البهاء بطل الاصلاح الديني و سيد المصلحين الدينيين، و المصدر الصحيح الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه (البهائية هي كمال حي) - (هي الكائوليكية الصادقة). و ما دعوتها في الحقيقة الا دعوة [ صفحه 117] اصلاح ورقي للاسلام - ان أنصارها استخرجوا أسمي تعاليم القرآن فنقوها مما علق بها مما ليس من الدين الصحيح في شي‌ء» - «ان نعيم الآخرة وهم و خيال». هذا بعض ما جاء في تلك المجلة و ما نشره صاحبها المسلم الأزهري عقب مقابلته لزعيم البهائيين في الاسكندرية. و قد رد علي البيان [22] الأستاذ صاحب عكاظ [23] في عدة مقالات، و تبعه كاتب في جريدة الشعب [24] ثم تبعتهما جريدة الأفكار [25] و كلهم كان يطلب الي صاحب البيان تكذيب ما نشره في هذا الموضوع و الرجوع الي [ صفحه 118] الحق، ولكنه كان يقول لهم: اني كتبت و أكتب عن البهائيين و زعيمهم كما كتبنا عن فولثير و سينسر و نيتشمه، و كما كتب الأوربيون و يكتبون عن العظماء و الفلاسفة و النابغين. فما رأي العالم الجليل صاحب المنار في ما نشره البيان في موضوع البهائيين و زعيمهم؟ و ما رأيه في رد عكاظ أولا و الشعب و الأفكار ثانيا؟ ج: بينا في المنار مرارا أن البهائية قد انتحلوا دينا جديدا في هذا العصر، و أن دينهم أبعد من الاسلام من دين اليهود؛ لأن أساس دين اليهود التوحيد الذي هو أساس الاسلام، و أساس دين البهائية و ثني مادي، و هم يعبدون والد زعيمهم عباس أفندي الملقب «بعبد البهاء»، و ما هذا اللقب الا عنوان القول بألوهية البهاء. [ صفحه 119] و لهم شريعة ملفقة من الأديان المختلفة، و فلسفتها هي عين فلسفة سلفهم من فرق الباطنية، الذين حاربوا الاسلام بالدسائس التي اخترعتها لهم جمعيات المجوس السرية، لافساد أمر المسلمين و ازالة ملكهم انتقاما للمجوسية التي أبطلها الاسلام. ألا و ان ميرزا حسين الملقب بالبهاء هو و ولده الداهية عباس أفندي قد جعلا دينهما الجديد تنقيحا لما دعا اليه الأبله الثرثار ميرزا محمد علي الذي اشتهر بلقب «الباب»، و انما مهد السبيل لدعوته في بلاد الفرس بدعة الشيخية، الذين هم أكبر المفسدين في الشيعة الامامية، و سنتشر في المنار شيئا من فلسفتهم الخيالية، التي انتزعوها من أباطيل الباطنية، و زفوها في معرض الأساليب الصوفية. و جملة القول أن دين البهائية دين مخترع، افتراه [ صفحه 120] الباب المخدوع، و نقحه بتمادي الزمان الباقعة عباس أفندي. و هو أضر علي الاسلام من كل دين في الأرض، لأن أهله يسلكون في الدعوة اليه مسلك سلفهم الطالح في مخادعة عوام المسلمين، و ابهامهم أنهم يصلحون لهم دينهم، و احتجاجهم بالشبهات التي يحرفون بها القرآن و الأحاديث بالتأويلات البعيدة، فهم أكبر فتنة علي المسلمين في هذا العصر، و لا سيما علي الشيعة؛ لأن الغلو في التشيع سلم للباطنية، و لهذا كان يقول بعض العلماء: يقول: اتتني برافضي كبير أخرج لك منه باطنيا صغيرا، و ائتني بباطني كبيرا أخرج زنديقا كبيرا. فمن عرف دين البهائية من المسلمين و مدحه و استحسنه و شهد يكونه حقا أو اصلاحا للاسلام، و كونه هو أو زعيمه معصوما لا يأتيه الباطل من بين يديه [ صفحه 121] و لا من خلفه، كان بذلك مرتدا عن الاسلام. و ان زعم أنه مسلم فهو زنديق منافق كسائر الباطنية اذا كانوا ضعفاء بين المسلمين، فالبهائية كسلفهم من الباطنية يتوسلون بدعوي الاسلام بين المسلمين ليقبل كلامهم في دعوتهم الي باطلهم، و تحريف معاني القرآن للاستدلال عليها و ابطال ما يفهمه المسلمون منها. فاذا كان صاحب البيان قد قال ما نقله عنه السائل معتقدا له فالأمر ظاهر، و ان كان قد كتبه عن جهل بحقيقة القوم فكان الواجب عليه بعد أن نبهته جريدة عكاظ و غيرها أن يرجع الي الحق، و يصرح ببطلان دين البهائية و تحذير المسلمين من خداع دعاته (و يسمونهم مبلغين). و أما ما ذكره السائل عنه من الاعتذار عن تقديس دين و ثني مادي و تقديس داعيته و أحد مخترعيه - بأن مدحه له كمدحه لفولتير - [ صفحه 122] فهو غريب، فان مدحه لفولتير ان كان باطلا فهو تأييد للباطل بالباطل، و ان كان يراه حقا و يري أن ما قاله في عباس أفندي و دينه حق أيضا، يكون قد ارتد عن الاسلام و دخل في دين البهائية. و الا فان من قال حقا و قال باطلا، لا يكون قوله الحق مرة عذرا له اذا قال الباطل بعده. و الذين مدحوا مثل فولتير من كتاب الافرنج كانوا مثله مارقين من النصرانية، فهل يرضي صاحب البيان أن يكون مدحه لعباس كمدحهم لفولتير؟ و ليس ما نقله السائل عن البيان قول مؤرخ يحكي شيئا وقع لا رأي له فيه، حتي يقال: «ان حاكي الكفر ليس بكافر»، بل ذلك مدح لهذا الدين الجديد و تفضيل له علي غيره يتضمن دعوة المسلمين اليه. فاذا لم يكن هذا مراده فليصرح كتابة ببراءته من البهائية و التخذير من كفرهم [ صفحه 123] بالاسلام. علي أن فيما تقله السائل عنه ما هو كفر في نفسه بالاجاع، كانكار حقية نعيم الآخر، و تسميته و هما و خيالا، بناء علي أن هذا من مذهبهم. و جملة القول: ان من شأن المسلم أن لا ينشر شيئا يعد كفرا في دينه، و أن لا ينقله عن غيره مقرا له و مستحسنا. فكيف ينوه بمدح دين جديد يراد به نسخ الاسلام و ابطاله من الأرض، و يصفه بأنه هو الحق الذي (لا يأتيه البطل من بين يديه و لا من خلفه)[ فصلت: الآية 42 ]. و قد قرأنا بعض ما نشر في عكاظ ردا علي البيان فرأيناه مبنيا علي أساس الصواب و لم نر ما كتب في جريدة الشعب؛ لأننا لا نكاد نقرأها بل قلما نراها - و كذا جريدةالأفكار - و الحق ظاهر في نفسه. [ صفحه 124]

البابية و دين البهائية

فتاوي الامام محمد رشيد رضا - جمع الدكتور / صلاح الدين المنجد (3 / 1127 - 1128) نقلا عن مجلة المنار: ج 15 (سنة 1912 م) ص 732 - 731. من طائفة - من طلبة المدارس العليا: جناب الأستاذ الفاضل: سلاما و احتراما، و بعد فقد قرأنا في بعض الكتب الافرنجية الموضوعة حديثا أنه ظهر في بلاد العجم منذ ستين عاما رجل يقال انه هو المهدي المنتظر، و بشر يمجي‌ء نبي. و يزعمون أن نبوته قد صحت، فقد جاء رجل اسمه بهاء الله، و آمن به خلق كثير من كافة الأديان، و خليفته الآن هو ابنه عباس أفندي نزيل مصر الآن. فنرجوا ايقافنا علي حقيقة هذا المذهب الجديد [ صفحه 125] و ابداء رأيكم فيه بما أنكم ممن يلجأ اليه في مثل تلك المسائل و لكم الفضل. ج: البابية فرقة من الباطنية. و البهائية منهم يعبدون الرجل الملقب ببهاء الله، و قد بينا حقيقة أمرهم في مجلدات المنار الماضية، و لما جاء زعيمهم عباس أفندي القطر المصري عدنا الي الكلام في بيان حالهم و ذكرنا نبذا تاريخية من سيرة سلفهم الاسماعيلية و القرامطة فراجعوا هذا في المجلد الماضي، فان أشكل عليكم بعد ذلك شي‌ء من أمرهم فراجعونا فيه. ثم ان مسألة كون نبينا محمد صلي الله عليه و آله و سلم خاتم النبيين و المرسلين علي ثبوتها بنصوص الكتاب و السنة هي ثابتة بالعقل عند كل من يعرف حقيقة الدين السلامي، و وجه حاجة البشر الي الدين مطلقا، فان كتابه القرآن [ صفحه 126] الحكيم و سنته في بيانه قد بينا للناس كل ما يحتاجون اليه من أمر الدين في طور استقلال نوعهم، و رشده بالعقل و العلم و قد كانت الأديان السماوية قبله موقتة، كلما بين ذلك المسيح عليه الصلاة و السلام في معرض البشارة به اذ قال ما معناه: انه لا يمكن أن يبين لمن بعث فيهم كل ما يحتاجون اليه - أي لعدم استعدادهم - و ان الذي يأتي بعده هو الذي يبين لهم كل شي‌ء؛ لأن الدين سار كالمخاطبين به علي سنة الارتقاء. و قد بين الأستاذ الامام هذا المعني باجمال بليغ في رسالة التوحيد، و ذكرناه في المنار مرارا. و سنشرحه شرحا وافيا ان شاء الله تعالي في مقدمة التفسير التي تبين فيها كليات الاسلام بالتفصيل و وجه الحاجة اليها و اكتفاء البشر بالاهتداء بها في الوصول الي منتهي الكمال البشري الممكن. [ صفحه 127] خاتمة المقالات و الفتاوي
و بعد، فهذا غيض من فيض، و قليل من كثير، أردنا أن يكون عونا للمسلم المعاصر علي ما يري و يسمع من تلك الترهات و الخزعبلات التي يتقيؤها هؤلاء النفر الذين ضلت عقولهم و قلوبهم، و صاروا أاداة للشيطان يضل بها الذين في قلوبهم زيغ، و من لم يتمكن الايمان من قلوبهم. و لم ترد أن نطيل باستفصاء سائر المقالات والفتاوي؛ لئلا يمل القاري الكريم، و لأن فيما ذكرناه كفاية لمن كان له قلب، أو ألقي السمع و هو شهيد. و الحمدلله رب العالمين، و صل اللهم و سلم علي خير خلقك، خاتم رسلك سيدنا محمد، و علي آله و أصحابه الطاهرين الطيبين، و من تبعهم باحسان الي يوم الدين.

پاورقي

[1] رواه البخاري في صحيحه: كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الاسلام، حديث رقم (0936)، و كتاب الفتن، باب خروج النار، حديث رقم (7121)، و مسلم في صحيحه: كتاب الفتن و أشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتي يمر الرجل بقبر الرجل قبتمني أن يكون مكان الميت من البلاء، حديث رقم (157)، و اللفظ له، كلاهما من حديث الي هريرة رضي الله عنه مرفوعا.
[2] من مفهوم (البهائية) في موسوعة المفاهيم الاسلامية المصادرة عن المجلس الأعلي للشئون الاسلامية، و هذا المادة للأستاذ الدكتور / محمد ابراهيم الجيوشي.
[3] ككتاب «البابية و البهائية» للأستاد الدكتور / محمد ابراهيم الجيوشي، و كتاب «قراءة في وثائق البهائية» للأستاذة الدكتورة / عائشة عبدالرحمن (بنت الشاطي)، و كتاب «البابية و البهائية في الميزان» للامام الأكبر الشيخ محمد الخضر حسين، و آخرين، و ما كتبه الدكتور / محمد عبدالمنعم خفاجي، و غيره.
[4] نشر بمجلة الأزهر، المجلد الأول - العدد الخامس - جمادي الأولي سنة 1349 هـ. ص (370 - 355).
[5] ككتاب «الدرر البهية»، و كتاب «عبدالبهاء و العصر الجديد».
[6] ككتاب «مفتاح باب الأبواب».
[7] يزعم البهائية أن الباب كان يشير الي شخص يظهر بعده، و كانوا يعبرون عنه بلفظ (من يظهره الله).
[8] يسمي هؤلاء البابية (الأزلية) اذ يزعمون أن يحيي هذا هو مصداق ما أشار اليه الباب في كتاب (البيان) باسم «من يظهره الله»، و هؤلاء يكفرون بالبهاء و يتناولونه و أتباعه باللعن في السر و العلانية، و ليحيي هذا كتاب أراد أن يحاكي به القرآن الكريم في ترتيب الآيات و السورة و حاول أن يحاذي به أسلوبه الحكيم فافتضح أمره و ظهر سخفه (و الله لا يهدي كيد الخائفين).
[9] كتاب المواقف و شرحه للسيد الجرجاني. [
[10] ألفه باللسان الفارسي.
[11] ألفه باللغة العربية، و طبع في لندن و في ادارة هذه المجلة نسخة منه.
[12] هو الكتاب الذي وضعه ميرزا علي محمد الملقب بالباب.
[13] يفسره البهائيه ببهاء الله.
[14] يفسرونه بعباس عبدالبهاء.
[15] دين الصبنيين و الياباتيبن.
[16] أصل ديانة الهنود.
[17] ديانة قديمة تنسب الي ابراهيم زرادشت الإيراني و لا يزال لأتباعها طائفة بالبلاد الهندية و أخري بالبلاد الإيرانية.
[18] كتاب عبدالبهاء و البهائية ص 87.
[19] كتاب عبدالبهاء و البهائية ص 93.
[20] نشر بمجلة الأزهر، المجلد الخامس - الجزء الثاني - صفر سنة 1353 هـ ص (124 - 111).
[21] مجموعة الفتاوي الشرعية الصادرة عن قطاع الإفتاء و البحوث الشرعية بوزارة الأوقاف و الشئون الإسلامية بدولة الكويت عام 1987 م / 1408 - 1407 هـ، ج 4 / ص (30 - 29)، الطبعة الأولي 1420 هـ / 1999 م.
[22] صدرت بالقاهرة بتاريخ 24 آب (1911) لصاحبها عبدالرحمن البرقوقي.
[23] صدرت بالقاهرة بتاريخ 13 تموز (1913) لصاحبها فهيم قنديل.
[24] صدرت في القاهرة في شهر آذار (1910) تصاحبها محمود أبوعثمان.
[25] صدرت في القاهرة بتاريخ 12 آب (1900) تصاحبها حلمي صادق.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.